الأدب المهدوي رسالة في تكاليف الإنسان في عصر الغيبة الكبري

اشارة

الأدب المهدوي رسالة في تكاليف الإنسان في عصر الغيبة الكبري

السيد محسن الموسوي

دار الكتاب العربي للطباعة والنشر والتوزيع - لبنان/بيروت

الطبعة الأولي

1428م .2007 م

ص: 1

اشارة

جميع حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولي

1428م .2007 م

دار الكتاب العربي للطباعة والنشر والتوزيع

هاتف: 03/257984 . فاكس، 01/553456 - ص.ب. 25/355 . غبيري - بيروت

Daralkatebalarabi@hotmail.com

ص: 2

السيد محسن الموسوي

الأدب المهدوي

رسالة في تكاليف الإنسان في عصرالغيبة الكبري

دار الكتب العربي

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحيم

«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ»

ص: 4

اَللّهُمَّ عَرِّفْني نَفْسَكَ، فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَفْسَكَ، لَمْ اَعْرِف رَسُولَكَ.

اَللّهُمَّ عَرِّفْني رَسُولَكَ، فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني رَسُولَكَ، لَمْ اَعْرِفْ حُجَّتَكَ.

اَللّهُمَّ عَرِّفْني حُجَّتَكَ، فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني حُجَّتَكَ، ضَلَلْتُ عَنْ ديني.

اَللّهُمَّ لَاتُمِتْنِي مِيْتَةً جاهِلِيَّةً، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي.

ص: 5

ص: 6

الإهداء

إلي ولي الله في أرضه وحجته علي عباده مولاي وابن مولاي الإمام المهدي روحي له الفدي

وإلي ارواح الشهداء الذين قدموا انفسهم من أجل الحفاظ علي شريعته لا سيما الإمامين الصدرين ومن سار معهما في طريق الحق...

وكل شهداء العراق الحقيقيين الذين دافعوا عن دولة الإمام وعاصمته للدول العالمية...

هؤلاء الذين ظلموا في حياتهم وبعد شهادتهم ..

وإلي شهداء المقاومة الإسلامية في لبنان هؤلاء الذين رفعوا لنا الرؤس عالية ودخلوا القلوب وسكنوا فيها .

إلي كل شاب منتظر الإمام والإمام ينتظره...

ص: 7

إلي كل أم تدفع بولدها ليضحي من أجل قضايانا العادلة ..

إلي كل أخت تفرح لأخيها أن يكون في صفوف الحق من أجل الحق.

إلي كل زوجة تحفظ الأمانة بعد رحيل زوجها في طريق الشهادة وتربي أولادها علي حب وطاعة الإمام ونائبه العام أعني الولي الفقيه المرتبطة طاعته بطاعة الإمام، وهي طاعة الله تعالي.

إلي كل اب يربي ثم يفقد ولده أو أولاده في معركة الحق مع الباطل الزائل وهو يقول إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم تقبل منا هذا القربان، اللهم خذ حتي ترضي.

اللهم فاجعل هؤلاء يقبلون ما اهديت لهم يا ارحم الراحيم .

المقصر

محسن النوري الموسوي

ص: 8

المقدمة

الْحَمْدُ لِلّهِ بِجَمِيعِ مَحامِدِهِ كُلِّها، عَلَي جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَامُضادَّ لَهُ فِي مُلْكِهِ، وَلَا مُنازِعَ لَهُ فِي أَمْرِهِ.

الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَاشَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ .

الْحَمْدُ لِلّهِ الْفاشِي فِي الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، الظَّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، الَّذِي لَاتَنْقُصُ خَزائِنُهُ، وَلَا تَزِيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إِلّا جُوداً وَكَرَماً إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ .

اللّهمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الأَوْصِياء الرَّاضِينَ المَرْضِيِّينَ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ ، وَبارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكاتِكَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ وَعَلي أَرْواحِهِمْ وَأَجْسادِهِمْ ، وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.

هذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ هو عبارة عن نبذة من الآداب التي ينبغي بل يجب في بعض الاحيان التحلي بها من قبل الموالي للإمام المهدي صلوات الله عليه .

ونحن في هذا الكتاب توسعنا أكثر من البحث بالآداب،

ص: 9

فبحثنا ولو مختصراً بأمور لها علاقة بقضية الإمام المهدي عليه السلام عقيدة وتاريخاً..

وهذا بطبيعة الحال ضروري لتكتمل الصورة عند الفرد الذي يبحث عن الحقيقة الإلهية في تحقق الظهور المبارك للإمام المهديعليه السلام.

والآداب عند العلماء في قضية الإمام المهدي عليه السلام، هي الصلوات والأدعية والزيارات والأوراد والتعاليم الأخلاقية الواردة عن المهدي الخاصة في هذا الزمن أعني زمن الغيبة الكبري ..

وهذه الاعمال وإن كان أغلبها خارج نطاق الواجب الشرعي إلا أنها ذات أهمية كبيرة لعل إهمالها يؤدي إلي عواقب غير محمودة، ولا نقول أنها من الواجبات التي يترتب علي تركها العقاب.

نعم وأن هذه الآداب تشكل الركيزة في علاقة الأمة بقائدها المظفر الإمام المهدي عليه السلام .

ومن فوائدها إجمالاً

أولاً: تحصيل الثواب الإلهي المنشود من ورائها، فلكل

ص: 10

عمل عند الله له ثواب وهذه الاعمال مهما كبرت أو صغرت فلها أو عليها ثواب يستحقه الفرد فيما إذا أتي بها علي الوجه الكامل من النية إلي الآداء ..

وقد دل علي هذا الثواب الروايات الواردة بخصوص بعض هذه الأعمال .

ثانياً : تحصيل غفران الذنوب من اتيان هذه الاعمال، وهي فرصة فتحها الله لنا من ضمن الفرص الكثيرة التي فتحها لعباده، من أجل أن يغفر لهم ذنوبهم ويزكيهم.

ثالثاً : أن هذه الاعمال تحقق للفرد الارتباط بالله ورسوله والإمام المهدي صاحب العصر والزمان، ففيها كلمات روحية تربط الفرد بإمامه وإن كان بعيداً عنه ولم يره. وهذا الارتباط يهيئ للارتباط بقضايا الإسلام ككل..

رابعاً: أن هذه الأعمال تبين للفرد ما ينبغي بل يجب عليه فعله في عصر الغيبة الكبري، وأيضا تساعده علي فهم الانتظار بصورة صحيحة لا صورة قشرية كما هي عليه المجتمعات الآن.

خامساً : هذه الاعمال فيما إذا لم يظهر الإمام في حياة الفرد وقد كان مستعداً للظهور المقدس، تساعده علي نيل

ص: 11

صحبة الإمام وإن لم يدرك ظهوره، كما في خصائص بعض الاعمال .

إلي غير ذلك من الفوائد التي لا تخفي علي الفرد المؤمن والتي يلاحظها من خلال اتيان هذه الأعمال.

والآن نقدم هذه الكلمات ليقرأها الفرد بتمعن لعله ونحن ننهل ولو القليل منها لنرضي بها الله ورسوله وإمامنا المفدي .

اللهم تقبل منا هذا القليل واجزنا عليه بأن تجعلنا ممن تنتصر بهم لدينك، وإن كنت أنا في نفسي لا استحق إلا بما أنت أعلم به مني، ولكن فيوضاتك لا يحدها حد وليس لها نهاية .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

محسن النوري الموسوي

21/ رمضان المبارك/ 1427 .

لبنان/بيروت/ الضاحية الأبية .

ص: 12

تمهيد

قصة الولادة المباركة

*قصة الولادة المباركة (1)

ولد عليه السلام عند الفجر من يوم النصف من شهر شعبان أما عام ولادته فالمشهور أنه عام 255.

وعلي ذلك يكون قد ولد عليه السلام بعد وفاة جده الإمام الهادي عليه السلام بحوالي عام، وبعد مجيء المهتدي العباسي إلي الحكم بأقل من شهر. حيث استخلف المهدي لليلة بقيت من رجب. وولد الإمام المهدي في النصف من شعبان في نفس العام. وبقي المهتدي في الحكم حوالي عام واحد حيث أزاله الأتراك وبايعوا المعتمد عام 256. وبقي المعتمد في الحكم ثلاثاً وعشرين سنة، حتي عام 279.

ص: 13


1- الغيبة الصغري للإمام الصدر بتصرف يسير

ويعاصر الإمام المهدي عليه السلام من حياة أبيه خمس سنوات، حيث يصعد أبوه إلي الرفيق الأعلي عام260.

وقد انصب النشاط الرئيسي خلال ذلك علي أمرين رئيسيين:

أحدهما: الحذر التام من السلطة الحاكمة.

ثانيهما : تعرف خواص أبيه عليه السلام.

ومهما يكن من أمر، فالمهم الآن أن نحمل فكرة عما تدلنا عليه الروايات من حوادث ولادة الإمام المهدي عليه السلام:

إن الإمام العسكري عليه السلام تزوره عمته حكيمة في يوم من الأيام، وتبقي عنده إلي المساء. وحين تريد أن تنصرف يرجوها الإمام عليه السلام أن تبيت في داره هذه الليلة، فإنه سيولد فيها المولود الكريم علي الله عز وجل. حجة الله في أرضه.

فتسأله العمة:

ومن أمه؟.

فيقول الإمام عليه السلام: نرجس!

فتنفي العمة أن يكون بنرجس أثر للحمل.

فيؤكد لها الإمام عليه السلام ذلك قائلاً:

ص: 14

و هو ما أقول لك فتفحصها العمة جيداً وتقلبها ظهراً لبطن فلا تجد أثر الحمل. فتعود فتخبره تارة أخري.

فيبتسم الإمام عليه السلام ويعطيها الحجة الواضحة والمبرر الإلهي الصحيح في ذلك، قائلاً:

إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل .. لأن مثلها كمثل أم موسي لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلي وقت ولادتها، لأن فرعون كان يشق بطون الحبالي في طلب موسي عليه السلام . وهذا نظير موسي عليه السلام .

وحاصل البرهان الذي يتضمنه كلام الإمام عليه السلام بعد إيضاح مقدماته هو:

أن الله تبارك وتعالي اقتضت حكمته الأزلية أن يستهدف في خلق البشرية هدايتها وإرشادها وإخراجها من الظلمات إلي النور.

قال تعالي : «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(1).

ولأجل هذا الهدف الأعلي كانت بعثات الأنبياء والرسل مبشرين ومنذرين. ومن هنا كان وعد الله القاطع بإقامة دولة

ص: 15


1- الذاريات (56)

الحق علي الأرض. فإن الأرض لله يرثها عباده المتقون.

والهدف الإلهي إذا كان لزومياً ومهمً، توصل الله تعالي إليه بقدرته، بما شاء من الوسائل والطرق. فإنه القادر علي كل شيء الذي إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون. فإن كان في الإمكان تحقق الهدف بالطريق الطبيعي، فهو .. وإلا توصل الله إلي إيجاده عن طريق خرق النظام الكوني الطبيعي بالمعجزات .

كما تحدثنا عنه وفصلنا القول فيه في رسالتنا عن المعجزة في المفهوم الإسلامي وأهون بالجهد البشري أن يكون حائلاً أو مانعاً بين إرادة الله تعالي وبين تنفيذ ما يريده من الأهداف في خلقه .

وإذ يكون ضغط السلطات الحاكمة عالياً، ويكون لوجود الفرد المطارد أثراً مهماً في تحقيق الهدف الإلهي، ولم يمكن حفظه من السلطات بطريق طبيعي، إذن يتعين حفظه بطريق إعجازي .. توصلاً علي الهدف الكبير وهو هداية البشرية في مستقبل الدهر.

وبين يدينا الآن مثالان لذلك :

أحدهما: النبي موسي بن عمران علي نبينا و عليه السلام. فإن الله تعالي حين تعلق غرضه المهم الملزم بهداية البشرية به في زمان مستقبل.. وكان ذلك متوقفاً علي ولادته

ص: 16

صحيحاً سالماً ولم يكن ممكناً للضغط العالي المتوجه من قبل سلطات فرعون يومئذ. إذن يتعين حفظه بطريق إعجازي تحفظاً علي الغرض الإلهي الكبير الذي سيكون موسي عليه السلام المسؤول الرئيسي لتنفيذه وتطبيقه في حينه.

المثال الثاني: الإمام المهدي عليه السلام الذي تعلق الغرض الإلهي المهم الملزم بهداية البشرية به في الزمان المستقبل وتنفيذ وعد الله تعالي بدولة الحق علي يده . وذلك يتوقف علي ولادته وبقائه سالماً. ومن هنا أفاض الله تعالي عنايته الخاصة وإرادته اللانهائية، تحفظاً علي غرضه الكبير وتحدياً للجهد البشري المتواضع الذي تبذله السلطات .. بإقامة المعجزة في إخفاء الحمل من ناحية وفي بقائه أمداً طويلاً من الدهر من ناحية ثانية .

وحيث كان المثال الأول واضحاً في أذهان المسلمين، إذن فلا بعد في قدرة الله تعالي أن يقوم بذلك بالنسبة إلي المهدي عليه السلام أيضاً.

والمعجزة في إخفاء الحمل يكون . في الأرجح. علي هذا الترتيب: وهو أن النطفة خلال مدة الحمل تنمو ببطء

ص: 17

شديد أو لا تنمو علي الإطلاق. ثم إنها قبل الولادة بوقت قصير قد لا يزيد علي دقائق، تنمو بسرعة حتي يكتمل الجنين، ويكون قابلاً للميلاد، في الجو السري الخاص البعيد عن أعين السلطات.

وبذلك لا يتمكن أحد من الفاحصين حتي القوابل، خلال المدة الاعتيادية للحمل .. من التعرف علي وجوده .

فضلاً عن مجرد النظر. وذلك : لأن الطب إلي يومنا الحاضر عاجز عن التعرف إلي الحمل في شهره الأول، فكيف بالعصور السابقة .. عصور الخلافة العباسية . فلو بقي الجنين، فإرادة الله تعالي، علي شكله في الشهر الأول طيلة مدة الحمل، لم يتمكن أحد من أن يخمن وجود الحمل علي الإطلاق، في تلك العصور.

ولا يخفانا أيضاً، ما في التوقيت في الفجر، من أهمية خاصة في زيادة الحذر والخفاء، فإن هذه العائلة كانت في ذلك الوقت في يقظة. وكل من يتولي السلطة والتجسس يغط في نوم عميق.

ثم إن حكيمة إذ تسمع تأكيد الإمام عليه السلام ، تعود إلي نرجس فتخبرها بما قال وتسألها عن حالها. فتقول نرجس: يا مولاتي ما أري بي شيئاً من هذا. ثم إن نرجس نامت واشتغلت

ص: 18

حكيمة بالصلاة، لكي تؤدي صلاة الليل، وجلست للدعاء عقيب الصلاة، وهي في كل ذلك ترقب نرجس. فلا تجد عليها إلا النوم الهادي لا تقلب جنباً عن جنب. وهناك من الأخبار ما يدل علي أن نرجس نفسها قامت من نومتها فأدت صلاة الليل ثم نامت مرة أخري. وهي لا تحس بشيء.

حتي إذا كان وقت طلوع الفجر، وثبت نرجس من نومها فزعة، فضمتها حكيمة إلي صدرها.

وقالت لها : اسم الله عليك، هل تحسين بشيء.

قالت: نعم يا عمة .

أقول: نعرف من ذلك أن جنينها قد كبر واكتمل. وتم هذا في دقائق أو أقل. وهذا يفسر لنا وثوبها من نومها فزعة.

وهنا يأمر الإمام عليه السلام حكيمة بأن تقرأ عليها سورة الدخان التي تبدأ بقوله تعالي:

«حم * وَالْكتابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيلَةٍ مُبارَكةٍ إِنَّا كنَّا مُنْذِرِينَ * فِيها يفْرَقُ كلُّ أَمْرٍ حَكيمٍ*أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ» (1).

ص: 19


1- الدخان : 5-1.

ولا يخفي ما في ُقراءة هذه الآيات من المناسبة لمقتضي الحال .

وحينما يحين وقت الولادة، يحدث نوع من الغموض بين الإمرأتين بحيث لا تطلع حكيمة علي نرجس، وقد عبر عن ذلك في بعض الروايات بالفترة.. وهي نوع من الغفلة أو النعاس .. أصابتهما معاً.

وعبر عنه في رواية أخري، بقول حكيمة : حتي غيبت عني نرجس فلم أرها، كأنه ضرب بيني وبينها حجاب . والمعني المفهوم منها واحد، والغرض منه هو عدم الاطلاع علي نرجس حين خروج الإمام عليه السلام .

وتنتبه حكيمة، فتجد الإمام المهدي عليه السلام ساجداً علي الأرض يقول شيئاً من الكلام، يعطي به المفهوم الواعي الكبير الذي خلقه الله من أجله والغرض الذي أوكله إليه والوعد العظيم الذي أناطه به. لكن الروايات تختلف في اللفظ الذي قاله.

ففي إحداها أنه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدي محمد رسول الله وأن أبي أمير المؤمنين. ثم عد إماماً إماماً إلي أن بلغ إلي نفسه .

ص: 20

ثم قال : اللهم أنجز لي ما وعدتني واتمم لي أمري وثبت وطأتي، واملأ الأرض بي عدلاً .

وفي رواية أخري أنه قال : الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطاهرين. زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة. ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك .

وفي رواية ثالثة : أنه عليه السلام تلا قوله تعالي؛ شهد الله أن لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم.. إلي آخر الآية .

وفي رواية رابعة : أنه تلا قوله تعالي :

«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ»(1) ... إلي آخر الآية .

ونحن كمسلمين، لا ينبغي أن نستغرب ذلك أو نستنكره، فإنه ليس بدعاً من الدهر، وليس شاذاً في أفعال الله تعالي وقدرته الكبري. وهذا القرآن يصرح بكل وضوح بنطق عيسي بن مريم في المهد: قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً.. إذن فهو نبي في صغره أيضاً، والمهدي عليه السلام له الشبه به من كلتا الناحيتين. أما النطق فباعتبار هذا الذي

ص: 21


1- القصص (5)

سمعناه. وأما الإمامة في الصغر فلأنه تولاها وعمره خمس سنوات بعد وفاة أبيه عام 260 للهجرة.

وينزل الحجة المهدي عليه السلام إلي الأرض بدون دماء نظيفاً مفروغاً منه. فيستدعي به أبوه عليه السلام، فتحمله حكيمة عليه، فيأخذه ويضع لسانه في فيه ويمر يده علي عينيه وسمعه ومفاصله . ثم يقول له: تكلم يا بني. فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم. ثم صلي علي أمير المؤمنين وعلي الأئمة إلي أن وقف علي أبيه. ثم أحجم...

ما بعد المولد:

يولد الإمام المهدي عليه السلام ، شأنه في ذلك شأن آبائه عليهم السلام، مختوناً، ولكن والده يقرر إمرار الموسي عليه لإصابة السنة . فإنه لا ينبغي أن تتخلف السنة الإسلامية عن أحد.

ويأمر الإمام العسكري عليه السلام، أبا عمر وعثمان بن سعيد، وهو من أخص أصحابه لديه .. بأن يعق عن المولود الجديد عدداً من الشياه وأن يشتري عشرة آلاف رطل من الخبز وعشرة آلاف رطل لحماً ويوزعه علي الفقراء. وما أكثرهم في ذلك المجتمع المنحرف، وخاصة في القواعد الشعبية للإمام

ص: 22

المعزولين اجتماعياً واقتصادياً .

وقد وصلت شاة مذبوحة إلي محمد بن ابراهيم الكوفي، باعتبارها عقيقة عن المولود الجديد.

ويتباشر الأصحاب الخاصون بميلاد الإمام المهدي عليه السلام. فيزور أحدهم الإمام العسكري عليه السلام فيهنأه بولادة ابنه القائم ويجتمع اثنان من الأصحاب فيبادر أحدهما الآخر قائلاً: البشارة. ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمد عليه السلام، وأمر بكتمانه. فيسأله الآخر السؤال المعتاد.. يسأله عن اسم المولود الجديد، فيقول له: سمي محمد وكني بجعفر.

ص: 23

ص: 24

الوارث الحقيقي للأنبياء

عالمية قضية الإمام عليه السلام

قضية الإمام تكملة مسيرة الأنبياء

اشارة

ص: 25

ص: 26

الوارث الحقيقي للأنبياء

من هو الوارث الحقيقي للأنبياء والإمام المفترض الطاعة في زماننا هذا باعتبار أن لكل عصر إمام ولا تخلو الأرض من حجة الله سبحانه وتعالي؟

الوارث الحقيقي للأنبياء (عليهم وعلي نبينا أفضل التحية والسلام) هو الإمام المهدي الغائب عجل الله فرجه الشريف، كما ورد في دعاء الإمام السجاد عليه السلام:

(اللهم يا من خص محمد وآله بالكرامة، وحباهم بالرسالة، وخصصهم بالوسيلة، وجعلهم ورثة الأنبياء).

وقد نصت علي قضية الإمام المهدي (روحي له الفدي) الأديان السابقة وبشر بها الأنبياء عليهم السلام .

عالمية قضية الإمام عليه السلام

عرفنا سلفاً أن قضية الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف) نصت عليها الديانات والأنبياء بأمر من عند الله وهذا يكفي أن يكون الدليل علي أن قضيته عليه السلام ليست من مختصاتنا في الفكر الشيعي أو

ص: 27

الإسلامي كما يري البعض (وإنما هي قضية عالمية تنتظرها البشرية علي اختلاف ألوانها ولغاتها، لأنه عليه السلام المنقذ الغيبي الذي يمد يده الكريمة لانتشال الإنسان في آخر الزمان من حيرته وضياعه فيعيد المسيرة الإنسانية إلي الخط الإلهي المرسوم لها والذي انفصلت عنه، فلا يبقي إلا ديناً واحداً هو الإسلام ولا رئيساً إلا الإمام المهدي عليه السلام يحكم العالم بأجمعه).

قضية الإمام تكملة مسيرة الأنبياء

يقولون أن قضية الإمام المهدي وليدة الظروف الحرجة التي يمر بها المجتمع الشيعي من الناحية السياسية والأمنية والاجتماعية كما يري البعض ..

والحقيقة أن من يري ذلك فهو واهم ولا يريد الاعتراف بقضية عالمية بشرت بها الأديان والأنبياء كما قلنا، والأحاديث الواردة التي سنتعرف عليها لاحقاً تبين وبوضوح عالمية قضية الإمام المهدي، حيث أنه يملئ الأرض عدلاً وقسطاً، الأرض كلها وليس تلك البقعة الجغرافية التي يقطنها الشيعة هنا وهناك مهما كبرت أو صغرت.

من هنا وهناك من الروايات والأحاديث يتبين صدق القضية علي أنها عالمية أرادها الله تعالي وهي مكملة لمسيرة الأنبياء والأولياء منذ بدء الخلقة ..

ص: 28

احاديث البشارة بالمهدي عليه السلام

قضية الإمام عليه السلام والمذاهب الإسلامية

احصائية الروايات

الشك في قضية الامام عليه السلام

ص: 29

ص: 30

احاديث البشارة بالمهدي عليه السلام

اشارة

هناك روايات وأحاديث تدل علي أن الأنبياء قد بشروا بالإمام المهدي ودولته العادلة الموعودة، فقد بشر به الرسول الأكرم محمد، وهو أيضا بشارة النبي داود عليه السلام، وبشارة نبي الله ارميا عليه السلام والآن نذكر بعض الروايات والأحاديث بهذا الخصوص من كتاب شكوي العالم بتصرف يسير:

1- بشر به الرسول محمد صلي الله عليه و آله و سلم :

روي مسندا عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم:

المهدي من ولدي، اسمه إسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقا، تكون له غيبة وحيرة تظل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما) (1)

ص: 31


1- راجع موسوعة الإمام المهدي للإمام الصدر

وروي الكنجي، المتوفي سنة 658 ه، بإسناده عن الأعمش عن زر بن حبيش عن حذيفة قال :

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكني أبا عبد الله يبايع له الناس بين الركن والمقام يرد به الله الدين ويفتح له فتوحا فلا يبقي علي ظهر الأرض إلا من يقول(لا اله إلا الله) فقام سلمان فقال : يا رسول الله من أي ولدك هو؟ قال : من ولد ابني وضرب بيده علي الحسين عليه السلام.

2- بشر به النبي داود عليه السلام:

ورد في كتاب (بشائر الأسفار):

لم ينس نبي الله داود عليه السلام الإمام المهدي المنتظر من ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فخصص له ولجده رسول الله مقطوعة أدبية رائعة يصفه ويصف جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيها ما سيحققانه للبشرية من إنجازات عظيمة علي مستوي الخير والهداية إلي الله ورفع الظلم والطغيان من الأرض.

وهذا كله مفصلا في البشارة الخامسة من هذا الكتاب التي جاءت تفسيرا لما ورد في المزمور الثاني والسبعين من مزامير داود عليه السلام .

ص: 32

أما ما يتعلق بالمزمور (72) والذي نحن بصدد الحديث عما جاء فيه من البشارات فان صياغته شبيهة بالأدعية والتوسل إلي الله عز وجل، حيث ننقل نص الترجمة العربية لهذا المزمور كما ورد في (الكتاب المقدس) الصادر عن (دار الكتاب المقدس) في الشرق الأوسط فقد جاء في هذا المزمور :

اللهم أعط شريعتك للملك وعدلك لابن الملك(1).

ليحكم بين شعبك بالعدل ولعبادك المساكين بالحق(2).

فلتحمل الجبال والآكام السلام للشعب في ظل العدل(3).

ليحكم المساكين الشعب بالحق ويخلص البائسين ويسحق الظالم(4)

يخشونك ما دامت الشمس وما أنار القمر علي مر الأجيال والعصور(5).

سيكون كالمطر يهطل علي العشب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشي(6).

يشرق في أيامه الأبرار ويعم السلام إلي يوم يختفي القمر من الوجود(7).

ص: 33

ويملك من البحر إلي البحر ومن النهر إلي أقاصي الأرض (8).

أمامه يجثو أهل الصحراء ويلحس أعدائه التراب (9).

ملوك ترسيس والجزائر يدفعون الجزية، وملوك سبأ وشبأ يقدمون هدايا(10).

ويقول صاحب كتاب (بشائر الأسفار) :

وفي الحقيقة فان ما جاء في المزمور (72) يعد من أقوي البشارات في حق كل من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وحفيده المهدي المنتظر عليه اليلام حيث حمعت خلاصة أمريهما صلوات الله وسلامه عليهما، ولم يستطع التحريف الذي أحدث فيها من أن ينال منها وظلت متماسكة البناء واضحة المعاني والدلالات.

فالصفحات الواردة في كل من الفقرات (2، 3، 4) مشتركة بين رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وحفيده المهدي المنتظر عليه السلام حيث آن مهمتهما بعد دعوة الناس إلي طاعة الله وعبوديته رفع الظلم عن كاهل الشعوب وردع الظالمين وسحقهم ونصرة المظلومين والبائسين والمساكين، ومن يدرس تاريخ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يتبين له أنه كان عونا للمظلومين والفقراء والمساكين وحربا علي الظالمين والمستكبرين وهكذا سيكون حفيده المهدي

ص: 34

المنتظر عليه السلام فانه سينشر القسط والعدل في الأرض بعد أن تكون قد ملئت ظلما وجورا، كما وردت في الأحاديث النبوية المتواترة عند المسلمين.

وكذلك ما ورد في الفقرة السادسة ((سيكون كالمطر يهتطل علي الشعب وكالغيث الوارف الذي يروي الأرض العطشي)) فانه ينطبق علي الإمام المهدي عليه السلام ، فانه قبل ظهوره الشريف سيعم الظلم والكفر بالله ونوع من الفوضي في المعاملات بين بني البشر علي سطح الأرض وعندها سوف يأذن الله عز وجل له بالظهور والقيام لتطهير الأرض من كافة أنواع الظلم والكفر وجميع المفاسد التي ظهرت بين الناس، ويقيم القسط والعدل وينشر راية التوحيد والسلام الصحيح لينعم الناس بظل عدالته الوارفة وبهذا سيكون ظهوره عليه السلام بالنسبة للإنسانية كالغيث المنهمر علي أرض عطشي .

3- بشر به نبي الله ارميا عليه السلام:

وقد كان النبي ارميا عليه السلام وهو أحد كبار أنبياء بني إسرائيل الذي عاش نحو(650-585ق.م) والمعروف بالنبي بالبكاء (لكثرة بكائه) وصاحب كتاب المرائي المعروف باسمه في العهد القديم، كان قد تنبأ بملحمة آل بيت رسول الله

ص: 35

محمد صلي الله عليه و آله و سلم في كربلاء وقتل سبطه الإمام الحسين ذبحاً علي شاطيء الفرات، مسمياً إياه ب(ذبيحة الله عند شاطيء الفرات)

كما تنبأ أيضاً بقيام المهدي المنتظر عليه السلام انتقاماً لهذه المجزرة الرهيبة .

فقد ورد في الإصحاح السادس والأربعين من سفر ارميا حول مقتل الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء وقيام الإمام المنتظر عليه السلام انتقاما له ما نصه : ((اعدوا المجن والترس وتقدموا للحرب، أسرجوا الخيل واصعدوا أيها الفرسان وانتصبوا بالخوذ، اصقلوا الرماح، البسوا الدروع، لماذا أراهم مرتعبين ومدبرين إلي الوراء، وقد تحطمت أبطالهم وفروا هاربين، ولم يلتفتوا الخوف حواليهم، يقول الرب الخفيف لا ينوص والبطل لا ينجو، في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا من هذا الصاعد كالنيل كأنهار تتلاطم أمواجها ... اعدي أيتها الخيل وهيجي أيتها المركبات ولتخرج الأبطال.. فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة الانتقام من مبغضيه فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم لان للسيد الرب ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات)) .

ص: 36

قضية الإمام عليه السلام والمذاهب الإسلامية

قضية الإمام المهدي وخروجه ليملأ الأرض عدلاً وقسطا موجودة عند المذاهب الإسلامية وإن كان هناك اختلاف في بعض التفاصيل، والآن نذكر الجدول المذكور في كتبنا الذي يبين من قال بقضية الإمام المهدي الموعود:

1- ابن يتيمة (المتوفي سنة 728ه)، فقد قال : أن الأحاديث التي يحتج بها علي خروج المهدي عليه السلام أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي واحمد وغيرهم.

2- محمد السفاريني الحنبلي (المتوفي سنة 1188 ه) قال في كتاب (لوامع الأنوار البهية ج 2 ص 84) وقد كثرت الروايات بخروجه حتي بلغت حد التواتر المعنوي فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة .

3- ومن هؤلاء محمد البرزنجي المتوفي سنة 1103 قال في كتابه (الإشاعة الأشراط الساعة ص 112) وقد

ص: 37

علمت أن أحاديث المهدي وخروجه آخر الزمان وانه من عترة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من ولد فاطمة (عليها السلام) بلغت حد التواتر المعنوي فلا معني لإنكارها.

4- ومنهم العلامة القاضي الشوكاني (المتوفي سنة 1250ه) في كتابه (التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح) قال، بعد أن ساق الأحاديث الواردة في ذلك فتقرر ان الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر عليه السلام متواترة .

5- وقد أورد الشيخ علي بن حسان المشهور بالمتقي الهندي في كتابه ( البرهان) حشداً عظيماً من الأحاديث والآثار في موضوع المهدي عليه السلام حتي بلغت مائتين وأربعة وسبعين حديثاً واثراً.

6- ما روي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري (رحمه الله) قال : قلت له: هل شهدت بدرا، فقال : نعم فقلت : الا تحدثني بشيء لما سمعته في علي عليه السلام وفضله فقال : بلي أخبرك أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مرض مرضه نقه منها فدخلت عليه فاطمة(عليها السلام) تعوده وأنا جالس عن يمين رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فلما رأت ما في رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من الضعف خنقتها

ص: 38

العبرة حتي بدت دموعها علي خدها، فقال لها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أما يكفيك يا فاطمة، أما علمت أن الله تعالي اطلع علي أهل الأرض إطلاعه فاختار منها أباك فبعثه نبياً ثم اطلع ثاثياً فاختار منها بعلك فانكحته واتخذته وصياً . ثم عدد لها الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ما انعم به علي أهل البيت من الفضل (ذكر ذلك أبو سعيد) قال : ثم قال : ومنا مهدي الأمة الذي يصلي عيسي خلفه، ثم ضرب علي منكب الحسين عليه السلام فقال : من هذا مهدي الأمة قال أخرجه الدار قطني صاحب الجرح والتعديل .

7- ما رواه العلامة الحلي، في كشف اليقين، نقلا عن مسند احمد بن حنبل، أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم قال للحسين عليه السلام : هذا ابني، إمام اخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائدهم.

8- روي مسلم في صحيحه (في كتاب الإمارة) بسندين عن عامر بن سعد عن جابر بن سمره قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم الجمعة، عشية رجم الاسلمي، يقول: لا يزال الدين قائما حتي تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش .

ص: 39

روايات المعصومين وقضية الإمام عليه السلام

اشارة

س: هل يمكن ذكر الروايات الواردة عن المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بحق الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف)؟

نذكر بعض ما روي عنهم صلي الله عليه و آله و سلام :

فمما رواه الرسول صلي الله عليه و آله و سلام:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلام:

المهدي من ولدي، اسمه اسمي وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقا، تكون له غيبة وحيرة تظل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً.

ومما رواه أمير المؤمنين عليه السلام:

روي الصدوق بسنده عن الأصبغ بن نباته، قال : أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته متفكراً ينكث الأرض، فقلت، يا أمير المؤمنين ما لي أراك متفكراً أرغبت فيها؟ (يعني الخلافة).

ص: 40

فقال : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط، ولكني فكرت في مولود يكون في ظهر الحادي عشر من ولدي هو المهدي يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً تكون له حيرة وغيبة تضل فيها أقوام.

وممما روته الصديقة الطاهرة (عليها السلام):

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت علي مولاتي فاطمة (عليها السلام) وقدامها لوح يكاد ضوءه يغشي الأبصار فيه اثنا عشر اسما، ثلاثة في ظاهره وثلاثة في باطنه وثلاثة أسماء في آخره وثلاثة أسماء في طرفه، فعددتها فإذا هي اثنا عشر.

فقلت : أسماء من هؤلاء؟

قالت : هذه أسماء الأوصياء أولهم ابن عمي، وأحد عشر من ولدي آخرهم القائم عليه السلام.

قال جابر فرأيت فيها: محمد محمد محمد في ثلاث مواضع وعلي علي علي في أربعة مواضع .

ومما رواه الإمام الحسن المجتبي عليه السلام:

وروي الصدوق بسنده عن أبي سعيد عقيصا قال :

لما صالح الإمام الحسن معاوية وسمع لوم الناس له

ص: 41

كان مما قاله :

ألا تعلمون أني إمامكم مفترض الطاعة عليكم وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟

قالوا: بلي.

قال : أما علمتم ان الخضر لما خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام كان ذلك سقطاً لموسي بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك، وكان ذلك عند الله تعالي ذكره حكمة وصواباً، أما علمتم انه ما منا أحد إلا وتقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم عليه السلام الذي يصلي روح الله خلفه، فان الله عز وجل يخفي ولادته، يغيب شخصه، لئلا تكون في عنقه بيعة إذا خرج.

ذلك التاسع من ولد أخي الحسين عليه السلام ابن سيدة النساء (سيدة الإماء هكذا في كثير من الروايات) ثم يظهره الله في صورة شاب دون الأربعين سنة بقدرته، وذلك ليعلم أن الله علي كل شيء قدير .

ومما رواه الإمام الحسين الشهيد عليه السلام:

عن عبد الرحمن بن سليط قال : قال الحسين بن علي عليه السلام: منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي

ص: 42

طالب عليه السلام ، وآخرهم التاسع من ولدي، وهو الإمام القائم بالحق يحيي الله به الأرض بعد موتها، ويظهر به دين الحق علي الدين كله ولو كره المشركون، له غيبة يرتد فيها أقوام، ويثبت علي الدين فيها آخرون فيؤذن ويقال لهم : (متي هذا الوعد إن كنتم صادقين).

أما أن الصابر في غيبته علي الأذي والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

ومما رواه الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام:

روي الصدوق بسنده عن سعيد بن جبير قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام يقول في القائم سنة من سبعة أنبياء، سنة من أبينا آدم، وسنة من نوح، وسنة من إبراهيم، وسنة من موسي، وسنة من عيسي، وسنة من أيوب، وسنة من محمد صلوات الله عليهم.

فأما من آدم و نوح فطول العمر، وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس وأما من موسي فالخوف والغيبة، وأما من عيسي فاختلاف الناس فيه، وأما من أيوب فالفرج بعد البلوي، وأما من محمد فالخروج بالسيف.

ص: 43

ومما رواه الإمام الباقر محمد بن علي عليه السلام:

عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر، تطوي له الأرض وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر به الله عز وجل دينه علي الدين كله ولو كره المشركون، فلا يبقي في الأرض خراب إلا وعمر، وينزل روح الله عيسي بن مريم عليه السلام فيصلي خلفه .

ومما رواه الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام:

روي الكليني والصدوق بسندهما عن سدير قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول في القائم شبه من يوسف قلت : كأنك تذكر جفره أو غيبته؟ فقال الإمام : ما تنكر من ذلك هذه الأمة اشباه .

أن أخوة يوسف كانوا أسباطاً أولاد أنبياء تاجروا بيوسف، وباعوه وهم أخوته ، وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتي قال لهم: أنا يوسف.

فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز وجل في وقت من الأوقات يريد أن يبين حجته لقد كان يوسف إليه ملك مصر،

ص: 44

وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله عز وجل أن يعرفه مكانه لقدر علي ذلك.

والله لقد سار يعقوب ووالده عند البشارة مسيرة تسعة أيام من بدوهم إلي مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله عز وجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف ؟ أن يكون يسير في أسواقهم، ويطأ بسطهم، وهم لا يعرفونه حتي يأذن الله عز وجل أن يعرفهم بنفسه، كما أذن ليوسف حتي قال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ انتم جاهلون؟ قالوا: انك لانت يوسف قال : أنا يوسف وهذا أخي.

ومما رواه الإمام الكاظم موسي بن جعفر عليه السلام:

روي الصدوق بسنده عن علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله في أديانكم لا يردكم أحد عنها، يا بني، أنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتي يرجع من هذا الأمر من يقول به، انما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، ولو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً اصح من هذا لاتبعوه .

فقلت : يا سيدي وما الخامس ومن ولد السابع؟

فقال : يا بني، عقولكم تضعف عن ذلك وأخلاقكم

ص: 45

تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركوه .

ومما رواه الإمام الرضا علي بن موسي عليه السلام:

روي الصدوق بسنده عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام قال : قال لي: لا بد من فتنة صماء صيلم تسقط فيها كل بطانة ووليجة، وذلك عن فقدان الشيعة الثالث من ولدي (يعني الإمام الحسن العسكري) يبكي عليه أهل السماء، وأهل الأرض، وكل حري وحران وكل حزين ولهفان .

ثم قال عليه السلام: بابي وأمي سمي جدي شبيهي وشبيه موسي بن عمران عليه السلام: عليه جيوب النور، يتوقد شعاع ضياء القدس، كما من حري مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين، كأني بهم ايس ما كانوا نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب و يكون رحمة علي المؤمنين وعذابا علي الكافرين.

ومما رواه الإمام الجواد محمد بن علي عليه السلام:

روي الصدوق: رحمه الله : بسنده عن الصقر بن دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول: أن الإمام بعدي ابني علي أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي

ص: 46

والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر ابيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه.

ثم سكت عليه السلام فقلت له: يا بن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكي بكاء شديداً ثم قال عليه السلام.

أن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر، فقلت له : يا بن رسول الله، ولم سمي القائم؟ قال : لأنه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته، فقلت له: لم سمي المنتظر؟ قال : لان له غيبة تكثر اياتها، ويطول أمرها فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزيء بذكره الجاحدون، ويكذب فيه الوقاتون، ويهلك به المستعجلون، وينجو به المسلمون.

ومما رواه الإمام الهادي علي بن محمد عليه السلام:

وروي بسنده عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: ((سمعت أبا الحسن صاحب العسكر يعني الإمام علي الهادي عليه السلام يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟

قلت : ولم، جعلني الله فداك؟

فقال : لأنكم لا ترون شخصه، ولا يحل لكم ذكره باسمه .

ص: 47

فقلت : فكيف نذكره؟

قال : قولوا الحجة من آل محمد.

ومما رواه الإمام الحسن بن علي العسكري عليهم السلام:

وروي الطوسي (رحمه الله) عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري البزاز عن جماعة من الشيعة منهم علي بن بلال واحمد بن هلال ومحمد بن معاوية بن حكيم والحسن بن أيوب بن نوح قالوا جميعاً: اجتمعنا إلي أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام لنسأله عن الحجة من بعده، وفي مجلسه عليه السلام أربعون رجلا، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري، فقال له: يا بن رسول الله أريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني.

فقال عليه السلام: اجلس يا عثمان.

فقال عليه السلام مغضباً ليخرج فقال، لا يخرجن أحد، فلم يخرج منا أحد إلي أن كان بعد ساعة، فصاح عليه السلام بعثمان فقام علي قدميه.

فقال عليه السلام ، أخبركم بما جئتم .

فقالوا: نعم يا بن رسول الله .

قال : جئتم تسألونني عن الحجة من بعدي .

ص: 48

قالوا: نعم

فإذا غلام كأنه قطعة قمر اشبه الناس بأبي محمد، فقال : هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم أطيعوه، ولا تتفرقوا من بعدي، فتهلكوا في أديانكم، إلا أنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا.

احصائية الروايات

هناك احصائية للروايات التي تناولت قضية الإمام المهدي وهي عن بعض المحققين المعاصرين:

1- الروايات التي تبشر بظهروه عليه السلام: 657 رواية

2- الروايات التي تبين انه يملأ الأرض عدلا وقسطا: 123 رواية

3- الروايات التي تثبت أن المهدي المنتظر من أهل البيت : 389 رواية

4- الروايات التي تثبت انه من ولد أمير المؤمنين عليه السلام: 214 رواية

5- الروايات التي تثبت انه من ولد فاطمة الزهراء عله السلام: 192 رواية

ص: 49

6- الروايات التي تقول انه من ولد الإمام الحسين عليه السلام: 185 رواية

7- الروايات التي تقول انه التاسع من ولد الإمام الحسين عليه السلام: 148 رواية

8- الروايات التي تقول انه من ولد علي بن الحسين عليه السلام: 185 رواية

9- الروايات التي تقول انه من ولد محمد الباقر عليه السلام : 103 رواية

10 - الروايات التي تقول انه من ولد الإمام الصادق عليه السلام: 103 رواية

11- الروايات التي تقول انه السادس من ولد الصادق عليه السلام: 99 رواية

12- الروايات التي تقول انه الخامس ولد موسي بن جعفر عليه السلام: 101 رواية

13 - الروايات التي تقول انه الخامس من ولد موسي بن جعفر عليه السلام: 98 رواية

14 - الروايات التي تقول انه الرابع من ولد علي بن

ص: 50

موسي الرضا عليه السلام: 95 رواية

15- الروايات التي تقول انه الثالث من ولد محمد بن علي النقي عليه السلام: 90 رواية

16- الروايات التي تقول انه من ولد علي الهادي عليه السلام: 90 رواية

17 - الروايات التي تقول انه ابن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام : 146 رواية

18- الروايات التي تقول انه الثاني عشر من الأئمة وخاتمهم عليه السلام: 136 رواية

19- في ولادته عليه السلام وتاريخها وبعض حالات أمه: 214 رواية

20- في أن له غيبتين : 10 رواية

21- في أن له غيبة طويلة : 91 رواية

22- في انه طويل العمر جداً: 318 رواية

الشك في قضية الأمام عليه السلام

مع هذه الأحاديث الكثيرة هل يمكن أن يكون الأمر قابلاً

ص: 51

للشك كما هو ديدن البعض ممن ليس له لب ولا يفقه من كتاب الله شيء ولا يعي الا التشكيك بعقائد الدين؟

يقول أحد العلماء : إن فكرة المهدي بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلي الأفضل قد جاء في أحاديث الرسول الأعظم وفي روايات أئمة أهل البيت خصوصاً، وأكدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن أن يرقي إليها الشك، وقد أحصي اربعمائة حديث عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم من طرق الشيعة والسنة كما أحصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهدي من طرق الشيعة والسنة فكان أكثر من ستة آلاف رواية، وهذا رقم إحصائي كبير لا يتوفر نظيره في كثير من قضايا الإسلام البديهية التي لا يشك فيها مسلم.

ص: 52

اهداف اعمال الامام في زمن الغيبة

اهداف اعمال الامام عليه السلام الخاصة

مساعدته المالية للأخرين

الدور الاجتماعي للامام عليه السلام

ص: 53

ص: 54

اهداف اعمال الامام في زمن الغيبة

اشارة

هناك في اعمال الإمام المهدي عليه السلام أهداف عامة في فترة غيبته الكبري وخلال مقابلته لبعض الاشخاص.

ذكر السيد الشهيد في موسوعة الإمام المهدي هذا الأمر فقال :

تنقسم الأغراض والأهداف في أعمال الامام المهدي عليه السلام في غيبته الكبري، الي عدة أقسام:

ونحن نذكر هذه الأهداف بصورة مختصرة:

الهدف الأول :

إنقاذ الشعب المسلم من براثن وتعسف وظلم بعض حكامه المنحرفين، وخاصة في ما يعود إلي قواعده الشعبية من الخير والسلامة .

فمن ذلك ما قام به الإمام المهدي عليه السلام من إنقاذ شعبه في البحرين، من تعسف حاكمية الذين تنص الرواية علي كونهم من عملاء الاستعمار ومن المنصبين من قبل

ص: 55

المستعمرين..

الهدف الثاني :

إنقاذ الشعب المسلم من براثن الأشقياء والمعتدين، وعصابات اللصوص المانعين عن الأعمال الإسلامية الخيرة .

فمن ذلك: العمل الكبير الذي قام به المهدي عليه السلام من فتح الطريق إلي كربلاء المقدسة، أمام جده الإمام الحسين عليه السلام ، في النصف من شعبان .

وكانت عشيرة(عنيزة) تترصد لكل داخل إلي كربلاء وخارج منها، وتتعهده بالسلب والنهب، فكان الطريق إليها موصداً يخافه الناس، فلولا قيادة المهدي عليه السلام للزائرين في الطريق إلي كربلاء وتهديده لعشيرة عنيزة بالموت والدمار إذا حاولت الاعتداء، لامتنع الناس من زيارة الإمام سيد شباب أهل الجنة عليه السلام ولتعطل هذا الشعار الإسلامي الكبير، فمرحي للألطاف الكبري التي يسبغها المهدي علي أمته .

وكان ذلك خلال حكم الدولة العثمانية للعراق ....

الهدف الثالث :

الفات نظر الآخرين إلي عدم تحقيق شرط الظهور الموعود، والتأكيد علي أن الأمة لم تبلغ إلي مستوي المطلوب

ص: 56

من الوعي والشعور بالمسؤولية الذي تستطيع معه أن تحمل علي عاتقها الآثار الكبري في اليوم الموعود.

ومعه فلا بد أن يتأجل الظهور إلي اليوم الذي يتحقق فيه هذا الشرط مهما تمادي الزمن وطالت المدة، وليس لأحد أن يقترح تقديمه أو يعين تاريخه، سوي الله عز وجل.

وهناك قصة يرويها سماحة السيد الصدر (قدس سره) تجدها في الفصل الأخير الخاص بالقصص المهدوية ..

الهدف الرابع:

إرجاعه عليه السلام للحجر الأسود إلي مكانه من الكعبة .

فان القرامطة بعد أن قلعوه أثناء هجومهم عل مكة المكرمة عام 317 للهجرة ونقلوه إلي هجر، وكان ذلك أبان الغيبة الصغري، بقي الحجر لديهم عشرون عاماً أو يزيد، وأرجعوه إلي مكة عام 339 أو عام 337، فكان المهدي عليه السلام هو الذي وضعه في مكانه واقره علي وضعه السابق .

قال الرواي: لما وصلت إلي بغداد في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة عزمت علي الحج وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر في مكانه إلي البيت، كان أكثر همي الظفر بمن ينصب الحجر، لأنه يمضي في الكتب قصة أخذه، فانه لا يضعه في

ص: 57

مكانه إلا الحجة في الزمان، كما في زمان الحجاج وضعه زين العابدين عليه السلام في مكانه .

وأوضح الرواي بان الناس فشلوا في وضعه في محله، وكلما وضعه إنسان اضطرب الحجر ولم يستقم فاقبل غلام اسمر اللون حسن الوجه فتناوله فوضعه في مكانه، فاستقام كأنه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات.

ثم إن المهدي عليه السلام، خرج من المسجد ولاحقه الراوي طالباً منه حاجة فقضاها له، وأقام الدلالة ساعتئذ علي حقيقته .

وهذه الرواية وما يتعلق بها وبالحجر الأسود ذكرناها في كتاب فلسفة وأخلاقية الحج، الذي هو من فكر الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) فلمزيد من التفصيل راجع المصدر ..

اهداف أعمال الامام عليه السلام الخاصة

اشارة

س/ما في اعمال الإمام المهدي عليه السلام أهداف خاصة في فترة غيبته الكبري وخلال مقابلته لبعض الاشخاص وهي مما يمت بالنفع - بشكل رئيسي ومباشر إلي شخص معين أو أشخاص قلائل، سواء كان له - بشكل غير مباشر- نفع اجتماعي ملحوظ أو لم يكن.

ص: 58

وقد ذكرها لنا صاحب الموسوعة العظيمة التي ليس لها مثيل في تاريخ التصنيف الشيعي الإمام الشهيد السيد محمد الصدر (قده)... ونحن نذكر طرفاً منيراً من هذه الأهداف تاركين لمن يريد التوسع الرجوع إلي المصدر:

الهدف الأول:

هداية الشخص وتقويمه، وضمه في النتيجة إلي الشعب المسلم الذي يؤمن بالمهدي عليه السلام، بعد إحراز نيته والعزم علي إتباع الهدي إن ظهر لديه.

مثاله :

ذلك الشخص الذي ذهب لشراء السمن من الأعراب في أطراف الحلة، فتخلف عن القافلة وتاه في الصحراء، فكان مما قال في نفسه: إنني كنت اسمع من أمي إنها تقول إن لنا إماماً حياً يكني بابي صالح يرشد التائهين ويغيث الملهوفين ويعين الضعفاء .

ثم انه عاهد الله تعالي انه إن إستغاث به نجاه، أن يتبع دين أمه.

قال الراوي: ثم إنني ناديته واستغثت به، وفجأة رأيت شخصاً يسير معي وعلي رأسه عمامة خضراء لونها كلون هذا، وأشار إلي الحشيش المزروع علي النهر، وأشار لي إلي

ص: 59

الطريق، وقال لي: إنك ستصل بسرعة إلي قرية كل أهلها من الشيعة، فقلت له: يا سيدي ألا تأتي معي إلي هذه القرية فقال : لا لان ألف شخص في أطراف البلاد يستغيثون بي، ولا بد أن أنجيهم.

الهدف الثاني:

حله لبعض المسائل المعضلة التي قد يشكل حلها علي فطاحل العلماء.

مثاله :

إن المحقق الأردبيلي، وهو من أعظم العلماء تحقيقاً وورعا حتي لقب بالمقدس الأردبيلي أيضاً أشكلت عليه مسائل، فخرج في جوف الليل سائراً من النجف إلي مسجد الكوفة حيث لاقي المهدي عليه السلام في محراب أمير المؤمنين عليه السلام هناك، وسأله عن مسائله وعرف جوابها، وعاد .

الهدف الثالث :

مساعدته المالية للآخرين

مثاله :

إن جماعة من أهل البحرين عزموا علي ضيافة جماعة من

ص: 60

المؤمنين، بشكل متسلسل في كل مرة عند واحد منهم، وساروا في الضيافة، حتي وصلت النوبة علي احدهم، ولم يكن لديه شيء فركبه من ذلك حزن وغم شديد، فخرج من أحزانه إلي الصحراء في بعض الليالي، فرأي شخصا حتي ما إذا وصل إليه قال له: اذهب إلي التاجر الفلاني وسماه - وقال له: يقول لك محمد بن الحسن : ادفع لي الإثنا عشر أشرفياً التي كنت نذرتها لنا، ثم اقبض المال منه واصرفه في ضيافتك.

فذهب ذلك الرجل إلي ذلك التاجر، وبلغ الرسالة عن ذلك الشخص، فقال له التاجر: أقال لك محمد بن الحسن، بنفسه ، فقال البحراني : نعم: فقال التاجر: وهل عرفته؟ قال : لا، فقال : ذاك صاحب الزمان عليه السلام وكنت نذرت هذا المال له، ثم انه أكرم هذا البحراني وأعطاه المبلغ وطلب منه الدعاء الخ حديث .

الهدف الرابع :

شفاؤه لأمراض مزمنة، بعد أن عجز عنها الأطباء، أخذت من صاحبها مأخذها العظيم.

مثاله: ما روي عن السيد باقي بن عطوة العلوي الحسيني، إن أباه عطوة كان لا يعترف بوجود الإمام

ص: 61

المهدي عليه السلام ويقول: إذا جاء الإمام وابرأني من هذا المرض اصدق قولكم، ويكرر هذا القول، فبينما نحن مجتمعون في وقت العشاء الأخير صاح أبونا فأتيناه سراعاً فقال: الحقوا الإمام عليه السلام في هذه الساعة خرج من عندي، فخرجنا فلم نر أحداً.

فجئنا إليه، وقال : انه دخل إلي شخص، وقال : يا عطوة، فقلت: لبيك من أنت ؟

قال : أنا المهدي قد جئت إليك أن اشفي مرضك ثم مدد يده المباركة وعصر وركي وراح فصار مثل الغزال قال علي بن عيسي: سألت من هذه القصة غير ابنه فاقر بها.

فانظر إلي المهدي عليه السلام كيف يقرن شفاءه للمرضي بإقامة الحجة علي وجوده وإمامته، بحيث لم يبق لمنكرها أي شك أو جدال .

الهدف الخامس :

حثه علي تلاوة الأدعية الواردة عن آبائه المعصومين عليهم السلام، بما فيها من مضامين عالية وحقائق واعية تربوية وفكرية.

وأوضح أمثلته: ذلك الرجل الذي انقطع عن ركبه في

ص: 62

ليل عاصف وماطر بالثلج، إذ رأي أمامه بستاناً وفيه فلاح بيده (مسحاة) يضرب بها الأشجار ليسقط عنها الثلج.

قال الراوي: فجاء نحوي ووقف قريبا مني، وقال : من أنت؟

فقلت: ذهب رفاقي وبقيت لا اعلم الطريق، وقد تهت فيه، فقال لي بالفارسية، صل النافلة حتي تجد الطريق، قال : فاشتغلت بالنافلة وبعد أن فرغت من التهجد، جاء وقال : الم تذهب؟

فقال: والله لا اعرف الطريق ، فقال : اقرأ الجامعة، وأنا لم أكن حافظا للجامعة، وإلي الآن لست حافظا لها بالرغم من زيارتي المكررة للعتبات المشرفة، ولكنني قمت من مكاني وقرأت الجامعة بتمامها عن ظهر قلب.

ثم ظهر تارة أخري، وقال : ألم تذهب؟ ألا زلت موجوداً، فلم أتمالك عن البكاء، وقلت: نعم.. لا اعرف الطريق، فقال : اقرأ عاشوراء.

قال الراوي، وأنا غير حافظ لعاشوراء، وإلي الآن لست حافظا لها، ولكنني وقفت واشتغلت بالزيارة، فقرأتها بتمامها عن حفظ .

ص: 63

قال : فجاء مرة أخري، وقال ألم تذهب؟

فقلت : كلا .. لا زلت موجودا هنا إلي الصباح.

فقال : أنا الآن أوصلك القافلة، ثم ذهب وركب حمارا وحمل مساحته علي كتفه وجاء فأردفني به .

قال الراوي : فوضع يده علي ركبتي وقال : انتم لماذا لا تصلون النافلة؟ النافلة، النافلة، النافلة، كررها ثلاث مرات.

ثم قال : انتم لماذا لا تقرأون عاشوراء؟ عاشوراء، عاشوراء، عاشوراء، كررها ثلاث مرات.

ثم قال : انتم لماذا لا تقرأون الجامعة؟ الجامعة، الجامعة، الجامعة، ثلاث مرات، وكان يدور في مسلكه..

وإذا به يلتفت إلي الوراء ويقول، أولئك أصحابك .. إلي آخر الخبر .

أقول: والقول للسيد الشهيد:

المراد من النافلة ، صلاة الليل، كما فهم الحاج النوري، فإن الراوي أتي بها في الليل. هذه الصلاة من افضل المستحبات في الشريعة. وكل ما أمر به في هذه الرواية فهو أفضل المستحبات.. علي أن يفهم فهماً حقيقياً واعياً، بصفته

ص: 64

كجزء من كل، مرتبط بللكيان العام للعمل الإسلامي في سبيل الله تعالي وإعلاء كلمته. ولهذا أمر المهدي بالالتزام بها أمراً مؤكداً، بعد أن رأي الناس قد تسامحو بها وتهاونوا في أمثالها .

ومن هذه الأخبار نعرف إن قضية الإمام المهدي عليه السلام وقعا عينيا متحركا بعد ما كانت فكرة مختزنة في الروايات التي بشرت بها...

الدور الاجتماعي للامام عليه السلام

جاء في الروايات التي منها قول الإمام المهدي عليه السلام:

وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكا إنتفاع الشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب، وأضاف عليه السلام وأني لامان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل الأرض).

وجاء في الروايات أيضاً ما روي عن الإمام المهدي عليه السلام مخاطبا قواعده الشعبية :

(انا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جل جلاله، وظاهرونا علي انتياشكم من فتنة أنافت عليكم، يهلك فيها من حم اجله، ويحمي عنها من أدرك أمله).

ص: 65

إذا للإمام المهدي الدور الفعال وإن كنا لا نفهمه أو لا ندركه أو لا نعرفه، بسبب غيبته وغياب أخباره عنا ..

وقال الامام الصدر (قده) في الموسوعة:

وهذا هو المراد الحقيقي الواعي من النصوص الواردة عن المهدي عليه السلام نفسه، والتي تثبت قيامه بالعمل النافع بوضوح..

وقال (قدس سره) معلقاً علي الحديث الأول الذي ذكرناه :

فالسحاب كناية عن خفاء العنوان، والشمس كناية عن التأثر النافع المنتج في المجتمع.

وقال (قدس سره) معلقاً علي الحديث الثاني الذي ذكرناه:

ونحن نعلم أن وقوفه عليه السلام ضد الأعداء وضد نزول اللاواء - وهي الشدائد لا يكون إلا بالعمل المثمر والجهاد الحقيقي علي الصعيدين العام والخاص: وخاصة وهو يأمرنا بمظاهرته أي معاونته وموافقته علي إخراجنا من الفتنة والنجاة من الهلكة، فان علي كل فرد مسؤولية تامة في ذلك ولا تنحصر المسؤولية بالقائد، كما هو واضح، بل أن شعوره بالمسؤولية لا يكاد يكون مثمرا من دون شعور شعبه ورعيته

ص: 66

بمسؤوليتهم تجاه قائدهم ومبدئهم أيضاً

إذن فهو عليه السلام يحمل هم شعبه ومواليه، يتذكرهم دائما ويعمل علي حفظهم ودرء المخاطر عنهم باستمرار بمقدار ما يمكنه أن يؤديه من عمل.

هذا وقد شرح السيد الشهيد (قدس سره) الحديث الأول (وأما وجه الانتفاع بي..) في خطب الجمعة فقال هناك :

1- ما بينه عليه السلام من وجه الاستفادة : إني أمان لأهل الأرض، إما كونه إماناً لأهل الأرض فهذا إما يحصل بمجرد وجوده الشريف إذ يدفع الله به الكثير من البلايا المحتملة والممكنة برحمة الله وحسن رعايته له ولنا، وإلا فان الذنوب التي ترتكب علي وجه الأرض تستحق عقابا شديدا جدا بحيث كانت العقوبات التي تأتي قبل الإسلام علي الأمم المذنبة من الطوفان والخسف والقذف وإنما هي علي ذنوب أقل من الذنوب التي يرتكبها البشر في هذه العصور المتأخرة، كيف ونحن نسمع: «وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ».

ولكنه لا يفعل ذلك لبعض الأمور في حكمته منها احترام أوليائه، منها وجود الإمام المهدي عليه السلام وقبور المعصومين عليهم السلام . (لولا شيوخ ركع وأطفال رضع وبهائم رتع

ص: 67

لصب البلاء علي الأرض صبا) والإمام أولي بهذه الصفة القدسية.

2- انه عليه السلام ليس فقط به يندفع البلاء بل يحصل به الخير والنعماء وبه يستجاب الدعاء، وفي الزيارة (بكم ينزل الله الغيث)، ونسمع قول أبي طالب :

وابيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامي عصمة للأرامل فالمعصومون مصدر الخير والبركة والعطاء لأهل الأرض جميعا.

3- انه عليه السلام المنقذ لمن استجار به في حال الضرورات والبلاء المستحكم والقصص كثيرة في إنقاذ أشخاص عديدين جدا من مهالك حقيقية.

4- له الولاية التكوينية شأنه في ذلك شأن المعصومين في ذلك، ولولا وجوده لانقطعت هذه الولاية، وحاشا لله في ذلك، ونحن نسمع في الزيارة انه يقول عن أهل بيت العصمة : إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر عن بيوتكم، فالصادر مما فصل من أحكام العباد، ونحن المذنبون نجهل شكل ذلك التصرف وهذه العناية المقدسة لأنها أعلي بكثير من فهمنا .

ص: 68

5- لولا وجود الإمام في العصر لساخت الأرض بأهلها (واني أمان لأهل الأرض).

6- من خلال الشخصية الظاهرية أو الثانوية يستطيع أن يعمل الكثير من الأعمال : (لولا عنايتنا بكم لاصطلمكم الأعداء وأخذتكم اللؤاء).

7- لو تنزلنا عن ذلك أمكن التمسك بما دل من الأخبار علي وجود بعض المتصلين بالإمام خلال الغيبة ممن يعرفه بحقيقته وان كانوا مجهولين لنا تماما ويؤيد ذلك ما قاله علماؤنا: الذي يحجب عن الإمام هو الذنوب ومن يحجب عن الإمام هو المذنب ، فمن كان لا ذنب له فالإمام غير محجوب عنه.

ويؤيده ما ورد عنهم: وما بثلاثين وحشة، ويستأنس بهم وهو ساكن بعيداً عن مدن الظالمين .

فالمهم هو عليه السلام يستطيع أن يستغل اتصال هؤلاء به ومعرفتهم إياه وتشرفهم في خدمته في توسيطهم في خدمة المجتمع وبالشكل الذي يعرفه هو من المصلحة وبالشكل الذي يطيقونه من الأعمال.

8- يمكن أن نقول: إن كل عمل نافع يكون هو عليه السلام

ص: 69

المؤثر فيها والواضع الحجر الأساس وذلك بإشعار معين وتصرف خاص مهما كان بسيطاً، ولكنه يعلم أنه بهذا الشكل من السعة والخير للناس.

ص: 70

دور الأمة في تعجيل ظهور الإمام علي عليه السلام

علامات الظهور

شرائط الظهور

نظرة الإمام عليه السلام إلي واقعنا المتردي وشكواه دور العلماء والحركة الاجتهادية في زمن الغيبة الكبري

ص: 71

ص: 72

دور الأمة في تعجيل ظهور الإمام عليه السلام

من الطبيعي لنا وعلينا الدور المهم في تعجيل الظهور المبارك، وتحقق الوعد الإلهي بإظهار الدين كله، وبسط الرسالة الإسلامية علي وجه الخليقة .. وهذا الدور لا كما يتوهمه البعض ممن سلكوا سلوكاً منحرفاً من أجل ملأ الأرض ظلماً وعدواناً، ليتحقق الظهور ويملا صاحبه الأرض عدلاً وقسطا..

ولكن العمل والدور يتمثل بالأمتثال لتعاليم الشريعة المقدسة وبناء الشخصية الإسلامية المؤمنة التي تتحمل المسؤولية مع الإمام المهدي عند ظهوره .

يجب أن نكون علي قدر المسؤولية من الإلتزام الديني والأخلاقي، وبناء المجتمع الإسلامي بناءاً عقائدياً وأخلاقياً وعبادياً علي وجه الحقيقة وبما يرضي به الله ورسوله ويرتضيانه .

بالحقيقة نحن الذين نؤخر الظهور المبارك إن لم نهيء أنفسنا لكي يعتمد علينا الإمام من ضمن قواعده الشعبية

ص: 73

المؤمنة ..

وسنعرف ذلك تفصيلاً من خلال الحديث الوارد في كتاب شكوي العالم، وهو بدوره من أفكار الإمام الشهيد الصدر (قده):

يردد المؤمنون في صلواتهم دعاء الفرج المروي عن الإمام المهدي عليه السلام ومن فقراته (ففرج عنا بحقهم فرجا عاجلا قريبا كلمح البصر، أو هو أقرب).

وهذه الفقرة تدل بوضوح أن ظهور الإمام عليه السلام قابل للتعجيل من خلال اجتماع بعض العوامل هي شرائط الظهور، ولو تخلفت ولم تجتمع كان ذلك سببا في تأخير ظهوره.

ومن هذه العوامل وجود الأمة الواعية المخلصة، المدركة الأبعاد قضية الإمام عليه السلام.

وحتي نعرف بوضوح دور الأمة في تعجيل ظهوره ظليت عليه السلام بد أن نعرف الفرق بين علامات الظهور وشرائطه، بعدما نعرف أولاً ما هي علامات الظهور وما هي شرائطه؟.

ص: 74

علامات الظهور

وهي مجموعة الحوادث الكونية والاجتماعية التي أخبرت بوقوعها بعض الروايات، وهي تدل علي إقتراب ظهور الإمام عليه السلام ، فيكون دور هذه الروايات كشف وإعلام.

(أما العلامة فليس لها من دخل سوي الدلالة والإعلام والكشف عن وقوع الظهور بعدها، مثالها مثال هيجان الطيور الدال علي وقوع المطر أو العاصفة بعده .. وهذا هو الذي نجده في علامات الظهور فانه يمكن تصور حدوثه بدونها، ولا يلزم من تخلفها انخرام سبب أو مسبب. بل كل إنتاجها إعلام المسلمين وتهيئة الذهنية، عندهم لاستقبال يوم الظهور وجعلهم مسبوقين بحدوثه بالمستقبل أو بقرب حدوثه)، إذن علامات الظهور تتكفل بالتمهيد النفسي للمسلمين إلي قرب ظهور الإمام عليه السلام، ولا بد من الإشارة إلي الحوادث وحدها لا تكفي في هذا التمهيد ما لم يطلع المسلمون عليها من خلال الروايات فقد تقع هذه الحوادث بينهم ولا يلتفتوا إلي أنها من علامات الظهور، فان وظيفة الروايات والأخبار بان هذه الحوادث إذا

ص: 75

وقعت فإنها كاشفة عن قرب ظهوره عليه السلام.

وكما أن غيبة الإمام عليه السلام الصغري احتاجت إلي الكثير من التمهيد قام به الأئمة عليهم السلام لغرض تهيئة الذهنية الإسلامية إلي هذا الحدث الكبير تجنبا للصدمة النفسية، فكذلك ظهوره عليه السلام وهو أولي بهذا التمهيد، لان انتقال الإمام عليه السلام من الغيبة إلي الظهور يحتاج إلي تمهيد اشد من انتقاله من الظهور إلي الغيبة ، قان ظهوره عليه السلام اشد خطرا واهم من غيبته.

ومن العلامات التي ذكرتها الروايات، عن أبي جعفر عليه السلام انه قال : (برواية الشيخ الطوسي 11):

((آيتان تكونا قبل القائم، لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام إلي الأرض تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان والقمر في آخره إلي آخر الرواية)).

ومن الواضح ظهوره عليه السلام لا يتوقف علي هذه الآيات الكونية لانفصالها عن قضيته إذ لا دخل بانكساف الشمس والقمر بتحقيق ظهوره وإنما هي مرافقة لقضيته من جهة إعلام المسلمين المعاصرين لها باقتراب الظهور إذا كانت هذه الحوادث في وقت ظهوره عليه السلام.

وحديث علامات الظهور يذكرنا بما أخبر به القرآن في

ص: 76

قصة النبي زكريا عليه السلام عندما أخبر ببشارة الولد فاستفهم متعجبا(قال ربي أني يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً وقد بلغت من الكبر عتيا) ولم يكتفي زكريا عليه السلام بذكر الإمكان العقلي علي قيام هذه المعجزة (قال ربي هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) بل أراد علامة كاشفة ودليلا حسيا علي ذلك (قال ربي اجعل لي آية قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا).

وهذه الآية لا علاقة لها بولادة يحيي عليه السلام من شيخ طاعن بالسن وعجوز عاقر، ولكنها كاشفة عن قرب وقوع هذه المعجزة ليطمئن قلب النبي زكريا عليه السلام الذي كان متلهفا لولادة وارث الأنبياء.

ص: 77

شرائط الظهور

اشارة

وما يهمنا في هذا الفصل هو الحديث عن شرائط ظهور الإمام عليه السلام وهي تمثل المقدمات التي لا بد من توفرها لكي يليها ظهوره عليه السلام فهي ليست كاشفة أو علامة وإنما مجموعة عوامل تؤسس للظهور ولكي يتم فلا بد من توفرها واجتماعها .

يقول سماحة السيد الصدر (قدس سره):

(هذه الشروط في واقعها، هي شرائط الدعوة الإلهية في كل حين، وحيث لم تتوفر علي مر العصور - لم تستطيع هذه الدعوة شق طريقها المأمول في العالم، بالرغم من إن الله تعالي انزل دينه (ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون) وستشق هذه الدعوة طريقها ويتحقق مدلول هذه الآية الكريمة في أول فرصة تتوفر فيها هذه الشروط، وليس ذلك إلا عند ظهور الإمام المهدي عليه السلام .

ثم يذكر سماحته أن هذه الشروط أربعة :

الشرط الأول:

وجود الأطروحة العادلة الكاملة التي تمثل العدل المحض

ص: 78

الواقعي والقابلة التطبيق في كل الأمكنة والأزمنة، والتي تضمن للبشرية جمعاء السعادة والرفاه في العاجل، والكمال البشري المنشود في الأجل .

الشرط الثاني :

وجود القائد المحنك الكبير الذي له القابلية الكاملة لقيادة العالم كله.

الشرط الثالث :

وجود الناصرين المؤازرين المنفذين بين يدي ذلك القائد الواحد.

الشرط الرابع :

وجود قواعد شعبية كافية ذات مستوي في الوعي والتضحية كاف من اجل هذا التطبيق ليكونوا هم المثل الصالح التطبيق الأطروحة العادلة الكاملة في العالم.

ويعلق سماحته علي هذه الشروط قائلا :

(أن هناك فرقاً أساسياً بين الشرطين الأولين والشرطين الأخيرين، فالأولان يتوقف عليهما اصل وجود اليوم الموعود، إذ بدون الأطروحة العادلة والقائد الرائد لها، لا معني لوجوده أصلاً.

ص: 79

والشرطان الأخيران، مما يتوقف علي نجاح اليوم الموعود وتحقيق أهدافه وبخاصة الثالث الذي هو وجود العدد الكافي من المخلصين لغزوا العالم، إذ لولا وجودهم لما أمكن النجاح إلا بالمعجزة).

ويشرح سماحته (قدس سره) الأهمية للشرط الثالث في نجاح الرسالة الإلهية، ويستعرض معاناة الأئمة عليه السلام إبتداءاً من أمير المؤمنين عليه السلام مرورا بالإمام الحسن عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام من انحراف هذا الشرط الأساسي، حيث يقول:

(ويأتي دور الأئمة المعصومين عليه السلام المتأخرين عن الإمام الحسن عليه السلام .. فيبدأ عصر الهدنة .. وذلك باعتبار عدم توفر الشرط الثالث وانعدام الناصرين المخلصين، أو قلتهم علي المقدار الكافي للثورة).

إن عدم وجود العدد الكافي من المؤمنين المخلصين يمثل السبب الرئيسي في عدم مطالبة الأئمة عليهم السلام ورغبتهم باستلام زمام الأمور علي المستوي السياسي، وقد تمثل ذلك في رفضهم لبعض العروض التي وضعها البعض بين أيديهم، إيماناً منهم بأن الأمة إذا لم تكن علي المستوي المطلوب من الوعي فانه لا ينفعها وجود الحاكم العادل ولو كان إماماً معصوما حيث يكون حكمه عبئاً ثقيلاً لا تطيقه الأمة المتداعية

ص: 80

الضعيفة المعتادة علي أنماط معينة ثابتة من الاسترخاء الذهني، وعلي الراحة من التكاليف الشاقة وعلي الالتقاط الفكري من الآخرين.

ان هذه الأمة ستكون كذلك كارها لشخص الإمام عليه السلام إذا تولي الحكم، وهذا ما كشف عنه أمير المؤمنين عليه السلام (أريد أن أداوي بكم وانتم دائي).

ونحن لا نتصور أن يتجرأ شخص من المسلمين علي الشعور بالكراهية لأحكام الإمام عليه السلام وعدله، ولكن لو كنا في مجتمعه وعاصرنا تكليفه وأوامره وجده فلا نعلم هل يستطيع احد أن يطيق كل ذلك؟.

وفي الحوار الذي دار بين الإمام الصادق عليه السلام ومبعوث الثورة الخراسانية مثال واضح علي ضرورة وجود العدد الكافي من المخلصين لنهوضه عليهم السلام .

حيث قال الخراساني: يا ابن رسول الله لكم الرأفة والرحمة، وانتم أهل بيت الإمامة ، ما الذي يمنعك أن يكون لك حق تقعد عنه، وأنت تجد من شيعتك مئة ألف يضربون بين يديك بالسيف.

فقال عليه السلام: اجلس يا خراساني رعي الله حقك ثم قال يا

ص: 81

حنيفة اسجري التنور، فسجرته حتي صار كالجمرة وابيض علوه .

ثم قال عليه السلام: يا خراساني قم فاجلس علي التنور .

فقال الخراساني: يا سيدي يا بن رسول الله لا تعذبني بالنار، اقلني أقالك الله، قال: قد أقلتك.

قال الراوي: وهو حاضر ذلك المجلس - فبينما نحن كذلك . إذ أقبل هارون المكي، ونعله في سبابته، فقال: السلام عليك يا بن رسول الله فقال له الصادق عليه السلام: الق نعلك من يدك واجلس في التنور، قال : ألقي النعل من سبابته، ثم جلس في التنور، وبعد هنيهة التفت إليه الإمام عليه السلام ، وقال : كم تجد بخراسان مثل هذا فقال : والله ولا واحدا.

فقال: أما إنا لا نخرج في زمان نجد فيه خمسة معاضدين لنا، نحن اعلم بالوقت.

وعند التأمل في الشروط الأربعة نجد بوضوح تحقق الشرط الأول(وجود القائد المثالي) وكذلك الشرط الثاني (وجود الأطروحة الكاملة) فلم يبقي إلي تحقق الشرط الثالث (وجود المخلصين المؤازرين) وكذلك الشرط الرابع (وجود القواعد الشعبية الواعية).

ص: 82

والشرطان الأخيران تتحمل الأمة مسؤولية تحققهما إذا ارادت فعلاً تعجيل ظهور الإمام عليه السلام.

وبعبارة أخري نحن نصف الإمام المهدي عليه السلام بأنه (المنتظر)(بالفتح) لأن الأمة تنتظر لحظة بروزه علي مسرح الحياة، ولكن أليس الأولي بعد ملاحظة شروط الظهور (الثالث والرابع) أن نصفه (بالمنتظر)(بالكسر)، لأنه عليه السلام ينتظر ارتقاء الأمة الإسلامية أن تتكامل وتصل إلي مستوي تتحمل فيه أعباء رسالته.

وان انتظار الفرج الذي نصت وأكدت عليه بعض الروايات كقول أمير المؤمنين عليه السلام :

(انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فان أحب الأعمال إلي الله عز وجل انتظار الفرج).

ولا يعني إعفاء الأمة من تحمل هذه الأعباء، المرتبطة بقضيته عليه السلام بل (يحمل معني توقع الظهور، وقيام اليوم الموعود في أي وقت وفي كل يوم لكونه منوطاً بإرادة الله تعالي لا غير).

وهذا المعني أكده الإمام المهدي عليه السلام في رسالته للشيخ المفيد برواية الطبرسي في الاحتجاج من قوله ((فليعمل كل

ص: 83

امريء منكم بما يقرب به من محبتنا، ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فان امرنا بغتة فجأة)).

وبذلك يتبين أن الانتظار الذي يريده الإمام عليه السلام لا يعني أبدأ الركود والاتكالية والاعتماد علي جهوده الخاصة، وإنما يعني الحركة الواعية والمبادأة في تغيير المحتوي النفسي، بسبب الارتباط الشديد بين شرائط الظهور (الثالث والرابع) والمحتوي النفسي للأمة، هذا الارتباط الذي أكده القرآن قبل الإمام عليه السلام (ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم).

لان ظهوره عليه السلام ليست أماني أو رغبات شخصية لتحسين وضعنا الراهن فنتمني ظهوره إذا ضاقت علينا الدنيا وتقلصت المعايش حتي إذا تحسنت واتسعت نسينا حديثنا عن الظهور، بل انه عليه السلام يمثل بأبعاده المختلفة الحل النهائي لصراع الإنسان والمؤدي إلي تحقيق الهدف الإلهي من خلق البشرية، فهل يوجد اعظم من ذلك؟ بعد ارتباط الظهور بالغاية الأساسية لخلق الإنسان وهي وصوله إلي درجة العبودية علي المستوي العالمي «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» ومن هنا كان ظهوره عليه السلام من الوعود الإلهية التي لا يغيرها البداء، بل لا بد من تحققه ولو بقي من الدنيا يوما واحدا علي حد تعبير الحديث الشريف.

ص: 84

وسوف يتبين في الفصل القادم أن الأمة التي تتمني ظهوره تعيش في معزل نفسي وعقلي عن قضيته، إن لم تكن حالة التشكيك والإهمال لوجوده عليه السلام فعلينا أن نحاسب أنفسنا، ونسألها: هل إننا نعيش هموم الإمام عليه السلام الكبري، وهل أن تمني ظهوره ناشيء من شعورنا الكامل بالمسؤولية أم أن العجز عن تحقيق ما نطمح إليه من أهداف شخصية وراء هذا التمني؟.

ص: 85

نظرة الإمام عليه السلام إلي واقعنا المتردي وشكواه

من المعلوم أن الإمام المهدي عليه السلام ينظر إلي أعمالنا أو تعرض عليه علي ما هي عليه من سيئات وحسنات .

ومن الطبيعي أن أعمالنا إن عرضت علي الإمام المهدي عليه السلام كما هو الصحيح، فهذا يعني أنه محزون وقلبه يعتصر ألما من أعمالنا وواقعنا غير الصحيح والمخالف لواقع القرآن وشريعة سيد المرسلين ..

ونتيجة هذا التقصير الذي نحن عليه والواقع الذي نعيشه، هو ما ذكر في جواب السؤال السابق، من أننا بواقعنا هذا نؤخر الظهور لا محالة، مع علمنا أننا دائماً ننتظر ونعتب علي الإمام هذا الغياب مع وجود المظالم والفساد.. وهذه هي المفارقة العجيبة التي لم نلتفت إليها، ونبقي نردد أين أنت يا مهدينا.. فهو قريب يريد منا العدد الكافي من المخلصين، ويريد منا القواعد الشعبية التي تعي معني الإمامة وتعي معني الظهور ودولة الحق وتعي علامات الظهور وشرائطه لكي تستقبل إمامها لا تعترض عليه بل تحاربه .

ص: 86

علينا أن نفهم كلام إمامنا المهدي عليه السلام عندما يوجه كلامه إلينا فيقول :

(ولو إن اشياعنا أوفقهم الله لطاعته - علي اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد إليه، لما تأخر عنهم اليمين بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا علي حق المعرفة وصدقها منهم بنا).

يفتح أمامنا أفاق اللقاء ونحن نسده بالغفلة والإهمال، من حيث لا نشعر غالباً، أو نشعر إلا أننا نتغاضي ونغطي علي أعمالنا التي لا تمت للمنتظر (بالكسر) والمنتظر (بالفتح)..

نعم هذه هي الحقيقة، لا ينبغي لنا أن ننتظر ظهوره ونحن الذي نسعي لتأجيل الظهور لا تعجيله كما هو المطلوب ..

الإمام يريد لنا التكامل والخروج من عالم المادة الذي تراكم علي قلوبنا وعقولنا وأنفسنا، إلي عالم المعني عالم الإلتزام عالم السعادة بطاعة الله تعالي، فهل نحن جاهزون..

لا ينبغي بل لا يجوز أن نحرق قلبه الشريف، ونجعله يتألم عندما تعرض عليه أعمالنا، بل ينبغي بل يجب علينا أن ندخل علي قلبه السرور عندما تعرض عليه أعمالنا وهي ناصعة

ص: 87

البياض، فيقلبها ويأنس بها ويدعوا علي أثرها لنا بالتوفيق والتسديد..

ولكي نحصل علي القرب والرضا والدعاء من الإمام المهدي عليه السلام، يجب علينا أن نطيعه في ما أمرنا به وهو أمر الله تعالي في شريعة سيد المرسلين، وأيضاً ندعو له، ونزوره ونحمل همومه، وشعورنا الدائم والكامل بفراقه، ونسعة لتحقيق شرائط ظهوره المتعلقة بنا ..

عزيزي القارئ أنه ورد ما معناه ثلاثة يشكون إلي الله تعالي، مسجد خراب لا يصلي به، ومصحف عليه التراب لا يقرأ فيه، وعالم بين جهال.

وأفضل مصاديق العالم هم أهل البيت محمد وآله الطاهرين، ومن بينهم الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر، فالإمام إذا يشكوي إلي الله تعالي .. فهل تعلمون علي من يشتكي وما هي أسباب الشكوي؟

يشتكي منا إلي الله تعالي، وهو الذي يقدم إلي الله البينة علي شكواه، وإن كان الله تعالي يعلم كل شيء..

وأما أسباب شكواه فيها كثيرة نذكرها بإيجاز :

أولاً: الغفلة عن قضيته العادلة وهي قضية الأنبياء بل

ص: 88

قضية الله لأنه تعالي يريد من خلالها إظهار دينه علي الدين كله .

ويشترك في هذه الغفلة عدة أطراف، وليس الفرد وحده إن نظرنا إليه منفرداً، وهذه الأطراف هي:

1. المؤلفون : حيث لا تجد كتب عن قضية الإمام المهدي إلا نادراً، وإن وجدتها فهي مقسمة إلي ثلاث أقسام :

القسم الأول: وهي العلمية المعمقة التي كتبت لتكون للطبقة المثقفة جداً كما هو حال موسوعة الإمام المهدي للسيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره)، وهي غير معينة لطبقة كبيرة من المجتمع ممن هم في مستوي غير جيد من الناحية الثقافية فضلاً عمن لا يقرأ ولا يكتب.

القسم الثاني: وهي الكتب البرازية لو صح التعبير، ففيها يريد الكاتب أن يظهر عضلات عقلة وقلمه، فيكتب ويحلل بما هو بعيد عن الواقع، ليقولون عنه أنه فيلسوف بين قوسين . !!

القسم الثالث: وهي الكتب المؤلفة بصورة مختصرة وغير واضحة لا تعني طالب الحقيقة والمعرفة .

2. دور النشر : فهي الأخري مهتمة بالكتب التي من شأنها إشغال الناس بما لا ينفع دينهم ودنياهم وآخرتهم، بل تضر

ص: 89

بها.. ككتب السحر والشعوذ والمنامات والطبخ والنكات وما إلي ذلك، طبعاً ليس كل دور النشر كذلك ولكن الأعم الأغلب كذلك وإن لم تكن كذلك فهي تعطي أغلب اهتمامها لهذه الكتب وتعطي بعض البعض من اهتمامها للكتب الإسلامية.. وهذه الدور أسميها بدور العناوين.. لا المعنون.. وهذا مما أدي إلي عزوف كثير من المؤلفين وأصحاب القلم الرفيع عن التأليف لأن كتابه سيطبع علي الرفاف في بيته .. ولله في خلقه شؤون.

3. المؤسسات التربوية .. فهي الأخري في تقصير من عدم فتح الدورات للناس لتعريفهم بإمامهم المفترض الطاعة ، أولا أنطلاقاً من الحديث القائل من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية .. فهل نحن راضون علي مجتمعنا وأهلينا أن يموتوا هذه الموتة الشنيعة البشعة، أم نحن علينا واجب هدايتهم من باب الأمر بالمعروف.. أولاً.. وثانياً من باب وجود هذه المؤسسات التي يسئل عنها صاحبها، فهي إذا لماذا فتحت إن لم تهدي الناس لأكبر قضية في العالم من الناحية الدنيوية، وأكبر قضية شرعية في تاريخ البشرية .

4. الحوزات العلمية في مختلف أقطار العلم: فهي الأخري في غفلة أو هي شريكة في غفلة الفرد عن قضية الإمام

ص: 90

المهدي عليه السلام وذلك من عدة جهات:

الجهة الأولي : أنها لا تفتح مراكز تخصصية لقضية الإمام المهدي شعبوية وليس خصوصية أي خاصة بمجموعة لا يتجاوز عددهم العشرة أو أقل أو أكثر بقليل.. ونقصد بالشعبوية أنها لعامة الناس وتستوعب لمجموعات عديدة من المجتمع علي أختلاف أفكارهم وتفكيرهم ومستوياتهم العلمية ...

الجهة الثانية: أنها لا تهتم بطبع وتوزيع الكتب التي تبحث قضية الإمام المهدي والتي تتناسب مع جميع طبقات المجتمع فكراً، وهذا التوزيع بصورة مجانية أو مدعوم يشجع علي الشراء ..

ولكن مع الأسف الشديد أن الذي نراه أن بعض المرجعيات التي ليس لها من التقليد حظاً وفيراً في وسط المجتمع الإسلامي تسعي جاهدة لطبع الرسالة العملية (غير العملية وتوزيعها مجاناً، حتي لغير المقلدين، يا ليت هذه الأموال التي طبعت بها هذه الرسالة طبعت بها الكتب المهدوية .

ويا ليته كتب هذا العالم الجليل رسالة في تكاليف الفرد المسلم في عصر الغيبة تجاه إمام زمانه لكانت خير رسالة

ص: 91

يريدها الله ورسوله ويباركها .. ولو كنت مكانه ما ترددت يوما عن كتابتها وتوزيعها مجاناً .

الجهة الثالثة : إهمالها لتحقيق التاريخ وتدريسه كمادة أساسية في الحوزة العلمية، وهذا الاهمال جعلنا نواجه أمرين مريرين:

الأول: عدم وجود تاريخ موحد وصحيح ومدروس، يرجع إليه ويكون المصدر الرئيس للكاتب والباحث وغيره .

الثاني: عدم وجود أساتذة لمادة التاريخ في الحوزة العلمية، لأن أغلب الطلبة لا يدرسون هذه المادة فكيف لهم أن يدرسونها.

علي أي حال فهذا هو السبب الأول لشكوي الإمام علينا عند الله تعالي ... الغفلة وما أدراك ما الغفلة .. علينا أن ننتبه لأنفسنا فنخرجها من وادي الغفلة ونرفعها فوق جبل المعرفة .

ثانياً : من الأسباب . إثارة الشكوك حول قضية الإمام المهدي عليه السلام:

علي المؤمن أن يسلم بكل ما جاء عن أهل البيت عليهم السلام من الروايات الصحيحة والمتوترة بحق المهدي وقضيته العادلة، ويجب عليه الإيمان بالقضية عموماً بإعتبارها من

ص: 92

العقائد التي يجب الإيمان بها، وهي تندرج تحت أصل من أصول الدين وهو الإمامة .

ومن هنا كان التشكيك بقضية الإمام المهدي عليه السلام تخرج الفرد عن كونه مؤمناً..

والتشكيك عادة موجود ويلف عنكبوته علي الأعم الغلب من القضايا العقائدية والفقهية والإجتماعية والسياسية وما إلي ذلك ..

ولكن علي الفرد أن يكون محصناً فكرياً ومعنوياً ليواجه محاولات التشكيك بعقائده وأفعاله وأعماله التي يؤمن بها ويتعبد بها ..

وإن لم يكن الفرد كذلك، أعني أنه غير محصن عن مواجهة هذه الشكوك وتلك الشبهات التي تأتي غالباً من أعداء الدين، عليه الرجوع في حال واجهته مشكلة أو شبهة أو شك من هنا وهناك إلي الكتب المعتبرة التي ترفع الشبهات وترد الشكوك علي أهلها .. سواء كانت هذه الشبهة عقائدية أم فقهية أو اجتماعية أو ما إلي ذلك ..

فتعلق الشبهة في الذهن وعدم ردها ودفعها وهي في الذهن، يؤدي هذا الأمر إلي ما لا يحمد عقباه في الدنيا والآخرة.

ص: 93

أما في الدنيا: فالأمر واضح من أن الفرد المليئ عقله بالشبهات تدفعه نفسه إلي ترك الإلتزام إن كان ملتزماً وإلي مزيد من الانحراف إن كان منغمساً بالموبقات.

وأما في الآخرة : فالأمر أوضح من أن يذكر فهذه الشبهة في حال الإيمان بها أو الإيمان بمقتضياتها يؤدي إلي العقوبة لا محالة وخاصة إذا كان الفرد مقصراً وليس قاصراً... وإن كنت أشك أن هناك من يكون قاصراً في زماننا هذا وخصوصاً إذا نظرنا إلي أنه تلقي الشبهة فيستطيع إذا أن يتلقي ردها ودفعها ..

ولكي لا يطول الحديث بنا ندخل الآن بمرادنا من شكوي الإمام، وهو بسبب التشكيك بقضيته بل بعموم إمامته ..

والتشكيك بقضية الإمام المهدي تارة بها كلها، وتارة ببعض الأمور حولها.

وعليه يمكن أن نقسم التشكيك إلي هذه الأقسام الغير حصرية :

أولا: التشكيك بقضية الإمام المهدي عليه السلام كلها منذ الولادة إلي آخر تفاصيلها.

ثانيا : التشكيك بولادة الإمام المهدي عليه السلام، دون قضيته .

ص: 94

ثالثاً : التشكيك بقضية عمره الطويل المبارك.

رابعاً: التشكيك بقدرته علي محاربة القوي الظالمة، وهو ما عليه من الغيبة وقلة الناصر.

إلي غير ذلك من الشكوك:

ولكي لا نطيل علي القارئ اللبيب نود الإشارة إلي مصدر موسع يجيب علي هذه الأسئلة، وهو كتاب بحث حول المهدي عليه السلام لمؤلفه المفكر الإسلامي الكبير الإمام محمد باقر الصدر (رحمه اله).. وهو مطبوع علي أنفراد ومطبوع كمقدمة جعلها المؤلف(قده) لموسوعة الإمام المهدي عليه السلام للسيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) والتي نقلنا منها قصة الولادة.

ويري بعض الكتاب علي أن هذه الشكوك والتساؤلات لها وجهان الأول إيجابي والآخر سلبي.

فأما الوجه الإيجابي:

فان هذه الاستفهامات تعبر عن حرص الفرد المسلم علي التعرف علي هوية الإمام عليه السلام ودوره الاجتماعي وعن ثمرة وجوده مع كونه غائباً، وعن دور المسلم وتكليفه في مرحلة الغيبة الكبري، وهذا ما يدفعه للبحث وبذل الجهد لمعرفة تاريخ الإمام عله السلام، فان السؤال عادةً يمثل مفتاح العلم.

ص: 95

ولولا هذه التساؤلات التي تبعث روح الوعي لأصاب المكلف الركود الفكري واليقين الكاذب، والاعتماد علي المصادر الغير موثقة.

وليت الأمر انتهي عند هذا الحد فان خمول المكلف وتقاعسه عن السؤال سيفتح المجال أمام المدعين والمنحرفين الذين يدعون الارتباط بالإمام عليه السلام ورؤيته والسفارة عنه ونيابته ، حيث يجدون جهل الشباب وعدم حملهم صورة يقينية واضحة عن حركة الإمام عليه السلام وتاريخه وشرائط الظهور وصفات السفير ونائبه، هذا الجهل يجعلهم يطمعون في نشر مفاهيمهم المدمرة في أوساط المجتمع.

ولا تكفي العاطفة وحدها تجاه الإمام عليه السلام إذا كانت مجردة من الوعي في تحصين نفوس الشباب وعقولهم ضد التيارات المنحرفة التي تستغل هذه العاطفة، بل لا بد من الوعي التام والإحاطة بكل ما يمت لقضيته بصلة من قريب أو من بعيد، وذلك من خلال طرح الأسئلة والإلحاح والجدية في معرفة الإجابة عنها، ولأهمية السؤال وردت كلمة (يسألونك) عدة مرات في القرآن.

قال الصادق عليه السلام أن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة .

ص: 96

وأما الوجه السلبي:

فان هذه الشكوك تكون أحياناً في صورة اليأس من الوصول إلي الحقيقة أي تكون بصورة النفي، الذي يؤدي إلي الأعراض عن خط الإمام عليه السلام، وعدم التصديق بوجوده ، فتسيطر الأوهام علي النفوس الضعيفة فتقعد بها عن محاولة البحث لاكتشاف الجواب.

وإذا بحثنا عن السبب الرئيسي في عدم تصديقنا بوجود الإمام عليه السلام نجد أن تفكيرنا المادي المحصور بالأشياء المحسوسة وراء ذلك، وهذا ما زرعه التيار المادي (الشيوعي) الذي اجتاح بلادنا ثم انسحب مهزوما فخلف ورائه آثار وخيمة، لأن المادية ليست حملة عسكرية انجلت عن أراضينا وتم استقلالنا عنها، وإنما هي طريقة للتفكير تعودنا علي أساليبها فصرنا لا نصدق كثيراً بالأمور الخارجة عن حواسنا.

وهذا ما أرادته المادية، أرادت أن نكون حسيين تجريبيين لا نصدق كثيراً بإمام غائب لأننا لا نراه ولا نحسه ولا نسمعه ولا نلمسه إلي غير ذلك.

وهناك أسلوب آخر يتخذه الأعداء وذلك من خلال إقناع الشباب بان التصديق بوجود الإمام عليه السلام وامتداد عمره يتنافي مع التفكير العلمي للشباب الجامعي المرتبط بالكمبيوتر والذي يأخذ

ص: 97

معلوماته العالمية من شبكة الانترنيت، وان قضية الإمام ليست إلا خرافة دينية ابتدعها الشيعة بسبب مرورهم في التاريخ بظروف قاهرة إلي آخره .

ولن أحاول الإجابة عن كل ذلك وإنما اتركها للشباب الواعي لكي تتوفر روح المشاركة مع الكتاب، فعلي الشباب أن يبحثوا عن الإجابة العلمية - وان لا ينتظروا الإجابة الجاهزة من الآخرين، وهذا من أهم تكاليف الغيبة الكبري، حيث تقع مسؤولية الدفاع عن قضية الإمام عليه السلام علي عاتق الشباب خاصة، ولن أقول نهيب بالشباب بل هو واجب مقدس عليهم، من خلال الإطلاع الواسع النطاق علي الأخبار الواردة والرد علي المنحرفين وكشف زيفهم وانحطاطهم، وهذا يمثل جهاداً كبيراً بين يدي الإمام عليه السلام لا يقل خطره عن الجهاد بالسيف بين يديه، بل جهاداً بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كما قال الإمام الحسين عليه السلام :

(أما إن الصابر في غيبته علي الأذي والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم).

ص: 98

دور العلماء والحركة الاجتهادية

في زمن الغيبة الكبري

الغيبة الصغري فيها يتصل الفرد بالإمام المفترض الطاعة أعني به حجة الله في أرضه الإمام محمد بن الحسن المهدي صلوات الله عليه وعلي آبائه، عن طريق نوابه الأربعة.. فهم يوصلون ما يريد الإمام بيانه لقواعده الشعبية، ويرفعون للإمام عليه السلام الأسئلة الصادرة من القواعد ليجيب عليها ويحل مشاكلها..

إلا أن هذا الأمر أنتهي وأنقطع بوفاه السفير الرابع السمري (رحمه الله) أي عند انتهاء الغيبة الصغري للإمام المهدي عليه السلام ، والأعلان عن بدء الغيبة الكبري ..

إذا بعدما كان يأخذ الفرد ما يريد من معلومات حول دينه ودنياه وآخرته من الإمام عبر الوكيل الخاص الذي يقول له هكذا يقول الإمام عليه السلام ، أصبح الآن في عزلة عن هذا الأمر

ص: 99

فهو لم يجد من يقول له أن الإمام يقول لك أن تعمل هذا أو تترك هذا..

هذا الفراغ الحاصل من انتقال غيبة الإمام عليه لسلام الصغري، إلي غيبته الكبري، في وسط القواعد الشعبية، لا بد له من حل، وإلا ضاعت الأهداف وتشتت القواعد.. ونسي الدين وصارت شريعة سيد المرسلين من الماضي..

وبما أن الأئمة المعصومين سلام الله عليهم ملتفتون إلي هذا الأمر، وهم أعلم بمصالح العباد لأنهم الحجج من الله علينا.. أرجعوا المجتمع والقواعد الشعبية المؤمنة بهم إلي العلماء من الأمة.. وهذا هو الحل السليم والمنطقي لكي يجمعون شمل الأمة ويبينون له الطريق إلي الله تعالي..

ولكن رجوع الناس والقواعد الشعبية ليس لكل عالم حصل العلم ووصل إلي رتبة الاجتهاد، وإنما هو ذلك المتوفرة فيه الصفات التي رسمها لنا أهل البيت عليهم السلام وخصوصاً الإمام المهدي عليه السلام ..

ففي رواية عن محمد بن عثمان العمري يقول فيها: فرود التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام:

أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك .. إلي أن قال :

ص: 100

وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ...

وجاء عنه عليه السلام قال أنه قال ما مضومنه :

فمن كان منكم صائناً لنفسه، مطيعاً لأمر مولاه، مخالفاً لهواء، فعلي العوام أن يقلدوه ..

وقد جعلوا الفقهاء شرائط للفقية الذي يتصدي للمرجعية وقيادة الناس وهي كلها مأخوذة من النصوص عن الخصوص عليهم السلام :

وهي: أن يكون ذكراً، وأن يكون طاهر المولد، وأن يكون بالغاً، وأن يكون عاقلاً، وأن يكون عاداً، وأن لا يكون سفيهاً، وأخيراً شرط الأعلمية وهو مختلف بشأنه، والغالبية الساحقة تقول به.

والحقيقة أن مبدأ الاجتهاد إصطلاح فقهي جدير بالاحترام لوجوده في كلمات الفقهاء في مختلف الأجيال، بل في مختلف المذاهب وإن لم يعملوا به لفترة طويلة.. وأيضاً لأنه فكرة عظيمة استنبطها بعض العلماء، ودافعوا عنها بعد أن لاقوا ردت الفعل من بعض العلماء الآخرين الذين كانوا يرفضون هذا المبدأ باعتباره بنظرهم أنه ابداء الرأي الشخصي في الأحكام

ص: 101

الشرعية ..

إلا أن الأمر تغير بعدما عرف الجميع أن الاجتهاد ما هو إلا بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي من مصادره الرئسية الكتاب والسنة ..

ومن هنا كانت هذه الحركة المباركة هي البديل عن نواب الإمام المهدي عليه السلام في غيبته الصغري، فالمجتهد الحي الأعلم الصائن لنفسه المطيع لأمر مولاه، المخالف لهواه، وبالجملة المجتهد العادل هو الذي يمثل النيابة عن الإمام عليه السلام في غيبته الكبري، إلا أنها ليس الخاصة بل العامة ، فهو لن يتصل بالإمام المهدي عليه السلام ، بل يأخذ علمه ويستنبط أحكامه من كتاب الله تعالي وسنة نبيه وأقوال المعصومين الواردة بدليل معتبر ..

ومن هنا كانت ولا زالت المرجعية هي الباب الرئيس للقواعد الشعبية للإمام المهدي، فمنها يأخذون وبأمرها يأتمرون وبنهيها ينتهون..

والحوزة بدورها الجبار في وسط المجتمع في العصر الغابر والحاضر والمستقبل إن شاء الله تعالي، أستطاعت أن تجلب وتستقطب المجتمع والقواعد الشعبية للإمام المهدي عليه السلام ، إليها لترشده وتهديه وتبين له الصراط القويم ..

ص: 102

ولهذا الأمر أمثلة كثيرة لا تخفي علي من اطلع علي حياة العلماء الأبرار الذين فدوا أنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله في أرضه، وصون شريعة سيد المرسلين محمد صلي الله عليه وآله .. وانتشال المجتمع من براثن الظلم والعدوان ومن الفساد والافساد، ومن بين هؤلاء.

1. الشهيد الأول محمد بن الشيخ جمال الدين مكي العاملي.

2. الشهيد الثاني العاملي.

3. الإمام الخميني (قدس سره) .

4. الإمام محمد باقر الصدر (قدس سره).

5. الإمام محمد محمد صادق الصدر (قدس سره المخزون).

هؤلاء وغيرهم(قدس الله أسرارهم) هم الذين بلطف الله وتوفيقه وعملهم الدؤوب حفظوا نهج الرسالة المحمدية، فما كان من المجتمع إلا أن يرتبط بالمؤسسة العلمية (الحوزة العلمية التي انطلقوا منها هؤلاء، ويأخذ منها ويعطيها ..

وهذا الأمر قد اغاظ الأعداء ممن يتربصون بنا الدوائر فحاولوا بكل ما لديهم من قوة أن يبعدوا الناس عن قياداتهم،

ص: 103

ويلهوهم بأشياء أخر، إلا أنهم باءوا بالفشل لأن مجتمعنا الإسلامي والمخططات الاستعمارية الهمجية ونبذها، بل اعطته الدافع القوي لكي يتمسك أكثر بحوزته وعلمائه ... لأنهم هم الحجة عليه أمام الإمام المهدي، والإمام روحي له الفدي هو حجة الله تعالي.

ص: 104

نحن في امتحان إلهي

اشارة

لا والله حتي تمحصوا، ولا والله حتي تغربلوا، ولا والله حتي يشقي من يشقي ويسعد من سعد.

ص: 105

ص: 106

نحن في امتحان إلهي

في البداية نقف عند خصيصة من خصائص زمن الغيبة الكبري ولعلها الأوضح من بين خصائص هذا الزمن، والتي منها غيبة الإمام المفترض الطاعة عن قيادة مجتمعه المسلم، ومنها انتشار الظلم والجور في أغلب بقاع الأرض من شرقها إلي غربها، ومن شمالها إلي جنوبها..

والخصيصة التي نتكلم عنها وهي الأصل من بين الخصائص هو الإمتحان الإلهي في هذه الفترة.

نعم ان الامتحان الإلهي موجود منذ بداية الخلق وهو سنة قائمة ما دامت الأرض موجودة، فهو إذن ملاصق لوجود الإنسان في هذه الأرض.

إلا أن هناك أمور أخري يمتحن بها الإنسان في زمن الغيبة الكبري مضافة للأمور العادية التي يمتحن بها كل إنسان علي مر العصور.

وأبرز هذه الأمور التي يمتحن بها الإنسان في زمن الغيبة الكبري، هو ما يميز هذا الزمن عن غيره، وأعني بذلك عدم وجود الإمام بين مجتمعه، ووجود الظلم والاضطهاد بصورة قل

ص: 107

مثيلها في العصور المنصرمة .

إذاً الإنسان في إمتحان إلهي في أمرين :

الأمر الأول: عدم وجود القائد الذي يسير بالمجتمع نحو الله تعالي وهو الحجة من الله علي العباد بين مجتمعه، فالله سبحانه وتعالي يمتحن عباده في هذاالأمر، وهو التصديق بوجود الحجة أو عدم ذلك، فالفرد الذي يؤمن بوجود الحجة المفترض الطاعة وهو الآن غائب بأمر الله تعالي، وهو من المنتظرين لظهوره المبارك، فقد نحج بالإمتحان بهذا الأمر.

الأمر الثاني: وجود الظلم والجور والاضطهاد في المجتمع بصورة فاعلة وشاملة، يضع الإنسان أمام امتحان إلهي صعب، فالإنسان أما أن يجار الظلم والظالمين ويصبح من زمرتهم، واما يحارب الظلم والظالمين وينكر أعمالهم بحسب المقدرة وما تمليه عليه الخطوط والاحكام الإسلامية عليه، فإن كان من الأولين . أعني الظلمة والظالمين . فهو إذا من الخاسرين..

وإن كان من المؤمنين الذين يطيعون الله وينبذون الظالمين فهو إذا من الناجحين في الامتحان الإلهي.

بقي أمر لا بد من الإشار إليه وهو أن الإنسان الذي

ص: 108

ينجح في الامتحان الإلهي في كلا الأمرين لابد أن يكون من الملتزمين بعباداته وأعماله بما يرضي الله تعالي لكي يكون فعلاً من المنتظرين للإمام ومن قواعده الشعبية المؤمنة التي يعتمد عليها حال الظهور وهي التي تعجل بظهور كما سنعرف.

اما الفرد الذي نجح في الامتحان الإلهي في الأمرين المتقدمين، وهو ليس بملتزم بعباداته وسائر أعماله، بالشكل الذي يرضاه الله منه والإمام عليه السلام فهذا ممن يؤجل ظهور الإمام عليه السلام ولا يستحق أن يكون من قواعد الإمام المؤمنة المنتظرة لظهوره إلا أن يتوب .

بعد أن عرفنا أننا في إمتحان إلهي وجب علينا أن نكون علي قدر المسؤولية في تجاوز هذا الإمتحان الإلهي العظيم، فنؤمن بوجود الإمام المهدي عليه السلام وهو حجة الله علينا، وهو غائب عنا بأمر من الله تعالي، ننتظر ظهوره المبارك ، ندعو الله تعالي أن يجعلنا من أنصاره واعوانه .

وعلينا في نفس الوقت أن ننبذ الظلم ولا نمارسه ونحارب الظالمين ولا نساندهم بأي شكل من الأشكال. وهذا بطبيعته يعجل في ظهور إمامنا المنتظر ليملأ لنا الأرض عدلاً وقسطا.

وعلينا أيضاً أن نكون من القابضين علي ديننا مؤدين ما علينا من عبادات بأحسن صورة، باكمل وجه، وأن نتخلق

ص: 109

بخلق الإسلام الرفيع الذي بينه لنا الله تعالي في كتابه المجيد، والذي أوضحه لنا أهل البيت عليهم السلام من خلال أفعالهم وأقوالهم المباركة..

وعلينا أن نترك الذنوب الكبيرة والصغيرة منها لنكون من خواص الإمام وأصحابه، ولكي تبيض وجوهنا أمامه عندما تعرض عليه أعمالنا.

هذا وقد ورد في بعض النصوص الإسلامية عن الخصوص عليهم السلام حين سئلوا عن موعد الظهور المبارك للإمام المهدي عليه السلام :

لا والله حتي تمحصوا، ولا والله حتي تغربلوا، ولا والله حتي يشقي من يشقي ويسعد من سعد.

وهذا الامتحان إنما كان : «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيي مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»(1).

وأخيرا وليس آخراً نحن في إمتحان إلهي صعب، فاما إلي السعاد سائرون، واما في الشقاء داخلون . لا سمح الله . إلا أنه لا يصعب علي المؤمنين الذين يريدون وجه الله تعالي ويطمعون برضوانه وجنته وسعادته ورحمته التي وسعت كل شيء ..

ص: 110


1- الانفال : 42

الاعتراف بالمهدي عليه السلام

(من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)

ص: 111

ص: 112

الاعتراف بالمهدي عليه السلام

ما عرفنا فيما سبق أن من خصائص زمن الغيبة الكبري هو غياب الإمام المفترض الطاعة، وعرفنا أيضاً أنه نحن في امتحان إلهي في الاعتراف به سلام الله عليه ، وهذا الأمر أعني الاعتراف به كإمام مفترض الطاعة وهو حجة الله في أرضه ، وهو الغائب بأمر الله تعالي، وظهوره المبارك بأمر الله تعالي أيضاً، وهو حينما يظهر يظهر العدل كله معه فيملأ الأرض عدلاً وقسطا، بعدما يملئها الظلمة ظلماً وجوراً..

هذا الاعتراف منا هو من التكاليف الإسلامية علي الفرد في زمن الغيبة الكبري، فكل فرد بالغ عاقل مكلف إذا بالاعتراف بالإمام المهدي عليه السلام وهذا الاعتراف يخرجه من أن يكون من المقصرين أو من الذين إذا ماتوا كانت ميتتهم ميتتة جاهلية كما جاء في الحديث الذي مضمونه :

(من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)(1) .

ص: 113


1- كمال الدين للصدوق/ 412.

وقد جاء في قضية الإنكار، أي إنكار الإمام المهدي عليه السلام :

عن النبي محمد المصطفي صلي الله عليه وآله أنه قال :

(من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني)(1). وعن النبي صلي الله عليه وآله أيضاً أنه قال :

(القائم من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يقيم الناس علي ملتي وشريعتي، ويدعوهم إلي كتاب ربي عز وجل، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد انكرني، ومن كذبه فقد كذبني، ومن صدقه فقد صدقني (2)....

بعد الاعتراف المعرفة والعمل

(اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني).

بعد الاعتراف المعرفة والعمل

وهل يكفينا الاعتراف بالمهدي عليه السلام.

ص: 114


1- منتخب الأثرص492، طبعة طهران الثانية
2- الغيبة الكبري عن الاكمال المخطوط..

نعترف أنه الإمام المهدي الثاني عشر من أئمة المسلمين . وأنه هو الحجة من الله علي العباد ..

وأنه هو الغائب بأمر الله تعالي.

وأنه هو الذي سيظهر بأمر الله بعد انتهاء غيبته الكبري .

وأنه بعد الظهور سيملأ الأرض عدلاً وقسطا...

هذا الاعتراف مطلوب من أي فرد مكلف عاش عصر الظهور، إلا أنه لا يكفي بدون المعرفة والعمل الملاصق لها، نعم (الذين آمنوا وعملوا الصالحات).. فالمعرفة بالإمام المفترض الطاعة والعمل الصالح الخاص بهذا الإيمان وتلك المعرفة مطلوب منا أيضاً.

وهذه المعرفة مما اكد عليها الإمام الصادق عليه السلام حينما ذكر دعاء خاص في زمن الغيبة الكبري وهو:

(اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)(1).

إذا المعرفة مرتبطة بالدين، فلا دين من غير معرفة الحجة ..

ص: 115


1- كمال الدين وتمام النعمة / 342

وكذلك العمل الصالح المرتبط بالمعرفة فهو أيضاً من الدين.

وقبل معرفة الإمام لا بد من معرفة الله ثم الرسول، ومن هنا علينا بهذا الدعاء الذي علمه الإمام الصادق عليه السلام زرارة وهو من أصحابه المميزين :

(اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)(1).

وجاء في الدعاء :

اَللّهُمَّ عَرِّفْني نَفْسَكَ، فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَفْسَكَ لَمْ اَعْرِفْ رَسُولَكَ. اَللّهُمَّ عَرِّفْني رَسُولَكَ فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني رَسُولَكَ لَمْ اَعْرِفْ، حُجَّتَكَ، اَللّهُمَّ عَرِّفْني حُجَّتَكَ فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ ديني . اللّهُمَّ لَاتُمِتْنِي مِيْتَةً جاهِلِيَّةً، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي

هذا وسنتعرف بعد قليل علي الأعمال المطلوبة منا في زمن الغيبة الكبري .

ص: 116


1- المصدر السابق

انتظار الظهور المبارك

أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج

ص: 117

ص: 118

انتظار الظهور المبارك

الانتظار هو التوقع الدائم لتتحقق الغرض الإلهي بظهور الإمام المهدي عليه السلام بعد غيبة كانت لمصلحة عامة، ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ملئت ظلماً وجوراً.

والانتظار مفهوم إسلامي ورد في عدة روايات عن أهل البيت عليهم السلام منها:

1. عن رسول الله صاي الله عليه و آله و سلم أنه قال في الانتظار :

(أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج)(1).

والفرج هو ظهور الإمام المهدي ليحقق الأهداف الإسلامية .

2. وعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أيضاً أنه قال :

(أفضل العبادة انتظار الفرج)(2).

ص: 119


1- منتخب الأثر ص 234.
2- كمال الدين وتمام النعمة ص200.

والعبادة هنا بالمعني العام وليس الخاص، فالإنتظار أفضل العبادات بالمعني العام كما في العمل من أجل العيال عبادة وقضاء حوائج المؤمنين عبادة وما إلي ذلك .

3. عن صادق أهل البيت الإمام جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال :

(من مات منتظراً هذا الأمر كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائم عليه السلام)(1).

فهنيئاً لمن مات وقد كان في حياته منتظراً لظهور الإمام المهدي عليه السلام ذلك الانتظار الذي يجعله هو والإمام في فسطاط واحد.

4. عن صادق أهل البيت الإمام جعفر بن محمد عليه السلام أيضا أنه قال :

(ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العباد عملاً إلا به.... إلي أن قال عليه السلام : .. والولاية لنا والانتظار للقائم)(2).

ومن هذا الحديث نعرف أن قبول الأعمال مرتبط بولاية

ص: 120


1- الغيبة للشيخ النعماني ص200.
2- منتخب الأثر ص497.

أهل البيت عليهم السلام كما هو معروف، وأيضأ بالانتظار الذي نتحدث عنه، فكما من لا يوالي أهل البيت لا تقبل أعماله، فالفرد لا تقبل أعماله إلا أن يكون من المنتظرين لظهور الإمام المهدي عليه السلام وتحقق الوعد الإلهي بظهور الدين الإسلامي علي الدين كله.

5. وعن الإمام الصادق عليه السلام أيضا أنه قال :

(من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه فجدوا وأنتظروا)(1).

ولا ينبغي أن يفوتنا هنا إلي معرفة حقيقة الانتظار وما هي عناصره التي من خلالها يتحقق الانتظار المطلوب إسلامياً والتي تتوقف عليه قبول الأعمال وأنه من أفضل العبادة وأفضل الأعمال وبه يستحق الفرد أن يكون ممن كان مع الإمام المهدي عليه السلام في فسطاط واحد... كما سمعنا في الروايات المتقدمة .

ص: 121


1- منتخب الأثر ص498.

حقيقة الانتظار

أنا منتظر للحبيب الذي سيملأ الأرض عدلا وقسطا.

أنا منتظر للعزيز الذي سيحارب الظلم والظلمة والفساد والمفسدين.

أنا منتظر للإمام الذي لباسه من الغليظ وطعامه الشعير الجشب .

أنا منتظر للقائد الذي لا تأخذه في الله لومة لائم .

أنا منتظر للصادق الذي لا يقبل إلا الصادقين .

أنا منتظر للمؤمن الذي لا يقبل إلا المؤمنين .

أنا منتظر للمجاهد الذي لا يقبل إلا المجاهدين .

إذاً علي لكي أن أكون من المنتظرين الحقيقيين :

أن أكون من الذين يسعون لملأ ولو جزء يسير من الأرض بالعدل الذي يحققه بصورة مطلقة علي وجه الأرض الإمام الذي انتظره.

ص: 122

وأن أكون من الذين يسعون للقضاء علي الظلم ولو بالجزء اليسير الذي يسعي لرفعه بصورة مطلقة الإمام الذي أنتظره.

وأن أكون من الذين يحاربون الظالمين والمفسدين، ولا اكون منهم أو راضياً عنهم.

وأن أكون من الذين يتبعون الإمام عليه السلام في لباسه ومأكله ولو بالشيء اليسير.

وأن أكون من الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا أعرف للمجاملة والمداراة في حياتي موقعاً علي حساب الله والدين .

وأن أكون من الصادقين حتي يقبلني الإمام .

وأن أكون من المؤمنين لأنه لا يقبل إلا المؤمنين .

وأن أكون من مستعداً للجهاد بين يدية، بل حتي قبل ظهوره المبارك. واعد العدة لذلك ولا اتخاذل قيد أنملة في ذلك ..

ومختصراً نقول أنه ينبغي مع الانتظار أن نكون من المستعدين لأي أمر مفروض أو يفرضه علينا الإمام عليه السلام ويفرضه علينا التكليف الإسلامي بصورة عامة .

ص: 123

وأن نتوقع الظهور في أي لحظة من هذا الزمن . زمن الغيبة الكبري . ولا نرجئ الظهور إلي وقت غير وقتنا بحجة أن العلامات غير متحققة في وقتنا الذي نعيشه .

والانتظار الحقيقي ليس فيه فائدة للفرد نفسه فحسب كما هو واضح في الروايات المتقدمة، بل أن الفائدة والخير تعم المجتمع أيضاً.

الانتظار ووظيفة الهداية

عرفنا الانتظار ونعني بوظيفة الهداية الجهاد الذي يندرج تحته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فهل الانتظار يدعونا إلي التكاسل والقعود أم يدعونا إلي العمل بوظيفة الهداية؟

وهل الانتظار يدعونا إلي الاعتقاد والتفائل بالعون الإلهي الذي يلحقنا في جهادنا ضد الظالمين، أم أنه يدعونا إلي الاعتقاد بأن العمل الجهادي ضد الظالمين لا يجدي نفعاً؟

وهل الانتظار أمر بمعروف ونهي عن منكر، أم أنه يولد الشخصية الأنطوائية التي تتخذ من البيوت الفارهة أو غيرها مسكناً لها ليلاً ونهاراً، والعبادة الجامدة منهجاً لها في النهار

ص: 124

دون الليل، أو مع الليل علي أحسن تقدير؟

من هذا المنطلق علينا أن نعرف ما هي علاقة الانتظار بوظيفة الهداية، بعدما وجدنا من بعض المؤمنين بين قوسين التقاعس عن العمل الإسلامي الذي يحافظ علي الدين وعزة المؤمنين ولو قليلاً .. إلي أن يحكم الله وهو خير الحاكمين.

بل وجدنا بعضهم أنطوي علي نفسه وهو في نفس الوقت نصب نفسه إماماً للأمة.. ورأي أن العمل الإسلامي الجهادي قبل ظهور الإمام من الأمور غير النافعة أو المؤثرة.

يا لها من مصيبة نحن فيها متلبسون، قائد قاعد متقاعس، وشعب يتبعه في تقاعسه ..

وللرد علي هذا نقول بعد التوكل علي الله تعالي :

1. أن المطلوب منا نحن المسلمون هو أن نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر سواء كان ذلك في زمن الظهور أو زمن الغيبة الكبري أو الزمن السابق لهما.. وهذا مما دلت عليه الآيات القرآنية الشريفة والروايات الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام وهذا الأمر لا ينكره عاقل.. وخلافه نكون قد تركنا واجباً اجتماعياً مهماً نعاقب علي تركه لا محالة مع توفر شرطه.

ص: 125

2. أننا سنعرف أن من شرائط الظهور هو وجود القواعد المؤمنة للإمام عليه السلام، وهذا الشرط لا يتحقق إلا بالعمل الجاد وتوفر الإخلاص في نفس المؤمن، والقواعد الشعبية للإمام وهذا لا يتحقق بهدايتهم وابعاد الفساد والمفسدين عن طريقهم.

3. كيف لنا أن نحرز رضا الإمام المهدي عليه السلام وهو رضا الله تعالي، من دون أن نعمل من أجل إعلاء كلمة الحق تعالي، والسعي لهداية المجتمع وانكار اعمال الظالمين بالاساليب الممكنة التي يمكنها أن تزولها أو تقلل منها.

نكتفي بهذا القدر من الكلام بعدما عرفنا معني وحقيقة الانتظار وارتباطه بالعمل الإسلامي ووظيفة الهداية بصورة مختصرة.

ص: 126

التقوي والورع من التكاليف

اشارة

من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل اجر من أدركه فجدوا وأنتظروا .

ص: 127

ص: 128

التقوي والورع من التكاليف

و نعم الورع والتقوي من التكاليف الإسلامي في زمن الغيبة الكبري، وانهما مطلوبان من الفرد المسلم في أي عصر كان، إلا أنه هنا في زمن الغيبة الكبري جاء التأكيد أكثر بسبب ما يتعرض له الفرد في هذا الزمن من المصائب والبلايا وتيارات الانحراف والشبهات والماديات والمزالق الكثيرة هذا من جهة . ومن جهة أخري لبيان الارتباط الوثيق بين التقوي والانتظار، إذ أن تقوي بلا انتظار لا معني لها كما عرفنا، وانتظار بلا تقوي لا معني له.

ومن هنا جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال :

(من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه فجدوا وأنتظروا).

إذا لكي نكون من اصحاب الإمام المهدي عليه السلام لا بد أن نكون من زمرة الاتقياء .

ص: 129

ولكي نكون من انصار الإمام المهدي والداعين لنصرته لا بد أن نتحلي بالورع والتقوي.

ولكي تدخل السرور علي قلب الإمام عليه السلام لا بد أن نكون من الاتقياء والورعين.

ولكي نحقق شرط الظهور ونعجل فيه لا بد أن نكون من الاتقياء والورعين.

العبادة في السر مع الايام المستتر

وردت روايات عن أهل البيت عليهم السلام تفضل العبادة في زمن الغيبة الكبري وتجعل لها الفضل الأكثر من العبادة في غير هذا الزمن.

والمراد بالعبادة هنا ليس بمعناها الخاص كالصلاة والصوم والحج والزكاة، وإن كانت هي أفضل العبادات، وإنما المراد منها العبادات بالمعني العام، وهي كل عمل ورد أنه من العبادة، كما بينا سابقاً، بل كل عمل فيه رضا الله تعالي وتوفرة فيه النية الصادقة فهو عبادة للفرد عليه الأجر الجزيل.

ومن الروايات التي وردت في العبادة :

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال :

ص: 130

(العبادة في الهرج كهجرة إلي)(1). والمراد من العبادة ما فهمنا، ومن الهرج الفتن والقتل الذي ينتشر في زمن الغيبة الكبري، ومن الهجرة الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم الهجرة من دار الكفر إلي دار السلام، وهذا بالمعني الظاهري(2).

وروي الكليني في الكافي بسنده إلي عمار الساباطي. قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام :

إيما أفضل العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل، أو العبادة في ظهور الحق ودولته(3) مع الإمام منكم الظاهر.

فقال عليه السلام: يا عمار : الصدقة في السر أفضل من الصدقة في العلانية. وكذلك . والله . عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وحالة الهدنة، أفضل ممن يعبد الله عز ذكره في ظهور الحق مع إمام الحق في دول الحق...

وفي الرواية يستفسر السائل عن سر هذا الأمر فيجيب

ص: 131


1- صحيح مسلم ج8، ص208.
2- في المصدر المخطوط.
3- والصحيح ما ذكرنا، أو أنه : ظهور الحق ودولة الحق. فعلي الأول لعله تحريف، وعلي الثاني يكون نقص والله العالم.

الإمام قائلاً :

انكم سبقتموهم إلي الدخول في دين الله عز وجل، وإلي الصلاة والصوم والحج، وإلي كل خير وفقه، وإلي عبادة الله عز ذكره سراً من عدوكم مع امامكم المستتر، مطيعين له صابرين معه منتظرين لدواة الحق، خائفين علي امامكم وانفسكم من الملوك الظلمة .. مع الصبر علي دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف من عدوكم. فبذلك ضاعف الله عز وجل الأعمال، فهنيئاً لكم.

قلت: جعلت فداك ، فما تري إذن أن نكون من أصحاب القائم، ويظهر الحق، ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك، أفضل أعمالاً من أصحاب دولة الحق والعدل.

فقال عليه السلام : سبحان الله. أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالي الحق والعدل في البلاد، ويجمع الكلمة ويؤلف قلوب مختلفة، ولا يعصون الله عز وجل في أرضه وتقام حدوده في خلقه، ويرد الله الحق إلي أهله، فينظر حتي لا يختفي شيء من الحق، مخافة أحد من الخلق ..

أما والله يا عمار، لا يموت منكم ميت علي الحال التي أنتم عليها، إلا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر وأحد فابشروا.

ص: 132

ما هي البيعة وكيف نبايع الإمام عليه السلام

(من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) .

نبايعه عليه السلام في كل يوم عند الفجر وذلك بعد الصلاة .

نبايعه عليه السلام في كل يوم جمعة .

نبايعه عليه السلام بعد كل صلاة.

نبايعه في كل لحظة من خلال العمل بما يرضي الله تعالي ويرضيه سلام الله عليه .

نبايعه من خلال زيارتنا لمراقد المعصومين عليهم السلام، ومن خلال زيارتنا لسرداب الإمام وموضع غيبته، وأيضاً من خلال زيارتنا لمسجد السهلة المعظم.

نبايعه من خلال مبايعة مراجع الدين الكبار الذين هم نواب الإمام المهدي بالمعني العام .

نبايعه من خلال أحساسنا بمسؤولياتنا تجاه الأمة وتجاه توفير شرط الظهور المناط بنا وهو توفر القاعدة المؤمنة والمخلصة للظهور.

ص: 133

وصورة البيعة كما ورد هو أن نقول كما في زيارة الإمام المهدي بعد صلاة الفجر: (اللّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي هذَا الْيَوْمِ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً فِي رَقَبَتِي).

وأيضا في دعاء العهد والذي يستحب قراءته في كل صبيحة يوم :

(اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا ، وَ مَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي ، عَهْداً وَ عَقْداً وَ بَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي ، لَا أَحُولُ عَنْهَا وَ لَا أَزُولُ أَبَداً...)

وقد ذكر العالم العارف سماحة الشيخ حسين الكوراني (حفظه الله) لهذه البيعة للإمام الحجة بن الحسن صلوات الله عليه فوائد نذكرها من كتابه آداب عصر الغيبة فقال :

والفوائد العملية المترتبة علي هذه البيعة كثيرة منها :

أولاً: الشعور بالارتباط بالقائد الإلهي الذي يشكل امتداداً واضحاً لمسيرة الأنبياء والأوصياء عبر مراحل مختلف الأديان السماوية، وهو وصي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، الأمر الذي يرفد المؤمن بمخزون عملي خاص.

ثانياً: إعطاء الارتباط بالفقيه الولي الأمر المسلمين البعد

ص: 134

العقائدي الصحيح، فمن الواضح أن المرتبط ببيعة للإمام المنتظر المدرك لمقتضيات هذه البيعة، سيكون شديد الصلة بنائبه الذي أمر عليه السلام بالرجوع إليه في عصر الغيبة الكبري .

ثالثاً : الحذر من الركون إلي الظالمين لأن من يبايع قائداً إلهية أساس دعوته توحيد الله ونفي الآلهة المصطنعة، فيشكل ذلك حاجزاً نفسياً بينه وبين الطواغيت الذين يعيثون في الأرض فساداً ويحكمون بغير ما انزل الله .

ص: 135

زيارة الإمام والدعاء له وأدعيته وحقيقة السرداب

زيارة الإمام المهدي عليه السلام من المستحبات المؤكدة، وهي بأساليب متعددة، وليس لها مكان وزمان معين إلا بما ورد في بعضها، فيصح زيارته عليه السلام في كل مكان وفي كل زمان شاء الفرد أن يختاره، ما لم يكن هذا الزمان أو المكان ينافي عبادة أخري.

ويستحب أيضاً الدعاء للإمام المهدي بحفظه وتعجيل فرجه الشريف، والدعاء له يعود بالنفع لنا كما هو له عند الله تعالي.

قال الكفعمي في كتابه البلد الأمين :

يستحب زيارة المهدي في كل مكان وزمان والدعاء بتعجيل فرجه صلوات الله عليه).

ويستحب بأدعيته الواردة إلينا...

والزيارات والأدعية والاستغاثة والصلوات الخاصة بالإمام المهدي كثيرة منها :

ص: 136

1. دعاء اللهم كن لوليك الحجة .

2. زيارة الإمام صاحب الزمان يومياً بعد صلاة الفجر .

3. زيارة الإمام المهدي عليه السلام في السرداب الطاهر .

4. الصلاة علي الإمام الحجة عليه السلام

5. دعاء عظم البلاء.

6. الدعاء للإمام الحجة عليه السلام عن الإمام الرضا .

7. صلاة الحجة القائم عليه السلام ودعاؤه .

8. الصلاة علي الإمام الحجة عليه السلام يوم الجمعة .

9. تعزية الحجة بالإمام الحسين عليه السلام

10. دعاء الصلاة في ليلة ميلاد الحجة عليه السلام

وهي مذكورة في هذا الكتاب لأنها من الآداب التي ينبغي الاهتمام بها.

والسرداب المقدس كما في مفاتيح الجنان :

هو قسم من دار الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام) وقبل أن يشيد هذا البناء الحديث، . الصحن والحرم والقبة . كان المدخل إلي السرداب خلف القبر، عند مرقد

ص: 137

السيدة نرجس . نرجس خاتون . ولعله الآن واقع في الرواق، فكان ينحدر إلي مسلك مظلم طويل، ينتهي بباب يفتح وسط سرداب الغيبة، والسرداب في عصرنا الحاضر مزخرف بالمرايا ، وله في جانب القبلة نافذة إلي صحن العسكريين (عليهما السلام) وموضع الباب السابق معلم بصورة المحراب منقوشة بالقاشاني فكانت الزيارات وغيرها لهؤلاء الأئمة الثلاث تؤدي كلها من حرم واحد، ولذلك نجد الشهيد الأول في المزار يعقب زيارة العسكريين (عليهما السلام) بزيارة السرداب، ثم يذكر زيارة السيدة نرجس، ومنذ مائة وبضعة سنين، تأهب للبناء المؤيد المسدد، أحمد خان الذنبلي، وأفرز بما أنفقه من المبلغ الخطير صحن الإمامين (عليهما السلام) كما هو الآن وشيد الروضة والرواق والقبة الشامخة، وأسس للسرداب الطاهر الصحن الخاص، والإيوان والمدخل، والدهليز، كما شيد للنساء سرداباً خاصاً، كما هو قائم الآن فطمست معالم ما كان من قبل المدخل، والدرج والباب، وانمحي جميع آثاره فزال بذلك مورد بعض الآداب المأثورة، ولكن أصل السرداب الشريف وهو موضع جملة من الزيارات باق لم يتغير، وأما الاستئذان لدخول السرداب ، فلم يسقط بانسداد المدخل السابق، فلكل زيارة استئذان كما دل عليه الاستقراء، ونجد العلماء كذلك يصرحون بلزوم الاستئذان تأذباً للدخول، من أي

ص: 138

باب اعتيد الدخول منه، إلي حرم إمام من الأئمة (عليهما السلام).

ومن الجدير ذكره هو أن الدعاء للإمام أو الدعاء بادعيته أو زيارته يوفر للمؤمن عدة نتائج أهمها:

أولاً: أنها تشعر الفرد أنه علي أتصال بإمامه ذلك القائد الإلهي العظيم، وهذا الشعور يجدد فيه الأمل باللقاء ويجعله من المنتظرين له علي وجه الحقيقة.

ثانياً: في بعض الأدعية معلومات علمية عن الغيبة والظهور والتكاليف الملقاة علي عاتق الفرد في زمن الغيبة، وهذا مما يجعله في معرفة عن هذه الأمور، وهذه المعرفة تتجدد عند كل قراءة للادعية والزيارات.

ثالثاً: تذكر الفرد بمظلومية الإمام واحتجابه بسبب الظالمين، وبسبب عدم توفر شرط الظهور، وهذه التذكرة تجعله يقارع الظالمين ويستنكر أعمالهم وآمالهم في القضاء علي حجة الله في أرضه. وأيضاً يهذب نفسه ويهدي غيره من أجل تحقق شرط الظهور المتعلق بالقاعدة الشعبية للإمام عليه السلام. .

رابعاً: حصول الأجر والثواب من الدعاء للإمام والدعاء بأدعيته وزيارته .

ص: 139

خامساً: نيل دعاء الإمام للفرد الذي يدعو له، فكما نحن ندعو له في غيابه هو يدعو لنا لعمله بدعائنا له، وهذا هو الشرف.

سادساً: تكفير الذنوب وتحصيل التوبة، فكل فرد علي وجه الأرض لا يخلو من الذنوب عدا المعصوم، وقد فتح الله جل شأنه لنا أبواب من خلالها يغفر لنا ذنوبنا ويكفر عنا سيئاتنا. ومن هذه الأبواب صلوات الإمام والصلاة عليه وأدعية الإمام والدعاء إليه، وزياراته عليه السلام.

إلي غير ذلك من الفوائد والنتائج المتوخاة.

ص: 140

الإمام المهدي عليه السلام يستعرض أعمالنا كل يوم

عرفنا أن الإمام المهدي عليه السلام يفرح عندما يجدنا علي قدر المسؤولية في أعمالنا وأفعالنا وأقوالنا، فنعمل ما يرضيه ونفعل ما يرضيه ونقول ما يرضيه، وهو بالتالي رضا الله تعالي، فرضاهم هو رضا الله تعالي ورضا الله تعالي هو رضاهم صلوات الله عليهم.

وهذا الفرح والسرور الذي يدخل علي قلب الإمام المهدي عليه السلام، من جراء أعمالنا الصالحة، عليه أجر لنا غير أجر أعمالنا التي هي مضاعفة الثواب كما سمعنا قبل قليل.

لكنه هناك في الجهة المقابلة أن الإمام يغتم ويدخل قلبه الحزن الشديد والألم، وذلك عندما تعرض عليه أعمالنا السيئة والمنحرفة سواء منها الفردية أو الاجتماعية .

ومن هنا يشكوي الإمام المهدي عليه السلام من هؤلاء الذين لا يتصفون بصفات شيعته الحقيقيين.

وطبعا إن كثروا هؤلاء الذين يشكوي منهم الإمام عليه السلام،

ص: 141

يؤدي إلي تأجل الظهور لعدم تحقق شرط مهم من شروط الظهور ألا وهو وجود القاعدة الشعبية المؤمنة والمخلصة...

والجدير بالذكر أن شكوي الإمام من بعض شيعته علي نحو العتاب الحقيقي لأنهم أقرب الناس إليه وهم الذين يؤمنون به ويدعون بألسنتهم علي تعجيل الظهور وهم في أحسن حال منتظرين للظهور علي نحو الاجمال.

أما غير شيعته فشكواه منهم تكون علي نحو آخر فهي أعلي درجة لأنها تكون علي مستوي العقيدة والعمل.. فعدم الإيمان به من قبل غير شيعته يزيد الشكوي ويجعلها مؤثرة عند الله سبحانه وتعالي.

وهذا وقد جاء في مسألة عرض أعمالنا علي الإمام المهدي صلوات الله عليه روايات منها:

عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:

«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَي اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ»(1).

ص: 142


1- التوبة / 105.

قال : هم الأئمة(1)..

أي الأئمة عليهم السلام هم الذين سيرون أعمالنا كلها .

وفي بعض الروايات :

إن أعمال العباد تعرض علي نبيكم كل عشية خميس وعلي الأئمة عليهم السلام فليستحي أحدكم أن يعرض علي نبيه العمل القبيح فلا تسوؤا رسول الله صلي الله عليه وآله وسروه(2).

وقال أحدهم للإمام الرضا عليه السلام: إن قوماً من مواليك سألوني أن تدعوا الله لهم؟

فقال عليه السلام:

والله إني لأعرض أعمالهم علي الله في كل يوم(3) .

ص: 143


1- وسائل الشيعة : ج16/ ص107.
2- المصدر والجزء السابق
3- المصدر والجزء السابق

ص: 144

السعي للقاء الإمام (عليه السلام) والتشرف برؤيته

اشارة

كونوا هكذا كهذا العجوز كي نأتيكم نحن بأنفسنا لا حاجة إلي التعبد أربعين يوماً ولا فائدة من الجفر والحروف فقط اصلحوا أعمالكم.

ص: 145

ص: 146

السعي للقاء الإمام عليه السلام والتشرف برؤيته

كل فرد مؤمن يتمني لقاء الإمام المهدي عليه السلام والتشرف برؤيته ، وكل فرد له دوافع من وراء هذا اللقاء تختلف باختلاف مستويات الأفراد الإيمانية والنفسية والفكرية والعلمية والاجتماعية، وباختلاف حاجات الأفراد.

منهم من يريد لقاءه والتشرق برؤيته من أجل طلب علم نافع في الدنيا والآخرة.

ومنهم من يريد لقاءه والتشرف برؤيته من أجل حل مشكلة من مشاكله الاجتماعية .

ومنهم من يريد لقاءه والتشرف برؤيته من أجل تحصيل منهج السير إلي الله تعالي.

إلي غير ذلك من القصود ..

والأخبار الواردة في هذا الصدد عديدة قال فيها الشهيد الصدر:

وهي عدد ضخم يفوق حد التواتر بكثير، بحيث نعلم

ص: 147

لدي مراجعتنا واستقرائها، بعدم الكذب والوهم والخطأ فيها في الجملة . وإن كانت كل رواية لو رويت وحدها لكانت قابلة لبعض المناقشات ...

والحاصل منها في اليد، ما يفوق المئة ، يذكر منها الشيخ المجلسي في البحار عدداً منها، ويذكر منها المحدث النوري في النجم الثاقب مئة كاملة.

وقال قدس سره: أنه يحتمل . إن لم يكن يطمئن أو يجزم . بأن هناك مقابلات غير مروية أساساً، وإن المهدي عليه السلام يتصل بعدد من المؤمنين في العالم في كل جيل، مع حرصهم علي التفوه بذلك وكتمه إلي الأبد.. بل من الممكن القول بأن المقابلات غير المروية أكثر بكثير من المقابلات المروية .

طريق التشرف بلقائه

ليس لنا سبيل بلقاءه إلا أن نكون علي قدر المسؤولية ونكون علي المستوي المطلوب من الإلتزام الديني والأخلاقي.. ونكون من شيعة الإمام الحقيقيين.

والجدير بالذكر أن ابتعادنا عن صفات الشيعي الحقيقية هو الذي يبعدنا عن الإمام المهدي عليه السلام ، ويحرمنا من اللقاء به والتشرف برؤيته ، اسمع هذه القصة واتعظ .

ص: 148

قيل أن عابداً كان يتمني لقاء إمام الزمان عليه السلام وبعد فترة من الرياضات الروحية والتعب والمشقة لم يصل الي شيء واخذ اليأس يدب الي قلبه، وفي ليلة من الليالي بينما كان قائما يتعبد إذا بهاتف يناديه :

الوصول الي المولي يعني شد الرحال إلي ديار الحبيب .

فشد الرحال من جديد واخذ يزيد من الصلاة والتعبد حتي انتهي الأمر به الي المكوث في المسجد أربعين يوماً فأتاه نداء آخر يقول:

أن سيدك تجده في سوق الحدادين يجلس في باب رجل عجوز يصنع الأقفال .

فذهب مسرعا فوجد الإمام عليه السلام يشع نوراً فارتعدت فرائص العابد إلا أن الإمام عليه السلام طلب منه أن ينظر ما سيحصل ..

فجاءت عجوز منحنية الظهر بيدها قفل عاطل وقالت اللبائع : أرجوك اشتري هذا القفل بثلاثة دنانير

فقال البائع: إن هذا القفل بثمانية دنانير وإذا أصلحته يصبح بعشرة ..

فتصورت العجوز إنة يسخر منها إلا أنه بادر بإعطائها

ص: 149

سبعة دنانير وقال لها : لاني أبيع واشتري أخذته بسبعة دنانير لأربح ديناراً.

فذهبت العجوز مسرورة فالتفت الإمام عليه السلام إلي العابد وقال :

كونوا هكذا هذا العجوز كي نأتيكم نحن بأنفسنا لا حاجة الي التعبد أربعين يوماً ولا فائدة من الجفر والحروف فقط اصلحوا أعمالكم.

وقال المحدث النوري في النجم الثاقب وهو يتكلم عن حكايات المشاهدة :

قد علم من تضاعف تلك الحكايات أن المداومة علي العبادة، والمواظبة علي التضرع والإنابة ، في أربعين ليلة أربعاء في مسجد السهلة، أو ليلة الجمعة فيها أو في مسجد الكوفة ، أو الحائر الحسيني علي مشرفه السلام، أو أربعين ليلة من الليالي في أي محل ومكان..

والآن نذكر ما ذكره لنا العلامة الشيخ حسين الكوراني (حفظه الله) بخصوص ما يصلح أن يكون طريقاً إلي التشرف بلقاء الإمام المهدي عليه السلام وتكحيل الناظر برؤيته المباركة :

ص: 150

1. التقوي والاهتمام الجاد بسفر الآخرة وتهذيب النفس .

2. المواظبة علي أعمال عبادية (غير محددة) لمدة أربعين يوماً.

3. عمل الاستجارة ويعني:

أ. زيارة سيد الشهداء عليه السلام أربعين ليلة جمعة (عن قرب).

ب . زيارة مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء.

ج . زيارة مسجد الكوفة . أو أي مسجد آخر. أربعين ليلة جمعة كل ذلك بهدف التشرف بلقائه عليه السلام .

د. التوجه إلي مكان في البرية لمدة أربعين ليلة، بهدف التعبد لله تعالي وطلب رؤية وليه عليه السلام .

ص: 151

دعاء الإفتتاح

قال المجلسي رحمه الله في زاد المعاد :

هذا الدعاء مروي بسند معتبر عن صاحب الأمر عجل الله فرجه، وأنه كتب لشيعته أن يقرأوه في كل ليلة من ليالي رمضان هذا الدعاء، فان الملائكة تسمع دعاء هذا الشهر وتستغفر لصاحبه .

اللّهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَشَدُّ المُعاقِبِينَ فِي مَوْضِعِ النِّكالِ وَالنَّقِمَةِ، وَأَعْظَمُ المُتَجَبِّرِينَ فِي مَوْضِعِ الكِبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ. اللّهُمَّ أَذِنْتَ لِي فِي دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ، فأَسْمَعْ ياسَمِيعُ مِدْحَتِي، وَأَجِبْ يارَحِيمُ دَعْوَتِي وَأَقِلْ ياغَفُورُ عَثْرَتِي، فَكَمْ يا إِلهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها، وَهُمُومٍ قَدْ كَشَفْتَها، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها، وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها، وَحَلْقَةِ بَلاٍ قَدْ فَكَكْتَها. الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌ مِنَ الذُّلِ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً. الحَمْدُ للهِ بِجَمِيِعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلي

ص: 152

جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّها. الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَلاشَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ، الحَمْدُ للهِ الفاشِي فِي الخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، الظاهِرِ بالكَرَمِ مَجْدُهُ، الباسِطِ بالجُودِ يَدَهُ، الَّذِي لاتَنْقُصُ خَزائِنُهُ، وَلايَزِيدُهُ كَثرَةُ العَطاءِ إِلاّ جُوداً وَكَرَما، إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الوَهَّابُ. اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ، مَعَ حَاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٍ وِغِناكَ عَنْهُ قَدْيمٌ، وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ. اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي، وَستْرَكَ عَلَي قَبِيحِ عَمَلِي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ جُرْمِي عِنْدَما كانَ مِنْ خَطَأي وَعَمْدِي، أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلَكَ ما لا اسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ الَّذِي رَزَقْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَرَيْتَنِي مِنْ قَدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَنِي مِنْ إِجابَتِكَ، فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً، وَأَسْأَلُكَ مُسْتَأْنِساً، لاخائِفاً وَلا وَجِلاً، مُدِلاً عَلَيْكَ فِيما قَصَدْتُ فِيهِ إِلَيْكَ، فَإنْ أَبْطاء عَنِّي عَتِبْتُ بِجهلِي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذِي أَبْطَاءَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُمُورِ، فَلَمْ أَرَ مَوْليً كَرِيماً أَصْبَرَ عَلي عبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يارَبِّ، إِنَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّي عَنْكَ، وَتَتَحَبَّبُ إِلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ إِلَيَّ فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ، كَأَنَ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لِي وَالاِحْسانِ إِلَيَّ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَأرْحَمْ عَبْدَكَ الجاهِلَ، وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ إِحْسانِكَ إِنَّكَ جَوادٌ

ص: 153

كَرِيمٌ. الحَمْدُ للهِ مالِكِ المُلْكِ، مُجْرِي الفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الاِصْباحِ، دَيّانِ الدَّينِ، رَبِّ العالَمِينَ. الحَمْدُ للهِ عَلي حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، والحَمْدُ للهِ عَلي عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، وَالحَمْدُ للهِ عَلي طُولِ أَناتِهِ فِي غَضَبِهِ، وَهُوَ قادِرٌ عَلي ما يُرِيدُ. الحَمْدُ للهِ خالِقِ الخَلْقِ باسِطِ الرِّزْقِ، فالِقِ الاِصْباحِ، ذِي الجَلالِ وَالاِكْرامِ، وَالفَضْلِ وَالاِنْعامِ، الَّذِي بَعُدَ فَلا يُري، وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوي، تَبارَكَ وَتَعالي. الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، وَلا شَبِيهٌ يُشاكِلُهُ، وَلاظَهِيرٌ يُعاضِدُهُ، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الاَعِزَّاءَ، وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ العُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ مايَشاءُ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي يُجِيبُنِي حِينَ أُنادِيهِ، وَيَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَوْرَةٍ وأَنا أَعْصِيهِ، وَيُعَظِّمُ النِّعْمَةَ عَلَيَّ فَلا اُجازِيهِ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنِيئَةٍ قَدْ أَعْطانِي، وَعَظِيمَةٍ مَخُوفَة قَدْ كَفانِي، وَبَهْجَةٍ مونِقَةٍ قَدْ أَرانِي، فأُثْنِي عَلَيْهِ حامِداً وَأَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً. الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ، وَلا يُغْلَقُ بابُهُ، وَلا يُرَدُّ سائِلُهُ، وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي يُؤْمِنُ الخائِفِينَ، وَيُنَجِّي الصَّالِحِينَ، وَيَرْفَعُ المُسْتَضْعَفِينَ، وَيَضَعُ المُسْتَكْبِرِينَ، وَيُهْلِكُ مُلُوكا وَيَسْتَخْلِفُ آخَرِينَ. والحَمْدُ للهِ قاصِمِ الجَبَّارينَ، مُبِيرِ الظَّالِمِينَ، مُدْرِكِ الهارِبِينَ، نَكالِ الظَّالِمِينَ، صَرِيخِ المُسْتصرِخِينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطَّالِبِينَ، مُعْتَمَدِ المُؤْمِنِينَ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ

ص: 154

السَّماء وَسُكَّانُها، وَتَرْجُفُ الأَرْضُ وَعُمَّارُها، وَتَمُوجُ البِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَراتِها. الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهذا، وَما كُنا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ، وَيَرْزُقُ وَلا يُرْزَقُ، وَيُطْعِمُ وَلايُطْعَمُ، وَيُمِيتُ الاَحْياءَ وَيُحْييَ المَوْتي وَهُوَ حَيٌ لايَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ، وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكِ، أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ وَأَزْكي وَأَنْمي وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْني وَأَكْثَرَ ماصَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلي أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَأَهْلِ الكَرامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ. اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلي عَلِيٍّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ، عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلي خَلْقِكَ وَآيَتِكَ الكُبْري وَالنَّبأ العَظِيمِ، وَصَلِّ عَلي الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ، وَصَلِّ عَلي سِبْطَي الرَّحْمَةِ وَإِمامَي الهُدي الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَصَلِّ عَلي أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسي بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيٍّ بْنِ مُوسي وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَعَليٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالخَلَفِ الهادِي المَهْدِي

ص: 155

حُجَجِكَ عَلي عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ فِي بِلادِكِ، صَلاةً كَثِيرَةً دائِمَةً. اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلي وَلِيِّ أَمْرِكِ القائِمِ المُؤَمَّلِ، وَالعَدْلِ المُنْتَظَرِ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ يارَبَّ العالَمِينَ. اللّهُمَّ اجْعَلْهُ الدَّاعِيَ إِلي كِتابِكَ، وَالقائِمَ بِدِينِكَ، اسْتَخْلِفْهُ فِي الأَرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْنا، يَعْبُدُكَ لايُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً. اللّهُمَّ أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً. اللّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتَّي لا يَسْتَخْفِي بِشَيْءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ. اللّهُمَّ إِنا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ، تُعِزُّ بِها الاِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلي طاعَتِكَ، وَالقادَةِ إِلي سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ. اللّهُمَّ ما عَرَّفْتَنا مِنَ الحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ، اللّهُمَّ أَلْمُمْ بِهِ شَعْثَنا، وَأَشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَأَرْتِقْ بِهِ فَتْقَنا، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا، وَأَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، وَأَغْنِ بِهِ عائِلَنا، وَأَقْضِ بِهِ عَنْ مُغْرَمِنا، وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنا، وَانْجِحْ بِهِ طَلَبَتِنَا، وَأَنْجِزْ بِهِ مَواعِيدَنا، وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا، وَاعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالآخرةِ آمالَنا، وَاعْطِنا بِهِ

ص: 156

فَوْقَ رَغْبَتِنا، يا خَيْرَ المَسْؤُولِينَ وَأَوْسَعَ المُعْطِينَ، اشْفِ بِهِ صُدُورَنا، وَأَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، وَاهْدِنا بِهِ لِما اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ إِلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَانْصُرْنا بِهِ عَلي عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا، إِلهَ الحَقِّ آمِينَ. اللّهُمَّ إِنَّا نَشْكُوإِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا، وَشِدَّةَ الفِتَنِ بِنا، وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا، فَصَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِنّا عَلي ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍ تَكْشِفُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها، وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 157

دعاء اللهم كن لوليك الحجة

قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار كتاب الصوم ما مضمونه : ومن وظائف كل ليلة من شهر رمضان أن يبدأ العبد في كل دعاء مبرور، ويختم في كل عمل مشكور، بذكر من يعتقد أنه نائب الله جل جلاله، في عباده وبلاده، فإنه القيم بما يحتاج إليه هذا الصائم من طعامه وشرابه وغير ذلك من مراده من سائر الأسباب التي هي متعلقة بالنائب عن رب الأرباب ، وأن يدعو له هذا الصائم بما يليق أن يدعا به لمثله، ويعتقد أن المنة لله جل جلاله ولنائبه كيف أهلاه لذلك ورفعاه في منزلته و محله .

فمن الرواية في الدعاء لمن أشرنا إليه صلوات الله عليه ما ذكره جماعة من أصحابنا، وقد اخترنا ما ذكره ابن أبي قرة في كتابه فقال :

بإسناده إلي علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن عيسي بن عبيد بإسناده عن الصالحين لي قال :

وكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً

ص: 158

وقاعداً، وعلي كل حال، والشهر كله وكيف أمكنك، ومتي حضرك في دهرك، تقول بعد تمجيد الله تعالي والصلاة علي النبي وآله صلي الله عليه و آله و سلم.

اللهم كن لوليك القائم بأمرك، محمد بن الحسن المهدي عليه وعلي آبائه أفضل الصلاة والسلام، في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً ومؤيداً، حتي تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طولاً وعرضاً، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين، اللهم انصره وانتصر به، واجعل النصر منك علي يده، واجعل النصر له، والفتح علي وجهه، ولا توجه الأمر إلي غيره، اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك حتي لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق الله إني أرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلي طاعتك، والقادة إلي سبيلك، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، واجمع لنا خير الدارين، واقض عنا جميع ما تحب فيهما، واجعل لنا في ذلك الخيرة برحمتك ومنك في عافية آمين رب العالمين، وزدنا من فضلك..

ص: 159

دعاء العهد

هذا الدعاء المسمي بدعاء العهد من الأدعية المهمة في زمن الغيبة، أي زمن غيبة الإمام المهدي صاحب العصر والزمان عليه السلام وهو مما روي عن الإمام الصادق عليه السلام ومن آثاره المهمة أن من قرأه أربعين صباحاً كان من أنصار صاحب الزمان ويؤكد ذلك ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : من دعا إلي الله (تعالي) أربعين صباحاً بهذا العهد، كان من أنصار قائمنا، فإن مات قبله، أخرجه الله تعالي من قبره، وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ، ومحا عنه ألف سيئة، وهو هذا:

اللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ وَ رَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ وَ رَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ رَبَّ الظِّلِّ وَ الْحَرُورِ وَ مُنْزِلَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَ رَبَّ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الْمُنِيرِ وَ مُلْكِكَ الْقَدِيمِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ وَ بِاسْمِكَ الَّذِي يَصْلَحُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ يَا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ وَ يَا حَيّا بَعْدَ كُلِّ

ص: 160

حَيٍّ وَ يَا حَيّاً حِينَ لا حَيَّ يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَي وَ مُمِيتَ الْأَحْيَاءِ يَا حَيُّ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ. اللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلانَا الْإِمَامَ الْهَادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَلَي آبَائِهِ الطَّاهِرِينَ عَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا وَ عَنِّي وَ عَنْ وَالِدَيَّ مِنَ الصَّلَوَاتِ زِنَةَ عَرْشِ اللَّهِ وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وَ مَا أَحْصَاهُ عِلْمُهُ وَ أَحَاطَ بِهِ كِتَابُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا وَ مَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي عَهْدا وَ عَقْدا وَ بَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لا أَحُولُ عَنْهَا وَ لا أَزُولُ أَبَدا اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ الذَّابِّينَ عَنْهُ وَ الْمُسَارِعِينَ إِلَيْهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ وَ الْمُمْتَثِلِينَ لِأَوَامِرِهِ وَ الْمُحَامِينَ عَنْهُ وَ السَّابِقِينَ إِلَي إِرَادَتِهِ وَ الْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ. اللَّهُمَّ إِنْ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَي عِبَادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً، فَأَخْرِجْنِي مِنْ قَبْرِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي شَاهِراً سَيْفِي مُجَرِّداً قَنَاتِي مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعِي فِي الْحَاضِرِ وَ الْبَادِي اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ وَ الْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ وَ اكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَ سَهِّلْ مَخْرَجَهُ وَ أَوْسِعْ مَنْهَجَهُ وَ اسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ وَ أَنْفِذْ أَمْرَهُ وَ اشْدُدْ أَزْرَهُ وَ اعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلادَكَ وَ أَحْيِ بِهِ عِبَادَكَ فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ فَأَظْهِرِ اللَّهُمَّ لَنَا

ص: 161

وَلِيَّكَ وَ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ الْمُسَمَّي بِاسْمِ رَسُولِكَ صلي الله عليه و آله و سلم، حَتَّي لا يَظْفَرَ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْبَاطِلِ إِلا مَزَّقَهُ وَ يُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُحَقِّقَهُ وَ اجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبَادِكَ وَ نَاصِراً لِمَنْ لا يَجِدُ لَهُ نَاصِراً غَيْرَكَ وَ مُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِكَ وَ مُشَيِّداً لِمَا وَرَدَ مِنْ أَعْلامِ دِينِكَ وَ سُنَنِ نَبِيِّكَ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ الْمُعْتَدِينَ اللَّهُمَّ وَ سُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِرُؤْيَتِهِ وَ مَنْ تَبِعَهُ عَلَي دَعْوَتِهِ وَ ارْحَمِ اسْتِكَانَتَنَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ اكْشِفْ هَذِهِ الْغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِحُضُورِهِ وَ عَجِّلْ لَنَا ظُهُورَهُ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدا وَ نَرَاهُ قَرِيبا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثم تضرب علي فخذك الأيمن بيدك ثلاث مرات، وتقول كل مرة :

اَلْعَجَلَ، اَلْعَجَلَ، يا مَولاي يا صاحِبَ الزَّمانِ .

ص: 162

دعاء الندبة

هذا الدعاء القيم وهو دعاء الندبة من الأدعية التي يستحب الدعاء فيه في عدة مواطن وأوقات.

أولاً: في سرداب الإمام المهدي عليه السلام وهو في سامراء العراق.

ثانياً: يدعي فيه في الأعياد الأربعة : (الفطر، الأضحي، الغدير، الجمعة). وهذا الدعاء ذكره السيد ابن طاووس رحمه الله في كتابة المقدس مصباح الزائر، ونقله المحدث الشيخ عباس القمي رحمه الله في كتابه الشهير مفاتيح الجنان وتم ذكر هذا الدعاء الجليل في عدة كتب معتبرة من كتب الحديث وكتب الأدعية وغيرها. ودعاء الندبة هو:

الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَصَلَّي اللّهُ عَلَي سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً. اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَي مَا جَري بِهِ قَضاؤُكَ فِي أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ، إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ الَّذِي لَازَوالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلالَ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ فِي دَرَجاتِ

ص: 163

هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ، فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ وَالثَّناءَ الْجَلِيَّ، وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ، وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ، وَ رَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرِيعَةَ إِلَيْكَ، وَالْوَسِيلَةَ إِلَي رِضْوانِكَ، فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إِلَي أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْها، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ فِي فُلْكِكَ، وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَلِيلاً، وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فَأَجَبْتَهُ، وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْلِيماً، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ رِدْءاً وَوَزِيراً، وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ، وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَرِيعَةً وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياءَ؛ مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ، مِنْ مُدَّةٍ إِلَي مُدَّةٍ، إِقامَةً لِدِينِكَ، وَحُجَّةً عَلَي عِبادِكَ، وَ لِئَلَّا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ، وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلَي أَهْلِهِ وَلَا يَقُولَ أَحَدٌ لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً، وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزي، إِلَي أَنِ انْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ إِلي حَبِيبِكَ وَنَجِيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ فَكانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ، وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ، وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ، وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ، قَدَّمْتَهُ عَلَي أَنْبِيائِكَ، وَبَعَثْتَهُ إِلَي الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ، وَأَوْطَأْتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُراقَ، وَعَرَجْتَ بِرُوحِهِ إِلَيٰ سَمائِكَ، وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ

ص: 164

مَا كانَ وَمَا يَكُونُ إِلَي انْقِضاءِ خَلْقِكَ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَالْمُسَوِّمِينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ، وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دِينَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ؛ وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُديً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، وَقُلْتَ: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً، ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ فِي كِتابِكَ، فَقُلْتَ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبي، وَقُلْتَ: ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ، وَقُلْتَ: ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلي رَبِّهِ سَبِيلاً فَكانُوا هُمُ السَّبِيلَ إِلَيْكَ، وَالْمَسْلَكَ إِلَي رِضْوانِكَ، فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ أَقامَ ولِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً، إِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرَ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، فَقالَ وَالْمَلَأُ أَمامَهُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللّهُمَّ وَالِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَقالَ: مَنْ كُنْتُ أَنَا نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُهُ، وَقالَ: أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وَسائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّي، وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هَارُونَ مِنْ مُوسي، فَقال لَهُ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسي إِلّا أَنَّهُ لَانَبِيَّ بَعْدِي، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمِينَ، وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ مَا حَلَّ لَهُ وَسَدَّ الْأَبْوابَ إِلّا بابَهُ، ثُمَّ أَوْدَعَهُ

ص: 165

عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ؛ فَقالَ: أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها، فَمَنْ أَرادَ الْمَدِينَةَ وَالْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِها مِنْ بابِها، ثُمَّ قالَ: أَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوارِثِي، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي، وَدَمُكَ مِنْ دَمِي، وَسِلْمُكَ سِلْمِي، وَحَرْبُكَ حَرْبِي، وَالْإِيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَمَا خالَطَ لَحْمِي وَدَمِي، وَأَنْتَ غَداً عَلَي الْحَوْضِ خَلِيفَتِي، وَأَنْتَ تَقْضِي دَيْنِي، وَتُنْجِزُ عِداتِي، وَشِيعَتُكَ عَلَي مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلِي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جِيرانِي، وَلَوْلا أَنْتَ يَا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدِي، وَكانَ بَعْدَهُ هُديً مِنَ الضَّلالِ، وَنُوراً مِنَ الْعَمي، وَحَبْلَ اللّهِ الْمَتِينَ، وَصِراطَهُ الْمُسْتَقِيمَ لا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ فِي رَحِمٍ، وَلَا بِسابِقَةٍ فِي دِينٍ، وَلَا يُلْحَقُ فِي مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ، يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما، وَيُقاتِلُ عَلَي التَّأْوِيلِ، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي اللّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَنادِيدَ الْعَرَبِ، وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ،ناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ، فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ، فَأَضَبَّتْ عَلَي عَداوَتِهِ، وَأَكَبَّتْ عَلَي مُنابَذَتِهِ، حَتَّي قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَالْقاسِطِينَ وَالْمارِقِينَ، وَلَمَّا قَضي نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَي الْآخِرِينَ يَتْبَعُ أَشْقَي الْأَوَّلِينَ لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللّهِ صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الْهادِينَ بَعْدَ الْهادِينَ، وَالْأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلَي مَقْتِهِ، مُجْتَمِعَةٌ عَلَي قَطِيعَةِ رَحِمِهِ، وَ إِقْصاءِ وُلَْدِهِ، إِلّا الْقَلِيلَ مِمَّنْ وَفَي لِرِعايَةِ الْحَقِّ فِيهِمْ فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ، وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ، وَجَرَي الْقَضاءُ لَهُمْ بِمَا

ص: 166

يُرْجي لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ، إِذْ كانَتِ الْأَرْضُ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً، وَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فَعَلَي الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْكِ الْباكُونَ، وَ إِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ، وَ لِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ الدُّمُوعُ، وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ، وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ، وَيَعِجَّ الْعاجُّونَ، أَيْنَ الْحَسَنُ أَيْنَ الْحُسَيْنُ أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ، وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ، أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيلِ أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنِيرَةُ أَيْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ أَيْنَ أَعْلامُ الدِّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ أَيْنَ بَقِيَّةُ اللّهِ الَّتِي لَاتَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيَةِ أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ أَيْنَ الْمُرْتَجي لِإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدِيدِ الْفَرائِضِ وَالسُّنَنِ أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّرِيعَةِ أَيْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْياءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ أَيْنَ مُحْيِي مَعالِمِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ أَيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدِينَ أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ أَيْنَ مُبِيدُ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ أَيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقاقِ أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْواءِ أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ وَالافْتِراءِ أَيْنَ مُبِيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْلِيلِ وَالْإِلْحادِ أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْلِياءِ وَمُذِلُّ الْأَعْداءِ أَيْنَ جامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَي

ص: 167

التَّقْوي أَيْنَ بابُ اللّهِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتي أَيْنَ وَجْهُ اللّهِ الَّذِي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْلِياءُ أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ أَيْنَ صاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الْهُدي أَيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا يْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ الْأَنْبِياءِ وَأَبْناءِ الْأَنْبِياءِ أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ أَيْنَ الْمَنْصُورُ عَلَي مَنِ اعْتَدي عَلَيْهِ وَافْتَري أَيْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذِي يُجابُ إِذا دَعا أَيْنَ صَدْرُ الْخَلائِقِ ذُو الْبِرِّ وَالتَّقْوي أَيْنَ ابْنُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفي، وَابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضي، وَابْنُ خَدِيجَةَ الْغَرَّاءِ، وَابْنُ فاطِمَةَ الْكُبْرَي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَنَفْسِي لَكَ الْوِقاءُ وَالْحِمي، يَا ابْنَ السَّادَةِ الْمُقَرَّبِينَ، يَا ابْنَ النُّجَباءِ الْأَكْرَمِينَ، يَا ابْنَ الْهُداةِ الْمَهْدِيِّينَ، يَا ابْنَ الْخِيَرَةِ الْمُهَذَّبِينَ، يَا ابْنَ الْغَطارِفَةِ الْأَنْجَبِينَ، يَا ابْنَ الْأَطائِبِ الْمُطَهَّرِينَ، يَا ابْنَ الْخَضارِمَةِ الْمُنْتَجَبِينَ، يَا ابْنَ الْقَماقِمَة الْأَكْرَمِينَ، يَا ابْنَ الْبُدُورِ الْمُنِيرَةِ، يَا ابْنَ السُّرُجِ الْمُضِيئَةِ، يَا ابْنَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ، يَا ابْنَ الْأَنْجُمِ الزَّاهِرَةِ يَا ابْنَ السُّبُلِ الْواضِحَةِ، يَا ابْنَ الْأَعْلامِ اللَّائِحَةِ، يَا ابْنَ الْعُلُومِ الْكامِلَةِ، يَا ابْنَ السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ، يَا ابْنَ الْمَعالِمِ الْمَأْثُورَةِ، يَا ابْنَ الْمُعْجِزاتِ الْمَوْجُودَةِ، يَا ابْنَ الدَّلائِلِ الْمَشْهُودَةِ، يَا ابْنَ الصِّراطِ الْمُسْتَقِيمِ، يَا ابْنَ النَّبَاَ الْعَظِيمِ، يَا ابْنَ مَنْ هُوَ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَي اللّهِ عَلِيٌّ حَكِيمٌ، يَا ابْنَ الْآياتِ وَالْبَيِّناتِ، يَا ابْنَ الدَّلائِلِ الظَّاهِراتِ، يَا ابْنَ الْبَراهِينِ الْواضِحاتِ الْباهِراتِ، يَا ابْنَ الْحُجَجِ الْبالِغاتِ، يَا ابْنَ النِّعَمِ السَّابِغاتِ، يَا ابْنَ طه وَالْمُحْكَماتِ؛ يَا ابْنَ يس

ص: 168

وَالذَّارِياتِ، يَا ابْنَ الطُّورِ وَالْعادِياتِ، يَا ابْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلَّي فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْني دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلي، لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوي بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَري أَبِرَضْوي أَوْ غَيْرِها أَمْ ذِي طُوي عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَي الْخَلْقَ وَلَا تُري، وَلَا أَسْمَعَ ُ لَكَ حَسِيساً وَلَا نَجْوي، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ الْبَلْوَي وَلَا يَنالَُكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَلَا شَكْوي، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نازِحٍ مَا نَزَحَ عَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنَّي مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنَّا، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ عَقِيدِ عِزٍّ لَايُسامي بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ أَثِيلِ مَجْدٍ لَايُجارَي، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ تِلادِ نِعَمٍ لَاتُضاهي، بِنَفْسِي أَنْتَ مِنْ نَصِيفِ شَرَفٍ لَايُساوَي، إِلي مَتَي أَحارُ فِيكَ يَا مَوْلايَ وَ إِلَي مَتَي وَأَيَّ خِطابٍ أَصِفُ فِيكَ وَأَيَّ نَجْوَي عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أُجَابَ دُونَكَ وَأُناغَي، عَزِيزٌ عَلَيَّ انْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرَي، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَي، هَلْ مِنْ مُعِينٍ فَأُطِيلَ مَعَهُ الْعَوِيلَ وَالْبُكاءَ هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُساعِدَ جَزَعَهُ إِذا خَلا هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَساعَدَتْها عَيْنِي عَلَي الْقَذَي؛ هَلْ إِلَيْكَ يَابْنَ أَحْمَدَ سَبِيلٌ فَتُلْقي هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنا مِنْكَ بِعِدَةٍ (بغده) فَنَحْظي مَتَي نَرِدُ مَناهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَرْوَي مَتَي نَنْتَقِعُ مِنْ عَذْبِ مائِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدي مَتي نُغادِيكَ وَنُراوِحُكَ فَنُقِرَّ عَيْناً مَتي تَرانا وَ نَراكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ

ص: 169

تُري أَتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَأَنْتَ تَؤُمُّ الْمَلَأَ، وَقَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَأَذَقْتَ أَعْداءَكَ هَواناً وَعِقاباً، وَأَبَرْتَ الْعُتاة وَجَحَدَة الْحَقّ، وَقَطَعْتَ دابِرَ الْمُتَكَبّرِينَ، وَاجْتَثَثْتَ أُصُولَ الظالِمِينَ، وَنَحْنُ نَقُولُ:الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ الْعالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ كَشافُ الْكَرْبِ وَالْبَلْوي وَإِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فَعِنْدَكَ الْعَدْوي وَأَنْتَ رَبُّ الْآخِرَة وَالأدنيا فَأَغِثْ يا غِياثَ الْمُسْتَغِيثِينَ عُبَيْدَكَ الْمُبْتَلي وَأَرِهِ سَيّدَهُ يا شَدِيدَ الْقُوي وَأَزِلْ عَنْهُ بِهِ الْأَسي وَالْجَوي وَبَرّدْ غَلِيلَهُ يا مَنْ عَلَي الْعَرْشِ اسْتَوي وَمَنْ إِلَيْهِ الرُّجْعي وَالْمُنْتَهي اللَّهُمَّ وَنَحْنُ عَبِيدُكَ التائِقُونَ إِلي وَلِيّكَ الْمُذَكّرِ بِكَ وَ بِنَبِيِّكَ، خَلَقْتَهُ لَنا عِصْمَة وَمَلاذاً، وَأَقَمْتَهُ لَنا قِواماً وَمَعاذاً، وَجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنا إِماماً، فَبَلّغْهُ مِنا تَحِيَّة وَسَلاماً، وَزِدْنا بِذلِكَ يا رَبّ إِكْراماً، وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنا مُسْتَقَرّاً وَمُقاماً، وَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْدِيمِكَ إِياهُ أَمامَنا، حَتّي تُورِدَنا جِنانَكَ وَمُرافَقَة الشُّهَداءِ مِنْ خُلَصائِكَ، اللَّهُمَّ صَلّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَصَلّ عَلي مُحَمَّدٍ جَدّهِ وَرَسُولِكَ السَّيّدِ الْأَكْبَرِ، وَعَلي أَبِيهِ السَّيّدِ الْأَصْغَرِ، وَجَدَّتِهِ الصّدّيقَة الْكُبْري فاطِمَة بِنْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ، وَعَلي مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبائِهِ الْبَرَرَة، وَعَلَيْهِ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَتَمَّ وَأَدْوَمَ وَأَكْثَرَ وَأَوْفَرَ ما صَلَّيْتَ عَلي أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصَلّ عَلَيْهِ صَلاهً لا غايَة لِعَدَدِها، وَلا نِهايَة لِمَدَدِها، وَلا نَفادَ لِأَمَدِها، اللَّهُمَّ وَأَقِمْ بِهِ الْحَقَّ، وَأَدْحِضْ بِهِ الْباطِلَ، وَأَدِلْ بِهِ أَوْلِياءَكَ

ص: 170

وَأَذْلِلْ بِهِ أَعداءَكَ، وَصِلِ اللَّهُمَّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُ وُصْلَة تُؤَدّي إِلي مُرافَقَة سَلَفِهِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ، وَيَمْكُثُ فِي ظِلّهِمْ، وَأَعِنا عَلي تَأْدِيَة حُقُوقِهِ إِلَيْهِ، وَالْإِجْتِهادِ فِي طاعَتِهِ،وَاجْتِنابِ مَعْصِيَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَدُعاءَهُ وَخَيْرَهُ، ما نَنالُ بِهِ سَعَة مِنْ رَحْمَتِكَ، وَفَوْزاً عِنْدَكَ، وَاجْعَلْ صَلاتَنا بِهِ مَقْبُولَة، وَذُنُوبَنا بِهِ مَغْفُورَة، وَدُعاءَنا بِهِ مُسْتَجاباً، وَاجْعَلْ أَرْزاقَنا بِهِ مَبْسُوطَة، وَهُمُومَنا بِهِ مَكْفِيَّة، وَحَوائِجَنا بِهِ مَقْضِيَّة، وَأَقْبِلْ إِلَيْنا بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنا إِلَيْكَ، وَانْظُرْ إِلَيْنا نَظْرَة رَحِيمَة، نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرامَة عِنْدَكَ، ثُمَّ لا تَصْرِفْها عَنا بِجُودِكَ، وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِكَأْسِهِ وَبِيَدِهِ، رَيّاً رَوِيّاً هَنِيئاً سائِغاً لا ظَمَأَ بَعْدَهُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

إذا زرت الإمام المهدي عليه السلام ودعيت في هذا الدعاء الجليل في السرداب العظيم للإمام المهدي عليه السلام ، صل صلاة الزيارة .

ص: 171

زيارة الإمام صاحب العصر والزمان يوميابعد صلاة الفجر

وردت هذه الزيارة في الكتب المعتبرة وهي:

اَللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلاَيَ صَاحِبَ اَلزَّمَانِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَنْ جَمِيعِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتِ، فِي مَشَارِقِ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبِهَا، وَ بَرِّهَا وَ بَحْرِهَا، وَ سَهْلِهَا وَ جَبَلِهَا، حَيِّهِمْ وَ مَيِّتِهِمْ، وَ عَنْ وَالِدَيَّ وَ وُلْدِي، وَ عَنِّي، مِنَ اَلصَّلَوَاتِ وَ اَلتَّحِيَّاتِ زِنَة عَرْشِ اَللَّهِ، وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وَ مُنْتَهَي رِضَاهُ، وَ عَدَدَ مَا أَحْصَاهُ كِتَابُهُ وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ. اَللَّهُمَّ أُجَدِّدُ لَهُ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ وَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَهْداً وَ عَقْداً وَ بَيْعَة لَهُ فِي رَقَبَتِي، اَللَّهُمَّ كَمَا شَرَّفْتَنِي بِهَذَا اَلتَّشْرِيفِ، وَ فَضَّلْتَنِي بِهَذِهِ اَلْفَضِيلَة، وَ خَصَصْتَنِي بِهَذِهِ اَلنِّعْمَة. فَصَلِّ عَلَي مَوْلاَيَ وَ سَيِّدِي صَاحِبِ اَلزَّمَانِ ، وَ اِجْعَلْنِي مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَشْيَاعِهِ وَ اَلذَّابِّينَ عَنْهُ، وَ اِجْعَلْنِي مِنَ اَلْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ، فِي اَلصَّفِّ اَلَّذِي نَعَتَّ أَهْلَهُ فِي كِتَابِكَ ، فَقُلْتَ: صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ، عَلَي طَاعَتِكَ وَ طَاعَهِ رَسُولِكَ وَ آلِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ، اَللَّهُمَّ هَذِهِ بَيْعَهٌ لَهُ فِي عُنُقِي إِلَي يَوْمِ اَلْقِيَامَهِ .

ص: 172

زيارة الإمام المهدي عليه السلام وآداب السرداب الطاهر

صفة الزيارة الشريفة للسرداب المقدس :

الإستئذان للدخول في الزيارة أولا:

قال الكفعمي: إذا أردت دخول مسجد النبي صلي الله عليه و آله ، أو احد المشاهد الشريفة لأحد الأئمة عليهم السلام فقل:

اللَّهُمَّ إِنِّي وَقَفْتُ عَلَي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ بُيُوتِ نَبِيِّكَ، صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ قَدْ مَنَعْتَ النَّاسَ أَنْ يَدْخُلُوا إِلا بِإِذْنِهِ، فَقُلْتَ: [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ]، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَهَصاحب هذا المشهد الشريف فِي غَيْبَتِهِ، كَمَا أَعْتَقِدُهَا فِي حَضْرَتِهِ، وَ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَكَ وَ خُلَفَاءَكَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، أَحْيَاءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ، يَرَوْنَ مَقَامِي، وَ يَسْمَعُونَ كَلامِي، وَ يَرُدُّونَ سَلامِي، وَ أَنَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعِي كَلامَهُمْ، وَ فَتَحْتَ بَابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُنَاجَاتِهِمْ، وَ إِنِّي أَسْتَأْذِنُكَ يَا رَبِّ أَوَّلا، وَ أَسْتَأْذِنُ رَسُولَكَ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثَانِيا، وَ أَسْتَأْذِنُ

ص: 173

خَلِيفَتَكَ الْإِمَامَ الْمَفْرُوضَ عَلَيَّ طَاعَتُهُ فلان بن فلان واذكر اسم الإمام الذي تزوره واسم أبيه. فقل في زيارة الحسين عليه السلام مثلا: الحسين بن علي عليه السلام وفي زيارة الإمام الرضا عليه السلام علي بن موسي الرضا عليه السلام وهكذا ثم قل:

«وَالْمَلائِكَة الْمُوَكِّلِينَ بِهذِهِ الْبُقْعَة الْمُبارَكَة ثالِثاً، أأدْخُلُ يارَسُولَ اللَّهِ، أأدْخُلُ يا حُجَّهَ اللَّهِ، ءَادْخُلُ يا مَلائِكَة اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ الْمُقِيمِينَ فِي هذَا الْمَشْهَدِ، فَأْذَنْ لِي يا مَولايَ فِي الدُّخُولِ افْضَلَ ما اذِنْتَ لأحَدٍ مِنْ اوْلِيائكَ، فَإنْ لَمْ اكُنْ اهْلًا لِذلِكَ فَانْتَ اهْلٌ لِذلِكَ،ثمّ قبّل العتبة الشّريفة وادخل وقُلْ : بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَفي سَبيلِ اللهِ وَعَلي مِلَّة رَسُولِ اللهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي وَارْحَمْني وَتُبْ عَلَيَّ اِنَّكَ اَنْتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ .

بعد الانتهاء من الاستئذان للدخول في رحاب أولياء الله جل جلاله، انزل إلي السرداب العظيم وقل بما روي عن نفسه الشريفة، كما عن الشيخ الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج، أنه خرج من الناحية المقدسة إلي محمد الحميري، بعد الجواب عن المسائل التي سألها:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعْقِلُونَ، وَلا مِنْ

ص: 174

أَوْلِيآئِهِ تَقْبَلُونَ، حِكْمَةبالِغَة فَماتُغْنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ، اَلسّلامُ عَلَيْنا وَعَلي عِبادِ اللَّهِ الصّالِحِينَ.

إذا أردتم التوجه بنا إلي الله (تعالي) وإلينا فقولوا كما قال الله تعالي :

سَلامٌ عَلَي آلِ يس، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا داعِيَ اللّهِ وَرَبَّانِيَّ آياتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بابَ اللّهِ وَدَيَّانَ دِينِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللّهِ وَناصِرَ حَقِّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّهِ وَدَلِيلَ إِرادَتِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا تالِيَ كِتابِ اللّهِ وَتَرْجُمانَهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ فِي آناءِ لَيْلِكَ وَأَطْرافِ نَهارِكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللّهِ فِي أَرْضِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مِيثاقَ اللّهِ الَّذِي أَخَذَهُ وَوَكَّدَهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللّهِ الَّذِي ضَمِنَهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ، وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ، والْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْواسِعَةُ وَعْداً غَيْرَ مَكْذُوبٍ، السَّلامُ عَلَيكَ حِينَ تَقُومُ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْعُدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأُ وَتُبَيِّنُ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلِّي وَتَقْنُتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ حِين تَحْمَدُ وَتَسْتَغْفِرُ؛ السَّلامُ عَلَيْكَ حِينَ تُصْبِحُ وَتُمْسِي، السَّلامُ عَلَيْكَ فِي اللَّيْلِ إِذا يَغْشي وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّي، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمامُ الْمَأْمُونُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ، السَّلامُ عَلَيْكَ بِجَوامِعِ السَّلامِ،

ص: 175

أُشْهِدُكَ يَا مَوْلايَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لَاحَبِيبَ إِلّا هُوَ وَأَهْلُهُ، وَأُشْهِدُكَ يَا مَوْلايَ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حُجَّتُهُ، وَالْحَسَنَ حُجَّتُهُ، وَالْحُسَيْنَ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حُجَّتُهُ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَمُوسَي بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ مُوسي حُجَّتُهُ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حُجَّتُهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللّهِ، أَنْتُمُ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ؛ وَأَنَّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لَارَيْبَ فِيها يَوْمَ لَايَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً، وَأَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ، وَأَنَّ ناكِراً وَنَكِيراً حَقٌّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ النَّشْرَ حَقٌّ، وَالْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ الصِّراطَ حَقٌّ، وَالْمِرْصادَ حَقٌّ، وَالْمِيزانَ حَقٌّ، وَالْحَشْرَ حَقٌّ، وَالْحِسابَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ، وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ بِهِما حَقٌّ . يَا مَوْلايَ شَقِيَ مَنْ خالَفَكُمْ، وَسَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ، فَاشْهَدْ عَلَي مَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَأَنَا وَلِيٌّ لَكَ بَرِيءٌ مِنْ عَدُوِّكَ، فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ، وَالْباطِلُ مَا اَسْخَطْتُموُهُ، وَالْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ، وَالْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ، فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللّهِ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَبِكُمْ يَا مَوْلايَ أَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ، وَنُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ، وَمَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ، آمِينَ آمِينَ.

ص: 176

وقل هذا الدعاء عقيب هذه الزيارة الشريفة :

اَللّهُمَّ اِنّي أسألُكَ أن تُصَلّيَ عَلي مُحَمَّدٍ نَبيِّ رَحمَتِك وَ كَلِمَةِ نورِك وَ أن تَملأ قَلبي نورَ اليَقين وَصَدري نورَ الإيمان وَ فِكري نورَ النّيّات وَ عَزمي نورَ العِلم وَ قُوَّتي نورَ العَمَل وَ لِساني نورَ الصِّدق وَديني نورَ البَصائِرِ مِن عِندِك وَ بَصَري نورَ الضّياء وَ سَمعي نورَ الحِكمَة وَ مَوَدَّتي نورَ المُوالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ عَلَيهِمُ السَّلام حَتّي ألقاكَ وَ قَد وَفَيتَ بِعَهدك وَ ميثاقِك فَتُغشّيَني رَحمَتَك يا وَليُّ يا حَميد اَللّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ حُجَّتِكَ في أرضِك وَ خَليفَتِكَ في بِلادِك وَ الدّاعي إلي سَبيلِك وَ القائِمِ بِقِسطِك وَ الثّائِرِ بِأمرِك وَليِّ الْمُؤمِنين وَ بَوارِ الكافِرين وَ مُجَلّي الظُّلمَة وَ مُنيرِ الْحَقّ وَ النّاطِقِ بِالحِكمَةِ وَ الصِّدق وَ كَلِمَتِكَ التّامَّة في أرضِك اَلْمُرتَقِبِ الْخائِف وَ الوَليِّ النّاصِح سَفينَةِ النَّجاة وَعَلَمِ الْهُدي وَ نورِ أبصارِ الْوَري وَ خَيرِ مَن تَقَمَّصَ وَ ارْتَدي وَ مُجَلّي الْعَمي اَلَّذي يَملَأ الأرضَ عَدلاًوَ قِسطاً كَما مُلِئَتْ ظُلماً وَ جَورا إنَّكَ عَلي كُلِّ شَيءٍ قَدير اَللّهُمَّ صَلِّ عَلي وَليِّكَ وَ ابنِ أوليائِك اَلَّذينَ فَرضتَ طاعَتَهُم وَ أوجَبْتَ حَقَّهُم وَ أذهَبْتَ عَنهُم الرِّجس وَ طَهَّرتُم تَطهيراً اَللّهُمَّ انْصُرهُ وَ انْتَصِر بِه لِدينك وَ انْصُر بِهِ أولياءَكَ وَ أولياءَه وَ شيعَتَهُ وَ أنصارَه وَ اجعَلنا مِنهُم اَللّهُمَّ أعِذْهُ مِن شَرِّ كُلِّ باغٍ

ص: 177

وَطاغ وَ مِن شَرِّ جَميعِ خَلقِك وَ احْفَظْهُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَ مِن خَلْفِه وَ عَن يَمينِهِ وَ عَن شِمالِه وَ احْرُسهَ وَ امْنَعهُ مِن أن يُوصَلَ إلَيهِ بِسوء وَ احْفَظْ فيهِ رَسولَكَ وَ آلَ رَسولِك وَ أظهِر بِهِ الْعَدل وَ أيِّدْهُ بِالنَّصروَ انْصُر ناصِريه وَ اخْذُل خاذِليه وَ اقْصِمْ قاصِميه وَ اقْصِم بِهِ جَبابِرَةَ الكُفر وَ اقتُل بِهِ الْكُفّارَ وَ الْمُنافِقينَ وَ جَميعَ الْمُلحِدين حَيثُ كانوا مِن مَشارِقِ الأرضِ وَ مَغاربِها بَرِّها وَ بَحرِها وَ امْلَأ بِهِ الأرضَ عَدلاً وَ أظهِر بِه دينَ نَبيَّكَ صَلَّي اللهُ عَلَيهِ وَ آلِه وَ اجعَلني اللّهُمَّ مِن أنصارِهِ وَ أعوانِه وَ أتباعِه وَ شيعَتِه وَ أرِني في آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيهِمُ السَّلامُ ما يَأمَلون وَ في عَدُوِّهِم ما يَحذَرون اِلهَ الْحَقِّ آمين يا ذَا الْجَلالِ وَ الإكرام يا أرحَمَ الرّاحِمين.

ص: 178

وهناك زيارة أخري للإمام صاحب العصر

قال المحدث القمي رحمه الله زيارة أخري منقولة عن الكتب المعتبرة : قف علي باب حرمه الشريف وقل:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَليفةَ اللهِ وَخَلَيفةَ آبائِهِ الْمَهْدِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَصِيَّ الاَوْصِياءِ الْماضينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حافِظَ اَسْرارِ رَبِّ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بَقِيَّةَ اللهِ مِنَ الصَّفْوَةِ الْمُنْتَجَبينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الاَنْوارِ الزّاهِرَةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الاَعْلامِ الْباهِرَةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الْعِتْرَةِ الطّاهِرَةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الْعُلُومِ النَّبَوِيَّةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بابَ اللهِ الَّذي لا يُؤْتي اِلّا مِنْهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا سَبيلَ اللهِ الَّذي مَنْ سَلَكَ غَيْرَهُ هَلَكَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ناظِرَ شَجَرَةِ طُوبي وَسِدْرَةِ الْمُنْتَهي، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي لا يُطْفي، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ الَّتي لا تَخْفي، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ عَلي مَنْ فِي الاَرْضِ وَالسَّمآءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ سَلامَ مَنْ عَرَفَكَ بِما عَرَّفَكَ بِهِ اللهُ، وَنَعَتَكَ بِبَعْضِ نُعُوتِكَ الَّتي اَنْتَ اَهْلُها وَفَوْقُها، اَشْهَدُ اَنَّكَ الْحُجَّةُ عَلي مَنْ مَضي وَمَنْ بَقِيَ، وَاَنَّ

ص: 179

حِزْبَكَ هُمُ الْغالِبُونَ وَاَوْلِياءَكَ هُمُ الْفائِزُونَ وَاَعْداءَكَ هُمُ الْخاسِرُونَ، وَاَنَّكَ خازِنُ كُلِّ عِلْم، وَفاتِقُ كُلِّ رَتْق، وَمُحَقِّقُ كُلِّ حَقٍّ، وَمُبْطِلُ كُلِّ باطِل، رَضيتُكَ يا مَوْلايَ اِماماً وَهادِياً وَوَلِيّاً وَمُرْشِداً، لا اَبْتَغي بِكَ بَدَلاً وَلا اَتَّخِذُ مِنْ دُونِكَ وَلِيّاً، اَشْهَدُ اَنَّكَ الْحَقُّ الثّابِتُ الَّذي لا عَيْبَ فيهِ، وَاَنَّ وَعْدَ اللهِ فيكَ حَقٌّ لا اَرْتابُ لِطُولِ الغَيْبَةِ وَبُعْدِ الاَمَدِ، وَلا اَتَحَيَّرُ مَعَ مَنْ جَهِلَكَ وَجَهِلَ بِكَ، مُنْتَظِرٌ مُتَوَقِّعٌ لاِيّامِكَ، وَاَنْتَ الشّافِعُ الَّذي لا تُنازَعُ، والْوَلِيُّ الَّذي لا تُدافَعُ، ذَخَرَكَ اللهُ لِنُصْرَةِ الدّينِ وَاِعْزازِ الْمُؤْمِنينَ، وَالاْنْتِقامِ مِنَ الْجاحِدينَ الْمارِقينَ، اَشْهَدُ اَنَّ بِوِلايَتِكَ تُقْبَلُ الاَعْمالُ، وَتُزَكَّي الاَفْعالُ، وَتُضاعَفُ الْحَسَناتُ، وَتُمْحَي السَّيِّئاتُ، فَمَنْ جاءَ بِوِلايَتِكَ وَاعْتَرَفَ بِاِمامَتِكَ قُبِلَتْ اَعْمالُهُ وَصُدِّقَتْ اَقْوالُهُ وَتَضاعَفَتْ حَسَناتُهُ وَمُحِيَتْ سَيِّئاتُهُ، وَمَنْ عَدَلَ عَنْ وِلايَتِكَ وَجَهِلَ مَعْرِفَتَكَ وَاسْتَبْدَلَ بِكَ غَيْرَكَ كَبَّهُ اللهُ عَلي مَنْخَرِهِ فِي النّارِ، وَلَمْ يَقْبَلِ اللهُ لَهُ عَمَلاً وَلَمْ يُقِمْ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً، اُشْهِدُ اللهَ واُشْهِدُ مَلائِكَتَهُ وَاُشْهِدُكَ يا مَوْلايَ بِهذا، ظاهِرُهُ كَباطِنِهِ وَسِرُّهُ كَعَلانِيَتِهِ، وَاَنْتَ الشّاهِدُ عَلي ذلِكَ، وَهُوَ عَهْدي اِلَيْكَ وَميثاقي لَدَيْكَ، اِذْ اَنْتَ نِظامُ الدّينِ، وَيَعْسُوبُ الْمُتَّقينَ، وَعِزُّ الْمُوَحِّدينَ، وَبِذلِكَ اَمَرَني رَبُّ الْعالَمينَ، فَلَوْ تَطاوَلَتِ الدُّهُورُ، وَتَمادَتِ الاَعْمارُ، لَمْ اَزْدَدْ فيكَ اِلّا يَقيناً وَلَكَ

ص: 180

اِلّا حُبّاً، وَعَلَيْكَ اِلّا مُتَّكَلاً وَمُعْتَمَداً، وَلِظُهُورِكَ اِلّا مُتَوَقِّعاً وَمُنْتَظِرَاً، وَلِجِهادي بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَرَقِّباً، فَاَبْذُلُ نَفْسي وَمالي وَوَلَدي وَاَهْلي وَجَميعَ ما خَوَّلَني رَبّي بَيْنَ يَدَيْكَ وَالتَّصَرُّفَ بَيْنَ اَمْرِكَ وَنَهْيِكَ، مَوْلايَ فَاِنْ اَدْرَكْتُ اَيّامَكَ الزّاهِرَةَ وَاَعْلامَكَ الْباهِرَةَ فَها اَنذا عَبْدُكَ الْمُتَصَرِّفُ بَيْنَ اَمْرِكَ وَنَهْيِكَ، اَرْجُوبِهِ الشَهادَةَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَالْفَوْزَ لَدَيْكَ، مَوْلايَ فَاِنْ اَدْرَكَنِي الْمَوْتُ قَبْلَ ظُهُورِكَ فَاِنّي اَتَوَسَّلُ بِكَ وَبِابائِكَ الطّاهِرينَ اِلَي اللهِ تَعالي وَاَسْأَلُهُ اَنْ يُصَلِّيَ عَلي مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ يَجْعَلَ لي كَرَّةً في ظُهُورِكَ وَرَجْعَةً في اَيّامِكَ، لاِبْلُغَ مِنْ طاعَتِكَ مُرادي وَاَشْفِيَ مِنْ اَعْدآئِكَ فُؤادي، مَوْلايَ وَقَفْتُ في زِيارَتِكَ مَوْقِفَ الْخاطِئينَ النّادِمينَ الْخائِفينَ مِنْ عِقابِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَقَدِ اتَّكَلْتُ عَلي شَفاعَتِكَ، وَرَجَوْتُ بِمُوالاتِكَ وَشَفاعَتِكَ مَحْوَ ذُنُوبي، وَسَتْرَ عُيُوبي، وَمَغْفِرَةَ زَلَلي، فَكُنْ لِوَلِيِّكَ يا مَوْلايَ عِنْدَ تَحْقيقِ اَمَلِهِ وَاسْأَلِ اللهَ غُفْرانَ زَلَلِهِ، فَقَدْ تَعَلَّقَ بِحَبْلِكَ، وَتَمَسَّكَ بِوِلايَتِكَ، وَتَبَرَّأَ مِنْ اَعْدائِكَ، اَللّ-هُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّد وَآلِهِ وَاَنْجِزْ لِوَلِيِّكَ ما وَعَدْتَهُ، اَللّ-هُمَّ اَظْهِرْ كَلِمَتَهُ، وَاَعْلِ دَعْوَتَهُ، وَانْصُرْهُ عَلي عَدُوِّهِ وَعَدُوِّكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ، اَللّ-هُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَاَظْهِرْ كَلِمَتَكَ التّامَّةَ وَمُغَيَّبَكَ في اَرْضِكَ الْخآئِفَ الْمُتَرَقِّبَ، اَللّ-هُمَّ انْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاًيَسيراً، اَللّهُمَّ

ص: 181

وَاَعِزَّ بِهِ الدّينَ بَعْدَ الْخُمُولِ، وَاَطْلِعْ بِهِ الْحَقَّ بَعْدَ الاْفُولِ، وَاَجْلِ بِهِ الظُّلْمَةَ وَاكْشِفْ بِهِ الْغُمَّةَ، اَللّ-هُمَّ وَآمِنْ بِهِ الْبِلادَ، وَاهْدِ بِهِ الْعِبادَ، اَللّ-هُمَّ امْلاَ بِهِ الاَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوراً اِنَّكَ سَميعٌ مُجيبٌ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ، اْئْذَنْ لِوَلِيِّكَ في الدُّخُولِ اِلي حَرَمِكَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَعَلي آبائِكَ الطّاهِرينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

ثم ائت سرداب الغيبة وقف بين البابين ماسكا جانب الباب بيدك ثم تنحنح كالمستأذن وقل: بسم الله الرحمن الرحيم، وانزل بسكينة وحضور قلب وصل ركعتين في عرصة السرداب وقل:

اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ، لَاإِلهَ إِلّا اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ وَ لِلّهِ الْحَمْدُ، الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهَذا وَعَرَّفَنا أَوْلِياءَهُ وَأَعْداءَهُ، وَوَفَّقَنا لِزِيارَةِ أَئِمَّتِنا، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الْمُعانِدِينَ النَّاصِبِينَ، وَلَا مِنَ الْغُلاةِ الْمُفَوِّضِينَ، وَلَا مِنَ الْمُرْتابِينَ الْمُقَصِّرِينَ .السَّلامُ عَلَي وَلِيِّ اللّهِ وَابْنِ أَوْلِيائِهِ، السَّلامُ عَلَي الْمُدَّخَرِ لِكَرامَةِ أَوْلِياءِ اللّهِ وَبَوارِ أَعْدائِهِ، السَّلامُ عَلَي النُّورِ الَّذِي أَرادَ أَهْلُ الْكُفْرِ إِطْفاءَهُ فَأَبَي اللّهُ إِلّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ بِكُرْهِهِمْ، وَأَيَّدَهُ بِالْحَيَاةِ حَتَّي يُظْهِرَ عَلَي يَدِهِ الْحَقَّ بِرَغْمِهِمْ، أَشْهَدُ أَنَّ اللّهَ اصْطَفَاكَ صَغِيراً، وَأَكْمَلَ لَكَ عُلُومَهُ كَبِيراً، وَأَنَّكَ

ص: 182

حَيٌّ لَا تَمُوتُ حَتّي تُبْطِلَ الْجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ؛اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَي خُدَّامِهِ وَأَعْوانِهِ عَلَي غَيْبَتِهِ وَنَأْيِهِ، وَاسْتُرْهُ سَتْراً عَزِيزاً، وَاجْعَلْ لَهُ مَعْقِلاً حَرِيزاً، وَاشْدُدِ اللّهُمَّ وَطْأَتَكَ عَلَي مُعانِدِيهِ، وَاحْرُسْ مَوالِيَهُ وَزائِرِيهِ . اللّهُمَّ كَما جَعَلْتَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ مَعْمُوراً، فَاجْعَلْ سِلاحِي بِنُصْرَتِهِ مَشْهُوراً، وَ إِنْ حالَ بَيْنِي وَبَيْنَ لِقائِهِ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَي عِبادِكَ حَتْماً، وَأَقْدَرْتَ بِهِ عَلَي خَلِيقَتِكَ رَغْماً، فَابْعَثْنِي عِنْدَ خُرُوجِهِ ظاهِراً مِنْ حُفْرَتِي مُؤْتَزِراً كَفَنِي حَتَّي أُجاهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّفِّ الَّذِي أَثْنَيْتَ عَلَي أَهْلِهِ فِي كِتابِكَ فَقُلْتَ: كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ،اللّهُمَّ طالَ الانْتِظارُ، وَشَمِتَ مِنَّا الْفُجَّارُ، وَصَعُبَ عَلَيْنَا الانْتِصارُ، اللّهُمَّ أَرِنا وَجْهَ وَ لِيِّكَ الْمَيْمُون فِي حَياتِنا وَبَعْدَ الْمَنُونِ؛ اللّهُمَّ إِنِّي أَدِينُ لَكَ بِالرَّجْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ صاحِبِ هذِهِ الْبُقْعَةِ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ يَا صاحِبَ الزَّمانِ، قَطَعْتُ فِي وُصْلَتِكَ الْخُلَّانَ، وَهَجَرْتُ لِزِيارَتِكَ الْأَوْطانَ، وَأَخْفَيْتُ أَمْرِي عَنْ أَهْلِ الْبُلْدانِ، لِتَكُونَ شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي وَ إِلَي آبائِكَ وَمَوالِيَّ فِي حُسْنِ التَّوْفِيقِ لِي، وَإِسْباغِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ، وَسَوْقِ الْإِحْسانِ إِلَيَّ .اللّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَصْحابِ الْحَقِّ، وَقادَةِ الْخَلْقِ، وَاسْتَجِبْ مِنِّي مَا دَعَوْتُكَ، وَأَعْطِنِي مَا لَمْ أَ نْطِقْ بِهِ فِي دُعائِي مِنْ صَلاحِ دِينِي وَدُنْيايَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَصَلَّي اللّهُ عَلَيٰ

ص: 183

مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ.

ثم ادخل الصفة؟ فصل ركعتين وقل :

اللّهُمَّ عَبْدُكَ الزَّائِرُ فِي فِناءِ وَلِيِّكَ الْمَزُورِ الَّذِي فَرَضْتَ طاعَتَهُ عَلَي الْعَبِيدِ وَالْأَحْرارِ، وَأَنْقَذْتَ بِهِ أَوْلِياءَكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ، اللّهُمَّ اجْعَلْها زِيارَةً مَقْبُولَةً ذاتَ دُعاءٍ مُسْتَجابٍ مِنْ مُصَدِّقٍ بِوَلِيِّكَ غَيْرِ مُرْتابٍ، اللّهُمَّ لَاتَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ وَلَا بِزِيارَتِهِ، وَلَا تَقْطَعْ أَثَرِي مِنْ مَشْهَدِهِ وَزِيارَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ،اللّهُمَّ أَخْلِفْ عَلَيَّ نَفَقَتِي، وَانْفَعْنِي بِما رَزَقْتَنِي فِي دُنْيايَ وَآخِرَتِي لِي وَلِإِخْوانِي وَأَبَوَيَّ وَجَمِيعِ عِتْرَتِي، أَسْتَوْدِعُكَ اللّهَ أَيُّهَا الْإِمامُ الَّذِي يَفُوزُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَيَهْلِكُ عَلَي يَدَيْهِ الْكافِرُونَ الْمُكَذِّبُونَ، يَا مَوْلايَ يَا ابْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، جِئْتُكَ زائِراً لَكَ وَلِأَبِيكَ وَجَدِّكَ، مُتَيَقِّناً الْفَوْزَ بِكُمْ، مُعْتَقِداً إِمامَتَكُمْ . اللّهُمَّ اكْتُبْ هذِهِ الشَّهادَةَ وَالزِّيارَةَ لِي عِنْدَكَ فِي عِلِّيِّينَ، وَبَلِّغْنِي بَلاغَ الصَّالِحِينَ، وَانْفَعْنِي بِحُبِّهِمْ يَا رَبَّ الْعالَمِينَ.

ص: 184

زيارة الحجة

رواها السيد ابن طاووس .

تقول:

السَّلامُ عَلَي الْحَقِّ الْجَدِيدِ، وَالْعالِمِ الَّذِي عِلْمُهُ لَايَبِيدُ، السَّلامُ عَلَي مُحْيِي الْمُؤْمِنِينَ، وَمُبِيرِ الْكافِرِينَ، السَّلامُ عَلَي مَهْدِيِّ الْأُمَمِ، وَجامِعِ الْكَلِمِ، السَّلامُ عَلَي خَلَفِ السَّلَفِ، وَصاحِبِ الشَّرَفِ، السَّلامُ عَلَي حُجَّةِ الْمَعْبُودِ، وَكَلِمَةِ الْمَحْمُودِ، السَّلامُ عَلَي مُعِزِّ الْأَوْلِياءِ، وَمُذِلِّ الْأَعْداءِ، السَّلامُ عَلَي وارِثِ الْأَنْبِياءِ، وَخاتِمِ الْأَوْصِياءِ، السَّلامُ عَلَي الْقائِمِ الْمُنْتَظَرِ، وَالْعَدْلِ الْمُشْتَهَرِ، السَّلامُ عَلَي السَّيْفِ الشَّاهِرِ، وَالْقَمَرِ الزَّاهِرِ، وَالنُّورِ الْباهِرِ ، السَّلامُ عَلَي شَمْسِ الظَّلامِ، وَبَدْرِ التَّمامِ، السَّلامُ عَلَي رَبِيعِ الْأَنامِ، وَنَضْرَةِ الْأَيَّامِ، السَّلامُ عَلَي صاحِبِ الصَّمْصامِ، وَفَلَّاقِ الْهامِ، السَّلامُ عَلَي الدِّينِ الْمَأْ ثُورِ، وَالْكِتابِ الْمَسْطُورِ؛ السَّلامُ عَلَي بَقِيَّةِ اللّهِ فِي بِلادِهِ، وَحُجَّتِهِ عَلَيٰ

ص: 185

عِبَادِهِ، الْمُنْتَهي إِلَيْهِ مَوارِيثُ الْأَنْبِياءِ، وَلَدَيْهِ مَوْجُودٌ آثارُ الْأَصْفِياءِ، السَّلامُ عَلَي الْمُؤْتَمَنِ عَلَي السِّرِّ، وَالْوَلِيِّ لِلْأَمْرِ، السَّلامُ عَلَي الْمَهْدِيِّ الَّذِي وَعَدَ اللّهُ عَزَّوَجَلَّ بِهِ الْأُمَمَ، أَنْ يَجْمَعَ بِهِ الْكَلِمَ، وَيَلُمَّ بِهِ الشَّعَثَ، وَيَمْلَأَ بِهِ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً، وَيُمَكِّنَ لَهُ، وَيُنْجِزَ بِهِ وَعْدَ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْهَدُ يَا مَوْلايَ أَنَّكَ وَالْأَئِمَّةَ مِنْ آبائِكَ أَئِمَّتِي وَمَوالِيَّ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ، أَسْأَلُكَ يَا مَوْلايَ أَنْ تَسْأَلَ اللّهَ تَبارَكَ وَتَعالي فِي صَلاحِ شَأْنِي، وَقَضاءِ حَوائِجِي، وَغُفْرانِ ذُنُوبِي، وَالْأَخْذِ بِيَدِي فِي دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي، لِي وَلِإِخْوانِي وَأَخَواتِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ كافَّةً إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

ثم صل صلاة الزيارة اثنتي عشرة ركعة، تسلم بعد كل ركعتين منها، وتسبح تسبيح الزهراء عليها السلام، وأهدها إليه عليه السلام فإذا فرغت من صلاة الزيارة فقل:

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَي حُجَّتِكَ فِي أَرْضِكَ، وَخَلِيفَتِكَ فِي بِلادِكَ، الدَّاعِي إِلَي سَبِيلِكَ، وَالْقائِمِ بِقِسْطِكَ، وَالْفائِزِ بِأَمْرِكَ، وَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُبِيرِ الْكافِرِينَ، وَمُجَلِّي الظُّلْمَةِ، وَمُنِيرِ الْحَقِّ، وَ الصَّادِعِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالصِّدْقِ، وَكَلِمَتِكَ وَعَيْبَتِكَ وَعَيْنِكَ فِي أَرْضِكَ، الْمُتَرَقِّبِ الْخائِفِ الْوَلِيِّ النَّاصِحِ، سَفِينَةِ النَّجاةِ، وَعَلَمِ الْهُدَي، وَنُورِ أَبْصارِ الْوَرَي، وَخَيْرِ مَنْ

ص: 186

تَقَمَّصَ وَارْتَدي، وَالْوِتْرِ الْمَوْتُورِ، وَمُفَرِّجِ الْكَرْبِ، وَمُزِيلِ الْهَمِّ، وَكاشِفِ الْبَلْوَي، صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَعَلَي آبائِهِ الْأَئِمَّةِ الْهادِينَ وَالْقادَةِ الْمَيامِينِ، مَا طَلَعَتْ كَواكِبُ الْأَسْحارِ، وَأَوْرَقَتِ الْأَشْجارُ، وَأَيْنَعَتِ الْأَثْمارُ، وَاخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، وَغَرَّدَتِ الْأَطْيارُ .

اللّهُمَّ انْفَعْنا بِحُبِّهِ، وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ، وَتَحْتَ لِوائِهِ، إِلهَ الْحَقِّ آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

ص: 187

الصلاة علي الامام الحجة عليه السلام

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَصَلِّ عَلَي وَلِيِّ الْحَسَنِ وَوَصِيِّهِ وَوارِثِهِ، الْقائِمِ بِأَمْرِكَ، وَالْغائِبِ فِي خَلْقِكَ، وَالْمُنْتَظِرِ لِإِذْنِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، وَقَرِّبْ بُعْدَهُ، وَأَنْجِزْ وَعْدَهُ، وَأَوْفِ عَهْدَهُ، وَاكْشِفْ عَنْ بَأْسِهِ حِجابَ الْغَيْبَةِ، وَأَظْهِرْ بِظُهُورِهِ صَحائِفَ الْمِحْنَةِ، وَقَدِّمْ أَمامَهُ الرُّعْبَ، وَثَبِّتْ بِهِ الْقَلْبَ، وَأَقِمْ بِهِ الْحَرْبَ، وَأَيِّدْهُ بِجُنْدٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ، وَسَلِّطْهُ عَلَي أَعْداءِ دِينِكَ أَجْمَعِينَ، وَأَلْهِمْهُ أَنْ لَايَدَعَ مِنْهُمْ رُكْناً إِلّا هَدَّهُ، وَلَا هاماً إِلّا قَدَّهُ ، وَلَا كَيْداً إِلّا رَدَّهُ، وَلَا فاسِقاً إِلّا حَدَّهُ؛ وَلَا فِرْعَوْن إِلّا أَهْلَكَهُ، وَلَا سِتْراً إِلّا هَتَكَهُ، وَلَا عَلَماً إِلّا نَكَّسَهُ، وَلَا سُلْطاناً إِلّا كَسَبَهُ، وَلَا رُمْحاً إِلّا قَصَفَهُ، وَلَا مِطْرَداً إِلّا خَرَقَهُ، وَلَا جُنْداً إِلّا فَرَّقَهُ، وَلَا مِنْبَراً إِلّا أَحْرَقَهُ، وَلَا سَيْفاً إِلّا كَسَرَهُ، وَلَا صَنَماً إِلّا رَضَّهُ، وَلَا دَماً إِلّا أَراقَهُ، وَلَا جَوْراً إِلّا أَبادَهُ، وَلَا حِصْناً إِلّا هَدَمَهُ، وَلَا باباً إِلّا رَدَمَهُ، وَلَا قَصْراً إِلّا خَرَّبَهُ ، وَلَا مَسْكَناً إِلّا فَتَّشَهُ، وَلَا سَهْلاً إِلّا أَوْطَأَهُ، وَلَا جَبَلاً إِلّا صَعِدَهُ، وَلَا كَنْزاً إِلّا أَخْرَجَهُ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

ص: 188

دعاء عظم البلاء

وهو الدعاء الذي علمه الإمام المهدي لرجل محبوس فخلص من سجنه والذي يدعي فيه بعد صلاة الزيارة التي مرت ويمكن الدعاء فيه بأي وقت :

اللّهُمَّ عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَضاقَتِ الْأَرْضُ، وَمَنَعَتِ السَّماءُ، وَ إِلَيْكَ يَا رَبِّ الْمُشْتَكي، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ . اللّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الَّذِينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ، فَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَرِّجْ عَنَّا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ ذلِكَ، يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، انْصُرانِي فَإِنَّكُما ناصِرايَ، وَاكْفِيانِي فَإِنَّكُما كافِيايَ، يَا مَوْلايَ يَا صاحِبَ الزَّمانِ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي.

قال المحدث القمي بعد ذكر هذا الدعاء الشريف أقول : هذا دعاء شريف وينبغي أن يكرر الدعاء به في ذلك الحرم الشريف وفي غيره من الأماكن، ونحن قد أثبتناه في الباب الأول باختلاف يسير .

ص: 189

الدعاء للإمام الحجة عليه السلام

روي يونس بن عبد الرحمن عن الرضاعليه السلام أنه كان يأمربالدعاء لصاحب الأمرعليه السلام بهذا الدعاء:

اللّهُمَّ ادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَلِيفَتِكَ وَحُجَّتِكَ عَلَي خَلْقِكَ، وَ لِسانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ، النَّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ، وَعَيْنِكَ النَّاظِرَةِ بِإِذْنِكَ، وَشاهِدِكَ عَلَي عِبادِكَ، الْجَحْجاحِ الْمُجاهِدِ الْعائِذِ بِكَ الْعابِدِ عِنْدَكَ، وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ، وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَايَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَآباءَهُ أَئِمَّتَكَ وَدَعائِمَ دِينِكَ، وَاجْعَلْهُ فِي وَدِيعَتِكَ الَّتِي لَا تَضِيعُ، وَفِي جِوارِكَ الَّذِي لَايُخْفَرُ، وَفِي مَنْعِكَ وَعِزِّكَ الَّذِي لَايُقْهَرُ، وَآمِنْهُ بِأَمانِكَ الْوَثِيقِ الَّذِي لَايُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ، وَاجْعَلْهُ فِي كَنَفِكَ الَّذِي لاَ ٰ يُرامُ مَنْ كانَ فِيهِ، وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ، وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ، وَقَوِّهِ بِقُوَّتِكَ، وَأَرْدِفْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَوالِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَأَلْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ، وَحُفَّهُ بِالْمَلائِكَةِ حَفّاً؛

ص: 190

اللّهُمَّ اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ، وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ، وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الْأَرْضَ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْهُ بِالرُّعْبِ، وَقَوِّ ناصِرِيهِ، وَاخْذُلْ خاذِلِيهِ، وَدَمْدِمْ مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَدَمِّرْ مَنْ غَشَّهُ، وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ وَعُمُدَهَ وَدَعائِمَهُ، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ، وَشارِعَةَ الْبِدَعِ، وَمُمِيتَةَ السُّنَّةِ، وَمُقَوِّيَةَ الْباطِلِ، وَذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارِينَ، وَأبِرْ بِهِ الْكافِرِينَ وَجَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ فِي مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتَّي لَاتَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلَا تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً، اللّهُمَّ طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ، وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبادَكَ، وَأَعِزَّ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَحْيِ بِهِ سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ، وَدارِسَ حُكْمِ النَّبِيِّينَ، وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحَي مِنْ دِينِكَ، وَبُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّي تُعِيدَ دِينَكَ بِهِ وَعَلَي يَدَيْهِ جَدِيداً غَضّاً مَحْضاً صَحِيحاً لَاعِوَجَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ مَعَهُ، وَحَتَّي تُنِيرَ بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الْجَوْرِ؛ وَتُطْفِئَ بِهِ نِيرانَ الْكُفْرِ، وَتُوضِحَ بِهِ مَعاقِدَ الْحَقِّ وَمَجْهُولَ الْعَدْلِ، فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ عَلَي غَيْبِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ، وَسَلَّمْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ .

اللّهُمَّ فَإِنَّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَوْمَ حُلُولِ الطَّامَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ذَنْباً، وَلَا أَتَي حُوباً، وَلَمْ يَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يُضَيِّعْ لَكَ طاعَةً، وَلَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً، وَلَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَرِيضَةً، وَلَمْ

ص: 191

يُغَيِّرْ لَكَ شَرِيعَةً، وَأَنَّهُ الْهادِي الْمُهْتَدِي الطَّاهِرُ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ.

اللّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ وَجَمِيعِ رَعِيَّتِهِ مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَتَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَتَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ الْمُمْلَكاتِ كُلِّها، قَرِيبِها وَبَعِيدِها، وَعَزِيزِها وَذَلِيلِها، حَتَّي تُجْرِيَ حُكْمَهُ عَلَي كُلِّ حُكْمٍ، وَتَغْلِبَ بِحَقِّهِ كُلَّ باطِلٍ .

اللّهُمَّ اسْلُكْ بِنا عَلَي يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدَي، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَي، وَالطَّرِيقَةَ الْوُسْطَي الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْغالِي، وَيَلْحَقُ بِها التَّالِي، وَقَوِّنا عَلَي طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلَي مُشايَعَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِمُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا فِي حِزْبِهِ الْقَوَّامِينَ بِأَمْرِهِ، الصَّابِرِينَ مَعَهُ، الطَّالِبِينَ رِضاكَ بِمُناصَحَتِهِ، حَتَّي تَحْشُرَنا يَوْمَ الْقِيامَةِ فِي أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ.

اللّهُمَّ وَاجْعَلْ ذلِكَ لَنا خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّي لَا نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلَا نَطْلُبَ بِهِ إِلّا وَجْهَكَ وَحَتَّي تُحِلَّنا مَحَلَّهُ، وَتَجْعَلَنا فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ؛ وَأَعِذْنا مِنَ السَّأْمَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَتْرَةِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ، وَتُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَلِيِّكَ، وَلَا تَسْتَبْدِلْ بِنا غَيْرَنا، فَإِنَّ اسْتِبْدالَكَ بِنا غَيْرَنا عَلَيْكَ يَسِيرٌ، وَهُوَ عَلَيْنا كَثِيرٌ .

ص: 192

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي وُلاةِ عَهْدِهِ، وَالأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وَزِدْ فِي آجالِهِمْ، وَأعِزَّ نَصْرَهُمْ، وَتَمِّمْ لَهُمْ مَا أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِكَ لَهُمْ، وَثَبِّتْ دَعائِمَهُمْ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً، وَعَلَي دِينِكَ أَنْصاراً، فَإِنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ، وَخُزَّانُ عِلْمِكَ، وَأَرْكانُ تَوْحِيدِكَ، وَدَعَائِمُ دِينِكَ، وَوُلاةُ أَمْرِكَ، وَخالِصَتُكَ مِنْ عِبادِكَ، وَصَفْوَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَوْلِياؤُكَ وَسَلائِلُ أَوْلِيائِكَ، وَصَفْوَةُ أَوْلادِ نَبِيِّكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ.

ص: 193

أعمال وأدعية لقضاء الحوائج من بركات الإمام الحجة عليه السلام

ذكر العلامة المحدث القمي قصة فيها ثلاثة أعمال لها الفضل والأثر في قضاء الحوائج وهي متعلقة بالإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف: والقصة هي كما ذكرها:

حكي شيخنا ثقة الإسلام النوري نور الله مرقده في كتاب دار السلام عن شيخه المرحوم العالم الربائي الحاج المولي فتح علي السلطان آبادي، أن الأخوند المولي محمد الصادق العراقي كان في غاية الضيق والعسرة والضراء، ومضي عليه كذلك زمن فلم يجد من كربه فرجا ولا من ضيقه مخرجا، إلي أن رأي ليلة في المنام كأنه في واد يتراءي فيه خيمة عظيمة عليها قبة، فسأل عن صاحبها فقيل: فيها الكهف الحصين وغياث المضطر المستكين الحجة القائم المهدي المنتظر (عجل الله فرجه)، فأسرع الذهاب إليها، فلما وافاه صلوات الله عليه شكا عنده سوء حاله وسأله دعاء يفرج به همه ويدفع به غمه، فأحاله عليه السلام إلي سيد من ولده وإلي خيمته، فخرج من حضرته

ص: 194

ودخل في تلك الخيمة فرأي السيد السند والحبر المعتمد العالم الأمجد المؤيد جناب السيد محمد السلطان آبادي قاعدا علي سجادته مشغولا بدعائه وقراءته ، فذكر له بعد السلام ما أحال عليه حجة الملك العلام، فعلمه دعاء يستكفي به ضيقه ويستجلب به رزقه، فانتبه من نومه والدعاء محفوظ في خاطره فقصد بيت جناب السيد، وكان قبل تلك الرؤيا نافرا عنه لوجه لا يذكره، فلما أتاه ودخل عليه رآه كما في النوم علي مصلاه ذاكرا ربه مستغفرا ذنبه ، فلما سلم عليه أجابه وتبسم في وجهه كأنه عرف القضية، فسأله ما سأله في الرؤيا فعلمه من حينه عين ذاك الدعاء فدعا به في قليل من الزمان فصبت عليه الدنيا من كل ناحية ومكان، وكان المرحوم الحاج المولي فتح علي عليه السلام يثني علي السيد ثناء بليغا وقد أدركه في أواخر عمره وتتلمذ عليه شطرا من الزمان، وأما ما علمه السيد في اليقظة والمنام فثلاثة أمور:

الأول: أن يذكر عقيب الفجر سبعين مرة واضعا يده علي صدره: يا فتاح.

الثاني : أن يواظب علي هذا الدعاء المروي في الكافي وقد علمه النبي صلي الله عليه و آله رجلا من أصحابه مبتلي بالسقم والفقر فما البث أن ذهب عنه السقم والفقر :

ص: 195

لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلّا بِاللّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَي الْحَيِّ الَّذِي لَايَمُوتُ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.

الثالث: أن يدعو في دبر صلاة الصبح بالدعاء الذي ذكرناه في أول تعقيب صلاة الصبح. وينبغي أن يغتنم هذه الأوراد ويداوم عليها ولا يغفل عن آثارها .

ص: 196

صلاة الحجة القائم عليه السلام دعاؤه:

ركعتان، تقرأ في كل ركعة : فاتحة الكتاب إلي (إياك نعبد وإياك نستعين) ثم تكرر هذه الآية مائة مرة ثم تتم قراءة الفاتحة وتقرأ بعدها الإخلاص (قل هو الله أحد) مرة واحدة وتدعو عقيبهما فتقول:

«اللَّهُمَّ عَظُمَ الْبَلَاءُ وَ بَرِحَ الْخَفَاءُ وَ انْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَ ضَاقَتِ الْأَرْضُ بما وسعت السَّمَاءُ وَ إِلَيْكَ يَا رَبِّ الْمُشْتَكَي وَ عَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَ الرَّخَاءِ.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ الَّذينَ اَمَرْتَنا بِطاعَتِهِمْ،وَعَجِّلِ اَللَّ-هُمَّ فَرَجَهُمْ بِقآئِمِهِمْ، وَ اَظْهِرْ اِعْزازَهُ، يا مُحَمَّدُ يا عَليُّ، يا عَلِيُّ يامُحَمَّدُ، اِكْفِياني فَاِنَّكُما كافِيايَ يا مُحَمَّدُ يا عَليُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، اُنْصُراني فَاِنَّكُما ناصِرايَ،يا مُحَمَّدُ يا عَليُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، اِحْفَظاني فَاِنَّكُما حافِظايَ يامَوْلايَ ياصاحِبَ الزَّمانِ، يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ،يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ، الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ،اَدْرِكْني اَدْرِكْني اَدْرِكْني، الأَمانَ الأَمانَ الأَمانَ.

ص: 197

الصلاة علي الإمام الحجة عليه السلام يوم الجمعة

الصلاة التي سنذكرها وهي عبارة عن كلمات دعاء يدعي فيها في يوم الجمعةبعد العصر وهي مهمة ولها آثار عظيمة ومن داوم عليها يعرف فضلها وآثارها وقبل ذكرها نذكر نبذة عن فضل يوم الجمعة ونسبة إلي الإمام الحجة عليه السلام .

قال الشيخ الطوسي : آخر ساعة من يوم الجمعة إلي غروب الشمس هي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فينبغي أن يستكثر من الدعاء في تلك الساعة، وروي أن تلك الساعة هي إذا غاب نصف القرص وبقي نصفه، وكانت فاطمة عليها السلام تدعو في ذلك الوقت، فيستحب الدعاء فيها، ويستحب أن يدعو بالدعاء المروي عن النبي صلي الله عليه و آله في ساعة الاستجابة سُبحانَكَ لا إلهَ إلا أنتَ يا حَنَّان يا مَنَّانُ ، يا بَدِيعَ السَّماواتِ والأرضِ، يا ذَا الجَلالِ وَالإكرامِ، ويستحب دعاء السمات في آخر ساعة من نهار الجمعة، وسيأتي إن شاء الله تعالي.

وقال القمي رحمه الله: أن ليوم الجمعة نسبة وانتماء إلي

ص: 198

إمام العصر (عجل الله فرجه) من نواحي عديدة، ففيه كانت ولادته السعيدة، وفيه يفيض السرور بظهوره، وترقّب الفرج، وانتظاره فيه أشد مما في سواه من الأيام، وستجد فيما سنورده من زيارته الخاصة في يوم الجمعة هذه الكلمة هَذا يَومُ الجُمُعَةِ وَهُوَ يَؤُمكَ المُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ وَالفَرَجُ فِيهِ لِلمُؤمِنِينَ عَلَي يَدِكَ .

والواقع أن الجمعة إنما عدت عيدا من الأعياد الأربعة، لما سيتفق فيها من ظهور الحجة (عجل الله فرجه) وتطهيره الأرض من أدران الشرك والكفر، وأقذار المعاصي والذنوب، ومن الجبابرة والملحدين، والكفار والمنافقين، فتقر عيون الخاصة من المؤمنين، وتسر أفئدتهم، بإظهاره كلمة الحق، وإعلاء الدين وشرايع الإيمان، وأشرقت الأرض بنور ربها، وينبغي في هذا اليوم أن يدعي بالصلاة الكبيرة، ويدعي أيضا بما أمر الإمام الرضا عليه السلام بأن يدعي به لصاحب الأمر (عجل الله فرجه) اللَّهُمَّ ادفَع عَن وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ . الدعاء . وسيأتي هذا الدعاء في باب الزيارات، في نهاية أعمال السرداب، وأن يدعي أيضا بما أملاه الشيخ أبو عمرو العمروي علي أبي علي بن همام، وقال : ليدعي به في غيبة القائم من آل محمد وهو دعاء طويل كتلك الصلاة، ووجيزتنا هذه لا تسعهما، فاطلبهما من مصباح المتهجد، وجمال الأسبوع، وينبغي أن لا نهمل

ص: 199

ذكر الصلاة المنسوبة إلي أبي الحسن الضراب الأصبهاني، وقد رواها الشيخ والسيد في أعمال عصر يوم الجمعة. وقال السيد : هذه الصلاة مروية عن مولانا المهدي (صلوات الله عليه) وإن تركت تعقيب العصر يوم الجمعة - لعذر من الأعذار - فلا تترك هذه الصلاة أبدا، لأمر أطلعنا الله (جل جلاله)عليه ثم ذكر الصلاة بسندها، وقال الشيخ في المصباح: هذه صلاة مروية عن صاحب الزمان (عجل الله فرجه) خرجت إلي أبي الحسن الضراب الأصبهاني بمكة ونحن لم نذكر سندها، رعاية للاختصار، وهي:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْمُنْتَجَبِ فِي الْمِيثَاقِ، الْمُصْطَفَي فِي الظِّلالِ، الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ، الْبَرِيءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجَاةِ، الْمُرْتَجَي لِلشَّفَاعَةِ، الْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ دِينُ اللَّهِ، اللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ، وَ عَظِّمْ بُرْهَانَهُ، وَ أَفْلِجْ حُجَّتَهُ، وَ ارْفَعْ دَرَجَتَهُ، وَ أَضِئْ نُورَهُ، وَ بَيِّضْ وَجْهَهُ، وَ أَعْطِهِ الْفَضْلَ وَ الْفَضِيلَةَ وَ المنزلة و الْوَسِيلَةَ و الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَة، وَ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ، وَ صَلِّ عَلَي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ

ص: 200

عَلَي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي الْحُسَيْنِ ابن علي إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي مُوسَي بْنِ جَعْفَرٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي عَلِيِّ بْنِ مُوسَي إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ صَلِّ عَلَي الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ، إِمَامِ الْمُؤْمِنِين وَ وَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَ حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ، الْعُلَمَاءِ الصَّادِقِينَ، الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ، دَعَائِمِ دِينِكَ وَ أَرْكَانِ تَوْحِيدِكَ، وَ تَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ، وَ حُجَجِكَ عَلَي خَلْقِكَ، وَ خُلَفَائِكَ فِي أَرْضِكَ، الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَ اصْطَفَيْتَهُمْ

ص: 201

عَلَي عِبَادِكَ، وَ ارْتَضَيْتَهُمْ لِدِينِكَ، وَ خَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَ جَلَّلْتَهُمْ بِكَرَامَتِكَ، وَ غَشَّيْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ، وَ رَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ، وَ غَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ، وَ أَلْبَسْتَهُمْ نُورَكَ، وَ رَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ، وَ حَفَفْتَهُمْ بِمَلائِكَتِكَ، وَ شَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ عَلَيْهِمْ صَلاةً زاكيةً ناميةًكَثِيرَةً دَائِمَةً طَيِّبَةً، لَا يُحِيطُ بِهَا إِلّا أَنْتَ، وَ لَا يَسَعُهَا إِلّا عِلْمُكَ، وَ لَا يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ وَ صَلِّ عَلَي وَلِيِّكَ الْمُحْيِي سُنَّتَكَ، الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ، الدَّاعِي إِلَيْكَ، الدَّلِيلِ عَلَيْكَ، وَ حُجَّتِكَ عَلَي خَلْقِكَ، وَ خَلِيفَتِكَ فِي أَرْضِكَ، وَ شَاهِدِكَ عَلَي عِبَادِكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ نَصْرَهُ، وَ مُدَّ فِي عُمْرِهِ، وَ زَيِّنِ الْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ، اللَّهُمَّ اكْفِهِ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ، وَ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الْكَائِدِينَ، وَ ازْجُرْ عَنْهُ إِرَادَةَ الظَّالِمِينَ، وَ خَلِّصْهُ مِنْ أَيْدِي الْجَبَّارِينَ، اللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ شِيعَتِهِ وَ رَعِيَّتِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ عَامَّتِهِ وَ عَدُوِّهِ وَ جَمِيعِ أَهْلِ الدُّنْيَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَ تَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَ بَلِّغْهُ أَفْضَلَ مَا أَمَّلَهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ جَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحَي(مُحِيَ) مِنْ دِينِكَ، وَ أَحْيِ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ كِتَابِكَ، وَ أَظْهِرْ بِهِ مَا غُيِّرَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّي يَعُودَ دِينُكَ بِهِ عَلَي يَدَيْهِ غَضًّا جَدِيدًا خَالِصًا مُخْلَصًا، لَا شَكَّ فيهِ وَ لَا شُبْهَةَ مَعَهُ، وَ لَا بَاطِلَ عِنْدَهُ وَ لَا بِدْعَةَ لَدَيْهِ، اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ

ص: 202

كُلَّ ظُلْمَةٍ، وَ هُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَ اهْدِمْ بِعزّهِ كُلَّ ضَلالَةٍ، وَ اقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ، وَ أَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نَارٍ، وَ أَهْلِكْ بِعَدْلِهِ كُلَّ جَبّارٍ، وَ أَجْرِ حُكْمَهُ عَلَي كُلِّ حُكْمٍ، وَ أَذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ، اللَّهُمَّ أَذِلَّ كُلَّ مَنْ نَاوَاهُ، وَ أَهْلِكْ كُلَّ مَنْ عَادَاهُ، وَ امْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ، وَ اسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَ اسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ وَ سَعَي فِي إِطْفَاءِ نُورِهِ وَ أَرَادَ إِخْمَادَ ذِكْرِهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَي وَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَي وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ الْحَسَنِ الرِّضَا وَ الْحُسَيْنِ الْمُصَفَّي، وَ جَمِيعِ الْأَوْصِيَاءِ مَصَابِيحِ الدُّجَي وَ أَعْلامِ الْهُدَي، وَ مَنَارِ التُّقَي وَ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَي، وَ الْحَبْلِ الْمَتِينِ وَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَ صَلِّ عَلَي وَلِيِّكَ، وَ وُلاةِ عَهْدِكَ، وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَ مُدَّ فِي أَعْمَارِهِمْ، وَ زِدْ فِي آجَالِهِمْ، وَ بَلِّغْهُمْ أَقصَي آمَالِهِمْ دِينًا وَ دُنْيَا وَ آخِرَةً، إِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ص: 203

الصلاة علي ولي الأمر المنتظر عليه السلام

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَي وَلِيِّكَ وَابْنِ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ فَرَضْتَ طاعَتَهُمْ، وَأَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ، وَأَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً. اللّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ لِدِينِكَ، وَانْصُرْ بِهِ أَوْلِياءَكَ وَأَوْلِياءَهُ وَشِيعَتَهُ وَأَنْصارَهُ وَاجْعَلْنا مِنْهُمْ . اللّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ باغٍ وَطاغٍ، وَمِنْ شَرِّ جَمِيعِ خَلْقِكَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَاحْرُسْهُ وَامْنَعْهُ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَآلَ رَسُولِكَ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْ ناصِرِيهِ، وَاخْذُل خاذِلِيهِ، وَاقْصِمْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ، وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَجَمِيعَ الْمُلْحِدِينَ حَيْثُ كانُوا مِنْ مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَامْلَأْ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً، وَأَظْهِرْ بِهِ دِينَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ، وَاجْعَلْنِي اللّهُمَّ مِنْ أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ وَأَتْباعِهِ وَشِيعَتِهِ، وَأَرِنِي فِي آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَأْمُلُونَ، وَفِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ، إِلهَ الْحَقِّ آمِينَ.

ص: 204

دعاء الإمام الحجة عليه السلام في أيام رجب

روي الشيخ أنه خرج هذا التوقيع الشريف من الناحية المقدسة علي يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد عليه السلام ، يدعا في كل يوم من أيام رجب:

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَانِي جَمِيعِ مَا يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ أَمْرِكَ الْمَأْمُونُونَ عَلَي سِرِّكَ الْمُسْتَبْشِرُونَ بِأَمْرِكَ الْوَاصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ الْمُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ أَسْأَلُكَ بِمَا نَطَقَ فِيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ فَجَعَلْتَهُمْ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِكَ وَ أَرْكَانا لِتَوْحِيدِكَ وَ آيَاتِكَ وَ مَقَامَاتِكَ الَّتِي لا تَعْطِيلَ لَهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ يَعْرِفُكَ بِهَا مَنْ عَرَفَكَ لا فَرْقَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا إِلا أَنَّهُمْ عِبَادُكَ وَ خَلْقُكَ فَتْقُهَا وَ رَتْقُهَا بِيَدِكَ بَدْؤُهَا مِنْكَ وَ عَوْدُهَا إِلَيْكَ أَعْضَادٌ وَ أَشْهَادٌ وَ مُنَاةٌ وَ أَذْوَادٌ وَ حَفَظَةٌ وَ رُوَّادٌ فَبِهِمْ مَلَأْتَ سَمَاءَكَ وَ أَرْضَكَ حَتَّي ظَهَرَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ فَبِذَلِكَ أَسْأَلُكَ وَ بِمَوَاقِعِ الْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَ بِمَقَامَاتِكَ وَ عَلامَاتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ أَنْ تَزِيدَنِي إِيمَانا وَ تَثْبِيتا يَا بَاطِنا فِي ظُهُورِهِ وَ ظَاهِرا فِي

ص: 205

بُطُونِهِ وَ مَكْنُونِهِ يَا مُفَرِّقا بَيْنَ النُّورِ وَ الدَّيْجُورِ يَا مَوْصُوفا بِغَيْرِ كُنْهٍ وَ مَعْرُوفا بِغَيْرِ شِبْهٍ حَادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ وَ شَاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ وَ مُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ وَ مُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ وَ فَاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ،لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُودٍ أَهْلَ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْجُودِ يَا مَنْ لا يُكَيَّفُ بِكَيْفٍ وَ لا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ يَا مُحْتَجِبا عَنْ كُلِّ عَيْنٍ يَا دَيْمُومُ يَا قَيُّومُ وَ عَالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ عَلَي عِبَادِكَ الْمُنْتَجَبِينَ وَ بَشَرِكَ الْمُحْتَجِبِينَ وَ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ الْبُهْمِ الصَّافِّينَ الْحَافِّينَ وَ بَارِكْ لَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا الْمُرَجَّبِ الْمُكَرَّمِ وَ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَ أَسْبِغْ عَلَيْنَا فِيهِ النِّعَمَ وَ أَجْزِلْ لَنَا فِيهِ الْقِسَمَ وَ أَبْرِرْ لَنَا فِيهِ الْقَسَمَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ ؛ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَي النَّهَارِ فَأَضَاءَ وَ عَلَي اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا تَعْلَمُ مِنَّا وَ مَا لا نَعْلَمُ وَ اعْصِمْنَا مِنَ الذُّنُوبِ خَيْرَ الْعِصَمِ وَ اكْفِنَا كَوَافِيَ قَدَرِكَ وَ امْنُنْ عَلَيْنَا بِحُسْنِ نَظَرِكَ وَ لا تَكِلْنَا إِلَي غَيْرِكَ وَ لا تَمْنَعْنَا مِنْ خَيْرِكَ وَ بَارِكْ لَنَا فِيمَا كَتَبْتَهُ لَنَا مِنْ أَعْمَارِنَا وَ أَصْلِحْ لَنَا خَبِيئَةَ أَسْرَارِنَا وَ أَعْطِنَا مِنْكَ الْأَمَانَ وَ اسْتَعْمِلْنَا بِحُسْنِ الْإِيمَانِ وَ بَلِّغْنَا شَهْرَ الصِّيَامِ وَ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَيَّامِ وَ الْأَعْوَامِ يَا ذَا الْجَلالِ وَ الْإِكْرَامِ .

ص: 206

دعاء المهدي عليه السلام : اللهم ارزقنا توفيق الطاعة

قال الكفعمي في مصباح المتهجد: هذا دعاء المهدي (صلوات الله عليه):

اللّهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفِيقَ الطّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ، وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ، وَأَكْرِمْنا بِالْهُدي وَالاسْتِقامَةِ، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَةِ، وَامْلَأْ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاكْفُفْ أَيْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ أَبْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَةِ، وَاسْدُدْ أَسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيبَةِ،وَتَفَضَّلْ عَلي عُلَمائِنا بِالزُّهْدِ وَالنَّصِيحَةِ، وَعَلَي الْمُتَعَلِّمِينَ بِالْجُهْدِ وَالرَّغْبَةِ، وَعَلَي الْمُسْتَمِعِينَ بِالاتِّباعِ وَالْمَوْعِظَةِ، وَعَلي مَرْضَي الْمُسْلِمِينَ بِالشِّفاءِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلي مَوْتاهُمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ؛ وَعَليٰ مَشايِخِنا بِالْوَقارِ وَالسَّكِينَةِ، وَعَلَي الشَّبابِ بِالْإِنابَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلَي النِّساءِ بِالْحَياءِ وَالْعِفَّةِ، وَعَلَي الْأَغْنِياءِ بِالتَّواضُعِ وَالسَّعَةِ، وَعَلَي الْفُقَراءِ بِالصَّبْرِ وَالْقَناعَةِ، وَعَلَي الْغُزاةِ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَعَلَي الْأُسَرَاءِ بِالْخَلاصِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَي الْأُمَراءِ

ص: 207

بِالْعَدْلِ وَالشَّفَقَةِ، وَعَلَي الرَّعِيَّةِ بِالْإِنْصافِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ،وَبارِكْ لِلْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ فِي الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ، وَاقْضِ ما أَوْجَبْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أقول: وهذا من الأدعية الجليلة ولا ينبغي تركه ومن الأفضل أن يدعي به في كل يوم مع الإمكان ونؤكد علي أن تكون القراءة بتمعن ومعرفة وفكر لا قراءة عادية لا طعم فيها إلا إنها قراءة السواد علي البياض .

ص: 208

دعاء الحجة عليه السلام( إلهي بحق من ناجاك)

في مهج الدعوات أن هذا دعاء الحجة عليه السلام :

إِلهِي بِحَقِّ مَنْ نَاجَاكَ، وَبِحَقِّ مَنْ دَعَاكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَ تَفَضَّلْ عَلي فُقَراءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْغَناءِ وَالثَّرْوَةِ، وَعَلي مَرْضَي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُومِناتِ بِالشِّفاءِ وَالصِّحَّةِ، وَعَلي أَحْياءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرَمِ، وَعَلي أَمْواتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلي غُرَباءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلي أَوْطانِهِمْ سالِمِينَ غانِمِينَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.

ص: 209

دعاء الاستغاثة بالحجة عليه السلام

قال السيد علي خان في الكلم الطيب :

هذه استغاثة بالحجة صاحب العصر (صلوات الله عليه)صل أينما كنت ركعتين بالحمد وما شئت من السور، ثم قف مستقبلا القبلة تحت السماء، وقل :

سَلامُ اللّهِ الْكامِلُ التَّامُّ الشَّامِلُ الْعامُّ، وَصَلَواتُهُ الدَّائِمَةُ وَبَرَكاتُهُ الْقائِمَةُ التَّامَّةُ عَلي حُجَّةِ اللّهِ وَوَ لِيِّهِ فِي أَرْضِهِ وَبِلادِهِ، وَخَلِيفَتِهِ عَلي خَلْقِهِ وَعِبادِهِ، وَسُلالَةِ النُّبُوَّةِ وَبَقِيَّةِ الْعِتْرَةِ وَالصَّفْوَةِ، صاحِبِ الزَّمانِ، وَمُظْهِرِ الْإِيمانِ، وَمُلَقِّنِ أَحْكامِ الْقُرْآنِ، وَمُطَهِّرِ الْأَرْضِ، وَناشِرِ الْعَدْلِ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَ الْحُجَّةِ الْقائِمِ الْمَهْدِيِّ، الْإِمامِ الْمُنْتَظَرِ الْمَرْضِيِّ ، وَابْنِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ، الْوَصِيِّ ابْنِ الْأَوْصِياءِ الْمَرْضِيِّينَ، الْهادِي الْمَعْصُومِ ابْنِ الْأَئِمَّةِ الْهُداةِ الْمَعْصُومِينَ .

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُعِزَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْكافِرِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ الظَّالِمِينَ.

ص: 210

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلايَ يَا صاحِبَ الزَّمانِ.

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ،

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ،

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ،

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ الْأَئِمَّةِ الْحُجَجِ الْمَعْصُومِينَ وَالْإِمامِ عَلَي الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ،

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلايَ سَلامَ مُخْلِصٍ لَكَ فِي الْوِلايَةِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمامُ الْمَهْدِيُّ قَوْلاً وَفِعْلاً، وَأَنْتَ الَّذِي تَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً بَعْدَ ما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَعَجَّلَ اللّهُ فَرَجَكَ، وَسَهَّلَ مَخْرَجَكَ؛ وَقَرَّبَ زَمانَكَ، وَكَثَّرَ أَنْصارَكَ وَأَعْوانَكَ، وَأَنْجَزَ لَكَ ما وَعَدَكَ، فَهُوَ أَصْدَقُ الْقائِلِينَ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، يَا مَوْلايَ يَا صاحِبَ الزَّمانِ، يَا ابْنَ رَسُولِ اللّهِ، حاجَتِي كَذا وَكَذا ..

(واذكر حاجتك عوض كلمة كذا وكذا حاجتك)

فَاشْفَعْ لِي فِي نَجاحِها، فَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتِي لِعِلْمِي أَنَّ لَكَ عِنْدَ اللّٰهِ شَفاعَةً مَقْبُولَةً وَمَقاماً مَحْمُوداً، فَبِحَقِّ

ص: 211

مَنِ اخْتَصَّكُمْ بِأَمْرِهِ، وَارْتَضاكُمْ لِسِرِّهِ، وَبِالشَّأْنِ الَّذِي لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، سَلِ اللّهَ تَعالي فِي نُجْحِ طَلِبَتِي وَ إِجابَةِ دَعْوَتِي وَكَشْفِ كُرْبَتِي.

وسل ما تريد فإنه يقضي إن شاء الله . أقول: الأحسن أن يقرأ بعد الحمد في الركعة الأولي من هذه الصلاة سورة (إنا فتحنا)، وفي الثانية : (إذا جاء نصر الله والفتح).

أقول: وهذا الدعاء يقرأ في مسجد السهلة أيضا عند مقام الإمام المهدي عليه السلام. والمعروف أن زيارة هذا المسجد ليلة الأربعاء وقد داوم علي هذه الزيارة أكابر العلماء. وفيه أعمال سنذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالي.

ص: 212

تعزية الحجة بالإمام الحسين عليه السلام

روي محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة ،عن أبيه عن الباقر عليه السلام قال :

من زار الحسين بن علي عليه السلام في يوم عاشوراء من المحرم، يظل عنده باكيا، لقي الله (عز وجل) يوم يلقاه بثواب ألفي حجة وألفي عمرة، وألفي غزوة، كثواب من حج، واعتمر وغزا مع رسول الله صلي الله عليه و آله ومع الأئمة الراشدين .

قال : قلت : جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيها ولم يمكنه المسير إليه في ذلك اليوم.

قال : إذا كان كذلك، برز إلي الصحراء، أو صعد سطح مرتفعة في داره، وأومأ إليه بالسلام، واجتهد في الدعاء علي قاتليه، وصلي من بعد ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس، ثم ليندب الحسين عليه السلام ويبكيه، ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه، ويقم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليعز فيها بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السلام وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك، جميع ذلك.

ص: 213

قلت: جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم.

قال : أنا الضامن وأنا الأعيم لمن فعل ذلك، قلت فكيف يعزي بعضنا بعضا ؟

قال : تقولون:

اَعْظَمَ اللهُ اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَجَعَلَنا وَاِيّاكُمْ مِنَ الطّالِبينَ بِثارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الاْمامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد عَلَيْهِمُ السَّلام

ص: 214

دعاء الصلاة في ليلة ميلاد الحجة عليه السلام

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ، ومَوْضِعِ الرِّسَالَةِ ومُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ، وَمَعْدِنِ العِلْمِ، وأهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ أللَّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الفُلْكِ الجَارِيَةِ في اللُّجَجِ الغَامِرَةِ، يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها ويَغْرَقُ مَنْ تَرَكَها، المُتَقَدِّمُ لَهُم مارِقٌ والمُتَأخِّرُ عَنهُم زَاهِقٌ واللاَّزِمُ لَهُم لاحِقٌ.أللَّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الكَهْفِ الحَصِينِ وغِيَاثِ المُضطَّرِّ المُسْتَكينِ، ومَلْجَأِ الهَارِبِينَ وعِصْمَةِ المُعْتَصِمِينَ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كثيرةً تكونُ لهُمْ رِضاً، ولِحَقِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ أداءً وقَضاءً بِحَوْلٍ مِنكَ وقُوَّةٍ يا رَبَّ العَالَمينَ.أللَّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبينَ الأبْرارَ الأخْيارَ الَّذينَ أوْجَبْتَ حُقُوقَهُم وفَرَضْتَ طاعَتَهُم ووِلايَتَهُم.أللَّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ واعْمُرْ قَلْبِي بِطَاعَتِكَ ولا تُخْزِنِي بِمَعْصِيَتِكَ، وارْزُقْنِي مُواسَاةَ مَنْ قَتَرْتَ عَليهِ مِن رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَليَّ مِن فَضْلِكَ ونَشَرْتَ عَليَّ مِنْ عَدْلِكَ، وأحْيِيتنِي تَحْتَ ظِلِّكَ وهذا شَهْرُ نَبِيِّكَ سَيِّدِ رُسُلِكَ شَعْبَانُ

ص: 215

الَّذي حَفَفْتَهُ مِنْكَ بِالرَّحْمَةِ والرِّضْوانِ، الَّذي كانَ رَسُولُ اللهِ صَلّي اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ و سلم يَدْأبُ فِي صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ فِي لَيالِيهِ وأيَّامِهِ نُخُوعاً(بُخُوعاً) لَكَ فِي إكْرامِهِ وإعْظامِهِ إلي مَحَلِّ حِمِامِهِ، أللَّهُمَّ فَأعِنَّا علي الإسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ فِيهِ ونَيْلِ الشَّفَاعَةِ لَدَيْهِ، أللَّهُمَّ واجْعَلْهُ لِي شَفِيعاً مُشَفَّعاً وطريقاً إليْكَ مَهيعاً واجْعَلنِي لَهُ مُتَّبِعاً، حتَّي ألقَاكَ يَوْمَ القِيامَةِ عنِّي راضِياً وعَنْ ذُنوبي غَاضِياً، قدْ أوْجَبْتَ لِي مِنْكَ الرَّحْمَةَ والرِّضْوانَ وأنْزَلْتَني دارَ القرارِ ومَحَلَّ الأخْيارِ.

ص: 216

دعاء اللهم بحق ليلتنا هذي ومولودهاوحجتك ومؤعودها

وهذا الدعاء من أدعية ليلة النصف من شهر شعبان ليلة ميلاد الإمام الحجة عليه السلام ، وهو بمثابة الزيارة له عليه السلام كما قال أحد المحدثين رحمه الله.

اللَّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنَا هَذِهِ وَ مَوْلُودِهَا وَ حُجَّتِكَ وَ مَوْعُودِهَا الَّتِي قَرَنْتَ إِلَي فَضْلِهَا فَضْلاً فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ وَ لاَ مُعَقِّبَ لِآيَاتِكَ نُورُكَ الْمُتَأَلِّقُ وَ ضِيَاؤُكَ الْمُشْرِقُ وَ الْعَلَمُ النُّورُ فِي طَخْيَاءِ الدَّيْجُورِ الْغَائِبُ الْمَسْتُورُ جَلَّ مَوْلِدُهُ وَ كَرُمَ مَحْتِدُهُ وَ الْمَلاَئِكَةُ شُهَّدُهُ وَ اللَّهُ نَاصِرُهُ وَ مُؤَيِّدُهُ إِذَا آنَ مِيعَادُهُ وَ الْمَلاَئِكَةُ أَمْدَادُهُ سَيْفُ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَنْبُو وَ نُورُهُ الَّذِي لاَ يَخْبُو وَ ذُو الْحِلْمِ الَّذِي لاَ يَصْبُو مَدَارُ الدَّهْرِ وَ نَوَامِيسُ الْعَصْرِ وَ وُلاَةُ الْأَمْرِ وَ الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ مَا يَتَنَزَّلُ (يَنْزِلُ) فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِوَ أَصْحَابُ الْحَشْرِ وَ النَّشْرِ تَرَاجِمَةُ وَحْيِهِ وَ وُلاَةُ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَي خَاتِمِهِمْ وَ قَائِمِهِمْ الْمَسْتُورِ عَنْ عَوَالِمِهِمْ اللَّهُمَّ وَ أَدْرِكْ بِنَا أَيَّامَهُ وَ ظُهُورَهُ وَ قِيَامَهُ وَ اجْعَلْنَا مِنْ

ص: 217

أَنْصارِهِ، وَاقْرِنْ ثارَنا بِثارِهِ، وَاكْتُبْنا فِي أَعْوانِهِ وَخُلَصائِهِ، وَأَحْيِنا فِي دَوْلَتِهِ ناعِمِينَ، وَبِصُحْبَتِهِ غانِمِينَ، وَبِحَقِّهِ قائِمِينَ، وَمِنَ السُّوءِ سالِمِينَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَصَلَواتُهُ عَلَي سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَي أَهْلِ بَيْتِهِ الصَّادِقِينَ وَعِتْرَتِهِ النَّاطِقِينَ، وَالْعَنْ جَمِيعَ الظَّالِمِينَ، وَاحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ يَا أَحْكَمَ الْحاكِمِينَ.

ص: 218

مسجد السهلة بيت الإمام الحجة

وعن أبي بصير عن الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) أنه قال : قال لي: «يا أبا محمد كأني أري نزول القائم (صلوات الله عليه) في مسجد السهلة بأهله وعياله، ويكون منزله، وما بعث الله نبيا إلا وقد صلي فيه، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلي الله عليه و آله ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه، وفيه صخرة فيها صورة كل نبي، وما صلي فيه أحد فدعا الله بنية صادقة إلا صرفه الله بقضاء حاجته، وما من أحد استجاره إلا أجاره الله مما يخاف منه ، قلت هذا لهو الفضل، قال نزيدك ؟ قلت نعم، قال : هو من البقاع التي أحب الله أن يدعي فيها، وما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة تزور هذا المسجد، يعبدون الله فيه، أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلافيه، يا أبا محمد ما لم أصف أكثر، قلت : جعلت فداك لا يزال القائم عليه السلام فيه أبدا، قال : نعم».. إلي آخره ..

ص: 219

أدعية وأعمال مسجد السهلة

قال المحدث القمي رحمه الله : من المسنون فيه الصلاة ركعتين بين العشائين، عن الصادق عليه السلام: «ما صلاها مكروب، ودعا الله إلا فرج الله كربته»، وعن بعض كتب الزيارة، أنه إذا أردت أن تدخل المسجد فقف علي الباب، وقل:

بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ وَالَي اللَّهِ وَما شآءَ اللَّهُ وَخَيْرُ الْأَسْمآءِ للَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَي اللَّهِ، وَلا حَوْلَ و لا قُوَّة الَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ، اللهُمَّ اجْعَلْني مِنْ عُمَّارِ مَساجِدِكَ وَبُيُوتِكَ، اللهُمَّ انّي اتَوَجَّهُ الَيْكَ بِمُحَمّدٍ وآل محمّد وَاقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ حَوآئِجي فَاجْعَلْنِي اللهُمَّ بِهِمْ عِنْدَكَ وَجيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخَرة وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ، اللهُمَّ اجْعَلْ صَلاتي بِهِمْ مَقْبُولَةً، وَذَنْبِي بِهِمْ مَغْفُوراً، وَرِزْقي بِهِمْ مَبْسُوطاً، وَدُعآئي بِهِمْ مُسْتَجاباً، وَحَوآئِجي بِهِمْ مَقْضِيَّةً، وَانْظُرْ الَيَّ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ نَظْرَةرَحيمَةً اسْتَوْجِبُ بِهَا الْكَرامَة عِنْدَكَ ثُمَّ لا تَصْرِفْهُ عَنّي ابَداً بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصارِ، ثَبِّتْ قَلْبي عَلي دينِكَ وَدينِ نَبِيِّكَ وَوَلِيِّكَ، وَلا تُزِغْ قَلْبي بَعْدَ اذْ هَدَيْتَني وَهَبْ لي

ص: 220

مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً انَّكَ انْتَ الْوَهَّابُ، اللهُمَّ الَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَمَرْضاتَكَ طَلَبْتُ، وَثَوابَكَ ابْتَغَيْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اللهُمَّ فَاقْبِلْ بِوَجْهِكَ الَيّ، وَاقْبِلْ بِوَجْهي الَيْكَ.

ثم اقرأ آية الكرسي والمعوذتين وسبح الله سبع مرات، واحمده سبعا، وهلل سبعا، وكبر سبعا، أي كرر كل جملة من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبع مرات ثم قل:

اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَي ما هَدَيْتَني وَلَكَ الْحَمْدُ عَلي ما فَضَّلْتَني وَلَكَ الْحَمْدُ عَلي ما شَرَّفْتَني وَلَكَ الْحَمْدُ عَلي كُلِّ بَلآءٍ حَسَنٍ ابْتَلَيْتَني اللهُمَّ تَقَبَّلْ صَلاتي وَدُعآئي وَطَهِّرْ قَلْبي وَاشْرَحْ لي صَدْري وَتُبْ عَلَيَّ انَّكَ انْتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ.

وقال السيد ابن طاووس: إذا أردت أن تمضي إلي السهلة، فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء، وهو أفضل من غيره من الأوقات، فإذا أتيته فصل المغرب ونافلتها، ثم قم فصل ركعتين تحية المسجد، قربة إلي الله (تعالي)، فإذا فرغت، فارفع يديك إلي السماء وقل :

انْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ مُبْدِئُ الْخَلْقِ وَمُعيدُهُمْ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ خالِقُ الْخَلْقِ وَرازِقُهُمْ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ

ص: 221

الَّا انْتَ الْقابِضُ الْباسِطُ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ مُدَبِّرُ الأُمُورِ وَباعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، انْتَ وارِثُ الْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْها، أسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المَخْزُونِ الْمَكْنُونِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ، وَانْتَ اللَّهُ لا الهَ الَّا انْتَ عالِمُ السِّرّ وَاخْفي اسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي اذا دُعيتَ بِهِ اجَبْتَ، وَاذا سُئِلْتَ بِهِ اعْطَيْتَ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلي مُحَمَّدٍ وَاهْلِ بَيْتِهِ، وَبِحَقِّهِمُ الَّذي اوْجَبْتَهُ عَلي نَفْسِكَ انْ تُصَلِّيَ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَقْضِيَ لي حاجَتي السَّاعَةَ السَّاعَة، يا سامِعَ الدُّعآءِ يا سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ يا غِياثاهُ، أَسأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، اوِ اسْتَاْثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، انْ تُصَلِّيَ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تُعَجِّلَ فَرَجَنَا السَّاعَة، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالأَبْصارِ يا سَميعَ الدُّعآءِ.

ثم اسجد واخشع وادع الله بما تريد، ثم صل في الزاوية الغربية الشمالية، ركعتين وهي موضع دار إبراهيم الخليل عليه السلام حيث كان يذهب منها إلي قتال العمالقة، فإذا فرغت من الصلاة فسبح، ثم قل بعد ذلك :

اللهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ الْبُقْعَة الشَّريفَة، وَبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فيها، قَدْ عَلِمْتَ حَوائِجي فَصَلِّ عَلي مُحَمَّدٍوَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْضِها، وَقَدْ احْصَيْتَ ذُنُوبي فَصَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْها، اللهُمَّ احْيِني ما كانَتِ الْحَياة خَيْراً لي وَامِتْني اذا كانَتِ الْوَفاة

ص: 222

خَيْراً لي عَلي مُوالاة اوْلِيآئِكَ وَمُعاداة اعْدآئِكَ، وَافْعَلْ بي ما انْتَ اهْلُهُ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.

ثم تصلي ركعتين في الزاوية الغربية الأخري، التي هي في سمت القبلة، ثم ترفع يديك وتقول:

اللهُمَّ انّي صَلَّيْتُ هذِهِ الصّلاة ابْتِغآءَ مَرْضاتِكَ، وَطَلَبَ نآئِلِكَ، وَرَجآءَ رِفْدِكَ وَجَوآئِزِكَ، فَصَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَقَبَّلْها مِنّي بِاحْسَنِ قَبُولٍ، وَبَلِّغْني بِرَحْمَتِكَ الْمَأْمُولَ، وَافْعَلْ بي ما انْتَ اهْلُهُ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.

ثم اهو إلي السجود، وضع خديك علي التراب. ثم امضي إلي الزاوية الشرقية، فصل ركعتين وابسط يديك وقل :

اللهُمَّ انْ كانَتِ الذُّنُوبُ وَالْخَطايا قَدْ اخْلَقَتْ وَجْهي عِنْدَكَ، فَلَمْ تَرْفَعْ لي الَيْكَ صَوْتاً، وَلَمْ تَسْتَجِبْ لي دَعْوَة، فَانّي أَسأَلُكَ بِكَ يا اللَّهُ، فَانَّهُ لَيْسَ مِثْلَكَ احَدٌ، وَاتَوَسِّلُ الَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَسْأَلُكَ انْ تُصَلِّيَ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تُقْبِلَ الَيَّ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ، وَتُقْبِلَ بِوَجْهي الَيْكَ، وَلا تُخَيِّبْني حَيْنَ ادْعُوكَ، وَلا تَحْرِمْني حَيْنَ ارْجُوكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.

أقول: نقل عن كتاب غير معروف من كتب الزيارات : أنه ثم تمضي إلي الزاوية الشرقية الأخري، وتصلي هناك

ص: 223

ركعتين، وتقول :

اللهُمَّ انّي أَسأَلُكَ بِاسْمِكَ يا اللَّهُ انْ تُصَلِّيَ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْ تَجْعَلَ خَيْرَ عُمْري آخِرَهُ، وَخَيْرَ اعْمالي خَواتيمَها، وَخَيْرَ ايَّامي يَوْمَ الْقاكَ فيهِ انَّكَ عَلي كُلِّ شَيْ ءٍ قَديرٌ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ دُعآئي وَاسْمَعْ نَجْوايَ، يا عَلِيُّ يا عَظيمُ، يا قادِرُ يا قاهِرُ، يا حَيّاً لا يَمُوتُ، صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي بَيْني وَبَيْنَكَ، وَلا تَفْضَحْني عَلي رُؤُوسِ الأَشْهادِ، وَاحْرُسْني بِعينِكَ الَّتي لا تَنامُ، وَارْحَمْني بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ وَصَلَّيَ اللَّهُ عَلي سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ يا رَبَّ الْعالَمينَ.

ثم تصلي في البيت الذي في وسط المسجد ركعتين،وتقول :

يا مَنْ هُوَ اقْرَبُ الَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ، يا فَعَّالًا لِما يُريدُ يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَحُلْ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَنْ يُؤْذينا بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، يا كافيا مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ وَلا يَكْفي مِنْهُ شَيْ ءٌ، اكْفِنَا الْمُهِمَّ مِنْ امْرِ الدُّنْيا وَالآخِرَهِ يا ارْحَمَ الرَّاحِمينَ.

ص: 224

دعاء اللهم يا ذا المنن السابغة في رجب

وهذا من الأدعية التي كان يدعو بها الإمام الحجة عليه السلام وقد شوهد في مسجد صعصعة، شاهده فيه جمع من الأصحاب في شهر رجب يصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء.

اللّهُمَّ يا ذا المِنَنِ السَّابِغَةِ وَالآلاءِ الوازِعَةِ وَالرَّحْمَةِ الواسِعَةِ وَالقُدْرَةِ الجامِعَةِ وَالنِّعَمِ الجَسِيمَةِ وَالمَواهِبِ العَظِيمَةِ وَالاَيادِي الجَمِيلَةِ وَالعَطايا الجَزِيلَةِ ، يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثِيلٍ وَلا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ وَلا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ ، يا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ وَعَلا فَارْتَفَعَ وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ وَأَعْطي فَأَجْزَلَ وَمَنَح فَأَفْضَلَ ، يا مَنْ سَما فِي العِزِّ فَفاتَ نَواظِرَ الاَبْصارِ وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ الاَفْكارِ يا مَنْ تَوَحَّدَ بِالمُلْكِ فَلا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ وَتَفَرَّدَ بِالآلاِء وَالكِبْرِياءِ فَلا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ ، يا مَنْ حارَتْ فِي كِبْرياءِ هَيْبَتِهِ دقائِقُ لَطائِفِ الاَوْهامِ وَانْحَسَرَتْ دُونَ إدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أَبْصارِ الاَنامِ ، يا مَنْ عَنَتِ الوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ

ص: 225

وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ وَوَجِلَتِ القُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ ؛ أَسْأَلُكَ بِهذِهِ المِدْحَةِ الَّتِي لا تَنْبَغِي إِلاّ لَكَ وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلي نَفْسِكَ لِداعِيكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَبِما ضَمِنْتَ الاِجابَةَ فِيهِ عَلي نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ ، يا أسْمَعَ السَّامِعِينَ وَأَبْصَرَ النَّاِظرِينَ وَأَسْرَعَ الحاسِبِينَ ، يا ذا القُوَّةِ المَتِين صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلي أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَاقْسِمْ لِي فِي شَهْرِنا هذا خَيْرَ ما قَسَمْتَ وَاختِمْ لِي فِي قَضائِكَ خَيْرَ ما ختَمْتَ وَاخْتِمْ لِي بِالسَّعادَةِ فِيمَنْ خَتَمْتَ ، وَأَحْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي مَوْفوراً وَأَمِتْنِي مَسْرُوراً وَمَغْفوراً ، وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجاتِي مِنْ مُسأَلَةِ البَرْزَخِ وَادْرأ عَنِّي مُنْكَراً وَنَكِيراً وَأَرِعَيْنِي مُبَشِّراً وَبَشِيراً ، وَاجْعَلْ لِي إِلي رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ مَصِيراً وَعَيْشاً قَرِيراً وَمُلْكاً كَبِيراً وَصَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً.

ص: 226

دعاء زمن الغيبة

قال المحدث القمي رحمه الله في هذا الدعاء روي بسند معتبر أن الشيخ أبا عمرو النائب الأول من نواب إمام العصر (صلوات الله عليه) أملي هذا الدعاء علي أبي محمد بن همام وأمره أن يدعو به، وقد ذكر الدعاء السيد ابن طاووس في كتاب (جمال الأسبوع) بعد ذكره الدعوات الواردة بعد فريضة العصر يوم الجمعة وبعد الصلاة الكبيرة، وقال : وإذا كان لك عذر عن كل ما ذكرناه فاحذر أن تهمل هذا الدعاء ، فإنا قد عرفناه من فضل الله جل جلاله الذي خصنا به، فاعتمد عليه وهو هذا الدعاء :

اَللّهُمَّ عَرِّفْني نَفْسَكَ، فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَفْسَكَ، لَمْ اَعْرِف رسولَكَ؛

اَللّهُمَّ عَرِّفْني رَسُولَكَ، فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني رَسُولَكَ، لَمْ اَعْرِفْ حُجَّتَكَ؛ اَللّهُمَّ عَرِّفْني حُجَّتَكَ، فَاِنَّكَ اِنْ لَمْ تُعَرِّفْني حُجَّتَكَ، ضَلَلْتُ عَنْ ديني.

اللّهُمَّ لَاتُمِتْنِي مِيْتَةً جاهِلِيَّةً، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي .

ص: 227

اللّهُمَّ فَكَما هَدَيْتَنِي لِوِلايَةِ مَنْ فَرَضْتَ عَلَيَّ طاعَتَهُ مِنْ وِلايَةِ وُلاةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّي والَيْتُ وُلاةَ أَمْرِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَي وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اللّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلَي دِينِكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ، وَلَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ؛ وَعافِنِي مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبِّتْنِي عَلَي طاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ، وَبِإِذْنِكَ غابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ، وَأَمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَأَنْتَ الْعالِمُ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلاحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ فِي الْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهارِ أَمْرِهِ، وَكَشْفِ سِتْرِهِ، فَصَبِّرْنِي عَلَي ذلِكَ حَتَّي لَاأُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، وَلَا كَشْفَ مَا سَتَرْتَ، وَلَا الْبَحْثَ عَمَّا كَتَمْتَ، وَلَا أُنازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ، وَلَا أَقُولَ لِمَ وَكَيْفَ وَما بالُ وَلِيِّ الْأَمْرِ لَايَظْهَرُ وَقَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْجَوْرِ، وَأُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّها إِلَيْكَ .

اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَنِي وَلِيَّ أَمْرِكَ ظاهِراً نافِذَ الْأَمْرِ، مَعَ عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطانَ وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهانَ وَالْحُجَّةَ وَالْمَشِيَّةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ، فَافْعَلْ ذٰلِكَ بِي وَبِجَمِيعِ

ص: 228

الْمُؤْمِنِينَ حَتَّي تنْظُرَ إِلَي وَلِيِّ أَمْرِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ؛ ظاهِرَ الْمَقالَةِ، واضِحَ الدَّلالَةِ، هادِياً مِنَ الضَّلالَةِ، شافِياً مِنَ الْجَهالَةِ، أَبْرِزْ يَا رَبِّ مُشاهَدَتَهُ، وَثَبِّتْ قَواعِدَهُ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَأَقِمْنا بِخِدْمَتِهِ، وَتَوَفَّنا عَلَي مِلَّتِهِ، وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ .

اللّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذِي لَايَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ، وَوَصِيَّ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ

اللّهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمْرِهِ، وَزِدْ فِي أَجَلِهِ، وَأَعِنْهُ عَلَي مَا وَلَّيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ، وَزِدْ فِي كَرامَتِكَ لَهُ فَإِنَّهُ الْهادِي الْمَهْدِيُّ، وَالْقائِمُ الْمُهْتَدِي وَالطَّاهِرُ التَّقِيُّ، الزَّكِيُّ النَّقِيُّ، الرَّضِيُّ الْمَرْضِيُّ، الصَّابِرُ الشَّكُورُ الْمُجْتَهِدُ؛

اللّهُمَّ وَلَا تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ لِطُولِ الْأَمَدِ فِي غَيْبَتِهِ وَانْقِطاعِ خَبَرِهِ عَنَّا، وَلَا تُنْسِنا ذِكْرَهُ وَانْتِظارَهُ، وَالْإِيمانَ بِهِ، وَقُوَّةَ الْيَقِينِ فِي ظُهُورِهِ، وَالدُّعاءَ لَهُ وَالصَّلاةَ عَلَيْهِ، حَتَّي لَايُقَنِّطَنا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ قِيامِهِ، وَيَكُونَ يَقِينُنا فِي ذلِكَ كَيَقِينِنا فِي قِيامِ

ص: 229

رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَمَا جاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَتَنْزِيلِكَ، فَقَوِّ قُلُوبَنا عَلَي الْإِيمانِ بِهِ، حَتَّي تَسْلُكَ بِنَا عَلَي يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدَي، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَي، وَالطَّرِيقَةَ الْوُسْطَي، وَقَوِّنا عَلَي طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلَي مُتابَعَتِهِ(مشايعته)، وَاجْعَلْنا فِي حِزْبِهِ وَأَعْوانِهِ وَأَنْصارِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَلَا تَسْلُبْنا ذٰلِكَ فِي حَيَاتِنا وَلَا عِنْدَ وَفاتِنا، حَتَّي تَتَوَفَّانا وَنَحْنُ عَلَي ذلِكَ، لَاشاكِّينَ وَلَا ناكِثِينَ وَلَا مُرْتابِينَ وَلَا مُكَذِّبِينَ؛

اللّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْ ناصِرِيهِ، وَاخْذُلْ خاذِلِيهِ، وَدَمْدِمْ عَلَي مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ، وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الذُّلِّ، وَانْعَشْ بِهِ الْبِلادَ، وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ، وَذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارِينَ وَالْكافِرِينَ، وَأَبِرْ بِهِ الْمُنافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَجَمِيعَ الُمخالِفِينَ وَالْمُلْحِدِينَ فِي مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتَّي لَاتَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلَا تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً، طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ، وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبادِكَ، وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحي مِنْ دِينِكَ؛ وَأَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ وَغُيِّرَ مِنْ سُنَّتِكَ، حَتَّي يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَي يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لَاعِوَجَ فِيهِ، وَلَا بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتَّي تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرانَ الْكافِرِينَ، فَإِنَّهُ عَبْدُكَ

ص: 230

الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَارْتَضَيْتَهُ لِنَصْرِ دِينِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَأَطْلَعْتَهُ عَلَي الْغُيُوبِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ، وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ .

اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَي آبائِهِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَي شِيعَتِهِ الْمُنْتَجَبِينَ، وَبَلِّغْهُمْ مِنْ آمالِهِمْ مَا يَأْمُلُونَ، وَاجْعَلْ ذلِكَ مِنَّا خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّي لَانُرِيدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلَا نَطْلُبَ بِهِ إِلّا وَجْهَكَ؛

اللّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا، وَغَيْبَةَ إِمامِنا، وَشِدَّةَ الزَّمانِ عَلَيْنا، وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنا، وَتَظاهُرَ الْأَعْداءِ عَلَيْنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا .

اللّهُمَّ فَافْرُجْ ذلِكَ عَنَّا بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَنَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ، وَ إِمامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ، إِلهَ الْحَقِّ آمِينَ .

اللّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظْهارِ عَدْلِكَ فِي عِبادِكَ، وَقَتْلِ أَعْدائِكَ فِي بِلادِكَ، حَتَّي لَا تَدَعَ لِلْجَوْرِ يَا رَبِّ دِعامَةً إِلّا قَصَمْتَها، وَلَا بَقِيَّةً إِلّا أَفْنَيْتَها، وَلَا قُوَّةً إِلّا أَوْهَنْتَها، وَلَا رُكْناً إِلّا هَدَمْتَهُ، وَلَا حَدّاً إِلّا فَلَلْتَهُ، وَلَا سِلاحاً إِلّا أَكْلَلْتَهُ، وَلَا رايَةً إِلّا نَكَّسْتَها، وَلَا شُجاعاً إِلّا قَتَلْتَهُ، وَلَا

ص: 231

جَيْشاً إِلّا خَذَلْتَهُ، وَارْمِهِمْ يَا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ، وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقاطِعِ وَبَأْسِكَ الَّذِي لَاتَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، وَعَذِّبْ أَعْداءَكَ وَأَعْداءَ وَلِيِّكَ وَأَعْداءَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِيَدِ وَلِيِّكَ وَأَيْدِي عِبادِكَ الْمُؤْمِنِينَ.

اللّهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ، وَكَيْدَ مَنْ أَرادَهُ(كاده)، وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ، وَاجْعَلْ دائِرَةَ السَّوْءِ عَلَي مَنْ أَرادَ بِهِ سُوءاً، وَاقْطَعْ عَنْهُ مادَّتَهُمْ، وَأَرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ، وَزَلْزِلْ أَقْدامَهُمْ، وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبَغْتَةً، وَشَدِّدْ عَلَيْهِمْ عَذابَكَ، وَأَخْزِهِمْ فِي عِبادِكَ، وَالْعَنْهُمْ فِي بِلادِكَ، وَأَسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نارِكَ، وَأَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذابِكَ، وَأَصْلِهِمْ ناراً، وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتاهُمْ ناراً، وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نارِكَ، فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، وَأَضَلُّوا عِبادَكَ، وَأَخْرَبُوا بِلادَكَ .

اللّهُمَّ وَأَحْيِ بِوَلِيِّكَ الْقُرْآنَ، وَأَرِنا نُورَهُ سَرْمَداً لَالَيْلَ فِيهِ، وَأَحْيِ بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيِّتَةَ؛ وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ ، وَاجْمَعْ بِهِ الْأَهْواءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَي الْحَقِّ، وَأَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ وَالْأَحْكامَ الْمُهْمَلَةَ، حَتَّي لَايَبْقي حَقٌّ إِلّا ظَهَرَ، وَلَا عَدْلٌ إِلّا زَهَرَ، وَاجْعَلْنا يَا رَبِّ مِنْ أَعْوانِهِ، وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ، وَالْمُؤْتَمِرِينَ لِأَمْرِهِ، وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَالْمُسَلِّمِينَ لِأَحْكامِهِ،

ص: 232

وَمِمَّنْ لَاحاجَةَ بِهِ إِلَي التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَنْتَ يَا رَبِّ الَّذِي تَكْشِفُ الضُّرَّ، وَتُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاكَ، وَتُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ، فَاكْشِفْ الضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ، وَاجْعَلْهُ خَلِيفَةً فِي أَرْضِكَ كَما ضَمِنْتَ لَهُ .

اللّهُمَّ لَاتَجْعَلْنِي مِنْ خُصَماءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَلَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَعْداءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَلَا تَجَعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَي آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَإِنِّي أَعُوذُبِكَ مِنْ ذلِكَ فَأَعِذْنِي، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي .

اللّهُمَّ صَلِّ عَلَي مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ، آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ.

ص: 233

زيارة الإمام الحجة عليه السلام في يوم الجمعة

يوم الجمعة يوم الإمام صاحب الزمان(صلوات الله عليه)وباسمه، وهو اليوم الذي متوقع ظهروره الشريف فيه عليه السلام

فقل في زيارته :

السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا نُورَاللَّهِ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَ يُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُهَذَّبُ الْخَائِفُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَلِيُّ النَّاصِحُ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَفِينَةَ النَّجَاةِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ الْحَيَاةِ السَّلامُ عَلَيْكَ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَي آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ السَّلامُ عَلَيْكَ عَجَّلَ اللَّهُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَ ظُهُورِ الْأَمْرِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلايَ أَنَا مَوْلاكَ عَارِفٌ بِأُولاكَ وَ أُخْرَاكَ أَتَقَرَّبُ إِلَي اللَّهِ تَعَالَي بِكَ وَ بِآلِ بَيْتِكَ وَ أَنْتَظِرُ ظُهُورَكَ وَ ظُهُورَ الْحَقِّ عَلَي يَدَيْكَ. وَ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَي مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لَكَ وَالتَّابِعِينَ وَالنَّاصِرِينَ لَكَ عَلَي أَعْدَائِكَ وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ

ص: 234

يَدَيْكَ فِي جُمْلَةِ أَوْلِيَائِكَ يَا مَوْلايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَي آلِ بَيْتِكَ هَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ هُوَ يَوْمُكَ الْمُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ وَ الْفَرَجُ فِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَي يَدَيْكَ وَ قَتْلُ الْكَافِرِينَ بِسَيْفِكَ وَ أَنَا يَا مَوْلايَ فِيهِ ضَيْفُكَ وَ جَارُكَ وَ أَنْتَ يَا مَوْلايَ كَرِيمٌ مِنْ أَوْلادِ الْكِرَامِ وَ مَأْمُورٌ بِالضِّيَافَةِ وَالْإِجَارَةِ فَأَضِفْنِي وَ أَجِرْنِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَ عَلَي أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ.

ص: 235

ص: 236

حكايات وقصص اللقاء بالإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف) وفيوضاته

ص: 237

ص: 238

قصة لقاء مع الإمام الحجة بعد زيارة الأميرعليه السلام

نذكر هنا القصة المشهورة في كتب العلماء وهي قصة الحاج الصالح علي البغدادي، جاءت في كتاب جنة المأوي، والنجم الثاقب.

وقال صاحب كتاب النجم الثاقب، إنه لو لم يكن في هذا الكتاب سوي هذه القصة، المتقنة الصحيحة، الحاوية علي فوائد جمة، الحادثة في عصرنا، لكفاه شرفا ونفسا.

ثم قال : في سرد القصة الشريفة، حكي الحاج علي (أيده الله) قائلا : تراكم في ذمتي من سهم الإمام عليه السلام من الخمس، مبلغ ثمانين تومانا، فرحلت إلي النجف الأشرف، ودفعت منها إلي علم الهدي والتقي حضرة الشيخ مرتضي (أعلي الله مقامه) عشرين تومانا، وإلي حضرة الشيخ محمد حسين المجتهد الكاظمي عشرين تومانا، وإلي حضرة الشيخ محمد الشروقي عشرين تومانا، لم يبق علئ سوي عشرين تومانا، كنت أروم أن أقدمها إذا قفلت من التجف، إلي الشيخ محمد حسن آل

ص: 239

يس الكاظمي (أيده الله) ووددت لما وافيت بغداد أن أبادر إلي أداء ما استمر علي من السهم، فتوجهت إلي الكاظمية، وكان اليوم يوم الخميس، فزرت الإمامين الهمامين الكاظمين عليه السلام ثم وافيت حضرة الشيخ (سلمه الله) فنقدته شطرا من العشرين تومانا، وأوعدته بأن أؤدي الباقي إذا بعت بعض البضائع، بأن أبذله إلي مستحقه حسب ما يحيله علي بالتدريج، ثم أزمعت علي مغادرة الكاظمية ورفضت ما ألح فيه حضرة الشيخ من البقاء، معتذرا بأن علي أن أوفي عمال معمل النسيج أجورهم، حسب ما قررت عليه من بذل أجر عمل الأسبوع في يوم الخميس عصرا، فأخذت أسلك طريقي إلي بغداد، فلما قاربت ثلث الطريق، إذا أنا بسيد جليل من السادة ، يعرج علي في طريقه إلي الكاظمية، فدنا مني وسلم علي، وبسط يده للمصافحة والمعانقة، ورحب بي قائلا : أهلا وسهلا، وضمني إلي صدره وتلاثمنا، وكان قد تعمم بعمامة خضراء زاهرة، وفي وجهه الشريف شامة كبيرة سوداء.

فتوقف وقال : علي خير أيها الحاج علي، أين المقصد؟

فأجبته: قد زرت الكاظمين عليه السلام وأنا الآن ماض إلي بغداد .

فقال لي: غد إلي الكاظمين عليه السلام فهذه ليلة الجمعة.

قلت: لا يسعني العود.

ص: 240

فأجاب : ذلك في وسعك، عد كي أشهد لك بأنك من الموالين لجدي أمير المؤمنين عليه السلام ولنا، ويشهد لك الشيخ، فقد قال تعالي: (واستشهدوا شاهدين)، وكان هذا تلميحا إلي ما كنت أتوخاه من التماس الشيخ، أن يمنحني رقعة أجعلها في كفني يشهد لي فيها بأني من الموالين لأهل البيت عليهم السلام .

فسألته من أين عرفتني وكيف تشهد لي؟

فأجاب : وكيف لا يعرف المرء من وافاه حقه؟

قلت : وأي حق هذا الذي تعنيه؟

فأجاب : ما بذلته لوكيلي .

قلت ومن هو؟

قال الشيخ محمد حسن .

فقلت : أهو وكيلك؟

أجاب : هو وكيلي، وكذلك السيد محمد .

قال الحاج علي : ما كنت أعرف صاحبي هذا، ولكنه كان قد دعاني باسمي، فاحتملت أن تكون بيننا معرفة سابقة، وقلت أيضا في نفسي إنه يطالبني بشيءمن الخمس، ووددت أن أبذل له من سهم الإمام عليه السلام.

فقلت : يا أيها السيد إنه قد بقي في ذمتي من حقكم

ص: 241

شيء. أي حق السادة . وقد راجعت في ذلك حضرة الشيخ محمد حسن، كي أؤديه إليكم بإذنه، فتبسم في وجهي قائلا : نعم قد أبلغت شطرا من حقنا إلي وكلائنا في النجف الأشرف.

فقلت : هل قبل ما أديته؟

قال : نعم.

ثم انتبهت إلي أن صاحبي هذا يعبر عن أعاظم العلماء بكلمة وكلائي، فاستكبرت ذلك ، ثم قلت في نفسي العلماء وكلاء السادة، في قبض حقوقهم، ثم اعترضتني الغفلة، انتهي .

ثم قال لي: عذ إلي زيارة جدي، فطاوعته وعدت معه ، وكنت قابضا علي يده اليمني بيدي اليسري، فلما استأنفنا المسير، وجذت نهرا إلي جانبنا الأيمن، يجري بماء زلال، ووجدت أشجار الليمون والرارنج، والعنب والرمان، وغيرها، تظللنا من فوق رؤوسنا، وكلها مثمرة معا في غير مواسمها، فسألته عن النهر والأشجار .

فقال : إنها تصاحب كل موال من موالينا إذا زار جدنا،وزارنا.

فقلت له مسألة أريد سؤالها.

قال : سل.

قلت : إن الشيخ عبد الرزاق كانممن يزاول التدريس،

ص: 242

وقد وافيته يوما فسمعته يقول: من دأب في حياته علي صيام النهار، وقيام الليل، وحج أربعين حجة، واعتمر أربعين عمرة، ثم وافته المنون، وهو بين الصفا والمروة، ولم يكن هو من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام ما كان له شيء من الأجر؟

فأجاب نعم، والله ما كان له شيء، ثم سألته عن بعض أقربائي هل هو من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام .

فأجاب: نعم هو ومن يتصل بك .

ثم قلت : سيدنا مسألة.

قال : سل.

قلت: يقول خطباء مآتم الحسين عليه السلام إن سليمان الأعمش، أتي رجلا يسأله عن زيارة سيد الشهداء عليه السلام فأجابه الرجل أنها بدعة، ثم رأي في المنام هودجا بين السماء والأرض، فسأل عن الهودج، فأجيب بأن فيه فاطمة الزهراء ، وخديجة الكبري عليه السلام فسأل أين تذهبان، فأجيب إلي زيارة الحسين عليه السلام في هذه الليلة، وهي ليلة الجمعة، وشاهد رقعا تتساقط إلي الأرض من ذلك الهودج، كتب فيها :

اَمانٌ مِنَ النّارِ لِزُوّارِ الْحُسَينِ(عليه السلام) في لَيلَةِ الْجُمُعَةِ أمانٌ مِنَ النّارِ يومَ القِيامَةِ.

ص: 243

فهل صحيح هذا الحديث؟

قال : نعم تام صحيح.

قلت : سيدنا أصحيح ما يقال أن من زار الحسين عليه السلام لَيلَةِ الْجُمُعَة كان آمنا.

قال نعم ودمعت عيناه ويكي .

قلت : سيدنا مسألة.

قال : سل.

قلت: قد زرنا الرضا عليه السلام سنة ألف ومائتين وتسع وستين، فصادفنا في بلدة درود أحد الشروقيين (وهم قوم من العرب يسكنون البادية الشرقية للنجف الأشرف) . فأضفناه وسألناه عن ولاية الرضاعليه السلام فقال هي الجنة، وقال : هذا هو الخامس عشر من أيام أقتات فيها بطعام الرضا عليه السلام فكيف يجرؤ منكر ونكير أن يدنوا مني في قبري، إنه قد نبت لحمي وعظمي من طعام الرضا عليه السلام في دار ضيافته، فهل صحيح أن الرضا عليه السلام يوافيه في قبره وينجيه من منكر ونكير .

فأجاب: نعم، والله إن جدي الضامن .

قلت : سيدنا مسألة قصيرة شئت أسألها .

قال : سل.

ص: 244

قلت : زيارتي للرضاعليه السلام هي مقبولة؟

أجاب : مقبولة إن شاء الله .

قلت : سيدنا مسألة .

قال : سل. بسم الله.

قلت : وهل قبلت زيارة الحاج محمد حسين البزاز بزاز باشي . ابن المرحوم الحاج أحمد البراز . بزاز باشي . وقد وافقته في طريقي إلي مشهد الرضا عليه السلام فكنا شريكين في النفقة .

قال : زيارة العبد الصالح مقبولة .

قلت : سيدنا مسألة .

قال : سل بسم الله .

قلت: وهل قبلت زيارة فلان من أهالي بغداد وكان معنا في طريقنا إلي خراسان.

فسكت ولم يجب.

قلت : سيدنا مسألة .

قال : سل بسم الله.

قلت : هل سمعت مسألتي السابقة، هل قبلت زيارة الرجل؟

ص: 245

فلم يجبني .

قال الحاج علي إن الرجل كان هو وأخلاؤه في الطريق من أهالي بغداد المترفين، وكانوا في رحلتهم هذه يدأبون في اللعب واللهو، وكان هو قاتل أمه، ثم بلغنا متسعا من الطريق يواجه مدينة الكاظمين محاطا بالبساتين من الجانبين، وكان شطر من هذه الجادة يقع علي يمين القادم من بغداد، ملكا لبعض الأيتام من السادة ، وقد اغتصبته الحكومة، فجعلته جزءا من الطريق العام، فكان الورع التقي من أهالي بغداد والكاظمية يحذر المسير في هذا الشطر من الجادة، فرأيت صاحبي هذا لا يأبي الجري عليه.

فقلت له: سيدي هذا الموضع ملك لبعض الأيتام من السادة ، ولا ينبغي التصرف فيه.

فأجاب هو لجدي أمير المؤمنين عليه السلام وذريته وأولادنا، ويحل التصرف فيه لموالينا.

وكان علي الجانب الأيمن قرب هذا الموضع بستان الرجل يدعي الحاج ميرزاهادي، وكان ثريا من أثرياء العجم المشهورين، وكان يسكن بغداد.

فقلت : سيدنا هل صحيح ما يقال إن هذا البستان أرضه للإمام موسي بن جعفر عليه السلام .

ص: 246

قال : ما شأنك وهذا؟ وأعرض عن الجواب .

ثم بلغنا ساقية مدت من نهر دجلة، لري المزارع والبساتين، وهي تقاطع الجادة، فينشعب هناك المسلك إلي المدينة شعبتين، هما الشارع السلطاني، وشارع السادة، فتوجه صاحبي إلي شارع السادة، فدعوته إلي شارع السلطاني، فرفض وقال : لنسر في شارعنا هذا، فما خطونا خطوات، إلأ ووجدنا أنفسنا في الصحن المقدس، عند منزع الأحذية. الكشوانية . من دون أن نمر بسوق أو زقاق، فدخلنا الأيوان من جانب باب المراد شرقا، مما يلي الرجل، فلم يمكث صاحبي للاستئذان الدخول الرواق الطاهر، وورد من دون الاستئذان، ثم وقف علي باب الحرم الشريف، فخاطبني وقال : زر، قلت : إني لا أعرف القراءة.

قال : فأقرأ لك الزيارة؟

قلت : نعم

فقال : أأدخل يا الله السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أمير المؤمنين وسلم علي الأئمة واحدا فواحدا حتي بلغ الإمام العسكري عليه السلام .

فقال : السلام عليك يا أبا محمد الحسن العسكري ثم

ص: 247

خاطبني قائلا: أتعرف إمام عصرك؟

أجبت: وكيف لا أعرفه .

قال : فسلم عليه.

فقلت : السلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ الله يا صاحِبَ الزَّمَانِ يابنَ الحَسَنِ.

فتبسم.

وقال : عَلَيكَ السَّلامُ وَرَحمَةُ الله وبَرَكَاتُهُ .

فدخلنا الحرم الطاهر، وانكبنا علي الضريح المقدس وقبلناه ، ثم قال لي زُر.

قلت: لا أعرف القراءة .

قال : فاقرأ لك الزيارة؟

قلت: نعم.

قال : في أي الزيارات ترغب؟

قلت : إقرأ لي ما هو أفضل الزيارات .

فقال : زيارة أمين الله هي الفضلي، ثم أخذ يزور بها قائلا:

ص: 248

السَلامُ عَلَيكُمَا يا أمِينَي الله فِي أرضِهِ وَحُجَّتِهِ عَلَي عِبَادِهِ .الي آخره ..

وأججت حينئذ مصابيح الحرم الشريف، فشاهدت الشموع لا تؤثر ضياء في تلك البقعة الشريفة، فكأنها مشرقة بنور الشمس، والشموع تبدو كما لو أججت في وضح النهار ، وهذا وأنا ذاهل عن هذه الآيات، فلا أنتبه إليها، فلما انتهي من الزيارة دار من سمت الرجل إلي خلف القبر الشريف، فوقف في الجانب الشرقي، وقال هل تزور جدي الحسين عليه السلام ؟

قلت : نعم أزوره عليه السلام فهذه ليلة الجمعة، فزاره عليه السلام بزيارة وارث، وانتهي المؤذن حينئذ من أذان المغرب.

فقال لي صاحبي : صل والتحق بالجماعة، فأتي المسجد الواقع خلف القبر الشريف، وقد أقيمت هنا صلاة الجماعة ، ووقف هو منفردا إلي يمين الإمام، محاذيا له، أما أنا فوجدت مكانا في الصف الأول، ووقفت هناك مصليا مع الجماعة ، فلما فرغت من الصلاة، لم أجد صاحبي، فخرجت من المسجد، وفتشت عنه في الحرم الشريف، فلم أجده، وكنت أنوي أن أبذل له عدة قرانات، وأستضيفه تلك الليلة، وإذا أنا أفيق من غفلتي وأنتبه، فأشخص السيد الذي صحبني، فتتوالي في خاطري الآيات والمعجزات التي مرت بي، فقد انقادت له

ص: 249

نفسي فعدت معه إلي الكاظمين عليه السلام غير مبال بما كان يصدني عن ذلك من الأمر الهام في بغداد، وقد دعاني باسمي ولم أكن قد رأيته من قبل، وقد عبر بكلمة الموالين لنا، وقال أيضا : أنا أشهد لك، وقد أبدي لي النهر الجاري، والأشجار المثمرة، في غير مواسمها، فهذه الشواهد الواضحة وغيرها، مما شاهدت تورث إلي القطع واليقين، بأنه هو الإمام المهدي عليه السلام ولا سيما أنه سألني هل تعرف إمام زمانك؟ قلت: نعم.

فقال : سلم عليه فلما سلمت، تبسم ورد؛ هو علي السلام، ثم أتيت حافظ الأحذية . الكيشوان . وسألته عن صاحبي، فأجاب : قد خرج: سألني أكان هو صاحبك؟

قلت : نعم، ثم أويت إلي البيت الذي كنت أحل بها ضيفا، فبت فيه ليلتي، فلما أصبح الصباح، توجهت إلي حضرة الشيخ محمد حسن، وقصصت له قصتي، فوضع يده علي فيه، ونهاني عن إفشاء القصة.

وقال لي: وفقك الله، فكنت أكتمها ولا أنبيء بها أحدا، وبعد شهر من حدوثها شاهدت يوما في الحرم الطاهر سيدا جليلا يدنو مني، ويسألني ماذا حدث لك ويلمح إلي القصة فأنكرتها، قائلا: لم يحدث لي شيء فأعاد علي كلامه ، فاشتد إنكاري لها، ثم غاب عن بصري ولم أره بعد، انتهي .

ص: 250

حادثة عجيبة

يقول السيد دستغيب:

كان لي، منذ ما يقرب من ثلاثين سنة مضت، حاجة روحانية مهمة، وقد توسلت لبلوغها آنذاك بالإمام الحجة بن الحسن العسكري، عجل الله تعالي فرجه الشريف، وكتبت رقعة استغاثة به عليه السلام طبقا لما جاء في آخر كتاب (النجم الثاقب).

ولأنني كنت أعلم أن المرحوم الحاج المؤمن مكرم عنده عليه السلام ، فقد أعطيته الرقعة، وطلبت إليه أن يرميها في النهر، وأن يتوسل وهو يرميها بالحسين بن روح الذي هو النائب الخاص الثالث للإمام عليه السلام ، وأن يقوم بذلك في يوم الجمعة .

قال المرحوم الحاج المؤمن:

لقد شاهدت عجبا، ذلك أنني بعد الزيارة والتوسل بالإمام عليه السلام، رميت الرسالة في الماء الجاري، فوجدت أن

ص: 251

الرسالة لم تذهب مع الماء، فأخذتها ورميتها ثانية، فلم تتحرك من أمامي، فجلست قليلا حتي تيقنت أن لا صلاح من تحقق تلك الحاجة، فأخذت الرسالة من الماء ورجعت.

وبعد عدة سنوات، تيقنت أن تحقق تلك الحاجة في ذلك الوقت، لم يكن مناسبا، وقد تحققت فيما بعد في موقعها ولله الحمد.

ص: 252

احترام السادة

رأي أحد العلماء الأجلاء في منامه، كأنه دخل إلي مجلس فيه الرسول صلي الله عليه و آله وعن يمينه الأئمة عليه السلام وعلماء الشيعة بحسب زمانهم وقد جلسوا عن يسار الرسول الكريم صلي الله عليه و آله وفي الأثناء دخل شيخ وأراد أن يجلس بجوار صاحب جواهر الكلام رضوان الله عليه ، ولكن الرسول صلي الله عليه و آله أومأ إليه بأن يجلس إلي جانب الإمام الحجة بن الحسن عجل الله تعالي فرجه الشريف، وفي الوهلة الأولي لم يجلس الشيخ إلي جانب الإمام احتراما وبقي واقفا يفكر، فأشار إليه الرسول صلي الله عليه و آله ثانية أن اجلس إلي جانب الإمام القائم عجل الله تعالي فرجه، فاستجاب لذلك، فسأل الحاضرون من الرسول الأكرم صلي الله عليه و آله عن سبب هذا الاحترام والمنزلة التي أولاها لهذا الشيخ فقال صلي الله عليه و آله: كان في حياته يحترم أولادي وذريتي بحيث لم يصل أحد منكم إلي منزلة ومقام هذا الشيخ، لذا فإنني خصصته بهذا الاهتمام والاحترام .

ص: 253

التغلب علي هوي النفس والتشرف بلقاء الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف)

نقل أحد الموثقين عن بعض مراجع التقليد العظام أن أحد علماء طهران نقل له أنه كان في أحد الأيام جالسا في بيته إذ دخل عليه رجل متوسط العمر وقد خط الشيب لحيته وكان يدعي شيخ حسن واقترب مني ليقول لي: أنا أريد أن أدرك عنكم كتاب جامع المقدمات .

وقد أحسست بشيء يجبرني علي قبول طلبه بالرغم من تزاحم أعمالي وأنه ليس مناسبا لي أن أدرس جامع المقدمات لأنه درس ابتدائي فقلت له :

لا مانع لدي، وبدأت بتدريسه، وأخذت أواصل معه الدرس كل يوم، وتوثقت علاقتي معه، وأخذ يقضي معظم أوقاته في بيتي.

وفي يوم كانت عندي معاملة في إحدي دوائر النظام الطاغوتي وقد تعسر إنجازها واستعصي أمرها، وبينما أنا حيران

ص: 254

في هذا الأمر إذ اقترب مني أحد الأشخاص وقال : إذا أرسلت لي الخطيب الفلاني فسوف أنجز لك عملك فورا، وأردت أن أوافق علي عرضه هذا فقال لي شيخ حسن: إن هذا لا يستطيع إنجاز عملك هذا، هذا العمل قضاؤه مستحيل !!

ولم أعبأ بكلامه، ولكن بعدها رأيت أن كل جهودي ذهبت أدراج الرياح، ولم أستطيع إنجاز ذلك العمل.

ويوما ما كنت أعطيه درسا كالمعتاد ولكني لم أحضر لذلك الدرس فقال الشيخ حسن: في الليلة الماضية لم تستطيع تحضير الدرس بسبب زواجك من امرأة جديدة، حيث إنها كانت لا ترغب أن تفارقك وتريد أن لا تنشغل عنها في تحضير الدرس، لذا فإنها أخفت الكتاب في المكان الفلاني، وقد بحثت عنه فلم تجده فإنك لم تستعد ولم تحضر هذا الدرس !!! فذهبت إلي البيت فوجدت الكتاب في نفس المكان الذي وصفه لي وسألت زوجتي الجديدة عن أمر إخفاء الكتاب فأجابتني بمثل ما قاله لي. عندها غرقت في بحر من الأفكار، وصممت علي أن أسأل منه عن كيفية معرفته لهذه الأمور ؟

فأجابني : أنا لي قصة لم أخبر أحدا بها أبدا ولكونك أستاذي سوف أقصها عليك :

كنت أعيش في إحدي القري في أطراف مشهد، ووالدي

ص: 255

كان عالم تلك القرية، وقد توفي قبل ما يقرب من العشرين عاما، واجتمع أهل القرية بعد وفاته وألبسوني عمامة والدي وطلبوا مني أن أقوم بمهامه كعالم للقرية ، وقد كنت وقتئذ شابا في مقتبل عمري حيث لم أستطيع أن أسيطر علي هوي نفسي، ولم يسمح لي حب ذاتي وأنانيتي أن أقول أنني لست أهلا لذلك، إنني لا أعلم، أنني جاهل بالأمور والأحكام الشرعية، واستمر الوضع علي هذا المنوال ما يقرب من العشرين عاما حيث كنت أعطي دروسا في العقائد والأحكام بحسب ما تشتهيه نفسي، وكانت بعض الأحكام التي أعلمها لأهل القرية غير مطابقة للواقع وغير صحيحة، وكنت أتصرف في أموال سهم الإمام عجل الله تعالي فرجه الشريف بدون أخذ إذن من المراجع.

وفي أحد الأيام كنت أنظر إلي وجهي في المرآة ورأيت شعر لحيتي وقد اشتعل شيبا وآثار الكبر والتقدم في السن أخذت تبدو علي وجهي، وأخذت النفس اللوامة وضميري يؤنبني علي ما أنا فيه، وأخذت تسائلني نفسي: إلي متي تبقي علي هذا الحال تضل هؤلاء، وتتصدي لأمر تجهله وليس لك فيه علم أو معرفة. وهناك جلست وأخذت ألوم نفسي وأبكي، وطال بكائي ندما علي ما أسرفت في تلك الأيام الخالية . وفي

ص: 256

ليلة ذهبت إلي المسجد واعتليت المنبر وقلت لأهل القرية : لقد أمضيت وقتا طويلا في تعليمكم الأحكام الشرعية وحيث أني ممن لا علم لهم ولا خبرة في هذا المجال فلربما أن أكثر أعمالكم باطلة ولذا جئت هنا أعتذر إليكم علي تقصيري بحقكم.

وقد ظن أهل القرية لأول وهلة أنني أتواضع بين أيديهم فلم يصدقوا، ولكنهم عندما علموا أنني جاد في قولي هجموا علي وأخذوا يكيلون لي الضربات والشتائم وأخرجوني من القرية علي هذا الحال. وقد تخلي عني زوجتي وأطفالي لأنني أصبحت مصدر عار عليهم فخرجت من قريتي مشيا علي الأقدام ويممت وجهي شطر طهران وأمضيت وقتا في الطريق بدون غذاء ولا نقود هائما علي وجهي في البراري، إلي أن وصلت إلي طهران وقد ضاق بي الوسيع وأحسست بحرج شديد لما عانيته وأعانيه في هذا البلد الذي لا أعرف أهله فتوجهت إلي الله سبحانه وتعالي وخاطبته :

إلهي إما أن تقبضني وتخلصني من هذه الحياة أو أن تجعل لي طريق حل لما أنا فيه ؟ لقد خرجت بهذا الوضع في سبيلك، خذ بيدي إلي ما فيه الصلاح واجعلني من أنصارك واغفر ذنوبي وارحمني.

ص: 257

وفجأة رأيت شخصا وقورا أخذ يسير بجنبي، وذهلت عندما رأيته بهذه الصورة المفاجئة وخالجني شيء من الخوف، ولكني اطمأننت عندما رأيته يلاطفني ويسميني باسمي حيث قال لي: لا تحزن ولا تخف لقد غفر الله لك، وقال لي جملا مختصرة في هذا المجال فاطمأن قلبي وسررت وقد أحسست بأن حملا ثقيلا قد زال عن كاهلي فارتحت منه واطمأننت بأن الفرج قد أتي. وتوجه نحوي ليقول لي: غدا صباحا تذهب إلي مدرسة الميرزا محمود الوزير في طهران وتقول للمسؤول عن المدرسة أن الحجرة الفلانية فرغت هذا اليوم أعطني إياها الأسكن فيها، وسوف يعطيك الحجرة فاسكن هناك، بعدها اذهب إلي بيت العالم الفلاني واطلب منه أن يقوم بتدريسك وسوف يقبل عرضك هذا، وأعطاني مبلغا من المال وأوصاني بمواصلة الدرس وقال لي: كلما ضاق صدرك فاذكرني لكي أكون بالقرب منك. وطبقت كل ما قاله لي، ولذا أتيت في خدمتكم وقد أبديتم استعدادكم لتدريسي درسا خاصا بي، وكل ما قلته لكم وأخبرتكم به علمني إياه ذلك الشخص .

يقول هذا العالم : قلت لشيخ حسن : هل تستطيع أن تأذنه لكي ألتقي به ؟

فقال لي الشيخ حسن وعلي بساطته: نعم، إنني أراه

ص: 258

دائما وسوف أطلب منه أن يلتقي معك .

وذهب في ذلك اليوم ولم يأت للدرس عدة أيام، بعدها جاء ليقول لي: لقد عرضت الأمر علي ذلك الشخص بأن يلتقي معك فأجابني: قل له في أي وقت تصبح مثل شيخ حسن تستطيع التغلب علي هوي نفسك وتضحي من أجل دينك فإنني سوف آتي بنفسي لزيارتك، وأضاف الشيخ حسن قائلا : يجب أن تعذرني فإن صاحب الزمان عجل الله تعالي فرجه الشريف أمرني بأن لا أحضر للدرس بعد الآن.

عندها ودعني الشيخ حسن وانصرف ولم أره بعد ذلك .

ص: 259

إنصاف الناس والتشرف بلقاء صاحب الزمان (عجل الله تعالي فرجه الشريف)

كان أحد العلماء يتمني رؤية الإمام المنتظر عليه السلام ، وكان يتألم كثيرا لعدم تحقق هذه الأمنية، فدأب مدة طويلة علي ممارسة الرياضة الروحية. وكان من المعروف بين طلاب العلوم الدينية وفضلاء الروضة العلوية في النجف الأشرف أن كل من يزور مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متواصلة بلا انقطاع ويصلي المغرب والعشاء هناك، يحظي برؤية الإمام المنتظر عليه السلام . فاستمر هذا العالم بهذه الأعمال مدة مديدة لكنه لم ينل غايته . ثم إنه التجأ إلي العلوم الغريبة وأسرار الحروف والأعداد وانكب علي ترويض نفسه، إلا أنه لم يحصل علي أية نتيجة. ولكن بما أنه كان يسهر الليالي ويتهجد في الأسحار فقد صقلت نفسه وصفا ضميره، وأصبح يتمتع بشيء من النورانية، وكان ينقدح أمام بصره في بعض المواقف بريق يضيء له طريقه، فكانت تأتيه جذبة يري علي أثرها حقائق ويسمع أصواتا متناهية في البعد.

ص: 260

وفي إحدي هذه الحالات قيل له: لن يتسني لك رؤية إمام الزمان (عجل الله تعالي فرجه الشريف) إلا بالسفر إلي مدينة كذا. ومع أن السفر إلي تلك المدينة كان محفوفا بالمصاعب، ولكن هونتها الرغبة في بلوغ المقصود.

ينقل هذا الشخص قائلا: وصلت بعد عدة أيام إلي تلك المدينة، واستغرقت في الرياضة الروحية مدة أربعين يوما، وفي اليوم السابع والثلاثين أو الثامن والثلاثين قيل لي: إن صاحب الزمان عليه السلام جالس الآن في دكان شيخ يبيع الأقفال في سوق الحدادين، فقم واذهب لرؤيته الآن. نهضت مسرعا نحو دكان الحداد فرأيته بالشكل الذي رأيته في عالم الخلسة ووقفت علي بابه ، فإذا الإمام صاحب الزمان(عجل الله تعالي فرجه الشريف) جالسا هناك يتحدث مع الشيخ بانشراح وود

فلما سلمت عليه، أجابني وأشار إلي بلزوم الصمت والنظر فقط، إذ إنهم في حالة سير معنوي.

وفي تلك الحالة شاهدت عجوزا ضعيفة منحنية الظهر، وهي تتوكأ علي عصا بيد مرتعشة، واقتربت من الحداد وأرته قفلا وقالت: هل لك أن تشتري هذاالقفل مني بمبلغ ثلاثة شاهيات، فأنا بحاجة إلي هذا المبلغ.

نظر الشيخ إلي القفل فرآه قفلا سالما لا عيب فيه .

ص: 261

فقال لها: يا أختي هذا القفل قيمته ثمانية شاهيات، لأنه لا يحتاج إلا إلي مفتاح وقيمة مفتاحه أقل من ربع شاهي. ولو أنك دفعت لي ربع شاهي فسأصنع له مفتاحا ويكون ثمنه حينئذ عشرة شاهيات. فقالت له العجوز : لا داعي لذلك، فأنا الآن بحاجة إلي مبلغ ثلاثة شاهيات، ولو أنك اشتريته مني بهذا المبلغ فسأكون لك شاكرة وأدعو لك بالتوفيق .

فقال لها الحداد : يا أختي، أنت مسلمة وأنا أيضا مسلم، فلماذا أشتري بضاعة المسلم بثمن بخس وأغبنه حقه ؟ فهذا القفل ثمنه ثمانية شاهيات، ولو أنني أردت الحصول علي نفع فإني أشتريه منك بمبلغ سبعة شاهيات ! ويكون نفعي شاهيا واحدا، وهو نفع معقول بالنسبة لي.

ظنت هذه العجوز أن هذا الرجل لا يصدق القول، لأنها عرضت هذا القفل علي حدادين قبله فلم يدفعوا لها أكثر من ربع شاهي، لكنها لم تبعه، لأنها كانت بحاجة إلي مبلغ ثلاثة شاهيات. فدفع لها هذا الشيخ الحداد مبلغ سبعة شاهيات واشتري القفل منها.

وبعدما ذهبت العجوز قال لي مولاي صاحب الزمان عليه السلام : أيها السيد العزيز، هل رأيت هذه الحالة من السلوك المعنوي ؟ إذا كنت علي هذه الشاكلة فأنني سوف

ص: 262

أزورك بنفسي، ولا داعي لترويض النفس، كن مثل هذا ولمدة أربعين يوما لا أكثر، وما جدوي اللجوء إلي الجفر أو السفر إلي هنا وهناك، وإنما يكفي أن تثبت تدينك وإخلاصك بالعمل لكي أكون في عونك .

وقد وقع اختياري علي هذا الشيخ من بين أهالي هذه المدينة لأنه رجل متدين وعارف بربه. وقد رأيت هذا الاختبار الذي مر به، فالحدادون حينما شاهدوا هذه العجوز في وضع اضطراري لم يشتروا منها القفل حتي بثلاثة شاهيات، أما هذا الرجل فقد دفع لها سبعة شاهيات. فلا يمر أسبوع إلا وأنا آتيه وأتفقده .

ص: 263

منزلة الإمام الخميني (قدس سره) عند المولي صاحب العصر(عجل الله تعالي فرجه الشريف)

يقول حجة الإسلام والمسلمين فرقاني :

كان الشيخ مازندرانيان أحد علماء قم ولمدة معينة لا يثق بالإمام الخميني (قدس سره) وبدون أي سبب أو دليل ولم يكن يحضر دروس الإمام في الجامع، بل كان يطلب من البعض بعدم الحضور، ولم يكن يسمح لأولاده بتقبيل يد الإمام (قده).

وكان الإمام عادة يذهب من بيته إلي الدرس في الساعة العاشرة والربع وبما أنهلم يكن يخبرنا عندما يعزم علي الخروج، وصادف أنه ذهب لوحده وكنت أنتظره خارج داره قبل الموعد بقليل.

وفي يوم من الأيام جئت مسرعا فوجدت هذا الرجل (مازندرانيان) يقبل باب دار الإمام ثم انحني وقبل عتبة الباب فقلت له وبانزعاج: «ماذا جري؟!»

ص: 264

فالتفت إلي قائلا : (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا النهتدي لولا أن هدانا الله)

فسألته ماذا حدث؟ فقال لي هل أنت ذاهب إلي الدرس؟ وهل سيأتي الإمام إلي الجامع؟ فأجبته: «نعم»

فقال : أنا أيضا سآتي إلي الجامع وفي هذه الأثناء فتح الباب وخرج الإمام فذهب هذا الرجل خجلا آخذا طريقه من زقاق آخر.

يومها لم أكن قد جلبت الكتاب معي، فلم أجلس قرب المنبر، إنما جلست عند باب الجامع أستمع الدرس.. فدخل هذا المازندراني الجامع وجلس قربي ثم قال : أنت تعرف آثار مجالسة السوء وصداقتهم، لطالما أثر علي كلام المغرضين الذين كانوا يقولون: ماذا حدث بعد هذا الجهاد والعمل المستمر للإمام ؟! واستمر المازندراني في حديثه قائلا:

رأيت في المنام أني في الحرم المطهر لأمير المؤمنين عليه السلام ورأيت عددا كبيرا من الناس يجلسون بانتظام فراقبتهم فردا، فردا.

فوجدت أن منزلة كل منهم تطابق جلسته. فقيل لي أن الثاني عشر هو الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف) وكان جالسا في آخر

ص: 265

المجموعة وكان النور يسطع من وجهه الملكوتي ورأيت أن عددا كبيرا من علماء السلف يأتون واحدا، واحدا من جهة مقبرة السيد الأردبيلي المدفون في الحرم - فحدقت في وجوه العلماء لأتعرف إلي أحدهم فقيل لي أن أحدهم الشيخ سلال والآخر هو الشيخ عرب ففرحت وأردت النهوض ولكنني أحسست بأن أحدا يشدني فلم أقر علي الحركة.

وكان الأئمة عليهم السلام قد سلموا علي كل العلماء الداخلين عليهم واحدا، واحدا فكل عالم كان يسلم عليه بعض الأئمة، فبعض الأحيان كان يسلم أمير المؤمنين عليه السلام وبعض الأئمة بينما الأئمة الآخرون يتحادثون فيما بينهم وبعض العلماء كان يسلم عليهم سبعة أو ثمانية من الأئمة ... وفجأة رأيت الإمام الخميني (قدس سره) في أحد أطراف الصحن وأنت كنت وراءه فخلع حذاءه في مكان خلع الأحذية، وخلعت حذاءك ووضعته جانب حذاء الإمام وتبعته.

وعندما رأي الشخص الثاني عشر الإمام الخميني قام واقفا فقام الحادي عشر ثم العاشر ثم... إلي أن قام الجميع وثم جلس الأحد عشر شخصا وبقي الشخص الثاني عشر واقفا فقال : روح الله الخميني، فجمع الإمام عباءته قائلا نعم يا سيدي، فقال له تقدم، فتقدم الإمام الخميني بسرعة ولما دنا

ص: 266

من الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف) رأيتهما متساويين في الطول تماما. وكانا واقفين بحيث أن أذن الإمام كانت قرب ثغر الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف) وبقيا علي هذا الوضع مدة ربع ساعة، كان الإمام الخميني (قده) يقول خلالها حاضر، نعم أنجزت هذا العمل «أو»سأنجزه إنشاء الله .

وعندما انتهيا من الحديث ابتعدا عن بعضهما بفاصلة نصف متر واحد وعاد الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف) ليجلس مكانه ، عندها حيا الإمام الخميني الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف) والأئمة بيده، وحيوه جميعا ثم رجع إلي الخلف مستقبلا الأئمة عليهمالسلام بوجهه ولم يذهب إلي الحرم فقلت: والكلام مازال للشيخ المازندراني صاحب المنام : لماذا لم يذهب الإمام الخميني إلي الحرم فقيل لي أن أمير المؤمنين عليه السلام جالس هنا وإلي أين يذهب الإمام ؟

بعد ذلك ذهب الإمام إلي مكان الأحذية وأنت وضعت له الحذاء أمامه وتوجه إلي باب الحرم الشريف ...

واستيقظت من النوم وابتدأت بالبكاء فاستيقظت زوجتي ورأتني أبكي وعندما نظرت إلي الساعة كانت تفصلنا عن آذان الصبح ساعة واحدة فأخذت أقول «إلهي جفوت فاعف عن جفائي وتقصيري وأنا الآن أثق بالإمام وأؤمن به ولكني لا زلت مضطربا وحتي الآن لا يعلم بهذا الأمر غيرك وكان أول شيء

ص: 267

فعلته أن ذهبت إلي بيت الإمام وكان علي أن أقبل عتبة الباب ولم أكن أعلم أنك تراني وقد قررت من الآن فصاعدا أن أنشر فضائل و كرامات الإمام الخميني ...)

وخلاصة الكلام طلب مني الشيخ مازندرانيان أن أطلب له العفو من الإمام قائلا: «بالله عليك لا تبخل علي بذلك».

فلما انتهي الإمام من المحاضرة خرجت من الجامع برفقته وذكرت له القضية وطلبت منه مسامحة الشيخ فقال الإمام: «نعم قد سامحته».

بعد ذلك جاءني الشيخ باكيا يخطو خطي قصيرة يسألني : ماذا حدث ؟ فأخبرته أن الإمام قد غفر له كل شيء فسجد لله شاكرا..

وصار بعدها يزور الإمام صباحا ومساءا وصار مقربا منه ... ووفقه الله في الدنيا والآخرة.

ص: 268

ألطاف الإمام الحجة

يقول الشهيد آية الله صدوقي :

إن أعظم وأهم كرامة للإمام الخميني(قده) هي انتصار الثورة الإسلامية وبراعته في قيادتها. فقد ثار عدد من العظماء والصلحاء ضد حكومة هذا الملك الشاهنشاهي وابنه (رضا محمد بهلوي) لكن جهودهم باءت بالفشل... إلي أن جاء الإمام الخميني (قده) فاستطاع بقلمه وفصاحته أن يؤثر علي جميع طبقات الأمة صغيرها وكبيرها فالطفل الذي لم يبلغ الفطام، كان يردد شعار (الموت للشاه) بعد أن يسمعه من الكبار، ولم تبق أية قرية أو مزرعة نائية إلا ورددت شعار (يحيا الخميني والموت للشاه) . وبهذه الطريقة والشعارات استطاع الإمام (قده) أن يقود الأمة التي أجبرت الشاه علي الفرار ثم استطاع بقيادته الفذة أن يدحر رجال الشاه الذين ظلوا يقاومون داخل إيران ويتمسكون بكل ما يوصلهم إلي أهدافهم الدينية من قتل ونهب فقضي عليهم وطهر البلاد منهم.

إذا لاحظنا حجم الخسائر والأضرار التي تكبدتها هذه

ص: 269

الثورة وقارناه بما تكبدته سائر الثورات في العالم لوجدنا أنها ضئيلة ومحدودة ! فهل يمكن إذا أن نفسر هذا الأمر سوي بأنه كرامة ؟ نحن نعتبر هذا الوضع كرامة وارتباطا بالإمام الحجة(عجل الله تعالي فرجه الشريف) وأنا أثق أن الإمام الخميني يستوحي قراراته وأعماله من الإمام (عجل الله تعالي فرجه الشريف).

ص: 270

تشرفات السيد مرعشي بلقاء صاحب العصر والزمان عليه السلام

اشارة

وهي ثلاث حكايات بقلم السيد نفسه قدس سره

الحكاية الأولي

أيام تحصيلي للعلوم الدينية وفقه أهل البيت عليهم السلام في النجف الأشرف، اشتقت كثيرا لرؤية جمال مولانا بقية الله المعظم عجل الله فرجه الشريف، وعاهدت نفسي أن أذهب ماشيا في كل ليلة أربعاء إلي مسجد السهلة وذلك لمدة أربعين يوما، قاصدأ زيارة مولانا صاحب الأمر عليه السلام ، لأفوز بذلك الفوز العظيم .

أدمت هذا العمل إلي (36) أو(35) ليلة أربعاء، ومن الصدفة أني تأخرت في هذه الليلة في خروجي من النجف الأشرف، وكان الهواء غائما ممطرا، وكان بقرب مسجد السهلة

ص: 271

خندق، وحين وصولي إليه في الليل المدلهم مع وحشة وخوف قطاع الطريق، وكانوا كثيرين آنذاك سمعت صوت قدم من خلفي مما زاد في وحشتي ورعبي، فنظرت إلي الخلف، فرأيت سيدا عربيا بزي أهل البادية، اقترب مني وبلسان فصيح قال : يا سيد سلام عليكم، فشعرت بزوال الوحشة كلها من نفسي واطمأنت وسكنت، والعجيب كيف التفت إلي أني سيد في مثل تلك الليلة المظلمة ؟ وغفلت عن هذا، أنه كيف يمكن التمييز في سواد الليل.

علي كلا تحدثنا وسرنا، فسألني أين تقصد ؟ قلت : مسجد السهلة، فقال بأي قصد ؟ قلت : بقصد التشرف بزيارة ولي العصر عليه السلام .. .

بعد خطوات وصلنا إلي مسجد زيد بن صوحان، وهو مسجد صغير بالقرب من مسجد السهلة، فقال السيد العربي : حبذا أن ندخل هذا المسجد ونصلي فيه ونؤدي تحية المسجد، فدخلنا وصلي ثم قرأ السيد دعاء خاصا بالمسجد وكأن الجدران والأحجار كانت تقرأ معه فشعرت وأحسست بثورة عجيبة في نفسي، أعجز عن وصفها، ثم بعد الدعاء قال السيد العربي : يا سيد أنت جوعان، حبذا لو تعشيت ، فأخرج مائدة من تحت عباءته، وكان فيها ثلاثة أقراص من الخبز واثنتان أو

ص: 272

ثلاثة خيارات خضراء طرية وكأنها توا قطفت من البستان وكانت -آنذاك - أربعينية الشتاء ذلك البرد القارص، ولم ألتفت إلي هذا المعني أنه من أين أتي بهذا الخيار الطري في هذا الفصل الشتوي ؟ فتعشينا كما أمر السيد، ثم قال : قم لنذهب إلي مسجد السهلة، فدخلنا المسجد وكان السيد العربي يأتي بالأعمال الواردة في المقامات، وأنا أتابعه، وصلي المغرب والعشاء فاقتديت به وكأني لا أملك خياري، ولم ألتفت أنه من هو هذا السيد؟ وبعد الفراغ من الأعمال قال السيد العربي : يا سيد هل تذهب مثل الآخرين بعد الأعمال إلي مسجد الكوفة أو تبقي في مسجد السهلة ، فقلت : أبيت في المسجد، فجلسنا في وسط المسجد في مقام الإمام الصادق عليه السلام .

قلت للسيد: هل تشتهي الشاي أو القهوة أو الدخانيات حتي أعده لكم ؟ فأجاب بكلمة جامعة (هذه الأمور من فضول المعاش، ونحن نتجنب عن فضول المعاش).

أثرت هذه الكلمة في أعماق وجودي، كنت متي ما أشرب الشاي وأتذكر ذلك الموقف وتلك الكلمة ترتعد فرائصي.

وعلي كل حال، طال المجلس بنا يقارب الساعتين ، وفي هذه البرهة جرت وذكرت مطالب أشير إلي بعضها :

ص: 273

1- جري حديث حول الاستخارة فقال السيد العربي : يا سيد كيف عملك للاستخارة بالسبحة فقلت: ثلاث مرات صلوات وثلاث مرات (أستخير الله برحمته خيرة في عافية) ثم آخذ قبضة السبحة، وأعدها، فإن بقي زوج فغير جيدة. وإن بقي فرد فجيدة ، فقال السيد: لهذه الاستخارة تتمة لم تصل إليكم، وهي عندما يبقي الفرد لا يحكم فورا أنها جيدة بل يتوقف، ويستخير مرة أخري علي ترك العمل فإن بقي زوج فيكشف أن الاستخارة وسط.

وفي نفسي قلت حسب القواعد العلمية علي أن أطالبه بالدليل فسألته عن ذلك، فأجاب : وصلنا من مكان رفيع فوجدت بمجرد هذا القول التسليم والانقياد في نفسي، ومع هذا لم أتوجه أنه من هو هذا السيد ؟

2-ومن مطالب تلك الجلسة تأكيد السيد العربي علي تلاوة هذه السور بعد الفرائض الخمس بعد صلاة الصبح (سورة يس) وبعد الظهر(سورة عم) وبعد العصر (نوح) وبعد المغرب (الواقعة) وبعد العشاء (الملك).

3- ومن المطالب تأكيده علي ركعتين بين المغرب والعشاء في الأولي تقرأ أي سورة شئت بعد الحمد وفي الثانية تقرأ الواقعة، وقال تكفي هذه عن قراءة سورة الواقعة بعد صلاة

ص: 274

المغرب كما مر(أي إذا قرأتها في الصلاة فلا داعي لقراءاتها مرة ثانية بعد صلاة المغرب).

4- ومن المطالب : تأكيده علي هذا الدعاء بعد الفرائض الخمس (اللهم سرحني من الهموم و الغموم ووحشة الصدر ووسوسة الشيطان برحمتك يا أرحم الراحمين).

5- ومن المطالب : التأكيد علي قراءة هذا الدعاء بعد ذكر الركوع في الفرائض الخمس سيما الركعة الأخيرة اللهم صل علي محمد وآل محمد وترحم علي عجزنا وأغثنا بحقهم).

6- لقد مدح كتاب «شرايع الإسلام» للمحقق الحلي وقال : كله مطابق للواقع إلا عدة مسائل.

7- التأكيد علي تلاوة القرآن وهدية ثوابه للشيعة الذين ليس لهم وارث أو لهم ولكن لم يذكروا أمواتهم.

8- في الصلاة يوضع تحت الحنك كما عند علماء العرب فإنه يدار تحت الحنك ويوضع رأسه في العمامة، وقال ورد في الشرع.

9- التأكيد علي زيارة سيد الشهداء عليه السلام

10- دعاء في حقي فقال : جعلك الله من خدمة الشرع.

ص: 275

11- قلت له: لا أدري هل عاقبة أمري بخير وهل أنا وجهي لأبيض عند صاحب الشرع المقدس فقال : عاقبتك إلي خير وسعيك مشكور وأنت مبيض الوجه .

قلت لا أدري هل أبواي وأساتذتي وذوو الحقوق علي راضون ؟ فقال : كلهم راضون عنك ويدعون لك.

فطلبت منه أن يدعو لي أن أوفق للتأليف والتصنيف فدعا لي .

وهناك مطالب أخري لا مجال لتفصيلها.

فأردت الخروج من المسجد الحاجة، فأتيت الحوض وهو في وسط الطريق وقبل ان اخرج من المسجد تبادر إلي ذهني أي ليلة هذه؟ ومن هذا السيد العربي صاحب الفضائل ؟ ربما هو مقصودي فما إن خطر علي بالي حتي رجعت مضطربا فلم أجد لذلك السيد أثرا ولم يكن في المسجد أحد فعلمت أني وجدت من أتحسس عنه، ولكن أصابتني الغفلة ، فبكيت ناحبا، كالمجنون ورحت أطوف أطراف المسجد حتي الصباح كالعاشق الولهان الذي ابتلي بالهجران بعد الوصال وكلما تذكرت تلك الليلة ذهلت عن نفسي وهذا إجمال من تفصيل.

ص: 276

الحكاية الثانية

في زيارتي للعسكريين عليهما السلام، وفي طريقي إلي حرم السيد محمد عليه السلام ضللت الطريق وعلي أثر العطش الشديد وهبوب الرياح في قلب الأسد يئست من حياتي فغشي علي وسقطت علي الأرض صريعا مغمي علي، وإذا بي أفتح عيني فأجد رأسي في حضن شخص جليل القدر، فسقاني ماء عذبا ، لم أذق مثله طيلة عمري لحلاوته وعذوبته، وبعد الارتواء فتح مائدة وإذا فيها اثنتان أو ثلاثة أقراص من الخبز، فأكلت، ثم قال ذلك الشخص العربي: يا سيد اغتسل في هذا النهر، فقلت : يا أخي لا يوجد هنا نهر، وكدت أن أموت عطشا وأنت الذي نجيتني فقال العربي : هذا ماء عذب ومعين، وما أن قال هذا إلا ورأيت نهرا بكل صفاء وعذوبة، فتعجبت وقلت في نفسي: نهر بهذا القرب مني وأنا وصلت إلي الموت من العطش.

علي كل قال العربي: يا سيد أين تقصد ؟ قلت الحرم المطهر للسيد محمد عليه السلام ، فقال العربي: هذا حرم السيد

ص: 277

محمد، فوجدت نفسي في ظل حرم السيد محمد والحال أنني تهت عن الطريق في القادسية، القادسية ومسافة بعيدة بينها وبين السيد محمدي عليه السلام.

وعلي كل من الفوائد التي ذكرها ذلك العربي خلال البرهة التي كنت بخدمته:

1- التأكيد علي تلاوة القرآن الشريف، والإنكار الشديد علي من يقول بتحريف القرآن. حتي أنه دعا علي من وضع أحاديث التحريف.

2- ومن الفوائد تأكيده علي وضع عقيق، نقشت عليه الأسماء المقدسة للمعصومين (الأربعة عشر معصوم عليهم السلام) تحت لسان الميت.

3- وتأكيده علي بر الوالدين حيين وميتين .

4- وتأكيده علي زيارة البقاع المشرفة للأئمة عليهم السلام وأولادهم وتعظيمها.

5- والتأكيد علي احترام الذرية العلوية ، قال : يا سيد اعرف قدر انتسابك إلي أهل البيت عليهم السلام وأشكر هذه النعمة التي توجب السعادة والافتخار كثيرا.

6- وأكد أيضا علي تلاوة القرآن وعلي صلاة الليل

ص: 278

وقال : يا سيد أسفا علي أهل العلم أنهم يعتقدون بانتسابهم إلينا ولا يديمون هذا العمل.

7- وأكد علي تسبيح السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.

8- وعلي زيارة سيد الشهداء من بعيد وقريب .

9- وزيارة أولاد الأئمة والصالحين والعلماء .

10- والتأكيد علي حفظ خطبة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام في المسجد النبوي).

11- وكذلك حفظ الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين عليه السلام وخطبة العلياء المخدرة زينب الكبري في مجلس يزيد إلي غير ذلك من الوصايا والفوائد.

وما أن خطر علي ذهني من هذا العربي ؟ إلا وقد غاب عن بصري .

ص: 279

الحكاية الثالثة

عند إقامتي في سر من رأي (سامراء) بت ليلة من ليالي الشتاء في السرداب المقدس وفي آخر الليل سمعت صوت أقدام مع أن باب السرداب كان مغلقا فاضطربت، إذ ربما كان من المخالفين من أعداء أهل البيت عليهم السلام يقصد قتلي، وقد ذابت الشمعة التي كانت معي. وإذا بصوت جميل يقول: سلام عليكم يا سيد - وذكر اسمي - فأجبته وقلت من أنتم ؟ قال : نفر من بني أعمامك ، فقلت : لقد كان الباب مغلقا فمن أين أتيتم؟ فقال : الله علي كل شيء قدير . فقلت من أي بلد؟ فقال : من الحجاز .

ثم قال السيد الحجازي : لماذا تشرفتم في هذا الوقت ؟ فقلت : لحوائج، فقال : إنها تقضي، ثم أكد علي أمور منها :

1- صلاة الجماعة والمطالعة في الفقه والحديث والتفسير .

2- والتأكيد علي صلة الرحم ورعاية حقوق الأساتذة والمعلمين .

ص: 280

3- والتأكيد علي مطالعة وحفظ نهج البلاغة.

4 - وحفظ أدعية الصحيفة السجادية، فسألته أن يدعو الي، فرفع يده ودعا لي قائلا: إلهي بحق النبي وآله وفق هذا السيد لخدمة الشرع وأذقه حلاوة مناجاتك. واجعل حبه في قلوب الناس واحفظه من شر وكيد الشياطين سيما الحسد.

في أثناء الحديث والكلام قال السيد الحجازي: معي تربة سيد الشهداء عليه السلام وهي أصلية من دون خليط، فأكرمني ببعض المثاقيل منها. ولا زال معي بعضها، كما أعطاني خاتم عقيق لا زال معي، وشوهدت آثار عظيمة له، ثم غاب السيدالحجازي بعد ذلك.

ص: 281

تشرف السيد بحر العلوم برؤية الإمام (عجل الله تعالي فرجه الشريف):

قال الملا زين العابدين إن طريقة بحر العلوم كانت إذا دخل عليه أحد وهو يتناول الطعام ولا يشاركه في تناول الطعام ينزعج جدا. ففي ليلة وقف لصلاة الجماعة وقت المغرب خلف رأس المرقد المطهر للعسكريين وكنا جماعة من الأصحاب نصلي خلفه عندما وصل إلي التشهد الأخير وقال السلام علينا. فسكت وجمد وهو لم يقل بعد السلام عليكم ولم يتكلم بشيء فظننا أنه عرض له سهوا أو نسي. وبعد فترة قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فتعجبنا جميعا وقد كان علي هيبة عظيمة بحيث لم يقو أحد علي سؤاله عن ذلك. قال الملا زين العابدين تحدثت مع أحد أصحابي أننا نذهب الليلة وقت تناول الطعام فلا نشاركه في الطعام حتي يخبرنا عن سبب السكوت ولما كان لا يرضي بأن يجلس أحد معه علي المائدة دون أن يشاركه في الطعام فسيقول لنا ما الأمر. فذهبنا نحن الشخصان وقت العشاء قال لنا بحر العلوم يجب أن تأكلا معي فقلنا إذا قلت لنا لماذا تلكأت أثناء الصلاة نأكل معك وإلا فلا. فقال لنا الآن كلا وبعد الطعام أقول لكما ما الأمر. فأكلنا

ص: 282

وبعدها سألناه فقال : عندما قلت صيغة السلام الأولي رأيت فجأة إمام العصر عجل الله تعالي فرجه الشريف قد أتي لزيارة أبيه وجده فتوقف لساني ومن الدهشة وهيبة الإمام لم أستطيع أن أتكلم وكنت في أثناء الصلاة ولم يكن عندي قدرة أيضا علي النهوض لقطع الصلاة وقد أخذتني هيبة الإمام واحترام وتعظيم الإمام بحيث عجز لساني انتهي الإمام عليه السلام من زيارة جده وأبيه ورجع. حينئذ عدت إلي حالتي الطبيعية وقلت الصيغة الثانية للسلام.

ومن كراماته ما ذكره بحر العلوم للميرزا القمي (ره): أنني كنت مشغولا بالعبادة في إحدي الليالي في مسجد السهلة. وفجأة سمعت صوت مناجاة يضطرب له القلب فذهبت نحو مصدر الصوت فقال لي: إجلس سيد مهدي فجلست ثم وضع بحر العلوم يده علي كتف الميرزا القمي وقال له إذا قلت لك أنني رأيت القائم فكذبني لأن هذا هو تكليفك وقطع بحر العلوم كلامه.

ومن كراماته ما حكاه السيد جواد العاملي صاحب كتاب مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة من تلامذة بحر العلوم وقد تتلمذ عنده الشيخ محمد حسن النجفي صاحب جواهر الكلام في بداية أمره . يقول السيد جواد رأيت في بعض الليالي

ص: 283

أستاذي بحر العلوم قد فتح باب صحن أمير المؤمنين عليه السلام وتوجه نحو حرمه ولم يرني فتعقبته فانفتح له باب الرواق مع أنه كان مقفلا وتوجه منه إلي الحرم وفتح باب الحرم ثم سلم علي جده وجاء الجواب من المرقد المنور فخفت وعدت .

ويقول السيد جواد رأيت في بعض الليالي أستاذي بحر العلوم يخرج من النجف فتعقبته حتي دخلنا مسجد الكوفة فرأيته يذهب نحو مقام صاحب الأمر عليه السلام وقد تحدث مع الإمام عليه السلام . فسأله عن مسألة فقال له عليه السلام أنتم مكلفون في الأحكام الشرعية بالأدلة الظاهرة وما تستفيدونه من الأدلة ولستم مأمورين بالأحكام الواقعية .

ص: 284

أسئلة المقدس الأردبيلي للإمام (عجل الله تعالي فرجه الشريف):

يقول المير غلام كانت عندي غرفة في الصحن المطهر الحرم أمير المؤمنين عليه السلام ، وفي ليلة كنت قد انتهيت من المطالعة وقد مضي وقت كثير من الليل فخرجت من حجرتي وكانت الليلة شديدة الظلام فرأيت رجلا يمر بجانب الحرم فقلت لنفسي: لعله سارق جاء يسرق قناديل الحرم فنزلت واقتربت من الرجل بحيث أراه ولا يراني فرأيته قد توجه ناحية الحرم ووقف فوقع القفل وفتح وكذلك فتح الباب الثاني فوصل إلي القبر المطهر وألقي السلام فجاءه الجواب من القبر فعرفت صوته وأدركت أنه أستاذي فتكلم مع الإمام وسأله عن مسألة علمية ثم خرج من هناك وتوجه من النجف إلي مسجد الكوفة وذهبت خلفه بحيث لا يراني فعندما وصل إلي محراب مسجد الكوفة سمعت صوته يتكلم مع رجل آخر في تلك المسألة ثم عاد من هناك إلي النجف وأنا خلفه فعندما وصلنا إلي باب النجف كان قد طلع الصبح وهو لا يراني فتقدمت إليه وقلت له: إني كنت معك من الأول إلي الآخر فأخبرني من هو

ص: 285

الشخص الأول الذي تكلم معك في القبر المطهر ومن هو الذي تكلم معك في مسجد الكوفة فأخذ مني العهود والمواثيق بأن لا أبرز ذلك لأحد ما دام حيا ثم قال لي: يا بني إن بعض المسائل قد تشتبه علي فقد أتوجه في بعض الليالي إلي القبر المطهر لأمير المؤمنين عليه السلام وأسأله وأسمع الجواب. وهذه الليلة سألته عن مسألة فأحالني إلي مولانا المهدي عجل الله تعالي فرجه الشريف وقال لي: إن ولدي المهدي صلوات الله عليه وأرواحنا فداه موجود هذه الليلة في مسجد الكوفة فاذهب إليه واسأله عن مسألتك فالشخص الآخر هو المهدي صلوات الله عليه .

ص: 286

المرتاض الهندي وعمل لرؤية الإمام (عجل الله تعالي فرجه الشريف):

يقول صاحب كتاب (قصص وخواطر):

القصة التالية نقلها لي سماحة السيد عبد الحميد الأصفهاني حفيد المرحوم آية الله العظمي السيد أبي الحسن الأصفهاني المتوفي سنة 1365 من الهجرة : إن آية الله الشيخ عبد النبي العراقي رحمه الله نقل للمرحوم آية الله حجت رحمه الله أنه لما كنت في النجف الأشرف لم أكن أرتاح للسيد الأصفهاني وذلك تأثرا بالكلام الذي كان ينشره عليه مخالفوه. وكنت في ذات الوقت أري نفسي أعلم منه ومن غيره فلما تعترضني معضلة علمية ولم أستطيع حلها استنكف الاستعانة بأحد والسؤال منه، حتي اجتمعت لدي عشرة أسئلة من أعقد المسائل العلمية في الفقه والأصول فلم أستوعب حلها.

وسمعت يوما أن رجلا من المرتاضين الهنود قدم إلي النجف ، فسألت عنه حتي ألتقيه لأطلب منه إن كان يتمكن من إعطائي طريقة للقاء برجل صعب اللقاء، وكنت أقصد اللقاء

ص: 287

بالإمام الحجة عليه السلام لأطرح عليه أسئلتي ولأختبر المرتاض في نفس الوقت أيضا.

فعلمني المرتاض شيئا وقال اذهب إلي الصحراء وافعل كذا واقرأ هذا، فإن أول من يأتيك هو الذي تريده .

انطلقت إلي صحراء قريب للنجف وعملت بما قاله المرتاض، فوقعت عيني من بعيد علي رجل قادم نحوي فلما وصل بقربي رأيت عليه عمامة خضراء، نوراني الوجه وكان قد تخيل لي أن كل خطوة يخطوها تساوي عدة خطوات من خطواتنا نحن.

سلم علي وقال : ماذا تريد مني ؟

قلت له وأنا غير منتبه : أنا لا أريدك، فالذي أريده يعرف بنفسه ما أريده منه .

قال : إنك طلبتني انا .

قلت : لست أنت المطلوب.

لم أكن في تلك اللحظات أعرف معني كلامي، وكنت لا أتوقعه الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف) فتركني ومشي، فجأة تذكرت كلام المرتاض أن أول من يأتيك هو ذاك الذي تريده ، فنهضت بسرعة وأخذت أركض خلفه وأناديه : قف يا مولاي أنا أريدك أنت .

ص: 288

ولكنه لم ينظر إلي، فكما قلت أن خطوة منه كانت تساوي في تخيلي خطواتمما نخطوه نحن، لذلك كلما كنت أركض خلفه لم أصل إليه حتي بعد عني، وتعبت من ملاحقته فألقيت نفسي علي الأرض، وأنا أنظر إليه من بعد مسافة فرأيته دخل كوخا. وأنا بعد استراحة يسيرة نهضت من مكاني وأخذت أمشي علي مهلي باتجاه الكوخ حتي وصلت فطرقت الباب. جاء رجل غير ذلك الذي تأكدت أنه الإمام، سألته : إن رجلا بهذه المواصفات رأيته دخل هنا، هل يمكنني اللقاء به ؟

قال : انتظر حتي أستأذن لك.

وقفت دقائق فعاد الرجل وقال إن سيدي ومولاي قد أذن لك بالدخول.

دخلت وكان يشع نورا، فما أن جلست بين يديه نسيت ما جئته من أجله إذ استولت علي هيبته، ثم بعد دقائق معدودة من سكوتي قال لي الإمام : إنني مشغول، فإن لم تكن عندك حاجة يمكنك الذهاب. فقمت مودعا، وما أن وضعت رجلي خارج الكوخ تذكرت أسئلتي فعدت طارقا الباب، فجاء الخادم قلت له استأذن لي مولاي فإني تذكرت أسئلتي. ذهب ثم عاد وقال : تفضل. دخلت ولكن من دون جدوي، فقد نسيت كل شيء هذه المرة قمت بنفسي فودعته. وما أن خرجت من

ص: 289

الكوخ تذكرت أسئلتي ! كنت في حالة غريبة جدا، قررت هذه المرة أن أسيطر علي ذاكرتي فأدخل بسرعة وأطرح الأسئلة قبل نسيانها. وهكذا طرقت الباب للمرة الثالثة وأنا أقول في نفسي كيف يمكن إضاعة هذه الفرصةالثمينة التي حصلتها بعد سنوات من الانتظار وماذا يكون مصير أسئلتي إن لم أحصل من الإمام علي إجابتها.

جاء الخادم: وقال : كم مرة تدخل، ماذا عندك ؟ ألا تعلم أن الإمام مشغول بشؤون الأمة.

قلت : معذرة اسمح لي بالدخول للمرة الأخيرة، فقدكنت أنسي أسئلتي كلما دخلت عليه (روحي فداه).

قال : لقد خرج الإمام، فإن تريد نائبه استأذنته لك.

قلت : حسنا ... أستأذنه لي.

عاد بعد قليل وقال تفضل، دخلت وإذا هو بالمرجع الكبير السيد أبو الحسن الأصفهاني، جالس مكان الإمام الحجة عليه السلام .

فغرقت في بحر من العجب والاستغراب الممزوج بالخجل نظرة لموقفي من السيد إلا أن السيد الأصفهاني رحب بي أشد الترحاب وسألني عن أحوالي وحاجتي .

ص: 290

وقلت له قصتي وأسئلتي.

قال السيد: نعم، الإمام روحي فداه كثير الأشغال قليل الوقت وأما إجابة أسئلتك فإنك تجدها في كتاب فلان صفحة كذا وكتاب كذا صفحة كذا...

لقد دلاني علي المصادر التي يمكنني مراجعتها لتحصيل الإجابات... بعد ذلك قمت مودعا السيد الأصفهاني، عائدا إلي النجف الأشرف وأنا هائم التفكير، لا أدري ما الذي حصل لي ورأيته وسمعته كان في يقضة مني أم في منام!ومضي يوم علي هذه القصة وجئت للقاء بالسيد الأصفهاني في داره ولأول مرة. فلما دخلت عليه قام السيد وأحتضنني مبتسما وكأنه يريد أن يقول لي أن الذي رأيته وسمعته كان حقيقة وليس صورة في الأحلام.

من ذلك اليوم التزمت السيد الأصفهاني (طاب ثراه) واستغفرت لنفسي علي مواقفي السابقة من سماحته، وعلمت أن «العداء للمراجع» و «التأثر بالكلام الذي يشاع ضدهم»«والتكبر في تعلم العلم والبحث عن الحقيقة»كلها من رذائل الأخلاق .

ص: 291

وجه خفي علي غير الأولياء:

كان المرحوم الشيخ زين العابدين السلماسي من خواص العلامة الكبير آية الله العظمي السيد مهدي بحر العلوم المتوفي سنة 1212 هجري رحمه الله.

يقول : رافقت السيد إلي حرم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فرأيته بعد أن قرأ إذن الدخول إلي الحرم المطهر بأدب وخشوع، استند إلي عتبة الباب وهو حادق بنظره إلي زاوية ودموعه تجري ويترنم شعرأ بصوت خافت !

فاقتربت منه لأسمع ماذا يقول، فسمعته يقرأ شعرا فارسيا هذا معناه :

«كم هو لذيذ الاستماع إلي صوتك في تلاوة القرآن، صوتك الأخاذ والجذاب يا مولاي، وإن النظر إليك يا سيدي كالإصغاء إلي كلام الله تعالي».

وقف دقائق هكذا ثم عاد إلي المنزل ولم يدخل الحرم، فسألته :

ص: 292

سيدي .. ماذا كان هناك ، إذ لم تدخل الحرم؟».

فقال السيد بحر العلوم : «رأيت مولاي صاحب الزمان (عجل الله فرجه) داخل الحرم المطهر مشغولا بتلاوة القرآن الكريم».

هذا وينقل عن العالم الرباني الملا حسين علي الهمداني، العارف المربي، الذي عاش بداية قرن الثالث عشر الهجري، أنه كان يقول : إن من خصائص حرم الإمام علي عليه السلام إذا انتبه العرفاء المؤمنون لأنفسهم يرتفع الحجب عن أبصارهم، فينظرون بعين الملكوت، ويشاهدون حقيقة الأشياء والأشخاص تحت القبة الشريفة .

ص: 293

أتفكر أنه لا صاحب لنا؟!

نقل حجة الإسلام والمسلمين أحمد قاضي الزاهدي في كتابه بالفارسية (شيفتكان إمام مهدي) - وهو جامع قصص عن عشاق المهدي صاحب الزمان (عجل الله تعالي فرجه الشريف) - نقل عن المرحوم آية الله السيد محمد كاظم القزويني (رحمه الله) أنه قال : في سنة (1392 هجري) أوكل إلي أحد مراجع الدين في كربلاء أن أدفع رواتب شهرية لطلبة العلوم الدينية، فصادف ليلة أول الشهر ليلة الجمعة ولم يكن الدي مال لأوزعه علي الطلبة، وكان المبلغ المطلوب لهذا الغرض حدود ألف دينار عراقي (وهو مبلغ كبير بالنسبة لتلك السنوات). فكرت ممن أستدين الآن حتي أسدد له فيما بعد، فلم أجد من أستدين منه ، سيما أن البعض كان يطلب ضمانا الاسترجاع ماله. فكتبت عريضة أخاطب بها الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف) بهذا المضمون: (إن كانت قصة المرحوم آية الله العظمي السيد مهدي بحر العلوم في مكة المكرمة صحيحة فحولوا إلي هذا المبلغ).

رميت هذه العريضة في ضريح الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام وفي الصباح بين الطلوعين جاءني أحد تجار بغداد

ص: 294

إلي المنزل، تناولنا فطور الصباح معا ثم قدم لي ألف دينار بالضبط؟

فاعترتني حالة غريبة من الوجد والسرور وخاطبت الإمام المهدي صاحب العصر والزمان فورا(سيدي لم تنتظر حتي تطلع الشمس هكذا سارعت في استجابة الطلب).

أجل هكذا يسعف الإمام صاحب العصر والزمان عليه السلام أصحابه المخلصين في العقيدة والولاء

وأما قصة السيد بحر العلوم(قده) في مكة المكرمة التي أشار إليها السيد القزويني في عريضته فهي باختصار عبارة عن انه رحمه الله أقام مدة ثلاث سنوات عند بيت الله الحرام ومعه خادمه، فكان يبلغ للدين ويروج فقه أهل البيت ويجيب علي الأسئلة الفقهية لأبناء السنة علي ضوء فقه مذاهبهم حيث كانت سعة اطلاعه وعلومه الغزيرة تمكنه الإجابة علي أسئلة المسلمين هناك كل حسب مذهبه ، وبذلك نال السيد إعجاب المنصفين من السنة وعلمائهم، وأثبت بذلك حقا إنه بحر العلوم كما هو لقبه الكريم .

ولم يكن السيد مقتصرا في عطائه الديني والعلمي بل كان سخيا في عطائه المالي يعين الطلبة الدارسين عنده والفقراء الذين يطرقون باب داره، فلما أوشكت أمواله علي الانتهاء قال له خادمه بصيغة العتاب : هكذا تبذل وتبذل حتي أصبحنا لا نملك الآن ما نرجع به إلي النجف الأشرف (العراق).

ص: 295

فسكت عنه السيد بحر العلوم مكتفيا بابتسامة نابعة من سر ويقين !

وهكذا جاء اليوم الذي نفذت فيه الدراهم والدنانير كلها فجاء الخادم إلي السيد يخبره قائلا: ألم أقل لك، فماذا نفعل الآن ؟

اعطاه السيد ورقة صغيرة وأرسله علي عنوان في السوق ليسلم الورقة صاحب دكان هناك .

يقول الخادم : ذهبت وإذا كان هناك رجل بسيماء الأولياء، استلم الورقة وقراها ثم ناولني أكياسة مملوءة بالدراهم والدنانير. فرجعت بها إلي السيد وأنا متعجب من الأمر، وفي اليوم التالي رجعت إلي السوق لأتعرف علي الرجل فلم أجد له من أثر، بل ولا أثر للدكان أيضا فسألت أصحاب الدكاكين، أكدوا أن لا أحد بهذه المواصفات كان يجاورهم. فعدت إلي البيت وكنت غارقا في التفكير، حتي دخلت علي السيد، فسألني أين كنت ؟ قلت : كنت مشغولا سيدي .

قال السيد وهو يبتسم : بل كنت ذاهبا إلي السوق تبحث عن الرجل الذي أرسلتك إليه بالأمس !

فازداد اندهاشي فوق اندهاشي الأول وانهمرت دموعي.

فقال السيد: أتفكر أنه لا صاحب لنا ؟!

ص: 296

الفارس المنقذ

يقول الشيخ عبد العظيم البحراني: لقد تشرفت - مع بعض أصدقائي الطلبة البحرانيين- في حوزة النجف الأشرف بحضور دروس الأخلاق الخاصة عند المرجع الديني الورع سماحة آية الله العظمي المرحوم السيد عبد الأعلي السبزواري (أعلي الله مقامه).

وذات مرة ذكر لنا القصة التالية عن نفسه لما كان في الأربعين من عمره الشريف، قال : لقد خرجنا مع قافلة الحاج السيد إسماعيل حبل المتين في حافلة باص من إيران، قاصدين حج بيت الله الحرام، ولما دخلنا الأراضي الصحراوية للجزيرة العربية ، ضل السائق طريق مكة المكرمة، وأخذ يضرب يمنة ويسرة من دون جدوي حتي نفد وقود محرك السيارة (الماكنة).. فنزلنا منها بحال يرثي لها، ألقينا النظر علي ما حولنا فلم نجد سوي صحراء قاحلة، ولا أثر لذي حياة ولا دابة ولا جادة .

مضت ساعات ونفذ الماء وانتهي الطعام أيضا، وأخذ

ص: 297

أملنا في النجاة يضعف تدريجيا ويخمد .. إنها كانت لحظات في منتهي الرعب وفي غاية من القساوة .. إذ كان شبح الموت يدنو إلينا بخطاه الموحشة .

البعض ممدد، قد سلم أمره إلي الله .. والبعض الآخر منطوي علي نفسه يائس من الحياة وهو يفكر في أهله وماله الذي خلفه في وطنه، وقام بعضا منا يحفر قبره لنفسه ليرقد فيه لدي اللحظة الأخيرة.

يقول السيد السبزواري رحمه الله: وأما أنا فأخذت في هذه الساعة أبحث عن نافذة للهروب منها إلي الحياة وإنقاذ هؤلاء الأشخاص أيضا. وليس هناك طريق سوي الهروب إلي واهب الحياة وخالقنا القوي المتعال .

وبينما كنت أتأمل في هذه الحال وإذا بي أتذكر القيام بصلاة جعفر الطيار والتوسل بها إلي الله تعالي.

أخذت سجادتي وابتعدت قليلا، حتي صرت لا أري أمامي أحدا يشغلني عن التوجه إلي الله عز وجل.

والمعروف أن صلاة جعفر الطيار رغم أنها ركعتين، إلا أنها طويلة من حيث الأدعية الخاصة بها، ولكنها مؤكدة الاستجابة إن اجتمعت معها بقية شروط الاستجابة .

ص: 298

ولما أصبحت علي وشك الانتهاء منها، سمعت أحد الركاب يناديني : أسرع يا سيد، تعال فإننا ننتظرك أنت فقط ! نظرت إلي الوراء، فرأيت أصحابي كلهم جالسين في السيارة، مستعدين للحركة.

جئت، فوجدت كل شيء جاهزا، وماكنة السيارة تشتغل؟ قلت : ما الذي حدث ؟

قالوا: إن فارسا جاء، فأطعمنا وأروانا، وأمر السائق بتشغيل السيارة،فاشتغلت كما تري، ثم أشار بيده إلي تلك الجهة، وقال: إنها طريق مكة المكرمة، ولما أراد الرحيل قال : نادوا السيد وبلغوه سلامي !

وهكذا تحركنا علي ذات الاتجاه المشار إليه فوصلنا إلي مكة المكرمة سالمين. فسلام الله عليه وتحياته وصلواته روحي لتراب مقدمه الفدي.

إنه كان سيدي ومولاي الحجة ابن الحسن (عجل الله تعالي فرجه الشريف). ذلك الفارس المنقذ، القائم من آل محمد الذي يملؤ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا، وجعلنا الله وإياكم من أنصاره الأوفياء والمستشهدين بين يديه .

ص: 299

الاستغاثة بولي العصر(عجل الله تعالي فرجه الشريف)

يروي الحاج المؤمن عليه الرحمة فيقول:

في أول شبابي غمرني شوق كبير إلي زيارة ولقاء الحجة(عجل الله تعالي فرجه الشريف)... شوق أقض مضجعي، وسلبني الهدوء والاستقرار، حتي حرمت علي نفسي الأكل والشرب ما لم ألق الإمام عليه السلام (وهذا التحريم كان طبعا عن جهل وبتأثير الشوق الشديد).

مضي يومان لم أذق فيهما شيئا علي الإطلاق، وفي الليلة الثالثة شربت مضطرا قليلا من الماء، فعرضت لي حالة من الغشية رأيت أثنائها الحجة عليه السلام ، الذي أخذ يؤنبني ويقول: لماذا تفعل بنفسك هذا ، فتلقي بها إلي التهلكة ؟ إني مرسل الك طعاما فكله.

ثم استعدت وعيي، وكان قد قضي من الليل ثلثه،ورأيت المسجد(مسجد سردزك) خاليا لا أحد فيه، وإذا بي أسمع طرقا علي الباب، فتقدمت وفتحته، فإذا بي أمام رجل قد غطي رأسه بعباءة بحيث لا يتعرف إليه أحد، ثم ناولني من

ص: 300

تحت عباءته وعاء فيه طعام وقال لي: كل ولا تطعم أحدا، ثم ضع الوعاء تحت المنبر، كرر علي هذا القول مرة ثانية ثم قفل راجعا.

حملت الوعاء الذي يحوي الطعام إلي داخل المسجد، فإذا به يحتوي علي أرز مطبوخ، ودجاج مشوي، فجلست وأكلت منه، وشعرت بلذة لا توصف.

في اليوم التالي قبل غروب الشمس، جاء المرحوم الميرزا محمد باقر الذي كان من أخبار وأبرار ذلك الزمان، وطالبني أولا بالوعاء، ثم ناولني قدرا من المال وضعه في كيس وقال : لقد أمرك بالسفر، فخذ هذا المال واذهب برفقة السيد هاشم (إمام مسجد سردزك) إلي مشهد المقدسة، فهو ذاهب إلي هناك، وفي الطريق تلتقي جليلا تنتفع منه .

قال الحاج المؤمن: انطلقت برفقة السيد هاشم، ومعي ذلك المال حتي بلغنا طهران، وعندما غادرناها، التقينا رجلا عجوزا تبدو علي محياه سيماء الإيمان أشار لنا بالتوقف .

وبعد أن وقفت السيارة بأمر من المرحوم السيد هاشم (لأنه كان قد استأجرها علي نفقته الخاصة) صعد العجوز، وجلس بالقرب مني. وأخذ يعظني طوال الطريق، ويعلمني الكثير من قواعد العمل، كما أخبرني ضمنا بكل ما

ص: 301

يجري علي حتي آخر عمري، ويبين لي ما فيه الخير لي .

وقد جرت الأمور - فيما بعد - طبقا لما أخبرني به .

كان ينهاني عن تناول طعام المقاهي ويقول: اللقمة المشبوهة فيها ضرر علي القلب .

وكان يحمل معه زادا فإذا شعرت بالجوع، أخرج منه خبزا طازجا وناولني إياه، كما كان أحيانا يقدم لي زبيبا أخضر .

وهكذا حتي وصلنا إلي حيث لا تزال أثار أقدام الإمام عليه السلام مطبوعة ، فقال لي:

لقد اقترب أجلي، ولن أبلغ مشهد المقدسة، فإذا مت فإن كفني معي ومعي اثنا عشر قطعة نقدية، هييء لي بها قبرا في زاوية من الصحن المقدس أما أمر تجهيزي فبعهدة السيد هاشم !!

قال الحاج: لما سمعت ما قال، خفت واضطربت، فلما شاهد خوفي، واضطرابي قال : اهدأ ولا تقل لأحد شيئا حتي أموت، وارض بما أراده الله تعالي !

ولما وصلنا إلي جبل طارق (في السابق كان طريق الزوار يمر من هناك) توقفت السيارة، ونزل الركاب، وبدأوا بالسلام علي الإمام الرضا عليه السلام ، وشرع مساعد السائق يدور عليهم

ص: 302

يطالبهم بالأجرة لدي ظهور قبة الحرم .

في هذه الأثناء رأيت العجوز الجليل، وقد تنحي بنفسه عن الركب، واستقبل بوجهه موقع القبر المطهر، ثم بعد أن سلم، وبكي ما شاء له البكاء سمعته يقول:

إني لا أستحق الاقتراب من قبرك أكثر من هذا !

ثم نام متوجها نحو القبلة وسحب عباءته فوق رأسه .

بعد هنيهة دنوت من مرقده أتفقده ... رددت العباءة عن وجهه فإذا بي أجده قد فارق الحياة.

وبدأت أنوح وأبكي حتي اجتمع الركاب كلهم علي يسألونني ما بي، فقصصت عليهم قليلا مما كنت قد رأيته من هذا العجوز...

وانقلب الجميع أيضا يبكون. ثم حملنا جثمانه الطاهر في السيارة وأتينا به إلي المدينة، حيث تم دفنه في الصحن المقدس.

ص: 303

استجابة الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف)

يقول الشيخ محمد الأنصاري : في سفري ذات يوم أتيت (سامراء)، ولماأردت زيارة السرداب، كان قد انقضي وقت المغرب، ولم أكن قد صليت الصلاة الواجبة، وفي المسجد المتصل بباب السرداب، كانت الصلاة تقام جماعة ، ولم أكن أعلم أن المسجد بتصرف أهل السنة، وكانوا يصلون صلاة العشاء فدخلت، ومعي ابني، الرواق، وشرعت أصلي، وقد وضعت أمامي تربة حسينية أسجد عليها .

ولما فرغوا من صلاتهم أخذوا يمرون من أمامي، وينظرون إلي بغضب، ويشتمون، فعلمت حينها أنني أخطأت ولم أراع التقية .

ولما ذهبوا أطفأوا أنوار الرواق كلها، وأغلقوا الباب في وجهي، فأخذت أتوسل إليهم وأصرخ قائلا:

افتحوا الباب فأنا زائر غريب.

فلم يأبهوا لي، وذهبوا وتركوني مع ابني يلفنا الخوف

ص: 304

والفزع الشديد، إذ خيل إلينا أنهم ربما يفكرون في قتلنا، فأخذنا نتوسل ونحن نبكي وننوح بالإمام الحجة ابن الحسن (عجل الله تعالي فرجه الشريف)، ونطلب من الله تعالي أن يخلصنا مما وقعنا فيه بحقه عليه .

وفجأة قال ابني الذي كان بالقرب من الحائط يبكي :

أبي تعالي فقد وجدت الطريق .

نظرت فإذا بالعمود الذي هو جزء من الحائط ويقع قريبا من باب الرواق قد ارتفع عن الأرض بمقدار شبرين أو ثلاثة، بحيث يمكن الخروج من تحته.

فخرجت أنا وابني، ولما صرنا خارج الرواق، عاد العمود إلي حالته الأولي، وسد الطريق، فشكرت الله سبحانه وتعالي لتخليصه لنا.

وفي اليوم التالي أتيت ألقي نظرة علي ذلك المكان، فلم أعثر علي أي أثر،أو علامة تدل علي أن العمود قد تحرك من مكانه ، ولا يبدو علي الحائط أي أثر لأي شق ولو بمقدار رأس إبرة .

ص: 305

ارتباط الشهيد الصدر (الثاني) بالإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف)

يوجد عدد من الروايات في كتب الحديث أو كتب الأدعية أن من كانت له حاجة من إمام العصر (عجل الله تعالي فرجه الشريف) يريد قضاءها فليكتب حاجته علي ورقة ويلقيها في الصحراء أو الأرض الخالية أو في النهر فعمل بهذه الرواية عدد من الطلبة في النجف ووضعوا الأوراق في قناني وكان فيها أسئلة خاصة بالإمام عليه السلام وألقوا هذه القناني في الفرات وبعد ذلك بمدة من الزمن كانوا متواجدين في مكتب الإمام الصدر فطلب منهم الشيخ محمد النعماني الحضور عنده وكان مسؤول الاستفتاءات فأعطاهم مجموعة استفتاءات فقالوا: ولكننا لم نقدم استفتاءات إلي الإمام الصدر !

فقال : لا أدري هذه أسماءكم عليها ؛ فأخذوها ووجدوا الأوراق نفسها التي ألقوها في الفرات وعليهما خاتم الإمام السيد محمد الصدر وتوقيعه وأمر الإمام الصدر بعدم نشر هذه الحادثة بين الناس .. وبقيت سرا من الأسرار الكثيرة التي لم تعرف حتي تم نشرها من قبل بعض المشايخ..

ص: 306

منزلة العارف الملكي عند الإمام صاحب الزمان عليه السلام

يقول العلامة الشيخ حسن زاده الآملي:

حكي لنا حجة الإسلام السيد جعفر الشاهرودي - والذي هو الآن من علماء طهران - هذه المكاشفة التي تبين عظمة منزلة المترجم له عند مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام وقربه منه:

قال : رأيت ليلة في عالم الرؤيا كان صاحب الأمر - عجل الله تعالي فرجه الشريف - جاء مع جماعة إلي الصحراء ووقفوا لصلاة الجماعة ، فتقدمت إلي الإمام لرؤية طلعته النورانية وتقبيل يده الشريفة ، وعندما اقتربت منه رأيت شيخا جليا واقفا قريبا منه ومتصل به وقد ظهرت علي محياه آثار الجمال والوقار والجلالة.

وعندما استيقظت فكرت في ذلك الشيخ من هو حتي كان قريبا ومرتبطا بإمام الزمان عليه السلام إلي هذا الحد. فأخذت

ص: 307

بالبحث عنه وذهبت إلي مدينة مشهد فلم أجده ، وجئت إلي طهران فلم أعثر عليه ، وأتيت إلي قم فرأيته في غرفة من غرف المدرسة الفيضية مشغولا بالتدريس ، فسألت عنه فقيل لي: هو العالم الرباني الميرزا جواد التبريزي فذهبت لزيارته ، فرحب بي وتفقد أحوالي كثيرا وقال لي : متي وصلت ؟ وكأنه قد رآني وعرفني وكان مطلعا علي القضية . فقررت ملازمته .

وهكذا حالف التوفيق الإلهي السيد جعفر الشاهرودي في التعرف علي أقرب الناس في عصره إلي صاحب الزمان عليه السلام ، ألا وهو العارف الملكي ، والذي يعني الارتباط به آنذاك ارتباط بالمهدي عليه السلام ، وبقي ملازما لأستاذه إلي حين وفاته حيث قرر بعدها الهجرة إلي النجف ولبث شوطأ من عمره هناك .

ص: 308

قصة الحاج مؤمن الشيرازي وأحد الأولياء في طريق مشهد

كان لي صديق من أهل شيراز يدعي الحاج مؤمن التحق بالرحمة الأبدية قبل حوالي خمس عشرة سنة ، وكان رجلا مشرق القلب صافي الضمير مؤمنا متقيا ، وكان الأخير قد عقد معه عهد الأخوة ، ولي في أدعيته والاستشفاع به كبير الأمل.

كان يقول : لقد نلت الشرف تكرارا بلقاء الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه. وكان ينقل الكثير من المطالب ويأبي الإفصاح عن بعضها الآخر. وكان يقول في جملتها: قال لي يوما أحد أئمة الجماعة في شيراز : تعال نذهب معا إلي زيارة الإمام علي بن موسي الرضاعليه السلام ؛ وكان قد استأجر سيارة خاصة في معية عدة من التجار .

وهكذا فقد تحركنا في سفرنا حتي وصلنا مدينة قم ، فتوقفنا هناك ليلة أو ليلتين لزيارة السيدة المعصومة عليها السلام، فحصلت لي حالات عجيبة وانكشف لي الكثير من الحقائق. هذا وقد التقيت عصر أحد الأيام بشخص جليل في

ص: 309

الصحن المطهر للمعصومة سلام الله عليها ووعدني بأمور.

ثم تحركنا صوب طهران ، ومنها في اتجاه مشهد المقدسة ، وحين اجتزنا مدينة نيشابور شاهدنا رجلا في هيئة عوام الناس يسير بمحاذاة الطريق متجها إلي مشهد وهو يحمل جرابا علي ظهره ، فقال ركاب السيارة: دعونا نحمل معنا هذا الرجل ، ففي ذلك ثواب لنا ، كما أن في السيارة مكانا له.

توقفت السيارة وترجل منها عدة أشخاص وكنت في جملتهم ، فدعونا ذلك الرجل للركوب معنا في السيارة فلم يوافق ، ثم قبل بعد إلحاح شديد واشترط علي أن يركب إلي جانبي ، وأن أطيعه فيما يقول فلا أخالف له أمرا.

ركب الرجل السيارة وجلس إلي جانبي ، فكان يتحدث معي طيلة الطريق ويخبر عن كثير من الوقائع ويصف حالاتي واحدة واحدة إلي آخر العمر ، وكنت أجد في نصائحه ومواعظه لذة كبيرة وأعد لقائي بشخص كهذا من مواهب الخالق السنية ومن كرم ضيافة الإمام الرضا عليه السلام .

وهكذا سرنا حتي وصلنا إلي منطقة (قدمگاه). ذلك المكان الذي كان معاونو السوق يأخذون نقودا من المسافرين عند وصوله كبشارة لرؤية القبة المقامة هناك.

فترجلنا جميعا من السيارة. وكان قد حل وقت تناول الطعام

ص: 310

، فأردت الالتحاق برفقائي الذين جئت معهم من شيراز ، والذين كنت حتي الآن أتناول معهم الطعام علي مائدة واحدة .

فقال الرجل: لا تذهب هناك ، وتعال لنأكل معا !

فاستحييت أن أنصرف عن رفقائي الشيرازيين الذين كنت حتي الآن أشاركهم الطعام بشكل منتظم ، بحيث أني كنت ملزما بعدم مخالفة كلامه ، لذا فقد أجبرت علي الموافقة ، فذهبت معه إلي حيث جلسنا في زاوية ما ، وقام الرجل بإخراج منديل من الجراب الذي معه ففتحه ، فكان فيه خبزطازج وقدر من الزبيب الأخضر ، فشرعنا بتناول الطعام حتي اكتفينا ، وكان طعاما لذيذا هانئا.

ثم قال لي آنذاك : إن أحببت الآن أن تذهب لتري رفقاءك وتتفقدهم فلا ضير في ذلك . فنهضت وذهبت إليهم ورأيت - ويا للهول - أن الإناء المشترك الذي يأكلون منه كان مليئا بالدم والأقذار ، وأنهم كانوا يتناولون منه فيأكلون ، كانت أيديهم وأفواههم ملوثة هي الأخري ، ولم يكونوا يعلمون أبدا بما كانوا يفعلون ، وبأي ذائقة كانوا يأكلون.

لم أنبس ببنت شفة ، لأني كنت مأمورا بالسكوت في جميع الأحوال ، ثم عدت إلي ذلك الرجل فقال : إجلس ! أرأيت ما كان يأكل رفقاءك ؟ لقد كان طعامك أنت الآخر من

ص: 311

هذه الأشياء ابتداء من شيراز إلي هنا ، لكنك لم تكن تعلم ،. فالأكل الحرام والمشتبه حاله هكذا. لا تتناول من أغذية المقاهي فإن طعام السوق مكروه !

قلت : سأفعل إن شاء الله تعالي ، أعوذ بالله وأستكفيه .

قال الرجل : أيها الحاج مؤمن ! لقد حان موتي ، وسأذهب إلي أعلي هذا التل فأموت هناك ، فخذ هذه الصرة فإن فيها نقود عليك أن تنفقها في تغسيلي وتكفيني ودفني ، وعليك أن تدفني حيثما أشار السيد هاشم . (السيد هاشم هو إمام الجماعة الشيرازي الذي قدم الجماعة في معيته إلي مشهد).

قلت : يا للويل ! أتريد أن تموت ؟!

قال : صح ! إنني سأموت ، فلا تخبر بذلك أحدا .

ثم وقف مستقبلا المرقد المطهر للإمام عليه السلام فسلم عليه وأكثر من البكاء ، ثم قال : لقد جئت إلي هنا للثم أعتابك ، بيد أنه لم يكتب لي من السعادة أكثر من ذلك بحيث أحظي بالتشرف بالوصول إلي مرقدك .

ثم ارتقي ذلك الرجل التل ، وكنت حائرا مدهوشا ،لكأن عنان تفكيري وإرادتي قد خرج من يدي.

ثم ارتقيت التل ، فرأيته مستلقيا علي ظهره مستقبلا القبلة

ص: 312

بوجهه وقدميه ، وقد فارق الحياة باسما ، يخال للمرء أن ألف سنة قد مرت علي موته.

هبطت إلي الأسفل وتوجهت نحو السيد هاشم وسائر الرفقاء وأخبرتهم بالأمر ، فتأسفوا لذلك كثيرا ولاموني قائلين :

لِمَ، لَم تخبرنا بذلك وتطلعنا علي هذه الوقائع ؟

قلت: لقد أمرني نفسه بذلك ، ولو كنت أعلم أنه لا يرضي بذلك بعد موته ، لما أظهرته لكم الآن. فأظهر سائق السيارة و معاونه و السيد وسائر الرفقاء أسفهم ، ثم ارتقينا إلي أعلي التل فأنزلنا الجنازة ووضعناها داخل السيارة واتجهنا نحو مشهد المقدسة.

وكان السيد(هاشم) يقول: لقد كان هذا الرجل حقا من أولياء الله ، وقد جعل الله شرف صحبته من نصيبك، ينبغي أن تدفن جنازته باحترام. وردنا مشهد المقدسة فذهب السيد علي الفور إلي أحد العلماء هناك وأطلعه علي هذه الواقعة ، فجاء ذلك العالم مع جماعة كثيرة للتجهيز والتكفين ، فغسله وكفنه وصلي عليه ، ثم دفن في إحدي زوايا الصحن المطهر، وكنت أنفق علي مصارف ذلك من الصرة ، حتي إذا فرغنا من الدفن نفدت نقود الصرة ، لم تنقص ولم تزد شيئا ، وكان مجموع نقود تلك الصرة اثني عشر تومانا .

ص: 313

معجزة ولي العصر(عجل الله تعالي فرجه الشريف)

وشفاء مريض:

روي السيد حسن برقعي قال :

جرت عادتي منذ زمن علي الذهاب لزيارة مسجد صاحب الزمان، أرواحنا فداه ، وهو المعروف في مسجد جمكران في (قم).

ومنذ ثلاثة أسابيع (ليلة الأربعاء في الخامس من ربيع الثاني 1390)، ذهبت وجلست في مقهي المسجد، حيث يجلس الزوار للاستراحة وشرب الشاي.

وهناك لقيت شخصا يدعي «أحمد بهلواني»وهو يسكن في «حي عبد العظيم»فسلم علي، وشرع - كما جرت العادة - بالسؤال عن الأحوال وقال :

مضت علي أربع سنوات بالضبط، وأنا آتي لزيارة مسجد جمكران كل ليلة أربعاء.

قلت : وهل اتفق لك أن لاحظت شيئا يدفعك إلي

ص: 314

الاستمرار في الزيارة ؟ فالقاعدة أن تداوم علي ذلك إذ لاحظت شيئا، والقاعدة الثابتة أيضا هي أن من يطرق علي باب صاحب الزمان، صلوات الله عليه، لا يرجع خائبا، ولا بد أنك حصلت علي حاجة ما؟!

قال : أجل، فلو لم أكن قد لاحظت شيئا لما كنت أتيت. ففي السنة الماضية، لم أستطيع التقدم للزيارة، وكان ما منعني عنها حضوري عرسا لقريب لي في (طهران)، وكان ذلك ليلة أربعاء، مع أن العرس لم يخالطه منكر كالموسيقي وأمثال ذلك، وبعد تناول العشاء ذهبت إلي البيت ونمت.

وبعد منتصف الليل أفقت من النوم وكنت أحس بالعطش، أردت أن أقوم، فوجدت أن ساقي عاجزتان عن الحركة، رغم محاولاتي المتكررة.

فنبهت زوجتي من النوم وقلت لها:

إن رجلي لا تتحركان.

قالت: ربما تكون قد أصبت بالبرد .

قلت: ولكن الفصل ليس فصل برد(كان الفصل فصل الصيف).

ورأتني، أخيرا، عاجزا عن الحركة علي الإطلاق.

ص: 315

وكان لي رفيق يقيم إلي جوارنا يدعي «أصغر».

فطلبت من زوجتي أن تستدعيه في الحال .

ولما جاء رجوته أن يحضر لي طبيبا .

قال : يصعب العثور علي طبيب في هذه الساعة المتأخرة من الليل.

قلت: ليس هناك حل آخر.

وأخيرا ذهب وأحضر طبيبا يدعي «الدكتور شاهرخي»وهو يمتلك عيادة عند مستديرة تمثال «عبد العظيم».

بعد أن عاين حالتي، شرع يضرب علي ركبتي بمطرقة صغيرة كانت معه، فلم أشعر بنفسي علي الإطلاق، ولم تتحرك رجلي. فوخزني بإبرة في راحة قدمي فلم أشعر بشيء، ولم يكن حال القدم الأخري أفضل، ثم وخزني في ساعدي فتألمت، فما كان منه إلا أن كتب لي وصفة دواء، ثم انصرف.

وكان قد أسر لأصغر خفية عني، أن لا أمل في شفائي الإصابتي بجلطة دموية.

وفي الصباح، استيقظ الأطفال من نومهم، ورأوني علي

ص: 316

هذه الحال فبدأوا يبكون وينتحبون. وعرفت أمي بالأمر فأخذت تلطم رأسها ووجهها، وانتشرت في المنزل ضجة كبيرة.

كانت الساعة تشير إلي التاسعة صباحا حين استغثت بالإمام عليه السلام قائلا :

يا إمام الزمان، لقد كنت كل ليلة أربعاء أواظب علي المثول بين يديك، لكنني في الليلة الماضية لم أتمكن من المجيء، وأنا لم أرتكب ذنبا، فالغوث، الغوث !!

وأخذت أبكي، ثم سهوت قليلا فرأيت في نومي سيدا وضع عصا بيدي وقال لي:

قم.

قلت : لا أستطيع .

قال : أقول لك قم.

قلت : لا أستطيع، فاقترب مني، وأخذ بيدي، وساعدني علي النهوض.

وهنا أفقت من النوم، ولاحظت أنني أستطيع تحريك رجلي. فجلست ثم قمت، فتأكدت من قدرتي علي الوقوف وأخذت أرقص، فرحا، كما يقال، ولكنني عدت، ونمت خوفا من أن تراني أمي علي هذه الحال فتصيبها صدمة من شدة الفرح.

ص: 317

ولما حضرت أمي، طلبت منها أن تعطيني عصا أتوكا عليها، ففعلت .

ثم شرحت لها واقع الأمر شيئا فشيئا، وأن حالتي قد تحسنت بعد توسلي بولي العصر عجل الله فرجه الشريف، ثم طلبت استدعاء جارنا السيد أصغر.

ولما جاء رجوته أن يستدعي الطبيب، ويخبره بشفائي .

ذهب السيد أصغر، ولم يلبث أن عاد يقول:

إن الطبيب لم يصدق ما قلته له، وقال لي:

إن صاحبك يكذب، فإن كان صادقا فليأت بنفسه .

فذهبت إليه، ورغم أنني كنت أمامه بلحمي ودمي، فكان كمن لا يصدق ما يري، ثم تناول إبرة وخزني بها في قدمي فانتفضت من الألم.

قال : ماذا فعلت حتي شفيت ؟

فشرحت له ما حصل معي، وكيف توسلت بولي العصر (عجل الله تعالي فرجه الشريف) فقال :

إنها لمعجزة فعلا، ولو أنك كنت ذهبت إلي (أوروبا)و(أمريكا) لما استطاعوا علاجك.

ص: 318

قصة لقاء مع الإمام الحجة بعد زيارة الأمير عليه السلام

نذكر هنا القصة المشهورة في كتب العلماء وهي قصة الحاج الصالح علي البغدادي، جاءت في كتاب جنة المأوي، والنجم الثاقب.

وقال صاحب كتاب النجم الثاقب، إنه لو لم يكن في هذا الكتاب سوي هذه القصة، المتقنة الصحيحة، الحاوية علي فوائد جمة، الحادثة في عصرنا، لكفاه شرفا ونفسا .

ثم قال : في سرد القصة الشريفة، حكي الحاج علي (أيده الله) قائلا: تراكم في ذمتي من سهم الإمام عليه السلام من الخمس، مبلغ ثمانين تومانا، فرحلت إلي النجف الأشرف، ودفعت منها إلي علم الهدي والتقي حضرة الشيخ مرتضي(أعلي الله مقامه) عشرين تومانا، وإلي حضرة الشيخ محمد حسين المجتهد الكاظمي عشرين تومانا، وإلي حضرة الشيخ محمد الشروقي عشرين تومانا، لم يبق علئ سوي عشرين تومانا، كنت أروم أن أقدمها إذا قفلت من النجف، إلي الشيخ محمد حسن آل

ص: 319

يس الكاظمي (أيده الله) ووددت لما وافيت بغداد أن أبادر إلي أداء ما استمرعلي من السهم، فتوجهت إلي الكاظمية، وكان اليوم يوم الخميس، فزرت الإمامين الهمامين الكاظمين عليه السلام ثم وافيت حضرة الشيخ (سلمه الله) فنقدته شطرا من العشرين تومانا، وأوعدته بأن أؤدي الباقي إذا بعت بعض البضائع، بأن أبذله إلي مستحقه حسب ما يحيله علئ بالتدريج، ثم أزمعت علي مغادرا الكاظمية ورفضت ما ألح فيه حضرة الشيخ من البقاء، معتذرا بأن علي أن أوفي عمال معمل النسيج أجورهم، حسب ما قررت عليه من بذل أجر عمل الأسبوع في يوم الخميس عصرا، فأخذت أسلك طريقي إلي بغداد، فلما قاربت ثلث الطريق، إذا أنا بسيد جليل من السادة، يعرج علي في طريقه إلي الكاظمية، فدنا مني وسلم علي، وبسط يده للمصافحة والمعانقة، ورحب بي قائلا: أهلا وسهلا، وضمني إلي صدره وتلاثمنا، وكان قد تعمم بعمامة خضراء زاهرة، وفي وجهه الشريف شامة كبيرة سوداء.

فتوقف وقال : علي خير أيها الحاج علي، أين المقصد؟

فأجبته: قد زرت الكاظمين عليه السلام وأنا الآن ماض إلي بغداد .

فقال لي: عد إلي الكاظمين عليه السلام فهذه ليلة الجمعة .

ص: 320

قلت : لا يسعني العود.

فأجاب : ذلك في وسعك، عد كي أشهد لك بأنك من الموالين لجدي أمير المؤمنين عليه السلام ولنا، ويشهد لك الشيخ، فقد قال تعالي : (واستشهدوا شاهدين)، وكان هذا تلميحا إلي ما كنت أتوخاه من التماس الشيخ، أن يمنحني رقعة أجعلها في كفني يشهد لي فيها بأني من الموالين لأهل البيت عليهم السلام .

فسألته من أين عرفتني وكيف تشهد لي؟

فأجاب : وكيف لا يعرف المرء منوافاه حقه؟

قلت : وأي حق هذا الذي تعنيه؟

فأجاب : ما بذلته لوكيلي .

قلت ومن هو؟

قال الشيخ محمد حسن .

فقلت : أهو وكيلك؟

أجاب : هو وكيلي، وكذلك السيد محمد.

قال الحاج علي : ما كنت أعرف صاحبي هذا، ولكنه كان قد دعاني باسمي، فاحتملت أن تكون بيننا معرفة سابقة ، وقلت أيضا في نفسي إنه يطالبني بشيء من الخمس، ووددت

ص: 321

أن أبذل له من سهم الإمام عليه السلام.

فقلت: يا أيها السيد إنه قد بقي في ذمتي من حقكم شيء. أي حق السادة . وقد راجعت في ذلك حضرة الشيخ محمد حسن، كي أؤديه إليكم بإذنه، فتبسم في وجهي قائلا : نعم قد أبلغت شطرا من حقنا إلي وكلائنا في النجف الأشرف.

فقلت : هل قبل ما أديته؟

قال : نعم.

ثم انتبهت إلي أن صاحبي هذا يعبر عن أعاظم العلماء بكلمة وكلائي، فاستكبرت ذلك، ثم قلت في نفسي العلماء وكلاء السادة، في قبض حقوقهم، ثم اعترضتني الغفلة، انتهي.

ثم قال لي: عد إلي زيارة جدي، فطاوعته وعدت معه ، وكنت قابضا علي يده اليمني بيدي اليسري، فلما استأنفنا المسير، وجدت نهرا إلي جانبنا الأيمن، يجري بماء زلال، ووجدت أشجار الليمون والرارنج، والعنب والرمان، وغيرها، تظللنا من فوق رؤوسنا، وكلها مثمرة معا في غير مواسمها، فسألته عن النهر والأشجار .

فقال : إنها تصاحب كل موال من موالينا إذا زار جدنا،

ص: 322

وزارنا.

فقلت له مسألة أريد سؤالها .

قال : سل.

قلت : إن الشيخ عبد الرزاق كان ممن يزاول التدريس، وقد وافيته يوما فسمعته يقول: من دأب في حياته علي صيام النهار، وقيام الليل، وحج أربعين حجة، واعتمر أربعين مرة، ثم وافته المنون، وهو بين الصفا والمروة، ولم يكن هو من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام ما كان له شيء من الأجر؟

فأجاب نعم، والله ما كان له شيء، ثم سألته عن بعض أقربائي هل هو من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام .

فأجاب : نعم هو ومن يتصل بك .

ثم قلت : سيدنا مسألة .

قال : سل.

قلت : يقول خطباء مأتم الحسين عليه السلام إن سليمان الأعمش، أتي رجلا يسأله عن زيارة سيد الشهداء عليه السلام فأجابه الرجل أنها بدعة، ثم رأي في المنام هودجا بين السماء والأرض، فسأل عن الهودج، فأجيب بأن فيه فاطمة الزهراء،

ص: 323

وخديجة الكبري عليه السلام فسأل أين تذهبان، فأجيب إلي زيارة الحسين عليه السلام في هذه الليلة، وهي ليلة الجمعة، وشاهد رقعا تتساقط إلي الأرض من ذلك الهودج، كتب فيها:

اَمانٌ مِن النّار لِزوّارِ الحسين علي السلام في لَيلَةِ الجُمُعَةِ أمانٌ مِنَ النّارِ يومَ القِيامَةِ؛

فهل صحيح هذا الحديث؟

قال : نعم تام صحيح

قلت : سيدنا أصحيح ما يقال أن من زار الحسين عليه السلام ليلة الجمعة كان آمنا.

قال نعم ودمعت عيناه وبكي.

قلت : سيدنا مسألة .

قال : سل.

قلت : قد زرنا الرضاعليه السلام سنة ألف ومائتين وتسع وستين، فصادفنا في بلدة درود أحد الشروقيين (وهم قوم من العرب يسكنون البادية الشرقية للنجف الأشرف) . فأضفناه , وسألناه عن ولاية الرضاعليه السلام فقال هي الجنة، وقال : هذا هو الخامس عشر من أيام أقتات فيها بطعام الرضا عليه السلام فكيف

ص: 324

يجرؤ منكر ونكير أن يدنوا مني في قبري، إنه قد نبت لحمي وعظمي من طعام الرضا عليه السلام في دار ضيافته، فهل صحيح أن الرضا عليه السلام يوافيه في قبره وينجيه من منكر ونكير .

فأجاب: نعم، والله إن جدي الضامن .

قلت : سيدنا مسألة قصيرة شئت أسألها .

قال : سل.

قلت : زيارتي للرضا عليه السلام هي مقبولة؟

أجاب مقبولة إن شاء الله .

قلت : سيدنا مسألة .

قال : سل. بسم الله .

قلت : وهل قبلت زيارة الحاج محمد حسين البزاز. بزاز باشي . ابن المرحوم الحاج أحمد البراز . بزاز باشي . وقد رافقته في طريقي إلي مشهد الرضا عليه السلام فكنا شريكين في النفقة .

قال : زيارة العبد الصالح مقبولة.

قلت : سيدنا مسألة .

قال : سل بسم الله .

ص: 325

قلت: وهل قبلت زيارة فلان من أهالي بغداد وكان معنا في طريقنا إلي خراسان.

فسكت ولم يجب.

قلت: سيدنا مسألة.

قال : سل بسم الله.

قلت: هل سمعت مسألتي السابقة، هل قبلت زيارة الرجل؟

فلم يجبني.

قال الحاج علي إن الرجل كان هو وأخلاؤه في الطريق من أهالي بغداد المترفين، وكانوا في رحلتهم هذه يدأبون في اللعب واللهو، وكان هو قاتل أمه، ثم بلغنا متسعا من الطريق يواجه مدينة الكاظمين محاطة بالبساتين من الجانبين، وكان شطر من هذه الجادة يقع علي يمين القادم من بغداد، ملكا البعض الأيتام من السادة، وقد اغتصبته الحكومة، فجعلته جزءا من الطريق العام، فكان الورع التقي من أهالي بغداد والكاظمية يحذر المسير في هذا الشطر من الجادة، فرأيت صاحبي هذا لا يأبي الجري عليه.

فقلت له: سيدي هذا الموضع ملك لبعض الأيتام من

ص: 326

السادة، ولا ينبغي التصرف فيه.

فأجاب هو لجدي أمير المؤمنين عليه السلام وذريته وأولادنا،ويحل التصرف فيه لموالينا.

وكان علي الجانب الأيمن قرب هذا الموضع بستان الرجل يدعي الحاج ميرزا هادي، وكان ثريا من أثرياء العجم المشهورين، وكان يسكن بغداد.

فقلت : سيدنا هل صحيح ما يقال إن هذا البستان أرضه للإمام موسي بن جعفر عليه السلام .

قال : ما شأنك وهذا؟ وأعرض عن الجواب .

ثم بلغنا ساقية مدت من نهر دجلة، لري المزارع والبساتين، وهي تقاطع الجادة، فينشعب هناك المسلك إلي المدينة شعبتين، هما الشارع السلطاني، وشارع السادة، فتوجه صاحبي إلي شارع السادة، فدعوته إلي الشارع السلطاني، فرفض وقال : لنسر في شارعنا هذا، فما خطونا خطوات، إلا ووجدنا أنفسنا في الصحن المقدس، عند منزع الأحذية، . الكشوانية . من دون أن نمر بسوق أو زقاق، فدخلنا الأيوان من جانب باب المراد شرقا، مما يلي الرجل، فلم يمكث صاحبي للاستئذان لدخول الرواق الطاهر، وورد من دون الاستئذان، ثم

ص: 327

وقف علي باب الحرم الشريف، فخاطبني وقال : زر، قلت: إني لا أعرف القراءة.

قال : فأقرأ لك الزيارة؟

قلت : نعم

فقال : أَأدخُلُ يا الله السَّلامَ عَلَيكَ يَا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ وسلّم علي الأئمة واحداً فواحداً حتي بلغ الإمام العسكري عليه السلام .

فقال : السَّلامُ عَلَيكَ يا أبَا مُحَمَّد ٍالحَسَنَ العَسكَرِيَّ ثم خاطبني قائلاً: أتعرف إمام عصرك؟

أجبت: وكيف لا أعرفه .

قال : فسلم عليه .

فقلت : السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ الله يا صاحِبَ الزَّمانِ يابنَ الحَسَنِ .

فتبسم

وقال : عَلَيكَ السَّلامُ وَرَحمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ .

فدخلنا الحرم الطاهر، وانكبنا علي الضريح المقدس وقبلناه ، ثم قال لي زر.

ص: 328

قلت : لا أعرف القراءة .

قال : فاقرأ لك الزيارة؟

قلت : نعم.

قال : في أي الزيارات ترغب؟

قلت : إقرأ لي ما هو أفضل الزيارات .

فقال : زيارة أمين الله هي الفضلي، ثم أخذ يزور بها قائلا:

السَّلامَ عَلَيكُمَا يا أمِينَيِ الله فِي أرضِهِ و حُجَّتِهِ عَلَي عِبَادِهِ .

إلي آخره ..

وأججت حينئذ مصابيح الحرم الشريف، فشاهدت الشموع لا تؤثر ضياء في تلك البقعة الشريفة، فكأنها مشرقة بنور الشمس، والشموع تبدو كما لو أججت في وضح النهار ، وهذا وأنا ذاهل عن هذه الآيات، فلا أنتبه إليها، فلما انتهي من الزيارة دار من سمت الرجل إلي خلف القبر الشريف، فوقف في الجانب الشرقي، وقال هل تزور جدي الحسين عليه السلام؟

قلت : نعم أزوره عليه السلام فهذه ليلة الجمعة، فزاره عليه السلام بزيارة وارث، وانتهي المؤذن حينئذ من أذان المغرب.

ص: 329

فقال لي صاحبي: صل والتحق بالجماعة، فأتي المسجد الواقع خلف القبر الشريف، وقد أقيمت هنا كصلاة الجماعة ، ووقف هو منفردا إلي يمين الإمام، محاذيا له، أما أنا فوجدت مكانا في الصف الأول، ووقفت هناك مصليا مع الجماعة ، فلما فرغت من الصلاة، لم أجد صاحبي، فخرجت من المسجد، وفتشت عنه الحرم الشريف، فلم أجده، وكنت أنوي أن أبذل له عدة قرانات، وأستضيفه تلك الليلة، وإذا أنا أفيق من غفلتي وأنتبه، فأشخص السيد الذي صحبني، فتتوالي في خاطري الآيات والمعجزات التي مرت بي، فقد انقادت له نفسي فعدت معه إلي الكاظمين عليه السلام غير مبال بما كان يصدني عن ذلك من الأمر الهام في بغداد، وقد دعاني باسمي ولم أكن قد رأيته من قبل، وقد عبر بكلمة الموالين لنا، وقال أيضا: أنا أشهد لك، وقد أبدي لي النهر الجاري، والأشجار المثمرة، في غير مواسمها، فهذه الشواهد الواضحة وغيرها، مما شاهدت تورث إلي القطع واليقين، بأنه هو الإمام المهدي عليه السلام ولا سيما أنه سألني هل تعرف إمام زمانك؟ قلت: نعم.

فقال: سلم عليه فلما سلمت، تبسم ورد هو علي السلام، ثم أتيت حافظ الأحذية . الكيشوان . وسألته عن صاحبي، فأجاب: قد خرج: سألني أكان هو صاحبك؟

ص: 330

قلت: نعم، ثم أويت إلي البيت الذي كنت أحل بها ضيفا، فبت فيه ليلتي، فلما أصبح الصباح، توجهت إلي حضرة الشيخ محمد حسن، وقصصت له قصتي، فوضع يده علي فيه، ونهاني عن إفشاء القصة.

وقال لي: وفقك الله، فكنت أكتمها ولا أنبيء بها أحدا، وبعد شهر من حدوثها شاهدت يوما في الحرم الطاهر سيدا جليلا يدنو مني، ويسألني ماذا حدث لك ويلمح إلي القصة فأنكرتها، قائلا: لم يحدث لي شيء فأعاد علي كلامه ، فاشتد إنكاري لها، ثم غاب عن بصري ولم أره بعد، انتهي .

ص: 331

ص: 332

فهرس

الإهداء...5

المقدمة...9

تمهيد...13

قصة الولادة المباركة...13

ما بعد المولد:...22

1

الوارث الحقيقي للأنبياء...27

عالمية قضية الإمام عليه السلام...27

قضية الإمام تكملة مسيرة الأنبياء...28

2

احاديث البشارة بالمهدي عليه السلام...31

1- بشر به الرسول محمد صلي الله عليه و آله و سلم:...31

2- بشر به النبي داود عليه السلام:...32

3- بشر به نبي الله ارميا عليه السلام:...35

قضية الإمام عليه السلام والمذاهب الإسلامية...37

روايات المعصومين وقضية الإمام علي عليه السلام...40

احصائية الروايات...49

الشك في قضية الامام علي عليه السلام...51

ص: 333

3

اهداف اعمال الامام في زمن الغيبة...55

اهداف أعمال الامام علي عليه السلام الخاصة ... 58

مساعدته المالية للآخرين...60

الدور الاجتماعي للامام عليه السلام...65

4

دور الأمة في تعجيل ظهور الإمام عليه السلام...73

علامات الظهور...75

شرائط الظهور...78

إلي واقعنا المتردي وشكواه...86

دور العلماء والحركة الاجتهادية في زمن الغيبة الكبري...99

5

نحن في امتحان إلهي...107

الاعتراف بالمهدي عليه السلام...111

الاعتراف بالمهدي عليه السلام...113

بعد الاعتراف المعرفة والعمل...114

انتظار الظهور المبارك...117

حقيقة الانتظار...122

الانتظار ووظيفة الهداية...124

التقوي والورع من التكاليف...127

العبادة في السر مع الإمام المستتر...130

ما هي البيعة وكيف نبايع الإمام عليه السلام...133

زيارة الإمام والدعاء له وأدعيته وحقيقة السرداب...136

يستعرض أعمالنا كل يوم...141

ص: 334

السعي للقاء الإمام (عليه السلام) والتشرف برؤيته...145

طريق التشرف بلقائه...148

دعاء الإفتتاح ...152

دعاء اللهم كن لوليك الحجة...158

دعاء العهد...160

دعاء الندبة...163

زيارة الإمام صاحب العصر والزمان يومية بعد صلاة الفجر...172

زيارة الإمام المهدي عليه السلام وآداب السرداب الطاهر...173

وهناك زيارة أخري للإمام صاحب العصر...179

زيارة الحجة...185

الصلاة علي الإمام الحجة عليه السلام...188

دعاء عظم البلاء...189

الدعاء للإمام الحجة عليه السلام...190

أعمال وأدعية لقضاء الحوائج من بركات الإمام الحجة عليه السلام...194

صلاة الحجة القائم(عجل الله تعالي فرجه الشريف) ودعاؤه...197

الصلاة علي الإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف) يوم الجمعة...198

الصلاة علي ولي الأمر المنتظر عليه السلام...204

دعاء الإمام الحجة (عليه السلام) في أيام رجب...205

دعاء المهدي (عليه السلام) اللهم ارزقنا توفيق الطاعة...207

دعاء الحجة (عليه السلام) إلهي بحق من ناجاك...209

دعاء الاستغاثة بالحجة عليه السلام...210

تعزية الحجة بالإمام الحسين عليه السلام...213

دعاء الصلاة في ليلة ميلاد الحجة عليه السلام...215

دعاء اللّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنا وَمَوْلُودِها وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِها...217

مسجد السهلة بيت الإمام الحجة...219

أدعية وأعمال مسجد السهلة...220

ص: 335

دعاء اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمِنَنِ السَّابِغَةِ في رجب...225

دعاء زمن الغيبة...227

زيارة الإمام الحجة (عليه السلام) في يوم الجمعة...234

حكايات وقصص اللقاء بالإمام المهدي (عليه السلام) وفيوضاته...237

قصة لقاء مع الإمام الحجة بعد زيارة الأمير عليه السلام...239

احترام السادة...253

التغلب علي هوي النفس والتشرف بلقاء الحجة(عجل الله تعالي فرجه الشريف)...254

إنصاف الناس والتشرف بلقاء صاحب الزمان(عجل الله تعالي فرجه الشريف)...260

منزلة الإمام الخميني عند المولي صاحب العصر (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...264

الطاف الإمام الحجة...269

تشرفات السيد مرعشي بلقاء صاحب العصر والزمان عليه السلام...271

تشرف السيد بحر العلوم برؤية الإمام (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...282

أسئلة المقدس الأردبيلي للإمام (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...285

المرتاض الهندي وعمل لرؤية الإمام (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...287

وجه خفي علي غير الأولياء...292

أتفكر أنه لا صاحب لنا؟!...294

الفارس المنقذ...297

الاستغاثة بولي العصر (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...300

استجابة الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...304

ارتباط الشهيد الصدر (الثاني) بالإمام الحجة (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...306

منزلة العارف الملكي عند الإمام صاحب الزمان عليه السلام...307

قصة الحاج مؤمن الشيرازي وأحد الأولياء في طريق مشهد...309

معجزة ولي العصر (عجل الله تعالي فرجه الشريف)...314

قصة لقاء مع الإمام الحجة بعد زيارة الأمير عليه السلام...319

ص: 336

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.