الإمام المهدی علیه السلام فی بحار الأنوار / ج (1) (2)
تألیف : الشیخ محمد باقر المجلسی قدس سره
إعداد : الشیخ یاسر الصالحی
الطبعة الأولی : 1430 ه
عدد النسخ : 1500
النجف الأشرف
جمیع الحقوق محفوظة
ص: 1
الإمَامِ المَهدِی في بِحَارِ الأنوَار
الجَامِعَة لِدُرَر اَخبَار الأئِمَة الأطهَار
الجزء الاوَّل
تألِیفُ : العَلَّامِة الشّیخ مُحَمَّد بَاقِر المَجلسي ( قَدَّسَ اللهُ سِرَّه)
إعداد : الشیخ یاسر الصالحي
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم بريَّته محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
تعدّ المجاميع المعرفية والموسوعات العلمية من أفضل الوسائل المعاصرة لإيصال الفكر الممنهج في متناول أيدي الباحثين والمحقّقين بصورة منظّمة ومنسّقة بدون عشوائية وبعثرة، ولا تختصّ هذه الموسوعات بعلم دون آخر ولا تنحصر بأسلوب متّحد بل تختلف وتتغيَّر تبعاً لمتغيّرات ذاتية تختلف باختلاف العلم المراد بحثه فكان أن تعدَّدت الموسوعات فمنها اللغوية والأدبية والفقهية والتاريخية والروائية وغيرها، واختلفت أيضاً تبعاً لمتغيّرات موضوعية فاعتمد البعض على المنهجة الموضوعية للبحث فبوَّب المسائل على عناوينها المختلفة بينما البعض الآخر انتهج التسلسل الهجائي أو الأبجدي في عرض مطالبه المختلفة للعلم المراد بحثه.
وبعد الطفرة العلمية في عالم التكنلوجيا نجد الأمر اكتسب اهتماماً ملحوظاً في هذا المجال إذ أصبحت أضخم المجاميع وأكبر الموسوعات في متناول اليد من خلال البرامج الليزرية المضغوطة أو من خلال الشبكة العنكبوتية (الانترنيت) ويمكن إجمال فوائد هذه الموسوعات العلمية بما يلي:
1 _ عرض أكبر عدد ممكن من الآراء والمفاهيم المشتركة في عنوان واحد ممَّا يعطي صورة متكاملة وواضحة عن المفهوم والفكرة المراد بحثها.
ص: 3
2 _ إيصال الباحث إلى اليقين الاستقرائي غالباً من خلال استعراض هذا الكم الهائل من المسائل المشتركة بعد ربطه بين أجزاءها المتفرّقة وملاحظة وحدة المناط واتّحاد الروابط _ بحسب حساب الاحتمال _ وتجميع المحتملات وتوحيد المختلفات فيصل الباحث من خلال هذا كلّه إلى قناعة كاملة واطمئنان بالمطلب المراد تحقيقه، وهذه من أهمّ الفوائد والثمرات المتوخاة من تأليف أمثال هذه المعاجم والموسوعات المعرفية.
3 _ المحافظة على التراث العلمي والمعرفي للمدراس المختلفة خصوصاً بعد ملاحظة المطاردة التي مني بها أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام والاضطهاد الفكري الذي مرّوا به عبر القرون.
4 _ عرض المادة الخام ووضعها بين يدي الباحث والمحقّق لفرز الغث من السمين والصائب من غيره وتمييز الصحيح عمَّا سواه وربَّما الاستفادة من الضعيف لتقوية ومعاضدة الحسن بل حتَّى الصحيح.
فالباحث يمكنه المقارنة بسهولة حينما يجد جميع الأدوات المعرفية بين يديه فيعرضها على طاولة البحث ويجول بها في عالم الفكر للوصول إلى اُطروحة متكاملة من خلال نتائج المقارنة والتعارض والتراجيح.
وقد انفتح أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام على هذا النمط المعرفي فكانوا من روّاده والسابقين إليه فزخرت المكتبات الشيعية بالمعاجم والموسوعات المعرفية فكان منها الكتب الأربعة للمحمّدين الثلاثة حيث اعتمد مؤلّفوها على (400) أصل من أصول الشيعة وكتبهم المتفرّقة فشكّلوا النواة الأولى لحفظ التراث الشيعي وتنسيقه بمنهجية غاية في المتانة والروعة والعمق.
ص: 4
ومن خلال كلّ هذا تتجلّى عظمة وأهمّية ما قام به العلاّمة المجلسي قدّس سرّه في (بحاره) حيث جمع بحقّ كلّ هذا التراث في موسوعته العملاقة التي تعتبر مفخرة التراث الشيعي بامتياز مضيفاً عليها ما جاد به قلمه الشريف من تعليقات علمية قيّمة إذ لم يكتف بالسرد والتجميع دون أن يفيض عليها من آرائه العلمية وتعليقاته السديدة ممَّا أعان الباحث لفتح آفاق معرفية أخرى ربَّما لا يتوصَّل إليها بمفرده خصوصاً مع ملاحظة التباعد الزمني بين عصر النصّ وعصر المتلقّي، فهو في تعليقه يمثّل جسراً بين الماضي والحاضر وحلقة الوصل بين النصّ والقراءة.
وهذا ينعكس على موسوعتنا هذه (الإمام المهدي عليه السلام في بحار الأنوار)، حيث تجد فيها التبويب الموضوعي من جهة واستقصاء الروايات وتتبّع الأحاديث المتناثرة مضافاً إلى التعليقات المهمّة والأساسية لتكوين رؤية متكاملة عن القضيّة المهدوية.
سائلاً الله تعالى التوفيق لفضيلة الشيخ ياسر الصالحي وأن يجعله وإيّانا أعوان وأنصار المولى صاحب العصر والزمان عليه السلام.
السيّد محمّد القبانچي
عملنا في الكتاب:
بعد التوكّل على الله تعالى قمنا لإعداد هذا السفر العظيم بعدّة خطوات وهي كما يلي:
1 _ استعنا في تخريج الأحاديث (المشكَّلة) من برنامج (نور) الليزري، إعداد (مركز تحقيقيات كامبيوتري علوم إسلامي).
ص: 5
2 _ استفدنا من تحقيقات وتعليقات النسخة المطبوعة في (110) جزء، الطبعة الثالثة المصحَّحة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
3 _ استفدنا من تحقيقات وتعليقات الشيخ محمود درياب من النسخة المطبوعة في (40) جزء، طبعة دار التعارف، سنة (1421ه-).
4 _ أبدلنا رموز الكتب في بداية الأحاديث باسم الكتاب.
5 _ قمنا بتطبيق أغلب التحقيقات مع برنامج مكتبة أهل البيت، الإصدار الأوّل، سنة (1426ه-)، إعداد مركز المعجم الفقهي ومركز المصطفى للدراسات الإسلاميّة، لتسهيل الوصول إليها.
6 _ قمنا بحذف كتاب (جنَّة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجّة عليه السلام) للمحدّث النوري قدّس سرّه من الجزء (53) من البحار، النسخة المطبوعة في (110) جزء، وجعلنا الكتاب في جزئين ضخمين.
7 _ أرجعنا بعض الهوامش التي ترشد القارئ إلى الأجزاء الثلاثة من البحار إلى صفحات كتابنا هذا.
8 _ تمَّت مطابقة صفحات كتابنا هذا مع صفحات المجلّدات الثلاثة (51) و(52) و(53) من النسخة المطبوعة في (110) جزء، لمزيد من التسهيل على الباحث والمحقّق.
هذا وآخر دعواي أن الحمد لله ربّ العالمين، راجياً من العلي القدير القبول والتوفيق، ومن القارئ الكريم السماح على الهفوات وإبداء الملاحظات.
4/ ربيع الثاني/ 1430ه-
الشيخ ياسر الصالحي
ص: 6
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي وصل لعباده القول بإمام بعد إمام لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وأكمل الدين بأمنائه وحججه في كلّ دهر وزمان لِقَوْم يُوقِنُونَ، والصلاة والسلام على من بشّر به وبأوصيائه النبيّون والمرسلون، محمّد سيّد الورى وآله مصابيح الدجى إِلى يَوْم يُبْعَثُونَ، ولعنة الله على أعدائهم ما دامت السماوات والأرضون.
أمَّا بعد:
فهذا هو المجلد الثالث عشر من كتاب بحار الأنوار في تاريخ الإمام الثاني عشر، والهادي المنتظر، والمهدي المظفر، ونور الأنوار، وحجّة الجبّار، والغائب عن معاينة الأبصار، والحاضر في قلوب الأخيار، وحليف الإيمان وكاشف الأحزان، وخليفة الرحمن الحجّة بن الحسن إمام الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين، ما توالت الأزمان، من مؤلّفات خادم أخبار الأئمّة الأخيار، وتراب أعتاب حملة الآثار: محمّد باقر بن محمّد تقي حشرهما الله تعالى مع مواليهما الأطهار، وجعلهما في دولتهم من الأعوان والأنصار.
* * *
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
1 _ الكافي: وُلِدَ عليه السلام لِلنّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(1).
2 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيّ عَنْ عَلاَّنٍ الرَّازِيّ، قَالَ: أخْبَرَني بَعْضُ أصْحَابِنَا أنَّهُ لَمَّا حَمَلَتْ جَارِيَةُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَ: (سَتَحْمِلِينَ ذَكَراً وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي)(2).
3 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحُسَيْن بْن رِزْقِ اللهِ، عَنْ مُوسَى بْن مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم بْن حَمْزَةَ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ(3)، قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَكِيمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ عليهما السلام فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اجْعَلِي إِفْطَارَكِ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإنَّهَا لَيْلَةُ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيُظْهِرُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْحُجَّةَ وَهُوَ حُجَّتُهُ فِي أرْضِهِ)، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ اُمُّهُ؟ قَالَ لِي: (نَرْجِسُ)، قُلْتُ لَهُ: وَاللهِ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ مَا بِهَا أثَرٌ، فَقَالَ: (هُوَ مَا أقُولُ لَكِ)، قَالَتْ: فَجِئْتُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ جَاءَتْ تَنْزعُ خُفّي وَقَالَتْ لِي: يَا سَيَّدَتِي كَيْفَ أمْسَيْتِ؟ فَقُلْتُ: بَلْ أنْتِ سَيَّدَتِي وَسَيَّدَةُ أهْلِي، قَالَتْ: فَأنْكَرَتْ قَوْلِي وَقَالَتْ: مَا هَذَا يَا عَمَّةُ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيَهَبُ لَكِ فِي لَيْلَتِكِ هَذِهِ غُلاَماً سَيَّداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،).
ص: 11
قَالَتْ: فَجَلَسَتْ وَاسْتَحْيَتْ(1) فَلَمَّا أنْ فَرَغْتُ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ وَأفْطَرْتُ وَأخَذْتُ مَضْجَعِي فَرَقَدْتُ فَلَمَّا أنْ كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْل قُمْتُ إِلَى الصَّلاَةِ فَفَرَغْتُ مِنْ صَلاَتِي وَهِيَ نَائِمَةٌ لَيْسَ بِهَا حَادِثٌ ثُمَّ جَلَسْتُ مُعَقّبَةً ثُمَّ اضْطَجَعْتُ ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَزعَةً وَهِيَ رَاقِدَةٌ ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّت (2).
قَالَتْ حَكِيمَةُ(3): فَدَخَلَتْنِي الشُّكُوكُ فَصَاحَ بي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مِنَ الْمَجْلِس فَقَالَ: (لاَ تَعْجَلِي يَا عَمَّةُ فَإنَّ الأمْرَ قَدْ قَرُبَ)، قَالَتْ: فَقَرَأتُ الم السَّجْدَةَ وَيس فَبَيْنَمَا أنَا كَذَلِكِ إِذَا انْتَبَهَتْ فَزعَةً فَوَثَبْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ: اسْمُ اللهِ عَلَيْكَ، ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: تَحِسّينَ شَيْئاً؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ، فَقُلْتُ لَهَا: اجْمَعِي نَفْسَكِ وَاجْمَعِي قَلْبَكِ فَهُوَ مَا قُلْتُ لَكِ.
قَالَتْ حَكِيمَةُ: ثُمَّ أخَذَتْنِي فَتْرَةٌ وَأخَذَتْهَا فِطْرَةٌ(4) فَانْتَبَهْتُ بِحِسّ سَيَّدِي عليه السلام فَكَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ فَإذَا أنَا بِهِ عليه السلام سَاجِداً يَتَلَقَّى الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَإِذَا أنَا بِهِ نَظِيفٌ (مُنَظَّفٌ) فَصَاحَ بِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (هَلُمَّي إِلَيَّ ابْني يَا عَمَّةُ)، فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ تَحْتَ ألْيَتَيْهِ وَظَهْرهِ وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ أدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ وَأمَرَّ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِهِ ثُمَّ قَالَ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ)، فَقَالَ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ. وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم...) ثُمَّ صَلَّى عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَ عَلَى الأئِمَّةِ إِلَى أنْ وَقَفَ عَلَى أبيهِ ثُمَّ أحْجَمَ.ه.
ص: 12
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّةُ اذْهَبِي بِهِ إِلَى اُمَّهِ لِيُسَلّمَ عَلَيْهَا وَائْتِني بِهِ)، فَذَهَبْتُ بِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَرَدَدْتُهُ وَوَضَعْتُهُ فِي الْمَجْلِس، ثُمَّ قَالَ: (يَا عَمَّةُ إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِع فَأتِينَا).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أصْبَحْتُ جِئْتُ لاُسَلّمَ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَكَشَفْتُ السِّتْرَ لأفْتَقِدَ(1) سَيَّدِي عليه السلام فَلَمْ أرَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا فَعَلَ سَيَّدِي؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى(2) عليه السلام).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم السَّابِع جِئْتُ وَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَقَالَ: (هَلُمَّي إِلَيَّ ابْنِي)، فَجِئْتُ بِسَيَّدِي فِي الْخِرْقَةِ فَفَعَلَ بِهِ كَفَعْلَتِهِ الاُولَى ثُمَّ أدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ كَأنَّهُ يُغَذِّيهِ لَبَناً أوْ عَسَلاً.
ثُمَّ قَالَ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ)، فَقَالَ عليه السلام: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ...)، وَثَنَّى بِالصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أمِير الْمُؤْمِنِينَ وَالأئِمَّةِ(3) صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أبِيهِ عليه السلام ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(4).
قَالَ مُوسَى: فَسَألْتُ عُقْبَةَ الْخَادِمَ عَنْ هَذَا فَقَالَ: صَدَقَتْ حَكِيمَةُ(5).
بيان: يقال: حجمته عن الشيء فأحجم أي كففته فكفّ.1.
ص: 13
4 _ كمال الدين: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَسْرُورٍ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ، عَنْ مُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: خَرَجَ عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام حِينَ قُتِلَ الزُّبَيْريُّ: (هَذَا جَزَاءُ مَن افْتَرَى عَلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أوْلِيَائِهِ، زَعَمَ أنَّهُ يَقْتُلُنِي وَلَيْسَ لِي عَقِبٌ فَكَيْفَ رَأى قُدْرَةَ اللهِ عزّ وجل). وَوُلِدَ لَهُ وَسَمَّاهُ (م ح م د) سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن)(1).
الغيبة للطوسي: الكليني، عن الحسين بن محمّد، عن المعلّى، عن أحمد بن محمّد، قال: خرج عن أبِي محمّد عليه السلام... وذكر مثله(2).
بيان: ربَّما يجمع بينه وبين ما ورد من خمس وخمسين بكون السنة في هذا الخبر ظرفاً لخرج أو قتل أو إحداهما على الشمسية والأخرى على القمرية(3).
5 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: وُلِدَ الصَّاحِبُ عليه السلام (فِي) النّصْفِ(4) مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(5).
6 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ وَالْعَطَّارُ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ النَّيْسَابُورِيّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام، عَن الشَّارِي(6)، عَنْ نَسِيم وَمَارِيَةَ، أنَّهُ لَمَّا سَقَطَ صَاحِبُ الزَّمَانِ عليه السلام مِنْ بَطْن اُمَّهِ سَقَطَ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ، رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ (سبَّابته) إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ:).
ص: 14
(الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، زَعَمَتِ الظَّلَمَةُ أنَّ حُجَّةَ اللهِ دَاحِضَةٌ، وَلَوْ اُذِنَ لَنَا فِي الْكَلاَم لَزَالَ الشَّكُّ)(1).
الغيبة للطوسي: علاّن، عن محمّد العطّار، مثله(2).
7 _ كمال الدين: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَحَدَّثَتْنِي نَسِيمٌ خَادِمُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَتْ: قَالَ لِي صَاحِبُ الزَّمَانِ عليه السلام وَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِلَيْلَةٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ لِي: (يَرْحَمُكِ اللهُ)، قَالَتْ نَسِيمٌ: فَفَرحْتُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لِي عليه السلام: (ألاَ اُبَشّرُكِ فِي الْعُطَاسِ؟)، فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (هُوَ أمَانٌ مِنَ الْمَوْتِ ثَلاَثَةَ أيَّام)(3).
8 _ الغيبة للطوسي: الْكُلَيْنيُّ، رَفَعَهُ عَنْ نَسِيم الْخَادِم، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ عليه السلام بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِعَشْر لَيَالٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: (يَرْحَمُكِ اللهُ)، فَفَرحْتُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: (ألاَ اُبَشّرُكِ فِي الْعُطَاس؟، هُوَ أمَانٌ مِنَ الْمَوْتِ ثَلاَثَةَ أيَّام)(4).
9 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ وَابْنُ الْمُتَوَكّل وَالْعَطَّارُ جَمِيعاً، عَنْ إِسْحَاقَ بْن رِيَاح الْبَصْرِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ السَّيَّدُ عليه السلام قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (ابْعَثُوا إِلَى أبِي عَمْرو)، فَبُعِثَ إِلَيْهِ فَصَارَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: (اشْتَر عَشَرَةَ آلاَفِ رِطْلٍ خُبْزاً وَعَشَرَةَ آلاَفِ رِطْلٍ لَحْماً وَفَرَّقْهُ)، أحْسَبُهُ قَالَ: (عَلَى بَنِي هَاشِم وَعُقَّ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا شَاةً)(5).6.
ص: 15
10 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَنْ أبِي عَلِيّ الْخَيْزَرَانِيّ، عَنْ جَارِيَةٍ لَهُ كَانَ أهْدَاهَا لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَمَّا أغَارَ جَعْفَرٌ الْكَذَّابُ عَلَى الدَّارِ جَاءَتْهُ فَارَّةً مِنْ جَعْفَرٍ فَتَزَوَّجَ بِهَا قَالَ أبُو عَلِيّ: فَحَدَّثَتْنِي أنَّهَا حَضَرَتْ وِلاَدَةَ السَّيَّدِ عليه السلام وَأنَّ اسْمَ اُمَّ السَّيَّدِ صَقِيلُ وَأنَّ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام حَدَّثَهَا بِمَا جَرَى(1) عَلَى عِيَالِهِ، فَسَألَتْهُ أنْ يَدْعُوَ لَهَا بأنْ يَجْعَلَ مَنِيَّتَهَا قَبْلَهُ، فَمَاتَتْ قَبْلَهُ فِي حَيَاةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، وَعَلَى قَبْرهَا لَوْحٌ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: هَذَا اُمُّ مُحَمَّدٍ. قَالَ أبُو عَلِيّ: وَسَمِعْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ تَذْكُرُ أنَّهُ لَمَّا وُلِدَ السَّيَّدُ رَأتْ لَهُ نُوراً سَاطِعاً قَدْ ظَهَرَ مِنْهُ وَبَلَغَ اُفُقَ السَّمَاءِ وَرَأتْ طُيُوراً بِيضاً تَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ وَتَمْسَحُ أجْنِحَتَهَا عَلَى رَأسِهِ وَوَجْهِهِ وَسَائِر جَسَدِهِ ثُمَّ تَطِيرُ، فَأخْبَرْنَا أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام بذَلِكَ فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: (تِلْكَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاءِ نَزَلَتْ لِتَتَبَرَّكَ بِهِ وَهِيَ أنْصَارُهُ إِذَا خَرَجَ)(2).
11 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويّ، عَنْ أبِي غَانِم الْخَادِم، قَالَ: وُلِدَ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَلَدٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّداً فَعَرَضَهُ عَلَى أصْحَابِهِ يَوْمَ الثَّالِثِ وَقَالَ: (هَذَا صَاحِبُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ وَهُوَ الْقَائِمُ الَّذِي تَمْتَدُّ إِلَيْهِ الأعْنَاقُ بِالانْتِظَارِ فَإذَا امْتَلأتِ الأرْضُ جَوْراً وَظُلْماً خَرَجَ فَمَلأهَا قِسْطاً وَعَدْلاً)(3).
12 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَحْر بْن سَهْل الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ وَهُوَ مِنْ وُلْدِ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ أحَدُ مَوَالِي أبِي الْحَسَن وَأبِي مُحَمَّدٍ وَجَارُهُمَا بِسُرَّ مَنْ رَأى: أتَانِي .
ص: 16
كَافُورٌ الْخَادِمُ فَقَالَ: مَوْلاَنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريُّ يَدْعُوكَ إِلَيْهِ، فَأتَيْتُهُ فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لِي: (يَا بِشْرُ إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الأنْصَارِ وَهَذِهِ الْمُوَالاَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَأنْتُمْ ثِقَاتُنَا أهْلَ الْبَيْتِ وَإِنّي مُزَكّيكَ وَمُشَرَّفُكَ بِفَضِيلَةٍ تَسْبِقُ بِهَا الشّيعَةَ فِي الْمُوَالاَةِ بِسِرًّ اُطْلِعُكَ عَلَيْهِ، وَاُنْفِذُكَ فِي ابْتِيَاع أمَةٍ)، فَكَتَبَ كِتَاباً لَطِيفاً بِخَطّ رُومِيّ وَلُغَةٍ رُومِيَّةٍ وَطَبَعَ عَلَيْهِ خَاتَمَهُ وَأخْرَجَ شُقَّةً(1) صَفْرَاءَ فِيهَا مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ دِينَاراً فَقَالَ: (خُذْهَا وَتَوَجَّهْ بِهَا إِلَى بَغْدَادَ وَاحْضَرْ مَعْبَرَ الْفُرَاتِ ضَحْوَةً يَوْمَ كَذَا فَإذَا وَصَلَتْ إِلَى جَانِبِكَ زَوَارِيقُ السَّبَايَا وَتَرَى الْجَوَارِيَ فِيهَا سَتَجِدُ طَوَائِفَ الْمُبْتَاعِينَ مِنْ وُكَلاَءِ قُوَّادِ بَنِي الْعَبَّاس وَشِرْذِمَةً مِنْ فِتْيَانِ الْعَرَبِ فَإذَا رَأيْتَ ذَلِكَ فَأشْرفْ مِنَ الْبُعْدِ عَلَى الْمُسَمَّى عُمَرَ بْنَ يَزيدٍ النَّخَّاسَ عَامَّةَ نَهَارِكَ إِلَى أنْ تَبْرُزَ لِلْمُبْتَاعِينَ جَارِيَةٌ صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا لاَبِسَةٌ حَريرَيْنِ صَفِيقَيْن تَمْتَنِعُ مِنَ الْعَرْضِ وَلَمْس الْمُعْتَرض وَالانْقِيَادِ لِمَنْ يُحَاوِلُ لَمْسَهَا وَتَسْمَعُ صَرْخَةً رُومِيَّةً مِنْ وَرَاءِ سَتْرٍ رَقِيقٍ فَاعْلَمْ أنَّهَا تَقُولُ: وَا هَتْكَ سَتْرَاهْ، فَيَقُولُ بَعْضُ الْمُبْتَاعِينَ: عَلَيَّ ثَلاَثُمِائَةِ دِينَارٍ فَقَدْ زَادَنِي الْعَفَافُ فِيهَا رَغْبَةً، فَتَقُولُ لَهُ بِالْعَرَبيَّةِ: لَوْ بَرَزْتَ فِي زِيَّ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ وَعَلَى شِبْهِ مُلْكِهِ مَا بَدَتْ لِي فِيكَ رَغْبَةٌ فَاشْفَقْ عَلَى مَالِكَ، فَيَقُولُ النَّخَّاسُ: فَمَا الْحِيلَةُ وَلاَ بُدَّ مِنْ بَيْعِكِ، فَتَقُولُ الْجَارِيَةُ: وَمَا الْعَجَلَةُ وَلاَ بُدَّ مِن اخْتِيَارِ مُبْتَاع يَسْكُنُ قَلْبِي إِلَيْهِ وَإِلَى وَفَائِهِ وَأمَانَتِهِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ قُمْ إِلَى عُمَرَ بْن يَزيدَ النَّخَّاس وَقُلْ لَهُ إِنَّ مَعَكَ كِتَاباً مُلَطَّفَةً(2) لِبَعْض الأشْرَافِ كَتَبَهُ بِلُغَةٍ رُومِيَّةٍ وَخَطّ رُومِيّ وَوَصَفَ فِيهِ كَرَمَهُ).
ص: 17
وَوَفَاءَهُ وَنُبْلَهُ وَسَخَاءَهُ تُنَاوِلُهَا لِتَتَأمَّلَ مِنْهُ أخْلاَقَ صَاحِبِهِ فَإنْ مَالَتْ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْهُ فَأنَا وَكِيلُهُ فِي ابْتِيَاعِهَا مِنْكَ).
قَالَ بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: فَامْتَثَلْتُ جَمِيعَ مَا حَدَّهُ لِي مَوْلاَيَ أبُو الْحَسَن عليه السلام فِي أمْر الْجَارِيَةِ، فَلَمَّا نَظَرَتْ فِي الْكِتَابِ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً وَقَالَتْ لِعُمَرَ بْن يَزيدَ: بِعْنِي مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ، وَحَلَفَتْ بِالْمُحَرَّجَةِ وَالْمُغَلَّظَةِ(1) أنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا مِنْهُ قَتَلَتْ نَفْسَهَا، فَمَا زِلْتُ اُشَاحُّهُ فِي ثَمَنِهَا حَتَّى اسْتَقَرَّ الأمْرُ فِيهِ عَلَى مِقْدَارِ مَا كَانَ أصْحَبَنِيهِ مَوْلاَيَ عليه السلام مِنَ الدَّنَانِير فَاسْتَوْفَاهُ وَتَسَلَّمْتُ الْجَارِيَةَ ضَاحِكَةً مُسْتَبْشِرَةً وَانْصَرَفْتُ بِهَا إِلَى الْحُجَيْرَةِ الَّتِي كُنْتُ آوَى إِلَيْهَا بِبَغْدَادَ، فَمَا أخَذَهَا الْقَرَارُ حَتَّى أخْرَجَتْ كِتَابَ مَوْلاَنَا عليه السلام مِنْ جَيْبِهَا وَهِيَ تَلْثِمُهُ وَتُطْبِقُهُ عَلَى جَفْنِهَا وَتَضَعُهُ عَلَى خَدَّهَا وَتَمْسَحُهُ عَلَى بَدَنِهَا، فَقُلْتُ تَعَجُّباً مِنْهَا: تَلْثِمِينَ كِتَاباً لاَ تَعْرفِينَ صَاحِبَهُ!؟
فَقَالَتْ: أيُّهَا الْعَاجِزُ الضَّعِيفُ الْمَعْرفَةِ بِمَحَلّ أوْلاَدِ الأنْبِيَاءِ أعِرْني سَمْعَكَ(2) وَفَرَّغْ لِي قَلْبَكَ، أنَا مَلِيكَةُ بِنْتُ يَشُوعَا بْن قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّوم وَاُمَّي مِنْ وُلْدِ الْحَوَارِيَّينَ تُنْسَبُ إِلَى وَصِيّ الْمَسِيح شَمْعُونَ اُنَبِّئُكَ بِالْعَجَبِ.
إِنَّ جَدَّي قَيْصَرَ أرَادَ أنْ يُزَوّجَنِي مِن ابْن أخِيهِ وَأنَا مِنْ بَنَاتِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَجَمَعَ فِي قَصْرهِ مِنْ نَسْل الْحَوَارِيَّينَ مِنَ الْقِسَّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ ثَلاَثَمِائَةِ رَجُلٍ وَمِنْ ذَوِي الأخْطَارِ مِنْهُمْ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ وَجَمَعَ مِنْ اُمَرَاءِ الأجْنَادِ وَقُوَّادِ الْعَسْكَر وَنُقَبَاءِ الْجُيُوش وَمُلُوكِ الْعَشَائِر أرْبَعَةَ آلاَفٍ وَأبْرَزَة.
ص: 18
مِنْ بَهِيّ مُلْكِهِ عَرْشاً مُسَاغا(1) مِنْ أصْنَافِ الْجَوْهَر(2) وَرَفَعَهُ فَوْقَ أرْبَعِينَ مِرْقَاةً فَلَمَّا صَعِدَ ابْنُ أخِيهِ وَأحْدَقَتِ الصُّلُبُ وَقَامَتِ الأسَاقِفَةُ عُكَّفاً وَنُشِرَتْ أسْفَارُ الإنْجِيل تَسَافَلَتِ الصُّلُبُ مِنَ الأعْلَى فَلَصِقَتِ الأرْضَ وَتَقَوَّضَتْ أعْمِدَةُ الْعَرْش فَانْهَارَتْ إِلَى الْقَرَارِ وَخَرَّ الصَّاعِدُ مِنَ الْعَرْش مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَتَغَيَّرَتِ ألْوَانُ الأسَاقِفَةِ وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ، فَقَالَ كَبِيرُهُمْ لِجَدَّي: أيُّهَا الْمَلِكُ أعْفِنَا مِنْ مُلاَقَاةِ هَذِهِ النُّحُوسِ الدَّالَّةِ عَلَى زَوَالِ هَذَا الدَّين الْمَسِيحِيّ وَالْمَذْهَبِ الْمَلِكَانيّ، فَتَطَيَّرَ جَدَّي مِنْ ذَلِكَ تَطَيُّراً شَدِيداً وَقَالَ لِلأسَاقِفَةِ: أقِيمُوا هَذِهِ الأعْمِدَةَ وَارْفَعُوا الصُّلْبَانَ وَأحْضِرُوا أخَا هَذَا الْمُدْبَر الْعَاهِر(3) الْمَنْكُوس جَدُّهُ لاُزَوَّجَهُ هَذِهِ الصَّبِيَّةَ فَيُدْفَعُ نُحُوسُهُ عَنْكُمْ بسُعُودِهِ، وَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَدَثَ عَلَى الثَّانِي مِثْلُ مَا حَدَثَ عَلَى الأوَّلِ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَقَامَ جَدَّي قَيْصَرُ مُغْتَمّاً فَدَخَلَ مَنْزلَ النّسَاءِ وَاُرْخِيَتِ السُّتُورُ وَاُرِيتُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَأنَّ الْمَسِيحَ وَشَمْعُونَ وَعِدَّةً مِنَ الْحَوَارِيَّينَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي قَصْر جَدَّي وَنَصَبُوا فِيهِ مِنْبَراً مِنْ نُورٍ يُبَارِي السَّمَاءَ عُلُوّاً وَارْتِفَاعاً فِي الْمَوْضِع الَّذِي كَانَ نَصَبَ جَدَّي وَفِيهِ عَرْشُهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَتَنُهُ وَوَصِيُّهُ عليه السلام وَعِدَّةٌ مِنْ أبْنَائِهِ.
فَتَقَدَّمَ الْمَسِيحُ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقَهُ فَيَقُولُ لَهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا رُوحَ اللهِ إِنّي جِئْتُكَ خَاطِباً مِنْ وَصِيَّكَ شَمْعُونَ فَتَاتَهُ مَلِيكَةَ لابْني هَذَا)، وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام ابْن صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ، فَنَظَرَ الْمَسِيحُ إِلَى شَمْعُونَ وَقَالَ لَهُ: قَدْ أتَاكَ الشَّرَفُ فَصِلْ رَحِمَكَ بِرَحِم آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام، قَالَ: قَدْ).
ص: 19
فَعَلْتُ، فَصَعِدَ ذَلِكَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَزَوَّجَنِي مِن ابْنِهِ وَشَهِدَ الْمَسِيحُ عليه السلام وَشَهِدَ أبْنَاءُ مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَالْحَوَارِيُّونَ.
فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ أشْفَقْتُ أنْ أقُصَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا عَلَى أبِي وَجَدَّي مَخَافَةَ الْقَتْل فَكُنْتُ اُسِرُّهَا وَلاَ اُبْدِيهَا لَهُمْ وَضَرَبَ صَدْرِي بِمَحَبَّةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام حَتَّى امْتَنَعْتُ مِنَ الطَّعَام وَالشَّرَابِ فَضَعُفَتْ نَفْسِي وَدَقَّ شَخْصِي وَمَرضْتُ مَرَضاً شَدِيداً فَمَا بَقِيَ فِي مَدَائِن الرُّوم طَبِيبٌ إِلاَّ أحْضَرَهُ جَدَّي وَسَألَهُ عَنْ دَوَائِي فَلَمَّا بَرَّحَ بِهِ الْيَأسُ قَالَ: يَا قُرَّةَ عَيْني هَلْ يَخْطُرُ بِبَالِكِ شَهْوَةٌ فَاُزَوَّدُكِهَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؟، فَقُلْتُ: يَا جَدَّي أرَى أبْوَابَ الْفَرَج عَلَيَّ مُغْلَقَةً فَلَوْ كَشَفْتَ الْعَذَابَ عَمَّنْ فِي سِجْنِكَ مِنْ اُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَفَكَكْتَ عَنْهُمُ الأغْلاَلَ وَتَصَدَّقْتَ عَلَيْهِمْ وَمَنَّيْتَهُمُ الْخَلاَصَ رَجَوْتُ أنْ يَهَبَ(1) الْمَسِيحُ وَاُمُّهُ عَافِيَةً، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ تَجَلَّدْتُ فِي إِظْهَارِ الصِّحَّةِ مِنْ بَدَنِي قَلِيلاً وَتَنَاوَلْتُ يَسِيراً مِنَ الطَّعَام فَسَرَّ بِذَلِكَ وَأقْبَلَ عَلَى إِكْرَام الاُسَارَى وَإِعْزَازِهِمْ، فَاُرِيتُ أيْضاً بَعْدَ أرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً كَأنَّ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فَاطِمَةَ عليها السلام قَدْ زَارَتْنِي وَمَعَهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَألْفٌ مِنْ وَصَائِفِ الْجِنَانِ فَتَقُولُ لِي مَرْيَمُ: هَذِهِ سَيَّدَةُ النّسَاءِ عليها السلام اُمُّ زَوْجِكِ أبِي مُحَمَّدٍ فَأتَعَلَّقُ بِهَا وَأبْكِي وَأشْكُو إِلَيْهَا امْتِنَاعَ أبِي مُحَمَّدٍ مِنْ زِيَارَتِي، فَقَالَتْ سَيَّدَةُ النّسَاءِ عليها السلام: (إِنَّ ابْنِي أبَا مُحَمَّدٍ لاَ يَزُورُكِ وَأنْتِ مُشْركَةٌ بِاللهِ عَلَى مَذْهَبِ النَّصَارَى وَهَذِهِ اُخْتِي مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ تَبْرَأ إِلَى اللهِ مِنْ دِينكِ فَإنْ مِلْتِ إِلَى رِضَى اللهِ تَعَالَى وَرِضَى الْمَسِيح وَمَرْيَمَ عليهما السلام وَزِيَارَةِ أبِي مُحَمَّدٍ إِيَّاكِ فَقُولِي: أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ أبِي مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ)، فَلَمَّا تَكَلَّمْتُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ضَمَّتْنِي إِلَى صَدْرِهَا سَيَّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ).
ص: 20
وَطِيبَ نَفْسِي وَقَالَتِ: (الآنَ تَوَقَّعِي زِيَارَةَ أبِي مُحَمَّدٍ وَإِنّي مُنْفِذَتُهُ إِلَيْكِ)، فَانْتَبَهْتُ وَأنَا أنُولُ(1) وَأتَوَقَّعُ لِقَاءَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ رَأيْتُ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام وَكَأنّي أقُولُ لَهُ: جَفَوْتَنِي يَا حَبِيبي بَعْدَ أنْ أتْلَفْتُ نَفْسِي مُعَالَجَةَ حُبَّكَ، فَقَالَ: (مَا كَانَ تَأخُّري عَنْكِ إِلاَّ لِشِرْكِكِ فَقَدْ أسْلَمْتِ وَأنَا زَائِرُكِ فِي كُلّ لَيْلَةٍ إِلَى أنْ يَجْمَعَ اللهُ شَمْلَنَا فِي الْعَيَانِ)، فَلَمَّا قَطَعَ عَنّي زِيَارَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ.
قَالَ بِشْرٌ: فَقُلْتُ لَهَا: وَكَيْفَ وَقَعْتِ فِي الاُسَارَى؟ فَقَالَتْ: أخْبَرَني أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي: (أنَّ جَدَّكِ سَيُسَيَّرُ جَيْشاً إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ يَتْبَعُهُمْ فَعَلَيْكَ بِاللّحَاقِ بِهِمْ مُتَنَكّرَةً فِي زِيّ الْخَدَم مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الْوَصَائِفِ مِنْ طَريقِ كَذَا)، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَوَقَفَتْ عَلَيْنَا طَلاَئِعُ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى كَانَ مِنْ أمْري مَا رَأيْتَ وَشَاهَدْتَ وَمَا شَعَرَ بِأنّي ابْنَةُ مَلِكِ الرُّوم إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ أحَدٌ سِوَاكَ وَذَلِكَ بِاِطّلاَعِي إِيَّاكَ عَلَيْهِ وَلَقَدْ سَألَنِي الشَّيْخُ الَّذِي وَقَعْتُ إِلَيْهِ فِي سَهْم الْغَنِيمَةِ عَن اسْمِي فَأنْكَرْتُهُ وَقُلْتُ: نَرْجِسُ، فَقَالَ: اسْمُ الْجَوَارِي.
قُلْتُ: الْعَجَبُ أنَّكِ رُومِيَّةٌ وَلِسَانُكِ عَرَبيٌّ!؟ قَالَتْ: نَعَمْ مِنْ وَلُوع جَدَّي وَحَمْلِهِ إِيَّايَ عَلَى تَعَلُّم الآدَابِ أنْ أوْعَزَ إِلَيَّ امْرَأةً تَرْجُمَانَةً لَهُ(2) فِي الاخْتِلاَفِ إِلَيَّ وَكَانَتْ تَقْصُدُنِي صَبَاحاً وَمَسَاءً وَتُفِيدُنِي الْعَرَبِيَّةَ حَتَّى اسْتَمَرَّ لِسَانِي عَلَيْهَا وَاسْتَقَامَ.
قَالَ بِشْرٌ: فَلَمَّا انْكَفَأتُ بِهَا إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى دَخَلَتْ عَلَى مَوْلاَيَ أبِي).
ص: 21
الْحَسَن عليه السلام، فَقَالَ: (كَيْفَ أرَاكِ اللهُ عِزَّ الإسْلاَم وَذُلَّ النَّصْرَانِيَّةِ وَشَرَفَ مُحَمَّدٍ وَأهْل بَيْتِهِ عليهما السلام؟).
قَالَتْ: كَيْفَ أصِفُ لَكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنّي؟، قَالَ: فَإنّي اُحِبُّ أنْ اُكْرمَكِ فَأيُّمَا أحَبُّ إِلَيْكِ عَشَرَةُ آلاَفِ دِينَارٍ أمْ بُشْرَى لَكِ بِشَرَفِ الأبَدِ؟).
قَالَتْ: بُشْرَى بِوَلَدٍ لِي. قَالَ لَهَا: (أبْشِري بوَلَدٍ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وَغَرْباً وَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)، قَالَتْ: مِمَّنْ؟ قَالَ: (مِمَّنْ خَطَبَكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَهُ لَيْلَةَ كَذَا فِي شَهْر كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا بِالرُّومِيَّةِ)(1)، قَالَ لَهَا: (مِمَّنْ زَوَّجَكِ الْمَسِيحُ عليه السلام وَوَصِيُّهُ؟)، قَالَتْ: مِن ابْنكَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَقَالَ: (هَلْ تَعْرفِينَهُ؟)، قَالَتْ: وَهَلْ خَلَتْ لَيْلَةٌ لَمْ يَزُرْني فِيهَا مُنْذُ اللَّيْلَةِ الَّتِي أسْلَمْتُ عَلَى يَدِ سَيَّدَةِ النّسَاءِ عليها السلام؟ قَالَ: فَقَالَ مَوْلاَنَا: (يَا كَافُورُ ادْعُ اُخْتِي حَكِيمَةَ)، فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَ لَهَا: (هَا هِيَهْ)، فَاعْتَنَقَتْهَا طَويلاً وَسَرَّتْ بِهَا كَثِيراً، فَقَالَ لَهَا أبُو الْحَسَن عليه السلام: (يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ خُذِيهَا إِلَى مَنْزلِكِ وَعَلّمِيهَا الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ فَإنَّهَا زَوْجَةُ أبِي مُحَمَّدٍ وَاُمُّ الْقَائِمِ عليه السلام)(2).
13 _ كمال الدين(3): مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن(4) حَاتِم، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ الْقُمَّيّ، عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى(5) الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: وَرَدْتُ كَرْبَلاَءَ سَنَةَ سِتّ وَثَمَانِينَ).
ص: 22
وَمِائَتَيْن، قَالَ: وَزُرْتُ قَبْرَ غَريبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ثُمَّ انْكَفَأتُ إِلَى مَدِينَةِ السَّلاَم مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَابِر قُرَيْشٍ وَقَدْ تَضَرَّمَتِ الْهَوَاجِرُ وَتَوَقَّدَتِ السَّمَاءُ وَلَمَّا وَصَلْتُ مِنْهَا إِلَى مَشْهَدِ الْكَاظِم عليه السلام وَاسْتَنْشَقْتُ نَسِيمَ تُرْبَتِهِ الْمَغْمُورَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ الْمَحْفُوفَةِ بِحَدَائِقِ الْغُفْرَانِ أكْبَبْتُ عَلَيْهَا بعَبَرَاتٍ مُتَقَاطِرَةٍ وَزَفَرَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ، وَقَدْ حَجَبَ الدَّمْعُ طَرْفِي عَن النَّظَر فَلَمَّا رَقَأتِ الْعَبْرَةُ وَانْقَطَعَ النَّحِيبُ وَفَتَحْتُ بَصَري وَإِذَا أنَا بِشَيْخ قَدِ انْحَنَى صُلْبُهُ وَتَقَوَّسَ مَنْكِبَاهُ وَثَفِنَتْ جَبْهَتُهُ وَرَاحَتَاهُ وَهُوَ يَقُولُ لآِخَرَ مَعَهُ عِنْدَ الْقَبْر: يَا ابْنَ أخ فَقَدْ نَالَ عَمُّكَ شَرَفاً بِمَا حَمَّلَهُ السَّيَّدَانِ مِنْ غَوَامِض الْغُيُوبِ وَشَرَائِفِ الْعُلُوم الَّتِي لَمْ يَحْمِلْ مِثْلَهَا إِلاَّ سَلْمَانُ وَقَدْ أشْرَفَ عَمُّكَ عَلَى اسْتِكْمَالِ الْمُدَّةِ وَانْقِضَاءِ الْعُمُر وَلَيْسَ يَجِدُ فِي أهْل الْوَلاَيَةِ رَجُلاً يُفْضِي إِلَيْهِ(1)، قُلْتُ: يَا نَفْسُ لاَ يَزَالُ الْعَنَاءُ وَالْمَشَقَّةُ يَنَالاَنِ مِنْكِ بإتْعَأبِي الْخُفَّ وَالْحَافِرَ فِي طَلَبِ الْعِلْم وَقَدْ قَرَعَ سَمْعِي مِنْ هَذَا الشَّيْخ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى عِلْم جَسِيم وَأمْرٍ عَظِيم.
فَقُلْتُ: أيُّهَا الشَّيْخُ وَمَن السَّيَّدَانِ؟ قَالَ: النَّجْمَانِ الْمُغَيَّبَانِ فِي الثَّرَى بِسُرَّ مَنْ رَأى، فَقُلْتُ: إِنّي اُقْسِمُ بِالْمُوَالاَةِ وَشَرَفِ مَحَلّ هَذَيْن السَّيَّدَيْن مِنَ الإمَامَةِ وَالْورَاثَةِ أنّي خَاطِبٌ عِلْمَهُمَا وَطَالِبٌ آثَارَهُمَا وَبَاذِلٌ مِنْ نَفْسِي الأيْمَانَ الْمُؤَكَّدَةَ عَلَى حِفْظِ أسْرَارِهِمَا، قَالَ: إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَأحْضِرْ مَا صَحِبَكَ مِنَ الآثَارِ عَنْ نَقَلَةِ أخْبَارِهِمْ، فَلَمَّا فَتَّشَ الْكُتُبَ وَتَصَفَّحَ الرَّوَايَاتِ مِنْهَا قَالَ: صَدَقْتَ أنَا بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ مِنْ وُلْدِ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيّ أحَدُ مَوَالِي أبِي الْحَسَن وَأبِي مُحَمَّدٍ عليهما السلام وَجَارُهُمَا).
ص: 23
بِسُرَّ مَنْ رَأى، قُلْتُ: فَأكْرمْ أخَاكَ بِبَعْض مَا شَاهَدْتَ مِنْ آثَارِهِمَا، قَالَ: كَانَ مَوْلاَيَ أبُو الْحَسَن عليه السلام فَقَّهَني فِي عِلْم الرَّقِيقِ فَكُنْتُ لاَ أبْتَاعُ وَلاَ أبيعُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَاجْتَنَبْتُ بِذَلِكَ مَوَارِدَ الشُّبُهَاتِ حَتَّى كَمَلَتْ مَعْرفَتِي فِيهِ فَأحْسَنْتُ الْفَرْقَ فِيمَا بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَام فَبَيْنَا أنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَنْزلِي بِسُرَّ مَنْ رَأى وَقَدْ مَضَى هَويٌّ مِنَ اللَّيْل إِذْ قَدْ قَرَعَ الْبَابَ قَارِعٌ فَعَدَوْتُ مُسْرعاً فَإذَا بِكَافُورٍ الْخَادِم رَسُولِ مَوْلاَنَا أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَدْعُوني إِلَيْهِ فَلَبِسْتُ ثِيَأبِي وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَرَأيْتُهُ يُحَدَّثُ ابْنَهُ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام وَاُخْتَهُ حَكِيمَةَ مِنْ وَرَاءِ السَّتْر، فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ: (يَا بِشْرُ إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الأنْصَارِ وَهَذِهِ الْوَلاَيَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَأنْتُمْ ثِقَاتُنَا أهْلَ الْبَيْتِ) ... وَسَاقَ الْخَبَرَ نَحْواً مِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخُ إِلَى آخِرهِ(1).
بيان: يباري السماء: أي يعارضها، ويقال: برح به الأمر تبريحاً جهده وأضرَّ به وأوعز إليه، في كذا: أي تقدَّم، وانكفأ: أي رجع.
14 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْمُطَهَّريّ(2)، قَالَ: قَصَدْتُ حَكِيمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ عليه السلام بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أسْألُهَا عَن الْحُجَّةِ وَمَا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْحَيْرَةِ الَّتِي(3) فِيهَا، فَقَالَتْ لِي: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَتْ لِي: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لاَ يُخَلّي الأرْضَ مِنْ حُجَّةٍ نَاطِقَةٍ أوْ صَامِتَةٍ وَلَمْ يَجْعَلْهَا فِي أخَوَيْن بَعْدَ الْحَسَن).
ص: 24
وَالْحُسَيْن تَفْضِيلاً لِلْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام وَتَمْيِيزاً لَهُماَ(1) أنْ يَكُونَ فِي الأرْض عَدِيلُهُمَا إِلاَّ أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ وُلْدَ الْحُسَيْن بالْفَضْل عَلَى وُلْدِ الْحَسَن كَمَا خَصَّ وُلْدَ هَارُونَ عَلَى وُلْدِ مُوسَى وَإِنْ كَان مُوسَى حُجَّةً عَلَى هَارُونَ وَالْفَضْلُ لِوُلْدِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَلاَ بُدَّ لِلاُمَّةِ مِنْ حَيْرَةٍ يَرْتَابُ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ وَيَخْلُصُ فِيهَا الْمُحِقُّونَ لِئَلا(2) يَكُونَ لِلنَّاس(3) عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل، وَإِنَّ الْحَيْرَةَ لاَ بُدَّ وَاقِعَةٌ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام.
فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَتِي هَلْ كَانَ لِلْحَسَن عليه السلام وَلَدٌ؟ فَتَبَسَّمَتْ ثُمَّ قَالَتْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَسَن عليه السلام عَقِبٌ فَمَن الْحِجَّةُ مِنْ بَعْدِهِ؟ وَقَدْ أخْبَرْتُكَ (أنَّ الإمَامَةَ لاَ تَكُونُ لأخَوَيْن(4) بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام).
(فَقُلْتُ: يَا سَيَّدَتِي) حَدَّثِيني بِوِلاَدَةِ مَوْلاَيَ وَغَيْبَتِهِ عليه السلام. (قال) قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، فَزَارَني ابْنُ أخِي عليه السلام وَأقْبَلَ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي لَعَلَّكَ هَويتَهَا فَاُرْسِلُهَا إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: (لاَ يَا عَمَّةُ لَكِنّي أتَعَجَّبُ مِنْهَا)، فَقُلْتُ: وَمَا أعْجَبَكَ؟ فَقَالَ عليه السلام: (سَيَخْرُجُ مِنْهَا وَلَدٌ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ عزّ وجل الَّذِي يَمْلأ اللهُ بِهِ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)، فَقُلْتُ: فَاُرْسِلُهَا إِلَيْكَ يَا سَيَّدِي؟ فَقَالَ: (اسْتَأذِني فِي ذَلِكَ أبي)، قَالَتْ: فَلَبِسْتُ ثِيَأبِي وَأتَيْتُ مَنْزلَ أبِي الْحَسَن فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَبَدَأني عليه السلام وَقَالَ: (يَا حَكِيمَةُ ابْعَثِي بِنَرْجِسَ إِلَى ابْني أبِي مُحَمَّدٍ)، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي عَلَى هَذَا قَصَدْتُكَ أنْ أسْتَأذِنَكَ فِي ذَلِكَ،).
ص: 25
فَقَالَ: (يَا مُبَارَكَةُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أحَبَّ أنْ يَشْرَكَكِ فِي الأجْر وَيَجْعَلَ لَكِ فِي الْخَيْر نَصِيباً)، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ ألْبَثْ أنْ رَجَعْتُ إِلَى مَنْزلِي وَزَيَّنْتُهَا وَوَهَبْتُهَا لأبِي مُحَمَّدٍ وَجَمَعْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي مَنْزلِي فَأقَامَ عِنْدِي أيَّاماً ثُمَّ مَضَى إِلَى وَالِدِهِ وَوَجَّهْتُ بِهَا مَعَهُ.
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَمَضَى أبُو الْحَسَن عليه السلام وَجَلَسَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مَكَانَ وَالِدِهِ وَكُنْتُ أزُورُهُ كَمَا كُنْتُ أزُورُ وَالِدَهُ فَجَاءَتْنِي نَرْجِسُ يَوْماً تَخْلَعُ خُفّي وَقَالَتْ: يَا مَوْلاَتِي نَاوِلْنِي خُفَّكِ، فَقُلْتُ: بَلْ أنْتِ سَيَّدَتِي وَمَوْلاَتِي وَاللهِ لاَ دَفَعْتُ إِلَيْكِ خُفّي لِتَخْلَعِيهِ وَلاَ خَدَمْتِيني(1) بَلْ أخْدُمُكِ(2) عَلَى بَصَري، فَسَمِعَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام ذَلِكَ فَقَالَ: (جَزَاكِ اللهُ خَيْراً يَا عَمَّةُ)، فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ إِلَى وَقْتِ غُرُوبِ الشَّمْس فَصِحْتُ بِالْجَارِيَةِ وَقُلْتُ: نَاوِلِيني ثِيَأبِي لأنْصَرفَ، فَقَالَ عليه السلام: (يَا عَمَّتَاهُ بِيتِيَ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإنَّهُ سَيُولَدُ اللَّيْلَةَ الْمَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ عزّ وجل الَّذِي يُحْيِي اللهُ عزّ وجل بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا).
قُلْتُ: مِمَّنْ يَا سَيَّدِي وَلَسْتُ أرَى بِنَرْجِسَ شَيْئاً مِنْ أثَر الْحَمْل؟ فَقَالَ: (مِنْ نَرْجِسَ لاَ مِنْ غَيْرهَا) قَالَتْ: فَوَثَبْتُ إِلَى نَرْجِسَ فَقَلَبْتُهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أرَ بِهَا أثَراً مِنْ حَبَلٍ فَعُدْتُ إِلَيْهِ فَأخْبَرْتُهُ بِمَا فَعَلْتُ، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي: (إِذَا كَانَ وَقْتُ الْفَجْر يَظْهَرُ لَكِ بِهَا الْحَبَلُ لأنَّ مَثَلَهَا مَثَلُ اُمَّ مُوسَى لَمْ يَظْهَرْ بِهَا الْحَبَلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أحَدٌ إِلَى وَقْتِ وِلاَدَتِهَا لأنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَشُقُّ بُطُونَ الْحَبَالَى فِي طَلَبِ مُوسَى وَهَذَا نَظِيرُ مُوسَى عليه السلام)(3).).
ص: 26
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ أزَلْ أرْقُبُهَا إِلَى وَقْتِ طُلُوع الْفَجْر وَهِيَ نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيَّ لاَ تَقْلِبُ جَنْباً إِلَى جَنْبٍ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِر اللَّيْل وَقْتَ طُلُوع الْفَجْر وَثَبَتْ فَزعَةً فَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي وَسَمَّيْتُ عَلَيْهَا، فَصَاحَ(1) أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام وَقَالَ: (اقْرَئِي عَلَيْهَا: ((إِنَّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ))(2))، فَأقْبَلْتُ أقْرَأ عَلَيْهَا وَقُلْتُ لَهَا: مَا حَالُكِ؟ قَالَتْ: ظَهَرَ(3) الأمْرُ الَّذِي أخْبَرَكِ بِهِ مَوْلاَيَ، فَأقْبَلْتُ أقْرَأ عَلَيْهَا كَمَا أمَرَني فَأجَابَني الْجَنِينُ مِنْ بَطْنِهَا يَقْرَأ كَمَا أقْرَأ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَفَزعْتُ لِمَا سَمِعْتُ، فَصَاحَ بِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (لاَ تَعْجَبِي مِنْ أمْر اللهِ عزّ وجل إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُنْطِقُنَا بِالْحِكْمَةِ صِغَاراً وَيَجْعَلُنَا حُجَّةً فِي أرْضِهِ كِبَاراً)، فَلَمْ يَسْتَتِمَّ الْكَلاَمَ حَتَّى غِيبَتْ عَنّي نَرْجِسُ فَلَمْ أرَهَا كَأنَّهُ ضُربَ بَيْني وَبَيْنَهَا حِجَابٌ فَعَدَوْتُ نَحْوَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَأنَا صَارِخَةٌ، فَقَالَ لِي: (ارْجِعِي يَا عَمَّةُ فَإنَّكِ سَتَجِدِيهَا فِي مَكَانِهَا)، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ فَلَمْ ألْبَثْ أنْ كُشِفَ الْحِجَابُ(4) بَيْني وَبَيْنَهَا وَإِذَا أنَا بِهَا وَعَلَيْهَا مِنْ أثَر النُّورِ مَا غَشِيَ بَصَري وَإِذَا أنَا بِالصَّبِيّ عليه السلام سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَأنَّ جَدَّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأنَّ أبِي أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ...) ثُمَّ عَدَّ إِمَاماً إِمَاماً إِلَى أنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ عليه السلام: (اللهُمَّ أنْجِزْ لِي وَعْدِي وَأتْمِمْ لِي أمْري وَثَبَّتْ وَطْأتِي وَامْلأ الأرْضَ بِي عَدْلاً وَقِسْطاً).).
ص: 27
فَصَاحَ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ عليه السلام فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ تَنَاوَلِيهِ فَهَاتِيهِ)، فَتَنَاوَلْتُهُ وَأتَيْتُ بِهِ نَحْوَهُ، فَلَمَّا مَثَلْتُ بَيْنَ يَدَيْ أبيهِ وَهُوَ عَلَى يَدَيَّ سَلَّمَ عَلَى أبيهِ فَتَنَاوَلَهُ الْحَسَنُ عليه السلام وَالطَّيْرُ تُرَفْرفُ عَلَى رَأسِهِ(1) فَصَاحَ بِطَيْرٍ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ: (احْمِلْهُ وَاحْفَظْهُ وَرُدَّهُ إِلَيْنَا فِي كُلّ أرْبَعِينَ يَوْماً)، فَتَنَاوَلَهُ الطَّائِرُ وَطَارَ بِهِ فِي جَوّ السَّمَاءِ وَأتْبَعَهُ سَائِرُ الطَّيْر، فَسَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: (أسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى(2))، فَبَكَتْ نَرْجِسُ، فَقَالَ لَهَا: (اسْكُتِي فَإنَّ الرَّضَاعَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ إِلاَّ مِنْ ثَدْيِكِ وَسَيُعَادُ إِلَيْكِ كَمَا رُدَّ مُوسَى إِلَى اُمَّهِ وَذَلِكِ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ))(3)).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَقُلْتُ: مَا هَذَا الطَّائِرُ؟ قَالَ: (هَذَا رُوحُ الْقُدُس الْمُوَكَّلُ بالأئِمَّةِ عليهم السلام يُوَفّقُهُمْ وَيُسَدَّدُهُمْ وَيُرَبَّيهِمْ بِالْعِلْم).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أنْ كَانَ بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً رُدَّ الْغُلاَمُ وَوَجَّهَ إِلَيَّ ابْنُ أخِي عليه السلام فَدَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإذَا أنَا بِصَبِيّ مُتَحَرَّكٌ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: سَيَّدِي هَذَا ابْنُ سَنَتَيْن، فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ أوْلاَدَ الأنْبِيَاءِ وَالأوْصِيَاءِ إِذَا كَانُوا أئِمَّةً يَنْشَئُونَ بِخِلاَفِ مَا يَنْشَأ غَيْرُهُمْ وَإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا إِذَا أتَى عَلَيْهِ شَهْرٌ كَانَ كَمَنْ يَأتِي(4) عَلَيْهِ سَنَةٌ وَإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا).
ص: 28
لَيَتَكَلَّمُ فِي بَطْن اُمَّهِ وَيَقْرَأ الْقُرْآنَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ عزّ وجل وَعِنْدَ الرَّضَاع تُطِيعُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَتَنْزلُ عَلَيْهِ (كُلَّ) صَبَاح (وَ)مَسَاءٍ(1)).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ أزَلْ أرَى ذَلِكَ الصَّبِيَّ كُلَّ أرْبَعِينَ يَوْماً إِلَى أنْ رَأيْتُهُ رَجُلاً قَبْلَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بأيَّام قَلاَئِلَ فَلَمْ أعْرفْهُ، فَقُلْتُ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَنْ هَذَا الَّذِي تَأمُرُني أنْ أجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ؟ فَقَالَ: (ابْنُ نَرْجِسَ وَهُوَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي وَعَنْ قَلِيلٍ تَفْقِدُونّي فَاسْمَعِي لَهُ وَأطِيعِي)، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَمَضَى أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام بِأيَّام قَلاَئِلَ وَافْتَرَقَ النَّاسُ كَمَا تَرَى وَوَاللهِ إِنّي لأرَاهُ صَبَاحاً وَمَسَاءً وَإِنَّهُ لَيُنْبِئُنِي عَمَّا تَسْألُونّي عَنْهُ فَاُخْبِرُكُمْ، وَوَاللهِ إِنّي لاَرِيدُ أنْ أسْألَهُ عَن الشَّيْ ءِ فَيَبْدَاُني بِهِ وَإِنَّهُ لَيَرُدُّ عَلَيَّ الأمْرَ فَيَخْرُجُ إِلَيَّ مِنْهُ جَوَابُهُ مِنْ سَاعَتِهِ مِنْ غَيْر مَسْألَتِي وَقَدْ أخْبَرَني الْبَارِحَةَ بِمَجِيئِكَ إِلَيَّ وَأمَرَني أنْ اُخْبِرَكَ بِالْحَقّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: فَوَ اللهِ لَقَدْ أخْبَرَتْنِي حَكِيمَةُ بِأشْيَاءَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا أحَدٌ إِلاَّ اللهُ عزّ وجل فَعَلِمْتُ أنَّ ذَلِكَ صِدْقٌ وَعَدْلٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل وَأنَّ اللهَ عزّ وجل قَدِ اطَّلَعَهُ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أحَداً مِنْ خَلْقِهِ(2).
بيان: قوله عليه السلام: (وثبت وطأتي): الوطئ الدوس بالقدم سمي به الغزو والقتل لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته، ذكره الجزري(3): أي أحكم وثبّت ما وعدتني من جهاد المخالفين واستيصالهم.
15 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زَكَريَّا، عَنْ مُحَمَّدِ0.
ص: 29
بْن خَلِيلاَنَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ غِيَاثِ بْن أسَدٍ(1)، قَالَ: وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاُمُّهُ رَيْحَانَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ: صَقِيلُ، وَيُقَالُ: سَوْسَنُ، إِلاَّ أنَّهُ قِيلَ لِسَبَبِ الْحَمْل: صَقِيلُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ عليه السلام لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَكِيلُهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ أوْصَى إِلَى ابْنِهِ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ وَأوْصَى أبُو جَعْفَرٍ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رُوح وَأوْصَى أبُو الْقَاسِم إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ رضي الله عنهم فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّمُريَّ رضي الله عنه الْوَفَاةُ سُئِلَ أنْ يُوصِيَ، فَقَالَ: للهِ أمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ، فَالْغَيْبَةُ التَّامَّةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ السَّمُريّ رحمه الله(2).
بيان: قوله: إلاَّ أنَّه قيل لسبب الحمل: أي إنَّما سُمّي صقيلاً لِمَا اعتراه من النور والجلاء بسبب الحمل المنوّر، يقال: صقل السيف وغيره أي جلاه فهو صقيل، ولا يبعد أن يكون تصحيف الجمال.
16 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن بْن الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْكَرْخِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا هَارُونَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِنَا يَقُولُ: رَأيْتُ صَاحِبَ الزَّمَانِ عليه السلام وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(3).
17 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيّ، أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام بَعَثَ إِلَى (بَعْض) مَنْ سَمَّاهُ لِي بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ، قَالَ: (هَذِهِ مِنْ عَقِيقَةِ ابْني مُحَمَّدٍ)(4).
18 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحَسَن بْن0.
ص: 30
عَلِيّ النَّيْسَابُورِيّ، عَن الْحَسَن بْن الْمُنْذِرِ، عَنْ حَمْزَةَ بْن أبِي الْفَتْح، قَالَ: جَاءَنِي يَوْماً فَقَالَ لِي: الْبِشَارَةَ! وُلِدَ الْبَارِحَةَ فِي الدَّارِ مَوْلُودٌ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَأمَرَ بِكِتْمَانِهِ، قُلْتُ: وَمَا اسْمُهُ؟ قَالَ: سُمَّيَ بِمُحَمَّدٍ وَكُنّيَ بِجَعْفَرٍ(1).
19 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زَكَريَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلِيلاَنَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ غِيَاثِ بْن أسَدٍ(2)، قَالَ: سَمِعْتُ(3) مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: لَمَّا وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ سَطَعَ نُورٌ مِنْ فَوْقِ رَأسِهِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ ثُمَّ سَقَطَ لِوَجْهِهِ سَاجِداً لِرَبَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَهُوَ يَقُولُ: (أشْهَدُ أن ((لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))(4))، قَالَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ(5).
20 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أنَّهُ قَالَ: وُلِدَ السَّيَّدُ عليه السلام مَخْتُوناً وَسَمِعْتُ حَكِيمَةَ تَقُولُ: لَمْ يُرَ بِاُمَّهِ دَمٌ فِي نِفَاسِهَا، وَهَذَا سَبِيلُ اُمَّهَاتِ الأئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ(6).
21 _ كمال الدين: أبُو الْعَبَّاس أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن مِهْرَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاقَ الْقُمَّيّ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْخَلَفُ الصَّالِحُ عليه السلام وَرَدَ مِنْ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيّ عَلَى جَدَّي أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ4.
ص: 31
كِتَابٌ وَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ بِخَطّ يَدِهِ عليه السلام الَّذِي كَانَ يَردُ بِهِ التَّوْقِيعَاتُ عَلَيْهِ: (وُلِدَ الْمَوْلُودُ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مَسْتُوراً وَعَنْ جَمِيع النَّاس مَكْتُوماً فَإنَّا لَمْ نُظْهِرْ عَلَيْهِ إِلاَّ الأقْرَبَ لِقَرَابَتِهِ وَالْمَوْلَى(1) لِوَلاَيَتِهِ أحْبَبْنَا إِعْلاَمَكَ لِيَسُرَّكَ اللهُ بِهِ كَمَا سَرَّنَا وَالسَّلاَمُ)(2).
22 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْعَبَّاس الْعَلَويّ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعَلَويّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيّ عليهما السلام بِسُرَّ مَنْ رَأى فَهَنَّأتُهُ بِولاَدَةِ ابْنِهِ الْقَائِم عليه السلام(4).
الغيبة للطوسي: ابن أبِي جيد، عن ابن الوليد، مثله(5).
23 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن حُبَابٍ، عَنْ أبِي الأدْيَانِ(6)، قَالَ: قَالَ عَقِيدٌ الْخَادِمُ: قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ خَيْرَوَيْهِ الْبَصْريُّ(7)، وَقَالَ حَاجِزٌ الْوَشَّاءُ كُلُّهُمْ حَكَوْا عَنْ عَقِيدٍ، وَقَالَ أبُو سَهْل بْنُ نَوْبَخْتَ: قَالَ عَقِيدٌ: وُلِدَ وَلِيُّ اللهِ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ).
ص: 32
أجْمَعِينَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ(1) مِنْ سَنَةِ أرْبَع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن لِلْهِجْرَةِ وَيُكَنَّى أبَا الْقَاسِم، وَيُقَالُ: أبُو جَعْفَرٍ، وَلَقَبُهُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ حُجَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ(2) وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وِلاَدَتِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أظْهَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَتَمَ وَمِنْهُمْ مَنْ نَهَى عَنْ ذِكْر خَبَرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أبْدَى ذِكْرَهُ وَاللهُ أعْلَمُ(3).
24 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْن زَكَريَّا، عَن الثّقَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الْعَبَّاسُ الْعَلَويُّ وَمَا رَأيْتُ أصْدَقَ لَهْجَةً مِنْهُ وَكَانَ خَالَفَنَا فِي أشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعَلَويّ(4)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بِسُرَّ مَنْ رَأى فَهَنَّأتُهُ بِسَيَّدِنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام لَمَّا وُلِدَ(5).
25 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ أبِي جَيَّدٍ، عَن ابْن الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْمُطَهَّريّ(6)، عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الرَّضَا، قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اجْعَلِي اللَّيْلَةَ إِفْطَارَكِ عِنْدِي فَإنَّ اللهَ عزّ وجل سَيَسُرُّكِ بِوَلِيَّهِ وَحُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي)، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَتَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ سُرُورٌ شَدِيدٌ وَأخَذْتُ ثِيَابِي عَلَيَّ وَخَرَجْتُ مِنْ سَاعَتِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَهُوَ جَالِسٌ فِي صَحْن دَارهِ وَجَوَاريهِ).
ص: 33
حَوْلَهُ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيَّدِي الْخَلَفُ مِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: (مِنْ سَوْسَنَ)، فَأدَرْتُ طَرْفِي فِيهِنَّ فَلَمْ أرَ جَاريَةً عَلَيْهَا أثَرٌ غَيْرَ سَوْسَنَ، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أنْ صَلَّيْتُ الْمَغْربَ وَالْعِشَاءَ الآخِرَةَ أتَيْتُ بِالْمَائِدَةِ فَأفْطَرْتُ أنَا وَسَوْسَنُ وَبَايَتُّهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَغَفَوْتُ غَفْوَةً(1) ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَلَمْ أزَلْ مُفَكّرَةً فِيمَا وَعَدَنِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مِنْ أمْر وَلِيّ اللهِ عليه السلام فَقُمْتُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي كُنْتُ أقُومُ فِي كُلّ لَيْلَةٍ لِلصَّلاَةِ، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ اللَّيْل حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى الْوَتْر فَوَثَبَتْ سَوْسَنُ فَزعَةً وَخَرَجَتْ وَأسْبَغَتِ الْوُضُوءَ ثُمَّ عَادَتْ فَصَلَّتْ صَلاَةَ اللَّيْل وَبَلَغَتْ إِلَى الْوَتْر فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أنَّ الْفَجْرَ قَدْ قَرُبَ فَقُمْتُ لأنْظُرَ فَإذَا بِالْفَجْر الأوَّلِ قَدْ طَلَعَ فَتَدَاخَلَ قَلْبِيَ الشَّكُّ(2) مِنْ وَعْدِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَنَادَانِي مِنْ حُجْرَتِهِ: (لاَ تَشُكّي وَكَأنَّكِ بِالأمْر السَّاعَةَ قَدْ رَأيْتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَمِمَّا وَقَعَ فِي قَلْبِي وَرَجَعْتُ إِلَى الْبَيْتِ وَأنَا خَجِلَةٌ فَإذَا هِيَ قَدْ قَطَعَتِ الصَّلاَةَ وَخَرَجَتْ فَزعَةً فَلَقِيتُهَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ: بِأبِي أنْتِ وَاُمَّي هَلْ تَحِسَّينَ شَيْئاً؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ، إِنّي لأجِدُ أمْراً شَدِيداً، قُلْتُ: لاَ خَوْفَ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَأخَذْتُ وسَادَةً فَألْقَيْتُهَا فِي وَسَطِ الْبَيْتِ وَأجْلَسْتُهَا عَلَيْهَا وَجَلَسْتُ مِنْهَا حَيْثُ تَقْعُدُ الْمَرْأةُ مِنَ الْمَرْأةِ لِلْولاَدَةِ فَقَبَضَتْ عَلَى كَفّي وَغَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أنَّتْ أنَّةً وَتَشَهَّدَتْ وَنَظَرْتُ تَحْتَهَا فَإِذَا أنَا بِوَلِيّ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مُتَلَقّياً الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ فَأخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأجْلَسْتُهُ فِي حَجْري وَإِذَا).
ص: 34
هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، فَنَادَانِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّةُ هَلُمَّي فَأتِيني بِابْني)، فَأتَيْتُهُ بِهِ فَتَنَاوَلَهُ وَأخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهَا ثُمَّ أدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَحَنَّكَهُ ثُمَّ أدْخَلَهُ فِي اُذُنَيْهِ وَأجْلَسَهُ فِي رَاحَتِهِ الْيُسْرَى فَاسْتَوَى وَلِيُّ اللهِ جَالِساً فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ وَقَالَ لَهُ: (يَا بُنَيَّ انْطِقْ بِقُدْرَةِ اللهِ)، فَاسْتَعَاذَ وَلِيُّ اللهِ عليه السلام مِنَ الشَّيْطَان الرَّجِيمِ وَاسْتَفْتَحَ: (((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(1)...) وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةِ عليهم السلام وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أبِيهِ، فَنَاوَلَنِيهِ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام وَقَالَ: (يَا عَمَّةُ رُدَّيهِ إِلَى اُمَّهِ حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ(2))، فَرَدَدْتُهُ إِلَى اُمَّهِ وَقَدِ انْفَجَرَ الْفَجْرُ الثَّانِي فَصَلَّيْتُ الْفَريضَةَ وَعَقَّبْتُ إِلَى أنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ وَدَّعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام وَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزلِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثٍ اشْتَقْتُ إِلَى وَلِيّ اللهِ فَصِرْتُ إِلَيْهِمْ فَبَدَأتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ سَوْسَنُ فِيهَا فَلَمْ أرَ أثَراً وَلاَ سَمِعْتُ ذِكْراً فَكَرهْتُ أنْ أسْألَ فَدَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَاسْتَحْيَيْتُ أنْ أبْدَأهُ بِالسُّؤَالِ فَبَدَأنِي، فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ فِي كَنَفِ اللهِ وَحِرْزِهِ وَسَتْرهِ وَعَيْنهِ(3) حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ فَإذَا غَيَّبَ اللهُ شَخْصِي وَتَوَفَّانِي وَرَأيْتِ شِيعَتِي قَدِ اخْتَلَفُوا فَأخْبِري الثّقَاتَ مِنْهُمْ وَلْيَكُنْ عِنْدَكِ وَعِنْدَهُمْ مَكْتُوماً فَإنَّ وَلِيَّ).
ص: 35
اللهِ يُغَيّبُهُ اللهُ عَنْ خَلْقِهِ وَيَحْجُبُهُ عَنْ عِبَادِهِ فَلاَ يَرَاهُ أحَدٌ حَتَّى يُقَدَّمَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَرَسَهُ ((لِيَقْضِيَ اللهُ أمْراً كانَ مَفْعُولاً))(1))(2).
26 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن سَمِيع بْن بُنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن أبِي الدَّاريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن رُوح الأهْوَازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَكِيمَةَ بِمِثْل مَعْنَى الْحَدِيثِ الأوَّلِ إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام لَيْلَةَ النَّصْفِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، قَالَتْ: وَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مَنْ اُمُّهُ؟ قَالَ: (نَرْجِسُ)، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِثِ اشْتَدَّ شَوْقِي إِلَى وَلِيّ اللهِ فَأتَيْتُهُمْ عَائِدَةً فَبَدَأتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي فِيهَا الْجَاريَةُ فَإذَا أنَا بِهَا جَالِسَةً فِي مَجْلِس الْمَرْأةِ النُّفَسَاءِ وَعَلَيْهَا أثْوَابٌ صُفْرٌ وَهِيَ مُعَصَّبَةُ الرَّأس، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا وَالْتَفَتُّ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ وَإِذَا بِمَهْدٍ عَلَيْهِ أثْوَابٌ خُضْرٌ فَعَدَلْتُ إِلَى الْمَهْدِ وَرَفَعْتُ عَنْهُ الأثْوَابَ فَإذَا أنَا بِوَلِيّ اللهِ نَائِمٌ عَلَى قَفَاهُ غَيْرَ مَحْزُوم وَلاَ مَقْمُوطٍ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَجَعَلَ يَضْحَكُ وَيُنَاجِيني بِإصْبَعِهِ فَتَنَاوَلْتُهُ وَأدْنَيْتُهُ إِلَى فَمِي لاُقَبَّلَهُ فَشَمَمْتُ مِنْهُ رَائِحَةً مَا شَمَمْتُ قَطُّ أطْيَبَ مِنْهَا، وَنَادَانِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّتِي هَلُمَّي فَتَايَ إِلَيَّ)، فَتَنَاوَلَهُ وَقَالَ: (يَا بُنَيَّ انْطِقْ) ... وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَالَتْ: ثُمَّ تَنَاوَلَهُ مِنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: (يَا بُنَيَّ أسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى! كُنْ فِي دَعَةِ اللهِ وَسَتْرهِ وَكَنَفِهِ وَجِوَارهِ)، وَقَالَ: (رُدَّيهِ إِلَى اُمَّهِ يَا عَمَّةُ وَاكْتُمِي خَبَرَ هَذَا الْمَوْلُودِ عَلَيْنَا وَلاَ تُخْبِري بِهِ أحَداً حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أجَلَهُ)، فَأتَيْتُ اُمَّهُ وَوَدَّعْتُهُمْ... وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرهِ(3).6.
ص: 36
بيان: حزمه يحزمه: شدَّه.
27 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْن زَكَريَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي الثّقَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن بِلاَلٍ، عَنْ حَكِيمَةَ بِمِثْل ذَلِكَ(1).
وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوخ أنَّ حَكِيمَةَ حَدَّثَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَتْ أنَّهُ كَانَ لَيْلَةَ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَأنَّ اُمَّهُ نَرْجِسُ... وَسَاقَتِ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهَا: فَإذَا أنَا بِحِسَّ سَيَّدِي وَبصَوْتِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَهُوَ يَقُولُ: (يَا عَمَّتِي هَاتِي ابْنِي إِلَيَّ)، فَكَشَفْتُ عَنْ سَيَّدِي فَإذَا هُوَ سَاجِدٌ مُتَلَقّياً الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ وَعَلَى ذِرَاعِهِ الأيْمَن مَكْتُوبٌ: ((جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً))(2) فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَوَجَدْتُهُ مَفْرُوغاً مِنْهُ، فَلَفَفْتُهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلْتُهُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام... وَذَكَرُوا الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَأنَّ عَلِيّاً أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ حَقّاً...) ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَعُدُّ السَّادَةَ الأوْصِيَاءَ إِلَى أنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ وَدَعَا لأوْلِيَائِهِ بِالْفَرَج عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ أحْجَمَ. وَقَالَتْ: ثُمَّ رُفِعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ كَالْحِجَابِ فَلَمْ أرَ سَيَّدِي، فَقُلْتُ لأبِي مُحَمَّدٍ: يَا سَيَّدِي أيْنَ مَوْلاَيَ؟ فَقَالَ: (أخَذَهُ مَنْ هُوَ أحَقُّ مِنْكِ وَمِنَّا) ... ثُمَّ ذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَزَادُوا فِيهِ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَإِذَا مَوْلاَنَا الصَّاحِبُ يَمْشِي فِي الدَّار فَلَمْ أرَ وَجْهاً أحْسَنَ مِنْ وَجْهِهِ وَلاَ لُغَةً أفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، فَقَالَ أبُو مُحَمَّدٍ: (هَذَا الْمَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى .
ص: 37
اللهِ عزّ وجل)، فَقُلْتُ: سَيَّدِي أرَى مِنْ أمْرهِ مَا أرَى وَلَهُ أرْبَعُونَ يَوْماً!؟، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: (يَا عَمَّتِي أمَا عَلِمْتِ أنَّا مَعَاشِرَ الأئِمَّةِ نَنْشَاُ فِي الْيَوْم مَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي السَّنَةِ)، فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَانْصَرَفْتُ، ثُمَّ عُدْتُ وَتَفَقَّدْتُهُ فَلَمْ أرَهُ، فَقُلْتُ لأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَا فَعَلَ مَوْلاَنَا؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْ اُمُّ مُوسَى)(1).
28 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْن زَكَريَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي أحْمَدُ بْنُ بِلاَلِ بْن دَاوُدَ الْكَاتِبِ وَكَانَ عَامَّيّاً بِمَحَلّ مِنَ النَّصْبِ لأهْل الْبَيْتِ عليهم السلام يُظْهِرُ ذَلِكَ وَلاَ يَكْتُمُهُ وَكَانَ صَدِيقاً لِي يُظْهِرُ مَوَدَّةً بِمَا فِيهِ مِنْ طَبْع أهْل الْعِرَاقِ فَيَقُولُ كُلَّمَا لَقِيَنِي: لَكَ عِنْدِي خَبَرٌ تَفْرَحُ بِهِ وَلاَ اُخْبِرُكَ بِهِ، فَأتَغَافَلُ عَنْهُ إِلَى أنْ جَمَعَنِي وَإِيَّاهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ فَاسْتَقْصَيْتُ عَنْهُ وَسَألْتُهُ أنْ يُخْبِرَني بِهِ، فَقَالَ: كَانَتْ دُورُنَا بِسُرَّ مَنْ رَأى مُقَابِلَ دَار ابْن الرَّضَا _ يَعْنِي أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيّ عليه السلام _ فَغِبْتُ عَنْهَا دَهْراً طَويلاً إِلَى قَزْوينَ وَغَيْرهَا ثُمَّ قَضَى لِيَ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا فَلَمَّا وَافَيْتُهَا وَقَدْ كُنْتُ فَقَدْتُ جَمِيعَ مَنْ خَلَّفْتُهُ مِنْ أهْلِي وَقَرَابَاتِي إِلاَّ عَجُوزاً كَانَتْ رَبَّتْنِي وَلَهَا بِنْتٌ مَعَهَا وَكَانَتْ مِنْ طَبْعِ الأوَّلِ مَسْتُورَةً صَائِنَةً لاَ تُحْسِنُ الْكَذِبَ وَكَذَلِكَ مُوَالِيَاتٌ لَنَا بَقِينَ فِي الدَّار فَأقَمْتُ عِنْدَهُمْ أيَّاماً ثُمَّ عَزَمْتُ (عَلَى)(2) الْخُرُوج، فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: كَيْفَ تَسْتَعْجِلُ الانْصِرَافَ وَقَدْ غِبْتَ زَمَاناً فَأقِمْ عِنْدَنَا لِنَفْرَحَ بِمَكَانِكَ، فَقُلْتُ لَهَا عَلَى جِهَةِ الْهُزْءِ: اُريدُ أنْ أصِيرَ إِلَى كَرْبَلاَءَ وَكَانَ النَّاسُ لِلْخُرُوج فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ أوْر.
ص: 38
لِيَوْم عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ اُعِيذُكَ بِاللهِ أنْ تستهيني بما (تَسْتَهِينَ مَا) ذَكَرْتَ أوْ تَقُولَهُ عَلَى وَجْهِ الْهُزْءِ فَإنّي اُحَدَّثُكَ بِمَا رَأيْتُهُ يَعْنِي بَعْدَ خُرُوجِكَ مِنْ عِنْدَنَا بِسَنَتَيْن.
كُنْتُ فِي هَذَا الْبَيْتِ نَائِمَةً بِالْقُرْبِ مِنَ الدَّهْلِيز وَمَعِيَ ابْنَتِي وَأنَا بَيْنَ النَّائِمَةِ وَالْيَقْظَانَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ نَظِيفُ الثّيَابِ طَيَّبُ الرَّائِحَةِ فَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ يَجِيئُكِ السَّاعَةَ مَنْ يَدْعُوكِ فِي الْجِيرَان فَلاَ تَمْتَنِعِي مِنَ الذَّهَابِ مَعَهُ وَلاَ تَخَافِي، فَفَزعْتُ وَنَادَيْتُ ابْنَتِي وَقُلْتُ لَهَا: هَلْ شَعَرْتِ بِأحَدٍ دَخَلَ الْبَيْتَ؟ فَقَالَتْ: لاَ، فَذَكَرْتُ اللهَ وَقَرَأتُ وَنمْتُ فَجَاءَ الرَّجُلُ بِعَيْنِهِ وَقَالَ لِي مِثْلَ قَوْلِهِ، فَفَزعْتُ وَصِحْتُ بِابْنَتِي، فَقَالَتْ: لَمْ يَدْخُل الْبَيْتَ فَاذْكُري اللهَ وَلاَ تَفْزَعِي، فَقَرَأتُ وَنمْتُ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ جَاءَ الرَّجُلُ وَقَالَ: يَا فُلاَنَةُ قَدْ جَاءَكِ مَنْ يَدْعُوكِ وَيَقْرَعُ الْبَابَ فَاذْهَبِي مَعَهُ، وَسَمِعْتُ دَقَّ الْبَابِ فَقُمْتُ وَرَاءَ الْبَابِ وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: افْتَحِي وَلاَ تَخَافِي، فَعَرَفْتُ كَلاَمَهُ وَفَتَحْتُ الْبَابَ فَإذَا خَادِمٌ مَعَهُ إِزَارٌ، فَقَالَ: يَحْتَاجُ إِلَيْكِ بَعْضُ الْجِيرَان لِحَاجَةٍ مُهِمَّةٍ فَادْخُلِي، وَلَفَّ رَأسِي
ص: 39
بِالْمُلاَءَةِ وَأدْخَلَنِي الدَّارَ وَأنَا أعْرفُهَا فَإذَا بِشِقَاقٍ مَشْدُودَةٍ وَسَطَ الدَّار وَرَجُلٌ قَاعِدٌ بِجَنْبِ الشّقَاقِ فَرَفَعَ الْخَادِمُ طَرَفَهُ فَدَخَلْتُ وَإِذَا امْرَأةٌ قَدْ أخَذَهَا الطَّلْقُ وَامْرَأةٌ قَاعِدَةٌ خَلْفَهَا كَأنَّهَا تَقْبَلُهَا، فَقَالَتِ الْمَرْأةُ: تُعِينُنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، فَعَالَجْتُهَا بِمَا يُعَالَجُ بِهِ مِثْلُهَا، فَمَا كَانَ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى سَقَطَ غُلاَمٌ فَأخَذْتُهُ عَلَى كَفّي وَصِحْتُ غُلاَمٌ غُلاَمٌ، وَأخْرَجْتُ رَأسِي مِنْ طَرَفِ الشّقَاقِ اُبَشّرُ الرَّجُلَ الْقَاعِدَ، فَقِيلَ لِي: لاَ تَصِيحِي، فَلَمَّا رَدَدْتُ وَجْهِي إِلَى الْغُلاَم قَدْ كُنْتُ فَقَدْتُهُ مِنْ كَفّي، فَقَالَتْ لِيَ الْمَرْأةُ الْقَاعِدَةُ: لاَ تَصِيحِي، وَأخَذَ الْخَادِمُ بِيَدِي وَلَفَّ رَأسِي بِالْمُلاَءَةِ وَأخْرَجَنِي مِنَ الدَّار وَرَدَّنِي إِلَى دَاري وَنَاوَلَنِي صُرَّةً، وَقَالَ لِي: لاَ تُخْبِري بِمَا رَأيْتِ أحَداً.
فَدَخَلْتُ الدَّارَ وَرَجَعْتُ إِلَى فِرَاشِي فِي هَذَا الْبَيْتِ وَابْنَتِي نَائِمَةٌ بَعْدُ فَأنْبَهْتُهَا وَسَألْتُهَا: هَلْ عَلِمْتِ بِخُرُوجِي وَرُجُوعِي؟ فَقَالَتْ: لاَ، وَفَتَحْتُ الصُّرَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِذَا فِيهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ عَدَداً وَمَا أخْبَرْتُ بِهَذَا أحَداً إِلاَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَمَّا تَكَلَّمْتَ بِهَذَا الْكَلاَم عَلَى حَدَّ الْهُزْءِ فَحَدَّثْتُكَ إِشْفَاقاً عَلَيْكَ فَإنَّ لِهَؤُلاَءِ الْقَوْم عِنْدَ اللهِ عزّ وجل شَأناً وَمَنْزلَةً وَكُلُّ مَا يَدَّعُونَهُ حَتَّى (حَقٌ) قَالَ: فَعَجِبْتُ مِنْ قَوْلِهَا وَصَرَفْتُهُ إِلَى السُّخْريَّةِ وَالْهُزْءِ وَلَمْ أسْألْهَا عَن الْوَقْتِ غَيْرَ أنّي أعْلَمُ يَقِيناً أنّي غِبْتُ عَنْهُمْ فِي سَنَةِ نَيَّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن وَرَجَعْتُ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى فِي وَقْتٍ أخْبَرَتْنِي الْعَجُوزُ بهَذَا الْخَبَر فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن فِي وزَارَةِ عُبَيْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ لَمَّا قَصَدْتُهُ.
قَالَ حَنْظَلَةُ: فَدَعَوْتُ بِأبِي الْفَرَج الْمُظَفَّر بْن أحْمَدَ حَتَّى سَمِعَ مَعِي(1) هَذَا الْخَبَرَ(2).
بيان: قوله: من طبع الاُوَل: أي كانت من طبع الخلق الاُوَل هكذا أي كان مطبوعاً على تلك الخصال في أوّل عمره، والشقاق جمع الشقة بالكسر وهي من الثوب ما شُقَّ مستطيلاً.
29 _ الغيبة للطوسي: رُويَ أنَّ بَعْضَ أخَوَاتِ أبِي الْحَسَن عليه السلام كَانَتْ لَهَا جَاريَةٌ رَبَّتْهَا تُسَمَّى: نَرْجِسَ، فَلَمَّا كَبِرَتْ دَخَلَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام8.
ص: 40
فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: أرَاكَ يَا سَيَّدِي تَنْظُرُ إِلَيْهَا!؟ فَقَالَ: (إِنّي مَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا إِلاَّ مُتَعَجَّباً أمَا إِنَّ الْمَوْلُودَ الْكَريمَ عَلَى اللهِ يَكُونُ مِنْهَا)، ثُمَّ أمَرَهَا أنْ تَسْتَأذِنَ أبَا الْحَسَن عليه السلام فِي دَفْعِهَا إِلَيْهِ فَفَعَلَتْ فَأمَرَهَا بِذَلِكَ(1).
20 _ الغيبة للطوسي: رَوَى عَلاَّنٌ بِإسْنَادِهِ أنَّ السَّيَّدَ عليه السلام وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ مُضِيّ أبِي الْحَسَن عليه السلام بِسَنَتَيْن(2).
31 _ الغيبة للطوسي: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ الشَّلْمَغَانِيُّ فِي كِتَابِ الأوْصِيَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ نَصْرٍ غُلاَمُ أبِي الْحَسَن عليه السلام، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ السَّيَّدُ عليه السلام تَبَاشَرَ أهْلُ الدَّار بِذَلِكَ، فَلَمَّا نَشَأ خَرَجَ إِلَيَّ الأمْرُ أنْ أبْتَاعَ فِي كُلّ يَوْم مَعَ اللَّحْم قَصَبَ مُخّ، وَقِيلَ: (إِنَّ هَذَا لِمَوْلاَنَا الصَّغِير عليه السلام)(3).
32 _ الغيبة للطوسي: الشَّلْمَغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثّقَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِدْريسَ، قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ مَوْلاَيَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام بِكَبْشٍ وَقَالَ: (عُقَّهُ عَن ابْنِي فُلاَنٍ وَكُلْ وَأطْعِمْ أهْلَكَ)، فَفَعَلْتُ ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لِي: (الْمَوْلُودُ الَّذِي وُلِدَ لِي مَاتَ)، ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيَّ بِكَبْشَيْن وَكَتَبَ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ، عُقَّ هَذَيْن الْكَبْشَيْن عَنْ مَوْلاَكَ وَكُلْ هَنَّأكَ اللهُ وَأطْعِمْ إِخْوَانَكَ)، فَفَعَلْتُ، وَلَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا ذَكَرَ لِي شَيْئا(4).
33 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ وَالْحِمْيَريّ مَعاً، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِرٍ جَمِيعاً، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَن الْخَشَّابِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبوذَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام،4.
ص: 41
قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّمَا مَثَلُ أهْل بَيْتِي فِي هَذِهِ الاُمَّةِ كَمَثَل نُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا مَدَدْتُمْ إِلَيْهِ حَوَاجِبَكُمْ وَأشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِالأصَابِع جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَذَهَبَ بِهِ ثُمَّ بَقِيتُمْ سَبْتاً مِنْ دَهْركُمْ لاَ تَدْرُونَ أيّاً مِنْ أيّ وَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَبَيْنَمَا أنْتُمْ كَذَلِكَ إِذْ أطْلَعَ اللهُ نَجْمَكُمْ فَاحْمَدُوهُ وَاقْبَلُوهُ)(1).
بيان: ليس المراد ذهاب ملك الموت به عليه السلام بقبض روحه بل كان مع روح القُدُس عندما غاب به.
34 _ كتاب النجوم: ذَكَرَ بَعْضُ أصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الأوْصِيَاءِ وَهُوَ كِتَابٌ مُعْتَمَدٌ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الصَّيْمَريُّ وَمُؤَلَّفُهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الصَّيْمَريُّ وَكَانَتْ لَهُ مُكَاتَبَاتٌ إِلَى الْهَادِي وَالْعَسْكَريّ عليهما السلام وَجَوَابُهَا إِلَيْهِ وَهُوَ ثِقَةٌ مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ:
وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ الْقُمَّيُّ ابْنُ أخِي أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ بْن مَصْقَلَةَ أنَّهُ كَانَ بِقُمَّ مُنَجَّمٌ يَهُودِيٌّ مَوْصُوفٌ بِالْحِذْقِ بِالْحِسَابِ فَأحْضَرَهُ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ لَهُ: قَدْ وُلِدَ مَوْلُودٌ فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا فَخُذِ الطَّالِعَ وَاعْمَلْ لَهُ مِيلاَداً، قَالَ: فَأخَذَ الطَّالِعَ وَنَظَرَ فِيهِ وَعَمِلَ عَمَلاً لَهُ وَقَالَ لأحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ: لَسْتُ أرَى النُّجُومَ تَدُلُّنِي فِيمَا يُوجِبُهُ الْحِسَابُ أنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ لَكَ وَلاَ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا الْمَوْلُودِ إِلاَّ نَبِيّاً أوْ وَصِيَّ نَبِيّ وَإِنَّ النَّظَرَ لَيَدُلُّ عَلَى أنَّهُ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وَغَرْباً وَبَرّاً وَبَحْراً وَسَهْلاً وَجَبَلاً حَتَّى لاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْض أحَدٌ إِلاَّ دَانَ بِدِينهِ وَقَالَ بِوَلاَيَتِهِ(2).6.
ص: 42
35 _ كشف الغمّة: قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدَّين بْنُ طَلْحَةَ: مَوْلِدُ الْحُجَّةِ بْن الْحَسَن عليهما السلام بِسُرَّ مَنْ رَأى فِي ثَالِثٍ وَعِشْرينَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن وَأبُوهُ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ وَاُمُّهُ اُمُّ وَلَدٍ تُسَمَّى: صَقِيلَ، وَقِيلَ: حَكِيمَةَ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَكُنْيَتُهُ أبُو الْقَاسِم، وَلَقَبُهُ الْحُجَّةُ وَالْخَلَفُ الصَّالِحُ، وَقِيلَ: الْمُنْتَظَرُ(1).
36 _ الإرشاد: كَانَ مَوْلِدُهُ عليه السلام لَيْلَةَ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَاُمُّهُ اُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَكَانَ سِنُّهُ عِنْدَ وَفَاةِ أبِيهِ خَمْسُ سِنِينَ آتَاهُ اللهُ فِيهِ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ وَجَعَلَهُ آيَةً لِلْعالَمِينَ وَآتَاهُ الْحِكْمَةَ كَمَا آتَاهُ يَحْيَى صَبِيّاً وَجَعَلَهُ إِمَاماً كَمَا جَعَلَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فِي الْمَهْدِ نَبِيّاً وَلَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى جَاءَتْ بِذَلِكَ الأخْبَارُ، فَأمَّا الْقُصْرَى مِنْهَا فَمُنْذُ وَقْتِ مَوْلِدِهِ إِلَى انْقِطَاع السَّفَارَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شِيعَتِهِ وَعَدَم السُّفَرَاءِ بِالْوَفَاةِ، وَأمَّا الطُّولَى فَهِيَ بَعْدَ الاُولَى وَفِي آخِرهَا يَقُومُ بِالسَّيْفِ(2).
37 _ كشف الغمّة: قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: حَدَّثَنِي أبُو الْقَاسِم طَاهِرُ بْنُ هَارُونَ بْن مُوسَى الْعَلَويُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: قَالَ سَيَّدِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: (الْخَلَفُ الصَّالِحُ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ الْمَهْدِيُّ اسْمُهُ (م ح م د) وَكُنْيَتُهُ أبُو الْقَاسِم يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان، يُقَالُ لاُمَّهِ: صَقِيلُ)، قَالَ لَنَا أبُو بَكْرٍ الدَّارعُ(3): وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: بَلْ اُمُّهُ حَكِيمَةُ، وَفِي روَايَةٍ ثَالِثَةٍ: يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ: بَلْ سَوْسَنُ، وَاللهُ أعْلَمُ بِذَلِكَ.).
ص: 43
وَيُكَنَّى بِأبِي الْقَاسِم وَهُوَ ذُو الاسْمَيْن خَلَفٍ وَمُحَمَّدٍ يَظْهَرُ فِي آخِر الزَّمَان وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْس تَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ تُنَادِي بِصَوْتٍ فَصِيح: هَذَا الْمَهْدِيُّ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو مِسْكِينٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِ التَّاريخ أنَّ اُمَّ الْمُنْتَظَر يُقَالُ لَهَا: حَكِيمَةُ(1).
أقول: سيأتي بعض الأخبار في باب من رآه.
وقال ابن خلّكان في تاريخه: هو ثاني عشر الأئمّة الاثنى عشر على اعتقاد الإماميّة المعروف بالحجّة وهو الذي تزعم الشيعة أنَّه المنتظر والقائم والمهدي وهو صاحب السرداب عندهم وأقاويلهم فيه كثيرة وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسُرَّ من رأى، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين ولمَّا توفّي أبوه كان عمره خمس سنين واسم اُمّه خمط، وقيل: نرجس، والشيعة يقولون: إنَّه دخل السرداب في دار أبيه واُمّه تنظر إليه فلم يعد يخرج إليها وذلك في سنة خمس وستّين ومأتين (وعمره يومئذٍ تسع سنين وذكر ابن الأزرق في تاريخ ميافارقين أنَّ الحجّة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وخمسين ومأتين)(2) وقيل: في ثامن شعبان سنة ستّ وخمسين وهو الأصحّ، وإنَّه لمَّا دخل السرداب كان عمره أربع سنين، وقيل: خمس سنين، وقيل: إنَّه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومأتين وعمره (سبع)(3) عشر سنة والله أعلم(4).2.
ص: 44
أقول: رَأيْتُ فِي بَعْض مُؤَلَّفَاتِ أصْحَابِنَ(1) روَايَةً هَذِهِ صُورَتُهَا، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُسْلِم، عَنْ سَعْدَانَ الْبَصْريّ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْبَغْدَادِيّ وَأحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ وَسَهْل بْن زِيَادٍ الأدَمِيّ وَعَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ عِدَّةٍ مِنَ الْمَشَايِخ وَالثّقَاتِ عَنْ سَيَّدَيْنَا أبِي الْحَسَن وَأبِي مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالاَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل إِذَا أرَادَ أنْ يَخْلُقَ الإمَامَ أنْزَلَ قَطْرَةً مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ فِي الْمُزْن فَتَسْقُطُ فِي ثَمَرَةٍ مِنْ ثِمَار الْجَنَّةِ فَيَأكُلُهَا الْحُجَّةُ فِي الزَّمَان عليه السلام فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ فِيهِ فَيَمْضِي لَهُ أرْبَعُونَ يَوْماً سَمِعَ الصَّوْتَ فَإِذَا آنَتْ لَهُ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وَقَدْ حُمِلَ كُتِبَ عَلَى عَضُدِهِ الأيْمَن: ((وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))(2) فَإِذَا وُلِدَ قَامَ بِأمْر اللهِ وَرُفِعَ لَهُ عَمُودٌ مِنْ نُورٍ فِي كُلّ مَكَانٍ يَنْظُرُ فِيهِ إِلَى الْخَلاَئِقِ وَأعْمَالِهِمْ وَيَنْزلُ أمْرُ اللهِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَمُودِ وَالْعَمُودُ نُصْبُ عَيْنهِ حَيْثُ تَوَلَّى وَنَظَرَ).
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (دَخَلْتُ عَلَى عَمَّاتِي فَرَأيْتُ جَاريَةً مِنْ جَوَاريهِنَّ قَدْ زُيّنَتْ تُسَمَّى: نَرْجِسُ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا نَظَراً أطَلْتُهُ، فَقَالَتْ لِي عَمَّتِي حَكِيمَةُ: أرَاكَ يَا سَيَّدِي تَنْظُرُ إِلَى هَذِهِ الْجَاريَةِ نَظَراً شَدِيداً!؟ فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَمَّةُ مَا نَظَري إِلَيْهَا إِلاَّ نَظَرَ التَّعَجُّبِ مِمَّا للهِ فِيهِ مِنْ إِرَادَتِهِ وَخِيَرَتِهِ، قَالَتْ لِي: أحْسَبُكَ يَا سَيَّدِي تُريدُهَا، فَأمَرْتُهَا أنْ تَسْتَأذِنَ أبِي عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي تَسْلِيمِهَا إِلَيَّ، فَفَعَلَتْ فَأمَرَهَا عليه السلام بِذَلِكَ فَجَاءَتْنِي بِهَا).
قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أثِقُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَشَايِخ، عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الرَّضَا عليه السلام قَالَ: كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أبِي5.
ص: 45
مُحَمَّدٍ عليه السلام فَتَدْعُو لَهُ أنْ يَرْزُقَهُ اللهُ وَلَداً وَأنَّهَا قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ كَمَا أقُولُ وَدَعَوْتُ كَمَا أدْعُو.
فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ أمَا إِنَّ الَّذِي تَدْعِينَ اللهَ أنْ يَرْزُقَنِيهِ يُولَدُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ)، وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، (فَاجْعَلِي إِفْطَارَكِ مَعَنَا)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مِمَّنْ يَكُونُ هَذَا الْوَلَدُ الْعَظِيمُ؟ فَقَالَ لِي عليه السلام: (مِنْ نَرْجِسَ يَا عَمَّةُ).
قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ(1): يَا سَيَّدِي مَا فِي جَوَاريكِ أحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا، وَقُمْتُ وَدَخَلْتُ إِلَيْهَا وَكُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ فَعَلَتْ بِي كَمَا تَفْعَلُ، فَانْكَبَبْتُ عَلَى يَدَيْهَا فَقَبَّلْتُهُمَا وَمَنَعْتُهَا مِمَّا كَانَتْ تَفْعَلُهُ، فَخَاطَبَتْنِي بِالسَّيَادَةِ، فَخَاطَبْتُهَا بِمِثْلِهَا، فَقَالَتْ لِي: فَدَيْتُكِ، فَقُلْتُ لَهَا: أنَا فِدَاكِ وَجَمِيعُ الْعَالَمِينَ، فَأنْكَرَتْ ذَلِكِ، فَقُلْتُ لَهَا: لاَ تُنْكِرينَ مَا فَعَلْتُ فَإنَّ اللهَ سَيَهَبُ لَكِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ غُلاَماً سَيَّداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَهُوَ فَرَجُ الْمُؤْمِنينَ، فَاسْتَحْيَتْ.
فَتَأمَّلْتُهَا فَلَمْ أرَ فِيهَا أثَرَ الْحَمْل، فَقُلْتُ لِسَيَّدِي أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَا أرَى بِهَا حَمْلاً، فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ: (إِنَّا مَعَاشِرَ الأوْصِيَاءِ لَسْنَا نُحْمَلُ فِي الْبُطُون وَإِنَّمَا نُحْمَلُ فِي الْجَنْبِ وَلاَ نَخْرُجُ مِنَ الأرْحَام وَإِنَّمَا نَخْرُجُ مِنَ الْفَخِذِ الأيْمَن مِنْ اُمَّهَاتِنَا لأنَّنَا نُورُ اللهِ الَّذِي لاَ تَنَالُهُ الدَّانِسَاتُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي قَدْ أخْبَرْتَنِي أنَّهُ يُولَدُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَفِي أيّ وَقْتٍ مِنْهَا؟ قَالَ لِي: (فِي طُلُوع الْفَجْر يُولَدُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَأقَمْتُ فَأفْطَرْتُ وَنمْتُ بِقُرْبٍ مِنْ نَرْجِسَ وَبَاتَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي صُفَّةٍ فِي تِلْكَ الدَّار الَّتِي نَحْنُ فِيهَا، فَلَمَّا وَرَدَ وَقْتُ صَلاَةِ).
ص: 46
اللَّيْل قُمْتُ وَنَرْجِسُ نَائِمَةٌ مَا بِهَا أثَرُ ولاَدَةٍ، فَأخَذْتُ فِي صَلاَتِي ثُمَّ أوْتَرْتُ فَأنَا فِي الْوَتْر حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ وَدَخَلَ قَلْبِي شَيْ ءٌ، فَصَاحَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مِنَ الصُّفَّةِ: (لَمْ يَطْلُع الْفَجْرُ يَا عَمَّةُ).
فَأسْرَعْتُ الصَّلاَةَ وَتَحَرَّكَتْ نَرْجِسُ فَدَنَوْتُ مِنْهَا وَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَسَمَّيْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: هَلْ تَحِسَّينَ بِشَيْ ءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَوَقَعَ عَلَيَّ سُبَاتٌ لَمْ أتَمَالَكْ مَعَهُ أنْ نمْتُ، وَوَقَعَ عَلَى نَرْجِسَ مِثْلُ ذَلِكَ وَنَامَتْ، فَلَمْ أنْتَبِهْ إِلاَّ بِحِسَّ سَيَّدِي الْمَهْدِيّ وَصَيْحَةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام يَقُولُ: (يَا عَمَّةُ هَاتِي ابْنِي إِلَيَّ فَقَدْ قَبِلْتُهُ)، فَكَشَفْتُ عَنْ سَيَّدِي عليه السلام فَإذَا أنَا بِهِ سَاجِداً يَبْلُغُ الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ وَعَلَى ذِرَاعِهِ الأيْمَن مَكْتُوبٌ: ((جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً))(1) فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَوَجَدْتُهُ مَفْرُوغاً مِنْهُ، وَلَفَفْتُهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلْتُهُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَأخَذَهُ فَأقْعَدَهُ عَلَى رَاحَتِهِ الْيُسْرَى وَجَعَلَ رَاحَتَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرهِ ثُمَّ أدْخَلَ لِسَانَهُ فِي فِيهِ وَأمَرَّ بِيَدِهِ عَلَى ظَهْرهِ وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ).
فَقَالَ: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَأنَّ عَلِيّاً أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَلِيُّ اللهِ...) ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُعَدَّدُ السَّادَةَ الأئِمَّةَ عليهم السلام إِلَى أنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ وَدَعَا لأوْلِيَائِهِ بِالْفَرَج عَلَى يَدِهِ ثُمَّ أجْحَمَ. قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (يَا عَمَّةُ اذْهَبِي (بِهِ) إِلَى اُمَّهِ لِيُسَلّمَ عَلَيْهَا وَأتِينِي بِهِ)، فَمَضَيْتُ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَرَدَدْتُهُ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام كَالْحِجَابِ فَلَمْ أرَ سَيَّدِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي أيْنَ مَوْلاَنَا؟ فَقَالَ: (أخَذَهُ مَنْ هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنْكِ فَإذَا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ فَأتِينَا). .
ص: 47
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم السَّابِع جِئْتُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ عليه السلام: (هَلُمَّي ابْنِي)، فَجِئْتُ بِسَيَّدِي وَهُوَ فِي ثِيَابٍ صُفْرٍ، فَفَعَلَ بِهِ كَفِعَالِهِ الأوَّلِ وَجَعَلَ لِسَانَهُ عليه السلام فِي فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: (تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ)، فَقَالَ عليه السلام: (أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ...) وَثَنَّى بِالصَّلاَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأمِير الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أبِيهِ عليه السلام، ثُمَّ قَرَأ: (((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(1))، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (اقْرَأ يَا بُنَيَّ مِمَّا أنْزَلَ اللهُ عَلَى أنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ)، فَابْتَدَأ بِصُحُفِ آدَمَ فَقَرَأهَا بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَكِتَابِ إِدْريسَ، وَكِتَابِ نُوح، وَكِتَابِ هُودٍ، وَكِتَابِ صَالِح، وَصُحُفِ إِبْرَاهِيمَ، وَتَوْرَاةِ مُوسَى، وَزَبُور دَاوُدَ، وَإِنْجِيل عِيسَى، وَفُرْقَان جَدَّي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ قَصَّ قِصَصَ الأنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ إِلَى عَهْدِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً دَخَلْتُ دَارَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَإِذَا مَوْلاَنَا صَاحِبُ الزَّمَان يَمْشِي فِي الدَّار فَلَمْ أرَ وَجْهاً أحْسَنَ مِنْ وَجْهِهِ عليه السلام وَلاَ لُغَةً أفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، فَقَالَ لِي أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (هَذَا الْمَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ عزّ وجل)، قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي لَهُ أرْبَعُونَ يَوْماً وَأنَا أرَى مِنْ أمْرهِ مَا أرَى!؟ فَقَالَ عليه السلام: (يَا عَمَّتِي أمَا عَلِمْتِ أنَّا مَعْشَرَ الأوْصِيَاءِ نَنْشَاُ فِي الْيَوْم مَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي الْجُمْعَةِ وَنَنْشَاُ فِي الْجُمْعَةِ مَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي السَّنَةِ؟)، فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأسَهُ فَانْصَرَفْتُ فَعُدْتُ وَتَفَقَّدْتُهُ فَلَمْ أرَهُ، فَقُلْتُ لِسَيَّدِي أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام: مَا فَعَلَ مَوْلاَنَا؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّةُ اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (لَمَّا وَهَبَ لِي رَبَّي مَهْدِيَّ هَذِهِ الاُمَّةِ أرْسَلَ مَلَكَيْن6.
ص: 48
فَحَمَلاَهُ إِلَى سُرَادِقِ الْعَرْش حَتَّى وَقَفَا (بِهِ) بَيْنَ يَدَي اللهِ عزّ وجل فَقَالَ لَهُ: مَرْحَباً بِكَ عَبْدِي لِنُصْرَةِ دِيني وَإِظْهَار أمْري وَمَهْدِيّ عِبَادِي آلَيْتُ أنّي بِكَ آخُذُ وَبِكَ اُعْطِي وَبكَ أغْفِرُ وَبكَ اُعَذّبُ، ارْدُدَاهُ أيُّهَا الْمَلَكَان رُدَّاهُ رُدَّاهُ عَلَى أبِيهِ رَدّاً رَفِيقاً وَأبْلِغَاهُ فَإنَّهُ فِي ضَمَانِي وَكَنَفِي وَبِعَيْني إِلَى أنْ اُحِقَّ بِهِ الْحَقَّ وَاُزْهِقَ بِهِ الْبَاطِلَ، وَيَكُونَ الدَّينُ لِي وَاصِباً).
ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا سَقَطَ مِنْ بَطْن اُمَّهِ إِلَى الأرْض وُجِدَ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعاً بِسَبَّابَتَيْهِ، ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ: (الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَبْداً دَاخِراً غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلاَ مُسْتَكْبِرٍ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (زَعَمَتِ الظَّلَمَةُ أنَّ حُجَّةَ اللهِ دَاحِضَةٌ لَوْ اُذِنَ لِي لَزَالَ الشَّكُّ).
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ مَوْلاَيَ أبُو الْحَسَن عليه السلام بِأرْبَعَةِ أكْبُشٍ وَكَتَبَ إِلَيَّ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم (عُقَّ) هَذِهِ عَن ابْنِي مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيّ وَكُلْ هَنَّأكَ وَأطْعِمْ مَنْ وَجَدْتَ مِنْ شِيعَتِنَا)(1).
أقول: وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: ولد عليه السلام بسُرَّ من رأى يوم الجمعة ليلاً خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين واُمّه صقيل، وقيل: نرجس، وقيل: مريم بنت زيد العلوية(2).
أقول: وعيَّن الشيخ في المصباحين(3) والسيّد ابن طاووس في كتاب الإقبال(4) وسائر مؤلّفي كتب الدعوات ولادته عليه السلام في النصف9.
ص: 49
من شعبان، وقال في الفصول المهمّة: ولد عليه السلام بسُرَّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين(1).
نُقِلَ مِنْ خَطّ الشَّهِيدِ عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُولَدُ فِيهَا الْقَائِمُ عليه السلام لاَ يُولَدُ فِيهَا مَوْلُودٌ إِلاَّ كَانَ مُؤْمِناً، وَإِنْ وُلِدَ فِي أرْض الشّرْكِ نَقَلَهُ اللهُ إِلَى الإيمَان بِبَرَكَةِ الإمَام عليه السلام)(2).
* * *ا.
ص: 50
ص: 51
ص: 52
1 _ علل الشرائع: الدَّقَّاقُ وَابْنُ عِصَام مَعاً، عَن الْكُلَيْنِيّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ الْعَمَّيّ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَن الثُّمَالِيّ، قَالَ: سَألْتُ الْبَاقِرَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ألَسْتُمْ كُلُّكُمْ قَائِمِينَ بِالْحَقَّ؟ قَالَ: (بَلَى)، قُلْتُ: فَلِمَ سُمَّيَ الْقَائِمُ قَائِماً؟ قَالَ: (لَمَّا قُتِلَ جَدَّيَ الْحُسَيْنُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ضَجَّتِ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى اللهِ عزّ وجل بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ وَقَالُوا: إِلَهَنَا وَسَيَّدَنَا أتَغْفَلُ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَابْنَ صَفْوَتِكَ وَخِيَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ؟ فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيْهِمْ: قَرُّوا مَلاَئِكَتِي فَوَ عِزَّتِي وَجَلاَلِي لأنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ثُمَّ، كَشَفَ اللهُ عزّ وجل عَن الأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام لِلْمَلاَئِكَةِ فَسَرَّتِ الْمَلاَئِكَةُ بِذَلِكَ فَإذَا أحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلَّي، فَقَالَ اللهُ عزّ وجل: بِذَلِكَ الْقَائِمِ أنْتَقِمُ مِنْهُمْ)(1).
2 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ الْكُوفِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بْن عَبْدِ الْمُؤْمِن الأنْصَاريّ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام وَأنَا حَاضِرٌ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ اقْبِضْ هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فَضَعْهَا فِي مَوَاضِعِهَا فَإنَّهَا زَكَاةُ مَالِي، فَقَالَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (بَلْ خُذْهَا أنْتَ فَضَعْهَا فِي جِيرَانِكَ وَالأيْتَام وَالْمَسَاكِين وَفِي إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا إِذَا قَامَ قَائِمُنَا فَإنَّهُ يَقْسِمُ بِالسَّويَّةِ وَيَعْدِلُ فِي خَلْقِ الرَّحْمَن الْبَرَّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِر فَمَنْ أطَاعَهُ فَقَدْ أطَاعَ اللهَ وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللهَ فَإنَّمَا سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ لأنَّهُ يُهْدَى لأمْرٍ خَفِيّ يَسْتَخْرجُ التَّوْرَاةَ وَسَائِرَ كُتُبِ اللهِ مِنْ1.
ص: 53
غَارٍ بِأنْطَاكِيَّةَ فَيَحْكُمُ بَيْنَ أهْل التَّوْرَاةِ بِالتَّوْرَاةِ وَبَيْنَ أهْل الإنْجِيل بِالإنْجِيل وَبَيْنَ أهْل الزَّبُور بِالزَّبُور وَبَيْنَ أهْل الْفُرْقَان بِالْفُرْقَان وَتُجْمَعُ إِلَيْهِ أمْوَالُ الدُّنْيَا كُلُّهَا مَا فِي بَطْن الأرْض وَظَهْرهَا فَيَقُولُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الأرْحَامَ، وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدَّمَاءَ، وَرَكِبْتُمْ فِيهِ مَحَارمَ اللهِ، فَيُعْطِي شَيْئاً لَمْ يُعْطِ أحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ)، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (هُوَ رَجُلٌ مِنّي اسْمُهُ كَاسْمِي يَحْفَظُنِي اللهُ فِيهِ وَيَعْمَلُ بِسُنَّتِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً وَنُوراً بَعْدَ مَا تَمْتَلِئُ ظُلْماً وَجَوْراً وَسُوءاً)(1).
بيان: قوله عليه السلام: (إنَّما يكون هذا): أي وجوب رفع الزكاة إلى الإمام، وقوله: (يحكم بين أهل التوراة بالتوراة): لا ينافي ما سيأتي من الأخبار في أنَّه عليه السلام لا يقبل من أحد إلاَّ الإسلام لأنَّ هذا محمول على أنَّه يقيم الحجّة عليهم بكتبهم أو يفعل ذلك في بدو الأمر قبل أن يعلو أمره ويتمّ حجَّته. قوله عليه السلام: (يحفظني الله فيه): أي يحفظ حقّي وحرمتي في شأنه فيعينه وينصره أو يجعله بحيث يعلم الناس حقّه وحرمته لجدّه.
3 _ معاني الأخبار: سُمَّيَ الْقَائِمُ عليه السلام قَائِماً لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ موته (مَوْتِهِ) ذِكْرهِ(2).
4 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن الصَّقْر بْن دُلَفَ(3)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الإمَامَ بَعْدِي ابْنِي عَلِيٌّ أمْرُهُ أمْري، وَقَوْلُهُ قَوْلِي، وَطَاعَتُهُ طَاعَتِي، وَالإمَامَةُ بَعْدَهُ فِي ابْنِهِ الْحَسَن(4) أمْرُهُ أمْرُ أبِيهِ، وَقَوْلُهُ قَوْلُ).
ص: 54
أبِيهِ، وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ أبِيهِ) ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ فَمَن الإمَامُ بَعْدَ الْحَسَن؟ فَبَكَى عليه السلام بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْنَهُ الْقَائِمَ بِالْحَقَّ الْمُنْتَظَرَ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَلِمَ سُمَّيَ الْقَائِمَ؟ قَالَ: (لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَوْتِ ذِكْرهِ وَارْتِدَادِ أكْثَر الْقَائِلِينَ بِإمَامَتِهِ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ سُمَّيَ الْمُنْتَظَرَ؟ قَالَ: (لأنَّ لَهُ غَيْبَةً تَكْثُرُ أيَّامُهَا وَيَطُولُ أمَدُهَا فَيَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ الْمُخْلِصُونَ وَيُنْكِرُهُ الْمُرْتَابُونَ وَيَسْتَهْزئُ بِذِكْرهِ الْجَاحِدُونَ وَيَكْثُرُ(1) فِيهَا الْوَقَّاتُونَ وَيَهْلِكُ فِيهَا الْمُسْتَعْجِلُونَ وَيَنْجُو فِيهَا الْمُسْلِمُونَ)(2).
5 _ الغيبة للطوسي: الْكُلَيْنِيُّ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام(3): (حِينَ وُلِدَ الْحُجَّةُ: زَعَمَ الظَّلَمَةُ أنَّهُمْ يَقْتُلُونَنِي لِيَقْطَعُوا هَذَا النَّسْلَ فَكَيْفَ رَأوْا قُدْرَةَ اللهِ؟)، وَسَمَّاهُ الْمُؤَمَّلَ(4).
6 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: الْمَهْدِيُّ وَالْقَائِمُ وَاحِدٌ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ)، فَقُلْتُ: لأيّ شَيْ ءٍ سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ؟ قَالَ: (لأنَّهُ يُهْدَى إِلَى كُلّ أمْرٍ خَفِيّ، وَسُمَّيَ الْقَائِمَ لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ إِنَّهُ يَقُومُ بِأمْر عَظِيم)(5).
بيان: قوله عليه السلام: (بعدما يموت): أي ذكره أو يزعم الناس.
7 _ الإرشاد: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ:9.
ص: 55
(إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام دَعَا النَّاسَ إِلَى الإسْلاَم جَدِيداً وَهَدَاهُمْ إِلَى أمْرٍ قَدْ دَثَرَ وَضَلَّ عَنْهُ الْجُمْهُورُ وَإِنَّمَا سُمَّيَ الْقَائِمُ مَهْدِيّاً لأنَّهُ يُهْدَى إِلَى أمْرٍ مَضْلُولٍ(1) عَنْهُ وَسُمَّيَ الْقَائِمَ لِقِيَامِهِ بِالْحَقَّ)(2).
8 _ تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَاريُّ، مُعَنْعَناً عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً))، قَالَ: (الْحُسَيْنُ)، ((فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً))(3)، قَالَ: (سَمَّى اللهُ الْمَهْدِيَّ الْمَنْصُورَ كَمَا سُمَّيَ أحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ (مَحْمُوداً) وَمَحْمُود وَكَمَا سُمَّيَ عِيسَى الْمَسِيحَ عليه السلام)(4).
9 _ كشف الغمّة: قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الطُّوسِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(5) بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن عَدِيّ، قَالَ: يُقَالُ: كُنْيَةُ الْخَلَفِ الصَّالِح أبُو الْقَاسِم وَهُوَ ذُو الاسْمَيْن(6).
أقول: قد سبق أسماؤه عليه السلام في الباب السابق وسيأتي في باب (من رآه عليه السلام)(7) وغيره.
* * *).
ص: 56
ص: 57
ص: 58
1 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْخَثْعَمِيّ، عَن الضُّرَيْس، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيّ، قَالَ: لَمَّا مَضَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْبَاقِر عليه السلام فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ عَرَفْتَ انْقِطَاعِي إِلَى أبِيكَ وَاُنْسِي بِهِ وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاس، قَالَ: (صَدَقْتَ يَا بَا خَالِدٍ تُريدُ مَا ذَا؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ وَصَفَ لِي أبُوكَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر بِصِفَةٍ لَوْ رَأيْتُهُ فِي بَعْض الطُّرُقِ لأخَذْتُ بِيَدِهِ، قَالَ: (فَتُريدُ مَا ذَا يَا بَا خَالِدٍ؟)، قَالَ: اُريدُ أنْ تُسَمَّيَهُ لِي حَتَّى أعْرفَهُ بِاسْمِهِ، فَقَالَ: (سَألْتَنِي وَاللهِ يَا بَا خَالِدٍ عَنْ سُؤَالٍ مُجْهِدٍ وَلَقَدْ سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ ماَ(1) لَوْ كُنْتُ مُحَدَّثاً بِهِ أحَداً لَحَدَّثْتُكَ وَلَقَدْ سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ لَوْ أنَّ بَني فَاطِمَةَ عَرَفُوهُ حَرَصُوا عَلَى أنْ يَقْطَعُوهُ بَضْعَةً بَضْعَةً)(2).
2 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويّ، عَنْ أبِي هَاشِم الْجَعْفَريّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن الْعَسْكَريَّ عليه السلام يَقُولُ: (الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْني فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟)، قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: (لأنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ شَخْصَهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ؟ فَقَالَ: (قُولُوا: الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلاَمُهُ)(3).).
ص: 59
كمال الدين: ابن الوليد، عن سعد، مثله(1).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(2).
كفاية الأثر: علي بن محمّد السندي، عن محمّد بن الحسن، عن سعد، مثله(3).
أقول: قد مرَّ في بعض أخبار اللوح التصريح باسمه عليه السلام، فقال الصدوق رحمه الله: جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم عليه السلام والذي أذهب إليه النهي عن تسميته عليه السلام.
3 _ التوحيد: الدَّقَّاقُ وَالْوَرَّاقُ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الصُّوفِيّ، عَن الرُّويَانِيّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الثَّالِثِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ فِي الْقَائِم عليه السلام: (لاَ يَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً...) الْخَبَرَ(4).
4 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ)(5).
كمال الدين: الدقّاق، عن الأسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبِي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(6).2.
ص: 60
5 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الأزْدِيّ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ عِنْدَ ذِكْر الْقَائِم عليه السلام: (يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ تَسْمِيَتُهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ عزّ وجل فَيَمْلأ بِهِ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(1).
بيان: هذه التحديدات مصرَّحة في نفي قول من خصَّ ذلك بزمان الغيبة الصغرى تعويلاً على بعض العلل المستنبطة والاستبعادات الوهمية.
6 _ كمال الدين: السَّنَانِيُّ(2)، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ عليه السلام قَالَ: (الْقَائِمُ هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ وَهُوَ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ وَكَنِيُّهُ...) الْخَبَرَ(3).
كفاية الأثر: أبو عبد الله الخزاعي، عن الأسدي، مثله(4).
7 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ عِنْدَ الْعَمْريّ رضي الله عنه فَقُلْتُ لِلْعَمْريّ: إِنّي أسْألُكَ عَنْ مَسْألَةٍ كَمَا قَالَ اللهُ عزّ وجل فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ: ((أوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي))(5) هَلْ رَأيْتَ صَاحِبِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَهُ عُنُقٌ مِثْلُ ذِي _ وَأشَارَ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً إِلَى عُنُقِهِ _. قَالَ: قُلْتُ: فَالاسْمُ؟ قَالَ: إِيَّاكَ أنْ تَبْحَثَ عَنْ هَذَا فَإنَّ عِنْدَ الْقَوْم أنَّ هَذَا النَّسْلَ قَدِ انْقَطَعَ(6).4.
ص: 61
8 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّالِحِيّ، قَالَ: سَألَنِي أصْحَابُنَا بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أنْ أسْألَ عَن الاسْم وَالْمَكَان، فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (إِنْ دَلَلْتُهُمْ عَلَى الاسْم أذَاعُوهُ وَإِنْ عَرَفُوا الْمَكَانَ دَلُّوا عَلَيْهِ)(1).
9 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن(2) الدَّقَّاقِ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ مَعاً، عَنْ عَلِيّ بْن عَاصِم الْكُوفِيّ، قَالَ: خَرَجَ فِي تَوْقِيعَاتِ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَمَّانِي فِي مَحْفِلٍ مِنَ النَّاس)(3).
10 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَلِيّ مُحَمَّدَ بْنَ هَمَّام يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ بِخَطّ أعْرفُهُ: (مَنْ سَمَّانِي فِي مَجْمَع مِنَ النَّاس بِاسْمِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ)(4).
11 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر رَجُلٌ لاَ يُسَمَّيهِ بِاسْمِهِ إِلاَّ كَافِرٌ)(5).
12 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّيَّان بْن الصَّلْتِ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَن الْقَائِم فَقَالَ: (لاَ يُرَى جِسْمُهُ وَلاَ يُسَمَّى بِاسْمِهِ)(6).2.
ص: 62
13 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْيَقْطِينِيّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (سَألَ عُمَرُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَن الْمَهْدِيّ، قَالَ: يَا ابْنَ أبِي طَالِبٍ أخْبِرْني عَن الْمَهْدِيّ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: أمَّا اسْمُهُ فَلاَ إِنَّ حَبِيبي وَخَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أنْ لاَ اُحَدَّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ عزّ وجل وَهُوَ مِمَّا اسْتَوْدَعَ اللهُ عزّ وجل رَسُولَهُ فِي عِلْمِهِ)(1).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(2).
* * *7.
ص: 63
ص: 64
ص: 65
ص: 66
1 _ عيون أخبار الرضا: مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْفَضْل، عَنْ بَكْر بْن أحْمَدَ الْقَصْريّ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَكُونُ الْقَائِمُ إِلاَّ إِمَامَ بْنَ إِمَام وَوَصِيَّ بْنَ وَصِيّ)(1).
2 _ كمال الدين: أحْمَدُ بْنُ هَارُونَ وَابْنُ شَاذَوَيْهِ وَابْنُ مَسْرُورٍ وَجَعْفَرُ بْنُ الْحُسَيْن جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ.
وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ(2) بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ جَدَّهِ الْحَسَن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن هِلاَلٍ الضَّبَّيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرٌ(3) وَوَاللهِ مَا فِي أهْل الْبَيْتِ مِثْلُكَ كَيْفَ لاَ تَخْرُجُ؟ فَقَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَطَاءٍ قَدْ أمْكَنْتَ الْحِشْوَةَ مِنْ اُذُنَيْكَ وَاللهِ مَا أنَا بِصَاحِبكُمْ)، قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: (انْظُرُوا مَنْ تَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ فَهُوَ صَاحِبُكُمْ)(4).
بيان: قال الجوهري: فلان من حشوة بني فلان بالكسر أي من رذّالهم(5).3.
ص: 67
أقول: أي تسمع كلام أراذل الشيعة وتقبل منهم في توهّمهم أنَّ لنا أنصاراً كثيرة وأنَّه لا بدَّ لنا من الخروج وأنّي القائم الموعود.
3 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الْمُقْري، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي لَيْلَى يَقُولُ: وَاللهِ لاَ يَكُونُ الْمَهْدِيُّ أبَداً إِلاَّ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام(1).
4 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْجَريريّ، عَن الْفُضَيْل بْن الزُّبَيْر، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيّ عليه السلام يَقُولُ: الْمُنْتَظَرُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ، فِي ذُرَّيَّةِ الْحُسَيْن وَفِي عَقِبِ الْحُسَيْن، وَهُوَ الْمَظْلُومُ الَّذِي قَالَ اللهُ: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ))(2) قَالَ: وَلِيُّهُ رَجُلٌ مِنْ ذُرَّيَّتِهِ مِنْ عَقِبِهِ، ثُمَّ قَرَأ: ((وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ))(3)، ((سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ))(4) قَالَ: سُلْطَانُهُ فِي حُجَّتِهِ عَلَى جَمِيع مَنْ خَلَقَ اللهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاس وَلاَ يَكُونَ لأحَدٍ عَلَيْهِ حُجَّةٌ)(5).
5 _ كمال الدين(6): ابْنُ مُوسَى(7)، عَن الأسَدِيّ، عَن الْبَرْمَكِيّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَلَى الْمِنْبَر:ق.
ص: 68
(يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي فِي آخِر الزَّمَان أبْيَضُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً مُبْدَحُ الْبَطْن، عَريضُ الْفَخِذَيْن، عَظِيمٌ مُشَاشُ الْمَنْكِبَيْن، بِظَهْرهِ شَامَتَان: شَامَةٌ عَلَى لَوْن جِلْدِهِ، وَشَامَةٌ عَلَى شِبْهِ شَامَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، لَهُ اسْمَان: اسْمٌ يَخْفَى وَاسْمٌ يَعْلُنُ، فَأمَّا الَّذِي يَخْفَى فَأحْمَدُ وَأمَّا الَّذِي يَعْلُنُ فَمُحَمَّدٌ، فَإذَا هَزَّ رَايَتَهُ أضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوس الْعِبَادِ، فَلاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ صَارَ قَلْبُهُ أشَدَّ مِنْ زُبَر الْحَدِيدِ وَأعْطَاهُ اللهُ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً وَلاَ يَبْقَى مَيَّتٌ إِلاَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَلْبِهِ وَفِي قَبْرهِ وَهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورهِمْ وَيَتَبَاشَرُونَ بِقِيَام الْقَائِم عليه السلام)(1).
بيان: (مبدح البطن) أي واسعه وعريضه، قال الفيروزآبادي: البداح كسحاب المتّسع من الأرض أو اللينة الواسعة، والبدح بالكسر الفضاء الواسع، وامرأة بيدح: بادن، والأبدح: الرجل الطويل (السمين)(2) والعريض الجنبين من الدواب(3)، وقال: المشاشة بالضمّ رأس: العظم الممكن المضغ والجمع مشاش(4)، والشامة علامة تخالف البدن الذي هي فيه وهي هنا إمَّا بأن تكون أرفع من سائر الأجزاء أو أخفض وإن لم تخالف في اللون.
6 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَنْبُتُ فِي قَلْبِ مَهْدِيّنَا كَمَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ عَنْ(5) أحْسَن نَبَاتِهِ، فَمَنْ).
ص: 69
بَقِيَ مِنْكُمْ حَتَّى يَلْقَاهُ فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ وَمَعْدِنَ الْعِلْم وَمَوْضِعَ الرَّسَالَةِ).
وَرُويَ أنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى الْقَائِم عليه السلام أنْ يُقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ(1).
7 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينِيّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (سَايَرَ(2) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ: أخْبِرْني عَن الْمَهْدِيّ مَا اسْمُهُ؟ فَقَالَ: أمَّا اسْمُهُ فَإنَّ حَبِيبي عَهِدَ(3) إِلَيَّ أنْ لاَ اُحَدَّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ، قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ صِفَتِهِ، قَالَ: هُوَ شَابٌّ مَرْبُوعٌ، حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الشَّعْر، يَسِيلُ شَعْرُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَنُورُ وَجْهِهِ يَعْلُو سَوَادَ لِحْيَتِهِ وَرَأسِهِ، بِأبِي ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ)(4).
الغيبة للنعماني: عن عمرو بن شمر، مثله(5).
8 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً مِنْ وَاسِطٍ فَدَخَلْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ عليه السلام فَسَألَنِي عَن النَّاس وَالأسْعَار، فَقُلْتُ: تَرَكْتُ النَّاسَ مَادَّينَ أعْنَاقَهُمْ إِلَيْكَ لَوْ خَرَجْتَا.
ص: 70
لاَتَّبَعَكَ الْخَلْقُ، فَقَالَ: (يَا ابْنَ عَطَاءٍ أخَذْتَ تَفْرُشُ اُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى، لاَ وَاللهِ مَا أنَا بِصَاحِبكُمْ وَلاَ يُشَارُ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا بِالأصَابِع وَيُمَطُّ إِلَيْهِ بِالْحَوَاجِبِ إِلاَّ مَاتَ قَتِيلاً أوْ حَتْفَ أنْفِهِ)، قُلْتُ: وَمَا حَتْفُ أنْفِهِ؟ قَالَ: (يَمُوتُ بِغَيْظِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مَنْ لاَ يُؤْبَهُ لِولاَدَتِهِ)، قُلْتُ: وَمَنْ لاَ يُؤْبَهُ لِولاَدَتِهِ؟ قَالَ: (انْظُرْ مَنْ لاَ يَدْري النَّاسُ أنَّهُ وُلِدَ أمْ لاَ فَذَاكَ صَاحِبُكُمْ)(1).
بيان: النوكى الحمقى، وقال الجوهري: مطَّ حاجبيه: أي مدَّهما(2)(3) قوله: قلت: ومن لا يؤبه: أي ما معناه ويحتمل أن يكون سقط لفظة (من) من النسّاخ لتوهّم التكرار(4).
9 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: إِنَّا نَرْجُو أنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر وَأنْ يَسُوقَهُ اللهُ إِلَيْكَ عَفْواً بِغَيْر سَيْفٍ، فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَضُربَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ، فَقَالَ: (مَا مِنَّا أحَدٌ اخْتَلَفَ الْكُتُبُ إِلَيْهِ وَاُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأصَابِع وَسُئِلَ عَن الْمَسَائِل وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الأمْوَالُ إِلاَّ اغْتِيلَ أوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الأمْر غُلاَماً مِنَّا خَفِيَّ الْمَوْلِدِ وَالْمُنْشَاُ غَيْرُ خَفِيّ فِي نَفْسِهِ)(5).
بيان: قال الجوهري: يقال: أعطيته عفو المال يعني بغير مسألة وعفا الماء إذا لم يطأه شيء يكدره(6).3.
ص: 71
10 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مِيثَمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى بْن حُصَيْنٍ الثَّعْلَبِيّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ عليه السلام فِي حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ فَقُلْتُ لَهُ: كَبِرَتْ سِنّي وَدَقَّ عَظْمِي فَلَسْتُ أدْري يُقْضَى لِي لِقَاؤُكَ أمْ لاَ؟ فَاعْهَدْ إِلَيَّ عَهْداً وَأخْبِرْنِي مَتَى الْفَرَجُ؟ فَقَالَ: (إِنَّ الشَّريدَ الطَّريدَ الْفَريدَ الْوَحِيدَ، الْفَرْدَ مِنْ أهْلِهِ، الْمَوْتُورَ بِوَالِدِهِ، الْمُكَنَّى بِعَمَّهِ، هُوَ صَاحِبُ الرَّايَاتِ وَاسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ)، فَقُلْتُ: أعِدْ عَلَيَّ، فَدَعَا بِكِتَابٍ أدِيم أوْ صَحِيفَةٍ فَكَتَبَ فِيهاَ(1).
بيان: (الموتور بوالده): أي قتل والده ولم يطلب بدمه والمراد بالوالد إمَّا العسكري عليه السلام أو الحسين أو جنس الوالد ليشمل جميع الأئمّة عليهم السلام، قوله: (المكنّى بعمَّه): لعلَّ كنية بعض أعمامه أبو القاسم أو هو عليه السلام مكنّى بأبِي جعفر أو أبِي الحسين أو أبِي محمّد أيضاً ولا يبعد أن يكون المعنى لا يصرَّح باسمه بل يعبَّر عنه بالكناية خوفاً من عمَّه جعفر والأوسط أظهر كما مرَّ في خبر حمزة بن أبي الفتح وخبر عقيد تكنيته عليه السلام بأبي جعفر، وسيأتي أيضاً ولا تنافي التكنية بأبي القاسم أيضاً. قوله عليه السلام: (اسم نبيّ) يعني نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم.
11 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُونُسَ بْن كُلَيْبٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن هِشَام، عَنْ صَبَّاح، عَنْ سَالِم الأشَلّ، عَنْ حُصَيْنٍ التَّغْلِبِيّ، قَالَ: لَقِيتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام(2)... وَذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الأوَّلِ، إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ كَلاَمِهِ فَقَالَ: (أحَفِظْتَ).
ص: 72
(أمْ) أكْتُبُهَا لَكَ؟)، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ، فَدَعَا بِكُرَاعٍ مِنْ أدِيم أوْ صَحِيفَةٍ فَكَتَبَهَا ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيَّ وَأخْرَجَهَا حُصَيْنٌ إِلَيْنَا فَقَرَأهَا عَلَيْنَا ثُمَّ قَالَ: هَذَا كِتَابُ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام(1).
12 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْحَسَن بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر هُوَ الطَّريدُ الْفَريدُ(2) الْمَوْتُورُ بِأبِيهِ الْمُكَنَّى بِعَمَّهِ الْمُفْرَدُ مِنْ أهْلِهِ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ)(3).
13 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام، وَعَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ سَالِم الْمَكّيّ، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، عَنْ عَامِر بْن وَاثِلَةَ، (عَنْ أبِي الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاصِلَةَ): أنَّ الَّذِي تَطْلُبُونَ وَتَرْجُونَ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَرَى الَّذِي يُحِبُّ وَلَوْ صَارَ أنْ يَأكُلَ الأعْضَاءُ أعْضَاءَ الشَّجَرَةِ(4).
14 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ الْقَيْسِيّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا تَوَالَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ كَانَ رَابِعُهُمُ الْقَائِمَ عليه السلام)(5).9.
ص: 73
15 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْمَدِينِيّ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقّيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ طَالَ هَذَا الأمْرُ عَلَيْنَا حَتَّى ضَاقَتْ قُلُوبُنَا وَمِتْنَا كَمَداً!؟ فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا الأمْرَ آيَسُ مَا يَكُونُ وَأشَدُّ(1) غَمّاً: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم وَاسْم أبِيهِ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: (اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ وَاسْم أبِيهِ اسْمُ وَصِيّ)(2).
16 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ يَحْيَى بْن سَالِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر أصْغَرُنَا سِنّاً وَأخْمَلُنَا شَخْصاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: (إِذَا سَارَتِ الرُّكْبَانُ بِبَيْعَةِ الْغُلاَم فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ لِوَاءً)(3).
بيان: (أصغرنا سنّاً): أي عند الإمامة، قوله: (سارت الركبان): أي انتشر الخبر في الآفاق بأن بويع الغلام أي القائم عليه السلام، و(الصيصية): شوكة الديك، وقرن البقر والظباء، والحصن، وكلّ ما امتنع به، وهنا كناية عن القوّة والصولة.
17 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(4) الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْكُوفِيّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لأحَدٍ)(5).1.
ص: 74
18 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ عَقْدٌ وَلاَ بَيْعَةٌ)(1).
19 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَنْ جَعْفَر بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ، عَن الْوَلِيدِ بْن عُقْبَةَ، عَن الْحَارثِ بْن زِيَادٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْن(2) أبِي حَمْزَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر؟ فَقَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: (فَوَلَدُكَ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ:)(3) فَوَلَدُ وَلَدِكَ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَوَلَدُ وَلَدِ وَلَدِكَ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: (الَّذِي يَمْلاَهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ(4) جَوْراً لَعَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الأئِمَّةِ يَأتِي كَمَا أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بُعِثَ عَلَى فَتْرَةٍ)(5).
20 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إبراهيم بْن الحكم(6) بْن ظُهَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَن الأعْمَش، عَنْ أبِي وَابِلٍ(7)، قَالَ: نَظَرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيٌّ إِلَى الْحُسَيْن عليه السلام فَقَالَ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيَّدٌ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سَيَّداً وَسَيُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْم نَبِيَّكُمْ، يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ،).
ص: 75
يَخْرُجُ عَلَى حِين غَفْلَةٍ مِنَ النَّاس وَإِمَاتَةٍ لِلْحَقَّ وَإِظْهَارٍ لِلْجَوْر، وَاللهِ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُربَتْ عُنُقُهُ، يَفْرَحُ بِخُرُوجِهِ أهْلُ السَّمَاوَاتِ وَسُكَّانُهَا وَهُوَ رَجُلٌ أجْلَى الْجَبِين، أقْنَى الأنْفِ، ضَخْمُ الْبَطْن، أزْيَلُ الْفَخِذَيْن، لِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ، أفْلَجُ الثَّنَايَا، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(1).
بيان: القنا في الأنف طوله ودقَّة أرنبته مع حدب في وسطه، قوله عليه السلام: (أزيل الفخذين): من الزيل كناية عن كونهما عريضتين كما مرَّ في خبر آخر، وفي بعض النسخ بالباء الموحَّدة من الزبول فينافي ما سبق ظاهراً، وفي بعضها أربل بالراء المهملة والباء الموحَّدة من قولهم: رجل ربل كثير اللحم وهذا أظهر، وفلج الثنايا: انفراجها وعدم التصاقها.
21 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي قَدْ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ وَفِي حَقْوَيَّ هِمْيَانٌ فِيهِ ألْفُ دِينَارٍ وَقَدْ أعْطَيْتُ اللهَ عَهْداً أنَّنِي اُنْفِقُهَا بِبَابِكَ دِينَاراً دِينَاراً أوْ تُجِيبَنِي فِيمَا أسْألُكَ عَنْهُ، فَقَالَ: (يَا حُمْرَانُ سَلْ تُجَبْ وَلاَ تُبَعَّضْ(2) دَنَانِيرَكَ)، فَقُلْتُ: سَألْتُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر وَالْقَائِمُ بِهِ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ بِأبِي أنْتَ وَاُمَّي؟ فَقَالَ: (ذَاكَ الْمُشْرَبُ حُمْرَةً، الْغَائِرُ الْعَيْنَيْن، الْمُشَرَّفُ الْحَاجِبَيْن، عَريضٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْن، بِرَأسِهِ حَزَازٌ، وَبِوَجْهِهِ أثَرٌ رَحِمَ اللهُ مُوسَى)(3).
بيان: (المشرف الحاجبين): أي في وسطهما ارتفاع من الشرفة والحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة، وقوله عليه السلام: (رحم الله موسى)،5.
ص: 76
لعلَّه إشارة إلى أنَّه سيظنّ بعض الناس أنَّه القائم وليس كذلك، أو أنَّه قال: (فلاناً) كما سيأتي فعبَّر عنه الواقفية بموسى.
22 _ الغيبة للنعماني(1): عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ الْحِمْيَريّ، عَن الْحُسَيْن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن حَريزٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زُرَارَةَ(2)، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام فَقُلْتُ: أنْتَ الْقَائِمُ؟ قَالَ: (قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأنَّى لِلطَّالِبِ(3) بِالدَّم وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)، ثُمَّ أعَدْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: (قَدْ عَرَفْتُ حَيْثُ تَذْهَبُ، صَاحِبُكَ الْمُدَبَّحُ(4) الْبَطْن ثُمَّ الْحَزَازُ بِرَأسِهِ ابْنُ الأرْوَاع رَحِمَ اللهُ فُلاَناً)(5).
بيان: ابن الأرواع لعلَّه جمع الأروع أي ابن جماعة هم أروع الناس أو جمع الروع وهو من يعجبك بحسنه وجهارة منظره، أو بشجاعته أو جمع الروع بمعنى الخوف.
23 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحُسَيْن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيّ(6)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ(7)، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ:).
ص: 77
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام أوْ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام _ الشَّكُّ مِن ابْن عِصَام _: (يَا بَا مُحَمَّدٍ بِالْقَائِم عَلاَمَتَان: شَامَةٌ فِي رَأسِهِ وَدَاءُ الْحَزَازِ بِرَأسِهِ، وَشَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ جَانِبِهِ الأيْسَر تَحْتَ كَتِفَيْهِ وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةِ الآس(1) ابْنُ سِتَّةٍ وَابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ).
بيان: لعلَّ المعنى ابن ستّة أعوام عند الإمامة أو ابن ستّة بحسب الأسماء فإن أسماء آبائه عليهم السلام محمّد وعلي وحسين وجعفر وموسى وحسن ولم يحصل ذلك في أحد من الأئمّة عليهم السلام قبله مع أنَّ بعض رواة تلك الأخبار من الواقفية ولا تقبل رواياتهم فيما يوافق مذهبهم(2).
24 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل بْن قَيْسٍ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن(3) بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْقَطَوَانِيّ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ زَيْدٍ الْكُنَاسِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ الْبَاقِرَ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فِيهِ شَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ مِنْ(4) أمَةٍ سَوْدَاءَ يَصْلُحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ(5))، يُريدُ بِالشَّبَهِ مِنْ يُوسُفَ عليه السلام الْغَيْبَةَ(6).
25 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ8.
ص: 78
بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ الْحِمْيَريّ، عَن الْحَكَم بْن عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام: (بِأبِي ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ) أهِيَ فَاطِمَةُ؟ قَالَ: (فَاطِمَةُ خَيْرُ الْحَرَائِر)، قَالَ: (المبدح (الْمُدَبَّحُ) بَطْنُهُ الْمُشْرَبُ حُمْرَةً رَحِمَ اللهُ فُلاَناً)(1).
26 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي الصَّبَّاح، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (مَا وَرَاءَكَ؟)، فَقُلْتُ: سُرُورٌ مِنْ عَمَّكَ زَيْدٍ خَرَجَ يَزْعُمُ أنَّهُ ابْنُ سِتَّةٍ(2) وَأنَّهُ قَائِمُ هَذِهِ الاُمَّةِ وَأنَّهُ ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ، فَقَالَ: (كَذَبَ لَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ إِنْ خَرَجَ قُتِلَ)(3).
بيان: لعلَّ زيداً أدخل الحسن عليه السلام في عداد الآباء مجازاً فإنَّ العمّ قد يسمّى أباً، فمع فاطمة عليها السلام ستّة من المعصومين.
27 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ ابْنَا الْحَسَن، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ يَزيدَ بْن حَازِم(4)، قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَسَألَنِي: (هَلْ صَاحَبَكَ أحَدٌ؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ(5) صَحِبَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُعْتَزلَةِ، قَالَ: (فِيماَ(6) كَانَ يَقُولُ)، قُلْتُ: كَانَ يَزْعُمُ).
ص: 79
مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن يُرْجَى هُوَ الْقَائِمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّ اسْمَهُ اسْمُ النَّبِيّ وَاسْمَ أبِيهِ اسْمُ أبِي النَّبِيّ، فَقُلْتُ لَهُ فِي الْجَوَابِ: إِنْ كُنْتَ تَأخُذُ بِالأسْمَاءِ فَهُوَ ذَا فِي وُلْدِ الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيّ، فَقَالَ لِي: إِنَّ هَذَا ابْنُ أمَةٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيّ وَهَذَا ابْنُ مَهِيرَةٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن بْن الْحَسَن، فَقَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (فَمَا رَدَدْتَ عَلَيْهِ؟)، قُلْتُ: مَا كَانَ عِنْدِي شَيْ ءٌ أرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (لَوْ تَعْلَمُونَ(1) أنَّهُ ابْنُ سِتَّةٍ(2)) يَعْنِي الْقَائِمَ عليه السلام(3).
28 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(4) بْن مُوسَى، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (الأمْرُ فِي أصْغَرنَا سِنّاً وَأخْمَلِنَا ذِكْراً)(5).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسن(6) الرازي، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(7).
29 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(8)، عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ، عَنْ أبِي مَالِكٍ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أبِي السَّفَاتِج، عَنْ أبِي).
ص: 80
بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأحَدِهِمَا _ لأبِي عَبْدِ اللهِ أوْ لأبِي جَعْفَرٍ عليهما السلام _: أيَكُونُ أنْ يُفْضَى هَذَا الأمْرُ إِلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ؟ قَالَ: (سَيَكُونُ ذَلِكَ)، قُلْتُ: فَمَا يَصْنَعُ؟ قَالَ: (يُوَرَّثُهُ عِلْماً وَكُتُباً وَلاَ يَكِلُهُ إِلَى نَفْسِهِ)(1).
بيان: لعلَّ المعنى أنَّ لا مدخل للسنّ في علومهم وحالاتهم فإنَّ الله تعالى لا يكلهم إلى أنفسهم بل هم مؤيّدون بالإلهام وروح القُدُس.
30 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، (عن) مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ إِلاَّ فِي أخْمَلِنَا ذِكْراً وَأحْدَثِنَا سِنّاً)(2).
31 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(3)، عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ(4)، عَنْ إِسْحَاقَ بْن صَبَّاح، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ هَذَا سَيُفْضَى إِلَى مَنْ يَكُونُ لَهُ الْحَمْلُ)(5).
بيان: لعلَّ المعنى أنَّه يحتاج أن يحمل لصغره ويحتمل أن يكون بالخاء المعجمة يعني يكون خامل الذكر.
32 _ كشف الغمّة: ابْنُ الْخَشَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أبِيهِ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (الْخَلَفُ الصَّالِحُ مِنْ وُلْدِ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيّ وَهُوَ صَاحِبُ الزَّمَان وَهُوَ الْمَهْدِيُّ)(6).).
ص: 81
33 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَن الْمُنَخَّل، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ)(1).
34 _ الْفُصُولُ الْمُهِمَّةُ: صِفَتُهُ عليه السلام: شَابٌّ مَرْبُوعُ(2) الْقَامَةِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، وَالشَّعْرُ يَسِيلُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، أقْنَى الأنْفِ، أجْلَى الْجَبْهَةِ، قِيلَ: إِنَّهُ غَابَ فِي السَّرْدَابِ وَالْحَرَسُ عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ سِتّ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن(3).
* * *9.
ص: 82
ص: 83
ص: 84
1 _ تفسير القمي: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(1) قَالَ: إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَى خُرُوج الْقَائِم عليه السلام فَنَرُدُّهُمْ وَنُعَذّبُهُمْ، ((لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ)) أنْ يَقُولُوا: لِمَ لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ وَلاَ يَخْرُجُ؟، عَلَى حَدَّ الاسْتِهْزَاءِ فَقَالَ اللهُ: ((ألا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)).
أخْبَرَنَا أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَكَم، عَنْ سَيْفِ بْن(2) حَسَّانَ، عَنْ هِشَام بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِيهِ وَكَانَ مِنْ أصْحَابِ عَلِيّ عليه السلام، عَنْ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ)) قَالَ: (الاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ أصْحَابُ الْقَائِم الثَّلاَثُمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ).
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَالاُمَّةُ فِي كِتَابِ اللهِ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ فَمِنْهُ: الْمَذْهَبُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً))(3) أيْ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ، وَمِنْهُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاس وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ))(4) أيْ جَمَاعَةً، وَمِنْهُ: الْوَاحِدُ قَدْ سَمَّاهُ اللهُ اُمَّةً وَهُوَ قَوْلُهُ: ((إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً للهِ حَنِيفاً))(5)، وَمِنْهُ: أجْنَاسُ جَمِيع الْحَيَوَان وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ0.
ص: 85
خَلا فِيها نَذِيرٌ))(1)، وَمِنْهُ: اُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ قَوْلُهُ: ((كَذلِكَ أرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ))(2) وَهِيَ اُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمِنْهُ: الْوَقْتُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ))(3) أيْ بَعْدَ وَقْتٍ، وَقَوْلُهُ: ((إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ)) يَعْنِي الْوَقْتَ، وَمِنْهُ: يَعْنِي بِهِ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا))(4)، وَقَوْلُهُ: ((وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ))(5) وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ(6).
2 _ تفسير القمي: ((وَلَقَدْ أرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أنْ أخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأيَّامِ اللهِ))(7) قَالَ: أيَّامُ اللهِ ثَلاَثَةٌ يَوْمُ الْقَائِم صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَيَوْمُ الْمَوْتِ وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ(8).
3 _ تفسير القمي: ((وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ))(9) أيْ أعْلَمْنَاهُمْ ثُمَّ انْقَطَعَتْ مُخَاطَبَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَاطَبَ اُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: ((لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ)) يَعْنِي فُلاَناً وَفُلاَناً وَأصْحَابَهُمَا وَنَقْضَهُمُ الْعَهْدَ، ((وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً)) يَعْنِي مَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْخِلاَفَةِ، ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما)) يَعْنِي يَوْمَ الْجَمَل، ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ)) يَعْنِيا.
ص: 86
أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَأصْحَابَهُ، ((فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)) أيْ طَلَبُوكُمْ وَقَتَلُوكُمْ، ((وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)) يَعْنِي يَتِمُّ وَيَكُونُ، ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ)) يَعْنِي لِبَني اُمَيَّةَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ((وَأمْدَدْناكُمْ بِأمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِيراً)) مِنَ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ عليه السلام(1) وَأصْحَابِهِ وَسَبَواْ(2) نِسَاءَ آلِ مُحَمَّدٍ، ((إِنْ أحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآْخِرَةِ))(3) يَعْنِي الْقَائِمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَأصْحَابَهُ، ((لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ)) يَعْنِي تَسَوُّدَ(4) وُجُوهِهِمْ، ((وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أوَّلَ مَرَّةٍ)) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ وَأصْحَابَهُ(5)، ((وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً)) أيْ يَعْلُو عَلَيْكُمْ فَيَقْتُلُوكُمْ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام فَقَالَ: ((عَسى رَبُّكُمْ أنْ يَرْحَمَكُمْ)) أيْ يَنْصُرُكُمْ عَلَى عَدُوَّكُمْ، ثُمَّ خَاطَبَ بَنِي اُمَيَّةَ فَقَالَ: ((وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا)) يَعْنِي إِنْ عُدْتُمْ بِالسُّفْيَانِيّ عُدْنَا بِالْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ(6).
بيان: على تفسيره معنى الآية: أوحينا إلى بني إسرائيل أنَّكم يا أمّة محمّد تفعلون كذا وكذا، ويحتمل أن يكون الخبر الذي أخذ عنه التفسير محمولاً على أنَّه لمَّا أخبر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ كلَّما يكون في بني إسرائيل يكون في هذه الأمّة نظيره فهذه الأمور نظاير تلك الوقايع وفي بطن الآيات إشارة إليها وبهذا الوجه الذي ذكرنا تستقيم أوّليهما.4.
ص: 87
و(الكرة): الدولة والغلبة، و(النفير): من ينفر مع الرجل من قومه، وقيل: جمع نفر وهم المجتمعون للذهاب إلى العدوّ، قوله تعالى: ((وَعْدُ الآْخِرَةِ)) أي وعد عقوبة المرّة الآخرة، قوله تعالى: ((وَلِيُتَبِّرُوا)) أي وليهلكوا، ((ما عَلَوْا)) أي ما غلبوه واستولوا عليه أو مدّة علوهم.
4 _ تفسير القمي: ((أوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً))(1) يَعْنِي(2) مِنْ أمْر الْقَائِم وَالسُّفْيَانِيّ(3).
5 _ تفسير القمي: ((فَلَمَّا أحَسُّوا بَأْسَنا))(4) يَعْنِي بَنِي اُمَيَّةَ إِذَا أحَسُّوا بِالْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، ((إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)) يَعْنِي الْكُنُوزَ الَّتِي كَنَزُوهَا، قَالَ: فَيَدْخُلُ بَنُو اُمَيَّةَ إِلَى الرُّومِ إِذَا طَلَبَهُمُ الْقَائِمُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخْرجُهُمْ مِنَ الرُّومِ وَيُطَالِبُهُمْ بِالْكُنُوزِ الَّتِي كَنَزُوهَا فَيَقُولُونَ كَمَا حَكَى اللهُ: ((يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ)) قَالَ: بِالسَّيْفِ وَتَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا لَفْظُهُ مَاضٍ وَمَعْنَاهُ مُسْتَقْبَلٌ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا تَأويلُهُ بَعْدَ تَنْزيلِهِ(5).
بيان: ((يَرْكُضُونَ)) أي يهربون مسرعين راكضين دوابهم، قوله تعالى: ((حَصِيداً)) أي مثل الحصيد وهو النبت المحصود، ((خامِدِينَ)) أي ميّتين من خمدت النار.8.
ص: 88
6 _ تفسير القمي: ((وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ))(1) قَالَ: الْكُتُبُ كُلُّهَا ذِكْرٌ، ((أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)) قَالَ: الْقَائِمُ عليه السلام وَأصْحَابُهُ(2).
توضيح: قوله: الكتب كلّها ذكر، أي بعد أن كتبنا في الكتب الأخر المنزلة. وقال المفسّرون: المراد به التوراة، وقيل: المراد بالزبور جنس الكتب المنزلة وبالذكر اللوح المحفوظ.
7 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ))(3) قَالَ: (إِنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَ: نَزَلَتْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَمَّا أخْرَجَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ الْقَائِمُ عليه السلام(4) إِذَا خَرَجَ يَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن عليه السلام وَهُوَ قَوْلُهُ: نَحْنُ أوْلِيَاءُ الدَّم وَطُلاَّبُ التّرَةِ)(5).
8 _ تفسير القمي: ((وَمَنْ عاقَبَ))(6) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ((بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ)) يَعْنِي حِينَ(7) أرَادُوا أنْ يَقْتُلُوهُ، ((ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ)) بِالْقَائِم مِنْ وُلْدِهِ عليه السلام(8).
9 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: .
ص: 89
((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ))(1)، (فَهَذِهِ لآِلِ مُحَمَّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ إِلَى آخِر الأئِمَّةِ(2) وَالْمَهْدِيّ وَأصْحَابِهِ يَمْلِكُهُمُ اللهُ مَشَارقَ الأرْض وَمَغَاربَهَا وَيُظْهِرُ (بِهِ)(3) الدَّينَ وَيُمِيتُ اللهُ بِهِ وَبِأصْحَابِهِ الْبِدَعَ وَالْبَاطِلَ كَمَا أمَاتَ السُّفَهَاءُ الْحَقَّ حَتَّى لاَ يُرَى أيْنَ الظُّلْمُ وَيَأمُرُونَ بالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر)(4).
10 _ تفسير القمي: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(5).
فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (تَخْضَعُ رقَابُهُمْ _ يَعْنِي بَنِي اُمَيَّةَ _ وَهِيَ الصَّيْحَةُ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم صَاحِبِ الأمْر عليه السلام)(6).
11 _ تفسير القمي: ((أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأرْضِ))(7).
فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أبِي، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (نَزَلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام، هُوَ وَاللهِ الْمُضْطَرُّ إِذَا صَلَّى فِي الْمَقَام رَكْعَتَيْن وَدَعَا اللهَ فَأجَابَهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي الأرْض)(8).9.
ص: 90
12 _ تفسير القمي: ((وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ))(1) يَعْنِي الْقَائِمَ عليه السلام، ((لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أوَلَيْسَ اللهُ بِأعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ)).(2)
13 _ تفسير القمي: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَبْدِ الرَّحِيم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الثُّمَالِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (((وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ))(3) يَعْنِي الْقَائِمَ وَأصْحَابَهُ ((فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)) وَالْقَائِمُ إِذَا قَامَ انْتَصَرَ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَمِنَ الْمُكَذَّبِينَ وَالنُّصَّابِ هُوَ وَأصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ)))(4).
تفسير فرات: أحمد بن محمّد بن أحمد بن طلحة الخراساني، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن إسماعيل بن مهران، عن يحيى بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبِي جعفر عليه السلام مثله(5).
14 _ تفسير القمي: رُويَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ))(6) يَعْنِي خُرُوجَ الْقَائِم عليه السلام(7).
15 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن الأشْعَريّ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيّ بْن حَمَّادٍ الْخَزَّازِ، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ الْمِنْقَريّ، عَنْ0.
ص: 91
يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((مُدْهامَّتانِ))(1) قَالَ: (يَتَّصِلُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَخْلاً)(2).
16 _ تفسير القمي: ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ))(3) قَالَ: بِالْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ(4) إِذَا خَرَجَ ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ))(5) حَتَّى لاَ يُعْبَدَ غَيْرُ اللهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْرا(6).
17 _ تفسير القمي: ((وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ))(7) يَعْنِي فِي الدُّنْيَا بِفَتْح الْقَائِم عليه السلام(8).
18 _ تفسير القمي: ((حَتَّى إِذا رَأوْا ما يُوعَدُونَ))(9) قَالَ: الْقَائِمُ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهما السلام(10) ((فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أضْعَفُ ناصِراً وَأقَلُّ عَدَداً)).(11)
19 _ تفسير القمي: ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ1.
ص: 92
الْكافِرِينَ))(1) يَا مُحَمَّدُ، ((أمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)) لَوْ بُعِثَ(2) الْقَائِمُ عليه السلام فَيَنْتَقِمُ لِي مِنَ الْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي اُمَيَّةَ وَسَائِر النَّاس(3).
20 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ: ((وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى))(4)، قَالَ: (اللَّيْلُ فِي هَذَا الْمَوْضِع الثَّانِي(5) غَشَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي دَوْلَتِهِ الَّتِي جَرَتْ لَهُ عَلَيْهِ وَاُمِرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنْ يَصْبِرَ فِي دَوْلَتِهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ)، قَالَ: ((وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى))(6)، قَالَ: (النَّهَارُ هُوَ الْقَائِمُ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام إِذَا قَامَ غَلَبَ دَوْلَةَ الْبَاطِل. وَالْقُرْآنُ ضَرَبَ فِيهِ الأمْثَالَ لِلنَّاس وَخَاطَبَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم بِهِ وَنَحْنُ (نَعْلَمُهُ) فَلَيْسَ يَعْلَمُهُ غَيْرُنَا)(7).
إيضاح: قوله عليه السلام: (غَشَّ) لعلَّه بيان لحاصل المعنى لا لأنَّه مشتقّ من الغش أي غشيه وأحاط به وأطفى نوره وظلمه وغشَّه، ويحتمل أن يكون من باب أمللت وأمليت.
21 _ تفسير القمي: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(8).
قُلْ: أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ إِمَامُكُمْ غَائِباً فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإِمَام مِثْلِهِ.0.
ص: 93
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيّ الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْن أيُّوبَ، قَالَ: سُئِلَ الرَّضَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))، فَقَالَ عليه السلام: (مَاؤُكُمْ أبْوَابُكُمُ(1) الأئِمَّةُ وَالأئِمَّةُ أبْوَابُ اللهِ(2) ((فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)) يَعْنِي يَأتِيكُمْ بِعِلْم الإمَام)(3).
22 _ تفسير القمي: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(4) إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَهُوَ الإمَامُ الَّذِي يُظْهِرُهُ اللهُ عَلَى الدَّين كُلّهِ فَيَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً وَهَذاَ(5) مِمَّا ذَكَرْنَا أنَّ تَأويلَهُ(6) بَعْدَ تَنْزيلِهِ(7).
23 _ الخصال: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيّ، عَنْ مُثَنّى الْحَنَّاطِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (((أيَّامَ اللهِ))(8) ثَلاَثَةٌ: يَوْمُ يَقُومُ الْقَائِمُ، وَيَوْمُ الْكَرَّةِ، وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ)(9).
معاني الأخبار: أبي، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن مثنّى الحنّاط، عن جعفر، عن أبيه عليه السلام، مثله(10).1.
ص: 94
24 _ ثواب الأعمال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ عَبَّادِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ))(1)، قَالَ: (يَغْشَاهُمُ الْقَائِمُ بِالسَّيْفِ)، قَالَ: قُلْتُ: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ))(2)، قَالَ: (يَقُولُ خَاضِعَةٌ لاَ تُطِيقُ الامْتِنَاعَ)، قَالَ: قُلْتُ: ((عامِلَةٌ))(3) قَالَ: (عَمِلَتْ بِغَيْر مَا أنْزَلَ اللهُ عزّ وجل)، قُلْتُ: ((ناصِبَةٌ))، قَالَ: (نَصْبُ غَيْر(4) وُلاَةِ الأمْر)، قَالَ: قُلْتُ: ((تَصْلى ناراً حامِيَةً))(5)، قَالَ: (تَصْلَى نَارَ الْحَرْبِ فِي الدُّنْيَا عَلَى عَهْدِ الْقَائِم وَفِي الآخِرَةِ نَارَ جَهَنَّمَ)(6).
25 _ كمال الدين، وثواب الأعمال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ))(7) فَقَالَ: (الآيَاتُ هُمُ الأئِمَّةُ وَالآيَةُ الْمُنْتَظَرُ هُوَ الْقَائِمُ عليه السلام فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل قِيَامِهِ بِالسَّيْفِ وَإِنْ آمَنَتْ بِمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ آبَائِهِ عليهم السلام)(8).
ثواب الأعمال: وحدَّثنا بذلك أحمد بن زياد، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير وابن محبوب، عن ابن رئاب وغيره، عن الصادق عليه السلام(9).0.
ص: 95
26 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ مَعاً، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَن الْحُسَيْن بْن الرَّبيع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ أسَدِ بْن ثَعْلَبَةَ، عَنْ اُمَّ هَانِئ، قَالَتْ: لَقِيتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام فَسَألْتُهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ((فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوارِ الْكُنَّسِ))(1) فَقَالَ: (إِمَامٌ يَخْنِسُ فِي زَمَانِهِ عِنْدَ انْقِضَاءٍ مِنْ عِلْمِهِ سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن ثُمَّ يَبْدُو كَالشّهَابِ الْوَقَّادِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل فَإنْ أدْرَكْتَ ذَلِكَ قَرَّتْ عَيْنَاكَ)(2).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن الأسدي، عن سعد، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبي الحسن بن أبِي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، مثله(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن عدّة من رجاله، عن سعد، عن أحمد بن الحسين(4) بن عمر، عن الحسين(5) بن أبي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، مثله(6).
تفسير: قال البيضاوي: ((بِالْخُنَّسِ)) بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخَّر وهي ما سوى النيرين(7) من السيارات الجوار، ((الْكُنَّسِ)) أي).
ص: 96
السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس من كنس الوحش إذا دخل كناسته، انتهى(1).
(وأقول: على تأويله على الجمعية إمَّا للتعظيم أو للمبالغة في التأخّر، أو لشموله لسائر الأئمّة عليهم السلام باعتبار الرجعة، أو لأنَّ ظهوره عليه السلام بمنزلة ظهور الجميع، ويحتمل أن يكون المراد بها الكواكب، فيكون ذكرها لتشبيه الإمام بها في الغيبة والظهور كما في أكثر البطون. (فإن أدركت) أي على الفرض البعيد أو في الرجعة، (ذلك): أي ظهوره وتمكّنه)(2).
27 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(3) فَقَالَ: (هَذِهِ نَزَلَتْ فِي الْقَائِم، يَقُولُ: إِنْ أصْبَحَ إِمَامُكُمْ غَائِباً عَنْكُمْ لاَ تَدْرُونَ أيْنَ هُوَ فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإمَام ظَاهِرٍ يَأتِيكُمْ بِأخْبَار السَّمَاءِ وَالأرْض وَحَلاَلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ وَحَرَامِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (وَاللهِ مَا جَاءَ تَأويلُ الآيَةِ وَلاَ بُدَّ أنْ يَجِيءَ تَأويلُهَا)(4).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن الأسدي، عن سعد، عن موسى بن عمر بن يزيد، مثله(5).
28 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن5.
ص: 97
عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ دَاوُدَ الرَّقّيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(1) قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِقِيَام الْقَائِمِ عليه السلام أنَّهُ حَقٌّ)(2).
29 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي الْقَاسِم، قَالَ: سَألْتُ الصَّادِقَ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(3) فَقَالَ: (الْمُتَّقُونَ شِيعَةُ عَلِيّ عليه السلام وَأمَّا الْغَيْبُ فَهُوَ الْحُجَّةُ الْغَائِبُ وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ((وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(4))(5).
30 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَنْ مُوسَى بْن الْقَاسِم، عَنْ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(6) (قُلْ: أرَأيْتُمْ إِنْ غَابَ عَنْكُمْ إِمَامُكُمْ فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإمَام جَدِيدٍ)(7).8.
ص: 98
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن أحمد بن مابنداد(1)، عن أحمد بن هليل(2)، عن موسى بن القاسم، مثله(3).
وعن الكليني، عن علي بن محمّد، عن سهل، عن موسى بن القاسم مثله(4).
31 _ الغيبة للطوسي: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مَالِكٍ، عَنْ حَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْكَلْبِيّ، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ))(5) قَالَ: هُوَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ(6).
32 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((اعْلَمُوا أنَّ اللهَ يُحْيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها))(7) يَعْنِي يُصْلِحُ الأرْضَ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا يَعْنِي مِنْ بَعْدِ جَوْر أهْل مَمْلَكَتِهَا، ((قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآْياتِ)) بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ، ((لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)).(8)
33 _ الغيبة للطوسي: أبُو مُحَمَّدٍ الْمَجْدِيُّ(9)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن تَمَّام، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ الْقِطَعِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن أحْمَدَ بْن حَاتِم،).
ص: 99
عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْكَلْبِيّ، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ * فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أنَّكُمْ تَنْطِقُونَ))(1) قَالَ: قِيَامُ الْقَائِم عليه السلام، وَمِثْلُهُ: ((أيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(2) قَالَ: أصْحَابُ الْقَائِم يَجْمَعُهُمُ اللهُ فِي يَوْم وَاحِدٍ(3).
34 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُقْري، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريّ، عَنْ عُمَيْر بْن هَاشِم الطَّائِيّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أنَّكُمْ تَنْطِقُونَ))(4) قَالَ: قِيَامُ الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(5) قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْمَهْدِيّ عليه السلام(6).
كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن بن الحسين، مثله(7).
35 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ الْقِطَعِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن حَاتِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْن يَحْيَى6.
ص: 100
الثَّوْريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ عَلِيّ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ))(1) قَالَ: (هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ يَبْعَثُ اللهُ مَهْدِيَّهُمْ بَعْدَ جَهْدِهِمْ فَيُعِزُّهُمْ وَيُذِلُّ عَدُوَّهُمْ)(2).
36 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ حَاتِم فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيّ، عَنْ سَمَاعَةَ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْقَائِمِ عليه السلام: ((وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ))(3))(4).
37 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ عَن الْمِيثَمِيّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُؤْمِن الطَّاقِ، عَنْ سَلاَّم بْن الْمُسْتَنِير، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((اعْلَمُوا أنَّ اللهَ يُحْيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها))(5) قَالَ: (يُحْيِيهَا اللهُ عزّ وجل بِالْقَائِم بَعْدَ مَوْتِهَا يَعْنِي بِمَوْتِهَا كُفْرَ أهْلِهَا وَالْكَافِرُ مَيَّتٌ)(6).
38 _ تفسير العياشي: عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَتِلْكَ الأيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ))(7) قَالَ: (مَا زَالَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ دَوْلَةٌ للهِ وَدَوْلَةٌ لإبْلِيسَ فَأيْنَ دَوْلَةُ اللهِ أمَا هُوَ قَائِمٌ وَاحِدٌ)(8).).
ص: 101
39 _ تفسير العياشي: عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ))(1) (يَوْمَ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام يَئِسَ بَنُو اُمَيَّةَ فَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يَئِسُوا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام)(2).
40 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ وَأبِي جَعْفَرٍ عليهما السلام فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَأذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ))(3) قَالَ: (خُرُوجُ الْقَائِم، وَ((أذانٌ)) دَعْوَتُهُ إِلَى نَفْسِهِ)(4).
بيان: هذا بطن للآية.
41 _ تفسير العياشي: عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سُئِلَ أبِي عَنْ قَوْلِ اللهِ: ((قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً))(5) حَتَّى لاَ يَكُونَ مُشْركٌ(6)، ((وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(7))، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّهُ لَمْ يَجِئْ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُناَ(8) سَيَرَى مَنْ يُدْركُهُ مَا يَكُونُ مِنْ تَأويل هَذِهِ الآيَةِ وَلَيَبْلُغَنَّ دَيْنُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا بَلَغَ اللَّيْلُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شِرْكٌ عَلَى ظَهْر الأرْض كَمَا قَالَ اللهُ)(9).8.
ص: 102
بيان: أي كما قال الله في قوله: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ)).
42 _ تفسير العياشي: عَنْ أبَانٍ، عَنْ مُسَافِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(1) (يَعْنِي عِدَّةً كَعِدَّةِ بَدْرٍ)(2)، قَالَ: (يَجْمَعُونَ لَهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ)(3).
إيضاح: قال الجزري في حديث علي عليه السلام: (فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف): أي قطع السحاب المتفرّقة وإنَّما خصَّ الخريف لأنَّه أوّل الشتاء والسحاب يكون فيه متفرّقاً غير متراكم ولا مطبق، ثمَّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك(4).
43 _ تفسير العياشي: عَن الْحُسَيْن، عَن الْخَزَّازِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(5) قَالَ: (هُوَ الْقَائِمُ وَأصْحَابُهُ)(6).
44 _ تفسير العياشي: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ، عَمَّنْ سَمِعَ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ عَهْدَ نَبِيّ اللهِ صَارَ عِنْدَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام، ثُمَّ صَارَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ فَالْزَمْ هَؤُلاَءِ فَإذَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَعَهُ ثَلاَثُمِائَةِ رَجُلٍ وَمَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَامِداً إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَمُرَّ بِالْبَيْدَاءِ فَيَقُولَ: هَذَا مَكَانُ الْقَوْم الَّذِينَ خُسِفَ بِهِمْ وَهِيَ الآيَةُ9.
ص: 103
الَّتِي قَالَ اللهُ: ((أفَأمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأرْضَ أوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ))(1))(2).
45 _ تفسير العياشي: عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ: ((أفَأمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأرْضَ))(3) قَالَ: (هُمْ أعْدَاءُ اللهِ وَهُمْ يُمْسَخُونَ وَيُقْذَفُونَ وَيَسْبُخُونَ فِي الأرْض)(4).
46 _ تفسير العياشي: عَنْ صَالِح بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ))(5) (قَتْلُ عَلِيّ وَطَعْنُ الْحَسَن، ((وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً)) قَتْلُ الْحُسَيْن، ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما))(6) إِذَا جَاءَ نَصْرُ دَم الْحُسَيْن، ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)) قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللهُ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم لاَ يَدَعُونَ وتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ إِلاَّ أحْرَقُوهُ، ((وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)) قَبْلَ قِيَام الْقَائِم، ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأمْدَدْناكُمْ بِأمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِيراً))(7) خُرُوجُ الْحُسَيْن عليه السلام فِي الْكَرَّةِ فِي سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ عَلَيْهِمُ الْبِيضُ الْمُذَهَّبُ لِكُلّ بِيضَةٍ وَجْهَان وَالْمُؤَدَّي إِلَى النَّاس أنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ خَرَجَ فِي أصْحَابِهِ حَتَّى لاَ يَشُكَّ فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ وَأنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَلاَ شَيْطَانٍ، الإمَامُ الَّذِي بَيْنَ أظْهُر النَّاس يَوْمَئِذٍ، فَإذَا اسْتَقَرَّ عِنْدَ6.
ص: 104
الْمُؤْمِن أنَّهُ الْحُسَيْنُ لاَ يَشُكُّونَ فِيهِ وَبَلَغَ عَن الْحُسَيْن الْحُجَّةُ الْقَائِمُ بَيْنَ أظْهُر النَّاس وَصَدَّقَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ جَاءَ الْحُجَّةَ الْمَوْتُ فَيَكُونُ الَّذِي يَلِي غُسْلَهُ وَكَفْنَهُ وَحَنُوطَهُ وَإِيلاَجَهُ(1) حُفْرَتَهُ الْحُسَيْنَ وَلاَ يَلِي الْوَصِيَّ إِلاَّ الْوَصِيُّ)، وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ فِي حَدِيثِهِ: (ثُمَّ يَمْلِكُهُمُ الْحُسَيْنُ حَتَّى يَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ)(2).
بيان: قوله: (لا يدعون وتراً) أي ذا وتر وجناية ففي الكلام تقدير مضاف، و(الوتر) بالكسر الجناية والظلم.
47 _ تفسير العياشي: عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: كَانَ يَقْرَاُ: ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ))(3) ثُمَّ قَالَ: (وَهُوَ الْقَائِمُ وَأصْحَابُهُ اُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ)(4).
48 _ تفسير العياشي: عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي خُطْبَتِهِ: (يَا أيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني فَإنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْماً جَمّاً فَسَلُوني قَبْلَ أنْ تَبْقَرَ(5) بِرجْلِهَا فِتْنَةً شَرْقِيَّةً تَطَاُ فِي حُطَامِهَا مَلْعُونٌ نَاعِقُهَا وَمَوْلاَهَا وَقَائِدُهَا وَسَائِقُهَا وَالْمُتَحَرَّزُ فِيهَا فَكَمْ عِنْدَهَا مِنْ رَافِعَةٍ ذَيْلَهَا يَدْعُو بِوَيْلِهَا دَخَلَهُ أوْ حَوْلَهَا لاَ مَأوَى يَكُنُّهَا وَلاَ أحَدَ يَرْحَمُهَا فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ قُلْتُمْ: مَاتَ أوْ هَلَكَ وَأيَّ وَادٍ سَلَكَ فَعِنْدَهَا تَوَقَّعُوا الْفَرَجَ وَهُوَ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ:).
ص: 105
((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأمْدَدْناكُمْ بِأمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِيراً))(1) وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَيَعِيشُ إِذْ ذَاكَ مُلُوكٌ نَاعِمِينَ وَلاَ يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يُولَدَ لِصُلْبِهِ ألْفُ ذَكَرٍ آمِنينَ مِنْ كُلّ بِدْعَةٍ وَآفَةٍ (والتنزيل) عَامِلِينَ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ قَدِ اضْمَحَلَّتْ عَلَيْهِمُ الآفَاتُ وَالشُّبُهَاتُ)(2).
توضيح: (قبل أن تبقر) قال الجزري: في حديث أبي موسى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول: (سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران) أي واسعة عظيمة(3)، وفي بعض النسخ بالنون والفاء أي تنفر ضارباً برجلها، والضمير في (حطامها) راجع إلى الدنيا بقرينة المقام أو إلى الفتنة بملابسة أخذها والتصرّف فيها. قوله: (والمتجرز) لعلَّه من جرز أي أكل أكلاً وحيا وقتل وقطع وبخس، وفي النسخة بالحاء المهملة ولعلَّ المعنى من يتحرّز من إنكارها ورفعها لئلاَّ يخل بدنياه، وسائر الخبر كان مصحَّفاً فتركته على ما وجدته، والمقصود واضح.
49 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ أبِي عَلِيّ الأشْعَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ))(4) قَالَ: (إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً فَإذَا أرَادَ اللهُ عزّ وجل إِظْهَارَ أمْرهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً فَظَهَرَ فَقَامَ بِأمْر اللهِ عزّ وجل)(5).7.
ص: 106
50 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ أبو (أبِي) الْحُسَيْن مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيّ، عَنْ أبِيهِ وَوَهْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(1) قَالَ: (الْقَائِمُ وَأصْحَابُهُ)(2).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الصَّبَّاح، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَلَئِنْ أخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(3) قَالَ: (الْعَذَابُ خُرُوجُ الْقَائِم، وَالاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ (عِدَّةُ) أهْل بَدْرٍ وَأصْحَابُهُ)(4).
52 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ وَأحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ، عَنْ أبِيهِ وَوَهْبٍ(5)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(6) قَالَ: (نَزَلَتْ فِي الْقَائِم وَأصْحَابِهِ يَجْمَعُونَ(7) عَلَى غَيْر مِيعَادٍ)(8).1.
ص: 107
53 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْكُوفِيّ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَن الْقَاسِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ))(2) قَالَ: (هِيَ فِي الْقَائِم عليه السلام وَأصْحَابِهِ)(3).
54 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْبَرْقِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ))(4) قَالَ: (اللهُ يَعْرفُهُمْ وَلَكِنْ نَزَلَتْ فِي الْقَائِم يَعْرفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فَيَخْبِطُهُمْ بِالسَّيْفِ هُوَ وَأصْحَابُهُ خَبْطاً)(5).
بيان: قال الفيروزآبادي: خبطه يخبطه: ضربه شديداً والقوم بسيفه جلدهم(6).
55 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَلِيّ بْن حَاتِم، عَنْ حَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ جَعْفَر(7) بْن عُمَرَ بْن سَالِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حُسَيْن بْن عَجْلاَنَ، عَنْ مُفَضَّل بْن عُمَرَ قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ).
ص: 108
الْعَذابِ الأدْنى دُونَ الْعَذابِ الأكْبَرِ))(1) قَالَ: (الأدْنَى غَلاَءُ السَّعْر، وَالأكْبَرُ الْمَهْدِيُّ بِالسَّيْفِ)(2).
56 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ(3) بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ(4) سَمَاعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا خَرَجَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَقَام ثُمَّ يُصَلّي رَكْعَتَيْن ثُمَّ يَقُومُ فَيَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِإسْمَاعِيلَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ أنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَيَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ حَتَّى يَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأرْضِ أإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ))(5)).
وَبالإسْنَادِ عَن ابْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ)) قَالَ: (هذا (هَذِهِ) نَزَلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام إِذَا خَرَجَ تَعَمَّمَ وَصَلَّى عِنْدَ الْمَقَام وَتَضَرَّعَ إِلَى رَبَّهِ فَلاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ أبَداً)(6).
57 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: قَوْلُهُ تَعَالَى:9.
ص: 109
((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ))(1) تَأويلُهُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس: عَنْ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن حَاتِم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْن هَاشِم، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لَوْ تَرَكْتُمْ(2) هَذَا الأمْرَ مَا تَرَكَهُ اللهُ).
وَيُؤَيَّدُهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي الْحَسَن الْمَاضِي عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ، قُلْتُ: ((وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ))، قَالَ: (((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأفْواهِهِمْ))(3) وَلاَيَةُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام(4)، ((وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ)) الإمَامَةُ(5) لِقَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أنْزَلْنا))(6) وَالنُّورُ هُوَ الإمَامُ)، قُلْتُ لَهُ: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ))، قَالَ: (هُوَ الَّذِي أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِالْوَلاَيَةِ لِوَصِيَّهِ، وَالْوَلاَيَةُ هِيَ دِينُ الْحَقَّ)، قُلْتُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ))، قَالَ: (عَلَى(7) جَمِيع الأدْيَان عِنْدَ قِيَام الْقَائِم لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ((وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ)) بِوَلاَيَةِ(8) الْقَائِم، ((وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)) بِوَلاَيَةِ عَلِيّ)، قُلْتُ: هَذَا تَنْزيلٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، أمَّا هَذَا الْحَرْفُ فَتَنْزيلٌ وَأمَّا غَيْرُهُ فَتَأويلٌ)(9).2.
ص: 110
58 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ بْن هَوْذَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1)، فَقَالَ: (وَاللهِ مَا اُنْزلَ تَأويلُهَا بَعْدُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَتَى يُنْزَلُ؟ قَالَ: (حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ إِنْ شَاءَ اللهُ فَإذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ وَلاَ مُشْركٌ إِلاَّ كَرهَ خُرُوجَهُ(2) حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرٌ أوْ مُشْركٌ فِي بَطْن صَخْرَةٍ لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ: يَا مُؤْمِنُ فِي بَطْنِي كَافِرٌ أوْ مُشْركٌ فَاقْتُلْهُ)، قَالَ: (فَيُنَحَّيهِ اللهُ فَيَقْتُلُهُ)(3).
تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، مُعَنْعَناً عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ. وَفِيهِ: (لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ: يَا مُؤْمِنُ فِيَّ مُشْركٌ فَاكْسِرْني وَاقْتُلْهُ)(4).
59 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَمٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ أنَّهُ سَمِعَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: ((هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ...)) الآيَةَ، (أظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدُ كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى لاَ يَبْقَى قَرْيَةٌ إِلاَّ وَنُودِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ بُكْرَةً وَعَشِيّاً)(5).3.
ص: 111
وَقَالَ أيْضاً: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي بَكْرٍ الْمُقْري، عَنْ نُعَيْم بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) قَالَ: لاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى لاَ يَبْقَى يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ وَلاَ صَاحِبُ مِلَّةٍ إِلاَّ دَخَلَ فِي الإسْلاَم حَتَّى يَأمَنَ الشَّاةُ وَالذّئْبُ وَالْبَقَرَةُ وَالأسَدُ وَالإنْسَانُ وَالْحَيَّةُ وَحَتَّى لاَ تَقْرضَ فَأرَةٌ جِرَاباً وَحَتَّى تُوضَعَ الْجِزْيَةُ وَيُكْسَرَ الصَّلِيبُ وَيُقْتَلَ الْخِنْزيرُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) وَذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام(1).
60 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوَّلِينَ))(2) (يَعْنِي تَكْذِيبَهُ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ عليه السلام إِذْ يَقُولُ لَهُ: لَسْنَا نَعْرفُكَ وَلَسْتَ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ كَمَا قَالَ الْمُشْركُونَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(3).
61 _ تفسير فرات: أبُو الْقَاسِم الْعَلَويُّ، مُعَنْعَناً عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ((كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أصْحابَ الْيَمِينِ)) قَالَ: (نَحْنُ وَشِيعَتُنَا)(4)، وَقَالَ(5) أبُو جَعْفَرٍ: (ثُمَّ شِيعَتُنَا أهْلَ الْبَيْتِ(6) ((فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)) يَعْنِي لَمْ يَكُونُوا مِنْ شِيعَةِ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ، ((وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ)) فَذَاكَ يَوْمُ).
ص: 112
الْقَائِم عليه السلام وَهُوَ يَوْمُ الدَّين، ((وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أتانَا الْيَقِينُ)) أيَّامُ الْقَائِم، ((فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ)) فَمَا يَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ مَخْلُوقٍ وَلَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(1).
بيان: قوله عليه السلام: (يعني لم يكونوا) يحتمل وجهين: أحدهما: أنَّ الصلاة لمَّا لم تكن من غير الشيعة مقبولة فعبَّر عنهم بما لا ينفكّ عنهم من الصلاة المقبولة، والثاني: أن يكون من المصلّي تالي السابق في خيل السباق وإنَّما يطلق عليه ذلك لأنَّ رأسه عند صلا السابق والصلا ما عن يمين الذنب وشماله فعبَّر عن التابع بذلك، وقيل: الصلاة أيضاً مأخوذة من ذلك عند إيقاعها جماعة وهذا الوجه الأخير مروي عن أبي عبد الله عليه السلام حيث قال: (عني بها لم نكن من أتباع الأئمّة الذين قال الله فيهم: ((وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ))(2) أما ترى الناس يسمّون الذي يلي السابق في الحلبة مصلّي فذلك الذي عنى حيث قال: ((لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ))(3) لم نك من أتباع السابقين).
62 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَن الْحَسَن بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((قُلْ ما أسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْرٍ وَما أنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ))(4) قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ(5) عليه السلام: ((وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأهُ بَعْدَ حِينٍ))(6) قَالَ: (عِنْدَ خُرُوج الْقَائِم)، وَفِي .
ص: 113
قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ))(1) قَالَ: (اخْتَلَفُوا كَمَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الاُمَّةُ فِي الْكِتَابِ وَسَيَخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَ الْقَائِم الَّذِي يَأتِيهِمْ بِهِ حَتَّى يُنْكِرَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ)، وَأمَّا قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ))(2) قَالَ: (لَوْ لاَ مَا تَقَدَّمَ فِيهِمْ مِنَ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ مَا أبْقَى الْقَائِمُ مِنْهُمْ وَاحِداً)، وَفِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ))(3) قَالَ: (بِخُرُوج الْقَائِم عليه السلام)، وَقَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ))(4) قَالَ: (يَعْنُونَ بِوَلاَيَةِ عَلِيّ عليه السلام)، وَفِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ))(5) قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام ذَهَبَتْ دَوْلَةُ الْبَاطِل)(6).
63 _ الكافي: أبُو عَلِيّ الأشْعَريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُ الْحَقُّ))(7)، قَالَ: (يُريهِمْ فِي أنْفُسِهِمُ الْمَسْخَ وَيُريهِمْ فِي الآفَاقِ انْتِقَاضَ الآفَاقِ عَلَيْهِمْ فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللهِ عزّ وجل فِي أنْفُسِهِمْ وَفِي الآفَاقِ)، قُلْتُ لَهُ: ((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُ الْحَقُّ))(8)، قَالَ: (خُرُوجُ الْقَائِم هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللهِ عزّ وجل يَرَاهُ الْخَلْقُ لاَ بُدَّ مِنْهُ)(9).5.
ص: 114
64 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْن الْخَطَّابِ، عَن الْحَسَن بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((حَتَّى إِذا رَأوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأضْعَفُ جُنْداً))(1)، قَالَ: (أمَّا قَوْلُهُ: ((حَتَّى إِذا رَأوْا ما يُوعَدُونَ)) فَهُوَ خُرُوجُ الْقَائِم وَهُوَ السَّاعَةُ فَسَيَعْلَمُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ اللهِ عَلَى يَدَيْ قَائِمِهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً)) يَعْنِي عِنْدَ الْقَائِم، ((وَأضْعَفُ جُنْداً)))، قُلْتُ: ((مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآْخِرَةِ))، قَالَ: (مَعْرفَةَ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةِ عليهم السلام)، ((نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ))، قَالَ: (نَزيدُهُ مِنْهَا)، قَالَ: (يَسْتَوْفِي نَصِيبَهُ مِنْ دَوْلَتِهِمْ)، ((وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الآْخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ))، قَالَ: (لَيْسَ لَهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ مَعَ الْقَائِم نَصِيبٌ)(2).
65 _ أقُولُ: رَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ الأنْوَار الْمُضِيئَةِ(3) بِإسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الأيَادِي يَرْفَعُهُ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (الْمُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْض الْمَذْكُورُونَ فِي الْكِتَابِ(4) الَّذِينَ يَجْعَلُهُمُ اللهُ أئِمَّةً نَحْنُ أهْلَ الْبَيْتِ يَبْعَثُ اللهُ مَهْدِيَّهُمْ فَيُعِزُّهُمْ وَيُذِلُّ عَدُوَّهُمْ).
وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ))(5) قَالَ: هُوَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ عليه السلام.2.
ص: 115
وَبِالإسْنَادِ أيْضاً عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (((وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)) قَالَ: هُوَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ عليه السلام.
وَبِالإسْنَادِ أيْضاً عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:)(1) ((اعْلَمُوا أنَّ اللهَ يُحْيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها))(2) قَالَ: يُصْلِحُ اللهُ الأرْضَ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ، ((بَعْدَ مَوْتِها)) يَعْنِي بَعْدَ جَوْر أهْل مَمْلَكَتِهَا، ((قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآْياتِ)) بِالْحُجَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ((لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)).
وَمِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُور بِإسْنَادِهِ عَن السَّيَّدِ هِبَةِ اللهِ الرَّاوَنْدِيّ يَرْفَعُهُ إِلَى مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً))(3)، قَالَ: (النّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ الإمَامُ الظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنَةُ الإمَامُ الْغَائِبُ يَغِيبُ عَنْ أبْصَار النَّاس شَخْصُهُ وَيُظْهِرُ لَهُ كُنُوزَ الأرْض وَيُقَرَّبُ عَلَيْهِ كُلَّ بَعِيدٍ).
(وَوَجَدْتُ بِخَطّ الشَّيْخ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْجُبَاعِيّ(4) رحمه الله، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطّ الشَّهِيدِ نَوَّرَ اللهُ ضَريحَهُ: رَوَى الصَّفْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ صَفْوَانَ أنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الْمَنْصُورُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام تَوَضَّأ وَصَلَّى رَكْعَتَيْن ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْر وَقَالَ: (اللهُمَّ إِنَّكَ وَعَدْتَنَا عَلَى لِسَان نَبِيَّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَوَعْدُكَ الْحَقُّ أنَّكَ تُبَدَّلُنَا مِنْ (بَعْدِ) خَوْفِنَا أمْناً، اللهُمَّ فَأنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي فَأيْنَ وَعْدُ اللهِ لَكُمْ؟ فَقَالَ عليه السلام: (قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ ...))(5) الآيَةَ).5.
ص: 116
وَرُويَ أنَّهُ تُلِيَ بِحَضْرَتِهِ عليه السلام: ((وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا...))(1) الآيَةَ، فَهَمَلَتَا عَيْنَاهُ عليه السلام وَقَالَ: (نَحْنُ وَاللهِ الْمُسْتَضْعَفُونَ).
66 _ نهج البلاغة: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لَتَعْطِفَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بَعْدَ شِمَاسِهَا عَطْفَ الضَّرُوس عَلَى وَلَدِهَا)، وَتَلاَ عَقِيبَ ذَلِكَ: (((وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ))(2))(3).
بيان: عطفت عليه: أي شفقت، وشمس الفرس شماساً: أي منع ظهره، ورجل شموس: صعب الخلق، وناقة ضروس: سيّئة الخلق يعض حالبها ليبقي لبنها لولدها).
* * *9.
ص: 117
ص: 118
سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام من النصوص على الاثني عشر عليهم السلام
ص: 119
ص: 120
ص: 121
ص: 122
1 _ أمالي الصدوق: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِبْرَاهِيمَ الْحُلْوَانِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مَنْصُورٍ زَاج(1)، عَنْ هُدْبَةَ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن زِيَادٍ الْيَمَانِيّ، عَنْ عِكْرمَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن أبِي طَلْحَةَ، عَنْ أنَسِ بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (نَحْنُ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَةُ أهْلِ الْجَنَّةِ: رَسُولُ اللهِ، وَحَمْزَةُ سَيَّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ ذُو الْجَنَاحَيْن، وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ)(2).
الغيبة للطوسي: محمّد بن علي، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي، عن الحسن بن الفضل البوصرائي، عن سعد بن عبد الحميد، مثله(3).
2 _ عيون أخبار الرضا: بِإسْنَادِ التَّمِيمِيّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ الْحَقُّ(4) مِنَّا وَذَلِكَ حِينَ يَأذَنَ اللهُ عزّ وجل لَهُ وَمَنْ تَبِعَهُ نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَلَكَ، اللهَ اللهَ عِبَادَ اللهِ فَأتُوهُ وَلَوْ عَلَى الثَّلْج فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ عزّ وجل وَخَلِيفَتِي)(5).9.
ص: 123
3 _ أمالي الصدوق: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ عَلِيّ.
(كذا في النسخة المطبوعة والظاهر أنَّ الحديث مستخرج من كتب الصدوق رحمه الله).
ابْن سَالِم، عَنْ أبِيهِ، عَن الثُّمَالِيّ، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمَّا عُرجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَمِنْهَا إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَمِنَ السَّدْرَةِ إِلَى حُجُبِ النُّور نَادَانِي رَبَّي جلّ جلاله: يَا مُحَمَّدُ أنْتَ عَبْدِي وَأنَا رَبُّكَ فَلِي فَاخْضَعْ وَإِيَّايَ فَاعْبُدْ وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ وَبِي فَثِقْ فَإنّي قَدْ رَضِيتُ بِكَ عَبْداً وَحَبِيباً وَرَسُولاً وَنَبِيّاً وَبِأخِيكَ عَلِيٍّ خَلِيفَةً وَبَاباً فَهُوَ حُجَّتِي عَلَى عِبَادِي وَإِمَامٌ لِخَلْقِي بِهِ يُعْرَفُ أوْلِيَائِي مِنْ أعْدَائِي وَبِهِ يُمَيَّزُ حِزْبُ الشَّيْطَان مِنْ حِزْبي وَبِهِ يُقَامُ دِيني وَتُحْفَظُ حُدُودِي وَتُنْفَذُ أحْكَامِي وَبِكَ وَبِهِ (وَ)بِالأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ(1) أرْحَمُ عِبَادِي وَإِمَائِي، وَبِالْقَائِم مِنْكُمْ أعْمُرُ أرْضِي بِتَسْبِيحِي وَتَقْدِيسِي وَتَهْلِيلِي وَتَكْبِيري وَتَمْجِيدِي، وَبِهِ اُطَهَّرُ الأرْضَ مِنْ أعْدَائِي وَاُوَرَّثُهَا أوْلِيَائِي، وَبِهِ أجْعَلُ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِيَ السُّفْلَى وَكَلِمَتِيَ الْعُلْيَا، بِهِ اُحْيِي بِلاَدِي وَعِبَادِي بِعِلْمِي وَلَهُ اُظْهِرُ الْكُنُوزَ وَالذَّخَائِرَ بِمَشِيَّتِي، وَإِيَّاهُ اُظْهِرُ عَلَى الأسْرَار وَالضَّمَائِر بِإرَادَتِي، وَاُمِدُّهُ بِمَلاَئِكَتِي لِتُؤَيَّدَهُ عَلَى إِنْفَاذِ أمْري وَإِعْلاَن دِيني ذَلِكَ وَلِيَّي حَقّاً وَمَهْدِيُّ عِبَادِي صِدْقاً)(2).
أقول: قد مضى كثير من الأخبار في باب النصوص على الاثني عشر وبعضها في باب علل أسمائه عليه السلام.2.
ص: 124
4 _ عيون أخبار الرضا: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَن الْحُسَيْن(1) بْن عَلِيٍّ، عَن الْوَلِيدِ بْن مُسْلِم، عَنْ صَفْوَانَ بْن عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْح بْن عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو الْبَكَّائِيّ، عَنْ كَعْبِ الأحْبَار، قَالَ فِي الْخُلَفَاءِ: هُمُ اثْنَيْ عَشَرَ فَإذَا كَانَ عِنْدَ انْقِضَائِهِمْ وَأتَى طَبَقَةٌ صَالِحَةٌ مَدَّ اللهُ لَهُمْ فِي الْعُمُر كَذَلِكَ وَعَدَ اللهُ هَذِهِ الاُمَّةَ، ثُمَّ قَرَأ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ))(2) قَالَ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ اللهُ عزّ وجل بِبَني إِسْرَائِيلَ وَلَيْسَ بِعَزيزٍ أنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الاُمَّةَ يَوْماً أوْ نِصْفَ يَوْم، ((وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَألْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ))(3).(4)
5 _ عيون أخبار الرضا: بِإسْنَادِ التَّمِيمِيّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَقُومَ بِأمْر اُمَّتِي(5) رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن يَمْلاَهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(6).
6 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن إِسْمَاعِيلَ بْن يَحْيَى الْعَبْسِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَريرٍ الطَّبَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ الصواري (الضَّرَاريِ)، عَنْ أبِي الصَّلْتِ الْهَرَويّ، عَن الْحُسَيْن الأشْقَر، عَنْ قَيْس بْن الرَّبِيع، عَن الأعْمَش، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ، عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَاريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِفَاطِمَةَ فِي مَرَضِهِ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ بُدَّ لِهَذِهِ الاُمَّةِ مِنْ مَهْدِيٍّ وَهُوَ وَاللهِ مِنْ وُلْدِكِ)(7).).
ص: 125
أقول: قد مضى بتمامه في فضائل أصحاب الكساء عليهم السلام.
7 _ أمالي الطوسي: الْحَفَّارُ، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ، عَنْ أبِي قِلاَبَةَ، عَنْ بِشْر بْن عُمَرَ، عَنْ مَالِكِ بْن أنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْن أسْلَمَ(1)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ أبِي مَرْيَمَ، عَنْ ثُوَيْر بْن أبِي فَاخِتَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي لَيْلَى، قَالَ: قَالَ أبِي: دَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَصْبَهُ عليه السلام يَوْمَ الْغَدِير وَبَعْضَ مَا ذَكَرَ فِيهِ مِنْ فَضَائِلِهِ عليه السلام... إِلَى أنْ قَالَ: ثُمَّ بَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقِيلَ: مِمَّ بُكَاؤُكَ يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم)؟ قَالَ: (أخْبَرَني جَبْرَئِيلُ عليه السلام أنَّهُمْ يَظْلِمُونَهُ وَيَمْنَعُونَهُ حَقَّهُ وَيُقَاتِلُونَهُ وَيَقْتُلُونَ وُلْدَهُ وَيَظْلِمُونَهُمْ بَعْدَهُ وَأخْبَرَني جَبْرَئِيلُ عليه السلام عَنْ رَبَّهِ عزّ وجل أنَّ ذَلِكَ يَزُولُ إِذَا قَامَ قَائِمُهُمْ وَعَلَتْ كَلِمَتُهُمْ وَأجْمَعَتِ الاُمَّةُ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ وَكَانَ الشَّانِئُ لَهُمْ قَلِيلاً وَالْكَارهُ لَهُمْ ذَلِيلاً، وَكَثُرَ الْمَادِحُ لَهُمْ وَذَلِكَ حِينَ تُغَيَّرُ الْبِلاَدُ وَتُضَعَّفُ الْعِبَادُ وَالإيَاسُ مِنَ الْفَرَج وَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ فِيهِمْ)(2).
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اسْمُهُ كَاسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ كَاسِم ابْنِي وَهُوَ مِنْ وُلْدِ ابْنَتِي يُظْهِرُ اللهُ الْحَقَّ بِهِمْ وَيحمد (يُخْمِدُ) الْبَاطِلَ بِأسْيَافِهِمْ وَيَتْبَعُهُمُ النَّاسُ بَيْنَ رَاغِبٍ إِلَيْهِمْ وَخَائِفٍ لَهُمْ)(3)، قَالَ: وَسَكَنَ الْبُكَاءُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: (مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنينَ أبْشِرُوا بِالْفَرَج فَإنَّ وَعْدَ اللهِ لاَ يُخْلَفُ وَقَضَاؤُهُ لاَ يُرَدُّ وَهُوَ الْحَكِيمُ).
ص: 126
الْخَبِيرُ فَإنَّ فَتْحَ اللهِ قَريبٌ، اللهُمَّ إِنَّهُمْ أهْلِي فَأذْهِبْ عَنْهُمُ الرَّجْسَ وَطَهَّرْهُمْ تَطْهِيراً، اللهُمَّ اكْلأهُمْ وَاحْفَظْهُمْ وَارْعَهُمْ وَكُنْ لَهُمْ وَانْصُرْهُمْ وَأعِنْهُمْ وَأعِزَّهُمْ وَلاَ تُذِلَّهُمْ وَاخْلُفْنِي فِيهِمْ إِنَّكَ عَلى كُلّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ)(1).
8 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أبِيهِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حُمْرَانَ، قَالَ: قَال أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَمَّا كَانَ مِنْ أمْر الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام مَا كَانَ ضَجَّتِ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَقَالَتْ: يَا رَبَّ يُفْعَلُ هَذَا بِالْحُسَيْن صَفِيَّكَ وَابْن نَبِيَّكَ؟)، قَالَ: (فَأقَامَ اللهُ لَهُمْ ظِلَّ الْقَائِم عليه السلام وَقَالَ: بِهَذَا أنْتَقِمُ لَهُ مِنْ ظَالِمِيهِ)(2).
9 _ أمالي الطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن بَشَّارٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبَّادِ بْن عَبَّادٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ جُبَيْر بْن نَوْفٍ أبِي الْوَدَّاكِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ: وَاللهِ مَا يَأتِي عَلَيْنَا عَامٌ إِلاَّ وَهُوَ شَرٌّ مِنَ الْمَاضِي وَلاَ أمِيرٌ إِلاَّ وَهُوَ شَرٌّ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَقَالَ أبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ مَا تَقُولُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: (لاَ يَزَالُ بِكُمُ الأمْرُ حَتَّى يُولَدَ فِي الْفِتْنَةِ وَالْجَوْر مَنْ لاَ يَعْرفُ غَيْرَهَا حَتَّى تُمْلأ الأرْضُ جَوْراً فَلاَ يَقْدِرُ أحَدٌ يَقُولُ اللهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ عزّ وجل رَجُلاً مِنّي وَمِنْ عِتْرَتِي فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مَلأهَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ جَوْراً وَيُخْرجُ لَهُ الأرْضُ أفْلاَذَ كَبِدِهَا وَيَحْثُو الْمَالَ حَثْواً وَلاَ يَعُدُّهُ عَدّاً وَذَلِكَ حَتَّى يَضْربَ الإسْلاَمُ بِجِرَانِهِ)(3).1.
ص: 127
إيضاح: قال الفيروزآبادي: الجران باطن العنق، ومنه حتَّى ضرب الحقّ بجرانه أي قرَّ قراره واستقام كما أنَّ البعير إذا برك واستراح مدَّ عنقه على الأرض(1).
10 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْهَرَويّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ بَشِيراً لَيَغِيبَنَّ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ مِنّي حَتَّى يَقُولَ أكْثَرُ النَّاس: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ، وَيَشُكُّ آخَرُونَ فِي ولاَدَتِهِ فَمَنْ أدْرَكَ زَمَانَهُ فَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ وَلاَ يَجْعَلْ لِلشَّيْطَان إِلَيْهِ سَبِيلاً بِشَكّهِ فَيُزيلَهُ عَنْ مِلَّتِي وَيُخْرجَهُ مِنْ دِيني فَقَدْ أخْرَجَ أبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّ اللهَ عزّ وجل جَعَلَ الشَّياطِينَ أوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(2).
11 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ الآدمي(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن آدَمَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبي إِيَاسٍ(4)، عَن الْمُبَارَكِ بْن فَضَالَةَ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبَّهٍ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمَّا).
ص: 128
عَرَجَ بِي(1) رَبَّي جلّ جلاله أتَانِي النّدَاءُ: يَا مُحَمَّدُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّ الْعَظَمَةِ لَبَّيْكَ، فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلاَ الأعْلَى؟
قُلْتُ: إِلَهِي لاَ عِلْمَ لِي، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ هَلاَّ اتَّخَذْتَ مِنَ الآدَمِيَّينَ وَزِيراً وَأخاً وَوَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ، فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَن أتَّخِذُ؟ تَخَيَّرْ لِي أنْتَ يَا إِلَهِي، فَأوْحَى اللهُ إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ مِنَ الآدَمِيَّينَ عَلِيّاً، فَقُلْتُ: إِلَهِي ابْنُ عَمَّي، فَأوْحَى اللهُ إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ عَلِيّاً وَارثُكَ وَوَارثُ الْعِلْم مِنْ بَعْدِكَ وَصَاحِبُ لِوَائِكَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَصَاحِبُ حَوْضِكَ يَسْقِي مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِني اُمَّتِكَ.
ثُمَّ أوْحَى اللهُ عزّ وجل: يَا مُحَمَّدُ إِنّي قَدْ أقْسَمْتُ عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقّاً لاَ يَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْحَوْض مُبْغِضٌ لَكَ وَلأهْل بَيْتِكَ وَذُرَّيَّتِكَ الطَّيّبينَ(2) حَقّاً حَقّاً، أقُولُ: يَا مُحَمَّدُ لاَدْخِلَنَّ الْجَنَّةَ جَمِيعَ اُمَّتِكَ إِلاَّ مَنْ أبَى(3)، فَقُلْتُ: إِلَهِي(4) وَأحَدٌ يَأبَى دُخُولَ الْجَنَّةِ؟
فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل: بَلَى، فَقُلْتُ: فَكَيْفَ يَأبَى؟ فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ اخْتَرْتُكَ مِنْ خَلْقِي وَاخْتَرْتُ لَكَ وَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدَكَ وَألْقَيْتُ مَحَبَّةً(5) فِي قَلْبِكَ وَجَعَلْتُهُ أبَا وُلْدِكَ(6) فَحَقُّهُ بَعْدَكَ عَلَى اُمَّتِكَ كَحَقَّكَ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِكَ).
ص: 129
فَمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ جَحَدَ(1) حَقَّكَ وَمَنْ أبَى أنْ يُوَالِيَهُ فَقَدْ أبَى أنْ يُوَالِيَكَ وَمَنْ أبَى أنْ يُوَالِيَكَ فَقَدْ أبَى أنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَخَرَرْتُ للهِ سَاجِداً شُكْراً لِمَا أنْعَمَ إِلَيَّ(2).
فَإذَا مُنَادٍ يُنَادِي: ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ رَأسَكَ وَسَلْنِي اُعْطِكَ، فَقُلْتُ: يَا إِلَهِي اجْمَعْ اُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَلَى وَلاَيَةِ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام لِيَردُوا عَلَيَّ جَمِيعاً حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ إِنّي قَدْ قَضَيْتُ فِي عِبَادِي قَبْلَ أنْ أخْلُقَهُمْ وَقَضَايَ مَاضٍ فِيهِمْ لاَهْلِكُ بِهِ مَنْ أشَاءُ وَأهْدِي بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَقَدْ آتَيْتُهُ عِلْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ وَزِيرَكَ وَخَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى أهْلِكَ وَاُمَّتِكَ عَزيمَةً مِنّي وَلاَ يَدْخُلُ(3) الْجَنَّةَ مَنْ عَادَاهُ وَأبْغَضَهُ وَأنْكَرَ وَلاَيَتَهُ بَعْدَكَ فَمَنْ أبْغَضَهُ أبْغَضَكَ وَمَنْ أبْغَضَكَ فَقَدْ أبْغَضَنِي وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَاكَ وَمَنْ عَادَاكَ فَقَدْ عَادَانِي وَمَنْ أحَبَّهُ فَقَدْ أحَبَّكَ وَمَنْ أحَبَّكَ فَقَدْ أحَبَّني، وَقَدْ جَعَلْتُ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ وَأعْطَيْتُكَ أنْ اُخْرجَ مِنْ صُلْبِهِ أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً كُلُّهُمْ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ مِنَ الْبِكْر الْبَتُولِ وَآخِرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً اُنْجِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَاُهْدِي بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَاُبْرئُ بِهِ الأعْمَى(4) وَأشْفِي بِهِ الْمَريضَ.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَسَيَّدِي مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل: يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ وَظَهَرَ الْجَهْلُ وَكَثُرَ الْقُرَّاءُ وَقَلَّ الْعَمَلُ وَكَثُرَ الْقَتْلُ وَقَلَّ).
ص: 130
الْفُقَهَاءُ الْهَادُونَ وَكَثُرَ فُقَهَاءُ الضَّلاَلَةِ وَالْخَوَنَةِ وَكَثُرَ الشُّعَرَاءُ وَاتَّخَذَ اُمَّتُكَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ وَزُخْرفَتِ الْمَسَاجِدُ وَكَثُرَ الْجَوْرُ وَالْفَسَادُ وَظَهَرَ الْمُنْكَرُ وَأمَرَ اُمَّتُكَ بِهِ وَنَهَى(1) عَن الْمَعْرُوفِ وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَالِ وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ وَصَارَ الاُمَرَاءُ كَفَرَةً وَأوْلِيَاؤُهُمْ فَجَرَةً وَأعْوَانُهُمْ ظَلَمَةً وَذَوُو الرَّأيِ مِنْهُمْ فَسَقَةً وَعِنْدَ ذَلِكَ ثَلاَثَةُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْربِ وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ يَتْبَعُهُ الزُّنُوجُ وَخُرُوجُ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ وَظُهُورُ الدَّجَّالِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشْرقِ مِنْ سِجِسْتَانَ وَظُهُورُ السُّفْيَانِيّ، فَقُلْتُ: إِلَهِي مَا يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْفِتَن؟ فَأوْحَى اللهُ إِلَيَّ وَأخْبَرَني بِبَلاَءِ بَنِي اُمَيَّةَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمِنْ فِتْنَةِ وُلْدِ عَمَّي(2) وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ فَأوْصَيْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَمَّي حِينَ هَبَطْتُ إِلَى الأرْض وَأدَّيْتُ الرَّسَالَةَ وَللهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا حَمِدَهُ النَّبِيُّونَ وَكَمَا حَمِدَهُ كُلُّ شَيْ ءٍ قَبْلِي وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)(3).
بيان: قوله تعالى: (فيما اختصم الملأ الأعلى؟) إشارة إلى قوله تعالى: ((ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإَِ الأعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ))(4) والمشهور بين المفسَّرين أنَّه إشارة إلى قوله تعالى: ((إِنِّي جاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً))(5) وسؤال الملائكة في ذلك، فلعلَّه تعالى سأله أوّلاً عن ذلك ثُمَّ أخبره به0.
ص: 131
وبيَّن أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة وخليفة، ثُمَّ سأله عن خليفته وعيَّن له الخلفاء بعده ولا يبعد أن يكون الملائكة سألوا في ذلك الوقت عن خليفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فأخبره الله بذلك وقد مضى في باب المعراج بعض القول في ذلك.
قوله تعالى: (وخراب البصرة) إشارة إلى قصَّة صاحب الزنج الذي خرج في البصرة سنة ستّ أو خمس وخمسين ومأتين، ووعد كلّ من أتى إليه من السودان أن يعتقهم ويكرمهم فاجتمع إليه منهم خلق كثير وبذلك علا أمره ولذا لُقّب صاحب الزنج وكان يزعم أنَّه علي بن محمّد بن أحمد بن عيسى بن زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقال ابن أبي الحديد: وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصاً الطالبيون وجمهور النسّابين(1) على أنَّه من عبد القيس وأنَّه علي بن محمّد بن عبد الرحيم واُمّه أسدية من أسد بن خزيمة جدّها محمّد بن الحكم الأسدي من أهل الكوفة(2)، ونحو ذلك قال ابن الأثير في الكامل(3)، والمسعودي في مروج الذهب(4)، ويظهر من الخبر أنَّ نسبه كان صحيحاً.
ثُمَّ اعلم أنَّ هذه العلامات لا يلزم كونها مقارنة لظهوره عليه السلام إذ الغرض بيان أنَّ قبل ظهوره عليه السلام يكون هذه الحوادث كما أنَّ كثيراً من أشراط الساعة التي روتها العامّة والخاصّة ظهرت قبل ذلك بدهور8.
ص: 132
وأعوام وقصَّة صاحب الزنج كانت مقارنة لولادته عليه السلام ومن هذا الوقت ابتدأت علاماته إلى أن يظهر عليه السلام.
على أنَّه يحتمل أن يكون الغرض علامات ولادته عليه السلام لكنَّه بعيد.
12 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَكَم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ خُلَفَائِي وَأوْصِيَائِي وَحُجَجُ اللهِ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أوَّلُهُمْ أخِي وَآخِرُهُمْ وَلَدِي)، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَمَنْ أخُوكَ؟ قَالَ: (عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ)، قِيلَ: فَمَنْ وَلَدُكَ؟ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ يَمْلاَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ نَبِيّاً لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لأطَالَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فِيهِ وَلَدِي الْمَهْدِيُّ فَيَنْزلَ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيُصَلّيَ خَلْفَهُ وَتُشْرقَ الأرْضُ بِنُور رَبَّها(1) وَيَبْلُغَ سُلْطَانُهُ الْمَشْرقَ وَالْمَغْربَ)(2).
13 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمَّهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيّ، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي أشْبَهُ النَّاس بِي خَلْقاً وَخُلْقاً تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهِ الاُمَمُ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشّهَابِ الثَّاقِبِ وَيَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(3).
14 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ،1.
ص: 133
عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ قَائِمَ أهْل بَيْتِي وَهُوَ يَأتَمُّ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ وَيَتَوَلَّى أوْلِيَاءَهُ وَيُعَادِي أعْدَاءَهُ ذَاكَ مِنْ رُفَقَائِي وَذَوي مَوَدَّتِي وَأكْرَم اُمَّتِي عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(1).
15 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الْبَلْخِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ خَلَفِ بْن حَامِدٍ(2)، عَنْ سَهْل بْن زِيَادٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أسْلَمَ الْجَبَلِيّ، عَن الْخَطَّابِ بْن مُصْعَبٍ، عَنْ سَدِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ قَائِمَ أهْل بَيْتِي وَهُوَ مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ يَأتَمُّ بِهِ وَبِأئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ قَبْلِهِ وَيَبْرَاُ إِلَى اللهِ مِنْ عَدُوَّهِمْ اُولَئِكَ رُفَقَائِي وَأكْرَمُ اُمَّتِي عَلَيَّ)(3).
16 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ الْمُتَوَكّل جَمِيعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ وَمُحَمَّدٍ الْعَطَّار جَمِيعاً، عَن ابْن عِيسَى وَابْن هَاشِم وَالْبَرْقِيّ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن الْحُصَيْن، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي أشْبَهُ النَّاس بِي خَلْقاً وَخُلْقاً تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ حَتَّى يَضِلَّ الْخَلْقُ عَنْ أدْيَانِهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْبِلُ كَالشّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(4).
17 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ، عَن ابْن بَزِيع، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْبَاقِر، عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللهِ4.
ص: 134
عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الاُمَمُ يَأتِي بِذَخِيرَةِ الأنْبِيَاءِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(1).
18 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الأسَدِيّ، عَن الْبَرْمَكِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُرَاتِ، عَنْ ثَابِتِ بْن دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِمَامُ اُمَّتِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ بَعْدِي وَمِنْ وُلْدِهِ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي يَمْلاَ اللهُ عزّ وجل بِهِ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ بَشِيراً إِنَّ الثَّابِتِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي زَمَان غَيْبَتِهِ لأعَزُّ مِنَ الْكِبْريتِ الأحْمَر)، فَقَامَ إِلَيْهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأنْصَاريُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَلِلْقَائِم مِنْ وُلْدِكَ غَيْبَةٌ؟ فَقَالَ: (إِي وَرَبَّي ((وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ))، يَا جَابِرُ إِنَّ هَذَا لأمْرٌ مِنْ أمْر اللهِ وَسِرٌّ مِنْ سِرَّ اللهِ مَطْويٌّ عَنْ عِبَادِهِ فَإِيَّاكَ وَالشَّكَّ فِي أمْر اللهِ فَهُوَ كُفْرٌ)(2).
19 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْفَضْل الْهَاشِمِيّ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي وَشَمَائِلُهُ شَمَائِلِي وَسُنَّتُهُ سُنَّتِي يُقِيمُ النَّاسَ عَلَى مِلَّتِي وَشَريعَتِي وَيَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللهِ عزّ وجل مَنْ أطَاعَهُ أطَاعَنِي وَمَنْ عَصَاهُ عَصَانِي وَمَنْ أنْكَرَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَقَدْ أنْكَرَني).
ص: 135
وَمَنْ كَذَّبَهُ فَقَدْ كَذَّبَني وَمَنْ صَدَّقَهُ فَقَدْ صَدَّقَنِي إِلَى اللهِ أشْكُو الْمُكَذّبِينَ لِي فِي أمْرهِ وَالْجَاحِدِينَ لِقَوْلِي فِي شَأنِهِ وَالْمُضِلّينَ لاُمَّتِي عَنْ طَريقَتِهِ ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(1))(2).
20 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أنْكَرَ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِي فَقَدْ أنْكَرَني)(3).
21 _ كمال الدين: الْوَرَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أنْكَرَ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِي فِي زَمَان غَيْبَتِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)(4).
22 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ، عَن ابْن أبِي دَارم، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَاشِم الْقَيْسِيّ، عَنْ سَهْل بْن تَمَام الْبَصْريّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان)(5).
23 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُعَلَّى بْن زِيَادٍ، عَن الْعَلاَءِ بْن بَشِيرٍ، عَنْ أبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اُبَشّرُكُمْ بِالْمَهْدِيّ يُبْعَثُ فِي اُمَّتِي عَلَى اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاس5.
ص: 136
وَزِلْزَالٍ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْض...)(1) تَمَامَ الْخَبَر.
24 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ تَلِيدٍ، عَنْ أبِي الْحَجَّافِ(2)، (عن خالد بن عبد الملك، عن مطر الورّاق، عن الناجي يعني أبا الصديق، عن أبي سعيد)(3) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أبْشِرُوا بِالْمَهْدِيّ _ قَالَهَا ثَلاَثاً _ يَخْرُجُ عَلَى حِين اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاس وَزِلْزَالٍ شَدِيدٍ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً يَمْلاَ قُلُوبَ عِبَادِهِ عِبَادَةً وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ)(4).
25 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريّ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِن، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْن جُوَيْنٍ الْعَبْدِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَر: (إِنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ أهْل بَيْتِي يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان تُنْزلُ لَهُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَتُخْرجُ لَهُ الأرْضُ بَذْرَهَا فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مَلأهَا الْقَوْمُ ظُلْماً وَجَوْراً)(5).
26 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ مُصَبَّح، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أبِي صَالِح، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ8.
ص: 137
لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يُخْرجَ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(1).
27 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ عَلِيّ بْن قَادِم، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ عَاصِم، عَنْ زِرَّ بْن حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنّي يُوَاطِئُ اسْمُه اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً)(2).
28 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْعَبَّاس، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الزُّهْريّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ قَيْسِ بْن الرَّبيع وَغَيْرهِ، عَنْ عَاصِم، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَلِيَ اُمَّتِي رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يُقَالُ لَهُ: الْمَهْدِيُّ)(3).
29 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ أبِي لَهِيعَةَ(4)، عَنْ أبِي قُبَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي حَدِيثٍ طَويلٍ: (فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ الْمَهْدِيّ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ هَذَا _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام _ بِهِ يَمْحَقُ اللهُ الْكَذِبَ وَيُذْهِبُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ بِهِ يُخْرجُ ذُلَّ الرَّقَّ مِنْ أعْنَاقِكُمْ)، ثُمَّ قَالَ: (أنَا أوَّلُ هَذِهِ الاُمَّةِ وَالْمَهْدِيُّ أوْسَطُهَا وَعِيسَى آخِرُهَا وَبَيْنَ ذَلِكَ تَيْحٌ أعْوَجُ)(5).).
ص: 138
بيان: قال الجزري: كَلِبَ الدهر على أهله: إذا ألحَّ عليهم واشتدَّ(1)، وقال الفيروزآبادي: تاح له الشيء يتوح: تهيّأ كتاح يتيح وأتاحه الله فاُتيح، والمتيح كمنير من يعرض فيما لا يعنيه أو يقع في البلايا وفرس يعترض في مشيته نشاطاً، والمتياح الكثير الحركة العريض(2)، انتهى. وفيه تكلّف والأظهر أنَّه تصحيف ما مرَّ في أخبار اللوح وغير ذلك، (نتج الهرج): أي نتائج الفساد والجور(3).
30 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ(4)، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَانِئ، عَنْ نُعَيْم بْن حَمَّادٍ(5)، عَنْ بقيةَ(6) بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أبِي بَكْر بْن أبِي مَرْيَمَ، عَن(7) الْفَضْل بْن يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أبِي الْمَلِيح، عَنْ زِيَادِ بْن بُنَانٍ، عَنْ عَلِيّ بْن نُفَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن الْمُسَيَّبِ، عَنْ اُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ)(8).5.
ص: 139
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن محمّد بن علي، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن علاء، عن أبي المليح، مثله(1).
31 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ مُصَبَّح، عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَن، عَمَّنْ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبَّهٍ يَقُولُ: عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: يَا وَهْبُ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ، قُلْتُ: مِنْ وُلْدِكَ؟ قَالَ: لاَ، وَاللهِ مَا هُوَ مِنْ وُلْدِي وَلَكِنْ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ عليه السلام فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ زَمَانَهُ وَبِهِ يُفَرَّجُ اللهُ عَن الاُمَّةِ حَتَّى يَمْلأهَا قِسْطاً وَعَدْلاً... إِلَى آخِر الْخَبَر(2).
32 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيّ، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ أبِي هَارُونَ الْعَبْدِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِفَاطِمَةَ: (يَا بُنَيَّةُ إِنَّا اُعْطِينَا أهْلَ الْبَيْتِ سَبْعاً لَمْ يُعْطَهَا أحَدٌ قَبْلَنَا: نَبِيُّنَا خَيْرُ الأنْبِيَاءِ وَهُوَ أبُوكِ، وَوَصِيُّنَا خَيْرُ الأوْصِيَاءِ وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ عَمُّ أبِيكِ حَمْزَةُ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَان خَضِيبَان يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ ابْنُ عَمَّكِ جَعْفَرٌ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الاُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَمِنَّا وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُمَّةِ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِ الْحُسَيْن عليه السلام فَقَالَ: (مِنْ هَذَا _ ثَلاَثاً _)(3).
33 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ (عَلِيٍّ) الْبَنْدِيجِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن4.
ص: 140
مُوسَى الْعَبَّاسِيّ، عَنْ مُوسَى بْن سَلاَّم، عَن الْبَزَنْطِيّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن(1) الْخَشَّابِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَثَلُ أهْلِ بَيْتِي مَثَلُ نُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا نَجْمٌ مِنْهَا طَلَعَ فَرَمَقُوهُ(2) بِالأعْيُن وَأشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِالأصَابِع أتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَذَهَبَتْ(3) بِهِ ثُمَّ لَبِثْتُمْ فِي ذَلِكَ سَبْتاً مِنْ دَهْركُمْ وَاسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يَدْر أيٌّ مِنْ أيٍّ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْدُو نَجْمُكُمْ فَاحْمَدُوا اللهَ وَاقْبَلُوهُ)(4).
34 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (بَيْنَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْمٍ بِالْبَقِيع فَأتَاه(5) عَلِيٌّ(6) فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: اجْلِسْ، فَأجْلَسَهُ عَنْ يَمِينهِ، ثُمَّ جَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أبِي طَالِبٍ فَسَألَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقِيلَ: هُوَ بِالْبَقِيع، فَأتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأجْلَسَهُ عَنْ يَسَارهِ، ثُمَّ جَاءَ الْعَبَّاسُ فَسَألَ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ بِالْبَقِيع، فَأتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأجْلَسَهُ أمَامَهُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام فَقَالَ: ألاَ اُبَشّرُكَ ألاَ اُخْبِرُكَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدِي آنِفاً وَخَبَّرَنِي أنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا).
ص: 141
مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً مِنْ ذُرَّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أصَابَنَا خَيْرٌ قَطُّ مِنَ اللهِ إِلاَّ عَلَى يَدَيْكَ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: يَا جَعْفَرُ ألاَ اُبَشّرُكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدِي آنِفاً فَأخْبَرَني أنَّ الَّذِي يَدْفَعُهَا إِلَى الْقَائِم هُوَ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ، أتَدْري مَنْ هُوَ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: ذَاكَ الَّذِي وَجْهُهُ كَالدَّينَار وَأسْنَانُهُ كَالْمِنْشَار وَسَيْفُهُ كَحَريقِ النَّار يَدْخُلُ الْجَبَلَ(1) ذَلِيلاً وَيَخْرُجُ مِنْهُ عَزيزاً يَكْتَنِفُهُ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا عَمَّ النَّبِيّ ألاَ اُخْبِرُكَ بِمَا أخْبَرَني جَبْرَئِيلُ؟ فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قَالَ لِي: وَيْلٌ لِذُرَّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أفَلاَ أجْتَنِبُ النّسَاءَ؟ قَالَ لَهُ: قَدْ فَرَغَ اللهُ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ)(2).
35 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَمْرو(3) بْن يُونُسَ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ سَالِم الأشَلّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ عليه السلام يَقُولُ: (نَظَرَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عليه السلام فِي السَّفْر الأوَّلِ بِمَا يُعْطَى(4) قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ، قَالَ(5) مُوسَى: رَبَّ اجْعَلْنِي قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ ذَاكَ مِنْ ذُرَّيَّةِ أحْمَدَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي السَّفْر الثَّانِي فَوَجَدَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ (فَقَالَ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ).
ص: 142
مِثْلُ ذَلِكَ)(1)، ثُمَّ نَظَرَ فِي السَّفْر الثَّالِثِ فَرَأى مِثْلَهُ (فَقَالَ مِثْلَهُ)(2) فَقِيلَ لَهُ مِثْلُهُ)(3).
36 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ هَيْثَم(4) بْن أشْيَمَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم وَهُوَ مُسْتَبْشِرٌ يَضْحَكُ سُرُوراً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَزَادَكَ سُرُوراً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَوْم وَلاَ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَلِيَ فِيهِمَا تُحْفَةٌ مِنَ اللهِ ألاَ وَإِنَّ رَبَّي أتْحَفَنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِتُحْفَةٍ لَمْ يُتْحِفْنِي بِمِثْلِهَا فِيمَا مَضَى، إِنَّ جَبْرَئِيلَ عليه السلام أتَانِي فَأقْرَأنِي مِنْ رَبَّيَ السَّلاَمَ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ اخْتَارَ مِنْ بَنِي هَاشِم سَبْعَةً لَمْ يَخْلُقْ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ مَضَى وَلاَ يَخْلُقُ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ بَقِيَ: أنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ سَيَّدُ النَّبِيّينَ، وَعَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَصِيُّكَ سَيّدُ الْوَصِيّينَ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَاكَ سَيَّدَا الأسْبَاطِ، وَحَمْزَةُ عَمُّكَ سَيَّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ ابْنُ عَمَّكَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَمِنْكُمُ الْقَائِمُ يُصَلّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ إِذَا أهْبَطَهُ اللهُ إِلَى الأرْض مِنْ ذُرَّيَّةِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَمِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنعليه السلام)(5).
37 _ كشف الغمّة: وَقَعَ لِي أرْبَعُونَ حَدِيثاً جَمَعَهَا الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رحمه الله فِي أمْر الْمَهْدِيّ عليه السلام أوْرَدْتُهَا سَرْداً كَمَا أوْرَدَهَا وَاقْتَصَرْتُ عَلَى ذِكْر الرَّاوي عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.0.
ص: 143
الأوَّلُ: عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (يَكُونُ مِنْ اُمَّتِيَ الْمَهْدِيُّ إِنْ قَصُرَ عُمُرُهُ فَسَبْعُ سِنِينَ وَإِلاَّ فَثَمَانٍ وَإِلاَّ فَتِسْعٌ يَتَنَعَّمُ اُمَّتِي فِي زَمَانِهِ نَعِيماً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهُ قَطُّ الْبِرُّ وَالْفَاجِرُ يُرْسِلُ(1) السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَلاَ تَدَّخِرُ الأرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا).
الثَّانِي: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ عليه السلام وَأنَّهُ مِنْ عِتْرَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (تُمْلاَ الأرْضُ ظُلْماً وَجَوْراً فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً يَمْلِكُ سَبْعاً أوْ تِسْعاً).
الثَّالِثُ: وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَنْقَضِي السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ الأرْضَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلأ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ(2) جَوْراً يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ).
الرَّابِعُ: فِي قَوْلِهِ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكِ)، عَن الزُّهْريّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ عليهما السلام أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ لِفَاطِمَةَ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكِ).
الْخَامِسُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُمَّةِ) يَعْنِي الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عليهما السلام، عَنْ عَلِيّ بْن هِلاَلٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا فَإذَا فَاطِمَةُ عِنْدَ رَأسِهِ فَبَكَتْ حَتَّى ارْتَفَعَ صَوْتُهَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَيْهَا رَأسَهُ فَقَالَ: (حَبِيبَتِي فَاطِمَةُ مَا الَّذِي يُبْكِيكِ؟)، فَقَالَتْ: أخْشَى الضَّيْعَةَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ: (يَا حَبِيبَتِي أمَا عَلِمْتِ أنَّ اللهَ عزّ وجل اطَّلَعَ عَلَى الأرْض(3) اطّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا أبَاكِ فَبَعَثَهُ بِرسَالَتِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ اطَّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا بَعْلَكِ وَأوْحَى إِلَيَّ أنْ اُنْكِحَكِ إِيَّاهُ يَا).
ص: 144
فَاطِمَةُ وَنَحْنُ أهْلُ بَيْتٍ قَدْ أعْطَانَا اللهُ عزّ وجل سَبْعَ خِصَالٍ لَمْ يُعْطِ أحَداً قَبْلَنَا وَلاَ يُعْطِي أحَداً بَعْدَنَا: أنَا خَاتَمُ النَّبِيّينَ وَأكْرَمُ النَّبِيّينَ عَلَى اللهِ عزّ وجل وَأحَبُّ الْمَخْلُوقِينَ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأنَا أبُوكِ، وَوَصِيّي خَيْرُ الأوْصِيَاءِ وَأحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَأحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَهُوَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ أبِيكِ وَعَمُّ بَعْلِكِ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَان يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّ أبِيكِ وَأخُو بَعْلِكِ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الاُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَهُمَا سَيَّدَا شَبَابِ أهْل الْجَنَّةِ وَأبُوهُمَا وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ خَيْرٌ مِنْهُمَا.
يَا فَاطِمَةُ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقَّ إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيَّ هَذِهِ الاُمَّةِ إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ وَأغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَلاَ كَبِيرٌ يَرْحَمُ صَغِيراً وَلاَ صَغِيرٌ يُوَقّرُ كَبِيراً فَيَبْعَثُ اللهُ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَنْ يَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلاَلَةِ وَقُلُوباً غُلْفاً يَقُومُ بِالدَّين فِي آخِر الزَّمَان كَمَا قُمْتُ بِهِ فِي آخِر الزَّمَان وَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً.
يَا فَاطِمَةُ لاَ تَحْزَني وَلاَ تَبْكِي فَإنَّ اللهَ عزّ وجل أرْحَمُ بِكِ وَأرْأفُ عَلَيْكِ مِنّي وَذَلِكِ لِمَكَانِكِ مِنّي وَمَوْقِعِكِ مِنْ قَلْبِي قَدْ زَوَّجَكِ اللهُ زَوْجَكِ وَهُوَ أعْظَمُهُمْ حَسَباً وَأكْرَمُهُمْ مَنْصَباً وَأرْحَمُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ وَأعْدَلُهُمْ بِالسَّويَّةِ وَأبْصَرُهُمْ بِالْقَضِيَّةِ وَقَدْ سَألْتُ رَبَّي عزّ وجل أنْ تَكُوني أوَّلَ مَنْ يَلْحَقُنِي مِنْ أهْل بَيْتِي)، قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: (لَمْ تَبْقَ فَاطِمَةُ بَعْدَهُ إِلاَّ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْماً حَتَّى ألْحَقَهَا اللهُ بِهِ عليه السلام).
السَّادِسُ: فِي أنَّ الْمَهْدِيَّ هُوَ الْحُسَيْنيُّ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَذَكَّرَنَا مَا هُوَ كَائِنٌ، ثُمَّ قَالَ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ عزّ وجل ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي
ص: 145
اسْمُهُ اسْمِي)، فَقَامَ سَلْمَانُ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ أيّ وُلْدِكَ هُوَ؟ قَالَ: (مِنْ وَلَدِي هَذَا)، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الْحُسَيْن عليه السلام.
السَّابِعُ: فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَهْدِيُّ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كرعَةُ).
الثَّامِنُ: فِي صِفَةِ وَجْهِ الْمَهْدِيّ، بِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي وَجْهُهُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرَّيّ).
التَّاسِعُ: فِي صِفَةِ لَوْنهِ وَجِسْمِهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي لَوْنُهُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ وَجِسْمُهُ جِسْمٌ إِسْرَائِيلِيٌّ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً يَرْضَى فِي خِلاَفَتِهِ أهْلُ الأرْضِ وَأهْلُ السَّمَاءِ وَالطَّيْرُ فِي الْجَوَّ).
الْعَاشِرُ: فِي صِفَةِ جَبِينهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أجْلَى الْجَبِين أقْنَى الأنْفِ).
الْحَادِي عَشَرَ: فِي صِفَةِ أنْفِهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ مِنْ اُمَّتِي أشَمُّ الأنْفِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً).
الثَّانِي عَشَرَ: فِي خَالِهِ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرُّوم أرْبَعُ هُدَنٍ يَوْمُ الرَّابِعَةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ آلِ هِرَقْلَ يَدُومُ سَبْعَ سِنِينَ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْس يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَوْردُ بْنُ غَيْلاَنَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ إِمَامُ النَّاس يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ عليه السلام مِنْ وُلْدِي ابْنُ أرْبَعِينَ سَنَةً كَأنَّ وَجْهَهُ
ص: 146
كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ فِي خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ أسْوَدُ عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قِطْريَّتَان(1) كَأنَّهُ مِنْ رجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْتَخْرجُ الْكُنُوزَ وَيَفْتَحُ مَدَائِنَ الشّرْكِ).
الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ عليه السلام: (الْمَهْدِيُّ أفْرَقُ الثَّنَايَا)، بِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْ عِتْرَتِي رَجُلاً أفْرَقَ الثَّنَايَا أجْلَى الْجَبْهَةِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً يَفِيضُ الْمَالُ فَيْضاً).
الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ عليه السلام وَهُوَ إِمَامٌ صَالِحٌ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: (فَتَنْفِي الْمَدِينَةُ الْخَبَثَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلاَص)، فَقَالَتْ اُمُّ شَريكٍ: فَأيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (هُمْ قَلِيلٌ يَوْمَئِذٍ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِس إِمَامُهُمُ الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ).
الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ عليه السلام وَأنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ عِيَاناً لِلنَّاس، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ فِي اُمَّتِي يَبْعَثُهُ اللهُ عِيَانا(2) لِلنَّاس يَتَنَعَّمُ(3) الاُمَّةُ وَتَعِيشُ الْمَاشِيَةُ وَتُخْرجُ الأرْضُ نَبَاتَهَا وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحاً).
السَّادِسَ عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ عليه السلام: (عَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ فِيهَا مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ).
السَّابِعَ عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ).
ص: 147
اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ فَاتَّبِعُوهُ).
الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي بِشَارَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم اُمَّتَهُ بِالْمَهْدِيّ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اُبَشَّرُكُمْ بِالْمَهْدِيّ يُبْعَثُ فِي اُمَّتِي عَلَى اخْتِلاَفٍ مِن النَّاس وَزَلاَزِلَ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْض يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحاً)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَمَا صِحَاحاً؟ قَالَ: (السَّويَّةُ بَيْنَ النَّاس).
التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي اسْم الْمَهْدِيّ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً).
الْعِشْرُونَ: فِي كُنْيَتِهِ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَبَعَثَ اللهُ فِيهِ رَجُلاً اسْمُهُ اسْمِي وَخُلُقُهُ خُلُقِي يُكَنَّى أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام).
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر اسْمِهِ(1)، وَبِإسْنَادِهِ عَن ابْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً).
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر عَدْلِهِ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَتُمْلأنَّ الأرْضُ ظُلْماً وَعُدْوَاناً ثُمَّ لَيَخْرُجَنَّ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي حَتَّى يَمْلأهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً (عُدْوَاناً)(2) وَظُلْماً).ه.
ص: 148
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي خُلُقِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ زِرٍّ، عَنْ(1) عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَخُلُقُهُ خُلُقِي يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً).
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي عَطَائِهِ عليه السلام، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَكُونُ عِنْدَ انْقِطَاع مِنَ الزَّمَان وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَن رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَهْدِيُّ يَكُونُ عَطَاؤُهُ هَنِيئاً).
الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ عليه السلام وَعِلْمِهِ بِسُنَّةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي وَيَعْمَلُ بِسُنَّتِي وَيُنَزّلُ اللهُ لَهُ الْبَرَكَةَ مِنَ السَّمَاءِ وَتُخْرجُ الأرْضُ بَرَكَتَهَا وَتُمْلاَ بِهِ الأرْضُ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَيَعْمَلُ عَلَى هَذِهِ الاُمَّةِ سَبْعَ سِنينَ وَيَنْزلُ بَيْتَ الْمَقْدِس).
السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَجِيئِهِ وَرَايَاتِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِذَا رَأيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ أقْبَلَتْ مِنْ خُرَاسَانَ فَائْتُوهَا وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج فَإنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللهِ الْمَهْدِيَّ).
السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَجِيئِهِ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ(2)، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِذْ أقْبَلَتْ فِتْيَةٌ مِنْ بَني هَاشِم فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئاً نَكْرَهُهُ، فَقَالَ: (إِنَّا أهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلاَءً وَتَشْريداً وَتَطْريداً حَتَّى يَأتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ وَمَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ فَيَسْألُونَ الْحَقَّ فَلاَ يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ).
ص: 149
وَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَألُوا فَلاَ يَقْبَلُونَ حَتَّى يَدْفَعُوهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْل بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً كَمَا مَلَئُوهَا جَوْراً فَمَنْ أدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأتِهِمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج).
الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَجِيئِهِ عليه السلام وَعَوْدِ الإسْلاَم بِهِ عَزيزاً، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (وَيْحَ هَذِهِ الاُمَّةِ مِنْ مُلُوكٍ جَبَابِرَةَ كَيْفَ يَقْتُلُونَ وَيُخِيفُونَ الْمُطِيعِينَ إِلاَّ مَنْ أظْهَرَ طَاعَتَهُمْ فَالْمُؤْمِنُ التَّقِيُّ يُصَانِعُهُمْ بِلِسَانِهِ وَيَفِرُّ مِنْهُمْ بِقَلْبِهِ فَإذَا أرَادَ اللهُ عزّ وجل أنْ يُعِيدَ الإسْلاَمَ عَزيزاً فَصَمَ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ أنْ يُصْلِحَ اُمَّةً بَعْدَ فَسَادِهَا)، فَقَالَ عليه السلام: (يَا حُذَيْفَةُ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي تَجْري الْمَلاَحِمُ عَلَى يَدَيْهِ وَيُظْهِرُ الإسْلاَمَ لاَ يُخْلِفُ وَعْدَهُ وَهُوَ سَريعُ الْحِسَابِ).
التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي تَنَعُّم الاُمَّةِ فِي زَمَن الْمَهْدِيّ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَتَنَعَّمُ اُمَّتِي فِي زَمَن الْمَهْدِيّ عليه السلام نِعْمَةً لَمْ يَتَنَعَّمُوا قَبْلَهاَ(1) قَطُّ يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَلاَ تَدَعُ الأرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إِلاَّ أخْرَجَتْهُ).
الثَّلاَثُونَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ وَهُوَ سَيَّدٌ مِنْ سَادَاتِ الْجَنَّةِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أنَس بْن مَالِكٍ أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (نَحْنُ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَاتُ أهْل الْجَنَّةِ: أنَا وَأخِي عَلِيٌّ وَعَمَّي حَمْزَةُ وَجَعْفَرٌ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ).
الْحَادِي وَالثَّلاَثُونَ: فِي مُلْكِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ لَيْلَةٌ لَمَلَكَ فِيهَا رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي).).
ص: 150
الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ: فِي خِلاَفَتِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يُقْتَلُ عِنْدَ كَنْزكُمْ ثَلاَثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لاَ يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَجِيءُ الرَّايَاتُ السُّودُ فَيَقْتُلُونَهُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ ثُمَّ يَجِيءُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتُوهُ فَبَايِعُوهُ فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ).
الثَّالِثُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي قَوْلِهِ عليه السلام: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِالْمَهْدِيّ فَأتُوهُ فَبَايِعُوهُ)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (تَجِيءُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ فَمَنْ سَمِعَ بِهِمْ فَلْيَأتِهِمْ فَبَايَعَهُمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج).
الرَّابِعُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ وَبِهِ يُؤَلّفُ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيُّ أمْ مِنْ غَيْرنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ بَلْ مِنَّا، يَخْتِمُ اللهُ بِهِ الدَّينَ كَمَا فَتَحَ بِنَا وَبِنَا يُنْقَذُونَ مِنَ الْفِتَن كَمَا اُنْقِذُوا مِنَ الشّرْكِ وَبِنَا يُؤَلّفُ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الْفِتْنَةِ إِخْوَاناً كَمَا ألَّفَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الشّرْكِ(1) إِخْوَاناً فِي دِينهِمْ).
الْخَامِسُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي قَوْلِهِ عليه السلام: (لاَ خَيْرَ فِي الْعَيْش بَعْدَ الْمَهْدِيّ عليه السلام)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ لَيْلَةٌ لَطَوَّلَ اللهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَيَقْسِمُ الْمَالَ بِالسَّويَّةِ وَيَجْعَلُ اللهُ الْغِنَى فِي قُلُوبِ هَذِهِ الاُمَّةِ فَيَمْلِكُ سَبْعاً أوْ تِسْعاً لاَ خَيْرَ فِي الْعَيْش(2) بَعْدَ الْمَهْدِيّ).).
ص: 151
السَّادِسُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ وَبِيَدِهِ تُفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَجَبَلَ الدَّيْلَم وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَفْتَحَهَا).
السَّابِعُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي ذِكْر الْمَهْدِيّ وَهُوَ يَجِيءُ بَعْدَ مُلُوكٍ جَبَابِرَةَ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ قَيْس بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (سَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ اُمَرَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الاُمَرَاءِ مُلُوكٌ جَبَابِرَةُ ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً).
الثَّامِنُ وَالثَّلاَثُونَ: فِي قَوْلِهِ عليه السلام: (مِنَّا الَّذِي يُصَلّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام خَلْفَهُ)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مِنَّا الَّذِي يُصَلّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام خَلْفَهُ).
التَّاسِعُ وَالثَّلاَثُونَ: وَهُوَ يُكَلّمُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَنْزلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيَقُولُ أمِيرُهُمُ الْمَهْدِيُّ: تَعَالَ صَلّ بِنَا، فَيَقُولُ: ألاَ إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ اُمَرَاءُ تَكْرمَةً مِنَ اللهِ عزّ وجل لِهَذِهِ الاُمَّةِ).
الأرْبَعُونَ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الْمَهْدِيّ عليه السلام، وَبِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الإمَام حَدَّثَهُ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ حَدَّثَهُ عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْعَبَّاس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَنْ تَهْلِكَ اُمَّةٌ أنَا فِي أوَّلِهَا وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فِي آخِرهَا وَالْمَهْدِيُّ فِي وَسَطِهَا)(1).
بيان: جسمه جسم إسرائيلي أي مثل بني إسرائيل في طول القامة وعظم).
ص: 152
الجثة، وقال الجزري: في صفة المهدي عليه السلام أنَّه أجلى الجبهة الأجلى الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته(1)، وقال: الشمم ارتفاع قصبة الأنف واستواء أعلاها وإشراف الأرنبة قليل(2)، وقال فيه: إنَّه عليه السلام كان متوشحاً بثوب قطري هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين(3).
38 _ كشف الغمّة: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الشافعي في كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب وقال في أوّله(4): إنّي جمعت هذا الكتاب وعريته من طرق الشيعة ليكون الاحتجاج به آكد فقال: في المهدي عليه السلام:
الْبَابُ الأوَّلُ: فِي ذِكْر خُرُوجِهِ فِي آخِر الزَّمَان:
بِإسْنَادِهِ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي)(5)، أخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ، عَن النَّبِيّ عليه السلام: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْياَ(6) إِلاَّ يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)، هَكَذَا أخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.).
ص: 153
وَأخْبَرَنَا الْحَافِظُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأزْهَرُ الصَّريفِينِيُّ بِدِمَشْقَ وَالْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ بِجَامِع جَبَل قاسبون(1) قَالاَ: أنْبَأنَا أبُو الْفَتْح نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَامِع بْن عَبْدِ الرَّحْمَن الْفَامِيُّ بِهَرَاتَ، أنْبَأنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن مَحْمُودٍ الطَّائِيُّ، أنْبَأنَا عِيسَى بْنُ شُعَيْبِ بْن إِسْحَاقَ السَّجْزيُّ(2)، أنْبَأنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ بُشْرَى السَّجْزيُّ، أنْبَأنَا الْحَافِظُ أبُو الْحَسَن مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيمَ بْن عَاصِم الآبُريُّ فِي كِتَابِ مَنَاقِبِ الشَّافِعِيّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: وَزَادَ زَائِدَةً(3) فِي روَايَتِهِ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ فِيهِ رَجُلاً مِنَّي أوْ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً).
قَالَ الْكَنْجِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَ التّرْمِذِيُّ الْحَدِيثَ فِي جَامِعِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ: (وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي)، وَذَكَرَهُ أبُو دَاوُدَ وَفِي مُعْظَم روَايَاتِ الْحُفَّاظِ وَالثّقَاتِ مِنْ نَقَلَةِ الأخْبَار: (اسْمُهُ اسْمِي) فَقَطْ، وَالَّذِي رَوَى: (وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي) فَهُوَ زَائِدَةٌ وَهُوَ يَزيدُ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ: (وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي): أي الْحُسَيْنُ وَكُنْيَتُهُ أبُو عَبْدِ اللهِ فَجَعْلُ الْكُنْيَةِ اسْماً كِنَايَةٌ عَنْ(4) أنَّهُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن دُونَ الْحَسَن، وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ الرَّاوي تَوَهَّمَ قَوْلَهُ: (ابْنِي) فَصَحَّفَهُ فَقَالَ: (أبِي) فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعاً بَيْنَ الرَّوَايَاتِ.).
ص: 154
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَفَا اللهُ عَنْهُ: أمَّا أصْحَابُنَا الشّيعَةُ فَلاَ يُصَحَّحُونَ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ مِن اسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ عليه السلام، وَأمَّا الْجُمْهُورُ فَقَدْ نَقَلُوا أنَّ زَائِدَةً كَانَ يَزيدُ فِي الأحَادِيثِ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى أنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لِيَكُونَ جَمْعاً بَيْنَ الأقْوَالِ وَالرَّوَايَاتِ.
الْبَابُ الثَّانِي: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ):
عَنْ سَعِيدِ بْن الْمُسَيَّبِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ اُمَّ سَلَمَةَ فَتَذَاكَرْنَا الْمَهْدِيَّ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي(1) مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ)، أخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَةَ فِي سُنَنِهِ، وَعَنْهُ عَنْهَا رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ عليها السلام)، أخْرَجَهُ الْحَافِظُ أبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَعَنْ عَلِيّ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ).
الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي أنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ سَادَاتِ أهْل الْجَنَّةِ:
عَنْ أنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (نَحْنُ وُلْدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَاتُ أهْل الْجَنَّةِ: أنَا وَحَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ)، أخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَةَ فِي صَحِيحِهِ.
الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي أمْر النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بِمُبَايَعَةِ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يُقْتَلُ عِنْدَ كَنْزكُمْ ثَلاَثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لاَ يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ)، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئاً لاَ أحْفَظُهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (فَإذَا رَأيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ)، أخْرَجَهُ الْحَافِظُ ابْنُ مَاجَةَ.ر.
ص: 155
الْبَابُ الْخَامِسُ: فِي ذِكْر نُصْرَةِ أهْل الْمَشْرقِ لِلْمَهْدِيّ عليه السلام:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَارثِ بْن جَزْءٍ الزُّبَيْدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ اُنَاسٌ(1) مِنَ الْمَشْرقِ فَيُوطِئُونَ لِلْمَهْدِيّ) يَعْنِي سُلْطَانَهُ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ رَوَتْهُ الثّقَاتُ وَالأثْبَاتُ، أخْرَجَهُ الْحَافِظُ أبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ مَاجَةَ الْقَزْوينِيُّ فِي سُنَنِهِ.
وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْن عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِذْ أقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِم فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، قَالَ: فَقُلْنَا: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئاً نَكْرَهُهُ، قَالَ: (إِنَّا أهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلاَءً وَتَشْريداً وَتَطْريداً حَتَّى يَأتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ وَمَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ فَيَسْألُونَ الْخَيْرَ وَلاَ يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَألُوا وَلاَ يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْل بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مَلَئُوهَا جَوْراً فَمَنْ أدْرَكَ ذَلِكُمْ(2) مِنْكُمْ فَلْيَأتِهِمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج).
وَرَوَى ابْنُ أعْثَمَ الْكُوفِيُّ فِي كِتَابِ الْفُتُوح عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (وَيْحاً لِلطَّالَقَان فَإنَّ للهِ عزّ وجل بِهَا كُنُوزاً لَيْسَتْ مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ وَلَكِنْ بِهَا رجَالٌ مُؤْمِنُونَ عَرَفُوا اللهَ حَقَّ مَعْرفَتِهِ وَهُمْ أيْضاً أنْصَارُ الْمَهْدِيّ فِي آخِر الزَّمَان).
الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مِقْدَار مُلْكِهِ بَعْدَ ظُهُورهِ عليه السلام:
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: خَشِينَا أنْ يَكُونَ بَعْدَ نَبِيّنَا حَدَثٌ فَسَألْنَا).
ص: 156
نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: (إِنَّ فِي اُمَّتِي الْمَهْدِي يَخْرُجُ يَعِيشُ خَمْساً أوْ سَبْعاً أوْ تِسْعاً) زَيْدٌ الشَّاكُّ(1).
قَالَ: قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: (سِنِينَ)، قَالَ: (فَيَجِي ءُ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أعْطِني)، قَالَ: (فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبهِ مَا اسْتَطَاعَ أنْ يَحْمِلَهُ)، قَالَ الْحَافِظُ التَّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رُويَ مِنْ غَيْر وَجْهِ أبِي سَعِيدٍ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَكُونُ فِي اُمَّتِيَ الْمَهْدِيُّ إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلاَّ فَتِسْعٌ يَتَنَعَّمُ(2) فِيهِ اُمَّتِي نِعْمَةً لَمْ يَتَنَعَّمُوا(3) مِثْلَهَا قَطُّ تُؤْتِي الأرْضُ اُكُلَهَا وَلاَ تَدَّخِرُ مِنْهُمْ شَيْئاً وَالْمَالُ يَوْمَئِذٍ كُدُوسٌ يَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أعْطِني، فَيَقُولُ: خُذْ).
وَعَنْ اُمَّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ(4): (يَكُونُ اخْتِلاَفٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ هَارباً إِلَى مَكَّةَ فَيَأتِيهِ نَاسٌ مِنْ أهْل مَكَّةَ فَيُخْرجُونَهُ وَهُوَ كَارهٌ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثُ الشَّام فَتَنْخَسِفُ بِهِمُ الْبَيْدَاءُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَإذَا رَأى النَّاسُ ذَلِكَ أتَاهُ أبْدَالُ الشَّام وَعَصَائِبُ أهْل الْعِرَاقِ فَيُبَايِعُونَهُ ثُمَّ يَنْشَاُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أحواله (أخْوَالُهُ) كَلْبٌ فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بَعْثاً فَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ بَعْثُ كَلْبٍ وَالْخَيْبَةُ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ غَنِيمَةَ كَلْبٍ فَيَقْسِمُ الْمَالَ وَيَعْمَلُ فِي النَّاس بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُلْقِي الإسْلاَمَ بِجِرَانِهِ إِلَى الأرْض فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ).).
ص: 157
قَالَ أبُو دَاوُدَ: قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ هِشَام: تِسْعَ سِنِينَ(1)، قَالَ أبُو دَاوُدَ: قَالَ غَيْرُ مُعَاذٍ عَنْ هِشَام: تِسْعَ سِنِينَ، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الْحُفَّاظِ كَالتّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَةَ الْقَزْوينِيّ وَأبِي دَاوُدَ.
الْبَابُ السَّابِعُ: فِي بَيَان أنَّهُ يُصَلّي بِعِيسَى ابْن مَرْيَمَ عليه السلام:
أبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْن شِهَابٍ الزُّهْريّ رَوَاهُ الْبُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا.
وَعَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ اُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقَّ ظَاهِرينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَيَنْزلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيَقُولُ أمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلّ بِنَا، فَيَقُولُ: ألاَ إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ اُمَرَاءُ تَكْرمَةَ(2) اللهِ لِهَذِهِ الاُمَّةِ).
قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه فإن كان الحديث المتقدّم قد اُوّل فهذا لا يمكن تأويله لأنَّه صريح فإنَّ عيسى عليه السلام يقدّم أمير المسلمين وهو يومئذٍ المهدي عليه السلام فعلى هذا بطل تأويل من قال: معنى قوله: (وإمامكم منكم)، أي يؤمكم بكتابكم.
قال: فإن سأل سائل وقال: مع صحّة هذه الأخبار وهي أنَّ عيسى يصلّي خلف المهدي عليه السلام ويجاهد بين يديه وأنَّه يقتل الدجّال بين يدي المهدي عليه السلام ورتبة التقدّم(3) في الصلاة معروفة وكذلك رتبة التقدّم في الجهاد، وهذه الأخبار مما يثبت طرقها وصحّتها عند السُنّةد.
ص: 158
وكذلك ترويها الشيعة على السواء، وهذا هو الإجماع من كافة أهل الإسلام إذ من عدا الشيعة والسُنّة من الفِرَق فقوله ساقط مردود وحشو مطرح فثبت أنَّ هذا إجماع كافة أهل الإسلام ومع ثبوت الإجماع على ذلك وصحّته فأيّما أفضل الإمام أو المأموم في الصلاة والجهاد معاً.
الجواب عن ذلك أن نقول: هما قدوتان نبي وإمام وإن كان أحدهما قدوة لصاحبه في حال اجتماعهما وهو الإمام يكون قدوة للنبي في تلك الحال وليس فيهما من يأخذه في الله لومة لائم وهما أيضاً معصومان من ارتكاب القبايح كافة والمداهنة والرياء والنفاق ولا يدعو الداعي لأحدهما إلى فعل ما يكون خارجاً عن حكم الشريعة ولا مخالفاً لمراد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم.
وإذا كان الأمر كذلك فالإمام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمّدية بذلك بدليل قَوْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَؤُمُّ بِالْقَوْم أقْرَؤُهُمْ، فَإن اسْتَوَوْا فَأعْلَمُهُمْ، فَإن اسْتَوَوْا فَأفْقَهُهُمْ، فَإن اسْتَوَوْا فَأقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإن اسْتَوَوْا فَأصْبَحُهُمْ وَجْهاً)، فلو علم الإمام أنَّ عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدّم عليه لإحكامه علم الشريعة ولموضع تنزيه الله تعالى له عن ارتكاب كل مكروه وكذلك لو علم عيسى أنَّه أفضل منه لما جاز له أن يقتدي به لموضع تنزيه الله له من الرياء والنفاق والمحاباة بل لما تحقّق الإمام أنَّه أعلم منه جاز له أن يتقدّم عليه وكذلك قد تحقّق عيسى أنَّ الإمام أعلم منه فلذلك قدَّمه وصلّى خلفه، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالإمام فهذه درجة الفضل في الصلاة.
ثُمَّ الجهاد هو بذل النفس بين يدي من يرغب إلى الله تعالى بذلك ولولا ذلك لم يصحّ لأحد جهاد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ولا بين يدي غيره، والدليل
ص: 159
على صحّة ما ذهبنا إليه قول الله سبحانه وتعالى: ((إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنْفُسَهُمْ وَأمْوالَهُمْ بِأنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالإِْنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ))(1) ولأنَّ الإمام نائب الرسول في أمّته ولا يسوغ لعيسى عليه السلام أن يتقدّم على الرسول فكذلك على نائبه.
وممّا يؤيّد هذا القول مَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزيدَ بْن مَاجَةَ الْقَزْوينِيُّ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ فِي نُزُولِ عِيسَى عليه السلام فَمِنْ ذَلِكَ: قَالَتْ اُمُّ شَريكٍ بِنْتُ أبِي الْعَكَر: يَا رَسُولَ اللهِ فَأيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ: (هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِس وَإِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلّي بِهِمُ الصُّبْحَ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَرَجَعَ ذَلِكَ الإمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي الْقَهْقَرَى لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى عليه السلام يُصَلّي بِالنَّاس فَيَضَعُ عِيسَى عليه السلام يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: تَقَدَّمْ).
قال: هذا حديث صحيح ثابت ذكره ابن ماجة في كتابه عن أبي أمامة الباهلي، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم... وهذا مختصره.
الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي تَحْلِيَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَهْدِيَّ:
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنّي أجْلَى الْجَبْهَةِ أقْنَى الأنْفِ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ(2) حَسَنٌ صَحِيحٌ أخْرَجَهُ الْحَافِظُ أبُو دَاوُدَ السَّجِسْتَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ كَالطَّبَرَانِيّ وَغَيْرهِ، وَذَكَرَ ابْنُ شِيرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ فِي كِتَابِ الْفِرْدَوْس فِي).
ص: 160
بَابِ الألِفِ وَاللاَّم بِإسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ طَاوُسُ أهْل الْجَنَّةِ).
وَبِإسْنَادِهِ أيْضاً عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي وَجْهُهُ كَالْقَمَر الدُّرَّيّ اللَّوْنُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ وَالْجِسْمُ جِسْمٌ إِسْرَائِيلِيُّ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً يَرْضَى بِخِلاَفَتِهِ أهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأهْلُ الأرْض وَالطَّيْرُ فِي الْجَوَّ يَمْلِكُ عِشْرينَ سَنَةً).
الْبَابُ التَّاسِعُ: فِي تَصْريح النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بِأنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام:
عَنْ أبِي هَارُونَ الْعَبْدِيّ قَالَ: أتَيْتُ أبَا سَعِيدٍ الْخُدْريَّ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ شَهِدْتَ بَدْراً؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: ألاَ تُحَدَّثُنِي بِشَيْءٍ مِمَّا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي عَلِيّ وَفَضْلِهِ؟ فَقَالَ: بَلَى، اُخْبِرُكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَرضَ مَرَضَةً نَقَهَ مِنْهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ تَعُودُهُ وَأنَا جَالِسٌ عَنْ يَمِين النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَلَمَّا رَأتْ مَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مِنَ الضَّعْفِ خَنَقَتْهَا الْعَبْرَةُ حَتَّى بَدَتْ دُمُوعُهَا عَلَى خَدَّهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ؟)، قَالَتْ: أخْشَى الضَّيْعَةَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: (يَا فَاطِمَةُ أمَا عَلِمْتِ أنَّ اللهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الأرْض اطّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ أبَاكِ فَبَعَثَهُ نَبِيّاً، ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَعْلَكِ فَأوْحَى إِلَيَّ فَأنْكَحْتُهُ وَاتَّخَذْتُهُ وَصِيّاً، أمَا عَلِمْتِ أنَّكِ بِكَرَامَةِ اللهِ إِيَّاكِ زَوَّجَكِ أغْزَرَهُمْ عِلْماً وَأكْثَرَهُمْ حِلْماً وَأقْدَمَهُمْ سِلْماً)، فَاسْتَبْشَرَتْ فَأرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنْ يَزيدَهَا مَزيدَ الْخَيْر كُلّهِ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ لَهَا: (يَا فَاطِمَةُ وَلِعَلِيٍّ عليه السلام ثَمَانِيَةُ أضْرَاسٍ _ يَعْنِي مَنَاقِبَ _ إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَحِكْمَتُهُ وَزَوْجَتُهُ وَسِبْطَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُهُ عَن الْمُنْكَر، يَا فَاطِمَةُ إِنَّا أهْلُ بَيْتٍ اُعْطِينَا سِتَّ خِصَالٍ لَمْ يُعْطَهَا أحَدٌ مِنَ الأوَّلِينَ وَلاَ يُدْركُهَا أحَدٌ مِنَ
ص: 161
الآخِرينَ غَيْرُنَا: نَبِيُّنَا خَيْرُ الأنْبِيَاءِ وَهُوَ أبُوكِ، وَوَصِيُّنَا خَيْرُ الأوْصِيَاءِ وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ حَمْزَةُ عَمُّ أبِيكِ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الاُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ، وَمِنَّا مَهْدِيُّ الاُمَّةِ الَّذِي يُصَلّي عِيسَى خَلْفَهُ)، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى مَنْكِبِ الْحُسَيْن فَقَالَ: (مِنْ هَذَا مَهْدِيُّ الاُمَّةِ)، قَالَ: هَكَذَا أخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ صَاحِبُ الْجَرْح وَالتَّعْدِيل.
الْبَابُ الْعَاشِرُ: فِي ذِكْر كَرَم الْمَهْدِيّ عليه السلام:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي نَضْرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: يُوشِكُ أهْلُ الْعِرَاقِ أنْ لاَ يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِنْ أيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَل الْعَجَم يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أهْلُ الشَّام أنْ لاَ يُجْبَى(1) إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلاَ مُدٌّ، قُلْنَا: مِنْ أيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَل الرُّوم، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَةً(2) ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَكُونُ فِي آخِر اُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْياً لاَ يَعُدُّهُ عَدّاً)، قَالَ: قُلْتُ لأبِي نَضْرَةَ وَأبِي الْعَلاَءِ الرَّيَّانِيّ(3): إِنَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزيز؟ قَالَ: لاَ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مِنْ خُلَفَائِكُمْ خَلِيفَةٌ يَحْثُو الْمَالَ حَثْياً لاَ يَعُدُّهُ عَدّاً)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ أخْرَجَهُ الْحَافِظُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ(4).
وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اُبَشّرُكُمْ).
ص: 162
بِالْمَهْدِيّ يُبْعَثُ فِي اُمَّتِي عَلَى اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاس وَزَلاَزِلَ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْض يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحاً)، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا صِحَاحاً؟ قَالَ: (بِالسَّويَّةِ بَيْنَ النَّاس، وَيَمْلاَ اللهُ قُلُوبَ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم غِنًى وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ حَتَّى يَأمُرَ مُنَادِياً يُنَادِي يَقُولُ: مَنْ لَهُ فِي الْمَالِ حَاجَةٌ؟ فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاس إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَيَقُولُ: أنَا، فَيَقُولُ: ائْتِ السَّدَّانَ يَعْنِي الْخَازِنَ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأمُرُكَ أنْ تُعْطِيَني مَالاً، فَيَقُولُ لَهُ: احْثُ، حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حَجْرهِ وَأبْرَزَهُ نَدِمَ فَيَقُولُ: كُنْتُ أجْشَعَ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ نَفْساً أعْجَزَ عَمَّا وَسِعَهُمْ فَيَرُدُّهُ وَلاَ يَقْبَلُ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّا لاَ نَأخُذُ شَيْئاً أعْطَيْنَاهُ فَيَكُونُ لِذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أوْ ثَمَانَ سِنِينَ أوْ تِسْعَ سِنِينَ(1) ثُمَّ لاَ خَيْرَ فِي الْعَيْش بَعْدَهُ)، أوْ قَالَ: (ثُمَّ لاَ خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ ثَابِتٌ أخْرَجَهُ شَيْخُ أهْل الْحَدِيثِ فِي مُسْنَدِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلاَلَةٌ عَلَى أنَّ الْمُجْمَلَ فِي صَحِيح مُسْلِم هُوَ هَذَا الْمُبَيَّنُ فِي مُسْنَدِ أحْمَدَ بْن حَنْبَلٍ وفْقاً بَيْنَ الرَّوَايَاتِ.
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَكُونُ عِنْدَ انْقِطَاع مِنَ الزَّمَان وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَن رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَهْدِيُّ (يَكُونُ)(2) عَطَاؤُهُ هَنِيئاً)، قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ أخْرَجَهُ أبُو نُعَيْم الْحَافِظُ.
الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ: فِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أنَّ الْمَهْدِيَّ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) أمِنَّا آلُ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيُّ أمْ مِنْ غَيْرنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ بَلْ مِنَّا يَخْتِمُ اللهُ بِهِر.
ص: 163
الدَّينَ كَمَا فَتَحَ بِنَا وَبِنَا يُنْقَذُونَ مِنَ الْفِتْنَةِ كَمَا اُنْقِذُوا مِنَ الشّرْكِ وَبِنَا يُؤَلّفُ اللهُ بَيْنَ قُلُوبهِمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الْفِتْنَةِ كَمَا ألَّفَ بَيْنَ قُلُوبهِمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الشّرْكِ وَبِنَا يُصْبِحُونَ بَعْدَ عَدَاوَةِ الْفِتْنَةِ إِخْوَاناً كَمَا أصْبَحُوا بَعْدَ عَدَاوَةِ الشّرْكِ إِخْوَاناً فِي دِينِهِمْ)، قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَالٍ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ فِي كُتُبِهِمْ، فَأمَّا الطَّبَرَانِيُّ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُعْجَم الأوْسَطِ، وَأمَّا أبُو نُعَيْمٍ فَرَوَاهُ فِي حِلْيَةِ الأوْلِيَاءِ، وَأمَّا عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ حَمَّادٍ فَقَدْ سَاقَهُ فِي عَوَالِيهِ.
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَنْزلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَقُولُ أمِيرُهُمُ الْمَهْدِيُّ: تَعَالَ صَلّ بِنَا، فَيَقُولُ: ألاَ إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ اُمَرَاءُ تَكْرمَةَ(1) اللهِ تَعَالَى هَذِهِ الاُمَّةَ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَارثُ بْنُ أبِي اُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ، وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم فِي عَوَالِيهِ وَفِي هَذِهِ النُّصُوص دَلاَلَةٌ عَلَى أنَّ الْمَهْدِيَّ غَيْرُ عِيسَى.
وَمَدَارُ الْحَدِيثِ: (لاَ مَهْدِيَّ إِلاَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ)، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ الْجُنْدِيُّ مُؤَذّنُ الْجُنْدِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُطَلّبِيُّ: كَانَ فِيهِ تَسَاهُلٌ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: قَدْ تَوَاتَرَتِ الأخْبَارُ وَاسْتَفَاضَتْ بِكَثْرَةِ رُوَاتِهَا عَن الْمُصْطَفَى عليه السلام فِي الْمَهْدِيّ وَأنَّهُ يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ وَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَأنَّهُ يَخْرُجُ مَعَ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ وَيُسَاعِدُهُ عَلَى قَتْل الدَّجَّالِ بِبَابِ لُدًّ بِأرْض فِلَسْطِينَ وَأنَّهُ يَؤُمُّ هَذِهِ الاُمَّةَ وَعِيسَى يُصَلّي خَلْفَهُ فِي طُولٍ مِنْ قِصَّتِهِ وَأمْرهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الرَّسَالَةِ وَلَنَا بِهِ أصْلٌ وَنَرْويهِ وَلَكِنْ يَطُولُ ذِكْرُ سَنَدِهِ، قَالَ: وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أنَّ الْخَبَرَ لاَ يُقْبَلُ إِذَا كَانَ الرَّاوي مَعْرُوفاً بِالتَّسَاهُل فِي روَايَتِهِ.).
ص: 164
الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ عليه السلام: (لَنْ تَهْلِكَ اُمَّةٌ أنَا فِي أوَّلِهَا وَعِيسَى فِي آخِرهَا وَالْمَهْدِيُّ فِي وَسَطِهَا):
وَبِإسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَنْ يَهْلِكَ اُمَّةٌ...) الْحَدِيثَ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم فِي عَوَالِيهِ، وَأحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (وَعِيسَى فِي آخِرهَا) لَمْ يُردْ بِهِ أنَّ عِيسَى يَبْقَى بَعْدَ الْمَهْدِيّ عليه السلام لأنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ لِوُجُوهٍ:
مِنْهَا: أنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ)، وَفِي روَايَةٍ: (لاَ خَيْرَ فِي الْعَيْش بَعْدَهُ) كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمِنْهَا: أنَّ الْمَهْدِيَّ عليه السلام إِذَا كَانَ إِمَامَ آخِر الزَّمَان وَلاَ إِمَامَ بَعْدَهُ مَذْكُورٌ فِي روَايَةِ أحَدٍ مِنَ الأئِمَّةِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ أنَّ الْخَلْقَ يَبْقَى بِغَيْر إِمَام.
فَإنْ قِيلَ: إِنَّ عِيسَى يَبْقَى بَعْدَهُ إِمَامُ الاُمَّةِ.
قُلْتُ: لاَ يَجُوزُ هَذَا الْقَوْلُ وَذَلِكَ أنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم صَرَّحَ أنَّهُ لاَ خَيْرَ بَعْدَهُ وَإِذَا كَانَ عِيسَى فِي قَوْم لاَ يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: لاَ خَيْرَ فِيهِمْ، وَأيْضاً لاَ يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: إِنَّهُ نَائِبُهُ لأنَّهُ جَلَّ مَنْصَبُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: إِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالاُمَّةِ لأنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ الْعَوَامَّ انْتِقَالَ الْمِلَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ إِلَى الْمِلَّةِ الْعِيسَويَّةِ وَهَذاَ(1) كُفْرٌ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الصَّوَابِ وَهُوَ أنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم أوَّلُ دَاع إِلَى مِلَّةِ الإسْلاَم وَالْمَهْدِيَّ أوْسَطُ دَاع وَالْمَسِيحَ آخِرُ دَاع فَهَذَا مَعْنَى الْخَبَر عِنْدِي وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: الْمَهْدِيُّ أوْسَطُ هَذِهِ الاُمَّةِ يَعْنِي خَيْرَهَا إِذْ هُوَ إِمَامُهَا وَبَعْدَهُ(2) يَنْزلُ عِيسَى مُصَدَّقاً لِلإمَام وَعَوْناً لَهُ وَمُسَاعِداً وَمُبَيّناً لِلاُمَّةِ صِحَّةَ مَا يَدَّعِيهِ الإمَامُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَسِيحُ آخِرَ الْمُصَدَّقِينَ عَلَى وفْقِ النَّصّ.).
ص: 165
قَالَ الْفَقِيرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَلِيُّ بْنُ عِيسَى أثَابَهُ اللهُ بِمَنّهِ وَكَرَمِهِ: قَوْلُهُ: الْمَهْدِيُّ أوْسَطُ الاُمَّةِ يَعْنِي خَيْرَهَا يُوهِمُ أنَّ الْمَهْدِيَّ عليه السلام خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ عليه السلام وَهَذَا لاَ قَائِلَ بِهِ وَالَّذِي أرَاهُ أنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم أوَّلُ دَاع وَالْمَهْدِيَّ عليه السلام لَمَّا كَانَ تَابِعاً لَهُ وَمِنْ أهْل مِلَّتِهِ جُعِلَ وَسَطاً لِقُرْبهِ مِمَّنْ هُوَ تَابِعُهُ وَعَلَى شَريعَتِهِ وَعِيسَى عليه السلام لَمَّا كَانَ صَاحِبَ مِلَّةٍ اُخْرَى وَدَعَا فِي آخِر زَمَانِهِ إِلَى شَريعَةٍ غَيْر شَريعَتِهِ حَسُنَ أنْ يَكُونَ آخِرَهَا وَاللهُ أعْلَمُ.
الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ: فِي ذِكْر كُنْيَتِهِ وَأنَّهُ يُشْبِهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي خُلُقِهِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً اسْمُهُ اسْمِي وَخُلُقُهُ خُلُقِي يُكَنَّى أبَا عَبْدِ اللهِ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رُزِقْنَاهُ عَالِياً بِحَمْدِ اللهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (خُلُقُهُ خُلُقِي) مِنْ أحْسَن الْكِنَايَاتِ عَن انْتِقَام الْمَهْدِيّ عليه السلام مِنَ الْكُفَّار لِدِين اللهِ تَعَالَى كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ((إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))(1).
قَالَ الْفَقِيرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَفَا اللهُ عَنْهُ: الْعَجَبُ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ أحْسَن الْكِنَايَاتِ إِلَى آخِر الْكَلاَم، وَمِنْ أيْنَ تَحَجَّرَ عَلَى الْخُلُقِ فَجَعَلَهُ مَقْصُوراً عَلَى الانْتِقَام فَقَطْ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيع أخْلاَقِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم مِنْ كَرَمِهِ وَشَرَفِهِ وَعِلْمِهِ وَحِلْمِهِ وَشَجَاعَتِهِ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أخْلاَقِهِ الَّتِي عَدَدْتُهَا صَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ، وَأعْجَبُ مِنْ قَوْلِهِ ذِكْرُ الآيَةِ دَلِيلاً عَلَى مَا قَرَّرَهُ.
الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر اسْم الْقَرْيَةِ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا خُرُوجُ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ4.
ص: 166
الْمَهْدِيُّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كرعَةُ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رُزِقْنَاهُ عَالِياً أخْرَجَهُ أبُو الشَّيْخ الأصْفَهَانِيُّ فِي عَوَالِيهِ كَمَا سُقْنَاهُ.
الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْغَمَامَةِ الَّتِي تُظَلّلُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام عِنْدَ خُرُوجِهِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ فِيهَا مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ مَا رُوَّينَاهُ عَالِياً إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْمَلَكِ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: إِنَّ هَذَا الْمَهْدِيُّ فَاتَّبِعُوهُ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَتْهُ الْحُفَّاظُ الأئِمَّةُ مِنْ أهْل الْحَدِيثِ كَأبِي نُعَيْم وَالطَّبَرَانِيّ وَغَيْرهِمَا.
الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر صِفَةِ الْمَهْدِيّ وَلَوْنهِ وَجِسْمِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُرْسَلاً:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي لَوْنُهُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ وَجِسْمُهُ جِسْمٌ إِسْرَائِيلِيٌّ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً يَرْضَى بِخِلاَفَتِهِ أهْلُ الأرْض وَأهْلُ السَّمَاءِ وَالطَّيْرُ فِي الْجَوَّ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رُزِقْنَاهُ عَالِياً بِحَمْدِ اللهِ عَنْ جَمٍّ غَفِيرٍ أصْحَابِ(1) الثَّقَفِيّ وَسَنَدُهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا.
الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي ذِكْر خَالِهِ عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن وَثِيَابِهِ وَفَتْحِهِ مَدَائِنَ الشّرْكِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (بَيْنَكُمْ).
ص: 167
وَبَيْنَ الرُّوم أرْبَعُ هُدَنٍ فِي يَوْم الرَّابِعَةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أهْل هِرَقْلَ يَدُومُ سَبْعَ سِنِينَ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَوْردُ بْنُ غَيْلاَنَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ إِمَامُ النَّاس يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي ابْنُ أرْبَعِينَ سَنَةً كَأنَّ وَجْهَهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ فِي خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ أسْوَدُ عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قَطَوَانِيَّتَان كَأنَّهُ مِنْ رجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَسْتَخْرجُ الْكُنُوزَ وَيَفْتَحُ مَدَائِنَ الشّرْكِ)، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمِهِ الأكْبَر.
الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر كَيْفِيَّةِ أسْنَان الْمَهْدِيّ عليه السلام:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْ عِتْرَتِي رَجُلاً أفْرَقَ الثَّنَايَا أجْلَى الْجَبْهَةِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَيَفِيضُ الْمَالُ فَيْضاً)، قَالَ: هَكَذَا أخْرَجَهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم فِي عَوَالِيهِ.
الْبَابُ الْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر فَتْح الْمَهْدِيّ عليه السلام الْقُسْطَنْطِينيَّةَ(1):
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لاَ يَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينيَّةَ وَجَبَلَ الدَّيْلَم وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلاَّ يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَفْتَحَهَا)، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الْحَافِظِ أبِي نُعَيْم، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْمَهْدِيُّ بِلاَ شَكٍّ وفْقاً بَيْنَ الرَّوَايَاتِ.
الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر خُرُوج الْمَهْدِيّ عليه السلام بَعْدَ مُلُوكٍ جَبَابِرَةٍ(2):
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (سَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ اُمَرَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الاُمَرَاءِ مُلُوكٌ جَبَابِرَةٌ ثُمَّ).
ص: 168
يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلأ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم فِي فَوَائِدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأكْبَر.
الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ إِمَامٌ صَالِحٌ):
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي اُمَامَةَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَكَرَ الدَّجَّالَ وَقَالَ فِيهِ: (إِنَّ الْمَدِينَةَ لَتَنْفِي(1) خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي(2) الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلاَص)، فَقَالَتْ اُمُّ شَريكٍ: فَأيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِس وَإِمَامُهُمُ الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو نُعَيْم الأصْفَهَانِيُّ.
الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر تَنَعُّم الاُمَّةِ زَمَنَ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (تَتَنَعَّمُ اُمَّتِي فِي زَمَن الْمَهْدِيّ عليه السلام نِعْمَةً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهَا قَطُّ يُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَلاَ تَدَعُ الأرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إِلاَّ أخْرَجَتْهُ)، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَتْن رَوَاهُ الْحَافِظُ أبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأكْبَر.
الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي أخْبَار رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِأنَّ الْمَهْدِيَّ خَلِيفَةُ اللهِ تَعَالَى:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يُقْتَلُ عِنْدَ كَنْزكُمْ ثَلاَثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ لاَ يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَجِيءُ الرَّايَاتُ السُّودُ فَيَقْتُلُونَهُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ ثُمَّ يَجِيءُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتُوهُ فَبَايِعُوهُ فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ)، قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَتْن وَقَعَ إِلَيْنَا عَالِياً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِحَمْدِ اللهِ وَحُسْن تَوْفِيقِهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرَفِ).
ص: 169
الْمَهْدِيّ بِكَوْنهِ خَلِيفَةَ اللهِ فِي الأرْض عَلَى لِسَان أصْدَقِ وُلْدِ آدَمَ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ...))(1) الآيَةَ.
الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى كَوْن الْمَهْدِيّ حَيّاً بَاقِياً مُذْ غَيْبَتِهِ إِلَى الآنَ وَلاَ امْتِنَاعَ فِي بَقَائِهِ بِدَلِيل بَقَاءِ عِيسَى وَالْخَضِر وَإِلْيَاسَ مِنْ أوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى وَبَقَاءِ الدَّجَّالِ وَإِبْلِيسَ اللَّعِين مِنْ أعْدَاءِ اللهِ تَعَالَى وَهَؤُلاَءِ قَدْ ثَبَتَ بَقَاؤُهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدِ اتَّفَقُوا ثُمَّ أنْكَرُوا جَوَازَ بَقَاءِ الْمَهْدِيّ لأنَّهُمْ(2) إِنَّمَا أنْكَرُوا بَقَاءَهُ مِنْ وَجْهَيْن: أحَدُهُمَا طُولُ الزَّمَان، وَالثَّانِي أنَّهُ فِي سِرْدَابٍ مِنْ غَيْر أنْ يَقُومَ أحَدٌ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً.
قَالَ مُؤَلّفُ الْكِتَابِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْن مُحَمَّدٍ الْكَنْجِيُّ: بِعَوْن اللهِ نَبْتَدِئُ: أمَّا عِيسَى عليه السلام فَالدَّلِيلُ عَلَى بَقَائِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَإِنْ مِنْ أهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ))(3) وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مُنْذُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آخِر الزَّمَان. وَأمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَن النُّوَاس بْن سِمْعَانَ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ قَالَ: (فَيَنْزلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْن(4) وَاضِعاً كَفَّيْهِ عَلَى أجْنِحَةِ مَلَكَيْن).
وَأيْضاً مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟).ر.
ص: 170
وَأمَّا الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ جَريرٍ الطَّبَريُّ: الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ بَاقِيَان يَسِيرَان فِي الأرْض.
وَأيْضاً فَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَدِيثاً طَويلاً عَن الدَّجَّالِ فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ: (يَأتِي وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ فَيَنْتَهِي إِلَى بَعْض السَّبَاخ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاس أوْ مِنْ خَيْر النَّاس فَيَقُولُ: أشْهَدُ أنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أرَأيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أحْيَيْتُهُ أتَشُكُّونَ فِي الأمْر؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، قَالَ: فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللهِ مَا كُنْتُ فِيكَ قَطُّ أشَدَّ بَصِيرَةً مِنّي الآنَ، قَالَ: فَيُريدُ الدَّجَّالُ أنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ)، قَالَ أبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ عليه السلام، قَالَ: هَذَا لَفْظُ مُسْلِم فِي صَحِيحِهِ كَمَا سُقْنَاهُ سَوَاءً.
وَأمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ الدَّجَّالِ فَإنَّهُ أوْرَدَ حَدِيثَ تَمِيم الدَّاريّ وَالْجَسَّاسَةِ وَالدَّابَّةِ الَّتِي كَلَّمَتْهُمْ(1) وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ: هَذَا صَريحٌ فِي بَقَاءِ الدَّجَّالِ.
قَالَ: وَأمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ إِبْلِيسَ اللَّعِين فَآيُ الْكِتَابِ الْعَزيز نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((قالَ رَبِّ فَأنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ))(2).
وَأمَّا بَقَاءُ الْمَهْدِيّ عليه السلام فَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:
أمَّا الْكِتَابُ فَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي تَفْسِير قَوْلِهِ عزّ وجل: ((لِيُظْهِرَهُ7.
ص: 171
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1) قَالَ: هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَةِ فَاطِمَةَ، وَأمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عِيسَى عليه السلام فَلاَ تَنَافِيَ بَيْنَ الْقَوْلَيْن إِذْ هُوَ مُسَاعِدٌ لِلإمَام عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمَنْ شَايَعَهُ مِنَ الْمُفَسَّرينَ فِي تَفْسِير قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ))(2) قَالَ: هُوَ الْمَهْدِيُّ يَكُونُ فِي آخِر الزَّمَان وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يَكُونُ قِيَامُ السَّاعَةِ وَأمَارَاتُهاَ(3).
وَأمَّا الْجَوَابُ عَنْ طُولِ الزَّمَان فَمِنْ حَيْثُ النَّصّ وَالْمَعْنَى: أمَّا النَّصُّ فَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الأخْبَار عَلَى أنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ وُجُودِ الثَّلاَثَةِ فِي آخِر الزَّمَان وَأنَّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ مَتْبُوعٌ غَيْرُ الْمَهْدِيّ بِدَلِيل أنَّهُ إِمَامُ الاُمَّةِ فِي آخِر الزَّمَان وَأنَّ عِيسَى عليه السلام يُصَلّي خَلْفَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحَاح وَيُصَدَّقُهُ فِي دَعْوَاهُ، وَالثَّالِثُ هُوَ الدَّجَّالُ اللَّعِينُ وَقَدْ ثَبَتَ أنَّهُ حَيٌّ مَوْجُودٌ. وَأمَّا الْمَعْنَى فِي بَقَائِهِمْ فَلاَ يَخْلُو مِنْ أحَدِ قِسْمَيْن: إِمَّا أنْ يَكُونَ بَقَاؤُهُمْ فِي مَقْدُور اللهِ تَعَالَى أوْ لاَ يَكُونُ، وَمُسْتَحِيلٌ أنْ يَخْرُجَ عَنْ مَقْدُور اللهِ لأنَّ مَنْ بَدَأ الْخَلْقَ مِنْ غَيْر شَيْءٍ وَأفْنَاهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ بَعْدَ الْفَنَاءِ لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ الْبَقَاءُ فِي مَقْدُورهِ تَعَالَى، فَلاَ يَخْلُو مِنْ قِسْمَيْن: إِمَّا أنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار اللهِ تَعَالَى أوْ إِلَى اخْتِيَار الاُمَّةِ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار الاُمَّةِ لأنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ لَجَازَ لأحَدِنَا أنْ يَخْتَارَ الْبَقَاءَ لِنَفْسِهِ وَلِوُلْدِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ لَنَا غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ مَقْدُورنَا وَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار اللهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ لاَ يَخْلُو بَقَاءُ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ مِنْ قِسْمَيْن أيْضاً: إِمَّا أنْ يَكُونَ0.
ص: 172
لِسَبَبٍ أوْ لاَ يَكُونَ لِسَبَبٍ، فَإنْ كَانَ لِغَيْر سَبَبٍ كَانَ خَارجاً عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ وَمَا يَخْرُجُ عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ لاَ يَدْخُلُ فِي أفْعَالِ اللهِ تَعَالَى فَلاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ لِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ حِكْمَةُ اللهِ تَعَالَى، قَالَ: وَسَنَذْكُرُ سَبَبَ بَقَاءِ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَتِهِ:
أمَّا بَقَاءُ عِيسَى عليه السلام لِسَبَبٍ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَإِنْ مِنْ أهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ))(1) وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مُنْذُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أحَدٌ وَلاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ هَذَا فِي آخِر الزَّمَان.
وَأمَّا الدَّجَّالُ اللَّعِينُ لَمْ يُحْدِثْ حَدَثاً مُنْذُ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ خَارجٌ فِيكُمُ الأعْوَرُ الدَّجَّالُ وَأنَّ مَعَهُ جِبِالاً مِنْ خُبْزٍ تَسِيرُ مَعَهُ... إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ، فَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آخِر الزَّمَان لاَ مُحَالَةَ.
وَأمَّا الإمَامُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام مُذْ غَيْبَتِهِ عَن الأبْصَار إِلَى يَوْمِنَا هَذَا لَمْ يَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا تَقَدَّمَتِ الأخْبَارُ فِي ذَلِكَ فَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَشْرُوطاً بِآخَر الزَّمَان فَقَدْ صَارَتْ هَذِهِ الأسْبَابُ لاسْتِيفَاءِ الأجَل الْمَعْلُوم فَعَلَى هَذَا اتَّفَقَتْ أسْبَابُ بَقَاءِ الثَّلاَثَةِ (وَهُمْ عِيسَى وَالْمَهْدِيُّ وَالدَّجَّالُ)(2) لِصِحَّةِ أمْرٍ مَعْلُوم فِي وَقْتٍ مَعْلُوم وَهُمْ صَالِحَان نَبِيٌّ وَإِمَامٌ وَطَالِحٌ عَدُوُّ اللهِ وَهُوَ الدَّجَّالُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الأخْبَارُ مِنَ الصّحَاح بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي صِحَّةِ بَقَاءِ الدَّجَّالِ مَعَ صِحَّةِ بَقَاءِ عِيسَى عليه السلام فَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ الْمَهْدِيّ عليه السلام مَعَ كَوْن بَقَائِهِ بِاخْتِيَار اللهِ وَدَاخِلاً تَحْتَ مَقْدُورهِ سُبْحَانَهُ وَهُوَ آيَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم.ر.
ص: 173
فَعَلَى هَذَا هُوَ أوْلَى بِالْبَقَاءِ مِنَ الاثْنَيْن الآخَرَيْن لأنَّهُ إِذَا بَقِيَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام كَانَ إِمَامَ آخِر الزَّمَان يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا تَقَدَّمَتِ الأخْبَارُ فَيَكُونُ بَقَاؤُهُ مَصْلَحَةً لِلْمُكَلَّفِينَ وَلُطْفاً بِهِمْ فِي بَقَائِهِ مِنْ عِنْدِ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَالدَّجَّالُ إِذَا بَقِيَ فَبَقَاؤُهُ مَفْسَدَةٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَا ذُكِرَ مِن ادَّعَاءِ رُبُوبِيَّتِهِ(1) وَفَتْكِهِ بِالاُمَّةِ وَلَكِنْ فِي بَقَائِهِ ابْتِلاَءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِيَعْلَمَ الْمُطِيعَ مِنْهُمْ مِنَ الْعَاصِي وَالْمُحْسِنَ مِنَ الْمُسِيءِ وَالْمُصْلِحَ مِنَ الْمُفْسِدِ وَهَذَا هُوَ الْحِكْمَةُ فِي بَقَاءِ الدَّجَّالِ.
وَأمَّا بَقَاءُ عِيسَى فَهُوَ سَبَبُ إِيمَان أهْل الْكِتَابِ بِهِ لِلآيَةِ وَالتَّصْدِيق بِنُبُوَّةِ سَيَّدِ الأنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ خَاتَم النَّبِيّينَ وَرَسُولِ رَبَّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَيَكُونُ تِبْيَاناً لِدَعْوَى الإمَام عِنْدَ أهْل الإيمَان وَمُصَدَّقاً لِمَا دَعَا إِلَيْهِ عِنْدَ أهْل الطُّغْيَان بِدَلِيل صَلاَتِهِ خَلْفَهُ وَنُصْرَتِهِ إِيَّاهُ وَدُعَائِهِ إِلَى الْمِلَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ الَّتِي هُوَ إِمَامٌ فِيهَا فَصَارَ بَقَاءُ الْمَهْدِيّ عليه السلام أصْلاً وَبَقَاءُ الاثْنَيْن فَرْعاً عَلَى بَقَائِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ بَقَاءُ الْفَرْعَيْن مَعَ عَدَم بَقَاءِ الأصْل لَهُمَا؟ وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَصَحَّ وُجُودُ الْمُسَبَّبِ مِنْ دُون وُجُودِ السَّبَبِ وَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ فِي الْعُقُولِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ بَقَاءَ الْمَهْدِيّ عليه السلام أصْلٌ لِبَقَاءِ الاثْنَيْن لأنَّهُ لاَ يَصِحُّ وُجُودُ عِيسَى عليه السلام بِانْفِرَادِهِ غَيْرَ نَاصِرٍ لِمِلَّةِ الإسْلاَم وَغَيَر مُصَدَّقٍ لِلإمَام لأنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ مُنْفَرداً بِدَوْلَةٍ وَدَعْوَةٍ وَذَلِكَ يُبْطِلُ دَعْوَةَ الإسْلاَم مِنْ حَيْثُ أرَادَ أنْ يَكُونَ تَبَعاً فَصَارَ مَتْبُوعاً وَأرَادَ أنْ يَكُونَ فَرْعاً فَصَارَ أصْلاً وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لاَ نَبِيَّ بَعْدِي)، وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْحَلاَلُ مَا أحَلَّ اللهُ).
ص: 174
عَلَى لِسَانِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَى لِسَانِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)، فَلاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ لَهُ عَوْناً وَنَاصِراً وَمُصَدَّقاً وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَكُونُ لَهُ عَوْناً وَمُصَدَّقاً لَمْ يَكُنْ لِوُجُودِهِ تَأثِيرٌ فَثَبَتَ أنَّ وُجُودَ الْمَهْدِيّ عليه السلام أصْلٌ لِوُجُودِهِ، وَكَذَلِكَ الدَّجَّالُ اللَّعِينُ لاَ يَصِحُّ وُجُودُهُ فِي آخِر الزَّمَان وَلاَ يَكُونُ لِلاُمَّةِ إِمَامٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَوَزِيرٌ يُعَوَّلُونَ عَلَيْهِ لأنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلِ الإسْلاَمُ مَقْهُوراً وَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةً فَصَارَ وُجُودُ الإمَام أصْلاً لِوُجُودِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.
وَأمَّا الْجَوَابُ عَنْ إِنْكَارهِمْ بَقَاءَهُ فِي السَّرْدَابِ مِنْ غَيْر أحَدٍ يَقُومُ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَفِيهِ جَوَابَان: أحَدُهُمَا بَقَاءُ عِيسَى عليه السلام فِي السَّمَاءِ مِنْ غَيْر أحَدٍ يَقُومُ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَهُوَ بَشَرٌ مِثْلُ الْمَهْدِيّ عليه السلام فَلَمَّا جَازَ بَقَاؤُهُ فِي السَّمَاءِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَكَذَلِكَ الْمَهْدِيُّ فِي السَّرْدَابِ.
فَإنْ قُلْتَ: إِنَّ عِيسَى عليه السلام يُغَذّيهِ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنْ خِزَانَةِ غَيْبهِ، فَقُلْتُ: لاَ تَفْنَى خَزَائِنُهُ بِانْضِمَام الْمَهْدِيّ عليه السلام إِلَيْهِ فِي غِذَائِهِ.
فَإنْ قُلْتَ: إِنَّ عِيسَى خَرَجَ عَنْ طَبِيعَةِ الْبَشَريَّةِ، قُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ لأنَّهُ قَالَ تَعَالَى لأشْرَفِ الأنْبِيَاءِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((قُلْ إِنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ))(1).
فَإنْ قُلْتَ: اكْتَسَبَ ذَلِكَ مِنَ الْعَالَم الْعِلْويّ، قُلْتُ: هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَوْقِيفٍ وَلاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ.
وَالثَّانِي: بَقَاءُ الدَّجَّالِ فِي الدَّيْر عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِأشَدَّ الْوَثَاقِ مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ وَفِي روَايَةٍ فِي بِئْرٍ مَوْثُوقٌ وَإِذَا كَانَ بَقَاءُ الدَّجَّالِ مُمْكِناً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُور مِنْ غَيْر أحَدٍ يَقُومُ بِهِ6.
ص: 175
فَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ الْمَهْدِيّ عليه السلام مُكَرَّماً مِنْ غَيْر الْوَثَاقِ إِذِ الْكُلُّ فِي مَقْدُور اللهِ تَعَالَى فَثَبَتَ أنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِع شَرْعاً وَلاَ عَادَةً.
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ هَذِهِ الأبْحَاثِ خَبَرَ سُطَيْحٍ وَأنَا أذْكُرُ مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَمُقْتَضَاهُ يَذْكُرُ لِذِي جَدَنٍ الْمَلِكِ وَقَائِعَ وَحَوَادِثَ تَجْري وَزَلاَزِلَ مِنْ فِتَنٍ ثُمَّ إِنَّهُ يَذْكُرُ خُرُوجَ الْمَهْدِيّ عليه السلام وَأنَّهُ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَيُطَيّبُ الدُّنْيَا وَأهْلَهَا فِي أيَّام دَوْلَتِهِ عليه السلام وَرُويَ عَن الْحَافِظِ مُحَمَّدِ بْن النَّجَّار أنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مِنْ طِوَالاَتِ الْمَشَاهِير كَذَا ذَكَرَهُ الْحُفَّاظُ فِي كُتُبِهِمْ وَلَمْ يُخَرَّجْ فِي الصَّحِيح(1).
39 _ كشف الغمّة: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: وَأمَّا مَا وَرَدَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الْمَهْدِيّ مِنَ الأحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ:
فَمِنْهَا: مَا نَقَلَهُ الإمَامَان أبُو دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيُّ رضي الله عنهما كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنّي أجْلَى الْجَبْهَةِ أقْنَى الأنْفِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً وَيَمْلِكُ سَبْعَ سِنينَ).
وَمِنْهَا: (مَا أخْرَجَهُ) أبُو دَاوُدَ بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْر إِلاَّ يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً).
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أيْضاً أبُو دَاوُدَ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَى اُمَّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ).).
ص: 176
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْقَاضِي أبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَويُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِشَرْح السُّنَّةِ وَأخْرَجَهُ الإمَامَان الْبُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ رضي الله عنهما كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟).
وَمِنْهَا: مَا أخْرَجَهُ أبُو دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيُّ رضي الله عنهما بِسَنَدِهِمَا فِي صَحِيحَيْهِمَا يَرْفَعُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنّي أوْ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أبِيهِ اسْمَ أبِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً).
وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَلِي رَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي) هَذِهِ الرَّوَايَاتُ عَنْ أبِي دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيّ رضي الله عنهما.
وَمِنْهَا: مَا نَقَلَهُ الإمَامُ أبُو إِسْحَاقَ(1) أحْمَدُ(2) بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ رضي الله عنه فِي تَفْسِيرهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَى أنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (نَحْنُ وُلْدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَةُ الْجَنَّةِ: أنَا وَحَمْزَةُ وَجَعْفَرٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالْمَهْدِيُّ)(3).
أقول: روى السيّد ابن طاووس في كتاب الطرائف من مناقب ابن المغازلي نحواً ممَّا مرَّ في الباب التاسع إلى قوله: (ومنّا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمّة)(4)، روى صاحب كشف الغمّة عن محمّد بن طلحة2.
ص: 177
الحديث الذي أورده أوّلاً في الباب الثامن عن أبي داود والترمذي(1)، والحديث الأوّل من الباب الثاني عن أبي داود في صحيحه، والحديث الأوّل من الباب السابع عن صحيحي البخاري ومسلم وشرح السُنّة للحسين بن مسعود البغوي، والحديث الثاني من الباب الأوّل عن أبي داود في صحيحه، والحديث الثالث من الباب الأوّل عن أبي داود والترمذي مع زيادة: (واسم أبيه اسم أبي) وبدونها، وحديث الباب الثالث عن تفسير الثعلبي(2).
ثُمَّ قال ابن طلحة: فإن قيل: بعض هذه الصفات لا تنطبق على الخلف الصالح فإنَّ اسم أبيه لا يوافق اسم والد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ أجاب بعد تمهيد مقدّمتين:
الأوّل: أنَّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظ الأب على الجدّ الأعلى كقوله تعالى: ((مِلَّةَ أبِيكُمْ إِبْراهِيمَ))(3)، وقوله حكاية عن يوسف: ((وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ))(4)، وفي حديث الإسراء أنَّ جبرئيل قال: هذا أبوك إبراهيم.
والثاني: أنَّ لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة كما روى البخاري ومسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم سمّى علياً أبا تراب ولم يكن اسم أحبُّ إليه منه فأطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول المتنبّي:
أجلّ قدرك أن تسمّى مؤنبة(5)
ومن كنّاك فقد سمّاك للعرب).
ص: 178
ثمّ قال: ولمَّا كان الحجّة من ولد أبي عبد الله الحسين فأطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم إشارة إلى أنَّه من ولد الحسين عليه السلام بطريق جامع موجز(1)، انتهى.
أقول: ذكر بعض المعاصرين(2) فيه وجهاً آخر وهو أنَّ كنية الحسن العسكري أبو محمّد وعبد الله أبو النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أبو محمّد فتتوافق الكنيتان والكنية داخلة تحت الاسم، والأظهر ما مرَّ من كون (أبي) مصحَّف (ابني).
أقُولُ: مَا رَوَاهُ عَن الصَّحِيحَيْن وَفِرْدَوْسٍ الدَّيْلَمِيّ مُطَابِقٌ لِمَا عِنْدَنَا مِنْ نُسَخِهَا وَعِنْدِي مِنْ شَرْح السُّنَّةِ لِلْحُسَيْن بْن مَسْعُودٍ الْبَغَويّ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ أنْقُلُ عَنْهُ مَا وَجَدْتُهُ فِيهِ مِنْ روَايَاتِ الْمَهْدِيّ عليه السلام:
بِإسْنَادِهِ قَالَ: أخْبَرَنَا أبُو الْفَضْل زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الْحَنَفِيُّ، أخْبَرَناَ(3) الْحُسَيْنُ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنيُّ، أخْبَرَنَا أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن السَّريّ التَّمِيمِيُّ الْحَافِظُ بِالْكُوفَةِ، أخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا أبُو نُعَيْم الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَن الْقَاسِم بْن أبِي بُرْدَةَ(4)، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، عَنْ عَلِيٍّ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)(5).
وَأنْبَأنَا مُعَمَّرٌ، عَنْ أبِي هَارُونَ الْعَبْدِيّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن قُرَّةَ، عَنْ أبِي9.
ص: 179
الصَّدِيقِ النَّاجِي(1)، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (بَلاَءً يُصِيبُ هَذِهِ الاُمَّةَ حَتَّى لاَ يَجِدَ الرَّجُلُ مَلْجَأ يَلْجَاُ إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْم فَيَبْعَثُ اللهُ رَجُلاً مِنْ عِتْرَتِي أهْل بَيْتِي فَيَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الأرْض لاَ يَدَعُ السَّمَاءُ مِنْ قَطْرهَا شَيْئاً إِلاَّ صَبَّهُ مِدْرَاراً وَلاَ يَدَعُ الأرْضُ مِنْ نَبَاتِهَا شَيْئاً إِلاَّ أخْرَجَتْهُ حَتَّى يَتَمَنَّى الأحْيَاءُ الأمْوَاتَ تَعِيشُ فِي ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أوْ ثَمَانَ سِنِينَ أوْ تِسْعَ سِنِينَ)، وَيُرْوَى هَذَا مِنْ غَيْر وَجْهٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ وَأبُو الصّدَّيقِ النَّاجِي اسْمُهُ بَكْرُ بْنُ عُمَرَ(2).
وَرُويَ عَنْ سَعِيدِ بْن الْمُسَيَّبِ، عَنْ اُمَّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ)، وَيُرْوَى: (وَيَعْمَلُ فِي النَّاس بِسُنَّةِ نَبِيّهِمْ فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنينَ ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ).
وَرُويَ عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي قِصَّةِ الْمَهْدِيّ قَالَ: (فَيَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أعْطِني أعْطِني فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبهِ مَا اسْتَطَاعَ أنْ يَحْمِلَهُ)(3).
أخْبَرَنَا أبُو الْفَضْل زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، أخْبَرَنَا أبُو مُعَاذٍ(4) عَبْدُ الرَّحْمَن الْمُزَنيُ، أخْبَرَنَا أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ الْمُقْري الآدَمِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحِسَائِيُّ، حَدَّثَنَا أبُو مُعَاويَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْن أبِي هِنْدٍ، عَنْ أبِي نَضْرَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ).
ص: 180
صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان خَلِيفَةٌ يُعْطِي الْمَالَ بِغَيْر عَدَدٍ)، هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْر بْن حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن عَبْدِ الْوَارثِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ دَاوُدَ(1) انْتَهَى.
أقول: روى ابن الأثير في جامع الأصول ناقلاً عن عدّة من صحاحهم عن أبي هريرة وجابر وابن مسعود وعلي عليه السلام واُمّ سَلَمة رضي الله عنها وأبي سعيد وأبي إسحاق عشر روايات في خروج المهدي عليه السلام واسمه ووصفه وأنَّ عيسى عليه السلام يصلّي خلفه(2) تركناها مخافة الإطناب وفيما أوردناه كفاية لأولي الألباب.
40 _ الطرائف: ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِير ((حم * عسق))(3)، بِإسْنَادِهِ قَالَ: السَّينُ سَنَاءُ الْمَهْدِيّ عليه السلام، وَالْقَافُ قُوَّةُ عِيسَى عليه السلام حِينَ يَنْزلُ فَيَقْتُلُ النَّصَارَى وَيُخَرَّبُ الْبِيَعَ(4)، وَعَنْهُ فِي قِصَّةِ أصْحَابِ الْكَهْفِ(5) عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أنَّ الْمَهْدِيَّ عليه السلام يُسَلّمُ عَلَيْهِمْ وَيُحْيِيهِمُ اللهُ عزّ وجل لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى رَقْدَتِهِمْ فَلاَ يَقُومُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)(6).
41 _ الطرائف: ابْنُ شِيرَوَيْهِ فِي الْفِرْدَوْس بِإسْنَادِهِ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (الْمَهْدِيُّ طَاوُسُ أهْل الْجَنَّةِ)(7).2.
ص: 181
أقول: ثُمَّ روى السيّد(1) عن الجمع بين الصحاح الستّة وكتاب الفردوس والمناقب لابن المغازلي والمصابيح لأبِي محمّد ابن مسعود الفرّاء كثيراً ممَّا مرَّ من أخبار المهدي عليه السلام، ثُمَّ قال: وكان بعض العلماء من الشيعة قد صنَّف كتاباً وجدته ووقفت عليه وفيه أحاديث أحسن ممَّا أوردناه وقد سمّاه كتاب (كشف المخفي في مناقب المهدي عليه السلام) وروى فيه مائة وعشرة أحاديث(2) من طرق رجال الأربعة المذاهب فتركت نقلها بأسانيدها وألفاظها كراهية للتطويل(3) ولئلاَّ يملّ ناظرها ولأنَّ بعض ما أوردنا يغني عن زيادة التفصيل لأهل الإنصاف والعقل الجميل وسأذكر أسماء من روى المائة وعشرة الأحاديث التي في كتاب المخفي عن أخبار المهدي عليه السلام لتعلم مواضعها على التحقيق وتزداد هداية أهل التوفيق.
فمنها من صحيح البخاري ثلاثة أحاديث، ومنها من صحيح مسلم أحد عشر حديثاً، ومنها من الجمع بين الصحيحين للحميدي حديثان، ومن الجمع بين الصحاح الستّة لزيد بن معاوية العبدري أحد عشر حديثاً، ومنها من كتاب فضايل الصحابة ممَّا أخرجه الشيخ الحافظ عبد العزيز العكبري من مسند أحمد بن حنبل سبعة أحاديث، ومنها من تفسير الثعلبي خمسة أحاديث، ومنها من غريب الحديث لابن قتيبة الدينوري ستّة أحاديث، ومنها من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي أربعة).
ص: 182
أحاديث، ومنها من كتاب مسند سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام تأليف الحافظ أبي الحسن علي الدارقطني ستّة أحاديث، ومنها من كتاب الحافظ أيضاً من مسند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاثة أحاديث، ومن كتاب المبتدأ للكسائي حديثان يشتملان أيضاً على ذكر المهدي عليه السلام وذكر خروج السفياني والدجّال، ومنها من كتاب المصابيح لأبي الحسين بن مسعود الفرّاء خمسة أحاديث، ومنها من كتاب الملاحم لأبي الحسن أحمد بن جعفر بن محمّد بن عبيد الله المناري أربعة وثلاثون حديثاً، ومنها من كتاب الحافظ محمّد بن عبد الله الحضرمي المعروف بابن مطيق ثلاثة أحاديث، ومنها من كتاب الرعاية لآمل الرواية لأبي الفتح محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم الفرغاني ثلاثة أحاديث، ومنها خبر سطيح رواية الحميدي أيضاً، ومنها من كتاب الاستيعاب لأبي عمر يوسف بن عبد البَرّ النميري(1) حديثان(2).
قال السيّد: ووقفت على الجزء الثاني من كتاب السنن رواية محمّد بن يزيد ماجة قد كتب في زمان مؤلّفه تاريخ كتابته وبعض الإجازات عليه ما هذا لفظها:
بسم الله الرحمن الرحيم أمَّا بعد فقد أجزت الأخبار(3) لأبي عمرو ومحمّد بن سلمة وجعفر والحسن ابني محمّد بن سلمة حفظهم الله وهو سماعي من محمّد بن يزيد ماجة نفعنا الله وإيّاكم به، وكتب إبراهيم بن دينار بخطّه وذلك في شهر شعبان سنة ثلاثمائة وقد عارضت به وصلّى على محمّد وسلّم كثيراً.).
ص: 183
وقد تضمَّن هذا الجزء المذكور الموصوف كثيراً من الملاحم فمنها باب خروج المهدي وروى في هذا الباب من ذلك الكتاب(1) من هذه النسخة سبعة أحاديث بأسانيدها في خروج المهدي وأنَّه من ولد فاطمة عليها السلام وأنَّه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وذكر كشف الحالة وفضلها يرفعها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
قال السيّد: ووقفت أيضاً على كتاب المقتصّ على محدث الأعوام لبناء ملاحم غابر الأيام تلخيص أبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمّد المناري قد كتب في زمان مؤلّفه في آخر النسخة التي وقفت عليها ما هذا لفظه: فكان الفراغ من تأليفه سنة ثلاثمأة وثلاثين وعلى الكتاب إجازات وتجويزات تاريخ بعض إجازاته في ذي قعدة سنة ثمانين وأربعمائة، من جملة هذا الكتاب ما هذا لفظه: سيأتي بعض المأثور في المهدي عليه السلام وسيرته ثُمَّ روى ثمانية عشر حديثاً بأسانيدها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بتحقيق خروج المهدي عليه السلام وظهوره وأنَّه من ولد فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّه يملأ الأرض عدلاً وذكر كمال سيرته وجلالة ولايته(2).
ثُمَّ أشار السيّد إلى ما جمعه الحافظ أبو نعيم من أربعين حديثاً في وصف المهدي عليه السلام على ما نقله صاحب كشف الغمّة، ثُمَّ قال: فجملة الأحاديث مائة حديث وستّة وخمسون حديثاً وأمَّا الذي ورد من طرق الشيعة فلا يسعه إلاَّ مجلّدات(3) ونقل إلينا سلفنا نقلاً متواتراً أنَّ المهدي المشار إليه ولد ولادة مستورة لأنَّ حديث تملكه ودولته وظهوره علىً.
ص: 184
كافّة الممالك والعباد والبلاد كان قد ظهر للناس فخيف عليه كما جرت الحال في ولادة إبراهيم وموسى عليهما السلام وغيرهما(1) وعرفت الشيعة ذلك لاختصاصها بآبائه عليهم السلام(2) فإنَّ كلّ من يلزم(3) بقوم كان أعرف بأحوالهم وأسرارهم من الأجانب كما أنَّ أصحاب الشافعي أعرف بحاله من أصحاب غيره من رؤساء الأربعة المذاهب.
وقد كان عليه السلام ظهر لجماعة كثيرة من أصحاب والده العسكري ونقلوا عنه أخباراً وأحكاماً شرعية وأسباباً مرضية.
وكان له وكلاء ظاهرون في غيبته معروفون بأسمائهم وأنسابهم وأوطانهم يخبرون عنه بالمعجزات والكرامات وجواب المشكلات وبكثير ممَّا ينقله عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من الغائبات، منهم: عثمان بن سعيد العمري المدفون بقطقطان الجانب الغربي ببغداد، ومنهم(4): أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري، ومنهم: أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي، ومنهم: علي بن محمّد السمري رضي الله عنهم، وقد ذكر نصر بن علي الجهضمي(5) برواية رجال الأربعة المذاهب حال هؤلاء الوكلاء وأسمائهم وأنَّهم كانوا وكلاء المهدي عليه السلام(6).
ولقد لقي المهدي عليه السلام بعد ذلك خلق كثير من الشيعة وغيرهم4.
ص: 185
وظهر لهم على يده من الدلايل ما ثبت عندهم(1) أنَّه هو عليه السلام وإذا كان عليه السلام الآن غير ظاهر لجميع شيعته فلا يمتنع أن يكون جماعة منهم يلقونه وينتفعون بمقاله وفعاله ويكتمونه كما جرى الأمر في جماعة من الأنبياء والأوصياء(2) والملوك والأولياء حيث غابوا عن كثير من الأمّة لمصالح دينيّة(3) أوجبت ذلك.
وأمَّا استبعاد من استبعد منهم ذلك لطول عمره الشريف فما يمنع من ذلك إلاَّ جاهل بالله وبقدرته وبأخبار نبيّنا وعترته كيف وقد تواتر كثير من الأخبار بطول عمر جماعة من الأنبياء وغيرهم من المعمّرين وهذا الخضر باقٍ على طول السنين وهو عبد صالح(4) ليس بنبيّ ولا حافظ شريعة ولا بلطف في بقاء التكليف فكيف يستبعد طول حياة المهدي عليه السلام وهو حافظ شريعة جدّه صلى الله عليه وآله وسلّم ولطف في بقاء التكليف والمنفعة ببقائه في حال ظهوره وخفائه أعظم من المنفعة بالخضر وكيف يستبعد ذلك من يصدّق بقصَّة أصحاب الكهف لأنَّه مضى لهم فيما تضمَّنه القرآن ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً وهم أحياء كالنيام بغير طعام وشراب وبقوا إلى زمن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم حيث بعث الصحابة ليسلّموا عليهم كما رواه الثعلبي(5).
ورأيت تصنيفاً لأبي حاتم سهل بن محمّد السجستاني من أعيانص.
ص: 186
الأربعة المذاهب سمّاه (كتاب المعمّرين)(1)... إلى آخر ما ذكره رحمه الله من الاحتجاج عليهم وتركناه لأنَّه خارج عن مقصود كتابنا.
42 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي بَابِ النُّصُوص عَلَى الاثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (يَا عَلِيُّ أنْتَ مِنّي وَأنَا مِنْكَ وَأنْتَ أخِي وَوَزِيري فَإذَا مِتُّ ظَهَرَتْ لَكَ ضَغَائِنُ فِي صُدُور قَوْم وَسَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ صَمَّاءُ صَيْلَمٌ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ(2) وَلِيجَةٍ وَبِطَانَةٍ وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشّيعَةِ الْخَامِسَ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنْ وُلْدِكَ تَحْزَنُ لِفَقْدِهِ أهْلُ الأرْض وَالسَّمَاءِ فَكَمْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مُتَأسَّفٍ مُتَلَهَّفٍ حَيْرَانَ عِنْدَ فَقْدِهِ)، ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَقَالَ: (بِأبِي وَاُمَّي سَمِيّي وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عَلَيْهِ جُيُوبُ(3) النُّور _ أوْ قَالَ: جَلاَبِيبُ النُّور _ تَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاع الْقُدْس كَأنّي بِهِمْ آيِسٌ مَا كَانُوا نُودُوا بِنِدَاءٍ(4) يُسْمَعُ مِنَ الْبُعْدِ كَمَا يُسْمَعُ مِنَ الْقُرْبِ يَكُونُ رَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْمُنَافِقِينَ)، قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ النّدَاءُ؟ قَالَ: (ثَلاَثَةُ أصْوَاتٍ فِي رَجَبٍ: الأوَّلُ: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، الثَّانِي: أزِفَتِ الآزِفَةُ، الثَّالِثُ: يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً مَعَ قَرْن الشَّمْس يُنَادِي: ألاَ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ فُلاَنَ).
ص: 187
بْنَ فُلاَنٍ حَتَّى يَنْسُبَهُ إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام فِيهِ هَلاَكُ الظَّالِمِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأتِي الْفَرَجُ وَيَشْفِي اللهُ صُدُورَهُمْ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبهِمْ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَكَمْ يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الأئِمَّةِ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْحُسَيْن تِسْعَةٌ وَالتَّاسِعُ قَائِمُهُمْ)(1).
بيان: من ولد السابع أي سابع الأئمّة لا سابع الأولاد، وقوله: (من ولدك) حال أو صفة للخامس.
* * *8.
ص: 188
ص: 189
ص: 190
1 _ كمال الدين: الشَّيْبَانِيُّ، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَةٌ أمَدُهَا طَويلٌ كَأنّي بِالشّيعَةِ يَجُولُونَ جَوَلاَنَ النَّعَم فِي غَيْبَتِهِ يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ يَجِدُونَهُ ألاَ فَمَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ (وَ) لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ فَهُوَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا إِذَا قَامَ لَمْ يَكُنْ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ فَلِذَلِكَ تَخْفَى ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ شَخْصُهُ)(1).
2 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن مَعْبَدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، عَن الرَّضَا عليه السلام، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ أنَّهُ قَالَ لِلْحُسَيْن عليه السلام: (التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ الْمُظْهِرُ لِلدَّين الْبَاسِطُ لِلْعَدْلِ)، قَالَ الْحُسَيْنُ عليه السلام: فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ عليه السلام: (إِي وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَاصْطَفَاهُ عَلَى جَمِيع الْبَريَّةِ وَلَكِنْ بَعْدَ غَيْبَةٍ وَحَيْرَةٍ لاَ تَثْبُتُ فِيهَا عَلَى دِينهِ إِلاَّ الْمُخْلِصُونَ الْمُبَاشِرُونَ لِرَوْح الْيَقِين الَّذِينَ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُمْ بِوَلاَيَتِنَا وَكَتَبَ فِي قُلُوبهِمُ الإيمانَ وَأيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ)(2).
3 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ زِيَادٍ الْمَكْفُوفِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أبِي عَفِيفٍ الشَّاعِر(3)، قَالَ: سَمِعْتُ).
ص: 191
أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلاَنَ الإبل تَبْتَغُونَ الْمَرْعَى فَلاَ تَجِدُونَهُ يَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ)(1).
كمال الدين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن عبد الله بن أبي عفيف، مثله(2).
4 _ كِتَابُ الْمُقْتَضَبِ لابْن الْعَيَّاش: قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّيْخُ الثّقَةُ أبُو الْحُسَيْن بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن عَلِيٍّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن عِنْدَ عُبَيْدِ بْن كَثِيرٍ، عَنْ نُوح بْن دَرَّاجٍ، عَنْ يَحْيَى، عَن الأعْمَش، عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبٍ، عَنْ أبِي جُحَيْفَةَ وَالْحَارثِ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيّ وَالْحَارثِ بْن شَربٍ كُلٌّ حَدَّثَنَا أنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَكَانَ إِذَا أقْبَلَ ابْنُهُ الْحَسَنُ يَقُولُ: (مَرْحَباً بِابْن رَسُولِ اللهِ)، وَإِذَا أقْبَلَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ: (بِأبِي أنْتَ يَا أبَا ابْن خِيَرَةِ الإمَاءِ)، فَقِيلَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا بَالُكَ تَقُولُ هَذَا لِلْحَسَن وَهَذَا لِلْحُسَيْن؟ وَمَن ابْنُ خِيَرَةِ الإمَاءِ؟ فَقَالَ: (ذَاكَ الْفَقِيدُ الطَّريدُ الشَّريدُ (م ح م د) بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن هَذَا) وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأس الْحُسَيْن عليه السلام(3).
5 _ الغيبة للطوسي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن بَزيع، عَن الأصَمَّ، عَن ابْن سَيَابَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ الأسَدِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ بِلاَ إِمَام هُدًى وَلاَ عَلَم يُرَى يَبْرَاُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض)(4).1.
ص: 192
6 _ الإرشاد: رَوَى مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه السلام يَقُولُ: (خَطَبَ النَّاسَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام بِالْكُوفَةِ فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أنَا سَيَّدُ الشّيبِ وَفِي سُنَّةٍ مِنْ أيُّوبَ وَسَيَجْمَعُ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جَمَعَ لِيَعْقُوبَ شَمْلَهُ(1) وَذَلِكَ إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ وَقُلْتُمْ ضَلَّ أوْ هَلَكَ ألاَ فَاسْتَشْعِرُوا قَبْلَهَا بِالصَّبْر وَبُوءُو(2) إِلَى اللهِ بِالذَّنْبِ فَقَدْ نَبَذْتُمْ قُدْسَكُمْ وَأطْفَأتُمْ مَصَابِيحَكُمْ وَقَلَّدْتُمْ هِدَايَتَكُمْ مَنْ لاَ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلاَ لَكُمْ سَمْعاً وَلاَ بَصَراً ضَعُفَ وَاللهِ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ هَذَا وَلَوْ لَمْ تَتَوَاكَلُوا أمْرَكُمْ وَلَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نُصْرَةِ الْحَقَّ بَيْنَكُمْ وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِين الْبَاطِل لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَويَ عَلَيْكُمْ وَعَلَى هَضْم الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أهْلِهَا فِيكُمْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى وَبِحَقًّ أقُولُ لَيُضَعَّفَنَّ عَلَيْكُمُ التّيهُ مِنْ بَعْدِي بِاضْطِهَادِكُمْ وُلْدِي ضِعْفَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ نَهَلاً وَامْتَلأتُمْ عَلَلاً عَنْ(3) سُلْطَان الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ فِي الْقُرْآن لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى نَاعِقِ ضَلاَلٍ وَلأجَبْتُمُ الْبَاطِلَ رَكْضاً ثُمَّ لَغَادَرْتُمْ دَاعِيَ الْحَقَّ وَقَطَعْتُمُ الأدْنَى مِنْ أهْل بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الأبْعَدَ مِنْ أبْنَاءِ الْحَرْبِ(4) ألاَ وَلَوْ ذَابَ مَا فِي أيْدِيهِمْ لَقَدْ دَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ وَكُشِفَ الْغِطَاءُ وَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَأزِفَ الْوَعْدُ(5) وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ وَأشْرَقَ لَكُمْ قَمَرُكُمْ كَمِلْءِ شَهْرهِ وَكَلَيْلَةٍ تَمَّ).
ص: 193
فَإِذَا اسْتَبَانَ(1) ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ وَخَالِعُوا الْحَوْبَةَ وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ إِنْ أطَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَتَدَارَيْتُمْ(2) مِنَ الصَّمَم وَاسْتَشْفَيْتُمْ مِنَ الْبَكَم وَكُفِيتُمْ مَئُونَةَ التَّعَسُّفِ وَالطَّلَبِ وَنَبَذْتُمُ الثّقَلَ الْفَادِحَ عَن الأعْنَاقِ فَلاَ يُبْعِدُ اللهُ إِلاَّ مَنْ أبَى الرَّحْمَةَ وَفَارَقَ الْعِصْمَةَ ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(3))(4).
بيان: (الشيب) بالكسر وبضمَّتين جمع الأشيب وهو من أبيض شعره، (واستدارة الفلك) كناية عن طول مرور الأزمان أو تغيّر أحوال الزمان وسيأتي خبر في باب أشراط الساعة يؤيّد الثاني، قوله: (هذا) فصل بين الكلامين أي خذوا هذا، و(النهل) محرّكة أوّل الشرب، و(العلل) محرّكة الشربة الثانية والشرب بعد الشرب تباعاً، قوله: (كملء شهره) أي كما يملأ في شهره في الليلة الرابع عشر فيكون ما بعده تأكيداً أو كما إذا فرض أنَّه يكون نامياً متزايداً إلى آخر الشهر وسيأتي تفسير بعض الفقرات في شرح الخطبة المنقولة من الكافي وهي كالشرح لهذه ويظهر منها ما وقع في هذا الموضع من التحريفات والاختصارات المخلّة بالمعنى.
7 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْن خَارجَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن عُثْمَانَ، عَنْ حراب(5) بْن أحْنَفَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: (زَادَ).
ص: 194
الْفُرَاتُ عَلَى عَهْدِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَرَكِبَ هُوَ وَابْنَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليهما السلام فَمَرَّ بِثَقِيفٍ فَقَالُوا: قَدْ جَاءَ عَلِيٌّ يَرُدُّ الْمَاءَ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام: أمَا وَاللهِ لاَقْتَلَنَّ أنَا وَابْنَايَ هَذَان وَلَيَبْعَثَنَّ اللهُ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي فِي آخِر الزَّمَان يُطَالِبُ بِدِمَائِنَا وَلَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ تَمْيِيزاً لأهْل الضَّلاَلَةِ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ حَاجَةٍ)(1).
8 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن (مُحَمَّدِ بْن) جُمْهُورٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ(2)، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (خَبَرٌ تَدْريهِ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ تَرْويهِ إِنَّ لِكُلّ حَقًّ حَقِيقَةً وَلِكُلّ صَوَابٍ نُوراً)، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّا وَاللهِ لاَ نَعُدُّ الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِنَا فَقِيهاً حَتَّى يُلْحَنَ لَهُ فَيَعْرفَ اللَّحْنَ إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ: وَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً مُظْلِمَةً عَمْيَاءَ مُنْكَسِفَةً لاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ النُّوَمَةُ، قِيلَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَمَا النُّوَمَةُ؟ قَالَ: الَّذِي يَعْرفُ النَّاسَ وَلاَ يَعْرفُونَهُ.
وَاعْلَمُوا أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ للهِ وَلَكِنَّ اللهَ سَيُعْمِي خَلْقَهُ مِنْهَا بِظُلْمِهِمْ وَجَوْرهِمْ وَإِسْرَافِهِمْ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَلَوْ خَلَتِ الأرْضُ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ حُجَّةٍ للهِ لَسَاخَتْ بِأهْلِهَا وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ يَعْرفُ النَّاسَ وَلاَ يَعْرفُونَهُ كَمَا كَانَ يُوسُفُ يَعْرفُ النَّاسَ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ، ثُمَّ تَلاَ: ((يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ))(3))(4).1.
ص: 195
بيان: قوله عليه السلام: (حتَّى يلحن له) أي يتكلَّم معه بالرمز والإيماء والتعريض على جهة التقيّة والمصلحة فيفهم المراد، قال الجزري: يقال: لحنت فلاناً إذا قلت له قولاً يفهمه ويخفى على غيره لأنَّك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم(1)، وقال: في حديث علي وذكر آخر الزمان والفتن ثُمَّ قال: خير أهل ذلك الزمان كلّ مؤمن نومة. النومة بوزن الهمزة الخامل الذكر الذي لا يؤبه له، وقيل: الغامض في الناس الذي لا يعرف الشرّ وأهله، وقيل: النومة بالتحريك الكثير النوم، فأمَّا الخامل الذي لا يؤبه له فهو بالتسكين ومن الأوّل حَدِيثُ ابْن عَبَّاسٍ أنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ عليه السلام: مَا النُّوَمَةُ؟ قَالَ: (الَّذِي يَسْكُتُ فِي الْفِتْنَةِ فَلاَ يَبْدُو مِنْهُ شَيْءٌ)(2).
9 _ نهج البلاغة: فِي حَدِيثِهِ عليه السلام: (فَإذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدَّين بِذَنَبِهِ فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَريفِ).
قَالَ السَّيَّدُ رضي الله عنه: يَعْسُوبُ الدَّين السَّيَّدُ الْعَظِيمُ الْمَالِكُ لاُمُور النَّاس يَوْمَئِذٍ. وَالْقَزَعُ قِطَعُ الْغَيْم الَّتِي لاَ مَاءَ فِيهاَ(3).
بيان: قالوا: هذا الكلام في خبر الملاحم الذي يذكر فيه المهدي عليه السلام، وقال في النهاية: أي فارق أهل الفتنة وضرب في الأرض ذاهباً في أهل دينه وأتباعه الذين يتبعونه على رأيه وهم الأذناب(4). وقال الزمخشري: الضرب بالذنب ههنا مثل للإقامة والثبات(5) يعني أنَّه يثبت هو ومن يتبعه على الدين.1.
ص: 196
10 _ نهج البلاغة: قَالَ عليه السلام فِي بَعْض خُطَبِهِ: (قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا وَأخَذَهَا بِجَمِيع أدَبِهَا مِنَ الإقْبَالِ عَلَيْهَا وَالْمَعْرفَةِ بِهَا وَالتَّفَرُّغ لَهَا وَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهِ ضَالَّتُهُ الَّتِي يَطْلُبُهَا وَحَاجَتُهُ الَّتِي يَسْألُ عَنْهَا فَهُوَ مُغْتَربٌ إِذَا اغْتَرَبَ الإسْلاَمُ وَضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِهِ وَألْصَقَ الأرْضَ بِجِرَانِهِ بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِهِ خَلِيفَةٌ مِنْ خَلاَئِفِ أنْبِيَائِهِ)(1).
بيان: قال ابن أبي الحديد: قالت الإماميّة: إنَّ المراد به القائم عليه السلام المنتظر(2)، والصوفية يزعمون أنَّه وليُّ الله(3) وعندهم أنَّ الدنيا لا يخلو عن الأبدال وهم أربعون وعن الأوتاد وهم سبعة وعن القطب وهو واحد. والفلاسفة يزعمون أنَّ المراد به العارف، وعند أهل السُنّة هو المهدي الذي سيخلق، وقد وقع اتّفاق الفِرَق بين المسلمين على أنَّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلاَّ على المهدي(4).
قوله عليه السلام: (فهو مغترب) أي هذا الشخص يخفى نفسه إذا ظهر الفسق والفجور، واغترب الإسلام باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدلُّ على ما ذهبت إليه الإماميّة، و(العسيب) عظم الذنب أو منبت الشعر منه، وإلصاق الأرض بجرانه كناية عن ضعفه وقلّة نفعه فإنَّ البعير أقلّ ما يكون نفعه حال بروكه.
11 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(5) الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيّ، عَنْ عِيسَى بْند.
ص: 197
عَبْدِ اللهِ الْعَلَويّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر مِنْ وُلْدِي هُوَ الَّذِي يُقَالُ: مَاتَ(1) هَلَكَ لاَ بَلْ فِي أيّ وَادٍ سَلَكَ؟)(2).
12 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُزَاحِم الْعَبْدِيّ، عَنْ عِكْرمَةَ بْن صَعْصَعَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ تَنْفَكُّ هَذِهِ الشّيعَةَ حَتَّى تَكُونَ بِمَنْزلَةِ الْمَعْز لاَ يَدْري الْخَابِسُ عَلَى أيّهَا يَضَعُ يَدَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ شَرَفٌ يُشْرفُونَهُ وَلاَ سِنَادٌ يَسْتَنِدُونَ إِلَيْهِ فِي اُمُورهِمْ)(3).
إيضاح: خبس الشيء بكفّه أخذه وفلاناً حقّه ظلمه أي يكون كلّهم مشتركين في العجز حتَّى لا يدري الظالم أيّهم يظلم لاشتراكهم في احتمال ذلك كقصّاب يتعرَّض لقطيع من المعز لا يدري أيّهم يأخذ للذبح.
13 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الشَّاعِر يَعْنِي ابْنَ أبِي(4) عَقِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلاَنَ الإبل تَبْتَغُونَ مَرْعًى وَلاَ تَجِدُونَهَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ)(5).
14 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ2.
ص: 198
مُوسَى بْن هَارُونَ بْن عِيسَى الْعَبْدِيّ(1)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُسْلِم بْن قَعْنَبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن هِلاَلٍ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ نَبَّئْنَا بِمَهْدِيّكُمْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِذَا دَرَجَ الدَّارجُونَ وَقَلَّ الْمُؤْمِنُونَ وَذَهَبَ الْمُجْلِبُونَ فَهُنَاكَ(3)، فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ مِمَّن الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: مِنْ بَنِي هَاشِم مِنْ ذِرْوَةِ طَوْدِ الْعَرَبِ وَبَحْر مَغِيضِهَا إِذَا وَرَدَتْ وَمَجْفُوَّ أهْلِهَا إِذَا أتَتْ(4) وَمَعْدِن صَفْوَتِهَا إِذَا اكْتَدَرَتْ لاَ يَجْبُنُ إِذَا الْمَنَايَا هَلِعَتْ(5) وَلاَ يَحُورُ(6) إِذَا الْمُؤْمِنُونَ اكْتَنَفَتْ(7) وَلاَ يَنْكُلُ إِذَا الْكُمَاةُ اصْطَرَعَتْ مُشَمَّرٌ مُغْلَوْلِبٌ ظَفِرٌ ضِرْغَامَةٌ حَصِدٌ مُخَدَّشٌ ذَكَرٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ رَأسٌ قُثَمُ نَشِقٌ(8) رَأسَهُ فِي بَاذِخ السُّؤْدَدِ وَغَارزٌ مَجْدَهُ فِي أكْرَم الْمَحْتِدِ فَلاَ يَصْرفَنَّكَ عَنْ تَبِعَتِهِ(9) صَارفٌ عَارضٌ يَنُوصُ إِلَى الْفِتْنَةِ كُلَّ مَنَاصٍ إِنْ قَالَ فَشَرُّ قَائِلٍ وَإِنْ سَكَتَ فَذُو دَعَائِرَ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صِفَةِ الْمَهْدِيّ عليه السلام فَقَالَ: أوْسَعُكُمْ كَهْفاً وَأكْثَرُكُمْ).
ص: 199
عِلْماً وَأوْصَلُكُمْ رَحِماً اللهُمَّ فَاجْعَلْ بَيْعَتَهُ(1) خُرُوجاً مِنَ الْغُمَّةِ وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَ الاُمَّةِ فَأنَّى جَازَ لَكَ(2) فَاعْزمْ وَلاَ تَنْثَن عَنْهُ إِنْ وَفَّقْتَ لَهُ وَلاَ تُجِيزَنَّ عَنْهُ إِنْ هُدِيتَ إِلَيْهِ هَاهْ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ)(3).
توضيح: قال الفيروزآبادي: درج دروجاً ودرجاناً مشى والقوم انقرضوا وفلان لم يخلف نسلاً أو مضى لسبيله(4)، انتهى. والغرض انقراض قرون كثيرة، قوله عليه السلام: (وذهب المجلبون) أي المجتمعون على الحقّ والمعينون للدين أو الأعمّ قال الجزري: يقال: أجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا وأجلبه أي أعانه وأجلب عليه إذا صاح به واستحثَّه(5)، و(الطود) بالفتح الجبل العظيم وفي بعض النسخ بالراء وهو بالضمّ أيضاً الجبل والأوّل أصوب، و(المغيض) الموضع الذي يدخل فيه الماء فيغيب ولعلَّ المعنى أنَّه بحر العلوم والخيرات فهي كامنة فيه أو شبهه ببحر في أطرافه مغايض فإنَّ شيعتهم مغايض علومهم، قوله عليه السلام: (ومجفو أهلها) أي إذا أتاه أهله يجفونه ولا يطيعونه، قوله عليه السلام: (هلعت) أي صارت حريصة على إهلاك الناس، قوله عليه السلام: (ولا يحور) في بعض النسخ ولا يخور إذا المنون أكسفت و(الخور) الجبن، و(المنون) الموت، و(الكماة) بالضمّ جمع الكمي وهو الشجاع أو لابس السلاح ويقال: (ظفر بعدوه) فهو ظفر، والضرغامة بالكسر الأسد.2.
ص: 200
قوله عليه السلام: (حصد) أي يحصد الناس بالقتل، قوله: (مخدش) أي يخدش الكفّار ويجرحهم، و(الذكر) من الرجال بالكسر القوي الشجاع الأبيّ ذكره الفيروزآبادي وقال: الرأس أعلا كلّ شيء وسيّد القوم(1)، و(القثم) كزفر الكثير العطاء(2) وقال الجزري: رجل (نشق) إذا كان يدخل في أمور لا يكاد يخلص منها(3) وفي بعض النسخ باللام والباء يقال: رجل لبق ككتف أي حاذق بما عمل وفي بعضها شقّ رأسه أي جانبه، و(الباذخ) العالي المرتفع.
قوله عليه السلام: (وغارز مجده) أي مجده الغارز الثابت من غرز الشيء في الشيء أي أدخله وأثبته، و(المحتد) بكسر التاء الأصل، وقوله: (ينوص) صفة للصارف.
وقال الفيروزآبادي: المناص الملجأ وناص مناصاً تحرَّك وعنه تنحّى وإليه نهض(4)، قوله: (فذو دعاير) من الدعارة وهو الخبث والفساد ولا يبعد أن يكون تصحيف الدغايل جمع الدغيلة وهي الدغل والحقد أو بالمهملة من الدعل بمعنى الختل، قوله عليه السلام: (فإن جاز لك) أي تيسَّر لك مجازاً ويقال: انثنى أي انعطف، قوله عليه السلام: (ولا تجيزنَّ عنه) أي إن أدركته في زمان غيبته، وفي بعض النسخ ولا تحيزنَّ بالحاء المهملة والزاء المعجمة أي لا تتحيّزنَّ من التحيّز عن الشيء بمعنى التنحّي عنه وكانت النسخ مصحّفة محرّفة في أكثر ألفاظها.3.
ص: 201
15 _ الطرائف: فِي الْجَمْع بَيْنَ الصّحَاح السَّتَّةِ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام وَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ الْحُسَيْن وَقَالَ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيَّدٌ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَسَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلٌ بِاسْم نَبِيّكُمْ يُشْبِهُهُ فِي الْخُلُقِ وَلاَ يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً)(1).
16 _ نهج البلاغة: (وَأخَذُوا يَمِيناً وَشِمَالاً طعنا(2) فِي مَسَالِكِ الْغَيّ وَتَرْكاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوا مَا هُوَ كَائِنٌ مُرْصَدٌ وَلاَ تَسْتَبْطِئُوا مَا يَجِيءُ بِهِ الْغَدُ فَكَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إِنْ أدْرَكَهُ وَدَّ أنَّهُ لَمْ يُدْركْهُ وَمَا أقْرَبَ الْيَوْمَ مِنْ تَبَاشِير غَدٍ، يَا قَوْمُ هَذَا إِبَّانُ وُرُودِ كُلّ مَوْعُودٍ وَدُنُوٌّ مِنْ طَلْعَةِ مَا لاَ تَعْرفُونَ ألاَ وَإِنَّ مَنْ أدْرَكَهَا مِنَّا يَسْري فِيهَا بِسِرَاج مُنِيرٍ وَيَحْذُو فِيهَا عَلَى مِثَالِ الصَّالِحِينَ لِيَحُلَّ فِيهَا ربْقاً وَتعتق(3) رقّاً وَيَصْدَعَ شَعْباً وَيَشْعَبَ صَدْعاً فِي سُتْرَةٍ عَن النَّاس لاَ يُبْصِرُ الْقَائِفُ أثَرَهُ وَلَوْ تَابَعَ نَظَرَهُ ثُمَّ لَيُشْحَذَنَّ فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَيْن النَّصْلَ تُجْلَى بِالتَّنْزيل أبْصَارُهُمْ وَيُرْمَى بِالتَّفْسِير فِي مَسَامِعِهِمْ وَيُغْبَقُونَ كَأسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوح)(4).
بيان: (مرصد) أي مترقّب ما يجيء به الغد من الفتن والوقايع، (من تباشير غد) أي أوائله أو من البشرى به، و(الأبان) الوقت والزمان، (يسري) من السرى السير بالليل، و(الربق) الخيط، و(القائف) الذي يتتبّع الآثار، (ولو تابع نظره) أي ولو استقصى في الطلب وتابع النظر والتأمّل وشحذت السكين حددته أي ليحرضنَّ في هذه الملاحم قوم على الحرب ويشحذ عزائمهم في قتل أهل0.
ص: 202
الضلال كما يشحذ الحدّاد النصل كالسيف وغيره، قوله عليه السلام: (يجلي بالتنزيل) أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن وإلهامهم تفسيره ومعرفة أسراره، و(الغبوق) الشرب بالعشي مقابل الصبوح.
17 _ أمالي الطوسي: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِابْن الْحَمَّامِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدِ بْن أبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَر بْن كَثِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بْن ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لَتُمْلأنَّ الأرْضُ ظُلْماً وَجَوْراً حَتَّى لاَ يَقُولَ أحَدٌ: (اللهُ) إِلاَّ مُسْتَخْفِياً ثُمَّ يَأتِي اللهُ بِقَوْم صَالِحِينَ يَمْلَئُونَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(1).
18 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ وَمُحَمَّدٍ الْعَطَّار وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ جَمِيعاً، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَابْن عِيسَى وَالْبَرْقِيّ وَابْن هَاشِم جَمِيعاً، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيّ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار وَسَعْدٍ مَعاً، عَن الطَّيَالِسِيّ، عَنْ زَيْدِ بْن مُحَمَّدِ(2) بْن قَابُوسَ، عَن النَّضْر بْن أبِي السَّريّ، عَنْ أبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرقَّ، عَنْ ثَعْلَبَة، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيّ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: أتَيْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَوَجَدْتُهُ مُفَكّر(3) يَنْكُتُ فِي الأرْض، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا لِي أرَاكَ مُفَكّراً تَنْكُتُ فِي الأرْض أرَغْبَةً(4) فِيهَا؟ قَالَ: (لاَ، وَاللهِ مَا رَغِبْتُ فِيهَا وَلاَ فِي الدُّنْيَا يَوْماً قَطُّ).
ص: 203
وَلَكِنّي فَكَّرْتُ فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْري الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي هُوَ الْمَهْدِيُّ يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَهْتَدِي فِيهَا آخَرُونَ)، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، كَمَا أنَّهُ مَخْلُوقٌ وَأنَّى لَكَ بِالْعِلْم بِهَذَا الأمْر يَا أصْبَغُ اُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الاُمَّةِ مَعَ أبْرَار هَذِهِ الْعِتْرَةِ)، قُلْتُ: وَمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ فَإنَّ لَهُ إِرَادَاتٌ وَغَايَاتٌ وَنهَايَاتٌ)(1).
الغيبة للطوسي: سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن فضال، عن ثعلبة، مثله(2).
الغيبة للطوسي: عبد الله بن محمّد بن خالد، عن منذر بن محمّد بن قابوس، عن نضر، (عن)(3) ابن السندي، عن أبي داود، عن ثعلبة، مثله(4).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمّد، عن البرقي، عن نضر بن محمّد بن قابوس، عن منصور بن السندي، عن أبي داود، مثله(5).
الاختصاص: ابن قولويه، عن سعد، عن الطيالسي، عن المنذر بن محمّد، عن النضر بن أبي السري، مثله(6).
أقول: في هذه الروايات كلّها سوى رواية الصدوق بعد قوله: (ويهتدي فيها آخرون): قلت: يا مولاي فكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال:).
ص: 204
(ستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّ سنين)، فقلت: وإن هذا الكائن؟... إلى آخر الخبر. وفي الكافي أيضاً كذلك(1).
ونكت الأرض بالقضيب هو أن يؤثّر بطرفه فعلى (هذا) المفكّر: المهموم، وضمير (فيها) راجع إلى الأرض، أي اهتمامك وتفكّرك لرغبة في الأرض وأن تصير مالكاً لها نافذ الحكم فيها، أو هو راجع إلى الخلافة وربَّما يحمل الكلام على المطاية.
ولعلَّ المراد بالحيرة التحيّر في المساكن وأن يكون في كلّ زمان في بلدة وناحية، وقيل: المراد حيرة الناس فيه وهو بعيد.
قوله عليه السلام: (ستّة أيّام...) الخ، لعلَّه مبني على وقوع البداء فيه، ولذا ردَّد عليه السلام بين أمور، وأشار إليه في آخر الخبر ويمكن أن يقال: إنَّ السائل سأل عن الغيبة والحيرة معاً فأجاب عليه السلام بأنَّ زمان مجموعهما أحد الأزمنة المذكورة وبعد ذلك ترفع الحيرة وتبقى الغيبة، فالترديد باعتبار اختلاف مراتب الحيرة إلى أن استقرَّ أمره عليه السلام في الغيبة، وقيل: المراد أنَّ آحاد زمان الغيبة هذا المقدار. (كما أنَّه) أي المهدي عليه السلام، (مخلوق) أي كما أنَّ وجوده محتوم فكذا غيبته محتوم، (فإنَّ له إرادات) في سائر الروايات: (فإنَّ له بداءات وإرادات) أي يظهر من الله سبحانه فيه عليه السلام أمور بدائية في امتداد غيبته وزمان ظهوره وإرادات في الإظهار والإخفاء والغيبة والظهور، و(غايات) أي منافع ومصالح فيها، و(نهايات) مختلفة لغيبته وظهوره بحسب ما يظهر للخلق من ذلك بسبب البداء.
19 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ جَعْفَر8.
ص: 205
بْن مُحَمَّدٍ الْفَزَاريّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، عَنْ أبِي هَاشِم، عَنْ فُرَاتِ بْن أحْنَفَ(1)، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ ذَكَرَ الْقَائِمَ عليه السلام فَقَالَ: (أمَا لَيَغِيبَنَّ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ)(2).
كمال الدين: الورّاق، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسحاق بن محمّد، (عن أبي هاشم)، عن فرات بن أحنف، عن ابن نباته، مثله(3).
20 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ(4)، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ يَزيدَ الضَّخْم، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلاَنَ النَّعَم تَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ تَجِدُونَهُ)(5).
21 _ كمال الدين: ابْنُ مُوسَى، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدِ الصَّمَدِ بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ عَلِيّ بْن حَزَوَّرٍ(6)، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر الشَّريدُ الطَّريدُ الْفَريدُ الْوَحِيدُ)(7).
22 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْحَكَم،3.
ص: 206
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَن الأعْمَش، عَنْ أبِي وَائِلٍ، قَالَ: نَظَرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام إِلَى ابْنِهِ الْحُسَيْن فَقَالَ: (إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيَّدٌ كَمَا سَمَّاهُ (رَسُولُ) اللهِ سَيَّداً وَسَيُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْم نَبِيّكُمْ فَيُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ يَخْرُجُ عَلَى حِين غَفْلَةٍ مِنَ النَّاس وَإِمَاتَةٍ مِنَ الْحَقَّ وَإِظْهَارٍ مِنَ الْجَوْر وَاللهِ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُربَ عُنُقُهُ، يَفْرَحُ لِخُرُوجِهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَسُكَّانُهَا يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً...) تَمَامَ الْخَبَر(1).
23 _ نهج البلاغة: فِي بَعْض خُطَبِهِ عليه السلام: (فَلَبِثْتُمْ بَعْدَهُ _ يَعْنِي نَفْسَهُ عليه السلام(2) _ مَا شَاءَ اللهُ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ، وَيَضُمُّ نَشْرَكُمْ...)(3) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْفِتَن.
وَقَالَ ابْنُ مِيثَم رحمه الله: قَدْ جَاءَ فِي بَعْض خُطَبِهِ عليه السلام مَا يَجْري مَجْرَى الشَّرْح لِهَذَا الْوَعْدِ، قَالَ عليه السلام: (اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أنَّ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ قَائِمَنَا مِنْ أمْر جَاهِلِيَّتِكُمْ وَذَلِكَ أنَّ الاُمَّةَ كُلَّهَا يَوْمَئِذٍ جَاهِلِيَّةٌ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ فَلاَ تَعْجَلُوا فَيَعْجَلَ الْخَوْفُ بِكُمْ وَاعْلَمُوا أنَّ الرَّفْقَ يُمْنٌ وَالأنَاةَ رَاحَةٌ وَبَقَاءٌ وَالإمَامَ أعْلَمُ بِمَا يُنْكَرُ وَيُعْرَفُ لَيَنْزعَنَّ عَنْكُمْ قُضَاةَ السَّوْءِ وَلَيَقْبِضَنَّ عَنْكُمُ الْمُرَاضِينَ وَلَيَعْزلَنَّ عَنْكُمْ اُمَرَاءَ الْجَوْر وَلَيُطَهَّرَنَّ الأرْضَ مِنْ كُلّ غَاشٍّ وَلَيَعْمَلَنَّ بِالْعَدْلِ وَلَيَقُومَنَّ فِيكُمْ بِالْقِسْطَاس الْمُسْتَقِيم وَلَيَتَمَنَّيَنَّ أحْيَاؤُكُمْ رَجْعَةَ الْكَرَّةِ عَمَّا قَلِيلٍ فَتَعَيَّشُوا إِذَنْ فَإنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ.
اللهَ أنْتُمْ بِأحْلاَمِكُمْ كُفُّوا ألْسِنَتَكُمْ وَكُونُوا مِنْ وَرَاءِ مَعَايِشِكُمْ فَإنَّ الْحِرْمَانَ سَيَصِلُ إِلَيْكُمْ وَإِنْ صَبَرْتُمْ وَاحْتَسَبْتُمْ وَاسْتَيْقَنْتُمْ أنَّهُ طَالِبٌ وَتَرَكُمْ0.
ص: 207
وَمُدْركٌ آثَارَكُمْ وَآخِذٌ بِحَقّكُمْ وَاُقْسِمُ بِاللهِ قَسَماً حَقّاً إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
أقول: وَقَالَ ابْنُ أبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْح خُطْبَةٍ أوْرَدَهَا السَّيَّدُ الرَّضِيُّ فِي نَهْج الْبَلاَغَةِ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْر بَنِي اُمَيَّةَ: هَذِهِ الْخُطْبَةُ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِ السَّيَر وَهِيَ مُتَدَاولَةٌ مَنْقُولَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ وَفِيهَا ألْفَاظٌ لَمْ يُوردْهَا الرَّضِيُّ.
ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهَا: (فَانْظُرُوا أهْلَ بَيْتِ نَبِيّكُمْ فَإنْ لَبَدُوا فَالْبَدُوا وَإِن اسْتَنْصَرُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ لَيَفْرجَنَّ(1) اللهُ بِرَجُلٍ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ بِأبِي ابْن خِيَرَةِ الإمَاءِ لاَ يُعْطِيهِمْ إِلاَّ السَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً مَوْضُوعاً عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةً(2) حَتَّى تَقُولَ قُرَيْشٌ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا، فَيُغْريهِ اللهُ بِبَني اُمَيَّةَ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ حُطَاماً وَرُفَاتاً مَلْعُونينَ أيْنَما ثُقِفُوا اُخِذُوا وَقُتّلُوا تَقْتِيلاً ((سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً))(3))(4).
ثُمَّ قال ابن أبي الحديد: فإن قيل: من هذا الرجل الموعود؟ قيل: أمَّا الإماميّة فيزعمون أنَّه إمامهم الثاني عشر وأنَّه ابن أمَة اسمها نرجس وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنَّه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لاُمّ ولد وليس بموجود الآن.
فإن قيل: فمن يكون من بني أميّة في ذلك الوقت موجوداً حتَّى يقول عليه السلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم؟ قيل: أمَّا8.
ص: 208
الإماميّة فيقولون بالرجعة ويزعمون أنَّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أميّة وغيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر وأنَّه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم ويسمل عيون بعضهم ويصلب قوماً آخرين وينتقم من أعداء آل محمّد عليهم السلام المتقدّمين والمتأخّرين.
وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنَّه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلاً من ولد فاطمة عليها السلام ليس موجوداً الآن وينتقم به(1) وأنَّه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلما(2) من الظالمين وينكل بهم أشدّ النكال وأنَّه لاُمّ ولد كما قد ورد في هذا الأثر وفي غيره من الآثار وأنَّ اسمه(3) كاسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّه يظهر بعد أن يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أميّة وهو السفياني الموعود به في الصحيح(4) من ولد أبي سفيان بن حرب بن أميّة وأنَّ الإمام الفاطمي يقتله وأشياعه(5) من بني أميّة وغيرهم وحينئذٍ ينزل المسيح عليه السلام من السماء وتبدو أشراط الساعة وتظهر دابة الأرض ويبطل التكليف ويتحقَّق قيام الأجساد عند نفخ الصور كما نطق به الكتاب العزيز(6).
24 _ الكافي: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ الْمُحَمَّدِيّ، عَنْ أبِي رَوْح فَرَج بْن قُرَّةَ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَسْعَدَةَ9.
ص: 209
بْن صَدَقَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خَطَبَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيّ وَآلِهِ ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَقْصِمْ جَبَّاري دَهْرٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ تَمْهِيلٍ وَرَخَاءٍ وَلَمْ يَجْبُرْ كَسْرَ عَظْم (مِنَ)(1) الاُمَم إِلاَّ بَعْدَ أزْلٍ وَبَلاَءٍ، أيُّهَا النَّاسُ فِي دُون مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَطْبٍ وَاسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ وَمَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ وَلاَ كُلُّ ذِي سَمْع بِسَمِيع وَلاَ كُلُّ ذِي نَاظِر عَيْنٍ بِبَصِيرٍ، عِبَادَ اللهِ أحْسِنُوا فِيمَا يُعِينُكُمُ النَّظَرُ فِيهِ ثُمَّ انْظُرُوا إِلَى عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أقَادَهُ اللهُ بِعِلْمِهِ كَانُوا عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أهْل جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوع وَمَقام كَريم ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللهُ لَهُمْ بَعْدَ النَّظْرَةِ وَالسُّرُور وَالأمْر وَالنَّهْي وَلِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ فِي الْجِنَان وَاللهِ مُخَلَّدُونَ وَللهِ عاقِبَةُ الاُمُور.
فَيَا عَجَبَا وَمَا لِي لاَ أعْجَبُ مِنْ خَطَاءِ هَذِهِ الْفِرَقِ عَلَى اخْتِلاَفِ حُجَجِهَا فِي دِينهَا لاَ يَقْتَفُونَ(2) أثَرَ نَبِيٍّ وَلاَ يَعْتَدُّونَ(3) بِعَمَل وَصِيٍّ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ وَلاَ يَعِفُّونَ عَنْ عَيْبٍ الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا، وَالْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أنْكَرُوا وَكُلُّ امْرئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ آخِذٌ مِنْهَا فِيمَا يَرَى بِعُرًى وَثِيقَاتٍ وَأسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ فَلاَ يَزَالُونَ بِجَوْرٍ وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلاَّ خَطَأ لاَ يَنَالُونَ تَقَرُّباً وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلاَّ بُعْداً مِنَ اللهِ عزّ وجل اُنْسُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَتَصْدِيقُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ كُلُّ ذَلِكَ وَحْشَةً مِمَّا وَرَّثَ النَّبِيُّ(4) صلى الله عليه وآله وسلّم وَنُفُوراً مِمَّا أدَّى إِلَيْهِمْ مِنْ أخْبَار فَاطِر السَّمَاوَاتِ وَالأرْض.).
ص: 210
أهْلُ حَسَرَاتٍ، وَكُهُوفُ شُبُهَاتٍ، وَأهْلُ عَشَوَاتٍ، وَضَلاَلَةٍ وَريبَةٍ، مَنْ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى نَفْسِهِ وَرَأيِهِ فَهُوَ مَأمُونٌ عِنْدَ مَنْ يَجْهَلُهُ غَيْرُ الْمُتَّهَم عِنْدَ مَنْ لاَ يَعْرفُهُ فَمَا أشْبَهَ هَؤُلاَءِ بِأنْعَام قَدْ غَابَ عَنْهَا رعَاؤُهَا.
وَوَا أسَفَا مِنْ فَعَلاَتِ شِيعَتِناَ(1) مِنْ بَعْدِ قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْيَوْمَ كَيْفَ يَسْتَذِلُّ بَعْدِي بَعْضُهَا بَعْضاً وَكَيْفَ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً؟ الْمُتَشَتّتَةُ غَداً عَن الأصْل النَّازِلَةُ بِالْفَرْع، الْمُؤَمَّلَةُ الْفَتْحَ مِنْ غَيْر جِهَتِهِ كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ آخِذٌ مِنْهُ بِغُصْنٍ أيْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ مَعَ أنَّ اللهَ وَلَهُ الْحَمْدُ سَيَجْمَعُ هَؤُلاَءِ لِشَرَّ يَوْم لِبَني اُمَيَّةَ كَمَا يَجْمَعُ قَزَعَ الْخَريفِ يُؤَلّفُ اللهُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَام السَّحَابِ ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أبْوَاباً يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارهِمْ كَسَيْل الْجَنَّتَيْن سَيْلَ الْعَرم حَيْثُ نَقَبَ(2) عَلَيْهِ فَأرَةٌ فَلَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ أكَمَةٌ وَلَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ(3) طَوْدٍ يُذَعْذِعُهُمُ(4) اللهُ فِي بُطُون أوْدِيَةٍ ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنابِيعَ فِي الأرْض يَأخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْم حُقُوقَ قَوْم وَيُمَكّنُ بِهِمْ قَوْماً فِي دِيَار قَوْم تَشْريداً لِبَني اُمَيَّةَ وَلِكَيْ لاَ يَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا يُضَعْضِعُ اللهُ بِهِمْ رُكْناً وَيَنْقُضُ بِهِمْ طَيَّ الْجَنَادِلِ مِنْ إِرَمَ وَيَمْلاَ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّيْتُون.
فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَيَكُونَنَّ ذَلِكَ وَكَأنّي أسْمَعُ صَهِيلَ خَيْلِهِمْ وَطَمْطَمَةَ رجَالِهِمْ وَايْمُ اللهِ لَيَذُوبَنَّ مَا فِي أيْدِيهِمْ بَعْدَ الْعُلُوَّ وَالتَّمْكِين فِي الْبِلاَدِ كَمَا تَذُوبُ الألْيَةُ عَلَى النَّار مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَاتَ ضَالّاً وَإِلَى اللهِ عزّ وجل يُفْضِي مِنْهُمْ مَنْ دَرَجَ وَيَتُوبُ اللهُ عزّ وجل عَلَى مَنْ تَابَ وَلَعَلَّ اللهَ).
ص: 211
يَجْمَعُ شِيعَتِي بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرَّ يَوْم لِهَؤُلاَءِ وَلَيْسَ لأحَدٍ عَلَى اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِيَرَةُ بَلْ للهِ الْخِيَرَةُ وَالأمْرُ جَمِيعاً.
أيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمُنْتَحِلِينَ لِلإمَامَةِ مِنْ غَيْر أهْلِهَا كَثِيرٌ وَلَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ مُرَّ الْحَقَّ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِين الْبَاطِل، لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَويَ عَلَيْكُمْ عَلَى هَضْم الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أهْلِهَا لَكِنْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عليه السلام.
وَلَعَمْري لَيُضَاعَفَنَّ عَلَيْكُمُ التَّيْهُ مِنْ بَعْدِي أضْعَافَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَلَعَمْري أنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِي مُدَّةَ سُلْطَان بَني اُمَيَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى سُلْطَان الدَّاعِي إِلَى الضَّلاَلَةِ وَأحْيَيْتُمُ الْبَاطِلَ وَأخْلَفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُوركُمْ وَقَطَعْتُمُ الأدْنَى مِنْ أهْل بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الأبْعَدَ مِنْ أبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَعَمْري أنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِي أيْدِيهِمْ لَدَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ وَقَرُبَ الْوَعْدُ وَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ وَلاَحَ لَكُمُ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ إِن اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ الْمَشْرقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ(1) الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى وَالصَّمَم وَالْبَكَم وَكُفِيتُمْ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَالتَّعَسُّفِ وَنَبَذْتُمُ الثَّقَلَ الْفَادِح عَن الأعْنَاقِ وَلاَ يُبَعَّدُ اللهُ إِلاَّ مَنْ أبَى وَظَلَمَ وَاعْتَسَفَ وَأخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(2))(3).
بيان: (الأزل) الضيق والشدّة. و(الخطب) الشأن والأمر ويحتمل أن يكون المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم من استيلاء2.
ص: 212
الكفرة أوّلاً وغلبة الحقّ وأهله ثانياً وبما استقبلوه ما ورد عليهم بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم من أشباهها ونظائرها من استيلاء المنافقين على أمير المؤمنين عليه السلام ثُمَّ رجوع الدولة إليه بعد ذلك فإنَّ الحالتين متطابقتان، ويحتمل أن يكون المراد بهما شيئاً واحداً وإنَّما يستقبل قبل وروده ويستدبر بعد مضيه والمقصود التفكّر في انقلاب أحوال الدنيا وسرعة زوالها وكثرة الفتن فيها فتدعو إلى تركها والزهد فيها ويحتمل على بعد أن يكون المراد بما يستقبلونه ما هو أمامهم من أحوال البرزخ وأهوال القيامة وعذاب الآخرة وبما استدبروه ما مضى من أيّام عمرهم وما ظهر لهم ممَّا هو محلّ للعبرة فيها.
(بلبيب) أي عاقل، (بسميع) أي يفهم الحقّ ويؤثّر فيه، (ببصير) أي يبصر الحقّ ويعتبر بما يرى وينتفع بما يشاهد، (فيما يعنيكم) أي يهمّكم وينفعكم وفي بعض النسخ يغنيكم، (والنظر فيه) الظاهر أنَّه بدل اشتمال لقوله: (فيما يعنيكم) ويحتمل أن يكون فاعلاً لقوله: (يعنيكم) بتقدير النظر قبل الظرف أيضاً.
(من قد أقاده الله) يقال: أقاده خيلاً أي أعطاه ليقودها ولعلَّ المعنى من مكَّنه الله من الملك بأن خلى بينه وبين اختياره ولم يمسك يده عمَّا أراده، (بعلمه) أي بما يقتضيه علمه وحكمته من عدم إجبارهم على الطاعات، ويحتمل أن يكون من القود والقصاص ويؤيّده أنَّ في بعض النسخ بعمله فالضمير راجع إلى الموصول، (على سُنّة) أي طريقة وحالة مشبهة ومأخوذة، (من آل فرعون) من الظلم والكفر والطغيان أو من الرفاهية والنعمة كما قال: (أهل جنّات) فعلى الأوّل حال وعلى الثاني بدل من قوله: (على سُنّة) أو عطف بيان له، (بما ختم الله) الباء بمعنى في أو إلى أو زائدة، و(النضرة) الحسن والرونق.
ص: 213
وقوله عليه السلام: (مخلّدون) خبر لمبتدأ محذوف والجملة مبيّنة ومؤكّدة للسابقة أي هم والله مخلّدون في الجنان، (ولله عاقبة الأمور) أي مرجعها إلى حكمه كما قيل، أو عاقبة الملك والدولة والعزّ لله ولمن طلب رضاه كما هو الأنسب بالمقام، (فيا عجبا) بغير تنوين وأصله يا عجبي ثُمَّ قلبوا الياء ألفاً فإن وقفت قلت: يا عجباه أي يا عجبي أقبل هذا أوانك أو بالتنوين أي يا قوم اعجبوا عجباً أو أعجب عجباً والأوّل أشهر وأظهر، (في دينها) الظرف متعلّق بالاختلاف أو بالخطاء أو بهما على التنازع، (بغيب) أي بأمر غائب عن الحسّ ممَّا أخبر به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم من الجنّة والنار وغيرهما، (ولا يعفون) بكسر العين وتشديد الفاء من العفّة والكفّ أو بسكون العين وتخفيف الفاء من العفو أي عن عيوب الناس.
(المعروف...) الخ، أي المعروف والخير عندهم ما يعدونه معروفاً ويستحسنونه بعقولهم الناقصة وإن كان منكراً في نفس الأمر أو المعنى أنَّ المعروف والمنكر تابعان لإرادتهم وميول طبائعهم وشهواتهم فما اشتهته أنفسهم وإن أنكرته الشريعة فهو المعروف عندهم، (بعرى وثيقات) أي يظنّون أنَّهم تمسّكوا بدلائل وبراهين فيما يدعون من الأمور الباطلة.
(وأسباب محكمات) أي يزعمون أنَّهم تعلّقوا بوسائل محكمة فيمن يتوسّلون بهم من أئمّة الجور، (أنس بعضهم) على الفعل أو المصدر والثاني أظهر، (وحشة) أي يفعلون كلّ ذلك لوحشتهم ونفورهم عن العلوم التي ورثها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أهل بيته، (أهل حسرات) بعد الموت وفي القيامة وفي النار، (وكهوف شبهات) أي تأوي إليهم الشبهات لأنَّهم يقبلون إليها ويفتتنون بها وفي بعض النسخ: (وكفر وشبهات) فيكونان معطوفين على حسرات.
ص: 214
وقال الجوهري: العشوة أن يركب أمراً على غير بيان ويقال: أخذت عليهم بالعشوة أي بالسواد من الليل(1)، (فهو مأمون) خبر للموصول والمعنى أنَّ حسن ظنّ الناس والعوام بهم إنَّما هو لجهلهم بضلالتهم وجهالتهم ويحتمل أن يكون المراد بالموصول أئمّة من قد ذمهم سابقاً لا أنفسهم، (من فعلات شيعتي) أي من يتبعني اليوم ظاهراً، و(اليوم) ظرف للقرب، (المتشتتة) أي هم الذين يتفرّقون عن أئمّة الحقّ ولا ينصرونهم ويتعلّقون بالفروع التي لا ينفع التعلّق بها بدون التشبّث بالأصل كاتّباعهم المختار وأبا مسلم وزيداً وأضرابهم بعد تفرّقهم عن الأئمّة عليهم السلام، (من غير جهته) أي من غير الجهة التي يرجى منها الفتح أو من غير الجهة التي اُمروا بالاستفتاح منها فإنَّ خروجهم بغير إذن الإمام كان معصية.
(لشرّ يوم) إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أميّة وقد فعلوا لكن سلّطوا على أئمّة الحقّ من هو شر منهم. وقال الجزري: وفي حديث علي: (فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف) أي قطع السحاب المتفرّقة وإنَّما خصَّ الخريف لأنَّه أوّل الشتاء والسحاب يكون فيه متفرّقاً غير متراكم ولا مطبق ثُمَّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك(2) وقال: الركام، السحاب المتراكم بعضه فوق بعض(3).
أقول: نسبة الجمع إليه تعالى مجاز لعدم منعهم عنه وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم، (ثُمَّ يفتح لهم) فتح الأبواب كناية عمَّا هيّئ لهم من أسبابهم وإصابة تدبيراتهم واجتماعهم وعدم تخاذلهم.
و(المستثار) موضع ثورانهم وهيجانهم ثُمَّ شبّه عليه السلام تسليط هذا0.
ص: 215
الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلَّط الله على أهل سبأ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم وإنَّما سمّي ذلك بسيل العرم لصعوبته أي سيل الأمر العرم أي الصعب أو المراد بالعرم المطر الشديد أو الجرذ أضاف إليه لأنَّه نقب عليهم سدّاً ضربت لهم بلقيس وقيل: اسم لذلك السدّ وقد مرَّت القصَّة في كتاب النبوّة.
والضمير في (عليه) إمَّا راجع إلى السيل ف- (على) تعليلية أو إلى العرم إذا فُسَّر بالسدّ. وفي بعض النسخ (بعث) وفي بعضها (نقب) بالنون والقاف والباء الموحَّدة فقوله: (فارة) مرفوع بالفاعلية وفي النهج، (كسيل الجنّتين حيث لم تسلم عليه قارة ولم تثبت له أكمة)(1) والقارة الجبل الصغير والأكمة هي الموضع الذي يكون أشدّ ارتفاعاً ممَّا حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجراً والحاصل بيان شدّة السيل المشبه به بأنَّه أحاط بالجبال وذهب بالتلال ولم يمنعه شيء. والسنن الطريق و(الرص) التصاق الأجزاء بعضها ببعض، و(الطود) الجبل أي لم يرد طريقه طود مرصوص.
ولمَّا بيَّن عليه السلام شدّة المشبه به أخذ في بيان شدّة المشبّه فقال: (يذعذعهم الله) أي يفرّقهم في السبل متوجّهين إلى البلاد، (ثُمَّ يسلكهم ينابيع في الأرض) من ألفاظ القرآن أي كما أنَّ الله تعالى ينزل الماء من السماء فيسكن في أعماق الأرض ثُمَّ يظهره ينابيع إلى ظاهرها كذلك هؤلاء يفرّقهم الله في بطون الأودية وغوامض الأغوار ثُمَّ يظهرهم بعد الاختفاء كذا ذكره ابن أبي الحديد(2)، والأظهر عندي أنَّه بيان5.
ص: 216
لاستيلائهم على البلاد، وتفرّقهم فيها، وتيسّر أعوانهم من سائر الفِرَق، فكما أنَّ مياه الأنهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار، فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كل البلاد، وتكثر أعوانهم في جميع الأقطار، وكل ذلك ترشيح لما سبق من التشبيه، (يأخذهم من قوم) أي بني أميّة، (حقوق قوم) أي أهل بيت عليهم السلام للانتقام من أعدائهم وإن لم يصل الحقّ إليهم، (ويمكن من قوم) أي بني العبّاس، (لديار قوم) أي بني أميّة وفي بعض النسخ: (ويمكن بهم قوماً في ديار قوم)، وفي النهج: (ويمكن لقوم في ديار قوم) والمآل في الكلّ واحد، (تشريداً لبني أميّة) التشريد التفريق والطرد، و(الاغتصاب) الغصب ولعلَّ المعنى أنَّ الغرض من استيلاء هؤلاء ليس إلاَّ تفريق بني أميّة ودفع ظلمهم.
وقال الفيروزآبادي: ضعضعه هدمه حتَّى الأرض(1)، و(الجنادل) جمع جندل وهو ما يقله الرجل من الحجارة أي يهدم الله بهم ركناً وثيقاً هو أساس دولة بني أميّة و ينقض بهم الأبنية التي طويت وبنيت بالجنادل والأحجار من بلاد ارم وهي دمشق والشام إذ كان مستقر ملكهم في أكثر زمانهم تلك البلاد لاسيَّما في زمانه عليه السلام.
وقال الجزري: (فيه ينادي منادٍ من بطنان العرش) أي من وسطه وقيل: من أصله، وقيل: البطنان جمع بطن وهو الغامض من الأرض يريد من دواخل العرش(2).
وقال الفيروزآبادي: (الزيتون) مسجد دمشق أو جبال الشام وبلد7.
ص: 217
بالصين(1) والمعنى أنَّ الله يملأ منهم وسط مسجد دمشق أو دواخل جبال الشام والغرض بيان استيلاء هؤلاء القوم على بني أميّة في وسط ديارهم والظفر عليهم في محلّ استقرارهم وأنَّه لا ينفعهم بناء ولا حصن في التحرّز عنهم.
و(طمطمة رجالهم) الطمطمة اللغة العجمية ورجل طمطمي في لسانه عجمة وأشار عليه السلام بذلك إلى أنَّ أكثر عسكرهم من العجم لأنَّ عسكر أبي مسلم كان من خراسان، (وأيم الله ليذوبنَّ) الظاهر أنَّ هذا أيضاً من تتمَّة بيان انقراض ملك بني أميّة وسرعة زواله ويحتمل أن يكون إشارة إلى انقراض هؤلاء الغالبين من بني العبّاس، (وإلى الله عزّ وجل يقضى) من القضاء بمعنى المحاكمة أو الإنهاء والإيصال كما في قوله تعالى: ((وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الأمْرَ))(2) وفي بعض النسخ: (يفضي) بالفاء أي يوصل، (ودرج الرجل) أي مشى ودرج أيضاً بمعنى مات ويقال: درج القوم أي انقرضوا، والظاهر أنَّ المراد به هنا الموت أي من مات مات ضالاً وأمره إلى الله يعذّبه كيف يشاء ويحتمل أن يكون بمعنى المشي أي من بقي منهم فعاقبته الفناء والله يقضي فيه بعلمه، (ولعلَّ الله يجمع) إشارة إلى زمن القائم عليه السلام.
(وليس لأحد على الله عزَّ ذكره الخيرة) أي ليس لأحد من الخلق أن يشير بأمر على الله أنَّ هذا خير ينبغي أن تفعله بل له أن يختار من الأمور ما يشاء بعلمه وله الأمر بما يشاء في جميع الأشياء، (عن مُرَّ الحقّ)6.
ص: 218
أي الحقّ الذي هو مُرّ أو خالص الحقّ فإنَّه مُرّ واتّباعه صعب وفي النهج عن نصر الحقّ، (والهضم) الكسر وروي الشيء عنه أي صرفه ونحاه ولم أطّلع على الازواء فيما عندي من كتب اللغة وكفى بالخطبة شاهداً على أنَّه ورد بهذا المعنى.
(كما تاهت بنو إسرائيل) أي خارج المصر أربعين سنة ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم الجهاد فكذا أصحابه عليه السلام تحيّروا في أديانهم وأعمالهم لمَّا لم ينصروه ولم يعينوه على عدوّه كَمَا رُويَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبًّ لَدَخَلْتُمُوهُ)(1).
(أضعاف ما تاهت) يحتمل أن يكون المراد بالمشبّه به هنا تحيّر قوم موسى بعده في دينهم ويحتمل أن يكون المراد التحيّر السابق وعلى التقديرين إمَّا المراد المضاعفة بحسب الشدّة وكثرة الحيرة أو بحسب الزمان فإنَّ حيرتهم كان إلى أربعين سنة وهذه الأمّة إلى الآن متحيّرون تائهون في أديانهم وأحكامهم، (الداعي إلى الضلالة) أي الداعي إلى بني العبّاس، (وقطعتم الأدنى من أهل بدر) أي الأدنين إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم نسباً الناصرين له في غزوة بدر وهي أعزّ غزوات الإسلام يعني نفسه وأولاده عليهم السلام، (ووصلتم الأبعد) أي أولاد العبّاس فإنَّهم كانوا أبعد نسباً من أهل البيت عليهم السلام وكان جدّهم عبّاس ممن حارب الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في غزوة بدر حتَّى اُسر، (ما في أيديهم) أي ملك بني العبّاس، (لدنا التمحيص للجزاء) أي قرب قيام القائم والتمحيص الابتلاء والاختبار أي6.
ص: 219
يبتلي الناس ويمتحنون بقيامه عليه السلام ليخزي الكافرين ويعذبهم في الدنيا قبل نزول عذاب الآخرة بهم ويمكن أن يكون المراد تمحيص جميع الخلق لجزائهم في الآخرة إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً، (وقرب الوعد) أي وعد الفرج، (وانقضت المدة) أي قرب انقضاء دولة أهل الباطل.
(وبدا لكم النجم) هذا من علامات ظهور القائم عليه السلام كما سيأتي وقيل: إنَّه إشارة إلى ما ظهر في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة هجرية والشمس في أوائل الميزان بقرب الإكليل الشمالي كانت تطلع وتغيب معه لا تفارقه ثُمَّ بعد مدّة ظهر أنَّ لها حركة خاصة بطيئة فيما بين المغرب والشمال وكان يصغر جرمها ويضعف ضوؤها بالتدريج حتَّى انمحت بعد ثمانية أشهر تقريباً وقد بعدت عن الإكليل في الجهة المذكورة قدر رمح لكن قوله عليه السلام: (من قبل المشرق) يأبى عنه إلاَّ بتكلّف وقد ظهر في زماننا في سنة خمس وسبعين وألف ذو ذؤابة ما بين القبلة والمشرق وكان له طلوع وغروب وكانت له حركة خاصّة سريعة عجيبة على التوالي لكن لا على نسق ونظام معلوم ثُمَّ غاب بعد شهرين تقريباً كان يظهر أوّل الليل من جانب المشرق وقد ضعف حتَّى انمحى بعد شهر تقريباً وتطبيقه على هذا يحتاج إلى تكلّفين كما لا يخفى، (ولاح لكم القمر المنير) الظاهر أنَّه استعارة للقائم عليه السلام ويؤيّده ما مرَّ بسند آخر: (وأشرق لكم قمركم) ويحتمل أن يكون من علامات قيامه عليه السلام ظهور قمر آخر أو شيء شبيه بالقمر.
(إن اتّبعتم طالع المشرق) أي القائم عليه السلام وذكر المشرق إمَّا لترشيح الاستعارة السابقة أو لأنَّ ظهوره عليه السلام من مكّة وهي شرقية
ص: 220
بالنسبة (إلى المدينة) أو لأنَّ اجتماع العساكر عليه وتوجهه عليه السلام إلى فتح البلاد إنَّما يكون من الكوفة وهي شرقية بالنسبة إلى الحرمين وكونه إشارة إلى السلطان إسماعيل أنار الله برهانه بعيد، (والتعسّف) أي لا تحتاجون في زمانه عليه السلام إلى طلب الرزق والظلم على الناس لأخذ أموالهم، (ونبذتهم الثقل الفادح) أي الديون المثقّلة ومظالم العباد أو إطاعة أهل الجور وظلمهم، (ولا يبعد الله) أي في ذلك الزمان أو مطلقاً، (إلاَّ من أبى) أي عن طاعته عليه السلام أو طاعة الله، و(ظلم) أي نفسه أو الناس، (واعتسف) أي مال عن طريق الحقّ أو ظلم غيره.
25 _ نهج البلاغة: مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ (فِي ذِكْر الْمَلاَحِم: (يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى وَيَعْطِفُ الرَّأيَ عَلَى الْقُرْآن إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأي.
مِنْهَا: حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاقٍ بَادِياً نَوَاجِذُهَا مَمْلُوءَةً أخْلاَفُهَا حُلْواً رَضَاعُهَا عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا)(1)، ألاَ وَفِي غَدٍ وَسَيَأتِي غَدٌ بِمَا لاَ تَعْرفُونَ يَأخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرهَا عُمَّالَهَا عَلَى مَسَاوي أعْمَالِهَا وَتُخْرجُ لَهُ الأرْضُ أفَالِيذَ كَبِدِهَا وَتُلْقِي إِلَيْهِ سِلْماً مَقَالِيدَهَا فَيُريكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السَّيرَةِ وَيُحْيِي مَيّتَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)(2).
(بيان: الساق الشدّة أو بالمعنى المشهور كناية عن استوائها. وبدو النواجذ كناية عن بلوغ الحرب غايتها كما أنَّ غاية الضحك أن تبدو النواجذ ويمكن أن يكون كناية عن الضحك على التهكّم).8.
ص: 221
إيضاح: قال ابن أبي الحديد: (ألا وفي غدٍ) تمامه قوله عليه السلام: (يأخذ الوالي) وبين الكلام جملة اعتراضية وهي قوله عليه السلام: (وسيأتي غدٍ بما لا تعرفون) والمراد تعظيم شأن الغد الموعود(1) ومثله كثير في القرآن(2). ثُمَّ قال: قد كان تقدّم ذكر طائفة من الناس ذات ملك وإمرة فذكر عليه السلام أنَّ الوالي يعني القائم عليه السلام يأخذ عمّال هذه الطائفة على سوء أعمالهم و(على) ههنا متعلّقة بيأخذ وهي بمعنى يؤاخذ وقال: (الأفاليذ) جمع أفلاذ والأفلاذ جمع فلذة وهي القطعة من الكبد كناية عن الكنوز التي تظهر للقائم عليه السلام وقد فُسَّر قوله تعالى: ((وَأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَها))(3) بذلك في بعض التفاسير(4).
أقُولُ: وَقَالَ ابْنُ أبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْح بَعْض خُطَبِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: قَالَ شَيْخُنَا أبُو عُثْمَانَ وَقَالَ أبُو عُبَيْدَةَ وَزَادَ فِيهَا فِي روَايَةِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام: (ألاَ إِنَّ أبْرَارَ عِتْرَتِي وَأطَايِبَ اُرُومَتِي أحْلَمُ النَّاس صِغَاراً وَأعْلَمُ النَّاس كِبَاراً ألاَ وَإِنَّا أهْلُ بَيْتٍ مِنْ عِلْم اللهِ عَلِمْنَا وَبحُكْم اللهِ حَكَمْنَا وَمِنْ قَوْلٍ صَادِقٍ سَمِعْنَا فَإنْ تَتَّبِعُوا آثَارَنَا تَهْتَدُوا بِبَصَائِرنَا وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا يُهْلِكُكُمُ اللهُ بِأيْدِينَا مَعَناَ(5) رَايَةُ الْحَقَّ مَنْ تَبِعَهَا لَحِقَ وَمَنْ تَأخَّرَ عَنْهَا غَرقَ ألاَ وَبِنَا يُدْرَكُ تِرَةُ كُلّ مُؤْمِنٍ وَبِنَا تُخْلَعُ ربْقَةُ الذُّلّ عَنْ أعْنَاقِكُمْ وَبِنَا فُتِحَ لاَ بِكُمْ وَبِنَا يُخْتَمُ لاَ بِكُمْ)(6).6.
ص: 222
ثُمَّ قال ابن أبِي الحديد: (وبنا يختم لا بكم) إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان وأكثر المحدّثين على أنَّه من ولد فاطمة عليها السلام وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه وقد صرَّحوا بذكره في كتبهم وأعترف به شيوخهم إلاَّ أنَّه عندنا لم يخلق بعد وسيخلق وإلى هذا المذهب يذهب أصحاب الحديث أيضاً.
رَوَى قَاضِي الْقُضَاةِ، عَنْ كَافِي الْكُفَاةِ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبَّادِ رحمه الله بِإسْنَادٍ مُتَّصِلٍ بِعَلِيٍّ عليه السلام أنَّهُ ذَكَرَ الْمَهْدِيَّ وَقَالَ: (إِنَّهُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)، وَذَكَرَ حِلْيَتَهُ فَقَالَ: (رَجُلٌ أجْلَى الْجَبِين أقْنَى الأنْفِ ضَخْمُ الْبَطْن أزْيَلُ الْفَخِذَيْن أبْلَجُ الثَّنَايَا بِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ...)، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ غَريبِ الْحَدِيثِ(1)، انْتَهَى.
أقُولُ: فِي دِيوَان أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ:
بُنَيَّ إِذَا مَا جَاشَتِ التُّرْكُ فَانْتَظِرْ
وَلاَيَةَ مَهْدِيٍّ يَقُومُ فَيَعْدِلُ
وَذَلَّ مُلُوكُ الأرْض مِنْ آلِ هَاشِم
وَبُويِعَ مِنْهُمْ مَنْ يَلَذُّ وَيَهْزَلُ
صَبِيٌّ مِنَ الصّبْيَان لاَ رَأيَ عِنْدَهُ
وَلاَ عِنْدَهُ جِدٌّ وَلاَ هُوَ يَعْقِل
فَثَمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ الْحَقُّ مِنْكُمْ
وَبِالْحَقَّ يَأتِيكُمْ وَبِالْحَقَّ يَعْمَلُ
سَمِيُّ نَبِيّ اللهِ نَفْسِي فِدَاؤُهُ
فَلاَ تَخْذُلُوهُ يَا بَنِيَّ وَعَجَّلُوا(2)
* * *ن.
ص: 223
ص: 224
ص: 225
ص: 226
1 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ سَدِير بْن حُكَيْم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ عقيصاء (عَقِيصَى)، قَالَ: لَمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام مُعَاويَةَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَلاَمَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعَتِهِ، فَقَالَ عليه السلام: (وَيْحَكُمْ مَا تَدْرُونَ مَا عَمِلْتُ وَاللهِ الَّذِي عَمِلْتُ خَيْرٌ لِشِيعَتِي مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أوْ غَرَبَتْ ألاَ تَعْلَمُونَ أنَّنِي إِمَامُكُمْ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ عَلَيْكُمْ وَأحَدُ سَيَّدَيْ شَبَابِ أهْل الْجَنَّةِ بِنَصّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟)، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: (أمَا عَلِمْتُمْ أنَّ الْخَضِرَ لَمَّا خَرَقَ السَّفِينَةَ وَقَتَلَ الْغُلاَمَ وَأقَامَ الْجِدَارَ كَانَ ذَلِكَ سَخَطاً لِمُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام إِذْ خَفِيَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ حِكْمَةً وَصَوَاباً، أمَا عَلِمْتُمْ أنَّهُ مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ وَيَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلاَّ الْقَائِمُ الَّذِي يُصَلّي رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يُخْفِي ولاَدَتَهُ وَيُغَيّبُ شَخْصَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ، ذَاكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أخِي الْحُسَيْن ابْن سَيَّدَةِ الإمَاءِ يُطِيلُ اللهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابًّ ابْن دُون أرْبَعِينَ سَنَةً ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أنَّ اللهَ عَلى كُلّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ)(1).
الاحتجاج: عن حنان بن سدير، مثله(2).7.
ص: 227
2 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عُبْدُوسٍ، عَنْ أبِي عَمْرٍو اللَّيْثِيّ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن شُجَاع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْحَجَّاج، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا: (فِي التَّاسِع مِنْ وُلْدِي سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ وَسُنَّةٌ مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ وَهُوَ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ)(2).
3 _ كمال الدين: الْمُعَاذِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُوسَى بْن الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الزُّبَيْر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا يَقُولُ: (قَائِمُ هَذِهِ الاُمَّةِ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ وَهُوَ الَّذِي يُقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَهُوَ حَيٌّ)(3).
4 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ السَّلاَم الْهَرَويّ، عَنْ وَكِيع بْن الْجَرَّاح، عَن الرَّبيع بْن سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَلِيطٍ، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا: (مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً أوَّلُهُمْ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمُ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي وَهُوَ الإمَامُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ يُحْيِي اللهُ بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَيُظْهِرُ بِهِ دِينَ الْحَقَّ عَلَى الدَّين كُلّهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ لَهُ غَيْبَةٌ يَرْتَدُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَثْبُتُ عَلَى2.
ص: 228
الدَّين فِيهَا آخَرُونَ فيودون (فَيُؤْذَوْنَ) وَيُقَالُ لَهُمْ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟، أمَا إِنَّ الصَّابِرَ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الأذَى وَالتَّكْذِيبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(1).
5 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْقَزْوينيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن يَحْيَى الأحْوَلِ، عَنْ خَلاَّدٍ الْمُقْري، عَنْ قَيْس بْن أبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْن وَثَّابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام يَقُولُ: (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ عزّ وجل ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً كَذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ)(2).
6 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ حَمْدَانَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى الْخَشَّابِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام: أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر؟ قَالَ: (لاَ، وَلَكِنْ صَاحِبُ هَذَا الأمْر الطَّريدُ الشَّريدُ الْمَوْتُورُ بِأبِيهِ الْمُكَنَّى بِعَمَّهِ يَضَعُ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ)(3).
7 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ عَمْرو بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُذَافِرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْن يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: مَرَّ الْحُسَيْنُ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ بَني اُمَيَّةَ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: (أمَا وَاللهِ لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ5.
ص: 229
مِنّي رَجُلاً يَقْتُلُ مِنْكُمْ ألْفاً وَمَعَ الألْفِ ألْفاً وَمَعَ الألْفِ ألْفاً)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَؤُلاَءِ أوْلاَدُ كَذَا وَكَذَا لاَ يَبْلُغُونَ هَذَا، فَقَالَ: (وَيْحَكَ إِنَّ فِي ذَلِكَ الزَّمَان يَكُونُ لِلرَّجُل مِنْ صُلْبِهِ كَذَا وَكَذَا رَجُلاً وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْم مِنْ أنْفُسِهِمْ)(1).
* * *3.
ص: 230
باب (4): ما روي في ذلك عن علي بن الحسين صلوات الله عليه
ص: 231
صفحة بيضاء
ص: 232
1 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيٍّ، (عَنْ عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيلَ)(1)، عَن ابْن حُمَيْدٍ، عَن ابْن قَيْسٍ، عَن الثُّمَالِيّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((وَأُولُوا الأرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ))(2) وَفِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ))(3)، وَالإمَامَةُ فِي عَقِبِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ وَإِنَّ لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَتَيْن إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى، أمَّا الاُولَى فَسِتَّةُ أيَّام وَسِتَّةُ أشْهُرٍ وَسِتُّ سِنينَ(4)، وَأمَّا الاُخْرَى فَيَطُولُ أمَدُهَا حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر أكْثَرُ مَنْ يَقُولُ بِهِ فَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلاَّ مَنْ قَويَ يَقِينُهُ وَصَحَّتْ مَعْرفَتُهُ وَلَمْ يَجِدْ فِي نَفْسِهِ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْنَا وَسَلَّمَ لَنَا أهْلَ الْبَيْتِ)(5).
بيان: قوله عليه السلام: (فستّة أيّام) لعلَّه إشارة إلى اختلاف أحواله عليه السلام في غيبته فستّة أيّام لم يطَّلع على ولادته إلاَّ خاصّ الخاصّ من أهاليه عليه السلام، ثُمَّ بعد ستّة أشهر اطَّلع عليه غيرهم من الخواصّ، ثُمَّ بعد ستّ سنين عند وفات والده عليه السلام ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنَّه بعد إمامته لم يطَّلع على خبره إلى ستّة أيّام أحد ثمّ بعد ستّة أشهر انتشر أمره وبعد ستّ سنين ظهر وانتشر أمر السفراء والأظهر أنَّه إشارة إلى بعض الأزمان المختلفة التي قُدّرت لغيبته وأنَّه .
ص: 233
قابل للبداء وَيُؤَيّدُهُ مَا رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ بِإسْنَادِهِ عَن الأصْبَغ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ قَدْ مَرَّ بَعْضُهُ فِي بَابِ إِخْبَار أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام ثُمَّ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَكَمْ تَكُونُ الْحَيْرَةُ وَالْغَيْبَةُ؟ فَقَالَ: (سِتَّةَ أيَّام أوْ سِتَّةَ أشْهُرٍ أوْ سِتَّ سِنِينَ)، فَقُلْتُ: وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، كَمَا أنَّهُ مَخْلُوقٌ وَأنَّى لَكَ بِهَذَا الأمْر يَا أصْبَغُ اُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الاُمَّةِ مَعَ خِيَار أبْرَار هَذِهِ الْعِتْرَةِ)، فَقُلْتُ: ثُمَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ فَإنَّ لَهُ بَدَاءَاتٍ وَإِرَادَاتٍ وَغَايَاتٍ وَنهَايَاتٍ)(1). فإنَّه يدلُّ على أنَّ هذا الأمر قابل للبداء والترديد قرينة ذلك والله يعلم.
2 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ وَالشَّيْبَانِيُّ مَعاً، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام قَالَ: (الْقَائِمُ مِنَّا تَخْفَى ولاَدَتُهُ عَلَى النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، لِيَخْرُجَ حِينَ يَخْرُجُ وَلَيْسَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(2).
3 _ مجالس المفيد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ بِشْرٍ الْكُنَاسِيّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن عليه السلام: (يَا بَا خَالِدٍ لَتَأتِيَنَّ فِتَنٌ كَقِطَع اللَّيْل الْمُظْلِم لاَ يَنْجُو إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ اُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى وَيَنَابِيعُ الْعِلْم يُنْجِيهِمُ اللهُ مِنْ كُلَّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ كَأنّي بِصَاحِبكُمْ قَدْ عَلاَ فَوْقَ نَجَفِكُمْ بِظَهْر كُوفَانَ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ وَإِسْرَافِيلُ أمَامَهُ مَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ نَشَرَهَا لاَ يَهْوي بِهَا إِلَى قَوْم إِلاَّ أهْلَكَهُمُ اللهُ عزّ وجل)(3).
* * *5.
ص: 234
ص: 235
ص: 236
1 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ وَمُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ مَعاً، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا الْجَارُودِ إِذَا دَارَ الْفَلَكُ وَقَالَ النَّاسُ: مَاتَ الْقَائِمُ أوْ هَلَكَ، بِأيّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَقَالَ الطَّالِبُ: أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ بُلِيَتْ عِظَامُهُ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَارْجُوهُ فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتُوهُ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج)(1).
الغيبة للنعماني: أحمد بن هوذه، عن النهاوندي، عن أبي الجارود، مثله(2).
بيان: (الحبو) أن يمشي على يديه وركبتيه أو أسته.
2 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى(3) وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْهَيْثَم النَّهْدِيّ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَن الثُّمَالِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ أقْرَبَ النَّاس إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأعْلَمَهُمْ وَأرْأفَهُمْ بِالنَّاس مُحَمَّدٌ وَالأئِمَّةُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ فَادْخُلُوا أيْنَ دَخَلُوا وَفَارقُوا مَنْ فَارَقُوا أعْنِي بِذَلِكَ حُسَيْناً وَوُلْدَهُ عليهم السلام فَإنَّ الْحَقَّ فِيهِمْ وَهُمُ الأوْصِيَاءُ وَمِنْهُمُ الأئِمَّةُ فَأيْنَ مَا رَأيْتُمُوهُمْ فَإنْ أصْبَحْتُمْ يَوْماً لاَ تَرَوْنَ مِنْهُمْ أحَداً فَاسْتَعِينُوا(4) بِاللهِ وَانْظُرُوا السُّنَّةَ الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْهَا فَاتَّبِعُوهَا وَأحِبُّوا مَنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ وَأبْغِضُوا مَنْ كُنْتُمْ تُبْغِضُونَ فَمَا أسْرَعَ مَا يَأتِيكُمُ الْفَرَجُ)(5). .
ص: 237
3 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَمْرٍو اللَّيْثِيّ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَر بْن وَهْبٍ الْبَغْدَادِيّ وَيَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن الْحَسَن، عَنْ سَعْدِ بْن أبِي خَلَفٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبُوذَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أخْبِرْنِي عَنْكُمْ؟ قَالَ: (نَحْنُ بِمَنْزلَةِ النُّجُوم إِذَا خَفِيَ نَجْمٌ بَدَا نَجْمٌ مَأمَنٌ(2) وَأمَانٌ وَسِلْمٌ وَإِسْلاَمٌ وَفَاتِحٌ وَمِفْتَاحٌ حَتَّى إِذَا اسْتَوَى بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يُدْرَ أيٌّ مِنْ أيٍّ أظْهَرَ اللهُ عزّ وجل صَاحِبَكُمْ فَاحْمَدُوا اللهَ عزّ وجل(3) وَهُوَ يُخَيّرُ الصَّعْبَ عَلَى(4) الذَّلُولِ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأيَّهُمَا يَخْتَارُ؟ قَالَ: (يَخْتَارُ الصَّعْبَ عَلَى الذَّلُولِ)(5).
بيان: (لم يدر أيّ من أيّ): لا يعرف أيّهم الإمام أو لا يتميّزون في الكمال تميّزاً بيّناً لعدم كون الإمام ظاهراً بينهم، والصعب والذلول إشارة إلى السحابتين اللتين خيّر ذو القرنين بينهما فاختار الذلول وترك الصعب للقائم عليه السلام وسيأتي وقد مرَّ في أحوال ذي القرنين.
4 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ نَصْر بْن الصَّبَّاح، عَنْ جَعْفَر بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ أخِي أبِي عَبْدِ اللهِ الْكَابُلِيّ(6)، عَن الْقَابُوسِيّ، عَنْ نَضْر(7) بْن السَّنْدِيّ، عَن الْخَلِيل بْن عَمْرٍو،).
ص: 238
عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْفَزَاريّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَطِيَّةَ، عَنْ اُمَّ هَانِئ الثَّقَفِيَّةِ، قَالَ: غَدَوْتُ عَلَى سَيَّدِي مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْبَاقِر عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل عَرَضَتْ بِقَلْبِي أقْلَقَتْنِي وَأسْهَرَتْنِي، قَالَ: (فَاسْألِي يَا اُمَّ هَانِئ)، قَالَتْ: قُلْتُ: قَوْلُ اللهِ عزّ وجل ((فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوارِ الْكُنَّسِ))(1)، قَالَ: (نِعْمَ الْمَسْألَةُ سَألْتِني يَا اُمَّ هَانِئ هَذَا مَوْلُودٌ فِي آخِر الزَّمَان هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ هَذِهِ الْعِتْرَةِ تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَهْتَدِي فِيهَا أقْوَامٌ فَيَا طُوبَى لَكِ إِنْ أدْرَكْتِهِ وَيَا طُوبَى مَنْ أدْرَكَهُ)(2).
5 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي الْقَاسِم، قَالَ: كَتَبْتُ مِنْ كِتَابِ أحْمَدَ الدَّهَّان عَن الْقَاسِم بْن حَمْزَةَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاج، عَنْ خَيْثَمَةَ الْجُعْفِيّ، عَنْ أبِي أيُّوبَ(3) الْمَخْزُومِيّ، قَالَ: ذَكَرَ أبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عليه السلام سِيرَةَ الْخُلَفَاءِ(4) الرَّاشِدِينَ(5) فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهُمْ قَالَ: (الثَّانِي عَشَرَ الَّذِي يُصَلّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام خَلْفَهُ عَلَيْكَ بِسُنَّتِهِ وَالْقُرْآن الْكَريم)(6).
6 _ الغيبة للنعماني: سَلاَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن دَاوُدَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ عِمْرَانَ بْن الْحَجَّاج، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ اُسَيْدِ بْن ثَعْلَبَةَ، عَنْ اُمَّ هَانِئ، قَالَتْ:7.
ص: 239
قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ))(1)؟ قَالَ لِي: (يَا اُمَّ هَانِئ إِمَامٌ يَخْنِسُ نَفْسَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ عَن النَّاس عِلْمُهُ سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن ثُمَّ يَبْدُو كَالشّهَابِ الْوَاقِدِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ فَإنْ أدْرَكْتِ ذَلِكِ الزَّمَانَ قَرَّتْ عَيْنَاكِ)(2).
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ(3)، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَنْ وَهْبِ بْن شَاذَانَ، عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الرَّبيع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ مِثْلَهُ، إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: (كَالشّهَابِ يَتَوَقَّدُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ)(4).
7 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبُوذَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّمَا نُجُومُكُمْ كَنُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا أشَرْتُمْ بِأصَابِعِكُمْ وَمِلْتُمْ بِحَوَاجِبِكُمْ غَيَّبَ اللهُ عَنْكُمْ نَجْمَكُمْ وَاسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يُعْرَفْ أيٌّ مِنْ أيٍّ فَإذَا طَلَعَ نَجْمُكُمْ فَاحْمَدُوا رَبَّكُمْ)(5).
8 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام بِإسْنَادٍ لَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرٌ(6) وَوَاللهِ مَا فِي بَيْتِكَ مِثْلُكَ فَكَيْفَ لاَ تَخْرُجُ؟ فَقَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَطَاءٍ قَدْ أخَذْتَ تَفْرُشُ اُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى لاَ وَاللهِ مَا أنَا بِصَاحِبكُمْ)، قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟ فَقَالَ:).
ص: 240
(انْظُرُوا مَنْ غُيّبَ(1) عَن النَّاس ولاَدَتُهُ فَذَلِكَ صَاحِبُكُمْ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا أحَدٌ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالأصَابِع وَيُمْضَغُ بِالألْسُن إِلاَّ مَاتَ غَيْظاً أوْ حَتْفَ أنْفِهِ)(2).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن الحسن بن محمّد وغيره، عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين، عن العبّاس بن عامر(3)، عن موسى بن هليل العبدي(4)، عن عبدالله بن عطا، مثله(5).
بيان: الأظهر ما مرَّ في رواية ابن عطا أيضاً إلاَّ مات قتلاً ومع قطع النظر عمَّا مرَّ يحتمل أن يكون الترديد من الراوي ويحتمل أن يكون الموت غيظاً كناية عن القتل أو يكون المراد بالشقّ الثاني الموت على غير حال شدّة وألم أو يكون الترديد لمحض الاختلاف في العبارة أي إن شئت قل هكذا وإن شئت هكذا.
9 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ يَحْيَى بْن يَعْلَى، عَنْ أبِي مَرْيَمَ الأنْصَاريّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أخْبِرْني عَن الْقَائِم عليه السلام، فَقَالَ: (وَاللهِ مَا هُوَ أنَا وَلاَ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْنَاقَكُمْ وَلاَ يُعْرَفُ ولاَدَتُهُ)، قُلْتُ: بِمَا يَسِيرُ؟ قَالَ: (بِمَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم هَدَرَ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَقْبَلَ)(6).9.
ص: 241
10 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَزَالُونَ وَلاَ تَزَالُ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الأمْر مَنْ لاَ تَدْرُونَ خُلِقَ أمْ لَمْ يُخْلَقْ)(1).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد العطار، عن محمّد بن الحسين الرازي، عن ابن أبي الخطاب، مثله(2).
11 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَزَاريُّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، وَقَدْ حَدَّثَنِي الْحِمْيَريُّ، عَن ابْن عِيسَى مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لاَ تَزَالُونَ تَمُدُّونَ أعْنَاقَكُمْ إِلَى الرَّجُل مِنَّا تَقُولُونَ: هُوَ هَذَا، فَيَذْهَبُ اللهُ بِهِ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الأمْر مَنْ لاَ تَدْرُونَ وُلِدَ أمْ لَمْ يُولَدْ خُلِقَ أوْ لَمْ يُخْلَقْ)(3).
الغيبة للنعماني: على بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن محمّد بن أحمد القلانسي، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، مثله(4).
12 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازِيّ، عَنْ (مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ) الْكُوفِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَن ابْن بُكَيْرٍ، وَرَوَاهُ الْحَكَمُ عَنْ أبِي جَعْفَرٍق.
ص: 242
عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي(1) بِكُمْ إِذَا صَعِدْتُمْ فَلَمْ تَجِدُوا أحَداً وَرَجَعْتُمْ فَلَمْ تَجِدُوا أحَداً)(2).
13 _ الغيبة للنعماني: (رَوَى الشَّيْخُ الْمُفِيدُ رحمه الله فِي كِتَابِ الْغَيْبَةِ، عَنْ)(3) عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ فُضَيْل الرَّسَّان، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْبَاقِر عليه السلام ذَاتَ يَوْم فَلَمَّا تَفَرَّقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قَالَ لِي: (يَا أبَا حَمْزَةَ مِنَ الْمَحْتُوم الَّذِي حَتَمَهُ اللهُ قِيَامُ قَائِمِنَا فَمَنْ شَكَّ فِيمَا أقُولُ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ بِهِ كَافِرٌ)(5)، ثُمَّ قَالَ: (بِأبِي وَاُمَّي الْمُسَمَّى بِاسْمِي وَالْمُكَنَّى بِكُنْيَتِي السَّابِعُ مِنْ بَعْدِي بِأبِي (مَنْ)(6) يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً (وَقِسْطاً)(7) كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، يَا بَا حَمْزَةَ مَنْ أدْرَكَهُ فَيُسَلّمُ لَهُ مَا سَلَّمَ لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ لَمْ يُسَلّمْ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأواهُ النَّارُ وَبئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)(8).
وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين وأزهر لمن هداه وأحسنل.
ص: 243
إليه قوله عزّ وجل في محكم كتابه: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ))(1) ومعرفة الشهور المحرَّم وصفر وربيع وما بعده والحُرُم منها رجب وذو القعدة و ذو الحجة والمحرَّم وذلك لا يكون ديناً قيّماً لأنَّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر الملل والناس جميعاً من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدّونها بأسمائها وليس هو كذلك وإنَّما عنى بهم الأئمّة القوّامين بدين الله والحُرُم منها أمير المؤمنين عليه السلام الذي اشتقَّ الله سبحانه له اسماً من أسمائه العلي كما اشتقَّ لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلّم اسماً من أسمائه المحمود وثلاثة من ولده أسماؤهم علي بن الحسين وعلي بن موسى وعلي بن محمّد ولهذا الاسم المشتقّ من أسماء الله عزّ وجل حرمة به يعني أمير المؤمنين عليه السلام(2).
14 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَكَم، عَنْ زَيْدٍ أبِي الْحَسَن، عَن الْحَكَم بْن أبِي نُعَيْم، قَالَ: أتَيْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَقُلْتُ لَهُ: عَلَيَّ نَذْرٌ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام إِذَا أنَا لَقِيتُكَ أنْ لاَ أخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّىر.
ص: 244
أعْلَمَ أنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أمْ لاَ؟، فَلَمْ يُجِبْني بِشَيْ ءٍ، فَأقَمْتُ ثَلاَثِينَ يَوْماً، ثُمَّ اسْتَقْبَلَنِي فِي طَريقٍ فَقَالَ: (يَا حَكَمُ وَإِنَّكَ لَهَاهُنَا بَعْدُ؟)، فَقُلْتُ: إِنّي أخْبَرْتُكَ بِمَا جَعَلْتُ للهِ عَلَيَّ فَلَمْ تَأمُرْني وَلَمْ تَنْهَني عَنْ شَيْ ءٍ وَلَمْ تُجِبْني بِشَيْءٍ، فَقَالَ: (بَكّرْ عَلَيَّ غُدْوَةً الْمَنْزلَ)، فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ عليه السلام: (سَلْ عَنْ حَاجَتِكَ)، فَقُلْتُ: إِنّي جَعَلْتُ للهِ عَلَيَّ نَذْراً وَصِيَاماً وَصَدَقَةً بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام إِنْ أنَا لَقِيتُكَ أنْ لاَ أخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى أعْلَمَ أنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ أمْ لاَ؟ فَإنْ كُنْتَ أنْتَ رَابَطْتُكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أنْتَ سِرْتُ فِي الأرْض فَطَلَبْتُ الْمَعَاشَ، فَقَالَ: (يَا حَكَمُ كُلُّنَا قَائِمٌ بِأمْر اللهِ)، قُلْتُ: فَأنْتَ الْمَهْدِيُّ؟ قَالَ: (كُلُّنَا يُهْدَى(1) إِلَى اللهِ)، قُلْتُ: فَأنْتَ صَاحِبُ السَّيْفِ؟ قَالَ: (كُلُّنَا صَاحِبُ السَّيْفِ وَوَارثُ السَّيْفِ)، قُلْتُ: فَأنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ وَيَعِزُّ بِكَ أوْلِيَاءُ اللهِ وَيَظْهَرُ بِكَ دِينُ اللهِ؟ فَقَالَ: (يَا حَكَمُ كَيْفَ أكُونُ أنَا وَبَلَغْتُ خَمْساً وَأرْبَعِينَ وَإِنَّ صَاحِبَ هَذاَ(2) أقْرَبُ عَهْداً بِاللَّبَن مِنّي وَأخَفُّ عَلَى ظَهْر الدَّابَّةِ)(3).
بيان: (عليَّ نذر) أي وجب عليَّ نذر أي منذور وبين الركن والمقام ظرف (عليَّ) والمراد بالمقام إمَّا مقامه الآن فيكون بياناً لطول الحطيم أو مقامه السابق فيكون بياناً لعرضه لكن العرض يزيد على ما هو المشهور أنَّه إلى الباب، وإنَّما اختار هذا الموضع لأنَّه أشرف البقاع فيصير عليه أوجب وكأنَّ (صياماً) كان بدون الواو، ومع وجوده عطف تفسير أو المراد بالنذر شيء آخر لم يفسّره، والظاهر أنَّ نذره كان هكذا: لله عليه إن لقيه عليه السلام وخرج من المدينة قبل أن يعلم هذا الأمر أن يصوم كذا ويتصدَّق بكذا، (رابطتك) أي لازمتك ولم اُفارقك، قوله: (يهدي إلى الله) على المجرَّد المعلوم لاستلزام كونهم هادين لكونهم مهديّين أو المجهول، أو على بناء الافتعال المعلوم بادغام التاء في الدال وكسر الهاء كقوله تعالى: ((أمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أنْ يُهْدى))(4) والأوّل أظهر، (أقرب عهداً5.
ص: 245
باللبن) أي بحسب المرآى والمنظر، أي يحسبه الناس شاباً لكمال قوته وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه، وقيل: أي عند إمامته، فذكر الخمس والأربعين لبيان أنَّه كان عند الإمامة أسن، لعلم السائل أنَّه لم يمض من إمامته حينئذٍ إلاَّ سبع سنين، فسنّه عندها كانت ثماناً وثلاثين، والأوّل أوفق بما سيأتي من الأخبار فتفطَّن.
* * *
ص: 246
ص: 247
ص: 248
1 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: أبِي، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ فِي الْقَائِم سُنَّةً مِنْ يُوسُفَ)، قُلْتُ: كَأنَّكَ تَذْكُرُ حَيْرَةً أوْ غَيْبَةً(1)؟ قَالَ لِي: (وَمَا تُنْكِرُ مِنْ هَذَا هَذِهِ الاُمَّةُ أشْبَاهُ الْخَنَازِير إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا أسْبَاطاً أوْلاَدَ أنْبِيَاءَ تَاجَرُوا يُوسُفَ(2) وَبَايَعُوهُ(3) وَخَاطَبُوهُ وَهُمْ إِخْوَتُهُ وَهُوَ أخُوهُمْ فَلَمْ يَعْرفُوهُ حَتَّى قَالَ لَهُمْ يُوسُفُ عليه السلام: ((أنَا يُوسُفُ)). فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الاُمَّةُ الْمَلْعُونَةُ أنْ يَكُونَ اللهُ عزّ وجل فِي وَقْتٍ مِنَ الأوْقَاتِ يُريدُ أنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ، لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ(4) وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً فَلَوْ أرَادَ اللهُ عزّ وجل أنْ يُعَرَّفَ(5) مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَاللهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أيَّام مِنْ بَدْوهِمْ إِلَى مِصْرَ، وَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الاُمَّةُ أنْ يَكُونَ اللهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أنْ يَكُونَ يَسِيرُ(6) فِي أسْوَاقِهِمْ وَيَطَاُ بُسُطَهُمْ وَهُمْ لاَ يَعْرفُونَهُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ عزّ وجل أنْ يُعَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أذِنَ لِيُوسُفَ حِينَ قَالَ: ((هَلْ عَلِمْتُمْ ما).
ص: 249
فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأخِيهِ إِذْ أنْتُمْ جاهِلُونَ * قالُوا أإِنَّكَ لأنْتَ يُوسُفُ قالَ أنَا يُوسُفُ وَهذا أخِي))(1))(2).
بيان: من بدوهم أي من طريق البادية.
2 _ علل الشرائع: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيّ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَةً يَطُولُ أمَدُهَا)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل أبَى إِلاَّ أنْ يُجْريَ فِيهِ سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام فِي غَيْبَاتِهِمْ وَإِنَّهُ لاَ بُدَّ لَهُ يَا سَدِيرُ مِن اسْتِيفَاءِ مَدَدِ غَيْبَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ))(3) أيْ سَنَناً عَلَى سَنَن مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(4).
3 _ أمالي الصدوق: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ:
( لِكُلّ اُنَاسٍ دَوْلَةٌ يَرْقَبُونَهَا
وَدَوْلَتُنَا فِي آخِر الدَّهْر تَظْهَرُ)(5)
4 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِجَمِيع الأئِمَّةِ عليهم السلام وَجَحَدَ الْمَهْدِيَّ كَانَ كَمَنْ أقَرَّ1.
ص: 250
بِجَمِيع الأنْبِيَاءِ وَجَحَدَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نُبُوَّتَهُ)، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مِمَّن الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكَ؟ قَالَ: (الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ)(1).
كمال الدين: الدقّاق، عن الأسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور، عنه عليه السلام، مثله(2).
5 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الزَّيْتُونيّ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن أبِي قَتَادَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم بْن أبِي حَيَّةَ(3)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا اجْتَمَعَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ مُتَوَالِيَةً مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ فَالرَّابِعُ الْقَائِمُ عليه السلام)(4).
الغيبة للطوسي: محمّد الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن هلال، عن أميّة بن علي، عن سلم(5) بن أبي حيّة، مثله(6).
6 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَارَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم التَّمِيمِيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا تَوَالَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ كَانَ رَابِعُهُمْ قَائِمَهُمْ)(7).
7 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ،4.
ص: 251
عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيَّدِي جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي لَوْ عَهِدْتَ إِلَيْنَا فِي الْخَلَفِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ لِي: (يَا مُفَضَّلُ الإمَامُ مِنْ بَعْدِي ابْني مُوسَى وَالْخَلَفُ الْمَأمُولُ الْمُنْتَظَرُ (م ح م د) بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى)(1).
8 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن أحْمَدَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ(2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ وَأبِي عَلِيٍّ الزَّرَّادِ مَعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَإنّي لَجَالِسٌ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ أبُو الْحَسَن مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليه السلام وَهُوَ غُلاَمٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَبَّلْتُهُ وَجَلَسْتُ، فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا إِبْرَاهِيمُ أمَا إِنَّهُ صَاحِبُكَ مِنْ بَعْدِي أمَا إِنَّهُ لَيَهْلِكَنَّ فِيهِ قَوْمٌ(3) وَيَسْعَدُ آخَرُونَ فَلَعَنَ اللهُ قَاتِلَهُ وَضَاعَفَ عَلَى رُوحِهِ الْعَذَابَ أمَا لَيُخْرجَنَّ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ خَيْرَ أهْل الأرْض فِي زَمَانِهِ سَمِيَّ جَدَّهِ وَوَارثَ عِلْمِهِ وَأحْكَامِهِ وَفَضَائِلِهِ مَعْدِنَ الإمَامَةِ وَرَأسَ الْحِكْمَةِ يَقْتُلُهُ جَبَّارُ بَنِي فُلاَنٍ بَعْدَ عَجَائِبَ طَريفَةٍ حَسَداً لَهُ وَلَكِنَّ اللهَ بالِغُ أمْرهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
يُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ تَمَامَ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّا(4) اخْتَصَّهُمُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ وَأحَلَّهُمْ دَارَ قُدْسِهِ، الْمُقِرُّ بِالثَّانِي عَشَرَ(5) مِنْهُمْ كَالشَّاهِر سَيْفَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَذُبُّ عَنْهُ)، قَالَ: فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي اُمَيَّةَ فَانْقَطَعَ الْكَلاَمُ، فَعُدْتُ إِلَى أبِي).
ص: 252
عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً اُريدُ مِنْهُ أنْ يَسْتَتِمَّ الْكَلاَمَ فَمَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ قَابِلُ _ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ _ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَقَالَ: (يَا إِبْرَاهِيمُ الْمُفَرَّجُ لِلْكَرْبِ (عَنْ)(1) شِيعَتِهِ بَعْدَ ضَنْكٍ شَدِيدٍ وَبَلاَءٍ طَويلٍ وَجَزَع وَخَوْفٍ فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ حَسْبُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ). فَمَا رَجَعْتُ بِشَيْ ءٍ أسَرَّ مِنْ هَذَا لِقَلْبِي وَلاَ أقَرَّ لِعَيْني(2).
9 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن زَيْدٍ(3)، عَن الْحَسَن بْن مُوسَى، عَنْ عَلِيّ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن ربَاطٍ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُفَضَّل، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ أرْبَعَةَ عَشَرَ نُوراً قَبْلَ خَلْقِ الْخَلْقِ بِأرْبَعَةَ عَشَرَ ألْفَ عَام فَهِيَ أرْوَاحُنَا)، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَمَن الأرْبَعَةَ عَشَرَ؟ فَقَالَ: (مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالأئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليهم السلام آخِرُهُمُ الْقَائِمُ الَّذِي يَقُومُ بَعْدَ غَيْبَتِهِ فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَيُطَهَّرُ الأرْضَ مِنْ كُلّ جَوْرٍ وَظُلْم)(4).
10 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ(5)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْعَاصِمِيّ، عَن الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم بْن أيُّوبَ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْن الصَّبَّاح(6)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام).
ص: 253
قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً مَضَى سِتَّةٌ وَبَقِيَ سِتَّةٌ يَضَعُ اللهُ فِي السَّادِس(1) مَا أحَبَّ)(2).
11 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزيزِ الْعَبْدِيّ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه السلام: (مَنْ أقَرَّ بِالأئِمَّةِ مِنْ آبَائِي وَوُلْدِي وَجَحَدَ الْمَهْدِيَّ مِنْ وُلْدِي كَانَ كَمَنْ أقَرَّ بِجَمِيع الأنْبِيَاءِ عليهم السلام وَجَحَدَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نُبُوَّتَهُ)، فَقُلْتُ: سَيَّدِي وَمَن الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكَ؟ قَالَ: (الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ)(3).
12 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن هَاشِم، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أمَا وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ عَنْكُمْ مَهْدِيُّكُمْ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ مِنْكُمْ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدِ حَاجَةٌ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(4).
13 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ حَنَانٍ(5) السَّرَّاج، عَن السَّيَّدِ بْن مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ يَقُولُ فِيهِ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ قَدْ رُويَ لَنَا أخْبَارٌ عَنْ آبَائِكَ عليهم السلام فِي الْغَيْبَةِ).
ص: 254
وَصِحَّةِ كَوْنهَا فَأخْبِرْني بِمَنْ تَقَعُ؟ فَقَالَ عليه السلام(1): (سَتَقَعُ بِالسَّادِس مِنْ وُلْدِي وَالثَّانِي عَشَرَ مِنَ الأئِمَّةِ الْهُدَاةِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أوَّلُهُمْ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَآخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ بَقِيَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ صَاحِبُ الزَّمَان وَخَلِيفَةُ الرَّحْمَن(2) وَاللهِ لَوْ بَقِيَ فِي غَيْبَتِهِ مَا بَقِيَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَظْهَرَ فَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(3).
14 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ هَانِئ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(4).
15 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَن ابْن الْبَطَائِنيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام مَا وَقَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْغَيْبَاتِ جَاريَةٌ(5) فِي الْقَائِم مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، قَالَ أبُو بَصِيرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ! وَمَن الْقَائِمُ مِنْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ هُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ ابْني مُوسَى ذَلِكَ ابْنُ سَيَّدَةِ الإمَاءِ يَغِيبُ غَيْبَةً يَرْتَابُ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ عزّ وجل فَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ مَشَارقَ الأرْض وَمَغَاربَهَا وَيَنْزلُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيُصَلّي خَلْفَهُ وَتُشْرقُ).
ص: 255
الأرْضُ بِنُور رَبَّهَا وَلاَ تَبْقَى فِي الأرْض بُقْعَةٌ عُبِدَ فِيهَا غَيْرُ اللهِ عزّ وجل إِلاَّ عُبِدَ اللهُ فِيهَا وَيَكُونُ الدَّينُ كُلُّهُ للهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ)(1).
بيان: قال الجزري: (القذّة) ريش السهم ومنه الحديث: (لتركبنَّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة) أي كما يقدر كلّ واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع، يضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان(2).
16 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنْ بَلَغَكُمْ عَنْ صَاحِبكُمْ غَيْبَةٌ فَلاَ تُنْكِرُوهَا)(3).
17 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْفَضْل، عَنْ أحْمَدَ بْن عُثْمَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن رزْقٍ، عَنْ يَحْيَى بْن الْعَلاَءِ الرَّازِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يُنْتِجُ اللهُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ رَجُلًا مِنّي وَأنَا مِنْهُ يَسُوقُ اللهُ بِهِ بَرَكَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض فَتُنْزلُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَيُخْرجُ الأرْضُ بَذْرَهَا وَتَأمَنُ وُحُوشُهَا وَسِبَاعُهَا وَيَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَيَقْتُلُ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ ذُرَّيَّةِ مُحَمَّدٍ لَرَحِمَ)(4).
18 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(5)،).
ص: 256
عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْكَاهِلِيّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (تَوَاصَلُوا وَتَبَارُّوا وَتَرَاحَمُوا فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَيَأتِيَنَّ عَلَيْكُمْ وَقْتٌ لاَ يَجِدُ أحَدُكُمْ لِدِينَارهِ وَدِرْهَمِهِ مَوْضِعاً) يَعْنِي لاَ يَجِدُ لَهُ عِنْدَ ظُهُور الْقَائِم عليه السلام مَوْضِعاً يَصْرفُهُ فِيهِ لاسْتِغْنَاءِ النَّاس جَمِيعاً بِفَضْل اللهِ وَفَضْل وَلِيّهِ، فَقُلْتُ: وَأنَّى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (عِنْدَ فَقْدِكُمْ إِمَامَكُمْ فَلاَ تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَطْلُعَ عَلَيْكُمْ كَمَا يَطْلُعُ الشَّمْسُ أيْنَماَ(1) تَكُونُونَ فَإيَّاكُمْ وَالشَّكَّ وَالارْتِيَابَ انْفُوا عَنْ نُفُوسِكُمُ الشُّكُوكَ وَقَدْ حُذّرْتُمْ(2) فَاحْذَرُوا وَمِنَ اللهِ أسْألُ تَوْفِيقَكُمْ وَإِرْشَادَكُمْ)(3).
بيان: الظاهر أنَّ يعني كلام النعماني والظاهر أنَّه رحمه الله أخطأ في تفسيره لأنَّه وصف لزمان الغيبة لا لزمان ظهوره عليه السلام كما يظهر من آخر الخبر بل المعنى أنَّ الناس يكونون خونة لا يوجد من يؤتمن على درهم ولا دينار.
19 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْحِمْيَريّ، عَن الْحُسَيْن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِصَام، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي مَجْلِسِهِ وَمَعِي غَيْري فَقَالَ لَنَا: (إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويهَ) يَعْنِي بِاسْم الْقَائِم عليه السلام وَكُنْتُ أرَاهُ يُريدُ غَيْري، فَقَالَ لِي: (يَا بَا عَبْدِ اللهِ إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويهَ وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ سِنِينا(4) مِنَ الدَّهْر وَلَيَخْمُلَنَّ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ(5)،).
ص: 257
هَلَكَ، بِأيّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَلَتَفِيضَنَّ عَلَيْهِ أعْيُنُ الْمُؤْمِنينَ وَلَيُكْفَأنَّ كَتَكَفُّؤ السَّفِينَةِ فِي أمْوَاج الْبَحْر حَتَّى لاَ يَنْجُوَ إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ وَكَتَبَ الإيمَانَ فِي قَلْبِهِ وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لاَ يُعْرَفُ أيٌّ مِنْ أيٍّ)، قَالَ(1): فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: (مَا يُبْكِيكَ؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَيْفَ لاَ أبْكِي وَأنْتَ تَقُولُ تُرْفَعُ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لاَ يُعْرَفُ أيٌّ مِنْ أيٍّ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى كَوَّةٍ فِي الْبَيْتِ الَّتِي تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ عليه السلام: (أهَذِهِ الشَّمْسُ مُضِيئَةٌ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (وَاللهِ لأمْرُنَا أضْوَاُ مِنْهَا)(2).
بيان: (التنوين في قوله: (سنيناً) على لغة بني عامر، قال الأزهري في التصريح: وبعضهم يجري بنين وباب سنين وإن لم يكن علماً مجرى غسلين في لزوم الياء والحركات على النون منوَّنة غالباً على لغة بني عامر(3)، انتهى).
خمل ذكره وصوته خمولاً خفي ويقال: كفأت الإناء أي قلبته، وقوله: (وليكفأنَّ) أي المؤمنون، وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب.
20 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيّ، عَنْ زَيْدِ بْن قُدَامَةَ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ يَقُولُ النَّاسُ: أنَّى ذَلِكَ وَقَدْ بُلِيَتْ عِظَامُهُ؟)(4).4.
ص: 258
21 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيّ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا عَلاَمَةُ الْقَائِم؟ قَالَ: (إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ فَقِيلَ: مَاتَ أوْ هَلَكَ فِي أيّ وَادٍ سَلَكَ؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: (لاَ يَظْهَرُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ)(1).
22 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن(2) بْن حَازِم، عَنْ عَبَّاس بْن هِشَام النَّاشِريّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ فُضَيْلٍ الصَّائِغ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا فَقَدَ النَّاسُ الإمَامَ مَكَثُوا سَبْتا(3) لاَ يَدْرُونَ أيّاً مِنْ أيٍّ ثُمَّ يُظْهِرُ اللهُ لَهُمْ صَاحِبَهُمْ)(4).
توضيح: السبت الدهر.
23 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْحَسَن بْن مُعَاويَةَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ خَلاَّدِ بْن قَصَّارٍ، قَالَ: سُئِلَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: هَلْ وُلِدَ الْقَائِمُ؟ قَالَ: (لاَ، وَلَوْ أدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ أيَّامَ حَيَاتِي)(5).
إيضاح: لخدمته أي ربيته وأعنته.
24 _ إقبال الأعمال: بِإسْنَادِنَا إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، عَن التَّلَّعُكْبَريّ، عَن ابْن هَمَّام، عَنْ جَمِيلٍ، عَن الْقَاسِم بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أحْمَدَ بْن رَبَاح، عَنْ أبِي الْفَرَج أبَان بْن مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِالسَّنْدِيّ نَقَلْنَاهُ5.
ص: 259
مِنْ أصْلِهِ، قَالَ: كَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي الْحَجَّ فِي السَّنَةِ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام تَحْتَ الْمِيزَابِ وَهُوَ يَدْعُو وَعَنْ يَمِينهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَن وَعَنْ يَسَارهِ حَسَنُ بْنُ حَسَنٍ وَخَلْفَهُ جَعْفَرُ بْنُ حَسَنٍ، قَالَ: فَجَاءَهُ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الْبَصْريُّ فَقَالَ لَهُ: يَا أبَا عَبْدِ اللهِ، قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثاً، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا جَعْفَرُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: (قُلْ مَا تَشَاءُ يَا أبَا كَثِيرٍ)، قَالَ: إِنّي وَجَدْتُ فِي كِتَاب لِي عَلَمُ هَذِهِ الْبِنْيَةِ(1) رَجُلٌ يَنْقُضُهَا حَجَراً حَجَراً، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: (كَذَبَ كِتَابُكَ يَا أبَا كَثِيرٍ، وَلَكِنْ كَأنّي وَاللهِ بِأصْفَر الْقَدَمَيْن، خَمْش السَّاقَيْن، ضَخْم الْبَطْن، دَقِيقِ(2) الْعُنُقِ، ضَخْم الرَّأس عَلَى هَذَا الرُّكْن _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الرُّكْن الْيَمَانِيّ _ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الطَّوَافِ حَتَّى يَتَذَعَّرُوا مِنْهُ)، قَالَ: (ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ لَهُ رَجُلاً مِنّي _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرهِ _ فَيَقْتُلُهُ قَتْلَ عَادٍ وَثَمُودَ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ)، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَن: صَدَقَ وَاللهِ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام حَتَّى صَدَّقُوهُ كُلُّهُمْ جَمِيعا(3).
نُقِلَ مِنْ خَطّ الشَّهِيدِ رحمه الله عَنْ أبِي الْوَلِيدِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: (قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ) إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ قِيَامَ الْقَائِم عليه السلام(4).
25 _ كِتَابُ مُقْتَضَبِ الأثَر فِي النَّصّ عَلَى الاثْنَيْ عَشَرَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأدَمِيّ وَأثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ غَالِبٍ الْحَافِظُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُبَيْدِ بْن نَاصِح، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ هَمَّام بْن الْحَارثِ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبَّهٍ،ه.
ص: 260
قَالَ: إِنَّ مُوسَى عليه السلام نَظَرَ لَيْلَةَ الْخِطَابِ إِلَى كُلّ شَجَرَةٍ فِي الطُّور وَكُلّ حَجَرٍ وَنَبَاتٍ تَنْطِقُ بِذِكْر مُحَمَّدٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَصِيّاً لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: إِلَهِي لاَ أرَى شَيْئاً خَلَقْتَهُ إِلاَّ وَهُوَ نَاطِقٌ بِذِكْر مُحَمَّدٍ وَأوْصِيَائِهِ الاثْنَيْ عَشَرَ فَمَا مَنْزلَةُ هَؤُلاَءِ عِنْدَكَ؟
قَالَ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ إِنّي خَلَقْتُهُمْ قَبْلَ خَلْقِ الأنْوَار وَجَعَلْتُهُمْ فِي خِزَانَةِ قُدْسِي يَرْتَعُونَ فِي ريَاض مَشِيَّتِي وَيَتَنَسَّمُونَ مِنْ رَوْح جَبَرُوتِي وَيُشَاهِدُونَ أقْطَارَ مَلَكُوتِي حَتَّى إِذَا شِئْتُ مَشِيَّتِي أنْفَذْتُ قَضَائِي وَقَدَري.
يَا ابْنَ عِمْرَانَ! إِنّي سَبَقْتُ بِهِمُ اسْتِبَاقِي حَتَّى اُزَخْرفَ بِهِمْ جِنَانِي، يَا ابْنَ عِمْرَانَ! تَمَسَّكْ بِذِكْرهِمْ فَإنَّهُمْ خَزَنَةُ عِلْمِي وَعَيْبَةُ حِكْمَتِي وَمَعْدِنُ نُوري، قَالَ حُسَيْنُ بْنُ عُلْوَانَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (حَقٌّ ذَلِكَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَنْ شَاءَ اللهُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا أسْألُكَ لِتُفْتِيَني بِالْحَقَّ، قَالَ: (أنَا وَابْني هَذَا _ وَأوْمَأ إِلَى ابْنهِ مُوسَى _ وَالْخَامِسُ مِنْ وُلْدِهِ يَغِيبُ شَخْصُهُ وَلاَ يَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ)(1).
* * *1.
ص: 261
ص: 262
ص: 263
ص: 264
1 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عِيسَى بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ جَدَّهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع فَاللهَ اللهَ فِي أدْيَانِكُمْ لاَ يُزيلُكُمْ أحَدٌ عَنْهَا، يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل امْتَحَنَ بِهَا خَلْقَهُ وَلَوْ عَلِمَ آبَاؤُكُمْ وَأجْدَادُكُمْ دِيناً أصَحَّ مِنْ هَذَا لاَتَّبَعُوهُ)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مَن الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع؟ قَالَ: (يَا بُنَيَّ عُقُولُكُمْ تَصْغُرُ عَنْ هَذَا وَأحْلاَمُكُمْ تَضِيقُ عَنْ حَمْلِهِ وَلَكِنْ إِنْ تَعِيشُوا فَسَوْفَ تُدْركُونَهُ)(1).
كمال الدين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، مثله(2).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمّد، عن الحسن بن عيسى بن محمّد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن جعفر، مثله(4).
كفاية الأثر: علي بن محمّد السندي، عن محمّد بن الحسين، عن سعد، مثله(5).
بيان: قوله: (يا بني) على جهة اللطف والشفقة.).
ص: 265
2 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الأزْدِيّ، قَالَ: سَألْتُ سَيَّدِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً))(1)، فَقَالَ: (النّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ الإمَامُ الظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنَةُ الإمَامُ الْغَائِبُ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَيَكُونُ فِي الأئِمَّةِ مَنْ يَغِيبُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، يَغِيبُ عَنْ أبْصَار النَّاس شَخْصُهُ وَلاَ يَغِيبُ عَنْ قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ الثَّانِي عَشَرَ مِنَّا يُسَهَّلُ اللهُ لَهُ كُلَّ عَسِيرٍ وَيُذَلّلُ لَهُ كُلَّ صَعْبٍ وَيُظْهِرُ لَهُ كُنُوزَ الأرْض وَيُقَرَّبُ لَهُ كُلَّ بَعِيدٍ وَيُبيرُ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَيُهْلِكُ عَلَى يَدِهِ كُلَّ شَيْطَانٍ مَريدٍ، ذَاكَ ابْنُ سَيَّدَةِ الإمَاءِ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَلاَ يَحِلُّ لَهُمْ تَسْمِيَتُهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ (اللهُ) عزّ وجل فَيَمْلأ بِهِ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً).
قال الصدوق رحمه الله: لم أسمع هذا الحديث إلاَّ من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عند منصرفي من حجّ بيت الله الحرام وكان رجلاً ثقة ديّناً فاضلاً رحمة الله عليه ورضوانه.
كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن حمزة، عن عمّه الحسن، عن علي، عن أبيه، مثله(2).
3 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْخَشَّابِ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن مُوسَى عليه السلام يَقُولُ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر (مَنْ) يَقُولُ النَّاسُ: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ)(3).
4 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن2.
ص: 266
خَالِدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن حَسَّانَ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن مُوسَى عليه السلام عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر قَالَ: (هُوَ الطَّريدُ الْوَحِيدُ الْغَريبُ الْغَائِبُ عَنْ أهْلِهِ الْمَوْتُورُ بِأبِيهِ)(1).
5 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى(2)، عَن الْبَجَلِيّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ وَأبِي قَتَادَةَ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَأويلُ قَوْلِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ أرَأيْتُمْ إِنْ أصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ))(3)؟ فَقَالَ: (إِذَا فَقَدْتُمْ إِمَامَكُمْ فَلَمْ تَرَوْهُ فَمَا ذَا تَصْنَعُونَ؟)(4).
6 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ صَالِح بْن السَّنْدِيّ، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ أنْتَ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ؟ فَقَالَ: (أنَا الْقَائِمُ بِالْحَقَّ وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهَّرُ الأرْضَ مِنْ أعْدَاءِ اللهِ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْرا(5) هُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِي، لَهُ غَيْبَةٌ يَطُولُ أمَدُهَا خَوْفاً عَلَى نَفْسِهِ يَرْتَدُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَثْبُتُ فِيهَا آخَرُونَ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (طُوبَى لِشِيعَتِنَا الْمُتَمَسَّكِينَ بِحُبَّنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا الثَّابِتِينَ عَلَى مُوَالاَتِنَا وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أعْدَائِنَا اُولَئِكَ مِنَّا وَنَحْنُ).
ص: 267
مِنْهُمْ قَدْ رَضُوا بِنَا أئِمَّةً وَرَضِينَا بِهِمْ شِيعَةً وَطُوبَى(1) لَهُمْ هُمْ وَاللهِ مَعَنَا فِي دَرَجَتِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(2).
كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن حمزة، عن عمّه الحسن، عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، مثله(3).
* * *5.
ص: 268
ص: 269
ص: 270
1 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا: الطَّالَقَانِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِيهِ، عَن الرَّضَا عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِالشّيعَةِ عِنْدَ فَقْدِهِمُ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ يَجِدُونَهُ)، قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: (لأنَّ إِمَامَهُمْ يَغِيبُ عَنْهُمْ)، فَقُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (لِئَلاَّ يَكُونَ فِي عُنُقِهِ لأحَدٍ بَيْعَةٌ إِذَا قَامَ بِالسَّيْفِ)(1).
2 _ عيون أخبار الرضا: أبِي، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: قَالَ لِي: (لاَ بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشَّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَبْكِي عَلَيْهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَأهْلُ الأرْض وَكُلُّ حَرَّى وَحَرَّانَ(2) وَكُلُّ حَزينٍ لَهْفَانَ)، ثُمَّ قَالَ: (بِأبِي وَاُمَّي سَمِيُّ جَدَّي وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّور تَتَوَقَّدُ بِشُعَاع ضِيَاءِ الْقُدْس كَمْ مِنْ حَرَّى مُؤْمِنَةٍ وَكَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأسَّفٍ حَيْرَانُ حَزينٌ عِنْدَ فِقْدَان الْمَاءِ الْمَعِين كَأنّي بِهِمْ آيِسٌ مَا كَانُوا نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُ مَنْ قَرُبَ يَكُونُ رَحْمَةً عَلَى الْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ)(3).
3 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الْفَزَاريّ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن6.
ص: 271
بْن فَضَّالٍ، عَن الرَّيَّان بْن الصَّلْتِ، عَن الرَّضَا عليه السلام مِثْلَهُ(1)، وَفِيهِ: (تَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاع ضِيَاءِ الْقُدْس يَحْزَنُ لِمَوْتِهِ أهْلُ الأرْض وَالسَّمَاءِ كَمْ مِنْ حَرَّى)(2).
بيان: قال الجزري: الفتنة الصمّاء هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها لأنَّ الأصمّ لا يسمع الاستغاثة ولا يقلع عمَّا يفعله، وقيل: هي كالحيّة الصمّاء التي لا تقبل الرقى(3)، انتهى.
أقول: لا يبعد أن يكون مأخوذاً من قولهم: صخرة صمّاء أي الصلبة المصمتة كناية عن نهاية اشتباه الأمر فيها حتَّى لا يمكن النفوذ فيها والنظر في باطنها وتحيّر أكثر الخلق فيها أو عن صلابتها وثباتها واستمرارها والصيلم الداهية والأمر الشديد ووقعة صيلمة أي مستأصلة، و(بطانة الرجل) صاحب سرَّه الذي يشاوره في أحواله، و(وليجة الرجل) دخلاؤه وخاصَّته أي يزل فيها خواصّ الشيعة، والمراد بالثالث الحسن العسكري والظاهر رجوع الضمير في (عليه) إليه ويحتمل رجوعه إلى إمام الزمان المعلوم بقرينة المقام وعلى التقديرين المراد بقوله: سمي جدّي القائم عليه السلام.
قوله عليه السلام: (عليه جيوب النور) لعلَّ المعنى أنَّ جيوب الأشخاص4.
ص: 272
النورانية من كمل المؤمنين والملائكة المقرّبين وأرواح المرسلين تشتعل للحزن على غيبته وحيرة الناس فيه وإنَّما ذلك لنور إيمانهم الساطع من شموس عوالم القدس ويحتمل أن يكون المراد بجيوب النور الجيوب المنسوبة إلى النور والتي يسطع منها أنوار فيضه وفضله تعالى والحاصل أنَّ عليه صلوات الله عليه أثواب قدسية وخلع ربّانية تتقد من جيوبها أنوار فضله وهدايته تعالى، ويؤيّده ما مرَّ في رواية محمّد بن الحنفية عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (جلابيب النور)، ويحتمل أن يكون على تعليلية أي ببركة هدايته وفيضه عليه السلام يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم والمعارف الربّانية.
قوله: (يسمع) على بناء المجهول أو المعلوم وعلى الأوّل، (من) حرف الجرّ وعلى الثاني اسم موصول وكذا الفقرة الثانية يحتمل الوجهين.
4 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْهَرَويّ، قَالَ: سَمِعْتُ دِعْبِلَ بْنَ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: أنْشَدْتُ مَوْلاَيَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرَّضَا عليه السلام قَصِيدَتِيَ الَّتِي أوَّلُهَا:
مَدَارسُ آيَاتٍ خَلَتْ مِنْ تِلاَوَةٍ
وَمَنْزلُ وَحْيٍ مُقْفِرُ الْعَرَصَاتِ
فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِي:
خُرُوجُ إِمَام لاَ مَحَالَةَ خَارجٌ
يَقُومُ عَلَى اسْم اللهِ وَالْبَرَكَاتِ
يُمَيّزُ فِينَا كُلَّ حَقًّ وَبَاطِلٍ
وَيُجْزي عَلَى النَّعْمَاءِ وَالنَّقِمَاتِ
بَكَى الرَّضَا عليه السلام بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ لِي: (يَا خُزَاعِيُّ نَطَقَ رُوحُ الْقُدُس عَلَى لِسَانِكَ بِهَذَيْن الْبَيْتَيْن، فَهَلْ تَدْري مَنْ هَذَا الإمَامُ وَمَتَى يَقُومُ؟)،
ص: 273
فَقُلْتُ: لاَ يَا مَوْلاَيَ(1)، إِلاَّ أنّي سَمِعْتُ بِخُرُوج إِمَام مِنْكُمْ يُطَهَّرُ الأرْضَ مِنَ الْفَسَادِ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْرا(2)، فَقَالَ: (يَا دِعْبِلُ الإمَامُ بَعْدِي مُحَمَّدٌ ابْنِي وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَبَعْدَ عَلِيٍّ ابْنُهُ الْحَسَنُ وَبَعْدَ الْحَسَن ابْنُهُ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ فِي غَيْبَتِهِ الْمُطَاعُ فِي ظُهُورهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلأهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، وَأمَّا مَتَى فَإخْبَارٌ عَن الْوَقْتِ وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أبِي، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ عليهم السلام أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى يَخْرُجُ الْقَائِمُ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ؟ فَقَالَ: مَثَلُهُ مَثَلُ السَّاعَةِ لا يُجَلّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأرْض لا تَأتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً)(3).
كفاية الأثر: محمّد بن عبد الله بن حمزة، عن عمّه الحسن، عن علي، عن أبيه، عن الهروي، مثله(4).
5 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: إِنَّا لَنَرْجُو أنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر وَأنْ يُسْدِيَهُ(5) اللهُ عزّ وجل إِلَيْكَ مِنْ غَيْر سَيْفٍ فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَضُربَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ، فَقَالَ: (مَا مِنَّا أحَدٌ اخْتَلَفَتْ إِلَيْهِ الْكُتُبُ وَسُئِلَ عَن الْمَسَائِل وَأشَارَتْ إِلَيْهِ الأصَابِعُ وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الأمْوَالُ إِلاَّ اغْتِيلَ أوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ عزّ وجل لِهَذَا الأمْر رَجُلاً خَفِيَّ الْمَوْلِدِ وَالْمَنْشَإ غَيْرَ خَفِيّ فِي نَسَبِهِ)(6).1.
ص: 274
(بيان: في الكافي: (واُشير إليه بالأصابع) كناية عن الشهرة، و(الاغتيال) الأخذ بغتة والقتل خديعة والمراد هنا القتل بالآلة وبالموت القتل بالسُمّ والأوّل يصحبهما والمراد بالثاني الموت غيظاً بلا ظفر)(1).
6 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن الأشْعَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَمْدَانَ(2)، عَنْ خَالِهِ أحْمَدَ بْن زَكَريَّا، قَالَ: قَالَ لِيَ الرَّضَا عليه السلام: (أيْنَ مَنْزلُكَ بِبَغْدَادَ؟)، قُلْتُ: الْكَرْخُ، قَالَ: (أمَا إِنَّهُ أسْلَمُ مَوْضِع وَلاَ بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ وَلِيجَةٍ وَبِطَانَةٍ وَذَلِكَ بَعْدَ فِقْدَان الشّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي)(3).
7 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَن الْيَقْطِينيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي يَعْقُوبَ الْبَلْخِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّهُ سَيُبْتَلَوْنَ(4) بِمَا هُوَ أشَدُّ وَأكْبَرُ يُبْتَلَوْنَ(5) بِالْجَنِين فِي بَطْن اُمَّهِ وَالرَّضِيع حَتَّى يُقَالَ: غَابَ وَمَاتَ، وَيَقُولُونَ: لاَ إِمَامَ وَقَدْ غَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَغَابَ وَغَابَ وَهَا أنَا ذَا أمُوتُ حَتْفَ أنْفِي)(6).
بيان: قوله عليه السلام: (وغاب وغاب) أي كان له غيبات كثيرة كغيبته في حرى وفي الشعب وفي الغار وبعد ذلك إلى أن دخل المدينة ويحتمل أن يكون فاعل الفعلين محذوفاً بقرينة المقام أي غاب غيره من الأنبياء ويحتمل أن يكون عليه السلام ذكرهم وعبَّر الراوي هكذا اختصاراً.0.
ص: 275
8 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضاَ(1) عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا رُفِعَ عِلْمُكُمْ مِنْ بَيْن أظْهُركُمْ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِكُمْ)(2).
* * *7.
ص: 276
ص: 277
ص: 278
1 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الرُّويَانِيّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَيَّدِي مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ عليهما السلام وَأنَا اُريدُ أنْ أسْألَهُ عَن الْقَائِم أهُوَ الْمَهْدِيُّ أوْ غَيْرُهُ؟ فَابْتَدَأنِي فَقَالَ: (يَا أبَا الْقَاسِم إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا هُوَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَجِبُ أنْ يُنْتَظَرَ فِي غَيْبَتِهِ وَيُطَاعَ فِي ظُهُورهِ وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ وُلْدِي وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَخَصَّنَا بِالإمَامَةِ إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُصْلِحُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ كَمَا أصْلَحَ أمْرَ كَلِيمِهِ مُوسَى عليه السلام(1) لِيَقْتَبِسَ لأهْلِهِ نَاراً فَرَجَعَ وَهُوَ رَسُولُ نَبِيٍّ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (أفْضَلُ أعْمَالِ شِيعَتِنَا انْتِظَارُ الْفَرَج)(2).
2 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن(3) عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرَّضَا عليه السلام: مَن الْخَلَفُ بَعْدَكَ؟ قَالَ: (ابْني عَلِيٌّ ابْنِي عَلِيٌّ)، ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّهَا سَتَكُونُ حَيْرَةٌ)، قُلْتُ: فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَإلَى مَنْ(4)؟ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: (لاَ أيْنَ)، حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثاً فَأعَدْتُ، فَقَالَ: (إِلَى الْمَدِينَةِ)، فَقُلْتُ: أيّ الْمُدُن؟ فَقَالَ: (مَدِينَتِنَا هَذِهِ وَهَلْ مَدِينَةٌ غَيْرُهَا؟).).
ص: 279
وَقَالَ أحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ: أخْبَرَني ابْنُ بَزيع أنَّهُ حَضَرَ اُمَيَّةَ بْنَ عَلِيٍّ الْقَيْسِيَّ وَهُوَ يَسْألُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ ذَلِكَ فَأجَابَهُ بِهَذَا الْجَوَابِ(1).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن هلال، عن أميّة بن علي القيسي، ... وذكر مثله(2).
بيان: (فقال: لا أين) أي لا يهتدى إليه وأين يوجد ويظفر به ثُمَّ أشار عليه السلام إلى أنَّه يكون في بعض الأوقات في المدينة أو يراه بعض الناس فيها.
3 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن هِشَام، عَنْ أبِي سَعْدٍ سَهْل(3) بْن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرَّضَا عليهما السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (إِذَا مَاتَ ابْني عَلِيٌّ بَدَا سِرَاجٌ بَعْدَهُ ثُمَّ خَفِيَ فَوَيْلٌ لِلْمُرْتَابِ وَطُوبَى للغريب(4) الْفَارَّ بِدِينهِ ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ أحْدَاثٌ تَشِيبُ فِيهَا النَّوَاصِي وَيَسِيرُ الصُّمُّ الصّلاَبُ)(5).
بيان: سير الصّمّ الصّلاب كناية عن شدّة الأمر وتغيّر الزمان حتَّى كأنَّ الجبال زالت عن مواضعها أو عن تزلزل الثابتين في الدين عنه.
4 _ كفاية الأثر: أبُو عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ، عَن الأسَدِيّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن مُوسَى: إِنّي لأرْجُو أنْ تَكُونَ الْقَائِمَ مِنْ أهْل بَيْتِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً6.
ص: 280
وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، فَقَالَ: (يَا أبَا الْقَاسِم مَا مِنَّا إِلاَّ قَائِمٌ بِأمْر اللهِ وَهَادٍ إِلَى دِين اللهِ وَلَسْتُ(1) الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهَّرُ اللهُ بِهِ الأرْضَ مِنْ أهْل الْكُفْر وَالْجُحُودِ وَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً، هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ وَهُوَ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ وَكَنِيُّهُ وَهُوَ الَّذِي يُطْوَى لَهُ الأرْضُ وَيَذِلُّ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ مِنْ أصْحَابِهِ عَدَدُ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أقَاصِي الأرْض وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(2)، فَإذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أهْل الأرْض(3) أظْهَرَ أمْرَهُ فَإذَا اُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ خَرَجَ بِإذْن اللهِ فَلاَ يَزَالُ يَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى)، قَالَ عَبْدُ الْعَظِيم: قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي وَكَيْفَ يَعْلَمُ أنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ؟ قَالَ: (يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ)(4).
5 _ كفاية الأثر: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَن ابْن عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن الصَّقْر بْن أبِي دُلَفَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (الإمَامُ بَعْدِي ابْني عَلِيٌّ أمْرُهُ أمْري وَقَوْلُهُ قَوْلِي وَطَاعَتُهُ طَاعَتِي وَالإمَامُ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ أمْرُهُ أمْرُ أبِيهِ وَقَوْلُهُ قَوْلُ أبِيهِ وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ أبِيهِ)، ثُمَّ سَكَتَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ فَمَن الإمَامُ بَعْدَ الْحَسَن؟ فَبَكَى عليه السلام بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْنُهُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ الْمُنْتَظَرُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ وَلِمَ سُمَّيَ الْقَائِمَ؟7.
ص: 281
قَالَ: (لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَوْتِ ذِكْرهِ وَارْتِدَادِ أكْثَر الْقَائِلِينَ بِإمَامَتِهِ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ سُمَّيَ الْمُنْتَظَرَ؟ قَالَ: (إِنَّ لَهُ غَيْبَةً يَكْثُرُ أيَّامُهَا وَيَطُولُ أمَدُهَا فَيَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ الْمُخْلِصُونَ وَيُنْكِرُهُ الْمُرْتَابُونَ وَيَسْتَهْزئُ بِهِ الْجَاحِدُونَ وَيَكْذِبُ فِيهَا الْوَقَّاتُونَ وَيَهْلِكُ فِيهَا الْمُسْتَعْجِلُونَ وَيَنْجُو فِيهَا الْمُسْلِمُونَ)(1).
6 _ كفاية الأثر: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن السَّنْدِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام: مَن الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: (ابْني عَلِيٌّ)، ثُمَّ قَالَ: (أمَا إِنَّهَا سَتَكُونُ حَيْرَةٌ)، قَالَ: قُلْتُ: إِلَى أيْنَ؟ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: (إِلَى الْمَدِينَةِ)، قَالَ: قُلْتُ: وَإِلَى أيّ مَدِينَةٍ؟ قَالَ: (مَدِينَتِنَا هَذِهِ وَهَلْ مَدِينَةٌ غَيْرُهَا؟)(2).
7 _ قَالَ أحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ: فَأخْبَرَني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْن بَزيع أنَّهُ حَضَرَ اُمَيَّةَ بْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ يَسْألُ أبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ عَنْ ذَلِكَ فَأجَابَهُ بِمِثْل ذَلِكَ الْجَوَابِ(3).
8 _ وَبهَذَا الإسْنَادِ: عَنْ اُمَيَّةَ بْن عَلِيٍّ الْقَيْسِيّ، عَنْ أبِي الْهَيْثَم التَّمِيمِيّ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا تَوَالَتْ ثَلاَثَةُ أسْمَاءٍ كَانَ رَابِعُهُمْ قَائِمَهُمْ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ)(4).
* * *1.
ص: 282
ص: 283
ص: 284
1 _ عيون أخبار الرضا، وكمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ(1)، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويّ، عَنْ أبِي هَاشِم الْجَعْفَريّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن صَاحِبَ الْعَسْكَر عليه السلام يَقُولُ: (الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِي ابْنِيَ الْحَسَنُ، فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟)، فَقُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: (لأنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ شَخْصَهُ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ؟ قَالَ: (قُولُوا: الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(2).
كفاية الأثر: علي بن محمّد (بن) السندي، عن محمّد بن الحسن، عن سعد، مثله(3).
2 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِمْرَ(انَ)(4) الْكَاتِبِ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْمَريّ، عَنْ عَلِيّ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي الْحَسَن عليه السلام أسْألُهُ (عَن)(5) الْفَرَج، فَكَتَبَ(6): (إِذَا غَابَ صَاحِبُكُمْ عَنْ دَار الظَّالِمِينَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(7).
3 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْخَشَّابِ،2.
ص: 285
عَنْ إِسْحَاقَ بْن أيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر مَنْ يَقُولُ النَّاسُ: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ)(1).
وحدَّثنا بهذا الحديث محمّد بن إبراهيم، عن إسحاق بن أيّوب(2).
4 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُبَيْدِ اللهِ(3) بْن أبِي غَانِم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ بْن فَارسٍ، قَالَ: كُنْتُ أناَ(4) وَأيُّوبُ بْنُ نُوح فِي طَريقِ مَكَّةَ فَنَزَلْنَا عَلَى وَادِي زُبَالَةَ فَجَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ فَجَرَى ذِكْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَبَعُدَ الأمْرُ عَلَيْنَا فَقَالَ أيُّوبُ بْنُ نُوح: كَتَبْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أذْكُرُ شَيْئاً مِنْ هَذَا، فَكَتَبَ (إِلَيَّ): (إِذَا رُفِعَ عِلْمُكُمْ مِنْ بَيْن أظْهُركُمْ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِكُمْ)(5).
(بيان: (علمكم) بالتحريك أي من يعلم به سبيل الحقّ، وهو الإمام عليه السلام أو بالكسر أي صاحب علمكم، فرجع إلى الأوّل أو أصل العلم، بأن تشيع الضلالة والجهالة في الخلق، وتوقّع الفرج من تحت الأقدام كناية عن قربه وتيسير حصوله، فإنَّ من كانت قدماه على شيء فهو أقرب الأشياء به، ويأخذه إذا رفعهما، فعلى الأوّلين المعنى أنَّه لا بدَّ أن تكونوا في ذلك الأزمان متوقّعين للفرج كذلك، غير آيسين منه، ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ظهور الإمام أي يحصل لكم فرج إمَّا4.
ص: 286
بالموت والوصول إلى رحمة الله، أو ظهور الإمام، أو رفع شرّ الأعادي بفضل الله وعلى الوجه الثالث، الكلام محمول على ظاهره، فإنَّه إذا تمَّت جهالة الخلق وضلالتهم لا بدَّ من ظهور الإمام عليه السلام كما دلَّت الأخبار وعادة الله في الأمم الماضية عليه).
5 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن صَدَقَةَ، عَنْ عَلِيّ بْن عَبْدِ الْغَفَّار، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أبُو جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام كَتَبَتِ الشّيعَةُ إِلَى أبِي الْحَسَن عليه السلام يَسْألُونَهُ عَن الأمْر فَكَتَبَ عليه السلام إِلَيْهِمُ: (الأمْرُ لِي مَا دُمْتُ حَيّاً فَإذَا نَزَلَتْ بِي مَقَادِيرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أتَاكُمُ الْخَلَفُ مِنّي وَأنَّى لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟)(1).
6 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عليهما السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِكُمْ وَقَدِ اخْتَلَفْتُمْ بَعْدِي فِي الْخَلَفِ مِنّي أمَا إِنَّ الْمُقِرَّ بِالأئِمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ الْمُنْكِرَ لِوَلَدِي كَمَنْ أقَرَّ بِجَمِيع أنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ ثُمَّ أنْكَرَ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالْمُنْكِرُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم كَمَنْ أنْكَرَ جَمِيعَ الأنْبِيَاءِ لأنَّ طَاعَةَ آخِرنَا كَطَاعَةِ أوَّلِنَا وَالْمُنْكِرَ لآِخِرنَا كَالْمُنْكِر لأوَّلِنَا أمَا إِنَّ لِوَلَدِي غَيْبَةً يَرْتَابُ فِيهَا النَّاسُ إِلاَّ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ عزّ وجل)(2).
كفاية الأثر: الحسين بن علي، عن العطّار، مثله(3).
7 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ: سُئِلَ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ).
ص: 287
بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام وَأنَا عِنْدَهُ عَن الْخَبَر الَّذِي رُويَ عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ وَأنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرفْ إِمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، (فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّ هَذَا حَقٌّ كَمَا أنَّ النَّهَارَ حَقٌّ)، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ فَمَن الْحُجَّةُ وَالإمَامُ بَعْدَكَ؟ فَقَالَ: (ابْنِي مُحَمَّدٌ وَهُوَ الإمَامُ وَالْحُجَّةُ بَعْدِي مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرفْهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)(1).
أمَا إِنَّ لَهُ غَيْبَةً يَحَارُ فِيهَا الْجَاهِلُونَ وَيَهْلِكُ فِيهَا الْمُبْطِلُونَ وَيَكْذِبُ فِيهَا الْوَقَّاتُونَ ثُمَّ يَخْرُجُ، فَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى الأعْلاَم الْبِيض تَخْفِقُ فَوْقَ رَأسِهِ بِنَجَفِ الْكُوفَةِ)(2).
كفاية الأثر: أبو المفضَّل، عن أبي علي بن همام، مثله(3).
8 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْوَرَّاقُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِي، قَالَ: خَرَجَ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام تَوْقِيعٌ: (زَعَمُوا أنَّهُمْ يُريدُونَ قَتْلِي لِيَقْطَعُوا نَسْلِي(4) وَقَدْ كَذَّبَ اللهُ قَوْلَهُمْ وَالْحَمْدُ للهِ)(5).
9 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ بْن كُلْثُوم، عَنْ عَلِيّ بْن أحْمَدَ الرَّازِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ(6)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الْعَسْكَريّ عليه السلام يَقُولُ: (الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُخْرجْنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى أرَانِي الْخَلَفَ مِنْ بَعْدِي).
ص: 288
أشْبَهَ النَّاس بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم خَلْقاً وَخُلْقاً يَحْفَظُهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(1).
10 _ الغيبة للطوسي: سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الزَّيْتُونيّ، عَن الزُّهْريّ الْكُوفِيّ، عَنْ بُنَان بْن حَمْدَوَيْهِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي الْحَسَن الْعَسْكَريّ عليه السلام مُضِيُّ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَقَالَ: (ذَاكَ إِلَيَّ مَا دُمْتُ حَيّاً بَاقِياً وَلَكِنْ كَيْفَ بِهِمْ إِذَا فَقَدُوا مَنْ بَعْدِي؟)(2).
11 _ الغيبة للطوسي: أبُو هَاشِم الْجَعْفَريُّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: جَلاَلَتُكَ تَمْنَعُنِي عَنْ مَسْألَتِكَ فَتَأذَنُ لِي فِي أنْ أسْألَكَ؟ قَالَ: (سَلْ)، قُلْتُ: يَا سَيَّدِي هَلْ لَكَ وَلَدٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: فَإنْ حَدَثَ حَدَثٌ فَأيْنَ أسْألُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: (بِالْمَدِينَةِ)(3).
12 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَنْ أبِي نُعَيْم نَصْر بْن عِصَام بْن الْمُغِيرَةِ الْفِهْريّ الْمَعْرُوفِ بِقَرْقَارَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْمَرَاغِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ، أنَّهُ سَألَ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر، فَأشَارَ بِيَدِهِ أيْ إِنَّهُ حَيٌّ غَلِيظُ الرَّقَبَةِ(4).
13 _ كفاية الأثر: أبُو الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيُّ، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ عَلاَّنٍ الرَّازِيّ، قَالَ: أخْبَرَني بَعْضُ أصْحَابِنَا أنَّهُ لَمَّا حَمَلَتْ جَاريَةُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام قَالَ: (سَتَحْمِلِينَ ذَكَراً وَاسْمُهُ (م ح م د) وَهُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي)(5).0.
ص: 289
14 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَرٍ الْفَزَاريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْمَدَائِنيّ، عَنْ أبِي حَاتِم(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام يَقُولُ: (فِي سَنَةِ مِائَتَيْن وَسِتّينَ تَفَرَّقَ(2) شِيعَتِي)، فَفِيهَا قُبِضَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام وَتَفَرَّقَتْ شِيعَتُهُ وَأنْصَارُهُ فَمِنْهُمْ مَن انْتَمَى إِلَى جَعْفَرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ تَاهَ وَشَكَّ وَمِنْهُمْ مَنْ وَقَفَ عَلَى تَحَيُّرهِ وَمِنْهُمْ مَنْ ثَبَتَ عَلَى دِينهِ بِتَوْفِيقِ اللهِ عزّ وجل(3).
15 _ الخرائج والجرائح: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عِيسَى بْن صَبِيح، قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ الْعَسْكَريُّ عليه السلام عَلَيْنَا الْحَبْسَ وَكُنْتُ بِهِ عَارفاً، فَقَالَ لِي: (لَكَ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً وَشَهْرٌ وَيَوْمَان)، وَكَانَ مَعِي كِتَابُ دُعَاءٍ عَلَيْهِ تَاريخُ مَوْلِدِي وَإِنّي نَظَرْتُ فِيهِ فَكَانَ كَمَا قَالَ، وَقَالَ: (هَلْ رُزِقْتَ وَلَداً؟)، فَقُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: (اللهُمَّ ارْزُقْهُ وَلَداً يَكُونُ لَهُ عَضُداً فَنِعْمَ الْعَضُدُ الْوَلَدُ)، ثُمَّ تَمَثَّلَ عليه السلام:
(مَنْ كَانَ ذَا عَضُدٍ يُدْركُ ظُلاَمَتَهُ
إِنَّ الذَّلِيلَ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ عَضُدٌ)
قُلْتُ: ألَكَ وَلَدٌ؟ قَالَ: (إِي وَاللهِ سَيَكُونُ لِي وَلَدٌ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطا(4) فَأمَّا الآنَ فَلاَ)، ثُمَّ تَمَثَّلَ:
( لَعَلَّكَ يَوْماً أنْ تَرَانِي كَأنَّمَا
بَنِيَّ حَوَالَيَّ الاُسُودُ اللَّوَابِدُ
فَإنَّ تَمِيماً قَبْلَ أنْ يَلِدَ الْحَصَا
أقَامَ زَمَاناً وَهُوَ فِي النَّاس وَاحِدٌ)(5)
* * *9.
ص: 290
ص: 291
ص: 292
روى البرسي في (مشارق الأنوار) عن كعب بن الحارث قال: إنَّ ذا جدن(1) الملك أرسل إلى السطيح لأمر شكّ فيه فلمَّا قدم عليه أراد أن يجرَّب علمه قبل حكمه فخبَّأ له ديناراً تحت قدمه ثُمَّ أذن له فدخل فقال له الملك: ما خبَّأت لك يا سطيح؟ فقال سطيح: حلفت بالبيت والحرم، والحجر الأصمّ، والليل إذا أظلم، والصبح إذا تبسَّم، وبكل فصيح وأبكم، لقد خبَّأت لي ديناراً بين النعل والقدم، فقال الملك: من أين علمك هذا يا سطيح!؟ فقال: من قبل أخ لي حتَّى ينزل معي أنّى نزلت.
فقال الملك: أخبرني عمَّا يكون في الدهور، فقال سطيح: إذا غارت الأخيار وقادت(2) الأشرار، وكذّب بالأقدار، وحمل المال بالأوقار، وخشعت الأبصار لحامل الأوزار، وقطعت الأرحام، وظهرت الطغام، المستحلّي الحرام، في حرمة الإسلام، واختلفت الكلمة، وخفرت الذمّة، وقلَّت الحرمة، وذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب، وله شبيه الذنب، فهناك تنقطع الأمطار، وتجفّ الأنهار، وتختلف الأعصار، وتغلو الأسعار، في جميع الأقطار.
ثُمَّ تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر(3)، حتَّى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدلّ الرايات السود بالحمر، فيبيح).
ص: 293
المحرّمات، ويترك النساء بالثدايا معلقات، وهو صاحب نهب الكوفة، فربّ بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة، بها الخيل محفوفة، قتل زوجها، وكثر عجزها، واستحلّ فرجها فعندها يظهر ابن النبيّ المهدي، وذلك إذا قتل المظلوم بيثرب، وابن عمّه في الحرم، وظهر الخفي فوافق الوشمي(1) فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم، بقتل القروم(2)، فعندها ينكسف كسوف، إذا جاء الزحوف، وصفّ الصفوف.
ثُمَّ يخرج ملك من صنعاء اليمن، أبيض كالقطن(3) اسمه حسين أو حسن، فيذهب بخروجه غمر الفتن، فهناك يظهر مباركاً زكياً، وهادياً مهديّاً، وسيّداً علويّاً فيفرّج الناس إذا أتاهم بمنّ الله الذي هداهم، فيكشف بنوره الظلماء، ويظهر به الحقّ بعد الخفاء، ويفرّق الأموال في الناس بالسواء، ويغمّه(4) السيف فلا يسفك الدماء، ويعيش الناس في البشر والهناء، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء، ويرد الحقّ على أهل القرى، ويكثر في الناس الضيافة والقرى، ويرفع بعدله الغواية والعمى، كأنَّه كان غبار فانجلى، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً والأيام حباء، وهو علم للساعة بلا امتراء(5).
(وَرَوَى ابْنُ عَيَّاشٍ فِي الْمُقْتَضَبِ عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن سُفْيَانَ الْبَزَوْفَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن الْبُوشَنْجَانِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ0.
ص: 294
أبِيهِ، عَن النُّوشَجَان بْن البودمردان، قَالَ: لَمَّا جَلاَ الْفُرْسُ عَن الْقَادِسِيَّةِ وَبَلَغَ يَزْدَجَرْدَ بْنَ شَهْريَارَ مَا كَانَ مِنْ رُسْتُمَ وَإِدَالَةِ الْعَرَبِ عَلَيْهِ وَظَنَّ أنَّ رُسْتُمَ قَدْ هَلَكَ وَالْفُرْسَ جَمِيعاً وَجَاءَ مُبَادِرٌ(1) وَأخْبَرَهُ بِيَوْم الْقَادِسِيَّةِ وَانْجِلاَئِهَا عَنْ خَمْسِينَ ألْفَ قَتِيلٍ خَرَجَ يَزْدَجَرْدُ هَارباً فِي أهْل بَيْتِهِ وَوَقَفَ بِبَابِ الإيوَان وَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الإيوَانُ هَا أنَا ذَا مُنْصَرفٌ عَنْكَ وَرَاجِعٌ إِلَيْكَ أنَا أوْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي لَمْ يَدْنُ زَمَانُهُ وَلاَ آنَ أوَانُهُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ الدَّيْلَمِيُّ: فَدَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ لَهُ: مَا قَوْلُهُ: (أوْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي)؟ فَقَالَ: (ذَلِكَ صَاحِبكُمُ الْقَائِمُ بِأمْر اللهِ عزّ وجل السَّادِسُ مِنْ وُلْدِي قَدْ وَلَدَهُ يَزْدَجَرْدُ فَهُوَ وَلَدُهُ)(2).
ومنه، عن عبد الله بن القاسم البلخي، عن أبي سلام الكجي (عن) عبد الله بن مسلم(3)، عن عبد الله بن عمير، عن هرمز بن حوران، عن فراس، عن الشعبي قال: إنَّ عبد الملك بن مروان دعاني فقال: يا أبا عمرو إنَّ موسى بن نصر(4) العبدي كتب إليَّ _ وكان عامله على المغرب _ يقول: بلغني أنَّ مدينة من صفر كان ابتناها نبي الله سليمان بن داود، أمر الجن أن يبنوها له فاجتمعت العفاريت من الجن على بنائها وأنَّها من عين القطر التي ألانها الله لسليمان بن داود، وأنَّها في مفازة الأندلس، وأنَّ فيها من الكنوز التي استودعها سليمان وقد أردت أن أتعاطى الارتحال إليها فأعلمني الغلام بهذا الطريق أنَّه صعب لا يتمطّى إلاَّ بالاستعداد مند.
ص: 295
الظهور والازواد الكثيرة مع بقاء بعد المسافة وصعوبتها، وأنَّ أحداً لم يهتم بها إلاَّ قصر عن بلوغها إلاَّ دارا بن دارا، فلمّا قتله الإسكندر قال: والله لقد جئت الأرض والأقاليم كلّها ودان لي أهلها، وما أرض إلاَّ وقد وطئتها إلاَّ هذه الأرض من الأندلس، فقد أدركها دارا بن دارا، وإنّي لجدير بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا.
فتجهَّز الإسكندر واستعدّ للخروج عاماً كاملاً فلمَّا ظنَّ أنَّه قد استعدّ لذلك، وقد كان بعث روّاده فأعلموا أنَّ موانعاً دونها.
فكتب عبد الملك إلى موسى بن نصر يأمره بالاستعداد والاستخلاف على عمله فاستعدّ وخرج فرآها وذكر أحوالها فلمَّا رجع كتب إلى عبد الملك بحالها، وقال في آخر الكتاب: فلمَّا مضت الأيام وفنيت الازواد، سرنا نحو بحيرة ذات شجر وسرت مع سور المدينة فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية فوقفت على قراءته وأمرت بانتساخه فإذا هو شعر:
ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن * يرجو الخلود وما حي بمخلودِ
لو أنَّ خلقاً ينال الخلد في مهل * لنال ذاك سليمان بن داودِ
سالت له القطر عين القطر فائضة * بالقطر سنة عطاء غير مصدودِ
فقال للجن ابنوا لي به أثرا * يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يودي
فصيّروه صفاحاً ثُمَّ هيل له * إلى السماء بإحكام وتجويدِ
وأفرغ القطر فوق السور منصلتا * فصار أصلب من صماء صيخودِ(1)
وثب فيه كنوز الأرض قاطبة * وسوف يظهر يوماً غير محدودِ).
ص: 296
وصار في قعر بطن الأرض مضطجعا * مصمداً بطوابيق الجلاميدِ(1)
لم يبقَ من بعده للملك سابقة * حتَّى تضمن رمساً غير اخدودِ
هذا ليعلم أنَّ الملك منقطع * إلاَّ من الله ذي النعماء والجودِ
حتّى إذا ولدت عدنان صاحبها * من هاشم كان منها خير مولودِ
وخصَّه الله بالآيات منبعثا * إلى الخليقة منها البيض والسودِ
له مقاليد أهل الأرض قاطبة * والأوصياء له أهل المقاليدِ
هم الخلائف اثنا شعرة حججا * من بعدها(2) الأوصياء السادة الصيدِ
حتَّى يقوم بأمر الله قائمهم * من السماء إذا ما باسمه نودي
فلمَّا قرأ عبد الملك الكتاب وأخبره طالب بن مدرك وكان رسوله إليه بما عاين من ذلك، وعنده محمّد بن شهاب الزهري قال: ما ترى في هذا الأمر العجيب؟
فقال الزهري: أرى وأظنّ أنَّ جنّاً كانوا موكّلين بما في تلك المدينة حفظة لها يخيّلون إلى من كان صعدها، قال عبد الملك: فهل علمت من أمر المنادي من السماء شيئاً؟ قال: إله عن هذا يا أمير المؤمنين، قال عبد الملك: كيف ألهو عن ذلك وهو أكبر أوطاري لتقولنَّ بأشدَّ ما عندك في ذلك، ساءني أم سرَّني.
فقال الزهري: أخبرني علي بن الحسين عليهما السلام أنَّ هذا المهدي من ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، فقال عبد الملك: كذبتما لا تزالان تدحضان في بولكما وتكذبان في قولكما، ذلك رجل منّا. قال الزهري أمَّا أنا فرويته لك عن).
ص: 297
علي ابن الحسين عليهما السلام فإن شئت فاسأله عن ذلك ولا لوم عليَّ فيما قلته لك ((وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذي يَعِدُكُمْ))(1)، فقال عبد الملك: لا حاجة لي إلى سؤال بني أبِي تراب فخفض عليك يا زهري بعض هذا القول فلا يسمعه منك أحد. قال الزهري: لك عليَّ ذلك(2).
بيان: (لا يودي): أي لا يهلك. وقال الجوهري: كلّ شيء أرسلته إرسالاً من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه، قلت: (هلته أهيله هيلاً فانهال) أي جرى وانصب(3)، وقال: (صلت ما في القدح) أي صببته(4)، وقال: (صخرة صيخود) أي شديدة(5).
قوله: (مصمداً) بالصاد المهملة أو بالضاد المعجمة.
قال الجوهري: المصمد لغة في المصمت وهو الذي لا جوف له(6) وقال: صمد فلان رأسه تصميداً أي شدَّه بعصابة أو ثوب ما خلا العمامة(7)، وقال: (الطابق): الآجر الكبير، فارسي معرَّب(8)، و(الجلاميد) جمع الجلمود بالضم هو الصخر. و(الرمس) بالفتح القبر أو ترابه، و(الأخدود) بالضمّ شقّ في الأرض مستطيل، و(الصيد) جمع الأصيد الملك، والرجل الذي يرفع رأسه كبراً).
* * *3.
ص: 298
ص: 299
ص: 300
قال رحمه الله: اعلم أنَّ لنا في الكلام في غيبة صاحب الزمان عليه السلام طريقين:
أحدهما: أن نقول: إذا ثبت وجوب الإمامة في كل حال وأنَّ الخلق مع كونهم غير معصومين لا يجوز أن يخلو من رئيس في وقت من الأوقات وأنَّ من شرط الرئيس أن يكون مقطوعاً على عصمته فلا يخلو ذلك الرئيس من أن يكون ظاهراً معلوماً أو غائباً مستوراً فإذا علمنا أنَّ كلّ من يدّعى له الإمامة ظاهراً ليس بمقطوع على عصمته بل ظاهر أفعالهم وأحوالهم ينافي العصمة ممن هو غائب من الكيسانية والناووسية والفطحية والواقفة وغيرهم قولهم باطل علمنا بذلك صحّة إمامة ابن الحسن وصحّة غيبته وولايته ولا نحتاج إلى تكلُّف الكلام في إثبات ولادته وسبب غيبته مع ثبوت ما ذكرناه ولأنَّ الحقّ لا يجوز خروجه عن الأمّة.
والطريق الثاني: أن نقول: الكلام في غيبة ابن الحسن فرع على ثبوت إمامته والمخالف لنا إمَّا أن يسلّم لنا إمامته ويسأل عن سبب غيبته فنكلّف(1) جوابه، أو (لا)(2) يسلم لنا إمامته فلا معنى لسؤاله عن غيبة من لم يثبت إمامته، ومتى نوزعنا في ثبوت إمامته دللنا عليها بأن نقول: قد ثبت وجوب الإمامة مع بقاء التكليف على من ليس بمعصوم في جميع الأحوال والأعصار بالأدلّة القاهرة وثبت أيضاً أنَّ من شرط الإمام أن يكون مقطوعاً على عصمته وعلمنا أيضاً أنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة.ر.
ص: 301
فإذا ثبت ذلك وجدنا الأمّة بين أقوال بين قائل يقول: لا إمام فما ثبت من وجوب الإمامة في كلّ حال يفسد قوله، وقائل يقول بإمامة من ليس بمقطوع على عصمته فقوله يبطل بما دللنا عليه من وجوب القطع على عصمة الإمام، ومن ادّعى العصمة لبعض من يذهب إلى إمامته فالشاهد يشهد بخلاف قوله لأنَّ أفعالهم الظاهرة وأحوالهم تنافي العصمة، فلا وجه لتكلّف القول فيما نعلم ضرورة خلافه، ومن ادّعيت له العصمة، وذهب قوم إلى إمامته كالكيسانية القائلين بإمامة محمّد بن الحنفية والناووسية القائلين بإمامة جعفر بن محمّد وأنَّه لم يمت والواقفة الذين قالوا: إنَّ موسى بن جعفر لم يمت فقولهم باطل من وجوه سنذكرها.
فصار الطريقان محتاجين إلى فساد قول هذه الفِرَق ليتمّ ما قصدناه ويفتقران إلى إثبات الأصول الثلاثة التي ذكرناها من وجوب الرئاسة، ووجوب القطع على العصمة، وأنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة. ونحن ندلُّ على كلّ واحد من هذه الأقوال بموجز من القول لأنَّ استيفاء ذلك موجود في كتبي في الإمامة على وجه لا مزيد عليه والغرض بهذا الكتاب ما يختصّ الغيبة دون غيرها والله الموفق لذلك بمنّه.
والذي يدلُّ على وجوب الرئاسة ما ثبت من كونها لطفاً في الواجبات العقلية فصارت واجبة كالمعرفة التي لا يعرى مكلّف من وجوبها عليه ألا ترى أنَّ من المعلوم أنَّ من ليس بمعصوم من الخلق متى خلوا من رئيس مهيب يردع المعاند ويؤدّب الجاني ويأخذ على يد المتقلّب(1) ويمنع القوي من الضعيف وأمنوا ذلك، وقع الفساد وانتشر).
ص: 302
الحيل، وكثر الفساد، وقلَّ الصلاح، ومتى كان لهم رئيس هذه صفته كان الأمر بالعكس من ذلك، من شمول الصلاح وكثرته، وقلّة الفساد ونزارته والعلم بذلك ضروري لا يخفى على العقلاء فمن دفعه لا يحسن مكالمته وأجبنا عن كل ما يسأل على ذلك مستوفى في تلخيص الشافي وشرح الجمل لا نطول بذكره ههنا.
ووجدت لبعض المتأخّرين كلاماً اعترض به كلام المرتضى رحمه الله في الغيبة وظنَّ أنَّه ظفر بطائل فموَّه به على من ليس له قريحة ولا بصر بوجوه النظر وأنا أتكلم عليه، فقال: الكلام في الغيبة والاعتراض عليها من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن نلزم الإمامية ثبوت وجه قبح فيها أو في التكليف معها فيلزمهم أن يثبتوا أنَّ الغيبة ليس فيها وجه قبح لأنَّ مع ثبوت وجه القبح تقبح الغيبة وإن ثبت فيها وجه حسن كما نقول في قبح تكليف ما لا يطاق أنَّ فيه وجه قبح وإن كان فيه وجه حسن بأن يكون لطفاً لغيره.
والثاني: أنَّ الغيبة تنقض طريق وجوب الإمامة في كل زمان لأنَّ كون الناس مع رئيس مهيب متصرّف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفاً واجباً في كلّ حال وقبح التكليف مع فقده لانتقض بزمان الغيبة لأنّا في زمان الغيبة نكون مع رئيس هذه سبيله أبعد من القبيح وهو دليل وجوب هذه الرئاسة، ولم يجب وجود رئيس هذه صفته في زمان الغيبة ولا قبح التكليف مع فقده، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض الدليل.
والثالث: أن يقال: إنَّ الفائدة بالإمامة هي كونه مبعّداً من القبيح على قولكم وذلك لا يحصل مع وجوده غائباً فلم ينفصل وجوده من عدمه، وإذا لم يختصّ وجوده غائباً بوجه الوجوب الذي ذكروه لم
ص: 303
يقتض دليلهم وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنَّه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلّق بوجود إمام غير منبسط اليد، ولا هو حاصل في هذه الحال.
الكلام عليه أن نقول:
أمَّا الفصل الأوّل من قوله: (إنّا نلزم الإمامية أن يكون في الغيبة وجه قبح) وعيد منه محض لا يقترن به حجّة فكان ينبغي أن يبيّن وجه القبح الذي أراد إلزامه إيّاهم لننظر فيه ولم يفعل فلا يتوجَّه وعيده، وإن قال ذلك سائلاً على وجه: (ما أنكرتم أن يكون فيها وجه قبح) فإنّا نقول: وجوه القبح معقولة من كون الشيء ظلماً وعبثاً وكذباً ومفسدةً وجهلاً وليس شيء من ذلك موجوداً ههنا فعلمنا بذلك انتفاء وجود(1) القبح.
فإن قيل: وجه القبح أنَّه لم يزح علّة المكلف على قولكم لأنَّ انبساط يده الذي هو لطف في الحقيقة والخوف من تأديبه لم يحصل فصار ذلك إخلالاً بلطف المكلف فقبح لأجله.
قلنا: قد بيَّنا في باب وجوب الإمامة بحيث أشرنا إليه أنَّ انبساط يده والخوف من تأديبه إنَّما فات المكلّفين لما يرجع إليهم لأنَّهم أحوجوه إلى الاستتار بأن أخافوه ولم يمكّنوه فاتوا من قبل نفوسهم وجرى ذلك مجرى أن يقول قائل: (من لم يحصل له معرفة الله تعالى، في تكليفه وجه قبح) لأنَّه لم يحصل ما هو لطف له من المعرفة فينبغي أن يقبح تكليفه فما يقولونه ههنا من أنَّ الكافر أتي من قبل نفسه لأنَّ الله قد نصب له الدلالة).
ص: 304
على معرفته ومكّنه من الوصول إليها فإذا لم ينظر ولم يعرف أتي في ذلك من قبل نفسه ولم يقبح ذلك تكليفه فكذلك نقول: انبساط يد الإمام وإن فات المكلف فإنَّما أتي من قبل نفسه ولو مكّنه لظهر وانبسطت يده فحصل لطفه فلم يقبح تكليفه لأنَّ الحجة عليه لا له.
وقد استوفينا(1) نظائر ذلك في الموضع الذي أشرنا إليه وسنذكر فيما بعد إذا عرض ما يحتاج إلى ذكره.
وأمَّا الكلام في الفصل الثاني فهو مبني على ألفاظه ولا نقول: إنَّه لم يفهم ما أورده لأنَّ الرجل كان فوق ذلك لكن أراد التلبيس والتمويه وهو(2) قوله: (إنَّ دليل وجوب الرئاسة ينتقض بحال الغيبة لأنَّ كون الناس مع رئيس مهيب متصرّف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفاً واجباً على كلّ حال وقبح التكليف مع فقده ينتقض في زمان الغيبة ولم يقبح التكليف مع فقده فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض). وإنَّما قلنا: إنَّه تمويه لأنَّ ظنَّ أنّا نقول: إنَّ في حال الغيبة دليل وجوب الإمامة قائم ولا إمام فكان نقضاً ولا نقول ذلك، بل دليلنا في حال وجود الإمام بعينه هو دليل حال غيبته في أنَّ في الحالين الإمام لطف فذا نقول: إنَّ زمان الغيبة خلا من وجود رئيس بل عندنا أنَّ الرئيس حاصل وإنَّما ارتفع انبساط يده لما يرجع إلى المكلّفين على ما بيّناه لا لأنَّ انبساط يده خرج من كونه لطفاً بل وجه اللطف به قائم وإنَّما لم يحصل لما يرجع إلى غير).
ص: 305
الله فجرى مجرى أن يقول قائل: كيف يكون معرفة الله تعالى لطفاً مع أنَّ الكافر لا يعرف الله؟ فلمَّا كان التكليف على الكافر قائماً والمعرفة مرتفعة دلَّ على أنَّ المعرفة ليست لطفاً على كلّ حال لأنَّها لو كانت كذلك لكان نقضاً.
وجوابنا في الإمامة كجوابهم في المعرفة من أنَّ الكافر لطفه قائم بالمعرفة وإنَّما فوَّت (على)(1) نفسه بالتفريط في النظر المؤدّي إليها فلم يقبح تكليفه فكذلك نقول: الرئاسة لطف للمكلف في حال الغيبة وما يتعلّق بالله من إيجاده حاصل وإنَّما ارتفع تصرّفه وانبساط يده لأمر يرجع إلى المكلّفين فاستوى الأمران والكلام في هذا المعنى مستوفى أيضاً بحيث ذكرناه.
وأمَّا الكلام في الفصل الثالث من قوله: (إنَّ الفائدة بالإمامة هي كونه مبعّداً من القبيح على قولكم وذلك لم يحصل مع غيبته فلم ينفصل وجوده من عدمه فإذا لم يختصّ وجوده غائباً بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم(2) وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنَّه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلّق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال).
فإنّا نقول: إنَّه لم يفعل في هذا الفصل أكثر من تعقيد القول على طريقة المنطقيين من قلب المقدّمات وردّ بعضها على بعض ولا شكّ أنَّه قصد بذلك التمويه والمغالطة وإلاَّ فالأمر أوضح من أن يخفى(3) متى).
ص: 306
قالت الإمامية: إنَّ انبساط يد الإمام لا يجب في حال الغيبة حتّى يقول: دليلكم لا يدلُّ على وجوب إمام غير منبسط اليد لأنَّ هذه حال الغيبة؟، بل الذي صرَّحنا(1) دفعة بعد أخرى أنَّ انبساط يده واجب في الحالين في حال ظهوره وحال غيبته غير أنَّ حال ظهوره مكّن منه فانبسطت يده وحال الغيبة لم يمكّن فانقبضت يده لا أنَّ انبساط يده خرج من باب الوجوب وبيّنا أنَّ الحجة بذلك قائمة على المكلّفين من حيث منعوه ولم يمكّنوه فاتوا من قبل نفوسهم، وشبّهنا ذلك بالمعرفة دفعة بعد أخرى.
وأيضاً فإنّا نعلم أنَّ نصب الرئيس واجب بعد الشرع لما في نصبه من اللطف لتحمّله القيام بما لا يقوم به غيره، ومع هذا فليس التمكين واقعاً لأهل الحلّ والعقد من نصب من يصلح لها خاصة على مذهب أهل العدل الذين كلامنا معهم ومع هذا لا يقول أحد: إنَّ وجوب نصب الرئيس سقط الآن من حيث لم يقع التمكين منه، فجوابنا في غيبة الإمام جوابهم في منع أهل الحلّ والعقد من اختيار من يصلح لإمامة ولا فرق بينهما فإنَّما الخلاف بيننا أنّا قلنا: علمنا ذلك عقلاً، وقالوا: ذلك معلوم شرعاً وذلك فرق من غير موضع الجمع.
فإن قيل: أهل الحلّ والعقد إذا لم يتمكّنوا(2) من اختيار من يصلح للإمامة فإنَّ الله يفعل ما يقوم مقام ذلك من الألطاف فلا يجب إسقاط التكليف وفي الشيوخ من قال: إنَّ الإمام يجب نصبه في الشرع لمصالح دنياوية وذلك غير واجب أن يفعل لها اللطف.).
ص: 307
قلنا: أمَّا من قال: نصب الإمام لمصالح دنياوية، قوله يفسد لأنَّه لو كان كذلك لما وجب إمامته ولا خلاف بينهم في أنَّه يجب إقامة الإمامة مع الاختيار على أنَّ ما يقوم به الإمام من الجهاد وتولية الأمراء والقضاء، وقسمة الفئ، واستيفاء الحدود والقصاصات أمور دينية لا يجوز تركها، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك فقوله ساقط بذلك. وأمَّا من قال: يفعل الله ما يقوم مقامه، باطل لأنَّه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الإمام مطلقاً على كلّ حال ولكان يكون ذلك من باب التخيير كما نقول في فروض الكفايات وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كلّ حال دليل على فساد ما قالوه.
على أنَّه يلزم على الوجهين جميعاً المعرفة بأن يقال: الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها فلا يجب عليه المعرفة على كلّ حال، أو يقال: إنَّما يحصل من الانزجار عن فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لا يجب لها المعرفة فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة، ومتى قيل: إنَّه لا بدل للمعرفة، قلنا: وكذلك لا بدل للإمام، على ما مضى وذكرناه في تلخيص الشافي، وكذلك إن بيّنوا أنَّ الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني، قلنا: مثل ذلك في وجود الإمام سواء.
فإن قيل: لا يخلو وجود رئيس مطاع منبسط اليد من أن يجب على الله جميع ذلك أو يجب علينا جميعه أو يجب على الله إيجاده وعلينا بسط يده فإن قلتم: يجب جميع ذلك على الله، فإنَّه ينتقض بحال الغيبة لأنَّه لم يوجد إمام منبسط اليد وإن وجب علينا جميعه فذلك تكليف ما لا يطاق لأنّا لا نقدر على إيجاده وإن وجب عليه إيجاده وعلينا بسط يده وتمكينه فما دليلكم عليه مع أنَّ فيه أنَّه يجب علينا أن نفعل ما هو لطف
ص: 308
للغير وكيف يجب على زيد بسط يد الإمام ليحصل(1) لطف عمرو، وهل ذلك إلاَّ نقض الأصول.
قلنا: الذي نقوله: إنَّ وجود الإمام المنبسط اليد إذا ثبت أنَّه لطف لنا على ما دللنا عليه ولم يكن إيجاده في مقدورنا لم يحسن أن نكلّف إيجاده لأنَّه تكليف ما لا يطاق وبسط يده وتقوية سلطانه قد يكون في مقدورنا وفي مقدور الله فإذا لم يفعل الله علمنا أنَّه غير واجب عليه وأنَّه واجب علينا لأنَّه لا بدَّ من أن يكون منبسط اليد ليتمّ الغرض بالتكليف وبيّنا بذلك أنَّ بسط يده لو كان من فعله تعالى لقهر الخلق عليه بالحيلولة بينه وبين أعدائه وتقوية أمره بالملائكة وبما أدّى إلى سقوط الغرض بالتكليف، وحصول الالجاء، فإذاً يجب علينا بسط يده على كلّ حال وإذا لم نفعله أتينا من قبل نفوسنا.
فأمَّا قولهم: في ذلك إيجاد اللطف علينا للغير، غير صحيح لأنّا نقول: إنَّ كل من يجب عليه نصرة الإمام وتقوية سلطانه له في ذلك مصلحة تخصّه وإن كانت فيه مصلحة ترجع إلى غيره كما تقوله في أنَّ الأنبياء يجب عليهم تحمّل أعباء النبوة والأداء إلى الخلق ما هو مصلحة لهم لأنَّ لهم في القيام بذلك مصلحة تخصّهم وإن كانت فيها مصلحة لغيرهم. ويلزم المخالف في أهل الحلّ والعقد بأن يقال: كيف يجب عليهم اختيار الإمام لمصلحة ترجع إلى جميع الأمّة وهل ذلك إلاَّ إيجاب الفعل عليهم لما يرجع إلى مصلحة غيرهم فأيّ شيء أجابوا به فهو جوابنا بعينه سواء.).
ص: 309
فإن قيل: لِمَ زعمتم أنَّه يجب إيجاده في حال الغيبة وهلاّ جاز أن يكون معدوماً؟
قلنا: إنَّما أوجبناه من حيث إنَّ تصرفه الذي هو لطفنا إذا لم يتمّ إلاَّ بعد وجوده وإيجاده لم يكن في مقدورنا، قلنا عند ذلك: إنَّه يجب على الله ذلك وإلاَّ أدّى إلى أن لا نكون مزاحي العلّة بفعل اللطف فنكون أتينا من قبله تعالى لا من قبلنا وإذا أوجده ولم نمكّنه من انبساط يده أتينا من قبل نفوسنا فحسن التكليف وفي الأوّل لم يحسن.
فإن قيل: ما الذي تريدون بتمكيننا إيّاه؟ أتريدون أن نقصده ونشافهه وذلك لا يتمّ إلاَّ مع وجوده وقيل لكم: لا يصحّ جميع ذلك إلاَّ مع ظهوره وعلمنا أو علم بعضنا بمكانه، وإن قلتم: نريد بتمكيننا أن نبخع(1) بطاعته(2) والشدّ على يده ونكفّ عن نصرة الظالمين ونقوم على نصرته متى دعانا إلى إمامته ودلَّنا عليها بمعجزته، قلنا لكم: فنحن يمكننا ذلك في زمان الغيبة وإن لم يكن الإمام موجوداً فيه. فكيف قلتم لا يتم ما كلفناه من ذلك إلاَّ مع وجود الإمام؟
قلنا: الذي نقوله في هذا الباب ما ذكره المرتضى رحمه الله في الذخيرة وذكرناه في تلخيص الشافي أنَّ الذي هو لطفنا من تصرّف الإمام وانبساط يده لا يتمّ إلاَّ بأمور ثلاثة: أحدها يتعلّق بالله وهو إيجاده، والثاني يتعلّق به من تحمّل أعباء الإمامة والقيام بها، والثالث يتعلّق بنا من العزم على نصرته، ومعاضدته، والانقياد له، فوجوب تحمّله عليه فرع على وجوده لأنَّه لا يجوز أن يتناول التكليف).
ص: 310
المعدوم فصار إيجاد الله إيّاه أصلاً لوجوب قيامه، وصار وجوب نصرته علينا فرعاً لهذين الأصلين لأنَّه إنَّما يجب علينا طاعته إذا وجد، وتحمّل أعباء الإمامة وقام بها، فحينئذٍ يجب علينا طاعته، فمع هذا التحقيق كيف يقال: لِمَ لا يكن معدوماً؟
فإن قيل: فما الفرق بين أن يكون موجوداً مستتراً أو معدوماً حتَّى إذا علم(1) منّا العزم على تمكينه أوجده؟
قلنا: لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لأنَّه تكليف ما لا يطاق فإذاً لا بدَّ من وجوده.
فإن قيل: يوجده الله إذا علم أنّا ننطوي على تمكينه بزمان واحد كما أنَّه يظهر عند مثل ذلك.
قلنا: وجوب تمكينه والانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا فيجب أن يكون التمكين من طاعته والمصير إلى أمره ممكناً في جميع الأحوال وإلاَّ لم يحسن التكليف وإنَّما كان يتمّ ذلك لو لم نكن مكلّفين في كلّ حال لوجوب طاعته والانقياد لأمره، بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره والأمر بخلافه.
ثُمَّ يقال لمن خالفنا في ذلك وألزمنا عدمه على استتاره: لِمَ لا يجوز أن يكلّف الله تعالى المعرفة ولا ينصب عليها دلالة إذا علم أنّا لا ننظر فيها حتّى إذا علم من حالنا أنّا نقصد إلى النظر ونعزم على ذلك، أوجد الأدلّة ونصبها فحينئذٍ ننظر ونقول: ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ينظر فيها وبين عدمها حتَّى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله؟).
ص: 311
ومتى قالوا: نصب الأدلّة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة والآلة.
قلنا: وكذلك وجود الإمام عليه السلام من جملة التمكين من وجوب طاعته ومتى لم يكن موجوداً لم يمكناّ(1) طاعته كما أنَّ الأدلّة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الأمران.
وبهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا ترتضيها(2) في الجواب وأسئلة المخالف عليها وهذا المعنى مستوفى في كتبي وخاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.
والمثال الذي ذكره من أنَّه لو أوجب الله علينا أن نتوضأ من ماء بئر معيّنة لم يكن لها حبل يستقى(3) به، وقال لنا: إن دنوتم من البئر خلقت لكم حبلاً تستقون به من الماء فإنَّه يكون مزيحاً لعلّتنا ومتى لم ندن من البئر كنّا قد أتينا من قبل نفوسنا لا من قبله تعالى، وكذلك لو قال السيّد لعبده وهو بعيد منه: اشتر لي لحماً من السوق فقال: لا أتمكّن من ذلك لأنَّه ليس معي ثمنه، فقال: إن دنوت أعطيتك ثمنه فإنَّه يكون مزيحاً لعلّته، ومتى لم يدن لأخذ الثمن يكون قد أتي من قبل نفسه لا من قبل سيّده، وهذه حال ظهور الإمام مع تمكيننا فيجب أن يكون عدم تمكيننا هو السبب في أن لم يظهر في هذه الأحوال لا عدمه إذ كنّا لو مكّناه لوجد وظهر.
قلنا: هذا كلام من يظنّ أنَّه يجب علينا تمكينه إذا ظهر ولا يجب).
ص: 312
علينا ذلك في كلّ حال، ورضينا بالمثال الذي ذكره لأنَّه تعالى لو أوجب علينا الاستقاء في الحال لوجب أن يكون الحبل حاصلاً في الحال لأنَّ به تنزاح العلّة لكن إذا قال: متى دنوتم من البئر خلقت لكم الحبل إنَّما هو مكلّف للدنو لا للاستقاء فيكفي القدرة على الدنو في هذه الحال لأنَّه ليس بمكلّف للاستقاء منها فإذا دنا من البئر صار حينئذٍ مكلّفاً للاستقاء فيجب عند ذلك أن يخلق له الحبل، فنظير ذلك أن لا يجب علينا في كلّ حال طاعة الإمام وتمكينه فلا يجب عند ذلك وجوده فلمَّا كانت طاعته واجبة في الحال ولم نقف على شرطه ولا وقت منتظر وجب أن يكون موجوداً لتنزاح العلّة في التكليف ويحسن.
والجواب عن مثال السيّد مع غلامه مثل ذلك لأنَّه إنَّما كلّفه الدنو منه لا الشراء فإذا دنا منه وكلّفه الشراء وجب عليه إعطاء الثمن ولهذا قلنا: إنَّ الله تعالى كلَّف من يأتي إلى يوم القيامة ولا يجب أن يكونوا موجودين مزاحي العلّة لأنَّه لم يكلّفهم الآن فإذا أوجدهم وأزاح علّتهم في التكليف بالقدرة والآلة ونصب الأدلّة حينئذٍ تناولهم التكليف، فسقط بذلك هذه المغالطة.
على أنَّ الإمام إذا كان مكلّفاً للقيام بالأمر وتحمّل أعباء الإمامة كيف يجوز أن يكون معدوماً وهل يصحّ تكليف المعدوم عند عاقل، وليس لتكليفه ذلك تعلّق بتمكيننا أصلاً، بل وجوب التمكين علينا فرع على تحمّله على ما مضى القول فيه وهذا واضح.
ثُمَّ يقال لهم: أليس النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم اختفى في الشعب ثلاث سنين لم يصل إليه أحد، واختفى في الغار ثلاثة أيام ولم يجز قياساً على ذلك أن يعدمه الله تلك المدّة مع بقاء التكليف على الخلق الذين بعثه لطفاً لهم،
ص: 313
ومتى قالوا: إنَّما اختفى بعدما دعا إلى نفسه وأظهر نبوته فلمَّا أخافوه استتر. قلنا: وكذلك الإمام لم يستتر إلاَّ وقد أظهر آباؤه موضعه وصفته، ودلّوا عليه، ثُمَّ لمَّا خاف عليه أبو الحسن بن عليّ عليهما السلام أخفاه وستره فالأمر إذاً سواء.
ثُمَّ يقال لهم: خبّرونا لو علم الله من حال شخص أنَّ من مصلحته أن يبعث الله إليه نبياً معيّناً يؤدّي إليه مصالحه وعلم أنَّه لو بعثه لقتله هذا الشخص ولو منع من قتله قهراً كان فيه مفسدة له أو لغيره هل يحسن أن يكلّف هذا الشخص ولا يبعث إليه ذلك النبي أو لا يكلّف فإن قالوا: لا يكلّف، قلنا: وما المانع منه، وله طريق إلى معرفة مصالحه بأن يمكّن النبي من الأداء إليه، وإن قلتم: يكلّفه ولا يبعث إليه، قلنا: وكيف يجوز أن يكلّفه ولم يفعل به ما هو لطف له مقدور.
فإن قالوا: أتي في ذلك من قبل نفسه، قلنا: هو لم يفعل شيئاً وإنَّما علم أنَّه لا يمكّنه، وبالعلم لا يحسن تكليفه مع ارتفاع اللطف، ولو جاز ذلك لجاز أن يكلّف ما لا دليل عليه إذا علم أنَّه لا ينظر فيه، وذلك باطل، ولا بدَّ أن يقال: إنَّه يبعث إلى(1) ذلك الشخص ويوجب عليه الانقياد له، ليكون مزيحاً لعلّته فإمَّا أن يمنع منه بما لا ينافي التكليف أو يجعله بحيث لا يتمكّن من قتله، فيكون قد أتي من قبل نفسه في عدم الوصول إليه، وهذه حالنا مع الإمام في حال الغيبة سواء.
فإن قال: لا بدَّ أن يعلمه أنَّ له مصلحة في بعثة هذا الشخص إليه على لسان غيره، ليعلم أنَّه قد أتي من قبل نفسه، قلنا: وكذلك أعلمنا الله).
ص: 314
على لسان نبيه والأئمّة من آبائه عليهم السلام موضعه، وأوجب علينا طاعته، فإذا لم يظهر لنا علمنا أنّا أتينا من قبل نفوسنا فاستوى الأمران.
وأمَّا الذي يدلُّ على الأصل الثاني وهو أنَّ من شأن الإمام أن يكون مقطوعاً على عصمته، فهو أنَّ العلّة التي لأجلها احتجنا إلى الإمام ارتفاع العصمة بدلالة أنَّ الخلق متى كانوا معصومين لم يحتاجوا إلى إمام وإذا خلوا من كونهم معصومين احتاجوا إليه، علمنا عند ذلك أنَّ علّة الحاجة هي ارتفاع العصمة، كما نقوله في علّة حاجة الفعل إلى فاعل أنَّها الحدوث بدلالة أنَّ ما يصحّ حدوثه يحتاج إلى فاعل في حدوثه، وما لا يصحّ حدوثه يستغني عن الفاعل، وحكمنا بذلك أنَّ كلّ محدَث يحتاج إلى محدِث، فمثل ذلك يجب الحكم بحاجة كل من ليس بمعصوم إلى إمام وإلاَّ انتقضت العلّة فلو كان الإمام غير معصوم، لكانت علّة الحاجة فيه قائمة، واحتاج إلى إمام آخر، والكلام في إمامته كالكلام فيه فيؤدّي إلى إيجاب أئمّة لا نهاية لهم أو الانتهاء إلى معصوم وهو المراد.
وهذه الطريقة قد أحكمناها في كتبنا فلا نطول بالأسئلة عليها لأنَّ الغرض بهذا الكتاب غير ذلك وفي هذا القدر كفاية.
وأمَّا الأصل الثالث وهو أنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة فهو متّفق عليه بيننا وبين خصومنا وإن اختلفنا في علّة ذلك لأنَّ عندنا أنَّ الزمان لا يخلو من إمام معصوم لا يجوز عليه الغلط على ما قلناه، فإذاً الحقّ لا يخرج عن الأمّة لكون المعصوم فيهم وعند المخالف لقيام أدلّة يذكرونها دلَّت على أنَّ الإجماع حجّة فلا وجه للتشاغل بذلك.
فإذا ثبتت هذه الأصول ثبت إمامة صاحب الزمان عليه السلام لأنَّ كلّ
ص: 315
من يقطع على ثبوت العصمة للإمام قطع على أنَّه الإمام، وليس فيهم من يقطع على عصمة الإمام ويخالف في إمامته إلاَّ قوم دلَّ الدليل على بطلان قولهم كالكيسانية والناووسية والواقفة فإذا أفسدنا أقوال هؤلاء ثبت إمامته عليه السلام.
أقول(1): وأمَّا الذي يدلُّ على فساد قول الكيسانية القائلين بإمامة محمّد بن الحنفية فأشياء:
منها: أنَّه لو كان إماماً مقطوعاً على عصمته لوجب أن يكون منصوصاً عليه نصّاً صريحا(2)، لأنَّ العصمة لا تعلم إلاَّ بالنصّ، وهم لا يدعون نصّاً صريحاً وإنَّما يتعلّقون بأمور ضعيفة دخلت عليهم فيها شبهة لا يدلُّ على النصّ نحو إعطاء أمير المؤمنين إيّاه الراية يوم البصرة، وقوله له: (أنت ابني حقّاً) مع كون الحسن والحسين عليهما السلام ابنيه وليس في ذلك دلالة على إمامته على وجه، وإنَّما يدلُّ على فضله ومنزلته، على أنَّ الشيعة تروي أنَّه جرى بينه وبين عليّ بن الحسين عليه السلام كلام في استحقاق الإمامة فتحاكما إلى الحجر فشهد الحجر لعليّ بن الحسين عليه السلام بالإمامة فكان ذلك معجزاً له فسلّم له الأمر وقال بإمامته، والخبر بذلك مشهور عند الإمامية.
ومنها: تواتر الشيعة الإمامية بالنصّ عليه من أبيه وجدّه وهي موجودة في كتبهم في أخبار لا نطول بذكره الكتاب.
ومنها: الأخبار الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم من جهة الخاصة والعامّة).
ص: 316
بالنصّ على(1) الاثني عشر، وكلّ من قال بإمامتهم قطع على وفات محمّد بن الحنفية، وسياقة الإمامة إلى صاحب الزمان عليه السلام.
ومنها: انقراض هذه الفرقة فإنَّه لم يبقَ في الدنيا في وقتنا ولا قبله بزمان طويل قائل يقول به، ولو كان ذلك حقّاً لما جاز انقراضهم(2).
فإن قيل: كيف يعلم انقراضهم وهلاّ جاز أن يكون في بعض البلاد البعيدة وجزائر البحر وأطراف الأرض أقوام يقولون بهذا القول، كما يجوز أن يكون في أطراف الأرض من يقول بمذهب الحسن في أنَّ مرتكب الكبيرة منافق فلا يمكن ادّعاء انقراض هذه الفرقة، وإنَّما كان يمكن العلم لو كان المسلمون فيهم قلّة والعلماء محصورين فأمَّا وقد انتشر الإسلام وكثر العلماء فمن أين يعلم ذلك؟
قلنا: هذا يؤدّي إلى أن لا يمكن العلم(3) بإجماع الأمّة على قول ولا مذهب بأن يقال: لعلَّ في أطراف الأرض من يخالف ذلك ويلزم أن يجوز أن يكون في أطراف الأرض من يقول: إنَّ البرد لا ينقض الصوم وأنَّه يجوز للصائم أن يأكل إلى طلوع الشمس لأنَّ الأوّل كان مذهب أبِي طلحة الأنصاري والثاني مذهب حذيفة والأعمش وكذلك مسائل كثيرة من الفقه كان الخلف فيها واقعاً بين الصحابة والتابعين ثُمَّ زال الخلف فيما بعد واجتمع أهل الأعصار على خلافه فينبغي أن يشكّ في ذلك ولا يثق(4) بالإجماع على مسألة سبق الخلاف فيها، وهذا طعن من).
ص: 317
يقول: إنَّ الإجماع لا يمكن معرفته ولا التوصّل إليه والكلام في ذلك لا يختصّ بهذه المسألة فلا وجه لا يراده ههنا.
ثُمَّ إنّا نعلم أنَّ الأنصار طلبت الإمرة ودفعهم المهاجرون عنها ثُمَّ رجعت الأنصار إلى قول المهاجرين على قول المخالف فلو أنَّ قائلاً قال: يجوز عقد الإمامة لمن كان من الأنصار لأنَّ الخلاف سبق فيه ولعلَّ في أطراف الأرض من يقول به فما كان يكون جوابهم فيه؟ فأيّ شيء قالوه فهو جوابنا بعينه.
فإن قيل: إن كان الإجماع عندكم إنَّما يكون حجّة لكون المعصوم فيه فمن أين تعلمون دخول قوله في جملة أقوال الأمّة(1)؟
قلنا: المعصوم إذا كان من جملة علماء الأمّة فلا بدَّ أن يكون قوله موجوداً في جملة أقوال العلماء لأنَّه لا يجوز أن يكون منفرداً مظهراً للكفر فإنَّ ذلك لا يجوز عليه فإذاً لا بدَّ أن يكون قوله في جملة الأقوال وإن شككنا في أنَّه الإمام.
فإذا اعتبرنا أقوال الأمّة ووجدنا بعض العلماء يخالف فيه فإن كنّا نعرفه ونعرف مولده ومنشأه لم نعتد بقوله، لعلمنا أنَّه ليس بإمام وإن شككنا في نسبه لم تكن المسألة إجماعاً.
فعلى هذا أقوال العلماء من الأمّة اعتبرناها فلم نجد فيهم قائلاً بهذا المذهب الذي هو مذهب الكيسانية أو الواقفة وإن وجدنا فرضاً واحداً أو اثنين فإنّا نعلم منشأه ومولده فلا يعتد بقوله واعتبرنا أقوال الباقين الذين نقطع على كون المعصوم فيهم فسقطت هذه الشبهة على هذا التحرير وبان وهنها.).
ص: 318
فأمَّا القائلون بإمامة جعفر بن محمّد من الناووسية وأنَّه حيّ لم يمت وأنَّه المهدي فالكلام عليهم ظاهر لأنّا نعلم موت جعفر بن محمّد كما نعلم موت أبيه وجدّه وقتل عليّ عليه السلام وموت النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فلو جاز الخلاف فيه لجاز الخلاف في جميع ذلك ويؤدّي إلى قول الغلاة والمفوّضة الذين جحدوا قتل عليّ والحسين عليهما السلام وذلك سفسطة(1).
وأمَّا الذي يدلُّ على فساد مذهب الواقفة الذين وقفوا في إمامة أبِي الحسن موسى عليه السلام وقالوا: إنَّه المهدي. فقولهم باطل بما ظهر من موته، واشتهر واستفاض كما اشتهر موت أبيه وجدّه ومن تقدّمه من آبائه عليهم السلام ولو شككنا لم ننفصل من الناووسية والكيسانية والغلاة والمفوّضة الذين خالفوا في موت من تقدّم من آبائه عليهم السلام.
على أنَّ موته اشتهر ما لم يشتهر موت أحد من آبائه عليهم السلام لأنَّه أظهروا حضر القضاة والشهود ونودي عليه ببغداد على الجسر وقيل: هذا الذي تزعم الرافضة أنَّه حيّ لا يموت، مات حتف أنفه، وما جرى هذا المجرى لا يمكن الخلاف فيه...(2).
أقول: ثُمَّ ذكر في ذلك أخباراً كثيرة روينا عنه في باب وفات الكاظم عليه السلام، ثُمَّ قال:
فموته عليه السلام أشهر من أن يحتاج إلى ذكر الرواية به لأنَّ المخالف في ذلك يدفع الضرورات والشكّ في ذلك يؤدّي إلى الشكّ في موت كلّ واحد من آبائه عليهم السلام وغيرهم، فلا يوثق بموت أحد. على أنَّة.
ص: 319
المشهور عنه عليه السلام أنَّه أوصى إلى ابنه عليّ عليه السلام وأسند إليه أمره بعد موته والأخبار بذلك أكثر من أن تحصى...(1).
أقول: ثُمَّ ذكر بعض الأخبار التي أوردتها في باب النصّ عليه صلوات الله عليه، ثُمَّ قال:
فإن قيل: قد مضى في كلامكم أنّا نعلم موت موسى بن جعفر كما نعلم موت أبيه وجدّه فعليكم لقائل أن يقول: إنّا نعلم أنَّه لم يكن للحسن بن عليّ ابن كما نعلم أنَّه لم يكن له عشرة بنين وكما نعلم أنَّه لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ابن من صلبه عاش بعد موته، فإن قلتم: لو علمنا أحدهما كما نعلم الآخر لما جاز أن يقع فيه خلاف كما لا يجوز أن يقع الخلاف في الآخر، قيل: لمخالفكم أن يقول ولو علمنا موت محمّد بن الحنفية وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر كما نعلم موت محمّد بن عليّ بن الحسين لما وقع الخلاف في أحدهما كما لم يجز أن يقع في الآخر.
قلنا: نفي ولادة الأولاد من الباب الذي لا يصحّ أن يعلم صدوره في موضع من المواضع ولا يمكن أحداً أن يدّعي فيمن لم يظهر له ولد أن يعلم أنَّه لا ولد له وإنَّما يرجع في ذلك إلى غالب الظنّ والأمارة بأنَّه لو كان له ولد لظهر وعرف خبره لأنَّ العقلاء قد يدعوهم الدواعي إلى كتمان أولادهم لأغراض مختلفة.
فمن الملوك من يخفيه خوفاً عليه وإشفاقاً وقد وجد في ذلك كثير في عادة الأكاسرة والملوك الاُول وأخبارهم معروفة.
وفي الناس من يولد له ولد من بعض سراياه أو ممن تزوج به سرّاًة.
ص: 320
فيرمي به ويجحده خوفاً من وقوع الخصومة مع زوجته وأولاده الباقين وذلك أيضاً يوجد كثيراً في العادة.
وفي الناس من يتزوّج بامرأة دنيئة في المنزلة والشرف وهو من ذوي الأقدار والمنازل فيولد له، فيأنف من إلحاقه به فيجحده أصلاً وفيهم من يتحرّج فيعطيه شيئاً من ماله.
وفي الناس من يكون من أدونهم نسباً فيتزوّج بامرأة ذات شرف ومنزلة لهوى منها فيه بغير علم من أهلها إمَّا بأن يزوّجه نفسها بغير ولي على مذهب كثير من الفقهاء أو تولى أمرها الحاكم فيزوّجها على ظاهر الحال فيولد له فيكون الولد صحيحاً وتنتفي منه أنفة وخوفاً من أوليائها وأهلها! وغير ذلك من الأسباب التي لا نطول بذكرها، فلا يمكن ادّعاء نفي الولادة جملة، وإنَّما نعلم ما نعلمه إذا كانت الأحوال سليمة ويعلم أنَّه لا مانع من ذلك فحينئذٍ يعلم انتفاؤه.
فأمَّا علمنا بأنَّه لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ابن عاش بعده فإنَّما علمناه لما علمنا عصمته ونبوّته ولو كان له ولد لأظهره لأنَّه لا مخافة عليه في إظهاره وعلمنا أيضاً بإجماع الأمّة على أنَّه لم يكن له ابن عاش بعده، ومثل ذلك لا يمكن أن يدّعى العلم به في ابن الحسن عليه السلام لأنَّ الحسن عليه السلام كان كالمحجور عليه، وفي حكم المحبوس، وكان الولد يخاف عليه، لما علم وانتشر من مذهبهم أنَّ الثاني عشر هو القائم بالأمر(1) لإزالة الدوَل فهو مطلوب لا محالة.
وخاف أيضاً من أهله كجعفر أخيه الذي طمع في الميراث).
ص: 321
والأموال فلذلك أخفاه ووقعت الشبهة في ولادته ومثل ذلك لا يمكن ادّعاء العلم به في موت من علم موته لأنَّ الميت مشاهد معلوم يعرف بشاهد الحال موته، وبالأمارات الدالّة عليه يضطر من رآه إلى ذلك، فإذا أخبر من لم يشاهده علمه واضطر إليه، وجرى الفرق بين الموضعين مثل ما يقول الفقهاء من أنَّ البيّنة إنَّما يمكن أن يقوم على إثبات الحقوق لا على نفيها لأنَّ النفي لا تقوم عليه بيّنة إلاَّ إذا كان تحته إثبات فبان الفرق بين الموضعين لذلك.
فإن قيل: العادة تسوى بين الموضعين لأنَّ (في)(1) الموت قد يشاهد الرجل يحتضر كما يشاهد القوابل الولادة، وليس كلّ أحد يشاهد احتضار غيره كما أنَّه ليس كلّ أحد يشاهد ولادة غيره ولكن أظهر ما يمكن في علم الإنسان بموت غيره إذا لم يكن يشاهده أن يكون جاره ويعلم بمرضه ويتردَّد في عيادته ثُمَّ يعلم بشدّة مرضه(2) ثُمَّ يسمع الواعية من داره ولا يكون في الدار مريض غيره، ويجلس أهله للعزاء وآثار الحزن والجزع عليهم ظاهرة ثُمَّ يقسّم ميراثه ثُمَّ يتمادى الزمان ولا يُشاهَد ولا يعلم لأهله غرض في إظهار موته وهو حيّ، فهذه سبيل الولادة لأنَّ النساء يشاهدن الحمل ويتحدَّثنَّ بذلك سيّما إذا كانت حرمة رجل نبيه يتحدَّث الناس بأحواله مثله وإذا استسر بجارية(3) لم يخف تردّده إليها ثُمَّ إذا ولد المولود ظهر البشر والسرور في أهل الدار).
ص: 322
وهنَّأهم الناس إذا كان المهنَّأ جليل القدر وانتشر ذلك وتحدَّث على حسب جلالة قدره فيعلم الناس أنَّه قد ولد له مولود سيّما إذا علم أنَّه لا غرض في أن يظهر أنَّه ولد له ولد ولم يولد له.
فمتى(1) اعتبرنا العادة وجدناها في الموضعين على سواء وإن نقض الله العادة فيمكن في أحدهما مثل ما يمكن في الآخر فإنَّه قد يجوز أن يمنع الله ببعض الشواغل عن مشاهدة الحامل وعن أن يحضر ولادتها إلاَّ عدد يؤمن مثلهم على كتمان أمره ثُمَّ ينقله الله من مكان الولادة إلى قُلَّة جبل أو برية لا أحد فيها ولا يطلّع على ذلك إلاَّ من لا يظهره(2) على المأمون مثله.
وكما يجوز ذلك فإنَّه يجوز أن يمرض الإنسان ويتردَّد إليه عواده فإذا اشتدَّ(3) وتوقع موته، وكان يؤيس من حياته، نقله الله إلى قُلَّة جبل وصيَّر مكانه شخصاً ميّتاً يشبهه كثيراً من الشبهه ثُمَّ يمنع بالشواغل وغيرها من مشاهدته إلاَّ بمن(4) يوثق به ثُمَّ يدفن الشخص ويحضر جنازته من كان يتوقَّع موته ولا يرجو حياته فيتوهَّم أنَّ المدفون هو ذاك العليل.
وقد يسكن نبض الإنسان وتنفّسه وينقض الله العادة ويغيبه عنهم وهو حيّ لأنَّ الحيّ منّا إنَّما يحتاج إليهما لاخراج البخارات المحترقة مما حول القلب بادخال هواء بارد صاف ليروح عن القلب وقد يمكن أن يفعل الله من البرودة في الهواء المطيفة(5) بالقلب ما يجري مجرى هواء).
ص: 323
بارد يدخلها بالتنفّس، فيكون الهواء المحدق بالقلب أبداً بارداً ولا يحترق منه شيء لأنَّ الحرارة التي تحصل فيه يقوَّم(1) بالبرودة.
والجواب أنّا نقول: أوّلاً: أنَّه لا يلتجئ من يتكلَّم في الغيبة إلى مثل هذه الخرافات إلاَّ من كان مفلساً من الحجّة، عاجزاً عن إيراد شبهة قويّة، ونحن نتكلَّم على ذلك على ما به ونقول: إنَّ ما ذكر من الطريق الذي به يعلم موت الإنسان ليس بصحيح على كلّ وجه لأنَّه قد يتّفق جميع ذلك وينكشف عن باطل بأن يكون لمن أظهر ذلك غرض حكمي ويظهر التمارض ويتقدَّم إلى أهله بإظهار جميع ذلك ليختبر به أحوال غيره ممن له عليه طاعة وأمر(2) وقد سبق الملوك كثيراً والحكماء إلى مثل ذلك، وقد يدخل عليهم أيضاً شبهة بأن يحلقه علّة سكتة فيظهرون جميع ذلك ثُمَّ ينكشف عن باطل وذلك أيضاً معلوم بالعادات وإنَّما يعلم الموت بالمشاهدة وارتفاع الحس، وخمود النبض، ويستمر ذلك أوقات كثيرة وربما انضاف إلى ذلك أمارات معلومة بالعادة من جرب المرضى ومارسهم يعلم ذلك.
وهذه حالة موسى بن جعفر عليهما السلام فإنَّه أظهر للخلق الكثير الذي لا يخفى على مثلهم الحال ولا يجوز عليهم دخول الشبهة في مثله، وقوله بأنَّه(3) يغيب الله الشخص ويحضر شخصاً على شبهه(4). أصله لا يصحّ لأنَّ هذا يسدّ باب الأدلّة ويؤدّي إلى الشكّ في المشاهدات، وأنَّ جميع ما نراه اليوم، ليس هو الذي رأيناه).
ص: 324
بالأمس ويلزم الشكّ في موت جميع الأموات، ويجيء منه مذهب الغلاة والمفوّضة الذين نفوا القتل عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن الحسين عليه السلام وما أدّى إلى ذلك يجب أن يكون باطلاً.
وما قاله: إنَّ الله يفعل داخل الجوف حول القلب من البرودة ما ينوب مناب الهواء ضرب من هو من الطبّ(1) ومع ذلك يؤدّي إلى الشكّ في موت جميع الأموات على ما قلناه. على أنَّ على قانون الطبّ حركات النبض والشريانات من القلب وإنَّما يبطل ببطلان الحرارة الغريزية، فإذا فقد حركات النبض، علم بطلان الحرارة، وعلم عند ذلك موته، وليس ذلك بموقوف على التنفّس، ولهذا يلتجؤن إلى النبض عند انقطاع النفس أو ضعفه، فيبطل ما قاله وحمله الولادة على ذلك.
وما ادّعاه من ظهور الأمر فيه صحيح متى فرضنا الأمر على ما قاله من أنَّه يكون الحمل لرجل نبيه وقد علم إظهاره ولا مانع من ستره وكتمانه، ومتى فرضنا كتمانه وستره لبعض الأغراض التي قدّمنا بعضها، لا يجب العلم به ولا اشتهاره على أنَّ الولادة في الشرع قد استقر أن يثبت بقول القابلة، ويحكم بقولها في كونه حيّاً أو ميّتاً فإذا جاز ذلك كيف لا يقبل قول جماعة نقلوا ولادة صاحب الأمر عليه السلام وشاهدوا من شاهده من الثقات، ونحن نورد الأخبار في ذلك عمّن رآه وحكي له، وقد أجاز صاحب السؤال أن يعرض في ذلك عارض يقتضي المصلحة أنَّه إذا ولد أن ينقله الله إلى قُلَّة جبل أو موضع يخفى فيه أمره ولا يطّلع عليه أحد وإنَّما ألزم على ذلك عارضاً في الموت وقد بيّنا الفصل بين الموضعين.
وأمَّا من خالف من الفِرَق الباقية الذين قالوا بإمامة غيره كالمحمّدية الذين).
ص: 325
قالوا بإمامة محمّد بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام والفطحية القائلة بإمامة عبد الله بن جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام وفي هذا الوقت بإمامة جعفر بن عليّ وكالفرقة القائلة: إنَّ صاحب الزمان حمل بعد(1) لم يولد بعد، وكالذين قالوا: إنَّه مات ثُمَّ يعيش، وكالذين قالوا بإمامة الحسن وقالوا: هو اليقين ولم يصحّ لنا ولادة ولده، فنحن في فترة، فقولهم ظاهر البطلان من وجوه:
أحدها: انقراضهم فإنَّه لم يبقَ قائل يقول بشيء من هذه المقالات ولو كان حقّاً لما انقرض.
ومنها: أنَّ محمّد بن علي العسكري مات في حياة أبيه موتاً ظاهراً والأخبار في ذلك ظاهرة معروفة من دفعه كمن دفع موت من تقدَّم من آبائه عليهم السلام...(2).
أقول: ثُمَّ ذكر بعض ما أوردنا من الأخبار في المجلد السابق، ثمّ قال:
وأمَّا من قال: إنَّه لا ولد لأبِي محمّد ولكن ههنا حمل مستور(3) سيولد، فقوله باطل لأنَّ هذا يؤدّي إلى خلو الزمان من إمام يرجع إليه وقد بيّنا فساد ذلك على أنّا سندلّ على أنَّه قد ولد له ولد معروف ونذكر الروايات في ذلك فيبطل قول هؤلاء أيضاً.
وأمَّا من قال: إنَّ الأمر مشتبه فلا يدرى هل للحسن ولد أم لا؟ وهو مستمسك بالأوّل حتّى يحقّق ولادة ابنه فقوله أيضاً يبطل بما قلناه من أنَّ الزمان لا يخلو من إمام لأنَّ موت الحسن عليه السلام قد علمناه كما علمنا موت غيره وسنبيّن ولادة ولده فيبطل قولهم أيضاً.).
ص: 326
وأمَّا من قال: إنَّه لا إمام بعد الحسن عليه السلام، فقوله باطل بما دللنا عليه من أنَّ الزمان لا يخلو من حجّة لله عقلاً وشرعاً.
وأمَّا من قال: إنَّ أبا محمّد مات ويحيى بعد موته، فقوله باطل بمثل ما قلناه لأنَّه يؤدّي إلى خلو الخلق من إمام من وقت وفاته إلى حين يحييه الله، واحتجاجهم بما روي من أنَّ صاحب هذا الأمر يحيى بعدما يموت وأنَّه سُمّي قائماً لأنَّه يقوم بعدما يموت، باطل لأنَّ ذلك يحتمل لو صحَّ الخبر أن يكون أراد بعد أن مات ذكره حتّى لا يذكره إلاَّ من يعتقد إمامته فيظهره الله لجميع الخلق على أنّا قد بيّنا أنَّ كلّ إمام يقوم بعد الإمام الأوّل يسمّى قائماً.
وأمَّا القائلون بإمامة عبد الله بن جعفر من الفطحية وجعفر بن عليّ فقولهم باطل بما دللنا عليه من وجوب عصمة الإمام، وهما لم يكونا معصومين، وأفعالهما الظاهرة التي تنافي العصمة معروفة نقلها العلماء، وهو موجود في الكتب فلا نطول بذكرها الكتاب.
على أنَّ المشهور الذي لا مريّة فيه بين الطائفة أنَّ الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام فالقول بإمامة جعفر بعد أخيه الحسن يبطل بذلك، فإذا ثبت بطلان هذه الأقاويل كلّها لم يبقَ إلاَّ القول بإمامة ابن الحسن عليه السلام وإلاَّ لأدّى إلى خروج الحقّ عن الأمّة وذلك باطل.
وإذا ثبتت إمامته بهذه السياقة ثُمَّ وجدناه غائباً عن الأبصار، علمنا أنَّه لم يغب مع عصمته وتعيَّن فرض الإمامة فيه وعليه، إلاَّ لسبب سوَّغه ذلك وضرورة ألجأته إليه، وإن لم يعلم على وجه التفصيل، وجرى ذلك مجرى الكلام في إيلام الأطفال والبهائم وخلق المؤذيات والصور والمشينات ومتشابه القرآن إذا سئلنا عن وجهها بأن نقول: إذا علمنا أنَّ
ص: 327
الله تعالى حكيم لا يجوز أن يفعل ما ليس بحكمة ولا صواب، علمنا أنَّ هذه الأشياء لها وجه حكمة، وإن لم نعلمه معيّناً، كذلك نقول في صاحب الزمان فإنّا نعلم أنَّه لم يستتر إلاَّ لأمر حكمي سوَّغه(1) ذلك، وإن لم نعلمه مفصّلاً.
فإن قيل: نحن نعترض قولكم في إمامته بغيبته بأن نقول: إذا لم يمكنكم بيان وجه حسنها دلَّ ذلك على بطلان القول بإمامته، لأنَّه لو صحَّ لأمكنكم بيان وجه الحسن فيه.
قلنا: إن لزمنا ذلك لزم جميع أهل العدل قول الملاحدة إذا قالوا: إنّا نتوصّل بهذه الأفعال التي ليست بظاهر الحكمة إلى أنَّ فاعلها ليس بحكيم لأنَّه لو كان حكيماً لأمكنكم بيان وجه الحكمة فيها وإلاَّ فما الفصل؟
فإذا قلتم: نحن أوّلاً نتكلّم في إثبات حكمته فإذا ثبت بدليل منفصل ثُمَّ وجدنا هذه الأفعال المشتبهة الظاهر حملناها على ما يطابق ذلك فلا يؤدّي إلى نقض ما علمنا ومتى لم يسلموا لنا حكمته، انتقلت المسألة إلى القول في حكمته. قلنا مثل ذلك ههنا، من أنَّ الكلام في غيبته فرع على إمامته وإذا علمنا إمامته بدليل وعلمنا عصمته بدليل آخر وعلمناه غاب، حملنا غيبته على وجه يطابق عصمته فلا فرق بين الموضعين.
ثُمَّ يقال للمخالف: أيجوز(2) أن يكون للغيبة سبب صحيح اقتضاها، ووجه من الحكمة أوجبها أم لا يجوز(3) ذلك؟).
ص: 328
فإن قال: يجوز ذلك، قيل له: فإذا كان ذلك جائزاً فكيف جعلت وجود الغيبة دليلاً على فقد الإمام في الزمان، مع تجويزك لها سبباً لا ينافي وجود الإمام؟
وهل يجري ذلك إلاَّ مجرى من توصّل بإيلام الأطفال إلى نفي حكمة الصانع وهو معترف بأنَّه يجوز أن يكون في إيلامهم وجه صحيح لا ينافي الحكمة، أو من توصّل بظاهر الآيات المتشابهات إلى أنَّه تعالى مشبه للأجسام وخالق لأفعال العباد مع تجويز(1) أن تكون لها وجوه صحيحة توافق الحكمة والعدل والتوحيد ونفي التشبيه.
وإن قال(2): لا اُجوَّز ذلك. قيل: هذا تحجّر شديد فيما لا يحاط بعلمه. ولا يقطع على مثله، فمن أين قلت: إنَّ ذلك لا يجوز وانفصل ممن قال لا يجوز أن يكون للآيات المتشابهات(3) وجوه صحيحة يطابق أدلّة العقل ولا بدَّ أن يكون على ظواهرها، ومتى قيل: نحن متمكّنون من ذكر وجوه الآيات المتشابهات مفصّلاً بل يكفيني علم الجملة ومتى تعاطيت ذلك كان تبرّعاً، وإن أقنعتم أنفسكم بذلك فنحن أيضاً نتمكّن من ذكر وجه صحّة الغيبة وغرض حكمي لا ينافي عصمته وسنذكر ذلك فيما بعد وقد تكلّمنا عليه مستوفى في كتاب الإمامة.
ثُمَّ يقال: كيف يجوز أن يجتمع صحّة إمامة ابن الحسن عليه السلام بما بيّناه من سياقة الأصول العقلية مع القول بأنَّ الغيبة لا يجوز أن يكون لها سبب صحيح).
ص: 329
وهل هذا إلاَّ تناقض ويجري مجرى القول بصحّة التوحيد والعدل، مع القطع على أنَّه لا يجوز أن يكون للآيات المتشابهات وجه يطابق هذه الأصول ومتى قالوا: نحن لا نسلّم إمامة ابن الحسن كان الكلام معهم في ثبوت الإمامة، دون الكلام في سبب الغيبة، وقد تقدَّمت الدلالة على إمامته عليه السلام بما لا يحتاج إلى إعادته وإنَّما قلنا ذلك لأنَّ الكلام في سبب غيبة الإمام عليه السلام فرع على ثبوت إمامته فأمَّا قبل ثبوتها فلا وجه للكلام في سبب غيبته كما لا وجه للكلام في وجوه الآيات المتشابهات وإيلام الأطفال وحسن التعبد بالشرائع قبل ثبوت التوحيد والعدل.
فإن قيل: ألا كان السائل بالخيار بين الكلام في إمامة ابن الحسن ليعرف صحّتها من فسادها وبين أن يتكلّم في سبب الغيبة.
قلنا: لا خيار في ذلك لأنَّ من شكّ في إمامة ابن الحسن يجب أن يكون الكلام معه في نصّ إمامته والتشاغل بالدلالة عليها ولا يجوز مع الشكّ فيها أن يتكلّم في سبب الغيبة لأنَّ الكلام في الفروع لا يسوغ إلاَّ بعد إحكام الأصول لها، كما لا يجوز أن يتكلّم في سبب إيلام الأطفال قبل ثبوت حكمة القديم تعالى وأنَّه لا يفعل القبيح.
وإنَّما رجّحنا الكلام في إمامته على الكلام في غيبته وسببها لأنَّ الكلام في إمامته مبني على أمور عقلية لا يدخلها الاحتمال وسبب الغيبة ربما غمض واشتبه فصار الكلام في الواضح الجلي أولى من الكلام في المشتبه الغامض كما فعلناه مع المخالفين للملّة فرجّحنا الكلام في نبوة نبينا على الكلام على ادّعائهم تأبيد شرعهم لظهور ذلك وغموض هذا وهذا بعينه موجود ههنا، ومتى عادوا إلى أن يقولوا: الغيبة فيها وجه من وجوه القبح فقد مضى الكلام عليه، على أنَّ وجوه القبح معقولة وهي
ص: 330
كونه ظلماً أو كذباً أو عبثاً أو جهلاً أو استفساداً وكل ذلك ليس بحاصل فيها(1) فيجب أن لا يدّعى فيه وجه القبح.
فإن قيل: ألا منع الله الخلق من الوصول إليه، وحال بينهم وبينه، ليقوم بالأمر ويحصل ما هو لطف لنا كما نقول في النبي إذا بعثه الله تعالى(2) يمنع منه ما لم يؤدّ (الشرع)(3) فكان يجب أن يكون حكم الإمام مثله.
قلنا: المنع على ضربين أحدهما لا ينافي التكليف بأن لا يلجأ إلى ترك القبيح والآخر يؤدّي إلى ذلك فالأوّل قد فعله الله من حيث منع من ظلمه بالنهي عنه والحثّ على وجوب طاعته والانقياد لأمره ونهيه وأن لا يعصى في شيء من أوامره، وأن يساعد على جميع ما يقوى أمره ويشيّد سلطانه، فإنَّ جميع ذلك لا ينافي التكليف فإذا عصى من عصى في ذلك ولم يفعل ما يتمّ معه الغرض المطلوب، يكون قد أتي من قبل نفسه لا من قبل خالقه، والضرب الآخر أن يحول بينهم وبينه بالقهر والعجز عن ظلمه وعصيانه، فذلك لا يصحّ اجتماعه مع التكليف فيجب أن يكون ساقطاً.
فأمَّا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فإنَّما نقول: يجب أن يمنع الله منه حتَّى يؤدّي الشرع لأنَّه لا يمكن أن يعلم ذلك إلاَّ من جهته فلذلك وجب المنع منه، وليس كذلك الإمام لأنَّ علّة المكلّفين مزاحة فيما يتعلّق بالشرع، والأدلّة منصوبة على ما يحتاجون إليه، ولهم طريق إلى معرفتها من دون قوله، ولو فرضنا أنَّه ينتهي الحال إلى حدًّ لا يعرف الحقّ من الشرعيات إلاَّ بقوله لوجب أن يمنع الله تعالى منه ويظهره بحيث لا يوصل إليه مثل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.ر.
ص: 331
ونظير مسألة الإمام أنَّ النبي إذا أدّى ثُمَّ عرض فيما بعد ما يوجب خوفه لا يجب على الله المنع منه، لأنَّ علّة المكلّفين قد انزاحت بما أدّاه إليهم فلهم طريق إلى معرفة لطفهم اللهم إلاَّ أن يتعلّق به أداء آخر في المستقبل فإنَّه يجب المنع منه كما يجب في الابتداء، فقد سوينا بين النبيّ والإمام.
فإن قيل(1): بيّنوا على كلّ حال وإن لم يجب عليكم وجه علّة الاستتار، وما يمكن أن يكون علّة على وجه ليكون أظهر في الحجّة وأبلغ في باب البرهان؟
قلنا: ممَّا يقطع على أنَّه سبب لغيبة الإمام هو خوفه على نفسه بالقتل بإخافة الظالمين إيّاه ومنعهم إيّاه من التصرّف فيما جعل إليه التدبير والتصرّف فيه، فإذا حيل بينه وبين مراده، سقط فرض القيام بالإمامة، وإذا خاف على نفسه وجبت غيبته ولزم استتاره كما استتر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم تارة في الشعب وأخرى في الغار، ولا وجه لذلك إلاَّ الخوف من المضار الواصلة إليه.
وليس لأحد أن يقول: إنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم ما استتر عن قومه إلاَّ بعد أدائه إليهم ما وجب عليه أداؤه ولم يتعلّق بهم إليه حاجة وقولكم في الإمام بخلاف ذلك وأيضاً فإنَّ استتار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم ما طال ولا تمادى، واستتار الإمام قد مضت عليه الدهور، وانقرضت عليه العصور.
وذلك أنَّه ليس الأمر على ما قالوه لأنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم إنَّما استتر في الشعب والغار بمكّة قبل الهجرة وما كان أدّى جميع الشريعة فإنَّ أكثري.
ص: 332
الأحكام ومعظم القرآن نزل بالمدينة فكيف أوجبتم أنَّه كان بعد الأداء ولو كان الأمر على ما قالوه من تكامل الأداء قبل الاستتار، لما كان ذلك رافعاً للحاجة إلى تدبيره وسياسته وأمره ونهيه، فإنَّ أحداً لا يقول: إنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بعد أداء الشرع غير محتاج إليه ولا مفتقر إلى تدبيره، ولا يقول ذلك معاند.
وهو الجواب عن قول من قال: إنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم ما يتعلّق من مصلحتنا قد أدّاه وما يؤدّي في المستقبل لم يكن في الحال مصلحة للخلق فجاز لذلك الاستتار، وليس كذلك الإمام عندكم لأنَّ تصرّفه في كلّ حال لطف للخلق، فلا يجوز له الاستتار على وجه، ووجب تقويته والمنع منه، ليظهر وينزاح(1) علّة المكلّف لأنّا قد بيّنا أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم مع أنَّه أدّى المصلحة التي تعلّقت بتلك الحال، لم يستغن عن أمره ونهيه وتدبيره، بلا خلاف بين المحصّلين، ومع هذا جاز له الاستتار، فكذلك الإمام.
على أنَّ أمر الله تعالى له بالاستتار في الشعب تارة، وفي الغار أخرى فضرب من المنع منه لأنَّه ليس كلّ المنع أن يحول بينهم وبينه بالعجز أو بتقويته بالملائكة لأنَّه لا يمتنع أن يفرض في تقويته بذلك مفسدة في الدين فلا يحسن من الله فعله ولو كان خالياً من وجوه الفساد وعلم الله أنَّه يقتضيه(2) المصلحة لقوَّاه بالملائكة، وحال بينهم وبينه، فلمَّا لم يفعل ذلك مع ثبوت حكمته، ووجوب إزاحة علّة المكلّفين علمنا أنَّه).
ص: 333
لم يتعلّق به مصلحة بل مفسدة، وكذلك نقول في الإمام أنَّ الله(1) فعل من قتله بأمره بالاستتار والغيبة، ولو علم أنَّ المصلحة يتعلّق بتقويته بالملائكة لفعل، فلمَّا لم يفعل مع ثبوت حكمته، ووجوب(2) إزاحة علّة المكلّفين في التكليف، علمنا أنَّه لم يتعلّق به مصلحة، بل ربما كان فيه مفسدة.
بل الذي نقول: إنَّ في الجملة يجب على الله تعالى تقوية يد الإمام، بما يتمكّن معه من القيام وينبسط يده، ويمكن ذلك بالملائكة وبالبشر، فإذا لم يفعله بالملائكة علمنا أنَّه لأجل أنَّه تعلّق به مفسدة، فوجب أن يكون متعلّقاً بالبشر فإذا لم يفعلوه أتوا من قبل نفوسهم لا من قبله تعالى، فيبطل بهذا التحرير جميع ما يورد من هذا الجنس وإذا جاز في النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أن يستتر مع الحاجة إليه لخوف الضرر، وكانت التبعة في ذلك لازمة لمخيفيه ومحوجيه إلى الغيبة، فكذلك غيبة الإمام سواء.
فأمَّا التفرقة بطول الغيبة وقصرها فغير صحيحة لأنَّه لا فرق في ذلك بين القصير المنقطع والطويل الممتد لأنَّه إذا لم يكن في الاستتار لائمة على المستتر إذا احوجَّ إليه بل اللائمة على من أحوجه إليها جاز أن يتطاول سبب الاستتار كما جاز أن يقصر زمانه.
فإن قيل: إذا كان الخوف أحوجه إلى الاستتار، فقد كان آباؤه عندكم على تقية وخوف من أعدائهم، فكيف لم يستتروا؟
قلنا: ما كان على آبائه عليهم السلام خوف من أعدائه مع لزوم التقية، والعدول عن التظاهر بالإمامة، ونفيها عن نفوسهم، وإمام الزمان كلّ).
ص: 334
الخوف عليه لأنَّه يظهر بالسيف، ويدعو إلى نفسه، ويجاهد من خالفه عليه، فأيّ تشبّه(1) بين خوفه من الأعداء وخوف آبائه عليهم السلام لولا قِلّة التأمل.
على أنَّ آباءه عليهم السلام متى قتلوا أو ماتوا كان هناك من يقوم مقامهم، ويسدّ مسدّهم يصلح للإمامة من أولاده وصاحب الأمر بالعكس من ذلك لأنَّ المعلوم أنَّه لا يقوم أحد مقامه ولا يسدّ مسدّه، فبان الفرق بين الأمرين.
وقد بيّنا(2) فيما تقدَّم الفرق بين وجوده غائباً لا يصل إليه أحد أو أكثر(3)، وبين عدمه حتَّى إذا كان المعلوم التمكّن بالأمر يوجده.
وكذلك قولهم: ما الفرق بين وجوده بحيث لا يصل إليه أحد وبين وجوده في السماء بأن قلنا: إذا كان موجوداً في السماء بحيث لا يخفى عليه أخبار أهل الأرض فالسماء كالأرض وإن كان يخفى عليه أمرهم فذلك يجري مجرى عدمه، ثُمَّ يقلب(4) عليهم في النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم بأن يقال: أيّ فرق بين وجوده مستتراً وبين عدمه وكونه في السماء؟ فأيّ شيء قالوه قلنا مثله على ما مضى القول فيه.
وليس لهم أن يفرَّقوا بين الأمرين بأنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم ما استتر من كلّ أحد وإنَّما استتر من أعدائه وإمام الزمان مستتر عن الجميع لأنّا أوّلاً لا نقطع على أنَّه مستتر عن جميع أوليائه والتجويز في هذا الباب كافٍ على أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لمَّا استتر في الغار كان مستتراً من أوليائه وأعدائه، ولم).
ص: 335
يكن معه إلاَّ أبو بكر وحده وقد كان يجوز أن يستتر بحيث لا يكون معه أحد من وليّ ولا عدوّ إذا اقتضت المصلحة ذلك.
فإن قيل: فالحدود في حال الغيبة ما حكمها؟ فإن سقطت عن الجاني على ما يوجبها الشرع فهذا نسخ الشريعة، وإن كانت باقية فمن يقيمها؟
قلنا: الحدود المستحقّة باقية في جنوب مستحقّيها فإن ظهر الإمام ومستحقّوها باقون أقامها عليهم بالبيّنة أو الاقرار وإن كان فات ذلك بموته كان الإثم في تفويتها على من أخاف الإمام وألجأه إلى الغيبة.
وليس هذا نسخاً لإقامة الحدود لأنَّ الحدّ إنَّما يجب إقامته مع التمكّن وزوال المنع، ويسقي مع الحيلولة، وإنَّما يكون ذلك نسخاً لو سقط إقامتها مع الإمكان، وزوال الموانع، ويقال لهم: ما تقولون في الحال التي لا يتمكّن أهل الحلّ والعقد من اختيار الإمام، ما حكم الحدود؟ فإن قلتم: سقطت، فهذا نسخ على ما ألزمتمونا، وإن قلتم: هي باقية في جنوب مستحقّيها فهو جوابنا بعينه.
فإن قيل: قد قال أبو علي: إنَّ في الحال التي لا يتمكّن أهل الحلّ والعقد من نصب الإمام يفعل الله ما يقوم مقام إقامة الحدود وينزاح(1) علّة المكلّف، وقال أبو هاشم: إنَّ إقامة الحدود دنياوية لا تعلّق لها بالدين.
قلنا: أمَّا ما قاله أبو علي فلو قلنا مثله ما ضرنا لأنَّ إقامة الحدود ليس هو الذي لأجله أوجبنا الإمام حتّى إذا فات إقامته انتقص دلالة الإمامة بل ذلك تابع للشرع، وقد قلنا: إنَّه لا يمتنع أن يسقي فرض إقامتها في حال انقباض يد الإمام أو تكون باقية في جنوب أصحابها وكما جاز).
ص: 336
ذلك جاز أيضاً أن يكون هناك ما يقوم مقامها فإذا صرنا إلى ما قاله لم ينتقض علينا أصل.
وأمَّا ما قاله أبو هاشم من أنَّ ذلك لمصالح الدنيا فبعيد لأنَّ ذلك عبادة واجبة ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجبت. على أنَّ إقامة الحدود عنده على وجه الجزاء والنكال جزء من العقاب وإنَّما قدم في دار الدنيا بعضه، لما فيه من المصلحة، فكيف يقول مع ذلك: إنَّه لمصالح دنياوية فبطل ما قالوه.
فإن قيل: كيف الطريق إلى إصابة الحقّ مع غيبة الإمام؟ فإن قلتم: لا سبيل إليها جعلتم الخلق في حيرة وضلالة، وشكّ في جميع أمورهم، وإن قلتم: يصاب الحقّ بأدلّته، قيل لكم: هذا تصريح بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلّة.
قلنا: الحقّ على ضربين: عقلي وسمعي، فالعقلي يصاب بأدلّته والسمعي عليه أدلّة منصوبة من أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ونصوصه وأقوال الأئمّة من ولده وقد بيّنوا ذلك وأوضحوه، ولم يتركوا منه شيئاً لا دليل عليه، غير أنَّ هذا وإن كان على ما قلناه، فالحاجة إلى الإمام قد بيّنا ثبوتها لأنَّ جهة الحاجة المستمرة في كلّ حال وزمان كونه لطفاً لنا على ما تقدَّم القول فيه، ولا يقوم غيره مقامه، والحاجة المتعلّقة بالسمع أيضاً ظاهرة لأنَّ النقل وإن كان وارداً عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وعن آباء الإمام عليه السلام بجميع ما يحتاج إليه في الشريعة فجائز على الناقلين العدول عنه إمَّا تعمداً وإمَّا لشبهة فيقطع(1) النقل أو يبقى فيمن لا حجّة في نقله وقد استوفينا هذه الطريقة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.).
ص: 337
فإن قيل: لو فرضنا أنَّ الناقلين كتموا: بعض منهم الشريعة واحتيج إلى بيان الإمام ولم يعلم الحقّ إلاَّ من جهته، وكان خوف القتل من أعدائه مستمراً كيف يكون الحال؟ فإن قلتم: يظهر وإن خاف القتل، فيجب أن يكون خوف القتل غير مبيح له الاستتار، ويلزم ظهوره، وإن قلتم: لا يظهر وسقط التكليف في ذلك الشيء المكتوم عن الأمّة خرجتم من الإجماع لأنَّه منعقد على أنَّ كلّ شيء شرَّعه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأوضحه فهو لازم للأمّة إلى أن يقوم الساعة، فإن قلتم: إنَّ التكليف لا يسقط صرَّحتم بتكليف ما لا يطاق، وإيجاب العمل بما لا طريق إليه.
قلنا: قد أجبنا عن هذا السؤال في التلخيص مستوفى وجملته أنَّ الله تعالى لو علم أنَّ النقل ببعض الشرع المفروض ينقطع في حال تكون تقية الإمام فيها مستمرّة، وخوفه من الأعداء باقياً، لأسقط ذلك عمّن لا طريق له إليه، فإذا علمنا بالإجماع أنَّ تكليف الشرع مستمرّ ثابت على جميع الأمّة إلى قيام الساعة علمنا عند ذلك أنَّه لو اتّفق انقطاع النقل لشيء(1) من الشرع لما كان ذلك إلاَّ في حال يتمكّن فيها الإمام من الظهور والبروز والإعلام والإنذار.
وكان المرتضى رحمه الله يقول أخيراً: لا يمتنع أن يكون هاهنا أمور كثيرة غير واصلة إلينا هي مودّعة عند الإمام، وإن كان قد كتمها الناقلون ولم ينقلوها، ولم يلزم مع ذلك سقوط التكليف عن الخلق لأنَّه إذا كان سبب الغيبة خوفه على نفسه من الذين أخافوه، فمن أحوجه إلى الاستتار أتي من قبل نفسه في فوت ما يفوته من الشرع، كما أنَّه أتي من قبل نفسه).
ص: 338
فيما يفوته من تأديب الإمام وتصرّفه من حيث أحوجه إلى الاستتار، ولو أزال خوفه لظهر، فيحصل له اللطف بتصرّفه وتبيّن له ما عنده فما انكتم عنه، فإذا لم يفعل وبقي مستتراً أتي من قبل نفسه في الأمرين وهذا قوي يقتضيه الأصول.
وفي أصحابنا من قال: إنَّ علّة استتاره عن أوليائه خوفه من أن يشيعوا خبره، ويتحدَّثوا باجتماعهم معه سرورا(1)، فيؤدّي ذلك إلى الخوف من الأعداء وإن كان غير مقصود. وهذا الجواب يضعف لأنَّ عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في إظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم فكيف يخبرون بذلك(2) مع علمهم بما عليهم(3) فيه من المضرّة العامّة، وإن جاز(4) على الواحد والاثنين لا يجوز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم.
على أنَّ هذا يلزم عليه أن يكون شيعته قد عدموا الانتقاع به على وجه لا يتمكّنون من تلافيه وإزالته لأنَّه إذا علّق الاستتار بما يعلم من حالهم أنَّهم يفعلونه، فليس في مقدورهم الآن ما يقتضي ظهور الإمام وهذا يقتضي سقوط التكليف الذي الإمام لطف فيه عنهم.
وفي أصحابنا من قال: علّة استتاره عن الأولياء ما يرجع إلى الأعداء، لأنَّ انتفاع جميع الرعية من ولي وعدو بالإمام إنَّما يكون بأن ينفذ أمره ببسط يده فيكون ظاهراً متصرّفاً بلا دافع ولا منازع، وهذا مما المعلوم أنَّ الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.).
ص: 339
قالوا: ولا فائدة في ظهوره سرّاً لبعض أوليائه لأنَّ النفع المبتغى من تدبير الأمّة لا يتمّ إلاَّ بظهوره للكلّ ونفوذ الأمر، فقد صارت العلّة في استتار الإمام على الوجه الذي هو لطف ومصلحة للجميع واحدة.
ويمكن أن يعترَّض هذا الجواب بأن يقال: إنَّ الأعداء وإن حالوا بينه وبين الظهور على وجه التصرّف والتدبير، فلم يحولوا بينه وبين لقاء من شاء من أوليائه على سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته ويوجب اتّباع أوامره، فإن كان لا نفع في هذا اللقاء لأجل الاختصاص لأنَّه نافذ الأمر للكلّ فهذا تصريح بأنَّه لا انتفاع للشيعة الإمامية بلقاء أئمّتها من لدن وفاة أمير المؤمنين إلى أيام الحسن بن عليّ إلى القائم عليه السلام لهذه العلّة.
ويوجب أيضاً أن يكون أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الأمر إلى تدبيره وحصوله في يده وهذا بلوغ من قائله إلى حدًّ لا يبلغه متأمّل، على أنَّه لو سلّم أنَّ الانتفاع بالإمام لا يكون إلاَّ مع الظهور لجميع الرعية ونفوذ أمره فيهم لبطل قولهم من وجه آخر وهو أنَّه يؤدّي إلى سقوط التكليف الذي الإمام لطف فيه عن شيعته لأنَّه إذا لم يظهر لهم العلّة لا يرجع إليهم ولا كان في قدرتهم وإمكانهم إزالته فلا بدَّ من سقوط التكليف عنهم لأنَّه لو جاز أن يمنع قوم من المكلّفين غيرهم لطفهم، ويكون التكليف الذي ذلك اللطف لطف فيه مستمرّاً عليهم، لجاز أن يمنع بعض المكلّفين غيره بقيد وما أشبهه من المشي على وجه لا يمكن من إزالته، ويكون تكليف المشي مع ذلك مستمرّاً على الحقيقة.
وليس لهم أن يفرَّقوا بين القيد وبين اللطف من حيث كان القيد
ص: 340
يتعذَّر معه الفعل(1) ولا يتوهَّم وقوعه وليس كذلك فقد اللطف لأنَّ أكثر أهل العدل على أنَّ فقد اللطف كفقد القدرة والآلة وأنَّ التكليف مع فقد اللطف فيمن له لطف معلوم كالتكليف مع فقد القدرة والآلة ووجود الموانع، وأنَّ من لم يفعل له اللطف ممن له لطف معلوم غير مزاح العلّة في التكليف كما أنَّ الممنوع غير مزاح العلّة.
والذي(2) ينبغي أن يجاب عن السؤال الذي ذكرناه عن المخالف أن نقول: إنّا أوّلاً لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه بل يجوز أن يظهر لأكثرهم ولا يعلم كلّ إنسان إلاَّ حال نفسه، فإن كان ظاهراً له فعلته مزاحة وإن لم يكن ظاهراً له علم أنَّه إنَّما لم يظهر له لأمر يرجع إليه وإن لم يعلمه مفصّلاً لتقصير من جهته وإلاَّ لم يحسن تكليفه.
فإذا علم بقاء تكليفه عليه واستتار الإمام عنه، علم أنَّه لأمر يرجع إليه، كما يقول(3) جماعتنا فيمن لم ينظر في طريق معرفة الله تعالى فلم يحصل له العلم وجب أن يقطع على أنَّه إنَّما لم يحصل لتقصير يرجع إليه وإلاَّ وجب إسقاط تكليفه، وإن لم يعلم ما الذي وقع تقصيره فيه.
فعلى هذا التقدير أقوى ما يعلل به ذلك أنَّ الإمام إذا ظهر ولا يعلم شخصه وعينه من حيث المشاهدة، فلا بدَّ من أن يظهر عليه علم معجز يدلُّ على صدقه والعلم بكون الشيء معجزاً يحتاج إلى نظر يجوز أن يعترّض فيه شبهة، فلا يمنع أن يكون المعلوم من حال من لم يظهر له أنَّه).
ص: 341
متى ظهر وأظهر المعجز لم ينعم النظر فيدخل(1) فيه شبهة، ويعتقد أنَّه كذّاب ويشيع خبره فيؤدّي إلى ما تقدَّم القول فيه.
فإن قيل: أيّ تقصير وقع من الولي الذي لم يظهر له الإمام لأجل هذا المعلوم من حاله، وأيّ قدرة له على النظر فيما يظهر له الإمام معه وإلى أيّ شيء يرجع في تلافي ما يوجب غيبته؟
قلنا: ما أحلنا في سبب الغيبة عن الأولياء إلاَّ على معلوم يظهر موضع التقصير فيه وإمكان تلافيه، لأنَّه غير ممتنع أن يكون من المعلوم من حاله أنَّه متى ظهر له الإمام قصر في النظر في معجزه، فإنَّما أتي في ذلك لتقصيره الحاصل في العلم بالفرق بين المعجز والممكن، والدليل من ذلك والشبهة، ولو كان من ذلك على قاعدة صحيحة لم يجز أن يشتبه عليه معجز الإمام عند ظهوره له، فيجب عليه تلافي هذا التقصير واستدراكه.
وليس لأحد أن يقول: هذا تكليف لما لا يطاق وحوالة على غيب، لأنَّ هذا الولي ليس يعرف ما قصر فيه بعينه من النظر والاستدلال فيستدركه حتّى يتمهَّد في نفسه ويتقرَّر، ونراكم تلزمونه ما لا يلزمه، وذلك إنَّما يلزم في التكليف قد يتميّز تارة ويشتبه أخرى بغيره، وإن كان التمكّن من الأمرين ثابتاً حاصلاً، فالولي على هذا إذا حاسب نفسه ورأى أنَّ الإمام لا يظهر له وأفسد أن يكون السبب في الغيبة ما ذكرناه من الوجوه الباطلة وأجناسها علم أنَّه لا بدَّ من سبب يرجع إليه.
وإذا علم أنَّ أقوى العلل ما ذكرناه علم أنَّ التقصير واقع من جهته في صفات المعجز وشروطه، فعليه معاودة النظر في ذلك عند ذلك،).
ص: 342
وتخليصه من الشوائب وما يوجب الالتباس، فإنَّه من اجتهد في ذلك حقَّ الاجتهاد، ووفى النظر شروطه فإنَّه لا بدَّ من وقوع العلم بالفرق بين الحقّ والباطل، وهذه المواضع الإنسان فيها على نفسه بصيرة، وليس يمكن أن يؤمر فيها بأكثر من التناهي في الاجتهاد والبحث والفحص والاستسلام للحقّ وقد بيّنا أنَّ هذا نظير ما نقول لمخالفينا إذا نظروا في أدلّتنا ولم يحصل لهم العلم سواء.
فإن قيل: لو كان الأمر على ما قلتم لوجب أن لا يعلم شيئاً من المعجزات في الحال وهذا يؤدّي إلى أن لا يعلم النبوة وصدق الرسول وذلك يخرجه عن الإسلام فضلاً عن الإيمان.
قلنا: لا يلزم ذلك لأنَّه لا يمتنع أن يدخل الشبهة في نوع من المعجزات دون نوع، وليس إذا دخلت الشبهة في بعضها دخل في سائرها، فلا يمتنع أن يكون المعجز الدال على النبوة لم يدخل عليه فيه شبهة، فحصل له العلم بكونه معجزاً وعلم عند ذلك نبوّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم والمعجز الذي يظهر على يد الإمام إذا ظهر يكون أمراً آخراً يجوز أن يدخل عليه الشبهة في كونه معجزاً فيشكّ حينئذٍ في إمامته وإن كان عالماً بالنبوة، وهذا كما نقول: إنَّ من علم نبوّة موسى عليه السلام بالمعجزات الدالّة على ثبوته إذا لم ينعم النظر في المعجزات الظاهرة على عيسى ونبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم لا يجب أن يقطع على أنَّه ما عرف تلك المعجزات لأنَّه لا يمتنع أن يكون عارفاً بها وبوجه دلالتها وإن لم يعلم هذه المعجزات واشتبه عليه وجه دلالتها.
فإن قيل: فيجب على هذا أن يكون كلّ من لم يظهر له الإمام يقطع على أنَّه على كبيرة تلحق بالكفر لأنَّه مقصّر على ما فرضتموه فيما
ص: 343
يوجب غيبة الإمام عنه ويقتضي فوت مصلحته، فقد لحق الوليّ على هذا بالعدوّ.
قلنا: ليس يجب في التقصير الذي أشرنا إليه أن يكون كفراً ولا ذنباً عظيماً لأنَّه في هذه الحال ما اعتقد الإمام أنَّه ليس بإمام ولا أخافه على نفسه وإنَّما قصَّر في بعض العلوم تقصيراً كان كالسبب في أنَّ علم من حاله أنَّ ذلك الشكّ في الإمامة يقع منه مستقبلاً والآن فليس بواقع، فغير لازم أنَّه يكون كافراً، غير أنَّه وإن لم يلزم أن يكون كفراً ولا جارياً مجرى تكذيب الإمام والشكّ في صدقه فهو ذنب وخطأ لا ينافيان الإيمان واستحقاق الثواب ولن(1) يلحق الولي بالعدو على هذا التقدير، لأنَّ العدو في الحال معتقد في الإمام ما هو كفر وكبيرة والولي بخلاف ذلك.
وإنَّما قلنا: إنَّ ما هو كالسبب في الكفر لا يجب أن يكون كفراً في الحال أن أحداً لو اعتقد في القادر منّا بقدرة أنَّه يصحّ أن يفعل في غيره من الأجسام مبتدءاً كان ذلك خطأ وجهلاً ليس بكفر ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال هذا المعتقد أنَّه لو ظهر نبي يدعو إلى نبوته، وجعل معجزه أن يفعل الله تعالى على يده جسم(2) بحيث لا يصل إليه أسباب البشر أنَّه لا يقبله، وهذا لا محالة لو علم أنَّه معجز كان يقبله، وما سبق من اعتقاده في مقدور العبد(3)، كان كالسبب في هذا، ولم يلزم أن يجري مجراه في الكفر.
فإن قيل: إنَّ هذا الجواب أيضاً لا يستمرّ على أصلكم لأنَّ).
ص: 344
الصحيح من مذهبكم أنَّ من عرف الله تعالى بصفاته وعرف النبوّة والإمامة وحصل مؤمناً لا يجوز أن يقع منه كفر أصلاً فإذا ثبت هذا فكيف يمكنكم أن تجعلوا علّة الاستتار عن الولي أنَّ المعلوم من حاله أنَّه إذا ظهر الإمام فظهر(1) علم معجز شكّ فيه ولا يعرفه(2)، وإنَّ الشكّ في ذلك كفر. وذلك ينقض أصلكم الذي صحّحتموه.
قيل: هذا الذي ذكرتموه ليس بصحيح لأنَّ الشكّ في المعجز الذي يظهر على يد الإمام ليس بقادح في معرفته لعين(3) الإمام على طريق الجملة وإنَّما يقدح في أنَّ ما علم على طريق الجملة وصحّت معرفته، هل هو هذا الشخص أم لا؟
والشكّ في هذا ليس بكفر لأنَّه لو كان كفراً لوجب أن يكون كفراً وإن لم يظهر المعجز، فإنَّه لا محالة قبل ظهور هذا المعجز على يده شاكّ فيه، ويجوز كونه إماماً وكون غيره كذلك، وإنَّما يقدح في العلم الحاصل له على طريق الجملة أن لو شكّ في المستقبل في إمامته على طريق الجملة، وذلك مما يمنع من وقوعه منه مستقبلاً.
وكان المرتضى(4) رحمه الله يقول: سؤال المخالف لنا: لِمَ لا يظهر الإمام للأولياء؟
غير لازم لأ(نَّه) إن كان غرضه أنَّ لطف الولي غير حاصل، فلا يحصل تكليفه فإنَّه لا يتوجَّه فإنَّ لطف الولي حاصل لأنَّه إذا علم الوليي.
ص: 345
أنَّ له إماماً غائباً يتوقَّع ظهوره ساعة، ويجوز انبساط يده في كلّ حال فإنَّ خوفه من تأديبه حاصل، وينزجر لمكانه عن المقبحات، ويفعل كثيراً من الواجبات فيكون حال غيبته كحال كونه في بلد آخر بل ربما كان في حال الاستتار أبلغ لأنَّه مع غيبته يجوز أن يكون معه في بلده وفي جواره، ويشاهده من حيث لا يعرفه ولا يقف على أخباره، وإذا كان في بلد آخر ربما خفي عليه خبره فصار حال الغيبة الانزجار(1) حاصلاً عن(2) القبيح على ما قلناه، وإذا لم يكن قد فاتهم اللطف جاز استتاره عنهم وإن سلم أنَّه يحصل ما هو لطف لهم ومع ذلك يقال: لِمَ لا يظهر لهم؟ قلنا: ذلك غير واجب على كلّ حال فسقط السؤال من أصله.
على أنَّ لطفهم بمكانه حاصل من وجه آخر وهو أنَّ بمكانه يثقون(3) جميع الشرع إليهم ولولاه لما وثقوا بذلك، وجوّزوا أن يخفى عليهم كثير من الشرع وينقطع دونهم، وإذا علموا وجوده في الجملة أمنوا جميع ذلك، فكان اللطف بمكانه حاصلاً من هذا الوجه أيضاً.
وقد ذكرنا فيما تقدَّم أنَّ ستر ولادة صاحب الزمان ليس بخارق العادات إذ جرى أمثال ذلك فيما تقدَّم من أخبار الملوك وقد ذكره العلماء من الفرس ومن روى أخبار الدوليين، من ذلك ما هو مشهور كقصة كيخسرو وما كان من ستر اُمّه حملها وإخفاء ولادتها واُمّه بنت ولد أفراسياب ملك الترك وكان جدّه كيقاووس أراد قتل ولده فسترته اُمّه إلى أن ولدته وكان من قصَّته ما هو مشهور في كتب التواريخ ذكره الطبري.).
ص: 346
وقد نطق القرآن بقصة إبراهيم وأنَّ اُمّه ولدته خفياً وغيبته في المغارة حتّى بلغ وكان من أمره ما كان، وما كان من قصة موسى عليه السلام وأنَّ اُمّه ألقته في البحر خوفاً عليه وإشفاقاً من فرعون عليه وذلك مشهور نطق به القرآن ومثل ذلك قصة صاحب الزمان سواء فكيف يقال: إنَّ هذا خارج عن العادات(1)؟
ومن الناس من يكون له ولد من جارية يستترها(2) من زوجته برهة من الزمان حتّى إذا حضرته الوفاة أقرَّ به وفي الناس من يستتر أمر ولده خوفاً من أهله أن يقتلوه طمعاً في ميراثه، قد جرت العادات بذلك فلا ينبغي أن يتعجَّب من مثله في صاحب الزمان وقد شاهدنا من هذا الجنس كثيراً وسمعنا منه غير قليل فلا نطول بذكره لأنَّه معلوم بالعادات وكم وجدنا من ثبت نسبه بعد موت أبيه بدهر طويل ولم يكن أحد يعرفه إذا شهد بنسبه رجلان مسلمان ويكون(3) أشهدهما على نفسه سرّاً عن أهله وخوفاً من زوجته وأهله فوصّى به فشهدا بعد موته أو شهدا بعقده على امرأة عقداً صحيحاً فجاءت بولد يمكن أن يكون منه فوجب بحكم الشرع إلحاقه به والخبر بولادة ابن الحسن وارد من جهات أكثر مما يثبت الأنساب في الشرع ونحن نذكر طرفاً من ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأمَّا إنكار جعفر بن عليّ عمّ صاحب الزمان شهادة الإمامية بولد لأخيه الحسن بن عليّ ولد في حياته، ودفعه بذلك وجوده بعده وأخذه).
ص: 347
تركته وحوزه ميراثه وما كان منه في حمله سلطان الوقت على حبس جواري الحسن واستبذالهن بالاستبراء من الحمل(1) ليتأكّد نفيه لولد أخيه وإباحته دماء شيعته بدعواهم خلفاً له بعده كان أحقُّ بمقامه، فليس لشبهة(2) يعتمد على مثلها أحد من المحصّلين لاتّفاق الكلّ على أنَّ جعفراً لم يكن له عصمة كعصمة الأنبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حقّ ودعوى باطل، بل الخطاء جائز عليه، والغلط غير ممتنع منه، وقد نطق القرآن بما كان من ولد يعقوب مع أخيهم يوسف وطرحهم إيّاه في الجب وبيعهم إيّاه بالثمن البخس وهم أولاد الأنبياء. وفي الناس من يقول: كانوا أنبياء، فإذا جاز منهم مثل ذلك مع عظم الخطاء فيه فلِمَ لا يجوز مثله من جعفر بن عليّ مع ابن أخيه، وأن يفعل معه من الجحد طمعاً في الدنيا ونيلها، وهل يمنع من ذلك أحد إلاَّ مكابر معاند.
فإن قيل: كيف يجوز أن يكون للحسن بن عليّ ولد مع إسناده وصيته في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المسمّاة بحديث المكنّاة باُمّ الحسن بوقوفه وصدقاته وأسند النظر إليها في ذلك ولو كان له ولد لذكره في الوصية.
قيل: إنَّما فعل ذلك قصداً إلى تمام ما كان غرضه في إخفاء ولادته، وستر حاله عن سلطان الوقت، ولو ذكر ولده أو أسند وصيته إليه لناقض غرضه خاصّة وهو احتاج إلى الإشهاد عليها وجوه الدولة وأسباب السلطان، وشهود القضاة ليتحرّس بذلك وقوفه ويتحفّظ صدقاته ويتمّ به الستر على ولده بإهمال ذكره وحراسة مهجته بترك التنبيه على وجوده.).
ص: 348
ومن ظنَّ(1) أنَّ ذلك دليل على بطلان دعوى الإمامية في وجود ولد للحسن عليه السلام كان بعيداً من معرفة العادات وقد فعل نظير ذلك الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام حين أسند وصيته إلى خمسة نفر أوّلهم المنصور إذ كان سلطان الوقت، ولم يفرد ابنه موسى عليه السلام بها إبقاء عليه، وأشهد معه الربيع وقاضي الوقت وجاريته اُمّ ولده حميدة البربرية وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام لستر أمره وحراسة نفسه ولم يذكر مع ولده موسى أحداً من أولاده الباقين لعلَّه(2) كان فيهم من يدّعي مقامه بعده، ويتعلّق بإدخاله في وصيته، ولو لم يكن موسى ظاهراً مشهوراً في أولاده معروف المكان منه، وصحّة نسبه واشتهار فضله وعلمه، وكان مستوراً لما ذكره في وصيته، ولاقتصر على ذكر غيره، كما فعل الحسن بن عليّ والد صاحب الزمان.
فإن قيل: قولكم أنَّه منذ ولد صاحب الزمان إلى وقتنا هذا مع طول المدّة لا يعرف أحد مكانه، ولا يعلم مستقرّه ولا يأتي بخبره من يوثق بقوله، خارج عن العادة، لأنَّ كلّ من اتّفق له الاستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه أو لغير ذلك من الأغراض يكون مدّة استتاره قريبة ولا يبلغ عشرين سنة ولا يخفى أيضاً عن(3) الكلّ في مدّة استتاره مكانه، ولا بدَّ من أن يعرف فيه بعض أوليائه وأهله مكانه أو يخبره بلقائه وقولكم بخلاف ذلك.).
ص: 349
قلنا: ليس الأمر على ما قلتم لأنَّ الإمامية تقول: إنَّ جماعة من أصحاب أبِي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام قد شاهدوا وجوده في حياته وكانوا أصحابه وخاصته بعد وفاته، والوسائط بينه وبين شيعته، معروفون بما(1) ذكرناهم فيما بعد، ينقلون إلى شيعته معالم الدين، ويخرجون إليهم أجوبته في مسائلهم فيه، ويقبضون منهم حقوقه وهم جماعة كان الحسن بن عليّ عليه السلام عدلهم في حياته، واختصّهم اُمناء له في وقته، وجعل إليهم النظر في أملاكه والقيام بأموره بأسمائهم وأنسابهم وأعيانهم كأبِي عمرو عثمان بن سعيد السمان، وابنه أبِي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد، وغيرهم ممن سنذكر أخبارهم فيما بعد إن شاء الله، وكانوا أهل عقل وأمانة، وثقة ظاهرة، ودراية، وفهم، وتحصيل، ونباهة كانوا معظمين عند سلطان الوقت لعظم أقدارهم وجلالة محلّهم مكرمين لظاهر أمانتهم واشتهار عدالتهم حتّى أنَّه يدفع عنهم ما يضيفه إليهم خصومهم، وهذا يسقط قولكم: إنَّ صاحبكم لم يرَه أحد ودعواهم خلافه.
فأمَّا بعد انقراض أصحاب أبيه فقد كان مدّة من الزمان أخباره واصلة من جهة السفراء الذين بينه وبين شيعته ويوثق بقولهم ويرجع إليهم لدينهم وأمانتهم وما اختصوا به من الدين والنزاهة، وربما ذكرنا طرفاً من أخبارهم فيما بعد.
وقد سبق الخبر عن آبائه عليهم السلام بأنَّ القائم له غيبتان أخراهما أطول من الأولى، فالأولى يعرف فيها خبره، والأخرى لا يعرف فيها خبره، فجاء ذلك موافقاً لهذه الأخبار، فكان ذلك دليلاً ينضاف إلى ما ذكرناه، وسنوضّح عن هذه الطريقة فيما بعد إن شاء الله تعالى.).
ص: 350
فأمَّا خروج ذلك عن العادات فليس الأمر على ما قالوه ولو صحَّ لجاز أن ينقض الله تعالى العادة في ستر شخص ويخفي أمره لضرب من المصلحة وحسن التدبير لما يعرض من المانع من ظهوره.
وهذا الخضر عليه السلام موجود قبل زماننا من عهد موسى عليه السلام عند أكثر الأمّة وإلى وقتنا هذا باتّفاق أهل السير، لا يعرف مستقرّه ولا يعرف أحد له أصحاباً إلاَّ ما جاء به القرآن من قصته مع موسى وما يذكره بعض الناس أنَّه يظهر أحيانا(1) ويظنّ من يراه أنَّه بعض الزهّاد، فإذا فارق مكانه توهّمه المسمّى بالخضر ولم يكن عرفه بعينه في الحال ولا ظنّه فيها، بل اعتقد أنَّه بعض أهل الزمان.
وقد كان من غيبة موسى بن عمران عن وطنه وهربه من فرعون ورهطه ما نطق به القرآن ولم يظفر به أحد مدّة من الزمان ولا عرفه بعينه، حتّى بعثه الله نبياً ودعا إلى فعرفه الولي والعدو.
وكان من قصة يوسف بن يعقوب ما جاء به سورة في القرآن وتضمّنت استتار خبره عن أبيه وهو نبيّ الله يأتيه الوحي صباحاً ومساءً يخفى(2) عليه خبر ولده، وعن ولده أيضاً حتَّى أنَّهم كانوا يدخلون عليه ويعاملونه ولا يعرفونه وحتَّى مضت على ذلك السنون والأزمان ثُمَّ كشف الله أمره وظهره خبره وجمع بينه وبين أبيه وإخوته وإن لم يكن ذلك في عادتنا اليوم ولا سمعنا بمثله.
وكان من قصَّة يونس بن متى نبيّ الله مع قومه وفراره منهم حين تطاول خلافهم له واستخفافهم بجفوته(3) وغيبته عنهم وعن كلّ أحد).
ص: 351
حتّى لم يعلم أحد من الخلق مستقرّه وستره الله في جوف السمكة وأمسك عليه رمقه لضرب من المصلحة إلى أن انقضت تلك المدّة وردَّه الله إلى قومه. وجمع بينهم وبينه، وهذا أيضاً خارج عن عادتنا وبعيد من تعارفنا وقد نطق به القرآن وأجمع عليه أهل الإسلام.
ومثل ما حكيناه أيضاً قصة أصحاب الكهف وقد نطق بها القرآن وتضمّن شرح حالهم واستتارهم عن قومهم فراراً بدينهم ولولا ما نطق القرآن به لكان مخالفونا يجحدونه دفعاً لغيبة صاحب الزمان، وإلحاقهم به، لكن أخبر الله تعالى أنَّهم بقوا ثلاثمائة سنة مثل ذلك مستترين خائفين ثُمَّ أحياهم الله فعادوا إلى قومهم وقصتهم مشهورة في ذلك.
وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بقصته القرآن وأهل الكتاب يزعمون أنَّه كان نبيّاً فأماته الله مائة عام ثُمَّ بعثه وبقى طعامه وشرابه لم يتغيّر وكان ذلك خارقاً للعادة وإذا كان ما ذكرناه معروفاً كائناً كيف يمكن مع ذلك إنكار غيبة صاحب الزمان.
اللهم إلاَّ أن يكون المخالف دهرياً معطّلاً ينكر جميع ذلك ويحيله فلا نكلّم معه في الغيبة بل ينتقل معه إلى الكلام في أصل التوحيد وأنَّ ذلك مقدور وإنَّما نكلّم في ذلك من أقرَّ بالإسلام، وجوَّز ذلك مقدوراً لله، فنبيّن لهم نظائره في العادات.
وأمثال(1) ما قلناه كثيرة مما رواه أصحاب السير والتواريخ من ملوك فرس وغيبتهم عن أصحابهم مدّة لا يعرفون خبره ثُمَّ عودهم وظهورهم لضرب من التدبير وإن لم ينطق به القرآن فهو مذكور فيي.
ص: 352
التواريخ وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند قد كانت لهم غيبات وأحوال خارجة عن العادات لا نذكرها لأنَّ المخالف ربما جحدها على عادتهم جحد الأخبار وهو مذكور في التواريخ.
فإن قيل: ادّعاؤكم طول عمر صاحبكم أمر خارق للعادات مع بقائه على قولكم كامل العقل تام القوة والشباب لأنَّه على قولكم له في هذا الوقت الذي هو سنة سبع وأربعين وأربعمائة مائة وإحدى وتسعون سنة لأنَّ مولده على قولكم سنة ست وخمسين ومائتين ولم تجر العادة بأن يبقى أحد من البشر هذه المدّة فكيف انتقضت العادة فيه، ولا يجوز انتقاضها إلاَّ على يد الأنبياء.
قلنا: الجواب عن ذلك من وجهين: أحدهما: أن لا نسلّم أنَّ ذلك خارق لجميع العادات، بل العادات فيما تقدَّم قد جرت بمثلها وأكثر من ذلك، وقد ذكرنا بعضها كقصَّة الخضر عليه السلام وقصة أصحاب الكهف وغير ذلك، وقد أخبر الله عن نوح عليه السلام أنَّه لبث في قومه ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً وأصحاب السير يقولون: إنَّه عاش أكثر من ذلك، وإنَّما دعا قومه إلى الله هذه المدّة المذكورة بعد أن مضت عليه ستون من عمره، وروى أصحاب الأخبار أنَّ سلمان الفارسي لقي عيسى ابن مريم وبقي إلى زمان نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم وخبره مشهور وأخبار المعمّرين من العجم و العرب معروفة مذكورة في الكتب والتواريخ، وروى أصحاب الحديث أنَّ الدجّال موجود وأنَّه كان في عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّه باقٍ إلى الوقت الذي يخرج فيه وهو عدو الله فإذا جاز ذلك في عدوّ الله لضرب من المصلحة فكيف لا يجوز مثله في وليّ الله إنَّ هذا من العناد...(1).4.
ص: 353
أقول: ثُمَّ ذكر رحمه الله أخبار المعمّرين على ما سنذكره، ثُمَّ قال:
إن كان المخالف لنا في ذلك من يحيل ذلك من المنجّمين وأصحاب الطبايع فالكلام لهم(1) في أصل هذه المسألة فإنَّ العالم مصنوع وله صانع أجرى العادة بقصر الأعمار وطولاً، وأنَّه قادر على إطالتها وعلى إفنائها فإذا بيّن ذلك سهل الكلام.
وإن كان المخالف في ذلك من يسلّم ذلك غير أنَّه يقول: هذا خارج عن العادات، فقد بيّنا أنَّه ليس بخارج عن جميع العادات، ومتى قالوا: خارج عن عاداتنا، قلنا: وما المانع منه.
فإن قيل: ذلك لا يجوز إلاَّ في زمن الأنبياء.
قلنا: نحن ننازع في ذلك وعندنا يجوز خرق العادات على يد الأنبياء والأئمّة والصالحين وأكثر أصحاب الحديث يجوّزون ذلك وكثير من المعتزلة والحشوية، وإن سمّوا ذلك كرامات كان ذلك خلافاً في عبارة، وقد دللنا على جواز ذلك في كتبنا، وبيّنا أنَّ المعجز إنَّما يدلُّ على صدق من يظهر على يده ثُمَّ نعلمه نبيّاً أو إماماً أو صالحاً بقوله(2)، وكلّما يذكرونه من شبههم قد بيّنا الوجه فيه في كتبنا لا نطول بذكره هاهنا(3).
فأمَّا ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان، وعلو السن، وتناقض بنية الإنسان فليس ممّا لا بدَّ منه وإنَّما أجرى الله العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان ولا إيجاب هناك، وهو تعالى قادر أن لا يفعل ما أجرى العادة بفعله، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أنَّ تطاول الأعمار ممكن غير6.
ص: 354
مستحيل، وقد ذكرنا فيما تقدَّم عن جماعة أنَّهم لم يتغيّروا مع تطاول أعمارهم وعلوَّ سنهم، وكيف ينكر ذلك من يقرُّ بأنَّ الله تعالى يخلد المؤمنين(1) في الجنّة شبّاناً لا يبلون، وإنَّما يمكن أن ينازع في ذلك من يجحد ذلك ويسنده إلى الطبيعة وتأثير الكواكب الذي قد دلَّ الدليل على بطلان قولهم باتّفاق منّا ومن خالفنا في هذه المسألة من أهل الشرع، فسقطت الشبهة من كل وجه.
دليل آخر: وممَّا يدلُّ على إمامة صاحب الزمان وصحّة غيبته، ما رواه الطائفتان المختلفان، والفرقتان المتباينتان العامّة والإمامية أنَّ الأئمّة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم اثنا عشر لا يزيدون ولا ينقصون، وإذا ثبت ذلك فكلّ من قال بذلك قطع على الأئمّة الاثني عشر الذين نذهب إلى إمامتهم، وعلى وجود ابن الحسن وصحّة غيبته، لأنَّ من خالفهم في شيء من ذلك لا يقصر الإمامة على هذا العدد بل يجوز الزيادة عليها، وإذا ثبت بالأخبار التي نذكرها هذا العدد المخصوص ثبت ما أردناه...(2).
أقول: ثُمَّ أورد رحمه الله من طرق الفريقين بعض ما أوردناه في باب النصوص على الاثني عشر عليهم السلام، ثُمَّ قال رحمه الله:
فإن قيل: دلّوا أوّلاً على صحّة هذه الأخبار فإنَّها أخبار آحاد لا يعول عليها فيم طريقه العلم، وهذه مسألة علمية ثُمَّ دلّوا على أنَّ المعني بها من تذهبون إلى إمامته فإنَّ الأخبار التي رويتموها عن مخالفيكم وأكثر ما رويتموها من جهة الخاصّة إذا سلمت فليس فيها صحّة ما7.
ص: 355
تذهبون إليه، لأنَّها تتضمَّن(1) غير ذلك فمن أين لكم أنَّ أئمّتكم هم المرادون بها دون غيرهم؟
قلنا: أمَّا الذي يدلُّ على صحّتها فإنَّ الشيعة الإمامية يروونها على وجه التواتر خلفاً عن سلف وطريقة تصحيح ذلك موجود في كتب الإمامية في النصوص على أمير المؤمنين عليه السلام والطريقة واحدة.
وأيضاً فإنَّ نقل الطائفتين المختلفتين المتباينتين في الاعتقاد يدلُّ على صحّة ما قد اتفقوا على نقله، لأنَّ العادة جارية أنَّ كلّ من اعتقد مذهباً وكان الطريق إلى صحّة ذلك النقل فإنَّ دواعيه تتوفّر إلى نقله، وتتوفّر دواعي من خالفه إلى إبطال ما نقله أو الطعن عليه، والانكار لروايته، بذلك جرت العادات في مدائح الرجال وذمهم، وتعظيمهم والنقص منهم، ومتى رأينا الفرقة المخالفة لهذه الفرقة قد نقلت مثل نقلها، ولم يتعرَّض(2) للطعن على نقله، ولينكر متضمّن الخبر، دلَّ ذلك على أنَّ الله تعالى قد تولى نقله وسخَّرهم لروايته، وذلك دليل على صحّة ما تضمّنه الخبر.
وأمَّا الدليل على أنَّ المراد بالأخبار والمعني بها أئمّتنا عليهم السلام فهو أنَّه إذا ثبت بهذه الأخبار أنَّ الأئمّة(3) محصورة في الاثني عشر إماماً وأنَّهم لا يزيدون ولا ينقصون، ثبت ما ذهبنا إليه، لأنَّ الأمّة بين قائلين: قائل يعتبر العدد الذي ذكرناه فهو يقول: إنَّ المراد بها من نذهب إلى إمامته، ومن خالف في إمامتهم لا يعتبر هذا العدد، فالقول مع اعتبار).
ص: 356
العدد أنَّ المراد غيرهم، خروج عن الإجماع وما أدّى إلى ذلك وجب القول بفساده.
ويدلُّ أيضاً على إمامة ابن الحسن عليه السلام وصحّة غيبته ما ظهر وانتشر من الأخبار الشائعة الذائعة عن آبائه عليهم السلام قبل هذه الأوقات بزمان طويل من أنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، وصفة غيبته، وما يجري فيها من الاختلاف، ويحدث فيها من الحوادث، وأنَّه يكون له غيبتان إحداهما أطول من الأخرى وأنَّ الأولى يعرف فيها أخباره والثانية لا يعرف فيها أخباره فوافق ذلك على ما تضمّنته الأخبار ولولا صحّتها وصحّة إمامته لما وافق ذلك، لأنَّ ذلك لا يكون إلاَّ بإعلام الله على لسان نبيه، وهذه أيضاً طريقة اعتمدها الشيوخ قديماً.
ونحن نذكر من الأخبار التي تضمّن ذلك طرفاً ليعلم صحّة ما قلناه لأنَّ استيفاء جميع ما روي في هذا المعنى يطول، وهو موجود في كتب الأخبار من أراده وقف عليه من هناك...(1).
أقول: ثُمَّ نقل الأخبار التي نقلنا عنه رحمه الله في الأبواب السابقة واللاحقة، ثُمَّ قال:
فإن قيل: هذه كلّها أخبار آحاد لا يعول على مثلها في هذه المسألة لأنَّها مسألة علمية.
قلنا: موضع الاستدلال من هذه الأخبار ما تضمّنه الخبر بالشيء قبل كونه فكان كما تضمّنه فكان ذلك دلالة على صحّة ما ذهبنا إليه من إمامة ابن الحسن لأنَّ العلم بما يكون لا يحصل إلاَّ من جهة علاّم8.
ص: 357
الغيوب، فلو لم يرد إلاَّ خبر واحد ووافق مخبره ما تضمّنه الخبر، لكان ذلك كافياً، ولذلك كان ما تضمّنه القرآن من الخبر بالشيء قبل كونه دليلاً على صدق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّ القرآن من قبل الله تعالى، وإن كان المواضع التي تضمّن ذلك محصورة، ومع ذلك مسموعة من مخبر واحد، لكن دلَّ على صدقه من الجهة التي قلناها، على أنَّ الأخبار متواتر بها لفظاً ومعنىً.
فأمَّا اللفظ فإنَّ الشيعة تواترت بكلّ خبر منه، والمعنى أنَّ كثيرة الأخبار واختلاف جهاتها وتباين طرقها، وتباعد رواتها، تدلُّ على صحّتها، لأنَّه لا يجوز أن يكون كلّها باطلة ولذلك يستدلُّ في مواضع كثيرة على معجزات النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم التي هي سوى القرآن وأمور كثيرة في الشرع يتواتر(1)، وإن كان كلّ لفظ منه منقولاً من جهة الآحاد وذلك معتمد عند من خالفنا في هذه المسألة، فلا ينبغي أن يتركوه وينسوه إذا جئنا إلى الكلام في الإمامة، والعصبية لا ينبغي أن ينتهي بالإنسان إلى حدًّ يجحد الأمور المعلومة.
وهذا الذي ذكرناه معتبر في مدائح الرجال وفضائلهم ولذلك استدلَّ على سخاء حاتم وشجاعة عمرو وغير ذلك بمثل ذلك وإن كان كلّ واحد مما يروى من عطاء حاتم ووقوف عمرو في موقف من المواقف، من جهة الآحاد وهذا واضح.
وممَّا يدلُّ أيضاً على إمامة ابن الحسن زائداً على ما مضى أنَّه لا خلاف بين الأمّة أنَّه سيخرج في هذه الأمّة مهدي يملأ الأرض قسطاً).
ص: 358
وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وإذا بيّنا أنَّ ذلك المهدي من ولد الحسين وأفسدنا قول من يدّعي ذلك من ولد الحسين سوى ابن الحسن ثبت أنَّ المراد به هو عليه السلام...(1).
أقول: ثُمَّ أورد ما نقلنا عنه سابقاً من أخبار الخاصة والعامّة في المهدي عليه السلام، ثُمَّ قال:
وأمَّا الذي يدلُّ على أنَّه يكون من ولد الحسين عليه السلام فالأخبار التي أوردناها في أنَّ الأئمّة اثنا عشر وذكر تفاصيلهم فهي متضمّنة لذلك، ولأنَّ كلّ من اعتبر العدد الذي ذكرناها(2) قال: المهدي من ولد الحسينعليه السلام. وهو من أشرنا إليه...(3).
ثُمَّ أورد رحمه الله الأخبار في ذلك على ما روينا عنه، ثُمَّ قال:
فإن قيل: أليس قد خالف جماعة فيهم من قال: المهدي من ولد عليّ عليه السلام، فقالوا(4): هو محمّد بن الحنفية، وفيهم من قال من السبائية: هو عليّ عليه السلام لم يمت، وفيهم من قال: جعفر بن محمّد لم يمت، وفيهم من قال: موسى بن جعفر لم يمت، وفيهم من قال: الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام لم يمت، وفيهم(5) من قال: المهدي هو أخوه محمّد بن عليّ وهو حيّ باقٍ لم يمت، ما الذي يفسد قول هؤلاء؟
قلت: هذه الأقوال كلّها قد أفسدناها بما دللنا عليه من موت منر.
ص: 359
ذهبوا إلى حياته وبما بيّنا أنَّ الأئمّة اثنا عشر وبما دللنا على صحّة إمامة ابن الحسن من الاعتبار، وبما سنذكره من صحّة ولادته وثبوت معجزاته الدالة على إمامته.
فأمَّا من خالف في موت أمير المؤمنين وذكر أنَّه حيّ باقٍ فهو مكابر فإنَّ العلم بموته وقتله أظهر وأشهر من قتل كلّ أحد وموت كلّ إنسان والشكّ في ذلك يؤدّي إلى الشكّ في موت النبي وجميع أصحابه ثُمَّ ما ظهر من وصيته وأخبار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم إيّاه: (أنَّك تقتل وتخضب لحيتك من رأسك)، يفسد ذلك أيضاً وذلك أشهر من أن يحتاج أن يروى فيه الأخبار(1).
وأمَّا وفات محمّد بن علي، ابن الحنيفة وبطلان قول من ذهب إلى إمامته فقد بيّنا فيما مضى من الكتاب وعلى هذه الطريقة إذا بيّنا أنَّ المهدي من ولد الحسين عليه السلام بطل قول المخالف في إمامته عليه السلام(2).
وأمَّا الناووسية الذين وقفوا على جعفر بن محمّد عليه السلام(3) فقد بيّنا أيضاً فساد قولهم بما علمناه من موته، واشتهار الأمر فيه، وبصحّة(4) إمامة ابنه موسى بن جعفر عليهما السلام، وبما ثبت من إمامة الاثني عشر عليهم السلام ويؤكّد ذلك ما ثبت من صحّة وصيّته إلى من أوصى إليه، وظهور الحال في ذلك(5).6.
ص: 360
وأمَّا الواقفة الذين وقفوا على موسى بن جعفر وقالوا هو المهدي فقد أفسدنا أقوالهم بما دللنا عليه من موته، واشتهار الأمر فيه، وثبوت إمامة ابنه الرضا عليه السلام وفي ذلك كفاية لمن أنصف.
وأمَّا المحمّدية الذين قالوا بإمامة محمّد بن عليّ العسكري وأنَّه حيّ لم يمت، فقولهم باطل لما دللنا به على إمامة أخيه الحسن بن عليّ أبِي القائم عليهما السلام(1) وأيضاً فقد مات محمّد في حياة أبيه عليه السلام موتاً ظاهراً كما مات أبوه وجدّه فالمخالف في ذلك مخالف في الضرورة(2).
وأمَّا القائلون بأنَّ الحسن بن عليّ لم يمت وهو حيّ باقٍ وهو المهدي فقولهم باطل بما علمنا موته كما علمنا موت من تقدَّم من آبائه، والطريقة واحدة، والكلام عليهم واحد، هذا مع انقراض القائلين به واندراسهم، ولو كانوا محقّين لما انقرضوا...(3).
أقول: وقد أورد لكلّ ما ذكر أخباراً كثيرة أوردناها مع غيرها في المجلّدات السابقة في الأبواب التي هي أنسب بها، ثُمَّ قال:
وأمَّا من قال: إنَّ الحسن بن عليّ عليه السلام يعيش بعد موته وأنَّه القائم بالأمر وتعلّقهم بما رُويَ عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّمَا سُمَّيَ الْقَائِمَ(4) لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ)، فقوله باطل بما دللنا عليه من موته وادّعاؤهم أنَّه يعيش يحتاج إلى دليل ولو جاز لهم ذلك لجاز أن تقول الواقفة: إنَّ موسى بن جعفر يعيش بعد موته، على أنَّ هذا يؤدّي إلى خلو).
ص: 361
الزمان من إمام بعد موت الحسن إلى حين يحيى وقد دللنا بأدلّة عقلية على فساد ذلك(1).
ويدلُّ على فساد ذلك الأخبار التي مضت في أنَّه لو بقيت الأرض بغير إمام ساعة لساخت.
وَقَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (اللهُمَّ إِنَّكَ لاَ تُخْلِي الأرْضَ بِغَيْر حُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً أوْ خَائِفاً مَغْمُوراً)، يدلُّ على ذلك على أن قوله: (يقوم بعدما يموت)، لو صحَّ الخبر احتمل أن يكون أراد: (يقوم بعدما يموت ذكره) ويخمل ولا يعرف، وهذا جائز في اللغة وما دللنا به على أنَّ الأئمّة اثنا عشر يبطل هذا المقال لأنَّه(2) عليه السلام هو الحادي عشر(3)، على أنَّ القائلين بذلك قد انقرضوا ولله الحمد ولو كان حقّاً لما انقرض القائلون به.
وأمَّا من ذهب إلى الفترة بعد الحسن بن عليّ وخلو الزمان من إمام فقولهم باطل بما دللنا عليه من أنَّ الزمان لا يخلو من إمام في حال من الأحوال بأدلّة عقلية وشرعية وتعلّقهم بالفترات بين الرسل باطل لأنَّ الفترة عبارة عن خلو الزمان من نبيّ ونحن لا نوجب النبوّة في كلّ حال، وليس في ذلك دلالة على خلو الزمان من إمام، على أنَّ القائلين بذلك قد انقرضوا ولله الحمد، فسقط هذا القول أيضاً.
وأمَّا القائلون بإمامة جعفر بن عليّ بعد أخيه، فقولهم باطل بما دللنا عليه من أنَّه يجب أن يكون الإمام معصوماً، لا يجوز عليه الخطاء، وأنَّه).
ص: 362
يجب أن يكون أعلم الأمّة بالأحكام وجعفر لم يكن معصوماً بلا خلاف، وما ظهر من أفعاله التي تنافي العصمة أكثر من أن تحصى لا نطول بذكرها الكتاب، وإن عرض فيما بعد ما يقتضي ذكر بعضها ذكرناه، وأمَّا كونه عالماً فإنَّه كان خالياً منه، فكيف تثبت إمامته، على أنَّ القائلين بهذه المقالة قد انقرضوا أيضاً ولله الحمد والمنّة.
وأمَّا من قال: لا ولد لأبي محمّد عليه السلام فقوله يبطل بما دللنا عليه من إمامة الاثني عشر وسياقة الأمر فيهم(1).
وأمَّا من زعم أنَّ الأمر قد اشتبه عليه، فلا يدري هل لأبِي محمّد عليه السلام ولد أم لا إلاَّ أنَّهم متمسّكون بالأوّل حتّى يصحّ لهم الآخر فقوله باطل بما دللنا عليه من صحّة إمامة ابن الحسن، وبما بيّنا من أنَّ الأئمّة اثنا عشر، ومع ذلك لا ينبغي التوقّف بل يجب القطع على إمامة ولده، وما قدمناه أيضاً من أنَّه لا يمضي إمام حيّ حتَّى يولد له ويرى عقبه، وما دللنا عليه من أنَّ الزمان لا يخلو من إمام عقلاً وشرعاً يفسد هذا القول أيضاً.
فأمَّا تمسّكهم بما روي: (تمسّكوا بالأوّل حتّى يصحّ لكم الآخر) فهو خبر واحد ومع هذا فقد تأوّله سعد بن عبد الله بتأويل قريب قال قوله: (تمسّكوا بالأوّل حتّى يظهر لكم الآخر) هو دليل على إيجاب الخلف لأنَّه يقتضي وجوب التمسّك بالأوّل ولا يبحث عن أحوال الآخر إذا كان مستوراً غائباً في تقية حتّى يأذن الله في ظهوره، ويكون (هو)(2) الذي يظهر أمره ويشهر نفسه، على أنَّ القائلين بذلك قد انقرضوا والحمد لله.
وأمَّا من قال بإمامة الحسن وقالوا: انقطعت الإمامة كما انقطعتر.
ص: 363
النبوّة فقولهم باطل بما دللنا عليه من أنَّ الزمان لا يخلو من إمام عقلاً وشرعاً وبما بيّنا من أنَّ الأئمّة اثنا عشر وسنبيّن صحّة ولادة القائم بعده، فسقط قولهم من كلّ وجه على أنَّ هؤلاء قد انقرضوا بحمد الله.
وقد بيّنا فساد قول الذاهبين إلى إمامة جعفر بن عليّ من الفطحية الذين قالوا بإمامة عبد الله بن جعفر لمَّا مات الصادق عليه السلام فلمَّا مات عبد الله ولم يخلّف ولداً رجعوا إلى القول بإمامة موسى بن جعفر ومن بعده إلى الحسن بن عليّ فلمَّا مات الحسن قالوا بإمامة جعفر وقول هؤلاء يبطل بوجوه(1) أفسدناها ولأنَّه لا خلاف بين الإمامية أنَّ الإمامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين وقد أوردنا في ذلك أخباراً كثيرة(2).
ومنها أنَّه لا خلاف أنَّه لم يكن معصوماً وقد بيّنا أنَّ من شرط الإمام أن يكون معصوماً وما ظهر من أفعاله ينافي العصمة وَقَدْ رُويَ أنَّهُ لَمَّا وُلِدَ لأبِي الْحَسَن جَعْفَرٌ هَنَّئُوهُ بِهِ فَلَمْ يَرَوْا بِهِ سُرُوراً، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: (هَوَّنْ عَلَيْكَ أمْرَهُ سَيُضِلُّ خَلْقاً كَثِيراً)(3)، وما روي فيه وله من الأفعال والأقوال الشنيعة أكثر من أن تحصى ننزّه كتابنا عن ذلك.
فأمَّا من قال: إنَّ للخلف ولداً وأنَّ الأئمّة ثلاثة عشر فقولهم يفسد بما دللنا عليه من أنَّ الأئمّة عليهم السلام اثنا عشر، فهذا القول يجب إطراحه على أنَّ هذه الفِرَق كلّها قد انقرضت بحمد الله ولم يبقَ قائل بقولها، وذلك دليل على بطلان هذه الأقاويل(4). انتهى كلامه قدَّس الله روحه.8.
ص: 364
وأقول: تحقيقاته رحمه الله في هذا المبحث يحتاج إلى تفصيل وتبيين وإتمام ونقض وإبرام ليس كتابنا محل تحقيق أمثال ذلك وإنَّما أوردنا كلامه رحمه الله لأنَّه كان داخلاً فيما اشتمل عليه أصولنا التي أخذنا منها ومحل تحقيق تلك المباحث من جهة الدلائل العقلية الكتب الكلامية وأمَّا ما يتعلّق بكتابنا من الأخبار المتعلّقة بها فقد وفّينا حقّها على وجه لا يبقى لمنصف بل معاند مجال الشكّ فيها ولنتكلّم فيما التزمه رحمه الله في ضمن أجوبة اعتراضات المخالف من كون كلّ من خفي عليه الإمام من الشيعة في زمان الغيبة فهم مقصرون مذنبون فنقول:
يلزم عليه أن لا يكون أحد من الفرقة المحقّة الناجية في زمان الغيبة موصوفاً بالعدالة، لأنَّ هذا الذنب الذي صار مانعاً لظهوره عليه السلام من جهتهم إمَّا كبيرة أو صغيرة أصرّوا عليها، وعلى التقديرين ينافي العدالة فكيف كان يحكم بعدالة الرواة والأئمّة في الجماعات، وكيف كان يقبل قولهم في الشهادات، مع أنّا نعلم ضرورة أنَّ كلّ عصر من الأعصار مشتمل على جماعة من الأخيار لا يتوقّفون مع خروجه عليه السلام وظهور أدنى معجز منه في الإقرار بإمامته وطاعته، وأيضاً فلا شكّ في أنَّ في كثير من الأعصار الماضية كان الأنبياء والأوصياء محبوسين ممنوعين عن وصول الخلق إليهم، وكان معلوماً من حال المقرّين أنَّهم لم يكونوا مقصّرين في ذلك بل نقول: لمَّا اختفى الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في الغار كان ظهوره لأمير المؤمنين صلوات الله عليه وكونه معه لطفاً له، ولا يمكن إسناد التقصير إليه فالحقّ في الجواب أنَّ اللطف إنَّما يكون شرطاً للتكليف إذا لم يكن مشتملاً على مفسدة فإنّا نعلم أنَّه تعالى إذا أظهر علامة مشيته عند ارتكاب المعاصي على المذنبين كأن يسوَّد وجوههم مثلاً، فهو أقرب إلى طاعتهم وأبعد عن معصيتهم، لكن لاشتماله على كثير من المفاسد لم يفعله، فيمكن أن يكون ظهوره عليه السلام مشتملاً على مفسدة عظيمة للمقرّين يوجب استئصالهم واجتياحهم،
ص: 365
فظهوره عليه السلام مع تلك الحال ليس لطفاً لهم، وما ذكره رحمه الله من أنَّ التكليف مع فقد اللطف كالتكليف مع فقد الآلة فمع تسليمه إنَّما يتمّ إذا كان (لطفاً و)ارتفعت المفاسد المانعة عن كونه لطفاً.
وحاصل الكلام أنَّ بعدما ثبت من الحسن والقبح العقليين وأنَّ العقل يحكم بأنَّ اللطف على الله تعالى واجب، وأنَّ وجود الإمام لطف باتّفاق جميع العقلاء على أنَّ المصلحة في وجود رئيس يدعو إلى الصلاح، ويمنع عن الفساد، وأنَّ وجوده أصلح للعباد وأقرب إلى طاعتهم وأنَّه لا بدَّ أن يكون معصوماً وأنَّ العصمة لا تعلم إلاَّ من جهته تعالى وأنَّ الإجماع واقع على عدم عصمة غير صاحب الزمان عليه السلام يثبت وجوده.
وأمَّا غيبته عن المخالفين، فظاهر أنَّه مستند إلى تقصيرهم وأمَّا عن المقرّين فيمكن أن يكون بعضهم مقصّرين وبعضهم مع عدم تقصيرهم ممنوعين من بعض الفوائد التي تترتّب على ظهوره عليه السلام لمفسدة لهم في ذلك ينشأ من المخالفين أو لمصلحة لهم في غيبته بأن يؤمنوا به مع خفاء الأمر وظهور الشبه، وشدّة المشقّة فيكونوا أعظم ثواباً مع أنَّ إيصال الإمام فوائده وهداياته لا يتوقَّف على ظهوره بحيث يعرفونه، فيمكن أن يصل منه عليه السلام إلى أكثر الشيعة ألطاف كثيرة لا يعرفونه كما سيأتي عنه عليه السلام أنَّه في غيبته كالشمس تحت السحاب. على أنَّ في غيبات الأنبياء دليلاً بيّنا على أنَّ في هذا النوع من وجود الحجّة مصلحة وإلاَّ لم يصدر منه تعالى.
وأمَّا الاعتراضات الموردة على كلّ من تلك المقدّمات وأجوبتها فموكول إلى مظانه.
* * *
ص: 366
ص: 367
ص: 368
1 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريّ مَعاً، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ صَالِحاً عليه السلام غَابَ عَنْ قَوْمِهِ زَمَاناً وَكَانَ يَوْمَ غَابَ عَنْهُمْ كَهْلاً مبدح (مُدَبَّحَ) الْبَطْن، حَسَنَ الْجِسْم، وَافِرَ اللّحْيَةِ، خَمِيصَ الْبَطْن، خَفِيفَ الْعَارضَيْن، مُجْتَمِعاً رَبْعَةً مِنَ الرَّجَالِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ لَمْ يَعْرفُوهُ بِصُورَتِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى ثَلاَثِ طَبَقَاتٍ: طَبَقَةٌ جَاحِدَةٌ لاَ تَرْجِعُ أبَداً، وَاُخْرَى شَاكَّةٌ فِيهِ، وَاُخْرَى عَلَى يَقِينٍ، فَبَدَأ عليه السلام حَيْثُ رَجَعَ بِطَبَقَةِ الشُّكَّاكِ(1) فَقَالَ لَهُمْ: أنَا صَالِحٌ فَكَذَّبُوهُ وَشَتَمُوهُ وَزَجَرُوهُ، وَقَالُوا: بَرئَ اللهُ مِنْكَ إِنَّ صَالِحاً كَانَ فِي غَيْر صَورَتِكَ)، قَالَ: (فَأتَى الْجُحَّادَ فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ الْقَوْلَ وَنَفَرُوا مِنْهُ أشَدَّ النَّفُور ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَهُمْ أهْلُ الْيَقِين فَقَالَ لَهُمْ: أنَا صَالِحٌ فَقَالُوا: أخْبِرْنَا خَبَراً لاَ نَشُكُّ فِيكَ مَعَهُ أنَّكَ صَالِحٌ فَإنَّا لاَ نَمْتَري أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْخَالِقُ يَنْقُلُ وَيُحَوَّلُ فِي أيّ الصُّوَر شَاءَ وَقَدْ اُخْبِرْنَا وَتَدَارَسْنَا فِيمَا بَيْنَنَا بِعَلاَمَاتِ الْقَائِم إِذَا جَاءَ وَإِنَّمَا صَحَّ عِنْدَنَا إِذَا أتَى الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: أنَا صَالِحٌ الَّذِي أتَيْتُكُمْ بِالنَّاقَةِ، فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَهِيَ الَّتِي نَتَدَارَسُ فَمَا عَلاَمَاتُهاَ(2)؟ فَقَالَ: ((لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ).
ص: 369
يَوْمٍ مَعْلُومٍ))(1)، قَالُوا: آمَنَّا بِاللهِ وَبِمَا جِئْتَنَا بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((أنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ))(2)، قَالَ أهْلُ الْيَقِين: ((إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ))، وَ((قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا)) وَهُمُ الشُّكَّاكُ وَالْجُحَّادُ: ((إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ))).
قُلْتُ: هَلْ كَانَ فِيهِمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَالِمٌ(3)؟ قَالَ: (اللهُ تَعَالَى أعْدَلُ مِنْ أنْ يَتْرُكَ الأرْضَ بِغَيْر عَالِم يَدُلُّ عَلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَقَدْ مَكَثَ الْقَوْمُ بَعْدَ خُرُوج صَالِح سَبْعَةَ أيَّام عَلَى فَتْرَةٍ لاَ يَعْرفُونَ إِمَاماً غَيْرَ أنَّهُمْ عَلَى مَا فِي أيْدِيهِمْ مِنْ دِين اللهِ عزّ وجل كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ فَلَمَّا ظَهَرَ صَالِحٌ عليه السلام اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا مَثَلُ (عَلِيّ وَ)(4) الْقَائِم مَثَلُ صَالِح عليه السلام)(5).
2 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْمُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ وَغَيْرهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (فِي الْقَائِم سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام)، فَقُلْتُ: وَمَا سُنَّةُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ؟ قَالَ: (خَفَاءُ مَوْلِدِهِ وَغَيْبَتُهُ عَنْ قَوْمِهِ)، فَقُلْتُ: وَكَمْ غَابَ مُوسَى عَنْ أهْلِهِ وَقَوْمِهِ؟ قَالَ: (ثَمَانِيَ وَعِشْرينَ سَنَةً)(6).
3 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ8.
ص: 370
عليه السلام يَقُولُ: (فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر أرْبَعُ سُنَنٍ مِنْ أرْبَعَةِ أنْبِيَاءَ: سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَأمَّا مِنْ مُوسَى فَخَائِفٌ يَتَرَقَّبُ، وَأمَّا مِنْ يُوسُفَ فَالسَّجْنُ، وَأمَّا مِنْ عِيسَى فَيُقَالُ: إِنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَمُتْ، وَأمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَالسَّيْفُ)(1).
الغيبة للطوسي: محمّد الحميري، عن أبيه، مثله(2).
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله(3).
4 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْن أحْمَدَ الْعَلَويُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَيَّدَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن عليه السلام يَقُولُ: (فِي الْقَائِم مِنَّا سُنَنٌ مِنْ سُنَن الأنْبِيَاءِ عليهم السلام، سُنَّةٌ مِنْ(4) آدَمَ، وَسُنَّةٌ مِنْ نُوح، وَسُنَّةٌ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ أيُّوبَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَأمَّا مِنْ آدَمَ وَمِنْ نُوح فَطُولُ الْعُمُر، وَأمَّا مِنْ إِبْرَاهِيمَ فَخَفَاءُ الْولاَدَةِ وَاعْتِزَالُ النَّاس، وَأمَّا مِنْ مُوسَى فَالْخَوْفُ وَالْغَيْبَةُ، وَأمَّا مِنْ عِيسَى فَاخْتِلاَفُ النَّاس فِيهِ، وَأمَّا مِنْ أيُّوبَ فَالْفَرَجُ بَعْدَ الْبَلْوَى، وَأمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَالْخُرُوجُ بِالسَّيْفِ)(5).3.
ص: 371
5 _ كمال الدين: ابْنُ بَشَّارٍ، عَن الْمُظَفَّر بْن أحْمَدَ، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَيَّدَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن عليه السلام يَقُولُ: (فِي الْقَائِم سُنَّةٌ مِنْ نُوح وَهُوَ طُولُ الْعُمُر)(1).
كمال الدين: الدقّاق والشيباني معاً، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن حمزة بن حمران، مثله(2).
6 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام وَأنَا اُريدُ أنْ أسْألَهُ عَن الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً: (يَا مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِم إِنَّ فِي الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم شَبَهاً مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الرُّسُل: يُونُسَ بْن مَتَّى، وَيُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ يُونُسَ فَرُجُوعُهُ مِنْ غَيْبَتِهِ وَهُوَ شَابٌّ بَعْدَ كِبَر السَّنَّ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ فَالْغَيْبَةُ مِنْ خَاصَّتِهِ وَعَامَّتِهِ وَاخْتِفَاؤُهُ مِنْ إِخْوَتِهِ وَإِشْكَالُ أمْرهِ عَلَى أبِيهِ يَعْقُوبَ عليه السلام مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبِيهِ وَأهْلِهِ وَشِيعَتِهِ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ مُوسَى فَدَوَامُ خَوْفِهِ وَطُولُ غَيْبَتِهِ وَخَفَاءُ ولاَدَتِهِ وَتَعَبُ شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ بِماَ(3) لَقُوا مِنَ الأذَى وَالْهَوَان إِلَى أنْ أذِنَ اللهُ عزّ وجل فِي ظُهُورهِ وَنَصَرَهُ وَأيَّدَهُ عَلَى).
ص: 372
عَدُوَّهِ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ عِيسَى فَاخْتِلاَفُ مَن اخْتَلَفَ فِيهِ حَتَّى قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: مَا وُلِدَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَاتَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: قُتِلَ وَصُلِبَ، وَأمَّا شَبَهُهُ مِنْ جَدَّهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وآله وسلّم فَخُرُوجُهُ بِالسَّيْفِ وَقَتْلُهُ أعْدَاءَ اللهِ وَأعْدَاءَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتَ وَأنَّهُ يُنْصَرُ بِالسَّيْفِ وَالرُّعْبِ وَأنَّهُ لاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ وَأنَّ مِنْ عَلاَمَاتِ خُرُوجِهِ خُرُوجَ السُّفْيَانِيّ مِنَ الشَّام وَخُرُوجَ الْيَمَانِيّ(1) وَصَيْحَةً مِنَ السَّمَاءِ فِي شَهْر رَمَضَانَ وَمُنَادٍ يُنَادِي(2) بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ)(3).
7 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، عَن الأسَدِيّ، عَن النَّخَعِيّ، عَن النَّوْفَلِيّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (فِي صَاحِبِ الأمْر سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَأمَّا مِنْ مُوسَى فَخَائِفٌ يَتَرَقَّبُ، وَأمَّا مِنْ عِيسَى فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي عِيسَى، وَأمَّا مِنْ يُوسُفَ فَالسَّجْنُ وَالتَّقِيَّةُ(4)، وَأمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَالْقِيَامُ بِسِيرَتِهِ وَتَبْيينُ آثَارهِ، ثُمَّ يَضَعُ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ وَلاَ يَزَالُ يَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ)، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَعْلَمُ أنَّ اللهَ عزّ وجل قَدْ رَضِيَ؟ قَالَ: (يُلْقِي اللهُ عزّ وجل فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ)(5).
8 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عُمَيْرٍ اللَّيْثِيّ(6)،).
ص: 373
عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْقُمَّيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ أبِي أحْمَدَ الأزْدِيّ، عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فِيهِ سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ: ابْنُ أمَةٍ سَوْدَاءَ يُصْلِحُ اللهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ)(1).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسن(2) جميعاً، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن الكناسي، مثله(3).
بيان: قوله عليه السلام: (ابن أمَة سوداء) يخالف كثيراً من الأخبار التي وردت في وصف اُمّه عليه السلام ظاهراً إلاَّ أن يحمل على الاُمّ بالواسطة أو المربية.
9 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن حَاتِم، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ الْبَغْدَادِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن طَاهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى بْن سَهْلٍ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَارثِ، عَنْ سَعْدِ بْن مَنْصُور الْجَوَاشِنِيّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْبُدَيْلِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَالْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَأبُو بَصِيرٍ وَأبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَلَى مَوْلاَنَا أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام فَرَأيْنَاهُ جَالِساً عَلَى التُّرَابِ وَعَلَيْهِ مِسْحٌ(4) خَيْبَريٌّ مُطَوَّقٌ بِلاَ جَيْبٍ مُقَصَّرُ الْكُمَّيْن وَهُوَ يَبْكِي بُكَاءَ الْوَالِهِ الثَّكْلَى ذَاتَ الْكَبِدِ الْحَرَّى قَدْ نَالَ الْحُزْنُد.
ص: 374
مِنْ وَجْنَتَيْهِ وَشَاعَ التَّغَيُّرُ(1) فِي عَارضَيْهِ وَأبْلَى الدُّمُوعُ مَحْجِرَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: (سَيَّدِي! غَيْبَتُكَ نَفَتْ رُقَادِي وَضَيَّقَتْ عَلَيَّ مِهَادِي وَأسَرَتْ(2) مِنّي رَاحَةَ فُؤَادِي، سَيَّدِي غَيْبَتُكَ أوْصَلَتْ مُصَابِي بِفَجَائِع الأبَدِ وَفَقْدُ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْوَاحِدِ يُفْنِي الْجَمْعَ وَالْعَدَدَ، فَمَا اُحِسُّ بِدَمْعَةٍ تَرْقَى مِنْ عَيْني، وَأنِينٍ يَفْتُرُ مِنْ صَدْري عَنْ دَوَارج الرَّزَايَا وَسَوَالِفِ الْبَلاَيَا إِلاَّ مُثّلَ لِعَيْني عَنْ عَوَائِر أعْظَمِهَا وَأفْظَعِهَا وَتَرَاقِي(3) أشَدَّهَا وَأنْكَرهَا وَنَوَائِبَ مَخْلُوطَةٍ بِغَضَبِكَ، وَنَوَازِلَ مَعْجُونَةٍ بِسَخَطِكَ).
قَالَ سَدِيرٌ: فَاسْتَطَارَتْ عُقُولُنَا وَلَهاً وَتَصَدَّعَتْ قُلُوبُنَا جَزَعاً عَنْ ذَلِكَ الْخَطْبِ الْهَائِل وَالْحَادِثِ الْغَائِل، وَظَنَنَّا أنَّهُ سِمَةٌ لِمَكْرُوهَةٍ قَارعَةٍ أوْ حَلَّتْ بِهِ مِنَ الدَّهْر بَائِقَةٌ، فَقُلْنَا: لاَ أبْكَى اللهُ يَا ابْنَ خَيْر الْوَرَى عَيْنَيْكَ مِنْ أيّ(4) حَادِثَةٍ تَسْتَنْزفُ دَمْعَتَكَ، وَتَسْتَمْطِرُ عَبْرَتَكَ، وَأيَّةُ حَالَةٍ حَتَمَتْ عَلَيْكَ هَذَا الْمَأتَمَ؟
قَالَ: فَزَفَرَ الصَّادِقُ عليه السلام زَفْرَةً انْتَفَخَ مِنْهاَ(5) جَوْفُهُ، وَاشْتَدَّ مِنْهَا خَوْفُهُ، وَقَال: (وَيْكُمْ إِنّي نَظَرْتُ فِي كِتَابِ الْجَفْر صَبِيحَةَ هَذَا الْيَوْم وَهُوَ الْكِتَابُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى عِلْم الْمَنَايَا وَالْبَلاَيَا وَالرَّزَايَا وَعِلْم مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ الَّذِي خَصَّ اللهُ تَقَدَّسَ اسْمُهُ بِهِ مُحَمَّداً وَالأئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَتَأمَّلْتُ فِيهِ مَوْلِدَ قَائِمِنَا وَغِيبَتَهُ وَإِبْطَاءَهُ وَطُولَ).
ص: 375
عُمُرهِ وَبَلْوَى الْمُؤْمِنينَ (بِهِ مِنْ بَعْدِهِ)(1) فِي ذَلِكَ الزَّمَان وَتَوَلُّدَ الشُّكُوكِ فِي قُلُوبهِمْ مِنْ طُولِ غَيْبَتِهِ، وَارْتِدَادَ أكْثَرهِمْ عَنْ دِينِهِمْ وَخَلْعَهُمْ ربْقَةَ الإسْلاَم مِنْ أعْنَاقِهِمُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ: ((وَكُلَّ إِنسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ))(2) يَعْنِي الْوَلاَيَةَ، فَأخَذَتْنِي الرَّقَّةُ، وَاسْتَوْلَتْ عَلَيَّ الأحْزَانُ).
فَقُلْنَا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ كَرَّمْنَا وَشَرَّفْنَا بِإشْرَاكِكَ إِيَّانَا فِي بَعْض مَا أنْتَ تَعْلَمُهُ مِنْ عِلْم، قَالَ(3): (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أدَارَ فِي الْقَائِم مِنَّا ثَلاَثَةً أدَارَهَا فِي ثَلاَثَةٍ مِنَ الرُّسُل، قَدَّرَ مَوْلِدَهُ تَقْدِيرَ مَوْلِدِ مُوسَى عليه السلام، وَقَدَّرَ غَيْبَتَهُ تَقْدِيرَ غَيْبَةِ عِيسَى عليه السلام، وَقَدَّرَ إِبْطَاءَهُ تَقْدِيرَ إِبْطَاءِ نُوح عليه السلام، وَجَعَلَ(4) مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عُمُرَ الْعَبْدِ الصَّالِح أعْنِي الْخَضِرَ دَلِيلاً عَلَى عُمُرهِ)، فَقُلْتُ(5): اكْشِفْ لَنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ عَنْ وُجُوهِ هَذِهِ الْمَعَانِي.
قَالَ: (أمَّا مَوْلِدُ مُوسَى فَإنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا وَقَفَ عَلَى أنَّ زَوَالَ مُلْكِهِ عَلَى يَدِهِ أمَرَ بِإحْضَار الْكَهَنَةِ، فَدَلُّوهُ عَلَى نَسَبِهِ وَأنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَزَلْ يَأمُرُ أصْحَابَهُ بِشَقَّ بُطُون الْحَوَامِل مِنْ (نسَاءِ)(6) بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى قَتَلَ فِي طَلَبِهِ نَيّفاً وَعِشْرينَ ألْفَ مَوْلُودٍ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إِلَى قَتْل مُوسَى لِحِفْظِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِيَّاهُ.
كَذَلِكَ بَنُو اُمَيَّةَ وَبَنُو الْعَبَّاس لَمَّا وَقَفُوا عَلَى أنَّ زَوَالَ مُلْكِهِمْر.
ص: 376
وَالاُمَرَاءِ(1) وَالْجَبَابِرَةِ مِنْهُمْ عَلَى يَدِ الْقَائِمِ مِنَّا، نَاصَبُونَا الْعَدَاوَةَ وَوَضَعُوا سُيُوفَهُمْ فِي قَتْل آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَإِبَادَةِ نَسْلِهِ طَمَعاً مِنْهُمْ فِي الْوُصُولِ إِلَى قَتْل الْقَائِم عليه السلام وَيَأبَى اللهُ أنْ يَكْشِفَ أمْرَهُ لِوَاحِدٍ مِنَ الظَّلَمَةِ إِلَى أنْ يُتِمَّ نُورَهُ... وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
وَأمَّا غَيْبَةُ عِيسَى عليه السلام فَإنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّفَقَتْ عَلَى أنَّهُ قُتِلَ وَكَذَّبَهُمُ اللهُ عزّ وجل بِقَوْلِهِ: ((وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ))(2) كَذَلِكَ غَيْبَةُ الْقَائِم عليه السلام فَإنَّ الاُمَّةَ تُنْكِرُهَا (لِطُولِهَا) فَمِنْ قَائِلٍ بِغَيْر هُدًى بِأنَّهُ لَمْ يُولَدْ، وَقَائِلٍ يَقُولُ(3): إِنَّهُ وُلِدَ وَمَاتَ، وَقَائِلٍ يَكْفُرُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ حَادِيَ عَشَرَنَا كَانَ عَقِيماً، وَقَائِلٍ يَمْرُقُ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى ثَالِثَ عَشَرَ فَصَاعِداً، وَقَائِلٍ يَعْصِي اللهَ عزّ وجل بِقَوْلِهِ(4): إِنَّ رُوحَ الْقَائِم عليه السلام يَنْطِقُ فِي هَيْكَل غَيْرهِ.
وَأمَّا إِبْطَاءُ نُوح عليه السلام فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَنْزَلَ الْعُقُوبَةَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ السَّمَاءِ بَعَثَ اللهُ عزّ وجل جَبْرَئِيلَ الرُّوحَ الأمِينَ بِسَبْعَةِ نَوَيَاتٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لَكَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ خَلاَئِقِي وَعِبَادِي وَلَسْتُ اُبِيدُهُمْ بِصَاعِقَةٍ مِنْ صَوَاعِقِي إِلاَّ بَعْدَ تَأكِيدِ الدَّعْوَةِ وَإِلْزَام الْحُجَّةِ، فَعَاودْ اجْتِهَادَكَ فِي الدَّعْوَةِ لِقَوْمِكَ فَإنّي مُثِيبُكَ عَلَيْهِ وَاغْرسْ هَذَا النَّوَى فَإنَّ لَكَ فِي نَبَاتِهَا وَبُلُوغِهَا وَإِدْرَاكِهَا إِذَا أثْمَرَتِ الْفَرَجَ وَالْخَلاَصَ فَبَشّرْ بِذَلِكَ مَنْ تَبِعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ.
فَلَمَّا نَبَتَتِ الأشْجَارُ وَتَأزَّرَتْ وَتَسَوَّقَتْ وَتَغَصَّنَتْ وَأثْمَرَتْ وَزَهّىر.
ص: 377
الثَّمَرُ(1) عَلَيْهَا بَعْدَ زَمَنٍ طَويلٍ اسْتَنْجَزَ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعِدَةَ فَأمَرَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنْ يَغْرسَ مِنْ نَوَى تِلْكَ الأشْجَار وَيُعَاودَ الصَّبْرَ وَالاجْتِهَادَ، وَيُؤَكّدَ الْحُجَّةَ عَلَى قَوْمِهِ فَأخْبَرَ بِذَلِكَ الطَّوَائِفَ الَّتِي آمَنَتْ بِهِ فَارْتَدَّ مِنْهُمْ ثَلاَثُ مِائَةِ رَجُلٍ وَقَالُوا: لَوْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ نُوحٌ حَقّاً لَمَا وَقَعَ فِي وَعْدِ رَبَّهِ خُلْفٌ.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ يَأمُرُهُ عِنْدَ كُلّ مَرَّةٍ أنْ يَغْرسَهَا تَارَةً(2) بَعْدَ اُخْرَى إِلَى أنْ غَرَسَهَا سَبْعَ مَرَّاتٍ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الطَّوَائِفُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تَرْتَدُّ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلَى أنْ عَادَ إِلَى نَيّفٍ وَسَبْعِينَ رَجُلاً فَأوْحَى اللهُ عزّ وجل عِنْدَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَقَالَ: يَا نُوحُ الآنَ أسْفَرَ الصُّبْحُ عَن اللَّيْل لِعَيْنكَ حِينَ صَرَّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَصَفَا (الأمْرُ لِلإيمَان)(3) مِنَ الْكَدَر بِارْتِدَادِ كُلّ مَنْ كَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً.
فَلَوْ أنّي أهْلَكْتُ الْكُفَّارَ وَأبْقَيْتُ مَنْ قَدِ ارْتَدَّ مِنَ الطَّوَائِفِ الَّتِي كَانَتْ آمَنَتْ بِكَ لَمَا كُنْتُ صَدَقْتُ وَعْدِيَ السَّابِقَ لِلْمُؤْمِنينَ الَّذِينَ أخْلَصُوا التَّوْحِيدَ مِنْ قَوْمِكَ، وَاعْتَصَمُوا بِحَبْل نُبُوَّتِكَ بِأنْ أسْتَخْلِفَهُمْ فِي الأرْض وَاُمَكّنَ لَهُمْ دِينَهُمْ وَاُبَدَّلَ خَوْفَهُمْ بِالأمْن لِكَيْ تَخْلُصَ الْعِبَادَةُ لِي بِذَهَابِ الشَّكَّ مِنْ قُلُوبهِمْ.
وَكَيْفَ يَكُونُ الاسْتِخْلاَفُ وَالتَّمْكِينُ وَبَدَلُ الْخَوْفِ بِالأمْن مِنّي لَهُمْ مَعَ مَا كُنْتُ أعْلَمُ مِنْ ضَعْفِ يَقِين الَّذِينَ ارْتَدُّوا وَخُبْثِ طِينَتِهِمْ، وَسُوءِ سَرَائِرهِمُ الَّتِي كَانَتْ نَتَائِجَ النّفَاقِ وَسُنُوحَ الضَّلاَلَةِ، فَلَوْ أنَّهُمْ تَسَنَّمُوار.
ص: 378
(مِنّي)(1) مِنَ الْمُلْكِ الَّذِي اُوتِيَ الْمُؤْمِنينَ وَقْتَ الاسْتِخْلاَفِ إِذَا أهْلَكْتُ أعْدَاءَهُمْ لَنَشَقُوا رَوَائِحَ صِفَاتِهِ وَلاَسْتَحْكَمَتْ سَرَائِرُ نِفَاقِهِمْ وَتَأبَّدَ حِبَالُ ضَلاَلَةِ قُلُوبهِمْ وَكَاشَفُوا إِخْوَانَهُمْ بِالْعَدَاوَةِ وَحَارَبُوهُمْ عَلَى طَلَبِ الرَّئَاسَةِ وَالتَّفَرُّدِ بِالأمْر وَالنَّهْي وَكَيْفَ يَكُونُ التَّمْكِينُ فِي الدَّين وَانْتِشَارُ الأمْر فِي الْمُؤْمِنينَ مَعَ إِثَارَةِ الْفِتَن وَإِيقَاع الْحُرُوبِ كَلاَّ فَ-((اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأعْيُنِنا وَوَحْيِنا))(2)).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (وَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام تَمْتَدُّ أيَّامُ غَيْبَتِهِ لِيُصَرَّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَيَصْفُوَ الإيمَانُ مِنَ الْكَدَر بِارْتِدَادِ كُلّ مَنْ كَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً مِنَ الشّيعَةِ الَّذِينَ يُخْشَى عَلَيْهِمُ النّفَاقُ إِذَا أحَسُّوا بِالاسْتِخْلاَفِ وَالتَّمْكِين وَالأمْن الْمُنْتَشِر فِي عَهْدِ الْقَائِم عليه السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ إِنَّ النَّوَاصِبَ تَزْعُمُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، قَالَ: (لاَ يَهْدِ اللهُ قُلُوبَ النَّاصِبَةِ مَتَى كَانَ الدَّينُ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللهُ وَرَسُولُهُ مُتَمَكّناً بِانْتِشَار الأمْن فِي الاُمَّةِ وَذَهَابِ الْخَوْفِ مِنْ قُلُوبهَا وَارْتِفَاع الشَّكَّ مِنْ صُدُورهَا فِي عَهْدِ أحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ وَفِي عَهْدِ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ ارْتِدَادِ الْمُسْلِمِينَ وَالْفِتَن الَّتِي كَانَتْ تَثُورُ فِي أيَّامِهِمْ وَالْحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ تَنْشَبُ بَيْنَ الْكُفَّار وَبَيْنَهُمْ)، ثُمَّ تَلاَ الصَّادِقُ عليه السلام: (((حَتَّى إِذَا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا))(3).
وَأمَّا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الْخَضِرُ عليه السلام فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا طَوَّلَ عُمُرَهُ لِنُبُوَّةٍ قَدَّرَهَا لَهُ وَلاَ لِكِتَابٍ يُنْزلُهُ عَلَيْهِ وَلاَ لِشَريعَةٍ يَنْسَخُ بِهَا شَريعَةَ0.
ص: 379
مَنْ كَانَ قَبْلَهَا مِنَ الأنْبِيَاءِ، وَلاَ لإمَامَةٍ يُلْزمُ عِبَادَهُ الاقْتِدَاءَ بِهَا وَلاَ لِطَاعَةٍ يَفْرضُهَا لَهُ، بَلَى إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أنْ يُقَدَّرَ مِنْ عُمُر الْقَائِمِ عليه السلام فِي أيَّام غَيْبَتِهِ مَا يُقَدَّرُ وَعَلِمَ مَا يَكُونُ مِنْ إِنْكَار عِبَادِهِ بِمِقْدَار ذَلِكَ الْعُمُر فِي الطُّولِ طَوَّلَ عُمُرَ الْعَبْدِ الصَّالِح مِنْ غَيْر سَبَبٍ أوْجَبَ(1) ذَلِكَ إِلاَّ لِعِلَّةِ الاسْتِدْلاَلِ بِهِ عَلَى عُمُر الْقَائِم عليه السلام، وَلِيَقْطَعَ بِذَلِك حُجَّةَ الْمُعَانِدِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاس عَلَى اللهِ حُجَّةٌ)(2).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمّد بن بحر الشيباني، عن علي بن الحارث، مثله(3).
بيان: قال الفيروزآبادي: المحجر كمجلس، ومنبر من العين وما دار بها وبدا من البرقع(4)، قوله عليه السلام: (وفقد) لعلَّه معطوف على الفجائع أو على الأبد أي أو صلت مصابي بما أصابني قبل ذلك من فقد واحد بعد واحد بسبب فناء الجمع والعدد. وفي بعض النسخ (يغني) فالجملة معترضة أو حالية.
قوله عليه السلام: (يفتر) أي يخرج بضعف وفتور، وفي (الغيبة للطوسي): (يفشأ) على البناء للمفعول أي ينتشر، و(دوارج الرزايا) مواضيها.
و(العواير) المصائب الكثيرة التي تعور العين لكثرتها من قولهم عنده من المال عائرة عين أي يحار فيه البصر من كثرته أو من العائر وهو الرمد والقذى في العين وتعدية التمثيل بعن لتضمين معنى الكشف5.
ص: 380
والتراقي جمع الترقوة أي يمثل لي أشخاص مصائب أنظر إلى ترقوتها(1)، وقوله: (أعظمها) على صيغة أفعل التفضيل فيكون بدلاً عن العوائر أو صيغة المتكلم أي أعدّها عظيمة فيكون صفة والاحتمالان جاريان في الثلاثة الاُخر وحاصل الكلام: أنّي كلّما أنظر إلى دمعة أو أسمع منّي أنيناً للمصائب التي نزلت بنا في سالف الزمان أنظر بعين اليقين إلى مصائب جليلة مستقبلة أعدّها عظيمة فظيعة.
و(الغائل) المهلك والغوائل الدواهي، قوله: (سمة) أي علامة وقد سبق تفسير سائر أجزاء الخبر في كتاب النبوّة.
10 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن شُجَاع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَلِيّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر سُنَناً مِنَ الأنْبِيَاءِ: سُنَّةً مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ، وَسُنَّةً مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةً مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةً مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم.
فَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ مُوسَى فَخَائِفٌ يَتَرَقَّبُ، وَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ عِيسَى فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي عِيسَى، وَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ يُوسُفَ فَالسَّتْرُ جَعَلَ(2) اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ حِجَاباً يَرَوْنَهُ وَلاَ يَعْرفُونَهُ، وَأمَّا سُنَّتُهُ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَهْتَدِي بِهُدَاهُ وَيَسِيرُ بِسِيرَتِهِ)(3).6.
ص: 381
11 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن بَشَّارٍ، عَن الْمُظَفَّر بْن أحْمَدَ، عَن الأسَدِيّ، عَن الْبَرْمَكِيّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن صَالِح الْبَزَّازِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْعَسْكَريَّ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ ابْنِي هُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي وَهُوَ الَّذِي يَجْري فِيهِ سُنَنُ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام بِالتَّعْمِير وَالْغَيْبَةِ حَتَّى تَقْسُوَ قُلُوبٌ(1) لِطُولِ الأمَدِ وَلاَ يَثْبُتَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إِلاَّ مَنْ كَتَبَ اللهُ عزّ وجل فِي قَلْبِهِ الإيمَانَ وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ)(2).
12 _ الغيبة للطوسي: رَوَى أبُو بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (فِي الْقَائِم شَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ)، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: (الْحِيرَةُ وَالْغَيْبَةُ)(3).
13 _ الغيبة للطوسي: وَأمَّا مَا رُويَ مِنَ الأخْبَار الَّتِي تَتَضَمَّنُ أنَّ صَاحِبَ الزَّمَان يَمُوتُ ثُمَّ يَعِيشُ أوْ يُقْتَلُ ثُمَّ يَعِيشُ نَحْوَ مَا رَوَاهُ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيّ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: لأيّ شَيْ ءٍ سُمَّيَ الْقَائِمَ؟ قَالَ: (لأنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ إِنَّهُ يَقُومُ بِأمْرٍ عَظِيم، يَقُومُ بِأمْر اللهِ)(4).
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيّ بْن الْحَكَم، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (مَثَلُ أمْرنَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى مَثَلُ صَاحِبِ الْحِمَار أمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عام ثُمَّ بَعَثَهُ)(5).4.
ص: 382
وَعَنْهُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْكُوفِيّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن الرَّبيع، عَنْ عَلِيّ بْن الْخَطَّابِ، عَنْ مُؤَذّن مَسْجِدِ الأحْمَر، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام: هَلْ فِي كِتَابِ اللهِ مَثَلٌ لِلْقَائِم؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، آيَةُ صَاحِبِ الْحِمَار أمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عام ثُمَّ بَعَثَهُ).
وَرَوَى الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ حَمَّادِ بْن عَبْدِ الْكَريم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ قَالَ النَّاسُ: أنَّى يَكُونُ هَذَا وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ مُنْذُ دَهْرٍ طَويلٍ).
فَالْوَجْهُ فِي هَذِهِ الأخْبَار وَمَا شَاكَلَهَا أنْ نَقُولَ: يَمُوتُ ذِكْرُهُ وَيَعْتَقِدُ أكْثَرُ النَّاس أنَّهُ بَلِيَ عِظَامُهُ ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ كَمَا أظْهَرَ صَاحِبَ الْحِمَار بَعْدَ مَوْتِهِ الْحَقِيقِيّ، وَهَذَا وَجْهٌ قَريبٌ فِي تَأويل هَذِهِ الأخْبَار عَلَى أنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِأخْبَارٍ آحَادٍ لاَ يُوجِبُ عِلْماً عَمَّا دَلَّتِ الْعُقُولُ عَلَيْهِ وَسَاقَ الاعْتِبَارُ الصَّحِيحُ إِلَيْهِ وَعَضَدَهُ الأخْبَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا بَل الْوَاجِبُ التَّوَقُّفُ فِي هَذِهِ وَالتَّمَسُّكُ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَإِنَّمَا تَأوَّلْنَاهَا بَعْدَ تَسْلِيم صِحَّتِهَا عَلَى مَا يُفْعَلُ فِي نَظَائِرهَا وَيُعَارضُ هَذِهِ الأخْبَارَ مَا يُنَافِيهاَ(1).
* * *3.
ص: 383
ص: 384
ص: 385
ص: 386
وَلْنَبْدَأ بِذِكْر مَا ذَكَرَهُ الصَّدُوقُ رحمه الله فِي كِتَابِ إِكْمَالِ الدَّين قَالَ:
1 _ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّجَريُّ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم(2) الرَّقّيّ وَعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن جنكاء اللائكي(3)، قَالَ: لَقِينَا بِمَكَّةَ رَجُلًا مِنْ أهْل الْمَغْربِ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ كَانَ حَضَرَ الْمَوْسِمَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَهِيَ سَنَةُ تِسْع وَثَلاَثِ مِائَةٍ فَرَأيْنَا رَجُلاً أسْوَدَ الرَّأس وَاللّحْيَةِ كَأنَّهُ شَنٌّ بَالٍ وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أوْلاَدِهِ وَأوْلاَدِ أوْلاَدِهِ وَمَشَايِخُ مِنْ أهْل بَلَدِهِ ذَكَرُوا أنَّهُمْ مِنْ أقْصَى بِلاَدِ الْمَغْربِ بِقُرْبِ بَاهِرَةَ(4) الْعُلْيَا وَشَهِدُوا هَؤُلاَءِ الْمَشَايِخُ أنَّهُمْ سَمِعُوا آبَاءَهُمْ حَكَوْا عَنْ آبَائِهِمْ وَأجْدَادِهِمْ أنَّهُمْ عَهِدُوا هَذَا الشَّيْخَ الْمَعْرُوفَ بِأبِي الدُّنْيَا مُعَمَّرٍ وَاسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ عُثْمَان بْن خَطَّابِ بْن مُرَّةَ بْن مُؤَيَّدٍ وَذَكَرَ(5) أنَّهُ هَمْدَانِيٌّ وَأنَّ أصْلَهُ مِنْ صُعْدِ(6) الْيَمَن، فَقُلْنَا لَهُ: أنْتَ رَأيْتَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ؟ فَقَالَ بِيَدِهِ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهُمَا كَأنَّهُمَا سِرَاجَان فَقَالَ: رَأيْتُهُ بِعَيْني هَاتَيْن وَكُنْتُ خَادِماً لَهُ وَكُنْتُ مَعَهُ فِي وَقْعَةِ صِفّينَ وَهَذِهِ الشَّجَّةُ مِنْ دَابَّةِ عَلِيٍّ عليه السلام، وَأرَانَا أثَرَهَا عَلَى حَاجِبِهِ).
ص: 387
الأيْمَن وَشَهِدَ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ كَانُوا حَوْلَهُ مِنَ الْمَشَايِخ وَمِنْ حَفَدَتِهِ وَأسْبَاطِهِ بِطُولِ الْعُمُر وَأنَّهُمْ مُنْذُ وُلِدُوا عَهِدُوهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَذَا سَمِعْنَا مِنْ آبَائِنَا وَأجْدَادِنَا.
ثُمَّ إِنَّا فَاتَحْنَاهُ وَسَألْنَاهُ عَنْ قِصَّتِهِ وَحَالِهِ وَسَبَبِ طُولِ عُمُرهِ فَوَجَدْنَاهُ ثَابِتَ الْعَقْل يَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ وَيُجِيبُ عَنْهُ بِلُبٍّ وَعَقْلٍ، فَذَكَرَ أنَّهُ كَانَ لَهُ وَالِدٌ قَدْ نَظَرَ فِي كُتُبِ الأوَائِل وَقَرَأهَا وَقَدْ كَانَ وَجَدَ فِيهَا ذِكْرَ نَهَر الْحَيَوَان وَأنَّهَا تَجْري فِي الظُّلُمَاتِ وَأنَّهُ مَنْ شَربَ مِنْهَا طَالَ عُمُرُهُ فَحَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَى دُخُولِ الظُّلُمَاتِ فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ حَسَبَ مَا قَدَّرَ أنَّهُ يَكْتَفِي بِهِ فِي مَسِيرهِ وَأخْرَجَنِي مَعَهُ وَأخْرَجَ مَعَنَا خَادِمَيْن بَازِلَيْن(1) وَعِدَّةَ جِمَالٍ لَبُونٍ وَرَوَايَا وَزَاداً وَأنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَسَارَ بِنَا إِلَى أنْ وَافَيْنَا طَرَفَ الظُّلُمَاتِ ثُمَّ دَخَلْنَا الظُّلُمَاتِ، فَسِرْنَا فِيهَا نَحْوَ سِتَّةِ أيَّامٍ بِلَيَالِيهَا وَكُنَّا نُمَيّزُ بَيْنَ اللَّيْل وَالنَّهَار بِأنَّ النَّهَارَ كَانَ أضْوَأ قَلِيلاً وَأقَلَّ ظُلْمَةً مِنَ اللَّيْل.
فَنَزَلْنَا بَيْنَ جِبَالٍ وَأوْدِيَةٍ وَرَكَوَاتٍ(2) وَقَدْ كَانَ وَالِدِي رحمه الله يَطُوفُ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ فِي طَلَبِ النَّهَر لأنَّهُ وَجَدَ فِي الْكُتُبِ الَّتِي قَرَأهَا أنَّ مَجْرَى نَهَر الْحَيَوَان فِي ذَلِكَ الْمَوْضِع فَأقَمْنَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ أيَّاماً حَتَّى فَنِيَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ مَعَنَا وَأسْقَيْنَاهُ(3) جِمَالَنَا وَلَوْ لاَ أنَّ جِمَالَنَا كَانَتْ لَبُوناً لَهَلَكْنَا وَتَلِفْنَا عَطَشاً وَكَانَ وَالِدِي يَطُوفُ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ فِي طَلَبِ النَّهَر وَيَأمُرُنَا أنْ نُوقِدَ نَاراً لِيَهْتَدِيَ بِضَوْئِهَا إِذَا أرَادَ الرُّجُوعَ إِلَيْنَا.
فَمَكَثْنَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ أيَّام وَوَالِدِي يَطْلُبُ النَّهَرَ فَلاَ).
ص: 388
يَجِدُهُ وَبَعْدَ الإيَاس عَزَمَ عَلَى الانْصِرَافِ حَذَراً مِنَ التَّلَفِ لِفَنَاءِ الزَّادِ وَالْمَاءِ وَالْخَدَم الَّذِينَ كَانُوا مَعَنَا فَأوْجَسُوا(1) فِي أنْفُسِهِمْ خِيفَةً مِنَ الطَّلَبِ فَألَحُّوا عَلَى وَالِدِي بِالْخُرُوج مِنَ الظُّلُمَاتِ فَقُمْتُ يَوْماً مِنَ الرَّحْل لِحَاجَتِي فَتَبَاعَدْتُ مِنَ الرَّحْل قَدْرَ رَمْيَةِ سَهْم فَعَثَرْتُ بِنَهَر مَاءٍ أبْيَض اللَّوْن عَذْبٍ لَذِيذٍ لاَ بِالصَّغِير مِنَ الأنْهَار وَلاَ بِالْكَبِير يَجْري جَرْياً لَيّناً فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَغَرَفْتُ مِنْهُ بِيَدِي غُرْفَتَيْن أوْ ثَلاَثاً فَوَجَدْتُهُ عَذْباً بَارداً لَذِيذاً فَبَادَرْتُ مُسْرعاً إِلَى الرَّحْل فَبَشَّرْتُ الْخَدَمَ بِأنّي قَدْ وَجَدْتُ الْمَاءَ فَحَمَلُوا مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ الْقِرَبِ وَالأدَاوي(2) لِنَمْلأهَا وَلَمْ أعْلَمْ أنَّ وَالِدِي فِي طَلَبِ ذَلِكَ النَّهَر وَكَانَ سُرُوري بِوُجُودِ الْمَاءِ لِمَا كُنَّا فِيهِ مِنْ عَدَم الْمَاءِ وَكَانَ وَالِدِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَائِباً عَن الرَّحْل مَشْغُولاً بِالطَّلَبِ فَجَهَدْنَا وَطُفْنَا سَاعَةً هَويَّةً فِي طَلَبِ(3) النَّهَر فَلَمْ نَهْتَدِ إِلَيْهِ حَتَّى إِنَّ الْخَدَمَ كَذَّبُوني وَقَالُوا لِي: لَمْ تَصْدُقْ.
فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى الرَّحْل وَانْصَرَفَ وَالِدِي أخْبَرْتُهُ بِالْقِصَّةِ فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ! الَّذِي أخْرَجَنِي إِلَى ذَلِكَ الْمَكَان وَتَحَمُّل الْخَطَر كَانَ لِذَلِكَ النَّهَر وَلَمْ اُرْزَقْ أنَا وَأنْتَ رُزِقْتَهُ وَسَوْفَ يَطُولُ عُمُرُكَ حَتَّى تَمَلَّ الْحَيَاةَ، وَرَحَلْنَا مُنْصَرفِينَ وَعُدْنَا إِلَى أوْطَانِنَا وَبَلَدِنَا وَعَاشَ وَالِدِي بَعْدَ ذَلِكَ سُنَيَّاتٍ ثُمَّ مَاتَ رحمه الله.
فَلَمَّا بَلَغَ سِنّي قَريباً مِنْ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَكَانَ قَدِ اتَّصَلَ بِنَا وَفَاةُ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَوَفَاةُ الْخَلِيفَتَيْن بَعْدَهُ خَرَجْتُ حَاجّاً فَلَحِقْتُ آخِرَ أيَّام عُثْمَانَ.).
ص: 389
فَمَالَ قَلْبِي مِنْ بَيْن جَمَاعَةِ أصْحَابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَأقَمْتُ مَعَهُ أخْدُمُهُ وَشَهِدْتُ مَعَهُ وَقَائِعَ وَفِي وَقْعَةِ صِفّينَ أصَابَتْنِي هَذِهِ الشَّجَّةُ مِنْ دَابَّتِهِ فَمَا زِلْتُ مُقِيماً مَعَهُ إِلَى أنْ مَضَى لِسَبِيلِهِ عليه السلام فَألَحَّ عَلَيَّ أوْلاَدُهُ وَحَرَمُهُ أنْ اُقِيمَ عِنْدَهُمْ فَلَمْ اُقِمْ وَانْصَرَفْتُ إِلَى بَلَدِي وَخَرَجْتُ أيَّامَ بَنِي مَرْوَانَ حَاجّاً وَانْصَرَفْتُ مَعَ أهْل بَلَدِي إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ مَا خَرَجْتُ فِي سَفَرٍ إِلاَّ مَا كَانَ(1) الْمُلُوكُ فِي بِلاَدِ الْمَغْربِ يَبْلُغُهُمْ خَبَري وَطُولُ عُمُري فَيَشْخَصُوني إِلَى حَضْرَتِهِمْ لِيَرَوْني وَيَسْألُوني عَنْ سَبَبِ طُولِ عُمُري وَعَمَّا شَاهَدْتُ وَكُنْتُ أتَمَنَّى وَأشْتَهِي أنْ أحُجَّ حَجَّةً اُخْرَى فَحَمَلَنِي هَؤُلاَءِ حَفَدَتِي وَأسْبَاطِيَ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ حَوْلِي وَذَكَرَ أنَّهُ قَدْ سَقَطَتْ أسْنَانُهُ مَرَّتَيْن أوْ ثَلاَثَةً.
فَسَألْنَاهُ أنْ يُحَدَّثَنَا بِمَا سَمِعَ مِنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَذَكَرَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِرْصٌ وَلاَ هِمَّةٌ فِي طَلَبِ الْعِلْم وَقْتَ صُحْبَتِهِ لِعَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَالصَّحَابَةُ أيْضاً كَانُوا مُتَوَافِرينَ فَمِنْ فَرْطِ مَيْلِي إِلَى عَلِيٍّ عليه السلام وَمَحَبَّتِي لَهُ لَمْ أشْتَغِلْ بِشَيْءٍ سِوَى خِدْمَتِهِ وَصُحْبَتِهِ وَالَّذِي كُنْتُ أتَذَكَّرُهُ مِمَّا كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنْهُ قَدْ سَمِعَهُ مِنّي عَالَمٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس بِبِلاَدِ الْمَغْربِ وَمِصْرَ وَالْحِجَازِ وَقَدِ انْقَرَضُوا وَتَفَانَوْا وَهَؤُلاَءِ أهْلُ بَلَدِي(2) وَحَفَدَتِي قَدْ دَوَّنُوهُ فَأخْرَجُوا إِلَيْنَا النُّسْخَةَ وَأخَذَ يُمْلِي عَلَيْنَا مِنْ خَطّهِ(3):
حَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْن خَطَّابِ بْن مُرَّةَ بْن مُؤَيَّدٍن.
ص: 390
الْهَمْدَانِيّ الْمَعْرُوفِ بِأبِي الدُّنْيَا مُعَمَّرٍ الْمَغْربيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَيّاً وَمَيّتاً قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أحَبَّ أهْلَ الْيَمَن فَقَدْ أحَبَّني، وَمَنْ أبْغَضَ أهْلَ الْيَمَن فَقَدْ أبْغَضَنِي)(1).
وَحَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا مُعَمَّرٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أعَانَ مَلْهُوفاً كَتَبَ اللهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ)، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ سَعَى فِي حَاجَةِ أخِيهِ الْمُسْلِم للهِ فِيهَا رضًى وَلَهُ فِيهَا صَلاَحٌ فَكَأنَّمَا خَدَمَ اللهَ ألْفَ سَنَةٍ وَلَمْ يَقَعْ فِي مَعْصِيَتِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ)(2).
حَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا مُعَمَّرٌ الْمَغْربيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: (أصَابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم جُوعٌ شَدِيدٌ وَهُوَ فِي مَنْزلِ فَاطِمَةَ)، قَالَ عَلِيٌّ: (فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ: يَا عَلِيُّ هَاتِ الْمَائِدَةَ، فَقَدَّمْتُ الْمَائِدَةَ فَإذَا عَلَيْهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ مَشْويٌّ)(3).
حَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا مُعَمَّرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: (جُرحْتُ فِي وَقْعَةِ خَيْبَرَ خَمْساً وَعِشْرينَ جِرَاحَةً فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَلَمَّا رَأى مَا بِي(4) بَكَى وَأخَذَ مِنْ دُمُوع عَيْنَيْهِ فَجَعَلَهَا عَلَى الْجِرَاحَاتِ فَاسْتَرَحْتُ مِنْ سَاعَتِي)(5).
وَحَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ5.
ص: 391
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ قَرَأ: ((قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ))(1) مَرَّةً فَكَأنَّمَا قَرَأ ثُلُثَ الْقُرْآن، وَمَنْ قَرَأهَا مَرَّتَيْن فَكَأنَّمَا قَرَأ ثُلُثَي الْقُرْآن، وَمَنْ قَرَأهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَكَأنَّمَا قَرَأ الْقُرْآنَ كُلَّهُ)(2).
وَحَدَّثَنَا أبُو الدُّنْيَا قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كُنْتُ أرْعَى الْغَنَمَ فَإذَا أنَا بِذِئْبٍ عَلَى قَارعَةِ الطَّريقِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَصْنَعُ هَاهُنَا؟ فَقَالَ لِي: وَأنْتَ مَا تَصْنَعُ هَاهُنَا؟ قُلْتُ: أرْعَى الْغَنَمَ، قَالَ: مُرَّ، أوْ قَالَ: ذَا الطَّريقُ، قَالَ: فَسُقْتُ الْغَنَمَ فَلَمَّا تَوَسَّطَ الذّئْبُ الْغَنَمَ إِذَا أنَا بِهِ قَدْ شَدَّ عَلَى شَاةٍ فَقَتَلَهَا، قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى أخَذْتُ بِقَفَاهُ فَذَبَحْتُهُ وَجَعَلْتُهُ عَلَى يَدِي وَجَعَلْتُ أسُوقُ الْغَنَمَ.
فَلَمّاَ(3) سِرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ وَإِذَا أنَا بِثَلاَثَةِ أمْلاَكٍ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَمَلَكِ الْمَوْتِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، فَلَمَّا رَأوْني قَالُوا: هَذَا مُحَمَّدٌ بَارَكَ اللهُ فِيهِ فَاحْتَمَلُوني وَأضْجَعُوني وَشَقُّوا جَوْفِي بِسِكّينٍ كَانَ مَعَهُمْ وَأخْرَجُوا قَلْبِي مِنْ مَوْضِعِهِ وَغَسَلُوا جَوْفِي بِمَاءٍ بَاردٍ كَانَ مَعَهُمْ فِي قَارُورَةٍ حَتَّى نَقِيَ مِنَ الدَّم ثُمَّ رَدُّوا قَلْبِي إِلَى مَوْضِعِهِ وَأمَرُّوا أيْدِيَهُمْ عَلَى جَوْفِي فَالْتَحَمَ الشّقُّ بِإذْن اللهِ تَعَالَى فَمَا أحْسَسْتُ بِسِكّينٍ وَلاَ وَجَع، قَالَ: وَخَرَجْتُ أغْدُو إِلَى اُمَّي _ يَعْنِي حَلِيمَةَ دَايَةَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم _ فقال: (فَقَالَتْ) لِي: أيْنَ الْغَنَمُ؟ فَخَبَّرْتُهَا بِالْخَبَر، فَقَالَتْ: سَوْفَ تَكُونُ لَكَ فِي الْجَنَّةِ مَنْزلَةٌ عَظِيمَةٌ)(4).7.
ص: 392
وَحَدَّثَنَا أبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ذَكَرَ أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَتْح الْمِرْكَنِيُّ(1) وَأبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن اللائكي(2) أنَّ السُّلْطَانَ بِمَكَّةَ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ أبِي الدُّنْيَا تَعَرَّضَ لَهُ وَقَالَ: لاَ بُدَّ أنْ اُخْرجَكَ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى حَضْرَةِ أمِير الْمُؤْمِنينَ الْمُقْتَدِر فَإنّي أخْشَى أنْ يَعْتِبَ عَلَيَّ إِنْ لَمْ اُخْرجْكَ مَعِي، فَسَألَهُ الْحَاجُّ مِنْ أهْل الْمَغْربِ وَأهْل مِصْرَ وَالشَّام أنْ يُعْفِيَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ يَشْخَصَهُ فَإنَّهُ شَيْخٌ ضَعِيفٌ وَلاَ يُؤْمَنُ مَا يَحْدُثُ عَلَيْهِ، فَأعْفَاهُ. قَالَ أبُو سَعِيدٍ: وَلَوْ أنّي أحْضُرُ الْمَوْسِمَ تِلْكَ(3) السَّنَةَ لَشَاهَدْتُهُ وَخَبَرُهُ كَانَ شَائِعاً مُسْتَفِيضاً فِي الأمْصَار وَكَتَبَ عَنْهُ هَذِهِ الأحَادِيثَ الْمِصْريُّونَ وَالشَّامِيُّونَ وَالْبَغْدَادِيُّونَ، وَمِنْ سَائِر الأمْصَار مَنْ(4) حَضَرَ الْمَوْسِمَ وَبَلَغَهُ خَبَرُ هَذَا الشَّيْخ وَأحَبَّ أنْ يَلْقَاهُ وَيَكْتُبَ عَنْهُ(5) نَفَعَهُمُ اللهُ وَإِيَّانَا بِهاَ(6).
2 _ وَأخْبَرَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام فِيمَا أجَازَهُ لِي مِمَّا صَحَّ عِنْدِي مِنْ حَدِيثِهِ وَصَحَّ عِنْدِي هَذَا الْحَدِيثُ بِروَايَةِ الشَّريفِ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاقَ بْن الْحُسَيْن(7) بْن إِسْحَاقَ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: حَجَجْتُ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ).
ص: 393
وَثَلاَثِمِائَةٍ وَفِيهَا حَجَّ نَصْرٌ الْقشوريُّ صَاحِبُ(1) الْمُقْتَدِر بِاللهِ وَمَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عِمْرَانَ الْمُكَنَّى(2) بِأبِي الْهَيْجَاءِ فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَأصَبْتُ قَافِلَةَ الْمِصْريّينَ وَبِهَا أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَادَرَائِيُّ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْمَغْربِ، وَذَكَرَ أنَّهُ رَأى(3) أصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَازْدَحَمُوا وَجَعَلُوا يَمْسَحُونَ بِهِ وَكَادُوا يَأتُونَ عَلَى نَفْسِهِ فَأمَرَ عَمَّي أبُو الْقَاسِم طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى فِتْيَانَهُ وَغِلْمَانَهُ فَقَالَ: أفْرجُوا عَنْهُ النَّاسَ، فَفَعَلُوا وَأخَذُوهُ وَأدْخَلُوهُ دَارَ أبِي سَهْلٍ(4) الطَّفّيّ وَكَانَ عَمَّي نَازِلَهَا فَأدْخَلَ وَأذِنَ لِلنَّاس فَدَخَلُوا وَكَانَ مَعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ ذَكَرَ أنَّهُمْ أوْلاَدُ أوْلاَدِهِ فِيهِمْ شَيْخٌ لَهُ نَيّفٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً فَسَألْنَاهُ عَنْهُ فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْنِي وَآخَرُ لَهُ سَبْعُونَ سَنَةً، فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْنِي وَاثْنَان لَهُمَا سِتُّونَ سَنَةً أوْ خَمْسُونَ أوْ نَحْوُهَا وَآخَرُ لَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْن ابْنِي وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِيهِمْ أصْغَرُ مِنْهُ وَكَانَ إِذَا رَأيْتَهُ قُلْتَ: ابْنُ ثَلاَثِينَ(5) أوْ أرْبَعِينَ سَنَةً، أسْوَدُ الرَّأس وَاللّحْيَةِ ضَعِيفُ(6) الْجِسْم آدَمُ رَبْعٌ مِنَ الرَّجَالِ خَفِيفُ الْعَارضَيْن(7) إِلَى قِصَرٍ أقْرَبُ.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ: فَحَدَّثَنَا هَذَا الرَّجُلُ وَاسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْن الْخَطَّابِ بْن مُرَّةَ بْن مُؤَيَّدٍ بِجَمِيع مَا كَتَبْنَاهُ عَنْهُ وَسَمِعْنَاهُ مِنْ لَفْظِهِ وَمَا).
ص: 394
رَأيْنَا مِنْ بَيَاض عَنْفَقَتِهِ(1) بَعْدَ اسْودَادِهَا وَرُجُوع سَوَادِهَا بَعْدَ بَيَاضِهَا عِنْدَ شِبَعِهِ مِنَ الطَّعَام.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ: وَلَوْ لاَ أنَّهُ حَدَّثَ جَمَاعَةً مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ مِنَ الأشْرَافِ وَالْحَاجَّ مِنْ أهْل مَدِينَةِ السَّلاَم وَغَيْرهِمْ مِنْ جَمِيع الآفَاقِ مَا حَدَّثْتُ عَنْهُ بِمَا سَمِعْتُ وَسَمَاعِي مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ فِي دَار السَّهْمِيّينَ فِي الدَّار الْمَعْرُوفَةِ بِالْمَكْتُوبَةِ(2) وَهِيَ دَارُ عَلِيّ بْن عِيسَى(3) الْجَرَّاح وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي مِضْرَبِ الْقشوريّ وَمِضْرَبِ الْمَادَرَائِيّ وَمِضْرَبِ أبِي الْهَيْجَاءِ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ بِمِنًى وَبَعْدَ مُنْصَرفِهِ مِنَ الْحَجَّ بِمَكَّةَ فِي دَار الْمَادَرَائِيّ عِنْدَ بَابِ الصَّفَا.
وَأرَادَ الْقشوريُّ حَمْلَهُ وَوُلْدَهُ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى الْمُقْتَدِر فَجَاءَهُ فُقَهَاءُ أهْل مَكَّةَ فَقَالُوا: أيَّدَ اللهُ الاُسْتَاذَ إِنَّا رُوَّينَا فِي الأخْبَار الْمَأثُورَةِ عَن السَّلَفِ أنَّ الْمُعَمَّرَ الْمَغْربيَّ إِذَا دَخَلَ مَدِينَةَ السَّلاَم افْتُتِنَتْ(4) وَخَربَتْ وَزَالَ الْمُلْكُ فَلاَ تَحْمِلْهُ وَرُدَّهُ إِلَى الْمَغْربِ، فَسَألْنَا مَشَايِخَ أهْل الْمَغْربِ وَمِصْرَ فَقَالُوا: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ آبَائِنَا وَمَشَايِخِنَا يَذْكُرُونَ اسْمَ هَذَا الرَّجُل وَاسْمَ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ مُقِيمٌ فِيهِ طَنْجَةَ وَذَكَرُوا أنَّهُ كَانَ يُحَدَّثُهُمْ بِأحَادِيثَ قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي كِتَابِنَا هَذَا.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ(5): فَحَدَّثَنَا هَذَا الشَّيْخُ أعْنِي عَلِيَّ بْنَ عُثْمَانَق.
ص: 395
الْمَغْربيَّ بَدْوَ خُرُوجِهِ مِنْ بَلَدِهِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ(1) وَذَكَرَ أنَّ أبَاهُ خَرَجَ هُوَ وَعَمُّهُ وَأخْرَجَ(2) بِهِ مَعَهُمَا يُريدُونَ الْحَجَّ وَزِيَارَةَ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَخَرَجُوا مِنْ بِلاَدِهِمْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَسَارُوا أيَّاماً ثُمَّ أخْطَئُوا الطَّريقَ وَتَاهُوا عَن الْمَحَجَّةِ فَأقَامُوا تَائِهِينَ ثَلاَثَةَ أيَّام وَثَلاَثَةَ لَيَالٍ عَلَى غَيْر مَحَجَّةٍ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعُوا فِي جِبَالِ رَمْلٍ يُقَالُ لَهُ: رَمْلُ عَالِج يَتَّصِلُ بِرَمْل إِرَم ذَاتِ الْعِمَادِ(3) فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ نَظَرْنَا إِلَى أثَر قَدَم طَويلٍ فَجَعَلْنَا نَسِيرُ عَلَى أثَرهَا فَأشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ وَإِذَا بِرَجُلَيْن قَاعِدَيْن عَلَى بِئْرٍ أوْ عَلَى عَيْنٍ.
قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا قَامَ أحَدُهُمَا فَأخَذَ دَلْواً فَأدْلاَهُ فَاسْتَقَى فِيهِ مِنْ تِلْكَ الْعَيْن أو الْبِئْر وَاسْتَقْبَلَنَا فَجَاءَ إِلَى أبِي فَنَاوَلَهُ الدَّلْوَ فَقَالَ أبِي: قَدْ أمْسَيْنَا نُنِيخُ عَلَى هَذَا الْمَاءِ وَنُفْطِرُ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَصَارَ إِلَى عَمَّي فَقَالَ: اشْرَبْ فَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ عَلَيْهِ أبِي فَنَاوَلَنِي فَقَالَ لِي: اشْرَبْ فَشَربْتُ فَقَالَ لِي: هَنِيئاً لَكَ فَإنَّكَ سَتَلْقَى عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَأخْبِرْهُ أيُّهَا الْغُلاَمُ بِخَبَرنَا وَقُلْ لَهُ: الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ يُقْرئَانِكَ (السَّلاَمَ)(4) وَسَتُعَمَّرُ حَتَّى تَلْقَى الْمَهْدِيَّ وَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليهما السلام فَإذَا لَقِيتَهُمَا فَأقْرئْهُمَا السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالاَ: مَا يَكُونُ هَذَان مِنْكَ؟ فَقُلْتُ: أبِي وَعَمَّي، فَقَالاَ: أمَّا عَمُّكَ فَلاَ يَبْلُغُ مَكَّةَ وَأمَّا أنْتَ وَأبُوكَ فَسَتَبْلُغَان وَيَمُوتُ أبُوكَ فَتُعَمَّرُ أنْتَ وَلَسْتُمْ تَلْحَقُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّهُ قَدْ قَرُبَ أجَلُهُ ثُمَّ مَثَلا(5).).
ص: 396
فَوَ اللهِ مَا أدْري أيْنَ مَرَّا أفِي السَّمَاءِ أوْ فِي الأرْض فَنَظَرْنَا وَإِذَا لاَ أثَرَ(1) وَلاَ عَيْنَ وَلاَ مَاءَ فَسِرْنَا مُتَعَجَّبِينَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أنْ رَجَعْنَا إِلَى نَجْرَانَ فَاعْتَلَّ عَمَّي وَمَاتَ بِهَا وَأتْمَمْتُ أنَا وَأبِي حَجَّنَا وَوَصَلْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَاعْتَلَّ بِهَا أبِي وَمَاتَ وَأوْصَى إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَأخَذَنِي وَكُنْتُ مَعَهُ أيَّامَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَخِلاَفَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ ابْنُ مُلْجَم لَعَنَهُ اللهُ.
وَذَكَرَ أنَّهُ لَمَّا حُوصِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي دَارهِ دَعَانِي فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَاباً وَنَجِيباً وَأمَرَني بِالْخُرُوج إِلَى عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَكَانَ غَائِباً بِيَنْبُعَ فِي مَالِهِ وَضِيَاعِهِ فَأخَذْتُ الْكِتَابَ وَصِرْتُ إِلَى مَوْضِع يُقَالُ لَهُ: جِدَارُ أبِي عَبَايَةَ سَمِعْتُ قُرْآناً فَإذَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَسِيرُ مُقْبِلاً مِنْ يَنْبُعَ وَهُوَ يَقُولُ: ((أفَحَسِبْتُمْ أنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ))(2).
فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: (أبَا الدُّنْيَا مَا وَرَاكَ؟)، قُلْتُ: هَذَا كِتَابُ أمِير الْمُؤْمِنينَ فَأخَذَهُ فَقَرَأهُ فَإذَا فِيهِ:
فَإنْ كُنْتُ مَأكُولاً فَكُنْ أنْتَ آكِلِي
وَإِلاَّ فَأدْركْنِي وَلَمَّا اُمَزَّقْ
فَلَمَّا قَرَأهُ قَالَ: (سِرْ)(3)، فَدَخَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ سَاعَةَ قَتْل عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ فَمَالَ إِلَى حَدِيقَةِ بَنِي النَّجَّار وَعَلِمَ النَّاسُ بِمَكَانِهِ فَجَاءُوا إِلَيْهِ رَكْضاً وَقَدْ كَانُوا عَازِمِينَ عَلَى أنْ يُبَايِعُوا طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ ارْفَضُّوا إِلَيْهِ ارْفِضَاضَ الْغَنَم شَدَّ عَلَيْهَا السَّبُعُ فَبَايَعَهُ طَلْحَةُ ثُمَّ الزُّبَيْرُ ثُمَّ بَايَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ.
فَأقَمْتُ مَعَهُ أخْدُمُهُ فَحَضَرْتُ مَعَهُ الْجَمَلَ وَصِفّينَ وَكُنْتُ بَيْنَ).
ص: 397
الصَّفَّيْن وَاقِفاً عَنْ يَمِينهِ إِذْ سَقَطَ سَوْطُهُ مِنْ يَدِهِ فَأكْبَبْتُ آخُذُهُ وَأرْفَعُهُ(1) إِلَيْهِ وَكَانَ لِجَامُ دَابَّتِهِ حَدِيداً مُزَجَّجاً فَرَفَعَ الْفَرَسُ رَأسَهُ فَشَجَّنِي هَذِهِ الشَّجَّةَ الَّتِي فِي صُدْغِي فَدَعَانِي أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ فَتَفَلَ فِيهَا وَأخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَتَرَكَهُ عَلَيْهَا فَوَ اللهِ مَا وَجَدْتُ لَهَا ألَماً وَلاَ وَجَعاً، ثُمَّ أقَمْتُ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَصَحِبْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام حَتَّى ضُربَ بِسَابَاطِ الْمَدَائِن ثُمَّ بَقِيتُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ أخْدُمُهُ وَأخْدُمُ الْحُسَيْنَ عليه السلام حَتَّى مَاتَ الْحَسَنُ عليه السلام مَسْمُوماً سَمَّتْهُ جَعْدَةُ بِنْتُ الأشْعَثِ بْن قَيْسٍ الْكِنْدِيّ لَعَنَهَا اللهُ دَسّاً مِنْ مُعَاويَةَ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام حَتَّى حَضَرَ(2) كَرْبَلاَءَ وَقُتِلَ عليه السلام وَخَرَجْتُ هَارباً مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَأنَا مُقِيمٌ بِالْمَغْربِ أنْتَظِرُ خُرُوجَ الْمَهْدِيّ وَعِيسَى ابْن مَرْيَمَ عليهما السلام.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ رضي الله عنه: وَمِنْ عَجِيبِ مَا رَأيْتُ مِنْ هَذَا الشَّيْخ عَلِيّ بْن عُثْمَانَ وَهُوَ فِي دَار عَمَّي طَاهِر بْن يَحْيَى رضي الله عنه وَهُوَ يُحَدَّثُ بِهَذِهِ الأعَاجِيبِ وَبَدْو خُرُوجِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى عَنْفَقَتِهِ وَقَدِ احْمَرَّتْ ثُمَّ ابْيَضَّتْ فَجَعَلْتُ أنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي لِحْيَتِهِ وَلاَ فِي رَأسِهِ وَلاَ فِي عَنْفَقَتِهِ بَيَاضٌ الْبَتَّةَ.
قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى نَظَري إِلَى لِحْيَتِهِ وَعَنْفَقَتِهِ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ؟ إِنَّ هَذَا يُصِيبُني إِذَا جُعْتُ فَإذَا شَبِعْتُ رَجَعَتْ إِلَى سَوَادِهَا فَدَعَا عَمَّي بِطَعَام وَاُخْرجَ مِنْ دَارهِ ثَلاَثُ مَوَائِدَ فَوُضِعَتْ وَاحِدَةٌ بَيْنَ يَدَي الشَّيْخ وَكُنْتُ أنَا أحَدُ مَنْ جَلَسَ عَلَيْهَا فَأكَلْتُ مَعَهُ وَوُضِعَتِ الْمَائِدَتَان فِي وَسَطِ الدَّار).
ص: 398
وَقَالَ عَمَّي لِلْجَمَاعَةِ: بِحَقّي عَلَيْكُمْ إِلاَّ أكَلْتُمْ وَتَحَرَّمْتُمْ بِطَعَامِنَا، فَأكَلَ قَوْمٌ وَامْتَنَعَ قَوْمٌ وَجَلَسَ عَمَّي عَلَى يَمِين الشَّيْخ يَأكُلُ وَيُلْقِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَأكَلَ أكْلَ شَابٍّ وَعَمَّي يُخْلِفُ عَلَيْهِ وَأنَا أنْظُرُ إِلَى عَنْفَقَتِهِ وَهِيَ تَسْوَدُّ حَتَّى إِذاَ(1) عَادَتْ إِلَى سَوَادِهَا (حِينَ) شَبِعَ(2).
فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْن خَطَّابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ أحَبَّ أهْلَ الْيَمَن فَقَدْ أحَبَّني، وَمَنْ أبْغَضَهُمْ فَقَدْ أبْغَضَنِي)(3).
3 _ حَدَّثَنَا أبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّجَريُّ(4) قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابٍ لأخِي أبِي الْحَسَن بِخَطّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أهْل الْعِلْم مِمَّنْ قَرَأ الْكُتُبَ وَسَمِعَ الأخْبَارَ أنَّ عُبَيْدَ بْنَ شَريدٍ الْجُرْهُمِيَّ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عَاشَ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً فَأدْرَكَ النَّبِيَّ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ وَعَمَّرَ بَعْدَ مَا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى قَدِمَ عَلَى مُعَاويَةَ فِي أيَّام تَغَلُّبِهِ وَمُلْكِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاويَةُ: أخْبِرْني يَا عُبَيْدُ عَمَّا رَأيْتَ وَسَمِعْتَ وَمَنْ أدْرَكْتَ وَكَيْفَ رَأيْتَ الدَّهْرَ؟ قَالَ: أمَّا الدَّهْرُ فَرَأيْتُ لَيْلاً يُشْبِهُ لَيْلاً وَنَهَاراً يُشْبِهُ نَهَاراً وَمَوْلُوداً يُولَدُ وَمَيّتاً يَمُوتُ وَلَمْ اُدْركْ أهْلَ زَمَانٍ إِلاَّ وَهُمْ يَذُمُّونَ زَمَانَهُمْ.
وَأدْرَكْتُ مَنْ قَدْ عَاشَ ألْفَ سَنَةٍ فَحَدَّثَنِي عَمَّنْ قَدْ كَانَ قَبْلَهُ قَدْ
ص: 399
عَاشَ ألْفَيْ سَنَةٍ، وَأمَّا مَا سَمِعْتُ فَإنَّهُ حَدَّثَنِي مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرٍ أنَّ بَعْضَ مُلُوكِ النَّابِغَةِ(1) مِمَّنْ دَانَتْ لَهُ الْبِلاَدُ كَانَ يُقَالُ لَهُ: ذُو سَرْح كَانَ اُعْطِيَ الْمُلْكَ فِي عُنْفُوَان شَبَابِهِ وَكَانَ حَسَنَ السَّيرَةِ فِي أهْل مَمْلَكَتِهِ سَخِيّاً فِيهِمْ مُطَاعاً فَمَلَكَهُمْ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَ كَثِيراً ماَ(2) يَخْرُجُ فِي خَاصَّتِهِ إِلَى الصَّيْدِ وَالنُّزْهَةِ.
فَخَرَجَ يَوْماً إِلَى بَعْض مُتَنَزّهِهِ فَأتَى إِلَى حَيَّتَيْن أحَدُهُمَا بَيْضَاءُ كَأنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ وَالاُخْرَى سَوْدَاءُ كَأنَّهَا حُمَمَةٌ وَهُمَا يَقْتَتِلاَن وَقَدْ غَلَبَتِ السَّوْدَاءُ الْبَيْضَاءَ وَكَادَتْ تَأتِي عَلَى نَفْسِهَا فَأمَرَ الْمَلِكُ بِالسَّوْدَاءِ فَقُتِلَتْ وَأمَرَ بِالْبَيْضَاءِ فَاحْتُمِلَتْ حَتَّى انْتَهَى بِهَا إِلَى عَيْنٍ مِنْ مَاءٍ بَقِيَ(3) عَلَيْهَا شَجَرَةٌ فَأمَرَ فَصُبَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ وَسُقِيَتْ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهَا نَفَسُهَا فَأفَاقَتْ فَخَلَّى سَبِيلَهَا فَانْسَابَتِ الْحَيَّةُ وَمَضَتْ لِسَبِيلِهَا وَمَكَثَ الْمَلِكُ يَوْمَئِذٍ فِي مُتَصَيَّدِهِ وَنُزْهَتِهِ.
فَلَمَّا أمْسَى وَرَجَعَ إِلَى مَنْزلِهِ وَجَلَسَ عَلَى سَريرهِ فِي مَوْضِع لاَ يَصِلُ إِلَيْهِ حَاجِبٌ وَلاَ أحَدٌ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إذا (إِذْ) رَأى شَابّاً آخِذاً بِعِضَادَتَي الْبَابِ وَبهِ مِنَ الثّيَابِ(4) وَالْجَمَالِ شَيْ ءٌ لاَ يُوصَفُ فَسَلَّمَ عَلَى الْمَلِكِ فَذَعِرَ مِنْهُ الْمَلِكُ وَقَالَ لَهُ: مَنْ أنْتَ وَمَنْ أدْخَلَكَ وَأذِنَ لَكَ فِي الدُّخُولِ عَلَيَّ فِي هَذَا الْمَوْضِع الَّذِي لاَ يَصِلُ فِيهِ حَاجِبٌ وَلاَ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ لَهُ الْفَتَى: لاَ تَرُعْ أيُّهَا الْمَلِكُ إِنّي لَسْتُ بِإنْسِيٍّ وَلَكِنّي فَتًى مِنَ الْجِنَّ أتَيْتُكَ).
ص: 400
لاُجَازِيَكَ عَلَى بَلاَئِكَ الْحَسَن الْجَمِيل عِنْدِي، قَالَ الْمَلِكُ: وَمَا بَلاَئِي عِنْدَكَ؟ قَالَ: أنَا الْحَيَّةُ الَّتِي أحْيَيْتَنِي فِي يَوْمِكَ هَذَا وَالأسْوَدُ الَّذِي قَتَلْتَهُ وَخَلَّصْتَنِي مِنْهُ كَانَ غُلاَماً لَنَا (تَمَرَّدَ عَلَيْنَا)(1) وَقَدْ قَتَلَ مِنْ أهْل بَيْتِي عِدَّةً كَانَ إِذَا خَلاَ بِوَاحِدٍ مِنَّا قَتَلَهُ فَقَتَلْتَ عَدُوَّي وَأحْيَيْتَنِي فَجِئْتُ لاُكَافِيَكَ بِبَلاَئِكَ عِنْدِي وَنَحْنُ أيُّهَا الْمَلِكُ الْجِنُّ لاَ الْجِنُّ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِنَّ وَالْجِنَّ.
ثُمَّ انْقَطَعَ الْحَدِيثَ الَّذِي كَتَبَ(2) أخِي فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَمَامُهُ(3).
4 _ حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمُكَتّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الطَّيّبِ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ الأزْدِيُّ الْعَمَّانِيُّ بِجَمِيع أخْبَارهِ وَكُتُبِهِ الَّتِي صَنَّفَهَا وَوَجَدْنَا فِي أخْبَارهِ أنَّهُ قَالَ: لَمَّا وَفَدَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْن مَرْوَانَ قَدِمَ فِيمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ الرَّبيعُ بْنُ الضَّبُع الْفَزَاريُّ وَكَانَ أحَدَ الْمُعَمَّرينَ وَمَعَهُ ابْنُ ابْنِهِ وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الرَّبيع شَيْخاً فَانِياً قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَقَدْ عَصَبَهُمَا فَلَمَّا رَآهُ الآذِنُ وَكَانُوا يَأذَنُونَ لِلنَّاسِ عَلَى أسْنَانِهِمْ قَالَ لَهُ: ادْخُلْ أيُّهَا الشَّيْخُ، فَدَخَلَ يَدِبُّ عَلَى الْعَصَا يُقِيمُ بِهَا صُلْبَهُ وَلِحْيَتَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ.
قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ عَبْدُ الْمَلِكِ رَقَّ لَهُ وَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ أيُّهَا الشَّيْخُ، فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أيَجْلِسُ الشَّيْخُ وَجَدُّهُ عَلَى الْبَابِ؟ فَقَالَ: أنْتَ إِذاً مِنْ وُلْدِ
ص: 401
الرَّبيع بْن ضَبُع، قَالَ: نَعَمْ، أنَا وَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الرَّبيع، قَالَ لِلآذِن: ارْجِعْ فَأدْخِل الرَّبيعَ، فَخَرَجَ الآذِنُ فَلَمْ يَعْرفْهُ حَتَّى نَادَى: أيْنَ الرَّبيعُ؟ قَالَ: هَا أنَا ذَا، فَقَامَ يُهَرْولُ فِي مِشْيَتِهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ سَلَّمَ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَأبِيكُمْ إِنَّهُ(1) لأشَبُّ الرَّجْلَيْن يَا رَبيعُ أخْبِرْني عَمَّا أدْرَكْتَ مِنَ الْعُمُر وَالْمَدَى وَرَأيْتَ(2) مِنَ الْخُطُوبِ الْمَاضِيَةِ، قَالَ: أنَا الَّذِي أقُولُ:
هَا أنَا ذَا آمُلُ الْخُلُودَ وَقَد * أدْرَكَ عُمْري وَمَوْلِدِي حَجَراً
أمّاَ(3) امْرُؤُ الْقَيْس قَدْ سَمِعْتَ بِهِ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ طَالَ ذَا عُمُراً
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَدْ رُوَّيتُ هَذَا مِنْ شِعْركَ وَأنَا صَبِيٌّ، قَالَ: وَأنَا الْقَائِلُ:
إِذَا عَاشَ الْفَتَى مِائَتَيْن عَاماً * فَقَدْ ذَهَبَ اللَّذَاذَةُ وَالْغِنَاءُ(4)
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَقَدْ رُوَّيتُ هَذَا مِنْ شِعْركَ أيْضاً وَأنَا غُلاَمٌ، وَأبِيكَ يَا رَبيعُ لَقَدْ طَلَبَكَ جَدٌّ غَيْرُ عَاثِرٍ فَفَصّلْ لِي عُمُرَكَ.
فَقَالَ: عِشْتُ مِائَتَيْ سَنَةٍ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعِشْرينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتّينَ سَنَةً فِي الإسْلاَم.
قَالَ: أخْبِرْني عَن الْفِتْيَةِ مِنْ قُرَيْشٍ الْمُتَوَاطِئ الأسْمَاءِ، قَالَ: سَلْ عَنْ أيّهِمْ شِئْتَ، قَالَ: أخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَبَّاسٍ، قَالَ: فَهْمٌ وَعِلْمٌ وَعَطَاءٌ وَحِلْمٌ وَمُقْري ضَخْم، قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: حِلْمٌ وَعِلْمٌ وَطَوْلٌ وَكَظْمٌ وَبُعْدٌ مِنَ الظُّلْم.).
ص: 402
قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: رَيْحَانَةٌ طَيّبٌ ريحُهَا لَيّنٌ مَسُّهَا قَلِيلٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ضَرَرُهَا.
قَالَ: فَأخْبِرْني عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الزُّبَيْر، قَالَ: جَبَلٌ وَعْرٌ يَنْحَدِرُ مِنْهُ الصَّخْرُ.
قَالَ: للهِ دَرُّكَ مَا أخْبَرَكَ بِهِمْ؟ قَالَ: قَرُبَ جِوَاري وَكَثُرَ اسْتِخْبَاري(1).
5 _ حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمُكَتّبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الطَّيّبِ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ الأزْدِيُّ الْعَمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ عِيسَى أبُو بَشِيرٍ الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ أبِي حَاتِم، عَنْ أبِي قَبِيصَةَ، عَن ابْن الْكَلْبِيّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ شُيُوخاً مِنْ بَجِيلَةَ مَا رَأيْتُ عَلَى سَرْوهِمْ وَحُسْن هَيْأتِهِمْ يُخْبِرُونَ أنَّهُ عَاشَ (شِقُّ)(2) الْكَاهِن ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ وَقَالُوا لَهُ: أوْصِنَا فَقَدْ آنَ أنْ يَفُوتَنَا بِكَ الدَّهْرُ. فَقَالَ: تَوَاصَلُوا وَلاَ تَقَاطَعُوا، وَتَقَاتَلُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَأوْصِلُوا(3) الأرْحَامَ، وَاحْفَظُوا الذّمَامَ، وَسَوَّدُوا الْحَكِيمَ(4)، وَأجِلُّوا الْكَريمَ، وَوَقّرُوا ذَا الشَّيْبَةِ، وَأذِلُّوا اللَّئِيمَ، وَتَجَنَّبُوا الْهَزْلَ فِي مَوَاضِع الْجِدَّ، وَلاَ تُكَدَّرُوا الإنْعَامَ بِالْمَنَّ، وَاعْفُوا إِذَا قَدَرْتُمْ، وَهَادِنُوا إِذَا هَجَرْتُمْ(5)،
ص: 403
وَأحْسِنُوا إِذَا كُوبدْتُمْ، وَاسْمَعُوا مِنْ مَشَايِخِكُمْ، وَاسْتَبِقُوا دَوَاعِيَ الصَّلاَح عِنْدَ أوَاخِر(1) الْعَدَاوَةِ فَإِنَّ بُلُوغَ الْغَايَةِ فِي النَّدَامَةِ(2) جُرْحٌ بَطِي ءُ الانْدِمَالِ.
وَإِيَّاكُمْ وَالطَّعْنَ فِي الأنْسَابِ وَلاَ تَفْحَصُوا عَنْ مَسَاويكُمْ، وَلاَ تُودِعُوا عَقَائِلَكُمْ غَيْرَ مُسَاويكُمْ، فَإنَّهَا وَصْمَةٌ قَادِحَةٌ(3)، وَقَضَاءَةٌ فَاضِحَةٌ، الرَّفْقَ الرَّفْقَ لاَ الْخُرْقَ فَإنَّ الْخُرْقَ مَنْدَمَةٌ فِي الْعَوَاقِبِ مَكْسَبَةٌ لِلْعَوَائِبِ(4)، الصَّبْرُ أنْفَذُ عِتَابٍ، وَالْقَنَاعَةُ خَيْرُ مَالٍ، وَالنَّاسُ أتْبَاعُ الطَّمَع، وَقَرَائِنُ الْهَلَع، وَمَطَايَا الْجَزَع، وَرُوحُ الذُّلّ التَّخَاذُلُ، وَلاَ تَزَالُونَ نَاظِرينَ بِعُيُونٍ نَائِمَةٍ مَا اتَّصَلَ الرَّجَاءُ بِأمْوَالِكُمْ، وَالْخَوْفُ بِمَحَالّكُمْ.
ثُمَّ قَالَ: يَا لَهَا نَصِيحَةً زَلَّتْ عَنْ عَذَبَةٍ فَصِيحَةٍ، إِنْ كَانَ وعَاؤُهَا وَكِيعاً وَمَعْدِنُهَا مَنِيعاً، ثُمَّ مَاتَ.
قال الصدوق رضي الله عنه: إنَّ مخالفينا يروون مثل هذه الأحاديث ويصدَّقون بها ويروون حديث شدّاد بن عاد بن إرم ذات العماد وأنَّه عمَّر تسعمائة سنة، ويروون صفة جنّته وأنَّها مغيبة عن الناس فلا ترى وأنَّها في الأرض. ولا يصدَّقون بقائم آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم ويكذّبون بالأخبار التي وردت فيه جحوداً للحقّ وعناداً لأهله(5).
بيان: قوله: (مزججاً) أي مرققاً ممدداً، قوله: (لقد طلبك جدّ غير عاثر) الجدّ بالفتح الحظ، والبخت والغناء أي طلبك بخت عظيم لم يعثر1.
ص: 404
حتَّى وصل إليك أو لم يعثر بك بل نعشك في كلّ الأحوال، و(السرو) السخاء في مروءة.
و(العقايل) جمع العقيلة وهي كريمة الحيّ أي لا تزوّجوا بناتكم إلاَّ ممَّن يساويكم في الشرف، و(الوصمة) العيب والعار، و(الفادحة) الثقيلة ويقال: فيه (قضاءة) ويضم: عيب وفساد وتقضؤوا منه أن يزوّجوه استحسنوا حسبه، ووعاء وكيع شديد متين.
أقول: ثُمَّ ذكر الصدوق رحمه الله قصَّة شدّاد بن عاد كما نقلنا عنه في كتاب النبوّة، ثُمَّ قال:
وعاش أوس بن ربيعة بن كعب بن أميّة مأتي وأربع عشرة سنة فقال في ذلك:
لقد عمَّرت حتَّى مل أهلي * ثواي عندهم وسئمت عمري
وحقّ لمن أتى مأتان عام * عليه وأربع من بعد عشر
يمل من الثواء وصبح ليل * يغاديه وليل بعد يسري
فأبلى شلوتي وتركت شلوي(1) * وباح بما أجن ضمير صدري
وعاش أبو زبيد واسمه المنذر(2) بن حرملة الطائي وكان نصرانياً خمسين ومائة سنة.
وعاش نضر بن دهمان بن سليمان بن أشجع بن زيد(3) بن غطفان مائة وتسعين سنة حتَّى سقطت أسنانه وخرف عقله وابيضّ رأسه).
ص: 405
فحرب(1) قومه أمر فاحتاجوا فيه إلى رأيه فدعوا الله أن يرد عليه عقل وشبابه فعاد إليه شبابه واسودّ شعره، فقال فيه سلمة بن الحريش، ويقال: عبّاس بن مرداس السلمي:
لنضر(2) بن دهمان الهنيدة عاشها * وتسعين حولاً ثُمَّ قوم فانصاتا
وعاد سواد الرأس بعد بياضه * وعاوده(3) شرخ الشباب الذي فاتا
وراجع عقلاً بعدما فات عقله * ولكنَّه من بعد ذا كلّه ماتا
وعاش ثوب بن صداق(4) العبدي مأتي سنة.
وعاش خثعم(5) بن عوف بن جذيمة دهراً طويلاً فقال:
حتَّى متى خثعم في الأحياء * ليس بذي أيدي ولا غناء
هيهاتَ ما للموت من دواء
وعاش ثعلبة بن كعب(6) بن عبد الأشهل بن الأشوس مأتي سنة فقال:
لقد صاحبت أقواماً فأمسوا * خفاتاً لا يجاب له دعاء
مضوا قصد السبيل وخلفوني * فطال عليَّ بعدهم الثواء
فأصبحت الغداة رهين شيء(7) * وأخلفني من الموت الرجاء
وعاش رداءة بن كعب بن ذهل بن قيس النخعي ثلاثمائة سنة فقال:).
ص: 406
لم يبقَ يا خذيّه(1) من لداتي * أبو بنين لا ولا بنات
ولا عقيم غير ذي سبات * إلاَّ يعدّ اليوم في الأموات
هل مشتر أبيعه حياتي؟
وعاش عدي بن حاتم طيئ عشرين ومائة سنة.
وعاش أماباة بن قيس بن الحرملة بن سنان(2) الكندي ستين ومائة سنة.
وعاش عمير(3) بن هاجر بن عمير بن عبدالعزى بن قيس(4) الخزاعي سبعين ومأة سنة فقال:
بليت وأفناني الزمان وأصبحت * هنيدة قد أبقيت من بعدها عشرا
وأصبحت مثل الفرخ لا أنا ميت * فأبكى(5) ولا حيّ فأصدر لي أمرا
وقد عشت دهراً ما تجن عشيرتي * لها ميّتاً حتَّى تخطّ له قبرا
وعاش العوام بن المنذر بن زيد(6) بن قيس بن حارثة بن لام دهراً طويلاً في الجاهلية وأدرك عمر بن عبد العزيز فاُدخل عليه وقد اختلف ترقوتاه وسقط حاجباه، فقيل له: ما أدركت؟ فقال:
فوَالله ما أدري أأدركت أمّة * على عهد ذي القرنين أم كنت أقدما
متى يخلعوا عنّي القميص تبينوا * جانجن(7) لم يكسين لحماً ولا دما).
ص: 407
وعاش سيف بن وهب بن جذيمة الطائي مائتي سنة فقال:
ألا إنَّني كاهب(1) ذاهب * فلا تحسبوا أنَّني كاذب
لبست شبابي فأفنيته * وأدركني القدر الغالب
وخصم دفعت ومولى نفعت * حتَّى يثوب له ثائب
وعاش أرطاة بن دشهبة المزني عشرين ومائة سنة وكان يكنّي أبا الوليد فقال له عبد الملك: ما بقي من شعرك يا أرطاة؟ فقال: يا أمير المؤمنين (إنّي)(2) ما أشرب ولا أطرب ولا أغضب، ولا يجيئني الشعر(3) إلاَّ على إحدى هذه الخصال على أنّي أقول:
رأيت المرء تأكله الليالي * كأكل الأرض ساقطة الحديد
وما تبقى المنية حين تأتي * على نفس ابن آدم من مزيد
وأعلم أنَّها ستكر حتَّى * توفي نذرها بأبي الوليد
فارتاع عبدالملك، فقال أرطاة: يا أمير المؤمنين إنّي اُكنّى أبا الوليد.
وعاش عبيد بن الأبرص ثلاثمائة سنة فقال:
فنيت وأفناني الزمان وأصبحت * لداتي بنوا نعش وزهر الفراقد
ثُمَّ أخذه النعمان بن منذر يوم بؤسه فقتله.
وعاش شريح بن هانئ عشرين ومائة سنة حتَّى قتل في نفرة(4) الحجّاج بن يوسف فقال في كبره وضعفه:).
ص: 408
أصبحت ذا بث أقاصي الكبرا * قد عشت بين المشركين أعصرا
ثَمَّت أدركت النبي المنذرا * وبعده صدّيقه وعمرا
ويوم مهران ويوم تسترا * والجمع في صفينهم والنهرا
هيهاتَ ما أطول هذا عمرا
وعاش رجل من بني ضبة يقال له: المسجاح بن سباع دهراً طويلاً فقال:
لقد طوفت في الآفاق حتَّى * بليت وقد (دنا)(1) لي أن أبيد
وأفناني ولا يفنى نهار * وليل كلّما يمضي يعود
وشهر مستهل بعد شهر * وحول بعده جول جديد
وعاش لقمان العادي الكبير خمسمائة سنة وستين سنة وعاش عمر سبعة أنسر كل نسر منها ثمانين عاماً وكان من بقية عاد الأولى.
وروي أنَّه عاش ثلاثة آلاف سنة وخمسمائة سنة وكان من ولد(2) عاد الذين بعثهم قومهم إلى الحرم ليستسقوا لهم وكان اُعطي عمر سبعة أنسر فكان يأخذ فرخ النسر الذكر فيجعله في الجبل الذي هو في أصله فيعيش النسر فيها ما عاش فإذا مات أخذ آخر فربّاه حتَّى كان آخرها لبد، وكان أطولها عمراً فقيل فيه: (طال الأمد(3) على لبد)، وقد قيل فيه أشعار معروفة واُعطي من السمع والبصر والقوّة على قدر ذلك وله أحاديث كثيرة.
وعاش زهير بن عباب بن هبل بن عبد الله بن بكر بن عوف بن).
ص: 409
عذرة بن زيد ابن عبد الله بن وهدة بن ثور بن كليب(1) الكلبي ثلاثمائة سنة.
وعاش مزيقياً واسمه عمرو(2) بن عامر وعامر هو ماء السماء وإنَّما سمّي ماء السماء لأنَّه كان حياة أينما نزل كمثل ماء السماء وإنَّما سمّي مزيقياً لأنَّه عاش ثمانمائة سنة أربعمائة سوقة، وأربعمائة ملكاً، فكان يلبس في كل يوم حلتين ثُمَّ يأمر بهما فيمزّقان حتَّى لا يلبسهما أحد غيره.
وعاش ابن هبل بن عبد الله بن كنانة ستمائة سنة.
وعاش أبو الطمحان القيسي(3) مائة وخمسين سنة.
وعاش المستوعر(4) بن ربيعة بن كعب بن زيد مناة بن تميم ثلاثمائة وثلاثين سنة ثُمَّ أدرك الإسلام فلم يسلم وله شعر معروف.
وعاش دريد(5) بن زيد بن نهد أربعمائة سنة وخمسين سنة فقال في ذلك:
ألقى على الدهر رجلاً ويدا * والدهر ما يصلح يوماً أفسدا
يصلحه اليوم ويفسده غدا(6)).
ص: 410
وجمع بنيه حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اُوصيكم بالناس شرّاً لا تقبلوا لهم معذرة ولا تقبلوا لهم عثرة.
وعاش تيم الله بن (ثعلبة بن)(1) عكابه مائتي سنة.
وعاش الربيع بن ضبع بن وهب بن بعيض بن مالك بن سعدى(2) بن عدي بن فزارة مائتي وأربعين سنة وأدرك الإسلام فلم يسلم.
وعاش معدي كرب الحميري من آل ذي رعين مائتي وخمسين سنة.
وعاش ثرية(3) بن عبد الله الجعفي ثلاثمائة سنة فقدم على عمر بن الخطاب المدينة فقال: لقد رأيت هذا الوادي الذي أنتم به وما به قطرة ولا هضبة ولا شجرة ولقد أدركت اُخريات قوم يشهدون بشهادتكم هذه يعني لا إله إلاَّ الله، ومعه ابن له يتهادى قد خرف فقال: يا ثرية(4) هذا ابنك قد خرف وبك بقية؟ فقال: ما(5) تزوّجت أمَة حتَّى أتت علي سبعون سنة ولكنّي تزوّجتها عفيفة(6) ستيرة إن رضيت رأيت ما تقرّ به عيني وإن سخطت أتتني(7) حتَّى أرضى وإنَّ ابني هذا تزوّج امرأة بذية فاحشة إن رأى ما تقرّ به عينه تعرضت له حتَّى يسخط وإن سخط تلقّته(8) حتَّى يهلك(9).2.
ص: 411
وعاش عوف بن كنانة الكلبي ثلاثمائة سنة فلمَّا حضرته الوفاة جمع بنيه فأوصاهم وهو عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن تور(1) بن كلب فقال: يا بني احفظوا وصيّتي فإنَّكم إن حفظتموها سدّتم قومكم بعدي، إلهكم فاتقوه ولا تخونوا ولا تحزنوا، ولا تثيروا السباع من مرابضها(2)، وجاوروا الناس بالكفّ عن مساويهم تسلموا وتصلحوا، وعفوا عن الطلب إليهم لئلاَّ تستثقلوا، والزموا الصمت إلاَّ من حقّ تحمدوا، وأبذلوا لهم المحبّة تسلم لكم الصدور، ولا تحرموهم المنافع فيظهروا الشكاة، وكونوا منهم في ستر ينعم بالكم، ولا تكثروا مجالستهم فيستخف بكم، وإذا نزلت بكم معضلة فاصبروا لها، والبسوا للدهر أثوابه، فإنَّ لسان الصدق مع النكبة(3) خير من سوء الذكر مع المسرة(4).
ووطّنوا أنفسكم على الذلّة لمن ذلَّ(5) لكم فإنَّ أقرب المسائل المودّة وإنَّ أبعد النسب(6) البغضة، وعليكم بالوفاء وتنكبوا الغدر يأمن سربكم(7)، وأحيوا الحسب بترك الكذب فإنَّ آفة المروءة الكذب والخلف، لا تعلموا الناس إقتاركم فتهونوا وتخملوا، وإيّاكم والغربة فإنَّها ذلّة، ولا تضعوا الكرائم إلاَّ عند الأكفّاء، وابتعوا بأنفسكم(8)).
ص: 412
المعالي، ولا يحتلجنكم جمال النساء عن الصحّة، فإنَّ نكاح الكرائم مدارج الشرف، واخضعوا لقومكم ولا تبغوا عليهم لتنالوا المنافس، ولا تخالفوهم فيما اجتمعوا عليه، فإنَّ الخلاف يزري بالرجل(1) المطاع، وليكن معروفكم لغير قومكم(2) بعدهم، ولا توحشوا أفنيتكم من أهلها فإنَّ إيحاشها إخماد النار ودفع الحقوق، وارفضوا النمائم بينكم تكونوا(3) أعواناً عند الملمات تغلبوا، واحذروا النجعة إلاَّ في منفعة لا تصابوا، وأكرموا الجار يخصب جنابكم، وآثروا حقّ الضيف(4) على أنفسكم، والزموا مع السفهاء الحلم تقلُّ همومكم.
وإيّاكم والفرقة فإنَّها ذلّة، ولا تكلفوا أنفسكم فوق طاقتها إلاَّ المضطر فإنَّكم إن تلاموا عند إيضاح(5) العذر وبكم قوة خير من أن تعانوا(6) في الاضطرار منكم إليهم بالمعذرة، وجدّوا ولا تفرطوا فإنَّ الجدّ مانعة(7) الضيم، ولتكن كلمتكم واحدة تعزوا ويرهف حدّكم، ولا تبذلوا الوجوه لغير مكرمة فتخلقوها، ولا تجشّموا(8) أهل الدناءة فتقصروا بها، ولا تحاسدوا فتبوروا، واجتنبوا البخل فإنَّه داء وابنوا المعالي بالجود).
ص: 413
والأدب، ومصافات أهل الفضل والحياء(1)، وابتاعوا المحبّة بالبذل، ووقّروا أهل الفضيلة، وخذوا من أهل التجارب، ولا يمنعنكم من معروف صغره فإنَّ له ثواباً، ولا تحقروا الرجال فتزدروها فإنَّما المرء بأصغريه ذكاء قلبه ولسان يعبر عنه.
فإذا خوفتم داهية فاللبث(2) قبل العجلة، والتمسوا بالتودّد المنزلة عند الملوك فإنَّهم من وضعوه اتّضع، ومن رفعوه ارتفع، وتبسلوا بالفعال(3) تسم إليكم الأبصار، وتواضعوا بالوفاء وليحبّكم(4) ربّكم. ثُمَّ قال:
وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه * ولا كل موف(5) نصحه بلبيب
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد * فحقّ له من طاعة بنصيب(6)
وحدّثنا عبد الله بن محمّد بن عبد الوهاب، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يزيد(7) الشعراني من ولد عمّار بن ياسر رضي الله عنه يقول: حكى أبو القاسم محمّد بن القاسم البصري(8) أنَّ أبا الحسن حمارويه(9) بن أحمد بن طولون كان قد فتح(10) عليه من كنوز مصر ما لم يرزق أحد).
ص: 414
قبله فاُغري(1) بالهرمين فأشار عليه ثقاته وحاشيته وبطانته أن لا يتعرَّض لهدم الأهرام فإنَّه ما تعرَّض أحد لها فطال عمره فلجَّ(2) في ذلك وأمر ألفاً من الفعلة أن يطلبوا الباب وكانوا يعملون سنة حواليه حتَّى ضجروا وكلّوا.
فلمَّا همّوا بالانصراف بعد الأياس منه، وترك العمل، وجدوا سرباً فقدروا أنَّه الباب الذي يطلبونه، فلمَّا بلغوا آخره وجدوا بلاطة قائمة من مرمر فقدّروا أنَّها الباب فاحتالوا فيها إلى أن قلعوها وأخرجوها(3)، فإذا عليها كتابة يونانية فجمعوا حكماء مصر وعلماءها(4) فلم يهتدوا لها وكان في القوم رجل يعرف بأبي عبد الله المديني أحد حفّاظ الدنيا وعلمائها فقال لأبي الحسن حمارويه بن أحمد: أعرف في بلد الحبشة اسقفاً قد عمَّر وأتى عليه ثلاثمائة وستون سنة يعرف هذا الخط وقد كان عزم على أن يعلمنيه فلحرصي على علم العرب لم أقم عليه(5) وهو باقٍ.
فكتب أبو الحسن إلى ملك الحبشة يسأله أن يحمل هذا الأسقف إليه فأجابه أنَّ هذا(6) قد طعن في السن وحطّمه الزمان وإنَّما يحفظه هذا الهواء(7) ويخاف عليه إن نقل إلى هواء آخر وإقليم آخر ولحقته حركة).
ص: 415
وتعب ومشقة السفر أن يتلف وفي بقائه لنا شرف وفرج وسكينة، فإن كان لكم شيء يقرأه ويفسَّره ومسألة تسألونه فاكتب بذلك فحملت البلاطة في قارب إلى بلد أسوان من الصعيد الأعلى وحملت من أسوان على العجلة إلى بلاد الحبشة وهي قريبة من أسوان فلمَّا وصلت قرأها الأسقف وفسَّر ما فيها بالحبشية ثُمَّ نقلت إلى العربية فإذا فيها مكتوب:
أنا الريّان بن دومغ، فسئل أبو عبد الله عن الريان من كان هو؟ قال: هو والد العزيز ملك يوسف عليه السلام واسمه الريّان(1) بن دومغ وقد كان عمر العزيز سبعمائة سنة وعمر الريان والده ألفاً وسبعمائة وعمر دومغ ثلاثة آلف سنة.
فإذا فيها أنا الريان بن دومغ خرجت في طلب علم النيل لأعلم فيضه ومنبعه إذا كنت أرى مفيضه فخرجت ومعي ممن صحبت أربعة آلاف ألف(2) رجل فسرت ثمانين سنة إلى أن انتهيت إلى الظلمات والبحر المحيط بالدنيا، فرأيت النيل يقطع البحر المحيط ويعبر فيه ولم يكن لي منفذ وتماوت أصحابي وبقيت في أربعة آلاف رجل فخشيت على ملكي فرجعت إلى مصر وبنيت الأهرام والبراني وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري وقلت في ذلك شعراً:
وأدرك علمي بعض ما هو كائن * ولا علم لي بالغيب والله أعلم
وأتقنت ما حاولت إتقان صنعة * وأحكمته والله أقوى وأحكم
وحاولت علم النيل من بدء فيضه * فأعجزني والمرء بالعجز ملجمر.
ص: 416
ثمانين شاهوراً قطعت مسايحا * وحولي بنو حجر وجيش عرمرم
إلى أن قطعت الجن والإنس كلّهم * وعارضني لج من البحر مظلم
فأتقنت أن لا منفذا(1) بعد منزلي * لذي همّة بعدي ولا متقدّم
فأبت إلى ملكي وأرسيت ناديا(2) * بمصر وللأيام بؤس وأنعم
أنا صاحب الأهرام في مصر * كلّها وباني برانيها بها والمقدّم
تركت بها آثار كفي وحكمتي * على الدهر لا تبلى ولا تتهدّم
وفيها كنوز جمّة وعجائب * وللدهر إمر مرّة وتهجم
سيفتح أقفالي ويبدي عجائبي * ولي لربي آخر الدهر ينجم
بأكناف بيت الله تبدو أموره * ولا بدَّ أن يعلو ويسمو به السم
ثمان وتسع واثنتان وأربع * وتسعون أخرى من قتيل وملجم
ومن بعد هذا كر تسعون تسعة * وتلك البراني تستخر وتهدم
وتبدي كنوزي كلّها غير أنَّني * أرى كل هذا أن يفرقها الدم
رزمت مقالي(3) في صخور قطعتها * ستبقى وأفني بعدها ثُمَّ اُعدم
فحينئذٍ قال أبو الحسن حمارويه بن أحمد: هذا شيء ليس لأحد فيها حيلة إلاَّ للقائم من آل محمّد عليهم السلام وردَّت البلاطة كما كانت مكانها.
ثُمَّ إنَّ أبا الحسن بعد ذلك بسنة قتله طاهر الخادم (ذبحه)(4) علىر.
ص: 417
فراشه وهو سكران ومن ذلك الوقت عرف خبر الهرمين ومن بناهما فهذا أصحّ ما يقال في خبر النيل والهرمين.
وعاش صبيرة بن(1) سعد بن سهم القرشي مائة وثمانين سنة وأدرك الإسلام فهلك فجاءة بلا سبب(2).
وعاش لبيد بن ربيعة الجعفري مائة وأربعين سنة وأدرك الإسلام فأسلم فلمَّا بلغ سبعين من عمره أنشأ يقول:
كأنّي وقد جاوزت سبعين حجّة * خلعت بها عن منكبي ردائيا
فلمَّا بلغ سبعاً وسبعين سنة أنشأ يقول:
باتت تشكي إليَّ النفش مجهشة * وقد حملتك سبعاً بعد سبعين(3)
فإن تزادي ثلاثاً تبلغي أملا * وفي الثلاث وفاء للثمانين(4)
فلمَّا بلغ تسعين سنة أنشأ يقول:
كأنّي وقد جاوزت تسعين حجّة * خلعت بها عنّي عذار لثامي
رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى * فكيف بمن يرمي ولي برام
فلو أنَّني أرمي بنبل رأيتها * ولكنَّني أرمي بغير سهام
فلمَّا بلغ مائة وعشر سنين أنشأ يقول:
وليس في مائة قد عاشها رجل * وفي تكامل عشر بعدها عمر
فلمَّا بلغ مائة وعشرين سنة أنشأ يقول:).
ص: 418
قد عشت دهراً قبل مجرى داحس * لو كان في النفس(1) اللجوج خلود
فلمَّا بلغ مائة وأربعين سنة أنشأ يقول:
ولقد سئمت من الحياة وطولها * وسؤال هذا الناس كيف لبيد
غلب الرجال فكان غير مغلب * دهر طويل دائم ممدود
يوم إذا يأتي عليَّ وليلة * وكلاهما بعد المضي يعود
فلمَّا حضرته الوفاة قال لابنه: يا بني إنَّ أباك لم يمت ولكنَّه فني فإذا قبض أبوك فأغمضه وأقبل به إلى القبلة وسجّه بثوبه، ولا أعلمن ما صرخت عليه صارخة أو بكت عليه باكية، وانظر جفنتي التي كنت اُضيف بها فأجد صنعتها ثُمَّ احملها إلى مسجدك ومن كان يغشاني عليها فإذا قال الإمام: (سلام عليكم) فقدمها إليهم يأكلون منها فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم لبيد بن ربيعة فقد قبضه الله عزّ وجل، ثُمَّ أنشأ يقول:
وإذا دفنت أباك فاجعل فوقه خشباً وطينا
وصفائحاً صماً رواسيها تشدد والغصونا(2)
ليقين حرّ الوجه سفساف التراب ولن يقينا
وقد روي في حديث لبيد بن ربيعة في أمر الجفنة غير هذا: ذكروا أنَّ لبيد ابن ربيعة جعل على نفسه أنَّ كلّما هبّت الشمال أن ينحر جزوراً فيملأ الجفنة التي حكوا عنها في أوّل حديثه فلمَّا ولى الوليد بن عقبة بن أبِي معيط الكوفة خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم ثُمَّ قال: أيّها الناس قد علمتم حال لبيد بن ربيعة الجعفري وشرفه).
ص: 419
ومروءته وما جعل على نفسه كلّما هبّت الشمال أن ينحر جزوراً فأعينوا أبا عقيل على مروءته ثُمَّ نزل وبعث إليه بخمسة من الجزر وأبيات شعر يقول فيها:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه * إذا هبّت رياح أبِي عقيل
طويل الباع أبلج جعفري * كريم الجدّ كالسيف الصقيل
وفي ابن الجعفي بما لديه * على العلات والمال القليل
وقد ذكر أنَّ الجزر كانت عشرين فلمَّا أتته قال: جزى الله الأمير خيراً قد عرفت الأمير أنّي لا أقول الشعر ولكن اُخرجي يا بنية، فخرجت إليه بنية له خماسية فقال لها: أجيبي الأمير، فأقبلت وأدبرت ثُمَّ قالت: نعم، فأنشأت تقول:
إذا هبّت رياح أبي عقيل * دعونا عند هبتها الوليدا
طويل الباع أبلج عبشميا * أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا * عليها من بني حام قعودا
أبا وهب جزاك الله خيرا * نحرناها وأطعمنا التريدا
فعد إنَّ الكريم له معاد * وعهدي بابن أروى أن يعودا
فقال لبيد: أحسن يا بنية لولا أنّك سألت. قالت: إنَّ الملوك لا يستحيى من مسئلتهم، قال: وأنت في هذا يا بنية أشعر.
وعاش ذو الإصبع العدواني واسمه حرثان بن الحارث بن محرث بن ربيعة بن هبيرة بن ثعلبة بن ظرب بن عثمان بن عباد ثلاثمائة سنة.
وعاش جعفر بن قبط ثلاثمائة سنة وأدرك الإسلام.
وعاش عامر بن ظرب العدواني ثلاثمائة سنة.
ص: 420
وعاش محصن بن غسان بن ظالم بن عمرو بن قطيعة بن الحارث بن سلمة بن مازن الزبيدي مأتي وخمسين سنة فقال في ذلك:
ألا يا سلم إنّي لست منكم * ولكنّي امرء قوتي سغوب
دعاني الداعيان فقلت هيّا * فقالا كل من يدعي يجيب
ألا يا سلم أعياني قيامي * وأعيتني المكاسب والركوب
وصرت رديئة في البيت كلا * تأذّى بي الأباعد والقريب
كذاك الدهر والأيام خون * لها في كل سائمة نصيب(1)
وعاش صيفي بن رباح أبو(2) أكثم أحد بني أسد بن عمرو بن تميم مأتي سنة وسبعين سنة وكان يقول: لك على أخيك سلطان في كلّ حال إلاَّ في القتال فإذا أخذ الرجال السلاح فلا سلطان(3) عليه، كفى بالمشرفية واعظاً، وترك الفخر أبقى لك، وأسرع الحزم(4) عقوبة البغي، وشرّ النصرة التعدي، وألأم الأخلاق أضيقها، ومن الأذى كثرة العتاب، وأقرع الأرض بالعصا فذهبت مثلاً:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الإنسان إلاَّ ليعلم(5)
وعاش عاد بن شداد اليربوعي مائة وخمسين سنة.
وعاش أكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم ثلاثمائة).
ص: 421
سنة، وقال بعضهم: مائة وتسعين سنة وأدرك الإسلام واختلف في إسلامه إلاَّ أنَّ أكثرهم لا يشكّ في أنَّه لم يسلم فقال في ذلك:
وإنَّ امرءاً قد عاش تسعين حجّة * إلى مائة لم يسأم العيش جاهل
خلت مائتان غير ست وأربع * وذلك من عدّ الليالي قلائل
وقال محمّد بن سلمة: أقبل أكثم يريد الإسلام فقتله ابنه عطشاً فسمعت أنَّ هذه الآية نزلت فيه: ((وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أجْرُهُ عَلَى اللهِ))(1) ولم تكن العرب تقدّم عليه أحداً في الحكمة وأنَّه لمَّا سمع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بعث إليه ابنه حبيشاً فقال: يا بني إنّي أعظك بكلمات فخذهن من حين تخرج من عندي إلى أن ترجع إليَّ، ائت نصيبك في شهر رجب فلا تستحلّه فيستحل منك فإنَّ الحرام ليس يحرم نفسه وإنَّما يحرمه أهله، ولا تمرنَّ بقوم إلاَّ تنزل(2) عند أعزّهم وأحدث عقداً مع شريفهم، وإيّاك والذليل فإنَّه هو أذلّ نفسه ولو أعزّها لأعزّه قومه.
فإذا قدمت على هذا الرجل فإنّي قد عرفته وعرفت نسبه وفي في بيت قريش وهي (أعزُّ)(3) العرب وهو أحد رجلين إمَّا ذو نفس أراد ملكاً فخرج للملك بعزّه فوقّره وشرّفه وقم بين يديه ولا تجلس إلاَّ بإذنه حيث يأمرك ويشير إليك فإنَّه إن كان ذلك كان أدفع لشرّه عنك، وأقرب لخيره منك، وإن كان نبيّاً فإنَّ الله لا يحبّ من يسوؤهم، ولا يبطرر.
ص: 422
فيحتشم(1)، وإنَّما يأخذ الخيرة حيث يعلم لا يخطي فيستعتب إنَّما أمره على ما تحبّ وإن كان(2) فستجد أمره كلّه صالحاً، وخبره كلّه صادقاً، وستجده متواضعاً في نفسه متذلّلاً لربه، فذل له ولا تحدثنَّ أمراً دوني فإنَّ الرسول إذا أحدث الأمر من عنده خرج من يدي الذي أرسله، واحفظ ما يقول لك إذا ردّك إليَّ فإنَّك ولو توهّمت أو نسيت حتمتني(3) رسولاً غيرك.
وكتب معه: باسمك اللهم من العبد إلى العبد أمَّا بعد فإنّا بلغنا ما بلغك فقد أتانا عنك خبر لا ندري ما أصله، فإن كنت أريت فأرنا، وإن كنت علمت فعلّمنا وأشركنا في كنزك والسلام.
فكتب إليه رسول الله فيما ذكروا: من محمّد رسول الله إلى أكثم بن صيفي أحمد الله إليك إنَّ الله أمرني أن أقول: لا إله إلاَّ الله أقولها وآمر الناس بها والخلق خلق الله والأمر كلّه لله، خلقهم وأماتهم، وهو ينشرهم وإليه المصير، أدّبتكم بآداب المرسلين ولتسئلنَّ عن النبأ العظيم، ولتعلمنَّ نبأه بعد حين.
فلمَّا جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال لابنه: يا بني ماذا رأيت؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فجمع أكثم بن صيفي إليه بني تميم ثُمَّ قال: يا بني تميم لا تحضروني سفيهاً فإنَّ من يسمع يخل ولكلّ إنسان رأي في نفسه، وإنَّ السفيه واهن الرأي، وإن كان قوي البدن، ولا خير فيمن لا عقل له، يا بني تميم كبرت سنّي ودخلتني ذلّة الكبر، فإذا رأيتم منّي حسناً فائتوه وإذا).
ص: 423
أنكرتم شيئاً فقولوا لي الحقّ(1) أستقم، إنَّ ابني قد جاءني وقد شافه هذا الرجل فرآه يأمر بمكارم الأخلاق(2) وينهى عن ملائمها، ويدعو إلى أن يعبد الله وحده وتخلع الأوثان، ويترك الحلف بالنيران، ويذكر أنَّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنَّ قبله رسلاً لهم كتب، وقد علمت رسولاً قبله كان يأمر بعبادة الله وحده، وإنَّ أحقّ الناس بمعاونة محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم ومساعدته على أمره أنتم، فإن يكن الذي يدعو إليه حقّاً فهو لكم، وإن يكن باطلاً كنتم أحقّ من كفّ عنه وستر عليه.
وقد كان أسقف نجران يحدّث بصفته ولقد كان سفيان بن مجاشع قبله يحدّث به وسمى ابنه محمّداً، وقد علم ذوو الرأي منكم أنَّ الفضل فيما يدعو إليه ويأمر به فكونوا في أمره أوّلاً ولا تكونوا أخيراً، اتّبعوه تشرفوا، وتكونوا سنام العرب وائتوه طائعين قبل أن تأتوه كارهين، فإنّي أرى أمراً ما هو بالهوينا لا يترك مصعداً إلاَّ صعده، ولا منصوباً إلاَّ بلغه.
إنَّ هذا الذي يدعو إليه لو لم يكن ديناً لكان في الأخلاق حسناً أطيعوني واتّبعوا أمري أسأل لكم ما لا ينزع منكم أبداً، إنَّكم أصبحتم أكثر العرب عدداً وأوسعهم بلداً وإنّي أرى أمراً لا يتّبعه ذليل إلاَّ عزّ ولا يتركه عزيز إلاَّ ذل اتّبعوه مع عزّكم تزدادوا عزّاً، ولا يكن أحد مثلكم.
إنَّ الأوّل لم يدع للأخير شيئاً وإنَّ هذا أمر هو لما بعده، من سبق إليه فهو الباقي، ومن اقتدي(3) به الثاني، فاصرموا أمركم، فإنَّ الصريمة قوّة والاحتياط عجز.
فقال مالك بن نويرة: خرف شيخكم، فقال أكثم: ويل للشجي من).
ص: 424
الخلي أراكم سكوتاً وآفة الموعطة الأعراض عنها، ويلك يا مالك إنَّك هالك، إن؟
إذا قام رفع(1) القائم معه، وجعل الصرعى قياماً، فإيّاك أن تكون منهم، أمَّا إذ سبقتموني بأمركم فقرّبوا بعيري أركبه.
فدعا براحلته فركبها فتبعه بنوه وبنو أخيه فقال: لهفي على أمر إن أدركه ولم يسبقني وكتبت طيئ إلى أكثم وكانوا أخواله، وقال آخرون: كتبت بنو مرة وكانوا أخواله: أن أحدث إلينا ما نعيش به.
فكتب: أمَّا بعد فإنّي موصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم، فإنَّها ثبت أصلها ونبت فرعها، وأنهاكم عن معصية الله وقطيعة الرحم فإنَّها لا يثبت لها أصل ولا ينبت لها فرع وإيّاكم ونكاح الحمقاء فإنَّ مباضعتها قذر، وولدها ضياع.
وعليكم بالإبل فأكرموها، فإنَّها حصون العرب، ولا تضعوا رقابها إلاَّ في حقّها فإنَّ فيها مهر الكريمة ورقوء الدم، وبألبانها يتحف الكبير ويغذى الصغير ولو كلفت الإبل الطحن لطحنت، ولن يهلك امرء عرف قدره، والعدم عدم العقل والمرء الصالح لا يعدم المال، ورب رجل خير من مائة ورب فئة أحبُّ إليَّ من فئتين، ومن عتب على الزمان طالت معتبته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، آفة الرأي الهوى، والعادة أملك بالأدب، والحاجة مع المحبّة خير من الغنى مع البغضة والدنيا دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك، وإن قصرت في طلبه، وما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك، وسوء حمل الريبة تضع الشرف، والحسد داءف.
ص: 425
ليس له دواء، والشماتة تعقب، ومن بر قوماً بر به، والندامة مع السفاهة(1)، ودعامة العقل الحلم، وجماع الأمر الصبر، وخير الأمور مغبة العفو، وأبقى المودة حسن التعاهد ومن يز رغباً يزدد حباّ(2).
جمع أكثم بنيه عند موته فقال: يا بني! إنَّه قد أتى عليَّ دهر طويل وأنا مزوّدكم من نفسي قبل الممات، اُوصيكم (الله)(3) بتقوى الله، وصلة الرحم وعليكم بالبر فإنَّه ينمى عليه العدد، ولا يبيد عليه أصل ولا فرع(4) وأنهاكم عن معصية الله، وقطيعة الرحم، فإنَّه لا يثبت عليها أصل ولا ينبت عليها فرع كفوا ألسنتكم فإنَّ مقتل الرجل بين فكيه، إنَّ قول الحقّ لم يدع لي صديقاً.
اُنظروا أعناق الإبل فلا تضعوها إلاَّ في حقّها فإنَّ فيها مهر الكريمة، ورقوء الدم، وإيّاكم ونكاح الحمقاء، فإنَّ نكاحها قذر، وولد ضياع، الاقتصاد في السفر أبقى للجمام، من لم يأس على ما فاته أودع بدنه، من قنع بما هو فيه قرَّت عينه، التقدّم قبل الندم، أصبح عند رأس الأمر أحبُّ إليَّ من أن أصبح عند ذنبه(5).
لم يهلك من عرف قدره، العجز عند البلاء آفة المتحمّل(6)، لن يهلك من مالك ما وعظك، ويل لعالم أمن من جاهل، الوحشة ذهاب
ص: 426
الأعلام، يتشابه الأمر إذا أقبل فإذا أدبر عرفه الكيس والأحمق، والبطر عند الرخاء حمق، وفي طلب المعالي يكون القرب(1)، لا تغضبوا من اليسير فإنَّه يجتني(2) الكثير، لا تجيبوا عمّا لا تسألوه ولا تضحكوا ممّا لا يضحك منه.
تباروا في الدنيا ولا تباغضوا، الحسد في القرب فإنَّه من يجتمع يتقعقع عمده لينفرد بعضهم(3) من بعض في المودة، لا تتكلّموا على القرابة فتقاطعوا، فإنَّ القريب من قرب نفسه، وعليكم بالمال فأصلحوه فإنَّه لا يصلح الأموال إلاَّ بإصلاحكم ولا يتكلنَّ أحدكم على مال أخيه يرى فيه قضاء حاجته، فإنَّه من فعل ذلك كان كالقابض على الماء، ومن استغنى كرم على أهله، وأكرموا الخيل، نعم لهو الحرة المغزل، وحيلة من لا حيلة له، الصبر.
وعاش فروة بن ثعلبة بن نفاية(4) السلولي مائة وثلاثين سنة في الجاهلية ثُمَّ أدرك الإسلام فأسلم.
وعاش مضاد بن حبابة بن مرارة من بني عمرو بن يربوع بن حنظلة بن زيد مناة أربعين ومائة سنة.
وعاش قس بن ساعدة ستمائة سنة وهو الذي يقول:
هل الغيث يعطي الأمر(5) عند نزوله * بحال مسيء في الأمور ومحسن).
ص: 427
ومن قد تولّى وهو قد فات ذاهب * فهل ينفعني ليتني ولو أنَّني
وكذلك يقول لبيد:
وأخلف قسا ليتني ولو أنني * وأعيا على لقمان حكم التدبر
وعاش الحارث بن كعب المذحجي ستّين ومائة سنة(1).
قَالَ الصَّدُوقُ رحمه الله: هَذِهِ الأخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي الْمُعَمَّرينَ قَدْ رَوَاهَا مُخَالِفُونَا أيْضاً مِنْ طَريقِ مُحَمَّدِ بْن السَّائِبِ الْكَلْبِيّ، وَمُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ بْن يَسَارٍ(2)، وَعَوَانَةَ بْن الْحَكَم، وَعِيسَى بْن يَزيدَ بْن رئَابٍ(3)، وَالْهَيْثَم بْن عَدِيٍّ الطَّائِيّ، وَقَدْ رُويَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (كُلَّمَا كَانَ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُهُ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، وَقَدْ صَحَّ هَذَا التَّعْمِيرُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ وَصَحَّتِ الْغَيْبَاتُ الْوَاقِعَةُ بِحُجَج اللهِ عليهم السلام فِيمَا مَضَى مِنَ الْقُرُون فَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى إِنْكَار الْقَائِم عليه السلام لِغَيْبَتِهِ وَطُولِ عُمُرهِ.
مع الأخبار الواردة فيه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وعن الأئمّة عليهم السلام وهي التي قد ذكرناها في هذا الكتاب بأسانيدها.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ النَّخَعِيّ، عَنْ عَمَّهِ الْحُسَيْن بْن يَزيدَ النَّوْفَلِيّ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليه السلام، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كُلُّ مَا كَانَ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ فَإنَّهُ يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُهُ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)(4).6.
ص: 428
الخصال: علي بن عبد الله الأسواري، عن مكّي بن أحمد قال: سمعت إسحاق ابن إبراهيم الطوسي يقول: وكان قد أتى عليه سبعة وتسعون سنة على باب يحيى بن منصور قال: رأيت سربايك ملك الهند في بلد تسمّى صوح فسألناه كم أتى عليك من السنين؟ قال: تسعمائة سنة وخمس وعشرون سنة وهو مسلم فزعم أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنفذ إليه عشرة من أصحابه منهم حذيفة بن يمان وعمرو بن العاص وأسامة بن زيد وأبو موسى الأشعري وصهيب الرومي وسفينة وغيرهم يدعونه إلى الإسلام فأجاب وأسلم وقبل كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، فقلت له: كيف تصلّي مع هذا الضعف؟ فقال لي: قال الله عزّ وجل: ((الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ...))(1) الآية، فقلت له: ما طعامك؟ فقال لي: آكل ماء اللحم والكرّاث، وسألت: هل يخرج منك شيء؟ فقال: في كلّ أسبوع مرّة شيء يسير، وسألته عن أسنانه فقال: أبدلتها عشرين مرّة.
ورأيت له في اسطبله شيئاً من الدواب أكبر من الفيل يقال له: زند فيل، فقلت له: ما تصنع بهذا؟ قال: يحمل ثياب الخدم إلى القصار، ومملكته مسيرة أربع سنين في مثلها، ومدينته طولها خمسون فرسخاً في مثلها، وعلى كلّ باب منها عسكر مائة ألف وعشرين ألفاً إذا وقع في أحد الأبواب حدث، خرجت تلك الفرقة إلى الحرب لا تستعين بغيرها، وهو في وسط المدينة وسمعته تقول: دخلت المغرب فبلغت إلى الرمل: رمل عالج، وصرت إلى قوم موسى عليه السلام فرأيت سطوح بيوتهم مستوية، وبيدر الطعام خارج القرية يأخذون منه القوت والباقي يتركونه هناك1.
ص: 429
وقبورهم في دورهم، وبساتينهم من المدينة على فرسخين، ليس فيهم شيخ ولا شيخة ولم أرَ فيهم علّة ولا يعتلّون إلى أن يموتوا، ولهم أسواق إذا أراد الإنسان منهم شراء شيء صار إلى السوق فوزَّن لنفسه وأخذ ما يصيبه وصاحبه غير حاضر وإذا أرادوا الصلاة حضروا فصلّوا وانصرفوا لا يكون بينهم خصومة ولا كلام يكره إلاَّ ذكر الله عزّ وجل، والصلاة وذكر الموت.
قال الصدوق رحمه الله: إذا كان عند مخالفينا مثل هذه الحال لسربايك ملك الهند فينبغي أن لا يحيلوا مثل ذلك في حجّة الله من التعمير ولا قوّة إلاَّ بالله العليّ العظيم(1).
بيان: (وصبح ليل) عطف على الثواء، قوله: (يغاديه) أي يأتيه غدوة، قوله: (وليل بعد يسري) أي بعد ذلك الصبح يسير ليلاً، و(الشلو) بالكسر العضو، و(السلو) الصبر، وقال الجوهري: الهنيدة المائة من الإبل وغيرها، وقال أبو عبيدة: هي اسم لكلّ مائة وأنشد:
ونصر بن دهمان الهنيدة
عاشها وتسعين عاماً ثُمَّ قوم فانصاتا(2)
وقال في الصاد والتاء: وقد انصات الرجل إذا استوت قامته بعد الانحناء ثُمَّ ذكر هذا البيت والذي بعده(3)، وقال: شرخ الشباب أوّله(4).
قوله: (رهين شيء) أي كلّ شيء احتاج إليه وفي بعض النسخ بالسين المهملة وهو اللبن يكون في أطراف الاخلاف قبل نزول الدرة.4.
ص: 430
و(لدة الرجل) تربه والجمع لدات، و(السبات) بالضم النوم والراحة، قوله: (حتَّى تخط له قبراً) لعلَّه إشارة إلى إدراك ما قبل الجاهلية، و(الكهب) الجاموس المسن، و(الكهبة) بالضم بياض علته كدورة أو الدهمة أو غبرة مشربة سواداً.
و(ثاب الرجل) يثوب ثوباً رجع بعد ذهابه أي نفعت مولى حتَّى يعود إلي نفعه وجزاؤه، و(البث) الحزن، و(الكبر) كعنب الشيخوخة أو هو كصرد جمع الكبرى أي المصائب الكبر، و(يوم مهران ويوم تستر) إشارتان إلى غزوتان مشهورتان في الإسلام كانتا في زمن عمر، و(قدني) أي حسبي، (أن أبيد) أي أهلك وفي بعض النسخ: (وقد لي) أي وقد حان لي(1).
وقال الجوهري: و(لبد) آخر نسور لقمان هو الذي بعثته عاد في وفدها إلى الحرم يستسقي لها فلمَّا اهلكوا خُيَّر لقمان بين بقاء سبع بقرات(2) سمر من أظب عفر، في جبل وعر، لا يمسها القطر، وبين بقاء سبعة أنسر كلّما هلك نسر خلف بعده نسر، فاختار النسور فكان آخر نسوره يسمّى لبداً.
وقال: (مزيقياء) لقب عمرو بن عامر ملك من ملوك اليمن زعموا أنَّه كان يلبس كلّ يوم حلتين فيمزقهما بالعشي ويكره أن يعود فيهما ويأنف أن يلبسهما أحد غيره(3).
وقال: جاء فلان يهادي بين اثنين إذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من ضعفه وتمايله(4).4.
ص: 431
و(إخماد النار) كناية عن خمول الذكر أو ذهاب البركة، قوله: (فإنَّكم لا تلاموا) الحاصل أنَّكم إن بذلتم على قدر وسعكم فسيعذركم الناس ولا يلومونكم ويبقى لكم قوّة على البذل بعد ذلك، وذلك خير من أن تسرفوا وتبذلوا جميع ما في أيديكم وتحتاجوا إليه ويعانوكم، (بالمعذرة) أي بقليل يعتذرون إليكم في ذلك، أو مع كونكم معذورين في السؤال لاضطراركم، وفي بعض النسخ: (من أن تضاموا) أي من أن يظلموكم بأن يعتذروا إليكم مع قدرتهم على البذل وعلى التقادير الأظهر (فإنَّكم إن تلاموا).
(ولا تجشموا) أي لا تكلفوا، (أهل الدناءة) أي البخلاء والذين لم ينشأوا في الخير، (فتقصروا بها) أي تجعلوهم مقصّرين عاجزين عمّا طلبتم منهم والضمير راجع إلى أهل الدناءة بتأويل الجماعة، قوله: (فتبوروا) أي فتهلكوا، و(الازدراء) التحقير، وقوله: (ذكاء قلبه) تفسير للأصغرين، و(التبسّل) إظهار البسالة وهي الشجاعة وفي بعض النسخ: (وتبتلوا) والتبتّل الانقطاع عن الدنيا إلى الله، وقوله: (تسم إليكم الأبصار) من قولهم: سما بصره أي علا، و(القارب) السفينة الصغيرة، و(الشاهور) لعلَّه لغة في الشهر، و(العرمرم) الجيش الكثير.
قوله: (وللدهر أمر مرّة) أي قد يجعل الرجل أميراً وقد يجعله متهجّماً عليه أو للدهر أمور غريبة وتهجّمات والأظهر أنَّه بالكسر بمعنى الشدّة والأمر العجيب، قوله: (ينجم) بضم الجيم أي يطلع ويظهر، قوله: (ويسمو به السم) السم بالضم والكسر الاسم أي يعلو به اسم الله وكلمة التوحيد.
وقوله: (ثمان...) إلى آخر البيت، لعلَّه إشارة إلى الطوائف التي يقتلهم القائم عليه السلام أو يطيعونه، وقوله: (ومن بعد هذا كر تسعون) إشارة إلى من يعود في الرجعة، قوله: (أن يفرقها الدم) لعلَّ المعنى أنَّ كلّها يصرف في الجهاد أو أن دم القتلى حولها يهدمها إمَّا حقيقةً أو مجازاً.
ص: 432
وقال الجوهري: الداحس اسم فرس مشهور لقيس بن زهير بن جذيمة العبسي ومنه حرب داحس، وذلك أنَّ قيساً وحذيفة بن بدر تراهنا على خطر عشرين بعيراً وجعلا الغاية مائة غلوة والمضمار أربعين ليلة والمجرى من ذات الآصاد(1) فأجرى قيس داحساً والغبراء، وأجرى حذيفة الخطار والحنفاء، فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة(2) كميناً على الطريق فردّوا الغبراء ولطموها، وكانت سابقة، فهاجت الحرب بين عبس وذبيان أربعين سنة(3).
قوله: (على العلات) أي على كلّ حال، و(الردء) الفاسد وبنو حام: السودان شبهت الجزر في عظمها وعظم سنامها بجبال صغار عليها بنو حام قعوداً، وأروى اُمّ عثمان وكان الوليد أخاه لاُمّه.
قوله: (واقرع الأرض بالعصا) أي نبّه الغافل بأدنى تنبيه ليعقل، ولا تؤذه ولا تفضحه، قال الجوهري قال الشاعر:
وزعمت أنّا لا حلوم لنا(4) * إنَّ العصا قرعت لذي الحلم
أي إنَّ الحليم إذا نبّه انتبه وأصله أنَّ حكماً من حكّام العرب، عاش حتَّى اهتر فقال لابنته: إذا أنكرت شيئاً من فهمي عند الحكم فاقرعي لي المجن بالعصا لأرتدع، قال المتلمّس: لذي الحلم... البيت(5). انتهى، وعلى ما ذكره يحتمل المراد تنبيهه عند الغفلة.1.
ص: 433
قوله: (فإنَّ من يسمع يخل) هو من الخيال أي إذا أحضرتم سفيهاً فهو يتكلّم على سفاهته، وكلّ من يسمع منه، يقع في خياله شيء ويؤثّر فيه.
وقال الزمخشري في مستقصى الأمثال: (من يسمع يخل) أي يظن ويتّهم بقوله إذا بلغ شيئاً عن رجل فاتهمه، وقيل: إنَّ من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه المكروه عليهم أي إنَّ المجانبة للناس أسلم ومفعولاً (يخل) محذوفان(1). انتهى.
و(الصريمة) العزيمة في الشيء، و(الصرم) القطع، و(الخلي) الخالي من الهم والحزن خلاف الشجي والمثل معروف والمعنى أنّي في هم عظيم لهذا الأمر الذي أدعوكم إليه وأنتم فارغون غافلون فويل لي منكم.
قوله: (وقع القائم معه)(2) أي يصير العزيز بعد ظهور الحقّ ذليلاً والذليل عزيزاً لأنَّ الحقّ يظهر عند غلبة الباطل وأهله، قوله: (أن أدركه) بالفتح أي أن أتلهف على إدراك هذا الأمر فإنّي آئس منه، أو بالكسر فيكون الجزاء محذوفاً أي على أمر إن أدركته فزت أو لهفي عليكم إن أدركته وفات عنكم.
قوله: (والعادة أملك بالأدب) أي الآداب الحسنة إنَّما تملك باعتيادها لتصير ملكة، أو متابعة عادات القوم وما هو معروف بينهم أملكً.
ص: 434
بالآداب والأوّل أظهر. قوله: (ورقوء الدم) قال الجزري: فيه (لا تسبّوا الإبل فإنَّ فيها رقوء الدم) يقال: رقا الدمع والدم والعرق يرقأ رقوءً بالضم إذا سكن وانقطع، والاسم الرفوء بالفتح أي إنَّها تعطى في الديات بدلاً من القود ويسكن بها الدم(1).
قوله: (التقدّم قبل الندم) أي ينبغي أن يتقدَّم في الأمور قبل أن يفوت ولا يبقى إلاَّ الندم، قوله: (الوحشة ذهاب الأعلام) أي إنَّما يكون الوحشة في الطرق عند ذهاب الأعلام المنصوبة فيها، فكذا الوحشة بين الناس إنَّما يكون بذهاب العلماء والهداة الذين هم أعلام طرق الحقّ.
قوله: (يكون القرب) أي من الناس أو من الله، وقال الجوهري: (تقعقعت عمدهم) أي ارتحلوا وفي المثل: (من يجتمع يتقعقع عمده) كما يقال: إذا تمّ أمردنا نقصه(2).
غوالي اللئالي: بِالإسْنَادِ إِلَى أحْمَدَ بْن فَهْدٍ، عَنْ بَهَاءِ الدَّين عَلِيّ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَحْيَى بْن النَّجْل الْكُوفِيّ، عَنْ صَالِح بْن عَبْدِ اللهِ الْيَمَنِيّ كَانَ قَدِمَ الْكُوفَةَ، قَالَ يَحْيَى: وَرَأيْتُهُ بِهَا سَنَةَ أرْبَع وَثَلاَثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، عَنْ أبِيهِ عَبْدِ اللهِ الْيَمَنِيّ وَإِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُعَمَّرينَ وَأدْرَكَ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ وَإِنَّهُ رَوَى عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (حُبُّ الدُّنْيَا رَأسُ كُلّ خَطِيئَةٍ، وَرَأسُ الْعِبَادَةِ حُسْنُ الظَّنَّ بِاللهِ)(3).
غوالي اللئالي: حَدَّثَنِي الْمَوْلَى الْعَالِمُ الْوَاعِظُ عَبْدُ اللهِ بْنُ فَتْح اللهِ بْن9.
ص: 435
عَبْدِ الْمَلِكِ(1)، عَنْ تَاج الدَّين حَسَن السرايشنوي(2)، عَن الشَّيْخ جَمَالِ الدَّين حَسَن بْن يُوسُفَ بْن الْمُطَهَّر، قَالَ: رُوَّيتُ عَنْ مَوْلاَنَا شَرَفِ الدَّين إِسْحَاقَ بْن مَحْمُودٍ الْيَمَانِيّ الْقَاضِي بِقُمَّ، عَنْ خَالِهِ مَوْلاَنَا عِمَادِ الدَّين مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن فَتْحَانَ الْقُمَّيّ، عَن الشَّيْخ صَدْر الدَّين السَّاوي، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الشَّيْخ بَابَارَتَنَ وَقَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر فَرَفَعَهُمَا عَنْ عَيْنَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: تَرَى عَيْني هَاتَيْن، طَالَ مَا نَظَرَتَا إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَقَدْ رَأيْتُهُ يَوْمَ حَفْر الْخَنْدَقِ وَكَانَ يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرهِ التُّرَابَ مَعَ النَّاس، وَسَمِعْتُهُ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ فِي ذَلِكَ الْيَوْم: (اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ عِيشَةً هَنِيئَةً وَمِيتَةً سَويَّةً وَمَرَدّاً غَيْرَ مُخْزٍ وَلاَ فَاضِح)(3).
أقول: وروى السيّد علي بن عبد الحميد في كتاب الأنوار المضيئة(4) قال: روى الجدّ السعيد عبد الحميد يرفعه إلى الرئيس أبي الحسن الكاتب البصري وكان من الأدباء(5) قال: في سنة اثنين وتسعين وثلاثمائة أسنت البر سنين عدّة وبعثت السماء درّها في(6) أكناف البصرة، فتسامع العرب بذلك فوردوها من الأقطار البعيدة(7) على اختلاف لغاتهم(8)، فخرجت مع جماعة(9) نتصفّح أحوالهم).
ص: 436
ونلتمسنَّ فائدة ربما وجدناها عند أحدهم، فارتفع لنا بيت عال فقصدناه فوجدنا في كسره شيخاً جالساً قد سقط حاجباه على عينيه كبراً وحوله جماعة من عبيده وأصحابه فسلّمنا عليه فردَّ التحية وأحسن التلقية، فقال له رجل منّا: هذا السيّد وأشار إليَّ هو الناظر في معاملة الدرب وهو من الفصحاء وأولاد العرب وكذلك الجماعة ما منهم إلاَّ من ينسب إلى قبيلة ويختصّ بسداد وفصاحة، وقد خرج وخرجنا معه حين وردتم نلتمس الفائدة المستطرفة من أحدكم وحين شاهدناك رجونا ما نبغيه عندك لعلوّ سنك.
فقال الشيخ: والله يا بني أخي حيّاكم الله إنَّ الدنيا شغلتنا عمّا تبغونه منّي، فإن أردتم الفائدة فاطلبوها عند أبي، وهابيته، وأشار إلى خباء كبير بإزائه(1) فقصدنا البيت فوجدنا فيه شيخاً متضجعاً وحوله من الخدم والأمر أو في مما شاهدناه أوّلا(2) فسلّمنا عليه وأخبرناه بخبر ابنه فقال: يا بني أخي حيّاكم الله إنَّ الذي شغل ابني عمّا التمستموه منه هو الذي شغلني عمّا هذه سبيله ولكن الفائدة تجدونها عند والدي وها هو بيته، وأشار إلى بيت منيف(3)، فقلنا فيما بيننا: حسبنا من الفوائد مشاهدة والد هذا الشيخ الفاني فإن كانت منه فائدة فهي ربح لم نحتسب(4).
فقصدنا ذلك الخباء فوجدنا حوله عدداً كثيراً من الإماء والعبيد فحين رأونا تسرعوا إلينا وبدؤا بالسلام علينا وقالوا: ما تبغون حيّاكم الله؟).
ص: 437
فقلنا: نبغي السلام على سيّدكم وطلب الفائدة من عنده(1)، فقالوا: الفوائد كلّها عند سيدنا ودخل منهم من يستأذن ثُمَّ خرج بالإذن لنا، فدخلنا فإذا سرير في صدر البيت وعليه مخاد من جانبيه، ووسادة في أوّله، وعلى الوسادة رأس شيخ قد بلي وطار شعره(2)، فجهرنا بالسلام فأحسن الردّ وقال قائلنا مثل ما قال لولده، وأعلمناه أنَّه أرشدنا(3) إليك وبشّرنا بالفائدة منك.
ففتح الشيخ عينين قد غارتا في اُمّ رأسه وقال للخدم: أجلسوني(4)، ثُمَّ قَالَ لَنَا: يَا بَنِي أخِي لاَحَدَّثَنَّكُمْ بِخَبَرٍ تَحْفَظُونَهُ عَنّي(5)، كَانَ وَالِدِي لاَ يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ وَيُحِبُّ أنْ تَكُونَ لَهُ عَاقِبَةٌ، فَوُلِدْتُ لَهُ عَلَى كِبَرٍ، فَفَرحَ بِي وَابْتَهَجَ بِمَوْردِي ثُمَّ قَضَى وَلِي سَبْعُ سِنِينَ فَكَفَلَنِي عَمَّي بَعْدَهُ وَكَانَ مِثْلَهُ فِي الْحَذَر عَلَيَّ فَدَخَلَ بِي يَوْماً عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) إِنَّ هَذَا ابْنُ أخِي وَقَدْ مَضَى أبُوهُ لِسَبِيلِهِ وَأنَا كَفِيلٌ بِتَرْبيَتِهِ وَإِنَّنِي أنْفَسُ بِهِ عَلَى الْمَوْتِ فَعَلّمْنِي عُوذَةً اُعَوَّذُهُ بِهَا لِيَسْلَمَ بِبَرَكَتِهَا، فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أيْنَ أنْتَ عَنْ ذَاتِ الْقَلاَقِل؟)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلّم) وَمَا ذَاتُ الْقَلاَقِل؟ قَالَ: (أنْ تُعَوَّذَهُ فَتَقْرَأ عَلَيْهِ سُورَةَ الْجَحْدِ، وَسُورَةَ الإخْلاَص، وَسُورَةَ الْفَلَقِ، وَسُورَةَ النَّاس)، وَأنَا إِلَى الْيَوْم أتَعَوَّذُ بِهَا كُلَّ غَدَاةٍ فَمَا).
ص: 438
اُصِبْتُ وَلاَ اُصِيبَ لِي مَالٌ وَلاَ مَرضْتُ وَلاَ افْتَقَرْتُ وَقَدِ انْتَهَى بِيَ السَّنُّ إِلَى مَا تَرَوْنَ فَحَافِظُوا عَلَيْهَا وَاسْتَكْثِرُوا مِنَ التَّعَوُّذِ بِهَا، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ(1). انْتَهَى.
مجالس الشيخ: عن المفيد، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور قال: حدّثني أبو بكر المفيد الجرجرائي في شهر رمضان سنة ست وسبعين وثلاثمائة قال: اجتمعت مع أبي عمرو عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن العوام بمصر في سنة ست عشر وثلاثمائة وقد ازدحم الناس عليه حتَّى رقي به إلى سطح دار كبيرة كان فيها ومضيت إلى مكّة ولم أزل أتبعه إلى مكّة إلى أن كتبت عنه خمسة عشر حديثاً، وذكر أنَّه ولد في خلافة أبي بكر عتيق بن أبي قحافة وأنَّه لمَّا كان في زمن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام خرجت ووالدي معي اُريد لقاءه فلمَّا صرنا قريباً من الكوفة أو الأرض التي كان بها عطشنا عطشاً شديداً في طريقنا وأشرفنا على التلف وكان والدي شيخاً كبيراً فقلت له: اجلس حتَّى أدور الصحراء أو البرية فلعلّي أقدر على ماء أو من يدلّني عليه أو ماء مطر.
فقصدت أطلب ذلك فلم ألبث عنه غير بعيد إذ لاح لي ماء فصرت إليه فإذا أنا ببئر شبه الركية أو الوادي فنزعت ثيباي واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتَّى رويت وقلت: أمضي وأجيء بأبي فإنَّه قريب منّي فجئت إليه فقلت: قم فقد فرَّج الله عزّ وجل عنّا وهذه عين ماء قريب منّا فقام فلم نرَ شيئاً ولم نقف على الماء وجلس وجلست معه ولم يضطرب إلى أن مات واجتهدت إلى أن واريته وجئت إلى مولانا أمير المؤمنين1.
ص: 439
صلوات الله عليه ولقيته وهو خارج إلى صفين وقد اُخرجت له البغلة فجئت وأمسكت له الركاب فالتفت إليَّ فانكببت اُقبل الركاب فشجَّني في وجهي شجّة.
قال أبو بكر المفيد: ورأيت الشجّة في وجهه واضحة. ثُمَّ سألني عن خبري فأخبرته بقصّتي وقصّة والدي وقصّة العين فقال: (عين لم يشرب منها أحد إلاَّ وعمَّر عمراً طويلاً فأبشر فإنَّك تعمَّر وما كنت لتجدها بعد شربك منها)، وسمّاني بالمعتمّر.
قال أبو بكر المفيد: فحدَّثنا عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالأحاديث وجمعتها ولم تجتمع لغيري منه وكان معه جماعة مشايخ من بلده وهي طنجة.
فسألتهم عنه فذكروا أنَّهم من بلده وأنَّهم يعرفونه بطول العمر وآباؤهم وأجدادهم بمثل ذلك واجتماعه مع مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأنَّه توفي في سنة سبع عشر وثلاثمائة(1).
أقول: روى الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد هذا الخبر بطوله مع الأخبار التي رواها أبو الدنيا عن الشريف طاهر بن موسى الحسيني، عن ميمون بن حمزة الحسيني، عن المعمّر المغربي، وعن أسد بن إبراهيم السلمي والحسين بن محمّد الصيرفي البغدادي معاً، عن أبي بكر محمّد بن محمّد المعروف بالمفيد الجرجرائي، عن عليّ بن عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن عوام البلوي من مدينة بالمغرب يقال لها: مزيده. يعرف بأبي الدنيا الأشجّ المعتمّر إلى آخر ما مرَّ من قصصه وما أوردناه من رواياته في كتاب الفتن وغيره.ي.
ص: 440
ثُمَّ ذكر رحمه الله قصَّة رجل آخر يعرف بالمعمّر المشرقي وقال: هو رجل مقيم ببلاد العجم من أرض الجبل يذكر أنَّه رأى أمير المؤمنين عليه السلام ويعرفه الناس بذلك على مرَّ السنين والأعوام ويقول: إنَّه لحقه مثل ما لحق المغربي من الشجّة في وجهه وأنَّه صحب أمير المؤمنين عليه السلام وخدمه.
وحدَّثني جماعة مختلفو المذاهب بحديثه وأنَّهم رأوه وسمعوا كلامه منهم أبو العبّاس أحمد بن نوح بن محمّد الحنبلي الشافعي حدَّثني بمدينة الرملة في سنة إحدى عشرة وأربعمائة قال: كنت متوجّهاً إلى العراق للتفقّه فعبرت بمدينة يقال لها: سهرورد من أعمال الجبل قريبة من زنجان وذلك في سنة خمسين وأربعمائة(1) فقيل لي: إنَّ هنا شيخاً يزعم أنَّه لقي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فلو صرت إليه(2) لكان ذلك فائدة عظيمة، قال: فدخلنا عليه فإذا هو في بيته لعمل(3) النوار وإذا هو شيخ نحيف الجسم مدوّر اللحية كبيرها وله ولد صغير ولد له منذ سنة.
فقيل له: إنَّ هؤلاء قوم من أهل العلم متوجّهون إلى العراق يحبّون أن يسمعوا من الشيخ ما قد لقي من أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: نعم، كان السبب في لقائي له أنّي كنت قائماً في موضع من المواضع فإذا بفارس مجتاز فرفعت رأسي فجعل الفارس يمرُّ يده على رأسي ويدعو لي فلمَّا أن عبر أخبرت بأنَّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام فهرولت حتَّى لحقته وصاحبته.).
ص: 441
وذكر أنَّه كان معه في تكريت وموضع من العراق يقال له: تل فلان بعد ذلك وكان بين يديه يخدمه إلى أن قبض عليه السلام فخدم أولاده.
قال لي أحمد بن نوح: رأيت جماعة من أهل البلد ذكروا ذلك عنه وقالوا: إنّا سمعنا آباءنا يخبرون عن أجدادنا بحال هذا الرجل وأنَّه على هذه الصفة وكان قد مضى فأقام بالأهواز ثُمَّ انتقل عنها لأذية الديلم له وهو مقيم بسهرورد.
وحدَّثني أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن(1) القمي رحمه الله أنَّ جماعة كانوا حدَّثوه بأنهم رأوا هذا المعمر وشاهدوه وسمعوا ذلك عنه، وحدّثني بحديثه أيضاً قوم من أهل سهرورد ووصفوا لي صفته وقالوا: هو يعمل الزنانير(2).
قال السيد المرتضى قدَّس الله روحه في كتاب الغرر والدرر: أحد المعمّرين الحارث بن كعب بن عمرو بن وعلة بن خالد(3) بن مالك بن أدد المذحجي ومذحج هي اُمّ مالك بن أدر نسب ولده مالك إليها وإنَّما سمّيت مذحج لأنَّها ولدت على أكمة تسمّى مذحجاً وهي مدلة بنت ذي مهجشان(4)، قال أبو حاتم السجستاني: جمع الحارث ابن كعب بنيه لمَّا حضرته الوفاة، فقال: يا بني قد أتت عليَّ ستون ومائة سنة ما صافحت يميني يمين غادر، ولا قنعت نفسي بخلة فاجر، ولا صبوت بابنة عمّ ولا كنة، ولا طرحت عندي مومسة قناعها، ولا بحت لصديق بسر، وإنّي).
ص: 442
لعلى دين شعيب النبيّ عليه السلام وما عليه أحد من العرب غيري وغير أسد بن خزيمة وتميم بن مرّ(1) فاحفظوا وصيتي وموتوا على شريعتي إلهكم فاتقوه يكفكم المهمّ من أموركم ويصلح لكم أعمالكم وإيّاكم ومعصيته لا يحل بكم الدمار وبوحش منكم الديار.
يا بني كونوا جميعاً ولا تتفرّقوا فتكونوا شِيَعاً، وإنَّ موتاً في عزّ خير من حياة في ذلّ وعجز، وكل ما هو كائن كائن وكل جميع إلى تباين، الدهر ضربان فضرب رخاء وضرب بلاء، واليوم يومان فيوم حبرة ويوم عبرة، والناس رجلان فرجل لك ورجل عليك. تزوّجوا(2) الأكفّاء وليستعملنَّ في طيبهنَّ الماء وتجنبوا الحمقاء فإنَّ ولدها إلى أفن ما يكون، ألا إنَّه لا راحة لقاطع القرابة وإذا اختلف القوم أمكنوا عدوّهم منهم، وآفة العدد اختلاف الكلمة، والتفضّل(3) بالحسنة يقي السيئة، والمكافا بالسيئة الدخول فيها، والعمل السوء يزيلل النعماء، وقطيعة الرحم تورث الهمّ، وانتهاك الحرمة يزيل النعمة، وعقوق الوالدين يعقب النكد، ويمحق العدد، ويخرب البلد، والنصيحة تجر الفضيحة، والحقد يمنع الوفد، ولزوم الخطيئة يعقب البلية، وسوء الرعة يقطع أسباب المنفعة والضغائن تدعو إلى التباين. ثُمَّ أنشأ يقول:
أكلت شبابي فأفنيته * وأنضيت بعد دهور دهورا(4)
ثلاثة أهلين صاحبتهم * فبادوا وأصبحت شيخاً كبيرا).
ص: 443
قليل الطعام عسير القيام * قد ترك الدهر خطوي قصيرا
أبيت أراعي نجوم السماء * اُقلّب أمري بطوناً ظهورا
قوله: (ولا صبوت بابنة عمّ ولا كنة) الصبوة رقة الحبّ والكنة امرأة ابن الرجل وامرأة أخيه فأمَّا المومسة فهي الفاجرة البغي أراد بقوله: (إنَّها لم تطرح عنده قناعها) أي لم تبتذل عندي(1) وتنبسط، كما تفعل مع من يريد الفجور بها، وقوله: (فيوم حبرة ويوم عبرة) فالحبرة الفرح والسرور والعبرة تكون من ضدّ ذلك لأنَّ العبرة لا تكون إلاَّ من أمر محزن مولم، فأمَّا (الأفن) فهو الحمق يقال: رجل أفين إذا كان أحمق، ومن أمثالهم وجدان الرقين يغطي على أفن الأفين أي وجدان الماء يغطي على حمق الأحمق وواحد الرقين رقة وهي الفضّة.
فأمَّا قوله: (النصيحة تجر الفضيحة)، فيشبه أن يكون معناه أنَّ النصيح إذا نصح من لا يقبل النصيحة، ولا يصغي إلى موعظته فقد افتضح عنده لأنَّه أفضى إليه بسرّه، وباح بمكنون صدره.
فأمَّا سوء الرعة فإنَّه يقال: فلان حسن الرعة والتورّع أي حسن الطريقة.
ومن المعمّرين المستوغر وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر وإنَّما سمّي المستوغر لبيت قاله وهو:
ينش الماء في الربلات منها * نشيش الرضف في اللبن الوغير
(الربلات) واحدتها ربلة(2)، وربلة بفتح الباء وإسكانها هي (كلّ) لحمة غليظة، هكذا ذكر ابن دريد، و(الرضف) الحجارة المحماة وفي).
ص: 444
الحديث: (كأنَّه على الرضف)، و(اللبن الوغير) لبن تلقى(1) فيه حجارة محماة ثُمَّ يشرب اُخذ من وغرة(2) الظهيرة وهي أشدّ ما يكون من الحرّ ومنه وغر صدر فلان يوغر وغراً إذا التهب من غضب(3) أو حقد.
وقال أصحاب الأنساب: عاش المستوغر ثلاثمائة سنة وعشرين سنة وأدرك الإسلام أو كاد يدرك أوّله وقال ابن سلام: كان المستوغر قديماً وبقي بقاءً طويلاً حتَّى قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها * وعمّرت من عدد السنين مئينا
مائة أتت من بعدها مائتان لي * وازددت من عدد الشهور سنينا
هل ما(4) بقي إلاَّ كما قد فاتنا * يوم يكر وليلة تحدونا
وهو القائل:
إذا ما المرء صم فلم يكلم * وأودى سمعه إلاَّ ندايا
ولاعب بالعشي بني بنيه * كفعل الهر يحترش العظايا
يلاعبهم وودوا لو سقوه * من الذيفان مترعة ملايا
فلا ذاق النعيم ولا شرابا * ولا يشفى من المرض الشفايا
أراد بقوله: (صم فلم يكلم) أي لم يسمع ما يكلم به، فاحتصر ويجوز أن يريد أنَّه لم يكلم لليأس(5) من استماعه فأعرض عن خطابه).
ص: 445
لذلك، وقوله: (وأودى سمعه إلاَّ ندايا) إنَّما أراد أنَّ سمعه هلك إلاَّ أنَّه يسمع الصوت العالي الذي ينادى به، وقوله: (ولاعب بالعشي بني بنيه) فإنَّه مبالغة في وصفه بالهرم والخرف، وأنَّه قد انتهى إلى ملاعبة الصبيان واُنسهم به ويشبه أن يكون خصَّ العشي بذلك لأنَّه وقت رواح الصبيان إلى بيوتهم واستقرارهم فيها.
وقوله: (يحترش العظايا) أي يصيدها والاحتراض أن يقصد الرجل إلى جحر الضب فيضربه بكفه ليحسبه الضب أفعى فيخرج إليه فيأخذه يقال: حرشت الضب واحترشته، ومن أمثالهم: هذا أجل من الحرش، يضرب هذا لأمر يستعظم ويتكلّم بذلك على لسان الضب.
قال ابن دريد: قال الضب لابنه: اتق الحرش، قال: وما الحرش؟ قال: إذا سمعت حركة بباب الجحر فلا تخرج، فسمع يوماً وقع المحفار فقال: يا أبه أهذا الحرش؟ فقال: هذا أجلُّ من الحرش، فجعل مثلاً للرجل إذا سمع الشيء الذي هو أشدّ ممّا كان يتوقّعه.
و(الذيفان) السمّ، و(العظايا) جمع عظاية وهي دويبة معروفة(1).
وأحد المعمّرين دويد بن زيد بن نهد بن زيد بن ليث بن سود(2) بن أسلم _ بضمّ اللام _ بن ألحاف(3) بن قضاعة بن مالك بن مرة بن مالك بن حمير.
قال أبو حاتم: عاش دويد بن زيد أربعمائة سنة وستاً وخمسين).
ص: 446
سنة، وقال ابن دريد: لمَّا حضرت دويد بن زيد الوفاة وكان من المعمّرين قال: ولا تعد العرب معمّراً إلاَّ من عاش مائة وعشرين سنة فصاعداً، قال لبنيه: اُوصيكم بالناس شرّاً، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقبلوا لهم عثرة، قصّروا الأعنة، وطوّلوا الأسنة واطعنوا شزراً واضربوا هبراً، وإذا أردتم المحاجزة فقبل المناجزة، والمرء يعجز لا المحالة، بالجدّ لا بالكد، التجلد ولا التبلد، المنية ولا الدنية، ولا تأسوا على فائت وإن عزَّ فقده، ولا تحنوا إلى ظاعن وإن ألف قربه، ولا تطعموا فتطبعوا ولا تهنوا فتخرعوا ولا يكن لكم المثل السوء إنَّ الموصين بنو سهوات إذا مت فارحبوا خط مضجعز ولا تضنوا عليَّ برحب الأرض وما ذاك بمؤد إليَّ روحاً ولكن راحة(1) نفس خامرها الاشفاق ثُمَّ مات.
قال أبو بكر بن دريد: ومن حديث آخر أنَّه قال:
ليوم يدني(2) لدويد بيته * يا رب نهب صالح حويته
ورب قرن بطل أرديته * ورب غيل حسن لويته
ومعصم مخضب ثنيته * لو كان للدهر بلى أبليته
أو كان قرني واحداً كفيته
ومن قوله أيضاً:
ألقى عليَّ الدهر رجلاً ويدا * والدهر ما أصلح يوماً أفسدا
يفسد ما أصلحه اليوم غدا(3)).
ص: 447
قوله: (اطعنوا شزراً واضربوا هبراً) معنى الشزر أن يطعنه في إحدى ناحيتيه، يقال: (قتل الحبل شزراً) إذا قتله على الشمال، والنظر الشزر نظر بمؤخّر محجر العين، وقال الأصمعي: (نظر إليَّ شزراً) إذا نظر إليه من عن يمينه وشماله، وطعنه طعناً شزراً كذلك، وقوله: (هبراً) قال ابن دريد: يقال: (هبرت اللحم أهبره هبراً) إذا قطعته قطعاً (كباراً)(1) والاسم الهبرة والهبرة وسيف هبار وهابر واللحم هبير ومهبور، و(المحالة) الحيلة، وقوله: (بالجدّ لا بالكد) أي يدرك الرجل حاجته وطلبته بالجدّ وهو الحظ والبخت، ومنه: (رجل مجدود) فإذا كسرت الجيم فهو الانكماش في الأمر والمبالغة فيه، وقوله: (التجلّد ولا التبلّد) أي تجلّدوا ولا تتبلّدوا، وقوله: (فتطيعوا) أي تدنسوا والطبع الدنس، يقال: (طبع السيف يطبع طبعاً) إذا ركبه الصداء، قال ثابث قطنة العتكي: لا خير في طمع يدني إلى طبع وغفة من قوام العيش تكفيني، قوله: (ولا تهنوا فتخرعوا) فالوهن الضعف، و(الخرع) والخراعة اللين، ومنه سميت الشجرة الخروع للينها، وقوله: (إنَّ الموصين بنو سهوان) فالموصين جمع موسى وبنو سهوان ضربه مثلاً أي لا تكوا ممَّن تقدَّم إليهم فسهوا وأعرضوا عن الوصية، قال: إنَّه يضرب هذا المثل للرجل الموثوق به(2) ومعناه إنَّ الذين يحتاجون أن يوصفوا بحوائج إخوانهم هم الذين يسهون عنها لقلّة عنايتهم، وأنت غير غافل ولا ساهٍ عن حاجتي.
وقوله: (فارحبوا) أي وسّعوا والرحب السعة والروح الراحة، وقوله في الشعر: (ورب غيل) فالغيل الساعد الممتلئ والمعصم موضع السوار من اليد.).
ص: 448
ومن المعمّرين زهير بن جناب(1) بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة ابن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن (عمران بن)(2) ألحاف بن قضاعة بن ملك(3) بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير.
قال أبو حاتم: عاش زهير بن جناب مائتي سنة وعشرين سنة وواقع مائتي وقعة وكان سيداً مطاعاً شريفاً في قومه ويقال: كانت فيه عشر خصال لم يجتمعن في غيره من أهل زمانه: كان سيّد قومه، وشريفهم، وخطيبهم، وشاعرهم، ووافدهم إلى الملوك وطبيبهم والطب في ذلك الزمان شرف، وحازي قومه والحزاة الكهان، وكان فارس قومه، وله البيت فيهم والعدد منهم فأوصى بنيه فقال:
يا بني إنّي قد كبرت سنّي وبلغت حرساً من دهري فأحكمتني التجارب والأمور تجربة واختبار، فاحفظوا عنّي ما أقول وعوا: إيّاكم والخور(4) عند المصائب والتواكل عند النوائب، فإنَّ ذلك داعية للغمّ وشماتة للعدوّ وسوء ظنّ بالربّ، وإيّاكم أن تكونوا بالأحداث مغترّين ولها آمنين ومنها ساخرين فإنَّه ما سخر قوم قط إلاَّ ابتلوا، ولكن توقّعوها فإنَّما الإنسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة فمقصّر دونه، ومجاوز موضعه، وواقع عن يمينه وشماله ولا بدَّ أنَّه يصيبه.).
ص: 449
قوله: (حرساً من دهري)، يريد دهرا(1) والحرس الدهر، قال الراجز: (في سنة عشنا بذاك حرساً) فالسنبة المدّة من الدهر. والتواكل أن يكل القوم أمرهم إلى غيرهم، من قولهم: رجل وكل، إذا كان لا يكفي نفسه ويكل أمره إلى غيره ويقال:
رجل وكلة تكلة، والغرض: كلّما نصبته للرمي. وتعاوره أي تداوله.
قال المرتضى رحمه الله وقد أتى لابن الرومي معنى قول زهير بن جناب: الإنسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة، فمقصر دونه، ومجاوز له، وواقع عن يمينه وشماله ثُمَّ لا بدَّ أن يصيبه. في أبيات له فأحسن فيها كلّ الإحسان والأبيات لابن الرومي:
كفى بسراج الشيب في الرأس هاديا * لمن قد أضلّته المنايا لياليا
أمن بعد إبداء المشيب مقاتلي * لرامي المنايا تحسبيني راجيا(2)
غدا الدهر يرميني فتدنو سهامه * لشخصي أخلق أن يصبن سواديا
وكان كرامي الليل يرمي ولا يرى * فلمّا أضاء الشيب شخصي رمانيا
أما البيت الأخير فإنَّه أبدع فيه وغرب، وما علمت أنَّه سبق إلى معناه لأنَّه جعل الشباب كالليل الساتر على الإنسان الحاجز بينه وبين من أراد رميه لظلمته، والشيب مبدياً لمقاتله هادياً إلى إصابته لضوئه وبياضه، وهذا في نهاية حسن المعنى وأراد بقوله: (رماني) أصابني ومثله قول الشاعر:).
ص: 450
فلمَّا رمى شخصي رميت سواده * ولا بدَّ أن يرمى سواد الذي يرمي
وكان زهير بن جناب على عهد كليب وائل ولم يكُ في العرب أنطق من زهير ولا أوجه عند الملوك، وكان لسداد رأيه يسمّى كاهناً ولم تجتمع قضاعة إلاَّ عليه وعلى رزاح بن ربيعة وسمع زهير بعض نسائه تتكلّم بما لا ينبغي لامرأة أن تتكلّم به عند زوجها فنهاها فقالت له: اسكت عنّي وإلاَّ ضربتك بهذا العمود فوالله ما كنت أراك تسمع شيئاً ولا تعقله، فقال عند ذلك:
ألا يا لقوم(1) لا أرى النجم طالعا * ولا الشمس إلاَّ حاجبي(2) بيميني
معزبتي عند القفا بعمودها * يكون نكيري أن أقول ذريني
أميناً على سرّ النساء وربما * أكون على الأسرار غير أمين
فللموت خير من حداج موطأ * مع الظعن لا يأتي المحل لحيني
وهو القائل:
أبني إن أهلك فقد أورثتكم مجدا بنيه
وتركتكم أبناء(3) سادات زنادكم وريه
من كلّ ما نال الفتى قد نلته إلاَّ التحيه
ولقد رحلت البازل الكوماء ليس لها وليه
وخطبت خطبة حازم غير الضعيف ولا العييه
والموت خير للفتى فليهلكنَّ وبه بقيه
من أن يرى الشيخ البجال وقد يهادى بالعشيه).
ص: 451
وهو القائل:
ليت شعري والدهر ذو حدثان * أي حين منيتي تلقاني
أسبات على الفراش خفات * أم يكفي مفجع حران
وقال حين مضت له مائتا سنة من عمره:
لقد عمّرت حتَّى ما اُبالي * أحتفي في صباحي أو مسائي
وحقّ لمن أتت مأتان عاما * عليه أن يملّ من الثواء
قوله: (معزبتي) (يعني امرأته)(1)، يقال: معزبة الرجل وطلته وحنّته(2) كلّ ذلك امرأته، وقوله: (أميناً على سرّ النساء) فالسرّ خلاف العلانية والسرّ أيضاً النكاح قال الحطيئة:
ويحرم سرّ جارهم عليهم * ويأخذ(3) جارهم أنف القصاع
وقال امرؤ القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنّني * كبرت وأن لا يحسن السرّ أمثالي
وكلام زهير يحتمل الوجهين جميعاً لأنَّه إذا كبر وهرم لم تتهيّبه النساء أن يتحدّثنَّ بحضرته بأسرارهنَّ تهاوناً وتعويلاً على ثقل سمعه، وكذلك هرمه و كبره يوجّبان كونه أميناً على نكاح النساء لعجزه عنه، وقوله: (حداج موطأ) الحداج مركب من مراكب النساء والجمع أحداج وحدوج، والظعن والأظعان الهوادج، والظعينة المرأة في الهودج ولا تسمّى ظعينة حتَّى تكون في هودج والجمع ظعائن، وإنَّما أخبر عن هرمه).
ص: 452
وأنَّ موته خير من كونه مع الظعن في جملة النساء، وقوله: (زنادكم وريه) الزناد جمع زند وزندة وهما عودان يتقدح بهما النار وفي أحدهما فروض وهي ثقب(1) فالتي فيها الفروض هي الانثى والذي يقدح بطرفه هو الذكر، ويسمى الزند الأب والزندة الاُمّ وكنّى بزنادكم ورية عن بلوغهم مآربهم تقول العرب: (وريت بك(2) زنادي) أي نلت بك(3) ما اُحبّ من النجح والنجاة ويقال للرجل الكريم: واري الزناد.
فأمَّا التحيّة فهي الملك فكأنَّه قال: من كلّ ما نال الفتى قد نلته إلاَّ الملك، وقيل: التحيّة ههنا الخلود والبقاء، والبازل الناقة التي قد بلغت تسع سنين وهي أشدّ ما تكون، ولفظ البازل في الناقة والجمل سواء، و(الكوماء) العظيمة السنام، و(الولية) برذعة تطرح على ظهر البعير تلي جلده، و(البجال) الذي يبجله قومه ويعظمونه ومعنى (يهادى بالعشيه) أي تماشيه الرجال فيسندونه لضعفه والتهادي المشي الضعيف، وقوله: (أسبات) فالسبات سكون الحركة ورجل مسبوت، و(الخفات) الضعف يقال: خفت الرجل إذا أصابه ضعف من مرض أو جوع، و(المفجع) الذي قد فجع بولد له أو قرابة، و(الحران) العطشان الملتهب وهو ههنا المحترق على قتلاه.
وممَّا يروى لزهير بن جناب:
إذا ما شئت أن تسلى(4) خليلا * فأكثر دونه عدد الليالي).
ص: 453
فما سلى حبيبك مثل نأي * ولا بلى جديدك كابتذال(1)
ومن المعمّرين ذو الإصبع العدواني واسمه حرثان بن محرث بن الحارث ابن ربيعة بن وهب بن ثعلبة بن ظرب بن عمرو بن عتاب بن يشكر بن عدوان وهو الحارث بن عمير بن قيس بن عيلان بن مضر(2)، وإنَّما سمّي الحارث عدوان لأنَّه عدا على أخيه فهمَّ فقتله(3)، وقيل: بل فقأ عينيه، وقيل: إنَّ اسم ذي الإصبع محرث بن حرثان، وقيل: حرثان بن حويرث، وقيل: حرثان بن حارثة ويكنّى أبا عدوان وسبب لقبه بذي الإصبع أنَّ حيّة نهشته على أصبعه فشُلَّت فسمّي بذلك، ويقال: إنَّه عاش مائة وسبعين سنة، وقال أبو حاتم: عاش ثلاثمائة سنة وهو أحد حكّام العرب في الجاهلية وذكر الجاحظ أنَّه كان أثرم وروى عنه:
لا يبعدنَّ عهد الشباب ولا * لذاته ونباته النضر
لولا أولئك ما حفلت متى * عوليت في حرجي إلى قبري
هزئت أثيلة إن رأت هرمي * وأن انحنى لتقادم ظهري
وكان لذي الإصبع بنات أربع فعرض عليهن التزويج فأبين وقلن: خدمتك وقربك أحبُّ إلينا، فأشرف عليهنَّ يوماً من حيث لا يرينه فقلن: لتقل كل واحدة منّا ما فى نفسها فقالت الكبرى:
ألا هل أراها ليلة وضجيعها * أشم كنصل السيف غير مهند
عليم بأدوات النساء وأصله * إذا ما انتمى من سرّ أهلي(4) محتدي).
ص: 454
ويروى: (عين مهند)، ويروى: (من سرّ أصلي ومحتدي)، فقلن لها: أنت تريدين ذا قرابة قد عرفته، وقالت الثانية:
ألا ليت زوجي من اُناس أولى عدى
حديث الشباب طيب الثوب والعطر
لصوق بأكباد النساء كأنَّه
خليفة جان لا ينام على وتر
ويروى: (أولي غنى)، ويروى: (لا ينام على هجري)، فقلن لها: أنت تريدين فتى ليس من أهلك، ثُمَّ قالت الثالثة:
ألا ليته يكسى الجمال نديه * له جفنة تشقى بها المعز والجزر
له حكمات الدهر من غير كبرة * تشين فلا فان(1) ولا ضرع غمر
فقلن لها: أنت تريدين سيّداً شريفاً، وقلن للرابعة: قولي، فقالت: لا أقول شيئاً، فقلن (لها)(2): يا عدوة الله علمت ما في أنفسنا ولا تعلميننا ما في نفسك؟ فقالت: زوج من عود خير من قعود، فمضت مثلاً، فزوّجهنَّ أربعهنَّ وتركهنَّ حولاً.
ثُمَّ أتى الكبرى فقال: يا بنية كيف ترين زوجك؟ فقالت: خير زوج يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة، قال: فما مالكم؟ قالت: خير مال، الإبل، نشرب ألبانها جرعاً، ويروي: (جزعاً) بالزاي معجمة، ونأكل لحمانها مزعاً وتحملنا وضعفتنا معاً، فقال: يا بنية زوج كريم ومال عميم.
ثُمَّ أتى الثانية فقال: يا بنية كيف زوجك؟ فقالت: خير زوج، يكرمر.
ص: 455
أهله وينسى فضله، قال: وما مالكم؟ قالت: البقر تألف الفناء وتملأ الإناء وتودك السقاء، ونساء مع النساء، فقال لها: خظيت وبظيت(1).
ثُمَّ أتى الثالثة فقال: يا بنية كيف زوجك؟ فقالت: لا سمح بذر ولا بخيل حكر، قال: فما مالكم؟ قالت: المعزى، قال: وما هي؟ قالت: لو كنّا نولدها فطماً ونسلخها إدماً، ويروى: (أدماً) بالفتح لم نبغ بها نعماً، فقال لها: حذوة(2) مغنية. ويروى: (حذوى(3) مغنية).
ثُمَّ أتى الصغرى فقال: يا بنية كيف زوجك؟ قالت: شرّ زوج يكرم نفسه ويهين عرسه، قال: فما مالكم؟ قالت: شرّ مال، قال: وما هو؟ قالت: الضأن جوف لا يشبعنَّ، وهيم لا ينقعنَّ، وصم لا يسمعنَّ، وأمر مغويتهنَّ يتبعنَّ، فقال أبوها: (أشبه امرء بعض بزه) فمضت مثلاً.
أمَّا قول إحدى بناته في الشعر: (أشم) فالشمم هو ارتفاع أرنبة الأنف وورودها، يقال: رجل أشم وامرأة شماء وقوم شم، قال حسان:
بيض الوجوه كريمة أنسابهم(4) * شم الأنوف من الطراز الاُول
فالشمم الارتفاع في كلّ شيء فيحتمل أن يكون أراد حسان بشم الأنوف ما ذكرناه من ورود الأرنبة لأنَّ ذلك عندهم دليل العتق والنجابة ويجوز أن يكون أراد بذلك الكناية عن نزاهتهم وتباعدهم عن دنايا الأمور ورذائلها وخصَّ الأنوف بذلك لأنَّ الحميّة والغضب والأنفة فيها ولم يرد طول أنفهم، وهذا أشبه أن يكون مراده لأنَّه قال في أوّل البيت:).
ص: 456
(بيض الوجوه) ولم يرد (بياض)(1) اللون في الحقيقة وإنَّما كنّى بذلك عن نقاء أعراضهم، وجميل أخلاقهم وأفعالهم، كما يقال: جاءني فلان بوجه أبيض، وقد بيَّض فلان وجهه(2) بكذا وكذا، وإنَّما يعني ما ذكرناه.
وقول المرأة: (أشم كنصل السيف) يحتمل الوجهين أيضاً، ومعنى قول حسان: (من الطراز الاُوَل) أي إنَّ أفعالهم أفعال آبائهم وسلفهم فإنَّهم لم يحدثوا أخلاقاً مذمومة لا تشبه نجارهم وأصولهم.
وقولها: (عين مهند) أي هو المهند بعينه، كما يقال: هو هذا بعينه، وعين الشيء نفسه، وعلى الرواية الأخرى: (غير مهند) أي ليس هو السيف المنسوب إلى الهند في الحقيقة وإنَّما هو مشبه به في مضائه.
وقولها: (من سرّ أهلي) أي من أكرمهم وأخلصهم، يقال: فلان في سرّ قومه أي في صميمهم وشرفهم، وسرّ الوادي أطيبه تراباً، و(المحتد) الأصل.
وقول الثانية: (أولي عدى) فإنَّما معناه أن يكون لهم أعداء لأنَّ من لا عدو له هو الفسل الرذل الذي لا خير عنده والكريم الفاضل من الناس هو المحسد المعادى.
وقولها: (لصوق بأكباد النساء) تعني في المضاجعة ويحتمل أن تكون أرادت في المحبّة والمودّة وكنت بذلك عن شدّة محبتهنَّ له وميلهن إليه وهو أشبه.
وقولها: (كأنَّه خليفة جان) أي كأنَّه حيّة للصوقه، و(الجان) جنس من الحيّات فخففت لضرورة الشعر.
وقول الثالثة: (يكسى الجمال نديه) فالندي هو المجلس.).
ص: 457
وقولها: (له حكمات الدهر) تقول: قد أحكمته التجارب وجعلته حكيماً، فأمَّا (الضرع) فهو الضعيف، و(الغمر) الذي لم يجرب الأمور.
وقول الكبرى: (يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة)، ف- (الحليلة) هي امرأة الرجل، و(الوسيلة) الحاجة.
وقولها: (نشرب ألبانها جزعاً) فالجزع جمع جزعة وهي القليل من الماء يبقى في الإناء.
وقوله: (مزعاً) فالمزعة البقية من دسم، ويقال: ما له جزعة ولا مزعة كذا ذكر ابن دريد بالضم في جزعة ووجدت غيره يكسرها ويقول: جزعة، وإذا كسرت فينبغي أن يكون (نشرب ألبانها جزعاً) وتكسر المزعة أيضاً ليزدوج الكلام فيقول: (ونأكل لحمانها مزعاً) فإنَّ المزعة بالكسر هي القطعة من الشحم والمزعة بالكسر أيضاً من الريش والقطن وغير ذلك كالمزقة من الخرق.
و(التمزيع) التقطيع والتشقيق يقال: إنَّه يكاد يتمزَّع من الغيظ، ومزع الظبي في عدوه يمزَّع مزعاً إذا أسرع، وقوله: (مال عميم) أي كثير.
وقول الثانية: (تودك السقاء) من الودك الذي هو الدسم.
وقول الثالثة: (نولدها فطماً) ف- (الفطم) جمع فطيم وهو المفطوم من الرضاع.
وقولها: (نسلخها إدماً) فالإدم جمع إدام وهو الذي يوكل، تقول: لو أنّا فطمناها عند الولادة وسلخناها للإدم من الحاجة لم نبغ بها نعماً، وعلى الرواية الأخرى: أدماً من الإديم، وقوله: (حذوة مغنية) فالحذوة(1) القطعة.).
ص: 458
وقول الصغرى: (جوف لا يشبعن) فالجوف جمع جوفاء وهي العظيمة الجوف، و(الهيم) العطاش، و(لا ينقعنَّ) أي لا يروينَّ، ومعنى قولها: (وأمر مغويتهنَّ يتبعنَّ) أي(1) القطيع من الضأن يمرُّ على قنطرة فتزل واحدة فتقع في الماء فيقعنَّ كلّهن اتّباعاً لها، والضأن يوصف بالبلادة.
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا ابن دريد، قال: حدّثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن يونس، قال ابن دريد: وأخبرنا به العكلي، عن ابن(2) أبي خالد، عن الهيثم بن عدي، عن مسعر بن كدام، قال: حدّثنا سعيد بن خالد الجدلي، قال: لمَّا قدم عبد الملك بن مروان الكوفة بعد قتل مصعب دعا الناس على فرائضهم فأتيناه، فقال: من القوم؟ قلنا: جديلة، قال: جديلة عدوان؟ قلنا: نعم، فتمثَّل عبد الملك:
عذير الحيّ من عدوان كانوا حيّة الأرض
بغى بعضهم بعضاً فلم يرعوا على بعض
ومنهم كانت السادات والموفون بالفرض(3)
ومنهم حكم يقضي فلا ينقض ما يقضي
ومنهم من يحيل الناس(4) بالسُنّة والفرضن.
ص: 459
ثُمَّ أقبل على رجل كنّا قدمناه أمامنا، جسيم وسيم، فقال: أيّكم يقول هذا الشعر؟ فقال: لا أدري، فقلت (أنا)(1) من خلفه: يقول ذو الإصبع، فتركني وأقبل على ذلك الجسيم، وقال: ما كان اسم ذي الإصبع؟ فقال: لا أدري، فقلت أنا من خلفه: حرثان، فأقبل عليه وتركني، فقال: لِمَ سمي ذا الإصبع؟ فقال: لا أدري، فقلت أنا من خلفه: نهشته حيّة على إصبعه، فأقبل عليه وتركني، فقال: من أيّكم كان؟ قال: لا أدري، فقلت أنا من خلفه: من بني ناج، فأقبل على الجسيم فقال: كم عطاؤك؟ قال: سبعمائة درهم، ثُمَّ أقبل عليَّ فقال: كم عطاؤك؟ فقلت: أربعمائة، فقال: يا ابن الزعيزعة حط من عطاء هذا ثلاثمائة وزدها في عطاء هذا، فرحت وعطائي سبعمائة وعطاؤه أربعمائة.
وفي رواية أخرى أنَّه: لمَّا قال له: من أيّكم كان؟ قال: لا أدري، فقلت أنا من خلفه: من بني ناج الذين يقول فيهم الشاعر:
وأمَّا بنو ناج فلا تذكرنهم * ولا تتبعنَّ عينيك من كان هالكا
إذا قلت معروفاً لتصلح بينهم * يقول وهيب لا اُسالم(2) ذلكا
ويروى: (لا أحاول (ذلكا)(3)).
فأضحى كظهر العود جب سنامه * يدب إلى الأعداء أحدب باركا
ويروى:
فأضحى كظهر العود جب سنامه * تحوم عليه الطير أحدب باركاه.
ص: 460
وقد رويت هذه الأبيات لذي الإصبع أيضاً ومن أبيات ذي الإصبع السائرة قوله:
أكاشر ذا الضغن المبين عنهم * وأضحك حتَّى يبدو الناب أجمع
وأهدنه بالقول هدناً ولو يرى * سريرة ما أخفي لبات يفزع
ومعنى (أهدنه) أسكنه، ومن قوله أيضاً:
إذا ما ال دهر جر على اُناس * شراشره(1) أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا
ومعنى (الشراشر) ههنا الثقل، يقال: ألقى علي شراشره وجراميزه أي ثقله، ومن قوله أيضاً:
ذهب الذين إذا رأوني * مقبلا هشوا إليَّ ورحبوا بالمقبل
وهم الذين إذا حملت حمالة * وليقتهم فكأنّني لم أحمل
ومن قوله وهي مشهورة:
لي ابن عمّ على ما كان من خلق * مختلفان فأقليه ويقليني
أزرى بنا أنّنا شالت نعامتنا * فخالني دونه وخلته دوني
لاه ابن عمّك لا أفضلت في نسب(2) * عنّي ولا أنت دياني فتخزوني
أنّي لعمرك ما بأبي بذي غلق * عن الصديق(3) ولا خيري بممنون
ولا لساني على الأدنى بمنطلق * بالفاحشات ولا أغضى على الهون).
ص: 461
ماذا عليَّ وإن كنتم ذوي رحمي * ألا اُحبّكم إن لم تحبّوني
يا عمرو! إلاَّ تدع شتمي ومنقصتي * أضربك حيث تقول الهامة أسقوني
وأنتم معشر زيد على مائة * فأجمعوا أمركم طراً فكيدوني
لا يخرج القسر منّي غير مأبية * ولا ألين لمن لا يبتغي ليني
قوله: (شالت نعامتنا) معناه تنافرنا، فضرب النعام مثلاً أي لا أطمئن إليه ولا يطمئن إليَّ، يقال: شالت نعامة القوم، إذا أجلوا عن الموضع، وقوله: (لاهٍ ابن عمّك) قال قوم: أراد: لله ابن عمّك، وقال ابن دريد: أقسم وأراد(1): الله ابن عمّك وقوله: (عنّي) أي عليَّ، و(الديان) الذي يلي أمره، ومعنى (فتخزوني) أي تسوسني، و(الهون) الهوان.
وقوله: (أضربك حيث تقول الهامة: أسقوني) قال الأصمعي: العطش في الهامة، فأراد: أضربك في ذلك الموضع، أي على الهامة بحيث تعطش، وقال آخرون: العرب تقول: إنَّ الرجل إذا قتل خرجت من رأسه هامة تدور حول قبره وتقول: أسقوني أسقوني فلا تزال كذلك حتَّى يؤخذ بثأره وهذا باطل، ويجوز أن يعنيه ذو الإصبع على مذاهب العرب.
وقوله: (لا يخرج القسر منّي غير مأبية) فالقسر القهر أي إن أخذت قسراً لم أزدد إلاَّ إباءً.
ومن المعمّرين معدي كرب الحميري من آل ذي رعين، قال ابن سلام: وقال معدي كرب الحميري وقد طال عمره:
أراني كلّما أفنيت يوما * أتاني بعده يوم جديد).
ص: 462
يعود ضياؤه(1) في كلّ فجر * ويأبى لي شبابي لا يعود
ومن المعمّرين الربيع بن ضبع الفزاري، يقال: إنَّه بقي إلى أيام بني أميّة، ويروى أنَّه دخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: يا ربيع أخبرني عمّا أدركت من العمر والمدى، ورأيت من الخطوب الماضية، ... وساق الحديث إلى آخر ما مرَّ في رواية الصدوق رحمه الله، وفيه: (لقد طار بك(2) جدّ غير عاثر)، و(عطاء جذم ومقرى ضخم)، ثُمَّ قال(3) رضي الله عنه: إنَّ كان هذا الخبر صحيحاً فيشبه أن يكون سؤال عبد الملك له إنَّما كان في أيّام معاوية(4) لا في ولايته لأنَّ الربع يقول في الخبر: عشت (في الإسلام)(5) ستّين سنة، وعبد الملك ولي في سنة خمس وستّين من الهجرة فإن كان صحيحاً فلا بدَّ مما ذكرناه.
وقد روي أنَّ الربيع أدرك أيّام معاوية، ويقال: إنَّ الربيع لمَّا بلغ مأتي سنة قال:
ألا بلغ بني بني ربيع * فأشرار البنين لكم فداء
بأنّي قد كبرت ودقَّ عظمي * فلا تشغلكم عنّي النساء
وإن كنائني لنساء * صدق وما آلى بني ولا أساؤا
إذا كان الشتاء فأدفئوني * فإنَّ الشيخ يهدمه الشتاءر.
ص: 463
وأمَّا حين يذهب كلّ قر * فسربال خفيف أو رداء
إذا عاش الفتى مأتين عاما * فقد ذهب اللذاذة والفتاء
وقال حين بلغ مأتين وأربعين سنة:
أصبع عنّي الشباب قد حسرا * إن بان عنّي فقد ثوى عصرا
ودعنا قبل أن نودعه * لمَّا قضى من جماعنا وطرا
ها أنا ذا آمل الخلود وقد * أدرك سنّي ومولدي حجرا
أنا امرئ القيس هل سمعت به * هيهاتَ هيهاتَ طال ذا عمرا
أصبحت لا أحمل السلاح ولا * أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به * وحدي وأخشى الرياح والمطرا
من بعد ما قوّة أنوء بها * أصبحت شيخاً اُعالج الكبرا
قوله: (عطاء جذم) أي سريع وكلّ شيء أسرعت فيه فقد جذمته، وفي الحديث: (إذا أذّنت فرتل، وإذا أقمت فاجذم) أي أسرع، و(المقرى) الإناء الذي يقرى فيه، وقوله: (ما آلى بني ولا أساؤا) أي لم يقصّروا والآلي المقصّر(1).
ومن المعمّرين أبو الطمحان القيني واسمه حنظلة بن الشرقي من بني كنانة بن القين، قال أبو حاتم: عاش أبو الطمحان القيني مائتي سنة وقال في ذلك:
حنتني حانيات الدهر حتَّى * كأنّي خاتل يدنو لصيد
قصير الخطب يحسب من رآني * ولست مقيداً أنّي بقيد
ويروى: قريب الخطو، قال أبو حاتم السجستاني: حدَّثني عدّة من أصحابنا أنَّهم سمعوا يونس بن حبيب ينشد هذين البيتين وينشد أيضاً:7.
ص: 464
تقارب خطو رجلك يا دويد(1) * وقيدك الزمان بشر قيد
وهو القائل:
وإنّي من القوم الذي هم هم * إذا مات منهم سيّد(2) قام صاحبه
نجوم سماء كلّما غاب كوكب * بدا كوكب تأوي إليه كواكبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم * دجى الليل حتَّى نظم الجزع ثاقبه
وما زال منهم حيث كان مسوَّد(3) * تسير المنايا حيث سارت كتائبه(4)
ومعنى البيتين الأوّلين يشبه قول أوس بن حجر:
إذا مقرم منّا ذا حدّ نابه * تخمط فينا ناب آخر مقرم
ولطفيل الغنوي مثل هذا المعنى وهو قوله:
كواكب دجن كلّما انقض كوكب * بدا وانجلت عنه الدجنة كوكب
وقد أخذ الخزيمي هذا المعنى فقال:
إذا قمر منّا تغور أو خبا * بدا قمر في جانب الأنفق يلمع
ومثل ذلك:
خلافة أهل الأرض فينا وراثة * إذا مات منّا سيّد قام صاحبه
ومثله:
إذا سيّد منّا مضى لسبيله * أقام عمود الملك(5) آخر سيّد).
ص: 465
وكأنَّ مزاحماً العقيلي نظر إلى قول أبي الطمحان: (أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم) في قوله وقد أحسن:
وجوه لو أنَّ المدلجين اعتشوا بها
صدعن الدجى حتَّى ترى الليل ينجلي
ويقارب ذلك قول حجية بن المضرب السعيدي(1):
أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت * لنورهم الشمس المضيئة والبدر
وأنشد محمّد بن يحيى الصولي في معنى بيت(2) أبي الطمحان:
من البيض الوجوه بني سنان * لو أنَّك تستضيء بهم أضاؤا
هم حلوا من الشرف المعلّى * ومن كرم العشيرة حيث شاؤا
فلو أنَّ السماء دنت لمجد * ومكرمة دنت لهم السماء
وأبو الطمحان القائل(3):
إذا كان في صدر ابن عمّك إحنة * فلا تستثرها سوف يبود دفينها
وهو القائل:
إذا شاء ماعيها(4) استقى من وقيعة * كعين العذاب(5) صفوها لم يكدرء.
ص: 466
و(الوقيعة) المستنقع في الصخرة للماء، ويقال: للماء إذا أزل عن صخرة فوقع في بطن أخرى فهو ماء الوقائع وأنشد(وا)(1) لذي الرمة:
ونلنا سقاطاً من حديث كأنَّه
جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع
ويقال للماء الذي يجري على الصخرة: ماء الحشرج، وللماء الذي يجري بين الحصا والرمل: ماء المفاصل، وأنشدوا لأبي ذؤيب:
مطافيل أبكار حديث نتاجها * تشاب بماء مثل ماء المفاصل
وأنشد أبو محلم السعدي لأبي الطمحان:
بني إذا ما سامك الذل قاهر * عزيز فبعض الذلّ أتقى(2) وأحرز
ولا تحرمنَّ(3) بعض الأمور تعززا * فقد يورث(4) الذلّ الطويل التعزز
وهذان البيتان يرويان لعبد الله بن معاوية الجعفري، وروي لأبي الطمحان أيضاً في هذا المعنى:
يا ربّ مظلمة يوما لطئت لها(5) * تمضي عليَّ إذا ما غاب أنصاري
حتَّى إذا ما انجلت عنّي غيابتها * وثبت فيها وثوب المخدر الضاري
ومن المعمّرين عبد المسيح بن بقيلة الغساني وهو عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة، وبقيلة اسمه ثعلبة، وقيل: الحارث، وإنما سمي بقيلة لأنَّه خرج على قومه في بردين أخضرين فقالوا له: ما أنت إلاَّ بقيلة فسمي بذلك.).
ص: 467
وذكر الكلبي وأبو مخنف وغيرهما أنَّه عاش ثلاثمائة وخمسين سنة وأدرك الإسلام فلم يسلم وكان نصرانياً.
وروي أنَّ خالد بن الوليد لمَّا نزل على الحيرة وتحصّن منه أهلها أرسل إليهم: ابعثوا إليَّ رجلاً من عقلائكم وذوي أنسابكم، فبعثوا إليه عبد المسيح بن بقيلة، فأقبل يمشي حتَّى دنا من خالد فقال (له)(1): أنعم صباحاً أيها الملك، قال: قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه، فمن أين أقصى أثرك أيّها الشيخ؟ قال: من ظهر أبي، قال: فمن أين خرجت؟ قال: من بطن اُمّي، قال: فعلى مَ أنت؟ قال: على الأرض، قال: ففيم أنت؟ قال: في ثيابي، قال: أتعقل لا عقلت، قال: إي والله وأقيد، قال: ابن كم أنت؟ قال: ابن رجل واحد.
قال خالد: ما رأيت كاليوم قط، إنّي أسأله عن الشيء وينحو في غيره، قال: ما أجبتك إلاَّ عمّا سألت، فسل عمّا بدا لك، قال: أعرب أنتم أم نبيط؟ قال: عرب استنبطنا ونبيط(2) استعربنا، قال: (أ)(3) فحرب أنتم أم سلم؟ قال: بل سلم، قال: فما هذه الحصون؟ قال: بنيناها لسفيه نحذر منه حتَّى يجيء الحليم ينهاه، قال: كم أتى لك؟ قال: خمسون وثلاثمائة سنة، قال: فما أدركت؟ قال: أدركت سفن البحر ترفأ إلينا في هذا الجرف(4)، ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج وتضع مكتلها على رأسها لا تزود إلاَّ رغيفاً واحداً حتَّى تأتي الشام ثُمَّ قد أصبحت اليوم خراباً يباباً وذلك دأب الله في العباد والبلاد.).
ص: 468
قال: ومعه سمّ ساعة يقلبه في كفّه، فقال له خالد: ما هذا في كفّك؟ قال: هذا السمّ، قال: وما تصنع به؟ قال: إن كان عندك ما يوافق قومي وأهل بلدي حمدت الله تعالى وقبلته، وإن كانت الأخرى لم أكن أوّل من ساق إليهم ذلاً وبلاءً أشربه وأستريح من الحياة، فإنَّما بقي من عمري اليسير، قال خالد: هاته، فأخذه (ثمّ)(1) قال: بسم الله وبالله ربّ الأرض والسماء الذي لا يضرّ مع اسمه شيء، ثُمَّ أكله(2) فتجللته غشية ثُمَّ ضرب بذقنه في صدره طويلاً ثُمَّ عرف وأفاق كأنَّما نشط من عقال.
فرجع ابن بقيلة إلى قومه فقال: قد جئتكم من عند شيطان أكل سمّ ساعة فلم يضرّه، صانعوا القوم وأخرجوهم عنكم فإنَّ هذا أمر مصنوع لهم، فصالحوهم على مائة ألف درهم، وأنشا ابن بقيلة يقول:
أبعد المنذرين أرى سوما * تروح بالخورنق والسدير(3)
تحاماه فوارس كلّ قوم * مخافة ضيغم عالي الزئير
وصرنا بعد هلك أبي قبيس * كمثل الشاء في اليوم المطير
يريد: أبا قابوس، فصغّره ويروى: كمثل المعز.
تقسمنا القبائل من معد * علانية كأيسار الجوزر
نؤدي الخرج بعد خراج كسرى * وخرج من(4) قريظة والنضير).
ص: 469
كذاك الدهر دولته سجال * فيوم من ساة أو سرور
ويقال: إنَّ عبد المسيح لما بنى بالحيرة قصره المعروف بقصر بني بقيلة قال:
لقد بنيت للحدثان حصنا(1) * لو أن المرء تنفعه الحصون
طويل الرأس أقعس مشمخرا * لأنواع الرياح به حنين(2)
ومما يروى لعبد المسيح بن بقيلة:
والناس أبناء علات فمن علموا * أن قد أقبل فمجفو ومحقور
وهم بنون لاُمّ إن رأوا نشبا * فذاك بالغيب محفوظ ومخفور
وهذا يشبه قول أوس بن حجر:
بني أم ذي المال الكثير يرونه * وإن كان عبداً سيّد الأمر جحفلا
وهم لقليل المال أولاد علة * وإن كان محضاً في العمومة مخولا
وذكر أنَّ بعض مشايخ أهل الحيرة خرج إلى ظهرها يختط ديراً فلمَّا حفر موضع الأساس وأمعن في الاحتفار أصاب كهيأة البيت فدخله، فإذا رجل على سرير من زجاج(3) وعند رأسه كتابة: أنا عبد المسيح بن بقيلة.
حلبت الدهر أشطره حياتي * ونلت من المنى بلغ(4) المزيد
وكافحت الأمور وكافحتني * ولم أحفل بمعضلة كؤود).
ص: 470
وكدت أنال في الشرف الثريا * ولكن لا سبيل إلى الخلود
ومن المعمّرين النابغة الجعدي واسمه قيس بن كعب بن عبد الله بن عامر ابن ربيعة(1) بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ويكنّى أبا ليلى.
وروى أبو حاتم السجستاني قال: كان النابغة الجعدي أسنّ من النابغة الذبياني والدليل على ذلك قوله:
تذكرت والذكرى تهيج على الهوى(2)
ومن حاجة المحزون أن يتذكرا
نداماي عند المنذر بن محرق
أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا
كهول وشبان كأنَّ وجوههم
دنانير ممّا شيف في أرض قيصرا
فهذا يدلُّ على أنَّه كان مع المنذر بن محرق والنابغة الذبياني كان مع النعمان بن المنذر بن محرق.
وقوله: (شيف) يعني جلي والمشوف المجلو، ويقال: إنَّ النابغة غير ثلاثين سنة لا يتكلّم ثُمَّ تكلّم بالشعر ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة باصبهان وكان ديوانه بها وهو الذي يقول:
من يكُ سائلاً عنّي فإنّي * من الفتيان أيام الخنان
وأيّام الخنان أيّام كانت للعرب قديمة هاج بها فيهم مرض في أنوفهم وحلوقهم.).
ص: 471
مضت مائة لعام ولدت فيه * وعشر بعد ذاك وحجتان
فأبقى الدهر والأيام منّي * كما أبقى من السيف اليماني
تفلل وهو مأثور جراز * إذا جمعت(1) بقائمة اليدان
وقال أيضاً في طول عمره:
لبست اُناس فأفنيتهم * وأفنيت بعد اُناس اُناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهم * وكان الإله هو المستآسا
معنى المستآس: المستعارض، وروي عن هشام بن محمّد الكلبي أنَّه عاش مائة وثمانين سنة. وروى ابن دريد عن أبي حاتم في موضع آخر أنَّ النابغة الجعدي عاش مائتي سنة وأدرك الإسلام وروى له:
قالت إمامة كم عمرت زمانة * وذبحت من عتر على الأوثان
العتيرة: شاة تذبح لأصنامهم في رجب في الجاهلية.
ولقد شهدت عكاظ قبل محلها * فيها وكنت أعد مل فتيان
والمنذر بن محرف في ملكه * وشهدت يوم هجائنا لنعمان
وعمَّرت حتَّى جاء أحمد بالهدى * وقوارع تتلى من القرآن
ولبست مل إسلام ثوباً واسعا * من سيب لا حرم ولا منان
وله أيضاً في طول عمره:
المرء يهوى أن يعيش وطول عيش ما(2) يضرّه
تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مرّه).
ص: 472
وتتابع الأيام حتَّى لا يرى شيئاً يسرّه
كم شامت بي إن هلكت وقائل لله درّه
وَرُويَ أنَّ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ كَانَ يَفْتَخِرُ وَيَقُولُ: أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأنْشَدْتُهُ:
بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا * وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَراً
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أبَا لَيْلَى؟)، فَقُلْتُ: الْجَنَّةُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أجَلْ إِنْ شَاءَ اللهُ)، وَأنْشَدْتُهُ:
فَلاَ خَيْرَ فِي حِلْم إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ * بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوُهُ أنْ يُكَدَّراَ(1)
وَلاَ خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ * حَلِيمٌ إِذَا مَا أوْرَدَ الأمْرَ أصْدَرَا
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ يُفَضَّضُ اللهُ فَاكَ)، وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: (لاَ يُفَضَّضُ فُوكَ).
فيقال: إنَّ النابغة عاش عشرين ومائة سنة لم تسقط له سن ولا ضرس، وفي رواية أخرى عن بعضهم قال: رأيته وقد بلغ الثمانين ترف غروبه وكانت كلّما سقطت له ثنية نبتت له أخرى مكانها، وهو من أحسن الناس ثغراً.
معنى (ترف): أي تبرق وكأنَّ الماء يقطر منها.
قال المرتضى رحمه الله: وممّا يشاكل قوله: (إلى الجنّة) في جواب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: (أين المظهر يا أبا ليلى؟)، وإن كان يتضمّن العكس من معناه ما روي من دخول الأخطل على عبد الملك مستغيثاً من فعل الجحاف السلمي وأنَّه أنشده:
لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة * إلى الله منها المشتكى والمعولر.
ص: 473
فإن لم تغيّرها قريش بحلمها(1) * يكن من قريش مستماز ومزحل
فقال عبد الملك (له): إلى أين يا بن اللخناء؟ قال: إلى النار. قال: لو قلت غيرها قطعت لسانك.
فقوله: (إلى النار) تخلّص مليح على البديهة كما تخلّص الجعدي بقوله: إلى الجنّة، وأوّل قصيدة الجعدي التي ذكرنا منها الأبيات:
خليلي غضا ساعة وتهجرا * ولوماً على ما أحدث الدهر أو ذرا
ولا تسألا إنَّ الحياة قصيرة * فطيراً لروعات الحوادث أو قرا
وإن كان أمر لا تطيقان دفعه * فلا تجزعا ممّا قضى الله واصبرا
ألم تعلما أنَّ العلامة نفعها * قليل إذا ما الشيء ولّى فأدبرا
يهيج اللحاء في الملامة ثُمَّ ما * يقرب منّا غير ما كان قدّرا(2)
وفيها يقول:
لوى الله علم الغيب عمّن سواءه * ويعلم منه ما مضى وتأخرا
وجاهدت حتَّى ما أحس ومن معي * سهيلاً إذا ما لاح ثُمَّ تغورا
يريد: أنّي كنت بالشام وسهيل لا يكاد يرى هناك، وهذا بيت معنى(3) وفيها يقول:
ونحن اُناس لا نعود خيلنا
إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا).
ص: 474
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا
من الطعن حتَّى تحسب الجون أشقرا(1)
وليس بمعروف لنا أن نردّها
صحاحاً ولا مستنكراً أن تعقرا
وأخبرنا المرزباني قال: أنشدنا عليّ بن سليمان الأخفش، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى، قال: أنشدني محمّد بن سلام وغيره للنابغة الجعدي:
تلوم على هلك البعير ظعينتي * وكنت على لوم العواذل زاريا
ألم تعلمي أنّي رزئت محاربا * فما لك منه اليوم شيئاً ولا ليا
ومن قبله ما قد رزئت بوحوح * وكان ابن اُمّي والخليل المصافيا
فتى كملت خيراته(2) غير أنَّه * جواد فما يبقي من المال باقيا
فتى تمَّ فيه ما يسرّ صديقه * على أنَّ فيه ما يسوء الأعاديا
أشم طويل الساعدين سميدع * إذا لم يرح للمجد أصبح غاديا
(السميدع) السيّد، وممَّا يروى للنابغة الجعدي:
عقيلية أو من هلال ابن عامر * بذي الرمث من وادي المنار(3) خيامها
إذا ابتسمت في البيت(4) والليل دونها * أضاء دجى الليل البهيم ابتسامها).
ص: 475
وذكر الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء قال: سئل الفرزدق بن غالب عن النابغة الجعدي فقال: صاحب خلقان، يكون عنده مطرف بألف (دينار)(1) وخمار بواف، قال الأصمعي: وصدق الفرزدق بينا النابغة في كلام أسهل من الزلال وأشد من الصخر إذلان وذهب ثُمَّ أنشد له:
سما لك هم ولم تطرب * وبت ببث ولم تنصب
وقالت سليمى أرى رأسه * كناصية الفرس الأشهب
وذلك من وقعات(2) المنون * ففيئي إليك ولا تعجبي
قال: ثُمَّ يقول بعدها:
أتين على إخوة سبعة * وعدنَّ على ربعي الأقرب
ثُمَّ يقول بعدها:
فأدخلك الله برد الجنان * جذلان في مدخل طيب
فألان كلامه حتَّى لو أنَّ أبا الشمقمق قال هذا البيت كان رديئاً ضعيفاً.
قال الأصمعي: وطريق الشعر إذا أدخلته في باب الخير لان ألا ترى أن حسان بن ثابت كان على(3) في الجاهلية والإسلام فلمَّا أدخل شعره في باب الخير من مراثي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وحمزة وجعفر وغيرهما لان شعره(4)؟8.
ص: 476
ثُمَّ قال(1) رضي الله عنه: إنَّ سأل سائل فقال: كيف يصحّ ما أوردتموه من تطاول الأعمار وامتدادها، وقد علمتم أنَّ كثيراً من الناس، ينكر ذلك ويحيله ويقول: إنَّه لا قدرة عليه ولا سبيل إليه، ومنهم من ينزل في إنكاره درجة فيقول: إنَّه وإن كان جائزاً من طريق القدرة والإمكان، فإنَّه ممّا يقطع على انتفائه، لكونه خارقاً للعادات، فإنَّ العادات إذا وثق الدليل بأنَّها لا تنخرق إلاَّ على سبيل الإبانة والدلالة على صدق نبي من الأنبياء عليهم السلام علم أنَّ جميع ما روي من زيادة الأعمار على العادة باطل مصنوع لا يلتفت إلى مثله.
الجواب: قيل له: أمَّا من أبطل تطاول الأعمار من حيث الإحالة، وأخرجه عن باب الإمكان، فقوله ظاهر الفساد لأنَّه لو علم ما العمر في الحقيقة وما المقتضي لدوامه إذا دام، وانقطاعه متى انقطع، لعلم من جواز امتداده ما علمناه، والعمر هو استمرار كون من يجوز أن يكون حيّاً وغير حيّ حيّاً وإن شئت أن تقول: هو استمرار كون الحيّ الذي لكونه على هذه الصفة ابتداء حيّاً.
وإنَّما شرطنا الاستمرار لأنَّه يبعد(2) أن يوصف من كان في حالة واحدة حيّاً بأنَّ له عمراً، بل لا بدَّ من أن يراعوا في ذلك ضرباً من الامتداد والاستمرار، وإن قلَّ.
وشرطنا أن يكون ممن يجوز أن يكون غير حيّ أو يكون لكونه حيّاً ابتداءً، احترازاً من أن يلزم القديم تعالى جلَّت عظمته ممن لا يوصف بالعمر، وإن استمر كونه حيّاً.).
ص: 477
فقد علمنا أنَّ المختصّ بفعل الحياة هو القديم تعالى وفيما تحتاج إليه الحياة من البنية ومن المعاني ما يختصّ به جلَّ وعزَّ، ولا يدخل إلاَّ تحت مقدوره تعالى، كالرطوبة وما جرى مجراها، فمتى فعل القديم تعالى الحياة وما تحتاج إليه من البنية، وهي مما يجوز عليه البقاء وكذلك ما تحتاج إليه فليس ينتفى إلاَّ بضدّ يطرأ عليها أو بضدّ ينفي ما تحتاج إليه والأقوى أنَّه لا بضدّ لها في الحقيقة وربما ادّعى قوم أنَّه ما تحتاج إليه، ولو كان للحياة ضدّ على الحقيقة لم يخل بما نقصده في هذا الباب.
فمهما لم يفعل القديم تعالى ضدّها أو ضدّ ما تحتاج إليه، ولا نقض ناقض بنية الحيّ استمر كون الحيّ حيّاً، ولو كانت الحياة أيضاً لا تبقى على مذهب من رأى ذلك، لكان ما قصدناه صحيحاً لأنَّه تعالى قادر على أن يفعلها حالاً فحالاً ويوالي بين فعلها وبين فعل ما تحتاج إليه فيستمر كون الحيّ حيّاً.
فأمَّا ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان وعلوَّ السن وتناقص بنية الإنسان فليس ممّا لا بدَّ منه، وإنَّما أجرى الله تعالى العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان، ولا إيجاب هناك، ولا تأثير للزمان على وجه من الوجوه، وهو تعالى قادر على أن لا يفعل ما أجرى العادة بفعله.
وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أنَّ تطاول العمر ممكن غير مستحيل وإنَّما أبي(1) من أحال ذلك من حيث اعتقد أنَّ استمرار كون الحيّ حيّاً وجب عن طبيعة وقوّة لهما مبلغ من المادة متى انتهتا إليه انقطعتا، واستحال أن تدوما، فلو أضافوا ذلك إلى فاعل مختار متصرّف لخرج عندهم من باب الاستحالة.).
ص: 478
فأمَّا الكلام في دخول ذلك في العادة أو خروجه عنها فلا شكّ في أنَّ العادة قد جرت في الأعمار بأقدار متقاربة يعدُّ الزائد عليها خارقاً للعادة إلاَّ أنَّه قد ثبت أنَّ العادات قد تختلف في الأوقات وفي الأماكن أيضاً، ويجب أن يراعى في العادات إضافتها إلى من هي عادة له في المكان والوقت.
وليس بممتنع أن يقل ما كانت العادة جارية به على تدريج حتَّى يصير حدوثه خارقاً للعادة بغير خلاف ولا أن يكثر الخارق للعادة حتَّى يصير حدوثه غير خارق لها على خلاف فيه، وإذا صحَّ ذلك لم يمتنع أن يكون العادات في الزمان الغابر كانت جارية بتطاول الأعمار وامتدادها ثُمَّ تناقص ذلك على تدريج حتَّى صارت عادتنا الآن جارية بخلافه، وصار ما بلغ مبلغ تلك الأعمار خارقاً للعادة، وهذا جملة فيما أوردناه كافية(1).
أقول: وذكر الشيخ(2) رحمه الله من المعمّرين لقمان بن عاد وأنَّه عاش ثلاثة آلاف سنة وخمس مائة سنة، وقال: وفيه يقول الأعشى:
لنفسك إذ تختار سبعة أنسر * إذا ما مضى نسر خلدت إلى نسر
فعمر حتَّى خال أنَّ نسوره خلود * وهل تبقى النفوس على الدهر
وقال لأدناهن إذ حلَّ ريشه * هلكت وأهلكت ابن عاد وما تدري
قال: ومنهم ربيع بن ضبع بن وهب بن بغيض بن مالك بن سعد بن عبس بن فزارة، عاش ثلاثمائة سنة وأربعين سنة، ثُمَّ ذكر ما مرَّ من قصصه وأشعاره(3). .
ص: 479
ثُمَّ ذكر أكثم بن صيفي وأنَّه عاش ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة، وذكر والده صيفي بن رباح أبا أكثم وأنَّه عاش مائتين وسبعين سنة لا ينكر من عقله شيء وهو المعروف بذي الحلم الذي قال فيه المتلمس اليشكري:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الإنسان إلاَّ ليعلما
ومنهم: ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو عاش مائتي سنة وعشرين سنة ولم يشب قط وأدرك الإسلام ولم يسلم، وروى أبو حاتم والرياشي عن العتبي عن أبيه قال: مات ضبيرة السهمي وله مائتا سنة وعشرون سنة وكان أسود الشعر صحيح الأسنان ورثاه ابن عمّه قيس بن عدي فقال:
من يأمن الحدثان بعد ضبيرة السهمي ماتا
منيته المشيب وكان منيته(1) افتلاتا
فتزوّدوا لا تهلكوا من دون أهلكم خفاتا
ومنهم: دريد بن الصمة الجشمي عاش مائتي سنة وأدرك الإسلام ولم يسلم، وكان أحد قوّاد المشركين يوم حنين ومقدَّمهم(2) حضر حرب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فقتل يومئذٍ.
ومنهم: محصن بن غسان بن ظالم الزبيدي عاش مائتي سنة وستاً وخمسين سنة.
ومنهم: عمرو بن حممة الدوسي عاش أربعمائة سنة وهو الذي يقول:).
ص: 480
كبرت وطال العمر حتَّى * كأنّني سليم أفاع ليلة غير مودع
فما الموت أفناني ولكن تتابعت * عليَّ سنون من مصيف ومربع
ثلاث مآت قد مررن كواملا * وها أنا ذا (قد)(1) أرتجي منه أربع
ومنهم: الحارث بن مضاض الجرهمي عاش أربعمائة سنة وهو القائل(2):
كأن لم يكن بين الحجون إلى * الصفا أنيس ولم يسمر بمكّة سامر
بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا * صروف الليالي والجدود العواثر
ومنهم: عبد المسيح بن بقيلة الغساني ذكر الكلبي وأبو عبيدة وغيرهما أنَّه عاش ثلاثمائة سنة وخمسين سنة وذكر من أحواله وأشعاره نحواً ممَّا مرَّ(3).
ثُمَّ ذكر النابغة الجعدي، وأبا الطمحان القيني، وذا الإصبع العدواني، وزهير ابن جنب ودويد بن نهد، والحارث بن كعب وأحوالهم وأقوالهم نحواً مما مرَّ في كلام السيّد رضي الله عنهما(4).
ثُمَّ قال: فهذا طرف من أخبار المعمّرين من العرب واستيفاؤه في الكتب المصنّفة في هذا المعنى موجود.
وأمَّا الفرس فإنَّها تزعم أنَّ فيما تقدَّم من ملوكها جماعة طالت أعمارهم، فيروون أنَّ الضحّاك صاحب الحيتين عاش ألف سنة ومائتي2.
ص: 481
سنة، وإفريدون العادل عاش فوق الألف سنة، ويقولون: إنَّ الملك الذي أحدث المهرجان(1) عاش ألف(2) سنة وخمسمائة استتر منها عن قومه ستمائة سنة وغير ذلك مما هو موجود في تواريخهم وكتبهم لا نطول بذكرها، فكيف يقال: إنَّ ما ذكرناه في صاحب الزمان خارج عن العادات.
ومن المعمّرين من العرب يعرب بن قطحان واسمه ربيعة أوّل من تكلَّم بالعربية ملك مائتي سنة على ما ذكره أبو الحسن النسّابة الأصفهاني في كتاب (الفرع والشجر) وهو أبو اليمن كلّها وهو منها كعدنان إلاَّ شاذّاً نادراً.
ومنهم: عمرو بن عامر مزيقيا، روى الأصفهاني عن عبد المجيد بن أبي عبس الأنصاري والشرقي بن قطامي أنَّه عاش ثمانمائة سنة ثُمَّ ذكر نحواً مما مرَّ في كلام الصدوق رحمه الله(3).
ثُمَّ قال: وقيل(4): إنَّما سمّي مزيقياً لأنَّ على عهده تمزّقت الأزد فصاروا إلى أقطار الأرض وكان ملك أرض سبأ فحدَّثته الكهّان أنَّ الله يهلكها بالسيل العرم فاحتال حتَّى باع ضياعه وخرج فيمن أطاعه من أولاده قبل السيرم العرم ومنه انتشرت الأزد كلّها والأنصار من ولده.
ومنهم: جلهمة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يعرب، ويقال لجلهمة: طيئ وإليه ينسب طيئ كلّها وله خبرى.
ص: 482
يطول شرحه وكان له ابن أخ يقال له: يحابر بن مالك بن أدد، كان قد أتى على كلّ واحد منهما خمسمائة سنة ووقع بينهما ملاحاة بسبب المرعى فخاف جلهمة هلاك عشيرته فرحل عنه وطوى المنازل فسمّي طيئاً وهو صاحب أجأ وسلمى جبلين لطيئ(1) ولذلك خبر يطول معروف.
ومنهم: عمرو بن لحي(2) وهو ربيعة ربن حارثة بن عمر ومزيقيا، في قول علماء خزاعة: كان رئيس خزاعة في حرب خزاعة وجرهم وهو الذي سن السائبة والوصيلة والحام، ونقل صنمين وهما هبل ومناة من الشام إلى مكّة فوضعهما للعبادة فسلّم هبل إلى خزيمة بن مدركة، فقيل: هبل خزيمة، وصعد على أبي قبيس ووضع مناة بالمشلل(3)، وقدم بالنرد وهو أوّل من أدخلها مكّة فكانوا يلعبون بها في الكعبة غدوة وعشية.
فَرُويَ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (رُفِعَتْ إِلَيَّ النَّارُ فَرَأيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ رَجُلاً قَصِيراً أحْمَرَ أزْرَقَ يَجُرُّ قُصْبَهُ(4) فِي النَّار، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ)، وَكَانَ يَلِي مِنْ أمْر الْكَعْبَةِ مَا كَانَ يَلِيهِ جُرْهُمُ قَبْلَهُ حَتَّى هَلَكَ(5).
ووجدت بخطّ الشريف الأجل الرضي أبي الحسن محمّد بن الحسين الموسوي رضي الله عنه تعليقاً في تقاويم جمعها مؤرّخاً بيوم الأحد الخامس عشر من المحرَّم سنة إحدى وثمانى وثلاثمائة أنَّه ذكر له حال .
ص: 483
شيخ بالشام قد جاوز المائة وأربعين سنة فركبت إليه حتَّى تأمّلته وحملته إلى القرب من داري بالكرخ وكان اُعجوبة شاهد الحسن بن عليّ بن محمّد بن الرضا عليهم السلام ووصف صفته إلى غير ذلك من العجائب التي شاهدها(1).
(وقال الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد: إنَّ أهل الملل كلّها متّفقون على جواز امتداد الأعمار وطولها وقد تضمَّنت التوراة من الإخبار بذلك ما ليس بينهم فيه تنازع وفيها أنَّ آدم عليه السلام عاش تسعمائة وثلاثين سنة، وعاش شيث تسعمائة واثنتى عشرة سنة، وعاش أنوش تسعمائة وخمساً وستين سنة، وعاش قنيان(2) تسعمائة سنة وعشر سنين، وعاش مهلائيل ثمانمائة وخمساً وتسعين سنة، وعاش برد تسعمائة واثنتين وستين سنة، وعاش أخنوخ وهو إدريس عليه السلام تسعمائة وخمساً وستين سنة، وعاش متوشلح تسعمائة وتسعاً وستين سنة، وعاش لمك سبع مائة وسبعاً وستين سنة، وعاش نوح تسعمائة وخمسين، وعاش سام ستمائة وتسعين سنة، وعاش أرفخشا(3) أربعمائة وثماني وتسعين سنة، وعاش شالخ أربعمائة وثلاثاً وتسعين سنة، وعاش عابر(4) ثمانمائة وسبعين سنة، وعاش فالغ(5) مائتين وتسعاً وتسعين سنة، وعاش أرغو مائتين وستّين سنة، وعاش باحور مائة وستّاً وأربعين سنة، وعاش تارخ مائتين وثمانين سنة، وعاش).
ص: 484
إبراهيم عليه السلام مائة وخمساً وسبعين سنة، وعاش إسماعيل عليه السلام مائة وسبعاً وثلاثين سنة، وعاش إسحاق عليه السلام مائة وثمانين سنة.
فهذا ما تضمّنته التوراة ممّا ليس بين اليهود والنصارى اختلاف وقد تضمّنت نظيره شريعة الإسلام ولم نجد أحداً من علماء المسلمين يخالفه أو يعتقد فيه البطلان بل قد أجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه.
ثُمَّ قال: ومن المعمّرين عمرو بن حممة الدوسي عاش أربعمائة سنة، قال أبو روق(1): حدّثنا الرياشي(2)، عن عمرو بن بكير، عن الهيثم بن عدي، عن مجالد، عن الشعبي قال: كنّا عند ابن عبّاس في قبة زمزم وهو يفتي الناس فقام إليه رجل فقال له: لقد أفتيت أهل الفتوى فأفت أهل الشعر؟ قال: قل، قال: ما معنى قول الشاعر:
لذي الحلم قبل اليوم ما يقرع العصا * وما علم الإنسان إلاَّ ليعلما
فقال: ذاك عمرو بن حممة الدوسي قضى على العرب ثلاثمائة سنة فلمَّا (كبر)(3) ألزموه وقد رأى السادس أو السابع من ولد ولده، فقال: إنَّ فؤادي بضعة منّي فربما تغيَّر عليَّ اليوم والليلة مراراً وأمثل ما أكونر.
ص: 485
فهما(1) في صدر النهار، فإذا رأيتني قد تغيّرت فاقرع العصا، فكان إذا رأى منه تغيّراً قرع العصا فيراجعه فهمه، فقال المتلمس هذا البيت)(2).
أقول: إلى هنا انتهى ما أردت إيراده من أخبار المعمّرين وإنَّما أطلت في ذلك مع قلَّة الجدوى تبعاً للأصحاب ولئلاَّ يقال: هذا الكتاب عارٍ عن فوائدهم التي أوردوها في هذا الباب.
* * *6.
ص: 486
ص: 487
ص: 488
1 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أهْل بَلَدِنَا الْمُقِيمِينَ كَانُوا بِبَغْدَادَ فِي السَّنَةِ الَّتِي خَرَجَتِ الْقَرَامِطَةُ عَلَى الْحَاجَّ وَهِيَ سَنَةُ تَنَاثُر الْكَوَاكِبِ أنَّ وَالِدِي رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رُوح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَسْتَأذِنُ فِي الْخُرُوج إِلَى الْحَجَّ فَخَرَجَ فِي الْجَوَابِ: (لاَ تَخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ)، فَأعَادَ وَقَالَ: هُوَ نَذْرٌ وَاجِبٌ أفَيَجُوزُ لِيَ الْقُعُودُ عَنْهُ؟ فَخَرَجَ فِي الْجَوَابِ: (إِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَكُنْ فِي الْقَافِلَةِ الأخِيرَةِ)، وَكَانَ فِي الْقَافِلَةِ الأخِيرَةِ فَسَلِمَ بِنَفْسِهِ وَقُتِلَ مَنْ تَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَافِل الاُخَر(1).
2 _ الغيبة للطوسي: رَوَى الشَّلْمَغَانِيُّ فِي كِتَابِ الأوْصِيَاءِ: أبُو جَعْفَرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ إِلَى الْعَسْكَر وَرَأوْا أيَّامَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي الْحَيَاةِ وَفِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن طَنِينٍ فَكَتَبَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ يَسْتَأذِنُ فِي الدُّخُولِ إِلَى الْقَبْر فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ: لاَ تَكْتُبْ اسْمِي فَإنّي لاَ أسْتَأذِنُ، فَلَمْ يَكْتُبْ اسْمَهُ، فَخَرَجَ إِلَى جَعْفَرٍ: (ادْخُلْ أنْتَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأذِنْ)(2).
3 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ حَكِيمَةَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بَعْدَ أرْبَعِينَ يَوْماً مِنْ ولاَدَةِ نَرْجِسَ فَإذَا مَوْلاَنَا صَاحِبُ الزَّمَان يَمْشِي فِي الدَّار فَلَمْ أرَ لُغَةً أفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ فَتَبَسَّمَ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ:).
ص: 489
(إِنَّا مَعَاشِرَ الأئِمَّةِ نَنْشَاُ فِي يَوْم كَمَا يَنْشَاُ غَيْرُنَا فِي سَنَةٍ)، قَالَتْ: ثُمَّ كُنْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أسْألُ أبَا مُحَمَّدٍ عَنْهُ فَقَالَ: (اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ اُمُّ مُوسَى وَلَدَهَا)(1).
4 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الْهَمْدَانِيّ قَالَ: كَانَ(2) عَلَيَّ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَضِقْتُ بِهَا ذَرْعاً ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: لِي حَوَانِيتُ اشْتَرَيْتُهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَثَلاَثِينَ دِينَاراً قَدْ جَعَلْتُهَا لِلنَّاحِيَةِ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلاَ وَاللهِ مَا نَطَقْتُ بِذَلِكَ وَلاَ قُلْتُ، فَكَتَبَ عليه السلام إِلَى مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ: (اقْبِض الْحَوَانِيتَ مِنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا عَلَيْهِ)(3).
5 _ الخرائج والجرائح: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الشَّاشِيُّ: أنَّنِي لَمَّا انْصَرَفْتُ مِنَ الْعِرَاقِ كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ بِمَرْوَ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْن الْكَاتِبُ، وَقَدْ جَمَعَ مَالاً لِلْغَريم.
قَالَ: فَسَألَنِي عَنْ أمْرهِ فَأخْبَرْتُهُ بِمَا رَأيْتُهُ مِنَ الدَّلاَئِل، فَقَالَ: عِنْدِي مَالٌ لِلْغَريم فَمَا تَأمُرُني؟
فَقُلْتُ: وَجَّهْ(4) إِلَى حَاجِزٍ، فَقَالَ لِي: فَوْقَ حَاجِزٍ أحَدٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ الشَّيْخُ، فَقَالَ: إِذَا سَألَنِي اللهُ عَنْ ذَلِكَ أقُولُ إِنَّكَ أمَرْتَنِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيتُهُ بَعْدَ سِنِينَ فَقَالَ: هُوَ ذَا أخْرُجُ إِلَى الْعِرَاقِ وَمَعِي مَالٌ لِلْغَريم وَاُعْلِمُكَ أنّي وَجَّهْتُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ عَلَى يَدِ الْعَابِدِ(5) بْن يَعْلَى).
ص: 490
الْفَارسِيّ وَأحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْكُلْثُومِيّ وَكَتَبْتُ إِلَى الْغَريم بِذَلِكَ وَسَألْتُهُ الدُّعَاءَ فَخَرَجَ الْجَوَابُ بِمَا وَجَّهْتُ ذَكَرَ أنَّهُ كَانَ لَهُ قِبَلِي ألْفُ دِينَارٍ وَأنّي وَجَّهْتُ إِلَيْهِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ لأنّي شَكَكْتُ (وَ)(1) أنَّ الْبَاقِيَ لَهُ عِنْدِي فَكَانَ كَمَا وَصَفَ، قَالَ(2): إِنْ أرَدْتَ أنْ تُعَامِلَ أحَداً فَعَلَيْكَ بِأبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ بِالرَّيّ، فَقُلْتُ: أكَانَ كَمَا كَتَبَ إِلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَجَّهْتُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ لأنّي شَكَكْتُ فَأزَالَ اللهُ عَنّي ذَلِكَ، فَوَرَدَ مَوْتُ حَاجِزٍ بَعْدَ يَوْمَيْن أوْ ثَلاَثَةٍ فَصِرْتُ إِلَيْهِ وَأخْبَرْتُهُ بِمَوْتِ حَاجِزٍ فَاغْتَمَّ فَقُلْتُ: لاَ تَغْتَمَّ فَإنَّ ذَلِكَ(3) فِي تَوْقِيعِهِ إِلَيْكَ وَإِعْلاَمِهِ أنَّ الْمَالَ ألْفُ دِينَارٍ وَالثَّانِيَةُ أمْرُهُ بِمُعَامَلَةِ الأسَدِيّ لِعِلْمِهِ بِمَوْتِ حَاجِزٍ(4).
6 _ الخرائج والجرائح: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن أنَّ التَّمِيمِيَّ حَدَّثَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل أسْتَرْآبَادَ(5) قَالَ: صِرْتُ إِلَى الْعَسْكَر وَمَعِي ثَلاَثُونَ دِينَاراً فِي خِرْقَةٍ مِنْهَا دِينَارٌ شَامِيٌّ فَوَافَيْتُ الْبَابَ وَإِنّي لَقَاعِدٌ إِذْ خَرَجَ إِلَيَّ جَاريَةٌ أوْ غُلاَمٌ _ الشَّكُّ مِنَّي _ قَالَ: هَاتِ مَا مَعَكَ! قُلْتُ: مَا مَعِي شَيْ ءٌ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَقَالَ: مَعَكَ ثَلاَثُونَ دِينَاراً فِي خِرْقَةٍ خَضْرَاءَ مِنْهَا دِينَارٌ شَامِيٌّ وَخَاتَمٌ _ كُنْتَ نَسِيتَهُ(6) _، فَأوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ وَأخَذْتُ الْخَاتَمَ(7).
7 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مَسْرُورٍ الطَّبَّاخ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى1.
ص: 491
الْحَسَن بْن رَاشِدٍ لِضِيقَةٍ أصَابَتْنِي فَلَمْ أجِدْهُ فِي الْبَيْتِ فَانْصَرَفْتُ فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ أبِي جَعْفَرٍ فَلَمَّا صِرْتُ فِي الرَّحْبَةِ حَاذَانِي رَجُلٌ لَمْ أرَ وَجْهَهُ وَقَبَضَ عَلَى يَدِي وَدَسَّ إِلَيَّ(1) صُرَّةً بَيْضَاءَ فَنَظَرْتُ فَإذَا عَلَيْهَا كِتَابَةٌ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ دِينَاراً وَعَلَى الصُّرَّةِ مَكْتُوبٌ: مَسْرُورٌ الطَّبَّاخُ(2).
8 _ الخرائج والجرائح: عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم نَاقِصَةً عِشْرينَ فَأتْمَمْتُهاَ(3) مِنْ عِنْدِي وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقُمَّيّ وَلَمْ أكْتُبْ كَمْ لِي مِنْهَا فَأنْفَذَ إِلَيَّ كِتَابَهُ: (وَصَلَتْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً)(4).
9 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ الْمَحْمُودِيّ قَالَ: وُلّينَا دِينَوَرَ مَعَ جَعْفَر بْن عَبْدِ الْغَفَّار فَجَاءَنِي الشَّيْخُ قَبْلَ خُرُوجِنَا فَقَالَ: إِذَا أرَدْتَ الرَّيَّ فَافْعَلْ كَذاَ(5)، فَلَمَّا وَافَيْنَا دِينَوَرَ، وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَلاَيَةُ الرَّيّ بَعْدَ شَهْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى الرَّيّ فَعَمِلْتُ مَا قَالَ لِي(6).
10 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ غِلاَلِ(7) بْن أحْمَدَ، عَنْ أبِي الرَّجَاءِ الْمِصْريّ وَكَانَ أحَدَ الصَّالِحِينَ قَالَ: خَرَجْتُ فِي الطَّلَبِ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ كَانَ شَيْ ءٌ لَظَهَرَ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ،).
ص: 492
فَسَمِعْتُ صَوْتاً وَلَمْ أرَ شَخْصاً: (يَا نَصْرَ بْنَ عَبْدِ رَبَّهِ، قُلْ لأهْل مِصْرَ: هَلْ رَأيْتُمْ رَسُولَ اللهِ فَآمَنْتُمْ بِهِ؟)، قَالَ أبُو رَجَاءٍ: لَمْ أعْلَمْ أنَّ اسْمَ أبِي عَبْدُ رَبَّهِ وَذَلِكَ أنّي وُلِدْتُ بِالْمَدَائِن فَحَمَلَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ النَّوْفَلِيُّ إِلَى مِصْرَ فَنَشَأتُ بِهَا فَلَمَّا سَمِعْتُ الصَّوْتَ لَمْ أعْرجْ عَلَى شَيْ ءٍ وَخَرَجْتُ(1).
11 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي رَوْح قَالَ: وُجَّهْتُ إِلَى امْرَأةٍ مِنْ أهْل دِينَوَرَ فَأتَيْتُهَا فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أبِي رَوْح أنْتَ أوْثَقُ مَنْ فِي نَاحِيَتِنَا دِيناً وَوَرَعاً وَإِنّي اُريدُ أنْ اُوَدَّعَكَ أمَانَةً أجْعَلَهَا فِي رَقَبَتِكَ تُؤَدَّيهَا وَتَقُومُ بِهَا، فَقُلْتُ: أفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَقَالَتْ: هَذِهِ دَرَاهِمُ فِي هَذَا الْكِيس الْمَخْتُوم لاَ تَحُلَّهُ وَلاَ تَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى تُؤَدَّيَهُ إِلَى مَنْ يُخْبِرُكَ بِمَا فِيهِ، وَهَذَا قُرْطِي يُسَاوي(2) عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَفِيهِ ثَلاَثُ حَبَّاتٍ يُسَاوي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَلِي إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان حَاجَةٌ اُريدُ أنْ يُخْبِرَني بِهَا قَبْلَ أنْ أسْألَهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: وَمَا الْحَاجَةُ؟ قَالَتْ: عَشَرَةُ دَنَانِيرَ اسْتَقْرَضَتْهَا اُمَّي فِي عُرْسِي لاَ أدْري مِمَّن اسْتَقْرَضَتْهَا وَلاَ أدْري إِلَى مَنْ أدْفَعُهَا فَإنْ أخْبَرَكَ بِهَا فَادْفَعْهَا إِلَى مَنْ يَأمُرُكَ بِهَا.
قَالَ: (فَقُلْتُ فِي نَفْسِي)(3): وَكَيْفَ أقُولُ لِجَعْفَر بْن عَلِيٍّ(4)؟ فَقُلْتُ: هَذِهِ الْمِحْنَةُ(5) بَيْني وَبَيْنَ جَعْفَر بْن عَلِيٍّ، فَحَمَلْتُ الْمَالَ وَخَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ بَغْدَادَ فَأتَيْتُ حَاجِزَ بْنَ يَزيدَ الْوَشَّاءَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَجَلَسْتُ، قَالَ:).
ص: 493
ألَكَ حَاجَةٌ؟ قُلْتُ: هَذَا مَالٌ دُفِعَ إِلَيَّ لاَ أدْفَعُهُ إِلَيْكَ حَتَّى تُخْبِرَني كَمْ هُوَ وَمَنْ دَفَعَهُ إِلَيَّ؟ فَإنْ أخْبَرْتَنِي دَفَعْتُهُ إِلَيْكَ، قَالَ: يَا أحْمَدَ(1) بْنَ أبِي رَوْح تَوَجَّهْ بِهِ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى، فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ لَهَذَا أجَلُّ شَيْءٍ أرَدْتُهُ، فَخَرَجْتُ وَوَافَيْتُ سُرَّ مَنْ رَأى، فَقُلْتُ: أبْدَاُ بِجَعْفَرٍ، ثُمَّ تَفَكَّرْتُ فَقُلْتُ: أبْدَاُ بِهِمْ فَإنْ كَانَتِ الْمِحْنَةُ مِنْ عِنْدِهِمْ وَإِلاَّ مَضَيْتُ إِلَى جَعْفَرٍ، فَدَنَوْتُ مِنْ دَار أبِي مُحَمَّدٍ فَخَرَجَ إِلَيَّ خَادِمٌ فَقَالَ: أنْتَ أحْمَدُ بْنُ أبِي رَوْح؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هَذِهِ الرُّقْعَةُ اقْرَأهَا، فَإذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم، يَا ابْنَ أبِي رَوْح أوْدَعَتْكَ عَاتِكَةُ بِنْتُ الدَّيْرَانِيّ كِيساً فِيهِ ألْفُ دِرْهَم بِزَعْمِكَ، وَهُوَ خِلاَفُ مَا تَظُنُّ وَقَدْ اُدَّيَتْ فِيهِ الأمَانَةُ وَلَمْ تَفْتَح الْكِيسَ وَلَمْ تَدْر مَا فِيهِ، وَفِيهِ ألْفُ دِرْهَم وَخَمْسُونَ دِينَارا(2)، وَمَعَكَ قُرْطٌ زَعَمَتِ الْمَرْأةُ أنَّهُ يُسَاوي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ صُدَّقَتْ مَعَ الْفَصَّيْن اللَّذَيْن فِيهِ، وَفِيهِ ثَلاَثُ حَبَّاتِ لُؤْلُؤٍ شِرَاؤُهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَتُسَاوي أكْثَرَ، فَادْفَعْ ذَلِكَ إِلَى خَادِمَتِنَا إِلَى فُلاَنَةَ فَإنَّا قَدْ وَهَبْنَاهُ لَهَا، وَصِرْ إِلَى بَغْدَادَ وَادْفَع الْمَالَ إِلَى الْحَاجِز وَخُذْ مِنْهُ مَا يُعْطِيكَ لِنَفَقَتِكَ إِلَى مَنْزلِكَ، وَأمَّا عَشَرَةُ الدَّنَانِير الَّتِي زَعَمَتْ أنَّ اُمَّهَا اسْتَقْرَضَتْهَا فِي عُرْسِهَا وَهِيَ لاَ تَدْري مَنْ صَاحِبُهَا بَلْ هِيَ تَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ لِكُلْثُوم بِنْتِ أحْمَدَ وَهِيَ نَاصِبِيَّةٌ فَتَحَرَّجَتْ أنْ تُعْطِيَهَا وَأحَبَّتْ(3) أنْ تَقْسِمَهَا فِي أخَوَاتِهَا.
فَاسْتَأذَنَتْنَا فِي ذَلِكَ فَلْتُفَرَّقْهَا فِي ضُعَفَاءِ أخَوَاتِهَا، وَلاَ تَعُودَنَّ يَا ابْنَ).
ص: 494
أبِي رَوْح إِلَى الْقَوْلِ بِجَعْفَرٍ وَالْمِحْنَةِ(1) لَهُ وَارْجِعْ إِلَى مَنْزلِكَ فَإنَّ عَمَّكَ قَدْ مَاتَ وَقَدْ رَزَقَكَ(2) اللهُ أهْلَهُ وَمَالَهُ)، فَرَجَعْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَنَاوَلْتُ الْكِيسَ حَاجِزاً فَوَزَنَهُ فَإذَا فِيهِ ألْفُ دِرْهَم وَخَمْسُونَ دِينَاراً فَنَاوَلَنِي ثَلاَثِينَ دِينَاراً وَقَالَ: اُمِرْتُ بِدَفْعِهَا إِلَيْكَ لِنَفَقَتِكَ، فَأخَذْتُهَا وَانْصَرَفْتُ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ وَقَدْ جَاءَنِي مَنْ يُخْبِرُني أنَّ عَمَّي قَدْ مَاتَ(3) وَأهْلِي يَأمُرُونّي بِالانْصِرَافِ إِلَيْهِمْ، فَرَجَعْتُ فَإذَا هُوَ قَدْ مَاتَ وَوَرثْتُ مِنْهُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِينَارٍ وَمِائَةَ ألْفِ دِرْهَم(4).
بيان: قوله: (قال: وكيف) أي قال ابن أبي روح: كيف أقول لجعفر إذا طلب منّي هذا المال، ثُمَّ قلت: أمتحنه بما قالت المرأة ولعلَّ الأصوب: (فقالت) مكان فقلت.
12 _ (الكافي)(5)، والإرشاد: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عَبْدِ اللهِ السَّيَّاريُّ(6) قَالَ: أوْصَلْتُ أشْيَاءَ لِلْمَرْزُبَانِيّ الْحَارثِيّ فِي جُمْلَتِهَا سِوَارُ ذَهَبٍ فَقُبِلَتْ وَرَدَّ(7) السَّوَارَ وَاُمِرْتُ بِكَسْرهِ فَكَسَرْتُهُ فَإذَا فِي وَسَطِهِ مَثَاقِيلُ حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَصُفْرٍ فَأخْرَجْتُهُ وَأنْفَذْتُ الذَّهَبَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُبِلَ(8).
13 _ الكافي، والإرشاد: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ بْن6.
ص: 495
صَالِح، قَالَ: خَرَجْتُ سَنَةً مِنَ السَّنِينَ إِلَى بَغْدَادَ وَاسْتَأذَنْتُ فِي الْخُرُوج فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَأقَمْتُ اثْنَيْن وَعِشْرينَ يَوْماً بَعْدَ خُرُوج الْقَافِلَةِ إِلَى النَّهْرَوَان ثُمَّ أذِنَ لِي بِالْخُرُوج يَوْمَ الأرْبِعَاءِ وَقِيلَ لِيَ: (اخْرُجْ فِيهِ)، فَخَرَجْتُ وَأنَا آيِسٌ مِنَ الْقَافِلَةِ أنْ ألْحَقَهَا، فَوَافَيْتُ النَّهْرَوَانَ وَالْقَافِلَةُ مُقِيمَةٌ، فَمَا كَانَ إِلاَّ أنْ عَلَفْتُ جَمَلِي حَتَّى رَحَلَتِ الْقَافِلَةُ وَرَحَلْتُ، وَقَدْ دَعَا لِي بِالسَّلاَمَةِ فَلَمْ ألْقَ سُوءاً وَالْحَمْدُ للهِ(1).
14 _ الكافي، والخرائج والجرائح، والإرشاد: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ(2)، عَنْ نَصْر(3) بْن صَبَّاح الْبَلْخِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يُوسُفَ الشَّاشِيّ، قَالَ: خَرَجَ بِي نَاسُورٌ فَأرَيْتُهُ الأطِبَّاءَ وَأنْفَقْتُ عَلَيْهِ مَالاً فَلَمْ يَصْنَع الدَّوَاءُ فِيهِ شَيْئاً، فَكَتَبْتُ رُقْعَةً(4) أسْألُ الدُّعَاءَ فَوَقَّعَ لِي: (ألْبَسَكَ اللهُ الْعَافِيَةَ وَجَعَلَكَ مَعَنَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)، فَمَا أتَتْ عَلَيَّ الْجُمُعَةُ حَتَّى عُوفِيتُ وَصَارَ الْمَوْضِعُ مِثْلَ رَاحَتِي فَدَعَوْتُ طَبِيباً مِنْ أصْحَابِنَا وَأرَيْتُهُ إِيَّاهُ فَقَالَ: مَا عَرَفْنَا لِهَذَا دَوَاءً وَمَا جَاءَتْكَ الْعَافِيَةُ إِلاَّ مِنْ قِبَل اللهِ بِغَيْر احْتِسَابٍ(5).
15 _ الكافي، والإرشاد: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أبِي وَصَارَ الأمْرُ إِلَيَّ كَانَ لأبِي عَلَى النَّاس سَفَاتِجُ مِنْ مَالِ الْغَريم _ يَعْنِي صَاحِبَ الأمْر عليه السلام، قَالَ الشَّيْخُ الْمُفِيدُ: وَهَذَا رَمْزٌ كَانَتِ).
ص: 496
الشّيعَةُ تَعْرفُهُ قَدِيماً بَيْنَهَا وَيَكُونُ خِطَابُهَا عَلَيْهِ لِلتَّقِيَّةِ _ قَالَ: فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ اُعْلِمُهُ، فَكَتَبَ إِلَيَّ: (طَالِبْهُمْ وَاسْتَقْص عَلَيْهِمْ)، فَقَضَانِي النَّاسُ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَكَانَتْ عَلَيْهِ سَفْتَجَةٌ بِأرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَجِئْتُ إِلَيْهِ أطْلُبُهُ فَمَطَلَنِي(1) وَاسْتَخَفَّ بِي ابْنُهُ وَسَفِهَ عَلَيَّ فَشَكَوْتُهُ إِلَى أبِيهِ فَقَالَ: وَكَانَ مَا ذَا؟ فَقَبَضْتُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَأخَذْتُ بِرجْلِهِ وَسَحَبْتُهُ إِلَى وَسَطِ الدَّار (وَرَكَلْتُهُ رَكْلاً كَثِيراً)(2) فَخَرَجَ ابْنُهُ مُسْتَغِيثاً بِأهْل بَغْدَادَ يَقُولُ: قُمَّيٌّ رَافِضِيٌّ قَدْ قَتَلَ وَالِدِي! فَاجْتَمَعَ عَلَيَّ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَرَكِبْتُ دَابَّتِي وَقُلْتُ: أحْسَنْتُمْ يَا أهْلَ بَغْدَادَ تَمِيلُونَ مَعَ الظَّالِم عَلَى الْغَريبِ الْمَظْلُوم أنَا رَجُلٌ مِنْ أهْل هَمَذَانَ مِنْ أهْل السُّنَّةِ وَهَذَا يَنْسُبُني إِلَى قُمَّ وَيَرْمِيني بِالرَّفْض لِيَذْهَبَ بِحَقّي وَمَالِي، قَالَ: فَمَالُوا عَلَيْهِ وَأرَادُوا أنْ يَدْخُلُوا إِلَى حَانُوتِهِ حَتَّى سَكَّنْتُهُمْ وَطَلَبَ إِلَيَّ صَاحِبُ السَّفْتَجَةِ أنْ آخُذَ مَا فِيهَا وَحَلَفَ بِالطَّلاَقِ أنَّهُ يُوَفّيني مَالِي فِي الْحَالِ فَاسْتَوْفَيْتُ مِنْهُ(3).
(بيان: في القاموس: (السفتجة) كقرطقة أن تعطي مالاً لأخذ وللآخذ(4).
مال في بلد المعطي فيوفيه إيّاه ثُمَّ، فيستفيد أمن الطريق، وفعله السفتجة بالفتح(5).1.
ص: 497
وقال: (الغريم) المديون، والدائن ضدّ(1). انتهى.
وأقول: تكنيته عليه السلام به تقيّة يحتمل الوجهين، أمَّا على الأوّل: فيكون على التشبيه لأنَّ من عليه الديون يخفي نفسه من الناس ويستتر منهم، أو لأنَّ الناس يطلبونه لأخذ العلوم والشرائع منه وهو يهرب منهم تقيّة فهو غريم مستتر محقّ صلوات الله عليه، وأمَّا على الثاني: فهو ظاهر لأنَّ أمواله عليه السلام في أيدي الناس وذممهم لكثيرة، وهذا أنسب بالأدب.
(واستقص) في بعض النسخ بالضاد المعجمة من قولهم: استقضى فلاناً: طلب إليه ليقضيه، فالتعدية بعلى لتضمين معنى الاستيلاء والاستعلاء، إيذاناً بعدم المساهلة والمدهنة تقيّة، وفي (بعضها) بالمهملة من قوله: استقصى المسألة وتقصى إذا بلغ الغاية فيها، والمماطلة: التسويف بالعدّة والدين، واستخف به أي عدّه خفيفاً واستهان به، (وسفهه عليه) كفرح وكرم جهل.
قوله: (ماذا) استفهام تحقيري، أي استخفافه بك وسفهه عليك سهل، كما يقال في العرب: أيّ شيء وقع؟ و(سحبته) كمنعته، أي جررته على الأرض، و(الركل) الضرب برجل واحدة، وقوله: (أحسنتم) من قبيل التعريض والتشنيع، و(مال عليه) أي جار وظلم، و(همدان) في أكثر النسخ بالدال المهملة، والمعروف عند أهل اللغة: أنَّه بالفتح والمهملة، قبيلة باليمن، وبالتحريك والمعجمة: البلد المعروف، سمّي باسم بانيه همذان بن الفلوح بن سام بن نوح عليه السلام. وإرادة دخولهم إلى حانوته أي دكّانه لأخذ حقّ ابن صالح منه).6.
ص: 498
16 _ الإرشاد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن عِيسَى الْعُرَيْضِيّ، قَالَ: لَمَّا مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام وَرَدَ رَجُلٌ مِنْ مِصْرَ بِمَالٍ إِلَى مَكَّةَ لِصَاحِبِ الأمْر فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاس: إِنَّ أبَا مُحَمَّدٍ قَدْ مَضَى مِنْ غَيْر خَلَفٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِهِ جَعْفَرٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ، فَبَعَثَ رَجُلاً يُكَنَّى أبُو طَالِبٍ إِلَى الْعَسْكَر يَبْحَثُ عَن الأمْر وَصِحَّتِهِ وَمَعَهُ كِتَابٌ فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى جَعْفَرٍ وَسَألَهُ عَنْ بُرْهَانٍ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: لاَ يَتَهَيَّاُ لِي فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى الْبَابِ وَأنْفَذَ الْكِتَابَ إِلَى أصْحَابِنَا الْمَوْسُومِينَ بِالسَّفَارَةِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ: (آجَرَكَ اللهُ فِي صَاحِبكَ فَقَدْ مَاتَ وَأوْصَى بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ إِلَى ثِقَةٍ يَعْمَلُ فِيهِ بِمَا يُحِبُّ)، وَاُجِيبَ عَنْ كِتَابِهِ وَكَانَ الأمْرُ كَمَا قِيلَ لَهُ(1).
17 _ الإرشاد: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَمَلَ رَجُلٌ مِنْ أهْل آبَهْ شَيْئاً يُوصِلُهُ وَنَسِيَ سَيْفاً كَانَ أرَادَ حَمْلَهُ فَلَمَّا وَصَلَ الشَّيْ ءُ كَتَبَ إِلَيْهِ بِوُصُولِهِ وَقِيلَ فِي الْكِتَابِ: (مَا خَبَرُ السَّيْفِ الَّذِي نَسَيْتَهُ؟)(2).
18 _ الإرشاد: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأشْعَريُّ قَالَ: كَانَ يَردُ كِتَابُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي الإجْرَاءِ عَلَى الْجُنَيْدِ قَاتِل فَارس بْن حَاتِم بْن مَاهَوَيْهِ وَأبِي الْحَسَن وَآخَرَ. فَلَمَّا مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ وَرَدَ اسْتِئْنَافٌ مِنَ الصَّاحِبِ عليه السلام بِالإجْرَاءِ لأبِي الْحَسَن وَصَاحِبهِ وَلَمْ يَردْ فِي الْجُنَيْدِ شَيْ ءٌ قَالَ: فَاغْتَمَمْتُ لِذَلِكَ، فَوَرَدَ نَعْيُ الْجُنَيْدِ بَعْدَ ذَلِكَ(3).ر.
ص: 499
19 _ كتاب النجوم: رُوَّينَا بِإسْنَادِنَا إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن جَريرٍ الطَّبَريّ بِإسْنَادِهِ(1) يَرْفَعُهُ إِلَى أحْمَدَ الدَّينَوَريّ السَّرَّاج الْمُكَنَّى بِأبِي الْعَبَّاس الْمُلَقَّبِ بِآستاره قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنْ أرْدَبِيلَ إِلَى دِينَوَرَ اُريدُ أنْ أحُجَّ وَذَلِكَ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام بِسَنَةٍ أوْ سَنَتَيْن وَكَانَ النَّاسُ فِي حِيرَةَ فَاسْتَبْشَرَ أهْلُ دِينَوَرَ بِمُوَافَاتِي وَاجْتَمَعَ الشّيعَةُ عِنْدِي فَقَالُوا: اجْتَمَعَ عِنْدَنَا سِتَّةَ عَشَرَ ألْفَ دِينَارٍ مِنْ مَالِ الْمَوَالِي وَنَحْتَاجُ أنْ نَحْمِلَهَا مَعَكَ وَتُسَلّمَهَا بِحَيْثُ يَجِبُ تَسْلِيمُهاَ(2).
قَالَ: فَقُلْتُ: يَا قَوْم هَذِهِ(3) حِيرَةُ وَلاَ نَعْرفُ الْبَابَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، قَالَ: فَقَالُوا: إِنَّمَا اخْتَرْنَاكَ لِحَمْل هَذَا الْمَالِ لِمَا نَعْرفُ مِنْ ثِقَتِكَ وَكَرَمِكَ فَاعْمَلْ عَلَى أنْ لاَ تُخْرجَهُ مِنْ يَدَيْكَ إِلاَّ بِحُجَّةٍ.
قَالَ: فَحُمِلَ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمَالُ فِي صُرَرٍ بِاسْم رَجُلٍ رَجُلٍ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْمَالَ وَخَرَجْتُ فَلَمَّا وَافَيْتُ قَرْمِيسِينَ كَانَ أحْمَدُ بْنُ الْحَسَن بْن الْحَسَن مُقِيماً بِهَا فَصِرْتُ إِلَيْهِ مُسَلَّماً فَلَمَّا لَقِيَني اسْتَبْشَرَ بِي ثُمَّ أعْطَانِي ألْفَ دِينَارٍ فِي كِيسٍ وَتُخُوتَ ثِيَابِ ألْوَانٍ مُعْكَمَةٍ لَمْ أعْرفْ مَا فِيهَا ثُمَّ قَالَ لِي: احْمِلْ هَذَا مَعَكَ وَلاَ تُخْرجْهُ عَنْ(4) يَدِكَ إِلاَّ بِحُجَّةٍ، قَالَ: فَقَبَضْتُ الْمَالَ وَالتُّخُوتَ بِمَا فِيهَا مِنَ الثّيَابِ.
فَلَمَّا وَرَدْتُ بَغْدَادَ لَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ غَيْرَ الْبَحْثِ عَمَّنْ اُشِيرَ إِلَيْهِ).
ص: 500
بِالنّيَابَةِ فَقِيلَ لِي: إِنَّ هَاهُنَا رَجُلاً يُعْرَفُ بِالْبَاقَطَانِيّ يَدَّعِي بِالنّيَابَةِ، وَآخَرُ يُعْرَفُ بِإسْحَاقَ الأحْمَر يَدَّعِي النّيَابَةَ، وَآخَرُ يُعْرَفُ بِأبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ يَدَّعِي بِالنّيَابَةِ، قَالَ: فَبَدَأتُ بِالْبَاقَطَانِيّ وَصِرْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ شَيْخاً مَهِيباً لَهُ مُرُوءَةٌ ظَاهِرَةٌ وَفَرَسٌ عَرَبيٌّ وَغِلْمَانٌ كَثِيرٌ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عِنْدَهُ يَتَنَاظَرُونَ(1).
قَالَ: فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ وَسَرَّ وَبَرَّ، قَالَ: فَأطَلْتُ الْقُعُودَ إِلَى أنْ خَرَجَ أكْثَرُ النَّاس، قَالَ: فَسَألَنِي عَنْ دِيني(2) فَعَرَّفْتُهُ أنّي رَجُلٌ مِنْ أهْل دِينَوَرَ وَافَيْتُ وَمَعِي شَيْ ءٌ مِنَ الْمَالِ أحْتَاجُ أنْ اُسَلّمَهُ، فَقَالَ لِي: احْمِلْهُ، قَال: فَقُلْتُ: اُريدُ حُجَّةً، قَالَ: تَعُودُ إِلَيَّ فِي غَدٍ، قَالَ: فَعُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ فَلَمْ يَأتِ بِحُجَّةٍ، وَعُدْتُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِثِ فَلَمْ يَأتِ بِحُجَّةٍ.
قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى إِسْحَاقَ الأحْمَر فَوَجَدْتُهُ شَابّاً نَظِيفاً مَنْزلُهُ أكْبَرُ مِنْ مَنْزِلِ الْبَاقَطَانِيّ وَفَرَسُهُ وَلِبَاسُهُ وَمُرُوءَتُهُ أسْرَى وَغِلْمَانُهُ أكْثَرُ مِنْ غِلْمَانِهِ وَيَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاس أكْثَرُ مِمَّا يَجْتَمِعُ عِنْدَ الْبَاقَطَانِيّ، قَالَ: فَدَخَلْتُ وَسَلَّمْتُ فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ، قَالَ: فَصَبَرْتُ إِلَى أنْ خَفَّ النَّاسُ، قَالَ(3): فَسَألَنِي عَنْ حَاجَتِي، فَقُلْتُ لَهُ كَمَا قُلْتُ لِلْبَاقَطَانِيّ وَعُدْتُ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ(4) أيَّام فَلَمْ يَأتِ بِحُجَّةٍ.
قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ فَوَجَدْتُهُ شَيْخاً مُتَوَاضِعاً عَلَيْهِ).
ص: 501
مُبَطَّنَةٌ(1) بَيْضَاءُ قَاعِدٌ عَلَى لِبْدٍ فِي بَيْتٍ صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ غِلْمَانٌ وَلاَ مِنَ الْمُرُوءَةِ وَالْفَرَس مَا وَجَدْتُ(2) لِغَيْرهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ الْجَوَابَ وَأدْنَانِي وَبَسَطَ مِنّي ثُمَّ سَألَنِي عَنْ حَالِي(3) فَعَرَّفْتُهُ أنّي وَافَيْتُ مِنَ الْجَبَل وَحَمَلْتُ مَالاً، قَالَ: فَقَالَ: إِنْ أحْبَبْتَ أنْ يَصِلَ هَذَا الشَّيْ ءُ إِلَى مَنْ يَجِبُ أنْ يَصِلَ إِلَيْهِ تَخْرُجُ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى وَتَسْألُ دَارَ ابْن الرَّضَا وَعَنْ فُلاَن بْن فُلاَنٍ الْوَكِيل _ وَكَانَتْ دَارُ ابْن الرَّضَا عَامِرَةً بِأهْلِهَا _ فَإنَّكَ تَجِدُ هُنَاكَ مَا تُريدُ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَمَضَيْتُ نَحْوَ سُرَّ مَنْ رَأى وَصِرْتُ إِلَى دَار ابْن الرَّضَا وَسَألْتُ عَن الْوَكِيل فَذَكَرَ الْبَوَّابُ أنَّهُ مُشْتَغِلٌ فِي الدَّار وَأنَّهُ يَخْرُجُ آنِفاً فَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ أنْتَظِرُ خُرُوجَهُ فَخَرَجَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقُمْتُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأخَذَ بِيَدِي إِلَى بَيْتٍ كَانَ لَهُ، وَسَألَنِي عَنْ حَالِي وَمَا وَرَدْتُ لَهُ فَعَرَّفْتُهُ أنّي حَمَلْتُ شَيْئاً مِنَ الْمَالِ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَبَل وَأحْتَاجُ أنْ اُسَلّمَهُ بِحُجَّةٍ، قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَدَّمَ إِلَيَّ طَعَاماً وَقَالَ لِي: تَغَدَّ بِهَذَا وَاسْتَرحْ، فَإنَّكَ تَعِبْتَ فَإنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَلاَةِ الاُولَى سَاعَةً فَإنّي أحْمِلُ إِلَيْكَ مَا تُريدُ، قَالَ: فَأكَلْتُ وَنمْتُ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الصَّلاَةِ نَهَضْتُ وَصَلَّيْتُ وَذَهَبْتُ إِلَى الْمَشْرَعَةِ فَاغْتَسَلْتُ وَنَضَّرْتُ(4) وَانْصَرَفْتُ إِلَى بَيْتِ الرَّجُل وَسَكَنْتُ(5) إِلَى أنْ مَضَى مِنَ اللَّيْل رُبُعُهُ فَجَاءَنِي بَعْدَ أنْ مَضَى مِنَ اللَّيْل رُبُعُهُ وَمَعَهُ دَرْجٌ فِيهِ:).
ص: 502
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، وَافَى أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(1) الدَّينَوَريُّ وَحَمَلَ سِتَّةَ عَشَرَ ألْفَ دِينَارٍ فِي كَذَا وَكَذَا صُرَّةً، فِيهَا صُرَّةُ فُلاَن بْن فُلاَنٍ كَذَا وَكَذَا دِينَاراً _ إِلَى أنْ عَدَّدَ الصُّرَرَ كُلَّهَا _ وَصُرَّةُ(2) فُلاَن بْن فُلاَنٍ الذَّرَّاع سِتَّةَ عَشَرَ دِينَاراً).
قَالَ: فَوَسْوَسَ إِلَيَّ الشَّيْطَانُ فَقُلْتُ: إِنَّ سَيّدِي أعْلَمُ بِهَذَا مِنّي؟ فَمَا زِلْتُ أقْرَاُ ذِكْرَهُ صُرَّةً صُرَّةً وَذِكْرَ صَاحِبِهَا حَتَّى أتَيْتُ عَلَيْهَا عِنْدَ آخِرهَا ثُمَّ ذَكَرَ: (قَدْ حُمِلَ مِنْ قَرْمِيسِينَ مِنْ عِنْدِ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمَادَرَائِيّ أخِي الصَّوَّافِ(3) كِيسٌ فِيهِ ألْفُ دِينَارٍ، وَكَذَا وَكَذَا تَخْتاً مِنَ الثّيَابِ مِنْهَا ثَوْبُ فُلاَنٍ وَثَوْبٌ لَوْنُهُ كَذَا...) حَتَّى نَسَبَ الثّيَابَ إِلَى آخِرهَا بِأنْسَابِهَا وَألْوَانِهَا.
قَالَ: فَحَمِدْتُ اللهَ وَشَكَرْتُهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ مِنْ إِزَالَةِ الشَّكَّ عَنْ قَلْبِي فَأمَرَ بِتَسْلِيم جَمِيع مَا حَمَلْتُ إِلَى حَيْثُ يَأمُرُني أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَصِرْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: وَكَانَ خُرُوجِي وَانْصِرَافِي فِي ثَلاَثَةِ أيَّام.
قَالَ: فَلَمَّا بَصُرَ بِي أبُو جَعْفَرٍ رحمه الله قَالَ: لِمَ لَمْ تَخْرُجْ(4)؟ فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مِنْ سُرَّ مَنْ رَأى انْصَرَفْتُ، قَالَ: فَأنَا اُحَدَّثُ أبَا جَعْفَرٍ بِهَذَا إِذْ وَرَدَتْ رُقْعَةٌ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ مِنْ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الأمْر صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَمَعَهَا دَرْجٌ مِثْلُ الدَّرْج الَّذِي كَانَ مَعِي فِيهِ ذِكْرُ الْمَالِ وَالثّيَابِ وَأمَرَ).
ص: 503
أنْ يُسَلَّمَ جَمِيعُ ذَلِكَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن جَعْفَرٍ الْقَطَّان الْقُمَّيّ، فَلَبِسَ أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ ثِيَابَهُ وَقَالَ لِي: احْمِلْ مَا مَعَكَ إِلَى مَنْزلِ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن جَعْفَرٍ الْقَطَّان الْقُمَّيّ، قَالَ: فَحَمَلْتُ الْمَالَ وَالثّيَابَ إِلَى مَنْزلِ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن جَعْفَرٍ الْقَطَّان وَسَلَّمْتُهَا إِلَيْهِ وَخَرَجْتُ إِلَى الْحَجَّ.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى دِينَوَرَ اجْتَمَعَ عِنْدِي النَّاسُ فَأخْرَجْتُ الدَّرْجَ الَّذِي أخْرَجَهُ وَكِيلُ مَوْلاَنَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِلَيَّ وَقَرَأتُهُ عَلَى الْقَوْم فَلَمَّا سَمِعَ بِذِكْر الصُّرَّةِ بِاسْم الذَّرَّاع سَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ وَمَا زِلْنَا نُعَلّلُهُ حَتَّى أفَاقَ، فَلَمَّا أفَاقَ سَجَدَ شُكْراً للهِ عزّ وجل وَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْهِدَايَةِ، الآنَ عَلِمْتُ أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ هَذِهِ الصُّرَّةُ دَفَعَهَا وَاللهِ إِلَيَّ هَذَا الذَّرَّاعُ لَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ اللهُ عزّ وجل.
قَالَ: فَخَرَجْتُ وَلَقِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ أبَا الْحَسَن الْمَادَرَائِيَّ وَعَرَّفْتُهُ الْخَبَرَ وَقَرَأتُ عَلَيْهِ الدَّرْجَ فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ مَا شَكَكْتُ فِي شَيْ ءٍ فَلاَ تَشُكَّ فِي أنَّ اللهَ عزّ وجل لاَ يُخَلّي أرْضَهُ مِنْ حُجَّتِهِ.
اعْلَمْ أنَّهُ لَمَّا غَزَا إِذْكُوتَكِينُ(1) يَزيدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بِشَهْرَزُورَ وَظَفِرَ بِبلاَدِهِ وَاحْتَوَى عَلَى خَزَائِنهِ صَارَ إِلَيَّ رَجُلٌ وَذَكَرَ أنَّ يَزيدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ جَعَلَ الْفَرَسَ الْفُلاَنِيَّ وَالسَّيْفَ الْفُلاَنِيَّ فِي بَابِ مَوْلاَنَا عليه السلام قَالَ: فَجَعَلْتُ أنْقُلُ خَزَائِنَ يَزيدَ بْن عَبْدِ اللهِ إِلَى إِذْكُوتَكِينَ أوَّلاً فَأوَّلاً وَكُنْتُ اُدَافِعُ بِالْفَرَس وَالسَّيْفِ إِلَى أنْ لَمْ يَبْقَ شَيْ ءٌ غَيْرُهُمَا وَكُنْتُ أرْجُو أنْ اُخَلّصَ ذَلِكَ لِمَوْلاَنَا عليه السلام فَلَمَّا اشْتَدَّتْ مُطَالَبَةُ إِذْكُوتَكِينَ إِيَّايَ وَلَمْ يُمْكِنّي مُدَافَعَتُهُ جَعَلْتُ فِي السَّيْفِ وَالْفَرَس فِي(2) نَفْسِي ألْفَ دِينَارٍ وَوَزَنْتُهَا).
ص: 504
وَدَفَعْتُهَا إِلَى الْخَازِن وَقُلْتُ لَهُ: ارْفَعْ(1) هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فِي أوْثَقِ مَكَانٍ وَلاَ تُخْرجَنَّ إِلَيَّ فِي حَالٍ مِنَ الأحْوَالِ(2) وَلَو اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا وَسَلَّمْتُ الْفَرَسَ وَالسَّيْفَ.
قَالَ: فَأنَا قَاعِدٌ فِي مَجْلِسِي بِالَّذِي اُبْرمُ(3) الاُمُورَ وَاُوفِي الْقَصَصَ وَآمُرُ وَأنْهَى إِذْ دَخَلَ أبُو الْحَسَن الأسَدِيُّ وَكَانَ يَتَعَاهَدُنِي الْوَقْتَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَكُنْتُ أقْضِي حَوَائِجَهُ، فَلَمَّا طَالَ جُلُوسُهُ وَعَلَيَّ بُؤْسٌ كَثِيرٌ قُلْتُ لَهُ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: أحْتَاجُ مِنْكَ إِلَى خَلْوَةٍ، فَأمَرْتُ الْخَازِنَ أنْ يُهَيّئَ لَنَا مَكَاناً مِنَ الْخِزَانَةِ، فَدَخَلْنَا الْخِزَانَةَ فَأخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً صَغِيرَةً مِنْ مَوْلاَنَا صلى الله عليه وآله وسلّم فِيهَا: (يَا أحْمَدَ بْنَ الْحَسَن الألْفُ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا عِنْدَكَ ثَمَنُ الْفَرَس وَالسَّيْفِ سَلّمْهَا إِلَى أبِي الْحَسَن الأسَدِيّ)، قَالَ: فَخَرَرْتُ للهِ سَاجِداً شُكْراً لِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ وَعَرَفْتُ أنَّهُ حُجَّةُ اللهِ حَقّاً لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ عَلَى هَذَا أحَدٌ غَيْري فَأضَفْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمَالِ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِينَارٍ اُخْرَى سُرُوراً بِمَا مَنَّ اللهُ عَلَيَّ بِهَذاَ(4) الأمْر.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ بِإسْنَادِنَا إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ الطَّبَريّ أيْضاً مِنْ كِتَابِهِ: عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَن الْكُلَيْنيّ(5)، قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلاَءِ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان ثَلاَثَةَ كُتُبٍ فِي حَوَائِجَ لِي وَأعْلَمْتُهُ أنَّنِي رَجُلٌ قَدْ كَبِرَ سِنّي وَأنَّهُ لاَ وَلَدَ لِي، فَأجَابَني عَن الْحَوَائِج وَلَمْ يُجِبْني فِي الْوَلَدِ).
ص: 505
بِشَيْ ءٍ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ كِتَاباً وَسَألْتُهُ أنْ يَدْعُوَ إِلَى اللهِ أنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً فَأجَابَني وَكَتَبَ بِحَوَائِجِي وَكَتَبَ: (اللهُمَّ ارْزُقْهُ وَلَداً ذَكَراً تَقَرُّ بِهِ عَيْنُهُ وَاجْعَلْ هَذَا الْحَمْلَ الَّذِي لَهُ وَلَداً ذَكَراً)، فَوَرَدَ الْكِتَابُ وَأنَا لاَ أعْلَمُ أنَّ لِي حَمْلاً فَدَخَلْتُ إِلَى جَاريَتِي فَسَألْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَأخْبَرَتْنِي أنَّ عِلَّتَهَا قَدِ ارْتَفَعَتْ فَوَلَدَتْ غُلاَماً. وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْحِمْيَريُّ أيْضا(1).
وَبِإسْنَادِنَا إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن جَريرٍ الطَّبَريّ فِي كِتَابِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْن مُوسَى التَّلَّعُكْبَريُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو الْحُسَيْن بْنُ أبِي الْبَغْل الْكَاتِبُ، قَالَ: تَقَلَّدْتُ عَمَلاً مِنْ أبِي مَنْصُور بْن صَالِحَان وَجَرَى بَيْني وَبَيْنَهُ مَا أوجبت اسْتِتَاري(2) فَطَلَبَني وَأخَافَنِي فَمَكَثْتُ مُسْتَتِراً خَائِفاً ثُمَّ قَصَدْتُ مَقَابِرَ قُرَيْشٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَاعْتَمَدْتُ الْمَبِيتَ هُنَاكَ لِلدُّعَاءِ وَالْمَسْألَةِ وَكَانَتْ لَيْلَةَ ريح وَمَطَرٍ فَسَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ الْقَيّمَ أنْ يُغْلِقَ الأبْوَابَ وَأنْ يَجْتَهِدَ فِي خَلْوَةِ الْمَوْضِع لأخْلُوَ بِمَا اُريدُهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَالْمَسْألَةِ وَآمَنَ مِنْ دُخُولِ إِنْسَانٍ مِمَّا لَمْ آمَنْهُ وَخِفْتُ مِنْ لِقَائِي لَهُ فَفَعَلَ وَقَفَّلَ الأبْوَابَ وَانْتَصَفَ اللَّيْلُ وَوَرَدَ مِنَ الرَّيح وَالْمَطَر مَا قَطَعَ النَّاسَ عَن الْمَوْضِع وَمَكَثْتُ أدْعُو وَأزُورُ وَاُصَلّي.
فَبَيْنَا أنَا كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ وَطْئاً عِنْدَهُ مَوْلاَنَا مُوسَى عليه السلام وَإِذَا رَجُلٌ يَزُورُ فَسَلَّمَ عَلَى آدَمَ وَاُولِي الْعَزْم عليهم السلام ثُمَّ الأئِمَّةِ وَاحِداً وَاحِداً إِلَى أن انْتَهَى إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام فَلَمْ يَذْكُرْهُ، فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهُ(3): لَعَلَّهُ نَسِيَ أوْ لَمْ يَعْرفْ أوْ هَذَا مَذْهَبٌ لِهَذَا الرَّجُل.).
ص: 506
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ زِيَارَتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْن وَأقْبَلَ إِلَيَّ عِنْدَ مَوْلاَنَا أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَزَارَ مِثْلَ تِلْكَ الزّيَارَةِ وَذَلِكَ(1) السَّلاَم. وَصَلَّى رَكْعَتَيْن وَأنَا خَائِفٌ مِنْهُ إِذْ لَمْ أعْرفْهُ وَرَأيْتُهُ شَابّاً تَامّاً مِنَ الرَّجَالِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ وَعِمَامَةٌ مُحَنَّكٌ وَذُؤَابَةٌ(2) وَردَاءٌ عَلَى كَتِفِهِ مُسْبَلٌ فَقَالَ: (يَا أبَا الْحُسَيْن بْنَ أبِي الْبَغْل أيْنَ أنْتَ عَنْ دُعَاءِ الْفَرَج؟)، فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ يَا سَيَّدِي؟
فَقَالَ: (تُصَلَّي رَكْعَتَيْن وَتَقُولُ: يَا مَنْ أظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ، يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَريرَةِ، وَلَمْ يَهْتِكِ السَّتْرَ، يَا عَظِيمَ الْمَنَّ، يَا كَريمَ الصَّفْح، يَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ، يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يَا بَاسِطَ الْيَدَيْن بِالرَّحْمَةِ، يَا مُنْتَهَى كُلّ نَجْوَى، وَيَا غَايَةَ كُلّ شَكْوَى، يَا عَوْنَ كُلّ مُسْتَعِينٍ، يَا مُبْتَدِئاً بِالنّعَم قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا، يَا رَبَّاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)(3)، يَا سَيَّدَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، يَا مَوْلَيَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، يَا غَايَتَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، يَا مُنْتَهَى غَايَةِ رَغْبَتَاهْ (عَشْرَ مَرَّاتٍ)، أسْألُكَ بِحَقَّ هَذِهِ الأسْمَاءِ وَبِحَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ عليهم السلام إِلاَّ مَا كَشَفْتَ كَرْبي وَنَفَّسْتَ هَمَّي وَفَرَّجْتَ غَمَّي وَأصْلَحْتَ حَالِي.
وَتَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ مَا شِئْتَ وَتَسْألُ حَاجَتَكَ ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الأيْمَنَ عَلَى الأرْض وَتَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي سُجُودِكَ: يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ! يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ(4)! اكْفِيَانِي فَإنَّكُمَا كَافِيَايَ، وَانْصُرَانِي فَإنَّكُمَا نَاصِرَايَ، وَتَضَعُ خَدَّكَ الأيْسَرَ عَلَى الأرْض وَتَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ: أدْركْنِي، وَتُكَرَّرُهاَ(5) كَثِيراً).
ص: 507
وَتَقُولُ: الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ حَتَّى يَنْقَطِعَ النَّفَسُ، وَتَرْفَعُ رَأسَكَ فَإنَّ اللهَ بِكَرَمِهِ يَقْضِي حَاجَتَكَ إِنْ شَاءَ اللهُ).
فَلَمَّا شَغَلْتُ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ خَرَجَ فَلَمَّا فَرَغْتُ خَرَجْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ لأسْألَهُ عَن الرَّجُل وَكَيْفَ دَخَلَ؟ فَرَأيْتُ الأبْوَابَ عَلَى حَالِهَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ: لَعَلَّهُ بَاتَ هَاهُنَا وَلَمْ أعْلَمْ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْقَيّم فَخَرَجَ إِلَى عِنْدِي مِنْ بَيْتِ(1) الزَّيْتِ فَسَألْتُهُ عَن الرَّجُل وَدُخُولِهِ فَقَالَ: الأبْوَابُ مُقَفَّلَةٌ كَمَا تَرَى مَا فَتَحْتُهَا، فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا مَوْلاَنَا صَاحِبُ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ شَاهَدْتُهُ مِرَاراً فِي مِثْل هَذِهِ اللَّيْلَةِ عِنْدَ خُلُوَّهَا مِنَ النَّاس.
فَتَأسَّفْتُ عَلَى مَا فَاتَنِي مِنْهُ، وَخَرَجْتُ عِنْدَ قُرْبِ الْفَجْر، وَقَصَدْتُ الْكَرْخَ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي كُنْتُ مُسْتَتِراً فِيهِ، فَمَا أضْحَى النَّهَارَ إِلاَّ وَأصْحَابُ ابْن الصَّالِحَان يَلْتَمِسُونَ لِقَائِي وَيَسْألُونَ عَنّي(2) أصْدِقَائِي وَمَعَهُمْ أمَانٌ مِنَ الْوَزِير وَرُقْعَةٌ بِخَطّهِ فِيهَا كُلُّ جَمِيلٍ فَحَضَرْتُهُ مَعَ ثِقَةٍ مِنْ أصْدِقَائِي عِنْدَهُ فَقَامَ وَالْتَزَمَنِي وَعَامَلَنِي بِمَا لَمْ أعْهَدْهُ مِنْهُ وَقَالَ:
انْتَهَتْ بِكَ الْحَالُ إِلَى أنْ تَشْكُوَني إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ؟ فَقُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنّي دُعَاءٌ وَمَسْألَةٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ رَأيْتُ الْبَارحَةَ مَوْلاَيَ صَاحِبَ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فِي النَّوْم _ يَعْنِي لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ _ وَهُوَ يَأمُرُني بِكُلّ جَمِيلٍ وَيَجْفُو عَلَيَّ فِي ذَلِكَ جَفْوَةً خِفْتُهَا.
فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، أشْهَدُ أنَّهُمُ الْحَقُّ وَمُنْتَهَى الْحَقَّ رَأيْتُ الْبَارحَةَ).
ص: 508
مَوْلاَنَا فِي الْيَقَظَةِ وَقَالَ كَذَا وَكَذَا وَشَرَحْتُ مَا رَأيْتُهُ فِي الْمَشْهَدِ فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ وَجَرَتْ مِنْهُ اُمُورٌ عِظَامٌ حِسَانٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَبَلَغْتُ مِنْهُ غَايَةَ مَا لَمْ أظُنَّهُ بِبَرَكَةِ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ(1).
(أقول: وجدت هذا الخبر وسائر الأخبار السالفة التي رواها عن كتاب الطبري في أصل كتابه موافقة لما نقله رحمة الله عليهما).
20 _ كتاب النجوم: وَمِمَّا رُوَّينَا بِإسْنَادِنَا إِلَى الشَّيْخ أبِي الْعَبَّاس عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريّ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الدَّلاَئِل قَالَ: وَكَتَبَ رَجُلٌ مِنْ رَبَض حُمَيْدٍ يَسْألُ الدُّعَاءَ فِي حَمْلٍ لَهُ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ فِي الْحَمْل قَبْلَ الأرْبَعَةِ الأشْهُر: (سَتَلِدُ ابْناً)، فَجَاءَ كَمَا قَالَ.
وَمِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُور، قَالَ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن(2) السَّيَّاريّ، قَالَ: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ يَسْألُ كَفَناً، فَوَرَدَ: (أنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانِينَ)، فَمَاتَ(3) فِي هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّهُ وَبُعِثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَن قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرَيْن(4).
بيان: (التخت) وعاء يجعل فيه الثياب، وعكم المتاع يعكمه شدّه بثوب وأعكمه أعانه على العكم، و(المبطنة) بفتح الطاء المشدّدة الثوب الذي جعلت له بطانة وهي خلاف الظهارة، يقال: بطن الثوب تبطيناً وأبطنه أي جعل له بطانة، و(الدرج) بالفتح ويحرك الذي يكتب فيه.
21 _ رجال الكشي: كَتَبَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْبَلْخِيُّ إِلَيَّ يَذْكُرُ عَن7.
ص: 509
الْحُسَيْن بْن رُوح الْقُمَّيّ أنَّ أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْتَأذِنُهُ فِي الْحَجَّ فَأذِنَ لَهُ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِثَوْبٍ، فَقَالَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: نَعَى إِلَيَّ نَفْسِي فَانْصَرَفَ مِنَ الْحَجَّ فَمَاتَ بِحُلْوَانَ(1).
22 _ الفهرست للنجاشي: اجْتَمَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن بْن بَابَوَيْهِ مَعَ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح وَسَألَهُ مَسَائِلَ ثُمَّ كَاتَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ عَلِيّ بْن جَعْفَر بْن الأسْوَدِ يَسْألُهُ أنْ يُوصِلَ لَهُ رُقْعَةً إِلَى الصَّاحِبِ عليه السلام وَيَسْألُهُ فِيهَا الْوَلَدَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: (قَدْ دَعَوْنَا اللهَ لَكَ بِذَلِكَ وَسَتُرْزَقُ وَلَدَيْن ذَكَرَيْن خَيّرَيْن). فَوُلِدَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ وَأبُو عَبْدِ اللهِ مِنْ اُمَّ وَلَدٍ، وَكَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: أنَا وُلِدْتُ بِدَعْوَةِ صَاحِبِ الأمْر عليه السلام، وَيَفْتَخِرُ بِذَلِكَ(2).
23 _ مهج الدعوات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ الْعُرَيْضِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْعَلَويّ الْحُسَيْنيّ وَكَانَ يَسْكُنُ بِمِصْرَ، قَالَ: دَهَمَنِي أمْرٌ عَظِيمٌ وَهَمٌّ شَدِيدٌ مِنْ قِبَل صَاحِبِ مِصْرَ فَخَشِيتُهُ عَلَى نَفْسِي وَكَانَ قَدْ سَعَى بِي إِلَى أحْمَدَ بْن طُولُونَ فَخَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ حَاجّاً وَسِرْتُ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى الْعِرَاقِ فَقَصَدْتُ مَشْهَدَ مَوْلاَئِيَ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا عَائِذاً بِهِ وَلاَئِذاً بِقَبْرهِ وَمُسْتَجِيراً بِهِ مِنْ سَطْوَةِ مَنْ كُنْتُ أخَافُهُ فَأقَمْتُ بِالْحَائِر خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً أدْعُو وَأتَضَرَّعُ لَيْلِي وَنَهَاري.
فَتَرَاءَى لِي قَيّمُ الزَّمَان وَوَلِيُّ الرَّحْمَن عليه السلام وَأنَا بَيْنَ النَّائِم وَالْيَقْظَان فَقَالَ لِي: (يَقُولُ لَكَ الْحُسَيْنُ: يَا بُنَيَّ خِفْتَ فُلاَناً؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، أرَادَ هَلاَكِي فَلَجَأتُ إِلَى سَيَّدِي عليه السلام وَأشْكُو إِلَيْهِ عَظِيمَ مَا أرَادَ بِي.8.
ص: 510
فَقَالَ: (هَلاَّ دَعَوْتَ اللهَ رَبَّكَ وَرَبَّ آبَائِكَ بِالأدْعِيَةِ الَّتِي دَعَا بِهَا مَنْ سَلَفَ مِنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام فَقَدْ كَانُوا فِي شِدَّةٍ فَكَشَفَ اللهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ؟)، قُلْتُ: وَبِمَا ذَا أدْعُوهُ؟ فَقَالَ: (إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ فَاغْتَسِلْ وَصَلّ صَلاَةَ اللَّيْل فَإذَا سَجَدْتَ سَجْدَةَ الشُّكْر دَعَوْتَ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَأنْتَ بَاركٌ عَلَى رُكْبَتَيْكَ)، فَذَكَرَ لِي دُعَاءً. قَالَ: وَرَأيْتُهُ فِي مِثْل ذَلِكَ الْوَقْتِ يَأتِيني وَأنَا بَيْنَ النَّائِم وَالْيَقْظَان، قَالَ: وَكَانَ يَأتِيني خَمْسَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَاتٍ يُكَرَّرُ عَلَيَّ هَذَا الْقَوْلَ وَالدُّعَاءَ حَتَّى حَفِظْتُهُ وَانْقَطَعَ عَنّي مَجِيئُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَاغْتَسَلْتُ وَغَبَّرْتُ(1) ثِيَابِي وَتَطَيَّبْتُ وَصَلَّيْتُ صَلاَةَ اللَّيْل وَسَجَدْتُ سَجْدَةَ الشُّكْر وَجَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَدَعَوْتُ اللهَ جَلَّ وَتَعَالَى بِهَذَا الدُّعَاءِ، فَأتَانِي عليه السلام لَيْلَةَ السَّبْتِ فَقَالَ لِي: (قَدْ اُجِيبَتْ دَعْوَتُكَ يَا مُحَمَّدُ وَقُتِلَ عَدُوُّكَ عِنْدَ فَرَاغِكَ مِنَ الدُّعَاءِ عِنْدَ مَنْ وَشَى بِكَ إِلَيْهِ).
قَالَ: فَلَمَّا أصْبَحْتُ وَدَّعْتُ سَيَّدِي وَخَرَجْتُ مُتَوَجَّهاً إِلَى مِصْرَ فَلَمَّا بَلَغْتُ الاُرْدُنَّ وَأنَا مُتَوَجَّهٌ إِلَى مِصْرَ رَأيْتُ رَجُلاً مِنْ جِيرَانِي بِمِصْرَ وَكَانَ مُؤْمِناً فَحَدَّثَنِي أنَّ خَصْمِي(2) قَبَضَ عَلَيْهِ أحْمَدُ بْنُ طُولُونَ فَأمَرَ بِهِ فَأصْبَحَ مَذْبُوحاً مِنْ قَفَاهُ، قَالَ: وَذَلِك فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَأمَرَ بِهِ فَطُرحَ فِي النّيل وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا أخْبَرَني جَمَاعَةٌ مِنْ أهْلِهَا وَإِخْوَانِنَا الشّيعَةِ أنَّ ذَلِكَ كَانَ فِيمَا بَلَغَهُمْ عِنْدَ فَرَاغِي مِنَ الدُّعَاءِ كَمَا أخْبَرَني مَوْلاَيَ عليه السلام(3).
24 _ الإرشاد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أصْحَابِنَا قَالَ: وُلِدَ لِي وَلَدٌ فَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي تَطْهِيرهِ يَوْمَ9.
ص: 511
السَّابِع فَوَرَدَ: (لاَ تَفْعَلْ)، فَمَاتَ يَوْمَ السَّابِع أو الثَّامِن، ثُمَّ كَتَبْتُ بِمَوْتِهِ فَوَرَدَ: (سَتُخْلَفُ غَيْرُهُ وَغَيْرُهُ فَسَمَّ الأوَّلَ أحْمَدَ وَمِنْ بَعْدِ أحْمَدَ جَعْفَراً)، فَجَاءَا كَمَا قَالَ.
قَالَ: وَتَهَيَّأتُ لِلْحَجَّ وَوَدَّعْتُ النَّاسَ وَكُنْتُ عَلَى الْخُرُوج(1). فَوَرَدَ: (نَحْنُ لِذَلِكَ كَارهُونَ وَالأمْرُ إِلَيْكَ)، فَضَاقَ صَدْري وَاغْتَمَمْتُ وَكَتَبْتُ: أنَا مُقِيمٌ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَةِ غَيْرَ أنّي مُغْتَمٌّ بِتَخَلُّفِي عَن الْحَجَّ، فَوَقَّعَ: (لاَ يَضِيقُ صَدْرُكَ فَإنَّكَ سَتَحُجُّ قَابِلاً إِنْ شَاءَ اللهُ)، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِل كَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فَوَرَدَ الإذْنُ وَكَتَبْتُ: أنّي قَدْ عَادَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاس وَأنَا وَاثِقٌ بِدِيَانَتِهِ وَصِيَانَتِهِ، فَوَرَدَ: (الأسَدِيُّ نِعْمَ الْعَدِيلُ فَإنْ قَدِمَ فَلاَ تَخْتَرْ عَلَيْهِ)، فَقَدِمَ الأسَدِيُّ فَعَادَلْتُهُ(2).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن ابن قولويه، مثله إلى قوله: كما قال(3).
25 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ النَّضْر وَأبَا صِدَام وَجَمَاعَةً تَكَلَّمُوا بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ فِيمَا فِي أيْدِي الْوُكَلاَءِ وَأرَادُوا الْفَحْصَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْر إِلَى أبِي صِدَام فَقَالَ: إِنّي اُريدُ الْحَجَّ، فَقَالَ أبُو صِدَام: أخّرْهُ هَذِهِ السَّنَةَ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: إِنّي أفْزَعُ فِي الْمَنَام وَلاَ بُدَّ مِنَ الْخُرُوج وَأوْصَى إِلَى أحْمَدَ بْن يَعْلَى بْن حَمَّادٍ وَأوْصَى لِلنَّاحِيَةِ بِمَالٍ وَأمَرَهُ أنْ لاَ يُخْرجَ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِهِ بَعْدَ ظُهُورهِ.
قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا وَافَيْتُ بَغْدَادَ اكْتَرَيْتُ دَاراً فَنَزَلْتُهَا، فَجَاءَنِيد.
ص: 512
بَعْضُ الْوُكَلاَءِ بِثِيَابٍ وَدَنَانِيرَ وَخَلَّفَهَا عِنْدِي فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هُوَ مَا تَرَى، ثُمَّ جَاءَنِي آخَرُ بِمِثْلِهَا وَآخَرُ حَتَّى كَبَسُوا الدَّارَ ثُمَّ جَاءَنِي أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِجَمِيع مَا كَانَ مَعَهُ فَتَعَجَّبْتُ وَبَقِيتُ مُتَفَكّراً فَوَرَدَتْ عَلَيَّ رُقْعَةُ الرَّجُل: (إِذَا مَضَى مِنَ النَّهَار كَذَا وَكَذَا فَاحْمِلْ مَا مَعَكَ)، فَرَحَلْتُ وَحَمَلْتُ مَا مَعِي وَفِي الطَّريقِ صُعْلُوكٌ وَيَقْطَعُ الطَّريقَ فِي سِتّينَ رَجُلاً فَاجْتَزْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَنِي اللهُ مِنْهُ فَوَافَيْتُ الْعَسْكَرَ وَنَزَلْتُ فَوَرَدَتْ عَلَيَّ رُقْعَةٌ أن: (احْمِلْ مَا مَعَكَ)، فَصَبَبْتُهُ فِي صِنَان الْحَمَّالِينَ.
فَلَمَّا بَلَغْتُ الدَّهْلِيزَ فَإذَا فِيهِ أسْوَدٌ قَائِمٌ فَقَالَ: أنْتَ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْر؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ وَدَخَلْتُ بَيْتاً وَفَرَّغْتُ صِنَانَ الْحَمَّالِينَ وَإِذَا فِي زَاويَةِ الْبَيْتِ خُبْزٌ كَثِيرٌ فَأعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَمَّالِينَ رَغِيفَيْن وَاُخْرجُوا وَإِذَا بَيْتٌ عَلَيْهِ سِتْرٌ فَنُودِيتُ مِنْهُ: (يَا حَسَنَ بْنَ النَّضْر احْمَدِ اللهَ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكَ وَلاَ تَشُكَّنَّ فَوَدَّ الشَّيْطَانُ أنَّكَ شَكَكْتَ). وَأخْرَجَ إِلَيَّ ثَوْبَيْن وَقِيلَ لِي: (خُذْهُمَا فَتَحْتَاجُ إِلَيْهِمَا)، فَأخَذْتُهُمَا وَخَرَجْتُ.
قَالَ سَعْدٌ: فَانْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْر وَمَاتَ فِي شَهْر رَمَضَانَ وَكُفَّنَ فِي الثَّوْبَيْن(1).
بيان: (كبس داره) هجم عليه وأحاطه وكبست النهر والبئر: طممتها بالتراب والصنان شبه سلة يجعل فيها الخبز.
26 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل الْخَزَّازِ الْمَدَائِنيّ مَوْلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ (مُحَمَّدٍ)(2) أبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: إِنَّ قَوْماً مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ مِنَر.
ص: 513
الطَّالِبيّينَ كَانُوا يَقُولُونَ بِالْحَقَّ فَكَانَتِ الْوَظَائِفُ تَردُ عَلَيْهِمْ فِي وَقْتٍ مَعْلُوم فَلَمَّا مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام رَجَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ عَن الْقَوْلِ بِالْوَلَدِ فَوَرَدَتِ الْوَظَائِفُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَلَدِ وَقُطِعَ عَن الْبَاقِينَ فَلاَ يُذْكَرُونَ فِي الذَّاكِرينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ(1).
27 _ الكافي: الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ: وُلِدَ لِي عِدَّةُ بَنينَ فَكُنْتُ أكْتُبُ وَأسْألُ الدُّعَاءَ فَلاَ يُكْتَبُ إِلَيَّ لَهُمْ بِشَيْ ءٍ فَلَمَّا وُلِدَ لِيَ الْحَسَنُ ابْنِي كَتَبْتُ أسْألُ الدُّعَاءَ فَاُجِبْتُ: (يَبْقَى وَالْحَمْدُ للهِ)(2).
28 _ الكافي: الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْل بْن زَيْدٍ الْيَمَانِيُّ قَالَ: كَتَبَ أبِي بِخَطّهِ كِتَاباً فَوَرَدَ جَوَابُهُ، ثُمَّ كَتَبَ بِخَطّي فَوَرَدَ جَوَابُهُ، ثُمَّ كَتَبَ بِخَطّ رَجُلٍ مِنْ فُقَهَاءِ أصْحَابِنَا فَلَمْ يَردْ جَوَابُهُ فَنَظَرْنَا فَكَانَتِ الْعِلَّةُ أنَّ الرَّجُلَ تَحَوَّلَ قَرْمَطِياّ(3).
29 _ الكافي: الْحَسَنُ بْنُ خَفِيفٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ بِخَدَم إِلَى مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمَعَهُمْ خَادِمَان وَكَتَبَ إِلَى خَفِيفٍ أنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ فَخَرَجَ مَعَهُمْ فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى الْكُوفَةِ شَربَ أحَدُ الْخَادِمَيْن مُسْكِراً فَمَا خَرَجُوا مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّى وَرَدَ كِتَابٌ مِنَ الْعَسْكَر بِرَدَّ الْخَادِم الَّذِي شَربَ الْمُسْكِرَ وَعُزلَ عَن الْخِدْمَةِ(4).
30 _ الكافي: الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَن الْعَلَويُّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ نُدَمَاءِ رُوزْحَسَنِيَّ وَآخَرُ مَعَهُ فَقَالَ لَهُ: هُوَ ذَا يَجْبِي الأمْوَالَ وَلَهُ وُكَلاَءُ،1.
ص: 514
وَسَمَّوْا جَمِيعَ الْوُكَلاَءِ فِي النَّوَاحِي وَأنْهَى ذَلِكَ إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ الْوَزِير فَهَمَّ الْوَزِيرُ بِالْقَبْض عَلَيْهِمْ، فَقَالَ السُّلْطَانُ: اطْلُبُوا أيْنَ هَذَا الرَّجُلُ فَإنَّ هَذَا أمْرٌ غَلِيظٌ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ: نَقْبِضُ عَلَى الْوُكَلاَءِ، فَقَالَ السُّلْطَانُ: لاَ وَلَكِنْ دَسُّوا لَهُمْ قَوْماً لاَ يُعْرَفُونَ بِالأمْوَالِ فَمَنْ قَبَضَ مِنْهُمْ شَيْئاً قُبِضَ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَخَرَجَ بِأنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى جَمِيع الْوُكَلاَءِ أنْ لاَ يَأخُذُوا مِنْ أحَدٍ شَيْئاً وَأنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ ذَلِكَ وَيَتَجَاهَلُوا الأمْرَ، فَانْدَسَّ بِمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ رَجُلٌ لاَ يَعْرفُهُ وَخَلاَ بِهِ فَقَالَ: مَعِي مَالٌ اُريدُ أنْ اُوصِلَهُ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: غَلِطْتَ أنَا لاَ أعْرفُ مِنْ هَذَا شَيْئاً، فَلَمْ يَزَلْ يَتَلَطَّفُهُ وَمُحَمَّدٌ يَتَجَاهَلُ عَلَيْهِ وَبَثُّوا الْجَوَاسِيسَ وَامْتَنَعَ الْوُكَلاَءُ كُلُّهُمْ لِمَا كَانَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ(1).
31 _ الغيبة للطوسي: مُعْجِزَاتُهُ عليه السلام أكْثَرُ مِنْ أنْ تُحْصَى غَيْرَ أنَّا نَذْكُرُ طَرَفاً مِنْهَا:
مَا أخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْقَاسِم جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَعْقُوبَ رَفَعَهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: شَكَكْتُ عِنْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَكَانَ اجْتَمَعَ عِنْدَ أبِي مَالٌ جَلِيلٌ فَحَمَلَهُ وَرَكِبَ فِي السَّفِينَةِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ مُشَيّعاً لَهُ فَوُعِكَ وَعْكاً شَدِيداً فَقَالَ: يَا بُنَيَّ رُدَّنِي رُدَّنِي فَهُوَ الْمَوْتُ وَاتَّقِ اللهَ فِي هَذَا الْمَالِ، وَأوْصَى إِلَيَّ وَمَاتَ.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَمْ يَكُنْ أبِي يُوصِي بِشَيْ ءٍ غَيْر صَحِيح، أحْمِلُ هَذَا الْمَالَ إِلَى الْعِرَاقِ وَأكْتَري دَاراً عَلَى الشَّطّ وَلاَ اُخْبِرُ أحَداً فَإنْ وَضَحَ لِي شَيْ ءٌ كَوُضُوحِهِ أيَّامَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أنْفَذْتُهُ وَإِلاَّ تَصَدَّقْتُ بِهِ.0.
ص: 515
فَقَدِمْتُ الْعِرَاقَ وَاكْتَرَيْتُ دَاراً عَلَى الشَّطّ وَبَقِيتُ أيَّاماً فَإذَا أنَا بِرَسُولٍ مَعَهُ رُقْعَةٌ فِيهَا: (يَا مُحَمَّدُ مَعَكَ كَذَا وَكَذَا فِي جَوْفِ كَذَا وَكَذَا) حَتَّى قَصَّ عَلَيَّ جَمِيعَ مَا مَعِي مِمَّا لَمْ اُحِطْ بِهِ عِلْماً، فَسَلَّمْتُ الْمَالَ إِلَى الرَّسُولِ وَبَقِيتُ أيَّاماً لاَ يُرْفَعُ لِي رَأسٌ، فَاغْتَمَمْتُ فَخَرَجَ إِلَيَّ: (قَدْ أقَمْنَاكَ مَقَامَ أبِيكَ فَاحْمَدِ اللهَ)(1).
32 _ الإرشاد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَمَّوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ(2).
بيان: في الكافي مكان قوله: (وإلاَّ تصدَّقت به)، (وإلاَّ قصفت به) والقصف اللهو واللعب، وفي الإرشاد: (وإلاَّ أنفقته في ملاذي وشهواتي) وكأنَّه نقل بالمعنى، وقوله: (لا يرفع لي رأس) كناية عن عدم التوجّه والاستخبار فإنَّ من يتوجّه إلى أحد يرفع إليه رأسه.
33 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن الْفَضْل بْن زَيْدٍ(3) الْيَمَانِيّ، قَالَ: كَتَبْتُ فِي مَعْنَيَيْن وَأرَدْتُ أنْ أكْتُبَ فِي الثَّالِثِ وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ مَخَافَةَ أنْ يُكْرَهَ ذَلِكَ، فَوَرَدَ جَوَابُ الْمَعْنَيَيْن وَالثَّالِثِ الَّذِي طَوَيْتُهُ مُفَسَّرا(4).
34 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ عَنْ بَدْرٍ غُلاَم أحْمَدَ بْن الْحَسَن (عَنْهُ)(5) قَالَ: وَرَدْتُ الْجَبَلَ وَأنَا لاَ أقُولُ بِالإمَامَةِ اُحِبُّهُمْ جُمْلَةً إِلَى أنْر.
ص: 516
مَاتَ يَزيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ(1) فَأوْصَى إِلَيَّ فِي عِلَّتِهِ أنْ يُدْفَعَ الشّهْريُّ السَّمَنْدُ وَسَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ إِلَى مَوْلاَهُ فَخِفْتُ إِنْ لَمْ أدْفَع الشّهْريَّ إِلَى إِذْكُوتَكِينَ نَالَنِي مِنْهُ اسْتِخْفَافٌ فَقَوَّمْتُ الدَّابَّةَ وَالسَّيْفَ وَالْمِنْطَقَةَ بِسَبْعِمِائَةِ دِينَارٍ فِي نَفْسِي وَلَمْ اُطْلِعْ عَلَيْهِ أحَداً فَإذَا الْكِتَابُ قَدْ وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الْعِرَاقِ أنْ وَجَّهِ السَّبْعَمِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي لَنَا قِبَلَكَ مِنْ ثَمَن الشّهْريّ السَّمَنْدِ وَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ(2).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن الحسن، والعلاء بن رزق الله، عن بدر، مثله(3).
بيان: قال الفيروزآبادي: الشهرية بالكسر ضرب من البراذين(4).
(وأقول: يظهر من الخبر الطويل الذي أخرجناه من كتاب النجوم ودلائل الطبري أنَّ صاحب القضيّة هو أحمد لا بدر غلامه والبدر روى عن مولاه والعلاء عطف على العدّة وهذا سند آخر إلى أحمد ولم يذكر أحمد في الثاني لظهوره أو كان (عنه) بعد قوله: غلام أحمد بن الحسن فسقط من النسّاخ فتدبَّر)(5).
35 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي عَقِيلٍ عِيسَى بْن نَصْرٍ، قَالَ: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ الصَّيْمَريُّ يَلْتَمِسُ كَفَناًن.
ص: 517
فَكَتَبَ إِلَيْهِ: (أنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ)، فَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَن قَبْلَ مَوْتِهِ(1).
(بيان: في سنة ثمانين أي من عمره أو المراد سنة ثمانين بعد المائتين، وفي الكافي: قبل موته بأيّام).
36 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: خَرَجَ نَهْيٌ عَنْ زِيَارَةِ مَقَابِر قُرَيْشٍ وَالْحَائِر فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أشْهُرٍ دَعَا الْوَزِيرُ الْبَاقَطَانِيَّ فَقَالَ لَهُ: الْقَ بَنِي الْفُرَاتِ وَالْبُرْسِيّينَ وَقُلْ لَهُمْ: لاَ تَزُورُوا مَقَابِرَ قُرَيْشٍ فَقَدْ أمَرَ الْخَلِيفَةُ أنْ يُتَفَقَّدَ كُلُّ مَنْ زَارَ فَيُقْبَضَ عَلَيْهِ(2).
بيان: بنو الفرات رهط الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن فرات، كان من وزراء بني العبّاس وهو الذي صحّح طريق الخطبة الشقشقية ويحتمل أن يكون المراد النازلين بشطّ الفرات، وبرس قرية بين الحلّة والكوفة، والمراد بزيارة مقابر قريش زيارة الكاظمين عليهما السلام.
كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيّ، عَنْ أبِيهِ(3)، عَنْ عَلِيّ بْن أحْمَدَ الرَّازِيّ، قَالَ: خَرَجَ بَعْضُ إِخْوَانِي مِنْ أهْل الرَّأي مُرْتَاداً بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَبَيْنَا هُوَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ(4) مُتَفَكّراً فِيمَا خَرَجَ لَهُ يَبْحَثُ حَصَى الْمَسْجِدِ بِيَدِهِ إِذَا ظَهَرَتْ لَهُ حَصَاةٌ فِيهَا مَكْتُوبٌ: مُحَمَّدٌ، فَنَظَرَ فَإذَا هِيَ كِتَابَةٌ نَاتِئَةٌ(5) مَخْلُوقَةٌ غَيْرُ مَنْقُوشَةٍ(6).5.
ص: 518
37 _ الغيبة للطوسي: الْمُفِيدُ وَالْغَضَائِريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الصَّفْوَانِيّ، قَالَ: رَأيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ الْعَلاَءِ وَقَدْ عُمَّرَ مِائَةَ سَنَةٍ وَسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْهَا ثَمَانِينَ سَنَةً صَحِيحُ الْعَيْنَيْن لَقِيَ مَوْلاَنَا أبَا الْحَسَن وَأبَا مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريَّيْن عليهما السلام وَحُجِبَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ وَرُدَّتْ عَلَيْهِ عَيْنَاهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِسَبْعَةِ أيَّام وَذَلِكَ أنَّي كُنْتُ مُقِيماً عِنْدَهُ بِمَدِينَةِ الرَّان مِنْ أرْض آذَرْبيجَانَ وَكَانَ لاَ يَنْقَطِعُ تَوْقِيعَاتُ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام عَلَى يَدِ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ وَبَعْدَهُ عَلَى يَدِ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ أرْوَاحَهُمَا فَانْقَطَعَتْ عَنْهُ الْمُكَاتَبَةُ نَحْواً مِنْ شَهْرَيْن فَغُلِقَ رحمه الله لِذَلِكَ.
فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ نَأكُلُ إِذْ دَخَلَ الْبَوَّابُ مُسْتَبْشِراً فَقَالَ لَهُ: فَيْجُ الْعِرَاقِ لاَ يُسَمَّى بِغَيْرهِ، فَاسْتَبْشَرَ الْقَاسِمَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَسَجَدَ وَدَخَلَ كَهْلٌ قَصِيرٌ يُرَى أثَرُ الْفُيُوج عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مُضَرَّبَةٌ(1) وَفِي رجْلِهِ نَعْلٌ مَحَامِلِيٌّ وَعَلَى كَتِفِهِ مِخْلاَةٌ.
فَقَامَ الْقَاسِمُ فَعَانَقَهُ وَوَضَعَ الْمِخْلاَةَ عَنْ عُنُقِهِ، وَدَعَا بِطَسْتٍ وَمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَهُ، وَأجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ، فَأكَلْنَا وَغَسَلْنَا أيْدِيَنَا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَأخْرَجَ كِتَاباً أفْضَلَ مِنَ النّصْفِ الْمُدَرَّج فَنَاوَلَهُ الْقَاسِمَ فَأخَذَهُ وَقَبَّلَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى كَاتِبٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ أبِي سَلَمَةَ، فَأخَذَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ فَفَضَّهُ وَقَرَأهُ حَتَّى أحَسَّ الْقَاسِمُ بِنِكَايَةٍ فَقَالَ: يَا بَا عَبْدِ اللهِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ: خَيْرٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ خَرَجَ فِيَّ شَيْءٌ؟ فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: مَا تَكْرَهُ فَلاَ، قَالَ الْقَاسِمُ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: نَعْيُ الشَّيْخ إِلَى نَفْسِهِ بَعْدَ وُرُودِ هَذَا الْكِتَابِ بِأرْبَعِينَ يَوْماً وَقَدْ حُمِلَ إِلَيْهِ سَبْعَةُ أثْوَابٍ، فَقَالَ الْقَاسِمُ فِي سَلاَمَةٍ مِنْ دِيني؟ فَقَالَ: فِي سَلاَمَةٍ مِنْ دِينكَ، فَضَحِكَ رحمه الله فَقَالَ: مَا اُؤَمَّلُ بَعْدَ هَذَا الْعُمُر؟).
ص: 519
فَقَالَ الرَّجُلُ الْوَاردُ(1) فَأخْرَجَ مِنْ مِخْلاَتِهِ ثَلاَثَةَ اُزُرٍ وَحِبَرَةً يَمَانِيَّةً حَمْرَاءَ وَعِمَامَةً وَثَوْبَيْن وَمِنْدِيلاً فَأخَذَهُ الْقَاسِمُ وَكَانَ عِنْدَهُ قَمِيصٌ خَلَعَهُ عَلَيْهِ مَوْلاَنَا الرَّضَا أبُو الْحَسَن عليه السلام وَكَانَ لَهُ صَدِيقٌ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدٍ السَّنِيزيُّ(2)، وَكَانَ شَدِيدَ النَّصْبِ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَاسِم نَضَّرَ اللهُ وَجْهَهُ مَوَدَّةٌ فِي اُمُور الدُّنْيَا شَدِيدَةٌ وَكَانَ الْقَاسِمُ يَوَدُّهُ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَن وَافَى إِلَى الدَّار لإصْلاَح بَيْنَ أبِي جَعْفَر بْن حُمْدُونٍ الْهَمَدَانِيّ وَبَيْنَ خَتَنِهِ ابْن الْقَاسِم.
فَقَالَ الْقَاسِمُ لِشَيْخَيْن مِنْ مَشَايِخِنَا الْمُقِيمَيْن مَعَهُ أحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ: أبُو حَامِدٍ عِمْرَانُ بْنُ الْمُفَلَّس، وَالآخَرُ (أبُو)(3) عَلِيّ بْنُ جَحْدَرٍ، أنْ أقْرئَا هَذَا الْكِتَابَ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ مُحَمَّدٍ فَإنّي اُحِبُّ هِدَايَتَهُ وَأرْجُو أنْ يَهْدِيَهُ اللهُ بِقِرَاءَةِ هَذَا الْكِتَابِ، فَقَالاَ لَهُ: اللهَ اللهَ اللهَ فَإنَّ هَذَا الْكِتَابَ لاَ يَحْتَمِلُ مَا فِيهِ خَلْقٌ مِنَ الشّيعَةِ فَكَيْفَ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: أنَا أعْلَمُ أنّي مُفْشٍ لِسِرًّ لاَ يَجُوزُ لِي إِعْلاَنُهُ لَكِنْ مِنْ مَحَبَّتِي لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن مُحَمَّدٍ وَشَهْوَتِي أنْ يَهْدِيَهُ اللهُ عزّ وجل لِهَذَا الأمْر هُوَ ذَا اُقْرئُهُ الْكِتَابَ.
فَلَمَّا مَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَكَانَ يَوْمُ الْخَمِيس لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأخْرَجَ الْقَاسِمُ الْكِتَابَ فَقَالَ لَهُ: اقْرَأ هَذَا الْكِتَابَ وَانْظُرْ لِنَفْسِكَ، فَقَرَأ عَبْدُ الرَّحْمَن الْكِتَابَ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى مَوْضِع النَّعْي رَمَى الْكِتَابَ عَنْ يَدِهِ، وَقَالَ لِلْقَاسِم: يَا بَا مُحَمَّدٍ اتَّقِ اللهَ فَإنَّكَ رَجُلٌ فَاضِلٌ فِي دِينكَ مُتَمَكّنٌ مِنْ عَقْلِكَ وَاللهُ عزّ وجل يَقُولُ: ((وَمار.
ص: 520
تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأيِّ أرْضٍ تَمُوتُ))(1) وَقَالَ: ((عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أحَداً))(2) فَضَحِكَ الْقَاسِمُ وَقَالَ لَهُ: أتِمَّ الآيَةَ ((إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ))(3) وَمَوْلاَيَ هُوَ الْمُرْتَضَى(4) مِنَ الرَّسُولِ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أنَّكَ تَقُولُ هَذَا وَلَكِنْ أرَّخ الْيَوْمَ فَإنْ أنَا عِشْتُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْم الْمُوَرَّخ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَاعْلَمْ أنّي لَسْتُ عَلَى شَيْ ءٍ وَإِنْ أنَا مِتُّ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ، فَوَرَّخَ عَبْدُ الرَّحْمَن الْيَوْمَ وَافْتَرَقُوا.
وَحُمَّ الْقَاسِمُ يَوْمَ السَّابِع مِنْ وُرُودِ الْكِتَابِ وَاشْتَدَّتْ بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعِلَّةُ وَاسْتَنَدَ فِي فِرَاشِهِ إِلَى الْحَائِطِ وَكَانَ ابْنُهُ الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِم مُدْمِناً عَلَى شُرْبِ الْخَمْر وَكَانَ مُتَزَوَّجاً إِلَى أبِي جَعْفَر(5) بْن حُمْدُونٍ الْهَمَدَانِيّ وَكَانَ جَالِساً وَردَاؤُهُ مَسْتُورٌ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الدَّار وَأبُو حَامِدٍ فِي نَاحِيَتِهِ وَأبُو عَلِيّ بْنُ جَحْدَرٍ وَأنَا وَجَمَاعَةٌ مِنْ أهْل الْبَلَدِ نَبْكِي إِذَا اتَّكَأ الْقَاسِمُ عَلَى يَدَيْهِ إِلَى خَلْفٍ وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا حَسَنُ يَا حُسَيْنُ، يَا مَوَالِيَّ كُونُوا شُفَعَائِي إِلَى اللهِ عزّ وجل، وَقَالَهَا الثَّانِيَةَ، وَقَالَهَا الثَّالِثَةَ. فَلَمَّا بَلَغَ فِي الثَّالِثَةِ: يَا مُوسَى يَا عَلِيُّ، تَفَرْقَعَتْ أجْفَانُ عَيْنَيْهِ كَمَا يُفَرْقِعُ الصّبْيَانُ شَقَائِقَ النُّعْمَان، وَانْتَفَخَتْ حَدَقَتُهُ وَجَعَلَ يَمْسَحُ بِكُمَّهِ عَيْنَيْهِ وَخَرَجَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَبِيهٌ بِمَاءِ اللَّحْم ثُمَّ مَدَّ طَرْفَهُ إِلَى ابْنهِ فَقَالَ: يَا حَسَنُ إِلَيَّ يَا بَا حَامِدٍ إِلَيَّ يَا بَا عَلِيٍّ، فَاجْتَمَعْنَا حَوْلَهُ وَنَظَرْنَا إِلَى الْحَدَقَتَيْن صَحِيحَتَيْن).
ص: 521
فَقَالَ لَهُ أبُو حَامِدٍ: تَرَانِي. وَجَعَلَ يَدَهُ عَلَى كُلّ وَاحِدٍ مِنَّا وَشَاعَ الْخَبَرُ فِي النَّاس وَالْعَامَّةِ وَأتَاهُ النَّاسُ مِنَ الْعَوَامَّ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ.
وَرَكِبَ الْقَاضِي إِلَيْهِ وَهُوَ أبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْمَسْعُودِيُّ وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا بَا مُحَمَّدٍ مَا هَذَا الَّذِي بِيَدِي وَأرَاهُ خَاتَماً فَصُّهُ فَيْرُوزَجٌ فَقَرَّبَهُ مِنْهُ، فَقَالَ: عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أسْطُرٍ، فَتَنَاوَلَهُ الْقَاسِمُ رحمه الله فَلَمْ يُمْكِنْهُ قِرَاءَتُهُ وَخَرَجَ النَّاسُ مُتَعَجَّبِينَ يَتَحَدَّثُونَ بِخَبَرهِ وَالْتَفَتَ الْقَاسِمُ إِلَى ابْنهِ الْحَسَن فَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللهَ مُنَزّلُكَ مَنْزلَةً وَمُرَتّبُكَ مَرْتَبَةً فَاقْبَلْهَا بِشُكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: يَا أبَهْ قَدْ قَبِلْتُهَا، قَالَ الْقَاسِمُ: عَلَى مَا ذَا؟ قَالَ: عَلَى مَا تَأمُرُني بِهِ يَا أبَهْ، قَالَ: عَلَى أنْ تَرْجِعَ عَمَّا أنْتَ عَلَيْهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْر، قَالَ الْحَسَنُ: يَا أبَهْ وَحَقَّ مَنْ أنْتَ فِي ذِكْرهِ لأرْجِعَنَّ عَنْ شُرْبِ الْخَمْر وَمَعَ الْخَمْر أشْيَاءَ لاَ تَعْرفُهَا، فَرَفَعَ الْقَاسِمُ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللهُمَّ ألْهِم الْحَسَنَ طَاعَتَكَ وَجَنّبْهِ مَعْصِيَتَكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ دَعَا بِدَرْج فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ رحمه الله وَكَانَتِ الضّيَاعُ الَّتِي فِي يَدِهِ لِمَوْلاَنَا وَقْفٌ وَقَفَهُ.
وَكَانَ فِيمَا أوْصَى الْحَسَنَ أنْ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنْ اُهَّلْتَ لِهَذَا الأمْر _ يَعْنِي الْوَكَالَةَ لِمَوْلاَنَا _ فَيَكُونُ قُوتُكَ مِنْ نِصْفِ ضَيْعَتِي الْمَعْرُوفَةِ بِفرجيدة(1) وَسَائِرُهَا مِلْكٌ لِمَوْلاَيَ، وَإِنْ لَمْ تُؤَهَّلْ لَهُ فَاطْلُبْ خَيْرَكَ مِنْ حَيْثُ يَتَقَبَّلُ اللهُ، وَقَبِلَ الْحَسَنُ وَصِيَّتَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم الأرْبَعِينَ وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ مَاتَ الْقَاسِمُ رحمه الله فَوَافَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَن يَعْدُو فِي الأسْوَاقِ حَافِياً حَاسِراً وَهُوَ يَصِيحُ: وَا سَيَّدَاهْ، فَاسْتَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ،).
ص: 522
وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: مَا الَّذِي تَفْعَلُ بِذَلِكَ(1)؟ فَقَالَ: اسْكُتُوا فَقَدْ رَأيْتُ مَا لَمْ تَرَوْهُ، وَتَشَيَّعَ وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَوَقَفَ الْكَثِيرَ مِنْ ضِيَاعِهِ.
وَتَوَلَّى أبُو عَلِيّ بْنُ جَحْدَرٍ غُسْلَ الْقَاسِم وَأبُو حَامِدٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَكُفّنَ فِي ثَمَانِيَةِ أثْوَابٍ عَلَى بَدَنِهِ قَمِيصُ مَوْلاَهُ أبِي الْحَسَن وَمَا يَلِيهِ السَّبْعَةُ الأثْوَابِ الَّتِي جَاءَتْهُ مِنَ الْعِرَاقِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ وَرَدَ كِتَابُ تَعْزيَةٍ عَلَى الْحَسَن مِنْ مَوْلاَنَا عليه السلام فِي آخِرهِ دُعَاءٌ: (ألْهَمَكَ اللهُ طَاعَتَهُ وَجَنَّبَ مَعْصِيَتَهُ)، وَهُوَ الدُّعَاءُ الَّذِي كَانَ دَعَا بِهِ أبُوهُ وَكَانَ آخِرُهُ: (قَدْ جَعَلْنَا أبَاكَ إِمَاماً لَكَ وَفَعَالَهُ لَكَ مِثَالاً)(2).
كتاب النجوم: نَقَلْنَاهُ مِنْ نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ جِدّاً مِنْ اُصُولِ أصْحَابِنَا لَعَلَّهاَ(3) قَدْ كُتِبَ فِي زَمَن الْوُكَلاَءِ فَقَالَ فِيهَا مَا هَذَا لَفْظُهُ: قَالَ الصَّفْوَانِيُّ... وَذَكَرَ نَحْوَهُ(4).
إيضاح: قوله: (وحجب) أي عن الرؤية، و(الفيج) بالفتح معرف بيك، قوله: (لا يسمّى بغيره) أي كان هذا الرسول لا يسمّى إلاَّ بفيج العراق أو أنَّه لم يسمعه المبشر بل هكذا عبَّر عنه، قوله: (أفضل من النصف) يصف كبره أي كان أكبر من نصف ورق مدرج أي مطوي، وقال الجزري: يقال: نكيت في العدو أنكى نكاية إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك، ويقال: نكأت القرحة أنكؤها إذا قشَّرتها(5) وفي النجم ببكائه وهو أظهر.7.
ص: 523
38 _ الغيبة للطوسي: الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيّ بْن نُوح، عَنْ أبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ ابْن بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي نَوْبَخْتَ مِنْهُمْ أبُو الْحَسَن بْنُ كَثِيرٍ النَّوْبَخْتِيُّ، وَحَدَّثَتْنِي بِهِ اُمُّ كُلْثُوم بِنْتُ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ رضي الله عنهم أنَّهُ حَمَلَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه فِي وَقْتٍ مِنَ الأوْقَاتِ مَا يُنْفِذُهُ إِلَى صَاحِبِ الأمْر عليه السلام مِنْ قُمَّ وَنَوَاحِيهَا، فَلَمَّا وَصَلَ الرَّسُولُ إِلَى بَغْدَادَ وَدَخَلَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ وَأوْصَلَ إِلَيْهِ مَا دَفَعَ إِلَيْهِ وَوَدَّعَهُ وَجَاءَ لِيَنْصَرفَ قَالَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ: قَدْ بَقِيَ شَيْ ءٌ مِمَّا اسْتَوْدَعْتُهُ فَأيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَا سَيَّدِي فِي يَدِي إِلاَّ وَقَدْ سَلَّمْتُهُ، فَقَالَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ: بَلَى قَدْ بَقِيَ شَيْءٌ فَارْجِعْ إِلَى مَا مَعَكَ وَفَتّشْهُ وَتَذَكَّرْ مَا دُفِعَ إِلَيْكَ.
فَمَضَى الرَّجُلُ فَبَقِيَ أيَّاماً يَتَذَكَّرُ وَيَبْحَثُ وَيُفَكّرُ فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئاً وَلاَ أخْبَرَهُ مَنْ كَانَ فِي جُمْلَتِهِ، وَرَجَعَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ فَقَالَ لَهُ: لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِي يَدِي مِمَّا سُلّمَ إِلَيَّ إِلاَّ وَقَدْ حَمَلْتُ(1) إِلَى حَضْرَتِكَ، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ: فَإنَّهُ يُقَالُ لَكَ: (الثَّوْبَان السَّرْدَانِيَّان اللَّذَان دَفَعَهُمَا إِلَيْكَ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ مَا فُعِلاَ؟)، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِي وَاللهِ يَا سَيَّدِي لَقَدْ نَسِيتُهُمَا حَتَّى ذَهَبَا عَنْ قَلْبِي وَلَسْتُ أدْري الآنَ أيْنَ وَضَعْتُهُمَا، فَمَضَى الرَّجُلُ فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ كَانَ مَعَهُ إِلاَّ فَتَّشَهُ وَحَلَّهُ وَسَألَ مَنْ حَمَلَ إِلَيْهِ شَيْئاً مِنَ الْمَتَاع أنْ يُفَتّشَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقِفْ لَهُمَا عَلَى خَبَرٍ.
فَرَجَعَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ رحمه الله فَأخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ: يُقَالُ لَكَ: (امْض إِلَى فُلاَن بْن فُلاَنٍ الْقَطَّان الَّذِي حَمَلْتَ إِلَيْهِ الْعِدْلَيْن الْقُطْنَ فِي دَار الْقُطْن فَافْتُقْ أحَدَهُمَا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ كَذَا وَكَذَا فَإنَّهُمَا فِي).
ص: 524
جَانِبِهِ)، فَتَحَيَّرَ الرَّجُلُ مِمَّا أخْبَرَ بِهِ أبُو جَعْفَرٍ وَمَضَى لِوَجْهِهِ إِلَى الْمَوْضِع فَفَتَقَ الْعِدْلَ الَّذِي قَالَ لَهُ: افْتُقْهُ فَإذَا الثَّوْبَان فِي جَانِبِهِ قَدِ انْدَسَّا مَعَ الْقُطْن، فَأخَذَهُمَا وَجَاءَ بِهِمَا إِلَى أبِي جَعْفَرٍ فَسَلَّمَهُمَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: لَقَدْ أنْسَيْتُهُمَا لأنّي لَمَّا شَدَدْتُ الْمَتَاعَ بَقِيَا فَجَعَلْتُهُمَا فِي جَانِبِ الْعِدْلِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أحْفَظُ لَهُمَا.
وَتَحَدَّثَ الرَّجُلُ بِمَا رَآهُ وَأخْبَرَهُ بِهِ أبُو جَعْفَرٍ مِنْ عَجِيبِ الأمْر الَّذِي لاَ يَقِفُ عَلَيْهِ إِلاَّ نَبِيٌّ أوْ إِمَامٌ مِنْ قِبَل اللهِ الَّذِي يَعْلَمُ السَّرَائِرَ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الرَّجُلُ يَعْرفُ أبَا جَعْفَرٍ وَإِنَّمَا اُنْفِذَ عَلَى يَدِهِ كَمَا يُنْفَذُ التُّجَّارُ إِلَى أصْحَابِهِمْ عَلَى يَدِ مَنْ يَثِقُونَ بِهِ وَلاَ كَانَ مَعَهُ تَذْكِرَةٌ سَلَّمَهَا إِلَى أبِي جَعْفَرٍ وَلاَ كِتَابٌ لأنَّ الأمْرَ كَانَ حَاداّ(1) فِي زَمَان الْمُعْتَضِدِ وَالسَّيْفُ يَقْطُرُ دَماً كَمَا يُقَالُ، وَلكَانَ سِرّاً بَيْنَ الْخَاصّ مِنْ أهْل هَذَا الشَّأن وَكَانَ مَا يُحْمَلُ بِهِ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ لاَ يَقِفُ مَنْ يَحْمِلُهُ عَلَى خَبَرهِ وَلاَ حَالِهِ وَإِنَّمَا يُقَالُ: امْض إِلَى مَوْضِع كَذَا وَكَذَا فَسَلّمْ مَا مَعَكَ مِنْ غَيْر أنْ يُشْعِرَ بِشَيْ ءٍ وَلاَ يُدْفَعُ إِلَيْهِ كِتَابٌ لِئَلاَّ يُوقَفَ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ مِنْهُ(2).
39 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْحَسَن بْن حَمْزَةَ الْعَلَويّ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الْكُلَيْنيّ، قَالَ: كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْمَصِيريُّ يَسْألُ صَاحِبَ الزَّمَان كَفَناً يَتَيَمَّنُ بِمَا يَكُونُ مِنْ عِنْدِهِ، فَوَرَدَ: (أنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَنَةً إِحْدَى وَثَمَانِينَ)، فَمَاتَ رحمه الله فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّهُ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَن قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهَر(3).3.
ص: 525
كتاب النجوم: بإسنادنا إلى أبي جعفر الطبري قال: كتب علي بن محمّد السمري... وذكر نحوه(1).
دلائل الإمامة للطبري: عن أبي المفضل الشيباني، عن الكليني، عن السيمري مثله(2).
40 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مَرْوَانَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبِي سُورَةَ، قَالَ: كُنْتُ بِالْحَائِر زَائِراً عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَخَرَجْتُ مُتَوَجَّهاً عَلَى طَريقِ الْبَرَّ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْمُسَنَّاةِ جَلَسْتُ إِلَيْهَا مُسْتَريحاً ثُمَّ قُمْتُ أمْشِي وَإِذَا رَجُلٌ عَلَى ظَهْر الطَّريقِ، فَقَالَ لِي: (هَلْ لَكَ فِي الرَّفْقَةِ؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَمَشَيْنَا مَعاً يُحَدَّثُنِي وَاُحَدَّثُهُ وَسَألَنِي عَنْ حَالِي فَأعْلَمْتُهُ أنّي مُضَيَّقٌ لاَ شَيْ ءَ مَعِي وَفِي(3) يَدِي، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ لِي: (إِذَا دَخَلْتَ الْكُوفَةَ فَأتِ أبَا طَاهِرٍ الزُّرَاريَّ فَاقْرَعْ عَلَيْهِ بَابَهُ فَإنَّهُ سَيَخْرُجُ إِلَيْكَ وَفِي يَدِهِ دَمُ الاُضْحِيَّةِ فَقُلْ لَهُ: يُقَالُ لَكَ: أعْطِ هَذَا الرَّجُلَ الصُّرَّةَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي عِنْدَ رجْل السَّرير)، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ هَذَا ثُمَّ فَارَقَنِي وَمَضَى لِوَجْهِهِ لاَ أدْري أيْنَ سَلَكَ.
وَدَخَلْتُ الْكُوفَةَ وَقَصَدْتُ أبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الزُّرَاريَّ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ بَابَهُ كَمَا قَالَ لِي وَخَرَجَ إِلَيَّ وَفِي يَدِهِ دَمُ الاُضْحِيَّةِ، فَقُلْتُ لَهَا: يُقَالُ لَكَ: أعْطِ هَذَا الرَّجُلَ الصُّرَّةَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي عِنْدَ رجْل السَّرير، فَقَالَ: سَمْعاً وَطَاعَةً، وَدَخَلَ فَأخْرَجَ إِلَيَّ الصُّرَّةَ فَسَلَّمَهَا إِلَيَّ فَأخَذْتُهَا وَانْصَرَفْتُ(4).4.
ص: 526
41 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي غَالِبٍ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الزُّرَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْن مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَعْفَريُّ وَأبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن الرَّقَّام، قَالاَ: حَدَّثَنَا أبُو سُورَةَ، قَالَ أبُو غَالِبٍ: وَقَدْ رَأيْتُ ابْناً لأبِي سُورَةَ وَكَانَ أبُو سُورَةَ أحَدَ مَشَايِخ الزَّيْدِيَّةِ الْمَذْكُورينَ، قَالَ أبُو سُورَةَ: خَرَجْتُ إِلَى قَبْر أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام اُريدُ يَوْمَ عَرَفَةَ فَعَرَفْتُ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ عِشَاءِ الآخِرَةِ صَلَّيْتُ وَقُمْتُ فَابْتَدَأتُ أقْرَاُ مِنَ الْحَمْدِ وَإِذَا شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُسَيَّفِيٌّ(1) فَابْتَدَأ أيْضاً مِنَ الْحَمْدِ وَخَتَمَ قَبْلِي أوْ خَتَمْتُ قَبْلَهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاةُ خَرَجْنَا جَمِيعاً مِنْ بَابِ الْحَائِر فَلَمَّا صِرْنَا عَلَى شَاطِئ الْفُرَاتِ قَالَ لِيَ الشَّابُّ: (أنْتَ تُريدُ الْكُوفَةَ فَامْض)، فَمَضَيْتُ طَريقَ الْفُرَاتِ وَأخَذَ الشَّابُّ طَريقَ الْبَرَّ.
قَالَ أبُو سُورَةَ: ثُمَّ أسَفْتُ عَلَى فِرَاقِهِ فَاتَّبَعْتُهُ، فَقَالَ لِي: (تَعَالَ)، فَجِئْنَا جَمِيعاً إِلَى أصْل حِصْن الْمُسَنَّاةِ فَنِمْنَا جَمِيعاً وَانْتَبَهْنَا فَإذَا نَحْنُ عَلَى الْعَوْفَى عَلَى جَبَلِ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ لِي: (أنْتَ مُضَيَّقٌ وَعَلَيْكَ عِيَالٌ فَامْض إِلَى أبِي طَاهِرٍ الزُّرَاريّ فَسَيَخْرُجُ إِلَيْكَ مِنْ مَنْزلِهِ وَفِي يَدِهِ الدَّمُ مِنَ الاُضْحِيَّةِ فَقُلْ لَهُ: شَابٌّ مِنْ صِفَتِهِ كَذَا يَقُولُ لَكَ: صُرَّةٌ فِيهَا عِشْرُونَ دِينَاراً جَاءَكَ بِهَا بَعْضُ إِخْوَانِكَ فَخُذْهَا مِنْهُ)، قَالَ أبُو سُورَةَ: فَصِرْتُ إِلَى أبِي طَاهِر بْن الزُّرَاريّ كَمَا قَالَ الشَّابُّ وَوَصَفْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ، وَرَأيْتُهُ فَدَخَلَ وَأخْرَجَ إِلَيَّ الصُّرَّةَ الدَّنَانِيرَ فَدَفَعَهَا إِلَيَّ وَانْصَرَفْتُ.
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْن مَرْوَانَ وَهُوَ أيْضاً مِنْ أحَدِ).
ص: 527
مَشَايِخِ الزَّيْدِيَّةِ: حَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أبَا الْحُسَيْن مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ الْعَلَويَّ وَنَحْنُ نُزُولٌ بِأرْض الْهُرَّ، فَقَالَ: هَذَا حَقٌّ جَاءَنِي رَجُلٌ شَابٌّ فَتَوَسَّمْتُ فِي وَجْهِهِ سِمَةً فَصَرَفْتُ(1) النَّاسَ كُلَّهُمْ، وَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أنْتَ؟ فَقَالَ: أنَا رَسُولُ الْخَلَفِ عليه السلام إِلَى بَعْض إِخْوَانِهِ بِبَغْدَادَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَعَكَ رَاحِلَةٌ، فَقَالَ: نَعَمْ فِي دَار الطَّلْحِيّينَ، فَقُلْتُ لَهُ: قُمْ فَجِىءْ بِهَا، وَوَجَّهْتُ مَعَهُ غُلاَماً فَأحْضَرَ رَاحِلَتَهُ وَأقَامَ عِنْدِي يَوْمَ(2) ذَلِكَ وَأكَلَ مِنْ طَعَامِي وَحَدَّثَنِي بِكَثِيرٍ مِنْ سِرَّي وَضَمِيري، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: عَلَى أيّ طَريقٍ تَأخُذُ؟ قَالَ: اُنْزلُ إِلَى هَذِهِ النَّجَفَةِ، ثُمَّ آتِي وَادِيَ الرَّمْلَةِ، ثُمَّ آتِي الْفُسْطَاطَ وَأبْتَعُ الرَّاحِلَةَ فَأرْكَبُ إِلَى الْخَلَفِ عليه السلام إِلَى الْمَغْربِ.
قَالَ أبُو الْحُسَيْن(3) مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَرَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى صِرْنَا إِلَى قَنْطَرَةِ دَار صَالِح فَعَبَرَ الْخَنْدَقَ وَحْدَهُ وَأنَا أرَاهُ حَتَّى نَزَلَ النَّجَفَ وَغَابَ عَنْ عَيْني.
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ: فَحَدَّثْتُ أبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أبِي دَارم الْيَمَامِيَّ وَهُوَ مِنْ أحَدِ مَشَايِخ الْحَشْويَّةِ بِهَذَيْن الْحَدِيثَيْن، فَقَالَ: هَذَا حَقٌّ جَاءَنِي مُنْذُ سُنَيَّاتٍ ابْنُ اُخْتِ أبِي بَكْر بْن النُّخَالِيّ الْعَطَّارُ، وَهُوَ صُوفِيٌّ يَصْحَبُ الصُّوفِيَّةَ، فَقُلْتُ: مِنْ أيْنَ(4) وَأيْنَ كُنْتَ؟، فَقَالَ لِي: أنَا مُسَافِرٌ مُنْذُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَقُلْتُ لَهُ: فَأيْشٍ(5) أعْجَبُ مَا رَأيْتَ؟ك.
ص: 528
فَقَالَ: نَزَلْتُ بِالإسْكَنْدَريَّةِ فِي خَانٍ يَنْزلُهُ الْغُرَبَاءُ وَكَانَ فِي وَسَطِ الْخَان مَسْجِدٌ يُصَلّي فِيهِ أهْلُ الْخَان وَلَهُ إِمَامٌ وَكَانَ شَابٌّ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتٍ لَهُ(1) غُرْفَةٌ فَيُصَلّي خَلْفَ الإمَام وَيَرْجِعُ مِنْ وَقْتِهِ إِلَى بَيْتِهِ وَلاَ يَلْبَثُ مَعَ الْجَمَاعَةِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ وَرَأيْتُ مَنْظَرَهُ شَابٌّ نَظِيفٌ عَلَيْهِ عَبَاءٌ: أنَا وَاللهِ اُحِبُّ خِدْمَتَكَ وَالتَّشَرُّفَ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ: (شَأنَكَ)، فَلَمْ أزَلْ أخْدُمُهُ حَتَّى أنِسَ بِيَ الاُنْسَ التَّامَّ، فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْم: مَنْ أنْتَ أعَزَّكَ اللهُ؟ قَالَ: (أنَا صَاحِبُ الْحَقَّ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي مَتَى تَظْهَرُ؟ فَقَالَ: (لَيْسَ هَذَا أوَانُ ظُهُوري) وَقَدْ بَقِيَ مُدَّةً مِنَ الزَّمَان فَلَمْ أزَلْ عَلَى خِدْمَتِهِ تِلْكَ وَهُوَ عَلَى حَالَتِهِ مِنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَتَرْكِ الْخَوْض فِيمَا لاَ يَعْنِيهِ... إِلَى أنْ قَالَ: (أحْتَاجُ إِلَى السَّفَر)، فَقُلْتُ لَهُ: أنَا مَعَكَ.
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي مَتَى يَظْهَرُ أمْرُكَ؟ قَالَ: (عَلاَمَةُ ظُهُور أمْري كَثْرَةُ الْهَرْج وَالْمَرْج وَالْفِتَن، وَآتِي مَكَّةَ فَأكُونُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَام، فَيُقَالُ: انْصِبُوا لَنَا إِمَاماً، وَيَكْثُرُ الْكَلاَمُ حَتَّى يَقُومَ رَجُلٌ مِنَ النَّاس فَيَنْظُرَ فِي وَجْهِي ثُمَّ يَقُولَ: يَا مَعْشَرَ النَّاس هَذَا الْمَهْدِيُّ انْظُرُوا إِلَيْهِ، فَيَأخُذُونَ بِيَدِي وَيَنْصِبُونّي بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، فَيُبَايِعُ النَّاسُ عِنْدَ إِيَاسِهِمْ عَنّي)، قَالَ: وَسِرْنَا إِلَى سَاحِل الْبَحْر فَعَزَمَ عَلَى رُكُوبِ الْبَحْر، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي أنَا وَاللهِ أفْرَقُ مِنَ(2) الْبَحْر، قَالَ: (وَيْحَكَ تَخَافُ وَأنَا مَعَكَ؟)، فَقُلْتُ: لاَ وَلَكِنْ أجْبُنُ، قَالَ: فَرَكِبَ الْبَحْرَ وَانْصَرَفْتُ عَنْهُ(3).5.
ص: 529
توضيح: قال: توسَّمت في وجهه الخير أي تفرَّست.
42 _ الغيبة للطوسي: أخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَيَّاشٍ، عَنْ أبِي غَالِبٍ الزُّرَاريّ، قَالَ: قَدِمْتُ مِنَ الْكُوفَةِ وَأنَا شَابٌّ إِحْدَى قَدَمَاتِي وَمَعِي رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِنَا _ قَدْ ذَهَبَ(1) عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ اسْمُهُ _ وَذَلِكَ فِي أيَّام الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْحٍ رحمه الله وَاسْتِتَارهِ وَنَصْبِهِ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفَ بِالشَّلْمَغَانِيّ وَكَانَ مُسْتَقِيماً لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الْكُفْر وَالإلْحَادِ وَكَانَ النَّاسُ يَقْصِدُونَهُ وَيَلْقَوْنَهُ لأنَّهُ كَانَ صَاحِبَ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْحٍ سَفِيراً بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ فِي حَوَائِجِهِمْ وَمُهِمَّاتِهِمْ.
فَقَالَ لِي صَاحِبي: هَلْ لَكَ أنْ تَلْقَى أبَا جَعْفَرٍ وَتُحَدَّثَ بِهِ عَهْداً فَإنَّهُ الْمَنْصُوبُ الْيَوْمَ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ فَإنّي اُريدُ أنْ أسْألَهُ شَيْئاً مِنَ الدُّعَاءِ يَكْتُبُ بِهِ إِلَى النَّاحِيَةِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَدَخَلْنَا إِلَيْهِ فَرَأيْنَا عِنْدَهُ جَمَاعَةً مِنْ أصْحَابِنَا فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ وَجَلَسْنَا فَأقْبَلَ عَلَى صَاحِبي فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْفَتَى مَعَكَ؟ فَقَالَ لَهُ: رَجُلٌ مِنْ آلِ زُرَارَةَ بْن أعْيَنَ، فَأقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: مِنْ أيّ زُرَارَةٍ أنْتَ؟ فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي أنَا مِنْ وُلْدِ بُكَيْر بْن أعْيَنَ أخِي زُرَارَةَ، فَقَالَ: أهْلُ بَيْتٍ جَلِيلٍ عَظِيم الْقَدْر فِي هَذَا الأمْر، فَأقْبَلَ عَلَيْهِ صَاحِبي فَقَالَ لَهُ: يَا سَيَّدَنَا اُريدُ الْمُكَاتَبَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ، فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ هَذَا اعْتَقَدْتُ أنْ أسْألَ أنَا أيْضاً مِثْلَ ذَلِكَ وَكُنْتُ اعْتَقَدْتُ فِي نَفْسِي مَا لَمْ اُبْدِهِ لأحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ حَالَ وَالِدَةِ أبِي الْعَبَّاس ابْنِي وَكَانَتْ كَثِيرَةَ الْخِلاَفِ وَالْغَضَبِ عَلَيَّ وَكَانَتْ مِنّي بِمَنْزلَةٍ، فَقُلْتُ فِين.
ص: 530
نَفْسِي: أسْألُ الدُّعَاءَ لِي مِنْ أمْرٍ قَدْ أهَمَّنِي وَلاَ اُسَمَّيهِ، فَقُلْتُ: أطَالَ اللهُ بَقَاءَ سَيَّدِنَا وَأنَا أسْألُ حَاجَةً؟ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: الدُّعَاءَ لِي بِالْفَرَج مِنْ أمْرٍ قَدْ أهَمَّنِي، قَالَ: فَأخَذَ دَرْجاً بَيْنَ يَدَيْهِ كَانَ أثْبَتَ فِيهِ حَاجَةَ الرَّجُل، فَكَتَبَ: وَالزُّرَاريُّ يَسْألُ الدُّعَاءَ(1) فِي أمْرٍ قَدْ أهَمَّهُ، قَالَ: ثُمَّ طَوَاهُ فَقُمْنَا وَانْصَرَفْنَا.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أيَّام قَالَ لِي صَاحِبي: ألاَ نَعُودُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ فَنَسْألَهُ عَنْ حَوَائِجِنَا الَّتِي كُنَّا سَألْنَاهُ؟، فَمَضَيْتُ مَعَهُ وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَحِينَ جَلَسْنَا عِنْدَهُ أخْرَجَ الدَّرْجَ وَفِيهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ قَدْ اُجِيبَتْ فِي تَضَاعِيفِهَا، فَأقْبَلَ عَلَى صَاحِبي فَقَرَأ عَلَيْهِ جَوَابَ مَا سَألَ، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيَّ وَهُوَ يَقْرَاُ فَقَالَ: (وَأمَّا الزُّرَاريُّ وَحَالُ الزَّوْج وَالزَّوْجَةِ فَأصْلَحَ اللهُ ذَاتَ بَيْنهُمَا)، قَالَ: فَوَرَدَ عَلَيَّ أمْرٌ عَظِيمٌ وَقُمْنَا فَانْصَرَفْناَ(2)، فَقَالَ لِي: قَدْ وَرَدَ عَلَيْكَ هَذَا الأمْرُ، فَقُلْتُ: أعْجَبُ مِنْهُ، قَالَ: مِثْلَ أيّ شَيْءٍ؟ فَقُلْتُ: لأنَّهُ سِرٌّ لَمْ يَعْلَمْهُ إِلاَّ اللهُ تَعَالَى وَغَيْري فَقَدْ أخْبَرَني بِهِ، فَقَالَ: أتَشُكُّ فِي أمْر النَّاحِيَةِ أخْبِرْني الآنَ مَا هُوَ؟ فَأخْبَرْتُهُ فَعَجِبَ مِنْهُ.
ثُمَّ قَضَى أنْ عُدْنَا إِلَى الْكُوفَةِ فَدَخَلْتُ دَاري وَكَانَتْ اُمُّ أبِي الْعَبَّاس مُغَاضِبَةً لِي فِي مَنْزلِ أهْلِهَا فَجَاءَتْ إِلَيَّ فَاسْتَرْضَتْنِي وَاعْتَذَرَتْ وَوَافَقَتْنِي وَلَمْ تُخَالِفْنِي حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَناَ(3).
وَأخْبَرَني بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي غَالِبٍ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ الزُّرَاريّ، إِجَازَةً وَكَتَبَ عَنْهُ بِبَغْدَادَ أبُو الْفَرَج مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّر فِي مَنْزلِهِ بِسُوَيْقَةِ غَالِبٍ فِي يَوْم الأحَدِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ6.
ص: 531
سِتّ وَخَمْسِينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: كُنْتُ تَزَوَّجْتُ بِاُمَّ وَلَدِي وَهِيَ أوَّلُ امْرَأةٍ تَزَوَّجْتُهَا وَأنَا حِينَئِذٍ حَدَثُ السَّنَّ وَسِنّي إِذْ ذَاكَ دُونَ الْعِشْرينَ سَنَةً فَدَخَلْتُ بِهَا فِي مَنْزلِ أبِيهَا، فَأقَامَتْ فِي مَنْزلِ أبِيهَا سِنِينَ وَأنَا أجْتَهِدُ بِهِمْ فِي أنْ يُحَوَّلُوهَا إِلَى مَنْزلِي وَهُمْ لاَ يُجِيبُوني إِلَى ذَلِكَ، فَحَمَلَتْ مِنّي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَوَلَدَتْ بِنْتاً فَعَاشَتْ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَتْ وَلَمْ أحْضُرْ فِي ولاَدَتِهَا وَلاَ فِي مَوْتِهَا وَلَمْ أرَهَا مُنْذُ وَلَدَتْ إِلَى أنْ تُوُفّيَتْ لِلشُّرُور الَّتِي كَانَتْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ.
ثُمَّ اصْطَلَحْنَا عَلَى أنَّهُمْ يَحْمِلُونَهَا إِلَى مَنْزلِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ فِي مَنْزلِهِمْ وَدَافَعُوني فِي نَقْل الْمَرْأةِ إِلَيَّ وَقُدَّرَ أنْ حَمَلَتِ الْمَرْأةُ مَعَ هَذِهِ الْحَالِ ثُمَّ طَالَبْتُهُمْ بِنَقْلِهَا إِلَى مَنْزلِي عَلَى مَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ فَعَادَ الشَّرُّ بَيْنَنَا وَانْتَقَلَتْ مِنْهُمْ(1) وَوَلَدَتْ وَأنَا غَائِبٌ عَنْهَا بِنْتاً وَبَقِينَا عَلَى حَالِ الشَّرَّ وَالْمُضَارَمَةِ سِنِينَ لاَ آخُذُهَا.
ثُمَّ دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَكَانَ الصَّاحِبَ بِالْكُوفَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ الزجوزجيُّ وَكَانَ لِي كَالْعَمَّ أو الْوَالِدِ، فَنَزَلْتُ عِنْدَهُ بِبَغْدَادَ وَشَكَوْتُ إِلَيْهِ مَا أنَا فِيهِ مِنَ الشُّرُور الْوَاقِعَةِ بَيْني وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ وَبَيْنَ الأحْمَاءِ، فَقَالَ لِي: تَكْتُبُ رُقْعَةً وَتَسْألُ الدُّعَاءَ فِيهَا.
فَكَتَبْتُ رُقْعَةً ذَكَرْتُ فِيهَا حَالِي وَمَا أنَا فِيهِ مِنْ خُصُومَةِ الْقَوْم لِي وَامْتِنَاعِهِمْ مِنْ حَمْل الْمَرْأةِ إِلَى مَنْزلِي، وَمَضَيْتُ بِهَا أنَا وَأبُو جَعْفَرٍ إِلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه وَهُوَ إِذْ ذَاكَ الْوَكِيلُ فَدَفَعْنَاهَا إِلَيْهِ وَسَألْنَاهُ إِنْفَاذَهَا فَأخَذَهَا مِنّي وَتَأخَّرَ).
ص: 532
الْجَوَابُ عَنّي أيَّاماً فَلَقِيتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ سَاءَنِي تَأخُّرُ الْجَوَابِ عَنّي، فَقَالَ: لاَ يَسُوؤُكَ فَإنَّهُ أحَبُّ إِلَيَّ لَكَ وَأوْمَى إِلَيَّ أنَّ الْجَوَابَ إِنْ قَرُبَ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه وَإِنْ تَأخَّرَ كَانَ مِنْ جِهَةِ الصَّاحِبِ عليه السلام.
فَانْصَرَفْتُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلاَ أحْفَظُ الْمُدَّةَ إِلاَّ أنَّهَا كَانَتْ قَريبَةً فَوَجَّهَ إِلَيَّ أبُو جَعْفَرٍ الزجوزجيُّ يَوْماً مِنَ الأيَّام فَصِرْتُ إِلَيْهِ فَأخْرَجَ لِي فَصْلاً مِنْ رُقْعَةٍ وَقَالَ لِي: هَذَا جَوَابُ رُقْعَتِكَ فَإنْ شِئْتَ أنْ تَنْسَخَهُ فَانْسَخْهُ وَرُدَّهُ، فَقَرَأتُهُ فَإذَا فِيهِ: (وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَأصْلَحَ اللهُ ذَاتَ بَيْنهِمَا). وَنَسَخْتُ اللَّفْظَ وَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْفَصْلَ وَدَخَلْنَا الْكُوفَةَ فَسَهَّلَ اللهُ لِي نَفْسَ الْمَرْأةِ بِأيْسَر كُلْفَةٍ وَأقَامَتْ مَعِي سِنِينَ كَثِيرَةً وَرُزِقَتْ مِنّي أوْلاَداً وَأسَأتُ إِلَيْهَا إِسَاءَاتٍ وَاسْتَعْمَلْتُ مَعَهَا كُلَّ مَا تَصْبِرُ النّسَاءُ عَلَيْهِ فَمَا وَقَعَتْ بَيْني وَبَيْنَهَا لَفْظَةُ شَرًّ وَلاَ بَيْنَ أحَدٍ مِنْ أهْلِهَا إِلَى أنْ فَرَّقَ الزَّمَانُ بَيْنَنَا.
قَالُوا: قَالَ أبُو غَالِبٍ: وَكُنْتُ قَدِيماً قَبْلَ هَذِهِ الْحَالِ قَدْ كَتَبْتُ رُقْعَةً أسْألُ فِيهَا أنْ تَقْبَلَ(1) ضَيْعَتِي وَلَمْ يَكُنْ اعْتِقَادِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ عزّ وجل بِهَذِهِ الْحَالِ وَإِنَّمَا كَانَ شَهْوَةً مِنّي لِلاخْتِلاَطِ بِالنَّوْبَخْتِيّينَ وَالدُّخُولِ مَعَهُمْ فِيمَا كَانُوا(2) مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ اُجَبْ إِلَى ذَلِكَ وَألْحَحْتُ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيَّ: أن اخْتَرْ مَنْ تَثِقُ بِهِ فَاكْتُبِ الضَّيْعَةَ بِاسْمِهِ فَإنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهَا، فَكَتَبْتُهَا بِاسْم أبِي الْقَاسِمِ مُوسَى بْن الْحَسَن الزجوزجيّ ابْن أخِي أبِي جَعْفَرٍ لِثِقَتِي بِهِ وَمَوْضِعِهِ مِنَ الدَّيَانَةِ وَالنّعْمَةِ.
فَلَمْ يَمْض(3) الأيَّامُ حَتَّى أسَرُونِي الأعْرَابُ وَنَهَبُوا الضَّيْعَةَ الَّتِي).
ص: 533
كُنْتُ أمْلِكُهَا وَذَهَبَ فِيهَا مِنْ غَلاَّتِي وَدَوَابَّي وَآلَتِي نَحْوٌ مِنْ ألْفِ دِينَارٍ وَأقَمْتُ فِي أسْرهِمْ مُدَّةً إِلَى أن اشْتَرَيْتُ نَفْسِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَألْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَم وَلَزمَنِي فِي اُجْرَةِ الرَّسْل نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَم فَخَرَجْتُ وَاحْتَجْتُ إِلَى الضَّيْعَةِ فَبِعْتُهاَ(1).
إيضاح: (المضارمة): المغاضبة من قولهم: تضرَّم عليَّ أي تغضَّب، قوله: (وكان الصاحب) أي صاحبي أو ملجأ الشيعة وكبيرهم أو صاحب الحكم من قبل السلطان والأوسط أظهر.
43 _ الغيبة للطوسي: أخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ الْقُمَّيّ، عَنْ أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام، قَالَ: أنْفَذَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ الْعَزَاقِريُّ إِلَى الشَّيْخ الْحُسَيْن بْن رَوْح يَسْألُهُ أنْ يُبَاهِلَهُ وَقَالَ: أنَا صَاحِبُ الرَّجُل وَقَدْ اُمِرْتُ بِإظْهَار الْعِلْم وَقَدْ أظْهَرْتُهُ بَاطِناً وَظَاهِراً فَبَاهِلْنِي، فَأنْفَذَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ: أيُّنَا تَقَدَّمَ صَاحِبَهُ فَهُوَ الْمَخْصُومُ، فَتَقَدَّمَ الْعَزَاقِريُّ فَقُتِلَ وَصُلِبَ وَاُخِذَ مَعَهُ ابْنُ أبِي عَوْنٍ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(2).
قَالَ ابْنُ نُوح: وَأخْبَرَني جَدَّي مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن الْعَبَّاس بْن نُوح رضي الله عنه قَالَ: أخْبَرَنَا أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَر بْن إِسْمَاعِيلَ بْن صَالِح الصَّيْمَريُّ قَالَ: لَمَّا أنْفَذَ الشَّيْخُ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه التَّوْقِيعَ فِي لَعْن ابْن أبِي الْعَزَاقِر أنْفَذَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ(3) فِي دَار الْمُقْتَدِر إِلَى شَيْخِنَا أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ وَأمْلَى أبُو).
ص: 534
عَلِيٍّ عَلَيَّ وَعَرَّفَنِي أنَّ أبَا الْقَاسِم رضي الله عنه رَاجَعَ فِي تَرْكِ إِظْهَارهِ فَإنَّهُ فِي يَدِ الْقَوْم وَفِي حَبْسِهِمْ فَأمَرَ بِإظْهَارهِ وَأنْ لاَ يَخْشَى وَيَأمَنَ فَتَخَلَّصَ وَخَرَجَ مِنَ الْحَبْس بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ وَالْحَمْدُ للهِ(1).
قَالَ: وَوَجَدْتُ فِي أصْلٍ عَتِيقٍ كُتِبَ بِالأهْوَازِ فِي الْمُحَرَّم سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ أبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ(2) بْن عَلِيّ بْن أبِي طَالِبٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: كُنْتُ بِمَدِينَةِ قُمَّ فَجَرَى بَيْنَ إِخْوَانِنَا كَلاَمٌ فِي أمْر رَجُلٍ أنْكَرَ وَلَدَهُ فَأنْفَذُوا رَجُلاً إِلَى الشَّيْخ صِيَانَةِ اللهِ وَكُنْتُ حَاضِراً عِنْدَهُ أيَّدَهُ اللهُ فَدُفِعَ إِلَيْهِ الْكِتَابُ فَلَمْ يَقْرَأهُ وَأمَرَهُ أنْ يَذْهَبَ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ الْبَزَوْفَريّ أعَزَّهُ اللهُ لِيُجِيبَ عَن الْكِتَابِ فَصَارَ إِلَيْهِ وَأنَا حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ: الْوَلَدُ وَلَدُهُ وَوَاقَعَهَا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا فِي مَوْضِع كَذَا وَكَذَا، فَقُلْ لَهُ: فَيَجْعَلُ اسْمَهُ مُحَمَّداً، فَرَجَعَ الرَّسُولُ إِلَى الْبَلَدِ وَعَرَّفَهُمْ وَوَضَحَ عِنْدَهُمُ الْقَوْلَ وَوُلِدَ الْوَلَدُ وَسُمَّيَ مُحَمَّدا(3).
قَالَ ابْنُ نُوح: وَحَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن سَوْرَةَ الْقُمَّيُّ حِينَ قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجّاً، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن بْن يُوسُفَ الصَّائِغُ الْقُمَّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْن الدَّلاَّلِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مَشَايِخ أهْل قُمَّ، أنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ عَمَّهِ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ فَلَمْ يُرْزَقْ مِنْهَا0.
ص: 535
وَلَداً فَكَتَبَ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه أنْ يَسْألَ الْحَضْرَةَ أنْ يَدْعُوَ اللهَ أنْ يَرْزُقَهُ أوْلاَداً فُقَهَاءَ فَجَاءَ الْجَوَابُ: (إِنَّكَ لاَ تُرْزَقُ مِنْ هَذِهِ وَسَتَمْلِكُ جَاريَةً دَيْلَمِيَّةً وَتُرْزَقُ مِنْهَا وَلَدَيْن فَقِيهَيْن).
قَالَ: وَقَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ سَوْرَةَ حَفِظَهُ اللهُ: وَلأبِي الْحَسَن بْن بَابَوَيْهِ ثَلاَثَةُ أوْلاَدٍ مُحَمَّدٌ وَالْحُسَيْنُ فَقِيهَان مَاهِرَان فِي الْحِفْظِ يَحْفَظَان مَا لاَ يَحْفَظُ غَيْرُهُمَا مِنْ أهْل قُمَّ وَلَهُمَا أخٌ اسْمُهُ الْحَسَنُ وَهُوَ الأوْسَطُ مُشْتَغِلٌ بِالْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ لاَ يَخْتَلِطُ بِالنَّاس وَلاَ فِقْهَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ سَوْرَةَ: كُلَّمَا رَوَى أبُو جَعْفَرٍ وَأبُو عَبْدِ اللهِ ابْنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن شَيْئاً يَتَعَجَّبُ النَّاسُ مِنْ حِفْظِهِمَا وَيَقُولُونَ لَهُمَا: هَذَا الشَّأنُ خُصُوصِيَةٌ لَكُمَا بِدَعْوَةِ الإمَام عليه السلام لَكُمَا، وَهَذَا أمْرٌ مُسْتَفِيضٌ فِي أهْل قُمَّ(1).
قَالَ: وَسَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ بْنَ سَوْرَةَ الْقُمَّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَرْوَراً وَكَانَ رَجُلاً عَابِداً مُجْتَهِداً لَقِيتُهُ بِالأهْوَازِ غَيْرَ أنّي نَسِيتُ نَسَبَهُ يَقُولُ: كُنْتُ أخْرَسَ لاَ أتَكَلَّمُ فَحَمَلَنِي أبِي وَعَمَّي فِي صِبَائِي(2) وَسِنّي إِذْ ذَاكَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ أوْ أرْبَعَ عَشْرَةَ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح رضي الله عنه فَسَألاَهُ أنْ يَسْألَ الْحَضْرَةَ أنْ يَفْتَحَ اللهُ لِسَانِي فَذَكَرَ الشَّيْخُ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح: أنَّكُمْ اُمِرْتُمْ بِالْخُرُوج إِلَى الْحَائِر، قَالَ سَرْوَرٌ: فَخَرَجْنَا أنَا وَأبِي وَعَمَّي إِلَى الْحَيْر فَاغْتَسَلْنَا وَزُرْنَا، قَالَ: فَصَاحَ بِي أبِي وَعَمَّي: يَا سَرْوَرُ، فَقُلْتُ بِلِسَانٍ فَصِيح: لَبَّيْكَ، فَقَالاَ لِي: وَيْحَكَ تَكَلَّمْتَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ سَوْرَةَ: وَكَانَ سَرْوَرٌ هَذَا رَجُلاً لَيْسَ بِجَهْوَريّ الصَّوْتِ(3).2.
ص: 536
بيان: يظهر منه أنَّ البزوفري رحمه الله كان من السفراء ولم ينقل ويمكن أن يكون وصل ذلك إليه بتوسّط أو بدون توسّطهم في خصوص الواقعة.
44 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ الْكُلَيْنيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ بْن نُعَيْم، قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدِي مَالٌ لِلْغَريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم تَنْقُصُ عِشْرينَ دِرْهَماً فَأبَيْتُ أنْ أبْعَثَهَا نَاقِصَةً(1) هَذَا الْمِقْدَارَ فَأتْمَمْتُهَا مِنْ عِنْدِي وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ وَلَمْ أكْتُبْ مَا لِي فِيهَا، فَأنْفَذَ إِلَى مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقَبْضَ وَفِيهِ: (وَصَلَتْ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَم لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً)(2).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكلينى، عن علي بن محمّد، عن محمّد بن شاذان، مثله(3).
الخرائج والجرائح: عن محمّد بن شاذان، مثله(4).
45 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْعَمْريَّ يَقُولُ: صَحِبْتُ رَجُلاً مِنْ أهْل السَّوَادِ وَمَعَهُ مَالٌ لِلْغَريم عليه السلام فَأنْفَذَهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ: (أخْرجْ حَقَّ ابْن(5) عَمَّكَ مِنْهُ وَهُوَ أرْبَعُمِائَةِ دِرْهَم)، فَبَقِيَ الرَّجُلُ(6) بَاهِتاً مُتَعَجَّباً وَنَظَرَ فِي حِسَابِ الْمَالِ).
ص: 537
وَكَانَتْ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ لِوُلْدِ عَمَّهِ قَدْ كَانَ رَدَّ عَلَيْهِمْ بَعْضَهَا وَزَوَى عَنْهُمْ بَعْضَهَا فَإذَا الَّذِي نَضَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ أرْبَعُمِائَةِ دِرْهَم كَمَا قَالَ عليه السلام فَأخْرَجَهُ وَأنْفَذَ الْبَاقِيَ فَقُبِلَ(1).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، مثله(2).
46 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِنَا أنَّهُ عليه السلام بَعَثَ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ بْن الْجُنَيْدِ وَهُوَ بِوَاسِطٍ غُلاَماً وَأمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَلَمَّا عَيَّرَ الدَّنَانِيرَ نَقَصَتْ فِي التَّعْيِير ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَحَبَّةٌ فَوَزَنَ مِنْ عِنْدِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَحَبَّةً وَأنْفَذَهَا فَرُدَّ عَلَيْهِ دِينَارٌ وَزْنُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قِيرَاطاً وَحَبَّةٌ(3).
الخرائج والجرائح: قال الكليني: أخبرنا جماعة من أصحابنا أنَّه بعث... إلى آخر الخبر(4).
بيان: الضمير في قوله: (أنَّه) راجع إلى القائم عليه السلام.
47 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَبْرَئِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَي الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: وَفَدْتُ(5) الْعَسْكَرَ زَائِراً فَقَصَدْتُ النَّاحِيَةَ فَلَقِيَتْنِي امْرَأةٌ فَقَالَتْ: أنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: انْصَرفْ فَإنَّكَ لاَ تَصِلُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَارْجِع اللَّيْلَةَ فَإنَّ الْبَابَ مَفْتُوحٌ لَكَ، فَادْخُل الدَّارَ).
ص: 538
وَاقْصِدِ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ السَّرَاجُ، فَفَعَلْتُ وَقَصَدْتُ الْبَابَ فَإذَا هُوَ مَفْتُوحٌ وَدَخَلْتُ الدَّارَ وَقَصَدْتُ الْبَيْتَ الَّذِي وَصَفَتْهُ.
فَبَيْنَا أنَا بَيْنَ الْقَبْرَيْن أنْتَحِبُ وَأبْكِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتاً وَهُوَ يَقُولُ: (يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ اللهَ وَتُبْ مِنْ كُلّ مَا أنْتَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَلَّدْتَ أمْراً عَظِيماً)(1).
48 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، عَنْ نَصْر بْن الصَّبَّاح الْبَلْخِيّ، قَالَ: كَانَ بِمَرْوَ كَاتِبٌ كَانَ الْخُوزِسْتَانِيَّ(2) سَمَّاهُ لِي نَصْرٌ فَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ ألْفُ دِينَارٍ لِلنَّاحِيَةِ فَاسْتَشَارَني فَقُلْتُ: ابْعَثْ بِهَا إِلَى الْحَاجِز، فَقَالَ: هُوَ فِي عُنُقِكَ إِنْ سَألَنِي اللهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ نَصْرٌ: فَفَارَقْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَيْهِ بَعْدَ سَنَتَيْن فَلَقِيتُهُ فَسَألْتُهُ عَن الْمَالِ فَذَكَرَ أنَّهُ بَعَثَ مِنَ الْمَالِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ إِلَى الْحِجَازِ(3) فَوَرَدَ عَلَيْهِ وُصُولُهَا وَالدُّعَاءُ لَهُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: (كَانَ الْمَالُ ألْفَ دِينَارٍ فَبَعَثْتَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ فَإنْ أحْبَبْتَ أنْ تُعَامِلَ أحَداً فَعَامِل الأسَدِيَّ بِالرَّيّ).
قَالَ نَصْرٌ: وَوَرَدَ عَلَيَّ نَعْيُ حَاجِزٍ فَجَزعْتُ مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِيداً وَاغْتَمَمْتُ لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ تَغْتَمُّ وَتَجْزَعُ وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْكَ بِدَلاَلَتَيْن قَدْ أخْبَرَكَ بِمَبْلَغ الْمَالِ وَقَدْ نَعَى إِلَيْكَ حَاجِزاً مُبْتَدِئا(4)؟
49 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَنْ نَصْر بْن الصَّبَّاح، قَالَ: أنْفَذَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَلْخ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ إِلَى حَاجِزٍ وَكَتَبَ رُقْعَةً غَيَّرَ فِيهَا اسْمَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ بِالْوُصُولِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَالدُّعَاءِ(5).).
ص: 539
50 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي حَامِدٍ الْمَرَاغِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ بْن نُعَيْم، قَالَ: بَعَثَ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَلْخ بِمَالٍ وَرُقْعَةٍ لَيْسَ فِيهَا كِتَابَةٌ وَقَدْ خَطَّ فِيهَا بِإصْبَعِهِ كَمَا تَدُورُ مِنْ غَيْر كِتَابَةٍ وَقَالَ لِلرَّسُولِ: احْمِلْ هَذَا الْمَالَ فَمَنْ أخْبَرَكَ بِقِصَّتِهِ وَأجَابَ عَن الرُّقْعَةِ فَأوْصِلْ إِلَيْهِ الْمَالَ، فَصَارَ الرَّجُلُ إِلَى الْعَسْكَر وَقَصَدَ جَعْفَراً وَأخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: تُقِرُّ بِالْبَدَاءِ؟ قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإنَّ صَاحِبَكَ قَدْ بَدَا لَهُ وَقَدْ أمَرَكَ أنْ تُعْطِيَني هَذَا الْمَالَ، فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ: لاَ يُقْنِعُنِي هَذَا الْجَوَابُ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَجَعَلَ يَدُورُ (على)(1) أصْحَابَنَا فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ رُقْعَةٌ: (هَذَا مَالٌ كَانَ قَدْ غُدِرَ بِهِ كَانَ فَوْقَ صُنْدُوقٍ فَدَخَلَ اللُّصُوصُ الْبَيْتَ فَأخَذُوا مَا كَانَ فِي الصُّنْدُوقِ)، وَسَلِمَ الْمَالُ وَرُدَّتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ: (وَقَدْ كُتِبَ فِيهَا كَمَا تَدُورُ وَسَألْتَ الدُّعَاءَ فَعَلَ اللهُ بِكَ وَفَعَلَ)(2).
بيان: قوله: (وقد كتب فيها) أي الرقعة التي كانت قد كتب السؤال فيها بالإصبع كما تدور.
51 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح، قَالَ: كَتَبْتُ أسْألُ(3) الدُّعَاءَ لباداشاكه(4) وَقَدْ حَبَسَهُ ابْنُ عَبْدِ الْعَزيز وَاسْتَأذَنَ فِي جَاريَةٍ لِي أسْتَوْلِدُهَا فَخَرَجَ: (اسْتَوْلِدْهَا وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ وَالْمَحْبُوسُ يُخَلّصْهُ (اللهُ)(5))، فَاسْتُولِدَتِ الْجَاريَةُ فَوَلَدَتْ فَمَاتَتْ وَخُلّيَ عَن الْمَحْبُوس يَوْمَ خَرَجَ إِلَيَّ التَّوْقِيعُ.ر.
ص: 540
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ قَالَ: وُلِدَ لِي مَوْلُودٌ فَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي تَطْهِيرهِ يَوْمَ السَّابِع أو الثَّامِن فَلَمْ يَكْتُبْ شَيْئاً فَمَاتَ الْمَوْلُودُ يَوْمَ الثَّامِن، ثُمَّ كَتَبْتُ اُخْبِرُ بِمَوْتِهِ فَوَرَدَ: (سَيَخْلُفُ عَلَيْكَ غَيْرُهُ وَغَيْرُهُ فَسَمَّهِ أحْمَدَ وَبَعْدَ أحْمَدَ جَعْفَراً)، فَجَاءَ ماَ(1) قَالَ عليه السلام.
قَالَ: وَتَزَوَّجْتُ بِامْرَأةٍ سِرّاً فَلَمَّا وَطِئْتُهَا عَلِقَتْ وَجَاءَتْ بِابْنَةٍ فَاغْتَمَمْتُ وَضَاقَ صَدْري فَكَتَبْتُ أشْكُو ذَلِكَ فَوَرَدَ: (سَتُكْفَاهَا)، فَعَاشَتْ أرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ، فَوَرَدَ: (اللهُ ذُو أنَاةٍ وَأنْتُمْ تَسْتَعْجِلُونَ).
قَالَ: وَلَمَّا وَرَدَ نَعْيُ ابْن هِلاَلٍ لَعَنَهُ اللهُ جَاءَنِي الشَّيْخُ فَقَالَ لِي: أخْرج الْكِيسَ الَّذِي عِنْدَكَ فَأخْرَجْتُهُ فَأخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً فِيهَا: (وَأمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أمْر الصُّوفِيّ الْمُتَصَنّع _ يَعْنِي الْهِلاَلِيَّ _ بَتَرَ اللهُ عُمُرَهُ). ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ: (قَدْ قَصَدْنَا فَصَبَرْنَا عَلَيْهِ فَبَتَرَ اللهُ عُمُرَهُ بِدَعْوَتِنَا)(2).
نجم: (كتاب النجوم) بِإسْنَادِنَا إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الطَّبَريّ وَعَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريّ قَالاَ: حَدَّثَنَا أبُو جَعْفَرٍ... إِلَى قَوْلِهِ: (وَأنْتُمْ تَسْتَعْجِلُونَ)(3).
دَلاَئِلُ الإمَامَةِ لِلطَّبَريّ: عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: وُلِدَ لِي مَوْلُودٌ... إِلَى آخِر الْخَبَر(4).
وَعَنْهُ: عَنْ أبِي الْمُفَضَّل، عَن الْكُلَيْنيّ، عَنْ أبِي حَامِدٍ الْمَرَاغِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ بْن نُعَيْم، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل بَلْخَ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأةً سِرّاً... إِلَى آخِر الْخَبَر(5).2.
ص: 541
52 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَن الْحَسَن بْن الْفَضْل الْيَمَانِيّ، قَالَ: قَصَدْتُ سُرَّ مَنْ رَأى فَخَرَجَ إِلَيَّ صُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ وَثَوْبَان فَرَدَدْتُهَا وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أنَا عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ الْمَنْزلَةِ فَأخَذَتْنِي الْعِزَّةُ، ثُمَّ نَدِمْتُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَتَبْتُ رُقْعَةً أعْتَذِرُ وَأسْتَغْفِرُ وَدَخَلْتُ الْخَلاَءَ وَأنَا اُحَدَّثُ نَفْسِي وَأقُولُ: وَاللهِ لَئِنْ رُدَّتِ الصُّرَّةُ لَمْ أحُلَّهَا وَلَمْ اُنْفِقْهَا حَتَّى أحْمِلَهَا إِلَى وَالِدِي فَهُوَ أعْلَمُ مِنّي(1).
فَخَرَجَ إِلَى الرَّسُولِ: (أخْطَأتَ إِذْ لَمْ تُعْلِمْهُ أنَّا رُبَّمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَوَالِينَا وَرُبَّمَا سَألُونَا ذَلِكَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ)، وَخَرَجَ إِلَيَّ: (أخْطَأتَ بِرَدَّكَ بِرَّنَا وَإِذَا اسْتَغْفَرْتَ اللهَ فَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ، وَإِذَا كَانَ عَزِيمَتُكَ وَعَقْدُ نِيَّتِكَ أنْ لاَ تُحْدِثَ فِيهَا حَدَثاً وَلاَ تُنْفِقَهَا فِي طَريقِكَ فَقَدْ صَرَفْنَاهَا عَنْكَ، وَأمَّا الثَّوْبَان فَلاَ بُدَّ مِنْهُمَا لِتُحْرمَ فِيهِمَا).
قَالَ: وَكَتَبْتُ فِي مَعْنَيَيْن وَأرَدْتُ أنْ أكْتُبَ فِي مَعْنًى ثَالِثٍ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَعَلَّهُ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيَّ الْجَوَابُ فِي الْمَعْنَيَيْن وَالْمَعْنَى الثَّالِثِ الَّذِي طَوَيْتُهُ وَلَمْ أكْتُبْهُ.
قَالَ: وَسَألْتُ طِيباً فَبَعَثَ إِلَيَّ بِطِيبٍ فِي خِرْقَةٍ بَيْضَاءَ فَكَانَتْ مَعِي فِي الْمَحْمِل فَنَفَرَتْ نَاقَتِي بِعَسْفَانَ وَسَقَطَ مَحْمِلِي وَتَبَدَّدَ مَا كَانَ مَعِي فَجَمَعْتُ الْمَتَاعَ وَافْتَقَدْتُ الصُّرَّةَ وَاجْتَهَدْتُ فِي طَلَبِهَا حَتَّى قَالَ بَعْضُ مَنْ مَعَنَا: مَا تَطْلُبُ؟ فَقُلْتُ: صُرَّةً كَانَتْ مَعِي، قَالَ: وَمَا كَانَ فِيهَا؟ فَقُلْتُ: نَفَقَتِي، قَالَ: قَدْ رَأيْتُ مَنْ حَمَلَهَا فَلَمْ أزَلْ أسْألُ عَنْهَا حَتَّى آيَسْتُ مِنْهَا، فَلَمَّا وَافَيْتُ مَكَّةَ حَلَلْتُ عَيْبَتِي وَفَتَحْتُهَا فَإذَا أوَّلُ مَا بَداَ(2) عَلَيَّ مِنْهَا الصُّرَّةُ وَإِنَّمَا كَانَتْ خَارجاً فِي الْمَحْمِل فَسَقَطَتْ حِينَ تَبَدَّدَ الْمَتَاعُ.).
ص: 542
قَالَ: وَضَاقَ صَدْري بِبَغْدَادَ فِي مَقَامِي، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أخَافُ أنْ لاَ أحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلاَ أنْصَرفَ إِلَى مَنْزلِي، وَقَصَدْتُ أبَا جَعْفَرٍ أقْتَضِيهِ جَوَابَ رُقْعَةٍ كُنْتُ كَتَبْتُهَا، فَقَالَ: صِرْ إِلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فَإنَّهُ يَجِيئُكَ رَجُلٌ يُخْبِرُكَ بِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَقَصَدْتُ الْمَسْجِدَ وَ(بَيْنَا) أنَا فِيهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ سَلَّمَ وَضَحِكَ وَقَالَ لِي: (أبْشِرْ فَإنَّكَ سَتَحُجُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَتَنْصَرفُ إِلَى أهْلِكَ سَالِماً إِنْ شَاءَ اللهُ).
قَالَ: وَقَصَدْتُ ابْنَ وَجْنَاءَ أسْألُهُ أنْ يَكْتَريَ لِي وَيَرْتَادَ لِي عَدِيلاً فَرَأيْتُهُ كَارهاً ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ أيَّام فَقَالَ لِي: أنَا فِي طَلَبِكَ مُنْذُ أيَّام قَدْ كُتِبَ إِلَيَّ(1) أنْ أكْتَريَ لَكَ وَأرْتَادَ لَكَ عَدِيلاً ابْتِدَاءً.
فَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ أنَّهُ وَقَفَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى عَشَرَةِ دَلاَلاَتٍ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ(2).
53 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الشَّمْشَاطِيّ رَسُولِ جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيمَ الْيَمَانِيّ، قَالَ: كُنْتُ مُقِيماً بِبَغْدَادَ وَتَهَيَّأتْ قَافِلَةُ الْيَمَانِيّينَ لِلْخُرُوج فَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي الْخُرُوج مَعَهَا فَخَرَجَ: (لاَ تَخْرُجْ مَعَهَا فَمَا لَكَ فِي الْخُرُوج خِيَرَةٌ وَأقِمْ بِالْكُوفَةِ)، وَخَرَجَتِ الْقَافِلَةُ فَخَرَجَ عَلَيْهَا بَنُو حَنْظَلَةَ وَاجْتَاحُوهَا.
قَالَ: وَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي رُكُوبِ الْمَاءِ، فَخَرَجَ: (لاَ تَفْعَلْ). فَمَا خَرَجَتْ سَفِينَةٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلاَّ خَرَجَ(3) عَلَيْهَا الْبَوَارجُ(4) فَقَطَعُوا عَلَيْهَا.ة.
ص: 543
قَالَ: وَخَرَجْتُ زَائِراً إِلَى الْعَسْكَر فَأنَا فِي الْمَسْجِدِ(1) مَعَ الْمَغْربِ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ غُلاَمٌ فَقَالَ لِي: قُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ أنَا؟ وَإِلَى أيْنَ أقُومُ؟ قَالَ لِي: أنْتَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَسُولُ جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيمَ الْيَمَانِيّ، قُمْ إِلَى الْمَنْزلِ، قَالَ: وَمَا كَانَ عَلِمَ أحَدٌ مِنْ أصْحَابِنَا بِمُوَافَاتِي، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَى مَنْزلِهِ وَاسْتَأذَنْتُ فِي أنْ أزُورَ مِنْ دَاخِلٍ فَأذِنَ لِي(2).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، عن علي بن الحسين اليماني، قال: كنت ببغداد... وذكر مثله(3).
54 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ، عَن الأعْلَم الْبَصْريّ، عَنْ أبِي رَجَاءٍ الْبَصْريّ(4)، قَالَ: خَرَجْتُ فِي الطَّلَبِ بَعْدَ مُضِيّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بِسَنَتَيْن لَمْ أقِفْ فِيهِمَا عَلَى شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِي طَلَبِ وَلَدِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام بِصُرْيَاءَ وَقَدْ سَألَنِي أبُو غَانِم أنْ أتَعَشَّى عِنْدَهُ فَأنَا قَاعِدٌ مُفَكّرٌ فِي نَفْسِي وَأقُولُ: لَوْ كَانَ شَيْ ءٌ لَظَهَرَ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِينَ، وَإِذْ هَاتِفٌ أسْمَعُ صَوْتَهُ وَلاَ أرَى شَخْصَهُ وَهُوَ يَقُولُ: (يَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ(5) قُلْ لأهْل مِصْرَ: آمَنْتُمْ بِرَسُولِ اللهِ حَيْثُ رَأيْتُمُوهُ؟)، قَالَ نَصْرٌ: وَلَمْ أكُنْ عَرَفْتُ اسْمَ أبِي وَذَلِكَ أنّي وُلِدْتُ بِالْمَدَائِن فَحَمَلَنِي النَّوْفَلِيُّ إِلَى مِصْرَ وَقَدْ مَاتَ أبِي فَنَشَأتُ بِهَا، فَلَمَّا سَمِعْتُ الصَّوْتَ قُمْتُ مُبَادِراً وَلَمْ أنْصَرفْ إِلَى أبِي غَانِم وَأخَذْتُ طَريقَ مِصْرَ.).
ص: 544
قَالَ: وَكَتَبَ رَجُلاَن مِنْ أهْل مِصْرَ فِي وَلَدَيْن لَهُمَا فَوَرَدَ: (أمَّا أنْتَ يَا فُلاَنُ فَآجَرَكَ اللهُ) وَدَعَا لِلآخَر فَمَاتَ ابْنُ الْمُعَزَّى(1).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْوَجْنَائِيُّ قَالَ: اضْطَرَبَ أمْرُ الْبَلَدِ وَثَارَتْ فِتْنَةٌ فَعَزَمْتُ عَلَى الْمُقَام بِبَغْدَادَ(2) ثَمَانِينَ يَوْماً فَجَاءَنِي شَيْخٌ وَقَالَ: انْصَرفْ إِلَى بَلَدِكَ، فَخَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ وَأنَا كَارهٌ، فَلَمَّا وَافَيْتُ سُرَّ مَنْ رَأى أرَدْتُ الْمُقَامَ بِهَا لِمَا وَرَدَ عَلَيَّ مِن اضْطِرَابِ الْبَلَدِ فَخَرَجْتُ، فَمَا وَافَيْتُ الْمَنْزلَ حَتَّى تَلَقَّانِي الشَّيْخُ وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنْ أهْلِي يُخْبِرُوني بِسُكُون الْبَلَدِ وَيَسْألُونّي الْقُدُومَ(3).
55 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ، قَالَ: كَانَ لِلْغَريم عَلَيَّ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فَأنَا لَيْلَةً بِبَغْدَادَ وَقَدْ كَانَ لَهاَ(4) ريحٌ وَظُلْمَةٌ وَقَدْ فَزعْتُ فَزَعاً شَدِيداً وَفَكَّرْتُ فِيمَا عَلَيَّ وَلِي وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لِي حَوَانِيتُ اشْتَرَيْتُهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَثَلاَثِينَ دِينَاراً وَقَدْ جَعَلْتُهَا لِلْغَريم عليه السلام بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، فَجَاءَنِي مَنْ تسلم (يَتَسَلَّمُ) مِنّي الْحَوَانِيتَ وَمَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ قَبْل أنْ أنْطِقَ بِلِسَانِي وَلاَ أخْبَرْتُ بِهِ أحَدا(5).
56 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي الْقَاسِم بْن أبِي حَابِسٍ(6)، قَالَ: كُنْتُ أزُورُ الْحُسَيْنَ عليه السلام فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَلَمَّا كَانَ).
ص: 545
سَنَةً مِنَ السَّنِينَ وَرَدْتُ الْعَسْكَرَ قَبْلَ شَعْبَانَ وَهَمَمْتُ أنْ لاَ أزُورَ فِي شَعْبَانَ، فَلَمَّا دَخَلَ شَعْبَانُ قُلْتُ: لاَ أدَعُ زِيَارَةً كُنْتُ أزُورُهَا، فَخَرَجْتُ زَائِراً وَكُنْتُ إِذَا وَرَدْتُ الْعَسْكَرَ أعْلَمْتُهُمْ بِرُقْعَةٍ أوْ رسَالَةٍ فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الدَّفْعَةِ قُلْتُ لأبِي الْقَاسِم الْحَسَن بْن أبِي(1) أحْمَدَ الْوَكِيل: لاَ تُعْلِمْهُمْ بِقُدُومِي فَإنّي اُريدُ أنْ أجْعَلَهَا زَوْرَةً خَالِصَةً، فَجَاءَنِي أبُو الْقَاسِم وَهُوَ يَتَبَسَّمُ وَقَالَ: بُعِثَ إِلَيَّ بِهَذَيْن الدَّينَارَيْن وَقِيلَ لِي: (ادْفَعْهُمَا إِلَى الْحَابِسِيّ(2)، وَقُلْ لَهُ: مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ اللهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ).
قَالَ: وَاعْتَلَلْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأى عِلَّةً شَدِيدَةً أشْفَقْتُ فِيهَا وَظَلِلْتُ(3) مُسْتَعِدّاً لِلْمَوْتِ فَبَعَثَ إِلَيَّ بُسْتُوقَةً فِيهَا بَنَفْسَجِينٌ وَاُمِرْتُ بِأخْذِهِ فَمَا فَرَغْتُ حَتَّى أفَقْتُ(4) وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ: وَمَاتَ لِي غَريمٌ فَكَتَبْتُ أسْتَأذِنُ فِي الْخُرُوج إِلَى وَرَثَتِهِ بِوَاسِطٍ وَقُلْتُ: اُصَيّرُ إِلَيْهِمْ حِدْثَانَ مَوْتِهِ لَعَلّي أصِلُ إِلَى حَقّي فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، ثُمَّ كَتَبْتُ أسْتَأذِنُ ثَانِياً فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَنَتَيْن كَتَبَ إِلَيَّ ابْتِدَاءً: (صِرْ إِلَيْهِمْ)، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَوَصَلْتُ إِلَى حَقّي.
قَالَ أبُو الْقَاسِم: وَأوْصَلَ ابْنُ رَئِيسٍ(5) عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إِلَى حَاجِزٍ فَنَسِيَهَا حَاجِزٌ أنْ يُوصِلَهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ: (تَبْعَثُ بِدَنَانِير ابْن رَئِيسٍ)(6).).
ص: 546
قَالَ: وَكَتَبَ هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْن الْفُرَاتِ فِي أشْيَاءَ وَخَطَّ بِالْقَلَم بِغَيْر مِدَادٍ يَسْألُ الدُّعَاءَ لابْنَيْ أخِيهِ وَكَانَا مَحْبُوسَيْن، فَوَرَدَ عَلَيْهِ جَوَابُ كِتَابِهِ وَفِيهِ دُعَاءُ الْمَحْبُوسَيْن(1) بِاسْمِهِمَا.
قَالَ: وَكَتَبَ رَجُلٌ مِنْ رَبَض حُمَيْدٍ يَسْألُ الدُّعَاءَ فِي حَمْلٍ لَهُ فَوَرَدَ الدُّعَاءُ فِي الْحَمْل قَبْلَ الأرْبَعَةِ أشْهُرٍ: (وَسَتَلِدُ اُنْثَى)، فَجَاءَ كَمَا قَالَ.
قَالَ: وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَصْريُّ(2) يَسْألُ الدُّعَاءَ أنْ يُكْفَى أمْرَ بَنَاتِهِ وَأنْ يُرْزَقَ الْحَجَّ وَيُرَدَّ عَلَيْهِ مَالُهُ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِمَا سَألَ، فَحَجَّ سَنَتَهُ وَمَاتَ مِنْ بَنَاتِهِ أرْبَعٌ وَكَانَ لَهُ سِتَّةٌ(3)، وَرُدَّ عَلَيْهِ مَالُهُ.
قَالَ: وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ(4) يَسْألُ الدُّعَاءَ لِوَالِدَيْهِ فَوَرَدَ: (غَفَرَ اللهُ لَكَ وَلِوَالِدَيْكَ وَلاُخْتِكَ الْمُتَوَفَّاةِ الْمُسَمَّاةِ(5): كلكى)، وَكَانَتْ هَذِهِ امْرَأةٌ صَالِحَةٌ مُتَزَوَّجَةٌ بِجَوَارٍ.
وَكَتَبْتُ فِي إِنْفَاذِ خَمْسِينَ دِينَاراً لِقَوْم مُؤْمِنينَ مِنْهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ لابْن(6) عَمًّ لِي لَمْ يَكُنْ(7) مِنَ الإيمَان عَلَى شَيْءٍ فَجَعَلْتُ اسْمَهُ(8) آخِرَ الرُّقْعَةِ وَالْفُصُولِ ألْتَمِسُ (بِذَلِكَ)(9) الدَّلاَلَةَ فِي تَرْكِ الدُّعَاءِ لَهُ، فَخَرَجَ فِير.
ص: 547
فُصُولِ الْمُؤْمِنينَ: (تَقَبَّلَ اللهُ مِنْهُمْ وَأحْسَنَ إِلَيْهِمْ وَأثَابَكَ)، وَلَمْ يَدْعُ لابْن(1) عَمَّي بِشَيْءٍ.
قَالَ: وَأنْفَذْتُ أيْضاً دَنَانِيرَ لِقَوْم مُؤْمِنينَ وَأعْطَانِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ دَنَانِيرَ فَأنْفَذْتُهَا بِاسْم أبِيهِ مُتَعَمَّداً وَلَمْ يَكُنْ مِنْ دِين اللهِ عَلَى شَيْءٍ فَخَرَجَ الْوُصُولُ بِاسْم مَنْ غَيَّرْتَ اسْمَهُ مُحَمَّدٍ.
قَالَ: وَحَمَلْتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ لِي فِيهَا هَذِهِ الدَّلاَلَةُ ألْفَ دِينَارٍ بَعَثَ بِهَا أبُو جَعْفَرٍ وَمَعِي أبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ الْجُنَيْدِ فَحَمَلَ أبُو الْحُسَيْن الْخُرْجَ إِلَى الدُّور وَاكْتَرَيْنَا ثَلاَثَةَ أحْمِرَةٍ، فَلَمَّا بَلَغْنَا الْقَاطُولَ لَمْ نَجِدْ حَمِيراً، فَقُلْتُ لأبِي الْحُسَيْن: احْمِل الْخُرْجَ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ وَاخْرُجْ مَعَ الْقَافِلَةِ حَتَّى أتَخَلَّفَ فِي طَلَبِ حِمَارٍ لإسْحَاقَ بْن الْجُنَيْدِ يَرْكَبُهُ فَإنَّهُ شَيْخٌ، فَاكْتَرَيْتُ لَهُ حِمَاراً وَلَحِقْتُ بِأبِي الْحُسَيْن فِي الْحَيْر حَيْر سُرَّ مَنْ رَأى فَأنَا اُسَامِرُهُ(2) وَأقُولُ لَهُ: احْمَدِ اللهَ عَلَى مَا أنْت عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَدِدْتُ أنَّ هَذَا الْعَمَلَ دَامَ لِي.
فَوَافَيْتُ سُرَّ مَنْ رَأى وَأوْصَلْتُ مَا مَعَنَا فَأخَذَهُ الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِي وَوَضَعَهُ فِي مِنْدِيلٍ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ غُلاَم أسْوَدَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَصْرُ جَاءَنِي بِرُزَيْمَةٍ خَفِيفَةٍ وَلَمَّا أصْبَحْنَا خَلاَ بِي أبُو الْقَاسِم وَتَقَدَّمَ أبُو الْحُسَيْن وَإِسْحَاقٌ فَقَالَ أبُو الْقَاسِم: الْغُلاَمُ الَّذِي حَمَلَ الرُّزَيْمَةَ جَاءَنِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِم وَقَالَ لِي: ادْفَعْهَا إِلَى الرَّسُولِ الَّذِي حَمَلَ الرُّزَيْمَةَ، فَأخَذْتُهَا مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ بَابِ الدَّار قَالَ لِي أبُو الْحُسَيْن مِنْ قَبْل أنْ أنْطِقَ أوْ يَعْلَمَ أنَّ مَعِي شَيْئاً: لَمَّا كُنْتُ مَعَكَ فِي الْحَيْر تَمَنَّيْتُ أنْ يَجِيئَنِي مِنْهُ دَرَاهِمُ).
ص: 548
أتَبَرَّكُ بِهَا وَكَذَلِكَ عَامُ أوَّلَ حَيْثُ كُنْتُ مَعَكَ بِالْعَسْكَر، فَقُلْتُ لَهُ: خُذْهَا فَقَدْ أتَاكَ اللهُ بِهَا وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ.
قَالَ: وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ كِشْمَرْدٍ يَسْألُ الدُّعَاءَ أنْ يَجْعَلَ ابْنَهُ أحْمَدَ مِنْ اُمَّ وَلَدِهِ فِي حِلّ، فَخَرَجَ: (وَالصَّقْريُّ أحَلَّ اللهُ لَهُ ذَلِكَ)، فَأعْلَمَ عليه السلام أنَّ كُنْيَتَهُ أبُو الصَّقْر(1).
الخرائج والجرائح: عَنْ أبِي الْقَاسِم بْن أبِي حُبَيْشٍ قَالَ: كَتَبْتُ فِي إنفاد (إِنْفَاذِ) خَمْسِينَ دِينَاراً... إِلَى قَوْلِهِ: فَقَدْ أتَاكَ اللهُ بِهاَ(2).
بيان: (الرزمة) بالكسر ما شدّ في ثوب واحد، قوله: (جاءني) أي أبو الحسين.
57 _ كمال الدين: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الأشْعَريُّ(3)، قَالَ: كَانَتْ لِي زَوْجَةٌ مِنَ الْمَوَالِي قَدْ كُنْتُ هَجَرْتُهَا دَهْراً فَجَاءَتْنِي فَقَالَتْ: إِنْ كُنْتَ قَدْ طَلَّقْتَنِي فَأعْلِمْنِي، فَقُلْتُ لَهَا: لَمْ اُطَلّقْكِ وَنِلْتُ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْم، فَكَتَبَتْ إِلَيَّ بَعْدَ شَهْرٍ(4) تَدَّعِي أنَّهَا حَمَلَتْ، (فَكَتَبْتُ)(5) فِي أمْرهَا وَفِي دَارٍ كَانَ صِهْري أوْصَى بِهَا لِلْغَريم عليه السلام أسْألُ أنْ تُبَاعَ مِنّي وَيُنَجَّمَ عَلَيَّ ثَمَنُهَا، فَوَرَدَ الْجَوَابُ فِي الدَّار: (قَدْ اُعْطِيتَ مَا سَألْتَ)، وَكَفَّ عَنْ ذِكْر الْمَرْأةِ وَالْحَمْل فَكَتَبَتْ إِلَيَّ الْمَرْأةُ بَعْدَ ذَلِكَر.
ص: 549
تُعْلِمُنِي أنَّهَا كَتَبَتْ بَاطِلاً وَأنَّ الْحَمْلَ لاَ أصْلَ لَهُ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ(1).
58 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي عَلِيٍّ النّيلِيّ(2)، قَالَ: جَاءَنِي أبُو جَعْفَرٍ فَمَضَى بِي إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ وَأدْخَلَنِي إِلَى خَربَةٍ وَأخْرَجَ كِتَاباً فَقَرَأهُ عَلَيَّ فَإذَا فِيهِ شَرْحُ جَمِيع مَا حَدَثَ عَلَى الدَّار، وَفِيهِ: (أنَّ فُلاَنَةَ _ يَعْنِي اُمَّ عَبْدِ اللهِ _ يُؤْخَذُ بِشَعْرهَا وَتُخْرَجُ مِنَ الدَّار وَيُحْدَرُ بِهَا إِلَى بَغْدَادَ وَتَقْعُدُ بَيْنَ يَدَي السُّلْطَان)، وَأشْيَاءَ مِمَّا يَحْدُثُ ثُمَّ قَالَ لِي: احْفَظْ، ثُمَّ مَزَّقَ الْكِتَابَ وَذَلِكَ مِنْ قَبْل أنْ يَحْدُثَ مَا حَدَثَ بِمُدَّةٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن عَمْرٍو، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الْعَسْكَر وَاُمُّ أبِي مُحَمَّدٍ فِي الْحَيَاةِ وَمَعِي جَمَاعَةٌ فَوَافَيْنَا الْعَسْكَرَ فَكَتَبَ أصْحَابِي يَسْتَأذِنُونَ فِي الزّيَارَةِ مِنْ دَاخِلٍ بِاسْم رَجُلٍ رَجُلٍ فَقُلْتُ لَهُمْ: لاَ تُثْبِتُوا اسْمِي وَنَسَبِي(3) فَإنّي لاَ أسْتَأذِنُ، فَتَرَكُوا اسْمِي فَخَرَجَ الإذْنُ: (ادْخُلُوا وَمَنْ أبَى أنْ يَسْتَأذِنَ).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو الْحَسَن جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ قَالَ: كَتَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْفَرَج الرُّخَّجِيُّ فِي أشْيَاءَ وَكَتَبَ فِي مَوْلُودٍ وُلِدَ لَهُ يَسْألُ أنْ يُسَمَّى فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْجَوَابُ فِيمَا سَألَ وَلَمْ يُكْتَبْ إِلَيْهِ فِي الْمَوْلُودِ شَيْ ءٌ فَمَاتَ الْوَلَدُ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ.
قَالَ: وَجَرَى بَيْنَ قَوْم مِنْ أصْحَابِنَا مُجْتَمِعِينَ كَلاَمٌ فِي مَجْلِسٍ فَكَتَبَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ شَرْحَ مَا جَرَى فِي الْمَجْلِس.ر.
ص: 550
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْعَاصِمِيُّ أنَّ رَجُلاً تَفَكَّرَ فِي رَجُلٍ يُوصِلُ لَهُ مَا وَجَبَ لِلْغَريم عليه السلام وَضَاقَ بِهِ صَدْرُهُ فَسَمِعَ هَاتِفاً يَهْتِفُ بِهِ: (أوْصِلْ مَا مَعَكَ إِلَى حَاجِزٍ).
قَالَ: وَخَرَجَ أبُو مُحَمَّدٍ السَّرْويُّ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى وَمَعَهُ مَالٌ فَخَرَجَ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً: (لَيْسَ فِينَا شَكٌّ وَلاَ فِيمَنْ يَقُومُ مَقَامَنَا وَرُدَّ مَا مَعَكَ إِلَى حَاجِزٍ).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبُو جَعْفَرٍ قَالَ: بَعَثْنَا مَعَ ثِقَةٍ مِنْ ثِقَاتِ إِخْوَانِنَا إِلَى الْعَسْكَر شَيْئاً فَعَمَدَ الرَّجُلُ فَدَسَّ فِيمَا مَعَهُ رُقْعَةً مِنْ غَيْر عِلْمِنَا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الرُّقْعَةُ بِغَيْر جَوَابٍ.
وَقَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكِنْدِيُّ: قَالَ لِي أبُو طَاهِرٍ الْبِلاَلِيُّ: التَّوْقِيعُ الَّذِي خَرَجَ إِلَيَّ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَعَلَّقُوهُ فِي الْخَلَفِ بَعْدَهُ وَدِيعَةٌ فِي بَيْتِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: اُحِبُّ أنْ تَكْتُبَ(1) لِي مِنْ لَفْظِ التَّوْقِيع مَا فِيهِ، فَأخْبَرَ أبَا طَاهِرٍ بِمَقَالَتِي فَقَالَ لَهُ: جِئْنِي بِهِ حَتَّى يَسْقُطَ الإسْنَادُ بَيْني وَبَيْنَهُ، خَرَجَ إِلَيَّ مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام قَبْلَ مُضِيّهِ بِسَنَتَيْن يُخْبِرُني بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ قَبْلَ(2) مُضِيّهِ بِثَلاَثَةِ أيَّام يُخْبِرُني بِذَلِكَ، فَلَعَنَ اللهُ مَنْ جَحَدَ أوْلِيَاءَ اللهِ حُقُوقَهُمْ وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَى أكْتَافِهِمْ وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيرا(3).
بيان: قوله: (قال أبو عبد الله) كلام سعد بن عبد الله، وكذا قوله: (فقلت له) وضمير (له) راجع إلى الحسين، وكذا المستتر في قوله: (فأخبر) والحاصل أنَّ الحسين سمع من البلالي أنَّه قال: التوقيع الذي4.
ص: 551
خرج إليَّ من أبي محمّد عليه السلام في أمر الخلف القائم هو في جملة ما أودعتك في بيتك، وكان قد أودعه أشياء كان في بيته فأخبر الحسين سعداً بما سمع منه فقال سعد للحسين: اُحبُّ أن ترى التوقيع الذي عنده وتكتب لي من لفظه، فأخبر الحسين أبا طاهر بمقالة سعد فقال أبو طاهر: جئني بسعد حتَّى يسمع منّي بلا واسطة، فلمَّا حضر أخبره بالتوقيع، ويؤيّد ما وجّهنا به هذا الكلام أنَّ الكليني روى هذا التوقيع عن البلالي(1).
59 _ كمال الدين: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْمَريُّ يَسْألُ كَفَناً فَوَرَدَ أنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانِينَ أوْ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فَمَاتَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّهُ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالْكَفَن قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ(2).
60 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ رحمه الله قَالَ: دَفَعَتْ إِلَيَّ امْرَأةٌ سَنَةً مِنَ السَّنِينَ ثَوْباً وَقَالَتِ: احْمِلْهُ إِلَى الْعَمْريّ رحمه الله، فَحَمَلْتُهُ مَعَ ثِيَابٍ كَثِيرَةٍ فَلَمَّا وَافَيْتُ بَغْدَادَ أمَرَني بِتَسْلِيم ذَلِكَ كُلّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس الْقُمَّيّ، فَسَلَّمْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ مَا خَلاَ ثَوْبَ الْمَرْأةِ فَوَجَّهَ إِلَيَّ الْعَمْريُّ رضي الله عنه (وَ)(3) قَالَ: ثَوْبُ الْمَرْأةِ سَلّمْهُ إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أنَّ امْرَأةً سَلَّمَتْ إِلَيَّ ثَوْباً فَطَلَبْتُهُ فَلَمْ أجِدْهُ، فَقَالَ لِي: لاَ تَغْتَمَّ فَإنَّكَ سَتَجِدُهُ، فَوَجَدْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ الْعَمْريّ نُسْخَةُ مَا كَانَ مَعِي(4).
61 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ رحمه الله قَالَ: سَألَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ رحمه الله بَعْدَ مَوْتِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ أنْ0.
ص: 552
أسْألَ أبَا الْقَاسِم الرَّوْحِيَّ رحمه الله أنْ يَسْألَ مَوْلاَنَا صَاحِبَ الزَّمَان عليه السلام أنْ يَدْعُوَ اللهَ أنْ يَرْزُقَهُ وَلَداً ذَكَراً، قَالَ: فَسَألْتُهُ فَأنْهَى ذَلِكَ، ثُمَّ أخْبَرَني بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلاَثَةِ أيَّام أنَّهُ قَدْ دَعَا لِعَلِيّ بْن الْحُسَيْن وَأنَّهُ سَيُولَدُ لَهُ وَلَدٌ مُبَارَكٌ يَنْفَعُ اللهُ بِهِ وَبَعْدَهُ أوْلاَدٌ.
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ: وَسَألْتُهُ فِي أمْر نَفْسِي أنْ يَدْعُوَ اللهُ لِي أنْ اُرْزَقَ وَلَداً ذَكَراً فَلَمْ يُجِبْني إِلَيْهِ، وَقَالَ: لَيْسَ إِلَى هَذَا سَبِيلٌ، قَالَ: فَوُلِدَ لِعَلِيّ بْن الْحُسَيْن رحمه الله تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَبَعْدَهُ أوْلاَدٌ وَلَمْ يُولَدْ لِي.
قال الصدوق رحمه الله: كان أبو جعفر محمّد بن علي الأسود رضي الله عنه كثيراً ما يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه وأرغب في كتب العلم وحفظه: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام(1).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(2).
وَقَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ بَابَوَيْهِ: عَقَدْتُ الْمَجْلِسَ وَلِي دُونَ الْعِشْرينَ سَنَةً فَرُبَّمَا كَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسِي أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدُ فَإذَا نَظَرَ إِلَى إِسْرَاعِي فِي الأجْوبَةِ فِي الْحَلاَلِ وَالْحَرَام يُكْثِرُ التَّعَجُّبَ لِصِغَر سِنّي ثُمَّ يَقُولُ: لاَ عَجَبَ لأنَّكَ وُلِدْتَ بِدُعَاءِ الإمَام عليه السلام(3).
62 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن مَتّيلٍ قَالَ: كَانَتِ امْرَأةٌ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ مِنْ أهْل آبَهْ وَكَانَتِ امْرَأةُ مُحَمَّدِ بْن عِبْدِيلٍ الآبِيّ مَعَهَا ثَلاَثُ7.
ص: 553
مِائَةِ دِينَارٍ فَصَارَتْ إِلَى عَمَّي جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ وَقَالَتْ: اُحِبُّ أنْ اُسَلّمَ هَذَا الْمَالَ مِنْ يَدِي إِلَى يَدِ أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح، قَالَ: فَأنْفَذَنِي مَعَهَا اُتَرْجِمُ عَنْهَا، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى أبِي الْقَاسِم رحمه الله أقْبَلَ عَلَيْهَا بِلِسَانٍ(1) فَصِيح فَقَالَ لَهَا: زَيْنَبُ چونا چويدا كوايد چون ايقنه(2)، وَمَعْنَاهُ: كَيْفَ أنْتِ وَكَيْفَ مَكَثْتِ(3) وَمَا خَبَرُ صِبْيَانِكِ؟ قَالَ: فامتنعت مِنَ(4) التَّرْجُمَةِ وَسَلَّمَتِ الْمَالَ وَرَجَعَتْ(5).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(6).
63 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن مَتّيلٍ قَالَ: قَالَ عَمَّي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ(7): دَعَانِي أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ السَّمَّانُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَمْريّ وَأخْرَجَ إِلَيَّ ثُوَيْبَاتٍ مُعْلَمَةً وَصُرَّةً فِيهَا دَرَاهِمُ فَقَالَ لِي: تَحْتَاجُ أنْ تَصِيرَ بِنَفْسِكَ إِلَى وَاسِطٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَتَدْفَعَ مَا دَفَعْتُ إِلَيْكَ إِلَى أوَّلِ رَجُلٍ يَلْقَاكَ عِنْدَ صُعُودِكَ مِنَ الْمَرْكَبِ إِلَى الشَّطّ بِوَاسِطٍ.
قَالَ: فَتَدَاخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ غَمٌّ شَدِيدٌ، وَقُلْتُ: مِثْلِي يُرْسِلُ فِي هَذَا الأمْر وَيَحْمِلُ هَذَا الشَّيْ ءَ الْوَتِحَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى وَاسِطٍ وَصَعِدْتُ مِنَ الْمَرْكَبِ فَأوَّلُ رَجُلٍ تَلَقَّانِي سَألْتُهُ عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن قَطَاةٍ الصَّيْدَلاَنِيّ وَكِيل الْوَقْفِ بِوَاسِطٍ، فَقَالَ: أنَا هُوَ، مَنْ أنْتَ؟ فَقُلْتُ: أنَا جَعْفَرُ).
ص: 554
بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ، قَالَ: فَعَرَفَنِي بِاسْمِي وَسَلَّمَ عَلَيَّ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَتَعَانَقْنَا فَقُلْتُ لَهُ: أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ يَقْرَاُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَدَفَعَ إِلَيَّ هَذِهِ الثُوَيْبَاتِ وَهَذِهِ الصُّرَّةَ لاُسَلّمَهَا إِلَيْكَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ فَإنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْعَامِريَّ(1) قَدْ مَاتَ وَخَرَجْتُ لاُصْلِحَ كَفَنَهُ، فَحَلَّ الثّيَابَ فَإذَا بِهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ حِبَرَةٍ وَثِيَابٍ وَكَافُورٍ وَفِي الصُّرَّةِ كَرَى الْحَمَّالِينَ وَالْحَفَّار، قَالَ: فَشَيَّعْنَا جَنَازَتَهُ وَانْصَرَفْتُ(2).
بيان: قال الجوهري: شيء وتح ووتح أي قليل تافه، وشيء وتح وعر أتباع له أي نزر(3).
64 _ كمال الدين: أخْبَرَنَا أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَلَويُّ ابْنُ أخِي طَاهِرٍ بِبَغْدَادَ طَرَفِ سُوقِ الْقُطْن فِي دَارهِ، قَالَ: قَدِمَ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْعَقِيقِيُّ بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْن إِلَى عَلِيّ بْن عِيسَى بْن الْجَرَّاح وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَزِيرٌ فِي أمْر ضَيْعَةٍ لَهُ فَسَألَهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أهْلَ بَيْتِكَ فِي هَذَا الْبَلَدِ كَثِيرٌ فَإنْ ذَهَبْنَا نُعْطِي كُلَّمَا سَألُونَا طَالَ ذَلِكَ أوْ كَمَا قَالَ.
فَقَالَ لَهُ الْعَقِيقِيُّ: فَإنّي أسْألُ مَنْ فِي يَدِهِ قَضَاءُ حَاجَتِي، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَقَالَ: اللهُ عزّ وجل وَخَرَجَ مُغْضَباً، قَالَ: فَخَرَجْتُ وَأنَا أقُولُ: فِي اللهِ عَزَاءٌ مِنْ كُلّ هَالِكٍ، وَدَرَكٌ مِنْ كُلّ مُصِيبَةٍ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ فَجَاءَنِي الرَّسُولُ مِنْ عِنْدِ الْحُسَيْن بْن رَوْح رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ فَذَهَبَ مَنْ عِنْدِي فَأبْلَغَهُ.4.
ص: 555
فَجَاءَنِي الرَّسُولُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَدَداً وَوَزْناً وَمِنْدِيلٍ وَشَيْءٍ مِنْ حَنُوطٍ وَأكْفَانٍ وَقَالَ لِي: مَوْلاَكَ يُقْرئُكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ لَكَ: (إِذَا أهَمَّكَ أمْرٌ أوْ غَمٌّ فَامْسَحْ بِهَذَا الْمِنْدِيل وَجْهَكَ فَإنَّهُ مِنْدِيلُ مَوْلاَكَ، وَخُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَهَذَا الْحَنُوطَ وَهَذِهِ الأكْفَانَ وَسَتُقْضَى حَاجَتُكَ فِي لَيْلَتِكَ هَذِهِ، وَإِذَا قَدِمْتَ إِلَى مِصْرَ مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مِنْ قَبْلِكَ بِعَشَرَةِ أيَّام، ثُمَّ مِتَّ(1) بَعْدَهُ فَيَكُونُ هَذَا كَفَنَكَ وَهَذَا حَنُوطَكَ وَهَذَا جَهَازَكَ).
قَالَ: فَأخَذْتُ ذَلِكَ وَحَفِظْتُهُ وَانْصَرَفَ الرَّسُولُ فَإذَا أنَا بِالْمَشَاعِل عَلَى بَابِي وَالْبَابُ يُدَقُّ، فَقُلْتُ لِغُلاَمِي خَيْرٍ: يَا خَيْرُ انْظُرْ أيُّ شَيْءٍ هُوَ ذَا؟ فَقَالَ خَيْرٌ: هَذَا غُلاَمُ حُمَيْدِ بْن مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ ابْن عَمَّ الْوَزِير، فَأدْخَلَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: قَدْ طَلَبَكَ الْوَزِيرُ يَقُولُ لَكَ مَوْلاَيَ حُمَيْدٌ: ارْكَبْ إِلَيَّ.
قَالَ: فَرَكِبْتُ وَفُتِحَتِ(2) الشَّوَارعُ وَالدُّرُوبُ وَجِئْتُ إِلَى شَارع الْوَزَّانِينَ(3) فَإذَا بِحُمَيْدٍ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُني، فَلَمَّا رَآنِي أخَذَ بِيَدِي وَرَكِبْنَا فَدَخَلْنَا عَلَى الْوَزِير فَقَالَ لِيَ الْوَزِيرُ: يَا شَيْخُ قَدْ قَضَى اللهُ حَاجَتَكَ، وَاعْتَذَرَ إِلَيَّ وَدَفَعَ إِلَيَّ الْكُتُبَ مَخْتُومَةً مَكْتُوبَةً قَدْ فَرَغَ مِنْهَا، قَالَ: فَأخَذْتُ ذَلِكَ وَخَرَجْتُ.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَحَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الْعَقِيقِيُّ بِنَصِيبينَ بِهَذَا وَقَالَ لِي: مَا خَرَجَ هَذَا الْحَنُوطُ إِلاَّ لِعَمَّتِي فُلاَنَةَ وَلَمْ يُسَمَّهَا وَقَدْ بَغَيْتُهُ لِنَفْسِي(4) وَقَدْ قَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه: إِنّي أمْلِكُ).
ص: 556
الضَّيْعَةَ وَقَدْ كَتَبَ لِي بِالَّذِي أرَدْتُ فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَعَيْنَيْهِ وَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي أرني الأكْفَانَ وَالْحَنُوطَ وَالدَّرَاهِمَ، فَأخْرَجَ إِلَيَّ الأكْفَانَ فَإذَا فِيهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ مُسَهَّمٌ مِنْ نَسْج الْيَمَن وَثَلاَثَةُ أثْوَابٍ مَرْويٌّ وَعِمَامَةٌ، وَإِذَا الْحَنُوطُ فِي خَريطَةٍ وَأخْرَجَ الدَّرَاهِمَ فَعَدَدْتُهَا مِائَةَ دِرْهَم(1)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي هَبْ لِي مِنْهُمَا دِرْهَماً أصُوغُهُ خَاتَماً، قَالَ: وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ خُذْ مِنْ عِنْدِي مَا شِئْتَ، فَقُلْتُ: اُريدُ مِنْ هَذِهِ، وَألْحَحْتُ عَلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَعَيْنَيْهِ فَأعْطَانِي دِرْهَماً فَشَدَدْتُهُ فِي مِنْدِيلِي وَجَعَلْتُهُ فِي كُمَّي فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْخَان فَتَحْتُ زِنْفِيلَجَةً(2) مَعِي وَجَعَلْتُ الْمِنْدِيلَ فِي الزّنْفِيلَجَةِ وَفِيهِ الدَّرْهَمُ مَشْدُودٌ وَجَعَلْتُ كُتُبِي وَدَفَاتِري فَوْقَهُ وَأقَمْتُ أيَّاماً ثُمَّ جِئْتُ أطْلُبُ الدَّرْهَمَ فَإذَا الصُّرَّةُ مَصْرُورَةٌ بِحَالِهَا وَلاَ شَيْ ءَ فِيهَا، فَأخَذَنِي شِبْهُ الْوَسْوَاس فَصِرْتُ إِلَى بَابِ الْعَقِيقِيّ فَقُلْتُ لِغُلاَمِهِ خَيْرٍ: اُريدُ الدُّخُولَ إِلَى الشَّيْخ، فَأدْخَلَنِي إِلَيْهِ فَقَالَ لِي: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي الدَّرْهَمُ الَّذِي أعْطَيْتَنِي مَا أصَبْتُهُ فِي الصُّرَّةِ، فَدَعَا بِالزّنْفِيلَجَةِ وَأخْرَجَ الدَّرَاهِمَ فَإذَا هِيَ مِائَةُ دِرْهَم عَدَداً وَوَزْناً وَلَمْ يَكُنْ مَعِي أحَدٌ أتَّهِمُهُ فَسَألْتُهُ فِي رَدَّهِ إِلَيَّ فَأبَى، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ وَأخَذَ الضَّيْعَةَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِعَشَرَةِ أيَّام(3) ثُمَّ تُوُفَّيَ رحمه الله وَكُفّنَ فِي الأكْفَان الَّتِي دُفِعَتْ إِلَيْهِ(4).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(5).5.
ص: 557
بيان: قوله: (إلاَّ لعمَّتي) أي ما خرج هذا الحنوط أوّلاً إلاَّ لعمَّتي ثُمَّ طلبت حنوطاً لنفسي فخرج مع الكفن والدراهم، واحتمال كون الحنوط لم يخرج له أصلاً وإنَّما أخذ حنوط عمَّته لنفسه فيكون رجوعاً عن الكلام الأوّل بعيد.
وفي غيبة الشيخ: (إلاَّ إلى عمَّتي فلانة ولم يسمها وقد نعيت إلي نفسي) فيحتمل أن تكون عمَّته في بيت الحسين بن روح فخرج إليها.
قوله: (وقد كتب) على بناء المجهول ليكون حالاً عن ضمير أملك أو تصديقاً لما أخبر به، أو على بناء المعلوم فالضمير المرفوع راجع إلى الحسين، أي وقد كان كتب مطلبي إلى القائم عليه السلام فلمَّا خرج أخبرني به قبل ردّ الضيعة والمسهم البرد المخطّط.
65 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ بْن نُعَيْم الشَّاذَانِيّ، قَالَ: اجْتَمَعَتْ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم تَنْقُصُ عِشْرينَ دِرْهَماً فَوَزَنْتُ مِنْ عِنْدِي عِشْرينَ دِرْهَماً وَدَفَعْتُهَا إِلَى أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ رضي الله عنه وَلَمْ اُعَرَّفْهُ أمْرَ الْعِشْرينَ فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (قَدْ وَصَلَتِ الْخَمْسُ مِائَةِ دِرْهَم الَّتِي لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ دِرْهَماً).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ: وَأنْفَذْتُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالاً وَلَمْ اُفَسَّرْ لِمَنْ هُوَ فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (وَصَلَ كَذَا وَكَذَا مِنْهُ لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا).
قَالَ: وَقَالَ أبُو الْعَبَّاس الْكُوفِيُّ: حَمَلَ رَجُلٌ مَالاً لِيُوصِلَهُ وَأحَبَّ أنْ يَقِفَ عَلَى الدَّلاَلَةِ فَوَقَّعَ عليه السلام: (إِن اسْتَرْشَدْتَ اُرْشِدْتَ وَإِنْ طَلَبْتَ وَجَدْتَ، يَقُولُ لَكَ مَوْلاَكَ: احْمِلْ مَا مَعَكَ)، قَالَ الرَّجُلُ: فَأخْرَجْتُ مِمَّا مَعِي سِتَّةَ دَنَانِيرَ بِلاَ وَزْنٍ وَحَمَلْتُ الْبَاقِيَ فَخَرَجَ فِي التَّوْقِيع: (يَا فُلاَنُ رُدَّ
ص: 558
السَّتَّةَ الَّتِي أخْرَجْتَهَا بِلاَ وَزْنٍ، وَزْنُهَا سِتَّةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسَةُ دَوَانِيقَ وَحَبَّةٌ وَنصْفٌ)، قَالَ الرَّجُلُ: فَوَزَنْتُ الدَّنَانِيرَ فَإذَا بِهَا كَمَا قَالَ عليه السلام(1).
66 _ كمال الدين: أحْمَدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن حَامِدٍ الْكَاتِبِ، قَالَ: كَانَ بِقُمَّ رَجُلٌ بَزَّازٌ مُؤْمِنٌ وَلَهُ شَريكٌ مُرْجِئٌ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ نَفِيسٌ فَقَالَ الْمُؤْمِنُ: يَصْلُحُ هَذَا الثَّوْبُ لِمَوْلاَيَ، فَقَالَ شَريكُهُ: لَسْتُ أعْرفُ مَوْلاَكَ وَلَكِنْ افْعَلْ بِالثَّوْبِ مَا تُحِبُّ، فَلَمَّا وَصَلَ الثَّوْبُ شَقَّهُ عليه السلام بِنصْفَيْن طُولاً فَأخَذَ نِصْفَهُ وَرَدَّ النّصْفَ وَقَالَ: (لاَ حَاجَةَ لِي فِي مَالِ الْمُرْجِئ)(2).
67 _ كمال الدين: عَمَّارُ بْنُ الْحُسَيْن بْن إِسْحَاقَ الاُشْرُوسِيُّ(3) رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الْعَبَّاس أحْمَدُ بْنُ الْخَضِر بْن أبِي صَالِح الْجَحْدَريُّ(4) أنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام(5) بَعْدَ أنْ كَانَ اُغْريَ بِالْفَحْص وَالطَّلَبِ وَسَارَ عَنْ وَطَنِهِ لِيَتَبَيَّنَ لَهُ مَا يَعْمَلُ عَلَيْهِ فَكَانَ نُسْخَةُ التَّوْقِيع: (مَنْ بَحَثَ فَقَدْ طَلَبَ، وَمَنْ طَلَبَ فَقَدْ دَلَّ، وَمَنْ دَلَّ فَقَدْ أشَاطَ(6)، وَمَنْ أشَاطَ فَقَدْ أشْرَكَ)، قَالَ: فَكَفَّ عَن الطَّلَبِ وَرَجَعَ(7).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(8).1.
ص: 559
68 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن أحْمَدَ بْن رَوْح بْن عَبْدِ اللهِ بْن مَنْصُور بْن يُونُسَ بْن رَوْح صَاحِبُ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام(1)، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَن الصَّيْرَفِيَّ(2) الْمُقِيمَ بِأرْض بَلْخ يَقُولُ: أرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْحَجَّ وَكَانَ مَعِي مَالٌ بَعْضُهُ ذَهَبٌ وَبَعْضُهُ فِضَّةٌ فَجَعَلْتُ مَا كَانَ مَعِي مِنْ ذَهَبٍ سَبَائِكَ وَمَا كَانَ مِنْ فِضَّةٍ نُقَراً وَقَدْ كَانَ قَدْ دُفِعَ ذَلِكَ الْمَالُ إِلَيَّ لاُسَلّمَهُ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلْتُ سَرَخْسَ ضَرَبْتُ خَيْمَتِي عَلَى مَوْضِع فِيهِ رَمْلٌ وَجَعَلْتُ اُمَيّزُ تِلْكَ السَّبَائِكَ وَالنُّقَرَ فَسَقَطَتْ سَبِيكَةٌ مِنْ تِلْكَ السَّبَائِكِ مِنّي وَغَاضَتْ فِي الرَّمْل وَأنَا لاَ أعْلَمُ.
قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ هَمَذَانَ مَيَّزْتُ تِلْكَ السَّبَائِكِ وَالنُّقَرَ مَرَّةً اُخْرَى اهْتِمَاماً مِنّي بِحِفْظِهَا فَفَقَدْتُ مِنْهَا سَبِيكَةً وَزْنُهَا مِائَةُ مِثْقَالٍ وَثَلاَثَةُ مَثَاقِيلَ، أوْ قَالَ: ثَلاَثَةٌ وَتِسْعُونَ مِثْقَالاً، قَالَ: فَسَبَكْتُ مَكَانَهَا مِنْ مَالِي بِوَزْنِهَا سَبِيكَةً وَجَعَلْتُهَا بَيْنَ السَّبَائِكِ.
فَلَمَّا وَرَدْتُ مَدِينَةَ السَّلاَم قَصَدْتُ الشَّيْخَ أبَا الْقَاسِم الْحُسَيْنَ بْنَ رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَسَلَّمْتُ إِلَيْهِ مَا كَانَ مَعِي مِنَ السَّبَائِكِ وَالنُّقَر فَمَدَّ يَدَهُ مِنْ بَيْن(3) السَّبَائِكِ إِلَى السَّبِيكَةِ الَّتِي كُنْتُ سَبَكْتُهَا مِنْ مَالِي بَدَلاً مِمَّا ضَاعَ مِنّي فَرَمَى بِهَا إِلَيَّ وَقَالَ لِي: لَيْسَتْ هَذِهِ السَّبِيكَةُ لَنَا سَبِيكَتُنَا ضَيَّعْتَهَا بِسَرَخْسَ حَيْثُ ضَرَبْتَ خَيْمَتَكَ فِي الرَّمْل فَارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ وَانْزلْ حَيْثُ).
ص: 560
نَزَلْتَ وَاطْلُبِ السَّبِيكَةَ هُنَاكَ تَحْتَ الرَّمْل فَإنَّكَ سَتَجِدُهَا وَتَعُودُ إِلَى هَاهُنَا فَلاَ تَرَانِي.
قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى سَرَخْسَ وَنَزَلْتُ حَيْثُ كُنْتُ نَزَلْتُ وَوَجَدْتُ السَّبِيكَةَ وَانْصَرَفْتُ إِلَى بَلَدِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ حَجَجْتُ وَمَعِيَ السَّبِيكَةُ (تحت الرمل وقد نبت عليها الحشيش فأخذت السبيكة)(1)، فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ السَّلاَم وَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ أبُو الْقَاسِم بْنُ رَوْح رضي الله عنه مَضَى وَلَقِيتُ أبَا الْحَسَن السَّمُريَّ رضي الله عنه فَسَلَّمْتُ إِلَيْهِ السَّبِيكَةَ(2).
69 _ كمال الدين: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الْقُمَّيُّ الْمَعْرُوفُ بِأبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيّ قَالَ: كُنْتُ بِبُخَارَا فَدَفَعَ إِلَيَّ الْمَعْرُوفُ بِابْن جَاوَشِيرَ عَشَرَةَ سَبَائِكَ ذَهَباً وَأمَرَني أنْ اُسَلّمَهَا بِمَدِينَةِ السَّلاَم إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فَحَمَلْتُهَا مَعِي.
فَلَمَّا بَلَغْتُ آمُويَهْ(3) ضَاعَتْ مِنّي سَبِيكَةٌ مِنْ تِلْكَ السَّبَائِكِ، وَلَمْ أعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ مَدِينَةَ السَّلاَم فَأخْرَجْتُ السَّبَائِكَ لاُسَلّمَهَا فَوَجَدْتُهَا نَاقِصَةً وَاحِدَةٌ مِنْهَا، فَاشْتَرَيْتُ سَبِيكَةً مَكَانَهَا بِوَزْنهَا وَأضَفْتُهَا إِلَى التّسْع سَبَائِكَ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الرَّوْحِيّ(4) قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، وَوَضَعْتُ السَّبَائِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِي: خُذْ لَكَ تِلْك السَّبِيكَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتَهَا وَأشَارَ إِلَيْهَا بِيَدِهِ، فَإنَّ السَّبِيكَةَ الَّتِي ضَيَّعْتَهَا قَدْ وَصَلَتْ إِلَيْنَا وَهُوَ ذَا هِيَ، ثُمَّ أخْرَجَ إِلَيَّ تِلْكَ السَّبِيكَةَ الَّتِي كَانَتْ ضَاعَتْ مِنّي بِآمُويَهْ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا وَعَرَفْتُهَا.).
ص: 561
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِأبِي عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيّ: وَرَأيْتُ تِلْكَ السَّنَةَ بِمَدِينَةِ السَّلاَم امْرَأةً تَسْألُنِي عَنْ وَكِيل مَوْلاَنَا عليه السلام مَنْ هُوَ؟ فَأخْبَرَهَا بَعْضُ الْقُمَّيّينَ أنَّهُ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح وَأشَارَ لَهَا إِلَيَّ(1).
فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ وَأنَا عِنْدَهُ فَقَالَتْ لَهُ: أيُّهَا الشَّيْخُ أيُّ شَيْءٍ مَعِي؟ فَقَالَ: مَا مَعَكِ فَألْقِيهِ فِي دِجْلَةَ ثُمَّ ائْتِيني حَتَّى اُخْبِرَكِ، قَالَ: فَذَهَبَتِ الْمَرْأةُ وَحَمَلَتْ مَا كَانَ مَعَهَا فَألْقَتْهُ فِي دِجْلَةَ ثُمَّ رَجَعَتْ وَدَخَلَتْ إِلَى أبِي الْقَاسِم الرَّوْحِيّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، فَقَالَ أبُو الْقَاسِم رضي الله عنه لِمَمْلُوكَةٍ لَهُ: أخْرجِي إِلَيَّ الْحُقَّةَ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأةِ(2): هَذِهِ الْحُقَّةُ الَّتِي كَانَتْ مَعَكِ وَرَمَيْتِ بِهَا فِي دِجْلَةَ اُخْبِرُكِ بِمَا فِيهَا أوْ تُخْبِريني؟ فَقَالَتْ لَهُ: بَلْ أخْبِرْني.
فَقَالَ: فِي هَذِهِ الْحُقَّةِ زَوْجُ سِوَار ذَهَبٍ وَحَلْقَةٌ كَبِيرَةٌ فِيهَا جَوْهَرٌ وَحَلْقَتَان صَغِيرَتَان فِيهِمَا جَوْهَرٌ وَخَاتَمَان أحَدُهُمَا فَيْرُوزَجٌ وَالآخَرُ عَقِيقٌ، وَكَانَ الأمْرُ كَمَا ذَكَرَ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُ شَيْئاً ثُمَّ فَتَحَ الْحُقَّةَ فَعَرَضَ عَلَيَّ مَا فِيهَا وَنَظَرَتِ الْمَرْأةُ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: هَذَا الَّذِي حَمَلْتُهُ بِعَيْنهِ وَرَمَيْتُ بِهِ فِي دِجْلَةَ، فَغُشِيَ عَلَيَّ وَعَلَى الْمَرْأةِ فَرَحاً بِمَا شَاهَدْنَا مِنْ صِدْقِ الدَّلاَلَةِ.
(ثُمَّ)(3) قَالَ الْحُسَيْنُ لِي مِنْ بَعْدِ مَا حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ: أشْهَدُ بِاللهِ تَعَالَى أنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرْتُهُ لَمْ أزِدْ فِيهِ وَلَمْ أنْقُصْ مِنْهُ، وَحَلَفَ بِالأئِمَّةِ الاثْنَيْ عَشَرَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ لَقَدْ صَدَقَ فِيمَا حَدَّثَ بِهِ مَا زَادَ فِيهِ وَلاَ نَقَصَ مِنْهُ(4).
70 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْن أحْمَدَ الزَّرْجِيُّ قَالَ: رَأيْتُ بِسُرَّ مَنْ7.
ص: 562
رَأى رَجُلاً شَابّاً فِي الْمَسْجِدِ الْمَعْرُوفِ بِمَسْجِدِ زُبَيْدَةَ وَذَكَرَ أنَّهُ هَاشِمِيٌّ مِنْ وُلْدِ مُوسَى بْن عِيسَى، فَلَمَّا كَلَّمَنِي صَاحَ بِجَاريَةٍ(1) وَقَالَ: يَا غَزَالُ، أوْ: يَا زُلاَلُ، فَإذَا أنَا بِجَاريَةٍ مُسِنَّةٍ فَقَالَ لَهَا: يَا جَاريَةُ حَدَّثْي مَوْلاَكِ بِحَدِيثِ الْمِيل وَالْمَوْلُودِ، فَقَالَتْ: كَانَ لَنَا طِفْلٌ وَجِعٌ، فَقَالَتْ لِي مَوْلاَتِي: ادْخُلِي إِلَى دَار الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام فَقُولِي لِحَكِيمَةَ تُعْطِينَا شَيْئاً نَسْتَشْفِي بِهِ مَوْلُودَنَا.
فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَسَألْتُهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ حَكِيمَةُ: ائْتُوني بِالْمِيل الَّذِي كُحِلَ بِهِ الْمَوْلُودُ الَّذِي وُلِدَ الْبَارحَةَ _ يَعْنِي ابْنَ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام _ فَاُتِيَتْ بِالْمِيل فَدَفَعَتْهُ إِلَيَّ، وَحَمَلْتُهُ إِلَى مَوْلاَتِي فَكَحَلَتِ(2) الْمَوْلُودَ فَعُوفِيَ وَبَقِيَ عِنْدَنَا وَكُنَّا نَسْتَشْفِي بِهِ ثُمَّ فَقَدْنَاهُ(3).
* * *6.
ص: 563
ص: 564
ص: 565
ص: 566
1 _ الغيبة للطوسي: قَدْ رُويَ (فِي) بَعْض الأخْبَار أنَّهُمْ قَالُوا: (خُدَّامُنَا وَقُوَّامُنَا شِرَارُ خَلْقِ اللهِ) وَهَذَا لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ، وَإِنَّمَا قَالُوا لأنَّ فِيهِمْ مَنْ غَيَّرَ وَبَدَلَ وَخَانَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ(1).
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح الْهَمْدَانِيّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام أنَّ أهْلَ بَيْتِي يُؤْذُوني وَيُقَرَّعُوني بِالْحَدِيثِ الَّذِي رُويَ عَنْ آبَائِكَ عليهم السلام أنَّهُمْ قَالُوا: (خُدَّامُنَا وَقُوَّامُنَا شِرَارُ خَلْقِ اللهِ)، فَكَتَبَ عليه السلام: (وَيْحَكُمْ مَا تَقْرَءُونَ مَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً))(2) فَنَحْنُ وَاللهِ الْقُرَى الَّتِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا وَأنْتُمُ الْقُرَى الظَّاهِرَةُ)(3).
كمال الدين: أبي، وابن الوليد معاً، عن الحميري، عن محمّد بن صالح الهمداني، مثله.
ثُمَّ قال: قال عبد الله بن جعفر: وحدَّثني بهذا الحديث علي بن محمّد الكليني، عن محمّد بن صالح، عن صاحب الزمان عليه السلام(4).
أقول: ثُمَّ ذكر الشيخ(5) بعض أصحاب الأئمّة صلوات الله عليهم الممدوحين، ثُمَّ قال:ة.
ص: 567
فأمَّا السفراء الممدوحون في زمان الغيبة فأوّلهم من نصّبه أبو الحسن علي ابن محمّد العسكري وأبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد ابنه عليهم السلام وهو الشيخ الموثوق به أبو عمر وعثمان بن سعيد العمري وكان أسدياً وإنَّما سمّي العمري لما رواه أبو نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري رحمه الله، قال أبا محمّد الحسن بن علي: قال: (لا يجمع على امرء ابن عثمان، وأبو عمرو)، وأمر بكسر كنيته، فقيل: العمري، ويقال له: العسكري أيضاً لأنَّه كان من عسكر سُرَّ من رأى ويقال له: السمّان لأنَّه كان يتّجر في السمن تغطية على الأمر.
وكان الشيعة إذا حملوا إلى أبي محمّد عليه السلام ما يجب عليهم حمله من الأموال أنفذوا إلى أبي عمرو فيجعله في جراب السمن وزقاقه ويحمله إلى أبي محمّد عليه السلام تقيّةً وخوفا(1).
فَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى، عَنْ أبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام الإسْكَافِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْن سَعْدٍ الْقُمَّيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فِي يَوْم مِنَ الأيَّام فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي أنَا أغِيبُ وَأشْهَدُ، وَلاَ يَتَهَيَّاُ لِيَ الْوُصُولُ إِلَيْكَ إِذَا شَهِدْتُ فِي كُلّ وَقْتٍ فَقَوْلَ مَنْ نَقْبَلُ؟ وَأمْرَ مَنْ نَمْتَثِلُ؟ فَقَالَ لِي صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (هَذَا أبُو عَمْرٍو الثّقَةُ الأمِينُ، مَا قَالَهُ لَكُمْ فَعَنّي يَقُولُهُ، وَمَا أدَّاهُ إِلَيْكُمْ فَعَنّي يُؤَدَّيهِ).
فَلَمَّا مَضَى أبُو الْحَسَن عليه السلام وَصَلْتُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ ابْنِهِ الْحَسَن صَاحِبِ الْعَسْكَر عليه السلام ذَاتَ يَوْم فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ قَوْلِي لأبِيهِ، فَقَالَ لِي: (هَذَا4.
ص: 568
أبُو عَمْرٍو الثّقَةُ الأمِينُ، ثِقَةُ الْمَاضِي وَثِقَتِي فِي الْحَيَاةِ(1) وَالْمَمَاتِ، فَمَا قَالَهُ لَكُمْ فَعَنّي يَقُولُهُ، وَمَا أدَّى إِلَيْكُمْ فَعَنّي يُؤَدَّيهِ).
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ: قَالَ أبُو عَلِيٍّ: قَالَ أبُو الْعَبَّاس الْحِمْيَريُّ: فَكُنَّا كَثِيراً مَا نَتَذَاكَرُ هَذَا الْقَوْلَ وَنَتَوَاصَفُ جَلاَلَةَ مَحَلّ أبِي عَمْرٍو(2).
وأخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون، عن محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، قال: حججنا في بعض السنين بعد مضي أبي محمّد عليه السلام فدخلت على أحمد بن إسحاق بمدينة السلام فرأيت أبا عمرو عنده فقلت: إنَّ هذا الشيخ وأشرت إلى أحمد بن إسحاق وهو عندنا الثّقة المرضي حدَّثنا فيك بكيت وكيت، واقتصصت عليه ما تقدَّم _ يعني ما ذكرناه عنه من فضل أبي عمرو ومحلّه _ وقلت: أنت الآن من لا يشكّ في قوله وصدقه فأسألك بحقّ الله وبحقّ الإمامين اللذين وثّقاك، هل رأيت ابن أبي محمّد الذي هو صاحب الزمان؟ فبكى ثُمَّ قال: على أن لا تخبر بذلك أحداً وأنا حيّ؟ قلت: نعم، قال: قد رأيته عليه السلام وعنقه هكذا يريد أنَّها أغلظ الرقاب حسناً وتماماً، قلت: فالاسم، قال: قد نهيتم عن هذ(3).
وَرَوَى أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ بْن نُوح أبُو الْعَبَّاس السَّيرَافِيُّ، قَالَ: أخْبَرَنَا أبُو نَصْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بِابْن برينة الْكَاتِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ الشّرَافِ مِنَ الشّيعَةِ الإمَامِيَّةِ أصْحَابِ الْحَدِيثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أحْمَدَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ6.
ص: 569
الْخَصِيبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الحسينان (الْحَسَنِيَّانِ)، قَالاَ: دَخَلْنَا عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام بِسُرَّ مَنْ رَأى وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أوْلِيَائِهِ وَشِيعَتِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ بَدْرٌ خَادِمُهُ فَقَالَ: يَا مَوْلاَيَ بِالْبَابِ قَوْمٌ شُعْثٌ غُبْرٌ، فَقَالَ لَهُمْ: (هَؤُلاَءِ نَفَرٌ مِنْ شِيعَتِنَا بِالْيَمَن...) فِي حَدِيثٍ طَويلٍ يَسُوقَانِهِ إِلَى أنْ يَنْتَهِيَ إِلَى أنْ قَالَ الْحَسَنُ عليه السلام لِبَدْرٍ: (فَامْض فَأتِنَا بِعُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ الْعَمْريّ)، فَمَا لَبِثْنَا إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى دَخَلَ عُثْمَانُ، فَقَالَ لَهُ سَيَّدُنَا أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (امْض يَا عُثْمَانُ فَإنَّكَ الْوَكِيلُ وَالثّقَةُ الْمَأمُونُ عَلَى مَالِ اللهِ وَاقْبِضْ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَر الْيَمَنِيّينَ مَا حَمَلُوهُ مِنَ الْمَالِ)...
ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالاَ: ثُمَّ قُلْنَا بِأجْمَعِنَا: يَا سَيَّدَنَا وَاللهِ إِنَّ عُثْمَانَ لَمِنْ خِيَار شِيعَتِكَ وَلَقَدْ زِدْتَنَا عِلْماً بِمَوْضِعِهِ مِنْ خِدْمَتِكَ وَإِنَّهُ وَكِيلُكَ وَثِقَتُكَ عَلَى مَالِ اللهِ، قَالَ: (نَعَمْ، وَاشْهَدُوا عَلَيَّ أنَّ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الْعَمْريَّ وَكِيلِي وَأنَّ ابْنَهُ مُحَمَّداً وَكِيلُ ابْنِي مَهْدِيّكُمْ)(1).
عنه، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري قدس الله روحه وأرضاه، عن شيوخه أنَّه لمَّا مات الحسن بن عليّ عليه السلام حضر غسله عثمان بن سعيد رضي الله عنه وأرضاه وتولّى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره مأموراً بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها ولا دفعها إلاَّ بدفع حقائق الأشياء في ظواهرها.
وكانت توقيعات صاحب الأمر عليه السلام تخرج على يدي عثمان بن7.
ص: 570
سعيد وابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمّد عليه السلام بالأمر والنهي والأجوبة عمَّا تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفّي عثمان بن سعيد رحمه الله وغسَّله ابنه أبو جعفر وتولّى القيام به وحصل الأمر كلّه مردوداً إليه والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته، لما تقدَّم له من النصّ عليه بالأمانة والعدالة، والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه السلام، وبعد موته في حياة أبيه عثمان رحمه الله(1).
قَالَ: وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ الْفَزَاريُّ الْبَزَّازُ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشّيعَةِ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ بِلاَلٍ، وَأحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاويَةَ بْن حُكَيْم، وَالْحَسَنُ بْنُ أيُّوبَ بْن نُوح فِي خَبَرٍ طَويلٍ مَشْهُورٍ قَالُوا جَمِيعاً: اجْتَمَعْنَا إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليه السلام نَسْألُهُ عَن الْحُجَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَفِي مَجْلِسِهِ أرْبَعُونَ رَجُلاً فَقَامَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْن عَمْرٍو الْعَمْريُّ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ اُريدُ أنْ أسْألَكَ عَنْ أمْرٍ أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنّي، فَقَالَ لَهُ: (اجْلِسْ يَا عُثْمَانُ)، فَقَامَ مُغْضَباً لِيَخْرُجَ، فَقَالَ: (لاَ يَخْرُجَنَّ أحَدٌ)، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنَّا أحَدٌ إِلَى(2) كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَصَاحَ عليه السلام بِعُثْمَانَ فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَقَالَ: (اُخْبِرُكُمْ بِمَا جِئْتُمْ؟)، قَالُوا: نَعَمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ، قَالَ: (جِئْتُمْ تَسْألُونَّي عَن الْحُجَّةِ مِنْ بَعْدِي)، قَالُوا: نَعَمْ، فَإذَا غُلاَمٌ كَأنَّهُ قِطَعُ قَمَرٍ أشْبَهُ النَّاس بِأبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (هَذَا إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ).
ص: 571
أطِيعُوهُ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِي فَتَهْلِكُوا فِي أدْيَانِكُمْ ألاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَهُ مِنْ بَعْدِ يَوْمِكُمْ هَذَا حَتَّى يَتِمَّ لَهُ عُمُرٌ فَاقْبَلُوا مِنْ عُثْمَانَ مَا يَقُولُهُ وَانْتَهُوا إِلَى أمْرهِ وَاقْبَلُوا قَوْلَهُ فَهُوَ خَلِيفَةُ إِمَامِكُمْ وَالأمْرُ إِلَيْهِ)(1).
في حديث قال أبو نصر هبة الله بن محمّد: وقبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام في شارع الميدان في أوّل الموضع المعروف، في الدرب المعروف بدرب حبلة(2) في مسجد الذرب يمنة الداخل إليه والقبر في نفس قبلة المسجد(3).
ثُمَّ قال الشيخ رحمه الله: رأيت قبره في الموضع الذي ذكره وكان بني في وجهه حائط وبه محراب المسجد وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيّق مظلم، فكنّا ندخل إليه ونزوره مشاهرة، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد وهي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة ثُمَّ نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمّد بن الفرج وأبرز القبر إلى برّ وأعمل عليه صندوقاً، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره، ويتبرَّك جيران المحلّة بزيارته ويقولون: هو رجل صالح وربما قالوا: هو ابن داية الحسين عليه السلام ولا يعرفون حقيقة الحال فيه وهو إلى يومنا هذا، وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة على ما هو عليه(4).
ذكر أبى جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري والقول فيه:
فلمَّا مضى أبو عمرو عثمان بن سعيد قام ابنه أبو جعفر محمّد بن8.
ص: 572
عثمان مقامه بنصّ أبي محمّد عليه السلام ونصّ أبيه عثمان عليه بأمر القائم عليه السلام فأخبرني جماعة، عن أبي الحسن محمّد بن أحمد بن داود القمي، وابن قولويه(1)، عن سعد بن عبد الله قال: حدَّثنا الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري رحمه الله... وذكر الحديث الذي قدَّمنا ذكره(2).
وأخبرني جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه وأبي غالب الزراري وأبي محمّد التلعكبري، كلّهم عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن عبد الله، ومحمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو عند أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري القمي فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف.
فقلت له: يا با عمرو إنّي اُريد أن أسألك وما أنا بشاكّ فيما اُريد أن أسألك عنه فإنَّ اعتقادي وديني أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة إلاَّ إذا كان قبل(3) القيامة بأربعين يوماً فإذا كان ذلك رفعت الحجّة وغلق باب التوبة، فلم يكن ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك أشرار من خلق الله عزّ وجل، وهم الذين تقوم عليهم القيامة. ولكن أحببت أن أزداد يقيناً فإنَّ إبراهيم عليه السلام سأل ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، فقال: ((أوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي))(4)، وقد أخبرني أحمد بن إسحاق أبو عليّ، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته فقلت له: من اُعامل؟ وعمَّن آخذ؟ وقول من أقبل؟0.
ص: 573
فقال له: (العمري ثقتي فما أدّى إليك فعنّي يؤدّي وما قال لك فعنّي يقول، فاسمع له وأطع فإنَّه الثّقة المأمون).
قال: وأخبرني أبو عليّ أنَّه سأل أبا محمّد الحسن بن عليّ عن مثل ذلك فقال له: (العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما فإنَّهما الثّقتان المأمونان).
فهذا قول إمامين قد مضيا فيك، قال: فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثُمَّ قال: سل. فقلت له: أنت رأيت الخلف من أبي محمّد عليه السلام؟ فقال: أي والله ورقبته مثل ذا وأومأ بيديه، فقلت له: فبقيت واحدة، فقال لي: هات، قلت: فالاسم؟ قال: محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي وليس لي أن اُحلّل واُحرّم ولكن عنه عليه السلام فإنَّ الأمر عند السلطان أنَّ أبا محمّد عليه السلام مضى ولم يخلّف ولداً وقسَّم ميراثه وأخذه من لا حقّ له. وصبر على ذلك، وهو ذا عياله يجولون وليس أحد يجسر أن يتعرَّف إليهم أو ينيلهم(1) شيئاً، وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتّقوا الله وأمسكوا عن ذلك.
قال الكليني: وحدَّثني شيخ من أصحابنا ذهب عنّي اسمه أنَّ أبا عمرو سئل عند أحمد بن إسحاق، عن مثل هذا، فأجاب بمثل هذا(2).
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن هَارُونَ الْفَامِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: خَرَجَ التَّوْقِيعُ إِلَى الشَّيْخ2.
ص: 574
أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ الْعَمْريّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي التَّعْزيَةِ بِأبِيهِ رضي الله عنه وَفِي فَصْلٍ مِنَ الْكِتَابِ:
(إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، تَسْلِيماً لأمْرهِ وَرضًى بِقَضَائِهِ، عَاشَ أبُوكَ سَعِيداً وَمَاتَ حَمِيداً فَرَحِمَهُ اللهُ وَألْحَقَهُ بِأوْلِيَائِهِ وَمَوَالِيهِ عليهم السلام، فَلَمْ يَزَلْ مُجْتَهِداً فِي أمْرهِمْ سَاعِياً فِيمَا يُقَرَّبُهُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَإِلَيْهِمْ، نَضَّرَ اللهُ وَجْهَهُ وَأقَالَهُ عَثْرَتَهُ)، وَفِي فَصْلٍ آخَرَ:
(أجْزَلَ اللهُ لَكَ الثَّوَابَ وَأحْسَنَ لَكَ الْعَزَاءَ رُزِئْتَ وَرُزِئْنَا وَأوْحَشَكَ فِرَاقُهُ وَأوْحَشَنَا فَسَرَّهُ اللهُ فِي مُنْقَلَبِهِ، وَكَانَ مِنْ كَمَالِ سَعَادَتِهِ أنْ رَزَقَهُ اللهُ وَلَداً مِثْلَكَ يَخْلُفُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ بِأمْرهِ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، وَأقُولُ: الْحَمْدُ للهِ فَإنَّ الأنْفُسَ طَيّبَةٌ بِمَكَانِكَ وَمَا جَعَلَهُ اللهُ عزّ وجل فِيكَ وَعِنْدَكَ، أعَانَكَ اللهُ وَقَوَّاكَ وَعَضَدَكَ وَوَفَّقَكَ وَكَانَ لَكَ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَرَاعِياً)(1).
الاحتجاج: الحميري، قال: خرج التوقيع... إلى آخر الخبر(2).
كمال الدين: أحمد بن هارون، مثله(3).
2 _ الغيبة للطوسي: وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ هَارُونَ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ: لَمَّا مَضَى أبُو عَمْرٍو رضي الله عنه أتَتْنَا الْكُتُبُ بِالْخَطّ الَّذِي كُنَّا نُكَاتِبُ بِهِ بِإقَامَةِ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه مَقَامَهُ(4).4.
ص: 575
وَبِهَذَا الإسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّوَيْهِ بْن عَبْدِ الْعَزيزِ الرَّازِيُّ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازِيُّ أنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهِ بَعْدَ وَفَاةِ أبِي عَمْرٍو: (وَالابْنُ وَقَاهُ اللهُ لَمْ يَزَلْ ثِقَتَنَا فِي حَيَاةِ الأبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ وَنَضَّرَ وَجْهَهُ، يَجْري عِنْدَنَا مَجْرَاهُ، وَيَسُدُّ مَسَدَّهُ وَعَنْ أمْرنَا يَأمُرُ الابْنُ وَبِهِ يَعْمَلُ، تَوَلاَّهُ اللهُ فَانْتَهِ إِلَى قَوْلِهِ، وَعَرَّفْ مُعَامَلَتَنَا ذَلِكَ)(1).
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْقَاسِم جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ وَأبِي غَالِبٍ الزُّرَاريّ وَأبِي مُحَمَّدٍ التَّلَّعُكْبَريّ كُلّهِمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ، قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ أنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَألْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ اُشْكِلَتْ عَلَيَ فَوُقّعَ التَّوْقِيعُ بِخَطّ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الدَّار: (وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ أبِيهِ مِنْ قَبْلُ فَإنَّهُ ثِقَتِي وَكِتَابُهُ كِتَابِي)(2).
الاحتجاج: الكلينى، مثله(3).
3 _ الغيبة للطوسي: قَالَ أبُو الْعَبَّاس: وَأخْبَرَني هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ابْن بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ رضي الله عنه، عَنْ شُيُوخِهِ، قَالُوا: لَمْ تَزَلِ الشّيعَةُ مُقِيمَةً عَلَى عَدَالَةِ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ (ومحمّد بن عثمان رحمهما الله تعالى إلى أن توفي أبو عمرو عثمان بن سعيد)(4) رحمه الله وَغَسَّلَهُ ابْنُهُ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَتَوَلَّى الْقِيَامَ بِهِ وَجُعِلَ الأمْرُ كُلُّهُ مَرْدُوداًر.
ص: 576
إِلَيْهِ، وَالشّيعَةُ مُجْمِعَةٌ(1) عَلَى عَدَالَتِهِ وَثِقَتِهِ وَأمَانَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ النَّصّ عَلَيْهِ بِالأمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ، وَالأمْر بِالرُّجُوع إِلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْحَسَن عليه السلام وَبَعْدَ مَوْتِهِ فِي حَيَاةِ أبِيهِ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ لاَ يَخْتَلِفُ فِي عَدَالَتِهِ وَلاَ يَرْتَابُ بِأمَانَتِهِ، وَالتَّوْقِيعَاتُ يَخْرُجُ(2) عَلَى يَدِهِ إِلَى الشّيعَةِ فِي الْمُهِمَّاتِ طُولَ حَيَاتِهِ بِالْخَطّ الَّذِي كَانَتْ تَخْرُجُ فِي حَيَاةِ أبِيهِ عُثْمَانَ، لاَ يَعْرفُ الشّيعَةُ فِي هَذَا الأمْر غَيْرَهُ، وَلاَ يَرْجِعُ إِلَى أحَدٍ سِوَاهُ، وَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ دَلاَئِلُ كَثِيرَةٌ وَمُعْجِزَاتُ الإمَام (الَّتِي)(3) ظَهَرَتْ عَلَى يَدِهِ، وَاُمُورٌ أخْبَرَهُمْ بِهَا عَنْهُ زَادَتْهُمْ فِي هَذَا الأمْر بَصِيرَةً، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الشّيعَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا طَرَفاً مِنْهَا فَلاَ نَطُولُ بِإعَادَتِهَا فَإنَّ ذَلِكَ كِفَايَةٌ لِلْمُنْصِفِ إِنْ شَاءَ اللهُ(4).
قَالَ ابْنُ نُوح: أخْبَرَني أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ ابْنُ بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: كَانَ لأبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ فِي الْفِقْهِ مِمَّا سَمِعَهَا مِنْ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام وَمِنَ الصَّاحِبِ عليه السلام وَمِنْ أبِيهِ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ وَعَنْ أبِيهِ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِيهَا كُتُبٌ تَرْجَمَتُهَا كُتُبُ الأشْربَةِ، ذَكَرَتِ الْكَبِيرَةُ اُمُّ كُلْثُوم بِنْتُ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنها أنَّهَا وَصَلَتْ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ فِي يَدِهِ، قَالَ أبُو نَصْرٍ: وَأظُنُّهَا قَالَتْ: وَصَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أبِي الْحَسَن السَّمُريّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ(5).8.
ص: 577
قَالَ أبُو جَعْفَر بْنُ بَابَوَيْهِ: رَوَى(1) مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أنَّهُ قَالَ: وَاللهِ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر لَيَحْضُرُ الْمَوْسِمَ كُلَّ سَنَةٍ يَرَى النَّاسَ وَيَعْرفُهُمْ وَيَرَوْنَهُ وَلاَ يَعْرفُونَهُ(2).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: أخْبَرَنَا أبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن الْمُتَوَكّل، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريّ أنَّهُ قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقُلْتُ لَهُ: رَأيْتَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر؟ قَالَ: نَعَمْ، وَآخِرُ عَهْدِي بِهِ عِنْدَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَام وَهُوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ أنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ رضي الله عنه: وَرَأيْتُهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ مُتَعَلّقاً بِأسْتَار الْكَعْبَةِ فِي الْمُسْتَجَار وَهُوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ انْتَقِمْ بِي مِنْ أعْدَائِكَ)(3).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الزُّرَاريُّ، عَنْ عَلِيّ بْن صَدَقَةَ الْقُمَّيّ، قَالَ: خَرَجَ إِلَى مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ رضي الله عنه ابْتِدَاءً مِنْ غَيْر مَسْألَةٍ: (لِيُخْبِرَ الَّذِينَ يَسْألُونَ عَن الاسْم: إِمَّا السُّكُوتَ وَالْجَنَّةَ وَإِمَّا الْكَلاَمَ وَالنَّارَ، فَإنَّهُمْ إِنْ وَقَفُوا عَلَى الاسْم أذَاعُوهُ وَإِنْ وَقَفُوا عَلَى الْمَكَان دَلُّوا عَلَيْهِ)(4).
قَالَ ابْنُ نُوح: أخْبَرَني أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عَلِيّ بْنُ أبِي جَيّدٍ الْقُمَّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ الدَّلاَّلُ الْقُمَّيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ رضي الله عنه يَوْماً لاُسَلّمَ عَلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ وَبَيْنَ1.
ص: 578
يَدَيْهِ سَاجَةٌ وَنَقَّاشٌ يَنْقُشُ عَلَيْهَا وَيَكْتُبُ آياً مِنَ الْقُرْآن وَأسْمَاءَ الأئِمَّةِ عليهم السلام عَلَى حَوَاشِيهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي مَا هَذِهِ السَّاجَةُ؟ فَقَالَ لِي: هَذِهِ لِقَبْري تَكُونُ فِيهِ اُوضَعُ عَلَيْهَا، أوْ قَالَ: اُسْنَدُ إِلَيْهَا، وَقَدْ عَزَفْتُ مِنْهُ، وَأنَا فِي كُلّ يَوْم أنْزلُ فِيهِ فَأقْرَاُ جُزْءاً مِنَ الْقُرْآن فَأصْعَدُ، وَأظُنُّهُ قَالَ: فَأخَذَ بِيَدِي وَأرَانِيهِ فَإذَا كَانَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا مِنْ شَهْر كَذَا وَكَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَكَذَا صِرْتُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَدُفِنْتُ فِيهِ وَهَذِهِ السَّاجَةُ مَعِي، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أثْبَتُّ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ أزَلْ مُتَرَقّباً بِهِ ذَلِكَ فَمَا تَأخَّرَ الأمْرُ حَتَّى اعْتَلَّ أبُو جَعْفَرٍ فَمَاتَ فِي الْيَوْم الَّذِي ذَكَرَهُ مِنَ الشَّهْر الَّذِي قَالَهُ مِنَ السَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَدُفِنَ فِيهِ.
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْر أبِي عَلِيٍّ، وَحَدَّثَتْنِي بِهِ أيْضاً اُمُّ كُلْثُوم بِنْتُ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنها(1).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن رضي الله عنه، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن الأسْوَدِ الْقُمَّيُّ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْراً وَسَوَّاهُ بِالسَّاج فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لِلنَّاس أسْبَابٌ، ثُمَّ سَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَدْ اُمِرْتُ أنْ أجْمَعَ أمْري، فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرَيْن رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ(2).
كمال الدين: محمّد بن علي، مثله(3).
4 _ الغيبة للطوسي: وَقَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: وَجَدْتُ بِخَطّ أبِي غَالِبٍ الزُّرَاريّ رَحِمَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ رحمه الله مَاتَ فِي آخِر جُمَادَى الاُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِمِائَةٍ.9.
ص: 579
وَذَكَرَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ الْعَمْريَّ رحمه الله مَاتَ فِي سَنَةِ أرْبَع وَثَلاَثِمِائَةٍ، وَأنَّهُ كَانَ يَتَوَلَّى هَذَا الأمْرَ نَحْواً مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، فَيَحْمِلُ النَّاسُ إِلَيْهِ أمْوَالَهُمْ، وَيُخْرجُ إِلَيْهِمُ التَّوْقِيعَاتِ بِالْخَطّ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ فِي حَيَاةِ الْحَسَن عليه السلام إِلَيْهِمْ بِالْمُهِمَّاتِ فِي أمْر الدَّين وَالدُّنْيَا وَفِيمَا يَسْألُونَهُ مِنَ الْمَسَائِل بِالأجْوبَةِ الْعَجِيبَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ.
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: إِنَّ قَبْرَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ عِنْدَ وَالِدَتِهِ فِي شَارع بَابِ الْكُوفَةِ فِي الْمَوْضِع الَّذِي كَانَتْ دُورُهُ وَمَنَازِلُهُ وَهُوَ الآنَ فِي وَسَطِ الصَّحْرَاءِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ(1).
أخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُمَّيُّ، قَالَ: أخْبَرَني أبُو الْعَبَّاس أحْمَدُ بْنُ عَلِيّ بْن نُوح، قَالَ: أخْبَرَني أبُو عَلِيٍّ أحْمَدُ بْنُ جَعْفَر بْن سُفْيَانَ الْبَزَوْفَريُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْن قزدا فِي مَقَابِر قُرَيْشٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ رَسْمِي إِذَا حَمَلْتُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِي إِلَى الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أنْ أقُولَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ أحَدٌ يَسْتَقْبِلُهُ بِمِثْلِهِ: هَذَا الْمَالُ وَمَبْلَغُهُ كَذَا وَكَذَا لِلإمَام عليه السلام، فَيَقُولُ لِي: نَعَمْ دَعْهُ، فَاُرَاجِعُهُ فَأقُولُ لَهُ تَقُولُ لِي: إِنَّهُ لِلإمَام، فَيَقُولُ: نَعَمْ لِلإمَام عليه السلام، فَيَقْبِضُهُ.
ص: 580
فَصِرْتُ إِلَيْهِ آخِرَ عَهْدِي بِهِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَمَعِي أرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ فَقُلْتُ لَهُ عَلَى رَسْمِي، فَقَالَ لِي: امْض بِهَا إِلَى الْحُسَيْن بْن رَوْح فَتَوَقَّفْتُ فَقُلْتُ: تَقْبِضُهَا أنْتَ مِنّي عَلَى الرَّسْم، فَرَدَّ عَلَيَّ كَالْمُنْكِر لِقَوْلِي قَالَ: قُمْ عَافَاكَ اللهُ فَادْفَعْهَا إِلَى الْحُسَيْن بْن رَوْح.
فَلَمَّا رَأيْتُ فِي وَجْهِهِ غَضَباً خَرَجْتُ وَرَكِبْتُ دَابَّتِي فَلَمَّا بَلَغْتُ بَعْضَ الطَّريقِ رَجَعْتُ كَالشَّاكَّ فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيَّ الْخَادِمُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أنَا فُلاَنٌ فَاسْتَأذِنْ لِي، فَرَاجَعَنِي وَهُوَ مُنْكِرٌ لِقَوْلِي وَرُجُوعِي فَقُلْتُ لَهُ: ادْخُلْ فَاسْتَأذِنْ لِي فَإنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ لِقَائِهِ، فَدَخَلَ فَعَرَّفَهُ خَبَرَ رُجُوعِي وَكَانَ قَدْ دَخَلَ إِلَى دَار النّسَاءِ فَخَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى سَريرٍ وَرجْلاَهُ فِي الأرْض وَفِيهِمَا نَعْلاَن نَصِفُ(1) حُسْنَهُمَا وَحُسْنَ رجْلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا الَّذِي جَرَّأكَ عَلَى الرُّجُوع؟ وَلِمَ لَمْ تَمْتَثِلْ مَا قُلْتُهُ لَكَ؟ فَقُلْتُ: لَمْ أجْسُرْ عَلَى مَا رَسَمْتَهُ لِي، فَقَالَ لِي وَهُوَ مُغْضَبٌ: قُمْ عَافَاكَ اللهُ فَقَدْ أقَمْتُ أبَا الْقَاسِم الْحُسَيْنَ بْنَ رَوْح مَقَامِي وَنَصَبْتُهُ مَنْصَبِي، فَقُلْتُ: بِأمْر الإمَام؟ فَقَالَ: قُمْ عَافَاكَ اللهُ كَمَا أقُولُ لَكَ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي غَيْرُ الْمُبَادَرَةِ.
فَصِرْتُ إِلَى أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح وَهُوَ فِي دَارٍ ضَيّقَةٍ فَعَرَّفْتُهُ مَا جَرَى فَسَرَّ بِهِ وَشَكَرَ اللهَ عزّ وجل وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الدَّنَانِيرَ، وَمَا زِلْتُ أحْمِلُ إِلَيْهِ مَا يَحْصُلُ فِي يَدِي بَعْدَ ذَلِكَ(2).
وَسَمِعْتُ أبَا الْحَسَن عَلِيَّ بْنَ بِلاَلِ بْن مُعَاويَةَ الْمُهَلَّبِيَّ يَقُولُ فِي حَيَاةِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ: سَمِعْتُ أبَا الْقَاسِم جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ الْقُمَّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ الْقُمَّيَّ يَقُولُ: كَانَ6.
ص: 581
مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ أبُو جَعْفَرٍ الْعَمْريُّ رضي الله عنه لَهُ مَنْ يَتَصَرَّفُ لَهُ بِبَغْدَادَ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أنْفُسٍ وَأبُو الْقَاسِم بْنُ رَوْح رضي الله عنه فِيهِمْ، وَكُلُّهُمْ كَانَ أخَصَّ بِهِ مِنْ أبِي الْقَاسِمِ بْن رَوْح رضي الله عنه حَتَّى إِنَّهُ كَانَ إِذَا احْتَاجَ إِلَى حَاجَةٍ أوْ إِلَى سَبَبٍ يُنَجَّزُهُ عَلَى يَدِ غَيْرهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ تِلْكَ الْخُصُوصِيَّةُ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ مُضِيّ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه وَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَيْهِ وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ(1).
قَالَ: وَقَالَ مَشَايِخُنَا: كُنَّا لاَ نَشُكُّ أنَّهُ إِنْ كَانَتْ كَائِنَةٌ مِنْ(2) أبِي جَعْفَرٍ لاَ يَقُومُ مَقَامَهُ إِلاَّ جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ أوْ أبُوهُ لِمَا رَأيْنَا مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ بِهِ وَكَثْرَةِ كَيْنُونَتِهِ فِي مَنْزلِهِ حَتَّى بَلَغَ أنَّهُ كَانَ فِي آخِر عُمُرهِ لاَ يَأكُلُ طَعَاماً إِلاَّ مَا اُصْلِح فِي مَنْزلِ جَعْفَر بْن أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ وَأبِيهِ بِسَبَبٍ وَقَعَ لَهُ وَكَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يَأكُلُهُ فِي مَنْزلِ جَعْفَرٍ وَأبِيهِ.
وَكَانَ أصْحَابُنَا لاَ يَشُكُّونَ إِنْ كَانَتْ حَادِثَةٌ لَمْ تَكُن الْوَصِيَّةُ إِلاَّ إِلَيْهِ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ(3) فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ (وَ)(4) وَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى أبِي الْقَاسِم سَلَّمُوا وَلَمْ يُنْكِرُوا وَكَانُوا مَعَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا كَانُوا مَعَ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه، وَلَمْ يَزَلْ جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ فِي جُمْلَةِ أبِي الْقَاسِم رضي الله عنه وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَتَصَرُّفِهِ بَيْنَ يَدَيْ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ إِلَى أنْ مَاتَ رضي الله عنه، فَكُلُّ مَنْ طَعَنَ عَلَى أبِي الْقَاسِم فَقَدْ طَعَنَ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ وَطَعَنَ عَلَى الْحُجَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ(5).7.
ص: 582
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأسْوَدِ رحمه الله، قَالَ: كُنْتُ أحْمِلُ الأمْوَالَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي بَابِ الْوَقْفِ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريّ رحمه الله فَيَقْبِضُهَا مِنّي، فَحَمَلْتُ إِلَيْهِ يَوْماً شَيْئاً مِنَ الأمْوَالِ فِي آخِر أيَّامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَتَيْن أوْ ثَلاَثِ سِنِينَ فَأمَرَني بِتَسْلِيمِهِ إِلَى أبِي الْقَاسِم الرَّوْحِيّ رضي الله عنه، فَكُنْتُ اُطَالِبُهُ بِالْقُبُوض فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه فَأمَرَني أنْ لاَ اُطَالِبَهُ بِالْقُبُوض، وَقَالَ: كُلُّ مَا وَصَلَ إِلَى أبِي الْقَاسِم فَقَدْ وَصَلَ إِلَيَّ، فَكُنْتُ أحْمِلُ بَعْدَ ذَلِكَ الأمْوَالَ إِلَيْهِ وَلاَ اُطَالِبُهُ بِالْقُبُوض(1).
كمال الدين: أبو جعفر محمّد بن علي الأسود، مثله(2).
5 _ الغيبة للطوسي: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: أخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَتّيلٍ، عَنْ عَمَّهِ جَعْفَر بْن أحْمَدَ بْن مَتّيلٍ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ الْوَفَاةُ كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ رَأسِهِ اُسَائِلُهُ(3) وَاُحَدَّثُهُ وَأبُو الْقَاسِم بْنُ رْوح عِنْدَ رجْلَيْهِ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ: اُمِرْتُ أنْ اُوصِيَ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح، قَالَ: فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِ رَأسِهِ وَأخَذْتُ بِيَدِ أبِي الْقَاسِم وَأجْلَسْتُهُ فِي مَكَانِي وَتَحَوَّلْتُ إِلَى عِنْدِ رجْلَيْهِ(4).
كمال الدين: محمّد بن علي بن متّيل، مثله(5).3.
ص: 583
6 _ الغيبة للطوسي: قَالَ ابْنُ نُوح: وَحَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ بْن بَابَوَيْهِ قَدِمَ عَلَيْنَا الْبَصْرَةَ فِي شَهْر رَبِيع الأوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلَويَّةَ الصَّفَّارَ وَالْحُسَيْنَ بْنَ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ رضي الله عنهما يَذْكُرَان هَذَا الْحَدِيثَ وَذَكَرَا أنَّهُمَا حَضَرَا بَغْدَادَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَشَاهَدَا ذَلِكَ(1).
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى، قَالَ: أخْبَرَني أبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ أنَّ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ جَمَعَنَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَكُنَّا وُجُوهَ الشّيعَةِ وَشُيُوخَهَا، فَقَالَ لَنَا: إِنْ حَدَثَ عَلَيَّ حَدَثُ الْمَوْتِ، فَالأمْرُ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح النَّوْبَخْتِيّ فَقَدْ اُمِرْتُ أنْ أجْعَلَهُ فِي مَوْضِعِي بَعْدِي فَارْجِعُوا إِلَيْهِ وَعَوَّلُوا فِي اُمُوركُمْ عَلَيْهِ(2).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَن ابْن نُوح، عَنْ أبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي أبُو إِبْرَاهِيمَ جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ النَّوْبَخْتِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي أبِي أحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَمَّي أبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أهْلِنَا _ يَعْنِي بَنِي نَوْبَخْتَ _: أنَّ أبَا جَعْفَرٍ الْعَمْريَّ لَمَّا اشْتَدَّتْ حَالُهُ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهِ الشّيعَةِ مِنْهُمْ أبُو عَلِيّ بْنُ هَمَّام، وَأبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، وَأبُو عَبْدِ اللهِ الْبَاقَطَانِيُّ، وَأبُو سَهْلٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ النَّوْبَخْتِيُّ، وَأبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ الْوَجْنَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْوُجُوهِ وَالأكَابِر، فَدَخَلُوا عَلَى أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنه فَقَالُوا لَهُ: إِنْ حَدَثَ أمْرٌ فَمَنْ1.
ص: 584
يَكُونُ مَكَانَكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح بْن أبِي بَحْرٍ النَّوْبَخْتِيُّ الْقَائِمُ مَقَامِيُّ وَالسَّفِيرُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ الأمْر وَالْوَكِيلُ لَهُ وَالثّقَةُ الأمِينُ فَارْجِعُوا إِلَيْهِ فِي اُمُوركُمْ وَعَوَّلُوا عَلَيْهِ فِي مُهِمَّاتِكُمْ فَبِذَلِكَ اُمِرْتُ وَقَدْ بَلَّغْتُ(1).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ ابْن بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي اُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ أبِي جَعْفَرٍ رضي الله عنهما، قَالَتْ: كَانَ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح قدّس سرّه وَكِيلاً لأبِي جَعْفَرٍ رحمه الله سِنِينَ كَثِيرَةً يَنْظُرُ لَهُ فِي أمْلاَكِهِ وَيُلْقِي بِأسْرَارهِ الرُّؤَسَاءَ مِنَ الشّيعَةِ، وَكَانَ خِصّيصاً بِهِ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُحَدَّثُهُ بِمَا يَجْري بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَوَاريهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَاُنْسِهِ.
قَالَتْ: وَكَانَ يَدْفَعُ إِلَيْهِ فِي كُلّ شَهْرٍ ثَلاَثِينَ دِينَاراً رزْقاً لَهُ غَيْرَ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ مِنَ الْوُزَرَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ مِنَ الشّيعَةِ مِثْل آلِ الْفُرَاتِ وَغَيْرهِمْ لِجَاهِهِ وَلِمَوْضِعِهِ وَجَلاَلَةِ مَحَلّهِ عِنْدَهُمْ، فَحَصَّلَ فِي أنْفُس الشّيعَةِ مُحَصَّلاً جَلِيلاً لِمَعْرفَتِهِمْ بِاخْتِصَاص أبِي إِيَّاهُ وَتَوْثِيقِهِ عِنْدَهُمْ وَنَشْر فَضْلِهِ وَدِينهِ وَمَا كَانَ يَحْتَمِلُهُ مِنْ هَذَا الأمْر، فَتَمَهَّدَتْ(2) لَهُ الْحَالُ فِي طُولِ حَيَاةِ أبِي إِلَى أن انْتَهَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ بِالنَّصّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي أمْرهِ وَلَمْ يَشُكَّ فِيهِ أحَدٌ إِلاَّ جَاهِلٌ بِأمْر أبِي أوَّلاً مَعَ مَا لَسْتُ أعْلَمُ أنَّ أحَداً مِنَ الشّيعَةِ شَكَّ فِيهِ وَقَدْ سَمِعْتُ بِهَذَا مِنْ غَيْر وَاحِدٍ مِنْ بَنِي نَوْبَخْتَ رحمهم الله مِثْل أبِي الْحُسَيْن(3) بْن كِبْريَاءَ وَغَيْرهِ(4).3.
ص: 585
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْعَبَّاس بْن نُوح، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطّ مُحَمَّدِ بْن نَفِيسٍ فِيمَا كَتَبَهُ بِالأهْوَازِ: أوَّلَ كِتَابٍ وَرَدَ مِنْ أبِي الْقَاسِم رضي الله عنه: (نَعْرفُهُ عَرَّفَهُ اللهُ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَرضْوَانَهُ وَأسْعَدَهُ بِالتَّوْفِيقِ، وَقَفْنَا عَلَى كِتَابِهِ وَ(هُوَ)(1) ثِقَتُنَا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ وَأنَّهُ عِنْدَنَا بِالْمَنْزلَةِ وَالْمَحَلّ اللَّذَيْن يَسُرَّانِهِ، زَادَ اللهُ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ إِنَّهُ وَلِيٌّ قَدِيرٌ وَالْحَمْدُ للهِ لاَ شَريكَ لَهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً)، وَرَدَتْ هَذِهِ الرُّقْعَةُ يَوْمَ الأحَدِ لِسِتّ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِمِائَةٍ(2).
أقُولُ: ذَكَرَ الشَّيْخُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّوْقِيعَاتِ الَّتِي خَرَجَتْ إِلَى الْحِمْيَريّ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ فِي بَابِ التَّوْقِيعَاتِ، ثُمَّ قَالَ:
وَكَانَ أبُو الْقَاسِم رحمه الله مِنْ أعْقَل النَّاس عِنْدَ الْمُخَالِفِ وَالْمُوَافِقِ وَيَسْتَعْمِلُ التَّقِيَّةَ، فَرَوَى أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ غَالِبٍ(3) وَأبُو الْحَسَن بْنُ أبِي الطَّيّبِ، قَالا(4): مَا رَأيْتُ مَنْ هُوَ أعْقَلُ مِنَ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح، وَلَعَهْدِي بِهِ يَوْماً فِي دَار ابْن يَسَارٍ، وَكَانَ لَهُ مَحَلٌّ عِنْدَ السَّيَّدِ وَالْمُقْتَدِر عَظِيمٌ وَكَانَتِ الْعَامَّةُ أيْضاً تُعَظّمُهُ، وَكَانَ أبُو الْقَاسِم يَحْضُرُ تَقِيَّةً وَخَوْفاً.
فَعَهْدِي بِهِ وَقَدْ تَنَاظَرَ اثْنَان فَزَعَمَ وَاحِدٌ أنَّ أبَا بَكْرٍ أفْضَلُ النَّاس بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عَلِيٌّ، وَقَالَ الآخَرُ: بَلْ عَلِيٌّ أفْضَلُ مِنْ عُمَرَ، فَزَادَ الْكَلاَمُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أبُو الْقَاسِم رضي الله عنه: الَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ).
ص: 586
هُوَ تَقْدِيمُ الصّدَّيقِ ثُمَّ بَعْدَهُ الْفَارُوقُ ثُمَّ بَعْدَهُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْن ثُمَّ عَلِيٌّ الْوَصِيُّ، وَأصْحَابُ الْحَدِيث عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، فَبَقِيَ مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ مُتَعَجَّباً مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَكَانَتِ الْعَامَّةُ الْحُضُورُ يَرْفَعُونَهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَكَثُرَ الدُّعَاءُ لَهُ وَالطَّعْنُ عَلَى مَنْ يَرْمِيهِ بِالرَّفْض.
فَوَقَعَ عَلَيَّ الضَّحِكُ فَلَمْ أزَلْ أتَصَبَّرُ وَأمْنَعُ نَفْسِي وَأدُسُّ كُمَّي فِي فَمِي فَخَشِيتُ أنْ أفْتَضِحَ، فَوَثَبْتُ عَن الْمَجْلِس وَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَفَطَّنَ لِي فَلَمَّا حَصَلْتُ فِي مَنْزلِي فَإِذَا بِالْبَابِ يَطْرُقُ، فَخَرَجْتُ مُبَادِراً فَإذَا بِأبِي الْقَاسِم بْن رَوْح رَاكِباً بَغْلَتَهُ قَدْ وَافَانِي مِنَ الْمَجْلِس قَبْلَ مُضِيّهِ إِلَى دَارهِ فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ اللهِ(1) أيَّدَكَ اللهُ لِمَ ضَحِكْتَ وَأرَدْتَ أنْ تَهْتِفَ بِي كَانَ الَّذِي قُلْتُهُ عِنْدَكَ لَيْسَ بِحَقٍّ؟ فَقُلْتُ لَهُ: كَذَلِكَ هُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لِي: اتَّقِ اللهَ أيُّهَا الشَّيْخُ فَإنّي لاَ أجْعَلُكَ فِي حِلّ تَسْتَعْظِمُ هَذَا الْقَوْلَ مِنّي، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي رَجُلٌ يَرَى بِأنَّهُ صَاحِبُ الإمَام وَوَكِيلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ الْقَوْلَ لاَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ؟ وَ(لاَ) يُضْحَكُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا؟ فَقَالَ لِي: وَحَيَاتِكَ لَئِنْ عُدْتَ لأهْجُرَنَّكَ، وَوَدَّعَنِي وَانْصَرَفَ(2).
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن بْنُ كِبْريَا النَّوْبَخْتِيُّ، قَالَ: بَلَغَ الشَّيْخَ أبَا الْقَاسِم رضي الله عنه أنَّ بَوَّاباً كَانَ لَهُ عَلَى الْبَابِ الأوَّلِ قَدْ لَعَنَ مُعَاويَةَ وَشَتَمَهُ، فَأمَرَ بِطَرْدِهِ وَصَرَفَهُ عَنْ خِدْمَتِهِ، فَبَقِيَ مُدَّةً طَويلَةً يَسْألُ فِي أمْرهِ فَلاَ وَاللهِ مَا رَدَّهُ إِلَى خِدْمَتِهِ وَأخَذَهُ بَعْضُ الآهِلَةِ فَشَغَلَهُ مَعَهُ كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّقِيَّةِ(3).).
ص: 587
قَالَ أبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ: وَحَدَّثَنِي أبُو أحْمَدَ بْنُ درانويه الأبْرَصُ الَّذِي كَانَتْ دَارُهُ فِي دَرْبِ الْقَرَاطِيس، قَالَ: قَالَ لِي: إِنّي كُنْتُ أنَا وَإِخْوَتِي نَدْخُلُ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه نُعَامِلُهُ، قَالَ: وَكَانُوا بَاعَةً، وَنَحْنُ مَثَلاً عَشَرَةٌ تِسْعَةٌ نَلْعَنُهُ وَوَاحِدٌ يُشَكّكُ، فَنَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ بَعْدَ مَا دَخَلْنَا إِلَيْهِ تِسْعَةٌ نَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ بِمَحَبَّتِهِ وَوَاحِدٌ وَاقِفٌ لأنَّهُ كَانَ يُجَارينَا مِنْ فَضْل الصّحَابَةِ مَا رَوَيْنَاهُ وَمَا لَمْ نَرْوهِ فَنَكْتُبُهُ عَنْهُ لِحُسِنه رضي الله عنه(1).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِي الْعَبَّاس أحْمَدَ بْن عَلِيّ بْن نُوح، عَنْ أبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ ابْن بِنْتِ اُمَّ كُلْثُوم بِنْتِ أبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريّ رضي الله عنه أنَّ قَبْرَ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح فِي النَّوْبَخْتِيَّةِ فِي الدَّرْبِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ دَارُ عَلِيّ بْن أحْمَدَ النَّوْبَخْتِيّ النَّافِذِ إِلَى التَّلّ وَإِلَى الدَّرْبِ الآخَر وَإِلَى قَنْطَرَةِ الشَّوْكِ رضي الله عنه، قَالَ: وَقَالَ لِي أبُو نَصْرٍ: مَاتَ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتّ وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ وَقَدْ رَوَيْتُ عَنْهُ أخْبَاراً كَثِيرَةً(2).
وَأخْبَرَني أبُو مُحَمَّدٍ الْمُحَمَّدِيُّ رضي الله عنه، عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل بْن تَمَام، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أحْمَدَ الزَّكُوزَكِيَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا كِتَابَ التَّكْلِيفِ وَكَانَ عِنْدَنَا أنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مَعَ غَالٍ، وَذَلِكَ أنَّهُ أوَّلُ مَا كَتَبْنَا الْحَدِيثَ، فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: وَأيْشٍ كَانَ لابْن أبِي الْعَزَاقِر فِي كِتَابِ التَّكْلِيفِ إِنَّمَا كَانَ يُصْلِحُ الْبَابَ وَيُدْخِلُهُ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه فَيَعْرضُهُ عَلَيْهِ وَيَحُكُّهُ(3) فَإذَا صَحَّ الْبَابُ خَرَجَ فَنَقَلَهُ وَأمَرَنَا بِنُسْخَةٍ، يَعْنِي أنَّ الَّذِي أمَرَهُمْ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه.).
ص: 588
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ: فَكَتَبْتُهُ فِي الأدْرَاج بِخَطّي بِبَغْدَادَ، قَالَ ابْنُ تَمَام: فَقُلْتُ لَهُ: فَتَفَضَّلْ يَا سَيَّدِي فَادْفَعْهُ(1) حَتَّى أكْتُبَهُ مِنْ خَطّكَ، فَقَالَ لِي: قَدْ خَرَجَ عَنْ يَدِي، قَالَ ابْنُ تَمَام: فَخَرَجْتُ وَأخَذْتُ مِنْ غَيْرهِ وَكَتَبْتُ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ(2).
وَقَالَ أبُو الْحُسَيْن بْنُ تَمَام: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الْكُوفِيُّ خَادِمُ الشَّيْخ الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ الشَّيْخُ _ يَعْنِي أبَا الْقَاسِم رضي الله عنه _ عَنْ كُتُبِ ابْن أبِي الْعَزَاقِر بَعْدَ مَا ذُمَّ وَخَرَجَتْ فِيهِ اللَّعْنَةُ، فَقِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ نَعْمَلُ بِكُتُبِهِ وَبُيُوتُنَا مِنْهَا مَلأى؟ فَقَالَ: أقُولُ فِيهَا مَا قَالَهُ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا وَقَدْ سُئِلَ عَنْ كُتُبِ بَنِي فَضَّالٍ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَعْمَلُ بِكُتُبِهِمْ وَبُيُوتُنَا مِنْهَا مَلأى؟ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (خُذُوا بِمَا رَوَوْا وَذَرُوا مَا رَأوْا)(3).
وَسَألَ أبُو الْحَسَن الأيَادِي رحمه الله أبَا الْقَاسِم الْحُسَيْنَ بْنَ رَوْح: لِمَ كُرهَ الْمُتْعَةُ بِالْبِكْر؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْحَيَاءُ مِنَ الإيمَان وَالشُّرُوطُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، فَإذَا حَمَلْتَهَا عَلَى أنْ تُنْعِمَ(4) فَقَدْ خَرَجَتْ عَن الْحَيَاءِ وَزَالَ الإيمَانُ)، فَقَالَ لَهُ: فَإنْ فَعَلَ فَهُوَ زَانٍ؟ قَالَ: لا(5).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ الْقُمَّي، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلاَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أنْفَذَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ6.
ص: 589
بْنُ رَوْح رضي الله عنه كِتَابَ التَّأدِيبِ إِلَى قُمَّ وَكَتَبَ إِلَى جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ بِهَا وَقَالَ لَهُمُ: انْظُرُوا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَانْظُرُوا فِيهِ شَيْ ءٌ يُخَالِفُكُمْ، فَكَتَبُوا إِلَيْهِ أنَّهُ كُلَّهُ صَحِيحٌ وَمَا فِيهِ شَيْ ءٌ يُخَالِفُ إِلاَّ قَوْلُهُ فِي الصَّاع فِي الْفِطْرَةِ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَام، وَالطَّعَامُ عِنْدَنَا مِثْلُ الشَّعِير مِنْ كُلّ وَاحِدٍ صَاعٌ(1).
قَالَ ابْنُ نُوح: وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ أصْحَابِنَا بِمِصْرَ يَذْكُرُونَ أنَّ أبَا سَهْلٍ النَّوْبَخْتِيَّ سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ صَارَ هَذَا الأمْرُ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح دُونَكَ؟ فَقَالَ: هُمْ أعْلَمُ وَمَا اخْتَارُوهُ، وَلَكِنْ أنَا رَجُلٌ ألْقَى الْخُصُومَ وَاُنَاظِرُهُمْ وَلَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِهِ كَمَا عَلِمَ أبُو الْقَاسِم وَضَغَطَتْنِي الْحُجَّةُ(2) لَعَلّي كُنْتُ أدُلُّ عَلَى مَكَانِهِ، وَأبُو الْقَاسِم فَلَوْ كَانَتِ الْحُجَّةُ تَحْتَ ذَيْلِهِ وَقُرضَ بِالْمَقَاريض مَا كَشَفَ الذَّيْلَ عَنْهُ، أوْ كَمَا قَالَ(3).
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن أبِي الْعَزَاقِر الشَّلْمَغَانِيُّ فِي أوَّلِ كِتَابِ الْغَيْبَةِ الَّذِي صَنَّفَهُ: وَأمَّا مَا بَيْني وَبَيْنَ الرَّجُل الْمَذْكُور زَادَ اللهُ فِي تَوْفِيقِهِ فَلاَ مَدْخَلَ لِي فِي ذَلِكَ إِلاَّ لِمَنْ أدْخَلَهُ فِيهِ لأنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيَّ فَإنّي أنَا وَلِيُّهاَ(4).
وَقَالَ فِي فَصْلٍ آخَرَ: وَمَنْ عَظُمَتْ مِنَّةُ اللهِ عَلَيْهِ، تَضَاعَفَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ وَلَزمَهُ الصَّدْقُ فِيمَا سَاءَهُ وَسَرَّهُ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ إِلاَّ الصّدْقُ عَنْ أمْرهِ مَعَ عِظَم جِنَايَتِهِ، وَهَذَا الرَّجُلُ مَنْصُوبٌ لأمْرٍ مِنَ الاُمُور9.
ص: 590
لاَ يَسَعُ الْعِصَابَةَ الْعُدُولُ عَنْهُ فِيهِ وَحُكْمُ الإسْلاَم مَعَ ذَلِكَ جَارٍ عَلَيْهِ كَجَرْيِهِ عَلَى غَيْرهِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، وَذَكَرَهُ(1).
وَذَكَرَ أبُو مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ مُوسَى قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَلِيّ بْنُ الْجُنَيْدِ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ: مَا دَخَلْنَا مَعَ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح فِي هَذَا الأمْر إِلاَّ وَنَحْنُ نَعْلَمُ فِيمَا دَخَلْنَا فِيهِ، لَقَدْ كُنَّا نَتَهَارَشُ عَلَى هَذَا الأمْر كَمَا تَتَهَارَشُ الْكِلاَبُ عَلَى الْجِيَفِ.
قَالَ أبُو مُحَمَّدٍ فَلَمْ يَلْتَفِتِ الشّيعَةُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَأقَامَتْ عَلَى لَعْنِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ(2).
أخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْه، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زَكَريَّا بِمَدِينَةِ السَّلاَم، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيلاَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبِي، عَنْ جَدَّهِ عَتَّابٍ مِنْ وُلْدِ عَتَّابِ بْن أسِيدٍ، قَالَ: وُلِدَ الْخَلَفُ الْمَهْدِيُّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاُمُّهُ رَيْحَانَةُ، وَيُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ لَهَا: صَقِيلُ، وَيُقَالُ لَهَا: سَوْسَنُ، إِلاَّ أنَّهُ قِيلَ بِسَبَبِ الْحَمْل: صَقِيلُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَوَكِيلُهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ أوْصَى إِلَى
ص: 591
أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ وَأوْصَى أبُو جَعْفَرٍ إِلَى أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْحٍ وَأوْصَى أبُو الْقَاسِم إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ رضي الله عنه، فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّمُريَّ رضي الله عنه الْوَفَاةُ سُئِلَ أنْ يُوصِيَ فَقَالَ: للهِ أمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ، فَالْغَيْبَةُ التَّامَّةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ مُضِيّ السَّمُريّ قدّس سرّه(1).
وَأخْبَرَني مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان وَالْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الصَّفْوَانِيّ، قَالَ: أوْصَى الشَّيْخُ أبُو الْقَاسِم إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريّ فَقَامَ بِمَا كَانَ إِلَى أبِي الْقَاسِم فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، حَضَرَتِ الشّيعَةُ عِنْدَهُ وَسَألَتْهُ عَن الْمُوَكَّل بَعْدَهُ وَلِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَمْ يُظْهِرْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ وَذَكَرَ أنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِأنْ يُوصِيَ إِلَى أحَدٍ بَعْدَهُ فِي هَذِهِ الشَّأن(2).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن صَالِحُ بْنُ شُعَيْبٍ الطَّالَقَانِيُّ رحمه الله فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْع وَثَلاَثِينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَبْدِ اللهِ أحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مَخْلَدٍ، قَالَ: حَضَرْتُ بَغْدَادَ عِنْدَ الْمَشَايِخ رحمهم الله فَقَالَ الشَّيْخُ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ ابْتِدَاءً مِنْهُ: رَحِمَ اللهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن بْن بَابَوَيْهِ الْقُمَّيَّ، قَالَ: فَكَتَبَ الْمَشَايِخُ تَاريخَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَوَرَدَ الْخَبَرُ أنَّهُ تُوُفّيَ فِي ذَلِكَ الْيَوْم، وَمَضَى أبُو الْحَسَن السَّمُريُّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْع وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(3).
كمال الدين: صالح بن شعيب، مثله(4).2.
ص: 592
7 _ الغيبة للطوسي: وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أحْمَدَ الْمُكَتّبُ، قَالَ: كُنْتُ بِمَدِينَةِ السَّلاَم فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفّيَ فِيهَا الشَّيْخُ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فَحَضَرْتُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِأيَّام فَأخْرَجَ إِلَى النَّاس تَوْقِيعاً نُسْخَتُهُ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ أعْظَمَ اللهُ أجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإنَّكَ مَيّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أيَّام فَأجْمِعْ أمْرَكَ وَلاَ تُوصِ إِلَى أحَدٍ فَيَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ فَلاَ ظُهُورَ إِلاَّ بَعْدَ إِذْن اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الأمَدِ وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَامْتِلاَءِ الأرْض جَوْراً، وَسَيَأتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ ألاَ فَمَن ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيّ الْعَظِيم).
قَالَ: فَنَسَخْنَا هَذَا التَّوْقِيعَ وَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّادِسُ عُدْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقِيلَ لَهُ: مَنْ وَصِيُّكَ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقَالَ: للهِ أمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ وَقَضَى، فَهَذَا آخِرُ كَلاَم سُمِعَ مِنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ(1).
كمال الدين: الحسن بن أحمد المكتَّب، مثله(2).
8 _ الغيبة للطوسي: وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أهْل قُمَّ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أهْل قُمَّ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن عِمْرَانَ الصَّفَّارُ، وَقَريبُهُ عَلَويَّةُ الصَّفَّارُ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ رحمهم الله، قَالُوا: حَضَرْنَا4.
ص: 593
بَغْدَادَ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفّيَ فِيهَا أبِي رضي الله عنه عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، وَكَانَ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَسْألُنَا كُلَّ قَريبٍ عَنْ خَبَر عَلِيّ بْن الْحُسَيْن رحمه الله فَنَقُولُ: قَدْ وَرَدَ الْكِتَابُ بِاسْتِقْلاَلِهِ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَسَألَنَا عَنْهُ فَذَكَرْنَا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَنَا: آجَرَكُمُ اللهُ فِي عَلِيّ بْن الْحُسَيْن فَقَدْ قُبِضَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، قَالُوا: فَأثْبَتْنَا تَاريخَ السَّاعَةِ وَالْيَوْم وَالشَّهْر، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً أوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً وَرَدَ الْخَبَرُ أنَّهُ قُبِضَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ أبُو الْحَسَن قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ(1).
وَأخْبَرَني الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِي الْعَبَّاس بْن نُوح، عَنْ أبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ أنَّ قَبْرَ أبِي الْحَسَن السَّمُريّ رضي الله عنه فِي الشَّارع الْمَعْرُوفِ بِشَارع الْخَلَنْجِيّ مِنْ رُبُع بَابِ الْمُحَوَّلِ قَريبٍ مِنْ شَاطِئ نَهَر أبِي عَتَّابٍ، وَذَكَرَ أنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْع وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(2).
9 _ الاحتجاج: أمَّا الأبْوَابُ الْمَرْضِيُّونَ وَالسُّفَرَاءُ الْمَمْدُوحُونَ فِي زَمَن الْغَيْبَةِ فَأوَّلُهُمُ: الشَّيْخُ الْمَوْثُوقُ بِهِ أبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الْعَمْريُّ نَصَبَهُ أوَّلاً أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريُّ ثُمَّ ابْنُهُ أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهم السلام فَتَوَلَّى الْقِيَامَ بِاُمُورهِمَا حَالَ حَيَاتِهِمَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَامَ بِأمْر صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام وَكَانَتْ تَوْقِيعَاتٌ وَجَوَابَاتُ الْمَسَائِل تَخْرُجُ عَلَى يَدَيْهِ.
فَلَمَّا مَضَى لِسَبِيلِهِ قَامَ ابْنُهُ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ مَقَامَهُ وَنَابَ مَنَابَهُ فِي جَمِيع ذَلِكَ، فَلَمَّا مَضَى قَامَ بِذَلِكَ أبُو الْقَاسِم الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح7.
ص: 594
مِنْ بَنِي نَوْبَخْتَ، فَلَمَّا مَضَى قَامَ مَقَامَهُ أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمُريُّ، وَلَمْ يَقُمْ أحَدٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ إِلاَّ بِنَصّ عَلَيْهِ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام(1) وَنَصْبِ صَاحِبهِ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَقْبَل الشّيعَةُ قَوْلَهُمْ إِلاَّ بَعْدَ ظُهُور آيَةٍ مُعْجِزَةٍ تَظْهَرُ عَلَى يَدِ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الأمْر عليه السلام تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِمْ وَصِحَّةِ نِيَابَتِهِمْ(2).
فَلَمَّا حَانَ رَحِيلُ أبِي الْحَسَن السَّمُريّ عَن الدُّنْيَا وَقَرُبَ أجَلُهُ قِيلَ لَهُ: إِلَى مَنْ تُوصِي؟ أخْرَجَ(3) تَوْقِيعاً إِلَيْهِمْ نُسْخَتُهُ: (بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ...) إِلَى آخِر مَا نَقَلْنَا عَن الشَّيْخ رحمه الله(4).
10 _ الغيبة للطوسي: قَدْ كَانَ فِي زَمَان السُّفَرَاءِ الْمَحْمُودِينَ أقْوَامٌ ثِقَاتٌ تَردُ عَلَيْهِمُ التَّوْقِيعَاتُ مِنْ قِبَل الْمَنْصُوبِينَ لِلسَّفَارَةِ مِنْهُمْ: أبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الأسَدِيُّ رحمه الله:
أخْبَرَنَا أبُو الْحُسَيْن بْنُ أبِي جِيدٍ الْقُمَّيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن يَحْيَى، عَنْ صَالِح بْن أبِي صَالِح، قَالَ: سَألَنِي بَعْضُ النَّاس فِي سَنَةِ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْن قَبْضَ شَيْءٍ فَامْتَنَعْتُ مِنْ ذَلِكَ وَكَتَبْتُ أسْتَطْلِعُ الرَّأيَ فَأتَانِي الْجَوَابَ: (بِالرَّيّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَرَبيُّ فَلْيُدْفَعْ إِلَيْهِ فَإنَّهُ مِنْ ثِقَاتِنَا)(5).
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ الشَّاشِيّ،1.
ص: 595
قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن الْكَاتِبُ الْمَرْوَزِيُّ: وَجَّهْتُ إِلَى حَاجِزٍ الْوَشَّاءِ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَكَتَبْتُ إِلَى الْغَريم بِذَلِكَ فَخَرَجَ الْوُصُولُ وَذَكَرَ أنَّهُ كَانَ(1) قِبَلِي ألْفُ دِينَارٍ وَأنّي وَجَّهْتُ إِلَيْهِ مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَقَالَ: (إِنْ أرَدْتَ أنْ تُعَامِلَ أحَداً فَعَلَيْكَ بِأبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ بِالرَّيّ).
فَوَرَدَ الْخَبَرُ بِوَفَاةِ حَاجِزٍ رضي الله عنه بَعْدَ يَوْمَيْن أوْ ثَلاَثَةٍ فَأعْلَمْتُهُ بِمَوْتِهِ فَاغْتَمَّ فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَغْتَمَّ فَإنَّ لَكَ فِي التَّوْقِيع إِلَيْكَ دَلاَلَتَيْن: إِحْدَاهُمَا إِعْلاَمُهُ إِيَّاكَ أنَّ الْمَالَ ألْفُ دِينَارٍ، وَالثَّانِيَةُ أمْرُهُ إِيَّاكَ بِمُعَامَلَةِ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيّ لِعِلْمِهِ بِمَوْتِ حَاجِزٍ(2).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ بْن نَوْبَخْتَ، قَالَ: عَزَمْتُ عَلَى الْحَجَّ وَتَأهَّبْتُ فَوَرَدَ عَلَيَّ: (نَحْنُ لِذَلِكَ كَارهُونَ)، فَضَاقَ صَدْري وَاغْتَمَمْتُ وَكَتَبْتُ: أنَا مُقِيمٌ بِالسَّمْع وَالطَّاعَةِ غَيْرَ أنّي مُغْتَمٌّ بِتَخَلُّفِي عَن الْحَجَّ، فَوَقَّعَ: (لاَ يَضِيقَنَّ صَدْرُكَ فَإنَّكَ تَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ)، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ اسْتَأذَنْتُ فَوَرَدَ الْجَوَابُ فَكَتَبْتُ: أنّي عَادَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاس وَأنَا وَاثِقٌ بِدِيَانَتِهِ وَصِيَانَتِهِ، فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (الأسَدِيُّ نِعْمَ الْعَدِيلُ فَإنْ قَدِمَ فَلاَ تَخْتَرْهُ عَلَيْهِ)، قَالَ: فَقَدِمَ الأسَدِيُّ فَعَادَلْتُهُ(3).
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَاذَانَ النَّيْشَابُوريّ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدِي خَمْسُمِائَةِ دِرْهَم يَنْقُصُ عِشْرُونَ دِرْهَماً فَلَمْ اُحِبَّ أنْ تَنْقُصَ(4) هَذَا الْمِقْدَارَ فَوَزَنْتُ مِنْ عِنْدِي عِشْرينَ دِرْهَماً).
ص: 596
وَدَفَعْتُهَا إِلَى الأسَدِيّ وَلَمْ أكْتُبْ بِخَبَر نُقْصَانِهَا وَإِنّي أتْمَمْتُهَا مِنْ مَالِي، فَوَرَدَ الْجَوَابُ: (قَدْ وَصَلَتِ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي لَكَ فِيهَا عِشْرُونَ).
وَمَاتَ الأسَدِيُّ عَلَى ظَاهِر الْعَدَالَةِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَمْ يُطْعَنْ عَلَيْهِ فِي شَهْر رَبِيع الآخَر سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(1).
وَمِنْهُمْ: أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ خَرَجَ التَّوْقِيعُ فِي مَدْحِهِمْ:
رَوَى أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، قَالَ: كُنْتُ وَأحْمَدَ بْنَ أبِي عَبْدِ اللهِ بِالْعَسْكَر فَوَرَدَ عَلَيْنَا رَسُولٌ مِنْ قِبَل الرَّجُل، فَقَالَ: أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأشْعَريُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَأحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ بْن الْيَسَع ثِقَاتٌ(2).
11 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن بْن شَاذَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرَّضَا اُخْتِ أبِي الْحَسَن صَاحِبِ الْعَسْكَر عليهم السلام فِي سَنَةِ اثْنَتَيْن وَسِتّينَ وَمِائَتَيْن فَكَلَّمْتُهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَسَألْتُهَا عَنْ دِينهَا فَسَمَّتْ لِي مَنْ تَأتَمُّ بِهِمْ، ثُمَّ قَالَتْ: وَالْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ فَسَمَّتْهُ، فَقُلْتُ لَهَا: جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكِ مُعَايَنَةً أوْ خَبَراً؟ فَقَالَتْ: خَبَراً عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ كَتَبَ بِهِ إِلَى اُمَّهِ، فَقُلْتُ لَهَا: فَأيْنَ الْوَلَدُ؟ فَقَالَتْ: مَسْتُورَةٌ، فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ تَفْزَعُ الشّيعَةُ؟ فَقَالَتْ: إِلَى الْجَدَّةِ اُمَّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَقُلْتُ لَهَا: أقْتَدِي بِمَنْ (فِي)(3) وَصِيَّتِهِ إِلَى امْرَأةٍ، فَقَالَتْ: اقْتِدَاءً بِالْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ أوْصَى إِلَى اُخْتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ فِير.
ص: 597
الظَّاهِر وَكَانَ مَا يَخْرُجُ عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام مِنْ عِلْم يُنْسَبُ إِلَى زَيْنَبَ سَتْراً عَلَى عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عليه السلام، ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّكُمْ قَوْمٌ أصْحَابُ أخْبَارٍ أمَا رُوَّيتُمْ أنَّ التَّاسِعَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ عليه السلام يُقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَهُوَ فِي الْحَيَاةِ(1)؟
كمال الدين: علي بن أحمد بن مهزيار، عن محمّد بن جعفر الأسدي، مثله(2).
الغيبة للطوسي: الكليني، عن محمّد بن جعفر، مثله(3).
12 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزِيَارَ قَالَ: شَكَكْتُ عِنْدَ وَفَاةِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَكَانَ اجْتَمَعَ عِنْدَ أبِي مَالٌ جَلِيلٌ فَحَمَلَهُ فَرَكِبَ السَّفِينَةَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ مُشَيّعاً لَهُ فَوُعِكَ فَقَالَ: رُدَّنِي فَهُوَ الْمَوْتُ، وَاتَّقِ اللهَ فِي هَذَا الْمَالِ وَأوْصَى إِلَيَّ وَمَاتَ، وَقُلْتُ: لاَ يُوصِي أبِي بِشَيْ ءٍ غَيْر صَحِيح، أحْمِلُ هَذَا الْمَالَ إِلَى الْعِرَاقِ وَلاَ اُخْبِرُ أحَداً فَإنْ وَضَحَ لِي شَيْ ءٌ أنْفَذْتُهُ وَإِلاَّ أنْفَقْتُهُ، فَاكْتَرَيْتُ دَاراً عَلَى الشَّطّ وَبَقِيتُ أيَّاماً فَإذَا أنَا بِرَسُولٍ مَعَهُ رُقْعَةٌ فِيهَا: (يَا مُحَمَّدُ مَعَكَ كَذَا وَكَذَا) حَتَّى قَصَّ عَلَيَّ جَمِيعَ مَا مَعِي(4)، فَسَلَّمْتُ الْمَالَ إِلَى الرَّسُولِ وَبَقِيتُ أيَّاماً لاَ يُرْفَعُ بِي(5) رَأسٌ، فَاغْتَمَمْتُ فَخَرَجَ إِلَيَّ: ((قَدْ) أقَمْنَاكَ مَقَامَ أبِيكَ فَاحْمَدِ اللهَ)(6).7.
ص: 598
13 _ إعلام الورى: مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ عليه السلام النَّصُّ عَلَيْهِ بِذِكْر غَيْبَتِهِ وَصِفَتِهَا الَّتِي يَخْتَصُّهَا وَوُقُوعِهَا عَلَى الْحَدَّ الْمَذْكُور مِنْ غَيْر اخْتِلاَفٍ حَتَّى لَمْ يَخْرمْ مِنْهُ شَيْئاً وَلَيْسَ يَجُوزُ فِي الْعَادَاتِ أنْ تُوَلّدَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ كَذِباً يَكُونُ خَبَراً عَنْ كَائِنٍ فَيَتَّفِقُ(1) ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفُوهُ.
وَإِذَا كَانَتْ أخْبَارُ الْغَيْبَةِ قَدْ سَبَقَتْ زَمَانَ الْحُجَّةِ عليه السلام بَلْ زَمَانَ أبِيهِ وَجَدَّهِ حَتَّى تَعَلَّقَتِ الْكِيسَانِيَّةُ وَالنَّاوُوسِيَّةُ وَالْمَمْطُورَةُ بِهَا وَأثْبَتَهاَ(2) الْمُحَدَّثُونَ مِنَ الشّيعَةِ فِي اُصُولِهِمُ الْمُؤَلَّفَةِ فِي أيَّام السَّيَّدَيْن الْبَاقِر وَالصَّادِقِ عليهما السلام وَأثَرُوهَا عَن النَّبِيّ وَالأئِمَّةِ عليهم السلام وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ صَحَّ بِذَلِكَ الْقَوْلُ فِي إِمَامَةِ صَاحِبِ الزَّمَان بِوُجُودِ هَذِهِ الصّفَةِ لَهُ وَالْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ، فِي دَلاَئِلِهِ وَأعْلاَم إِمَامَتِهِ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أحَدا(3) دَفْعُ ذَلِكَ.
وَمِنْ جُمْلَةِ ثِقَاتِ الْمُحَدَّثِينَ وَالْمُصَنّفِينَ مِنَ الشّيعَةِ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادُ وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الْمَشِيخَةِ الَّذِي هُوَ فِي اُصُولِ الشّيعَةِ أشْهَرُ مِنْ كِتَابِ الْمُزَنيّ وَأمْثَالِهِ قَبْلَ زَمَان الْغَيْبَةِ بِأكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ فَذَكَرَ فِيهِ بَعْضَ مَا أوْرَدْنَاهُ مِنْ أخْبَار الْغَيْبَةِ فَوَافَقَ الْمُخْبَرَ، وَحَصَلَ كُلُّ مَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ بِلاَ اخْتِلاَفٍ.
وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الخارقي(4)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِيم.
ص: 599
عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لآلِ(1) مُحَمَّدٍ غَيْبَتَان وَاحِدَةٌ طَويلَةٌ وَالاُخْرَى قَصِيرَةٌ)، قَالَ: فَقَالَ لِي: (نَعَمْ، يَا أبَا بَصِيرٍ إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى، ثُمَّ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ _ يَعْنِي ظُهُورَهُ عليه السلام _ حَتَّى يَخْتَلِفَ وُلْدُ فُلاَنٍ، وَتَضِيقَ الْحَلْقَةُ، وَتَظْهَرَ السُّفْيَانِيُّ، وَيَشْتَدَّ الْبَلاَءُ، وَيَشْمَلَ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ، وَيَلْجَئُونَ مِنْهُ إِلَى حَرَم اللهِ تَعَالَى وَحَرَم رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم).
فَانْظُرْ كَيْفَ قَدْ حَصَلَتِ الْغَيْبَتَان لِصَاحِبِ الأمْر عليه السلام عَلَى حَسَبِ مَا تَضَمَّنَهُ الأخْبَارُ السَّابِقَةُ لِوُجُودِهِ عَنْ آبَائِهِ وَجُدُودِهِ عليهم السلام، أمَّا غَيْبَتُهُ الْقُصْرَى مِنْهُمَا فَهِيَ الَّتِي كَانَتْ سُفَرَاؤُهُ فِيهَا مَوْجُودِينَ وَأبْوَابُهُ مَعْرُوفِينَ لاَ تَخْتَلِفُ الإمَامِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِإِمَامَةِ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ فِيهِمْ. فَمِنْهُمْ: أبُو هَاشِم دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِم الْجَعْفَريُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن بِلاَلٍ، وَأبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ السَّمَّانُ وَابْنُهُ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ رضي الله عنهما، وَعُمَرُ الأهْوَازِيُّ، وَأحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأبُو مُحَمَّدٍ الْوَجْنَائِيُّ(2)، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزيَارَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فِي جَمَاعَةٍ اُخَرَ رُبَّمَا يَأتِي ذِكْرُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ(3).
وَكَانَتْ مُدَّةُ هَذِهِ الْغَيْبَةِ أرْبَعاً وَسَبْعِينَ سَنَةً(4).
أقول: ثُمَّ ذكر أحوال السفراء الأربعة نحواً ممَّا مرَّ.
بيان: الظاهر أنَّ مدّة زمان الغيبة من ابتداء إمامته عليه السلام إلى وفاة السمري وهي أقل من سبعين سنة لأنَّ ابتداء إمامته عليه السلام على المشهور لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة ستّين ومائتين، ووفاة السمري في7.
ص: 600
النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وعلى ما ذكره في وفاة السمري تنقص سنة أيضاً حيث قال: توفي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ولعلَّه جعل ابتداء الغيبة ولادته عليه السلام وذكر الولادة في سنة خمس وخمسين ومائتين فيستقيم على ما ذكره الشيخ من وفاة السمري وعلى ما ذكره ينقص سنة أيضاً ولعلَّ ما ذكره من تاريخ السمري سهو من قلمه.
* * *
ص: 601
ص: 602
ص: 603
ص: 604
قال الشيخ قدّس سرّه في كتاب الغيبة:
أخبرنا جماعة، عن أبي محمّد التلعكبري، عن أبي عليّ محمّد بن همام قال: كان الشريعي يكنّى بأبي محمّد. قال هارون: وأظنّ اسمه كان الحسن وكان من أصحاب أبي الحسن عليّ بن محمّد، ثُمَّ الحسن بن عليّ بعده عليهم السلام وهو أوّل من ادّعى مقاماً لم يجعله الله فيه، ولم يكن أهلاً له، وكذب على الله وعلى حججه عليهم السلام ونسب إليهم ما لا يليق بهم، وما هم من براء، فلعنه الشيعة، وتبرَّأت منه وخرج توقيع الإمام بلعنه والبراءة منه.
قال هارون: ثُمَّ ظهر منه القول بالكفر والإلحاد، قال: وكلّ هؤلاء المدّعين إنَّما يكون كذبهم أوّلاً على الإمام وأنَّهم وكلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم، ثُمَّ يترقّى الأمر بهم إلى قول الحلاجيّة كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله تترى(1).
قال ابن نوح: أخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمّد، قال: كان محمّد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام فلمَّا توفّي أبو محمّد ادّعى مقام أبي جعفر محمّد بن عثمان أنَّه صاحب إمام
ص: 605
الزمان وادّعى(1) البابية، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل، ولعن أبي جعفر محمّد بن عثمان له وتبرّيه منه واحتجابه عنه وادّعى ذلك الأمر بعد الشريعي(2).
قال أبو طالب الأنباري: لمَّا ظهر محمّد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر رضي الله عنه وتبرَّأ منه فبلغه ذلك فقصد أبا جعفر ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه وردَّه خائبا(3).
وقال سعد بن عبد الله: كان محمّد بن نصير النميري يدّعي أنَّه رسول نبي وأنَّ عليّ بن محمّد عليه السلام أرسله، وكان يقول بالتناسخ ويغلو في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإجابة للمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أنَّ ذلك من التواضع والإخبات والتذلّل في المفعول به وأنَّه من الفاعل إحدى الشهوات والطيبات وأنَّ الله عزّ وجل لا يحرَّم شيئاً من ذلك(4).
وكان محمّد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوي أسبابه ويعضده، أخبرني بذلك عن محمّد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان أنَّه رآه عياناً وغلام له على ظهره، قال: فلقيته فعاتبته على ذلك، فقال: إنَّ هذا من اللّذات وهو من التواضع لله وترك التجبّر(5).
قال سعد: فلمَّا اعتل محمّد بن نصير العلّة التي توفّي فيها، قيل له وهو مثقل2.
ص: 606
اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد، فلم يدر من هو؟ فافترقوا بعده ثلاث فِرَق، قالت فرقة: إنَّه أحمد ابنه، وفرقة قالت: هو أحمد بن محمّد بن موسى بن الفرات، وفرقة قالت: إنَّه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد فتفرَّقوا فلا يرجعون إلى شيء(1).
قال أبو عليّ بن همام: كان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمّد عليه السلام فاجتمعت الشيعة على وكالة أبي جعفر محمّد بن عثمان رحمه الله بنصّ الحسن عليه السلام في حياته ولمَّا مضى الحسن عليه السلام قالت الشيعة الجماعة له: ألا تقبل أمر أبي جعفر محمّد بن عثمان وترجع إليه وقد نصَّ عليه الإمام المفترض الطاعة؟ فقال لهم: لم أسمعه ينصُّ عليه بالوكالة، وليس أنكر أباه _ يعني عثمان بن سعيد _ فأمَّا أن أقطع أنَّ أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه، فقالوا: قد سمعه غيرك، فقال: أنتم وما سمعتم، ووقف على أبي جعفر فلعنوه وتبرَّؤا منه.
ثُمَّ ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح رحمه الله بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن.
وقصَّته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري نضَّر الله وجهه وتمسّكه بالأموال التي كانت عنده للإمام وامتناعه من تسليمها وادّعاؤه أنَّه الوكيل حتَّى تبرَّأت الجماعة منه ولعنوه وخرج من صاحب الزمان عليه السلام ما هو معروف(2).
ص: 607
وحكى أبو غالب الزراري، قال: حدَّثني أبو الحسن محمّد بن محمّد بن يحيى المعاذي، قال: كان رجل من أصحابنا قد انضوى إلى أبي طاهر بن بلال بعدما وقعت الفرقة ثُمَّ إنَّه رجع عن ذلك وصار في جملتنا فسألناه عن السبب، قال: كنت عند أبي طاهر يوماً وعنده أخوه أبو الطيب وابن خزر(1) وجماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال: أبو جعفر العمري على الباب، ففزعت الجماعة لذلك وأنكرته للحال التي كانت جرت وقال: يدخل، فدخل أبو جعفر رضي الله عنه فقام له أبو طاهر والجماعة وجلس في صدر المجلس وجلس أبو طاهر كالجالس بين يديه فأمهلهم إلى أن سكتوا.
ثُمَّ قال: يا أبا طاهر نشدتك الله أو نشدتك بالله ألم يأمرك صاحب الزمان عليه السلام بحمل ما عندك من المال إليَّ؟ فقال: اللهم نعم، فنهض أبو جعفر رضي الله عنه منصرفاً، ووقعت على القوم سكتة فلمَّا تجلَّت عنهم قال له أخوه أبو الطيب: من أين رأيت صاحب الزمان؟ فقال أبو طاهر: أدخلني أبو جعفر رضي الله عنه إلى بعض دوره فأشرف عليَّ من علو داره فأمرني بحمل ما عندي من المال إليه، فقال له أبو الطيب: ومن أين علمت أنَّه صاحب الزمان عليه السلام؟ قال: وقع عليَّ من الهيبة له، ودخلني من الرعب منه ما علمت أنَّه صاحب الزمان عليه السلام فكان هذا سبب انقطاعي عنه(2).
أخبرنا الحسين بن إبراهيم، عن أبي العبّاس أحمد بن عليّ بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد الكاتب ابن بنت اُمّ كلثوم بنت أبي
ص: 608
جعفر العمري قال: لمَّا أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج ويظهر فضيحته ويخزيه، وقع له أنَّ أبا سهل(1) بن إسماعيل بن عليّ النوبختي رضي الله عنه ممن تجوز عليه مخرقته، وتتمّ عليه حيلته، فوجَّه إليه يستدعيه، وظنَّ أنَّ أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله، وقد رأى يستجرّه إليه فيتمخرق ويتصوّف(2) بانقياده على غيره، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحلّه من العلم والأدب أيضاً عندهم، ويقول له في مراسلته إيّاه: إنّي وكيل صاحب الزمان عليه السلام _ وبهذا أوّل لا كان يستجر (الجهّال)(3) ثُمَّ يعلو منه إلى غيره _ وقد اُمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك، لتقوى نفسك، ولا ترتاب بهذا الأمر.
فأرسل إليه أبو سهل رضي الله عنه يقول لك: إنّي أسألك أمراً يسيراً يخفّ مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين، وهو أنّي رجل اُحبّ الجواري وأصبو إليهن ولي منهن عدّة أتخطّاهنَّ والشيب يبعدني عنهنَّ(4) وأحتاج أن أخضبه في كلّ جمعة وأتحمّل منه مشقّة شديدة لأستر عنه ذلك وإلاَّ انكشف أمري عندهنَّ، فصار القرب بعداً والوصال هجراً، واُريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفينى مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فإنَّني طوع يديك وصائر إليك، وقائل بقولك، وداع إلى مذهبك، مع ما لي في ذلك من البصيرة، ولك من المعونة.).
ص: 609
فلمَّا سمع ذلك الحلاّج من قوله وجوابه علم أنَّه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً ولم يرسل إليه رسولاً وصيَّره أبو سهل رضي الله عنه اُحدوثة وضحكة ويطنز به عند كلّ أحد، وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سبباً لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه(1).
وأخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه أن ابن الحلاّج صار إلى قم وكاتب قرابة أبي الحسن (والد الصدوق)(2) يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضاً ويقول: أنا رسول الإمام ووكيله، قال: فلمَّا وقعت المكاتبة في يد أبي رضي الله عنه خرقها وقال لموصلها إليه: ما أفرغك للجهالات؟ فقال له الرجل وأظنّ أنَّه قال: إنَّه ابن عمَّته أو ابن عمَّه فإنَّ الرجل قد استدعانا فلِمَ خرقت مكاتبته؟ وضحكوا منه وهزؤوا به، ثُمَّ نهض إلى دكّانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه.
قال: فلمَّا دخل إلى الدار التي كان فيها دكّانه نهض له من كان هناك جالساً غير رجل رآه جالساً في الموضع فلم ينهض له ولم يعرفه أبي فلمَّا جلس وأخرج حسابه ودواته كما تكون التجّار أقبل على بعض من كان حاضراً فسأله عنه فأخبره فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه وقال له: تسأل عنّي وأنا حاضر، فقال له أبي: أكبرتك أيّها الرجل وأعظمت قدرك أن أسألك، فقال له: تخرق رقعتي وأنا اُشاهدك تخرقها، فقال له أبي: فأنت الرجل إذاً.ر.
ص: 610
ثُمَّ قال: يا غلام برجله وبقفاه، فخرج من الدار العدو لله ولرسوله، ثُمَّ قال له: أتدّعي المعجزات؟ عليك لعنة الله، أو كما قال، فاُخرج بقفاه فما رأيناه بعدها بقم(1).
أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن عليّ بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت اُمّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه، قال: حدَّثتني الكبيرة اُمّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه قالت: كان أبو جعفر ابن أبي العزاقر وجيهاً عند بني بسطام، وذاك أنَّ الشيخ أبا القاسم رضي الله عنه وأرضاه كان قد جعل له عند الناس منزلةً وجاهاً فكان عند ارتداده يحكي كلّ كذب وبلاء وكفر لبني بسطام ويسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه ويأخذونه عنه، حتَّى انكشف ذلك لأبي القاسم فأنكره وأعظمه ونهى بني بسطام عن كلامه وأمرهم بلعنه والبراءة منه فلم ينتهوا وأقاموا على تولّيه.
وذاك أنَّه كان يقول لهم: إنَّني أذعت السرّ وقد اُخذ عليَّ الكتمان فعوقبت بالإبعاد بعد الاختصاص لأنَّ الأمر عظيم لا يحتمله إلاَّ ملك مقرَّب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن، فيؤكّد في نفوسهم عظم الأمر وجلالته.
فبلغ ذلك أبا القاسم رضي الله عنه فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه وممن تابعه على قوله، وأقام على تولّيه، فلمَّا وصل إليهم أظهروه عليه فبكى بكاءً عظيماً ثُمَّ قال: إنَّ لهذا القول باطناً عظيماً وهو أنَّ اللعنة الإبعاد، فمعنى قوله: لعنه الله، أي باعده الله عن العذاب والنار، والآن قد
ص: 611
عرفت منزلتي، ومرَّغ خدّيه على التراب وقال: عليكم بالكتمان لهذا الأمر.
قالت الكبيرة رضي الله عنها: وقد كنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أنَّ اُمّ أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوماً وقد دخلنا إليها فاستقبلتني وأعظمتني وزادت في إعظامي حتَّى انكبَّت على رجلي تقبلها فأنكرت ذلك وقلت لها: مهلاً يا ستي(1) فإنَّ هذا أمر عظيم، وانكببت على يدها فبكت.
ثُمَّ قالت: كيف لا أفعل بك هذا وأنت مولاتي فاطمة؟ فقلت لها: وكيف ذاك يا ستي؟ فقالت لي: إنَّ الشيخ _ يعني أبا جعفر محمّد بن علي _ خرج إلينا بالستر(2)، قالت: فقلت لها: وما الستر؟ قالت: قد أخذ علينا كتمانه وأفزع إن أنا أذعته عوقبت، قالت: وأعطيتها موثقاً أنّي لا أكشفه لأحد واعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ رضي الله عنه _ يعني أبا القاسم الحسين بن روح _.
قالت: إنَّ الشيخ أبا جعفر قال لنا: إنَّ روح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم انتقلت إلى أبيك يعني أبا جعفر محمّد بن عثمان رضي الله عنه، وروح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، وروح مولاتنا فاطمة عليها السلام انتقلت إليك فكيف لا اُعظمك يا ستنا؟د.
ص: 612
فقلت لها: مهلاً لا تفعلي فإنَّ هذا كذب يا ستنا. فقالت لي: سرّ عظيم وقد اُخذ علينا أن لا نكشف هذا لأحد فالله الله فيَّ، لا يحلّ بي العذاب، ويا ستي لو(لا) حملتني على كشفه ما كشفته لك ولا لأحد غيرك.
قالت الكبيرة اُمّ كلثوم رضي الله عنها: فلمَّا انصرفت من عندها دخلت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح رضي الله عنه فأخبرته بالقصّة وكان يثق بي ويركن إلى قولي فقال لي: يا بنية إيّاك أن تمضي إلى هذه المرأة بعدما جرى منها، ولا تقبلي لها رقعة إن كاتبتك، ولا رسولاً إن أنفذته إليك، ولا تلقاها بعد قولها، فهذا كفر بالله تعالى وإلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقاً إلى أن يقول لهم بأن الله تعالى اتّحد به، وحلَّ فيه، كما تقول النصارى في المسيح عليه السلام ويعدو إلى قول الحلاّج لعنه الله.
قالت: فهجرت بني بسطام، وتركت المضي إليهم ولم أقبل لهم عذراً ولا لقيت اُمّهم بعدها، وشاع في بني نوبخت الحديث فلم يبقَ أحد إلاَّ وتقدَّم إليه الشيخ أبو القاسم وكاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني والبراءة منه ومن يتولاه ورضي بقوله أو كلَّمه فضلاً عن موالاته.
ثُمَّ ظهر التوقيع من صاحب الزمان عليه السلام بلعن أبي جعفر محمّد بن عليّ والبراءة منه وممن تابعه وشايعه ورضي بقوله، وأقام على توليه بعد المعرفة بهذا التوقيع.
وله حكايات قبيحة وأمور فظيعة ننزّه كتابنا عن ذكرها، ذكرها ابن نوح وغيره، وكان سبب قتله أنَّه لمَّا أظهر لعنه أبو القاسم بن روح واشتهر أمره وتبرَّأ منه وأمر جميع الشيعة بذلك، لم يمكنه التلبيس، فقال
ص: 613
في مجلس حافل فيه رؤساء الشيعة وكلّ يحكي عن الشيخ أبي القاسم لعنه والبراءة منه: أجمعوا بيني وبينه حتَّى آخذ يده ويأخذ بيدي فإن لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه وإلاَّ فجميع ما قاله فيَّ حقّ، ورقي ذلك إلى الراضي لأنَّه كان ذلك في دار ابن مقلة فأمر بالقبض عليه وقتله فقتل واستراحت الشيعة منه(1).
وقال أبو الحسن محمّد بن أحمد بن داود: كان محمّد بن الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنه الله يعتقد القول بحمل الضدّ، ومعناه أنَّه لا يتهيّأ إظهار فضيلة للولي إلاَّ بطعن الضدّ فيه، لأنَّه يحمل السامع طعنه على طلب فضيلته فإذن هو أفضل من الولي إذ لا يتهيّأ إظهار الفضل إلاَّ به، وساقوا المذهب من وقت آدم الأوّل إلى آدم السابع لأنَّهم قالوا: سبع عوالم وسبع أوادم، ونزلوا إلى موسى وفرعون ومحمّد وعلي مع أبي بكر ومعاوية.
وأمَّا في الضدّ فقال بعضهم: الولي ينصب الضدّ ويحمله على ذلك كما قال قوم من أصحاب الظاهر: إنَّ عليّ بن أبي طالب نصب أبا بكر في ذلك المقام، وقال بعضهم: لا ولكن هو قديم معه لم يزل، قالوا: والقائم الذي ذكروا أصحاب الظاهر أنَّه من ولد الحادي عشر فإنَّه يقوم، معناه إبليس لأنَّه قال: ((فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ))(2) ولم يسجد، ثُمَّ قال: ((لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ))(3) فدلَّ على أنَّه كان قائماً في وقت ما اُمر بالسجود ثُمَّ قعد بعد ذلك، وقوله: يقوم القائم إنَّما هو ذلك القائم الذي اُمر بالسجود فأبى وهو إبليس لعنه الله.6.
ص: 614
وقال شاعرهم لعنهم الله:
يا لاعناً بالضدّ(1) من عدي * ما الضدّ إلاَّ ظاهر الولي
والحمد للمهيمن الوفي * لست على حال كهمامي(2)
ولا حجامي ولا جغدي * قد فقت من قول على الفهدي
نعم وجاوزت مدى العبد(3) * فوق عظيم ليس بالمجوسي
لأنَّه الفرد بلا كيف(4) * متّحد بكلّ أوحدي
مخالط للنوري والظلمي * يا طالباً من بيت هاشمي
وجاحداً من بيت كسروي * قد غاب في نسبة أعجمي
في الفارسي الحسب الرضي * كما التوى في العرب من لوي(5)
وقال الصفواني: سمعت أبا عليّ بن همام يقول: سمعت محمّد بن عليّ العزاقري الشلمغاني يقول: الحقّ واحد وإنَّما تختلف قمصه فيوم يكن في أبيض، ويوم يكون في أحمر، ويوم يكون في أزرق.
قال ابن همام: فهذا أوّل ما أنكرته من قوله لأنَّه قول أصحاب الحلول(6).
وأخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى، عن أبي عليّ محمّد بن همام، أنَّ محمّد بن عليّ الشلمغاني لم يكن قط باباً إلى أبي0.
ص: 615
القاسم، ولا طريقاً له ولا نصبه أبو القاسم بشيء من ذلك على وجه ولا سبب ومن قال بذلك فقد أبطل وإنَّما كان فقيهاً من فقهائنا فخلط وظهر عنه ما ظهر، وانتشر الكفر والإلحاد عنه.
فخرج فيه التوقيع على يد أبي القاسم بلعنه والبراءة منه وممن تابعه وشايعه وقال بقوله(1).
وأخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن عليّ بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد، قال: حدَّثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد الحامدي البزّاز المعروف بغلام أبي عليّ بن جعفر المعروف بابن رهومة(2) النوبختي وكان شيخاً مستوراً، قال: سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول: لمَّا عمل محمّد بن عليّ الشلمغاني كتاب التكليف قال الشيخ _ يعني أبا القاسم رضي الله عنه _: اُطلبوه إليَّ لأنظره، فجاؤا به فقرأه من أوّله إلى آخره فقال: ما فيه شيء إلاَّ وقد روى عن الأئمّة (في)(3) موضعين أو ثلاثة فإنَّه كذب عليهم في روايتها لعنه الله(4).
وَأخْبَرَني جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ وَأبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ أنَّهُمَا قَالاَ: مِمَّا أخْطَأ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي الْمَذْهَبِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ أنَّهُ رَوَى عَن الْعَالِم أنَّهُ قَالَ: (إِذَا كَانَ لأخِيكَ الْمُؤْمِن عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَدَفَعَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْبَيّنَةِ عَلَيْهِ إِلاَّ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَكَانَ الشَّاهِدُ ثِقَةً رَجَعْتَ إِلَى الشَّاهِدِ فَسَألْتَهُ2.
ص: 616
عَنْ شَهَادَتِهِ فَإذَا أقَامَهَا عِنْدَكَ شَهِدْتَ مَعَهُ عِنْدَ الْحَاكِم عَلَى مِثْل مَا يَشْهَدُ(1) عِنْدَهُ لِئَلاَّ يَتْوَى حَقُّ امْرئٍ مُسْلِم)(2).
ومن ذلك أنَّه يوجد في هذا الكتاب عند تحديد الكرّ أنَّ العلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمي به في وسطه فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكرّ وإن لم يبلغ فهو كرّ لا ينجسه شيء. وهذا التحديد لم ينقل إلاَّ من الشلمغاني. وإن أخذه من قول أصحاب اللغة كما في فقه اللغة للثعالبي.
ومن ذلك ما نقله النوري في المستدرك (ج 3/ ص 210) عن غوالي اللئالي نقلاً عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر، عن العالم عليه السلام رواية، ثُمَّ ينقل عينها عن كتاب فقه الرضا. مذيلاً بكلام في معناه.
فترى أنَّ ابن أبي جمهور الأحسائى كان يعرف الكتاب أنَّه كتاب التكليف وينقل عنه ما يرويه ويترك فيه ما يراه في معنى الحديث لأنَّه ليس من الحديث بشيء.
واللفظ لابن بابويه وقال: هذا كذب منه ولسنا نعرف ذلك، وقال في موضع آخر: كذب فيه(3).
أخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، قَالَ: خَرَجَ عَلَى يَدِ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح
ص: 617
فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ فِي ابْن أبِي الْعَزَاقِر وَالْمِدَادُ رَطْبٌ لَمْ يَجُفَّ.
وَأخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَن ابْن دَاوُدَ، قَالَ: خَرَجَ التَّوْقِيعُ مِنَ الْحُسَيْن بْن رَوْح فِي الشَّلْمَغَانِيّ وَأنْفَذَ نُسْخَتَهُ إِلَى أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ.
قَالَ ابْنُ نُوح: وَحَدَّثَنَا أبُو الْفَتْح أحْمَدُ بْنُ ذَكَا مَوْلَى عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْن الْفُرَاتِ، قَالَ: أخْبَرَنَا أبُو عَلِيّ بْن هَمَّام بْن سُهَيْلٍ بِتَوْقِيع خَرَجَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن جَعْفَر بْن إِسْمَاعِيلَ بْن صَالِح الصَّيْمَريُّ: أنْفَذَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ رَوْح رضي الله عنه مِنْ مَجْلِسِهِ(1) فِي دَار الْمُقْتَدِر إِلَى شَيْخِنَا أبِي عَلِيّ بْن هَمَّام فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، وَأمْلاَهُ أبُو عَلِيٍّ عَلَيَّ وَعَرَّفَنِي أنَّ أبَا الْقَاسِم رضي الله عنه رَاجَعَ فِي تَرْكِ إِظْهَارهِ فَإنَّهُ فِي يَدِ الْقَوْم وَحَبْسِهِمْ فَأمَرَ بِإظْهَارهِ وَأنْ لاَ يَخْشَى وَيَأمَنَ فَتَخَلَّصَ وَخَرَجَ مِنَ الْحَبْس بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ وَالْحَمْدُ للهِ.
التَّوْقِيعُ:
(عَرَّفْ) قَالَ الصَّيْمَريُّ: عَرَّفَكَ اللهُ الْخَيْرَ أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَعَرَّفَكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَخَتَمَ بِهِ عَمَلَكَ، (مَنْ تَثِقُ بِدِينهِ وَتَسْكُنُ إِلَى نِيَّتِهِ مِنْ إِخْوَانِنَا أسْعَدَكُمُ اللهُ)، وَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ: (أدَامَ اللهُ سَعَادَتَكُمْ مَنْ تَسْكُنُ إِلَى دِينهِ وَتَثِقُ بِنِيَّتهِ جَمِيعاً بِأنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفَ بِالشَّلْمَغَانِيّ)، زَادَ ابْنُ دَاوُدَ: (وَهُوَ مِمَّنْ عَجَّلَ اللهُ لَهُ النَّقِمَةَ وَلاَ أمْهَلَهُ قَدِ ارْتَدَّ عَن الإسْلاَم وَفَارَقَهُ)،).
ص: 618
اتَّفَقُوا(1) (وَألْحَدَ فِي دِين اللهِ وَادَّعَى مَا كَفَرَ مَعَهُ بِالْخَالِقِ)، قَالَ هَارُونُ: (فِيهِ بِالْخَالِقِ جَلَّ وَتَعَالَى وَافْتَرَى كَذِباً وَزُوراً وَقَالَ بُهْتَاناً وَإِثْماً عَظِيماً)، قَالَ هَارُونُ: (وَأمْراً عَظِيماً، كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللهِ وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً وَخَسِرُوا خُسْراناً مُبِيناً، وَإِنَّنَا قَدْ بَرئْنَا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ(2) وَلَعَنَّاهُ عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللهِ)، اتَّفَقُوا، زَادَ ابْنُ دَاوُدَ: (تَتْرَى، فِي الظَّاهِر مِنَّا وَالْبَاطِن فِي السَّرَّ وَالْجَهْر وَفِي كُلّ وَقْتٍ وَعَلَى كُلّ حَالٍ وَعَلَى مَنْ شَايَعَهُ وَبَايَعَهُ(3) أوْ بَلَغَهُ هَذَا الْقَوْلُ مِنَّا وَأقَامَ عَلَى تَوَلّيهِ بَعْدَهُ وَأعْلِمْهُمْ)، قَالَ الصَّيْمَريُّ: (تَوَلاَّكُمُ اللهُ)، قَالَ ابْنُ ذَكَا: (أعَزَّكُمُ اللهُ، أنَّا مِنَ التَّوَقّي)، وَقَالَ ابْنُ دَاوُدَ: (اعْلَمْ أنَّنَا مِنَ التَّوَقّي لَهُ)، قَالَ هَارُونُ: (وَأعْلِمْهُمْ أنَّنَا فِي التَّوَقّي وَالْمُحَاذَرَةِ مِنْهُ)، قَالَ ابْنُ دَاوُدَ وَهَارُونُ: (عَلَى مِثْل مَا كَانَ مِمَّنْ تَقَدَّمَنَا لِنُظَرَائِهِ)، قَالَ الصَّيْمَريُّ: (عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ نُظَرَائِهِ)، وَقَالَ ابْنُ ذَكَا: (عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَنَا لِنُظَرَائِهِ)، اتَّفَقُوا (مِنَ الشَّريعِيّ وَالنُّمَيْريّ وَالْهِلاَلِيّ وَالْبِلاَلِيّ وَغَيْرهِمْ وَعَادَةُ اللهِ)، قَالَ ابْنُ دَاوُدَ وَهَارُونُ: (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) وَاتَّفَقُوا (مَعَ ذَلِكَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عِنْدَنَا جَمِيلَةٌ، وَبهِ نَثِقُ وَإِيَّاهُ نَسْتَعِينُ، وَهُوَ حَسْبُنَا فِي كُلّ اُمُورنَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ).
قَالَ هَارُونُ: وَأخَذَ أبُو عَلِيٍّ هَذَا التَّوْقِيعَ وَلَمْ يَدَعْ أحَداً مِنَ الشُّيُوخ إِلاَّ وَأقْرَأهُ إِيَّاهُ وَكُوتِبَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ بِنُسْخَتِهِ فِي سَائِر الأمْصَار فَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الطَّائِفَةِ فَاجْتَمَعَتْ عَلَى لَعْنِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ.).
ص: 619
وَقُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ(1).
أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان، عن أبي الحسن عليّ بن بلال المهلبي، قال: سمعت أبا القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه يقول:
أمَّا أبو دلف الكاتب لا حاطه الله فكنّا نعرفه ملحداً ثُمَّ أظهر الغلو ثُمَّ جنَّ وسلسل ثُمَّ صار مفوّضاً وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلاَّ استخفّ به ولا عرفته الشيعة إلاَّ مدّة يسيرة والجماعة تتبرّ(2) عنه وممن يومي إليه وينمس به.
وقد كنّا وجّهنا إلى أبي بكر البغدادي لمَّا ادّعى له هذا ما ادّعاه فأنكر ذلك وحلف عليه فقبلنا ذلك منه فلمَّا دخل بغداد مال إليه وعدل من الطائفة وأوصى إليه لم نشكّ أنَّه على مذهبه فلعناه وبرئنا منه لأنَّ عندنا أنَّ كلّ من ادّعى الأمر بعد السمري فهو كافر منمَّس ضال مضلّ وبالله التوفيق(3).
وذكر أبو عمرو محمّد بن محمّد بن نصر السكري قال: لمَّا قدم ابن محمّد بن الحسن ابن الوليد القمي من قبل أبيه والجماعة(4) وسألوه عن الأمر الذي
ص: 620
حكي فيه من النيابة أنكر ذلك وقال: ليس إليَّ من هذا الأمر شيء (وعرض عليه مال فأبى وقال: محرَّم عليَّ أخذ شيء منه فإنَّه ليس إليَّ من هذا الأمر شيء)(1) ولا ادّعيت شيئاً من هذا وكنت حاضراً لمخاطبته إيّاه بالبصرة(2).
وذكر ابن عياش قال: اجتمعت يوماً مع أبي دلف فأخذنا في ذكر أبي بكر البغدادي فقال لي: تعلم من أين كان فضل سيّدنا الشيخ قدّس الله روحه وقدّس به على أبي القاسم الحسين بن روح وعلى غيره؟ فقلت له: ما أعرف. قال: لأنَّ أبا جعفر محمّد بن عثمان قدَّم اسمه على اسمه في وصيته، قال: فقلت له: فالمنصور إذاً أفضل من مولانا أبي الحسن موسى عليه السلام، قال: وكيف؟ قلت: لأنَّ الصادق قدَّم اسمه على اسمه في الوصية.
فقال لي: أنت تتعصَّب على سيّدنا وتعاديه، فقلت: الخلق كلّهم تعادي أبا بكر البغدادي وتتعصَّب عليه، غيرك وحدك، وكدنا نتقاتل ونأخذ بالأزياق(3).
وأمر أبي بكر البغدادي في قلّة العلم والمروءة أشهر وجنون أبي دلف أكثر من أن يحصى لا نشغل كتابنا بذلك ولا نطول بذكره، ذكر ابن نوح طرفاً من ذلك(4).
وروى أبو محمّد هارون بن موسى، عن أبي القاسم الحسين بن عبد الرحيم الابرارورى، قال: أنفذني أبي عبد الرحيم إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه في شيء كان بيني وبينه فحضرت مجلسه وفيه جماعة من أصحابنا وهم يتذاكرون شيئاً من الروايات وما قاله الصادقون عليهم السلام حتَّى أقبل أبو بكر7.
ص: 621
محمّد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي ابن أخي جعفر العمري فلمَّا بصر به أبو جعفر رضي الله عنه قال للجماعة: أمسكوا فإنَّ هذا الجائي ليس من أصحابكم(1).
وحكى أنَّه توكَّل لليزيدي بالبصرة فبقي في خدمته مدّة طويلة وجمع مالاً عظيماً فسعي به إلى اليزيدي فقبض عليه وصادره وضربه على اُمّ رأسه حتَّى نزل الماء في عينيه فمات أبو بكر ضريرا(2).
وقال أبو نصر هبة الله بن محمّد بن أحمد الكاتب ابن بنت اُمّ كلثوم بنت أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه: إنَّ أبا دلف محمّد بن مظفّر الكاتب كان في ابتداء أمره مخمّسا(3) مشهوراً بذلك لأنَّه كان تربية الكرخيين وتلميذهم وصنيعتهم وكان الكرخيون مخمّسة لا يشكّ في ذلك أحد من الشيعة، وقد كان أبو دلف يقول ذلك ويعترف به ويقول: نقلي سيّدنا الشيخ الصالح قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المذهب الصحيح يعني أبا بكر البغدادي.
وجنون أبي دلف وحكايات فساد مذهبه أكثر من أن تحصى فلا نطول بذكره هاهنا.
قد ذكرنا جملاً من أخبار السفراء والأبواب في زمان الغيبة لأنَّ صحّة ذلك مبني على ثبوت إمامة صاحب الزمان، وفي ثبوت وكالتهم، وظهور المعجزات على أيديهم، دليل واضح على إمامة من ائتمّوا(4) إليه فلذلك ذكرنا هذا، فليس).
ص: 622
لأحد أن يقول: ما الفائدة في ذكر أخبارهم فيما يتعلَّق بالكلام في الغيبة، لأنّا قد بيَّنا فائدة ذلك، فسقط هذا الاعتراض(1).
بيان: زيق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه.
2 _ الاحتجاج(2): رَوَى أصْحَابُنَا أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ الشَّريعِيَّ كَانَ مِنْ أصْحَابِ أبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّدٍ ثُمَّ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عليهم السلام وَهُوَ أوَّلُ مَن ادَّعَى مَقَاماً لَمْ يَجْعَلْهُ اللهُ فِيهِ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام، وَكَذَبَ عَلَى اللهِ وَعَلَى حُجَجِهِ عليهم السلام وَنَسَبَ إِلَيْهِمْ مَا لاَ يَلِيقُ بِهِمْ وَمَا هُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ الْقَوْلُ بِالْكُفْر وَالإلْحَادِ.
وَكَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ النُّمَيْريُّ مِنْ أصْحَابِ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن عليه السلام فَلَمَّا تُوُفّيَ ادَّعَى النّيَابَةَ لِصَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام فَفَضَحَهُ اللهُ تَعَالَى بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الإلْحَادِ وَالْغُلُوَّ وَالْقَوْلِ بِالتَّنَاسُخ وَقَدْ كَانَ(3) يَدَّعِي أنَّهُ رَسُولُ نَبِيٍّ أرْسَلَهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عليه السلام وَيَقُولُ فِيهِ بِالرُّبُوبيَّةِ، وَيَقُولُ بِالإجَابَةِ(4) لِلْمَحَارم.
وَكَانَ أيْضاً مِنْ جُمْلَةِ الْغُلاَةِ أحْمَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْكَرْخِيُّ(5) وَقَدْ كَانَ مِنْ قَبْلُ فِي عِدَادِ أصْحَابِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام ثُمَّ تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَأنْكَرَي.
ص: 623
نِيَابَةَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ فَخَرَجَ التَّوْقِيعُ بِلَعْنِهِ مِنْ قِبَل صَاحِبِ الأمْر بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ لَعَنَ وَتَبَرَّأ مِنْهُ.
وَكَذَلِكَ كَانَ أبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ بْن بِلاَلٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَلاَّجُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْن أبِي الْعَزَاقِر لَعَنَهُمُ اللهُ، فَخَرَجَ التَّوْقِيعُ بِلَعْنِهِمْ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ جَمِيعاً عَلَى يَدِ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح نُسْخَتُهُ:
(اعْرفْ أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَعَرَّفَكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَخَتَمَ بِهِ عَمَلَكَ، مَنْ تَثِقُ بِدِينهِ وَتَسْكُنُ إِلَى نِيَّتِهِ مِنْ إِخْوَانِنَا أدَامَ اللهُ سَعَادَتَهُمْ بِأنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفَ بِالشَّلْمَغَانِيّ عَجَّلَ اللهُ لَهُ النَّقِمَةَ وَلاَ أمْهَلَهُ قَدِ ارْتَدَّ عَن الإسْلاَم وَفَارَقَهُ وَألْحَدَ فِي دِين اللهِ وَادَّعَى مَا كَفَرَ مَعَهُ بِالْخَالِقِ جَلَّ وَتَعَالَى وَافْتَرَى كَذِباً وَزُوراً وَقَالَ بُهْتَاناً وَإِثْماً عَظِيماً، كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللهِ وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً وَخَسِرُوا خُسْراناً مُبِيناً، وَإِنَّا بَرئْنَا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ وَلَعَنَّاهُ، عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللهِ تَتْرَى، فِي الظَّاهِر مِنَّا وَالْبَاطِن، فِي السَّرَّ وَالْجَهْر وَفِي كُلّ وَقْتٍ وَعَلَى كُلّ حَالٍ، وَعَلَى مَنْ شَايَعَهُ وَتَابَعَهُ وَبَلَغَهُ هَذَا الْقَوْلُ مِنَّا فَأقَامَ عَلَى تَوَلَّيهِ بَعْدَهُ.
وَأعْلِمْهُمْ تَوَلاَّكُمُ اللهُ أنَّنَا فِي التَّوَقّي وَالْمُحَاذَرَةِ مِنْهُ عَلَى مِثْل مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ نُظَرَائِهِ مِنَ الشَّريعِيّ وَالنُّمَيْريّ وَالْهِلاَلِيّ وَالْبِلاَلِيّ وَغَيْرهِمْ، وَعَادَةُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَعَ ذَلِكَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عِنْدَنَا جَمِيلَةٌ، وَبِهِ نَثِقُ وَإِيَّاهُ نَسْتَعِينُ، وَهُوَ حَسْبُنَا فِي كُلّ اُمُورنَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ)(1).
* * *ة.
ص: 624
تتمَّة كتاب الغيبة، تتمَّة أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه صلوات الله عليهم أجمعين.
سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام من النصوص على الاثني عشر عليهم السلام.
ص: 625
ص: 626
1 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْن مُوسَى التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الرَّازيَّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ وَرَدَ الرَّيَّ عَلَى أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأسَدِيَّ، فَرَوَى لَهُ حَدِيثَيْن فِي صَاحِبِ الزَّمَانِ وَسَمِعْتُهُمَا مِنْهُ كَمَا سَمِعَ، وَأظُنُّ ذَلِكَ قَبْلَ سَنَةِ ثَلاَثِمِائَةٍ أوْ قَريباً مِنْهَا، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَدَكِيُّ، قَالَ: قَالَ الأوْدِيُّ: بَيْنَا أنَا فِي الطَّوَافِ قَدْ طُفْتُ سِتَّةً وَاُريدُ أنْ أطُوفَ السَّابِعَةَ فَإذَا أنَا بِحَلْقَةٍ عَنْ يَمِين الْكَعْبَةِ وَشَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ، طَيَّبُ الرَّائِحَةِ، هَيُوبٌ، وَمَعَ هَيْبَتِهِ مُتَقَرَّبٌ إِلَى النَّاس فَتَكَلَّمَ فَلَمْ أرَ أحْسَنَ مِنْ كَلاَمِهِ، وَلاَ أعْذَبَ مِنْ مَنْطِقِهِ فِي حُسْن جُلُوسِهِ، فَذَهَبْتُ اُكَلّمُهُ فَزَبَرَنيَ النَّاسُ، فَسَألْتُ بَعْضَهُمْ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: ابْنُ رَسُولِ اللهِ يَظْهَرُ لِلنَّاس فِي كُلّ سَنَةٍ يَوْماً لِخَوَاصّهِ فَيُحَدَّثُهُمْ (وَيُحَدَّثُونَهُ)(2). فَقُلْتُ: (يَا سَيَّدِي)(3) مُسْتَرْشِدٌ أتَاكَ فَأرْشِدْنِي هَدَاكَ اللهُ، قَالَ: فَنَاوَلَنِي حَصَاةً فَحَوَّلْتُ وَجْهِي، فَقَالَ لِي بَعْضُ جُلَسَائِهِ: مَار.
ص: 627
الَّذِي دَفَعَ إِلَيْكَ ابْنُ رَسُولِ اللهِ؟ فَقُلْتُ: حَصَاةٌ، فَكَشَفْتُ عَنْ يَدِي فَإذَا أنَا بِسَبِيكَةٍ مِنْ ذَهَبٍ.
فَذَهَبْتُ فَإذَا أنَا بِهِ قَدْ لَحِقَنِي فَقَالَ: (ثَبَتَتْ عَلَيْكَ الْحُجَّةُ، وَظَهَرَ لَكَ الْحَقُّ، وَذَهَبَ عَنْكَ الْعَمَى، أتَعْرفُنِي؟)، فَقُلْتُ: اللهُمَّ لاَ، قَالَ: (أنَا الْمَهْدِيُّ، أنَا قَائِمُ الزَّمَان، أنَا الَّذِي أمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ (ظُلْماً وَ)(1) جَوْراً، إِنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ، وَلاَ يَبْقَى النَّاسُ فِي فَتْرَةٍ أكْثَرَ مِنْ تِيهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ ظَهَرَ أيَّامُ خُرُوجِي فَهَذِهِ أمَانَةٌ فِي رَقَبَتِكَ فَحَدَّثْ بِهَا إِخْوَانَكَ مِنْ أهْل الْحَقَّ)(2).
الخرائج والجرائح: عن الفدكي، مثله(3).
كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ الْخَدِيجِيَّ الْكُوفِيَّ(4)،ة.
ص: 628
عَن الأزْدِيَّ، قَالَ: بَيْنَا أنَا فِي الطَّوَافِ... إِلَى قَوْلِهِ: (وَلاَ يَبْقَى النَّاسُ فِي فَتْرَةٍ، وَهَذِهِ أمَانَةٌ تَحَدَّثْ بِهَا إِخْوَانَكَ مِنْ أهْل الْحَقَّ)(1).
بيان: لعلَّ هذا ممّا فيه البداء وأخبر عليه السلام بأمر حتمي معلَّق بشرط أو المراد بالخروج ظهور أمره لأكثر الشيعة بالسفراء، والأظهر ما في رواية الصدوق.
2 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيًّ الرَّازيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن خَلَفٍ، قَالَ: نَزَلْنَا مَسْجِداً فِي الْمَنْزلِ الْمَعْرُوفِ بِالْعَبَّاسِيَّةِ عَلَى مَرْحَلَتَيْن مِنْ فُسْطَاطِ مِصْرَ وَتَفَرَّقَ غِلْمَانِي فِي النُّزُولِ وَبَقِيَ مَعِي فِي الْمَسْجِدِ غُلاَمٌ أعْجَمِيٌّ فَرَأيْتُ فِي زَاويَتِهِ شَيْخاً كَثِيرَ التَّسْبِيح فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ رَكَعْتُ(2) وَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ فِي أوَّلِ وَقْتِهَا وَدَعَوْتُ بِالطَّعَام وَسَألْتُ الشَّيْخَ أنْ يَأكُلَ مَعِي فَأجَابَنِي.
فَلَمَّا طَعِمْنَا سَألْتُهُ عَن اسْمِهِ وَاسْمِ أبِيهِ وَعَنْ بَلَدِهِ وَحِرْفَتِهِ(3) فَذَكَرَ أنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ(4) اللهِ، وَأنَّهُ مِنْ أهْل قُمَّ وَذَكَرَ أنَّهُ يَسِيحُ مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً فِي طَلَبِ الْحَقَّ وَيَنْتَقِلُ(5) فِي الْبُلْدَان وَالسَّوَاحِل وَأنَّهُ أوْطَنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ نَحْوَ عِشْرينَ سَنَةً يَبْحَثُ عَن الأخْبَار وَيَتَتَبَّعُ(6) الآثَارَ.
فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْن طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ صَارَ إِلَى).
ص: 629
مَقَام إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَرَكَعَ فِيهِ وَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَأنْبَهَهُ صَوْتُ دُعَاءٍ لَمْ يَجْر فِي سَمْعِهِ مِثْلُهُ، قَالَ: فَتَأمَّلْتُ الدَّاعِيَ فَإذَا هُوَ شَابٌّ أسْمَرُ لَمْ أرَ قَطُّ فِي حُسْن صُورَتِهِ وَاعْتِدَالِ قَامَتِهِ ثُمَّ صَلَّى فَخَرَجَ وَسَعَى، فَاتَّبَعْتُهُ وَأوْقَعَ اللهُ عزّ وجل فِي نَفْسِي أنَّهُ صَاحِبُ الزَّمَان عليه السلام.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ قَصَدَ بَعْضَ الشّعَابِ فَقَصَدْتُ أثَرَهُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْهُ إِذَا أنَا بِأسْوَدَ مِثْلَ الْفَنِيقِ قَدِ اعْتَرَضَنِي فَصَاحَ بِي بِصَوْتٍ لَمْ أسْمَعْ أهْوَلَ مِنْهُ: مَا تُريدُ عَافَاكَ اللهُ؟ فَاُرْعِدْتُ وَوَقَفْتُ وَزَالَ الشَّخْصُ عَنْ بَصَري وَبَقِيتُ مُتَحَيَّراً، فَلَمَّا طَالَ بِيَ الْوُقُوفُ وَالْحَيْرَةُ انْصَرَفْتُ ألُومُ نَفْسِي وَأعْذِلُهَا بِانْصِرَافِي بِزَجْرَةِ الأسْوَدِ، فَخَلَوْتُ بِرَبَّي عزّ وجل أدْعُوهُ وَأسْألُهُ بِحَقَّ رَسُولِهِ وَآلِهِ عليهم السلام أنْ لاَ يُخَيَّبَ سَعْيِي، وَأنْ يُظْهِرَ لِي مَا يَثْبُتُ بِهِ قَلْبِي وَيَزيدُ فِي بَصَري.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سِنِينَ زُرْتُ قَبْرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وآله وسلّم فَبَيْنَا أناَ(1) فِي الرَّوْضَةِ الَّتِي بَيْنَ الْقَبْر وَالْمِنْبَر إِذْ غَلَبَتْنِي عَيْني فَإذَا مُحَرَّكٌ يُحَرَّكُنِي فَاسْتَيْقَظْتُ فَإذَا أنَا بِالأسْوَدِ فَقَالَ: مَا خَبَرُكَ؟ وَكَيْفَ كُنْتَ؟
فَقُلْتُ: أحْمَدُ اللهَ وَأذُمُّكَ، فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ فَإنّي اُمِرْتُ بِمَا خَاطَبْتُكَ بِهِ، وَقَدْ أدْرَكْتَ خَيْراً كَثِيراً فَطِبْ نَفْساً وَازْدَدْ مِنَ الشُّكْر للهِ عزّ وجل عَلَى مَا أدْرَكْتَ وَعَايَنْتَ، مَا فَعَلَ فُلاَنٌ؟ وَسَمَّى بَعْضَ إِخْوَانِيَ الْمُسْتَبْصِرينَ، فَقُلْتُ: بِبُرْقَةَ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، فَفُلاَنٌ؟ وَسَمَّى رَفِيقاً لِي مُجْتَهِداً فِي الْعِبَادَةِ مُسْتَبْصِراً فِي الدَّيَانَةِ، فَقُلْتُ: بِالإسْكَنْدَريَّةِ، حَتَّى سَمَّى لِي عِدَّةً مِنْ إِخْوَانِي.
ص: 630
ثُمَّ ذَكَرَ اسْماً غَريباً فَقَالَ: مَا فَعَلَ نقفور؟ قُلْتُ: لاَ أعْرفُهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَعْرفُهُ وَهُوَ رُومِيٌّ فَيَهْدِيهِ اللهُ فَيَخْرُجُ نَاصِراً مِنْ قُسْطَنْطِينيَّةَ، ثُمَّ سَألَنِي عَنْ رَجُلٍ آخَرَ، فَقُلْتُ: لاَ أعْرفُهُ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أهْل هِيتَ مِنْ أنْصَار مَوْلاَيَ عليه السلام، امْض إِلَى أصْحَابِكَ فَقُلْ لَهُمْ: نَرْجُو أنْ يَكُونَ قَدْ أذِنَ اللهُ فِي الِانْتِصَار لِلْمُسْتَضْعَفِينَ، وَفِي الِانْتِقَام مِنَ الظَّالِمِينَ، وَقَدْ لَقِيتُ جَمَاعَةً مِنْ أصْحَابِي وَأدَّيْتُ إِلَيْهِمْ وَأبْلَغْتُهُمْ مَا حُمَّلْتُ وَأنَا مُنْصَرفٌ وَاُشِيرُ عَلَيْكَ أنْ لاَ تَتَلَبَّسَ بِمَا يَثْقُلُ بِهِ ظَهْرُكَ، وَتُتْعِبُ(1) بِهِ جِسْمَكَ وَأنْ تَحْبِسَ نَفْسَكَ عَلَى طَاعَةِ رَبَّكَ فَإنَّ الأمْرَ قَريبٌ إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَأمَرْتُ خَازني فَأحْضَرَني(2) خَمْسِينَ دِينَاراً وَسَألْتُهُ قَبُولَهَا فَقَالَ: يَا أخِي قَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيَّ أنَّ آخُذَ مِنْكَ مَا أنَا مُسْتَغْنٍ عَنْهُ كَمَا أحَلَّ لِي أنْ آخُذَ مِنْكَ الشَّيْءَ إِذَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعَ هَذَا الْكَلاَمَ مِنْكَ أحَدٌ غَيْري مِنْ أصْحَابِ السُّلْطَان؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أخُوكَ أحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْن الْهَمَدَانِيُّ(3) الْمَدْفُوعُ عَنْ نِعْمَتِهِ بِأذْرَبِيجَانَ وَقَدِ اسْتَأذَنَ لِلْحَجَّ تَأمِيلاً أنْ يَلْقَى مَنْ لَقِيتَ فَحَجَّ أحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْن الْهَمَدَانِيُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقَتَلَهُ ركزويه(4) بْنُ مَهْرَوَيْهِ وَافْتَرَقْنَا وَانْصَرَفْتُ إِلَى الثَّغْر.
ثُمَّ حَجَجْتُ فَلَقِيتُ بِالْمَدِينَةِ رَجُلاً اسْمُهُ طَاهِرٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن الأصْغَر يُقَالُ: إِنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ هَذَا الأمْر شَيْئاً فَثَابَرْتُ عَلَيْهِ حَتَّى أنِسَ بِي وَسَكَنَ إِلَيَّ وَوَقَفَ عَلَى صِحَّةِ عَقْدِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ بِحَقَّ).
ص: 631
آبَائِكَ الطَّاهِرينَ عليهم السلام لَمَّا جَعَلْتَنِي مِثْلَكَ فِي الْعِلْم بِهَذَا الأمْر فَقَدْ شَهِدَ عِنْدِي مَنْ تُوَثّقُهُ بِقَصْدِ الْقَاسِم بْن عُبَيْدِ(1) اللهِ بْن سُلَيْمَانَ بْن وَهْبٍ إِيَّايَ لِمَذْهَبِي وَاعْتِقَادِي وَأنَّهُ أغْرَى بِدَمِي مِرَاراً فَسَلَّمَنِيَ اللهُ مِنْهُ، فَقَالَ: يَا أخِي اكْتُمْ مَا تَسْمَعُ مِنّي، الْخَيْرُ(2) فِي هَذِهِ الْجِبَال، وَإِنَّمَا يَرَى الْعَجَائِبَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الزَّادَ فِي اللَّيْل وَيَقْصِدُونَ بِهِ مَوَاضِعَ يَعْرفُونَهَا، وَقَدْ نُهِينَا عَن الْفَحْص وَالتَّفْتِيش فَوَدَّعْتُهُ وَانْصَرَفْتُ عَنْهُ(3).
بيان: (الفنيق) الفحل المكرم من الإبل لا يؤذى لكرامته على أهله ولا يركب، والتشبيه في العظم والكبر، ويقال: (ثابر) أي واظب، قوله: (فقد شهد عندي) غرضه بيان أنَّه مضطر في الخروج خوفاً من القاسم لئلاّ يبطأ عليه بالخبر أو أنَّه من الشيعة قد عرفه بذلك المخالف والمؤالف.
3 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن عليًّ الشُّجَاعِيَّ الْكَاتِبِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ النُّعْمَانِيَّ، عَنْ يُوسُفَ بْن أحْمَدَ الْجَعْفَريَّ، قَالَ: حَجَجْتُ سَنَةَ سِتّ وَثَلاَثِمِائَةٍ وَجَاوَرْتُ بِمَكَّةَ تِلْكَ السَّنَةَ وَمَا بَعْدَهَا إِلَى سَنَةِ تِسْع وَثَلاَثِمِائَةٍ ثُمَّ خَرَجْتُ عَنْهَا مُنْصَرفاً إِلَى الشَّام، فَبَيْنَا أنَا فِي بَعْض الطَّريقِ وَقَدْ فَاتَتْنِي صَلاَةُ الْفَجْر فَنَزَلْتُ مِنَ الْمَحْمِل وَتَهَيَّأتُ لِلصَّلاَةِ فَرَأيْتُ أرْبَعَةَ نَفَرٍ فِي مَحْمِلٍ، فَوَقَفْتُ أعْجَبُ مِنْهُمْ فَقَالَ أحَدُهُمْ: مِمَّ تَعْجَبُ؟ تَرَكْتَ صَلاَتَكَ، وَخَالَفْتَ مَذْهَبَكَ، فَقُلْتُ لِلَّذِي يُخَاطِبُني: وَمَا عِلْمُكَ بِمَذْهَبِي؟4.
ص: 632
فَقَالَ: تُحِبُّ أنْ تَرَى صَاحِبَ زَمَانِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأوْمَأ إِلَى أحَدِ الأرْبَعَةِ، فَقُلْتُ: إِنَّ لَهُ دَلاَئِلَ وَعَلاَمَاتٍ؟ فَقَالَ: أيُّمَا أحَبُّ إِلَيْكَ أنْ تَرَى الْجَمَلَ وَمَا عَلَيْهِ صَاعِداً إِلَى السَّمَاءِ، أوْ تَرَى الْمَحْمِلَ صَاعِداً إِلَى السَّمَاءِ؟
فَقُلْتُ: أيُّهُمَا كَانَ فَهِيَ دَلاَلَةٌ، فَرَأيْتُ الْجَمَلَ وَمَا عَلَيْهِ يَرْتَفِعُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ الرَّجُلُ أوْمَأ إِلَى رَجُلٍ بِهِ سُمْرَةٌ وَكَانَ لَوْنُهُ الذَّهَبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَجَّادَةٌ(1).(2)
الخرائج والجرائح: عن يوسف بن أحمد، مثله(3).
4 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ رَبَّهِ الأنْصَاريَّ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيَّ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس، قَالَ: حَضَرْتُ دَارَ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام بِسُرَّ مَنْ رَأى يَوْمَ تُوُفّيَ وَاُخْرجَتْ جَنَازَتُهُ وَوُضِعَتْ وَنَحْنُ تِسْعَةٌ وَثَلاَثُونَ رَجُلاً قُعُودٌ نَنْتَظِرُ حَتَّى خَرَجَ عَلَيْنَا غُلاَمٌ عُشَاريٌّ حَافٍ، عَلَيْهِ ردَاءٌ قَدْ تَقَنَّعَ بِهِ، فَلَمَّا أنْ خَرَجَ قُمْنَا هَيْبَةً لَهُ مِنْ غَيْر أنْ نَعْرفَهُ، فَتَقَدَّمَ وَقَامَ النَّاسُ فَاصْطَفُّوا خَلْفَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَمَشَى فَدَخَلَ بَيْتاً غَيْرَ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ.
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْهَمَدَانِيُّ: فَلَقِيتُ بِالْمَرَاغَةِ رَجُلاً مِنْ أهْل تِبْريزَ يُعْرَفُ بِإبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ التّبْريزيَّ فَحَدَّثَنِي بِمِثْل حَدِيثِ الْهَاشِمِيَّ لَمْ يُخْرَمْ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ: فَسَألْتُ الْهَمَدَانِيَّ فَقُلْتُ: غُلاَمٌ عُشَاريُّ الْقَدَّ أوْ عُشَاريُّ السَّنَّ؟ لأنَّهُ رُويَ أنَّ الْولاَدَةَ كَانَتْ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن وَكَانَتْ غَيْبَةُ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن بَعْدَ الْولاَدَةِ بِأرْبَعَةِ(4)).
ص: 633
سِنِينَ، فَقَالَ: لاَ أدْري هَكَذَا سَمِعْتُ، فَقَالَ لِي شَيْخٌ مَعَهُ حَسَنُ الْفَهْم مِنْ أهْل بَلَدِهِ لَهُ روَايَةٌ وَعِلْمٌ: عُشَاريُّ الْقَدَّ(1).
بيان: يقال: ما خرمت منه شيئاً أي ما نقصت، و(عشاري القدّ) هو أن يكون له عشرة أشبار(2).
5 _ الغيبة للطوسي: عَنْهُ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَائِذٍ الرَّازيَّ، عَن الْحَسَن بْن وَجْنَاءَ النَّصِيبيَّ، عَنْ أبِي نُعَيْم مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الأنْصَاريَّ، قَالَ: كُنْتُ حَاضِراً عِنْدَ الْمُسْتَجَار بِمَكَّةَ وَجَمَاعَةٌ زُهَاءُ ثَلاَثِينَ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُخْلِصٌ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم الْعَلَويَّ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ فِي الْيَوْم السَّادِس مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْن إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا شَابٌّ مِنَ الطَّوَافِ عَلَيْهِ إِزَارَان(3) مُحْرمٌ بِهِمَا وَفِي يَدِهِ نَعْلاَن.
فَلَمَّا رَأيْنَاهُ قُمْنَا جَمِيعاً هَيْبَةً لَهُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ قَامَ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَجَلَسَ مُتَوَسَّطاً، وَنَحْنُ حَوْلَهُ ثُمَّ الْتَفَتَ يَمِيناً وَشِمَالاً ثُمَّ قَالَ: (أتَدْرُونَ مَا كَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ فِي دُعَاءِ الإلْحَاح؟)، قُلْنَا: وَمَا كَانَ يَقُولُ؟ قَالَ: (كَانَ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ، وَبهِ تَقُومُ الأرْضُ، وَبهِ تُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، وَبهِ تَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتَفَرَّقِ، وَبهِ تُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُجْتَمِع، وَبهِ أحْصَيْتَ عَدَدَ الرَّمَال، وَزنَةَ الْجِبَال، وَكَيْلَ).
ص: 634
الْبِحَار، أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَأنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أمْري فَرَجاً (وَمَخْرَجاً)(1)).
ثُمَّ نَهَضَ وَدَخَلَ الطَّوَافَ، فَقُمْنَا لِقِيَامِهِ حَتَّى انْصَرَفَ وَاُنْسِينَا أنْ نَذْكُرَ أمْرَهُ وَأنْ نَقُولَ: مَنْ هُوَ؟ وَأيُّ شَيْ ءٍ هُوَ؟ إِلَى الْغَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الطَّوَافِ، فَقُمْنَا لَهُ كَقِيَامِنَا بِالأمْس وَجَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ مُتَوَسَّطاً فَنَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً، وَقَالَ: (أتَدْرُونَ مَا كَانَ يَقُولُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام بَعْدَ صَلاَةِ الْفَريضَةِ؟)، فَقُلْنَا: وَمَا كَانَ يَقُولُ؟ قَالَ: (كَانَ يَقُولُ: إِلَيْكَ رُفِعَتِ الأصْوَاتُ، وَدُعِيَتِ الدَّعَوَاتُ، وَلَكَ عَنَتِ الْوُجُوهُ، وَلَكَ خَضَعَتِ(2) الرَّقَابُ، وَإِلَيْكَ التَّحَاكُمُ فِي الأعْمَال، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا خَيْرَ مَنْ أعْطَى، يَا صَادِقُ يَا بَارئُ، يَا مَنْ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ، يَا مَنْ أمَرَ بِالدُّعَاءِ وَوَعَدَ بِالإجَابَةِ، يَا مَنْ قَالَ: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))(3)، يَا مَنْ قَالَ: ((وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))(4)، وَيَا مَنْ قَالَ: ((قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ))(5) لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ هَا أنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ الْمُسْرفُ وَأنْتَ الْقَائِلُ: ((لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً))).
ثُمَّ نَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً بَعْدَ هَذَا الدُّعَاءِ فَقَالَ: (أتَدْرُونَ مَا كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ فِي سَجْدَةِ الشُّكْر؟)، فَقُلْتُ(6): وَمَا كَانَ يَقُولُ؟).
ص: 635
قَالَ: (كَانَ يَقُولُ: يَا مَنْ لاَ يَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلاَّ سَعَةً وَعَطَاءً، يَا مَنْ لاَ يَنْفَدُ خَزَائِنُهُ، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ مَا دَقَّ وَجَلَّ، لاَ يَمْنَعْكَ إِسَاءَتِي مِنْ إِحْسَانِكَ، أنْتَ تَفْعَلُ بِيَ الَّذِي أنْتَ أهْلُهُ، فَإنَّكَ أهْلُ الْكَرَم(1) وَالْجُودِ وَالْعَفْو وَالتَّجَاوُز، يَا رَبَّ يَا اللهُ لاَ تَفْعَلْ بيَ الَّذِي أنَا أهْلُهُ فَإنّي أهْلُ الْعُقُوبَةِ وَقَدِ اسْتَحْقَقْتُهَا لاَ حُجَّةَ لِي وَلاَ عُذْرَ لِي عِنْدَكَ، أبُوءُ لَكَ بِذُنُوبي كُلّهَا، وَأعْتَرفُ بِهَا كَيْ تَعْفُوَ عَنّي وَأنْتَ أعْلَمُ بِهَا مِنّي، أبُوءُ لَكَ بِكُلّ ذَنْبٍ أذْنَبْتُهُ وَكُلّ خَطِيئَةٍ احْتَمَلْتُهَا وَكُلّ سَيَّئَةٍ علمتها، رَبَّ اغْفِرْ (لِي)(2) وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أنْتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ).
وَقَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ، فَقُمْنَا لِقِيَامِهِ وَعَادَ مِنَ الْغَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَقُمْنَا لإقْبَالِهِ كَفِعْلِنَا فِيمَا مَضَى فَجَلَسَ مُتَوَسَّطاً وَنَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً، فَقَالَ: (كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن سَيَّدُ الْعَابِدِينَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِع _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْحِجْر تَحْتَ الْمِيزَابِ _: عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ، فَقِيرُكَ بِفِنَائِكَ، سَائِلُكَ بِفِنَائِكَ، يَسْألُكَ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُكَ).
ثُمَّ نَظَرَ يَمِيناً وَشِمَالاً وَنَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم مِنْ بَيْننَا فَقَالَ: (يَا مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِم أنْتَ عَلَى خَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللهُ)، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِم يَقُولُ بِهَذَا الأمْر، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ فَمَا بَقِيَ مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ وَقَدْ اُلْهِمَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَاُنْسِينَا أنْ نَتَذَاكَرَ أمْرَهُ إِلاَّ فِي آخِر يَوْم.
فَقَالَ لَنَا أبُو عليًّ الْمَحْمُودِيُّ: يَا قَوْم أتَعْرفُونَ هَذَا؟ هَذَا وَاللهِر.
ص: 636
صَاحِبُ زَمَانِكُمْ، فَقُلْنَا: وَكَيْفَ عَلِمْتَ يَا أبَا عليًّ؟ فَذَكَرَ أنَّهُ مَكَثَ سَبْعَ سِنِينَ يَدْعُو رَبَّهُ وَيَسْألُهُ مُعَايَنَةَ صَاحِبِ الزَّمَان.
قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْماً عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَإِذَا بِالرَّجُل بِعَيْنهِ يَدْعُو بِدُعَاءٍ وَعَيْتُهُ فَسَألْتُهُ: مِمَّنْ هُوَ؟ فَقَالَ: (مِنَ النَّاس)، قُلْتُ: مِنْ أيَّ النَّاس؟ قَالَ: (مِنْ عَرَبهَا)، قُلْتُ: مِنْ أيَّ عَرَبهَا؟ قَالَ: (مِنْ أشْرَفِهَا)، قُلْتُ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: (بَنُو هَاشِم)، قُلْتُ: مِنْ أيَّ بَنِي هَاشِم؟ قَالَ: (مِنْ أعْلاَهَا ذِرْوَةً وَأسْنَاهَا)، قُلْتُ: مِمَّنْ؟ قَالَ: (مِمَّنْ فَلَقَ الْهَامَ وَأطْعَمَ الطَّعَامَ وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ)، قَالَ: فَعَلِمْتُ أنَّهُ عَلَويٌّ فَأحْبَبْتُهُ عَلَى الْعَلَويَّةِ، ثُمَّ افْتَقَدْتُهُ مِنْ بَيْن يَدَيَّ فَلَمْ أدْر كَيْفَ مَضَى، فَسَألْتُ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا حَوْلَهُ: تَعْرفُونَ هَذَا الْعَلَويَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، يَحُجُّ مَعَنَا فِي كُلّ سَنَةٍ مَاشِياً، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا أرَى بِهِ أثَرَ مَشْيٍ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ كَئِيباً حَزيناً عَلَى فِرَاقِهِ وَنمْتُ مِنْ لَيْلَتِي تِلْكَ فَإذَا أنَا بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: (يَا أحْمَدُ رَأيْتَ طَلِبَتَكَ)، فَقُلْتُ: وَمَنْ ذَاكَ يَا سَيَّدِي؟ فَقَالَ: (الَّذِي رَأيْتَهُ فِي عَشِيَّتِكَ هُوَ صَاحِبُ زَمَانِكَ).
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْهُ عَاتَبْنَاهُ (عَلَى)(1) أنْ لاَ يَكُونَ أعْلَمَنَا ذَلِكَ، فَذَكَرَ أنَّهُ كَانَ يَنْسَى أمْرَهُ إِلَى وَقْتِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ(2).
الغيبة للطوسي: وأخبرنا جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسى، عن أبي علي محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن محمّد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري، ... وساق الحديث بطوله(3).7.
ص: 637
كمال الدين: أحْمَدُ بْنُ زيَادِ بْن جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ الْعَلَويَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ الْعَقِيقِيَّ، عَنْ أبِي نُعَيْم الأنْصَاريَّ الزَّيْدِيَّ، قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْمُسْتَجَار وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُقَصّرَةِ، فِيهِمُ الْمَحْمُودِيُّ، وَعَلاَّنٌ الْكُلَيْنيُّ، وَأبُو الْهَيْثَم الدَّينَاريُّ، وَأبُو جَعْفَرٍ الأحْوَلُ، وَكُنَّا زُهَاءَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُخْلِصٌ عَلِمْتُهُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم الْعَلَويَّ الْعَقِيقِيَّ... وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِر مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ رحمه الله، ثُمَّ قال:
وحدَّثنا بهذا الحديث عمّار بن الحسين بن إسحاق، عن أحمد بن الخضر، عن محمّد بن عبد الله الاسكافي، عن سليم بن أبي نعيم الأنصاري، مثله.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن حَاتِم، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الْقَصَبَانِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْمُنْقِذِيَّ الْحَسَنِيَّ بِمَكَّةَ، قَالَ: كُنْتُ بِالْمُسْتَجَار وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُقَصّرَةِ، فِيهِمُ الْمَحْمُودِيُّ، وَأبُو الْهَيْثَم الدَّينَاريُّ، وَأبُو جَعْفَرٍ الأحْوَلُ، وَعَلاَّنٌ الْكُلَيْنيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ وَجْنَاءَ، وَكَانُوا زُهَاءَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً... وَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً(1).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن هارون التلعكبري، عن أبيه مثله(2).
6 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الرَّازيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَ أنَّهُ مِنْ أهْل قَزْوينَ لَمْ يَذْكُر اسْمَهُ، عَنْ3.
ص: 638
حَبِيبِ بْن مُحَمَّدِ بْن يُونُسَ بْن شَاذَانَ الصَّنْعَانِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ إِلَى عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازيَّ فَسَألْتُهُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، قَالَ: يَا أخِي لَقَدْ سَألْتَ عَنْ أمْرٍ عَظِيم حَجَجْتُ عِشْرينَ حَجَّةً كُلاً أطْلُبُ بِهِ عِيَانَ الإمَام، فَلَمْ أجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، فَبَيْنَا أنَا لَيْلَةً نَائِمٌ فِي مَرْقَدِي إِذْ رَأيْتُ قَائِلاً يَقُولُ: يَا عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَدْ أذِنَ اللهُ لِي فِي الْحَجَّ، فَلَمْ أعْقَلْ لَيْلَتِي حَتَّى أصْبَحْتُ فَأنَا مُفَكّرٌ فِي أمْري أرْقَبُ الْمَوْسِمَ لَيْلِي وَنَهَاري.
فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْمَوْسِم أصْلَحْتُ أمْري وَخَرَجْتُ مُتَوَجَّهاً نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ يَثْربَ فَسَألْتُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَمْ أجِدْ لَهُ أثَراً وَلاَ سَمِعْتُ لَهُ خَبَراً فَأقَمْتُ مُفَكّراً فِي أمْري حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ اُريدُ مَكَّةَ، فَدَخَلْتُ الْجُحْفَةَ وَأقَمْتُ بِهَا يَوْماً وَخَرَجْتُ مِنْهَا مُتَوَجَّهاً نَحْوَ الْغَدِير، وَهُوَ عَلَى أرْبَعَةِ أمْيَالٍ مِنَ الْجُحْفَةِ فَلَمَّا أنْ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ صَلَّيْتُ وَعَفَّرْتُ وَاجْتَهَدْتُ فِي الدُّعَاءِ وَابْتَهَلْتُ إِلَى اللهِ لَهُمْ وَخَرَجْتُ اُريدُ عُسْفَانَ فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ فَأقَمْتُ بِهَا أيَّاماً أطُوفُ الْبَيْتَ وَاعْتَكَفْتُ.
فَبَيْنَا أنَا لَيْلَةً فِي الطَّوَافِ إِذَا أنَا بِفَتًى حَسَن الْوَجْهِ، طَيَّبِ الرَّائِحَةِ، يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ، طَائِفٌ حَوْلَ الْبَيْتِ، فَحَسَّ قَلْبِي بِهِ، فَقُمْتُ نَحْوَهُ فَحَكَكْتُهُ فَقَالَ لِي: مِنْ أيْنَ الرَّجُلُ؟
فَقُلْتُ: مِنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِي: مِنْ أيَّ الْعِرَاقِ؟ قُلْتُ: مِنَ الأهْوَاز، فَقَالَ لِي: تَعْرفُ بِهَا (ابْنَ)(1) الْخَضِيبِ(2)؟ فَقُلْتُ: رَحِمَهُ اللهُ دُعِيَ).
ص: 639
فَأجَابَ، فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ فَمَا كَانَ أطْوَلَ لَيْلَتَهُ، وَأكْثَرَ تَبَتُّلَهُ، وَأغْزَرَ دَمْعَتَهُ، أفَتَعْرفُ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ(1) الْمَازيَارَ؟
فَقُلْتُ: أنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(2)، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللهُ أبَا الْحَسَن، مَا فَعَلْتَ بِالْعَلاَمَةِ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ؟ فَقُلْتُ: مَعِي، قَالَ: أخْرجْهَا، فَأدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبي فَاسْتَخْرَجْتُهَا، فَلَمَّا أنْ رَآهَا لَمْ يَتَمَالَكْ أنْ تَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ(3) وَبَكَى مُنْتَحِباً حَتَّى بَلَّ أطْمَارَهُ، ثُمَّ قَالَ: اُذِنَ لَكَ الآنَ يَا ابْنَ الْمَازيَار، صِرْ إِلَى رَحْلِكَ، وَكُنْ عَلَى اُهْبَةٍ مِنْ أمْركَ، حَتَّى إِذَا لَبِسَ اللَّيْلُ جِلْبَابَهُ وَغَمَرَ النَّاسَ ظَلاَمُهُ، صِرْ(4) إِلَى شِعْبِ بَنِي عَامِرٍ! فَإنَّكَ سَتَلْقَانِي هُنَاكَ.
فَصِرْتُ(5) إِلَى مَنْزلِي فَلَمَّا أنْ حَسَسْتُ(6) بِالْوَقْتِ أصْلَحْتُ رَحْلِي وَقَدَّمْتُ رَاحِلَتِي وَعَكَمْتُهَا شَدِيداً وَحَمَلْتُ وَصِرْتُ فِي مَتْنِهِ وَأقْبَلْتُ مُجِدّاً فِي السَّيْر حَتَّى وَرَدْتُ الشّعْبَ فَإِذَا أنَا بِالْفَتَى قَائِمٌ يُنَادِي: إِلَيَّ(7) يَا أبَا الْحَسَن إِلَيَّ، فَمَا زلْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ بَدَأنِي بِالسَّلاَم وَقَالَ لِي: سِرْ بِنَا يَا أخ (أخِي)، فَمَا زَالَ يُحَدَّثُنِي وَاُحَدَّثُهُ حَتَّى تَخَرَّقْنَا جِبَالَ عَرَفَاتٍ وَسِرْنَا إِلَى جِبَال مِنًى، وَانْفَجَرَ الْفَجْرُ الأوَّلُ وَنَحْنُ قَدْ تَوَسَّطْنَا جِبَالَ الطَّائِفِ.
فَلَمَّا أنْ كَانَ هُنَاكَ أمَرَني بِالنُّزُول وَقَالَ لِي: انْزلْ فَصَلّ صَلاَةَ اللَّيْل،ر.
ص: 640
فَصَلَّيْتُ وَأمَرَني بِالْوَتْر فَأوْتَرْتُ، وَكَانَتْ فَائِدَةً مِنْهُ، ثُمَّ أمَرَنِي بِالسُّجُودِ وَالتَّعْقِيبِ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ وَرَكِبَ وَأمَرَني بِالرُّكُوبِ، وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ حَتَّى عَلاَ ذِرْوَةَ الطَّائِفِ، فَقَالَ: هَلْ تَرَى شَيْئاً؟ قُلْتُ: نَعَمْ، أرَى كَثِيبَ رَمْلٍ، عَلَيْهِ بَيْتُ شَعْرٍ، يَتَوَقَّدُ الْبَيْتُ نُوراً، فَلَمَّا أنْ رَأيْتُهُ طَابَتْ نَفْسِي، فَقَالَ لِي: هَنَّأكَ الأمَلُ وَالرَّجَاءُ، ثُمَّ قَالَ: سِرْ بِنَا يَا أخ (أخِي).
فَسَارَ وَسِرْتُ بِمَسِيرهِ إِلَى أن انْحَدَرَ مِنَ الذّرْوَةِ وَسَارَ فِي أسْفَلِهِ فَقَالَ: انْزلْ فَهَاهُنَا يَذِلُّ كُلُّ صَعْبٍ، وَيَخْضَعُ كُلُّ جَبَّارٍ، ثُمَّ قَالَ: خَلّ عَنْ زمَام النَّاقَةِ، قُلْتُ: فَعَلَى مَنْ اُخَلّفُهَا؟ فَقَالَ: حَرَمُ الْقَائِم عليه السلام، لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، فَخَلَّيْتُ عَنْ زمَام رَاحِلَتِي، وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ إِلَى أنْ دَنَا مِنْ بَابِ الْخِبَاءِ فَسَبَقَنِي بِالدُّخُول وَأمَرَني أنْ أقِفَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَ لِي: ادْخُلْ هَنَّأكَ السَّلاَمَةُ.
فَدَخَلْتُ فَإذَا أنَا بِهِ جَالِسٌ قَدِ اتَّشَحَ بِبُرْدَةٍ وَاتَّزَرَ بِاُخْرَى(1)، وَقَدْ كَسَرَ بُرْدَتَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَهُوَ كَاُقْحُوَانَةِ اُرْجُوَانٍ قَدْ تَكَاثَفَ عَلَيْهَا النَّدَى، وَأصَابَهَا ألَمُ الْهَوَى، وَإِذَا هُوَ كَغُصْن بَانٍ(2)، أوْ قَضِيبِ رَيْحَانٍ، سَمْحٌ سَخِيٌّ تَقِيٌّ نَقِيٌّ، لَيْسَ بِالطَّويل الشَّامِخ وَلاَ بِالْقَصِير اللاَّزقِ، بَلْ مَرْبُوعُ الْقَامَةِ، مُدَوَّرُ الْهَامَةِ، صَلْتُ الْجَبِين، أزَجُّ الْحَاجِبَيْن، أقْنَى الأنْفِ، سَهْلُ الْخَدَّيْن، عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ فُتَاتُ مِسْكٍ عَلَى رَضْرَاضَةِ عَنْبَرٍ.
فَلَمَّا أنْ رَأيْتُهُ بَدَرْتُهُ بِالسَّلاَم فَرَدَّ عَلَيَّ أحْسَنَ مَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَشَافَهَني وَسَألَنِي عَنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَقُلْتُ: سَيَّدِي قَدْ اُلْبِسُوا جِلْبَابَ الذّلَّةِ،ه.
ص: 641
وَهُمْ بَيْنَ الْقَوْم أذِلاَّءُ، فَقَالَ لِي: (يَا ابْنَ الْمَازيَار لَتَمْلِكُونَهُمْ كَمَا مَلَكُوكُمْ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أذِلاَّءُ)، فَقُلْتُ: سَيَّدِي لَقَدْ بَعُدَ الْوَطَنُ وَطَالَ الْمَطْلَبُ، فَقَالَ: (يَا ابْنَ الْمَازيَار أبِي أبُو مُحَمَّدٍ عَهِدَ إِلَيَّ أنْ لاَ اُجَاورَ قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ(1) وَلَهُمُ الْخِزْيُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ، وَأمَرَني أنْ لاَ أسْكُنَ مِنَ الْجِبَال إِلاَّ وَعْرَهَا، وَمِنَ الْبِلاَدِ إِلاَّ قَفْرَهاَ(2)، وَاللهِ مَوْلاَكُمْ أظْهَرَ التَّقِيَّةَ فَوَكَلَهَا بِي فَأنَا فِي التَّقِيَّةِ إِلَى يَوْم يُؤْذَنُ لِي فَأخْرُجُ).
فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي مَتَى يَكُونُ هَذَا الأمْرُ؟ فَقَالَ: (إِذَا حِيلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَبِيل الْكَعْبَةِ، وَاجْتَمَعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَاسْتَدَارَ بِهِمَا الْكَوَاكِبُ وَالنُّجُومُ)، فَقُلْتُ: مَتَى يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ (فَ-)قَالَ لِي: (فِي سَنَةِ كَذَا وَكَذَا تَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض مِنْ بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَمَعَهُ عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَر).
قَالَ: فَأقَمْتُ عِنْدَهُ أيَّاماً وَأذِنَ لِي بِالْخُرُوج بَعْدَ أن اسْتَقْصَيْتُ لِنَفْسِي، وَخَرَجْتُ نَحْوَ مَنْزلِي، وَاللهِ لَقَدْ سِرْتُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَمَعِي غُلاَمٌ يَخْدُمُنِي فَلَمْ أرَ إِلاَّ خَيْراً وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيما(3).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن سهل الجلودي، عن أحمد بن محمّد بن جعفر الطائي، عن محمّد بن الحسن يحيى الحارثي، عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار مثله، على وجه أبسط ممّا رواه الشيخ والمضمون قريب(4).2.
ص: 642
بيان: قال الفيروزآبادي: الأقحوان بالضم: البابونج(1)، والأرجوان بالضمّ: الأحمر(2)، ولعلَّ المعنى أنَّ في اللطافة كان مثل الأقحوان وفي اللون كالأرجوان فإنَّ الأقحوان أبيض ولا يبعد أن يكون في الأصل (كأقحوانة وأرجوان) و(عليهما) و(أصابهما) أو يكون الأرجوان بدل الأقحوانة فجمعهما النّساخ.
وإصابة الندى تشبيه لما أصابه عليه السلام من العرق وإصابة ألم الهواء لانكسار لون الحمرة وعدم اشتدادها أو لبيان كون البياض أو الحمرة مخلوطة بالسمرة فراعى في بيان سمرته عليه السلام غاية الأدب.
وقال الجزري في صفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: كان صلت الجبين أي واسعه، وقيل: الصلت: الأملس، وقيل: البارز(3).
وقال في صفته صلى الله عليه وآله وسلّم: أزج الحواجب، الزجج: تقويس في الحاجب مع طول في طرفه وامتداده(4)، وقال الفيروزآبادي: رجل سهل الوجه: قليل لحمه(5).
أقول: ولا يبعد أن يكون الشمس والقمر والنجوم كنايات عن الرسول وأمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين، ويحتمل أن يكون المراد قرب الأمر بقيام الساعة التي يكون فيها ذلك، ويمكن حمله على ظاهره.
7 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ وَغَيْرهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَعْقُوبَ الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن قَيْسٍ، عَنْ بَعْض9.
ص: 643
جَلاَوزَةِ(1) السَّوَادِ، قَالَ: شَهِدْتُ نَسِيماً آنِفاً بِسُرَّ مَنْ رَأى وَقَدْ كَسَرَ بَابَ الدَّار فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ طَبَرْزينٌ، فَقَالَ: (مَا تَصْنَعُ فِي دَاري؟).
قَالَ نَسِيمٌ: إِنَّ جَعْفَراً زَعَمَ أنَّ أبَاكَ مَضَى وَلاَ وَلَدَ لَهُ، فَإنْ كَانَتْ دَارَكَ فَقَدِ انْصَرَفْتُ عَنْكَ، فَخَرَجَ عَن الدَّار.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ قَيْسٍ: فَقَدِمَ عَلَيْنَا غُلاَمٌ مِنْ خُدَّام الدَّار فَسَألْتُهُ عَنْ هَذَا الْخَبَر فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا؟ قُلْتُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ جَلاَوزَةِ السَّوَادِ، فَقَالَ لِي: لاَ يَكَادُ يَخْفَى عَلَى النَّاس شَيْءٌ(2).
8 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ وَكَانَ أسَنَّ شَيْخ مِنْ وُلْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ: رَأيْتُهُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن وَهُوَ غُلاَمٌ(3).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، مثله(4).
بيان: لعلَّ المراد بالمسجدين مسجدي مكّة والمدينة.
9 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ خَادِم لإبْرَاهِيمَ بْن عَبْدَةَ النَّيْشَابُوريَّ، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً مَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الصَّفَا فَجَاءَ غُلاَمٌ(5) حَتَّى وَقَفَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَقَبَضَ عَلَى كِتَابِ مَنَاسِكِهِ وَحَدَّثَهُ بِأشْيَاءَ(6).0.
ص: 644
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن شاذان بن نعيم، عن خادم لإبراهيم مثله، وفيه: فجاء صاحب الأمر(1).
10 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِدْريسَ، قَالَ: رَأيْتُهُ بَعْدَ مُضِيَّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام حِينَ أيْفَعَ وَقَبَّلْتُ يَدَيْهِ وَرَأسَهُ(2).
الإرشاد: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمّد، عن أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه، مثله(3).
بيان: أيفع الغلام: أي ارتفع، راهق العشرين.
11 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي عَلِيَّ بْن مُطَهَّرٍ، قَالَ: رَأيْتُهُ وَوَصَفَ قَدَّهُ(4).
12 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ أبِي ذَرٍّ أحْمَدَ بْن أبِي سَوْرَةَ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ زَيْدِيّاً، قَالَ: سَمِعْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ مِنْ جَمَاعَةٍ يَرْوُونَهَا عَنْ أبِي رحمه الله، أنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْحَيْر، قَالَ: فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الْحَيْر إِذَا شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ يُصَلّي، ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَ وَوَدَّعْتُ، وَخَرَجْنَا فَجِئْنَا إِلَى الْمَشْرَعَةِ، فَقَالَ لِي: (يَا بَا سَوْرَةَ أيْنَ تُريدُ؟)، فَقُلْتُ: الْكُوفَةَ، فَقَالَ لِي: (مَعَ مَنْ؟)، قُلْتُ: مَعَ النَّاس، قَالَ لِي: (لاَ تُريدُ نَحْنُ جَمِيعاً نَمْضِي؟).
قُلْتُ: وَمَنْ مَعَنَا؟ فَقَالَ: (لَيْسَ نُريدُ مَعَنَا أحَداً)، قَالَ: فَمَشَيْنَا لَيْلَتَنَا فَإِذَا نَحْنُ عَلَى مَقَابِر مَسْجِدِ السَّهْلَةِ، فَقَالَ لِي: (هُوَ ذَا مَنْزلُكَ، فَإنْ شِئْتَ فَامْض).3.
ص: 645
ثُمَّ قَالَ لِي: (تَمُرُّ إِلَى ابْن الزُّرَاريَّ عَلِيَّ بْن يَحْيَى فَتَقُولُ لَهُ يُعْطِيكَ الْمَالَ الَّذِي عِنْدَهُ)، فَقُلْتُ لَهُ: لاَ يَدْفَعُهُ إِلَيَّ، فَقَالَ لِي: (قُلْ لَهُ: بِعَلاَمَةِ أنَّهُ كَذَا وَكَذَا دِينَاراً وَكَذَا وَكَذَا دِرْهَماً وَهُوَ فِي مَوْضِع كَذَا وَكَذَا، وَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا مُغَطًّى)، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ أنْتَ؟ قَالَ: (أنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن)، قُلْتُ: فَإنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنّي وَطُولِبْتُ بِالدَّلاَلَةِ؟ فَقَالَ: (أنَا وَرَاكَ)، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى ابْن الزُّرَاريَّ فَقُلْتُ لَهُ فَدَفَعَنِي، فَقُلْتُ لَهُ الْعَلاَمَاتِ الَّتِي قَالَ لِي، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قَالَ لِي: (أنَا وَرَاكَ)، فَقَالَ: لَيْسَ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ، وَقَالَ: لَمْ يَعْلَمْ بِهَذَا إِلاَّ اللهُ تَعَالَى، وَدَفَعَ إِلَيَّ الْمَالَ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ (عَنْهُ)(1) وَزَادَ فِيهِ: قَالَ أبُو سَوْرَةَ: فَسَألَنِيَ الرَّجُلُ عَنْ حَالِي فَأخْبَرْتُهُ بِضَيْقَتِي(2) وَبعَيْلَتِي فَلَمْ يَزَلْ يُمَاشِيني حَتَّى انْتَهَيْتُ(3) إِلَى النَّوَاويس فِي السَّحَر، فَجَلَسْنَا ثُمَّ حَفَرَ بِيَدِهِ فَإذَا الْمَاءُ قَدْ خَرَجَ فَتَوَضَّأ ثُمَّ صَلَّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ قَالَ لِي: (امْض إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيَّ بْن يَحْيَى فَاقْرَأ عَلَيْهِ السَّلاَمَ وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ الرَّجُلُ: ادْفَعْ إِلَى أبِي سَوْرَةَ مِنَ السَّبْعِمِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي مَدْفُونَةٌ فِي مَوْضِع كَذَا وَكَذَا مِائَةَ دِينَارٍ)، وَإِنّي مَضَيْتُ مِنْ سَاعَتِي إِلَى مَنْزلِهِ فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
فَقُلْتُ: قُولِي(4) لأبِي الْحَسَن: هَذَا أبُو سَوْرَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا لِي وَلأبِي سَوْرَةَ؟ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْخَبَرَ، فَدَخَلَ وَأخْرَجَ إِلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَقَبَضْتُهَا.ا؟
ص: 646
فَقَالَ لِي: صَافَحْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأخَذَ يَدِي فَوَضَعَهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ.
قَالَ أحْمَدُ بْنُ عليًّ: وَقَدْ رُويَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْجَعْفَريَّ، وَعَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن بْن بِشْرٍ الْخَزَّاز، وَغَيْرهِمَا وَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ(1).
الخرائج والجرائح: عن ابن أبي سورة، مثله(2).
13 _ الاحتجاج، والغيبة للطوسي: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ رَفَعَهُ، عَن الزُّهْريَّ، قَالَ: طَلَبْتُ هَذَا الأمْرَ طَلَباً شَاقاّ(3) حَتَّى ذَهَبَ لِي فِيهِ مَالٌ صَالِحٌ، فَوَقَعْتُ _ أي ذهبت _ إِلَى الْعَمْريَّ وَخَدَمْتُهُ وَلَزمْتُهُ وَسَألْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ الزَّمَان فَقَالَ لِي: لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ وُصُولٌ فَخَضَعْتُ.
فَقَالَ لِي: بَكّرْ بِالْغَدَاةِ، فَوَافَيْتُ وَاسْتَقْبَلَنِي وَمَعَهُ شَابٌّ مِنْ أحْسَن النَّاس وَجْهاً، وَأطْيَبِهِمْ رَائِحَةً بِهَيْئَةِ التُّجَّار(4)، وَفِي كُمَّهِ شَيْءٌ كَهَيْئَةِ التُّجَّار.
فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ دَنَوْتُ مِنَ الْعَمْريَّ فَأوْمَأ إِلَيَّ فَعَدَلْتُ _ أي رجعت _ إِلَيْهِ وَسَألْتُهُ فَأجَابَني عَنْ كُلّ مَا أرَدْتُ، ثُمَّ مَرَّ لِيَدْخُلَ الدَّارَ وَكَانَتْ مِنَ الدُّور الَّتِي لاَ نَكْتَرثُ(5) لَهاَ(6)، فَقَالَ الْعَمْريُّ: إِذْ(7) أرَدْتَ أنْ تَسْألَ سَلْ(8)).
ص: 647
فَإنَّكَ لاَ تَرَاهُ بَعْدَ ذاَ(1)، فَذَهَبْتُ لأسْألَ فَلَمْ يَسْمَعْ(2) وَدَخَلَ الدَّارَ، وَمَا كَلَّمَنِي بِأكْثَرَ مِنْ أنْ قَالَ: (مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أخَّرَ الْعِشَاءَ(3) إِلَى أنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ(4)، مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ أخَّرَ الْغَدَاةَ إِلَى أنْ تَنْقَضِيَ(5) النُّجُومُ)، وَدَخَلَ الدَّارَ(6).
14 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عُبَيْدِ(7) اللهِ بْن مُحَمَّدِ بْن جَابَانَ(8) الدَّهْقَان، عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ دَاوُدَ(9) بْن غَسَّانَ الْبَحْرَانِيَّ، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى أبِي سَهْلٍ إِسْمَاعِيلَ بْن عليًّ النَّوْبَخْتِيَّ، قَالَ: مَوْلِدُ (م ح م د)(10) بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن عليًّ الرَّضَا بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْن مُحَمَّدٍ الْبَاقِر بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، وُلِدَ عليه السلام بِسَامَرَّاءَ سَنَةَ سِتّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَاُمُّهُ صَقِيلُ، وَيُكَنَّى أبَا الْقَاسِم بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ).
ص: 648
أوْصَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (اسْمُهُ كَاسْمِي (وَ)(1)كُنْيَتُهُ كُنْيَتِي)، لَقَبُهُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ الْحُجَّةُ، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ صَاحِبُ الزَّمَان عليه السلام.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عليًّ(2): دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام فِي الْمَرْضَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَأنَا عِنْدَهُ إِذْ قَالَ لِخَادِمِهِ عَقِيدٍ _ وَكَانَ الْخَادِمُ أسْوَدَ نُوبياّ(3) قَدْ خَدَمَ مِنْ قَبْلِهِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رَبَّى الْحَسَنَ عليه السلام _ فَقَالَ لَهُ: (يَا عَقِيدُ أغْل لِي مَاءً بِمُصْطُكَى)، فَأغْلَى لَهُ ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ صَقِيلُ الْجَاريَةُ اُمُّ الْخَلَفِ عليه السلام.
فَلَمَّا صَارَ الْقَدَحُ فِي يَدَيْهِ وَهَمَّ بِشُرْبهِ فَجَعَلَتْ يَدُهُ تَرْتَعِدُ حَتَّى ضَرَبَ الْقَدَحُ ثَنَايَا الْحَسَن فَتَرَكَهُ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ لِعَقِيدٍ: (ادْخُل الْبَيْتَ فَإنَّكَ تَرَى صَبِيّاً سَاجِداً فَائتني(4) بِهِ)، قَالَ أبُو سَهْلٍ: قَالَ عَقِيدٌ: فَدَخَلْتُ أتَحَرَّى فَإذَا أنَا بِصَبِيٍّ سَاجِدٍ رَافِعٌ سَبَّابَتَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأوْجَزَ فِي صَلاَتِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ سَيَّدِي يَأمُرُكَ بِالْخُرُوج إِلَيْهِ، إِذْ جَاءَتْ اُمُّهُ صَقِيلُ فَأخَذَتْ بِيَدِهِ وَأخْرَجَتْهُ إِلَى أبِيهِ الْحَسَن عليه السلام.
قَالَ أبُو سَهْلٍ: فَلَمَّا مَثُلَ الصَّبِيُّ بَيْنَ يَدَيْهِ سَلَّمَ وَإِذَا هُوَ دُرَّيُّ اللَّوْن، وَفِي شَعْر رَأسِهِ قَطَطٌ، مُفَلَّجُ الأسْنَان، فَلَمَّا رَآهُ الْحَسَنُ بَكَى وَقَالَ: (يَا سَيَّدَ أهْل بَيْتِهِ اسْقِني الْمَاءَ فَإنّي ذاهِبٌ إِلى رَبَّي)، وَأخَذَ الصَّبِيُّ الْقَدَحَ الْمَغْلِيَّ).
ص: 649
بِالْمُصْطُكَى بِيَدِهِ ثُمَّ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ ثُمَّ سَقَاهُ فَلَمَّا شَربَهُ قَالَ: (هَيَّؤُوني(1) لِلصَّلاَةِ)، فَطُرحَ فِي حَجْرهِ مِنْدِيلٌ فَوَضَّأهُ الصَّبِيُّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَمَسَحَ عَلَى رَأسِهِ وَقَدَمَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (أبْشِرْ يَا بُنَيَّ فَأنْتَ صَاحِبُ الزَّمَان، وَأنْتَ الْمَهْدِيُّ، وَأنْتَ حُجَّةُ اللهِ عَلَى أرْضِهِ، وَأنْتُ وَلَدِي وَوَصِيَّي وَأنَا وَلَدْتُكَ، وَأنْتَ (م ح م د)(2) بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ.
وَلَدَكَ رَسُولُ اللهِ وَأنْتَ خَاتِمُ(3) الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، وَبَشَّرَ بِكَ رَسُولُ اللهِ وَسَمَّاكَ وَكَنَّاكَ، بِذَلِكَ عَهِدَ إِلَيَّ أبِي عَنْ آبَائِكَ الطَّاهِرينَ صَلَّى اللهُ عَلَى أهْل الْبَيْتِ رَبُّنَا إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)، وَمَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عليًّ مِنْ وَقْتِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ(4).
15 _ الغيبة للطوسي: عَنْهُ، عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأسَدِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ الأشْعَريُّ الْقُمَّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الضَّرَّابُ الْغَسَّانِيُّ فِي مُنْصَرَفِهِ مِنْ أصْفَهَانَ، قَالَ: حَجَجْتُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن وَكُنْتُ مَعَ قَوْم مُخَالِفِينَ مِنْ أهْل بَلَدِنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ فَاكْتَرَى لَنَا دَاراً فِي زُقَاقٍ بَيْنَ سُوقِ اللَّيْل وَهِيَ دَارُ خَدِيجَةَ عليها السلام تُسَمَّى دَارَ الرَّضَا عليه السلام وَفِيهَا عَجُوزٌ سَمْرَاءُ فَسَألْتُهَا لَمَّا وَقَفْتُ عَلَى أنَّهَا دَارُ الرَّضَا عليه السلام: مَا تَكُونِينَ مِنْ أصْحَابِ هَذِهِ الدَّار؟ وَلِمَ سُمَّيَتْ دَارَ الرَّضَا عليه السلام؟ فَقَالَتْ: أنَا مِنْ مَوَالِيهِمْ7.
ص: 650
وَهَذِهِ دَارُ الرَّضَا عَلِيَّ بْن مُوسَى عليهما السلام أسْكَنَنِيهاَ(1) الْحَسَنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام فَإنّي كُنْتُ مِنْ خَدَمِهِ.
فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْهَا آنَسْتُ بِهَا وَأسْرَرْتُ الأمْرَ عَنْ رُفَقَائِيَ الْمُخَالِفِينَ فَكُنْتُ إِذَا انْصَرَفْتُ مِنَ الطَّوَافِ بِاللَّيْل أنَامُ مَعَهُمْ فِي روَاقٍ فِي الدَّار، وَنُغْلِقُ الْبَابَ وَنُلْقِي خَلْفَ الْبَابِ حَجَراً كَبِيراً كُنَّا نُدِيرُ خَلْفَ الْبَابِ فَرَأيْتُ غَيْرَ لَيْلَةٍ ضَوْءَ السَّرَاج فِي الرَّوَاقِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ شَبِيهاً بِضَوْءِ الْمَشْعَل، وَرَأيْتُ الْبَابَ قَدِ انْفَتَحَ وَلاَ أرَى أحَداً فَتَحَهُ مِنْ أهْل الدَّار وَرَأيْتُ رَجُلاً رَبْعَةً أسْمَرَ إِلَى الصُّفْرَةِ مَا هُوَ قَلِيلَ اللَّحْم، فِي وَجْهِهِ سَجَّادَةٌ عَلَيْهِ قَمِيصَان وَإِزَارٌ رَقِيقٌ قَدْ تَقَنَّعَ بِهِ وَفِي رجْلِهِ نَعْلٌ طَاقٌ، فَصَعِدَ إِلَى الْغُرْفَةِ فِي الدَّار حَيْثُ كَانَتِ الْعَجُوزُ تَسْكُنُ، وَكَانَتْ تَقُولُ لَنَا: إِنَّ فِي الْغُرْفَةِ ابْنَتَهُ(2) لاَ تَدَعُ أحَداً يَصْعَدُ إِلَيْهَا فَكُنْتُ أرَى الضَّوْءَ الَّذِي رَأيْتُهُ يُضِي ءُ فِي الرَّوَاقِ عَلَى الدَّرَجَةِ عِنْدَ صُعُودِ الرَّجُل إِلَى الْغُرْفَةِ الَّتِي يَصْعَدُهَا ثُمَّ أرَاهُ فِي الْغُرْفَةِ مِنْ غَيْر أنْ أرَى السَّرَاجَ بِعَيْنهِ.
وَكَانَ الَّذِي مَعِي يَرَوْنَ مِثْلَ مَا أرَى فَتَوَهَّمُوا أنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَخْتَلِفُ إِلَى ابْنَةِ الْعَجُوز وَأنْ يَكُونَ قَدْ تَمَتَّعَ بِهَا، فَقَالُوا: هَؤُلاَءِ الْعَلَويَّةُ يَرَوْنَ الْمُتْعَةَ وَهَذَا حَرَامٌ لاَ يَحِلُّ فِيمَا زَعَمُوا، وَكُنَّا نَرَاهُ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَنَجِي ءُ إِلَى الْبَابِ وَإِذَا الْحَجَرُ عَلَى حَالِهِ الَّتِي تَرَكْنَاهُ وَكُنَّا نُغْلِقُ هَذَا الْبَابَ خَوْفاً عَلَى مَتَاعِنَا وَكُنَّا لاَ نَرَى أحَداً يَفْتَحُهُ وَلاَ يُغْلِقُهُ، وَالرَّجُلُ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَالْحَجَرُ خَلْفَ الْبَابِ إِلَى وَقْتٍ نُنَحَّيهِ إِذَا خَرَجْنَا.
فَلَمَّا رَأيْتُ هَذِهِ الأسْبَابَ ضُربَ عَلَى قَلْبِي وَوَقَعَتْ فِي قَلْبِي فِتْنَةٌ فَتَلَطَّفْتُ).
ص: 651
الْعَجُوزَ وَأحْبَبْتُ أنْ أقِفَ عَلَى خَبَر الرَّجُل، فَقُلْتُ لَهَا: يَا فُلاَنَةُ إِنّي اُحِبُّ أنْ أسْألَكِ وَاُفَاوضَكِ مِنْ غَيْر حُضُور مَنْ مَعِي فَلاَ أقْدِرُ عَلَيْهِ فَأنَا اُحِبُّ إِذَا رَأيْتِني فِي الدَّار وَحْدِي أنْ تَنْزلِي إِلَيَّ لأسْألَكِ عَنْ أمْرٍ، فَقَالَتْ لِي مُسْرعَةً: وَأنَا اُريدُ أنْ اُسِرَّ إِلَيْكَ شَيْئاً فَلَمْ يَتَهَيَّأ لِي ذَلِكَ مِنْ أجْل مَنْ مَعَكَ، فَقُلْتُ: مَا أرَدْتِ أنْ تَقُولِي؟ فَقَالَتْ: يَقُولُ لَكَ _ وَلَمْ تَذْكُرْ أحَداً _: (لاَ تُحَاشِنْ(1) أصْحَابَكَ وَشُرَكَاءَكَ(2) وَلاَ تُلاَحِهِمْ، فَإنَّهُمْ أعْدَاؤُكَ وَدَارهِمْ)، فَقُلْتُ لَهَا: مَنْ يَقُولُ؟ فَقَالَتْ: أنَا أقُولُ، فَلَمْ أجْسُرْ لِمَا دَخَلَ قَلْبِي مِنَ الْهَيْبَةِ أنْ اُرَاجِعَهَا، فَقُلْتُ: أيَّ أصْحَابِي تَعْنِينَ؟ وَظَنَنْتُ أنَّهَا تَعْنِي رُفَقَائِيَ الَّذِينَ كَانُوا حُجَّاجاً مَعِي، قَالَتْ: شُرَكَاءَكَ الَّذِينَ فِي بَلَدِكَ وَفِي الدَّار مَعَكَ، وَكَانَ جَرَى بَيْني وَبَيْنَ الَّذِينَ مَعِي فِي الدَّار عَنَتٌ فِي الدَّين، فَسَعَوْا بِي حَتَّى هَرَبْتُ وَاسْتَتَرْتُ بِذَلِكَ السَّبَبِ فَوَقَفْتُ عَلَى أنَّهَا عَنَتْ اُولَئِكَ.
فَقُلْتُ لَهَا: مَا تَكُونينَ أنْتِ مِنَ الرَّضَا؟ فَقَالَتْ: كُنْتُ خَادِمَةً لِلْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام، فَلَمَّا اسْتَيْقَنْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: لأسْألُهَا عَن الْغَائِبِ، فَقُلْتُ: بِاللهِ عَلَيْكِ رَأيْتِهِ بِعَيْنكِ؟ فَقَالَتْ: يَا أخِي لَمْ أرَهُ بِعَيْني فَإنّي خَرَجْتُ وَاُخْتِي حُبْلَى وَبَشَّرَنيَ الْحَسَنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام بِأنّي سَوْفَ أرَاهُ فِي آخِر عُمُري وَقَالَ لِي: (تَكُونينَ لَهُ كَمَا كُنْتِ لِي)، وَأنَا الْيَوْمَ مُنْذُ كَذَا بِمِصْرَ وَإِنَّمَا قَدِمْتُ الآنَ بِكِتَابَةٍ وَنَفَقَةٍ وَجَّهَ بِهَا إِلَيَّ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ أهْل خُرَاسَانَ لاَ يُفْصِحُ بِالْعَرَبيَّةِ وَهِيَ ثَلاَثُونَ دِينَاراً وَأمَرَنِي أنْ أحُجَّ سَنَتِي هَذِهِ فَخَرَجْتُ رَغْبَةً مِنَّي فِي أنْ أرَاهُ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ أرَاهُ(3) هُوَ هُوَ.).
ص: 652
فَأخَذْتُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صِحَاحاً فِيهَا سِتَّةٌ رَضَويَّةٌ مِنْ ضَرْبِ الرَّضَا عليه السلام قَدْ كُنْتُ خَبَأتُهَا لاُلْقِيَهَا فِي مَقَام إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَكُنْتُ نَذَرْتُ وَنَوَيْتُ ذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أدْفَعُهَا إِلَى قَوْم مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ عليها السلام أفْضَلُ مِمَّا اُلْقِيهَا فِي الْمَقَام وَأعْظَمُ ثَوَاباً، فَقُلْتُ لَهَا: ادْفَعِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إِلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ عليها السلام، وَكَانَ فِي نِيَّتِي أنَّ الَّذِي رَأيْتُهُ هُوَ الرَّجُلُ وَإِنَّمَا تَدْفَعُهَا إِلَيْهِ، فَأخَذَتِ الدَّرَاهِمَ وَصَعِدَتْ وَبَقِيَتْ سَاعَةً ثُمَّ نَزَلَتْ فَقَالَتْ: يَقُولُ لَكَ: (لَيْسَ لَنَا فِيهَا حَقٌّ اجْعَلْهَا فِي الْمَوْضِع الَّذِي نَوَيْتَ وَلَكِنْ هَذِهِ الرَّضَويَّةُ خُذْ مِنَّا بَدَلَهَا وَألْقِهَا فِي الْمَوْضِع الَّذِي نَوَيْتَ)، فَفَعَلْتُ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: الَّذِي اُمِرْتُ بِهِ عَن الرَّجُل.
ثُمَّ كَانَ مَعِي نُسْخَةُ تَوْقِيع خَرَجَ إِلَى الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ بِأذْرَبيجَانَ فَقُلْتُ لَهَا: تَعْرضِينَ هَذِهِ النُّسْخَةَ عَلَى إِنْسَانٍ قَدْ رَأى تَوْقِيعَاتِ الْغَائِبِ، فَقَالَتْ: نَاولْنِي فَإنّي أعْرفُهُ، فَأرَيْتُهَا النُّسْخَةَ وَظَنَنْتُ أنَّ الْمَرْأةَ تُحْسِنُ أنْ تَقْرَأ، فَقَالَ: لاَ يُمْكِنُنِي أنْ أقْرَأهُ(1) فِي هَذَا الْمَكَان، فَصَعِدَتِ الْغُرْفَةَ ثُمَّ أنْزَلَتْهُ فَقَالَتْ: صَحِيحٌ وَفِي التَّوْقِيع اُبَشّرُكُمْ بِبُشْرَى مَا بَشَّرْتُهُ بِهِ (إِيَّاهُ)(2) وَغَيْرَهُ.
ثُمَّ قَالَتْ: يَقُولُ لَكَ: (إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى نَبِيَّكَ كَيْفَ تُصَلّي(3)؟)، فَقُلْتُ: أقُولُ: اللهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَبَاركْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ كَأفْضَل مَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآل إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.).
ص: 653
فَقَالَتْ: لاَ، إِذَا صَلَّيْتَ عَلَيْهِمْ فَصَلّ عَلَيْهِمْ كُلّهِمْ وَسَمَّهِمْ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَلَمَّا كَانَتْ مِنَ الْغَدِ نَزَلَتْ وَمَعَهَا دَفْتَرٌ صَغِيرٌ، فَقَالَتْ: يَقُولُ لَكَ: (إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى النَّبِيَّ فَصَلّ عَلَيْهِ وَعَلَى أوْصِيَائِهِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ)، فَأخَذْتُهَا وَكُنْتُ أعْمَلُ بِهَا وَرَأيْتُ عِدَّةَ لَيَالٍ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْغُرْفَةِ وَضَوْءُ السَّرَاج قَائِمٌ وَكُنْتُ أفْتَحُ الْبَابَ وَأخْرُجُ عَلَى أثَر الضَّوْءِ وَأنَا أرَاهُ _ أعْنَى الضَّوْءَ _ وَلاَ أرَى أحَداً حَتَّى يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَأرَى جَمَاعَةً مِنَ الرَّجَال مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى يَأتُونَ بَابَ هَذِهِ الدَّار فَبَعْضُهُمْ يَدْفَعُونَ إِلَى الْعَجُوز رقَاعاً مَعَهُمْ وَرَأيْتُ الْعَجُوزَ قَدْ دَفَعَتْ إِلَيْهِمْ كَذَلِكَ الرَّقَاعَ فَيُكَلَّمُونَهَا وَتُكَلَّمُهُمْ وَلاَ أفْهَمُ عَيْنَهُمْ، وَرَأيْتُ مِنْهُمْ(1) فِي مُنْصَرَفِنَا جَمَاعَةً فِي طَريقِي إِلَى أنْ قَدِمْتُ بَغْدَادَ.
نُسْخَةُ الدَّفْتَر الَّذِي خَرَجَ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم، اللهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيَّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَخَاتَم النَّبِيَّينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، الْمُنْتَجَبِ فِي الْمِيثَاقِ، الْمُصْطَفَى فِي الظّلالِ، الْمُطَهَّر مِنْ كُلَّ آفَةٍ، الْبَرِي ءِ مِنْ كُلَّ عَيْبٍ، الْمُؤَمَّل لِلنَّجَاةِ، الْمُرْتَجَى لِلشَّفَاعَةِ، الْمُفَوَّض إِلَيْهِ دِينُ اللهِ.
اللهُمَّ شَرَّفْ بُنْيَانَهُ، وَعَظّمْ بُرْهَانَهُ، وَأفْلِجْ حُجَّتَهُ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ، وَأضِئْ نُورَهُ، وَبَيَّضْ وَجْهَهُ، وَأعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضِيلَةَ وَالْمَنْزلَةَ وَالْوَسِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ.
وَصَلّ عَلَى أمِير الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الْغُرَّ الْمُحَجَّلِينَ، وَسَيَّدِ الْوَصِيَّينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.).
ص: 654
وَصَلّ عَلَى الْحَسَن بْن عَلِيَّ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى مُوسَى بْن جَعْفَرٍ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى عَلِيَّ بْن مُوسَى، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى الْحَسَن بْن عَلِيَّ، إِمَام الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلّ عَلَى الْخَلَفِ الْهَادِي الْمَهْدِيَّ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ، وَحُجَّةِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
ص: 655
اللهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأهْل بَيْتِهِ الأئِمَّةِ الْهَادِينَ، الْعُلَمَاءِ الصَّادِقِينَ، الأبْرَارِ الْمُتَّقِينَ، دَعَائِم دِينكَ، وَأرْكَانِ تَوْحِيدِكَ، وَتَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ، وَحُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَخُلَفَائِكَ فِي أرْضِكَ، الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى عِبَادِكَ، وَارْتَضَيْتَهُمْ لِدِينكَ، وَخَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَجَلَّلْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ، وَغَشَّيْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ، وَرَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ، وَغَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ، وَألْبَسْتَهُمْ (مِنْ)(1) نُورَكَ، وَرَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ، وَحَفَفْتَهُمْ بِمَلائِكَتِكَ، وَشَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيَّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
اللهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِمْ صَلاةً كَثِيرَةً دَائِمَةً طَيَّبَةً، لا يُحِيطُ بِهَا إِلاّ أنْتَ، وَلا يَسَعُهَا إِلاّ عِلْمُكَ، وَلا يُحْصِيهَا أحَدٌ غَيْرُكَ.
اللهُمَّ وَصَلّ عَلَى وَلِيَّكَ الْمُحْيِي سُنَّتَكَ، الْقَائِم بأمْركَ، الدَّاعِي إِلَيْكَ، الدَّلِيل عَلَيْكَ، حُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَخَلِيفَتِكَ فِي أرْضِكَ، وَشَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ.
اللهُمَّ أعِزَّ نَصْرَهُ، وَمُدَّ فِي عُمْرهِ، وَزَيَّن الأرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ، اللهُمَّ اكْفِهِ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ، وَأعِذْهُ مِنْ شَرَّ الْكَائِدِينَ، وَازْجُرْ(2) عَنْهُ إِرَادَةَ الظَّالِمِينَ، وَخَلّصْهُ(3) مِنْ أيْدِي الْجَبَّارِينَ.
اللهُمَّ أعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَذُرَّيَّتِهِ وَشِيعَتِهِ وَرَعِيَّتِهِ وَخَاصَّتِهِ وَعَامَّتِهِ وَعَدُوَّهِ وَجَمِيع أهْل الدُّنْيَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَتَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَبَلَّغْهُ أفْضَلَ مَا أمَّلَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلَّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.
اللهُمَّ جَدَّدْ بِهِ مَا مُحِيَ مِنْ دِينكَ، وَأحْي بِهِ مَا بُدَّلَ مِنْ كِتَابِكَ، وَأظْهِرْ بِهِ مَا).
ص: 656
غُيَّرَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً خَالِصاً مُخْلِصاً لا شَكَّ فِيهِ، وَلا شُبْهَةَ مَعَهُ، وَلا بَاطِلَ عِنْدَهُ، وَلا بِدْعَةَ لَدَيْهِ.
اللهُمَّ نَوَّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ، وَهُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَاهْدِمْ بِعِزَّتِهِ كُلَّ ضَلالَةٍ، وَاقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ، وَأخْمِدْ بِسَيْفِهِ(1) كُلَّ نَارٍ، وَأَهْلِكْ بِعَدْلِهِ كُلَّ جَائِرٍ وَأجْر حُكْمَهُ عَلَى كُلَّ حُكْم، وَأذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ.
اللهُمَّ أذِلَّ كُلَّ مَنْ نَاوَاهُ، وَأهْلِكْ كُلَّ مَنْ عَادَاهُ، وَامْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ، وَاسْتَأصِلْ(2) مَنْ جَحَدَهُ حَقَّهُ وَاسْتَهَانَ بِأمْرهِ، وَسَعَى فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ، وَأرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرهِ.
اللهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى، وَعَلِيًّ الْمُرْتَضَى، وَفَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، وَالْحَسَن الرَّضَا، وَالْحُسَيْن الْمُصْطَفَى، وَجَمِيع الأوْصِيَاءِ، مَصَابِيح الدُّجَى، وَأعْلام الْهُدَى وَمَنَارِ التُّقَى، وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَالْحَبْل الْمَتِين، وَالصّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَصَلّ عَلَى وَلِيَّكَ وَوُلاةِ عَهْدِهِ، وَالأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَمُدَّ فِي أعْمَارِهِمْ، وَزِدْ(3) فِي آجَالِهِمْ وَبَلَّغْهُمْ أقْصَى آمَالِهِمْ دِيناً وَدُنْيَاً وَآخِرَةً إِنَّكَ عَلَى كُلَّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ)(4).
دلائل الإمامة للطبري: قال: نقلت هذا الخبر من أصل بخطّ شيخنا أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري، قال: حدَّثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاساني، عن الحسين بن محمّد، عن يعقوب بن يوسف، مثله(5).4.
ص: 657
بيان: رجل ربعة أي لا طويل ولا قصير، قوله: (إلى الصفرة ما هو) أي مائل إلى الصفرة وما هو بأصفر، قوله: (في نعل طاق) أي من غير أن يلبس تحته شيئاً من جورب ونحوه، قوله: (ضرب على قلبي) أي اُغمي عليَّ وأغفلت أن أعرف أنَّ هذه الأمور ينبغي أن يكون من إعجازه، من قوله تعالى: ((فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ))(1) أي حجاباً، ويحتمل أن يكون كناية عن تزلزل القلب واضطرابه، والفتنة هنا الشكّ(2).
16 _ أمالي الطوسي: أبُو مُحَمَّدٍ الْفَهَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو الطَّيَّبِ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن بُطَّةَ وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ الْمَشْهَدَ وَيَزُورُ مِنْ وَرَاءِ الشُّبَّاكِ، فَقَالَ لِي: جِئْتُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ نِصْفَ نَهَار ظُهْرٍ(3) وَالشَّمْسُ تَغْلِي وَالطَّريقُ خَالٍ مِنْ أحَدٍ وَأنَا فَزعٌ مِنَ الدُّعَّار(4) وَمِنْ أهْل الْبَلَدِ الْجُفَاةِ(5) إِلَى أنْ بَلَغْتُ الْحَائِطَ الَّذِي أمْضِي مِنْهُ إِلَى الْبُسْتَان(6).
فَمَدَدْتُ عَيْني وَإِذَا بِرَجُلٍ جَالِسٌ عَلَى الْبَابِ ظَهْرُهُ إِلَيَّ كَأنَّهُ يَنْظُرُ فِي دَفْتَرٍ فَقَالَ لِي: (إِلَى أيْنَ يَا بَا الطَّيَّبِ؟)، بِصَوْتٍ يُشْبِهُ صَوْتَ حُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي(7) جَعْفَرٍ ابْن الرَّضَا، فَقُلْتُ: هَذَا حُسَيْنٌ قَدْ جَاءَ يَزُورُ أخَاهُ، قُلْتُ: يَا سَيَّدِي أمْضِي أزُورُ مِنَ الشُّبَّاكِ وَأجِيئُكَ فَأقْضِي حَقَّكَ، قَالَ: (وَلِمَر.
ص: 658
لاَ تَدْخُلُ يَا بَا الطَّيَّبِ؟)، فَقُلْتُ لَهُ: الدَّارُ لَهَا مَالِكٌ لاَ أدْخُلُهَا مِنْ غَيْر إِذْنِهِ، فَقَالَ: (يَا بَا الطَّيَّبِ تَكُونُ مَوْلاَنَا رقّاً وَتُوَالِينَا حَقّاً وَنَمْنَعُكَ تَدْخُلُ الدَّارَ، ادْخُلْ يَا بَا الطَّيَّبِ)، فَقُلْتُ: أمْضِي اُسَلّمُ إِلَيْهِ(1) وَلاَ أقْبَلُ مِنْهُ، فَجِئْتُ إِلَى الْبَابِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أحَدٌ فَتَعَسَّرَ بِي(2) فَبَادَرْتُ إِلَى عِنْدِ الْبَصْريَّ خَادِم الْمَوْضِع فَفَتَحَ لِيَ الْبَابَ فَدَخَلْتُ.
فَكُنَّا نَقُولُ: ألَيْسَ كُنْتَ لاَ تَدْخُلُ الدَّارَ؟ فَقَالَ: أمَّا أنَا فَقَدْ أذِنُوا لِي وَبَقِيتُمْ أنْتُمْ(3).
17 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْوَرَّاقُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام وَأنَا اُريدُ أنْ أسْألَهُ عَن الْخَلَفِ(4) بَعْدَه،ُ فَقَالَ لِي مُبْتَدِئاً: (يَا أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُخْل الأرْضَ مُنْذُ خَلَقَ آدَمَ وَلاَ تَخْلُو إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ(5) مِنْ حُجَّةِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، (بِهِ)(6) يَدْفَعُ الْبَلاَءَ عَنْ أهْل الأرْض، وَبِهِ يُنَزّلُ الْغَيْثَ، وَبِهِ يُخْرجُ بَرَكَاتِ الأرْض).
قَالَ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ فَمَن الإمَامُ وَالْخَلِيفَةُ بَعْدَكَ؟ فَنَهَضَ عليه السلام فَدَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ وَعَلَى عَاتِقِهِ غُلاَمٌ كَأنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْر، مِنْ أبْنَاءِ ثَلاَثِ سِنينَ فَقَالَ: (يَا أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ لَوْ لاَ كَرَامَتُكَر.
ص: 659
عَلَى اللهِ وَعَلَى حُجَجِهِ مَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ ابْني هَذَا، إِنَّهُ سَمِيُّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَنِيُّهُ، الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَا أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ مَثَلُهُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مَثَلُ الْخَضِر عليه السلام وَمَثَلُهُ كَمَثَل(1) ذِي الْقَرْنَيْن، وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ غَيْبَةً لاَ يَنْجُو فِيهَا مِنَ التَّهْلُكَةِ(2) إِلاَّ مَنْ يُثْبِتُهُ اللهُ عَلَى الْقَوْل بِإمَامَتِهِ، وَوَفَّقَهُ(3) لِلدُّعَاءِ بِتَعْجِيل فَرَجِهِ).
قَالَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا مَوْلاَيَ هَلْ مِنْ عَلاَمَةٍ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا قَلْبِي؟ فَنَطَقَ الْغُلاَمُ عليه السلام بِلِسَانٍ عَرَبيًّ فَصِيح، فَقَالَ: (أنَا بَقِيَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ، وَالْمُنْتَقِمُ مِنْ أعْدَائِهِ، فَلاَ تَطْلُبْ أثَراً بَعْدَ عَيْنٍ يَا أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ).
فَقَالَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَخَرَجْتُ مَسْرُوراً فَرحاً فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ عُدْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ لَقَدْ عَظُمَ سُرُوري بِمَا أنْعَمْتَ(4) عَلَيَّ فَمَا السُّنَّةُ الْجَاريَةُ فِيهِ مِنَ الْخَضِر وَذِي الْقَرْنَيْن؟ فَقَالَ: (طُولُ الْغَيْبَةِ يَا أحْمَدُ)، فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ وَإِنَّ غَيْبَتَهُ لَتَطُولُ؟ قَالَ: (إِي وَرَبَّي حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر أكْثَرُ الْقَائِلِينَ بِهِ، فَلاَ يَبْقَى إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ عَهْدَهُ بِوَلاَيَتِنَا وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الإيمَانَ وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ.
يَا أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ! هَذَا أمْرٌ مِنْ أمْر اللهِ، وَسِرٌّ مِنْ سِرَّ اللهِ، وَغَيْبٌ مِنْ غَيْبِ اللهِ، فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَاكْتُمْهُ، وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرينَ، تَكُنْ(5) غَداً فِي عِلّيَّينَ).).
ص: 660
قَالَ الصَّدُوقُ رحمه الله: لَمْ أسْمَعُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلاَّ مِنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ الْوَرَّاقِ وَوَجَدْتُهُ مُثْبَتاً بِخَطّهِ فَسَألْتُهُ عَنْهُ فَرَوَاهُ لِي (قِرَاءَةً)(1) عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ رضي الله عنه كَمَا ذَكَرْتُهُ(2).
18 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن هَارُونَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَنْ يَعْقُوبَ بْن منفوس(3)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى دُكَّانٍ فِي الدَّار وَعَنْ يَمِينهِ بَيْتٌ عَلَيْهِ سِتْرٌ مُسْبَلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: سَيَّدِي مَنْ صَاحِبُ هَذَا الأمْر؟ فَقَالَ: (ارْفَع السَّتْرَ)، فَرَفَعْتُهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا غُلاَمٌ خُمَاسِيٌّ لَهُ عَشْرٌ أوْ ثَمَانٌ أوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَاضِحُ الْجَبِين، أبْيَضُ الْوَجْهِ، دُرَّيُّ الْمُقْلَتَيْن، شَثْنُ الْكَفَّيْن، مَعْطُوفُ الرُّكْبَتَيْن، فِي خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ، وَفِي رَأسِهِ ذُؤَابَةٌ، فَجَلَسَ عَلَى فَخِذِ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (هَذَا صَاحِبُكُمْ)، ثُمَّ وَثَبَ فَقَالَ لَهُ: (يَا بُنَيَّ ادْخُلْ إِلَى الْوَقْتِ الْمَعْلُوم)، فَدَخَلَ الْبَيْتَ وَأنَا أنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا يَعْقُوبُ انْظُرْ مَنْ فِي الْبَيْتِ؟)، فَدَخَلْتُ فَمَا رَأيْتُ أحَدا(4).
إيضاح: قوله: (درّي المقلتين) المراد به شدّة بياض العين أو تلالؤ جميع الحدقة من قولهم: كوكب درّئ بالهمز ودونها، قوله: (معطوف الركبتين) أي كانتا مائلتين إلى القدام لعظمهما وغلظهما كما أنَّ شثن الكفين غلظهما.2.
ص: 661
19 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن بْن الْفَرَج(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْكَرْخِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا هَارُونَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِنَا يَقُولُ: رَأيْتُ صَاحِبَ الزَّمَان عليه السلام وَوَجْهُهُ يُضِيءُ كَأنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْر، وَرَأيْتُ عَلَى سُرَّتِهِ شَعْراً يَجْري كَالْخَطّ، وَكَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ فَوَجَدْتُهُ مَخْتُوناً، فَسَألْتُ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: (هَكَذَا وُلِدَ، وَهَكَذَا وُلِدْنَا وَلَكِنَّا سَنُمِرُّ الْمُوسَى لإصَابَةِ السُّنَّةِ)(2).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، مثله(3).
20 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ جَعْفَرٍ الْفَزَاريَّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن حُكَيْم(4) وَمُحَمَّدِ بْن أيُّوبَ بْن نُوح وَمُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ، قَالُوا: عَرَضَ عَلَيْنَا أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام ابْنَهُ وَنَحْنُ فِي مَنْزلِهِ وَكُنَّا أرْبَعِينَ رَجُلاً، فَقَالَ: (هَذَا إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ، أطِيعُوا(5) وَلاَ تَتَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِي فَتَهْلِكُوا فِي أدْيَانِكُمْ، أمَا إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَهُ بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا).
قَالُوا: فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَمَا مَضَتْ إِلاَّ أيَّامٌ قَلاَئِلُ حَتَّى مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام(6).
بيان: قوله عليه السلام: (أما إنَّكم لا ترونه) أي أكثر كم أو عن قريب2.
ص: 662
فإنَّ الظاهر أنَّ محمّد بن عثمان كان يراه في أيام سفارته، وهو الظاهر من الخبر الآتي مع أنَّه يحتمل أن يكون في أيام سفارته، تصل إليه الكتب من وراء حجاب أو بوسائط وما أخبر به في الخبر الآتي يكون إخباراً عن هذه المرّة لكنَّهما بعيدان.
21 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الْحِمْيَريَّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ رضي الله عنه: إِنّي أسْألُكَ سُؤَالَ إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ عزّ وجل حِينَ قَالَ: ((رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي))(1)، أخْبِرْني عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر هَلْ رَأيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَهُ رَقَبَةٌ مِثْلُ ذِي وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عُنُقِهِ(2).
22 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ وَابْنُ عِصَام وَالْوَرَّاقُ جَمِيعاً، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَالْحُسَيْن ابْنَيْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ(3) فِي سَنَةِ تِسْع وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن الْعَبْدِيُّ _ مِنْ عَبْدِ قَيْسٍ _، عَنْ ضَوْءِ بْن عليًّ الْعِجْلِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل فَارسَ سَمَّاهُ، قَالَ: أتَيْتُ سُرَّ مَنْ رَأى فَلَزمْتُ بَابَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَدَعَانِي مِنْ غَيْر أنْ أسْتَأذِنَ فَلَمَّا دَخَلْتُ وَسَلَّمْتُ قَالَ لِي: (يَا أبَا فُلاَنٍ كَيْفَ حَالُكَ؟)، ثُمَّ قَالَ لِي: (اقْعُدْ يَا فُلاَنُ)، ثُمَّ سَألَنِي عَنْ رجَالٍ وَنسَاءٍ مِنْ أهْلِي، ثُمَّ قَالَ لِي: (مَا الَّذِي أقْدَمَكَ(4)؟)، قُلْتُ: رَغْبَةٌ فِي خِدْمَتِكَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: (الْزَم الدَّارَ)، قَالَ: فَكُنْتُ فِي الدَّار مَعَ الْخَدَم ثُمَّ صِرْتُ).
ص: 663
أشْتَري لَهُمُ الْحَوَائِجَ مِنَ السُّوقِ وَكُنْتُ أدْخُلُ مِنْ غَيْر إِذْنٍ إِذَا كَانَ فِي دَار الرَّجَال.
فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً فِي دَار الرَّجَال فَسَمِعْتُ حَرَكَةً فِي الْبَيْتِ فَنَادَانِي: (مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ!)، فَلَمْ أجْسُرْ أدْخُلُ وَلاَ أخْرُجُ، فَخَرَجَتْ عَلَيَّ جَاريَةٌ وَمَعَهَا شَيْءٌ مُغَطًّى ثُمَّ نَادَانِي: (ادْخُلْ)، فَدَخَلْتُ وَنَادَى الْجَاريَةَ فَرَجَعَتْ فَقَالَ لَهَا: (اكْشِفِي عَمَّا مَعَكِ)، فَكَشَفَتْ عَنْ غُلاَم أبْيَضَ حَسَن الْوَجْهِ وَكَشَفَ(1) عَنْ بَطْنِهِ فَإذَا شَعَرَاتٌ(2) مِنْ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ أخْضَرُ لَيْسَ بِأسْوَدَ، فَقَالَ: (هَذَا صَاحِبُكُمْ)، ثُمَّ أمَرَهَا فَحَمَلَتْهُ فَمَا رَأيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ صلوات الله عليه.
قَالَ ضَوْءُ بْنُ عليًّ: فَقُلْتُ لِلْفَارسِيَّ: كَمْ كُنْتَ تُقَدَّرُ لَهُ مِنَ الْعُمُر(3)؟ قَالَ: سَنَتَيْن.
قَالَ الْعَبْدِيُّ: قُلْتُ لِضَوْءٍ: كَمْ تُقَدَّرُ لَهُ فِي وَقْتِنَا الآنَ؟ قَالَ: أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ أبُو عليًّ وَأبُو عَبْدِ اللهِ: وَنَحْنُ نُقَدَّرُ لَهُ الآنَ إِحْدَى وَعِشْرينَ سَنَةً(4).
الغيبة للطوسي: الكليني، مثله(5).
23 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن حَاتِم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْفَارسِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن4.
ص: 664
إِسْمَاعِيلَ بْن بِلاَلٍ، عَن الأزْهَريَّ مَسْرُور بْن الْعَاص، عَنْ مُسْلِم بْن الْفَضْل، قَالَ: أتَيْتُ أبَا سَعِيدٍ غَانِمَ بْنَ سَعِيدٍ الْهِنْدِيَّ بِالْكُوفَةِ فَجَلَسْتُ فَلَمَّا طَالَتْ مُجَالَسَتِي إِيَّاهُ سَألْتُهُ عَنْ حَالِهِ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ إِلَيَّ شَيْءٌ مِنْ خَبَرهِ.
فَقَالَ: كُنْتُ مِنْ بَلَدِ(1) الْهِنْدِ بِمَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: قِشْمِيرُ الدَّاخِلَةُ وَنَحْنُ أرْبَعُونَ رَجُلا(2).
وَحَدَّثَنَا أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَّنٍ الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن قَيْسٍ، عَنْ غَانِم بْن(3) سَعِيدٍ الْهِنْدِيَّ(4).
قَالَ عَلاَّنٌ: وَحَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدٍ الأشْعَريَّ، عَنْ غَانِم، قَالَ: كُنْتُ أكُونُ(5) مَعَ مَلِكِ الْهِنْدِ فِي قِشْمِيرَ الدَّاخِلَةِ، وَنَحْنُ أرْبَعُونَ رَجُلاً نَقْعُدُ حَوْلَ كُرْسِيَّ الْمَلِكِ، قَدْ قَرَأنَا التَّوْرَاةَ، وَالإنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَيَفْزَعُ إِلَيْنَا فِي الْعِلْم، فَتَذَاكَرْنَا يَوْماً مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم وَقُلْنَا: نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا فَاتَّفَقْنَا عَلَى أنْ أخْرُجَ فِي طَلَبِهِ وَأبْحَثَ عَنْهُ.
فَخَرَجْتُ وَمَعِي مَالٌ فَقَطَعَ عَلَيَّ التُّرْكُ وَشَلَّحُوني فَوَقَعْتُ إِلَى كَابُلَ وَخَرَجْتُ مِنْ كَابُلَ إِلَى بَلْخ، وَالأمِيرُ بِهَا ابْنُ أبِي شور(6) فَأتَيْتُهُ وَعَرَّفْتُهُ مَا خَرَجْتُ لَهُ، فَجَمَعَ الْفُقَهَاءَ وَالْعُلَمَاءَ لِمُنَاظَرَتِي فَسَألْتُهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَالُوا: هُوَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَقَدْ مَاتَ، فَقُلْتُ: وَمَنْ كَانَ خَلِيفَتَهُ؟د.
ص: 665
قَالُوا: أبُو بَكْرٍ، فَقُلْتُ: انْسُبُوهُ لِي، فَنَسَبُوهُ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا بنبيّ(1) أنَّ الَّذِي(2) نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا خَلِيفَتُهُ ابْنُ عَمَّهِ وَزَوْجُ ابْنَتِهِ وَأبُو وُلْدِهِ، فَقَالُوا لِلأمِير: إِنَّ هَذَا قَدْ خَرَجَ مِنَ الشّرْكِ إِلَى الْكُفْر، فَمُرْ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: أنَا مُتَمَسَّكٌ بِدِينٍ لاَ أدَعُهُ إِلاَّ بِبَيَانٍ.
فَدَعَا الأمِيرُ الْحُسَيْنَ بْنَ إِشْكِيبَ(3) وَقَالَ لَهُ: يَا حُسَيْنُ نَاظِر الرَّجُلَ، فَقَالَ: الْعُلَمَاءُ وَالْفُقَهَاءُ حَوْلَكَ فَمُرْهُمْ بِمُنَاظَرَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: نَاظِرْهُ كَمَا أقُولُ لَكَ وَاخْلُ بِهِ وَالْطُفْ لَهُ، فَقَالَ: فَخَلاَ بِيَ الْحُسَيْنُ فَسَألْتُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالُوهُ لَكَ غَيْرَ أنَّ خَلِيفَتَهُ ابْنُ عَمَّهِ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَهُوَ زَوْجُ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ وَأبُو وُلْدِهِ الْحَسَن وَالْحُسَيْن، فَقُلْتُ: أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَصِرْتُ إِلَى الأمِير فَأسْلَمْتُ، فَمَضَى بِي إِلَى الْحُسَيْن فَفَقَّهَني.
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي كُتُبِنَا أنَّهُ لاَ يَمْضِي خَلِيفَةٌ إِلاَّ عَنْ خَلِيفَةٍ فَمَنْ كَانَ خَلِيفَةَ عليًّ؟ قَالَ: الْحَسَنُ، ثُمَّ الْحُسَيْنُ، ثُمَّ سَمَّى الأئِمَّةَ(4) حَتَّى بَلَغَ إِلَى الْحَسَن، ثُمَّ قَالَ لِي: تَحْتَاجُ أنْ تَطْلُبَ خَلِيفَةَ الْحَسَن وَتَسْألَ عَنْهُ فَخَرَجْتُ فِي الطَّلَبِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَوَافَى مَعَنَا بَغْدَادَ فَذَكَرَ لَنَا أنَّهُ كَانَ مَعَهُ رَفِيقٌ قَدْ صَحِبَهُ عَلَى هَذَا الأمْر فَكَرهَ بَعْضَ أخْلاَقِهِ فَفَارَقَهُ، قَالَ: فَبَيْنَا أنَا يَوْماً وَقَدْ مَشَيْتُ(5) فِي الصَّرَاةِ(6) وَأنَا مُفَكّرٌ فِيمَا خَرَجْتُ لَهُ إِذْ أتَانِي آتٍ فَقَالَ).
ص: 666
لِي: أجِبْ مَوْلاَكَ، فَلَمْ يَزَلْ يَخْتَرقُ بِيَ الْمُحَالَ حَتَّى أدْخَلَنِي دَاراً وَبُسْتَاناً وَإِذَا بِمَوْلاَيَ عليه السلام جَالِسٌ(1)، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ كَلَّمَنِي بِالْهِنْدِيَّةِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ وَأخْبَرَني بِاسْمِي وَسَألَنِي عَن الأرْبَعِينَ رَجُلاً بِأسْمَائِهِمْ عَن اسْم رَجُلٍ رَجُلٍ، ثُمَّ قَالَ لِي: (تُريدُ الْحَجَّ مَعَ أهْل قُمَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَلاَ تَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَانْصَرفْ إِلَى خُرَاسَانَ وَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ)، قَالَ: وَرَمَى إِلَيَّ بِصُرَّةٍ وَقَالَ: (اجْعَلْ هَذِهِ فِي نَفَقَتِكَ وَلاَ تَدْخُلْ فِي بَغْدَادَ دَارَ أحَدٍ وَلاَ تُخْبِرْ بِشَيْ ءٍ مِمَّا رَأيْتَ).
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَانْصَرَفْتُ(2) مِنَ الْعَقَبَةِ وَلَمْ يُقْضَ لَنَا الْحَجُّ وَخَرَجَ غَانِمٌ إِلَى خُرَاسَانَ وَانْصَرَفَ مِنْ قَابِلٍ حَاجّاً فَبَعَثَ إِلَيْهِ(3) بِألْطَافٍ وَلَمْ يَدْخُلْ قُمَّ وَحَجَّ وَانْصَرَفَ إِلَى خُرَاسَانَ فَمَاتَ رحمه الله(4).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْكَابُلِيَّ: وَقَدْ كُنْتُ رَأيْتُهُ عِنْدَ أبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ أنَّهُ خَرَجَ مِنْ كَابُلَ مُرْتَاداً وَطَالِب(5) وَأنَّهُ وَجَدَ صِحَّةَ هَذَا الدَّين فِي الإنْجِيل وَبهِ اهْتَدَى.
فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ قَدْ وَصَلَ فَتَرَصَّدْتُ لَهُ حَتَّى لَقِيتُهُ فَسَألْتُهُ عَنْ خَبَرهِ فَذَكَرَ أنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي الطَّلَبِ وَأنَّهُ أقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَكَانَ لاَ يَذْكُرُهُ لأحَدٍ إِلاَّ زَجَرَهُ فَلَقِيَ شَيْخاً مِنْ بَنِي هَاشِم وَهُوَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُرَيْضِيُّ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُهُ بِصِرْيَاءَ.).
ص: 667
قَالَ: فَقَصَدْتُ صِرْيَاءَ وَجِئْتُ إِلَى دِهْلِيزٍ مَرْشُوشٍ وَطَرَحْتُ نَفْسِي عَلَى الدُّكَّان فَخَرَجَ إِلَيَّ غُلاَمٌ أسْوَدُ فَزَجَرَني وَانْتَهَرَني وَقَالَ: قُمْ مِنْ هَذَا الْمَكَان وَانْصَرفْ.
فَقُلْتُ: لاَ أفْعَلُ، فَدَخَلَ الدَّارَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ وَقَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ فَإذَا مَوْلاَيَ عليه السلام قَاعِدٌ وَسَطَ الدَّارَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ سَمَّانِي بِاسْم(1) لَمْ يَعْرفْهُ أحَدٌ إِلاَّ أهْلِي بِكَابُلَ وَأخْبَرَني بِأشْيَاءَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ نَفَقَتِي ذَهَبَتْ فَمُرْ لِي بِنَفَقَةٍ، فَقَالَ لِي: (أمَا إِنَّهَا سَتَذْهَبُ بِكَذِبكَ)، وَأعْطَانِي نَفَقَةً فَضَاعَ مِنّي مَا كَانَ مَعِي وَسَلِمَ مَا أعْطَانِي، ثُمَّ انْصَرَفْتُ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ فَلَمْ أجِدْ فِي الدَّار أحَد(2).
بيان: (التشليح) التعرية، و(الصراة) بالفتح نهر بالعراق أي كنت أمشي في شاطئها، وفي بعض النسخ: (تمسَّحت) أي توضأت(3)، وفي بعضها: (تمسَّيت) أي وصلت إليها مساء، قوله: (فذكر) أي محمّد بن شاذان، ويحتمل أبا سعيد وهو بعيد، قوله: (إنَّه قد وصل) يعني أبا سعيد.
24 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ فَقُلْتُ لَهُ: رَأيْتَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر؟ قَالَ: نَعَمْ، وَآخِرُ عَهْدِي بِهِ عِنْدَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَام وَهُوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ أنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي)(4).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ رضي الله عنه، قَالَ: رَأيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ مُتَعَلَّقاً بِأسْتَار الْكَعْبَةِ فِي الْمُسْتَجَار وَهُوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ انْتَقِمْ مِنْ أعْدَائِي).9.
ص: 668
الغيبة للطوسي: جماعة، عن الصدوق، عن أبيه، وابن المتوكّل، وابن الوليد جميعاً، عن الحميري، مثل الخبرين(1).
25 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن الدَّقَّاقِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الْعَلَويَّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي نَسِيمُ خَادِمُ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام، (قَالَتْ)(2):دَخَلْتُ عَلَى صَاحِبِ الأمْر عليه السلام بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِلَيْلَةٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ لِي: (يَرْحَمُكِ اللهُ)، قَالَتْ نَسِيمُ: فَفَرحْتُ(3)، فَقَالَ لِي عليه السلام: (ألاَ اُبَشَّرُكِ فِي الْعُطَاس؟)، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (هُوَ أمَانٌ مِنَ الْمَوْتِ ثَلاَثَةَ أيَّام)(4).
26 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الْعَلَويَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَريفٌ أبُو نَصْرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى صَاحِبِ الزَّمَان فَقَالَ: (عَلَيَّ بِالصَّنْدَل الأحْمَر)، فَأتَيْتُهُ(5) ثُمَّ قَالَ: (أتَعْرفُنِي؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (مَنْ أنَا؟)، فَقُلْتُ: أنْتَ سَيَّدِي وَابْنُ سَيَّدِي.
فَقَالَ: (لَيْسَ عَنْ هَذَا سَألْتُكَ)، قَالَ طَريفٌ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَسَّرْ(6) لِي، قَالَ: (أنَا خَاتِمُ الأوْصِيَاءِ، وَبي يَدْفَعُ اللهُ الْبَلاَءَ عَنْ أهْلِي وَشِيعَتِي)(7).2.
ص: 669
الغيبة للطوسي: علان، عن طريف أبي نصر الخادم، مثله(1).
دعوات الراوندي: عن طريف، مثله(2).
27 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أبِي عليًّ الأسَدِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيَّ أنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَ مَن انْتَهَى إِلَيْهِ مِمَّنْ وَقَفَ عَلَى مُعْجِزَاتِ صَاحِبِ الزَّمَان صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَرَآهُ مِنَ الْوُكَلاَءِ بِبَغْدَادَ: الْعَمْريُّ، وَابْنُهُ، وَحَاجِزٌ، وَالْبِلاَلِيُّ، وَالْعَطَّارُ، وَمِنَ الْكُوفَةِ: الْعَاصِمِيُّ، وَمِنَ الأهْوَاز: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، وَمِنْ أهْل قُمَّ: أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَمِنْ أهْل هَمَذَانَ(3): مُحَمَّدُ بْنُ صَالِح، وَمِنْ أهْل الرَّيَّ: الْبَسَّامِيُّ(4)، وَالأسَدِيُّ _ يَعْنِي نَفْسَهُ _، وَمِنْ أهْل آذَرْبيجَانَ: الْقَاسِمُ بْنُ الْعَلاَءِ، وَمِنْ نَيْسَابُورَ: مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ.
وَمِنْ غَيْر الْوُكَلاَءِ مِنْ أهْل بَغْدَادَ: أبُو الْقَاسِم بْنُ أبِي حَابِسٍ(5)، وَأبُو عَبْدِ اللهِ الْكِنْدِيُّ، وَأبُو عَبْدِ اللهِ الْجُنَيْدِيُّ، وَهَارُونُ الْقَزَّازُ، وَالنّيلِيُّ، وَأبُو الْقَاسِم بْنُ دُبَيْسٍ، وَأبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ فَرُّوخ، وَمَسْرُورٌ الطَّبَّاخُ مَوْلَى أبِي الْحَسَن عليه السلام، وَأحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا الْحَسَن، وَإِسْحَاقُ الْكَاتِبُ مِنْ بَنِي نِيبَخْتَ(6)، وَصَاحِبُ الْفِرَاءِ(7)، وَصَاحِبُ الصُّرَّةِ الْمَخْتُومَةِ.).
ص: 670
وَمِنْ هَمَذَانَ: مُحَمَّدُ بْنُ كِشْمَرْدَ، وَجَعْفَرُ بْنُ حَمْدَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْن عِمْرَانَ، وَمِنَ الدَّينَوَر: حَسَنُ بْنُ هَارُونَ، وَأحْمَدُ ابْنُ أخِيهِ، وَأبُو الْحَسَن، وَمِنْ أصْفَهَانَ: ابْنُ بَادَاشَاكَةَ(1)، وَمِنَ الصَّيْمَرَةِ: زَيْدَانُ، وَمِنْ قُمَّ: الْحَسَنُ بْنُ نَضْرٍ(2)، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، وَأبُوهُ، وَالْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَمِنْ أهْل الرَّيَّ: الْقَاسِمُ بْنُ مُوسَى، وَابْنُهُ، وَأبُو مُحَمَّدِ بْنُ هَارُونَ، وَصَاحِبُ الْحَصَاةِ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُلَيْنيُّ، وَأبُو جَعْفَرٍ الرفا(3)، وَمِنْ قَزْوينَ: مِرْدَاسٌ، وَعَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، وَمِنْ قَابِسٍ(4): رَجُلاَن، وَمِنْ شَهْرَزُورَ: ابْنُ الْخَال، وَمِنْ فَارسَ: الْمَجْرُوحُ(5)، وَمِنْ مَرْوَ: صَاحِبُ الألْفِ دِينَارٍ، وَصَاحِبُ الْمَال وَالرُّقْعَةِ الْبَيْضَاءِ، وَأبُو ثَابِتٍ، وَمِنْ نَيْسَابُورَ: مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْن صَالِح، وَمِنَ الْيَمَن: الْفَضْلُ بْنُ يَزيدَ، وَالْحَسَنُ ابْنُهُ، وَالْجَعْفَريُّ، وَابْنُ الأعْجَمِيَّ، وَالشّمْشَاطِيَّ، وَمِنْ مِصْرَ: صَاحِبُ الْمَوْلُودَيْن، وَصَاحِبُ الْمَال بِمَكَّةَ، وَأبُو رَجَاءٍ، وَمِنْ نَصِيبينَ: أبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْوَجْنَاءِ، وَمِنَ الأهْوَاز: الْحُصَيْنيُّ(6).
28 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ الْكُوفِيَّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن إِبْرَاهِيمَ الرَّقّيَّ، عَن الْحَسَن بْن وَجْنَاءَ النَّصِيبيَّ، قَالَ: كُنْتُ سَاجِداً تَحْتَ الْمِيزَابِ فِي رَابِع أرْبَع وَخَمْسِينَ حَجَّةً بَعْدَ الْعَتَمَةِ وَأنَا6.
ص: 671
أتَضَرَّعُ فِي الدُّعَاءِ إِذْ حَرَّكَنِي مُحَرَّكٌ فَقَالَ: قُمْ يَا حَسَنَ بْنَ وَجْنَاءَ، قَالَ: فَقُمْتُ فَإذَا جَاريَةٌ صَفْرَاءُ نَحِيفَةُ الْبَدَن، أقُولُ: إِنَّهَا مِنْ أبْنَاءِ أرْبَعِينَ فَمَا فَوْقَهَا، فَمَشَتْ بَيْنَ يَدَيَّ وَأنَا لاَ أسْألُهَا عَنْ شَيْ ءٍ حَتَّى أتَتْ بِي دَارَ خَدِيجَةَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهَا وَفِيهَا بَيْتٌ بَابُهُ فِي وَسَطِ الْحَائِطِ، وَلَهُ دَرَجَةُ سَاج يُرْتَقَى إِلَيْهِ(1).
فَصَعِدَتِ الْجَاريَةُ وَجَاءَنِي النّدَاءُ: (اصْعَدْ يَا حَسَنُ!)، فَصَعِدْتُ فَوَقَفْتُ بِالْبَابِ وَقَالَ لِي صَاحِبُ الزَّمَان عليه السلام: (يَا حَسَنُ أتَرَاكَ خَفِيتَ عَلَيَّ؟ وَاللهِ مَا مِنْ وَقْتٍ فِي حَجَّكَ إِلاَّ وَأنَا مَعَكَ فِيهِ)، ثُمَّ جَعَلَ يَعُدُّ عَلَيَّ أوْقَاتِي فَوَقَعْتُ (مَغْشِيّاً)(2) عَلَى وَجْهِي فَحَسَسْتُ بِيَدِهِ قَدْ وَقَعَتْ عَلَيَّ فَقُمْتُ، فَقَالَ لِي: (يَا حَسَنُ الْزَمْ بِالْمَدِينَةِ(3) دَارَ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، وَلاَ يُهِمَّنَّكَ طَعَامُكَ وَشَرَابُكَ(4) وَلاَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَكَ)، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيَّ دَفْتَراً فِيهِ دُعَاءُ الْفَرَج وَصَلاَةٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (فَبِهَذَا فَادْعُ، وَهَكَذَا صَلّ عَلَيَّ، وَلاَ تُعْطِهِ إِلاَّ مُحِقّي أوْلِيَائِي، فَإنَّ اللهَ جلّ جلاله مُوَفّقُكَ)، فَقُلْتُ: مَوْلاَيَ لاَ أرَاكَ بَعْدَهَا؟ فَقَالَ: (يَا حَسَنُ إِذَا شَاءَ اللهُ).
قَالَ: فَانْصَرَفْتُ مِنْ حَجَّتِي وَلَزمْتُ دَارَ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فَأنَا أخْرُجُ مِنْهَا فَلاَ أعُودُ إِلَيْهَا إِلاَّ لِثَلاَثِ خِصَالٍ: لِتَجْدِيدِ وُضُوءٍ، أوْ لِنَوْم، أوْ لِوَقْتِ الإفْطَار، فَأدْخُلُ بَيْتِي وَقْتَ الإفْطَار فَاُصِيبُ رُبَاعِيّاً مَمْلُوءاً مَاءً وَرَغِيفاً عَلَى رَأسِهِ عَلَيْهِ مَا تَشْتَهِي نَفْسِي بِالنَّهَار فَآكُلُ ذَلِكَ فَهُوَ كِفَايَةٌ لِي).
ص: 672
وَكِسْوَةُ الشّتَاءِ فِي وَقْتِ الشَّتَاءِ وَكِسْوَةُ الصَّيْفِ فِي وَقْتِ الصَّيْفِ، وَإِنّي لأدْخُلُ الْمَاءَ بِالنَّهَار فَأرُشُّ الْبَيْتَ وَأدَعُ الْكُوزَ فَارغاً وَاُوتَى(1) بِالطَّعَام وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْهِ فَأصَّدَّقُ بِهِ لَيْلاً لِئَلاَّ يَعْلَمَ بِي مَنْ مَعِي(2).
29 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: قَدِمْتُ مَدِينَةَ الرَّسُول وَآلِهِ(3)، فَبَحَثْتُ عَنْ أخْبَار آل أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ الأخِير عليه السلام فَلَمْ أقَعْ عَلَى شَيْ ءٍ مِنْهَا فَرَحَلْتُ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ مُسْتَبْحِثاً عَنْ ذَلِكَ، فَبَيْنَا أنَا فِي الطَّوَافِ إِذْ تَرَاءَى لِي فَتًى أسْمَرُ اللَّوْن، رَائِعُ الْحُسْن، جَمِيلُ الْمَخِيلَةِ، يُطِيلُ التَّوَسُّمَ فِيَّ، فَعَدَلْتُ(4) إِلَيْهِ مُؤَمَّلاً مِنْهُ عِرْفَانَ مَا قَصَدْتُ لَهُ.
فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْهُ سَلَّمْتُ فَأحْسَنَ الإجَابَةَ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ أيَّ الْبِلاَدِ أنْتَ؟
قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أهْل الْعِرَاقِ، قَالَ: مِنْ أيَّ الْعِرَاقِ؟ قُلْتُ: مِنَ الأهْوَاز، قَالَ: مَرْحَباً بِلِقَائِكَ، هَلْ تَعْرفُ بِهَا جَعْفَرَ بْنَ حَمْدَانَ الْخَصِيبيَّ(5)؟ قُلْتُ: دُعِيَ فَأجَابَ، قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، مَا كَانَ أطْوَلَ لَيْلِهِ وَأجْزَلَ نَيْلِهِ، فَهَلْ تَعْرفُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَهْزيَارَ؟
قُلْتُ: أنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزيَارَ، فَعَانَقَنِي مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ: مَرْحَباً بِكَ يَا أبَا إِسْحَاقَ، مَا فَعَلْتَ الْعَلاَمَةَ(6) الَّتِي وَشَجَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ).
ص: 673
اللهِ عَلَيْهِ؟ فَقُلْتُ: لَعَلَّكَ تُريدُ الْخَاتَمَ الَّذِي آثَرَنيَ اللهُ بِهِ مِنَ الطَّيَّبِ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام؟ قَالَ: مَا أرَدْتُ سِوَاهُ، فَأخْرَجْتُهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ اسْتَعْبَرَ وَقَبَّلَهُ، ثُمَّ قَرَأ كِتَابَتَهُ (وَكَانَتْ)(1): يَا اللهُ، يَا مُحَمَّدُ، يَا عَلِيُّ، ثُمَّ قَالَ: بِأبِي يَداً طَالَ مَا جُلْتُ فِيهاَ(2).
وَتَرَاخَى(3) بِنَا فُنُونُ الأحَادِيثِ إِلَى أنْ قَالَ لِي: يَا أبَا إِسْحَاقَ أخْبِرْني عَنْ عَظِيم مَا تَوَخَّيْتَ بَعْدَ الْحَجَّ، قُلْتُ: وَأبِيكَ مَا تَوَخَّيْتُ إِلاَّ مَا سَأسْتَعْلِمُكَ مَكْنُونَهُ، قَالَ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَإنّي شَارحٌ لَكَ إِنْ شَاءَ اللهُ.
قُلْتُ: هَلْ تَعْرفُ مِنْ أخْبَار آل أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ شَيْئاً؟ قَالَ: وَايْمُ اللهُ وَإِنّي لأعْرفُ الضَّوْءَ فِي جَبِين مُحَمَّدٍ وَمُوسَى ابْنَيِ الْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا وَإِنّي لَرَسُولُهُمَا إِلَيْكَ قَاصِداً لإنْبَائِكَ أمْرَهُمَا فَإنْ أحْبَبْتَ لِقَاءَهُمَاي.
ص: 674
وَالاكْتِحَالَ بِالتَّبَرُّكِ بِهِمَا فَارْحَلْ(1) مَعِي إِلَى الطَّائِفِ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِي خُفْيَةٍ مِنْ رجَالِكَ وَاكْتِتَام(2).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَشَخَصْتُ مَعَهُ إِلَى الطَّائِفِ أتَخَلَّلُ رَمْلَةً فَرَمْلَةً حَتَّى أخَذَ فِي بَعْض مَخَارج الْفَلاَةِ فَبَدَتْ لَنَا خَيْمَةُ شَعْرٍ قَدْ أشْرَفَتْ عَلَى أكَمَةِ رَمْلٍ يَتَلألأ(3) تِلْكَ الْبِقَاعُ مِنْهَا تَلألُؤاً فَبَدَرَني إِلَى الإذْن وَدَخَلَ مُسَلّماً عَلَيْهِمَا وَأعْلَمَهُمَا بِمَكَانِي.
فَخَرَجَ عَلَيَّ أحَدُهُمَا وَهُوَ الأكْبَرُ سِنّاً (م ح م د) بْنُ الْحَسَن صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَهُوَ غُلاَمٌ أمْرَدُ، نَاصِعُ اللَّوْن، وَاضِحُ الْجَبِين، أبْلَجُ الْحَاجِبِ، مَسْنُونُ الْخَدَّ(يْن)(4)، أقْنَى الأنْفِ، أشَمُّ أرْوَعُ كَأنَّهُ غُصْنُ بَانٍ، وَكَأنَّ صَفْحَةَ غُرَّتِهِ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ، بِخَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ فُتَاتَةُ(5) مِسْكٍ عَلَى بَيَاض الْفِضَّةِ، فَإِذَا بِرَأسِهِ وَفْرَةٌ سَحْمَاءُ سَبِطَةٌ تُطَالِعُ شَحْمَةَ اُذُنِهِ، لَهُ سَمْتٌ مَا رَأتِ الْعُيُونُ أقْصَدَ مِنْهُ، وَلاَ أعْرَفَ حُسْناً وَسَكِينَةً وَحَيَاءً.
فَلَمَّا مُثّلَ لِي أسْرَعْتُ إِلَى تَلَقّيهِ فَأكْبَبْتُ عَلَيْهِ ألْثِمُ كُلَّ جَارحَةٍ مِنْهُ، فَقَالَ لِي: (مَرْحَباً بِكَ يَا بَا إِسْحَاقَ لَقَدْ كَانَتِ الأيَّامُ تَعِدُنِي وُشْكَ لِقَائِكَ، وَالْمُعَاتِبُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَلَى تَشَاحُطِ الدَّار وَتَرَاخِي الْمَزَار، تَتَخَيَّلُ لِي صُورَتَكَ، حَتَّى كَأنْ(6) لَمْ نَخْلُ طَرْفَةَ عَيْنٍ مِنْ طِيبِ الْمُحَادَثَةِ، وَخَيَال).
ص: 675
الْمُشَاهَدَةِ، وَأنَا أحْمَدُ اللهَ رَبَّي وَلِيَّ الْحَمْدِ عَلَى مَا قَيَّضَ مِنَ التَّلاَقِي وَرَفَّهَ مِنْ كُرْبَةِ التَّنَازُع وَالاسْتِشْرَافِ).
ثُمَّ سَألَنِي عَنْ إِخْوَانِي مُتَقَدَّمِهَا وَمُتَأخّرهَا، فَقُلْتُ: بِأبِي أنْتَ وَاُمَّي مَا زلْتُ اُفَحَّصُ عَنْ أمْركَ بَلَداً فَبَلَداً مُنْذُ اسْتَأثَرَ اللهُ بِسَيَّدِي أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَاسْتَغْلَقَ عَلَيَّ ذَلِكَ حَتَّى مَنَّ اللهُ عَلَيَّ بِمَنْ أرْشَدَنِي إِلَيْكَ، وَدَلَّنِي عَلَيْكَ، وَالشُّكْرُ للهِ عَلَى مَا أوْزَعَنِي فِيكَ مِنْ كَريم الْيَدِ وَالطَّوْل، ثُمَّ نَسَبَ نَفْسَهُ وَأخَاهُ مُوسَى وَاعْتَزَلَ(1) فِي نَاحِيَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ أبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَهِدَ إِلَيَّ أنْ لاَ اُوَطّنَ مِنَ الأرْض إِلاَّ أخْفَاهَا وَأقْصَاهَا إِسْرَاراً لأمْري وَتَحْصِيناً لِمَحَلَّي مِنْ مَكَائِدِ(2) أهْل الضَّلاَل، وَالْمَرَدَةِ مِنْ أحْدَاثِ الاُمَم الضَّوَالّ فَنَبَذَنِي إِلَى عَالِيَةِ الرَّمَال، وَجُبْتُ صَرَائِمَ الأرْض تُنْظِرُنِي الْغَايَةَ الَّتِي عِنْدَهَا يَحِلُّ الأمْرُ، وَيَنْجَلِي الْهَلَعُ، وَكَانَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أنْبَطَ لِي مِنْ خَزَائِن الْحِكَم، وَكَوَامِن الْعُلُوم، مَا إِنْ أشَعْتُ إِلَيْكَ مِنْهُ جُزْءاً أغْنَاكَ عَن الْجُمْلَةِ.
اعْلَمْ يَا بَا إِسْحَاقَ أنَّهُ قَالَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: يَا بُنَيَّ إِنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْلِيَ أطْبَاقَ أرْضِهِ، وَأهْلَ الْجِدَّ فِي طَاعَتِهِ وَعِبَادَتِهِ، بِلاَ حُجَّةٍ يُسْتَعْلى بِهَا وَإِمَام يُؤْتَمُّ بِهِ، وَيُقْتَدَى بِسُبُل(3) سُنَّتِهِ، وَمِنْهَاج قَصْدِهِ، وَأرْجُو يَا بُنَيَّ أنْ تَكُونَ أحَدَ مَنْ أعَدَّهُ اللهُ لِنَشْر الْحَقَّ، وَطَيَّ الْبَاطِل، وَإِعْلاَءِ الدَّين، وَإِطْفَاءِ الضَّلاَل، فَعَلَيْكَ يَا بُنَيَّ بِلُزُوم خَوَافِي الأرْض، وَتَتَبُّع).
ص: 676
أقَاصِيهَا فَإنَّ لِكُلّ وَلِيًّ مِنْ أوْلِيَاءِ(1) اللهِ عزّ وجل عُدُّواً مُقَارعاً، وَضِدّاً مُنَازعاً، افْتِرَاضاً لِمُجَاهَدَةِ أهْل نِفَاقِهِ(2) وَخِلاَفِهِ(3) اُولِي الإلْحَادِ وَالْعِنَادِ، فَلاَ يُوحِشَنَّكَ ذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أنَّ قُلُوبَ أهْل الطَّاعَةِ وَالإخْلاَص نُزَّعٌ إِلَيْكَ مِثْلَ الطَّيْر إِذَا أمَّتْ(4) أوْكَارَهَا، وَهُمْ مَعْشَرٌ يَطْلُعُونَ بِمَخَائِل الذَّلَّةِ وَالِاسْتِكَانَةِ، وَهُمْ عِنْدَ اللهِ بَرَرَةٌ أعِزَّاءُ يَبْرُزُونَ بِأنْفُسٍ مُخْتَلَّةٍ مُحْتَاجَةٍ، وَهُمْ أهْلُ الْقَنَاعَةِ وَالِاعْتِصَام. اسْتَنْبَطُوا الدَّينَ فَوَازَرُوهُ عَلَى مُجَاهَدَةِ الأضْدَادِ، خَصَّهُمُ اللهُ بِاحْتِمَال الضَّيْم(5)، لِيَشْمُلَهُمْ بِاتّسَاع الْعِزّ فِي دَار الْقَرَار، وَجَبَلَهُمْ عَلَى خَلاَئِقِ الصَّبْر، لِتَكُونَ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ الْحُسْنَى، وَكَرَامَةُ حُسْن الْعُقْبَى.
فَاقْتَبِسْ يَا بُنَيَّ نُورَ الصَّبْر عَلَى مَوَاردِ اُمُوركَ، تَفُزْ بِدَرْكِ الصُّنْع فِي مَصَادِرهَا وَاسْتَشْعِر الْعِزَّ فِيمَا يَنُوبُكَ تُحْظَ بِمَا تُحْمَدُ عَلَيْهِ(6) إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَكَأنَّكَ يَا بُنَيَّ بِتَأيِيدِ نَصْر اللهِ قَدْ آنَ وَتَيْسِير الْفَلَح وَعُلُوَّ الْكَعْبِ قَدْ حَانَ وَكَأنَّكَ بِالرَّايَاتِ الصُّفْر، وَالأعْلاَم الْبِيض، تَخْفِقُ عَلَى أثْنَاءِ أعْطَافِكَ، مَا بَيْنَ الْحَطِيم وَزَمْزَمَ. وَكَأنَّكَ بِتَرَادُفِ الْبَيْعَةِ وَتَصَافِي الْوَلاَءِ يَتَنَاظَمُ عَلَيْكَ تَنَاظُمَ الدُّرَّ فِي مَثَانِي الْعُقُودِ، وَتَصَافُقِ الأكُفَّ عَلَى جَنَبَاتِ الْحَجَر الأسْوَدِ.
تَلُوذُ بِفِنَائِكَ مِنْ مَلإ بَرَأهُمُ اللهُ مِنْ طَهَارَةِ الْوَلاَءِ، وَنَفَاسَةِ التُّرْبَةِ،).
ص: 677
مُقَدَّسَةٌ قُلُوبُهُمْ مِنْ دَنَس النّفَاقِ، مُهَذَّبَةٌ أفْئِدَتُهُمْ مِنْ رجْس الشّقَاقِ، لَيَّنَةٌ عَرَائِكُهُمْ لِلدَّين، خَشِنَةٌ ضَرَائِبُهُمْ عَن الْعُدْوَان، وَاضِحَةٌ بِالْقَبُول أوْجُهُهُمْ، نَضْرَةٌ بِالْفَضْل عِيدَانُهُمْ، يَدِينُونَ بِدِين الْحَقَّ وَأهْلِهِ.
فَإذَا اشْتَدَّتْ أرْكَانُهُمْ، وَتَقَوَّمَتْ أعْمَادُهُمْ(1)، قُدَّتْ بِمُكَاثَفَتِهِمْ(2) طَبَقَاتُ الاُمَم(3) إِذْ تَبِعَتْكَ فِي ظِلاَل شَجَرَةٍ دَوْحَةٍ بَسَقَتْ(4) أفْنَانُ غُصُونهَا عَلَى حَافَاتِ بُحَيْرَةِ الطَّبَريَّةِ، فَعِنْدَهَا يَتَلألاَ صُبْحُ الْحَقَّ، وَيَنْجَلِي ظَلاَمُ الْبَاطِل، وَيَقْصِمُ اللهُ بِكَ الطُّغْيَانَ، وَيُعِيدُ مَعَالِمَ الإيمَان، وَيُظْهِرُ بِكَ أسْقَامَ(5) الآفَاقِ، وَسَلاَمَ الرَّفَاقِ، يَوَدُّ الطّفْلُ فِي الْمَهْدِ لَو اسْتَطَاعَ إِلَيْكَ نُهُوضاً، وَنواسط(6) الْوَحْش لَوْ تَجِدُ نَحْوَكَ مَجَازاً.
تَهْتَزُّ بِكَ أطْرَافُ الدُّنْيَا بَهْجَةً، وَتُهَزُّ بِكَ(7) أغْصَانُ الْعِزّ، نَضْرَةً وَتَسْتَقِرُّ بَوَانِي الْعِزّ(8) فِي قَرَارهَا، وَتَئُوبُ شَوَاردُ الدَّين إِلَى أوْكَارهَا، يَتَهَاطَلُ عَلَيْكَ سَحَائِبُ الظَّفَر فَتَخْنُقُ كُلَّ عَدُوًّ، وَتَنْصُرُ كُلَّ وَلِيًّ، فَلاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْض جَبَّارٌ قَاسِطٌ، وَلاَ جَاحِدٌ غَامِطٌ، وَلاَ شَانِئٌ مُبْغِضٌ، وَلاَ مُعَانِدٌ كَاشِحٌ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أمْرهِ، (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلّ شَيْءٍ قَدْراً)(9)).ر.
ص: 678
ثُمَّ قَالَ: (يَا أبَا إِسْحَاقَ لِيَكُنْ مَجْلِسِي هَذَا عِنْدَكَ مَكْتُوماً إِلاَّ عَنْ أهْل الصّدْقِ(1) وَالاُخُوَّةِ الصَّادِقَةِ فِي الدَّين، إِذَا بَدَتْ لَكَ أمَارَاتُ الظُّهُور وَالتَّمْكِين(2)، فَلاَ تُبْطِئُ بِإخْوَانِكَ عَنَّا، وَبأهْل(3) الْمُسَارَعَةِ إِلَى مَنَار الْيَقِين، وَضِيَاءِ مَصَابِيح الدَّين، تَلْقَ رُشْداً إِنْ شَاءَ اللهُ).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْزيَارَ: فَمَكَثْتُ عِنْدَهُ حِيناً أقْتَبِسُ مَا أوْرى(4) مِنْ مُوضِحَاتِ الأعْلاَم وَنَيَّرَاتِ الأحْكَام، وَاُرْوي بَنَاتِ (نَبَاتَ) الصُّدُور مِنْ نَضَارَةِ مَا ذَخَرَهُ اللهُ فِي طَبَائِعِهِ مِنْ لَطَائِفِ الْحِكْمَةِ، وَطَرَائِفِ فَوَاضِل الْقِسَم حَتَّى خِفْتُ إِضَاعَةَ مُخَلَّفِي بِالأهْوَاز لِتَرَاخِي اللّقَاءِ عَنْهُمْ، فَاسْتَأذَنْتُهُ فِي الْقُفُول، وَأعْلَمْتُهُ عَظِيمَ مَا أصْدُرُ بِهِ عَنْهُ، مِنَ التَّوَحُّش لِفُرْقَتِهِ وَالتَّجَزُّع لِلظَّعْن عَنْ مَحَالّهِ، فَأذِنَ وَأرْدَفَنِي مِنْ صَالِح دُعَائِهِ مَا يَكُونُ ذُخْراً عِنْدَ اللهِ لِي وَلِعَقِبي وَقَرَابَتِي إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَلَمَّا أزفَ ارْتِحَالِي وَتَهَيَّأ اعْتِزَامُ نَفْسِي، غَدَوْتُ عَلَيْهِ مُوَدَّعاً وَمُجَدَّداً لِلْعَهْدِ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ مَالاً كَانَ مَعِي يَزيدُ عَلَى خَمْسِينَ ألْفَ دِرْهَم، وَسَألْتُهُ أنْ يَتَفَضَّلَ بِالأمْر بِقَبُولِهِ مِنّي فَابْتَسَمَ وَقَالَ: (يَا أبَا إِسْحَاقَ اسْتَعِنْ بِهِ عَلَى مُنْصَرَفِكَ، فَإنَّ الشُّقَّةَ قُذْفَةٌ وَفَلَوَاتِ الأرْض أمَامَكَ جُمَّةٌ، وَلاَ تَحْزَنْ لإعْرَاضِنَا عَنْهُ، فَإنَّا قَدْ أحْدَثْنَا لَكَ شُكْرَهُ وَنَشْرَهُ، وَأرْبَضْنَاهُ(5) عِنْدَنَا بِالتَّذْكِرَةِ وَقَبُول الْمِنَّةِ، فَتَبَارَكَ اللهُ لَكَ فِيمَا خَوَّلَكَ، وَأدَامَ لَكَ مَا).
ص: 679
نَوَّلَكَ، وَكَتَبَ لَكَ أحْسَنَ ثَوَابِ الْمُحْسِنِينَ، وَأكْرَمَ آثَار الطَّائِعِينَ، فَإنَّ الْفَضْلَ لَهُ وَمِنْهُ.
وَأسْألُ اللهَ أنْ يَرُدَّكَ إِلَى أصْحَابِكَ بِأوْفَر الْحَظّ مِنْ سَلاَمَةِ الأوْبَةِ، وَأكْنَافِ الْغِبْطَةِ، بِلِين الْمُنْصَرَفِ، وَلاَ أوْعَثَ اللهُ لَكَ سَبِيلاً وَلاَ حَيَّرَ لَكَ دَلِيلاً، وَاسْتَوْدِعْهُ نَفْسَكَ وَدِيعَةً لاَ تَضِيعُ وَلاَ تَزُولُ بِمَنّهِ وَلُطْفِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
يَا أبَا إِسْحَاقَ إِنَّ اللهَ قَنَّعَنَا بِعَوَائِدِ إِحْسَانِهِ، وَفَوَائِدِ امْتِنَانِهِ، وَصَانَ أنْفُسَنَا عَنْ مُعَاوَنَةِ الأوْلِيَاءِ، إِلا(1) عَن الإخْلاَص فِي النّيَّةِ، وَإِمْحَاض النَّصِيحَةِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا هُوَ أتْقَى وَأبْقَى(2) وَأرْفَعُ ذِكْراً).
قَالَ: فَأقْفَلْتُ عَنْهُ، حَامِداً للهِ عزّ وجل عَلَى مَا هَدَانِي وَأرْشَدَنِي، عَالِماً بِأنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيُعَطّلَ أرْضَهُ، وَلاَ يُخَلّيَهَا مِنْ حُجَّةٍ وَاضِحَةٍ وَإِمَام قَائِم، وَألْقَيْتُ هَذَا الْخَبَرَ الْمَأثُورَ، وَالنَّسَبَ الْمَشْهُورَ، تَوَخّياً لِلزّيَادَةِ فِي بَصَائِر أهْل الْيَقِين، وَتَعْريفاً لَهُمْ مَا مَنَّ اللهُ عزّ وجل بِهِ مِنْ إِنْشَاءِ الذُّرَّيَّةِ الطَّيَّبَةِ، وَالتُّرْبَةِ الزَّكِيَّةِ، وَقَصَدْتُ أدَاءَ الأمَانَةِ وَالتَّسْلِيمَ لِمَا اسْتَبَانَ، لِيُضَاعِفَ اللهُ عزّ وجل الْمِلَّةَ الْهَادِيَةَ، وَالطَّريقَةَ(3) الْمَرْضِيَّةَ قُوَّةَ عَزْم، وَتَأيِيدَ نِيَّةٍ، وَشَدَّ(4) اُزُرٍ، وَاعْتِقَادَ عِصْمَةٍ، وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيم.
إيضاح: (الرائع)(5) من يعجبك بحسنه وجهارة منظره كالأروع(6) قاله).
ص: 680
الفيروزآبادي(1)، وقال: الرجل الحسن المخيّلة بما يتخيَّل فيه(2)، وقوله: (وشجت) من باب التفعيل على بناء المعلوم أو المجهول أو المعلوم من المجرد أي صارت وسيلة للارتباط بينك وبينه عليه السلام، قال الفيروزآبادي: الوشيج اشتباك القرابة، والواشجه: الرحم المشتبكة، وقد وشجت بك قرابته تشج، ووشجها الله توشيجاً ووشج محمله: شبكه بقد ونحوه لئلاّ يسقط منه شيء(3).
قوله: (طال ما جُلت فيها) هو من الجولان، ويقال: خبن الطعام(4) أي غيبه وخبّأه للشدّة أي اُفدي بنفسي يداً طال ما كنت أجول فيما يصدر عنها من أجوبه مسائلي كناية عن كثرتها، (وتراً) أي كنت متفرّداً بذلك لاختصاصي به عليه السلام فكنت أخزن منها فنون العلوم ليوم أحتاج إليها، وفي بعض النسخ: (أجبت) مكان (جلت) فلفظة في تعليلية.
و(الناصع) الخالص، و(البلجة) نقاوة ما بين الحاجبين، يقال: رجل أبلج بين البلج إذا لم يكن مقروناً، وقال الجوهري: (المسنون) المملس، ورجل مسنون الوجه إذا كان في وجهه وأنفه طول(5)، وقال: (الشمم) ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه، فإن كان فيها احديداب فهو القنا(6)، وقال: (الوفرة) الشعرة إلى شحمة الاُذن(7)، و(السحماء) السوداء .
ص: 681
وشعر، (سبط) بكسر الباء وفتحها أي مترسل غير جعد، و(السمت) هيأة أهل الخير، و(الوشك) بالفتح والضم السرعة، و(المعاتب) المراضي، من قولهم: استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني، و(تشاحط الدار) تباعدها.
قوله عليه السلام: (قيض) أي يسر، و(التنازع) التشاوق من قولهم: نازعت النفس إلى كذا اشتاقت، وقال الجوهري: (العالية) ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكّة، وهي الحجاز(1).
قوله: (وجبت صرائم الأرض) يقال: جبت البلاد أي قطعتها ودرت فيها، و(الصريمة) ما انصرم من معظم الرمل والأرض المحصود زرعها، وفي بعض النسخ: (خبت) بالخاء المعجمة وهو المطمئن من الأرض فيه رمل، و(الهلع) الجزع، و(نبط الماء) نبع وأنبط الحفار بلغ الماء.
قوله عليه السلام: (نزع) كركع أي مشتاقون.
قوله عليه السلام: (يطلعون بمخائل الذلّة) أي يدخلون في أمور هي مظان المذلّة أو يطلعون ويخرجون بين الناس مع أحوال هي مظانها، قوله عليه السلام: (بدرك) أي اصبر فيما يرد عليك من المكاره والبلايا حتَّى تفوز بالوصول إلى صنع الله إليك، ومعروفه لديك، في إرجاعها وصرفها عنك.
قوله عليه السلام: (واستشعر العز) يقال: استشعر خوفاً أي أضمره أي اعلم في نفسك أنَّ ما ينوبك من البلايا سبب لعزّك، قوله عليه السلام: (تحظ) من الحظوة المنزلة والقرب والسعادة، وفي بعض النسخ: تحط من6.
ص: 682
الإحاطة، و(علو الكعب) كناية عن العزّ والغلبة، وقال الفيروزآبادي: الكعب الشرف والمجد(1).
قوله عليه السلام: (على أثناء أعطافك) قال الفيروزآبادي: ثنى الشيء ردَّ بعضه على بعض وأثناء الشيء قوّاه وطاقاته واحدها ثني بالكسر(2)، و(العطاف) بالكسر الرداء والمراد بالأعطاف جوانبها.
قوله عليه السلام: (في مثاني العقود) أي العقود المثنية المعقودة التي لا يتطرَّق إليها التبدّد أو في موضع ثنيها فإنَّها في تلك المواضع أجمع وأكثف، و(القد) القطع وتقدد القوم تقرقوا.
قوله عليه السلام: (بمكاثفتهم) أي اجتماعهم، وفي بعض النسخ: (بمكاشفتهم) أي محاربتهم.
قوله عليه السلام: (إذ تبعتك) أي بايعك وتابعك هؤلاء المؤمنون(3)، و(الدوحة) الشجرة العظيمة، وبسق النخل بسوقاً أي طال، قوله عليه السلام: (أسقام الآفاق) أي يظهر بك أنَّ أهل الآفاق كانوا أسقام روحانية، وأنَّ رفقاءك كانوا سالمين منها فلذا آمنوا بك(4).
قوله عليه السلام: (بواني العزّ) أي أساسها مجازاً فإنَّ البواني قوائم الناقة أو الخصال التي تبني العزّ وتؤسّسها.
وشرد البعير: نفر فهو شارد، قوله: (غامط) أي حاقر للحقّ وأهله بطر بالنعمة، و(أورى) استخرج النار بالزند، و(بنات الصدور) الأفكار).
ص: 683
والمسائل والمعارف التي تنشأ فيها، و(القفول) الرجوع من السفر، و(التجزع) بالزاء المعجمة إظهار الجزع أو شدته أو بالمهملة من قولهم: جرعة غصص الغيظ فتجرعه أي كظمه، و(الظعن) السير، و(الاعتزام) العزم أو لزوم القصد في المشي، وفي بعض النسخ: (الاغترام) بالغين المجمعة والراء المهملة من الغرامة كأنَّه يغرم نفسه بسوء صنيعه في مفارقة مولاه، و(الشقّة) بالضم السفر البعيد(1)، و(فلاة قذف) بفتحتين وضمتين أي بعيدة ذكره الجوهري(2)، وربضت الشاة: أقامت في مربضها فأربضها غيرها، و(الأكناف) إمَّا مصدر أكنفه أي صانه وحفظه وأعانه وأحاطه، أو جمع الكنف محركة وهو الحرز والستر والجانب والظل والناحية، ووعث الطريق تعسر سلوكه، والوعثاء: المشقّة.
30 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مَعْرُوفٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أبُو عَبْدِ اللهِ الْبَلْخِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ السُّوريُّ، قَالَ: صِرْتُ إِلَى بُسْتَان بَنِي عَامِرٍ فَرَأيْتُ غِلْمَاناً يَلْعَبُونَ فِي غَدِير مَاءٍ وَفَتًى جَالِساً عَلَى مُصَلًّى وَاضِعاً كُمَّهُ عَلَى فِيهِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: (م ح م د) بْنُ الْحَسَن، وَكَانَ فِي صُورَةِ أبِيهِ عليه السلام(3).
31 _ كمال الدين: سَمِعْنَا شَيْخاً مِنْ أصْحَابِ الْحَدِيثِ يُقَالُ لَهُ: أحْمَدُ بْنُ فَارسٍ الأدِيبُ(4) يَقُولُ: سَمِعْتُ بِهَمَذَانَ حِكَايَةً حَكَيْتُهَا كَمَاى.
ص: 684
سَمِعْتُهَا لِبَعْض إِخْوَانِي فَسَألَنِي أنْ اُثْبِتَهَا لَهُ بِخَطّي وَلَمْ أجِدْ إِلَى مُخَالَفَتِهِ سَبِيلاً، وَقَدْ كَتَبْتُهَا وَعَهِدْتُهَا إِلَى مَنْ حَكَاهَا، وَذَلِكَ أنَّ بِهَمَذَانَ نَاساً يُعْرَفُونَ بِبَنِي رَاشِدٍ، وَهُمْ كُلُّهُمْ يَتَشَيَّعُونَ، وَمَذْهَبُهُمْ مَذْهَبُ أهْل الإمَامَةِ.
فَسَألْتُ عَنْ سَبَبِ تَشَيُّعِهِمْ مِنْ بَيْن أهْل هَمَذَانَ، فَقَالَ لِي شَيْخٌ مِنْهُمْ رَأيْتُ فِيهِ صَلاَحاً وَسَمْتاً: إِنَّ سَبَبَ ذَلِكَ أنَّ جَدَّنَا الَّذِي نُنْسَبُ إِلَيْهِ خَرَجَ حَاجّاً فَقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا صَدَرَ مِنَ الْحَجَّ وَسَارُوا مَنَازلَ فِي الْبَادِيَةِ، قَالَ: فَنَشِطْتُ فِي النُّزُول وَالْمَشْي، فَمَشَيْتُ طَويلاً حَتَّى أعْيَيْتُ وَتَعِبْتُ(1) وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أنَامُ نَوْمَةً تُريحُنِي فَإذَا جَاءَ أوَاخِرُ الْقَافِلَةِ قُمْتُ، قَالَ: فَمَا انْتَبَهْتُ إِلاَّ بِحَرَّ الشَّمْس وَلَمْ أرَ أحَداً فَتَوَحَّشْتُ وَلَمْ أرَ طَريقاً وَلاَ أثَراً فَتَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ عزّ وجل وَقُلْتُ: أسِيرُ حَيْثُ وَجَّهَني.
وَمَشَيْتُ غَيْرَ طَويلٍ فَوَقَعْتُ فِي أرْضٍ خَضْرَاءَ نَضْرَةٍ كَأنَّهَا قَريبَةُ عَهْدٍ بِغَيْثٍ وَإِذَا تُرْبَتُهَا أطْيَبُ تُرْبَةٍ، وَنَظَرْتُ فِي سَوَاءِ تِلْكَ الأرْض إِلَى قَصْرٍ يَلُوحُ كَأنَّهُ سَيْفٌ، فَقُلْتُ: يَا لَيْتَ(2) شِعْري مَا هَذَا الْقَصْرُ الَّذِي لَمْ أعْهَدْهُ وَلَمْ أسْمَعْ بِهِ؟، فَقَصَدْتُهُ.
فَلَمَّا بَلَغْتُ الْبَابَ رَأيْتُ خَادِمَيْن أبْيَضَيْن فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا فَرَدَّا عَلَيَّ رَدّاً جَمِيلاً وَقَالاَ: اجْلِسْ فَقَدْ أرَادَ اللهُ بِكَ خَيْراً، وَقَامَ أحَدُهُمَا فَدَخَلَ وَاحْتَبَسَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: قُمْ فَادْخُلْ، فَدَخَلْتُ قَصْراً لَمْ أرَ بِنَاءً أحْسَنَ مِنْ بِنَائِهِ وَلاَ أضْوَأ مِنْهُ وَتَقَدَّمَ الْخَادِمُ إِلَى سِتْرٍ عَلَى بَيْتٍ فَرَفَعَهُ ثُمَّ قَالَ لِيَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ فَإذَا فَتًى جَالِسٌ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ، وَقَدْ عُلّقَ).
ص: 685
عَلَى رَأسِهِ مِنَ السَّقْفِ سَيْفٌ طَويلٌ تَكَادُ ظُبَتُهُ تَمَسُّ رَأسَهُ، وَالْفَتَى(1) بَدْرٌ يَلُوحُ فِي ظَلاَم، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ السَّلاَمَ بِألْطَفِ الْكَلاَم وَأحْسَنِهِ.
ثُمَّ قَالَ لِي: (أتَدْري مَنْ أنَا؟)، فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ، فَقَالَ: (أنَا الْقَائِمُ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، أنَا الَّذِي أخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان بِهَذَا السَّيْفِ _ وَأشَارَ إِلَيْهِ _ فَأمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)، فَسَقَطْتُ عَلَى وَجْهِي وَتَعَفَّرْتُ، فَقَالَ: (لاَ تَفْعَلْ ارْفَعْ رَأسَكَ، أنْتَ فُلاَنٌ مِنْ مَدِينَةٍ بِالْجَبَل يُقَالُ لَهَا: هَمَذَانُ)، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا سَيَّدِي وَمَوْلاَيَ، قَالَ: (فَتُحِبُّ أنْ تَئُوبَ إِلَى أهْلِكَ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ يَا سَيَّدِي وَاُبَشّرُهُمْ بِمَا أتَاحَ اللهُ عزّ وجل لِي، فَأوْمَأ إِلَى الْخَادِم فَأخَذَ بِيَدِي وَنَاوَلَنِي صُرَّةً، وَخَرَجَ وَمَشَى مَعِي خُطُوَاتٍ فَنَظَرْتُ إِلَى ظِلاَلٍ وَأشْجَارٍ وَمَنَارَةِ مَسْجِدٍ فَقَالَ: أتَعْرفُ هَذَا الْبَلَدَ؟ قُلْتُ: إِنَّ بِقُرْبِ بَلَدِنَا بَلْدَةً تُعْرَفُ بِأسْتَابَادَ(2) وَهِيَ تُشْبِهُهَا، قَالَ: فَقَالَ: هَذِهِ أسْتَابَادُ امْض رَاشِداً، فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أرَهُ، وَدَخَلْتُ أسْتَابَادَ وَإِذَا فِي الصُّرَّةِ أرْبَعُونَ أوْ خَمْسُونَ دِينَاراً، فَوَرَدْتُ هَمَذَانَ وَجَمَعْتُ أهْلِي وَبَشَّرْتُهُمْ بِمَا أتَاحَ اللهُ لِي وَيَسَّرَهُ عزّ وجل وَلَمْ نَزَلْ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ مَعَنَا مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِير(3).
بيان: قوله: في سواء تلك الأرض أي وسطها، و(ظُبة السيف) بالضمّ مخفّفاً طرفه، ولعلَّ أستاباد هي التي تعرف اليوم ب- (أسدآباد)(4).
أقول: روى الراوندي مثل تلك القصّة عن جماعة سمعوها منهم(5).).
ص: 686
32 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مَعْرُوفٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْبَلْخِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن قَنْبَرٍ الْكَبِير مَوْلَى الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: خَرَجَ صَاحِبُ الزَّمَان عليه السلام عَلَى جَعْفَرٍ الْكَذَّابِ مِنْ مَوْضِع لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عِنْدَ مَا نَازَعَ فِي الْمِيرَاثِ عِنْدَ(1) مُضِيَّ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، فَقَالَ لَهُ: (يَا جَعْفَرُ مَا لَكَ تَعْرضُ فِي حُقُوقِي؟)، فَتَحَيَّرَ جَعْفَرٌ وَبَهَتَ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ، فَطَلَبَ(2) جَعْفَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي النَّاس فَلَمْ يَرَهُ، فَلَمَّا مَاتَتِ الْجَدَّةُ اُمُّ الْحَسَن أمَرَتْ أنْ تُدْفَنَ فِي الدَّار فَنَازَعَهُمْ وَقَالَ: هِيَ دَاري لاَ تُدْفَنُ فِيهَا، فَخَرَجَ عليه السلام فَقَالَ لَهُ: (يَا جَعْفَرُ دَارُكَ هِيَ؟)، ثُمَّ غَابَ فَلَمْ يَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ(3).
33 _ كمال الدين: حَدَّثَنَا أبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْن أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أبِي رضي الله عنه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ الطُّوَالُ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الطَّبَريَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ(4)، قَالَ: سَمِعْتُ أبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ جَدَّي عَلِيَّ بْنَ مَهْزيَارَ(5) يَقُولُ: كُنْتُق.
ص: 687
نَائِماً فِي مَرْقَدِي إِذْ رَأيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَائِلاً يَقُولُ لِي: حُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَإنَّكَ تَلْقَى صَاحِبَ زَمَانِكَ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَهْزيَارَ(1): فَانْتَبَهْتُ فَرحاً مَسْرُوراً فَمَا زلْتُ فِي صَلاَتِي حَتَّى انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبْح وَفَرَغْتُ مِنْ صَلاَتِي وَخَرَجْتُ أسْألُ عَن الْحَاجَّ فَوَجَدْتُ رفْقَةً(2) تُريدُ الْخُرُوجَ فَبَادَرْتُ مَعَ أوَّل مَنْ خَرَجَ، فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجُوا وَخَرَجْتُ بِخُرُوجِهِمْ اُريدُ الْكُوفَةَ، فَلَمَّا وَافَيْتُهَا نَزَلْتُ عَنْ رَاحِلَتِي وَسَلَّمْتُ مَتَاعِي إِلَى ثِقَاتِ إِخْوَانِي وَخَرَجْتُ أسْألُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَمَا زلْتُ كَذَلِكَ فَلَمْ أجِدْ أثَراً وَلاَ سَمِعْتُ خَبَراً وَخَرَجْتُ فِي أوَّل مَنْ خَرَجَ اُريدُ الْمَدِينَةَ.
فَلَمَّا دَخَلْتُهَا لَمْ أتَمَالَكْ أنْ نَزَلْتُ عَنْ رَاحِلَتِي وَسَلَّمْتُ رَحْلِي إِلَى ثِقَاتِ إِخْوَانِي وَخَرَجْتُ أسْألُ عَن الْخَبَر وَأقْفُو الأثَرَ فَلاَ خَبَراً سَمِعْتُ وَلاَ أثَراً وَجَدْتُ، فَلَمْ أزَلْ كَذَلِكَ إِلَى أنْ نَفَرَ النَّاسُ إِلَى مَكَّةَ، وَخَرَجْتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ حَتَّى وَافَيْتُ مَكَّةَ، وَنَزَلْتُ وَاسْتَوْثَقْتُ مِنْ رَحْلِي، وَخَرَجْتُ أسْألُ عَنْ آل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَلَمْ أسْمَعْ خَبَراً وَلاَ وَجَدْتُ أثَراً.
فَمَا زلْتُ بَيْنَ الإيَاس وَالرَّجَاءِ مُتَفَكّراً فِي أمْري وَعَاتِبا(3) عَلَى).
ص: 688
نَفْسِي وَقَدْ جَنَّ اللَّيْلُ وَأرَدْتُ(1) أنْ يَخْلُوَ لِي وَجْهُ الْكَعْبَةِ لأطُوفَ بِهَا وَأسْألَ اللهَ يُعَرَّفُنِي أمَلِي فِيهَا، فَبَيْنَا أنَا كَذَلِكَ وَقَدْ خَلاَ لِي وَجْهُ الْكَعْبَةِ إِذْ قُمْتُ إِلَى الطَّوَافِ فَإذَا أنَا بِفَتًى مَلِيح الْوَجْهِ، طَيَّبِ الرَّوْح، مُتَرَدًّ(2) بِبُرْدَةٍ مُتَّشَح بِاُخْرَى، وَقَدْ عَطَفَ بِردَائِهِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَحَرَّكْتُهُ(3) فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: مِمَّن الرَّجُلُ؟ فَقُلْتُ: مِنَ الأهْوَاز.
فَقَالَ: أتَعْرفُ بِهَا ابْنَ الْخَضِيبِ؟ فَقُلْتُ: رَحِمَهُ اللهُ دُعِيَ فَأجَابَ، فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ فَلَقَدْ كَانَ بِالنَّهَار صَائِماً وَباللَّيْل قَائِماً، وَلِلْقُرْآن تَالِياً، وَلَنَا مُوَالِياً.
أتَعْرفُ بِهَا عَلِيَّ بْنَ مَهْزيَارَ(4)؟ فَقُلْتُ: أنَا عَلِيُّ بْنُ مَهْزيَارَ(5)، فَقَالَ: أهْلاً وَسَهْلاً بِكَ يَا أبَا الْحَسَن، أتَعْرفُ الضَّريحَيْن(6)؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَنْ هُمَا؟ قُلْتُ: مُحَمَّدٌ وَمُوسَى، قَالَ: وَمَا فَعَلْتَ الْعَلاَمَةَ الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام؟ فَقُلْتُ: مَعِي.
قَالَ: أخْرجْهَا إِلَيَّ، فَأخْرَجْتُ(7) إِلَيْهِ خَاتَماً حَسَناً عَلَى فَصّهِ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ، فَلَمَّا رَآهُ بَكَى(8) بُكَاءً طَويلاً وَهُوَ يَقُولُ: رَحِمَكَ اللهُ يَا أبَا مُحَمَّدٍ فَلَقَدْ كُنْتَ إِمَاماً عَادِلاً ابْنَ أئِمَّةٍ أباَ(9) إِمَام أسْكَنَكَ اللهُ الْفِرْدَوْسَ الأعْلَى مَعَ آبَائِكَ.).
ص: 689
ثُمَّ قَالَ: يَا أبَا الْحَسَن صِرْ إِلَى رَحْلِكَ، وَكُنْ عَلَى اُهْبَةِ السَّفَر(1)، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ الثُّلُثُ مِنَ اللَّيْل وَبَقِيَ الثُّلُثَان، فَالْحَقْ بِنَا فَإِنَّكَ تَرَى مُنَاكَ(2).
قَالَ ابْنُ مَهْزيَارَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى رَحْلِي اُطِيلُ الْفِكْرَ حَتَّى إِذَا هَجَمَ الْوَقْتُ فَقُمْتُ إِلَى رَحْلِي فَأصْلَحْتُهُ، وَقَدَّمْتُ رَاحِلَتِي فَحَمَلْتُهَا، وَصِرْتُ فِي مَتْنِهَا حَتَّى لَحِقْتُ الشّعْبَ، فَإذَا أنَا بِالْفَتَى هُنَاكَ يَقُولُ: أهْلاً وَسَهْلاً يَا أبَا الْحَسَن طُوبَى لَكَ فَقَدْ اُذِنَ لَكَ، فَسَارَ وَسِرْتُ بِسَيْرهِ حَتَّى جَازَ بِي عَرَفَاتٍ وَمِنًى، وَصِرْتُ فِي أسْفَل ذِرْوَةِ(3) الطَّائِفِ فَقَالَ لِي: يَا أبَا الْحَسَن انْزلْ وَخُذْ فِي اُهْبَةِ الصَّلاَةِ، فَنَزَلَ وَنَزَلْتُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ وَفَرَغْتُ، ثُمَّ قَالَ لِي: خُذْ فِي صَلاَةِ الْفَجْر وَأوْجِزْ، فَأوْجَزْتُ فِيهَا وَسَلَّمَ وَعَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ ثُمَّ رَكِبَ وَأمَرَني بِالرُّكُوبِ(4)، ثُمَّ سَارَ وَسِرْتُ بِسَيْرهِ حَتَّى عَلاَ الذّرْوَةَ.
فَقَالَ: الْمَحْ هَلْ تَرَى شَيْئاً؟، فَلَمَحْتُ فَرَأيْتُ بُقْعَةً نَزهَةً كَثِيرَةَ الْعُشْبِ وَالْكَلإ، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي أرَى بُقْعَةً(5) كَثِيرَةَ الْعُشْبِ وَالْكَلإ، فَقَالَ لِي: هَلْ(6) فِي أعْلاَهَا شَيْءٌ(7)؟
فَلَمَحْتُ فَإذَا أنَا بِكَثِيبِ رَمْلٍ فَوْقَهُ بَيْتٌ مِنْ شَعْرٍ يَتَوَقَّدُ نُوراً، فَقَالَ لِي: هَلْ رَأيْتَ شَيْئاً؟).
ص: 690
فَقُلْتُ: أرَى كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ مَهْزيَارَ طِبْ نَفْساً وَقَرَّ عَيْناً فَإنَّ هُنَاكَ أمَلَ كُلّ مُؤَمَّلٍ، ثُمَّ قَالَ لِيَ: انْطَلِقْ بِنَا، فَسَارَ وَسِرْتُ حَتَّى صَارَ فِي أسْفَل الذّرْوَةِ ثُمَّ قَالَ لِي: انْزلْ فَهَاهُنَا يَذِلُّ(1) كُلُّ صَعْبٍ، فَنَزَلَ وَنَزَلْتُ حَتَّى قَالَ لِي: يَا ابْنَ مَهْزيَارَ خَلّ عَنْ زمَام الرَّاحِلَةِ، فَقُلْتُ: عَلَى مَنْ اُخَلّفُهَا وَلَيْسَ هَاهُنَا أحَدٌ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا حَرَمٌ لاَ يَدْخُلُهُ إِلاَّ وَلِيٌّ وَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلاَّ وَلِيٌّ، فَخَلَّيْتُ عَن الرَّاحِلَةِ وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ فَلَمَّا دَنَا مِنَ الخبإ (الْخِبَاءِ) سَبَقَنِي وَقَالَ لِي: هُنَاكَ، إِلَى أنْ يُؤْذَنَ لَكَ، فَمَا كَانَ إِلاَّ هُنَيْئَةً فَخَرَجَ إِلَيَّ وَهُوَ يَقُولُ: طُوبَى لَكَ فَقَدْ اُعْطِيتَ سُؤْلَكَ.
قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى نَمَطٍ عَلَيْهِ نَطْعُ أدَم أحْمَرُ مُتَّكِئٌ عَلَى مِسْوَرَةِ أدَم، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ وَلَمَحْتُهُ فَرَأيْتُ وَجْها(2) مِثْلَ فِلْقَةِ قَمَرٍ لاَ بِالْخَرقِ وَلاَ بِالنَّزقِ(3)، وَلاَ بِالطَّويل الشَّامِخ وَلاَ بِالْقَصِير اللاَّصِقِ، مَمْدُودَ الْقَامَةِ، صَلْتَ الْجَبِين، أزَجَّ الْحَاجِبَيْن، أدْعَجَ الْعَيْنَيْن، أقْنَى الأنْفِ، سَهْلَ الْخَدَّيْن، عَلَى خَدَّهِ الأيْمَن خَالٌ.
فَلَمَّا أناَ(4) بَصُرْتُ بِهِ حَارَ عَقْلِي فِي نَعْتِهِ وَصِفَتِهِ، فَقَالَ لِي: (يَا ابْنَ مَهْزيَارَ كَيْفَ خَلَّفْتَ إِخْوَانَكَ بِالْعِرَاقِ؟)، قُلْتُ: فِي ضَنْكِ عَيْشٍ وَهَنَاةٍ، قَدْ تَوَاتَرَتْ عَلَيْهِمْ سُيُوفُ بَنِي الشَّيْصَبَان، فَقَالَ: (قاتَلَهُمُ اللهُ أنَّى يُؤْفَكُونَ، كَأنّي بِالْقَوْم وَقَدْ قُتِلُوا فِي دِيَارهِمْ وَأخَذَهُمْ أمْرُ رَبَّهِمْ لَيْلاً أوْ نَهَاراً).).
ص: 691
فَقُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ فَقَالَ: (إِذَا حِيلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ سَبِيل الْكَعْبَةِ بِأقْوَام لاَ خَلاَقَ لَهُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُمْ بَرَاءٌ، وَظَهَرَتِ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ ثَلاَثاً فِيهَا أعْمِدَةٌ كَأعْمِدَةِ اللُّجَيْن تَتَلألاَ نُوراً، وَيَخْرُجُ الشروسي(1) مِنْ أرمنية (إِرْمِينِيَّةَ) وَآذَرْبيجَانَ يُريدُ وَرَاءَ الرَّيَّ الْجَبَلَ الأسْوَدَ، الْمُتَلاَحِمَ بِالْجَبَل الأحْمَر، لَزيقُ جِبَال طَالَقَانَ فَتَكُونُ(2) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْوَزيَّ وَقْعَةٌ صَيْلَمَانِيَّةٌ، يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَيَهْرَمُ مِنْهَا الْكَبِيرُ وَيَظْهَرُ الْقَتْلُ بَيْنَهُمَا.
فَعِنْدَهَا تَوَقَّعُوا خُرُوجَهُ إِلَى الزَّوْرَاءِ، فَلاَ يَلْبَثُ بِهَا حَتَّى يُوَافِيَ مَاهَانَ(3) ثُمَّ يُوَافِي وَاسِطَ الْعِرَاقِ فَيُقِيمُ بِهَا سَنَةً أوْ دُونَهَا ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى كُوفَانَ، فَتَكُونُ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ مِنَ النَّجَفِ إِلَى الْحِيرَةِ إِلَى الْغَريَّ وَقْعَةٌ شَدِيدَةٌ تَذْهَلُ مِنْهَا الْعُقُولُ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ بَوَارُ الْفِئَتَيْن وَعَلَى اللهِ حَصَادُ الْبَاقِينَ)، ثُمَّ تَلاَ: (((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَْمْسِ))(4))، فَقُلْتُ: سَيَّدِي يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا الأمْرُ؟
قَالَ: (نَحْنُ أمْرُ اللهِ عزّ وجل وَجُنُودُهُ)، قُلْتُ: سَيَّدِي يَا ابْنَ رَسُول اللهُ! حَانَ الْوَقْتُ؟ قَالَ: (((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ))(5))(6).3.
ص: 692
بيان: قوله: (أتعرف الضريحين) أي البعيدين عن الناس، قال الجوهري: (الضريح) البعيد(1)، ولا يبعد أن يكون بالصاد المهملة فإنَّ الصريح: الرجل الخالص النسب(2).
و(النمط) ضرب من السبط ولا يبعد أن يكون معرب نمد، و(المسورة) متّكاء من أدم، و(الدعج) سواد العين، وقيل: شدّة سواد العين في شدّة بياضها، و(الهناة) الشرور والفساد والشدائد العظام، و(الشيصبان) اسم الشيطان أي بني العبّاس الذين هم شرك شيطان.
و(الصيلم) الأمر الشديد، و(وقعة صيلمة): مستأصلة، و(ماهان) الدينور ونهاوند، وقوله: (متى يكون ذلك) يحتمل أن يكون سؤالاً عن قيامه عليه السلام وخروجه ولو كان سؤالاً عن انقراض بني العبّاس فجوابه عليه السلام محمول على ما هو غرضه الأصلي من ظهور دولتهم عليهم السلام.
ثُمَّ اعلم أنَّ اختلاف أسماء رواة هذه القصّة(3) يحتمل أن يكون اشتباهاً من الرواة أو يكون وقع لهم جميعاً هذه الوقائع المتشابهة، والأظهر أنَّ عليّ بن مهزيار هو عليّ بن إبراهيم بن مهزيار نسب إلى جدّه وهو ابن أخي عليّ بن مهزيار المشهور إذ يبعد إدراكه لهذا الزمان ويؤيّده ما في سند هذا الخبر من نسبة محمّد إلى جدّه إن لم يسقط الابن بين الكنية والاسم.
وأمَّا خبر إبراهيم فيحتمل الاتحاد والتعدّد وإن كان الاتحاد أظهرر.
ص: 693
باشتباه النسّاخ والرواة، والعجب أنَّ محمّد بن أبي عبد الله عدَّ فيما مضى محمّد بن إبراهيم بن مهزيار ممَّن رآه عليه السلام ولم يعدّ أحداً من هؤلاء(1).
ثُمَّ اعلم أنَّ اشتمال هذه الأخبار على أنَّ له عليه السلام أخاً مسمّى بموسى غريب.
34 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن ابِن وَجْناَ(2) يَقُولُ: حَدَّثَنَا أبِي، عَنْ جَدَّهِ أنَّهُ كَانَ فِي دَار الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام، قَالَ: فَكَبَسَتْنَا الْخَيْلُ وَفِيهِمْ جَعْفَرُ بْنُ عَلِيَّ (بْن مُحَمَّدٍ)(3) الْكَذَّابُ وَاشْتَغَلُوا بِالنَّهْبِ وَالْغَارَةِ وَكَانَتْ هِمَّتِي فِي مَوْلاَيَ الْقَائِم عليه السلام، قَالَ: فَإذَا بِهِ قَدْ أقْبَلَ وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ وَأنَا أنْظُرُ إِلَيْهِ وَهُوَ عليه السلام ابْنُ سِتّ سِنينَ فَلَمْ يَرَهُ أحَدٌ حَتَّى غَابَ(4).5.
ص: 694
35 _ كمال الدين: أحْمَدُ بْنُ (الْحُسَيْن بْن)(1) عَبْدِ اللهِ، عَن الْحُسَيْن بْن زَيْدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيَّ(2)، عَنْ عَلِيَّ بْن سِنَانٍ الْمَوْصِلِيَّ(3)، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ سَيَّدُنَا أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عليًّ الْعَسْكَريُّ عليه السلام وَفَدَ مِنْ قُمَّ وَالْجِبَال وُفُودٌ بِالأمْوَال الَّتِي كَانَتْ تُحْمَلُ عَلَى الرَّسْم(4)، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ خَبَرُ وَفَاتِهِ عليه السلام، فَلَمَّا أنْ وَصَلُوا إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى سَألُوا عَنْ سَيَّدِنَا الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ فُقِدَ، قَالُوا: فَمَنْ وَارثُهُ؟
قَالُوا: أخُوهُ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ فَسَألُوا عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُمْ: قَدْ خَرَجَ مُتَنَزّهاً وَرَكِبَ زَوْرَقاً فِي الدَّجْلَةِ يَشْرَبُ وَمَعَهُ الْمُغَنُّونَ.
قَالَ: فَتَشَاوَرَ الْقَوْمُ وَقَالُوا: لَيْسَتْ هَذِهِ صِفَاتِ الإمَام، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: امْضُوا بِنَا لِنَرُدَّ هَذِهِ الأمْوَالَ عَلَى أصْحَابِهَا، فَقَالَ أبُو الْعَبَّاس مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَريُّ الْقُمَّيُّ: قِفُوا بِنَا حَتَّى يَنْصَرفَ هَذَا الرَّجُلُ وَنَخْتَبِرَ أمْرَهُ عَلَى الصّحَّةِ.
قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: يَا سَيَّدَنَا نَحْنُ قَوْمٌ(5) مِنْ أهْل قُمَّ، وَمَعَنَا جَمَاعَةٌ مِنَ الشّيعَةِ وَغَيْرهَا وَكُنَّا نَحْمِلُ إِلَى سَيَّدِنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام الأمْوَالَ، فَقَالَ: وَأيْنَ هِيَ؟ قَالُوا: مَعَنَا، قَالَ: احْمَلُوهَا إِلَيَّ، قَالُوا(6): إِنَّ لِهَذِهِ الأمْوَال خَبَراً طَريفاً، فَقَالَ: وَمَا).
ص: 695
هُوَ؟ قَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الأمْوَالَ تُجْمَعُ وَيَكُونُ فِيهَا مِنْ عَامَّةِ الشّيعَةِ الدَّينَارُ وَالدَّينَارَان، ثُمَّ يَجْعَلُونَهَا فِي كِيسٍ وَيَخْتِمُونَ عَلَيْهَا وَكُنَّا إِذَا وَرَدْنَا بِالْمَال قَالَ سَيَّدُنَا أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام: (جُمْلَةُ الْمَال كَذَا وَكَذَا دِينَاراً، مِنْ فُلاَنٍ كَذَا، وَمِنْ فُلاَنٍ كَذَا)، حَتَّى يَأتِي عَلَى أسْمَاءِ النَّاس كُلّهِمْ وَيَقُولُ مَا عَلَى الْخَوَاتِيم مِنْ نَقْشٍ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: كَذَبْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى أخِي مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، هَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ(1).
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ الْقَوْمُ كَلاَمَ جَعْفَرٍ جَعَلَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ لَهُمُ: احْمِلُوا هَذَا الْمَالَ إِلَيَّ، فَقَالُوا: إِنَّا قَوْمٌ مُسْتَأجَرُونَ، وُكَلاَءُ لأرْبَابِ الْمَال، وَلاَ نُسَلّمُ الْمَالَ إِلاَّ بِالْعَلاَمَاتِ الَّتِي كُنَّا نَعْرفُهَا مِنْ سَيَّدِنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام فَإنْ كُنْتَ الإمَامَ فَبَرْهِنْ لَنَا وَإِلاَّ رَدَدْنَاهَا إِلَى أصْحَابِهَا يَرَوْنَ فِيهَا رَأيَهُمْ.
قَالَ: فَدَخَلَ جَعْفَرٌ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَكَانَ بِسُرَّ مَنْ رَأى فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا حَضَرُوا قَالَ الْخَلِيفَةُ: احْمِلُوا هَذَا الْمَالَ إِلَى جَعْفَرٍ، قَالُوا: أصْلَحَ اللهُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّا قَوْمٌ مُسْتَأجَرُونَ، وُكَلاَءُ لأرْبَابِ هَذِهِ الأمْوَال، وَهِيَ وَدَاعَةٌ الجَمَاعَةٍ(2) أمَرُونَا أنْ لاَ نُسَلّمَهَا إِلاَّ بِعَلاَمَةٍ وَدَلاَلَةٍ وَقَدْ جَرَتْ بِهَذاَ(3) الْعَادَةُ مَعَ أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام.
فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: وَمَا الدَّلاَلَةُ الَّتِي كَانَتْ لأبِي مُحَمَّدٍ(4)؟ قَالَ الْقَوْمُ: كَانَ يَصِفُ الدَّنَانِيرَ وَأصْحَابَهَا وَالأمْوَالَ وَكَمْ هِيَ، فَإذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَلَّمْنَاهَا).
ص: 696
إِلَيْهِ وَقَدْ وَفَدْنَا عَلَيْهِ(1) مِرَاراً فَكَانَتْ هَذِهِ عَلاَمَتَنَا مِنْهُ وَدَلاَلَتَنَا، وَقَدْ مَاتَ، فَإنْ يَكُنْ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فَلْيُقِمْ لَنَا مَا كَانَ يُقِيمُ(2) لَنَا أخُوهُ وَإِلاَّ رَدَدْنَاهَا إِلَى أصْحَابِهَا.
فَقَالَ جَعْفَرٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ كَذَّابُونَ يَكْذِبُونَ عَلَى أخِي وَهَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: الْقَوْمُ رُسُلٌ وَما عَلَى الرَّسُول إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ.
قَالَ: فَبُهِتَ جَعْفَرٌ وَلَمْ يُحِرْ(3) جَوَاباً، فَقَالَ الْقَوْمُ: يَتَطَوَّلُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِإخْرَاج أمْرهِ إِلَى مَنْ يُبَدْرقُناَ(4) حَتَّى نَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، قَالَ: فَأمَرَ لَهُمْ بِنَقِيبٍ فَأخْرَجَهُمْ مِنْهَا.
فَلَمَّا أنْ خَرَجُوا مِنَ الْبَلَدِ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ غُلاَمٌ أحْسَنُ النَّاس وَجْهاً كَأنَّهُ خَادِمٌ فَنَادَى: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ! وَيَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ! أجِيبُوا مَوْلاَكُمْ! قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: أنْتَ مَوْلاَنَا؟ قَالَ: مَعَاذَ اللهِ، أنَا عَبْدُ مَوْلاَكُمْ فَسِيرُوا إِلَيْهِ.
قَالُوا: فَسِرْنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا دَارَ مَوْلاَنَا الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام فَإذَا وَلَدُهُ الْقَائِمُ عليه السلام قَاعِدٌ عَلَى سَريرٍ كَأنَّهُ فِلْقَةُ الْقَمَر، عَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْنَا السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: (جُمْلَةُ الْمَال كَذَا وَكَذَا دِينَاراً، حَمَلَ فُلاَنٌ كَذَا، وَفُلاَنٌ كَذَا)، وَلَمْ يَزَلْ يَصِفُ حَتَّى وَصَفَ الْجَمِيعَ ثُمَّ وَصَفَ ثِيَابَنَا وَرحَالَنَا، وَمَا كَانَ مَعَنَا مِنَ الدَّوَابَّ فَخَرَرْنَا سُجَّداً للهِ عزّ وجل شُكْراً لِمَا عَرَفْنَا وَقَبَّلْنَا الأرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَألْنَاهُ عَمَّا أرَدْنَا فَأجَابَة.
ص: 697
فَحَمَلْنَا إِلَيْهِ الأمْوَالَ وَأمَرَنَا الْقَائِمُ أنْ لاَ نَحْمِلَ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى بَعْدَهَا شَيْئاً فَإنَّهُ يَنْصِبُ لَنَا بِبَغْدَادَ رَجُلاً نَحْمِلُ(1) إِلَيْهِ الأمْوَالَ وَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ التَّوْقِيعَاتُ.
قَالَ: فَانْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ وَدَفَعَ إِلَى أبِي الْعَبَّاس مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُمَّيَّ الْحِمْيَريَّ شَيْئاً مِنَ الْحَنُوطِ وَالْكَفَن وَقَالَ لَهُ: (أعْظَمَ اللهُ أجْرَكَ فِي نَفْسِكَ)، قَالَ: فَمَا بَلَغَ أبُو الْعَبَّاس عَقَبَةَ هَمَذَانَ حَتَّى تُوُفّيَ رحمه الله، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ تُحْمَلُ(2) الأمْوَالُ إِلَى بَغْدَادَ إِلَى النُّوَّابِ الْمَنْصُوبينَ وَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِمُ التَّوْقِيعَاتُ.
قال الصدوق رحمه الله: هذا الخبر يدلُّ على أنَّ الخليفة كان يعرف هذا الأمر كيف(3) هو وأين موضعه؟ فلهذا كفَّ عن القوم وعمّا معهم من الأموال، ودفع جعفر الكذَّاب عنهم(4)، ولم يأمرهم بتسليمها إليه، إلاَّ أنَّه كان يحبّ أن يخفي هذا الأمر ولا يظهر(5)، لئلاَّ يهتدي إليه الناس فيعرفونه.
وَقَدْ كَانَ جَعْفَرٌ حَمَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ(6) عِشْرينَ ألْفَ دِينَارٍ لَمَّا تُوُفّيَ الْحَسَنُر.
ص: 698
بْنُ عليًّ عليهما السلام، فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ تَجْعَلُ لِي مَرْتَبَةَ أخِي(1) وَمَنْزلَتَهُ؟ فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: اعْلَمْ أنَّ مَنْزلَةَ أخِيكَ لَمْ تَكُنْ بِنَا إِنَّمَا كَانَتْ بِاللهِ عزّ وجل، نَحْنُ كُنَّا نَجْتَهِدُ فِي حَطّ مَنْزلَتِهِ، وَالْوَضْع مِنْهُ، وَكَانَ اللهُ عزّ وجل يَأبَى إِلاَّ أنْ يَزيدَهُ كُلَّ يَوْم رفْعَةً بِمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الصّيَانَةِ، وَحُسْن السَّمْتِ، وَالْعِلْم وَالْعِبَادَةِ، فَإنْ كُنْتَ عِنْدَ شِيعَةِ أخِيكَ بِمَنْزلَتِهِ فَلاَ حَاجَةَ بِكَ إِلَيْنَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ بِمَنْزلَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيكَ مَا فِي أخِيكَ(2) لَمْ نُغْن عَنْكَ فِي ذَلِكَ شَيْئا(3).
36 _ الغيبة للطوسي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الأنْصَاريَّ، قَالَ: وَجَّهَ قَوْمٌ مِنَ الْمُفَوَّضَةِ وَالْمُقَصّرَةِ كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيَّ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام، قَالَ كَامِلٌ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أسْألُهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَ مَعْرفَتِي وَقَالَ بِمَقَالَتِي، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى سَيَّدِي أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام نَظَرْتُ إِلَى ثِيَابٍ بَيَاضٍ نَاعِمَةٍ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَلِيُّ اللهِ وَحُجَّتُهُ يَلْبَسُ النَّاعِمَ مِنَ الثّيَابِ، وَيَأمُرُنَا نَحْنُ بِمُوَاسَاةِ الإخْوَان، وَيَنْهَانَا عَنْ لُبْس مِثْلِهِ.
فَقَالَ مُتَبَسَّماً: (يَا كَامِلُ..) وَحَسَرَ (عَنْ)(5) ذِرَاعَيْهِ، فَإذَا مِسْحٌ أسْوَدُ خَشِنٌ عَلَى جِلْدِهِ فَقَالَ: (هَذَا للهِ وَهَذَا لَكُمْ)، فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ إِلَى بَابٍ عَلَيْهِ سِتْرٌ مُرْخًى، فَجَاءَتِ الرَّيحُ فَكَشَفَتْ طَرَفَهُ فَإذَا أنَا بِفَتًى كَأنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ مِنْ أبْنَاءِ أرْبَع سِنِينَ أوْ مِثْلِهَا.ر.
ص: 699
فَقَالَ لِي: (يَا كَامِلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ)، فَاقْشَعْرَرْتُ مِنْ ذَلِكَ وَاُلْهِمْتُ أنْ قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا سَيَّدِي، فَقَالَ: (جِئْتَ إِلَى وَلِيَّ اللهِ وَحُجَّتِهِ وَبَابِهِ تَسْألُهُ هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَ مَعْرفَتَكَ وَقَالَ بِمَقَالَتِكَ؟)، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ، قَالَ: (إِذَنْ وَاللهِ يَقِلَّ دَاخِلُهَا، وَاللهِ إِنَّهُ لَيَدْخُلُهَا قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمُ: الْحَقّيَّةُ)، قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: (قَوْمٌ مِنْ حُبَّهِمْ لِعليًّ يَحْلِفُونَ بِحَقّهِ وَلاَ يَدْرُونَ مَا حَقُّهُ وَفَضْلُهُ).
ثُمَّ سَكَتَ عليه السلام عَنّي سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: (وَجِئْتَ تَسْألُهُ عَنْ مَقَالَةِ الْمُفَوَّضَةِ، كَذَبُوا بَلْ قُلُوبُنَا أوْعِيَةٌ لِمَشِيَّةِ اللهِ، فَإذَا شَاءَ شِئْنَا، وَاللهُ يَقُولُ: ((وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ))(1)).
ثُمَّ رَجَعَ السَّتْرُ إِلَى حَالَتِهِ فَلَمْ أسْتَطِعْ كَشْفَهُ، فَنَظَرَ إِلَيَّ أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام مُتَبَسَّماً فَقَالَ: (يَا كَامِلُ مَا جُلُوسُكَ وَقَدْ أنْبَأكَ بِحَاجَتِكَ الْحُجَّةُ مِنْ بَعْدِي)، فَقُمْتُ وَخَرَجْتُ وَلَمْ اُعَايِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ أبُو نُعَيْم: فَلَقِيتُ كَامِلاً فَسَألْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَنِي بِهِ(2).
الغيبة للطوسي: أحمد بن علي الرازي، عن محمّد بن علي، عن علي بن عبد الله بن عائذ، عن الحسن بن وجنا، قال: سمعت أبا نعيم محمّد بن أحمد الأنصاري... وذكر مثله(3).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن هارون التلعكبري، عن أبيه، عن محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد، مثله(4).1.
ص: 700
بيان: يحتمل أن يكون المراد بالحقّيّة المستضعفين من المخالفين أو من الشيعة أو الأعم وسيأتي تحقيق القول في ذلك في كتاب الإيمان والكفر.
37 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ أحْمَدَ بْن النَّضْر، عَن الْقَنْبَريَّ مِنْ وُلْدِ قَنْبَرٍ الْكَبِير مَوْلَى أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: جَرَى حَدِيثُ جَعْفَرٍ فَشَتَمَهُ، فَقُلْتُ: فَلَيْسَ غَيْرُهُ فَهَلْ رَأيْتَهُ؟ قَالَ: لَمْ أرَهُ وَلَكِنْ رَآهُ غَيْري، قُلْتُ: وَمَنْ رَآهُ؟ قَالَ: رَآهُ جَعْفَرٌ مَرَّتَيْن، وَلَهُ حَدِيثٌ.
وَحَدَّثَ عَنْ رَشِيقٍ صَاحِبِ المادراي (المادراني) قَالَ: بَعَثَ إِلَيْنَا الْمُعْتَضِدُ(1) وَنَحْنُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ فَأمَرَنَا أنْ يَرْكَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا فَرَساً وَيَجْنُبَ(2) آخَرَ وَنَخْرُجَ مُخَفّفِينَ(3) لاَ يَكُونُ مَعَنَا قَلِيلٌ وَلاَ كَثِيرٌ إِلاَّ عَلَى السَّرْج مُصَلًّى(4)، وَقَالَ لَنَا: الْحَقُوا بِسَامَرَّةَ (بِسَامَرَّاءَ)، وَوَصَفَ لَنَا مَحَلَّةً وَدَاراً، وَقَالَ: إِذَا أتَيْتُمُوهَا تَجِدُوا عَلَى الْبَابِ خَادِماً أسْوَدَ فَاكْبِسُوا الدَّارَ(5) وَمَنْ رَأيْتُمْ فِيهَا فَأتُوني بِرَأسِهِ.
فَوَافَيْنَا سَامَرَّةَ فَوَجَدْنَا الأمْرَ كَمَا وَصَفَهُ وَفِي الدَّهْلِيز خَادِمٌ أسْوَدُ وَفِي يَدِهِ تِكَّةٌ يَنْسِجُهَا فَسَألْنَاهُ عَن الدَّار وَمَنْ فِيهَا، فَقَالَ: صَاحِبُهَا، فَوَ اللهِ مَا الْتَفَتَ إِلَيْنَا وَقَلَّ اكْتِرَاثُهُ بِنَا فَكَبَسْنَا الدَّارَ كَمَا أمَرَنَا، فَوَجَدْنَا دَاراًم.
ص: 701
سَريَّةً(1)، وَمُقَابِلُ الدَّار سِتْرٌ مَا نَظَرْتُ قَطُّ إِلَى أنْبَلَ مِنْهُ، كَأنَّ الأيْدِيَ رُفِعَتْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّار أحَدٌ.
فَرَفَعْنَا السَّتْرَ فَإذَا بَيْتٌ كَبِيرٌ كَأنَّ بَحْراً فِيهِ (ماء)(2) وَفِي أقْصَى الْبَيْتِ حَصِيرٌ قَدْ عَلِمْنَا أنَّهُ عَلَى الْمَاءِ، وَفَوْقَهُ رَجُلٌ مِنْ أحْسَن النَّاس هَيْئَةً قَائِمٌ يُصَلّي، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْنَا وَلاَ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْ أسْبَابِنَا، فَسَبَقَ أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ لِيَتَخَطَّى الْبَيْتَ فَغَرقَ فِي الْمَاءِ، وَمَا زَالَ يَضْطَربُ حَتَّى مَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ فَخَلَّصْتُهُ وَأخْرَجْتُهُ وَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ سَاعَةً وَعَادَ صَاحِبيَ الثَّانِي إِلَى فِعْل ذَلِكَ الْفِعْل فَنَالَهُ مِثْلُ ذَلِكَ وَبَقِيتُ مَبْهُوتاً.
فَقُلْتُ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ: الْمَعْذِرَةُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكَ، فَوَ اللهِ مَا عَلِمْتُ كَيْفَ الْخَبَرُ وَلاَ إِلَى مَنْ أجِيءُ وَأنَا تَائِبٌ إِلَى اللهِ، فَمَا الْتَفَتَ إِلَى شَيْ ءٍ مِمَّا قُلْنَا، وَمَا انْفَتَلَ عَمَّا كَانَ فِيهِ، فَهَالَنَا ذَلِكَ وَانْصَرَفْنَا عَنْهُ، وَقَدْ كَانَ الْمُعْتَضِدُ يَنْتَظِرُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ إِلَى الْحُجَّابِ إِذَا وَافَيْنَاهُ أنْ نَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي أيَّ وَقْتٍ كَانَ.
فَوَافَيْنَاهُ فِي بَعْض اللَّيْل فَاُدْخِلْنَا عَلَيْهِ فَسَألَنَا عَن الْخَبَر فَحَكَيْنَا لَهُ مَا رَأيْنَا فَقَالَ: وَيْحَكُمْ لَقِيَكُمْ أحَدٌ قَبْلِي وَجَرَى مِنْكُمْ إِلَى أحَدٍ سَبَبٌ أوْ قَوْلٌ؟ قُلْنَا: لاَ، فَقَالَ: أنَا نَفِيٌّ(3) مِنْ جَدَّي وَحَلَفَ بِأشَدَّ أيْمَانٍ لَهُ أنَّهُ رَجُلٌ إِنْ بَلَغَهُ هَذَا الْخَبَرُ لَيَضْربَنَّ أعْنَاقَنَا، فَمَا جَسَرْنَا أنْ نُحَدَّثَ بِهِ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ(4).8.
ص: 702
38 _ الخرائج والجرائح: عَنْ رَشِيقٍ صَاحِبِ المادراي(1) مِثْلَهُ(2)، وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَرَ: ثُمَّ بَعَثُوا عَسْكَراً أكْثَرَ فَلَمَّا دَخَلُوا الدَّارَ سَمِعُوا مِنَ السَّرْدَابِ قِرَاءَةَ الْقُرْآن فَاجْتَمَعُوا عَلَى بَابِهِ، وَحَفِظُوهُ حَتَّى لاَ يَصْعَدَ وَلاَ يَخْرُجَ وَأمِيرُهُمْ قَائِمٌ حَتَّى يُصَلّيَ الْعَسْكَرُ كُلُّهُمْ، فَخَرَجَ (مِنَ)(3) السَّكَّةِ الَّتِي عَلَى بَابِ السَّرْدَابِ وَمَرَّ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا غَابَ قَالَ الأمِيرُ: انْزلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: ألَيْسَ هُوَ مَرَّ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مَا رَأيْتُ، قَالَ: وَلِمَ تَرَكْتُمُوهُ؟ قَالُوا: إِنَّا حَسِبْنَا أنَّكَ تَرَاهُ(4).
39 _ كتاب النجوم: قَدْ أدْرَكْتُ فِي وَقْتِي جَمَاعَةً يَذْكُرُونَ أنَّهُمْ شَاهَدُوا الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَفِيهِمْ مَنْ حَمَلُوا عَنْهُ رقَاعاً وَرَسَائِلَ عُرضَتْ عَلَيْهِ.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا عَرَفْتُ صِدْقَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ وَلَمْ يَأذَنْ فِي تَسْمِيَتِهِ، فَذَكَرَ أنَّهُ كَانَ قَدْ سَألَ اللهَ تَعَالَى أنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَهْدِيَّ سَلاَمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَرَأى فِي مَنَامِهِ أنَّهُ شَاهِدُهُ فِي وَقْتٍ أشَارَ إِلَيْهِ.
قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ الْوَقْتُ كَانَ بِمَشْهَدِ مَوْلاَنَا مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليهما السلام فَسَمِعَ صَوْتاً قَدْ عَرَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ يَزُورُ مَوْلاَنَا الْجَوَادَ عليه السلام فَامْتَنَعَ هَذَا السَّائِلُ مِنَ التَّهَجُّم عَلَيْهِ، وَدَخَلَ فَوَقَفَ عِنْدَ رجْلَيْ ضَريح مَوْلاَنَا الْكَاظِم عليه السلام فَخَرَجَ مَنْ أعْتَقِدُ أنَّهُ هُوَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام وَمَعَهُ رَفِيقٌ لَهُ، وَشَاهَدَهُ وَلَمْ يُخَاطِبْهُ فِي شَيْءٍ لِوُجُوبِ التَّأدُّبِ بَيْنَ يَدَيْهِ.).
ص: 703
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ الرَّشِيدُ أبُو الْعَبَّاس بْنُ مَيْمُونٍ الْوَاسِطِيُّ وَنَحْنُ مُصْعِدُونَ إِلَى سَامَرَّاءَ(1)، قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ الشَّيْخُ _ يَعْنِي جَدَّي وَرَّامَ بْنَ أبِي فِرَاسٍ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ _ مِنَ الْحِلَّةِ مُتَألّماً مِنَ الْمَغَازي وَأقَامَ بالْمَشْهَدِ الْمُقَدَّس بِمَقَابِر قُرَيْشٍ شَهْرَيْن إِلاَّ سَبْعَةَ أيَّام، قَالَ: فَتَوَجَّهْتُ مِنْ وَاسِطَ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى وَكَانَ الْبَرْدُ شَدِيداً فَاجْتَمَعْتُ مَعَ الشَّيْخ بِالْمَشْهَدِ الْكَاظِمِيَّ وَعَرَّفْتُهُ عَزْمِي عَلَى الزّيَارَةِ، فَقَالَ لِي: اُريدُ اُنْفِذُ(2) إِلَيْكَ رُقْعَةً تَشُدُّهَا فِي تِكَّةِ لِبَاسِكَ _ فَشَدَدْتُهَا أنَا فِي لِبَاسِي _ فَإذَا وَصَلْتَ إِلَى الْقُبَّةِ الشَّريفَةِ، وَيَكُونُ دُخُولُكَ فِي أوَّل اللَّيْل وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَكَ أحَدٌ، وَكُنْتَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ فَاجْعَل الرُّقْعَةَ عِنْدَ الْقُبَّةِ فَإذَا جِئْتَ بُكْرَةً وَلَمْ تَجِدِ الرُّقْعَةَ فَلاَ تَقُلْ لأحَدٍ شَيْئاً.
قَالَ: فَفَعَلْتُ مَا أمَرَنِي وَجِئْتُ بُكْرَةً فَلَمْ أجِدِ الرُّقْعَةَ وَانْحَدَرْتُ إِلَى أهْلِي وَكَانَ الشَّيْخُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى أهْلِهِ عَلَى اخْتِيَارهِ، فَلَمَّا جِئْتُ فِي أوَان الزّيَارَةِ وَلَقِيتُهُ فِي مَنْزلِهِ بِالْحِلَّةِ قَالَ لِي: تِلْكَ الْحَاجَةُ انْقَضَتْ.
قَالَ أبُو الْعَبَّاس: وَلَمْ اُحَدَّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَكَ أحَداً مُنْذُ تُوُفّيَ الشَّيْخُ إِلَى الآنَ كَانَ لَهُ مُنْذُ مَاتَ ثَلاَثُونَ سَنَةً تَقْريباً.).
ص: 704
وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَرَفْتُهُ مِمَّنْ تَحَقَّقْتُ صِدْقَهُ فِيمَا ذَكَرُهُ، قَالَ: كُنْتُ قَدْ سَألْتُ مَوْلاَنَا الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أنْ يَأذَنَ لِي فِي أنْ أكُونَ مِمَّنْ يُشَرَّفُ بِصُحْبَتِهِ وَخِدْمَتِهِ، فِي وَقْتِ غَيْبَتِهِ، اُسْوَةً بِمَنْ يَخْدُمُهُ مِنْ عَبِيدِهِ وَخَاصَّتِهِ، وَلَمْ أطَّلِعْ عَلَى هَذَا الْمُرَادِ أحَداً مِنَ الْعِبَادِ، فَحَضَرَ عِنْدِي هَذَا الرَّشِيدُ أبُو الْعَبَّاس الْوَاسِطِيُّ الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهُ يَوْمَ الْخَمِيس تَاسِعَ عشرين (عَشَرَ مِنْ) رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ وَسِتّمِائَةٍ، وَقَالَ لِيَ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ: قَدْ قَالُوا لَكَ مَا قَصْدُنَا إِلاَّ الشَّفَقَةُ عَلَيْكَ، فَإنْ كُنْتَ تُوَطّنُ نَفْسَكَ عَلَى الصَّبْر حَصَلَ الْمُرَادُ، فَقُلْتُ لَهُ: عَمَّنْ تَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: عَنْ مَوْلاَنَا الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَرَفْتُهُ مِمَّنْ حَقَّقْتُ حَدِيثَهُ وَصَدَّقْتُهُ أنَّهُ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى مَوْلاَنَا الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الطَّاهِرينَ كِتَاباً يَتَضَمَّنُ عِدَّةَ مُهِمَّاتٍ وَسَألْتُ جَوَابَهُ بِقَلَمِهِ الشَّريفِ عَنْهَا. وَحَمَلْتُهُ مَعِي إِلَى السَّرْدَابِ الشَّريفِ بِسُرَّ مَنْ رَأى فَجَعَلْتُ الْكِتَابَ فِي السَّرْدَابِ ثُمَّ خِفْتُ عَلَيْهِ فَأخَذْتُهُ مَعِي وَكَانَتْ لَيْلَةُ جُمُعَةٍ وَانْفَرَدْتُ فِي بَعْض حُجَر مَشْهَدِ الْمُقَدَّس.
قَالَ: فَلَمَّا قَارَبَ نِصْفُ اللَّيْل دَخَلَ خَادِمٌ مُسْرعاً فَقَالَ: أعْطِني الْكِتَابَ! اللهُمَّ قَالَ _ وَيُقَالُ: الشَّكُّ مِنَ الرَّاوي _ فَجَلَسْتُ لأتَطَهَّرَ لِلصَّلاَةِ وَأبْطَأتُ لِذَلِكَ فَخَرَجْتُ فَلَمْ أجِدِ الْخَادِمَ وَلاَ الْمَخْدُومَ.
وَكَانَ الْمُرَادَ مِنْ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أنَّهُ عليه السلام اطَّلَعَ عَلَى كِتَابٍ مَا أطْلَعْتُ عَلَيْهِ أحَداً مِنَ الْبَشَر وَأنَّهُ نَفَّذَ خَادِمَهُ مُلْتَمَسَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آيَةً للهِ تَعَالَى وَمُعْجِزَةً لَهُ عليه السلام يَعْرفُ ذَلِكَ مَنْ نَظَرَ(1).م.
ص: 705
40 _ تنبيه الخواطر: حَدَّثَنِي السَّيَّدُ الأجَلُّ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعُرَيْضِيُّ الْعَلَويُّ الْحُسَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَلِيَّ بْن نَماَ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَّ بْن حَمْزَةَ الأقْسَاسِيُّ فِي دَار الشَّريفِ عَلِيَّ بْن جَعْفَر بْن عليًّ الْمَدَائِنيَّ الْعَلَويَّ، قَالَ: كَانَ بِالْكُوفَةِ شَيْخٌ قَصَّارٌ، وَكَانَ مَوْسُوماً بِالزُّهْدِ مُنْخَرطاً فِي سِلْكِ السَّيَاحَةِ مُتَبَتّلاً لِلْعِبَادَةِ مُقْتَضِياً لِلآثَار الصَّالِحَةِ، فَاتَّفَقَ يَوْماً أنَّنِي كُنْتُ بِمَجْلِس وَالِدِي، وَكَانَ هَذَا الشَّيْخُ يُحَدَّثُهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ.
قَالَ: كُنْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَسْجِدِ جُعْفِيّ وَهُوَ مَسْجِدٌ قَدِيمٌ فِي ظَاهِر الْكُوفَةِ(2) وَقَدِ انْتَصَفَ اللَّيْلُ وَأنَا بِمُفْرَدِي فِيهِ لِلْخَلْوَةِ وَالْعِبَادَةِ إِذَا أقْبَلَ عَلَيَّ ثَلاَثَةُ أشْخَاصٍ، فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَلَمَّا تَوَسَّطُوا صَرْحَتَهُ جَلَسَ أحَدُهُمْ، ثُمَّ مَسَحَ الأرْضَ بِيَدِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً وَخُضْخِضَ(3) الْمَاءُ، وَنَبَعَ فَأسْبَغَ الْوُضُوءَ مِنْهُ، ثُمَّ أشَارَ إِلَى الشَّخْصَيْن الآخَرَيْن بِإسْبَاغ الْوُضُوءِ فَتَوَضَّئَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِهِمَا إِمَاماً فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ مُؤْتَمّاً بِهِ.
فَلَمَّا سَلَّمَ وَقَضَى صَلاَتَهُ بَهَرَني حَالُهُ، وَاسْتَعْظَمْتُ فِعْلَهُ مِنْ إِنْبَاع الْمَاءِ فَسَألْتُ الشَّخْصَ الَّذِي كَانَ مِنْهُمَا عَلَى يَمِينِي عَن الرَّجُل، فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ لِي: هَذَا صَاحِبُ الأمْر وَلَدُ الْحَسَن، فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَقَبَّلْتُ يَدَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا تَقُولُ فِي الشَّريفِ عُمَرَ بْن حَمْزَةَ هَلْ هُوَ عَلَى الْحَقَّ؟ فَقَالَ: (لاَ، وَرُبَّمَا اهْتَدَى إِلاَّ أنَّهُ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَرَانِي)، فَاسْتَطْرَفْنَا هَذَا الْحَدِيثَ.).
ص: 706
فَمَضَتْ بُرْهَةٌ طَويلَةٌ فَتُوُفّيَ الشَّريفُ عُمَرُ وَلَمْ يُسْمَعْ(1) أنَّهُ لَقِيَهُ، فَلَمَّا اجْتَمَعْتُ بِالشَّيْخ الزَّاهِدِ ابْن بَادِيَةَ(2) أذْكَرْتُهُ بِالْحِكَايَةِ الَّتِي كَانَ ذَكَرَهَا، وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الرَّادَّ عَلَيْهِ: ألَيْسَ كُنْتَ ذَكَرْتَ أنَّ هَذَا الشَّريفَ(3) لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَرَى صَاحِبَ الأمْر الَّذِي أشَرْتَ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ لِي: وَمِنْ أيْنَ عَلِمْتَ(4) أنَّهُ لَمْ يَرَهُ؟
ثُمَّ إِنَّنِي اجْتَمَعْتُ فِيمَا بَعْدُ بِالشَّريفِ أبِي الْمَنَاقِبِ وَلَدِ الشَّريفِ عُمَرَ بْن حَمْزَةَ وَتَفَاوَضْنَا أحَادِيثَ وَالِدِهِ فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي آخِر اللَّيْل عِنْدَ وَالِدِي وَهُوَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَقَدْ سَقَطَتْ قُوَّتُهُ(5) وَخَفَّتْ صَوْتُهُ(6) وَالأبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ عَلَيْنَا إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا شَخْصٌ هِبْنَاهُ، وَاسْتَطْرَفْنَا دُخُولَهُ، وَذَهَلْنَا عَنْ سُؤَالِهِ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ وَالِدِي وَجَعَلَ يُحَدَّثُهُ مَلِيّاً وَوَالِدِي يَبْكِي ثُمَّ نَهَضَ.
فَلَمَّا غَابَ عَنْ أعْيُننَا تَحَامَلَ وَالِدِي وَقَالَ: أجْلِسُوني، فَأجْلَسْنَاهُ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ: أيْنَ الشَّخْصُ الَّذِي كَانَ عِنْدِي؟ فَقُلْنَا: خَرَجَ مِنْ حَيْثُ أتَى، فَقَالَ: اطْلُبُوهُ، فَذَهَبْنَا فِي أثَرهِ فَوَجَدْنَا الأبْوَابَ مُغَلَّقَةً وَلَمْ نَجِدْ لَهُ أثَراً فَعُدْنَا إِلَيْهِ فَأخْبَرْنَاهُ بِحَالِهِ وَأنَّا لَمْ نَجِدْهُ، وَسَألْنَاهُ عَنْهُ، فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُ الأمْر، ثُمَّ عَادَ إِلَى ثِقَلِهِ فِي الْمَرَض وَاُغْمِيَ عَلَيْهِ(7).5.
ص: 707
41 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أبِي الْحَسَن الْمُسْتَرقَّ الضَّرير، قَالَ: كُنْتُ يَوْماً فِي مَجْلِس الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ بْن حَمْدَانَ نَاصِر الدَّوْلَةِ فَتَذَاكَرْنَا أمْرَ النَّاحِيَةِ(1)، قَالَ: كُنْتُ اُزْري عَلَيْهَا إِلَى أنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ(2) عَمَّيَ الْحُسَيْنُ يَوْماً فَأخَذْتُ أتَكَلَّمُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ قَدْ كُنْتُ أقُولُ بِمَقَالَتِكَ هَذِهِ إِلَى أنْ نُدِبْتُ لِولاَيَةِ قُمَّ، حِينَ اسْتَصْعَبَتْ عَلَى السُّلْطَان، وَكَانَ كُلُّ مَنْ وَرَدَ إِلَيْهَا مِنْ جِهَةِ السُّلْطَان يُحَاربُهُ أهْلُهَا فَسُلّمَ إِلَيَّ جَيْشٌ وَخَرَجْتُ نَحْوَهَا.
فَلَمَّا بَلَغْتُ إِلَى نَاحِيَةِ طِرَازٍ(3) خَرَجْتُ إِلَى الصَّيْدِ فَفَاتَتْنِي طَريدَةٌ فَاتَّبَعْتُهَا وَأوْغَلْتُ فِي أثَرهَا حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى نَهَرٍ فَسِرْتُ فِيهِ وَكُلَّمَا أسِيرُ يَتَّسِعُ النَّهَرُ، فَبَيْنَمَا أنَا كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ فَارسٌ تَحْتَهُ شَهْبَاءُ وَهُوَ مُتَعَمَّمٌ بِعِمَامَةِ خَزّ خَضْرَاءَ، لاَ يُرَى(4) مِنْهُ سِوَى عَيْنَيْهِ، وَفِي رجْلِهِ(5) خُفَّان حَمْرَاوَان(6)، فَقَالَ لِي: (يَا حُسَيْنُ)، وَلاَ هُوَ أمَّرَني وَلاَ كَنَّانِي(7)، فَقُلْتُ: مَا ذَا تُريدُ؟ قَالَ: (لِمَ تُزْري عَلَى النَّاحِيَةِ، وَلِمَ تَمْنَعُ أصْحَابِي خُمُسَ مَالِكَ؟)،ً.
ص: 708
وَكُنْتُ الرَّجُلَ الْوَقُورَ الَّذِي لاَ يَخَافُ شَيْئاً فَاُرْعِدْتُ(1) وَتَهَيَّبْتُهُ، وَقُلْتُ لَهُ: أفْعَلُ يَا سَيَّدِي مَا تَأمُرُ بِهِ.
فَقَالَ: (إِذَا مَضَيْتَ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي أنْتَ مُتَوَجَّهٌ إِلَيْهِ فَدَخَلْتَهُ عَفْواً وَكَسَبْتَ مَا كَسَبْتَ فِيهِ(2)، تَحْمِلُ خُمُسَهُ إِلَى مُسْتَحِقّهِ)، فَقُلْتُ: السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، فَقَالَ: (امْض رَاشِداً). وَلَوَى عِنَانَ دَابَّتِهِ وَانْصَرَفَ فَلَمْ أدْر أيَّ طَريقٍ سَلَكَ وَطَلَبْتُهُ يَمِيناً وَشِمَالاً فَخَفِيَ عَلَيَّ أمْرُهُ وَازْدَدْتُ رُعْباً وَانْكَفَفْتُ(3) رَاجِعاً إِلَى عَسْكَري وَتَنَاسَيْتُ الْحَدِيثَ.
فَلَمَّا بَلَغْتُ قُمَّ وَعِنْدِي أنّي اُريدُ مُحَارَبَةَ الْقَوْم خَرَجَ إِلَيَّ أهْلُهَا وَقَالُوا: كُنَّا نُحَاربُ مَنْ يَجِيئُنَا بِخِلاَفِهِمْ لَنَا فَأمَّا إِذَا وَافَيْتَ أنْتَ فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ ادْخُل الْبَلَدَ فَدَبَّرْهَا كَمَا تَرَى، فَأقَمْتُ فِيهَا زَمَاناً وَكَسَبْتُ أمْوَالاً زَائِدَةً عَلَى مَا كُنْتُ أتَوَقَّعُ(4) ثُمَّ وَشَى الْقُوَّادُ بِي إِلَى السُّلْطَان، وَحُسِدْتُ عَلَى طُول مُقَامِي وَكَثْرَةِ مَا اكْتَسَبْتُ، فَعُزلْتُ وَرَجَعْتُ إِلَى بَغْدَادَ، فَابْتَدَأتُ بِدَار السُّلْطَان وَسَلَّمْتُ(5) وَأقْبَلْتُ إِلَى مَنْزلِي وَجَاءَنِي فِيمَنْ جَاءَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ فَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى اتَّكَأ عَلَى تُكَأتِي فَاغْتَظْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَزَلْ قَاعِداً مَا يَبْرَحُ، وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ وَخَارجُونَ وَأنَا أزْدَادُ غَيْظاً، فَلَمَّا تَصَرَّمَ(6) الْمَجْلِسُ دَنَا إِلَيَّ وَقَالَ: بَيْنين.
ص: 709
وَبَيْنَكَ سِرٌّ فَاسْمَعْهُ، فَقُلْتُ: قُلْ، فَقَالَ: صَاحِبُ الشَّهْبَاءِ وَالنَّهَر يَقُولُ: (قَدْ وَفَيْنَا بِمَا وَعَدْنَا)، فَذَكَرْتُ الْحَدِيثَ وَارْتَعْتُ مِنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ: السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، فَقُمْتُ فَأخَذْتُ بِيَدِهِ فَفَتَحْتُ الْخَزَائِنَ فَلَمْ يَزَلْ يَخْمُسُهَا إِلَى أنْ خَمَسَ شَيْئاً كُنْتُ قَدْ اُنْسِيتُهُ مِمَّا كُنْتُ قَدْ جَمَعْتُهُ وَانْصَرَفَ، وَلَمْ أشُكَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَحَقَّقْتُ الأمْرَ، فَأنَا مُنْذُ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ عَمَّي أبِي عَبْدِ اللهِ زَالَ مَا كَانَ اعْتَرَضَنِي مِنْ شَكّ(1).
بيان: (الطرد) بالتحريك مزاولة الصيد، و(الطريدة) ما طردت من صيد وغيره، و(الإيغال) السير السريع، والإمعان فيه، قوله: (فدخلته عفواً) أي (من) غير محاربة ومشقّة، قال الجزري: فيه أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس أي السهل المتيسَّر(2)، وقال الفيروزآبادي: أعطيته عفواً أي بغير مسألة(3).
42 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أبِي الْقَاسِم جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن قُولَوَيْهِ، قَالَ: لَمَّا وَصَلْتُ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ سَبْع(4) وَثَلاَثِينَ(5) لِلْحَجَّ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي رَدَّ الْقَرَامِطَةُ فِيهَا الْحَجَرَ إِلَى مَكَانِهِ مِنَ الْبَيْتِ، كَانَ أكْبَرُ هَمَّي مَنْ يَنْصِبُ الْحَجَرَ؟ لأنَّهُ مَضَى فِي أثْنَاءِ الْكُتُبِ قِصَّةُ أخْذِهِ وَ(أنَّهُ)(6) إِنَّمَا يَنْصِبُهُ فِي مَكَانِهِ الْحُجَّةُ فِي الزَّمَان كَمَا فِي زَمَان الْحَجَّاج وَضَعَهُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ فِي مَكَانِهِ وَاسْتَقَرَّ، فَاعْتَلَلْتُ عِلَّةً صَعْبَةً خِفْتُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِير.
ص: 710
وَلَمْ يَتَهَيَّأ لِي مَا قَصَدْتُهُ فَاسْتَنَبْتُ الْمَعْرُوفَ بِابْن هِشَام وَأعْطَيْتُهُ رُقْعَةً مَخْتُومَةً أسْألُ فِيهَا عَنْ مُدَّةِ عُمُري وَهَلْ يَكُونُ الْمَوْتَةُ(1) فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ أمْ لاَ؟، وَقُلْتُ: هَمَّي إِيصَالُ هَذِهِ الرُّقْعَةِ إِلَى وَاضِع الْحَجَر فِي مَكَانِهِ وَأخْذُ جَوَابِهِ وَإِنَّمَا أنْدُبُكَ لِهَذَا، قَالَ: فَقَالَ الْمَعْرُوفُ بِابْن هِشَام: لَمَّا حَصَلْتُ بِمَكَّةَ وَعُزمَ عَلَى إِعَادَةِ الْحَجَر بَذَلْتُ لِسَدَنَةِ الْبَيْتِ جُمْلَةً تَمَكَّنْتُ مَعَهَا مِنَ الْكَوْن بِحَيْثُ أرَى وَاضِعَ الْحَجَر فِي مَكَانِهِ فَأقَمْتُ مَعِي مِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُ عَنّي ازْدِحَامَ النَّاس فَكُلَّمَا عَمَدَ إِنْسَانٌ لِوَضْعِهِ اضْطَرَبَ وَلَمْ يَسْتَقِمْ، فَأقْبَلَ غُلاَمٌ أسْمَرُ اللَّوْن حَسَنُ الْوَجْهِ فَتَنَاوَلَهُ وَوَضَعَهُ فِي مَكَانِهِ فَاسْتَقَامَ كَأنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ، وَعَلَتْ لِذَلِكَ الأصْوَاتُ فَانْصَرَفَ خَارجاً مِنَ الْبَابِ، فَنَهَضْتُ مِنْ مَكَانِي أتْبَعُهُ وَأدْفَعُ النَّاسَ عَنّي يَمِيناً وَشِمَالاً حَتَّى ظُنَّ بِيَ الِاخْتِلاَطُ فِي الْعَقْل، وَالنَّاسُ يَفْرجُونَ لِي وَعَيْني لاَ تُفَارقُهُ حَتَّى انْقَطَعَ عَن النَّاس فَكُنْتُ اُسْرعُ الشَّدَّ(2) خَلْفَهُ وَهُوَ يَمْشِي عَلَى تُؤَدَةِ السَّيْر(3) وَلاَ اُدْركُهُ.
فَلَمَّا حَصَلَ بِحَيْثُ لاَ أحَدٌ يَرَاهُ غَيْري وَقَفَ وَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: (هَاتِ مَا مَعَكَ)، فَنَاوَلْتُهُ الرُّقْعَةَ فَقَالَ مِنْ غَيْر أنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا: (قُلْ لَهُ: لاَ خَوْفَ عَلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ وَيَكُونُ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ بَعْدَ ثَلاَثِينَ سَنَةً)، قَالَ: فَوَقَعَ عَلَيَّ الدَّمْعُ(4) حَتَّى لَمْ اُطِقْ حَرَاكاً وَتَرَكَنِي وَانْصَرَفَ.
قَالَ أبُو الْقَاسِم: فَأعْلَمَنِي بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ، فَلَمَّا كَانَ سَنَةُ سَبْع(5) وَسِتّينَ).
ص: 711
اعْتَلَّ أبُو الْقَاسِم وَأخَذَ يَنْظُرُ فِي أمْرهِ وَتَحْصِيل جَهَازهِ إِلَى قَبْرهِ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَاسْتَعْمَلَ الْجِدَّ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا الْخَوْفُ؟ وَنَرْجُو أنْ يَتَفَضَّلَ اللهُ بِالسَّلاَمَةِ فَمَا عَلَيْكَ بِمَخُوفَةٍ، فَقَالَ: هَذِهِ السَّنَةُ الَّتِي خُوَّفْتُ فِيهَا فَمَاتَ فِي عِلَّتِهِ(1).
بيان: في سنة سبع وثلاثين أي بعد ثلاثمائة ترك المئات لوضوحها اختصاراً وابن قولويه أستاذ المفيد، وقال الشيخ في الرجال: مات سنة ثمان وستّين وثلاثمائة(2) وكان وفاته في أوائل الثمان، فلم يعتبر في هذا الخبر الكسر لقلته، مع أنَّ إسقاط ما هو أقلّ من النصف شائع في الحساب(3).
43 _ الخرائج والجرائح: رُويَ أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ الدَّعْلَجِيَّ كَانَ لَهُ وَلَدَان وَكَانَ مِنْ أخْيَار(4) أصْحَابِنَا وَكَانَ قَدْ سَمِعَ الأحَادِيثَ وَكَانَ أحَدُ وَلَدَيْهِ عَلَى الطَّريقَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَهُوَ أبُو الْحَسَن كَانَ يُغَسَّلُ الأمْوَاتَ وَوَلَدٌ آخَرُ يَسْلُكُ مَسَالِكَ الأحْدَاثِ فِي الأجْرَام(5)، وَدُفِعَ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ حَجَّةٌ يَحُجُّ بِهَا عَنْ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام وَكَانَ ذَلِكَ عَادَةَ الشّيعَةِ وَقْتَئِذٍ.
فَدَفَعَ شَيْئاً مِنْهَا إِلَى ابْنِهِ الْمَذْكُور بِالْفَسَادِ وَخَرَجَ إِلَى الْحَجَّ فَلَمَّا عَادَ حَكَى أنَّهُ كَانَ وَاقِفاً بِالْمَوْقِفِ فَرَأى إِلَى جَانِبِهِ شَابّاً حَسَنَ الْوَجْهِ أسْمَرَ اللَّوْن، بِذُؤَابَتَيْن مُقْبِلاً عَلَى شَأنِهِ فِي الِابْتِهَال وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّع).
ص: 712
وَحُسْن الْعَمَل فَلَمَّا قَرُبَ نَفْرُ النَّاس الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: (يَا شَيْخُ أمَا تَسْتَحْيِي؟)، فَقُلْتُ: مِنْ أيَّ شَيْءٍ يَا سَيَّدِي؟ قَالَ: (يُدْفَعُ إِلَيْكَ حَجَّةٌ عَمَّنْ تَعْلَمُ فَتَدْفَعُ مِنْهَا إِلَى فَاسِقٍ يَشْرَبُ الْخَمْرَ يُوشِكُ أنْ تَذْهَبَ عَيْنُكَ هَذِهِ، وَأوْمَأ إِلَى عَيْني، وَأما (أنَا) مِنْ ذَلِكَ إِلَى الآنَ عَلَى وَجَلٍ وَمَخَافَةٍ.
وَسَمِعَ أبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَان ذَلِكَ، قَالَ: فَمَا مَضَى عَلَيْهِ أرْبَعُونَ يَوْماً بَعْدَ مَوْردِهِ حَتَّى خَرَجَ فِي عَيْنهِ الَّتِي أوْمَأ إِلَيْهَا قَرْحَةٌ فَذَهَبَتْ(1).
44 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أبِي أحْمَدَ بْن رَاشِدٍ، عَنْ بَعْض إِخْوَانِهِ مِنْ أهْل الْمَدَائِن، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَفِيقٍ لِي حَاجّاً فَإذَا شَابٌّ قَاعِدٌ، عَلَيْهِ إِزَارٌ وَردَاءٌ، فَقَوَّمْنَاهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ دِينَاراً، وَفِي رجْلِهِ نَعْلٌ صَفْرَاءُ مَا عَلَيْهَا غُبَارٌ وَلاَ أثَرُ السَّفَر، فَدَنَا مِنْهُ سَائِلٌ فَتَنَاوَلَ مِنَ الأرْض شَيْئاً فَأعْطَاهُ فَأكْثَرَ السَّائِلُ الدُّعَاءَ وَقَامَ الشَّابُّ وَذَهَبَ وَغَابَ.
فَدَنَوْنَا مِنَ السَّائِل فَقُلْنَا: مَا أعْطَاكَ؟ قَالَ: آتَانِي حَصَاةً مِنْ ذَهَبٍ قَدَّرْنَاهَا عِشْرينَ مِثْقَالا(2)، فَقُلْتُ لِصَاحِبي: مَوْلاَنَا مَعَنَا وَلاَ نَعْرفُهُ، اذْهَبْ بِنَا فِي طَلَبِهِ فَطَلَبْنَا الْمَوْقِفَ كُلَّهُ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَرَجَعْنَا وَسَألْنَا عَنْهُ مَنْ كَانَ حَوْلَهُ، فَقَالُوا: شَابٌّ عَلَويٌّ مِنَ الْمَدِينَةِ يَحُجُّ فِي كُلّ سَنَةٍ مَاشِيا(3).
45 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ جَعْفَر بْن حَمْدَانَ، عَنْ حَسَن بْن حُسَيْنٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الطَّوَافِ فَشَكَكْتُ فِيمَا بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِي فِي الطَّوَافِ فَإذَا شَابٌّ قَدِ اسْتَقْبَلَنِي حَسَنُ الْوَجْهِ فَقَالَ: (طُفْ اُسْبُوعاً آخَرَ)(4).3.
ص: 713
46 _ الإرشاد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ حَمْدَانَ الْقَلاَنِسِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَمْرٍو الْعَمْريَّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ(1): قَدْ مَضَى أبُو مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ لِي: قَدْ مَضَى وَلَكِنْ قَدْ خَلَّفَ فِيكُمْ مَنْ رَقَبَتُهُ مِثْلُ هَذِهِ وَأشَارَ بِيَدِهِ.
وَعَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ فَتْح مَوْلَى الزُّرَاريَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَلِيَّ بْنَ مُطَهَّرٍ يَذْكُرُ أنَّهُ رَآهُ وَوَصَفَ لِي(2) قَدَّهُ(3).
47 _ الإرشاد: بِالإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، (عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ)(4)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ بْن صَالِح أنَّهُ رَآهُ بِحِذَاءِ الْحَجَر وَالنَّاسُ يَتَجَاذَبُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: (مَا بِهَذَا اُمِرُوا)(5).
48 _ الإرشاد: بِالإسْنَادِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ بْن صَالِح، وَأحْمَدَ بْن النَّضْر، عَن الْقَنْبَريَّ، قَالَ: جَرَى حَدِيثُ جَعْفَر بْن عليًّ فَذَمَّهُ، فَقُلْتُ: لَيْسَ غَيْرُهُ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَهَلْ رَأيْتَهُ؟ قَالَ: لَمْ أرَهُ وَلَكِنْ غَيْري رَآهُ، قُلْتُ: مَنْ غَيْرُكَ؟ قَالَ: قَدْ رَآهُ جَعْفَرٌ مَرَّتَيْن (وَلَهُ حَدِيثٌ)(6).
49 _ الإرشاد: بِالإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْكُوفِيَّ، عَنْ جَعْفَرٍ الْمَكْفُوفِ، عَنْ عَمْرٍو الأهْوَازيَّ، قَالَ: أرَانِيهِ أبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ: (هَذَا صَاحِبُكُمْ)(7).3.
ص: 714
50 _ الإرشاد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَن الْحَسَن بْن عليًّ النَّيْسَابُوريَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي نَصْرٍ طَريفٍ الْخَادِم أنَّهُ رَآهُ(1).
51 _ مهج الدعوات: كُنْتُ أنَا بِسُرَّ مَنْ رَأى فَسَمِعْتُ سَحَراً دُعَاءَ الْقَائِم عليه السلام فَحَفِظْتُ مِنْهُ مِنَ الدُّعَاءِ: (لِمَنْ ذَكَرَهُ الأحْيَاءَ وَالأمْوَاتَ وَأبْقِهِمْ)، أوْ قَالَ: (وَأحْيِهِمْ فِي عِزّنَا وَمُلْكِنَا)، أوْ: (سُلْطَانِنَا وَدَوْلَتِنَا)، وَكَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الأرْبِعَاءِ ثَالِثَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ وَسِتّمِائَةٍ(2).
52 _ كشف الغمّة: وَأنَا أذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ قِصَّتَيْن قَرُبَ عَهْدُهُمَا مِنْ زَمَانِي وَحَدَّثَنِي بِهِمَا جَمَاعَةٌ مِنْ ثِقَاتِ إِخْوَانِي:
كَانَ فِي الْبِلاَدِ الْحِلّيَّةِ شَخْصٌ يُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْحَسَن الْهِرَقْلِيُّ(3) مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: هِرَقْلُ(4) مَاتَ فِي زَمَانِي وَمَا رَأيْتُهُ، حَكَى لِي وَلَدُهُ شَمْسُ الدَّين، قَالَ: حَكَى لِي وَالِدِي أنَّهُ خَرَجَ فِيهِ وَهُوَ شَابٌّ عَلَى فَخِذِهِ الأيْسَر تُوثَةٌ(5) مِقْدَارَ قَبْضَةِ الإنْسَان وَكَانَتْ فِي كُلّ رَبيع تَتَشَقَّقُة.
ص: 715
وَيَخْرُجُ مِنْهَا دَمٌ وَقَيْحٌ وَيَقْطَعُهُ ألَمُهَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أشْغَالِهِ وَكَانَ مُقِيماً بِهِرَقْلَ، فَحَضَرَ إِلَى الْحِلَّةِ يَوْماً وَدَخَلَ إِلَى مَجْلِس السَّعِيدِ رَضِيَّ الدَّين عَلِيَّ بْن طَاوُسٍ رحمه الله(1) وَشَكَا إِلَيْهِ مَا يَجِدُهُ(2)، وَقَالَ: اُريدُ أنْ اُدَاويَهَا فَأحْضَرَ لَهُ أطِبَّاءَ الْحِلَّةِ وَأرَاهُمُ الْمَوْضِعَ، فَقَالُوا: هَذِهِ التُّوثَةُ فَوْقَ الْعِرْقِ الأكْحَل، وَعِلاَجُهَا خَطَرٌ وَمَتَى قُطِعَتْ خِيفَ أنْ يَنْقَطِعَ الْعِرْقُ فَيَمُوتَ.
فَقَالَ لَهُ السَّعِيدُ رَضِيُّ الدَّين قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ: أنَا مُتَوَجَّهٌ إِلَى بَغْدَادَ وَرُبَّمَا كَانَ أطِبَّاؤُهَا أعْرَفَ وَأحْذَقَ مِنْ هَؤُلاَءِ فَأصْحَبَني، فَأصْعَدُ مَعَهُ وَأحْضُرُ الأطِبَّاءَ فَقَالُوا كَمَا قَالَ اُولَئِكَ، فَضَاقَ صَدْرُهُ فَقَالَ لَهُ السَّعِيدُ: إِنَّ الشَّرْعَ قَدْ فَسَحَ لَكَ فِي الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الثّيَابِ وَعَلَيْكَ الِاجْتِهَادُ فِي الِاحْتِرَاس وَلاَ تُغَرَّرْ بِنَفْسِكَ فَاللهُ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَرَسُولُهُ.
فَقَالَ لَهُ وَالِدِي: إِذَا كَانَ الأمْرُ هَكَذَا وَقَدْ حَصَلْتُ فِي بَغْدَادَ(3) فَأتَوَجَّهُ إِلَى زيَارَةِ الْمَشْهَدِ الشَّريفِ بِسُرَّ مَنْ رَأى عَلَى مُشَرَّفِهِ السَّلاَمُ ثُمَّ أنْحَدِرُ إِلَى أهْلِي فَحَسَّنَ لَهُ ذَلِكَ، فَتَرَكَ ثِيَابَهُ وَنَفَقَتَهُ عِنْدَ السَّعِيدِ رَضِيَّ الدَّين وَتَوَجَّهَ.
قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَشْهَدَ وَزُرْتُ الأئِمَّةَ عليهم السلام نَزَلْتُ السَّرْدَابَ وَاسْتَغَثْتُ بِاللهِ تَعَالَى وَبالإمَام عليه السلام وَقَضَيْتُ بَعْضَ اللَّيْل فِي السَّرْدَابِ وَبَقِيتُ فِي الْمَشْهَدِ إِلَى الْخَمِيس ثُمَّ مَضَيْتُ إِلَى دِجْلَةَ، وَاغْتَسَلْتُ وَلَبِسْتُ).
ص: 716
ثَوْباً نَظِيفاً وَمَلأتُ إِبْريقاً كَانَ مَعِي وَصَعِدْتُ اُريدُ الْمَشْهَدَ فَرَأيْتُ أرْبَعَةَ فُرْسَانٍ خَارجِينَ مِنْ بَابِ السُّور وَكَانَ حَوْلَ الْمَشْهَدِ قَوْمٌ مِنَ الشُّرَفَاءِ يَرْعَوْنَ أغْنَامَهُمْ، فَحَسِبْتُهُمْ مِنْهُمْ، فَالْتَقَيْنَا فَرَأيْتُ شَابَّيْن أحَدُهُمَا عَبْدٌ مَخْطُوطٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَقَلَّدٌ بِسَيْفٍ وَشَيْخاً مُنَقّباً بِيَدِهِ رُمْحٌ وَالآخَرُ مُتَقَلّدٌ بِسَيْفٍ وَعَلَيْهِ فرجية(1) مُلَوَّنَةٌ فَوْقَ السَّيْفِ، وَهُوَ مُتَحَنّكٌ بِعَذَبَتِهِ.
فَوَقَفَ الشَّيْخُ صَاحِبُ الرُّمْح يَمِينَ الطَّريقِ، وَوَضَعَ كَعْبَ رُمْحِهِ فِي الأرْض وَوَقَفَ الشَّابَّان عَنْ يَسَار الطَّريقِ وَبَقِيَ صَاحِبُ الفرجية عَلَى الطَّريقِ مُقَابِلَ وَالِدِي ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلاَمَ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الفرجية: (أنْتَ غَداً تَرُوحُ إِلَى أهْلِكَ؟)، فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: (تَقَدَّمْ حَتَّى أبْصُرَ مَا يُوجِعُكَ)، قَالَ: فَكَرهْتُ مُلاَمَسَتَهُمْ، وَقُلْتُ: أهْلُ الْبَادِيَةِ مَا يَكَادُونَ يَحْتَرزُونَ مِنَ النَّجَاسَةِ وَأنَا قَدْ خَرَجْتُ مِنَ الْمَاءِ وَقَمِيصِي مَبْلُولٌ.
ثُمَّ إِنّي مَعَ ذَلِكَ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَلَزمَنِي بِيَدِي وَمَدَّنِي إِلَيْهِ وَجَعَلَ يَلْمِسُ جَانِبِي مِنْ كَتِفِي إِلَى أنْ أصَابَتْ يَدُهُ التُّوثَةَ فَعَصَرَهَا بِيَدِهِ فَأوْجَعَنِي ثُمَّ اسْتَوَى فِي سَرْج فَرَسِهِ كَمَا كَانَ، فَقَالَ لِيَ الشَّيْخُ: أفْلَحْتَ يَا إِسْمَاعِيلُ! فَتَعَجَّبْتُ مِنْ مَعْرفَتِهِ بِاسْمِي فَقُلْتُ: أفْلَحْنَا وَأفْلَحْتُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ.
قَالَ: فَقَالَ: هَذَا هُوَ الإمَامُ، قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَاحْتَضَنْتُهُ وَقَبَّلْتُ فَخِذَهُ ثُمَّ إِنَّهُ سَاقَ وَأنَا أمْشِي مَعَهُ مُحْتَضِنَهُ، فَقَالَ: (ارْجِعْ)، فَقُلْتُ: لاَ اُفَارقُكَ أبَداً، فَقَالَ: (الْمَصْلَحَةُ رُجُوعُكَ)، فَأعَدْتُ عَلَيْهِ مِثْلَ الْقَوْل الأوَّل، فَقَالَ الشَّيْخُ: يَا إِسْمَاعِيلُ مَا تَسْتَحْيِي؟ يَقُولُ لَكَ الإمَامُ مَرَّتَيْن: (ارْجِعْ) وَتُخَالِفُهُ، فَجَهَّني(2) بِهَذَا الْقَوْل فَوَقَفْتُ).
ص: 717
فَتَقَدَّمَ خُطُوَاتٍ وَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: (إِذَا وَصَلْتَ بِبَغْدَادَ فَلاَ بُدَّ أنْ يَطْلُبَكَ أبُو جَعْفَرٍ _ يَعْنِي الْخَلِيفَةَ الْمُسْتَنْصِرَ _(1) فَإذَا حَضَرْتَ عِنْدَهُ وَأعْطَاكَ شَيْئاً فَلاَ تَأخُذْهُ وَقُلْ لِوَلَدِنَا الرَّضِيَّ لِيَكْتُبَ لَكَ إِلَى عَلِيَّ بْن عِوَضٍ فَإنَّنِي اُوصِيهِ يُعْطِيكَ الَّذِي تُريدُ).
ثُمَّ سَارَ وَأصْحَابُهُ مَعَهُ فَلَمْ أزَلْ قَائِماً أبْصُرُهُمْ حَتَّى بَعُدُوا(2) وَحَصَلَ عِنْدِي أسَفٌ لِمُفَارَقَتِهِ، فَقَعَدْتُ إِلَى الأرْض سَاعَةً ثُمَّ مَشَيْتُ إِلَى الْمَشْهَدِ فَاجْتَمَعَ الْقُوَّامُ حَوْلِي وَقَالُوا: نَرَى وَجْهَكَ مُتَغَيَّراً أوْجَعَكَ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالُوا: خَاصَمَكَ أحَدٌ؟ قُلْتُ: لاَ، لَيْسَ عِنْدِي مِمَّا تَقُولُونَ خَبَرٌ، لَكِنْ أسْألُكُمْ هَلْ عَرَفْتُمُ الْفُرْسَانَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَكُمْ؟ فَقَالُوا: هُمْ مِنَ الشُّرَفَاءِ أرْبَابِ الْغَنَم، فَقُلْتُ(3): بَلْ هُوَ الإمَامُ عليه السلام، فَقَالُوا: الإمَامُ هُوَ الشَّيْخُ أوْ صَاحِبُ الفرجية؟ فَقُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ الفرجية، فَقَالُوا: أرَيْتَهُ الْمَرَضَ الَّذِي فِيكَ؟ فَقُلْتُ: هُوَ قَبَضَهُ بِيَدِهِ وَأوْجَعَنِي.
ثُمَّ كَشَفْتُ رجْلِي فَلَمْ أرَ لِذَلِكَ الْمَرَض أثَراً فَتَدَاخَلَنِي الشَّكُّ مِنَ الدَّهَش فَأخْرَجْتُ رجْلِيَ الاُخْرَى فَلَمْ أرَ شَيْئاً، فَانْطَبَقَ النَّاسُ عَلَيَّ وَمَزَّقُوا قَمِيصِي فَأدْخَلَنِي الْقُوَّامُ خِزَانَةً وَمَنَعُوا النَّاسَ عَنّي، وَكَانَ نَاظِرُ(4) بَيْن النَّهْرَيْن بِالْمَشْهَدِ فَسَمِعَ الضَّجَّةَ وَسَألَ عَن الْخَبَر فَعَرَّفُوهُ فَجَاءَ إِلَى الْخِزَانَةِ وَسَألَنِي عَن اسْمِي وَسَألَنِي: مُنْذُ كَمْ خَرَجْتَ مِنْ بَغْدَادَ؟ فَعَرَّفْتُهُ أنّي).
ص: 718
خَرَجْتُ فِي أوَّل الاُسْبُوع فَمَشَى عَنّي وَبتُّ فِي الْمَشْهَدِ وَصَلَّيْتُ الصُّبْحَ وَخَرَجْتُ وَخَرَجَ النَّاسُ مَعِي إِلَى أنْ بَعُدْتُ عَن الْمَشْهَدِ وَرَجَعُوا عَنّي.
وَوَصَلْتُ إِلَى أوَانَى(1) فَبِتُّ بِهَا وَبَكَّرْتُ مِنْهَا اُريدُ بَغْدَادَ فَرَأيْتُ النَّاسَ مُزْدَحِمِينَ عَلَى الْقَنْطَرَةِ الْعَتِيقَةِ يَسْألُونَ كُلَّ مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ عَن اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَأيْنَ كَانَ؟ فَسَألُوني عَن اسْمِي وَمِنْ أيْنَ جِئْتُ فَعَرَّفْتُهُمْ فَاجْتَمَعُوا عَلَيَّ وَمَزَّقُوا ثِيَابِي وَلَمْ يَبْقَ لِي فِي رُوحِي حُكْمٌ.
وَكَانَ نَاظِرُ بَيْن النَّهْرَيْن كَتَبَ إِلَى بَغْدَادَ وَعَرَّفَهُمُ الْحَالَ ثُمَّ حَمَلُوني إِلَى بَغْدَادَ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيَّ وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي مِنْ كَثْرَةِ الزّحَام، وَكَانَ الْوَزيرُ الْقُمَّيُّ(2) قَدْ طَلَبَ السَّعِيدَ رَضِيَّ الدَّين وَتَقَدَّمَ أنْ يُعَرَّفَهُ صِحَّةَ هَذَا الْخَبَر.
قَالَ: فَخَرَجَ رَضِيُّ الدَّين وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ فَوَافَيْنَا بَابَ النُّوبيَّ فَرَدَّه.
ص: 719
أصْحَابُهُ النَّاسَ عَنّي فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: أعَنْكَ يَقُولُونَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَكَشَفَ فَخِذِي فَلَمْ يَرَ شَيْئاً فَغُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً وَأخَذَ بِيَدِي وَأدْخَلَنِي عَلَى الْوَزير، وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ: يَا مَوْلاَنَا هَذَا أخِي وَأقْرَبُ النَّاس إِلَى قَلْبِي(1).
فَسَألَنِي الْوَزيرُ عَن الْقِصَّةِ فَحَكَيْتُ لَهُ فَأحْضَرَ الأطِبَّاءَ الَّذِين أشْرَفُوا عَلَيْهَا وَأمَرَهُمْ بِمُدَاوَاتِهَا، فَقَالُوا: مَا دَوَاؤُهَا إِلاَّ الْقَطْعُ بِالْحَدِيدِ وَمَتَى قَطَعَهَا مَاتَ، فَقَالَ لَهُمُ الْوَزيرُ: فَبِتَقْدِير أنْ يُقْطَعَ وَلاَ يَمُوتَ فِي كَمْ تَبْرَاُ؟ فَقَالُوا: فِي شَهْرَيْن وَيَبْقَى فِي مَكَانِهَا حَفِيرَةٌ بَيْضَاءُ لاَ يَنْبُتُ فِيهَا شَعْرٌ، فَسَألَهُمُ الْوَزيرُ: مَتَى رَأيْتُمُوهُ؟ قَالُوا: مُنْذُ عَشَرَةِ أيَّام، فَكَشَفَ الْوَزيرُ عَن الْفَخِذِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الألَمُ وَهِيَ مِثْلُ اُخْتِهَا لَيْسَ فِيهَا أثَرٌ أصْلاً.
فَصَاحَ أحَدُ الْحُكَمَاءِ: هَذَا عَمَلُ الْمَسِيح، فَقَالَ الْوَزيرُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَمَلَكُمْ فَنَحْنُ نَعْرفُ مَنْ عَمِلَهَا.
ثُمَّ إِنَّهُ اُحْضِرَ عِنْدَ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَنْصِر فَسَألَهُ عَن الْقِصَّةِ فَعَرَّفَهُ بِهَا كَمَا جَرَى فَتَقَدَّمَ لَهُ بِألْفِ دِينَارٍ فَلَمَّا حَضَرْتُ قَالَ: خُذْ هَذِهِ فَأنْفِقْهَا، فَقَالَ: مَا أجْسُرُ آخُذُ مِنْهُ حَبَّةً وَاحِدَةً، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: مِمَّنْ تَخَافُ؟ فَقَالَ: مِنَ الَّذِي فَعَلَ مَعِي هَذَا.
قَالَ: لاَ تَأخُذْ مِنْ أبِي جَعْفَرٍ شَيْئاً فَبَكَى الْخَلِيفَةُ، وَتَكَدَّرَ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يَأخُذْ شَيْئاً.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عَفَا اللهُ عَنْهُ: كُنْتُ فِي بَعْض الأيَّام أحْكِي هَذِهِ الْقِصَّةَ لِجَمَاعَةٍ عِنْدِي وَكَانَ هَذَا شَمْسُ الدَّين مُحَمَّدٌ وَلَدُهُ عِنْدِي وَأنَا لاَي.
ص: 720
أعْرفُهُ فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحِكَايَةُ قَالَ: أنَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا الِاتَّفَاقِ وَقُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأيْتَ فَخِذَهُ وَهِيَ مَريضَةٌ؟ فَقَالَ: لاَ لأنّي أصْبُو عَنْ ذَلِكَ وَلَكِنّي رَأيْتُهَا بَعْدَ مَا صَلَحَتْ وَلاَ أثَرَ فِيهَا وَقَدْ نَبَتَ فِي مَوْضِعِهَا شَعْرٌ.
وَسَألْتُ السَّيَّدَ صَفِيَّ الدَّين مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْن بَشِيرٍ الْعَلَويَّ الْمُوسَويَّ، وَنَجْمَ الدَّين حَيْدَرَ بْنَ الأيْسَر رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وَكَانَا مِنْ أعْيَان النَّاس وَسَرَاتِهِمْ وَذَوي الْهَيْئَاتِ مِنْهُمْ وَكَانَا صَدِيقَيْن لِي وَعَزيزَيْن عِنْدِي فَأخْبَرَانِي بِصِحَّةِ الْقِصَّةِ وَأنَّهُمَا رَأيَاهَا فِي حَال مَرَضِهَا وَحَال صِحَّتِهَا.
وَحَكَى لِي وَلَدُهُ هَذَا أنَّهُ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ شَدِيدَ الْحُزْن لِفِرَاقِهِ عليه السلام حَتَّى إِنَّهُ جَاءَ إِلَى بَغْدَادَ وَأقَامَ بِهَا فِي فَصْل الشّتَاءِ وَكَانَ كُلَّ أيَّام يَزُورُ سَامَرَّاءَ وَيَعُودُ إِلَى بَغْدَادَ فَزَارَهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ أرْبَعِينَ مَرَّةً طَمَعاً أنْ يَعُودَ لَهُ الْوَقْتُ الَّذِي مَضَى، أوْ يُقْضَى لَهُ الْحَظُّ بِمَا قَضَى، وَمَن الَّذِي أعْطَاهُ دَهْرَهُ الرَّضَا، أوْ سَاعَدَهُ بِمَطَالِبهِ صَرْفَ الْقَضَاءِ، فَمَاتَ رحمه الله بِحَسْرَتِهِ وَانْتَقَلَ إِلَى الآخِرَةِ بِغُصَّتِهِ وَاللهُ يَتَوَلاَّهُ وَإِيَّانَا بِرَحْمَتِهِ بِمَنّهِ وَكَرَامَتِهِ.
وَحَكَى لِيَ السَّيَّدُ بَاقِي بْنُ عطوةَ الْحَسَنِيُّ(1) أنَّ أبَاهُ عطوةَ كَانَ آدَرَ(2) وَكَانَ زَيْدِيَّ الْمَذْهَبِ وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى بَنِيهِ الْمَيْلَ إِلَى مَذْهَبِ الإمَامِيَّةِ وَيَقُولُ: لاَ اُصَدَّقُكُمْ وَلاَ أقُولُ بِمَذْهَبِكُمْ، حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُكُمْ _ يَعْنِي الْمَهْدِيَّ عليه السلام _ فَيُبْرئَنِي مِنْ هَذَا الْمَرَض، وَتَكَرَّرَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ.
فَبَيْنَا نَحْنُ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ إِذَا أبُونَا يَصِيحُك.
ص: 721
وَيَسْتَغِيثُ بِنَا فَأتَيْنَاهُ سِرَاعاً، فَقَالَ: الْحَقُوا صَاحِبَكُمْ فَالسَّاعَةَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي، فَخَرَجْنَا فَلَمْ نَرَ أحَداً فَعُدْنَا إِلَيْهِ وَسَألْنَاهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ دَخَلَ إِلَيَّ شَخْصٌ وَقَالَ: (يَا عطوةُ)، فَقُلْتُ: مَنْ أنْتَ؟
فَقَالَ: (أنَا صَاحِبُ بَنِيكَ قَدْ جِئْتُ لاُبْرئَكَ مِمَّا بِكَ)، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ فَعَصَرَ قَرْوَتِي وَمَشَى وَمَدَدْتُ يَدِي فَلَمْ أرَ لَهَا أثَراً.
قَالَ لِي وَلَدُهُ: وَبَقِيَ مِثْلَ الْغَزَال لَيْسَ بِهِ قَلَبَةٌ، وَاشْتَهَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ وَسَألْتُ عَنْهَا غَيْرَ ابْنِهِ فَأخْبَرَ عَنْهَا فَأقَرَّ بِهَا.
والأخبار عنه عليه السلام في هذا الباب كثيرة وأنَّه رآه جماعة قد انقطعوا في طريق الحجاز وغيرها، فخلَّصهم وأوصلهم إلى حيث أرادوا، ولولا التطويل لذكرت منها جملة، ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كافٍ(1).
بيان: (التوثة) لم أرَها في اللغة ويحتمل أن يكون اللوثة بمعنى الجرح والاسترخاء، وعذبة كلّ شيء بالتحريك: طرفه، ويقال: جهه أي ردّه قبيحاً، قوله: (لأنّي أصبو عن ذلك) أي كان يمنعني شرة الصبا عن التوجّه إلى ذلك أو كنت طفلاً لا أعقل ذلك، قال الجوهري: صبا يصبو صبوة أي مال إلى الجهل والفتوة(2)، وقال: (القروة) أن يعظم جلد البيضتين لريح فيه أو ماء أو لنزول الأمعاء(3)، وقال: (قولهم: ما به قلبة) أي ليست به علّة.0.
ص: 722
أقول: روى المفيد(1) والشهيد(2) ومؤلّف المزار الكبير(3) رحمهم الله في مزاراتهم بأسانيدهم عن عليّ بن محمّد بن عبد الرحمن التستري، قال: مررت ببني رؤاس فقال لي بعض إخواني: لو ملت بنا إلى مسجد صعصعة فصلّينا فيه فإنَّ هذا رجب ويستحب فيه زيارة هذه المواضع المشرّفة التي وطئها الموالي بأقدامهم وصلوا فيها، ومسجد صعصعة منها.
قال: فملت معه إلى المسجد وإذا ناقة معقلة(4) مرحلة قد اُنيخت بباب المسجد(5) فدخلنا وإذا برجل عليه ثياب الحجاز وعِمّة كعِمّتهم قاعد يدعو بهذا الدعاء فحفظته أنا وصاحبي(6) ثُمَّ سجد طويلاً وقام فركب الراحلة وذهب، فقال لي صاحبي: تراه الخضر فما بالنا لا نكلّمه كأنَّما أمسك على ألسنتنا، فخرجنا فلقينا ابن أبي رواد الرواسي فقال: من أين أقبلتما؟ قلنا: من مسجد صعصعة وأخبرناه بالخبر، فقال: هذا الراكب يأتي مسجد صعصعة في اليومين والثلاثة لا يتكلَّم، قلنا: من هو؟ قال: فمن تريانه أنتما؟ قلنا: نظنّه الخضر عليه السلام، فقال: فأنا والله لا أراه إلاَّ من الخضر محتاج إلى رؤيته، فانصرفا راشدين! فقال لي صاحبي: هو والله صاحب الزمان.
53 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ الْوَجْنَائِيَّ أنَّهُ).
ص: 723
أخْبَرَهُ(1) عَمَّنْ رَآهُ عليه السلام(2) خَرَجَ مِنَ الدَّار قَبْلَ الْحَادِثِ بِعَشَرَةِ أيَّام وَهُوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أنَّهاَ(3) أحَبُّ الْبِقَاع(4) لَوْ لاَ الطَّرْدُ)، أوْ كَلاَمٌ نَحْوُ هَذاَ(5).
بيان: لعلَّ المراد بالحادث وفاة أبي محمّد عليه السلام والضمير في (أنَّها) راجع إلى سامراء.
54 _ كمال الدين: حَدَّثَنَا أبُو الأدْيَان(6)، قَالَ: كُنْتُ أخْدُمُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام وَأحْمِلُ كُتُبَهُ إِلَى الأمْصَار فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ(7) فِي عِلَّتِهِ الَّتِي تُوُفّيَ فِيهَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ مَعِي كُتُباً وَقَالَ: (تَمْضِي(8) بِهَا إِلَى الْمَدَائِن فَإنَّكَ سَتَغِيبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً فَتَدْخُلُ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى يَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَتَسْمَعُ الْوَاعِيَةَ فِي دَاري وَتَجِدُنِي عَلَى الْمُغْتَسَل).
قَالَ أبُو الأدْيَان: فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَمَنْ؟ قَالَ: (مَنْ).
ص: 724
طَالَبَكَ بِجَوَابَاتِ كُتُبِي فَهُوَ الْقَائِمُ بَعْدِي)، فَقُلْتُ: زدْنِي، فَقَالَ: (مَنْ يُصَلّي عَلَيَّ فَهُوَ الْقَائِمُ بَعْدِي)، فَقُلْتُ: زدْنِي، فَقَالَ: (مَنْ أخْبَرَ بِمَا فِي الْهِمْيَان فَهُوَ الْقَائِمُ بَعْدِي)، ثُمَّ مَنَعَتْنِي هَيْبَتُهُ أنْ أسْألَهُ مَا فِي الْهِمْيَان، وَخَرَجْتُ بِالْكُتُبِ إِلَى الْمَدَائِن وَأخَذْتُ جَوَابَاتِهَا وَدَخَلْتُ سُرَّ مَنْ رَأى يَوْمَ الْخَامِسَ عَشَرَ كَمَا قَالَ لِي عليه السلام فَإذَا أنَا بِالْوَاعِيَةِ فِي دَارهِ(1) وَإِذَا أنَا بِجَعْفَر بْن عليًّ أخِيهِ بِبَابِ الدَّار وَالشّيعَةُ حَوْلَهُ يُعَزُّونَهُ، وَيُهَنّئُونَهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنْ يَكُنْ هَذَا الإمَامَ، فَقَدْ حَالَتِ(2) الإمَامَةُ لأنّي كُنْتُ أعْرفُهُ بِشُرْبِ(3) النَّبِيذِ وَيُقَامِرُ فِي الْجَوْسَقِ(4) وَيَلْعَبُ بِالطُّنْبُور.
فَتَقَدَّمْتُ فَعَزَّيْتُ وَهَنَّيْتُ فَلَمْ يَسْألْنِي عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَقِيدٌ فَقَالَ: يَا سَيَّدِي قَدْ كُفّنَ أخُوكَ فَقُمْ لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ وَالشّيعَةُ مِنْ حَوْلِهِ يَقْدُمُهُمُ السَّمَّانُ وَالْحَسَنُ بْنُ عليًّ قَتِيلُ الْمُعْتَصِم الْمَعْرُوفُ بِسَلَمَةَ.
فَلَمَّا صِرْنَا فِي الدَّار إِذَا نَحْنُ بِالْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَلَى نَعْشِهِ مُكَفَّناً فَتَقَدَّمَ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ لِيُصَلّيَ عَلَى أخِيهِ فَلَمَّا هَمَّ بِالتَّكْبِير خَرَجَ صَبِيٌّ بِوَجْهِهِ سُمْرَةٌ، بِشَعْرهِ قَطَطٌ، بِأسْنَانِهِ تَفْلِيجٌ(5)، فَجَبَذَ ردَاءَ جَعْفَر بْن عليًّ وَقَالَ: (تَأخَّرْ يَا عَمَّ فَأنَا أحَقُّ بِالصَّلاَةِ عَلَى أبِي)، فَتَأخَّرَ جَعْفَرٌ وَقَدِ ارْبَدَّ وَجْهُهُ(6) فَتَقَدَّمَ الصَّبِيُّ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْر أبِيهِ عليهما السلام.).
ص: 725
ثُمَّ قَالَ: (يَا بَصْريُّ هَاتِ جَوَابَاتِ الْكُتُبِ الَّتِي مَعَكَ)، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ اثْنَتَان(1) بَقِيَ الْهِمْيَانُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى جَعْفَر بْن عليًّ وَهُوَ يَزْفِرُ، فَقَالَ لَهُ حَاجِزٌ الْوَشَّاءُ: يَا سَيَّدِي مَن الصَّبِيُّ؟ _ لِيُقِيمَ(2) عَلَيْهِ الْحُجَّةَ(3) _ فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأيْتُهُ قَطُّ وَلاَ عَرَفْتُهُ.
فَنَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ قُمَّ فَسَألُوا عَن الْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ فَعَرَفُوا مَوْتَهُ فَقَالُوا: فَمَنْ (نُعَزّي)(4)؟ فَأشَارَ النَّاسُ إِلَى جَعْفَر بْنَ عليًّ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَعَزَّوْهُ وَهَنَّئُوهُ وَقَالُوا: مَعَنَا كُتُبٌ وَمَالٌ فَتَقُولُ مِمَّن الْكُتُبُ وَكَم الْمَالُ؟ فَقَامَ يَنْفُضُ أثْوَابَهُ، وَيَقُولُ: يُريدُونَ(5) مِنَّا أنْ نَعْلَمَ الْغَيْبَ، قَالَ: فَخَرَجَ الْخَادِمُ فَقَالَ: مَعَكُمْ كُتُبُ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، وَهِمْيَانٌ فِيهِ ألْفُ دِينَارٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِنْهَا مُطَلَّسَةٌ(6) فَدَفَعُوا(7) الْكُتُبَ وَالْمَالَ وَقَالُوا: الَّذِي وَجَّهَ بِكَ لأجْل(8) ذَلِكَ هُوَ الإمَامُ.
فَدَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ عليًّ عَلَى الْمُعْتَمِدِ وَكَشَفَ لَهُ ذَلِكَ فَوَجَّهَ الْمُعْتَمِدُ خَدَمَهُ فَقَبَضُوا عَلَى صَقِيلَ الْجَاريَةِ وَطَالَبُوهَا بِالصَّبِيَّ فَأنْكَرَتْهُ وَادَّعَتْ حَمْلا(9) بِهَا لِتُغَطّيَ عَلَى حَال الصَّبِيَّ فَسُلّمَتْ إِلَى ابْن أبِي الشَّوَاربِ).
ص: 726
الْقَاضِي، وَبَغَتَهُمْ مَوْتُ عُبَيْدِ اللهِ بْن يَحْيَى بْن خَاقَانَ فَجْأةً، وَخُرُوجُ صَاحِبِ الزّنْج بِالْبَصْرَةِ، فَشُغِلُوا بِذَلِكَ عَن الْجَاريَةِ فَخَرَجَتْ عَنْ أيْدِيهِمْ وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ لاَ شَريكَ لَهُ(1).
بيان: (الجوسق) القصر، و(جبذ) أي جذب وفي النهاية: (أربد وجهه) أي تغيَّر إلى الغبرة، وقيل: (الربدة) لون بين السواد والغبرة(2).
55 _ أقُولُ: وَرُويَ فِي بَعْض تَألِيفَاتِ أصْحَابِناَ(3) عَن الْحُسَيْن بْن حَمْدَانَ، عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ عِيسَى بْن مَهْدِيٍّ الْجَوْهَريَّ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتّينَ وَمِائَتَيْن إِلَى الْحَجَّ وَكَانَ قَصْدِي الْمَدِينَةَ حَيْثُ صَحَّ عِنْدَنَا أنَّ صَاحِبَ الزَّمَان قَدْ ظَهَرَ فَاعْتَلَلْتُ وَقَدْ خَرَجْنَا مِنْ فَيْدٍ(4) فَتَعَلَّقَتْ نَفْسِي بِشَهْوَةِ السَّمَكِ وَالتَّمْر، فَلَمَّا وَرَدْتُ الْمَدِينَةَ وَلَقِيتُ بِهَا إِخْوَانَنَا، بَشَّرُوني بِظُهُورهِ عليه السلام بِصَابِرَ.
فَصِرْتُ إِلَى صَابِرَ فَلَمَّا أشْرَفْتُ عَلَى الْوَادِي رَأيْتُ عُنَيْزَاتٍ عِجَافاً فَدَخَلْتُ الْقَصْرَ فَوَقَفْتُ أرْقُبُ الأمْرَ إِلَى أنْ صَلَّيْتُ الْعِشَاءَيْن وَأنَا أدْعُو وَأتَضَرَّعُ وَأسْألُ فَإذَا أنَا بِبَدْرٍ الْخَادِم يَصِيحُ بِي: يَا عِيسَى بْنَ مَهْدِيٍّ الْجَوْهَريُّ ادْخُلْ، فَكَبَّرْتُ وَهَلَّلْتُ وَأكْثَرْتُ مِنْ حَمْدِ اللهِ عزّ وجل وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
فَلَمَّا صِرْتُ فِي صَحْن الْقَصْر رَأيْتُ مَائِدَةً مَنْصُوبَةً فَمَرَّ بِيَ الْخَادِمُ إِلَيْهَا فَأجْلَسَنِي عَلَيْهَا، وَقَالَ لِي: مَوْلاَكَ يَأمُرُكَ أنْ تَأكُلَ مَا اشْتَهَيْتَ فِي عِلَّتِكَ وَأنْتَ خَارجٌ مِنْ فَيْدٍ، فَقُلْتُ: حَسْبِي بِهَذَا بُرْهَاناً، فَكَيْفَ آكُلُ وَلَمْ أرَ سَيَّدِي وَمَوْلاَيَ؟ فَصَاحَ: (يَا عِيسَى كُلْ مِنْ طَعَامِكَ فَإنَّكَ تَرَانِي).ة.
ص: 727
فَجَلَسْتُ عَلَى الْمَائِدَةِ فَنَظَرْتُ فَإذَا عَلَيْهَا سَمَكٌ حَارٌّ يَفُورُ وَتَمْرٌ إِلَى جَانِبِهِ أشْبَهُ التُّمُور بِتُمُورنَا، وَبجَانِبِ التَّمْر لَبَنٌ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: عَلِيلٌ وَسَمَكٌ وَتَمْرٌ وَلَبَنٌ، فَصَاحَ بِي: (يَا عِيسَى أتَشُكُّ فِي أمْرنَا؟ أفَأنْتَ أعْلَمُ بِمَا يَنْفَعُكَ وَيَضُرُّكَ؟)، فَبَكَيْتُ وَاسْتَغْفَرْتُ اللهَ تَعَالَى وَأكَلْتُ مِنَ الْجَمِيع، وَكُلَّمَا رَفَعْتُ يَدِي مِنْهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ مَوْضِعُهَا فِيهِ فَوَجَدْتُهُ أطْيَبَ مَا ذُقْتُهُ فِي الدُّنْيَا فَأكَلْتُ مِنْهُ كَثِيراً حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، فَصَاحَ بِي: (لاَ تَسْتَحْيِ يَا عِيسَى فَإنَّهُ مِنْ طَعَام الْجَنَّةِ لَمْ تَصْنَعْهُ يَدُ مَخْلُوقٍ)، فَأكَلْتُ فَرَأيْتُ نَفْسِي لاَ يَنْتَهِي عَنْهُ مِنْ أكْلِهِ.
فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ حَسْبِي، فَصَاحَ بِي: (أقْبِلْ إِلَيَّ)، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: آتِي مَوْلاَيَ وَلَمْ أغْسِلْ يَدِي، فَصَاحَ بِي: (يَا عِيسَى وَهَلْ لِمَا أكَلْتَ غَمَرٌ؟)، فَشَمِمْتُ يَدِي وَإِذَا هِيَ أعْطَرُ مِنَ الْمِسْكِ وَالْكَافُور، فَدَنَوْتُ مِنْهُ عليه السلام فَبَدَا لِي نُورٌ غَشِيَ بَصَري، وَرَهِبْتُ حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّ عَقْلِي قَدِ اخْتَلَطَ، فَقَالَ لِي: (يَا عِيسَى مَا كَانَ لَكَ أنْ تَرَانِي لَوْ لاَ الْمُكَذّبُونَ الْقَائِلُونَ بِأيْنَ هُوَ؟ وَمَتَى كَانَ؟ وَأيْنَ وُلِدَ؟ وَمَنْ رَآهُ؟ وَمَا الَّذِي خَرَجَ إِلَيْكُمْ مِنْهُ؟ وَبأيَّ شَيْءٍ نَبَّأكُمْ؟ وَأيَّ مُعْجِزٍ أتَاكُمْ؟ أمَا وَاللهِ لَقَدْ دَفَعُوا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَعَ مَا رَوَوْهُ وَقَدَّمُوا عَلَيْهِ، وَكَادُوهُ وَقَتَلُوهُ، وَكَذَلِكَ آبَائِي عليهم السلام وَلَمْ يُصَدَّقُوهُمْ وَنَسَبُوهُمْ إِلَى السَّحْر وَخِدْمَةِ الْجِنَّ إِلَى مَا تَبَيَّنَ.
يَا عِيسَى فَخَبَّرْ أوْلِيَاءَنَا مَا رَأيْتَ، وَإِيَّاكَ أنْ تُخْبِرَ عَدُوَّنَا فَتُسْلَبَهُ)، فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ ادْعُ لِي بِالثَّبَاتِ، فَقَالَ: (لَوْ لَمْ يُثَبَّتْكَ اللهُ مَا رَأيْتَنِي، وَامْض بِنَجْحِكَ رَاشِداً)، فَخَرَجْتُ اُكْثِرُ حَمْدَ اللهِ وَشُكْراً.
56 _ أقُولُ: رَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ السُّلْطَان الْمُفَرَّج عَنْ أهْل الإيمَان(1) عِنْدَ ذِكْر مَنْ رَأى الْقَائِمَ عليه السلام قَالَ:ا.
ص: 728
فَمِنْ ذَلِكَ مَا اشْتَهَرَ وَذَاعَ، وَمَلأ الْبِقَاعَ، وَشَهِدَ بِالْعِيَان أبْنَاءُ الزَّمَان، وَهُوَ قِصَّةُ أبُو (أبِي) رَاجِح الْحَمَّامِيَّ بِالْحِلَّةِ وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأعْيَان الأمَاثِل وَأهْل الصّدْقِ الأفَاضِل مِنْهُمُ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ الْعَابِدُ الْمُحَقّقُ شَمْسُ الدَّين مُحَمَّدُ بْنُ قَارُونَ سَلَّمَهُ اللهُ تَعَالَى(1) قَالَ:
كَانَ الْحَاكِمُ بِالْحِلَّةِ شَخْصاً يُدْعَى مَرْجَانَ الصَّغِيرَ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ أنَّ أبَا رَاجِح هَذَا يَسُبُّ الصَّحَابَةَ، فَأحْضَرَهُ وَأمَرَ بِضَرْبِهِ فَضُربَ ضَرْباً شَدِيداً مُهْلِكاً عَلَى جَمِيع بَدَنِهِ، حَتَّى إِنَّهُ ضُربَ عَلَى وَجْهِهِ فَسَقَطَتْ ثَنَايَاهُ وَأخْرَجَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ فِيهِ مِسَلَّةً(2) مِنَ الْحَدِيدِ، وَخَرَقَ أنْفَهُ وَوَضَعَ فِيهِ شَرَكَةً مِنَ الشَّعْر وَشَدَّ فِيهَا حَبْلاً وَسَلَّمَهُ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِهِ وَأمَرَهُمْ أنْ يَدُورُوا بِهِ أزقَّةَ الْحِلَّةِ، وَالضَّرْبُ يَأخُذُ مِنْ جَمِيع جَوَانِبِهِ، حَتَّى سَقَطَ إِلَى الأرْض وَعَايَنَ الْهَلاَكَ.
فَاُخْبِرَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ فَأمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ الْحَاضِرُونَ: إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ، وَهُوَ مَيَّتٌ لِمَا بِهِ فَاتْرُكْهُ وَهُوَ يَمُوتُ حَتْفَ أنْفِهِ، وَلاَ تَتَقَلَّدْ بِدَمِهِ، وَبَالَغُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى أمَرَ بِتَخْلِيَتِهِ، وَقَدِ انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَلِسَانُهُ، فَنَقَلَهُ أهْلُهُ فِي الْمَوْتِ وَلَمْ يَشُكَّ أحَدٌ أنَّهُ يَمُوتُ مِنْ لَيْلَتِهِ.).
ص: 729
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَا عَلَيْهِ النَّاسُ فَإذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلّي عَلَى أتَمَّ حَالِهِ وَقَدْ عَادَتْ ثَنَايَاهُ الَّتِي سَقَطَتْ كَمَا كَانَتْ، وَانْدَمَلَتْ جِرَاحَاتُهُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أثَرٌ وَالشَّجَّةُ قَدْ زَالَتْ مِنْ وَجْهِهِ.
فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ حَالِهِ وَسَاءَلُوهُ عَنْ أمْرهِ، فَقَالَ: إِنّي لَمَّا عَايَنْتُ الْمَوْتَ وَلَمْ يَبْقَ لِي لِسَانٌ أسْألُ اللهَ تَعَالَى بِهِ فَكُنْتُ أسْألُهُ بِقَلْبِي وَاسْتَغَثْتُ إِلَى سَيَّدِي وَمَوْلاَيَ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام فَلَمَّا جَنَّ عَلَيَّ اللَّيْلُ فَإذَا بِالدَّار قَدِ امْتَلأتْ نُوراً وَإِذَا بِمَوْلاَيَ صَاحِبِ الزَّمَان قَدْ أمَرَّ يَدَهُ الشَّريفَةَ عَلَى وَجْهِي وَقَالَ لِي: (اخْرُجْ وَكُدَّ عَلَى عِيَالِكَ، فَقَدْ عَافَاكَ اللهُ تَعَالَى)، فَأصْبَحْتُ كَمَا تَرَوْنَ.
وَحَكَى الشَّيْخُ شَمْسُ الدَّين مُحَمَّدُ بْنُ قَارُونَ الْمَذْكُورُ قَالَ: وَاُقْسِمُ بِاللهِ تَعَالَى أنَّ هَذَا أبُو رَاجِح كَانَ ضَعِيفاً جِدّاً، ضَعِيفَ التَّرْكِيبِ، أصْفَرَ اللَّوْن، شَيْنَ الْوَجْهِ، مُقَرَّضَ اللّحْيَةِ، وَكُنْتُ دَائِماً أدْخُلُ الْحَمَّامَ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَكُنْتُ دَائِماً أرَاهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَهَذَا الشَّكْل، فَلَمَّا أصْبَحْتُ كُنْتُ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَيْهِ، فَرَأيْتُهُ وَقَدِ اشْتَدَّتْ قُوَّتُهُ وَانْتَصَبَتْ قَامَتُهُ، وَطَالَتْ لِحْيَتُهُ، وَاحْمَرَّ وَجْهُهُ، وَعَادَ كَأنَّهُ ابْنُ عِشْرينَ سَنَةً وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أدْرَكَتْهُ الْوَفَاةُ.
وَلَمَّا شَاعَ هَذَا الْخَبَرُ وَذَاعَ طَلَبَهُ الْحَاكِمُ وَأحْضَرَهُ عِنْدَهُ وَقَدْ كَانَ رَآهُ بِالأمْس عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَهُوَ الآنَ عَلَى ضِدَّهَا كَمَا وَصَفْنَاهُ، وَلَمْ يَرَ بِجِرَاحَاتِهِ أثَراً وَثَنَايَاهُ قَدْ عَادَتْ، فَدَاخَلَ الْحَاكِمَ فِي ذَلِكَ رُعْبٌ عَظِيمٌ، وَكَانَ يَجْلِسُ فِي مَقَام الإمَام عليه السلام فِي الْحِلَّةِ(1)، وَيُعْطِي ظَهْرَهُ الْقِبْلَةَ
ص: 730
الشَّريفَةَ، فَصَارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَجْلِسُ وَيَسْتَقْبِلُهَا، وَعَادَ يَتَلَطَّفُ بِأهْل الْحِلَّةِ، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَيُحْسِنُ إِلَى مُحْسِنِهِمْ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ بَلْ لَمْ يَلْبَثْ فِي ذَلِكَ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى مَاتَ(1).
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي الشَّيْخُ الْمُحْتَرَمُ الْعَامِلُ الْفَاضِلُ شَمْسُ الدَّين مُحَمَّدُ بْنُ قَارُونَ الْمَذْكُورُ قَالَ:
كَانَ مِنْ أصْحَابِ السَّلاَطِين الْمُعَمَّرُ بْنُ شَمْسٍ يُسَمَّى مذور، يَضْمَنُ الْقَرْيَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِبُرْسٍ(2)، وَوَقْفَ الْعَلَويَّينَ، وَكَانَ لَهُ نَائِبٌ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْخَطِيبِ وَغُلاَمٌ يَتَوَلَّى نَفَقَاتِهِ يُدْعَى: عُثْمَانَ، وَكَانَ ابْنُ الْخَطِيبِ مِنْ أهْل الصَّلاَح وَالإيمَان بِالضّدِ مِنْ عُثْمَانَ وَكَانَا دَائِماً يَتَجَادَلاَن.
فَاتَّفَقَ أنَّهُمَا حَضَرَا فِي مَقَام إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيل عليه السلام(3) بِمَحْضَر جَمَاعَةٍ مِنَ الرَّعِيَّةِ وَالْعَوَامَّ فَقَالَ ابْنُ الْخَطِيبِ لِعُثْمَانَ: يَا عُثْمَانُ الآنَ اتَّضَحَ الْحَقُّ وَاسْتَبَانَ، أنَا أكْتُبُ عَلَى يَدِي مَنْ أتَوَلاَّهُ وَهُمْ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَاكْتُبْ أنْتَ مَنْ تَتَوَلاَّهُ أبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، ثُمَّ تُشَدُّ يَدِيس.
ص: 731
وَيَدُكَ، فَأيُّهُمَا احْتَرَقَتْ يَدُهُ بِالنَّار كَانَ عَلَى الْبَاطِل، وَمَنْ سَلِمَتْ يَدُهُ كَانَ عَلَى الْحَقَّ.
فَنَكَلَ عُثْمَانُ، وَأبَى أنْ يَفْعَلَ، فَأخَذَ الْحَاضِرُونَ مِنَ الرَّعِيَّةِ وَالْعَوَامَّ بِالعِيَاطِ عَلَيْهِ.
هَذَا وَكَانَتْ اُمُّ عُثْمَانَ مُشْرفَةً عَلَيْهِمْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُمْ فَلَمَّا رَأتْ ذَلِكَ لَعَنَتِ الْحُضُورَ الَّذِينَ كَانُوا يُعَيَّطُونَ عَلَى وَلَدِهَا عُثْمَانَ وَشَتَمَتْهُمْ وَتَهَدَّدَتْ وَبَالَغَتْ فِي ذَلِكَ فَعَمِيَتْ فِي الْحَال، فَلَمَّا أحَسَّتْ بِذَلِكَ نَادَتْ إِلَى رَفَائِقِهَا فَصَعِدْنَ إِلَيْهَا فَإذَا هِيَ صَحِيحَةُ الْعَيْنَيْن، لَكِنْ لاَ تَرَى شَيْئاً، فَقَادُوهَا وَأنْزَلُوهَا وَمَضَوْا بِهَا إِلَى الْحِلَّةِ وَشَاعَ خَبَرُهَا بَيْنَ أصْحَابِهَا وَقَرَائِبهَا وَتَرَائِبهاَ(1) فَأحْضَرُوا لَهَا الأطِبَّاءَ مِنْ بَغْدَادَ وَالْحِلَّةِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا لَهَا عَلَى شَيْءٍ.
فَقَالَ لَهَا نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ كُنَّ أخْدَانَهاَ(2): إِنَّ الَّذِي أعْمَاكِ هُوَ الْقَائِمُ عليه السلام فَإنْ تَشَيَّعْتِي وَتَوَلَّيْتِي وَتَبَرَّأتِي(3) ضَمِنَّا لَكِ الْعَافِيَةَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَبدُون هَذَا لاَ يُمْكِنُكِ الْخَلاَصَ، فَأذْعَنَتْ لِذَلِكَ وَرَضِيَتْ بِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ حَمَلْنَهَا حَتَّى أدْخَلْنَهَا الْقُبَّةَ الشَّريفَةَ فِي مَقَام صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام وَبتْنَ بِأجْمَعِهِنَّ فِي بَابِ الْقُبَّةِ.
فَلَمَّا كَانَ رُبُعُ اللَّيْل فَإذَا هِيَ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيْهِنَّ وَقَدْ ذَهَبَ الْعَمَى عَنْهَا، وَهِيَ تُقْعِدُهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَتَصِفُ ثِيَابَهُنَّ وَحُلِيَّهُنَّ، فَسُررْنَ بِذَلِكَ، وَحَمِدْنَ اللهَ تَعَالَى عَلَى حُسْن الْعَافِيَةِ، وَقُلْنَ لَهَا: كَيْفَ كَانَ ذَلِكِ؟).
ص: 732
فَقَالَتْ: لَمَّا جَعَلْتُنَّنِي فِي الْقُبَّةِ وَخَرَجْتُنَّ عَنّي أحْسَسْتُ بِيَدٍ قَدْ وُضِعَتْ عَلَى يَدِي وَقَائِلٌ يَقُولُ: (اخْرُجِي قَدْ عَافَاكِ اللهُ تَعَالَى)، فَانْكَشَفَ الْعَمَى عَنّي وَرَأيْتُ الْقُبَّةَ قَدِ امْتَلأتْ نُوراً وَرَأيْتُ الرَّجُلَ فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أنْتَ يَا سَيَّدِي؟ فَقَالَ: (مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن) ثُمَّ غَابَ عَنّي، فَقُمْنَ وَخَرَجْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ وَتَشَيَّعَ وَلَدُهَا عُثْمَانُ وَحَسُنَ اعْتِقَادُهُ وَاعْتِقَادُ اُمَّهِ الْمَذْكُورَةِ، وَاشْتَهَرَتِ الْقِصَّةُ بَيْنَ اُولَئِكَ الأقْوَام وَمَنْ سَمِعَ هَذَا الْكَلاَمَ وَاعْتَقَدَ وُجُودَ الإمَام عليه السلام وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ أرْبَع وَأرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ بِتَاريخ صَفَرٍ لِسَنَةِ سَبْعِمِائَةٍ وَتِسْع وَخَمْسِينَ حَكَى لِيَ الْمَوْلَى الأجَلُّ الأمْجَدُ، الْعَالِمُ الْفَاضِلُ، الْقُدْوَةُ الْكَامِلُ، الْمُحَقّقُ الْمُدَقّقُ، مَجْمَعُ الْفَضَائِل، وَمَرْجِعُ الأفَاضِل، افْتِخَارُ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَالَمِينَ، كَمَالُ الْمِلَّةِ وَالدَّين، عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ الْعُمَّانِيَّ، وَكَتَبَ بِخَطّهِ الْكَريم، عِنْدِي مَا صُورَتُهُ:
قَالَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَبَائِقِيُّ(1): إِنّي كُنْتُ أسْمَعُ فِي الْحِلَّةِ السَّيْفِيَّةِ حَمَاهَا اللهُ تَعَالَى أنَّ الْمَوْلَى الْكَبِيرَ الْمُعَظَّمَ جَمَالَ الدَّين ابْنَ الشَّيْخ الأجَلَّ الأوْحَدِ الْفَقِيهِ الْقَارئِ نَجْم).
ص: 733
الدَّين جَعْفَر بْن الزهدري(1) كَانَ بِهِ فَالِجٌ، فَعَالَجَتْهُ جَدَّتُهُ لأبِيهِ بَعْدَ مَوْتِ أبِيهِ بِكُلّ عِلاَج لِلْفَالِج، فَلَمْ يَبْرَأ.
فَأشَارَ عَلَيْهَا بَعْضُ الأطِبَّاءِ بِبَغْدَادَ فَأحْضَرَتْهُمْ فَعَالَجُوهُ زَمَاناً طَويلاً فَلَمْ يَبْرَأ، وَقِيلَ لَهَا: ألاَّ تُبِيتِينَهُ تَحْتَ الْقُبَّةِ الشَّريفَةِ بِالْحِلَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَقَام صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام لَعَلَّ اللهَ تَعَالَى يُعَافِيهِ وَيُبْرئُهُ.
فَفَعَلَتْ وَبَيَّتَتْهُ (أبَاتَتْهُ) تَحْتَهَا وَإِنَّ صَاحِبَ الزَّمَان عليه السلام أقَامَهُ وَأزَالَ عَنْهُ الْفَالِجَ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ حَصَلَ بَيْني وَبَيْنَهُ صُحْبَةٌ حَتَّى كُنَّا لَمْ نَكَدْ نَفْتَرقُ، وَكَانَ لَهُ دَارُ الْمَعْشَرَةِ، يَجْتَمِعُ فِيهَا وُجُوهُ أهْل الْحِلَّةِ وَشَبَابُهُمْ وَأوْلاَدُ الأمَاثِل مِنْهُمْ، فَاسْتَحْكَيْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْحِكَايَةِ، فَقَالَ لِي: إِنّي كُنْتُ مَفْلُوجاً وَعَجَزَ الأطِبَّاءُ عَنّي، وَحَكَى لِي مَا كُنْتُ أسْمَعُهُ مُسْتَفَاضاً فِي الْحِلَّةِ مِنْ قَضِيَّتِهِ وَأنَّ الْحُجَّةَ صَاحِبَ الزَّمَان عليه السلام قَالَ لِي وَقَدْ أبَاتَتْنِي جَدَّتِي تَحْتَ الْقُبَّةِ: (قُمْ)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي لاَ أقْدِرُ إِلَى الْقِيَام مُنْذُ سَنَتِي، فَقَالَ: (قُمْ بِإذْن اللهِ تَعَالَى)، وَأعَانَنِي عَلَى الْقِيَام، فَقُمْتُ وَزَالَ عَنّي الْفَالِجُ، وَانْطَبَقَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَادُوا يَقْتُلُونَنِي وَأخَذُوا مَا كَانَ عَلَيَّ مِنَ الثّيَابِ تَقْطِيعاً وَتَنْتِيفاً يَتَبَرَّكُونَ فِيهَا وَكَسَانِي النَّاسُ مِنْ ثِيَابِهِمْ، وَرُحْتُ إِلَى الْبَيْتِ وَلَيْسَ بِي أثَرُ الْفَالِج، وَبَعَثْتُ إِلَى النَّاس ثِيَابَهُمْ، وَكُنْتُ أسْمَعُهُ يَحْكِي ذَلِكَ لِلنَّاس وَلِمَنْ يَسْتَحْكِيهِ مِرَاراً حَتَّى مَاتَ رحمه الله.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا أخْبَرَني مَنْ أثِقُ بِهِ وَهُوَ خَبَرٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أكْثَر أهْل الْمَشْهَدِ الشَّريفِ الْغَرَويَّ سَلَّمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى مُشَرَّفِهِ، مَا صُورَتُهُ:ا.
ص: 734
أنَّ الدَّارَ الَّذِي هِيَ الآنَ سَنَةَ سَبْعِمِائَةٍ وَتِسْع وَثَمَانِينَ أنَا سَاكِنُهَا كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ أهْل الْخَيْر وَالصَّلاَح يُدْعَى حُسَيْنَ الْمُدَلَّل، وَبِهِ يُعْرَفُ سَابَاطُ(1) الْمُدَلَّل مُلاَصِقَةَ جُدْرَان الْحَضْرَةِ الشَّريفَةِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْمَشْهَدِ الشَّريفِ الْغَرَويَّ عليه السلام، وَكَانَ الرَّجُلُ لَهُ عِيَالٌ وَأطْفَالٌ.
فَأصَابَهُ فَالِجٌ فَمَكَثَ مُدَّةً لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَام وَإِنَّمَا يَرْفَعُهُ عِيَالُهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ وَضَرُورَاتِهِ، وَمَكَثَ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً مَدِيدَةً، فَدَخَلَ عَلَى عِيَالِهِ وَأهْلِهِ بِذَلِكَ شِدَّةٌ شَدِيدَةٌ وَاحْتَاجُوا إِلَى النَّاس وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ النَّاسُ.
فَلَمَّا كَانَ سَنَةُ عِشْرينَ وَسَبْعِمِائَةٍ هِجْريَّةٌ فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِيهَا بَعْدَ رُبُع اللَّيْل أنْبَهَ عِيَالَهُ فَانْتَبَهُوا فِي الدَّار فَإذَا الدَّارُ وَالسَّطْحُ قَدِ امْتَلأ نُوراً يَأخُذُ بِالأبْصَار، فَقَالُوا: مَا الْخَبَرُ؟ فَقَالَ: إِنَّ الإمَامَ عليه السلام جَاءَنِي وَقَالَ لِي: (قُمْ يَا حُسَيْنُ)، فَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي أتَرَانِي أقْدِرُ عَلَى الْقِيَام؟، فَأخَذَ بِيَدِي وَأقَامَنِي فَذَهَبَ مَا بِي وَهَا أنَا صَحِيحٌ عَلَى أتَمَّ مَا يَنْبَغِي، وَقَالَ لِي: (هَذَا السَّابَاطُ دَرْبِي إِلَى زيَارَةِ جَدَّي عليه السلام فَأغْلِقْهُ فِي كُلّ لَيْلَةٍ)، فَقُلْتُ: سَمْعاً وَطَاعَةً للهِ وَلَكَ يَا مَوْلاَيَ.
فَقَامَ الرَّجُلُ وَخَرَجَ إِلَى الْحَضْرَةِ الشَّريفَةِ الْغَرَويَّةِ وَزَارَ الإمَامَ عليه السلام وَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الإنْعَام وَصَارَ هَذَا السَّابَاطُ الْمَذْكُورُ إِلَى الآنَ يُنْذَرُ لَهُ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ فَلاَ يَكَادُ يَخِيبُ نَاذِرُهُ مِنَ الْمُرَادِ بِبَرَكَاتِ الإمَام الْقَائِم عليه السلام.ة.
ص: 735
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْخَيَّرُ الْعَالِمُ الْفَاضِلُ شَمْسُ الدَّين مُحَمَّدُ بْنُ قَارُونَ الْمَذْكُورُ سَابِقاً أنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: النَّجْمُ وَيُلَقَّبُ الأسْوَدَ فِي الْقَرْيَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِدقوسَا عَلَى الْفُرَاتِ الْعُظْمَى وَكَانَ مِنْ أهْل الْخَيْر وَالصَّلاَح وَكَانَ لَهُ زَوْجَةٌ تُدْعَى بِفَاطِمَةَ خَيَّرَةٌ صَالِحَةٌ وَلَهَا وَلَدَان ابْنٌ يُدْعَى: عَلِيّاً، وَابْنَةٌ تُدْعَى: زَيْنَبَ، فَأصَابَ الرَّجُلَ وَزَوْجَتَهُ الْعَمَى وَبَقِيَا عَلَى حَالَةٍ ضَعِيفَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَبَقِيَا عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً مَدِيدَةً.
فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْض اللَّيْل أحَسَّتِ الْمَرْأةُ بِيَدٍ تَمُرُّ عَلَى وَجْهِهَا وَقَائِلٍ يَقُولُ: ( قَدْ أذْهَبَ اللهُ عَنْكِ الْعَمَى فَقُومِي إِلَى زَوْجِكِ أبِي عليًّ فَلاَ تُقَصّرينَ فِي خِدْمَتِهِ)، فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا فَإذَا الدَّارُ قَدِ امْتَلأتْ نُوراً وَعَلِمَتْ أنَّهُ الْقَائِمُ عليه السلام.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا الصَّالِحِينَ مِنْ خَطّهِ الْمُبَارَكِ مَا صُورَتُهُ:
عَنْ مُحْيِي الدَّين الإرْبِلِيَّ(1) أنَّهُ حَضَرَ عِنْدَ أبِيهِ وَمَعَهُ رَجُلٌ فَنَعَسَ فَوَقَعَتْ عِمَامَتُهُ عَنْ رَأسِهِ فَبَدَتْ فِي رَأسِهِ ضَرْبَةٌ هَائِلَةٌ فَسَألَهُ عَنْهَا فَقَالَ لَهُ: هِيَ مِنْ صِفّينَ، فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ وَوَقْعَةُ صِفّينَ قَدِيمَةٌ؟ فَقَالَ: كُنْتُ مُسَافِراً إِلَى مِصْرَ فَصَاحَبَني إِنْسَانٌ مِنْ غَزَّةَ(2) فَلَمَّا كُنَّا فِي بَعْض الطَّريقِ تَذَاكَرْنَا وَقْعَةَ صِفّينَ. فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ: لَوْ كُنْتُ فِي أيَّام صِفّينَ لَرَوَّيْتُ سَيْفِي مِنْ عليًّ وَأصْحَابِهِ، فَقُلْتُ: لَوْ كُنْتُ فِي أيَّام صِفّينَ لَرَوَّيْتُ سَيْفِيد.
ص: 736
مِنْ مُعَاويَةَ وَأصْحَابِهِ، وَهَا أنَا وَأنْتَ مِنْ أصْحَابِ عليًّ عليه السلام وَمُعَاويَةَ، فَاعْتَرَكْنَا عَرْكَةً عَظِيمَةً، وَاضْطَرَبْنَا فَمَا أحْسَسْتُ بِنَفْسِي إِلاَّ مَرْمِيّاً لِمَا بِي.
فَبَيْنَمَا أنَا (كَذَلِكَ)(1) وَإِذَا بِإنْسَانٍ يُوقِظُنِي بِطَرَفِ رُمْحِهِ، فَفَتَحْتُ عَيْني فَنَزَلَ إِلَيَّ وَمَسَحَ الضَّرْبَةَ فَتَلاَءَمَتْ، فَقَالَ: (الْبَثْ هُنَا)، ثُمَّ غَابَ قَلِيلاً وَعَادَ وَمَعَهُ رَأسُ مُخَاصِمِي مَقْطُوعاً وَالدَّوَابُّ مَعَهُ، فَقَالَ لِي: (هَذَا رَأسُ عَدُوَّكَ، وَأنْتَ نَصَرْتَنَا فَنَصَرْنَاكَ، وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ نَصَرَهُ)، فَقُلْتُ: مَنْ أنْتَ؟ فَقَالَ: (فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ) يَعْنِي صَاحِبَ الأمْر عليه السلام، ثُمَّ قَالَ لِي: (وَإِذَا سُئِلْتَ عَنْ هَذِهِ الضَّرْبَةِ فَقُلْ: ضُربْتُهَا فِي صِفّينَ).
وَمِنْ ذَلِكَ مَا صَحَّتْ لِي روَايَتُهُ عَن السَّيَّدِ الزَّاهِدِ الْفَاضِل رَضِيَّ الْمِلَّةِ وَالْحَقَّ وَالدَّين عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَر بْن طَاوُسٍ الْحَسَنِيَّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِرَبيع الألْبَابِ(2) قَالَ: رَوَى لَنَا حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم، قَالَ:
كُنْتُ أنَا وَشَخْصٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ: عَمَّارٌ، مَرَّةً عَلَى الطَّريقِ الحماليةِ مِنْ سَوَادِ الْكُوفَةِ فَتَذَاكَرْنَا أمْرَ الْقَائِم مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ لِي: يَا حَسَنُ اُحَدَّثُكَ بِحَدِيثٍ عَجِيبٍ؟ فَقُلْتُ لَهُ: هَاتِ مَا عِنْدَكَ.
قَالَ: جَاءَتْ قَافِلَةٌ مِنْ طَيَّئ يَكْتَالُونَ مِنْ عِنْدِنَا مِنَ الْكُوفَةِ وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ وَسِيمٌ، وَهُوَ زَعِيمُ الْقَافِلَةِ، فَقُلْتُ لِمَنْ حَضَرَ: هَاتِ الْمِيزَانَ مِنْ دَار الْعَلَويَّ، فَقَالَ الْبَدَويُّ: وَعِنْدَكُمْ هُنَا عَلَويٌّ؟ فَقُلْتُ: يَا سُبْحَانَ اللهِخ.
ص: 737
مُعْظَمُ الْكُوفَةِ عَلَويُّونَ، فَقَالَ الْبَدَويُّ: الْعَلَويَّ وَاللهِ تَرَكْتُهُ وَرَائِي فِي الْبَرَّيَّةِ فِي بَعْض الْبُلْدَان، فَقُلْتُ: فَكَيْفَ خَبَرُهُ؟
قَالَ: فَرَرْنَا فِي نَحْو ثَلاَثِ مِائَةِ فَارسٍ أوْ دُونَهَا، فَبَقِينَا ثَلاَثَةَ أيَّام بِلاَ زَادٍ وَاشْتَدَّ بِنَا الْجُوعُ.
فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: دَعُونَا نَرْمِي السَّهْمَ عَلَى بَعْض الْخَيْل نَأكُلْهَا فَاجْتَمَعَ رَأيُنَا عَلَى ذَلِكَ، وَرَمَيْنَا بِسَهْم فَوَقَعَ عَلَى فَرَسِي فَغَلَّطْتُهُمْ، وَقُلْتُ: مَا أقْنَعُ، فَعُدْنَا بِسَهْم آخَرَ فَوَقَعَ عَلَيْهَا أيْضاً فَلَمْ أقْبَلْ، وَقُلْتُ: نَرْمِي بِثَالِثٍ، فَرَمَيْنَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا أيْضاً وَكَانَتْ عِنْدِي تُسَاوي ألْفَ دِينَارٍ وَهِيَ أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي.
فَقُلْتُ: دَعُونِي أتَزَوَّدْ مِنْ فَرَسِي بِمِشْوَارٍ فَإلَى الْيَوْم مَا أجِدُ لَهَا غَايَةً فَرَكَضْتُهَا إِلَى رَابِيَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَّا قَدْرَ فَرْسَخ فَمَرَرْتُ بِجَاريَةٍ تَحْطِبُ تَحْتَ الرَّابِيَةِ، فَقُلْتُ: يَا جَاريَةُ مَنْ أنْتِ وَمَنْ أهْلُكِ؟ قَالَتْ: أنَا لِرَجُلٍ عَلَويٍّ فِي هَذَا الْوَادِي وَمَضَتْ مِنْ عِنْدِي فَرَفَعْتُ مِئْزَري عَلَى رُمْحِي وَأقْبَلْتُ إِلَى أصْحَابِي فَقُلْتُ لَهُمْ: أبْشِرُوا بِالْخَيْر! النَّاسُ مِنْكُمْ قَريبٌ فِي هَذَا الْوَادِي.
فَمَضَيْنَا فَإذَا بِخَيْمَةٍ فِي وَسَطِ الْوَادِي فَطَلَعَ إِلَيْنَا مِنْهَا رَجُلٌ صَبِيحُ الْوَجْهِ أحْسَنُ مَنْ يَكُونُ مِنَ الرَّجَال، ذُؤَابَتُهُ إِلَى سُرَّتِهِ، وَهُوَ يَضْحَكُ وَيَجِيئُنَا بِالتَّحِيَّةِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا وَجْهَ الْعَرَبِ الْعَطَشُ، فَنَادَى: (يَا جَاريَةُ هَاتِي مِنْ عِنْدِكِ الْمَاءَ)، فَجَاءَتِ الْجَاريَةُ وَمَعَهَا قَدَحَان فِيهِمَا مَاءٌ فَتَنَاوَلَ مِنْهُمَا قَدَحاً وَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ وَنَاوَلَنَا إِيَّاهُ وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالآخَر فَشَربْنَا عَنْ أقْصَانَا مِنَ الْقَدَحَيْن وَرَجَعَتَا عَلَيْنَا وَمَا نَقَصَتِ الْقَدَحَان.
فَلَمَّا رَوينَا قُلْنَا لَهُ: الْجُوعُ يَا وَجْهَ الْعَرَبِ، فَرَجَعَ بِنَفْسِهِ وَدَخَلَ
ص: 738
الْخَيْمَةَ وَأخْرَجَ بِيَدِهِ مِنْسَفَةً(1) فِيهَا زَادٌ، وَوَضَعَهُ وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، وَقَالَ: (يَجِيءُ مِنْكُمْ عَشَرَةً عَشَرَةً)، فَأكَلْنَا جَمِيعاً مِنْ تِلْكَ الْمِنْسَفَةِ، وَاللهِ يَا فُلاَنُ مَا تَغَيَّرَتْ وَلاَ نَقَصَتْ، فَقُلْنَا: نُريدُ الطَّريقَ الْفُلاَنِيَّ، فَقَالَ: (هَا ذَاكَ دَرْبُكُمْ) وَأوْمَأ لَنَا إِلَى مَعْلَم وَمَضَيْنَا.
فَلَمَّا بَعُدْنَا عَنْهُ قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أنْتُمْ خَرَجْتُمْ عَنْ أهْلِكُمْ لِكَسْبٍ وَالْمَكْسَبُ قَدْ حَصَلَ لَكُمْ فَنَهَى بَعْضُنَا بَعْضاً وَأمَرَ بَعْضُنَا بِهِ ثُمَّ اجْتَمَعَ رَأيُنَا عَلَى أخْذِهِمْ، فَرَجَعْنَا فَلَمَّا رَآنَا رَاجِعِينَ شَدَّ وَسَطَهُ بِمِنْطَقَةٍ وَأخَذَ سَيْفاً فَتَقَلَّدَ بِهِ وَأخَذَ رُمْحَهُ وَرَكِبَ فَرَساً أشْهَبَ، وَالْتَقَانَا وَقَالَ: (لاَ تَكُونُ أنْفُسُكُمُ الْقَبِيحَةُ دَبَّرَتْ لَكُمُ الْقَبِيحَ!؟).
فَقُلْنَا: هُوَ كَمَا ظَنَنْتَ، وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ رَدّاً قَبِيحاً، فَزَعَقَ بِزَعَقَاتٍ(2) فَمَا رَأيْنَا إِلاَّ مَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ الرُّعْبُ وَوَلَّيْنَا مِنْ بَيْن يَدَيْهِ مُنْهَزمِينَ، فَخَطَّ خَطَّةً بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَقَالَ: (وَحَقَّ جَدَّي رَسُول اللهِ لاَ يَعْبُرَنَّهَا أحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ) فَرَجَعْنَا وَاللهِ عَنْهُ بِالرَّغْم مِنَّا، هَا ذَاكَ الْعَلَويُّ هُوَ حَقّاً هُوَ وَاللهِ لاَ مَا هُوَ مِثْلُ هَؤُلاَءِ.
هذا آخر ما أخرجناه من كتاب السلطان المفرّج عن أهل الإيمان(3).
بيان: (الشركة) حبالة الصيد والمراد بها هنا الحبل، و(التعيط)ب.
ص: 739
الجلبة والصياح، و(المشوار) المخبر والمنظر، وما أبقت الدابة من علفها والمكان تعرض فيه الدواب.
كتاب الفهرست للشيخ منتجب الدين: قال: الثائر بالله المهدي(1) ابن الثائر بالله الحسيني(2) الجيلي كان زيدياً وادّعى إمامة الزيدية وخرج بجيلان ثُمَّ استبصر وصار إمامياً وله رواية الأحاديث، وادّعى أنَّه شاهد صاحب الأمر وكان يروي عنه أشياء(3).
وقال: أبو الحسن علي بن محمّد بن علي ابن أبي(4) القاسم العلوي الشعراني عالم صالح شاهد الإمام صاحب الأمر، ويروي عنه أحاديث، عليه وعلى آبائه السلام(5).
وقال: أبو الفرج المظفر بن علي بن الحسين الحمداني ثقة عين وهو من سفراء الإمام صاحب الزمان عليه السلام أدرك الشيخ المفيد وجلس مجلس درس السيّد المرتضى والشيخ أبي جعفر الطوسي قدَّس الله أرواحهم(6).
* * *
ص: 740
الإمام المهدی علیه السلام فی بحار الأنوار / ج (2)
تألیف : الشیخ محمد باقر المجلسی قدس سره
إعداد : الشیخ یاسر الصالحی
الطبعة الأولی : 1430 ه
عدد النسخ : 1500
النجف الأشرف
جمیع الحقوق محفوظة
ص: 1
الإمَامِ المَهدِی في بِحَارِ الأنوَار
الجَامِعَة لِدُرَر اَخبَار الأئِمَة الأطهَار
الجُزء الثَّانِي
تألِیفُ : العَلَّامِة الشّیخ مُحَمَّد بَاقِر المَجلسي ( قَدَّسَ اللهُ سِرَّه)
إعداد : الشیخ یاسر الصالحي
ص: 2
ص: 3
ص: 4
بسم الله الرحمن الرحيم
1 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن حَاتِم النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْن طَاهِرٍ الْقُمَّيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَحْر بْن سَهْلٍ الشَّيْبَانِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن مَسْرُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْقُمَّيَّ(1)، قَالَ: كُنْتُ امْرَأ لَهِجاً بِجَمْع الْكُتُبِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى غَوَامِض الْعُلُوم وَدَقَائِقِهَا كَلِفاً بِاسْتِظْهَار مَا يَصِحُّ(2) مِنْ حَقَائِقِهَا، مُغْرَماً بِحِفْظِ مُشْتَبِهِهَا وَمُسْتَغْلِقِهَا، شَحِيحاً عَلَى مَا أظْفَرُ بِهِ مِنْ مَعَاضِلِهَ(3) وَمُشْكِلاَتِهَا، مُتَعَصّباً لِمَذْهَبِ الإمَامِيَّةِ، رَاغِباً عَن الأمْن وَالسَّلاَمَةِ، فِي انْتِظَار التَّنَازُع وَالتَّخَاصُم وَالتَّعَدَّي إِلَى التَّبَاغُض وَالتَّشَاتُم، مُعَيَّباً لِلْفِرَقِ ذَوي الْخِلاَفِ، كَاشِفاً عَنْ مَثَالِبِ أئِمَّتِهِمْ، هَتَّاكاً لِحُجُبِ قَادَتِهِمْ، إِلَى أنْ بُلِيتُ بِأشَدَّ النَّوَاصِبِ مُنَازَعَةً، وَأطْوَلِهِمْ مُخَاصَمَةً، وَأكْثَرهِمْ جَدَلاً، وَأشْنَعِهِمْ سُؤَالاً، وَأثْبَتِهِمْ عَلَى الْبَاطِل قَدَماً.
فَقَالَ ذَاتَ يَوْم وَأنَا اُنَاظِرُهُ: تَبّاً لَكَ وَلأصْحَابِكَ يَا سَعْدُ، إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الرَّافِضَةِ تَقْصِدُونَ عَلَى الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار بِالطَّعْن عَلَيْهِمَا وَتَجْحَدُونَ ).
ص: 5
مِنْ رَسُول اللهِ وَلاَيَتَهُمَا وَإِمَامَتَهُمَا، هَذَا الصّدَّيقُ الَّذِي فَاقَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ بِشَرَفِ سَابِقَتِهِ أمَا عَلِمْتُمْ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا أخْرَجَهُ مَعَ نَفْسِهِ إِلَى الْغَار إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ بِأنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأنَّهُ هُوَ الْمُقَلّدُ لأمْر التَّأويل، وَالْمُلْقَى إِلَيْهِ أزمَّةُ الاُمَّةِ، وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي شَعْبِ الصَّدْع وَلَمَّ الشَّعَثِ، وَسَدَّ الْخَلَل، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَتَسْريبِ الْجُيُوش لِفَتْح بِلاَدِ الشّرْكِ؟
فَكَمَا أشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَيْسَ مِنْ حُكْم الاسْتِتَار وَالتَّوَاري أنْ يَرُومَ الْهَاربُ مِنَ الشَّيْءِ(1) مُسَاعَدَةً إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ وَلَمَّا رَأيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم مُتَوَجَّهاً إِلَى الِانْجِحَار وَلَمْ تَكُن الْحَالُ تُوجِبُ اسْتِدْعَاءَ الْمُسَاعَدَةِ مِنْ أحَدٍ اسْتَبَانَ لَنَا قَصْدُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِأبِي بَكْرٍ إِلَى الْغَار لِلْعِلَّةِ الَّتِي شَرَحْنَاهَا وَإِنَّمَا أبَاتَ عَلِيّاً عليه السلام عَلَى فِرَاشِهِ لِمَا لَمْ يَكُنْ لِيَكْتَرثَ لَهُ وَلَمْ يَحْفِلْ بِهِ، وَلاسْتِثْقَالِهِ لَهُ، وَلِعِلْمِهِ بِأنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرهِ مَكَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا.
قَالَ سَعْدٌ: فَأوْرَدْتُ عَلَيْهِ أجْوبَةً شَتَّى فَمَا زَالَ يَقْصِدُ(2) كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالنَّقْض وَالرَّدَّ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا سَعْدُ دُونَكَهَا اُخْرَى بِمِثْلِهَا تُخْطَفُ(3) آنَافُ(4) الرَّوَافِض ألَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ الصّدَّيقَ الْمُبَرَّى مِنْ دَنَس الشُّكُوكِ، ).
ص: 6
وَالْفَارُوقَ الْمُحَامِيَ عَنْ بَيْضَةِ الإسْلاَم كَانَا يُسِرَّان النّفَاقَ، وَاسْتَدْلَلْتُمْ بِلَيْلَةِ الْعَقَبَةِ، أخْبِرْني عَن الصّدَّيقِ وَالْفَارُوقِ أسْلَمَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً؟
قَالَ سَعْدٌ: فَاحْتَلْتُ لِدَفْع هَذِهِ الْمَسْألَةِ عَنّي خَوْفاً مِنَ الإلْزَام، وَحَذَراً مِنْ أنّي إِنْ أقْرَرْتُ لَهُمَا بِطَوَاعِيَتِهِماَ(1) لِلإسْلاَم احْتَجَّ بِأنَّ بَدْءَ النّفَاقِ وَنَشْوَهُ فِي الْقَلْبِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عِنْدَ هُبُوبِ رَوَائِح الْقَهْر وَالْغَلَبَةِ، وَإِظْهَار الْبَأس الشَّدِيدِ فِي حَمْل الْمَرْءِ عَلَى مَنْ لَيْسَ يَنْقَادُ لَهُ قَلْبُهُ، نَحْوَ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا))(2).
وَإِنْ قُلْتُ: أسْلَمَا كَرْهاً، كَانَ يَقْصِدُنِي بِالطَّعْن إِذْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ(3) سُيُوفٌ مُنْتَضَاةٌ كَانَتْ تُريهِمُ(4) الْبَأسَ.
قَالَ سَعْدٌ: فَصَدَرْتُ عَنْهُ مُزْوَرّاً قَدِ انْتَفَخَتْ أحْشَائِي مِنَ الْغَضَبِ، وَتَقَطَّعَ كَبِدِي مِنَ الْكَرْبِ، وَكُنْتُ قَدِ اتَّخَذْتُ طُومَاراً وَأثْبَتُّ فِيهِ نَيَّفاً وَأرْبَعِينَ مَسْألَةً مِنْ صِعَابِ الْمَسَائِل لَمْ أجِدْ لَهَا مُجِيباً عَلَى أنْ أسْألَ فِيهَا خَيْرَ(5) أهْل بَلَدِي أحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ صَاحِبَ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام.
فَارْتَحَلْتُ خَلْفَهُ، وَقَدْ كَانَ خَرَجَ قَاصِداً نَحْوَ مَوْلاَنَا بِسُرَّ مَنْ رَأى فَلَحِقْتُهُ فِي بَعْض الْمَنَاهِل(6)، فَلَمَّا تَصَافَحْنَا قَالَ: لِخَيْرٍ(7) ).
ص: 7
لَحَاقُكَ بِي؟ قُلْتُ: الشَّوْقُ ثُمَّ الْعَادَةُ فِي الأسْئِلَةِ، قَالَ: قَدْ تَكَافَأنَا عَلَى هَذِهِ الْخُطَّةِ _ أي الخصلة _ الْوَاحِدَةِ فَقَدْ بَرحَ بِيَ الْقَرَمُ(1) إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَاُريدُ أنْ أسْألَهُ عَنْ مَعَاضِلَ فِي التَّأويل، وَمَشَاكِلَ فِي التَّنْزيل.
فَدُونَكَهَا الصُّحْبَةَ الْمُبَارَكَةَ، فَإنَّهَا تَقِفُ بِكَ عَلَى ضَفَّةِ بَحْرٍ(2) لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ وَهُوَ إِمَامُنَا.
فَوَرَدْنَا سُرَّ مَنْ رَأى فَانْتَهَيْنَا مِنْهَا إِلَى بَابِ سَيَّدِنَا ع فَاسْتَأذَنَّا فَخَرَجَ (إِلَيْنَا)(3) الإذْنُ بِالدُّخُول عَلَيْهِ، وَكَانَ عَلَى عَاتِقِ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ جِرَابٌ قَدْ غَطَّاهُ بِكِسَاءٍ طَبَريًّ فِيهِ سِتُّونَ وَمِائَةُ صُرَّةٍ مِنَ الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم عَلَى كُلّ صُرَّةٍ مِنْهَا خَتْمُ صَاحِبهَا.
قَالَ سَعْدٌ: فَمَا شَبَّهْتُ مَوْلاَنَا أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام حِينَ غَشِيَنَا نُورُ وَجْهِهِ إِلاَّ بِبَدْرٍ قَدِ اسْتَوْفَى مِنْ لَيَالِيهِ أرْبَعاً بَعْدَ عَشْرٍ، وَعَلَى فَخِذِهِ الأيْمَن غُلاَمٌ يُنَاسِبُ الْمُشْتَريَ فِي الْخِلْقَةِ وَالْمَنْظَر، وَعَلَى رَأسِهِ فَرْقٌ بَيْنَ وَفْرَتَيْن كَأنَّهُ ألِفٌ بَيْنَ وَاوَيْن، وَبَيْنَ يَدَيْ مَوْلاَنَا رُمَّانَةٌ ذَهَبِيَّةٌ، تَلْمَعُ بَدَائِعُ نُقُوشِهَا وَسَطَ غَرَائِبِ الْفُصُوص الْمُرَكَّبَةِ عَلَيْهَا، قَدْ كَانَ أهْدَاهَا إِلَيْهِ بَعْضُ رُؤَسَاءِ أهْل الْبَصْرَةِ وَبيَدِهِ قَلَمٌ إِذَا أرَادَ أنْ يَسْطُرَ بِهِ عَلَى الْبَيَاض قَبَضَ الْغُلاَمُ عَلَى أصَابِعِهِ، فَكَانَ ).
ص: 8
مَوْلاَنَا عليه السلام يُدَحْرجُ الرُّمَّانَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَشْغَلُهُ بِرَدَّهَا لِئَلا(1) يَصُدَّهُ عَنْ كِتْبَةِ(2) مَا أرَادَ(3).
فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَألْطَفَ فِي الْجَوَابِ وَأوْمَأ إِلَيْنَا بِالْجُلُوس، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتْبَةِ الْبَيَاض الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ أخْرَجَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ جِرَابَهُ مِنْ طَيَّ كِسَائِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَظَرَ الْهَادِي عليه السلام(4) إِلَى الْغُلاَم وَقَالَ لَهُ: (يَا بُنَيَّ فُضَّ الْخَاتَمَ عَنْ هَدَايَا شِيعَتِكَ وَمَوَالِيكَ)، فَقَالَ: (يَا مَوْلاَيَ أيَجُوزُ أنْ أمُدَّ يَداً طَاهِرَةً إِلَى هَدَايَا نَجِسَةٍ وَأمْوَالٍ رَجِسَةٍ قَدْ شِيبَ أحَلُّهَا بِأحْرَمِهَا)، فَقَالَ مَوْلاَيَ عليه السلام: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ اسْتَخْرجْ مَا فِي الْجِرَابِ لِيُمَيَّزَ (مَا)(5) بَيْنَ الأحَلّ وَالأحْرَم(6) مِنْهَا).
فَأوَّلُ صُرَّةٍ بَدَأ أحْمَدُ بِإخْرَاجِهَا فَقَالَ الْغُلاَمُ: (هَذِهِ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَى اثْنَيْن وَسِتّينَ دِينَاراً فِيهَا مِنْ ثَمَن حُجَيْرَةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا، وَكَانَتْ إِرْثاً لَهُ مِنْ أخِيهِ(7) خَمْسَةٌ وَأرْبَعُونَ دِينَاراً وَمِنْ أثْمَان تِسْعَةِ أثْوَابٍ أرْبَعَةَ عَشَرَ دِينَاراً وَفِيهَا مِنْ اُجْرَةِ حَوَانِيتَ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ).).
ص: 9
فَقَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ، دُلَّ الرَّجُلَ عَلَى الْحَرَام مِنْهَا)، فَقَالَ عليه السلام: (فَتّشْ عَنْ دِينَارٍ رَازيَّ السَّكَّةِ تَاريخُهُ سَنَةُ كَذَا قَدِ انْطَمَسَ مِنْ نِصْفِ إِحْدَى صَفْحَتَيْهِ نَقْشُهُ وَقُرَاضَةٍ آمُلِيَّةٍ وَزْنُهَا رُبُعُ دِينَارٍ وَالْعِلَّةُ فِي تَحْريمِهَا أنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ(1) وَزَنَ فِي شَهْر كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى حَائِكٍ مِنْ جِيرَانِهِ مِنَ الْغَزْل مَنّاً وَرُبُعَ مَنٍّ فَأتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ قَيَّضَ (فِي) انْتِهَائِهَا لِذَلِكَ الْغَزْل سَارقا(2) فَأخْبَرَ بِهِ الْحَائِكُ صَاحِبَهُ فَكَذَّبَهُ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ بَدَلَ ذَلِكَ مَنّاً وَنِصْفَ مَنًّ غَزْلاً أدَقَّ مِمَّا كَانَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَاتَّخَذَ مِنْ ذَلِكَ ثَوْباً كَانَ هَذَا الدَّينَارُ مَعَ الْقُرَاضَةِ ثَمَنَهُ).
فَلَمَّا فَتَحَ رَأسَ الصُّرَّةِ صَادَفَ رُقْعَةً فِي وَسَطِ الدَّنَانِير بِاسْم مَنْ أخْبَرَ عَنْهُ وَبمِقْدَارهَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ وَاسْتَخْرَجَ الدَّينَارَ وَالْقُرَاضَةَ بِتِلْكَ الْعَلاَمَةِ.
ثُمَّ أخْرَجَ صُرَّةً اُخْرَى فَقَالَ الْغُلاَمُ عليه السلام: (هَذِهِ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ مِنْ مَحَلَّةِ كَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسِينَ دِينَاراً لاَ يَحِلُّ لَنَا مَسُّهَا)، قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: (لأنَّهَا مِنْ ثَمَن حِنْطَةٍ حَافَ صَاحِبُهَا عَلَى أكَّارهِ فِي الْمُقَاسَمَةِ، وَذَلِكَ أنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِكَيْلٍ وَافٍ وَكَالَ(3) مَا خَصَّ الأكَّارَ بِكَيْلٍ بَخْسٍ)، فَقَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ).
ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ احْمِلْهَا بِأجْمَعِهَا لِتَرُدَّهَا أوْ تُوصِيَ بِرَدَّهَا عَلَى أرْبَابِهَا فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي شَيْ ءٍ مِنْهَا وَائْتِنَا بِثَوْبِ الْعَجُوز)، قَالَ أحْمَدُ: وَكَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ فِي حَقِيبَةٍ لِي فَنَسِيتُهُ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ لِيَأتِيَهُ بِالثَّوْبِ نَظَرَ إِلَيَّ مَوْلاَنَا أبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ:).
ص: 10
(مَا جَاءَ بِكَ يَا سَعْدُ)، فَقُلْتُ: شَوَّقَنِي أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَى لِقَاءِ مَوْلاَنَا، قَالَ: (فَالْمَسَائِلُ الَّتِي أرَدْتَ أنْ تَسْألَ عَنْهَا؟)، قُلْتُ: عَلَى حَالِهَا يَا مَوْلاَيَ. قَالَ: (فَسَلْ قُرَّةَ عَيْني _ وَأوْمَأ إِلَى الْغُلاَم(1) _ عَمَّا بَدَا لَكَ مِنْهَا).
فَقُلْتُ لَهُ: مَوْلاَنَا وَابْنَ مَوْلاَنَا! إِنَّا رُوَّينَا عَنْكُمْ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم جَعَلَ طَلاَقَ نِسَائِهِ بِيَدِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام حَتَّى أرْسَلَ يَوْمَ الْجَمَل إِلَى عَائِشَةَ: (أنَّكِ قَدْ أرْهَجْتِ عَلَى الإسْلاَم وَأهْلِهِ بِفِتْنَتِكِ، وَأوْرَدْتِ بَنيكِ حِيَاضَ الْهَلاَكِ بِجَهْلِكِ، فَإنْ كَفَفْتِ عَنّي غَرْبَكِ وَإِلاَّ طَلَّقْتُكِ)، وَنسَاءُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ كَانَ طلاقهنَّ(2) وَفَاتُهُ.
قَالَ: (مَا الطَّلاَقُ؟)، قُلْتُ: تَخْلِيَةُ السَّبِيل، قَالَ: (وَإِذَا كَانَ(3) وَفَاةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ خَلا(4) لَهُنَّ السَّبِيلَ، فَلِمَ لاَ يَحِلُّ لَهُنَّ الأزْوَاجُ؟)، قُلْتُ: لأنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَ الأزْوَاجَ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: (وَكَيْفَ وَقَدْ خَلَّى الْمَوْتُ سَبِيلَهُنَّ؟)، قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ مَوْلاَيَ عَنْ مَعْنَى الطَّلاَقِ الَّذِي فَوَّضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حُكْمَهُ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ.
قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَظَّمَ شَأنَ نِسَاءِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَخَصَّهُنَّ بِشَرَفِ الاُمَّهَاتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَا أبَا الْحَسَن إِنَّ هَذَا الشَّرَفَ بَاقٍ لَهُنَّ مَا دُمْنَ للهِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَأيَّتُهُنَّ عَصَتِ اللهَ بَعْدِي بِالْخُرُوج عَلَيْكَ، فَأطْلِقْ لَهَا فِي الأزْوَاج وَأسْقِطْهَا مِنْ شَرَفِ اُمُومَةِ الْمُؤْمِنينَ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني عَن الْفَاحِشَةِ الْمُبَيَّنَةِ الَّتِي إِذَا أتَتِ الْمَرْأةُ بِهَا فِي أيَّام ).
ص: 11
عِدَّتِهَا حَلَّ لِلزَّوْج أنْ يُخْرجَهَا (مِنْ بَيْتِهِ)(1)، قَالَ: (الْفَاحِشَةُ الْمُبَيَّنَةُ هِيَ السَّحْقُ دُونَ الزّنَى، فَإنَّ الْمَرْأةَ إِذَا زَنَتْ وَاُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ لَيْسَ لِمَنْ أرَادَهَا أنْ يَمْتَنِعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ التَّزْويج بِهَا لأجْل الْحَدَّ وَإِذَا سَحَقَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّجْمُ وَالرَّجْمُ خِزْيٌ وَمَنْ قَدْ أمَرَ اللهُ عزّ وجل بِرَجْمِهِ فَقَدْ أخْزَاهُ، وَمَنْ أخْزَاهُ فَقَدْ أبْعَدَهُ، وَمَنْ أبْعَدَهُ فَلَيْسَ لأحَدٍ أنْ يَقْرَبَهُ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ رَسُول اللهِ عَنْ أمْر اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيَّهِ مُوسَى عليه السلام: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً))(2) فَإنَّ فُقَهَاءَ الْفَريقَيْن يَزْعُمُونَ أنَّهَا كَانَتْ مِنْ إِهَابِ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ عليه السلام: (مَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى مُوسَى وَاسْتَجْهَلَهُ فِي نُبُوَّتِهِ لأنَّهُ مَا خَلاَ الأمْرُ فِيهَا مِنْ خَطْبَيْن(3) إِمَّا أنْ تَكُونَ صَلاَةُ مُوسَى فِيهَا جَائِزَةً أوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ، فَإنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ جَائِزَةً جَازَ لَهُ لُبْسُهُمَا فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ (إِذْ لَمْ تَكُنْ مُقَدَّسَةً)(4) وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً فَلَيْسَ(5) بِأقْدَسَ وَأطْهَرَ مِنَ الصَّلاَةِ، وَإِنْ كَانَتْ صَلاَتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ فِيهِمَا، فَقَدْ أوْجَبَ عَلَى مُوسَى عليه السلام أنَّهُ لَمْ يَعْرفِ الْحَلاَلَ مِنَ الْحَرَام، وَعلم مَا جَازَ(6) فِيهِ الصَّلاَةُ وَمَا لَمْ تَجُزْ وَهَذَا كُفْرٌ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا مَوْلاَيَ عَن التَّأويل فِيهِمَا، قَالَ: (إِنَّ مُوسَى عليه السلام نَاجَى رَبَّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّس فَقَالَ: يَا رَبَّ إِنّي قَدْ أخْلَصْتُ لَكَ الْمَحَبَّةَ مِنّي، ).
ص: 12
وَغَسَلْتُ قَلْبِي عَمَّنْ سِوَاكَ، وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبَّ لأهْلِهِ، فَقَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ)) أي انْزعْ حُبَّ أهْلِكَ مِنْ قَلْبِكَ إِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُكَ لِي خَالِصَةً، وَقَلْبُكَ مِنَ الْمَيْل إِلَى مَنْ سِوَايَ مَغْسُولاً).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا ابْنَ رَسُول اللهِ عَنْ تَأويل: ((كهيعص))، قَالَ: (هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ، أطْلَعَ اللهُ عَلَيْهَا عَبْدَهُ زَكَريَّا عليه السلام، ثُمَّ قَصَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَذَلِكَ أنَّ زَكَريَّا عليه السلام سَألَ رَبَّهُ أنْ يُعَلّمَهُ أسْمَاءَ الْخَمْسَةِ، فَأهْبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلَ عليه السلام فَعَلَّمَهُ إِيَّاهَا فَكَانَ زَكَريَّا إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ سُريَ عَنْهُ هَمُّهُ وَانْجَلَى كَرْبُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ (اسْمَ)(1) الْحُسَيْن خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ الْبُهْرَةُ(2) فَقَالَ ذَاتَ يَوْم:
إِلَهِي مَا بَالِي إِذَا ذَكَرْتُ أرْبَعاً مِنْهُمْ تَسَلَّيْتُ بِأسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِي وَإِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَيْنَ تَدْمَعُ عَيْني وَتَثُورُ زَفْرَتِي؟
فَأنْبَأهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ قِصَّتِهِ وَقَالَ: ((كهيعص))، فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلاَءَ، وَالْهَاءُ هَلاَكُ الْعِتْرَةِ، وَالْيَاءُ يَزيدُ وَهُوَ ظَالِمُ الْحُسَيْن، وَالْعَيْنُ عَطَشُهُ، وَالصَّادُ صَبْرُهُ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَريَّا عليه السلام لَمْ يُفَارقْ مَسْجِدَهُ ثَلاَثَةَ أيَّام وَمَنَعَ فِيهَا النَّاسَ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهِ، وَأقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ وَكَانَتْ نُدْبَتُهُ: إِلَهِي أتُفَجَّعُ خَيْرَ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ، أتُنْزلُ بَلْوَى هَذِهِ الرَّزيَّةِ بِفِنَائِهِ، إِلَهِي أتُلْبِسُ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ ثِيَابَ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ، إِلَهِي أتُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِيعَةِ بِسَاحَتِهِمَا.
ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: إِلَهِي ارْزُقْنِي وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَيْني عَلَى الْكِبَر، وَاجْعَلْهُ د.
ص: 13
وَارثاً وَصِيّاً، وَاجْعَلْ مَحَلَّهُ (مِنّي) مَحَلَّ الْحُسَيْن فَإذَا رَزَقْتَنِيهِ فَافْتِنّي بِحُبَّهِ ثُمَّ أفْجِعْنِي بِهِ كَمَا تُفْجِعُ مُحَمَّداً حَبِيبَكَ بِوَلَدِهِ، فَرَزَقَهُ اللهُ يَحْيَى عليه السلام وَفَجَّعَهُ بِهِ.
وَكَانَ حَمْلُ يَحْيَى سِتَّةَ أشْهُرٍ، وَحَمْلُ الْحُسَيْن عليه السلام كَذَلِكَ وَلَهُ قِصَّةٌ طَويلَةٌ).
قُلْتُ: فَأخْبِرْني يَا مَوْلاَيَ عَن الْعِلَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَوْمَ مِن اخْتِيَار إِمَام لأنْفُسِهِمْ، قَالَ: (مُصْلِح أوْ مُفْسِدٍ؟)، قُلْتُ: مُصْلِح، قَالَ: (فَهَلْ يَجُوزُ أنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمْ عَلَى الْمُفْسِدِ بَعْدَ أنْ لاَ يَعْلَمَ أحَدٌ بِمَا يَخْطُرُ بِبَال غَيْرهِ مِنْ صَلاَح أوْ فَسَادٍ؟!)، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: (فَهِيَ الْعِلَّةُ اُوردُهَا لَكَ بِبُرْهَانٍ يَثِقُ بِهِ عَقْلُكَ.
أخْبِرْني عَن الرُّسُل الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللهُ وَأنْزَلَ الْكُتُبَ عَلَيْهِمْ، وَأيَّدَهُمْ بِالْوَحْي وَالْعِصْمَةِ، إِذْ هُمْ أعْلاَ(مُ)(1) الاُمَم وَأهْدَى إِلَى الِاخْتِيَار مِنْهُمْ مِثْلُ مُوسَى وَعِيسَى هَلْ يَجُوزُ مَعَ وُفُور عَقْلِهِمَا وَكَمَال عِلْمِهِمَا، إِذَا هَمَّا بِالِاخْتِيَار أنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمَا عَلَى الْمُنَافِقِ، وَهُمَا يَظُنَّان أنَّهُ مُؤْمِنٌ؟)، قُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: (هَذَا مُوسَى كَلِيمُ اللهِ مَعَ وُفُور عَقْلِهِ وَكَمَال عِلْمِهِ، وَنُزُول الْوَحْيِ عَلَيْهِ، اخْتَارَ مِنْ أعْيَان قَوْمِهِ وَوُجُوهِ عَسْكَرهِ لِمِيقَاتِ رَبَّهِ سَبْعِينَ رَجُلاً مِمَّنْ لاَ يَشُكُّ فِي إِيمَانِهِمْ وَإِخْلاَصِهِمْ، فَوَقَعَتْ خِيَرَتُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا...))(2) إِلَى قَوْلِهِ(3): لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ.ر.
ص: 14
فَلَمَّا وَجَدْنَا اخْتِيَارَ مَنْ قَدِ اصْطَفَاهُ اللهُ لِلنُّبُوَّةِ وَاقِعاً عَلَى الأفْسَدِ، دُونَ الأصْلَح وَهُوَ يَظُنُّ أنَّهُ الأصْلَحُ دُونَ الأفْسَدِ، عَلِمْنَا أنْ لاَ اخْتِيَارَ إِلاَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَتُكِنُّ الضَّمَائِرُ(1)، وَيَتَصَرَّفُ(2) عَلَيْهِ السَّرَائِرُ، وَأنْ لاَ خَطَرَ لِاخْتِيَار الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، بَعْدَ وُقُوع خِيَرَةِ الأنْبِيَاءِ عَلَى ذَوي الْفَسَادِ لَمَّا أرَادُوا أهْلَ الصَّلاَح).
ثُمَّ قَالَ مَوْلاَنَا عليه السلام: (يَا سَعْدُ وَحِينَ ادَّعَى خَصْمُكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا أخْرَجَ مَعَ نَفْسِهِ مُخْتَارَ هَذِهِ الاُمَّةِ إِلَى الْغَار إِلاَّ عِلْماً مِنْهُ أنَّ الْخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأنَّهُ هُوَ الْمُقَلّدُ اُمُورَ التَّأويل، وَالْمُلْقَى إِلَيْهِ أزمَّةُ الاُمَّةِ، الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي لَمَّ الشَّعْثِ وَسَدَّ الْخَلَل، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَتَسْريبِ الْجُيُوش لِفَتْح بِلاَدِ الْكُفْر، فَكَمَا أشْفَقَ عَلَى نُبُوَّتِهِ أشْفَقَ عَلَى خِلاَفَتِهِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُكْم الاسْتِتَار وَالتَّوَاري أنْ يَرُومَ الْهَاربُ مِنَ الْبَشَر(3) مُسَاعَدَةً مِنْ غَيْرهِ إِلَى مَكَانٍ يَسْتَخْفِي فِيهِ وَإِنَّمَا أبَاتَ عَلِيّاً عَلَى فِرَاشِهِ، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَكْتَرثُ لَهُ وَلاَ يَحْفِلُ بِهِ، وَلاسْتِثْقَالِهِ إِيَّاهُ وَعِلْمِهِ بِأنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ نَصْبُ غَيْرهِ مَكَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِي كَانَ يَصْلُحُ لَهَا.
فَهَلاَّ نَقَضْتَ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِكَ: ألَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: الْخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، فَجَعَلَ هَذِهِ مَوْقُوفَةً عَلَى أعْمَار الأرْبَعَةِ الَّذِينَ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي مَذْهَبِكُمْ؟، وَكَانَ لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ (لَكَ)(4): بَلَى، فَكُنْتَ تَقُولُ لَهُ حِينَئِذٍ: ألَيْسَ كَمَا عَلِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ الْخِلاَفَةَ ر.
ص: 15
بَعْدَهُ لأبِي بَكْرٍ، عَلِمَ أنَّهَا مِنْ بَعْدِ أبِي بِكْرٍ لِعُمَرَ، وَمِنْ بَعْدِ عُمَرَ لِعُثْمَانَ، وَمِنْ بَعْدِ عُثْمَانَ لِعليًّ؟ فَكَانَ أيْضاً لاَ يَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ لَكَ: نَعَمْ.
ثُمَّ كُنْتَ تَقُولُ لَهُ: فَكَانَ الْوَاجِبَ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنْ يُخْرجَهُمْ جَمِيعاً عَلَى التَّرْتِيبِ إِلَى الْغَار، وَيُشْفِقَ عَلَيْهِمْ كَمَا أشْفَقَ عَلَى أبِي بَكْرٍ، وَلاَ يَسْتَخِفَّ بِقَدْر هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ بِتَرْكِهِ إِيَّاهُمْ وَتَخْصِيصِهِ أبَا بَكْرٍ بِإخْرَاجِهِ مَعَ نَفْسِهِ دُونَهُمْ.
وَلَمَّا قَالَ: أخْبِرْني عَن الصّدَّيقِ وَالْفَارُوقِ أسْلَمَا طَوْعاً أوْ كَرْهاً؟ لِمَ لَمْ تَقُلْ لَهُ: بَلْ أسْلَمَا طَمَعاً؟، لأنَّهُمَا كَانَا يُجَالِسَان الْيَهُودَ وَيَسْتَخْبِرَانِهِمْ عَمَّا كَانُوا يَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ وَسَائِر الْكُتُبِ الْمُتَقَدَّمَةِ النَّاطِقَةِ بِالْمَلاَحِم، مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ مِنْ قِصَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمِنْ عَوَاقِبِ أمْرهِ، فَكَانَتِ الْيَهُودُ تَذْكُرُ أنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم يُسَلَّطُ عَلَى الْعَرَبِ كَمَا كَانَ بُخْتَ نَصَّرُ سُلّطَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنَ الظَّفَر بِالْعَرَبِ كَمَا ظَفِرَ بُخْتَ نَصَّرُ بِبَني إِسْرَائِيلَ غَيْرَ أنَّهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ.
فَأتَيَا مُحَمَّداً فَسَاعَدَاهُ عَلَى (قَوْلِ)(1) شَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَبَايَعَاهُ طَمَعاً فِي أنْ يَنَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ جِهَتِهِ ولاَيَةَ بَلَدٍ إِذَا اسْتَقَامَتْ اُمُورُهُ وَاسْتَتَبَّتْ أحْوَالُهُ، فَلَمَّا أيِسَا مِنْ ذَلِكَ تَلَثَّمَا وَصَعِدَا الْعَقَبَةَ مَعَ أمْثَالِهِمَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ، عَلَى أنْ يَقْتُلُوهُ فَدَفَعَ اللهُ كَيْدَهُمْ، وَرَدَّهُمْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، كَمَا أتَى طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ عَلِيّاً عليه السلام فَبَايَعَاهُ وَطَمِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أنْ يَنَالَ مِنْ جِهَتِهِ ولاَيَةَ بَلَدٍ فَلَمَّا أيِسَا نَكَثَا بَيْعَتَهُ، وَخَرَجَا عَلَيْهِ فَصَرَعَ اللهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَصْرَعَ أشْبَاهِهِمَا مِنَ النَّاكِثِينَ).ر.
ص: 16
قَالَ (سَعْدٌ)(1): ثُمَّ قَامَ مَوْلاَنَا الْحَسَنُ بْنُ عليًّ الْهَادِي عليه السلام إِلَى الصَّلاَةِ مَعَ الْغُلاَم فَانْصَرَفْتُ عَنْهُمَا وَطَلَبْتُ أثَرَ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ فَاسْتَقْبَلَنِي بَاكِياً، فَقُلْتُ: مَا أبْطَأكَ وَأبْكَاكَ؟ قَالَ: قَدْ فَقَدْتُ الثَّوْبَ الَّذِي سَألَنِي مَوْلاَيَ إِحْضَارَهُ، فَقُلْتُ: لاَ عَلَيْكَ فَأخْبَرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ(2) وَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ مُتَبَسَّماً وَهُوَ يُصَلّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ. فَقُلْتُ: مَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: وَجَدْتُ الثَّوْبَ مَبْسُوطاً تَحْتَ قَدَمَيْ مَوْلاَنَا عليه السلام يُصَلّي عَلَيْهِ.
قَالَ سَعْدٌ: فَحَمِدْنَا اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَعَلْنَا نَخْتَلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَنْزل مَوْلاَنَا عليه السلام أيَّاماً فَلاَ نَرَى الْغُلاَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْوَدَاع دَخَلْتُ أنَا وَأحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَكَهْلاَنُ مِنْ أرْضِناَ(3)، وَانْتَصَبَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَائِماً وَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ قَدْ دَنَتِ الرَّحْلَةُ، وَاشْتَدَّتِ الْمِحْنَةُ، وَنَحْنُ نَسْألُ اللهَ أنْ يُصَلّيَ عَلَى الْمُصْطَفَى جَدَّكَ، وَعليًّ الْمُرْتَضَى أبِيكَ، وَعَلَى سَيَّدَةِ النّسَاءِ اُمَّكَ، وَعَلَى سَيَّدَيْ شَبَابِ أهْل الْجَنَّةِ عَمَّكَ وَأبِيكَ، وَعَلَى الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ مِنْ بَعْدِهِمَا آبَائِكَ، وَأنْ يُصَلّيَ عَلَيْكَ وَعَلَى وَلَدِكَ، وَنَرْغَبُ إِلَى اللهِ أنْ يُعْلِيَ كَعْبَكَ، وَيَكْبِتَ عَدُوَّكَ، وَلاَ جَعَلَ اللهُ هَذَا آخِرَ عَهْدِنَا مِنْ لِقَائِكَ.
قَالَ: فَلَمَّا قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، اسْتَعْبَرَ مَوْلاَنَا عليه السلام حَتَّى اسْتَهَلَّتْ دُمُوعُهُ، وَتَقَاطَرَتْ عَبَرَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ إِسْحَاقَ لاَ تَكَلَّفْ فِي دُعَائِكَ شَطَطاً فَإنَّكَ مُلاَقٍ اللهَ فِي صَدَركَ(4) هَذَا)، فَخَرَّ أحْمَدُ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَلَمَّا ).
ص: 17
أفَاقَ قَالَ: سَألْتُكَ بِاللهِ وَبُِرْمَةِ جَدَّكَ إِلاَّ شَرَّفْتَنِي بِخِرْقَةٍ أجْعَلُهَا كَفَناً، فَأدْخَلَ مَوْلاَنَا عليه السلام يَدَهُ تَحْتَ الْبِسَاطِ فَأخْرَجَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَماً فَقَالَ: (خُذْهَا وَلاَ تُنْفِقْ عَلَى نَفْسِكَ غَيْرَهَا، فَإنَّكَ لَنْ تَعْدَمَ مَا سَألْتَ وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لاَ يُضَيَّعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً).
قَالَ سَعْدٌ: فَلَمَّا صِرْناَ(1) بَعْدَ مُنْصَرَفِنَا مِنْ حَضْرَةِ مَوْلاَنَا عليه السلام مِنْ حُلْوَانَ عَلَى ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ حُمَّ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَارَتْ عَلَيْهِ(2) عِلَّةٌ صَعْبَةٌ أيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ فِيهَا، فَلَمَّا وَرَدْنَا حُلْوَانَ، وَنَزَلْنَا فِي بَعْض الْخَانَاتِ، دَعَا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِرَجُلٍ مِنْ أهْل بَلَدِهِ كَانَ قَاطِناً بِهَا ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّقُوا عَنّي هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَاتْرُكُوني وَحْدِي، فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ وَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إِلَى مَرْقَدِهِ.
قَالَ سَعْدٌ: فَلَمَّا حَانَ أنْ يَنْكَشِفَ اللَّيْلُ عَن الصُّبْح، أصَابَتْنِي فِكْرَةٌ فَفَتَحْتُ عَيْني فَإذَا أنَا بِكَافُورٍ الْخَادِم خَادِم مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام وَهُوَ يَقُولُ: أحْسَنَ اللهُ بِالْخَيْر عَزَاكُمْ، وَجَبَرَ بِالْمَحْبُوبِ رَزيَّتَكُمْ قَدْ فَرَغْنَا مِنْ غُسْل صَاحِبكُمْ وَتَكْفِينهِ(3)، فَقُومُوا لِدَفْنِهِ فَإنَّهُ مِنْ أكْرَمِكُمْ مَحَلّاً عِنْدَ سَيَّدِكُمْ، ثُمَّ غَابَ عَنْ أعْيُننَا، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى رَأسِهِ بِالْبُكَاءِ وَالْعَويل حَتَّى قَضَيْنَا حَقَّهُ وَفَرَغْنَا مِنْ أمْرهِ رحمه الله(4).1.
ص: 18
دلائل الإمامة للطبري: عن عبد الباقي بن يزداد، عن عبد الله بن محمّد الثعالبي، عن أحمد بن محمّد العطّار، عن سعد بن عبد الله، مثله(1).
الاحتجاج: عن سعد مثله، مع اختصار في إيراد المطالب(2).
بيان: (لهجاً) أي حريصاً، وكذا (كلفاً) و(مغرماً) بالفتح أي محبّاً مشتاقاً، و(تسريب الجيوش) بعثها قطعة قطعة، و(الازورار عن الشيء) العدول عنه.
و(القرم) بالتحريك شدّة شهوة اللحم والمراد هنا شدّة الشوق، وقال الفيروزآبادي: (الفرق) الطريق في شعر الرأس و(المفرق) كمقعد ومجلس وسط الرأس وهو الذي يفرق فيه الشعر(3).
قوله: (قيض انتهاءها) أي هيّأ انتهاء تلك المدّة سارقاً لذلك الغزل والاسناد.
مجازي وفي الاحتجاج (فأتى زمان كثير فسرقه سارق من عنده)(4).
و(الحقيبة) ما يجعل في مؤخّر القتب أو السرج من الخرج، ويقال لها بالفارسية: الهكبة، و(الارهاج) إثارة الغبار.
وقال الجوهري: غرب كلّ شيء حدّه، يقال: في لسانه غرب أي حدّة، وغرب الفرس حدثه وأوّل جريه، تقول: كففت من غربه(5) واستهلت دموعه: أي سالت، و(الشطط) التجاوز عن الحدّ، قوله: (في صدرك) أي في رجوعك.
أقول: قال النجاشي _ بعد توثيق سعد والحكم بجلالته _: (لقي
ص: 19
مولانا أبا محمّد عليه السلام ورأيت بعض أصحابنا يضعفون لقاءه لأبي محمّد عليه السلام ويقولون: هذه حكاية موضوعة عليه)(1).
أقول: الصدوق أعرف بصدق الأخبار والوثوق عليها من ذلك البعض الذي لا يعرف حاله، وردّ الأخبار التي تشهد متونها بصحّتها بمحض الظنّ والوهم مع إدراك سعد زمانه عليه السلام _ وإمكان ملاقاة سعد له عليه السلام إذ كان وفاته بعد وفاته عليه السلام بأربعين سنة تقريباً _ ليس للازراء بالأخبار وعدم الوثوق بالأخيار والتقصير في معرفة شأن الأئمّة الأطهار، إذ وجدنا أنَّ الأخبار المشتملة على المعجزات الغريبة إذا وصل إليهم، فهم إمَّا يقدحون فيها أو في راويها، بل ليس جرم أكثر المقدوحين من أصحاب الرجل إلاَّ نقل مثل تلك الأخبار.
* * *
ص: 20
ص: 21
ص: 22
1 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَانٍ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: لاَ بُدَّ لِلْغُلاَم مِنْ غَيْبَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: يَخَافُ الْقَتْلَ)(1).
2 _ علل الشرائع: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن الأشْعَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَرْوَانَ الأنْبَاريَّ، قَالَ: خَرَجَ مِنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ إِذَا كَرهَ لَنَا جِوَارَ قَوْم نَزَعَنَا مِنْ بَيْن أظْهُرهِمْ)(2).
3 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَنْ جَعْفَر بْن مَسْعُودٍ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم عليه السلام مِنَّا غَيْبَةً يَطُولُ أمَدُهَا)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَاكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل أبَى إِلاَّ أنْ يُجْريَ فِيهِ سُنَنَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام فِي غَيْبَاتِهِمْ وَإِنَّهُ لاَ بُدَّ لَهُ يَا سَدِيرُ مِن اسْتِيفَاءِ مَدَدِ غَيْبَاتِهِمْ، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ))(3) أيْ سَنَنا(4) عَلَى سَنَن مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(5).
بيان: قال البيضاوي: ((لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)) حالاً بعد حال مطابقة 6.
ص: 23
لأختها في الشدّة وهو لما يطابق غيره، فقيل: للحال المطابقة، أو مراتب من الشدّة بعد المراتب وهي الموت ومواطن القيامة وأهوالها، أوهي وما قبلها من الدواهي على أنَّها جمع طبقة(1).
4 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَنْ أبِي قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ(2)، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْمَدَائِنيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْفَضْل الْهَاشِمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً لاَ بُدَّ مِنْهَا يَرْتَابُ فِيهَا كُلُّ مُبْطِلٍ)، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِمَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (لأمْرٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَنَا فِي كَشْفِهِ لَكُمْ).
قُلْتُ: فَمَا وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ؟ فَقَالَ: (وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَتِهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي غَيْبَاتِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ حُجَج اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، إِنَّ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ لاَ يَنْكَشِفُ إِلاَّ بَعْدَ ظُهُورهِ كَمَا لاَ يَنْكَشِفُ وَجْهُ الْحِكْمَةِ لَمّاَ(3) أتَاهُ الْخَضِرُ عليه السلام مِنْ خَرْقِ السَّفِينَةِ، وَقَتْل الْغُلاَم، وَإِقَامَةِ الْجِدَار، لِمُوسَى عليه السلام إِلاَّ وَقْتَ افْتِرَاقِهِمَا.
يَا ابْنَ الْفَضْل إِنَّ هَذَا الأمْرَ أمْرٌ مِنْ أمْر اللهِ، وَسِرٌّ مِنَ اللهِ، وَغَيْبٌ مِنْ غَيْبِ اللهِ وَمَتَى عَلِمْنَا أنَّهُ عزّ وجل حَكِيمٌ، صَدَّقْنَا بِأنَّ أفْعَالَهُ كُلَّهَا حِكْمَةٌ، وَإِنْ كَانَ وَجْهُهَا غَيْرَ مُنْكَشِفٍ لَنَا)(4).1.
ص: 24
5 _ كمال الدين، وعلل الشرائع: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْغُلاَم(1) غَيْبَةً قَبْلَ ظُهُورهِ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، قَالَ زُرَارَةُ: يَعْنِي الْقَتْلَ(2).
كمال الدين: العطّار، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن نجيح(3)، عن زرارة، مثله(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن عبد الله بن أحمد، عن محمّد بن عبد الله الحلبي، عن ابن بكير، عن زرارة، مثله(5).
أقول: وقد مرَّ بعض الأخبار المشتملة على العلّة في أبواب أخبار آبائه عليهم السلام بقيامه.
6 _ أمالي الصدوق: السَّنَانِيُّ، عَن ابْن زَكَريَّا، عَن ابْن حَبِيبٍ، عَن الْفَضْل بْن الصَّقْر، عَنْ أبِي مُعَاويَةَ، عَن الأعْمَش، عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (لَمْ تخلو (تَخْلُ) الأرْضُ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ حُجَّةٍ للهِ فِيهَا ظَاهِرٍ مَشْهُورٍ، أوْ غَائِبٍ مَسْتُورٍ، وَلاَ تَخْلُو إِلَى أنْ تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ حُجَّةٍ للهِ فِيهَا، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَمْ يُعْبَدِ اللهُ)، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَقُلْتُ لِلصَّادِقِ عليه السلام: فَكَيْفَ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِالْحُجَّةِ الْغَائِبِ الْمَسْتُور؟ قَالَ: (كَمَا يَنْتَفِعُونَ بِالشَّمْس إِذَا سَتَرَهَا السَّحَابُ)(6).5.
ص: 25
7 _ الاحتجاج: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ أنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ: (وَأمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ))(1) إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ آبَائِي إِلاَّ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ، وَإِنّي أخْرُجُ حِينَ أخْرُجُ وَلاَ بَيْعَةَ لأحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي، وَأمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاع بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالِانْتِفَاع بِالشَّمْس إِذَا غَيَّبَهَا عَن الأبْصَار السَّحَابُ، وَإِنّي لأمَانٌ لأهْل الأرْض كَمَا أنَّ النُّجُومَ أمَانٌ لأهْل السَّمَاءِ، فَأغْلِقُوا أبْوَابَ السُّؤَال عَمَّا لاَ يَعْنِيكُمْ، وَلاَ تَتَكَلَّفُوا عَلَى(2) مَا قَدْ كُفِيتُمْ، وَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيل الْفَرَج، فَإنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى مَن اتَّبَعَ الْهُدى)(3).
كمال الدين: ابن عصام، عن الكليني، مثله(4).
8 _ كمال الدين: غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ(5)، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَارثِ، عَن الْمُفَضَّل، عَن ابْن ظَبْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِي، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ أنَّهُ سَألَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم: هَلْ يَنْتَفِعُ الشَّيعَةُ بِالْقَائِم عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ؟ع.
ص: 26
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ إِنَّهُمْ لَيَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَيَسْتَضِيئُونَ بِنُور وَلاَيَتِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَانْتِفَاع النَّاس بِالشَّمْس وَإِنْ جَلَّلَهَا السَّحَابُ)(1).
أقول: تمامه في باب نصّ الرسول عليهم عليهم السلام(2).
بيان: التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب يؤمي إلى أمور:
الأوّل: أنَّ نورالوجود والعلم والهداية، يصل إلى الخلق بتوسطه عليه السلام إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنَّهم العلل الغائية لايجاد الخلق، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم، وببركتهم والاستشفاع بهم، والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق، ويكشف البلايا عنهم، فلولاهم لاستحقَّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، كما قال تعالى: ((وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ))(3) ولقد جرَّبنا مراراً لا نحصيها أنَّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل، والبعد عن جناب الحقّ تعالى، وانسداد أبواب الفيض، لما استشفعنا بهم، وتوسّلنا بأنوارهم، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت، تنكشف تلك الأمور الصعبة، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثانى: كما أنَّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتقاع الناس بها ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها وظهورها، ليكون انتفاعهم بها أكثر، فكذلك في أيّام غيبته عليه السلام، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره، في كلّ وقت و زمان، ولا ييأسون منه.3.
ص: 27
الثالث: أنَّ منكر وجوده عليه السلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.
الرابع: أنَّ الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد، من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته عليه السلام أصلح لهم في تلك الأزمان، فلذا غاب عنهم.
الخامس: أنَّ الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب، وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة، عن الإحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدَّسة وبما يكون ظهوره أضرُّ لبصائرهم، ويكون سبباً لعماهم عن الحقّ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته، كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرَّر بذلك.
السادس: أنَّ الشمس قد يخرج من السحاب وينظر إليه واحد دون واحد فكذلك يمكن أن يظهر عليه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: أنَّهم عليهم السلام كالشمس في عموم النفع وإنَّما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسر به في الإخبار قوله تعالى: ((وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الآْخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً))(1).
الثامن: أنَّ الشمس كما أنَّ شعاعها تدخل البيوت، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع، فكذلك إنَّما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية، والعلائق الجسمانية،2.
ص: 28
وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوابنه يغير حجاب.
فقد فتحت لك من هذه الجنّة الروحانية ثمانية أبواب، ولقد فتح الله عليَّ بفضله ثمانية أخرى تضيق العبارة عن ذكرها، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب.
9 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أبِي عِيسَى، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَحُجِبَ عَنْهُمْ فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَجُ اللهِ وَلاَ بَيَّنَاتُهُ، فَعِنْدَهَا فَلْيَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَإِنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَباً عَلَى أعْدَائِهِ إِذَا أفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ، فَلَمْ يُظْهِرْ لَهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ أنَّ أوْلِيَاءَهُ لاَ يَرْتَابُونَ، وَلَوْ عَلِمَ أنَّهُمْ يَرْتَابُونَ ماَ(1) أفْقَدَهُمْ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ)(2).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن المفضَّل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(3).
10 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: 2.
ص: 29
سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْغُلاَم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ)، قُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ وَعُنُقِهِ، ثُمَّ قَالَ: (وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ فَمِنْهُمْ (مَنْ)(1) يَقُولُ إِذَا مَاتَ أبُوهُ: مَاتَ وَلاَ عَقِبَ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَدْ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أبِيهِ بِسَنَتَيْن، لأنَّ اللهَ عزّ وجل يَجِبُ(2) أنْ يَمْتَحِنَ خَلْقَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(3).
11 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن غَزْوَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر تَعْمَى ولاَدَتُهُ عَلَى (هَذَا)(4) الْخَلْقِ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ)(5).
12 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْيَقْطِينيَّ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ مَعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيل بْن صَالِح، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُبْعَثُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ لأحَدٍ بَيْعَةٌ)(6).
13 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ وَالْحَسَن بْن طَريفٍ مَعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(7).3.
ص: 30
14 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي الْحَسَن عَلِيَّ بْن مُوسَى الرَّضَا عليه السلام (قَالَ)(1): (كَأنّي بِالشّيعَةِ عِنْدَ فِقْدَانِهِمُ(2) الثَّالِثَ(3) مِنْ وُلْدِي يَطْلُبُونَ الْمَرْعَى فَلاَ يَجِدُونَهُ)، قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ؟ قَالَ: (لأنَّ إِمَامَهُمْ يَغِيبُ عَنْهُمْ)، فَقُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا قَامَ بِالسَّيْفِ)(4).
15 _ كمال الدين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الكشي(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن غَزْوَانَ(6)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي ف.
ص: 31
عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَاحِبُ هَذَا الأمْر تَغِيبُ ولاَدَتُهُ عَنْ هَذَا الْخَلْقِ لِئَلا(1) يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ، وَيُصْلِحُ اللهُ عزّ وجل أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ)(2).
16 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا زُرَارَةُ لاَ بُدَّ لِلْقَائِم عليه السلام مِنْ غَيْبَةٍ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ(3).
17 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْوَرَّاقِ، عَنْ حَمْدَانَ بْن أحْمَدَ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ(4)، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام مِثْلَهُ(5).
18 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لِلْغُلاَم غَيْبَةٌ قَبْلَ قِيَامِهِ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الذَّبْحَ)(6).
19 _ علل الشرائع، وكمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمَّهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: 0.
ص: 32
مَا بَالُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام لَمْ يُقَاتِلْ مُخَالِفِيهِ فِي الأوَّل؟ قَالَ: (لآيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل: ((لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً))(1)، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا يَعْنِي بِتَزَايُلِهِمْ؟ قَالَ: (وَدَائِعُ مُؤْمِنُونَ (وَدَائِعَ مُؤْمِنينَ) فِي أصْلاَبِ قَوْم كَافِرينَ، فَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام لَنْ يَظْهَرَ أبَداً حَتَّى تَخْرُجَ وَدَائِعُ اللهِ عزّ وجل فَإذَا خَرَجَتْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ ظَهَرَ مِنْ أعْدَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جَلاَلُهُ فَقَتَلَهُمْ)(2).
علل الشرائع، وكمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله(3).
20 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ ظُهُورهِ)، قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ الْقَتْلَ)(4).
21 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ عِيسَى(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام أنْ يُسَمَّيَ الْقَائِمَ حَتَّى ّ.
ص: 33
أعْرفَهُ بِاسْمِهِ، فَقَالَ: (يَا بَا خَالِدٍ! سَألْتَنِي عَنْ أمْرٍ لَوْ أنَّ بَنِي فَاطِمَةَ عَرَفُوهُ لَحَرَصُوا عَلَى أنْ يَقْطَعُوهُ بَضْعَةً بَضْعَةً)(1).
22 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ تُرَاثُهُ(2))، قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، يَعْنِي الْقَتْلَ(3).
أقول: قال الشيخ: لا علّة تمنع من ظهوره عليه السلام إلاَّ خوفه على نفسه من القتل لأنَّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يتحمَّل المشاق والأذى فإنَّ منازل الأئمّة وكذلك الأنبياء عليهم السلام إنَّما تعظم لتحمّلهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى.
فإن قيل: هلاَّ منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟
قلنا: المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والأمر بوجوب اتّباعه ونصرته، وإلزام(4) الانقياد له، وكلّ ذلك فعله تعالى، وأمَّا الحيلولة بينهم وبينه فإنَّه ينافي التكليف، وينقض الغرض لأنَّ بالتكليف استحقاق الثواب، والحيلولة تنافي ذلك، وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق، فلا يحسن من الله فعلها.
وليس هذا كما قال بعض أصحابنا: إنَّه لا يمتنع أن يكون في ).
ص: 34
ظهوره مفسدة وفي استتاره مصلحة، لأنَّ الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في كلّ حال ويطرق القول بأنَّها تجري مجرى الألطاف التي تتغيَّر بالأزمان والأوقات، والقهر والحيلولة ليس كذلك، ولا يمتنع أن يقال في ذلك مفسدة ولا يؤدّي إلى فساد وجوب الرئاسة.
فإن قيل: أليس آباؤه عليهم السلام كانوا ظاهرين، ولم يخافوا ولا صاروا بحيث لا يصل إليهم أحد؟
قلنا: آباؤه عليهم السلام حالهم بخلاف حاله لأنَّه كان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت وغيرهم أنَّهم لا يرون الخروج عليهم ولا يعتقدون أنَّهم يقومون بالسيف، ويزيلون الدول، بل كان المعلوم من حالهم أنَّهم ينتظرون مهديّاً لهم وليس يضرّ السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم(1).
وليس كذلك صاحب الزمان، لأنَّ المعلوم منه أنَّه يقوم بالسيف، ويزيل الممالك، ويقهر كلّ سلطان، ويبسط العدل، ويميت الجور، فمن هذه صفته يخاف جانبه ويتّقى ثورته(2) فيتتبّع ويرصد، ويوضع العيون عليه، ويعنى به خوفاً من وثبته، ورهبته من تمكّنه، فيخاف حينئذٍ، ويحوج(3) إلى التحرّز والاستظهار بأن يخفي شخصه عن كلّ من لا يأمنه من وليّ وعدوّ إلى وقت خروجه.
وأيضاً فآباؤه عليهم السلام إنَّما ظهروا لأنَّه كان المعلوم أنَّه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسدّ مسدّه من أولادهم وليس كذلك صاحب الزمان لأنَّ المعلوم أنَّه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف، فلذلك وجب استتاره وغيبته، وفارق حاله حال آبائه، وهذا واضح بحمد الله.ف.
ص: 35
فإن قيل: بأيّ شيء يعلم زوال الخوف وقت ظهوره، أبالوحي(1) من الله؟ فالإمام لا يوحى إليه، أو بعلم ضروري؟ فذلك ينافي التكليف، أو بأمارة توجب غلبة(2) الظنّ؟ ففي ذلك تغرير بالنفس.
قلنا: عن ذلك جوابان:
أحدهما: أنَّ الله أعلمه على لسان نبيه، وأوقفه عليه من جهة آبائه زمان غيبته المخوفة، وزمان زوال الخوف عنه فهو يتبع في ذلك ما شرع له وأوقف عليه، وإنَّما أخفي ذلك عنّا لما فيه من المصلحة، فأمَّا هو فعالم به، لا يرجع(3) إلى الظنّ.
والثاني: أنَّه لا يمتنع أن يغلب على ظنّه بقوّة الأمارت بحسب العادة قوّة سلطانه، فيظهر عند ذلك ويكون قد أعلم أنَّه متى غلب في ظنّه كذلك وجب عليه ويكون الظنّ شرطاً، والعمل عنده معلوماً، كما نقوله في تنفيذ الحكم عند شهادة الشهود، والعمل على جهات القبلة، بحسب الأمارات والظنون، وإن كان وجوب التنفيذ للحكم والتوجّه إلى القبلة معلومين، وهذا واضح بحمد الله(4).
وأمَّا ما روي من الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة، وصعوبة الأمر عليهم، واختبارهم للصبر عليه، فالوجه فيها الإخبار عمّا يتّفق من ذلك من الصعوبة والمشاقّ(5) لأنَّ الله تعالى غيَّب الإمام ليكون ذلك، وكيف يريد الله ذلك، وما ينال المؤمنين من جهة الظالمين ظلم ).
ص: 36
منهم(1) ومعصية، والله لا يريد ذلك بل سبب الغيبة هو الخوف على ما قلناه، وأخبروا بما يتّفق في هذه الحال، وما للمؤمن من الثواب على الصبر(2) على ذلك، والتمسك بدينه إلى أن يفرّج الله (تعالى) عنهم(3).
* * *5.
ص: 37
ص: 38
ص: 39
ص: 40
1 _ الغيبة للطوسي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي هَاشِم، عَنْ فُرَاتِ بْن أحْنَفَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَذَكَرَ الْقَائِمَ فَقَالَ: (لَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آل مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ)(1).
2 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيَّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ(2): (لَتُمْخَضُنَّ(3) يَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ شِيعَةِ آل مُحَمَّدٍ كَمَخِيض الْكُحْل فِي الْعَيْن لأنَّ صَاحِبَ الْكُحْل يَعْلَمُ مَتَى يَقَعُ فِي الْعَيْن، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَذْهَبُ فَيُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَهُوَ يَرَى أنَّهُ عَلَى شَريعَةٍ مِنْ أمْرنَا فَيُمْسِي وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا، وَيُمْسِي وَهُوَ عَلَى شَريعَةٍ مِنْ أمْرنَا فَيُصْبِحُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا)(4).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن علي بن إسماعيل، عن حماد ابن عيسى، مثله(5).
بيان: محص الذهب: أخلصه ممَّا يشوبه، و(التمحيص) الاختبار والابتلاء، و(مخض اللبن) أخذ زبده، فلعلَّه شبَّه ما يبقى من الكحل في 2.
ص: 41
العين باللبن الذي يمخض لأنَّها تقذفه شيئاً فشيئاً، وفي رواية النعماني(1): تمحيص الكحل.
3 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَن الرَّبيع بْن مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيَّ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ: (وَاللهِ لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الزُّجَاج وَإِنَّ الزُّجَاجَ يُعَادُ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ، وَاللهِ لَتُكْسَرُنَّ كَسْرَ الْفَخَّار وَإِنَّ الْفَخَّارَ لاَ يَعُودُ كَمَا كَانَ(2)، وَاللهِ لَتُمَحَّصُنَّ وَاللهِ لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ(3) مِنَ الْقَمْح(4).
4 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَنْ عَلِيَّ بْن يَقْطِينٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو الْحَسَن عليه السلام: ((يَا عَلِيُّ)(5) إِنَّ الشّيعَةَ تُرَبَّى بِالأمَانِيَّ مُنْذُ مِائَتَيْ سَنَةٍ)، وَقَالَ يَقْطِينٌ لِابْنِهِ عليًّ: مَا بَالُنَا قِيلَ لَنَا فَكَانَ وَقِيلَ لَكُمْ فَلَمْ يَكُنْ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ الَّذِي قِيلَ لَكُمْ وَلَنَا مِنْ مَخْرَج وَاحِدٍ غَيْرَ أنَّ أمْرَكُمْ حَضَرَكُمْ فَاُعْطِيتُمْ مَحْضَهُ وَكَانَ كَمَا قِيلَ لَكُمْ، وَإِنَّ أمْرَنَا لَمْ يَحْضُرْ فَعُلّلْنَا بِالأمَانِيَّ، وَلَوْ قِيلَ لَنَا: إِنَّ هَذَا الأمْرَ لاَ يَكُونُ إِلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ أوْ ثَلاَثِمِائَةِ سَنَةٍ لَقَسَتِ الْقُلُوبُ، وَلَرَجَعَتْ عَامَّةُ النَّاس عَن الإسْلاَم، وَلَكِنْ قَالُوا: مَا أسْرَعَهُ وَمَا أقْرَبَهُ، تَألُّفاً لِقُلُوبِ النَّاس وَتَقْريباً لِلْفَرَج(6).2.
ص: 42
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن السياري، عن الحسن بن علي، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين، مثله(1).
بيان: قوله: (تربى بالأماني) أي يربيهم ويصلحهم أئمّتهم بأن يمنّوهم تعجيل الفرج، وقرب ظهور الحقّ لئلاّ يرتدّوا وييأسوا.
(والمائتان مبني على ما هو المقرَّر عند المنجّمين والمحاسبين من إتمام الكسور _ إن كانت أكثر من النصف _ وإسقاطها _ إن كانت أقل منه _ وإنَّما قلنا ذلك، لأنَّ صدور الخبر إن كان في أواخر حياة الكاظم عليه السلام كان أنقص من المائتين بكثير إذ وفاته عليه السلام كان في سنة ثلاث وثمانين ومائة، فكيف إذا كان قبل ذلك، فذكر المائتين بعد المائة المكسورة صحيحة لتجاوز النصف، كذا خطر بالبال.
وبدا لي وجه آخر أيضاً وهو أن يكون ابتداؤهما من أوّل البعثة، فإنَّ من هذا الزمان شرع بالإخبار بالأئمّة عليهم السلام ومدّة ظهورهم وخفائهم، فيكون على بعض التقادير قريباً من المائتين، ولو كان كسر قليل في العشر الأخير، يتمّ على القاعدة السالفة.
ووجه ثالث وهو أن يكون المراد التربية في الزمان السابق واللاحق معاً ولذا أتى بالمضارع، ويكون الابتداء من الهجرة، فينتهي إلى ظهور أمر الرضا عليه السلام وولاية عهده، وضرب الدنانير باسمه، فإنَّها كانت في سنة المائتين.
ورابع وهو أن يكون (تربى) على الوجه المذكور في الثالث شاملاً 4.
ص: 43
للماضي والآتي، لكن يكون ابتداء التربية بعد شهادة الحسين عليه السلام فإنَّها كانت الطامّة الكبرى، وعندها احتاجت الشيعة إلى أن تربى، لئلاّ يزلّوا فيها، وانتهاء المائتين أوّل إمامة القائم عليه السلام وهذا مطابق للمائتين بلا كسر.
وإنَّما وقّتت التربية والتنمية بذلك، لأنَّهم لا يرون بعد ذلك إماماً يمنّيهم وأيضاً بعد علمهم بوجود المهدي عليه السلام يقوى رجاؤهم، فهم مترقّبون بظهوره، لئلاّ يحتاجون إلى التنمية، ولعلَّ هذا أحسن الوجوه التي خطر بالبال، والله أعلم بحقيقة الحال)(1).
ويقطين كان من أتباع بني العبّاس، فقال لابنه علي الذي كان من خواص الكاظم عليه السلام: ما بالنا وعدنا دولة بني العبّاس على لسان الرسول والأئمّة صلوات الله عليهم، فظهر ما قالوا، ووعدوا وأخبروا بظهور دولة أئمّتكم فلم يحصل، والجواب متين ظاهر مأخوذ عن الإمام كما سيأتي.
5 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ كَرَّام، عَن الْفُضَيْل، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام: هَلْ لِهَذَا الأمْر وَقْتٌ؟ فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(2).
6 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْحُسَيْن بْن يَزيدَ الصَّحَّافِ، عَنْ مُنْذِرٍ الْجَوَّاز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَذَبَ الْمُوَقّتُونَ، مَا وَقَّتْنَا فِيمَا مَضَى، وَلاَ نُوَقّتُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ)(3).2.
ص: 44
7 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِهْزَمٌ الأسَدِيُّ فَقَالَ: أخْبِرْني جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى هَذَا الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَهُ؟ فَقَدْ طَالَ، فَقَالَ: (يَا مِهْزَمُ كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، وَهَلَكَ الْمُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَيْنَا يَصِيرُونَ)(1).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن محمّد بن موسى، عن أحمد ابن أبي أحمد، عن محمّد بن علي، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن، مثله(2).
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ)(3).
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كنت عنده إذ دخل... وذكر مثله(4).
8 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ وَقَّتَ لَكَ مِنَ النَّاس شَيْئاً فَلاَ تَهَابَنَّ أنْ تُكَذّبَهُ فَلَسْنَا نُوَقّتُ لأحَدٍ وَقْتاً)(5).4.
ص: 45
9 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ عُمَرَ بْن أسْلَمَ(1) الْبَجَلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ فِي حَدِيثٍ اخْتَصَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ أنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِبَني فُلاَنٍ مُلْكاً مُؤَجَّلاً حَتَّى إِذَا أمِنُوا وَاطْمَأنُّوا، وَظَنُّوا أنَّ مُلْكَهُمْ لاَ يَزُولُ صِيحَ فِيهِمْ صَيْحَةٌ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ رَاع يَجْمَعُهُمْ وَلاَ دَاع(2) يُسْمِعُهُمْ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَْرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَْنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَْمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))(3)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ لِذَلِكَ وَقْتٌ؟ قَالَ: لاَ، لأنَّ عِلْمَ اللهِ غَلَبَ عِلْمَ الْمُوَقّتِينَ، إِنَّ اللهَ وَعَدَ مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأتَمَّهَا بِعَشْرٍ لَمْ يَعْلَمْهَا مُوسَى وَلَمْ يَعْلَمْهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا جَازَ(4) الْوَقْتُ قَالُوا: غَرَّنَا مُوسَى، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ، وَلَكِنْ إِذَا كَثُرَتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ، وَأنْكَرَ فِي النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضا(5) فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا أمْرَ اللهِ صَبَاحاً وَمَسَاءً(6).
بيان: (الصيحة) كناية عن نزول الأمر بهم فجاءة.
10 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ 5.
ص: 46
سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ألِهَذَا الأمْر أمَدٌ نُريحُ إِلَيْهِ أبْدَانَنَا وَنَنْتَهِي إِلَيْهِ؟ قَالَ: (بَلَى، وَلَكِنَّكُمْ أذَعْتُمْ فَزَادَ اللهُ فِيهِ)(1).
11 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (إِلَى السَّبْعِينَ بَلاَءٌ)، وَكَانَ يَقُولُ: (بَعْدَ الْبَلاَءِ رَخَاءٌ)، وَقَدْ مَضَتِ السَّبْعُونَ وَلَمْ نَرَ رَخَاءً، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا ثَابِتُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى كَانَ وَقَّتَ هَذَا الأمْرَ فِي السَّبْعِينَ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَى أهْل الأرْض فَأخَّرَهُ إِلَى أرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، فَحَدَّثْنَاكُمْ فَأذَعْتُمُ الْحَدِيثَ، وَكَشَفْتُمْ قِنَاعَ السَّتْر فَأخَّرَهُ اللهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَنَا، وَ((يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ))(2).
قَالَ أبُو حَمْزَةَ: وَقُلْتُ ذَلِكَ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (قَدْ كَانَ ذَاكَ)(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (إنَّ الله تعالى قد (كان)(4) وقَّت... إلى آخر الخبر(5).
(بيان: قيل: السبعون إشارة إلى خروج الحسين عليه السلام، والمائة والأربعون إلى خروج الرضا عليه السلام إلى خراسان.
أقول: هذا لا يستقيم على التواريخ المشهورة، إذ كانت شهادة 0.
ص: 47
الحسين عليه السلام في أوّل سنة إحدى وستّين، وخروج الرضا عليه السلام في سنة مائتين من الهجرة.
والذي يخطر بالبال أنَّه يمكن أن يكون ابتداء التاريخ من البعثة، وكان ابتداء إرادة الحسين عليه السلام للخروج ومباديه قبل فوت معاوية بسنتين فإنَّ أهل الكوفة _ خذلهم الله _ كانوا يراسلونه في تلك الأيام وكان عليه السلام على الناس في المواسم كما مرَّ، ويكون الثاني إشارة إلى خروج زيد، فإنَّه كان في سنة اثنتين وعشرين ومائة من الهجرة، فإذا انضمَّ ما بين البعثة والهجرة إليها، يقرب ممّا في الخبر، أو إلى انقراض دولة بني أميّة أو ضعفهم، واستيلاء أبي مسلم إلى خراسان، وقد كتب إلى الصادق عليه السلام كتباً يدعوه إلى الخروج، ولم يقبله عليه السلام لمصالح، وقد كان خروج أبي مسلم إلى خراسان، في سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة فيوافق ما ذكر في الخبر من البعثة.
وعلى تقدير كون التاريخ من الهجرة يمكن أن يكون السبعون لاستيلاء المختار فإنَّه كان قتله سنة سبع وستين، والثاني لظهور أمر الصادق عليه السلام في هذا الزمان وانتشار شيعته في الآفاق مع أنَّه لا يحتاج تصحيح البداء إلى هذه التكلّفات)(1).
12 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي يَحْيَى التَّمْتَام السُّلَمِيَّ، عَنْ عُثْمَانَ النَّوَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (كَانَ هَذَا الأمْرُ فِيَّ فَأخَّرَهُ اللهُ وَيَفْعَلُ بَعْدُ فِي ذُرَّيَّتِي مَا يَشَاءُ)(2).8.
ص: 48
13 _ تفسير العياشي: أبُو لَبِيدٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا بَا لَبِيدٍ إِنَّهُ يَمْلِكُ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس اثْنَا عَشَرَ تُقْتَلُ بَعْدَ الثَّامِن مِنْهُمْ أرْبَعَةٌ، تُصِيبُ أحَدَهُمُ الذُّبَحَةُ، فَيَذْبَحُهُ هُمْ فِئَةٌ قَصِيرَةٌ أعْمَارُهُمْ قَلِيلَةٌ مُدَّتُهُمْ، خَبِيثَةٌ سِيرَتُهُمْ، مِنْهُمُ الْفُوَيْسِقُ الْمُلَقَّبُ بِالْهَادِي وَالنَّاطِقِ وَالْغَاوي.
يَا بَا لَبِيدٍ إِنَّ فِي حُرُوفِ الْقُرْآن الْمُقَطَّعَةِ لَعِلْماً جَمّاً، إِنَّ اللهَ تَعَالَى أنْزَلَ: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ))(1) فَقَامَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى ظَهَرَ نُورُهُ، وَثَبَتَتْ كَلِمَتُهُ، وَوُلِدَ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ مَضَى مِنَ الألْفِ السَّابِع مِائَةُ سَنَةٍ وَثَلاَثُ سِنِينَ).
ثُمَّ قَالَ: (وَتِبْيَانُهُ فِي كِتَابِ اللهِ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ إِذَا عَدَدْتَهَا مِنْ غَيْر تَكْرَارٍ وَلَيْسَ مِنْ حُرُوفٍ مُقَطَّعَةٍ حَرْفٌ يَنْقَضِي(2) إِلاَّ وَقِيَامُ قَائِم مِنْ بَنِي هَاشِم عِنْدَ انْقِضَائِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (الألِفُ وَاحِدٌ، وَاللاَّمُ ثَلاَثُونَ، وَالْمِيمُ أرْبَعُونَ، وَالصَّادُ تِسْعُونَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ، ثُمَّ كَانَ بَدْوُ خُرُوج الْحُسَيْن بْن عليًّ عليه السلام ((الم اللهُ)) فَلَمَّا بَلَغَتْ مُدَّتُهُ، قَامَ قَائِمُ وُلْدِ الْعَبَّاس عِنْدَ ((المص)) وَيَقُومُ قَائِمُنَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا بِ- ((الر)) فَافْهَمْ ذَلِكَ وَعِهِ وَاكْتُمْهُ)(3).
بيان: (الذبحة) كهمزة وجع في الحلق.
أقول: الذي يخطر بالبال في حلّ هذا الخبر الذي هو من معضلات الأخبار ومخبيات الأسرار، هو أنَّه عليه السلام بيَّن أنَّ الحروف المقطّعة التي في فواتح السور إشارة إلى ظهور ملك جماعة من أهل الحقّ، وجماعة 3.
ص: 49
من أهل الباطل، فاستخرج عليه السلام ولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم من عدد أسماء الحروف المبسوطة بزبرها وبيّناتها، كما يتلفّظ بها عند قراءتها بحذف المكرّرات، كأن تعد ألف لام ميم، تسعة، ولا تعد مكرّرة بتكرّرها في خمس من السور، فإذا عددتها كذلك تصير مائة وثلاثة أحرف وهذا يوافق تاريخ ولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّه كان قد مضى من الألف السابع من ابتداء خلق آدم عليه السلام مائة سنة وثلاث سنين، وإليه أشار بقوله: (وتبيانه) أي تبيان تاريخ ولادته عليه السلام.
ثُمَّ بيَّن عليه السلام أنَّ كلّ واحدة من تلك الفواتح إشارة إلى ظهور دولة من بني هاشم ظهرت عند انقضائها، ف- ((الم)) الذي في سورة البقرة إشارة إلى ظهور دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم إذ أوّل دولة ظهرت في بني هاشم كانت في دولة عبد المطلب فهو مبدأ التاريخ ومن ظهور دولته إلى ظهور دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وبعثته كان قريباً من أحد وسبعين الذي هو عدد ((الم)) ف- ((الم * ذلِكَ)) إشارة إلى ذلك.
وبعدد ذلك في نظم القرآن ((الم)) الذي في آل عمران، فهو إشارة إلى خروج الحسين عليه السلام إذ كان خروجه عليه السلام في أواخر سنة ستين من الهجرة، وكان بعثته صلى الله عليه وآله وسلّم قبل الهجرة نحواً من ثلاث عشر سنة وإنَّما كان شيوع أمره صلى الله عليه وآله وسلّم وظهوره بعد سنتين من البعثة.
ثُمَّ بعد ذلك في نظم القرآن ((المص)) وقد ظهرت دولة بني العبّاس عند انقضائها، ويشكل هذا بأنَّ ظهور دولتهم وابتداء بيعتهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقد مضى من البعثة مائة وخمس وأربعون سنة فلا يوافق ما في الخبر ويمكن التفصّي عنه بوجوه:
الأوّل: أن يكون مبدأ هذا التاريخ غير مبدأ ((الم)) بأن يكون مبدؤه
ص: 50
ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مثلاً، فإنَّ بدو دعوة بني العبّاس كان في سنة مائة من الهجرة، وظهور بعض أمرهم في خراسان كان في سنة سبع أو ثمان ومائة، ومن ولادته صلى الله عليه وآله وسلّم إلى ذلك الزمان كان مائة وإحدى وستين سنة.
الثاني: أن يكون المراد بقيام قائم ولد العبّاس استقرار دولتهم وتمكّنهم، وذلك كان في أواخر زمان المنصور، وهو يوافق هذا التاريخ من البعثة.
الثالث: أن يكون هذا الحساب مبنيّاً على حساب الأبجد القديم، الذي ينسب إلى المغاربة، وفيه: (صعفض، قرست، ثخذ، ظغش) فالصاد في حسابهم ستون فيكون مائة وإحدى وثلاثين، وسيأتي التصريح بأنَّ حساب ((المص)) مبني على ذلك في خبر رحمة بن صدقة في كتاب القرآن(1) فيوافق تاريخه ((الم)) إذ في سنة مائة وسبع عشرة من الهجرة ظهرت دعوتهم في خراسان فاُخذوا وقتل بعضهم.
ويحتمل أن يكون مبدأ هذا التاريخ زمان نزول الآية وهي إن كانت مكّية كما هو المشهور، فيحتمل أن يكون نزولها في زمان قريب من الهجرة، فيقرب من بيعتهم الظاهرة، وإن كانت مدنيّة فيمكن أن يكون نزولها في زمان ينطبق على بيعتهم بغير تفاوت.
وإذا رجعت إلى ما حقّقناه في كتاب القرآن في خبر رحمة بن صدقة ظهر لك أنَّ الوجه الثالث أظهر الوجوه، ومؤيّد بالخبر، ومثل هذا التصحيف كثيراً ما يصدر من النسّاخ، لعدم معرفتهم بما عليه بناء الخبر،).
ص: 51
فيزعمون أنَّ ستين غلط لعدم مطابقته لما عندهم من الحساب، فيصحّفونها على ما يوافق زعمهم.
قوله: (فلمّا بلغت مدّته) أي كملت المدّة المتعلّقة بخروج الحسين عليه السلام فإنَّ ما بين شهادته صلوات الله عليه إلى خروج بني العبّاس كان من توابع خروجه، وقد انتقم الله من بني أميّة في تلك المدّة إلى أن أستأصلهم.
قوله عليه السلام: (ويقوم قائمنا عند انقضائها ب- ((الر)) هذا يحتمل وجوهاً:
الأوّل: أن يكون من الأخبار المشروطة البدائية ولم يتحقّق لعدم تحقّق شرطه كما تدلُّ عليه أخبار هذا الباب.
الثاني: أن يكون تصحيف ((المر)) ويكون مبدء التاريخ ظهور أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم قريباً من البعثة ك- ((الم)) ويكون المراد بقيام القائم قيامه بالإمامة تورية، فإنَّ إمامته عليه السلام كانت في سنة ستين ومائتين، فإذا ضيف إليه أحد عشر سنة قبل البعثة يوافق ذلك.
الثالث: أن يكون المراد جميع أعداد كلّ ((الر)) يكون في القرآن وهي خمس مجموعها ألف ومائة وخمسة وخمسون، ويؤيّده أنَّه عليه السلام عند ذكر ((الم)) لتكرّره، ذكر ما بعده، ليتعيَّن السورة المقصودة، ويتبيَّن أنَّ المراد واحد منها بخلاف ((الر)) لكون المراد جميعاً فتفطَّن.
الرابع: أن يكون المراد انقضاء جميع الحروف مبتدئاً ب- ((الر)) بأن يكون الغرض سقوط ((المص)) من العدد، أو ((الم)) أيضاً، وعلى الأوّل يكون ألفاً وستمائة وستة وتسعين، وعلى الثاني يكون ألفاً وخمسمائة
ص: 52
وخمسة وعشرين، وعلى حساب المغاربة يكون على الأوّل ألفين وثلاثمائة وخمسة وعشرين، وعلى الثاني ألفين ومائة وأربعة وتسعين، وهذه أنسب بتلك القاعدة الكلّية، وهي قوله: (وليس من حرف ينقضي) إذ دولتهم عليهم السلام آخر الدول، لكنَّه بعيد لفظاً، ولا نرضى به، رزقنا الله تعجيل فرجه عليه السلام.
هذا ما سمحت به قريحتي بفضل ربي في حلّ هذا الخبر المعضل وشرحه ((فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)) وأستغفر الله من الخطاء والخطل، في القول والعمل، إنَّه أرحم الراحمين.
14 _ تفسير العياشي: عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(1)، قَالَ: (إِذَا أخْبَرَ اللهُ النَّبِيَّ بِشَيْ ءٍ إِلَى وَقْتٍ فَهُوَ قَوْلُهُ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ)) حَتَّى يَأتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ)، وَقَالَ: (إِنَّ اللهَ إِذَا أخْبَرَ أنَّ شَيْئاً كَائِنٌ فَكَأنَّهُ قَدْ كَانَ)(2).
15 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (لاَ تَزَالُونَ تَنْتَظِرُونَ حَتَّى تَكُونُوا كَالْمَعْز الْمَهُولَةِ الَّتِي لاَ يُبَالِي الْجَازرُ أيْنَ يَضَعُ يَدَهُ مِنْهَا، لَيْسَ لَكُمْ شَرَفٌ تُشَرَّفُونَهُ وَلاَ سَنَدٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ اُمُورَكُمْ)(3).
بيان: (المهولة) أي المفزعة المخوفة، فإنَّها تكون أقلّ امتناعاً، و(الجازر) القصّاب.ه.
ص: 53
16 _ قرب الإسناد: ابْنُ أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَنْ مَسْألَةٍ لِلرُّؤْيَا فَأمْسَكَ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّا لَوْ أعْطَيْنَاكُمْ مَا تُريدُونَ لَكَانَ شَرّاً لَكُمْ وَاُخِذَ بِرَقَبَةِ صَاحِبِ هَذَا الأمْر)، قَالَ: وَقَالَ: (وَأنْتُمْ بِالْعِرَاقِ تَرَوْنَ أعْمَالَ هَؤُلاَءِ الْفَرَاعِنَةِ وَمَا اُمْهِلَ لَهُمْ فَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا، وَلاَ تَغْتَرُّوا بِمَنْ اُمْهِلَ لَهُ فَكَأنَّ الأمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكُمْ)(1).
17 _ قرب الإسناد: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ أصْحَابَنَا رَوَوْا عَنْ شِهَابٍ، عَنْ جَدَّكَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (أبَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنْ يُمَلّكَ أحَداً مَا مَلَّكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ثَلاَثاً وَعِشْرينَ سَنَةً)، قَالَ: (إِنْ كَانَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَهُ جَاءَ كَمَا قَالَ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأيَّ شَيْ ءٍ تَقُولُ أنْتَ؟ فَقَالَ: (مَا أحْسَنَ الصَّبْرَ وَانْتِظَارَ الْفَرَج، أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِح: ((وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ))(2)، وَ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(3) فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْر فَإنَّهُ إِنَّمَا يَجِي ءُ الْفَرَجُ عَلَى الْيَأس وَقَدْ كَانَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أصْبَرَ مِنْكُمْ.
وَقَدْ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: هِيَ وَاللهِ السُّنَنُ الْقُذَّةَ بِالْقُذَّةِ، وَمِشْكَاةً بِمِشْكَاةٍ وَلاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ فِيكُمْ مَا كَانَ فِي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَلَوْ كُنْتُمْ عَلَى أمْرٍ وَاحِدٍ كُنْتُمْ عَلَى غَيْر سُنَّةِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَلَوْ أنَّ الْعُلَمَاءَ وَجَدُوا مَنْ يُحَدَّثُونَهُمْ، وَيَكْتُمُ سِرَّهُمْ لَحَدَّثُوا وَلَبَثُّوا(4) الْحِكْمَةَ، وَلَكِنْ قَدِ ابْتَلاَكُمُ اللهُ عزّ وجل بِالإذَاعَةِ وَأنْتُمْ قَوْمٌ تُحِبُّونَّا بِقُلُوبكُمْ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ فِعْلُكُمْ، وَاللهِ مَا يَسْتَوي اخْتِلاَفُ أصْحَابِكَ وَلِهَذَا ).
ص: 54
اُسِرَّ(1) عَلَى صَاحِبكُمْ لِيُقَالَ: مُخْتَلِفِينَ. مَا لَكُمْ لاَ تَمْلِكُونَ أنْفُسَكُمْ، وَتَصْبِرُونَ حَتَّى يَجِي ءَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالَّذِي تُريدُونَ؟ إِنَّ هَذَا الأمْرَ لَيْسَ يَجِيءُ عَلَى مَا تُريدُ النَّاسُ إِنَّمَا هُوَ أمْرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَضَاؤُهُ وَالصَّبْرُ، وَإِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ.
إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَادَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَقَالَ لَهُ: يَا صَعْصَعَةُ لاَ تَفْتَخِرْ عَلَى إِخْوَانِكَ بِعِيَادَتِي إِيَّاكَ، وَانْظُرْ لِنَفْسِكَ، وَكَأنَّ الأمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكَ، وَلاَ يُلْهِيَنَّكَ الأمَلُ، وَقَدْ رَأيْتَ مَا كَانَ مِنْ مَوْلَى آل يَقْطِينٍ، وَمَا وَقَعَ مِنْ عِنْدِ الْفَرَاعِنَةِ مِنْ أمْركُمْ، وَلَوْ لاَ دِفَاعُ اللهِ عَنْ صَاحِبكُمْ، وَحُسْن تَقْدِيرهِ لَهُ وَلَكُمْ، هُوَ وَاللهِ مِنَ اللهِ وَدِفَاعِهِ عَنْ أوْلِيَائِهِ، أمَا كَانَ لَكُمْ فِي أبِي الْحَسَن صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عِظَةٌ؟ مَا تَرَى حَالَ هِشَام؟ هُوَ الَّذِي صَنَعَ بِأبِي الْحَسَن عليه السلام مَا صَنَعَ، وَقَالَ لَهُمْ وَأخْبَرَهُمْ، أتَرَى اللهَ يَغْفِرُ لَهُ مَا رَكِبَ مِنَّا؟ وَقَالَ: لَوْ أعْطَيْنَاكُمْ مَا تُريدُونَ لَكَانَ شَرّاً لَكُمْ وَلَكِنَّ الْعَالِمَ يَعْمَلُ بِمَا يَعْلَمُ)(2).
18 _ علل الشرائع: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ بِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن يَقْطِينٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن مُوسَى عليه السلام: مَا بَالُ مَا رُويَ فِيكُمْ مِنَ الْمَلاَحِم لَيْسَ كَمَا رُويَ، وَمَا رُويَ فِي أعَادِيكُمْ قَدْ صَحَّ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: (إِنَّ الَّذِي خَرَجَ فِي أعْدَائِنَا كَانَ مِنَ الْحَقَّ فَكَانَ كَمَا قِيلَ، وَأنْتُمْ عُلّلْتُمْ بِالأمَانِيَّ فَخَرَجَ إِلَيْكُمْ كَمَا خَرَجَ)(3).
19 _ الاحتجاج: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ أنَّهُ خَرَجَ إِلَيْهِ 6.
ص: 55
عَلَى يَدِ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ: (أمَّا ظُهُورُ الْفَرَج فَإنَّهُ إِلَى اللهِ، وَكَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(1).
20 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا مَنْصُورُ إِنَّ هَذَا الأمْرَ لاَ يَأتِيكُمْ إِلاَّ بَعْدَ إِيَاسٍ، لاَ وَاللهِ(2) حَتَّى تُمَيَّزُوا، لاَ وَاللهِ(3) حَتَّى تُمَحَّصُوا، لاَ وَاللهِ(4) حَتَّى يَشْقَى مَنْ يَشْقَى، وَيَسْعَدَ مَنْ يَسْعَدُ)(5).
21 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ هَانِئ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً الْمُتَمَسَّكُ فِيهَا بِدِينهِ كَالْخَارطِ لِلْقَتَادِ) ثُمَّ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(6).
الغيبة للطوسي: سعد، عن اليقطيني، مثله(7).
بيان: (القتاد) شجر عظيم له شوك مثل الأبر، و(خرط القتاد) يضرب مثلاً للأمور الصعبة.
22 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَبْدِ اللهِ الأصَمَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُخْتَارٍ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ عَبْدِ 5.
ص: 56
الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ بِلاَ إِمَام هُدًى، وَلاَ عَلَم، يَبْرَاُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُمَيَّزُونَ وَتُمَحَّصُونَ وَتُغَرْبَلُونَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتِلاَفُ السَّنِينَ(1) وَإِمَارَةٌ مِنْ أوَّل النَّهَار، وَقَتْلٌ وَقَطْعٌ(2) فِي آخِر النَّهَار)(3).
بيان: (اختلاف السنين) أي السنين المجدبة والقحط، أو كناية عن نزول الحوادث في كلّ سنة.
23 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ جَمَاعَةً نَتَحَدَّثُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: (فِي أيَّ شَيْءٍ أنْتُمْ؟ أيْهَاتَ أيْهَاتَ لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُغَرْبَلُوا، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُوا(4)، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ إِلاَّ بَعْدَ إِيَاسٍ، لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى يَشْقَى مَنْ شَقِيَ، وَيَسْعَدَ مَنْ سَعِدَ)(5).
الغيبة للنعماني: أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد المحمّدي من كتابه في سنة ثمان وستّين ومائتين، عن محمّد بن منصور الصيقل، عن أبيه، عن الباقر عليه السلام، مثله(6).6.
ص: 57
الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أنَا وَالْحَارثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِنَا جُلُوساً عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام يَسْمَعُ كَلاَمَنَا، قَالَ... وَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلاَّ أنَّهُ يَقُولُ فِي كُلّ مَرَّةٍ: (لاَ وَاللهِ مَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْنَاقَكُمْ(1) بِيَمِينٍ)(2).
24 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو الْحَسَن عليه السلام: (أمَا وَاللهِ لاَ يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أعْيُنَكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُوا وَتُمَحَّصُوا. وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأنْدَرُ)، ثُمَّ تَلاَ: (أمْ حَسِبْتُمْ أنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَم اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرينَ)(3).
25 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: (وَتُمَحَّصُوا ثُمَّ يَذْهَبُ مِنْ كُلّ عَشَرَةٍ شَيْءٌ وَلاَ يَبْقَى)(4).
26 _ الغيبة للطوسي: سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن الْحُسَيْن بْن عِيسَى الْعَلَويَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أخِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ، قَالَ: (إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنَ الأئِمَّةِ فَاللهَ اللهَ فِي أدْيَانِكُمْ لاَ يُزيلَنَّكُمْ عَنْهَا أحَدٌ، يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الأمْر مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ اللهِ امْتَحَنَ اللهُ بِهَا خَلْقَهُ)(5).4.
ص: 58
27 _ الغيبة للطوسي: الأسَدِيُّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم وَأبِي بَصِيرٍ، قَالاَ: سَمِعْنَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا النَّاس)، فَقُلْنَا: إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا النَّاس فَمَنْ يَبْقَى؟ فَقَالَ: (أمَا تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي)(1).
28 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَتَى يَكُونُ فَرَجُكُمْ؟ فَقَالَ: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لاَ يَكُونُ فَرَجُنَا حَتَّى تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا _ يَقُولُهَا ثَلاَثاً _ حَتَّى يَذْهَبَ الْكَدِرُ وَيَبْقَى الصَّفْوُ)(2).
29 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ(3)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هُلَيْلٍ(4)، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَاتَ أبِي عَلَى هَذَا الأمْر وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ السَّنِينَ مَا قَدْ تَرَى، أمُوتُ وَلاَ تُخْبِرُني بِشَيْءٍ؟ فَقَالَ: (يَا أبَا إِسْحَاقَ أنْتَ تَعْجَلُ)، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ أعْجَلُ، وَمَا لِي لاَ أعْجَلُ وَقَدْ بَلَغْتُ ).
ص: 59
مِنَ السَّنَّ مَا تَرَى؟ فَقَالَ: (أمَا وَاللهِ يَا أبَا إِسْحَاقَ مَا يَكُونُ ذَلِكَ، حَتَّى تُمَيَّزُوا وَتُمَحَّصُوا، وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأقَلُّ) ثُمَّ صَعَّرَ كَفَّهُ(1).
30 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، قَالَ: قَالَ أبُو الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: (وَاللهِ مَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ إِلَيْهِ حَتَّى تُمَحَّصُوا وَتُمَيَّزُوا وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ الأنْدَرُ فَالأنْدَرُ)(2).
31 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْمَغْرَاءِ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَمْ مَعَ الْقَائِم مِنَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: (شَيْءٌ يَسِيرٌ)، فَقُلْتُ: وَاللهِ إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الأمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ، فَقَالَ: (لاَ بُدَّ لِلنَّاس مِنْ أنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا وَيَخْرُجُ فِي الْغِرْبَال خَلْقٌ كَثِيرٌ)(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري، عن الحسن بن عليّ، عن أبي المغراء، عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول... وذكر مثله(4).
دلائل الإمامة للطبري: عن محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري، 7.
ص: 60
عن أبيه، عن محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد الحميري، عن الأنباري، مثله(1).
32 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن(2) بْن عَلِيَّ بْن زيَادٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَتُمَيَّزُنَّ وَ(اللهِ)(3) لَتُمَحَّصُنَّ وَاللهِ لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ مِنَ الْقَمْح)(4).
33 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ مِسْكِينٍ الرَّحَّال، عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ نُفَيْلٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عليًّ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَبْرَأ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَحَتَّى يُسَمَّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ)(5).
34 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدٌ وَأحْمَدُ ابْنَا الْحَسَن(6)، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أبِي كَهْمَسٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ مَالِكِ بْن ضَمْرَةَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (يَا مَالِكَ بْنَ ضَمْرَةَ! كَيْفَ أنْتَ إِذَا اخْتَلَفَتِ الشّيعَةُ هَكَذَا؟) وَشَبَّكَ أصَابِعَهُ وَأدْخَلَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ ح.
ص: 61
الْمُؤْمِنينَ مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ يَا مَالِكُ، عِنْدَ ذَلِكَ يَقُومُ قَائِمُنَا فَيُقَدَّمُ سَبْعِينَ رَجُلاً يَكْذِبُونَ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ فَيَقْتُلُهُمْ، ثُمَّ يَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى أمْرٍ وَاحِدٍ)(1).
35 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَمَّر بْن خَلاَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام يَقُولُ: (((الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))(2))، ثُمَّ قَالَ لِي: (مَا الْفِتْنَةُ؟)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الَّذِي عِنْدَنَا أنَّ الْفِتْنَةَ فِي الدَّين، ثُمَّ قَالَ: (يُفْتَنُونَ كَمَا يُفْتَنُ الذَّهَبُ)، ثُمَّ قَالَ: (يُخْلَصُونَ كَمَا يُخْلَصُ الذَّهَبُ)(3).
36 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن صَالِح رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (إِنَّ حَدِيثَكُمْ هَذَا لَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ قُلُوبُ الرَّجَال، فَانْبِذُوا(4) إِلَيْهِمْ نَبْذاً فَمَنْ أقَرَّ بِهِ فَزيدُوهُ، وَمَنْ أنْكَرَهُ فَذَرُوهُ، إِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ أنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ حَتَّى يَسْقُطَ فِيهَا مَنْ يَشُقُّ الشَّعْرَةَ بِشَعْرَتَيْن حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ نَحْنُ وَشِيعَتُنَا)(5).
37 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ أبِي هَرَاسَةَ الْبَاهِلِيَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ صَبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ 3.
ص: 62
عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كُونُوا كَالنَّحْل فِي الطَّيْر لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْر إِلاَّ وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا، وَلَوْ عَلِمَتِ الطَّيْرُ مَا فِي أجْوَافِهَا مِنَ الْبَرَكَةِ لَمْ يَفْعَلْ(1) بِهَا ذَلِكَ، خَالِطُوا النَّاسَ بِألْسِنَتِكُمْ وَأبْدَانِكُمْ وَزَايِلُوهُمْ بِقُلُوبكُمْ وَأعْمَالِكُمْ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يُسَمَّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَحَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ _ أوْ قَالَ: مِنْ شِيعَتِي _ (إِلاَّ) كَالْكُحْل فِي الْعَيْن وَالْمِلْح فِي الطَّعَام وَسَأضْربُ لَكُمْ مَثَلاً، وَهُوَ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ لَهُ طَعَامٌ، فَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ أدْخَلَهُ بَيْتاً وَتَرَكَهُ فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإذَا هُوَ قَدْ (أصَابَهُ السُّوسُ فَأخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ ثُمَّ أعَادَهُ إِلَى الْبَيْتِ فَتَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإذَا هُوَ قَدْ)(2) أصَابَ(3) طَائِفَةً مِنْهُ السُّوسُ فَأخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ وَأعَادَهُ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ رزْمَةٌ كَرزْمَةِ الأنْدَر لاَ يَضُرُّهُ السُّوسُ شَيْئاً، وَكَذَلِكَ أنْتُمْ تُمَيَّزُونَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ عِصَابَةٌ لاَ تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ شَيْئاً)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن على بن التيملي، عن محمّد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي كهمس وغيره، رفع الحديث إلى أميرالمؤمنين عليه السلام وذكر مثله(5).
بيان: قوله عليه السلام: (كالنحل في الطير) أمر بالتقية، أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحقّ كما أنَّ النحل لا يظهر ما في بطنها على 7.
ص: 63
الطيور وإلاَّ لأفنوها، و(الرزمة) باكسر ما شدّ في ثوب واحد، و(الأندر) البيدر(1).
38 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس بْن عِيسَى، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ الْبَاقِرُ: (إِنَّمَا مَثَلُ شِيعَتِنَا مَثَلُ أنْدَرٍ يَعْنِي بِهِ بَيْتاً فِيهِ طَعَامٌ(2) فَأصَابَهُ آكِلٌ فَنُقّيَ ثُمَّ أصَابَهُ آكِلٌ فَنُقّيَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُ مَا لاَ يَضُرُّهُ الآكِلُ، وَكَذَلِكَ شِيعَتُنَا يُمَيَّزُونَ وَيُمَحَّصُونَ حَتَّى يَبْقَى(3) مِنْهُمْ عِصَابَةٌ لاَ تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ)(4).
39 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ الْمُحَمَّدِيَّ، عَن التَّفْلِيسِيَّ، عَن السَّمَنْدِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْمُؤْمِنُونَ يُبْتَلَوْنَ ثُمَّ يُمَيَّزُهُمُ اللهُ عِنْدَهُ، إِنَّ اللهَ لَمْ يُؤْمِن الْمُؤْمِنينَ مِنْ بَلاَءِ الدُّنْيَا وَمَرَائِرهَا، وَلَكِنَّهُ آمَنَهُمْ مِنَ الْعَمَى وَالشَّقَاءِ فِي الآخِرَةِ)، ثُمَّ قَالَ:8.
ص: 64
(كَانَ(1) الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام يَضَعُ قَتْلاَهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يَقُولُ: قَتْلاَنَا قَتْلَى النَّبِيَّينَ(2) وَآل النَّبِيَّينَ).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(3)، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ: مَا لِهَذَا الأمْر أمَدٌ يُنْتَهَى إِلَيْهِ وَنُريحُ(4) أبْدَانَنَا؟ قَالَ: (بَلَى وَلَكِنَّكُمْ أذَعْتُمْ فَأخَّرَهُ اللهُ)(5).
41 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَبَّاسِيَّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا مُحَمَّدُ مَنْ أخْبَرَكَ عَنَّا تَوْقِيتاً فَلاَ تَهَابُهُ(6) أنْ تُكَذّبَهُ، فَإنَّا لاَ نُوَقّتُ(7) وَقْتاً)(8).
42 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل(9) بْن إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ (وَمُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن الْقَطَوَانِيَّ)(10) جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ ر.
ص: 65
بْن عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (قَدْ كَانَ لِهَذَا الأمْر وَقْتٌ وَكَانَ فِي سَنَةِ أرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَحَدَّثْتُمْ بِهِ وَأذَعْتُمُوهُ فَأخَّرَهُ اللهُ عزّ وجل)(1).
43 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا إِسْحَاقُ إِنَّ هَذَا الأمْرَ قَدْ اُخّرَ مَرَّتَيْن)(2).
44 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ شُيُوخِهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَألْتُهُ عَن الْقَائِم فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّا أهْلُ بَيْتٍ لاَ نُوَقّتُ)، ثُمَّ قَالَ: (أبَى اللهُ إِلاَّ أنْ يُخَالِفَ(3) وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ)(4).
45 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْخَزَّاز، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيَّ، عَن الْفَضْل(5) بْن يَسَارٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِهَذَا الأمْر وَقْتاً؟ فَقَالَ: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا خَرَجَ وَافِداً إِلَى رَبَّهِ وَاعَدَهُمْ ثَلاَثِينَ يَوْماً فَلَمَّا زَادَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الثَّلاَثِينَ عَشْراً، قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: قَدْ أخْلَفَنَا مُوسَى فَصَنَعُوا مَا صَنَعُوا)، (قَالَ)(6): (فَإذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ، وَإِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى خِلاَفِ مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ، فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ تُؤْجَرُوا مَرَّتَيْن)(7).3.
ص: 66
46 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن إِسْمَاعِيلَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مِهْزَم(1)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَهُ مُلُوكَ بَنِي فُلاَنٍ فَقَالَ: (إِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ مِن اسْتِعْجَالِهِمْ لِهَذَا الأمْر، إِنَّ اللهَ لاَ يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ، إِنَّ لِهَذَا الأمْر غَايَةً يُنْتَهَى إِلَيْهَا فَلَوْ قَدْ بَلَغُوهَا لَمْ يَسْتَقْدِمُوا سَاعَةً وَلَمْ يَسْتَأخِرُوا)(2).
47 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّا لاَ نُوَقّتُ هَذَا الأمْرَ)(3).
48 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(4) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَازم(5)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى خُرُوجُ الْقَائِم عليه السلام؟ فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ لاَ نُوَقَّتُ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ عليه السلام: كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّ قُدَّامَ هَذَا ).
ص: 67
الأمْر خَمْسَ عَلاَمَاتٍ: أوَّلُهُنَّ النّدَاءُ فِي شَهْر رَمَضَانَ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَخُرُوجُ الْخُرَاسَانِيَّ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ).
ثُمَّ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ قُدَّامَ ذَلِكَ الطَّاعُونَان: الطَّاعُونُ الأبْيَضُ وَالطَّاعُونُ الأحْمَرُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّ شَيْءٍ الطَّاعُونُ الأبْيَضُ؟ وَأيُّ شَيْ ءٍ الطَّاعُونُ الأحْمَرُ؟ قَالَ: (الطَّاعُونُ الأبْيَضُ الْمَوْتُ الْجَاذِفُ(1)، وَالطَّاعُونُ الأحْمَرُ السَّيْفُ، وَلاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ حَتَّى يُنَادَى بِاسْمِهِ مِنْ جَوْفِ السَّمَاءِ فِي لَيْلَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ (فِي شَهْر رَمَضَانَ)(2) لَيْلَةَ جُمُعَةٍ)، قُلْتُ: بِمَ يُنَادَى؟ قَالَ: (بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ: ألاَ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأطِيعُوهُ، فَلاَ يَبْقَى شَيْءٌ خَلَقَ اللهُ فِيهِ الرُّوحَ إِلاَّ سَمِعَ الصَّيْحَةَ فَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَيَخْرُجُ إِلَى صَحْن دَارهِ، وَتَخْرُجُ الْعَذْرَاءُ مِنْ خِدْرهَا، وَيَخْرُجُ الْقَائِمُ مِمَّا يَسْمَعُ، وَهِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام(3).
بيان: (الجاذف) السريع.
49 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ اللهَ أوْحَى إِلَى عِمْرَانَ أنّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً سَويّاً مُبَارَكاً يُبْرئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإذْن اللهِ وَجَاعِلُهُ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَحَدَّثَ عِمْرَانُ امْرَأتَهُ حَنَّةَ بِذَلِكَ وَهِيَ 6.
ص: 68
اُمُّ مَرْيَمَ، فَلَمَّا حَمَلَتْ كَانَ حَمْلُهَا بِهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غلام، فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ: ((رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى... وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُْنْثى))(1) أيْ لاَ تَكُونُ الْبِنْتُ رَسُولاً. يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ)) فَلَمَّا وَهَبَ اللهُ لِمَرْيَمَ عِيسَى كَانَ هُوَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِمْرَانَ وَوَعَدَهُ إِيَّاهُ، فَإذَا قُلْنَا فِي الرَّجُل مِنَّا شَيْئاً فَكَانَ فِي وَلَدِهِ أوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَلاَ تُنْكِرُوا ذَلِكَ)(2).
بيان: حاصل هذا الحديث وأضرابه أنَّه قد يحمل المصالح العظيمة الأنبياء والأوصياء عليهم السلام على أن يتكلّموا في بعض الأمور على وجه المجاز والتورية وبالأمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو والإثبات ثُمَّ يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأوّل فيجب عليهم أن لا يحملوه على الكذب ويعلموا أنَّ المراد منه غير ما فهموه كمعنى مجازي أو كان وقوعه مشروطاً بشرط لم يتحقّق.
ومن جملة ذلك زمان قيام القائم عليه السلام وتعيينه من بينهم عليهم السلام لئلاّ ييأس الشيعة ويسلوا أنفسهم من ظلم الظالمين بتوقّع قرب الفرج فربما قالوا: فلان القائم، ومرادهم القائم بأمر الإمامة كما قالوا: (كلّنا قائمون بأمرالله)، وربما فهمت الشيعة أنَّه القائم بأمر الجهاد والخارج بالسيف، أو أرادوا أنَّه إن أذن الله له في ذلك يقوم به، أو إن عملت الشيعة بما يجب عليهم من الصبر وكتمان السرّ وطاعة الإمام يقوم به، أو كما روي عن الصادق عليه السلام أنَّه قال: (ولدي هو القائم) والمراد به السابع من ولده لا ولده بلا واسطة.1.
ص: 69
ثُمَّ مثل ذلك بما أوحى الله سبحانه إلى عمران: أنّي واهب لك ذكراً، وكان المراد ولد الولد، وفهمت حنّة أنَّه الولد بلا واسطة فالمراد بقوله عليه السلام: (فإذا قلنا...) إلى آخره، أي بحسب فهم الناس أو ظاهر اللفظ، أو المراد أنَّه قيل فيه حقيقة ولكن كان مشروطاً بأمر لم يقع فوقع فيه البداء بالمعنى الذي حقّقناه في بابه ووقع في ولده.
وعلى هذا ما ذكر في أمر عيسى عليه السلام إنَّما ذكر على التنظير وإن لم تكن بينهما مطابقه تامّة أو كان أمر عيسى أيضاً كذلك بأنَّه كان قدّر في الولد بلا واسطة وأخبر به ثُمَّ وقع فيه البداء وصار في ولد الولد.
ويحتمل المثل ومضربه معاً وجهاً آخر وهو أن يكون المراد فيهما معنى مجازيّاً على وجه آخر، ففي المثل أطلق الذكر السوي على مريم عليها السلام لأنَّها سبب وجود عيسى عليه السلام إطلاقاً لاسم المسبب على السبب، وكذا في المضرب أطلق القائم على من في صلبه القائم إمَّا على الوجه المذكور أو إطلاقاً لاسم الجزء على الكلّ وإن كانت الجزئية أيضاً مجازيّة والله يعلم مرادهم عليهم السلام.
50 _ كِتَابُ الْمُحْتَضَر لِلْحَسَن بْن سُلَيْمَانَ تِلْمِيذِ الشَّهِيدِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا: قَالَ: رُويَ أنَّهُ وَجَدَ بِخَطّ مَوْلاَنَا أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريَّ عليه السلام مَا صُورَتُهُ: (قَدْ صَعِدْنَا ذُرَى الْحَقَائِقِ بِأقْدَام النُّبُوَّةِ وَالْوَلاَيَةِ...) وَسَاقَهُ إِلَى أنْ قَالَ: (وَسَيَسْفِرُ لَهُمْ يَنَابِيعُ الْحَيَوَان بَعْدَ لَظَى النّيرَان لِتَمَام ((الم)) وَ((طه)) وَالطَّوَاسِين مِنَ السَّنِينَ)(1).
بيان: يحتمل أن يكون المراد كلّ ((الم)) وكلّ ما اشتمل عليها من ا.
ص: 70
المقطعات أي ((المص)) والمراد جميعها مع ((طه)) والطواسين ترتقي إلى ألف ومائة وتسعة وخمسين وهو قريب من أظهر الوجوه التي ذكرناها في خبر أبي لبيد، ويؤيّده كما أومأنا إليه.
ثُمَّ إنَّ هذه التوقيتات على تقدير صحّة أخبارها لا ينافي النهي عن التوقيت إذ المراد بها النهي عن التوقيت على الحتم، لا على وجه يحتمل البداء كما صرّح في الأخبار السالفة، أو عن التصريح به فلا ينافي الرمز والبيان على وجه يحتمل الوجوه الكثيرة، أو يخصّص بغير المعصوم عليه السلام وينافي الأخير بعض الأخبار والأوّل أظهر.
وغرضنا من ذكر تلك الوجوه إبداء احتمال لا ينافي ما مرَّ من هذا الزمان فإن مرَّ هذا الزمان ولم يظهر الفرج والعياذ بالله كان ذلك من سوء فهمنا والله المستعان. مع أنَّ احتمال البداء قائم في كلّ من محتملاتها كما مرَّت الإشارة إليه في خبر ابن يقطين والثمالي وغيرهما، فاحذر من وساوس شياطين الإنس والجان وعلى الله التكلان.
* * *
ص: 71
ص: 72
ص: 73
ص: 74
1 _ الخصال: فِي خَبَر الأعْمَش، قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (مِنْ دِين الأئِمَّةِ الْوَرَعُ وَالْعِفَّةُ وَالصَّلاَحُ...) إِلَى قَوْلِهِ: (وَانْتِظَارُ الْفَرَج بِالصَّبْر)(1).
2 _ عيون أخبار الرضا: بِالأسَانِيدِ الثَّلاَثَةِ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أفْضَلُ أعْمَال اُمَّتِي انْتِظَارُ فَرَج اللهِ عزّ وجل)(2).
3 _ أمالي الطوسي: ابْنُ حَمَّوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن بَكْرٍ، عَن ابْن مُقْبِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَبِيبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ الْقَرَويَّ(3)، عَنْ سَعِيدِ بْن مُسْلِم، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عليًّ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَنْ رَضِيَ عَن(4) اللهِ بِالْقَلِيل مِنَ الرَّزْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ(5) بِالْقَلِيل مِنَ الْعَمَل، وَانْتِظَارُ الْفَرَج عِبَادَةٌ)(6).
أقُولُ: سَيَأتِي فِي بَابِ مَوَاعِظِ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ سَألَ عَنْهُ رَجُلٌ: أيُّ الأعْمَال أحَبُّ إِلَى اللهِ عزّ وجل؟ قَالَ: (انْتِظَارُ الْفَرَج).
4 _ الاحتجاج: عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (تَمْتَدُّ الْغَيْبَةُ بِوَلِيَّ اللهِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ أوْصِيَاءِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالأئِمَّةِ بَعْدَهُ، يَا أبَا خَالِدٍ إِنَّ أهْلَ زَمَان غَيْبَتِهِ، الْقَائِلُونَ(7) ).
ص: 75
بِإمَامَتِهِ، الْمُنْتَظِرُونَ لِظُهُورهِ، أفْضَلُ أهْل كُلّ زَمَانٍ، لأنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُول وَالأفْهَام وَالْمَعْرفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزلَةِ الْمُشَاهَدَةِ، وَجَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان بِمَنْزلَةِ الْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالسَّيْفِ، اُولَئِكَ الْمُخْلَصُونَ حَقّاً، وَشِيعَتُنَا صِدْقاً، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِين اللهِ سِرّاً وَجَهْراً)، وَقَالَ عليه السلام: (انْتِظَارُ الْفَرَج مِنْ أعْظَم الْفَرَج)(1).
5 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن ابْن قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ بَعْدَ مَا قَضَيْنَا نُسُكَنَا فَوَدَّعْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: أوْصِنَا يَا ابْنَ رَسُول اللهِ، فَقَالَ: (لِيُعِنْ قَويُّكُمْ ضَعِيفَكُمْ، وَلْيَعْطِفْ غَنِيُّكُمْ عَلَى فَقِيركُمْ، وَلْيَنْصَح الرَّجُلُ أخَاهُ كَنُصْحِهِ(2) لِنَفْسِهِ، وَاكْتُمُوا أسْرَارَنَا، وَلاَ تَحْمِلُوا النَّاسَ عَلَى أعْنَاقِنَا.
وَانْظُرُوا أمْرَنَا وَمَا جَاءَكُمْ عَنَّا، فَإنْ وَجَدْتُمُوهُ فِي الْقُرْآن(3) مُوَافِقاً فَخُذُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مُوَافِقاً فَرُدُّوهُ، وَإِن اشْتَبَهَ الأمْرُ عَلَيْكُمْ فَقِفُوا عِنْدَهُ، وَرُدُّوهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَشْرَحَ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا شُرحَ لَنَا، فَإذَا كُنْتُمْ كَمَا أوْصَيْنَاكُمْ وَلَمْ تَعَدَّوْا إِلَى غَيْرهِ فَمَاتَ مِنْكُمْ مَيَّتٌ قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ قَائِمُنَا كَانَ شَهِيداً، وَمَنْ أدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أجْرُ شَهِيدَيْن، وَمَنْ قَتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أجْرُ عِشْرينَ شَهِيداً)(4).
6 _ كمال الدين، ومعاني الأخبار: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن 0.
ص: 76
الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن الْعَمْرَكِيَّ الْبُوفَكِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (طُوبَى لِمَنْ تَمَسَّكَ بِأمْرنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا فَلَمْ يَزغْ قَلْبُهُ بَعْدَ الْهِدَايَةِ)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا طُوبَى؟ قَالَ: (شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أصْلُهَا فِي دَار عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَلَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَفِي دَارهِ غُصْنٌ مِنْ أغْصَانِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ))(1).(2)
7 _ الخصال: الأرْبَعُمِائَةِ، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (انْتَظَرُوا الْفَرَجَ وَلاَ تَيْأسُوا مِنْ رَوْح اللهِ، فَإنَّ أحَبَّ الأعْمَال إِلَى اللهِ عزّ وجل انْتِظَارُ الْفَرَج)(3).
وَقَالَ عليه السلام: (مُزَاوَلَةُ قَلْع الْجِبَال أيْسَرُ مِنْ مُزَاوَلَةِ مُلْكٍ مُؤَجَّلٍ، وَاسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، لاَ تُعَاجِلُوا الأمْرَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَتَنْدَمُوا، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الأمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ)(4).
وَقَالَ عليه السلام: (الآخِذُ بِأمْرنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظِيرَةِ الْقُدْس، وَالْمُنْتَظِرُ لأمْرنَا كَالْمُتَشَحَّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيل اللهِ)(5).
8 _ بصائر الدرجات: ابْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِهِ:0.
ص: 77
اللهُمَّ لَقّني إِخْوَانِي مَرَّتَيْن، فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أصْحَابِهِ: أمَا نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: لاَ، إِنَّكُمْ أصْحَابِي وَإِخْوَانِي قَوْمٌ فِي(1) آخِر الزَّمَان آمَنُوا(2) وَلَمْ يَرَوْني، لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ اللهُ بِأسْمَائِهِمْ وَأسْمَاءِ آبَائِهِمْ، مِنْ قَبْل أنْ يُخْرجَهُمْ مِنْ أصْلاَبِ آبَائِهِمْ وَأرْحَام اُمَّهَاتِهِمْ، لأحَدُهُمْ أشَدُّ بَقِيَّةً عَلَى دِينهِ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، أوْ كَالْقَابِض عَلَى جَمْر الْغَضَا، اُولَئِكَ مَصَابِيحُ الدُّجَى، يُنْجِيهِمُ اللهُ مِنْ كُلّ فِتْنَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ)(3).
9 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(4)، قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِقِيَام الْقَائِم أنَّهُ حَقٌّ).
10 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيَّ، عَن النَّخَعِيَّ، عَن النَّوْفَلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي الْقَاسِم، قَالَ: سَألْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(5)، فَقَالَ: (الْمُتَّقُونَ شِيعَةُ عليًّ عليه السلام، وَالْغَيْبُ فَهُوَ الْحُجَّةُ الْغَائِبُ، وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(6))، ة.
ص: 78
فَأخْبَرَ عزّ وجل أنَّ الآيَةَ هِيَ الْغَيْبُ، وَالْغَيْبُ هُوَ الْحُجَّةُ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً))(1) يَعْنِي حُجَّةً(2).
بيان: قوله: (وشاهد ذلك) كلام الصدوق رحمه الله(3).
11 _ كمال الدين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْبَاقِر، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَج)(4).
12 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الشَّاهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(5)، عَنْ أحْمَدَ بْن خَالِدٍ الْخَالِدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن صَالِح التَّمِيمِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَاتِم الْقَطَّان، عَنْ حَمَّادِ بْن عَمْرٍو، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم لِعليًّ عليه السلام: (يَا عَلِيُّ! وَاعْلَمْ أنَّ أعْظَمَ النَّاس يَقِينا(6) قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِر الزَّمَان، لَمْ يَلْحَقُوا النَّبِيَّ وَحُجِبَ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ فَآمَنُوا بِسَوَادٍ فِي بَيَاضٍ)(7).
13 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بِسْطَامَ بْن مُرَّةَ، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ(8) سَيَّدُ الْعَابِدِينَ عليه السلام: (مَنْ ثَبَتَ عَلَى ).
ص: 79
وَلاَيَتِناَ(1) فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا أعْطَاهُ اللهُ أجْرَ ألْفِ شَهِيدٍ مِثْل(2) شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَاُحُدٍ)(3).
دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (مَنْ مَاتَ عَلَى مُوَالاَتِنَا)(4).
14 _ المحاسن: السَّنْدِيُّ(5)، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا تَقُولُ فِيمَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا الأمْر مُنْتَظِراً لَهُ؟ قَالَ: (هُوَ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ: (هُوَ كَمَنْ كَانَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(6).
15 _ المحاسن: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى النُّمَيْريَّ، عَنْ عَلاَءِ بْن سَيَابَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الأمْر مُنْتَظِراً لَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِم عليه السلام)(7).
كمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن النميري، مثله(8).1.
ص: 80
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسن(1)، عن على بن عقبة، مثله(2).
16 _ المحاسن: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ الْكَلْبِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أصْلَحَكَ اللهُ، وَاللهِ لَقَدْ تَرَكْنَا أسْوَاقَنَا انْتِظَاراً لِهَذَا الأمْر حَتَّى أوْشَكَ الرَّجُلُ مِنَّا يَسْألُ فِي يَدَيْهِ، فَقَالَ: (يَا عَبْدَ الْحَمِيدِ أتَرَى مَنْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ لاَ يَجْعَلُ اللهُ لَهُ مَخْرَجاً؟، بَلَى وَاللهِ لَيَجْعَلَنَّ اللهُ لَهُ مَخْرَجاً، رَحِمَ اللهُ عَبْداً حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَيْنَا، رَحِمَ اللهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا)، قَالَ: قُلْتُ: فَإنْ مِتُّ قَبْلَ أنْ اُدْركَ الْقَائِمَ؟ فَقَالَ: (الْقَائِلُ مِنْكُمْ: إِنْ أدْرَكْتُ الْقَائِمَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ نَصَرْتُهُ كَالْمُقَارع مَعَهُ بِسَيْفِهِ، وَالشَّهِيدُ مَعَهُ لَهُ شَهَادَتَان)(3).
كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ(4)، عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (كَالْمُقَارع بِسَيْفِهِ، بَلْ(5) كَالشَّهِيدِ مَعَهُ)(6).
17 _ المحاسن: ابْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ مَالِكِ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْمَيَّتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الأمْر بِمَنْزلَةِ الضَّاربِ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيل اللهِ)(7).7.
ص: 81
18 _ المحاسن: عَلِيُّ بْنُ النُّعْمَان، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ وَغَيْرهِ، عَن الْفَيْض بْن الْمُخْتَار، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لِهَذَا الأمْر كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)، قَالَ: ثُمَّ مَكَثَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ: (لاَ بَلْ كَمَنْ قَارَعَ مَعَهُ بِسَيْفِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (لاَ وَاللهِ إِلاَّ كَمَن اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(1).
19 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (لَمَّا دَخَلَ سَلْمَانُ رضي الله عنه الْكُوفَةَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا ذَكَرَ مَا يَكُونُ مِنْ بَلاَئِهَا حَتَّى ذَكَرَ مُلْكَ بَنِي اُمَيَّةَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ)، ثُمَّ قَالَ: (فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْزَمُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى يَظْهَرَ الطَّاهِرُ بْنُ الطَّاهِر الْمُطَهَّر ذُو الْغَيْبَةِ الشَّريدُ الطَّريدُ)(2).
20 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَن الْقَاسِم بْن هِشَام اللُّؤْلُؤيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: الْعِبَادَةُ مَعَ الإمَام مِنْكُمُ الْمُسْتَتِر فِي السَّرَّ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل أفْضَلُ أم الْعِبَادَةُ فِي ظُهُور الْحَقَّ وَدَوْلَتِهِ مَعَ الإمَام الظَّاهِر مِنْكُمْ؟ فَقَالَ: (يَا عَمَّارُ الصَّدَقَةُ فِي السَّرَّ وَاللهِ(3) أفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْعَلاَنِيَةِ، وَكَذَلِكَ عِبَادَتُكُمْ فِي السَّرَّ مَعَ إِمَامِكُمُ الْمُسْتَتِر فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل أفْضَلُ، لِخَوْفِكُمْ مِنْ عَدُوَّكُمْ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل وَحَال الْهُدْنَةِ، مِمَّنْ يَعْبُدُ اللهَ فِي ظُهُور الْحَقَّ مَعَ الإمَام الظَّاهِر ).
ص: 82
فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ، وَلَيْسَ الْعِبَادَةُ مَعَ الْخَوْفِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل مِثْلَ الْعِبَادَةِ مَعَ الأمْن فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ.
اعْلَمُوا أنَّ مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلاَةً فَريضَةً وُحْدَاناً مُسْتَتِراً بِهَا مِنْ عَدُوَّهِ فِي وَقْتِهَا فَأتَمَّهَا كَتَبَ اللهُ عزّ وجل لَهُ بِهَا خَمْس(1) وَعِشْرينَ صَلاَةً فَريضَةً وَحْدَانِيَّةً، وَمَنْ صَلَّى مِنْكُمْ صَلاَةً نَافِلَةً فِي وَقْتِهَا فَأتَمَّهَا كَتَبَ اللهُ عزّ وجل لَهُ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ نَوَافِلَ، وَمَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ حَسَنَةً كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا عِشْرينَ حَسَنَةً، وَيُضَاعِفُ اللهُ تَعَالَى حَسَنَاتِ الْمُؤْمِن مِنْكُمْ إِذَا أحْسَنَ أعْمَالَهُ، وَدَانَ اللهَ بِالتَّقِيَّةِ عَلَى دِينهِ، وَعَلَى إِمَامِهِ وَعَلَى نَفْسِهِ، وَأمْسَكَ مِنْ لِسَانِهِ. أضْعَافاً مُضَاعَفَةً كَثِيرَةً إِنَّ اللهَ عزّ وجل كَريمٌ).
قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ رَغَّبْتَنِي فِي الْعَمَل، وَحَثَثْتَنِي عَلَيْهِ، وَلَكِنّي اُحِبُّ أنْ أعْلَمَ: كَيْفَ صِرْنَا نَحْنُ الْيَوْمَ أفْضَلَ أعْمَالاً مِنْ أصْحَابِ الإمَام مِنْكُمُ الظَّاهِر فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ، وَنَحْنُ وَهُمْ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ دِينُ اللهِ عزّ وجل؟
فَقَالَ: (إِنَّكُمْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَى الدُّخُول فِي دِين اللهِ وَإِلَى الصَّلاَةِ وَالصَّوْم وَالْحَجَّ وَإِلَى كُلَّ فِقْهٍ وَخَيْرٍ، وَإِلَى عِبَادَةِ اللهِ سِرّاً مِنْ عَدُوَّكُمْ مَعَ الإمَام الْمُسْتَتِر، مُطِيعُونَ لَهُ، صَابِرُونَ مَعَهُ، مُنْتَظِرُونَ لِدَوْلَةِ الْحَقَّ، خَائِفُونَ عَلَى إِمَامِكُمْ وَعَلَى أنْفُسِكُمْ مِنَ الْمُلُوكِ، تَنْظُرُونَ إِلَى حَقَّ إِمَامِكُمْ وَحَقّكُمْ فِي أيْدِي الظَّلَمَةِ، قَدْ مَنَعُوكُمْ ذَلِكَ وَاضْطَرُّوكُمْ إِلَى جَذْبِ(2) الدُّنْيَا وَطَلَبِ الْمَعَاش، مَعَ الصَّبْر عَلَى دِينِكُمْ، وَعِبَادَتِكُمْ وَطَاعَةِ رَبَّكُمْ، وَالْخَوْفِ مِنْ عَدُوَّكُمْ، فَبِذَلِكَ ضَاعَفَ اللهُ أعْمَالَكُمْ فَهَنِيئاً لَكُمْ هَنِيئاً).).
ص: 83
قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا نَتَمَنَّى إِذاً أنْ نَكُونَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم عليه السلام فِي ظُهُور الْحَقَّ؟ وَنَحْنُ الْيَوْمَ فِي إِمَامَتِكَ وَطَاعَتِكَ أفْضَلُ أعْمَالاً مِنْ (أعْمَال)(1) أصْحَابِ دَوْلَةِ الْحَقَّ؟
فَقَالَ: (سُبْحَانَ اللهِ! أمَا تُحِبُّونَ أنْ يُظْهِرَ اللهُ عزّ وجل الْحَقَّ وَالْعَدْلَ فِي الْبِلاَدِ، وَيُحْسِنَ حَالَ عَامَّةِ النَّاس(2)، وَيَجْمَعَ اللهُ الْكَلِمَةَ، وَيُؤَلّفَ بَيْنَ الْقُلُوبِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلاَ يُعْصَى اللهُ فِي أرْضِهِ، وَيُقَامَ حُدُودُ اللهِ فِي خَلْقِهِ، وَيُرَدَّ الْحَقُّ إِلَى أهْلِهِ، فَيُظْهِرُوهُ حَتَّى لاَ يَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ مَخَافَةَ أحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ؟
أمَا وَاللهِ يَا عَمَّارُ لاَ يَمُوتُ مِنْكُمْ مَيَّتٌ عَلَى الْحَال الَّتِي أنْتُمْ عَلَيْهَا إِلاَّ كَانَ أفْضَلَ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً وَاُحُداً فَأبْشِرُوا)(3).
21 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مَعْرُوفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (أفْضَلُ أعْمَال اُمَّتِي انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ اللهِ عزّ وجل)(4).
22 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: 3.
ص: 84
سَألْتُهُ عَنْ شَيْ ءٍ مِنَ الْفَرَج، فَقَالَ: (ألَيْسَ انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج(1)؟ إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))(2))(3).
تفسير العياشي: عن محمّد بن الفضيل، مثله(4).
23 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ خَلَفِ بْن حَامِدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: قَالَ الرَّضَا عليه السلام: (مَا أحْسَنَ الصَّبْرَ وَانْتِظَارَ الْفَرَج، أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ((وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ))(5) وَقَوْلَهُ عزّ وجل: ((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ))؟ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْر فَإنَّهُ إِنَّمَا يَجِي ءُ الْفَرَجُ عَلَى الْيَأس، فَقَدْ كَانَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أصْبَرَ مِنْكُمْ)(6).
تفسير العياشي: عن البزنطي، مثله(7).
24 _ كمال الدين: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَن الأسَدِيَّ، عَن النَّخَعِيَّ، عَن 2.
ص: 85
النَّوْفَلِيَّ، عَنْ أبِي إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَكُنْتُ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ أبُو الْحَسَن مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهما السلام، وَهُوَ غُلاَمٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَجَلَسْتُ.
فَقَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا بَا إِبْرَاهِيمَ أمَا إِنَّهُ صَاحِبُكَ مِنْ بَعْدِي، أمَا لَيَهْلِكَنَّ فِيهِ أقْوَامٌ وَيَسْعَدُ آخَرُونَ، فَلَعَنَ اللهُ قَاتِلَهُ، وَضَاعَفَ عَلَى رُوحِهِ الْعَذَابَ، أمَا لَيُخْرجَنَّ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ خَيْرَ أهْل الأرْض فِي زَمَانِهِ، بَعْدَ عَجَائِبَ تَمُرُّ بِهِ حَسَداً لَهُ، وَلَكِنَّ اللهَ بالِغُ أمْرهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
يُخْرجُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ صُلْبِهِ تَكْمِلَةَ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً مَهْدِيّاً اخْتَصَّهُمُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ، وَأحَلَّهُمْ دَارَ قُدْسِهِ، الْمُنْتَظِرُ لِلثَّانِي عَشَرَ كَالشَّاهِر سَيْفَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَذُبُّ عَنْهُ)، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي اُمَيَّةَ فَانْقَطَعَ الْكَلاَمُ، وَعُدْتُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً اُريدُ اسْتِتْمَامَ الْكَلاَم فَمَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقَالَ لِي: (يَا أبَا إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْمُفَرَّجُ لِلْكَرْبِ عَنْ شِيعَتِهِ، بَعْدَ ضَنْكٍ شَدِيدٍ، وَبَلاَءٍ طَويلٍ وَجَوْرٍ، فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَحَسْبُكَ يَا أبَا إِبْرَاهِيمَ).
قَالَ أبُو إِبْرَاهِيمَ: فَمَا رَجَعْتُ بِشَيْءٍ أسَرَّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا وَلاَ أفْرَحَ لِقَلْبِي مِنْهُ(1).
25 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ أيْمَنَ بْن مُحْرزٍ، عَنْ رفَاعَةَ بْن مُوسَى وَمُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام .
ص: 86
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ قَائِمَ أهْل بَيْتِي وَهُوَ مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ، يَتَوَلَّى وَلِيَّهُ، وَيَتَبَرَّاُ مِنْ عَدُوَّهِ، وَيَتَوَلَّى الأئِمَّةَ الْهَادِيَةَ مِنْ قَبْلِهِ، اُولَئِكَ رُفَقَائِي وَذُو وُدَّي وَمَوَدَّتِي، وَأكْرَمُ اُمَّتِي عَلَيَّ)، قَالَ رفَاعَةُ: (وَأكْرَمُ خَلْقِ اللهِ عَلَيَّ)(1).
26 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: سَيَأتِي قَوْمٌ مِنْ بَعْدِكُمْ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَهُ أجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ كُنَّا مَعَكَ بِبَدْرٍ وَاُحُدٍ وَحُنَيْنٍ، وَنَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَوْ تَحَمَّلُوا(2) لِمَا حُمَّلُوا لَمْ تَصْبِرُوا صَبْرَهُمْ)(3).
27 _ المحاسن: عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ قِنْوَةَ ابْنَةِ رُشَيْدٍ الْهَجَريَّ، قَالَتْ: قُلْتُ لأبِي: مَا أشَدَّ اجْتِهَادَكَ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ بَعْدَنَا بَصَائِرُهُمْ فِي دِينِهِمْ أفْضَلُ مِن اجْتِهَادِ أوَّلِيهِمْ(4).
28 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ خَالِدٍ الْعَاقُولِيَّ فِي حَدِيثٍ لَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (فَمَا تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ؟ فَمَا تَسْتَعْجِلُونَ؟ ألَسْتُمْ آمِنينَ؟ ألَيْسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فَيَقْضِي حَوَائِجَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ لَمْ يُخْتَطَفْ؟ إِنْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ(5) عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ لَيُؤْخَذُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فَتُقْطَعُ يَدَاهُ وَرجْلاَهُ ن.
ص: 87
وَيُصْلَبُ عَلَى جُذُوع النَّخْل وَيُنْشَرُ بِالْمِنْشَار ثُمَّ لاَ يَعْدُو ذَنْبَ نَفْسِهِ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ))(1))(2).
بيان: قوله: (ثُمَّ لا يعدو ذنب نفسه) أي لا ينسب تلك المصائب إلاَّ إلى نفسه وذنبه، أو لا يلتف مع تلك البلايا إلاَّ إلى إصلاح نفسه وتدارك ذنبه.
29 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَن الْحَسَن بْن الْجَهْم، قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَج، فَقَالَ: (أوَلَسْتَ تَعْلَمُ أنَّ انْتِظَارَ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج؟)، قُلْتُ: لاَ أدْري إِلاَّ أنَّ تُعَلّمَنِي، فَقَالَ: (نَعَمْ، انْتِظَارُ الْفَرَج مِنَ الْفَرَج)(3).
30 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، قَالَ: اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَرَى هَذَا الأمْرَ، ثُمَّ خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام كَانَ لَهُ مِنَ الأجْر كَمَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ(4).
31 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْمُثَنَّى الْحَنَّاطِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ عَرَفَ هَذَا الأمْرَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ الْقَائِمُ عليه السلام كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْر مَنْ قُتِلَ مَعَهُ)(5).4.
ص: 88
32 _ المحاسن: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن شَمُّونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرو بْن الأشْعَثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَن الصَّبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن الْحَكَم بْن عُيَيْنَةَ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام الْخَوَارجَ يَوْمَ النَّهْرَوَان قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ (فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: طُوبَى لَنَا إِذْ شَهِدْنَا مَعَكَ هَذَا الْمَوْقِفَ وَقَتَلْنَا مَعَكَ هَؤُلاَءِ الْخَوَارجَ)(1)، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ لَقَدْ شَهِدَنَا فِي هَذَا الْمَوْقِفِ اُنَاسٌ لَمْ يَخْلُقِ اللهُ آبَاءَهُمْ وَلاَ أجْدَادَهُمْ بَعْدُ)، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَكَيْفَ يَشْهَدُنَا قَوْمٌ لَمْ يُخْلَقُوا؟ قَالَ: (بَلَى، قَوْمٌ يَكُونُونَ فِي آخِر الزَّمَان يَشْرَكُونَنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَيُسَلّمُونَ لَنَا، فَاُولَئِكَ شُرَكَاؤُنَا فِيمَا كُنَّا فِيهِ حَقّاً حَقّاً)(2).
33 _ المحاسن: النَّوْفَلِيُّ، عَن السَّكُونيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، قَالَ: (أفْضَلُ عِبَادَةِ الْمُؤْمِن انْتِظَارُ فَرَج اللهِ)(3).
34 _ تفسير العياشي: عَن الْفَضْل بْن أبِي قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أوْحَى اللهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أنَّهُ سَيُولَدُ لَكَ، فَقَالَ لِسَارَةَ فَقَالَتْ: ((أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ))(4)، فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أنَّهَا سَتَلِدُ وَيُعَذَّبُ أوْلاَدُهَا أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ بِرَدَّهَا الْكَلاَمَ عَلَيَّ، قَالَ: فَلَمَّا طَالَ عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَبَكَوْا إِلَى اللهِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَأوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ يُخَلّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ، فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ).2.
ص: 89
قَالَ: فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (هَكَذَا أنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللهُ عَنَّا فَأمَّا إِذْ لَمْ تَكُونُوا فَإنَّ الأمْرَ يَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَاهُ)(1).
35 _ تفسير العياشي: عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ))(2) إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الإمَام فَطَلَبُوا الْقِتَالَ، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ(3) مَعَ الْحُسَيْن قَالُوا: (((رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ))، وقوله:)(4) ((رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَريبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ))(5) أرَادُوا تَأخِيرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَائِم عليه السلام)(6).
36 _ مجالس المفيد: عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْن مِهْرَانَ، عَنْ أبِي يَشْكُرَ الْبَلْخِيَّ، عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، عَنْ عَوْفِ بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَاتَ يَوْم: (يَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي)، فَقَالَ لَهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: أوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ آمَنَّا بِكَ وَهَاجَرْنَا مَعَكَ، قَالَ: (قَدْ آمَنْتُمْ وَهَاجَرْتُمْ، وَيَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي) فَأعَادَ الْقَوْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (أنْتُمْ أصْحَابِي، وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ يَأتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ، يُؤْمِنُونَ بِي وَيُحِبُّونّي وَيَنْصُرُونّي وَيُصَدَّقُونّي، وَمَا رَأوْني، فَيَا لَيْتَنِي قَدْ لَقِيتُ إِخْوَانِي)(7). .
ص: 90
37 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن حَازم(1)، عَنْ عَبَّاس(2) بْن هِشَام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يَكُونُ فِتْرَةٌ لاَ يَعْرفُ الْمُسْلِمُونَ إِمَامَهُمْ فِيهَا؟ فَقَالَ: (يُقَالُ ذَلِكَ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَتَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الآخِرُ)(3).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ الصَّيْقَل، عَنْ أبِيهِ مَنْصُورٍ، (قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا أصْبَحْتَ وَأمْسَيْتَ يَوْماً لاَ تَرَى فِيهِ إِمَاماً مِنْ آل مُحَمَّدٍ فَأحِبَّ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، وَوَال مَنْ كُنْتَ تُوَالِي، وَانْتَظِر الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً).
محمّد بن يعقوب الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علي العطّار، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن منصور)(4)، عمَّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(5).
مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْن(6) بْن طَريفٍ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ:).
ص: 91
دَخَلْتُ أنَا وَأبِي عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا صِرْتُمْ فِي حَالٍ لاَ يَكُونُ(1) فِيهَا إِمَامٌ هُدًى، وَلاَ عَلَمٌ(2) يُرَى، فَلاَ يَنْجُو مِنْ تِلْكَ الْحَيْرَةِ إِلاَّ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْحَريقِ(3))، فَقَالَ أبِي: هَذَا وَاللهِ الْبَلاَءُ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ جُعِلْتُ فِدَاكَ حِينَئِذٍ؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَلَنْ تُدْركَهُ فَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أيْدِيكُمْ حَتَّى يَصِحَّ لَكُمُ الأمْرُ)(4).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَالْحُسَيْن بْن طَريفٍ(5)، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ النَّصْريَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَرْوي بِأنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يُفْقَدُ زَمَاناً فَكَيْفَ نَصْنَعُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل الَّذِي أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَكُمْ)(6).
بيان: المقصود من هذه الأخبار عدم التزلزل في الدين والتحيّر في العمل أي تمسّكوا في أصول دينكم وفروعه بما وصل إليكم من أئمّتكم، ولا تتركوا العمل ولا ترتدّوا حتَّى يظهر إمامكم، ويحتمل أن يكون المعنى: لا تؤمنوا بمن يدّعي أنَّه القائم حتَّى يتبيَّن لكم بالمعجزات وقد مرَّ كلام في ذلك عن سعد بن عبد الله في باب الأدلّة التي ذكرها الشيخ.
38 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام بِإسْنَادِهِ (يَرْفَعُهُ)(7) إِلَى أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يُصِيبُهُمْ ر.
ص: 92
فِيهَا سَبْطَةٌ يَأرزُ الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ نَجْمٌ)، قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟ قَالَ: (الْفَتْرَةَ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (كُونُوا عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ نَجْمَكُمْ)(1).
وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا وَقَعَتِ السَّبْطَةُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن تَأرزُ(2) الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا، وَاخْتَلَفَتِ الشّيعَةُ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَيَتْفُلُ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ؟)، فَقُلْتُ: مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ _ يَقُولُهُ ثَلاَثاً _ وَقَدْ(3) قَرُبَ الْفَرَجُ).
الكليني، عن عدّة من رجاله، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن الحسين(4)، عن أبان بن تغلّب، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: (كيف أنت إذا وقعت السبطة(5)...) وذكر مثله بلفظه(6).
أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَا أبَانُ يُصِيبُ الْعَالَمَ سَبْطَةٌ يَأرزُ الْعِلْمُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرهَا)، قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟ قَالَ: (دُونَ .
ص: 93
الْفَتْرَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ لَهُمْ نَجْمُهُمْ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ نَكُونُ(1) مَا بَيْنَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ لِي: ((كُونُوا عَلَى)(2) مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَأتِيَكُمُ اللهُ بِصَاحِبهَا)(3).
بيان: قال الفيروزآبادي: أسبط سكت فرقاً، وبالأرض لصق وامتدّ من الضرب وفي نومه غمض، وعن الأمر تغابى، وانبسط، ووقع، فلم يقدر أن يتحرَّك(4)، انتهى.
وفي الكافي في خبر (أبان)(5) ابن تغلّب: (كيف أنت إذا وقعت البطشة(6) بين المسجدين، فيأرز العلم) فيكون إشارة إلى جيش السفياني واستيلائهم بين الحرمين، وعلى ما في الأصل لعلَّ المعنى يأرز العلم بسبب ما يحدث بين المسجدين، أو يكون خفاء العلم في هذا الموضع أكثر بسبب استيلاء أهل الجور فيه.
وقال الجزري فيه: إنَّ الاسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جحرها أي ينضمّ إليه ويجتمع بعضه إلى بعض فيها(7).
39 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ يَمَانٍ التَّمَّار، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً الْمُتَمَسَّكُ فِيهَا بِدِينهِ كَالْخَارطِ لِشَوْكِ 7.
ص: 94
الْقَتَادِ بِيَدِهِ)، ثُمَّ أوْمَأ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام بِيَدِهِ هَكَذَا، قَالَ: (فَأيُّكُمْ تُمْسِكُ شَوْكَ الْقَتَادِ بِيَدِهِ؟)(1)، ثُمَّ أطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ عِنْدَ غَيْبَتِهِ(2) وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينهِ)(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، والحسن بن محمّد جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن صالح بن خالد، (عن يمان التمّار)(4)، قال: كنّا جلوساً عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: (إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة...) وذكر مثله سواء(5).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (قَالَ لِيَ أبِي عليه السلام: لاَ بُدَّ لَناَ(6) مِنْ آذَرْبيجَانَ لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ وَألْبِدُوا مَا ألْبَدْنَا، فَإذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرَّكُنَا فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً، وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَقَالَ: وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ)(7).
بيان: ألبد بالمكان: أقام به، ولبد الشيء بالأرض يلبد بالضمّ أي لصق.1.
ص: 95
41 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ عليه السلام: أوْصِنِي، فَقَالَ: (اُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ وَأنْ تَلْزَمَ بَيْتَكَ، وَتَقْعُدَ فِي دَهْمِكَ(1) هَؤُلاَءِ النَّاس، وَإِيَّاكَ وَالْخَوَارجَ مِنَّا فَإنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْ ءٍ وَلاَ إِلَى شَيْءٍ.
وَاعْلَمْ أنَّ لِبَني اُمَيَّةَ مُلْكاً لاَ يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أنْ تَرْدَعَهُ، وَأنَّ لأهْل الْحَقَّ دَوْلَةً إِذَا جَاءَتْ وَلاَّهَا اللهُ لِمَنْ يَشَاءَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ، مَنْ أدْرَكَهَا مِنْكُمْ كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَام الأعْلَى وَإِنْ قَبَضَهُ اللهُ قَبْلَ ذَلِكَ خَارَ لَهُ.
وَاعْلَمْ أنَّهُ لاَ تَقُومُ عِصَابَةٌ تَدْفَعُ ضَيْماً أوْ تُعِزُّ دِيناً إِلاَّ صَرَعَتْهُمُ الْبَلِيَّةُ حَتَّى تَقُومَ عِصَابَةٌ شَهِدُوا بَدْراً مَعَ رَسُول اللهِ، لاَ يُوَارَى قَتِيلُهُمْ، وَلاَ يُرْفَعُ صَريعُهُمْ، وَلاَ يُدَاوَى جَريحُهُمْ)، قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: (الْمَلاَئِكَةُ)(2).
توضيح: قوله عليه السلام: (في دهمك) يحتمل أن يكون مصدراً مضافاً إلى الفاعل أو إلى المفعول، من قولهم: دهمهم الأمر ودهمتهم الخيل، ويحتمل أن يكون اسماً بمعنى العدد الكثير، ويكون هؤلاء الناس بدل الضمير.).
ص: 96
قوله: (والخوارج منّا) أي مثل زيد وبني الحسن، قوله: (قتيلهم) أي الذين يقتلهم تلك العصابة، والحاصل أنَّ من يقتلهم الملائكة لا يوارون في التراب، ولا يرفع من صرعوهم، ولا يقبل الدواء من جرحوهم، أو المعنى أنَّ تلك عصابة لا يقتلون حتَّى يوارى قتيلهم، ولا يصرعون حتَّى يرفع صريعهم، وهكذا ويؤيّده الخبر الآتي.
42 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ مَعاً، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَن الْقَاسِم بْن الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيَّ، عَن الْحَارثِ الأعْوَر الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَلَى الْمِنْبَر:
(إِذَا هَلَكَ الْخَاطِبُ، وَزَاغَ صَاحِبُ الْعَصْر، وَبَقِيَتْ قُلُوبٌ تَتَقَلَّبُ مِنْ مُخْصِبٍ وَمُجْدِبٍ هَلَكَ الْمُتَمَنُّونَ، وَاضْمَحَلَّ الْمُضْمَحِلُّونَ، وَبَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ، وَقَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ ثَلاَثُمِائَةٍ أوْ يَزيدُونَ، تُجَاهِدُ مَعَهُمْ عِصَابَةٌ جَاهَدَتْ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ بَدْرٍ، لَمْ تُقْتَلْ وَلَمْ تَمُتْ).
قول(1) أميرالمؤمنين عليه السلام: (وزاغ صاحب العصر) أراد صاحب هذا الزمان الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق لتدبير الله الواقع.
ثُمَّ قال: (وبقيت قلوب تتقلَّب فمن مخصب ومجدب)، وهي قلوب الشيعة المنقلبة(2) عند هذه الغيبة والحيرة فمن ثابت منها على الحقّ مخصب، ومن عادل عنها إلى الضلال، وزخرف المحال(3) مجدب.
ثُمَّ قال: (هلك المتمنّون) ذمّاً لهم وهم الذين يستعجلون أمر الله،).
ص: 97
ولا يسلّمون له ويستطيلون الأمد، فيهلكون قبل أن يروا فرجاً ويبقي (الله)(1) من يشاء أن يبقيه (من)(2) أهل الصبر والتسليم حتَّى يلحقه بمرتبته وهم المؤمنون وهم المخلصون القليلون الذين ذكر أنَّهم ثلاثمائة أو يزيدون ممن يؤهّله الله لقوّة إيمانه، وصِحَّت يقينه، لنصرة وليه، وجهاد عدوّه، وهم كما جاءت الرواية عمّاله وحكّامه في الأرض، عند استقرار الدار، ووضع الحرب أوزارها.
ثُمَّ قال أمير المؤمنين عليه السلام: (يجاهد(3) معهم عصابة جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يوم بدر، لم تقتل ولم تمت)، يريد أنَّ الله عزّ وجل يؤيّد أصحاب القائم عليه السلام هؤلاء الثلاثمائة والنيف الخلَّص بملائكة بدر وهم أعدادهم، جعلنا الله ممّن يؤهّله لنصرة دينه مع وليّه عليه السلام، وفعل بنا في ذلك ما هو أهله(4).
بيان: لعلَّ المراد بالخاطب الطالب للخلافة، أو الخطيب الذي يقوم بغير الحقّ، أو بالحاء المهملة أي جالب الحطب لجهنم، ويحتمل أن يكون المراد من مرَّ ذكره، فإنَّ في بالي أنّي رأيت هذه الخطبة بطولها وفيها الأخبار عن كثير من الكائنات والشرح للنعماني(5).
43 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن زيَادٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح بْن الضَّحَّاكِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ سَيْفٍ التَّمَّار،ي.
ص: 98
عَنْ أبِي الْمُرْهِفِ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ)، قُلْتُ: وَمَا الْمَحَاضِيرُ؟ قَالَ: (الْمُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ، وَثَبَتَ الْحِصْنُ عَلَى أوْتَادِهَا، كُونُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ فَإنَّ الْفِتْنَةَ(1) عَلَى مَنْ أثَارَهَا، وَإِنَّهُمْ لاَ يُريدُونَكُمْ بِحَاجَةٍ إِلاَّ أتَاهُمُ اللهُ بِشَاغِلٍ لأمْرٍ يُعْرَضُ لَهُمْ)(2).
إيضاح: (المحاضير) جمع المحضير وهو الفرس الكثير العدو، و(المقرّبون) بكسر الراء المشدّدة أي الذين يقولون: الفرج قريب ويرجون قربه أو يدعون لقربه، أو بفتح الراء أي الصابرون الذي فازوا بالصبر بقربه تعالى.
قوله عليه السلام: (وثبت الحصن) أي استقرَّ حصن دولة المخالفين على أساسها بأن يكون المراد بالأوتاد الأساس مجازاً، وفي الكافي: (وثبتت الحصا على أوتادهم)(3)، أي سهلت لهم الأمور الصعبة كما أنَّ استقرار الحصا على الوتد صعب، أو أنَّ أسباب دولتهم تتزايد يوماً فيوماً أي لا ترفع الحصا عن أوتاد دولتهم بل يدقّ بها دائماً، أو المراد بالأوتاد الرؤساء والعظماء أي قدر ولزم نزول حصا العذاب على عظمائهم.
قوله عليه السلام: (الفتنة على من أثارها) أي يعود ضرر الفتنة على من أثارها أكثر من غيره كما أنَّ بالغبار يتضرَّر مثيرها أكثر من غيره.
44 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُوسُفَ بْن كُلَيْبٍ الْمَسْعُودِيَّ، عَن الْحَكَم بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن كَثِيرٍ، عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَأبَانٌ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَذَلِكَ م.
ص: 99
حِينَ ظَهَرَتِ الرَّايَاتُ السُّودُ بِخُرَاسَانَ، فَقُلْنَا: مَا تَرَى؟ فَقَالَ: (اجْلِسُوا فِي بُيُوتِكُمْ! فَإذَا رَأيْتُمُونَا قَدِ اجْتَمَعْنَا عَلَى رَجُلٍ فَانْهَدُوا إِلَيْنَا بِالسَّلاَح)(1).
توضيح: قال الجوهري: نهد إلى العدوّ ينهد بالفتح أي نهض(2).
45 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كُفُّوا ألْسِنَتَكُمْ وَالْزَمُوا بُيُوتَكُمْ فَإنَّهُ لاَ يُصِيبُكُمْ أمْرٌ تَخُصُّونَ بِهِ أبَداً، وَلاَ يُصِيبُ الْعَامَّةَ، وَلاَ تَزَالُ الزَّيْدِيَّةُ وقَاءً لَكُمْ أبَداً)(3).
46 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(4) قَالَ: (هُوَ أمْرُنَا أمْرُ اللهِ لاَ يُسْتَعْجَلُ بِهِ، يُؤَيَّدُهُ ثَلاَثَةُ أجْنَادٍ: الْمَلاَئِكَةُ، وَالْمُؤْمِنُونَ، وَالرُّعْبُ، وَخُرُوجُهُ عليه السلام كَخُرُوج رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ))(5))(6).
47 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ صَالِح بْن نَبَطٍ(7) وَبَكْرٍ الْمُثَنَّى(8) جَمِيعاً، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ).
ص: 100
قَالَ: (هَلَكَ أصْحَابُ الْمَحَاضِير، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ، وَثَبَتَ الْحِصْنُ عَلَى أوْتَادِهَا إِنَّ بَعْدَ الْغَمَّ فَتْحاً عَجِيباً)(1).
48 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْجُعْفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُثَنَّى الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْن زَيْدٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْبَاقِر عليهما السلام أنَّه قَالَ(2): (مَثَلُ مَنْ خَرَجَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم مَثَلُ فَرْخ طَارَ وَوَقَعَ فِي كُوَّةٍ(3) فَتَلاَعَبَتْ بِهِ الصّبْيَانُ)(4).
49 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن شَيْبَانَ(5)، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَنْ مُنَخَّل بْن جَمِيلٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (اسْكُنُوا مَا سَكَنَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ، أيْ لاَ تَخْرُجُوا عَلَى أحَدٍ فَإنَّ أمْرَكُمْ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ، ألاَ إِنَّهَا آيَةٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل لَيْسَتْ مِنَ النَّاس، ألاَ إِنَّهَا أضْوَاُ مِنَ الشَّمْس لاَ يَخْفَى(6) عَلَى بَرًّ وَلاَ فَاجِرٍ، أتَعْرفُونَ الصُّبْحَ؟ فَإنَّهُ(7) كَالصُّبْح لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ)(8).
أقول: قال النعماني رحمه الله: انظروا رحمكم الله إلى هذا التأديب من الأئمّة وإلى أمرهم ورسمهم في الصبر والكفّ والانتظار للفرج وذكرهم 7.
ص: 101
هلاك المحاضير والمستعجلين، وكذب المتمنّين، ووصفهم نجاة المسلمين، ومدحهم الصابرين الثابتين، وتشبيههم إيّاهم على الثبات كثبات(1) الحصن على أوتادها، فتأدبوا رحمكم الله بتأديبهم(2)، وسلّموا لقولهم، ولا تجاوزوا رسمهم... إلى آخر ما قال(3).
50 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْم: (ألاَ اُخْبِرُكُمْ بِمَا لاَ يَقْبَلُ اللهُ عزّ وجل مِنَ الْعِبَادِ عَمَلاً إِلاَّ بِهِ؟)، فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: (شَهَادَةُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَالإقْرَارُ بِمَا أمَرَ اللهُ، وَالْوَلاَيَةُ لَنَا، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ أعْدَائِنَا، يَعْنِي أئمّة(4) خَاصَّةً، وَالتَّسْلِيمُ لَهُمْ، وَالْوَرَعُ، وَالِاجْتِهَادُ، وَالطُّمَأنِينَةُ، وَالِانْتِظَارُ لِلْقَائِم)، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ لَنَا دَوْلَةً يَجِي ءُ اللهُ بِهَا إِذَا شَاءَ).
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ سُرَّ(5) أنْ يَكُونَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم فَلْيَنْتَظِرْ وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَع وَمَحَاسِن الأخْلاَقِ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ، فَإنْ مَاتَ وَقَامَ الْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الأجْر مِثْلُ أجْر مَنْ أدْرَكَهُ، فَجِدُّوا وَانْتَظِرُوا هَنِيئاً لَكُمْ أيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ)(6).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن 6.
ص: 102
ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (اتَّقُوا اللهَ وَاسْتَعِينُوا عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ بِالْوَرَع، وَالِاجْتِهَادِ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَإِنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ أحَدُكُمْ اغْتِبَاطاً بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدَّين لَوْ قَدْ صَارَ فِي حَدَّ الآخِرَةِ، وَانْقَطَعَتِ الدُّنْيَا عَلَيْهِ(1)، فَإذَا صَارَ فِي ذَلِكَ الْحَدَّ عَرَفَ أنَّهُ قَدِ اسْتَقْبَلَ النَّعِيمَ وَالْكَرَامَةَ مِنَ اللهِ، وَالْبُشْرَى بِالْجَنَّةِ، وَأمِنَ مِمَّنْ كَانَ يَخَافُ، وَأيْقَنَ أنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، وَأنَّ مَنْ خَالَفَ دِينَهُ عَلَى بَاطِلٍ، وَأنَّهُ هَالِكٌ.
فَأبْشِرُوا ثُمَّ أبْشِرُوا! مَا الَّذِي تُريدُونَ؟ ألَسْتُمْ تَرَوْنَ أعْدَاءَكُمْ يَقْتُلُونَ(2) فِي مَعَاصِي اللهِ وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَى الدُّنْيَا دُونَكُمْ، وَأنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ آمِنينَ(3) فِي عُزْلَةٍ عَنْهُمْ، وَكَفَى بِالسُّفْيَانِيَّ نَقِمَةً لَكُمْ مِنْ عَدُوَّكُمْ، وَهُوَ مِنَ الْعَلاَمَاتِ لَكُمْ، مَعَ أنَّ الْفَاسِقَ لَوْ قَدْ خَرَجَ لَمَكَثْتُمْ شَهْراً أوْ شَهْرَيْن بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكُمْ مِنْهُ بَأسٌ حَتَّى يَقْتُلَ خَلْقاً كَثِيراً دُونَكُمْ).
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أصْحَابِهِ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالْعِيَال إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يَتَغَيَّبُ الرَّجَالُ مِنْكُمْ (عَنْهُ)(4) فَإنَّ خِيفَتَهُ وَشِرَّتَهُ فَإنَّماَ(5) هِيَ عَلَى شِيعَتِنَا، فَأمَّا النّسَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ بَأسٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى).
قِيلَ: إِلَى أيْنَ يَخْرُجُ الرَّجَالُ(6) وَيَهْرُبُونَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: (مَنْ أرَادَ أنْ يَخْرُجَ ف.
ص: 103
مِنْهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ أوْ إِلَى مَكَّةَ أوْ إِلَى بَعْض الْبُلْدَان)، ثُمَّ قَالَ: (مَا تَصْنَعُونَ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ جَيْشُ الْفَاسِقِ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَكَّةَ فَإنَّهَا مَجْمَعُكُمْ وَإِنَّمَا فِتْنَتُهُ حَمْلُ امْرَأةٍ تِسْعَةَ أشْهُرٍ وَلاَ يَجُوزُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ)(1).
52 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ)(2).
53 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ))(3)، فَقَالَ: (يَا فُضَيْلُ اعْرفْ إِمَامَكَ فَإنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ إِمَامَكَ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر، كَانَ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ قَاعِداً فِي عَسْكَرهِ، لاَ بَلْ بِمَنْزلَةِ مَنْ كَانَ قَاعِداً تَحْتَ لِوَائِهِ).
قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُ أصْحَابِنَا: (بِمَنْزلَةِ مَن اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
54 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ إِلَى الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى الْفَرَجُ؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ أنْتَ مِمَّنْ يُريدُ الدُّنْيَا مَنْ عَرَفَ هَذَا الأمْرَ فَقَدْ فُرجَ عَنْهُ بِانْتِظَارهِ)(5).3.
ص: 104
55 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صَالِح بْن السَّنْدِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيَّ، قَالَ: سَألَ أبُو بَصِيرٍ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَأنَا أسْمَعُ فَقَالَ: أتَرَانِي اُدْركُ الْقَائِمَ عليه السلام؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَصِيرٍ لَسْتَ تَعْرفُ إِمَامَكَ؟)، فَقَالَ: بَلَى وَاللهِ وَأنْتَ هُوَ، فَتَنَاوَلَ يَدَهُ وَقَالَ: (وَاللهِ مَا تُبَالِي يَا بَا بَصِيرٍ أنْ لاَ تَكُونَ مُحْتَبِياً بِسَيْفِكَ فِي ظِلّ روَاقِ الْقَائِم عليه السلام)(1).
بيان: احتبى الرجل جمع ظهره وساقه بعمامته أو غيرها.
56 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن النُّعْمَان، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارفٌ لإمَامِهِ لَمْ يَضُرَّهُ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أوْ تَأخَّرَ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارفٌ لإمَامِهِ كَانَ كَمَنْ هُوَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ)(2).
57 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ عَمْرو(3) بْن أبَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (اعْرفِ الْعَلاَمَةَ فَإذَا عَرَفْتَ(4) لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الأمْرُ أمْ تَأخَّرَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ))(5) فَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْمُنْتَظَر)(6).6.
ص: 105
الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا بْن شَيْبَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (اعْرفْ إِمَامَكَ...) وَفِي آخِرهِ: (كَانَ(1) فِي فُسْطَاطِ الْقَائِم عليه السلام)(2).
58 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ يَعْبُدُ مِنْ دُون اللهِ عزّ وجل)(3).
59 _ أقُولُ: قَدْ مَضَى بِأسَانِيدَ فِي خَبَر اللَّوْح: (ثُمَّ اُكْمِلُ ذَلِكَ بِابْنهِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ عَلَيْهِ كَمَالُ مُوسَى، وَبَهَاءُ عِيسَى، وَصَبْرُ أيُّوبَ، سَيَذِلُّ أوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ، وَيَتَهَادَوْنَ رُءُوسَهُمْ كَمَا يُتَهَادَى رُءُوسُ التُّرْكِ وَالدَّيْلَم، فَيُقْتَلُونَ وَيُحْرَقُونَ، وَيَكُونُونَ خَائِفِينَ مَرْعُوبينَ، وَجِلِينَ تُصْبَغُ الأرْضُ بِدِمَائِهِمْ، وَيَفْشُو الْوَيْلُ وَالرَّنينُ فِي نِسَائِهِمْ، اُولَئِكَ أوْلِيَائِي حَقّاً، بِهِمْ أرْفَعُ كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ، وَبِهِمْ أكْشِفُ الزَّلاَزلَ، وَأدْفَعُ الآصَارَ وَالأغْلاَلَ، اُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبَّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَاُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(4).
60 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الاثْنَيْ عَشَرَ(5)، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (يَغِيبُ عَنْهُمُ الْحُجَّةُ لاَ ة.
ص: 106
يُسَمَّى حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ فَإذَا عَجَّلَ اللهُ خُرُوجَهُ يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(1).
ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (طُوبَى لِلصَّابِرينَ فِي غَيْبَتِهِ، طُوبَى لِلْمُقِيمِينَ عَلَى مَحَجَّتِهِمْ، اُولَئِكَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ))(2)، وَقَالَ: ((أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))(3)).
61 _ تَفْسِيرُ النُّعْمَانِيَّ: بِالإسْنَادِ الآتِي فِي كِتَابِ الْقُرْآن، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا أبَا الْحَسَن حَقِيقٌ عَلَى اللهِ أنْ يُدْخِلَ أهْلَ الضَّلاَل الْجَنَّةَ، وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الْمُؤْمِنينَ الَّذِينَ قَامُوا فِي زَمَن الْفِتْنَةِ عَلَى الائْتِمَام بِالإمَام الْخَفِيَّ الْمَكَان، الْمَسْتُور عَن الأعْيَان، فَهُمْ بإمَامَتِهِ مُقِرُّونَ، وَبعُرْوَتِهِ مُسْتَمْسِكُونَ، وَلِخُرُوجِهِ مُنْتَظِرُونَ، مُوقِنُونَ غَيْرُ شَاكّينَ، صَابِرُونَ مُسْلِمُونَ، وَإِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ مَكَان إِمَامِهِمْ، وَعَنْ مَعْرفَةِ شَخْصِهِ.
يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا حَجَبَ عَنْ عِبَادِهِ عَيْنَ الشَّمْس الَّتِي جَعَلَهَا دَلِيلاً عَلَى أوْقَاتِ الصَّلاَةِ، فَمُوَسَّعٌ عَلَيْهِمْ تَأخِيرُ الْمُوَقَّتِ لِيَتَبَيَّنَ لَهُمُ الْوَقْتُ بِظُهُورهَا، وَيَسْتَيْقِنُوا أنَّهَا قَدْ زَالَتْ، فَكَذَلِكَ الْمُنْتَظِرُ لِخُرُوج الإمَام عليه السلام الْمُتَمَسَّكُ بِإمَامَتِهِ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ جَمِيعُ فَرَائِض اللهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، مَقْبُولَةٌ مِنْهُ بِحُدُودِهَا، غَيْرُ خَارج عَنْ مَعْنَى مَا فُرضَ عَلَيْهِ، فَهُوَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ لاَ تَضُرُّهُ غَيْبَةُ إِمَامِهِ)(4).ه.
ص: 107
62 _ الاختصاص: بِإسْنَادِهِ، عَن الْحَسَن بْن أحْمَدَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ اُمَيَّةَ بْن عليًّ(1)، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أيُّمَا أفْضَلُ نَحْنُ أوْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: (أنْتُمْ أفْضَلُ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم وَذَلِكَ أنَّكُمْ تُمْسُونَ وَتُصْبِحُونَ خَائِفِينَ عَلَى إِمَامِكُمْ وَعَلَى أنْفُسِكُمْ مِنْ أئِمَّةِ الْجَوْر، إِنْ صَلَّيْتُمْ فَصَلاَتُكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ صُمْتُمْ فَصِيَامُكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ حَجَجْتُمْ فَحَجُّكُمْ فِي تَقِيَّةٍ، وَإِنْ شَهِدْتُمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ...) وَعَدَّدَ أشْيَاءَ مِنْ نَحْو هَذَا مِثْلَ هَذِهِ، فَقُلْتُ: فَمَا نَتَمَنَّى الْقَائِمَ عليه السلام إِذَا كَانَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: (سُبْحَانَ اللهِ أمَا تُحِبُّ أنْ يَظْهَرَ الْعَدْلُ وَيَأمَنَ السُّبُلُ وَيُنْصَفَ الْمَظْلُومُ؟)(2).
63 _ نهج البلاغة: (الْزَمُوا الأرْضَ، وَاصْبِرُوا عَلَى الْبَلاَءِ، وَلاَ تُحَرَّكُوا بِأيْدِيكُمْ وَسُيُوفِكُمْ، وَهَوَى(3) ألْسِنَتِكُمْ، وَلاَ تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجَّلْهُ اللهُ لَكُمْ، فَإنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ عَلَى مَعْرفَةِ رَبَّهِ(4)، وَحَقَّ رَسُولِهِ وَأهْل بَيْتِهِ، مَاتَ شَهِيداً اُوْقِعَ (وَوَقَعَ) أجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَاسْتَوْجَبَ ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِح عَمَلِهِ، وَقَامَتِ النّيَّةُ مَقَامَ إصلائه بِسَيْفِهِ(5) فَإنَّ لِكُلّ شَيْ ءٍ مُدَّةً وَأجَلاً)(6).
64 _ أمالي الطوسي: أحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن 0.
ص: 108
الزُّبَيْر، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن رزْقٍ الْغُمْشَانِيَّ، عَنْ يَحْيَى بْن الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كُلُّ مُؤْمِنٍ شَهِيدٌ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَهُوَ كَمَنْ مَاتَ فِي عَسْكَر الْقَائِم عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ: (أيَحْبِسُ نَفْسَهُ عَلَى اللهِ ثُمَّ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟)(1).
65 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (انْتِظَارُ الْفَرَج بِالصَّبْر عِبَادَةٌ)(2).
66 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُغِيرَةِ، عَن الْمُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام(3) أنَّهُ قَالَ: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ، فَيَا طُوبَى لِلثَّابِتِينَ عَلَى أمْرنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَان، إِنَّ أدْنَى مَا يَكُونُ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ أنْ يُنَادِيَهُمُ الْبَارئُ عزّ وجل: عِبَادِي(4) آمَنْتُمْ بِسِرَّي، وَصَدَّقْتُمْ بِغَيْبِي، فَأبْشِرُوا بِحُسْن الثَّوَابِ مِنّي، فَأنْتُمْ عِبَادِي وَإِمَائِي حَقّاً، مِنْكُمْ أتَقَبَّلُ، وَعَنْكُمْ أعْفُو، وَلَكُمْ أغْفِرُ، وَبكُمْ أسْقِي عِبَادِيَ الْغَيْثَ، وَأدْفَعُ عَنْهُمُ الْبَلاَءَ، وَلَوْلاَكُمْ لأنْزَلْتُ عَلَيْهِمْ عَذَابِي).
قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ فَمَا أفْضَلُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ قَالَ: (حِفْظُ اللّسَان وَلُزُومُ الْبَيْتِ)(5).
67 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن 5.
ص: 109
الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُمْ، إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ اللهِ(1)، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَّةُ اللهِ فَعِنْدَهَا فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ كُلَّ صَبَاح وَمَسَاءٍ، فَإنَّ أشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَبُ اللهِ عَلَى أعْدَائِهِ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّتَهُ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ.
وَقَدْ عَلِمَ أنَّ أوْلِيَاءَهُ لاَ يَرْتَابُونَ وَلَوْ عَلِمَ أنَّهُمْ يَرْتَابُونَ لَمَا غَيَّبَ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ إِلاَّ عَلَى رَأس شِرَار النَّاس)(2).
68 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، مِثْلَهُ(3).
كمال الدين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمّد بن خالد، مثله(4).
الغيبة للطوسي: سعد، عن ابن عيسى، مثله(5).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن بعض رجاله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن رجل، عن المفضَّل، مثله(6).1.
ص: 110
69 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ مُنْتَظِراً لِهَذَا الأمْر كَانَ كَمَنْ كَانَ مَعَ الْقَائِم فِي فُسْطَاطِهِ، لاَ بَلْ كَانَ بِمَنْزلَةِ الضَّاربِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالسَّيْفِ)(1).
70 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن نَجِيح، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَةً قَبْلَ أنْ يَقُومَ)، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: (يَخَافُ) وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ.
ثُمَّ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ، (مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَاتَ أبُوهُ وَلَمْ يُخَلّفْ، وَ)(2) مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ حَمْلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ غَائِبٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا وُلِدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَدْ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أبِيهِ بِسَنَتَيْن، وَهُوَ الْمُنْتَظَرُ(3) غَيْرَ أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجِبَ(4) أنْ يَمْتَحِنَ الشّيعَةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ).
قَالَ زُرَارَةُ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإنْ أدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَأيَّ شَيْءٍ أعْمَلُ؟ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ إِنْ أدْرَكْتَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَالْزَمْ(5) هَذَا الدُّعَاءَ: اللهُمَّ عَرَّفْنِي نَفْسَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أعْرفْ نَبِيَّكَ، اللهُمَ ).
ص: 111
عَرَّفْنِي رَسُولَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أعْرفْ حُجَّتَكَ، اللهُمَّ عَرَّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرَّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِيني).
ثُمَّ قَالَ: (يَا زُرَارَةُ لاَ بُدَّ مِنْ قَتْل غُلاَم بِالْمَدِينَةِ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ألَيْسَ يَقْتُلُهُ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ؟ قَالَ: (لاَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ جَيْشُ بَنِي فُلاَنٍ يَخْرُجُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ، فَلاَ يَدْري النَّاسُ فِي أيَّ شَيْءٍ دَخَلَ، فَيَأخُذُ الْغُلاَمَ فَيَقْتُلُهُ فَإذَا قَتَلَهُ بَغْياً وَعُدْوَاناً وَظُلْماً لَمْ يُمْهِلْهُمُ اللهُ عزّ وجل، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(1).
كمال الدين: الطالقاني، عن أبي علي بن همام، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن أحمد ابن هلال، عن عثمان بن عيسى، عن ابن نجيح، عن زرارة، مثله(2).
كمال الدين: ابن الوليد، عن الحميري، عن علي بن محمّد الحجال، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، مثله(3).
الغيبة للطوسي: سعد، عن جماعة من أصحابنا، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة، مثله(4).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن علي(5)، عن زرارة، مثله(6).6.
ص: 112
وعن الكليني، عن علي بن إبراهيم(1)، عن الخشاب، عن عبد الله بن موسى، عن ابن بكير، عن زرارة مثله(2).
وعن الكليني، عن الحسين بن (محمّد، عن)(3) أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى عن ابن نجيح، عن زرارة، مثله(4).
71 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن يَزيدَ مَعاً، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا أصْبَحْتَ وَأمْسَيْتَ لاَ تَرَى إِمَاماً تَأتَمُّ بِهِ فَأحْبِبْ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ عزّ وجل)(5).
72 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْيَقْطِينيَّ مَعاً، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عِيسَى بْن عَبْدِ اللهِ (بْن مُحَمَّدِ)(6) بْن عُمَرَ بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام عَنْ خَالِهِ الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنْ كَانَ كَوْنٌ وَلاَ أرَانِيَ اللهُ يَوْمَكَ فَبِمَنْ أئْتَمُّ؟ فَأوْمَأ إِلَى مُوسَى عليه السلام، فَقُلْتُ لَهُ: فَإنْ مَضَى فَإلَى مَنْ؟ قَالَ: (فَإلَى وَلَدِهِ)، قُلْتُ: فَإنْ مَضَى وَلَدُهُ وَتَرَكَ أخاً كَبِيراً ).
ص: 113
وَابْناً صَغِيراً فَبِمَنْ أئْتَمُّ؟ قَالَ: (بِوَلَدِهِ ثُمَّ هَكَذَا أبَداً)، فَقُلْتُ: فَإنْ أنَا لَمْ أعْرفْهُ وَلَمْ أعْرفْ مَوْضِعَهُ فَمَا أصْنَعُ؟ قَالَ: (تَقُولُ: اللهُمَّ إِنّي أتَوَلَّى مَنْ بَقِيَ مِنْ حُجَجِكَ، مِنْ وَلَدِ الإمَام الْمَاضِي، فَإنَّ ذَلِكَ يُجْزيكَ)(1).
كمال الدين: أبي، عن سعد والحميري معاً، عن ابن أبي الخطاب واليقطيني معاً، عن ابن أبي نجران، مثله(2).
73 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أحْمَدَ، عَن الْعُبَيْدِيَّ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى(3)، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سَتُصِيبُكُمْ شُبْهَةٌ فَتَبْقَوْنَ بِلاَ عَلَم يُرَى وَلاَ إِمَام هُدًى، لاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْغَريقِ)، قُلْتُ: وَكَيْفَ دُعَاءُ الْغَريقِ؟
قَالَ: (تَقُولُ: يَا اللهُ، يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ، يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ)، فَقُلْتُ(4): يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ وَالأبْصَار ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل مُقَلّبُ الْقُلُوبِ وَالأبْصَار وَلَكِنْ قُلْ كَمَا أقُولُ: يَا مُقَلّبَ الْقُلُوبِ ثَبَّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ)(5).
74 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن ابْن عِيسَى، 9.
ص: 114
عَن الْيَقْطِينيَّ (وَعُثْمَانَ بْن عِيسَى بْن عُبَيْدٍ)(1)، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَمَّنْ أثْبَتَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ دَهْراً مِنْ عُمُركُمْ لاَ تَعْرفُونَ إِمَامَكُمْ؟)، قِيلَ لَهُ: فَإذَا كَانَ ذَلِكَ كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: (تَمَسَّكُوا بِالأمْر الأوَّل حَتَّى يُسْتَيْقَنَ)(2).
75 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ)، فَقُلْتُ لَهُ: مَا يَصْنَعُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ قَالَ: (يَتَمَسَّكُونَ بِالأمْر الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ)(3).
76 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن شُجَاع(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(5) قَالَ: (يَعْنِي يَوْمَ خُرُوج الْقَائِم الْمُنْتَظَر مِنَّا).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (يَا بَا بَصِيرٍ طُوبَى لِشِيعَةِ قَائِمِنَا، الْمُنْتَظِرينَ لِظُهُورهِ 8.
ص: 115
فِي غَيْبَتِهِ، وَالْمُطِيعِينَ لَهُ فِي ظُهُورهِ، اُولَئِكَ أوْلِيَاءُ اللهِ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(1).
77 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ أخِيهِ عليًّ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي الْحَسَن(2) عليه السلام أسْألُهُ عَن الْفَرَج، فَكَتَبَ إِلَيَّ: (إِذَا غَابَ صَاحِبُكُمْ عَنْ دَار الظَّالِمِينَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ)(3).
كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عمرو الكاتب، عن علي بن محمّد الصيمري، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت... وذكر نحوه(4).
* * * .
ص: 116
ص: 117
ص: 118
1 _ الاحتجاج: خَرَجَ التَّوْقِيعُ إِلَى أبِي الْحَسَن السَّمُريَّ: (يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ اسْمَعْ! أعْظَمَ اللهُ أجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإنَّكَ مَيَّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أيَّام، فَاجْمَعْ أمْرَكَ وَلاَ تُوص إِلَى أحَدٍ يَقُومُ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ التَّامَّةُ، فَلاَ ظُهُورَ إِلاَّ بَعْدَ إِذْن اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُول الأمَدِ، وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ، وَامْتِلاَءِ الأرْض جَوْرا(1)، وَسَيَأتِي مِنْ شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ، ألاَ فَمَن ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوج السُّفْيَانِيَّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيَّ الْعَظِيم)(2).
كمال الدين: الحسن بن أحمد المكتَّب، مثله(3).
بيان: لعلَّه محمول على من يدّعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه عليه السلام إلى الشيعة، على مثال السفراء لئلاّ ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه عليه السلام والله يعلم.
2 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ الْمُتَوَكّل وَمَاجِيلَوَيْهِ وَالْعَطَّارُ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يَفْقِدُ النَّاسُ إِمَامُهُمْ فَيَشْهَدُهُمُ الْمَوْسِمَ فَيَرَاهُمْ وَلاَ يَرَوْنَهُ)(4).3.
ص: 119
كمال الدين: أبي، عن سعد، عن الفزاري، مثله(1).
كمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن يحيى بن المثنى، مثله(2).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن الأسدي، عن سعد، عن الفزاري، مثله(3).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن الحسن بن محمّد الصيرفي، عن يحيى بن المثنى، مثله(4).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد العطّار، (عن جعفر بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد)(5)، مثله(6).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن الحسن(7) بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل، عن يحيى بن المثنى، مثله(8).
3 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْخَضِرَ شَربَ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ فَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّور، وَإِنَّهُ لَيَأتِينَا فَيُسَلّمُ 6.
ص: 120
عَلَيْنَا فَنَسْمَعُ صَوْتَهُ وَلاَ نَرَى شَخْصَهُ وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ حَيْثُ(1) ذُكِرَ، فَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْكُمْ فَلْيُسَلّمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ الْمَوَاسِمَ(2) فَيَقْضِي جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ فَيُؤَمَّنُ عَلَى دُعَاءِ الْمُؤْمِنينَ وَسَيُؤْنسُ اللهُ بِهِ وَحْشَةَ قَائِمِنَا عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ وَيَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُ)(3).
4 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَاللهِ إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يَحْضُرُ الْمَوْسِمَ كُلَّ سَنَةٍ فَيَرَى النَّاسَ وَيَعْرفُهُمْ وَيَرَوْنَهُ وَلاَ يَعْرفُونَهُ(4).
5 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُسْتَنِير، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن إِحْدَاهُمَا تَطُولُ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: مَاتَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمْ: قُتِلَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمْ: ذَهَبَ، حَتَّى لاَ يَبْقَى عَلَى أمْرهِ مِنْ أصْحَابِهِ إِلاَّ نَفَرٌ يَسِيرٌ، لاَ يَطَّلِعُ عَلَى مَوْضِعِهِ أحَدٌ مِنْ وُلْدِهِ، وَلاَ غَيْرهِ إِلاَّ الْمَوْلَى الَّذِي يَلِي أمْرَهُ)(5).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن 0.
ص: 121
أبي عبد الله عليه السلام(1)، وحدَّثنا القاسم بن محمّد ابن الحسين(2) بن حازم، عن عبيس بن هشام، عن ابن جبلة، عن ابن المستنير، عن المفضَّل، عنه عليه السلام، مثله(3).
6 _ الغيبة للطوسي: بِهَذَا الإسْنَادِ(4)، عَن الْفَضْل، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ عُزْلَةٍ، وَلاَ بُدَّ فِي عُزْلَتِهِ مِنْ قُوَّةٍ، وَمَا بِثَلاَثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ، وَنِعْمَ الْمَنْزلُ طَيْبَةُ)(5).
7 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ أبِي جَيَّدٍ، عَن ابْن الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمْدَوَيْهِ بْن الْبَرَاءِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى مَوْلَى آل سَام، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَلَمَّا نَزَلْنَا الرَّوْحَاءَ نَظَرَ إِلَى جَبَلِهَا مُطِلّاً عَلَيْهَا فَقَالَ لِي: (تَرَى هَذَا الْجَبَلَ؟ هَذَا جَبَلٌ يُدْعَى رَضْوَى مِنْ جِبَال فَارسَ أحَبَّنَا فَنَقَلَهُ اللهُ إِلَيْنَا، أمَا إِنَّ فِيهِ كُلَّ شَجَرَةِ مَطْعَم، ).
ص: 122
وَنعْمَ أمَانٌ لِلْخَائِفِ مَرَّتَيْن أمَا إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر فِيهِ غَيْبَتَيْن وَاحِدَةٌ قَصِيرَةٌ وَالاُخْرَى طَويلَةٌ)(1).
8 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْن جَنَاح الْجُعْفِيَّ، عَنْ حَازم بْن حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ، إِنْ جَاءَكَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرهِ فَلاَ تُصَدَّقْهُ)(2).
9 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ الصَّادِقَ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر لَشَبَه(3) مِنْ يُوسُفَ)، فَقُلْتُ: فَكَأنَّكَ تُخْبِرُنَا بِغَيْبَةٍ أوْ حَيْرَةٍ؟ فَقَالَ: (مَا يُنْكِرُ هَذَا الْخَلْقُ الْمَلْعُونُ أشْبَاهُ الْخَنَازير مِنْ ذَلِكَ؟ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا عُقَلاَءَ ألِبَّاءَ أسْبَاطاً أوْلاَدَ أنْبِيَاءَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَكَلَّمُوهُ وَخَاطَبُوهُ وَتَاجَرُوهُ وَرَادُّوهُ(4) وَكَانُوا إِخْوَتَهُ وَهُوَ أخُوهُمْ، لَمْ يَعْرفُوهُ حَتَّى عَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ وَقَالَ لَهُمْ: ((أَنَا يُوسُفُ)) فَعَرَفُوهُ حِينَئِذٍ، فَمَا يُنْكِرُ(5) هَذِهِ الاُمَّةُ الْمُتَحَيَّرَةُ أنْ يَكُونَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ يُريدُ فِي وَقْتٍ (مِنَ الأوْقَاتِ)(6) أنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ، لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ، وَكَانَ ر.
ص: 123
بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبِيهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَلَوْ أرَادَ أنْ يُعْلِمَهُ مَكَانَهُ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ (وَاللهِ لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أيَّامٍ مِنْ بَدْوهِمْ إِلَى مِصْرَ)(1).
فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الاُمَّةُ أنْ يَكُونَ اللهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ أنْ(2) يَكُونَ صَاحِبُكُمُ الْمَظْلُومُ الْمَجْحُودُ حَقُّهُ صَاحِبَ هَذَا الأمْر يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ وَيَمْشِي فِي أسْوَاقِهِمْ وَيَطَاُ فُرُشَهُمْ، وَلاَ يَعْرفُونَهُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ أنْ يُعَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أذِنَ لِيُوسُفَ حَتَّى(3) قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: إِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ، قَالَ: أنَا يُوسُفُ)(4).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، مثله(5).
دلائل الإمامة للطبري: عن علي بن هبة الله، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة، مثله(6).
10 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ عَمْرو(7) بْن عُثْمَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ).
ص: 124
أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (لِلْقَائِم غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا طَويلَةٌ وَالاُخْرَى قَصِيرَةٌ، فَالاُولَى يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا خَاصَّةٌ مِنْ شِيعَتِهِ، وَالاُخْرَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا (إِلاَّ)(1) خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينهِ)(2).
11 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لِلْقَائِم غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا قَصِيرَةٌ وَالاُخْرَى طَويلَةٌ، (الْغَيْبَةُ)(3) الاُولَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ (فِيهَا إِلاَّ خَاصَّةُ شِيعَتِهِ، وَالاُخْرَى لاَ يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا)(4) إِلاَّ خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينهِ)(5).
12 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْكُنَاسِيَّ(6)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن)، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (لاَ يَقُومُ (الْقَائِمُ)(7) وَ(لأحَدٍ)(8) فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ)(9).
13 _ الغيبة للنعماني: (ابْنُ عُقْدَةَ، عَن)(10) الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن س.
ص: 125
الْحُسَيْن(1) بْن حَازم مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْن جَنَاح، عَنْ حَازم بْن حَبِيبٍ(2)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: أصْلَحَكَ اللهُ إِنَّ أبَوَايَ هَلَكَا وَلَمْ يَحُجَّا، وَإِنَّ اللهَ قَدْ رَزَقَ وَأحْسَنَ فَمَا تَرَى(3) فِي الْحَجَّ عَنْهُمَا؟ فَقَالَ: (افْعَلْ فَإنَّهُ يَبْرُدُ لَهُمَا)، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ فَمَنْ جَاءَكَ يَقُولُ: إِنَّهُ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرهِ فَلاَ تُصَدَّقْهُ)(4).
14 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح الزُّهْريَّ(5)، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن الْحَسَن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو، عَنْ أبِي حَنِيفَةَ السَّائِقِ، عَن حَازم بْن حَبِيبٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبِي هَلَكَ وَهُوَ رَجُلٌ أعْجَمِيٌّ وَقَدْ أرَدْتُ أنْ أحُجَّ عَنْهُ وَأتَصَدَّقَ فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: افْعَلْ فَإنَّهُ يَصِلُ إِلَيْهِ)، ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا حَازمُ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن...) وَذَكَرَ(6) الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءً(7).
15 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ(8)، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَن الْعَلاَءِ، د.
ص: 126
عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَتَيْن يُقَالُ فِي إِحْدَاهُمَا: هَلَكَ، وَلاَ يُدْرَى فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)(1).
16 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَنْ أبِي بَكْرٍ وَيَحْيَى بْن الْمُثَنَّى، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِلْقَائِم غَيْبَتَيْن يَرْجِعُ فِي إِحْدَاهُمَا وَالاُخْرَى(2) لاَ يُدْرَى أيْنَ هُوَ؟، يَشْهَدُ الْمَوَاسِمَ، يَرَى النَّاسَ وَلاَ يَرَوْنَهُ)(3).
بيان: لعلَّ المراد برجوعه رجوعه إلى خواص مواليه وسفرائه أو وصول خبره إلى الخلق.
17 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن قَيْسٍ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن(4) بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْقَطَوَانِيَّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ(5) الْخَارفِيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لِقَائِم آل مُحَمَّدٍ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى)، فَقَالَ: (نَعَمْ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْتَلِفَ سَيْفُ بَنِي فُلاَنٍ وَتَضَيَّقَ الْحَلْقَةُ، وَيَظْهَرَ السُّفْيَانِيُّ وَيَشْتَدَّ الْبَلاَءُ وَيَشْمَلَ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ يَلْجَئُونَ فِيهِ إِلَى حَرَم اللهِ وَحَرَم رَسُولِهِ)(6).7.
ص: 127
18 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَتَيْن فِي إِحْدَاهُمَا يَرْجِعُ فِيهاَ(1) إِلَى أهْلِهِ، وَالاُخْرَى يُقَالُ(2): فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)، قُلْتُ: كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (إِن ادَّعَى مُدَّع فَاسْألُوهُ عَنْ تِلْكَ الْعَظَائِم الَّتِي يُجِيبُ فِيهَا مِثْلُهُ)(3).
19 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن نَضْرٍ(4)، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً يَقُولُ فِيهَا: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(5))(6).
20 _ الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ (عليًّ)(7) أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لاَ بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر مِنْ غَيْبَةٍ، وَلاَ بُدَّ لَهُ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ عُزْلَةٍ، وَنِعْمَ الْمَنْزلُ طَيْبَةُ، وَمَا بِثَلاَثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ)(8).1.
ص: 128
الغيبة للنعماني: الكليني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، مثله(1).
(بيان: في الكافي في السند الأوّل عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير(2).
و(العزلة) بالضمّ اسم الاعتزال، و(الطيبة) اسم المدينة الطيبة، فيدلُّ على كونه عليه السلام غالباً فيها وفي حواليها وعلى أنَّ معه ثلاثين من مواليه خواصه إن مات أحدهم قام آخر مقامه).
21 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْمُفَضَّل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِصَاحِبِ(3) الأمْر بَيْتاً يُقَالُ لَهُ: بَيْتُ الْحَمْدِ، فِيهِ سِرَاجٌ يَزْهَرُ(4) مُنْذُ يَوْمَ وُلِدَ إِلَى يَوْم يَقُومُ بِالسَّيْفِ لاَ يُطْفَى)(5).1.
ص: 129
الغيبة للطوسي: محمّد الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عطاء، عن سلام بن أبي عميرة، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(1).
* * *3.
ص: 130
ص: 131
ص: 132
أقول: وجدت رسالة مشتهرة بقصّة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض(1) أحببت إيرادها لاشتمالها على ذكر من رآه، ولما فيه من الغرائب. وإنَّما أفردت لها باب لأنّي لم أظفر به في الأصول المعتبرة ولنذكرها بعينها كما وجدتها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لمعرفته، والشكر له على ما منحنا للاقتداء بسنن سيّد بريته، محمّد الذي اصطفاه من بين خليقته، وخصّنا بمحبّة عليّ والأئمّة المعصومين من ذريته، صلى الله عليهم أجمعين الطيبين الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً.).
ص: 133
وبعد: فقد وجدت في خزانة أمير المؤمنين عليه السلام، وسيّد الوصيين، وحجّة ربّ العالمين، وإمام المتّقين، عليّ بن أبي طالب عليه السلام بخطّ الشيخ الفاضل والعالم العامل، الفضل بن يحيى بن عليّ الطيبي الكوفي قدَّس الله روحه ما هذا صورته:
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمّد وآله وسلّم.
وبعد: فيقول الفقير إلى عفو الله سبحانه وتعالى الفضل بن يحيى بن عليّ الطيبي الإمامي الكوفي عفى الله عنه: قد كنت سمعت من الشيخين الفاضلين العالمين الشيخ شمس الدين بن نجيح الحلّي والشيخ جلال الدين عبد الله بن الحرام الحلّي قدَّس الله روحيهما ونوَّر ضريحيهما في مشهد سيّد الشهداء وخامس أصحاب الكساء مولانا وإمامنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام في النصف من شهر شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة من الهجرة النبويّة على مشرّفها محمّد وآله أفضل الصلاة وأتمّ التحيّة، حكاية ما سمعاه من الشيخ الصالح التقي الفاضل الورع الزكي زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني، المجاور بالغري _ على مشرّفيه السلام _ حيث اجتمعا به في مشهد الإمامين الزكيّين الطاهرين المعصومين السعيدين عليهما السلام بسُرَّ من رأى وحكى لهما حكاية ما شاهده ورآه في البحر الأبيض، والجزيرة الخضراء من العجائب فمرَّ بي باعث الشوق إلى رؤياه، وسألت تيسير لقياه، والاستماع لهذا الخبر من لقلقة فيه بإسقاط رواته، وعزمت على الانتقال إلى سُرَّ من رأى للاجتماع به.
فاتفق أنَّ الشيخ زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني انحدر من سُرَّ من رأى إلى الحلّة في أوائل شهر شوال من السنة المذكورة ليمضي على جاري عادته ويقيم في المشهد الغروي على مشرّفيه السلام.
ص: 134
فلمَّا سمعت بدخوله إلى الحلّة وكنت يومئذٍ بها قد أنتظر قدومه فإذا أنا به وقد أقبل راكباً يريد دار السيّد الحسيب، ذي النسب الرفيع، والحسب المنيع السيّد فخر الدين الحسن بن عليّ الموسوي المازندراني نزيل الحلّة أطال الله بقاه ولم أكن إذ ذاك الوقت أعرف الشيخ الصالح المذكور لكن خلج في خاطري أنَّه هو.
فلمَّا غاب عن عيني تبعته إلى دار السيّد المذكور فلمَّا وصلت إلى باب الدار رأيت السيّد فخر الدن واقفاً على باب داره مستبشراً فلمَّا رآني مقبلاً ضحك في وجهي وعرفني بحضوره فاستطار قلبي فرحاً وسروراً ولم أملك نفسى على الصبر على الدخول إليه في غير ذلك الوقت.
فدخلت الدار مع السيّد فخر الدين فسلَّمت عليه، وقبَّلت يديه، فسأل السيّد عن حالى، فقال له: هو الشيخ فضل بن الشيخ يحيى الطيبي صديقكم فنهض واقفاً وأقعدني في مجلسه ورحَّب بي وأحفى السؤال عن حال أبي وأخي الشيخ صلاح الدين لأنَّه كان عارفاً بهما سابقاً ولم أكن في تلك الأوقات حاضراً بل كنت في بلدة واسط، أشتغل في طلب العلم عند الشيخ العالم العامل الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الواسطي الإمامي تغمَّده الله برحمته، وحشره في زمرة أئمّته عليهم السلام.
فتحادثت مع الشيخ الصالح المذكور متَّع الله المؤمنين بطول بقائه فرأيت في كلامه أمارات تدلُّ على الفضل في أغلب العلوم من الفقه والحديث، والعربية بأقسامها، وطلبت منه شرح ما حدَّث به الرجلان الفاضلان العالمان العاملان الشيخ شمس الدين والشيخ جلال الدين الحلّيان المذكوران سابقاً عفى الله عنهما فقصَّ لي القصّة من أوّلها إلى آخرها بحضور السيّد الجليل السيّد فخر الدين نزيل الحلّة صاحب الدار،
ص: 135
وحضور جماعة من علماء الحلّة والأطراف، قد كانوا أتوا لزيارة الشيخ المذكور وفَّقه الله، وكان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر شوال سنة تسع وتسعين وستمائة وهذه صورة ما سمعته من لفظه أطال الله بقاءه وربّما وقع في الألفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير، لكن المعاني واحدة قال حفظه الله تعالى:
قد كنت مقيماً في دمشق الشام، منذ سنين، مشتغلاً بطلب العلم، عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي وفَّقه الله لنور الهداية في علمي الأصول والعربية، وعند الشيخ زين الدين عليّ المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنَّه كان عالماً فاضلاً عارفاً بالقراءات السبع وكان له معرفة في أغلب العلوم من الصرف، والنحو، والمنطق، والمعاني، والبيان، والأصولين(1)، و كان ليَّن الطبع لم يكن عنده معاندة في البحث ولا في المذهب لحسن ذاته. فكان إذا جرى ذكر الشيعة يقول: قال علماء الإمامية. بخلاف من المدرّسين فإنَّهم كانوا يقولون عند ذكر الشيعة: قال علماء الرافضة، فاختصصت به وتركت التردّد إلى غيره، فأقمنا على ذلك برهة من الزمان أقرأ عليه في العلوم المذكورة.
فاتفق أنَّه عزم على السفر من دمشق الشام، يريد الديار المصرية، فلكثرة المحبّة التي كانت بيننا عزَّ عليَّ مفارقته، وهو أيضاً كذلك فآل(2) الأمر إلى أنَّه هداه الله صمّم العزم على صحبتي له إلى مصر، وكان عنده جماعة من الغرباء مثلي، يقرؤون عليه فصحبه أكثرهم.ف.
ص: 136
فسرنا في صحبته إلى أن وصلنا مدينة بلاد مصر المعروفة بالفاخرة، وهي أكبر من مدائن مصر كلّها، فأقام بالمسجد الأزهر مدّة يدرَّس، فتسامع فضلاء مصر بقدومه، فوردوا كلّهم لزيارته وللانتفاع بعلومه، فأقام في قاهرة مصر مدّة تسعة أشهر، ونحن معه على أحسن حال وإذا بقافلة قد وردت من الأندلس ومع رجل منها كتاب من والد شيخنا الفاضل المذكور يعرّفه فيه بمرض شديد قد عرض له وأنَّه يتمنّى الاجتماع به قبل الممات، ويحثّه فيه على عدم التأخير.
فرقَّ الشيخ من كتاب أبيه وبكى، وصمّم العزم على المسير إلى جزيرة الأندلس، فعزم بعض التلامذة على صحبته، ومن الجملة أنا، لأنَّه هداه الله قد كان أحبّني محبّة شديدة وحسَّن لي المسير معه فسافرت إلى الأندلس في صحبته فحيث وصلنا إلى أوّل قرية من الجزيرة المذكورة، عرضت لي حمى منعتني عن الحركة.
فحيث رآني الشيخ على تلك الحالة رقَّ لي وبكى، وقال: يعزُّ عليَّ مفارقتك، فأعطى خطيب تلك القرية التي وصلنا إليها عشرة دراهم، وأمره أن يتعاهدني حتَّى يكون منّي أحد الأمرين، وإن منَّ الله بالعافية أتبعه إلى بلده هكذا عهد إليَّ بذلك وفَّقه الله بنور الهداية إلى طريق الحقّ المستقيم، ثُمَّ مضى إلى بلد الأندلس، ومسافة الطريق من ساحل البحر إلى بلده خمسة أيام.
فبقيت في تلك القرية ثلاثة أيّام لا أستطيع الحركة لشدّة ما أصابني من الحمى ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمى، وخرجت أدور في سكك تلك القرية فرأيت قَفَلاً قد وصل من جبال قريبة من شاطئ البحر الغربي يجلبون الصوف والسمن والأمتعة، فسألت عن
ص: 137
حالهم فقيل: إنَّ هؤلاء يجيئون من جهة قريبة من أرض البربر، وهي قريبة من جزائر الرافضة.
فحيث سمعت ذلك منهم ارتحت إليهم، وجذبني باعث الشوق إلى أرضهم فقيل لي: إنَّ المسافة خمسة وعشرون يوماً، منها يومان بغير عمارة ولا ماء، وبعد ذلك فالقرى متّصلة، فاكتريت معهم من رجل حماراً بمبلغ ثلاثة دراهم، لقطع تلك المسافة التي لا عمارة فيها، فلمَّا قطعنا معهم تلك المسافة، ووصلنا أرضهم العامرة، تمشّيت راجلاً وتنقّلت على اختياري من قرية إلى أخرى (إلى) أن وصلت إلى أوّل تلك الأماكن، فقيل لي: إنَّ جزيرة الروافض قد بقي بينك وبينها ثلاثة أيام، فمضيت ولم أتأخَّر.
فوصلت إلى جزيرة ذات أسوار أربعة، ولها أبراج محكمات شاهقات، وتلك الجزيرة بحصونها راكبة على شاطئ البحر، فدخلت من باب كبيرة يقال لها: باب البربر، فدرت في سككها أسأل عن مسجد البلد، فهديت عليه، ودخلت إليه فرأيته جامعاً كبيراً معظماً واقعاً على البحر من الجانب الغربي من البلد، فجلست في جانب المسجد لأستريح وإذا بالمؤذّن يؤذّن للظهر ونادى بحي على خير العمل ولمَّا فرغ دعا بتعجيل الفرج للإمام صاحب الزمان عليه السلام.
فأخذتني العبرة بالبكاء، فدخلت جماعة بعد جماعة إلى المسجد، وشرعوا في الوضوء، على عين ماء تحت الشجرة في الجانب الشرقي من المسجد، وأنا أنظر إليهم فرحاً مسروراً لما رأيته من وضوئهم المنقول عن أئمّة الهدى عليهم السلام.
ص: 138
فلمَّا فرغوا من وضوئهم وإذا برجل قد برز من بينهم بهيّ الصورة، عليه السكينة والوقار، فتقدَّم إلى المحراب، وأقام الصلاة، فاعتدلت الصفوف وراءه وصلّى بهم إماماً وهم به مأمومون صلاة كاملة بأركانها المنقولة عن أئمّتنا عليهم السلام على الوجه المرضي فرضاً ونفلاً وكذا التعقيب والتسبيح ومن شدّة ما لقيته من وعثاء السفر، وتعبي في الطريق لم يمكني أنَّ أصلّي معهم الظهر.
فلمَّا فرغوا ورأوني أنكروا عليَّ عدم اقتدائي بهم، فتوجّهوا نحوي بأجمعهم وسألوني عن حالي ومن أين أصلّي وما مذهبي؟ فشرحت لهم أحوالي وأنّي عراقي الأصل، وأمَّا مذهبي فإنّني رجل مسلم أقول أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمّداً عبده ورسوله أرسله (بالهدى) ودين الحقّ ليظهره على الأديان كلّها ولو كره المشركون.
فقالوا لي: لم تنفعك هاتان الشهادتان إلاَّ لحقن دمك في دار الدنيا، لِمَ لا تقول الشهادة الأخرى لتدخل الجنّة بغير حساب؟ فقلت لهم: وما تلك الشهادة الأخرى؟ اهدوني إليها يرحمكم الله، فقال لي إمامهم: الشهادة الثالثة هي أن تشهد أنَّ أمير المؤمنين، ويعسوب المتّقين، وقائد الغر المحجّلين عليّ بن أبي طالب والأئمّة الأحد عشر من ولده أوصياء رسول الله، وخلفاؤه من بعده بلا فاصلة، قد أوجب الله عزّ وجل طاعتهم على عباده، وجعلهم أولياء أمره ونهيه، وحججاً على خلقه في أرضه، وأماناً لبريته، لأنَّ الصادق الأمين محمّداً رسول ربّ العالمين صلى الله عليه وآله وسلّم أخبربهم عن الله تعالى مشافهة من نداء الله عزّ وجل له عليه السلام في ليلة معراجه إلى السماوات السبع، وقد صار من ربّه كقاب قَوْسَيْن أو أدْنى، وسمّاهم له واحداً بعد واحد، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
ص: 139
فلمَّا سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه على ذلك، وحصل عندي أكمل السرور، وذهب عنّي تعب الطريق من الفرح، وعرَّفتهم أنّي على مذهبهم، فتوجّهوا إليَّ توجّه إشفاق، وعيّنوا لي مكاناً في زوايا المسجد، وما زالوا يتعاهدوني بالعزّة والإكرام مدّة إقامتي عندهم، وصار إمام مسجدهم لا يفارقني ليلاً ولا نهاراً.
فسألته عن ميرة بلده(1) من أين تأتي إليهم فإنّي لا أرى لهم أرضاً مزروعة، فقال: تأتي إليهم ميرتهم من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض، من جزائر أولاد الإمام صاحب الأمر عليه السلام، فقلت له: كم تأتيكم ميرتكم في السنة؟
فقال: مرَّتين، وقد أتت مرَّة وبقيت الأخرى فقلت: كم بقي حتَّى تأتيكم؟ قال: أربعة أشهر.
فتأثّرت لطول المدّة، ومكثت عندهم مقدار أربعين يوماً أدعو الله ليلاً ونهاراً بتعجيل مجيئها، وأنا عندهم في غاية الاعزاز والإكرام، ففي آخر يوم من الأربعين ضاق صدري لطول المدّة فخرجت إلى شاطئ البحر، أنظر إلى جهة المغرب التي ذكروا أهل البلد أنَّ ميرتهم تأتي إليهم من تلك الجهة.
فرأيت شبحاً من بعيد يتحرَّك، فسألت عن ذلك الشبح أهل البلد وقلت لهم: هل يكون في البحر طير أبيض؟ فقالوا لي: لا، فهل رأيت شيئاً؟ قلت: نعم، فاستبشروا وقالوا: هذه المراكب التي تأتي إلينا في كلّ سنة من بلاد أولاد الإمام عليه السلام.).
ص: 140
فما كان إلاَّ قليل حتَّى قدمت تلك المراكب، وعلى قولهم إنَّ مجيئها كان في غير الميعاد، فقدم مركب كبير وتبعه آخر وآخر حتَّى كملت سبعاً، فصعد(1) من المركب الكبير شيخ مربوع القامة، بهيّ المنظر، حسن الزي، ودخل المسجد فتوضّأ الوضوء الكامل على الوجه المنقول عن أئمّة الهدى عليهم السلام، وصلّى الظهرين، فلمَّا فرغ من صلاته التفت نحوي مسلّماً عليَّ فرددّت عليه السلام، فقال: ما اسمك وأظنّ أنَّ اسمك عليّ؟ قلت: صدقت، فحادثني بالسرّ محادثة من يعرفني فقال: ما اسم أبيك؟ ويوشك أن يكون فاضلاً، قلت: نعم، ولم أكن أشكّ في أنَّه قد كان في صحبتنا من دمشق.
فقلت: أيّها الشيخ! ما أعرفك بي وبأبي؟ هل كنت معنا حيث سافرنا من دمشق الشام إلى مصر؟ فقال: لا، قلت: ولا من مصر إلى الأندلس؟ قال: لا ومولاي صاحب العصر، قلت له: فمن أين تعرفني باسمي واسم أبي؟
قال: اعلم أنَّه قد تقدَّم إليَّ وصفك، وأصلك، ومعرفة اسمك وشخصك وهيئتك واسم أبيك، وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء.
فسررت بذلك حيث قد ذكرت ولي عندهم اسم، وكان من عدّته أنَّه لا يقيم عندهم إلاَّ ثلاثة أيّام فأقام أسبوعاً وأوصل الميرة إلى أصحابها المقرّرة لهم، فلمَّا أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرّر لهم، عزم على السفر، وحملني معه، وسرنا في البحر.
فلمَّا كان في السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض ل.
ص: 141
فجعلت اُطيل النظر إليه، فقال لي الشيخ واسمه محمّد: ما لي أراك تطيل النظر إلى هذا الماء؟ فقلت له: إنّي أراه على غير لون ماء البحر.
فقال لي: هذا هو البحر الأبيض، وتلك الجزيرة الخضراء، وهذا الماء مستدير حولها مثل السور من أيّ الجهات أتيته وجدته، وبحكمة الله تعالى إنَّ مراكب أعدائنا إذا دخلته غرقت وإن كانت محكمة ببركة مولانا وإمامنا صاحب العصر عليه السلام فاستعملته وشربت منه، فإذا هو كماء الفرات.
ثُمَّ إنّا لمَّا قطعنا ذلك الماء الأبيض، وصلنا إلى الجزيرة الخضراء لا زالت عامرة أهله، ثُمَّ صعدنا من المركب الكبير إلى الجزيرة ودخلنا البلد، فرأيته محصناً بقلاع وأبراج وأسوار سبعة واقعة على شاطئ البحر، ذات أنهار وأشجار مشتملة على أنواع الفواكه والأثمار المنوّعة، وفيها أسواق كثيرة، وحمّامات عديدة وأكثر عمارتها برخام شفاف وأهلها في أحسن الزيّ والبهاء فاستطار قلبي سروراً لما رأيته.
ثُمَّ مضى بي رفيقي محمّد بعدما استرحنا في منزله إلى الجامع المعظم، فرأيت فيه جماعة كثيرة وفي وسطهم شخص جالس عليه من المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر (أن) أصفه، والناس يخاطبونه بالسيّد شمس الدين محمّد العالم، ويقرؤون عليه القرآن والفقه، والعربية بأقسامها، وأصول الدين والفقه الذي يقرؤونه عن صاحب الأمر عليه السلام مسألة مسألة، وقضيّة قضيّة، وحكماً حكماً.
فلمَّا مثّلت بين يديه، رحَّب بي وأجلسني في القرب منه، وأحفى السؤال عن تعبي في الطريق وعرَّفني أنَّه تقدَّم إليه كلّ أحوالي، وأنَّ الشيخ محمّد رفيقي إنَّما جاء بي معه بأمر من السيّد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه.
ص: 142
ثُمَّ أمر لي بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد، وقال لي: هذا يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة، فنهضت ومضيت إلى ذلك الموضع، فاسترحت فيه إلى وقت العصر، وإذا أنا بالموكّل بي قد أتى إليَّ وقال لي: لا تبرح من مكانك حتَّى يأتيك السيّد وأصحابه لأجل العشاء معك، فقلت: سمعاً وطاعة.
فما كان إلاَّ قليل وإذا بالسيّد سلّمه الله قد أقبل، ومعه أصحابه، فجلسوا ومُدَّت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيّد لأجل صلاة المغرب والعشاء فلمَّا فرغنا من الصلاتين ذهب السيّد إلى منزله، ورجعت إلى مكاني وأقمت على هذه الحال مدّة ثمانية عشر يوماً ونحن في صحبته أطال الله بقاءه.
فأوّل جمعة صلّيتها معهم رأيت السيّد سلّمه الله صلّى الجمعة ركعتين فريضة واجبة، فلمَّا انقضت الصلاة قلت: يا سيّدي قد رأيتكم صلّيتم الجمعة ركعتين فريضة واجبة؟ قال: نعم لأنَّ شروطها المعلومة قد حضرت فوجبت، فقلت في نفسي: ربّما كان الإمام عليه السلام حاضراً.
ثُمَّ في وقت آخر سألت منه في الخلوة: هل كان الإمام حاضراً؟ فقال: لا ولكنّي أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه عليه السلام، فقلت: يا سيّدي وهل رأيت الإمام عليه السلام؟ قال: لا، ولكنّي حدَّثني أبي رحمه الله أنَّه سمع حديثه ولم يرَ شخصه، وأنَّ جدّي رحمه الله سمع حديثه ورأى شخصه.
فقلت له: ولِمَ ذاك يا سيّدي يختصّ بذلك رجل دون آخر؟ فقال لي: يا أخي إنَّ الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده، وذلك لحكمة بالغة وعظمة قاهرة، كما أنَّ الله تعالى اختصَّ من عباده الأنبياء والمرسلين، والأوصياء المنتجبين، وجعلهم أعلاماً لخلقه،
ص: 143
وحججاً على بريّته، ووسيلة بينهم وبينه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيَّنَةٍ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيَّنَةٍ، ولم يخل أرضه بغير حجّة على عباده للطفه بهم، ولا بدَّ لكلّ حجّة من سفير يبلّغ عنه.
ثُمَّ إنَّ السيّد سلّمه الله أخذ بيدي إلى خارج مدينتهم، وجعل يسير معي نحو البساتين، فرأيت فيها أنهاراً جارية، وبساتين كثيرة، مشتملة على أنواع الفواكه، عظيمة الحسن والحلاوة، من العنب والرمّان، والكمّثرى وغيرها ما لم أرَها في العراقين، ولا في الشامات كلّها.
فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر إذ مرَّ بنا رجل بهيّ الصورة، مشتمل ببردتين من صوف أبيض فلمَّا قرب منّا سلَّم علينا وانصرف عنّا، فأعجبتني هيئته فقلت للسيّد سلّمه الله: من هذا الرجل؟ قال لي: أتنظر إلى هذا الجبل الشاهق؟
قلت: نعم، قال: إنَّ في وسطه لمكاناً حسناً وفيه عين جارية، تحت شجرة ذات أغصان كثيرة، وعندها قبّة مبنيّة بالآجر، وإنَّ هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبّة، وأنا أمضي إلى هناك في كلّ صباح جمعة، وأزور الإمام عليه السلام منها واُصلّي ركعتين، وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين، فمهما تضمّنته الورقة أعمل به، فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام عليه السلام من القبّة.
فذهبت إلى الجبل فرأيت القبّة على ما وصف لي سلّمه الله، ووجدت هناك خادمين، فرحَّب بي الذي مرَّ علينا وأنكرني الآخر فقال له: لا تنكره فإنّي رأيته في صحبة السيّد شمس الدين العالم، فتوجَّه إليَّ ورحَّب بي وحادثاني وأتيا لي بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبّة، وتوضأت وصليت ركعتين.
وسألت الخادمين عن رؤية الإمام عليه السلام فقالا لي: الرؤية غير
ص: 144
ممكنة وليس معنا إذن في إخبار أحد، فطلبت منهم الدعاء، فدعيا لي، وانصرفت عنهما، ونزلت من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة.
فلمَّا وصلت إليها ذهبت إلى دار السيّد شمس الدين العالم، فقيل لي: إنَّه خرج في حاجة له، فذهبت إلى دار الشيخ محمّد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل، واجتماعي بالخادمين، وإنكار الخادم عليَّ فقال لي: ليس لأحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان، سوى السيّد شمس الدين وأمثاله، فلهذا وقع الانكار منه لك، فسألته عن أحوال السيّد شمس الدين أدام الله إفضاله، فقال: إنَّه من أولاد أولاد الإمام، وإنَّ بينه وبين الإمام عليه السلام خمسة آباء وإنَّه النائب الخاص عن أمر صدر منه عليه السلام.
قال الشيخ الصالح زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني المجاور بالغري على مشرّفه السلام: واستأذنت السيّد شمس الدين العالم، أطال الله بقاءه في نقل بعض المسائل التي يحتاج إليها عنه، وقراءة القرآن المجيد، ومقابلة المواضع المشكلة من العلوم الدينية وغيرها فأجاب إلى ذلك وقال: إذا كان ولا بدَّ من ذلك فابدء أوّلاً بقراءة القرآن العظيم.
فكان كلّما قرأت شيئاً فيه خلاف بين القرّاء أقول له: قرأ حمزة كذا، وقرأ الكسائي كذا، وقرأ عاصم كذا، وأبو عمرو بن كثير كذا.
فقال السيّد سلّمه الله: نحن لا نعرف هؤلاء، وإنَّما القرآن نزل على سبعة أحرف، قبل الهجرة من مكّة إلى المدينة وبعدها لمَّا حجّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حجّة الوداع، نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمّد اُتل عليَّ القرآن حتَّى اُعرفك أوائل السور، وأواخرها، وشأن نزوله(1).).
ص: 145
فاجتمع إليه عليّ بن أبي طالب، وولداه الحسن والحسين عليهم السلام واُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وحسّان بن ثابت، وجماعة رضي الله عن المنتجبين منهم، فقرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم القرآن من أوّله إلى آخره، فكان كلّما مرَّ بموضع فيه اختلاف بيَّنه له جبرئيل عليه السلام، وأمير المؤمنين عليه السلام يكتب ذاك في درج من أدم فالجميع قراءة أمير المؤمنين ووصي رسول ربّ العالمين.
فقلت له: يا سيّدي أرى بعض الآيات غير مرتبطة بما قبلها، وبما بعدها كأنَّ فهمي القاصر، لم يصر إلى غورية(1) ذلك.
فقال: نعم، الأمر كما رأيته وذلك (أنَّه) لمَّا انتقل سيّد البشر محمّد بن عبد الله من دار الفناء إلى دار البقاء وفعل صنما قريش ما فعلاه، من غصب الخلافة الظاهرية، جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن كلّه، ووضعه في إزار وأتى به إليهم وهم في المسجد.
فقال لهم: هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أن أعرضه إليكم لقيام الحجّة عليكم، يوم العرض بين يدي الله تعالى، فقال له فرعون هذه الأمّة ونمرودها: لسنا محتاجين إلى قرآنك، فقال عليه السلام: لقد أخبرني حبيبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بقولك هذا، وإنَّما أردت بذلك إلقاء الحجّة عليكم.
فرجع أمير المؤمنين عليه السلام به إلى منزله، وهو يقول: لا إله إلاَّ أنت، وحدك لا شريك لك لا راد لما سبق في علمك، ولا مانع لما اقتضته حكمتك، فكن أنت الشاهد لي عليهم يوم العرض عليك.).
ص: 146
فنادى ابن أبي قحافة بالمسلمين، وقال لهم: كلّ من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الرحمان بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، وأبو سعيد الخدري، وحسّان بن ثابت، وجماعات المسلمين وجمعوا هذا القرآن، وأسقطوا ما كان فيه من المثالب التي صدرت منهم، بعد وفاة سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلّم(1).
فلهذا ترى الآيات غير مرتبطة والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السلام بخطّه محفوظ عند صاحب الأمر عليه السلام فيه كلّ شيء حتَّى أرش الخدش، وأمَّا هذا اقرآن، فلا شكّ ولا شبهة في صحّته، وإنَّما كلام الله سبحانه هكذا صدر عن صاحب الأمر عليه السلام.
قال الشيخ الفاضل عليّ بن فاضل: ونقلت عن السيّد شمس الدين حفظه الله مسائل كثيرة تنوب على تسعين مسألة، وهي عندي، جمعتها في مجلد وسمّيتها بالفوائد الشمسية ولا أطّلع عليها إلاَّ الخاص من المؤمنين، وستراه إن شاء الله تعالى.
فلمَّا كانت الجمعة الثانية وهي الوسطى من جُمَع الشهر، وفرغنا من الصلاة وجلس السيّد سلّمه الله في مجلس الإفادة للمؤمنين وإذا أنا أسمع هرجاً ومرجاً وجزلة(2) عظيمة خارج المسجد، فسألت من السيّد عمّا سمعته، فقال لي: إن اُمراء عسكرنا يركبون في كلّ جمعة من وسط كلّ شهر، وينتظرون الفرج فاستأذنته في النظر إليهم فأذن لي، فخرجت لرؤيتهم، وإذا هم جمع كثير يسبّحون الله ويحمّدونه، ويهلّلونه عزّ وجل،م.
ص: 147
ويدعون بالفرج للإمام القائم بأمر الله والناصح لدين الله (م ح م د) بن الحسن المهدي الخلف الصالح، صاحب الزمان عليه السلام.
ثُمَّ عدت إلى مسجد السيّد سلَّمه الله فقال لي: رأيت العسكر؟ فقلت: نعم، قال: فهل عددت اُمراءهم؟ قلت: لا، قال: عدّتهم ثلاث مائة ناصر وبقي ثلاثة عشر ناصراً، ويعجّل الله لوليه الفرج بمشيّته إنَّه جواد كريم.
قلت: يا سيّدي ومتى يكون الفرج؟ قال: يا أخي إنَّما العلم عند الله والأمر متعلّق بمشيّته سبحانه وتعالى حتَّى أنَّه ربّما كان الإمام عليه السلام لا يعرف ذلك، بل له علامات وأمارات تدلُّ على خروجه.
من جملتها أن ينطق ذو الفقار بأن يخرج من غلافه، ويتكلّم بلسان عربي مبين: قم يا ولي الله على اسم الله، فاقتل بي أعداء الله.
ومنها: ثلاثة أصوات يسمعها الناس كلّهم، الصوت الأوّل: أزفَتِ الآزفَةُ يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ لآل محمّد عليهم السلام، والثالث: بدن يظهر فيرى في قرن الشمس يقول: إنَّ الله بعث صاحب الأمر (م ح م د) بن الحسن المهدي عليه السلام فاسمعوا له وأطيعوا.
فقلت: يا سيّدي قد روينا عن مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السلام أنَّه قال لمَّا اُمر بالغيبة الكبرى: من رآني بعد غيبتي فقد كذب فكيف فيكم من يراه؟ فقال: صدقت إنَّه عليه السلام إنَّما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العبّاس، حتَّى أنَّ الشيعة يمنع بعضها بعضاً عن التحدّث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدّة وأيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعنائهم، وببركته عليه السلام لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا.
ص: 148
قلت: يا سيّدي! قد روت علماء الشيعة حديثاً عن الإمام عليه السلام أنَّه أباح الخمس لشيعته، فهل رويتم عنه ذلك؟ قال: نعم، إنَّه عليه السلام رخَّص وأباح الخمس لشيعته من ولد عليّ عليه السلام، وقال: هم في حلّ من ذلك، قلت: وهل رخَّص للشيعة أن يشتروا الإماء والعبيد من سبي العامّة؟ قال: نعم، ومن سبي غيرهم لأنَّه عليه السلام قال: عاملوهم بما عاملوا به أنفسهم، وهاتان المسألتان زائدتان على المسائل التي سمّيتها لك.
وقال السيّد سلَّمه الله: إنَّه يخرج من مكّة بين الركن والمقام في سنة وتر فليرتقبها المؤمنون.
فقلت: يا سيّدي قد أحببت المجاورة عندكم إلى أن يأذن الله بالفرج فقال لي: اعلم يا أخي أنَّه تقدَّم إليَّ كلام بعودك إلى وطنك، ولا يمكنني وإيّاك المخالفة، لأنَّك ذو عيال وغبت عنهم مدّة مديدة، ولا يجوز لك التخلّف عنهم أكثر من هذا، فتأثّرت من ذلك وبكيت.
وقلت: يا مولاي وهل تجوز المراجعة في أمري؟ قال: لا، قلت: يا مولاي وهل تأذن لي في أن أحكي كلّما قد رأيته وسمعته؟ قال: لا بأس أن تحكي للمؤمنين لتطمئن قلوبهم، إلاَّ كيت وكيت وعيَّن ما لا أقوله.
فقلت: يا سيّدي أما يمكن النظر إلى جماله وبهائه عليه السلام؟ قال: لا، ولكن اعلم يا أخي أنَّ كلّ مؤمن مخلص يمكن أن يرى الإمام ولا يعرفه، فقلت: يا سيّدي أنا من جملة عبيده المخلصين، ولا رأيته.
فقال لي: بل رأيته مرّتين مرّة منها لمَّا أتيت إلى سُرَّ من رأى وهي أوّل مرّة جئتها، وسبقك أصحابك وتخلّفت عنهم، حتَّى وصلت إلى نهر لا ماء فيه فحضر عندك فارس على فرس شهباء، وبيده رمح طويل، وله سنان دمشقي، فلمَّا رأيته خفت على ثيابك فلمَّا وصل إليك قال لك: لا
ص: 149
تخف اذهب إلى أصحابك، فإنَّهم ينتظرونك تحت تلك الشجرة فأذكرني والله ما كان، فقلت: قد كان ذلك يا سيّدي.
قال: والمرّة الأخرى حين خرجت من دمشق تريد مصراً مع شيخك الأندلسي، وانقطعت عن القافلة، وخفت خوفاً شديداً، فعارضك فارس على فرس غرّاء محجّلة، وبيده رمح أيضاً، وقال لك: سر ولا تخف إلى قرية على يمينك ونم عند أهلها الليلة، وأخبرهم بمذهبك الذي ولدت عليه، ولا تتّق منهم فإنَّهم مع قرى عديدة جنوبي دمشق، مؤمنون مخلصون، يدينون بدين عليّ بن أبي طالب والأئمّة المعصومين من ذريته عليهم السلام، أكان ذلك يا ابن فاضل؟
قلت: نعم، و ذهبت إلى عند أهل القرية ونمت عندهم فأعزوني وسألتهم عن مذهبم، فقالوا لي _ من غير تقيّة منّي _: نحن على مذهب أمير المؤمنين، ووصي رسول ربّ العالمين عليّ بن أبي طالب والأئمّة المعصومين من ذريته عليهم السلام، فقلت لهم: من أين لكم هذا المذهب؟ ومن أوصله إليكم؟ قالوا: أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حين نفاه عثمان إلى الشام، ونفاه معاوية إلى أرضنا هذه، فعمّتنا بركته، فلمَّا أصبحت طلبت منهم اللحوق بالقافلة فجهّزوا معي رجلين ألحقاني بها، بعد أن صرَّحت لهم بمذهبي.
فقلت له: يا سيّدي هل يحجّ الإمام عليه السلام في كلّ مدّة بعد مدّة؟ قال لي: يا ابن فاضل! الدنيا خطوة مؤمن، فكيف بمن لم تقم الدنيا إلاَّ بوجوده ووجود آبائه عليهم السلام، نعم يحجّ في كلّ عام ويزور آباءه في المدينة والعراق، وطوس، على مشرّفيها السلام، ويرجع إلى أرضنا هذه.
ثُمَّ إنَّ السيّد شمس الدين حثَّ عليَّ بعدم التأخير بالرجوع إلى العراق
ص: 150
وعدم الإقامة في بلاد المغرب، وذكر لي أنَّ ذراهمهم مكتوب عليها: لا إله إلاَّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله، محمّد بن الحسن القائم بأمر الله. وأعطاني السيّد منها خمسة دراهم وهي محفوظة عندي للبركة.
ثُمَّ إنَّه سلمه الله وجّهني مع المراكب التي أتيت معها إلى أن وصلنا إلى تلك البلدة التي أوّل ما دخلتها من أرض البربر، وكان قد أعطاني حنطة وشعيراً فبعتها في تلك البلدة بمائة وأربعين ديناراً ذهباً، من معاملة(1) بلاد المغرب ولم أجعل طريقي على الأندلس امتثالاً لأمر السيّد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه وسافرت منها مع الحُجُج المغربي(2) إلى مكّة شرَّفها الله تعالى وحججت، وجئت إلى العراق واُريد المجاورة في الغري على مشرّفيها السلام حتَّى الممات.
قال الشيخ زين الدين عليّ بن فاضل المازندراني: لم أرَ لعلماء الإمامية عندهم ذكراً سوى خمسة: السيّد المرتضى الموسوي، والشيخ أبو جعفر الطوسي، ومحمّد بن يعقوب الكليني، وابن بابويه، والشيخ أبو القاسم جعفر بن سعيد الحلّي.
هذا آخر ما سمعته من الشيخ الصالح التقي والفاضل الزكي عليّ بن فاضل المذكور أدام الله إفضاله وأكثر من علماء الدهر وأتقيائه أمثاله، والحمد لله أوّلاً وآخراً، ظاهراً وباطناً، وصلى الله على خير خلقه سيّد البرية، محمّد وعلى آله الطاهرين المعصومين وسلَّم تسليماً كثيراً.
بيان: (اللقلقة) بفتح اللامين: الصوت، و(القَفَل) بالتحريك اسم ).
ص: 151
جمع للقافل، وهو الراجع من السفر، وبه سمّي القافلة، قوله: (تنوف) أي تشرف وترتفع وتزيد.
أقول: ولنلحق بتلك الحكاية، بعض الحكايات التي سمعتها عمَّن قرب من زماننا.
فمنها: ما أخبرني جماعة عن السيّد الفاضل أمير علام قال: كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدَّسة بالغري على مشرّفها السلام وقد ذهب كثير من الليل، فبينا أنا أجول فيها، إذ رأيت شخصاً مقبلاً نحو الروضة المقدّسة فأقبلت إليه فلمَّا قربت منه عرفت أنَّه أستاذنا الفاضل العالم التقي الذكي مولانا أحمد الأردبيلي قدَّس الله روحه.
فأخفيت نفسي عنه، حتَّى أتى الباب، وكان مغلقاً، فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة، فسمعته يكلّم كأنَّه يناجي أحداً ثُمَّ خرج، واُغلق الباب فمشيت خلفه حتَّى خرج من الغري وتوجّه نحو مسجد الكوفة.
فكنت خلفه بحيث لا يراني حتَّى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه عنده، ومكث طويلاً ثُمَّ رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغري.
فكنت خلفه حتَّى قرب من الحنانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه، فالتفت إليَّ فعرفني، وقال: أنت مير علام؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع ههنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدّسة إلى الآن واُقسم عليك بحقّ صاحب القبر أن تخبرني بما جرى عليك في تلك الليلة، من البداية إلى النهاية.
فقال: اُخبرك على أن لا تخبر به أحداً ما دمت حيّاً، فلمَّا توثّق
ص: 152
ذلك منّي قال: كنت اُفكر في بعض المسائل وقد أغلقت عليَّ، فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السلام وأسأله عن ذلك، فلمَّا وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت فدخلت الروضة وابتهلت إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتاً من القبر: أن ائت مسجد الكوفة وسل عن القائم عليه السلام فإنَّه إمام زمانك، فأتيت عند المحراب، وسألته عنها واُجبت وها أنا أرجع إلى بيتي.
ومنها: ما أخبرني به والدي رحمه الله قال: كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له: أمير إسحاق الأستر آبادي، وكان قد حجَّ أربعين حجّة ماشياً وكان قد اشتهر بين الناس أنَّه تُطوى له الأرض.
فورد في بعض السنين بلدة أصفهان، فأتيته وسألته عمّا اشتهر فيه، فقال:
كان سبب ذلك أنّي كنت في بعض السنين مع الحاج متوجّهين إلى بيت الله الحرام فلمَّا وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكّة سبعة منازل أو تسعة تأخّرت عن القافلة لبعض الأسباب حتَّى غابت عنّي، وضللت عن الطريق، وتحيّرت وغلبني العطش حتَّى أيست من الحياة.
فناديت: يا صالح يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله، فتراءى لي في منتهى البادية شبح، فلمَّا تأمّلته حضر عندي في زمان يسير فرأيته شاباً حسن الوجه، نقي الثياب، أسمر، على هيئة الشرفاء، راكباً على جمل، ومعه أداوة، فسلَّمت عليه فردَّ عليَّ السلام وقال: (أنت عطشان؟)، قلت: نعم، فأعطاني الأداوة فشربت ثُمَّ قال: (تريد أن تلحق القافلة؟)، قلت: نعم، فأردفني خلفه، وتوجَّه نحو مكّة.
وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كلّ يوم، فأخذت في
ص: 153
قراءته، فقال عليه السلام في بعض المواضع: (اقرأ هكذا)، قال: فما مضى إلاَّ زمان يسير حتَّى قال لي: (تعرف هذا الموضع؟)، فنظرت فإذا أنا بالأبطح فقال: (انزل)، فلمَّا نزلت رجعت وغاب عنّي.
فعند ذلك عرفت أنَّه القائم عليه السلام فندمت وتأسفت على مفارقته، وعدم معرفته فلمَّا كان بعد سبعة أيام أتت القافلة، فرأوني في مكّة بعد ما أيسوا من حياتي فلذا اشتهرت بطيّ الأرض.
قال الوالد رحمه الله: فقرأت عنده الحرز اليماني وصحّحته وأجازني والحمد لله.
ومنها: ما أخبرني به جماعة عن جماعة عن السيّد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الأستر آبادي نوَّر الله مرقده أنَّه قال: إنّي كنت ذات ليلة أطوف حول بيت الله الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه، فأخذ في الطواف، فلمَّا قرب منّي أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه، فأخذت منه وشممته، وقلت له: من أين يا سيّدي؟ قال: (من الخرابات)، ثُمَّ غاب عنّي فلم أرَه.
ومنها: ما أخبرني به جماعة من أهل الغري على مشرّفه السلام أنَّ رجلاً من أهل قاشان أتى إلى الغري متوجّها إلى بيت الله الحرام، فاعتل علّة شديدة حتَّى يبست رجلاه، ولم يقدر على المشي، فخلَّفه رفقاؤه وتركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدّسة، وذهبوا إلى الحجّ.
فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كلّ يوم، ويذهب إلى الصحاري للتنزّه ولطلب الدراري التي تؤخذ منها، فقال له في بعض الأيام: إنّي قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان، فاذهب بي اليوم وأطرحني في مكان واذهب حيث شئت.
ص: 154
قال: فأجابني إلى ذلك، وحملني وذهب بي إلى مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف فأجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحها على شجرة كانت هناك، وذهب إلى الصحراء، وبقيت وحدي مغموماً اُفكر فيما يؤول إليه أمري فإذا أنا بشاب صبيح الوجه، أسمر اللون، دخل الصحن. وسلَّم عليَّ وذهب إلى بيت المقام، وصلّى عند المحراب ركعات، بخضوع وخشوع لم أرَ مثله قط، فلمَّا فرغ من الصلاة خرج وأتاني وسألني عن حالي فقلت له: ابتليت ببلية ضقت بها لا يشفيني الله فأسلم منها، ولا يذهب بي فأستريح، فقال: (لا تحزن سيعطيك الله كليهما)، وذهب.
فلمَّا خرج رأيت القميص وقع على الأرض، فقمت وأخذت القميص وغسلتها وطرحتها على الشجر، فتفكّرت في أمري وقلت: أنا كنت لا أقدر على القيام والحركة، فكيف صرت هكذا؟ فنظرت إلى نفسي فلم أجد شيئاً مما كان بي فعلمت أنَّه كان القائم صلوات الله عليه، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أرَ أحداً فندمت ندامة شديدة.
فلمَّا أتاني صاحب الحجرة، سألني عن حالي وتحيَّر في أمري فأخبرته بما جرى فتحسَّر على ما فات منه ومنّي، ومشيت معه إلى الحجرة.
قالوا: فكان هكذا سليماً حتَّى أتى الحاج ورفقاؤه، فلمَّا رآهم وكان معهم قليلاً، مرض ومات، ودفن في الصحن، فظهر صحّة ما أخبره عليه السلام من وقوع الأمرين معاً.
وهذه القصَّة من المشهورات عند أهل المشهد، وأخبرني به ثقاتهم وصلحاؤهم.
ص: 155
ومنها: ما أخبرني به بعض الأفاضل الكرام، والثقات الأعلام، قال: أخبرني بعض من أثق به يرويه عمَّن يثق به، ويطريه أنَّه قال: لمَّا كان بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج، جعلوا واليها رجلاً من المسلمين، ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير أشدُّ نصباً منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبّهم لأهل البيت عليهم السلام ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكلّ حيلة.
فلمَّا كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمّانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوباً عليها: (لا إله إلاَّ الله، محمَّد رسول الله، أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ خلفاء رسول الله) فتأمّل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرمّانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجَّب من ذلك وقال للوزير: هذه آية بيّنة، وحجّة قويّة، على إبطال مذهب الرافضة، فما رأيك في أهل البحرين؟
فقال له: أصلحك الله إنَّ هؤلاء جماعة متعصّبون، ينكرون البراهين، وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمّانة، فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإن أبوا إلاَّ المقام على ضلالتهم فخيّرهم بين ثلاث: إمَّا أن يؤدّوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها، أو تقتل رجالهم وتسبى نساءهم وأولادهم، وتأخذ بالغنيمة أموالهم.
فاستحسن الوالي رأيه، وأرسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار، والنجباء والسادة الأبرار، من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمّانة، وأخبرهم بما رأى فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف: من القتل والأسر
ص: 156
وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفار، فتحيّروا في أمرها، ولم يقدروا على جواب، وتغيَّرت وجوههم وارتعدت فرائصهم.
فقال كبراؤهم: أمهلنا أيّها الأمير ثلاثة أيام لعلَّنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلاَّ فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم، فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيّرين.
فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك، فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهّادهم عشرة، ففعلوا، ثُمَّ اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اُخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بإمام زماننا، وحجّة الله علينا، لعلَّه يبيّن لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء.
فخرج وبات طول ليلته متعبّداً خاشعاً داعياً باكياً يدعو الله، ويستغيث بالإمام عليه السلام، حتَّى أصبح ولم يرَ شيئاً، فأتاهم وأخبرهم فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم.
فأحضروا الثالث وكان تقيّاً فاضلاً اسمه محمّد بن عيسى، فخرج الليلة الثالثة حافياً حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى، وتوسَّل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان.
فلمَّا كان آخر الليل، إذا هو برجل يخاطبه ويقول: (يا محمّد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة، ولماذا خرجت إلى هذه البرية؟)، فقال له: أيّها الرجل دعني فإنّي خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم، لات أذكره إلاَّ لإمامي ولا أشكوه إلاَّ إلى من يقدر على كشفه عنّي.
ص: 157
فقال: (يا محمّد بن عيسى! أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك)، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم قصّتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: (نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمّانة، وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به)، قال: فلمَّا سمعت ذلك توجَّهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنّا.
فقال صلوات الله عليه: (يا محمّد بن عيسى إنَّ الوزير لعنه الله في داره شجرة رمّان فلمَّا حملت تلك الشجرة صنع شيئاً من الطين على هيئة الرمّانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كلّ نصف بعض تلك الكتابة ثُمَّ وضعهما على الرمانة، وشدّهما عليها وهي صغيرة فأثَّر فيها، وصارت هكذا.
فإذا مضيتم غداً إلى الوالي، فقل له: جئتك بالجواب ولكنّي لا اُبديه إلاَّ في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك، ترى فيها غرفة، فقل للوالي: لا اُجيبك إلاَّ في تلك الغرفة، وسيأبى الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك ولا ترض إلاَّ بصعودها فإذا صعد فاصعد معه، ولا تتركه وحده يتقدَّم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض، فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثُمَّ ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جليّة الحال.
وأيضاً يا محمّد بن عيسى قل للوالي: إنَّ لنا معجزة اُخرى وهي أنَّ هذه الرمّانة ليس فيها إلاَّ الرماد والدخان وإن أردت صحّة ذلك فاءمر الوزير بكسرها، فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته).
فلمَّا سمع محمّد بن عيسى ذلك من الإمام، فرح فرحاً شديداً وقبَّل بين يدي الإمام صلوات الله عليه، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور.
ص: 158
فلمَّا أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمّد بن عيسى كلّ ما أمره الإمام وظهر كلّ ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمّد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا، وحجّة الله علينا، فقال: ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمّة واحداً بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر صلوات الله عليهم.
فقال الوالي: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمّداً عبده ورسوله وأنَّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ثُمَّ أقرَّ بالأئمّة إلى آخرهم عليهم السلام وحسن إيمانه، وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم.
قال: وهذه القصّة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمّد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس.
* * *
ص: 159
ص: 160
ص: 161
ص: 162
1 _ أمالي الصدوق: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْجَلُودِيَّ، عَنْ هِشَام بْن جَعْفَرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ وَكَانَ قَارئاً لِلْكُتُبِ، قَالَ: قَرَأتُ فِي الإنْجِيل وَذَكَرَ أوْصَافَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم... إِلَى أنْ قَالَ تَعَالَى لِعِيسَى: أرْفَعُكَ إِلَيَّ ثُمَّ اُهْبِطُكَ فِي آخِر الزَّمَان لِتَرَى مِنْ اُمَّةِ ذَلِكَ النَّبِيَّ الْعَجَائِبَ وَلِتُعِينَهُمْ عَلَى اللَّعِين الدَّجَّال اُهْبِطُكَ فِي وَقْتِ الصَّلاَةِ لِتُصَلّيَ مَعَهُمْ إِنَّهُمْ اُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ(1).
2 _ قرب الإسناد: هَارُونُ، عَن ابْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ، وَفَسَقَ شُبَّانُكُمْ، وَلَمْ تَأمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَن الْمُنْكَر؟)، فَقِيلَ لَهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أمَرْتُمْ بِالْمُنْكَر وَنَهَيْتُمْ عَن الْمَعْرُوفِ؟)، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً؟)(2).
3 _ قرب الإسناد: عَنْهُمَ(3)، عَنْ حَنَانٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ خَسْفِ الْبَيْدَاءِ، قَالَ: (أمَّا صِهْر(4) عَلَى الْبَريدِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِيلاً مِنَ الْبَريدِ الَّذِي بِذَاتِ الْجَيْش)(5).2.
ص: 163
4 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً))(1) (وَسَيُريكَ فِي آخِر الزَّمَان آيَاتٍ مِنْهَا: دَابَّةُ الأرْض، وَالدَّجَّالُ، وَنُزُولُ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا)(2).
وَعَنْهُ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ))(3) قَالَ: (هُوَ الدَّجَّالُ(4) وَالصَّيْحَةُ، ((أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)) وَهُوَ الْخَسْفُ، ((أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً)) وَهُوَ اخْتِلاَفٌ فِي الدَّين وَطَعْنُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ((وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)) وَهُوَ أنْ يَقْتُلَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَكُلُّ هَذَا فِي أهْل الْقِبْلَةِ)(5).
5 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن ابْن أسْبَاطٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ مَيْمُونٍ حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمَّيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (يَقُومُ قَائِمُنَا لِمُوَافَاةِ النَّاس سَنَةً)، قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ بِلاَ سُفْيَانِيّ؟، إِنَّ أمْرَ الْقَائِم حَتْمٌ مِنَ اللهِ، وَأمْرُ السُّفْيَانِيَّ حَتْمٌ مِنَ اللهِ، وَلاَ يَكُونُ قَائِمٌ إِلاَّ بِسُفْيَانِيّ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ؟ قَالَ: (مَا شَاءَ اللهُ)، قُلْتُ: يَكُونُ فِي الَّتِي يَلِيهَا؟ قَالَ: (يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)(6).9.
ص: 164
6 _ قرب الإسناد: ابْنُ عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (قُدَّامَ هَذَا الأمْر قَتْلٌ بُيُوحٌ)، قُلْتُ: وَمَا الْبُيُوحُ؟ قَالَ: (دَائِمٌ لاَ يَفْتُرُ)(1).
بيان: قال الفيروزآبادي: (البوح) بالضم الاختلاط في الأمر وباح ظهر وبسره بوحاً وبؤوحاً أظهره، وهو بؤوح بما في صدره، واستباحهم استأصلهم(2) وسيأتي تفسير آخر للبيوح(3).
7 _ قرب الإسناد: بِالإسْنَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (يَزْعُمُ ابْنُ أبِي حَمْزَةَ أنَّ جَعْفَراً زَعَمَ أنَّ أبِي الْقَائِمُ وَمَا عَلِمَ جَعْفَرٌ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ أمْر اللهِ، فَوَ اللهِ لَقَدْ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَحْكِي لِرَسُولِهِ(4) صلى الله عليه وآله وسلّم: ((وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ))(5) وَكَانَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: أرْبَعَةُ أحْدَاثٍ تَكُونُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم تَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهَا أحْدَاثٌ قَدْ مَضَى مِنْهَا ثَلاَثَةٌ وَبَقِيَ وَاحِدٌ)، قُلْنَا: جُعِلْنَا فِدَاكَ وَمَا مَضَى مِنْهَا؟ قَالَ: (رَجَبٌ خُلِعَ فِيهِ صَاحِبُ خُرَاسَانَ، وَرَجَبٌ وَثَبَ فِيهِ عَلَى ابْن زُبَيْدَةَ، وَرَجَبٌ يَخْرُجُ(6) فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِالْكُوفَةِ)، قُلْنَا لَهُ: فَالرَّجَبُ الرَّابِعُ مُتَّصِلٌ بِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا قَالَ أبُو جَعْفَرٍ)(7).
بيان: أي أجمل أبو جعفر عليه السلام ولم يبيّن اتّصاله، وخلع صاحب 0.
ص: 165
خراسان كأنَّه إشاره إلى خلع الأمين المأمون عن الخلافة وأمره بمحو اسمه عن الدراهم والخطب، والثاني إشارة إلى خلع محمّد الأمين، والثالث إشارة إلى ظهور محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن عليه السلام المعروف بابن طباطبا بالكوفة لعشر خلون من جمادى الآخرة في قريب من مائتين من الهجرة.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: (هكذا قال أبو جعفر عليه السلام) تصديق اتّصال الرابع بالثالث، فيكون الرابع إشارة إلى دخوله عليه السلام خراسان فإنَّه كان بعد خروج محمّد بن إبراهيم بسنة تقريباً، ولا يبعد أن يكون دخوله عليه السلام خراسان في رجب.
8 _ قرب الإسناد: بِالإسْنَادِ، قَالَ: سَألْتُ الرَّضَا عليه السلام عَنْ قُرْبِ هَذَا الأمْر فَقَالَ: (قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام، حَكَاهُ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: أوَّلُ عَلاَمَاتِ الْفَرَج سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِي سَنَةِ سِتّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ تَخْلَعُ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا، وَفِي سَنَةِ سَبْع وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْفَنَاءُ، وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكُونُ الْجَلاَءُ)، فَقَالَ: (أمَا تَرَى بَنِي هَاشِم قَدِ انْقَلَعُوا بِأهْلِيهِمْ وَأوْلاَدِهِمْ؟)، فَقُلْتُ: لَهُمُ الْجَلاَءُ(1)؟ قَالَ: (وَغَيْرُهُمْ (غَيْرهِمْ)، وَفِي سَنَةِ تِسْع وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ يَكْشِفُ اللهُ الْبَلاَءَ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَفِي سَنَةِ مِائَتَيْن يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ).
فَقُلْنَا لَهُ: جُعِلْنَا فِدَاكَ أخْبِرْنَا بِمَا يَكُونُ فِي سَنَةِ الْمِائَتَيْن، قَالَ: (لَوْ أخْبَرْتُ أحَداً لأخْبَرْتُكُمْ، وَلَقَدْ خُبَّرْتُ بِمَكَانِكُمْ، فَمَا كَانَ هَذَا مِنْ رَأيٍ أنْ يَظْهَرَ هَذَا مِنّي إِلَيْكُمْ، وَلَكِنْ إِذَا أرَادَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِظْهَارَ شَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ لَمْ يَقْدِر الْعِبَادُ عَلَى سَتْرهِ).).
ص: 166
فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّكَ قُلْتَ لِي فِي عَامِنَا الأوَّل حَكَيْتَ عَنْ أبِيكَ أنَّ انْقِضَاءَ مُلْكِ آل فُلاَنٍ عَلَى رَأس فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ لَيْسَ لِبَني فُلاَنٍ سُلْطَانٌ بَعْدَهُمَا، قَالَ: (قَدْ قُلْتُ ذَاكَ لَكَ، فَقُلْتُ أصْلَحَكَ اللهُ إِذَا انْقَضَى مُلْكُهُمْ يَمْلِكُ أحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ الأمْرُ؟).
قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: (يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ أنْتَ وَأصْحَابُكَ)، قُلْتُ: تَعْنِي خُرُوجَ السُّفْيَانِيَّ؟ فَقَالَ: (لاَ)، فَقُلْتُ: فَقِيَامَ الْقَائِم؟ قَالَ: (يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)، قُلْتُ: فَأنْتَ هُوَ؟ قَالَ: (لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ).
وَقَالَ: (إِنَّ قُدَّامَ هَذَا الأمْر عَلاَمَاتٍ، حَدَثٌ يَكُونُ بَيْنَ الْحَرَمَيْن)، قُلْتُ: مَا الْحَدَثُ؟ قَالَ: (عَضْبَةٌ(1) تَكُونُ وَيَقْتُلُ فُلاَنٌ مِنْ آل فُلاَنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً)(2).
بيان: قوله: (أوّل علامات الفرج) إشارة إلى وقوع الخلاف بين الأمين و المأمون، وخلع الأمين المأمون عن الخلافة، لأنَّ هذا كان ابتداء تزلزل أمر بني العبّاس وفي سنة ست وتسعين ومائة، اشتدّ النزاع وقام الحرب بينهما، وفي السنة التي بعده كان فناء كثير من جندهم، وفيما بعده كان قتل الأمين وإجلاء أكثر بني العبّاس.
وذكر بني هاشم كان للتورية والتقيّة ولذا قال عليه السلام: (وغيرهم) وفي سنة تسع وتسعين كشف الله البلاء عن أهل البيت عليهم السلام لخذلان معانديهم، وكتب المأمون إليه عليه السلام يستمد منه ويستحضره.6.
ص: 167
وقوله: (وفي سنة مائتين يفعل الله ما يشاء) إشارة إلى شدّة تعظيم المأمون له وطلبه، وفي السنة التي بعده أعني سنة إحدى ومائتين دخل خراسان وفي شهر رمضان عقد مأمون له البيعة.
قوله عليه السلام: (ولقد خبرت بمكانكم) أي بمجيئكم في هذا الوقت، وسؤالكم منّي هذا السؤال، والمعنى: أنّي عالم بما يكون من الحوادث، لكن ليست المصلحة في إظهارها لكم.
وقوله عليه السلام: (ويقتل فلان) إشارة إلى بعض الحوادث التي وقعت على بني العبّاس في أواخر دولتهم أو إلى انقراضهم في زمن هلاكوخان.
9 _ تفسير القمي: أبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، بَلَغَنَا أنَّ لآل جَعْفَرٍ رَايَةً وَلآل الْعَبَّاس رَايَتَيْن، فَهَل انْتَهَى إِلَيْكَ مِنْ عِلْم ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: (أمَّا آلُ جَعْفَرٍ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلاَ إِلَى شَيْءٍ، وَأمَّا آلُ الْعَبَّاس فَإنَّ لَهُمْ مُلْكاً مُبْطِئا(1) يُقَرَّبُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُبَاعِدُونَ(2) فِيهِ الْقَريبَ، وَسُلْطَانُهُمْ عَسِيرٌ(3) لَيْسَ فِيهِ يَسِيرٌ(4)، حَتَّى إِذَا أمِنُوا مَكْرَ اللهِ، وَأمِنُوا عِقَابَهُ، صِيحَ فِيهِمْ صَيْحَةٌ لاَ يَبْقَى لَهُمْ مُنَادٍ(5) يَجْمَعُهُمْ وَلاَ يُسْمِعُهُمْ(6)، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ ...))(7) الآيَةَ).4.
ص: 168
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (أمَا إِنَّهُ لَمْ يُوَقَّتْ لَنَا فِيهِ وَقْتٌ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِشَيْءٍ فَكَانَ كَمَا نَقُولُ، فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنْ كَانَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، تُؤْجَرُوا مَرَّتَيْن.
وَلَكِنْ إِذَا اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ، وَأنْكَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا هَذَا الأمْرَ صَبَاحاً وَمَسَاءً).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا إِنْكَارُ النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟
قَالَ: يَأتِي الرَّجُلُ أخَاهُ فِي حَاجَةٍ فَيَلْقَاهُ بِغَيْر الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ وَيُكَلّمُهُ بِغَيْر الْكَلاَم الَّذِي كَانَ يُكَلّمُهُ)(1).
10 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: (((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً _ يَعْنِي لَيْلاً _ أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ))(2) فَهَذَا عَذَابٌ يَنْزلُ فِي آخِر الزَّمَان عَلَى فَسَقَةِ أهْل الْقِبْلَةِ وَهُمْ يَجْحَدُونَ نُزُولَ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ)(3).
11 _ تفسير القمي: فِي روَايَةِ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ))(4)، قَالَ: (مِنَ الصَّوْتِ، وَذَلِكَ الصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ)، وَقَوْلِهِ: ((وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))، قَالَ: (مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ خُسِفَ بِهِمْ)(5).6.
ص: 169
بيان: قال البيضاوي: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا)) عند الموت أو البعث أو يوم بدر وجواب ((لَوْ)) محذوف: لرأيت أمراً فظيعاً. ((فَلا فَوْتَ)) فلا يفوتون الله بهرب ولا تحصن(1)، ((وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)) من ظهر الأرض إلى بطنها أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى القليب، ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ)) ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولاً سهلا(2).
أقول: قال صاحب الكشّاف: روي عن ابن عبّاس أنَّها نزلت في خسف البيداء(3).
وَقَالَ الشَّيْخُ أمِينُ الدَّين الطَّبْرسِيُّ رحمه الله: قَالَ أبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن وَالْحَسَنَ بْنَ الْحَسَن بْن عليًّ عليهم السلام يَقُولاَن: (هُوَ جَيْشُ الْبَيْدَاءِ يُؤْخَذُونَ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ).
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَحُمْرَانُ بْنُ أعْيَنَ أنَّهُمَا سَمِعَا مُهَاجِراً الْمَكّيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ اُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ، فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ جَيْشٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ بَيْدَاءِ الْمَدِينَةِ خُسِفَ بِهِمْ).
وَرُويَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ بَيْنَ أهْل الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، قَالَ: (فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمُ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس فِي فَوْر ذَلِكَ حَتَّى يَنْزلَ دِمَشْقَ فَيَبْعَثُ جَيْشَيْن جَيْشاً إِلَى الْمَشْرقِ وَآخَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَنْزلُوا بِأرْض بَابِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ الْمَلْعُونَةِ،3.
ص: 170
يَعْنِي بَغْدَادَ، فَيَقْتُلُونَ أكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ آلاَفٍ، وَيَفْضَحُونَ أكْثَرَ مِنْ مِائَةِ امْرَأةٍ، وَيَقْتُلُونَ (بِهَا)(1) ثَلاَثَمِائَةِ كَبْشٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاس.
ثُمَّ يَنْحَدِرُونَ إِلَى الْكُوفَةِ فَيُخَرَّبُونَ مَا حَوْلَهَا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجَّهِينَ إِلَى الشَّام فَتَخْرُجُ رَايَةُ هُدًى مِنَ الْكُوفَةِ، فَتَلْحَقُ ذَلِكَ الْجَيْشَ فَيَقْتُلُونَهُمْ، لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ، وَيَسْتَنْقِذُونَ مَا فِي أيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ وَالْغَنَائِم، وَيَحُلُّ الْجَيْشُ الثَّانِي بِالْمَدِينَةِ فَيَنْتَهِبُونَهَا ثَلاَثَةَ أيَّام بِلَيَالِيهَا.
ثُمَّ يَخْرُجُونَ مُتَوَجَّهِينَ إِلَى مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ، بَعَثَ اللهُ جَبْرَئِيلَ فَيَقُولُ: يَا جَبْرَئِيلُ! اذْهَبْ فَأبِدْهُمْ، فَيَضْربُهَا بِرجْلِهِ ضَرْبَةً يَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ عِنْدَهَا وَلاَ يُفْلِتُ مِنْهَا إِلاَّ رَجُلاَن مِنْ جُهَيْنَةَ)، فَلِذَلِكَ جَاءَ الْقَوْلُ: (وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ)(2) فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا ...)) إِلَى آخِرهَا، أوْرَدَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرهِ.
وروى(3) أصحابنا في أحاديث المهدي عليه السلام، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام مثله.
(وقالوا) أي ويقولون في ذلك الوقت وهو يوم القيامة، أو عند رؤية البأس أو عند الخسف، في حديث السفياني ((آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ ي.
ص: 171
التَّناوُشُ)) أي ومن أين لهم الانتفاع بهذا الإيمان الذي ألجئوا إليه، بيَّن سبحانه أنَّهم لا ينالون به نفعاً كما لا ينال أحد التناوش من مكان بعيد(1).
12 _ تفسير القمي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ))(2)، قَالَ: (إِنَّهُمْ طَلَبُوا الْمَهْدِيَّ عليه السلام(3) مِنْ حَيْثُ لاَ يُنَالُ وَقَدْ كَانَ لَهُمْ مَبْذُولاً مِنْ حَيْثُ يُنَالُ)(4).
بيان: قوله: (من حيث لا ينال) أي بعد سقوط التكليف وظهور آثار القيامة، أو بعد الموت أو عند الخسف، والأخير أظهر من جهة الخبر.
13 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح الْمَدَائِنيَّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ(5)، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ الْقَائِمُ فَيَسِيرُ حَتَّى يَمُرَّ بِمُرًّ، فَيَبْلُغُهُ أنَّ عَامِلَهُ قَدْ قُتِلَ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ، وَلاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئاً، ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْبَيْدَاءِ فَيَخْرُجُ جَيْشَان لِلسُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ عزّ وجل الأرْضَ أنْ تَأخُذَ بِأقْدَامِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ ).
ص: 172
وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ)) يَعْنِي بِقِيَام الْقَائِم(1) ((... وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ...)) يَعْنِي بِقِيَام(2) آل مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ ((وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)))(3).
14 _ تفسير القمي: ((سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ))(4) قَالَ: سُئِلَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ مَعْنَى هَذَا فَقَالَ: (نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْمَغْربِ، وَمَلَكٌ يَسُوقُهَا مِنْ خَلْفِهَا، حَتَّى يَأتِيَ مِنْ جِهَةِ دَار بَنِي سَعْدِ بْن هَمَّام(5) عِنْدَ مَسْجِدِهِمْ، فَلاَ تَدَعُ دَاراً لِبَني اُمَيَّةَ إِلاَّ أحْرَقَتْهَا وَأهْلَهَا، وَلاَ تَدَعُ دَاراً فِيهَا وَتْرٌ لآل مُحَمَّدٍ إِلاَّ أحْرَقَتْهَا وَذَلِكَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام(6))(7).
بيان: أي من علاماته أو عند ظهوره عليه السلام.
15 _ الخصال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ظَريفِ بْن نَاصِح، عَنْ أبِي الْحُصَيْن، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَن السَّاعَةِ فَقَالَ: (عِنْدَ إِيمَانٍ بِالنُّجُوم وَتَكْذِيبٍ بِالْقَدَر)(8).
16 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عِيسَى الْعَلَويَّ، عَنْ ).
ص: 173
حَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الْكَشَّيَّ، عَنْ حَمْدَوَيْهِ بْن بِشْرٍ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُكَيْرٍ يَرْوي حَدِيثاً وَيَتَأوَّلُهُ وَأنَا اُحِبُّ أنْ أعْرضَهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: (مَا ذَاكَ الْحَدِيثُ؟)، قُلْتُ: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أيَّامَ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن(2) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِنَا فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَدْ خَرَجَ وَأجَابَهُ النَّاسُ فَمَا تَقُولُ فِي الْخُرُوج مَعَهُ؟
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (اسْكُنْ(3) مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ)، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ: فَإذَا كَانَ الأمْرُ هَكَذَا فَلَمْ يَكُنْ خُرُوجٌ مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ، فَمَا مِنْ قَائِم وَمَا مِنْ خُرُوج.
فَقَالَ أبُو الْحَسَن: (صَدَقَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام، وَلَيْسَ الأمْرُ عَلَى مَا تَأوَّلَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ، إِنَّمَا قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: اسْكُنْ مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ مِنَ النّدَاءِ وَالأرْضُ مِنَ الْخَسْفِ بِالْجَيْش)(4).
17 _ معاني الأخبار: أبِي، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِيَّ بْن 6.
ص: 174
الرَّيَّان، عَن الدَّهْقَان، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، حَدِيثٌ كَانَ يَرْويهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: (وَمَا هُوَ؟)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: رُويَ عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ أنَّهُ لَقِيَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي السَّنَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن(1) فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذَا قَدْ آلَفَ الْكَلاَمَ وَسَارَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَمَا الَّذِي تَأمُرُ بِهِ؟ فَقَالَ: (اتَّقُوا اللهَ وَاسْكُنُوا مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ وَالأرْضُ).
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ يَقُولُ: وَاللهِ لَئِنْ كَانَ عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ صَادِقاً فَمَا مِنْ خُرُوج وَمَا مِنْ قَائِم.
قَالَ: فَقَالَ لِي أبُو الْحَسَن عليه السلام: (الْحَدِيثُ عَلَى مَا رَوَاهُ عُبَيْدٌ، وَلَيْسَ عَلَى مَا تَأوَّلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ بُكَيْرٍ، إِنَّمَا عَنَى أبُو عَبْدِ اللهِ بِقَوْلِهِ: مَا سَكَنَتِ السَّمَاءُ مِنَ النّدَاءِ بِاسْم صَاحِبكَ، وَمَا سَكَنَتِ الأرْضُ مِنَ الْخَسْفِ بِالْجَيْش)(2).
18 _ معاني الأخبار، وأمالي الطوسي: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ مَعاً، عَن الأشْعَريَّ، عَن السَّيَّاريَّ، عَن الْحَكَم بْن سَالِم، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّا وَآلَ أبِي سُفْيَانَ أهْلُ بَيْتَيْن تَعَادَيْنَا فِي اللهِ، قُلْنَا: صَدَقَ اللهُ، وَقَالُوا: كَذَبَ اللهُ، قَاتَلَ أبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَقَاتَلَ مُعَاويَةُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَقَاتَلَ يَزيدُ بْنُ مُعَاويَةَ الْحُسَيْنَ بْنَ عليًّ عليهما السلام، وَالسُّفْيَانِيُّ يُقَاتِلُ الْقَائِمَ عليه السلام)(3).1.
ص: 175
19 _ بصائر الدرجات: مُعَاويَةُ بْنُ حُكَيْم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن(1) شُعَيْبِ بْن غَزْوَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أهْل بَلْخ فَقَالَ لَهُ: (يَا خُرَاسَانِيُّ تَعْرفُ وَادِيَ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ صَدْعاً فِي الْوَادِي مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، (قَالَ:)(2) (مِنْ ذَلِكَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ).
قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْيَمَن، فَقَالَ لَهُ: (يَا يَمَانِيُّ أتَعْرفُ شِعْبَ كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ شَجَرَةً فِي الشّعْبِ مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا؟)، قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ: (تَعْرفُ صَخْرَةً تَحْتَ الشَّجَرَةِ؟)، قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: (فَتِلْكَ الصَّخْرَةُ الَّتِي حَفِظَتْ ألْوَاحَ مُوسَى عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(3).
20 _ ثواب الأعمال: أبِي، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن النَّوْفَلِيَّ، عَن السَّكُونيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (سَيَأتِي عَلَى اُمَّتِي زَمَانٌ تَخْبُثُ فِيهِ سَرَائِرُهُمْ، وَتَحْسُنُ فِيهِ عَلاَنِيَتُهُمْ طَمَعاً فِي الدُّنْيَا، لاَ يُريدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ اللهِ عزّ وجل، يَكُونُ أمْرُهُمْ ريَاءً لاَ يُخَالِطُهُ خَوْفٌ، يَعُمُّهُمُ اللهُ مِنْهُ(4) بِعِقَابٍ فَيَدْعُونَهُ دُعَاءَ الْغَريقِ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ)(5).
21 _ ثواب الأعمال: بِهَذَا الإسْنَادِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (سَيَأتِي زَمَانٌ عَلَى اُمَّتِي لاَ يَبْقَى مِنَ الْقُرْآن إِلاَّ رَسْمُهُ، وَلاَ مِنَ الإسْلاَم إِلاَّ اسْمُهُ، يُسَمَّوْنَ بِهِ وَهُمْ أبْعَدُ النَّاس مِنْهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ 3.
ص: 176
الْهُدَى، فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَان شَرُّ فُقَهَاءَ تَحْتَ ظِلّ السَّمَاءِ، مِنْهُمْ خَرَجَتِ الْفِتْنَةُ وَإِلَيْهِمْ تَعُودُ)(1).
22 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُغِيرَةِ بِإسْنَادِهِ، عَن السَّكُونيَّ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((إِنَّ)(2) الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَداَ(3)، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضل بن إبراهيم، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة، عن سعد بن عمر الجلاّب(5)، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، مثله(6).
23 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ، عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريبا(7)، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(8).
بيان: قال الجزري فيه: إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء(9)، أي إنَّه كان في أوّل أمره كالغريب الوحيد الذي لا 1.
ص: 177
أهل له عنده لقلّة المسلمين يومئذٍ، وسيعود غريباً كما كان أي يقلّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء، فطوبي للغرباء أي الجنّة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام، ويكونون في آخره، وإنَّما خصَّهم بها لصبرهم على أذى الكفّار أوّلاً وآخراً ولزومهم دين الإسلام.
24 _ كمال الدين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عليًّ الْقَزْوينيَّ(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (الْقَائِمُ(2) مَنْصُورٌ بِالرُّعْبِ مُؤَيَّدٌ بِالنَّصْر، تُطْوَى لَهُ الأرْضُ وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ، وَيَبْلُغُ سُلْطَانُهُ الْمَشْرقَ وَالْمَغْربَ، وَيُظْهِرُ اللهُ عزّ وجل بِهِ دِينَهُ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ، فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض خَرَابٌ إِلاَّ عُمِرَ، وَيَنْزلُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيُصَلّي خَلْفَهُ).
فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَتَى يَخْرُجُ قَائِمُكُمْ؟ قَالَ: (إِذَا تَشَبَّهَ الرَّجَالُ بِالنّسَاءِ، وَالنَّسَاءُ بِالرَّجَال، وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَال، وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّرُوجَ، وَقُبِلَتْ شَهَادَاتُ الزُّور، وَرُدَّتْ شَهَادَاتُ الْعَدْل، وَاسْتَخَفَّ النَّاسُ بِالدَّمَاءِ، وَارْتِكَابِ الزّنَاءِ، وَأكْل الرَّبَا، وَاتُّقِيَ الأشْرَارُ مَخَافَةَ ألْسِنَتِهِمْ، وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الشَّام، وَالْيَمَانِيُّ مِنَ الْيَمَن، وَخُسِفَ بِالْبَيْدَاءِ، وَقُتِلَ غُلاَمٌ مِنَ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ، وَجَاءَتْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِأنَّ الْحَقَّ فِيهِ وَفِي شِيعَتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ قَائِمِنَا.).
ص: 178
فَإذَا خَرَجَ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَأوَّلُ مَا يَنْطِقُ بِهِ هَذِهِ الآيَةُ: ((بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))(1) ثُمَّ يَقُولُ: أنَا بَقِيَّةُ اللهِ فِي أرْضِهِ(2)، فَإذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْعِقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ خَرَجَ فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض مَعْبُودٌ دُونَ اللهِ عزّ وجل، مِنْ صَنَم وَغَيْرهِ إِلاَّ وَقَعَتْ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَ، وَذَلِكَ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَويلَةٍ، لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يُطِيعُهُ بِالْغَيْبِ وَيُؤْمِنُ بِهِ)(3).
25 _ المحاسن: مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ، عَن الْمُفَضَّل بْن صَالِح الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: مَنْ أبْغَضَنَا أهْلَ الْبَيْتِ بَعَثَهُ اللهُ يَهُودِيّاً، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ شَهِدَ الشَّهَادَتَيْن؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا احْتَجَبَ بِهَاتَيْن الْكَلِمَتَيْن عِنْدَ (عَنْ) سَفْكِ دَمِهِ أوْ يُؤَدَّيَ الْجِزْيَةَ وَهُوَ صَاغِرٌ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أبْغَضَنَا أهْلَ الْبَيْتِ بَعَثَهُ اللهُ يَهُودِيّاً، قِيلَ: وَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: إِنْ أدْرَكَ الدَّجَّالَ آمَنَ بِهِ)(4).
أقول: قد أوردنا في باب نصّ الصادق على القائم أنَّه عليه السلام يقتل الدجّال(5).
26 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْجَلُودِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُعَاذٍ، عَنْ قَيْس بْن حَفْصٍ، عَنْ يُونُسَ بْن أرْقَمَ، عَنْ أبِي سَيَّارٍ الشَّيْبَانِيَّ، عَن ة.
ص: 179
الضَّحَّاكِ بْن مُزَاحِم، عَن النَّزَّال بْن سَبْرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
(سَلُوني أيُّهَا النَّاسُ قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني _ ثَلاَثاً _)، فَقَامَ إِلَيْهِ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى يَخْرُجُ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام: (اقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللهُ كَلاَمَكَ وَعَلِمَ مَا أرَدْتَ، وَاللهِ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأعْلَمَ مِنَ السَّائِل، وَلَكِنْ لِذَلِكَ عَلاَمَاتٌ وَهَيْئَاتٌ يَتْبَع بَعْضُهَا بَعْضاً كَحَذْو النَّعْل بِالنَّعْل وَإِنْ شِئْتَ أنْبَأتُكَ بِهَا)، قَالَ: نَعَمْ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ.
فَقَالَ عليه السلام: (احْفَظْ فَإنَّ عَلاَمَةَ ذَلِكَ إِذَا أمَاتَ النَّاسُ الصَّلاَةَ، وَأضَاعُوا الأمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ، وَأكَلُوا الرَّبَا، وَأخَذُوا الرَّشَا، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَبَاعُوا الدَّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النّسَاءَ، وَقَطَعُوا الأرْحَامَ، وَاتَّبَعُوا الأهْوَاءَ، وَاسْتَخَفُّوا بِالدَّمَاءِ.
وَكَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً، وَالظُّلْمُ فَخْراً، وَكَانَتِ الاُمَرَاءُ فَجَرَةً، وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً، وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةً، وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّور، وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ، وَقَوْلُ الْبُهْتَان، وَالإثْمُ وَالطُّغْيَانُ.
وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَزُخْرفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَطُوَّلَتِ الْمَنَارُ(1)، وَاُكْرمَ(2) الأشْرَارُ، وَازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ، وَاخْتَلَفَتِ الأهْوَاءُ(3)، وَنُقِضَتِ الْعُقُودُ(4)، وَاقْتَرَبَ الْمَوْعُودُ، وَشَارَكَ النّسَاءُ أزْوَاجَهُنَّ فِي التّجَارَةِ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَعَلَتْ أصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْم ).
ص: 180
أرْذَلَهُمْ، وَاتُّقِيَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرَّهِ، وَصُدَّقَ الْكَاذِبُ، وَاؤْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَاتُّخِذَتِ الْقِيَانُ وَالْمَعَازفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الاُمَّةِ أوَّلَهَا، وَرَكِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوج السُّرُوجَ.
وَتَشَبَّهَ النّسَاءُ بِالرَّجَال وَالرَّجَالُ بِالنّسَاءِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْر أنْ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الآخَرُ قَضَاءً لِذِمَام بِغَيْر حَقًّ عَرَفَهُ، وَتُفُقّهَ لِغَيْر الدَّين، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأن عَلَى قُلُوبِ الذّئَابِ، وَقُلُوبُهُمْ أنْتَنُ مِنَ الْجِيَفِ، وَأمَرُّ مِنَ الصَّبِر، فَعِنْدَ ذَلِكَ الْوَحَا الْوَحَا، الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَيْرُ الْمَسَاكِن يَوْمَئِذٍ بَيْتُ الْمَقْدِس لَيَأتِيَنَّ(1) عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَتَمَنَّى أحَدُهُمْ أنَّهُ مِنْ سُكَّانِهِ).
فَقَامَ إِلَيْهِ الأصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَن الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ: (ألاَ إِنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بْنُ الصَّيْدِ(2) فَالشَّقِيُّ مَنْ صَدَّقَهُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ كَذَّبَهُ، يَخْرُجُ مِنْ بَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا: أصْبَهَانُ، مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ بِالْيَهُودِيَّةِ، عَيْنُهُ الْيُمْنَى مَمْسُوحَةٌ، وَالاُخْرَى فِي جَبْهَتِهِ، تُضِيءُ كَأنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْح، فِيهَا عَلَقَةٌ كَأنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّم، بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: (كَافِرٌ)، يَقْرَأهُ كُلُّ كَاتِبٍ وَاُمَّيّ.
يَخُوضُ الْبِحَارَ، وَتَسِيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخَانٍ، وَخَلْفَهُ جَبَلٌ أبْيَضُ يَرَى النَّاسُ أنَّهُ طَعَامٌ، يَخْرُجُ(3) فِي قَحْطٍ شَدِيدٍ، تَحْتَهُ حِمَارٌ أقْمَرُ(4) خُطْوَةُ حِمَارهِ مِيلٌ، تُطْوَى لَهُ الأرْضُ مَنْهَلاً مَنْهَلاً، وَلاَ يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلاَّ غَارَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ.د.
ص: 181
يُنَادِي بِأعْلَى صَوْتِهِ يَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن، مِنَ الْجِنَّ وَالإنْس وَالشَّيَاطِين، يَقُولُ: إِلَيَّ أوْلِيَائِي أنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، أنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى. وَكَذَبَ عَدُوُّ اللهِ إِنَّهُ الأعْوَرُ يَطْعَمُ الطَّعَامَ، وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ عزّ وجل لَيْسَ بِأعْوَرَ، وَلاَ يَطْعَمُ وَلاَ يَمْشِي وَلاَ يَزُولُ (تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً)(1).
ألاَ وَإِنَّ أكْثَرَ أشْيَاعِهِ يَوْمَئِذٍ أوْلاَدُ الزّنَا، وَأصْحَابُ الطَّيَالِسَةِ الْخُضْر، يَقْتُلُهُ اللهُ عزّ وجل بِالشَّام عَلَى عَقَبَةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أفِيقٍ لِثَلاَثِ سَاعَاتٍ(2) مِنْ يَوْم الْجُمُعَةِ، عَلَى يَدَيْ مَنْ يُصَلّي الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ.
ألاَ إِنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى)، قُلْنَا: وَمَا ذَلِكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ:
(خُرُوجُ دَابَّةٍ مِنَ الأرْض، مِنْ عِنْدِ الصَّفَا، مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ، وَعَصَا مُوسَى، تَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلّ مُؤْمِنٍ، فَيُطْبَعُ فِيهِ: هَذَا مُؤْمِنٌ حَقّاً، وَتَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلّ كَافِرٍ فَيُكْتَبُ فِيهِ: هَذَا كَافِرٌ حَقّاً، حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُنَادِي: الْوَيْلُ لَكَ يَا كَافِرُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يُنَادِي: طُوبَى لَكَ يَا مُؤْمِنُ! وَدِدْتُ أنّي الْيَوْمَ مِثْلُكَ فَأفُوزَ فَوْزاً، ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأسَهَا، فَيَرَاهَا مَنْ بَيْنَ الْخَافِقَيْن بِإذْن اللهِ عزّ وجل، بَعْدَ طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوْبَةُ فَلاَ تَوْبَةٌ تُقْبَلُ، وَلاَ عَمَلٌ يُرْفَعُ، وَ((لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(3)).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (لاَ تَسْألُوني عَمَّا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإنَّهُ عَهِدَ إِلَيَّ حَبِيبي عليه السلام أنْ لاَ اُخْبِرَ بِهِ غَيْرَ عِتْرَتِي).8.
ص: 182
فَقَالَ النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ(1) لِصَعْصَعَةَ: مَا عَنَى أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِهَذَا الْقَوْل؟ فَقَالَ صَعْصَعَةُ: يَا ابْنَ سَبْرَةَ إِنَّ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ هُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنَ الْعِتْرَةِ، التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عليًّ، وَهُوَ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ مِنْ مَغْربهَا، يَظْهَرُ عِنْدَ الرُّكْن وَالْمَقَام، يُطَهَّرُ الأرْضَ، وَيَضَعُ مِيزَانَ الْعَدْل، فَلاَ يَظْلِمُ أحَدٌ أحَداً، فَأخْبَرَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أنَّ حَبِيبَهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَهِدَ إِلَيْهِ ألاَّ يُخْبِرَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ عِتْرَتِهِ الأئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ)(2).
كمال الدين: محمّد بن عمرو بن عثمان العقيلي، عن محمّد بن جعفر بن المظفر وعبد الله بن محمّد بن عبد الرحمان، وعبد الله بن محمّد بن موسى جميعاً، ومحمّد بن عبد الله بن صبيح(3) جميعاً، عن أحمد بن المثنّى الموصلي، عن عبد الأعلى، عن أيّوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، مثله سواء(4).
توضيح: قال الجزري: (العرفاء) جمع عريف، وهو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرَّف الأمير منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل(5)، و(الزعيم) سيد القوم ورئيسهم أو المتكلّم عنهم، و(القنية) الأمّة المغنية، و(المعازف) الملاهي كالعود والطنبور، و(الذمام) بالكسر الحقّ والحرمة.8.
ص: 183
وقال الفيروزآبادي: القمرة بالضم لون إلى الخضرة، أو بياض فيه كدرة حمار أقمر وأتان قمراء(1)، قوله لعنه الله: (إليَّ أوليائي) أي أسرعوا إليَّ يا أوليائي.
وفسَّر السيوطي وغيره الطيلسان بأنَّه شبه الأردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر(2)، وقال ابن الأثير في شرح مسند الشافعي(3): الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف، وقال الفيروزآبادي: الأفيق قرية بين حوران والغور، ومنه عقبة أفيق(4).
27 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْن عُثْمَانَ بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مَشَايِخِهِ، عَنْ أبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِي، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى بْن حَمَّادٍ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ نَافِع، عَن ابْن عُمَرَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم صَلَّى ذَاتَ يَوْم بِأصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ قَامَ مَعَ أصْحَابِهِ حَتَّى أتَى بَابَ دَارٍ بِالْمَدِينَةِ فَطَرَقَ الْبَابَ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ امْرَأةٌ فَقَالَتْ: مَا تُريدُ يَا أبَا الْقَاسِم؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا اُمَّ عَبْدِ اللهِ اسْتَأذِني لِي عَلَى عَبْدِ اللهِ)، فَقَالَتْ: يَا أبَا الْقَاسِم! وَمَا تَصْنَعُ بِعَبْدِ اللهِ؟ فَوَ اللهِ إِنَّهُ لَمَجْهُودٌ فِي عَقْلِهِ، يُحْدِثُ فِي ثَوْبهِ، وَإِنَّهُ لَيُرَاودُنِي عَلَى الأمْر الْعَظِيم.
فَقَالَ: (اسْتَأذِني لِي عَلَيْهِ)، فَقَالَتْ: أعَلَى ذِمَّتِكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قال: (فَقَالَتِ): ادْخُلْ، فَدَخَلَ فَإذَا هُوَ فِي قَطِيفَةٍ يُهَيْنِمُ فِيهَا، فَقَالَتْ اُمُّهُ: اسْكُتْ وَاجْلِسْ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أتَاكَ، فَسَكَتَ وَجَلَسَ، فَقَالَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا لَهَا 6.
ص: 184
لَعَنَهَا اللهُ لَوْ تَرَكَتْنِي لأخْبَرْتُكُمْ أهُوَ هُوَ؟)، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا تَرَى؟)، قَالَ: أرَى حَقّاً وَبَاطِلاً، وَأرَى عَرْشاً عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ: (اشْهَدْ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ!)، فَقَالَ: بَلْ تَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ، فَمَا جَعَلَكَ اللهُ بِذَلِكَ أحَقَّ مِنّي.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي صَلَّى عليه السلام بِأصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضُوا مَعَهُ حَتَّى طَرَقَ الْبَابَ، فَقَالَتْ اُمُّهُ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ فَإذَا هُوَ فِي نَخْلَةٍ يُغَرَّدُ فِيهَا، فَقَالَتْ لَهُ اُمُّهُ: اسْكُتْ وَانْزلْ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أتَاكَ، فَسَكَتَ فَقَالَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا لَهَا لَعَنَهَا اللهُ لَوْ تَرَكَتْنِي لأخْبَرْتُكُمْ أهُوَ هُوَ؟).
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِثِ صَلَّى عليه السلام بِأصْحَابِهِ الْفَجْرَ، ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضُوا مَعَهُ حَتَّى أتَى ذَلِكَ الْمَكَانَ، فَإذَا هُوَ فِي غَنَم يَنْعِقُ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ اُمُّهُ: اسْكُتْ وَاجْلِسْ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ أتَاكَ(1)، وَقَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْم آيَاتٌ مِنْ سُورَةِ الدُّخَان فَقَرَأهَا بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ ثُمَّ قَالَ: (اشْهَدْ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ)، فَقَالَ: بَلْ تَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ اللهِ، وَمَا جَعَلَكَ اللهُ بِذَلِكَ أحَقَّ مِنّي.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنّي قَدْ خَبَأتُ لَكَ خِبَاءً(2))، فَقَالَ: الدَّخُّ(3) الدَّخُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (اخْسَأ فَإنَّكَ لَنْ تَعْدُوَ أجَلَكَ، وَلَنْ تَبْلُغَ أمَلَكَ، وَلَنْ تَنَالَ إِلاَّ مَا قُدَّرَ لَكَ).ه.
ص: 185
ثُمَّ قَالَ لأصْحَابِهِ: (أيُّهَا النَّاسُ! مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ أنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ، وَإِنَّ اللهَ عزّ وجل قَدْ أخَّرَهُ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا، فَمَهْمَا تَشَابَهَ عَلَيْكُمْ مِنْ أمْرهِ فَإنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأعْوَرَ، إِنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى حِمَارٍ عَرْضُ مَا بَيْنَ اُذُنَيْهِ مِيلٌ، يَخْرُجُ وَمَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، وَجَبَلٌ مِنْ خُبْزٍ، وَنَهَرٌ مِنْ مَاءٍ، أكْثَرُ أتْبَاعِهِ الْيَهُودُ وَالنّسَاءُ وَالأعْرَابُ، يَدْخُلُ آفَاقَ الأرْض كُلَّهَا إِلاَّ مَكَّةَ وَلاَبَتَيْهَا، وَالْمَدِينَةَ وَلاَبَتَيْهَا)(1).
بيان: قولها: (إنَّه لمجهود في عقله) أي أصاب عقله جهد البلاء فهو مخبط، يقال: جهد المرض فلاناً هزله، وكأنَّ مراودته إيّاها كان لإظهار دعوى الألوهية أو النبوة، ولذا كانت تأبى عن أن يراه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، و(الهينمة) الصوت الخفي، وفي أخبار العامّة(2): (يهمهم)، قوله: (أهو هو) أي إمَّا تقولون بإلوهية إله أم لا(3).
أقُولُ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْفَرَّاءُ فِي شَرْح السُّنَّةِ بِإسْنَادِهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْريَّ أنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (مَا تَرَى؟)، قَالَ: أرَى عَرْشاً عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْر)، فَقَالَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أرَى صَادِقِينَ (صَادِقَيْن) وَكَاذِباً أوْ كَاذِبينَ (كَاذِبَيْن) وَصَادِقاً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لُبِسَ عَلَيْهِ دَعُوهُ)(4).
ويقال: غرَّد الطائر كفرح وغرَّد تغريداً وأغرد وتغرَّد، رفع صوته وطرب به، قوله: (قد خبّأت لك خباء) أي أضمرت لك شيئاً أخبرني به،7.
ص: 186
قال الجزري: فيه أنَّه قال لابن صياد: خبّأت لك خبيئاً قال: هو الدخ. بضم الدال وفتحها الدخان، قال: (عند رواق البيت يغشى الدخان) وفسَّر الحديث أنَّه أراد بذلك: ((يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)).
وقيل: إنَّ الدجّال يقتله عيسى بجبل الدخان، فيحتمل أن يكون المراد تعريضاً بقتله لأنَّ ابن الصيّاد كان يظنّ أنَّه الدجّال(1).
قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (اخسأ) يقال: خسأت الكلب أي طردته وأبعدته، قوله: (فإنَّك لن تعدو أجلك) قال في شرح السُنّة: قال الخطابي يحتمل وجهين: أحدهما أنَّه لا يبلغ قدره أن يطالع الغيب من قبل الوحي الذي يوحى به إلى الأنبياء، ولا من قبل الإلهام الذي يلقى في روع الأولياء(2) وإنَّما كان الذي جرى على لسانه شيئاً ألقاه الشيطان حين سمع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم يراجع به أصحابه قبل دخوله النخل، والآخر أنَّك لن تسبق قدر الله وفي أمرك(3).
وقال أبو سليمان(4): والذي عندي أنَّ هذه القصّة إنَّما جرت أيام مهادنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم اليهود وحلفاءهم وكان ابن الصيّاد منهم أو دخيلاً في جملتهم(5) وكان يبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم خبره وما يدّعيه من الكهانة، .=
ص: 187
فامتحنه بذلك، فلمَّا كلَّمه علم أنَّه مبطل، وأنَّه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه رئي الجنّ(1) أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعض ما يتكلّم به، فلمَّا سمع منه قوله: (الدخ) زبره وقال: اخسأ فلن تعد وقدرك.
يريد أنَّ ذلك شيء ألقاه إليه الشيطان، وليس ذلك من قبل الوحي وإنَّما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعضها، وذلك معنى قوله: (يأتيني صادق وكاذب)، فقال له عند ذلك: (خلط عليك).
والجملة من أمره أنَّه كان فتنة قد امتحن الله به عباده ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ))(2) وقد افتتن(3) قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم واهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه(4)، انتهى كلامه.
أقول: اختلفت العامّة في أنَّ ابن الصيّاد هل هو الدجّال أو غيره، فذهب جماعة منهم إلى أنَّه غيره، لما روي أنَّه تاب عن ذلك، ومات ).
ص: 188
بالمدينة، وكشفوا عن وجهه حتَّى رأوه الناس ميّتا(1) ورووا عن أبي سعيد الخدري أيضاً ما يدلُّ على أنَّه ليس بدجّال(2).
وذهب جماعة إلى أنَّه هو الدجّال، رووه عن ابن عمر وجابر الأنصاري(3).
أقول: قال الصدوق عليه السلام بعد إيراد هذا الخبر: إنَّ أهل العناد والجحود يصدّقون بمثل هذا الخبر، ويروونه في الدجّال وغيبته وطول بقائه المدّة الطويلة وبخروجه في آخر الزمان ولا يصدّقون بأمر القائم عليه السلام وأنَّه يغيب مدّة طويلة ثُمَّ يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً بنصّ النبي والأئمّة بعده صلوات الله عليهم وعليه باسمه وعينه(4) ونسبه، وبأخبارهم بطول غيبته إرادة لاطفاء نور الله وإبطالاً لأمر ولي الله ويأبى الله إلاَّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.
وأكثر ما يحتجّون به في دفعهم لأمر الحجّة عليه السلام أنَّهم يقولون: ).
ص: 189
لم نرو هذه الأخبار التي تروونها في شأنه ولا نعرفها، وكذا يقول من يجحد نبوّة نبينا صلى الله عليه وآله وسلّم من الملحدين، والبراهمة واليهود والنصارى(1): إنَّه ما صحَّ عندنا شيء ممّا تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها، فنعتقد بطلان أمره لهذه الجهة، ومتى لزمنا ما يقولون لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهم أكثر عدداً منهم.
ويقولون أيضاً: ليس في موجب عقولنا أن يعمّر أحد في زماننا هذا عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان، فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل الزمان.
فنقول لهم: أتصدّقون على أنَّ الدجّال في الغيبة يجوز أن يعمّر عمراً يتجاوز عمر أهل الزمان وكذلك إبليس، ولا تصدّقون بمثل ذلك لقائم آل محمّد عليهم السلام؟
مع النصوص الواردة فيه في الغيبة، وطول العمر، والظهور بعد ذلك للقيام بأمر الله عزّ وجل، وما روي في ذلك من الأخبار التي قد ذكرتها في هذا الكتاب ومع ما صحَّ عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّه قال: (كلّ ما كان في الأمم السالفة يكون في هذه الأمّة مثله، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة). وقد كان فيمن مضى من أنبياء الله عزّ وجل وحججه عليهم السلام معمّرون.
أمَّا نوح عليه السلام فإنَّه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة، ونطق القرآن بأنَّه لبث في قومه ((أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً))(2) وقد روي في الخبر الذي (قد)(3) أسندته في هذا الكتاب أنَّ في القائم سُنّة من نوح، وهي طول العمر، فكيف يدفع أمره ر.
ص: 190
ولا يدفع ما يشبهه من الأمور التي ليس شيء منها في موجب العقول، بل لزم الإقرار بها لأنَّها رويت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وهكذا يلزم الإقرار بالقائم عليه السلام من طريق السمع. وفي موجب أي عقل من العقول أنَّه يجوز أن يلبث أصحاب الكهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً؟ هل وقع التصديق بذلك إلاَّ من طريق السمع، فلِمَ لا يقع التصديق بأمر القائم عليه السلام أيضاً من طريق السمع؟
وكيف يصدّقون بما يرد من الأخبار عن وهب بن منبه وعن كعب الأحبار في المحالات التي لا يصحّ منها شيء في قول الرسول، ولا في موجب العقول، ولا يصدّقون بما يرد عن النبيّ والأئمّة عليهم السلام في القائم وغيبته، وظهوره بعد شكّ أكثر الناس في أمره. وارتدادهم عن القول به، كما تنطق به الآثار الصحيحة عنهم عليهم السلام، هل هذا إلاَّ مكابرة في دفع الحقّ وجحوده؟
وكيف لا يقولون: إنَّه لمَّا كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سُنّة الأوّلين بالتعمير في أشهر الأجناس تصديقاً لقول صاحب الشريعة عليه السلام، ولا جنس أشهر من جنس القائم عليه السلام لأنَّه مذكور في الشرق والغرب على ألسنة المقرّين(1) وألسنة المنكرين له، ومتى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهم السلام مع الروايات الصحيحة عن النبيّ أنَّه صلى الله عليه وآله وسلّم أخبر بوقوعها به عليه السلام بطلت نبوّته، لأنَّه يكون قد أخبر بوقوع الغيبة بمن لم يقع به، ومتى صحَّ كذبه في شيء لم يكن نبيّاً.).
ص: 191
وكيف يصدق في أمر عمّار أنَّه تقتله الفئة الباغية، وفي أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه تخضب لحيته من دم رأسه، وفي الحسن بن عليّ عليهما السلام أنَّه مقتول بالسم، وفي الحسين بن عليّ عليهما السلام أنَّه مقتول بالسيف، ولا يصدق فيما أخبر به من أمر القائم ووقوع الغيبة به، والنصّ(1) عليه باسمه ونسبه؟ بل هو صلى الله عليه وآله وسلّم صادق في جميع أقواله مصيب في جميع أحواله، ولا يصحّ إيمان عبد حتَّى لا يجد في نفسه حرجاً ممّا قضى ويسلّم له في جميع الأمور تسليماً لا يخالطه شكّ ولا ارتياب، وهذا هو الإسلام والإسلام هو الاستسلام والانقياد، ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ))(2).
ومن أعجب العجب أنَّ مخالفينا يروون أنَّ عيسى بن مريم عليهما السلام مرَّ بأرض كربلا فرأى عدّة من الظباء هناك مجتمعة فأقبلت إليه وهي تبكى، وأنَّه جلس وجلس الحواريون، فبكى وبكى الحواريون، وهم لا يدرون لِمَ جلس ولِمَ بكى؟
فقالوا: يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال: أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا: لا، قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد، وفرخ الحرّة(3) الطاهرة البتول شبيه اُمّي ويلحد فيها، هي أطيب من المسك لأنَّها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء وهذه الظباء تكلّمني وتقول إنَّها ترعى في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ (المستشهد)(4) المبارك وزعمت أنَّها آمنة في هذه الأرض.ر.
ص: 192
ثُمَّ ضرب بيده إلى بعر تلك الظباء فشمّها وقال: اللهم أبقها أبداً حتَّى يشمّها أبوه فتكون له عزاء وسلوة، وإنَّها بقيت إلى أيام أمير المؤمنين عليه السلام حتَّى شمّها وبكى وأبكى(1)، وأخبر بقصّتها لمَّا مرَّ بكربلا.
فيصدّقون بأنَّ بعر تلك الظباء تبقى زيادة على خمسمائة سنة لم تغيّرها الأمطار والرياح، ومرور الأيام والليالي والسنين عليها، ولا يصدّقون بأنَّ القائم من آل محمّد عليهم السلام يبقى حتَّى يخرج بالسيف فيبير أعداء الله ويظهر دين الله مع الأخبار الواردة عن النبي والأئمّة صلوات الله عليهم بالنصّ عليه باسمه ونسبه وغيبته المدّة الطويلة، وجري سنن الأوّلين فيه بالتعمير، هل هذا إلاَّ عناد وجحود للحقّ(2)؟
28 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ وَالعَلاَءِ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ لِقِيَام(3) الْقَائِم عَلاَمَاتٍ تَكُونُ مِنَ اللهِ عزّ وجل لِلْمُؤْمِنينَ)، قُلْتُ: وَمَا هِيَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ)) يَعْنِي الْمُؤْمِنينَ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام، ((بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ وَالأَْنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ))(4)).
قَالَ: (نَبْلُوهُمْ(5) بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ مِنْ مُلُوكِ بَني فُلاَنٍ فِي آخِر سُلْطَانِهِمْ، ((وَالْجُوعِ)) بِغَلاَءِ أسْعَارهِمْ، ((وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ)))، قَالَ: (كَسَادُ التّجَارَاتِ، وَقِلَّةُ ).
ص: 193
الْفَضْل، وَنَقْصٍ مِنَ الأنْفُس)، قَالَ: (مَوْتٌ ذَريعٌ، وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ قِلَّةِ رَيْع مَا يُزْرَعُ، ((وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)) عِنْدَ ذَلِكَ بِتَعْجِيل الْفَرَج)(1).
ثُمَّ قَالَ لِي: (يَا مُحَمَّدُ هَذَا تَأويلُهُ، إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ))(2))(3).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن الحميري، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمّد بن مسلم، مثله(4).
بيان: الذريع السريع.
29 _ كمال الدين: أبِي، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ أخِيهِ عليًّ، عَن الأهْوَازيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَكِيم، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَان(5)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (خَمْسٌ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام: الْيَمَانِيُّ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْمُنَادِي يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ)(6).
30 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن مَعْرُوفٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَن الْحَجَّال، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ صَالِح مَوْلَى بَنِي الْعَذْرَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ الصَّادِقَ عليه السلام يَقُولُ: (لَيْسَ بَيْنَ قِيَام قَائِم آل مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ قَتْل النَّفْس الزَّكِيَّةِ إِلاَّ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً)(7).2.
ص: 194
الغيبة للطوسي: الفضل، عن ابن فضال، عن ثعلبة، مثله(1).
الإرشاد: ثعلبة، مثله(2).
31 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن ابْن أبَانٍ، عَن الأهْوَازيَّ، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَان، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي فُسْطَاطِهِ، فَرَفَعَ جَانِبَ الْفُسْطَاطِ فَقَالَ: (إِنَّ أمْرَنَا لَوْ قَدْ كَانَ لَكَانَ أبْيَنَ مِنْ هَذَا الشَّمْس!)، ثُمَّ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ هُوَ الإمَامُ بِاسْمِهِ، وَيُنَادِي إِبْلِيسُ مِنَ الأرْض كَمَا نَادَى بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ)(3).
32 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عِيسَى بْن أعْيَنَ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ أمْرَ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الأمْر الْمَحْتُوم وَخُرُوجَهُ فِي رَجَبٍ)(4).
33 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ(5)، عَنْ حَمَّادِ بْن ر.
ص: 195
عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الصَّيْحَةُ الَّتِي فِي شَهْر رَمَضَانَ تَكُونُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَلاَثٍ وَعِشْرينَ مَضَيْنَ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ)(1).
34 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ بْن حَنْظَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام خَمْسُ عَلاَمَاتٍ مَحْتُومَاتٍ: الْيَمَانِيُّ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالصَّيْحَةُ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ)(2).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن الفزاري، عن عبد الله بن خالد التميمي، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي عمير، مثله(3)، وفيه: (والصيحة من السماء)(4).
35 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ بِاسْم الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ: خَاصٌّ أوْ عَامٌّ؟ قَالَ: (عَامٌّ، يَسْمَعُ كُلُّ قَوْم بِلِسَانِهِمْ)، قُلْتُ: فَمَنْ يُخَالِفُ الْقَائِمَ عليه السلام وَقَدْ نُودِيَ بِاسْمِهِ؟ قَالَ: (لاَ يَدَعُهُمْ إِبْلِيسُ حَتَّى يُنَادِيَ فِي آخِر اللَّيْل فَيُشَكّكُ النَّاسَ)(5). .
ص: 196
بيان: الظاهر (في آخر النهار) كما سيأتي في الأخبار(1) ولعلَّه من النسّاخ ولم يكن في بعض النسخ في آخر الليل أصلاً.
36 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْكُوفِيَّ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَالَ أبِي عليه السلام: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (يَخْرُجُ ابْنُ آكِلَةِ الأكْبَادِ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس، وَهُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ، وَحْشُ الْوَجْهِ، ضَخْمُ الْهَامَةِ، بِوَجْهِهِ أثَرُ الْجُدَريَّ، إِذَا رَأيْتَهُ حَسِبْتَهُ أعْوَرَ، اسْمُهُ عُثْمَانُ وَأبُوهُ عَنْبَسَةُ(2)، وَهُوَ مِنْ وُلْدِ أبِي سُفْيَانَ، حَتَّى يَأتِيَ أرْضَ ((قَرارٍ وَمَعِينٍ)) فَيَسْتَويَ عَلَى مِنْبَرهَا)(3).
بيان: وحش الوجه: أي يستوحش من يراه ولا يستأنس به أحد، أو بالخاء المعجمة(4) وهو الردي من كلّ شيء، والأرض ذات القرار الكوفة أو النجف كما فسّرت به في الأخبار.
37 _ كمال الدين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عُمَرَ بْن يَزيدَ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ الصَّادِقُ عليه السلام: (إِنَّكَ لَوْ رَأيْتَ السُّفْيَانِيَّ رَأيْتَ أخْبَثَ النَّاس، أشْقَرَ أحْمَرَ أزْرَقَ، يَقُولُ: يَا رَبَّ يَا رَبَّ يَا رَبَّ ثُمَّ لِلنَّار(5) وَلَقَدْ بَلَغَ مِنْ خُبْثِهِ أنَّهُ يَدْفِنُ اُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَهِيَ حَيَّةٌ مَخَافَةَ أنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ)(6).0.
ص: 197
بيان: قوله: (ثُمَّ للنار) أي ثُمَّ مع إقراره ظاهراً بالربّ يفعل ما يستوجب للنار ويصير إليها، والأظهر ما سيأتي يا ربّ ثاري والنار مكرّرا(1).
38 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي الْقَاسِم، عَن الْكُوفِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن سُفْيَانَ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَن اسْم السُّفْيَانِيَّ فَقَالَ: (وَمَا تَصْنَعُ بِاسْمِهِ؟ إِذَا مَلَكَ كُنُوزَ الشَّام الْخَمْسَ(2): دِمَشْقَ وَحِمْصَ وَفِلَسْطِينَ وَالاُرْدُنَّ وَقِنَّسْرينَ، فَتَوَقَّعُوا عِنْدَ ذَلِكَ الْفَرَجَ)، قُلْتُ: يَمْلِكُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ؟ قَالَ: (لاَ وَلَكِنْ يَمْلِكُ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ لاَ يَزيدُ يَوْماً)(3).
39 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْكُوفِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي الْمَغْرَاءِ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (صَوْتُ جَبْرَئِيلَ مِنَ السَّمَاءِ وَصَوْتُ إِبْلِيسَ مِنَ الأرْض فَاتَّبِعُوا الصَّوْتَ الأوَّلَ وَإِيَّاكُمْ وَالأخِيرَ أنْ تُفْتَنُوا بِهِ)(4).
40 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن الْحِمْيَريَّ، عَن ابْن عِيسَى، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ خُرُوجَ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الأمْر الْمَحْتُوم(5))، قَالَ لِي: (نَعَمْ، وَاخْتِلاَفُ وُلْدِ الْعَبَّاس مِنَ الْمَحْتُوم، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم عليه السلام مِنَ الْمَحْتُوم).و.
ص: 198
فَقُلْتُ لَهُ: فَكَيْفَ يَكُونُ(1) النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ فِي آخِر النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي السُّفْيَانِيَّ وَشِيعَتِهِ، فَيَرْتَابُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُبْطِلُونَ)(2).
41 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن ابْن أبَانٍ، عَن الأهْوَازيَّ، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَنْ حَكَم الْخَيَّاطِ(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ وَرْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (آيَتَان بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الأمْر: خُسُوفُ الْقَمَر لِخَمْسٍ وَخُسُوفُ الشَّمْس لِخَمْسَة عَشْرَةَ(4) وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ عليه السلام إِلَى الأرْض، وَعِنْدَ ذَلِكَ سَقَطَ حِسَابُ الْمُنَجَّمِينَ)(5).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن القاسم بن محمّد، عن عبيس بن هشام، عن ابن جبلة، عن الحكم بن أيمن، عن ورد أخي الكميت، مثله(6).
42 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الأهْوَازيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْحَجَّاج، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (قُدَّامَ الْقَائِم عليه السلام مَوْتَان(7): مَوْتٌ أحْمَرُ وَمَوْتٌ أبْيَضُ حَتَّى ).
ص: 199
يَذْهَبَ مِنْ كُلّ سَبْعَةٍ خَمْسَةٌ، فَالْمَوْتُ الأحْمَرُ السَّيْفُ وَالْمَوْتُ الأبْيَضُ الطَّاعُونُ)(1).
43 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن السَّعْدَآبَادِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام)(2).
بيان: يحتمل وقوعهما معاً فلا تنافي، ولعلَّه سقط من الخبر شيء.
44 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالاَ: سَمِعْنَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَا النَّاس)، فَقِيلَ لَهُ: فَإذَا ذَهَبَ ثُلُثَا النَّاس فَمَا يَبْقَى؟ فَقَالَ عليه السلام: (أمَا تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا الثُّلُثَ الْبَاقِيَ؟)(3).
45 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ نَضْر بْن اللَّيْثِ الْمَرْوَزيَّ، عَن ابْن طَلْحَةَ الْجَحْدَريَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن رَزينٍ، عَنْ عَمَّار بْن يَاسِرٍ أنَّهُ قَالَ: إِنَّ دَوْلَةَ أهْل بَيْتِ نَبِيَّكُمْ فِي آخِر الزَّمَان، وَلَهَا أمَارَاتٌ فَإذَا رَأيْتُمْ فَالْزَمُوا الأرْضَ وَكُفُّوا حَتَّى تَجِيءَ أمَارَاتُهَا.
فَإذَا اسْتَثَارَتْ عَلَيْكُمُ الرُّومُ وَالتُّرْكُ، وَجُهَّزَتِ الْجُيُوشُ، وَمَاتَ خَلِيفَتُكُمُ الَّذِي يَجْمَعُ الأمْوَالَ، وَاسْتُخْلِفَ بَعْدَهُ رَجُلٌ صَحِيحٌ، فَيُخْلَعُ بَعْدَ سِنِينَ مِنْ بَيْعَتِهِ، وَيَأتِي هَلاَكُ مُلْكِهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأ، وَيَتَخَالَفُ التُّرْكُ وَالرُّومُ، وَتَكْثُرُ الْحُرُوبُ فِي الأرْض.9.
ص: 200
وَيُنَادِي مُنَادٍ عَنْ سُور دِمَشْقَ: وَيْلٌ لأهْل الأرْض مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ، وَيُخْسَفُ بِغَرْبيَّ مَسْجِدِهَا حَتَّى يَخِرَّ حَائِطُهَا، وَيَظْهَرُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ بِالشَّام كُلُّهُمْ يَطْلُبُ الْمُلْكَ رَجُلٌ أبْقَعُ(1)، وَرَجُلٌ أصْهَبُ(2)، وَرَجُلٌ مِنْ أهْل بَيْتِ أبِي سُفْيَانَ يَخْرُجُ فِي كَلْبٍ، وَيَحْضُرُ النَّاسُ بِدِمَشْقَ، وَيَخْرُجُ أهْلُ الْغَرْبِ إِلَى مِصْرَ.
فَإذَا دَخَلُوا فَتِلْكَ أمَارَةُ السُّفْيَانِيَّ، وَيَخْرُجُ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ يَدْعُو لآل مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَتَنْزلُ التُّرْكُ الْحِيرَةَ، وَتَنْزلُ الرُّومُ فِلَسْطِينَ، وَيَسْبِقُ عَبْدُ اللهِ (عَبْدَ اللهِ) حَتَّى يَلْتَقِيَ جُنُودُهُمَا بِقِرْقِيساَ(3) عَلَى النَّهَر، وَيَكُونُ قِتَالٌ عَظِيمٌ، وَيَسِيرُ صَاحِبُ الْمَغْربِ فَيَقْتُلُ الرَّجَالَ وَيَسْبِي النّسَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْسٍ حَتَّى يَنْزلَ الْجَزيرَةَ السُّفْيَانِيُّ فَيَسْبِقُ الْيَمَانِيَّ(4) وَيَحُوزُ السُّفْيَانِيُّ مَا جَمَعُوا.
ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَقْتُلُ أعْوَانَ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَقْتُلُ رَجُلاً مِنْ مسميهم (مُسَمَّاهُمْ) ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ عَلَى لِوَائِهِ شُعَيْبُ بْنُ صَالِح، فَإذَا رَأى أهْلُ الشَّام قَدِ اجْتَمَعَ أمْرُهَا عَلَى ابْن أبِي سُفْيَانَ الْتَحَقُوا(5) بِمَكَّةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْتَلُ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ وَأخُوهُ بِمَكَّةَ ضَيْعَةً، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ أمِيرَكُمْ فُلاَنٌ وَذَلِكَ هُوَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْرا(6).9.
ص: 201
بيان: قوله: (من حيث بدأ) أي من جهة خراسان فإنَّ هلا كو توجَّه من تلك الجهة كما أنَّ بدء ملكهم كان من تلك الجهة حيث توجَّه أبو مسلم منها إليهم.
46 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ السَّمَّاكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي طَالِبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم، عَنْ عَطَاءِ بْن السَّائِبِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ نَحْوٌ مِنْ سِتّينَ كَذَّاباً كُلُّهُمْ يَقُولُ(1): أنَا نَبِيٌّ)(2).
الإرشاد: يحيى بن أبي طالب، عن علي بن عاصم، مثله(3).
47 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَائِذٍ، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ حَتَّى يَخْرُجَ اثْنَا عَشَرَ مِنْ بَنِي هَاشِم كُلُّهُمْ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ)(4).
الإرشاد: الوشّاء، مثله(5).
48 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ فَضَّالٍ(6)، عَنْ حَمَّادٍ، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي نَصْرٍ، عَنْ عَامِر بْن وَاثِلَةَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ:ي.
ص: 202
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عَشْرٌ قَبْلَ السَّاعَةِ لاَ بُدَّ مِنْهَا: السُّفْيَانِيُّ، وَالدَّجَّالُ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّابَّةُ، وَخُرُوجُ الْقَائِم، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنْ مَغْربهَا، وَنُزُولُ عِيسَى عليه السلام، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرقِ، وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْر عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَر)(1).
49 _ الغيبة للطوسي: ابْنُ فَضَّالٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْن حَنْظَلَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خَمْسٌ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم مِنَ الْعَلاَمَاتِ: الصَّيْحَةُ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ، وَخُرُوجُ الْيَمَانِيَّ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ)(2).
50 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: (قُلْتُ) لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: مَتَى يَكُونُ هَذَا الأمْرُ؟ فَقَالَ: (أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ يَا جَابِرُ، وَلَمَّا تَكْثُر الْقَتْلَى بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ)(3).
الإرشاد: عمرو بن شمر، مثله(4).
51 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُؤَخَّرُهُ مِمَّا يَلِي دَارَ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ أمَا إِنَّ هَادِمَهُ لاَ يَبْنيهِ)(5).2.
ص: 203
الإرشاد: محمّد بن سنان، مثله(1).
الغيبة للنعماني: عبد الواحد، عن محمّد بن جعفر، عن ابن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن الحسين بن المختار، عن خالد القلانسي، عنه عليه السلام، مثله(2).
52 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ الأزْدِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خُرُوجُ الثَّلاَثَةِ: الْخُرَاسَانِيَّ وَالسُّفْيَانِيَّ وَالْيَمَانِيَّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ فِي يَوْم وَاحِدٍ، وَلَيْسَ فِيهَا رَايَةٌ بِأهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيَّ يَهْدِي إِلَى الْحَقَّ)(3).
الإرشاد: ابن عميرة، مثله(4).
53 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: يَخْرُجُ قَبْلَ السُّفْيَانِيَّ مِصْريٌّ وَيَمَانِيٌّ(5).
54 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ دُرُسْتَ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَوْتَ عَبْدِ اللهِ أضْمَنْ لَهُ الْقَائِمَ)، ثُمَّ قَالَ: (إِذَا مَاتَ عَبْدُ اللهِ لَمْ يَجْتَمِع النَّاسُ بَعْدَهُ عَلَى أحَدٍ وَلَمْ يَتَنَاهَ هَذَا الأمْرُ دُونَ صَاحِبكُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ وَيَذْهَبُ مُلْكُ سِنِينَ وَيَصِيرُ مُلْكَ الشُّهُور وَالأيَّام)، فَقُلْتُ: يَطُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (كَلاَّ)(6).5.
ص: 204
55 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَلاَّم بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ بَكْر بْن حَرْبٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَكُونُ فَسَادُ مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ سيفي(1) بَنِي فُلاَنٍ فَإذَا اخْتَلَفُوا(2) كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ فَسَادُ مُلْكِهِمْ)(3).
56 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام قَالَ: (إِنَّ مِنْ عَلاَمَاتِ الْفَرَج حَدَثاً يَكُونُ بَيْنَ الْحَرَمَيْن(4))، قُلْتُ: وَأيَّ شَيْءٍ يَكُونُ الْحَدَثُ؟ فَقَالَ: (عَصَبِيَّةٌ(5)في الإرشاد: (فيما بين باب الفيل وأصحاب الصابون).(6) تَكُونُ بَيْنَ الْحَرَمَيْن وَيُقْتَلُ فُلاَنٌ مِنْ وُلْدِ فُلاَنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ كَبْشاً)(7).
57 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن فَضَّالٍ، وَابْن أبِي نَجْرَانَ(8)، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَذْهَبُ مُلْكُ هَؤُلاَءِ حَتَّى يَسْتَعْرضُوا النَّاسَ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى رُءُوسٍ تُنْدَرُ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ(8) وَأصْحَابِ الصَّابُون)(9).
بيان: قوله: (حتَّى يستعرضوا الناس) أي يقتلوهم بالسيف يقال: عرضتهم على السيف قتلاً.8.
ص: 205
58 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَنْ أبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ الْعَامِريَّ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ نُفَيْلٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ بِنْتَ(1) الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ حَتَّى يَبْرَأ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَيَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وَجْهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يَشْهَدَ بَعْضُكُمْ بِالْكُفْر عَلَى بَعْضٍ)، قُلْتُ: مَا فِي ذَلِكَ خَيْرٌ؟ قَالَ: (الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي ذَلِكَ، عِنْدَ ذَلِكَ يَقُومُ قَائِمُنَا فَيَرْفَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ)(2).
59 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي الْبِلاَدِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ الأوْدِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (بَيْنَ يَدَيِ الْقَائِم مَوْتٌ أحْمَرُ وَمَوْتٌ أبْيَضُ، وَجَرَادٌ فِي حِينهِ وَجَرَادٌ فِي غَيْر حِينهِ أحْمَرُ كَألْوَان الدَّم، فَأمَّا الْمَوْتُ الأحْمَرُ فَالسَّيْفُ، وَأمَّا الْمَوْتُ الأبْيَضُ فَالطَّاعُونُ)(3).
الإرشاد: محمّد بن أبي البلاد، مثله(4).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن(5)، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الأودي(6)، مثله(7).
60 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ أبِي لَهِيعَةَ، عَنْ أبِي 1.
ص: 206
زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن رَزينٍ، عَنْ عَمَّار بْن يَاسِرٍ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: دَعْوَةُ أهْل بَيْتِ نَبِيَّكُمْ فِي آخِر الزَّمَان فَالْزَمُوا الأرْضَ وَكُفُّوا حَتَّى تَرَوْا قَادَتَهَا، فَإذَا خَالَفَ التُّرْكُ الرُّومَ، وَكَثُرَتِ الْحُرُوبُ فِي الأرْض، وَيُنَادِي مُنَادٍ عَلَى سُور دِمَشْقَ: وَيْلٌ لاَزمٌ مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ، وَيُخَرَّ(بُ)(1) حَائِطُ مَسْجِدِهَا)(2).
61 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَدْ طَالَ هَذَا الأمْرُ حَتَّى مَتَى؟
قَالَ: فَحَرَّكَ رَأسَهُ ثُمَّ قَالَ: أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَعَضَّ الزَّمَانُ؟ أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْفُوا الإخْوَانُ؟ أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَظْلِم السُّلْطَانُ؟ أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُم الزَّنْدِيقُ مِنْ قَزْوينَ، فَيَهْتِكَ سُتُورَهَا، وَيُكَفّرَ صُدُورَهَا، وَيُغَيَّرَ سُورَهَا، وَيَذْهَبَ بِبَهْجَتِهَا؟ مَنْ فَرَّ مِنْهُ أدْرَكَهُ، وَمَنْ حَارَبَهُ قَتَلَهُ، وَمَن اعْتَزَلَهُ افْتَقَرَ، وَمَنْ تَابَعَهُ كَفَرَ، حَتَّى يَقُومَ بَاكِيَان: بَاكٍ يَبْكِي عَلَى دِينِهِ، وَبَاكٍ يَبْكِي عَلَى دُنْيَاهُ(3).
62 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (الْزَم الأرْضَ وَلاَ تُحَرَّكْ يَداً وَلاَ رجْلاً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ وَمَا أرَاكَ تُدْركُ(4): اخْتِلاَفُ بَنِي فُلاَنٍ(5)، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، ).
ص: 207
وَيَجِيئُكُمُ الصَّوْتُ مِنْ نَاحِيَةِ دِمَشْقَ بِالْفَتْح(1)، وَخَسْفُ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّام تُسَمَّى: الْجَابِيَةَ(2)، وَسَتُقْبِلُ إِخْوَانُ التُّرْكِ حَتَّى يَنْزلُوا الْجَزيرَةَ، وَسَتُقْبِلُ مَارقَةُ الرُّوم حَتَّى يَنْزلُوا الرَّمْلَ، فَتِلْكَ السَّنَةُ فِيهَا اخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ فِي كُلّ الأرْض مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْربِ، فَأوَّلُ أرْضٍ تُخْرَبُ الشَّامُ، يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ: رَايَةِ الأصْهَبِ، وَرَايَةِ الأبْقَع، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيَّ)(3).
63 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَن الْمُقَانِعِيَّ، عَنْ بَكَّار بْن أحْمَدَ، عَنْ حَسَن بْن حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن إِسْمَاعِيلَ الأسَدِيَّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: السَّنَةُ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا الْمَهْدِيُّ تَمْطُرُ أرْبَعاً وَعِشْرينَ مَطْرَةً يُرَى أثَرُهَا وَبَرَكَتُهاَ(4).
64 _ وَرُويَ عَنْ كَعْبِ الأحْبَار أنَّهُ قَالَ: إِذَا مَلَكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاس يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ وَهُوَ ذُو الْعَيْن، بِهَا افْتَتَحُوا وَبِهَا يَخْتِمُونَ، وَهُوَ مِفْتَاحُ الْبَلاَءِ، وَسَيْفُ الْفَنَاءِ، فَإذَا قُرئَ لَهُ كِتَابٌ بِالشَّام مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ اللهِ أمِير الْمُؤْمِنينَ، لَمْ تَلْبَثُوا أنْ يَبْلُغَكُمْ أنَّ كِتَاباً قُرئَ عَلَى مِنْبَر مِصْرَ: مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَن أمِير الْمُؤْمِنينَ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: الْمُلْكُ لِبَني الْعَبَّاس حَتَّى يَبْلُغَكُمْ كِتَابٌ قُرئَ بِمِصْرَ: مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَن أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ زَوَالُ مُلْكِهِمْ، وَانْقِطَاعُ مُدَّتِهِمْ، فَإذَا قُرئَ عَلَيْكُمْ أوَّلَ النَّهَار: لِبَنِي الْعَبَّاس 5.
ص: 208
مِنْ عَبْدِ اللهِ أمِير الْمُؤْمِنينَ فَانْتَظِرُوا كِتَاباً يُقْرَاُ عَلَيْكُمْ مِنْ آخِر النَّهَار: مِنْ عَبْدِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَن أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَوَيْلٌ لِعَبْدِ اللهِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَن(1).
بيان: قوله: (وهو ذو العين) أي في أوّل اسمه العين، كما كان أوّلهم أبو العباس عبد الله بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس، وكان آخرهم عبد الله بن المستنصر الملقّب بالمستعصم، وسائر أجزاء الخبر لا يهمّنا تصحيحها لكونه مروياً عن كعب غير متّصل بالمعصوم.
65 _ الغيبة للطوسي: رَوَى حَذْلَمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيَّ بْن الْحُسَيْن: صِفْ لِي خُرُوجَ الْمَهْدِيَّ وَعَرَّفْنِي دَلاَئِلَهُ وَعَلاَمَاتِهِ، فَقَالَ: (يَكُونُ قَبْلَ خُرُوجِهِ خُرُوجُ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: عَوْفٌ السُّلَمِيُّ بِأرْض الْجَزيرَةِ وَيَكُونُ مَأوَاهُ تَكْريتَ وَقَتْلُهُ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، ثُمَّ يَكُونُ خُرُوجُ شُعَيْبِ بْن صَالِح مِنْ سَمَرْقَنْدَ، ثُمَّ يَخْرُجُ السُّفْيَانِيُّ الْمَلْعُونُ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس وَهُوَ مِنْ وُلْدِ عُتْبَةَ بْن أبِي سُفْيَانَ، فَإذَا ظَهَرَ السُّفْيَانِيُّ اخْتَفَى الْمَهْدِيُّ، ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ)(2).
66 _ الغيبة للطوسي: رُويَ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (يَخْرُجُ بِقَزْوينَ رَجُلٌ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ يُسْرعُ النَّاسُ إِلَى طَاعَتِهِ الْمُشْركُ وَالْمُؤْمِنُ، يَمْلاَ الْجِبَالَ خَوْفاً)(3).
67 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن أبِي نَصْرٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ بَدْر بْن الْخَلِيل الأزْدِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (آيَتَان تَكُونَان قَبْلَ الْقَائِم لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ عليه السلام إِلَى8.
ص: 209
الأرْض: تَنْكَسِفُ(1) الشَّمْسُ فِي النّصْفِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ وَالْقَمَرُ فِي آخِرهِ)، فَقَالَ الرَّجُلُ(2): يَا ابْنَ رَسُول اللهِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي آخِر الشَّهْر وَالْقَمَرُ فِي النّصْفِ، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنّي لأعْلَمُ بِمَا تَقُولُ(3)، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَان لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ عليه السلام)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن محمّد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبيد(5) بن الخليل، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(6).
الكافي: العدّة، عن سهل، عن البزنطي، عن ثعلبة، عن بدر، مثله(7).
68 _ الإرشاد، والغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أسْبَاطٍ، عَن الْحَسَن بْن الْجَهْم، قَالَ: سَألَ رَجُلٌ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَن الْفَرَج، فَقَالَ لِي: (مَا تُريدُ الإكْثَارَ أوْ اُجْمِلُ لَكَ؟)، فَقُلْتُ(8): اُريدُ تُجْمِلُهُ لِي، فَقَالَ: (إِذَا).
ص: 210
تَحَرَّكَتْ(1) رَايَاتُ قَيْسٍ بِمِصْرَ، وَرَايَاتُ كِنْدَةَ بِخُرَاسَانَ) أوْ ذَكَرَ غَيْرَ كِنْدَةَ(2).
69 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ قُدَّامَ الْقَائِم لَسَنَةً غَيْدَاقَةً(3) يَفْسُدُ التَّمْرُ فِي النَّخْل فَلاَ تَشُكُّوا فِي ذَلِكَ)(4).
70 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ بْن سَالِم، عَنْ يَحْيَى بْن عليًّ، عَن الرَّبيع، عَنْ أبِي لَبِيدٍ، قَالَ: تُغِيرُ الْحَبَشَةُ الْبَيْتَ فَيَكْسِرُونَهُ وَيُؤْخَذُ الْحَجَرُ فَيُنْصَبُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ(5).
71 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ السُّفْيَانِيَّ يَمْلِكُ بَعْدَ ظُهُورهِ عَلَى الْكُوَر الْخَمْس حَمْلَ امْرَأةٍ)، ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (أسْتَغْفِرُ اللهُ حَمْلَ جَمَلٍ، وَهُوَ مِنَ الأمْر الْمَحْتُوم الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ)(6).2.
ص: 211
72 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْن جَبَلَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ الْكَلْبِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالسُّفْيَانِيَّ أوْ بِصَاحِبِ السُّفْيَانِيَّ قَدْ طَرَحَ رَحْلَهُ فِي رَحْبَتِكُمْ بِالْكُوفَةِ فَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ جَاءَ بِرَأس (رجل من)(1) شِيعَةِ عليًّ فَلَهُ ألْفُ دِرْهَم، فَيَثِبُ الْجَارُ عَلَى جَارهِ وَيَقُولُ: هَذَا مِنْهُمْ، فَيَضْربُ عُنُقَهُ وَيَأخُذُ ألْفَ دِرْهَم.
أمَا إِنَّ إِمَارَتَكُمْ يَوْمَئِذٍ لاَ يَكُونُ إِلاَّ لأوْلاَدِ الْبَغَايَا، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى صَاحِبِ الْبُرْقُع)، قُلْتُ: وَمَنْ صَاحِبُ الْبُرْقُع؟ فَقَالَ: (رَجُلٌ مِنْكُمْ، يَقُولُ بِقَوْلِكُمْ، يَلْبَسُ الْبُرْقُعَ فَيَحُوشُكُمْ(2) فَيَعْرفُكُمْ وَلاَ تَعْرفُونَهُ، فَيَغْمِزُ بِكُمْ رَجُلاً رَجُلاً، أمَا إِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ ابْنُ بَغِيّ)(3).
73 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيَّ، عَنْ أبِي نُعَيْم نَصْر بْن عِصَام بْن الْمُغِيرَةِ الْعَمْريَّ، عَنْ أبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْن نُعَيْم بْن عَمْرٍو قَرْقَارَةَ الْكَاتِبِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبَّاسٍ(4)، عَنْ مُهَاجِر بْن حَكِيم، عَنْ مُعَاويَةَ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ:
(إِذَا اخْتَلَفَ رُمْحَان بِالشَّام فَهُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ تَعَالَى)، قِيلَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: (ثُمَّ رَجْفَةٌ تَكُونُ بِالشَّام، تَهْلِكُ(5) فِيهَا مِائَةُ ألْفٍ يَجْعَلُهَا اللهُ ).
ص: 212
رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْظُرُوا إِلَى أصْحَابِ الْبَرَاذِين الشُّهْبِ(1) وَالرَّايَاتِ الصُّفْر، تُقْبِلُ مِنَ الْمَغْربِ حَتَّى تَحُلَّ بِالشَّام فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا خَسْفاً بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّام، يُقَالُ لَهَا: خرشنا(2)، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا ابْنَ آكِلَةِ الأكْبَادِ بِوَادِي الْيَابِس)(3).
74 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ، عَن الْحَسَن بْن صَالِح بْن الأسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّار بْن الْعَبَّاس الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَمْ تَعُدُّونَ بَقَاءَ(4) السُّفْيَانِيَّ فِيكُمْ؟)، قَالَ: قُلْتُ حَمْلَ امْرَأةٍ تِسْعَةَ أشْهُرٍ، قَالَ: (مَا أعْلَمَكُمْ يَا أهْلَ الْكُوفَةِ)(5).
بيان: يحتمل أن يكون بعض أخبار مدّة السفياني محمولاً على التقيّة لكونه مذكوراً في رواياتهم، أو على أنَّه ممّا يحتمل أن يقع فيه البداء فيحتمل هذه المقادير، أو يكون المراد مدّة استقرار دولته، وذلك ممّا يختلف بحسب الاعتبار ويؤمئ إليه خبر موسى بن أعين الآتي(6) وخبر محمّد بن مسلم الذي سبق.
75 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ جَعْفَر بْن سَعْدٍ الْكَاهِلِيَّ، عَن الأعْمَش،).
ص: 213
عَنْ بَشِير(1) بْن غَالِبٍ، قَالَ: يُقْبِلُ السُّفْيَانِيُّ مِنْ بِلاَدِ الرُّوم مُتْنَصِراً فِي عُنُقِهِ صَلِيبٌ وَهُوَ صَاحِبُ الْقَوْم(2).
76 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ الرَّازيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الْمُقْري، عَن الْمُقَانِعِيَّ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن سَعْدٍ(3) الأسَدِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (عَامَ أوْ سَنَةَ الْفَتْح يَنْبَثِقُ(4) الْفُرَاتُ حَتَّى يَدْخُلَ أزقَّةَ الْكُوفَةِ)(5).
77 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ(6)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عُثْمَانَ بْن أحْمَدَ السَّمَّاكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَانِئ، عَنْ نُعَيْم بْن حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي عُثْمَانَ(7)، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (تَنْزلُ الرَّايَاتُ ا.
ص: 214
السُّودُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى الْكُوفَةِ فَإذَا ظَهَرَ الْمَهْدِيُّ بُعِثَ إِلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ)(1).
78 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلَفٍ الْحَمَّادِ(2)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ الأزْدِيَّ، عَنْ سُفْيَانَ بْن إِبْرَاهِيمَ الْجَريريَّ أنَّهُ سَمِعَ أبَاهُ يَقُولُ: النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ غُلاَمٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن يُقْتَلُ بِلاَ جُرْم وَلاَ ذَنْبٍ، فَإذَا قَتَلُوهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ، وَلاَ فِي الأرْض نَاصِرٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْعَثُ اللهُ قَائِمَ آل مُحَمَّدٍ فِي عُصْبَةٍ لَهُمْ أدَقُّ فِي أعْيُن النَّاس مِنَ الْكُحْل، فَإذَا خَرَجُوا بَكَى لَهُمُ النَّاسُ، لاَ يَرَوْنَ إِلاَّ أنَّهُمْ يَخْتَطِفُونَ، يَفْتَحُ اللهُ لَهُمْ مَشَارقَ الأرْض وَمَغَاربَهَا، ألاَ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، ألاَ إِنَّ خَيْرَ الْجِهَادِ فِي آخِر الزَّمَان(3).
79 _ الغيبة للطوسي: قَرْقَارَةُ، عَن الْعَبَّاس بْن يَزيدَ الْبَحْرَانِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْن هَمَّام، عَنْ مُعَمَّرٍ، عَن ابْن طَاوُسٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عَبَّاسٍ، قَالَ: لاَ يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ حَتَّى تَطْلُعَ مَعَ الشَّمْس آيَةٌ(4).
80 _ كشف اليقين: وَجَدْتُ بِخَطّ الْمُحَدَّثِ الأخْبَاريَّ مُحَمَّدِ بْن الْمَشْهَدِيَّ بِإسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مَشَايِخِهِ، عَنْ(5) سُلَيْمَانَ الأعْمَش، عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ الأنْصَاريَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَكَانَ خَادِمَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ:ش.
ص: 215
لَمَّا رَجَعَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام مِنْ قِتَال أهْل النَّهْرَوَان نَزَلَ بَرَاثَا وَكَانَ بِهَا رَاهِبٌ فِي قَلاَّيَتِهِ وَكَانَ اسْمُهُ الْحُبَابَ، فَلَمَّا سَمِعَ الرَّاهِبُ الصَّيْحَةَ وَالْعَسْكَرَ أشْرَفَ مِنْ قَلاَّيَتِهِ إِلَى الأرْض فَنَظَرَ إِلَى عَسْكَر أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَاسْتَفْظَعَ ذَلِكَ، وَنَزَلَ مُبَادِراً فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ وَمَنْ رَئِيسُ هَذَا الْعَسْكَر؟ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَقَدْ رَجَعَ مِنْ قِتَال أهْل النَّهْرَوَان.
فَجَاءَ الْحُبَابُ مُبَادِراً يَتَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ حَقّاً حَقّاً، فَقَالَ لَهُ: (وَمَا عِلْمُكَ بِأنّي أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ حَقّاً حَقّاً؟)، قَالَ لَهُ: بِذَلِكَ أخْبَرَنَا عُلَمَاؤُنَا وَأحْبَارُنَا، فَقَالَ لَهُ: (يَا حُبَابُ)، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: وَمَا عِلْمُكَ بِاسْمِي؟ فَقَالَ: (أعْلَمَنِي بِذَلِكَ حَبِيبي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ لَهُ الْحُبَابُ: مُدَّ يَدَكَ فَأنَا أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَأنَّكَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَصِيُّهُ.
فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (وَأيْنَ تَأوي؟)، فَقَالَ: أكُونُ فِي قَلاَّيَةٍ لِي هَاهُنَا، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا لاَ تَسْكُنُ فِيهَا، وَلَكِن ابْن هَاهُنَا مَسْجِداً وَسَمَّهِ بِاسْم بَانِيهِ)، فَبَنَاهُ رَجُلٌ اسْمُهُ بَرَاثَا فَسَمَّى الْمَسْجِدَ بِبَرَاثَا بِاسْم الْبَانِي لَهُ.
ثُمَّ قَالَ: (وَمِنْ أيْنَ تَشْرَبُ يَا حُبَابُ!؟)، فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ دِجْلَةَ هَاهُنَا، قَالَ: (فَلِمَ لاَ تَحْفِرُ هَاهُنَا عَيْناً أوْ بِئْراً؟)، فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ كُلَّمَا حَفَرْنَا بِئْراً وَجَدْنَاهَا مَالِحَةً غَيْرَ عَذْبَةٍ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (احْفِرْ هَاهُنَا بِئْراً)، فَحَفَرَ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ لَمْ يَسْتَطِيعُوا قَلْعَهَا، فَقَلَعَهَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَانْقَلَعَتْ عَنْ عَيْنٍ أحْلَى مِنَ الشَّهْدِ وَألَذَّ مِنَ الزَّبَدِ.
ص: 216
فَقَالَ لَهُ: (يَا حُبَابُ يَكُونُ شُرْبُكَ مِنْ هَذِهِ الْعَيْن، أمَا إِنَّهُ يَا حُبَابُ سَتُبْنَى إِلَى جَنْبِ مَسْجِدِكَ هَذَا مَدِينَةٌ وَتَكْثُرُ الْجَبَابِرَةُ فِيهَا وَتَعْظُمُ الْبَلاَءُ حَتَّى إِنَّهُ لَيُرْكَبُ فِيهَا كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ سَبْعُونَ ألْفَ فَرْج حَرَام، فَإذَا عَظُمَ بَلاَؤُهُمْ شَدُّوا عَلَى مَسْجِدِكَ بِفَطْوَةٍ (بِقَنْطَرَةٍ) ثُمَّ _ وَابْنِهِ بنين (مَرَّتَيْن) ثُمَّ وَابْنِهِ لاَ يَهْدِمُهُ إِلاَّ كَافِرٌ ثُمَّ بَيْتاً _ فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ مُنِعُوا الْحَجَّ ثَلاَثَ سِنِينَ وَاحْتَرَقَتْ خُضْرُهُمْ وَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنْ أهْل السَّفْح لاَ يَدْخُلُ بَلَداً إِلاَّ أهْلَكَهُ وَأهْلَكَ أهْلَهُ، ثُمَّ ليعد (لَيَعُودُ) عَلَيْهِمْ مَرَّةً اُخْرَى ثُمَّ يَأخُذُهُمُ الْقَحْطُ وَالْغَلاَءُ ثَلاَثَ سِنِينَ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِمُ الْجَهْدُ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَدْخُلُ الْبَصْرَةَ فَلاَ يَدَعُ فِيهَا قَائِمَةً إِلاَّ سَخِطَهَا وَأهْلَكَهَا وَأسْخَطَ أهْلَهَا.
وَذَلِكَ إِذَا عُمَّرَتِ الْخَربَةُ وَبُنِيَ فِيهَا مَسْجِدٌ جَامِعٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ هَلاَكُ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَدِينَةً بَنَاهَا الْحَجَّاجُ يُقَالُ لَهَا: وَاسِطُ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ نَحْوَ بَغْدَادَ، فَيَدْخُلُهَا عَفْواً ثُمَّ يَلْتَجِئُ النَّاسُ إِلَى الْكُوفَةِ، وَلاَ يَكُونُ بَلَدٌ مِنَ الْكُوفَةِ (إِلاَّ)(1) تَشَوَّشَ الأمْرُ لَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ هُوَ وَالَّذِي أدْخَلَهُ بَغْدَادَ نَحْوَ قَبْري لِيَنْبُشَهُ فَيَتَلَقَّاهُمَا السُّفْيَانِيُّ فَيَهْزمُهُمَا ثُمَّ يَقْتُلُهُمَا وَيُوَجَّهُ جَيْشاً نَحْوَ الْكُوفَةِ، فَيَسْتَعْبِدُ بَعْضَ أهْلِهَا، وَيَجِيءُ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ فَيُلْجِئُهُمْ إِلَى سُورٍ فَمَنْ لَجَأ إِلَيْهَا أمِنَ، وَيَدْخُلُ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ إِلَى الْكُوفَةِ فَلاَ يَدَعُونَ أحَداً إِلاَّ قَتَلُوهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيَمُرُّ بِالدُّرَّةِ الْمَطْرُوحَةِ الْعَظِيمَةِ فَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهَا وَيَرَى الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ فَيَلْحَقُهُ فَيَقْتُلُهُ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَا حُبَابُ يُتَوَقَّعُ بَعْدَهَا، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ وَاُمُورٌ عِظَامٌ وَفِتَنٌ كَقِطَع اللَّيْل الْمُظْلِم فَاحْفَظْ عَنّي مَا أقُولُ لَكَ يَا حُبَابُ)(2).7.
ص: 217
بيان: قال الفيروزآبادي: القلى رؤوس الجبال(1)، والفطوا السوق الشديد(2).
اعلم أنَّ النسخة كانت سقيمة فأوردت الخبر كما وجدته.
81 _ منتخب البصائر(3): سَعْدٌ(4)، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِر بْن سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ يَقُولُ: مَنْ أرَادَ أنْ يُقَاتِلَ شِيعَةَ الدَّجَّال فَلْيُقَاتِل الْبَاكِيَ عَلَى دَم عُثْمَانَ، وَالْبَاكِيَ عَلَى أهْل النَّهْرَوَان، إِنَّ مَنْ لَقِيَ اللهَ مُؤْمِناً بِأنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً لَقِيَ اللهَ عزّ وجل سَاخِطاً عَلَيْهِ، وَلاَ يُدْركُ(5) الدَّجَّالَ.
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ فَإنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَيُبْعَثُ مِنْ قَبْرهِ حَتَّى لاَ يُؤْمِنَ(6) بِهِ وَإِنْ رَغَمَ أنْفُهُ)(7).
82 _ الإرشاد: قَدْ جَاءَتِ الآثَارُ(8) بِذِكْر عَلاَمَاتٍ لِزَمَان قِيَام الْقَائِم الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَحَوَادِثَ تَكُونُ أمَامَ قِيَامِهِ وَآيَاتٍ وَدَلاَلاَتٍ فَمِنْهَا خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَقَتْلُ الْحَسَنِيَّ وَاخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاس فِي الْمُلْكِ الدُّنْيَاويَّ، وَكُسُوفُ الشَّمْس فِي النَّصْفِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ، وَخُسُوفُ الْقَمَر فِي آخِرهِ عَلَى خِلاَفِ الْعَادَاتِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْربِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرقِ، وَرُكُودُ الشَّمْس مِنْ عِنْدِ ).
ص: 218
الزَّوَال إِلَى أوْسَطِ(1) أوْقَاتِ الْعَصْر وَطُلُوعُهَا مِنَ الْمَغْربِ، وَقَتْلُ نَفْسٍ زَكِيَّةٍ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَذَبْحُ رَجُلٍ هَاشِمِيٍّ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَهَدْمُ حَائِطِ مَسْجِدِ(2) الْكُوفَةِ، وَإِقْبَالُ رَايَاتٍ سُودٍ مِنْ قِبَل خُرَاسَانَ، وَخُرُوجُ الْيَمَانِيَّ، وَظُهُورُ الْمَغْربيَّ بِمِصْرَ وَتَمَلُّكُهُ الشَّامَاتِ، وَنُزُولُ التُّرْكِ الْجَزيرَةَ، وَنُزُولُ الرُّوم الرَّمْلَةَ.
وَطُلُوعُ نَجْم بِالْمَشْرقِ يُضِي ءُ كَمَا يُضِي ءُ الْقَمَرُ ثُمَّ يَنْعَطِفُ حَتَّى يَكَادَ يَلْتَقِي طَرَفَاهُ، وَحُمْرَةٌ يَظْهَرُ فِي السَّمَاءِ وَيُنْشَرُ فِي آفَاقِهَا، وَنَارٌ تَظْهَرُ بِالْمَشْرقِ طَويلا(3) وَتَبْقَى فِي الْجَوَّ ثَلاَثَةَ أيَّام أوْ سَبْعَةَ أيَّام، وَخَلْعُ الْعَرَبِ أعِنَّتَهَا وَتَمَلُّكُهَا الْبِلاَدَ، وَخُرُوجُهَا عَنْ سُلْطَان الْعَجَم، وَقَتْلُ أهْل مِصْرَ أمِيرَهُمْ، وَخَرَابُ الشَّام، وَاخْتِلاَفُ ثَلاَثِ رَايَاتٍ فِيهِ، وَدُخُولُ رَايَاتِ قَيْسٍ وَالْعَرَبِ إِلَى مِصْرَ، وَرَايَاتُ كِنْدَةَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَوُرُودُ خَيْلٍ مِنْ قِبَل الْعَرَبِ حَتَّى تُرْبَطَ بِفِنَاءِ الْحِيرَةِ، وَإِقْبَالُ رَايَاتٍ سُودٍ مِنَ الْمَشْرقِ نَحْوَهَا، وَبَثْقٌ فِي الْفُرَاتِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَاءُ أزقَّةَ الْكُوفَةِ.
وَخُرُوجُ سِتّينَ كَذَّاباً كُلُّهُمْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَخُرُوجُ اثْنَا (اثْنَيْ) عَشَرَ مِنْ آل أبِي طَالِبٍ كُلُّهُمْ يَدَّعِي الإمَامَةَ لِنَفْسِهِ، وَإِحْرَاقُ رَجُلٍ عَظِيم الْقَدْر مِنْ شِيعَةِ بَنِي الْعَبَّاس بَيْنَ جَلُولاَءَ وَخَانِقِينَ، وَعَقْدُ الْجِسْر مِمَّا يَلِي الْكَرْخَ بِمَدِينَةِ السَّلاَم، وَارْتِفَاعُ ريح سَوْدَاءَ بِهَا فِي أوَّل النَّهَار، وَزَلْزَلَةٌ حَتَّى يَنْخَسِفَ كَثِيرٌ مِنْهَا، وَخَوْفٌ يَشْمَلُ أهْلَ الْعِرَاقِ وَبَغْدَادَ(4) وَمَوْتٌ ذَريعٌ فِيهِ وَنَقْصٌ مِنَ الأمْوَال وَالأنْفُس وَالثَّمَرَاتِ.ر.
ص: 219
وَجَرَادٌ يَظْهَرُ فِي أوَانِهِ وَفِي غَيْر أوَانِهِ، حَتَّى يَأتِيَ عَلَى الزَّرْع وَالْغَلاَّتِ وَقِلَّةُ رَيْع لِمَا يَزْرَعُهُ النَّاسُ، وَاخْتِلاَفُ صِنْفَيْن مِنَ الْعَجَم وَسَفْكُ دِمَاءٍ كَثِيرَةٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَخُرُوجُ الْعَبِيدِ عَنْ طَاعَاتِ سَادَاتِهِمْ وَقَتْلُهُمْ مَوَالِيَهُمْ، وَمَسْخٌ لِقَوْم مِنْ أهْل الْبِدَع حَتَّى يَصِيرُوا قِرَدَةً وَخَنَازيرَ، وَغَلَبَةُ الْعَبِيدِ عَلَى بِلاَدِ السَّادَاتِ، وَنِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى يَسْمَعَهُ أهْلُ الأرْض كُلُّ أهْل لُغَةٍ بِلُغَتِهِمْ، وَوَجْهٌ وَصَدْرٌ يَظْهَرَان(1) لِلنَّاس فِي عَيْن الشَّمْس وَأمْوَاتٌ يُنْشَرُونَ مِنَ الْقُبُور حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا فَيَتَعَارَفُونَ فِيهَا وَيَتَزَاوَرُونَ.
ثُمَّ يُخْتَمُ ذَلِكَ بِأرْبَع وَعِشْرينَ مَطْرَةً يَتَّصِلُ(2) فَتَحْيَا بِهِ الأرْضُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتُعْرَفُ بَرَكَاتُهَا، وَيَزُولُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلُّ عَاهَةٍ عَنْ مُعْتَقِدِي الْحَقَّ مِنْ شِيعَةِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام، فَيَعْرفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ ظُهُورَهُ بِمَكَّةَ فَيَتَوَجَّهُونَ نَحْوَهُ لِنُصْرَتِهِ كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الأخْبَارُ.
وَمِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الأحْدَاثِ مَحْتُومَةٌ، وَمِنْهَا مَشْرُوطَةٌ، وَاللهُ أعْلَمُ بِمَا يَكُونُ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا عَلَى حَسَبِ مَا ثَبَتَ فِي الاُصُول، وَتَضَمَّنَهَا الأثَرُ الْمَنْقُولُ وَبِاللهِ نَسْتَعِينُ)(3).
83 _ الإرشاد: عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُوسَى عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ))(4) قَالَ: (الْفِتَنَ فِي آفَاقِ الأرْض وَالْمَسْخَ فِي أعْدَاءِ الْحَقَّ)(5).3.
ص: 220
84 _ الإرشاد: وُهَيْبُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(1)، قَالَ: (سَيَفْعَلُ اللهُ ذَلِكَ بِهِمْ)، قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: (بَنُو اُمَيَّةَ وَشِيعَتُهُمْ)، قَالَ (قُلْتُ)(2): وَمَا الآيَةُ؟ قَالَ: (رُكُودُ الشَّمْس مِنْ(3) بَيْن زَوَال الشَّمْس إِلَى وَقْتِ الْعَصْر، وَخُرُوجُ صَدْر رَجُلٍ(4) وَوَجْهٍ فِي عَيْن الشَّمْس يُعْرَفُ بِحَسَبِهِ وَنَسَبِهِ، وَذَلِكَ فِي زَمَان السُّفْيَانِيَّ وَعِنْدَهَا يَكُونُ بَوَارُهُ وَبَوَارُ قَوْمِهِ)(5).
85 _ الإرشاد: الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ(6)، عَنْ مُنْذِرٍ الْجَوْزيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (يُزْجَرُ النَّاسُ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام عَنْ مَعَاصِيهِمْ بِنَارٍ تَظْهَرُ لَهُمْ فِي السَّمَاءِ وَحُمْرَةٍ تُجَلّلُ السَّمَاءَ، وَخَسْفٍ ببَغْدَادَ، وَخَسْفٍ بِبَلْدَةِ الْبَصْرَةِ، وَدِمَاءٍ تُسْفَكُ بِهَا، وَخَرَابِ دُورهَا، وَفَنَاءٍ يَقَعُ فِي أهْلِهَا، وَشُمُول أهْل الْعِرَاقِ خَوْفٌ لاَ يَكُونُ(7) مَعَهُ قَرَارٌ)(8).
86 _ تفسير العياشي: عَنْ عَجْلاَنَ أبِي صَالِح، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ تَمْضِي الأيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا أهْلَ الْحَقَّ اعْتَزلُوا، يَا أهْلَ الْبَاطِل اعْتَزلُوا، فَيَعْزلُ هَؤُلاَءِ مِنْ هَؤُلاَءِ وَيَعْزلُ 8.
ص: 221
هَؤُلاَءِ مِنْ هَؤُلاَءِ)، قَالَ: قُلْتُ: أصْلَحَكَ اللهُ يُخَالِطُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ بَعْدَ ذَلِكَ النّدَاءِ؟ قَالَ: (كَلاَّ، إِنَّهُ يَقُولُ فِي الْكِتَابِ: ((ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))(1))(2).
87 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (الْزَم الأرْضَ لاَ تُحَرَّكَنَّ يَدَكَ وَلاَ رجْلَكَ أبَداً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ فِي سَنَةٍ، وَتَرَى مُنَادِياً يُنَادِي بِدِمَشْقَ، وَخُسِفَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا، وَيَسْقُطُ طَائِفَةٌ مِنْ مَسْجِدِهَا، فَإذَا رَأيْتَ التُّرْكَ جَازُوهَا، فَأقْبَلَتِ التُّرْكُ حَتَّى نَزَلَتِ الْجَزيرَةَ، وَأقْبَلَتِ الرُّومُ حَتَّى نَزَلَتِ الرَّمْلَةَ، وَهِيَ سَنَةُ اخْتِلاَفٍ فِي كُلّ أرْضٍ مِنْ أرْض الْعَرَبِ.
وَإِنَّ أهْلَ الشَّام يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ: الأصْهَبِ وَالأبْقَع وَالسُّفْيَانِيَّ مَعَ بَنِي ذَنَبِ الْحِمَار مُضَرُ، وَمَعَ السُّفْيَانِيَّ أخْوَالُهُ مِنْ كَلْبٍ فَيَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى بَنِي ذَنَبِ الْحِمَار، حَتَّى يَقْتُلُوا قَتْلاً لَمْ يَقْتُلْهُ شَيْءٌ قَطُّ.
وَيَحْضُرُ رَجُلٌ بِدِمَشْقَ فَيُقْتَلُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ قَتْلاً لَمْ يَقْتُلْهُ شَيْءٌ قَطُّ وَهُوَ مِنْ بَنِي ذَنَبِ الْحِمَار، وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((فَاخْتَلَفَ الأَْحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ))(3).
وَيَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ هِمَّةٌ إِلاَّ آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَشِيعَتَهُمْ، فَيَبْعَثُ بَعْثاً إِلَى الْكُوفَةِ فَيُصَابُ بِاُنَاسٍ مِنْ شِيعَةِ آل 7.
ص: 222
مُحَمَّدٍ بِالْكُوفَةِ قَتْلاً وَصَلْباً، وَيُقْبِلُ رَايَةٌ مِنْ خُرَاسَانَ حَتَّى يَنْزلَ سَاحِلَ الدَّجْلَةِ، يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي ضَعِيفٌ وَمَنْ تَبِعَهُ فَيُصَابُ بِظَهْر الْكُوفَةِ، وَيَبْعَثُ بَعْثاً إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَقْتُلُ بِهَا رَجُلاً وَيَهْرُبُ الْمَهْدِيُّ وَالْمَنْصُورُ مِنْهَا، وَيُؤْخَذُ آلُ مُحَمَّدٍ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ، لاَ يُتْرَكُ مِنْهُمْ أحَدٌ إِلاَّ حُبِسَ وَيَخْرُجُ الْجَيْشُ فِي طَلَبِ الرَّجُلَيْن.
وَيَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ مِنْهَا عَلَى سُنَّةِ مُوسَى خائِفاً يَتَرَقَّبُ حَتَّى يَقْدَمَ مَكَّةَ، وَيُقْبِلُ الْجَيْشُ حَتَّى إِذَا نَزَلُوا الْبَيْدَاءَ، وَهُوَ جَيْشُ الْهَمَلاَتِ(1) خُسِفَ بِهِمْ فَلاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلاَّ مُخْبِرٌ، فَيَقُومُ الْقَائِمُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام فَيُصَلّي وَيَنْصَرفُ، وَمَعَهُ وَزيرُهُ.
فَيَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَسَلَبَ حَقَّنَا، مَنْ يُحَاجُّنَا فِي اللهِ فَإنَّا أوْلَى بِاللهِ، وَمَنْ يُحَاجُّنَا فِي آدَمَ فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي نُوح فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِنُوح، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي إِبْرَاهِيمَ فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِإبْرَاهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنَا بِمُحَمَّدٍ فَإنَّا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي النَّبِيَّينَ فَنَحْنُ أوْلَى النَّاس بِالنَّبِيَّينَ، وَمَنْ حَاجَّنَا فِي كِتَابِ اللهِ فَنَحْنُ أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ.
إِنَّا نَشْهَدُ وَكُلُّ مُسْلِم الْيَوْمَ أنَّا قَدْ ظُلِمْنَا، وَطُردْنَا، وَبُغِيَ عَلَيْنَا، وَاُخْرجْنَا مِنْ دِيَارنَا وَأمْوَالِنَا وَأهَالِينَا، وَقُهِرْنَا إِلاَّ أنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ الْيَوْمَ وَكُلَّ مُسْلِم.
وَيَجِيءُ وَاللهِ ثَلاَثُ مِائَةٍ وَبضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِيهِمْ خَمْسُونَ امْرَأةً يَجْتَمِعُونَ بِمَكَّةَ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ، قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ، يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً،).
ص: 223
وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(1) فَيَقُولُ رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم: وَهِيَ الْقَرْيَةُ الظَّالِمَةُ أهْلُهَا.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الثَّلاَثُمِائَةٍ وَبضْعَةَ عَشَرَ يُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، مَعَهُ عَهْدُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَرَايَتُهُ، وَسِلاَحُهُ، وَوَزيرُهُ مَعَهُ، فَيُنَادِي الْمُنَادِي بِمَكَّةَ بِاسْمِهِ وَأمْرهِ مِنَ السَّمَاءِ، حَتَّى يَسْمَعَهُ أهْلُ الأرْض كُلُّهُمْ اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ.
مَا أشْكَلَ عَلَيْكُمْ فَلَمْ يُشْكِلْ عَلَيْكُمْ عَهْدُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَرَايَتُهُ وَسِلاَحُهُ وَالنَّفْسُ الزَّكِيَّةُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن فَإنْ أشْكَلَ عَلَيْكُمْ هَذَا فَلاَ يُشْكِلُ عَلَيْكُمُ الصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِهِ وَأمْرهِ وَإِيَّاكَ وَشُذَّاذاً مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَإنَّ لآل مُحَمَّدٍ وَعليًّ رَايَةً وَلِغَيْرهِمْ رَايَاتٍ فَالْزَم الأرْضَ وَلاَ تَتَبَّعْ مِنْهُمْ رَجُلاً أبَداً حَتَّى تَرَى رَجُلاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن، مَعَهُ عَهْدُ نَبِيَّ اللهِ وَرَايَتُهُ وَسِلاَحُهُ، فَإنَّ عَهْدَ نَبِيَّ اللهِ صَارَ عِنْدَ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، ثُمَّ صَارَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ.
فَالْزَمْ هَؤُلاَءِ أبَداً، وَإِيَّاكَ وَمَنْ ذَكَرْتُ لَكَ، فَإذَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَعَهُ ثَلاَثُ مِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا، وَمَعَهُ رَايَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَامِداً إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَمُرَّ بِالْبَيْدَاءِ حَتَّى يَقُولَ: هَذَا مَكَانُ الْقَوْم الَّذِينَ يُخْسَفُ بِهِمْ، وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ: ((أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَْرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ))(2).د.
ص: 224
فَإذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أخْرَجَ مُحَمَّدَ بْنَ الشَّجَريَّ عَلَى سُنَّةِ يُوسُفَ ثُمَّ يَأتِي الْكُوفَةَ فَيُطِيلُ بِهَا الْمَكْثَ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَمْكُثَ حَتَّى يَظْهَرَ عَلَيْهَا ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَأتِيَ الْعَذْرَاءَ(1) هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَدْ اُلْحِقَ بِهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَالسُّفْيَانِيُّ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي الرَّمْلَةِ.
حَتَّى إِذَا الْتَقَوْا وَهُمْ يَوْمَ الإبْدَال يَخْرُجُ اُنَاسٌ كَانُوا مَعَ السُّفْيَانِيَّ مِنْ شِيعَةِ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام، وَيَخْرُجُ نَاسٌ كَانُوا مَعَ آل مُحَمَّدٍ إِلَى السُّفْيَانِيَّ، فَهُمْ مِنْ شِيعَتِهِ حَتَّى يَلْحَقُوا بِهِمْ، وَيَخْرُجُ كُلُّ نَاسٍ إِلَى رَايَتِهِمْ، وَهُوَ يَوْمُ الإبْدَال.
قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: وَيَقْتُلُ يَوْمَئِذٍ السُّفْيَانِيَّ وَمَنْ مَعَهُمْ حَتَّى لاَ يُدْرَكَ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ، وَالْخَائِبُ يَوْمَئِذٍ مَنْ خَابَ مِنْ غَنِيمَةِ كَلْبٍ، ثُمَّ يُقْبِلُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَكُونُ مَنْزلُهُ بِهَا.
فَلاَ يَتْرُكُ عَبْداً مُسْلِماً إِلاَّ اشْتَرَاهُ وَأعْتَقَهُ، وَلاَ غَارماً إِلاَّ قَضَى دَيْنَهُ، وَلاَ مَظْلِمَةً لأحَدٍ مِنَ النَّاس إِلاَّ رَدَّهَا، وَلاَ يَقْتُلُ مِنْهُمْ عَبْداً إِلاَّ أدَّى ثَمَنَهُ ((دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ))(2)، وَلاَ يُقْتَلُ قَتِيلٌ إِلاَّ قَضَى عَنْهُ دَيْنَهُ وَألْحَقَ عِيَالَهُ فِي الْعَطَاءِ، حَتَّى يَمْلأ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَعُدْوَاناً، وَيَسْكُنُهُ هُوَ وَأهْلُ بَيْتِهِ الرَّحْبَةَ.
وَالرَّحْبَةُ إِنَّمَا كَانَتْ مَسْكَنَ نُوح وَهِيَ أرْضٌ طَيَّبَةٌ، وَلاَ يَسْكُنُ رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَلاَ يُقْتَلُ إِلاَّ بِأرْضٍ طَيَّبَةٍ زَاكِيَةٍ، فَهُمُ الأوْصِيَاءُ الطَّيَّبُونَ)(3).ف.
ص: 225
88 _ مجالس المفيد: الْجِعَابِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ مَالِكِ بْن عُبَيْدِ اللهِ(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن مَعْبَدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن أبِي يَحْيَى الْكَعْبِيَّ، عَن السُّفْيَان الثَّوْريَّ، عَنْ مَنْصُورٍ الرَّبَعِيَّ، عَنْ خِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (يُمَيَّزُ اللهُ أوْلِيَاءَهُ وَأصْفِيَاءَهُ حَتَّى يُطَهَّرَ الأرْضَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالضَّالّينَ وَأبْنَاءِ الضَّالّينَ وَحَتَّى تَلْتَقِيَ بِالرَّجُل يَوْمَئِذٍ خَمْسُونَ امْرَأةً هَذِهِ تَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ اشْتَرني وَهَذِهِ تَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ آوني)(2).
89 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الدَّينَوَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن الْكُوفِيَّ، عَنْ عَمْرَةَ(3) بِنْتِ أوْسٍ، قَالَتْ: حَدَّثَنِي جَدَّيَ الْخَضِرُ(4) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمْزَةَ(5)، عَنْ كَعْبِ الأحْبَار أنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُشِرَ الْخَلْقُ عَلَى أرْبَعَةِ أصْنَافٍ: صِنْفٌ رُكْبَانٌ، وَصِنْفٌ عَلَى أقْدَامِهِمْ يَمْشُونَ، وَصِنْفٌ مُكَبُّونَ، وَصِنْفٌ عَلَى وُجُوهِهِمْ، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلا يَتَكَلَّمُونَ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ اُولَئِكَ الَّذِينَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ.
فَقِيلَ لَهُ: يَا كَعْبُ مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ وَهَذِهِ الْحَالَةُ حَالُهُمْ؟
فَقَالَ كَعْبٌ: اُولَئِكَ كَانُوا فِي الضَّلاَل وَالارْتِدَادِ وَالنَّكْثِ، فَبِئْسَ ما ).
ص: 226
قَدَّمَتْ لَهُمْ أنْفُسُهُمْ إِذَا لَقُوا اللهَ بِحَرْبِ خَلِيفَتِهِمْ، وَوَصِيَّ نَبِيَّهِمْ، وَعَالِمِهِمْ(1) وَفَاضِلِهِمْ وَحَامِل اللّوَاءِ، وَوَلِيَّ الْحَوْض، وَالْمُرْتَجَى وَالرَّجَا دُونَ هَذَا الْعَالَم، وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي لاَ يُجْهَلُ وَالْحُجَّةُ(2) الَّتِي مَنْ زَالَ عَنْهَا عَطِبَ، وَفِي النَّار هَوَى.
ذَاكَ عَلِيٌّ وَرَبَّ الْكَعْبَةِ أعْلَمُهُمْ عِلْماً، وَأقْدَمُهُمْ سِلْماً، وَأوْفَرُهُمْ حِلْماً.
عَجِبَ كَعْبٌ مِمَّنْ قَدَّمَ عَلَى عليًّ غَيْرَهُ، وَمَنْ يَشُكُّ فِي(3) الْقَائِم الْمَهْدِيَّ الَّذِي يُبَدَّلُ الأرْض غَيْرَ الأرْض، وَبهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَحْتَجُّ عَلَى نَصَارَى الرُّوم وَالصّين، إِنَّ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ مِنْ نَسْل عليًّ أشْبَهُ النَّاس بِعِيسَى ابْن مَرْيَمَ خَلْقاً وَخُلُقاً وَسِيمَاءَ وَهَيْئَةً(4)، يُعْطِيهِ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ مَا أعْطَى الأنْبِيَاءَ، وَيَزيدُهُ وَيُفَضّلُهُ.
إِنَّ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِ عليًّ لَهُ غَيْبَةٌ كَغَيْبَةِ يُوسُفَ وَرَجْعَةٌ كَرَجْعَةِ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَتِهِ مَعَ طُلُوع النَّجْم الآخِر(5) وَخَرَابِ الزَّوْرَاءِ وَهِيَ الرَّيُّ وَخَسْفِ الْمُزَوَّرَةِ وَهِيَ بَغْدَادُ، وَخُرُوج السُّفْيَانِيَّ، وَحَرْبِ وَلَدِ الْعَبَّاس مَعَ فِتْيَان أرْمَنِيَّةَ(6) وَآذَرْبِيجَانَ.
تِلْكَ حَرْبٌ يُقْتَلُ فِيهَا اُلُوفٌ وَاُلُوفٌ، كُلٌّ يَقْبِضُ عَلَى سَيْفٍ ).
ص: 227
مَجْلِيٍّ(1) تَخْفِقُ عَلَيْهِ رَايَاتٌ سُودٌ، تِلْكَ حَرْبٌ يُسْتَبْشَرُ فِيهاَ(2) الْمَوْتُ الأحْمَرُ وَالطَّاعُونُ الأكْبَرُ(3).
90 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْخَضِر(4) بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، عُمَر بْن سَعْدٍ(5)، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ(6) حَتَّى تُفْقَأ عَيْنُ الدُّنْيَا وَتَظْهَرَ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ، وَتِلْكَ دُمُوعُ حَمَلَةِ الْعَرْش عَلَى أهْل الأرْض، وَحَتَّى يَظْهَرَ فِيهِمْ قَوْمٌ(7) لا خَلاقَ لَهُمْ، يَدْعُونَ لِوَلَدِي وَهُمْ بِرَاءٌ(8) مِنْ وَلَدِي.
تِلْكَ عِصَابَةٌ رَدِيئَةٌ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ، عَلَى الأشْرَار مُسَلَّطَةٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ مُفْتِنَةٌ، وَلِلْمُلُوكِ مُبِيرَةٌ، يَظْهَرُ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ، يَقْدَمُهُمْ رَجُلٌ أسْوَدُ اللَّوْن وَالْقَلْبِ، رَثُّ الدَّيْن، لاَ خَلاَقَ لَهُ، مُهَجَّنٌ زَنيمٌ عُتُلٌّ، تَدَاوَلَتْهُ أيْدِي الْعَوَاهِر مِنَ الاُمَّهَاتِ، مِنْ شَرَّ نَسْلٍ لاَ سَقَاهَا اللهُ الْمَطَرَ، فِي سَنَةِ إِظْهَار غَيْبَةِ الْمُتَغَيَّبِ مِنْ وَلَدِي صَاحِبِ الرَّايَةِ الْحَمْرَاءِ، وَالْعَلَم الأخْضَر، أيُّ يَوْم لِلْمُخَيَّبينَ بَيْنَ الأنْبَار وَهِيتَ.
ذَلِكَ يَوْمٌ فِيهِ صَيْلَمُ الأكْرَادِ وَالشُّرَاةِ، وَخَرَابُ دَار الْفَرَاعِنَةِ،ف.
ص: 228
وَمَسْكَن الْجَبَابِرَةِ، وَمَأوَى الْوُلاَةِ الظَّلَمَةِ، وَاُمَّ الْبَلاَءِ، وَاُخْتِ الْعَار، تِلْكَ وَرَبَّ عليًّ يَا عُمَرَ(1) بْنَ سَعْدٍ بَغْدَادُ ألاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَبَنِي فُلاَنٍ(2)، الْخَوَنَةِ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الطَّيَّبينَ مِنْ وُلْدِي وَلاَ يُرَاقِبُونَ فِيهِمْ ذِمَّتِي، وَلاَ يَخَافُونَ اللهَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بِحُرْمَتِي.
إِنَّ لِبَني الْعَبَّاس يَوْماً كَيَوْم الطَّمُوح، وَلَهُمْ فِيهِ صَرْخَةٌ كَصَرْخَةِ الْحُبْلَى، الْوَيْلُ لِشِيعَةِ وُلْدِ الْعَبَّاس مِنَ الْحَرْبِ الَّتِي سَنَحَ بَيْنَ نَهَاوَنْدَ وَالدَّينَوَر، تِلْكَ حَرْبُ صَعَالِيكِ شِيعَةِ عليًّ، يَقْدَمُهُمْ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ اسْمُهُ عَلَى اسْم النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
مَنْعُوتٌ مَوْصُوفٌ بِاعْتِدَال الْخَلْقِ، وَحُسْن الْخُلُقِ، وَنَضَارَةِ اللَّوْن، لَهُ فِي صَوْتِهِ ضَحِكٌ(3)، وَفِي أشْفَارهِ وَطَفٌ(4)، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، فَرْقُ الشَّعْر، مُفَلَّجُ الثَّنَايَا، عَلَى فَرَسِهِ كَبَدْرٍ (تَمَام)(5)، تَجَلَّى عَنْهُ الْغَمَامُ(6)، تَسِيرُ بِعِصَابَةٍ خَيْر عِصَابَةٍ، آوَتْ وَتَقَرَّبَتْ وَدَانَتْ للهِ بِدِين تِلْكَ الأبْطَال مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَلْحَقُونَ حَرْبَ الْكَريهَةِ، وَالدَّبْرَةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الأعْدَاءِ إِنَّ لِلْعَدُوَّ يَوْمَ ذَاكَ الصَّيْلَمُ وَالاسْتِئْصَالُ)(7).ك.
ص: 229
أقول: إنَّما أوردت هذا الخبر مع كونه مصحّفاً مغلوطاً وكون سنده منتهياً إلى شرّ خلق الله عمر بن سعد لعنه الله لاشتماله على الأخبار بالقائم عليه السلام ليعلم تواطؤ المخالف والمؤالف عليه صلوات الله عليه.
91 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ زَائِدَةَ بْن قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام الْقَائِمُ فَقَالَ: (أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَدِر الْفُلْكُ، حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، فِي أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟)، فَقُلْتُ: وَمَا اسْتِدَارَةُ الْفُلْكِ؟ فَقَالَ: (اخْتِلاَفُ الشّيعَةِ بَيْنَهُمْ)(1).
92 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح، عَنْ أبِي عليًّ الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ(2)، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ عليًّ عليه السلام أنَّهُ قَالَ:
(يَأتِيكُمْ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ اُمَرَاءُ كَفَرَةٌ، وَاُمَنَاءُ خَوَنَةٌ، وَعُرَفَاءُ فَسَقَةٌ، فَتَكْثُرُ التُّجَّارُ وَتَقِلُّ الأرْبَاحُ، وَيَفْشُو الرَّبَا، وَتَكْثُرُ أوْلاَدُ الزّنَا، (وَتُعْمَرُ السَّبَاخُ)(3)، وَتُتَنَاكَرُ الْمَعَارفُ، وَتُعَظَّمُ الأهِلَّةُ(4)، وَتَكْتَفِي النّسَاءُ بِالنّسَاءِ وَالرَّجَالُ بِالرَّجَال).ر.
ص: 230
فَحَدَّثَ رَجُلٌ عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام أنَّهُ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ حِينَ يُحَدَّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَكَيْفَ نَصْنَعُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان؟ فَقَالَ: (الْهَرَبَ الْهَرَبَ، وَإِنَّهُ لاَ يَزَالُ عَدْلُ اللهِ مَبْسُوطاً عَلَى هَذِهِ الاُمَّةِ مَا لَمْ يَمِلْ قُرَّاؤُهُمْ إِلَى اُمَرَائِهِمْ، وَمَا لَمْ يَزَلْ أبْرَارُهُمْ يَنْهَى فُجَّارَهُمْ، فَإنْ لَمْ يَفْعَلُوا ثُمَّ اسْتَنْفَرُوا _ أي استنصروا _ فَقَالُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قَالَ اللهُ فِي عَرْشِهِ: كَذَبْتُمْ لَسْتُمْ بِهَا صَادِقِينَ)(1).
93 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِني، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ قُدَّامَ الْقَائِم سَنَةٌ تَجُوعُ فِيهَا النَّاسُ، وَيُصِيبُهُمْ خَوْفٌ شَدِيدٌ مِنَ الْقَتْل، وَنَقْصٌ مِنَ الأمْوَال وَالأنْفُس وَالثَّمَرَاتِ، فَإنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ لَبَيَّنٌ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَْمْوالِ وَالأَْنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ))(2))(3).
94 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَفْصٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام عَنْ قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ))، فَقَالَ: (يَا جَابِرُ ذَلِكَ خَاصٌّ وَعَامٌّ، فَأمَّا الْخَاصُّ مِنَ الْجُوعِ بِالْكُوفَةِ(4)، يَخُصُّ اللهُ بِهِ أعْدَاءَ آل مُحَمَّدٍ فَيُهْلِكُهُمْ، وَأمَّا الْعَامُّ فَبِالشَّام، يُصِيبُهُمْ خَوْفٌ وَجُوعٌ مَا).
ص: 231
أصَابَهُمْ بِهِ(1) قَطُّ، وَأمَّا الْجُوعُ فَقَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام، وَأمَّا الْخَوْفُ فَبَعْدَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام)(2).
تفسير العياشي: عن الثمالي، عنه عليه السلام، مثله(3).
95 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ مَعْمَر بْن يَحْيَى(4)، عَنْ دَاوُدَ الدَّجَاجِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (سُئِلَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام (عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى)(5): ((فَاخْتَلَفَ الأَْحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ))(6)، فَقَالَ: انْتَظِرُوا الْفَرَجَ مِنْ ثَلاَثٍ، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَمَا هُنَّ؟ فَقَالَ: اخْتِلاَفُ أهْل الشَّام بَيْنَهُمْ وَالرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ خُرَاسَانَ وَالْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ.
فَقِيلَ: وَمَا الْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: أمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل فِي الْقُرْآن: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(7) آيَةٌ تُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا وَتُوقِظُ النَّائِمَ وَتُفْزعُ الْيَقْظَانَ)(8).
96 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، .
ص: 232
عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا رَأيْتُمْ نَاراً مِنَ(1) الْمَشْرقِ شِبْهَ الْهَرَويَّ(2) الْعَظِيم تَطْلُعُ ثَلاَثَةَ أيَّام أوْ سَبْعَةً، فَتَوَقَّعُوا فَرَجَ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام إِنْ شَاءَ اللهُ عزّ وجل إِنَّ اللهَ عَزيزٌ حَكِيمٌ).
ثُمَّ قَالَ: (الصَّيْحَةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ فِي شَهْر رَمَضَانَ شَهْر اللهِ وَهِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ إِلَى هَذَا الْخَلْقِ).
ثُمَّ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم عليه السلام فَيَسْمَعُ مَنْ بِالْمَشْرقِ وَمَنْ بِالْمَغْربِ لاَ يَبْقَى رَاقِدٌ إِلاَّ اسْتَيْقَظَ، وَلاَ قَائِمٌ إِلاَّ قَعَدَ، وَلاَ قَاعِدٌ إِلاَّ قَامَ عَلَى رجْلَيْهِ فَزَعاً مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ، فَرَحِمَ اللهُ مَن اعْتَبَرَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ فَأجَابَ، فَإنَّ الصَّوْتَ الأوَّلَ هُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوح الأمِين).
وَقَالَ عليه السلام(3): (الصَّوْتُ فِي شَهْر رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ لَيْلَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ فَلاَ تَشُكُّوا فِي ذَلِكَ وَاسْمَعُوا وَأطِيعُوا، وَفِي آخِر النَّهَار صَوْتُ إِبْلِيسَ اللَّعِين يُنَادِي: ألاَ إِنَّ فُلاَناً قُتِلَ مَظْلُوماً، لِيُشَكّكَ النَّاسَ وَيُفْتِنَهُمْ، فَكَمْ(4) ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ شَاكٍّ مُتَحَيَّرٍ قَدْ هَوَى فِي النَّار، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الصَّوْتَ فِي شَهْر رَمَضَانَ فَلاَ تَشُكُّوا ).
ص: 233
أنَّهُ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ وَعَلاَمَةُ ذَلِكَ أنَّهُ يُنَادِي بِاسْم الْقَائِم وَاسْم أبِيهِ حَتَّى تَسْمَعَهُ الْعَذْرَاءُ فِي خِدْرهَا فَتُحَرَّضُ أبَاهَا وَأخَاهَا عَلَى الْخُرُوج).
وَقَالَ عليه السلام: (لاَ بُدَّ مِنْ هَذَيْن الصَّوْتَيْن قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام صَوْتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَهُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ(1)، وَصَوْتٍ مِنَ الأرْض فَهُوَ صَوْتُ إِبْلِيسَ اللَّعِين، يُنَادِي بِاسْم فُلاَنٍ أنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً يُريدُ(2) الْفِتْنَةَ، فَاتَّبِعُوا الصَّوْتَ الأوَّلَ وَإِيَّاكُمْ وَالأخِيرَ أنْ تَفْتَتِنُوا بِهِ).
وَقَالَ عليه السلام: (لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ إِلاَّ عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّاس، وَزَلاَزلَ، وَفِتْنَةٍ وَبَلاَءٍ يُصِيبُ النَّاسَ، وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَيْفٍ قَاطِع بَيْنَ الْعَرَبِ، وَاخْتِلاَفٍ شَدِيدٍ بَيْنَ النَّاس، وَتَشْتِيتٍ فِي دِينِهِمْ، وَتَغْيِيرٍ فِي حَالِهِمْ، حَتَّى يَتَمَنَّى الْمُتَمَنّي (الْمَوْتَ)(3) صَبَاحاً وَمَسَاءً، مِنْ عِظَم مَا يَرَى مِنْ كَلَبِ النَّاس(4) وَأكْل بَعْضِهِمْ بَعْضاً.
فَخُرُوجُهُ عليه السلام إِذَا خَرَجَ يَكُونُ عِنْدَ الْيَأس وَالْقُنُوطِ مِنْ أنْ يَرَوْا فَرَجاً، فَيَا طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَهُ وَكَانَ مِنْ أنْصَارهِ، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْل لِمَنْ نَاوَاهُ _ أي عاداه _ وَخَالَفَهُ، وَخَالَفَ أمْرَهُ، وَكَانَ مِنْ أعْدَائِهِ).
وَقَالَ عليه السلام(5): (يَقُومُ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَسُنَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَقَضَاءٍ (جَدِيدٍ)(6) عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ شَأنُهُ إِلاَّ الْقَتْلَ، لاَ يَسْتَبْقِي أحَداً، وَلاَ يَأخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم).ر.
ص: 234
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (إِذَا اخْتَلَفَ بَنُو فُلاَنٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ (فَانْتَظِرُوا)(1) الْفَرَجَ وَلَيْسَ فَرَجُكُمْ(2) إِلاَّ فِي اخْتِلاَفِ (بَنِي)(3) فُلاَنٍ، فَإذَا اخْتَلَفُوا فَتَوَقَّعُوا الصَّيْحَةَ فِي شَهْر رَمَضَانَ بِخُرُوج الْقَائِم، إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ، وَلَنْ يَخْرُجَ الْقَائِمُ وَلاَ تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَخْتَلِفَ بَنُو فُلاَنٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ طَمَعَ النَّاسُ فِيهِمْ وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ، وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ).
وَقَالَ: (لاَ بُدَّ لِبَني فُلاَنٍ أنْ يَمْلِكُوا، فَإذَا مَلَكُوا ثُمَّ اخْتَلَفُوا تَفَرَّقَ ملكهم (4) وَتَشَتَّتَ أمْرُهُمْ حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ الْمَشْرقِ، وَهَذَا مِنَ الْمَغْربِ، يَسْتَبِقَان إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرَسَيْ رهَانٍ، هَذَا مِنْ هُنَا، وَهَذَا مِنْ هُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلاَكُ بَنِي فُلاَنٍ عَلَى أيْدِيهِمَا، أمَا إِنَّهُمَا لاَ يُبْقُونَ مِنْهُمْ أحَداً).
ثُمَّ قَالَ عليه السلام: (خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ وَالْيَمَانِيَّ وَالْخُرَاسَانِيَّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي شَهْرٍ وَاحِدٍ فِي يَوْم وَاحِدٍ وَنظَام كَنِظَام الْخَرَز يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً فَيَكُونُ الْبَأسُ مِنْ كُلّ وَجْهٍ، وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُمْ.
وَلَيْسَ فِي الرَّايَاتِ(5) أهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيَّ هِيَ رَايَةُ هُدًى لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى صَاحِبكُمْ، فَإذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ حَرَّمَ بَيْعَ السَّلاَح عَلَى (النَّاس وَ)(6) كُلّ مُسْلِم وَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ فَانْهَضْ إِلَيْهِ، فَإنَّ رَايَتَهُ رَايَةُ هُدًى، وَلاَ ر.
ص: 235
يَحِلُّ لِمُسْلِم أنْ يَلْتَويَ عَلَيْهِ، فَمَنْ فَعَلَ فَهُوَ مِنْ أهْل النَّار، لأنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقَّ وَإِلى طَريقٍ مُسْتَقِيم).
ثُمَّ قَالَ لِي: (إِنَّ ذَهَابَ مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ كَقِصَع الْفَخَّار، وَكَرَجُلٍ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَخَّارَةٌ وَهُوَ يَمْشِي إِذْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ سَاهٍ عَنْهَا فَانْكَسَرَتْ، فَقَالَ حِينَ سَقَطَتْ: هَاهْ شِبْهَ الْفَزَع، فَذَهَابُ مُلْكِهِمْ هَكَذَا أغْفَلُ مَا كَانُوا عَنْ ذَهَابِهِ).
وَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ قَدَّرَ فِيمَا قَدَّرَ وَقَضَى(1) بِأنَّهُ كَائِنٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ، أخْذَ(2) بَنِي اُمَيَّةَ بِالسَّيْفِ جَهْرَةً وَأنَّ أخْذَ بَنِي فُلاَنٍ بَغْتَةً).
وَقَالَ عليه السلام: (لاَ بُدَّ مِنْ رَحًى تَطْحَنُ، فَإذَا قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا وَثَبَتَتْ عَلَى سَاقِهَا بَعَثَ اللهُ عَلَيْهَا عَبْداً عَسْفا(3) خَامِلاً أصْلُهُ، يَكُونُ النَّصْرُ مَعَهُ، أصْحَابُهُ الطَّويلَةُ شُعُورُهُمْ، أصْحَابُ السَّبَال، سُودٌ ثِيَابُهُمْ، أصْحَابُ رَايَاتٍ سُودٍ، وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُمْ، يَقْتُلُونَهُمْ هَرْجاً.
وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى أفْعَالِهِمْ، وَمَا يُلْقَى مِنَ الْفُجَّار مِنْهُمْ وَالأعْرَابِ الْجُفَاةِ يُسَلّطُهُمُ اللهُ عَلَيْهِمْ بِلاَ رَحْمَةٍ، فَيَقْتُلُونَهُمْ هَرْجاً عَلَى مَدِينَتِهِمْ بِشَاطِئ الْفُرَاتِ الْبَرَّيَّةِ وَالْبَحْريَّةِ جَزَاءً بِمَا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِظَلاَّم لِلْعَبِيدِ)(4).
بيان: لعلَّ المراد بالهروي الثياب الهروية، شُبَّهت بها في عظمها وبياضها، قوله: (أنَّ فلاناً قتل مظلوماً) أي عثمان.3.
ص: 236
97 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَر بْن وَهْبٍ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ عَبَّاس بْن عُبَيْدِ(1) اللهِ، عَنْ دَاوُدَ بْن سِرْحَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْعَامُ الَّذِي فِيهِ الصَّيْحَةُ قَبْلَهُ الآيَةُ فِي رَجَبٍ)، قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: (وَجْهٌ يَطْلُعُ فِي الْقَمَر، وَيَدٌ بَارزَةٌ(2))(3).
98 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْن يَزيدَ، عَنْ زيَادِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (النّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَالسُّفْيَانِيُّ مِنَ الْمَحْتُوم(4)، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَكَفٌّ(5) يَطْلُعُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَحْتُوم).
قَالَ عليه السلام: (وَفَزْعَةٌ فِي شَهْر رَمَضَانَ تُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُفْزعُ الْيَقْظَانَ، وَتُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا)(6).
99 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (قَبْلَ هَذَا الأمْر السُّفْيَانِيُّ وَالْيَمَانِيُّ وَالْمَرْوَانِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ صَالِح، فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا هَذَا؟)(7).2.
ص: 237
بيان: أي كيف يقول هذا الذي خرج: إنّي القائم، يعني محمّد بن إبراهيم أو غيره.
100 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن مُخْتَارٍ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أمْسِكْ بِيَدِكَ هَلاَكَ الْفُلاَنِيَّ(2)، وَخُرُوجَ السُّفْيَانِيَّ، وَقَتْلَ النَّفْس، وَجَيْشَ الْخَسْفِ، وَالصَّوْتَ)، قُلْتُ: وَمَا الصَّوْتُ هُوَ الْمُنَادِي؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَبهِ يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الأمْر)، ثُمَّ قَالَ: (الْفَرَجُ كُلُّهُ هَلاَكُ الْفُلاَنِيَّ (مِنْ بَني الْعَبَّاس))(3).
بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحُسَيْن، عَن ابْن سَيَابَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَأنَا خَامِسُ خَمْسَةٍ وَأصْغَرُ الْقَوْم سِنّاً فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أخِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (إِنّي خَاتَمُ ألْفِ نَبِيّ وَإِنَّكَ خَاتَمُ ألْفِ وَصِيّ، وَكُلّفْتُ مَا لَمْ يُكَلَّفُوا).
فَقُلْتُ: مَا أنْصَفَكَ الْقَوْمُ (يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ)(4)، فَقَالَ: (لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ(5) يَا ابْنَ أخ، وَاللهِ (إِنّي)(6) لأعْلَمُ ألْفَ كَلِمَةٍ لاَ يَعْلَمُهَا غَيْري وَغَيْرَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَإِنَّهُمْ لَيَقْرَءُونَ مِنْهَا آيَةً فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَهِيَ: ((وَإِذا وَقَعَ ر.
ص: 238
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) وَمَا يَتَدَبَّرُونَهَا حَقَّ تَدَبُّرهَا، ألاَ اُخْبِرُكُمْ بِآخِر مُلْكِ بَنِي فُلاَنٍ؟).
قُلْنَا: بَلَى يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: (قَتْلُ نَفْسٍ حَرَام، فِي يَوْم حَرَام، فِي بَلَدٍ حَرَام، عَنْ قَوْم مِنْ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ مَا لَهُمْ مُلْكٌ بَعْدَهُ غَيْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً).
قُلْنَا: هَلْ قَبْلَ هَذَا مِنْ شَيْ ءٍ أوْ بَعْدَهُ(2)؟ فَقَالَ: (صَيْحَةٌ فِي شَهْر رَمَضَانَ تُفْزعُ الْيَقْظَانَ، وَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا)(3).
101 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا بْن شَيْبَانَ، عَنْ أبِي سُلَيْمَانَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: (لاَ بُدَّ أنْ يَمْلِكَ بَنُو الْعَبَّاس فَإذَا مَلَكُوا وَاخْتَلَفُوا وَتَشَتَّتَ أمْرُهُمْ خَرَجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ الْمَشْرقِ، وَهَذَا مِنَ الْمَغْربِ، يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرَسَيْ رهَانٍ، هَذَا مِنْ هَاهُنَا وَهَذَا مِنْ هَاهُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلاَكُهُمْ عَلَى أيْدِيهِمَا، أمَا إِنَّهُمَا لاَ يُبْقُونَ مِنْهُمْ أحَداً (أبَداً))(4).
102 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الصَّامِتِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا مِنْ عَلاَمَةٍ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الأمْر؟ فَقَالَ: (بَلَى)، قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: (هَلاَكُ الْعَبَّاسِيَّ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ،).
ص: 239
وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ، وَالصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أخَافُ أنْ يَطُولَ هَذَا الأمْرُ، فَقَالَ: (لاَ إِنَّمَا (هُوَ)(1) كَنِظَام الْخَرَز يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً)(2).
103 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ(3) وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام(4) فِي وَتْرٍ مِنَ السَّنِينَ: تِسْع، وَاحِدَةٍ، ثَلاَثٍ، خَمْسٍ)، وَقَالَ: (إِذَا اخْتَلَفَتْ بَنُو اُمَيَّةَ ذَهَبَ مُلْكُهُمْ، ثُمَّ يَمْلِكُ بَنُو الْعَبَّاس، فَلاَ يَزَالُونَ فِي عُنْفُوَانٍ مِنَ الْمُلْكِ، وَغَضَارَةٍ مِنَ الْعَيْش، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، (فَإذَا اخْتَلَفُوا)(5) ذَهَبَ مُلْكُهُمْ، وَاخْتَلَفَ أهْلُ الشَّرْقِ وَأهْلُ الْغَرْبِ نَعَمْ وَأهْلُ الْقِبْلَةِ، وَيَلْقَى النَّاسَ جَهْدٌ شَدِيدٌ، مِمَّا يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْخَوْفِ.
فَلاَ يَزَالُونَ بِتِلْكَ الْحَال، حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَإذَا نَادَى فَالنَّفْرَ النَّفْرَ(6)، فَوَ اللهِ لَكَأنَّي أنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، يُبَايِعُ النَّاسَ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَسُلْطَانٍ جَدِيدٍ، مِنَ السَّمَاءِ، أمَا إِنَّهُ لاَ يُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ أبَداً حَتَّى يَمُوتَ)(7).
104 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، 2.
ص: 240
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ(1)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْعَلاَءِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليهما السلام أنَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام حَدَّثَ عَنْ أشْيَاءَ تَكُونُ بَعْدَهُ إِلَى قِيَام الْقَائِم، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: (يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَتَى يُطَهَّرُ اللهُ الأرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ؟)، قَالَ: (لاَ يُطَهَّرُ اللهُ الأرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ حَتَّى يُسْفَكَ الدَّمُ الْحَرَامُ...).
ثُمَّ ذَكَرَ أمْرَ بَنِي اُمَيَّةَ، وَبَنِي الْعَبَّاس فِي حَدِيثٍ طَويلٍ وَقَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بِخُرَاسَانَ، وَغَلَبَ عَلَى أرْض كُوفَانَ(2) وَالْمُلْتَان(3)، وَجَازَ جَزيرَةَ بَنِي كَاوَانَ، وَقَامَ مِنَّا قَائِمٌ بِجِيلاَنَ، وَأجَابَتْهُ الآبُرُ وَالدَّيْلَمُ، وَظَهَرَتْ لِوَلَدِي رَايَاتُ التُّرْكِ مُتَفَرَّقَاتٍ فِي الأقْطَار وَالْحَرَامَاتِ(4)، وَكَانُوا بَيْنَ هَنَاتٍ وَهَنَاتٍ.
إِذَا خَربَتِ الْبَصْرَةُ، وَقَامَ أمِيرُ الإمْرَةِ(5)...)، فَحَكَى عليه السلام حِكَايَةً طَويلَةً ثُمَّ قَالَ: (إِذَا جُهَّزَتِ الاُلُوفُ، وَصَفَّتِ الصُّفُوفُ، وَقُتِلَ الْكَبْشُ الْخَرُوفُ، هُنَاكَ يَقُومُ الآخِرُ، وَيَثُورُ الثَّائِرُ، وَيَهْلِكُ الْكَافِرُ، ثُمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ الْمَأمُولُ، وَالإمَامُ الْمَجْهُولُ، لَهُ الشَّرَفُ وَالْفَضْلُ، وَهُوَ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ، لاَ ابْنٌ مِثْلَهُ، يَظْهَرُ بَيْنَ الرُّكْنَيْن فِي دَريسَيْن بَالِيَيْن(6)، يَظْهَرُ عَلَى ).
ص: 241
الثَّقَلَيْن، وَلاَ يَتْرُكُ فِي الأرْض الأدْنَيْنَ(1)، طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ زَمَانَهُ، وَلَحِقَ أوَانَهُ، وَشَهِدَ أيَّامَهُ)(2).
بيان: القائم بخراسان هلاكو خان أو جنكيز خان، وكاوان جزيرة في بحر البصرة ذكره الفيروزآبادي(3)، والقائم بجيلان السلطان إسماعيل نوَّر الله مضجعه، والآبر قرية قرب الأسترآباد، والخروف كصبور الذكر من أولاد الضأن ولعلَّ المراد بالكبش السلطان عبّاس الأوّل طيَّب الله رمسه حيث قتل ولده الصفي ميرزا رحمه الله.
وقيام الآخر بالثار، يحتمل أن يكون إشارة إلى ما فعل السلطان صفي تغمَّده الله برحمته ابن المقتول بأولاد القاتل من القتل وسمل العيون وغير ذلك.
وقيام القائم عليه السلام بعد ذلك لا يلزم أن يكون بلا واسطة، وعسى أن يكون قريباً مع أنَّ الخبر مختصر من كلام طويل، فيمكن أن يكون سقط من بين الكلامين وقائع.
105 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ، وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، قَالَ...
وَقَالَ الْكُلَيْنيُّ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى(4)، عَن ).
ص: 242
ابْن عِيسَى وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ وَغَيْرهِ، عَنْ سَهْلٍ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، قَالَ...
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن أبِي يَاسِرٍ(1)، عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ(2)، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا جَابِرُ الْزَم الأرْضَ وَلاَ تُحَرَّكْ يَداً وَلاَ رجْلاً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ إِنْ أدْرَكْتَهَا.
أوَّلُهَا اخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاس، وَمَا أرَاكَ تُدْركُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ حَدَّثْ بِهِ (مِنْ)(3) بَعْدِي عَنّي، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَيَجِيئُكُمُ الصَّوْتُ مِنْ نَاحِيَةِ دِمَشْقَ بِالْفَتْح، وَتُخْسَفُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الشَّام تُسَمَّى الْجَابِيَةَ، وَتَسْقُطُ طَائِفَةٌ مِنْ مَسْجِدِ دِمَشْقَ الأيْمَن، وَمَارقَةٌ تَمْرُقُ مِنْ نَاحِيَةِ التُّرْكِ، وَيُعَقّبُهَا هَرْجُ الرُّوم، وَسَيُقْبِلُ إِخْوَانُ التُّرْكِ حَتَّى يَنْزلُوا الْجَزيرَةَ، وَسَتُقْبِلُ مَارقَةُ الرُّوم حَتَّى يَنْزلُوا الرَّمْلَةَ، فَتِلْكَ السَّنَةَ يَا جَابِرُ اخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ فِي كُلّ أرْضٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْربِ.
فَأوَّلُ أرْض الْمَغْربِ(4) أرْضُ الشَّام يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ: رَايَةِ الأصْهَبِ، وَرَايَةِ الأبْقَع، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيَّ، فَيَلْتَقِي السُّفْيَانِيُّ بِالأبْقَع فَيَقْتَتِلُونَ وَيَقْتُلُهُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ مَعَهُ وَيَقْتُلُ الأصْهَبَ، ثُمَّ لاَ يَكُونُ لَهُ هِمَّةٌ إِلاَّ الإقْبَالَ نَحْوَ الْعِرَاقِ وَيَمُرُّ جَيْشُهُ بِقِرْقِيساَ(5)، فَيَقْتَتِلُونَ بِهَا فَيَقْتُلُ(6) ).
ص: 243
مِنَ الْجَبَّارينَ مِائَةَ ألْفٍ، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ جَيْشاً إِلَى الْكُوفَةِ، وَعِدَّتُهُمْ سَبْعُونَ ألْفاً، فَيُصِيبُونَ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ قَتْلاً وَصَلْباً وَسَبْياً.
فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أقْبَلَتْ رَايَاتٌ مِنْ قِبَل خُرَاسَانَ، تَطْوي الْمَنَازلَ طَيّاً حَثِيثاً، وَمَعَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي أهْل الْكُوفَةِ فِي ضُعَفَاءَ فَيَقْتُلُهُ أمِيرُ جَيْش السُّفْيَانِيَّ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ بَعْثاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَنْفِرُ الْمَهْدِيُّ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْلُغُ أمِيرَ جَيْش السُّفْيَانِيَّ أنَّ الْمَهْدِيَّ قَدْ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْعَثُ جَيْشاً عَلَى أثَرهِ فَلاَ يُدْركُهُ حَتَّى يَدْخُلَ مَكَّةَ خائِفاً يَتَرَقَّبُ عَلَى سُنَّةِ مُوسَى بْن عِمْرَانَ).
قَالَ: (وَيَنْزلُ أمِيرُ جَيْش السُّفْيَانِيَّ الْبَيْدَاءَ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا بَيْدَاءُ أبِيدِي الْقَوْمَ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ فَلاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلاَّ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، يُحَوَّلُ اللهُ وُجُوهَهُمْ إِلَى أقْفِيَتِهِمْ وَهُمْ مِنْ كَلْبٍ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ...))(1) الآيَةَ).
قَالَ: (وَالْقَائِمُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، وَقَدْ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَام، مُسْتَجِيراً بِهِ يُنَادِي: يَا أيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ وَمَنْ أجَابَنَا مِنَ النَّاس، وَإِنَّا أهْلُ بَيْتِ نَبِيَّكُمْ مُحَمَّدٍ وَنَحْنُ أوْلَى النَّاس بِاللهِ وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم.
فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى النَّاس بِنُوح، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِإبْرَاهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيَّينَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِالنَّبِيَّينَ، ألَيْسَ اللهُ يَقُولُ 7.
ص: 244
فِي مُحْكَم كِتَابِهِ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(1)؟ فَأنَا بَقِيَّةٌ مِنْ آدَمَ، وَذَخِيرَةٌ مِنْ نُوح، وَمُصْطَفًى مِنْ إِبْرَاهِيمَ، وَصَفْوَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي سُنَّةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأنَا أوْلَى النَّاس بِسُنَّةِ رَسُول اللهِ، فَأنْشُدُ اللهَ مَنْ سَمِعَ كَلاَمِي الْيَوْمَ لَمَّا بَلَّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ.
وَأسْألُكُمْ بِحَقَّ اللهِ وَرَسُولِهِ وَبِحَقَّي _ فَإنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقَّ الْقُرْبَى مِنْ رَسُول اللهِ _ إِلاَّ أعْنَتُمُونَا وَمَنَعْتُمُونَا مِمَّنْ يَظْلِمُنَا، فَقَدْ اُخِفْنَا وَظُلِمْنَا وَطُردْنَا مِنْ دِيَارنَا وَأبْنَائِنَا وَبُغِيَ عَلَيْنَا، وَدُفِعْنَا عَنْ حَقّنَا، فَأوْتَرَ(2) أهْلُ الْبَاطِل عَلَيْنَا، فَاللهَ اللهَ فِينَا لاَ تَخْذُلُونَا وَانْصُرُونَا يَنْصُرْكُمُ اللهُ).
قَالَ: (فَيَجْمَعُ اللهُ عَلَيْهِ أصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَيَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ، قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ (وَهِيَ)(3) يَا جَابِرُ الآيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(4).
فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَمَعَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ تَوَارَثَتْهُ الأبْنَاءُ عَن الآبَاءِ، وَالْقَائِمُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن، يُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ، فَمَا أشْكَلَ عَلَى النَّاس مِنْ ذَلِكَ يَا جَابِرُ، فَلاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ ولاَدَتُهُ مِنْ رَسُول اللهِ، وَورَاثَتُهُ الْعُلَمَاءُ عَالِماً بَعْدَ عَالِم، فَإنْ أشْكَلَ هَذَا 8.
ص: 245
كُلُّهُ عَلَيْهِمْ فَإنَّ الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ لاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ وَاُمَّهِ)(1).
الاختصاص: عمرو بن أبي المقدام، مثله(2).
تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ(3): (يَا جَابِرُ أوَّلُ أرْض(4) الْمَغْربِ أرْضُ الشَّام يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلاَثِ رَايَاتٍ...) وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (فَنَرُدَّهَا عَلَى أدْبَارهَا) مِثْلَ الْخَبَر سَوَاءً(5).
106 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدِ (بْن مُسْلِم)(6)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ وَالْقَائِمُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ)(7).
107 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (بَيْنَا النَّاسُ وُقُوفاً بِعَرَفَاتٍ إِذْ أتَاهُمْ رَاكِبٌ عَلَى نَاقَةٍ ذِعْلِبَةٍ يُخْبِرُهُمْ بِمَوْتِ خَلِيفَةٍ، عِنْدَ مَوْتِهِ فَرَجُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام، وَفَرَجُ النَّاس جَمِيعاً)، وَقَالَ عليه السلام: (إِذَا رَأيْتُمْ عَلاَمَةً فِي السَّمَاءِ: نَاراً عَظِيمَةً 6.
ص: 246
مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ تَطْلُعُ لَيَالِيَ، فَعِنْدَهَا فَرَجُ النَّاس، وَهِيَ قُدَّامَ الْقَائِم بِقَلِيلٍ)(1).
108 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، قَالَ: (سَألَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام عَن الْغَضَبِ فَقَالَ: (هَيْهَاتَ الْغَضَبُ، هَيْهَاتَ مَوْتَاتٌ فِيهِنَّ(2) مَوْتَاتٌ، وَرَاكِبُ الذّعْلِبَةِ، وَمَا رَاكِبُ الذّعْلِبَةِ، مُخْتَلِطٌ جَوْفُهَا بِوَضِينهَا، يُخْبِرُهُمْ بِخَبَرٍ يَقْتُلُونَهُ، ثُمَّ الْغَضَبُ عِنْدَ ذَلِكَ)(3).
بيان: الذّعلبة بالكسر الناقة السريعة، قال الجزري: الوضين بطان منسوج بعضه على بعض يشدّ به الرحل على البعير كالحزام على السرج، ومنه الحديث: (إليك تغدو قلقاً وضينها)، أراد أنَّها هزلت ودقَّت للسير عليها(4)، انتهى.
أقول: في الخبر يحتمل أن يكون كناية عن السمن أو الهزال أو كثرة سير الراكب عليها وإسراعه، وقد مرَّ هذا الخبر على وجه آخر في باب أخبار أمير المؤمنين عليه السلام بالمغيّبات.
109 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن ابْن(5) أبِي مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي الْحَكَم،ر.
ص: 247
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ(1) الْمَكّيَّ، عَنْ أبِي الطُّفَيْل، عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان، قَالَ: يُقْتَلُ خَلِيفَةٌ مَا لَهُ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ، وَلاَ فِي الأرْض نَاصِرٌ، وَيُخْلَعُ خَلِيفَةٌ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى وَجْهِ الأرْض لَيْسَ لَهُ مِنَ الأمْر(2) شَيْءٌ، وَيَسْتَخْلِفُ ابْنَ السَّتَّةِ(3)، (قَالَ:)(4) فَقَالَ أبُو الطُّفَيْل: (يَا ابْنَ أخِي! لَيْتَنِي أنَا وَأنْتَ مِنْ كُورَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَلِمَ تَتَمَنَّى يَا خَال ذَلِكَ؟ قَالَ: لأنَّ حُذَيْفَةَ)(5) حَدَّثَنِي أنَّ الْمُلْكَ يَرْجِعُ فِي أهْل النُّبُوَّةِ(6).
110 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَن ابْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سُئِلَ أبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عليه السلام عَنْ تَفْسِير قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ))(7).
قَالَ: (يُريهِمْ فِي أنْفُسِهِمُ الْمَسْخَ، وَيُريهِمْ فِي الآفَاقِ انْتِقَاضَ الآفَاقِ عَلَيْهِمْ،3.
ص: 248
فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللهِ فِي أنْفُسِهِمْ وَفِي الآفَاقِ، فَقَوْلُهُ: ((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)) يَعْنِي بِذَلِكَ خُرُوجَ الْقَائِم، هُوَ الْحَقُّ مِنَ اللهِ عزّ وجل، يَرَاهُ هَذَا الْخَلْقُ لاَ بُدَّ مِنْهُ)(1).
111 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار(2)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُهُ عزّ وجل: ((عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الآْخِرَةِ أَخْزى))(3) مَا هُوَ عَذَابُ خِزْي الدُّنْيَا؟ قَالَ: (وَأيُّ خِزْيٍ يَا أبَا بَصِيرٍ أشَدُّ مِنْ أنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَحِجَالِهِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ وَسْطَ عِيَالِهِ إِذْ شَقَّ أهْلُهُ الْجُيُوبَ عَلَيْهِ وَصَرَخُوا، فَيَقُولُ النَّاسُ: مَا هَذَا؟ فَيُقَالُ: مُسِخَ فُلاَنٌ السَّاعَةَ؟)، فَقُلْتُ: قَبْلَ قِيَام الْقَائِم أوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: (لاَ بَلْ قَبْلَهُ)(4).
112 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن السَّرَّاج، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟ قَالَ: (إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاس وَوَهَى(5) سُلْطَانُهُمْ وَطَمِعَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ، وَخَلَعَتِ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا _ جمع العنان _، وَرَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ(6) صِيصِيَتَهُ، وَظَهَرَ السُّفْيَانِيُّ وَالْيَمَانِيُّ(7)، وَتَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ، خَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قُلْتُ: وَمَا تُرَاثُ ).
ص: 249
رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ فَقَالَ: (سَيْفُهُ، وَدِرْعُهُ، وَعِمَامَتُهُ، وَبُرْدُهُ(1)، وَقَضِيبُهُ، وَفَرَسُهُ، وَلأمَتُهُ، وَسَرْجُهُ)(2).
بيان: الصيصية شوكة الديك وقرن البقر والظباء والحصن، وكلّما امتنع به أي أظهر كلّ ذي قوّة قوته. ولأمة الحرب مهموزاً أداته.
113 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن جَابِرٍ(3)، عَن الْبَزَنْطِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّضَا عليه السلام يَقُولُ: (قَبْلَ هَذَا الأمْر بُئُوحٌ)، فَلَمْ أدْر مَا الْبُئُوحُ فَحَجَجْتُ فَسَمِعْتُ أعْرَابِيّاً يَقُولُ: هَذَا يَوْمٌ بُئُوحٌ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا الْبُئُوحُ؟ فَقَالَ: الشَّدِيدُ الْحَرَّ(4).
114 _ الغيبة للنعماني: الْبَطَائِنيُّ(5)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (عَلاَمَةُ خُرُوج الْمَهْدِيَّ كُسُوفُ الشَّمْس فِي شَهْر رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْهُ)(6).7.
ص: 250
115 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْحُسَيْن(1) بْن عليًّ، عَن الصَّالِح بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِي قَوْلِهِ: ((سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ))(2)، فَقَالَ: (تَأويلُهَا يَأتِي عَذَابٌ يَقَعُ فِي الثُّوَيَّةِ يَعْنِي نَاراً حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْكُنَاسَةِ كُنَاسَةِ بَنِي أسَدٍ حَتَّى يَمُرَّ بِثَقِيفٍ لاَ يَدَعُ وَتْراً لآل مُحَمَّدٍ إِلاَّ أحْرَقَتْهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام)(3).
الغيبة للنعماني: أحمد بن هوذة، عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(4).
116 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(5)، عَنْ أبِيهِ(6)، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ، عَن الْحُسَيْن بْن مُوسَى، عَنْ مُعَمَّر بْن يَحْيَى بْن سَام، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِقَوْم قَدْ خَرَجُوا بِالْمَشْرقِ، يَطْلُبُونَ الْحَقَّ فَلاَ يُعْطَوْنَهُ، ثُمَّ يَطْلُبُونَهُ فَلاَ يُعْطَوْنَهُ، فَإذَا رَأوْا ذَلِكَ وَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَيُعْطَوْنَ مَا سَألُوا(7) فَلاَ يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَقُومُوا، وَلاَ يَدْفَعُونَهَا إِلاَّ إِلَى صَاحِبكُمْ، قَتْلاَهُمْ شُهَدَاءُ، أمَا إِنّي لَوْ أدْرَكْتُ ذَلِكَ لأبْقَيْتُ(8) نَفْسِي لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر)(9).0.
ص: 251
بيان: لا يبعد أن يكون إشارة إلى الدولة الصفويّة شيَّدها الله تعالى ووصلها بدولة القائم عليه السلام.
117 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(1)، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ زيَادٍ الْقَنْدِي، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبُوذَ، قَالَ: مَا دَخَلْنَا عَلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَطُّ إِلاَّ قَالَ: (خُرَاسَانَ خُرَاسَانَ، سِجِسْتَانَ سِجِسْتَانَ) كَانَ يُبَشّرُنَا بِذَلِكَ(2).
118 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عليًّ، عَن الْحَسَن وَمُحَمَّدٍ ابنا (ابْنَيْ) عَلِيَّ بْن يُوسُفَ، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ الْحَلَبِيَّ، عَنْ صَالِح بْن أبِي الأسْوَدِ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا ظَهَرَتْ بَيْعَةُ الصَّبِيَّ قَامَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ بِصِيصِيَتِهِ)(3).
119 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عليًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَا يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى لاَ يَبْقَى صِنْفٌ مِنَ النَّاس إِلاَّ (قَدْ)(4) وُلُّوا عَلَى النَّاس حَتَّى لاَ يَقُولَ (قَائِلٌ)(5): إِنَّا لَوْ وُلّينَا لَعَدَلْنَا ثُمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ بِالْحَقَّ وَالْعَدْل)(6).
120 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هِشَام، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: النّدَاءُ حَقٌّ؟ قَالَ: (إِي وَاللهِ، حَتَّى يَسْمَعَهُ كُلُّ قَوْم 3.
ص: 252
بِلِسَانِهِمْ)، وَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ تِسْعَةُ أعْشَار النَّاس)(1).
121 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن الْحَسَن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَقُومَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً كُلُّهُمْ يُجْمِعُ عَلَى قَوْل إِنَّهُمْ قَدْ رَأوْهُ فَيُكَذّبُونَهُمْ)(2).
122 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيَّ(3)، عَنْ أبِي الْحَسَن عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْن مَطَرٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: وَلاَ أعْلَمُهُ إِلاَّ مِسْمَعا(4) أبَا سَيَّارٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (قَبْلَ قِيَام الْقَائِم يُحَرَّكُ حَرْبُ قَيْسٍ)(5).
123 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ 9.
ص: 253
عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام السُّفْيَانِيُّ فَقَالَ: (أنَّى يَخْرُجُ ذَلِكَ وَلَمْ يَخْرُجْ كَاسِرُ عَيْنهِ(1) بِصَنْعَاءَ)(2).
124 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ وَمُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ بْن خَالِدٍ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن أبِي الْبِلاَدِ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاًعليه السلام(3) يَقُولُ:
(إِنَّ بَيْنَ يَدَي الْقَائِم سِنينَ خَدَّاعَةً، يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُقَرَّبُ فِيهَا الْمَاحِلُ)، (وَفِي حَدِيثٍ)(4): (وَيَنْطِقُ فِيهاَ(5) الرُّوَيْبضَةُ).
قُلْتُ: وَمَا الرُّوَيْبضَةُ؟ وَمَا الْمَاحِلُ؟ قَالَ: (أمَا تَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ قَوْلَهُ: ((وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ))(6)؟)، قَالَ: ((يُريدُ الْمَكْرَ))(7)، فَقُلْتُ: وَمَا الْمَاحِلُ؟ قَالَ: (يُريدُ الْمَكَّارَ)(8).
بيان: لعلَّ في الخبر سقطا(9)، وقال الجزري: في حديث أشراط ).
ص: 254
الساعة وأن ينطق الرويبضة في أمر العامّة، قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ فقال: (الرجل التافه ينطق في أمر العامّة)، الرويبضة تصغير الرابضة وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، وزيادة التاء للمبالغة(1)، و(التافه) الخسيس الحقير، فنقل في الحديث تفسير الماحل ولم ينقل تفسير الرويبضة.
125 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ للهِ مَائِدَةً _ وَفِي غَيْر هَذِهِ الرَّوَايَةِ: مَأدُبَةً _ بِقِرْقِيساَ(2) يَطْلُعُ مُطْلِعٌ مِنَ السَّمَاءِ فَيُنَادِي: يَا طَيْرَ السَّمَاءِ وَيَا سِبَاعَ الأرْض هَلُمُّوا إِلَى الشّبَع مِنْ لُحُوم الْجَبَّارينَ)(3).
بيان: المأدبة الطعام الذي يصنعه الرجل يدعو إليه الناس.
126 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام(4): (يُنَادَى بِاسْم الْقَائِم: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ (قُمْ!))(5).
127 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ(6) بْن يُونُسَ، (عَنْ ).
ص: 255
إِبْرَاهِيمَ بْن هَرَاسَةَ، عَنْ أبِيهِ)(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَزَوَّر(2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَشِيرٍ(3)، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ رحمه الله يَقُولُ:
إِنَّ قَبْلَ رَايَاتِنَا رَايَةً لآل جَعْفَرٍ، وَاُخْرَى لآل مِرْدَاسٍ، فَأمَّا رَايَةُ آل جَعْفَرٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَلاَ إِلَى شَيْءٍ، فَغَضِبْتُ وَكُنْتُ أقْرَبَ النَّاس إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ قَبْلَ رَايَاتِكُمْ (رَايَاتٍ)(4)؟ قَالَ: إِي وَاللهِ إِنَّ لِبَنِي مِرْدَاسٍ مُلْكاً مُوَطَّداً لاَ يَعْرفُونَ فِي سُلْطَانِهِمْ شَيْئاً مِنَ الْخَيْر، سُلْطَانُهُمْ عُسْرٌ لَيْسَ فِيهِ يُسْرٌ، يُدْنُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُقْصُونَ فِيهِ الْقَريبَ، حَتَّى إِذَا أمِنُوا مَكْرَ اللهِ وَعِقَابَهُ صِيحَ بِهِمْ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ لَهُمْ (رَاع يَجْمَعُهُمْ وَ)(5) مُنَادٍ يُسْمِعُهُمْ (يَسْمَعُهُمْ) وَلاَ جَمَاعَةٌ يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهَا وَقَدْ ضَرَبَهُمُ اللهُ مَثَلاً فِي كِتَابِهِ: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ ...))(6) الآيَةَ، ثُمَّ حَلَفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِاللهِ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ.
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ حَدَّثْتَنِي عَنْ هَؤُلاَءِ بِأمْرٍ عَظِيم، فَمَتَى يَهْلِكُونَ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللهَ خَالَفَ عِلْمُهُ وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ وَإِنَّ مُوسَى عليه السلام وَعَدَ 4.
ص: 256
قَوْمَهُ (ثَلاَثِينَ يَوْماً)(1) وَكَانَ فِي عِلْم اللهِ عزّ وجل زيَادَةُ عَشَرَةِ أيَّام لَمْ يُخْبِرْ بِهَا مُوسَى فَكَفَرَ قَوْمُهُ، وَاتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ لَمَّا جَازَ عَنْهُمُ الْوَقْتُ.
وَإِنَّ يُونُسَ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ، وَكَانَ فِي عِلْم اللهِ أنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مِنْ أمْرهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَلَكِنْ إِذَا رَأيْتَ الْحَاجَةَ قَدْ ظَهَرَتْ، وَقَالَ الرَّجُلُ: بِتُّ اللَّيْلَةَ بِغَيْر عَشَاءٍ وَحَتَّى (يَلْقَاكَ الرَّجُلُ بِوَجْهٍ ثُمَّ)(2) يَلْقَاكَ بِوَجْهٍ آخَرَ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْحَاجَةُ قَدْ عَرَفْتُهَا وَالاُخْرَى أيُّ شَيْءٍ هِيَ؟ قَالَ: يَلْقَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَإذَا جِئْتَ تَسْتَقْرضُهُ قَرْضاً لَقِيَكَ بِغَيْر ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقَعُ الصَّيْحَةُ مِنْ قَريبٍ(3).
بيان: بنو مرداس كناية عن بني العبّاس إذ كان في الصحابة رجل كان يقال له عبّاس بن مرداس.
128 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن غَالِبٍ، عَنْ يَحْيَى بْن عُلَيْم، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأى الْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَمَعَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ السَّوْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ هَذَا يَكْذِبُ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، وَيَسْتَشْهِدُكَ.
فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (لَقَدْ أعْرَضَ وَأطْوَلَ يَقُولُ مَا ذَا؟)، قَالَ: يَذْكُرُ جَيْشَ الْغَضَبِ، فَقَالَ: (خَلّ سَبِيلَ الرَّجُل! اُولَئِكَ قَوْمٌ يَأتُونَ فِي آخِر الزَّمَان قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ، الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَن وَالثَّلاَثَةُ، فِي كُلّ قَبِيلَةٍ حَتَّى يَبْلُغَ تِسْعَةً، أمَا وَاللهِ إِنّي لأعْرفُ أمِيرَهُمْ وَاسْمَهُ وَمُنَاخَ ركَابِهِمْ)، ثُمَّ 7.
ص: 257
نَهَضَ وَهُوَ يَقُولُ: ((بَاقِراً)(1) بَاقِراً بَاقِراً)، ثُمَّ قَالَ: (ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ ذُرَّيَّتِي يَبْقُرُ الْحَدِيثَ بَقْراً)(2).
بيان: لقد أعرض وأطول: أي قال لك قولاً عريضاً طويلاً تنسبه إلى الكذب فيه ويحتمل أن يكون المعنى إنَّ السائل أعرض وأطول في السؤال.
129 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(3) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي حَمَّادٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن عَبْدِ اللهِ الأشْعَريَّ، عَنْ عُتَيْبَةَ بْن سَعْدَ(انَ)(4) بْن يَزيدَ، عَن الأحْنَفِ بْن قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عليًّ عليه السلام فِي حَاجَةٍ لِي فَجَاءَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَشَبَثُ بْنُ ربْعِيّ فَاسْتَأذَنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي عَلِيٌّ عليه السلام: (إِنْ شِئْتَ أنْ آذَنَ(5) لَهُمَا فَإنَّكَ أنْتَ بَدَأتَ بِالْحَاجَةِ)، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ فَأذَنْ لَهُمَا فَدَخَلاَ.
فَقَالَ: (مَا حَمَلَكُمَا عَلَى أنْ خَرَجْتُمَا عَلَيَّ بِحَرُوراَ(6)؟)، قَالاَ: أحْبَبْنَا أنْ تَكُونَ(7) مِنَ(8) الْغَضَبِ، فَقَالَ: (وَيْحَكُمَا وَهَلْ فِي وَلاَيَتِي غَضَبٌ؟ أوْ يَكُونُ الْغَضَبُ حَتَّى يَكُونَ مِنَ الْبَلاَءِ كَذَا وَكَذَا)(9).).
ص: 258
130 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عِيسَى بْن أعْيَنَ(1)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْمَحْتُوم وَخُرُوجُهُ (في رجب)(2) وَمِنْ أوَّل خُرُوجِهِ إِلَى آخِرهِ خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْراً: سِتَّةَ أشْهُرٍ يُقَاتِلُ فِيهَا فَإذَا مَلَكَ الْكُوَرَ الْخَمْسَ مَلَكَ تِسْعَةَ أشْهُرٍ وَلَمْ يَزدْ عَلَيْهَا يَوْماً)(3).
131 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن(4)، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَشِيرٍ الأحْوَل، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عِيسَى بْن أعْيَنَ، عَنْ مُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مِنَ الأمْر مَحْتُومٌ وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِمَحْتُوم وَمِنَ الْمَحْتُوم خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ فِي رَجَبٍ)(5).
132 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن أعْيَنَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَجَرَى ذِكْرُ الْقَائِم عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: أرْجُو أنْ يَكُونَ عَاجِلاً وَلاَ يَكُونَ سُفْيَانِيٌّ، فَقَالَ: (لاَ وَاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْمَحْتُوم الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ)(6).
133 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن(7)، عَنْ ).
ص: 259
مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ الأصَمَّ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنَ عليًّ عليهما السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ))(1)، قَالَ: (إِنَّهُمَا أجَلاَن أجَلٌ مَحْتُومٌ وَأجَلٌ مَوْقُوفٌ)، قَالَ لَهُ حُمْرَانُ: مَا الْمَحْتُومُ؟ قَالَ: (الَّذِي لاَ يَكُونُ غَيْرُهُ)، قَالَ: وَمَا الْمَوْقُوفُ؟ قَالَ: (هُوَ الَّذِي للهِ فِيهِ الْمَشِيَّةُ)، قَالَ حُمْرَانُ: إِنّي لأرْجُو أنْ يَكُونَ أجَلُ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الْمَوْقُوفِ، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لاَ وَاللهِ إِنَّهُ مِنَ الْمَحْتُوم)(2).
134 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم(3)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن الأزْدِيَّ، عَنْ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ الطَّويل، عَنْ أحْمَدَ بْن مُسْلِم، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ مِنَ الاُمُور اُمُوراً مَوْقُوفَةً وَاُمُوراً مَحْتُومَةً وَإِنَّ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الْمَحْتُوم الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ)(4).
135 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ خَلاَّدٍ الصَّائِغ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ فِي رَجَبٍ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أبَا عَبْدِ اللهِ! إِذَا خَرَجَ فَمَا حَالُنَا؟ قَالَ: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَإلَيْنَا)(5).
أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمّد بن 7.
ص: 260
وهبان، عن محمّد بن إسماعيل ابن حيان، عن محمّد بن الحسين بن حفص، عن عباد، مثله(1).
بيان: أي الأمر ينتهي إلينا ويظهر قائمنا، أي اذهبوا إلى بلد يظهر منه القائم عليه السلام فإنَّه لا يصل إليه، أو توسَّلوا بنا.
136 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَن السُّفْيَانِيَّ فَقَالَ: (وَأنَّى لَكُمْ بِالسُّفْيَانِيَّ؟ حَتَّى يَخْرُجَ قَبْلَهُ الشَّيْصَبَانِيُّ(2) يَخْرُجُ بِأرْض كُوفَانَ يَنْبُعُ كَمَا يَنْبُعُ الْمَاءُ فَيَقْتُلُ وَفْدَكُمْ فَتَوَقَّعُوا بَعْدَ ذَلِكَ السُّفْيَانِيَّ وَخُرُوجَ الْقَائِم عليه السلام)(3).
بيان: يظهر منه تعدد السفياني إلاَّ أن يكون الواو في قوله: (وخروج القائم) زائداً من النسّاخ.
137 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يَسَارٍ، عَن الْخَلِيل بْن رَاشِدٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، قَالَ: رَافَقْتُ أبَا الْحَسَن مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليهما السلام مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ يَوْماً لِي: (لَوْ أنَّ أهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض خَرَجُوا عَلَى بَنِي الْعَبَّاس لَسُقِيَتِ الأرْضُ دِمَاءَهُمْ حَتَّى يَخْرُجَ السُّفْيَانِيُّ)، قُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي أمْرُهُ مِنَ الْمَحْتُوم؟ قَالَ: (مِنَ الْمَحْتُوم)، ثُمَّ أطْرَقَ(4) ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَقَالَ: (مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاس مَكْرٌ ).
ص: 261
وَخَدْعٌ يَذْهَبُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَتَجَدَّدُ حَتَّى يُقَالَ: مَا مَرَّ بِهِ شَيْءٌ)(1).
138 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ مُحَمَّدِ بْن (أحْمَدَ بْن)(2) عَبْدِ اللهِ الْخَالَنْجِيَّ، عَنْ دَاوُدَ بْن أبِي الْقَاسِم، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الرَّضَا عليهما السلام فَجَرَى ذِكْرُ السُّفْيَانِيَّ وَمَا جَاءَ فِي الرَّوَايَةِ مِنْ أنَّ أمْرَهُ مِنَ الْمَحْتُوم فَقُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: هَلْ يَبْدُو للهِ فِي الْمَحْتُوم؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْنَا لَهُ: فَنَخَافُ(3) أنْ يَبْدُوَ للهِ فِي الْقَائِم، قَالَ: (الْقَائِمُ مِنَ الْمِيعَادِ)(4).
بيان: لعلَّ للمحتوم معان يمكن البداء في بعضها وقوله: (من الميعاد) إشارة إلى أنَّه لا يمكن البداء فيه لقوله تعالى: ((إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ))(5).
والحاصل أنَّ هذا شيء وعد الله رسوله وأهل بيته، لصبرهم على المكاره التي وصلت إليهم من المخالفين، والله لا يخلف وعده.
ثُمَّ إنَّه يحتمل أن يكون المراد بالبداء في المحتوم البداء في خصوصياته لا في أصل وقوعه كخروج السفياني قبل ذهاب بني العبّاس ونحو ذلك.
139 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ 3.
ص: 262
الْقُرَشِيَّ، عَن الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيمَ(1)، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: أصْلَحَكَ اللهُ إِنَّهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ يَقُومُ وَقَدْ ذَهَبَ سُلْطَانُ بَنِي الْعَبَّاس، فَقَالَ: (كَذَبُوا إِنَّهُ لَيَقُومُ وَإِنَّ سُلْطَانَهُمْ لَقَائِمٌ)(2).
140 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَاقِرُ عليه السلام: (إِنَّ لِوُلْدِ الْعَبَّاس وَلِلْمَرْوَانِيَّ(3) لَوَقْعَةً بِقِرْقِيساَ(4) يَشِيبُ فِيهَا الْغُلاَمُ الْحَزَوَّرُ _ أي القوي _ وَيَرْفَعُ اللهُ عَنْهُمُ النَّصْرَ وَيُوحِي إِلَى طَيْر السَّمَاءِ وَسِبَاع الأرْض: اشْبَعِي مِنْ لُحُوم الْجَبَّارينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ السُّفْيَانِيُّ)(5).
بيان: الخرور بالخاء المعجمة ولعلَّ المعنى الذي يخر ويسقط في المشي لصغره أو بالمهملة أي الحار المزاج، فإنَّه أبعد عن الشيب(6).ا.
ص: 263
141 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِر بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الرَّبيع الأقْرَع، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر (بْن مُحَمَّدٍ)(1) عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا اسْتَوْلَى السُّفْيَانِيُّ عَلَى الْكُوَر الْخَمْس فَعُدُّوا لَهُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ)، وَزَعَمَ هِشَامٌ أنَّ الْكُوَرَ الْخَمْسَ دِمَشْقُ وَفِلَسْطِينُ وَالاُرْدُنُّ وَحِمْصُ وَحَلَبُ(2).
142 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَن الْحَسَن بْن الْمُبَارَكِ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ، عَن الْحَارثِ، عَنْ عليًّ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْمَهْدِيُّ أقْبَلُ، جَعْدٌ، بِخَدَّهِ خَالٌ، يَكُونُ مَبْدَؤُهُ مِنْ قِبَل الْمَشْرقِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ فَيَمْلِكُ قَدْرَ حَمْل امْرَأةٍ تِسْعَةَ أشْهُرٍ يَخْرُجُ بِالشَّام فَيَنْقَادُ لَهُ أهْلُ الشَّام إِلاَّ طَوَائِفَ مِنَ الْمُقِيمِينَ عَلَى الْحَقَّ، يَعْصِمُهُمُ اللهُ مِنَ الْخُرُوج مَعَهُ، وَيَأتِي الْمَدِينَةَ بِجَيْشٍ جَرَّارٍ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى بَيْدَاءِ الْمَدِينَةِ خَسَفَ اللهُ بِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))(3))(4).
إيضاح: قال الفيروزآبادي: القبل في العين إقبال السواد على الأنف أو مثل الحول أو أحسن منه أو إقبال إحدى الحدقتين على الأخرى أو إقبالها على عرض الأنف أو على المحجر أو على الحاجب أو إقبال نظر كلّ من العينين على صاحبتها، فهو أقبل بين القبل كأنَّه ينظر 4.
ص: 264
إلى طرف أنفه(1)، وقال الجزري في صفة هارون عليه السلام: (في عينيه قبل) هو إقبال السواد على الأنف، وقيل: هو ميل كالحول(2)، انتهى.
أقول: محمول على فرد لا يكون موجباً لنقص بل لحسن في المنظر.
143 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الْيَمَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ كَفَرَسَيْ رهَانٍ)(3).
144 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي أحْمَدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَنْ مُهَاجِر بْن حَلِيم(4)، عَن الْمُغِيرَةِ بْن سَعْدٍ(5)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام (أنَّهُ قَالَ)(6): (إِذَا اخْتَلَفَ رُمْحَان بِالشَّام لَمْ تَنْجَل(7) إِلاَّ عَنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ اللهِ، قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ: رَجْفَةٌ تَكُونُ بِالشَّام يَهْلِكُ فِيهَا أكْثَرُ مِنْ مِائَةِ ألْفٍ يَجْعَلُهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ، فَإذَا كَانَ كَذَلِكَ فَانْظُرُوا إِلَى أصْحَابِ الْبَرَاذِين الشُّهْبِ الْمَحْذُوفَةِ وَالرَّايَاتِ الصُّفْر تُقْبِلُ مِنَ الْمَغْربِ حَتَّى تَحِلَّ بِالشَّام وَذَلِكَ عِنْدَ الْجَزَع الأكْبَر وَالْمَوْتِ الأحْمَر، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْظُرُوا خَسْفَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى دِمَشْقَم.
ص: 265
يُقَالُ لَهَا: حرشا(1) فَإذَا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ ابْنُ آكِلَةِ الأكْبَادِ مِنَ الْوَادِي(2) حَتَّى يَسْتَويَ عَلَى مِنْبَر دِمَشْقَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا خُرُوجَ الْمَهْدِيَّ)(3).
توضيح: لعلَّ المراد بالمحذوفة مقطوعة الآذان أو الأذناب أو قصيرتهما.
145 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن وَهْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ(4)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ يَبْعَثُ جَيْشاً إِلَيْنَا وَجَيْشاً إِلَيْكُمْ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَائْتُونَا عَلَى (كُلّ)(5) صَعْبٍ وَذَلُولٍ)(6).
146 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح، عَنْ أبِي عليًّ الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (السُّفْيَانِيُّ أحْمَرُ أشْقَرُ أزْرَقُ لَمْ يَعْبُدِ اللهَ قَطُّ وَلَمْ يَرَ مَكَّةَ وَلاَ الْمَدِينَةَ قَطُّ يَقُولُ: يَا رَبَّ ثَاري وَالنَّارَ، يَا رَبَّ ثَاري وَالنَّارَ(7))(8).
147 _ الكافي: فِي الرَّوْضَةِ(9) مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ وَعَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ ه.
ص: 266
جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَذُكِرَ هَؤُلاَءِ عِنْدَهُ وَسُوءُ حَال الشّيعَةِ عِنْدَهُمْ فَقَالَ: (إِنّي سِرْتُ مَعَ أبِي جَعْفَرٍ (الْمَنْصُور)(1) وَهِيَ فِي مَوْكِبهِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ خَيْلٌ وَمِنْ خَلْفِهِ خَيْلٌ، وَأنَا عَلَى حِمَارٍ إِلَى جَانِبِهِ، فَقَالَ لِي: يَا بَا عَبْدِ اللهِ قَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أنْ تَفْرَحَ بِمَا أعْطَانَا اللهُ مِنَ الْقُوَّةِ وَفَتَحَ لَنَا مِنَ الْعِزّ وَلاَ تُخْبِر النَّاسَ أنَّكَ أحَقُّ بِهَذَا الأمْر مِنَّا وَأهْلَ بَيْتِكَ فَتُغْريَنَا بِكَ وَبِهِمْ(2) _ أغرى الرجلَ بكذا حَضَّه عليه _ قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَنْ رَفَعَ هَذَا إِلَيْكَ عَنّي فَقَدْ كَذَبَ، فَقَالَ: أتَحْلِفُ عَلَى مَا تَقُولُ؟
قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ سَحَرَةٌ(3) _ يَعْنِي يُحِبُّونَ أنْ يُفْسِدُوا قَلْبَكَ عَلَيَّ _ فَلاَ تُمَكّنْهُمْ مِنْ سَمْعِكَ فَإنَّا إِلَيْكَ أحْوَجُ مِنْكَ إِلَيْنَا.
فَقَالَ لِي: تَذْكُرُ يَوْمَ سَألْتُكَ: هَلْ لَنَا مُلْكٌ؟ فَقُلْتَ: نَعَمْ، طَويلٌ عَريضٌ شَدِيدٌ، فَلاَ تَزَالُونَ فِي مُهْلَةٍ مِنْ أمْركُمْ وَفُسْحَةٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ حَتَّى تُصِيبُوا مِنَّا دَماً حَرَاماً فِي شَهْرٍ حَرَام فِي بَلَدٍ حَرَام(4)، فَعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ حَفِظَ :=
ص: 267
الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: لَعَلَّ اللهَ عزّ وجل أنْ يَكْفِيَكَ فَإنّي لَمْ أخُصَّكَ بِهَذَا إِنَّمَا هُوَ حَدِيثٌ رَوَيْتُهُ، ثُمَّ لَعَلَّ غَيْرَكَ مِنْ أهْل بَيْتِكَ أنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنّي.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى مَنْزلِي أتَانِي بَعْضُ مَوَالِينَا فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَاللهِ لَقَدْ رَأيْتُكَ فِي مَوْكِبِ أبِي جَعْفَرٍ وَأنْتَ عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ، وَقَدْ أشْرَفَ عَلَيْكَ يُكَلّمُكَ كَأنَّكَ تَحْتَهُ. فَقُلْتُ بَيْني وَبَيْنَ نَفْسِي: هَذَا حُجَّةُ اللهِ عَلَى الْخَلْقِ وَصَاحِبُ هَذَا الأمْر الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ وَهَذَا الآخَرُ يَعْمَلُ بِالْجَوْر وَيَقْتُلُ أوْلاَدَ الأنْبِيَاءِ وَيَسْفِكُ الدَّمَاءَ فِي الأرْض بِمَا لاَ يُحِبُّ اللهُ وَهُوَ فِي مَوْكِبهِ وَأنْتَ عَلَى حِمَارٍ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ حَتَّى خِفْتُ عَلَى دِيني وَنَفْسِي.
قَالَ: فَقُلْتُ: لَوْ رَأيْتَ مَنْ كَانَ حَوْلِي، وَبَيْنَ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِيني وَعَنْ شِمَالِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ لاَحْتَقَرْتَهُ وَاحْتَقَرْتَ مَا هُوَ فِيهِ، فَقَالَ: الآنَ سَكَنَ قَلْبِي.
ثُمَّ قَالَ: إِلَى مَتَى هَؤُلاَءِ يَمْلِكُونَ؟ أوْ مَتَى الرَّاحَةُ مِنْهُمْ؟ فَقُلْتُ: ألَيْسَ تَعْلَمُ أنَّ لِكُلّ شَيْ ءٍ مُدَّةً؟ قَالَ: بَلَى، فَقُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُكَ عِلْمُكَ؟ إِنَّ هَذَا الأمْرَ إِذَا جَاءَ كَانَ أسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْن، إِنَّكَ لَوْ تَعْلَمُ حَالَهُمْ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل وَكَيْفَ هِيَ كُنْتَ لَهُمْ أشَدَّ بُغْضاً وَلَوْ جَهَدْتَ وَجَهَدَ أهْلُ الأرْض أنْ
ص: 268
يُدْخِلُوهُمْ فِي أشَدَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الإثْم لَمْ يَقْدِرُوا، فَلاَ يَسْتَفِزَّنَّكَ الشَّيْطَانُ، فَإنَّ الْعِزَّةَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ.
ألاَ تَعْلَمُ أنَّ مَن انْتَظَرَ أمْرَنَا، وَصَبَرَ عَلَى مَا يَرَى مِنَ الأذَى وَالْخَوْفِ، هُوَ غَداً فِي زُمْرَتِنَا.
فَإذَا رَأيْتَ الْحَقَّ قَدْ مَاتَ وَذَهَبَ أهْلُهُ، وَرَأيْتَ الْجَوْرَ قَدْ شَمِلَ الْبِلاَدَ، وَرَأيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ خَلُقَ، وَاُحْدِثَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَوُجَّهَ عَلَى الأهْوَاءِ، وَرَأيْتَ الدَّينَ قَدِ انْكَفَأ كَمَا يَنْكَفِئُ الإنَاءُ(1).
وَرَأيْتَ أهْلَ الْبَاطِل قَدِ اسْتَعْلَوْا عَلَى أهْل الْحَقَّ، وَرَأيْتَ الشَّرَّ ظَاهِراً لاَ يُنْهَى عَنْهُ وَيُعْذَرُ أصْحَابُهُ، وَرَأيْتَ الْفِسْقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَال وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَرَأيْتَ الْمُؤْمِنَ صَامِتاً لاَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَرَأيْتَ الْفَاسِقَ يَكْذِبُ وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَذِبُهُ وَفِرْيَتُهُ، وَرَأيْتَ الصَّغِيرَ يَسْتَحْقِرُ بِالْكَبِير، وَرَأيْتَ الأرْحَامَ قَدْ تَقَطَّعَتْ، وَرَأيْتَ مَنْ يَمْتَدِحُ (يُمْتَدَحُ) بِالْفِسْقِ يَضْحَكُ مِنْهُ وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ.
وَرَأيْتَ الْغُلاَمَ يُعْطِي مَا تُعْطِي الْمَرْأةُ، وَرَأيْتَ النّسَاءَ يَتَزَوَّجْنَ النّسَاءَ، وَرَأيْتَ الثَّنَاءَ قَدْ كَثُرَ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي غَيْر طَاعَةِ اللهِ فَلاَ يُنْهَى وَلاَ يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ، وَرَأيْتَ النَّاظِرَ يَتَعَوَّذُ بِاللهِ مِمَّا يَرَى الْمُؤْمِنَ فِيهِ مِنَ الِاجْتِهَادِ، وَرَأيْتَ الْجَارَ يُؤْذِي جَارَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَانِعٌ.
وَرَأيْتَ الْكَافِرَ فَرحاً لِمَا يَرَى فِي الْمُؤْمِن مَرحاً لِمَا يَرَى فِي الأرْض مِنَ الْفَسَادِ، وَرَأيْتَ الْخُمُورَ تُشْرَبُ عَلاَنِيَةً وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا مَنْ لاَ يَخَافُ اللهَ عزّ وجل، وَرَأيْتَ الآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِيلاً، وَرَأيْتَ الْفَاسِقَ فِيمَا لاَ ).
ص: 269
يُحِبُّ اللهُ قَويّاً مَحْمُوداً، وَرَأيْتَ أصْحَابَ الآيَاتِ يُحَقَّرُونَ وَيُحْتَقَرُ مَنْ يُحِبُّهُمْ، وَرَأيْتَ سَبِيلَ الْخَيْر مُنْقَطِعاً وَسَبِيلَ الشَّرَّ مَسْلُوكاً، وَرَأيْتَ بَيْتَ اللهِ قَدْ عُطّلَ وَيُؤْمَرُ بِتَرْكِهِ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ مَا لاَ يَفْعَلُهُ.
وَرَأيْتَ الرَّجَالَ يَتَسَمَّنُونَ لِلرَّجَال وَالنّسَاءَ لِلنّسَاءِ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ دُبُرهِ وَمَعِيشَةُ الْمَرْأةِ مِنْ فَرْجِهَا، وَرَأيْتَ النّسَاءَ يَتَّخِذْنَ الْمَجَالِسَ كَمَا يَتَّخِذُهَا الرَّجَالُ، وَرَأيْتَ التَّأنِيثَ فِي وُلْدِ الْعَبَّاس قَدْ ظَهَرَ، وَأظْهَرُوا الْخِضَابَ وَأمْشَطُوا كَمَا تَمْتَشِطُ الْمَرْأةُ لِزَوْجِهَا، وَأعْطَوُا الرَّجَالَ الأمْوَالَ عَلَى فُرُوجِهِمْ، وَتُنُوفِسَ فِي الرَّجُل وَتَغَايَرَ عَلَيْهِ الرَّجَالُ، وَكَانَ صَاحِبُ الْمَال أعَزَّ مِنَ الْمُؤْمِن، وَكَانَ الرَّبَا ظَاهِراً لاَ يُعَيَّرُ، وَكَانَ الزّنَا تُمْتَدَحُ بِهِ النّسَاءُ.
وَرَأيْتَ الْمَرْأةَ تُصَانِعُ زَوْجَهَا إِلَى نِكَاح الرَّجَال، وَرَأيْتَ أكْثَرَ النَّاس وَخَيْرَ بَيْتٍ مَنْ يُسَاعِدُ النَّسَاءَ عَلَى فِسْقِهِنَّ، وَرَأيْتَ الْمُؤْمِنَ مَحْزُوناً مُحْتَقَراً ذَلِيلاً، وَرَأيْتَ الْبِدَعَ وَالزَّنَا قَدْ ظَهَرَ، وَرَأيْتَ النَّاسَ يَعْتَدُّونَ بِشَاهِدِ الزُّور، وَرَأيْتَ الْحَرَامَ يُحَلَّلُ، وَرَأيْتَ الْحَلاَلَ يُحَرَّمُ، وَرَأيْتَ الدَّينَ بِالرَّأي، وَعُطّلَ الْكِتَابُ وَأحْكَامُهُ، وَرَأيْتَ اللَّيْلَ لاَ يُسْتَخْفَى بِهِ مِنَ الْجُرْأةِ عَلَى اللهِ.
وَرَأيْتَ الْمُؤْمِنَ لاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يُنْكِرَ إِلاَّ بِقَلْبِهِ، وَرَأيْتَ الْعَظِيمَ مِنَ الْمَال يُنْفَقُ فِي سَخَطِ اللهِ عزّ وجل.
وَرَأيْتَ الْوُلاَةَ يُقَرَّبُونَ أهْلَ الْكُفْر، وَيُبَاعِدُونَ أهْلَ الْخَيْر، وَرَأيْتَ الْوُلاَةَ يَرْتَشُونَ فِي الْحُكْم، وَرَأيْتَ الْولاَيَةَ قَبَالَةً لِمَنْ زَادَ.
وَرَأيْتَ ذَوَاتِ الأرْحَام يُنْكَحْنَ وَيُكْتَفَى بِهِنَّ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُقْتَلُ عَلَى (التُّهَمَةِ وَعَلَى)(1) الظَّنَّةِ وَيَتَغَايَرُ عَلَى الرَّجُل الذَّكَر فَيَبْذُلُ لَهُ نَفْسَهُ ر.
ص: 270
وَمَالَهُ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُعَيَّرُ عَلَى إِتْيَان النّسَاءِ، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَأكُلُ مِنْ كَسْبِ امْرَأتِهِ مِنَ الْفُجُور، يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيُقِيمُ عَلَيْهِ، وَرَأيْتَ الْمَرْأةَ تَقْهَرُ زَوْجَهَا، وَتَعْمَلُ مَا لاَ يَشْتَهِي وَتُنْفِقُ عَلَى زَوْجِهَا.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُكْري امْرَأتَهُ وَجَاريَتَهُ، وَيَرْضَى بِالدَّنِيَّ مِنَ الطَّعَام وَالشَّرَابِ، وَرَأيْتَ الأيْمَانَ بِاللهِ عزّ وجل كَثِيرَةً عَلَى الزُّور، وَرَأيْتَ الْقِمَارَ قَدْ ظَهَرَ، وَرَأيْتَ الشَّرَابَ تُبَاعُ ظَاهِراً لَيْسَ عَلَيْهِ مَانِعٌ، وَرَأيْتَ النّسَاءَ يَبْذُلْنَ أنْفُسَهُنَّ لأهْل الْكُفْر، وَرَأيْتَ الْمَلاَهِيَ قَدْ ظَهَرَتْ يُمَرُّ بِهَا لاَ يَمْنَعُهَا أحَدٌ أحَداً وَلاَ يَجْتَرئُ أحَدٌ عَلَى مَنْعِهَا، وَرَأيْتَ الشَّريفَ يَسْتَذِلُّهُ الَّذِي يُخَافُ سُلْطَانُهُ، وَرَأيْتَ أقْرَبَ النَّاس مِنَ الْوُلاَةِ مَنْ يُمْتَدَحُ (يَمْتَدِحُ) بِشَتْمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَرَأيْتَ مَنْ يُحِبُّنَا يُزَوَّرُ وَلاَ يُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَرَأيْتَ الزُّورَ مِنَ الْقَوْل يُتَنَافَسُ فِيهِ.
وَرَأيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ ثَقُلَ عَلَى النَّاس اسْتِمَاعُهُ وَخَفَّ عَلَى النَّاس اسْتِمَاعُ الْبَاطِل، وَرَأيْتَ الْجَارَ يُكْرمُ الْجَارَ خَوْفاً مِنْ لِسَانِهِ، وَرَأيْتَ الْحُدُودَ قَدْ عُطّلَتْ وَعُمِلَ فِيهَا بِالأهْوَاءِ، وَرَأيْتَ الْمَسَاجِدَ قَدْ زُخْرفَتْ، وَرَأيْتَ أصْدَقَ النَّاس عِنْدَ النَّاس الْمُفْتَريَ الْكَذِبَ، وَرَأيْتَ الشَّرَّ قَدْ ظَهَرَ وَالسَّعْيَ بِالنَّمِيمَةِ، وَرَأيْتَ الْبَغْيَ قَدْ فَشَا، وَرَأيْتَ الْغِيبَةَ تُسْتَمْلَحُ وَيُبَشّرُ بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.
وَرَأيْتَ الْحَجَّ وَالْجِهَادَ لِغَيْر اللهِ، وَرَأيْتَ السُّلْطَانَ يُذِلُّ لِلْكَافِر الْمُؤْمِنَ، وَرَأيْتَ الْخَرَابَ قَدْ اُدِيلَ مِنَ الْعُمْرَان، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتَهُ مِنْ بَخْس الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، وَرَأيْتَ سَفْكَ الدَّمَاءِ يُسْتَخَفُّ بِهَا.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَطْلُبُ الرَّئَاسَةَ لِعَرَض الدُّنْيَا، وَيَشْهَرُ نَفْسَهُ بِخُبْثِ اللّسَان لِيُتَّقَى، وَتُسْنَدَ إِلَيْهِ الاُمُورُ، وَرَأيْتَ الصَّلاَةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِهَا، وَرَأيْتَ
ص: 271
الرَّجُلَ عِنْدَهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ لَمْ يُزَكّهِ مُنْذُ مَلَكَهُ، وَرَأيْتَ الْمَيَّتَ يُنْشَرُ(1) مِنْ قَبْرهِ وَيُؤْذَى وَتُبَاعُ أكْفَانُهُ، وَرَأيْتَ الْهَرْجَ قَدْ كَثُرَ.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُمْسِي نَشْوَانَ وَيُصْبِحُ سَكْرَانَ لاَ يَهْتَمُّ بِمَا (يَقُولُ)(2) النَّاسُ فِيهِ، وَرَأيْتَ الْبَهَائِمَ تُنْكَحُ، وَرَأيْتَ الْبَهَائِمَ تَفْرسُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَخْرُجُ إِلَى مُصَلاَّهُ وَيَرْجِعُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ، وَرَأيْتَ قُلُوبَ النَّاس قَدْ قَسَتْ وَجَمَدَتْ أعْيُنُهُمْ، وَثَقُلَ الذّكْرُ عَلَيْهِمْ، وَرَأيْتَ السُّحْتَ قَدْ ظَهَرَ بِتَنَافُسٍ فِيهِ، وَرَأيْتَ الْمُصَلّيَ إِنَّمَا يُصَلّي لِيَرَاهُ النَّاسُ.
وَرَأيْتَ الْفَقِيهَ يَتَفَقَّهُ لِغَيْر الدَّين يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَالرَّئَاسَةَ، وَرَأيْتَ النَّاسَ مَعَ مَنْ غَلَبَ، وَرَأيْتَ طَالِبَ الْحَلاَل يُذَمُّ وَيُعَيَّرُ، وَطَالِبَ الْحَرَام يُمْدَحُ وَيُعَظَّمُ، وَرَأيْتَ الْحَرَمَيْن يُعْمَلُ فِيهِمَا بِمَا لاَ يُحِبُّ اللهُ، لاَ يَمْنَعُهُمْ مَانِعٌ، وَلاَ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَمَل الْقَبِيح أحَدٌ، وَرَأيْتَ الْمَعَازفَ ظَاهِرَةً فِي الْحَرَمَيْن.
وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقَّ وَيَأمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَن الْمُنْكَر فَيَقُومُ إِلَيْهِ مَنْ يَنْصَحُهُ فِي نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: هَذَا عَنْكَ مَوْضُوعٌ، وَرَأيْتَ النَّاسَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَيَقْتَدُونَ بِأهْل الشُّرُور، وَرَأيْتَ مَسْلَكَ الْخَيْر وَطَريقَهُ خَالِياً لاَ يَسْلُكُهُ أحَدٌ، وَرَأيْتَ الْمَيَّتَ يُهْزَ(ء)(3) بِهِ فَلاَ يَفْزَعُ لَهُ أحَدٌ.
وَرَأيْتَ كُلَّ عَام يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالشَّرَّ أكْثَرُ مِمَّا كَانَ،ر.
ص: 272
وَرَأيْتَ الْخَلْقَ وَالْمَجَالِسَ لاَ يُتَابِعُونَ إِلاَّ الأغْنِيَاءَ، وَرَأيْتَ الْمُحْتَاجَ يُعْطَى عَلَى الضَّحِكِ بِهِ، وَيُرْحَمُ لِغَيْر وَجْهِ اللهِ، وَرَأيْتَ الآيَاتِ فِي السَّمَاءِ لاَ يَفْزَعُ لَهَا أحَدٌ، وَرَأيْتَ النَّاسَ يَتَسَافَدُونَ كَمَا تَسَافَدُ الْبَهَائِمُ، لاَ يُنْكِرُ أحَدٌ مُنْكَراً تَخَوُّفاً مِنَ النَّاس، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْكَثِيرَ فِي غَيْر طَاعَةِ اللهِ، وَيَمْنَعُ الْيَسِيرَ فِي طَاعَةِ اللهِ.
وَرَأيْتَ الْعُقُوقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاسْتُخِفَّ بِالْوَالِدَيْن، وَكَانَا مِنْ أسْوَءِ النَّاس حَالاً عِنْدَ الْوَلَدِ وَيَفْرَحُ بِأنْ يَفْتَريَ عَلَيْهِمَا.
وَرَأيْتَ النّسَاءَ قَدْ غَلَبْنَ عَلَى الْمُلْكِ، وَغَلَبْنَ عَلَى كُلّ أمْرٍ لاَ يُؤْتَى إِلاَّ مَا لَهُنَّ فِيهِ هَوًى، وَرَأيْتَ ابْنَ الرَّجُل يَفْتَري عَلَى أبِيهِ وَيَدْعُو عَلَى وَالِدَيْهِ، وَيَفْرَحُ بِمَوْتِهِمَا، وَرَأيْتَ الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَوْمٌ وَلَمْ يَكْسِبُ فِيهِ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ، مِنْ فُجُورٍ أوْ بَخْس مِكْيَالٍ أوْ مِيزَانٍ، أوْ غِشْيَان حَرَام، أوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ كَئِيباً حَزيناً يَحْسَبُ أنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ وَضَيْعَةٌ مِنْ عُمُرهِ.
وَرَأيْتَ السُّلْطَانَ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ، وَرَأيْتَ أمْوَالَ ذَوي الْقُرْبَى تُقْسَمُ فِي الزُّور وَيُتَقَامَرُ بِهَا وَيُشْرَبُ بِهَا الْخُمُورُ، وَرَأيْتَ الْخَمْرَ يُتَدَاوَى بِهَا، وَتُوصَفُ لِلْمَريض وَيُسْتَشْفَى بِهَا، وَرَأيْتَ النَّاسَ قَدِ اسْتَوَوْا فِي تَرْكِ الأمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَر وَتَرْكِ التَّدَيُّن بِهِ، وَرَأيْتَ ريَاحَ الْمُنَافِقِينَ وَأهْل النّفَاقِ دَائِمَةً وَريَاحَ أهْل الْحَقَّ لاَ تُحَرَّكُ.
وَرَأيْتَ الأذَانَ بِالأجْر وَالصَّلاَةَ بِالأجْر، وَرَأيْتَ الْمَسَاجِدَ مُحْتَشِيَةً مِمَّنْ لاَ يَخَافُ اللهَ مُجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلْغِيبَةِ وَأكْل لُحُوم أهْل الْحَقَّ، وَيَتَوَاصَفُونَ فِيهَا شَرَابَ الْمُسْكِر، وَرَأيْتَ السَّكْرَانَ يُصَلّي بِالنَّاس فَهُوَ لاَ يَعْقِلُ، وَلاَ يُشَانُ بِالسُّكْر، وَإِذَا سَكِرَ اُكْرمَ وَاتُّقِيَ وَخِيفَ، وَتُركَ لاَ يُعَاقَبُ وَيُعْذَرُ بِسُكْرهِ.
ص: 273
وَرَأيْتَ مَنْ أكَلَ أمْوَالَ الْيَتَامَى يُحَدَّثُ(1) بِصَلاَحِهِ، وَرَأيْتَ الْقُضَاةَ يَقْضُونَ بِخِلاَفِ مَا أمَرَ اللهُ، وَرَأيْتَ الْوُلاَةَ يَأتَمِنُونَ الْخَوَنَةَ لِلطَّمَع، وَرَأيْتَ الْمِيرَاثَ قَدْ وَضَعَتْهُ الْوُلاَةُ لأهْل الْفُسُوقِ وَالْجُرْأةِ عَلَى اللهِ، يَأخُذُونَ مِنْهَا وَيُخَلُّونَهُمْ وَمَا يَشْتَهُونَ وَرَأيْتَ الْمَنَابِرَ يُؤْمَرُ عَلَيْهَا بِالتَّقْوَى، وَلاَ يَعْمَلُ الْقَائِلُ بِمَا يَأمُرُ.
وَرَأيْتَ الصَّلاَةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِأوْقَاتِهَا، وَرَأيْتَ الصَّدَقَةَ بِالشَّفَاعَةِ لاَ يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللهِ وَتُعْطَى لِطَلَبِ النَّاس، وَرَأيْتَ النَّاسَ هَمُّهُمْ بُطُونُهُمْ وَفُرُوجُهُمْ، لاَ يُبَالُونَ بِمَا أكَلُوا وَبِمَا نَكَحُوا، وَرَأيْتَ الدُّنْيَا مُقْبِلَةً عَلَيْهِمْ، وَرَأيْتَ أعْلاَمَ الْحَقَّ قَدْ دَرَسَتْ.
فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ، وَاطْلُبْ مِنَ اللهِ عزّ وجل النَّجَاةَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّاسَ فِي سَخَطِ اللهِ عزّ وجل (وَإِنَّمَا يُمْهِلُهُمْ لأمْرٍ يُرَادُ بِهِمْ، فَكُنْ مُتَرَقّباً! وَاجْتَهِدْ لِيَرَاكَ اللهُ عزّ وجل)(2) فِي خِلاَفِ مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَإنْ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ وَكُنْتَ فِيهِمْ، عُجَّلْتَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ وَإِنْ اُخّرْتَ ابْتُلُوا وَكُنْتَ قَدْ خَرَجْتَ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجُرْأةِ عَلَى اللهِ عزّ وجل. وَاعْلَمْ أنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَأنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَريبٌ مِنَ الْمُحْسِنينَ)(3).
بيان: (الموكب) جماعة الفرسان، و(الإغراء) التحريص على الشرّ، قوله عليه السلام: (إنَّ الناس سحرة) قال الجزري: فيه إنَّ من البيان لسحراً أي منه ما يصرف قلوب السامعين وإن كان غير حقّ، والسحر في كلامهم صرف الشيء عن وجهه.7.
ص: 274
أقول: وفي بعض النسخ: (شجرة بغي).
و(الفسحة) بالضم السعة، قوله: (حتَّى تصيبوا منادماً) لعلَّ المراد دم رجل من أولاد الأئمّة عليهم السلام سفكوها قريباً من انقضاء دولتهم، وقد فعلوا مثل ذلك كثيراً ويحتمل أن يكون مراده عليه السلام هذا الملعون بعينه، والمراد بسفك الدم القتل ولو بالسم مجازاً، و(بالبلد الحرام) مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فإنَّه عليه السلام سم بأمره فيها على ما روي ولم يبقَ بعده إلاَّ قليلاً.
قوله عليه السلام: (أو متى الراحة) الترديد من الراوي، قوله: (إنَّ هذا الأمر) أي انقضاء دولتهم، أو ظهور دولة الحقّ.
وقال الجوهري: استفزَّه الخوف استخفّه(1)، و(الزمرة) الجماعة من الناس(2)، و(الانكفاء) الانقلاب.
قوله عليه السلام: (يمتدح) أي يفتخر ويطلب المدح، و(المرح) شدّة الفرح والنشاط فهو مرح بالكسر.
قوله عليه السلام: (ورأيت أصحاب الآيات) أي العلامات والمعجزات أو الذين نزلت فيهم الآيات، وهم الأئمّة عليهم السلام أو المفسّرين والقرّاء، وفي بعض النسخ: (أصحاب الآثار) وهم المحدّثون.
قوله عليه السلام: (رأيت الرجال يتسمّنون) أي يستعملون الأغذية والأدوية للسمن ليعمل بهم القبيح، قال الجزري فيه: يكون في آخر الزمان قوم يتسمّنون أي يتكثّرون بما ليس فيهم، ويدعون ما ليس لهم، من الشرف، وقيل: أراد جمعهم الأموال، وقيل: يحبّون التوسّع في المآكل والمشارب وهي أسباب السمن، ومنه الحديث الآخر: ويظهر 1.
ص: 275
فيهم السمن، وفيه: ويل للمسمّنات يوم القيامة من فترة في العظام أي اللاتي يستعملنَّ السمنة وهي دواء يتسمّنَّ به النساء(1).
قوله عليه السلام: (وأظهروا الخضاب) أي خضاب اليد والرجل فإنَّ المستحب لهم إنَّما هو خضاب الشعر كما سيأتي في موضعه.
قوله عليه السلام: (وأعطوا الرجال) أي أعطى ولد العبّاس أموالاً ليطؤوهم أو أنَّهم يعطون السلاطين والحكّام الأموال لفروجهم أو فروج نسائهم للدياثة ويمكن أن يقرء الرجال بالرفع وأعطوا على المعلوم أو المجهول من باب أكلوني البراغيث والأوّل أظهر، و(المنافسة) المغالبة على الشيء.
قوله عليه السلام: (تصانع زوجها) المصانعة الرشوة والمداهنة، والمراد إمَّا المصانعة لترك الرجال، أو للاشتغال بهم لتشتغل هي بالنساء، أو لمعاشرتها مع الرجال، قوله عليه السلام: (يعتدون) من الاعتداد أو الاعتداء، قوله عليه السلام: (لا يستخفى به) أي لا ينتظرون دخوله لارتكاب الفضائح، بل يعملونها في النهار علانية.
قوله عليه السلام: (ورأيت الولاية قبالة) أي يزيدون في المال ويشترون الولايات، و(الزور) الكذب والباطل والتهمة، و(الزخرفة) النقش بالذهب المشهور تحريمها في المساجد ويقال: استملحه أي عدَّه مليحاً، قوله عليه السلام: (ويبشربها الناس) كما هو الشائع في زماننا يأتي بعضهم بعضها يبشّره بأنّي أتيتك بغيبة حسنة، قوله عليه السلام: (قد اديل) الإدالة الغلبة، والمراد كثرة الخراب وقلّة العمران، قوله عليه السلام: (ورأيت الميّت) لعلَّ بيع 5.
ص: 276
الأكفان بيان للإيذاء أي يخرج من قبره لكفنه، ويحتمل أن يكون المراد أنَّه يخرجه من عليه دين فيضربه ويحرقه ويبيع كفنه لدينه.
قوله: (كما تتسافد البهائم) أي علانية على ظهر الطرق، قوله: (ورأيت رياح المنافقين) تطلق الريح على الغلبة والقوّة والرحمة والنصرة والدولة والنفس، والكلّ محتمل والأخير أظهر كناية عن كثرة تكلّمهم وقبول قولهم، قوله عليه السلام: (لأهل الفسوق) أي للذين يولّونهم على ميراث الأيتام أو الفاسق من الورثة، حيث يعطيهم الرشوة، فيحكمون بالمال له.
قوله عليه السلام: (بالشفاعة) أي لا يتصدَّقون إلاَّ لمن يشفع له شفيع، فيعطونها لوجه الشفيع لا لوجه الشفيع لا لوجه الله، أو يعطون لطلب الفقراء وإبرامهم، قوله عليه السلام: (لا يبالون بما أكلوا) أي من حلَّ أو حرام.
148 _ جامع الأخبار: رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأنْصَاريُّ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَجَّةَ الْوَدَاع فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا افْتُرضَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجَّ أتَى مُوَدَّعَ الْكَعْبَةِ فَلَزمَ حَلْقَةَ الْبَابِ، وَنَادَى بِرَفْع صَوْتِهِ: (أيُّهَا النَّاسُ!)، فَاجْتَمَعَ أهْلُ الْمَسْجِدِ وَأهْلُ السُّوقِ فَقَالَ: (اسْمَعُوا إِنّي قَائِلٌ مَا هُوَ بَعْدِي كَائِنٌ فَلْيُبَلَّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ)، ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى بَكَى لِبُكَائِهِ النَّاسُ أجْمَعِينَ فَلَمَّا سَكَتَ مِنْ بُكَائِهِ قَالَ: (اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أنَّ مَثَلَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْم كَمَثَل وَرَقٍ لاَ شَوْكَ فِيهِ إِلَى أرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ يَأتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ شَوْكٌ وَوَرَقٌ إِلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ ثُمَّ يَأتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ شَوْكٌ لاَ وَرَقَ فِيهِ حَتَّى لاَ يُرَى فِيهِ إِلاَّ سُلْطَانٌ جَائِرٌ، أوْ غَنِيٌّ بَخِيلٌ، أوْ عَالِمٌ رَاغِبٌ(1) فِي الْمَال، أوْ فَقِيرٌ كَذَّابٌ، أوْ شَيْخٌ فَاجِرٌ، أوْ صَبِيٌّ وَقِحٌ، أو امْرَأةٌ رَعْنَاءُ)، ثُمَّ بَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.ر.
ص: 277
فَقَامَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ الْفَارسِيُّ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أخْبِرْنَا مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا سَلْمَانُ إِذَا قَلَّتْ عُلَمَاؤُكُمْ، وَذَهَبَتْ قُرَّاؤُكُمْ، وَقَطَعْتُمْ زَكَاتَكُمْ، وَأظْهَرْتُمْ مُنْكَرَاتِكُمْ، وَعَلَتْ أصْوَاتُكُمْ فِي مَسَاجِدِكُمْ، وَجَعَلْتُمُ الدُّنْيَا فَوْقَ رُءُوسِكُمْ وَالْعِلْمَ تَحْتَ أقْدَامِكُمْ، وَالْكَذِبَ حَدِيثَكُمْ، وَالْغِيبَةَ فَاكِهَتَكُمْ، وَالْحَرَامَ غَنِيمَتَكُمْ، وَلاَ يَرْحَمُ كَبِيرُكُمْ صَغِيرَكُمْ، وَلاَ يُوَقّرُ صَغِيرُكُمْ كَبِيرَكُمْ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْزلُ اللَّعْنَةُ عَلَيْكُمْ، وَيُجْعَلُ بَأسُكُمْ بَيْنَكُمْ، وَبَقِيَ الدَّينُ بَيْنَكُمْ لَفْظاً بِألْسِنَتِكُمْ.
فَإذَا اُوتِيتُمْ هَذِهِ الْخِصَالَ تَوَقَّعُوا الرَّيحَ الْحَمْرَاءَ أوْ مَسْخاً أوْ قَذْفاً بِالْحِجَارَةِ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل: ((قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآْياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))(1).
فَقَامَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أخْبِرْنَا مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (عِنْدَ تَأخِير الصَّلَوَاتِ، وَاتّبَاع الشَّهَوَاتِ، وَشُرْبِ الْقَهَوَاتِ، وَشَتْم الآبَاءِ وَالاُمَّهَاتِ.
حَتَّى تَرَوْنَ الْحَرَامَ مَغْنَماً، وَالزَّكَاةَ مَغْرَماً، وَأطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ، وَجَفَا جَارَهُ، وَقَطَعَ رَحِمَهُ، وَذَهَبَ رَحْمَةُ الأكَابِر، وَقَلَّ حَيَاءُ الأصَاغِر، وَشَيَّدُوا الْبُنْيَانَ، وَظَلَمُوا الْعَبِيدَ وَالإمَاءَ، وَشَهِدُوا بِالْهَوَى، وَحَكَمُوا بِالْجَوْر، وَيَسُبُّ الرَّجُلُ أبَاهُ، وَيَحْسُدُ الرَّجُلُ أخَاهُ، وَيُعَامِلُ الشُّرَكَاءُ 5.
ص: 278
بِالْخِيَانَةِ، وَقَلَّ الْوَفَاءُ، وَشَاعَ الزّنَا، وَتَزَيَّنَ الرَّجَالُ بِثِيَابِ النّسَاءِ، وَسُلِبَ(1) عَنْهُنَّ قِنَاعُ الْحَيَاءِ، وَدَبَّ الْكِبْرُ فِي الْقُلُوبَ كَدَبِيبِ السَّمَّ فِي الأبْدَان، وَقَلَّ الْمَعْرُوفُ، وَظَهَرَتِ الْجَرَائِمُ، وَهُوَّنَتِ الْعَظَائِمُ، وَطَلَبُوا الْمَدْحَ بِالْمَال، وَأنْفَقُوا الْمَالَ لِلْغِنَاءِ، وَشُغِلُوا بِالدُّنْيَا عَن الآخِرَةِ، وَقَلَّ الْوَرَعُ، وَكَثُرَ الطَّمَعُ وَالْهَرْجُ وَالْمَرْجُ، وَأصْبَحَ الْمُؤْمِنُ ذَلِيلاً، وَالْمُنَافِقُ عَزيزاً، مَسَاجِدُهُمْ مَعْمُورَةٌ بِالأذَان، وَقُلُوبُهُمْ خَالِيَةٌ مِنَ الإيمَان، وَ(2) اسْتَخَفُّوا بِالْقُرْآن، وَبَلَغَ الْمُؤْمِنُ عَنْهُمْ كُلَّ هَوَانٍ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ تَرَى وُجُوهَهُمْ وُجُوهَ الآدَمِيَّينَ، وَقُلُوبَهُمْ قُلُوبَ الشَّيَاطِين، كَلاَمُهُمْ أحْلَى مِنَ الْعَسَل، وَقُلُوبُهُمْ أمَرُّ مِنَ الْحَنْظَل، فَهُمْ ذِئَابٌ، وَعَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، مَا مِنْ يَوْمٍ إِلاَّ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أفَبِي تَغْتَرُّونَ؟ أمْ عَلَيَّ تَجْتَرءُونَ؟ ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ))(3)؟
فَوَ عِزَّتِي وَجَلاَلِي لَوْ لاَ مَنْ يَعْبُدُنِي مُخْلِصاً مَا أمْهَلْتُ مَنْ يَعْصِيني طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَوْ لاَ وَرَعُ الْوَرعِينَ مِنْ عِبَادِي لَمَا أنْزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةً، وَلاَ أنْبَتُّ وَرَقَةً خَضْرَاءَ فَوَا عَجَبَاهْ لِقَوْم آلِهَتُهُمْ أمْوَالُهُمْ. وَطَالَتْ آمَالُهُمْ، وَقَصُرَتْ آجَالُهُمْ، وَهُمْ يَطْمَعُونَ فِي مُجَاوَرَةِ مَوْلاَهُمْ، وَلاَ يَصِلُونَ إِلَى ذَلِكَ إِلاَّ بِالْعَمَل، وَلاَ يَتِمُّ الْعَمَلُ إِلاَّ بِالْعَقْل)(4).
بيان: الوقاحة قلّة الحياء، والرعناء الحمقاء، والقهوة الخمر.0.
ص: 279
149 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَخْتَلِفَ بَنُو فُلاَنٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإذَا اخْتَلَفُوا طَمِعَ النَّاسُ وَتَفَرَّقَتِ الْكَلِمَةُ وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ)(1).
150 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ تَرَوْنَ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، حَتَّى تَكُونُوا كَالْمِعْزَى الْمَوَاتِ الَّتِي لاَ يُبَالِي الْخَابِسُ أيْنَ يَضَعُ يَدَهُ مِنْهَ(2) لَيْسَ لَكُمْ شَرَفٌ تَرْقَوْنَهُ وَلاَ سِنَادٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ أمْرَكُمْ)(3).
وَعَنْهُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، مِثْلَهُ.
قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيَّ بْن الْحَكَم: مَا الْمَوَاتُ مِنَ الْمَعْز؟ قَالَ: الَّتِي قَدِ اسْتَوَتْ لاَ يَفْضُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ(4).
151 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ الصَّيْقَل، عَنْ أبِي شُعَيْبٍ الْمَحَامِلِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاس زَمَانٌ يُظَرَّفُ فِيهِ الْفَاجِرُ، وَيُقَرَّبُ فِيهِ الْمَاجِنُ، وَيُضَعَّفُ فِيهِ الْمُنْصِفُ)، قَالَ: (فَقِيلَ لَهُ: مَتَى ذَاكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ فَقَالَ: (إِذَا اتُّخِذَتِ الأمَانَةُ مَغْنَماً، وَالزَّكَاةُ مَغْرَماً، وَالْعِبَادَةُ اسْتِطَالَةً، وَالصَّلَةُ مَنّاً)، قَالَ: (فَقِيلَ لَهُ: مَتَى ذَلِكَ يَا ك.
ص: 280
أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ فَقَالَ:((1) إِذَا تَسَلَّطْنَ النّسَاءُ، وَسُلّطْنَ الإمَاءُ، وَاُمَّرَ الصّبْيَانُ)(2).
بيان: المجون أن لا يبالي الإنسان بما صنع.
152 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ الْخُزَاعِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُوَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَمَّهِ حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُوَيْدٍ وَالْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ النَّهْدِيَّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُوَيْدٍ أنَّهُ كَتَبَ إِلَى أبِي الْحَسَن مُوسَى عليه السلام فِي الْحَبْس وَسَألَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا أجَابَهُ: (إِذَا رَأيْتَ الْمُشَوَّهَ الأعْرَابِيَّ فِي جَحْفَلٍ جَرَّارٍ فَانْتَظِرْ فَرَجَكَ وَلِشِيعَتِكَ الْمُؤْمِنينَ، وَإِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى السَّمَاءِ وَانْظُرْ مَا فَعَلَ اللهُ عزّ وجل بِالْمُؤْمِنينَ، فَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ جُمَلاً جُمَلاً وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأخْيَار)(3).
153 _ الكافي: حُمَيْدُ بْنُ زيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الدَّهْقَان، عَن ).
ص: 281
الطَّاطَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ، عَنْ أبَانٍ، عَنْ صَبَّاح بْن سَيَابَةَ، عَن ابْن خُنَيْسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ بِكِتَابِ عَبْدِ السَّلاَم بْن نُعَيْم وَسَدِيرٍ وَكُتُبِ غَيْر وَاحِدٍ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام حِينَ ظَهَرَتِ الْمُسَوَّدَةُ قَبْلَ أنْ يَظْهَرَ وُلْدُ الْعَبَّاس بِأنَّا قَدْ قَدَّرْنَا أنْ يَئُولَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْكَ، فَمَا تَرَى؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِالْكُتُبِ الأرْضَ، ثُمَّ قَالَ: (اُفًّ اُفًّ مَا أنَا لِهَؤُلاَءِ بِإمَام أمَا يَعْلَمُونَ أنَّهُ إِنَّمَا يَقْتُلُ السُّفْيَانِيَّ؟)(1).
154 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (مِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُمَّةِ إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَأغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلاَ كَبِيرٌ يَرْحَمُ صَغِيراً، وَلاَ صَغِيرٌ يُوَقّرُ كَبِيراً، فَيَبْعَثُ اللهُ عِنْدَ ذَلِكَ مَهْدِيَّنَا، التَّاسِعَ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْن، يَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلاَلَةِ وَقُلُوباً غُفْلاً، يَقُومُ فِي ).
ص: 282
الدَّين(1) فِي آخِر الزَّمَان كَمَا قُمْتُ بِهِ فِي أوَّل الزَّمَان، وَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)(2).
155 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَنْ عَلْقَمَةَ بْن قَيْسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ خُطْبَةَ اللُّؤْلُؤَةِ فَقَالَ فِيمَا قَالَ فِي آخِرهَا:
(ألاَ وَإِنّي ظَاعِنٌ عَنْ قَريبٍ، وَمُنْطَلِقٌ إِلَى الْمَغِيبِ، فَارْتَقِبُوا الْفِتْنَةَ الاُمَويَّةَ وَالْمَمْلَكَةَ الْكِسْرَويَّةَ، وَإِمَاتَةَ مَا أحْيَاهُ اللهُ، وَإِحْيَاءَ مَا أمَاتَهُ اللهُ، وَاتَّخِذُوا صَوَامِعَكُمْ(3) بُيُوتَكُمْ، وَعَضُّوا عَلَى مِثْل جَمْر الْغَضَا، وَاذْكُرُوا اللهَ(4) كَثِيراً فَذِكْرُهُ أكْبَرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
ثُمَّ قَالَ: (وَتُبْنَى مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا: الزَّوْرَاءُ، بَيْنَ دِجْلَةَ وَدُجَيْلٍ وَالْفُرَاتِ، فَلَوْ رَأيْتُمُوهَا مُشَيَّدَةً بِالْجِصّ وَالآجُرَّ، مُزَخْرَفَةً بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَاللاَّزْوَرْدِ وَالْمَرْمَر(5) وَالرُّخَام، وَأبْوَابِ الْعَاج(6)، وَالْخِيَم، وَالْقِبَابِ، وَالسَّتَارَاتِ(7).).
ص: 283
وَقَدْ عُلِيَتْ بِالسَّاج، وَالْعَرْعَر وَالصَّنَوْبَر وَالشَّبَّ(1)، وَشُيَّدَتْ(2) بِالْقُصُور، وَتَوَالَتْ عَلَيْهَا مُلْكُ بَنِي شَيْصَبَانَ(3) أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَلِك(4)، فِيهِمُ السَّفَّاحُ، وَالْمِقْلاَصُ، وَالْجَمُوحُ وَالْخَدُوعُ، وَالْمُظَفَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ، وَالنَّظَّارُ(5)، وَالْكَبْشُ(6)، وَالْمَهْتُورُ، وَالْعِثَارُ(7)، وَالْمُصْطَلِمُ، وَالْمُسْتَصْعِبُ، وَالْعَلاَّمُ(8)، وَالرُّهْبَانِيُّ، وَالْخَلِيعُ، وَالسَّيَّارُ(9)، وَالْمُتْرفُ، وَالْكَدِيدُ، وَالأكْتَبُ(10)، وَالْمُسْرفُ، وَالأكْلَبُ، وَالْوَسِيمُ(11)، وَالصَّيْلاَمُ(12)، وَالْعَيْنُوقُ(13).
وَتُعْمَلُ الْقُبَّةُ الْغَبْرَاءُ، ذَاتُ الْفَلاَةِ(14) الْحَمْرَاءِ، وَفِي عَقِبهَا قَائِمُ الْحَقَّ يُسْفِرُ عَنْ وَجْهِهِ بَيْنَ(15) الأقَالِيم، كَالْقَمَر الْمُضِيءِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ الدُّرَّيَّةِ.).
ص: 284
ألاَ وَإِنَّ لِخُرُوجِهِ عَلاَمَاتٍ عَشَرَةً أوَّلُهَا طُلُوعُ الْكَوْكَبِ ذِي الذَّنَبِ، وَيُقَاربُ مِنَ الْحَادِي(1) وَيَقَعُ فِيهِ هَرْجٌ وَمَرْجٌ وَشَغْبٌ، وَتِلْكَ عَلاَمَاتُ الْخِصْبِ.
وَمِنَ الْعَلاَمَةِ إِلَى الْعَلاَمَةِ عَجَبٌ، فَإذَا انْقَضَتِ الْعَلاَمَاتُ الْعَشَرَةُ إِذْ ذَاكَ يَظْهَرُ الْقَمَرُ(2) الأزْهَرُ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ الإخْلاَص للهِ عَلَى التَّوْحِيدِ)(3).
156 _ تهذيب الأحكام: بِإسْنَادِهِ، عَنْ سَالِم أبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَألَهُ رَجُلٌ وَأنَا أسْمَعُ فَقَالَ: إِنّي اُصَلّي الْفَجْرَ ثُمَّ أذْكُرُ اللهَ بِكُلّ مَا اُريدُ أنْ أذْكُرَهُ مِمَّا يَجِبُ عَلَيَّ فَاُريدُ أنْ أضَعَ جَنْبِي فَأنَامَ قَبْلَ طُلُوع الشَّمْس، فَأكْرَهُ ذَلِكَ، قَالَ: (وَلِمَ؟)، قَالَ: أكْرَهُ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ غَيْر مَطْلَعِهَا، قَالَ: (لَيْسَ بِذَلِكَ خَفَاءٌ، انْظُرْ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، فَمِنْ ثَمَّ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْ حَرَج أنْ تَنَامَ إِذَا كُنْتَ قَدْ ذَكَرْتَ اللهَ)(4).
أقول: قد مضى بعض الأخبار المناسبة للباب في كتاب المعاد.
157 _ كِتَابُ الإمَامَةِ وَالتَّبْصِرَةِ لِعَلِيَّ بْن بَابَوَيْهِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ هَذَا الأمْر مَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: (إِنْ كُنْتُمْ تُؤَمَّلُونَ أنْ يَجِيئَكُمْ مِنْ وَجْهٍ(5) فَلاَ تُنْكِرُونَهُ)(6).
وَمِنْهُ، عَنْ هَارُونَ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن .
ص: 285
عَلِيَّ بْن خَلَفٍ، عَنْ مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (ظُهُورُ الْبَوَاسِير وَمَوْتُ الْفُجَاءَةِ وَالْجُذَام مِنَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ)(1).
158 _ إقبال الأعمال: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ الْمَلاَحِم لِلْبَطَائِنيَّ: عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ: (اللهُ أجَلُّ وَأكْرَمُ وَأعْظَمُ مِنْ أنْ يَتْرُكَ الأرْضَ بِلاَ إِمَام عَادِلٍ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأخْبِرْني بِمَا أسْتَريحُ إِلَيْهِ، قَالَ: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ لَيْسَ يَرَى اُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَرَجاً أبَداً مَا دَامَ لِوُلْدِ بَنِي فُلاَنٍ مُلْكٌ حَتَّى يَنْقَرضَ مُلْكُهُمْ، فَإذَا انْقَرَضَ مُلْكُهُمْ أتَاحَ اللهُ لاُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِرَجُلٍ(2) مِنَّا أهْلَ الْبَيْتَ، يُشِيرُ بِالتُّقَى، وَيَعْمَلُ بِالْهُدَى، وَلاَ يَأخُذُ فِي حُكْمِهِ الرَّشَا.
وَاللهِ إِنّي لأعْرفُهُ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ، ثُمَّ يَأتِينَا الْغَلِيظُ الْقَصَرَةِ، ذُو الْخَال وَالشَّامَتَيْن، الْقَائِدُ الْعَادِلُ، الْحَافِظُ لِمَا اسْتُودِعَ، يَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مَلأهَا الْفُجَّارُ جَوْراً وَظُلْماً)(3).
159 _ أقُولُ: وَرُويَ فِي كِتَابِ سُرُور أهْل الإيمَان(4): عَن السَّيَّدِ عَلِيَّ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْزَم الأرْضَ وَلاَ تُحَرَّكْ يَداً وَلاَ رجْلاً حَتَّى تَرَى عَلاَمَاتٍ أذْكُرُهَا لَكَ، وَمَا أرَاكَ تُدْركُ ذَلِكَ، اخْتِلاَفٌ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَخَسْفٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّام بِالْجَابِيَةِ، وَنُزُولُ التُّرْكِ الْجَزيرَةَ وَنُزُولُ الرُّوم الرَّمْلَةَ، وَاخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ عِنْدَ ذَلِكَ فِيا.
ص: 286
كُلَّ أرْضٍ حَتَّى تَخْرَبَ الشَّامُ وَيَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ اجْتِمَاعَ ثَلاَثِ رَايَاتٍ فِيهِ: رَايَةِ الأصْهَبِ، وَرَايَةِ الأبْقَع، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيَّ).
160 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ، رَفَعَهُ إِلَى بُرَيْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَا بُرَيْدُ اتَّقِ جَمْعَ الأصْهَبِ)، قُلْتُ: وَمَا الأصْهَبُ؟ قَالَ: (الأبْقَعُ)، قُلْتُ: وَمَا الأبْقَعُ؟ قَالَ: (الأبْرَصُ، وَاتَّقِ السُّفْيَانِيَّ، وَاتَّقِ الشَّريدَيْن مِنْ وُلْدِ فُلاَنٍ يَأتِيَان مَكَّةَ، يَقْسِمَان بِهَا الأمْوَالَ، يَتَشَبَّهَان بِالْقَائِم عليه السلام، وَاتَّقِ الشُّذَّاذَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ).
قُلْتُ: وَيُريدُ بِالشُّذَّاذِ الزَّيْدِيَّةَ، لِضَعْفِ مَقَالَتِهِمْ وَأمَّا كَوْنُهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ لأنَّهُمْ مِنْ بَنِي فَاطِمَةَ.
161 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَيْر بْن مُسْلِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بِشْرٍ الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: قُلْنَا لِمُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ بَلَغَنَا أنَّ لآل فُلاَنٍ رَايَةً، وَلآل جَعْفَرٍ رَايَةً، فَهَلْ عِنْدَكُمْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: أمَّا رَايَةُ بَنِي جَعْفَرٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَأمَّا رَايَةُ بَنِي فُلاَنٍ (فَإنَّ) لَهُمْ مُلْكاً يُقَرَّبُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُبَعَّدُونَ فِيهِ الْقَريبَ، عُسْرٌ لَيْسَ فِيهِمْ يُسْرٌ، تُصِيبُهُمْ فِيهِ فَزَعَاتٌ وَرَعَدَاتٌ كُلُّ ذَلِكَ يَنْجَلِي عَنْهُمْ كَمَا يَنْجَلِي السَّحَابُ حَتَّى إِذَا أمِنُوا وَاطْمَأنُّوا وَظَنُّوا أنَّ مُلْكَهُمْ لاَ يَزُولُ فَيَصِيحُ فِيهِمْ صَيْحَةً فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ رَاع يَجْمَعُهُمْ، وَلاَ دَاع يُسْمِعُهُمْ (يَسْمَعُهُمْ)، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَْرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَْمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))(1).(2)ة.
ص: 287
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ لِذَلِكَ وَقْتٌ؟ قَالَ: لاَ، لأنَّ عِلْمَ اللهِ غَلَبَ وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً فَأتَمَّهَا بِعَشْرٍ، وَلَمْ يَعْلَمْهَا مُوسَى وَلَمْ تَعْلَمْهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا جَازَ الْوَقْتُ قَالُوا: غَرَّنَا مُوسَى، فَعَبَدُوا الْعِجْلَ، وَلَكِنْ إِذَا كَثُرَتِ الْحَاجَةُ وَالْفَاقَةُ فِي النَّاس، وَأنْكَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَقَّعُوا أمْرَ اللهِ صَبَاحاً وَمَسَاءً.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أمَّا الْفَاقَةُ فَقَدْ عَرَفْتُهَا، فَمَا إِنْكَارُ النَّاس بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ قَالَ: يَلْقَى الرَّجُلُ صَاحِبَهُ فِي الْحَاجَةِ بِغَيْر الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَلْقَاهُ فِيهِ، وَيُكَلّمُهُ بِغَيْر اللّسَان الَّذِي كَانَ يُكَلّمُهُ فِيهِ...، وَالْخَبَرُ طَويلٌ وَقَدْ رُويَ عَنْ أئِمَّتِنَا عليهم السلام مِثْلُ ذَلِكَ(1).
وَبِإسْنَادِهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ الأزْدِيَّ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا سَدِيرُ الْزَمْ بَيْتَكَ وَكُنْ حِلْساً مِنْ أحْلاَسِهِ، وَاسْكُنْ مَا سَكَنَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَإذَا بَلَغَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ قَدْ خَرَجَ فَارْحَلْ(2) إِلَيْنَا وَلَوْ عَلَى رجْلِكَ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، وَأشَارَ بِيَدِهِ بِثَلاَثِ أصَابِعِهِ إِلَى الشَّام وَقَالَ: (ثَلاَثُ رَايَاتٍ: رَايَةٌ حَسَنِيَّةٌ، وَرَايَةٌ اُمَويَّةٌ، وَرَايَةٌ قَيْسِيَّةٌ، فَبَيْنَا هُمْ (عَلَى ذَلِكَ) إِذْ قَدْ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ فَيَحْصُدُهُمْ حَصْدَ الزَّرْع مَا رَأيْتَ مِثْلَهُ قَطُّ)(3).
162 _ وَبِإسْنَادِهِ: إِلَى ابْن مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَا جَابِرُ لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَشْمَلَ أهْلَ الْبِلاَدِ فِتْنَةٌ يَطْلُبُونَ ).
ص: 288
مِنْهَا الْمَخْرَجَ فَلاَ يَجِدُونَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ، قَتْلاَهُمْ فِيهَا عَلَى السَّريَّ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ).
163 _ وَبِإسْنَادِهِ: إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: (لاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ خَارجٌ مِنْ آل أبِي سُفْيَانَ يَمْلِكُ تِسْعَةَ أشْهُرٍ كَحَمْل الْمَرْأةِ، وَلاَ يَكُونُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ وُلْدِ الشَّيْخ، فَيَسِيرُ حَتَّى يُقْتَلَ بِبَطْن النَّجَفِ، فَوَ اللهِ كَأنّي أنْظُرُ إِلَى رمَاحِهِمْ وَسُيُوفِهِمْ وَأمْتِعَتِهِمْ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَان النَّجَفِ، يَوْمَ الاثْنَيْن، وَيُسْتَشْهَدَ يَوْمَ الأرْبعَاءِ).
164 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن عَاصِم الْحَافِظِ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِاخْتِلاَفِ الشَّام فِيمَا بَيْنَهُمْ فَالْهَرَبَ مِنَ الشَّام فَإِنَّ الْقَتْلَ بِهَا وَالْفِتْنَةَ)، قُلْتُ: إِلَى أيَّ الْبِلاَدِ؟ فَقَالَ: (إِلَى مَكَّةَ، فَإنَّهَا خَيْرُ بِلاَدٍ يَهْرُبُ النَّاسُ إِلَيْهَا)، قُلْتُ: فَالْكُوفَةُ؟ قَالَ: (الْكُوفَةُ مَا ذَا يَلْقَوْنَ؟ يُقْتَلُ الرَّجَالُ إِلاَّ شَامِيٌّ، وَلَكِنَّ الْوَيْلَ لِمَنْ كَانَ فِي أطْرَافِهَا، مَا ذَا يَمُرُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أذًى بِهِمْ، وَتُسْبَى بِهَا رجَالٌ وَنسَاءٌ، وَأحْسَنُهُمْ حَالاً مَنْ يَعْبُرُ الْفُرَاتَ وَمَنْ لاَ يَكُونُ شَاهِداً بِهَا)، قَالَ: فَمَا تَرَى فِي سُكَّان سَوَادِهَا؟ فَقَالَ بِيَدِهِ يَعْنِي لاَ.
ثُمَّ قَالَ: (الْخُرُوجُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الْمُقَام فِيهَا)، قُلْتُ: كَمْ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ نَهَارٍ)، قُلْتُ: مَا حَالُ مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ؟ قَالَ: (لَيْسَ عَلَيْهِمْ بَأسٌ أمَّا إِنَّهُمْ سَيُنْقِذُهُمْ أقْوَامٌ مَا لَهُمْ عِنْدَ أهْل الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ قَدْرٌ أمَا لاَ يَجُوزُونَ بِهِمُ الْكُوفَةَ).
165 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَن الْحُسَيْن بْن أبِي الْعَلاَءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ رَجَبٍ، قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرٌ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُعَظّمُهُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ الشَّهْرَ الأصَمَّ)، قُلْتُ: شَعْبَانُ، قَالَ: (تَشَعَّبَتْ فِيهِ
ص: 289
الاُمُورُ)، قُلْتُ: رَمَضَانُ، قَالَ: (شَهْرُ اللهُ تَعَالَى وَفِيهِ يُنَادَى بِاسْم صَاحِبكُمْ وَاسْم أبِيهِ)، قُلْتُ: فَشَوَّالٌ، قَالَ: (فِيهِ يَشُولُ أمْرُ الْقَوْم)، قُلْتُ: فَذُو الْقَعْدَةِ، قَالَ: (يَقْعُدُونَ فِيهِ)، قُلْتُ: فَذُو الْحِجَّةِ، قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرُ الدَّم)، قُلْتُ: فَالْمُحَرَّمُ، قَالَ: (يُحَرَّمُ فِيهِ الْحَلاَلُ وَيُحَلُّ فِيهِ الْحَرَامُ)، قُلْتُ: صَفَرٌ وَرَبِيعٌ، قَالَ: (فِيهَا خِزْيٌ فَظِيعٌ وَأمْرٌ عَظِيمٌ)، قُلْتُ: جُمَادَى، قَالَ: (فِيهَا الْفَتْحُ مِنْ أوَّلِهَا إِلَى آخِرهَا).
166 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ؟ قَالَ: (تُغَيَّبُ الرَّجَالُ وُجُوهَهَا مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْعِيَال بَأسٌ، فَإذَا ظَهَرَ عَلَى الأكْوَار الْخَمْس يَعْنِي كُوَرَ الشَّام فَانْفِرُوا إِلَى صَاحِبكُمْ).
167 _ وَبِإسْنَادِهِ: عَنْ إِسْحَاقَ يَرْفَعُهُ إِلَى الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ لِلنَّاس: (سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني لأنّي بِطُرُقِ السَّمَاءِ أعْلَمُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَبِطُرُقِ الأرْض أعْلَمُ مِنَ الْعَالِم، أنَا يَعْسُوبُ الدَّين، أنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، وَدَيَّانُ النَّاس يَوْمَ الدَّين، أنَا قَاسِمُ النَّار، وَخَازنُ الْجِنَان، وَصَاحِبُ الْحَوْض وَالْمِيزَان، وَصَاحِبُ الأعْرَافِ، فَلَيْسَ مِنَّا إِمَامٌ إِلاَّ وَهُوَ عَارفٌ بِجَمِيع أهْل وَلاَيَتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ))(1).
ألاَ أيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني (فَإنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْماً جَمّاً، فَسَلُوني قَبْلَ أنْ)(2) تَشْغَرَ بِرجْلِهَا فِتْنَةٌ شَرْقِيَّةٌ وَتَطَأ فِي خِطَامِهَا بَعْدَ ة.
ص: 290
مَوْتِهَا وَحَيَاتِهَا وَتُشَبَّ نَارٌ بِالْحَطَبِ الْجَزْل مِنْ غَرْبيَّ الأرْض، رَافِعَةً ذَيْلَهَا، تَدْعُو يَا وَيْلَهَا لِرَحْلِهِ وَمِثْلِهَا، فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، قُلْتُمْ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ فَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1).
وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلاَمَاتٌ، أوَّلُهُنَّ إِحْصَارُ الْكُوفَةِ بِالرَّصَدِ وَالْخَنْدَقِ، وَتَخْريقُ الرَّوَايَا فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ، وَتَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَشْفُ الْهَيْكَل، وَخَفْقُ رَايَاتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ الأكْبَر تَهْتَزُّ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار، وَقَتْلٌ سَريعٌ، وَمَوْتٌ ذَريعٌ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَالْمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَقَتْلُ الأسْقَع صَبْراً فِي بَيْعَةِ الأصْنَام.
وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ بِرَايَةٍ حَمْرَاءَ أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَلْبٍ، وَاثْنَيْ (اثْنَا) عَشَرَ ألْفَ عَنَانٍ مِنْ خَيْل السُّفْيَانِيَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: خُزَيْمَةُ، أطْمَسُ(2) الْعَيْن، الشّمَال عَلَى عَيْنهِ ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ(3)، يَتَمَثَّلُ بِالرَّجَال، لاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ حَتَّى يَنْزلَ الْمَدِينَةَ فِي دَارٍ يُقَالُ لَهَا: دَارُ أبِي الْحَسَن الاُمَويَّ، وَيَبْعَثُ خَيْلاً فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنْ آل مُحَمَّدٍ وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنَ الشّيعَةِ يَعُودُ إِلَى مَكَّةَ، أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ إِذَا تَوَسَّطَ الْقَاعَ الأبْيَضَ خُسِفَ بِهِمْ فَلاَ يَنْجُو إِلاَّ رَجُلٌ يُحَوَّلُ اللهُ ).
ص: 291
وَجْهَهُ إِلَى قَفَاهُ لِيُنْذِرَهُمْ، وَيَكُونَ آيَةً لِمَنْ خَلْفَهُمْ، وَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))(1).
وَيَبْعَثُ مِائَةً وَثَلاَثِينَ ألْفاً إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَنْزلُونَ الرَّوْحَاءَ وَالْفَارقَ، فَيَسِيرُ مِنْهَا سِتُّونَ ألْفاً حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ مَوْضِعَ قَبْر هُودٍ عليه السلام بِالنُّخَيْلَةِ، فَيَهْجُمُونَ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الزَّينَةِ وَأمِيرُ النَّاس جَبَّارٌ عَنِيدٌ، يُقَالُ لَهُ: الْكَاهِنُ السَّاحِرُ، فَيَخْرُجُ مِنْ مَدِينَةِ الزَّوْرَاءِ إِلَيْهِمْ أمِيرٌ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْكَهَنَةِ، وَيَقْتُلُ عَلَى جِسْرهَا سَبْعِينَ ألْفاً حَتَّى تَحَمَّى النَّاسُ مِنَ الْفُرَاتِ ثَلاَثَةَ أيَّام مِنَ الدَّمَاءِ وَنَتْن الأجْسَادِ، وَيُسْبَى مِنَ الْكُوفَةِ سَبْعُونَ ألْفَ بِكْرٍ، لاَ يُكْشَفُ عَنْهَا كَفٌّ وَلاَ قِنَاعٌ، حَتَّى يُوضَعْنَ فِي الْمَحَامِل، وَيَذْهَبَ بِهِنَّ إِلَى الثُّوَيَّةِ وَهِيَ الْغَريُّ.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ مِائَةُ ألْفٍ مَا بَيْنَ مُشْركٍ وَمُنَافِقٍ، حَتَّى يَقْدَمُوا دِمَشْقَ لاَ يَصُدُّهُمْ عَنْهَا صَادٌّ، وَهِيَ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، وَتُقْبِلُ رَايَاتٌ مِنْ شَرْقِيَّ الأرْض غَيْرَ مُعْلَمَةٍ، لَيْسَتْ بِقُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلاَ حَريرٍ، مَخْتُومٌ فِي رَأس الْقَنَاةِ بِخَاتَم السَّيَّدِ الأكْبَر يَسُوقُهَا رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ تَظْهَرُ بِالْمَشْرقِ، وَتُوجَدُ ريحُهَا بِالْمَغْربِ كَالْمِسْكِ الأذْفَر يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهَا بِشَهْرٍ حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ طَالِبينَ بِدِمَاءِ آبَائِهِمْ.
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أقْبَلَتْ خَيْلُ الْيَمَانِيَّ وَالْخُرَاسَانِيَّ يَسْتَبِقَان كَأنَّهُمَا فَرَسَيْ رهَانٍ شُعْثٌ غُبْرٌ جُرْدٌ أصْلاَبُ نَوَاطِي وَأقْدَاحٍ إِذَا نَظَرْتَ أحَدَهُمْ بِرجْلِهِ بَاطِنهِ(2)، فَيَقُولُ: لاَ خَيْرَ فِي مَجْلِسِنَا بَعْدَ يَوْمِنَا هَذَا اللهُمَّ فَإنَّا ه.
ص: 292
التَّائِبُونَ، وَهُمُ الأبْدَالُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزيز: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))(1)، وَنُظَرَاؤَهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ.
وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل نَجْرَانَ يَسْتَجِيبُ لِلإمَام، فَيَكُونُ أوَّلَ النَّصَارَى إِجَابَةً فَيَهْدِمُ بِيعَتَهُ، وَيَدُقُّ صَلِيبَهُ، فَيَخْرُجُ بِالْمَوَالِي وَضُعَفَاءِ النَّاس، فَيَسِيرُونَ إِلَى النُّخَيْلَةِ بِأعْلاَم هُدًى، فَيَكُونُ مَجْمَعُ النَّاس جَمِيعاً فِي الأرْض كُلّهَا بِالْفَارُوقِ فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ ألْفٍ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَوْمَئِذٍ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(2) بِالسَّيْفِ.
وَيُنَادِي مُنَادٍ فِي شَهْر رَمَضَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرقِ عِنْدَ الْفَجْر: يَا أهْلَ الْهُدَى اجْتَمِعُوا! وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَل الْمَغْربِ بَعْدَ مَا يَغِيبُ الشَّفَقُ: يَا أهْلَ الْبَاطِل اجْتَمِعُوا!
وَمِنَ الْغَدِ عِنْدَ الظُّهْر تَتَلَوَّنُ الشَّمْسُ وَتَصْفَرُّ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَيَوْمَ الثَّالِثِ يُفَرَّقُ اللهُ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، وَتَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض، وَتُقْبِلُ الرُّومُ إِلَى سَاحِل الْبَحْر عِنْدَ كَهْفِ الْفِتْيَةِ، فَيَبْعَثُ اللهُ الْفِتْيَةَ مِنْ كَهْفِهِمْ مَعَ كَلْبِهِمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيخَا، وَآخَرُ خملاها، وَهُمَا الشَّاهِدَان الْمُسْلِمَان لِلْقَائِم عليه السلام).
168 _ العدد القويّة: قَالَ سَلْمَانُ الْفَارسِيُّ رضي الله عنه: أتَيْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام خَالِيا(3) فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَتَى الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِكَ؟ ة.
ص: 293
فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَقَالَ: (لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَكُونَ اُمُورُ الصّبْيَان، وَيَضِيعَ(1) حُقُوقُ الرَّحْمَن، وَيَتَغَنَّى بِالْقُرْآن فَإذَا قُتِلَتْ مُلُوكُ بَنِي الْعَبَّاس اُولِي الْعَمَى وَالِالْتِبَاس، أصْحَابِ الرَّمْي عَن الأقْوَاس بِوُجُوهٍ كَالتّرَاس، وَخَربَتِ الْبَصْرَةُ، هُنَاكَ يَقُومُ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)(2).
169 _ العدد القويّة: قَدْ ظَهَرَ مِنَ الْعَلاَمَاتِ عِدَّةٌ كَثِيرَةٌ مِثْلُ خَرَابِ حَائِطِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَتْل أهْل مِصْرَ أمِيرَهُمْ، وَزَوَال مُلْكِ بَنِي الْعَبَّاس عَلَى يَدِ رَجُلٍ خَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَا مُلْكُهُمْ، وَمَوْتِ عَبْدِ اللهِ آخِر مُلُوكِ بَني الْعَبَّاس، وَخَرَابِ الشَّامَاتِ، وَمَدَّ الْجِسْر مِمَّا يَلِي الْكَرْخَ بِبَغْدَادَ، كُلُّ ذَلِكَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَانْشِقَاقِ الْفُرَاتِ وَسَيَصِلُ الْمَاءُ إِنْ شَاءَ اللهُ إِلَى أزقَّةِ الْكُوفَةِ)(3).
170 _ أمالي الطوسي: الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن وَهْبَانَ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الزَّعْفَرَانِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَذَكَرَ السُّفْيَانِيَّ فَقَالَ: (أمَّا الرَّجَالُ فَتُوَاري وُجُوهَهَا عَنْهُ وَأمَّا النّسَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ بَأسٌ.
وَبهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ طَالِبُ الْحَقَّ قِيلَ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: تَرْجُو(4) أنْ يَكُونَ هَذَا الْيَمَانِيَّ؟ فَقَالَ: (لاَ، الْيَمَانِيُّ يَتَوَالَى عَلِيّاً وَهَذَا يَبْرَاُ مِنْهُ)(5).5.
ص: 294
وَبِهَذَا الإسْنَادِ عَنْ هِشَام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْيَمَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُ كَفَرَسَيْ رهَانٍ)(1).
171 _ أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ أحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي كِتَابِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرهِ فِي غَيْرهِ بِأسَانِيدِهِمْ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَوْمُ النَّيْرُوز هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ وَوُلاَةَ الأمْر، وَيُظْفِرُهُ اللهُ تَعَالَى بِالدَّجَّال فَيَصْلِبُهُ عَلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ)(2).
172 _ كِتَابُ الْمُحْتَضَر لِلْحَسَن بْن سُلَيْمَانَ: نَقْلاً مِنْ كِتَابِ الْمِعْرَاج لِلشَّيْخ الصَّالِح أبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن، بِإسْنَادِهِ عَن الصَّدُوقِ(3)، عَن ابْن إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن آدَمَ النَّسَائِيَّ، عَنْ أبِيهِ آدَمَ بْن أبِي إِيَاسٍ، عَن الْمُبَارَكِ بْن فَضَالَةَ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبَّهٍ رَفَعَهُ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّهُ لَمَّا عُرجَ بِي رَبَّي جلّ جلاله، أتَانِي النّدَاءُ: يَا مُحَمَّدُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّ الْعَظَمَةِ لَبَّيْكَ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلاَ الأعْلَى؟ قُلْتُ: إِلَهِي لاَ عِلْمَ لِي، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ! هَل اتَّخَذْتَ مِنَ الآدَمِيَّينَ وَزيراً وَأخاً وَوَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَنْ أتَّخِذُ تَخَيَّرْ أنْتَ لِي يَا إِلَهِي.
فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ مِنَ الآدَمِيَّينَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ، فَقُلْتُ إِلَهِي ابْنُ عَمَّي؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ عَلِيّاً وَارثُكَ ة.
ص: 295
وَوَارثُ الْعِلْم مِنْ بَعْدِكَ، وَصَاحِبُ لِوَائِكَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَصَاحِبُ حَوْضِكَ، يَسْقِي مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِنِي اُمَّتِكَ.
ثُمَّ أوْحَى إِلَيَّ أنَّي قَدْ أقْسَمْتُ عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقّاً لاَ يَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْحَوْض مُبْغِضٌ لَكَ وَلأهْل بَيْتِكَ وَذُرَّيَّتِكَ الطَّيَّبِينَ، حَقّاً (حَقّاً) أقُولُ يَا مُحَمَّدُ! لاَدْخِلَنَّ الْجَنَّةَ جَمِيعَ اُمَّتِكَ إِلاَّ مَنْ أبَى.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَأحَدٌ يَأبَى دُخُولَ الْجَنَّةِ؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: بَلَى يَأبَى، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَأبَى؟ فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ اخْتَرْتُكَ مِنْ خَلْقِي وَاخْتَرْتُ لَكَ وَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدَكَ، وَألْقَيْتُ مَحَبَّتَهُ فِي قَلْبِكَ، وَجَعَلْتُهُ أباً لِوُلْدِكَ، فَحَقُّهُ بَعْدَكَ عَلَى اُمَّتِكَ، كَحَقّكَ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِكَ فَمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ جَحَدَ حَقَّكَ، وَمَنْ أبَى أنْ يُوَالِيَهُ فَقَدْ أبَى أنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ.
فَخَرَرْتُ للهِ عزّ وجل سَاجِداً شُكْراً لِمَا أنْعَمَ عَلَيَّ، فَإذَا مُنَادٍ يُنَادِي: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأسَكَ! سَلْنِي اُعْطِكَ، فَقُلْتُ: إِلَهِي اجْمَعْ اُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَلَى وَلاَيَةِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ، لِيَردُوا عَلَيَّ جَمِيعاً حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَأوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنّي قَدْ قَضَيْتُ فِي عِبَادِي قَبْلَ أنْ أخْلُقَهُمْ وَقَضَائِي مَاضٍ فِيهِمْ، لاَهْلِكُ بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَأهْدِي بِهِ مَنْ أشَاءُ، وَقَدْ آتَيْتُهُ عِلْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَجَعَلْتُهُ وَزيرَكَ، وَخَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى أهْلِكَ وَاُمَّتِكَ، عَزيمَةً مِنَّي: لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أبْغَضَهُ وَعَادَاهُ وَأنْكَرَ وَلاَيَتَهُ مِنْ بَعْدِكَ، فَمَنْ أبْغَضَهُ أبْغَضَكَ، وَمَنْ أبْغَضَكَ أبْغَضَنِي، وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَاكَ، وَمَنْ عَادَاكَ فَقَدْ عَادَانِي، وَمَنْ أحَبَّهُ فَقَدْ أحَبَّكَ، وَمَنْ أحَبَّكَ فَقَدْ أحَبَّنِي.
وَقَدْ جَعَلْتُ (لَهُ) هَذِهِ الْفَضِيلَةَ، وَأعْطَيْتُكَ أنْ اُخْرجَ مِنْ صُلْبِهِ أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً، كُلُّهُمْ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ، مِنَ الْبِكْر الْبَتُول، آخِرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُصَلّي
ص: 296
خَلْفَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً. اُنْجِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَأهْدِي بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَاُبْرئُ بِهِ الأعْمَى، وَأشْفِي بِهِ الْمَريضَ.
قُلْتُ: إِلَهِي فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَأوْحَى إِلَيَّ عزّ وجل: يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ، وَظَهَرَ الْجَهْلُ، وَكَثُرَ الْقُرَّاءُ، وَقَلَّ الْعَمَلُ، وَكَثُرَ الْفَتْكُ(1)، وَقَلَّ الْفُقَهَاءُ الْهَادُونَ، وَكَثُرَ فُقَهَاءُ الضَّلاَلَةِ الْخَوَنَةُ، وَكَثُرَ الشُّعَرَاءُ.
وَاتَّخَذَ اُمَّتُكَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ، وَحُلّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَزُخْرُفَتِ الْمَسَاجِدُ، وَكَثُرَ الْجَوْرُ وَالْفَسَادُ، وَظَهَرَ الْمُنْكَرُ، وَأمَرَ اُمَّتُكَ بِهِ، وَنَهَوْا عَن الْمَعْرُوفِ، وَاكْتَفَى الرَّجَالُ بِالرَّجَال، وَالنّسَاءُ بِالنّسَاءِ، وَصَارَتِ الاُمَرَاءُ كَفَرَةً، وَأوْلِيَاؤُهُمْ فَجَرَةً، وَأعْوَانُهُمْ ظَلَمَةً، وَذَوُو الرَّأيِ مِنْهُمْ فَسَقَةً.
وَعِنْدَ (ذَلِكَ) ثَلاَثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْربِ، وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ، وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ ذُرَّيَّتِكَ يَتْبَعُهُ الزُّنُوجُ، وَخُرُوجُ وَلَدٍ مِنْ وُلْدِ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام، وَظُهُورُ الدَّجَّال يَخْرُجُ بِالْمَشْرقِ مِنْ سِجِسْتَانَ، وَظُهُورُ السُّفْيَانِيَّ.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَا يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْفِتَن؟ فَأوْحَى إِلَيَّ وَأخْبَرَني بِبَلاَءِ بَني اُمَيَّةَ، وَفِتْنَةِ وُلْدِ عَمَّي، وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، فَأوْصَيْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَمَّي حِينَ هَبَطْتُ إِلَى الأرْض، وَأدَّيْتُ الرَّسَالَةَ، فَللهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا حَمِدَهُ النَّبِيُّونَ، وَكَمَا حَمِدَهُ كُلُّ شَيْءٍ قَبْلِي، وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)(2).ا.
ص: 297
173 _ نهج البلاغة: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ وَلاَ يُطَرَّفُ (يُظَرَّفُ) فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَلاَ يُضَعَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ فِيهِ غُرْماً، وَصِلَةَ الرَّحِم مَنّاً، وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاس. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الإمَاءِ(1)، وَإِمَارَةِ الصّبْيَان، وَتَدْبِير الْخِصْيَان)(2).
بيان: قوله عليه السلام: (إلاَّ الماحل) أي يقرب الملوك وغيرهم إليهم السعاة إليهم بالباطل، والواشين والنمّامين مكان أصحاب الفضائل، وفي بعض النسخ: (الماجن) وهو أن لا يبالي ما صنع.
(ولا يطرف) بالمهملة أي لا يعد طريفاً، فإنَّ الناس يميلون إلى الطريف المستحدث، وبالمعجمة أي لا يعد ظريفاً كيّساً، (ولا يضعف) أي يعدونه ضعيف الرأي والعقل، أو يتسلّطون عليه، وفي النهاية: في حديث أشراط الساعة: (والزكاة مغرماً) أي يرى ربّ المال أنَّ إخراج زكاته غرامة يغرمها(3).
* * * 3.
ص: 298
ص: 299
ص: 300
1 _ الخصال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ...) الْخَبَرَ(1).
2 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن الأشْعَريَّ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي وَصْفِ الْحَجَر وَالرُّكْن الَّذِي وُضِعَ فِيهِ قَالَ عليه السلام: (وَمِنْ ذَلِكَ الرُّكْن يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام فَأوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّيْرُ، وَهُوَ وَاللهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَإِلَى ذَلِكَ الْمَقَام يُسْنِدُ ظَهْرَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِم، وَهُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافَى ذَلِكَ الْمَكَانَ...)(2) تَمَامَ الْخَبَر.
3 _ الاحتجاج: حَنَانُ بْنُ سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ سَدِير بْن حُكَيْم، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ عَقِيصَ(3)، عَن الْحَسَن بْن عليًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: (مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ وَيَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلاَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُصَلّي خَلْفَهُ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يُخْفِي ولاَدَتَهُ وَيُغَيَّبُ شَخْصَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لأحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ ذَلِكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أخِي ).
ص: 301
الْحُسَيْن ابْن سَيَّدَةِ الإمَاءِ، يُطِيلُ اللهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابًّ ذو أرْبَعِينَ سَنَةً، ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أنَّ اللهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(1).
4 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ عليًّ وَأحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْعَلَويَّ عَن الْعَمْرَكِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَنْ يَحْيَى بْن مَيْسَرَةَ الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (((حم) * عسق)) عِدَادُ(2) سِنِي الْقَائِم، وَ((ق)) جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زُمُرُّدٍ أخْضَرَ فَخُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَل، وَعِلْمُ كُلّ شَيْءٍ فِي ((عسق)))(3).
5 _ قرب الإسناد: ابْنُ سَعْدٍ، عَن الأزْدِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَأبُو بَصِيرٍ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزيز مَعَنَا فَقُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أنْتَ صَاحِبُنَا؟ فَقَالَ: (إِنّي لَصَاحِبكُمْ!؟)، ثُمَّ أخَذَ جِلْدَةَ عَضُدِهِ فَمَدَّهَا فَقَالَ: (أنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَصَاحِبُكُمْ شَابٌّ حَدَثٌ)(4).
إيضاح: قوله: (إنّي لصاحبكم) استفهام إنكاري ويحتمل أن يكون المعنى: إنّي إمامكم لكن لست بالقائم الذي أردتم.
6 _ الاحتجاج: عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبٍ الْجُهَنِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ، عَنْ أبِيهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: (يَبْعَثُ اللهُ رَجُلاً فِي آخِر الزَّمَان، وَكَلَبٍ مِنَ الدَّهْر وَجَهْلٍ مِنَ النَّاس يُؤَيَّدُهُ اللهُ بِمَلاَئِكَتِهِ وَيَعْصِمُ أنْصَارَهُ وَيَنْصُرُهُ بِآيَاتِهِ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الأرْض، حَتَّى يَدِينُوا طَوْعاً أوْ كَرْهاً 2.
ص: 302
يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً وَبُرْهَاناً يَدِينُ لَهُ عَرْضُ الْبِلاَدِ وَطُولُهَا، لاَ يَبْقَى كَافِرٌ إِلاَّ آمَنَ، وَلاَ طَالِحٌ إِلاَّ صَلَحَ، وَتَصْطَلِحُ فِي مُلْكِهِ السَّبَاعُ، وَتُخْرجُ الأرْضُ نَبْتَهَا، وَتُنْزلُ السَّمَاءُ بَرَكَتَهَا، وَتَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ يَمْلِكُ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن أرْبَعِينَ عَاماً، فَطُوبَى لِمَنْ أدْرَكَ أيَّامَهُ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ)(1).
بيان: الأخبار المختلفة الواردة في أيام ملكه عليه السلام بعضها محمول على جميع مدّة ملكه وبعضها على زمان استقرار دولته، وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة والله يعلم.
7 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عِيسَى، عَنْ أحْمَدَ بْن سُلَيْمَانَ الدَّهَاويَّ(2)، عَنْ مُعَاويَةَ بْن هِشَام، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ ابْن الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أبِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الْمَهْدِيُّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ)، وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: (يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ)(3).
8 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، (عَن ابْن هَمَّام)(4)، عَنْ جَعْفَر بْن ه.
ص: 303
مَالِكٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَارثِ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ قَالَ: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(1))(2).
9 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريَّ وَأحْمَدَ بْن إِدْريسَ جَمِيعاً، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِرٍ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسَاورٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِيَّاكُمْ وَالتَّنْويهَ أمَا وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ إِمَامُكُمْ سِنِيناً مِنْ دَهْركُمْ وَلَيُمَحَّصُ(3) حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ أوْ هَلَكَ، بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَلَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ الْمُؤْمِنينَ وَلَتُكْفَؤُنَّ كَمَا تُكْفَاُ السُّفُنُ فِي أمْوَاج الْبَحْر، فَلاَ يَنْجُو إِلاَّ مَنْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ، وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الإيمَانَ، وَأيَّدَهُ بِرُوح مِنْهُ، وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً، لاَ يُدْرَى أيٌّ مِنْ أي).
قَالَ: فَبَكَيْتُ، فَقَالَ (لِي): (مَا يُبْكِيكَ يَا بَا عَبْدِ اللهِ؟)، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ لاَ أبْكِي وَأنْتَ تَقُولُ: (تُرْفَعُ(4) اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لاَ يُدْرَى أيٌّ مِنْ أيًّ) فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: (يَا بَا ر.
ص: 304
عَبْدِ اللهِ تَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (وَاللهِ لأمْرُنَا أبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْس)(1).
الغيبة للطوسي: أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة، عن ابن شاذان، عن ابن أبي نجران، مثله(2).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك والحميري معاً، عن ابن أبي الخطاب ومحمّد بن عيسى وعبد الله بن عامر جميعاً، عن ابن أبي نجران، مثله(3).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبد الكريم، عن ابن أبي نجران، مثله(4).
بيان: اللتنويه: التشهير أي لا تشهروا أنفسكم، أو لا تدعوا الناس إلى دينكم أو لا تشهروا ما نقول لكم من أمر القائم عليه السلام وغيره ممّا يلزم إخفاؤه عن المخالفين.
و(ليمحص) على بناء التفعيل المجهول من التمحيص، بمعنى الابتلاء والاختبار ونسبته إليه عليه السلام على المجاز، أو على بناء المجرد المعلوم، من محص الظبي(5) _ كمنع _ إذا عدا، ومحص مني: أي هرب، وفي بعض نسخ الكافي على بناء المجهول المخاطب، من التفعيل مؤكّداً بالنون، وهو أظهر، وقد مرَّ في النعماني: (وليخملن).ف.
ص: 305
ولعلَّ المراد بأخذ الميثاق قبوله يوم أخذ الله ميثاق نبيه وأهل بيته، مع ميثاق ربوبيته، كما مرَّ في الأخبار، و(كتب في قلبه الإيمان) إشارة إلى قوله تعالى: ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِْيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ))(1) والروح هو روح الإيمان كما مرَّ.
((مشتبهة) أي على الخلق أو متشابهة يشبه بعضها بعضاً ظاهراً، و(لا يدرى) على بناء المجهول، و(أيٌّ) مرفوع به، أي لا يدرى أيّ منها حقّ متميّزاً من أيّ منها هو باطل. فهو تفسير للاشتباه، وقيل: (أي) مبتدأ و(من أيّ) خبره أي كلّ راية منها لا يعرف كونه من أيّ جهة؟ من جهة الحقّ؟ أو من جهة الباطل؟ وقيل: لا يدرى أيّ رجل من أيّ راية، لتبدو النظام منهم، والأوّل أظهر).
10 _ كمال الدين: السَّنَانِيُّ(2)، عَن الأسَدِيَّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مُوسَى عليهم السلام: إِنّي لأرْجُو أنْ تَكُونَ الْقَائِمَ مِنْ أهْل بَيْتِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَقَالَ عليه السلام: (يَا أبَا الْقَاسِم مَا مِنَّا إِل(3) قَائِمٌ بِأمْر اللهِ عزّ وجل وَهَادٍ إِلَى دِينِهِ، وَلَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهَّرُ اللهُ بِهِ الأرْضَ مِنْ أهْل الْكُفْر وَالْجُحُودِ، وَيَمْلاَهَا عَدْلاً وَقِسْطاً هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولاَدَتُهُ وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ، وَهُوَ سَمِيُّ رَسُول اللهِ وَكَنِيُّهُ،).
ص: 306
وَهُوَ الَّذِي تُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَيَذِلُّ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ(1) أصْحَابُهُ عِدَّةَ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أقَاصِي الأرْض، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(2).
فَإذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أهْل الإخْلاَص أظْهَرَ أمْرَهُ، فَإذَا اُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ بِإذْن اللهِ عزّ وجل فَلاَ يَزَالُ يَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَتَّى يَرْضَى اللهُ عزّ وجل).
قَالَ عَبْدُ الْعَظِيم: فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيَّدِي وَكَيْفَ يَعْلَمُ أنَّ اللهَ قَدْ رَضِيَ؟
قَالَ: (يُلْقِي فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ، فَإذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ أخْرَجَ اللاَّتَ وَالْعُزَّى فَأحْرَقَهُمَا)(3).
الاحتجاج: عن عبد العظيم، مثله(4).
بيان: يعني باللات والعزى صنمي قريش أبا بكر وعمر.
11 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ تَفْسِير جَابِرٍ فَقَالَ: (لاَ تُحَدَّثْ بِهِ السَّفِلَةَ فَيُذِيعُونَهُ أمَا تَقْرَاُ كِتَابَ اللهِ: ((فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ))(5) إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً فَإذَا أرَادَ اللهُ إِظْهَارَ أمْرهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً فَظَهَرَ فَقَامَ بِأمْر اللهِ)(6).6.
ص: 307
رجال الكشي: آدم بن محمّد البلخي، عن عليّ بن الحسن بن هارون الدقّاق، عن عليّ بن أحمد، عن أحمد بن عليّ بن سليمان، عن ابن فضال، عن عليّ بن حسان، عن المفضّل مثله(1).
بيان: ذكر الآية لبيان أنَّ في زمانه عليه السلام يمكن إظهار تلك الأمور أو استشهاد بأنَّ من تفاسيرنا ما لا يحتمله عامّة الخلق مثل تفسير تلك الآية.
12 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أسَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُعَمَّرٍ الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن فُضَيْلٍ، عَن الْكَلْبِيَّ، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(2)، قَالَ: (هَذِهِ نَزَلَتْ فِينَا وَفِي بَنِي اُمَيَّةَ تَكُونُ لَنَا دَوْلَةٌ تَذِلُّ أعْنَاقُهُمْ لَنَا بَعْدَ صُعُوبَةٍ وَهَوَانٍ بَعْدَ عِزّ)(3).
13 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ ...)) الآيَةَ، قَالَ: (نَزَلَتْ فِي قَائِم آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يُنَادَى بِاسْمِهِ مِنَ السَّمَاءِ)(4).
14 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أبِي ق.
ص: 308
عُثْمَانَ، عَنْ مُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: انْتَظِرُوا الْفَرَجَ فِي ثَلاَثٍ، قِيلَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: اخْتِلاَفُ أهْل الشَّام بَيْنَهُمْ، وَالرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ خُرَاسَانَ، وَالْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا الْفَزْعَةُ فِي شَهْر رَمَضَانَ؟ قَالَ: أمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل فِي الْقُرْآن: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(1) قَالَ: إِنَّهُ يُخْرجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرهَا وَيَسْتَيْقِظُ النَّائِمَ وَيُفْزعُ الْيَقْظَانَ)(2).
15 _ الغيبة للطوسي: الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْمُثَنَّى الْحَنَّاطِ، عَن الْحَسَن بْن زيَادٍ الصَّيْقَل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ لاَ يَقُومُ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ تَسْمَعُ الْفَتَاةُ فِي خِدْرهَا، وَيَسْمَعُ أهْلُ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3))(4).
16 _ كمال الدين: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الأنْصَاريَّ، عَن الْهَرَويَّ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: مَا عَلاَمَةُ الْقَائِم عليه السلام مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ؟ قَالَ: (عَلاَمَتُهُ أنْ يَكُونَ شَيْخَ السَّنَّ شَابَّ الْمَنْظَر، حَتَّى إِنَّ النَّاظِرَ إِلَيْهِ لَيَحْسَبُهُ ابْنَ أرْبَعِينَ سَنَةً أوْ دُونَهَا وَإِنَّ مِنْ عَلاَمَتِهِ(5) أنْ لاَ يَهْرَمَ بِمُرُور الأيَّام وَاللَّيَالِي عَلَيْهِ حَتَّى يَأتِيَ أجَلُهُ)(6).2.
ص: 309
17 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازيَّ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَخْرُجُ الْقَائِمُ عليه السلام يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ الْيَوْمَ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام)(1).
18 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يُبَايِعُ الْقَائِمَ عليه السلام جَبْرَئِيلُ عليه السلام يَنْزلُ فِي صُورَةِ طَيْرٍ أبْيَضَ فَيُبَايِعُهُ ثُمَّ يَضَعُ رجْلاً عَلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَام، وَرجْلاً عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِس ثُمَّ يُنَادِي بِصَوْتٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ تَسْمَعُهُ الْخَلاَئِقُ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(2))(3).
تفسير العياشي: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله، وفي رواية أخرى عن أبي جعفر عليه السلام، نحوه(4).
19 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (سَيَأتِي فِي مَسْجِدِكُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً _ يَعْنِي مَسْجِدَ مَكَّةَ _ يَعْلَمُ أهْلُ مَكَّةَ أنَّهُ لَمْ يَلِدُ(هُمْ)(5) آبَاؤُهُمْ وَلاَ أجْدَادُهُمْ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ، مَكْتُوبٌ عَلَى كُلَّ سَيْفٍ كَلِمَةٌ تَفْتَحُ ألْفَ كَلِمَةٍ، فَيَبْعَثُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ريحاً فَتُنَادِي بِكُلّ وَادٍ: هَذَا الْمَهْدِيُّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام لاَ يُريدُ عَلَيْهِ بَيَّنَةً)(6).9.
ص: 310
20 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(1) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا ألْفُ كَلِمَةٍ كُلُّ كَلِمَةٍ مِفْتَاحُ ألْفِ كَلِمَةٍ)(2).
21 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الْمُفْتَقَدِينَ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم عليه السلام، قَوْلُهُ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3) إِنَّهُمْ لَمُفْتَقَدُونَ(4) عَنْ فُرُشِهِمْ لَيْلاً فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ وَبَعْضُهُمْ يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَارا(5) يُعْرَفُ اسْمُهُ(6) وَاسْمُ أبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ)، قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّهُمْ أعْظَمُ إِيمَاناً؟ قَالَ: (الَّذِي يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً)(7).
22 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْن طَرْخَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيَّ بْن عُمَرَ بْن عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ وَلِيَّ اللهِ يُعَمَّرُ عُمُرَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيل عِشْرينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، وَيَظْهَرُ فِي صُورَةِ فَتًى مُوَفَّقٍ ابْن ثَلاَثِينَ سَنَةً)(8).7.
ص: 311
الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرهِ: (حَتَّى تَرْجِعَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاس، يَمْلاَ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(1).
بيان: لعلَّ المراد عمره في ملكه وسلطنته أو هو ممّا بدا لله فيه.
23 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الْعَاقُولِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (لَوْ خَرَجَ الْقَائِمُ لَقَدْ أنْكَرَهُ النَّاسُ، يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابّاً مُوَفَّقاً فَلاَ يَلْبَثُ عَلَيْهِ إِلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرَّ الأوَّل)(2).
24 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(3) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام مِثْلَهُ(4).
قَالَ: وَفِي غَيْر هَذِهِ الرَّوَايَةِ أنَّهُ عليه السلام قَالَ: (وَإِنَّ مِنْ أعْظَم الْبَلِيَّةِ أنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ شَابّاً وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ شَيْخاً كَبِيراً).
بيان: لعلَّ المراد بالموفّق المتوافق الأعضاء المعتدل الخلق(5)، أو هو كناية عن التوسّط في الشاب بل انتهاؤه أي ليس في بدء الشباب فإنَّ في مثل هذا السن يوفّق الإنسان لتحصيل الكمال.ها
ص: 312
25 _ الغيبة للطوسي: الْغَضَائِريُّ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن الصَّبَّاح، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخاً يَذْكُرُهُ عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُور فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ: يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أبِي طَالِبٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: يَرْويهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَ(1) اُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ: لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنَ السَّمَاءِ، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ قَطُّ، فَقَالَ: يَا سَيْفُ(2) إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ(3) أمَا إِنَّهُ أحَدُ بَنِي عَمَّنَا، قُلْتُ: أيُّ بَنِي عَمَّكُمْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَعليها السلام.
ثُمَّ قَالَ: يَا سَيْفُ لَوْ لاَ أنّي سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ يُحَدَّثُنِي بِهِ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ أهْلُ الدُّنْيَا مَا قَبِلْتُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ(4).
الإرشاد: علي بن بلال، عن محمّد بن جعفر المؤدّب، عن أحمد بن إدريس، مثله(5).
26 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل:0.
ص: 313
((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(1)، قَالَ: (((الْخَيْراتِ)) الْوَلاَيَةُ، وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً)) يَعْنِي أصْحَابَ الْقَائِم الثَّلاَثَمِائَةٍ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً)، قَالَ: (وَهُمْ وَاللهِ الاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ)(2)، قَالَ: (يَجْتَمِعُونَ وَاللهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ)(3).
27 _ الغيبة للطوسي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن ابْن شَاذَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام كَانَ يَقُولُ: (خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ مِنَ الْمَحْتُوم، وَالنّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَطُلُوعُ الشَّمْس مِنَ الْمَغْربِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَأشْيَاءُ كَانَ يَقُولُهَا مِنَ الْمَحْتُوم).
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (وَاخْتِلاَفُ بَنِي فُلاَنٍ مِنَ الْمَحْتُوم، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم).
قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار يَسْمَعُهُ كُلُّ قَوْمٍ بِألْسِنَتِهِمْ: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِر النَّهَار مِنَ الأرْض: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ(4) فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(5).
الإرشاد: ابن شاذان، مثله(6).خ.
ص: 314
28 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ الزَّيْتُونيَّ وَ(1) الْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ اخْتَصَرْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ أنَّهُ قَالَ: (لاَ بُدَّ مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ صَيْلَم يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ وَوَلِيجَةٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي يَبْكِي عَلَيْهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَأهْلُ الأرْض، وَكَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ مُتَأسَّفٍ حَرَّانُ حَزينٌ، عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ الْمَعِين، كَأنّي بِهِمْ أسَرَّ مَا يَكُونُونَ، وَقَدْ نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، يَكُونُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرينَ)، فَقُلْتُ: وَأيُّ نِدَاءٍ هُوَ؟ قَالَ: يُنَادَوْنَ فِي رَجَبٍ ثَلاَثَةَ أصْوَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ صَوْتاً مِنْهَا: ألا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْقَوْم الظَّالِمِينَ(2)، وَالصَّوْتَ الثَّانِيَ: ((أَزِفَتِ الآْزِفَةُ))(3) يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالصَّوْتَ الثَّالِثَ يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً نَحْوَ عَيْن الشَّمْس: هَذَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ قَدْ كَرَّ فِي هَلاَكِ الظَّالِمِينَ)، وَفِي روَايَةِ الْحِمْيَريَّ: (وَالصَّوْتُ(4) بَدَنٌ يُرَى فِي قَرْن الشَّمْس يَقُولُ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ فُلاَناً فَاسْمَعُوا لَهُ وَأطِيعُوا، وَقَالاَ جَمِيعاً: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأتِي النَّاسَ الْفَرَجُ، وَتَوَدُّ النَّاسُ لَوْ كَانُوا أحْيَاءً وَيَشْفِي اللهُ صُدُورَ قَوْم مُؤْمِنينَ)(5).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن أحمد بن مابنداد(6) والحميري معاً، عن أحمد بن هلال، مثله(7).8.
ص: 315
29 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يُنَادَى بِاسْمِهِ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ وَيَقُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهم السلام)(1).
30 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حَيَّ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَأنّي بِالْقَائِم يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ السَّبْتِ قَائِماً بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام يُنَادِي: الْبَيْعَةَ للهِ، فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(2).
31 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ(3)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (خُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم)، قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ النّدَاءُ؟ قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عليًّ وَشِيعَتِهِ، ثُمَّ يُنَادِي إِبْلِيسُ فِي آخِر النَّهَار: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ وَشِيعَتِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ)(4).
32 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم فَيَسْمَعُ مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ إِلَى الْمَغْربِ، فَلاَ يَبْقَى رَاقِدٌ إِلاَّ قَامَ، وَلاَ قَائِمٌ إِلاَّ قَعَدَ، وَلاَ قَاعِدٌ إِلاَّ قَامَ عَلَى رجْلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ، وَهُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوح الأمِين(5).2.
ص: 316
33 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ(1)، عَن الأعْمَش، عَنْ أبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَذَكَرَ الْمَهْدِيَّ فَقَالَ: (إِنَّهُ يُبَايَعُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، اسْمُهُ أحْمَدُ وَعَبْدُ اللهِ وَالْمَهْدِيُّ فَهَذِهِ أسْمَاؤُهُ ثَلاَثَتُهَا)(2).
34 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ الْقَائِمَ يَمْلِكُ ثَلاَثَمِائَةٍ وَتِسْعَ سِنِينَ كَمَا لَبِثَ أهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، وَيَفْتَحُ اللهُ لَهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، وَيُقْتَلُ النَّاسُ حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ دِيْنُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ...) تَمَامَ الْخَبَر(3).
35 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَمْ يَمْلِكُ الْقَائِمُ؟ قَالَ: (سَبْعَ سِنِينَ يَكُونُ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ)(4).
36 _ الإرشاد: ابْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ إِلاَّ فِي وَتْرٍ مِنَ السَّنِينَ سَنَةِ إِحْدَى أوْ ثَلاَثٍ أوْ خَمْسٍ أوْ سَبْع أوْ تِسْع)(5).9.
ص: 317
37 _ تفسير العياشي: عَنْ أبِي سُمَيْنَةَ، عَنْ مَوْلًى لأبِي الْحَسَن، قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(1)، قَالَ: (وَذَلِكَ وَاللهِ أنْ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا يَجْمَعُ اللهُ إِلَيْهِ شِيعَتَنَا مِنْ جَمِيع الْبُلْدَان)(2).
38 _ الغيبة للنعماني: عَن الْوَاحِدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو وَمُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ حَمَّادِ بْن عَبْدِ الْكَريم الْجَلاَّبِ، قَالَ: ذُكِرَ الْقَائِمُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: (أمَا إِنَّهُ لَوْ قَدْ قَامَ لَقَالَ النَّاسُ أنَّى يَكُونُ هَذَا وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ مُذْ كَذَا وَكَذَا)(3).
39 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن (مُحَمَّدِ بْن)(4) سَمَاعَةَ، عَن الْحَارثِ الأنْمَاطِيَّ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ))(5))(6).
(ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن نَضْرٍ(7)، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ:).
ص: 318
(إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةً يَقُولُ فِيهَا: ((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ))(1))(2).
الغيبة للنعماني: عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن رباح، عن أحمد بن عليّ الحميري، عن الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم الخثعمي، عن أحمد بن الحارث، عن المفضل، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام، مثله(3).
40 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ عَمْرو بْن عُثْمَانَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَسَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ هَمْدَانَ يَقُولُ (لَهُ)(4): إِنَّ هَؤُلاَءِ الْعَامَّةَ يُعَيَّرُونَّا وَيَقُولُونَ لَنَا: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ مُنَادِياً يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم صَاحِبِ هَذَا الأمْر، وَكَانَ مُتَّكِئاً فَغَضِبَ وَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ: (لاَ تَرْوُوهُ عَنّي وَارْوُوهُ عَنْ أبِي وَلاَ حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ، أشْهَدُ أنّي سَمِعْتُ أبِي عليه السلام يَقُولُ: وَاللهِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل لَبَيَّنٌ حَيْثُ يَقُولُ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(5).
فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض يَوْمَئِذٍ أحَدٌ إِلاَّ خَضَعَ وَذَلَّتْ رَقَبَتُهُ لَهَا فَيُؤْمِنُ أهْلُ الأرْض إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَشِيعَتِهِ، فَإذَا كَانَ الْغَدُ صَعِدَ إِبْلِيسُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى يَتَوَارَى 4.
ص: 319
عَنْ أهْل الأرْض ثُمَّ يُنَادِي: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ وَشِيعَتِهِ فَإنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً فَاطْلُبُوا بِدَمِهِ).
قَالَ: (فَيُثَبَّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْل الثَّابِتِ عَلَى الْحَقَّ وَهُوَ النّدَاءُ الأوَّلُ، وَيَرْتَابُ يَوْمَئِذٍ الَّذِينَ فِي قُلُوبهِمْ مَرَضٌ، وَالْمَرَضُ وَاللهِ عَدَاوَتُنَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَبَرَّءُونَ مِنَّا وَيَتَنَاوَلُونَّا فَيَقُولُونَ: إِنَّ الْمُنَادِيَ الأوَّلَ سِحْرٌ مِنْ سِحْر أهْل هَذَا الْبَيْتِ)، ثُمَّ تَلاَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: (((وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ))(1))(2).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضّل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسين (ومحمّد بن أحمد القطواني)(3) جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، مثله(4).
الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن حَازم، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن بَشِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام وَقَدْ سَألَهُ عُمَارَةُ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: أصْلَحَكَ اللهُ إِنَّ نَاساً يُعَيَّرُونَّا وَيَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أنَّهُ (سَيَكُونُ) صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ... وَذَكَرَ نَحْوَهُ(5).
41 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ الْحَلَبِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُوسَى، عَنْ فُضَيْل بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ 0.
ص: 320
أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (أمَا (إِنَّ)(1) النّدَاءَ الأوَّلَ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم فِي كِتَابِ اللهِ لَبَيَّنٌ)، فَقُلْتُ: أيْنَ هُوَ أصْلَحَكَ اللهُ؟ فَقَالَ: (فِي ((طسم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ))(2)، قَوْلُهُ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3))، قَالَ: (إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ أصْبَحُوا وَكَأنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ)(4).
بيان: قال الجزري في صفة الصحابة: كأنَّما على رؤسهم الطير، وصفهم بالسكون والوقار وأنَّهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة لأنَّ الطير لا تكاد تقع إلاَّ على شيء ساكن(5)، انتهى.
أقول: لعلَّ المراد هنا دهشتهم وتحيّرهم.
42 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن (ابْن)(6) الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ (وَوُهَيْبٍ)(7)، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا صَعِدَ الْعَبَّاسِيُّ أعْوَادَ مِنْبَر مَرْوَانَ اُدْرجَ مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاس).
وَقَالَ عليه السلام: ((قَالَ لِي أبِي:)(8) _ يَعْنِي الْبَاقِرَ عليه السلام _ لاَ بُدَّ لِنَارٍ مِنْ آذَرْبيجَانَ لاَ يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أحْلاَسَ بُيُوتِكُمْ ر.
ص: 321
(وَألْبِدُوا مَا ألْبَدْنَا)(1) وَالنّدَاءُ (وَخَسْفٌ) بِالْبَيْدَاءِ(2) فَإذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرَّكٌ(3) فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً، وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ)، وَقَالَ: (وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرًّ قَدِ اقْتَرَبَ)(4).
43 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ ابْنَي الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ هَارُونَ بْن مُسْلِم، عَنْ عُبَيْدِ بْن زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يُنَادَى بِاسْم الْقَائِم عليه السلام فَيُؤْتَى وَهُوَ خَلْفَ الْمَقَام، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ نُودِيَ بِاسْمِكَ فَمَا تَنْتَظِرُ؟ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِيَدِهِ فَيُبَايَعُ).
(قَالَ:)(5) وَقَالَ لِي زُرَارَةُ: الْحَمْدُ للهِ قَدْ كُنَّا نَسْمَعُ أنَّ الْقَائِمَ عليه السلام يُبَايَعُ مُسْتَكْرهاً فَلَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ وَجْهَ اسْتِكْرَاهِهِ، فَعَلِمْنَا أنَّهُ اسْتِكْرَاهٌ لاَ إِثْمَ فِيهِ(6).
44 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْن مُسْلِم، عَنْ (أبِي)(7) خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مِنَ الْمَحْتُوم (الَّذِي)(8) لاَ بُدَّ أنْ يَكُونَ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم خُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَالْمُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ)(9).5.
ص: 322
45 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن الْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ نَاجِيَةَ الْعَطَّار(1) أنَّهُ سَمِعَ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْمُنَادِيَ يُنَادِي: أنَّ الْمَهْدِيَّ(2) فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ، فَيُنَادِي الشَّيْطَانُ: إِنَّ فُلاَناً وَشِيعَتَهُ عَلَى الْحَقَّ، يَعْنِي رَجُلاً مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ)(3).
46 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أنَّ فُلاَناً هُوَ الأمِيرُ، وَيُنَادِي مُنَادٍ أنَّ عَلِيّاً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ).
قُلْتُ: فَمَنْ يُقَاتِلُ الْمَهْدِيَّ بَعْدَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يُنَادِي أنَّ فُلاَناً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ).
قُلْتُ: فَمَنْ يَعْرفُ الصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ؟ قَالَ: (يَعْرفُهُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْوُونَ(4) وَيَقُولُونَ إِنَّهُ يَكُونُ قَبْلَ أنْ يَكُونَ وَيَعْلَمُونَ أنَّهُمْ هُمُ الْمُحِقُّونَ الصَّادِقُونَ)(5).
47 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، (عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ)(6)، عَن الْمُثَنَّى(7)، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ ل.
ص: 323
عليه السلام: عَجِبْتُ أصْلَحَكَ اللهُ وَإِنّي لأعْجَبُ مِنَ الْقَائِم كَيْفَ يُقَاتَلُ مَعَ مَا يَرَوْنَ مِنَ الْعَجَائِبِ: مِنْ خَسْفِ الْبَيْدَاءِ بِالْجَيْش، وَمِنَ النّدَاءِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ السَّمَاءِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَدَعُهُمْ حَتَّى يُنَادِيَ كَمَا نَادَى بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ الْعَقَبَةِ)(1).
48 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْجَريريَّ أخَا إِسْحَاقَ يَقُولُ لَنَا: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: هُمَا نِدَاءَان فَأيُّهُمَا الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ؟ فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (قُولُوا لَهُ: إِنَّ الَّذِي أخْبَرَنَا بِذَلِكَ وَأنْتَ تُنْكِرُ أنَّ هَذَا يَكُونُ هُوَ الصَّادِقُ)(2).
49 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، (عَنْ هِشَام بْن سَالِم)(3)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (هُمَا صَيْحَتَان صَيْحَةٌ فِي أوَّل اللَّيْل وَصَيْحَةٌ فِي آخِر اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ)، قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (وَاحِدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ)، فَقُلْتُ: كَيْفَ تُعْرَفُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: (يَعْرفُهَا مَنْ كَانَ سَمِعَ بِهَا قَبْلَ أنْ تَكُونَ)(4).
50 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَسْلَمَةَ، قَالَ: 1.
ص: 324
قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ النَّاسَ يُوَبَّخُونَّا وَيَقُولُونَ: مِنْ أيْنَ يُعْرَفُ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِل إِذَا كَانَتَا؟
فَقَالَ: (مَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟)، قُلْتُ: فَمَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً، قَالَ: فَقَالَ: (قُولُوا لَهُمْ: يُصَدَّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ مُؤْمِناً بِهَا قَبْلَ أنْ تَكُونَ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(1))(2).
51 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْع وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ وَمُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ بْن خَالِدٍ الْخَزَّاز، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّهُ يُنَادِي بِاسْم صَاحِبِ هَذَا الأمْر مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ(4): الأمْرُ لِفُلاَن بْن فُلاَنٍ فَفِيمَ الْقِتَالُ؟)(5).
52 _ الغيبة للنعماني: أبُو سُلَيْمَانَ(6) أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ فِي شَهْر رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْع وَعِشْرينَ وَمِائَتَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ هَذَا الأمْرُ الَّذِي ر.
ص: 325
تَمُدُّونَ أعْيُنَكُمْ إِلَيْهِ(1) حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: ألاَ إِنَّ فُلاَناً صَاحِبُ الأمْر فَعَلاَمَ الْقِتَالُ؟)(2).
53 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (يَشْمَلُ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ حَتَّى يَلْجَأ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَرَم فَيُنَادِي مُنَادٍ صَادِقٌ مِنْ شِدَّةِ الْقِتَال: فِيمَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ؟ صَاحِبُكُمْ فُلاَنٌ)(4).
54 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَن الأشْعَريَّ(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أهْبَطَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَكاً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَصَبَ لِمُحَمَّدٍ وَعليًّ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهم السلام مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عِنْدَ الْبَيْتِ الْمَعْمُور فَيَصْعَدُونَ عَلَيْهَا وَيَجْمَعُ لَهُمُ الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيَّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَيَفْتَحُ أبْوَابَ السَّمَاءِ، فَإذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَا رَبَّ مِيعَادَكَ الَّذِي وَعَدْتَ فِي كِتَابِكَ وَهُوَ هَذِهِ الآيَةُ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا ي.
ص: 326
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...))(1) الآيَةَ، وَيَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَخِرُّ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سُجَّداً ثُمَّ يَقُولُونَ: يَا رَبَّ اغْضَبْ فَإنَّهُ قَدْ هُتِكَ حَريمُكَ، وَقُتِلَ أصْفِيَاؤُكَ وَاُذِلَّ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، فَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ وَذَلِكَ وَقْتٌ مَعْلُومٌ)(2).
55 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُنَادَى بِاسْم الْقَائِم: يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ)(3).
56 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَقُومُ الْقَائِمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ)(4).
57 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَا جَابِرُ لاَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَشْمَلَ الشَّامَ(5) فِتْنَةٌ يَطْلُبُونَ الْمَخْرَجَ مِنْهَا فَلاَ يَجِدُونَهُ وَيَكُونُ قَتْلٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ قَتْلاَهُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ)(6).
بيان: (على سواء) أي في وسط الطريق.5.
ص: 327
58 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (تَوَقَّعُوا الصَّوْتَ يَأتِيكُمْ بَغْتَةً مِنْ قِبَل دِمَشْقَ فِيهِ لَكُمْ فَرَجٌ عَظِيمٌ)(1).
59 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ، عَنْ أبِيهِ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ(2)، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ الْحَلَبِيَّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مُلْكُ(3) الْقَائِم تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُرٌ)(4).
60 _ الغيبة للنعماني: أبُو سُلَيْمَانَ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مُلْكُ الْقَائِم مِنَّا تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُرٌ)(5).
61 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن(6)، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام ).
ص: 328
يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ(1) وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ لَهُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى يَوْم مَوْتِهِ)(2).
بيان: إشارة إلى ملك الحسين عليه السلام أو غيره من الأئمّة في الرجعة.
62 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ(3)، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ بْن سَعِيدٍ(4)، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ عليه السلام يَمْلِكُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأشْهُراً)(5).
63 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام: لأيَّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْن الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرهِ؟ قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ الْحَجَرَ الأسْوَدَ وَهِيَ جَوْهَرَةٌ اُخْرجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ فَوُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الرُّكْن لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ، وَذَلِكَ أنَّهُ لَمَّا أخَذَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورهِمْ ذُرَّيَّتَهُمْ حِينَ أخَذَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذَلِكَ الْمَكَان، وَفِي ذَلِكَ الْمَكَان تَرَاءَى 4.
ص: 329
لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَكَان يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام فَأوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّيْرُ، وَهُوَ وَاللهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَإِلَى ذَلِكَ الْمَكَان يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ، وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِم...) تَمَامَ الْخَبَر(1).
64 _ الكافي: أبُو عليًّ الأشْعَريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الْحَجَّال جَمِيعاً، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَسْلَمَةَ الْجَريريَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يُوَبَّخُونَّا وَيُكَذَّبُونَّا أنَّا نَقُولُ: إِنَّ صَيْحَتَيْن تَكُونَان، يَقُولُونَ: مِنْ أيْنَ تُعْرَفُ الْمُحِقَّةُ مِنَ الْمُبْطِلَةِ إِذَا كَانَتَا؟
قَالَ: (فَمَا ذَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟)، قُلْتُ: مَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً، قَالَ: (قُولُوا: يُصَدَّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا مِنْ قَبْلُ، إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(2))(3).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عن ثعلبه، مثله(4).
الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمّد، عن ابن فضال والحجال، عن داود بن فرقد، مثله(5).).
ص: 330
65 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ وَغَيْرهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن الصَّبَّاح، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخاً يَذْكُرُ عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي الدَّوَانِيقِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ: يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أبِي طَالِبٍ، (قُلْتُ: يَرْويهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَتْ اُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ: لاَ بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْم رَجُلٍ)(1) قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ قَطُّ، فَقَالَ لِي: يَا سَيْفُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ أمَا إِنَّهُ أحَدُ بَنِي عَمَّنَا، قُلْتُ: أيُّ بَني عَمَّكُمْ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا سَيْفُ لَوْ لاَ أنّي سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ عليهما السلام يَقُولُهُ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ أهْلُ الأرْض مَا قَبِلْتُهُ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ(2).
66 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ: (إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاس وَوَهَى سُلْطَانُهُمْ، وَطَمِعَ فِيهِمْ (مَنْ لَمْ يَكُنْ يَطْمَعُ فِيهِمْ)، وَخَلَعَتِ الْعَرَبُ أعِنَّتَهَا، وَرَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ، وَظَهَرَ الشَّامِيُّ، وَأقْبَلَ الْيَمَانِيُّ، وَتَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ، وَخَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم).
فَقُلْتُ: مَا تُرَاثُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (سَيْفُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَدِرْعُهُ، وَعِمَامَتُهُ، وَبُرْدُهُ، وَقَضِيبُهُ، وَرَايَتُهُ، وَلاَمَتُهُ، وَسَرْجُهُ، حَتَّى يَنْزلَ مَكَّةَ، فَيُخْرجُ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ، وَيَلْبَسُ الدَّرْعَ، وَيَنْشُرُ الرَّايَةَ وَالْبُرْدَةَ ة.
ص: 331
وَالْعِمَامَةَ، وَيَتَنَاوَلُ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ، وَيَسْتَأذِنُ اللهَ فِي ظُهُورهِ، فَيَطَّلِعُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ مَوَالِيهِ فَيَأتِي الْحَسَنِيَّ فَيُخْبِرُهُ الْخَبَرَ، فَيَبْتَدِرُ الْحَسَنِيُّ إِلَى الْخُرُوج، فَيَثِبُ عَلَيْهِ أهْلُ مَكَّةَ فَيَقْتُلُونَهُ، وَيَبْعَثُونَ بِرَأسِهِ إِلَى الشَّام.
فَيَظْهَرُ عِنْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر فَيُبَايِعُهُ النَّاسُ وَيَتَّبِعُونَهُ وَيَبْعَثُ الشَّامِيُّ عِنْدَ ذَلِكَ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُهْلِكُهُمُ اللهُ عزّ وجل دُونَهَا، وَيَهْرُبُ يَوْمَئِذٍ مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ وُلْدِ عليًّ عليه السلام إِلَى مَكَّةَ، فَيَلْحَقُونَ بِصَاحِبِ هَذَا الأمْر، وَيُقْبِلُ صَاحِبُ هَذَا الأمْر نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَيَبْعَثُ جَيْشاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَأمَنُ أهْلُهَا وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهَا)(1).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن محمّد بن المفضّل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسين ابن عبد الملك ومحمّد بن أحمد جميعاً، عن ابن محبوب، مثله(2).
67 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ عِيص(3) بْن الْقَاسِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، وَانْظُرُوا لأنْفُسِكُمْ فَوَ اللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ الْغَنَمُ فِيهَا الرَّاعِي، فَإذَا وَجَدَ رَجُلاً هُوَ أعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي هُوَ فِيهَا، يُخْرجُهُ وَيَجِي ءُ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ أعْلَمُ بِغَنَمِهِ مِنَ الَّذِي كَانَ فِيهَا.ف.
ص: 332
وَاللهِ لَوْ كَانَتْ لأحَدِكُمْ نَفْسَان(1) يُقَاتِلُ بِوَاحِدَةٍ يُجَرَّبُ بِهَا، ثُمَّ كَانَتِ الاُخْرَى بَاقِيَةً فَعَمِلَ عَلَى مَا قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا، وَلَكِنْ لَهُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ إِذَا ذَهَبَتْ فَقَدْ وَاللهِ ذَهَبَتِ التَّوْبَةُ، فَأنْتُمْ أحَقُّ أنْ تَخْتَارُوا لأنْفُسِكُمْ إِنْ أتَاكُمْ آتٍ مِنَّا فَانْظُرُوا عَلَى أيَّ شَيْءٍ تَخْرُجُونَ؟ وَلاَ تَقُولُوا خَرَجَ زَيْدٌ، فَإنَّ زَيْداً كَانَ عَالِماً، وَكَانَ صَدُوقاً وَلَمْ يَدْعُكُمْ إِلَى نَفْسِهِ إِنَّمَا دَعَاكُمْ إِلَى الرَّضَى مِنْ آل مُحَمَّدٍ وَلَوْ ظَهَرَ لَوَفَى بِمَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى سُلْطَانٍ مُجْتَمِع لَيَنْقُضَهُ.
فَالْخَارجُ مِنَّا الْيَوْمَ إِلَى أيَّ شَيْءٍ يَدْعُوكُمْ؟ إِلَى الرَّضَى مِنْ آل مُحَمَّدٍ؟
فَنَحْنُ نُشْهِدُكُمْ أنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِهِ، وَهُوَ يَعْصِينَا الْيَوْمَ، وَلَيْسَ مَعَهُ أحَدٌ، وَهُوَ إِذَا كَانَتِ الرَّايَاتُ وَالألْويَةُ أجْدَرُ أنْ لاَ يَسْمَعَ مِنَّا إِلاَّ (مَعَ)(2) مَن اجْتَمَعَتْ بَنُو فَاطِمَةَ مَعَهُ فَوَ اللهِ مَا صَاحِبُكُمْ إِلاَّ مَن اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ رَجَبٌ(3) فَأقْبِلُوا عَلَى اسْم اللهِ عزّ وجل، وَإِنْ أحْبَبْتُمْ أنْ تَتَأخَّرُوا إِلَى شَعْبَانَ فَلاَ ضَيْرَ، وَإِنْ أحْبَبْتُمْ أنْ تَصُومُوا فِي أهَالِيكُمْ فَلَعَلَّ ذَلِكَ أنْ يَكُونَ أقْوَى لَكُمْ، وَكَفَاكُمْ بِالسُّفْيَانِيَّ عَلاَمَةً)(4).
68 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَنْ ربْعِيّ رَفَعَهُ، عَنْ عَلِي بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (وَاللهِ لاَ يَخْرُجُ وَاحِدٌ مِنَّا قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم إِلاَّ كَانَ مَثَلُهُ مَثَلَ فَرْخ طَارَ مِنْ وَكْرهِ، قَبْلَ أنْ يَسْتَويَ جَنَاحَاهُ فَأخَذَهُ الصَّبْيَانُ فَعَبِثُوا بِهِ)(5).2.
ص: 333
69 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ بَكْر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سَدِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَا سَدِيرُ الْزَمْ بَيْتَكَ وَكُنْ حِلْساً مِنْ أحْلاَسِهِ وَاسْكُنْ مَا سَكَنَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، فَإذَا بَلَغَكَ أنَّ السُّفْيَانِيَّ قَدْ خَرَجَ فَارْحَلْ إِلَيْنَا وَلَوْ عَلَى رجْلِكَ)(1).
70 _ الطرائف: رَوَى نِدَاءَ الْمُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَوُجُوبَ طَاعَتِهِ، أحْمَدُ بْنُ الْمُنَادِي في كتاب الملاحم، وأبو نعيم الحافظ في كتاب أخبار المهدي، وابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس، وأبو العلاء الحافظ في كتاب الفتن(2).
71 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَن الطَّيَّار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ))(3)، قَالَ: (خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ)، قَالَ: قُلْتُ: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ، قَالَ: (دَعْ ذَا ذَاكَ قِيَامُ الْقَائِم)(4).).
ص: 334
72 _ كفاية الأثر: أبُو الْمُفَضَّل الشَّيْبَانِيُّ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ سَلَمَةَ بْن الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الطَّيَالِسِيَّ، عَن ابْن أبِي عَمِيرَةَ وَصَالِح بْن عُقْبَةَ جَمِيعاً، عَنْ عَلْقَمَةَ بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عليًّ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَا عَلِيُّ إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا خَرَجَ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عَدَدَ رجَال بَدْرٍ فَإذَا حَانَ(1) وَقْتُ خُرُوجِهِ يَكُونُ لَهُ سَيْفٌ مَغْمُودٌ نَادَاهُ السَّيْفُ: قُمْ يَا وَلِيَّ اللهِ، فَاقْتُلْ أعْدَاءَ اللهِ)(2).
73 _ الاختصاص: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْقِلٍ الْقِرْمِيسِينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَاصِم، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْزُوقٍ، عَنْ عَامِرٍ السَّرَّاج، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْريَّ، عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم، عَنْ طَارقِ بْن شِهَابٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ:
(إِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوج الْقَائِم يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أيُّهَا النَّاسُ قُطِعَ عَنْكُمْ مُدَّةُ الْجَبَّارينَ وَوَلِيَ الأمْرَ خَيْرُ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَالْحَقُوا بِمَكَّةَ، فَيَخْرُجُ النُّجَبَاءُ مِنْ مِصْرَ وَالأبْدَالُ مِنَ الشَّام وَعَصَائِبُ الْعِرَاقِ رُهْبَانٌ بِاللَّيْل، لُيُوثٌ بِالنَّهَار، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام).
قَالَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْن: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: (هُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن كَأنَّهُ مِنْ رجَال شنسوة(3) عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قَطَوَانِيَّتَان اسْمُهُ اسْمِي، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُفَرَّخُ الطُّيُورُ فِي أوْكَارهَا، وَالْحِيتَان فِي بِحَارهَا، وَتُمَدُّ الأنْهَارُ، وَتَفِيضُ الْعُيُونُ، وَتُنْبِتُ الأرْضُ ضِعْفَ اُكُلِهَا، ثُمَّ ).
ص: 335
يُسَيَّرُ مُقَدَّمَتَهُ جَبْرَئِيلُ، وَسَاقَتَهُ(1) إِسْرَافِيلُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(2).
74 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْخَزَّاز، عَنْ عُمَرَ بْن حَنْظَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (خَمْسُ عَلاَمَاتٍ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم: الصَّيْحَةُ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْخَسْفُ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ، وَالْيَمَانِيُّ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنْ خَرَجَ أحَدٌ مِنْ أهْل بَيْتِكَ قَبْلَ هَذِهِ الْعَلاَمَاتِ أخْرُجُ مَعَهُ؟ قَالَ: (لاَ).
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَلَوْتُ هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3)، فَقُلْتُ لَهُ: أهِيَ الصَّيْحَةُ؟ فَقَالَ: (أمَا لَوْ كَانَتْ خَضَعَتْ أعْنَاقُ أعْدَاءِ اللهِ)(4).
75 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْحَلَبِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (اخْتِلاَفُ بَنِي الْعَبَّاس مِنَ الْمَحْتُوم، وَالنّدَاءُ مِنَ الْمَحْتُوم، وَخُرُوجُ الْقَائِم مِنَ الْمَحْتُوم)، قُلْتُ: وَكَيْفَ النّدَاءُ؟
قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أوَّلَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ عَلِيّاً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ)، قَالَ: (وَيُنَادِي مُنَادٍ(5) آخِرَ النَّهَار: ألاَ إِنَّ عُثْمَانَ وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ)(6).4.
ص: 336
أقول: هذا الباب وباب سيره عليه السلام مشتركان في كثير من الأخبار وسيأتي فيه كثير من أخبار هذا الباب وقد مرَّ كثير منها في الباب السابق.
76 _ وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ إِلَى أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ رَفَعَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْقَائِم عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ: كَيْفَ لَنَا أنْ نَعْلَمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (يُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَتَحْتَ رَأسِهِ صَحِيفَةٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ)(1).
77 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ قَالَ: رُويَ أنَّهُ يَكُونُ فِي رَايَةِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام: اسْمَعُوا وَأطِيعُوا.
78 _ وَبِالإسْنَادِ عَن الْفَضْل، عَن ابْن مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا خُسِفَ بِجَيْش السُّفْيَانِيَّ...)، إِلَى أنْ قَالَ: (وَالْقَائِمُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ مُسْتَجِيراً بِهَا يَقُولُ: أنَا وَلِيُّ اللهِ أنَا أوْلَى بِاللهِ وَبمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى النَّاس بِنُوح، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيَّينَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِالنَّبِيَّينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(2).
فَأنَا بَقِيَّةُ آدَمَ، وَخِيَرَةُ نُوح، وَمُصْطَفَى إِبْرَاهِيمَ، وَصَفْوَةُ مُحَمَّدٍ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ، ألاَ وَمَنْ حَاجَّنِي فِي سُنَّةِ رَسُول اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِسُنَّةِ رَسُول اللهِ وَسِيرَتِهِ، وَأنْشُدُ اللهَ مَنْ سَمِعَ كَلاَمِي لَمَّا يَبْلُغُ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.3.
ص: 337
فَيَجْمَعُ اللهُ لَهُ أصْحَابَهُ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَيَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(1) فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَمَعَهُ عَهْدُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ تَوَاتَرَتْ عَلَيْهِ الآبَاءُ فَإنْ أشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَإنَّ الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ لاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ).
79 _ وَبِالإسْنَادِ الْمَذْكُور يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام فِي ذِكْر الْقَائِم عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ قَالَ: (فَيَجْلِسُ تَحْتَ شَجَرَةِ سَمُرَةٍ، فَيَجِيئُهُ جَبْرَئِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ، فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ مَا يُجْلِسُكَ هَاهُنَا؟ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ إِنّي أنْتَظِرُ أنْ يَأتِيَني الْعِشَاءُ فَأخْرُجَ فِي دُبُرهِ إِلَى مَكَّةَ وَأكْرَهُ أنْ أخْرُجَ فِي هَذَا الْحَرَّ)، قَالَ: (فَيَضْحَكُ فَإذَا ضَحِكَ عَرَفَهُ أنَّهُ جَبْرَئِيلُ)، قَالَ: (فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ، وَيُسَلّمُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ لَهُ: قُمْ، وَيَجِيئُهُ بِفَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: الْبُرَاقُ فَيَرْكَبُهُ، ثُمَّ يَأتِي إِلَى جَبَل رَضْوَى، فَيَأتِي مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ فَيَكْتُبَان لَهُ عَهْداً مَنْشُوراً يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّاس ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ وَالنَّاسُ يَجْتَمِعُونَ بِهَا).
قَالَ: (فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنْهُ فَيُنَادِي: أيُّهَا النَّاسُ هَذَا طَلِبَتُكُمْ قَدْ جَاءَكُمْ، يَدْعُوكُمْ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: (فَيَقُومُونَ)، قَالَ: (فَيَقُومُ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَيَقُولُ:
أيُّهَا النَّاسُ أنَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ أنَا ابْنُ نَبِيَّ اللهِ، أدْعُوكُمْ إِلَى مَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ نَبِيُّ اللهِ.
فَيَقُومُونَ إِلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ، فَيَقُومُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَيُنِيفُ عَلَى الثَّلاَثِمِائَةِ 8.
ص: 338
فَيَمْنَعُونَهُ مِنْهُ خَمْسُونَ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ، وَسَائِرُهُمْ مِنْ أفْنَاءِ النَّاس لاَ يَعْرفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً اجْتَمَعُوا عَلَى غَيْر مِيعَادٍ).
80 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الْقَائِمَ يَنْتَظِرُ مِنْ يَوْمِهِ ذِي طُوًى فِي عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً حَتَّى يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر وَيَهُزُّ الرَّايَةَ الْمُغَلَّبَةَ(1))، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ: ذَكَرْتُ ذَلِكَ لأبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام قَالَ: (وَكِتَابٌ مَنْشُورٌ).
81 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ إِلَى أنْ قَالَ: (يَقُولُ الْقَائِمُ عليه السلام لأصْحَابِهِ: يَا قَوْم إِنَّ أهْلَ مَكَّةَ لاَ يُريدُونَنِي، وَلَكِنّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لأحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ.
فَيَدْعُو رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ: امْض إِلَى أهْل مَكَّةَ فَقُلْ: يَا أهْلَ مَكَّةَ أنَا رَسُولُ فُلاَنٍ إِلَيْكُمْ وَهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الرَّسَالَةِ وَالْخِلاَفَةِ وَنَحْنُ ذُرَّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَسُلاَلَةُ النَّبِيَّينَ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاضْطُهِدْنَا، وَقُهِرْنَا وَابْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ فَانْصُرُونَا.
فَإذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلاَم أتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، وَهِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ، فَإذَا بَلَغَ ذَلِكَ الإمَامَ قَالَ لأصْحَابِهِ: ألاَ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ أهْلَ مَكَّةَ لاَ يُريدُونَنَا، فَلاَ يَدْعُونَهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ طُوًى فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ حَتَّى يَأتِيَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَيُصَلّي فِيهِ عِنْدَ مَقَام إِبْرَاهِيمَ أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر الأسْوَدِ، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُصَلّي عَلَيْهِ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَم لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أحَدٌ مِنَ النَّاس.ف.
ص: 339
فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يَضْربُ عَلَى يَدِهِ وَيُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَيَقُومُ مَعَهُمَا رَسُولُ اللهِ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ فَيَدْفَعَان إِلَيْهِ كِتَاباً جَدِيداً هُوَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ بِخَاتَم رَطْبٍ، فَيَقُولُونَ لَهُ: اعْمَلْ بِمَا فِيهِ، وَيُبَايِعُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَقَلِيلٌ: مِنْ أهْل مَكَّةَ.
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَكُونَ فِي مِثْل الْحَلْقَةِ)، قُلْتُ: وَمَا الْحَلْقَةُ؟ قَالَ: (عَشَرَةُ آلاَفِ رَجُلٍ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ يَهُزُّ الرَّايَةَ الْجَلِيَّةَ(1) وَيَنْشُرُهَا وَهِيَ رَايَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّحَابَةُ، وَدِرْعُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّابِغَةُ- وَيَتَقَلَّدُ بِسَيْفِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذِي الْفَقَار).
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: (مَا مِنْ بَلْدَةٍ إِلاَّ يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلاَّ أهْلَ الْبَصْرَةِ، فَإنَّهُ لاَ يَخْرُجُ مَعَهُ مِنْهَا أحَدٌ).
82 _ وَبِالإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى الْفُضَيْل بْن يَسَارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَهُ كَنْزٌ بِالطَّالَقَان مَا هُوَ بِذَهَبٍ، وَلاَ فِضَّةٍ، وَرَايَةٌ لَمْ تُنْشَرْ مُنْذُ طُويَتْ، وَرجَالٌ كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ لاَ يَشُوبُهَا شَكٌّ فِي ذَاتِ اللهِ أشَدُّ مِنَ الْحَجَ،ر لَوْ حَمَلُوا عَلَى الْجِبَال لأزَالُوهَا، لاَ يَقْصِدُونَ بِرَايَاتِهِمْ بَلْدَةً إِلاَّ خَرَّبُوهَا، كَأنَّ عَلَى خُيُولِهِمُ الْعِقْبَانَ يَتَمَسَّحُونَ بِسَرْج الإمَام عليه السلام يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، وَيَحُفُّونَ بِهِ يَقُونَهُ بِأنْفُسِهِمْ فِي الْحُرُوبِ، وَيَكْفُونَهُ مَا يُريدُ فِيهِمْ.
رجَالٌ لاَ يَنَامُونَ اللَّيْلَ، لَهُمْ دَويٌّ فِي صَلاَتِهِمْ كَدَويَّ النَّحْل، يَبيتُونَ قِيَاماً عَلَى أطْرَافِهِمْ، وَيُصْبِحُونَ عَلَى خُيُولِهِمْ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْل لُيُوثٌ بِالنَّهَار، هُمْ أطْوَعُ لَهُ مِنَ الأمَةِ لِسَيَّدِهَا، كَالْمَصَابِيح كَأنَّ قُلُوبَهُمُ الْقَنَادِيلُ، وَهُمْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ مُشْفِقُونَ يَدْعُونَ بِالشَّهَادَةِ، وَيَتَمَنَّوْنَ أنْ يُقْتَلُوا فِي سَبِيل ة.
ص: 340
اللهِ، شِعَارُهُمْ: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْن، إِذَا سَارُوا يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهُمْ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، يَمْشُونَ إِلَى الْمَوْلَى إِرْسَالاً، بِهِمْ يَنْصُرُ اللهُ إِمَامَ الْحَقَّ).
83 _ وَبِالإسْنَادِ إِلَى الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يُبَايَعُ الْقَائِمُ بِمَكَّةَ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَيَسْتَعْمِلُ عَلَى مَكَّةَ، ثُمَّ يَسِيرُ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَيَبْلُغُهُ أنَّ عَامِلَهُ قُتِلَ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ، وَلاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْن إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَالْوَلاَيَةِ لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوَّهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْبَيْدَاءَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَخْسِفُ اللهُ بِهِمْ).
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: (يَخْرُجُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيُقِيمُ بِهَا مَا شَاءَ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ وَيَسْتَعْمِلُ عَلَيْهَا رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَإذَا نَزَلَ الشَّفْرَةَ جَاءَهُمْ كِتَابُ السُّفْيَانِيَّ: إِنْ لَمْ تَقْتُلُوهُ لأقْتُلَنَّ مُقَاتِلِيكُمْ وَلأسْبِيَنَّ ذَرَاريَّكُمْ، فَيُقْبِلُونَ عَلَى عَامِلِهِ فَيَقْتُلُونَهُ.
فَيَأتِيهِ الْخَبَرُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ وَيَقْتُلُ قُرَيْشاً حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ إِلاَّ اُكْلَةُ كَبْشٍ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَسْتَعْمِلُ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ فَيُقْبِلُ وَيَنْزلُ النَّجَفَ).
84 _ أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ أحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرهِ بِأسَانِيدِهِمْ عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَوْمُ النَّيْرُوز هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَوُلاَةَ الأمْر، وَيُظْفِرُهُ اللهُ تَعَالَى بِالدَّجَّال، فَيَصْلِبُهُ عَلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ، وَمَا مِنْ يَوْم نَيْرُوزٍ إِلاَّ وَنَحْنُ نَتَوَقَّعُ فِيهِ الْفَرَجَ لأنَّهُ مِنْ أيَّامِنَا حَفِظَتْهُ الْفُرْسُ وَضَيَّعْتُمُوهُ)(1).
* * * 5.
ص: 341
ص: 342
ص: 343
ص: 344
1 _ قرب الإسناد: هَارُونُ، عَن ابْن زيَادٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليهما السلام، قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا اضْمَحَلَّتِ الْقَطَائِعُ فَلاَ قَطَائِعَ)(1).
2 _ الخصال: ابْنُ مُوسَى، عَنْ حَمْزَةَ بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْهَمْدَانِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ وَأبِي الْحَسَن عليهما السلام قَالاَ: (لَوْ قَدْ قَامَ الْقَائِمُ لَحَكَمَ بِثَلاَثٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا أحَدٌ قَبْلَهُ: يَقْتُلُ الشَّيْخَ الزَّانِيَ، وَيَقْتُلُ مَانِعَ الزَّكَاةِ، وَيُوَرَّثُ الأخَ أخَاهُ فِي الأظِلَّةِ(2))(3).
3 _ الخصال: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ مُصْعَبِ بْن يَزيدَ، عَن الْعَوَّام أبِي الزُّبَيْر، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يُقْبِلُ الْقَائِمُ عليه السلام فِي خَمْسَةٍ وَأرْبَعِينَ رَجُلاً مِنْ تِسْعَةِ أحْيَاءٍ: مِنْ حَيًّ رَجُلٌ، وَمِنْ حَيًّ رَجُلاَن، وَمِنْ حَيًّ ثَلاَثَةٌ، وَمِنْ حَيًّ أرْبَعَةٌ، وَمِنْ حَيًّ خَمْسَةٌ، وَمِنْ حَيًّ سِتَّةٌ، وَمِنْ حَيًّ سَبْعَةٌ، وَمِنْ حَيًّ ثَمَانِيَةٌ، وَمِنْ حَيًّ تِسْعَةٌ، وَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ لَهُ الْعَدَدُ)(4).
4 _ عيون أخبار الرضا: أحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الدَّوَالِيبيُّ(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن =
ص: 345
عَلِيَّ بْن عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم لاُبَيَّ بْن كَعْبٍ فِي وَصْفِ الْقَائِم عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى رَكَّبَ فِي صُلْبِ الْحَسَن عليه السلام(1) نُطْفَةً مُبَارَكَةً زَكِيَّةً طَيَّبَةً طَاهِرَةً مُطَهَّرَةً، يَرْضَى بِهَا كُلُّ مُؤْمِنٍ مِمَّنْ قَدْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الْوَلاَيَةِ، وَيَكْفُرُ بِهَا كُلُّ جَاحِدٍ، فَهُوَ إِمَامٌ تَقِيٌّ نَقِيٌّ سَارٌّ مَرْضِيٌّ هَادٍ مَهْدِيٌّ يَحْكُمُ بِالْعَدْل وَيَأمُرُ بِهِ، يُصَدَّقُ اللهَ عزّ وجل وَيُصَدَّقُهُ اللهُ فِي قَوْلِهِ.
يَخْرُجُ مِنْ تِهَامَةَ حِينَ تَظْهَرُ الدَّلاَئِلُ وَالْعَلاَمَاتُ، وَلَهُ كُنُوزٌ لاَ ذَهَبٌ وَلاَ فِضَّةٌ إِلاَّ خُيُولٌ مُطَهَّمَةٌ(2)، وَرجَالٌ مُسَوَّمَةٌ، يَجْمَعُ اللهُ لَهُ مِنْ أقَاصِي الْبِلاَدِ عَلَى عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مَعَهُ صَحِيفَةٌ ني
ص: 346
مَخْتُومَةٌ فِيهَا عَدَدُ أصْحَابِهِ بِأسْمَائِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ وَطَبَائِعِهِمْ وَحُلاَهُمْ وَكُنَاهُمْ كَدَّادُونَ مُجِدُّونَ فِي طَاعَتِهِ).
فَقَالَ لَهُ اُبَيٌّ: وَمَا دَلاَئِلُهُ وَعَلاَمَاتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ لَهُ: (عَلَمٌ إِذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ انْتَشَرَ ذَلِكَ الْعَلَمُ مِنْ نَفْسِهِ، وَأنْطَقَهُ اللهُ عزّ وجل، فَنَادَاهُ الْعَلَمُ: اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللهِ فَاقْتُلْ أعْدَاءَ اللهِ، وَهُمَا آيَتَان، وَعَلاَمَتَان(1).
وَلَهُ سَيْفٌ مُغَمَّدٌ، فَإذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ اقْتَلَعَ ذَلِكَ السَّيْفُ مِنْ غِمْدِهِ وَأنْطَقَهُ اللهُ عزّ وجل فَنَادَاهُ السَّيْفُ: اخْرُجْ يَا وَلِيَّ اللهِ فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أنْ تَقْعُدَ عَنْ أعْدَاءِ اللهِ، فَيَخْرُجُ وَيَقْتُلُ أعْدَاءَ اللهِ حَيْثُ ثَقِفَهُمْ، وَيُقِيمُ حُدُودَ اللهِ، وَيَحْكُمُ بِحُكْم اللهِ يَخْرُجُ وَجَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسْرَتِهِ، وَسَوْفَ تَذْكُرُونَ مَا أقُولُ لَكُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَاُفَوَّضُ أمْري إِلَى اللهِ عزّ وجل.
يَا اُبَيُّ! طُوبَى لِمَنْ لَقِيَهُ، وَطُوبَى لِمَنْ أحَبَّهُ، وَطُوبَى لِمَنْ قَالَ بِهِ، يُنْجِيهِمْ(2) مِنَ الْهَلَكَةِ، وَبالإقْرَار بِاللهِ وَبرَسُولِهِ وَبجَمِيع الأئِمَّةِ يَفْتَحُ اللهُ لَهُمُ الْجَنَّةَ، مَثَلُهُمْ فِي الأرْض كَمَثَل الْمِسْكِ الَّذِي يَسْطَعُ ريحُهُ فَلاَ يَتَغَيَّرُ أبَداً، وَمَثَلُهُمْ فِي السَّمَاءِ كَمَثَل الْقَمَر الْمُنِير الَّذِي لاَ يُطْفَاُ نُورُهُ أبَداً).
قَالَ اُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ حَالُ بَيَان هَؤُلاَءِ الأئِمَّةِ عَن اللهِ عزّ وجل؟
قَالَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى أنْزَلَ عَلَيَّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صَحِيفَةً اسْمُ كُلّ إِمَام عَلَى خَاتَمِهِ وَصِفَتُهُ فِي صَحِيفَتِهِ)(3).4.
ص: 347
بيان: تمام الخبر في باب النصّ على الاثني عشر عليهم السلام(1)، والمطهم كمعظم السمين الفاحش السمن والتام من كلّ شيء، وقال الجزري فيه أنَّه قال يوم بدر: سوّموا فإنَّ الملائكة قد سوَّمت أي اعلموا(2) لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضاً والسومة والسمة العلامة(3).
5 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا(4): ابْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ فُرَاتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الْهَمْدَانِيَّ، عَن الْعَبَّاس بْن عَبْدِ اللهِ الْبُخَاريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الْهَرَويَّ، عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمَّا عُرجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ نُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّي وَسَعْدَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ أنْتَ عَبْدِي وَأنَا رَبُّكَ فَإيَّايَ فَاعْبُدْ، وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ، فَإنَّكَ نُوري فِي عِبَادِي وَرَسُولِي إِلَى خَلْقِي، وَحُجَّتِي عَلَى بَريَّتِي لَكَ وَلِمَنْ تَبَعَكَ خَلَقْتُ جَنَّتِي، وَلِمَنْ خَالَفَكَ خَلَقْتُ نَاري، وَلأوْصِيَائِكَ أوْجَبْتُ كَرَامَتِي، وَلِشِيعَتِهِمْ أوْجَبْتُ ثَوَابِي.
فَقُلْتُ: يَا رَبَّ وَمَنْ أوْصِيَائِي؟ فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ أوْصِيَاؤُكَ الْمَكْتُوبُونَ إِلَى سَاقِ عَرْشِي، فَنَظَرْتُ وَأنَا بَيْنَ يَدَيْ رَبَّي جلّ جلاله إِلَى سَاقِ الْعَرْش، فَرَأيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ نُوراً فِي كُلّ نُورٍ سَطْرٌ أخْضَرُ عَلَيْهِ اسْمُ وَصِيًّ مِنْ أوْصِيَائِي أوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ وَآخِرُهُمْ مَهْدِيُّ اُمَّتِي.ً.
ص: 348
فَقُلْتُ: يَا رَبَّ هَؤُلاَءِ أوْصِيَائِي بَعْدِي؟ فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ هَؤُلاَءِ أوْلِيَائِي وَأحِبَّائِي وَأصْفِيَائِي، وَحُجَجِي بَعْدَكَ عَلَى بَريَّتِي، وَهُمْ أوْصِيَاؤُكَ وَخُلَفَاؤُكَ وَخَيْرُ خَلْقِي بَعْدَكَ، وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَظْهِرَنَّ بِهِمْ دِينِي وَلاَعْلِيَنَّ بِهِمْ كَلِمَتِي، وَلاَطَهَّرَنَّ الأرْضَ بِآخِرهِمْ مِنْ أعْدَائِي، وَلاَمَلّكَنَّهُ(1) مَشارقَ الأرْض وَمَغاربَهَا، وَلاَسَخّرَنَّ لَهُ الرَّيَاحَ، وَلاَذَلّلَنَّ لَهُ السَّحَابَ الصّعَابَ، وَلاَرَقّيَنَّهُ فِي الأسْبَابِ، وَلأنْصُرَنَّهُ بِجُنْدِي، وَلأمُدَّنَّهُ بِمَلاَئِكَتِي، حَتَّى يُعْلِنَ دَعْوَتِي، وَيَجْمَعَ الْخَلْقَ عَلَى تَوْحِيدِي ثُمَّ لاَدِيمَنَّ مُلْكَهُ، وَلاَدَاولَنَّ الأيَّامَ بَيْنَ أوْلِيَائِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ...).
بيان: تمام الخبر في باب فضلهم على الملائكة، والمراد بالأسباب طرق السماوات كما في قوله تعالى حكاية عن فرعون: ((لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَْسْبابَ * أَسْبابَ السَّماواتِ))(2) أو الوسائل التي يتوصّل بها إلى مقاصده كما في قوله تعالى: ((ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً))(3) والأوّل أظهر كما سيأتي في الخبر.
قال الطبرسي في تفسير الأولى: المعنى لعلّي أبلغ! الطرق من سماء إلى سماء، وقيل: أبلغ أبواب طرق السماوات، وقيل: منازل السماوات، وقيل: أتسبب وأتوصّل به إلى مرادي وإلى علم ما غاب عنّي(4).
6 _ علل الشرائع، وعيون أخبار الرضا: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْهَرَويَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي الْحَسَن الرَّضَا عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا تَقُولُ فِي حَدِيثٍ رُويَ عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ قَتَلَ ذَرَاريَّ قَتَلَةِ الْحُسَيْن عليه السلام بِفِعَال آبَائِهَا)؟4.
ص: 349
فَقَالَ عليه السلام: (هُوَ كَذَلِكَ)، فَقُلْتُ: وَقَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى))(1) مَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: (صَدَقَ اللهُ فِي جَمِيع أقْوَالِهِ، وَلَكِنْ ذَرَاريُّ قَتَلَةِ الْحُسَيْن عليه السلام يَرْضَوْنَ بِفِعَال آبَائِهِمْ وَيَفْتَخِرُونَ بِهَا، وَمَنْ رَضِيَ شَيْئاً كَانَ كَمَنْ أتَاهُ، وَلَوْ أنَّ رَجُلاً قُتِلَ بِالْمَشْرقِ فَرَضِيَ بِقَتْلِهِ رَجُلٌ بِالْمَغْربِ، لَكَانَ الرَّاضِي عِنْدَ اللهِ عزّ وجل شَريكَ الْقَاتِل، وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُمُ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا خَرَجَ لِرضَاهُمْ بِفِعْل آبَائِهِمْ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: بِأيَّ شَيْءٍ يَبْدَاُ الْقَائِمُ مِنْكُمْ(2) إِذَا قَامَ؟ قَالَ: (يَبْدَاُ بِبَني شَيْبَةَ فَيَقْطَعُ أيْدِيَهُمْ لأنَّهُمْ سُرَّاقُ بَيْتِ اللهِ عزّ وجل)(3).
7 _ بصائر الدرجات: حَمْزَةُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الرَّبْعِيَّ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى ابْن هُبَيْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ يَسِيرُ الْقَائِمُ بِسِيرَةِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ فِي أهْل السَّوَادِ؟ فَقَالَ: (لاَ، يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ سَارَ فِي أهْل السَّوَادِ بِمَا فِي الْجَفْر الأبْيَض، وَإِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ فِي الْعَرَبِ بِمَا فِي الْجَفْر الأحْمَر)، قَالَ: فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا الْجَفْرُ الأحْمَرُ؟ قَالَ: فَأمَرَّ إِصْبَعَهُ عَلَى حَلْقِهِ فَقَالَ: (هَكَذَا _ يَعْنِي الذَّبْحَ _)، ثُمَّ قَالَ: (يَا رُفَيْدُ إِنَّ لِكُلّ أهْل بَيْتٍ نَجِيبا(4) شَاهِداً عَلَيْهِمْ شَافِعاً لأمْثَالِهِمْ)(5).
بيان: المراد بالنجيب كلّ الأئمّة عليهم السلام أو القائم عليه السلام، والأوّل أظهر.4.
ص: 350
8 _ علل الشرائع: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، (عَنْ سَعْدٍ)(1)، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِي زُهَيْرٍ شَبِيبِ بْن أنَسٍ، عَنْ بَعْض أصْحَابِ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ أبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أخْبِرْني عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ))(2) أيْنَ ذَلِكَ مِنَ الأرْض؟).
قَالَ: أحْسَبُهُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَالْتَفَتَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِلَى أصْحَابِهِ فَقَالَ: (أتَعْلَمُونَ أنَّ النَّاسَ يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، فَتُؤْخَذُ أمْوَالُهُمْ، وَلاَ يَأمَنُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ وَيُقْتَلُونَ؟)، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَسَكَتَ أبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: (يَا بَا حَنِيفَةَ أخْبِرْني عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً))(3) أيْنَ ذَلِكَ مِنَ الأرْض؟).
قَالَ: الْكَعْبَةُ، قَالَ: (أفَتَعْلَمُ أنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ حِينَ وَضَعَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى ابْن الزُّبَيْر فِي الْكَعْبَةِ فَقَتَلَهُ كَانَ آمِناً فِيهَا؟)، قَالَ: فَسَكَتَ.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ أبُو بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الْجَوَابُ فِي الْمَسْألَتَيْن؟ فَقَالَ: (يَا بَا بَكْرٍ ((سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ)) فَقَالَ: مَعَ قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ، وَأمَّا قَوْلُهُ: ((وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)) فَمَنْ بَايَعَهُ وَدَخَلَ مَعَهُ وَمَسَحَ عَلَى يَدِهِ وَدَخَلَ فِي عَقْدِ أصْحَابِهِ كَانَ آمِناً...) الْخَبَرَ(4).م.
ص: 351
9 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْن النُّعْمَان، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أمَا لَوْ قَامَ قَائِمُنَا لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاءُ حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ وَحَتَّى يَنْتَقِمَ لِابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ عليها السلام مِنْهَا).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَلِمَ يَجْلِدُهَا الْحَدَّ؟ قَالَ: (لِفِرْيَتِهَا عَلَى اُمَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ أخَّرَهُ اللهُ لِلْقَائِم عليه السلام؟ فَقَالَ لَهُ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم رَحْمَةً وَبَعَثَ الْقَائِمَ عليه السلام نَقِمَةً)(1).
أقول: قد مرَّت قصَّة فريّتها في كتاب أحوال نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلّم(2) وكتاب الفتن.
10 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عليه السلام وَقَدْ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر ثُمَّ يَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى بِاللهِ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى بِآدَمَ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى بِنُوح، أيُّهَا ).
ص: 352
النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأنَا أوْلَى بِإبْرَاهِيمَ عليه السلام، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُوسَى فَأنَا أوْلَى بِمُوسَى، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي عِيسَى فَأنَا أوْلَى بِعِيسَى، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأنَا أوْلَى بِمُحَمَّدٍ، أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى بِكِتَابِ اللهِ، ثُمَّ يَنْتَهِي إِلَى الْمَقَام فَيُصَلّي رَكْعَتَيْن وَيَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (هُوَ وَاللهِ الْمُضْطَرُّ فِي كِتَابِ اللهِ فِي قَوْلِهِ: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأَْرْضِ))(1) فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ ثُمَّ الثَّلاَثَمِائَةِ وَالثَّلاَثَةَ عَشَرَ، فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالْمَسِير وَافَى(2)، وَمَنْ لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِير فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: هُمُ الْمَفْقُودُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3))، قَالَ: (((الْخَيْرات)) الْوَلاَيَةُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَرَ: ((وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(4) وَهُمْ وَاللهِ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام يَجْتَمِعُونَ وَاللهِ إِلَيْهِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإذَا جَاءَ إِلَى الْبَيْدَاءِ يَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ الأرْضَ فَتَأخُذُ بِأقْدَامِهِمْ(5)، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ)) يَعْنِي الْقَائِمَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، ((وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ ).
ص: 353
مَكانٍ بَعِيدٍ...)) (إلى قوله:)(1) ((وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ)) يَعْنِي ألاَّ يُعَذَّبُوا، ((كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ)) يَعْنِي مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ(2) هَلَكُوا، ((إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ))(3))(4).
11 _ الخصال: الأرْبَعُمِائَةِ، قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (بِنَا يَفْتَحُ اللهُ وَبِنَا يَخْتِمُ اللهُ وَبِنَا يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَبِنَا يُثْبِتُ وَبِنَا يَدْفَعُ اللهُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ، وَبِنَا يُنَزَّلُ الْغَيْثَ، فَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ، مَا أنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ مُنْذُ حَبَسَهُ اللهُ عزّ وجل وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لأنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَلأخْرَجَتِ الأرْضُ نَبَاتَهَا، وَلَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ الْعِبَادِ، وَاصْطَلَحَتِ السَّبَاعُ وَالْبَهَائِمُ، حَتَّى تَمْشِي الْمَرْأةُ بَيْنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّام، لاَ تَضَعُ قَدَمَيْهَا إِلاَّ عَلَى النَّبَاتِ، وَعَلَى رَأسِهَا زَبِيلُهاَ(5)، لاَ يُهَيَّجُهَا سَبُعٌ وَلاَ تَخَافُهُ)(6).
12 _ الخصال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ رَبِيع بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحَسَن بْن ثُوَيْر بْن أبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا أذْهَبَ اللهُ عزّ وجل عَنْ شِيعَتِنَا الْعَاهَةَ، وَجَعَلَ قُلُوبَهُمْ كَزُبَر الْحَدِيدِ، وَجَعَلَ قُوَّةَ الرَّجُل مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً، وَيَكُونُونَ حُكَّامَ الأرْض وَسَنَامَهَا)(7).
13 _ قصص الأنبياء: بِالإسْنَادِ عَن الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ 4.
ص: 354
بْن الْمُفَضَّل، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمْدَانَ الْقَلاَنِسِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ مَرْيَمَ(1) بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أنَّهُ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، هُوَ مَنْزلُ إِدْريسَ عليه السلام، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ، وَمَا مِنْ يَوْم وَلاَ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَالْمَلاَئِكَةُ يَأوُونَ إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْبُدُونَ اللهَ فِيهِ، يَا بَا مُحَمَّدٍ أمَا إِنّي لَوْ كُنْتُ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ مَا صَلَّيْتُ صَلاَةً إِلاَّ فِيهِ، ثُمَّ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ اللهُ لِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(2).
14 _ علل الشرائع: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمِيَّ(3)، عَنْ أخَوَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ، عَنْ عَلِيَّ بْن يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيدِ بْن عُمَرَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل مِصْرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ قَائِمَنَا لَوْ قَدْ قَامَ لَقَدْ أخَذَ بَنِي شَيْبَةَ وَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وَطَافَ بِهِمْ وَقَالَ: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ اللهِ...) الْخَبَرَ(4).
15 _ أمالي الطوسي: الْمُفِيدُ، عَن ابْن قُولَوَيْهِ، عَن الْكُلَيْنيَّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أجْرُ ه.
ص: 355
شَهِيدَيْن، وَمَنْ قَتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَدُوّاً لَنَا كَانَ لَهُ أجْرُ عِشْرينَ شَهِيداً...)(1) الْخَبَرَ.
16 _ العدد القويّة: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِنَّ الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لَيَنْبُتُ فِي قَلْبِ مَهْدِيَّنَا كَمَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ عَلَى أحْسَن نَبَاتِهِ، فَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ حَتَّى يَرَاهُ فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الْعِلْم، وَمَوْضِعَ الرَّسَالَةِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ)(2).
17 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(3)، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْكُوفِيَّ، عَن الْحَسَن بْن حَمَّادٍ الطَّائِيَّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (حَدِيثُنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْتَمِلُهُ إِلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، أوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أوْ مُؤْمِنٌ مُمْتَحَنٌ، أوْ مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ، فَإذَا وَقَعَ أمْرُنَا وَجَاءَ مَهْدِيُّنَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ شِيعَتِنَا أجْرَى مِنْ لَيْثٍ، وَأمْضَى مِنْ سِنَانٍ، يَطَاُ عَدُوَّنَا بِرجْلَيْهِ، وَيَضْربُهُ بِكَفَّيْهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُول رَحْمَةِ اللهِ وَفَرَجِهِ عَلَى الْعِبَادِ)(4).
18 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلَى أبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا رُفَيْدُ كَيْفَ أنْتَ إِذَا رَأيْتَ أصْحَابَ الْقَائِم قَدْ ضَرَبُوا فَسَاطِيطَهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ أخْرَجَ الْمِثَالَ الْجَدِيدَ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ؟)(5).).
ص: 356
قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هُوَ؟ قَالَ: (الذَّبْحُ)، قَالَ: قُلْتُ: بِأيَّ شَيْءٍ يَسِيرُ فِيهِمْ، بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام فِي أهْل السَّوَادِ؟ قَالَ: (لاَ، يَا رُفَيْدُ إِنَّ عَلِيّاً سَارَ بِمَا فِي الْجَفْر الأبْيَض، وَهُوَ الْكَفُّ، وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَإِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ بِمَا فِي الْجَفْر الأحْمَر وَهُوَ الذَّبْحُ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ لاَ يَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ)(1).
19 _ بصائر الدرجات: سَلَمَةُ بْنُ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنِيع بْن الْحَجَّاج الْبَصْريَّ، عَنْ مُجَاشِع، عَنْ مُعَلًّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَيْض، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: (كَانَ عَصَا مُوسَى عليه السلام لآِدَمَ فَصَارَتْ إِلَى شُعَيْبٍ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام وَإِنَّهَا لَعِنْدَنَا، وَإِنَّ عَهْدِي بِهَا آنِفاً وَهِيَ خَضْرَاءُ كَهَيْئَتِهَا حِينَ انْتُزعَتْ مِنْ شَجَرهَا، وَإِنَّهَا لَتَنْطِقُ إِذَا اسْتُنْطِقَتْ، اُعِدَّتْ لِقَائِمِنَا لِيَصْنَعَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَصْنَعُ بِهَا، وَإِنَّهَا لَتَرُوعُ وَتَلْقَفُ ما يَأفِكُونَ وَتَصْنَعُ كَمَا تُؤْمَرُ، وَإِنَّهَا حَيْثُ أقْبَلَتْ تَلْقَفُ(2) ما يَأفِكُونَ تُفْتَحُ لَهَا شَفَتَان(3) إِحْدَاهُمَا فِي الأرْض وَالاُخْرَى فِي السَّقْفِ (4) وَبَيْنَهُمَا أرْبَعُونَ ذِرَاعاً، وَتَلْقَفُ ما يَأفِكُونَ بِلِسَانِهَا)(5).
كمال الدين: أبي، عن محمّد بن يحيى، عن سلمة، مثله(6).
20 _ بصائر الدرجات: ابْنُ هَاشِم، عَن الْبَرْقِيَّ، عَن الْبَزَنْطِيَّ وَغَيْرهِ، عَنْ أبِي أيُّوبَ الْحَذَّاءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ:7.
ص: 357
جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي اُريدُ أنْ أمَسَّ(1) صَدْرَكَ، فَقَالَ: (افْعَلْ!)، فَمَسِسْتُ صَدْرَهُ وَمَنَاكِبَهُ، فَقَالَ: (وَلِمَ يَا بَا مُحَمَّدٍ؟).
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنّي سَمِعْتُ أبَاكَ وَهُوَ يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ وَاسِعُ الصَّدْر، مُسْتَرْسِلُ الْمَنْكِبَيْن، عَريضُ مَا بَيْنَهُمَا).
فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّ أبِي لَبِسَ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَانَتْ تُسْحَبُ عَلَى الأرْض وَإِنّي لَبِسْتُهَا فَكَانَتْ وَكَانَتْ، وَإِنَّهَا تَكُونُ مِنَ الْقَائِم كَمَا كَانَتْ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مُشَمَّرَةً كَأنَّهُ تُرْفَعُ نِطَاقُهَا بِحَلْقَتَيْن، وَلَيْسَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر مَنْ جَازَ أرْبَعِينَ)(2).
الخرائج والجرائح: عَنْ أبِي بَصِيرٍ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (وَهِيَ عَلَى صَاحِبِ هَذَا الأمْر مُشَمَّرَةٌ كَمَا كَانَتْ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(3).
إيضاح: قوله عليه السلام: (فكانت وكانت) أي كانت قريبة من الاستواء والتقدير وكانت مستوية وكانت زائدة، قوله عليه السلام: (مشمرة) أي مرتفعة أذيالها عن الأرض والمراد بنطاقها ما يرسل قدامها، والمعنى أنَّها كانت قصيرة عليه، بحيث يظنّ الرائي أنَّه رفع نطاقها وشدَّها على وسطه بحلقتين.
وفي بعض النسخ: (كانت) ولعلَّ المعنى أنَّه صلى الله عليه وآله وسلّم كان يشدّها لسهولة الحركات لا لطولها ويحتمل أن يكون المراد بالنطاق التي تشدّ فوق الدرع.
قوله عليه السلام: (من جاز أربعين) أي في الصورة أي صاحب هذا الأمر يرى دائماً أنَّه في سن أربعين ولا يؤثّر فيه الشيب ولا يغيّره.2.
ص: 358
21 _ بصائر الدرجات: عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حَريزٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لَنْ تَذْهَبَ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَحْكُمُ بِحُكْم دَاوُدَ(1) وَآل دَاوُدَ لاَ يَسْألُ النَّاسَ بَيَّنَةً)(2).
22 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (لاَ يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنّي يَحْكُمُ بِحُكُومَةِ آل دَاوُدَ لاَ يَسْألُ عَنْ بَيَّنَةٍ، يُعْطِي كُلَّ نَفْسٍ حُكْمَهَا)(3).
23 _ بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: أنْبِيَاءُ أنْتُمْ؟ قَالَ: (لاَ)، قُلْتُ: فَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ لاَ أتَّهِمُ أنَّكَ قُلْتَ إِنَّكُمْ أنْبِيَاءُ، قَالَ: (مَنْ هُوَ أبُو الْخَطَّابِ؟)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (كُنْتَ إِذاً أهْجَرَ (كُنْتُ إِذاً أهْجُرُ))، قَالَ: قُلْتُ: فَبِمَا تَحْكُمُونَ؟ قَالَ: (نَحْكُمُ بِحُكْم آل دَاوُدَ)(4).
بيان: قوله عليه السلام: (كنت إذاً أهجر) على صيغة الخطاب وأهجر على أفعل التفضيل من الهجر بمعنى الهذيان أي الآن حيث ظهر أنَّك اعتمدت على قول أبي الخطاب الكذّاب ظهر كثرة هذيانك، أو على 2.
ص: 359
صيغة التكلّم وكذا (أهجر) أيضاً على التكلّم ويكون على الاستفهام التوبيخي أي على قولك حيث تصدق أبا الخطاب في ذلك، فأنا عند هذا القول كنت هاذياً، إذ لا يصدر من العاقل مثل ذلك في حال العقل.
24 _ بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ فُضَيْلٍ الأعْوَر، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ، عَنْهُ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ حَكَمَ بِحُكْم دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لاَ يَسْألُ النَّاسَ بَيَّنَةً)(1).
25 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: عَن الْحَسَن بْن طَريفٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريَّ عليه السلام أسْألُهُ عَن الْقَائِم إِذَا قَامَ بِمَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاس؟ وَأرَدْتُ أنْ أسْألَهُ عَنْ شَيْءٍ لِحُمَّى الرَّبْع فَأغْفَلْتُ ذِكْرَ الْحُمَّى فَجَاءَ الْجَوَابُ: (سَألْتَ عَن الإمَام فَإذَا قَامَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاس بِعِلْمِهِ كَقَضَاءِ دَاوُدَ عليه السلام لاَ يَسْألُ الْبَيَّنَةَ...)(2) الْخَبَرَ.
26 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِم، عَنْ سُلَيْمَانَ(3) الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ مُعَاويَةَ الدُّهْنِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ تَعَالَى: ((يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالأَْقْدامِ))(4)، فَقَالَ: (يَا مُعَاويَةُ مَا يَقُولُونَ فِي هَذَا؟)، قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أنَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْرفُ الْمُجْرمِينَ بِسِيمَاهُمْ فِي الْقِيَامَةِ، فَيَأمُرُ بِهِمْ، فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأقْدَامِهِمْ، فَيُلْقَوْنَ فِي النَّار، فَقَالَ لِي: (وَكَيْفَ يَحْتَاجُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى 1.
ص: 360
مَعْرفَةِ خَلْقٍ أنْشَأهُمْ وَهُمْ خَلْقُهُ(1)؟)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ: (لَوْ قَامَ قَائِمُنَا أعْطَاهُ اللهُ السَّيمَاءَ فَيَأمُرُ بِالْكَافِر فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأقْدَامِهِمْ ثُمَّ يَخْبِطُ بِالسَّيْفِ خَبْطاً)(2).
بيان: (الخبط) الضرب الشديد.
27 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ وَأبُو سَلاَّم، عَنْ سَوْرَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْن قَدْ خُيَّرَ السَّحَابَيْن فَاخْتَارَ الذَّلُولَ، وَذَخَرَ لِصَاحِبكُمُ الصَّعْبَ)، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الصَّعْبُ؟ قَالَ: (مَا كَانَ مِنْ سَحَابٍ فِيهِ رَعْدٌ وَصَاعِقَةٌ أوْ بَرْقٌ فَصَاحِبُكُمْ يَرْكَبُهُ أمَا إِنَّهُ سَيَرْكَبُ السَّحَابَ، وَيَرْقَى فِي الأسْبَابِ أسْبَابِ السَّمَاوَاتِ السَّبْع، وَالأرَضِينَ السَّبْع، خَمْسٌ عَوَامِرُ وَاثْنَتَان خَرَابَان)(3).
بصائر الدرجات: أحمد بن محمّد، عن علي بن سنان، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(4).
الاختصاص: ابن عيسى، عن ابن سنان، عمَّن حدَّثه، عن عبد الرحيم، مثله(5).
28 _ بصائر الدرجات، والاختصاص: مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ أبِي يَحْيَى، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ خَيَّرَ ذَا الْقَرْنَيْن 9.
ص: 361
السَّحَابَيْن الذَّلُولَ وَالصَّعْبَ، فَاخْتَارَ الذَّلُولَ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ بَرْقٌ وَلاَ رَعْدٌ، وَلَو اخْتَارَ الصَّعْبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لأنَّ اللهَ ادَّخَرَهُ(1) لِلْقَائِم عليه السلام)(2).
29 _ كمال الدين: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مَعْبَدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرَّضَا عليه السلام: (لاَ دِينَ لِمَنْ لاَ وَرَعَ لَهُ، وَلاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ تَقِيَّةَ لَهُ، إِنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ عزّ وجل أعْمَلُكُمْ بِالتَّقِيَّةِ(3) قَبْلَ خُرُوج قَائِمِنَا فَمَنْ تَرَكَهَا قَبْلَ خُرُوج قَائِمِناَ(4) فَلَيْسَ مِنَّا).
فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ وَمَن الْقَائِمُ مِنْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ؟ قَالَ: (الرَّابِعُ مِنْ وُلْدِي ابْنُ سَيَّدَةِ الإمَاءِ يُطَهَّرُ اللهُ بِهِ الأرْضَ مِنْ كُلّ جَوْرٍ، وَيُقَدَّسُهَا مِنْ كُلّ ظُلْم وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ النَّاسُ فِي ولاَدَتِهِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، فَإذَا خَرَجَ أشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُور رَبَّها(5)، وَوَضَعَ مِيزَانَ الْعَدْل بَيْنَ النَّاس، فَلاَ يَظْلِمُ أحَدٌ أحَداً.
وَهُوَ الَّذِي تُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ ظِلٌّ، وَهُوَ الَّذِي يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِهِ، يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أهْل الأرْض بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ، يَقُولُ: ألاَ إِنَّ حُجَّةَ اللهِ قَدْ ظَهَرَ عِنْدَ بَيْتِ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ، فَإنَّ الْحَقَّ مَعَهُ وَفِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(6))(7).5.
ص: 362
إعلام الورى: عن علي، مثله(1).
30 _ كمال الدين: الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عليًّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الرَّيَّان بْن الصَّلْتِ، قَالَ: قُلْتُ لِلرَّضَا عليه السلام: أنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمْر؟ فَقَالَ: (أنَا صَاحِبُ هَذَا الأمْر وَلَكِنّي لَسْتُ بِالَّذِي أمْلاَهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، وَكَيْفَ أكُونُ ذَاكَ عَلَى مَا تَرَى مِنْ ضَعْفِ بَدَنِي؟ وَإِنَّ الْقَائِمَ هُوَ الَّذِي إِذَا خَرَجَ كَانَ فِي سِنَّ الشُّيُوخ وَمَنْظَر الشَّبَابِ(2)، قَويّاً فِي بَدَنِهِ حَتَّى لَوْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى أعْظَم شَجَرَةٍ عَلَى وَجْهِ الأرْض لَقَلَعَهَا، وَلَوْ صَاحَ بَيْنَ الْجِبَال لَتَدَكْدَكَتْ صُخُورُهَا، يَكُونُ مَعَهُ عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ، ذَاكَ الرَّابِعُ مِنْ وُلْدِي يُغَيَّبُهُ اللهُ فِي سِتْرهِ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ يُظْهِرُهُ فَيَمْلاَ بِهِ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(3).
إعلام الورى: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرهِ: (كَأنّي بِهِمْ آيَسَ(4) مَا كَانُوا(5) نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُ مَنْ قَرُبَ يَكُونُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنينَ وَعَذَاباً لِلْكَافِرينَ)(6).
31 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ (مُحَمَّدِ بْن نُصَيْرٍ، عَنْ)(7) مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، (عَنْ حَمَّادِ بْن عِيسَى)(8)، عَنْ ر.
ص: 363
عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِي، عَنْ جَابِرٍ الأنْصَاريَّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (إِنَّ ذَا الْقَرْنَيْن كَانَ عَبْداً صَالِحاً جَعَلَهُ اللهُ حُجَّةً عَلَى عِبَادِهِ، فَدَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللهِ عزّ وجل وَأمَرَهُمْ بِتَقْوَاهُ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ زَمَاناً حَتَّى قِيلَ مَاتَ أوْ هَلَكَ بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ ثُمَّ ظَهَرَ وَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنهِ(1).
ألاَ وَفِيكُمْ مَنْ هُوَ عَلَى سُنَّتِهِ، وَإِنَّ اللهَ عزّ وجل مَكَّنَ لَهُ(2) فِي الأرْض وَآتَاهُ(3) مِنْ كُلّ شَيْءٍ سَبَباً، وَبَلَغَ الْمَشْرقَ وَالْمَغْربَ، وَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيُجْري سُنَّتَهُ فِي الْقَائِم مِنْ وُلْدِي، وَيُبَلّغُهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا حَتَّى لاَ يَبْقَى سَهْلٌ وَلاَ مَوْضِعٌ(4) مِنْ سَهْلٍ وَلاَ جَبَلٍ (جَبَلٌ) وَطِئَهُ ذُو الْقَرْنَيْن إِلاَّ وَطِئَهُ، وَيُظْهِرُ اللهُ لَهُ كُنُوزَ الأرْض وَمَعَادِنَهَا وَيَنْصُرُهُ بِالرُّعْبِ يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(5).
32 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَنْ أبِي هَاشِم الْجَعْفَريَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ أمَرَ بِهَدْم(6) الْمَنَار وَالْمَقَاصِير الَّتِي فِي الْمَسَاجِدِ)، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لأيَّ مَعْنَى هَذَا؟ فَأقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: (مَعْنَى هَذَا أنَّهَا مُحْدَثَةٌ مُبْتَدَعَةٌ لَمْ يَبْنِهَا نَبِيٌّ وَلاَ حُجَّةٌ)(7).
33 _ كمال الدين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازيَّ،5.
ص: 364
عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي أيُّوبَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَألَ رَجُلٌ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَمْ يَخْرُجُ مَعَ الْقَائِم عليه السلام؟ فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مَعَهُ مِثْلُ عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، قَالَ: (مَا يَخْرُجُ إِلاَّ فِي اُولِي قُوَّةٍ وَمَا يَكُونُ اُولُو الْقُوَّةِ أقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفٍ)(1).
بيان: المعنى أنَّه عليه السلام لا تنحصر أصحابه في الثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا العدد هم المجتمعون عنده في بدو خروجه.
34 _ كمال الدين: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ ضُرَيْسٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ سَيَّدِ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (الْمَفْقُودُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةُ أهْل بَدْرٍ فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(2) وَهُمْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام)(3).
35 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ مُنْذِرٍ(4)، عَنْ بَكَّار بْن أبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَجْلاَنَ، قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْقَائِم عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ لَنَا بِعِلْم(5) ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (يُصْبِحُ أحَدُكُمْ وَتَحْتَ رَأسِهِ صَحِيفَةٌ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: ((طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ))(6)).3.
ص: 365
وَرُويَ أنَّهُ يَكُونُ فِي رَايَةِ الْمَهْدِيَّ: الرَّفْعَةُ للهِ عزّ وجل(1).
36 _ كمال الدين: ابْنُ الْمُتَوَكّل، عَن السَّعْدَآبَادِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(2)، فَقَالَ: (وَاللهِ مَا نَزَلَ تَأويلُهَا بَعْدُ وَلاَ يَنْزلُ تَأويلُهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْقَائِمُ عليه السلام، فَإذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ بِاللهِ الْعَظِيم، وَلاَ مُشْركٌ بِالإمَام إِلاَّ كَرهَ خُرُوجَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرٌ أوْ مُشْركٌ فِي بَطْن صَخْرَةٍ لَقَالَتْ: يَا مُؤْمِنُ فِي بَطْنِي كَافِرٌ فَاكْسِرْني وَاقْتُلْهُ)(3).
37 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام مِنْ مَكَّةَ يُنَادِي مُنَادِيهِ: ألاَ لاَ يَحْمِلَنَّ أحَدٌ طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً، وَحَمَلَ مَعَهُ حَجَرُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام وَهُوَ وقْرُ بَعِيرٍ، فَلاَ يَنْزلُ مَنْزلاً إِلاَّ انْفَجَرَتْ مِنْهُ عُيُونٌ، فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ، وَمَنْ كَانَ ظَمْآناً رَويَ، وَرَويَتْ دَوَابُّهُمْ، حَتَّى يَنْزلُوا النَّجَفَ مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ)(4).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام ومحمّد بن الحسن بن جمهور، عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن أبي الجارود، مثله(5).9.
ص: 366
بصائر الدرجات: مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، عَنْ أبِيهِ عليه السلام مِثْلَهُ(1)، وَفِيهِ: (إِلاَّ انْبَعَثَ عَيْنٌ مِنْهُ)، وَفِيهِ: (وَمَنْ كَانَ ظَامِئا(2) رَويَ فَهُوَ زَادُهُمْ حَتَّى يَنْزلُوا...) إِلَى آخِرهِ(3).
38 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَقُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ أحَدٌ مِنْ خَلْقِ الرَّحْمَن إِلاَّ عَرَفَهُ صَالِحٌ هُوَ أمْ طَالِحٌ، ألاَ وَفِيهِ آيَةٌ لِلْمُتَوَسَّمِينَ وَهِيَ السَّبِيلُ الْمُقِيمُ)(4).
39 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (دَمَان فِي الإسْلاَم حَلاَلٌ مِنَ اللهِ عزّ وجل لاَ يَقْضِي فِيهِمَا أحَدٌ بِحُكْم اللهِ عزّ وجل حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ الْقَائِمَ مِنْ أهْل الْبَيْتِ فَيَحْكُمُ فِيهِمَا بِحُكْم اللهِ عزّ وجل لاَ يُريدُ فِيهِ بَيَّنَةً: الزَّانِي الْمُحْصَنُ يَرْجُمُهُ، وَمَانِعُ الزَّكَاةِ يَضْربُ رَقَبَتَهُ)(5).
40 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (كَأنّي أنْظُرُ (إِلَى)(6) الْقَائِم عَلَى ظَهْر النَّجَفِ (فَإذَا اسْتَوَى عَلَى ر.
ص: 367
ظَهْر النَّجَفِ)(1) رَكِبَ فَرَساً أدْهَمَ أبْلَقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهِ فَرَسُهُ، فَلاَ يَبْقَى أهْلُ بَلْدَةٍ إِلاَّ وَهُمْ يَظُنُّونَ أنَّهُ مَعَهُمْ فِي بِلاَدِهِمْ، فَإذَا نَشَرَ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم انْحَطَّ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً كُلُّهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْقَائِمَ عليه السلام.
وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوح عليه السلام فِي السَّفِينَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيل عليه السلام حَيْثُ اُلْقِيَ فِي النَّار، وَكَانُوا مَعَ عِيسَى عليه السلام حِينَ رُفِعَ، وَأرْبَعَةُ آلاَفٍ مُسَوَّمِينَ وَمُرْدِفِينَ وَثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً يَوْمَ بَدْرٍ، وَأرْبَعَةُ آلاَفِ مَلَكٍ الَّذِينَ هَبَطُوا يُريدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْن بْن عليًّ عليهما السلام فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ، فَصَعِدُوا فِي الِاسْتِئْذَان وَهَبَطُوا وَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَهُمْ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَ عِنْدَ قَبْر الْحُسَيْن إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَمَا بَيْنَ قَبْر الْحُسَيْن إِلَى السَّمَاءِ مُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ)(2).
بيان: قال الجوهري: (الشمراخ) غرة الفرس إذا دقت وسالت، وجللت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة(3).
41 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن ابْن تَغْلِبَ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: ((كَأنّي)(4) أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم قَدْ ظَهَرَ عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ، فَإذَا ظَهَرَ عَلَى النَّجَفِ نَشَرَ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، عَمُودُهَا مِنْ عُمُدِ عَرْش اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْر اللهِ جلّ جلاله، لاَ يَهْوي(5) بِهَا ).
ص: 368
إِلَى أحَدٍ إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ عزّ وجل)، قَالَ: قُلْتُ: تَكُونُ مَعَهُ أوْ يُؤْتَى بِهَا؟ قَالَ: (بَلْ يُؤْتَى بِهَا، يَأتِيهِ بِهَا جَبْرَئِيلُ عليه السلام)(1).
42 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْكُوفِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (كَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ وَحَوْلَهُ أصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةَ أهْل بَدْرٍ، وَهُمْ أصْحَابُ الألْويَةِ وَهُمْ حُكَّامُ اللهِ فِي أرْضِهِ عَلَى خَلْقِهِ، حَتَّى يَسْتَخْرجَ مِنْ قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَم مِنْ ذَهَبٍ عَهْدٌ مَعْهُودٌ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَم(2)، فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ إِلاَّ الْوَزيرُ وَأحَدَ عَشَرَ نَقِيباً كَمَا بَقُوا مَعَ مُوسَى بْن عِمْرَانَ عليه السلام. فَيَجُولُونَ فِي الأرْض فَلاَ يَجِدُونَ عَنْهُ مَذْهَباً فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، وَاللهِ إِنّي لأعْرفُ الْكَلاَمَ الَّذِي يَقُولُ لَهُمْ فَيَكْفُرُونَ بِهِ)(3).
توضيح: أجفل القوم أي هربوا مسرعين.
43 _ كمال الدين: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي هَرَاسَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِأصْحَابِ الْقَائِم وَقَدْ أحَاطُوا بِمَا بَيْنَ الْخَافِقَيْن، لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَهُوَ مُطِيعٌ لَهُمْ، حَتَّى سِبَاعُ الأرْض وَسِبَاعُ الطَّيْر، تَطْلُبُ رضَاهُمْ (فِي)(4) كُلّ شَيْءٍ، حَتَّى تَفْخَرَ الأرْضُ عَلَى الأرْض، وَتَقُولَ: مَرَّ بِي الْيَوْمَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ الْقَائِم)(5).5.
ص: 369
44 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمَّهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مَا كَانَ يَقُولُ لُوطٌ عليه السلام: ((لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ))(1) إِلاَّ تَمَنِيّاً لِقُوَّةِ الْقَائِم عليه السلام وَلاَ ذَكَرَ إِلاَّ شِدَّةَ أصْحَابِهِ فَإنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يُعْطَى(2) قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً، وَإِنَّ قَلْبَهُ لأشَدُّ مِنْ زُبَر الْحَدِيدِ، وَلَوْ مَرُّوا بِجِبَال الْحَدِيدِ لَقَطَعُوهاَ(3)، لاَ يَكُفُّونَ سُيُوفَهُمْ حَتَّى يَرْضَى اللهُ عزّ وجل)(4).
45 _ كمال الدين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاج، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ(5)، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (أتَدْري مَا كَانَ قَمِيصُ يُوسُفَ عليه السلام؟)، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا اُوقِدَتْ لَهُ النَّارُ، نَزَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام بِالْقَمِيص وَألْبَسَهُ(6) إِيَّاهُ فَلَمْ يَضُرَّهُ مَعَهُ حَرٌّ وَلاَ بَرْدٌ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَهُ فِي تَمِيمَةٍ وَعَلَّقَهُ عَلَى إِسْحَاقَ عليه السلام وَعَلَّقَهُ إِسْحَاقُ عَلَى يَعْقُوبَ عليه السلام فَلَمَّا وُلِدَ يُوسُفُ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي عَضُدِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ أمْرهِ مَا كَانَ.
فَلَمَّا أخْرَجَهُ يُوسُفُ عليه السلام مِنَ التَّمِيمَةِ وَجَدَ يَعْقُوبُ ريحَهُ وَهُوَ ).
ص: 370
قَوْلُهُ عزّ وجل(1): ((إِنِّي لأََجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ))(2) فَهُوَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ الَّذِي(3) مِنَ الْجَنَّةِ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإلَى مَنْ صَارَ هَذَا الْقَمِيصُ؟ قَالَ: (إِلَى أهْلِهِ، وَهُوَ مَعَ قَائِمِنَا إِذَا خَرَجَ)، ثُمَّ قَالَ: (كُلُّ نَبِيًّ وَرثَ عِلْماً أوْ غَيْرَهُ فَقَدِ انْتَهَى إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
الخرائج والجرائح: عن المفضَّل، مثله(5).
46 _ كمال الدين: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّهُ إِذَا تَنَاهَتِ الاُمُورُ إِلَى صَاحِبِ هَذَا الأمْر رَفَعَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ كُلَّ مُنْخَفِضٍ مِنَ الأرْض، وَخَفَضَ لَهُ كُلَّ مُرْتَفِع(6) حَتَّى تَكُونَ الدُّنْيَا عِنْدَهُ بِمَنْزلَةِ رَاحَتِهِ، فَأيُّكُمْ لَوْ كَانَتْ فِي رَاحَتِهِ شَعْرَةٌ لَمْ يُبْصِرْهَا)(7).
47 _ كمال الدين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ، عَنْ قُتَيْبَةَ الأعْشَى، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، عَنْ مَوْلًى لِبَنِي شَيْبَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوس الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهَا عُقُولَهُمْ وَكَمُلَتْ بِهَا أحْلاَمَهُمْ)(8).0.
ص: 371
الكافي: الحسين بن محمّد، عن المعلّى، مثله(1).
48 _ كامل الزيارات: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ وَقَدْ لَبِسَ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَيَنْتَفِضُ هُوَ بِهَا فَتَسْتَدِيرُ عَلَيْهِ، فَيَغْشَاهَا بِخِدَاجَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، وَيَرْكَبُ فَرَساً أدْهَمَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ، فَيَنْتَفِضُ بِهِ انْتِفَاضَةً لاَ يَبْقَى أهْلُ بِلاَدٍ إِلاَّ وَهُمْ يَرَوْنَ أنَّهُ مَعَهُمْ فِي بِلاَدِهِمْ فَيَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَمُودُهَا مِنْ عَمُودِ الْعَرْش، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْر اللهِ، لاَ يَهْوي بِهَا إِلَى شَيْءٍ أبَداً إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ، فَإذَا هَزَّهَا لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ صَارَ قَلْبُهُ كَزُبَر الْحَدِيدِ، وَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً وَلاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ مَيَّتٌ إِلاَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَبْرهِ، وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورهِمْ وَيَتَبَاشَرُونَ بِقِيَام الْقَائِم، فَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ آلافَ (ألْفَ) مَلَكٍ وَثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مَلَكاً)، قُلْتُ: كُلُّ هَؤُلاَءِ الْمَلاَئِكَةُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوح فِي السَّفِينَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام حِينَ اُلْقِيَ فِي النَّار، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى حِينَ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى حِينَ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَأرْبَعَةُ آلاَفِ مَلَكٍ مَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم مُسَوَّمِينَ وَألْفٌ مُرْدِفِينَ وَثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ مَلاَئِكَةً بَدْريَّينَ، وَأرْبَعَةُ آلاَفِ مَلَكٍ هَبَطُوا يُريدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْن بْن عليًّ عليهما السلام فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي الْقِتَال فَهُمْ عِنْدَ قَبْرهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَرَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ فَلاَ يَزُورُهُ زَائِرٌ إِلاَّ اسْتَقْبَلُوهُ وَلاَ يُوَدَّعُهُ ).
ص: 372
مُوَدَّعٌ إِلاَّ شَيَّعُوهُ، وَلاَ يَمْرَضُ مَريضٌ إِلاَّ عَادُوهُ، وَلاَ يَمُوتُ مَيَّتٌ إِلاَّ صَلَّوْا عَلَى جِنَازَتِهِ، وَاسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَكُلُّ هَؤُلاَءِ فِي الأرْض يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِم إِلَى وَقْتِ خُرُوجِهِ عليه السلام)(1).
الغيبة للنعماني: عبد الواحد، عن محمّد بن جعفر، عن أبي جعفر الهمداني، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان، مثله(2).
وعن ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن الحسن ومحمّد ابني علي بن يوسف، عن سعدان بن مسلم، عن ابن تغلّب، مثله(3).
بيان: الخداجة لم أرَ لها معنى مناسباً وفي (الغيبة للنعماني): الخدّاعة، وهي أيضاً كذلك، ولا يبعد أن يكون من الخدع والستر أي الثوب الذي يستر الدرع أو يخدع الناس لكون الدرع مستوراً تحته، ويمكن أن يكون الأوّل مصحَّف الخلاجة، والخلاج ككتان نوع من البرود لها خطط، وكونه من استبرق لا يخلو من إشكال ولعلَّه محمول على ما كان مخلوطاً بالقطن.
49 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الْمُثَنَّى، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَيَنْصُرَنَّ اللهُ هَذَا الأمْرَ بِمَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، وَلَوْ قَدْ جَاءَ أمْرُنَا لَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ مَنْ هُوَ الْيَوْمَ مُقِيمٌ عَلَى عِبَادَةِ الأوْثَان)(4).4.
ص: 373
بيان: لعلَّ المراد أنَّ أكثر أعوان الحقّ وأنصار التشيّع في هذا اليوم جماعة لا نصيب لهم في الدين ولو ظهر الأمر وخرج القائم يخرج من هذا الدين من يعلم الناس أنَّه كان مقيماً على عبادة الأوثان حقيقة أو مجازاً وكان الناس يحسبونه مؤمناً أو أنَّه عند ظهور القائم يشتغل بعبادة الأوثان، وسيأتي ما يؤيّده ولا يبعد أن يكون في الأصل لقد خرج معه، فتأمّل.
50 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن الْحِمَّانِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الأجْلَح، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن(1) الْهُذَيْل، قَالَ: لاَ يَقُومُ(2) السَّاعَةُ حَتَّى يَجْتَمِعَ كُلُّ مُؤْمِنٍ بِالْكُوفَةِ(3).
51 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ وَابْن بَزيع، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا دَخَلَ الْقَائِمُ الْكُوفَةَ لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ وَهُوَ بِهَا أوْ يَجِيءُ إِلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَيَقُولُ لأصْحَابِهِ: سِيرُوا بِنَا إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ فَيَسِيرُ إِلَيْهِ)(4).
إيضاح: وهو قول أمير المؤمنين، من كلام أبي جعفر عليه السلام ويحتمل الرواة، وفاعل (يقول) القائم عليه السلام ولعلَّ المراد بالطاغية السفياني.
52 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن حَبَشِيٍّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي نُعَيْم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن صَالِح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن غَزَالٍ، عَنْ مُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ 4.
ص: 374
قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُور رَبَّها وَاسْتَغْنَى الْعِبَادُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْس(1)، وَيُعَمَّرُ الرَّجُلُ فِي مُلْكِهِ حَتَّى يُولَدَ لَهُ ألْفُ ذَكَرٍ، لاَ يُولَدُ فِيهِمْ اُنْثَى، وَيَبْني فِي ظَهْر الْكُوفَةِ مَسْجِداً لَهُ ألْفُ بَابٍ وَيَتَّصِلُ بُيُوتُ الْكُوفَةِ بِنَهَر كَرْبَلاَءَ بِالْحِيرَةِ، حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى بَغْلَةٍ سَفْوَاءَ يُريدُ الْجُمُعَةَ فَلاَ يُدْركُهَا)(2).
إيضاح: بغلة سفواء: خفيفة سريعة.
53 _ الغيبة للطوسي: أبُو مُحَمَّدٍ الْمُحَمَّدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن الْفَضْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن بُنَانٍ الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن يَحْيَى بْن الْمُعْتَمِر، عَنْ عَمْرو بْن ثَابِتٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ قَالَ: (يَدْخُلُ الْمَهْدِيُّ الْكُوفَةَ وَبِهَا ثَلاَثُ رَايَاتٍ قَدِ اضْطَرَبَتْ بَيْنَهَا، فَتَصْفُو لَهُ فَيَدْخُلُ حَتَّى يَأتِيَ الْمِنْبَرَ وَيَخْطُبَ، وَلاَ يَدْري النَّاسُ مَا يَقُولُ مِنَ الْبُكَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: كَأنّي بِالْحَسَنِيَّ وَالْحُسَيْنيَّ وَقَدْ قَادَاهَا فَيُسَلّمُهَا إِلَى الْحُسَيْنيَّ فَيُبَايِعُونَهُ، فَإذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ النَّاسُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ الصَّلاَةُ خَلْفَكَ تُضَاهِي الصَّلاَةَ خَلْفَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالْمَسْجِدُ لاَ يَسَعُنَا فَيَقُولُ: أنَا مُرْتَادٌ لَكُمْ(3) فَيَخْرُجُ إِلَى الْغَريَّ فَيَخُطُّ مَسْجِداً لَهُ ألْفُ بَابٍ يَسَعُ النَّاسَ عَلَيْهِ أصِيصٌ، وَيَبْعَثُ فَيَحْفِرُ مِنْ خَلْفِ قَبْر الْحُسَيْن عليه السلام لَهُمْ نَهَراً يَجْري إِلَى الْغَريَّيْن، حَتَّى يَنْبِذَ فِي النَّجَفِ، وَيَعْمَلُ عَلَى فُوَّهَتِهِ قَنَاطِرَ وَأرْحَاءَ فِي السَّبِيل، وَكَأنّي بِالْعَجُوز وَعَلَى رَأسِهَا مِكْتَلٌ فِيهِ بُرٌّ حَتَّى تَطْحَنَهُ بِكَرْبَلاَءَ)(4).5.
ص: 375
إعلام الورى، والإرشاد: في رواية عمرو بن شمر، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(1).
بيان: قال الفيروزآبادي: أص الشيء: برق، والأصيص كأمير: الرعدة والذعر، والبناء المحكم. والأصيصة: البيوت المتقاربة، وهم أصيصة واحدة أي مجتمعة وتأصصوا اجتمعوا(2).
54 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن أبِي الأسْوَدِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: ذُكِرَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ فَقَالَ: (أمَا إِنَّهُ مَنْزلُ صَاحِبنَا إِذَا قَدِمَ بِأهْلِهِ)(3).
الكافي: محمّد بن يحيى، عن علي بن الحسن، عن عثمان، مثله(4).
55 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أدْرَكَ مِنْكُمْ قَائِمَنَا فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الْعِلْم، وَمَوْضِعَ الرَّسَالَةِ)(5).
56 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ 0.
ص: 376
أصْحَابَ مُوسَى ابْتُلُوا بِنَهَرٍ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ))(1) وَإِنَّ أصْحَابَ الْقَائِم يُبْتَلَوْنَ بِمِثْل ذَلِكَ)(2).
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد العطّار، عن محمّد بن الحسن(3) الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن ابن أبي هاشم، مثله(4).
57 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَن ابْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْقَائِمُ يَهْدِمُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى أسَاسِهِ، وَمَسْجِدَ الرَّسُول صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى أسَاسِهِ، وَيَرُدُّ الْبَيْتَ إِلَى مَوْضِعِهِ، وَأقَامَهُ عَلَى أسَاسِهِ، وَقَطَعَ أيْدِيَ بَنِي شَيْبَةَ السُّرَّاقِ، وَعَلَّقَهَا عَلَى الْكَعْبَةِ)(5).
58 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريَّ، عَنْ أبِي صَادِقٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (دَوْلَتُنَا آخِرُ الدُّوَل، وَلَنْ يَبْقَى أهْلُ بَيْتٍ لَهُمْ دَوْلَةٌ إِلاَّ مَلَكُوا قَبْلَنَا لِئَلاَّ يَقُولُوا إِذَا رَأوْا سِيرَتَنَا: إِذَا مَلِكْنَا سِرْنَا مِثْلَ سِيرَةِ هَؤُلاَءِ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))(6))(7).
59 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم 3.
ص: 377
وَالْحَسَن بْن عليًّ، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ جَاءَ بِأمْرٍ(1) غَيْر الَّذِي كَانَ)(2).
60 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الرَّبِيع بْن مُحَمَّدِ بْن الْمُسْلِيَّ، عَنْ سَعْدِ بْن طَريفٍ(3)، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ مَبْنِيّاً بِخَزَفٍ وَدِنَانٍ(4) وَطِينٍ، فَقَالَ: (وَيْلٌ لِمَنْ هَدَمَكَ، وَوَيْلٌ لِمَنْ سَهَّلَ هَدْمَكَ، وَوَيْلٌ لِبَانِيكَ بِالْمَطْبُوخ، الْمُغَيَّر قِبْلَةَ نُوح، طُوبَى لِمَنْ شَهِدَ هَدْمَكَ مَعَ قَائِم أهْل بَيْتِي، اُولَئِكَ خِيَارُ الاُمَّةِ مَعَ أبْرَار الْعِتْرَةِ)(5).
61 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ(6) فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ دَخَلَ الْكُوفَةَ وَأمَرَ بِهَدْم الْمَسَاجِدِ الأرْبَعَةِ حَتَّى يَبْلُغَ أسَاسَهَا وَيُصَيَّرُهَا عَريشاً كَعَريش مُوسَى وَيَكُونُ الْمَسَاجِدُ كُلُّهَا جَمَّاءَ لاَ شُرَفَ لَهَا كَمَا كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَيُوَسَّعُ الطَّريقَ الأعْظَمَ فَيَصِيرُ سِتّينَ ذِرَاعاً، وَيَهْدِمُ كُلَّ مَسْجِدٍ عَلَى الطَّريقِ، وَيَسُدُّ كُلَّ كُوَّةٍ إِلَى الطَّريقِ وَكُلَّ جَنَاح وَكَنِيفٍ وَمِيزَابٍ إِلَى الطَّريقِ، وَيَأمُرُ اللهُ الْفَلَكَ فِي زَمَانِهِ ).
ص: 378
فَيُبْطِئُ فِي دَوْرهِ حَتَّى يَكُونَ الْيَوْمُ فِي أيَّامِهِ كَعَشَرَةِ أيَّام(1)، وَالشَّهْرُ كَعَشَرَةِ أشْهُرٍ، وَالسَّنَةُ كَعَشْر سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ.
ثُمَّ لاَ يَلْبَثُ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهِ مَارقَةُ الْمَوَالِي بِرُمَيْلَةِ الدَّسْكَرَةِ عَشَرَةُ آلاَفٍ شِعَارُهُمْ: يَا عُثْمَانُ يَا عُثْمَانُ، فَيَدْعُو رَجُلاً مِنَ الْمَوَالِي فَيُقَلّدُهُ سَيْفَهُ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ، حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ أحَدٌ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى كَابُلْ شَاهَ، وَهِيَ مَدِينَةٌ لَمْ يَفْتَحْهَا أحَدٌ قَطُّ غَيْرُهُ، فَيَفْتَحُهَا ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَيُنْزلُهَا وَيَكُونُ دَارَهُ وَيُبَهْرجُ(2) سَبْعِينَ قَبِيلَةً مِنْ قَبَائِل الْعَرَبِ... تَمَامَ الْخَبَر.
وَفِي خَبَرٍ آخَرَ أنَّهُ يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينيَّةَ وَالرُّومِيَّةَ وَبِلاَدَ الصّين(3).
62 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَلِيَّ بْن أسْبَاطٍ، عَنْ أبِيهِ أسْبَاطِ بْن سَالِم، عَنْ مُوسَى الأبَّار(4)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (اتَّقِ الْعَرَبَ فَإنَّ لَهُمْ خَبَرَ سَوْءٍ أمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْقَائِم مِنْهُمْ وَاحِدٌ)(5).
63 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ عِمْرَانَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ حَكِيم بْن سَعْدٍ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (أصْحَابُ الْمَهْدِيَّ شَبَابٌ لاَ كُهُولٌ فِيهِمْ، إِلاَّ مِثْلَ كُحْل الْعَيْن وَالْمِلْح فِي الزَّادِ وَأقَلُّ الزَّادِ الْمِلْحُ)(6).1.
ص: 379
الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن(1) الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي(2)، عن عبد الرحمن (بن)(3) أبي هاشم، مثله(4).
64 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُمَرَ بْن مُسْلِم، عَن الْحَسَن بْن عُقْبَةَ النَّهْمِيَّ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ الْبَنَّاءِ(5)، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يُبَايِعُ الْقَائِمَ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام ثَلاَثُمِائَةٍ وَنَيَّفٌ عِدَّةُ أهْل بَدْرٍ، فِيهِمُ النُّجَبَاءُ مِنْ أهْل مِصْرَ، وَالأبْدَالُ مِنْ أهْل الشَّام، وَالأخْيَارُ مِنْ أهْل الْعِرَاقِ، فَيُقِيمُ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يُقِيمَ)(6).
65 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَنْقُصُونَ حَتَّى لاَ يُقَالَ: اللهُ، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدَّين بِذَنَبِهِ، فَيَبْعَثُ اللهُ قَوْماً مِنْ أطْرَافِهَا، وَيَجِيئُونَ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ، وَاللهِ إِنّي لأعْرفُهُمْ وَأعْرفُ أسْمَاءَهُمْ وَقَبَائِلَهُمْ وَاسْمَ أمِيرهِمْ(7)، وَهُمْ قَوْمٌ يَحْمِلُهُمُ اللهُ كَيْفَ شَاءَ مِنَ الْقَبِيلَةِ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْن _ حَتَّى بَلَغَ تِسْعَةً _ فَيَتَوَافَوْنَ مِنَ الآفَاقِ ثَلاَثَمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً عِدَّةَ أهْل بَدْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ ن.
ص: 380
عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(1) حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَحْتَبِي فَلاَ يَحُلُّ حِبْوَتَهُ حَتَّى يُبَلّغَهُ اللهُ ذَلِكَ)(2).
بيان: قال الجزري: اليعسوب السيّد والرئيس، والمقدم أصله فحل النحل ومنه حديث عليّ عليه السلام إنَّه ذكر فتنة فقال: (إذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه) أي فارق أهل الفتنة، وضرب في الأرض ذاهباً في أهل دينه وأتباعه الذين يتّبعونه على رأيه وهم الأذناب.
وقال الزمخشري: الضرب بالذنب ههنا مثل للإقامة والثبات، يعني أنَّه يثبت هو ومن تبعه على الدين(3).
66 _ صحيفة الرضا: عَن الرَّضَا، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام: (مَنْ قَاتَلَنَا فِي آخِر الزَّمَان فَكَأنَّمَا قَاتَلَنَا مَعَ الدَّجَّال)، قَالَ أبُو الْقَاسِم الطَّائِيُّ سَألْتُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرَّضَا عليه السلام عَمَّنْ قَاتَلَنَا فِي آخِر الزَّمَان قَالَ: (مَنْ قَاتَلَ صَاحِبَ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ وَهُوَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام)(4).
67 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيَّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بِمَكَّةَ وَأرَادَ أنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْكُوفَةِ نَادَى مُنَادِيهِ: ألاَ لاَ يَحْمِلُ أحَدٌ مِنْكُمْ طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً، وَيَحْمِلُ حَجَرَ مُوسَى الَّذِي انْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً فَلاَ يَنْزلُ مَنْزلاً إِلاَّ نَصَبَهُ، فَانْبَجَسَتْ(5) مِنْهُ الْعُيُونُ، فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ وَمَنْ كَانَ ظَمْآنَ ).
ص: 381
رَويَ، فَيَكُونُ زَادُهُمْ حَتَّى يَنْزلُوا النَّجَفَ مِنْ ظَاهِر الْكُوفَةِ، فَإذَا نَزَلُوا ظَاهِرَهَا انْبَعَثَ مِنْهُ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ دَائِماً، فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ، وَمَنْ كَانَ عَطْشَاناً رَويَ)(1).
68 _ الخرائج والجرائح: رُويَ عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أدْرَكَ أهْلَ بَيْتِي مِنْ ذِي عَاهَةٍ بَرَأ وَمِنْ ذِي ضَعْفٍ قَويَ)(2).
69 _ الخرائج والجرائح: عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن أعْيَنَ، قَالَ: قُمْتُ مِنْ عِنْدِ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَاعْتَمَدْتُ عَلَى يَدِي فَبَكَيْتُ وَقُلْتُ: كُنْتُ أرْجُو أنْ اُدْركَ هَذَا الأمْرَ وَبِي قُوَّةٌ، فَقَالَ: (أمَا تَرْضَوْنَ أنَّ أعْدَاءَكُمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَأنْتُمْ آمِنُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ اُعْطِيَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً، وَجُعِلَ قُلُوبُكُمْ كَزُبَر الْحَدِيدِ، لَوْ قَذَفْتُمْ بِهَا الْجِبَالَ فَلَقَتْهَا، وَأنْتُمْ(3) قُوَّامُ الأرْض وَخُزَّانُهاَ(4))(5).
الكافي: محمّد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن الأهوازي، عن فضالة، عن ابن عميرة، عن الحضرمي، مثله(6).
بيان: قوله عليه السلام: (لو قذفتم بها الجبال) إمَّا ترشيح للتشبيه السابق أو 9.
ص: 382
المراد أنَّها تكون في قوّة العزم بحيث لو عزمت على فلق الجبال لتهيّأ لكم، وفي الكافي لقلعتها(1).
70 _ الخرائج والجرائح: عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ، عَن الْمُثَنَّى، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ نَزَعَ الْخَوْفَ مِنْ قُلُوبِ شِيعَتِناَ(2)، وَأسْكَنَهُ قُلُوبَ أعْدَائِناَ(3)، فَوَاحِدُهُمْ أمْضَى مِنْ سِنَانٍ وَأجْرَى مِنْ لَيْثٍ، يَطْعَنُ عَدُوَّهُ بِرُمْحِهِ وَيَضْربُهُ بِسَيْفِهِ، وَيَدُوسُهُ بِقَدَمِهِ)(4).
71 _ الخرائج والجرائح: عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ، عَن الْمُثَنَّى، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُءُوس الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهِ عُقُولَهُمْ وَأكْمَلَ بِهِ أخْلاَقَهُمْ)(5).
72 _ الخرائج والجرائح: أيُّوبُ بْنُ نُوح، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَن الرَّبيع بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي الرَّبيع الشَّامِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ مَدَّ اللهُ لِشِيعَتِنَا فِي أسْمَاعِهِمْ وَأبْصَارهِمْ، حَتَّى (لاَ) يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقَائِم بَريدٌ(6) يُكَلّمُهُمْ فَيَسْمَعُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ)(7).
الكافي: أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العبّاس بن عامر، مثله(8).9.
ص: 383
73 _ الخرائج والجرائح: مُوسَى بْنُ عُمَرَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ صَالِح بْن حَمْزَةَ، عَنْ أبَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (الْعِلْمُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفاً فَجَمِيعُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَرْفَان فَلَمْ يَعْرفِ النَّاسُ حَتَّى الْيَوْم غَيْرَ الْحَرْفَيْن، فَإذَا قَامَ قَائِمُنَا أخْرَجَ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرينَ حَرْفاً فَبَثَّهَا فِي النَّاس، وَضَمَّ إِلَيْهَا الْحَرْفَيْن، حَتَّى يَبُثَّهَا سَبْعَةً وَعِشْرينَ حَرْفاً)(1).
74 _ الخرائج والجرائح: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ أبِي عليًّ الْخُرَاسَانِيَّ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِطَائِرٍ أبْيَضَ فَوْقَ الْحَجَر فَيَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ رَجُلٌ يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاس بِحُكْم آل دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لاَ يَبْتَغِي بَيَّنَةً)(2).
75 _ الإرشاد: الْحَجَّالُ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ وَقَدْ سَارَ إِلَيْهَا مِنْ مَكَّةَ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ: جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ، وَالْمُؤْمِنُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يُفَرَّقُ الْجُنُودَ فِي الْبِلاَدِ)(3).
76 _ الإرشاد: فِي روَايَةِ الْمُفَضَّل قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليه السلام بَنَى فِي ظَهْر الْكُوفَةِ مَسْجِداً لَهُ ألْفُ بَابٍ وَاتَّصَلَتْ بُيُوتُ الْكُوفَةِ بِنَهَر كَرْبَلاَءَ)(4).
77 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ الْكَريم الْخَثْعَمِيُّ قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: كَمْ يَمْلِكُ الْقَائِمُ عليه السلام؟ فَقَالَ: (سَبْعَ سِنِينَ، يَطُولُ الأيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى تَكُونَ السَّنَةُ 0.
ص: 384
مِنْ سِنِيهِ مِقْدَارَ عَشْر سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ، فَيَكُونُ (سِنُو)(1) مُلْكِهِ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ، وَإِذَا آنَ قِيَامُهُ مُطِرَ النَّاسُ جُمَادَى الآخِرَةَ، وَعَشَرَةَ أيَّام مِنْ رَجَبٍ، مَطَراً لَمْ تَرَ الْخَلاَئِقُ مِثْلَهُ، فَيُنْبِتُ اللهُ بِهِ لُحُومَ الْمُؤْمِنينَ وَأبْدَانَهُمْ فِي قُبُورهِمْ، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُقْبِلِينَ مِنْ قِبَل جُهَيْنَةَ يَنْفُضُونَ شُعُورَهُمْ مِنَ التُّرَابِ).
وَرَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُور رَبَّها، وَاسْتَغْنَى الْعِبَادُ عَنْ ضَوْءِ الشَّمْس، وَذَهَبَتِ الظَّلَمَةُ، وَيُعَمَّرُ الرَّجُلُ فِي مُلْكِهِ حَتَّى يُولَدَ لَهُ ألْفُ ذَكَرٍ لاَ تُولَدُ فِيهِمْ اُنْثَى، وَتُظْهِرُ الأرْضُ كُنُوزَهَا حَتَّى تَرَاهاَ(2) النَّاسُ عَلَى وَجْهِهَا، وَيَطْلُبُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ مَنْ يَصِلُهُ بِمَالِهِ، وَيَأخُذُ مِنْ زَكَاتِهِ، لاَ يُوجَدُ أحَدٌ يَقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ، اسْتَغْنَى النَّاسُ بِمَا رَزَقَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)(3).
78 _ الإرشاد: رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا أذِنَ اللهُ عزّ وجل لِلْقَائِم فِي الْخُرُوج، صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى نَفْسِهِ وَنَاشَدَهُمْ بِاللهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى حَقّهِ، وَأنْ يَسِيرَ فِيهِمْ بِسِيرَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَعْمَلَ فِيهِمْ بِعَمَلِهِ، فَيَبْعَثُ اللهُ جلّ جلاله جَبْرَئِيلَ عليه السلام حَتَّى يَأتِيَهُ فَيَنْزلُ عَلَى الْحَطِيم ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: إِلَى أيَّ شَيْءٍ تَدْعُو؟ فَيُخْبِرُهُ الْقَائِمُ عليه السلام، فَيَقُولُ جَبْرَئِيلُ: أنَا أوَّلُ مَنْ يُبَايِعُكَ ابْسُطْ يَدَكَ، فَيَمْسَحُ عَلَى يَدِهِ، وَقَدْ وَافَاهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَيُبَايِعُونَهُ وَيُقِيمُ بِمَكَّةَ حَتَّى يَتِمَّ أصْحَابُهُ عَشَرَةَ آلاَفٍ أنْفُسٍ ثُمَّ يَسِيرُ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ)(4).3.
ص: 385
79 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ مِنْ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام أقَامَ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ أقَامَ خَمْسَمِائَةٍ (فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ)(1) اُخْرَى حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ سِتَّ مَرَّاتٍ)، قُلْتُ: وَيَبْلُغُ عَدَدُ هَؤُلاَءِ هَذَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، مِنْهُمْ وَمِنْ مَوَالِيهِمْ)(2).
80 _ الإرشاد: رَوَى أبُو بَصِيرٍ (قَالَ:)(3) قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ هَدَمَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ حَتَّى يَرُدَّهُ إِلَى أسَاسِهِ، وَحَوَّلَ الْمَقَامَ إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَقَطَعَ أيْدِيَ بَني شَيْبَةَ وَعَلَّقَهَا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَكَتَبَ عَلَيْهَا: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ الْكَعْبَةِ)(4).
81 _ الإرشاد: رَوَى أبُو الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ ع سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا بِضْعَةَ عَشَرَ آلاف (ألْفَ) أنْفُسٍ يُدْعَوْنَ الْبُتْريَّةَ(5) عَلَيْهِمُ السَّلاَحُ فَيَقُولُونَ لَهُ: ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ فَلاَ حَاجَةَ لَنَا فِي بَنِي فَاطِمَةَ فَيَضَعُ فِيهِمُ السَّيْفَ حَتَّى يَأتِيَ عَلَى آخِرهِمْ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْكُوفَةَ، فَيَقْتُلُ بِهَا كُلَّ مُنَافِقٍ مُرْتَابٍ، وَيَهْدِمُ قُصُورَهَا، وَيَقْتُلُ مُقَاتِلِيهَا حَتَّى يَرْضَى اللهُ عَزَّ وَعَلاَ)(6).4.
ص: 386
82 _ الإرشاد: رَوَى أبُو خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام جَاءَ بِأمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا دَعَا رَسُولُ اللهِ فِي بَدْو الإسْلاَم إِلَى أمْرٍ جَدِيدٍ)(1).
83 _ الإرشاد: رَوَى عَلِيُّ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ حَكَمَ بِالْعَدْل وَارْتَفَعَ فِي أيَّامِهِ الْجَوْرُ، وَأمِنَتْ بِهِ السُّبُلُ، وَأخْرَجَتِ الأرْضُ بَرَكَاتِهَا، وَرَدَّ كُلَّ حَقٍّ إِلَى أهْلِهِ، وَلَمْ يَبْقَ أهْلُ دِيْنٍ حَتَّى يُظْهِرُوا الإسْلاَمَ، وَيَعْتَرفُوا بِالإيمَان، أمَا سَمِعْتَ اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))(2).
وَحَكَمَ بَيْنَ النَّاس بِحُكْم دَاوُدَ وَحُكْم مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَحِينَئِذٍ تُظْهِرُ الأرْضُ كُنُوزَهَا وَتُبْدِي بَرَكَاتِهَا، وَلاَ يَجِدُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ مَوْضِعاً لِصَدَقَتِهِ وَلاَ لِبرَّهِ لِشُمُول الْغِنَى جَمِيعَ الْمُؤْمِنينَ).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ دَوْلَتَنَا آخِرُ الدُّوَل، وَلَمْ يَبْقَ أهْلُ بَيْتٍ لَهُمْ دَوْلَةٌ إِلاَّ مَلَكُوا قَبْلَنَا لِئَلاَّ يَقُولُوا إِذَا رَأوْا سِيرَتَنَا: إِذَا مَلَكْنَا سِرْنَا بِمِثْل سِيرَةِ هَؤُلاَءِ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ((وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))(3))(4).
84 _ الإرشاد: رَوَى أبُو بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَهَدَمَ بِهَا أرْبَعَةَ مَسَاجِدَ، وَلَمْ يَبْقَ مَسْجِدٌ عَلَى(5) الأرْض لَهُ شُرَفٌ إِلاَّ هَدَمَهَا، وَجَعَلَهَا جَمَّاءَ، وَوَسَّعَ).
ص: 387
الطَّريقَ الأعْظَمَ، وَكَسَرَ كُلَّ جَنَاح خَارج عَن الطَّريقِ، وَأبْطَلَ الْكُنُفَ وَالْمَيَازيبَ إِلَى الطُّرُقَاتِ، وَلاَ يَتْرُكُ بِدْعَةً إِلاَّ أزَالَهَا، وَلاَ سُنَّةً إِلاَّ أقَامَهَا، وَيَفْتَتِحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَالصَّينَ وَجِبَالَ الدَّيْلَم، فَيَمْكُثُ عَلَى ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ مِقْدَارُ كُلّ سَنَةٍ عَشْرُ سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ هَذِهِ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ).
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ تَطُولُ السَّنُونَ؟ قَالَ: (يَأمُرُ اللهُ تَعَالَى الْفَلَكَ بِاللُّبُوثِ، وَقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فَتَطُولُ الأيَّامُ لِذَلِكَ وَالسَّنُونَ).
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ إِذَا تَغَيَّرَ فَسَدَ، قَالَ: (ذَلِكَ قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ فَأمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلاَ سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَقَدْ شَقَّ اللهُ الْقَمَرَ لِنَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَرَدَّ الشَّمْسَ مِنْ قَبْلِهِ لِيُوشَعَ بْن نُونٍ، وَأخْبَرَ بِطُول يَوْم الْقِيَامَةِ، وَأنَّهُ ((كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ))(1))(2).
85 _ الإرشاد: رَوَى جَابِرٌ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام ضَرَبَ فَسَاطِيطَ لِمَنْ يُعَلّمُ النَّاسَ الْقُرْآنَ، عَلَى مَا أنْزَلَ اللهُ جلّ جلاله، فَأصْعَبُ مَا يَكُونُ عَلَى مَنْ حَفِظَهُ الْيَوْمَ لأنَّهُ يُخَالِفُ فِيهِ التَّألِيفَ)(3).
86 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام حَكَمَ بَيْنَ النَّاس بِحُكْم دَاوُدَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَّنَةٍ، يُلْهِمُهُ اللهُ تَعَالَى فَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، وَيُخْبِرُ كُلَّ قَوْم بِمَا اسْتَبْطَنُوهُ، وَيَعْرفُ وَلِيَّهُ مِنْ عَدُوَّهِ بِالتَّوَسُّم، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: ((إِنَّ فِي ذلِكَ لآَياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ))(4))(5).6.
ص: 388
87 _ الإرشاد: رُويَ أنَّ مُدَّةَ دَوْلَةِ الْقَائِم تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، يَطُولُ أيَّامُهَا وَشُهُورُهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا أمْرٌ مُغَيَّبٌ عَنَّا وَإِنَّمَا اُلْقِيَ إِلَيْنَا، مِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ اللهُ تَعَالَى بِشَرْطٍ يَعْلَمُهُ مِنَ الْمَصَالِح الْمَعْلُومَةِ، جَلَّ اسْمُهُ، فَلَسْنَا نَقْطَعُ عَلَى أحَدِ الأمْرَيْن، وَإِنْ كَانَتِ الرَّوَايَةُ بِذِكْر سَبْع سِنِينَ أظْهَرَ وَأكْثَرَ(1).
88 _ دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيَّ: قَالَ الْمُعَلَّى بْنُ خُنَيْسٍ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: لَوْ كَانَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْكُمْ لَعِشْنَا مَعَكُمْ، فَقَالَ: (وَاللهِ لَوْ كَانَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْنَا لَمَا كَانَ إِلاَّ أكْلُ الْجَشِبِ وَلُبْسُ الْخَشِن)(2).
وَقَالَ عليه السلام لِلْمُفَضَّل بْن عُمَرَ: (لَوْ كَانَ هَذَا الأمْرُ إِلَيْنَا لَمَا كَانَ إِلاَّ عَيْشُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَسِيرَةُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(3).
89 _ تفسير العياشي: عَنْ رفَاعَةَ بْن مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(4)، قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ لاَ يَبْقَى أرْضٌ إِلاَّ نُودِيَ فِيهَا: شَهَادَةُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ)(5).
90 _ تفسير العياشي: عَن ابْن بُكَيْرٍ قَالَ: سَألْتُ أبَا الْحَسَن عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))، قَالَ: (اُنْزلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام إِذَا خَرَجَ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ وَالزَّنَادِقَةِ وَأهْل الرَّدَّةِ وَالْكُفَّار فِي شَرْقِ الأرْض وَغَرْبهَا، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإسْلاَمَ فَمَنْ أسْلَمَ طَوْعاً أمَرَهُ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، .
ص: 389
وَمَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمُسْلِمُ، وَيَجِبُ للهِ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ ضَرَبَ عُنُقَهُ حَتَّى لاَ يَبْقَى فِي الْمَشَارقِ وَالْمَغَاربِ أحَدٌ إِلاَّ وَحَّدَ اللهَ).
قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الْخَلْقَ أكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ إِذَا أرَادَ أمْراً قَلَّلَ الْكَثِيرَ وَكَثَّرَ الْقَلِيلَ)(1).
91 _ تفسير العياشي: عَنْ عَبْدِ الأعْلَى الْحَلَبِيَّ قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَكُونُ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْر غَيْبَةٌ فِي بَعْض هَذِهِ الشّعَابِ _ ثُمَّ أوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةِ ذِي طُوًى _ حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِلَيْلَتَيْن انْتَهَى الْمَوْلَى الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَلْقَى بَعْضَ أصْحَابِهِ، فَيَقُولُ: كَمْ أنْتُمْ هَاهُنَا؟ فَيَقُولُونَ: نَحْوٌ مِنْ أرْبَعِينَ رَجُلاً، فَيَقُولُ: كَيْفَ أنْتُمْ لَوْ قَدْ رَأيْتُمْ صَاحِبَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَاللهِ لَوْ يَأوي بِنَا الْجِبَالَ لآوَيْنَاهَا مَعَهُ، ثُمَّ يَأتِيهِمْ مِنَ الْقَابِلَةِ فَيَقُولُ لَهُمْ: أشِيرُوا إِلَى ذَوي أسْنَانِكُمْ وَأخْيَاركُمْ عَشَرَةً(2)، فَيُشِيرُونَ لَهُ إِلَيْهِمْ فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ حَتَّى يَأتُونَ صَاحِبَهُمْ وَيَعِدُهُمْ إِلَى اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ وَقَدْ أسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر ثُمَّ يَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِاللهِ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِآدَمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي نُوح فَأنَا أوْلَى النَّاس بِنُوحٍ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمُ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُوسَى فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُوسَى، يَا أيُّهَا النَّاسُ (مَنْ يُحَاجَّنِي فِي عِيسَى فَأنَا أوْلَى النَّاس بِعِيسَى، يَا أيُّهَا النَّاسُ مَنْ يُحَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ ).
ص: 390
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ، يَا أيُّهَا النَّاسُ)(1) مَنْ يُحَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِكِتَابِ اللهِ، ثُمَّ يَنْتَهِي إِلَى الْمَقَام فَيُصَلَّي عِنْدَهُ رَكْعَتَيْن ثُمَّ يَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (هُوَ وَاللهِ الْمُضْطَرُّ فِي كِتَابِ اللهِ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأَْرْضِ))(2) وَجَبْرَئِيلُ عَلَى الْمِيزَابِ فِي صُورَةِ طَائِرٍ أبْيَضَ، فَيَكُونُ أوَّلُ خَلْقِ اللهِ يُبَايِعُهُ جَبْرَئِيلَ وَيُبَايِعُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً).
قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (فَمَن ابْتُلِيَ فِي الْمَسِير وَافَاهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَمَنْ لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِير فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ).
ثُمَّ قَالَ: (هُوَ وَاللهِ قَوْلُ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام: الْمَفْقُودُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3) أصْحَابُ الْقَائِم الثَّلاَثُمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً)، قَالَ: (هُمْ وَاللهِ الاُمَّةُ الْمَعْدُودَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: ((وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ))(4))، قَالَ: (يَجْتَمِعُونَ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ، فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ، فَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيُجِيبُهُ نَفَرٌ يَسِيرٌ، وَيَسْتَعْمِلُ عَلَى مَكَّةَ، ثُمَّ يَسِيرُ فَيَبْلُغُهُ أنْ قَدْ قُتِلَ عَامِلُهُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ لاَ يَزيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئاً _ يَعْنِي السَّبْيَ _.
ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلاَمُ، وَالْوَلاَيَةِ .
ص: 391
لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوَّهِ، وَلاَ يُسَمَّي أحَداً حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْبَيْدَاءِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ فَيَأمُرُ اللهُ الأرْضَ فَيَأخُذُهُمْ مِنْ تَحْتِ أقْدَامِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * وَقالُوا آمَنَّا بِهِ))(1) يَعْنِي بِقَائِم آل مُحَمَّدٍ ((وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ)) يَعْنِي بِقَائِم آل مُحَمَّدٍ إِلَى آخِر السُّورَةِ.
فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ إِلاَّ رَجُلاَن يُقَالُ لَهُمَا: وَتْرٌ وَوُتَيْرَةٌ مِنْ مُرَادٍ، وُجُوهُهُمَا فِي أقْفِيَتِهِمَا يَمْشِيَان الْقَهْقَرَى يُخْبِرَان النَّاسَ بِمَا فُعِلَ بِأصْحَابِهِمَا.
ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ فَيَغِيبُ(2) عَنْهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ قُرَيْشٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام: وَاللهِ لَوَدَّتْ قُرَيْشٌ _ أيْ عِنْدَهَا مَوْقِفاً وَاحِداً _ جَزْرَ جَزُورٍ بِكُلّ مَا مَلَكَتْ وَكُلَّ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أوْ غَرَبَتْ، ثُمَّ يُحْدِثُ حَدَثاً فَإذَا هُوَ فَعَلَ قَالَتْ قُرَيْشٌ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ، فَوَ اللهِ أنْ لَوْ كَانَ مُحَمَّدِيّاً مَا فَعَلَ وَلَوْ كَانَ عَلَويّاً مَا فَعَلَ وَلَوْ كَانَ فَاطِمِيّاً مَا فَعَلَ، فَيَمْنَحُهُ اللهُ أكْتَافَهُمْ فَيَقْتُلُ الْمُقَاتِلَةَ وَيَسْبِي الذُّرَّيَّةَ.
ثُمَّ يَنْطَلِقُ حَتَّى يَنْزلَ الشُّقْرَةَ فَيَبْلُغُهُ أنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا عَامِلَهُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ مَقْتَلَةً لَيْسَ قَتْلَ الْحَرَّةِ(3) إِلَيْهَا بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ ة.
ص: 392
نَبِيَّهِ، وَالْوَلاَيَةِ لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوَّهِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ إِلَى الثَّعْلَبِيَّةِ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ صُلْبِ أبِيهِ وَهُوَ مِنْ أشَدَّ النَّاس بِبَدَنِهِ، وَأشْجَعِهِمْ بِقَلْبِهِ مَا خَلاَ صَاحِبَ هَذَا الأمْر فَيَقُولُ: يَا هَذَا مَا تَصْنَعُ؟ فَوَ اللهِ إِنَّكَ لَتُجْفِلُ النَّاسَ إِجْفَالَ النَّعَم أفَبِعَهْدٍ مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أمْ بِمَا ذَا؟ فَيَقُولُ الْمَوْلَى الَّذِي وَلِيَ الْبَيْعَةَ: وَاللهِ لَتَسْكُتَنَّ أوْ لأضْربَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ، فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ: اسْكُتْ يَا فُلاَنُ إِي وَاللهِ إِنَّ مَعِي عَهْداً مِنْ رَسُول اللهِ هَاتِ لِي يَا فُلاَنُ الْعَيْبَةَ أو الزّنْفِيلَجَةَ(1) فَيَأتِيهِ بِهَا فَيَقْرَؤُهُ الْعَهْدُ مِنْ رَسُول اللهِ، فَيَقُولُ: جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ أعْطِني رَأسَكَ اُقَبَّلْهُ فَيُعْطِيهِ رَأسَهُ فَيُقَبَّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ، جَدَّدْ لَنَا بَيْعَةً فَيُجَدَّدُ لَهُمْ بَيْعَةً).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُصْعِدِينَ مِنْ نَجَفِ الْكُوفَةِ ثَلاَثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارهِ، يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهُ شَهْراً وَخَلْفَهُ شَهْراً، أمَدَّهُ اللهُ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوَّمِينَ حَتَّى إِذَا صَعِدَ النَّجَفَ قَالَ لأصْحَابِهِ: تَعَبَّدُوا لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَيَبيتُونَ بَيْنَ رَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللهِ حَتَّى إِذَا أصْبَحَ قَالَ: خُذُوا بِنَا طَريقَ النُّخَيْلَةِ وَعَلَى الْكُوفَةِ خَنْدَقٌ مُخَنْدَقٌ)، قُلْتُ: خَنْدَقٌ مُخَنْدَقٌ(2)؟ قَالَ: (إِي وَاللهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام بِالنُّخَيْلَةِ، فَيُصَلّي فِيهِ رَكْعَتَيْن فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ مَنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ مِنْ ة؟
ص: 393
مُرْجِئِهَا وَغَيْرهِمْ مِنْ جَيْش السُّفْيَانِيَّ فَيَقُولُ لأصْحَابِهِ: اسْتَطْردُوا لَهُمْ، ثُمَّ يَقُولُ: كَرُّوا عَلَيْهِمْ).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: ((وَ)لاَ يَجُوزُ وَاللهِ الْخَنْدَقَ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ. ثُمَّ يَدْخُلُ الْكُوفَةَ فَلاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ كَانَ فِيهَا أوْ حَنَّ إِلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليًّ عليه السلام ثُمَّ يَقُولُ لأصْحَابِهِ: سِيرُوا إِلَى هَذِهِ الطَّاغِيَةِ، فَيَدْعُو إِلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيُعْطِيهِ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الْبَيْعَةِ سِلْماً، فَيَقُولُ لَهُ كَلْبٌ وَهُمْ أخْوَالُهُ: مَا هَذَا؟ مَا صَنَعْتَ؟ وَاللهِ مَا نُبَايِعُكَ عَلَى هَذَا أبَداً، فَيَقُولُ: مَا أصْنَعُ؟ فَيَقُولُونَ: اسْتَقْبِلْهُ، فَيَسْتَقْبِلُهُ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: خُذْ حِذْرَكَ فَإنَّنِي أدَّيْتُ إِلَيْكَ وَأنَا مُقَاتِلُكَ، فَيُصْبِحُ فَيُقَاتِلُهُمْ، فَيَمْنَحُهُ اللهُ أكْتَافَهُمْ وَيَأخُذُ السُّفْيَانِيَّ أسِيراً فَيَنْطَلِقُ بِهِ (وَ)يَذْبَحُهُ بِيَدِهِ.
ثُمَّ يُرْسِلُ جَريدَةَ خَيْلٍ إِلَى الرُّوم لِيَسْتَحْضِرُوا بَقِيَّةَ بَنِي اُمَيَّةَ فَإذَا انْتَهَوْا إِلَى الرُّوم قَالُوا: أخْرجُوا إِلَيْنَا أهْلَ مِلَّتِنَا عِنْدَكُمْ، فَيَأبَوْنَ وَيَقُولُونَ: وَاللهِ لاَ نَفْعَلُ، فَيَقُولُ الْجَريدَةُ: وَاللهِ لَوْ أمَرَنَا لَقَاتَلْنَاكُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ(1) إِلَى صَاحِبهِمْ، فَيَعْرضُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: انْطَلِقُوا فَأخْرجُوا إِلَيْهِمْ أصْحَابَهُمْ فَإنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ أتَوْا بِسُلْطَانٍ عَظِيمٍ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)))، قَالَ: (يَعْنِي الْكُنُوزَ الَّتِي كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ، ((قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(2) لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ.
ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَبْعَثُ الثَّلاَثَمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً إِلَى الآفَاقِ كُلّهَا فَيَمْسَحُ بَيْنَ أكْتَافِهِمْ وَعَلَى صُدُورهِمْ، فَلاَ يَتَعَايَوْنَ فِي قَضَاءٍ وَلاَ تَبْقَى أرْضٌ إِلاَّ 5.
ص: 394
نُودِيَ فِيهَا شَهَادَةُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))(1) وَلاَ يَقْبَلُ صَاحِبُ هَذَا الأمْر الْجِزْيَةَ كَمَا قَبِلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(2)).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يُقَاتِلُونَ وَاللهِ حَتَّى يُوَحَّدَ اللهُ وَلاَ يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ وَحَتَّى يَخْرُجَ الْعَجُوزُ الضَّعِيفَةُ مِنَ الْمَشْرقِ تُريدُ الْمَغْربَ وَلاَ يَنْهَاهَا أحَدٌ، وَيُخْرجُ اللهُ مِنَ الأرْض بَذْرَهَا، وَيُنْزلُ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَهَا، وَيُخْرجُ النَّاسُ خَرَاجَهُمْ عَلَى رقَابِهِمْ إِلَى الْمَهْدِيَّ، وَيُوَسَّعُ اللهُ عَلَى شِيعَتِنَا، وَلَوْ لاَ مَا يُدْركُهُمْ مِنَ السَّعَادَةِ لَبَغَوْا.
فَبَيْنَا صَاحِبُ هَذَا الأمْر قَدْ حَكَمَ بِبَعْض الأحْكَام، وَتَكَلَّمَ بِبَعْض السُّنَن إِذْ خَرَجَتْ خَارجَةٌ مِنَ الْمَسْجِدِ يُريدُونَ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ لأصْحَابِهِ: انْطَلِقُوا، فَيَلْحَقُونَهُمْ(3) فِي التَّمَّارين فَيَأتُونَهُ بِهِمْ أسْرَى، فَيَأمُرُ بِهِمْ فَيُذْبَحُونَ، وَهِيَ آخِرُ خَارجَةٍ يَخْرُجُ عَلَى قَائِم آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَن ابْن بَزيع، وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مَنْصُور بْن يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الأرْض)(5).
بيان: قوله: (جزر جزور) أي تودّ قريش أن يعطوا كلّ ما ملكوا، 0.
ص: 395
وكلّ ما طلعت عليه الشمس ويأخذوا موقفاً يقفون فيه، ويختفون منه عليه السلام قدر زمان ذبح بعير، ويحتمل المكان أيضاً، ولعلَّ المراد بأحداث إحراق الشيخين الملعونين فلذا يسمّونه عليه السلام بالطاغية.
قوله: (فيمنحه الله أكتافهم) أي يستولي عليهم كأنَّه يركب أكتافهم أو كناية عن نهاية الاقتدار عليهم كأنَّه يستخرج أكتافهم.
قوله عليه السلام: (لتجفل الناس) أي تسوقهم بإسراع.
وقال الجوهري: مطاردة الأقران في الحرب حمل بعضهم على بعض يقال: هم فرسان الطرّاد، وقد استطرد له وذلك ضرب من المكيدة(1)، وقال: يقال: جريدة من خيل جماعة جردت من سائرها لوجه(2). والتعايي من الاعياء والعجز والعي خلاف البيان.
92 _ تفسير العياشي: عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ اسْتَخْرَجَ مِنْ ظَهْر الْكَعْبَةِ سَبْعَةً وَعِشْرينَ رَجُلاً خمسة وعشرين مِنْ قَوْم مُوسَى الَّذِينَ يَقْضُونَ بِالْحَقَّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ(3)، وَسَبْعَةً مِنْ أصْحَابِ الْكَهْفِ، وَيُوشَعَ وَصِيَّ مُوسَى، وَمُؤْمِنَ آل فِرْعَوْنَ، وَسَلْمَانَ الْفَارسِيَّ، وَأبَا دُجَانَةَ الأنْصَاريَّ، وَمَالِكَ الأشْتَر)(4).
الإرشاد: عن المفضَّل مثله بتغيير، وسيأتي في الرجعة(5).0.
ص: 396
93 _ تفسير العياشي: عَنْ أبِي الْمِقْدَام، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1)، (يَكُونُ أنْ لاَ يَبْقَى أحَدٌ إِلاَّ أقَرَّ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم).
وَقَالَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: عَنْهُ، قَالَ: (لِيُظْهِرَهُ اللهُ فِي الرَّجْعَةِ)(2).
94 _ تفسير العياشي: عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))، قَالَ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ مُشْركٌ بِاللهِ الْعَظِيم وَلاَ كَافِرٌ إِلاَّ كَرهَ خُرُوجَهُ)(3).
95 _ تفسير العياشي: عَنْ سَعْدِ بْن عُمَرَ، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ مِمَّنْ حَضَرَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَرَجُلٍ يَقُولُ: قَدْ ثَبَتَ دَارُ صَالِح وَدَارُ عِيسَى بْن عليًّ وَذَكَرَ دُورَ الْعَبَّاسِيَّينَ، فَقَالَ رَجُلٌ: أرَانَاهَا اللهُ خَرَاباً أوْ خَرَّبَهَا بِأيْدِينَا، فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ تَقُلْ هَكَذَا بَلْ يَكُونُ مَسَاكِنَ الْقَائِم وَأصْحَابِهِ أمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُولُ: ((وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ))(4)؟)(5).
96 _ مجالس المفيد: الْجِعَابِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ عُمَرَ بْن عِيسَى بْن عُثْمَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْن عَامِر بْن عَبَّاسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُوَيْدٍ الأشْعَريَّ، قَالَ: دَخَلْتُ أنَا وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَلَى جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فَقَرَّبَ إِلَيْنَا تَمْراً فَأكَلْنَا وَجَعَلَ يُنَاولُ فِطْراً مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَيْفَ الْحَدِيثُ 9.
ص: 397
الَّذِي حَدَّثْتَنِي عَنْ أبِي الطُّفَيْل فِي الأبْدَال (فقال فطر: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت علياً عليه السلام يقول: (الأبدال)(1) مِنْ أهْل الشَّام، وَالنُّجَبَاءِ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ، يَجْمَعُهُمُ اللهُ لِشَرَّ يَوْم لِعَدُوَّنَا؟)، فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (رَحِمَكُمُ اللهُ، بِنَا يُبْدَاُ الْبَلاَءُ ثُمَّ بِكُمْ، وَبنَا يُبْدَاُ الرَّخَاءُ ثُمَّ بِكُمْ. رَحِمَ اللهُ مَنْ حَبَّبَنَا إِلَى النَّاس وَلَمْ يُكَرَّهْنَا إِلَيْهِمْ)(2).
97 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَبَلَةَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ عليه السلام يَقُولُ: (فِي صَاحِبِ هَذَا الأمْر شَبَهٌ مِنْ أرْبَعَةِ أنْبِيَاءَ: شَبَهٌ(3) مِنْ مُوسَى، وَشَبَهٌ مِنْ عِيسَى، وَشَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ، وَشَبَهٌ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم).
فَقُلْتُ: (وَ)مَا شَبَهُ مُوسَى؟ قَالَ: (خَائِفٌ يَتَرَقَّبُ)، قُلْتُ: وَمَا شَبَهُ عِيسَى؟ فَقَالَ: (قِيلَ فِيهِ مَا قِيلَ فِي عِيسَى)، قُلْتُ: فَمَا شَبَهُ يُوسُفَ؟ قَالَ: (السَّجْنُ وَالْغَيْبَةُ)، قُلْتُ: وَمَا شَبَهُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (إِذَا قَامَ سَارَ بِسِيرَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلاَّ أنَّهُ يُبَيَّنُ آثَارَ مُحَمَّدٍ وَيَضَعُ السَّيْفَ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ هَرْجاً هَرْجاً حَتَّى يَرْضَى اللهُ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ يَعْلَمُ رضَا اللهِ؟ قَالَ: (يُلْقِي اللهُ فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ)(4).
98 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ(5) الْجُعْفِيَّ أبِي الْحَسَن مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ ).
ص: 398
وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَعَ الْقَائِم عليه السلام مِنَ الْعَرَبِ شَيْءٌ يَسِيرٌ)، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الأمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ، قَالَ: (لاَ بُدَّ لِلنَّاس مِنْ أنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا، وَسَيَخْرُجُ مِنَ الْغِرْبَال خَلْقٌ كَثِيرٌ)(1).
99 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ(2)، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُوسُفَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن ابْن حُمَيْدٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ (مُحَمَّدَ بْنَ عليًّ)(3) يَقُولُ: (لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام لَنَصَرَهُ اللهُ بِالْمَلاَئِكَةِ الْمُسَوَّمِينَ وَالْمُرْدِفِينَ وَالْمُنْزَلِينَ وَالْكَرُوبيَّينَ، يَكُونُ جَبْرَائِيلُ أمَامَهُ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَمِينهِ وَإِسْرَافِيلُ عَنْ يَسَارهِ، وَالرُّعْبُ(4) مَسِيرَةَ شَهْرٍ أمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَعَنْ يَمِينهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَالْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ حِذَاهُ، أوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعَلِيٌّ عليه السلام الثَّانِي، وَمَعَهُ سَيْفٌ مُخْتَرَطٌ يَفْتَحُ اللهُ لَهُ الرُّومَ وَالصّينَ وَالتُّرْكَ(5) وَالدَّيْلَمَ وَالسَّنْدَ وَالْهِنْدَ وَكَابُلَ شَاهٍ وَالْخَزَرَ.
يَا أبَا حَمْزَةَ لاَ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام إِلاَّ عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ، وَزَلاَزلَ وَفِتْنَةٍ وَبَلاَءٍ يُصِيبُ النَّاسَ، وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَيْفٍ قَاطِع بَيْنَ الْعَرَبِ،ر.
ص: 399
وَاخْتِلاَفٍ شَدِيدٍ بَيْنَ النَّاس وَتَشَتُّتٍ فِي دِينِهِمْ وَتَغَيُّرٍ مِنْ حَالِهِمْ حَتَّى يَتَمَنَّى الْمُتَمَنَّي الْمَوْتَ صَبَاحاً وَمَسَاءً مِنْ عِظَم مَا يَرَى مِنْ كَلَبِ النَّاس، وَأكْل بَعْضِهِمْ بَعْضاً، وَخُرُوجُهُ إِذَا خَرَجَ عِنْدَ الإيَاس وَالْقُنُوطِ.
فَيَا طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَهُ وَكَانَ مِنْ أنْصَارهِ، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْل لِمَنْ خَالَفَهُ وَخَالَفَ أمْرَهُ، وَكَانَ مِنْ أعْدَائِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (يَقُومُ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَسُنَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ شَأنُهُ إِلاَّ الْقَتْلَ، وَلاَ يَسْتَنِيبُ أحَداً وَلاَ تَأخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم)(1).
بيان: (لا يستنيب أحداً) أي يتولّى الأمور العظام بنفسه، وفي بعض النسخ بالتاء أي لا يقبل التوبة ممَّن علم أنَّ باطنه منطوٍ على الكفر، وقد مرَّ مثله، وفيه: لا يستبقي أحداً، وهو أظهر(2).
100 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن(3)، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ، عَنْ بِشْر بْن غَالِبٍ الأسَدِيَّ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ عليهما السلام: (يَا بِشْرُ مَا بَقَاءُ قُرَيْشٍ إِذَا قَدَّمَ الْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ مِنْهُمْ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ صَبْراً، ثُمَّ قَدَّمَ خَمْسَمِائَةٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ (صَبْراً)(4)، ثُمَّ قَدَّمَ خَمْسَمِائَةٍ فَضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ صَبْراً).
قَالَ: فَقُلْتُ (لَهُ): أصْلَحَكَ اللهُ أيَبْلُغُونَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عليًّ ر.
ص: 400
عليهما السلام: (إِنَّ مَوْلَى الْقَوْم مِنْهُمْ)، قَالَ: فَقَالَ (لِي) بَشِيرُ بْنُ غَالِبٍ أخُو بِشْر بْن غَالِبٍ: أشْهَدُ أنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عليًّ عَدَّ عَلَيَّ(1) سِتَّ عَدَّاتٍ(2).
101 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل بْن إِبْرَاهِيمَ(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن زُرَارَةَ، عَن الْحَارثِ بْن الْمُغِيرَةِ وَذَريح الْمُحَاربيَّ، قَالاَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (مَا بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْعَرَبِ إِلاَّ الذَّبْحُ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ _)(4).
102 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْخَثْعَمِيَّ(5)، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل الْجَزيرَةِ كَانَ (قَدْ) جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْراً فِي جَاريَةٍ وَجَاءَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ، قَالَ: فَلَقِيتُ الْحَجَبَةَ فَأخْبَرْتُهُمْ بِخَبَرهَا وَجَعَلْتُ لاَ أذْكُرُ لأحَدٍ مِنْهُمْ أمْرَهَا إِلاَّ قَالَ: جِئْنِي بِهَا، وَقَدْ وَفَى اللهُ نَذْرَكَ.
فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ وَحْشَةٌ شَدِيدَةٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَجُلٍ مِنْ أصْحَابِنَا مِنْ أهْل مَكَّةَ فَقَالَ لِي: تَأخُذُ عَنّي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: انْظُر الرَّجُلَ الَّذِي يَجْلِسُ عِنْدَ(6) الْحَجَر الأسْوَدِ، وَحَوْلَهُ النَّاسُ، وَهُوَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهم السلام فَأتِهِ فَأخْبِرْهُ بِهَذَا الأمْر فَانْظُرْ مَا يَقُولُ لَكَ فَاعْمَلْ بِهِ.).
ص: 401
فَأتَيْتُهُ فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللهُ إِنّي رَجُلٌ مِنْ أهْل الْجَزيرَةِ وَمَعِي جَاريَةٌ جَعَلْتُهَا عَلَيَّ نَذْراً لِبَيْتِ اللهِ فِي يَمِينٍ كَانَتْ عَلَيَّ، وَقَدْ أتَيْتُ بِهَا وَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَجَبَةِ، وَأقْبَلْتُ لاَ ألْقَى مِنْهُمْ أحَداً إِلاَّ قَالَ: جِئْنِي بِهَا وَقَدْ وَفَى اللهُ نَذْرَكَ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ وَحْشَةٌ شَدِيدَةٌ، فَقَالَ: (يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّ الْبَيْتَ لاَ يَأكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَبِعْ جَاريَتَكَ وَاسْتَقْص وَانْظُرْ أهْلَ بِلاَدِكَ مِمَّنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَمَنْ عَجَزَ مِنْهُمْ عَنْ نَفَقَةٍ(1) فَأعْطِهِ حَتَّى يَقْوَى عَلَى الْعَوْدِ إِلَى بِلاَدِهِمْ)، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ.
ثُمَّ أقْبَلْتُ لاَ ألْقَى أحَداً مِنَ الْحَجَبَةِ إِلاَّ قَالَ: مَا فَعَلْتَ بِالْجَاريَةِ؟ فَأخْبَرْتُهُمْ بِالَّذِي قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام، فَيَقُولُونَ: هُوَ كَذَّابٌ جَاهِلٌ لاَ يَدْري مَا يَقُولُ، فَذَكَرْتُ مَقَالَتَهُمْ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَقَالَ: (قَدْ بَلَّغْتَنِي فَبَلّغْ(2) عَنّي)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: (قُلْ لَهُمْ: قَالَ لَكُمْ أبُو جَعْفَرٍ: كَيْفَ بِكُمْ لَوْ قَدْ قُطّعَتْ أيْدِيكُمْ وَأرْجُلُكُمْ، وَعُلّقَتْ فِي الْكَعْبَةِ؟ ثُمَّ يُقَالُ لَكُمْ: نَادُوا: نَحْنُ سُرَّاقُ الْكَعْبَةِ)، فَلَمَّا ذَهَبْتُ لأقُومَ قَالَ: (إِنَّنِي لَسْتُ أنَا أفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ رَجُلٌ مِنّي)(3).
103 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام فَقَالَ لَهُ: عَافَاكَ اللهُ اقْبِضْ مِنّي هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فَإنَّهَا زَكَاةُ مَالِي، فَقَالَ لَهُ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (خُذْهَا أنْتَ فَضَعْهَا فِي جِيرَانِكَ مِنْ أهْل الإسْلاَم وَالْمَسَاكِين مِنْ إِخْوَانِكَ الْمُسْلِمِينَ(4)).).
ص: 402
ثُمَ قَالَ: (إِذَا قَامَ قَائِمُ أهْل الْبَيْتِ قَسَّمَ بِالسَّويَّةِ، وَعَدَلَ فِي الرَّعِيَّةِ، فَمَنْ أطَاعَهُ فَقَدْ أطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَإِنَّمَا سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ لأنَّهُ يُهْدَى إِلَى أمْرٍ خَفِيًّ، وَيَسْتَخْرجُ التَّوْرَاةَ وَسَائِرَ كُتُبِ اللهِ عزّ وجل مِنْ غَارٍ بِأنْطَاكِيَةَ، وَيَحْكُمُ بَيْنَ أهْل التَّوْرَاةِ بِالتَّوْرَاةِ، وَأهْل الإنْجِيل بِالإنْجِيل، وَبَيْنَ أهْل الزَّبُور بِالزَّبُور، وَبَيْن أهْل الْقُرْآن بِالْقُرْآن، وَيُجْمَعُ(1) إِلَيْهِ أمْوَالُ الدُّنْيَا مِنْ بَطْن الأرْض وَظَهْرهَا، فَيَقُولُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الأرْحَامَ وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدَّمَاءَ الْحَرَامَ وَرَكِبْتُمْ فِيهِ مَا حَرَّمَ اللهُ عزّ وجل، فَيُعْطِي شَيْئاً لَمْ يُعْطِهِ أحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ، وَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَشَرّاً)(2).
104 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل(3) وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ وَأحْمَدَ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدٍ الْقَطَوَانِيَّ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (كَانَتْ عَصَا مُوسَى قَضِيبَ آسٍ مِنْ غَرْس الْجَنَّةِ أتَاهُ بِهَا جَبْرَئِيلُ عليه السلام لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ وَهِيَ وَتَابُوتُ آدَمَ فِي بُحَيْرَةِ طَبَريَّةَ وَلَنْ يَبْلَيَا وَلَنْ يَتَغَيَّرَا حَتَّى يُخْرجَهَا الْقَائِمُ إِذَا قَامَ عليه السلام)(4).
105 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ 7.
ص: 403
اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ عليه السلام ظَهَرَ بِرَايَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَخَاتَم سُلَيْمَانَ، وَحَجَر مُوسَى وَعَصَاهُ، ثُمَّ يَأمُرُ مُنَادِيَهُ فَيُنَادِي: ألاَ لاَ يَحْمِلْ رَجُلٌ مِنْكُمْ طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً وَلاَ عَلَفاً، فَيَقُولُ أصْحَابُهُ: إِنَّهُ يُريدُ أنْ يَقْتُلَنَا وَيَقْتُلَ دَوَابَّنَا مِنَ الْجُوع وَالْعَطَش، فَيَسِيرُ وَيَسِيرُونَ مَعَهُ فَأوَّلَ مَنْزلٍ يَنْزلُهُ يَضْربُ الْحَجَرَ فَيَنْبُعُ مِنْهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ وَعَلَفٌ فَيَأكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَدَوَابُّهُمْ حَتَّى يَنْزلُوا النَّجَفَ بِظَهْر الْكُوفَةِ)(1).
106 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن بُكَيْرٍ(2)، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنَّنِي بِدِينكُمْ هَذَا لاَ يَزَالُ مُوَلّياً يَفْحَصُ(3) بِدَمِهِ، ثُمَّ لاَ يَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ إِلاَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ، فَيُعْطِيكُمْ فِي السَّنَةِ عَطَاءَيْن وَيَرْزُقُكُمْ فِي الشَّهْر رزْقَيْن، وَتُؤْتَوْنَ الْحِكْمَةَ فِي زَمَانِهِ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأةَ لَتَقْضِي فِي بَيْتِهَا بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
بيان: (يفحص) أي يسرع بدمه أي متلطخاً به(5) من كثرة ما أوذي بين الناس ولا يبعد أن يكون في الأصل (بذنبه) أي يضرب بذنبه الأرض سائراً تشبيهاً له بالحيّة المسرعة.
107 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ بَعْض ض.
ص: 404
رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عَلَى مِنْبَر (الْكُوفَةِ)(1) عَلَيْهِ قَبَاءٌ فَيُخْرجُ مِنْ وَرَيَان قَبَائِهِ كِتَاباً مَخْتُوماً بِخَاتَم (مِنْ) ذَهَبٍ فَيَفُكُّهُ فَيَقْرَاُهُ عَلَى النَّاس فَيُجْفِلُونَ عَنْهُ إِجْفَالَ الْغَنَم فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ النُّقَبَاءُ، فَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَم، فَلاَ يَلْحَقُونَ مَلْجَأ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْهِ، وَإِنّي لأعْرفُ الْكَلاَمَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ)(2).
108 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أحْمَدَ بْن عليًّ الْحِمْيَريَّ، عَن (الْحَسَن بْن أيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن)(3) الْحَسَن بْن أبَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، عَنْ شَيْخ مِنَ الْفُقَهَاءِ _ يَعْنِي أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام _ قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ سِيرَةِ الْمَهْدِيَّ كَيْفَ سِيرَتُهُ؟ قَالَ: (يَصْنَعُ مَا صَنَعَ(4) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ كَمَا هَدَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَسْتَأنِفُ الإسْلاَمَ جَدِيداً)(5).
109 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(6) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ: صَالِحٌ مِنَ الصَّالِحِينَ(7) سَمَّهِ لِي اُريدُ الْقَائِمَ عليه السلام، فَقَالَ: (اسْمُهُ اسْمِي)، قُلْتُ: أيَسِيرُ بِسِيرَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا زُرَارَةُ مَا يَسِيرُ ).
ص: 405
بِسِيرَتِهِ!)، (قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لِمَ؟)(1)، قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سَارَ فِي اُمَّتِهِ بِاللّين(2) كَانَ يَتَألَّفُ النَّاسَ، وَالْقَائِمُ عليه السلام يَسِيرُ بِالْقَتْل بِذَلِكَ اُمِرَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَهُ أنْ يَسِيرَ بِالْقَتْل وَلاَ يَسْتَتِيبَ أحَداً وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُ).
110 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ عليًّ الْكُوفِيُّ(3)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن (أبِي)(4) هَاشِم، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام قَالَ: كَانَ لِي أنْ أقْتُلَ الْمُوَلّيَ وَاُجْهِزَ عَلَى الْجَريح وَلَكِنْ تَرَكْتُ ذَلِكَ لِلْعَاقِبَةِ مِنْ أصْحَابِي إِنْ جُرحُوا لَمْ يُقْتَلُوا وَالْقَائِمُ لَهُ أنْ يَقْتُلَ الْمُوَلّيَ وَيُجْهِزَ عَلَى الْجَريح)(5).
111 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَن الْحَسَن بْن هَارُونَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام جَالِساً فَسَألَهُ الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ: أيَسِيرُ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا سَارَ(6) بِخِلاَفِ سِيرَةِ عليًّ عليه السلام؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، وَذَاكَ أنَّ عَلِيّاً سَارَ بِالْمَنَّ وَالْكَفَّ لأنَّهُ عَلِمَ أنَّ شِيعَتَهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ، وَأنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ سَارَ فِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَالسَّبْي وَذَلِكَ أنَّهُ يَعْلَمُ أنَّ شِيعَتَهُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ أبَداً)(7).6.
ص: 406
تهذيب الأحكام: الصفّار، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضال، عن ثعلبة مثله(1).
112 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ رفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ عليه السلام فَقُلْتُ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام بِأيَّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاس؟ فَقَالَ: (يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَسْتَأنِفُ الإسْلاَمَ جَدِيداً)(2).
113 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا يَصْنَعُ الْقَائِمُ إِذَا خَرَجَ لأحَبَّ أكْثَرُهُمْ أنْ لاَ يَرَوْهُ مِمَّا يَقْتُلُ مِنَ النَّاس، أمَا إِنَّهُ لاَ يَبْدَاُ إِلاَّ بِقُرَيْشٍ فَلاَ يَأخُذُ مِنْهَا إِلاَّ السَّيْفَ وَلاَ يُعْطِيهَا إِلاَّ السَّيْفَ، حَتَّى يَقُولَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس: لَيْسَ هَذَا مِنْ آل مُحَمَّدٍ، لَوْ كَانَ مِنْ آل مُحَمَّدٍ لَرَحِمَ)(4).8.
ص: 407
114 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَقُومُ الْقَائِمُ بِأمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، لَيْسَ شَأنُهُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ(1)، لاَ يَسْتَتِيبُ أحَداً، وَلاَ يَأخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِم)(2).
115 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِخُرُوج الْقَائِم فَوَ اللهِ مَا لِبَاسُهُ إِلاَّ الْغَلِيظُ، وَلاَ طَعَامُهُ إِلاَّ الْجَشِبُ، وَمَا هُوَ إِلاَّ السَّيْفُ وَالْمَوْتُ تَحْتَ ظِلّ السَّيْفِ)(3).
الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أبِي هَاشِم، عَن الْبَطَائِنيَّ مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (إِلاَّ الشَّعِيرُ الْجَشِبُ)(4).
116 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرَبِ وَقُرَيْشٍ إِلاَّ السَّيْفُ (مَا يَأخُذُ مِنْهَا إِلاَّ السَّيْفُ)(5)، وَمَا يَسْتَعْجِلُونَ بِخُرُوج الْقَائِم وَاللهِ مَا طَعَامُهُ إِلاَّ الشَّعِيرُ الْجَشِبُ، وَلاَ لِبَاسُهُ إِلاَّ الْغَلِيظُ، وَمَا هُوَ إِلاَّ السَّيْفُ وَالْمَوْتُ تَحْتَ ظِلَّ السَّيْفِ)(6).1.
ص: 408
117 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (بَيْنَا الرَّجُلُ عَلَى رَأس الْقَائِم عليه السلام يَأمُرُهُ وَيَنْهَاهُ إِذْ قَالَ: أدِيرُوهُ، فَيُدِيرُونَهُ إِلَى قُدَّامِهِ فَيَأمُرُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَلاَ يَبْقَى فِي الْخَافِقَيْن شَيْءٌ إِلاَّ خَافَهُ)(1).
الغيبة للنعماني: علي بن أحمد البندبيجي، عن عبيد الله بن موسى، عن البرقي، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(2).
118 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن، عَنْ عَمَّهِ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (ألاَ اُريكَ قَمِيصَ الْقَائِم الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ؟)، فَقُلْتُ: بَلَى، فَدَعَا بِقِمَطْرٍ فَفَتَحَهُ وَأخْرَجَ مِنْهُ قَمِيصَ كَرَابِيسَ فَنَشَرَهُ فَإذَا فِي كُمَّهِ الأيْسَر دَمٌ، فَقَالَ: (هَذَا قَمِيصُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الَّذِي عَلَيْهِ يَوْمَ ضُربَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَفِيهِ يَقُومُ الْقَائِمُ)، فَقَبَّلْتُ الدَّمَ وَوَضَعْتُهُ عَلَى وَجْهِي، ثُمَّ طَوَاهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَرَفَعَهُ(3).
بيان: (القِمَطْر) ما يصان فيه الكتب.
119 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن كَثِيرٍ، عَنْ 2.
ص: 409
أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ: ((أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ))(1)، قَالَ: (هُوَ أمْرُنَا، أمَرَ اللهُ عزّ وجل (أ)لاَّ نَسْتَعْجِلَ(2) بِهِ، يُؤَيَّدُهُ(3) بِثَلاَثَةِ أجْنَادٍ بِالْمَلاَئِكَةِ وَالْمُؤْمِنينَ وَالرُّعْبِ، وَخُرُوجُهُ كَخُرُوج رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ))(4))(5).
120 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، قَالَ: قَالَ عليه السلام: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام نَزَلَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ(6) عَشَرَ، ثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ شُهْبٍ، وَثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ بُلْقٍ، وَثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ حُوًّ)، قُلْتُ: وَمَا الْحُوُّ؟ قَالَ: (الْحُمْرُ)(7).
بيان: قوله عليه السلام: (بثلاثمائة) أي مع ثلاثمائة وثلاثة عشر من المؤمنين، وقال الجوهري: الحُوَّة لون يخالط الكمتة مثل صدإ الحديد، وقال الأصمعي: الحُوَّة حمرة تضرب إلى السواد(8).
121 _ الغيبة للنعماني: وَبِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي عَبْدِ ّ.
ص: 410
اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام نَزَلَتْ سُيُوفُ الْقِتَال عَلَى كُلّ سَيْفٍ اسْمُ الرَّجُل وَاسْمُ أبِيهِ)(1).
122 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ(2)، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّال، قَالَ.
وَحَدَّثَنِي أيْضاً عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُسْلِم(3)، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ بَشِيرٍ، وَاللَّفْظُ لِروَايَةِ ابْن عُقْدَةَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ انْتَهَيْتُ إِلَى مَنْزل أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فَإذَا أنَا بِبَغْلَتِهِ مُسْرَجَةً بِالْبَابِ فَجَلَسْتُ حِيَالَ الدَّار فَخَرَجَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَنَزَلَ عَن الْبَغْلَةِ وَأقْبَلَ نَحْوي فَقَالَ لِي: (مِمَّن الرَّجُلُ؟)، قُلْتُ: مِنْ أهْل الْعِرَاقِ.).
ص: 411
قَالَ: (مِنْ أيَّهَا؟)، قُلْتُ: مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: (مَنْ صَحِبَكَ فِي هَذَا الطَّريقِ؟)، قُلْتُ: قَوْمٌ مِنَ الْمُحَدَّثَةِ، قَالَ: (وَمَا الْمُحَدَّثَةُ؟)، قُلْتُ: الْمُرْجِئَةُ، فَقَالَ: (وَيْحُ هَذِهِ الْمُرْجِئَةِ إِلَى مَنْ يَلْجَئُونَ غَداً إِذَا قَامَ قَائِمُنَا؟)، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَوْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ كُنَّا نَحْنُ وَأنْتُمْ فِي الْعَدْل سَوَاءً.
فَقَالَ: (مَنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أسَرَّ نِفَاقاً فَلاَ يُبَعَّدُ اللهُ غَيْرَهُ، وَمَنْ أظْهَرَ شَيْئاً أهْرَقَ اللهُ دَمَهُ)، ثُمَّ قَالَ: (يَذْبَحُهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا يَذْبَحُ الْقَصَّابُ شَاتَهُ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ _)، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ اسْتَقَامَتْ لَهُ الاُمُورُ فَلاَ يُهْرقُ مِحْجَمَةَ دَم، فَقَالَ: (كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى نَمْسَحَ وَأنْتُمُ الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى جَبْهَتِهِ _)(1).
بيان: (العلق) بالتحريك الدَّم الغليظ، و(مسح العرق والعلق) كناية عن ملاقاة الشدائد التي توجب سيلان العرق والجراحات المسيلة للدّم.
123 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم، عَنْ عُثْمَانَ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْن بَكْرٍ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّال مِثْلَهُ، إِلاَّ أنَّهُ قَالَ: لَمَّا قُلْتُ(2) لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ لَوْ قَامَ لاَسْتَقَامَتْ لَهُ الاُمُورُ عَفْواً وَلاَ يُهَريقُ مِحْجَمَةَ دَم، فَقَالَ: (كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَو اسْتَقَامَتْ لأحَدٍ عَفْواً لاَسْتَقَامَتْ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حِينَ اُدْمِيَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى نَمْسَحَ نَحْنُ وَأنْتُمُ الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ _ ثُمَّ مَسَحَ جَبْهَتَهُ _)(3).
124 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْحَسَن بْن مُعَاويَةَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عِيسَى بْن سُلَيْمَانَ، عَن 2.
ص: 412
الْمُفَضَّل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَقَدْ ذَكَرَ الْقَائِمَ عليه السلام فَقُلْتُ: إِنّي لأرْجُو أنْ يَكُونَ أمْرُهُ فِي سُهُولَةٍ، فَقَالَ: (لاَ يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى تَمْسَحُوا الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ)(1).
125 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ(2)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ أهْلَ الْحَقَّ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ كَانُوا فِي شِدَّةٍ أمَا إِنَّ ذَلِكَ إِلَى مُدَّةٍ قَريبَةٍ وَعَاقِبَةٍ(3) طَويلَةٍ)(4).
الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن بعض رجاله، عن علي بن إسحاق بن عمّار، عن محمّد بن سنان، مثله(5).
126 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(6) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ، عَنْ مُعَمَّر بْن خَلاَّدٍ(7)، قَالَ: ذُكِرَ الْقَائِمُ عِنْدَ الرَّضَا عليه السلام فَقَالَ: (أنْتُمُ (الْيَوْمَ)(8) أرْخَى بَالاً مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ)، قَالَ(9): وَكَيْفَ؟ قَالَ: (لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُنَا عليه السلام لَمْ يَكُنْ إِلاَّ الْعَلَقُ ).
ص: 413
وَالْعَرَقُ، وَالْقَوْمُ(1) عَلَى السُّرُوج، وَمَا لِبَاسُ الْقَائِم عليه السلام إِلاَّ الْغَلِيظُ، وَمَا طَعَامُهُ إِلاَّ الْجَشِبُ)(2).
127 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْمُفَضَّل، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام بِالطَّوَافِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ لِي: (يَا مُفَضَّلُ مَا لِي أرَاكَ مَهْمُوماً مُتَغَيَّرَ اللَّوْن؟)، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ نَظَري إِلَى بَنِي الْعَبَّاس وَمَا فِي أيْدِيهِمْ مِنْ هَذَا الْمُلْكِ وَالسُّلْطَان وَالْجَبَرُوتِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمْ لَكُنَّا فِيهِ مَعَكُمْ، فَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ أمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ سِيَاسَةُ اللَّيْل، وَسِيَاحَةُ(3) النَّهَار، وَأكْلُ الْجَشِبِ، وَلُبْسُ الْخَشِن، شِبْهَ أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَإِلاَّ فَالنَّارُ فَزُويَ ذَلِكَ عَنَّا فَصِرْنَا نَأكُلُ وَنَشْرَبُ وَهَلْ رَأيْتَ ظُلاَمَةً جَعَلَهَا اللهُ نِعْمَةً مِثْلَ هَذَا)(4).
بيان: (إلاَّ سياسة الليل) أي سياسة الناس وحراستهم عن الشرّ بالليل ورياضة النفس فيها بالاهتمام لأمور الناس وتدبير معاشهم ومعادهم مضافاً إلى العبادات البدنية وفي النهاية السياسة القيام على الشيء بما يصلحه(5) و(سياحة النهار) بالدعوة إلى الحقّ والجهاد والسعي في حوائج المؤمن والسير في الأرض لجميع ذلك والسياسة بمعنى 1.
ص: 414
الصوم كما قيل غير مناسب هنا(1). (فزوي) أي صرف وأبعد (فهل رأيت) تعجب منه عليه السلام في صيرورة الظلم عليهم نعمة لهم وكأنَّ المراد بالظلامة هنا الظلم، وفي القاموس المظلمة بكسر اللام وكثمامة ما تظلمه الرجل(2).
128 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ(3)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرو(4)، وَقَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي بَيْتِهِ وَالْبَيْتُ غَاصٌّ بِأهْلِهِ فَأقْبَلَ النَّاسُ يَسْألُونَهُ فَلاَ يُسْئَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أجَابَ فِيهِ فَبَكَيْتُ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَقَالَ: (مَا يُبْكِيكَ يَا عَمْرُو؟)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَكَيْفَ لاَ أبْكِي وَهَلْ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُكَ وَالْبَابُ مُغْلَقٌ عَلَيْكَ وَالسَّتْرُ لَمُرْخًى عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: (لاَ تَبْكِ يَا عَمْرُو نَأكُلُ أكْثَرَ الطَّيَّبِ وَنَلْبَسُ اللَّيَّنَ وَلَوْ كَانَ الَّذِي تَقُولُ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ أكْلُ الْجَشِبِ وَلُبْسُ الْخَشِن مِثْلَ أمِير الْمُؤْمِنينَ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَإِلاَّ فَمُعَالَجَةُ الأغْلاَل فِي النَّار)(5).
129 _ الغيبة للنعماني: بِهَذَا الإسْنَادِ(6)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي (عَبْدِ اللهِ) جَعْفَر (بْنَ مُحَمَّدٍ)(7) عليه السلام أنَّهُ قَالَ:م.
ص: 415
(أبَى اللهُ إِلاَّ أنْ يُخْلِفَ وَقْتَ الْمُوَقّتِينَ، وَهِيَ رَايَةُ(1) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ يَوْمَ بَدْرٍ سِيرَ بِهِ(2)).
ثُمَّ قَالَ: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ(3) مَا هِيَ وَاللهِ مِنْ قُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلاَ قَزّ وَلاَ حَريرٍ)، فَقُلْتُ: مِنْ(4) أيَّ شَيْءٍ هِيَ؟ قَالَ: (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، نَشَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ لَفَّهاَ(5) وَدَفَعَهَا إِلَى عليًّ عليه السلام فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَ عليًّ عليه السلام حَتَّى كَانَ يَوْمُ الْبَصْرَةِ فَنَشَرَهَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَفَّهَا وَهِيَ عِنْدَنَا هُنَاكَ لاَ يَنْشُرُهَا أحَدٌ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ عليه السلام، فَإذَا قَامَ ر.
ص: 416
نَشَرَهَا فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ أحَدٌ إِلاَّ لَعَنَهاَ(1)، وَيَسِيرُ الرُّعْبُ قُدَّامَهَا شَهْراً (وَوَرَاءَهَا شَهْراً)(2) وَعَنْ يَمِينهَا شَهْراً وَعَنْ يَسَارهَا شَهْراً).
ثُمَّ قَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ يَخْرُجُ مَوْتُوراً غَضْبَانَ أسِفاً لِغَضَبِ اللهِ عَلَى هَذَا الْخَلْقِ، عَلَيْهِ قَمِيصُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ اُحُدٍ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَدِرْعُ(3) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم السَّابِغَةُ، وَسَيْفُ(4) رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذُو الْفَقَار، يُجَرَّدُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أشْهُرٍ، يَقْتُلُ هَرْجاً، فَأوَّلُ مَا يَبْدَاُ بِبَني شَيْبَةَ فَيَقْطَعُ أيْدِيَهُمْ وَيُعَلّقُهَا فِي الْكَعْبَةِ وَيُنَادِي مُنَادِيهِ: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ اللهِ، ثُمَّ يَتَنَاوَلُ قُرَيْشاً فَلاَ يَأخُذُ مِنْهَا إِلاَّ السَّيْفَ وَلاَ يُعْطِيهَا إِلاَّ السَّيْفَ، وَلاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يُقْرَأ كِتَابَان: كِتَابٌ بِالْبَصْرَةِ وَكِتَابٌ بِالْكُوفَةِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عليًّ عليه السلام)(5).
130 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ(6)، عَنْ حَمَّادِ بْن أبِي طَلْحَةَ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا ثَابِتُ كَأنّي بِقَائِم أهْل بَيْتِي قَدْ أشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ هَذَا _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ (إِلَى)(7) نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ _ ر.
ص: 417
فَإذَا هُوَ أشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ نَشَرَ رَايَةَ رَسُول اللهِ فَإذَا هُوَ نَشَرَهَا انْحَطَّتْ عَلَيْهِ مَلاَئِكَةُ بَدْرٍ).
قُلْتُ: وَمَا رَايَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (عُودُهاَ(1) مِنْ عُمُدِ عَرْش اللهِ وَرَحْمَتِهِ، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْر اللهِ، لاَ يَهْوي بِهَا إِلَى شَيْءٍ إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ)، قُلْتُ: فَمَخْبُوءَةٌ (هِيَ)(2) عِنْدَكُمْ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ فَيَجِدَهاَ(3) أمْ يُؤْتَى بِهَا؟ قَالَ: (لاَ بَلْ يُؤْتَى بِهَا)، قُلْتُ: مَنْ يَأتِيهِ بِهَا؟ قَالَ: (جَبْرَئِيلُ عليه السلام)(4).
بيان: يمكن أن يكون نفي كونها عندهم تقية لئلاّ يطلب منهم سلاطين الوقت أو بعد الغيبة رفع إلى السماء ثُمَّ يأتي بها جبرئيل أو يكون راية أخرى غير ما مرَّ.
131 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْفُضَيْل، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ اسْتَقْبَلَ مِنْ جَهَلَةِ النَّاس أشَدَّ مِمَّا اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مِنْ جُهَّال الْجَاهِلِيَّةِ).
فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أتَى النَّاسَ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ وَالصُّخُورَ وَالْعِيدَانَ وَالْخُشُبَ الْمَنْحُوتَةَ وَإِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أتَى النَّاسَ وَكُلُّهُمْ يَتَأوَّلُ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ وَيَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِهِ)، ثُمَّ قَالَ: (أمَا وَاللهِ لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْهِمْ عَدْلُهُ جَوْفَ بُيُوتِهِمْ كَمَا يَدْخُلُ الْحَرُّ وَالْقَرُّ)(5).1.
ص: 418
132 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْحُسَيْن بْن مُخْتَارٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر لَوْ قَدْ ظَهَرَ لَقِيَ مِنَ النَّاس مِثْلَ مَا لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم (وَأكْثَرَ))(1).
133 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ حُمَيْدِ بْن زيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنَّ الْقَائِمَ عليه السلام يَلْقَى فِي حَرْبهِ مَا لَمْ يَلْقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أتَاهُمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ الْمَنْقُورَةَ وَالْخَشَبَةَ الْمَنْحُوتَةَ، وَإِنَّ الْقَائِمَ يَخْرُجُونَ عَلَيْهِ فَيَتَأوَّلُونَ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ وَيُقَاتِلُونَهُ عَلَيْهِ)(2).
134 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ الأعْشَى، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا ظَهَرَتْ رَايَةُ الْحَقَّ لَعَنَهَا أهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ أتَدْري لِمَ ذَلِكَ؟)، قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (لِلَّذِي يَلْقَى النَّاسُ مِنْ أهْل بَيْتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ)(3).
135 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ مَنْصُور بْن حَازم، 4.
ص: 419
عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا رُفِعَتْ رَايَةُ الْحَقَّ لَعَنَهَا أهْلُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ)، قُلْتُ لَهُ: مِمَّ ذَلِكَ؟ قَالَ: (مِمَّا يَلْقَوْنَ مِنْ بَنِي هَاشِم)(1).
136 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى وَأحْمَدَ بْن عليًّ الأعْلَم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الصَّيْرَفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَدَقَةَ وَابْن اُذَيْنَةَ الْعَبْدِيَّ وَمُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ جَمِيعاً، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاج، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (ثَلاَثَ عَشْرَةَ مَدِينَةً وَطَائِفَةً يُحَاربُ الْقَائِمُ أهْلَهَا وَيُحَاربُونَهُ: أهْلُ مَكَّةَ، وَأهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأهْلُ الشَّام، وَبَنُو اُمَيَّةَ، وَأهْلُ الْبَصْرَةِ، وَأهْلُ دميسان(2)، وَالأكْرَادُ، وَالأعْرَابُ، وَضَبَّةُ، وَغَنِيٌّ، وَبَاهِلَةُ، وَأزْدٌ، وَأهْلُ الرَّيَّ)(3).
بيان: لعلَّ (الدميسان) مصحَّف دِيسَانَ وهو بالكسر قرية بهراة ذكره الفيروزآبادي وقال: دوميس بالضم ناحية بِأرَّانَ(4).
137 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن زيَادٍ(5)، عَنْ عَلِيَّ بْن الصَّبَّاح، عَنْ (أبِي)(6) عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيَّ(7)، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: أخْبَرَني مَنْ سَمِعَ أبَا عَبْدِ اللهِ ك.
ص: 420
عليه السلام يَقُولُ: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ خَرَجَ مِنْ هَذَا الأمْر مَنْ كَانَ يَرَى أنَّهُ (مِنْ)(1) أهْلِهِ وَدَخَلَ فِي سُنَّةِ عَبَدَةِ الشَّمْس وَالْقَمَر)(2).
138 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن الْمُفَضَّل بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ أذْهَبَ اللهُ عَنْ كُلّ مُؤْمِنٍ الْعَاهَةَ وَرَدَّ إِلَيْهِ قُوَّتَهُ)(3).
139 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن، عَن الْحَسَن وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ (عَلِيَّ بْن)(4) يُوسُفَ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ صَبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنيَّ، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (كَأنّي أنْظُرُ إِلَى شِيعَتِنَا بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَقَدْ ضَرَبُوا الْفَسَاطِيطَ يُعَلّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا اُنْزلَ، أمَا إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ كَسَرَهُ وَسَوَّى قِبْلَتَهُ)(5).
140 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(6) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ(7)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الْحَجَّال، عَنْ عَلِيَّ بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (كَأنّي بِشِيعَةِ عليًّ فِي أيْدِيهِمُ الْمَثَانِي يُعَلّمُونَ النَّاسَ (الْمُسْتَأنَفَ))(8).4.
ص: 421
141 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ صَبَّاح الْمُزَنيَّ، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (كَأنّي بِالْعَجَم فَسَاطِيطُهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يُعَلّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا اُنْزلَ)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أوَلَيْسَ هُوَ كَمَا اُنْزلَ؟ فَقَالَ: (لاَ مُحِيَ مِنْهُ سَبْعُونَ مِنْ قُرَيْشٍ بِأسْمَائِهِمْ وَأسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَمَا تُركَ أبُو لَهَبٍ إِلاَّ لِلإزْرَاءِ(1) عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لأنَّهُ عَمُّهُ)(2).
142 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ جَعْفَر بْن يَحْيَى، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (كَيْفَ أنْتُمْ لَوْ ضَرَبَ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام الْفَسَاطِيطَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَان؟ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَيْهِمُ الْمِثَالُ الْمُسْتَأنَفُ أمْرٌ جَدِيدٌ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ)(3).
143 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريَّ، عَنْ أبِي طَاهِرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ أبِي الصَّبَّاح الْكِنَانِيَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ فَقَالَ: عَقَّنِي وَلَدِي وَجَفَانِي(4)، فَقَالَ لَهُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أوَمَا عَلِمْتَ أنَّ لِلْحَقَّ دَوْلَةً وَلِلْبَاطِل دَوْلَةً؟ وَكِلاَهُمَا ذَلِيلٌ فِي دَوْلَةِ صَاحِبهِ فَمَنْ أصَابَتْهُ دَوْلَةُ(5) الْبَاطِل اقْتُصَّ مِنْهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقَّ)(6).7.
ص: 422
144 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أبِيهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (بَعَثَ)(1) فِي أقَالِيم الأرْض فِي كُلّ إِقْلِيم رَجُلاً يَقُولُ: عَهْدُكَ (فِي)(2) كَفّكَ، فَإذَا وَرَدَ عَلَيْكَ مَا لاَ تَفْهَمُهُ وَلاَ تَعْرفُ الْقَضَاءَ فِيهِ فَانْظُرْ إِلَى كَفّكَ وَاعْمَلْ بِمَا فِيهَا).
قَالَ: (وَيَبْعَثُ جُنْداً إِلَى الْقُسْطَنْطِينيَّةِ فَإذَا بَلَغُوا إِلَى الْخَلِيج كَتَبُوا عَلَى أقْدَامِهِمْ شَيْئاً وَمَشَوْا عَلَى الْمَاءِ (فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الرُّومُ يَمْشُونَ عَلَى الْمَاءِ)(3) قَالُوا: هَؤُلاَءِ أصْحَابُهُ يَمْشُونَ عَلَى الْمَاءِ فَكَيْفَ هُوَ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَفْتَحُونَ لَهُمْ بَابَ(4) الْمَدِينَةِ فَيَدْخُلُونَهَا فَيَحْكُمُونَ فِيهَا بِمَا يُريدُونَ)(5).
145 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا أهْلَ الْحَقَّ اجْتَمِعُوا، فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يُنَادِيَ مَرَّةً اُخْرَى: يَا أهْلَ الْبَاطِل اجْتَمِعُوا، فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ).
قُلْتُ: فَيَسْتَطِيعُ هَؤُلاَءِ أنْ يَدْخُلُوا فِي هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: (لاَ وَاللهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ))(6))(7).9.
ص: 423
146 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أحْمَدَ بْن يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لِيُعِدَّ(نَّ)(1) أحَدُكُمْ لِخُرُوج الْقَائِم وَلَوْ سَهْماً فَإنَّ اللهَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ رَجَوْتُ لأنْ يُنْسِئَ فِي عُمُرهِ حَتَّى يُدْركَهُ وَيَكُونَ مِنْ أعْوَانِهِ وَأنْصَارهِ)(2).
147 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ ابْنَي الْحَسَن، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ، وَعَنْ جُمَيْع الْكُنَاسِيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ كَامِلٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ دَعَا النَّاسَ إِلَى أمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَإِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَدَأ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)(3).
148 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (الإسْلاَمُ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً كَمَا بَدَأ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)، فَقُلْتُ: اشْرَحْ لِي هَذَا أصْلَحَكَ اللهُ، فَقَالَ: (يَسْتَأنِفُ الدَّاعِي مِنَّا دُعَاءً جَدِيداً كَمَا دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(4).
وعن ابن مسكان، عن الحسين بن مختار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(5).2.
ص: 424
149 _ الغيبة للنعماني: وَبهَذَا الإسْنَادِ(1)، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّمَا نَصِفُ (صَاحِبَ)(2) هَذَا الأمْر بِالصّفَةِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا أحَدٌ مِنَ النَّاس، فَقَالَ: (لاَ وَاللهِ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ أبَداً حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ وَيَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ)(3).
بيان: قوله: (بالصفة التي ليس بها أحد) أي نَصِف دولة القائم وخروجه على وجه لا يشبه شيئاً من الدول، فقال عليه السلام: لا يمكنكم معرفته كما هي حتَّى تروه، ويحتمل أن يكون مراد السائل كمال معرفة أمر التشيّع وحالات الأئمّة عليهم السلام.
150 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس بْن عِيسَى، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَدَّادِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أخْبِرْني عَنْ قَوْل أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)؟
فَقَالَ: (يَا بَا مُحَمَّدٍ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام اسْتَأنَفَ دُعَاءً جَدِيداً كَمَا دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَقُلْتُ: أشْهَدُ أنَّكَ إِمَامِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اُوَالِي وَلِيَّكَ وَاُعَادِي عَدُوَّكَ وَأنَّكَ وَلِيُّ اللهِ، (فَقَالَ: (رَحِمَكَ اللهُ))(4).
151 _ الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(5)، ).
ص: 425
عَنْ أحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ(1)، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي الْمَغْرَاءِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَمَّا الْتَقَى أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَأهْلُ الْبَصْرَةِ نَشَرَ الرَّايَةَ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَتَزَلْزَلَتْ أقْدَامُهُمْ فَمَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ حَتَّى قَالُوا: أمَتَّناَ(2) يَا ابْنَ أبِي طَالِبٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: لاَ تَقْتُلُوا الاُسَرَاءَ وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَريح(3)، وَلاَ تَتْبَعُوا مُوَلَّياً وَمَنْ ألْقَى سِلاَحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفّينَ سَألُوهُ نَشْرَ الرَّايَةِ فَأبَى عَلَيْهِمْ فَتَحَمَّلُوا عَلَيْهِ بِالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَعَمَّار بْن يَاسِرٍ، فَقَالَ لِلْحَسَن: يَا بُنَيَّ إِنَّ لِلْقَوْم مُدَّةً يَبْلُغُونَهَا وَإِنَّ هَذِهِ رَايَةٌ لاَ يَنْشُرُهَا بَعْدِي إِلاَّ الْقَائِمُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ)(4).
152 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا بْن شَيْبَانَ، عَنْ يُونُسَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لاَ يَخْرُجُ الْقَائِمُ مِنْ مَكَّةَ(5) حَتَّى تَكْمُلَ(6) الْحَلْقَةُ)، قُلْتُ: وَكَم(7) الْحَلْقَةُ؟ قَالَ: (عَشَرَةُ آلاَفٍ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارهِ، ثُمَّ يَهُزُّ الرَّايَةَ الْمُغَلَّبَةُ(8) وَيَسِيرُ بِهَا، فَلاَ يَبْقَى أحَدٌ فِي الْمَشْرقِ وَلاَ فِي الْمَغْربِ إِلاَّ لَعَنَهَا، ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ) مِنَ الْقَبَائِل مَا ر.
ص: 426
بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالاثْنَيْن وَالثَّلاَثَةِ وَالأرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالسَّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ وَالثَّمَانِيَةِ وَالتّسْعَةِ وَالْعَشَرَةِ)(1).
بيان: (الحلقة) الخيل، و(الجماعة) من الناس مستديرون.
153 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمُلِيَّ، عَن الْحَسَن وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ عَلِيَّ بْن يُوسُفَ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ رَجُلٍ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا اُذِنَ الإمَامُ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْعِبْرَانِيَّ فَاُتِيحَتْ لَهُ صَحَابَتُهُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ قَزَعٌ كَقَزَع الْخَريفِ وَهُمْ أصْحَابُ الألْويَةِ مِنْهُمْ مَنْ يُفْقَدُ عَنْ(2) فِرَاشِهِ لَيْلاً فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَى يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً يُعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ وَحِلْيَتِهِ وَنَسَبِهِ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أيُّهُمْ أعْظَمُ إِيمَاناً؟ قَالَ: (الَّذِي يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً وَهُمُ الْمَفْقُودُونَ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(3))(4).
تفسير العياشي: عن المفضَّل، مثله(5).
154 _ الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيَّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ ضُرَيْسٍ، عَنْ أبِي خَالِدٍ 1.
ص: 427
الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن (أ)(1) وْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ عليهم السلام أنَّهُ قَالَ: (الْفُقَدَاءُ قَوْمٌ يُفْقَدُونَ مِنْ فُرُشِهِمْ فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(2) وَهُمْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام)(3).
155 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي وَقَالَ: (يَا أبَانُ سَيَأتِي اللهُ بِثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا يَعْلَمُ أهْلُ مَكَّةَ أنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ آبَاؤُهُمْ وَلاَ أجْدَادُهُمْ بَعْدُ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ مَكْتُوبٌ عَلَى كُلّ سَيْفٍ اسْمُ الرَّجُل وَاسْمُ أبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ، ثُمَّ يَأمُرُ مُنَادِياً فَيُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لاَ يَسْألُ عَلَى ذَلِكَ بَيَّنَةً)(4).
بيان: قوله عليه السلام: (يعلم أهل مكّة) لعلَّه كناية عن أنَّهم لا يعرفونهم بوجه(5).
156 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ هَارُونَ بْن مُسْلِم، عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّويل(6)، ).
ص: 428
عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ))(1)، قَالَ: (اُنْزلَتْ فِي الْقَائِم عليه السلام وَجَبْرَئِيلُ عَلَى الْمِيزَابِ فِي صُورَةِ طَيْرٍ أبْيَضَ فَيَكُونُ أوَّلَ خَلْقٍ يُبَايِعُهُ وَيُبَايِعُهُ النَّاسُ الثَّلاَثُمِائَةِ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ، فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالْمَسِير وَافَى تِلْكَ السَّاعَةَ وَمَنْ (لَمْ يُبْتَلَ بِالْمَسِير)(2) فُقِدَ عَنْ فِرَاشِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: الْمَفْقُودُونَ عَنْ(3) فُرُشِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً))(4))، قَالَ: (الخيرات الْوَلاَيَةُ (لَنَا أهْلَ الْبَيْتِ))(5).
157 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أصْحَابُ الْقَائِم ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً أوْلاَدُ الْعَجَم، بَعْضُهُمْ يُحْمَلُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً يُعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْم أبِيهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ، وَبَعْضُهُمْ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَيُرَى فِي مَكَّةَ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ)(6).
158 _ الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(7) الرَّازيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: أنَّ الْقَائِمَ يَهْبِطُ مِنْ ثَنِيَّةِ ذِي طُوًى ).
ص: 429
فِي عِدَّةِ أهْل بَدْرٍ ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً حَتَّى يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَر وَيَهُزُّ الرَّايَةَ الْغَالِبَةَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأبِي الْحَسَن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ عليه السلام فَقَالَ: (كِتَابٌ مَنْشُورٌ)(1).
بيان: أي هذا مثبت في الكتاب المنشور أو معه الكتاب أو الراية كتاب منشور.
159 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن الْبَطَائِنيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عليهما السلام: (بَيْنَا شَبَابُ الشّيعَةِ عَلَى ظُهُور سُطُوحِهِمْ نِيَامٌ إِذَا تَوَافَوْا إِلَى صَاحِبِهِمْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى غَيْر مِيعَادٍ فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ)(2).
160 _ الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حَمْزَةَ وَمُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن حَمَّادٍ(3)، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن هَارُونَ الْعِجْلِيَّ(4)، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْر مَحْفُوظٌ لَهُ لَوْ ذَهَبَ النَّاسُ جَمِيعاً أتَى اللهُ لَهُ بِأصْحَابِهِ وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ اللهُ عزّ وجل: ((فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ))(5)، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: ((فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ))(6))(7).2.
ص: 430
161 _ كشف الغمّة: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ اللهَ عزّ وجل يُلْقِي فِي قُلُوبِ شِيعَتِنَا الرُّعْبَ، فَإذَا قَامَ قَائِمُنَا وَظَهَرَ مَهْدِيُّنَا كَانَ الرَّجُلُ أجْرَى مِنْ لَيْثٍ وَأمْضَى مِنْ سِنَانٍ)(1).
162 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن شَمُّونٍ، عَن الأصَمَّ، عَنْ مَالِكِ بْن عَطِيَّةَ، عَن ابْن تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (دَمَان فِي الإسْلاَم حَلاَلٌ مِنَ اللهِ لاَ يَقْضِي فِيهِمَا أحَدٌ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ قَائِمَنَا أهْلَ الْبَيْتِ، فَإذَا بَعَثَ اللهُ عزّ وجل قَائِمَنَا أهْلَ الْبَيْتِ حَكَمَ فِيهِمَا بِحُكْم اللهِ لاَ يُريدُ عَلَيْهِمَا بَيَّنَةً: الزَّانِي الْمُحْصَنُ يَرْجُمُهُ، وَمَانِعُ الزَّكَاةِ يَضْربُ عُنُقَهُ)(2).
163 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عَبْدِ اللهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن، عَنْ سَهْل بْن زيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن الْعَبَّاس بْن الْحَريش(3)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه السلام، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (بَيْنَا أبِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذَا رَجُلٌ مُعْتَجِرٌ قَدْ قُيَّضَ لَهُ فَقَطَعَ عَلَيْهِ اُسْبُوعَهُ(4) حَتَّى أدْخَلَهُ إِلَى دَارٍ جَنْبَ الصَّفَا فَأرْسَلَ إِلَيَّ فَكُنَّا ثَلاَثَةً، فَقَالَ: خ.
ص: 431
مَرْحَباً يَا ابْنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأسِي وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيكَ يَا أمِينَ اللهِ بَعْدَ آبَائِهِ يَا بَا جَعْفَرٍ(1) إِنْ شِئْتَ فَأخْبِرْني وَإِنْ شِئْتَ فَأخْبَرْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ سَلْنِي وَإِنْ شِئْتَ سَألْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَاصْدُقْنِي وَإِنْ شِئْتَ صَدَقْتُكَ، قَالَ: كُلَّ ذَلِكَ أشَاءُ...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: فَوَدِدْتُ أنَّ عَيْنَيْكَ تَكُونُ مَعَ مَهْدِيَّ هَذِهِ الاُمَّةِ وَالْمَلاَئِكَةُ بِسُيُوفِ آل دَاوُدَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْض تُعَذّبُ أرْوَاحَ الْكَفَرَةِ مِنَ الأمْوَاتِ وَيُلْحِقُ(2) بِهِمْ أرْوَاحَ أشْبَاهِهِمْ مِنَ الأحْيَاءِ، ثُمَّ أخْرَجَ سَيْفاً، ثُمَّ قَالَ: هَا إِنَّ هَذَا مِنْهَا)، قَالَ: (فَقَالَ أبِي: إِي وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّداً عَلَى الْبَشَر)، قَالَ: (فَرَدَّ الرَّجُلُ اعْتِجَارَهُ وَقَالَ: أنَا إِلْيَاسُ مَا سَألْتُكَ عَنْ أمْركَ وَلِي بِهِ جَهَالَةٌ غَيْرَ أنّي أحْبَبْتُ أنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ قُوَّةً لأصْحَابِكَ...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى أنْ قَالَ: (ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ وَذَهَبَ فَلَمْ أرَهُ)(3).
164 _ الاختصاص: قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (يَكُونُ(4) شِيعَتُنَا فِي دَوْلَةِ الْقَائِم عليه السلام سَنَامَ الأرْض وَحُكَّامَهَا، يُعْطَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلاً)(5)، وَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (اُلْقِيَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِ شِيعَتِنَا مِنْ عَدُوَّنَا، فَإذَا وَقَعَ أمْرُنَا وَخَرَجَ مَهْدِيُّنَا كَانَ أحَدُهُمْ أجْرَى مِنَ اللَّيْثِ وَأمْضَى مِنَ السَّنَان يَطَاُ عَدُوَّنَا بِقَدَمَيْهِ وَيَقْتُلُهُ بِكَفَّيْهِ)(6).6.
ص: 432
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ربْعِيٍّ، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيَّ، قَالَ: قِيلَ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ أصْحَابَنَا بِالْكُوفَةِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ فَلَوْ أمَرْتَهُمْ لأطَاعُوكَ وَاتَّبَعُوكَ، فَقَالَ: (يَجِيءُ أحَدُهُمْ إِلَى كِيس أخِيهِ فَيَأخُذُ مِنْهُ حَاجَتَهُ؟)، فَقَالَ: لاَ، قَالَ: (فَهُمْ بِدِمَائِهِمْ أبْخَلُ).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ النَّاسَ فِي هُدْنَةٍ نُنَاكِحُهُمْ(1) وَنُوَارثُهُمْ وَنُقِيمُ(2) عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ وَنُؤَدَّي(3) أمَانَاتِهِمْ حَتَّى إِذْ قَامَ الْقَائِمُ جَاءَتِ الْمُزَامَلَةُ(4) وَيَأتِي الرَّجُلُ إِلَى كِيس أخِيهِ فَيَأخُذُ حَاجَتَهُ لاَ يَمْنَعُهُ)(5).
165 _ تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَاريُّ مُعَنْعَناً، عَنْ عِمْرَانَ بْن دَاهِرٍ(6)، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام: لَنُسَلّمُ عَلَى الْقَائِم بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: (لاَ، ذَلِكَ اسْمٌ سَمَّاهُ اللهُ(7) أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ لاَ يُسَمَّى بِهِ أحَدٌ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ إِلاَّ كَافِرٌ)، قَالَ: فَكَيْفَ نُسَلّمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: (تَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ)، قَالَ: ثُمَّ قَرَأ جَعْفَرٌ عليه السلام: (((بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))(8))(9).9.
ص: 433
166 _ تفسير فرات: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيَّ بْن بَزيع مُعَنْعَناً، عَنْ زَيْدِ بْن عليًّ، قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ مِنْ آل مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أيُّهَا النَّاسُ نَحْنُ الَّذِينَ وَعَدَكُمُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَْرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عاقِبَةُ الأُْمُورِ))(1))(2).
167 _ تفسير فرات: الْقَاسِمُ بْنُ عُبَيْدٍ مُعَنْعَناً، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَوْلُهُ تَعَالَى: ((الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَْرْضِ هَوْناً ...))(3) إِلَى قَوْلِهِ: ((حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)) ثَلاَثَ عَشْرَةَ آيَات(4)، قَالَ: (هُمُ الأوْصِيَاءُ ((يَمْشُونَ عَلَى الأَْرْضِ هَوْناً)) فَإذَا قَامَ الْقَائِمُ عَرَضُوا(5) كُلَّ نَاصِبٍ عَلَيْهِ فَإنْ أقَرَّ بِالإسْلاَم وَهِيَ الْوَلاَيَةُ وَإِلاَّ ضُربَتْ عُنُقُهُ أوْ أقَرَّ بِالْجِزْيَةِ فَأدَّاهَا كَمَا يُؤَدَّي أهْلُ الذّمَّةِ)(6).
168 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَسَن التَّيْمِيَّ(7)، عَنْ أخَوَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأحْمَدَ، عَنْ عَلِيَّ بْن يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيدِ بْن عُمَرَ(8) الْجُعْفِيَّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أهْل مِصْرَ،).
ص: 434
عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالَ: (أمَا إِنَّ قَائِمَنَا عليه السلام لَوْ قَدْ قَامَ لأخَذَ بَنِي شَيْبَةَ وَقَطَعَ أيْدِيَهُمْ وَطَافَ بِهِمْ وَقَالَ: هَؤُلاَءِ سُرَّاقُ اللهِ)(1).
169 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (أوَّلُ مَا يُظْهِرُ الْقَائِمُ مِنَ الْعَدْل أنْ يُنَادِيَ مُنَادِيهِ أنْ يُسَلّمَ صَاحِبُ النَّافِلَةِ لِصَاحِبِ الْفَريضَةِ الْحَجَرَ الأسْوَدَ وَالطَّوَافَ)(2).
170 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَن الْحَلَبِيَّ، قَالَ: سُئِلَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَن الْمَسَاجِدِ الْمُظَلَّلَةِ أتُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِيهَا، فَقَالَ: (نَعَمْ، وَلَكِنْ لاَ يَضُرُّكُمُ الْيَوْمَ وَلَوْ قَدْ كَانَ الْعَدْلُ لَرَأيْتُمْ كَيْفَ يُصْنَعُ فِي ذَلِكَ)(3).
171 _ الكافي: الْحَسَنُ بْنُ عليًّ الْعَلَويُّ، عَنْ سَهْل بْن جُمْهُورٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم بْن عَبْدِ اللهِ الْعَلَويَّ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعُرَنيَّ، عَنْ عَمْرو بْن جُمَيْع، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَن الصَّلاَةِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمُصَوَّرَةِ فَقَالَ: (أكْرَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ لاَ يَضُرُّكُمُ(4) الْيَوْمَ وَلَوْ قَدْ قَامَ الْعَدْلُ لَرَأيْتُمْ كَيْفَ يُصْنَعُ فِي ذَلِكَ)(5).
172 _ تهذيب الأحكام: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن زَيْدٍ مَوْلَى الْكَاهِلِيَّ، عَنْهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام 6.
ص: 435
قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي وَصْفِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ: (فِي وَسَطِهِ عَيْنٌ مِنْ دُهْنٍ، وَعَيْنٌ مِنْ لَبَنٍ، وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ شَرَابٍ لِلْمُؤْمِنينَ، وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ طَهُورٍ لِلْمُؤْمِنينَ)(1).
173 _ تهذيب الأحكام: مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنيَّ، قَالَ: خَرَجَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام إِلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ: (لَيَتَّصِلَنَّ هَذِهِ بِهَذِهِ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ _ حَتَّى يُبَاعَ الذّرَاعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا بِدَنَانِيرَ، وَلَيَبْنيَنَّ بِالْحِيرَةِ مَسْجِداً لَهُ خَمْسُمِائَةِ بَابٍ يُصَلّي فِيهِ خَلِيفَةُ الْقَائِم عليه السلام، لأنَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ لَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ، وَلَيُصَلّيَنَّ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَدْلاً)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَيَسَعُ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ هَذَا الَّذِي تَصِفُ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (تُبْنَى لَهُ أرْبَعُ مَسَاجِدَ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ أصْغَرُهَا وَهَذَا وَمَسْجِدَان فِي طَرَفَي الْكُوفَةِ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَهَذَا الْجَانِبِ _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ نَحْوَ نَهَر الْبَصْريَّينَ وَالْغَريَّيْن _)(2).
174 _ كتاب حسين بن سعيد والنوادر: أبُو الْحَسَن(3) بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن أبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ لِي: (يَا ابْنَ أبِي يَعْفُورٍ هَلْ قَرَأتَ الْقُرْآنَ؟)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ، قَالَ: (عَنْهَا سَألْتُكَ لَيْسَ عَنْ غَيْرهَا)، قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَلِمَ؟
قَالَ: (لأنَّ مُوسَى عليه السلام حَدَّثَ قَوْمَهُ بِحَدِيثٍ لَمْ يَحْتَمِلُوهُ عَنْهُ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ بِمِصْرَ فَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ، وَلأنَّ عِيسَى عليه السلام حَدَّثَ قَوْمَهُ بِحَدِيثٍ فَلَمْ يَحْتَمِلُوهُ عَنْهُ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ بِتَكْريتَ فَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ ).
ص: 436
فَقَتَلَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ))(1) وَإِنَّهُ أوَّلُ قَائِم يَقُومُ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يُحَدَّثُكُمْ بِحَدِيثٍ لاَ تَحْتَمِلُونَهُ فَتَخْرُجُونَ عَلَيْهِ بِرُمَيْلَةِ الدَّسْكَرَةِ فَتُقَاتِلُونَهُ فَيُقَاتِلُكُمْ فَيَقْتُلُكُمْ وَهِيَ آخِرُ خَارجَةٍ تَكُونُ)(2)، الْخَبَرَ.
بيان: قوله: ولِمَ؟ أي ولِمَ لم تسألني عن غير تلك القراءة وهي المنزلة التي ينبغي أن يعلم؟ فأجاب عليه السلام بأنَّ القوم لا يحتملون تغيير القرآن ولا يقبلونه واستشهد بما ذكر.
175 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الأحْوَل، عَنْ سَلاَّم بْن الْمُسْتَنِير، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يُحَدَّثُ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام عَرَضَ الإيمَانَ عَلَى كُلّ نَاصِبٍ فَإنْ دَخَلَ فِيهِ بِحَقِيقَةٍ وَإِلاَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ أوْ يُؤَدَّيَ الْجِزْيَةَ كَمَا يُؤَدَّيهَا الْيَوْمَ أهْلُ الذّمَّةِ، وَيَشُدُّ عَلَى وَسَطِهِ الْهِمْيَانَ وَيُخْرجُهُمْ مِنَ الأمْصَار إِلَى السَّوَادِ)(3).
176 _ الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِح بْن أبِي حَمَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن بَشِيرٍ، عَنْ عَيْثَم(4) بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا تَمَنَّى أحَدُكُمُ الْقَائِمَ فَلْيَتَمَنَّهُ فِي عَافِيَةٍ فَإنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم رَحْمَةً وَيَبْعَثُ الْقَائِمَ نَقِمَةً)(5).6.
ص: 437
177 _ أقُولُ: رُويَ فِي كِتَابِ مَزَارٍ لِبَعْض قُدَمَاءِ أصْحَابِناَ(1): عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم عليه السلام فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (نَعَمْ كَانَ فِيهِ مَنْزلُ إِدْريسَ، وَكَانَ مَنْزلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيل الرَّحْمَن، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَفِيهِ مَسْكَنُ الْخَضِر (وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ)(2))، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لاَ يَزَالُ الْقَائِمُ فِيهِ أبَداً، قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: فَمِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْخَلْقِ)، قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ مِنْ أهْل الذّمَّةِ عِنْدَهُ(3)؟ قَالَ: (يُسَالِمُهُمْ كَمَا سَالَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)، قُلْتُ: فَمَنْ نَصَبَ لَكُمْ عَدَاوَةً؟ فَقَالَ: (لاَ يَا بَا مُحَمَّدٍ مَا لِمَنْ خَالَفَنَا فِي دَوْلَتِنَا مِنْ نَصِيبٍ إِنَّ اللهَ قَدْ أحَلَّ لَنَا دِمَاءَهُمْ عِنْدَ قِيَام قَائِمِنَا فَالْيَوْمَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ فَلاَ يَغُرَّنَّكَ أحَدٌ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(4).
178 _ أقُولُ: قَدْ مَضَى بَعْضُ الأخْبَار فِي سِيَرهِ عليه السلام فِي أكْثَر الأبْوَابِ السَّابِقَةِ، وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ الأنْوَار الْمُضِيئَةِ بِإسْنَادِهِ إِلَى أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ إِنْظَار اللهِ تَعَالَى إِبْلِيسَ وَقْتاً مَعْلُوماً ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: 4.
ص: 438
((فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ))(1)، قَالَ: الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ يَوْمُ قِيَام الْقَائِم، فَإِذَا بَعَثَهُ اللهُ كَانَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَجَاءَ إِبْلِيسُ حَتَّى يَجْثُوَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَيَقُولُ: يَا وَيْلاَهُ مِنْ هَذَا الْيَوْم، فَيَأخُذُ بِنَاصِيَتِهِ فَيَضْربُ عُنُقَهُ، فَذَلِكَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم مُنْتَهَى أجَلِهِ)(2).
179 _ الاختصاص: أبُو الْقَاسِم الشَّعْرَانِيُّ يَرْفَعُهُ، عَن ابْن ظَبْيَانَ، عَن ابْن الْحَجَّاج، عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام أتَى رَحْبَةَ الْكُوفَةِ فَقَالَ بِرجْلِهِ(3) هَكَذَا _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِع _ ثُمَّ قَالَ: احْفِرُوا هَاهُنَا، فَيَحْفِرُونَ فَيَسْتَخْرجُونَ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ دِرْع وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ سَيْفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ بَيْضَةٍ لِكُلّ بَيْضَةٍ وَجْهَان(4)، ثُمَّ يَدْعُو اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ رَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي (مِنَ الْعَرَبِ)(5) وَالْعَجَم فَيُلْبِسُهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْكُمْ فَاقْتُلُوهُ)(6).
عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام أتَى رَحْبَةَ الْكُوفَةِ فَقَالَ بِرجْلِهِ هَكَذَا _ وَأوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِع _ ثُمَّ قَالَ: احْفِرُوا هَاهُنَا، فَيَحْفِرُونَ فَيَسْتَخْرجُونَ اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ دِرْع وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ سَيْفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ بَيْضَةٍ لِكُلّ بَيْضَةٍ وَجْهَان، ثُمَّ يَدْعُو اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ رَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَم فَيُلْبِسُهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْكُمْ فَاقْتُلُوهُ).4.
ص: 439
180 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مَيْمُونٍ، عَنْ بَدْر بْن خَلِيلٍ الأزْدِيَّ(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ))(2) قَالَ:
(إِذَا قَامَ الْقَائِمُ عليه السلام وَبَعَثَ إِلَى بَنِي اُمَيَّةَ بِالشَّام هَرَبُوا إِلَى الرُّوم فَيَقُولُ لَهُمُ الرُّومُ: لاَ نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَتَنَصَّرُوا، فَيُعَلّقُونَ فِي أعْنَاقِهِمُ الصُّلْبَانَ وَيُدْخِلُونَهُمْ، فَإذَا نَزَلَ بِحَضْرَتِهِمْ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام طَلَبُوا الأمَانَ وَالصُّلْحَ فَيَقُولُ أصْحَابُ الْقَائِم عليه السلام: لاَ نَفْعَلُ حَتَّى تَدْفَعُوا إِلَيْنَا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنَّا، قَالَ: فَيَدْفَعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)))، قَالَ: (يَسْألُهُمُ الْكُنُوزَ وَهُوَ أعْلَمُ بِهَا)، قَالَ: (فَيَقُولُونَ: ((يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(3) بِالسَّيْفِ)(4).
181 _ الكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: قَوْلُ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(5)، قَالَ: (لَمْ يَجِئْ تَأويلُ هَذِهِ الآيَةِ بَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم رَخَّصَ لَهُمْ لِحَاجَتِهِ وَحَاجَةِ أصْحَابِهِ،9.
ص: 440
فَلَوْ قَدْ جَاءَ تَأويلُهَا لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ حَتَّى يُوَحَّدَ اللهُ عزّ وجل وَحَتَّى لاَ يَكُونَ شِرْكٌ)(1).
182 _ الكافي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي نُصَيْرٍ(2)، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: وَأتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكُمْ أهْلُ بَيْتِ رَحْمَةٍ اخْتَصَّكُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا، فَقَالَ لَهُ: (كَذَلِكَ وَالْحَمْدُ للهِ، لاَ نُدْخِلُ أحَداً فِي ضَلاَلَةٍ وَلاَ نُخْرجُهُ مِنْ هُدًى، إِنَّ الدُّنْيَا لاَ تَذْهَبُ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ عزّ وجل رَجُلاً مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَعْمَلُ بِكِتَابِ اللهِ لاَ يَرَى مُنْكَراً إِلاَّ أنْكَرَهُ)(3).
183 _ أمالي الطوسي: الْفَحَّامُ، عَنْ عَمَّهِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عليًّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَحْيَى بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أخِيهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، عَنْ أبِيهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ اللَّوْح: ((م ح م د) يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان عَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ بَيْضَاءُ تُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْس تُنَادِي بِلِسَانٍ فَصِيح يُسْمِعُهُ الثَّقَلَيْن وَالْخَافِقَيْن: هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ آل مُحَمَّدٍ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً)(4).
184 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا، وأمالي الصدوق: الْعَطَّارُ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زيَادٍ الأزْدِيَّ، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَن الثُّمَالِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ عليهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (الأئِمَّةُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أوَّلُهُمْ أنْتَ يَا 6.
ص: 441
عَلِيُّ وَآخِرُهُمُ الْقَائِمُ الَّذِي يَفْتَحُ اللهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَى يَدَيْهِ مَشارقَ الأرْض وَمَغاربَهَا)(1).
185 _ كمال الدين، وعيون أخبار الرضا: الطَّالَقَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَمَّام، عَنْ أحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَن الصَّادِقِ عليه السلام، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (لَمَّا اُسْريَ بِي أوْحَى إِلَيَّ رَبَّي جلّ جلاله...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (فَرَفَعْتُ رَأسِي فَإذَا أنَا بِأنْوَار عليًّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَعَلِيَّ بْن الْحُسَيْن وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ وَجَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْن جَعْفَرٍ وَعَلِيَّ بْن مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْن عليًّ وَعَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ وَالْحَسَن بْن عليًّ وَالْحُجَّةِ(2) بْن الْحَسَن الْقَائِم فِي وَسَطِهِمْ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرَّيٌّ.
قُلْتُ: يَا رَبَّ مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الأئِمَّةُ، وَهَذَا الْقَائِمُ الَّذِي يُحِلُّ(3) حَلاَلِي وَيُحَرَّمُ حَرَامِي، وَبهِ أنْتَقِمُ مِنْ أعْدَائِي، وَهُوَ رَاحَةٌ لأوْلِيَائِي، وَهُوَ الَّذِي يَشْفِي قُلُوبَ شِيعَتِكَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَالْجَاحِدِينَ وَالْكَافِرينَ، فَيُخْرجُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى طَريَّيْن فَيُحْرقُهُمَا، فَلَفِتْنَةُ النَّاس بِهِمَا يَوْمَئِذٍ أشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الْعِجْل وَالسَّامِريَّ)(4).
186 _ الغيبة للنعماني: بِالإسْنَادِ الَّذِي سَبَقَ فِي بَابِ النَّصّ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (آخِرُهُمُ اسْمُهُ 8.
ص: 442
عَلَى(1) اسْمِي يَخْرُجُ فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَأتِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَالُ كُدْسٌ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ أعْطِني، فَيَقُولُ: خُذْ)(2).
187 _ كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ السَّابِقِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَن ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم، قَالَ: (التَّاسِعُ مِنْهُمْ قَائِمُ أهْل بَيْتِي وَمَهْدِيُّ اُمَّتِي، أشْبَهُ النَّاس بِي فِي شَمَائِلِهِ وَأقْوَالِهِ وَأفْعَالِهِ، لَيَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَويلَةٍ وَحَيْرَةٍ مُضِلَّةٍ، فَيُعْلِي أمْرَ اللهِ وَيُظْهِرُ دِيْنَ اللهِ(3)، وَيُؤَيَّدُ بِنَصْر اللهِ وَيُنْصَرُ بِمَلاَئِكَةِ اللهِ، فَيَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً)(4).
188 _ كفاية الأثر: بِالأسَانِيدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي مَضَتْ فِي الْبَابِ الْمَذْكُور، عَنْ عَلِيّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَعْدَ عَدَّ الأئِمَّةِ عليهم السلام: ثُمَّ يَغِيبُ عَنْهُمْ إِمَامُهُمْ مَا شَاءَ اللهُ، وَيَكُونُ لَهُ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أطْوَلُ مِنَ الاُخْرَى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ فَقَالَ رَافِعاً صَوْتَهُ: الْحَذَرَ الْحَذَرَ إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنْ وُلْدِي).
قَالَ عَلِيٌّ: (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا يَكُونُ (حَالُهُ) عِنْدَ غَيْبَتِهِ(5)؟
قَالَ: يَصْبِرُ حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ بِالْخُرُوج فَيَخْرُجُ (مِنَ الْيَمَن)(6) مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كَرْعَةُ(7)، عَلَى رَأسِهِ عِمَامَتِي، مُتَدَرَّعٌ بِدِرْعِي، مُتَقَلّدٌ بِسَيْفِي ذِي الْفَقَار، وَمُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا الْمَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ، يَمْلأ الأرْضَ ).
ص: 443
قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَذَلِكَ عِنْدَ مَا تَصِيرُ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَيَغَارُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلاَ الْكَبِيرُ يَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَلاَ الْقَويُّ يَرْحَمُ الضَّعِيفَ، فَحِينَئِذٍ يَأذَنُ اللهُ لَهُ بِالْخُرُوج)(1).
189 _ الكافي: بَعْضُ أصْحَابِنَا رَفَعَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن كَثِيرٍ الرَّقّيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا مَعْنَى السَّلاَم عَلَى رَسُول اللهِ؟ فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ نَبِيَّهُ وَوَصِيَّهُ وَابْنَتَهُ وَابْنَيْهِ وَجَمِيعَ الأئِمَّةِ وَخَلَقَ شِيعَتَهُمْ أخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ وَأنْ يَصْبِرُوا وَيُصَابِرُوا وَيُرَابِطُوا، وَأنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَوَعَدَهُمْ أنْ يُسَلّمَ لَهُمُ الأرْضَ الْمُبَارَكَةَ، وَالْحَرَمَ الأمْنَ، وَأنْ يُنَزّلَ لَهُمُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ، وَيُظْهِرَ لَهُمُ السَّقْفَ الْمَرْفُوعَ، وَيُريحَهُمْ مِنْ عَدُوَّهِمْ، وَالأرْضَ الَّتِي يُبَدَّلُهَا اللهُ مِنَ السَّلاَم، وَيُسَلّمُ مَا فِيهَا لَهُمْ لا شِيَةَ فِيها)، قَالَ: (لاَ خُصُومَةَ فِيهَا لِعَدُوَّهِمْ، وَأنْ يَكُونَ لَهُمْ فِيهَا مَا يُحِبُّونَ، وَأخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَلَى جَمِيع الأئِمَّةِ وَشِيعَتِهِمُ الْمِيثَاقَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا السَّلاَمُ(2) عَلَيْهِ تَذْكِرَةُ نَفْس الْمِيثَاقِ وَتَجْدِيدٌ لَهُ عَلَى اللهِ لَعَلَّهُ أنْ يُعَجَّلَهُ جَلَّ وَعَزَّ وَيُعَجَّلَ السَّلاَمَ لَكُمْ بِجَمِيع مَا فِيهِ)(3).
190 _ أقُولُ: رَوَى مُؤَلّفُ الْمَزَار الْكَبِير بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا مُحَمَّدٍ كَأنّي أرَى نُزُولَ الْقَائِم فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأهْلِهِ وَعِيَالِهِ)، قُلْتُ: يَكُونُ مَنْزلَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: 9.
ص: 444
(نَعَمْ، كَانَ فِيهِ مَنْزلُ إِدْريسَ، وَكَانَ مَنْزلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيل الرَّحْمَن، وَمَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَفِيهِ مَسْكَنُ الْخَضِر، وَالْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيم فِي فُسْطَاطِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَقَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ).
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَلاَ يَزُولُ الْقَائِمُ فِيهِ أبَداً؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: فَمِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: (هَكَذَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَى انْقِضَاءِ الْخَلْقِ)، قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ مِنْ أهْل الذّمَّةِ عِنْدَهُ؟ قَالَ: (يُسَالِمُهُمْ كَمَا سَالَمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ).
قُلْتُ: فَمَنْ نَصَبَ لَكُمْ عَدَاوَةً؟ فَقَالَ: (لاَ يَا أبَا مُحَمَّدٍ مَا لِمَنْ خَالَفَنَا فِي دَوْلَتِنَا مِنْ نَصِيبٍ، إِنَّ اللهَ قَدْ أحَلَّ لَنَا دِمَاءَهُمْ عِنْدَ قِيَام قَائِمِنَا، فَالْيَوْمَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ ذَلِكَ فَلاَ يَغُرَّنَّكَ أحَدٌ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَنَا أجْمَعِينَ)(1).
191 _ تهذيب الأحكام: الصَّفَّارُ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن هِلاَلٍ، عَن الْعَلاَءِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَن الْقَائِم إِذَا قَامَ بِأيَّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاس؟ فَقَالَ: (بِسِيرَةِ مَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى يُظْهِرَ الإسْلاَمَ).
قُلْتُ: وَمَا كَانَتْ سِيرَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قَالَ: (أبْطَلَ مَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِالْعَدْل، وَكَذَلِكَ الْقَائِمُ عليه السلام إِذَا قَامَ يُبْطِلُ مَا كَانَ فِي الْهُدْنَةِ مِمَّا كَانَ فِي أيْدِي النَّاس وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمُ الْعَدْلَ)(2).1.
ص: 445
تذييل
قال شيخنا الطبرسي في كتاب (إعلام الورى):
فإن قيل: إذا حصل الإجماع على أنَّ لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأنتم قد زعمتم أنَّ القائم عليه السلام إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنَّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين وأمر بهدم المساجد والمشاهد وأنَّه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل(1) بيّنة وأشباه ذلك ممّا ورد في آثاركم وهذا تكون(2) نسخاً للشريعة وإبطالاً لأحكامها فقد أثبتم معنى النبوّة وإن لم تتلفّظوا باسمها فما جوابكم عنها؟
الجواب: إنّا لم نعرف ما تضمّنه السؤال من أنَّه عليه السلام لا يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنَّه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به.
فأمَّا هدم المساجد والمشاهد فقد يجوز أن يختصّ بهدم ما بني من ذلك على غير تقوى الله تعالى وعلى خلاف ما أمر الله سبحانه به وهذا مشروع قد فعله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وأمَّا ما روي من أنَّه عليه السلام يحكم بحكم آل(3) داود لا يسأل عن بيّنة فهذا أيضاً غير مقطوع به وإن صحَّ فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه وإذا علم الإمام أو الحاكم أمراً من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل عنه(4)، وليس في هذا نسخ الشريعة.).
ص: 446
على أنَّ هذا الذي ذكروه: من ترك قبول الجزية واستماع البيّنة إن صحَّ لم يكن نسخاً للشريعة لأنَّ النسخ هو ما تأخَّر دليله عن الحكم المنسوخ ولم يكن مصطحباً فأمَّا إذا اصطحب الدليلان فلا يكون ذلك(1) ناسخاً لصاحبه وإن كان مخالفة في المعنى(2)، ولهذا اتّفقنا على أنَّ الله سبحانه لو قال: (الزموا السبت إلى وقت كذا ثُمَّ لا تلزموه)(3) لا يكون نسخاً لأنَّ الدليل الرافع مصاحب الدليل الموجب وإذا صحَّت هذه الجملة وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قد أعلمنا بأنَّ القائم من ولده يجب اتّباعه وقبول أحكامه فنحن إذا صرنا إلى ما يحكم (به)(4) فينا وإن خالف بعض الأحكام المتقدّمة غير عاملين بالنسخ لأنَّ النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل(5)، انتهى.
192 _ أقُولُ: رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ فِي شَرْح السُّنَّةِ بِإسْنَادِهِ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أنْ يُنْزلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حُكْماً عَدْلاً يَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، فَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أحَدٌ)(6).ل.
ص: 447
ثُمَّ قال: قوله: (يكسَّر الصليب) يريد إبطال النصرانية والحكم بشرع الإسلام، ومعنى قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله وفيه بيان أنَّ أعيانها نجسة لأنَّ عيسى إنَّما يقتلها على حكم شرع الإسلام والشيء الطاهر المنتفع به لا يباح إتلافه. و قوله: (ويضع الجزية) معناه أنَّه يضعها من أهل الكتاب ويحملهم على الإسلام فقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في نزول عيسى عليه السلام(1): (ويهلك(2) في زمانه الملل كلّها إلاَّ الإسلام، ويهلك الدجّال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثُمَّ يتوفّى فيصلّي عليه المسلمون).
وقيل: معنى وضع الجزية أنَّ المال يكثر حتَّى لا يوجد محتاج ممن يوضع فيهم الجزية يدلُّ عليه قوله عليه السلام: (فيفيض المال حتَّى لا يقبله أحد)(3).
وَرَوَى الْبُخَاريُّ(4) بِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ م.
ص: 448
صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟)، وهذا حديث متّفق على صحّته(1)، انتهى.
أقول: وقد أورد هو وغيره أخباراً أخر في ذلك فظهر أنَّ هذه الأمور المنقولة من سير القائم عليه السلام لا يختصّ بنا بل أوردها المخالفون أيضاً ونسبوه إلى عيسى عليه السلام لكن قد رووا أنَّ إمامكم منكم فما كان جوابهم فهو جوابنا والشبهة مشتركة بينهم وبيننا.
193 _ أقُولُ: ذَكَرَ السَّيَّدُ ابْنُ طَاوُسٍ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ (سَعْدِ السُّعُودِ): أنّي وَجَدْتُ فِي صُحُفِ إِدْريسَ النَّبِيَّ عليه السلام عِنْدَ ذِكْر سُؤَال إِبْلِيسَ وَجَوَابِ اللهِ لَهُ: ((قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))، قَالَ: لاَ وَلَكِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ إِلى يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، فَإنَّهُ يَوْمٌ قَضَيْتُ وَحَتَمْتُ أنْ اُطَهَّرَ الأرْضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكُفْر وَالشّرْكِ وَالْمَعَاصِي.
وَانْتَخَبْتُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ عِبَاداً لِي امْتَحَنْتُ قُلُوبَهُمْ لِلإيمَان وَحَشَوْتُهَا بِالْوَرَع(2) وَالإخْلاَص وَالْيَقِين وَالتَّقْوَى وَالْخُشُوع وَالصّدْقِ وَالْحِلْم وَالصَّبْر وَالْوَقَار وَالتُّقَى وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدِي(3)، وَأجْعَلُهُمْ دُعَاةَ الشَّمْس وَالْقَمَر، وَأسْتَخْلِفُهُمْ فِي الأرْض وَاُمَكّنُ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَيْتُهُ لَهُمْ، ثُمَّ يَعْبُدُونَنِي لا يُشْركُونَ بِي شَيْئاً، يُقِيمُونَ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ لِحِينهَا، وَيَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر.
وَاُلْقِيَ فِي تِلْكَ الزَّمَان الأمَانَةُ عَلَى الأرْض فَلاَ يَضُرُّ شَيْءٌ شَيْئاً وَلاَ يَخَافُ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ تَكُونُ الْهَوَامُّ وَالْمَوَاشِي بَيْنَ النَّاس فَلاَ يُؤْذِي ).
ص: 449
بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَاُنْزعَ حُمَةُ كُلّ ذِي حُمَةٍ مِنَ الْهَوَامَّ وَغَيْرهَا، وَاُذْهِبَ سَمُّ كُلّ مَا يَلْدَغُ، وَاُنْزلَ بَرَكَاتٌ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْض، وَتَزْهَرُ الأرْضُ بِحُسْن نَبَاتِهَا وَتُخْرجُ كُلَّ ثِمَارهَا وَأنْوَاعَ طِيبهَا.
وَاُلْقِيَ الرَّأفَةُ وَالرَّحْمَةُ بَيْنَهُمْ فَيَتَوَاسَوْنَ وَيَقْتَسِمُونَ بِالسَّويَّةِ فَيَسْتَغْنِي الْفَقِيرُ، وَلاَ يَعْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَيَرْحَمُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ، وَيُوَقّرُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ، وَيَدِينُونَ بِالْحَقَّ وَبهِ يَعْدِلُونَ وَيَحْكُمُونَ، اُولَئِكَ أوْلِيَائِي اخْتَرْتُ لَهُمْ نَبِيّاً مُصْطَفًى وَأمِيناً مُرْتَضًى فَجَعَلْتُهُ لَهُمْ نَبِيّاً وَرَسُولاً وَجَعَلْتُهُمْ لَهُ أوْلِيَاءَ وَأنْصَاراً، تِلْكَ اُمَّةٌ(1) اخْتَرْتُهَا لِنَبِيَّيَ الْمُصْطَفَى وَأمِينيَ الْمُرْتَضَى ذَلِكَ وَقْتٌ حَجَبْتُهُ فِي عِلْم غَيْبي وَلاَ بُدَّ أنَّهُ وَاقِعٌ اُبِيدُكَ يَوْمَئِذٍ وَخَيْلَكَ وَرَجِلَكَ وَجُنُودَكَ أجْمَعِينَ، فَاذْهَبْ فَإنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرينَ(2) إِلى يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم(3).
بيان: أقول: ظاهر أنَّ هذه الآثار المذكورة مع إبادة الشيطان وخيله ورجله لم تكن في مجموع أيّام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم وأمّته بل يكفي أن يكون في بعض الأوقات بعد بعثته وما ذلك إلاَّ في زمن القائم عليه السلام كما مرَّ في الأخبار و سيأتي.
194 _ وَرَوَى السَّيَّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ (الْغَيْبَةِ)(4) بِإسْنَادِهِ عَن الْبَاقِر عليه السلام قَالَ: (إِذَا ظَهَرَ(5) قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام قَالَ:).
ص: 450
((فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً))(1) خِفْتُكُمْ عَلَى نَفْسِي وَجِئْتُكُمْ لَمَّا أذِنَ لِي رَبَّي وَأصْلَحَ لِي(2) أمْري)(3).
195 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَوْ خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام بَعْدَ أنْ(4) أنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابّاً فَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرَّ الأوَّل)(5).
196 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى سَمَاعَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى(6) ذِي طُوًى قَائِماً عَلَى رجْلَيْهِ حَافِيا(7) يَرْتَقِبُ بِسُنَّةِ مُوسَى عليه السلام حَتَّى يَأتِيَ الْمَقَامَ فَيَدْعُو فِيهِ)(8).
197 _ وَبِإسْنَادِهِ عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلَ عَنْ يَسَارهِ)، وَعَنْهُ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلاَّ وَهُوَ بِهَا)(9).
198 _ وَمِنْ كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ رَفَعَهُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أبِي 0.
ص: 451
مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عليًّ عليهما السلام قَالَ: (لَمَوْضِعُ الرَّجُل فِي الْكُوفَةِ أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دَارٍ فِي الْمَدِينَةِ).
وَعَنْهُ، عَنْ سَعْدِ بْن الأصْبَغ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ بِالْكُوفَةِ فَلْيَتَمَسَّكْ بِهَا)(1).
199 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَهْزمُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام السُّفْيَانِيَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ أغْصَانُهَا مُدْلاَةٌ فِي الْحِيرَةِ طَويلَةٌ)(2).
200 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى بَشِيرٍ النَّبَّال، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (هَلْ تَدْري أوَّلَ مَا يَبْدَاُ بِهِ الْقَائِمُ عليه السلام؟)، قُلْتُ: لاَ، قَالَ: (يُخْرجُ هَذَيْن رَطْبَيْن غَضَّيْن(3) فَيُحْرقُهُمَا وَيُذْريهِمَا فِي الرَّيح وَيَكْسِرُ الْمَسْجِدَ)، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: عَريشٌ كَعَريش مُوسَى عليه السلام)، وَذَكَرَ أنَّ مُقَدَّمَ مَسْجِدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم كَانَ طِيناً وَجَانِبُهُ(4) جَريدَ النَّخْل(5).
201 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا قَدِمَ الْقَائِمُ عليه السلام وَثَبَ(6) أنْ يَكْسِرَ الْحَائِطَ الَّذِي عَلَى الْقَبْر، فَيَبْعَثُ اللهُ تَعَالَى ريحاً شَدِيدَةً وَصَوَاعِقَ وَرُعُوداً حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: إِنَّمَا ذَا لِذَا، فَيَتَفَرَّقُ أصْحَابُهُ عَنْهُ حَتَّى لاَ يَبْقَى مَعَهُ أحَدٌ(7)، فَيَأخُذُ الْمِعْوَلَ بِيَدِهِ فَيَكُونُ أوَّلَ مَنْ يَضْربُ بِالْمِعْوَل، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ أصْحَابُهُ إِذَا رَأوْهُ يَضْربُ الْمِعْوَلَ ).
ص: 452
بِيَدِهِ(1)، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَضْلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِقَدْر سَبْقِهِمْ إِلَيْهِ، فَيَهْدِمُونَ الْحَائِطَ، ثُمَّ يُخْرجُهُمَا غَضَّيْن رَطْبَيْن(2) فَيَلْعَنُهُمَا وَيَتَبَرَّاُ مِنْهُمَا وَيَصْلِبُهُمَا ثُمَّ يُنْزلُهُمَا وَيُحْرقُهُمَا ثُمَّ يُذْريهِمَا فِي الرَّيح)(3).
202 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَمْلِكُ الْقَائِمُ سَبْعَ سِنِينَ تَكُونُ سَبْعِينَ سَنَةً مِنْ سِنيكُمْ هَذِهِ)(4).
وَعَنْهُ عليه السلام(5)، قَالَ: (كَأنّي أنْظُرُ إِلَى الْقَائِم عليه السلام وَأصْحَابِهِ فِي نَجَفِ الْكُوفَةِ كَأنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ، قَدْ فَنِيَتْ أزْوَادُهُمْ وَخَلُقَتْ ثِيَابُهُمْ(6)، قَدْ أثَّرَ السُّجُودُ بِجِبَاهِهِمْ، لُيُوثٌ بِالنَّهَار رُهْبَانٌ بِاللَّيْل، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ، يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهُمْ قُوَّةَ أرْبَعِينَ رَجُلا(7)، لاَ يَقْتُلُ أحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ كَافِرٌ أوْ مُنَافِقٌ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالتَّوَسُّم فِي كِتَابِهِ الْعَزيز بِقَوْلِهِ: ((إِنَّ فِي ذلِكَ لآَياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ))(8))(9).
203 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى كِتَابِ الْفَضْل بْن شَاذَانَ رَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقْتُلُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَبْلُغَ السُّوقَ)، قَالَ: (فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ أبِيهِ: إِنَّكَ لَتُجْفِلُ النَّاسَ إِجْفَالَ النَّعَم، فَبِعَهْدٍ 6.
ص: 453
مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أوْ بِمَا ذَا؟)، قَالَ: (وَلَيْسَ فِي النَّاس رَجُلٌ أشَدَّ مِنْهُ بَأساً فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي فَيَقُولُ لَهُ: لَتَسْكُتَنَّ أوْ لأضْربَنَّ عُنُقَكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُخْرجُ الْقَائِمُ عليه السلام عَهْداً مِنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)(1).
204 _ وَبِإسْنَادِهِ عَن الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام قَالَ: (يَقْتُلُ الْقَائِمُ عليه السلام مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الأجْفَر(2)، وَيُصِيبُهُمْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ)، قَالَ: فَيَضِجُّونَ وَقَدْ نَبَتَتْ لَهُمْ ثَمَرَةٌ يَأكُلُونَ مِنْهَا وَيَتَزَوَّدُونَ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى شَأنُهُ: ((وَآيَةٌ لَهُمُ الأَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ))(3) ثُمَّ يَسِيرُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ وَبَايَعُوا السُّفْيَانِيَّ)(4).
205 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَقْدَمُ الْقَائِمُ عليه السلام حَتَّى يَأتِيَ النَّجَفَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكُوفَةِ جَيْشُ السُّفْيَانِيَّ وَأصْحَابُهُ وَالنَّاسُ مَعَهُ وَذَلِكَ يَوْمُ الأرْبِعَاءِ فَيَدْعُوهُمْ وَيُنَاشِدُهُمْ حَقَّهُ وَيُخْبِرُهُمْ أنَّهُ مَظْلُومٌ مَقْهُورٌ وَيَقُولُ: مَنْ حَاجَّنِي فِي اللهِ فَأنَا أوْلَى النَّاس بِاللهِ...)، إِلَى آخِر مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ، (فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيكَ قَدْ خَبَّرْنَاكُمْ وَاخْتَبَرْنَاكُمْ، فَيَتَفَرَّقُونَ مِنْ غَيْر قِتَالٍ، فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يُعَاودُ فَيَجِيءُ سَهْمٌ فَيُصِيبُ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُهُ، فَيُقَالُ: إِنَّ فُلاَناً قَدْ قُتِلَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَإذَا نَشَرَهَا انْحَطَّتْ عَلَيْهِ مَلاَئِكَةُ بَدْرٍ، فَإذَا زَالَتِ الشَّمْسُ هَبَّتِ الرَّيحُ لَهُ فَيَحْمِلُ عَلَيْهِمْ هُوَ وَأصْحَابُهُب.
ص: 454
فَيَمْنَحُهُمُ اللهُ أكْتَافَهُمْ وَيُوَلُّونَ فَيَقْتُلُهُمْ حَتَّى يُدْخِلَهُمْ أبْيَاتِ الْكُوفَةِ وَيُنَادِي مُنَادِيهِ: ألاَ لاَ تَتْبَعُوا مُوَلّياً وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَريح، وَيَسِيرُ بِهِمْ كَمَا سَارَ عَلِيٌّ عليه السلام يَوْمَ الْبَصْرَةِ).
206 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِذَا بَلَغَ السُّفْيَانِيَّ أنَّ الْقَائِمَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ يَتَجَرَّدُ بِخَيْلِهِ حَتَّى يَلْقَى الْقَائِمَ، فَيَخْرُجُ فَيَقُولُ: أخْرجُوا إِلَيَّ ابْنَ عَمَّي، فَيَخْرُجُ عَلَيْهِ السُّفْيَانِيُّ فَيُكَلّمُهُ الْقَائِمُ عليه السلام فَيَجِيءُ السُّفْيَانِيُّ فَيُبَايِعُهُ، ثُمَّ يَنْصَرفُ إِلَى أصْحَابِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُولُ: أسْلَمْتُ وَبَايَعْتُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: قَبَّحَ اللهُ رَأيَكَ بَيْنَ مَا (بَيْنَمَا) أنْتَ خَلِيفَةٌ مَتْبُوعٌ فَصِرْتَ تَابِعاً فَيَسْتَقْبِلُهُ فَيُقَاتِلُهُ، ثُمَّ يُمْسُونَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ يُصْبِحُونَ لِلْقَائِم عليه السلام بِالْحَرْبِ فَيَقْتَتِلُونَ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَمْنَحُ الْقَائِمَ وَأصْحَابَهُ أكْتَافَهُمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ حَتَّى يُفْنُوهُمْ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَخْتَفِي فِي الشَّجَرَةِ وَالْحَجَرَةِ فَتَقُولُ الشَّجَرَةُ وَالْحَجَرَةُ: يَا مُؤْمِنُ هَذَا رَجُلٌ كَافِرٌ فَاقْتُلْهُ فَيَقْتُلُهُ).
قَالَ: (فَتَشْبَعُ السَّبَاعُ وَالطُّيُورُ مِنْ لُحُومِهِمْ فَيُقِيمُ بِهَا الْقَائِمُ عليه السلام مَا شَاءَ)، قَالَ: (ثُمَّ يَعْقِدُ بِهَا الْقَائِمُ عليه السلام ثَلاَثَ رَايَاتٍ لِوَاءً إِلَى الْقُسْطَنْطِينيَّةِ يَفْتَحُ اللهُ لَهُ وَلِوَاءً إِلَى الصّين فَيَفْتَحُ لَهُ وَلِوَاءً إِلَى جِبَال الدَّيْلَم فَيَفْتَحُ لَهُ).
وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي خَبَرٍ طَويلٍ إِلَى أنْ قَالَ: (وَيَنْهَزمُ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ حَتَّى يَلْحَقُوا بِأرْض الرُّوم فَيَطْلُبُوا إِلَى مَلِكِهَا أنْ يَدْخُلُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُمُ الْمَلِكُ: لاَ نُدْخِلُكُمْ حَتَّى تَدْخُلُوا فِي دِيننَا وَتَنْكِحُونَا وَنَنْكِحَكُمْ وَتَأكُلُوا لَحْمَ الْخَنَازير وَتَشْرَبُوا الْخَمْرَ وَتَعَلَّقُوا الصُّلْبَانَ فِي أعْنَاقِكُمْ وَالزَّنَانِيرَ فِي أوْسَاطِكُمْ فَيَقْبَلُونَ ذَلِكَ
ص: 455
فَيُدْخِلُونَهُمْ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ الْقَائِمُ عليه السلام أنْ أخْرجُوا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أدْخَلْتُمُوهُمْ، فَيَقُولُونَ: قَوْمٌ رَغِبُوا فِي دِيننَا وَزَهِدُوا فِي دِينِكُمْ، فَيَقُولُ عليه السلام: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُخْرجُوهُمْ وَضَعْنَا السَّيْفَ فِيكُمْ، فَيَقُولُونَ لَهُ: هَذَا كِتَابُ اللهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَيَقُولُ: قَدْ رَضِيتُ بِهِ فَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِ فَيَقْرَاُ عَلَيْهِمْ وَإِذَا فِي شَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِمْ أنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ مَنْ دَخَلَ إِلَيْهِمْ مُرْتَدّاً عَن الإسْلاَم وَلاَ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِمْ رَاغِباً إِلَى الإسْلاَم فَإذَا قَرَأ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ وَرَأوْا هَذَا الشَّرْطَ لاَزماً لَهُمْ أخْرَجُوهُمْ إِلَيْهِ فَيَقْتُلُ الرَّجَالَ وَيَبْقُرُ بُطُونَ الْحَبَالَى وَيَرْفَعُ الصُّلْبَانَ فِي الرَّمَاح).
قَالَ: (وَاللهِ لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَى أصْحَابِهِ يَقْتَسِمُونَ الدَّنَانِيرَ عَلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ تُسْلِمُ الرُّومُ عَلَى يَدِهِ فَيَبْني فِيهِمْ مَسْجِداً وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْصَرفُ).
207 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (يَقْضِي الْقَائِمُ بِقَضَايَا يُنْكِرُهَا بَعْضُ أصْحَابِهِ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ آدَمَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ يَقْضِي الثَّانِيَةَ فَيُنْكِرُهَا قَوْمٌ آخَرُونَ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ دَاوُدَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ يَقْضِي الثَّالِثَةَ فَيُنْكِرُهَا قَوْمٌ آخَرُونَ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَيُقَدَّمُهُمْ فَيَضْربُ أعْنَاقَهُمْ ثُمَّ يَقْضِي الرَّابِعَةَ وَهُوَ قَضَاءُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَلاَ يُنْكِرُهَا أحَدٌ عَلَيْهِ).
208 _ وَبِإسْنَادِهِ إِلَى ابْن تَغْلِبَ قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَبْقَ بَيْنَ يَدَيْهِ أحَدٌ إِلاَّ عَرَفَهُ صَالِحٌ أوْ طَالِحٌ).
209 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى أبِي الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ
ص: 456
عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ أخْبِرْني عَنْ صَاحِبِ هَذَا الأمْر، قَالَ: (يُمْسِي مِنْ أخْوَفِ النَّاس وَيُصْبِحُ مِنْ آمَن النَّاس، يُوحَى إِلَيْهِ هَذَا الأمْرُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ).
قَالَ: قُلْتُ: يُوحَى إِلَيْهِ يَا بَا جَعْفَرٍ؟ قَالَ: (يَا بَا جَارُودٍ إِنَّهُ لَيْسَ وَحْيَ نُبُوَّةٍ وَلَكِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ كَوَحْيِهِ إِلَى مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَإِلَى اُمَّ مُوسَى وَإِلَى النَّحْل، يَا بَا الْجَارُودِ إِنَّ قَائِمَ آل مُحَمَّدٍ لأكْرَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَاُمَّ مُوسَى وَالنَّحْل).
210 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرَبِ وَالْفُرْس إِلاَّ السَّيْفُ لاَ يَأخُذُهَا إِلاَّ بِالسَّيْفِ وَلاَ يُعْطِيهَا إِلاَّ بِهِ).
وَعَنْهُ عليه السلام: (لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَنْدَرسَ أسْمَاءُ الْقَبَائِل وَيُنْسَبُ الْقَبِيلَةُ إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ فَيُقَالُ لَهَا: آلُ فُلاَنٍ، وَحَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ إِلَى حَسَبِهِ وَنَسَبِهِ وَقَبِيلَتِهِ فَيَدْعُوهُمْ فَإنْ أجَابُوهُ وَإِلاَّ ضَرَبَ أعْنَاقَهُمْ).
211 _ وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عليًّ عليه السلام: إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، فَمَنْ أخَذَ أرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَمَرَهَا فَلْيُؤَدَّ خَرَاجَهَا إِلَى الإمَام مِنْ أهْل بَيْتِي وَلَهُ مَا أكَلَ مِنْهَا حَتَّى يَظْهَرَ الْقَائِمُ عليه السلام (مِنْ أهْل بَيْتِي) بِالسَّيْفِ فَيَحْويهَا وَيُخْرجُهُمْ عَنْهَا كَمَا حَوَاهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلاَّ مَا كَانَ فِي أيْدِي شِيعَتِنَا فَإنَّهُ يُقَاطِعُهُمْ عَلَى مَا فِي أيْدِيهِمْ وَيَتْرُكُ الأرْضَ فِي أيْدِيهِمْ).
212 _ وَبِإسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَى جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (أوَّلُ مَا يَبْدَاُ الْقَائِمُ عليه السلام بِأنْطَاكِيَةَ فَيَسْتَخْرجُ مِنْهَا التَّوْرَاةَ مِنْ غَارٍ فِيهِ عَصَا مُوسَى وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ)، قَالَ: (وَأسْعَدُ النَّاس بِهِ أهْلُ الْكُوفَةِ)، وَقَالَ: (إِنَّمَا سُمَّيَ الْمَهْدِيَّ لأنَّهُ
ص: 457
يُهْدَى إِلَى أمْرٍ خَفِيٍّ حَتَّى إِنَّهُ يُبْعَثُ إِلَى رَجُلٍ لاَ يَعْلَمُ النَّاسُ لَهُ ذَنْباً فَيَقْتُلُهُ حَتَّى إِنَّ أحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ فِي بَيْتِهِ فَيَخَافُ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ).
وَعَنْهُ عليه السلام قَالَ: (يَمْلِكُ الْقَائِمُ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً كَمَا لَبِثَ أهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ، يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً فَيَفْتَحُ اللهُ لَهُ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، وَيَقْتُلُ النَّاسَ حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ دِينُ مُحَمَّدٍ، وَيَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ، وَيَدْعُو الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فَيُجِيبَانِهِ، وَتُطْوَى لَهُ الأرْضُ، وَيُوحَى إِلَيْهِ فَيَعْمَلُ بِالْوَحْي بِأمْر اللهِ).
وَعَنْهُ عليه السلام: (إِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ بَعَثَ اللهُ تَعَالَى مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ سَبْعِينَ ألْفَ صِدَّيقٍ فَيَكُونُونَ فِي أصْحَابِهِ وَأنْصَارهِ وَيَرُدُّ السَّوَادَ إِلَى أهْلِهِ هُمْ أهْلُهُ وَيُعْطِي النَّاسَ عَطَايَا مَرَّتَيْن فِي السَّنَةِ، وَيَرْزُقُهُمْ فِي الشَّهْر رزْقَيْن، وَيُسَوَّي بَيْنَ النَّاس حَتَّى لاَ تَرَى مُحْتَاجاً إِلَى الزَّكَاةِ، وَيَجِيءُ أصْحَابُ الزَّكَاةِ بِزَكَاتِهِمْ إِلَى الْمَحَاويج مِنْ شِيعَتِهِ فَلاَ يَقْبَلُونَهَا فَيَصُرُّونَهَ(1) وَيَدُورُونَ فِي دُورهِمْ فَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِمْ فَيَقُولُونَ: لاَ حَاجَةَ لَنَا فِي دَرَاهِمِكُمْ...)، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أمْوَالُ أهْل الدُّنْيَا كُلُّهَا مِنْ بَطْن الأرْض وَظَهْرهَا فَيُقَالُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الأرْحَامَ وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدَّمَ الْحَرَامَ وَرَكِبْتُمْ فِيهِ الْمَحَارمَ فَيُعْطِي عَطَاءً لَمْ يُعْطِهِ أحَدٌ قَبْلَهُ).
213 _ وَبِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن مُسْكَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي زَمَان الْقَائِم وَهُوَ بِالْمَشْرقِ لَيَرَى أخَاهُ الَّذِي فِي الْمَغْربِ، وَكَذَا الَّذِي فِي الْمَغْربِ يَرَى أخَاهُ الَّذِي فِي الْمَشْرقِ).).
ص: 458
214 _ العدد القوية: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (كَأنَّنِي بِالْقَائِم عليه السلام عَلَى ظَهْر النَّجَفِ لاَبِسٌ دِرْعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَتَقَلَّصُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَنْتَفِضُ بِهَا فَيَسْتَدِيرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُغَشّي الدَّرْعَ بِثَوْبٍ إِسْتَبْرَقٍ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَرَساً لَهُ أبْلَقَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ يَنْتَفِضُ بِهِ، لاَ يَبْقَى أهْلُ بَلَدٍ إِلاَّ أتَاهُمْ نُورُ ذَلِكَ الشّمْرَاخ حَتَّى يَكُونَ آيَةً لَهُ، ثُمَّ يَنْشُرُ رَايَةَ رَسُول اللهِ إِذَا نَشَرَهَا أضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ).
وَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (كَأنَّنِي بِهِ قَدْ عَبَرَ مِنْ وَادِي السَّلاَم إِلَى مَسِيل السَّهْلَةِ عَلَى فَرَسٍ مُحَجَّلٍ لَهُ شِمْرَاخٌ يَزْهَرُ يَدْعُو وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ حَقّاً حَقّاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِيمَاناً وَصِدْقاً، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ تَعَبُّداً وَرقّاً، اللهُمَّ مُعِزَّ كُلّ مُؤْمِنٍ وَحِيدٍ، وَمُذِلَّ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، أنْتَ كَنَفِي حِينَ تُعْيِيني الْمَذَاهِبُ وَتَضِيقُ عَلَيَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، اللهُمَّ خَلَقْتَنِي وَكُنْتَ غَنِيّاً عَنْ خَلْقِي، وَلَوْ لاَ نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ، يَا مُنْشِرَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَوَاضِعِهَا، وَمُخْرجَ الْبَرَكَاتِ مِنْ مَعَادِنهَا، وَيَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِشُمُوخ الرَّفْعَةِ، فَأوْلِيَاؤُهُ بِعِزّهِ يَتَعَزَّزُونَ، يَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ(1) الْمَذَلَّةِ عَلَى أعْنَاقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ خَائِفُونَ، أسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي فَطَرْتَ بِهِ خَلْقَكَ فَكُلٌّ لَكَ مُذْعِنُونَ، أسْألُكَ أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَأنْ تُنْجِزَ لِي أمْري، وَتُعَجَّلَ لِي فِي الْفَرَج، وَتَكْفِيَني وَتَقْضِيَ حَوَائِجِي السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، إِنَّكَ عَلى كُلّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ)(2).
* * *ة.
ص: 459
ص: 460
تتمّة كتاب الغيبة، تتمّة أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه صلوات الله عليهم أجمعين.
سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام من النصوص على الاثني عشر عليهم السلام.
ص: 461
ص: 462
أقُولُ: رُوِيَ فِي بَعْض مُؤَلَّفَاتِ أصْحَابِناَ(1) عَن الْحُسَيْن بْن حَمْدَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ وَعَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ الْحَسَنِيَّ، عَنْ أبِي شُعَيْبٍ (وَ)مُحَمَّدِ بْن نُصَيْرٍ، عَنْ عَمْرو بْن الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْمُفَضَّل، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ(2)، قَالَ: سَألْتُ سَيَّدِيَ الصَّادِقَ =
ص: 463
عليه السلام: هَلْ لِلْمَأمُور الْمُنْتَظَر الْمَهْدِيَّ عليه السلام مِنْ وَقْتٍ مُوَقَّتٍ يَعْلَمُهُ النَّاسُ؟
فَقَالَ: (حَاشَ للهِ أنْ يُوَقّتَ ظُهُورَهُ بِوَقْتٍ يَعْلَمُهُ شيعَتُنَا).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَلِمَ ذَاكَ؟
قَالَ: (لأنَّهُ هُوَ السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ ...))(1) الآيَةَ، وَهُوَ السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ 7.
ص: 464
أَيَّانَ مُرْساها))(1)، وَقَالَ: ((عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ))(2) وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهَا عِنْدَ أحَدٍ، وَقَالَ: ((فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها ...))(3) الآيَةَ، وَقَالَ: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ))(4)، وَقَالَ: ((وَما يُدْريكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَريباً))(5)، ((يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ))(6)).
قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى ((يُمارُونَ))؟
قَالَ: (يَقُولُونَ مَتَى وُلِدَ؟ وَمَنْ رَأى؟ وَأيْنَ يَكُونُ؟ وَمَتَى يَظْهَرُ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ اسْتِعْجَالاً لأمْر اللهِ وَشَكّاً فِي قَضَائِهِ وَدُخُولاً فِي قُدْرَتِهِ، اُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا الدُّنْيَا وَإِنَّ لِلْكَافِرينَ لَشَرَّ مَآبٍ).
قُلْتُ: أفَلاَ يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ؟
فَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لاَ اُوَقّتُ لَهُ وَقْتاً وَلاَ يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ، إِنَّ مَنْ وَقَّتَ لِمَهْدِيَّنَا وَقْتاً فَقَدْ شَارَكَ اللهَ تَعَالَى فِي عِلْمِهِ، وَادَّعَى أنَّهُ ظَهَرَ عَلَى سِرهِ، وَمَا للهِ مِنْ سِرًّ إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَ إِلَى هَذَا الْخَلْقِ الْمَعْكُوس الضَّال عَن اللهِ الرَّاغِبِ عَنْ أوْلِيَاءِ اللهِ، وَمَا للهِ مِنْ خَبَرٍ إِلاَّ وَهُمْ أخَصُّ بِهِ لِسِرهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا ألْقَى اللهُ إِلَيْهِمْ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ! فَكَيْفَ بَدْءُ ظُهُور الْمَهْدِيَّ عليه السلام وَإِلَيْهِ التَّسْلِيمُ؟8.
ص: 465
قَالَ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ يَظْهَرُ فِي شُبْهَةٍ لِيَسْتَبِينَ، فَيَعْلُو ذِكْرُهُ، وَيَظْهَرُ أمْرُهُ، وَيُنَادَى بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَنَسَبِهِ، وَيَكْثُرُ ذَلِكَ عَلَى أفْوَاهِ الْمُحِقّينَ وَالْمُبْطِلِينَ وَالْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ لِتَلْزَمَهُمُ الْحُجَّةُ بِمَعْرفَتِهِمْ بِهِ عَلَى أنَّهُ قَدْ قَصَصْنَا وَدَلَلْنَا عَلَيْهِ، وَنَسَبْنَاهُ وَسَمَّيْنَاهُ وَكَنَيْنَاهُ، وَقُلْنَا: سَمِيُّ جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَنِيُّهُ، لِئَلاَ يَقُولَ النَّاسُ: مَا عَرَفْنَا لَهُ اسْماً وَلاَ كُنْيَةً وَلاَ نَسَباً.
وَاللهِ لَيَتَحَقَّقُ الإيضَاحُ بِهِ وَباسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَكُنْيَتِهِ عَلَى ألْسِنَتِهِمْ حَتَّى لَيُسَمّيهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، كُلُّ ذَلِكَ لِلُزُوم الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ كَمَا وَعَدَ بِهِ جَدُّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَمَا تَأوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))؟
قَالَ عليه السلام: (هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(2) فَوَ اللهِ يَا مُفَضَّلُ لَيُرْفَعُ عَن الْمِلَل وَالأدْيَان الاخْتِلاَفُ وَيَكُونُ الدَّينُ كُلُّهُ وَاحِداً، كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))(3).
وَقَالَ اللهُ: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآْخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ))(4)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَمَوْلاَيَ وَالدَّينُ الَّذِي فِي آبَائِهِ إِبْرَاهِيمَ وَنُوح وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم هُوَ الإسْلاَمُ؟
قَالَ: (نَعَمْ يَا مُفَضَّلُ، هُوَ الإسْلاَمُ لاَ غَيْرُ). .
ص: 466
قُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ أتَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ؟
قَالَ: (نَعَمْ مِنْ أوَّلِهِ إِلَى آخِرهِ وَمِنْهُ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِْسْلامُ))، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ((مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ))(1). وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ: ((وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ))(2)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ: ((حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(3)، وَفِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ وَبلْقِيسَ: ((قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ))(4)، وَقَوْلِهَا: ((وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ))(5).
وَقَوْل عِيسَى عليه السلام: ((مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))(6)، وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(7)، وَقَوْلُهُ فِي قِصَّةِ لُوطٍ: ((فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(8)، وَقَوْلُهُ: ((قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))(9)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ((أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))(10)).3.
ص: 467
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي كَم الْمِلَلُ؟
قَالَ: (أرْبَعَةٌ وَهِيَ شَرَائِعُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي الْمَجُوسُ لِمَ سُمُّوا الْمَجُوسَ؟
قَالَ عليه السلام: (لأنَّهُمْ تَمَجَّسُوا فِي السُّرْيَانِيَّةِ وَادَّعَوْا عَلَى آدَمَ وَعَلَى شَيْثٍ وَهُوَ هِبَةُ اللهِ أنَّهُمَا أطْلَقَا لَهُمْ نِكَاحَ الاُمَّهَاتِ وَالأخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْخَالاَتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَأنَّهُمَا أمَرَاهُمْ أنْ يُصَلُّوا إِلَى الشَّمْسحَيْثُ وَقَفَتْ فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَجْعَلاَ لِصَلاَتِهِمْ وَقْتاً، وَإِنَّمَا هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَعَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ عليهما السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ وَسَيَّدِي لِمَ سُمَّيَ قَوْمُ مُوسَى الْيَهُودَ؟
قَالَ عليه السلام: (لِقَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ))(1) أي اهْتَدَيْنَا إِلَيْكَ).
قَالَ: فَالنَّصَارَى؟
قَالَ عليه السلام: (لِقَوْل عِيسَى عليه السلام: ((مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ ...))(2))، وَتَلاَ الآيَةَ إِلَى آخِرهَا، (فَسُمُّوا النَّصَارَى لِنُصْرَةِ دِين اللهِ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَقُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ فَلِمَ سُمَّيَ الصَّابِئُونَ الصَّابِئِينَ؟
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّهُمْ صَبَوْا إِلَى تَعْطِيل الأنْبِيَاءِ وَالرُّسُل وَالْمِلَل وَالشَّرَائِع، وَقَالُوا: كُلُّ مَا جَاءُوا بِهِ بَاطِلٌ، فَجَحَدُوا تَوْحِيدَ اللهِ تَعَالَى، وَنُبُوَّةَ الأنْبِيَاءِ، وَرسَالَةَ الْمُرْسَلِينَ، وَوَصِيَّةَ الأوْصِيَاءِ، فَهُمْ بِلاَ شَريعَةٍ وَلاَ كِتَابٍ وَلاَ رَسُولٍ، وَهُمْ مُعَطّلَةُ الْعَالَم).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: سُبْحَانَ اللهِ مَا أجَلَّ هَذَا مِنْ عِلْم؟2.
ص: 468
قَالَ عليه السلام: (نَعَمْ، يَا مُفَضَّلُ فَألْقِهِ إِلَى شيعَتِنَا لِئَلاَ يَشُكُّوا فِي الدَّين).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَفِي أيَّ بُقْعَةٍ يَظْهَرُ الْمَهْدِيُّ؟
قَالَ عليه السلام: (لاَ تَرَاهُ عَيْنٌ فِي وَقْتِ ظُهُورهِ إِلاَّ رَأتْهُ كُلُّ عَيْنٍ، فَمَنْ قَالَ لَكُمْ غَيْرَ هَذَا فَكَذّبُوهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَلاَ يُرَى وَقْتَ وِلاَدَتِهِ؟
قَالَ: (بَلَى وَاللهِ، لَيُرَى مِنْ سَاعَةِ وِلاَدَتِهِ إِلَى سَاعَةِ وَفَاةِ أبِيهِ سَنَتَيْن وَتِسْعَةَ أشْهُرٍ أوَّلُ وِلاَدَتِهِ وَقْتُ الْفَجْر مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ(1) سَنَةَ سَبْع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن إِلَى يَوْم الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبيع الأوَّل مِنْ سَنَةِ سِتّينَ وَمِائَتَيْن وَهُوَ يَوْمُ وَفَاةِ أبِيهِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي بِشَاطِئ دِجْلَةَ يَبْنِيهَا الْمُتَكَبَّرُ الْجَبَّارُ الْمُسَمَّى بِاسْم جَعْفَرٍ(2)، الضَّالُّ الْمُلَقَّبُ بِالْمُتَوَكّل وَهُوَ الْمُتَأكّلُ لَعَنَهُ اللهُ تَعَالَى وَهِيَ مَدِينَةٌ تُدْعَى بِسُرَّ مَنْ رَأى وَهِيَ سَاءَ مَنْ رَأى، يَرَى شَخْصَهُ الْمُؤْمِنُ الْمُحِقُّ سَنَةَ سِتّينَ وَمِائَتَيْن وَلاَ يَرَاهُ الْمُشَكّكُ الْمُرْتَابُ، وَيَنْفُذُ فِيهَا أمْرُهُ وَنَهْيُهُ، وَيَغِيبُ عَنْهَا فَيَظْهَرُ فِي الْقَصْر بِصَابِرٍ(3) بِجَانِبِ الْمَدِينَةِ فِي حَرَم جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَلْقَاهُ هُنَاكَ مَنْ يُسْعِدُهُ اللهُ بِالنَّظَر إِلَيْهِ، ثُمَّ يَغِيبُ فِي آخِر يَوْم مِنْ سَنَةِ سِتّ وَسِتّينَ وَمِائَتَيْن فَلاَ تَرَاهُ عَيْنُ أحَدٍ حَتَّى يَرَاهُ كُلُّ أحَدٍ وَكُلُّ عَيْنٍ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَمَنْ يُخَاطِبُهُ وَلِمَنْ يُخَاطِبُ؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (تُخَاطِبُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْجِن وَيَخْرُجُ ي.
ص: 469
أمْرُهُ وَنَهْيُهُ إِلَى ثِقَاتِهِ وَوُلاَتِهِ وَوُكَلاَئِهِ وَيَقْعُدُ بِبَابِهِ مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ النُّمَيْريُّ فِي يَوْم غَيْبَتِهِ بِصَابِرٍ ثُمَّ يَظْهَرُ بِمَكَّةَ.
وَوَاللهِ يَا مُفَضَّلُ كَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ بُرْدَةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَعَلَى رَأسِهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، وَفِي رجْلَيْهِ نَعْلاَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَخْصُوفَةُ، وَفِي يَدِهِ هِرَاوَتُهُ عليه السلام، يَسُوقُ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنَازاً عِجَافا(1) حَتَّى يَصِلَ بِهَا نَحْوَ الْبَيْتِ لَيْسَ ثَمَّ أحَدٌ يَعْرفُهُ، وَيَظْهَرُ وَهُوَ شَابٌّ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي يَعُودُ شَابّاً أوْ يَظْهَرُ فِي شَيْبَةٍ؟
فَقَالَ عليه السلام: (سُبْحَانَ اللهِ وَهَلْ يُعْرَفُ ذَلِكَ؟ يَظْهَرُ كَيْفَ شَاءَ وَبأيَّ صُورَةٍ شَاءَ إِذَا جَاءَهُ الأمْرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَجْدُهُ وَجَلَّ ذِكْرُهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَمِنْ أيْنَ يَظْهَرُ وَكَيْفَ يَظْهَرُ؟
(قَالَ): (يَا مُفَضَّلُ يَظْهَرُ وَحْدَهُ وَيَأتِي الْبَيْتَ وَحْدَهُ، وَيَلِجُ الْكَعْبَةَ وَحْدَهُ، وَيَجُنُّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَحْدَهُ، فَإذَا نَامَتِ الْعُيُونُ وَغَسَقَ اللَّيْلُ نَزَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ عليهما السلام وَالْمَلاَئِكَةُ صُفُوفاً، فَيَقُولُ لَهُ جَبْرَئِيلُ: يَا سَيَّدِي قَوْلُكَ مَقْبُولٌ، وَأمْرُكَ جَائِزٌ، فَيَمْسَحُ عليه السلام يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ))،(2) وَيَقِفُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام فَيَصْرُخُ صَرْخَةً فَيَقُولُ: يَا مَعَاشرَ نُقَبَائِي وَأهْلَ خَاصَّتِي وَمَنْ ذَخَرَهُمُ اللهُ لِنُصْرَتِي قَبْلَ ظُهُوري عَلَى وَجْهِ الأرْض! ائْتُونِي طَائِعِينَ! فَتَردُ صَيْحَتُهُ عليه السلام عَلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى مَحَاريبهِمْ،4.
ص: 470
وَعَلَى فُرُشهِمْ، فِي شَرْقِ الأرْض وَغَرْبهَا فَيَسْمَعُونَهُ فِي صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ فِي اُذُن كُل رَجُلٍ، فَيَجِيئُونَ نَحْوَهَا، وَلاَ يَمْضِي لَهُمْ إِلاَّ كَلَمْحَةِ بَصَرٍ، حَتَّى يَكُونَ كُلُّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ عليه السلام بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام.
فَيَأمُرُ اللهُ عزّ وجل النُّورَ فَيَصِيرُ عَمُوداً مِنَ الأرْض إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَضِيءُ بِهِ كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلَى وَجْهِ الأرْض، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ نُورٌ مِنْ جَوْفِ بَيْتِهِ، فَتَفْرَحُ نُفُوسُ الْمُؤْمِنينَ بِذَلِكَ النُّور، وَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ بِظُهُور قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ عليهم السلام.
ثُمَّ يُصْبِحُونَ وُقُوفاً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً بِعِدَّةِ أصْحَابِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ بَدْرٍ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ يَا سَيَّدِي فَاثْنَان وَسَبْعُونَ رَجُلاً الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ عليهما السلام يَظْهَرُونَ مَعَهُمْ؟
قَالَ: (يَظْهَرُ مِنْهُمْ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فِي اثْنَيْ عَشَرَ ألْفاً مُؤْمِنينَ مِنْ شيعَةِ عَلِيًّ عليه السلام وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَبِغَيْر سُنَّةِ الْقَائِم عليه السلام بَايَعُوا لَهُ قَبْلَ ظُهُورهِ وَقَبْلَ قِيَامِهِ؟
فَقَالَ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ كُلُّ بَيْعَةٍ قَبْلَ ظُهُور الْقَائِم عليه السلام فَبَيْعَتُهُ كُفْرٌ وَنفَاقٌ وَخَدِيعَةٌ، لَعَنَ اللهُ الْمُبَايِعَ لَهَا وَالْمُبَايَعَ لَهُ، بَلْ يَا مُفَضَّلُ يُسْنِدُ الْقَائِمُ عليه السلام ظَهْرَهُ إِلَى الْحَرَم وَيَمُدُّ يَدَهُ فَتُرَى بَيْضَاءَ مِنْ غَيْر سُوءٍ وَيَقُولُ: هَذِهِ يَدُ اللهِ، وَعَن اللهِ، وَبأمْر اللهِ، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ...))(1) الآيَةَ.
فَيَكُونُ أوَّلُ مَنْ يُقَبَّلُ يَدَهُ جَبْرَئِيلَ عليه السلام ثُمَّ يُبَايِعُهُ وَتُبَايِعُهُ الْمَلاَئِكَةُ 0.
ص: 471
وَنُجَبَاءُ الْجِن، ثُمَّ النُّقَبَاءُ وَيُصْبِحُ النَّاسُ بِمَكَّةَ، فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بِجَانِبِ الْكَعْبَةِ؟ وَمَا هَذَا الْخَلْقُ الَّذِينَ مَعَهُ؟ وَمَا هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي رَأيْنَاهَا اللَّيْلَةَ وَلَمْ تُرَ مِثْلَهَا؟
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا الرَّجُلُ هُوَ صَاحِبُ الْعُنَيْزَاتِ(1).
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا هَلْ تَعْرفُونَ أحَداً مِمَّنْ مَعَهُ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ نَعْرفُ أحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ أرْبَعَةً مِنْ أهْل مَكَّةَ، وَأرْبَعَةً مِنْ أهْل الْمَدِينَةِ، وَهُمْ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَيَعُدُّونَهُمْ بِأسْمَائِهِمْ، وَيَكُونُ هَذَا أوَّلَ طُلُوع الشَّمْس فِي ذَلِكَ الْيَوْم، فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأضَاءَتْ صَاحَ صَائِحٌ بِالْخَلاَئِقِ مِنْ عَيْن الشَّمْس بِلِسَانٍ عَرَبيًّ مُبِينٍ، يُسْمِعُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرَضِينَ: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ! هَذَا مَهْدِيُّ آل مُحَمَّدٍ، وَيُسَمَّيهِ بِاسْم جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَكْنِيهِ، وَيَنْسُبُهُ إِلَى أبِيهِ الْحَسَن الْحَادِيَ عَشَرَ إِلَى الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ صلوات الله عليهم أجمعين بَايِعُوهُ تَهْتَدُوا، وَلاَ تُخَالِفُوا أمْرَهُ فَتَضِلُّوا.
فَأوَّلُ مَنْ يُقَبَّلُ يَدَهُ الْمَلاَئِكَةُ، ثُمَّ الْجِنُّ، ثُمَّ النُّقَبَاءُ، وَيَقُولُونَ: سَمِعْنَا وَأطَعْنَا، وَلاَ يَبْقَى ذُو اُذُنٍ مِنَ الْخَلاَئِقِ إِلاَّ سَمِعَ ذَلِكَ النّدَاءَ، وَتُقْبِلُ الْخَلاَئِقُ مِنَ الْبَدْوِ وَالْحَضَر وَالْبَر وَالْبَحْر، يُحَدَّثُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيَسْتَفْهِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مَا سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ.
فَإذَا دَنَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ، صَرَخَ صَارخٌ مِنْ مَغْربهَا: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ قَدْ ظَهَرَ رَبُّكُمْ بِوَادِي الْيَابِس مِنْ أرْض فِلَسْطِينَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ ت.
ص: 472
عَنْبَسَةَ الاُمَويُّ مِنْ وُلْدِ يَزيدَ بْن مُعَاوِيَةَ فَبَايِعُوهُ تَهْتَدُوا، وَلاَ تُخَالِفُوا عَلَيْهِ فَتَضِلُّوا، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ وَالْجِنُّ وَالنُّقَبَاءُ قَوْلَهُ، وَيُكَذّبُونَهُ، وَيَقُولُونَ لَهُ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، وَلاَ يَبْقَى ذُو شَكًّ وَلاَ مُرْتَابٌ وَلاَ مُنَافِقٌ وَلاَ كَافِرٌ إِلاَّ ضَلَّ بِالنّدَاءِ الأخِير.
وَسَيَّدُنَا الْقَائِمُ عليه السلام مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْخَلاَئِقِ ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ وَشَيْثٍ فَهَا أنَا ذَا آدَمُ وَشَيْثٌ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى نُوح وَوَلَدِهِ سَام فَهَا أنَا ذَا نُوحٌ وَسَامٌ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فَهَا أنَا ذَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى مُوسَى وَيُوشَعَ فَهَا أنَا ذَا مُوسَى وَيُوشَعُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى عِيسَى وَشَمْعُونَ فَهَا أنَا ذَا عِيسَى وَشَمْعُونُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَهَا أنَا ذَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام فَهَا أنَا ذَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، ألاَ وَمَنْ أرَادَ أنْ يَنْظُرَ إِلَى الأئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليهم السلام فَهَا أنَا ذَا الأئِمَّةُ عليهم السلام، أجِيبُوا إِلَى مَسْألَتِي، فَإنّي اُنَبَّئُكُمْ بِمَا نُبَّئْتُمْ بِهِ وَمَا لَمْ تُنَبَّئُوا بِهِ.
وَمَنْ كَانَ يَقْرَاُ الْكُتُبَ وَالصُّحُفَ فَلْيَسْمَعْ مِنّي، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالصُّحُفِ الَّتِي أنْزَلَهَا اللهُ عَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ عليهما السلام، وَيَقُولُ اُمَّةُ آدَمَ وَشَيْثٍ هِبَةِ اللهِ: هَذِهِ وَاللهِ هِيَ الصُّحُفُ حَقّاً، وَلَقَدْ أرَانَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُهُ فِيهَا، وَمَا كَانَ خَفِيَ عَلَيْنَا، وَمَا كَانَ اُسْقِطَ مِنْهَا، وَبُدَّلَ وَحُرفَ.
ثُمَّ يَقْرَاُ صُحُفَ نُوح وَصُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَالزَّبُورَ فَيَقُولُ أهْلُ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيل وَالزَّبُور: هَذِهِ وَاللهِ صُحُفُ نُوح وَإِبْرَاهِيمَ
ص: 473
عليهما السلام حَقّاً، وَمَا اُسْقِطَ مِنْهَا وَبُدَّلَ وَحُرفَ مِنْهَا، هَذِهِ وَاللهِ التَّوْرَاةُ الْجَامِعَةُ وَالزَّبُورُ التَّامُّ وَالإنْجِيلُ الْكَامِلُ وَإِنَّهَا أضْعَافُ مَا قَرَأنَا مِنْهاَ(1).
ثُمَّ يَتْلُو الْقُرْآنَ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا وَاللهِ الْقُرْآنُ حَقّاً الَّذِي أنْزَلَهُ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا اُسْقِطَ مِنْهُ وَحُرفَ وَبُدَّلَ.
ثُمَّ تَظْهَرُ الدَّابَّةُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام، فَتَكْتُبُ فِي وَجْهِ الْمُؤْمِن: مُؤْمِنٌ، وَفِي وَجْهِ الْكَافِر: كَافِرٌ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِم عليه السلام رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَقَفَاهُ إِلَى صَدْرهِ(2)، وَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا سَيَّدِي أنَا بَشيرٌ أمَرَني مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أنْ ألْحَقَ بِكَ وَاُبَشرَكَ بِهَلاَكِ جَيْش السُّفْيَانِيَّ بِالْبَيْدَاءِ فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ عليه السلام: بَيَّنْ قِصَّتَكَ وَقِصَّةَ أخِيكَ.
فَيَقُولُ الرَّجُلُ: كُنْتُ وَأخِي فِي جَيْش السُّفْيَانِيَّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ، وَخَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ، وَكَسَرْنَا الْمِنْبَرَ وَرَاثَتْ بِغَالُنَا فِي مَسْجِدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَرَجْنَا مِنْهَا وَعَدَدُنَا ثَلاَثُمِائَةِ ألْفِ رَجُلٍ نُريدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ، وَقَتْلَ أهْلِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ: يَا بَيْدَاءُ أبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَانْفَجَرَتِ الأرْضُ، وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْش، فَوَ اللهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأرْض عِقَالُ نَاقَةٍ فَمَا سِوَاهُ غَيْري وَغَيْرُ أخِي.ل.
ص: 474
فَإذَا نَحْنُ بِمَلَكٍ قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى، فَقَالَ لأخِي: وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ! امْض إِلَى الْمَلْعُون السُّفْيَانِيَّ بِدِمَشْقَ، فَأنْذِرْهُ بِظُهُور الْمَهْدِيَّ مِنْ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام، وَعَرفْهُ أنَّ اللهَ قَدْ أهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَالَ لِي: يَا بَشيرُ الْحَقْ بِالْمَهْدِيَّ بِمَكَّةَ وَبَشرْهُ بِهَلاَكِ الظَّالِمِينَ وَتُبْ عَلَى يَدِهِ، فَإنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ، فَيُمِرُّ الْقَائِمُ عليه السلام يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَويّاً كَمَا كَانَ، وَيُبَايِعُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَتَظْهَرُ الْمَلاَئِكَةُ وَالْجِنُّ لِلنَّاس؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ، وَيُخَاطِبُونَهُمْ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ مَعَ حَاشيَتِهِ وَأهْلِهِ).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَيَسِيرُونَ مَعَهُ؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ، وَلَيَنْزلَنَّ أرْضَ الْهِجْرَةِ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالنَّجَفِ وَعَدَدُ أصْحَابِهِ عليه السلام حِينَئِذٍ سِتَّةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَسِتَّةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن _ وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: وَمِثْلُهَا مِنَ الْجِن _ بِهِمْ يَنْصُرُهُ اللهُ وَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَمَا يَصْنَعُ بِأهْل مَكَّةَ؟
قَالَ: (يَدْعُوهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَيُطِيعُونَهُ وَيَسْتَخْلِفُ فِيهِمْ رَجُلاً مِنْ أهْل بَيْتِهِ، وَيَخْرُجُ يُريدُ الْمَدِينَةَ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي فَمَا يَصْنَعُ بِالْبَيْتِ؟
قَالَ: (يَنْقُضُهُ فَلاَ يَدَعُ مِنْهُ إِلاَّ الْقَوَاعِدَ الَّتِي هِيَ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاس بِبَكَّةَ فِي عَهْدِ آدَمَ عليه السلام وَالَّذِي رَفَعَهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ عليهما السلام مِنْهَا وَإِنَّ الَّذِي بُنيَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَبْنهِ نَبِيٌّ وَلاَ وَصِيٌّ، ثُمَّ يَبْنيهِ كَمَا يَشَاءُ اللهُ وَلَيُعَفّيَنَّ آثَارَ الظَّالِمِينَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ وَسَائِر الأقَالِيم، وَلَيَهْدِمَنَّ
ص: 475
مَسْجِدَ الْكُوفَةِ، وَلَيَبْنيَنَّهُ عَلَى بُنْيَانِهِ الأوَّل، وَلَيَهْدِمَنَّ الْقَصْرَ الْعَتِيقَ، مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ بَنَاهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي يُقِيمُ بِمَكَّةَ؟
قَالَ: (لاَ يَا مُفَضَّلُ بَلْ يَسْتَخْلِفُ مِنْهَا رَجُلاً مِنْ أهْلِهِ، فَإذَا سَارَ مِنْهَا وَثَبُوا عَلَيْهِ فَيَقْتُلُونَهُ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَأتُونَهُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ، وَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ فَيَعِظُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ، وَيَحْذَرُهُمْ، وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ خَلِيفَةً وَيَسِيرُ، فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَيَقْتُلُونَهُ فَيَردُ إِلَيْهِمْ أنْصَارُهُ مِنَ الْجِن وَالنُّقَبَاءِ وَيَقُولُ لَهُمْ: ارْجِعُوا فَلاَ تُبْقُوا مِنْهُمْ بَشَراً إِلاَّ مَنْ آمَنَ، فَلَوْ لاَ أنَّ رَحْمَةَ رَبَّكُمْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَأنَا تِلْكَ الرَّحْمَةُ لَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ مَعَكُمْ، فَقَدْ قَطَعُوا الأعْذَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ، وَبَيْني وَبَيْنَهُمْ، فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ، فَوَ اللهِ لاَ يَسْلَمُ مِنَ الْمِائَةِ مِنْهُمْ وَاحِدٌ، لاَ وَاللهِ وَلاَ مِنْ ألْفٍ وَاحِدٌ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي فَأيْنَ تَكُونُ دَارُ الْمَهْدِيَّ، وَمُجْتَمَعُ الْمُؤْمِنينَ؟
قَالَ: (دَارُ مُلْكِهِ الْكُوفَةُ، وَمَجْلِسُ حُكْمِهِ جَامِعُهَا، وَبَيْتُ مَالِهِ وَمَقْسَمُ غَنَائِم الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ، وَمَوْضِعُ خَلَوَاتِهِ الذَّكَوَاتُ الْبِيضُ مِنَ الْغَريَّيْن).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ كُلُّ الْمُؤْمِنينَ يَكُونُونَ بِالْكُوفَةِ؟
قَالَ: (إِي وَاللهِ لاَ يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلاَّ كَانَ بِهَا أوْ حَوَالَيْهَا، وَلَيَبْلُغَنَّ مَجَالَةُ فَرَسٍ مِنْهَا ألْفَيْ دِرْهَم وَلَيَوَدَّنَّ أكْثَرُ النَّاس أنَّهُ اشْتَرَى شبْراً مِنْ أرْض السَّبْع بِشبْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَالسَّبْعُ خِطَّةٌ مِنْ خِطَطِ هَمْدَانَ، وَلَيَصِيرَنَّ الْكُوفَةُ أرْبَعَةً وَخَمْسِينَ مِيلاً وَلَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُهَا كَرْبَلاَءَ، وَلَيُصَيَّرَنَّ اللهُ
ص: 476
كَرْبَلاَءَ مَعْقِلاً وَمَقَاماً تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَيَكُونَنَّ لَهَا شَأنٌ مِنَ الشَّأن، وَلَيَكُونَنَّ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ مَا لَوْ وَقَفَ مُؤْمِنٌ وَدَعَا رَبَّهُ بِدَعْوَةٍ لأعْطَاهُ اللهُ بِدَعْوَتِهِ الْوَاحِدَةِ مِثْلَ مُلْكِ الدُّنْيَا ألْفَ مَرَّةٍ).
ثُمَّ تَنَفَّسَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام وَقَالَ: (يَا مُفَضَّلُ إِنَّ بِقَاعَ الأرْض تَفَاخَرَتْ: فَفَخَرَتْ كَعْبَةُ الْبَيْتِ الْحَرَام، عَلَى بُقْعَةِ كَرْبَلاَءَ، فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهَا أن اسْكُتِي كَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَام، وَلاَ تَفْتَخِري عَلَى كَرْبَلاَءَ، فَإنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نُودِيَ مُوسَى مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَةِ، وَإِنَّهَا الرَّبْوَةُ الَّتِي أوَتْ إِلَيْهَا مَرْيَمُ وَالْمَسِيحُ، وَإِنَّهَا الدَّالِيَةُ(1) الَّتِي غُسِلَ فِيهَا رَأسُ الْحُسَيْن عليه السلام، وَفِيهَا غَسَلَتْ مَرْيَمُ عِيسَى عليه السلام وَاغْتَسَلَتْ مِنْ وِلاَدَتِهَا، وَإِنَّهَا خَيْرُ بُقْعَةٍ عَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مِنْهَا وَقْتَ غَيْبَتِهِ، وَلَيَكُونَنَّ لِشيعَتِنَا فِيهَا خِيَرَةٌ إِلَى ظُهُور قَائِمِنَا عليه السلام).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ إِلَى أيْنَ؟
قَالَ عليه السلام: (إِلَى مَدِينَةِ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَإذَا وَرَدَهَا كَانَ لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَجِيبٌ يَظْهَرُ فِيهِ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ وَخِزْيُ الْكَافِرينَ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي مَا هُوَ ذَاكَ؟
قَالَ: (يَردُ إِلَى قَبْر جَدَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا مَعَاشرَ الْخَلاَئِقِ، هَذَا قَبْرُ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ، فَيَقُولُ: وَمَنْ مَعَهُ فِي الْقَبْر؟ فَيَقُولُونَ: صَاحِبَاهُ وَضَجِيعَاهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَيَقُولُ وَهُوَ أعْلَمُ بِهِمَا وَالْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ جَمِيعاً يَسْمَعُونَ: مَنْ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ وَكَيْفَ دُفِنَا مِنْ بَيْن الْخَلْقِ مَعَ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ وَعَسَى الْمَدْفُونُ غَيْرَهُمَا.ت.
ص: 477
فَيَقُولُ النَّاسُ: يَا مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا هَاهُنَا غَيْرُهُمَا، إِنَّهُمَا دُفِنَا مَعَهُ لأنَّهُمَا خَلِيفَتَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأبَوَا زَوْجَتَيْهِ، فَيَقُولُ لِلْخَلْقِ بَعْدَ ثَلاَثٍ: أخْرجُوهُمَا مِنْ قَبْرَيْهِمَا، فَيُخْرَجَان غَضَّيْن طَريَّيْن لَمْ يَتَغَيَّرْ خَلْقُهُمَا، وَلَمْ يَشْحُبْ لَوْنُهُمَا، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَعْرفُهُمَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعْرفُهُمَا بالصّفَةِ وَلَيْسَ ضَجِيعَا جَدَّكَ غَيْرَهُمَا، فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أحَدٌ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا أوْ يَشُكُّ فِيهِمَا؟ فَيَقُولُونَ: لاَ، فَيُؤَخّرُ إِخْرَاجَهُمَا ثَلاَثَةَ أيَّام، ثُمَّ يَنْتَشرُ الْخَبَرُ فِي النَّاس وَيَحْضُرُ الْمَهْدِيُّ وَيَكْشفُ الْجُدْرَانَ عَن الْقَبْرَيْن، وَيَقُولُ لِلنُّقَبَاءِ: ابْحَثُوا عَنْهُمَا وَانْبُشُوهُمَا.
فَيَبْحَثُونَ بِأيْدِيهِمْ حَتَّى يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا، فَيُخْرَجَان غَضَّيْن طَريَّيْن كَصُورَتِهِمَا فَيَكْشفُ عَنْهُمَا أكْفَانَهُمَا وَيَأمُرُ بِرَفْعِهِمَا عَلَى دَوْحَةٍ يَابِسَةٍ نَخِرَةٍ فَيَصْلُبُهُمَا عَلَيْهَا، فَتَحْيَا الشَّجَرَةُ وَتُورقُ وَيَطُولُ فَرْعُهَ(1).
فَيَقُولُ الْمُرْتَابُونَ مِنْ أهْل وَلاَيَتِهِمَا: هَذَا وَاللهِ الشَّرَفُ حَقّاً وَلَقَدْ فُزْنَا بِمَحَبَّتِهِمَا وَوَلاَيَتِهِمَا، وَيُخْبَرُ مَنْ أخْفَى نَفْسَهُ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ مِقْيَاسُ حَبَّةٍ مِنْ مَحَبَّتِهِمَا وَوَلاَيَتِهِمَا، فَيَحْضُرُونَهُمَا وَيَرَوْنَهُمَا وَيُفْتَنُونَ بِهِمَا، وَيُنَادِي مُنَادِي الْمَهْدِيَّ عليه السلام: كُلُّ مَنْ أحَبَّ صَاحِبَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَضَجِيعَيْهِ فَلْيَنْفَردْ جَانِباً، فَتَتَجَزَّاُ الْخَلْقُ جُزْءَيْن أحَدُهُمَا مُوَالٍ وَالآخَرُ مُتَبَرئٌ مِنْهُمَا.
فَيَعْرضُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى أوْلِيَائِهِمَا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا فَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آل رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَحْنُ لَمْ نَتَبَرَّأ مِنْهُمَا، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أنَّ لَهُمَا عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَكَ هَذِهِ الْمَنْزلَةَ، وَهَذَا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْ فَضْلِهِمَا، أنَتَبَرَّاُ السَّاعَةَ ة.
ص: 478
مِنْهُمَا وَقَدْ رَأيْنَا مِنْهُمَا مَا رَأيْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ؟ مِنْ نَضَارَتِهِمَا وَغَضَاضَتِهِمَا، وَحَيَاةِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا؟ بَلْ وَاللهِ نَتَبَرَّاُ مِنْكَ وَمِمَّنْ آمَنَ بِكَ وَمَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهِمَا، وَمَنْ صَلَبَهُمَا، وَأخْرَجَهُمَا، وَفَعَلَ بِهِمَا مَا فَعَلَ، فَيَأمُرُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام ريحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ كَأعْجَازِ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ.
ثُمَّ يَأمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلاَن إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا بِإذْن اللهِ تَعَالَى وَيَأمُرُ الْخَلاَئِقَ بِالاجْتِمَاع، ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُل كُورٍ وَدُورٍ(1) حَتَّى يَقُصَّ عَلَيْهِمْ قَتْلَ هَابِيلَ بْن آدَمَ عليه السلام، وَجَمْعَ النَّار لإبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَطَرْحَ يُوسُفَ عليه السلام فِي الْجُبَّ، وَحَبْسَ يُونُسَ عليه السلام فِي الْحُوتِ، وَقَتْلَ يَحْيَى عليه السلام، وَصَلْبَ عِيسَى عليه السلام، وَعَذَابَ جِرْجِيسَ وَدَانِيَالَ عليهما السلام، وَضَرْبَ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ، وَإِشْعَالَ النَّار(2) عَلَى بَابِ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهم السلام لإحْرَاقِهِمْ بِهَا، وَضَرْبَ يَدِ الصّدَّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ، وَرَفْسَ بَطْنِهَا وَإِسْقَاطَهَا مُحَسَّناً، وَسَمَّ الْحَسَن عليه السلام، وَقَتْلَ الْحُسَيْن عليه السلام، وَذَبْحَ أطْفَالِهِ وَبَني عَمَّهِ وَأنْصَارهِ، وَسَبْيَ ذَرَاريَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَإِرَاقَةَ دِمَاءِ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَكُلُّ دَم سُفِكَ، وَكُلَّ فَرْج نُكِحَ حَرَاماً، وَكُلَّ رَيْنٍ وَخُبْثٍ وَفَاحِشَةٍ وَإِثْم وَظُلْم وَجَوْرٍ وَغَشْم مُنْذُ عَهْدِ آدَمَ عليه السلام إِلَى وَقْتِ قِيَام قَائِمِنَا عليه السلام كُلُّ ذَلِكَ يُعَدَّدُهُ عليه السلام عَلَيْهِمَا، وَيُلْزمُهُمَا إِيَّاهُ(3) فَيَعْتَرفَان بِهِ ثُمَّ يَأمُرُ بِهِمَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَظَالِم مَنْ م.
ص: 479
حَضَرَ، ثُمَّ يَصْلُبُهُمَا عَلَى الشَّجَرَةِ وَيَأمُرُ نَاراً تَخْرُجُ مِنَ الأرْض فَتُحْرقُهُمَا وَالشَّجَرَةَ، ثُمَّ يَأمُرُ ريحاً فَتَنْسِفُهُمَا فِي الْيَمَّ نَسْفاً).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي ذَلِكَ آخِرُ عَذَابِهِمَا؟
قَالَ: (هَيْهَاتَ يَا مُفَضَّلُ وَاللهِ لَيُرَدَّنَّ وَلَيَحْضُرَنَّ السَّيَّدُ الأكْبَرُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالصّدَّيقُ الأكْبَرُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً، وَلَيَقْتَصَّنَّ مِنْهُمَا لِجَمِيعِهِمْ حَتَّى إِنَّهُمَا لَيُقْتَلاَن فِي كُل يَوْم وَلَيْلَةٍ ألْفَ قَتْلَةٍ، وَيُرَدَّان إِلَى مَا شَاءَ رَبُّهُمَا.
ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام إِلَى الْكُوفَةِ وَيَنْزلُ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالنَّجَفِ، وَعِنْدَهُ أصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْم سِتَّةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَسِتَّةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن، وَالنُّقَبَاءُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ نَفْساً).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي كَيْفَ تَكُونُ دَارُ الْفَاسِقِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟
قَالَ: (فِي لَعْنَةِ اللهِ وَسَخَطِهِ تُخْربُهَا الْفِتَنُ وَتَتْرُكُهَا جَمَّاءَ فَالْوَيْلُ لَهَا وَلِمَنْ بِهَا كُلُّ الْوَيْل مِنَ الرَّايَاتِ الصُّفْر، وَرَايَاتِ الْمَغْربِ، وَمَنْ يَجْلِبُ الْجَزيرَةَ وَمِنَ الرَّايَاتِ الَّتِي تَسِيرُ إِلَيْهَا مِنْ كُلّ قَريبٍ أوْ بَعِيدٍ.
وَاللهِ لَيَنْزلَنَّ بِهَا مِنْ صُنُوفِ الْعَذَابِ مَا نَزَلَ بِسَائِر الاُمَم الْمُتَمَردَةِ مِنْ أوَّل الدَّهْر إِلَى آخِرهِ، وَلَيَنْزلَنَّ بِهَا مِنَ الْعَذَابِ مَا لاَ عَيْنٌ رَأتْ وَلاَ اُذُنٌ سَمِعَتْ بِمِثْلِهِ وَلاَ يَكُونُ طُوفَانُ أهْلِهَا إِلاَّ بِالسَّيْفِ، فَالْوَيْلُ لِمَن اتَّخَذَ بِهَا مَسْكَناً فَإنَّ الْمُقِيمَ بِهَا يَبْقَى لِشَقَائِهِ، وَالْخَارجَ مِنْهَا بِرَحْمَةِ اللهِ.
وَاللهِ لَيَبْقَى مِنْ أهْلِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهَا هِيَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ دُورَهَا وَقُصُورَهَا هِيَ الْجَنَّةُ، وَإِنَّ بَنَاتِهَا هُنَّ الْحُورُ الْعِينُ، وَإِنَّ وِلْدَانَهَا هُمُ الْولْدَانُ، وَلَيَظُنَّنَّ أنَّ اللهَ لَمْ يَقْسِمْ رزْقَ الْعِبَادِ إِلاَّ بِهَا، وَلَيَظْهَرَنَّ فِيهَا مِنَ
ص: 480
الاُمَرَاءِ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَالْحُكْم بِغَيْر كِتَابِهِ، وَمِنْ شَهَادَاتِ الزُّور، وَشُرْبِ الْخُمُور، وَ(إِتْيَان) الْفُجُور، وَأكْل السُّحْتِ وَسَفْكِ الدَّمَاءِ مَا لاَ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا كُلِّهَا إِلاَّ دُونَهُ، ثُمَّ لَيُخْربُهَا اللهُ بِتِلْكَ الْفِتَن وَتِلْكَ الرَّايَاتِ، حَتَّى لَيَمُرُّ عَلَيْهَا الْمَارُّ فَيَقُولُ: هَاهُنَا كَانَتِ الزَّوْرَاءُ.
ثُمَّ يَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ الْفَتَى الْصَبِيحُ الَّذِي نَحْوَ الدَّيْلَم! يَصِيحُ بِصَوْتٍ لَهُ فَصِيح: يَا آلَ أحْمَدَ أجِيبُوا الْمَلْهُوفَ، وَالْمُنَادِيَ مِنْ حَوْل الضَّريح فَتُجِيبُهُ كُنُوزُ اللهِ بِالطَّالَقَان كُنُوزٌ وَأيُّ كُنُوزٍ، لَيْسَتْ مِنْ فِضَّةٍ وَلاَ ذَهَبٍ، بَلْ هِيَ رجَالٌ كَزُبَر الْحَدِيدِ، عَلَى الْبَرَاذِين الشُّهْبِ، بِأيْدِيهِمُ الْحِرَابُ، وَلَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ الظَّلَمَةَ حَتَّى يَردَ الْكُوفَةَ وَقَدْ صَفَا أكْثَرُ الأرْض، فَيَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً.
فَيَتَّصِلُ بِهِ وَبِأصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام، وَيَقُولُونَ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا؟ فَيَقُولُ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَنْظُرَ مَنْ هُوَ؟ وَمَا يُريدُ؟
وَهُوَ وَاللهِ يَعْلَمُ أنَّهُ الْمَهْدِيُّ، وَإِنَّهُ لَيَعْرفُهُ، وَلَمْ يُردْ بِذَلِكَ الأمْر إِلاَّ لِيُعَرفَ أصْحَابَهُ مَنْ هُوَ؟
فَيَخْرُجُ الْحَسَنِيُّ فَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ فَأيْنَ هِرَاوَةُ جَدَّكَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَاتَمُهُ، وَبُرْدَتُهُ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَفَرَسُهُ الْيَرْبُوعُ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ، وَبَغْلَتُهُ الدُّلْدُلُ، وَحِمَارُهُ الْيَعْفُورُ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ، وَمُصْحَفُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام؟
فَيَخْرُجُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ يَأخُذُ الْهِرَاوَةَ فَيَغْرسُهَا فِي الْحَجَر الصَّلْدِ وَتُورقُ، وَلَمْ يُردْ ذَلِكَ إِلاَّ أنْ يُريَ أصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيَّ عليه السلام حَتَّى يُبَايِعُوهُ.
ص: 481
فَيَقُولُ الْحَسَنِيُّ: اللهُ أكْبَرُ مُدَّ يَدَكَ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ حَتَّى نُبَايِعَكَ، فَيَمُدُّ يَدَهُ فَيُبَايِعُهُ وَيُبَايِعُهُ سَائِرُ الْعَسْكَر الَّذِي مَعَ الْحَسَنِيَّ إِلاَّ أرْبَعِينَ ألْفاً أصْحَابُ الْمَصَاحِفِ الْمَعْرُوفُونَ بِالزّيدِيَّةِ، فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ.
فَيَخْتَلِطُ الْعَسْكَرَان فَيُقْبِلُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُنْحَرفَةِ، فَيَعِظُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ ثَلاَثَةَ أيَّام، فَلاَ يَزْدَادُونَ إِلاَّ طُغْيَاناً وَكُفْراً، فَيَأمُرُ بِقَتْلِهِمْ فَيُقْتَلُونَ جَمِيعاً، ثُمَّ يَقُولُ لأصْحَابِهِ: لاَ تَأخُذُوا الْمَصَاحِفَ، وَدَعُوهَا تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً كَمَا بَدَّلُوهَا وَغَيَّرُوهَا وَحَرَّفُوهَا وَلَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا يَصْنَعُ الْمَهْدِيُّ؟
قَالَ: (يَثُورُ سَرَايَ(1) عَلَى السُّفْيَانِيَّ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَأخُذُونَهُ وَيَذْبَحُونَهُ عَلَى الصَّخْرَةِ.
ثُمَّ يَظْهَرُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِي اثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ صِدَّيقٍ وَاثْنَيْن وَسَبْعِينَ رَجُلاً أصْحَابِهِ يَوْمَ كَرْبَلاَءَ، فَيَا لَكَ عِنْدَهَا مِنْ كَرَّةٍ زَهْرَاءَ بَيْضَاءَ.
ثُمَّ يَخْرُجُ الصّدَّيقُ الأكْبَرُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَيُنْصَبُ لَهُ الْقُبَّةُ بِالنَّجَفِ، وَيُقَامُ أرْكَانُهَا: رُكْنٌ بِالنَّجَفِ، وَرُكْنٌ بِهَجَرَ، وَرُكْنٌ بِصَنْعَاءَ، وَرُكْنٌ بِأرْض طَيْبَةَ، لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى مَصَابِيحِهِ تُشْرقُ فِي السَّمَاءِ وَالأرْض، كَأضْوَاءٍ مِنَ الشَّمْس وَالْقَمَر، فَعِنْدَهَا ((تُبْلَى السَّرائِرُ))(2)، وَ((تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ...))(3) إِلَى آخِر الآيَةِ.).
ص: 482
ثُمَّ يَخْرُجُ السَّيَّدُ الأكْبَرُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي أنْصَارهِ وَالْمُهَاجِرينَ، وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاسْتُشْهِدَ مَعَهُ، وَيَحْضُرُ مُكَذّبُوهُ وَالشَّاكُّونَ فِيهِ وَالرَّادُّونَ عَلَيْهِ وَالْقَائِلُونَ فِيهِ إِنَّهُ سَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَمَجْنُونٌ، وَنَاطِقٌ عَن الْهَوَى، وَمَنْ حَارَبَهُ وَقَاتَلَهُ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْهُمْ بِالْحَقَّ، وَيُجَازَوْنَ بِأفْعَالِهِمْ مُنْذُ وَقْتَ ظَهَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى ظُهُور الْمَهْدِيَّ مَعَ إِمَام إِمَام، وَوَقْتٍ وَقْتٍ، وَيَحِقُّ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)))(1).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيَّدِي وَمَنْ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ؟
قَالَ: (أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي وَرَسُولُ اللهِ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليهما يَكُونَان مَعَهُ؟
فَقَالَ: (لاَ بُدَّ أنْ يَطَئَا الأرْضَ، إِي وَاللهِ حَتَّى مَا وَرَاءَ الْخَافِ، إِي وَاللهِ وَمَا فِي الظُّلُمَاتِ، وَمَا فِي قَعْر الْبِحَار، حَتَّى لاَ يَبْقَى مَوْضِعُ قَدَم إِلاَّ وَطِئَا وَأقَامَا فِيهِ الدَّينَ الْوَاجِبَ للهِ تَعَالَى.
ثُمَّ لَكَأنّي أنْظُرُ يَا مُفَضَّلُ إِلَيْنَا مَعَاشرَ الأئِمَّةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِنَا مِنَ الاُمَّةِ بَعْدَهُ، وَمَا نَالَنَا مِنَ التَّكْذِيبِ وَالرَّدِّ عَلَيْنَا وَسَبْينَا وَلَعْنِنَا وَتَخْوِيفِنَا بِالْقَتْل، وَقَصْدِ طَوَاغِيَتِهِمُ الْوُلاَةِ لامُورهِمْ مِنْ دُون الاُمَّةِ بِتَرْحِيلِنَا عَن الْحُرْمَةِ إِلَى دَار مُلْكِهِمْ، وَقَتْلِهِمْ إِيَّانَا بِالسَّمَّ وَالْحَبْس، فَيَبْكِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَقُولُ: يَا بَنيَّ مَا نَزَلَ بِكُمْ إِلاَّ مَا نَزَلَ بِجِدَّكُمْ قَبْلَكُمْ.6.
ص: 483
ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَاطِمَةُ عليها السلام وَتَشْكُو مَا نَالَهَا مِنْ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأخْذِ فَدَكَ مِنْهَا وَمَشْيِهَا إِلَيْهِ فِي مَجْمَع مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، وَخِطَابِهَا لَهُ فِي أمْر فَدَكَ، وَمَا رَدَّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الأنْبِيَاءَ لاَ تُورَثُ، وَاحْتِجَاجِهَا بِقَوْل زَكَريَّا وَيَحْيَى عليهما السلام وَقِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام.
وَقَوْل عُمَرَ: هَاتِي صَحِيفَتَكِ الَّتِي ذَكَرْتِ أنَّ أبَاكِ كَتَبَهَا لَكِ وَإِخْرَاجِهَا الصَّحِيفَةَ وَأخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهَا، وَنَشْرهِ لَهَا عَلَى رُءُوس الأشْهَادِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار وَسَائِر الْعَرَبِ وَتَفْلِهِ فِيهَا، وَتَمْزيقِهِ إِيَّاهَا وَبُكَائِهَا وَرُجُوعِهَا إِلَى قَبْر أبِيهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَاكِيَةً حَزينَةً تَمْشي عَلَى الرَّمْضَاءِ قَدْ أقْلَقَتْهَا، وَاسْتِغَاثَتِهَا بِاللهِ وَبأبِيهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَتَمَثُّلِهَا بِقَوْل رُقَيْقَةَ بِنْتِ صَيْفِي(1):
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُر الْخَطْبُ
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الأرْض وَابِلَهَا
وَاخْتَلَّ أهْلُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ لَعِبُوا
أبْدَتْ رجَالٌ لَنَا فَحْوَى صُدُورهِمْ
لَمَّا نَأيْتَ وَحَالَتْ دُونَكَ الْحُجُبُ
لِكُلّ قَوْم لَهُمْ قُرْبٌ وَمَنْزلَةٌ
عِنْدَ الإلَهِ عَلَى الأدْنَيْنَ مُقْتَربٌ
يَا لَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ حَلَّ بِنَا
أمَلُوا اُنَاسٌ فَفَازُوا بِالَّذِي طَلَبُوا
وَتَقُصُّ عَلَيْهِ قِصَّةَ أبِي بَكْرٍ وَإِنْفَاذِهِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَقُنْفُذاً وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَمْعِهِ النَّاسَ لإخْرَاج أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْبَيْعَةِ ف.
ص: 484
فِي سَقِيفَةِ بَني سَاعِدَةَ وَاشْتِغَال أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام بَعْدَ وَفَاةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بِضَمَّ أزْوَاجِهِ وَقَبْرهِ وَتَعْزِيَتِهِمْ وَجَمْع الْقُرْآن وَقَضَاءِ دَيْنهِ، وَإِنْجَازِ عِدَاتِهِ، وَهِيَ ثَمَانُونَ ألْفَ دِرْهَم، بَاعَ فِيهَا تَلِيدَهُ وَطَارفَهُ وَقَضَاهَا عَنْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وَقَوْل عُمَرَ: اخْرُجْ يَا عَلِيُّ إِلَى مَا أجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَإِلاَّ قَتَلْنَاكَ، وَقَوْل فِضَّةَ جَاريَةِ فَاطِمَةَ: إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مَشْغُولٌ وَالْحَقُّ لَهُ إِنْ أنْصَفْتُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ وَأنْصَفْتُمُوهُ(1)، وَجَمْعِهِمُ الْجَزْلَ وَالْحَطَبَ عَلَى الْبَابِ لإحْرَاقِ بَيْتِ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَزَيْنَبَ وَاُمَّ كُلْثُوم وَفِضَّةَ، وَإِضْرَامِهِمُ النَّارَ عَلَى الْبَابِ، وَخُرُوج فَاطِمَةَ إِلَيْهِمْ وَخِطَابِهَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ.
وَقَوْلِهَا: وَيْحَكَ يَا عُمَرُ مَا هَذِهِ الْجُرْأةُ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ؟ تُريدُ أنْ تَقْطَعَ نَسْلَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَتُفْنِيَهُ وَتُطْفِئَ نُورَ اللهِ؟ وَاللهُ مُتِمُّ نُورهِ، وَانْتِهَارهِ لَهَا.
وَقَوْلِهِ: كُفّي يَا فَاطِمَةُ فَلَيْسَ مُحَمَّدٌ حَاضِراً وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ آتِيَةً بِالأمْر وَالنَّهْي وَالزَّجْر مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمَا عَلِيٌّ إِلاَّ كَأحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَاخْتَاري إِنْ شئْتِ خُرُوجَهُ لِبَيْعَةِ أبِي بَكْرٍ أوْ إِحْرَاقَكُمْ جَمِيعاً.
فَقَالَتْ وَهِيَ بَاكِيَةٌ: اللهُمَّ إِلَيْكَ نَشْكُو فَقْدَ نَبِيَّكَ وَرَسُولِكَ وَصَفِيَّكَ، وَارْتِدَادَ اُمَّتِهِ عَلَيْنَا، وَمَنْعَهُمْ إِيَّانَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لَنَا فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَل عَلَى نَبِيَّكَ الْمُرْسَل.
فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: دَعِي عَنْكِ يَا فَاطِمَةُ حُمْقَاتِ النّسَاءِ، فَلَمْ يَكُن اللهُ لِيَجْمَعَ لَكُمُ النُّبُوَّةَ وَالْخِلاَفَةَ، وَأخَذَتِ النَّارُ فِي خَشَبِ الْبَابِ.ت.
ص: 485
وَإِدْخَال قُنْفُذٍ يَدَهُ لَعَنَهُ اللهُ يَرُومُ فَتْحَ الْبَابِ، وَضَرْبِ عُمَرَ لَهَا بِالسَّوْطِ عَلَى عَضُدِهَا، حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُج الأسْوَدِ، وَرَكْل الْبَابِ بِرجْلِهِ، حَتَّى أصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلَةٌ بِالْمُحَسَّن، لِسِتَّةِ أشْهُرٍ وَإِسْقَاطِهَا إِيَّاهُ.
وَهُجُوم عُمَرَ وَقُنْفُذٍ وَخَالِدِ بْن الْوَلِيدِ وَصَفْقِهِ خَدَّهَا حَتَّى بَدَا قُرْطَاهَا تَحْتَ خِمَارهَا، وَهِيَ تَجْهَرُ بِالْبُكَاءِ، وَتَقُولُ: وَا أبَتَاهْ، وَا رَسُولَ اللهِ، ابْنَتُكَ فَاطِمَةُ تُكَذَّبُ وَتُضْرَبُ، وَيُقْتَلُ جَنِينٌ فِي بَطْنِهَا.
وَخُرُوج أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْ دَاخِل الدَّار مُحْمَرَّ الْعَيْن حَاسِراً، حَتَّى ألْقَى مُلاَءَتَهُ عَلَيْهَا، وَضَمَّهَا إِلَى صَدْرهِ، وَقَوْلِهِ لَهَا: يَا بِنْتَ رَسُول اللهِ قَدْ عَلِمْتِي أنَّ أبَاكِ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، فَاللهَ اللهَ أنْ تَكْشفِي خِمَارَكِ، وَتَرْفَعِي نَاصِيَتَكِ، فَوَ اللهِ يَا فَاطِمَةُ لَئِنْ فَعَلْتِ ذَلِكِ لاَ أبْقَى اللهُ عَلَى الأرْض مَنْ يَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَلاَ مُوسَى وَلاَ عِيسَى وَلاَ إِبْرَاهِيمَ وَلاَ نوح (نُوحاً) وَلاَ آدَمَ، وَلاَ دَابَّةً تَمْشي عَلَى الأرْض وَلاَ طَائِراً فِي السَّمَاءِ إِلاَّ أهْلَكَهُ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَكَ الْوَيْلُ مِنْ يَوْمِكَ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ وَمَا يَلِيهِ اخْرُجْ قَبْلَ أنْ أشْهَرَ سَيْفِي فَاُفْنِيَ غَابِرَ الاُمَّةِ.
فَخَرَجَ عُمَرُ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَقُنْفُذٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ أبِي بِكْرٍ فَصَارُوا مِنْ خَارج الدَّار، وَصَاحَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ بِفِضَّةَ: يَا فِضَّةُ مَوْلاَتَكِ فَاقْبَلِي مِنْهَا مَا تَقْبَلُهُ النّسَاءُ فَقَدْ جَاءَهَا الْمَخَاضُ مِنَ الرَّفْسَةِ وَرَدَّ الْبَابِ، فَأسْقَطَتْ مُحَسَّناً، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَإنَّهُ لاَحِقٌ بِجَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَشْكُو إِلَيْهِ.
وَحَمْل أمِير الْمُؤْمِنينَ لَهَا فِي سَوَادِ اللَّيْل وَالْحَسَن وَالْحُسَيْن وَزَيْنَبَ وَاُمِّ كُلْثُوم إِلَى دُور الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار، يُذَكّرُهُمْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَعَهْدِهِ
ص: 486
الَّذِي بَايَعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَبَايَعُوهُ عَلَيْهِ فِي أرْبَعَةِ مَوَاطِنَ فِي حَيَاةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم(1) وَتَسْلِيمِهِمْ عَلَيْهِ بِإمْرَةِ الْمُؤْمِنينَ فِي جَمِيعِهَا، فَكُلٌّ يَعِدُهُ بِالنَّصْر فِي يَوْمِهِ الْمُقْبِل، فَإذَا أصْبَحَ قَعَدَ جَمِيعُهُمْ عَنْهُ ثُمَّ يَشْكُو إِلَيْهِ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام الْمِحَنَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي امْتُحِنَ بِهَا بَعْدَهُ.
وَقَوْلِهِ: لَقَدْ كَانَتْ قِصَّتِي مِثْلَ قِصَّةِ هَارُونَ مَعَ بَني إِسْرَائِيلَ وَقَوْلِي كَقَوْلِهِ لِمُوسَى: ((ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَْعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))(2) فَصَبَرْتُ مُحْتَسِباً وَسَلَّمْتُ رَاضِياً وَكَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِي خِلاَفِي، وَنَقْضِهِمْ عَهْدِيَ الَّذِي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ.
وَاحْتَمَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ وَصِيُّ نَبِيًّ مِنْ سَائِر الأوْصِيَاءِ مِنْ سَائِر الاُمَم حَتَّى قَتَلُوني بِضَرْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مُلْجَم، وَكَانَ اللهُ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ فِي نَقْضِهِمْ بَيْعَتِي.
وَخُرُوج طَلْحَةَ وَالزُّبَيْر بِعَائِشَةَ إِلَى مَكَّةَ يُظْهِرَان الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَسَيْرهِمْ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَخُرُوجِي إِلَيْهِمْ وَتَذْكِيري لَهُمُ اللهَ وَإِيَّاكَ، وَمَا جِئْتَ بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمْ يَرْجِعَا حَتَّى نَصَرَنيَ اللهُ عَلَيْهِمَا حَتَّى اُهْرقَتْ دِمَاءُ عِشْرينَ ألف (ألْفاً) مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقُطِعَتْ سَبْعُونَ كَفّاً عَلَى زِمَام الْجَمَل، فَمَا لَقِيتُ فِي غَزَوَاتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَبَعْدَكَ أصْعَبَ يَوْماً مِنْهُ أبَداً، 0.
ص: 487
لَقَدْ كَانَ مِنْ أصْعَبِ الْحُرُوبِ الَّتِي لَقِيتُهَا، وَأهْوَلِهَا وَأعْظَمِهَا فَصَبَرْتُ كَمَا أدَّبَنيَ اللهُ بِمَا أدَّبَكَ بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ))(1)، وَقَوْلِهِ: ((وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ))(2) وَحَقَّ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ تَأوِيلُ الآيَةِ الَّتِي أنْزَلَهَا اللهُ فِي الاُمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ فِي قَوْلِهِ: ((وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ))(3).
يَا مُفَضَّلُ وَيَقُومُ الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى جَدَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا جَدَّاهْ كُنْتُ مَعَ أمِير الْمُؤْمِنينَ فِي دَار هِجْرَتِهِ بِالْكُوفَةِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ بِضَرْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مُلْجَم لَعَنَهُ اللهُ فَوَصَّانِي بِمَا وَصَّيْتَهُ يَا جَدَّاهْ، وَبَلَغَ اللَّعِينَ مُعَاوِيَةَ قَتْلُ أبِي فَأنْفَذَ الدَّعِيَّ اللَّعِينَ زِيَاداً إِلَى الْكُوفَةِ فِي مِائَةِ ألْفٍ وَخَمْسِينَ ألْفَ مُقَاتِلٍ(4) فَأمَرَ بِالْقَبْض عَلَيَّ وَعَلَى أخِيَ الْحُسَيْن وَسَائِر إِخْوَانِي وَأهْل بَيْتِي، وَشيعَتِنَا وَمَوَالِينَا وَأنْ يَأخُذَ عَلَيْنَا الْبَيْعَةَ لِمُعَاوِيَةَ، فَمَنْ يَأبَى مِنَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ وَسَيَّرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَأسَهُ.س.
ص: 488
فَلَمَّا عَلِمْتُ ذَلِكَ مِنْ فِعْل مُعَاوِيَةَ، خَرَجْتُ مِنْ دَاري، فَدَخَلْتُ جَامِعَ الْكُوفَةِ لِلصَّلاَةِ، وَرَقَأتُ الْمِنْبَرَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَحَمِدْتُ اللهَ وَأثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ:
مَعْشَرَ النَّاس عَفَتِ الدَّيَارُ، وَمُحِيَتِ الآثَارُ، وَقَلَّ الاصْطِبَارُ، فَلاَ قَرَارَ عَلَى هَمَزَاتِ الشَّيَاطِين وَحُكْم الْخَائِنينَ، السَّاعَةَ وَاللهِ صَحَّتِ الْبَرَاهِينُ، وَفُصّلَتِ الآيَاتُ، وَبَانَتِ الْمُشْكِلاَتُ، وَلَقَدْ كُنَّا نَتَوَقَّعُ تَمَامَ هَذِهِ الآيَةِ تَأوِيلَهَا قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ))(1)، فَلَقَدْ مَاتَ وَاللهِ جَدَّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَقُتِلَ أبِي عليه السلام وَصَاحَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ فِي قُلُوبِ النَّاس وَنَعَقَ نَاعِقُ الْفِتْنَةِ، وَخَالَفْتُمُ السُّنَّةَ، فَيَا لَهَا مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ عَمْيَاءَ، لاَ يُسْمَعُ لِدَاعِيهَا وَلاَ يُجَابُ مُنَادِيهَا، وَلاَ يُخَالَفُ وَالِيهَا، ظَهَرَتْ كَلِمَةُ النّفَاقِ، وَسُيَّرَتْ رَايَاتُ أهْل الشقَاقِ، وَتَكَالَبَتْ جُيُوشُ أهْل الْمَرَاقِ، مِنَ الشَّام وَالْعِرَاقِ، هَلُمُّوا رَحِمَكُمُ اللهُ إِلَى الافْتِتَاح، وَالنُّور الْوَضَّاح، وَالْعِلْم الْجَحْجَاح، وَالنُّور الَّذِي لاَ يُطْفَى، وَالْحَقَّ الَّذِي لاَ يَخْفَى.
أيُّهَا النَّاسُ تَيَقَّظُوا مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ، وَمِنْ تَكَاثُفِ الظُّلْمَةِ(2) فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأ النَّسَمَةَ، وَتَرَدَّى بِالْعَظَمَةِ، لَئِنْ قَامَ إِلَيَّ مِنْكُمْ عُصْبَةٌ بِقُلُوبٍ صَافِيَةٍ وَنيَّاتٍ مُخْلِصَةٍ، لاَ يَكُونُ فِيهَا شَوْبُ نِفَاقٍ، وَلاَ نِيَّةُ افْتِرَاقٍ، لاَجَاهِدَنَّ بِالسَّيْفِ قُدُماً قُدُماً، وَلاَضِيقَنَّ مِنَ السُّيُوفِ جَوَانِبَهَ(3) وَمِنَ الرمَاح أطْرَافَهَا، وَمِنَ الْخَيْل سَنَابِكَهَا، فَتَكَلَّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ.م.
ص: 489
فَكَأنَّمَا اُلْجِمُوا بِلِجَام الصَّمْتِ عَنْ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ، إِلاَّ عِشْرُونَ رَجُلاً فَإنَّهُمْ قَامُوا إِلَيَّ فَقَالُوا: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَا نَمْلِكُ إِلاَّ أنْفُسَنَا وَسُيُوفَنَا، فَهَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ لأمْركَ طَائِعُونَ، وَعَنْ رَأيِكَ صَادِرُونَ، فَمُرْنَا بِمَا شئْتَ! فَنَظَرْتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَلَمْ أرَ أحَداً غَيْرَهُمْ.
فَقُلْتُ: لِي اُسْوَةٌ بِجَدَّي رَسُول اللهِ حِينَ عَبَدَ اللهَ سِرّاً، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ رَجُلاً فَلَمَّا أكْمَلَ اللهُ لَهُ الأرْبَعِينَ صَارَ فِي عِدَّةٍ وَأظْهَرَ أمْرَ اللهِ، فَلَوْ كَانَ مَعِي عِدَّتُهُمْ جَاهَدْتُ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ.
ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي نَحْوَ السَّمَاءِ فَقُلْتُ: اللهُمَّ إِنّي قَدْ دَعَوْتُ وَأنْذَرْتُ، وَأمَرْتُ وَنَهَيْتُ، وَكَانُوا عَنْ إِجَابَةِ الدَّاعِي غَافِلِينَ، وَعَنْ نُصْرَتِهِ قَاعِدِينَ، وَعَنْ طَاعَتِهِ مُقَصّرينَ وَلأعْدَائِهِ نَاصِرينَ، اللهُمَّ فَأنْزِلْ عَلَيْهِمْ رجْزَكَ، وَبَأسَكَ وَعَذَابَكَ، الَّذِي لاَ يُرَدُّ عَن الْقَوْم الظَّالِمِينَ وَنَزَلْتُ.
ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ رَاحِلاً إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءُوني يَقُولُونَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ أسْرَى سَرَايَاهُ إِلَى الأنْبَار وَالْكُوفَةِ، وَشَنَّ غَارَاتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلَ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْهُ وَقَتَلَ النّسَاءَ وَالأطْفَالَ، فَأعْلَمْتُهُمْ أنَّهُ لاَ وَفَاءَ لَهُمْ، فَأنْفَذْتُ مَعَهُمْ رجَالاً وَجُيُوشاً وَعَرَّفْتُهُمْ أنَّهُمْ يَسْتَجِيبُونَ لِمُعَاوِيَةَ، وَيَنْقُضُونَ عَهْدِي وَبَيْعَتِي، فَلَمْ يَكُنْ إِلاَّ مَا قُلْتُ لَهُمْ، وَأخْبَرْتُهُمْ.
ثُمَّ يَقُومُ الْحُسَيْنُ عليه السلام مُخَضَّباً بِدَمِهِ هُوَ وَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ، فَإذَا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَكَى وَبَكَى أهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض لِبُكَائِهِ، وَتَصْرُخُ فَاطِمَةُ عليها السلام فَتُزَلْزَلُ الأرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَيَقِفُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنُ عليهما السلام عَنْ يَمِينهِ، وَفَاطِمَةُ عَنْ شمَالِهِ، وَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَيَضُمُّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى صَدْرهِ وَيَقُولُ: يَا حُسَيْنُ!
فَدَيْتُكَ قَرَّتْ عَيْنَاكَ وَعَيْنَايَ فِيكَ، وَعَنْ يَمِين الْحُسَيْن حَمْزَةُ أسَدُ
ص: 490
اللهِ فِي أرْضِهِ، وَعَنْ شمَالِهِ جَعْفَرُ بْنُ أبِي طَالِبٍ الطَّيَّارُ، وَيَأتِي مُحَسَّنٌ تَحْمِلُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أسَدٍ اُمُّ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُنَّ صَارخَاتٌ وَاُمُّهُ فَاطِمَةُ تَقُولُ: ((هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ))(1)، الْيَوْمَ ((تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً))(2)).
قَالَ: فَبَكَى الصَّادِقُ عليه السلام حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوع، ثُمَّ قَالَ: (لاَ قَرَّتْ عَيْنٌ لاَ تَبْكِي عِنْدَ هَذَا الذِّكْر).
قَالَ: وَبَكَى الْمُفَضَّلُ بُكَاءً طَويلاً ثُمَّ قَالَ: يَا مَوْلاَيَ مَا فِي الدُّمُوع يَا مَوْلاَيَ؟
فَقَالَ: (مَا لاَ يُحْصَى إِذَا كَانَ مِنْ مُحِقًّ).
ثُمَّ قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ))(3)؟
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ وَالْمَوْؤُدَةُ وَاللهِ مُحَسَّنٌ، لأنَّهُ مِنَّا لاَ غَيْرُ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَكَذّبُوهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (تَقُومُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَتَقُولُ: اللهُمَّ أنْجِزْ وَعْدَكَ وَمَوْعِدَكَ لِي فِيمَنْ ظَلَمَنِي وَغَصَبَني، وَضَرَبَني وَجَزَعَنِي بكُلّ أوْلاَدِي، فَتَبْكِيهَا مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ السَّبْع وَحَمَلَةُ الْعَرْش، وَسُكَّانُ الْهَوَاءِ، وَمَنْ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْ تَحْتَ أطْبَاقِ الثَّرَى، صَائِحِينَ صَارخِينَ إِلَى 9.
ص: 491
اللهِ تَعَالَى، فَلاَ يَبْقَى أحَدٌ مِمَّنْ قَاتَلَنَا وَظَلَمَنَا وَرَضِيَ بِمَا جَرَى عَلَيْنَا إِلاَّ قُتِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْم ألْفَ قَتْلَةٍ(1) دُونَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيل اللهِ، فَإنَّهُ لاَ يَذُوقُ الْمَوْتَ وَهُوَ كَمَا قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ))(2)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ إِنَّ مِنْ شيعَتِكُمْ مَنْ لاَ يَقُولُ بِرَجْعَتِكُمْ؟
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّمَا سَمِعُوا قَوْلَ جَدَّنَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَنَحْنُ سَائِرَ الأئِمَّةِ نَقُولُ: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(3)).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (الْعَذَابُ الأدْنَى عَذَابُ الرَّجْعَةِ، وَالْعَذَابُ الأكْبَرُ عَذَابُ يَوْم الْقِيَامَةِ، الَّذِي ((تُبَدَّلُ الأَْرْضُ غَيْرَ الأَْرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا للهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ))(4)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ نَحْنُ نَعْلَمُ أنَّكُمْ اخْتِيَارُ اللهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ))(5)، وَقَوْلِهِ: ((اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ))(6)، 4.
ص: 492
وَقَوْلِهِ: ((إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))(1).
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ فَأيْنَ نَحْنُ فِي هَذِهِ الآيَةِ؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَوَ اللهِ ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ))(2)، وَقَوْلِهِ: ((مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ))(3)، وَقَوْلِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: ((وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَْصْنامَ))(4)، وَقَدْ عَلِمْنَا أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مَا عَبَدَا صَنَماً وَلاَ وَثَناً وَلاَ أشْرَكَا بِاللهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ. وَقَوْلِهِ: ((وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))(5) وَالْعَهْدُ عَهْدُ الإمَامَةِ لاَ يَنَالُهُ ظَالِمٌ.
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ وَمَا عِلْمُكَ بِأنَّ الظَّالِمَ لاَ يَنَالُ عَهْدَ الإمَامَةِ؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ لاَ تَمْتَحِنَّي بِمَا لاَ طَاقَةَ لِي بِهِ، وَلاَ تَخْتَبِرْني وَلاَ تَبْتَلِني، فَمِنْ عِلْمِكُمْ عَلِمْتُ وَمِنْ فَضْل اللهِ عَلَيْكُمْ أخَذْتُ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (صَدَقْتَ يَا مُفَضَّلُ وَلَوْ لاَ اعْتِرَافُكَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ لَمَا كُنْتَ هَكَذَا، فَأيْنَ يَا مُفَضَّلُ الآيَاتُ مِنَ الْقُرْآن فِي أنَّ الْكَافِرَ ظَالِمٌ؟).4.
ص: 493
قَالَ: نَعَمْ يَا مَوْلاَيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ))،(1) (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الْفاسِقُونَ)، وَمَنْ كَفَرَ وَفَسَقَ وَظَلَمَ لاَ يَجْعَلُهُ اللهُ لِلنَّاس إِمَاماً.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أحْسَنْتَ يَا مُفَضَّلُ فَمِنْ أيْنَ قُلْتَ بِرَجْعَتِنَا؟ وَمُقَصّرَةُ شيعَتِنَا تَقُولُ: مَعْنَى الرَّجْعَةِ أنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيْنَا مُلْكَ الدُّنْيَا وَأنْ يَجْعَلَهُ لِلْمَهْدِيَّ، وَيْحَهُمْ مَتَى سُلِبْنَا الْمُلْكَ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْنَا؟).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: لاَ وَاللهِ وَمَا سُلِبْتُمُوهُ وَلاَ تُسْلَبُونَهُ لأنَّهُ مُلْكُ النُّبُوَّةِ وَالرسَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالإمَامَةِ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ لَوْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ شيعَتُنَا لَمَا شَكُّوا فِي فَضْلِنَا أمَا سَمِعُوا قَوْلَهُ عزّ وجل: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(2)؟
وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ إِنَّ تَنْزِيلَ هَذِهِ الآيَةِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتَأوِيلَهَا فِينَا وَإِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ تَيْمٌ وَعَدِيٌّ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَالْمُتْعَةُ؟
قَالَ: (الْمُتْعَةُ حَلاَلٌ طِلْقٌ وَالشَّاهِدُ بِهَا قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ 6.
ص: 494
وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً))(1) أيْ مَشْهُوداً وَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ هُوَ الْمُشْتَهَرُ بِالْوَلِيَّ وَالشُّهُودِ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى الْوَلِيَّ وَالشُّهُودِ فِي النّكَاح لِيَثْبُتَ النَّسْلُ وَيَصِحَّ النَّسَبُ وَيَسْتَحِقَّ الْمِيرَاثَ، وَقَوْلُهُ: ((وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)).(2)
وَجَعَلَ الطَّلاَقَ فِي النّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتِ غَيْرَ جَائِزٍ إِلاَّ بِشَاهِدَيْن ذَوَيْ عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ فِي سَائِر الشَّهَادَاتِ عَلَى الدَّمَاءِ وَالْفُرُوج وَالأمْوَال وَالأمْلاَكِ: ((وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ))(3).
وَبَيَّنَ الطَّلاَقَ عَزَّ ذِكْرُهُ فَقَالَ: ((يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ))(4) وَلَوْ كَانَتِ الْمُطَلَّقَةُ تَبِينُ بِثَلاَثِ تَطْلِيقَاتٍ تَجْمَعُهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ أوْ أكْثَرُ مِنْهَا أوْ أقَلُّ لَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ للهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ))(5)، وَقَوْلِهِ: ((لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)) هُوَ نُكْرٌ يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْج وَزَوْجَتِهِ، فَيُطَلّقُ التَّطْلِيقَةَ الاُولَى بِشَهَادَةِ ذَوَيْ عَدْلٍ.2.
ص: 495
وَحَدُّ وَقْتِ التَّطْلِيقِ هُوَ آخِرُ الْقُرُوءِ، وَالْقُرْءُ هُوَ الْحَيْضُ، وَالطَّلاَقُ يَجِبُ عِنْدَ آخِر نُقْطَةٍ بَيْضَاءَ تَنْزلُ بَعْدَ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ، وَإِلَى التَّطْلِيقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَا يُحْدِثُ اللهُ بَيْنَهُمَا، عَطْفاً أوْ زَوَالَ مَا كَرهَاهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))(1) هَذَا لِقَوْلِهِ فِي أنَّ لِلْبُعُولَةِ مُرَاجَعَةَ النّسَاءِ مِنْ تَطْلِيقَةٍ إِلَى تَطْلِيقَةٍ، إِنْ أرَادُوا إِصْلاَحاً وَلِلنّسَاءِ مُرَاجَعَةَ الرجَال فِي مِثْل ذَلِكَ.
ثُمَّ بَيَّنَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَقَالَ: ((الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)) وَفِي الثَّالِثَةِ، فَإنْ طَلَّقَ الثَّالِثَةَ بَانَتْ فَهُوَ قَوْلُهُ: ((فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ))(2) ثُمَّ يَكُونُ كَسَائِر الْخُطَّابِ لَهَا.
وَالْمُتْعَةُ الَّتِي أحَلَّهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ وَأطْلَقَهَا الرَّسُولُ عَن اللهِ لِسَائِر الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً))(3) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُتْعَةِ أنَّ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقاً وَلِلْمُتْعَةِ اُجْرَةً.
فَتَمَتَّعَ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ(4) عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الْحَجَّ ).
ص: 496
وَغَيْرهِ، وَأيَّام أبِي بَكْرٍ، وَأرْبَع سِنِينَ فِي أيَّام عُمَرَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى اُخْتِهِ عَفْرَاءَ فَوَجَدَ فِي حَجْرهَا طِفْلاً يَرْضَعُ مِنْ ثَدْيِهَا فَنَظَرَ إِلَى دِرَّةِ اللَّبَن فِي فَم الطّفْل فَاُغْضِبَ وَأرْعَدَ وَارْبَدَّ وَأخَذَ الطّفْلَ عَلَى يَدِهِ، وَخَرَجَ حَتَّى أتَى الْمَسْجِدَ، وَرَقَى الْمِنْبَرَ وَقَالَ: نَادُوا فِي النَّاس أنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةً، وَكَانَ غَيْرَ وَقْتِ صَلاَةٍ يَعْلَمُ النَّاسُ أنَّهُ لأمْرٍ يُريدُهُ عُمَرُ فَحَضَرُوا فَقَالَ: مَعَاشرَ النَّاس مِنَ الْمُهَاجِرينَ وَالأنْصَار وَأوْلاَدِ قَحْطَانَ مَنْ مِنْكُمْ يُحِبُّ أنْ يَرَى الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ مِنَ النّسَاءِ، وَلَهَا مِثْلُ هَذَا الطّفْل؟ قَدْ خَرَجَ مِنْ أحْشَائِهَا وَهُوَ يَرْضَعُ عَلَى ثَدْيِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَبَعَّلَةٍ؟ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْم: مَا نُحِبُّ هَذَا؟ فَقَالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اُخْتِي عَفْرَاءَ(1) بِنْتَ خَيْثَمَةَ اُمَّي وَأبِيَ الْخَطَّابِ غَيْرُ مُتَبَعَّلَةٍ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإنّي دَخَلْتُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَوَجَدْتُ هَذَا الطّفْلَ فِي حَجْرهَا فَنَاشَدْتُهَا أنَّى لَكِ هَذَا؟ فَقَالَتْ: تَمَتَّعْتُ.
فَأعْلِمُوا سَائِرَ النَّاس! أنَّ هَذِهِ الْمُتْعَةَ الَّتِي كَانَتْ حَلاَلاً لِلْمُسْلِمِينَ فِي عَهْدِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ رَأيْتُ تَحْريمَهَا، فَمَنْ أبَى ضَرَبْتُ جَنْبَيْهِ بِالسَّوْطِ(2) فَلَمْ يَكُن
ص: 497
فِي الْقَوْم مُنْكِرٌ قَوْلَهُ، وَلاَ رَادٌّ عَلَيْهِ، وَلاَ قَائِلٌ: لاَ يَأتِي رَسُولٌ بَعْدَ رَسُول اللهِ أوْ كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ، لاَ نَقْبَلُ خِلاَفَكَ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَكِتَابِهِ، بَلْ سَلَّمُوا وَرَضُوا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَمَا شَرَائِطُ الْمُتْعَةِ؟
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لَهَا سَبْعُونَ شَرْطاً مَنْ خَالَفَ فِيهَا شَرْطاً وَاحِداً ظَلَمَ نَفْسَهُ).
قَالَ: قُلْتُ: يَا سَيَّدِي قَدْ أمَرْتُمُونَا أنْ لاَ نَتَمَتَّعَ بِبَغِيَّةٍ، وَلاَ مَشْهُورَةٍ بِفَسَادٍ، وَلاَ مَجْنُونَةٍ، وَأنْ نَدْعُوَ الْمُتْعَةَ إِلَى الْفَاحِشَةِ، فَإنْ أجَابَتْ فَقَدْ حَرُمَ الاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَأنْ نَسْألَ أفَارغَةٌ أمْ مَشْغُولَةٌ بِبَعْلٍ أوْ حَمْلٍ أوْ بِعِدَّةٍ؟ فَإنْ شُغِلَتْ بِوَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلاَثِ فَلاَ تَحِلُّ، وَإِنْ خَلَتْ فَيَقُولُ لَهَا: مَتّعِيني نَفْسَكِ
ص: 498
عَلَى كِتَابِ اللهِ عزّ وجل وَسُنَّةِ نَبِيَّهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نِكَاحاً غَيْرَ سِفَاح أجَلاً مَعْلُوماً بِاُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ سَاعَةٌ أوْ يَوْمٌ أوْ يَوْمَان أوْ شَهْرٌ أوْ سَنَةٌ أوْ مَا دُونَ ذَلِكَ أوْ أكْثَرُ، وَالاُجْرَةُ مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ حَلْقَةِ خَاتَم أوْ شسْع نَعْلٍ أوْ شقَّ تَمْرَةٍ إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ مِنَ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أوْ عَرَضٍ تَرْضَى بِهِ، فَإنْ وَهَبَتْ لَهُ حَلَّ لَهُ كَالصَّدَاقِ الْمَوْهُوبِ مِنَ النّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِنَّ: ((فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً))(1).
ثُمَّ يَقُولُ لَهَا: عَلَى ألاَ تَرثِيني وَلاَ أرثَكِ، وَعَلَى أنَّ الْمَاءَ لِي أضَعُهُ مِنْكِ حَيْثُ أشَاءُ، وَعَلَيْكِ الاسْتِبْرَاءُ خَمْسَةً وَأرْبَعِينَ يَوْماً أوْ مَحِيضاً وَاحِداً، فَإذَا قَالَتْ: نَعَمْ، أعَدْتَ الْقَوْلَ ثَانِيَةً وَعَقَدْتَ النّكَاحَ، فَإنْ أحْبَبْتَ وَأحَبَّتْ هِيَ الاسْتِزَادَةَ فِي الأجَل زِدْتُمَا، وَفِيهِ مَا رَوَيْنَاهُ(2) فَإنْ كَانَتْ تَفْعَلُ فَعَلَيْهَا مَا تَوَلَّتْ مِنَ الإخْبَار عَنْ نَفْسِهَا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ(3).ا.
ص: 499
وَقَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لَعَنَ اللهُ ابْنَ الْخَطَّابِ فَلَوْلاَهُ مَا زَنَى إِلاَّ شَقِيٌّ أوْ شَقِيَّةٌ(1) لأنَّهُ كَانَ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ غَنَاءٌ فِي الْمُتْعَةِ عَن الزّنَا)، ثُمَّ تَلاَ: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ * وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الأَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ))(2).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ مَنْ عَزَلَ بِنُطْفَتِهِ عَنْ زَوْجَتِهِ فَدِيَةُ النُّطْفَةِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ كَفَّارَةً)(3)، وَإِنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُتْعَةِ أنَّ مَاءَ الرَّجُل يَضَعُهُ حَيْثُ ق.
ص: 500
يَشَاءُ مِنَ الْمُتَمَتَّع بِهَا، فَإذَا وَضَعَهُ فِي الرَّحِم فَخُلِقَ مِنْهُ وَلَدٌ كَانَ لاَحِقاً بِأبِيهِ.
(ثُمَّ يَقُومُ جَدَّي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن وَأبِيَ الْبَاقِرُ عليهما السلام فَيَشْكُوَان إِلَى جَدَّهِمَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فُعِلَ بِهِمَا ثُمَّ أقُومُ أنَا فَأشْكُو إِلَى جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ الْمَنْصُورُ بِي، ثُمَّ يَقُومُ ابْنِي مُوسَى فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الرَّشيدُ، ثُمَّ يَقُومُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمَأمُونُ، ثُمَّ يَقُومُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمَأمُونُ، ثُمَّ يَقُومُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمُتَوَكّلُ، ثُمَّ يَقُومُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيًّ فَيَشْكُو إِلَى جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا فَعَلَ بِهِ الْمُعْتَزُّ.
ثُمَّ يَقُومُ الْمَهْدِيُّ سَمِيُّ جَدَّي رَسُول اللهِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُ رَسُول اللهِ مُضَرَّجاً بِدَم رَسُول اللهِ يَوْمَ شُجَّ جَبِينُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَالْمَلاَئِكَةُ تَحُفُّهُ حَتَّى يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ جَدَّهِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَقُولُ: يَا جَدَّاهْ وَصَفْتَنِي وَدَلَلْتَ عَلَيَّ، وَنَسَبْتَنِي وَسَمَّيْتَنِي وَكَنَيْتَنِي، فَجَحَدَتْنِي الاُمَّةُ وَتَمَرَّدَتْ وَقَالَتْ: مَا وُلِدَ، وَلاَ كَانَ، وَأيْنَ هُوَ؟ وَمَتَى كَانَ؟ وَأيْنَ يَكُونُ؟ وَقَدْ مَاتَ وَلَمْ يُعْقِبْ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحاً مَا أخَّرَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، فَصَبَرْتُ مُحْتَسِباً وَقَدْ أذِنَ اللهُ لِي فِيهَا بِإذْنِهِ يَا جَدَّاهْ.
فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ))(1)، وَيَقُولُ: ((جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ))(2)، وَحَقَّ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ 1.
ص: 501
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(1)، وَيَقْرَاُ: ((إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً * وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً))(2)).
فَقَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ أيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم؟
فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: اللهُمَّ حَمِّلْنِي ذُنُوبَ شيعَةِ أخِي وَأوْلاَدِي الأوْصِيَاءِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا تَأخَّرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلاَ تَفْضَحْنِي بَيْنَ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ مِنْ شيعَتِنَا، فَحَمَّلَهُ اللهُ إِيَّاهَا وَغَفَرَ جَمِيعَهَا)(3).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَبَكَيْتُ بُكَاءً طَويلاً وَقُلْتُ: يَا سَيَّدِي هَذَا بِفَضْل اللهِ عَلَيْنَا فِيكُمْ.
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (يَا مُفَضَّلُ مَا هُوَ إِلاَّ أنْتَ وَأمْثَالُكَ، بَلَى يَا مُفَضَّلُ لاَ تُحَدَّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ أصْحَابَ الرُّخَص مِنْ شيعَتِنَا فَيَتَّكِلُونَ عَلَى هَذَا الْفَضْل، وَيَتْرُكُونَ الْعَمَلَ فَلاَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً لأنَّا كَمَا قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِينَا: ((لا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ))(4)).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَقَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)) مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ظَهَرَ عَلَى الدَّين كُلّهِ؟8.
ص: 502
قَالَ: (يَا مُفَضَّلُ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ظَهَرَ عَلَى الدَّين كُلّهِ مَا كَانَتْ مَجُوسِيَّةٌ وَلاَ يَهُودِيَّةٌ وَلاَ صَابِئِيَّةٌ وَلاَ نَصْرَانِيَّةٌ، وَلاَ فُرْقَةٌ وَلاَ خِلاَفٌ وَلاَ شَكٌ وَلاَ شرْكٌ، وَلاَ عَبَدَةُ أصْنَام، وَلاَ أوْثَانٍ، وَلاَ اللاَتِ وَالْعُزَّى، وَلاَ عَبَدَةُ الشَّمْس وَالْقَمَر، وَلاَ النُّجُوم، وَلاَ النَّار، وَلاَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)) فِي هَذَا الْيَوْم وَهَذَا الْمَهْدِيُّ وَهَذِهِ الرَّجْعَةُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ))(1)).
فَقَالَ الْمُفَضَّلُ: أشْهَدُ أنَّكُمْ مِنْ عِلْم اللهِ عَلِمْتُمْ، وَبسُلْطَانِهِ وَبقُدْرَتِهِ قَدَرْتُمْ وَبحُكْمِهِ نَطَقْتُمْ، وَبأمْرهِ تَعْمَلُونَ.
ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (ثُمَّ يَعُودُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام إِلَى الْكُوفَةِ، وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ بِهَا جَرَاداً مِنْ ذَهَبٍ، كَمَا أمْطَرَهُ اللهُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أيُّوبَ، وَيَقْسِمُ عَلَى أصْحَابِهِ كُنُوزَ الأرْض مِنْ تِبْرهَا وَلُجَيْنهَا وَجَوْهَرهَا).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ مَنْ مَاتَ مِنْ شيعَتِكُمْ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لإخْوَانِهِ وَلأضْدَادِهِ كَيْفَ يَكُونُ؟
قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (أوَّلُ مَا يَبْتَدِئُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام أنْ يُنَادِيَ فِي جَمِيع الْعَالَم: ألاَ مَنْ لَهُ عِنْدَ أحَدٍ مِنْ شيعَتِنَا دَيْنٌ فَلْيَذْكُرْهُ حَتَّى يَرُدَّ الثُّومَةَ وَالْخَرْدَلَةَ فَضْلاً عَن الْقَناطِير الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالأمْلاَكِ فَيُوَفّيَهُ إِيَّاهُ).
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ ثُمَّ مَا ذَا يَكُونُ؟
قَالَ: (يَأتِي الْقَائِمُ عليه السلام بَعْدَ أنْ يَطَأ شَرْقَ الأرْض وَغَرْبَهَا، الْكُوفَةَ وَمَسْجِدَهَا، وَيَهْدِمُ الْمَسْجِدَ الَّذِي بَنَاهُ يَزيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَعَنَهُ اللهُ لَمَّا قَتَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيًّ عليهما السلام، وَ(هُوَ) مَسْجِدٌ لَيْسَ للهِ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ بَنَاهُ).8.
ص: 503
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلاَيَ فَكَمْ تَكُونُ مُدَّةُ مُلْكِهِ عليه السلام؟
فَقَالَ: (قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَْرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَْرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ))(1) وَالْمَجْذُوذُ الْمَقْطُوعُ أيْ عَطَاءً غَيْرَ مَقْطُوع عَنْهُمْ، بَلْ هُوَ دَائِمٌ أبَداً، وَمُلْكٌ لاَ يَنْفَدُ، وَحُكْمٌ لاَ يَنْقَطِعُ، وَأمْرٌ لاَ يَبْطُلُ إِلاَّ بِاخْتِيَار اللهِ وَمَشيَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ، الَّتِي لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ، ثُمَّ الْقِيَامَةُ وَمَا وَصَفَهُ اللهُ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ.
وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى خَيْر خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ الطَّيَّبينَ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً كَثِيراً).
أقُولُ: رَوَى الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ مُنْتَخَبِ الْبَصَائِر هَذَا الْخَبَرَ(2) هَكَذَا: حَدَّثَنِي الأخُ الرُّشَيْدُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَسَّنٍ الطَّارَآبَادِيُّ أنَّهُ وَجَدَ بِخَطّ أبِيهِ الرَّجُل الصَّالِح إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَسَّنٍ هَذَا الْحَدِيثَ الآتِيَ ذِكْرُهُ، وَأرَانِي خَطَّهُ وَكَتَبْتُهُ مِنْهُ، وَصُورَتُهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ...، وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَمَا مَرَّ إِلَى قَوْلِهِ: (لَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ عَلَى الْبَرَاذِين الشُّهْبِ بِأيْدِيهِمُ الْحِرَابُ، يَتَعَاوَوْنَ شَوْقاً إِلَى الْحَرْبِ كَمَا تَتَعَاوَى الذّئَابُ، أمِيرُهُمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيم يُقَالُ لَهُ: شُعَيْبُ بْنُ صَالِح، فَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِيهِمْ وَجْهُهُ كَدَائِرَةِ الْقَمَر، يَرُوعُ النَّاسَ جَمَالاً فَيَبْقَى عَلَى أثَر الظُّلْمَةِ فَيَأخُذُ سَيْفَهُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، وَالْعَظِيمَ وَالْوَضِيعَ.2.
ص: 504
ثُمَّ يَسِيرُ بِتِلْكَ الرَّايَاتِ كُلِّهَا حَتَّى يَردَ الْكُوفَةَ، وَقَدْ جُمِعَ بِهَا أكْثَرُ أهْل الأرْض يَجْعَلُهَا لَهُ مَعْقِلاً، ثُمَّ يَتَّصِلُ بِهِ وَبأصْحَابِهِ خَبَرُ الْمَهْدِيَّ فَيَقُولُونَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ مَنْ هَذَا الَّذِي نَزَلَ بِسَاحَتِنَا؟ فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: اخْرُجُوا بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى تَنْظُرُوا مَنْ هُوَ وَمَا يُريدُ؟ وَهُوَ يَعْلَمُ وَاللهِ أنَّهُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام وَإِنَّهُ لَيَعْرفُهُ، وَإِنَّهُ لَمْ يُردْ بِذَلِكَ الأمْر إِلاَّ اللهَ، فَيَخْرُجُ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَبَيْنَ يَدَيْهِ أرْبَعَةُ آلاَفِ رَجُلٍ فِي أعْنَاقِهِمُ الْمَصَاحِفُ، وَعَلَيْهِمُ الْمُسُوحُ، مُقَلّدِينَ بِسُيُوفِهِمْ، فَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام حَتَّى يَنْزلَ بِقُرْبِ الْمَهْدِيَّ عليه السلام فَيَقُولُ: سَائِلُوا عَنْ هَذَا الرَّجُل مَنْ هُوَ وَمَا ذَا يُريدُ؟ فَيَخْرُجُ بَعْضُ أصْحَابِ الْحُسَيْن عليه السلام إِلَى عَسْكَر الْمَهْدِيَّ عليه السلام فَيَقُولُ: أيُّهَا الْعَسْكَرُ الْجَائِلُ مَنْ أنْتُمْ حَيَّاكُمُ اللهُ؟ وَمَنْ صَاحِبُكُمْ هَذَا؟ وَمَا ذَا يُريدُ؟ فَيَقُولُ أصْحَابُ الْمَهْدِيَّ عليه السلام: هَذَا مَهْدِيُّ آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام وَنَحْنُ أنْصَارُهُ مِنَ الْجِن وَالإنْس وَالْمَلاَئِكَةِ.
ثُمَّ يَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: خَلُّوا بَيْني وَبَيْنَ هَذَا، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ عليه السلام فَيَقِفَانِ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْن، فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: إِنْ كُنْتَ مَهْدِيَّ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأيْنَ هِرَاوَةُ جَدَّي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَخَاتَمُهُ، وَبُرْدَتُهُ، وَدِرْعُهُ الْفَاضِلُ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَفَرَسُهُ، وَنَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ، وَبَغْلَتُهُ دُلْدُلٌ، وَحِمَارُهُ يَعْفُورٌ، وَنَجِيبُهُ الْبُرَاقُ، وَتَاجُهُ وَالْمُصْحَفُ الَّذِي جَمَعَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلى الله عليه وآله وسلّم بِغَيْر تَغْيِيرٍ وَلاَ تَبْدِيلٍ؟ فَيُحْضِرُ لَهُ السَّفَطَ الَّذِي فِيهِ جَمِيعُ مَا طَلَبَهُ.
وَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّهُ كَانَ كُلُّهُ فِي السَّفَطِ، وَتَركَاتُ جَمِيع النَّبِيَّينَ حَتَّى عَصَا آدَمَ وَنُوح عليهما السلام، وَتَركَةُ هُودٍ وَصَالِح عليهما السلام، وَمَجْمُوعُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، وَصَاعُ يُوسُفَ عليه السلام، وَمِكْيَالُ شُعَيْبٍ عليه السلام وَمِيزَانُهُ، وَعَصَا
ص: 505
مُوسَى عليه السلام وَتَابُوتُهُ الَّذِي فِيهِ بَقِيَّةُ مَا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ، وَدِرْعُ دَاوُدَ عليه السلام وَخَاتَمُهُ، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام وَتَاجُهُ، وَرَحْلُ عِيسَى عليه السلام، وَمِيرَاثُ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ فِي ذَلِكَ السَّفَطِ.
وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ! أسْألُكَ أنْ تَغْرسَ هِرَاوَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي هَذَا الْحَجَر الصَّلْدِ وَتَسْألَ اللهَ أنْ يُنْبِتَهَا فِيهِ، وَلاَ يُريدُ بِذَلِكَ إِلاَّ أنْ يُريَ أصْحَابَهُ فَضْلَ الْمَهْدِيَّ عليه السلام حَتَّى يُطِيعُوهُ وَيُبَايِعُوهُ، وَيَأخُذُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام الْهِرَاوَةَ فَيَغْرسُهَا فَتَنْبُتُ فَتَعْلُو وَتَفَرَّعُ وَتُورقُ، حَتَّى تُظِلَّ عَسْكَرَ الْحُسَيْن عليه السلام.
فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ عليه السلام: اللهُ أكْبَرُ يَا ابْنَ رَسُول اللهِ، مُدَّ يَدَكَ حَتَّى اُبَايِعَكَ، فَيُبَايِعُهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَسَائِرُ عَسْكَرهِ إِلاَّ الأرْبَعَةُ آلاَفٍ مِنْ أصْحَابِ الْمَصَاحِفِ وَالْمُسُوح الشَّعَر(1) الْمَعْرُوفُونَ بِالزَّيْدِيَّةِ فَإنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ عَظِيمٌ).
أقُولُ: ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (إِنْ أنْصَفْتُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ وَأنْصَفْتُمُوهُ...) نَحْواً مِمَّا مَرَّ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ شَيْئا(2).
بيان: (الهود) التوبة والرجوع إلى الحقّ، وصبا يصبو: أي مال وصبأ بالهمز أي خرج من دين إلى دين.
واعلم أنَّ تاريخ الولادة مخالف لما مرَّ والمشهور أنَّ سُرَّ من رأى بناها المعتصم ولعلَّ المتوكّل أتمَّ بناءها وتعميرها فلذا نسبت إليه، وقال الفيروز آبادي: سُرَّ من من رأى بضمّ السين والراء أي سرور وبفتحهما 2.
ص: 506
وبفتح الأوّل وضمّ الثاني وسامرا ومدَّه البحتري في الشعر أو كلاهما لحن وساء من رأى بلد، لمَّا شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره فلمَّا انتقل بهم إليها سُرَّ كلّ منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم(1).
قوله: (فبغير سُنّة القائم) لعلَّ المعنى أنَّ الحسين عليه السلام كيف يظهر قبل القائم عليه السلام بغير سُنّته فأجاب عليه السلام بأنَّ ظهوره بعد القائم إذ كلّ بيعة قبله ضلالة.
قوله عليه السلام: (فها أنا ذا آدم) يعني في علمه وفضله وأخلاقه التي بها تتّبعونه وتفضّلونه، وشحب لونه كجمع ونصر وكرم وعنّي تغيّر، قوله عليه السلام: (ويلزمهما إيّاه) أقول: العلّة والسبب في إلزام ما تأخَّر عنهما من الآثام عليهما ظاهر، لأنَّهما بمنع أمير المؤمنين عليه السلام عن حقّه، ودفعه عن مقامه، صارا سببين لاختفاء سائر الأئمّة ومغلوبيَّتهم، وتسلّط أئمّة الجور وغلبتهم إلى زمان القائم عليه السلام وصار ذلك سبباً لكفر من كفر، وضلال من ضلَّ، وفسق من فسق، لأنَّ الإمام مع اقتداره واستيلائه وبسط يده يمنع من جميع ذلك، وعدم تمكّن أمير المؤمنين صلوات الله عليه من بعض تلك الأمور في أيام خلافته إنَّما كان لما أسساه من الظلم والجور.
وأمَّا ما تقدَّم عليهما، فلأنهما كانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحقّ عن مقامهم، وما يترتَّب على ذلك من الفساد، ولو كانا منكرين لذلك لم يفعلا مثل فعلهم، وكلّ من رضي بفعل فهو كمن أتاه، كما دلَّت عليه الآيات الكثيرة، حيث نسب الله تعالى فعال آباء اليهود إليهم، وذمَّهم عليها لرضاهم بها وغير ذلك، واستفاضت به أخبار الخاصّة والعامّة.8.
ص: 507
على أنَّه لا يبعد أن يكون لأرواحهم الخبيثة مدخلاً في صدور تلك الأمور عن الأشقياء كما أنَّ أرواح الطيّبين من أهل بيت الرسالة، كانت مؤيّدة للأنبياء والرسل، معينة لهم في الخيرات، شفيعة لهم في رفع الكربات، كما مرَّ في كتاب الإمامة.
ومع صرف النظر عن جميع ذلك يمكن أن يُأوّل بأنَّ المراد إلزام مثل فعال هؤلاء الأشقياء عليهما، وأنَّهما في الشقاوة مثل جميعهم لصدور مثل أفعال الجميع عنهما.
قوله: (والمنادي من حول الضريح) أي أجيبوا وانصروا أولاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم الملهوفين المنادين حول ضريح جدّهم.
قوله عليه السلام: (والخاف) أي الجبل المطيف بالدنيا، ولا يبعد أن يكون تصحيف القاف، والجزل بالفتح ما عظم من الحطب ويبس، والركل الضرب بالرجل وكذا الرفس.
قوله عليه السلام: (لداعيها) أي للدّاعي فيها إلى الحقّ، و(لا يجاب مناديها) أي المستغيث فيها، و(لا يخالف واليها) أي يطاع والي تلك الفتنة في كلّ ما يريد، والجحجاح السيد، قوله: (جوانبها) لعلَّه بدل بعض، وكذا نظائره.
قوله عليه السلام: قال الله عزّ وجل: ((فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)) لعلَّه عليه السلام فسَّر قوله تعالى: ((إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ)) بزمان الرجعة بأن يكون المراد بالجنّة والنار، ما يكون في عالم البرزخ، كما ورد في خبر آخر واستدلَّ عليه السلام بها على أنَّ هذا الزمان منوط بمشية الله كما قال تعالى، غير معلوم للخلق على التعيين، وهذا أظهر الوجوه التي ذكروها في تفسير هذه الآية.
* * *
ص: 508
ص: 509
ص: 510
1 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أعْيَنَ وَأبَا الْخَطَّابِ يُحَدِّثَان جَمِيعاً قَبْلَ أنْ يُحْدِثَ أبُو الْخَطَّابِ مَا أحْدَثَ(1) أنَّهُمَا سَمِعَا أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الأرْضُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام وَإِنَّ الرَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِعَامَّةٍ، وَهِيَ خَاصَّةٌ لاَ يَرْجِعُ إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ مَحَضَ الشرْكَ مَحْضاً)(2).
2 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ بُكَيْر بْن أعْيَنَ، قَالَ: قَالَ لِي مَنْ لاَ أشُكُّ فِيهِ _ يَعْنِي أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام _: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعَلِيّاً سَيَرْجِعَان)(3).ق.
ص: 511
3 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لاَ تَقُولُوا الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ، وَلاَ تَقُولُوا الرَّجْعَةَ، فَإنْ قَالُوا لَكُمْ: فَإنَّكُمْ قَدْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ ذَلِكَ فَقُولُوا: أمَّا الْيَوْمَ فَلاَ نَقُولُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدْ كَانَ يَتَألَّفُ النَّاسَ بِالْمِائَةِ ألْفِ دِرْهَم لِيَكُفُّوا عَنْهُ، فَلاَ تَتَألَّفُونَهُمْ بِالْكَلاَم(1)؟
بيان: أي لا تسمّوا الملعونين بهذين الاسمين أو لا تتعرَّضوا لهما بوجه.
4 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ هَذِهِ الاُمُور الْعِظَام مِنَ الرَّجْعَةِ وَأشْبَاهِهَا فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا الَّذِي تَسْألُونَ عَنْهُ لَمْ يَجِئْ أوَانُهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ))(2))(3).
5 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن يَزيدَ وَابْن أبِي الْخَطَّابِ وَالْيَقْطِينيَّ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن اُذَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الطَّيَّار، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(4)، فَقَالَ: (لَيْسَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ إِلاَّ سَيَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ، وَلاَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ مَاتَ إِلاَّ سَيَرْجِعُ حَتَّى يُقْتَلَ)(5).
6 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيَّ، عَنْ 5.
ص: 512
حَمَّادِ بْن عِيسَى، عَن الْحُسَيْن بْن الْمُخْتَار، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يُنْكِرُ أهْلُ الْعِرَاقِ الرَّجْعَةَ؟)، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (أمَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(1)؟)(2).
7 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْبَزَنْطِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَنْ عُمَرَ بْن أبَانٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِحُمْرَانَ بْن أعْيَنَ وَمُيَسَّر بْن عَبْدِ الْعَزيز يَخْبِطَان النَّاسَ بِأسْيَافِهِمَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)(3).
8 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْمُغِيرَةِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سُئِلَ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ))(4)، فَقَالَ: (يَا جَابِرُ أتَدْري مَا سَبِيلُ اللهِ؟)، قُلْتُ: لاَ وَاللهِ إِلاَّ إِذَا سَمِعْتُ مِنْكَ، فَقَالَ: (الْقَتْلُ فِي سَبِيل عَلِيًّ عليه السلام وَذُريَّتِهِ فَمَنْ قُتِلَ فِي وَلاَيَتِهِ قُتِلَ فِي سَبِيل اللهِ، وَلَيْسَ أحَدٌ يُؤْمِنُ بِهَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ وَلَهُ قَتْلَةٌ وَمَيْتَةٌ، إِنَّهُ مَنْ قُتِلَ يُنْشَرُ(5) حَتَّى يَمُوتَ، وَمَنْ مَاتَ يُنْشَرُ حَتَّى يُقْتَلَ)(6).
تفسير العياشي: عن ابن المغيرة، مثله(7).2.
ص: 513
بيان: لعلَّ آخر الخبر تفسير لآخر الآية، وهو قوله: ((وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإَِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ))(1) بأن يكون المراد بالحشر الرجعة(2).
9 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ فَيْض بْن أبِي شَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ...))(3) الآيَةَ، قَالَ: (لَيُؤْمِنُنَّ بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَيَنْصُرُنَّ عَلِيّاً أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)، (قُلْتُ: وَلَيَنْصُرُنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟)(4) قَالَ عليه السلام: (نَعَمْ وَاللهِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ فَهَلُمَّ جَرّاً، فَلَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ رَدَّ جَمِيعَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يُقَاتِلُوا بَيْنَ يَدَيْ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(5).
تفسير العياشي: عن فيض بن أبي شيبة، مثله(6).
10 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن (أبِي)(7) الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَسْرُوقٍ، عَن الْمُنَخَّل بْن جَمِيلٍ، عَنْ جَابِر بْن ).
ص: 514
يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ))(1)، (يَعْنِي بِذَلِكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم وَقِيَامَهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا، وَقَوْلِهِ: ((إِنَّها لإَِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً))(2) يَعْنِي مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نَذِيراً لِلْبَشَر فِي الرَّجْعَةِ، وَفِي قَوْلِهِ: (إِنَّا أرْسَلْنَاكَ كَافَّةً لِلنَّاس)(3) فِي الرَّجْعَةِ)(4).
11 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ الْمُدَّثّرَ هُوَ كَائِنٌ عِنْدَ الرَّجْعَةِ)، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أحَيَاةٌ قَبْلَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ مَوْتٌ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: (نَعَمْ وَاللهِ لَكَفْرَةٌ مِنَ الْكُفْر بَعْدَ الرَّجْعَةِ أشَدُّ مِنْ كَفَرَاتٍ قَبْلَهَا)(5).
12 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: ((أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ))(6) فَأبَى اللهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ((قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ))(7) فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم، ظَهَرَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ فِي جَمِيع أشْيَاعِهِ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلَى يَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُوم وَهِيَ آخِرُ كَرَّةٍ يَكُرُّهَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)، فَقُلْتُ: وَإِنَّهَا لَكَرَّاتٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِنَّهَا لَكَرَّاتٌ 7.
ص: 515
وَكَرَّاتٌ مَا مِنْ إِمَام فِي قَرْنٍ إِلاَّ وَيَكُرُّ مَعَهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فِي دَهْرهِ حَتَّى يُدِيلَ اللهُ الْمُؤْمِنَ (مِنَ)(1) الْكَافِر.
فَإذَا كَانَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم كَرَّ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي أصْحَابِهِ وَجَاءَ إِبْلِيسُ فِي أصْحَابِهِ، وَيَكُونُ مِيقَاتُهُمْ فِي أرْضٍ مِنْ أرَاضِي الْفُرَاتِ يُقَالُ لَهُ: الرَّوْحَاءُ قَريبٌ مِنْ كُوفَتِكُمْ، فَيَقْتَتِلُونَ قِتَالاً لَمْ يُقْتَتَلْ مِثْلُهُ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ عزّ وجل الْعَالَمِينَ، فَكَأنّي أنْظُرُ إِلَى أصْحَابِ عَلِيًّ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَدْ رَجَعُوا إِلَى خَلْفِهِمُ الْقَهْقَرَى مِائَةَ قَدَم وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ وَقَعَتْ بَعْضُ أرْجُلِهِمْ فِي الْفُرَاتِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْبِطُ الْجَبَّارُ عزّ وجل فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمام، وَالْمَلائِكَةُ، وَقُضِيَ الأمْرُ، رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أمَامَهُ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ مِنْ نُورٍ فَإذَا نَظَرَ إِلَيْهِ إِبْلِيسُ رَجَعَ الْقَهْقَرَى نَاكِصاً عَلَى عَقِبَيْهِ فَيَقُولُونَ لَهُ أصْحَابُهُ: أيْنَ تُريدُ وَقَدْ ظَفِرْتَ؟ فَيَقُولُ: إِنّي أرى ما لا تَرَوْنَ، إِنّي أخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ، فَيَلْحَقُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَطْعُنُهُ طَعْنَةً بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَيَكُونُ هَلاَكُهُ وَهَلاَكُ جَمِيع أشْيَاعِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُعْبَدُ اللهُ عزّ وجل وَلاَ يُشْرَكُ بِهِ شَيْئاً، وَيَمْلِكُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أرْبَعاً وَأرْبَعِينَ ألْفَ سَنَةٍ حَتَّى يَلِدَ الرَّجُلُ مِنْ شيعَةِ عَلِيًّ عليه السلام ألْفَ وَلَدٍ مِنْ صُلْبِهِ ذَكَراً وَعِنْدَ ذَلِكَ تَظْهَرُ الْجَنَّتَان الْمُدْهَامَّتَان عِنْدَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَمَا حَوْلَهُ بِمَا شَاءَ اللهُ)(2).
بيان: هبوط الجبّار تعالى كناية عن نزول آيات عذابه وقد مضى تأويل الآية المضمنة في هذا الخبر في كتاب التوحيد، وقد سبق الرواية عن الرضا عليه السلام هناك أنَّها هكذا نزلت: (إلاَّ أن يأتيهم الله بالملائكة في 6.
ص: 516
ظلل من الغمام)(1) وعلى هذا يمكن أن يكون الواو في قوله: (والملائكة) هنا زائداً من النسّاخ.
13 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ الْمِنْقَريَّ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ الَّذِي يَلِي حِسَابَ النَّاس قَبْلَ يَوْم الْقِيَامَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام، فَأمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإنَّمَا هُوَ بَعْثٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَبَعْثٌ إِلَى النَّار)(2).
14 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح وَالْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ مَعاً، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن رَاشدٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يَرْجِعُ لَجَارُكُمُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فَيَمْلِكُ حَتَّى تَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر)(3).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى وابن عبد الجبّار وأحمد بن الحسن بن فضال جميعاً، عن الحسن بن فضال، عن أبي المغراء(4)، عن داود بن راشد مثله(5).2.
ص: 517
15 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ السَّيَّاريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن قَبِيصَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ))(1)، قَالَ: (يُكْسَرُونَ فِي الْكَرَّةِ كَمَا يُكْسَرُ الذَّهَبُ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلَى شبْهِهِ يَعْنِي إِلَى حَقِيقَتِهِ)(2).
بيان: لعلَّه إشارة إلى ما مرَّ في الأخبار من المزج بين الطينتين(3)، أو المراد افتتانهم حتَّى يظهر حقائقهم.
16 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن الْقَاسِم، عَنْ جَدَّهِ الْحَسَن، عَنْ أبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، قَالَ: قَالَ: (لَتَرْجِعَنَّ نُفُوسٌ ذَهَبَتْ وَلَيُقْتَصَّنَّ يَوْمَ يَقُومُ وَمَنْ عُذّبَ يَقْتَصُّ بِعَذَابِهِ وَمَنْ اُغِيظَ أغَاظَ بِغَيْظِهِ وَمَنْ قُتِلَ اقْتَصَّ بِقَتْلِهِ، وَيُرَدُّ لَهُمْ أعْدَاؤُهُمْ مَعَهُمْ، حَتَّى يَأخُذُوا بِثَأرهِمْ، ثُمَّ يَعْمُرُونَ بَعْدَهُمْ ثَلاَثِينَ شَهْراً ثُمَّ يَمُوتُونَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ أدْرَكُوا ثَأرَهُمْ، وَشَفَوْا أنْفُسَهُمْ، وَيَصِيرُ عَدُوُّهُمْ إِلَى أشَدَّ النَّار عَذَاباً، ثُمَّ يُوقَفُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّار عزّ وجل فَيُؤْخَذُ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ)(4).
17 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن رَاشدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أبِي عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَجَرَى بَيْنَهُمَا حَدِيثٌ فَقَالَ أبِي لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: مَا تَقُولُ فِي الْكَرَّةِ؟ قَالَ: (أقُولُ فِيهَا مَا قَالَ اللهُ عزّ وجل وَذَلِكَ أنَّ تَفْسِيرَهاَ(5) صَارَ إِلَى رَسُول اللهِ قَبْلَ أنْ يَأتِيَ هَذَا الْحَرْفُ بِخَمْسٍ ة.
ص: 518
وَعِشْرينَ لَيْلَةً قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ))(1) إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ يَقْضُوا ذُحُولَهُمْ)، فَقَالَ لَهُ أبِي: يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ * فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)) أيَّ شَيْءٍ أرَادَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: (إِذَا انْتَقَمَ مِنْهُمْ وَبَاتَتْ(2) بَقِيَّةُ الأرْوَاح سَاهِرَةً لاَ تَنَامُ وَلاَ تَمُوتُ)(3).
بيان: الذحول جمع الذحل، وهو طلب الثأر، ولعلَّ المعنى أنَّهم إنَّما وصفوا هذه الكرَّة بالخاسرة، لأنَّهم بعد أن قتلوا وعذّبوا لم ينته عذابهم، بل عقوبات القيامة معدَّة لهم، أو أنَّهم لا يمكنهم تدارك ما يفعل بهم من أنواع القتل والعقاب.
قوله عليه السلام: (ساهرة) لعلَّ التقدير: فإذا هم بالحالة الساهرة، على الإسناد المجازي أو في جماعة ساهرة.
قال البيضاوي: ((قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ)) ذات خسران أو خاسر أصحابنا، والمعنى أنَّها إن صحَّت فنحن إذاً خاسرون لتكذيبنا بها، وهو استهزاء منهم، ((فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ)) متعلّق بمحذوف، أي لا تستصعبوها فما هي إلاَّ صيحة واحدة يعني النفخة الثانية، ((فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)) فإذا هم أحياء على وجه الأرض، بعد ما كانوا أمواتاً في بطنها و(الساهرة) الأرض البيضاء المستوية سُمّيت بذلك لأنَّ السراب يجري فيها، من قولهم عين ساهرة للتي تجري(4) ماؤها وفي ضدَّها نائمة أو لأنَّ سالكها يسهر خوفاً، وقيل: اسم جهنم، انتهى(5).5.
ص: 519
أقول: على تأويله عليه السلام قولهم: ((تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ)) كلامهم في الرجعة على التحقيق لا في الحياة الأولى على الاستهزاء.
18 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أصْحَابِنَا، عَن ابْن أبِي عُثْمَانَ وَإِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: (وَجَعَلَكُمْ أنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً)(1)، فَقَالَ: (الأنْبِيَاءُ رَسُولُ اللهِ وَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَذُريَّتُهُ، وَالْمُلُوكُ الأئِمَّةُ عليهم السلام). قَالَ: فَقُلْتُ: وَأيَّ مُلْكٍ اُعْطِيتُمْ؟ فَقَالَ: (مُلْكَ الْجَنَّةِ، وَمُلْكَ الْكَرَّةِ)(2).
19 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الأهْوَازِيَّ وَمُحَمَّدٍ الْبَرْقِيَّ، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَن الْمُعَلَّى أبِي عُثْمَانَ، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ لِي أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أوَّلُ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا، الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فَيَمْلِكُ حَتَّى يَسْقُطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَر)، قَالَ: فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(3)، قَالَ: (نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلّم رَاجِعٌ إِلَيْكُمْ)(4).
20 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ الْوَاحِدَةِ: رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ الاُطْرُوش، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْبَجَلِيَّ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَن ابْن أبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ(5)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر عليه السلام ).
ص: 520
قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أحَدٌ وَاحِدٌ، تَفَرَّدَ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَتْ نُوراً ثُمَّ خَلَقَ مِنْ ذَلِكَ النُّور مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم وَخَلَقَنِي وَذُريَّتِي، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ فَصَارَتْ رُوحاً فَأسْكَنَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ النُّور، وَأسْكَنَهُ فِي أبْدَانِنَا فَنَحْنُ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَاتُهُ، فَبِنَا احْتَجَّ عَلَى خَلْقِهِ، فَمَا زِلْنَا فِي ظُلَّةٍ خَضْرَاءَ، حَيْثُ لاَ شَمْسَ وَلاَ قَمَرَ وَلاَ لَيْلَ وَلاَ نَهَارَ، وَلاَ عَيْنَ تَطْرفُ، نَعْبُدُهُ وَنُقَدِّسُهُ وَنُسَبَّحُهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ وَأخَذَ مِيثَاقَ الأنْبِيَاءِ بِالإيمَان وَالنُّصْرَةِ لَنَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ))(1) يَعْنِي لَتُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَتَنْصُرُنَّ وَصِيَّهُ، وَسَيَنْصُرُونَهُ جَمِيعاً.
وَإِنَّ اللهَ أخَذَ مِيثَاقِي مَعَ مِيثَاقِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالنُّصْرَةِ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ، فَقَدْ نَصَرْتُ مُحَمَّداً وَجَاهَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَتَلْتُ عَدُوَّهُ، وَوَفَيْتُ للهِ بِمَا أخَذَ عَلَيَّ مِنَ الْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ، وَالنُّصْرَةِ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلَمْ يَنْصُرْني أحَدٌ مِنْ أنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، وَذَلِكَ لِمَا قَبَضَهُمُ اللهُ إِلَيْهِ، وَسَوْفَ يَنْصُرُونَنِي، وَيَكُونُ لِي مَا بَيْنَ مَشْرقِهَا إِلَى مَغْربهَا وَلَيَبْعَثَنَّ(2) اللهُ أحْيَاءً مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم كُلَّ نَبِيًّ مُرْسَلٍ، يَضْربُونَ بَيْنَ يَدَيَّ بِالسَّيْفِ هَامَ الأمْوَاتِ وَالأحْيَاءِ وَالثَّقَلَيْن جَمِيعاً.
فَيَا عَجَباَ(3) وَكَيْفَ لاَ أعْجَبُ مِنْ أمْوَاتٍ يَبْعَثُهُمُ اللهُ أحْيَاءً يُلَبُّونَ زُمْرَةً زُمْرَةً بِالتَّلْبِيَةِ:).
ص: 521
لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ، قَدْ تَخَلَّلُوا بِسِكَكِ الْكُوفَةِ، قَدْ شَهَرُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ لَيَضْربُونَ بِهَا هَامَ الْكَفَرَةِ، وَجَبَابِرَتِهِمْ وَأتْبَاعِهِمْ مِنْ جَبَّارَةِ(1) الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ حَتَّى يُنْجِزَ اللهُ مَا وَعَدَهُمْ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(2) أيْ يَعْبُدُونَنِي آمِنينَ لاَ يَخَافُونَ أحَداً مِنْ عِبَادِي لَيْسَ عِنْدَهُمْ تَقِيَّةٌ.
وَإِنَّ لِي الْكَرَّةَ بَعْدَ الْكَرَّةِ، وَالرَّجْعَةَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ، وَأنَا صَاحِبُ الرَّجَعَاتِ وَالْكَرَّاتِ، وَصَاحِبُ الصَّوْلاَتِ وَالنَّقِمَاتِ، وَالدُّولاَتِ الْعَجِيبَاتِ(3) وَأنَا قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأنَا عَبْدُ اللهِ وَأخُو رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم.
أنَا أمِينُ اللهِ وَخَازِنُهُ، وَعَيْبَةُ سِرهِ وَحِجَابُهُ وَوَجْهُهُ وَصِرَاطُهُ وَمِيزَانُهُ وَأنَا الْحَاشرُ إِلَى اللهِ، وَأنَا كَلِمَةُ اللهِ الَّتِي يَجْمَعُ بِهَا الْمُفْتَرقَ وَيُفَرقُ بِهَا الْمُجْتَمِعَ.
وَأنَا أسْمَاءُ اللهِ الْحُسْنَى، وَأمْثَالُهُ الْعُلْيَا، وَآيَاتُهُ الْكُبْرَى، وَأنَا صَاحِبُ الْجَنَّةِ وَالنَّار، اُسْكِنُ أهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَاُسْكِنُ أهْلَ (النَّار)(4) النَّارَ، وَإِلَيَّ تَزْوِيجُ أهْل الْجَنَّةِ وَإِلَيَّ عَذَابُ أهْل النَّار، وَإِلَيَّ إِيَابُ الْخَلْقِ جَمِيعاً، وَأنَا الإيَابُ الَّذِي يَئُوبُ ر.
ص: 522
إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَإِلَيَّ حِسَابُ الْخَلْقِ جَمِيعاً، وَأنَا صَاحِبُ الْهِبَاتِ(1)، وَأنَا الْمُؤَذّنُ عَلَى الأعْرَافِ(2)، وَأنَا بَارزُ الشَّمْس، أنَا دَابَّةُ الأرْض، وَأنَا قَسِيمُ النَّار(3) وَأنَا خَازِنُ الْجِنَان وَصَاحِبُ الأعْرَافِ(4).
وَأنَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ، وَيَعْسُوبُ الْمُتَّقِينَ، وَآيَةُ السَّابِقِينَ، وَلِسَانُ النَّاطِقِينَ، وَخَاتَمُ الْوَصِيَّينَ، وَوَارثُ النَّبِيَّينَ، وَخَلِيفَةُ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصِرَاطُ رَبَّيَ الْمُسْتَقِيمُ، وَفُسْطَاطُهُ وَالْحُجَّةُ عَلَى أهْل السَّمَاوَاتِ وَالأرَضِينَ، وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا، وَأنَا الَّذِي احْتَجَّ اللهُ بِهِ عَلَيْكُمْ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِكُمْ، وَأنَا الشَّاهِدُ يَوْمَ الدَّين، وَأنَا الَّذِي عَلِمْتُ عِلْمَ الْمَنَايَا وَالْبَلاَيَا وَالْقَضَايَا، وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَالأنْسَابَ، وَاسْتُحْفِظْتُ آيَاتِ النَّبِيَّينَ الْمُسْتَخْفِينَ الْمُسْتَحْفَظِينَ.).
ص: 523
وَأنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم(1)، وَأنَا الَّذِي سُخّرَتْ لِيَ السَّحَابُ وَالرَّعْدُ وَالْبَرْقُ، وَالظُّلَمُ وَالأنْوَارُ، وَالريَاحُ وَالْجِبَالُ وَالْبِحَارُ، وَالنُّجُومُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ(2)، أنَا الْقَرْنُ الْحَدِيدُ(3)، وَأنَا فَارُوقُ الاُمَّةِ، وَأنَا الْهَادِي، وَأنَا الَّذِي أحْصَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً بِعِلْمِ اللهِ الَّذِي أوْدَعَنِيهِ، وَبسِرهِ الَّذِي أسَرَّهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأسَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَيَّ، وَأنَا الَّذِي أنْحَلَنِي رَبَّي اسْمَهُ وَكَلِمَتَهُ وَحِكْمَتَهُ وَعِلْمَهُ وَفَهْمَهُ.
يَا مَعْشَرَ النَّاس اسْألُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني، اللهُمَّ إِنّي اُشْهِدُكَ وَأسْتَعْدِيكَ عَلَيْهِمْ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيَّ الْعَظِيم، وَالْحَمْدُ للهِ مُتَّبِعِينَ أمْرَهُ)(4).
بيان: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ)) قال البيضاوي: قيل: إنَّه على ظاهره وإذا كان هذا حكم الأنبياء كان الأمم به أولى، وقيل: معناه أنَّه تعالى أخذ الميثاق من النبيّين وأممهم واستغنى بذكرهم عن ذكر أممهم، وقيل: إضافة الميثاق إلى النبيّين إضافة إلى الفاعل والمعنى إذ أخذ الله الميثاق الذي واثقه(5) الأنبياء على أممهم، وقيل: المراد أولاد النبيّين على حذف ).
ص: 524
المضاف وهم بنو إسرائيل أو سمّاهم نبيّين تهكّماً لأنَّهم كانوا يقولون: نحن أولى بالنبوّة من محمّد لأنّا أهل الكتاب والنبيّون كانوا منّا، انتهى(1).
وقال أكثر المفسَّرين: النصرة البشارة للأمم به ولا يخفى بعده وما في الخبر هو ظاهر الآية.
وقال الجزري: في حديث عمرو الأسقف قال: أجدك قرناً قال: قرن مه؟ قال: قرن من حديد، القرن: بفتح القاف الحصن(2).
أقول: قد مرَّ تفسير سائر أجزاء الخبر في كتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام(3).
21 _ تفسير العياشي: عَنْ صَالِح بْن مِيثَم قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عَنْ قَوْل اللهِ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(4) قَالَ: (ذَلِكَ حِينَ يَقُولُ عَلِيٌّ عليه السلام: أنَا أوْلَى النَّاس بِهَذِهِ الآيَةِ، ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((كاذِبِينَ))(5))(6).
22 _ أمالي الصدوق: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ عَامِر بْن مَعْقِلٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: (يَا أبَا حَمْزَةَ لاَ تَضَعُوا عَلِيّاً دُونَ مَا وَضَعَهُ اللهُ، وَلاَ تَرْفَعُوا عَلِيّاً فَوْقَ مَا رَفَعَهُ اللهُ، كَفَى بِعَلِيًّ أنْ يُقَاتِلَ أهْلَ الْكَرَّةِ وَأنْ يُزَوَّجَ أهْلَ الْجَنَّةِ)(7).4.
ص: 525
بصائر الدرجات: ابن عيسى، مثله(1).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عامر بن معقل، مثله(2).
23 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً مِنْ لَدُنْ آدَمَ فَهَلُمَّ جَرّاً إِلاَّ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا وَيَنْصُرُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ قَوْلُهُ: ((لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ))(3) يَعْنِي بِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ((وَلَتَنْصُرُنَّ)) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ(4).
24 _ تفسير القمي: ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً))(5) فَإنَّهُ رُوِيَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِذَا رَجَعَ آمَنَ بِهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أبِي، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ الْمِنْقَريَّ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ شَهْر بْن حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْحَجَّاجُ: يَا شَهْرُ(6)! آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ قَدْ أعْيَتْنِي، فَقُلْتُ: أيُّهَا الأمِيرُ أيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ فَقَالَ: قَوْلُهُ: ((وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)) وَاللهِ لَإنِّي(7) لَآمُرُ بِالْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ فَتُضْرَبُ عُنُقُهُ، ثُمَّ أرْمَقُهُ بِعَيْني فَمَا أرَاهُ يُحَركُ شَفَتَيْهِ ).
ص: 526
حَتَّى يُحْمَلَ(1)، فَقُلْتُ: أصْلَحَ اللهُ الأمِيرَ لَيْسَ عَلَى مَا تَأوَّلْتَ، قَالَ: كَيْفَ هُوَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عِيسَى يَنْزلُ قَبْلَ يَوْم الْقِيَامَةِ إِلَى الدُّنْيَا فَلاَ يَبْقَى أهْلُ مِلَّةٍ يَهُودِيًّ وَلاَ غَيْرُهُ(2) إِلاَّ آمَنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيُصَلّي خَلْفَ الْمَهْدِيَّ.
قَالَ: وَيْحَكَ أنَّى لَكَ هَذَا؟ وَمِنْ أيْنَ جِئْتَ بِهِ؟ فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليهم السلام، فَقَالَ: جِئْتَ وَاللهِ بِهَا مِنْ عَيْنٍ صَافِيَةٍ(3).
25 _ تفسير القمي: ((بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ))(4) أيْ لَمْ يَأتِهِمْ تَأوِيلُهُ، ((كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ))، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الرَّجْعَةِ كَذَّبُوا بِهَا أيْ أنَّهَا لاَ تَكُونُ، ثُمَّ قَالَ: ((وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)).(5)
26 _ تفسير القمي: ((وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ)) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ ((ما فِي الأَْرْضِ)) جَمِيعاً ((لاَفْتَدَتْ بِهِ))(6) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَعْنِي الرَّجْعَةَ(7).
27 _ تفسير القمي: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(8) سُئِلَ الإمَامُ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(9) قَالَ: (مَا .
ص: 527
يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا؟)، قُلْتُ: يَقُولُونَ إِنَّهَا فِي الْقِيَامَةِ، فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (أيُحْشَرُ اللهُ فِي(1) الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَتْرُكُ(2) الْبَاقِينَ؟ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ، فَأمَّا آيَةُ الْقِيَامَةِ فَهَذِهِ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((مَوْعِداً)))(3).
28 _ تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْمُسْتَنِير، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْن عَمَّارٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُ اللهِ: ((فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً))(4)، قَالَ: (هِيَ وَاللهِ لِلنُّصَّابِ)، قَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ رَأيْنَاهُمْ دَهْرَهُمُ الأطْوَلَ فِي كِفَايَةٍ حَتَّى مَاتُوا؟ قَالَ: (ذَاكَ وَاللهِ فِي الرَّجْعَةِ، يَأكُلُونَ الْعَذِرَةَ)(5).
منتخب البصائر: سعد، عن أحمد بن محمّد، مثله(6).
29 _ تفسير القمي: قَوْلُهُ: ((وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ))(7) فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ وَأبِي جَعْفَرٍ عليهما السلام قَالاَ: (كُلُّ قَرْيَةٍ أهْلَكَ اللهُ أهْلَهُ بِالْعَذَابِ لاَ يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ فَهَذِهِ الآيَةُ مِنْ أعْظَم الدَّلاَلَةِ فِي الرَّجْعَةِ، لأنَّ أحَداً مِنْ أهْل الإسْلاَم لاَ يُنْكِرُ أنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ 5.
ص: 528
يَرْجِعُونَ إِلَى الْقِيَامَةِ، مَنْ هَلَكَ وَمَنْ لَمْ يَهْلِكْ، فَقَوْلُهُ: ((لا يَرْجِعُونَ))(1) عَنَى فِي الرَّجْعَةِ، فَأمَّا إِلَى الْقِيَامَةِ يَرْجِعُونَ حَتَّى يَدْخُلُوا النَّارَ(2).
بيان: قال الطبرسي: اختلف في معناه على وجوه: أحدها أنَّ (لا) مزيدة والمعنى حرام على قرية مهلكة بالعقوبة أن يرجعوا إلى (دار)(3) الدنيا، وقيل: إنَّ معناه واجب عليها أنَّها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها، قد جاء الحرام بمعنى الواجب، وثانيها أنَّ معناه: حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أن يتقبَّل منهم عمل لأنَّهم لا يرجعون إلى التوبة، وثالثها أن معناه: حرام أن لات يرجعوا بعد الممات بل يرجعون أحياء للمجازات، ثُمَّ ذكر رواية محمّد بن مسلم(4).
30 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ جَمَعَ رَمْلاً وَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَيْهِ، فَحَرَّكَهُ بِرجْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: قُمْ يَا دَابَّةَ اللهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ أنُسَمَّي بَعْضُنَا بَعْضاً بِهَذَا الاسْم؟ فَقَالَ: لاَ وَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ لَهُ خَاصَّةً، وَهُوَ الدَّابَّةُ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(5) ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَان أخْرَجَكَ اللهُ فِي أحْسَن صُورَةٍ، وَمَعَكَ مِيسَمٌ تَسِمُ بِهِ أعْدَاءَكَ). .
ص: 529
فَقَالَ الرَّجُلُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْعَامَّةَ(1) يَقُولُونَ: هَذِهِ الآيَةُ إِنَّمَا تُكَلّمُهُمْ؟(2) فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ: (كَلَّمَهُمُ اللهُ فِي نَار جَهَنَّمَ إِنَّمَا هُوَ تُكَلّمُهُمْ مِنَ الْكَلاَم، وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ هَذَا فِي الرَّجْعَةِ قَوْلُهُ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))(3)).
قَالَ: (الآيَاتُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام.).
فَقَالَ الرَّجُلُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: إِنَّ الْعَامَّةَ تَزْعُمُ أنَّ قَوْلَهُ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)) عَنَى فِي الْقِيَامَةِ.
فَقَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (فَيَحْشُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَدَعُ الْبَاقِينَ، لاَ وَلَكِنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ، وَأمَّا آيَةُ الْقِيَامَةِ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(4)).
حَدَّثَنِي أبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبِي عُمَيْرٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)) قَالَ: (لَيْسَ أحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ إِلاَّ يَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ، وَلاَ يَرْجِعُ إِلاَّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً أوْ(5) مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً).
قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّار بْن يَاسِرٍ: يَا أبَا الْيَقْظَان آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ قَدْ أفْسَدَتْ قَلْبِي وَشَكَّكَتْنِي، قَالَ عَمَّارٌ: وَأيَّةُ آيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: ).
ص: 530
قَوْلُ اللهِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) الآيَةَ، فَأيَّةُ دَابَّةٍ هَذِهِ؟ قَالَ عَمَّارٌ: وَاللهِ مَا أجْلِسُ وَلاَ آكُلُ وَلاَ أشْرَبُ حَتَّى اُريَكَهَا.
فَجَاءَ عَمَّارٌ مَعَ الرَّجُل إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ وَهُوَ يَأكُلُ تَمْراً وَزُبْداً فَقَالَ: (يَا أبَا الْيَقْظَان هَلُمَّ)، فَجَلَسَ عَمَّارٌ وَأقْبَلَ يَأكُلُ مَعَهُ فَتَعَجَّبَ الرَّجُلُ مِنْهُ، فَلَمَّا قَامَ عَمَّارٌ قَالَ الرَّجُلُ: سُبْحَانَ اللهِ يَا أبَا الْيَقْظَان، حَلَفْتَ أنَّكَ لاَ تَأكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ وَلاَ تَجْلِسُ حَتَّى تُريَنيهَا؟ قَالَ عَمَّارٌ: قَدْ أرَيْتُكَهَا إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ(2).
31 _ تفسير القمي: ((سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها))(3) قَالَ(4): أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةُ عليهم السلام إِذَا رَجَعُوا يَعْرفُهُمْ أعْدَاؤُهُمْ إِذَا رَأوْهُمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ الآيَاتِ هُمُ الأئِمَّةُ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ: (مَا للهِ آيَةٌ أعْظَمَ مِنّي)(5) فَإذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا يَعْرفُهُمْ أعْدَاؤُهُمْ إِذَا رَأوْهُمْ فِي الدُّنْياَ(6).
32 _ تفسير القمي: ((طسم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ)) ثُمَّ خَاطَبَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: ((نَتْلُوا عَلَيْكَ)) يَا مُحَمَّدُ ((مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَْرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ 2.
ص: 531
يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ))(1) أخْبَرَ اللهُ نَبِيَّهُ بِمَا نَالَ(2) مُوسَى وَأصْحَابَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ مِنَ الْقَتْل وَالظُّلْم، لِيَكُونَ تَعْزيَةً لَهُ فِيمَا يُصِيبُهُ فِي أهْل بَيْتِهِ مِنْ اُمَّتِهِ.
ثُمَّ بَشَّرَهُ بَعْدَ تَعْزيَتِهِ أنَّهُ يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَجْعَلُهُمْ خُلَفَاءَ فِي الأرْض وَأئِمَّةً عَلَى اُمَّتِهِ، وَيَرُدُّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا مَعَ أعْدَائِهِمْ حَتَّى يَنْتَصِفُوا مِنْهُمْ فَقَالَ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما))(3) وَهُمُ الَّذِينَ غَصَبُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ، وَقَوْلُهُ: ((مِنْهُمْ)) أيْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ ((ما كانُوا يَحْذَرُونَ)) أيْ مِنَ الْقَتْل وَالْعَذَابِ.
وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي مُوسَى وَفِرْعَوْنَ لَقَالَ: وَنُرىَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ أيْ مِنْ مُوسَى وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُمْ. فَلَمَّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً)) عَلِمْنَا أنَّ الْمُخَاطَبَةَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَمَا وَعَدَ اللهُ رَسُولَهُ فَإنَّمَا يَكُونُ بَعْدَهُ وَالأئِمَّةُ يَكُونُونَ مِنْ وُلْدِهِ وَإِنَّمَا ضَرَبَ اللهُ هَذَا الْمَثَلَ لَهُمْ فِي مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِي أعْدَائِهِمْ بِفِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ(4).
فَقَالَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ قَتَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَظَلَمَ فَأظْفَرَ اللهُ مُوسَى بِفِرْعَوْنَ وَأصْحَابِهِ حَتَّى أهْلَكَهُمُ اللهُ، وَكَذَلِكَ أهْلُ بَيْتِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أصَابَهُمْ ).
ص: 532
مِنْ أعْدَائِهِمُ الْقَتْلُ وَالْغَصْبُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمُ اللهُ وَيَرُدُّ أعْدَاءَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَقْتُلُوهُمْ.
وَقَدْ ضَرَبَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي أعْدَائِهِ مَثَلاً مِثْلَ مَا ضَرَبَهُ اللهُ لَهُمْ فِي أعْدَائِهِمْ بِفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، فَقَالَ: (أيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أوَّلَ مَنْ بَغَى عَلَى اللهِ عزّ وجل عَلَى وَجْهِ الأرْض عَنَاقُ بِنْتُ آدَمَ عليه السلام(1) خَلَقَ اللهُ لَهَا عِشْرينَ إِصْبَعاً فِي كُل إِصْبَع مِنْهَا ظُفُرَان طَويلاَن كَالْمِنْجَلَيْن الْعَظِيمَيْن وَكَانَ مَجْلِسُهَا فِي الأرْض مَوْضِعَ جَريبٍ فَلَمَّا بَغَتْ بَعَثَ اللهُ لَهَا أسَداً كَالْفِيل، وَذِئْباً كَالْبَعِير، وَنَسْراً كَالْحِمَار، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْخَلْقِ الأوَّل فَسَلَّطَهُمْ عَلَيْهَا فَقَتَلُوهَا، ألاَ وَقَدْ قَتَلَ اللهُ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ، وَخَسَفَ بِقَارُونَ، وَإِنَّمَا هَذَا مَثَلٌ لأعْدَائِهِ الَّذِينَ غَصَبُوا حَقَّهُ فَأهْلَكَهُمُ اللهُ).
ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَلَى أثَر هَذَا الْمَثَل الَّذِي ضَرَبَهُ: (وَقَدْ كَانَ لِي حَقٌّ حَازَهُ دُوني مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَلَمْ أكُنْ أشْرَكُهُ فِيهِ، وَلاَ تَوْبَةَ لَهُ إِلاَّ بِكِتَابٍ مُنْزَلٍ أوْ بِرَسُولٍ مُرْسَلٍ، وَأنَّى لَهُ بِالرسَالَةِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم وَلاَ نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ، فَأنَّى يَتُوبُ وَهُمْ فِي بَرْزَخ الْقِيَامَةِ، غَرَّتْهُ الأمَانِيُّ وَغَرَّهُ بِاللهِ الْغَرُورُ، قَدْ أشْفَى(2) عَلَى جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ فِي نار جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
وَكَذَلِكَ مَثَلُ الْقَائِم عليه السلام فِي غَيْبَتِهِ وَهَرَبهِ وَاسْتِتَارهِ، مَثَلُ مُوسَى عليه السلام خَائِفٌ مُسْتَتِرٌ إِلَى أنْ يَأذَنَ اللهُ فِي خُرُوجِهِ، وَطَلَبِ حَقّهِ وَقَتْل أعْدَائِهِ، فِي قَوْلِهِ: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ *).
ص: 533
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ))(1) وَقَدْ ضَرَبَ بِالْحُسَيْن بْن عَلِيًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا مَثَلاً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ بِإدَالَتِهِمْ(2) مِنْ أعْدَائِهِمْ حَيْثُ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن عليهما السلام لِمِنْهَال بْن عَمْرٍو: (أصْبَحْنَا فِي قَوْمِنَا مِثْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آل فِرْعَوْنَ يَذْبَحُونَ أبْنَاءَنَا وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَناَ(3))(4).
بيان: الخبر الأخير أوردناه في أحوال الحسين عليه السلام(5) وقوله: (فلمَّا تقدَّم) استدلال على أنَّ المراد بفرعون وهامان وجنوده أبو بكر وعمر وأتباعهما لأنَّ الله تعالى ذكر سابقاً عليه ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ)) وهذا وعد وظاهره عدم تحقّق الموعود بعد.
33 _ تفسير القمي: أبِي، عَن النَّضْر، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيَّ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام فِي قَوْلِهِ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(6)، قَالَ: (يَرْجِعُ إِلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلّم)(7).
34 _ تفسير القمي: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(8)، قَالَ: (الْعَذَابُ الأدْنَى عَذَابُ الرَّجْعَةِ بِالسَّيْفِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ((لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) أيْ يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ حَتَّى يُعَذَّبُوا)(9).0.
ص: 534
35 _ تفسير القمي: ((فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ))(1)، يَعْنِي الْعَذَابَ إِذَا نَزَلَ بِبَني اُمَيَّةَ وَأشْيَاعِهِمْ فِي آخِر الزَّمَان(2).
36 _ تفسير القمي: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ...))(3) إِلَى قَوْلِهِ: ((مِنْ سَبِيلٍ))، قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ)(4).
بيان: أي أحد الإحيائين في الرجعة والآخر في القيامة، وإحدى الإمامتتين في الدنيا والأخرى في الرجعة، وبعض المفسَّرين صحَّحوا التثنية بالاحياء في القبر للسؤال والإماتة فيه، ومنهم من حمل الإماتة الأولى على خلقهم ميتين ككونهم نطفة.
37 _ تفسير القمي: قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ((وَيُرِيكُمْ آياتِهِ))(5) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَالأئِمَّةَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ فِي الرَّجْعَةِ ((فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكينَ)) أيْ جَحَدْنَا بِمَا أشْرَكْنَاهُمْ ((فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتي قَدْ خَلَتْ في عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ))(6).(7)
38 _ تفسير القمي: ((وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))(8) يَعْنِي فَإنَّهُمْ يَرْجِعُونَ يَعْنِي الأئِمَّةَ إِلَى الدُّنْياَ(9).3.
ص: 535
39 _ تفسير القمي: ((فَارْتَقِبْ)) أيْ اصْبِرْ ((يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ))(1).
قَالَ: ذَلِكَ إِذَا خَرَجُوا فِي الرَّجْعَةِ مِنَ الْقَبْر تَغْشَى النَّاسَ كُلَّهُمُ الظُّلْمَةُ فَيَقُولُوا: ((هذا عَذابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ)) فَقَالَ اللهُ رَدّاً عَلَيْهِمْ: ((أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ)) أيْ رَسُولٌ قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ ((ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ)).
قَالَ: قَالُوا ذَلِكَ لَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأخَذَهُ الْغَشْيُ فَقَالُوا: هُوَ مَجْنُونٌ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ)) يَعْنِي إِلَى الْقِيَامَةِ وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: ((يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)) فِي الْقِيَامَةِ، لَمْ يَقُلْ: ((إِنَّكُمْ عائِدُونَ)) لأنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الآخِرَةِ وَالْقِيَامَةِ حَالَةٌ يَعُودُونَ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: ((يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى)) يَعْنِي فِي الْقِيَامَةِ ((إِنَّا مُنْتَقِمُونَ))(2).
بيان: قال الطبرسي رحمه الله: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم دعا على قومه لمَّا كذَّبوه فقال: (اللهم سنيناً كسني يوسف)(3) فأجدبت الأرض، فأصابت ر.
ص: 536
قريشاً المجاعة وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان، وأكلوا الميتة والعظام، ثُمَّ جاؤا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فسأل الله لهم(1) فكشف عنهم، وقيل: إنَّ الدخان من أشراط الساعة تدخل في مسامع الكفّار والمنافقين، وهو لم يأتِ بعد، وإنَّه يأتي قبل قيام الساعة، فيدخل أسماعهم حتَّى أنَّ رؤسهم تكون كالرأس الحنيذ ويصيب المؤمن منه مثل الزكمة، وتكون الأرض كلّها كبيت أوقد فيه، ليس فيه خصاص، ويمكث ذلك أربعين يوماً.
40 _ تفسير القمي: قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: ((يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَْرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً))(2)، قَالَ: (فِي الرَّجْعَةِ)(3).
41 _ تفسير القمي: ((حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ))، قَالَ: الْقَائِمُ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليهما السلام فِي الرَّجْعَةِ، ((فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً))، قَالَ: هُوَ قَوْلُ أمِير الْمُؤْمِنينَ لِزُفَرَ: (وَاللهِ يَا ابْنَ صُهَاكَ لَوْ لاَ عَهْدٌ مِنْ رَسُول اللهِ وَكِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَعَلِمْتَ أيُّنَا أضْعَفُ نَاصِراً وَأقَلُّ عَدَداً، قَالَ: فَلَمَّا أخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجْعَةِ قَالُوا: مَتَى يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ اللهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: ((إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً))، وَقَوْلُهُ: ((عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً))(4) قَالَ: يُخْبِرُ اللهُ رَسُولَهُ الَّذِي يَرْتَضِيهِ بِمَا 7.
ص: 537
كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الأخْبَار، وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ مِنْ أخْبَار الْقَائِم عليه السلام وَالرَّجْعَةِ وَالْقِيَامَةِ(1).
42 _ تفسير القمي: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ فِي قَوْلِهِ: ((فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ))(2)، قَالَ: (مَا لَهُ قُوَّةٌ يَقْوَى بِهَا عَلَى خَالِقِهِ، وَلاَ نَاصِرٌ مِنَ اللهِ يَنْصُرُهُ إِنْ أرَادَ بِهِ سُوءاً)، قُلْتُ: ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً))، قَالَ: (كَادُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَكَادُوا عَلِيّاً عليه السلام وَكَادُوا فَاطِمَةَ عليها السلام، فَقَالَ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ)) يَا مُحَمَّدُ ((أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً))(3) لِوَقْتِ بَعْثِ الْقَائِم عليه السلام فَيَنْتَقِمُ لِي مِنَ الْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَني اُمَيَّةَ وَسَائِر النَّاس)(4).
43 _ تفسير القمي: بِالإسْنَادِ الْمُتَقَدَّم، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَلَلآْخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُْولى))، قَالَ: (يَعْنِي الْكَرَّةَ هِيَ الآخِرَةُ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قُلْتُ: قَوْلُهُ: ((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى))(5)، قَالَ: (يُعْطِيكَ مِنَ الْجَنَّةِ فَتَرْضَى)(6).
44 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: رَوَى الشَّيْخُ الطُّوسِيُّ بِإسْنَادِهِ عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ يَرْفَعُهُ إِلَى بُرَيْدَةَ الأسْلَمِيَّ قَالَ: قَالَ 7.
ص: 538
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِعَلِيًّ: (يَا عَلِيُّ إِنَّ اللهَ أشْهَدَكَ مَعِي سَبْعَةَ مَوَاطِنَ...) وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَالْمَوْطِنُ السَّابِعُ أنَّا نَبْقَى حِينَ لاَ يَبْقَى أحَدٌ وَهَلاَكُ الأحْزَابِ بِأيْدِينَا)(1).
45 _ عيون أخبار الرضا: تَمِيمٌ الْقُرَيْشيُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أحْمَدَ الأنْصَاريَّ، عَن الْحَسَن بْن الْجَهْم، قَالَ: قَالَ الْمَأمُونُ لِلرضَا عليه السلام: يَا أبَا الْحَسَن مَا تَقُولُ فِي الرَّجْعَةِ؟ فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّهَا الْحَقُّ قَدْ كَانَتْ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ وَنَطَقَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِذَا خَرَجَ الْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليهما السلام فَصَلَّى خَلْفَهُ، وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْحَقُّ إِلَى أهْلِهِ...) الْخَبَرَ(2).
46 _ معاني الأخبار: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ الْكُوفِيَّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَن الشَّعْبِيَّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِعَلِيًّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أرَأيْتَ قَوْلَكَ: (الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ)؟ قَالَ: (وَيْحَكَ يَا أعْوَرُ! هُوَ جَمْعُ أشْتَاتٍ، وَنَشْرُ أمْوَاتٍ، وَحَصْدُ نَبَاتٍ، وَهَنَاتٌ بَعْدَ هَنَاتٍ، مُهْلِكَاتٌ مُبِيرأتٌ، لَسْتُ أنَا وَلاَ أنْتَ هُنَاكَ)(3).
47 _ معاني الأخبار: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ صَالِح بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ الأسَدِيَّ، قَالَ: .
ص: 539
سَمِعْتُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ مُشْتَكى(1) وَأنَا قَائِمٌ عَلَيْهِ: (لأبْنِيَنَّ(2) بِمِصْرَ مِنْبَراَ(3)، وَلأنْقُضَنَّ دِمَشْقَ حَجَراً حَجَراً، وَلأخْرجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ كُل كُوَر الْعَرَبِ وَلأسُوقَنَّ الْعَرَبَ بِعَصَايَ هَذِهِ)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ كَأنَّكَ تُخْبِرُ أنَّكَ تَحْيَا بَعْدَ مَا تَمُوتُ؟ فَقَالَ: (هَيْهَاتَ يَا عَبَايَةُ ذَهَبْتَ فِي غَيْر مَذْهَبٍ يَفْعَلُهُ رَجُلٌ مِنّي).
قال الصدوق رضي الله عنه: إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام اتّقى عباية الأسدي في هذا الحديث واتّقى ابن الكوَّاء في الحديث الأوّل لأنَّهما كانا غير محتملين لأسرار آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم(4).
48 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَلِيَّ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح بْن مَسْعُودٍ، عَنْ أبِي الْجَارُودِ، عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ)، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا هَذَا الْعَجَبُ الَّذِي لاَ تَزَالُ تَعْجَبُ مِنْهُ؟
فَقَالَ: (ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ وَأيُّ عَجَبٍ أعْجَبُ مِنْ أمْوَاتٍ يَضْربُونَ كُلَّ عَدُوٍّ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأهْل بَيْتِهِ، وَذَلِكَ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآْخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ))(5) فَإذَا اشْتَدَّ الْقَتْلُ قُلْتُمْ: مَاتَ أوْ هَلَكَ أوْ أيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَذَلِكَ 3.
ص: 540
تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1))(2).
49 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادٍ(3)، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً))(4)؟)، قُلْتُ: يَقُولُونَ: إِنَّهَا فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ: (لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ، إِنَّ ذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ، أيَحْشُرُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً وَيَدَعُ الْبَاقِينَ؟ إِنَّمَا آيَةُ الْقِيَامَةِ قَوْلُهُ: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(5))(6).
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرَّجْعَةِ قَوْلُهُ: ((وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ))(7)، فَقَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (كُلُّ قَرْيَةٍ أهْلَكَ اللهُ أهْلَهَا بِالْعَذَابِ لاَ يَرْجِعُونَ فِي الرَّجْعَةِ فَأمَّا إِلَى الْقِيَامَةِ فَيَرْجِعُونَ، وَمَنْ مَحَضَ الإيمَانَ مَحْضاً وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَهْلِكُوا بِالْعَذَابِ، وَمَحَضُوا الْكُفْرَ مَحْضاً يَرْجِعُونَ)(8).
50 _ تفسير القمي: أبِي، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُسْكَانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ر.
ص: 541
وَلَتَنْصُرُنَّهُ))(1)، قَالَ: (مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيَّنَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلاَّ وَيَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَنْصُرُ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، وَقَوْلُهُ(2): ((لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ)) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، ((وَلَتَنْصُرُنَّهُ)) يَعْنِي أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(3).
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ مِمَّا وَعَدَ اللهُ تَعَالَى الأئِمَّةَ عليهم السلام مِنَ الرَّجْعَةِ وَالنَّصْر، فَقَالَ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ)) يَا مَعْشَرَ الأئِمَّةِ ((وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...))(4) إِلَى قَوْلِهِ: ((لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)) فَهَذِهِ مِمَّا يَكُونُ إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ))(5) فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَكُونُ فِي الرَّجْعَةِ(6).
51 _ تفسير القمي: أبِي، عَنْ أحْمَدَ بْن النَّضْر، عَنْ عَمْرو بْن شمْرٍ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام(7) جَابِرٌ فَقَالَ: (رَحِمَ اللهُ جَابِراً لَقَدْ(8) بَلَغَ مِنْ عِلْمِهِ(9) أنَّهُ كَانَ يَعْرفُ تَأوِيلَ هَذِهِ الآيَةِ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(10) يَعْنِي الرَّجْعَةَ)(11).7.
ص: 542
52 _ الخرائج والجرائح: سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن فُضَيْلٍ، عَنْ سَعْدٍ الْجَلاَبِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: (قَالَ الْحُسَيْنُ عليه السلام لأصْحَابِهِ قَبْلَ أنْ يُقْتَلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ لِي: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ سَتُسَاقُ إِلَى الْعِرَاقِ، وَهِيَ أرْضٌ قَدِ الْتَقَى بِهَا النَّبِيُّونَ وَأوْصِيَاءُ النَّبِيَّينَ، وَهِيَ أرْضٌ تُدْعَى عموراء، وَإِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ بِهَا، وَيُسْتَشْهَدُ مَعَكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِكَ لاَ يَجِدُونَ ألَمَ مَس الْحَدِيدِ، وَتَلاَ: ((يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ))(1) يَكُونُ الْحَرْبُ بَرْداً وَسَلاَماً عَلَيْكَ وَعَلَيْهِمْ، فَأبْشرُوا، فَوَ اللهِ لَئِنْ قَتَلُونَا فَإنَّا نَردُ عَلَى نَبِيَّنَا).
قَالَ: (ثُمَّ أمْكُثُ مَا شَاءَ اللهُ فَأكُونُ أوَّلَ مَنْ يَنْشَقُّ الأرْضُ عَنْهُ، فَأخْرُجُ خَرْجَةً يُوَافِقُ ذَلِكَ خَرْجَةَ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَقِيَامَ قَائِمِناَ(2)، ثُمَّ لَيَنْزلَنَّ عَلَيَّ وَفْدٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، لَمْ يَنْزلُوا إِلَى الأرْض قَطُّ وَلَيَنْزلَنَّ إِلَيَّ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، وَجُنُودٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، وَلَيَنْزلَنَّ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَأنَا وَأخِي وَجَمِيعُ مَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ، فِي حَمُولاَتٍ مِنْ حَمُولاَتِ الرَّبَّ خَيْلٍ بُلْقٍ مِنْ نُورٍ لَمْ يَرْكَبْهَا مَخْلُوقٌ، ثُمَّ لَيَهُزَّنَّ مُحَمَّدٌ لِوَاءَهُ وَلَيَدْفَعَنَّهُ إِلَى قَائِمِنَا مَعَ سَيْفِهِ، ثُمَّ إِنَّا نَمْكُثُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ يَخْرُجُ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ عَيْناً مِنْ دُهْنٍ وَعَيْناً مِنْ مَاءٍ وَعَيْناً مِنْ لَبَنٍ.
ثُمَّ إِنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَدْفَعُ إِلَيَّ سَيْفَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَيَبْعَثُنِي إِلَى الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ، فَلاَ آتِي عَلَى عَدُوًّ للهِ إِلاَّ أهْرَقْتُ دَمَهُ وَلاَ أدَعُ صَنَماً إِلاَّ أحْرَقْتُهُ حَتَّى أقَعَ إِلَى الْهِنْدِ فَأفْتَحُهَا.).
ص: 543
وَإِنَّ دَانِيَالَ وَيُوشَعَ(1) يَخْرُجَان إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ يَقُولاَن: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَيَبْعَثُ اللهُ مَعَهُمَا إِلَى الْبَصْرَةِ سَبْعِينَ رَجُلاً فَيَقْتُلُونَ مُقَاتِلِيهِمْ وَيَبْعَثُ بَعْثاً إِلَى الرُّوم فَيَفْتَحُ اللهُ لَهُمْ.
ثُمَّ لأقْتُلَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ حَرَّمَ اللهُ لَحْمَهَا حَتَّى لاَ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الأرْض إِلاَّ الطَّيَّبُ، وَأعْرضُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَسَائِر الْمِلَل، وَلاَخَيَّرَنَّهُمْ بَيْنَ الإسْلاَم وَالسَّيْفِ فَمَنْ أسْلَمَ مَنَنْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَرهَ الإسْلاَمَ أهْرَقَ اللهُ دَمَهُ، وَلاَ يَبْقَى رَجُلٌ مِنْ شيعَتِنَا إِلاَّ أنْزَلَ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكاً يَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَيُعَرفُهُ أزْوَاجَهُ وَمَنْزِلَتَهُ فِي الْجَنَّةِ، وَلاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْض أعْمَى وَلاَ مُقْعَدٌ وَلاَ مُبْتَلًى، إِلاَّ كَشَفَ اللهُ عَنْهُ بَلاَءَهُ بِنَا أهْلَ الْبَيْت.
وَلَيَنْزلَنَّ الْبَرَكَةُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْض حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقْصِفُ بِمَا يُريدُ اللهُ فِيهَا مِنَ الثَّمَرَةِ، وَلَتَأكُلَنَّ ثَمَرَةَ الشتَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَثَمَرَةَ الصَّيْفِ فِي الشتَاءِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَْرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ))(2).
ثُمَّ إِنَّ اللهَ لَيَهَبُ لِشيعَتِنَا كَرَامَةً لاَ يَخْفَى عَلَيْهِمْ شَيْءٌ فِي الأرْض وَمَا كَانَ فِيهَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يُريدُ أنْ يَعْلَمَ عِلْمَ أهْل بَيْتِهِ فَيُخْبِرَهُمْ بِعِلْمِ مَا يَعْمَلُونَ(3).
منتخب البصائر: ممَّا رواه لي السيّد علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسني بإسناده عن سهل، مثله(4).0.
ص: 544
إيضاح: (لتقصف) أي تنكسر أغصانها لكثرة ما حملت من الثمار.
53 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَابْن يَزيدَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن(1) الْمِيثَمِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُوسَى الْحَنَّاطِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (أيَّامُ اللهِ ثَلاَثَةٌ: يَوْمٌ يَقُومُ الْقَائِمُ عليه السلام، وَيَوْمُ الْكَرَّةِ، وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ)(2).
الخصال: العطّار، عن سعد، عن ابن يزيد، عن محمّد بن الحسن الميثمي(3)، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(4).
معاني الأخبار: أبي، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن المثنى، مثله(5).
54 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جَمِيل بْن دَرَّاج، عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ وَزَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالاَ: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يَكُرُّ فِي الرَّجْعَةِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام، وَيَمْكُثُ فِي الأرْض أرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى يَسْقُطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ)(6).8.
ص: 545
55 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَن الْمُنَخَّل بْن جَمِيلٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَلَهُ قَتْلَةٌ وَمَوْتَةٌ، إِنَّهُ مَنْ قُتِلَ نُشرَ حَتَّى يَمُوتَ، وَمَنْ مَاتَ نُشرَ حَتَّى يُقْتَلَ).
ثُمَّ تَلَوْتُ عَلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام هَذِهِ الآيَةَ: (( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ))(1)، فَقَالَ: (وَمنشوره)، قُلْتُ: قَوْلُكَ: (وَمنشوره) مَا هُوَ؟ فَقَالَ: (هَكَذَا أنزل بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ومنشوره))، ثُمَّ قَالَ: (مَا فِي هَذِهِ الاُمَّةِ أحَدٌ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ إِلاَّ وَيُنْشَرُ، أمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيُنْشَرُونَ إِلَى قُرَّةِ أعْيُنِهِمْ، وَأمَّا الْفُجَّارُ فَيُنْشَرُونَ إِلَى خِزْي اللهِ إِيَّاهُمْ، ألَمْ تَسْمَعْ أنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(2)، وَقَوْلَهُ: ((يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ))(3) يَعْنِي بِذَلِكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم قِيَامَهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا، وَقَوْلَهُ: ((إِنَّها لإَِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيراً لِلْبَشَرِ))(4) يَعْنِي مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم نَذِيرٌ لِلْبَشَر فِي الرَّجْعَةِ.
وَقَوْلَهُ: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(5)).
قَالَ: (يُظْهِرُهُ اللهُ عزّ وجل فِي الرَّجْعَةِ، وَقَوْلَهُ: ((حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ))(6) هُوَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِذَا رَجَعَ فِي الرَّجْعَةِ).7.
ص: 546
قَالَ جَابِرٌ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ))(1)، قَالَ: هُوَ أنَا إِذَا خَرَجْتُ أنَا وَشيعَتِي وَخَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَشيعَتُهُ، وَنَقْتُلُ بَني اُمَيَّةَ فَعِنْدَهَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمَيْن)(2).
56 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن ابْن عَمِيرَةَ، عَنْ أبِي دَاوُدَ، عَنْ بُرَيْدَةَ الأسْلَمِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (كَيْفَ أنْتَ إِذَا اسْتَيْأسَتْ اُمَّتِي مِنَ الْمَهْدِيَّ فَيَأتِيهَا مِثْلُ قَرْن الشَّمْس يَسْتَبْشرُ بِهِ أهْلُ السَّمَاءِ وَأهْلُ الأرْض؟).
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم بَعْدَ الْمَوْتِ؟ فَقَالَ: (وَاللهِ إِنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ هُدًى وَإِيمَاناً وَنُوراً)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أيَّ الْعُمُرَيْن أطْوَلُ؟ قَالَ: (الآخَرُ بِالضّعْفِ)(3).
بيان: قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (إنَّ بعد الموت) أي بعد موت سائر الخلق لا المهدي.
57 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ جَمِيل بْن دَرَّاج، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَْشْهادُ))(4)، قَالَ: (ذَلِكَ وَاللهِ فِي الرَّجْعَةِ أمَا عَلِمْتَ أنَّ (فِي)(5) أنْبِيَاءِ اللهِ كَثِيراً لَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا وَقُتِلُوا وَأئِمَّةٍ قَدْ قُتِلُوا وَلَمْ يُنْصَرُوا فَذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ، قُلْتُ: ((وَاسْتَمِعْ ر.
ص: 547
يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ))(1)، قَالَ: (هِيَ الرَّجْعَةُ)(2).
تفسير القمي: أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن عِيسَى مِثْلَهُ، وَفِيهِ: (وَالأئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِمْ قُتِلُوا وَلَمْ يُنْصَرُوا فِي الدُّنْيَا)(3).
بيان: لا يخفى أنَّ هذا أظهر ممّا ذكره المفسَّرون: إنَّ النصر بظهور الحجّة أو الانتقام لهم من الكفر في الدنيا غالباً.
58 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَابْن أبِي الْخَطَّابِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: كَرهْتُ أنْ أسْألَ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام (فِي الرَّجْعَةِ)(4) فَاحْتَلْتُ مَسْألَةً لَطِيفَةً لأبْلُغَ بِهَا حَاجَتِي مِنْهَا فَقُلْتُ: أخْبِرْني عَمَّنْ قُتِلَ مَاتَ؟ قَالَ: (لاَ، الْمَوْتُ مَوْتٌ، وَالْقَتْلُ قَتْلٌ)، فَقُلْتُ: مَا أحَد(5) (يُقْتَلُ إِلاَّ مَاتَ، قَالَ: فَقَالَ: (يَا زُرَارَةُ! قَوْلُ اللهِ أصْدَقُ مِنْ)(6) قَوْلِكَ، قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَتْل وَالْمَوْتِ فِي الْقُرْآن، فَقَالَ عزّ وجل: ((أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ))(7)، وَقَالَ: ((لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإَِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ))(8) فَلَيْسَ كَمَا قُلْتَ يَا زُرَارَةُ الْمَوْتُ مَوْتٌ، وَالْقَتْلُ قَتْلٌ، وَقَدْ 8.
ص: 548
قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا))(1).
قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ))(2) أفَرَأيْتَ مَنْ قُتِلَ لَمْ يَذُقِ الْمَوْتَ؟ فَقَالَ: (لَيْسَ مَنْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ كَمَنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشهِ، إِنَّ مَنْ قُتِلَ لاَ بُدَّ أنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَذُوقَ الْمَوْتَ)(3).
تفسير العياشي: عن زرارة، مثله(4).
59 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَن الصَّفْوَان، عَن الرضَا عليه السلام، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي الرَّجْعَةِ: (مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ قُتِلَ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ مَاتَ)(5).
60 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أبَان بْن تَغْلِبَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّهُ بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم عَنْ بَطْنَيْن مِنْ قُرَيْشٍ كَلاَمٌ تَكَلَّمُوا بِهِ، فَقَالَ: يَرَى مُحَمَّدٌ أنْ لَوْ قَدْ قَضَى أنَّ هَذَا الأمْرَ يَعُودُ فِي أهْل بَيْتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأعْلِمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم ذَلِكَ فَبَاحَ فِي مَجْمَع مِنْ قُرَيْشٍ بِمَا كَانَ يَكْتُمُهُ فَقَالَ: كَيْفَ أنْتُمْ مَعَاشرَ قُرَيْشٍ وَقَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدِي ثُمَّ رَأيْتُمُوني فِي كَتِيبَةٍ مِنْ أصْحَابِي أضْربُ وُجُوهَكُمْ وَرقَابَكُمْ بِالسَّيْفِ؟).
قَالَ: (فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ أوْ يَكُونُ 9.
ص: 549
ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: أوْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ عليه السلام إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام: وَاحِدَةٌ لَكَ وَاثْنَتَان لِعَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَمَوْعِدُكُمُ السَّلاَمُ)، قَالَ أبَانٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَأيْنَ السَّلاَمُ؟ فَقَالَ عليه السلام: (يَا أبَانُ السَّلاَمُ مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ)(1).
61 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَن الْمُثَنَّى بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أحَدِهِمَا عليهما السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الآْخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً))(2)، قَالَ: (فِي الرَّجْعَةِ)(3).
تفسير العياشي: عن علي الحلبي، عن أبي بصير، مثله(4).
62 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ رفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كُنْتُ مَريضاً بِمِنًى وَأبِي عليه السلام عِنْدِي فَجَاءَهُ الْغُلاَمُ فَقَالَ: هَاهُنَا رَهْطٌ مِنَ الْعِرَاقِيَّينَ يَسْألُونَ الإذْنَ عَلَيْكَ، فَقَالَ أبِي عليه السلام: أدْخِلْهُمُ الْفُسْطَاطَ، وَقَامَ إِلَيْهِمْ فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ فَمَا لَبِثَ أنْ سَمِعْتُ ضَحِكَ أبِي عليه السلام قَدِ ارْتَفَعَ فَأنْكَرْتُ وَوَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ ضَحِكِهِ وَأنَا فِي تِلْكَ الْحَال.
ثُمَّ عَادَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أبَا جَعْفَرٍ عَسَاكَ وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ ضَحِكِي، فَقُلْتُ: وَمَا الَّذِي غَلَبَكَ مِنْهُ الضَّحِكُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ الْعِرَاقِيَّينَ 1.
ص: 550
سَألُوني عَنْ أمْرٍ كَانَ مَضَى مِنْ آبَائِكَ وَسَلَفِكَ، يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيُقِرُّونَ فَغَلَبَني الضَّحِكُ سُرُوراً أنَّ فِي الْخَلْقِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَيُقِرُّ، فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: سَألُوني عَن الأمْوَاتِ مَتَى يُبْعَثُونَ فَيُقَاتِلُونَ الأحْيَاءَ عَلَى الدَّين؟)(1).
منتخب البصائر: سعد، عن السندي بن محمّد، عن صفوان، عن رفاعة، مثله(2).
63 _ منتخب البصائر: بِالإسْنَادِ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عَن الرَّجْعَةِ فَقَالَ: (الْقَدَريَّةُ تُنْكِرُهَا _ ثَلاَثاً _)(3).
64 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ وُهَيْبِ(4) بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَقُلْتُ: إِنَّا نَتَحَدَّثُ أنَّ عُمَرَ بْنَ ذَرًّ لاَ يَمُوتُ حَتَّى يُقَاتِلَ قَائِمَ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَالَ: (إِنَّ مَثَلَ ابْن ذَرًّ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ رَبَّهِ، وَكَانَ يَدْعُو أصْحَابَهُ إِلَى ضَلاَلَةٍ، فَمَاتَ فَكَانُوا يَلُوذُونَ بِقَبْرهِ وَيَتَحَدَّثُونَ عِنْدَهُ، إِذَا خَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْرهِ يَنْفُضُ التُّرَابَ مِنْ رَأسِهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: كَيْتَ وَكَيْتَ)(5).
65 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن هِشَام(6)، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ أوْ غَيْرهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَقَدْ أسْرَى بِي رَبَّي عزّ وجل فَأوْحَى إِلَيَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مَا أوْحَى، وَكَلَّمَنِي بِمَا كَلَّمَ بِهِ، وَكَانَ مِمَّا كَلَّمَنِي بِهِ أنْ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا عالِمُ ).
ص: 551
الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ... الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْركُونَ، إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا الْخالِقُ الْبارئُ الْمُصَوَّرُ، لِيَ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى، يُسَبَّحُ لِي مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْض، وَأنَا الْعَزيزُ الْحَكِيمُ.
يَا مُحَمَّدُ إِنّي أنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا الأوَّلُ فَلاَ شَيْءَ قَبْلِي، وَأنَا الآخِرُ فَلاَ شَيْءَ بَعْدِي، وَأنَا الظَّاهِرُ فَلاَ شَيْءَ فَوْقِي، وَأنَا الْبَاطِنُ فَلاَ شَيْءَ دُوني، وَأنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنَا بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ.
يَا مُحَمَّدُ! عَلِيٌّ أوَّلُ مَا آخُذُ مِيثَاقَهُ(1) مِنَ الأئِمَّةِ، يَا مُحَمَّدُ! عَلِيٌّ آخِرُ مَنْ أقْبِضُ رُوحَهُ مِنَ الأئِمَّةِ، وَهُوَ الدَّابَّةُ الَّتِي تُكَلّمُهُمْ، يَا مُحَمَّدُ! عَلِيٌّ اُظْهِرُهُ عَلَى جَمِيع مَا اُوحِيهِ(2) إِلَيْكَ لَيْسَ لَكَ أنْ تَكْتُمَ مِنْهُ شَيْئاً، يَا مُحَمَّدُ اُبْطِنُهُ الَّذِي أسْرَرْتُهُ إِلَيْكَ فَلَيْسَ مَا بَيْني وَبَيْنَكَ سِرٌّ دُونَهُ، يَا مُحَمَّدُ عَلِيٌّ عَلِيٌّ، مَا خَلَقْتُ مِنْ حَلاَلٍ وَحَرَام عَلِيٌّ عَلِيمٌ بِهِ.
بَيَانٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلِيٌّ عَلِيٌّ) الأوَّلُ اسْمٌ وَالثَّانِي صِفَةٌ أيْ هُوَ عَالِي الشَّأن، أوْ كِلاَهُمَا اسْمَان وَخَبَرَان لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، كَمَا يُقَالُ: هُوَ فُلاَنٌ إِذَا كَانَ مُشْتَهَراً مَعْرُوفاً فِي الْكَمَال(3).
66 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ سُلَيْم بْن قَيْسٍ الْهِلاَلِيَّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ أبَانُ بْنُ أبِي عَيَّاشٍ، وَقَرَأ جَمِيعَهُ عَلَى سَيَّدِنَا عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن عليهما السلام بِحُضُور جَمَاعَةِ أعْيَانٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أبُو الطُّفَيْل فَأقَرَّهُ عَلَيْهِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ عليه السلام وَقَالَ: (هَذِهِ أحَادِيثُنَا صَحِيحَةٌ).6.
ص: 552
قَالَ أبَانٌ: لَقِيتُ أبَا الطُّفَيْل بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَنْزلِهِ فَحَدَّثَنِي فِي الرَّجْعَةِ عَنْ اُنَاسٍ مِنْ أهْل بَدْرٍ وَعَنْ سَلْمَانَ وَالْمِقْدَادِ وَاُبَيَّ بْن كَعْبٍ وَقَالَ أبُو الطُّفَيْل: فَعَرَضْتُ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْهُمْ عَلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ سَلاَمُ اللهِ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: (هَذَا عِلْمٌ خَاصٌّ لاَ يَسَعُ الاُمَّةَ جَهْلُهُ، وَرَدُّ عِلْمِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى)، ثُمَّ صَدَّقَنِي بِكُل مَا حَدَّثُوني وَقَرَأ عَلَيَّ بِذَلِكَ قِرَاءَةً كَثِيرَةً فَسَّرَهُ تَفْسِيراً شَافِياً حَتَّى صِرْتُ مَا أنَا بِيَوْم الْقِيَامَةِ أشَدَّ يَقِيناً مِنّي بِالرَّجْعَةِ.
وَكَانَ مِمَّا قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أخْبِرْني عَنْ حَوْض النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي الدُّنْيَا أمْ فِي الآخِرَةِ؟ فَقَالَ: (بَلْ فِي الدُّنْيَا)، قُلْتُ: فَمَن الذَّائِدُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: (أنَا بِيَدِي فَلْيَردَنَّهُ أوْلِيَائِي وَلْيُصْرَفَنَّ عَنْهُ أعْدَائِي)، وَفِي روَايَةٍ اُخْرَى: (وَلاَوردَنَّهُ أوْلِيَائِي وَلأصْرفَنَّ عَنْهُ أعْدَائِي).
فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ قَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) مَا الدَّابَّةُ؟ قَالَ: (يَا أبَا الطُّفَيْل ألْهُ عَنْ هَذَا)، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أخْبِرْني بِهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: (هِيَ دَابَّةٌ تَأكُلُ الطَّعَامَ، وَتَمْشي فِي الأسْوَاقِ، وَتَنْكِحُ النّسَاءَ)، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ زِرُّ(2) الأرْض الَّذِي تَسْكُنُ الأرْضُ بِهِ)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: (صِدَّيقُ هَذِهِ الاُمَّةِ وَفَارُوقُهَا وَربَّيُّهَا وَذُو قَرْنَيْهَا)، قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: (الَّذِي ن.
ص: 553
قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ، وَالَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ، وَالَّذِي جاءَ بِالصّدْقِ، وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ)(1)، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ كَافِرُونَ غَيْرَهُ(2)).
قُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَسَمَّهِ لِي، قَالَ: (قَدْ سَمَّيْتُهُ لَكَ يَا أبَا الطُّفَيْل وَاللهِ لَوْ اُدْخِلْتُ عَلَى عَامَّةِ شيعَتِي الَّذِينَ بِهِمْ اُقَاتِلُ، الَّذِينَ أقَرُّوا بِطَاعَتِي وَسَمَّوْني أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ وَاسْتَحَلُّوا جِهَادَ مَنْ خَالَفَنِي، فَحَدَّثْتُهُمْ بِبَعْض مَا أعْلَمُ مِنَ الْحَقَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم لَتَفَرَّقُوا عَنّي حَتَّى أبْقَى فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْحَقَّ قَلِيلَةٍ أنْتَ وَأشْبَاهُكَ مِنْ شيعَتِي)، فَفَزعْتُ وَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أنَا وَأشْبَاهِي مُتَفَرقٌ(3) عَنْكَ أوْ نَثْبُتُ مَعَكَ؟ قَالَ(4): (بَلْ تَثْبُتُونَ).
ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: (إِنَّ أمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَعْرفُهُ وَلاَ يُقِرُّ بِهِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ: مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، أوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، أوْ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ نَجِيبٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلإيمَان، يَا أبَا الطُّفَيْل إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قُبِضَ فَارْتَدَّ النَّاسُ ضُلاَلاً وَجُهَّالاً إِلاَّ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ بِنَا أهْلَ الْبَيْتِ)(5).
إيضاح: قوله عليه السلام: (وربيها) بكسر الراء إشارة إلى قوله تعالى: ((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا))(6).6.
ص: 554
وقال البيضاوي: أي ربانيون علماء أتقياء(1) عابدون لربّهم، وقيل: جماعات(2) منسوب إلى الربّة وهي الجماعة(3).
أقول: رأيت في أصل كتاب سليم بن قيس مثله(4).
67 _ تفسير العياشي: عَنْ سَلاَم بْن الْمُسْتَنِير، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (لَقَدْ تَسَمَّوْا بِاسْم مَا سَمَّى اللهُ بِهِ أحَداً إِلاَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ، وَمَا جَاءَ تَأوِيلُهُ)، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَتَى يَجِيءُ تَأوِيلُهُ؟ قَالَ: (إِذَا جَاءَتْ جَمَعَ اللهُ أمَامَهُ النَّبِيَّينَ وَالْمُؤْمِنينَ حَتَّى يَنْصُرُوهُ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ))(5) فَيَوْمَئِذٍ يَدْفَعُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم اللّوَاءَ إِلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَيَكُونُ أمِيرَ الْخَلاَئِقِ كُلّهِمْ أجْمَعِينَ، يَكُونُ الْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ تَحْتَ لِوَائِهِ، وَيَكُونُ هُوَ أمِيرَهُمْ فَهَذَا تَأوِيلُهُ)(6).
68 _ تفسير العياشي: عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (((كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ))(7) لَمْ يَذُقِ الْمَوْتَ مَنْ قُتِلَ)، وَقَالَ: (لاَ بُدَّ مِنْ أنْ يَرْجِعَ حَتَّى يَذُوقَ الْمَوْتَ)(8).
69 _ تفسير العياشي: عَنْ سِيرينَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِذْ قَالَ:0.
ص: 555
(مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ))، قَالَ: يَقُولُونَ: لاَ قِيَامَةَ وَلاَ بَعْثَ وَلاَ نُشُورَ، فَقَالَ: (كَذَّبُوا وَاللهِ إِنَّمَا ذَلِكَ إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَكَرَّ مَعَهُ الْمُكِرُّونَ، فَقَالَ أهْلُ خِلاَفِكُمْ: قَدْ ظَهَرَتْ دَوْلَتُكُمْ يَا مَعْشَرَ الشّيعَةِ وَهَذَا مِنْ كَذِبكُمْ تَقُولُونَ: رَجَعَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ(1) لاَ وَاللهِ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ، ألاَ تَرَى أنَّهُمْ قَالُوا: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ))؟ كَانَتِ الْمُشْركُونَ أشَدَّ تَعْظِيماً لِلاَتِ وَالْعُزَّى مِنْ أنْ يُقْسِمُوا بِغَيْرهَا فَقَالَ اللهُ: ((بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ * إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ))(2))(3).
70 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ وُهَيْبِ(4) بْن حَفْصٍ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ...))(5) إِلَى آخِر الآيَةِ، فَقَالَ: (ذَلِكَ فِي الْمِيثَاقِ)، ثُمَّ قَرَأتُ: ((التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ ...))(6)، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (لاَ تَقْرَأ هَكَذَا وَلَكِنْ اقْرَأ: (التَّائِبينَ الْعَابِدِينَ...) إِلَى آخِر الآيَةِ).
ثُمَّ قَالَ: (إِذَا رَأيْتَ هَؤُلاَءِ فَعِنْدَ ذَلِكَ هُمُ الَّذِينَ اشْتَرَى مِنْهُمْ أنْفُسَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ يَعْنِي (فِي)(7) الرَّجْعَةِ).ر.
ص: 556
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَلَهُ مَيْتَةٌ وَقَتْلَةٌ: مَنْ مَاتَ بُعِثَ حَتَّى يُقْتَلَ، وَمَنْ قُتِلَ بُعِثَ حَتَّى يَمُوتَ)(1).
تفسير العياشي: عن أبي بصير، مثله(2).
71 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى وَابْن عَبْدِ الْجَبَّار وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن فَضَّالٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْن الْمُثَنَّى، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أبِي الصَّبَّاح، قَالَ: سَألْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أكْرَهُ أنْ اُسَمَّيَهَا لَهُ، فَقَالَ لِي هُوَ: (عَن الْكَرَّاتِ تَسْألُنِي؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: (تِلْكَ الْقُدْرَةُ وَلاَ يُنْكِرُهَا إِلاَّ الْقَدَريَّةُ، لاَ تُنْكِرْهُ(3) تِلْكَ الْقُدْرَةُ لاَ تُنْكِرْهَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم اُتِيَ بِقِنَاع مِنَ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ عِذْقٌ يُقَالُ لَهُ: سُنَّةٌ، فَتَنَاوَلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(4).
بيان: قوله عليه السلام: (تلك القدرة) أي هذه من قدرة الله تعالى، ولا ينكرها إلاَّ القدرية من المعتزلة الذين ينكرون كثيراً من قدرة الله تعالى. و(القناع) بالكسر طبق من عسب النخل، وبعث هذا كان لإعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّه يقع في أمّته ما وقعت في الأمم السابقة، وقد وقعت الرجعة في الأمم السابقة مرَّات شتّى.
72 _ منتخب البصائر: ابْنُ عِيسَى، عَن الْحَسَن، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن دَاوُدَ الْعَبْدِيَّ، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أبِي بَكْرٍ الْيَشْكُريَّ قَامَ إِلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ سَلاَمُ اللهِ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أمِيرَ 1.
ص: 557
الْمُؤْمِنينَ إِنَّ أبَا الْمُعْتَمِر تَكَلَّمَ آنِفاً بِكَلاَم لاَ يَحْتَمِلُهُ قَلْبِي، فَقَالَ: (وَمَا ذَاكَ؟)، قَالَ: يَزْعُمُ أنَّكَ حَدَّثْتَهُ أنَّكَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ: (إِنَّا قَدْ رَأيْنَا أوْ سَمِعْنَا بِرَجُلٍ أكْبَرَ سِنّاً مِنْ أبِيهِ)؟ فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (فَهَذَا الَّذِي كَبُرَ عَلَيْكَ؟)، قَالَ: نَعَمْ فَهَلْ تُؤْمِنُ أنْتَ بِهَذَا وَتَعْرفُهُ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ(1) افْقَهْ عَنّي اُخْبِرْكَ عَنْ ذَلِكَ، أنَّ عُزَيْراً خَرَجَ مِنْ أهْلِهِ وَامْرَأتِهِ فِي شَهْرهاَ(2) وَلَهُ يَوْمَئِذٍ خَمْسُونَ سَنَةً، فَلَمَّا ابْتَلاَهُ اللهُ عزّ وجل بِذَنْبِهِ أمَاتَهُ مِائَةَ عام ثُمَّ بَعَثَهُ، فَرَجَعَ إِلَى أهْلِهِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِينَ سَنَةً، فَاسْتَقْبَلَهُ ابْنُهُ وَهُوَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ وَرَدَّ اللهُ عُزَيْراً (إِلَى)(3) الَّذِي كَانَ بِهِ).
فَقَالَ: مَا تَزيدُ(4)؟ فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ)، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اُنَاساً مِنْ أصْحَابِكَ يَزْعُمُونَ أنَّهُمْ يُرَدُّونَ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (نَعَمْ تَكَلَّمْ بِمَا سَمِعْتَ وَلاَ تَزدْ فِي الْكَلاَم، فَمَا قُلْتَ لَهُمْ؟)، قَالَ: قُلْتُ: لاَ اُؤْمِنُ بِشَيْءٍ مِمَّا قُلْتُمْ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (وَيْلَكَ إِنَّ اللهَ عزّ وجل ابْتَلَى قَوْماً بِمَا كَانَ مِنْ ذُنُوبهِمْ فَأمَاتَهُمْ قَبْلَ آجَالِهِمُ الَّتِي سُمَّيَتْ لَهُمْ ثُمَّ رَدَّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا لِيَسْتَوْفُوا أرْزَاقَهُمْ، ثُمَّ أمَاتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ).
قَالَ: فَكَبُرَ عَلَى ابْن الْكَوَّاءِ وَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (وَيْلَكَ تَعْلَمُ أنَّ اللهَ عزّ وجل قَالَ فِي كِتَابِهِ: ((وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا))(5) فَانْطَلَقَ بِهِمْ مَعَهُ لِيَشْهَدُوا لَهُ إِذَا رَجَعُوا عِنْدَ الْمَلإ مِنْ بَنِي 5.
ص: 558
إِسْرَائِيلَ إِنَّ رَبَّي قَدْ كَلَّمَنِي فَلَوْ أنَّهُمْ سَلَّمُوا ذَلِكَ لَهُ، وَصَدَّقُوا بِهِ، لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى عليه السلام: ((لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً))، قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(1) أتَرَى يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ بَعْدَ مَا مَاتُوا؟)، فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ: وَمَا ذَاكَ ثُمَّ أمَاتَهُمْ فَكَأنَّهُمْ، فَقَالَ لَهُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (لاَ وَيْلَكَ أ وَلَيْسَ قَدْ أخْبَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ يَقُولُ: ((وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى))(2) فَهَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ إِذْ بَعَثَهُمْ.
وَأيْضاً مِثْلُهُمْ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ، الْمَلاَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَيْثُ يَقُولُ اللهُ عزّ وجل: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(3)، وَقَوْلُهُ أيْضاً فِي عُزَيْرٍ حَيْثُ أخْبَرَ اللهُ عزّ وجل فَقَالَ: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ))(4) وَأخَذَهُ بِذَلِكَ الذَّنْبِ ((مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)) وَرَدَّهُ إِلَى الدُّنْيَا فَ- ((قالَ كَمْ))؟، فَ- ((قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ)) فَلاَ تَشُكَّنَّ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ فِي قُدْرَةِ اللهِ عزّ وجل)(5).
73 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن الْقَصِير، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قَرَأ هَذِهِ 2.
ص: 559
الآيَةَ: ((إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ))(1) فَقَالَ: (هَلْ تَدْري مَنْ يَعْنِي؟)، فَقُلْتُ: يُقَاتِلُ الْمُؤْمِنُونَ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، فَقَالَ: (لاَ وَلَكِنْ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ رُدَّ حَتَّى يَمُوتَ، وَمَنْ مَاتَ رُدَّ حَتَّى يُقْتَلَ، وَتِلْكَ الْقُدْرَةُ فَلاَ تُنْكِرْهَا)(2).
تفسير العياشي: عن عبد الرحيم، مثله(3).
74 _ منتخب البصائر: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَنْ أبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْن أعْيَنَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ لاَ يَكُونُ هَاهُنَا مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: (لاَ)، فَقُلْتُ: فَحَدَّثْنِي عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(4) حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ ثُمَّ أمَاتَهُمْ مِنْ يَوْمِهِمْ أوْ رَدَّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: (بَلْ رَدَّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى سَكَنُوا الدُّورَ، وَأكَلُوا الطَّعَامَ، وَنَكَحُوا النّسَاءَ، وَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ مَاتُوا بِالآجَال)(5).
75 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْيَقْطِينيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرو بْن شمْرٍ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِنَّ لِعَلِيًّ عليه السلام فِي الأرْض كَرَّةً مَعَ الْحُسَيْن ابْنهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا يُقْبِلُ بِرَايَتِهِ حَتَّى يَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ وَمُعَاوِيَةَ وَآل مُعَاوِيَةَ وَمَنْ شَهِدَ حَرْبَهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِمْ بِأنْصَارهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ أهْل الْكُوفَةِ 3.
ص: 560
ثَلاَثِينَ ألْفاً وَمِنْ سَائِر النَّاس سَبْعِينَ ألْفاً فَيَلْقَاهُمْ بِصِفّينَ مِثْلَ الْمَرَّةِ الاُولَى حَتَّى يَقْتُلَهُمْ، وَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِراً، ثُمَّ يَبْعَثُهُمُ اللهُ عزّ وجل فَيُدْخِلُهُمْ أشَدَّ عَذَابِهِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَآل فِرْعَوْنَ.
ثُمَّ كَرَّةً اُخْرَى مَعَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى يَكُونَ خَلِيفَةً فِي الأرْض وَتَكُونَ الأئِمَّةُ عليهم السلام عُمَّالَهُ وَحَتَّى يَبْعَثَهُ(1) اللهُ عَلاَنِيَةً، فَتَكُونَ عِبَادَتُهُ عَلاَنِيَةً فِي الأرْض كَمَا عَبَدَ اللهَ سِرّاً فِي الأرْض).
ثُمَّ قَالَ: (إِي وَاللهِ وَأضْعَافَ ذَلِكَ _ ثُمَّ عَقَدَ بِيَدِهِ أضْعَافاً _ يُعْطِي اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم مُلْكَ جَمِيع أهْل الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ الدُّنْيَا إِلَى يَوْم يُفْنِيهَا حَتَّى يُنْجِزَ لَهُ مَوْعُودَهُ فِي كِتَابِهِ كَمَا قَالَ: ((لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))(2))(3).
76 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ، عَنْ عُثْمَانَ بْن عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْن يَحْيَى، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: سَمَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أبَا بَكْرٍ صِدَّيقاً؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، إِنَّهُ حَيْثُ كَانَ مَعَهُ أبُو بَكْرٍ فِي الْغَار، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: إِنّي لأرَى سَفِينَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَضْطَربُ فِي الْبَحْر ضَالَّةً، فَقَالَ لَهُ أبُو بَكْرٍ: وَإِنَّكَ لَتَرَاهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ تَقْدِرُ أنْ تُريَنيهَا؟ فَقَالَ: ادْنُ مِنّي، فَدَنَا مِنْهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: انْظُرْ، فَنَظَرَ أبُو بَكْرٍ فَرَأى السَّفِينَةَ تَضْطَربُ فِي الْبَحْر، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى قُصُور أهْل الْمَدِينَةِ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: الآنَ صَدَّقْتُ أنَّكَ سَاحِرٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: صِدَّيقٌ أنْتَ!).9.
ص: 561
فَقُلْتُ: لِمَ سُمَّيَ عُمَرُ الْفَارُوقَ؟ قَالَ: (نَعَمْ، ألاَ تَرَى أنَّهُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، وَأخَذَ النَّاسُ بِالْبَاطِل؟).
فَقُلْتُ: فَلِمَ سُمَّيَ سَالِماً الأمِينُ؟ قَالَ: (لَمَّا أنْ كَتَبُوا الْكُتُبَ، وَوَضَعُوهَا عَلَى يَدِ سَالِم، فَصَارَ الأمِينَ). قُلْتُ: فَقَالَ: اتَّقُوا دَعْوَةَ سَعْدٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (إِنَّ سَعْداً يَكُرُّ فَيُقَاتِلُ عَلِيّاً عليه السلام)(1).
77 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن سُلَيْمَانَ بْن رُشَيْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيًّ الْخَزَّازِ، قَالَ: دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أبِي حَمْزَةَ عَلَى أبِي الْحَسَن الرضَا عليه السلام فَقَالَ لَهُ: أنْتَ إِمَامٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، فَقَالَ لَهُ: إِنّي سَمِعْتُ جَدَّكَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام يَقُولُ: (لاَ يَكُونُ الإمَامُ إِلاَّ وَلَهُ عَقِبٌ)، فَقَالَ: (أنَسِيتَ يَا شَيْخُ أمْ تَنَاسَيْتَ؟ لَيْسَ هَكَذَا قَالَ جَعْفَرٌ، إِنَّمَا قَالَ جَعْفَرٌ: لاَ يَكُونُ الإمَامُ إِلاَّ وَلَهُ عَقِبٌ إِلاَّ الإمَامَ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فَإنَّهُ لاَ عَقِبَ لَهُ)، فَقَالَ لَهُ: صَدَقْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَكَذَا سَمِعْتُ جَدَّكَ يَقُولُ(2).
78 _ تفسير العياشي: عَنْ رفَاعَةَ بْن مُوسَى قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِنَّ أوَّلَ مَنْ يَكُرُّ إِلَى الدُّنْيَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام وَأصْحَابُهُ، وَيَزيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأصْحَابُهُ فَيَقْتُلُهُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، ثُمَّ قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (((رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(3))(4).3.
ص: 562
79 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ أبِي الْحَسَن الدَّيْلَمِيُّ بِإسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ))(1)، قَالَ: (الْمَوْعُودُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ، وَعَدَهُ اللهُ أنْ يَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ أعْدَائِهِ فِي الدُّنْيَا وَوَعَدَهُ الْجَنَّةَ لَهُ وَلأوْلِيَائِهِ فِي الآخِرَةِ)(2).
80 _ مجالس المفيد: الْكَاتِبُ، عَن الزَّعْفَرَانِيَّ، عَن الثَّقَفِيَّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أبَانٍ، عَن الْفَضْل بْن الزُّبَيْر، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ الأسَدِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ وَفِيَّ سُنَّةٍ مِنْ أيُّوبَ(3)، وَاللهِ لَيَجْمَعَنَّ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جَمَعُوا لِيَعْقُوبَ)(4).
81 _ رجال الكشي: أبُو صَالِح خَلَفُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ سَهْل بْن زِيَادٍ(5)، عَنْ عَلِيَّ بْن الْمُغِيرَةِ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِعَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ الْعَامِريَّ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَذُؤَابَتَاهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مُصْعِداً فِي لِحْفِ الْجَبَل بَيْنَ يَدَيْ قَائِمِنَا أهْلَ الْبَيْتِ فِي أرْبَعَةِ آلاَفٍ مُكَبَّرُونَ وَمُكِرُّونَ)(6).
بيان: (اللحف) بالكسر أصل الجبل.
82 _ رجال الكشي: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْوَشَّاءِ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَائِذٍ، عَنْ أبِي خَدِيجَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (إِنّي سَألْتُ اللهَ فِي إِسْمَاعِيلَ أنْ يُبْقِيَهُ بَعْدِي فَأبَى وَلَكِنَّهُ قَدْ أعْطَانِي فِيهِ مَنْزلَةً اُخْرَى ).
ص: 563
إِنَّهُ يَكُونُ أوَّلَ مَنْشُورٍ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أصْحَابِهِ وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَريكٍ وَهُوَ صَاحِبُ لِوَائِهِ)(1).
منتخب البصائر: سعد، عن ابن عيسى، وابن أبي الخطاب معاً، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة سالم بن مكرم الجمّال، مثله. وفيه: وفيهم عبد الله ابن شريك العامري، وفيهم صاحب الراية(2).
83 _ رجال الكشي: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن بُنْدَارَ الْقُمِّيَّ، بِخَطّهِ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن فُضَيْلٍ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْن فُرَاتٍ: لَقِيتَ أنْتَ الأصْبَغَ؟ قَالَ: نَعَمْ لَقِيتُهُ مَعَ أبِي فَرَأيْتُهُ شَيْخاً أبْيَضَ الرَّأس وَاللّحْيَةِ طِوَالاً، قَالَ لَهُ أبِي: حَدَّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَر: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ وَفِيَّ شَبَهٌ(3) مِنْ أيُّوبَ وَلَيَجْمَعَنَّ اللهُ لِي شَمْلِي كَمَا جَمَعَهُ لأيُّوبَ)، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ أنَا وَأبِي مِنَ الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: فَمَا مَضَى بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ قَلِيلاً حَتَّى تُوُفّيَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ(4).
84 _ رجال الكشي: طَاهِرُ بْنُ عِيسَى، عَن الشُّجَاعِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن بَشَّارٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيَّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنّي قَدْ كَبِرْتُ وَدَقَّ عَظْمِي اُحِبُّ أنْ يُخْتَمَ عُمُري(5) بِقَتْلٍ فِيكُمْ، فَقَالَ: وَمَا مِنْ هَذَا بُدٌّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَاجِلَةِ تَكُونُ فِي الآجِلَةِ(6).6.
ص: 564
85 _ رجال النجاشي(1): أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن غَالِبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ، عَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن خَفْقَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أبَانُ بْنُ تَغْلِبَ: مَرَرْتُ بِقَوْم يَعِيبُونَ عَلَيَّ روَايَتِي عَنْ جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ تَلُومُوني فِي روَايَتِي عَنْ رَجُلٍ مَا سَألْتُهُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: فَمَرَّ صِبْيَانٌ وَهُمْ يُنْشدُونَ: (الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ) فَسَألْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: لِقَاءُ الأحْيَاءِ بِالأمْوَاتِ(2).
86 _ منتخب البصائر: وَقَفْتُ عَلَى كِتَابِ خُطَبٍ لِمَوْلاَنَا أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَعَلَيْهِ خَطُّ السَّيَّدِ رَضِيَّ الدَّين عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن طَاوُسٍ مَا صُورَتُهُ: هَذَا الْكِتَابُ ذَكَرَ كَاتِبُهُ رَجُلَيْن بَعْدَ الصَّادِقِ عليه السلام فَيُمْكِنُ أنْ يَكُونَ تَاريخُ كِتَابَتِهِ بَعْدَ الْمِائَتَيْن مِنَ الْهِجْرَةِ لأنَّهُ عليه السلام انْتَقَلَ بَعْدَ سَنَةِ مِائَةٍ وَأرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقَدْ رَوَى بَعْضَ مَا فِيهِ عَنْ أبِي رَوْح فَرَج بْن فَرْوَةَ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، وَبَعْضَ مَا فِيهِ عَنْ غَيْرهِمَا، ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ الْمُشَار إِلَيْهِ خُطْبَةً لأمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام تُسَمَّى الْمَخْزُونَ وَهِيَ:
(الْحَمْدُ للهِ الأحَدِ الْمَحْمُودِ الَّذِي تَوَحَّدَ بِمُلْكِهِ، وَعَلاَ بِقُدْرَتِهِ، أحْمَدُهُ عَلَى مَا عَرَّفَ مِنْ سَبِيلِهِ، وَألْهَمَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَعَلَّمَ مِنْ مَكْنُون حِكْمَتِهِ، فَإنَّهُ مَحْمُودٌ بِكُل مَا يُولِي، مَشْكُورٌ بِكُل مَا يُبْلِي، وَأشْهَدُ أنَّ قَوْلَهُ عَدْلٌ، وَحُكْمَهُ فَصْلٌ، وَلَمْ يَنْطِقْ فِيهِ نَاطِقٌ بِكَانَ إِلاَّ كَانَ قَبْلَ كَانَ.
وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَسَيَّدُ عِبَادِهِ، خَيْرُ مَنْ أهَلَّ أوَّلاً وَخَيْرُ مَنْ أهَلَّ آخِراً، فَكُلَّمَا نَسَجَ اللهُ الْخَلْقَ فَريقَيْن جَعَلَهُ فِي خَيْر الْفَريقَيْن، لَمْ يُسْهَمْ فِيهِ عَائِرٌ وَلاَ نِكَاحُ جَاهِلِيَّةٍ.7.
ص: 565
ثُمَّ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْكُمْ رَسُولاً مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، فَاتَّبِعُوا ما اُنْزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ، فَإنَّ اللهَ جَعَلَ لِلْخَيْر أهْلاً، وَلِلْحَقَّ دَعَائِمَ، وَلِلطَّاعَةِ عِصَماً يُعْصَمُ بِهِمْ، وَيُقِيمُ مِنْ حَقّهِ فِيهِمْ، عَلَى ارْتِضَاءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَجَعَلَ لَهَا رُعَاةً وَحَفَظَةً يَحْفَظُونَهَا بِقُوَّةٍ وَيُعِينُونَ عَلَيْهَا، أوْلِيَاءَ ذَلِكَ بِمَا وُلُّوا مِنْ حَقَّ اللهِ فِيهَا.
أمَّا بَعْدُ، فَإنَّ رُوحَ الْبَصَر رُوحُ الْحَيَاةِ الَّذِي لاَ يَنْفَعُ إِيمَانٌ إِلاَّ بِهِ، مَعَ كَلِمَةِ اللهِ وَالتَّصْدِيقِ بِهَا، فَالْكَلِمَةُ مِنَ الرُّوحِ وَالرُّوحُ مِنَ النُّور، وَالنُّورُ نُورُ السَّمَاوَاتِ فَبِأيْدِيكُمْ سَبَبٌ وَصَلَ إِلَيْكُمْ مِنْهُ إِيْثَارٌ وَاخْتِيَارٌ، نِعْمَةَ اللهِ لاَ تَبْلُغُوا شُكْرَهَا، خَصَّصَكُمْ بِهَا، وَاخْتَصَّكُمْ لَهَا، وَتِلْكَ الأمْثالُ نَضْربُها لِلنَّاس وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ.
فَأبْشرُوا بِنَصْرٍ مِنَ اللهِ عَاجِلٍ، وَفَتْح يَسِيرٍ يُقِرُّ اللهُ بِهِ أعْيُنَكُمْ، وَيَذْهَبُ بِحُزْنكُمْ كُفُّوا مَا تَنَاهَى النَّاسُ عَنْكُمْ، فَإنَّ ذَلِكَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُل طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللهِ، يَقُولُ عَلَى الألْسُن، وَيَثْبُتُ عَلَى الأفْئِدَةِ، وَذَلِكَ عَوْنُ اللهِ لأوْلِيَائِهِ يَظْهَرُ فِي خَفِيَّ نِعْمَتِهِ لَطِيفاً، وَقَدْ أثْمَرَتْ لأهْل التَّقْوَى أغْصَانَ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَإِنَّ فُرْقَاناً مِنَ اللهِ بَيْنَ أوْلِيَائِهِ وَأعْدَائِهِ، فِيهِ شفَاءٌ لِلصُّدُور، وَظُهُورٌ لِلنُّور، يُعِزُّ اللهُ بِهِ أهْلَ طَاعَتِهِ، وَيُذِلُّ بِهِ أهْلَ مَعْصِيَتِهِ.
فَلْيُعِدَّ امْرُؤٌ لِذَلِكَ عُدَّتَهُ، وَلاَ عُدَّةَ لَهُ إِلاَّ بِسَبَبِ بَصِيرَةٍ، وَصِدْقِ نِيَّةٍ وَتَسْلِيم سَلاَمَةُ أهْل الْخِفَّةِ فِي الطَّاعَةِ، ثِقْلُ الْمِيزَان، وَالْمِيزَانُ بِالْحِكْمَةِ، وَالْحِكْمَةُ فَضَاءٌ(1) لِلْبَصَر، وَالشَّكُّ وَالْمَعْصِيَةُ فِي النَّار، وَلَيْسَا مِنَّا وَلاَ لَنَا وَلاَ ).
ص: 566
إِلَيْنَا، قُلُوبُ الْمُؤْمِنينَ مَطْويَّةٌ عَلَى الإيمَان إِذَا أرَادَ اللهُ إِظْهَارَ مَا فِيهَا فَتَحَهَا بِالْوَحْي، وَزَرَعَ فِيهَا الْحِكْمَةَ، وَإِنَّ لِكُلّ شَيْءٍ إِنّى(1) يَبْلُغُهُ لاَ يُعَجَّلُ اللهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَبْلُغَ إِنَاهُ وَمُنْتَهَاهُ.
فَاسْتَبْشرُوا بِبُشْرَى مَا بُشرْتُمْ(2)، وَاعْتَرفُوا بِقُرْبَان مَا قُربَ لَكُمْ، وَتَنَجَّزُوا مَا وَعَدَكُمْ، إِنَّ مِنَّا دَعْوَةً خَالِصَةً يُظْهِرُ اللهُ بِهَا حُجَّتَهُ الْبَالِغَةَ، وَيُتِمُّ بِهَا نِعَمَهُ السَّابِغَةَ وَيُعْطِي بِهَا الْكَرَامَةَ الْفَاضِلَةَ، مَن اسْتَمْسَكَ بِهَا أخَذَ بِحِكْمَةٍ، مِنْهَا آتَاكُمُ اللهُ رَحْمَتَهُ وَمِنْ رَحْمَتِهِ نُورُ الْقُلُوبِ، وَوَضَعَ عَنْكُمْ أوْزَارَ الذُّنُوبِ، وَعَجَّلَ شفَاءَ صُدُوركُمْ وَصَلاَحَ اُمُوركُمْ، وَسَلاَمٌ مِنَّا دَائِماً عَلَيْكُمْ، تَعْلَمُونَ(3) بِهِ فِي دُوَل الأيَّام، وَقَرَار الأرْحَام، فَإِنَّ اللهَ اخْتَارَ لِدِينهِ أقْوَاماً انْتَخَبَهُمْ(4) لِلْقِيَام عَلَيْهِ، وَالنُّصْرَةِ لَهُ، بِهِمْ ظَهَرَتْ كَلِمَةُ الإسْلاَم، وَأرْجَاءُ مُفْتَرَض الْقُرْآن، وَالْعَمَل بِالطَّاعَةِ فِي مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربهَا.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ خَصَّصَكُمْ(5) بِالإسْلاَم، وَاسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ لأنَّهُ اسْمُ سَلاَمَةٍ، وَجِمَاعُ كَرَامَةٍ(6) اصْطَفَاهُ اللهُ فَنَهَجَهُ، وَبَيَّنَ حُجَجَهُ، وَأرَّفَ اُرَفَهُ وَحَدَّهُ وَوَصَفَهُ وَجَعَلَهُ رضًى كَمَا وَصَفَهُ، وَوَصَفَ أخْلاَقَهُ وَبَيَّنَ أطْبَاقَهُ، وَوَكَّدَ مِيثَاقَهُ، مِنْ ظَهْرٍ وَبَطْنٍ ذِي حَلاَوَةٍ وَأمْنٍ، فَمَنْ ظَفَرَ بِظَاهِرهِ، رَأى عَجَائِبَ ).
ص: 567
مَنَاظِرهِ فِي مَوَاردِهِ وَمَصَادِرهِ وَمَنْ فَطَنَ بِماَ(1) بَطَنَ، رَأى مَكْنُونَ الْفِطَن، وَعَجَائِبَ الأمْثَال وَالسُّنَن.
فَظَاهِرُهُ أنِيقٌ، وَبَاطِنُهُ عَمِيقٌ، لاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ، فِيهِ يَنَابِيعُ النّعَم، وَمَصَابِيحُ الظُّلَم، لاَ تُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتِيحِهِ، وَلاَ تَنْكَشفُ الظُّلَمُ إِلاَّ بِمَصَابِيحِهِ، فِيهِ تَفْصِيلٌ وَتَوْصِيلٌ، وَبَيَانُ الاسْمَيْن الأعْلَيْن اللَّذَيْن جُمِعَا فَاجْتَمَعَا لاَ يَصْلُحَان إِلاَّ مَعاً يُسَمَّيَان فَيُعْرَفَان وَيُوصَفَان فَيَجْتَمِعَان قِيَامُهُمَا فِي تَمَام أحَدِهِمَا فِي مَنَازِلِهِمَا، جَرَى بِهِمَا وَلَهُمَا نُجُومٌ، وَعَلَى نُجُومِهِمَا نُجُومٌ سِوَاهُمَا، تُحْمَى حِمَاهُ وَتُرْعَى مَرَاعِيهِ وَفِي الْقُرْآن بَيَانُهُ وَحُدُودُهُ وَأرْكَانُهُ وَمَوَاضِعُ تَقَادِير مَا خُزِنَ بِخَزَائِنِهِ وَوُزِنَ بِمِيزَانِهِ مِيزَانُ الْعَدْل، وَحُكْمُ الْفَصْل.
إِنَّ رُعَاةَ الدَّين فَرَّقُوا بَيْنَ الشَّكِّ وَالْيَقِين، وَجَاءُوا بِالْحَقَّ الْمُبِين، قَدْ بَيَّنُوا الإسْلاَمَ تِبْيَاناً وَأسَّسُوا لَهُ أسَاساً وَأرْكَاناً، وَجَاءُوا عَلَى ذَلِكَ شُهُوداً وَبُرْهَاناً، مِنْ عَلاَمَاتٍ وَأمَارَاتٍ، فِيهَا كِفَاءٌ لِمُكْتَفٍ، وَشفَاءٌ لِمُشْتَفٍ، يَحْمَوْنَ حِمَاهُ، وَيَرْعَوْنَ مَرْعَاهُ، وَيَصُونُونَ مَصُونَهُ، وَيَهْجُرُونَ مَهْجُورَهُ، وَيُحِبُّونَ مَحْبُوبَهُ، بِحُكْم اللهِ وَبرهِ، وَبعَظِيم أمْرهِ، وَذِكْرهِ بِمَا يَجِبُ أنْ يُذْكَرَ بِهِ، يَتَوَاصَلُونَ بِالْوَلاَيَةِ، وَيَتَلاَقَوْنَ بِحُسْن اللَّهْجَةِ وَيَتَسَاقَوْنَ بِكَأس الرَّوِيَّةِ، وَيَتَرَاعَوْنَ بِحُسْن الرعَايَةِ، بِصُدُورٍ بَريَّةٍ، وَأخْلاَقٍ سَنِيَّةٍ لم يولم عليها، وبقلوب(2) رَضِيَّةٍ، لاَ يُشْرَبُ فِيهِ(3) الدَّنِيَّةُ، وَلاَ تُشْرَعُ فِيهِ(4) الْغِيبَةُ.).
ص: 568
فَمَن اسْتَبْطَنَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً اسْتَبْطَنَ خُلُقاً سَنِيّاً وَقَطَعَ أصْلَهُ وَاسْتَبْدَلَ مَنْزلَهُ بِنَقْصِهِ مُبْرماً، وَاسْتِحْلاَلِهِ مُجْرماً، مِنْ عَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ، وَعَقْدٍ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ، بِالْبِر وَالتَّقْوَى، وَإِيْثَار سَبِيل الْهُدَى، عَلَى ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ، وَآخَى اُلْفَتَهُمْ، فَعَلَيْهِ يَتَحَابُّونَ وَبهِ يَتَوَاصَلُونَ، فَكَانُوا كَالزَّرْع، وَتَفَاضُلُهُ يَبْقَى فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَفْنَى، وَبَيْعَتُهُ(1) التَّخْصِيصُ وَيَبْلُغُ مِنْهُ التَّخْلِيصُ، فَانْتَظِرْ(2) أمْرَهُ فِي قِصَر أيَّامِهِ، وَقِلَّةِ مَقَامِهِ فِي مَنْزلِهِ(3) حَتَّى يَسْتَبْدِلَ مَنْزلاً لِيَضَعَ مَنْحُولَهُ، وَمَعَارفَ مُنْقَلَبِهِ(4).
فَطُوبَى لِذِي قَلْبٍ سَلِيم أطَاعَ مَنْ يَهْدِيهِ، وَتَجَنَّبَ مَا يُرْدِيهِ، فَيَدْخُلُ مَدْخَلَ الْكَرَامَةِ، فَأصَابَ سَبِيلَ السَّلاَمَةِ سَيُبْصِرُ بِبَصَرهِ، وَأطَاعَ هَادِيَ أمْرهِ، دُلَّ أفْضَلَ الدَّلاَلَةِ وَكَشَفَ غِطَاءَ الْجَهَالَةِ الْمُضِلَّةِ الْمُلْهِيَةِ، فَمَنْ أرَادَ تَفَكُّراً أوْ تَذَكُّراً فَلْيَذْكُرْ رَأيَهُ وَلْيُبْرزْ بِالْهُدَى، مَا لَمْ تُغْلَقْ أبْوَابُهُ وَتُفَتَّحْ أسْبَابُهُ، وَقَبِلَ نَصِيحَةَ مَنْ نَصَحَ بِخُضُوع وَحُسْن خُشُوع، بِسَلاَمَةِ الإسْلاَم وَدُعَاءِ التَّمَام، وَسَلاَم بِسَلاَم، تَحِيَّةً دَائِمَةً لِخَاضِع مُتَوَاضِع يَتَنَافَسُ بِالإيمَان، وَيَتَعَارَفُ عِدْلَ الْمِيزَان، فَلْيَقْبَلْ أمْرَهُ وَإِكْرَامَهُ بِقَبُولٍ وَلْيَحْذَرْ قَارعَةً قَبْلَ حُلُولِهَا.
إِنَّ أمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْتَمِلُهُ إِلاَّ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلإيمَان لاَ يَعِي حَدِيثَنَا إِلاَّ حُصُونٌ حَصِينَةٌ، أوْ صُدُورٌ أمِينَةٌ أوْ أحْلاَمٌ رَزِينَةٌ يَا عَجَباً كُلَّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ).
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيس: مَا هَذَا الْعَجَبُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟).
ص: 569
قَالَ: (وَمَا لِيَ لاَ أعْجَبُ وَسَبَقَ الْقَضَاءُ فِيكُمْ وَمَا تَفْقَهُونَ الْحَدِيثَ، إِلاَّ صَوْتَاتٍ بَيْنَهُنَّ مَوْتَاتٌ، حَصْدُ نَبَاتٍ وَنَشْرُ أمْوَاتٍ، وَا عَجَبَا كُلَّ الْعَجَبِ بَيْنَ جُمَادَى وَرَجَبٍ.
قَالَ أيْضاً رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ مَا هَذَا الْعَجَبُ الَّذِي لاَ تَزَالُ تَعْجَبُ مِنْهُ؟
قَالَ: (ثَكِلَتِ الآخَرَ اُمُّهُ وَأيُّ عَجَبٍ يَكُونُ أعْجَبَ مِنْهُ أمْوَاتٌ يَضْربُونَ هَامَ(1) الأحْيَاءِ).
قَالَ: أنَّى يَكُونُ ذَلِكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟
قَالَ: (وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأ النَّسَمَةَ، كَأنّي أنْظُرُ قَدْ تَخَلَّلُوا سِكَكَ الْكُوفَةِ وَقَدْ شَهَرُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى مَنَاكِبهِمْ، يَضْربُونَ كُلَّ عَدُوٍّ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنينَ وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآْخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ))(2).
ألاَ يَ(3) أيُّهَا النَّاسُ! سَلُوني قَبْلَ أنْ تَفْقِدُوني إِنّي بِطُرُقِ السَّمَاءِ أعْلَمُ مِنَ الْعَالِم بِطُرُقِ الأرْض، أنَا يَعْسُوبُ الدَّين(4)، وَغَايَةُ السَّابِقِينَ، وَلِسَانُ الْمُتَّقِينَ، وَخَاتَمُ الْوَصِيَّينَ، وَوَارثُ النَّبِيَّينَ، وَخَلِيفَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أنَا قَسِيمُ النَّار، وَخَازِنُ الْجِنَان، وَصَاحِبُ الْحَوْض، وَصَاحِبُ الأعْرَافِ،).
ص: 570
وَلَيْسَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ إِمَامٌ إِلاَّ عَارفٌ بِجَمِيع أهْل وَلاَيَتِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ))(1).
ألاَ يَا أيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أنْ تَشْغَرَ(2) بِرجْلِهَا فِتْنَةٌ شَرْقِيَّةٌ تَطَاُ فِي خِطَامِهاَ(3) بَعْدَ مَوْتٍ وَحَيَاةٍ أوْ تَشبَّ نَارٌ بِالْحَطَبِ الْجَزْل غَرْبيَّ الأرْض رَافِعَةً ذَيْلَهَا تَدْعُو يَا وَيْلَهَا بِذَحْلَةٍ أوْ مِثْلِهَا.
فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، قُلْتُ: مَاتَ أوْ هَلَكَ بِأيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(4).
وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلاَمَاتٌ، أوَّلُهُنَّ إِحْصَارُ الْكُوفَةِ بِالرَّصَدِ وَالْخَنْدَقِ، وَتَخْريقُ الزَّوَايَا فِي سِكَكِ الْكُوفَةِ(5) وَتَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَتَخْفِقُ رَايَاتٌ ثَلاَثٌ حَوْلَ الْمَسْجِدِ الأكْبَر، يُشْبِهْنَ بِالْهُدَى، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّار، وَقَتْلٌ كَثِيرٌ وَمَوْتٌ ذَريعٌ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ بِظَهْر الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَالْمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْن وَالْمَقَام وَقَتْلُ الأسْبَغ الْمُظَفَّر صَبْراً فِي بَيْعَةِ الأصْنَام، مَعَ كَثِيرٍ مِنْ شَيَاطِين الإنْس.
وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيَّ بِرَايَةٍ خَضْرَاءَ، وَصَلِيبٍ مِنْ ذَهَبٍ، أمِيرُهَا رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ ألْفَ عِنَان مَنْ يَحْمِلُ السُّفْيَانِيَّ مُتَوَجَّهاً إِلَى مَكَّةَ ).
ص: 571
وَالْمَدِينَةِ، أمِيرُهَا أحَدٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: خُزَيْمَةُ أطْمَسُ الْعَيْن الشمَال عَلَى عَيْنهِ طَرْفَةٌ(1)، يَمِيلُ(2) بِالدُّنْيَا فَلاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ حَتَّى يَنْزلَ الْمَدِينَةَ فَيَجْمَعَ رجَالاً وَنسَاءً مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَحْبِسَهُمْ فِي دَارٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا: دَارُ أبِي الْحَسَن الاُمَويَّ.
وَيَبْعَثُ خَيْلاً فِي طَلَبِ رَجُلٍ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ رجَالٌ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ أمِيرُهُمْ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا الصَّفَائِحَ الأبْيَضَ بِالْبَيْدَاءِ، يُخْسَفُ بِهِمْ، فَلاَ يَنْجُو مِنْهُمْ أحَدٌ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ يُحَوِّلُ اللهُ وَجْهَهُ فِي قَفَاهُ لِيُنْذِرَهُمْ، وَلِيَكُونَ آيَةً لِمَنْ خَلْفَهُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ))(3)، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ مِائَةً وَثَلاَثِينَ ألْفاً إِلَى الْكُوفَةِ فَيَنْزلُونَ بِالرَّوْحَاءِ وَالْفَارُوقِ وَمَوْضِع مَرْيَمَ وَعِيسَى عليهما السلام بِالْقَادِسِيَّةِ وَيَسِيرُ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ ألْفاً حَتَّى يَنْزلُوا الْكُوفَةَ مَوْضِعَ قَبْر هُودٍ عليه السلام بِالنُّخَيْلَةِ فَيَهْجُمُوا عَلَيْهِ يَوْمَ زِينَةٍ وَأمِيرُ النَّاس جَبَّارٌ عَنِيدٌ يُقَالُ لَهُ: الْكَاهِنُ السَّاحِرُ فَيَخْرُجُ مِنْ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهُ: الزَّوْرَاءُ فِي خَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْكَهَنَةِ، وَيَقْتُلُ عَلَى جِسْرهَا سَبْعِينَ ألْفاً حَتَّى يَحْتَمِيَ النَّاسُ الْفُرَاتَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ مِنَ الدَّمَاءِ، وَنَتْن الأجْسَادِ، وَيَسْبِي مِنَ الْكُوفَةِ أبْكَاراً لاَ يُكْشَفُ عَنْهَا كَفٌّ وَلاَ قِنَاعٌ، حَتَّى يُوضَعْنَ فِي الْمَحَامِل يُزْلِفُ بِهِنَّ الثُّوَيَّةَ وَهِيَ الْغَريَّيْن.1.
ص: 572
ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ الْكُوفَةِ مِائَةُ ألْفٍ بَيْنَ مُشْركٍ وَمُنَافِقٍ، حَتَّى يَضْربُونَ دِمَشْقَ لاَ يَصُدُّهُمْ عَنْهَا صَادٌّ، وَهِيَ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، وَتُقْبِلُ رَايَاتُ شَرْقِيَّ الأرْض لَيْسَتْ بِقُطْنٍ وَلاَ كَتَّانٍ وَلاَ حَريرٍ، مُخَتَّمَةً فِي رُءُوس الْقَنَا بِخَاتَم السَّيَّدِ الأكْبَر، يَسُوقُهَا رَجُلٌ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْمَ تُطَيَّرُ بِالْمَشْرقِ يُوجَدُ ريحُهَا بِالْمَغْربِ، كَالْمِسْكِ الأذْفَر، يَسِيرُ الرُّعْبُ أمَامَهَا شَهْراً.
وَيَخْلُفُ أبْنَاءُ سَعْدٍ السَّقَّاءِ بِالْكُوفَةِ طَالِبِينَ بِدِمَاءِ آبَائِهِمْ، وَهُمْ أبْنَاءُ الْفَسَقَةِ حَتَّى يَهْجُمَ(1) عَلَيْهِمْ خَيْلُ الْحُسَيْن عليه السلام يَسْتَبِقَان كَأنَّهُمَا فَرَسَا رهَانٍ، شُعْثٌ غُبْرٌ أصْحَابُ بَوَاكِي وَقَوَارحَ(2) إِذْ يَضْربُ أحَدُهُمْ بِرجْلِهِ بَاكِيَةً، يَقُولُ: لاَ خَيْرَ فِي مَجْلِسٍ بَعْدَ يَوْمِنَا هَذَا، اللهُمَّ فَإنَّا التَّائِبُونَ الْخَاشعُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ، فَهُمُ الأبْدَالُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللهُ عزّ وجل: ((إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))(3) وَالْمُطَهَّرُونَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم.
وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أهْل نَجْرَانَ رَاهِبٌ يَسْتَجِيبُ الإمَامَ(4)، فَيَكُونُ أوَّلَ النَّصَارَى إِجَابَةً، وَيَهْدِمُ صَوْمَعَتَهُ وَيَدُقُّ صَلِيبَهَا، وَيَخْرُجُ بِالْمَوَالِي وَضُعَفَاءِ النَّاس وَالْخَيْل فَيَسِيرُونَ إِلَى النُّخَيْلَةِ بِأعْلاَم هُدًى، فَيَكُونُ مَجْمَعُ ).
ص: 573
النَّاس جَمِيعاً مِنَ الأرْض كُلِّهَا بِالْفَارُوقِ وَهِيَ مَحَجَّةُ أمِير الْمُؤْمِنينَ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْبُرْس وَالْفُرَاتِ، فَيُقْتَلُ يَوْمَئِذٍ فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرقِ وَالْمَغْربِ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ))(1) بِالسَّيْفِ وَتَحْتَ ظِل السَّيْفِ.
وَيَخْلُفُ مِنْ بَنِي أشْهَبَ الزَّاجِرُ اللَّحْظِ فِي اُنَاسٍ مِنْ غَيْر أبِيهِ هُرَّاباً حَتَّى يَأتُونَ سِبَطْرَى عُوَّذاً بِالشَّجَر فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: (( فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ * لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ))(2) وَمَسَاكِنُهُمُ الْكُنُوزُ الَّتِي غَنِمُوا مِنْ أمْوَال الْمُسْلِمِينَ وَيَأتِيهِمْ يَوْمَئِذٍ الْخَسْفُ وَالْقَذْفُ وَالْمَسْخُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))(3).
وَيُنَادِي مُنَادٍ فِي (شَهْر)(4) رَمَضَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرقِ، عِنْدَ طُلُوع الشَّمْس: يَا أهْلَ الْهُدَى(5) اجْتَمِعُوا، وَيُنَادِي مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْربِ بَعْدَ مَا تَغِيبُ الشَّمْسُ: يَا أهْلَ الْهُدَى اجْتَمِعُوا، وَمِنَ الْغَدِ عِنْدَ الظُّهْر بَعْدَ تَكَوُّر الشَّمْس، فَتَكُونُ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقَّ وَالْبَاطِل، بِخُرُوج دَابَّةِ الأرْض وَتُقْبِلُ ).
ص: 574
الرُّومُ إِلَى قَرْيَةٍ بِسَاحِل الْبَحْر، عِنْدَ كَهْفِ الْفِتْيَةِ، وَيَبْعَثُ اللهُ الْفِتْيَةَ مِنْ كَهْفِهِمْ إِلَيْهِمْ، (مِنْهُمْ)(1) رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَلِيخاَ(2) وَالآخَرُ كمسلمينا وَهُمَا الشَّاهِدَان الْمُسْلِمَان(3) لِلْقَائِم(4).
فَيَبْعَثُ أحَدَ الْفِتْيَةِ إِلَى الرُّوم، فَيَرْجِعُ بِغَيْر حَاجَةٍ، وَيَبْعَثُ بِالآخَر، فَيَرْجِعُ بِالْفَتْح فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً))(5).
ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مِنْ كُل اُمَّةٍ فَوْجاً لِيُريَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(6) وَالْوَزَعُ خَفَقَانُ أفْئِدَتِهِمْ.
وَيَسِيرُ الصّدَّيقُ الأكْبَرُ بِرَايَةِ الْهُدَى، وَالسَّيْفِ ذِي(7) الْفَقَار، وَالْمِخْصَرَةِ(8) حَتَّى يَنْزلَ أرْضَ الْهِجْرَةِ مَرَّتَيْن وَهِيَ الْكُوفَةُ، فَيَهْدِمُ مَسْجِدَهَا وَيَبْنِيهِ عَلَى بِنَائِهِ الأوَّل، وَيَهْدِمُ مَا دُونَهُ مِنْ دُور الْجَبَابِرَةِ، وَيَسِيرُ ب.
ص: 575
إِلَى الْبَصْرَةِ حَتَّى يُشْرفَ عَلَى بَحْرهَا، وَمَعَهُ التَّابُوتُ، وَعَصَا مُوسَى، فَيَعْزمُ عَلَيْهِ فَيَزْفَرُ فِي الْبَصْرَةِ زَفْرَةً فَتَصِيرُ بَحْراً لُجَّيّاً لاَ يَبْقَى فِيهَا غَيْرُ مَسْجِدِهَا كَجُؤْجُؤِ السَّفِينَةِ، عَلَى ظَهْر الْمَاءِ.
ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى حَرُوراَ(1) حَتَّى يُحْرقَهَا وَيَسِيرَ مِنْ بَابِ بَنِي أسَدٍ حَتَّى يَزْفِرَ زَفْرَةً فِي ثَقِيفٍ، وَهُمْ زَرْعُ فِرْعَوْنَ، ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى مِصْرَ فَيَصْعَدُ(2) مِنْبَرَهُ، فَيَخْطُبُ النَّاسَ فَتَسْتَبْشرُ الأرْضُ بِالْعَدْل، وَتُعْطِي السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَالشَّجَرُ ثَمَرَهَا، وَالأرْضُ نَبَاتَهَا، وَتَتَزَيَّنُ لأهْلِهَا، وَتَأمَنُ الْوُحُوشُ حَتَّى تَرْتَعِيَ فِي طُرُقِ(3) الأرْض كَأنْعَامِهِمْ، وَيُقْذَفُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ الْعِلْمُ فَلاَ يَحْتَاجُ مُؤْمِنٌ إِلَى مَا عِنْدَ أخِيهِ مِنْ عِلْم، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ))(4).
وَتُخْرجُ لَهُمُ الأرْضُ كُنُوزَهَا، وَيَقُولُ الْقَائِمُ: كُلُوا هَنِيئاً بِما أسْلَفْتُمْ فِي الأيَّام الْخالِيَةِ، فَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ أهْلُ صَوَابٍ لِلدَّين، اُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلاَم فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا))(5) فَلاَ يَقْبَلُ اللهُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ دِينَهُ الْحَقَّ ألا للهِ الدَّينُ الْخالِصُ، فَيَوْمَئِذٍ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الأَْرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَ فَلا يُبْصِرُونَ * وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ))(6).0.
ص: 576
فَيَمْكُثُ فِيمَا بَيْنَ خُرُوجِهِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَنَيَّفٍ، وَعِدَّةُ أصْحَابِهِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَسَبْعُونَ مِنَ الْجِن وَمِائَتَان وَأرْبَعَةٌ وَثَلاَثُونَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ الَّذِينَ غَضِبُوا لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم إِذْ هَجَمَتْهُ(1) مُشْركُو قُرَيْشٍ فَطَلَبُوا إِلَى نَبِيَّ اللهِ أنْ يَأذَنَ لَهُمْ فِي إِجَابَتِهِمْ فَأذِنَ لَهُمْ حَيْثُ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ((إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ))(2) وَعِشْرُونَ مِنْ أهْل الْيَمَن مِنْهُمُ الْمِقْدَادُ بْنُ الأسْوَدِ وَمِائَتَان وَأرْبَعَةَ عَشَرَ الَّذِينَ كَانُوا بِسَاحِل الْبَحْر مِمَّا يَلِي عَدَنَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ نَبِيُّ اللهِ بِرسَالَةٍ فَأتُوا مُسْلِمِينَ(3).
وَمِنْ أفْنَاءِ النَّاس ألْفَان وَثَمَانُمِائَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ وَمِنَ الْمَلاَئِكَةِ أرْبَعُونَ ألْفاً، مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُسَوِّمِينَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ، وَمِنَ الْمُرْدِفِينَ خَمْسَةُ آلاَفٍ.
فَجَمِيعُ أصْحَابِهِ عليه السلام سَبْعَةٌ وَأرْبَعُونَ ألْفاً وَمِائَةٌ وَثَلاَثُونَ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةُ رُءُوسٍ مَعَ كُل رَأسٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أرْبَعَةُ آلاَفٍ مِنَ الْجِن وَالإنْس، عِدَّةَ يَوْمِ بَدْرٍ، فَبِهِمْ(4) يُقَاتِلُ وَإِيَّاهُمْ يَنْصُرُ اللهُ، وَبهِمْ يَنْتَصِرُ وَبهِمْ يُقَدَّمُ النَّصْرُ وَمِنْهُمْ نَضْرَةُ الأرْض).
كَتَبْتُهَا كَمَا وَجَدْتُهَا وَفِيهَا نَقْصُ حُرُوفٍ(5).
بيان: (لم ينطق فيه ناطق بكان) أي كلّما عبَّر عنه بكان فهو لضرورة العبارة إذ كان يدلُّ على الزمان، وهو معرى عنه. موجود قبل حدوثه.2.
ص: 577
قوله عليه السلام: (من أهل) أي جعله أهلاً للنبوّة والخلافة، قوله عليه السلام: (كلّما نسج الله) أي جمعهم مجازاً، قوله عليه السلام: (لم يسهم) أي لم يشرك فيه، والعائر من السهام الذي لا يدري راميه، كناية عن الزنا واختلاط النسب، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من العار وكأنَّه تصحيف عاهر.
قوله عليه السلام: (فإنَّ روح البصر) لعلَّ خبر إنَّ (مع كلمة الله) وروح الحياة بدل من روح البصر أي روح الإيمان الذي يكون مع المؤمن، وبه يكون بصيراً وحيّاً حقيقة، لا يكون إلاَّ مع كلمة الله، أي إمام الهدى، فالكلمة من الروح: أي معه أو هو أيضاً آخذ من الروح أي روح القدس والروح يأخذ من النور والنور هو الله تعالى كما قال: ((اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ)) فبأيديكم سبب من كلمة الله وصل إليكم من الله ذلك السبب آثركم واختاركم وخصَّصكم به وهو نعمة من الله خصَّصكم بها لا يمكنكم أن تؤدّوا شكرها.
قوله عليه السلام: (يظهر) أي العون أو هو تعالى، قوله عليه السلام: (وإنَّ فرقاناً) خبر (إنَّ) إمَّا محذوف أي بين ظاهر، أو هو قوله: (يعزُّ الله) أو قوله: (فليعد) بتأويل مقول في حقّه، والمراد بالفرقان القرآن، وقوله: (سلامة) مبتدأ و(ثقل الميزان) خبره، أي سلامة من يخف في الطاعة ولا يكسل فيها، إنَّما يظهر عند ثقل الميزان في القيامة أو هو سبب لثقله، ويحتمل أن يكون التسليم مضافاً إلى السلامة أي التسليم الموجب للسلامة و(أهل) مبتدأ (وثقل) بالتشديد على صيغة الجمع خبره.
قوله: (والميزان بالحكمة) أي ثقل الميزان بالعمل إنَّما يكون إذا كان مقروناً بالحكمة فإنَّ عمل الجاهل لا وزن له، فتقديره: الميزان يثقل بالحكمة.
ص: 578
والحكمة فضاء للبصر، أي بصر القلب يجول فيها، قوله: (إني) بالكسر والقصر أي وقتاً، قوله: (واعترفوا بقربان ما قرب لكم) أي اعترفوا وصدَّقوا بقرب ما أخبركم أنَّه قريب منكم، قوله عليه السلام: (وأرف أرفه) الأرف كصرد جمع الآرفة وهي الحدّ أي حدد حدوده وبينها، ثُمَّ الظاهر أنَّه قد سقط كلام مشتمل على ذكر القرآن قبل قوله: (من ظهر وبطن) فإنَّما ذكر بعده أوصاف القرآن وما ذكر قبله أوصاف الإسلام، وإن أمكن أن يستفاد ذكر القرآن من الوصف والتبيين والتحديد المذكورة في وصف الإسلام لكن الظاهر على هذا السياق أن يكون جميع ذلك أوصاف الإسلام.
والمراد بالاسمين الأعلين محمّد وعليّ صلوات الله عليهما، و(لهما نجوم) أي سائر أئمّة الهدى، و(على نجومهما نجوم) أي على كلّ من تلك النجوم دلائل وبراهين من الكتاب والسُنّة والمعجزات الدالة على حقيتهم، ويحتمل أن يكون المراد بالاسمين الكتاب والعترة.
قوله: (تحمى) على بناء المعلوم، والفاعل (النجوم). أو على المجهول، وعلى التقديرين الضمير في (حماه ومراعيه) راجع إلى (الإسلام) وكذا الضمائر بعدهما وكان في الأصل بعد قوله: (وأخلاق سنيّة) بياض.
و(الطرفة) بالفتح: نقطة حمراء من الدمّ تحدث في العين من ضربة ونحوها.
أقول: هكذا وجدتها في الأصل سقيمة محرَّفة، وقد صحَّحت بعض أجزائها من بعض مؤلّفات بعض أصحابنا، ومن الأخبار الأخر، وقد اعترف صاحب الكتاب بسقمها، ومع ذلك يمكن الانفتاع بأكثر فوائدها،
ص: 579
ولذا أوردتها، مع ما أرجو من فضله تعالى أن يتيسَّر نسخة يمكن تصحيحها بها، وقد سبق كثير من فقراتها في باب علامات ظهوره عليه السلام.
87 _ الكافي: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم بْن أبِي سَلْمَةَ، عَن الْحَسَن بْن شَاذَانَ الْوَاسِطِيَّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أبِي الْحَسَن الرضَا عليه السلام أشْكُو جَفَاءَ أهْل وَاسِطَ وَحَمْلَهُمْ عَلَيَّ، وَكَانَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْعُثْمَانِيَّةِ تُؤْذِيني، فَوَقَّعَ بِخَطّهِ:
(إِنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أخَذَ مِيثَاقَ أوْلِيَائِنَا عَلَى الصَّبْر فِي دَوْلَةِ الْبَاطِل، فَاصْبِرْ لِحُكْم رَبَّكَ، فَلَوْ قَدْ قَامَ سَيَّدُ الْخَلْقِ لَقَالُوا: ((يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ))(1))(2).
88 _ تفسير القمي: ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآْخِرَةِ))(3) يَعْنِي الْقَائِمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَأصْحَابَهُ ((لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ)) يَعْنِي تَسْوَدُّ وُجُوهُهُمْ ((وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) يَعْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَأصْحَابَهُ وَأمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَأصْحَابَهُ(4).
89 _ تفسير القمي: ((حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ))(5)، قَالَ: الْقَائِمُ وَأمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليهم(6).
90 _ تفسير العياشي: عَنْ صَالِح بْن سَهْلٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام 1.
ص: 580
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ))(1) قَالَ: (خُرُوجُ الْحُسَيْن عليه السلام فِي الْكَرَّةِ فِي سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ، عَلَيْهِمُ الْبِيضُ الْمُذَهَّبَةُ لِكُل بَيْضَةٍ وَجْهَان...)(2) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي بَابِ الآيَاتِ الْمُؤَوَّلَةِ بِالْقَائِم عليه السلام.
91 _ الإرشاد: مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ(3) وَفِيَّ سُنَّةٍ مِنْ أيُّوبَ، وَسَيَجْمَعُ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جَمَعَ لِيَعْقُوبَ شَمْلَهُ، وَذَلِكَ إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، وَقُلْتُمْ: مَاتَ(4) أوْ هَلَكَ...)(5) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي بَابِ إِخْبَار أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام(6) بِالْقَائِم عليه السلام(7).
92 _ منتخب البصائر: سَعْدٌ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِر بْن سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام يَقُولُ: مَنْ أرَادَ أنْ يُقَاتِلَ شيعَةَ الدَّجَّال، فَلْيُقَاتِل الْبَاكِيَ عَلَى دَم عُثْمَانَ، وَالْبَاكِيَ عَلَى أهْل النَّهْرَوَان، إِنَّ مَنْ لَقِيَ اللهَ مُؤْمِناً بِأنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً لَقِيَ اللهَ عزّ وجل سَاخِطاً عَلَيْهِ، وَلاَ يُدْركُ الدَّجَّالَ.ة.
ص: 581
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ فَإنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَيُبْعَثُ مِنْ قَبْرهِ حَتَّى يُؤْمِنَ بِهِ وَإِنْ رَغَمَ أنْفُهُ)(1).
93 _ علل الشرائع: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ عَمَّهِ، عَن الْبَرْقِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْن النُّعْمَان، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أمَا لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَقَدْ رُدَّتْ إِلَيْهِ الْحُمَيْرَاءُ حَتَّى يَجْلِدَهَا الْحَدَّ وَحَتَّى يَنْتَقِمَ لابْنَةِ مُحَمَّدٍ فَاطِمَةَ عليها السلام مِنْهَا...)(2) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي بَابِ سِيَرهِ عليه السلام.
94 _ الإرشاد: رَوَى عَبْدُ الْكَريم الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا آنَ قِيَامُ الْقَائِم مُطِرَ النَّاسُ جُمَادَى الآخِرَةِ وَعَشْرَةَ أيَّام مِنْ رَجَبٍ مَطَراً لَمْ تَرَ الْخَلاَئِقُ مِثْلَهُ فَيَنْبُتُ اللهُ بِهِ لُحُومَ الْمُؤْمِنينَ وَأبْدَانَهُمْ فِي قُبُورهِمْ، وَكَأنّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُقْبِلِينَ مِنْ قِبَل جُهَيْنَةَ، يَنْفُضُونَ شُعُورَهُمْ مِنَ التُّرَابِ)(3).
95 _ إعلام الورى، والإرشاد: رَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يَخْرُجُ مَعَ(4) الْقَائِم عليه السلام مِنْ ظَهْر الْكُوفَةِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ رَجُلاً خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ قَوْم مُوسَى عليه السلام (الَّذِينَ كَانُوا يَهْدُونَ بِالْحَقَّ وَبهِ يَعْدِلُونَ)(5) وَسَبْعَةٌ مِنْ أهْل الْكَهْفِ، وَيُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَسَلْمَانُ، ).
ص: 582
وَأبُو دُجَانَةَ الأنْصَاريُّ، وَالْمِقْدَادُ، وَمَالِكٌ الأشْتَرُ، فَيَكُونُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ أنْصَاراً وَحُكَّاماً)(1).
تفسير العياشي: عن المفضَّل، مثله بتغيير ما وقد مرَّ(2).
96 _ الغيبة للنعماني: أحْمَدُ بْنُ (مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ)(3)، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُوسُفَ بْن كُلَيْبٍ، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَن ابْن حُمَيْدٍ، عَن الثُّمَالِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُ آل مُحَمَّدٍ لَنَصَرَهُ اللهُ بِالْمَلاَئِكَةِ وَأوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ الثَّانِي...) إِلَى آخِر مَا مَرَّ(4).
97 _ الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيًّ الزَّيْتُونيَّ وَالْحِمْيَريَّ مَعاً، عَنْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن الرضَا عليه السلام فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ فِي عَلاَمَاتِ ظُهُور الْقَائِم عليه السلام قَالَ: (وَالصَّوْتُ الثَّالِثُ يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً نَحْوَ عَيْن الشَّمْس: هَذَا أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ قَدْ كَرَّ فِي هَلاَكِ الظَّالِمِينَ...)(5) الْخَبَرَ.
الغيبة للنعماني: محمّد بن همام، عن أحمد بن مابنداذ، والحميري معاً، عن أحمد بن هلال مثله(6).1.
ص: 583
98 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ، عَنْ جَعْفَر بْن بَشيرٍ، عَنْ خَالِدِ (بْن) أبِي عُمَارَةَ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: ذَكَرْنَا الْقَائِمَ عليه السلام وَمَنْ مَاتَ مِنْ أصْحَابِنَا يَنْتَظِرُهُ، فَقَالَ لَنَا أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (إِذَا قَامَ أتَى الْمُؤْمِنَ فِي قَبْرهِ فَيُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ صَاحِبُكَ! فَإنْ تَشَأ أنْ تَلْحَقَ بِهِ فَالْحَقْ وَإِنْ تَشَأ أنْ تُقِيمَ فِي كَرَامَةِ رَبَّكَ فَأقِمْ)(1).
99 _ من لا يحضره الفقيه: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن مُوسَى وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن أحْمَدَ الْكَاتِبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيَّ، عَنْ مُوسَى بْن عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيَّ، عَنْ أبِي الْحَسَن الثَّالِثِ عليه السلام فِي الزِّيَارَةِ الْجَامِعَةِ، وَسَاقَ الزِّيَارَةَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يَقْتَصُّ آثَارَكُمْ، وَيَسْلُكُ سُبُلَكُمْ، وَيَهْتَدِي بِهُدَاكُمْ، وَيُحْشَرُ فِي زُمْرَتِكُمْ، وَيَكُرُّ فِي رَجْعَتِكُمْ، وَيُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِكُمْ، وَيُشَرَّفُ فِي عَافِيَتِكُمْ وَيُمَكَّنُ فِي أيَّامِكُمْ، وَتَقَرُّ عَيْنُهُ غَداً بِرُؤْيَتِكُمْ).
وَفِي زِيَارَةِ الْوَدَاع: (وَمَكَّنَنِي فِي دَوْلَتِكُمْ وَأحْيَانِي فِي رَجْعَتِكُمْ)(2).
تهذيب الأحكام: عن الصدوق، مثله(3).
100 _ تهذيب الأحكام: جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِنَا، عَنْ هَارُونَ بْن مُوسَى التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن مَعْمَرٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن مَسْعَدَةَ وَالْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ الْجَمَّال، عَن الصَّادِقِ عليه السلام فِي زِيَارَةِ الأرْبَعِينَ: (وَأشْهَدُ أنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَبإيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِع دِيني وَخَوَاتِيم عَمَلِي)(4).7.
ص: 584
101 _ من لا يحضره الفقيه: قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَرَّتِنَا وَ(لَمْ)(1) يَسْتَحِلَّ مُتْعَتَنَا)(2).
102 _ الكافي: جَمَاعَةٌ، عَنْ سَهْل بْن زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ))(3)، قَالَ: فَقَالَ لِي: (يَا أبَا بَصِيرٍ مَا تَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ؟)، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ الْمُشْركِينَ يَزْعُمُونَ وَيَحْلِفُونَ لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ اللهَ لاَ يَبْعَثُ الْمَوْتَى، قَالَ: فَقَالَ: (تَبّاً لِمَنْ قَالَ هَذَا، سَلْهُمْ: هَلْ كَانَ الْمُشْركُونَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ أمْ بِاللاَتِ وَالْعُزَّى؟)، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأوْجِدْنِيهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: (يَا أبَا بَصِيرٍ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِ قَوْماً مِنْ شيعَتِنَا قِبَاعُ(4) سُيُوفِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ شيعَتِنَا لَمْ يَمُوتُوا، فَيَقُولُونَ: بُعِثَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ مِنْ قُبُورهِمْ وَهُمْ مَعَ الْقَائِم، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ عَدُوَّنَا فَيَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الشيعَةِ مَا أكْذَبَكُمْ؟ هَذِهِ دَوْلَتُكُمْ فَأنْتُمْ تَقُولُونَ فِيهَا الْكَذِبَ، لاَ وَاللهِ مَا عَاشَ هَؤُلاَءِ وَلاَ يَعِيشُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ)، قَالَ: (فَحَكَى اللهُ قَوْلَهُمْ فَقَالَ: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)))(5).4.
ص: 585
تفسير العياشي: عن أبي بصير، مثله(1).
أقول: روى السيّد في كتاب سعد السعود من كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام تأليف المفيد رحمه الله: عن ابن أبي هراسة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، مثله(2).
103 _ الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَن ابْن شَمُّونٍ، عَن الأصَمَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْبَطَل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَْرْضِ مَرَّتَيْنِ))(3)، قَالَ: (قَتْلُ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَطَعْنُ الْحَسَن عليه السلام)، ((وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً))، قَالَ: (قَتْلُ الْحُسَيْن عليه السلام، ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما)) إِذَا جَاءَ نَصْرُ دَم الْحُسَيْن ((بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ)) قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللهُ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم فَلاَ يَدَعُونَ وَتَراً لآِل مُحَمَّدٍ إِلاَّ قَتَلُوهُ ((وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)) خُرُوجُ الْقَائِم عليه السلام.
((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ)) خُرُوجُ الْحُسَيْن عليه السلام فِي سَبْعِينَ مِنْ أصْحَابِهِ عَلَيْهِمُ الْبِيضُ الْمُذَهَّبَةُ لِكُلّ بَيْضَةٍ وَجْهَان الْمُؤَدُّونَ إِلَى النَّاس: إِنَّ هَذَا الْحُسَيْنَ قَدْ خَرَجَ حَتَّى لاَ يَشُكَّ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَلاَ شَيْطَانٍ، وَالْحُجَّةُ الْقَائِمُ بَيْنَ أظْهُرهِمْ، فَإذَا اسْتَقَرَّتِ الْمَعْرفَةُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنينَ أنَّهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام جَاءَ الْحُجَّةَ الْمَوْتُ، فَيَكُونُ الَّذِي يُغَسَّلُهُ وَيُكَفّنُهُ وَيُحَنّطُهُ وَيَلْحَدُهُ فِي حُفْرَتِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام وَلاَ يَلِي الْوَصِيَّ إِلاَّ الْوَصِيُّ)(4).0.
ص: 586
104 _ المصباحين: رَوَى لَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن قُضَاعَةَ بْن صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ الْجَمَّال، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ صَفْوَانَ، قَالَ: اسْتَأذَنْتُ الصَّادِقَ عليه السلام لِزيَارَةِ مَوْلاَنَا الْحُسَيْن عليه السلام وَسَألْتُهُ أنْ يُعَرفَنِي مَا أعْمَلُ عَلَيْهِ... وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ عليه السلام فِي الزّيَارَةِ: (وَاُشْهِدُ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ أنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَبإيَابِكُمْ مُوقِنٌ، بِشَرَائِع دِيني، وَخَوَاتِيم عَمَلِي)(1).
105 _ المصباحين: فِي زِيَارَةِ الْعَبَّاس: (أنّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ، وَبإيَابِكُمْ مِنَ الْمُوقِنينَ)(2).
106 _ المصباحين، ومصباح الزائر: زِيَارَةٌ رَوَاهَا ابْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَن الْحُسَيْن بْن رَوْح، قَالَ: زُرْ أيَّ الْمَشَاهِدِ كُنْتَ بِحَضْرَتِهَا فِي رَجَبٍ تَقُولُ إِذَا دَخَلْتَ... وَسَاقَ الزّيَارَةَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَ(أنْ) يَرْجِعَنِي مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِع إِلَى جَنَابٍ مُمْرع(3)، مُوَسَّع، وَدَعَةٍ وَمَهَلٍ إِلَى حِين الأجَل، وَخَيْر مَصِيرٍ وَمَحَلّ فِي النَّعِيم الأزَل وَالْعَيْش الْمُقْتَبَل وَدَوَام الاُكُل، وَشُرْبِ الرَّحِيقِ وَالسَّلْسَبِيل، وَعَسَلٍ(4) وَنَهَلٍ، لاَ سَأمَ مِنْهُ وَلاَ مَلَلَ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَتَحِيَّاتُهُ، حَتَّى الْعَوْدِ إِلَى حَضْرَتِكُمْ وَالْفَوْزِ فِي كَرَّتِكُمْ)(5).
107 _ إقبال الأعمال، والمصباحين: خَرَجَ إِلَى أبِي الْقَاسِم بْن الْعَلاَءِ الْهَمَدَانِيَّ وَكِيل أبِي مُحَمَّدٍ عليه السلام أنَّ مَوْلاَنَا الْحُسَيْنَ عليه السلام وُلِدَ يَوْمَ الْخَمِيس 9.
ص: 587
لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ فَصُمْهُ وَادْعُ فِيهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ... وَسَاقَ الدُّعَاءَ إِلَى قَوْلِهِ: (وَسَيَّدِ الاُسْرَةِ، الْمَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ الْكَرَّةِ الْمُعَوَّض مِنْ قَتْلِهِ أنَّ الأئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ وَالشفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَالْفَوْزَ مَعَهُ فِي أوْبَتِهِ، وَالأوْصِيَاءَ مِنْ عِتْرَتِهِ بَعْدَ قَائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ، حَتَّى يُدْركُوا الأوْتَارَ، وَيَثْأرُوا الثَّأرَ، وَيُرْضُوا الْجَبَّارَ، وَيَكُونُوا خَيْرَ أنْصَارٍ...) إِلَى قَوْلِهِ: (فَنَحْنُ عَائِذُونَ بِقَبْرهِ نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ، وَنَنْتَظِرُ أوْبَتَهُ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)(1).
108 _ مصباح الزائر: فِي زِيَارَةِ الْقَائِم عليه السلام فِي السَّرْدَابِ: (وَوَفّقْنِي يَا رَبَّ لِلْقِيَام بِطَاعَتِهِ، وَلِلثَّوَى(2) فِي خِدْمَتِهِ، وَالْمَكْثِ فِي دَوْلَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، فَإنْ تَوَفَّيْتَنِي اللهُمَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَاجْعَلْنِي يَا رَبَّ فِيمَنْ يَكُرُّ فِي رَجْعَتِهِ، وَيُمَلَّكُ فِي دَوْلَتِهِ، وَيَتَمَكَّنُ فِي أيَّامِهِ، وَيَسْتَظِلُّ تَحْتَ أعْلاَمِهِ، وَيُحْشَرُ فِي زُمْرَتِهِ، وَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ)(3).
109 _ مصباح الزائر: فِي زِيَارَةٍ اُخْرَى لَهُ عليه السلام: (وَإِنْ أدْرَكَنِيَ الْمَوْتُ قَبْلَ ظُهُوركَ فَإنّي أتَوَسَّلُ بِكَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ أنْ يُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَأنْ يَجْعَلَ لِي كَرَّةً فِي ظُهُوركَ، وَرَجْعَةً فِي أيَّامِكَ، لأبْلُغَ مِنْ طَاعَتِكَ مُرَادِي، وَأشْفِيَ مِنْ أعْدَائِكَ فُؤَادِي)(4).
110 _ مصباح الزائر: فِي زِيَارَةٍ اُخْرَى: (اللهُمَّ أرنَا وَجْهَ وَلِيَّكَ الْمَيْمُون فِي حَيَاتِنَا وَبَعْدَ الْمَنُون، اللهُمَّ إِنِّي أدِينُ لَكَ بِالرَّجْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ)(5).7.
ص: 588
111 _ مصباح الزائر: عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً بِهَذَا الْعَهْدِ كَانَ مِنْ أنْصَار قَائِمِنَا، فَإنْ مَاتَ قَبْلَهُ أخْرَجَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ قَبْرهِ وَأعْطَاهُ بِكُلّ كَلِمَةٍ ألْفَ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ ألْفَ سَيَّئَةٍ)، وَهُوَ هَذَا:
(اللهُمَّ رَبَّ النُّور الْعَظِيم، وَ(رَبَّ)(1) الْكُرْسِيَّ الرَّفِيع، وَرَبَّ الْبَحْر الْمَسْجُور، وَمُنْزلَ التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيل وَالزَّبُور، وَرَبَّ الظّل وَالْحَرُور، وَمُنْزلَ الْقُرْآن الْعَظِيم، وَرَبَّ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبينَ، وَالأنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ.
اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ بِوَجْهِكَ الْكَريم، وَبِنُور وَجْهِكَ الْمُنِير، وَمُلْكِكَ الْقَدِيم، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، أسْألُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أشْرَقَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ وَالأرَضُونَ(2)، يَا حَيُ قَبْلَ كُل حَيًّ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنْتَ.
اللهُمَّ بَلّغْ مَوْلاَنَا الإمَامَ الْهَادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقَائِمَ بِأمْركَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الطَّاهِرينَ عَن الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، فِي مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربهَا، سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا بَرهَا وَبَحْرهَا، وَعَنّي وَعَنْ وَالِدَيَّ مِنَ الصَّلَوَاتِ زِنَةَ عَرْش اللهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَمَا أحْصَاهُ عِلْمُهُ، وَأحَاطَ بِهِ كِتَابُهُ.
اللهُمَّ إِنّي اُجَدَّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا وَمَا عِشْتُ مِنْ أيَّامِي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لاَ أحُولُ عَنْهَا، وَلاَ أزُولُ أبَداً، اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أنْصَارهِ وَأعْوَانِهِ وَالذَّابَّينَ عَنْهُ، وَالْمُسَارعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَالْمُحَامِينَ عَنْهُ وَالسَّابِقِينَ إِلَى إِرَادَتِهِ، وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.خ.
ص: 589
اللهُمَّ إِنْ حَالَ بَيْني وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً، فَأخْرجْنِي مِنْ قَبْري، مُؤْتَزراً كَفَنِي، شَاهِراً سَيْفِي، مُجَرداً قَنَاتِي، مُلَبَّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي، فِي الْحَاضِر وَالْبَادِي.
اللهُمَّ أرني الطَّلْعَةَ الرَّشيدَةَ، وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ نَاظِري بِنَظْرَةٍ مِنّي إِلَيْهِ، وَعَجَّلْ فَرَجَهُ، وَسَهَّلْ مَخْرَجَهُ، وَأوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، فَأنْفِذْ أمْرَهُ، وَاشْدُدْ أزْرَهُ، وَاعْمُر اللهُمَّ بِهِ بِلاَدَكَ، وَأحْي بِهِ عِبَادَكَ، فَإنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ: ((ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ))(1).
فَأظْهِر اللهُمَّ لَنَا وَلِيَّكَ، وَابْنَ بِنْتِ نَبِيَّكَ الْمُسَمَّى بِاسْم رَسُولِكَ حَتَّى لاَ يَظْفَرَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَاطِل إِلاَّ مَزَّقَهُ، وَيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُحَقّقَهُ، وَاجْعَلْهُ اللهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُوم عِبَادِكَ، وَنَاصِراً لِمَنْ لاَ يَجِدُ لَهُ نَاصِراً غَيْرَكَ، وَمُجَدَّداً لِمَا عُطّلَ مِنْ أحْكَام كِتَابِكَ، وَمُشَيَّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أعْلاَم دِينكَ وَسُنَن نَبِيَّكَ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَاجْعَلْهُ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأس الْمُعْتَدِينَ.
اللهُمَّ وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلّم بِرُؤْيَتِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى دَعْوَتِهِ، وَارْحَم اسْتِكَانَتَنَا بَعْدَهُ، اللهُمَّ اكْشفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ عَن الاُمَّةِ بِحُضُورهِ، وَعَجَّلْ لَنَا ظُهُورَهُ(2)، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَريباً، الْعَجَلَ يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ الزَّمَان(3)، بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ).
ثُمَّ تَضْربُ عَلَى فَخِذِكَ الأيْمَن بِيَدِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَتَقُولُ: (الْعَجَلَ يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ الزَّمَان) ثَلاَثا(4).ه.
ص: 590
112 _ مصباح الزائر: رُوِيَ عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام أنَّهُ قَالَ: (مَنْ أرَادَ أنْ يَزُورَ قَبْرَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَالأئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعِيدٍ، فَلْيَقُلْ...) وَسَاقَ الزّيَارَةَ إِلَى قَوْلِهِ: (إِنّي مِنَ الْقَائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ، مُقِرٌّ بِرَجْعَتِكُمْ لاَ اُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً، وَلاَ أزْعُمُ إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ)(1).
أقول: أكثر هذه الأخبار المتعلّقة بالزّيارات والأدعية مذكورة في كتب الزّيارات التي عندنا من الشهيد والمفيد وغيرهما وفي كتابنا العتيق وفي كتاب زوائد الفوائد لولد السيَّد عليّ بن طاوس.
113 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَمَّنْ سَمِعَ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَويلٍ فِي صِفَةِ قَبْض رُوح الْمُؤْمِن(2) قَالَ: (ثُمَّ يَزُورُ آلَ مُحَمَّدٍ فِي جِنَان رَضْوَى فَيَأكُلُ مَعَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَيَشْرَبُ مَعَهُمْ(3) مِنْ شَرَابِهِمْ، وَيَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ، حَتَّى يَقُومَ قَائِمُنَا أهْلَ الْبَيْتِ، فَإذَا قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَهُمُ اللهُ فَأقْبَلُوا مَعَهُ يُلَبُّونَ زُمَراً زُمَرا(4) فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَيَضْمَحِلُّ الْمُحِلُّونَ، وَقَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ، هَلَكَتِ الْمَحَاضِيرُ، وَنَجَا الْمُقَرَّبُونَ.
مِنْ أجْل ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِعَلِيًّ عليه السلام: أنْتَ أخِي وَمِيعَادُ مَا بَيْني وَبَيْنَكَ وَادِي السَّلاَم)(5).
بيان: قال الفيروزآبادي: رجل محل منتهك للحرام أو لا يرى 4.
ص: 591
للشهر الحرام حرمة(1)، انتهى. (المقرَّبون) بفتح الراء أي الذين لا يستعجلون هم المقرَّبون وأهل التسليم، أو بكسر الراء أي الذين يقولون الفرج قريب ولا يستبطؤنه.
روى الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المحتضر(2) من كتاب القائم للفضل بن شاذان، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن سنان، مثله.
114 _ وَعَن الْكِتَابِ الْمَذْكُور، عَن الْفَضْل، عَنْ صَالِح بْن حَمْزَةَ، عَن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (أنَا الْفَارُوقُ الأكْبَرُ، وَصَاحِبُ الْمِيسَم، وَأنَا صَاحِبُ النَّشْر الأوَّل، وَالنَّشْر الآخِر، وَصَاحِبُ الْكَرَّاتِ، وَدَوْلَةِ الدُّوَل، وَعَلَى يَدِي يَتِمُّ مَوْعِدُ اللهِ وَتَكْمُلُ كَلِمَتُهُ، وَبي يَكْمُلُ الدِّينُ).
أقول: تمامه في أبواب علمهم عليهم السلام.
115 _ كامل الزيارات: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعْدٍ، عَنْ سَعْدَانَ بْن مُسْلِم قَائِدِ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أصْحَابِنَا، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْن عليه السلام... إِلَى قَوْلِهِ: (وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ، وَيَبْعَثَكُمْ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوَّكُمْ، إِنّي مِنَ الْمُؤْمِنينَ بِرَجْعَتِكُمْ، لاَ اُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً، وَلاَ اُكَذّبُ لَهُ مَشيَّةً، وَلاَ أزْعُمُ أنَّ مَا شَاءَ لاَ يَكُونُ)(3).
116 _ كامل الزيارات: أبُو عَبْدِ الرَّحْمَن مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْن الْحَسَن الْعَسْكَريُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن 7.
ص: 592
مَهْزِيَارَ، عَنْ أبِيهِ، عَن ابْن أبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيَّ، عَن الصَّادِقِ عليه السلام فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْن عليه السلام: (وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ، حَتَّى يُحْيِيَكُمُ اللهُ لِدِينهِ وَيَبْعَثَكُمْ، وَأشْهَدُ أنَّكُمُ الْحُجَّةُ، وَبكُمْ تُرْجَى الرَّحْمَةُ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لاَ مَعَ عَدُوَّكُمْ، إِنّي (بِإيَا)(1) بِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، لاَ اُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً وَلاَ اُكَذّبُ مِنْهُ بِمَشيَّةٍ).
ثُمَّ قَالَ: (اللهُمَّ صَل عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عَبْدِكَ وَأخِي رَسُولِكَ...)، إِلَى أنْ قَالَ: (اللهُمَّ أتْمِمْ بِهِ كَلِمَاتِكَ، وَأنْجِزْ بِهِ وَعْدَكَ، وَأهْلِكْ بِهِ عَدُوَّكَ، وَاكْتُبْنَا فِي أوْلِيَائِهِ وَأحِبَّائِهِ، اللهُمَّ اجْعَلْناَ(2) شيعَةً وَأنْصَاراً وَأعْوَاناً عَلَى طَاعَتِكَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، وَمَا وَكَلْتَ بِهِ وَاسْتَخْلَفْتَهُ عَلَيْهِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ)(3).
117 _ كامل الزيارات: أبِي وَجَمَاعَةُ مَشَايِخِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَتٍّ الْجَوْهَريُّ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن يَحْيَى، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْن أخِي شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيَّ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (إِذَا أتَيْتَ عِنْدَ قَبْر الْحُسَيْن عليه السلام وَيُجْزيكَ عِنْدَ قَبْر كُلّ إِمَام...) وَسَاقَ إِلَى قَوْلِهِ: (اللهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَةِ قَبْر ابْن نَبِيَّكَ، وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينكَ، وَتَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ، فَإنَّكَ وَعَدْتَهُ، وَأنْتَ الرَّبُّ الَّذِي لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) وَكَذَلِكَ تَقُولُ عِنْدَ قُبُور كُلّ الأئِمَّةِ عليهم السلام(4).1.
ص: 593
118 _ إقبال الأعمال: يُسْتَحَبُّ أنْ يُدْعَى فِي يَوْم دَحْو الأرْض بِهَذَا الدُّعَاءِ... وَسَاقَهُ إِلَى قَوْلِهِ: (وَابْعَثْنَا فِي كَرَّتِهِ حَتَّى نَكُونَ فِي زَمَانِهِ مِنْ أعْوَانِهِ)(1).
119 _ تفسير القمي: ((قُتِلَ الإِْنْسانُ ما أَكْفَرَهُ))، قَالَ: هُوَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: ((ما أَكْفَرَهُ)) أيْ مَا ذَا فَعَلَ وَأذْنَبَ حَتَّى قَتَلُوهُ، ثُمَّ قَالَ: ((مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ))، قَالَ: يَسَّرَ لَهُ طَريقَ الْخَيْر، ((ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ))، قَالَ: فِي الرَّجْعَةِ، ((كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ)) أيْ لَمْ يَقْض أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ مَا قَدْ أمَرَهُ، وَسَيَرْجِعُ حَتَّى يَقْضِيَ مَا أمَرَهُ.
أخْبَرَنَا أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن ابْن أبِي نَصْرٍ(2)، عَنْ جَمِيل بْن دَرَّاج، عَنْ أبِي سَلَمَةَ(3)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ: ((قُتِلَ الإِْنْسانُ ما أَكْفَرَهُ))، قَالَ: (نَعَمْ، نَزَلَتْ فِي أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام، ((ما أَكْفَرَهُ)) يَعْنِي بِقَتْلِكُمْ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَسَبَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَنَسَبَ خَلْقَهُ وَمَا أكْرَمَهُ اللهُ بِهِ، فَقَالَ: ((مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)) يَقُولُ: مِنْ طِينَةِ الأنْبِيَاءِ خَلَقَهُ، فَقَدَّرَهُ لِلْخَيْر، ((ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)) يَعْنِي سَبِيلَ الْهُدَى، ثُمَّ أماتَهُ مِيتَةَ الأنْبِيَاءِ، ((ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ)))، (قُلْتُ: مَا قَوْلُهُ: ((ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ))؟)(4)، قَالَ: (يَمْكُثُ بَعْدَ قَتْلِهِ فِي الرَّجْعَةِ فَيَقْضِي مَا أمَرَهُ)(5).3.
ص: 594
كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن إدريس، مثله(1).
بيان: قوله: ((ما أَكْفَرَهُ)) في خبر (بي سلمة يحتمل أن يكون ضميره راجعاً إلى أمير المؤمنين عليه السلام بأن يكون استفهاماً إنكارياً كما مرَّ في الخبر السابق ويحتمل أن يكون راجعاً إلى القاتل بقرينة المقام فيكون على التعجُّب أي ما أكفر قاتله، ويؤيَّد الأوّل الخبر الأوّل، ويؤيَّد الثاني أنَّ في رواية محمّد بن العبّاس يعني قاتله بقتله إيّاه.
120 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام يَوْماً فَقَالَ: (أنَا دَابَّةُ الأرْض)(2).
أقُولُ: قَدْ سَبَقَ فِي بَابِ عَلاَمَاتِ ظُهُورهِ عليه السلام عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْر قَتْل الدَّجَّال: (إِلاَّ أنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى)، قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ: (خُرُوجُ دَابَّةٍ (مِنَ) الأرْض، مِنْ عِنْدِ الصَّفَا، مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَعَصَا مُوسَى، تَضَعُ الْخَاتَمَ عَلَى وَجْهِ كُلّ مُؤْمِنٍ فَيَنْطَبِعُ فِيهِ: هَذَا مُؤْمِنٌ حَقّاً، وَيَضَعُهُ عَلَى وَجْهِ كُلّ كَافِرٍ فَيُكْتَبُ فِيهِ: هَذَا كَافِرٌ حَقّاً...) إِلَى آخِر مَا مَرَّ(3).
121 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلامة.
ص: 595
(يَقُولُ)(1): (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ يَزْدَادُ تِسْعاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْقَائِم)، قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ فَيَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن وَدِمَاءِ أصْحَابِهِ فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَّاحُ)(2).
بيان: الظاهر أنَّ المراد بالمنتصر الحسين، وبالسفَّاح أمير المؤمنين صلوات الله عليهما كما سيأتي(3).
122 _ الاختصاص: عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ:(وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ لَهُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: فَقَالَ: (تِسْعَةَ عَشَرَ(4) مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى يَوْم مَوْتِهِ).
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَيَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْهَرْجُ؟ قَالَ: (نَعَمْ خَمْسِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَطْلُبُ بِدَمِهِ وَدِمَاءِ أصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي، حَتَّى يُقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ ذُريَّةِ الأنْبِيَاءِ، مَا قَتَلَ النَّاسَ كُلَّ هَذَا الْقَتْل، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ أبْيَضُهُمْ وَأسْوَدُهُمْ فَيَكْثُرُونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْجِئُوهُ إِلَى حَرَم اللهِ، فَإذَا اشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ الْمُنْتَصِرُ خَرَجَ السَّفَّاحُ مِنَ(5) الدُّنْيَا غَضَباً لِلْمُنْتَصِر، فَيَقْتُلُ كُلَّ عَدُوًّ لَنَا.).
ص: 596
وَهَلْ تَدْري مَن الْمُنْتَصِرُ وَالسَّفَّاحُ يَا جَابِرُ؟ الْمُنْتَصِرُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ، وَالسَّفَّاحُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام(1).
123 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ بْن حَسَّانَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الريَاحِيَّ، عَنْ أبِي الصَّامِتِ الْحُلْوَانِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليه: (لَقَدْ اُعْطِيتُ السَّتَّ: عِلْمَ الْمَنَايَا وَالْبَلاَيَا (وَالْوَصَايَا)(2) وَفَصْلَ الْخِطَابِ، وَإِنّي لَصَاحِبُ الْكَرَّاتِ، وَدَوْلَةِ الدُّوَل، وَإِنّي لَصَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم، وَالدَّابَّةُ الَّتِي تُكَلّمُ النَّاسَ(3).
بصائر الدرجات: عن علي بن حسّان، مثله(4).
124 _ الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَانَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صلوات الله عليه كَثِيراً مَا يَقُولُ: أنَا قَسِيمُ اللهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّار، وَأنَا الْفَارُوقُ الأكْبَرُ، وَأنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم...) الْخَبَرَ(5).
الكافي: الحسين بن محمّد، عن المعلّى، عن محمّد بن جمهور، عن محمّد بن سنان، مثله(6).1.
ص: 597
الكافي: علي بن محمّد، ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الوليد شباب الصيرفي، عن سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(1).
125 _ تهذيب الأحكام، والكافي: عَلِيٌّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَريزٍ، عَنْ بُرَيْدِ بْن مُعَاوِيَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام (قَالَ)(2): (وَاللهِ لاَ تَذْهَبُ الأيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يُحْيِيَ اللهُ الْمَوْتَى، وَيُمِيتَ الأحْيَاءَ، وَيَرُدَّ(3) الْحَقَّ إِلَى أهْلِهِ، وَيُقِيمَ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ...) إِلَى آخِر مَا أوْرَدَاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ(4).
126 _ تفسير القمي: ((وَوَصَّيْنَا الإِْنْسانَ بِوالِدَيْهِ))(5) إِنَّمَا عَنَى الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عليهما السلام ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْحُسَيْن فَقَالَ: ((حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً)) وَذَلِكَ أنَّ اللهَ أخْبَرَ رَسُولَ اللهِ وَبَشَّرَهُ بِالْحُسَيْن قَبْلَ حَمْلِهِ، وَأنَّ الإمَامَةَ يَكُونُ فِي وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ أخْبَرَهُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْقَتْل وَالْمُصِيبَةِ فِي نَفْسِهِ وَوُلْدِهِ، ثُمَّ عَوَّضَهُ بِأنْ جَعَلَ الإمَامَةَ فِي عَقِبهِ وَأعْلَمَهُ أنَّهُ يُقْتَلُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَى الدُّنْيَا، وَيَنْصُرُهُ حَتَّى يَقْتُلَ أعْدَاءَهُ وَيُمَلّكَهُ الأرْضَ وَهُوَ قَوْلُهُ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ ...))(6) الآيَةَ، وَقَوْلُهُ: ((وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ...))(7) الآيَةَ، 5.
ص: 598
فَبَشَّرَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّ أهْلَ بَيْتِكَ يَمْلِكُونَ الأرْضَ، وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهَا، وَيَقْتُلُونَ أعْدَاءَهُمْ، فَأخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَاطِمَةَ عليها السلام بِخَبَر الْحُسَيْن عليه السلام وَقَتْلِهِ، فَحَمَلَتْهُ كُرْهاً).
ثُمَّ قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (فَهَلْ رَأيْتُمْ أحَداً يُبَشَّرُ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ فَيَحْمِلُهُ كُرْهاً أيْ إِنَّهَا اغْتَمَّتْ وَكَرهَتْ لَمَّا اُخْبِرَتْ بِقَتْلِهِ، وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً لِمَا عَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ بَيْنَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام طُهْرٌ وَاحِدٌ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِي بَطْن اُمِّهِ سِتَّةَ أشْهُرٍ وَفِصَالُهُ أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْراً، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ((وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً))(1))(2).
127 _ تفسير القمي: قَوْلُهُ: ((وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا))(3) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ ((عَذاباً دُونَ ذلِكَ))، قَالَ: عَذَابُ الرَّجْعَةِ بِالسَّيْفِ(4).
128 _ تفسير القمي: ((وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ)) أي الثَّانِي(5) ((أَساطِيرُ الأَْوَّلِينَ)) أيْ أكَاذِيبُ الأوَّلِينَ ((سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ))(6)، قَالَ: فِي الرَّجْعَةِ إِذَا رَجَعَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَيَرْجِعُ(7) أعْدَاؤُهُ فَيَسِمُهُمْ بِمِيسَم مَعَهُ، كَمَا تُوسَمُ الْبَهَائِمُ عَلَى الْخَرَاطِيم: الأنْفُ وَالشَّفَتَين(8).1.
ص: 599
129 _ تفسير القمي: قَوْلُهُ تَعَالَى: ((قُمْ فَأَنْذِرْ))(1)، قَالَ: هُوَ قِيَامُهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهاَ(2).
130 _ منتخب البصائر: مِمَّا رَوَاهُ لِي السَّيَّدُ الْجَلِيلُ بَهَاءُ الدَّين عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحُسَيْنيُّ رَوَاهُ بِطَريقِهِ عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ الإيَادِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى أحْمَدَ بْن عُقْبَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام سُئِلَ عَن الرَّجْعَةِ أحَقٌّ هِيَ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ أوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ؟ قَالَ: (الْحُسَيْنُ يَخْرُجُ عَلَى أثَر الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ: وَمَعَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ؟ قَالَ: (لاَ بَلْ كَمَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ((يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً))(3) قَوْمٌ بَعْدَ قَوْم)(4).
وَعَنْهُ عليه السلام: (وَيُقْبِلُ الْحُسَيْنُ عليه السلام فِي أصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ، وَمَعَهُ سَبْعُونَ نَبِيّاً كَمَا بَعَثُوا مَعَ مُوسَى بْن عِمْرَانَ، فَيَدْفَعُ إِلَيْهِ الْقَائِمُ عليه السلام الْخَاتَمَ، فَيَكُونُ الْحُسَيْنُ عليه السلام هُوَ الَّذِي يَلِي غُسْلَهُ وَكَفْنَهُ وَحَنُوطَهُ وَيُوَاريهِ فِي حُفْرَتِهِ)(5).
وَعَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ مِنّاَ(6) أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ إِلَى الدُّنْيَا وَهُوَ الْحُسَيْنُ ر.
ص: 600
عليه السلام، فَيَطْلُبُ بِدَمِهِ وَدَم أصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَّاحُ وَهُوَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(1).
وَرُوِيَتْ عَنْهُ أيْضاً بِطَريقِهِ إِلَى أسَدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ حِينَ سُئِلَ عَن الْيَوْم الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مِقْدَارَهُ فِي الْقُرْآن: ((فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ))(2) وَهِيَ كَرَّةُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَيَكُونُ مُلْكُهُ فِي كَرَّتِهِ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ وَيَمْلِكُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ فِي كَرَّتِهِ أرْبَعَةً وَأرْبَعِينَ ألْفَ سَنَةٍ(3).
بيان: أقول: عندي كتاب الأنوار المضيئة(4) تصنيف الشيخ عليّ بن عبد الحميد والأخبار موجودة فيه، وروى أيضاً بإسناده، عن الفضل بن شاذان، بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: (إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صدّيق، فيكونون في أصحابه وأنصاره).
131 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ السُّلْطَان الْمُفَرج عَنْ أهْل الإيمَان تَصْنِيفِ السَّيَّدِ الْجَلِيل بَهَاءِ الدَّين عَلِيَّ بْن عَبْدِ الْكَريم الْحَسَنِيَّ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ قَالَ: كُنْتُ نَائِماً فِي مَرْقَدِي إِذْ رَأيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَائِلاً يَقُولُ: (حُجَّ السَّنَةَ فَإنَّكَ تَلْقَى صَاحِبَ الزَّمَان...) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ(5)، ثُمَّ قَالَ: (يَا ابْنَ مَهْزيَارَ إِنَّهُ إِذَا فُقِدَ الصِّينيُّ وَتَحَرَّكَ الْمَغْربيُّ، وَسَارَ الْعَبَّاسِيُّ، وَبُويِعَ السُّفْيَانِيُّ، يُؤْذَنُ لِوَلِيَّ اللهِ، فَأخْرُجُ بَيْنَ ة.
ص: 601
الصَّفَا وَالْمُرْوَةِ، فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَثَلاَثَةَ عَشَرَ فَأجِيءُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَأهْدِمُ مَسْجِدَهَا، وَأبْنيهِ عَلَى بِنَائِهِ الأوَّل وَأهْدِمُ مَا حَوْلَهُ مِنْ بِنَاءِ الْجَبَابِرَةِ.
وَأحُجُّ بِالنَّاس حَجَّةَ الإسْلاَم، وَأجِيءُ إِلَى يَثْربَ، فَأهْدِمُ الْحُجْرَةَ، وَاُخْرجُ مَنْ بِهَا وَهُمَا طَريَّان، فَآمُرُ بِهِمَا تُجَاهَ الْبَقِيع وَآمُرُ بِخَشَبَتَيْن يُصْلَبَان عَلَيْهِمَا فَتُورقَان مِنْ تَحْتِهِمَا، فَيَفْتَتِنُ النَّاسُ بِهِمَا أشَدَّ مِنَ الاُولَى، فَيُنَادِي مُنَادٍ الْفِتْنَةُ مِنَ السَّمَاءِ: يَا سَمَاءُ انْبِذِي، وَيَا أرْضُ خُذِي! فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأرْض إِلاَّ مُؤْمِنٌ قَدْ أخْلَصَ قَلْبَهُ لِلإيمَان).
قُلْتُ: يَا سَيَّدِي مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (الْكَرَّةُ الْكَرَّةُ الرَّجْعَةُ)(1)، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(2))(3).
أقول: ورأيت في أصل كتابه مثله(4).
132 _ كامل الزيارات: مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ وَأحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن فَضَّالٍ(5)، عَنْ مَرْوَانَ بْن مُسْلِم، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم أخْبِرْني عَنْ إِسْمَاعِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ يَقُولُ: ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا))(6) أكَانَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عليهما السلام؟ فَإنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أنَّهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.4.
ص: 602
فَقَالَ عليه السلام: (إِنَّ إِسْمَاعِيلَ مَاتَ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ حُجَّةً للهِ قَائِماً صَاحِبَ شَريعَةٍ، فَإلَى مَنْ اُرْسِلَ إِسْمَاعِيلُ إِذاً؟).
قُلْتُ: فَمَنْ كَانَ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (ذَاكَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حِزْقِيلَ النَّبِيُّ عليه السلام بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَقَتَلُوهُ وَسَلَخُوا فَرْوَةَ(1) وَجْهِهِ، فَغَضِبَ اللهُ لَهُ عَلَيْهِمْ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ سطاطائيل مَلَكَ الْعَذَابِ، فَقَالَ لَهُ: يَا إِسْمَاعِيلُ أنَا سطاطائيل مَلَكُ الْعَذَابِ وَجَّهَنِي رَبُّ الْعِزَّةِ إِلَيْكَ لاعَذّبَ قَوْمَكَ بِأنْوَاع الْعَذَابِ كَمَا شئْتَ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ يَا سطاطائيل.
فَأوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: فَمَا حَاجَتُكَ يَا إِسْمَاعِيلُ؟ فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَا رَبَّ إِنَّكَ أخَذْتَ الْمِيثَاقَ لِنَفْسِكَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَلِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ، وَلأوْصِيَائِهِ بِالْوَلاَيَةِ، وَأخْبَرْتَ خَلْقَكَ بِمَا تَفْعَلُ اُمَّتُهُ بِالْحُسَيْن بْن عَلِيًّ عليهما السلام مِنْ بَعْدِ نَبِيَّهَا، وَإِنَّكَ وَعَدْتَ الْحُسَيْنَ أنْ تَكُرَّهُ إِلَى الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَقِمَ بِنَفْسِهِ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، فَحَاجَتِي إِلَيْكَ يَا رَبَّ أنْ تَكُرَّني إِلَى الدُّنْيَا حَتَّى أنْتَقِمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِي مَا فَعَلَ، كَمَا تَكُرُّ الْحُسَيْنَ(2).
فَوَعَدَ اللهُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حِزْقِيلَ ذَلِكَ فَهُوَ يَكُرُّ مَعَ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ عليهما السلام).
133 _ كامل الزيارات: الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدِ بْن سَالِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الْبَصْريَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن الأصَمَّ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ الْبَزَّازِ، عَنْ حَريزٍ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أقَلَّ بَقَاءَكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ وَأقْرَبَ آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، مَعَ حَاجَةِ هَذَا الْخَلْقِ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ: (إِنَّ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنَّا 3.
ص: 603
صَحِيفَةً فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أنْ يَعْمَلَ بِهِ فِي مُدَّتِهِ، فَإذَا انْقَضَى مَا فِيهَا مِمَّا اُمِرَ بِهِ، عَرَفَ أنَّ أجَلَهُ قَدْ حَضَرَ، وَأتَاهُ النَّبِيُّ يَنْعَى إِلَيْهِ نَفْسَهُ، وَأخْبَرَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ اللهِ.
وَإِنَّ الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ قَرَأ صَحِيفَتَهُ الَّتِي اُعْطِيَهَا وَفُسَّرَ لَهُ مَا يَأتِي وَمَا يَبْقَى وَبَقِيَ مِنْهَا أشْيَاءُ لَمْ تَنْقَض، فَخَرَجَ إِلَى الْقِتَال وَكَانَتْ تِلْكَ الاُمُورُ الَّتِي بَقِيَتْ أنَّ الْمَلاَئِكَةَ سَألَتِ اللهَ فِي نُصْرَتِهِ فَأذِنَ لَهُمْ فَمَكَثَتْ تَسْتَعِدُّ لِلْقِتَال وَتَتَأهَّبُ لِذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ، فَنَزَلَتْ وَقَدِ انْقَطَعَتْ مُدَّتُهُ، وَقُتِلَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ.
فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: يَا رَبَّ أذِنْتَ لَنَا فِي الانْحِدَار، وَأذِنْتَ لَنَا فِي نُصْرَتِهِ، فَانْحَدَرْنَا وَقَدْ قَبَضْتَهُ؟ فَأوْحَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيْهِمْ أن: الْزَمُوا قُبَّتَهُ حَتَّى تَرَوْنَهُ قَدْ خَرَجَ فَانْصُرُوهُ، وَابْكُوا عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ، وَإِنَّكُمْ خُصّصْتُمْ بِنُصْرَتِهِ وَالْبُكَاءِ عَلَيْهِ، فَبَكَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَقَرُّباً وَجَزَعاً عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ، فَإذَا خَرَجَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَكُونُونَ أنْصَارَهُ)(1).
134 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَن الْقَاسِم بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيَّ بْن خَالِدٍ الْعَاقُولِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم الْخَثْعَمِيَّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ))(2)، قَالَ: (الرَّاجِفَةُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام، وَالرَّادِفَةُ عَلِيُّ بْنُ أبِي 7.
ص: 604
طَالِبٍ عليه السلام، وَأوَّلُ مَنْ يَنْفُضُ عَنْ رَأسِهِ التُّرَابَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيًّ عليهما السلام فِي خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ ألْفاً، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَْشْهادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ))(1))(2).
تفسير فرات: أبُو الْقَاسِم الْعَلَويُّ مُعَنْعَناً، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام، مِثْلَهُ. وَفِيهِ: (فِي خَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ ألْفاً)(3).
الفضائل لابن شاذان: عن أبي عبد الله عليه السلام، مثله(4).
135 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ التَّنْزيل وَالتَّحْريفِ، أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّيَّاريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن نَجِيح الْيَمَانِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: ((ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ))(5)، قَالَ: (النَّعِيمُ الَّذِي أنْعَمَ اللهُ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم)، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ))، قَالَ: (الْمُعَايَنَةُ)، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ))، قَالَ: (مَرَّةً بِالْكَرَّةِ وَاُخْرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(6).
136 _ الفهرست للنجاشي: كَانَتْ لِمُؤْمِن الطَّاقِ مَعَ أبِي حَنِيفَةَ حِكَايَاتٌ كَثِيرَةٌ فَمِنْهَا أنَّهُ قَالَ لَهُ يَوْماً: يَا أبَا جَعْفَرٍ! تَقُولُ بِالرَّجْعَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: أقْرضْنِي مِنْ كِيسِكَ هَذَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، فَإذَا عُدْتُ أنَا وَأنْتَ رَدَدْتُهَا إِلَيْكَ، فَقَالَ 4.
ص: 605
لَهُ فِي الْحَال: اُريدُ ضَمِيناً يَضْمَنُ لِي أنَّكَ تَعُودُ إِنْسَاناً، وَإِنّي أخَافُ أنْ تَعُودَ قِرْداً فَلاَ أتَمَكَّنُ مِن اسْتِرْجَاع مَا أخَذْتَ منّي(1).
الاحتجاج: مثله بتغيير ما(2).
137 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ الْغَارَاتِ لإبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيَّ رَوَى حَدِيثاً عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام مِنْهُ قِيلَ لَهُ: فَمَا ذُو الْقَرْنَيْن؟ قَالَ عليه السلام: (رَجُلٌ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنهِ فَمَاتَ، ثُمَّ أحْيَاهُ اللهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَى قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنهِ الآخَر فَمَاتَ، ثُمَّ أحْيَاهُ اللهُ، فَهُوَ ذُو الْقَرْنَيْن، لأنَّهُ ضُربَتْ قَرْنَاهُ).
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: (وَفِيكُمْ مِثْلُهُ) يُريدُ نَفْسَهُ(3).
وَمِنْهُ أيْضاً: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ اُسَيْدٍ الْكِنْدِيُّ وَكَانَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِيس، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: إِنّي لَجَالِسٌ مَعَ النَّاس عِنْدَ عَلِيًّ عليه السلام إِذْ جَاءَ ابْنُ مُعِزّ وَابْنُ نَعْج مَعَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَدْ جَعَلاَ فِي حَلْقِهِ ثَوْباً يَجُرَّانِهِ فَقَالاَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ اقْتُلْهُ وَلاَ تُدَاهِن الْكَذَّابِينَ، قَالَ: (ادْنُهْ)، فَدَنَا فَقَالَ لَهُمَا: (فَمَا يَقُولُ؟)، قَالاَ: يَزْعُمُ أنَّكَ دَابَّةُ الأرْض وَأنَّكَ تُضْرَبُ عَلَى هَذَا قُبَيْلَ هَذَا يَعْنُونَ رَأسَهُ إِلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ: (مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ؟).
قَالَ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ حَدَّثْتُهُمْ حَدِيثاً حَدَّثَنِيهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، قَالَ: (اتْرُكُوهُ فَقَدْ رَوَى عَنْ غَيْرهِ يَا ابْنَ اُمِّ السَّوْدَاءِ، إِنَّكَ تَبْقَرُ الْحَدِيثَ بَقْراً، خَلُّوا سَبِيلَ الرَّجُل فَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِيبُني الَّذِي يَقُولُ)(4).4.
ص: 606
وَمِنْهُ أيْضاً: عَنْ عَبَايَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عليه السلام يَقُولُ: (أنَا سَيَّدُ الشيبِ وَفِيَّ سُنَّةٌ مِنْ أيُّوبَ) لأنَّ أيُّوبَ ابْتُلِيَ ثُمَّ عَافَاهُ اللهُ مِنْ بَلْوَاهُ، وَآتَاهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ، كَمَا حَكَى اللهُ سُبْحَانَهُ، فَرُوِيَ أنَّهُ أحْيَا لَهُ أهْلَهُ الَّذِينَ قَدْ مَاتُوا وَكَشَفَ ضُرَّهُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أنَّهُ: (كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُهُ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، وَقَدْ قَالَ: إِنَّ فِيهِ عليه السلام شبْهَهُ.
وَقَوْلُهُ(1): (وَاللهِ لَيَجْمَعَنَّ اللهُ لِي أهْلِي كَمَا جُمِعُوا لِيَعْقُوبَ عليه السلام فَإنَّ يَعْقُوبَ فُرقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أهْلِهِ بُرْهَةً مِنَ الزَّمَان ثُمَّ جُمِعُوا لَهُ).
فَقَدْ حَلَفَ عليه السلام أنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَيَجْمَعُ لَهُ وُلْدَهُ كَمَا جَمَعَهُمْ لِيَعْقُوبَ وَقَدْ كَانَ اجْتِمَاعُ يَعْقُوبَ بِوُلْدِهِ فِي دَار الدُّنْيَا فَيَكُونُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا يُجْمَعُونَ لَهُ فِي رَجْعَتِهِ عليه السلام وَوُلْدُهُ الأئِمَّةُ عليهم السلام(2)، وَهُمُ الْمَنْصُوصُونَ عَلَى رَجْعَتِهِمْ فِي أحَادِيثِهِمُ الصَّحِيحَةِ الصَّريحَةِ ((وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))(3) وَهُمُ الْمُتَّقُونَ(4).
138 _ منتخب البصائر: وَمِنْ كِتَابِ تَأوِيل مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآن فِي النَّبِيَّ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ تَألِيفِ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن الْعَبَّاس بْن مَرْوَانَ، وَعَلَى هَذَا الْكِتَابِ خَطُّ السَّيَّدِ رَضِيَّ الدَّين عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن طَاوُسٍ مَا صُورَتُهُ:
قَالَ النَّجَاشيُّ فِي كِتَابِ الْفِهْرسْتِ، مَا هَذَا لَفْظُهُ:4.
ص: 607
مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس ثِقَةٌ ثِقَةٌ فِي أصْحَابِنَا عَيْنٌ سَدِيدٌ، لَهُ كِتَابُ الْمُقْنِع فِي الْفِقْهِ، كِتَابُ الدَّوَاجِن، (كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام)(1)، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِنَا إِنَّهُ لَمْ يُصَنَّفْ فِي مَعْنَاهُ مِثْلُهُ(2).
روَايَةُ عَلِيَّ بْن مُوسَى بْن طَاوُسٍ، عَنْ فَخَّار بْن مَعَدًّ الْعَلَويَّ وَغَيْرهِ، عَنْ شَاذَانَ بْن جَبْرَئِيلَ، عَنْ رجَالِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))(3).
(1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن أسَدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُعَمَّرٍ الأسَدِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن فَضْلٍ، عَن الْكَلْبِيَّ(4)، عَنْ أبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ))، قَالَ: هَذِهِ نَزَلَتْ فِينَا وَفِي بَنِي اُمَيَّةَ، يَكُونُ لَنَا عَلَيْهِمْ دَوْلَةٌ فَتَذِلُّ أعْنَاقُهُمْ لَنَا بَعْدَ صُعُوبَةٍ، وَهَوَانٍ بَعْدَ عِزّ(5).
(2) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ بَعْض أصْحَابِنَا، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: سَألْتُهُ عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: (( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)).
قَالَ: (تَخْضَعُ لَهَا رقَابُ بَنِي اُمَيَّةَ)، قَالَ: (ذَلِكَ بَارزٌ عِنْدَ زَوَال الشَّمْس)، قَالَ: (وَذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ صلوات الله عليه، يَبْرُزُ عِنْدَ زَوَال الشَّمْس عَلَى رُءُوس النَّاس سَاعَةً حَتَّى يَبْرُزَ وَجْهُهُ يَعْرفُ النَّاسُ حَسَبَهُ وَنَسَبَهُ).6.
ص: 608
ثُمَّ قَالَ: (أمَا إِنَّ بَنِي اُمَيَّةَ لَيَخْبِيَنَّ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِلَى جَنْبِ شَجَرَةٍ فَتَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي اُمَيَّةَ فَاقْتُلُوهُ)(1).
(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (الْعَبَّاس، عَنْ)(3) جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ مُحَمَّدٍ _ يَعْنِي ابْنَ الْجُنَيْدِ _، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيًّ عليه السلام يَوْماً فَقَالَ: (أنَا دَابَّةُ الأرْض)(3).
(4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ بْن حَاتِم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِسْحَاقَ الرَّاشدِيَّ، عَنْ خَالِدِ بْن مَخْلَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن يَعْقُوبَ الْجُعْفِيَّ، عَنْ جَابِر بْن يَزيدَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فَقَالَ: (ألاَ اُحَدَّثُكَ ثَلاَثاً قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ وَعَلَيْكَ دَاخِلٌ؟)، (قُلْتُ: بَلَى! فَقَالَ:)(4) (أنَا عَبْدُ اللهِ، أنَا دَابَّةُ الأرْض صِدْقُهَا وَعِدْلُهَا وَأخُو نَبِيَّهَا وَأنَا عَبْدُ اللهِ. ألاَ اُخْبِرُكَ بِأنْفِ الْمَهْدِيَّ وَعَيْنهِ؟)، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرهِ فَقَالَ: (أنَا)(5).
(5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن الصَّبَّاح، عَن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الْقَاشيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ، عَنْ أبِي دَاوُدَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيَّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيًّ ة.
ص: 609
عليه السلام فَقَالَ: (اُحَدَّثُكَ بِسَبْعَةِ أحَادِيثَ إِلاَّ أنْ يَدْخُلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ)، قَالَ: قُلْتُ: افْعَلْ جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَالَ: (أتَعْرفُ أنْفَ الْمَهْدِيَّ وَعَيْنَهُ؟)، قَالَ: قُلْتُ: أنْتَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، قَالَ: (وَحَاجِبَا الضَّلاَلَةِ(1) تَبْدُو مَخَازِيهِمَا فِي آخِر الزَّمَان)، قَالَ: قُلْتُ: أظُنُّ وَاللهِ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ أنَّهُمَا فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَقَالَ: (الدَّابَّةُ وَمَا الدَّابَّةُ عِدْلُهَا وَصِدْقُهَا وَمَوْقِعُ بَعْثِهَا، وَاللهُ مُهْلِكٌ مَنْ ظَلَمَهَا...) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ(2).
(6) حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَن الْحَسَن السُّلَمِيَّ، عَنْ أيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ، قَالَ: أتَى رَجُلٌ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام فَقَالَ: حَدَّثْنِي عَن الدَّابَّةِ، قَالَ: (وَمَا تُريدُ مِنْهَا؟)، قَالَ: أحْبَبْتُ أنْ أعْلَمَ عِلْمَهَا، قَالَ: (هِيَ دَابَّةٌ مُؤْمِنَةٌ تَقْرَاُ الْقُرْآنَ، وَتُؤْمِنُ بِالرَّحْمَن، وَتَأكُلُ الطَّعَامَ، وَتَمْشي فِي الأسْوَاقِ)(3).
(7) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ مِثْلَهُ، وَزَادَ فِي آخِرهِ: قَالَ: مَنْ هُوَ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ؟ قَالَ: (هُوَ عَلِيٌّ ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ)(4).
(8) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الزُّبَيْر الْقُرَشيَّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم أنَّ عَبَايَةَ حَدَّثَهُ أنَّهُ كَانَ عِنْدَ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام (وَهُوَ)(5) يَقُولُ: (حَدَّثَنِي أخِي أنَّهُ خَتَمَر.
ص: 610
ألْفَ نَبِيًّ وَإِنّي خَتَمْتُ ألْفَ وَصِيًّ وَإِنّي كُلّفْتُ مَا لَمْ يُكَلَّفُوا، وَإِنّي لأعْلَمُ ألْفَ كَلِمَةٍ مَا يَعْلَمُهَا غَيْري وَغَيْرُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم مَا مِنْهَا كَلِمَةٌ إِلاَّ مِفْتَاحُ ألْفِ بَابٍ بَعْدَ مَا تَعْلَمُونَ مِنْهَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، غَيْرَ أنَّكُمْ تَقْرَءُونَ مِنْهَا آيَةً وَاحِدَةً فِي الْقُرْآن: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))(1) وَمَا تَدْرُونَهَا مَنْ)(2).
(9) حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن ،مُسْتَنِيرٍ عَنْ جَعْفَر بْن عُثْمَانَ وَهُوَ عَمُّهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَبَّاحٌ الْمُزَنيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِير بْن بَشير بْن عَمِيرَةَ الأزْدِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيًّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام خَامِسَ خَمْسَةٍ... وَذَكَرَ نَحْوَهُ(3).
(10) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أيُّوبَ الْمَخْزُومِيَّ، عَنْ يَحْيَى بْن أبِي بُكَيْرٍ، عَنْ أبِي حَريزٍ، عَنْ عَلِيَّ بْن زَيْدِ بْن جُذْعَانَ، عَنْ خَالِدِ بْن أوْسٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (تَخْرُجُ دَابَّةُ الأرْض وَمَعَهَا عَصَا مُوسَى عليه السلام وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام تَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِن بِعَصَا مُوسَى عليه السلام وَتَسِمُ وَجْهَ الْكَافِر بِخَاتَم سُلَيْمَانَ عليه السلام)(4).
(11) حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْفَقِيهُ، عَنْ أحْمَدَ بْن عُبَيْدِ بْن نَاصِح، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ سَعْدِ بْن طَريفٍ، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام وَهُوَ يَأكُلُ خُبْزاً وَخَلّاً وَزَيْتاً، ق.
ص: 611
فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ قَالَ اللهُ عزّ وجل: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ))(1) فَمَا هَذِهِ الدَّابَّةُ؟ قَالَ: (هِيَ دَابَّةٌ تَأكُلُ خُبْزاً وَخَلّاً وَزَيْتاً)(2).
(12) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى(3)، عَنْ يُونُسَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ سَمَاعَةَ بْن مِهْرَانَ، عَن الْفَضْل بْن الزُّبَيْر، عَن الأصْبَغ بْن نُبَاتَةَ، قَالَ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: يَا مَعْشَرَ الشيعَةِ تَزْعُمُونَ أنَّ عَلِيّاً عليه السلام دَابَّةُ الأرْض؟ فَقُلْتُ: نَحْنُ نَقُولُ وَالْيَهُودُ تَقُولُ، فَأرْسَلَ إِلَى رَأس الْجَالُوتِ فَقَالَ: وَيْحَكَ تَجِدُونَ دَابَّةَ الأرْض عِنْدَكُمْ (مَكْتُوبَةً)(4)؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَا هِيَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ، فَقَالَ: أتَدْري مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، اسْمُهُ إِلْيَا، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا أصْبَغُ! مَا أقْرَبَ إِلْيَا مِنْ عَلِيّاَ(5).
(13) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ بَعْض أصْحَابِهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أيُّ شَيْءٍ يَقُولُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ))؟)، فَقَالَ: (هُوَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام)(6).
(14) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن الصَّبَّاح، عَن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن، عَنْ عَلِيَّ (بْن) الْحَكَم، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ وَيَعْقُوبَ بْن ق.
ص: 612
شُعَيْبٍ، عَنْ صَالِح بْن مِيثَم، قَالَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ عليه السلام: حَدَّثْنِي! قَالَ: فَقَالَ: (أمَا سَمِعْتَ الْحَدِيثَ مِنْ أبِيكَ؟)، قُلْتُ: لاَ كُنْتُ صَغِيراً، قَالَ: قُلْتُ: فَأقُولُ فَإنْ أصَبْتُ، قُلْتَ: نَعَمْ، وَإِنْ أخْطَأتُ رَدَدْتَنِي عَن الْخَطَاءِ، قَالَ: (مَا أشَدَّ شَرْطَكَ)، قَالَ: قُلْتُ: فَأقُولُ فَإنْ أصَبْتُ سَكَتَّ وَإِنْ أخْطَأتُ رَدَدْتَنِي، قَالَ: (هَذَا أهْوَنُ عَلَيَّ)، قُلْتُ: تَزْعُمُ أنَّ عَلِيّاً عليه السلام دَابَّةُ الأرْض(1).
(15) حَدَّثَنَا حَمِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن أحْمَدَ بْن نَهِيكٍ، عَنْ عِيسَى بْن هِشَام، عَنْ أبَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَيَابَةَ، عَنْ صَالِح بْن مِيثَم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: حَدَّثْنِي، قَالَ: (ألَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ (أبَاكَ)(2)؟)، قُلْتُ: هَلَكَ أبِي وَأنَا صَبِيٌّ، قَالَ: قُلْتُ: فَأقُولُ فَإنْ أصَبْتُ سَكَتَّ وَإِنْ أخْطَأتُ رَدَدْتَنِي عَن الْخَطَاءِ، قَالَ: (هَذَا أهْوَنُ)، قَالَ: قُلْتُ: فَإنّي أزْعُمُ أنَّ عَلِيّاً دَابَّةُ الأرْض، قَالَ: وَسَكَتَ.
قَالَ: فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (وَأرَاكَ وَاللهِ سَتَقُولُ إِنَّ عَلِيّاً رَاجِعٌ إِلَيْنَا) وَقَرَأ: (((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(3))، قَالَ: قُلْتُ: وَاللهِ قَدْ جَعَلْتَهَا فِيمَا اُريدُ أنْ أسْألَكَ عَنْهَا فَنَسِيتُهَا، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (أفَلاَ اُخْبِرُكَ بِمَا هُوَ أعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ ((وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً))(4) لاَ تَبْقَى أرْضٌ إِلاَّ نُودِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم _ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى آفَاقِ الأرْض _)(5).9.
ص: 613
(16) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أبَانٍ الأحْمَر رَفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (مَا أحْسَبُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلّم إِلاَّ سَيَطَّلِعُ عَلَيْكُمْ اطّلاَعَةً)(1).
(17) حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيَّ بْن مَرْوَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أبِي مَرْوَانَ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))، قَالَ: فَقَالَ لِي: (لاَ وَاللهِ لاَ تَنْقَضِي الدُّنْيَا وَلاَ تَذْهَبُ حَتَّى يَجْتَمِعُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَعَلِيٌّ بِالثُّوَيَّةِ فَيَلْتَقِيَان وَيَبْنيَان بِالثُّوَيَّةِ مَسْجِداً لَهُ اثْنَا عَشَرَ ألْفَ بَابٍ) يَعْنِي مَوْضِعاً بِالْكُوفَةِ.
حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ الأنْصَاريَّ، عَنْ أبِي مَرْيَمَ الأنْصَاريَّ، قَالَ: سَألْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام... وَذَكَرَ مِثْلَهُ، قَوْلُهُ: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ))(2).(3)
(18) حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (((الْعَذابِ الأَْدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَْكْبَرِ)) الرَّجْعَةُ)(5).ر.
ص: 614
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُفَضَّل بْن صَالِح، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّام، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (((الْعَذابِ الأَْدْنى)) دَابَّةُ الأرْض)(1).
(19) حَدَّثَنَا هَاشمُ بْنُ (أبِي)(2) خَلَفٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن يَحْيَى بْن سَلَمَةَ بْن كُهَيْلٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْن كُهَيْلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاع: (لأقْتُلَنَّ الْعَمَالِقَةَ فِي كَتِيبَةٍ)، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام: أوْ عَلِيٌّ، قَالَ: (أوْ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ عليه السلام)(3).
(20) مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَن الْحَسَن بْن مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ كَرَّام، قَالَ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: (لَوْ كَانَ النَّاسُ رَجُلَيْن لَكَانَ أحَدُهُمَا الإمَامَ عليه السلام)، وَقَالَ: (إِنَّ آخِرَ مَنْ يَمُوتُ الإمَامُ عليه السلام لِئَلاَ يَحْتَجَّ أحَدٌ عَلَى اللهِ أنَّهُ تَرَكَهُ بِغَيْر حُجَّةٍ (للهِ)(4) عَلَيْه(5).
الْمُرَادُ بِالإمَام هُنَا الَّذِي هُوَ آخِرُ مَنْ يَمُوتُ: الْحُسَيْنُ عليه السلام(6)، لأنَّ الْحُجَّةَ تَقُومُ عَلَى الْخَلْقِ بِمُنْذِرٍ أوْ هَادٍ فِي الْجُمْلَةِ دُونَ الْمُشَار إِلَيْهِ صلى الله عليه وآله وسلّم(7) عَلَى مَا وَرَدَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيًّ عليهما السلام هُوَ الَّذِي يُغَسَّلُ الْمَهْدِيَّ وَيَحْكُمُ بَعْدَهُ فِي الدُّنْيَا مَا شَاءَ اللهُ،م.
ص: 615
وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يُقِرُّ لآل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم بِالإمَامَةِ وَفَرْض الطَّاعَةِ، أنْ يُسَلّمَ إِلَيْهِمْ فِيمَا يَقُولُونَ، وَلاَ يَرُدَّ شَيْئاً مِنْ حَدِيثِهِمُ الْمَرْوِيَّ عَنْهُمْ إِذَا لَمْ يُخَالِفِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ(1).
(21) مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن بَابَوَيْهِ، عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ بْن مُوسَى الدَّقَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيَّ، عَنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ النَّخَعِيَّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْن بْن يَزيدَ النَّوْفَلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ سَمِعْتُ مِنْ أبِيكَ أنَّهُ قَالَ: (يَكُونُ بَعْدَ الْقَائِم عليه السلام اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً)، فَقَالَ: (قَدْ قَالَ: اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً، وَلَمْ يَقُلْ: اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ شيعَتِنَا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مُوَالاَتِنَا وَمَعْرفَةِ حَقّنَا).
اعلم هداك الله بهداه أنَّ علم آل محمّد ليس فيه اختلاف، بل بعضه يصدَّق بعضاً وقد روينا أحاديث عنهم صلوات الله عليهم جمَّة في رجعة الأئمّة الاثني عشر فكأنَّه عليه السلام عرف من السائل الضعف عن احتمال هذا العلم الخاص الذي خصَّ الله سبحانه من شاء من خاصّته، وتكرَّم به على من أراد من بريّته، كما قال سبحانه وتعالى: ((ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))(2)، فأوَّله بتأويل حسن بحيث لا يصعب عليه فينكر قلبه فيكفر.
فَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ عليهم السلام: (مَا كُلُّ مَا يُعْلَمُ يُقَالُ، وَلاَ كُلُّ مَا يُقَالُ حَانَ وَقْتُهُ، وَلاَ كُلُّ مَا حَانَ وَقْتُهُ حَضَرَ أهْلُهُ).4.
ص: 616
وَرُوِيَ أيْضاً: (لاَ تَقُولُوا: الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ، وَتَقُولُوا: الرَّجْعَةَ، فَإنْ قَالُوا: قَدْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ، قُولُوا: الآنَ لاَ نَقُولُ)، وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّقِيَّةِ الَّتِي تَعَبَّدَ اللهُ بِهَا عِبَادَهُ فِي زَمَن الأوْصِيَاءِ(1).
(22) وَمِنْ كِتَابِ الْبِشَارَةِ لِلسَّيَّدِ رَضِيَّ الدَّين عَلِيَّ بْن طَاوُسٍ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ تَألِيفِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ الْكُوفِيَّ بِإسْنَادِهِ إِلَى حُمْرَانَ قَالَ: عُمُرُ الدُّنْيَا مِائَةُ ألْفِ سَنَةٍ لِسَائِر النَّاس عِشْرُونَ ألْفَ سَنَةٍ، وَثَمَانُونَ ألْفَ سَنَةٍ لآل مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلاَمُ.
قَالَ السَّيَّدُ رَضِيُّ الدَّين رحمه الله: وَأعْتَقِدُ أنَّنِي وَجَدْتُ فِي كِتَابِ طُهْر(2) بْن عَبْدِ اللهِ أبْسَطَ مِنْ هَذِهِ الروَايَةِ(3).
أقول: إلى هنا كان مأخوذاً من كتاب الحسن بن سليمان وقد روى في كتاب كنز الفوائد الأخبار التي رواها عن محمّد بن العبّاس بإسناده عنه(4).
139 _ منتخب البصائر: مِنْ كِتَابِ الْمَشيخَةِ لِلْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ بِإسْنَادِي الْمُتَّصِل إِلَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَالِم، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(5)، قَالَ عليه السلام: (هُوَ خَاصٌّ لأقْوَام فِي الرَّجْعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَجْري فِي الْقِيَامَةِ فَبُعْداً لِلْقَوْم الظَّالِمِينَ)(6).4.
ص: 617
140 _ كامل الزيارات: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَن الْمُعَلَّى، عَنْ أبِي الْمُفَضَّل(1)، عَن ابْن صَدَقَةَ، عَن الْمُفَضَّل بْن عُمَرَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (كَأنّي بِسَريرٍ مِنْ نُورٍ قَدْ وُضِعَ وَقَدْ ضُربَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، مُكَلَّلَةٍ بِالْجَوْهَر، وَكَأنّي بِالْحُسَيْن عليه السلام جَالِساً عَلَى ذَلِكَ السَّرير، وَحَوْلَهُ تِسْعُونَ ألْفَ قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، وَكَأنّي بِالْمُؤْمِنينَ يَزُورُونَهُ وَيُسَلّمُونَ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ اللهُ عزّ وجل لَهُمْ: أوْلِيَائِي سَلُوني! فَطَالَمَا اُوذِيتُمْ وَذُلّلْتُمْ وَاضْطُهِدْتُمْ فَهَذَا يَوْمٌ لاَ تَسْألُونّي حَاجَةً مِنْ حَوَائِج الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلاَّ قَضَيْتُهَا لَكُمْ، فَيَكُونُ أكْلُهُمْ وَشُرْبُهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَهَذِهِ وَاللهِ الْكَرَامَةُ)(2).
بيان: سؤال حوائج الدنيا يدلُّ على أنَّ هذا في الرجعة إذ هي لا تسأل في الآخرة.
141 _ الغيبة للطوسي، والاحتجاج: فِيمَا كَتَبَ الْحِمْيَريُّ إِلَى الْقَائِم عليه السلام عَن الرَّجُل يَقُولُ بِالْحَقَّ وَيَرَى الْمُتْعَةَ، وَيَقُولُ بِالرَّجْعَةِ... إِلَى آخِر مَا سَيَأتِي فِي تَوْقِيعَاتِهِ عليه السلام(3).
142 _ الاحتجاج: فِيمَا خَرَجَ مِنَ النَّاحِيَةِ إِلَى مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريَّ عَلَى مَا سَيَأتِي: (أشْهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللهِ أنْتُمُ الأوَّلُ وَالآخِرُ، وَأنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لاَ رَيْبَ فِيهَا، يَوْمَ ((لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً))(4))(5).8.
ص: 618
143 _ مِنْ كِتَابِ عِلَل الشَّرَائِع، لِمُحَمَّدِ بْن عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشم وَكَانَتْ عِنْدَنَا مِنْهُ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ: قَالَ: أخْبَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي كِتَابِهِ مَا يُصِيبُ أهْلَ بَيْتِهِ بَعْدَهُ مِنَ الْقَتْل وَالْغَصْبِ وَالْبَلاَءِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إِلَى الدُّنْيَا وَيَقْتُلُونَ أعْدَاءَهُمْ وَيُمَلّكُهُمُ الأرْضَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ((وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ))(1)، وَقَوْلُهُ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...))(2) الآيَةَ(3).
144 _ وَفِي رسَالَةِ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ فِي أنْوَاع آيَاتِ الْقُرْآن بِروَايَةِ ابْن قُولَوَيْهِ وَكَانَتْ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ مِنْهَا عِنْدَنَا: قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (نَزَلَ جَبْرَئِيلُ بِهَذِهِ الآيَةِ هَكَذَا: (فَإنَّ لِلظَّالِمِينَ) آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ (عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أكْثَرَ النَّاس لاَ يَعْلَمُونَ)(4) يَعْنِي عَذَاباً فِي الرَّجْعَةِ)(5).
145 _ المناقب لابن شهرآشوب: قَالَ الرضَا عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ))(6)، قَالَ: (عَلِيٌّ عليه السلام)(7).
146 _ المناقب لابن شهرآشوب: أبُو عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيُّ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (أنَا دَابَّةُ الأرْض)(8).ق.
ص: 619
147 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ)) (يَعْنِي كُفَّاراً غَيْرَ مُؤْمِنينَ، وَأمَّا قَوْلُهُ: ((وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)) فَإنَّهُ يَعْنِي أنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَأنَّهُمْ يُشْركُونَ ((إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)) فَإنَّهُ كَمَا قَالَ اللهُ، وَأمَّا قَوْلُهُ: ((فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ))(1) فَإنَّهُ يَعْنِي لاَ يُؤْمِنُونَ بِالرَّجْعَةِ أنَّهَا حَقٌّ)(2).
تفسير العياشي: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، مثله(3).
148 _ تفسير فرات: عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَويُّ مُعَنْعَناً، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها))(4)، قَالَ: يَعْنِي الأئِمَّةَ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ يَمْلِكُونَ الأرْضَ فِي آخِر الزَّمَان فَيَمْلَئُونَهَا عَدْلاً وَقِسْطا(5).
149 _ تَفْسِيرُ النُّعْمَانِيَّ: فِيمَا رَوَاهُ عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (وَأمَّا الرَّدُّ عَلَى مَنْ أنْكَرَ الرَّجْعَةَ فَقَوْلُ اللهِ عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(6) أيْ إِلَى الدُّنْيَا، فَأمَّا مَعْنَى حَشْر الآخِرَةِ فَقَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(7)، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ((وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ))(8) فِي الرَّجْعَةِ فَأمَّا فِي الْقِيَامَةِ فَهُمْ يَرْجِعُونَ، وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ 5.
ص: 620
وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ))(1) وَهَذَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي الرَّجْعَةِ.
وَمِثْلُهُ مَا خَاطَبَ اللهُ بِهِ الأئِمَّةَ وَوَعَدَهُمْ مِنَ النَّصْر وَالانْتِقَام مِنْ أعْدَائِهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ((وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...)) إِلَى قَوْلِهِ: ((لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً))(2) وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا رَجَعُوا إِلَى الدُّنْيَا.
وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ))(3)، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(4) أيْ رَجْعَةِ الدُّنْيَا.
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(5)، وَقَوْلُهُ عزّ وجل: ((وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا))(6) فَرَدَّهُمُ اللهُ تَعَالَى بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى الدُّنْيَا وَشَربُوا وَنَكَحُوا، وَمِثْلُهُ خَبَرُ الْعُزَيْر(7).ة.
ص: 621
150 _ بصائر الدرجات: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيَّ، عَنْ بَعْض مَنْ رَفَعَهُ إِلَى أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (إِنّي لَصَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم...) الْخَبَرَ(1).
151 _ بصائر الدرجات: أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرٍ، عَن ابْن سِنَانٍ، عَن الْمُفَضَّل، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ: (أنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَم)(2).
152 _ بصائر الدرجات: أبُو الْفَضْل الْعَلَويُّ، عَنْ سَعْدِ بْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْحَكَم بْن ظُهَيْرٍ(3)، عَنْ أبِيهِ، عَنْ شَريكِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الأعْلَى، عَنْ أبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام قَالَ: (أنَا صَاحِبُ الْمِيسَم، وَأنَا الْفَارُوقُ الأكْبَرُ، وَأنَا صَاحِبُ الْكَرَّاتِ، وَدَوْلَةِ الدُّوَل...) الْخَبَرَ(4).
153 _ المناقب لابن شهرآشوب: عَن الْبَاقِر عليه السلام فِي شَرْح قَوْل أمِير الْمُؤْمِنينَ عليه السلام: (عَلَى يَدَيَّ تَقُومُ السَّاعَةُ)، قَالَ: (يَعْنِي الرَّجْعَةَ قَبْلَ الْقِيَامَةِ)، (يَنْصُرُ اللهُ بِي وَبذُريَّتِي الْمُؤْمِنينَ)(5).ف.
ص: 622
154 _ تفسير القمي: جَعْفَرُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ(1) اللهِ بْن مُوسَى، عَن ابْن الْبَطَائِنيَّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً))، قَالَ: (كَادُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، وَكَادُوا عَلِيّاً عليه السلام، وَكَادُوا فَاطِمَةَ عليها السلام، فَقَالَ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ ((إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ)) يَا مُحَمَّدُ ((أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً))(2) لَوْ قَدْ(3) بُعِثَ الْقَائِمُ عليه السلام فَيَنْتَقِمُ لِي مِنَ الْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي اُمَيَّةَ وَسَائِر النَّاس)(4).
155 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس(5)، عَنْ عَلِيَّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِي جَمِيلَةَ، عَن الْحَلَبِيَّ.
وَرَوَاهُ أيْضاً عَنْ عَلِيَّ بْن الْحَكَم، عَنْ أبَان بْن عُثْمَانَ، عَن الْفَضْل بْن(6) الْعَبَّاس، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: ((فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها))، قَالَ: (فِي الرَّجْعَةِ)، ((وَلا يَخافُ عُقْباها))(7)، قَالَ: (لاَ يَخَافُ مِنْ مِثْلِهَا إِذَا رَجَعَ)(8).
أقول: قد مضى تمامه وشرحه في باب غرائب التأويل فيهم عليهم السلام.
156 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: فِي تَفْسِير أهْل الْبَيْتِ عليهم السلام قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ، عَنْ عُمَرَ بْن 7.
ص: 623
عَبْدِ الْعَزيز(1)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن نَجِيح، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: قَوْلُهُ عزّ وجل: ((كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ))(2)، قَالَ: (يَعْنِي مَرَّةً فِي الْكَرَّةِ وَمَرَّةً اُخْرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(3).
157 _ كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: رُوِيَ مَرْفُوعاً بِالإسْنَادِ إِلَى مُحَمَّدِ(4) بْن خَالِدٍ، عَن ابْن سَمَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُيَسَّرٍ(5)، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي قَوْلِهِ عزّ وجل: ((خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ))(6)، قَالَ: (يَعْنِي يَوْمَ خُرُوج الْقَائِم عليه السلام)(7).
158 _ رجال الكشي: قَالَ أحْمَدُ بْنُ عَلِيَّ بْن كُلْثُوم: كَانَ أحْكَمُ بْنُ بَشَّارٍ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ الرَّجْعَةُ فَأنْكَرَهَا فَنَقُولُ: أحَدُ الْمُكَذّبِينَ(8).
159 _ رجال الكشي: أحْمَدُ بْنُ عَلِيًّ الْقُمِّيُّ، عَنْ إِدْريسَ بْن أيُّوبَ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزيز الْعَبْدِيَّ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: (جَابِرٌ يَعْلَمُ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ))(9))(10).ة.
ص: 624
160 _ رجال الكشي: بِهَذَا الإسْنَادِ، عَن الْحُسَيْن، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم وَزُرَارَةَ، قَالاَ: سَألْنَا أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ أحَادِيثَ نُرَوَّاهَا عَنْ جَابِرٍ، فَقُلْنَا: مَا لَنَا وَلِجَابِرٍ؟ فَقَالَ: (بَلَغَ مِنْ إِيمَان جَابِرٍ أنَّهُ كَانَ يَقْرَاُ هَذِهِ الآيَةَ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)))(1).
رجال الكشي: بهذا الإسناد، عن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن ابن أذينة، عن زرارة مثله(2).
161 _ كِتَابُ صِفَاتِ الشيعَةِ لِلصَّدُوقِ: عَنْ عَلِيَّ بْن أحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن أحْمَدَ بْن أبِي عَبْدِ اللهِ الْبَرْقِيَّ بِإسْنَادِهِ عَن الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِسَبْعَةِ أشْيَاءَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ)، وَذَكَرَ مِنْهَا الإيمَانَ بِالرَّجْعَةِ(3).
وَرَوَى أيْضاً فِيهِ: عَن ابْن عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل بْن شَاذَانَ، عَن الرضَا عليه السلام قَالَ: (مَنْ أقَرَّ بِتَوْحِيدِ اللهِ...) وَسَاقَ الْكَلاَمَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَأقَرَّ بِالرَّجْعَةِ وَالْمُتْعَتَيْن، وَآمَنَ بِالْمِعْرَاج، وَالْمُسَاءَلَةِ فِي الْقَبْر، وَالْحَوْض وَالشَّفَاعَةِ، وَخَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّار، وَالصّرَاطِ وَالْمِيزَان، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُور، وَالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقّاً وَهُوَ مِنْ شيعَتِنَا أهْلَ الْبَيْتِ)(4).
تذييل
اعلم يا أخي! أنّي لا أظنّك ترتاب بعد ما مهَّدت وأوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار، 0.
ص: 625
واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار، حتَّى نظموها في أشعارهم، واحتجّوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم وشنع المخالفون عليهم في ذلك، وأثبتوه في كتبهم وأسفارهم.
منهم الرازي والنيسابوري وغيرهما وقد مرَّ كلام ابن أبي الحديد حيث أوضح مذهب الإماميّة في ذلك(1) ولولا مخافة التطويل من غير طائل لأوردت كثيراً من كلماتهم في ذلك.
وكيف يشكُّ مؤمن بحقية الأئمّة الأطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام، والعلماء الأعلام، في أزيد من خمسين من مؤلّفاتهم كثقة الإسلام الكليني، والصدوق محمّد ابن بابويه، والشيخ أبي جعفر الطوسي، والسيَّد المرتضى، والنجاشي، والكشي، والعياشي، وعليّ بن إبراهيم، وسليم الهلالي، والشيخ المفيد، والكراجكي، والنعماني، والصفّار، وسعد بن عبد الله، وابن قولويه، وعليّ بن محمّد الحميد، والسيَّد عليّ بن طاووس، وولده صاحب كتاب زوائد الفوائد، ومحمّد بن عليّ بن إبراهيم، وفرات بن إبراهيم، ومؤلّف كتاب التنزيلة.
ص: 626
والتحريف، وأبي الفضل الطبرسي، وإبراهيم بن محمّد الثقفي، ومحمّد بن العبّاس بن مروان، والبرقي، وابن شهر آشوب، والحسن بن سليمان، والقطب الراوندي، والعلاّمة الحلّي، والسيَّد بهاء الدين عليّ بن عبد الكريم، وأحمد بن داود بن سعيد، والحسن بن عليّ بن أبي حمزة، والفضل بن شاذان، والشيخ الشهيد محمّد بن مكّي، والحسين بن حمدان، والحسن بن محمّد بن جمهور العمي مؤلّف كتاب الواحدة، والحسن ابن محبوب، وجعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، وطهر بن عبد الله، وشاذان بن جبرئيل، وصاحب كتاب الفضائل، ومؤلّف كتاب العتيق، ومؤلّف كتاب الخطب وغيرهم من مؤلّفي الكتب التي عندنا، ولم نعرف مؤلّفه على التعيين، ولذا لم ننسب الأخبار إليهم، وإن كان بعضها موجوداً فيها.
وإذا لم يكن مثل هذا متواتراً ففي أيُّ شيء يمكن دعوى التواتر، مع ما روته كافة الشيعة خلفاً عن سلف.
وظنّي أنَّ من يشكُّ في أمثالها فهو شاكٌّ في أئمّة الدَّين، ولا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين، فيحتال في تخريب الملّة القويمة، بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين، وتشكيكات الملحدين ((يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ))(1).
ولنذكر لمزيد التشييد والتأكيد أسماء بعض من تعرَّض لتأسيس هذا المدّعى وصنَّف فيه أو احتجَّ على المنكرين، أو خاصم المخالفين. سوى ما ظهر ممّا قدَّمنا في ضمن الأخبار، والله الموفق. .
ص: 627
فمنهم: أحمد بن داود بن سعيد الجرجاني، قال الشيخ في الفهرست: له كتاب المتعة والرجعة(1).
ومنهم: الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني، وعدَّ النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة(2).
ومنهم: الفضل بن شاذان النيسابوري، ذكر الشيخ في الفهرست والنجاشي أنَّ له كتاباً في إثبات الرجعة(3).
ومنهم: الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه، فإنَّه عدَّ النجاشي من كتبه كتاب الرجعة(4).
ومنهم: محمّد بن مسود العياشي، ذكر الشيخ والنجاشي في الفهرست كتابه في الرجعة(5).
ومنهم: الحسن بن سليمان على ما روينا عنه الأخبار(6).
وأمَّا سائر الأصحاب فإنَّهم ذكروها فيما صنَّفوا في الغيبة، ولم يفردوا لها رسالة وأكثر أصحاب الكتب من أصحابنا أفردوا كتاباً في الغيبة، وقد عرفت سابقاً من روى ذلك من عظماء الأصحاب وأكابر المحدَّثين الذين ليس في جلالتهم شكٌّ ولا ارتياب.ه.
ص: 628
وقال العلاّمة رحمه الله في خلاصة الرجال، في ترجمة ميسر بن عبد العزيز: وقال العقيقي: أثنى عليه آل محمّد، وهو ممن يجاهد(1) في الرجعة(2)، انتهى.
أقول: قيل: المعنى أنَّه يرجع بعد موته مع القائم عليه السلام، ويجاهد معه والأظهر عندي أنَّ المعنى أنَّه كان يجادل مع المخالفين ويحتجُّ عليهم في حقّية الرجعة.
وقال الشيخ أمين الدَّين الطبرسي في قوله تعالى: ((وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ))(3): أي وجب العذاب والوعيد عليهم، وقيل: معناه: إذا صاروا بحيث لا يفلح أحد منهم ولا أحد بسببهم، وقيل: إذا غضب الله عليهم، وقيل: إذا نزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة، ((أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَْرْضِ)) تخرج بين الصفا والمروة، فتخبر المؤمن بأنَّه مؤمن، والكافر بأنَّه كافر، وعند ذلك يرتفع التكليف، ولا تقبل التوبة وهو علم من أعلام الساعة، وقيل: لا يبقى مؤمن إلاَّ مسحته، ولا يبقى منافق إلاَّ خطمته تخرج ليلة جمع، والناس يسيرون إلى منى عن ابن عمر.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ الرَّحْمَن عَلَيْهِ عَن الدَّابَّةِ، فَقَالَ: (أمَا وَاللهِ مَا لَهَا ذَنَبٌ وَإِنَّ لَهَا لَلِحْيَةً) وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أنَّهَا مِنَ الإنْس.
وروي عن ابن عبّاس أنَّها دابة من دواب الأرض لها زغب وريش، ولها أربع قوائم. .
ص: 629
وَعَنْ حُذَيْفَةَ، عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: (دَابَّةُ الأرْض طُولُهَا سِتُّونَ ذِرَاعاً لاَ يُدْركُهَا طَالِبٌ، وَلاَ يَفُوتُهَا هَاربٌ، فَتَسِمُ الْمُؤْمِنَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَتَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: مُؤْمِنٌ، وَتَسِمُ الْكَافِرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَتَكْتُبُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، وَمَعَهَا عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام، فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِن بِالْعَصَا، وَتَحْطِمُ أنْفَ الْكَافِر بِالْخَاتَم، حَتَّى يُقَالَ: يَا مُؤْمِنُ وَيَا كَافِرُ).
وَرُوِيَ(1) عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنَّهُ يَكُونُ لِلدَّابَّةِ ثَلاَثُ خَرْجَاتٍ مِنَ الدَّهْر: فَتَخْرُجُ خُرُوجاً بِأقْصَى الْمَدِينَةِ، فَيَفْشُو ذِكْرُهَا فِي الْبَادِيَةِ، وَلاَ يَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ يَعْنِي مَكَّةَ، ثُمَّ تَمْكُثُ زَمَاناً طَويلاً، ثُمَّ تَخْرُجُ خَرْجَةً اُخْرَى قَريباً مِنْ مَكَّةَ، فَيَفْشُو ذِكْرُهَا فِي الْبَادِيَةِ، وَيَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ يَعْنِي مَكَّةَ.
ثُمَّ صَارَ النَّاسُ يَوْماً فِي أعْظَم الْمَسَاجِدِ عَلَى اللهِ حُرْمَةً وَأكْرَمِهَا عَلَى اللهِ، يَعْنِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، لَمْ تَرُعْهُمْ(2) إِلاَّ وَهِيَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، تَدْنُو (وَتَرْغُو)(3) مَا بَيْنَ الرُّكْن الأسْوَدِ إِلَى بَابِ بَنِي مَخْزُوم، عَنْ يَمِين الْخَارج، فِي وَسَطٍ مِنْ ذَلِكَ فَيُرْفَضُ النَّاسُ عَنْهَا، وَتَثْبُتُ لَهَا عِصَابَةٌ عَرَفُوا أنَّهُمْ لَنْ يُعْجِزُوا اللهَ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ تَنْفُضُ رَأسَهَا مِنَ التُّرَابِ فَمَرَّتْ بِهِمْ، فَجَلَّتْ عَنْ وُجُوهِهِمْ، حَتَّى تَرَكَتْهَا كَأنَّهَا الْكَوْكَبُ الدُّريُّ(4)، ثُمَّ وَلَّتْ فِي الأرْض لاَ يُدْركُهَا طَالِبٌ، وَلاَ يُعْجِزُهَا هَاربٌ.).
ص: 630
حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَقُومُ فَيَتَعَوَّذُ مِنْهَا بِالصَّلاَةِ، فَتَأتِيهِ مِنْ خَلْفِهِ فَتَقُولُ: يَا فُلاَنُ الآنَ تُصَلّي؟ فَيُقْبِلُ عَلَيْهَا بِوَجْهِهِ فَتَسِمُهُ فِي وَجْهِهِ، فَيَتَجَاوَرُ النَّاسُ فِي دِيَارهِمْ وَيَصْطَحِبُونَ فِي أسْفَارهِمْ، وَيَشْتَركُونَ فِي الأمْوَال يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِر، فَيُقَالُ لِلْمُؤْمِن: يَا مُؤْمِنُ، وَلِلْكَافِر: يَا كَافِرُ(1).
وروي عن وهب أنَّه قال: وجهها وجه رجل، وسائر خلقها خلق الطير، ومثل ذلك لا يعرف إلاَّ من النبوّات الإلهية.
وقوله: ((تُكَلِّمُهُمْ))(2) أي تكلمهم بما يسوءهم وهو أنَّهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه. وقيل: تحدَّثهم بأنَّ هذا مؤمن وهذا كافر، وقيل: بأن تقول لهم: ((أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))، وهو الظاهر.
((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(3) أي يدفعون، وقيل: يحبس أوَّلهم على آخرهم.
واستدلّ بهذه الآية على صحّة الرجعة، من ذهب إلى ذلك من الإماميّة بأن قال: دخول (من) في الكلام يوجب التبعيض، فدلَّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(4).
وقد تظاهرت الأخبار عن الأئمّة الهدى من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بأنَّ الله سيعيد عند قيام القائم قوماً ممَّن تقدَّم موتهم من أوليائه وشيعته، 7.
ص: 631
ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقّونه من العذاب في القتل، على أيدي شيعته، وليبتلوا بالذلّ والخزي، بما يشاهدون من علو كلمته.
ولا يمتري عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدّة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسّرناه في موضعه.
وَصَحَّ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَوْلُهُ: (سَيَكُونُ فِي اُمَّتِي كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، حَتَّى لَوْ أنَّ أحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبًّ لَدَخَلْتُمُوهُ).
عَلَى أنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ تَأوَّلُوا مَا وَرَدَ مِنَ الأخْبَار فِي الرَّجْعَةِ عَلَى رُجُوع الدَّوْلَةِ وَالأمْر وَالنَّهْي، دُونَ رُجُوع الأشْخَاص(1) لِمَا ظَنُّوا أنَّ الرَّجْعَةَ تُنَافِي التَّكْلِيفَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لأنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يُلْجِئُ إِلَى فِعْل الْوَاجِبِ وَالامْتِنَاع مِنَ الْقَبِيح، وَالتَّكْلِيفُ يَصِحُّ مَعَهَا كَمَا يَصِحُّ مَعَ ظُهُور الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ وَالآيَاتِ الْقَاهِرَةِ كَفَلْقِ الْبَحْر، وَقَلْبِ الْعَصَا ثُعْبَاناً، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
وَلأنَّ الرَّجْعَةَ لَمْ يَثْبُتْ بِظَوَاهِر الأخْبَار الْمَنْقُولَةِ فَيَتَطَرَّقَ التَّأوِيلُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا الْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ عَلَى إِجْمَاع الشيعَةِ الإمَامِيَّةِ وَإِنْ كَانَتِ الأخْبَارُ تَعْضُدُهُ وَتُؤَيَّدُهُ(2)، انْتَهَى.
أقول: استدلَّ الشيخ في تفسيره التبيان أيضاً على مذهب القائلين بالرجعة وإنَّما ذكرنا هذا الكلام بطوله لكثرة فوائده، وليعلم أقوال ر.
ص: 632
المخالفين في الدابّة وأنَّه يظهر من أخبارهم أيضاً أنَّ الدابة تكون صاحب العصا والميسم، وقد رووا ذلك في جميع كتبهم، وليعلم المراد ممَّا استفيض عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه ذكر في المواطن الكثيرة: (أنا صاحب العصا والميسم).
وروى الزمخشري في الكشّاف أنَّها تخرج من الصفا، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، فتضرب المؤمن في مسجده، أو فيما بين عينيه بعصا موسى، فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتَّى يضئ لها وجهه كأنَّه كوكب درّي وتكتب بين عينيه: مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه فتفشو النكتة حتَّى يسوَّد لها وجهه وتكب بين عينيه: كافر.
ثُمَّ قال: وقرئ: ((تُكَلِّمُهُمْ)) من الكلم وهو الجرح. والمراد به الوسم بالعصا والخاتم، ويجوز أن يستدلَّ بالتخفيف على أنَّ المراد بالتكليم التجريح(1)، انتهى.
وقال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد: اعتقادنا في الرجعة أنَّها حقّ وقد قال الله عزّ وجل: (( أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(2)، كان هؤلاء سبعين ألف بيت، وكان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة، فيخرج الأغنياء لقوّتهم، ويبقى الفقراء لضعفهم فيقل الطاعون في الذين يخرجون، ويكثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون. ويقول الذين خرجوا: لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.
فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم، إذا كان وقت 3.
ص: 633
الطاعون فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر، فلمَّا وضعوا رحالهم ناداهم الله: موتوا! فماتوا جميعاً فكنستهم المارة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله تعالى.
ثُمَّ مرَّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: أرميا، فقال: لو شئت يا ربّ لأحييتهم فيعمّروا بلادك، ويلدوا عبادك، وعبدوك مع من يعبدك، فأوحى الله تعالى إليه: أفتحبّ أن أحييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم الله له(1)، وبعثهم معه، فهؤلاء ماتوا ورجعوا إلى الدنيا ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزّ وجل: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ))(2)، فهذا مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها، ثُمَّ مات بأجله وهو عزير.
وقال الله تعالى في قصة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه: ((ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(3) ذلك لمَّا سمعوا كلام الله قالوا لا نصدق ((حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً))(4)، ((فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ))(5) بظلمهم فماتوا، فقال موسى عليه السلام: يا ربّ ما أقول ببني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟3.
ص: 634
فأحياهم الله له، فرجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء، وولد لهم الأولاد ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وقال الله عزّ وجل لعيسى عليه السلام: ((وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي))(1) وجميع الموتى الذين أحياهم عيسى عليه السلام بإذن الله، رجعوا إلى الدنيا وبقوا فيها ثُمَّ ماتوا بآجالهم.
وأصحاب الكهف ((لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً))(2) ثُمَّ بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليسألوا بينهم وقصتهم معروفة.
فإن قال قائل: إنَّ الله عزّ وجل قال: ((وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ))(3)، قيل له: فإنَّهم كانوا موتى وقد قال الله عزّ وجل: ((قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ))(4)، وإن قالوا كذلك فإنَّهم كانوا موتى ومثل هذا كثير.
إنَّ(5) الرجعة كانت في الأمم السالفة، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يَكُونُ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي الاُمَم السَّالِفَةِ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)، فَيَجِبُ عَلَى هَذَا الأصْل أنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الاُمَّةِ رَجْعَةٌ.
وقد نقل مخالفونا أنَّه إذا خرج المهدي نزل عيسى بن مريم فصلّى ).
ص: 635
خلفه ونزوله إلى الأرض رجوعه إلى الدنيا بعد موته لأنَّ الله تعالى قال: ((إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ))(1).
وقال عزّ وجل: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(2)، وقال عزّ وجل: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا))(3) فاليوم الذي يحشر فيه الجميع غير اليوم الذي يحشر فيه فوج.
وقال الله عزّ وجل: ((وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ))(4) يعني في الرجعة وذلك أنَّه يقول: ((لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ)) والتبيين يكون في الدنيا لا في الآخرة وسأجرّد في الرجعة كتاباً أبيّن فيها كيفيتها، والدلالة على صحّة كونها إن شاء الله.
والقول بالتناسخ باطل، ومن دان بالتناسخ فهو كافر، لأنَّ في التناسخ إبطال الجنّة والنار(5).
وقال الشيخ المفيد في أجوبة المسائل العكبرية حين سئل عن قوله تعالى: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا))(6) وأجاب بوجوه فقال: وقد قالت الإماميّة: إنَّ الله تعالى ينجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم والكرَّة التي وعد بها المؤمنين في العاقبة(7).
وروى قدس الله روحه في كتاب الفصول عن الحارث بن عبد الله 4.
ص: 636
الربعي أنَّه قال: كنت جالساً في مجلس المنصور، وهو بالجسر الأكبر، وسوار القاضي عنده والسيَّد الحميري ينشده:
إنَّ الإله الذي لا شيء يشبهه
آتاكم الملك للدنيا وللدّين
آتاكم الله ملكاً لا زوال له
حتَّى يقاد إليكم صاحب الصين
وصاحب الهند مأخوذ برمته
وصاحب الترك محبوس على هون
حتَّى أتى على القصيدة والمنصور مسرور، فقال سوار: إنَّ هذا والله يا أمير المؤمنين يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه، والله إنَّ القوم الذين يدين بحبّهم لغيركم، وإنَّه لينطوي على عداوتكم، فقال السيَّد: والله إنَّه لكاذب، وإنَّني في مدحتك(1) لصادق، وإنَّه حمله الحسد إذ رآك على هذه الحال، وإنَّ انقطاعي إليكم ومودَّتي لكم أهل البيت لمعرق فينا من أبوي، وإنَّ هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والإسلام، وقد أنزل الله عزّ وجل على نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم في أهل بيت هذا: ((إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ))(2).
فقال المنصور: صدقت، فقال سوار: يا أمير المؤمنين إنَّه يقول بالرجعة، ويتناول الشيخين بالسبّ والوقيعة فيهما، فقال السيَّد: أمَّا قوله إنّي أقول بالرجعة، فإنّي أقول بذلك على ما قال الله تعالى: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(3)، وقد قال في موضع آخر: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(4)، فعلمنا أنَّ ههنا حشرين أحدهما عام والآخر خاص، وقال سبحانه: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا7.
ص: 637
بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(1)، وقال تعالى: ((فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ))(2)، وقال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(3)، فهذا كتاب الله.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: (يُحْشَرُ الْمُتَكَبَّرُونَ فِي صُورَةِ الذَّر يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: (لَمْ يَجْر فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ إِلاَّ وَيَكُونُ فِي اُمَّتِي مِثْلُهُ حَتَّى الْخَسْفُ وَالْمَسْخُ وَالْقَذْفُ).
وقال حذيفة: والله ما أبعد أن يمسخ الله عزّ وجل كثيراً من هذه الأمّة قردة وخنازير.
فالرجعة التي أذهب(4) إليها ما نطق به القرآن، وجاءت به السُنّة، وإنّي لأعتقد أنَّ الله عزّ وجل يرد هذا يعني سواراً إلى الدنيا كلباً أو قرداً أو خنزيراً أو ذرة فإنَّه والله متجبَّر متكبَّر كافر.
قال: فضحك المنصور وأنشأ السيَّد يقول:
جاثيت سواراً أبا شملة
عند الإمام الحاكم العادل
إلى آخر الأبيات(5).
وقال رحمه الله في الكتاب المذكور: سأل بعض المعتزلة شيخاً من أصحابنا الإماميّة، وأنا حاضر في مجلس فيهم جماعة كثيرة من أهل النظر والمتفقّهة، فقال له: إذا كان من قولك أنَّ الله عزّ وجل يرد الأموات إلى 5.
ص: 638
دار الدنيا قبل الآخرة عند القائم، ليشفي المؤمنين كما زعمتم من الكافرين، وينتقم لهم منهم كما فعل ببني إسرائيل فيما ذكرتموه، حيث تتعلَّقون بقوله تعالى: ((ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1) فخبَّرني ما الذي يؤمنك أن يتوب يزيد وشمر وعبد الرحمن بن ملجم، ويرجعوا عن كفرهم وضلالهم ويصيروا في تلك الحال إلى طاعة الإمام، فيجب عليك ولاتهم، والقطع بالثواب لهم، وهذا نقض مذاهب الشيعة.
فقال الشيخ المسؤل: القول بالرجعة إنَّما قلته من طريق التوقيف، وليس للنظر فيه مجال، وأنا لا أجيب عن هذا السؤال لأنَّه لا نصَّ عندي فيه، وليس يجوز لي أن أتكلَّف من غير جهة النصّ الجواب فشنع السائل وجماعة المعتزلة عليه بالعجز والانقطاع.
فقال الشيخ أيَّده الله فأقول أنا: إنَّ عن(2) هذا السؤال جوابين:
أحدهما: أنَّ العقل لا يمنع من وقوع الإيمان ممن ذكره السائل، لأنَّه يكون إذ ذاك قادراً عليه ومتمكّناً منه، ولكن السمع الوارد عن أئمّة الهدى عليهم السلام بالقطع عليهم بالخلود في النار، والتديُّن بلعنهم والبراءة منهم إلى آخر الزمان منع من الشكّ في حالهم، وأوجب القطع على سوء اختيارهم فجروا في هذا الباب مجرى فرعون وهامان وقارون، ومجرى من قطع الله عزّ وجل على خلوده في النار، ودلَّ القطع على أنَّهم لا يختارون أبداً الإيمان ).
ص: 639
ممَّن قال الله تعالى(1): ((وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْ ءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ))(2) يريد إلاَّ أن يلجئهم الله، والذين قال الله تعالى فيهم: ((إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لأََسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ))(3).
ثُمَّ قال جل قائلا(4) في تفصيلهم وهو يوجَّه القول إلى إبليس: ((لأََمْلأََنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ))(5)، وقوله تعالى: ((وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ))(6)، وقوله تعالى: ((تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ * سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ))(7) فقطع بالنار عليه وأمن من انتقاله إلى ما يوجب له الثواب، وإذا كان الأمر على ما وصفناه، بطل ما توهَّمتموه(8) على هذا الجواب.
والجواب الآخر: أنَّ الله سبحانه إذا ردَّ الكافرين في الرجعة لينتقم منهم لم يقبل لهم توبة، وجروا في ذلك مجرى فرعون لمَّا أدركه الغرق ((قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(9) قال 0.
ص: 640
الله سبحانه له: ((آلآْنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ))(1) فردَّ الله عليه إيمانه ولم ينفعه في تلك الحال ندمه وإقلاعه، وكأهل الآخرة الذين لا يقبل الله لهم توبة ولا ينفعهم ندم لأنَّهم كالملجئين إذ ذاك إلى الفعل، ولأنَّ الحكمة تمنع من قبول التوبة أبداً، ويوجب اختصاص بعض الأوقات بقبولها دون بعض.
وهذا هو الجواب الصحيح، على مذهب أهل الإمامة، وقد جاءت به آثار متظاهرة عن آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم فروي(2) عنهم في قوله تعالى: ((يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ))(3) فقالوا: إنَّ هذه الآية هو القائم عليه السلام فإذا ظهر لم يقبل توبة المخالف، وهذا يسقط ما اعتمده السائل.
سؤال: فإن قالوا: في هذا الجواب ما أنكرتم أن يكون الله تعالى على ما أصَّلتموه قد أغرى عباده بالعصيان، وأباحهم الهرج والمرج والطغيان، لأنَّهم إذا كانوا يقدرون على الكفر وأنواع الضلال، وقد يئسوا من قبول التوبة لم يدعهم داع إلى الكفَّ عمَّا في طباعهم، ولا انزجروا عن فعل قبيح يصلون به إلى النفع العاجل ومن وصف الله تبارك وتعالى باغراء خلقه بالمعاصي، وإباحتهم الذنوب، فقد أعظم الفريّة عليه.
جواب: قيل لهم: ليس الأمر على ما ظننتموه، وذلّ أنَّ الدواعي لهم إلى المعاصي ترتفع إذ ذاك، ولا يحصل لهم داع إلى قبيح على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب لأنَّهم يكونون قد علموا بما 8.
ص: 641
سلف لهم من العذاب وقت الرجعة على خلاف أئمّتهم عليهم السلام ويعلمون في الحال أنَّهم معذبون على ما سبق لهم من العصيان وأنَّهم إن راموا فعل قبيح تزايد عليهم العقاب، ولا يكون لهم عند ذلك طبع يدعوهم إلى ما يتزايد عليهم به العذاب، بل يتوفَّر لهم دواعي الطباع والخواطر، كلّها إلى إظهار الطاعة، والانتقال عن العصيان.
وإن لزمنا هذا السؤال لزم جميع أهل الإسلام مثله في أهل الآخرة وحالهم في إبطال توبتهم وكون ندمهم غير مقبول، فمهما أجاب الموحَّدون لمن ألزمهم ذلك فهو جوابنا بعينه.
سؤال آخر: وإن سألوا على المذهب الأوَّل والجواب المتقدّم، فقالوا: كيف يتوهَّم من القوم الإقامة على العناد، والإصرار على الخلاف، وقد عاينوا فيما تزعمون(1) عقاب القبور، وحلَّ بهم عند الرجعة العذاب على ما تزعمون أنَّهم مقيمون عليه، وكيف يصحُّ أن يدعوهم الدواعي إلى ذلك، ويخطر لهم في فعله الخواطر ما أنكرتم أن تكونوا في هذه الدعوى مكابرين.
جواب: قيل لهم: يصحُّ ذلك على مذهب من أجاب بما حكيناه من أصحابنا بأن يقول: إنَّ جميع ما عددتموه لا يمنع من دخول الشبهة عليهم في استحسان الخلاف، لأنَّ القوم يظنّون أنَّهم إنَّما بعثوا بعد الموت تكرمة لهم، وليلوا الدنيا كما كانوا، ويظنّون أنَّ ما اعتقدوه في العذاب السالف لهم كان غلطاً منهم، وإذا حلَّ بهم العقاب ثانية توهَّموا قبل مفارقة أرواحهم أجسادهم أنَّ ذلك ليس من طريق الاستحقاق، وأنَّه من الله تعالى، لكنَّه كما يكون الدول، وكما حلَّ بالأنبياء عليهم السلام.).
ص: 642
ولأصحاب هذا الجواب أن يقولوا: ليس ما ذكرناه في هذا الباب بأعجب من كفر قوم موسى عليه السلام وعبادتهم العجل، وقد شاهدوا منه الآيات، وعاينوا ما حلَّ بفرعون وملائه على الخلاف، ولا هو بأعجب من إقامة أهل الشرك على خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وهم يعلمون عجزهم عن مثل ما أتى به من القرآن، ويشهدون معجزاته وآياته عليه السلام ويجدون مخبرات أخباره على حقائقها من قوله تعالى: ((سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ))(1)، وقوله عزّ وجل: ((لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ))(2)، وقوله عزّ وجل: ((الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَْرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ))(3)، وما حلَّ بهم من العقاب بسيفه عليه السلام وهلاك كلّ من توعَّده بالهلاك، هذا وفيمن أظهر الإيمان به المنافقون ينضافون في خلافه إلى أهل الشرك والضلال.
على أنَّ هذا السؤال، لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة، لأنَّهم يزعمون أنَّ أكثر المخالفين على الأنبياء كانوا من أهل العناد وأنَّ جمهور المظهرين الجهل بالله تعالى يعرفونه على الحقيقة، ويعرفون أنبياءه وصدقهم، ولكنَّهم في الخلاف على اللجاجة والعناد، فلا يمتنع أن يكون الحكم في الرجعة وأهلها على هذا الوصف الذي حكيناه وقد قال الله تعالى: ((وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ))(4).8.
ص: 643
فأخبر سبحانه أنَّ أهل العقاب لو ردَّهم إلى الدنيا لعادوا إلى الكفر والعناد مع ما شاهدوا في القبور وفي المحشر من الأهوال وما ذواقوا من أليم العذاب(1).
وقال رحمه الله في الإرشاد عند ذكر علامات ظهور القائم عليه السلام: وأموات ينشرون من القبور حتَّى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون(2).
وفي المسائل السروية أنَّه سئل الشيخ قدس الله روحه عَمَّا يُرْوَى عَنْ مَوْلاَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عليهما السلام فِي الرَّجْعَةِ، وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَقُلْ بِمُتْعَتِنَا وَيُؤْمِنْ بِرَجْعَتِنَا)(3) أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمن أو لغيره من الظلمة الجبارين قبل يوم القيامة؟
فكتب الشيخ رحمه الله بعد الجواب عن المتعة: وأمَّا قوله عليه السلام: (من لم يقل برجعتنا فليس منّا) فإنَّما أراد بذلك ما يختصَّه من القول به في أنَّ الله تعالى يحشر(4) قوماً من أمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختصُّ به آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم، والقرآن شاهد به، قال الله عزّ وجل في ذكر الحشر الأكبر ).
ص: 644
يوم القيامة: ((وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً))(1)، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: ((وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ))(2) فأخبر أنَّ الحشر حشران: عام وخاص.
وقال سبحانه مخبراً عمَّن يحشر من الظالمين أنَّه يقول يوم الحشر الأكبر: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ))(3).
وللعامّة في هذه الآية تأويل مردود، وهو أن قالوا: إنَّ المعنيُّ بقوله: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ)) أنَّه خلقهم أمواتاً، ثُمَّ أماتهم بعد الحياة، وهذا باطل لا يستمر(4) على لسان العرب، لأنَّ الفعل لا يدخل إلاَّ على من كان بغير الصفة التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه الله أمواتاً لا يقال(5) له أماته، وإنَّما يقال ذلك فيمن طرء عليه الموت بعد الحياة، كذلك لا يقال: أحيا الله ميّتاً إلاَّ أن يكون قد كان قبل إحيائه ميّتا(6) وهذا بيّن لمن تأمَّله.
وقد زعم بعضهم أنَّ المراد بقوله: ((رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ)) الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمساءلة فتكون الأولى قبل الإقبار، والثانية بعده، وهذا أيضاً باطل من وجه آخر وهو أنَّ الحياة للمساءلة ليست للتكليف فيندم الإنسان على ما فاته في حاله، وندم القوم على ما فاتهم ر.
ص: 645
في حياتهم المرَّتين يدلُّ على أنَّه لم يرد حياة المسألة لكنَّه أراد حياة الرجعة، التي تكون لتكليفهم الندم على تفريطهم، فلا يفعلون ذلك فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك(1).
فصل
والرجعة عندنا يختصُّ بمن محض الإيمان ومحض الكفر، دون من سوى هذين الفريقين، فإذا أراد الله تعالى على ما ذكرناه أوهم الشياطين أعداء الله عزّ وجل أنَّهم إنَّما ردُّوا إلى الدنيا لطغيانهم على الله، فيزدادوا عتواً، فينتقم الله تعالى منهم بأوليائه المؤمنين، ويجعل لهم الكرَّة عليهم، فلا يبقى منهم إلاَّ من هو مغموم بالعذاب، والنقمة والعقاب، وتصفو الأرض من الطغاة، ويكون الدين لله تعالى.
والرجعة إنَّما هي لممحضي الإيمان من أهل الملّة، وممحضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية(2).
فصل
وقد قال قوم من المخالفين لنا: كيف يعود كفّار الملّة بعد الموت إلى طغيانهم وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ، وتيقَّنوا بذلك أنَّهم مبطلون، فقلت لهم:5.
ص: 646
ليس ذلك بأعجب من الكفّار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحلُّ بهم من العذاب ويعلمونه ضرورة، بعد الموافقة(1) لهم والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا فيقولون(2): ((يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ))، فقال الله عزّ وجل: ((بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ))(3) فلم يبق للمخالف بعد هذا الاحتجاج شبهة يتعلَّق بها فيما ذكرناه والمنَّة لله(4).
وقال السيَّد الشريف المرتضى رضي الله عنه وحشره مع آبائه الطاهرين في أجوبة المسائل التي وردت عليه من بلد الري حيث سألوا عن حقيقة الرجعة، لأنَّ شذاذ الإماميّة يذهبون إلى أنَّ الرجعة رجوع دولتهم في أيام القائم عليه السلام من دون رجوع أجسامهم:
الجواب: اعلم أنَّ الذي تذهب الشيعة الإماميّة إليه أنَّ الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي عليه السلام قوماً ممَّن كان قد تقدَّم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ومشاهدة دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم فيلتذّوا بما يشاهدون من ظهور الحقّ، وعلو كلمة أهله.
والدلالة على صحَّة هذا المذهب أنَّ الذي ذهبوا إليه ممَّا لا شبهة على عاقل في أنَّه مقدور لله تعالى، غير مستحيل في نفسه، فإنّا نرى كثيراً من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة، وإذا 6.
ص: 647
ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور، فالطريق إلى إثباتها إجماع الإماميّة على وقوعها، فإنَّهم لا يختلفون في ذلك، وإجماعهم قد بيّنا في مواضع من كتبنا أنَّه حجّة لدخول قول الإمام عليه السلام فيه، وما يشتمل على قول المعصوم من الأقوال، لا بدَّ فيه من كونه صواباً.
وقد بيّنا أنَّ الرجعة لا تنافي التكليف وأنَّ الدواعي متردّدة معنا حين لا يظنُّ ظانًّ أنَّ تكليف من يعاد باطل، وذكرنا أنَّ التكليف كما يصحُّ مع ظهور المعجزات الباهرة، والآيات القاهرة، فكذلك مع الرجعة، فإنَّه ليس في جميع ذلك ملجئ إلى فعل الواجب، والامتناع من فعل القبيح.
فأمَّا من تأوَّل الرجعة في أصحابنا على أنَّ معناها رجوع الدولة والأمر والنهي، من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، فإنَّ قوماً من الشيعة لمَّا عجزوا عن نصرة الرجعة، وبيان جوازها، وأنَّها تنافي التكليف، عوَّلوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة.
وهذا منهم غير صحيح، لأنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيطرق التأويلات عليها، فكيف يثبت ما هو مقطوع على صحَّته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم وإنَّما المعوَّل في إثبات الرجعة على إجماع الإماميّة على معناها بأنَّ الله تعالى يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليه السلام من أوليائه وأعدائه على ما بيّناه فكيف يطرق التأويل على ما هو معلوم فالمعنى غير محتمل(1)، انتهى.
وقال السيَّد ابن طاوس نوَّر الله ضريحه في كتاب الطرائف: روى مسلم في صحيحه في أوائل الجزء الأوَّل بإسناده إلى الجراح بن مليح ة.
ص: 648
قال: سمعت جابراً يقول: عندي سبعون ألف حديث، عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم تركوها كلّها(1)، ثُمَّ ذكر مسلم في صحيحه بإسناده إلى محمّد بن عمر الرازي قال: سمعت حريزاً يقول: لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه لأنَّه كان يؤمن بالرجعة.
ثُمَّ قال: اُنظر رحمك الله كيف حرَّموا أنفسهم الانتفاع برواية سبعين ألف حديث عن نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلّم برواية أبي جعفر عليه السلام الذي هو من أعيان أهل بيته الذين أمرهم بالتمسُّك بهم.
ثُمَّ وإنَّ أكثر المسلمين أو كلّهم قد رووا إحياء الأموات في الدنيا وحديث إحياء الله تعالى الأموات في القبور للمساءلة، وقد تقدَّمت روايتهم عن أصحاب الكهف وهذا كتابهم يتضمَّن: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ))(2)، والسبعون الذين أصابتهم الصاعقة مع موسى عليه السلام، وحديث العزير عليه السلام، ومن أحياه عيسى بن مريم عليهما السلام، وحديث جريج الذي أجمع على صحَّته أيضاً، وحديث الذين يحييهم الله تعالى في القبور للمساءلة.
فأيُّ فرق بين هؤلاء وبين ما رواه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم من الرجعة؟ وأيُ ذنب كان لجابر في ذلك حتَّى يسقط حديثه(3)؟
وقال رحمه الله أيضاً في كتاب سعد السعود: قال الشيخ في تفسيره 0.
ص: 649
التبيان عند قوله تعالى: ((ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))(1): استدلّ بهذه الآية قوم من أصحابنا على جواز الرجعة، فإن استدلّ بها على جوازها كان صحيحاً لأنَّ من منع منه وأحاله فالقرآن يكذّبه، وإن استدلّ به على وجوب الرجعة وحصولها فلا(2).
ثُمَّ قال السيَّد رحمه الله: اعلم أنَّ الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فيهم: (أنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض) لا يختلفون في إحياء الله جلّ جلاله قوماً بعد مماتهم في الحياة الدنيا من هذه الأمّة تصديقاً لما روى المخالف والمؤالف عن صاحب النبوة صلى الله عليه وآله وسلّم:
أما المخالف فروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: (لتتبعنَّ سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتَّى لو دخلوا جحر ضبًّ لتبعتموهم) قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال:(فمن)(3).
وروى الزمخشري في الكشّاف عن حذيفة: أنتم أشبه الأمم سمتاً ببني إسرائيل لتركبنَّ طريقهم حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة، حتَّى أنّي لا أدري أتعبدون العجل أم لا؟
قال السيَّد: فإذا كانت هذه بعض رواياتهم في متابعة الأمم الماضية، وبني إسرائيل واليهود، فقد نطق القرآن الشريف والأخبار المتواترة أنَّ خلقاً من الأمم الماضية واليهود لمَّا قالوا: لن نؤمن لك حتَّى نرى الله جهرة فأماتهم الله ثُمَّ أحياهم فيكون على هذا في أمّتنا من يحييهم الله في الحياة الدنيا.ه.
ص: 650
ورأيت في أخبارهم زيادة على ما تقوله الشيعة من الإشارة إلى أنَّ مولانا عليّاً يعود إلى الدنيا بعد ضرب ابن ملجم وبعد وفاته كما رجع ذو القرنين:
فمنها ما ذكره الزمخشري في الكشّاف في حديث ذي القرنين، وعن عليّ عليه السلام سخَّر له السحاب ومدَّت له الأسباب وبسط له النور. وسئل عنه فقال: أحبَّ الله فأحبَّه، وسأل(1) ابن الكواء: ما ذو القرنين؟ أملك أم نبيّ؟ فقال: ليس بملك ولا نبي لكن كان عبداً صالحاً ضرب على قرنه (الأيمن)(2) في طاعة الله فمات، ثُمَّ بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات، فبعثه الله وسُمّي ذا القرنين وفيكم مثله.
ورأيت أيضاً في كتب أخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين أنَّهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وبعد الدفن، وتكلَّموا وتحدَّثوا ثُمَّ ماتوا، فمن ذلك ما رواه الحاكم النيسابوري في تاريخه في حديث حسام بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جدَّه، وكان قاضي نسابور، دخل عليه رجل فقيل له: إنَّ عند هذا حديثاً عجبا فقال: يا هذا ما هو؟ فقال: اعلم أنّي كنت رجلاً نبّاشاً أنبش القبور فماتت امرأة فذهبت لأعرف قبرها فصلّيت عليها، فلمَّا جنَّ الليل قال: ذهبت لأنبش عنها وضربت يدي إلى كفنها لأسلبها، فقالت: سبحان الله رجل من أهل الجنّة تسلب امرأة من أهل الجنّة؟ ثُمَّ قالت: ألم تعلم أنَّك ممَّن صلّيت عليَّ وأنَّ الله عزّ وجل قد غفر لمن صلّى عليَّ؟
قال السيَّد: فإذا كان هذا قد رووه ودوَّنوه عن نبّاش القبور فهلاَّ كان لعلماء أهل البيت عليهم السلام اُسوة به، ولأيّ حال تقابل روايتهم عليهم السلام ر.
ص: 651
بالنفور، وهذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمّات الأمور؟ والرجعة التي يعتقدها علماؤنا وأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم تكون من جملة آيات النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ومعجزاته، ولأيّ حال تكون منزلته عند الجمهور دون موسى وعيسى ودانيال؟ وقد أحيى الله جلّ جلاله على أيديهم أمواتاً كثيرة بغير خلاف عند العلماء لهذه الأمور(1).
(162 _ أقُولُ: وَرَوَى الشَّيْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِ الْمُحْتَضَر مِمَّا رَوَاهُ مِنْ كِتَابِ السَّيَّدِ الْجَلِيل حَسَن بْن كَبْشٍ مِمَّا أخَذَهُ مِنْ كِتَابِ الْمُقْتَضَبِ(2) بِإسْنَادِهِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارسِيَّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَوْماً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللهَ عزّ وجل لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَلاَ رَسُولاً إِلاَّ جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنْ أهْل الْكِتَابَيْن، قَالَ: (يَا سَلْمَانُ فَهَلْ عَلِمْتَ مَنْ نُقَبَائِي الاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ لِلإمَامَةِ مِنْ بَعْدِي؟)، فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: (يَا سَلْمَانُ خَلَقَنِيَ اللهُ مِنْ صَفْوَةِ نُورهِ وَدَعَانِي فَأطَعْتُهُ، وَخَلَقَ مِنْ نُوري عَلِيّاً فَدَعَاهُ فَأطَاعَهُ، وَخَلَقَ مِنْ نُوري وَنُور عَلِيًّ فَاطِمَةَ فَدَعَاهَا فَأطَاعَتْهُ، وَخَلَقَ مِنّي وَمِنْ عَلِيًّ وَفَاطِمَةَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَدَعَاهُمَا فَأطَاعَا فَسَمَّانَا اللهُ عزّ وجل بِخَمْسَةِ أسْمَاءٍ مِنْ أسْمَائِهِ: فَاللهُ الْمَحْمُودُ وَأنَا مُحَمَّدٌ، وَاللهُ الْعَلِيُّ وَهَذَا عَلِيٌّ، وَاللهُ فَاطِرٌ وَهَذِهِ فَاطِمَةُ، وَاللهُ ذُو الإحْسَان وَهَذَا الْحَسَنُ، وَاللهُ الْمُحْسِنُ وَهَذَا الْحُسَيْنُ.
ثُمَّ خَلَقَ مِنَّا وَمِنْ نُور الْحُسَيْن تِسْعَةَ أئِمَّةٍ فَدَعَاهُمْ فَأطَاعُوا قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ اللهُ عزّ وجل سَمَاءً مَبْنيَّةً وَأرْضاً مَدْحِيَّةً، أوْ هَوَاءً أوْ مَاءً أوْ مَلَكاً أوْ بَشَراً، وَكُنَّا بِعِلْمِهِ أنْوَاراً نُسَبِّحُهُ وَنَسْمَعُ لَهُ وَنُطِيعُ).ا.
ص: 652
فَقَالَ سَلْمَانُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأبِي أنْتَ وَاُمَّي مَا لِمَنْ عَرَفَ هَؤُلاَءِ؟ فَقَالَ: (يَا سَلْمَانُ مَنْ عَرَفَهُمْ حَقَّ مَعْرفَتِهِمْ وَاقْتَدَى بِهِمْ فَوَالَى وَلِيَّهُمْ وَتَبَرَّأ مِنْ عَدُوَّهِمْ فَهُوَ وَاللهِ مِنَّا، يَردُ حَيْثُ نَردُ، وَيَسْكُنُ حَيْثُ نَسْكُنُ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَهَلْ يَكُونُ إِيمَانٌ بِهِمْ بِغَيْر مَعْرفَةٍ بِأسْمَائِهِمْ وَأنْسَابِهِمْ؟ فَقَالَ: (لاَ يَا سَلْمَانُ)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأنَّى لِي بِهِمْ؟ قَالَ: (قَدْ عَرَفْتَ إِلَى الْحُسَيْن)، قَالَ: (ثُمَّ سَيَّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ بَاقِرُ عِلْم الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ مِنَ النَّبِيَّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِسَانُ اللهِ الصَّادِقُ، ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ غَيْظَهُ صَبْراً فِي اللهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرضَا لأمْر اللهِ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيًّ الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ اللهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَادِي إِلَى اللهِ، ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيًّ الصَّامِتُ الأمِينُ عَلَى دِين اللهِ، ثُمَّ (م ح م د) سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ابْنُ الْحَسَن الْمَهْدِيُّ النَّاطِقُ الْقَائِمُ بِحَقِّ اللهِ).
قَالَ سَلْمَانُ: فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأنَّى لِسَلْمَانَ لإدْرَاكِهِمْ؟ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ إِنَّكَ مُدْركُهُمْ وَأمْثَالُكَ وَمَنْ تَوَلاَهُمْ حَقِيقَةَ الْمَعْرفَةِ)، قَالَ سَلْمَانُ: فَشَكَرْتُ اللهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنّي مُؤَجَّلٌ إِلَى عَهْدِهِمْ؟ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ اقْرَأ: ((فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً))(1)).
قَالَ سَلْمَانُ: فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَشَوْقِي وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِعَهْدٍ مِنْكَ؟ فَقَالَ: (إِي وَالَّذِي أرْسَلَ مُحَمَّداً إِنَّهُ لَبِعَهْدٍ مِنّي وَلِعَلِيًّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن 6.
ص: 653
وَالْحُسَيْن، وَتِسْعَةِ أئِمَّةٍ وَكُلّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَمَظْلُومٌ فِينَا، إِي وَاللهِ يَا سَلْمَانُ ثُمَّ لَيَحْضُرَنَّ إِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الإيمَانَ (مَحْضاً) وَمَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً حَتَّى يُؤْخَذَ بِالْقِصَاص وَالأوْتَار وَالثَّارَاتِ وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَداً وَنَحْنُ تَأوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ: ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَْرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ))(1)).
قَالَ سَلْمَانُ: فَقُمْتُ مِنْ بَيْن يَدَيْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَمَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أوْ لَقِيَهُ(2).
أقول: رواه ابن عياش في المقتضب عن أحمد بن محمّد بن جعفر الصولي، عن عبد الرحمن بن صالح، عن الحسين بن حميد بن الربيع، عن الأعمش، عن محمّد بن خلف الطاطري، عن شاذان، عن سلمان، وذكر مثله(3).
ثُمَّ قال ابن عياش: سألت أبا بكر بن محمّد بن عمر الجعابي، عن محمّد بن خلف الطاطري قال: هو محمّد بن خلف بن موهب الطاطري ثقة مأمون وطاطر سيف من أسياف البحر تنسج فيها ثياب تسمّى الطاطرية كانت تنسب إليها(4).
وروى أيضاً عن صالح بن الحسين النوفلي قال: أنشدني أبو سهل النوشجاني لأبيه مصعب بن وهب: .
ص: 654
فإن تسألاني ما الذي أنا دائن
به فالذي أبديه مثل الذي أخفي
اُدين بأنَّ الله لا شيء غيره
قوي عزيز بارئ الخلق من ضعف
وأن رسول الله أفضل مرسل
به بشَّر الماضون في محكم الصحف
وأنَّ عليّاً بعده أحد عشرة(1)
من الله وعد ليس في ذاك من خلف
أئمّتنا الهادون بعد محمّد
لهم صفو ودّي ما حييت لهم أصفي
ثمانية منهم مضوا لسبيلهم
وأربعة يرجون للعدد الموف
ولي ثقة بالرجعة الحقّ مثل ما
وثقت برجع الطرف منّي إلى الطرف(2)
ووجدت بخطّ بعض الأعلام نقلاً من خطّ الشهيد قدس الله روحه قال:
رَوَى الصَّفْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ بِإسْنَادِهِ قَالَ: سُئِلَ الرضَا عليه السلام عَنْ تَفْسِير: ((أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ ...))(3) الآيَةَ، قَالَ: (وَاللهِ مَا هَذِهِ الآيَةُ إِلاَّ فِي الْكَرَّةِ)(4)).
* * *ا.
ص: 655
ص: 656
ص: 657
ص: 658
1 _ كمال الدين: الدَّقَّاقُ، عَن الأسَدِيَّ، (عَن النَّخَعِيَّ، عَن النَّوْفَلِيَّ)(1)، عَنْ عَلِيَّ بْن أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ عليهما السلام: يَا ابْنَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم سَمِعْتُ مِنْ أبِيكَ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (يَكُونُ بَعْدَ الْقَائِم اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً)، فَقَالَ: (إِنَّمَا قَالَ: اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً وَلَمْ يَقُلْ: اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ شيعَتِنَا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مُوَالاَتِنَا، وَمَعْرفَةِ حَقّنَا)(2).
2 _ الغيبة للطوسي: مُحَمَّدٌ الْحِمْيَريُّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ أنَّهُ قَالَ: (يَا أبَا حَمْزَةَ إِنَّ مِنَّا بَعْدَ الْقَائِم أحَدَ عَشَرَ مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام)(3).
3 _ الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرو بْن أبِي الْمِقْدَام، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ يَزْدَادُ تِسْعاً)، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ الْقَائِم)، قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمُنْتَصِرُ فَيَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن وَدِمَاءِ أصْحَابِهِ، فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يَخْرُجَ السَّفَّاحُ)(4).5.
ص: 659
4 _ الإرشاد: لَيْسَ بَعْدَ دَوْلَةِ الْقَائِم لأحَدٍ دَوْلَةٌ إِلاَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الروَايَةُ مِنْ قِيَام وُلْدِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَردْ عَلَى الْقَطْع وَالثَّبَاتِ، وَأكْثَرُ الروَايَاتِ أنَّهُ لَنْ يَمْضِيَ مَهْدِيُّ الاُمَّةِ إِلاَّ قَبْلَ الْقِيَامَةِ بِأرْبَعِينَ يَوْماً يَكُونُ فِيهَا الْهَرْجُ، وَعَلاَمَةُ خُرُوج الأمْوَاتِ، وَقِيَامُ السَّاعَةِ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ. وَاللهُ أعْلَمُ(1).=
ص: 660
5 _ تفسير العياشي: عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: (وَاللهِ لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً)، قَالَ: قُلْتُ: فَمَتَى ذَلِكَ؟ قَالَ: (بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِم)، قَالَ: قُلْتُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟ قَالَ: (تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، مِنْ يَوْم قِيَامِهِ إِلَى مَوْتِهِ)، قَالَ: قُلْتُ: فَيَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَرْجٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ، خَمْسِينَ سَنَةً).
قَالَ: (ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَنْصُورُ إِلَى الدُّنْيَا فَيَطْلُبُ دَمَهُ وَدَمَ أصْحَابِهِ فَيَقْتُلُ وَيَسْبِي حَتَّى يُقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ ذُريَّةِ الأنْبِيَاءِ، مَا قَتَلَ النَّاسَ كُلَّ هَذَا الْقَتْل، فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ أبْيَضُهُمْ وَأسْوَدُهُمْ، فَيَكْثُرُونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْجِئُونَهُ إِلَى حَرَم اللهِ فَإذَا اشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِ، مَاتَ الْمُنْتَصِرُ، وَخَرَجَ السَّفَّاحُ إِلَى الدُّنْيَا غَضَباً لِلْمُنْتَصِر، فَيَقْتُلُ كُلَّ عَدُوًّ لَنَا جَائِرٍ، وَيَمْلِكُ الأرْضَ كُلَّهَا، وَيُصْلِحُ اللهُ لَهُ أمْرَهُ، وَيَعِيشُ ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَيَزْدَادُ تِسْعاً).
ثُمَّ قَالَ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: (يَا جَابِرُ وَهَلْ تَدْري مَن الْمُنْتَصِرُ وَالسَّفَّاحُ؟ يَا جَابِرُ الْمُنْتَصِرُ الْحُسَيْنُ، وَالسَّفَّاحُ أمِيرُ الْمُؤْمِنينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ)(1).).
ص: 661
6 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن سِنَانٍ الْمَوْصِلِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْخَلِيل، عَنْ جَعْفَر بْن أحْمَدَ الْمِصْريَّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْن بْن عَلِيًّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أمِير الْمُؤْمِنينَ عليهم السلام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا وَفَاتُهُ لِعَلِيًّ عليه السلام: (يَا أبَا الْحَسَن أحْضِرْ صَحِيفَةً وَدَوَاةً)، فَأمْلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَصِيَّتَهُ حَتَّى انْتَهَى (إِلَى) هَذَا الْمَوْضِع، فَقَالَ: (يَا عَلِيُّ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً وَمَنْ بَعْدَهُمْ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً، فَأنْتَ يَا عَلِيُّ أوَّلُ الاثْنَيْ عَشَرَ الإمَام...).
وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أنْ قَالَ: (وَلْيُسَلِّمْهَا الْحَسَنُ عليه السلام إِلَى ابْنهِ (م ح م د) الْمُسْتَحْفَظِ مِنْ آل مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً فَإِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَلْيُسَلّمْهَا إِلَى ابْنِهِ أوَّل الْمَهْدِيَّينَ(1) لَهُ ثَلاَثَةُ أسَامِي اسْمٌ كَاسْمِي وَاسْم أبِي وَهُوَ عَبْدُ اللهِ وَأحْمَدُ وَالاسْمُ الثَّالِثُ الْمَهْدِيُّ وَهُوَ أوَّلُ الْمُؤْمِنينَ)(2).
7 _ منتخب البصائر: مِمَّا رَوَاهُ السَّيَّدُ عَلِيُّ(3) بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإسْنَادِهِ عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّ مِنَّا بَعْدَ الْقَائِم عليه السلام اثْناَ(4) عَشَرَ مَهْدِيّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن عليه السلام(5).8.
ص: 662
8 _ كامل الزيارات: أبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْجَامُورَانِيَّ، عَن الْحُسَيْن بْن سَيْفٍ، عَنْ أبِيهِ، عَن الْحَضْرَمِيَّ، عَنْ أبِي جَعْفَرٍ وَأبِي عَبْدِ اللهِ عليهما السلام قَالاَ فِي ذِكْر الْكُوفَةِ: (فِيهَا مَسْجِدُ سُهَيْلٍ الَّذِي لَمْ يَبْعَثِ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَقَدْ صَلَّى فِيهِ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ عَدْلُ اللهِ، وَفِيهَا يَكُونُ قَائِمُهُ وَالْقُوَّامُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهِيَ مَنَازِلُ النَّبِيَّينَ وَالأوْصِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ)(1).
بيان: هذه الأخبار مخالفة للمشهور، وطريق التأويل أحد وجهين:
الأوَّل: أن يكون المراد بالاثني عشر مهديّاً النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وسائر الأئمّة سوى القائم عليه السلام بأن يكون ملكهم بعد القائم عليه السلام وقد سبق أنَّ الحسن بن سليمان أوَّلها بجميع الأئمّة وقال برجعة القائم عليه السلام بعد موته وبه أيضاً يمكن الجمع بين بعض الأخبار المختلفة التي وردت في مدَّة ملكه عليه السلام.
والثاني: أن يكون هؤلاء المهديون من أوصياء القائم هادين للخلق في زمن سائر الأئمّة الذين رجعوا لئلاَّ يخلو الزمان من حجّة، وإن كان أوصياء الأنبياء والأئمّة أيضاً حججاً والله تعالى يعلم(2).
* * *).
ص: 663
ص: 664
ص: 665
ص: 666
1 _ الغيبة للطوسي: أخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أبِي الْحَسَن مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ بْن دَاوُدَ الْقُمَّيَّ قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطّ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ النَّوْبَخْتِيَّ وَإِمْلاَءِ أبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح رضي الله عنه، عَلَى ظَهْر كِتَابٍ فِيهِ جَوَابَاتٌ وَمَسَائِلُ اُنْفِذَتْ مِنْ قُمَّ، يُسْألُ عَنْهَا هَلْ هِيَ جَوَابَاتُ الْفَقِيهِ عليه السلام أوْ جَوَابَاتُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ الشَّلْمَغَانِيَّ، لأنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: هَذِهِ الْمَسَائِلُ أنَا أجَبْتُ عَنْهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ عَلَى ظَهْر كِتَابِهِمْ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، قَدْ وَقَفْنَا عَلَى هَذِهِ الرُّقْعَةِ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ، فَجَمِيعُهُ جَوَابُناَ(1) وَلاَ مَدْخَلَ لِلْمَخْذُول الضَّال الْمُضِل الْمَعْرُوفِ بِالْعَزَاقِريَّ لَعَنَهُ اللهُ فِي حَرْفٍ مِنْهُ وَقَدْ كَانَتْ أشْيَاءُ خَرَجَتْ إِلَيْكُمْ عَلَى يَدَيْ أحْمَدَ بْن هِلاَلٍ(2) وَغَيْرهِ مِنْ نُظَرَائِهِ وَكَانَ مِن ارْتِدَادِهِمْ عَن الإسْلاَم مِثْلُ مَا كَانَ مِنْ هَذَا عَلَيْهِمْ لَعَنَةُ اللهِ وَغَضَبُهُ).
فَاسْتَثْبَتُّ قَدِيماً فِي ذَلِكَ(3).ل.
ص: 667
فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (ألاَ مَن اسْتَثْبَتَ فَإنَّهُ لاَ ضَرَرَ فِي خُرُوج مَا خَرَجَ عَلَى أيْدِيهِمْ وَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ).
وَرُوِيَ قَدِيماً عَنْ بَعْض الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَالصَّلاَةُ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ مِثْل هَذَا بِعَيْنهِ فِي بَعْض مَنْ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَقَالَ عليه السلام: (الْعِلْمُ عِلْمُنَا، وَلاَ شَيْ ءَ عَلَيْكُمْ مِنْ كُفْر مَنْ كَفَرَ، فَمَا صَحَّ لَكُمْ مِمَّا خَرَجَ عَلَى يَدِهِ بِروَايَةِ غَيْرهِ مِنَ الثّقَاتِ رحمهم الله، فَاحْمَدُوا اللهَ وَاقْبَلُوهُ، وَمَا شَكَكْتُمْ فِيهِ أوْ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ إِلاَّ عَلَى يَدِهِ فَرُدُّوهُ إِلَيْنَا لِنُصَحَّحَهُ أوْ نُبْطِلَهُ، وَاللهُ تَقَدَّسَتْ أسْمَاؤُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ وَلِيُّ تَوْفِيقِكُمْ، وَحَسِيبُنَا فِي اُمُورنَا كُلّهَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ).
وَقَالَ ابْنُ نُوح: أوَّلُ مَنْ حَدَّثَنَا بِهَذَا التَّوْقِيع أبُو الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن تَمَّام، وَذَكَرَ أنَّهُ كَتَبَهُ مِنْ ظَهْر الدَّرْج الَّذِي عِنْدَ أبِي الْحَسَن بْن دَاوُدَ، فَلَمَّا قَدِمَ أبُو الْحَسَن بْنُ دَاوُدَ وَقَرَأتُهُ عَلَيْهِ، ذَكَرَ أنَّ هَذَا الدَّرْجَ بِعَيْنهِ كَتَبَ بِهَا أهْلُ قُمَّ إِلَى الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم وَفِيهِ مَسَائِلُ فَأجَابَهُمْ عَلَى ظَهْرهِ بِخَطّ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ النَّوْبَخْتِيَّ وَحَصَلَ الدَّرْجُ عِنْدَ أبِي الْحَسَن بْن دَاوُدَ.
نُسْخَةُ الدَّرْج:
مَسَائِلُ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريَّ:
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَأدَامَ عِزَّكَ وَتَأيِيدَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ، وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ (عليك)(1) وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبهِ لَدَيْكَ وَفَضْلِهِ عِنْدَكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ، النَّاسُ يَتَنَافَسُونَ فِي الدَّرَجَاتِ، فَمَنْ قَبِلْتُمُوهُ كَانَ مَقْبُولاً وَمَنْ ر.
ص: 668
دَفَعْتُمُوهُ كَانَ وَضِيعاً، وَالْخَامِلُ مَنْ وَضَعْتُمُوهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ، وَببَلَدِنَا أيَّدَكَ اللهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْوُجُوهِ، يَتَسَاوَوْنَ وَيَتَنَافَسُونَ فِي الْمَنْزلَةِ.
وَوَرَدَ: أيَّدَكَ اللهُ كِتَابُكَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ فِي أمْرٍ أمَرْتَهُمْ بِهِ مِنْ مُعَاوَنَةِ (ص).
وَأخْرَجَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ بِمَالِكِ بادوكة، وَهُوَ خَتَنُ (ص) رحمهم الله مِنْ بَيْنِهِمْ، فَاغْتَمَّ بِذَلِكَ وَسَألَنِي أيَّدَكَ اللهُ أنْ اُعْلِمَكَ مَا نَالَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإنْ كَانَ مِنْ ذَنْبٍ اسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهُ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ عَرَّفْتَهُ مَا يَسْكُنُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
التَّوْقِيعُ: (لَمْ نُكَاتِبْ إِلاَّ مَنْ كَاتَبَنَا)(1).
وَقَدْ عَوَّدْتَنِي أدَامَ اللهُ عِزَّكَ مِنْ تَفَضُّلِكَ مَا أنْتَ أهْلٌ أنْ تُجْزيَني عَلَى الْعَادَةِ وَقِبَلَكَ أعَزَّكَ اللهُ فُقَهَاءُ، أنَا مُحْتَاجٌ إِلَى أشْيَاءَ تُسْألُ لِي عَنْهَا فَرُوِيَ لَنَا عَن الْعَالِم عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَنْ إِمَام قَوْم صَلَّى بِهِمْ بَعْضَ صَلاَتِهِمْ وَحَدَثَتْ عَلَيْهِ حَادِثَةٌ كَيْفَ يَعْمَلُ مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ: (يُؤَخَّرُ وَيُقَدَّمُ بَعْضُهُمْ وَيُتِمُّ صَلاَتَهُمْ وَيَغْتَسِلُ مَنْ مَسَّهُ).
التَّوْقِيعُ: (لَيْسَ عَلَى مَنْ نَحَّاهُ إِلاَّ غَسْلُ الْيَدِ، وَإِذَا لَمْ تَحْدُثْ حَادِثَةٌ تَقْطَعُ الصَّلاَةَ تَمَّمَ صَلاَتَهُ مَعَ الْقَوْم).
وَرُوِيَ عَن الْعَالِم عليه السلام أنَّ مَنْ مَسَّ مَيَّتاً بِحَرَارَتِهِ غَسَلَ يَدَهُ، وَمَنْ مَسَّهُ وَقَدْ بَرَدَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَهَذَا الإمَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ يَكُونُ مَسُّهُ إِلاَّ بِحَرَارَتِهِ وَالْعَمَلُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ، وَلَعَلَّهُ يُنَحَّيهِ بِثِيَابِهِ وَلاَ يَمَسُّهُ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ؟ى.
ص: 669
التَّوْقِيعُ: (إِذَا مَسَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَال، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلاَّ غَسْلُ يَدِهِ).
وَعَنْ صَلاَةِ جَعْفَرٍ إِذَا سَهَا فِي التَّسْبِيح فِي قِيَام أوْ قُعُودٍ أوْ رُكُوع أوْ سُجُودٍ وَذَكَرَهُ فِي حَالَةٍ اُخْرَى قَدْ صَارَ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الصَّلاَةِ، هَلْ يُعِيدُ مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ التَّسْبِيح فِي الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أمْ يَتَجَاوَزُ فِي صَلاَتِهِ؟
التَّوْقِيعُ: (إِذَا هُوَ سَهَا فِي حَالِةٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي حَالَةٍ اُخْرَى قَضَى مَا فَاتَهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرَ).
وَعَن المَرْأةِ يَمُوتُ زَوْجُهَا هَلْ يَجُوزُ أنْ تَخْرُجَ فِي جَنَازَتِهِ أمْ لاَ؟
التَّوْقِيعُ: (يَخْرُجُ فِي جَنَازَتِهِ).
وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا أنْ تَزُورَ قَبْرَ زَوْجِهَا أمْ لاَ؟
التَّوْقِيعُ: (تَزُورُ قَبْرَ زَوْجِهَا، وَلاَ تَبِيتُ عَنْ بَيْتِهَا).
وَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أنْ تَخْرُجَ فِي قَضَاءِ حَقًّ يَلْزَمُهَا أمْ لاَ تَبْرَحُ مِنْ بَيْتِهَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا؟
التَّوْقِيعُ: (إِذَا كَانَ حَقٌّ خَرَجَتْ وَقَضَتْهُ، وَإِذَا كَانَتْ لَهَا حَاجَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَنْظُرُ فِيهَا خَرَجَتْ لَهَا حَتَّى تَقْضِيَ، وَلاَ تَبِيتُ عَنْ مَنْزلِهَا).
وَرُوِيَ فِي ثَوَابِ الْقُرْآن فِي الْفَرَائِض وَغَيْرهِ أنَّ الْعَالِمَ عليه السلام قَالَ: (عَجَباً لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ فِي صَلاَتِهِ: ((إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) كَيْفَ تُقْبَلُ صَلاَتُهُ؟).
وَرُوِيَ: (مَا زَكَتْ صَلاَةٌ لَمْ يُقْرَأ فِيهَا بِ- ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))).
وَرُوِيَ أنَّ مَنْ قَرَأ فِي فَرَائِضِهِ الْهُمَزَةَ اُعْطِيَ مِنَ الدُّنْيَا، فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَقْرَأ الْهُمَزَةَ، وَيَدَعَ هَذِهِ السُّوَرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؟ مَعَ مَا قَدْ رُوِيَ أنَّهُ لاَ تُقْبَلُ الصَّلاَةُ وَلاَ تَزْكُو إِلاَّ بِهِمَا؟
التَّوْقِيعُ: (الثَّوَابُ فِي السُّوَر عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ وَإِذَا تَرَكَ سُورَةً مِمَّا فِيهَا الثَّوَابُ وَقَرَأ ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) وَ((إِنَّا أَنْزَلْناهُ)) لِفَضْلِهِمَا اُعْطِيَ ثَوَابَ مَا
ص: 670
قَرَأ وَثَوَابَ السُّورَةِ الَّتِي تَرَكَ، وَيَجُوزُ أنْ يَقْرَأ غَيْرَ هَاتَيْن السُّورَتَيْن، وَتَكُونُ صَلاَتُهُ تَامَّةً، وَلَكِنْ يَكُونُ قَدْ تَرَكَ الْفَضْلَ).
وَعَنْ وَدَاع شَهْر رَمَضَانَ مَتَى يَكُونُ؟ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أصْحَابُنَا، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَقْرَاُ فِي آخِر لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ فِي آخِر يَوْم مِنْهُ إِذَا رَأى هِلاَلَ شَوَّالٍ.
التَّوْقِيعُ: (الْعَمَلُ فِي شَهْر رَمَضَانَ فِي لَيَالِيهِ، وَالْوَدَاعُ يَقَعُ فِي آخِر لَيْلَةٍ مِنْهُ، فَإنْ خَافَ أنْ يَنْقُصَ جَعَلَهُ فِي لَيْلَتَيْن).
وَعَنْ قَوْل اللهِ عزّ وجل: ((إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)) أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَعْنِيُّ بِهِ، ((ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ)) مَا هَذِهِ الْقُوَّةُ؟ ((مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ))(1) مَا هَذِهِ الطَّاعَةُ؟ وَأيْنَ هِيَ؟ فَرَأيُكَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ بِالتَّفَضُّل عَلَيَّ بِمَسْألَةِ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِل وَإِجَابَتِي عَنْهَا مُنْعِماً، مَعَ مَا تَشْرَحُهُ لِي مِنْ أمْر مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن بْن مَالِكٍ الْمُقَدَّم ذِكْرُهُ، بِمَا يَسْكُنُ إِلَيْهِ وَيَعْتَدُّ بِنِعْمَةِ اللهِ عِنْدَهُ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِدُعَاءٍ جَامِع لِي وَلإخْوَانِي لِلدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللهُ.
التَّوْقِيعُ: (جَمَعَ اللهُ لَكَ وَلإخْوَانِكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ، وَتَأيِيدَكَ وَكَرَامَتَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبِهِ لَدَيْكَ، وَفَضْلِهِ عِنْدَكَ وَجَعَلَنِي مِنْ كُلّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ فِدَاكَ وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أجْمَعِينَ(2).
بيان: ذكر في الاحتجاج من قوله: (أطال الله بقاك...) إلى قوله: (ولإخوانك خير الدنيا والآخرة).5.
ص: 671
أقول: قوله: (فاستثبت) من تتمة ما كتب السائل أي كنت قديماً أطلب إثبات هذه التوقيعات، هل هي منكم أو لا؟ ولمَّا كان جواب هذه الفقرة مكتوباً تحتها أفردها للإشعار بذلك.
قوله: (نسخة الدرج) أي نسخة الكتاب المدرج المطوي، كتبه أهل قم وسألوا عن بيان صحَّته، فكتب عليه السلام أنَّ جميعه صحيح، وعبَّر عن المعان برمز (ص) للمصلحة، وحاصل جوابه عليه السلام أنَّ هؤلاء كاتبوني وسألوني فأجبتهم، وهو لم يكاتبني من بينهم فلذا لم أدخله فيهم، وليس ذلّ من تقصير وذنب.
قوله: (وقبلك أعزَّك الله) خطاب للسفير المتوسَّط بينه وبين الإمام عليه السلام، أو للإمام تقية، وقول: (أطال الله بقاءك) آخراً كلام الحميري ختم به كتابه، وسائر أجزاء الخبر شرحناها في الأبواب المناسبة لها(1).
2 _ الغيبة للطوسي: مِنْ كِتَابٍ آخَرَ: فَرَأيُكَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ فِي تَأمُّل رُقْعَتِي، وَالتَّفَضُّل بِمَا يُسَهَّلُ لاضِيفَهُ إِلَى سَائِر أيَادِيكَ عَلَيَّ، وَاحْتَجْتُ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ أنْ تَسْألَ لِي بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَن الْمُصَلّي إِذَا قَامَ مِنَ التَّشَهُّدِ الأوَّل لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يُكَبَّرَ؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا قَالَ: لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ، وَيُجْزيهِ أنْ يَقُولَ: بِحَوْل اللهِ وَقُوَّتِهِ أقُومُ وَأقْعُدُ.
الْجَوَابُ: قَالَ: (إِنَّ فِيهِ حَدِيثَيْن: أمَّا أحَدُهُمَا فَإنَّهُ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ اُخْرَى فَعَلَيْهِ تَكْبِيرٌ، وَأمَّا الآخَرُ: فَإنَّهُ رُوِيَ أنَّهُ إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَكَبَّرَ ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلْقِيَام بَعْدَ الْقُعُودِ تَكْبِيرٌ، وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ الأوَّلُ، يَجْري هَذَا الْمَجْرَى، وَبأيَّهِمَا أخَذْتَ مِنْ جِهَةِ التَّسْلِيم كَانَ صَوَاباً).ه.
ص: 672
وَعَن الْفَص الْخُمَاهَن(1) هَلْ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ إِذَا كَانَ فِي إِصْبَعِهِ؟
الْجَوَابُ: (فِيهِ كَرَاهَةُ أنْ يُصَلّيَ فِيهِ، وَفِيهِ إِطْلاَقٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ).
وَعَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى هَدْياً لِرَجُلٍ غَائِبٍ عَنْهُ، وَسَألَهُ أنْ يَنْحَرَ عَنْهُ هَدْياً بِمِنًى فَلَمَّا أرَادَ نَحْرَ الْهَدْي نَسِيَ اسْمَ الرَّجُل وَنَحَرَ الْهَدْيَ، ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أيُجْزئُ عَن الرَّجُل أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِذَلِكَ، وَقَدْ أجْزَأ عَنْ صَاحِبهِ).
وَعِنْدَنَا حَاكَةٌ مَجُوسٌ يَأكُلُونَ الْمَيْتَةَ، وَلاَ يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَنْسِجُونَ لَنَا ثِيَاباً، فَهَلْ يَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهَا مِنْ قَبْل أنْ يُغْسَلَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِالصَّلاَةِ فِيهَا).
وَعَن الْمُصَلّي يَكُونُ فِي صَلاَةِ اللَّيْل فِي ظُلْمَةٍ، فَإذَا سَجَدَ يَغْلَطُ بِالسَّجَّادَةِ، وَيَضَعُ جَبْهَتَهُ عَلَى مِسْح أوْ نَطْع(2) فَإذَا رَفَعَ رَأسَهُ وَجَدَ السَّجَّادَةَ، هَلْ يَعْتَدُّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ أمْ لاَ يَعْتَدُّ بِهَا؟).
ص: 673
الْجَوَابُ: مَا لَمْ يَسْتَو جَالِساً فَلاَ شَيْ ءَ عَلَيْهِ فِي رَفْع رَأسِهِ لِطَلَبِ الْخُمْرَةِ(1)).
وَعَن الْمُحْرم يَرْفَعُ الظِّلاَلَ هَلْ يَرْفَعُ خَشَبَ الْعَمَّاريَّةِ أوِ الْكَنِيسَةِ(2) وَيَرْفَعُ الْجَنَاحَيْن أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ شَيْ ءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ وَجَمِيع الْخَشَبِ).
وَعَن الْمُحْرم يَسْتَظِلُّ مِنَ الْمَطَر بِنَطْع أوْ غَيْرهِ حَذَراً عَلَى ثِيَابِهِ وَمَا فِي مَحْمِلِهِ أنْ يَبْتَلَّ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: (إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَحْمِل فِي طَريقِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ(3)).
وَالرَّجُلُ يَحُجُّ عَنْ آخَرَ، هَلْ يَحْتَاجُ أنْ يَذْكُرَ الَّذِي حَجَّ عَنْهُ عِنْدَ عَقْدِ إِحْرَامِهِ أمْ لاَ؟ وَهَلْ يَجِبُ أنْ يَذْبَحَ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ، أمْ يُجْزيهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ؟
الْجَوَابُ: (يَذْكُرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ بَأسَ).
وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يُحْرمَ فِي كِسَاءِ خَزّ أمْ لاَ؟
الْجَوَابُ: (لاَ بَأسَ بِذَلِكَ وَقَدْ فَعَلَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ(4)).ي.
ص: 674
وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يُصَلّيَ وَفِي رجْلِهِ بَطِيطٌ(1) لاَ يُغَطّي الْكَعْبَيْن أمْ لاَ يَجُوزُ؟
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ).
وَيُصَلّي الرَّجُلُ وَمَعَهُ فِي كُمَّهِ أوْ سَرَاوِيلِهِ سِكّينٌ أوْ مِفْتَاحُ حَدِيدٍ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ).
وَعَن الرَّجُل يَكُونُ مَعَ بَعْض هَؤُلاَءِ وَمُتَّصِلاً بِهِمْ يَحُجُّ، وَيَأخُذُ عَلَى الْجَادَّةِ وَلاَ يُحْرمُونَ هَؤُلاَءِ مِنَ الْمَسْلَخ فَهَلْ يَجُوزُ لِهَذَا الرَّجُل أنْ يُؤَخّرَ إِحْرَامَهُ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ(2) فَيُحْرمَ مَعَهُمْ، لِمَا يَخَافُ مِنَ الشُّهْرَةِ أمْ لاَ يَجُوزُ أنْ يُحْرمَ إِلاَّ مِنَ الْمَسْلَخ؟
الْجَوَابُ: (يُحْرمُ مِنْ مِيقَاتِهِ ثُمَّ يَلْبَسُ الثّيَابَ وَيُلَبِّي فِي نَفْسِهِ، فَإذَا بَلَغَ إِلَى مِيقَاتِهِمْ أظْهَرَ).
وَعَنْ لُبْس النَّعْل الْمَعْطُون(3) فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا يَذْكُرُ أنَّ لُبْسَهُ كَريهٌ.
الْجَوَابُ: (جَائِزٌ ذَلِكَ وَلاَ بَأسَ).0.
ص: 675
وَعَن الرَّجُل مِنْ وُكَلاَءِ الْوَقْفِ يَكُونُ مُسْتَحِلاً لِمَا فِي يَدِهِ لاَ يَرعُ(1) عَنْ أخْذِ مَالِهِ، رُبَّمَا نَزَلْتُ فِي قَرْيَةٍ وَهُوَ فِيهَا أوْ أدْخُلُ مَنْزلَهُ وَقَدْ حَضَرَ طَعَامُهُ فَيَدْعُوني إِلَيْهِ، فَإنْ لَمْ آكُلْ مِنْ طَعَامِهِ عَادَانِي عَلَيْهِ، وَقَالَ: فُلاَنٌ لاَ يَسْتَحِلُّ أنْ يَأكُلَ مِنْ طَعَامِنَا، فَهَلْ يَجُوزُ لِي أنْ آكُلَ مِنْ طَعَامِهِ وَأتَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ؟ وَكَمْ مِقْدَارُ الصَّدَقَةِ؟ وَإِنْ أهْدَى هَذَا الْوَكِيلُ هَدِيَّةً إِلَى رَجُلٍ آخَرَ فَأحْضَرَ فَيَدْعُوني أنْ أنَالَ مِنْهَا وَأنَا أعْلَمُ أنَّ الْوَكِيلَ لاَ يَرعُ عَنْ أخْذِ مَا فِي يَدِهِ، فَهَلْ(2) فِيهِ شَيْءٌ إِنْ أنَا نِلْتُ مِنْهَا؟
الْجَوَابُ: (إِنْ كَانَ لِهَذَا الرَّجُل مَالٌ أوْ مَعَاشٌ غَيْرُ مَا فِي يَدِهِ، فَكُلْ طَعَامَهُ وَاقْبَلْ بِرَّهُ وَإِلاَّ فَلاَ).
وَعَن الرَّجُل يَقُولُ بِالْحَقَّ وَيَرَى الْمُتْعَةَ، وَيَقُولُ بِالرَّجْعَةِ، إِلاَّ أنَّ لَهُ أهْلاً مُوَافِقَةً لَهُ فِي جَمِيع أمْرهِ، وَقَدْ عَاهَدَهَا أنْ لاَ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهاَ(3) وَلاَ يَتَسَرَّى(4) وَقَدْ فَعَلَ هَذَا مُنْذُ بِضْع عَشْرَةَ سَنَةً، وَوَفَى بِقَوْلِهِ، فَرُبَّمَا غَابَ عَنْ مَنْزلِهِ الأشْهُرَ فَلاَ يَتَمَتَّعُ وَلاَ يَتَحَرَّكُ نَفْسُهُ أيْضاً لِذَلِكَ، وَيَرَى أنَّ وُقُوفَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أخ وَوَلَدٍ وَغُلاَم وَوَكِيلٍ وَحَاشيَةٍ مِمَّا يُقَلِّلُهُ فِي أعْيُنِهِمْ وَيُحِبُّ الْمُقَامَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً لأهْلِهِ وَمَيْلاً إِلَيْهَا، وَصِيَانَةً لَهَا وَلِنَفْسِهِ، لاَ يُحَرمُ الْمُتْعَةَ، بَلْ يَدِينُ اللهَ بِهَا، فَهَلْ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ ذَلِكَ مَأثَمٌ أمْ لاَ؟4.
ص: 676
الْجَوَابُ: (فِي ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يُطِيعَ اللهَ تَعَالَى(1) لِيَزُولَ عَنْهُ الْحَلْفُ فِي الْمَعْصِيَةِ(2) وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً).
فَإنْ رَأيْتَ أدَامَ اللهُ عِزَّكَ أنْ تَسْألَ لِي عَنْ ذَلِكَ وَتَشْرَحَهُ لِي وَتُجِيبَ فِي كُلّ مَسْألَةٍ بِمَا الْعَمَلُ بِهِ، وَتُقَلّدَنِي الْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ جَعَلَكَ اللهُ السَّبَبَ فِي كُلّ خَيْرٍ وَأجْرَاهُ عَلَى يَدِكَ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللهُ.
أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ وَأدَامَ عِزَّكَ وَتَأيِيدَكَ وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ وَكَرَامَتَكَ وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي عَنْكَ وَقِبَلَكَ الْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيراً.
قَالَ ابْنُ نُوح: نَسَخْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنَ الدَّرْجَيْن الْقَدِيمَيْن اللَّذَيْن فِيهِمَا الْخَطُّ وَالتَّوْقِيعَاتُ(3).
أقُولُ: رَوَى فِي الاحْتِجَاج مِثْلَهُ، إِلَى قَوْلِهِ: (لِيَزُولَ عَنْهُ الْحَلْفُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً)(4).
3 _ الاحتجاج: فِي كِتَابٍ آخَرَ لِمُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْحِمْيَريَّ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام مِنْ جَوَابَاتِ(5) مَسَائِلِهِ الَّتِي سَألَهُ عَنْهَا فِي سَنَةِ سَبْع وَثَلاَثِمِائَةٍ:
سَألَ عَن الْمُحْرم يَجُوزُ أنْ يَشُدَّ الْمِئْزَرَ مِنْ خَلْفِهِ إِلَى عُنُقِهِ(6) ).
ص: 677
بِالطُّول وَيَرْفَعَ طَرَفَيْهِ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَيَجْمَعَهُمَا فِي خَاصِرَتِهِ وَيَعْقِدَهُمَا، وَيُخْرجَ الطَّرَفَيْن الآخَرَيْن مِنْ بَيْن رجْلَيْهِ وَيَرْفَعَهُمَا إِلَى خَاصِرَتِهِ، وَيَشُدَّ طَرَفَيْهِ إِلَى وَركَيْهِ، فَيَكُونَ مِثْلَ السَّرَاوِيل يَسْتُرُ مَا هُنَاكَ، فَإنَّ الْمِئْزَرَ الأوَّلَ كُنَّا نَتَّزرُ بِهِ(1) إِذَا رَكِبَ الرَّجُلُ جُمْلَةً يَكْشفُ مَا هُنَاكَ وَهَذَا أسْتَرُ.
فَأجَابَ عليه السلام: (جَائِزٌ أنْ يَتَّزرَ الإنْسَانُ كَيْفَ شَاءَ إِذَا لَمْ يُحْدِثْ فِي الْمِئْزَر حَدَثاً بِمِقْرَاضٍ وَلاَ إِبْرَةٍ يُخْرجُهُ بِهِ عَنْ حَدَّ الْمِئْزَر، وَغَرَزَهُ غَرْزاً، وَلَمْ يَعْقِدْهُ وَلَمْ يَشُدَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، إِذَا غَطَّى سُرَّتَهُ وَرُكْبَتَيْهِ كِلاَهُمَا، فَإنَّ السُّنَّةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا بِغَيْر خِلاَفٍ تَغْطِيَةُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَتَيْن، وَالأحَبُّ إِلَيْنَا وَالأفْضَلُ لِكُلّ أحَدٍ شَدُّهُ عَلَى السَّبِيل الْمَعْرُوفَةِ لِلنَّاس جَمِيعاً إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَ رحمه الله: هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشُدَّ عَلَيْهِ مَكَانَ الْعَقْدِ تِكَّةً؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ يَجُوزُ شَدُّ الْمِئْزَر بِشَيْءٍ سِوَاهُ مِنْ تِكَّةٍ وَلاَ غَيْرهَا).
وَسَألَ عَن التَّوَجُّهِ لِلصَّلاَةِ أيَقُولُ: (عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ)؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهُ إِذَا قَالَ: (عَلَى دِين مُحَمَّدٍ) فَقَدْ أبْدَعَ، لأنَّا لَمْ نَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الصَّلاَةِ خَلاَ حَدِيثاً فِي كِتَابِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّدٍ عَنْ جَدَّهِ(2) الْحَسَن بْن رَاشدٍ أنَ الصَّادِقَ عليه السلام قَالَ لِلْحَسَن: (كَيْفَ تَتَوَجَّهُ؟)، قَالَ: أقُولُ: (لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ)، فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ عليه السلام: (لَيْسَ عَنْ هَذَا أسْألُكَ، كَيْفَ تَقُولُ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً؟)، قَالَ الْحَسَنُ: أقُولُهُ، فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ عليه السلام: (إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ).
ص: 678
فَقُلْ: عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ، وَمِنْهَاج عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ وَالائْتِمَام بِآل مُحَمَّدٍ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما أنَا مِنَ الْمُشْركِينَ).
فَأجَابَ عليه السلام: (التَّوَجُّهُ كُلُّهُ لَيْسَ بِفَريضَةٍ وَالسُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ فِيهِ الَّتِي هِيَ كَالإجْمَاع الَّذِي لاَ خِلاَفَ فِيهِ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً مُسْلِماً عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَدِين مُحَمَّدٍ، وَهُدَى أمِير الْمُؤْمِنينَ، وَما أنَا مِنَ الْمُشْركِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ، لا شَريكَ لَهُ وَبذلِكَ اُمِرْتُ وَأنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أعُوذُ بِاللهِ السَّمِيع الْعَلِيم مِنَ الشَّيْطَان الرَّجِيم، بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، ثُمَّ يَقْرَاُ الْحَمْدَ.
قَالَ الْفَقِيهُ الَّذِي لاَ يُشَكُّ فِي عِلْمِهِ: إنَّ(1) الدَّينُ لِمُحَمَّدٍ، وَالْهِدَايَةُ لِعَلِيًّ أمِير الْمُؤْمِنينَ، لأنَّهَا لَهُ وَفِي عَقِبهِ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ، وَمَنْ شَكَّ فَلاَ دِينَ لَهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ فِي ذَلِكَ(2) مِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ الْهُدَى).
وَسَألَهُ عَن الْقُنُوتِ فِي الْفَريضَةِ إِذَا فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ يجوز(3) أنْ يَرُدَّ يَدَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرهِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أنَّ اللهَ عزّ وجل أجَلُّ مِنْ أنْ يَرُدَّ يَدَيْ عَبْدِهِ صِفْراً بَلْ يَمْلاَهَا مِنْ رَحْمَتِهِ(4) أمْ لاَ يَجُوزُ؟ فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهُ عَمِلَ فِي الصَّلاَةِ.ت.
ص: 679
فَأجَابَ عليه السلام: (رَدُّ الْيَدَيْن مِنَ الْقُنُوتِ عَلَى الرَّأس وَالْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْفَرَائِض وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِ إِذَا رَفَعَ يَدَهُ فِي قُنُوتِ الْفَريضَةِ، وَفَرَغَ مِنَ الدُّعَاءِ أنْ يَرُدَّ بَطْنَ رَاحَتَيْهِ مَعَ صَدْرهِ تِلْقَاءَ رُكْبَتَيْهِ عَلَى تَمَهُّلٍ، وَيُكَبَّرُ وَيَرْكَعُ، وَالْخَبَرُ صَحِيحٌ وَهُوَ فِي نَوَافِل النَّهَار وَاللَّيْل، دُونَ الْفَرَائِض، وَالْعَمَلُ بِهِ فِيهَا أفْضَلُ).
وَسَألَ عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْر بَعْدَ الْفَريضَةِ، فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا ذَكَرَ أنَّهَا بِدْعَةٌ فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَسْجُدَهَا الرَّجُلُ بَعْدَ الْفَريضَةِ؟ وَإِنْ جَازَ فَفِي صَلاَةِ الْمَغْربِ هِيَ بَعْدَ الْفَريضَةِ أوْ بَعْدَ الأرْبَع رَكَعَاتِ النَّافِلَةِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (سَجْدَةُ الشُّكْر مِنْ ألْزَمِ السُّنَن وَأوْجَبِهَا، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ هَذِهِ السَّجْدَةَ بِدْعَةٌ إِلاَّ مَنْ أرَادَ أنْ يُحْدِثَ فِي دِين اللهِ بِدْعَةً، وَأمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ فِيهَا بَعْدَ صَلاَةِ الْمَغْربِ وَالاخْتِلاَفُ فِي أنَّهَا بَعْدَ الثَّلاَثِ أوْ بَعْدَ الأرْبَع، فَإنَّ فَضْلَ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيح بَعْدَ الْفَرَائِض عَلَى الدُّعَاءِ بِعَقِيبِ(1) النَّوَافِل، كَفَضْل الْفَرَائِض عَلَى النَّوَافِل وَالسَّجْدَةُ دُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ، وَالأفْضَلُ أنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَرْض، فَإنْ جَعَلْتَ بَعْدَ النَّوَافِل أيْضاً جَازَ).
وَسَألَ أنَّ لِبَعْض إِخْوَانِنَا مِمَّنْ نَعْرفُهُ ضَيْعَةً جَدِيدَةً بِجَنْبِ ضَيْعَةٍ خَرَابٍ لِلسُّلْطَان فِيهَا حِصَّةٌ، وَأكَرَتُهُ(2) رُبَّمَا زَرَعُوا حُدُودَهَا، وَتُؤْذِيهِمْ عُمَّالُ السُّلْطَان، وَيَتَعَرَّضُ(3) فِي الأكْل مِنْ غَلاَتِ ضَيْعَتِهِ، وَلَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ لِخَرَابِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ بَائِرَةٌ مُنْذُ عِشْرينَ سَنَةً، وَهُوَ يَتَحَرَّجُ مِنْ شرَائِهَا لأنَّهُ ).
ص: 680
يُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ، كَانَتْ قُبِضَتْ عَن الْوَقْفِ قَدِيماً لِلسُّلْطَان، فَإنْ جَازَ شرَاؤُهَا مِنَ السُّلْطَان، وَكَانَ ذَلِكَ صَوَاباً كَانَ ذَلِكَ صَلاَحاً لَهُ وَعِمَارَةً لِضَيْعَتِهِ، وَإِنَّهُ يَزْرَعُ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنَ الْقَرْيَةِ الْبَائِرَةِ لِفَضْل(1) مَاءِ ضَيْعَتِهِ الْعَامِرَةِ، وَيَنْحَسِمُ عَنْهُ طَمَعُ أوْلِيَاءِ السُّلْطَان، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَمِلَ بِمَا تَأمُرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَأجَابَهُ عليه السلام: (الضَّيْعَةُ لاَ يَجُوزُ ابْتِيَاعُهَا إِلاَّ مِنْ مَالِكِهَا أوْ بِأمْرهِ وَرضًا مِنْهُ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَحَلَّ بِامْرَأةٍ(2) مِنْ حُجَّابِهَا، وَكَانَ يَتَحَرَّزُ مِنْ أنْ يَقَعَ وَلَدٌ فَجَاءَتْ بِابْنٍ فَتَحَرَّجَ الرَّجُلُ أنْ لاَ يَقْبَلَهُ فَقَبِلَهُ وَهُوَ شَاكٌّ فِيهِ(3)، لَيْسَ يَخْلِطُهُ بِنَفْسِهِ، فَإنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ أنْ يَخْلِطَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَجْعَلَهُ كَسَائِر وُلْدِهِ فَعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ جَازَ أنْ يَجْعَلَ لَهُ شَيْئاً مِنْ مَالِهِ دُونَ حَقّهِ فَعَلَ.
فَأجَابَ عليه السلام: (الاسْتِحْلاَلُ بِالْمَرْأةِ يَقَعُ عَلَى وُجُوهٍ، وَالْجَوَابُ يُخْتَلَفُ فِيهَا، فَلْيَذْكُر الْوَجْهَ الَّذِي وَقَعَ الاسْتِحْلاَلُ بِهِ مَشْرُوحاً لِيَعْرفَ الْجَوَابَ فِيمَا يَسْألُ عَنْهُ مِنْ أمْر الْوَلَدِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَهُ الدُّعَاءَ لَهُ، فَخَرَجَ الْجَوَابُ: (جَادَ اللهُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أهْلُهُ إِيْجَابَنَا لِحَقّهِ وَرعَايَتَنَا لأبِيهِ رحمه الله، وَقُرْبهِ مِنَّا بِمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ جَمِيل نِيَّتِهِ، وَوَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَطَتِهِ(4) الْمَقَربَةِ لَهُ مِنَ اللهِ الَّتِي تُرْضِي اللهَ عزّ وجل وَرَسُولَهُ وَأوْلِيَاءَهُ).
ص: 681
عليهم السلام بِمَا بَدَأنَا نَسْألُ اللهَ بِمَسْألَتِهِ مَا أمَّلَهُ مِنْ كُلّ خَيْرٍ عَاجِلٍ وَآجِلٍ، وَأنْ يُصْلِحَ لَهُ مِنْ أمْر دِينهِ وَدُنْيَاهُ مَا يُحِبُّ صَلاَحَهُ إِنَّهُ وَلِيٌّ قَدِيرٌ)(1).
4 _ الاحتجاج: وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ أيْضاً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِمِائَةٍ كِتَاباً سَألَهُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ اُخْرَى، كَتَبَ فِيهِ:
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أطَالَ اللهُ بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ وَكَرَامَتَكَ، وَسَعَادَتَكَ وَسَلاَمَتَكَ، وَأتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَزَادَ فِي إِحْسَانِهِ إِلَيْكَ، وَجَمِيل مَوَاهِبهِ لَدَيْكَ، وَفَضْلِهِ عَلَيْكَ، وَجَزيل قِسْمِهِ لَكَ، وَجَعَلَنِي مِنَ السُّوءِ كُلّهِ فِدَاكَ، وَقَدَّمَنِي قِبَلَكَ، إِنَّ قِبَلَنَا مَشَايِخَ وَعَجَائِزَ يَصُومُونَ رجب (رَجَباً) مُنْذُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَأكْثَرَ، وَيَصِلُونَ شَعْبَانَ بِشَهْر رَمَضَانَ، وَرَوَى لَهُمْ بَعْضُ أصْحَابِنَا أنَّ صَوْمَهُ مَعْصِيَةٌ.
فَأجَابَ: قَالَ الْفَقِيهُ عليه السلام(2): (يَصُومُ مِنْهُ أيَّاماً إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، ثُمَّ يَقْطَعُهُ إِلاَّ أنْ يَصُومَهُ عَن الثَّلاَثَةِ الأيَّام الْفَائِتَةِ لِلْحَدِيثِ(3): إنْ نِعْمَ شَهْرُ الْقَضَاءِ رَجَبٌ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي مَحْمِلِهِ، وَالثَّلْجُ كَثِيرٌ بِقَامَةِ رَجُلٍ، فَيَتَخَوَّفُ إِنْ نَزَلَ الْغَوْصَ فِيهِ وَرُبَّمَا يَسْقُطُ الثَّلْجُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَال، وَلاَ يَسْتَوِي لَهُ أنْ يُلَبَّدَ شَيْئاً مِنْهُ لِكَثْرَتِهِ وَتَهَافُتِهِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ أنْ يُصَلّيَ فِي الْمَحْمِل الْفَريضَةَ؟ فَقَدْ فَعَلْنَا ذَلِكَ أيَّاماً فَهَلْ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ إِعَادَةٌ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ بَأسَ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالشدَّةِ).).
ص: 682
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَلْحَقُ الإمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَيَحْتَسِبُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ، فَإنَّ بَعْضَ أصْحَابِنَا قَالَ: إِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوع فَلَيْسَ لَهُ أنْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ.
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا لَحِقَ مَعَ الإمَام مِنْ تَسْبِيح الرُّكُوع تَسْبِيحَةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوع).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى الظُّهْرَ وَدَخَلَ فِي صَلاَةِ الْعَصْر، فَلَمَّا أنْ صَلَّى مِنْ صَلاَةِ الْعَصْر رَكْعَتَيْن اسْتَيْقَنَ أنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْن، كَيْفَ يَصْنَعُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ أحْدَثَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْن حَادِثَةً يَقْطَعُ بِهَا الصَّلاَةَ أعَادَ الصَّلاَتَيْن، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أحْدَثَ حَادِثَةً جَعَلَ الرَّكْعَتَيْن الأخِيرَتَيْن تَتِمَّةً لِصَلاَةِ الظُّهْر وَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ أهْل الْجَنَّةِ، هَلْ يَتَوَالَدُونَ إِذَا دَخَلُوهَا أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنَّ الْجَنَّةَ لاَ حَمْلَ فِيهَا لِلنّسَاءِ، وَلاَ وِلاَدَةَ، وَلاَ طَمْثَ، وَلاَ نِفَاسَ، وَلاَ شَقَاءَ بِالطُّفُولِيَّةِ، ((وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الأَْنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَْعْيُنُ))(1)، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ، فَإذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ وَلَداً خَلَقَهُ اللهُ عزّ وجل بِغَيْر حَمْلٍ وَلاَ وِلاَدَةٍ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي يُريدُ كَمَا خَلَقَ آدَمَ عليه السلام عِبْرَةً).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأةً بِشَيْءٍ مَعْلُوم إِلَى وَقْتٍ مَعْلُوم، وَبَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا وَقْتٌ فَجَعَلَهَا فِي حِلّ مِمَّا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَتْ طَمِثَتْ قَبْلَ أنْ يَجْعَلَهَا فِي حِلّ مِنْ أيَّامِهَا بِثَلاَثَةِ أيَّام أيَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ بِشَيْءٍ مَعْلُوم إِلَى وَقْتٍ مَعْلُوم عِنْدَ طُهْرهَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ أوْ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَيْضَةً اُخْرَى؟1.
ص: 683
فَأجَابَ عليه السلام: (يَسْتَقْبِلُ حَيْضَةً غَيْرَ تِلْكَ الْحَيْضَةِ، لأنَّ أقَلَّ تِلْكَ الْعِدَّةِ حَيْضَةٌ وَطَهَارَةٌ(1) تَامَّةٌ).
وَسَألَ عَن الأبْرَص وَالْمَجْذُوم، وَصَاحِبِ الْفَالِج، هَلْ يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ؟ فَقَدْ رُوِيَ لَنَا أنَّهُمْ لاَ يَؤُمُّونَ الأصِحَّاءَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ مَا بِهِمْ حادث (حَادِثاً)، جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ وِلاَدَةً لَمْ تَجُزْ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل أنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ امْرَأتِهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَتْ رُبَّيَتْ فِي حَجْرهِ فَلاَ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُبَّيَتْ فِي حَجْرهِ وَكَانَتْ اُمُّهَا فِي غَيْر حِبَالِهِ(2) فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ جَائِزٌ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنَةِ امْرَأةٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَ جَدَّتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أمْ لا(3)؟
فَأجَابَ عليه السلام: (قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ ألْفَ دِرْهَم، أقَامَ بِهَا الْبَيَّنَةَ الْعَادِلَةَ، وَادَّعَى عَلَيْهِ أيْضاً خَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ(4) وَلَهُ بِذَلِكَ كُلّهِ بَيَّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَادَّعَى عَلَيْهِ أيْضاً بِثَلاَثِ مِائَةِ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ، وَمِائَتَيْ دِرْهَم فِي صَكًّ آخَرَ، وَلَهُ بِذَلِكَ كُلّهِ بَيَّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَيَزْعُمُ الْمُدَّعَى ه.
ص: 684
عَلَيْهِ أنَّ هَذِهِ الصّكَاكَ كُلَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي الصَّكَّ الَّذِي بِألْفِ دِرْهَم، وَالْمُدَّعِي يُنْكِرُ أنْ يَكُونَ كَمَا زَعَمَ، فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الألْفُ الدَّرْهَم مَرَّةً وَاحِدَةً أوْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا يُقِيمُ الْبَيَّنَةَ بِهِ؟ وَلَيْسَ فِي الصّكَاكِ اسْتِثْنَاءٌ إِنَّمَا هِيَ صِكَاكٌ عَلَى وَجْهِهَا.
فَأجَابَ عليه السلام: (يُؤْخَذُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ألْفُ دِرْهَم، وَهِيَ الَّتِي لاَ شُبْهَةَ فِيهَا وَتُرَدُّ الْيَمِينُ فِي الألْفِ الْبَاقِي عَلَى الْمُدَّعِي، فَإنْ نَكَلَ فَلاَ حَقَّ لَهُ).
وَسَألَ عَنْ طِين الْقَبْر، يُوضَعُ مَعَ الْمَيَّتِ فِي قَبْرهِ، هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يُوضَعُ مَعَ الْمَيَّتِ فِي قَبْرهِ وَيُخْلَطُ بِحَنُوطِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ لَنَا عَن الصَّادِقِ عليه السلام أنَّهُ كَتَبَ عَلَى إِزَار إِسْمَاعِيلَ ابْنُهُ: (إِسْمَاعِيلُ يَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) فَهَلْ يَجُوزُ لَنَا أنْ نَكْتُبَ مِثْلَ ذَلِكَ بِطِين الْقَبْر أمْ غَيْرهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يُسَبَّحَ الرَّجُلُ بِطِين الْقَبْر وَهَلْ فِيهِ فَضْلٌ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يُسَبَّحُ بِهِ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ التَّسْبِيح أفْضَلَ مِنْهُ، وَمِنْ فَضْلِهِ أنَّ الرَّجُلَ يَنْسَى التَّسْبِيحَ وَيُدِيرُ السُّبْحَةَ فَيُكْتَبُ لَهُ التَّسْبِيحُ).
وَسَألَ عَن السَّجْدَةِ عَلَى لَوْح مِنْ طِين الْقَبْر وَهَلْ فِيهِ فَضْلٌ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ وَفِيهِ الْفَضْلُ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَزُورُ قُبُورَ الأئِمَّةِ عليهم السلام هَلْ يَجُوزُ أنْ يَسْجُدَ عَلَى الْقَبْر أمْ لاَ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى عِنْدَ بَعْض قُبُورهِمْ عليهم السلام أنْ يَقُومَ وَرَاءَ الْقَبْر وَيَجْعَلَ الْقَبْرَ قِبْلَةً أمْ يَقُومُ عِنْدَ رَأسِهِ أوْ رجْلَيْهِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَتَقَدَّمَ الْقَبْرَ وَيُصَلّيَ وَيَجْعَلَ الْقَبْرَ خَلْفَهُ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (أمَّا السُّجُودُ عَلَى الْقَبْر فَلاَ يَجُوزُ فِي نَافِلَةٍ وَلاَ فَريضَةٍ وَلاَ
ص: 685
زِيَارَةٍ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أنْ يَضَعَ خَدَّهُ الأيْمَنَ عَلَى الْقَبْر، وَأمَّا الصَّلاَةُ فَإنَّهَا خَلْفَهُ وَيَجْعَلُ الْقَبْرَ أمَامَهُ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يُصَلّيَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ عَنْ يَمِينهِ، وَلاَ عَنْ يَسَارهِ، لأنَّ الإمَامَ عليه السلام لاَ يُتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَلاَ يُسَاوَى).
وَسَألَ فَقَالَ: هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُل إِذَا صَلَّى الْفَريضَةَ أوِ النَّافِلَةَ وَبيَدِهِ السُّبْحَةُ أنْ يُدِيرَهَا وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ إِذَا خَافَ السَّهْوَ وَالْغَلَطَ).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يُدِيرَ السُّبْحَةَ بِيَدِهِ الْيَسَار إِذَا سَبَّحَ أوْ لاَ يَجُوزُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ للهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ عَن الْفَقِيهِ فِي بَيْع الْوُقُوفِ خَبَرٌ مَأثُورٌ (إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْم بِأعْيَانِهِمْ وَأعْقَابِهِمْ فَاجْتَمَعَ أهْلُ الْوَقْفِ عَلَى بَيْعِهِ وَكَانَ ذَلِكَ أصْلَحَ لَهُمْ أنْ يَبيعُوهُ) فَهَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْتَريَ مِنْ بَعْضِهِمْ إِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْبَيْع؟ أمْ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ أنْ يَجْتَمِعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَن الْوَقْفِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى إِمَام الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْم مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَبعْ كُلُّ قَوْم مَا يَقْدِرُونَ عَلَى بَيْعِهِ مُجْتَمِعِينَ وَمُتَفَرقِينَ إِنْ شَاءَ اللهُ)(1).
وَسَألَ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُحْرم أنْ يُصَيَّرَ عَلَى إِبْطِهِ الْمَرْتَكَ أوِ التُّوتِيَاءَ(2) لِريحِ الْعَرَقِ أمْ لاَ يَجُوزُ؟ق.
ص: 686
فَأجَابَهُ: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَن الضَّرير إِذَا اُشْهِدَ فِي حَال صِحَّتِهِ عَلَى شَهَادَةٍ ثُمَّ كُفَّ بَصَرُهُ وَلاَ يَرَى خَطَّهُ فَيَعْرفَهُ، هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ (وَباللهِ التَّوْفِيقُ)(1) أمْ لاَ؟ وَإِنْ ذَكَرَ هَذَا الضَّريرُ الشَّهَادَةَ هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أمْ لاَ يَجُوزُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا حَفِظَ الشَّهَادَةَ وَحَفِظَ الْوَقْتَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يُوقِفُ ضَيْعَةً أوْ دَابَّةً، وَيُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ بِاسْم بَعْض وُكَلاَءِ الْوَقْفِ، ثُمَّ يَمُوتُ هَذَا الْوَكِيلُ أوْ يَتَغَيَّرُ أمْرُهُ، وَيَتَوَلَّى غَيْرُهُ، هَلْ يَجُوزُ أنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ لِهَذَا الَّذِي اُقِيمَ مَقَامَهُ، إِذَا كَانَ أصْلُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أمْ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ لأنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَقُمْ لِلْوَكِيل وَإِنَّمَا قَامَتْ لِلْمَالِكِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ للهِ))(2)).
وَسَألَ عَن الرَّكْعَتَيْن الاُخْرَاوَيْن(3) قَدْ كَثُرَتْ فِيهِمَا الروَايَاتُ، فَبَعْضٌ يَرْوِي أنَّ قِرَاءَةَ الْحَمْدِ وَحْدَهَا أفْضَلُ وَبَعْضٌ يَرْوِي أنَّ التَّسْبِيحَ فِيهِمَا أفْضَلُ، فَالْفَضْلُ لأيَّهِمَا لِنَسْتَعْمِلَهُ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (قَدْ نَسَخَتْ قِرَاءَةُ اُمّ الْكِتَابِ فِي هَاتَيْن الرَّكْعَتَيْن التَّسْبِيحَ، وَالَّذِي نَسَخَ التَّسْبِيحَ قَوْلُ الْعَالِم عليه السلام: كُلُّ صَلاَةٍ لاَ قِرَاءَةَ فِيهَا ).
ص: 687
فَهِيَ خِدَاجٌ(1) إِلاَّ لِلْعَلِيل أوْ مَنْ يَكْثُرُ عَلَيْهِ السَّهْوُ، فَيُتَخَوَّفُ بُطْلاَنُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: يُتَّخَذُ عِنْدَنَا رُبُّ الْجَوْزِ(2) لِوَجَع الْحَلْقِ وَالْبَحْبَحَةِ يُؤْخَذُ الْجَوْزُ الرَّطْبُ مِنْ قَبْل أنْ يَنْعَقِدَ، وَيُدَقُّ دَقّاً نَاعِماً، وَيُعْصَرُ مَاؤُهُ، وَيُصَفَّى وَيُطْبَخُ عَلَى النّصْفِ، وَيُتْرَكُ يَوْماً وَلَيْلَةً، ثُمَّ يُنْصَبُ عَلَى النَّار، وَيُلْقَى عَلَى كُلّ سِتَّةِ أرْطَالٍ مِنْهُ رطْلُ عَسَلٍ، وَيُغْلَى وَيُنْزَعُ رَغْوَتُهُ، وَيُسْحَقُ مِنَ النُّوشَادُر وَالشَّبَّ الْيَمَانِيَّ مِنْ كُلّ وَاحِدٍ نِصْفُ مِثْقَالٍ، وَيُدَافُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَاءِ، وَيُلْقَى فِيهِ دِرْهَمُ زَعْفَرَانٍ مَسْحُوقٍ وَيُغْلَى وَيُؤْخَذُ رَغْوَتُهُ، وَيُطْبَخُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْعَسَل ثَخِيناً ثُمَّ يُنْزَلُ عَن النَّار، وَيَبْرُدُ وَيُشْرَبُ مِنْهُ، فَهَلْ يَجُوزُ شُرْبُهُ أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا كَانَ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ أوْ يُغَيَّرُ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ لاَ يُسْكِرُ فَهُوَ حَلاَلٌ).ه.
ص: 688
وَسَألَ عَن الرَّجُل تَعْرضُ لَهُ حَاجَةٌ مِمَّا لاَ يَدْري أنْ يَفْعَلَهَا أمْ لاَ؟ فَيَأخُذُ خَاتَمَيْن فَيَكْتُبُ فِي أحَدِهِمَا: (نَعَم افْعَلْ)، وَفِي الآخَر: (لاَ تَفْعَلْ) فَيَسْتَخِيرُ اللهَ مِرَارا(1) ثُمَّ يَرَى فِيهِمَا فَيُخْرجُ أحَدَهُمَا فَيَعْمَلُ بِمَا يَخْرُجُ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أمْ لاَ؟ وَالْعَامِلُ بِهِ وَالتَّاركُ لَهُ، أهُوَ (يَجُوزُ)(2) مِثْلَ الاسْتِخَارَةِ أمْ هُوَ سِوَى ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (الَّذِي سَنَّهُ الْعَالِمُ عليه السلام فِي هَذِهِ الاسْتِخَارَةِ بِالرقَاع وَالصَّلاَةِ).
وَسَألَ عَنْ صَلاَةِ جَعْفَر بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام فِي أيَّ أوْقَاتِهَا أفْضَلُ أنْ تُصَلَّى فِيهِ وَهَلْ فِيهَا قُنُوتٌ؟ وَإِنْ كَانَ فَفِي أيَّ رَكْعَةٍ مِنْهَا؟
فَأجَابَ عليه السلام: (أفْضَلُ أوْقَاتِهَا صَدْرُ النَّهَار مِنْ يَوْم الْجُمُعَةِ، ثُمَّ فِي أيَّ الأيَّام شئْتَ، وَأيَّ وَقْتٍ صَلَّيْتَهَا مِنْ لَيْلٍ أوْ نَهَارٍ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْقُنُوتُ(3) مَرَّتَان فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الرُّكُوع وَالرَّابِعَةِ)(4).
وَسَألَ عَن الرَّجُل يَنْوي إِخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَأنْ يَدْفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ، ثُمَّ يَجِدُ فِي أقْربَائِهِ مُحْتَاجاً أيَصْرفُ ذَلِكَ عَمَّنْ نَوَاهُ لَهُ إِلَى قَرَابَتِهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَصْرفُهُ إِلَى أدْنَاهُمَا وَأقْرَبهِمَا مِنْ مَذْهَبِهِ، فَإنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ الْعَالِم رحمه الله: لاَ يَقْبَلُ اللهُ الصَّدَقَةَ وَذُو رَحِم مُحْتَاجٌ(5)، فَلْيَقْسِمْ بَيْنَ الْقَرَابَةِ، وَبَيْنَ الَّذِي نَوَى حَتَّى يَكُونَ قَدْ أخَذَ بِالْفَضْل كُلّهِ).2.
ص: 689
وَسَألَ فَقَالَ: قَدِ اخْتَلَفَ أصْحَابُنَا فِي مَهْر الْمَرْأةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ الْمَهْرُ، وَلاَ شَيْءَ لَهاَ(1)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ لاَزِمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ فِيهِ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنْ كَانَ عَلَيْهِ بِالْمَهْر كِتَابٌ فِيهِ(2) دَيْنٌ، فَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ الصَّدَقَاتِ سَقَطَ إِذَا دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كِتَابٌ فَإذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ بَاقِي الصَّدَاقِ)(3).
وَسَألَ فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ صَاحِبِ الْعَسْكَر عليه السلام أنَّهُ سُئِلَ عَن الصَّلاَةِ فِي الْخَزّ الَّذِي يُغَشُّ بِوَبَر الأرَانِبِ، فَوَقَّعَ: (يَجُوزُ)، وَرُوِيَ عَنْهُ أيْضاً أنَّهُ لاَ يَجُوزُ فَأيَّ الأمْرَيْن نَعْمَلُ بِهِ؟ر.
ص: 690
فَأجَابَ عليه السلام: (إِنَّمَا حَرُمَ فِي هَذِهِ الأوْبَار وَالْجُلُودِ، فَأمَّا الأوْبَارُ وَحْدَهَا فَحَلاَلٌ)(1).
وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ مَعْنَى قَوْل الصَّادِقِ عليه السلام: (لاَ يُصَلَّى فِي الثَّعْلَبِ ولا في الأرنب(2) وَلاَ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَلِيهِ).
فَقَالَ: (إِنَّمَا عَنَى الْجُلُودَ دُونَ غَيْرهِ).
وَسَألَ فَقَالَ: نجد(3) بِأصْفَهَانَ ثِيَابٌ عُنَّابِيَّةٌ(4) عَلَى عَمَل الْوَشْي مِنْ قَزّ وَإِبْريسَم هَلْ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِيهَا أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ إِلاَّ فِي ثَوْبٍ سَدَاهُ أوْ لَحْمَتُهُ قُطْنٌ أوْ كَتَّانٌ).
وَسَألَ عَن الْمَسْح عَلَى الرجْلَيْن بِأيَّهِمَا يَبْدَاُ بِالْيَمِين أوْ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا جَمِيعا(5)؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً مَعا(6) فَإنْ بَدَأ بِإحْدَاهُمَا قَبْلَ الاُخْرَى فَلاَ يَبْتَدِئُ إِلاَّ بِالْيَمِين).
وَسَألَ عَنْ صَلاَةِ جَعْفَرٍ فِي السَّفَر هَلْ يَجُوزُ أنْ تُصَلَّى أمْ لاَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (يَجُوزُ ذَلِكَ).
وَسَألَ عَنْ تَسْبِيح فَاطِمَةَ عليها السلام مَنْ سَهَا فَجَازَ التَّكْبِيرَ أكْثَرَ مِنْ أرْبَع ن.
ص: 691
وَثَلاَثِينَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى أرْبَع وَثَلاَثِينَ أوْ يَسْتَأنِفُ؟ وَإِذَا سَبَّحَ تَمَامَ سَبْعَةٍ وَسِتّينَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى سِتَّةٍ وَسِتّينَ أوْ يَسْتَأنِفُ؟ وَمَا الَّذِي يَجِبُ فِي ذَلِكَ؟
فَأجَابَ عليه السلام: (إِذَا سَهَا فِي التَّكْبِير حَتَّى تَجَاوَزَ أربع (أرْبَعاً) وَثَلاَثِينَ عَادَ إِلَى ثَلاَثٍ وَثَلاَثِينَ وَيَبْني عَلَيْهَا، وَإِذَا سَهَا فِي التَّسْبِيح فَتَجَاوَزَ سَبْعاً وَسِتِّينَ تَسْبِيحَةً عَادَ إِلَى سِتّ وَسِتّينَ وَبَنَى عَلَيْهَا، فَإذَا جَاوَزَ التَّحْمِيدَ مِائَةً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ)(1).
5 _ الاحتجاج: وَعَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ الْحِمْيَريَّ أنَّهُ قَالَ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ حَرَسَهَا اللهُ تَعَالَى بَعْدَ الْمَسَائِل:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، لاَ لأمْر اللهِ تَعْقِلُونَ، وَلاَ مِنْ أوْلِيَائِهِ تَقْبَلُونَ، ((حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ))(2) عَنْ قَوْم لا يُؤْمِنُونَ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، إِذَا أرَدْتُمُ التَّوَجُّهَ بِنَا إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَيْنَا، فَقُولُوا كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: سَلامٌ عَلى آلِ يس، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا دَاعِيَ اللهِ وَرَبَّانِيَّ آيَاتِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَابَ اللهِ وَدَيَّانَ دِينهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللهِ وَنَاصِرَ حَقّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ وَدَلِيلَ إِرَادَتِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللهِ وَتَرْجُمَانَهُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي آنَاءِ لَيْلِكَ وَأطْرَافِ نَهَاركَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مِيثَاقَ اللهِ الَّذِي أخَذَهُ وَوَكَّدَهُ.
السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللهِ الَّذِي ضَمِنَهُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ، وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ، وَالْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَعْدٌ غَيْرُ 5.
ص: 692
مَكْذُوبٍ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقُومُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَاُ وَتُبَيَّنُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلّي وَتَقْنُتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَتَسْتَغْفِرُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلّلُ وَتُكَبَّرُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصْبِحُ وَتُمْسِي، السَّلاَمُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْل إِذا يَغْشى وَالنَّهار إِذا تَجَلَّى.
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الإمَامُ الْمَأمُونُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأمُولُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ بِجَوَامِع السَّلاَم.
أشْهَدُ مَوَالِيَّ أنّي(1) اُشْهِدُكَ يَا مَوْلاَيَ إِنّي اُشْهَدُكَ(2) أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لاَ حَبِيبَ إِلاَّ هُوَ وَأهْلُهُ، وَاُشْهِدُكَ أنَّ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ حُجَّتُهُ، وَالْحَسَنَ حُجَّتُهُ، وَالْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْن حُجَّتُهُ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيًّ حُجَّتُهُ، وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَمُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ مُوسَى حُجَّتُهُ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيًّ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيًّ حُجَّتُهُ.
وَأشْهَدُ أنَّكَ حُجَّةُ اللهِ، أنْتُمُ الأوَّلُ وَالآخِرُ، وَأنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لاَ رَيْبَ فِيهَا، يَوْمَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً وَأنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ، وَأنَّ نَاكِراً وَنَكِيراً حَقٌّ، وَأشْهَدُ أنَّ النَّشْرَ وَالْبَعْثَ حَقٌّ، وَأنَّ الصّرَاطَ وَالْمِرْصَادَ حَقٌّ، وَالْمِيزَانَ وَالْحِسَابَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ بِهِمَا حَقٌّ.
يَا مَوْلاَيَ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ، وَسَعِدَ مَنْ أطَاعَكُمْ، فَاشْهَدْ عَلَى مَا أشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَأنَا وَلِيٌّ لَكَ، بَريءٌ مِنْ عَدُوَّكَ، فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ، ).
ص: 693
وَالْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ وَالْمَعْرُوفُ مَا أمَرْتُمْ بِهِ، وَالْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ، فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللهِ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ وَبرَسُولِهِ وَبأمِير الْمُؤْمِنينَ(1) وَبكُمْ يَا مَوْلاَيَ أوَّلِكُمْ وَآخِركُمْ، وَنُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ، وَمَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ آمِينَ آمِينَ).
الدُّعَاءُ عَقِيبَ هَذَا الْقَوْل:
(اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيَّ رَحْمَتِكَ، وَكَلِمَةِ نُوركَ، وَأنْ تَمْلأ قَلْبِي نُورَ الْيَقِين، وَصَدْري نُورَ الإيمَان، وَفِكْري نُورَ الثَّبَاتِ، وَعَزْمِي نُورَ الْعِلْم، وَقُوَّتِي نُورَ الْعَمَل، وَلِسَانِي نُورَ الصّدْقِ، وَدِيني نُورَ الْبَصَائِر مِنْ عِنْدِكَ، وَبَصَري نُورَ الضّيَاءِ، وَسَمْعِي نُورَ(2) الْحِكْمَةِ، وَمَوَدَّتِي نُورَ الْمُوَالاَةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ عليهم السلام حَتَّى ألْقَاكَ وَقَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ، فَتُغَشيَني(3) رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ.
اللهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن حُجَّتِكَ فِي أرْضِكَ، وَخَلِيفَتِكَ فِي بِلاَدِكَ، وَالدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ، وَالْقَائِم بِقِسْطِكَ، وَالسَّائِر بِأمْركَ، وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ، وَبَوَار الْكَافِرينَ، وَمُجَلّي الظُلْمَةِ، وَمُنِير الْحَقَّ، وَالنَّاطِقِ بِالْحِكْمَةِ وَالصّدْقِ، وَكَلِمَتِكَ التَّامَّةِ فِي أرْضِكَ، الْمُرْتَقِبِ الْخَائِفِ، وَالْوَلِيَّ النَّاصِح، سَفِينَةِ النَّجَاةِ، وَعَلَم الْهُدَى، وَنُور أبْصَار الْوَرَى، وَخَيْر مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَى، وَمُجَلّي الْغَمَّاتِ(4)، الَّذِي يَمْلاَ الأرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً إِنَّكَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.).
ص: 694
اللهُمَّ صَل عَلَى وَلِيَّكَ وَابْن أوْلِيَائِكَ، الَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ، وَأوْجَبْتَ حَقَّهُمْ، وَأذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً.
اللهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ لِدِينكَ، وَانْصُرْ بِهِ(1) أوْلِيَاءَكَ وَأوْلِيَاءَهُ وَشيعَتَهُ وَأنْصَارَهُ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ.
اللهُمَّ أعِذْهُ مِنْ شَر كُلّ بَاغ وَطَاغ، وَمِنْ شَر جَمِيع خَلْقِكَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينهِ وَعَنْ شمَالِهِ، وَاحْرُسْهُ وَامْنَعْهُ مِنْ أنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَآلَ رَسُولِكَ، وَأظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَأيَّدْهُ بِالنَّصْر، وَانْصُرْ نَاصِريهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَاقْصِمْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْر، وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَجَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ، حَيْثُ كَانُوا مِنْ مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربِهَا بَرهَا وَبَحْرهَا، وَامْلأ بِهِ الأرْضَ عَدْلاً، وَأظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيَّكَ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنِي اللهُمَّ مِنْ أنْصَارهِ وَأعْوَانِهِ وَأتْبَاعِهِ وَشيعَتِهِ، وَأرني فِي آل مُحَمَّدٍ عليهم السلام مَا يَأمَلُونَ، وَفِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ، إِلَهَ الْحَقَّ آمِينَ، يَا ذَا الْجَلاَل وَالإكْرَام يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ)(2).
أقول: قال مؤلف المزار الكبير: حدَّثنا الشيخ الأجل الفقيه العالم أبو محمّد عربي بن مسافر العبادي رضي الله عنه قراءة عليه بداره بالحلّة في شهر ربيع الأوَّل سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وحدَّثني الشيخ العفيف أبو البقاء هبة الله بن نماء بن عليّ بن حمدون رحمه الله قراءة عليه أيضاً بالحلّة قالا جميعاً: حدَّثنا الشيخ الأمين أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمّد بن عليّ بن طحال المقدادي رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي 8.
ص: 695
طالب صلوات الله عليه، في الطرز الكبير الذي عند رأس الإمام عليه السلام في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، قال: حدَّثنا الشيخ الأجل المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي رضي الله عنه بالمشهد المذكور على صاحبه أفضل السلام في الطرز المذكور في العشر الأواخر من ذي القعدة سنة تسع وخمسمائة، قال: حدَّثنا السيَّد السعيد الوالد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن أشناس البزاز، قال: أخبرنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن يحيى القمّي، قال: حدَّثنا محمّد بن عليّ بن زنجويه القمّي، قال: حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، قال أبو علي الحسن بن أشناس: وأخبرنا أبو المفضل محمّد بن عبد الله الشيباني أن أبا جعفر محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له جميع ما رواه أنَّه خرج إليه من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل والصلاة والتوجه أوَّله:
(بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمر الله تعقلون...) وذكر نحواً ممَّا مرَّ(1) مع اختلاف أوردناه في كتاب المزار في باب زيارة القائم عليه السلام، وإنَّما أوردنا سنده ههنا ليعلم أسانيد تلك التوقيعات.
6 _ أقُولُ: ثُمَّ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُور: قَالَ أبُو عَلِيًّ الْحَسَنُ بْنُ أشْنَاسَ: أخْبَرَنَا أبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّعْجَلِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن بْن شَبِيبٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ شَوْقِي إِلَى رُؤْيَةِ مَوْلاَنَا عليه السلام فَقَالَ لِي: مَعَ الشَّوْقِ 3.
ص: 696
تَشْتَهِي أنْ تَرَاهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ، فَقَالَ لِي: شَكَرَ اللهُ لَكَ شَوْقَكَ، وَأرَاكَ وَجْهَهُ فِي يُسْرٍ وَعَافِيَةٍ، لاَ تَلْتَمِسْ يَا أبَا عَبْدِ اللهِ أنْ تَرَاهُ فَإنَّ أيَّامَ الْغَيْبَةِ يُشْتَاقُ إِلَيْهِ، وَلاَ يُسْألُ الاجْتِمَاعُ مَعَهُ، إِنَّهُ عَزَائِمُ اللهِ، وَالتَّسْلِيمُ لَهَا أوْلَى وَلَكِنْ تَوَجَّهْ إِلَيْهِ بِالزّيَارَةِ، فَأمَّا كَيْفَ يُعْمَلُ وَمَا أمْلاَهُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ فَانْسَخُوهُ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ التَّوَجُّهُ إِلَى الصَّاحِبِ بِالزّيَارَةِ بَعْدَ صَلاَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَقْرَاُ ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)) فِي جَمِيعِهَا رَكْعَتَيْن رَكْعَتَيْن ثُمَّ تُصَلّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَقُولُ قَوْلَ اللهِ جَلَّ اسْمُهُ: (سَلاَمٌ عَلَى آل يَاسِينَ، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَاللهُ ذُو الْفَضْل الْعَظِيم، إِمَامُهُ مَنْ يَهْدِيهِ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، قَدْ آتَاكُمُ اللهُ خِلاَفَتَهُ يَا آلَ يَاسِينَ).
وَذَكَرْنَا فِي الزّيَارَةِ(1) وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيَّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ(2).
7 _ الاحتجاج: ذُكِرَ كِتَابٌ وَرَدَ مِنَ النَّاحِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ حَرَسَهَا اللهُ وَرَعَاهَا فِي أيَّام بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَأرْبَعِمِائَةٍ عَلَى الشَّيْخ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَريحَهُ، ذَكَرَ مُوصِلُهُ أنَّهُ تَحْمِلُهُ مِنْ نَاحِيَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْحِجَازِ، نُسْخَتُهُ:
(لِلأخ السَّدِيدِ، وَالْوَلِيَّ الرَّشيدِ، الشَّيْخ الْمُفِيدِ أبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْن مُحَمَّدِ بْن النُّعْمَان أدَامَ اللهُ إِعْزَازَهُ مِنْ مُسْتَوْدَع الْعَهْدِ الْمَأخُوذِ عَلَى الْعِبَادِ.
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أمَّا بَعْدُ، سَلاَمٌ عَلَيْكَ أيُّهَا الْمَوْلَى الْمُخْلِصُ فِي الدَّين الْمَخْصُوصُ فِينَا بِالْيَقِين، فَإنَّا نَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، وَنَسْألُهُ الصَّلاَةَ عَلَى سَيَّدِنَا وَمَوْلاَنَا نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَنُعْلِمُكَ أدَامَ اللهُ تَوْفِيقَكَ لِنُصْرَةِ الْحَقَّ وَأجْزَلَ مَثُوبَتَكَ عَلَى نُطْقِكَ عَنَّا بِالصّدْقِ، أنَّهُ .
ص: 697
قَدْ اُذِنَ لَنَا فِي تَشْريفِكَ بِالْمُكَاتَبَةِ وَتَكْلِيفِكَ مَا تُؤَدَّيهِ عَنَّا إِلَى مَوَالِينَا قِبَلَكَ، أعَزَّهُمُ اللهُ بِطَاعَتِهِ، وَكَفَاهُمُ الْمُهِمَّ بِرعَايَتِهِ لَهُمْ وَحِرَاسَتِهِ.
فَقِفْ أمَدَّكَ(1) اللهُ بِعَوْنِهِ عَلَى أعْدَائِهِ الْمَارقِينَ مِنْ(2) دِينهِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَاعْمَلْ فِي تَأدِيَتِهِ إِلَى مَنْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ بِمَا نَرْسِمُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، نَحْنُ وَإِنْ كُنَّا ثَاوِينَ بِمَكَانِنَا النَّائِي عَنْ مَسَاكِن الظَّالِمِينَ حَسَبَ الَّذِي أرَانَاهُ اللهُ تَعَالَى لَنَا مِنَ الصَّلاَح، وَلِشيعَتِنَا الْمُؤْمِنينَ فِي ذَلِكَ، مَا دَامَتْ دَوْلَةُ الدُّنْيَا لِلْفَاسِقِينَ، فَإنَّا يُحِيطُ عِلْمُناَ(3) بِأنْبَائِكُمْ، وَلاَ يَعْزُبُ عَنَّا شَيْءٌ مِنْ أخْبَاركُمْ، وَمَعْرفَتُنَا بِالزَّلَل(4) الَّذِي أصَابَكُمْ، مُذْ جَنَحَ كَثِيرٌ مِنْكُمْ إِلَى مَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَنْهُ شَاسِعاً، وَنَبَذُوا الْعَهْدَ الْمَأخُوذَ مِنْهُمْ وَراءَ ظُهُورهِمْ كَأنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
إِنَّا غَيْرُ مُهْمِلِينَ لِمُرَاعَاتِكُمْ، وَلاَ نَاسِينَ لِذِكْركُمْ، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَنَزَلَ بِكُمُ اللأوَاءُ وَاصْطَلَمَكُمُ الأعْدَاءُ، فَاتَّقُوا اللهَ جلّ جلاله، وَظَاهِرُونَا عَلَى انْتِيَاشكُمْ مِنْ فِتْنَةٍ قَدْ أنَافَتْ عَلَيْكُمْ، يَهْلِكُ فِيهَا مَنْ حُمَّ أجَلُهُ، وَيُحْمَى عَلَيْهِ(5) مَنْ أدْرَكَ أمَلَهُ، وَهِيَ أمَارَةٌ لازُوفِ حَرَكَتِنَا وَمُبَاثَّتِكُمْ بِأمْرنَا وَنَهْيِنَا، وَاللهُ مُتِمُّ نُورهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ.
اعْتَصِمُوا بِالتَّقِيَّةِ مِنْ شَبِّ نَار الْجَاهِلِيَّةِ، يَحْشُشْهَا عَصَبٌ اُمَويَّةٌ تَهُولُ بِهَا فِرْقَةً مَهْدِيَّةً أنَا زَعِيمٌ بِنَجَاةِ مَنْ لَمْ يَرُمْ مِنْهاَ(6) الْمَوَاطِنَ الْخَفِيَّةَ، وَسَلَكَ ).
ص: 698
فِي الطَّعْن(1) مِنْهَا السُّبُلَ الرَّضِيَّةَ(2)، إِذَا حَلَّ جُمَادَى الاُولَى مِنْ سَنَتِكُمْ هَذِهِ، فَاعْتَبِرُوا بِمَا يَحْدُثُ فِيهِ وَاسْتَيْقِظُوا مِنْ رَقْدَتِكُمْ لِمَا يَكُونُ مِنَ الَّذِي يَلِيهِ، سَتَظْهَرُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةٌ جَلِيَّةٌ وَمِنَ الأرْض مِثْلُهَا بِالسَّويَّةِ، وَيَحْدُثُ فِي أرْض الْمَشْرقِ مَا يَحْزُنُ وَيُقْلِقُ، وَيَغْلِبُ مِنْ بَعْدُ عَلَى الْعِرَاقِ طَوَائِفُ عَن الإسْلاَم مُرَّاقٌ، يَضِيقُ بِسُوءِ فِعَالِهِمْ عَلَى أهْلِهِ الأرْزَاقُ.
ثُمَّ تَتَفَرَّجُ الْغُمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ، بِبَوَار طَاغُوتٍ مِنَ الأشْرَار(3)، يُسَرُّ بِهَلاَكِهِ الْمُتَّقُونَ الأخْيَارُ، وَيَتَّفِقُ لِمُريدِي الْحَجَّ مِنَ الآفَاقِ، مَا يَأمُلُونَهُ عَلَى تَوْفِير غَلَبَةٍ(4) مِنْهُمْ وَاتّفَاقٍ، وَلَنَا فِي تَيْسِير حَجَّهِمْ عَلَى الاخْتِيَار مِنْهُمْ وَالْوفَاقِ، شَأنٌ يَظْهَرُ عَلَى نِظَام وَاتّسَاقٍ. فَيَعْمَلُ كُلُّ امْرئٍ مِنْكُمْ مَا يَقْرُبُ بِهِ مِنْ مَحَبَّتِنَا وَلِيَتَجَنَّبَ مَا يُدْنِيهِ مِنْ كَرَاهِيَتِنَا وَسَخَطِنَا، فَإنَّ امْرَأ يَبْغَتُهُ فَجْأةٌ حِينَ لاَ تَنْفَعُهُ تَوْبَةٌ، وَلاَ يُنَجَّيهِ مِنْ عِقَابِنَا نَدَمٌ عَلَى حَوْبَةٍ، وَاللهُ يُلْهِمُكَ(5) الرُّشْدَ، وَيَلْطُفُ لَكُمْ بِالتَّوْفِيقِ بِرَحْمَتِهِ).
نُسْخَةُ التَّوْقِيع بِالْيَدِ الْعُلْيَا عَلَى صَاحِبهَا السَّلاَمُ:
(هَذَا كِتَابُنَا عَلَيْكَ أيُّهَا الأخُ الْوَلِيُّ، وَالْمُخْلِصُ فِي وُدَّنَا الصَّفِيُّ، وَالنَّاصِرُ لَنَا الْوَفِيُّ، حَرَسَكَ اللهُ بِعَيْنهِ الَّتِي لاَ تَنَامُ، فَاحْتَفِظْ بِهِ وَلاَ تُظْهِرْ عَلَى خَطّنَا الَّذِي سَطَرْنَاهُ بِمَا لَهُ ضَمِنَّاهُ أحَداً، وَأدَّ مَا فِيهِ إِلَى مَنْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ، وَأوْص جَمَاعَتَهُمْ بِالْعَمَل عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ)(6).9.
ص: 699
إيضاح: (الشاسع البعيد) و(الانتياش) التناول، و(حم) على بناء المجهول أي قدر، و(يحمى) على بناء المعلوم أو المجهول من الحماية والدفع، وتقول: (حششت النار) أحشها إذا أوقدتها.
8 _ الاحتجاج: وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ آخَرُ مِنْ قِبَلِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَمِيس الثَّالِثِ وَالْعِشْرينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأرْبَعِمِائَةٍ نُسْخَتُهُ:
(مِنْ عَبْدِ اللهِ الْمُرَابِطِ فِي سَبِيلِهِ إِلَى مُلْهَم الْحَقَّ وَدَلِيلِهِ.
بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم سَلاَمٌ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّاصِرُ لِلْحَقَّ الدَّاعِي إِلَى كَلِمَةِ(1) الصّدْقِ، فَإنَّا نَحْمَدُ اللهَ إِلَيْكَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِلَهَنَا وَإِلَهَ آبَائِنَا الأوَّلِينَ وَنَسْألُهُ الصَّلاَةَ عَلَى نَبِيَّنَا وَسَيَّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ خَاتَم النَّبِيَّينَ وَعَلَى أهْل بَيْتِهِ الطَّيَّبِينَ الطَّاهِرينَ.
وَبَعْدُ فَقَدْ كُنَّا نَظَرْنَا مُنَاجَاتَكَ عَصَمَك اللهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي وَهَبَهُ لَكَ مِنْ أوْلِيَائِهِ وَحَرَسَكَ مِنْ كَيْدِ أعْدَائِهِ، وَشَفَّعَنَا ذَلِكَ الآنَ مِنْ مُسْتَقَرًّ لَنَا، يُنْصَبُ فِي شمْرَاخ مِنْ بَهْمَاءَ (بُهْمَى) صِرْنَا إِلَيْهِ آنِفاً مِنْ غَمَالِيلَ ألْجَا(2) إِلَيْهِ السَّبَاريتُ مِنَ الإيمَان، وَيُوشكُ أنْ يَكُونَ هُبُوطُنَا مِنْهُ إِلَى صَحْصَح مِنْ غَيْر بُعْدٍ مِنَ الدَّهْر، وَلاَ تَطَاوُلٍ مِنَ الزَّمَان، وَيَأتِيكَ نَبَأ مِنَّا بِمَا يَتَجَدَّدُ لَنَا مِنْ حَالٍ، فَتَعْرفُ بِذَلِكَ مَا تَعْتَمِدُهُ مِنَ الزُّلْفَةِ إِلَيْنَا بِالأعْمَال وَاللهُ مُوَفّقُكَ لِذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ.
فَلْتَكُنْ حَرَسَكَ اللهُ بِعَيْنهِ الَّتِي لاَ تَنَامُ أنْ تُقَابِلَ بِذَلِكَ، فَفِيهِ(3) تُبْسَلُ نُفُوسُ قَوْم حَرَثَتْ بَاطِلاً لاسْتِرْهَابِ الْمُبْطِلِينَ وَتَبْتَهِجُ لِدَمَارهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَيَحْزَنُ لِذَلِكَ الْمُجْرمُونَ.).
ص: 700
وَآيَةُ حَرَكَتِنَا مِنْ هَذِهِ اللُّوثَةِ(1) حَادِثَةٌ بِالْحَرَم الْمُعَظَّم، مِنْ رجْس مُنَافِقٍ مُذَمَّم، مُسْتَحِلّ لِلدَّم الْمُحَرَّم، يَعْمِدُ بِكَيْدِهِ أهْلَ الإيمَان، وَلاَ يَبْلُغُ بِذَلِكَ غَرَضَهُ مِنَ الظُّلْم لَهُمْ وَالْعُدْوَان، لأنَّنَا مِنْ وَرَاءِ حِفْظِهِمْ بِالدُّعَاءِ الَّذِي لاَ يُحْجَبُ عَنْ مَلِكِ الأرْض وَالسَّمَاءِ، فَلْيَطْمَئِنَّ بِذَلِكَ مِنْ أوْلِيَائِنَا الْقُلُوبُ وَلِيَثِقُوا بِالْكِفَايَةِ مِنْهُ، وَإِنْ رَاعَتْهُمْ بِهِمُ الْخُطُوبُ، وَالْعَاقِبَةُ لِجَمِيل(2) صُنْع اللهِ سُبْحَانَهُ تَكُونُ حَمِيدَةً لَهُمْ، مَا اجْتَنَبُوا الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ.
وَنَحْنُ نَعْهَدُ إِلَيْكَ أيُّهَا الْوَلِيُّ الْمُخْلِصُ الْمُجَاهِدُ فِينَا الظَّالِمِينَ، أيَّدَكَ اللهُ بِنَصْرهِ الَّذِي أيَّدَ بِهِ السَّلَفَ مِنْ أوْلِيَائِنَا الصَّالِحِينَ، أنَّهُ مَن اتَّقَى رَبَّهُ مِنْ إِخْوَانِكَ فِي الدَّين وَخَرَجَ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مُسْتَحِقُّهُ(3) كَانَ آمِناً مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُظِلَّةِ(4)، وَمِحَنِهَا الْمُظْلِمَةِ الْمُضِلَّةِ، وَمَنْ بَخِلَ مِنْهُمْ بِمَا أعَارَهُ اللهُ مِنْ نِعْمَتِهِ، عَلَى مَنْ أمَرَهُ بِصِلَتِهِ، فَإنَّهُ يَكُونُ خَاسِراً بِذَلِكَ لاولاَهُ وَآخِرَتِهِ، وَلَوْ أنَّ أشْيَاعَنَا وَفَّقَهُمُ اللهُ لِطَاعَتِهِ، عَلَى اجْتِمَاع مِنَ الْقُلُوبِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ، لَمَا تَأخَّرَ عَنْهُمُ الْيُمْنُ بِلِقَائِنَا، وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ، السَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا، عَلَى حَقَّ الْمَعْرفَةِ وَصِدْقِهَا مِنْهُمْ بِنَا، فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلاَّ مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ، وَلاَ نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ، وَاللهُ الْمُسْتَعانُ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيَّدِنَا الْبَشير النَّذِير، مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ).).
ص: 701
وَكَتَبَ فِي غُرَّةِ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأرْبَعِمِائَةٍ، نُسْخَةُ التَّوْقِيع بِالْيَدِ الْعُلْيَا صَلَوَاتُ اللهِ عَلَى صَاحِبهَا:
(هَذَا كِتَابُنَا إِلَيْكَ أيُّهَا الْوَلِيُّ الْمُلْهَمُ لِلْحَقَّ الْعَلِيُّ بِإمْلاَئِنَا وَخَطّ ثِقَتِنَا فَأخْفِهِ عَنْ كُلّ أحَدٍ، وَاطْوهِ وَاجْعَلْ لَهُ نُسْخَةً يَطَّلِعُ عَلَيْهَا مَنْ تَسْكُنُ إِلَى أمَانَتِهِ مِنْ أوْلِيَائِنَا، شَمِلَهُمُ اللهُ بِبَرَكَتِنَا (وَدُعَائِنَا)(1) إِنْ شَاءَ اللهُ، وَالْحَمْدُ للهِ وَالصَّلاَةُ عَلَى سَيَّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ)(2).
توضيح: (الشمراخ) رأس الجبل، وفي العبارة تصحيف ولعلَّه كان هكذا: (وشفعنا لك الآن) أي لنجح حاجتك التي طلبت، (في مستقر لنا) أي مخيم تنصب لنا في رأس جبل، (من مفازة بهماء) أي مجهولة، (والغماليل) جمع الغملول بالضم وهو الوادي أو الشجر أو كلّ مجتمع أظلم وتراكم من شجر أوغمام أو ظلمة، و(السباريت) جمع السبروت بالضم، وهو القفر لا نبات فيه، والفقير ولعلَّ الأخير أنسب، و(أبسلت فلاناً) أسلمته للهلكة، و(اللوثة) بالضم الاسترخاء والبطوء وكانت النسخ سقيمة أوردناه كما وجدنا.
التَّوْقِيعُ الَّذِي خَرَجَ فِيمَن ارْتَابَ فِيهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ
9 _ الاحتجاج: عَن الشَّيْخ الْمُوَثَّقِ أبِي عُمَرَ الْعَامِريَّ(3) رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: تَشَاجَرَ ابْنُ أبِي غَانِم الْقَزْوِينيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشيعَةِ فِي الْخَلَفِ فَذَكَرَ ابْنُ أبِي غَانِم أنَّ أبَا مُحَمَّدٍ عليه السلام مَضَى وَلاَ خَلَفَ لَهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ كَتَبُوا ).
ص: 702
فِي ذَلِكَ كِتَاباً وَأنْفَذُوهُ إِلَى النَّاحِيَةِ، وَأعْلَمُوا بِمَا تَشَاجَرُوا فِيهِ فَوَرَدَ جَوَابُ كِتَابِهِمْ بِخَطّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْفِتَن، وَوَهَبَ لَنَا وَلَكُمْ رُوحَ الْيَقِين، وَأجَارَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ، إِنَّهُ اُنْهِيَ إِلَيَّ ارْتِيَابُ جَمَاعَةٍ مِنْكُمْ فِي الدَّين، وَمَا دَخَلَهُمْ مِنَ الشَّكًّ وَالْحَيْرَةِ فِي وُلاَةِ أمْرهِمْ، فَغَمَّنَا ذَلِكَ لَكُمْ لاَ لَنَا وَسَأوْنَ(1) فِيكُمْ لاَ فِينَا، لأنَّ اللهَ مَعَنَا فَلاَ فَاقَةَ بِنَا إِلَى غَيْرهِ، وَالْحَقُّ مَعَنَا فَلَنْ يُوحِشَنَا مَنْ قَعَدَ عَنَّا، وَنَحْنُ صَنَائِعُ رَبَّنَا، وَالْخَلْقُ بَعْدَ صَنَائِعِنَا.
يَا هَؤُلاَءِ مَا لَكُمْ فِي الرَّيْبِ تَتَرَدَّدُونَ وَفِي الْحَيْرَةِ تَنْعَكِسُونَ(2) أوَمَا سَمِعْتُمُ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ))(3)؟ أوَمَا عَلِمْتُمْ مَا جَاءَتْ بِهِ الآثَارُ مِمَّا يَكُونُ وَيَحْدُثُ فِي أئِمَّتِكُمْ عَلَى الْمَاضِينَ وَالْبَاقِينَ مِنْهُمْ عليهم السلام؟ أوَمَا رَأيْتُمْ كَيْفَ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَعَاقِلَ تَأوُونَ إِلَيْهَا، وَأعْلاَماً تَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أنْ ظَهَرَ الْمَاضِي عليه السلام كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ، وَإِذَا أفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ ظَنَنْتُمْ أنَّ اللهَ أبْطَلَ دِينَهُ، وَقَطَعَ السَّبَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَلاَ مَا كَانَ ذَلِكَ وَلاَ يَكُونُ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَيَظْهَرَ أمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارهُونَ.
وَإِنَّ الْمَاضِيَ عليه السلام مَضَى سَعِيداً فَقِيداً عَلَى مِنْهَاج آبَائِهِ عليهم السلام حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَفِينَا وَصِيَّتُهُ وَعِلْمُهُ، وَمَنْ هُوَ خَلَفُهُ، وَمَنْ يَسُدُّ مَسَدَّهُ، وَلاَ 9.
ص: 703
يُنَازِعُنَا مَوْضِعَهُ إِلاَّ ظَالِمٌ آثِمٌ، وَلاَ يَدَّعِيهِ دُونَنَا إِلاَّ جَاحِدٌ كَافِرٌ، وَلَوْ لاَ أنَّ أمْرَ اللهِ لاَ يُغْلَبُ، وَسِرَّهُ لاَ يَظْهَرُ وَلاَ يُعْلَنُ، لَظَهَرَ لَكُمْ مِنْ حَقّنَا مَا تَبْهَرُ(1) مِنْهُ عُقُولُكُمْ، وَيُزيلُ شُكُوكَكُمْ، لَكِنَّهُ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَلِكُل أجَلٍ كِتَابٌ.
فَاتَّقُوا اللهَ، وَسَلّمُوا لَنَا، وَرُدُّوا الأمْرَ إِلَيْنَا، فَعَلَيْنَا الإصْدَارُ، كَمَا كَانَ مِنَّا الإيرَادُ، وَلاَ تُحَاوِلُوا كَشْفَ مَا غُطّيَ عَنْكُمْ، وَلاَ تَمِيلُوا عَن الْيَمِين، وَتَعْدِلُوا إِلَى الْيَسَار، وَاجْعَلُوا قَصْدَكُمْ إِلَيْنَا بِالْمَوَدَّةِ عَلَى السُنَّةِ الْوَاضِحَةِ، فَقَدْ نَصَحْتُ لَكُمْ وَاللهُ شَاهِدٌ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ، وَلَوْ لاَ مَا عِنْدَنَا مِنْ مَحَبَّةِ صَلاَحِكُمْ وَرَحْمَتِكُمْ، وَالإشْفَاقِ عَلَيْكُمْ، لَكُنَّا عَنْ مُخَاطَبَتِكُمْ فِي شُغُلٍ مِمَّا قَدِ امْتُحِنَّا مِنْ مُنَازَعَةِ الظَّالِم الْعُتُل الضَّال الْمُتَابِع فِي غَيَّهِ، الْمُضَادَّ لِرَبَّهِ، الْمُدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ، الْجَاحِدِ حَقَّ مَن افْتَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُ، الظَّالِم الْغَاصِبِ.
وَفِي ابْنَةِ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم لِي اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، وَسَيُرَدَّى الْجَاهِلُ ردَاءَ عَمَلِهِ(2) وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّار، عَصَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمَهَالِكِ وَالأسْوَاءِ، وَالآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ كُلِّهَا بِرَحْمَتِهِ فَإنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ، وَالْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ، وَكَانَ لَنَا وَلَكُمْ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَالسَّلاَمُ عَلَى جَمِيع الأوْصِيَاءِ، وَالأوْلِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيَّ وَسَلَّمَ تَسْلِيما(3).
الغيبة للشيخ الطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن عليّ الرازي، عن الحسين ابن محمّد القمّي، عن محمّد بن عليّ بن زبيان(4)).
ص: 704
الطلحي الآبي، عن عليّ بن محمّد بن عبدة النيسابوري، عن عليّ بن إبراهيم الرازي، قال: حدَّثني الشيخ الموثوق به بمدينة السلام، قال: تشاجر ابن أبي غانم... إلى آخر الخبر(1).
بيان: (الصنيعة) من تصطنعه وتختار لنفسك، و(الظالم العتل) جعفر الكذّاب، ويحتمل خليفة ذلك الزمان.
10 _ الاحتجاج: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن يَعْقُوبَ، قَالَ: سَألْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ رحمه الله أنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً قَدْ سَألْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أشْكَلَتْ عَلَيَّ، فَوَرَدَ التَّوْقِيعُ بِخَطّ مَوْلاَنَا صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (أمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ أرْشَدَكَ اللهُ وَثَبَّتَكَ مِنْ أمْر الْمُنْكِرينَ لِي مِنْ أهْل بَيْتِنَا وَبَني عَمَّنَا، فَاعْلَمْ أنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اللهِ عزّ وجل وَبَيْنَ أحَدٍ قَرَابَةٌ، مَنْ أنْكَرَني فَلَيْسَ مِنّي وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ ابْن نُوح، وَأمَّا سَبِيلُ عَمَّي جَعْفَرٍ وَوُلْدِهِ، فَسَبِيلُ إِخْوَةِ يُوسُفَ عليه السلام، وَأمَّا الْفُقَّاعُ فَشُرْبُهُ حَرَامٌ وَلاَ بَأسَ بِالشَّلَمَابِ(2)، وَأمَّا أمْوَالُكُمْ فَمَا نَقْبَلُهَا إِلاَّ لِتَطَهَّرُوا فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصِلْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ فَمَا آتَانَا اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ.
وَأمَّا ظُهُورُ الْفَرَج فَإنَّهُ إِلَى اللهِ وَكَذَبَ الْوَقَّاتُونَ.
وَأمَّا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أنَّ الْحُسَيْنَ عليه السلام لَمْ يُقْتَلْ، فَكُفْرٌ وَتَكْذِيبٌ وَضَلاَلٌ.
وَأمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَأنَا حُجَّةُ اللهِ عَلَيْهِمْ.ت.
ص: 705
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْريُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ أبِيهِ مِنْ قَبْلُ فَإنَّهُ ثِقَتِي وَكِتَابُهُ كِتَابِي.
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيَّ بْن مَهْزيَارَ الأهْوَازِيُّ فَسَيُصْلِحُ اللهُ قَلْبَهُ، وَيُزيلُ عَنْهُ شَكَّهُ.
وَأمَّا مَا وَصَلْتَنَا بِهِ فَلاَ قَبُولَ عِنْدَنَا إِلاَّ لِمَا طَابَ وَطَهُرَ، وَثَمَنُ الْمُغَنّيَةِ حَرَامٌ.
وَأمَّا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بْن نُعَيْم فَإنَّهُ رَجُلٌ مِنْ شيعَتِنَا أهْلَ الْبَيْتِ.
وَأمَّا أبُو الْخَطَّابِ مُحَمَّدُ بْنُ أبِي زَيْنَبَ الأجْدَعُ فَإنَّهُ مَلْعُونٌ وَأصْحَابُهُ مَلْعُونُونَ فَلاَ تُجَالِسْ أهْلَ مَقَالَتِهِمْ فَإنّي مِنْهُمْ بَريءٌ وَآبَائِي عليهم السلام مِنْهُمْ بِرَاءٌ.
وَأمَّا الْمُتَلَبَّسُونَ بِأمْوَالِنَا فَمَن اسْتَحَلَّ شَيْئاً مِنْهَا فَأكَلَهُ فَإنَّمَا يَأكُلُ النّيرَانَ.
وَأمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ اُبِيحَ لِشيعَتِنَا وَجُعِلُوا مِنْهُ فِي حِلّ إِلَى وَقْتِ ظُهُور أمْرنَا لِتَطِيبَ وِلاَدَتُهُمْ وَلاَ تَخْبُثَ.
وَأمَّا نَدَامَةُ قَوْم شَكُّوا فِي دِين اللهِ عَلَى مَا وَصَلُونَا بِهِ فَقَدْ أقَلْنَا مَن اسْتَقَالَ وَلاَ حَاجَةَ لَنَا إِلَى صِلَةِ الشَّاكّينَ.
وَأمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ فَإنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ))(1) إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنْ آبَائِي إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ وَإِنّي أخْرُجُ حِينَ أخْرُجُ وَلاَ بَيْعَةَ لأحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي.1.
ص: 706
وَأمَّا وَجْهُ الانْتِفَاع بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالانْتِفَاع بِالشَّمْس إِذَا غَيَّبَهَا عَن الأبْصَار السَّحَابُ، وَإِنّي لأمَانٌ لأهْل الأرْض كَمَا أنَّ النُّجُومَ أمَانٌ لأهْل السَّمَاءِ، فَأغْلِقُوا أبْوَابَ السُّؤَال عَمَّا لاَ يَعْنِيكُمْ وَلاَ تَتَكَلَّفُوا عِلْمَ مَا قَدْ كُفِيتُمْ وَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيل الْفَرَج، فَإنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى مَن اتَّبَعَ الْهُدى)(1).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن ابن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما(2)، عن الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، مثله(3).
كمال الدين: ابن عصام، عن الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، مثله(4).
11 _ الاحتجاج: عَنْ أبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الأسَدِيَّ قَالَ: كَانَ فِيمَا وَرَدَ عَلَيَّ مِنَ الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فِي جَوَابِ مَسَائِلِي إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام:
(أمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنَ الصَّلاَةِ عِنْدَ طُلُوع الشَّمْس وَعِنْدَ غُرُوبهَا، فَلَئِنْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ بَيْن قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ فَمَا اُرْغِمَ أنْفُ الشَّيْطَان بِشَيْءٍ مِثْل(5) الصَّلاَةِ، فَصَلّهَا وَأرْغِمْ أنْفَ الشَّيْطَان.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْوَقْفِ عَلَى نَاحِيَتِنَا وَمَا يُجْعَلُ لَنَا ثُمَّ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ، فَكُلُّ مَا لَمْ يُسَلّمْ فَصَاحِبُهُ فِيهِ بِالْخِيَار، وَكُلُّ مَا سَلَّمَ فَلاَ خِيَارَ لِصَاحِبهِ فِيهِ احْتَاجَ أوْ لَمْ يَحْتَجْ، افْتَقَرَ إِلَيْهِ أوِ اسْتَغْنَى عَنْهُ.).
ص: 707
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر مَنْ يَسْتَحِلُّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ أمْوَالِنَا أوْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ مِنْ غَيْر أمْرنَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مَلْعُونٌ وَنَحْنُ خُصَمَاؤُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: الْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِي وَلِسَان كُلّ نَبِيًّ مُجَابٍ، فَمَنْ ظَلَمَنَا كَانَ فِي جُمْلَةِ الظَّالِمِينَ لَنَا وَكَانَتْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عزّ وجل: ((أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ))(1).
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْمَوْلُودِ الَّذِي نَبَتَتْ قُلْفَتُهُ(2) بَعْدَ مَا يُخْتَنُ، هَلْ يُخْتَنُ مَرَّةً اُخْرَى؟ فَإنَّهُ يَجِبُ أنْ تُقْطَعَ قُلْفَتُهُ (مَرَّةً اُخْرَى)(3) فَإنَّ الأرْضَ تَضِجُّ إِلَى اللهِ عزّ وجل مِنْ بَوْل الأغْلَفِ أرْبَعِينَ صَبَاحاً.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الْمُصَلّي، وَالنَّارُ وَالصُّورَةُ وَالسَّرَاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ هَلْ تَجُوزُ صَلاَتُهُ؟ فَإنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ قَبْلَكَ، فَإنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أوْلاَدِ عَبَدَةِ الأوْثَان وَالنّيرَان، يُصَلّي وَالصُّورَةُ وَالسَّرَاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ مِنْ أوْلاَدِ عَبَدَةِ الأوْثَان وَالنّيرَان.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الضّيَاع الَّتِي لِنَاحِيَتِنَا هَلْ يَجُوزُ الْقِيَامُ بِعِمَارَتِهَا وَأدَاءِ الْخَرَاج مِنْهَا، وَصَرْفِ مَا يَفْضُلُ مِنْ دَخْلِهَا إِلَى النَّاحِيَةِ، احْتِسَاباً لِلأجْر، وَتَقَرُّباً إِلَيْكُمْ، فَلاَ يَحِلُّ لأحَدٍ أنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَال غَيْرهِ بِغَيْر إِذْنِهِ، فَكَيْفَ يَحِلُّ ذَلِكَ فِي مَالِنَا؟ مَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ بِغَيْر أمْرنَا فَقَدِ اسْتَحَلَّ مِنَّا مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أكَلَ مِنْ أمْوَالِنَا شَيْئاً فَإنَّمَا يَأكُلُ فِي بَطْنِهِ نَاراً وَسَيَصْلَى سَعِيراً.ر.
ص: 708
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنْ أمْر الرَّجُل الَّذِي يَجْعَلُ لِنَاحِيَتِنَا ضَيْعَةً، وَيُسَلّمُهَا مِنْ قَيَّم يَقُومُ بِهَا وَيَعْمُرُهَا، وَيُؤَدَّي مِنْ دَخْلِهَا خَرَاجَهَا وَمَئُونَتَهَا، وَيَجْعَلُ مَا يَبْقَى مِنَ الدَّخْل لِنَاحِيَتِنَا، فَإنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَنْ جَعَلَهُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ قَيَّماً عَلَيْهَا إِنَّمَا لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرهِ.
وَأمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ مِنَ الثّمَار مِنْ أمْوَالِنَا يَمُرُّ بِهِ الْمَارُّ، فَيَتَنَاوَلُ مِنْهُ وَيَأكُلُ هَلْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؟ فَإنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أكْلُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ)(1).
كمال الدين: محمّد بن أحمد الشيباني وعليّ بن أحمد بن محمّد الدقّاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن أحمد بن هشام، وعلي بن عبد الله الورّاق جميعاً، عن محمّد بن جعفر الأسدي، مثله(2).
12 _ كمال الدين: أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيُّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: وَرَدَ عَلَيَّ تَوْقِيعٌ مِنَ الشَّيْخ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سُؤَالٌ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجْمَعِينَ عَلَى مَن اسْتَحَلَّ مِنْ أمْوَالِناَ(3) دِرْهَماً).
قَالَ أبُو الْحُسَيْن الأسَدِيُّ رضي الله عنه: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أنَّ ذَلِكَ فِيمَن اسْتَحَلَّ مِنْ مَال النَّاحِيَةِ دِرْهَماً دُونَ مَنْ أكَلَ مِنْهُ غَيْرَ مُسْتَحِلّ لَهُ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيع مَن اسْتَحَلَّ مُحَرَّماً فَأيُّ فَضْلٍ فِي ذَلِكَ لِلْحُجَّةِ عليه السلام عَلَى غَيْرهِ؟ قَالَ: فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقَّ بَشيراً لَقَدْ نَظَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التَّوْقِيع فَوَجَدْتُهُ قَدِ انْقَلَبَ إِلَى مَا كَانَ فِي نَفْسِي.).
ص: 709
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاس أجْمَعِينَ عَلَى مَنْ أكَلَ مِنْ مَالِنَا دِرْهَماً حَرَاماً).
قَالَ أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ رحمه الله: أخْرَجَ إِلَيْنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ أبِي الْحُسَيْن الأسَدِيُّ هَذَا التَّوْقِيعَ حَتَّى نَظَرْنَا فِيهِ وَقَرَأنَاهُ(1).
الاحتجاج: عن أبي الحسين الأسدي، مثله(2).
13 _ كمال الدين: الْمُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشيَّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْعَيَّاشيَّ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيَّ، عَنْ عَلِيَّ بْن الْحُسَيْن الدَّقَّاقِ وَإِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَنْ عَلِيَّ بْن عَاصِم الْكُوفِيَّ، قَالَ: خَرَجَ فِي تَوْقِيعَاتِ صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: (مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَمَّانِي فِي مَحْفِلٍ مِنَ النَّاس)(3).
14 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَلِيًّ مُحَمَّدَ بْنَ هَمَّام يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ يَقُولُ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ بِخَطّهِ أعْرفُهُ: (مَنْ سَمَّانِي فِي مَجْمَع مِنَ النَّاس بِاسْمِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ).
وَكَتَبْتُ أسْألُهُ عَنْ ظُهُور الْفَرَج، فَخَرَجَ فِي التَّوْقِيع: (كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ)(4).
15 _ كمال الدين: أبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن صَالِح الْهَمْدَانِيَّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام: أنَّ أهْلَ بَيْتِي 3.
ص: 710
يُؤْذُونَنِي وَيَقْرَعُونَنِي بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيَّ عَنْ آبَائِكَ عليهم السلام أنَّهُمْ قَالُوا: (قُوَّامُنَا وَخُدَّامُنَا شرَارُ خَلْقِ اللهِ)، فَكَتَبَ عليه السلام: (وَيْحَكُمْ أمَا قَرَأتُمْ قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: ((وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً))(1) وَنَحْنُ وَاللهِ الْقُرَى الَّتِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا وَأنْتُمُ الْقُرَى الظَّاهِرَةُ).
قال عبد الله بن جعفر: وحدَّثني بهذا الحديث عليّ بن محمّد الكليني، عن محمّد ابن صالح، عن صاحب الزمان عليه السلام(2).
16 _ كمال الدين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عَلاَنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَبْرَئِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَي الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ بْن مَهْزيَارَ أنَّهُ وَرَدَ الْعِرَاقَ شَاكّاً مُرْتَاداً فَخَرَجَ إِلَيْهِ: (قُلْ لِلْمَهْزيَار(3): قَدْ فَهِمْنَا مَا حَكَيْتَهُ عَنْ مَوَالِينَا بِنَاحِيَتِكُمْ، فَقُلْ لَهُمْ: أمَا سَمِعْتُمُ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ))(4) هَلْ أمَرَ إِلاَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ؟ أوَلَمْ تَرَوْا أنَّ اللهَ عزّ وجل جَعَلَ لَهُمْ مَعَاقِلَ يَأوُونَ إِلَيْهَا وَأعْلاَماً يَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أنْ ظَهَرَ الْمَاضِي(5) صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ كُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ، وَإِذَا أفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللهُ عزّ وجل إِلَيْهِ، ظَنَنْتُمْ أنَّ اللهَ قَدْ قَطَعَ السَّبَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، كَلاَ مَا كَانَ ذَلِكَ، وَلاَ يَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَيَظْهَرُ أمْرُ اللهِ وَهُمْ كارهُونَ.
يَا مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ لاَ يَدْخُلُكَ الشَّكُّ فِيمَا قَدِمْتَ لَهُ فَإنَّ اللهَ لاَ ).
ص: 711
يُخَلّي الأرْضَ مِنْ حُجَّةٍ، ألَيْسَ قَالَ لَكَ أبُوكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ: أحْضِر السَّاعَةَ مَنْ يُعَيَّرُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الَّتِي عِنْدِي، فَلَمَّا اُبْطِئَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَخَافَ الشَّيْخُ عَلَى نَفْسِهِ الْوَحاَ(1) قَالَ لَكَ: عَيَّرْهَا عَلَى نَفْسِكَ، وَأخْرَجَ إِلَيْكَ كِيساً كَبِيراً وَعِنْدَكَ بِالْحَضْرَةِ ثَلاَثَةُ أكْيَاسٍ وَصُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ مُخْتَلِفَةُ النَّقْدِ، فَعَيَّرْتَهَا وَخَتَمَ الشَّيْخُ عَلَيْهَا بِخَاتَمِهِ، وَقَالَ لَكَ: اخْتِمْ مَعَ خَاتَمِي فَإنْ أعِشْ فَأنَا أحَقُّ بِهَا، وَإِنْ أمُتْ فَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ أوَّلاً ثُمَّ فِيَّ فَخَلّصْنِي، وَكُنْ عِنْدَ ظَنّي بِكَ؟
أخْرجْ رَحِمَكَ اللهُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي اسْتَفْضَلْتَهَا مِنْ بَيْن النَّقْدَيْن مِنْ حِسَابِنَا وَهِيَ بِضْعَةَ عَشَرَ دِينَاراً وَاسْتَردَّ مِنْ قِبَلِكَ فَإنَّ الزَّمَانَ أصْعَبُ مَا كَانَ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنعْمَ الْوَكِيلُ(2).
17 _ كمال الدين: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكِنْدِيُّ: كَتَبَ جَعْفَرُ بْنُ حَمْدَانَ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْمَسَائِلُ: اسْتَحْلَلْتُ بِجَاريَةٍ وَشَرَطْتُ عَلَيْهَا أنْ لاَ أطْلُبَ وَلَدَهَا وَلَمْ اُلْزمْهَا مَنْزلِي، فَلَمَّا أتَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ قَالَتْ لِي: قَدْ حَبِلْتُ، فَقُلْتُ لَهَا: كَيْفَ وَلاَ أعْلَمُ أنِّي طَلَبْتُ مِنْكِ الْوَلَدَ، ثُمَّ غِبْتُ وَانْصَرَفْتُ، وَقَدْ أتَتْ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ، فَلَمْ اُنْكِرْهُ وَلاَ قَطَعْتُ عَنْهَا الإجْرَاءَ وَالنَّفَقَةَ، وَلِي ضَيْعَةٌ قَدْ كُنْتُ قَبْلَ أنْ تَصِيرَ إِلَيَّ هَذِهِ الْمَرْأةُ سَبَّلْتُهَا عَلَى وَصَايَايَ، وَعَلَى سَائِر وُلْدِي، عَلَى أنَّ الأمْرَ فِي الزّيَادَةِ وَالنُّقْصَان مِنْهُ إِلَى أيَّام حَيَاتِي، وَقَدْ أتَتْ هَذِهِ بِهَذَا الْوَلَدِ، فَلَمْ اُلْحِقْهُ فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَدَّم الْمُؤَبَّدِ وَأوْصَيْتُ إِنْ حَدَثَ بِيَ الْمَوْتُ أنْ يَجْريَ عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيراً، فَإذَا كَبُرَ اُعْطِيَ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ جُمْلَةً مِائَتَيْ دِينَارٍ غَيْرَ مُؤَبَّدٍ، وَلاَ يَكُونَ لَهُ وَلاَ لِعَقِبِهِ 5.
ص: 712
بَعْدَ إِعْطَائِهِ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ شَيْءٌ، فَرَأيَكَ أعَزَّكَ اللهُ فِي إِرْشَادِي فِيمَا عَمِلْتُهُ، وَفِي هَذَا الْوَلَدِ بِمَا أمْتَثِلُهُ وَالدُّعَاءِ لِي بِالْعَافِيَةِ وَخَيْر الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
جَوَابُهَا: (أمَّا الرَّجُلُ الَّذِي اسْتَحَلَّ بِالْجَاريَةِ وَشَرَطَ عَلَيْهَا أنْ لاَ يَطْلُبَ وَلَدَهَا فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ شَريكَ لَهُ فِي قُدْرَتِهِ شَرْطٌ عَلَى الْجَاريَةِ(1) شَرْطٌ عَلَى اللهِ عزّ وجل؟
هَذَا مَا لاَ يُؤْمَنُ أنْ يَكُونَ، وَحَيْثُ عَرَضَ(2) فِي هَذَا الشَّكَّ، وَلَيْسَ يَعْرفُ الْوَقْتَ الَّذِي أتَاهَا فِيهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُوجِبٍ لِبَرَاءَةٍ فِي وَلَدِهِ، وَأمَّا إِعْطَاءُ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ وَإِخْرَاجُهُ(3) مِنَ الْوَقْفِ، فَالْمَالُ مَالُهُ فَعَلَ فِيهِ مَا أرَادَ).
قَالَ أبُو الْحُسَيْن: حُسِبَ الْحِسَابُ (قَبْلَ الْمَوْلُودِ)(4) فَجَاءَ الْوَلَدُ مُسْتَوياً، وَقَالَ: وَجَدْتُ فِي نُسْخَةِ أبِي الْحَسَن الْهَمْدَانِيَّ: أتَانِي أبْقَاكَ اللهُ كِتَابُكَ الَّذِي أنْفَذْتَهُ، وَرَوَى هَذَا التَّوْقِيعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَّ بْن إِبْرَاهِيمَ عَن الشَّاريَّ.
بيان: (شرط على الجارية) مبتدأ و(شرط على الله) خبر، أو هما فعلان، والأوّل استفهام إنكاري، وقوله: (قال أبو الحسين...) إلى آخره كأنَّه إشاره إلى توقيعات أخر إجمالا(5).(6)5.
ص: 713
18 _ كمال الدين: أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أحْمَدَ الْمُكَتّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو عَلِيَّ بْنُ هَمَّام بِهَذَا الدُّعَاءِ، وَذَكَرَ أنَّ الشَّيْخَ(1) قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ أمْلاَهُ عَلَيْهِ، وَأمَرَهُ أنْ يَدْعُوَ بِهِ، وَهُوَ الدُّعَاءُ فِي غَيْبَةِ الْقَائِم عليه السلام:
(اللهُمَّ عَرفْنِي نَفْسَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أعْرفْ رَسُولَكَ(2)، اللهُمَّ عَرفْنِي رَسُولَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أعْرفْ حُجَّتَكَ، اللهُمَّ عَرفْنِي حُجَّتَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِيني.
اللهُمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَلاَ تُزغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، اللهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي بِوَلاَيَةِ مَنْ فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلَيَّ مِنْ وُلاَةِ أمْركَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى وَالَيْتُ وُلاَةَ أمْركَ أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَى وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، اللهُمَّ فَثَبَّتْنِي عَلَى دِينكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ، وَلَيَّنْ قَلْبِي لِوَلِيَّ أمْركَ، وَعَافِني مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبَّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَلِيَّ أمْركَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ فَبِإذْنِكَ غَابَ عَنْ بَريَّتِكَ، وَأمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَأنْتَ الْعَالِمُ غَيْرُ مُعَلَّم بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلاَحُ أمْر وَلِيَّكَ فِي الإذْن لَهُ، بِإظْهَار أمْرهِ وَكَشْفِ سِرهِ، وَصَبَّرْني(3) عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لاَ اُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أخَّرْتَ، وَلاَ تَأخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، وَلاَ أكْشفَ عَمَّا سَتَرْتَهُ وَلاَ أبْحَثَ عَمَّا كَتَمْتَهُ، وَلاَ اُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيركَ، وَلاَ أقُولَ: لِمَ وَكَيْفَ؟ وَمَا بَالُ وَلِيَّ أمْر اللهِ(4) لاَ يَظْهَرُ؟ وَقَدِ امْتَلأتِ الأرْضُ مِنَ الْجَوْر، وَاُفَوَّضُ اُمُوري كُلَّهَا إِلَيْكَ.).
ص: 714
اللهُمَّ إِنّي أسْألُكَ أنْ تُريَني وَلِيَّ أمْركَ ظَاهِراً نَافِذاً لأمْركَ مَعَ عِلْمِي بِأنَ لَكَ السُّلْطَانَ، وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ، وَالْحُجَّةَ وَالْمَشيَّةَ، وَالإرَادَةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ فَافْعَلْ ذَلِكَ بِي وَبجَمِيع الْمُؤْمِنينَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَلِيَّكَ ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ، وَاضِحَ الدَّلاَلَةِ هَادِياً مِنَ الضَّلاَلَةِ، شَافِياً مِنَ الْجَهَالَةِ، أبْرزْ يَا رَبَّ مَشَاهِدَهُ، وَثَبَّتْ قَوَاعِدَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُنُا بِرُؤْيَتِهِ، وَأقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ، وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ.
اللهُمَّ أعِذْهُ مِنْ شَر جَمِيع مَا خَلَقْتَ وَبَرَأتَ وَذَرَأتَ وَأنْشَأتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينهِ وَعَنْ شمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ، بِحِفْظِكَ الَّذِي لاَ يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ.
اللهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمُرهِ، وَزِدْ فِي أجَلِهِ، وَأعِنْهُ عَلَى مَا أوْلَيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ، وَزِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ، فَإنَّهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ(1)، الْقَائِمُ الْمُهْتَدِي(2)، الطَّاهِرُ، التَّقِيُّ، النَّقِيُّ، الزَّكِيُّ، الرَّضِيُّ، الْمَرْضِيُّ، الصَّابِرُ، الْمُجْتَهِدُ، الشَّكُورُ.
اللهُمَّ وَلاَ تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ لِطُول الأمَدِ فِي غَيْبَتِهِ، وَانْقِطَاع خَبَرهِ عَنَّا، وَلاَ تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَانْتِظَارَهُ وَالإيمَانَ بِهِ، وَقُوَّةَ الْيَقِين فِي ظُهُورهِ، وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالصَّلاَةَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يُقَنّطَنَا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ ظُهُورهِ وَقِيَامِهِ، وَيَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيَقِينِنَا فِي قِيَام رَسُول اللهِ(3) صلى الله عليه وآله وسلم، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَتَنْزيلِكَ، قَوَّ قُلُوبَنَا عَلَى الإيمَان بِهِ حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدِهِ مِنْهَاجَ ).
ص: 715
الْهُدَى، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطَى، وَقَوَّنَا عَلَى طَاعَتِهِ، وَثَبَّتْنَا عَلَى مُشَايَعَتِهِ(1)، وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَأعْوَانِهِ وَأنْصَارهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَلاَ تَسْلُبْنَا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا، وَلاَ عِنْدَ وَفَاتِنَا، حَتَّى تَتَوَفَّانَا، وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ شَاكّينَ وَلاَ نَاكِثِينَ وَلاَ مُرْتَابِينَ وَلاَ مُكَذّبِينَ.
اللهُمَّ عَجَّلْ فَرَجَهُ، وَأيَّدْهُ بِالنَّصْر، وَانْصُرْ نَاصِريهِ، وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ، وَدَمْدِمْ(2) عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ، وَأظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ، وَأمِتْ بِهِ الْجَوْرَ(3)، وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنينَ مِنَ الذُّل، وَانْعَشْ بِهِ الْبِلاَدَ، وَاقْتُلْ بِهِ الْجَبَابِرَةَ الْكَفَرَةَ، وَاقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ الضَّلاَلَةِ، وَذَلّلْ بِهِ الْجَبَّارينَ وَالْكَافِرينَ، وَأبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ، وَجَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُلْحِدِينَ، فِي مَشَارقِ الأرْض وَمَغَاربهَا، وَبَحْرهَا وَبَرهَا، وَسَهْلِهَا وَجَبَلِهَا، حَتَّى لاَ تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلاَ تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً، وَتُطَهَّرَ مِنْهُمْ بِلاَدَكَ.
وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ، وَجَدَّدْ بِهِ مَا امْتَحَى مِنْ دِينكَ، وَأصْلِحْ بِهِ مَا بُدَّلَ مِنْ حُكْمِكَ، وَغُيَّرَ مِنْ سُنَّتِكَ، حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَى يَدِهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لاَ عِوَجَ فِيهِ، وَلاَ بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الْكَافِرينَ، فَإنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ دِينكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَأطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ، وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرجْس، وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَس.
اللهُمَّ فَصَل عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الأئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، وَعَلَى شيعَتِهِمُ الْمُنْتَجَبِينَ، وَبَلّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ أفْضَلَ مَا يَأمُلُونَ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً ).
ص: 716
مِنْ كُل شَكًّ وَشُبْهَةٍ وَريَاءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّى لاَ نُريدَ بِهِ غَيْرَكَ وَلاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلاَّ وَجْهَكَ.
اللهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيَّنَا، وَغَيْبَةَ وَلِيَّنَا، وَشدَّةَ الزَّمَان عَلَيْنَا، وَوُقُوعَ الْفِتَن (بِنَا)(1)، وَتَظَاهُرَ الأعْدَاءِ(2)، وَكَثْرَةَ عَدُوَّنَا، وَقِلَّةَ عَدَدِنَا.
اللهُمَّ فَافْرُجْ ذَلِكَ بِفَتْح مِنْكَ تُعَجَّلُهُ، وَبصَبْرٍ مِنْكَ تُيَسَّرُهُ(3)، وَإِمَام عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ أنْ تَأذَنَ لِوَلِيَّكَ فِي إِظْهَار عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ وَقَتْل أعْدَائِكَ فِي بِلاَدِكَ حَتَّى لاَ تَدَعَ لِلْجَوْر(4) دِعَامَةً إِلاَّ قَصَمْتَهَا وَلاَ بَنيَّةً(5) إِلاَّ أفْنَيْتَهَا، وَلاَ قُوَّةً إِلاَّ أوْهَنْتَهَا، وَلاَ رُكْناً إِلاَّ هَدَدْتَهُ، وَلاَ حَدّاً إِلاَّ فَلَلْتَهُ، وَلاَ سِلاَحاً إِلاَّ كَلَلْتَهُ، وَلاَ رَايَةً إِلاَّ نَكَّسْتَهَا، وَلاَ شُجَاعاً إِلاَّ قَتَلْتَهُ، وَلاَ حَيّاً إِلاَّ خَذَلْتَهُ(6).
ارْمِهِمْ يَا رَبَّ بِحَجَركَ الدَّامِغ، وَاضْربْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِع، وَببَأسِكَ الَّذِي لاَ يُرَدُّ عَن الْقَوْم الْمُجْرمِينَ، وَعَذّبْ أعْدَاءَكَ وَأعْدَاءَ دِينكَ وَأعْدَاءَ رَسُولِكَ، بِيَدِ وَلِيَّكَ وَأيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنينَ.
اللهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أرْضِكَ هَوْلَ عَدُوَّهِ، وَكِدْ مَنْ كَادَهُ، وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ، وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ أرَادَ بِهِ سُوءاً، ).
ص: 717
وَاقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ، وَأرْعِبْ بِهِ قُلُوبَهُمْ، وَزَلْزلْ لَهُ أقْدَامَهُمْ، وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبَغْتَةً.
شَدَّدْ عَلَيْهِمْ عِقَابَكَ، وَأخْزهِمْ فِي عِبَادِكَ، وَالْعَنْهُمْ فِي بِلاَدِكَ، وَأسْكِنْهُمْ أسْفَلَ نَاركَ، وَأحِطْ بِهِمْ أشَدَّ عَذَابِكَ، وَأصْلِهِمْ نَاراً، وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً، وَأصْلِهِمْ حَرَّ نَاركَ، فَإنَّهُمْ أضاعُوا الصَّلاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، وَأذِلُّوا عِبَادَكَ.
اللهُمَّ وَأحْي بِوَلِيَّكَ الْقُرْآنَ، وَأرنَا نُورَهُ سَرْمَداً لاَ ظُلْمَةَ فِيهِ، وَأحْي بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيَّتَةَ، وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ، وَاجْمَعْ بِهِ الأهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقَّ، وَأقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ، وَالأحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ، حَتَّى لاَ يَبْقَى حَقٌّ إِلاَّ ظَهَرَ، وَلاَ عَدْلٌ إِلاَّ زَهَرَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّ مِنْ أعْوَانِهِ، وَمِمَّنْ يُقَوَّي سُلْطَانَهُ، وَالْمُؤْتَمِرينَ لأمْرهِ، وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَالْمُسَلّمِينَ لأحْكَامِهِ، وَمِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ.
أنْتَ يَا رَبَّ الَّذِي تَكْشفُ السُّوءَ، وَتُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ، وَتُنَجَّي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم، فَاكْشفِ الضُّرَّ عَنْ وَلِيَّكَ، وَاجْعَلْهُ خَلِيفَتَكَ(1) فِي أرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ.
اللهُمَّ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ خُصَمَاءِ آل مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ أعْدَاءِ آل مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أهْل الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آل مُحَمَّدٍ، فَإنّي أعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ، فَأعِذْنِي وَأسْتَجِيرُ بِكَ فَأجِرْني.
اللهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ)(2).3.
ص: 718
19 _ كمال الدين: تَوْقِيعٌ مِنْهُ عليه السلام كَانَ خَرَجَ إِلَى الْعَمْريَّ وَابْنِهِ رضي الله عنهما رَوَاهُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ الشَّيْخُ أبُو جَعْفَرٍ رضي الله عنه: وَجَدْتُهُ مُثْبَتاً بِخَطّ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه:
(وَفَّقَكُمَا اللهُ لِطَاعَتِهِ، وَثَبَّتَكُمَا عَلَى دِينهِ، وَأسْعَدَكُمَا بِمَرْضَاتِهِ، انْتَهَى إِلَيْنَا مَا ذَكَرْتُمَا أنَّ الْمِيثَمِيَّ أخْبَرَكُمَا عَن الْمُخْتَار، وَمُنَاظَرَتِهِ مَنْ لَقِيَ، وَاحْتِجَاجِهِ بِأنْ لاَ خَلَفَ غَيْرُ جَعْفَر بْن عَلِيًّ، وَتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُ، وَفَهِمْتُ جَمِيعَ مَا كَتَبْتُمَا بِهِ مِمَّا قَالَ أصْحَابُكُمَا عَنْهُ، وَأنَا أعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْعَمَى بَعْدَ الْجِلاَءِ، وَمِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ الْهُدَى، وَمِنْ مُوبقَاتِ الأعْمَال، وَمُرْدِيَاتِ الْفِتَن، فَإنَّهُ عزّ وجل يَقُولُ: ((الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ))(1).
كَيْفَ يَتَسَاقَطُونَ فِي الْفِتْنَةِ، وَيَتَرَدَّدُونَ فِي الْحَيْرَةِ، وَيَأخُذُونَ يَمِيناً وَشمَالاً فَارَقُوا دِينَهُمْ أم ارْتَابُوا، أمْ عَانَدُوا الْحَقَّ، أمْ جَهِلُوا مَا جَاءَتْ بِهِ الروَايَاتُ الصَّادِقَةُ وَالأخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، أوْ عَلِمُوا ذَلِكَ فَتَنَاسَوْا، أمَا تَعْلَمُونَ(2) أنَّ الأرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً، وَإِمَّا مَغْمُوراً، أوَلَمْ يَعْلَمُوا انْتِظَامَ أئِمَّتِهِمْ بَعْدَ نَبِيَّهِمْ صلى الله عليه وآله وسلم وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ إِلَى أنْ أفْضَى الأمْرُ بِأمْر اللهِ عزّ وجل إِلَى الْمَاضِي _ يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيًّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ _، فَقَامَ مَقَامَ آبَائِهِ عليهم السلام يَهْدِي إِلَى الْحَقَّ وَإِلَى طَريقٍ مُسْتَقِيم.
كَانَ نُوراً سَاطِعا(3) وَقَمَراً زَهْراً، اخْتَارَ اللهُ عزّ وجل لَهُ مَا عِنْدَهُ، فَمَضَى عَلَى مِنْهَاج آبَائِهِ عليهم السلام حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل، عَلَى عَهْدٍ عَهِدَهُ، وَوَصِيَّةٍ ).
ص: 719
أوْصَى بِهَا إِلَى وَصِيًّ سَتَرَهُ اللهُ عزّ وجل بِأمْرهِ إِلَى غَايَةٍ، وَأخْفَى مَكَانَهُ بِمَشيَّتِهِ، لِلْقَضَاءِ السَّابِقِ وَالْقَدَر النَّافِذِ، وَفِينَا مَوْضِعُهُ، وَلَنَا فَضْلُهُ، وَلَوْ قَدْ أذِنَ اللهُ عزّ وجل فِيمَا قَدْ مَنَعَهُ(1) وَأزَالَ عَنْهُ مَا قَدْ جَرَى بِهِ مِنْ حُكْمِهِ، لأرَاهُمُ الْحَقَّ ظَاهِراً بِأحْسَن حِلْيَةٍ، وَأبْيَن دَلاَلَةٍ، وَأوْضَح عَلاَمَةٍ، وَلأبَانَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَامَ بِحُجَّتِهِ، وَلَكِنَّ أقْدَارَ اللهِ عزّ وجل لاَ تُغَالَبُ، وَإِرَادَتَهُ لاَ تُرَدُّ، وَتَوْفِيقَهُ لاَ يُسْبَقُ.
فَلْيَدَعُوا عَنْهُمُ اتّبَاعَ الْهَوَى، وَلْيُقِيمُوا عَلَى أصْلِهِمُ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ، وَلاَ يَبْحَثُوا عَمَّا سُتِرَ عَنْهُمْ فَيَأثَمُوا، وَلاَ يَكْشفُوا سَتْرَ اللهِ عزّ وجل فَيَنْدَمُوا، وَلْيَعْلَمُوا أنَّ الْحَقَّ مَعَنَا وَفِينَا، لاَ يَقُولُ ذَلِكَ سِوَانَا إِلاَّ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ، وَلاَ يَدَّعِيهِ غَيْرُنَا إِلاَّ ضَالٌّ غَويٌّ، فَلْيَقْتَصِرُوا مِنَّا عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ دُونَ التَّفْسِير، وَيَقْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ بِالتَّعْريض دُونَ التَّصْريح، إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى)(2).
20 _ كمال الدين: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّر الْمِصْريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ الدَّاوُدِيَّ(3)، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي الْقَاسِم (الْحُسَيْن)(4) بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ فَسَألَهُ رَجُلٌ مَا مَعْنَى قَوْل الْعَبَّاس لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ عَمَّكَ أبَا طَالِبٍ قَدْ أسْلَمَ بِحِسَابِ الْجُمَّل وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلاَثَةً وَسِتّينَ(5)، قَالَ: .وأمَّا الأعشار: فالمسبحة والإبهام، فالعشرة أن يجعل ظفر المسبحة في مفصل الإبهام من جنبها، والعشرون وضع رأس الإبهام بين المسبحة والوسطى، والثلاثون ضمّ رأس المسبحة مع رأس الإبهام، والأربعون أن تضع الإبهام معكوفة الرأس إلى ظاهر الكفّ والخمسون أن تضع الإبهام على باطن الكفّ معكوفة الأنملة ملصقة بالكفّ، والستون أن تنشر الإبهام وتضمّ إلى جانب الكفّ أصل المسبحة، والسبعون عكف باطن المسبحة على باطن رأس الإبهام، والثمانون ضمّ الإبهام وعكف باطن المسبحة على ظاهر أنملة الإبهام المضمومة، والتسعون ضمّ المسبحة إلى أصل الإبهام ووضع الإبهام عليها، وإذا أردت آحاداً وأعشاراً عقدت من الآحاد ما شئت مع ما شئت من الأعشار المذكورة.
وأمَّا المئات فهي عقد أصابع الآحاد من اليد اليسرى فالمائة كالواحد والمائتان كالاثنين وهكذا إلى التسعمائة.
وأمَّا الألوف وهي عقد أصابع عشرات منها، فالألف كالعشر والألفان كالعشرين إلى التسعة آلاف.
وكيف كان، المعول في إيمان أبي طالب على ذبَّه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طيلة حياته وأشعاره المستفيضة المصرَّحة بأنَّه كان مؤمناً في قلبه ولكنَّه لم يظهره لئلاَّ يسقط عن أنظار قريش، فيفوته الذبّ عنه ولذلك قال:
لو لا الملامة أو حذاري سبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
وأمَّا إيمانه بحساب الجُمل وإن كان ورد من طرقنا أيضاً، لكن الأصل في ذلك ما رواه شعبة، عن قتادة، عن الحسن كما عرفت، والحسين بن روح النوبختي إنَّما فسَّر الحديث المرسل، لا غير.
على أنَّه لو كان يتّقي الملامة أو السبّة أو المعرّة كما في رواية أخرى كان ذلك حين يتطاول على قريش بالذبَّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم وأمَّا عند الممات، فلا وجه للتقية أبداً، فلم يسلم بحساب الجُمل ولم يظهر إسلامه صريحاً، ولو صحَّ الحديث مع غرابته لم يفد في المقام شيئاً فإنَّه ليس بأصرح من قوله:
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدا * نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتب
ص: 720
ص: 721
(عَنَى بِذَلِكَ (إِلَهٌ أحَدٌ جَوَادٌ) وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أنَّ الألِفَ وَاحِدٌ، وَاللاَمَ ثَلاَثُونَ، وَالْهَاءَ خَمْسَةٌ، وَالألِفَ وَاحِدٌ، وَالْحَاءَ ثَمَانِيَةٌ، وَالدَّالَ أرْبَعَةٌ،
ص: 722
وَالْجِيمَ ثَلاَثَةٌ، وَالْوَاوَ سِتَّةٌ، وَالألْفَ وَاحِدٌ، وَالدَّالَ أرْبَعَةٌ، فَذَلِكَ ثَلاَثَةٌ وَسِتُّونَ)(1).
21 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريَّ، عَنْ أحْمَدَ بْن عَلِيًّ، عَن الأسَدِيَّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أنَّهُ جَاءَهُ بَعْضُ أصْحَابِنَا يُعْلِمُهُ أنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَلِيًّ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَاباً يُعَرفُهُ فِيهِ نَفْسَهُ وَيُعْلِمُهُ أنَّهُ الْقَيَّمُ بَعْدَ أبِيهِ(2)، وَأنَّ عِنْدَهُ مِنْ عِلْم الْحَلاَل وَالْحَرَام مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُوم كُلّهَا.
قَالَ أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا قَرَأتُ الْكِتَابَ كَتَبْتُ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان عليه السلام وَصَيَّرْتُ كِتَابَ جَعْفَرٍ فِي دَرْجِهِ، فَخَرَجَ الْجَوَابُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم أتَانِي كِتَابُكَ أبْقَاكَ اللهُ، وَالْكِتَابُ الَّذِي أنْفَذْتَهُ دَرْجَهُ، وَأحَاطَتْ مَعْرفَتِي بِجَمِيع مَا تَضَمَّنَهُ عَلَى اخْتِلاَفِ ألْفَاظِهِ، وَتَكَرُّر الْخَطَاءِ فِيهِ، وَلَوْ تَدَبَّرْتَهُ لَوَقَفْتَ عَلَى بَعْض مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبَّ الْعالَمِينَ حَمْداً لاَ شَريكَ لَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْنَا وَفَضْلِهِ عَلَيْنَا، أبَى اللهُ عزّ وجل لِلْحَقَّ إِلاَّ إِتْمَاماً وَلِلْبَاطِل إِلاَّ زُهُوقاً، وَهُوَ شَاهِدٌ عَلَيَّ بِمَا أذْكُرُهُ، وَلِيٌّ عَلَيْكُمْ بِمَا أقُولُهُ، إِذَا اجْتَمَعْنَا لِيَوْم لا رَيْبَ فِيهِ، وَيَسْألُنَا عَمَّا نَحْنُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، إِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِصَاحِبِ الْكِتَابِ عَلَى الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، وَلاَ عَلَيْكَ وَلاَ عَلَى أحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِمَامَةً مُفْتَرَضَةً، وَلاَ طَاعَةً وَلاَ ذِمَّةً، وَسَاُبَيَّنُ لَكُمْ ذِمَّةً(3) تَكْتَفُونَ بِهَا إِنْ شَاءَ اللهُ.
يَا هَذَا يَرْحَمُكَ اللهُ إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ عَبَثاً وَلاَ أهْمَلَهُمْ ).
ص: 723
سُدًى، بَلْ خَلَقَهُمْ بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَ لَهُمْ أسْمَاعاً وَأبْصَاراً وَقُلُوباً وَألْبَاباً، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمُ النَّبِيَّينَ عليهم السلام مُبَشرينَ وَمُنْذِرينَ يَأمُرُونَهُمْ بِطَاعَتِهِ، وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَيُعَرفُونَهُمْ مَا جَهِلُوهُ مِنْ أمْر خَالِقِهِمْ وَدِينِهِمْ، وَأنْزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلاَئِكَةً يَأتِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ بَعَثَهُمْ إِلَيْهِمْ بِالْفَضْل الَّذِي جَعَلَهُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَمَا آتَاهُمْ مِنَ الدَّلاَئِل الظَّاهِرَةِ وَالْبَرَاهِين الْبَاهِرَةِ، وَالآيَاتِ الْغَالِبَةِ.
فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ النَّارَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاَماً وَاتَّخَذَهُ خَلِيلاً، وَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ تَكْلِيماً وَجَعَلَ عَصَاهُ ثُعْبَاناً مُبِيناً، وَمِنْهُمْ مَنْ أحْيَا الْمَوْتَى بِإذْن اللهِ وَأبْرَأ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ بِإذْن اللهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّمَهُ مَنْطِقَ الطَّيْر وَاُوتِيَ مِنْ كُلّ شَيْءٍ، ثُمَّ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَتَمَّمَ بِهِ نِعْمَتَهُ، وَخَتَمَ بِهِ أنْبِيَاءَهُ، وَأرْسَلَهُ إِلَى النَّاس كَافَّةً، وَأظْهَرَ مِنْ صِدْقِهِ مَا أظْهَرَ (وَبَيَّنَ)(1) مِنْ آيَاتِهِ وَعَلاَمَاتِهِ مَا بَيَّنَ.
ثُمَّ قَبَضَهُ صلى الله عليه وآله وسلم حَمِيداً فَقِيداً سَعِيداً، وَجَعَلَ الأمْرَ بَعْدَهُ إِلَى أخِيهِ وَابْن عَمِّهِ وَوَصِيَّهِ وَوَارثِهِ عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام، ثُمَّ إِلَى الأوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهِ وَاحِداً وَاحِداً، أحْيَا بِهِمْ دِينَهُ، وَأتَمَّ بِهِمْ نُورَهُ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِهِمْ وَبَني عَمَّهِمْ وَالأدْنَيْنَ فَالأدْنَيْنَ مِنْ ذَوِي أرْحَامِهِمْ فُرْقَانا(2) بَيَّناً يُعْرَفُ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الْمَحْجُوج، وَالإمَامُ مِنَ الْمَأمُوم، بِأنْ عَصَمَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأهُمْ مِنَ الْعُيُوبِ، وَطَهَّرَهُمْ مِنَ الدَّنَس، وَنَزَّهَهُمْ مِنَ اللَّبْس، وَجَعَلَهُمْ خُزَّانَ عِلْمِهِ، وَمُسْتَوْدَعَ حِكْمَتِهِ، وَمَوْضِعَ سِرهِ، وَأيَّدَهُمْ بِالدَّلاَئِل، وَلَوْ لاَ ذَلِكَ لَكَانَ النَّاسُ عَلَى سَوَاءٍ، وَلاَدَّعَى أمْرَ اللهِ عزّ وجل كُلُّ أحَدٍ وَلَمَا عُرفَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِل، وَلاَ الْعَالِمُ مِنَ الْجَاهِل.).
ص: 724
وَقَدِ ادَّعَى هَذَا الْمُبْطِلُ الْمُفْتَري عَلَى اللهِ الْكَذِبَ بِمَا ادَّعَاهُ، فَلاَ أدْري بِأيَّةِ حَالَةٍ هِيَ لَهُ رَجَاءَ أنْ يُتِمَّ دَعْوَاهُ، أبِفِقْهٍ فِي دِين اللهِ؟ فَوَ اللهِ مَا يَعْرفُ حَلاَلاً مِنْ حَرَام وَلاَ يَفْرُقُ بَيْنَ خَطَاءٍ وَصَوَابٍ، أمْ بِعِلْم؟ فَمَا يَعْلَمُ حَقّاً مِنْ بَاطِلٍ، وَلاَ مُحْكَماً مِنْ مُتَشَابِهٍ، وَلاَ يَعْرفُ حَدَّ الصَّلاَةِ وَوَقْتَهَا، أمْ بِوَرَع؟ فَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى تَرْكِهِ الصَّلاَةَ الْفَرْضَ أرْبَعِينَ يَوْماً يَزْعُمُ ذَلِكَ لِطَلَبِ الشَّعْوَذَةِ، وَلَعَلَّ خَبَرَهُ قَدْ تَأدَّى إِلَيْكُمْ، وَهَاتِيكَ ظُرُوفُ مُسْكِرهِ مَنْصُوبَةٌ، وَآثَارُ عِصْيَانِهِ للهِ عزّ وجل مَشْهُورَةٌ قَائِمَةٌ، أمْ بِآيَةٍ؟ فَلْيَأتِ بِهَا، أمْ بِحُجَّةٍ؟ فَلْيُقِمْهَا، أمْ بِدَلاَلَةٍ؟ فَلْيَذْكُرْهَا.
قَالَ اللهُ عزّ وجل فِي كِتَابِهِ: ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * حم * تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالأَْرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ * قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الأَْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ * وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ))(1).
فَالْتَمِسْ تَوَلَّي اللهُ تَوْفِيقَكَ مِنْ هَذَا الظَّالِم، مَا ذَكَرْتُ لَكَ، وَامْتَحِنْهُ وَسَلْهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ يُفَسَّرْهَا أوْ صَلاَةِ فَريضَةٍ يُبَيَّنْ حُدُودَهَا، وَمَا يَجِبُ فِيهَا، لِتَعْلَمَ حَالَهُ وَمِقْدَارَهُ، وَيَظْهَرَ لَكَ عُوَارُهُ وَنُقْصَانُهُ، وَاللهُ حَسِيبُهُ.
حَفِظَ اللهُ الْحَقَّ عَلَى أهْلِهِ، وَأقَرَّهُ فِي مُسْتَقَرهِ، وَقَدْ أبَى اللهُ عزّ وجل أنْ تَكُونَ (الإمَامَةُ)(2) فِي أخَوَيْن بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن عليهما السلام وَإِذَا أذِنَ اللهُ لَنَا ر.
ص: 725
فِي الْقَوْل ظَهَرَ الْحَقُّ، وَاضْمَحَلَّ الْبَاطِلُ، وَانْحَسَرَ عَنْكُمْ، وَإِلَى اللهِ أرْغَبُ فِي الْكِفَايَةِ، وَجَمِيل الصُّنْع وَالْوَلاَيَةِ، وَحَسْبُنَا اللهُ وَنعْمَ الْوَكِيلُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ)(1).
بيان: (الشعوذة) خِفة في اليد وأخذ كالسحر يري الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين ذكره الفيروزآبادي(2)، و(العوار) بالفتح وقد يضمّ: العيب.
22 _ الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الصَّدُوقِ، عَنْ عَمَّار بْن الْحُسَيْن بْن إِسْحَاقَ، عَنْ أحْمَدَ بْن الْحَسَن بْن أبِي صَالِح الْخُجَنْدِيَّ وَكَانَ قَدْ ألَحَّ فِي الْفَحْص وَالطَّلَبِ وَسَارَ فِي الْبِلاَدِ. وَكَتَبَ عَلَى يَدِ الشَّيْخ أبِي الْقَاسِم بْن رَوْح قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ إِلَى الصَّاحِبِ عليه السلام يَشْكُو تَعَلُّقَ قَلْبِهِ، وَاشْتِغَالِهِ بِالْفَحْص وَالطَّلَبِ، وَيَسْألُ الْجَوَابَ بِمَا تَسْكُنُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَيُكْشَفُ لَهُ عَمَّا يَعْمَلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيَّ تَوْقِيعٌ نُسْخَتُهُ:
(مَنْ بَحَثَ فَقَدْ طَلَبَ، وَمَنْ طَلَبَ فَقَدْ دُلَّ، وَمَنْ دُلَّ(3) فَقَدْ أشَاطَ، وَمَنْ أشَاطَ فَقَدْ أشْرَكَ(4)).
قَالَ: فَكَفَفْتُ عَن الطَّلَبِ، وَسَكَنَتْ نَفْسِي، وَعُدْتُ إِلَى وَطَنِي مَسْرُوراً وَالْحَمْدُ للهِ(5).
23 _ الخرائج والجرائح: رُوِيَ عَنْ أحْمَدَ بْن أبِي رَوْح، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى 1.
ص: 726
بَغْدَادَ فِي مَالٍ لأبِي الْحَسَن الْخَضِر بْن مُحَمَّدٍ لاوصِلَهُ وَأمَرَني أنْ أدْفَعَهُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريَّ فَأمَرَني أنْ (لا)(1) أدْفَعَهُ إِلَى غَيْرهِ، وَأمَرَني أنْ أسْألَ(2) الدُّعَاءَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأسْألَهُ عَن الْوَبَر يَحِلُّ لُبْسُهُ؟
فَدَخَلْتُ بَغْدَادَ، وَصِرْتُ إِلَى الْعَمْريَّ، فَأبَى أنْ يَأخُذَ الْمَالَ وَقَالَ: صِرْ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن أحْمَدَ وَادْفَعْ إِلَيْهِ فَإنَّهُ أمَرَهُ بِأنْ يَأخُذَهُ، وَقَدْ خَرَجَ الَّذِي طَلَبْتُ فَجِئْتُ إِلَى أبِي جَعْفَرٍ فَأوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ، فَأخْرَجَ إِلَيَّ رُقْعَةً فِيهَا:
(بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، سَألْتَ الدُّعَاءَ عَن الْعِلَّةِ الَّتِي تَجِدُهَا، وَهَبَ اللهُ لَكَ الْعَافِيَةَ، وَدَفَعَ عَنْكَ الآفَاتِ، وَصَرَفَ عَنْكَ بَعْضَ مَا تَجِدُهُ مِنَ الْحَرَارَةِ، وَعَافَاكَ وَصَحَّ جِسْمُكَ، وَسَألْتَ مَا يَحِلُّ أنْ يُصَلَّى فِيهِ مِنَ الْوَبَر وَالسَّمُّور وَالسَّنْجَابِ وَالْفَنَكِ وَالدَّلَقِ وَالْحَوَاصِل، فَأمَّا السَّمُّورُ وَالثَّعَالِبُ فَحَرَامٌ عَلَيْكَ وَعَلَى غَيْركَ الصَّلاَةُ فِيهِ وَيَحِلُّ لَكَ جُلُودُ الْمَأكُول مِنَ اللَّحْم إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ(3) غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَا تُصَلّي(4) فِيهِ، فَالْحَوَاصِلُ جَائِزٌ لَكَ أنْ تُصَلّيَ فِيهِ، الْفِرَاءُ مَتَاعُ الْغَنَم مَا لَمْ يُذْبَحْ بأرمنية (إِرْمِينيَةَ) يَذْبَحُهُ النَّصَارَى عَلَى الصَّلِيبِ، فَجَائِزٌ لَكَ أنْ تَلْبَسَهُ إِذَا ذَبَحَهُ أخٌ لَكَ (أوْ مُخَالِفٌ تَثِقُ بِهِ))(5).
* * *ر.
ص: 727
إلى هنا انتهى ما أردت إيراده في كتاب الغيبة وأرجو من فضله تعالى أن يجعلني من أنصار حجَّته، والقائم بدينه، ومن أعوانه والشهداء تحت لوائه، وأن يقرَّ عيني وعيون والدي وإخواني وأصحابي وعشايري وجميع المؤمنين برؤيته، وأن يكحل عيوننا بغبار مواكب أصحابه، فإنَّه المرجو لكلّ خير وفضل.
ألتمس ممَّن ينظر في كتابي أن يترحَّم عليَّ ويدعو بالمغفرة لي في حياتي وبعد موتي، والحمد لله أوَّلاً وآخراً وصلّى الله على محمّد وأهل بيته الطاهرين وكتب بيمناته الجانية، مؤلّفه أحقر عباد الله الغني محمّد باقر بن محمّد تقي، عفي عنهما بالنبيّ وآله الأكرمين، في شهر رجب الأصب من شهور سنة ثمان وسبعين بعد الألف من الهجرة النبويّة(1).
* * *ة.
ص: 728
الإحتجاج: الطبرسي/ مطبعة النعمان/ النجف الأشرف/ 1368ه- .
الاختصاص: الشيخ المفيد/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ قم.
اختيار معرفة الرجال: الشيخ الطوسي/ 1404ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الإرشاد: الشيخ المفيد/ ت مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ مط دار المفيد.
اُسد الغابة: ابن الأثير/ منشورات إسماعيليان/ طهران.
إعلام الورى: الطبرسي/ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث/ ط 1/ 1417ه-/ قم.
إقبال الأعمال: ابن طاووس/ ط 1/ 1414ه-/ مطبع ونشر مكتب الإعلام الإسلامي.
الأمالي: الشريف المرتضى/ ت النعساني الحلبي/ ط 1/ 1325ه- .
الأمالي: الشيخ الصدوق/ ت قسم الدراسات/ قم/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسسة البعثة.
الأمالي: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1414ه-/ دار الثقافة/ قم.
الأمالي: الشيخ المفيد/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ قم.
الإمامة والتبصرة: ابن بابويه القمي/ ط 1/ 1409ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الأنساب: السمعاني/ دار الجنان/ بيروت/ 1408 ه- .
الإيقاظ من الهجعة: الحر العاملي/ ت مشتاق المظفر/ ط 1/ مط نكارش.
بصائر الدرجات: محمّد بن الحسن الصفار/ ط 1404ه-/ مط أحمدي/ طهران.
بغية الوعاة: السيوطي/ دار الفكر/ 1399ه-/ بيروت.
البيان في أخبار صاحب الزمان: ابن عبد الله محمّد الكنجي.
تفسير البيضاوي: البيضاوي/ دار الفكر/ بيروت.
ص: 729
تفسير العياشي: العياشي/ المكتبة العلمية الإسلاميّة/ طهران/ 1380ه- .
تفسير القمي: عليّ بن إبراهيم القمي/ ط 3/ 1404ه-/ مؤسسة دار الكتاب/ قم.
التفسير الكبير: الفخر الرازي/ ط 3.
تفسير فرات: فرات بن إبراهيم الكوفي/ ط 1/ 1410ه-/ ت محمّد الكاظم.
تهذيب الأحكام: الشيخ الطوسي/ ط 3/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران.
تهذيب التهذيب: ابن حجر/ دار الفكر/ 1404ه-/ بيروت.
التوحيد: الشيخ الصدوق/ 1387ه-/ جماعة المدرسين/ قم.
ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق/ مط أمير/ ط 2/ 1368ه-/ منشورات الرضي/ قم.
جامع الأخبار: السبزواري/ تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام.
جامع الأصول: ابن الأثير/ ط الثانية عام 1400/ دار إحياء التراث العربي.
خاتمة المستدرك: الميرزا النوري/ ط1/ 1416ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
خاتمة مستدرك الوسائل: النوري/ ط 1/ 1415ه-/ مؤسسة آل البيت عليهم السلام/ قم.
الخرائج والجرائح: قطب الدين الراوندي/ مؤسسة الإمام الهادي عليه السلام/ قم.
الخصال: الصدوق/ ت عليّ أكبر غفاري/ جماعة المدرسين/ 1403ه- .
خلاصة الأقوال: العلاّمة الحلّي/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسسة نشر الفقاهة.
الدر المنثور: السيوطي/ ط 1/ 1365ه-/ مط الفتح جدة/ دار المعرفة.
الدروس: الشهيد الأوّل/ مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم.
الدعوات: قطب الدين الراوندي/ مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام/ قم.
دلائل الإمامة: الطبري/ ت قسم الدراسات الإسلاميّة/ ط 1/ 1413 ه- .
رجال الطوسي: الشيخ الطوسي/ ت جواد القيومي/ ط 1/ 1415ه- .
رجال النجاشي: النجاشي/ ط 5/ 1416ه-/ جماعة المدرسين/ قم.
رسائل المرتضى: الشريف المرتضى/ 1405ه-/ دار القرآن الكريم/ قم.
ص: 730
روضة الكافي: الكليني/ دار الكتب الإسلامية/ طهران (الطبعة الثالثة)/ 1388ه- .
رياض العلماء: الميرزا عبد الله الأفندي/ ت أحمد الحسيني/ المرعشي/ قم.
ريحانة الأدب: محمّد عليّ المدرس التبريزي/ ط طهران.
سعد السعود: ابن طاووس/ 1363ه-/ منشورات الرضي/ قم.
سنن أبي داود: السجستاني/ مط دار الفكر بيروت/ ط 1/ 1410ه- .
السيرة النبوية: ابن هشام/ مكتبة محمّد علي صبيح/ ميدان الأزهر بمصر.
شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد/ مط المرعشي/ دار إحياء الكتب العربية.
الصحاح: إسماعيل بن حماد الجوهري/ دار العلم للملايين/ بيروت/ 1407ه- .
صحيح البخاري: البخاري/ دار الفكر/ ط1/ 1411ه- .
صحيح مسلم: مسلم ابن الحجاج النيسابوري/ دار الفكر/ بيروت.
صحيفة الرضا عليه السلام: جواد القيومي/ ط1/ 1373ش/ مؤسسة النشر الإسلامي.
صفات الشيعة: الشيخ الصدوق/ الناشر عابدي/ طهران.
الطرائف: السيد عليّ ابن طاووس الحسيني/ ط 1/ الخيام/ 1371ه- .
العدد القوية: علي بن يوسف الحلي/ مكتبة المرعشي/ قم/ 1408 ه- .
علل الشرائع: الشيخ الصدوق/ مط الحيدرية/ النجف/ ط 1386ه- .
العمدة: ابن البطريق/ ت ونشر جماعة المدرسين/ قم/ ط 1/ 1407ه- .
عوالي اللئالي: ابن أبي جمهور الأحسائي/ الطبعة الأولى/ 1403ه-/ قم.
عيون أخبار الرضا عليه السلام: الصدوق/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1404 ه- .
الغيبة: الطوسي/ مؤسسة المعارف الإسلاميّة/ ط1/ 1411ه- .
الغيبة: محمّد بن إبراهيم النعماني/ منشورات أنوار الهدى/ قم/ الطبعة الأولى.
الفائق في غريب الحديث: الزمخشري/ 1417ه-/ دار الكتب العلمية/ بيروت.
فرج المهموم: السيّد ابن طاووس/ منشورات الشريف الرضي.
ص: 731
الفصول المهمة: ابن الصباغ المالكي/ ط النجف الأشرف/ ط 1/ 1950م.
الفضائل: شاذان بن جبرئيل القمي/ 1381ه-/ مط الحيدرية/ النجف الأشرف.
الفهرست: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسسة نشر الفقاهة.
قاموس الرجال: محمّد تقي التستري/ ط 1/ 1419ه-/ مؤسسة النشر الإسلامي.
قرب الإسناد: عبد الله بن جعفر الحميري/ نشر مؤسسة آل البيت/ ط 1/ 1413ه- .
الكافي: الشيخ الكليني/ ت عليّ أكبر غفاري/ ط 3/ 1388ه-/ مط حيدري.
كامل الزيارات: ابن قولويه/ ط 1/ 1417ه-/ مط مؤسسة النشر الإسلامي.
الكامل في التاريخ: ابن الأثير/ دار صادر/ 1386ه-/ بيروت.
كتاب الفتن: ابن حماد المروزي/ ت سهيل زكار/ ط 1414ه-/ مط دار الفكر.
الكشاف عن حقائق التنزيل: الزمخشري الخوارزمي/ 1318ه-/ مصر.
كشف الغمّة: الأربلي/ مط دار الأضواء بيروت/ ط 2/ 1405ه-/ دار الأضواء.
كفاية الأثر: علي بن محمد الخزاز القمي/ انتشارات بيدار/ قم/ 1401ه- .
كفاية الطالب: الكنجي الشافعي/ ط 3/ 1404ه-/ دار إحياء تراث أهل البيت.
كمال الدين: الشيخ الصدوق/ 1405ه-/ جماعة المدرسين.
كنز الفوائد: أبو الفتح الكراجكي/ ط 2/ 1369ش/ مكتبة المصطفوي/ قم.
لسان الميزان: ابن حجر العسقلاني/ ط 2/ 1390ه-/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت.
مجمع البيان: الفضل بن الحسن الطبرسي/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1415ه- .
المحاسن: البرقي/ ت جلال الدين الحسيني/ دار الكتب الإسلاميّة.
مختصر بصائر الدرجات: الحسن بن سليمان الحلي/ ط 1/ 1370ه-/ مط الحيدرية/ النجف.
المزار الكبير: محمّد بن المشهدي/ ط1/ 1419ه-/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.
المزار: الشهيد الأوّل/ ط 1/ 1410ه-/ مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام/ قم.
ص: 732
مشارق أنوار اليقين: الحافظ رجب البرسي/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت/ 1999م.
مشكاة المصابيح: الخطيب التبريزي/ ط دمشق.
مصباح الزائر: السيّد بن طاووس/ المخطوطة.
مصباح المتهجد: الشيخ الطوسي/ مؤسسة فقه الشيعة/ بيروت/ 1411 ه- .
المصباح: الكفعمي/ مؤسسة فقه الشيعة/ بيروت/ 1411 ه- .
معاني الأخبار: الشيخ الصدوق/ ت الغفاري/ 1361ه-/ انتشارات إسلامي.
المغني: عبد الله بن قدامة/ دار الكتاب العربي/ بيروت.
مقتضب الأثر: أحمد بن عياش الجوهري/ مكتبة الطباطبائي/ قم.
الملل والنحل: الشهرستاني/ ت محمّد سيّد كيلاني/ دار المعرفة/ بيروت.
من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق/ ط 2/ 1404ه-/ جماعة المدرسين.
منتخب الأنوار المضيئة: السيد النيلي/ ت مؤسسة الإمام الهادي/ ط 1/ قم.
مهج الدعوات: السيّد علي بن موسى بن طاووس/ ط حجرية.
المهذب البارع: ابن فهد/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم/ 1407 ه- .
نقد الرجال: التفرشي/ ط1/ 1418ه-/ مؤسسة آل البيت لإحياء التراث/ قم.
نهج البلاغة: خطب الإمام عليّ عليه السلام/ ت محمّد عبده/ دار المعرفة/ بيروت.
وسائل الشيعة (الإسلاميّة): الحر العاملي/ ط 5/ 1403ه-/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
وفيات الأعيان: ابن خلكان/ ت محمّد محي الدين/ ط 1/ 1367ه-/ مصر.
* * *
ص: 733