جولة في حكومة الإمام المهدي عليه السلام

اشارة

اسم الكتاب: جولة في حكومة الإمام المهدي عليه السلام

المؤلف: الشيخ نجم الدين الطبسي

ترجمة: الشيخ أحمد سامي وهبي

الناشر: دار الولاء . للطباعة والنشر والتوزيع

الطبعة: الأولي بيروت - 2004م - 1425ه-

جميع حقوق الطبع محفوظة للناشر

ص: 1

اشارة

اسم الكتاب: جولة في حكومة الإمام المهدي عليه السلام

المؤلف: الشيخ نجم الدين الطبسي

ترجمة: الشيخ أحمد سامي وهبي

الناشر: دار الولاء . للطباعة والنشر والتوزيع

الطبعة: الأولي بيروت - 2004م - 1425ه-

جميع حقوق الطبع محفوظة للناشر

ص: 2

جولة في حكومة الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)

الشيخ نجم الدين الطبسي

ترجمة

الشيخ أحمد سامي وهبي

دار الولاء

بيروت - لبنان

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 4

المقدمة

كانت منطقة شوش دانيال قد حررت حديثا من مخالب المعتدين. وكان الناس يعودون تدريجيا إلي المدينة. وقد كان لي فخر الحضور في جمع المقاتلين الأعزاء في ذلك الوقت. في تلك الفرصة في مسجد تلك المدينة التاريخية «المسجد الجامع» درست بعض الدروس في موضوع إمام الزمان عليه السلام ، علي أساس كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي رحمه الله .

التفت في ذلك الوقت إلي أمر وهو أنه وإن كانت مباحث مختلفة قد طرحت في موضوع إمام الزمان عليه السلام مثل: سر طول العمر، فلسفة الغيبة، عوامل الظهور، وغيرها، ولكن لم يتم التحقيق والبحث كما هو مطلوب في كيفية قيامه، نظامه الحكومي، وأسلوب حكمه. من هذه الجهة، قررت أن يكون لي تحقيق في هذا المجال، عسي أن أستطيع الإجابة علي الأسئلة المطروحة لدي العموم.

أحد الأسئلة الذي شغل ذهن أكثر الناس، هو كيف سيقوم الإمام عليه السلام بإزالة الأنظمة السياسية المختلفة التي تمتلك أفكارا وقدرات مختلفة، ويشكل نظاما عالميا واحدا؟ كيف هو نظام

ص: 5

وبرنامج الإمام الحكومي، الذي لن يكون فيه ظلم وجور، ولا يوجد فيه فساد، ولا يوجد فيه جائع؟

هذه الفكرة دفعتني للتحقيق، والبحث في الموضوع المذكور مدة أربع سنوات، وكانت نتيجته هذا الكتاب الذي هو أمامكم.

في الباب الأول من هذا الكتاب تم البحث في أوضاع العالم المشحونة بالحرب، والقتل، والدمار، والقحط، والموت، والمرض، والظلم، والجور، والخوف، والعدوان (قبل ظهور الإمام عليه السلام . ويستنتج منه أن الناس في ذلك الزمان قد يئسوا من الأهداف، والمذاهب، والحكومات المختلفة التي يدعي كل منها مراعاة حقوق البشر، وخلاصهم، وقطعوا الأمل من تحسن أوضاع العالم السيئة، وهم يقضون أيامهم في انتظار ظهور مصلح لكي يكون المخلص لهم.

الباب الثاني من الكتاب ينطلق إلي كيفية قيام وثورة الإمام المهدي عليه السلام العالمية، النهضة التي تبدأ بإعلانها من جانب الكعبة . يلتحق به أصحابه وأتباعه الحقيقيون من أنحاء العالم، ويشكل أركان القيادة، وتنتظم الجيوش، ويعين القادة، وتبدأ العمليات علي مساحة واسعة.

يظهر الإمام المهدي عليه السلام ، ويبدأ بقلع جذور الظلم والظالمين من المجتمع. هذا المجتمع ليس محدودة بأرض الحجاز، البحر الأبيض المتوسط وآسيا، بل هو بسعة الكرة الأرضية. وإصلاح مجتمع كهذا مليء بالظلم والفساد عمل صعب جدا، ومن يدعيه هو في الحقيقة يدعي معجزة كبيرة، وهذه المعجزة ستتحقق علي يديه .

ص: 6

الباب الثالث من الكتاب يشير إلي حكومة آخر إمام عليه السلام . يشكل الإمام عليه السلام - من أجل إدارة عالم تحرر من الظلم والفساد، وتحقيق حكم الإسلام - دولة قوية وفعالة، من أصحاب أقوياء في زمانه، وعظماء من التاريخ أمثال النبي عيسي عليه السلام ، سلمان الفارسي، مالك الأشتر، وغيرهم من السلف الصالح، وإن دورهم في الإطاحة بحكومات الجور وإن كان لا يمكن إغفاله، إلا أن الدور الأساسي لهم يكون في إصلاح العالم في ظل حكومة الإمام المهدي عليه السلام العالمية.

إن ما ذكر في هذه المقدمة باختصار، جاء في الكتاب الذي بين أيديكم بشكل مفصل، وبالأدلة، مع الاستفادة من عشرات الكتب من السنة والشيعة، ودراسة مئات الروايات.

الأمل أن يكون هذا الكتاب الذي رسم لمحة - وإن كانت غير كافية - عن المجتمع الإسلامي بعد ظهور عدل آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، مقبولا عند إمام الزمان عليه السلام ، ومفيدا لمسلمي العالم، والمنتظرين الإمام الزمان عليه السلام الواقعيين، ويهيئهم لتمهيد الأرضية بظهوره.

نسأل الله العظيم أن يحشر الإمام المرجع الكبير الخميني (قدس سره) الذي أرانا مظهرا من حكومة المهدي عليه السلام في إيران، مع الأنبياء والمعصومين، وأن يؤيد خدام أهل البيت ودولة أهل البيت في حراسة أم القري هذه.

من الضروري هنا أن نذكر بعدة أمور:

1. نحن لا ندعي أننا في هذا الكتاب قدمنا مبحثا جديدا، لأن رواياته قد جمعها العلماء سابقا، وقد توصلوا إلي نتائج في

ص: 7

بعض الموارد. ولكن خصوصية هذا الكتاب في أننا قد سعينا أن نقدم مطالب جديدة في قالب بعيد عن الاصطلاحات الخاصة والنزاعات الدينية، وفي مستوي فهم العموم.

2- الاستنتاجات التي أخذت من الروايات، ولم تسند إلي أحد ما، هي رأي الكاتب الشخصي. لذلك من الممكن استنتاج مطالب أخري بالدقة والتحقيق أكثر، وقياس الروايات بعضها علي بعض.

3 - كذلك لا ندعي أن جميع الروايات التي استند عليها هذا الكتاب صحيحة وغير قابلة للجرح، بل كان السعي لنقل ما جاء به المحدثون والمؤلفون المعتبرون في كتبهم. ولم يتم البحث في سند الروايات، إلا في بعض الموارد، لأننا لسنا في مقام إثباته أو نفيه. إضافة إلي أنه في كثير من الموارد نقطع بصدور الرواية بالتواتر الإجمالي، وخاصة في الروايات التي وصلت عن طريق أهل البيت عليهم السلام .

4 - روايات هذا الكتاب جمعت قبل تأليف وتدوين كتابنا «معجم أحاديث الإمام(1) المهدي عليه السلام »، لهذا نرجع المشتاقين المزيد من التحقيق في هذا المجال إلي ذلك الكتاب الذي - بحمد الله - وفقنا إلي جمعه وتأليفه ونشره بعد هذا الكتاب .

5 - في كثير من الروايات فرت كلمة الساعة والقيامة بظهور الإمام المهدي عليه السلام ، لهذا السبب جاءت الروايات بعنوان شرائط أو علائم الساعة والقيامة، أوردت في هذا الكتاب تحت عنوان علائم

الظهور.

ص: 8


1- (1) لقد قمت بتأليف هذا الكتاب بمساعدة عدد من فضلاء الحوزة. وقد طبعته مؤسسة المعارف الإسلامية في قم، وفي المستقبل القريب - إن شاء الله - ستعيد مراجعته.

6۔ بعض مباحث الكتاب تحتاج إلي تحقيق أكثر، وإن كان قد بذل السعي لتوضيحها. علي أمل التوفيق الإلهي في أن ننشر هذا الكتاب بتحقيق أكثر في الطبعات التالية .

في الخاتمة تطبيقا لمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق من اللازم أن أقدم شكري وتقديري للأخوة والأصدقاء، وبالأخص إلي أخوي الكريمين، حجة الإسلام محمد جواد طبسي، وحجة الإسلام محمد جعفر طبسي لإرشاداتهما، وحجة الإسلام علي رفيعي، والسيد محمد حسيني الشاهرودي علي نسخ وتنظيم مباحث الكتاب .

قم - نجم الدين الطبسي

1373 ه-.ش.

ص: 9

ص: 10

الباب الأول : العالم قبل الظهور

اشارة

ص: 11

ص: 12

العالم قبل الظهور

عندما نكون في الضوء، نادرا ما نشعر بقيمته. وإنما ندرك قيمته الحقيقية عندما نقع في الظلمة .

حين تشرق الشمس في فضاء السماء، قليلا ما ننتبه إليها، ولكن حين تختفي وراء الغيوم ويتأخر نورها وحرارتها عن الموجودات مدة من الزمن نعرف قيمتها.

نحن إنما نحس بضرورة ظهور شمس الولاية في الوقت الذي نعرف فيه ظروف وأوضاع ما قبل الظهور السيئة، وندرك شرائط ذلك الزمن الصعبة.

الصورة العامة المأخوذة من الروايات لذلك العصر هي كالتالي:

قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام تعم الفتنة والاضطراب، الهرج والمرج، الحرب، عدم الأمن، عدم المساواة والإجحاف، والقتل والمجازر والعدوان كل مكان، وتمتلئ الأرض بالظلم والجور .

ص: 13

تنشب الحروب الدموية بين شعوب وبلدان العالم. وتمتلئ الأرض بالقتلي.يكثر القتل ظلمة إلي حد أنه لا يبقي بيت وعائلة لم تفقد واحدا أو أكثر من أعزائها. يفني الرجال والشباب علي أثر الحروب إلي حد أنه يقتل إثنان من كل ثلاثة أشخاص.

يفقد الأمن علي المال والروح بين الشعوب، ولا تعود الطرق آمنة، ويسيطر علي البشر الخوف والوحشة والفزع. يكثر الموت السريع والمفاجئ. يقتل الأطفال الأبرياء بأبشع أنواع التعذيب علي يد الأمراء الظلمة. يعتدي علي النساء الحوامل في الشوارع. تنتشر الأمراض المعدية والمميتة . قد يكون ذلك علي أثر تعفن أجساد القتلي أو استعمال الأسلحة الميكروبية والكيميائية - تعطل حياه الناس، ويشكون الناس قلة المواد الغذائية، والغلاء والقحط ، وتمتنع الأرض عن قبول البذر وعن النمو والاخضرار. ينقطع المطر، أو يهطل في غير وقته فيتسبب بالأضرار. وعلي أثر الجفاف تصعب الحياة، حتي أن بعض الناس من أجل تأمين ما يسدون به رمقهم يبيعون بناتهم بقليل من الطعام.

في تلك الظروف الصعبة، يسيطر اليأس علي البشر، ويصير الموت أفضل هدية عند الناس، والأمل الوحيد عندهم انتهاء مدة الحياة. في ذلك الوقت عندما يمر شخص بين القتلي وقرب المقابر يتمني أن يكون أحدهم لكي يرتاح من الحياة الذليلة.

في ذلك الوقت لا توجد قوة أو مؤسسة أو تنظيم يستطيع أن يلجم كل هذه الاضطرابات والعدوان والقتل، وينزل بالظالمين والأقوياء جزاء أعمالهم السيئة. ولا يصل إلي الآذان أي نداء من أجل تحرير الناس. لايقوم مدعو العمل لخلاص البشر، الخونة

ص: 14

الكاذبون، بأي عمل، وينتظر البشر ظهور مصلح إلهي، ومعجزة إلهية تظهر بلطف الله ورحمته .

في ذلك الحين حيث يسيطر اليأس علي الجميع، يظهر المهدي الموعود عليه السلام بعد سنوات من الغيبة والانتظار، من أجل خلاص البشرية. ويصل النداء السماوي إلي الأذان في كل أنحاء العالم بأن عصر الأمراء والظالمين قد انقضي ويبشر بحلول عهد حكومة العدل الإلهي، وبظهور المهدي عليه السلام .

هذا النداء السماوي يبعث روح الأمل في هيكل البشرية الميت، ويعطي للمحرومين والمظلومين بشري الحرية.

ص: 15

ص: 16

الفصل الأول : الحكومة

اشارة

قوانين الأديان والمذاهب إنما تطبق في المجتمع في الوقت الذي تساندها فيه حكومة ما. من هذه الناحية تسعي كل جماعة للحصول علي الحكومة من أجل تحقيق أهدافها. الإسلام أيضا - الذي هو أعظم دين سماوي - يعمل لتشكيل حكومة إسلامية، ويري أن إقامة وحفظ حكومة الحق من أعظم الفرائض .

نبي الإسلام الأكبر صلي الله عليه و آله و سلم بذل كل جهده من أجل تشكيل الحكومة الإسلامية وبني قواعدها في المدينة. بعد رحيل النبي صلي الله عليه و آله و سلم - رغم أمل الأئمة المعصومين عليهم السلام ، والعلماء بتشكيل الحكومة الإسلامية - لم يكن هناك حكومة إسلامية إلا في موارد معدودة علي الأصابع، وأكثر الحكومات إلي زمان ظهور الإمام المهدي عليه السلام ستكون حكومات باطلة.

رسمت في الروايات عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم والأئمة عليهم السلام ، صورة عامة للحكومات قبل قيام المهدي عليه السلام ، نشير إلي موارد منها :

ص: 17

أ- الإستبداد:

إحدي المسائل التي يتألم منها المجتمع البشري قبل ظهور الإمام عليه السلام ، هي الظلم الذي يجري علي الناس من قبل الحكومات. يقول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، في هذا المجال :

«تمتلئ الأرض ظلما وجورا حتي يدخل كل بيت خوف وحرب فيسألون درهمين فلا يعطونه»(1).

يقول الإمام علي عليه السلام :

«تملأ الأرض ظلما وجورا، حتي يدخل كل بيت خوف وحزن» (2).

عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

«لا يقوم القائم إلا علي خوف شديد»(3).

هذا الخوف والفزع أمر ينبع غالبا من حكام العالم الظالمين والمتكبرين؛ لأنه قبل ظهور الإمام عليه السلام يكون الظالمون هم الحكام علي العالم.

عن أبي جعفر علي :

ص: 18


1- (1) إبن أبي شيبة، المصنف، ج15، ص89. كنز العمال، ج14، ص 584.
2- (2) كنز العمال، ج14، ص 854. إحقاق الحق، ج13، ص317.
3- (3) الشجري، الأمالي، ج2، ص156. أنظر النعماني، الغيبة، ص253. الطوسي، الغيبة ، 274. إعلام الوري، ص428. مختصر بصائر الدرجات ص 212. إثبات الهداة ، ج3، ص540. حلية الأبرار، ج3، ص626. بحار الأنوار، ج52، ص23.بشارة الإسلام، ص82. عقد الدرر، ص64. القول المختصر ص26. المتقي الهندي، البرهان، ص74. السفاريني، اللوائح، ج3، ص8.

«لا يخرج المهدي حتي يرقي الظلمة».(1)

عن ابن عمر: «يتمني ذو الشرف والمال والولد الموت بما يري من البلاء من ولاتهم».(2)

الأمر الملفت للانتباه هو أن أتباع النبي صلي الله عليه و آله و سلم لا يتألمون بسبب عدوان وهجوم القوي الأجنبية فقط؛ بل هم في شقاء من قبل حكوماتهم المستبدة أيضا، بحيث أن الأرض علي اتساعها تضيق بهم، ويحسون أنهم في سجن كبير .

الآن في العالم الإسلامي لا يوجد بين قادة البلدان الإسلامية . في غير إيران التي بعناية الله عز وجل والإمام المهدي عليه السلام - دولة يحكم فيها فقيه عادل وبين الإسلام والمسلمين روابط جيدة وهم غرباء عنهما .

هناك روايات في هذا المجال جاء فيها:

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال :

«ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع ببلاء أشد منه، حتي يضيق عليهم الأرض الرحبة حتي تملأ الأرض جورا وظلما، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم...»(3).

صرح في بعض الروايات بابتلاء المسلمين بقادة مستبدين، وبشرت بعد حكمهم الظالم بظهور مصلح عالمي، في هذه

ص: 19


1- (1) إبن طاووس، الملاحم، ص77.
2- (2) عقد الدرر، ص333.
3- (3) الحاكم، المستدرك، ج4، ص465. عقد الدرر، ص43. إحقاق الحق، ج19، ص 664.

المجموعة من الروايات أخبر عن ثلاثة أنواع من الحكومات التي حكمت بعد رسول الإسلام الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم . هذه الأنواع الثلاثة للحكومة هي عبارة عن:

1- الخلفاء .

2- الأمراء .

3- الملوك .

وبعدها يحكم الجبارون .

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا»(1).

ب - تركيب الدول

الناس إنما يعيشون في راحة عندما يكون موظفوا الدولة أفرادا صالحين ومتخصصين؛ ولكن عندما يصير الحكام علي الناس أشخاصا غير صالحين، من الطبيعي أن الناس سيعانون من الألم والعذاب ؛ هذه الوضعية عينها تسود قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام . في ذلك الوقت يحكم هذه الدول أشخاص خائنون وفاسقون وظالمون.

ص: 20


1- (1) المعجم الكبير، ج22، ص375. الإستيعاب، ج1، ص221. فردوس الأخبار، ج2، ص 456. كشف الغمة، ج3، ص264. إثبات الهداة ، ج3، ص596.

عن النبي :

«يكون ولاة جورة، وأمراء خونة، وقضاة فسقة، ووزراءظلمة»(1)

ج - نفوذ النساء في الحكومات:

إحدي الأمور الأخري التي تسود في حكومات آخر الزمان سلطة ونفوذ النساء، اللواتي يحكمن الناس إما بشكل مباشر، أو بإخضاع القادة لسلطتهن. فيؤدي هذا الأمر إلي نتائج مؤلمة. يقول الإمام علي عليه السلام في هذا المجال :

«ليأتين علي الناس زمان يطرف (يظرف) فيه الفاجر، ويقرب فيه الماجن، ويضعف فيه المنصف. قال : فقيل له : متي ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إذا اتخذت الأمانة مغنما، والزكاة مغرما، والعبادة استطالة، والصلة منا، قال : فقيل: متي ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إذا تسلطن النساء، وسلطن الإماء، وأمر الصبيان ...»(2).

د- حكم الصبيان:

الحكام يجب أن يكونوا أشخاصا ذوي تجربة وخبرة بالإدارة لكي يعيش الناس في راحة وأمان. فإذا تسلم إدارة الأمور الصبيان أو السفهاء، فلا بد من اللجوء إلي الله من شر الفتنة التي ستحدث .

من المناسب في الموضوع ذكر روايتين:

ص: 21


1- (1) الشجري، الأمالي، ج2، ص228.
2- (2) الكافي، ج8، ص69. بحار الأنوار، ج52، ص265 - 278 .

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«تعوذوا بالله من رأس السبعين(1)، وإمارة الصبيان»(2).

«وعن سعيد بن المسيب: تكون فتنة، كان أولها لعب الصبيان» (3).

ه- - تزلزل الحكومات:

الحكومة القادرة علي خدمة شعبها هي التي تمتلك استقرارا سياسيا؛ لأنه في حال تغير الأوضاع لن تكون قادرة علي إنجاز الأعمال الكبري في الوطن.

الحكومات في آخر الزمان في حالة تزلزل فقد تأتي حكومة في أول النهار، وتنحي عن الحكم عند الغروب.

عن أبي عبد الله عليه السلام :

«كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدي ولا علم، يتبرأ بعضكم من بعض، فعند ذلك تميزون و تمحصون وتغربلون، وعند ذلك اختلاف السيفين، وإمارة من أول النهار، وقتل وخلع من آخر النهار ...»(4) .

ص: 22


1- (1) رأس السبعين يقصد بها الفترة التي أعقبت موت معاوية بن أبي سفيان، فقد مات علي رأس السبعين للهجرة، ثم تولي بعد ذلك يزيد بن معاوية ومروانبن الحكم لأشهر قليلة ثم أربعة من أبنائه، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة عندما سألوه أن يطلب بيعة مروان بن الحكم: «لو بايعني بكفه لغدر بسته، أما إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه وهو أبو الأكبش الأربعة وستلقي الأمة منه ومن ولدو يوما أحمره (الكلام 73)
2- (2) احمد، المسند، ج2، ص326، 448.
3- (3) ابن طاووس، الملاحم، ص60.
4- (4) كمال الدين، ج2، ص348.

و - ضعف القدرة علي إدارة البلدان:

قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام تميل الحكومات الظالمة للضعف وهذا يشكل أرضية لقبول حكومة الإمام المهدي عليه السلام العالمية. يروي محمد بن فضيل عن علي بن الحسين الإمام السجاد عليه السلام في شرح الآية الكريمة (حتي إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا) (1). «ما يوعدون في هذه الآية القائم المهدي وأصحابه وأنصاره، وأعداؤه تكون أضعف ناصرا، وأقل عددا إذا ظهر القائم عليه السلام»(2)

ص: 23


1- (1) سورة الجن، الآية 24.
2- (2) الكافي، ج1، ص432. نور الثقلين، ج 5، ص 44. احقاق الحق، ج13، ص329. ينابيع المودة، ص429. المحجة، ص132.

ص: 24

الفصل الثاني : الوضع الديني

اشارة

في هذا الفصل سننطلق إلي دراسة وضع الناس الديني قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام . يفهم من الروايات أنه في ذلك العصر لن يبقي من الإسلام والقرآن إلا الاسم والمسلمون يكونون مسلمين إسما فقط. المساجد لا تعود محلا للإرشاد والموعظة. أكثر فقهاء ذلك الزمان أسوأ الفقهاء علي الأرض، ويباع الدين بأرخص الأثمان.

أ- الإسلام والمسلمون:

الإسلام يعني التسليم للأوامر الإلهية. الإسلام أعظم وأفضل الأديان فهو يحقق للبشر سعادة الدنيا والآخرة؛ ولكن القيمة للعمل بقوانين الإسلام والقرآن.

في آخر الزمان يصير كل شيء معكوسا: القرآن حاضر في المجتمع ولكنه خطوط منقوشة علي الأوراق فقط، والمسلمون ليس فيهم من الإسلام إلا الإسم وليس لديهم من الإسلام أي علامة .

ص: 25

قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«سيأتي زمان علي أمتي لا يبقي من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا إسمه، يسمون به وهم أبعد الناس ...»(1) .

وعن أبي جعفر الإمام الباقر عليه السلام :

«... يا خيثمة! سيأتي علي الناس زمان لا يعرفون الله وما هو التوحيد حتي يكون خروج الدجال ...»(2) .

ب - المساجد:

المسجد مكان عبادة الله - تعالي - والدعوة الدينية وإرشاد وهداية الناس. في صدر الإسلام كانت حتي الأعمال الحكومية الهامة تتم في المساجد، الجهاد كان يخطط له من المساجد وكان الإنسان يعرج منها؛ ولكن في آخر الزمان تفقد المساجد أهميتها، وبدل التعليم والإرشاد الديني في المساجد يتم التركيز علي عددها وتزيينها، وهي خالية من المؤمنين.

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«سيأتي زمان علي أمتي ... مساجدهم عامرة، وهي خراب من الهدي ... »(3)

ج - الفقهاء:

العلماء والفقهاء والمسلمون هم حفظة دين الله - عز وجل -

ص: 26


1- (1) بحار الأنوار، ج52، ص190.
2- (2) تفسير الفرات، ص 44.
3- (3) بحار الأنوار، ج 52، ص190.

علي الأرض، وهم الذين يتم علي يدهم هداية وإرشاد الناس. وقد استخرجوا المسائل الدينية من المنابع الشرعية بعد تحمل المشقات، ووضعوها في متناول أيدي الناس. ولكن في آخر الزمان يختلف الوضع، وعلماء ذلك العصر يكونون أسوأ العلماء. عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«سيأتي زمان ... فقهاء ذلك الزمان شر الفقهاء تحت السماء، منهم خرجت الفتنة ، وإليهم تعود»(1) .

يمكن أن يقال : المقصود هم علماء البلاط والخاضعون له، الذين يبررون جرائم الملوك الظالمين والحكام المستبدين ويعطونها اللون الإسلامي؛ الذين هم مستعدون للميل إلي كل مجرم وجان ، مثل وعاظ السلاطين المرتبطين بالحكام الذين يرون مواجهة أمريكا وإسرائيل خلاف الشرع. وهم الذين لا يتفوهون بكلمة مقابل جرائم إسرائيل وجرائم عملائها في قتل المؤمنين والمجاهدين، ويأتون بدليل عليه بآية أو رواية . نعم يجب أن يقال : هم أسوأ الفقهاء الذين تنشأ الفتنة منهم، وترجع إليهم.

د - الخروج عن الدين:

من علائم آخر الزمان الأخري، هي أن الناس يخرجون عن الدين. دخل الحسين بن علي عليه السلام علي علي ابن أبي طالب عليه السلام ، وعنده جلساؤه، فقال :

«هذا سيد كم، سماه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سيدا، وليخرجن رجل من صلبه، شبهي شبهه في الخلق والخلق، يملأ الأرض عدلا وقسطا

ص: 27


1- (1) م. س، ج52، ص190. ثواب الأعمال، ص301. جامع الأخبار، ص29.

كما ملئت ظلما وجورا. قيل له: ومتي ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال : هيهات! إذا خرجتم من دينكم كما تخرج المرأة عن وركيها لبعلها»(1).

ه- - التجارة بالدين:

من الواجب علي الإنسان إذا كانت نفسه في خطر أن يتخلي عن ماله ليحفظ نفسه، وإذا هدد دينه خطر أن يقدم نفسه كي لا يصيب دينه؛ ولكن في آخر الزمان يباع الدين بثمن بخس، ومن كان مؤمنا عند الصباح يكفر عند المساء.

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «ويل للعرب من شر قد اقترب، فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا عند الصباح ويمسي كافرا، يبيع قوم دينهم بعض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض علي الجمرة. أو قال : علي الشوك»(2).

ص: 28


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص144.
2- (2) أحمد، المسند، ج2، ص39.

الفصل الثالث : الأخلاق

اشارة

تصدع بنيان العائلة والرحم والصداقة، وخمود العواطف الإنسانية، والقسوة من خصائص آخر الزمان البارزة.

أ- خمود العواطف الإنسانية:

يبين رسول الإسلام الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم وضع ذلك العصر من الناحية العاطفية:

«... فلا الكبير يرحم الصغير، ولا القوي يرحم الضعيف، فحينئذ يأذن الله له الخروج...»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم :

«إن الساعة لا تقوم حتي يدخل الرجل علي ذي رحمه، يسأله برحمه فلا يعطيه، والجار علي جاره يسأله بجواره فلا يعطيه»(2).

ص: 29


1- (1) بحار الأنوار، ج52، ص380، وج3، ص335.
2- (2) الشجري، الأمالي، ج2، ص271.

وعنه : «من أشراط الساعة سوء الجوار، وقطيعة الأرحام ..»(1).

بعض الروايات أولت «الساعة» بظهور الإمام عليه السلام (2).

ب - الفساد الأخلاقي

إن أي نوع من الانحراف والفساد يمكن أن يتحمل بنحو ما، إلا الفساد الجنسي الذي هو صعب جدا، ولا يمكن تحمله. من الانحرافات القبيحة جداً والخطرة التي يبتلي بها مجتمع ما قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام هي عدم الأمن العائلي وعدم الأمن علي العرض.

في ذلك العصر ينتشر الفساد والتحلل الأخلاقي بشكل واسع . إن قبح وبشاعة الأعمال الحيوانية لبعض الناس الذين هم بصورة بشر، يزول علي أثر انتشار الفساد وتكراره، ويصير حالة طبيعية وعادية. ويعم الفساد بحيث أنه يندر وجود شخص يستطيع أو يريد منعه .

إن احتفالات ذكري مرور ألفي عام علي الحكم الملكي في إيران وفي زمان حكم محمد رضا بهلوي، بإسم احتفال شيراز الفني التي عرضت فيها مشاهد قبيحة جدا عن الحياة الحيوانية، هذه الاحتفالات أدت إلي تصاعد اعتراض وغضب المجتمع الإيراني

ص: 30


1- (1) أخبار أصبهان، ج1، ص274، فردوس الأخبار، ج4، ص5. الدر المنثور، ج6، ص50. جمع الجوامع، ج1، ص845. كنز العمال. ج14، ص 240.
2- (2) راجع : تفسير القمي، ج2، ص340. كمال الدين، ج2، ص465. تفسير الصافي، ج5، ص 99. نور الثقلين، ج5، ص175. إثبات الهداة، ج3، ص553 كشف الغمة، ج3، ص 280. الشافعي، البيان، ص528. ابن حجر، الصواعق المحرقة، ص162، لمراجعة معاني كلمة يوم الظهور، يوم الكرة هو يوم القيامة يرجع إلي تفسير الميزان، ج2، ص108.

المسلم. ولكن في عصر ما قبل الظهور لا يكون هناك أي اعتراض، والاعتراض الوحيد إنما هو علي القيام بهذه الأعمال القبيحة وسط الشوارع. هذا أكبر نهي عن المنكر يحصل، وهذا الشخص هو أعبد أهل زمانه .

الآن سنلقي نظرة إلي الروايات لندرك شدة مصيبة ذهاب القيم الإسلامية وانتشار الفساد. عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«لا تقوم الساعة حتي تؤخذ المرأة نهارا جهارا في وسط الطريق - تنكح - لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول: لو نحيتها عن الطريق قليلا»(1).

و عنه صلي الله عليه و آله و سلم :

«والذي نفس محمد بيده لا تفني هذه الأمة، حتي يقوم الرجل إلي المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط»(2).

و في بيان آخر عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم:

«يتهارجون في الطريق تهارج البهائم، ثم يقوم أحدهم بأمه وأخته وابنته فينكحها في وسط الطريق، يقوم عنها ينزو عليها آخر، ولا ينكر ولا يغير، فاضلهم يومئذ من يقول : لو تنحيتم عن الطريق

كان أحسن» (3) .

ص: 31


1- (1) عقد الدرر، ص333. الحاكم، المستدرك، ج4، ص495.
2- (2) المعجم الكبير، ج9، ص119. فردوس الأخيار، ج5، ص91. مجمع الزوائد، ج 7،ص217.
3- (3) إبن طاووس، الملاحم، ص 101.

ج - انتشار الأعمال المنافية للعفة:

عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر الإمام الباقر عليه السلام : يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم متي يخرج قائمكم؟ قال:

«إذا تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء»(1).

وهناك رواية أخري نقلت عن الإمام الصادق عليه السلام بهذا المضمون(2). وينقل أبو هريرة أيضا عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «لا تقوم الساعة حتي يتغايرون علي الغلام كما يتغايرون علي المرأة»(3) .

وقد جاءت روايات أخري بهذا المضمون أيضا :

عن الإمام الصادق عليه السلام :

«إذا رأيت الرجل يعير علي إتيان النساء» (4) .

وعنه عليه السلام : «إذا صار الغلام يعطي كما تعطي المرأة، ويعطي قفاه لمن ابتغي» (5) .

وعنه عليه السلام : «يزف الرجال للرجال كما تزف المرأة لزوجها»(6).

ص: 32


1- (1) كمال الدين، ج1، ص331.
2- (2) مختصر إثبات الرجعة، ص216. اثبات الهداة، ج3، ص570. مستدرك الوسائل، ج2، و ص335.
3- (3) فردوس الأخبار، ج5، ص229. كنزل العمال، ج14، ص249.
4- (4) الكافي، ج8، ص39. بحار الأنوار، ج52، ص 257، بشارة الإسلام، ص133.
5- (5) الكافي، 8، ص38. بحار الأنوار، ج52، ص257 .
6- (6) بشارة الإسلام. ص 72. إلزام الناصب، ص121.

وقال عليه السلام: «يتمشط الرجل كما تتمشط المرأة لزوجها، ويعطي الرجال الأموال علي فروجهم، ويتنافس في الرجل، ويغار عليه من الرجال، ويبذل في سبيله النفس والمال»(1).

وقال عليه السلام : «تكون معيشة الرجل من دبره، ومعيشة المرأة من فرجها» (2).

وعنه عليه السلام : «عندها يغار علي الغلام كما يغار علي الجارية في بيت أهلها» (3).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «كأنك بالدنيا لم تكن إذا ضيعت أمتي الصلاة واتبعت الشهوات وغلت الأسعار وكثر اللواط»(4) .

د- تمني قلة الولد:

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«ألا تقوم الساعة حتي يحسب أبو الخمسة أنهم أربعة، وأبو الأربعة أنهم ثلاثة، وأبو الثلاثة أنهم إثنين، وأبو الإثنين أنهما واحدا، وأبو الواحد ليس له ولد»(5).

وفي رواية أخري عن إبن مسعود قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول:

«ليأتين علي الناس زمان يغبطون فيه الرجل بخفة الحال كما

ص: 33


1- (1) الكافي، ج8، ص38. بحار الأنوار، ج52، ص 457.
2- (2) ن.م، ج8، ص38.
3- (3) بشارة الإسلام، ص36، 76، 133.
4- (4) ن.م، ص23. إلزام الناصب، ص181.
5- (5) فردوس الأخبار، ج 5، ص 227.

تغبطونه اليوم بكثرة المال والولد. حتي يمر أحدكم بقبر أخيه فيتمعك عليه كما تتمعك الدابة في مراعيها، ويقول: يا ليتني مكانه ، ما به شوق إلي الله، ولا عمل صالح قدمه إلا لما ينزل به من البلاء»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم أيضا:

«لا تقوم الساعة حتي يكون الولد غيضا»(2).

جاء في هذه الرواية «الولد غيضا» التي تعني السقط ومنع الحمل؛ ولكن جاءت كلمة غيضا بمعني الغم والمشقة والغضب أي أن الناس في ذلك العصر يمنعون ازدياد الأولاد بإسقاط الجنين ومنع الحمل. وقد يكون ذلك بسبب أن الولد سيكون سبب الهم والحزن والغضب، وقد يكون سبب المشاكل الإقتصادية الصعبة، وانتشار الأمراض في الأطفال وعدم وجود الإمكانات للرعاية والتشجيع في تحديد النسل، أو عوامل أخري.

ه-- قلة عدد الرجال وكثرة النساء:

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«من أشراط الساعة أن يقل الرجال ويكثر النساء، حتي يكون في خمسين امرأة قيم واحد»(3).

ص: 34


1- (1) المعجم الكبير، ج10، ص12.
2- (2) فردوس الأخبار، ج5، ص221.
3- (3) الطيالسي، المسند، ج8، ص266. أحمد، المسند، ج3، ص120، الترمذي، السنن، ج4، ص 491. أبو يعلي، المسند، ج5، ص273. حلية الأولياء، ج6، ص 280، دلائل النبوة ، ج6، ص543. الدر المنثور، ج6، ص50.

قد يكون هذا الوضع علي أثر الخسائر البشرية من الرجال في الحروب المتكررة والطويلة .

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم :

«لا تقوم الساعة حتي يتبع الرجل قريب من ثلاثين امرأة كلهن تقول: إنكحني إنكحني»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : في رواية أخري:

«يميز الله أولياءه وأصفياءه حتي يطهر الأرض من المنافقين والضالين وأبناء الضالين، وحتي تلتقي بالرجل يومئذ خمسون، هذه تقول: يا عبد الله اشترني، وهذه تقول: يا عبد الله آوني» (2).

وعن أنس، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«لا تقوم الساعة حتي إن المرأة لتمر بالنعل فترفعها وتقول: قد كانت هذه لرجل، وحتي يكون في خمسين امرأة القيم الواحد» (3).

وعن أنس أيضا قال: ألا أحدثكم بحدي سمعته عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال :

«يذهب الرجال ويبقي النساء »(4).

ص: 35


1- (1) فردوس، الأخبار، ج5، ص509.
2- (2) المفيد، الأمالي، ص 144. بحارالأنوار، ج52، ص250.
3- (3) عقد الدرر، ص 232. فردوس الأخبار، ج5، ص225.
4- (4) أحمد، المسند، ج3، ص377.

ص: 36

الفصل الرابع : الأمن

أ- الاضطرابات وعدم الأمن:

علي أثر عدوان القوي الكبري فقد الأمن عند الحكومات الصغيرة والشعوب الضعيفة، ولا يعود للحرية والأمن أي معني. وتضيق القوي الكبري الحاكمة علي العالم، المجال علي الشعوب الضعيفة، ويزيد الاعتداء علي حقوق الشعوب إلي حد أن الناس لا يبقي لديهم حق التنفس.

يصور النبي الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم ذلك بقوله:

«يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تداعي القوم إلي قصعتهم. قال: قيل من قلة؟ قال : لا ولكنه غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوكم؛ بحبكم الدنيا و كراهتكم الموت»(1).

ص: 37


1- (1) الطيالسي، المسند، ص133. أبو داود، السنن، ج4، ص11. المعجم الكبير، ج2، ص101.

هاتان الخصلتان القبيحتان اللتان أشار إليهما الرسول الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم ، كافيتان لمنع أي شعب من الوصول إلي الحرية والدفاع عن قيمه، وتجعله يأنس بحياة الذل وفي أية ظروف ولو كان بذهاب الدين وأصوله.

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«وذلك عندما تصير الدنيا هرجا ومرجا، ويغار بعضكم علي بعض(1) ، فلا الكبير يرحم الصغير، ولا القوي يرحم الضعيف. فحينئذ بأذن الله بالخروج»(2).

ب - الطرقات غير الآمنة:

تتسع مساحة الفوضي وعدم الأمن لتصل إلي الطرق، وتتسع دائرة قسوة القلب. في هذا الزمان يظهر الله - تعالي - المهدي عليه السلام، ويفتح حصون الضلالة بيده القوية. المهدي الموعود عليه السلام لا ينطلق إلي فتح الحصون القوية فقط، بل يفتح القلوب الغلف نحو الحقائق والمعنويات ويهيئها لقبول الحقائق .

يخاطب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم إبنته الكريمة فيقول:

«يا فاطمة! والذي بعثني بالحق، إن منهما - أي الحسن والحسين عليه السلام - مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل وأغار بعضهم علي بعض، فلا كبير يرحم صغيرا ولا صغير يوقر كبيرا، فيبعث الله - عز وجل - منهما من

ص: 38


1- (1) بحار الأنوار، ج36، ص 335 وج52، ص380.
2- (2) نمو ج52, ص 154.

يفتح حصون الضلالة، وقلوبا غلفا، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا»(1).

ج - الجرائم المهولة

كانت جرائم الظالمين والجلادين علي مدي التاريخ مفجعة ومخيفة . وصفحات التاريخ مليئة بظلم وجرائم الحكام الظالمين والمتعطشين لدماء الشعوب المحرومة، وجنكيز خان وهتلر و آتيلا نماذج لهم.

ولكن الجرائم التي تحصل قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، أكثر الجرائم التي يمكن تصورها وحشية. إعدام الأطفال الصغار بواسطة المشانق، وإحراقهم ورميهم في السوائل المغلية، تقطيع الناس بالمناشير والأسياخ المعدنية والمطاحن من الحوادث المريرة التي تحصل من قبل الحكومات التي تدعي الدفاع عن حقوق البشر قبل إقامة حكومة العدل العالمي. مع حدوث هذه الأعمال الوحشية تظهر أهمية حكومة الإمام المهدي عليه السلام التي هي ملاذ المحرومين كما تعبر الروايات.

يصور الإمام علي عليه السلام حوادث ذلك العصر المريرة فيقول:

«... ثم يبعث - أي السفياني - فيجمع الأطفال، ويغلي الزيت لهم فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فما ذنبنا، فيأخذ منهم اثنين أسمهما حسنا وحسينا فيصلبهما، ثم يسير إلي الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال. ويصلب علي باب مسجدها طفلين اسماهما

ص: 39


1- (1) عقد الدرر، ص152. بحار الأنوار، ج 52، ص154، 266. إحقاقالحق، ج13، ص116. أبو نعيم، الأربعون حديثة ذخائر العقبي، ص135. ينابيع المودة، ص426.

حسن وحسين ... ويخرج السفياني وبيده حربة فيأخذ امرأة حاملا، فيدفعها إلي بعض أصحابه ويقول: أفجر بها في وسط الطريق، فيفعل ذلك ويبقر بطنها فيسقط الجنين من بطن أمه، فلا يقدر أحد أن يغير ذلك»(1).

وعن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام في خبر اللوح :

«ثم اكمل ذلك بإبنيه رحمة للعالمين، عليه كمال موسي وبهاء عيسي وصبر أيوب، ستذل أوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تهادي رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشو الويل والرنين في نسائهم(2)، أولئك أوليائي حقا، بهم أرفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأرفع عنهم الآصار والأغلال، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون»(3).

وعن ابن عباس: «يخرج السفياني والفلاني فيقتلان حتي يبقر بطون النساء ويغلي الأطفال في المراجل»(4).

وعن أرطاة: «يقتل السفياني كل من عصاه، وينشرهم بالمناشير، ويطحنهم بالقدور ستة أشهر»(5).

ص: 40


1- (1) عقد الدرر، ص94. الشيعة والرجعة، ج1، ص155.
2- (2) كل ذلك في زمان الغيبة لا في أيام ظهوره عليه السلام لأن المؤمنين في أيامه في كمال العزة.
3- (3) كمال الدين، ج1، ص311. إبن شهر آشوب، المناقب، ج2، ص297. أعلام الوري، ص 371. إثبات الوصية، ص226.
4- (4) ابن حماد، الفتن، ص83. إبن طاووس، الملاحم، ص 51.
5- (5) الحاكم، المستدرك . ج4، من 520 الحاوي للفتاوي، ج 2، ص 65. منتخب كنز العمال، ج6، ص31، (حاشية مسند أحمد). إحقاق الحق، ج13، ص293.

د- تمني الموت:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«والذي نفسي بيده ! ، لا تذهب الدنيا حتي يمر علي القبر رجل فيمرغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان هذا القبر وليس به الدين إلا البلاء»(1).

من ذكر كلمة رجل في الرواية يستفاد أمران: الأول: أن هذه إبتلاءات ومشاكل ذلك العصر، وتمني الموت علي أثرها، لا يختص بطائفة وشعب وجماعة خاصة، والجميع في شقاء وعذاب بسبب الحوادث الأليمة.

الثاني: أن التعبير بكلمة رجل يشير إلي شدة وقسوة ذلك العصر؛ لأن الرجل غالبا في مقابل المشاكل والمصاعب يقاوم أكثر من المرأة، ويستفاد من كون الرجال ليس لديهم قدرة لتحمل مشكلات ومشقات ذلك العصر أن هذه المشكلات كبيرا جدا وتقصم الظهر .

عن أبي حمزة الثمالي، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام : يقول:

«يا أبا حمزة لا يقوم القائم إلا علي خوفي شديد وزلازل وفتنة وبلاء يصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد بين الناس، وتشتت في دينهم وتغير من حالهم حتي

ص: 41


1- (1) أحمد، المسند، ج2، ص636. مسلم، الصحيح، ج4، ص2231. المعجم الكبير ج9، ص 41. مصابيح السنة، ج2، ص139. عقد الدرر ص236.

يتمني المتمني الموت صباحا ومساء من عظم ما يري من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا»(1).

وينقل حذيفة الصحابي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قوله :

«ليأتين عليكم زمان يتمني الرجل الموت من غير فقر»(2).

وعن ابن عمر: «ليأتين علي الناس زمان يتمني فيه المؤمن أنه في فلك مشحون هو وأهله يموج في البحر من شدة ما فيه من البلاء»(3)

ه-- أسر المسلمين:

عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فذكر الملاحم وقال في آخرها:

«ويباع الأحرار للجهد الذي يحل بهم، يقرون بالعبودية ، الرجال والنساء، ويستخدم المشركون المسلمين ويبيعونهم في الأمصار، لا يتحاشي لذلك بر ولا فاجر.

يا حذيفة ! لا يزال ذلك البلاء علي أهل الزمان، حتي إذا أيسوا وقنطوا وساؤا الظن ألا يفرج عنهم؛ إذ بعث الله رجلا من أطائب عترتي وابرار ذريتي عدلا، مباركا، زكيا، لا يغادر مثقال ذرة، يعز

ص: 42


1- (1) النعماني، الغيبة، ص 235. الطوسي، الغيبة، ص 274. أعلام الوري، ص428. بحار الأنوار، ج52، ص348. إثبات الهداة ، ج3، ص 540. حلية الأبرار، ج2، ص626. بشارة الإسلام، ص82.
2- (2) ابن أبي شيبة ، المصنف، ج15، ص91. مالك، الموطأ،ج 1، ص 241. مسلم، الصحيح، ج8، ص182. أحمد، المسند، ج2، ص236. البخاري، الصحيح، ج9، ص73. فردوس الأخبار، ج5، ص221.
3- (3) عقد الدرر، ص334.

الله به الدين والإسلام وأهله، ويذل به الشرك وأهله، يكون من الله علي حذر، لا يغتر بقرابته، لا يضع حجرا علي حجر، ولا يقرع أحدا في ولايته بسوط إلا في حد. يمحو الله به البدع كلها، ويميت به الفتن كلها. يفتح الله به باب حق، ويغلق به كل باب باطل. يرد الله به سبي المسلمين حيث كانوا. قلت: فسم لنا هذا العبد الذي اختاره الله لأمتك وذريتك! فقال : إسمه كإسمي واسم أبيه كإسم أبي. لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لجعل الله مقدار ما يكون فيه ماذكرت»(1).

و - خسف الأرض:

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«ليأتين علي هذه الأمة يوم يمسون يتساءلون، بمن خسف الليلة كما يتساءلون بمن بقي من آل فلان، وهل بقي من آل فلان فلان» (2).

قد يكون هذا الكلام كناية عن الحرب والقتل في آخر الزمان بحيث يقتل أعداد كبيرة يوميا بواسطة الأسلحة المتطورة والمجازر الجماعية. وقد تكون الأرض تبتلع أهلها بسبب كثرة المعاصي .

ز- زيادة الموت فجأة:

يقول النبي الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم : «من أشراط الساعة : الفالج وموت الفجأة» (3).

ص: 43


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص132 نقلا عن فتن السليلي .
2- (2) المطالب العالية، ج4، ص348.
3- (3) الشجري، الأمالي، ج2، ص277.

ويقول صلي الله عليه و آله و سلم :

«لا تقوم الساعة حتي يظهر الموت الأبيض. قالوا: يا رسول الله! وما الموت الأبيض؟ قال : موت الفجأة»(1).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض. أما الموت الأبيض فالطاعون»(2).

وعن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام :

«لا يقوم القائم إلا علي خوف شديد وطاعون قبل ذلك»(3) .

ح - اليأس العالمي

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يا علي ... وذلك الحين تغيرت البلاد وضعف العباد واليأس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم المهدي من ولدي ...»(4) .

وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :

«... وخروجه إذا خرج عند اليأس والقنوط »(5).

وعن علي عليه السلام :

ص: 44


1- (1) الفائق، ج1، ص141.
2- (2) النعماني، الغيبة، ص277. الطوسي، الغيبة، ص267. أعلام الوري، ص427. الخرائج، ج3، ص 1152. عقد الدرر، ص65. الفصول المهمة، ص301، الصراط المستقيم، ج2، ص249. بحار الأنوار، ج52، ص211.
3- (3) بحار الأنوار، ج52، ص3.
4- (4) ينابيع المودة، ص44، إحقاق الحق، ج13، ص125.
5- (5) بحار الأنوار، ج52، ص398.

«وليكونن من يخلفني في أهل بيتي، وذلك بعد زمان كلح مصفح يشتد فيه البلاء، وينقطع فيه الرجاء»(1).

ط - عدم وجود ملجأ:

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجيء إليه من الظلم»(2).

وفي رواية أخري يقول صلي الله عليه و آله و سلم :

«أبشروا بالمهدي من ولد فاطمة، يظهر من جهة المغرب فيملأ الأرض عدلا، فقيل: يا رسول الله ومتي يكون ذلك؟ فقال: إذا ارتشي القضاة وفجرت الأمة. قيل وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال : يتفرد من أهله ويتغرب من وطنه»(3) .

وعن الإمام الباقر عليه السلام :

«لا ترون الذي تنتظرون حتي تكونوا كالمعزي الموات التي لا يبالي الخابس أين يضع يده فيها، ليس لكم شرف ترقونه ولا سناد تسندون إليه أمركم» (4).

ص: 45


1- (1) إين المنادي، الملاحم، ص 64. إبن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص276. المسترشد، ص 75. المفيد، الارشاد، ص128. كنزل العمال، ج14، ص 592. غاية المرام، ص208. بحار الأنوار ج 32، ص9. إحقاق الحق، ج13، ص314. منتخب كنز العمال، ج 61، ص35.
2- (2) الشافعي، البيان، ص108.
3- (3) عقد الدرر، ص43.
4- (4) إحقاق الحق، ج19، ص679.

ي - الحرب، القتل والفتن:

يستفاد من الروايات أن الحرب والقتل قبل قيام الإمام المهدي عليه السلام ينتشر في كل مكان. بعض الروايات تخبر عن الفتن، عدد آخر من الروايات يخبر عن الحروب المتتالية، وروايات تتكلم عن موت الناس بواسطة الحرب والأمراض الناشئة من الطاعون.

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«لتأتينكم بعدي أربع فتن : الأولي يستحل فيها الدماء، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج والرابعة صماء، عمياء، مطبقة تمور مور السفينة في البحر حتي لا يجد أحد من الناس منها ملجأ. تطير بالشام، وتغشي العراق، وتخبط الجزيرة يدها ورجلها. يعرك الأنام فيها البلاء عرك الأديم، لا يستطيع من الناس يقول: مه؟ مه؟ لا ترفعونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخري»(1).

وفي حديث آخر عنه صلي الله عليه و آله و سلم :

«ستكون بعدي فتن، منها فتن الأحلاس، يكون فيها هرب وحرب، ثم من بعدها فتن أشد منها، كلما قيل: انقطعت، تمادت، حتي لا يبقي بيت من العرب إلا دخلته، ولا مسلم إلا وصلته، حتي يخرج رجل من عترتي»(2) .

ويقول صلي الله عليه و آله و سلم :

ص: 46


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص 21. كمال الدين، ج2، ص371.
2- (2) عقد الدرر، ص50.

«ستكون بعدي فتنة لا يهدأ منها جانب إلا جاش منها جانبان حتي ينادي مناد من السماء : إن أميركم فلان - أي المهدي -»(1) .

الكلام في هذه الروايات عن الفتنة التي تعم قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، ولكن في روايات أخري جاء الكلام بصراحة عن الحروب المدمرة .

عن عمار بن ياسر : «دعوة أهل بيت نبيك في آخر الزمان، فالزموا الأرض وكفوا حتي تروا قادتها، فإذا خالف الترك الروم وكثرت الحروب في الأرض، ينادي مناد علي سور دمشق: ويل من شر قد اقترب»(2).

تخبر بعض الروايات عن القتل الذي يقع قبل ظهور المهدي عليه السلام ، البعض منها يذكر القتل وبعض آخر منها يتكلم عن سعته وانتشاره .

قال الرضا عليه السلام :

«قدام هذا الأمر قتل بيوح، قلت: وما البيوح؟ قال : دائم لا يفتر»(3) .

وعن أبي هريرة: تكون بالمدينة وقعة تفرق فيها أحجار الزيت(4)، ما الحرة(5) عندها إلا كضربة سوط، فينتحي عن المدينة قدر بريدين، ثم يبايع المهدي»(6).

ص: 47


1- (1) احقاق الحق، ج13، ص295، أحمد بن حنبل، المسند، ج2، ص371.
2- (2) الطوسي، الغيبة، الطبعة الجديدة، ص 441. بحار الأنوار، ج52، ص212.
3- (3) قرب الإسناد، ص170. النعماني، الغيبة، ص271.
4- (4) حي في المدينة أقيمت فيه صلاة الاستسقاء. معجم البلدان ج 1، ص109.
5- (5) حرة واقم، قتل فيها يزيد بن معاوية أكثر من 10 آلاف شخص واباح المدينةلجنده ، سميت وقعة الحرة . معجم البلدان، ج2، ص249.
6- (6) إبن طاووس، الملاحم، ص58.

وعن أبي قبيل: «يملك رجل من بني هاشم، فيقتل بني أمية حتي لا يبقي منهم إلا اليسير، لا يقتل غيرهم، ثم يخرح رجل من بني أمية يقتل بكل رجل إثنين، حتي لا يبقي إلا النساء . ثم يخرج المهدي»(1) .

هذا كناية عن كثرة القتل في الرجال .

وعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«والذي نفسي بيده! لا تذهب الدنيا حتي يأتي علي الناس يوم لا يدري القاتل فيم قتل ، ولا المقتول فيم قيل. يكون الهرج، القاتل والمقتول في النار» (2).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام:

«... بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض ... فالموت الأحمر فالسيف، وأما الموت الأبيض فالطاعون»(3).

سئل الباقر عليه السلام :

لقائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم : غيبتان، أحداهما أطول من الأخري؟ قال : «نعم ... ويشمل الناس موت وقتل»(4).

ص: 48


1- (1) م. س، ص59. أبو قبيل هذا اسمه حي بن هاني المعافري، توفي عام 128 ه-. قيل كان له علم بالملاحم والفتن، وذكره الساجي في الضعفاء. وحكي عن ابن معين أنه ضعفه، وأورده إين حبان في الثقاة وقال : كان يخطئ. تهذيب الكمال ج5، ص313. تهذيب التهذيب ج3، ص 64، صير أعلام النبلاء، ج5، ص214.
2- (2) فردوس الأخبار، ج5، ص91.
3- (3) النعماني، الغيبة ، ص277، المفيد، الإرشاد، ص359. الطوسي، الغيبة، ص267، الصراط المستقيم، ج2، ص249. بحار الأنوار، ج52، ص211.
4- (4) ن.م، ص173. دلائل الإمامة ، ص293. تقريب المعارف، ص187. بحار الأنوار، ج52، ص156.

يقول جابر: قلت لأبي جعفر عليه السلام ، متي يكون هذا الأمر؟ فقال : «أني يكون ذلك يا جابر ولما تكثر القتلي بين الحيرة(1) والكوفة» (2).

وعن الصادق عليه السلام :

«قدام القائم موتان، موت أحمر وموت أبيض حتي يذهب من كل سبعة خمسة »(3).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«لا يخرج المهدي عليه السلام حتي يقتل ثلاث، ويموت ثلاث ويبقي ثلاث»(4) .

عن مدلج بن هارون بن سعيد قال : سمعت أمير المؤمنين علي عليه السلام يقول لعمر - في ضمن كلام طويل إلي أن قال : فبكي عمر وقال : إني أعوذ بالله مما تقول: قال : فهل لذلك علامة؟ قال :

«نعم، قتل فظيع وموت سريع وطاعون شنيع»(5).

وبنقل إرشاد القلوب(6) : «قتل ذريع» يعني سريع وعام. وبنقل مدينة المعاجز(7) : «قتل وضيع» أي لئيم وخسيس. وبنقل حلية

ص: 49


1- (1) مدينة علي ثلاثة أميال (6 كيلومترات) من الكوفة. معجم البلدان، ج2، ص328.
2- (2) الطوسي، الغيبة، الطبعة الجديدة ، ص446. إثبات الهداة ، ج3، ص728. بحار الأنوار، ج52، ص156.
3- (3) كمال الدين، ج2، ص65. العدد القوية، ص66. بحار الأنوار، ج52، ص207.
4- (4) ابن طاووس، الملاحم، ص58. إحقاق الحق،ج13، ص29. وفي الملاحم: يموت ثلث ويقل ثلث وبقي ثلث.
5- (5) الحصيني، الهداية، ص31.
6- (6) إرشاد القلوب، ص286.
7- (7) مدينة المعاجز، ص133 .

الأبرار (1) «قتل فضيع»، أي مؤلم.

وعن محمد بن مسلم وأبي بصير قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول:

و «لا يكون هذا الأمر حتي يذهب ثلثا الناس، فقلنا له: فإذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقي؟ فقال : أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي»(2).

وعن الصادق عليه السلام :

«لا يكون هذا الأمر حتي يذهب تسعة أعشار الناس»(3) .

وعن الإمام علي عليه السلام :

«... لا يبقي من الناس في ذلك الوقت إلا ثلثهم»(4).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«يقتل من كل عشرة آلاف تسعة آلاف وتسعمائة، لا ينجو منها إلا اليسير» (5).

ويقول إبن سيرين : «لا يخرج المهدي حتي يقتل من كل تسعة سبعة»(6).

ص: 50


1- (1) حلية الأبرار، ص 601.
2- (2) الطوسي، الغيبة الطبعة الجديدة ، ص 339. كمال الدين . ج 2، ص655. إثبات الهداة، ج3، ص510. بحار الأنوار، ج 52، ص207، إلزام الناصب، ج2، ص136. إبن حماد، الفتن، ص 91. كنز العمال، ج14، ص587. المتقي الهندي ، البرهان، ص111.
3- (3) إلزام الناصب، ج2، ص136، عقد الدرر، ص 54، 59، 63، 65، 237 . النعماني، الغيبة ، - ص 274. بحار الأنوار، ج52، ص242.
4- (4) الحصيني، الهداية ، ص31. إرشاد القلوب، ص286.
5- (5) مجمع الزوائد، ج5، ص188.
6- (6) ابن طاووس، الملاحم، ص78.

من مجموع الروايات السابقة يستفاد ما يلي:

1- يحصل قتل قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، ويقتل عدد كبير من الناس، والباقون أقل عددا من المقتولين.

2- عدد من المقتولين يقتلون في الحرب، وعدد آخر يموتون بواسطة الأمراض المعدية التي يحتمل أن تكون قد نشأت من الجثث الباقية من الحرب. ويحتمل أيضا أن يكون هؤلاء قد فارقوا الحياة بسبب الأسلحة الكيميائية والميكروبية التي تسببت بوجود الأمراض.

3- أن من بين الأقلية الباقين شيعة ومحبي إمام الزمان عليه السلام ؛ لأن هؤلاء هم الذين يبايعون المهدي عليه السلام ، كما جاء في قول الصادق عليه السلام أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي؟.

ص: 51

ص: 52

الفصل الخامس : الوضع الاقتصادي

اشارة

يستفاد من روايات هذا الفصل أنه علي أثر انتشار الفساد وانعدام الرحمة والعاطفة، ووجود الحرب، يعيش العالم من الناحية الاقتصادية في وضع سيئ، بحيث أن السماء أيضا تمنع رحمتها، ويتبدل المطر الذي هو رحمة إلهية إلي غضب علي الناس ويصير مدمرا.

نعم في آخر الزمان يقل المطر أو ينزل في غير موسمه ويؤدي إلي فساد الزرع، تجف البحيرات والأنهار، ولا تثمر المزروعات ، وتفقد التجارة قيمتها، وينتشر الفقر والجوع حتي أن بعض الأشخاص من أجل إشباع بطونهم يأتون ببناتهم وزوجاتهم إلي السوق ويستبدلونهن بقليل من الطعام.

أ- قلة المطر ونزوله في غير أوانه:

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

ص: 53

يأتي علي الناس زمان ... فعند ذلك يحرمهم الله قطر السماء في أوانه، وينزله في غير أوانه...»(1).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«... ويكون المطر قيضا...»(2).

وعن الإمام الصادق عليه السلام :

«إن قدام القائم سنة غيداقة كثيرة المطر، تفسد فيها الثمار والتمر في النخل فلا تشكوا في ذلك ...»(3) .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«... ويقل المطر، فلا أرض تنبت، ولا سماء تنزل، ثم يخرج المهدي»(4) .

ويقول عطاء بن يسار : «من أشراط الساعة مطر ولا نبات...»(5).

وعن الصادق عليه السلام :

«إذا قام القائم وأصحابه فقد الماء الذي علي وجه الأرض حتي لا يوجد ماء، فيضج المؤمنون إلي الله بالدعاء ، فيبعث الله لهم هذا الماء فيشربونه»(6).

ص: 54


1- (1) جامع الأخبار، ص 150. مستدرك الوسائل، ج 11، ص 375.
2- (2) دوحة الأنوار، ص150. الشيعة والرجعة، ج1، ص151. كنز العمال، ج19 ص 241.
3- (3) المفيد، إرشاد القلوب، ص361. الطوسي، الغيبة، ص272. أعلام الوري، ص428. الخرائج، ج3، ص163. إبن طاووس، الملاحم، ص125.
4- (4) إبن طاووس، الملاحم، ص 134.
5- (5) عبد الرزاق، المصنف، ج3، ص155.
6- (6) دلائل الإمامة، ص245.

ب - جفاف البحيرات والأنهار:

عن النبي الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم :

«... وخراب مصر من جفاف النيل»(1).

ويقول أرطأة: «وتيبس الفرات والعيون والأنهار»(2) .

وعن أبي عبد الله عليه السلام :

«يجف ماء بحيرة طبريا، ويتوقف النخيل عن الثمر، وتنضب عين زعر. وهذه العين تقع في الجانب القبلي من الشام»(3).

وعنه عليه السلام :

«... ويكون جفاف الأنهار ... ويقع القحط والغلاء ثلاث سنين» (4).

ج - انتشار الغلاء، والجوع، والفقر وكساد التجارة:

قال رجل: متي قيام الساعة يا رسول الله !؟ قال :

«ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن لها أشراط وتقارب أسواق. قالوا يا رسول الله ! ما تقارب أسواقها؟ قال : كسادها ومطر ولا نبات»(5).

قال أمير المؤمنين عليه السلام : لابن عباس :

ص: 55


1- (1) بشارة الإسلام، ص28.
2- (2) ابن حماد، الفتن، ص148.
3- (3) بشارة الإسلام، ص191. إلزام الناصب، ص 161.
4- (4) ن.م، ص98.
5- (5) الترغيب والترهيب، ج3، ص442.

«.. وتجارات كثيرة وربح قليل ثم قحط شديد»(1).

وعن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

«إن قدام القائم علامات تكون من الله عز وجل، للمؤمنين. قلت: وما هي جعلني الله فداك؟ قال : ذلك قول الله عز وجل : (ولنبلونكم) يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام (بشيء من الخوف والجوع و نقص من الأموال والأنفس والثمرات و بشر الصبرين) (2). قال يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم، (ونقص من الأموال) قال : كساد التجارات وقلة الفضل . (والأنفس) قال وموت ذريع. (والثمرات) قال: قلة ريع ما يزرع . (وبشر الصبرين) عند ذلك بتعجيل خروج القائم عليه السلام »(3).

وبنقل أعلام الوري، قلة المعاملات بمعني كساد التجارة وقلة البيع والشراء(4).

وعن الإمام الصادق عليه السلام :

«... وعند ذلك خروج السفياني، ويقل الطعام، ويقحط الناس ويقل المطر»(5).

وعن ابن مسعود : «... إذا انقطعت التجارات والطرق...»(6) .

ص: 56


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص125.
2- (2) سورة البقرة: الآية ، 155.
3- (3) كمال الدين، ج2، ص650، النعماني، الغيبة، ص250. المفيد، إرشاد القلوب، ص361. اعلام الوري، ص356. العياشي، التفسير، ج1، ص68.
4- (4) اعلام الوري، ص456.
5- (5) ابن طاووس، الملاحم، ص133.
6- (6)الفتاوي الحديثية ، ص30. المتقي الهندي، البرهان، ص 142. عقد الدرر، ص132 .

قد يكون هذا الوضع التجاري السيئ في ذلك الزمان بسبب دمار المراكز الصناعية الإنتاجية، وقلة القوي البشرية، وضعف قوة الشراء، القحط، عدم وجود الأمن علي الطرقات وغير ذلك.

جاء في مسند أحمد عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«إن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات يصيب الناس فيها جوع شديد»(1).

وعن أبي هريرة: «ويل للعرب من شر قد اقترب والجوع الفظيع وباكية تبكي من جوع أولادها»(2).

د - بيع النساء بالطعام:

إن شدة مصيبة القحط والجوع قبل ظهور الإمام عليه السلام تكون إلي حد أن البعض يضطرون إلي بيع بناتهم من أجل طعام قليل.

يروي أبو محمد عن رجل من أهل المغرب:

«لا يخرج المهدي حتي يخرج الرجل بالجارية الحسناء الجميلة ويقول: من يشتري هذه بوزنها طعاما، ثم يخرج المهدي»(3).

ص: 57


1- (1) أحمد بن حنبل، المسند، ج3، ص286. ابن ماجه، السنن، ج2، ص1363. الفتن، ص 33.
2- (2) كنز العمال، ج11، ص249.
3- (3) ابن طاووس، الملاحم، ص59. لا يخفي ما في السند من الضعف .

ص: 58

الفصل السادس : بريق الأمل

اشارة

تعرفنا في الأبحاث السابقة علي بعض الروايات في الوضع العالمي قبل ظهور القائم المهدي عليه السلام . هذه الروايات وإن كانت تتكلم عن المشاكل إلي حد يمكن أن يؤدي بالناس إلي اليأس، ولكن هناك روايات أخري تشير إلي أمور مضيئة، وبصيص أمل للشيعة وللمؤمنين الملتزمين.

بعض هذه الروايات في المؤمنين الذين لا تخلو الأرض منهم، والذين هم موجودون في ظروف ما قبل الظهور الصعبة في أنحاء العالم.

عدد من الروايات أيضا يشير إلي دور العلماء المسلمين في زمن الغيبة، الذين هم عامل تغيير في المجتمع، وتعبر عنهم بحفظة الدين. في بعض أقوال المعصومين عليهم السلام يذكر دور مدينة قم الخاص قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام وتتكلم بعض الروايات عن دور الإيرانيين الفعال قبل وبعد ظهور الإمام عجل اأ تعالي فرجه الشريف .

ص: 59

أ- المؤمنون الحقيقيون:

قد نصادف روايات جاءت في جواب من كانوا يظنون أنه سيأتي زمان تخلو فيه المجتمعات من وجود أناس مؤمنين. لذلك نفي الأئمة عليهم السلام هذا الظن وأخبروا عن وجود المؤمنين في كل عصر .

في كتاب زيد الزراء، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : نخشي أن لا نكون مؤمنين ، قال : ولم ذلك؟ فقلت : وذلك أنا لانجد فينا من يكون أخوه عنده أبر من درهمه وديناره، ونجد الدينار والدرهم أكثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنين عليهم السلام ، قال: «كلا، إنكم مؤمنون، ولكن لا تكملون إيمانكم حتي يخرج قائمنا؛ فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين. والذي نفسي بيده إن في الأرض، في أطرافها، ما قدر الدنيا كلها عندهم تعادل جناح بعوضة»(1).

ب - دور العلماء الشيعة:

في كل زمان ترخي فيه حجب الظلمة والجهل بظلها علي المجتمعات البشرية كان علماء الدين يقومون بواجبهم بشكل جيد في رفع الجهل عن الأفكار، والفساد والهلاك عن الناس، ويفهم من الروايات أن العلماء في آخر الزمان قد قاموا بهذا الدور بشكل جيد.

روي عن علي بن محمد الهادي عليه السلام أنه قال :

«لولا من يبقي بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين

ص: 60


1- (1) الأصول الستة، ص6. بحار الأنوار، ج67، ص351.

إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس، ومردته من فخاخ النواصب ، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها. أولئك هم الأفضلون عند الله - عز وجل -»(1).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«إن الله - تعالي - يقول يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»(2).

هاتان الروايتان والروايات التي من هذا القبيل تشير بصراحة إلي دور العلماء في عصر الغيبة، وإفشال مكائد الشيطان وتجديد حياة الدين علي أيديهم.

إن إثبات هذا الأمر في عصرنا الحاضر لا يحتاج إلي دليل وبرهان، لأن دور الإمام الخميني رحمه الله من أجل إفشال مخططات الأعداء المشؤومة التي جعلت أسس الدين في العالم المعاصر في معرض الخطر، ليست خافية علي أحد.

لا شك أن العزة التي يتمتع بها الدين الإسلامي في هذا العصر هي ببركة الثورة الإسلامية في إيران وقائدها الإمام الخميني رحمه الله .

ص: 61


1- (1) تفسير الإمام العسكري عليه السلام ، ص344. الإحتجاج، ج 2، ص 260. منية المريد، ص 35. المحجة البيضاء، ج1، ص32. حلية الأبرار، ج 2، ص 455. بحار الأنوار، ج2، ص6. العوالم، ج3، ص295.
2- (2) أبو داود، السنن، ج4، ص109. الحاكم، المستدرك، ج4، ص552. تاريخ بغداد، ج2، ص 61. جامع الوصول، ج12، ص63. كنز العمال. ج12، ص193. لم أجد له مهما تتبعت مدركة من الشيعة .

ج - دور مدينة قم في آخر الزمان:

اشارة

و عندما يسير المجتمع البشري نحو الانحطاط والهلاك، يظهر بصيص أمل، ويحمل قوم راية النور في تلك الظلمات. تقوم مدينة قم في آخر الزمان بهذا الدور .

هناك روايات كثيرة تمدح هذه المدينة المقدسة وأهلها الصالحين الذين ارتووا من منبع مذهب أهل البيت الزلال، وحملوا علي عاتقهم رسالة التبليغ .

للأئمة المعصومين كلمات مختلفة حول قم ودورها في النهضة الثقافية في عصر غيبة إمام الزمان عليه السلام نشير إلي بعضها :

- قم حرم أهل البيت عليهم السلام :

يستفاد من بعض الروايات أن قم وأهلها هم رمز ومثال التشيع والولاية. من هذه الناحية كانوا إذا أرادوا أن يعرفوا شخصا بكونه محبا لأهل البيت ومريدا لهم، كانوا يخاطبونه بالقمي.

روي عن عدة من أهل الي أنهم دخلوا علي أبي عبد الله عليه السلام وقالوا: نحن من أهل الري، فقال مرحبا بإخواننا من أهل قم، فقالوا: نحن من أهل الري، فأعاد الكلام. قالوا ذلك مرارا وأجابهم بمثل ما أجاب به أولا، فقال: «إن لله حرما وهو مكة وإن للرسول حرما وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنين حرما وهو الكوفة، وإن لنا حرما وهو بلدة قم، وستدفن فيها إمرأة من أولادي تسمي فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة»(1).

ص: 62


1- (1) بحار الأنوار، ج60، ص 217.

قال الراوي : وكان هذا الكلام من قبل أن يولد الكاظم عليه السلام .

وعن صفوان بن يحيي، قال : كنت يوما عند أبي الحسن الكاظم عليه السلام، فجري ذكر أهل قم وميلهم إلي المهدي عليه السلام فترحم عليهم وقال: «رضي الله عنهم، ثم قال : إن للجنة ثمانية أبواب، واحد منها لأهل قم وهم خيار شيعتنا من بين سائر البلاد، خمر الله تعالي ولايتنا في طينتهم»(1).

يستفاد من هذه الرواية أن الأئمة المعصومين عليهم السلام كانوا يرون أن مدينة قم هي معسكر عشاق أهل البيت عليهم السلام والإمام المهدي عليه السلام ، وقد يكون باب الجنة المختص بأهل قم هو باب المجاهدين أو باب الأخيار كما في رواية عن أهل قم أنهم أخيار الشيعة .

- مدينة قم حجة علي الخلق:

لله في كل زمان أناس يكونون حجة علي الآخرين، ولأنهم ساروا في سبيل الله وجاهدوا من أجل إعلاء كلمته فالله يكون ناصرهم ويبعد عنهم شر الأعداء. في زمان غيبة إمام العصر عليه السلام تكون قم وأهلها حجة علي البشر .

عن الصادق عليه السلام :

«وإن البلايا مرفوعة عن قم وأهله(2)، وسيأتي زمان تكون قم وأهلها حجة علي الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائمنا إلي ظهوره، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها؛ وإن الملائكة لترفع البلايا عن قم

ص: 63


1- (1) م. س، ص216.
2- (2) هكذا في النص ورد تذكير اسم قم.

وأهله، وما قصدها جبار بسوء إلا قصمه قاصم الجبارين وشغله عنهم بداهية أو مصيبة أو عود، وينسي الله الجبارين في دولتهم ذكر قم وأهلها كما نسوا ذكر الله»(1).

- مركز نشر الثقافة الإسلامية:

أحد الموارد التي تستحق الإلتفات في الروايات هي أن مدينة قم في عصر الغيبة ستتحول إلي مركز لإيصال رسالة الإسلام إلي آذان المستضعفين في الأرض، وسيكون علماؤها وفقهاؤها حجة علي العالم.

يقول الإمام الصادق عليه السلام :

«ستخلوا الكوفة من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في حجرها، ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم، وتصير معدنا للعلم والفضل حتي لا يبقي في الأرض مستضعف في الدين حتي المخدرات في الحجال، وذلك عند قرب ظهور قائمنا. فيجعل الله قم وأهله قائمين مقام الحجة ؛ ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها، ولم يبق في الأرض حجة، فيفيض العلم منه إلي سائر البلاد في الشرق والمغرب، فيتم حجة الله علي الخلق، حتي لا يبقي أحد علي الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم، ثم يظهر القائم ويسير سببا لنقمة الله وسخطه علي العباد؛ لأن الله لا ينتقم من العباد إلا بعد إنكارهم حجته»(2).

ص: 64


1- (1) ن.م، ص213.
2- (2) م. س، ص213. سفينة البحار، ج2، ص 445.

وفي رواية أخري: «لولا القميون لضاع الدين»(1).

- تأييد نهج قم الفكري:

يفهم من بعض الروايات أن الأئمة المعصومين عليهم السلام يؤيدون علماء قم، فعن الإمام الصادق عليه السلام :

«إن لعلماء قم ملكا رفرف عليها بجناحيه لا يريدها جبار بسوء إلا أذابه الله كذوب الملح في الماء. ثم أشار إلي عيسي بن عبد الله فقال : سلام الله علي أهل قم. يسقي الله بلادهم الغيث، وينزل الله عليهم البركات ويبدل الله سيئاتهم حسنات . هم أهل ركوع وسجود وقيام وقعود. هم الفقهاء العلماء الفهماء. هم أهل الدراية والرواية و حسن العباده»(2)

وعن أبي عبد الله عليه السلام :

«إن رجلا دخل عليه فقال : يا ابن رسول الله إني أريد أن أسألك عن مسألة لم يسألك أحد قبلي و لا يسألك أحد بعدي، فقال : عساك تسألني عن الحشر والنشر، فقال الرجل: أي والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ما أسألك إلا عنه . فقال : محشر الناس كلهم إلي بيت المقدس، إلا بقعة بأرض الجبل يقال لها قم مغفور لهم ، قال : فوثب الرجل علي رجليه وقال : يا ابن رسول الله هذا خاصة لأهل قم؟ فقال: نعم، ومن يقول بمقالتهم»(3).

ص: 65


1- (1) ن.م، ص217.
2- (2) م. س، ص217.
3- (3) ن.م، ص 218.
- أصحاب الإمام المهدي عليه السلام :

الأمر الذي يستحق الإلتفات والدقة هو أن أهل قم في الروايات قد ذكروا بإسم أصحاب المهدي عليه السلام والذين قاموا لأجل أخذ حق أهل البيت عليهم السلام .

عن عفان البصري قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : «أتدري لم سمي قم؟ قلت:الله ورسوله وأنت أعلم، قال : إنما سمي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد صلوات الله عليه - ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه»(1).

وعن صادق آل محمد عليه السلام :

«تربة قم مقدسة وأهلها منا ونحن منهم، لا يريدهم جبار بسوء إلا عجلت عقوبته، ما لم يخونوا إخوانهم، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء. أما إنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا. ثم رفع رأسه إلي السماء وقال : اللهم اعصمهم من كل فتنة ونجهم من كل هلكة» (2) .

- إيران بلد إمام الزمان عليه السلام :

الروايات التي ذكرت في مدينة قم توضح إلي حد ما دور الأيرانيين قبل ظهور المهدي الموعود عليه السلام وحينه، ولكن بقليل من الدقة في كلام المعصومين عليهم السلام نصل إلي النتيجة التالية وهي أنهم لديهم إهتمام والتفات خاص لهم وقد تحدثوا في موارد مختلفة عن

ص: 66


1- (1) م. س، ص216.
2- (2) ن.م، ص218.

دورهم في نصرة الدين والتمهيد لظهور الإمام المهدي عليه السلام ، وقد استحسنا في هذا المكان ذكر بعض الروايات في مدح الإيرانيين والتمهيد للظهور :

عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ؛ وذكرت عنده فارس(1)، فقال : «عصبتنا أهل البيت» (2).

وعن أبي هريرة: «ذكرت الموالي(3) أو الأعاجم عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال :

والله لأنا أوثق بهم منكم (أو من بعضكم)»(4).

وعن ابن عباس، وأبي هريرة، ولم يسنده إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«إذا أقبلت الرايات السود، فأكرموا الفرس، فإن دولتكم معهم»(5).

وعن عباد بن عبد الله الأسدي، قال : كنت جالسا يوم الجمعة وعلي عليه السلام يخطب علي منبر من آجر، وابن صوحان جالس، فجاء الأشعث، فقال : يا أمير المؤمنين: غلبتنا هذه الحمراء علي وجهك،

ص: 67


1- (1) فارس، تطلق علي ما يقابل بلاد الروم من البلد وهي تشمل الأراضيالإيرانية وقسم من البلاد التي كانت تابعة لإيران في ذلك الزمان.
2- (2) ذكر أصبهان، ص 11.
3- (3) موالي ومولي في اللغة لها معاني مختلفة ، نقل العلامة الأميني لها في المجلد الأول من كتابه الغدير إثنين وعشرين معني، ولها في الإصطلاح في الآية والحديث خمسة معان: ولاء العتق، ولاء الإسلام، ولاء الحق، ولاء القبيلة، الولاء مقابل العرب والمراد به غير العرب، وهذا المعني هو المقصود غالبا في علم الرجال راجع التقريب والتيسير، ج2 ص333. وقد غلب استعمال كلمة الموالي، في الإيرانيين بسبب غلبة وجودهم كما أدعي البعض هذا، وهذا ما فسر هذا اللفظ العلماء والقدامي والمعاصرون.
4- (4) ذكر اصبهان، ص12. راجع : الجامع الصحيح، ج5، ص382.
5- (5) راموز الأحاديث، ص33.

فغضب، فقال : ليبينن اليوم من أمر العرب ما كان يخفي. فقال علي عليه السلام : «من يعذرني عن هؤلاء الضباطرة، يقبل أحدهم يتقلب علي حشاياه، ويهجر قومه لذكر الله فيأمرني أن أطردهم(1) فأكون من الظالمين. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت محمدا صلي الله عليه و آله و سلم يقول : ليضربنكم والله علي الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا»

- الممهدون للظهور:

القسم الأساسي من الروايات التي وردت في حوادث ما قبل الظهور وفي أصحاب المهدي عليه السلام ، عبرت عن الإيرانيين بتعابير مختلفة مثل : قوم فارس، أهل خراسان، أهل قم، أهل طالقان، أهل الري وغيرها.

يستنتج من دراسة مجموع هذه الروايات أنه يقام في إيران قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام نظام إلهي مناصر للأئمة المعصومين عليهم السلام ويكون محل إهتمام إمام الزمان عليه السلام ، وأن للإيرانيين دورا أساسيا في قيام الإمام عليه السلام سنتكلم عنه في باب القيام . من الجيد أن نذكر هنا عدة روايات.

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم:

«يخرج ناس من المشرق يوطنون للمهدي»(2).

ص: 68


1- (1) سوق الكوفة كان أكثره من الإيرانيين والفرس، وكانوا يتكلمون باللغة الفارسية. كما يفهم من مستدرك الوسائل ج13، ص250، ج4.
2- (2) إبن ماجة، السنن، ج2، ص1368. المعجم الأوسط، ج1، ص200. مجمع الزوائد، ج7، ص318. كشف الغمة، ج3، ص596. بحار الأنوار، ج51، ص 84.

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم :

«وتجيء الرايات السود من المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم فيبايعهم ولو حبوا علي الثلج»(1) .

وعن الإمام الباقر عليه السلام :

«وكأني بقوم خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه حتي يقوموا، ولا يدفعونها إلا إلي صاحبكم. قتلاهم شهداء . أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر»(2).

وعن الباقر عليه السلام :

«أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا أولاد العجم»(3) .

وإن كانت كلمة العجم تطلق علي غير العرب، ولكن هي تشمل الإيرانيين بشكل قطعي، وبالنظر إلي الروايات الأخري هناك عدد كبير من الإيرانيين في عداد خاص جنود الإمام المهدي عليه السلام .

عن عبد الرحمن، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«سيكون بعدكم أقوام تطوي لهم الأرض وتفتح لهم الدنيا، وتخدمهم بنات فارس وأبناؤهم، تطوي لهم الأرض في أسرع

ص: 69


1- (1) عقد الدرر، ص129، الشافعي، البيان، ص 490. ينابيع المودة، ص 491. كشف الغمة ، ج3، ص 263.
2- (2) النعماني، الغيبة، ص373. بحار الأنوار، ج 52، ص243. إبن ماجة، السنن، ج2، -ص 366. الحاكم، المستدرك، ج4، ص464.
3- (3) ن.م، ص 315. إثبات الهداة، ج2، ص547. بحار الأنوار، ج52، ص369.

الطرق، حتي لو شاء أحدهم أن يأتي مشرقها أو غربها في ساعة فعل، ليسوا من الدنيا، وليست الدنيا منهم في شيء».(1)

وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«ويحا للطالقان، فإن الله - عز وجل - بها كنزا ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي آخر الزمان» (2).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«وفي خراسان كنوز لا ذهب ولا فضة، ولكن رجال يحبهم الله ورسوله» (3)

ص: 70


1- (1) فردوس الأخبار، ج3، ص449.
2- (2) الشافعي، البيان، ص106، المتقي الهندي، البرهان ، ص105. كنز العمال، ج14، ص 591. ينابيع المودة، ص491. كشف الغمة، ج3، ص 286.
3- (3) كنز العمال، ج14، ص 591.

الباب الثاني : ثورة الإمام المهدي (عليه السلام) العالمية

اشارة

ص: 71

ص: 72

الفصل الأول : قيام إمام الزمان عليه السلام

اشارة

يوجد روايات مختلفة عن يوم قيام الإمام المهدي عليه السلام ذكر في بعضها أن يوم القيام هو يوم النيروز. ذكر البعض الآخر أنه يوم عاشوراء. في عدد من الرويات ذكر يوم السبت وفي عدد آخر يوم الجمعة. لا إشكال في إمكان تطابق يومي النيروز وعاشوراء، لأن النيروز هو طبقا للسنة الشمسية، وعاشوراء هو بحسب السنة القمرية، ومن الممكن كونهما يوما واحدا، ويمكن أيضا تطابق هذين اليومين مع يوم الجمعة أو السبت، ولكن ما يبدوا مشكلا ومتعارضا هو ذكر يومين من الأسبوع، ولكن يمكن توجيه هذه المجموعة من الروايات أيضا؛ لأنه إذا كان سند هذه الروايات صحيحا ففي هذه الصورة تحمل الروايات التي حددت يوم ظهور الإمام عليه السلام بيوم الجمعة علي يوم القيام والظهور، والروايات التي ذكرت يوم السبت يوما للقيام علي استقرار وتثبيت النظام الإلهي والقضاء علي المعارضين .

ص: 73

يجب الإلتفات إلي أن الروايات التي تحدد يوم القيام بيوم السبت هي من ناحية السند محل تأمل؛ ولكن الروايات التي تذكر يوم الجمعة من هذه الناحية لا إيراد عليها.

نذكر الآن بعض الروايات التي لا بد من الإلتفات إليها :

عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام :

«يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة »(1).

وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام :

«كأني بالقائم يوم عاشوراء، يوم السبت قائما بين الركن والمقام، بين يديه جبرائيل ينادي : البيعة لله ؛ فيملؤها عدلا كما ملئت ظلما وجورا»(2).

وعن الباقر عليه السلام :

«يخرج القائم يوم السبت يوم عاشوراء، يوم (كذا) الذي قتل فيه الحسين» عليه السلام(3).

وعنه عليه السلام أيضا:

«وهذا اليوم - أي عاشوراء - الذي يقوم فيه القائم»(4).

نقلت رواية أخري أيضأ بهذا المضمون عن الإمام

ص: 74


1- (1) إثبات الهداة، ص496. بحار الأنوار، ج52، ص279.
2- (2) الطوسي، الغيبة، ص 274. كشف الغمة، ج3، ص252. بحار الأنوار، ج52، ص290.
3- (3) كمال الدين، ج2، ص653. الطوسي، الغيبة، ص274. التهذيب، ج4، ص333. ملاذ الأخيار، ج7، ص 174. بحار الأنوار، ج52، ص285.
4- (4) بحار الأنوار، ج52، ص285.

الباقر عليه السلام ؛ ولكن في هذه الرواية وثاقة ابن البطائني الذي في سلسلة السند محل نظر(1) .

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام :

«إن القائم صلوات الله عليه ينادي بإسمه ليلة ثلاث وعشرين ، ويقوم يوم عاشوراء، يوم قتل الحسين بن علي عليه السلام »(2).

وكذلك عنه عليه السلام :

«يوم النيروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت»(3) .

أ- إعلان الظهور:

يعلن ظهور الإمام المهدي عليه السلام في البداية بواسطة مناد سماوي، عندها يعلن هو عن ظهوره بدعوة الحق مسندا ظهره إلي الكعبة.

قال أمير المؤمنين عليه السلام :

«إذا نادي مناد من السماء ... إن الحق في آل محمد، فعند ذلك يظهر المهدي علي أفواه الناس ويشربون حبه، ولا يكون لهم ذكر غيره»(4) .

وعن الإمام الباقر عليه السلام :

ص: 75


1- (1) التهذيب، ج4، ص300. إبن طاووس، إقبال القلوب، ص558. الخرائج، ج3، ص1159. وسائل الشيعة، ج7، ص338، بحار الأنوار، ج98، ص 34. ملاذ الأخبار، ج7، ص116.
2- (2) الطوسي، الغيبة، ص 274. بحار الأنوار، ج52، ص290.
3- (3) المهذب البارع، ج1، ص194. خاتون آبادي، الأربعون، ص187. وسائل الشيعة، ج5، ص228. إثبات الهداة ، ج3، ص571. بحار الأنوار، ج52، ص208.
4- (4) الحاوي للفتاوي، ج2، ص68. إحقاق الحق، ج13، ص324.

«ثم يظهر بمكة عند العشاء ومعه راية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان. فإذا صلي العشاء نادي بأعلي صوته يقول: أذكركم الله أيها الناس، ومقامكم بين يدي ربكم، فقد اتخذ الحجة، وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب وأمركم أن لا تشركوا به شيئا، وأن تحافظوا علي طاعته وطاعة رسوله. وأن تحيوا ما أحيا القرآن وتميتوا ما أمات وتكونوا أعوانا علي الهدي، ووزرا علي التقوي. فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع. فإني أدعوكم إلي الله وإلي رسوله، والعمل بكتابه وإماتة الباطل وإحياء سنته»(1).

ب - شعار راية القيام:

كل حكومة لديها راية تعرف بها، وكذلك الثورات والنهضات لها راية خاصة تظهر إلي حد ما أهداف قادتها. ثورة الإمام المهدي عليه السلام العالمية أيضا لها راية خاصة وشعار. طبعا هناك اختلاف في شعار راية الإمام عليه السلام ، ولكن الأمر المشترك في جميع الأقوال هو أنها تدعو الناس إلي طاعة الإمام عليه السلام .

من الروايات الواردة في هذا المجال :

عن الباقر عليه السلام : يا أبا حمزة! كأني بقائم أهل بيتي قد علا نجفكم، فإذا علا فوق نجفكم نشر راية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر»(2).

ص: 76


1- (1) إبن حماد، الفتن، ص95. عقد الدرر، ص145. السفاريني اللوائح، ج2، ص11. إبن طاووس، الملاحم، ص64، الصراط المستقيم، ج2، ص262.
2- (2) العياشي، التفسير، ج1، ص103، النعماني، الغية ، ص308. كمال الدين، ج2، ص672. تفسير البرهان، ج1، ص208. بحار الأنوار، ج52، ص326.

وفي رواية أخري: «مكتوب علي راية المهدي طاعة معروفة»(1).

وعن الفضل بن شاذان. «قال: روي أنه يكون في راية المهدي : اسمعوا وأطيعوا...»(2).

وعن نوف البكالي : «راية المهدي مكتوب فيها البيعة لله»(3).

ج - فرح الناس بقيام الإمام عليه السلام :

يفهم من الروايات أن قيام المهدي عليه السلام يفرح الناس. وقد بين هذا الفرح والرضا بأشكال مختلفة. في بعض الروايات يحكي عن فرح أهل الأرض والسماء، وفي بعض آخر عن فرح الأموات ، وفي رواية عن موقف الناس من القيام، وفي أخري عن تمني الناس حياة أمواتهم.

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«فيفرح به أهل السماء وأهل الأرض والطير والوحوش والحيتان في البحر»(4) .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«إذا نادي مناد من السماء ... إن الحق في آل محمد فعند

ص: 77


1- (1) بحار الأنوار، ج52، ص305.
2- (2) إثبات الهداة، ج3، ص582. بحار الأنوار، ج52، ص305.
3- (3) إبن حماد، الفتن، ص98.
4- (4) عقد الدرر، ص84، 149. البيان، ص118. الحاكم، المستدرك، ج4، ص431. الدر المنثور، ج6، ص50. نور الأبصار، ص170. ابن طاووس، الملاحم، ص 142. إحقاق الحق، ج13، ص 150.

ذلك يظهر المهدي علي أفواه الناس، ويشربون حبه، ولا يكون لهم ذكر غيره»(1).

عبر في الرواية بتعبير يشربون حبه، حيث شبهت العلاقة بالإمام عليه السلام بالماء أو بالشراب الغليل الذي يشربه الناس بكامل الرغبة، وينفذ عشق المهدي عليه السلام في صميم وجودهم.

عن الرضا عليه السلام :

«... لابد من فتنة صماء... فعند ذلك يأتي الناس الفرج، و تود الأموات لو كانوا أحياء، ويشفي الله صدور قوم مومنين»(2).

عن أبي عبد الله عليه السلام :

«كأني بالقائم عليه السلام علي منبر الكوفة وقد لبس درع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، وذكر أحواله إلي أن قال : ولا يبقي مؤمن إلا دخلت عليه الفرحة في قبره، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم» .

في بعض الروايات (الفرجة) أي أن أهل البرزخ يشعرون بالانفراج ببركة ظهور الإمام عليه السلام ، وبحسب هذا الحديث تصل عظمة الثورة وقيادتها إلي حد تترك تأثيرها علي عالم الأرواح أيضا

(3).

ص: 78


1- (1) الحاوي للفتاوي، ج2، ص68.
2- (2) الخرائج، ج3، ص169. الطوسي، الغيبة، ص268.
3- (3) إثبات الهداة، ج3، ص530

د- نجاة المحرومين:

اشارة

لا شك أن قيام الإمام المهدي عليه السلام سيؤدي إلي إقامة العدل وإزالة جميع أنواع الحرمان في المجتمع البشري. في هذا الجزء من البحث سنتكلم عن الإجراءات التي يقوم بها الإمام عليه السلام عند قيامه من أجل المظلومين والمحرومين، حتي يصير ملجأ لهم يلجأون إليه.

عن الخدري : أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال :

«يخرج المهدي من أمتي، يبعثه الله غياثا للناس، فتنعم الأمة وتعيش الماشية»(1).

لم يحصر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، الغوث محدودا بطائفة أو شعب خاص، بل من كلمة الناس يفهم أن الإمام عليه السلام هو خلاص لجميع الناس. من هذه الناحية تكون الظروف قبل ظهوره بنحو يتمني ظهوره جميع البشر في العالم.

عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال :

«ثم يظهر المهدي بمكة .. فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم»(2).

وعن أبي أرطأة قال : ثم ينزل - أي المهدي - الكوفة حتي

ص: 79


1- (1) عقد الدرر، ص167.
2- (2) إبن حماد، الفتن، ص95. إبن طاووس، الملاحم، ص64. الفتاوي الحديثية، ص31، القول المختصر، ص23.

يستنقذ من فيها من بني هاشم، ثم يخرج المهدي حتي يمر بالمدينة فيستنقذ من كان فيها من بني هاشم(1) .

ويقول الشعراني: روي أن المهدي إذا خرج بالمغرب انحاز إليه أهل أندلس، فيقولون له: يا ولي الله ! انصر جزيرة الأندلس فقد تلفت وتلف أهلها (2) .

ه- . النساء في قيام الإمام عليه السلام :

نستنتج من دراسة الروايات في دور النساء قبل وبعد ظهور الإمام المهدي عليه السلام أمورا تستحق الانتباه .

إن أكثر اتباع الدجال وإن كانوا طبقا لبعض الروايات من اليهود والنساء (3) ؛ ولكن في مقابلهم هناك أيضا نساء مؤمنات عفيفات يجاهدن بقوة لحفظ عقيدتهن، ويتألمن بشدة من أوضاع ما قبل الظهور.

بعض النساء يتمتعن بالثبات والروحية الجهادية، وأينما ذهبن يقمن بالتبليغ ضد الدجال ويفضحن حقيقته المعادية للإنسانية.

بناء علي بعض الروايات ترافق المهدي عليه السلام عند قيامه أربعمائة امرأة وأكثرهن يعملن في التمريض والإسعاف الطبي، هناك الإمام عليه السلام عند قيامه .

ص: 80


1- (1) ن.م، الفتن، ص95. إبن طاووس، الملاحم، ص 64. الفتاويالحديثية، ص31، القول المختصر، ص23.
2- (2) القرطبي، مختصر التذكرة، ص128. إحقاق الحق، ج13، ص260.
3- (3) أحمد بن حنبل، المسند، ج2، ص76. فردوس الأخبار، ج5، ص424. مجمع الزوائد، ج7، ص15.

بعض الروايات تسمي ثلاث عشرة امرأة تكون مع الإمام المهدي عليه السلام عند ظهوره، وقد يكن مع القوات التي تكون معه منذ البداية. بعض الروايات أيضاً تذكر عددا للنساء اللواتي ينصر الإمام عليه السلام يصل إلي سبعة آلاف وسبعمائة أو ثمان مائة إمرأة وهي النساء اللواتي يرافقن الإمام عليه السلام بعد القيام وتساعده في أعماله.

في كتاب الفتن عن ابن حماد عن لقيط بن ملك: «إن المؤمنين يوم خروج الدجال إثنا عشر ألف رجل وسبعمائة أو ثمانمائة امرأة»(1).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «ينزل عيسي بن مريم علي ثمانمائة رجل و أربعمائة امرأة، أخبار من علي الأرض وأصلحاء من مضي»(2).

وعن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام :

«يكن مع القائم ثلاث عشرة امرأة، قلت: وما يصنع بهن؟ قال : يداوين الجرحي ويقمن علي المرضي كما كان مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم . قلت فسمهن لي: قال : القنواء بنت الرشيد، وأم أيمن، وحبابة الوالبية وسمية أم عمار بن ياسر، وزبيدة، وأم خالد الأحمسية، وأم سعيد الحنفية، وصيانة الماشطة، وأم خالد الجهنية»(3).

وعن الإمام الباقر عليه السلام : «ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة رجلا، فيهم خمسون نسوة ...»(4).

ص: 81


1- (1) ابن حماد، الفتن، ص 151.
2- (2) فردوس الأخبار، ج5، ص 515. كنز العمال، ج14، ص338، التصريح، ص 254.
3- (3) دلائل الإمامة ، ص259. إثبات الهداة، ج3، ص75.
4- (4) العياشي، التفسير، ج1 ص65. النعماني، الغيية، ص279.

وفي كتاب منتخب البصائر ذكرت امرأتان تسميان وتيرة وأحبشية عذان في أصحاب الإمام القائم عليه السلام (1). بعض الروايات أيضا تكتفي بذكر وجود النساء في أصحاب الإمام عليه السلام ولا تذكر عددهن.

نبذه عن نساء عصر الظهور:

في روايات المفضل بن عمر ذكر عدد النساء اللواتي سيكن مع الإمام القائم عليه السلام بشكل واضح وهو ثلاث عشرة امرأة؛ ولكن ذكر من هذا العدد أسماء تسع نساء منهن. ثم إن تأكيد الإمام الصادق عليه السلام علي هذه الأسماء دفعنا للتحقيق في تاريخ حياة هؤلاء مقنع علي سر تأكيد الإمام الصادق عليه السلام.

هؤلاء النساء كل منهن لديها صفات صالحة، ولكن أكثرهن كان لديهن قدرات برزت في الجهاد مع الأعداء. بعضهن مثل صيانة كانت أم شهيد، وهي أيضا استشهدت بوضع مؤلم. البعض الآخر مثل سمية تحملت في سبيل الدفاع عن عقيدتها الإسلامية أشد أنواع التعذيب، ودافعت عنها حتي الرمق الأخير، وبعضهن مثل أم خالد فقدت جزءا من بدنها في سبيل حفظ الإسلام. وبعضهن مثل زبيدة لم يمنعها مال الدنيا وبهارجها أبدا عن الدفاع عن الإسلام، بل استخدمت تلك الإمكانات في سبيل العقيدة وساعدت في إقامة الحج الذي هو أحد المظاهر الإسلامية الهامة ومن أركان الدين .

ص: 82


1- (1) بيان الأئمة، ج3، ص338.

وبعضهن نلن فخر حضانة إمام الأمة الإسلامية، وتربية أولاد صالحين، ويتمتعن بمعنوية كانت علي لسان الخاص والعام. وبعضهن أمهات شهداء حملن جسمهم وهم في الرمق الأخير وتكلمن معهم.

نعم، هن نساء مؤمنات أثبتن ببطولاتهن قدرتهن علي حمل جزء من ثقل حكومة الإسلام العالمية علي عاتقهن .

سنتعرف الآن علي عدد منهن .

1- صيانة :

في كتاب الخصائص الفاطمية أن ثلاث عشرة امرأة ستعود إلي الحياة في دولة المهدي عليه السلام لأجل معالجة الجرحي والمرضي، إحداهن صيانة زوجة حزقيل ومشاطة بنت فرعون، وزوجها حزقيل إبن عم فرعون وخازنه وهو مؤمن آل فرعون وكان مؤمنا بنبي زمانه موسي عليه السلام (1).

روي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه في ليلة المعراج عند إسرائه من مكة المعظمة إلي المسجد الأقصي فجأة شم رائحة طيبة لم يشم مثلها فسأل جبرائيل عن هذه الرائحة الطيبة، فأجابه أن زوجة حزقيل آمنت بموسي بن عمران واخفت إيمانها، كانت تعمل ماشطة قصر النساء عند فرعون وكانت يوما تزين إبنة فرعون فوقع المشط من يدها فقالت «بسم الله» سألتها ابنة فرعون إن كانت تعبد أباها، فأجابت بأنها تعبد من خلق أباها وسمته ؛ فأسرعت إبنة فرعون إلي أبيها

ص: 83


1- (1) رياحين الشريحة، ج5، ص153, الخصائص الفاطمية ص343.

وأخبرته بأن الماشطة تؤمن بموسي، فأحضرها فرعون وسألها إن كانت تؤمن به، فأجابت بأنها لا تترك عبادة ربها الحقيقي وأنها لا تعبد فرعون فأمر فرعون بإشعال التنور حتي إذا أحمر أمر برمي أولاد هذه المرأة أمامها في النار. وعندما أرادوا أن يرموا ابنها الرضيع الذي كانت تحضنه في النار، انقلبت صيانة وأرادت أن تتبرأ من دينها، فأنطق الله طفلها وقال لها: اصبري يا أماه إنك علي الحق.

فرمي جنود فرعون المرأة وطفلها الرضيع في النار وأحرقوهما ورموا رمادهما في تلك الأرض وستبقي هذه الرائحة الطيبة إلي يوم القيامة تشم من هذه الأرض (1).

صيانة من النساء اللواتي يحيين ويعدن إلي الدنيا ويقمن بواجبهن في ركاب الإمام المهدي عليه السلام .

2 - أم أيمن :

إسمها بركة، كانت جارية للنبي صلي الله عليه و آله و سلم ورثها عن أبيه عبد الله ، وكانت تتعاهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم(2). كان يخاطبها النبي صلي الله عليه و آله و سلم بأمي ويقول : هذه بقية أهل بيتي. كان لها ولد من زوجها الأول عبيد الخزرجي اسمه أيمن. كان أيمن من المهاجرين واستشهد في معركة حنين.

أم أيمن هي شخصية عظيمة ففي الطريق من مكة إلي المدينة

ص: 84


1- (1) منهاج الدموع، ص93.
2- (2) تاريخ الطبري، ج2، ص7، الحلبي، السيرة، ج1، ص59.

غلبها العطش وكادت تموت فنزل عليها من السماء دلو من الماء فشربت منه ولم تعطش بعد ذلك أبدا(1).

عندما توفي النبي صلي الله عليه و آله و سلم بكت، ولما سئلت عن سبب بكائها أقسمت أنها كانت تعلم أنه سيموت ولكنها تبكي لأن الوحي انقطع(2).

جعلتها السيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام شاهداً في قضية فدك . توفيت في زمان حكومة عثمان.

3- زبيدة :

هي زوجة هارون الرشيد وكانت من الشيعة. عندما عرف هارون تشيعها أقسم أن يطلقها. كانت معروفة بالأعمال الصالحة . عندما صار ثمن قرية الماء في مكة دينارا سقت الحجاج وأهل مكة جميعا. وأوصلت الماء من خارج الحرم من مسافة عشرة أميال إلي الحرم بعد حفر الجبال و فتح الأنفاق. كان عند زبيدة مائة جارية كلهن حافظات للقرآن، ويجب علي كل منهن قراءة عشر القرآن، بحيث أن صوت قراءة القرآن كان يسمع من بيتها كدوي النحل.

4 - سمية أم عمار بن ياسر:

كانت سابع شخص يدخل الإسلام ؛ ولهذا السبب أنزلوا بها أسوأ التعذيب. عندما كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يمر علي عمار وأبيه وأمه ويراهم تحت حرارة شمس مكة المحرقة علي الأرض الملتهبة وهم يعذبون، كان يقول: «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة» .

ص: 85


1- (1) عبد الرزاق، المصنف، ج 4، ص 309، الإصابة ، ج 4، ص 432.
2- (2) تنقيح المقال، ج3، ص70.

في النهاية استشهدت سمية برمح أبي جهل الجبار المجرم وكانت أول امرأة استشهدت في الإسلام.

5 - أم خالد :

عندما قتل حاكم العراق يوسف بن عمر زيد بن علي في مدينة الكوفة، قطع يد أم خالد أيضا بجرم التشيع وتأييدها لقيام زيد.

ينقل أبو بصير أنه كان عند الإمام الصادق عليه السلام عندما دخلت وهي مقطوعة اليد، فسأله الإمام عليه السلام إذا كان يريد أن يسمع كلام أم خالد فأجاب بنعم. فجاءت أم خالد وتكلمت بكلام فصيح بليغ وحادثها الإمام عليه السلام في مسالة الولاية والبراءة من الأعداء(1) .

6- حبابة الوالبية:

عدها الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الحسن عليه السلام ، ويري ابن داود أنهامن أصحاب الإمام الحسن والحسين والإمام السجاد والإمام الباقر عليهم السلام . وعدها البعض الآخر من أصحاب ثمانية أئمة معصومين آخرهم الإمام الرضا عليه السلام ، وذكروا أيضا أن الإمام الرضا عليه السلام كفنها بقميصه. كان سنها عندما ماتت مائتين وأربعين سنة، وقد عادت إلي شبابها مرتين الأولي في معجزة للإمام السجاد عليه السلام والثانية بمعجزة الإمام الثامن الرضا عليه السلام ، وختم لها ثمانية أئمة معصومين بخاتمهم علي حجر كان معها. (2)

ص: 86


1- (1) معجم رجال الحديث، ج14، ص 23، 108، 176. رياحين الشريعة، ج3، ص381.
2- (2) تنقيح المقال، ج3، ص75.

عن حبابة الوالبية قالت : رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس ومعه درة لها سبابتان، يضرب بها بياعي الجري والمار ماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف، فقال : يا أمير المؤمنين! وما جند بني مروان؟ قال : فقال له: أقوام حلقوا اللحي وفتلوا الشوارب فمسخوا. فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه. ثم اتبعته فلم أزل أقفوا أثره حتي قعد في رحبة المسجد فقلت له: يا أميرالمؤمنين: ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟

قالت: فقال : أتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلي حصاة فأتيته بها، فطبع في فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة! إذا ادعي مدع الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة ، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده ، قال : ثم انصرفت حتي قبض أمير المؤمنين عليه السلام ، فجئت إلي الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام والناس يسألونه، فقال : يا حبابة الوالبية! فقلت : نعم يا مولاي ؛ فقال : هاتي ما معك. قالت: فأعطيته، فطبع عليها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام .

قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقرب ورحب ثم قال لي: إن في الدلالة دلالة علي ما تريدين، أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت: نعم يا سيدي ؛ فقال : هاتي ما معك، فناولته الحصاة، فطبع لي فيها.

قالت: ثم أتيت علي بن الحسين عليه السلام وقد بلغ بي الكبر إلي أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعا وساجدا ومشغولا بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومأ لي بالسبابة ،

ص: 87

فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت : يا سيدي ! كم مضي من الدنيا وكم بقي؟ فقال : أما ما مضي فنعم، وأما بقي فلا، قال : ثم قال لي: هاتي ما معك، فأعطيته الحصاة، فطبع لي فيها. ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام ، فطبع لي فيها ثم أتيت أبا عبد الله عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسي عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها.

وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر علي ما ذكر(1).

7- قنواء بنت رشيد الهجري:
اشارة

وإن كان لم يأت خبر في الكتب الشيعية والسنية عن هذه المرأة، وهي بالاصطلاح مهملة(2)، ولكن من المجريات التي وقعت علي يد إبن زياد التي تنقلها هي في كيفية أسر وشهادة أبيها، يظهر مدي صلابتها وثبات عقيدتها وتمسكها بالإسلام والتشيع والحب لأمير المؤمنين عليه السلام .

عن ابن حيان البجلي عن قنواء بنت رشيد الهجري، قال : قلت لها : أخبريني ما سمعت من أبيك. قالت: سمعت أبي يقول: أخبرني أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك؟ قلت : يا أمير المؤمنين !

ص: 88


1- (1) م. س، ج3، ص75، الكافي، ج1، ص346. قال المجلسي: أعلم أنه علي ما في هذا الخبر لا بد من أن يكون عمر حبابة مائتين وخمس وثلاثين سنة أو أكثر علي ما تقتضيه تواريخ الأئمة عليهم السلام ومدة أعمارهم... ولذا ذكرها علماؤنا في المعمرات والمعمرين ردة لاستباق المخالفين من طول عمر القائم عليه السلام . أقول: للمجلسي كلام في السند، وبحث وشرح دلالي فراجع مرآة العقول. ج4، ص78.
2- (2) أعيان الشيعة، ج 32، ص6.

آخر ذلك إلي الجنة ؟ فقال : يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة.

قالت : فوالله ما ذهبت الأيام حتي أرسل إليه عبيد الله بن زياد الدقي فدعاه إلي البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام ، فأبي أن يبرأ منه ، فقال له الدعي: فبأي ميتة قال لك تموت؟ فقال له: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلي البراءة منه فلا أبرأ فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال : والله لأكذبن قوله فيك. قالت فقدموه، فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه. فحملت أطراف يديه ورجليه، فقلت: يا أبت هل تجد ألما مما أصابك؟ فقال : لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس.

فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله، فقال : إيتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلي يوم الساعة! فأرسل إليه الحجام حتي قطع لسانه، فمات رحمة الله عليه في ليلته»(1) .

- دور النساء في عصر النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

نظرا إلي أن النساء في حكومة الإمام المهدي عليه السلام سيكون لهن الدور نفسه الذي كان لهن في صدر الإسلام؛ لذلك سنقوم بدراسة دور النساء في ذلك العصر.

إن الروايات وإن كانت تشير إلي أن النساء كن يداوين الجرحي، ويقمن علي المرضي؛ ولكن قد يكون ذلك مثالا لأهم

ص: 89


1- (1) اختيار معرفة الرجال، ص75، أحوال الرشيد. تنقيح المقال، ص431، وج3، ص82. معجم رجال الحديث، ج7، ص190 ، أعيان الشيعة، ج 32. ص6 ، سفينة البحار، ج 2، ص 522. رياحين الشريعة، ج5، ص40. أقول: الظاهر أن قاتله هو: زياد بن أبيه لا عبيد الله، راجع تعليقنا في الجزء الثالث من موسوعة مع الركب الحسيني . وراجع أيضا القاموس للتستري 371:4 .

خدمات النساء في عصر النبي صلي الله عليه و آله و سلم ؛ لأنهن كان لهن نشاطات أخري، وسيكون لهن الدور نفسه في زمان الإمام المهدي عليه السلام كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام أن النساء يقمن في زمان الإمام المهدي عليه السلام بنفس الأعمال التي كن يقمن بها في زمان النبي صلي الله عليه و آله و سلم .

النساء كن يتولين وظائف أخري في حروب النبي صلي الله عليه و آله و سلم مثل إيصال الماء والطعام للجنود. طبخ الطعام، حفظ وسائل الجنود، تأمين الدواء، إيصال الأسلحة، تصليح التجهيزات، نقل الشهداء ، الاشتراك في الحرب الدفاعية، تشجيع الجنود في ميدان المعركة .

إن تشبيه الإمام الصادق عليه السلام النساء في عصر المهدي عليه السلام بنساء عصر النبي صلي الله عليه و آله و سلم دفعنا إلي أن نذكر نبذة عن أنشطة النساء في صدر الإسلام.

بعض هؤلاء النساء اللواتي كان لهن نشاط مهم في صدر الإسلام هن:

1- أم عطية: وهي شاركت في سبع غزوات، ومن جملة خدماتها معالجة الجرحي(1). تحكي أم عطية أن إحدي أهم مهامها كانت حراسة وسائل الجنود(2).

2- أم عمارة (نسيبة): ثباتها في حرب أحد كان شديدا إلي حد أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم امتدحها وأشاد بها(3).

ص: 90


1- (1) أبو عوانة، المسند، ج4، ص331.
2- (2) الواقدي، المغازي، ج1، ص270.
3- (3) كنز العمال. ج4، ص345.

3- أم أبيه : وهي واحدة من ست نساء توجهن لحصار خيبر . فسألهن النبي صلي الله عليه و آله و سلم عمن أذن لهن بالمجيء، تقول أم أبيه أنهن عندما رأين آثار الغضب في وجه النبي صلي الله عليه و آله و سلم أخبرنه بأنهن جئن بمقدار من الدواء لمعالجة الجرحي. فأذن لهن حينذاك ووافق علي بقائهن. وكان شغلهن في الحرب معالجة الجرحي وطبخ الطعام.

4 - أم أيمن، كانت تداوي الجرحي في الحروب(1).

5 - حمنة : كانت توصل الماء إلي الجرحي وتداويهم. وقد فقدت زوجها وأخاها وخالها في الحرب (2).

6- ربيعة بنت معوذ: كانت تداوي الجرحي(3). تقول : توجهنا للحرب مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ونقلنا الجرحي إلي المدينة.

7- أم زياد: كانت إحدي النساء الست اللواتي ذهبن إلي خيبر وكانت تداوي الجرحي(4).

8- أمية بنت قيس: أسلمت بعد هجرة المسلمين. تقول: جئت إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم مع جمع من نساء بني غفار وقلنا: نحن نريد أن نسير معك إلي خيبر لمعالجة الجرحي ومساعدة الجنود. فرح النبي ووافق علي طلبهن(5) .

ص: 91


1- (1) الإصابة، ج4، ص433.
2- (2) ابن سعد، الطبقات، ج8، ص241.
3- (3) أسد الغابة، ج5، ص451، البخاري، الصحيح، ص14، ص148.
4- (4) الإصابة، ج4، ص444.
5- (5) أسد الغابة، ج5، ص405.

9- ليلي الغفارية : تقول : أنا امرأة كنت أذهب مع النبي صلي الله عليه و آله و سلم إلي الحرب لمداواة الجرحي(1).

10 - أم سليم: كانت توصل الماء إلي الجنود في معركة أحد، وشاركت في معركة حنين مع أنها كانت حاملا(2) .

11 - معاذة الغفارية: كانت تعالج المرضي والجرحي(3).

12 - أم سنان الأسلمية : عندما توجه النبي صلي الله عليه و آله و سلم إلي خيبر قالت : أحب أن أكون معك وأداوي الجرحي والمرضي وأساعد الجنود وأحفظ وسائلهم وأسقي العطشي فوافق النبي صلي الله عليه و آله و سلم وطلب منها أن تسير مع زوجته أم سلمة(4).

13 - فاطمة الزهراء عليهاالسلام : يقول محمد بن مسلمة أن عدة نساء في معركة أحد كن يبحثن عن الماء، وكن أربع عشرة إمرأة وكانت فاطمة عليهاالسلام معهن(5) .

14 - أم سليط : يقول عمر بن الخطاب أن أم سليط كانت تحمل لنا قرب الماء، وتصلح متاعنا(6) .

15 - نسيبة : شاركت في معركة أحد هي وزوجها وابنيها، وكانت تحمل قربة ماء وتسقي الجرحي. وعندما اشتدت الحرب شاركت هي أيضا وأصيبت باثني عشر جرحا من سيف ورمح(7) .

ص: 92


1- (1) دور النساء في الحرب، ص 22.
2- (2) ابن سعد، الطبقات، ج8، ص425.
3- (3) أعلام النساء، ج5، ص61.
4- (4) رياحين الشريعة، ج3، ص410.
5- (5) الواقدي، المغازي، ج1، ص249.
6- (6) البخاري، الصحيح، ج12، ص153.
7- (7) الواقدي، المغازي، ج 1، ص268.

16 - أنيسة : عن سعيد بن عثمان البلوي عن جدته أنيسة بنت عدي أنها جاءت إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقالت: يا رسول الله! إن إبني عبد الله بن سلمة وكان بدريا قتل يوم أحد، فاحببت أن أنقله إلي فأنس بقربه، فأذن لها النبي صلي الله عليه و آله و سلم في نقله، فعدلته بالمجدر بن زياد علي ناضح لها في عباءة، فمرت بها، فنظرإليها النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقال : سوي بينهما عملهما... (1).

هذه النبذة عن أنشطة النساء ودورهن في حروب الإسلام بقيادة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم . قد تكون مساعدة النساء في الأمور العسكرية والدعم من أجل أن يستفاد من الحد الأقصي من القوات المقاتلة في الحرب في مواجهة العدو. النساء في عصر الإمام المهدي عليه السلام أيضا يقمن بنفس الأعمال التي كانت تقوم به النساء في زمن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لتحقيق نفس الهدف.

في هذا العصر أو قبله النساء لهن أدوار مختلفة، كالتبليغ ضد الدجال وتحذير الناس منه .

عن أبي سعيد الخدري قال : مع الدجال إمرأة يقال لها لئيبة (طيبة) لا يؤم قرية إلا سبقته إليها فتقول : هذا الرجل داخل عليكم فاحذروه. [فحذروه](2).

ص: 93


1- (1) أسد الغابة، ج5، ص406. راجع حجة الإسلام محمد جواد الطبسي، دور النساء في الحرب.
2- (2) ابن حماد، الفتن، ص 151. كنز العمال، ج 14، ص 602.

ص: 94

الفصل الثاني : قائد الثورة

اشارة

لقد ذكرنا مسائل حول ثورة وقيام الإمام المهدي عليه السلام . في هذا الفصل سنبحث حول خواص الإمام عليه السلام الجسمية والأخلاقية وكراماته بالاستفادة من الروايات.

أ- خواصه الجسيمة:

1- العمر والوجه :

قال عمران بن حصين: صف لنا يا رسول الله هذا الرجل وما حاله فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم «إنه من ولدي، كأنه من رجال بني إسرائيل يخرج عند جهد من أمتي وبلاء، عربي اللون، ابن أربعين سنة، كأن وجهه كوكب دري، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يملك عشرين سنة، صاحب مدائن الكفر كلها، قسطنطينية ورومية»(1).

ص: 95


1- (1) طاووس، الملاحم، ص142.

وعن الإمام الحسن بن علي عليه السلام :

«... يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة»(1).

وعن الصادق عليه السلام :

«لو قد قام القائم لأنكره الناس لأنه يرجع إليهم شابا موفقا لا يثبت عليه إلا من قد أخذ الله ميثاقه في الذر(2) الأول»(3).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام :

«ويبعث الله المهدي، وهو ما بين الثلاثين والأربعين»(4).

وعن المروي، قال: قلت للرضا عليه السلام : وما علامة القائم منكم إذا خرج؟ قال : «علامته أن يكون شيخ السن، شاب المنظر، حتي أن الناظر إليه ليحسبه إبن أربعين سنة أو دونها، وإن من علامته أن لا يهرم بمرور الأيام والليالي عليه حتي يأتي أجله»(5).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال :

ص: 96


1- (1) كمال الدين، ج1، ص315، كفاية الأثر، ص224، أعلام الوري، ص410. الإحتجاج، ص 289.
2- (2) يقول تعالي: (وإذ أخذ ربك من بين آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بريكم قالوا بلي شهدنا...) سورة الأعراف، الآية 172. يقول بعض المفسرين : المراد من عالم الذر هو ظهور أرواح بني آدم في عالم الروح وشهادتهم بتوحيد الله . قبل خلق الإنسان علي الأرض.
3- (3) النعماني، الغيبة ص188. عقد الدرر، ص41. بحار الأنوار، ج 287. ينابيع المودة ، و ص492.
4- (4) إحقاق الحق، ج19، ص654.
5- (5) كمال الدين، ج2، ص652. أعلام الوري، ص435. الخرائج، ج3، ص1170.

«إن ولي الله يعمر عمر إبراهيم الخليل عشرين ومائة سنة ، ويظهر في صورة فتي موفق، ابن ثلاثين سنة»(1) .

يقول المرحوم المجلسي أنه قد يكون المراد مدة حكومة وسلطان الإمام عليه السلام أو أن هذا هو مقدار عمره الشريف، ولكن الله أطاله .

المراد من كلمة موفق هو اعتدال أعضائه، وكناية عن أنه في متوسط سني الشباب أو آخرها(2).

هناك أقوال أخري عن سن الإمام عليه السلام عند الظهور. يقول أرطأة: «المهدي ابن ستين سنة»(3).

ويقول ابن حماد: «وهو ابن ثمان عشرة سنة»(4) .

2 - الخواص البدنية :

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام : في حديث قال: قلت له: إني سمعت أباك وهو يقول: «إن القائم واسع الصدر، مشرف المنكبين، عريض بينهما» ، فقال : «يا أبا محمد: إن أبي لبس درع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فكانت تسحب علي الأرض، وإني لبستها فكانت وكانت، وإنها تكون من القائم كما كانت من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مشمرة (شمرة) كأنه يرفع نطاقها بحلقتين»(5).

ص: 97


1- (1) النعماني، الغيبة، ص189. الطوسي، الغيبة، 259. دلائل الإمامة 258. بحار الأنوار ، و ج52، ص287.
2- (2) بحار الأنوار، ج52، ص283.
3- (3) إبن طاووس، الملاحم، ص73، كنز العمال، ج14، ص586.
4- (4) ابن حماد، الفتن، ص102.
5- (5) بصائر الدرجات، ج 4، ص 188. إثبات الهداة، ج3، ص440، 520. بحار الأنوار، ج 52، ص319.

وعن الريان بن الصلت, قلت للرضا عليه السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال :«أنا صاحب هذا الأمر؛ ولكني لست بالذي أملاها عدلا كما ملئت جورا، وكيف أكون ذاك علي ما تري من ضعف بدني؟ وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب، قوية في بدنه، حتي لو مد يده إلي أعظم شجرة علي وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصي موسي وخاتم سليمان»(1).

ب - الكمالات الأخلاقية:

اشارة

الإمام المهدي عليه السلام كباقي الأئمة المعصومين عليهم السلام يمتلك كمالات أخلاقية خاصة. بما أن الأئمة المعصومين عليهم السلام بشر كاملون وأسوة ومثال للبشرية من كل الجهات فهم يمتلكون أخلاقا فاضلة في أعلي المراتب.

عن الرضا عليه السلام :

«المهدي أعلم الناس، وأحلم الناس، وأتقي الناس، وأسخي الناس، وأشجع الناس، وأعبد الناس»(2).

1- الخوف من الله :

عن كعب: «المهدي خاشع لله كخشوع النسر لجناحيه»(3) .

ص: 98


1- (1) كمال الدين، ج2، ص48. اعلام الوري، ص407. كشف الغمة، ج3، ص314. بحار الأنوار، ج52، ص 322. الوافي، ج2، ص113. إثبات الهداة، ج3، ص478.
2- (2) ينابيع المودة، ص401 إثبات الهداة ، ص537. إحقاق الحق، ج13، ص367.
3- (3) إبن حماد، الفتن، ص100، عقد الدرر، ص158. إبن طاووس، الملاحم، ص73. المتقي الهندي. البرهان، ص101.

لعل مقصود كعب هو أنه مهما كان النسر قويا ولكن قوته ترتبط بمقدار قوة جناحيه، فإذا لم يساعده جناحاه سيسقط من السماء إلي الأرض. الإمام المهدي عليه السلام أيضا وإن كان أقوي القادة الإلهيين؛ ولكن هذه القوة هي من ذات الحق تعالي، فإذا لم ينصره الله لحظة فلن يكون لديه القوة للإستمرار في عمله، من هذه الجهة يشعر بكمال الخشوع والخضوع والخوف مقابل الذات الإلهية .

شبه خشوع الإمام عليه السلام أمام الله - عز وجل - بحسب نقل إبن طاووس بطرفي السهم، فإن سرعة السهم ودقة إصابتهم مرتبطة برأسية الذين هما مثل جناحين، فإذا كان أحدهما معوج فإن السهم سيخطئ هدفه. لعل الغرض أن قدرة المهدي عليه السلام هي من الله - عز وجل - وترتبط تماما بعون الحق تعالي .

2 - الزهد :

عن أبي عبد الله عليه السلام :

«ما يستعجلون بخروج القائم؟ فوالله ما لباسه إلا الغليظ ولا طعامه إلا الجشب وما هو إلا السيف والموت تحت ظل السيف»(1).

ويقول حماد بن عثمان : «كنت حاضرا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ قال له رجل: أصلحك الله . ذكرت أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك، ونري عليك اللباس الجيد»؟

ص: 99


1- (1) النعماني، الغيبة، ص233، 234. مع اختلاف يسير. بحار الأنوار ج 52. ص 354.

قال : فقال له: «إن علي ابن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به، فخير لباس كل زمان لباس أهله، غير أن قائمنا إذا قام لبس لباس علي عليه السلام وسار بسيرته»(1).

ج - اللباس:

ذكر في الروايات أن هناك لباسة خاصة للإمام القائم عليه السلام عند الظهور، يحكي تارة عن قميص رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، وتارة عن قميص يوسف عليه السلام .

عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام :

«ألا أريك قميص القائم الذي يقوم عليه؟ فقلت: بلي، قال : فدعا بقمطر ففتحه وأخرج منه قميص كرابيس، فنشره، فإذا في كمه الأيسر دم، فقال : هذا قميص رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الذي عليه يوم ضربت رباعيته وفيه يقوم القائم، فقبلت الدم ووضعته علي وجهي ، ثم طواه أبو عبد الله عليه السلام ورفعه»(2).

عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول:

«أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام : قال: قلت: لا، قال : إن إبراهيم عليه السلام لما أوقدت له النار، أتاه جبرائيل عليه السلام بثوب من ثياب الجنة، فألبسه إياه، فلم يضره معها حر ولا برد، فلما حضر

ص: 100


1- (1) الكافي، ج6، ص444، بحار الأنوار، ج 41، ص159، وج47، ص55.
2- (2) النعماني، الغيبة، ص243. إثبات الهداة ، ج3، ص5421. حلية الأبرار، ج 2، ص 575. بحار الأنوار، ج52، ص355.

إبراهيم الموت في تميمة وعلقه علي إسحاق، وعلقه إسحاق علي يعقوب، فلما ولد يوسف علقه عليه وكان في عضده، حتي كان من أمره ما كان، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة، وجد يعقوب عليه السلام ريحه وهو قوله تعالي عنه: (أبوهم إلي لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون )(1). فهو ذاك القميص الذي أنزل من الجنة ، قلت: جعلت فداك : فإلي من صار هذا القميص؟ قال : إلي أهله وهو مع قائمنا إذا خرج. ثم قال : كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهي إلي محمد صلي الله عليه و آله و سلم» (2).

د- الأسلحة:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«يا علي إن قائمنا إذا خرج... فإذا حان وقت خروجه يكون له سيف . ناداه السيف - قم يا ولي الله ، فاقتل أعداء الله»(3) .

وعن جعفر بن محمد عليهم السلام :

«إنه يخرج ... وعمامته السحاب ودرع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم السابغة وسيف رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وذو الفقار، يجرد السيف علي عاتقه ثمانية اشهر، يقتل هرجا»(4).

وعن جابر الجعفي عن الباقر عليه السلام أنه قال :

ص: 101


1- (1) سورة يوسف ، الآية 94.
2- (2) الكافي، ج 1، ص 232. كمال الدين، ج2، ص674. بحار الأنوار، ج52، ص327.
3- (3) كفاية الأثير، ص263. بحار الأنوار، ج 36. ص 409. الباب 3، ص269. إثبات الهداة ، ج3، ص563.
4- (4) النعماني، الغيبة ، ص308. بحار الانوار، ج 52، ص223. راجع: الإرشاد، ص 275.

«... ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله صلي الله عليه و آله و سلم ورايته وسلاحه ووزيره معه، فينادي المنادي بمكة بإسمه وأمره من السماء، حتي يسمعه أهل الأرض كلهم إسمه إسم نبي»(1).

ه- - التوسم:

إحدي خصائص الإمام المهدي عليه السلام : هي أنه يعرف شخصية الناس الباطنة من سيماهم، ويميز الصالح من غيره، وينزل بالمفسدين جزاء أعمالهم.

قال أبو عبد الله عليه السلام :

«إذا خرج القائم عليه السلام لم يبق بين يديه أحد إلا عرفه صالح أو طالح»(2).

ويقول عليه السلام أيضا :

«لو قام قائمنا يعرف أعداءنا بسيماهم، فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم، يخبط هو وأصحابه بالسيف خبطا» (3) .

وعنه عليه السلام :

ص: 102


1- (1) الأصول الستة عشر، ص79. إثبات الهداة ، ج3، ص588. بحار الأنوار،ج26، ص209. مستدرك الوسائل، ج11، ص38.
2- (2) كمال الدين، ج2، ص67ذا . الخرائج، ج2، ص930. إثبات الهداة، ج3، ص493. بحار الأنوار، ج51، ص58. وج52، ص389.
3- (3) إحقاق الحق، ج13، ص357، راجع: النعماني، الغيبة، ص242، كمال الدين، ج2، ص366، الإرشاد، ج5، ص36، إعلام الوري، ص433. كشف الغمة، ج3، ص256.

«إذا قام قائم آل محمد عليه السلام ، يعرف وليه من عدوه بالتوسم»(1).

وعن معاوية الدهني، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالي: (يعرف المجرمون بسيمهم فيؤخذ

بالنوصي والأقدام) (2)، قال : يا معاوية! مايقولون في هذا؟ قلت: يزعمون أن الله تبارك وتعالي - يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة ، فيأمرهم فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم، فيلقون في النار، فقال لي: وكيف يحتاج الجبار - تبارك وتعالي - إلي معرفة خلق أنشأهم وهم خلقه؟ فقلت: جعلت فداك، وما ذلك؟ قال : «لو قام قائمنا أعطاه الله السيماء، فيأمر بالكافر فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ثم يخبط بالسيف خبطا»(3).

و - الكرامات:

اشارة

وإن كان الناس في آخر الزمان يعدون اللحظات لظهور دولة قوية تنصر المظلومين، ولكن الناس لا تقيم وزنا لكثير من الدول الحاكمة متكبرة، ولا تقبل رأي حزب أو جماعة، ولا تري أن أحدا قادر علي إعادة النظام إلي المجتمع العالمي، وبث السلام في العالم المليء بالاضطرابات.

من هذه الناحية إن من يدعي العمل علي إعادة النظم للمجتمع

ص: 103


1- (1) كمال الدين، ج2، ص266. الإرشاد، ص 365. أعلام الوري، ص433. كشف الغمة، ج3، ص256.
2- (2) سورة الرحمن، الآية: 41.
3- (3) الإختصاص، ص304.النعماني، الغيبة، ص128. بصائر الدرجات، ص356. بحار الأنوار، ج52، ص 321. الشيعة والرجعة، ج 1، ص 431 المحجة، ص217. ينابيع المودة ، ص 429.

ونشر السلام في العالم، يجب عليه أن يمتلك قوة فوق قوي البشر؛ وإثبات هذا الأمر يحتاج إلي إظهار كرامات وأعمال خارقة للعادة ، ولعله لأجل هذا يقوم الإمام المهدي عليه السلام في أول ظهوره ببعض الكرامات والمعجزات. يشير إلي طائر يطير فيهبط في يده، يغرس عصا يابسة في الأرض فتخضر تلك العصا فورا وينبت فيها أغصان وأوراق.

بهذه الأعمال هو يثبت لهم إرتباطهم مع شخصية تكون السماء والأرض - بإذن الله - باختياره وتحت سلطته. فالناس الذين هاجمتهم الطائرات والصواريخ وقدموا ملايين الضحايا، ولم يجدوا قوة تمنع كل هذه الإعتداءات؛ هم الآن يجدون أنفسهم أمام شخصية تكون السماء والأرض وما فيهما تحت اختياره.

الناس الذين كانوا يعيشون حتي الأمس في قحط، ويتحملون المشاق والمصاعب حتي من أجل تأمين المستلزمات الأولية لحياتهم، ووقعوا في ضيق إقتصادي شديد علي أثر الجفاف وقلة الزراعة، اليوم هم أمام شخصية تشير إلي الأرض فتخضر وتزهر، ويري فيها الماء والمطر.

والناس الذين كانوا قد أصيبوا بأمراض مستعصية، هم الآن أمام شخص يعالج حتي الأمراض التي لا علاج لها، ويحيي الموتي.

هذه الأمور هي معجزات و كرامات تحكي عن قوة، وصدق وصحة أقوال هذا القائد السماوي. خلاصة الكلام هي أن البشر يصدقون أن هذا المبشر لا يشبه أية من المدعين السابقين، وهو المنقذ الحقيقي والذخيرة الإلهية والمهدي الموعود عليه السلام .

ص: 104

من هذه المعجزات والكرامات :

1- نطق الطائر :

عن أمير المؤمنين عليه السلام :

«... ويلحقه هناك إبن عمه الحسني في إثني عشر ألف فارس، فيقول: يا بن عم! أنا أحق بهذا الجيش منك، أنا إبن الحسن، وأنا المهدي، فيقول المهدي عليه السلام : بل أنا المهدي .

فيقول الحسني: هل لك من آية فنبايعك؟ فيومي المهدي عليه السلام إلي الطير، فتسقط علي يده فينطق بقدرة الله ويشهد له بالإمامة ، ويغرس قضيبا في بقعة من الأرض فيخضر ويورق؛ فيقول له الحسني : يا ابن عم! هي لك. ويسلم إليه جيشه ويكون علي مقدمته»(1).

2- خروج الماء والطعام من الأرض:

عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: «إذا ظهر القائم، ظهر براية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وخاتم سليمان وحجر موسي وعصاه ، ثم يأمر مناديه فينادي : ألا لا يحمل رجل منكم طعاما ولا شرابا ولا علفا! فيقول أصحابه: إنه يريد قتلنا وقتل دوابنا من الجوع والعطش. فيسير ويسيرون معه، فأول منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف ؛ فيأكلون ويشربون دوابهم حتي ينزلوا النجف بظهر الكوفة»(2).

ص: 105


1- (1) عقد الدرر، ص97، 138، 139. القول المختصر، ص19. الشيعة والرجعة، ج1، ص158.
2- (2) كمال الدين، ص67، بحار الأنوار، ج 52، ص351. الوافي، ج2، ص112.

وعن جعفر بن محمد عليه السلام :

«إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجه إلي الكوفة، نادي مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا، ويحمل حجر موسي الذي انبجست منه اثنتا عشرة عينا، فلا ينزل منزلا إلا نصبه فانبجست منه العيون؛ فمن كان جائعا شبع، ومن كان ظمآنا روي، فيكون زادهم حتي ينزلوا النجف من ظاهر الكوفة، فإذا نزلوا ظاهرها، انبعث منه الماء واللبن دائما فمن كان جائعا شبع، ومن كان عطشان روي»(1).

3 - طي الأرض وعدم الظل:

قال الرضا عليه السلام :

«فإذا خرج عليه السلام أشرقت الأرض بنور ربها وهو الذي تطوي له الأرض، ولا يكون له ظل»(2).

4- وسيلة النقل :

عن أبي جعفر عليه السلام :

«أما إن ذا القرنين قد خير السحابين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب، قال: قلت: وما الصعب؟ قال : ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة أو برق فصاحبكم يركبه. أما إنه سيركب

ص: 106


1- (1) بصائر الدرجات، ص 188، الكافي، ص231. النعماني، الغيبة، ص238. الخرائج، ج2، ص29. نور الثقلين، ج 1، ص 84. بحار الأنوار، ج13، ص13،، ص 185، وج 52، ص324.
2- (2) كمال الدين، ص 372. كفاية الأثر، ص323. أعلام الوري، ص408، كشف الغمة، ج3، ص314. فرائد السمطين، ج2، ص336. ينابيع المودة، ص489. نور الثقلين، ج4، ص47. بحار الأنوار، ج51، ص157. راجع : الإحتجاج، ج2،ص249. الخرائج، ج3، ص 1171. مستدرك الوسائل، ج2، ص33.

السحاب، ويرقي في الأسباب، أسباب السماوات السبع والأرضين السبع. خمس عوامر وإثنتان خرابان»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام :

«إن الله خير ذا القرنين السحابين الذلول والصعب، فاختار الذلول، وهو ما ليس فيه برق ولا رعد، ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك؛ لأن الله أدخره للقائم»(2).

5- بطء الزمان:

عن الباقر عليه السلام :

«إذا قام القائم سار إلي الكوفة... فيمكث علي ذلك سبعة سنين، مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه، ثم يفعل الله مايشاء. قيل: كيف تطول السنون؟ قال: يأمر الله الفلك بالمكوث وقلة الحركة فتطول الأيام لذلك والسنون. قيل: إنهم يقولون : إن الفلك إن تغير فسد، قال : ذلك قول الزنادقة، فأما المسلمون فلا سبيل لهم إلي ذلك»(3).

6 - قوة التكبير :

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«... فينزل المهدي علي بابها - قسطنطينية - ولها يومئذ سبعة أسوار، فيكبر المهدي سبع تكبيرات فيخر كل سور منها، فعند ذلك

ص: 107


1- (1) المفيد، الإختصاص، ص199. بصائر الدرجات، ص409. بحار الأنوار، ج52، ص321.
2- (2) ن. م، ص326. بحار الأنوار، ج52، ص312. غاية المرام، ص77.
3- (3) المفيد، الإرشاد، ص365. بحار الأنوار، ج52، ص337. الشيعة والرجعة. ج1، ص400.

يأخذها المهدي، ويقتل من الروم خلقا كثيرا، ويسلم علي يديه خلق كثير»(1).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «.... ثم يسير المهدي ومن معه من المسلمين، لا يمرون علي حصن من بلاد الروم إلا قالوا عليه : لا إله إلا الله، فتساقط حيطانه . ثم ينزل من القسطنطينة، فيكبرون تكبيرات فينشق خليجها ويسقط سورها. ثم يسير إلي رومية، فإذا نزل عليه كبر المسلمون ثلاث تكبيرات فتكون كالرملة علي نشر»(2)2).

وعنه عليه السلام أيضا :

«... ثم يسير المهدي ... ثم يأتي إلي مدينة يقال لها «مقاطع» وهي علي البحر الأخضر المحيط بالدنيا .... فيكبرون عليها تكبيرات، فتساقط حيطانها، وتنقطع جدرانها»(3).

وعن كعب الأحبار؛ في قصة القسطنطينة : قال : فيركز لواءه يعني المهدي - ويأتي الماء ليتوضأ لصلاة الصبح. قال: فيتباعد الماء منه، فإذا رأي ذلك، أخذ لواءه فاتبع الماء حتي يجوز من تلك الناحية، ثم يركزه، ثم ينادي : أيها الناس! إعبروا فإن الله عز وجل - قد فرق لكم البحر كما فرقه لبني إسرائيل. قال : فيجوز الناس، فيستقبل القسطنطينية، فيكبرون فيهتز حائطها، ثم يكبرون فيهتز، ثم يكبرون فيسقط منها ما بين إثني عشر برجا» (4) .

ص: 108


1- (1) العلل المتناهية ، ج 2، ص 855. عقد الدرر، ص180.
2- (2) عقد الدرر، ص139.
3- (3) الشيعة والرجعة، ج 1، ص 161.
4- (4) عقد الدرر، ص138.

عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام : قال :

«إذا قام القائم ... ويبعث جندا إلي القسطنطينة ، فإذا بلغوا إلي الخليج كتبوا علي أقدامهم شيئا ومشوا علي الماء [ فإذا نظر إليهم الروم يمشون علي الماء ] قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون علي الماء ، فكيف هو؟ فعند ذلك يفتحون لهم باب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها بما يريدون»(1).

8۔ شفاء المرضي:

قال أمير المؤمنين عليه السلام :

«ثم بعد ذلك يقيم الرايات ويظهر المعجزات، يقول للشيء كن فيكون بإذن الله، ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتي ويميت الأحياء»(2)

9- عصا موسي ظل :

كانت عصي موسي لآدم، فصارت إلي شعيب، ثم صارت إلي موسي بن عمران، وإنها لعندنا، وإن عهدي بها آنفا هي خضراء كھيئتها حين انتزعت من شجرتها، وإنها لتنطق إذا استنطقت. أعدت لقائمنا، يصنع بها ما كان يصنع بها موسي بن عمران. وإنها لتصنع ما تؤمر وأنها حيث ألقيت تلقف ما يأفكون بلسانها» (3) .

ص: 109


1- (1) النعماني، الغيبة، ص159. دلائل الإمامة، ص249. إثبات الهداة، ج3، ص573. بحارالأنوار، ج52، ص365.
2- (2) الشيعة والرجعة، ج1، ص169.
3- (3) كمال الدين، ج2، ص673. بحار الأنوار، ج52، ص318، 351، الكافي، ص232.
10 - نداء الغمام :

عن الصادق عليه السلام :

«يظهر في آخر الزمان علي رأسه غمامة تظله من الشمس، تدور معه حيثما دار، تنادي بصوت فصيح هذا المهدي»(1) .

وأخيرا عن الصادق عليه السلام :

«ما من معجزة من معجزات الأنبياء إلا ويظهر الله - تبارك وتعالي - مثلها في يد قائمنا؛ لإتمام الحجة علي الأعداء»(2).

ص: 110


1- (1) تاريخ مواليد الأئمة، ص200. كشف الغمة، ج3، ص265. الصراط المستقيم، ج2، ص260. بحار الأنوار، ج51، ص240. إثبات الهداة ، ج3، ص615. النوري، كشف الأستار، ص69.
2- (2) خاتون آبادي، الأربعين، ص67. إثبات الهداة، ج3، ص700.

الفصل الثالث : جنود الإمام عليه السلام

اشارة

تشكل قوات الإمام المهدي عليه السلام من قوميات مختلفة، يدعون عند القيام بأسلوب خاص .

الأشخاص الذين حددوا مسبقا للقيادة مسؤوليتهم توجيه الجيش والعمليات القتالية . والجنود الذين يقبلون في جيش المهدي عليه السلام يمتلكون مواصفات خاصة. عدد منهم يكونون في التشكيل الأول ومجموعة يلتحقون بالجيش، ومجموعة تسمي قوات الحماية. في هذا الفصل سنذكر الروايات المرتبطة بهذا الموضوع.

أ- قادة الجيش:

اشارة

نري في الروايات أسماء أشخاص أسندت إليهم مهمة العمليات الخاصة، أو قيادة عدد من الجند. سنشير إلي أسماء وأعمال بعضهم:

1- النبي عيسي عليه السلام :

عن أمير المؤمنين عليه السلام :

ص: 111

«ثم إنه عليه السلام يجعل عيسي خليفته علي قتال الأعور الدجال . يخرج أميرا علي جيش المهدي يطلب الأعور الدجال وقد أهلك الحرث والنسل، وصاح علي أغلب الدنيا ويدعو الناس لنفسه بالربوبية، فمن أطاعه أنعم عليه، ومن أبي قتله. وقد وطئ الأرض كلها إلا مكة والمدينة وبيت المقدس، وقد أطاعه جميع أولاد الزنا من مشارق الأرض ومغاربها. ثم يتوجه إلي أرض الحجاز، فيلحقه عيسي علي عقبة (هرشا) فيزعق عليه عيسي زعقة ويتبعها بضربة ، فيذوب الدجال كما يذوب الرصاص في النار»(1).

الضربة التي تذيب الدجال قد تكون من خلال استعمال احدث الأسلحة في ذلك العصر، ويمكن أن تكون حكاية عن إعجاز النبي

جاء في خصائص عيسي عليه السلام: «ويلقي عليه مهابة الموت»(2).

2 - شعيب بن صالح:

عن علي عليه السلام :

«يلتقي السفياني ذا الرايات السود، فيهم شاب من بني هاشم، في كفه اليسري خال، وعلي مقدمته رجل من بني تميم يقال له: شعيب بن صالح...»(3).

وعن الحسن البصري: «يخرج بالري رجل ربعة، أسمر، مولي

ص: 112


1- (1) الشيعة والرجعة، ج1، ص167.
2- (2) ابن حماد، الفتن، ص161.
3- (3) ن.م، ص86. عقد الدرر، ص127. كنز العمال، ج14، ص588.

لبني تميم، كوسج، يقال له: شعيب بن صالح في أربعة آلاف ثيابهم بيض. وراياتهم سود يكون مقدمة للمهدي »(1).

وعن عمار بن ياسر : «المهدي علي لوائه شعيب بن صالح»(2) .

ويقول الشبلنجي: «إن علي مقدمة جيشه - المهدي - رجلا من تميم ضعيف اللحية يقال له شعيب بن صالح»(3).

وعن محمد بن الحنفية : «ثم تخرج من خراسان أخري سوداء ، قلانسهم سود وثيابهم بيض، علي مقدمتهم رجل يقال له: شعيب بن صالح أو صالح بن شعيب، من تميم. يهزمون أصحاب السفياني حتي تنزل بيت المقدس، توطئ للمهدي سلطانه»(4).

3 - إسماعيل ابن الإمام الصادق عليه السلام وعبد الله بن شريك :

عن أبي خديجة الجمال، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :

«إني سألت الله في إسماعيل أن يبقيه بعدي، فأبي، ولكنه قد أعطاني فيه منزلة أخري، أنه أول منشور في عشرة من أصحابه ، ومنهم عبد الله بن شريك العامري، وهو صاحب لوائه»(5).

ص: 113


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص 53، عقد الدرر، ص130. الشيعة والرجعة، ج1، ص210
2- (2) ن.م، الشيعة والرجعة، ج1، ص211.
3- (3) نور الأبصار،ص138. الشيعة والرجعة، ج1، ص211.
4- (4) ابن حماد، الفتن، ص 84. ابن النادي، ص47. الدارمي، السنن، ص98. عقد الدرر، و ص126. ابن طاووس، الفتن، ص49.
5- (5) الإيقاظ من الهجعة، ص266. راجع الكشي، اختيار معرفة الرجال، ص217. اين داود، الرجال، ص206.

عن أبي جعفر عليه السلام :

«كأني بعبد الله بن شريك العامري عليه عمامة سوداء ذؤابتاها بين كتفيه مصعد في لحف الجبل، بين يدي قائمنا اهل البيت في أربعة آلاف يكرون ويكررون [يكبرون ويكررون](1).

4 - عقيل والحارث:

عن علي عليه السلام :

ثم يسير بالجيوش حتي يصير بالعراق والناس خلفه وأمامه ، وعلي مقدمته رجل أسمه عقيل وعلي ساقه رجل إسمه الحارث(2).

5 - جبير بن خابور:

عن الصادق عليه السلام : قال علي عليه السلام لأصحابه :

«إن هذا يعني جبير بن الخابور - في جبل الأهواز، في أربعة مدججين في السلاح، فيكونون معه حتي يقوم قائمنا أهل البيت فيقاتل معه»(3).

بالنسبة لجبير بن خابور لم أجد بعد البحث الكثير في كتب الشيعة والسنة غير ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام من أن جبير بن خابور هو خازن معاوية كانت له أم عجوز تعيش في الكوفة فاستأذن معاوية ليزورها. فقال له معاوية بأن في الكوفة ساحر إسمه علي بن

ص: 114


1- (1) ن.م، راجع: بحار الأنوار، ج52، ص67. إثبات الهداة، ج3، ص561.
2- (2) الشيعة والرجعة، ج1، ص158.
3- (3) الخرائج، ج 1، ص 185، بحار الأنوار، ج 1، ص296. مستدرك علم رجال الحديث، ج2، ص118.

أبي طالب ويخاف أن يغويه. لكن جبير أصر فأذن له وعندما وصل إلي الكوفة أخذه حرس الكوفة إلي أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره بما قال له معاويةوماذا أتي يفعل واين يخبيء أمواله فتعجب جبير وصدق الإمام. ثم أمر الإمام علي عليه السلام : الحسن عليه السلام : بضيافته . في الغد ذكر علي عليه السلام لأصحابه الحديث السابق «إن هذا في جبل الأهواز ...».

6- المفضل بن عمر: عن الصادق عليه السلام :

«يا مفضل ! أنت وأربعون رجلا تحشرون مع القائم. أنت علي يمين القائم، تأمر وتنهي والناس إذ ذاك أطوع لك منهم اليوم»(1).

7 - اصحاب الكهف:

عن أمير المؤمنين علي عليه السلام :

«ويجي له أصحاب الكهف»(2) .

وهناك أشخاص مثل : داوود الرقي، نجم بن أعين، حمران بن أعين، وميسر بن عبد العزيز، أشير في الروايات إلي إحيائهم وحضورهم في زمان الإمام القائم عليه السلام ، وسنشير إلي ذلك في البحث القادم.

ب- قوميات الجنود:

اشارة

تتشكل قوات الإمام المهدي عليه السلام من قوميات مختلفة كما مر. يوجد في الروايات كلام مختلف حول هذا الموضوع فتذكر تارة

ص: 115


1- (1) دلائل الإمامة. ص248. إثبات الهداة ، ج3، ص573.
2- (2) الحصني، الهداية ، ص31. إرشاد القلوب، ص286. حلية الأبرار، ج2، ص601.

أن جنود الإمام عليه السلام هم من العجم، ويشمل ذلك غير العرب ، وتذكر بعض الروايات أسماء المدن والبلدان التي يأتي منها الجنود لنصرة الإمام عليه السلام ، وتارة تتكلم عن قوم معينين مثل توابي بني إسرائيل والمؤمنين المسيحيين والأشخاص الصالحين الذين رجعوا إلي الدنيا لنصرة الإمام عليه السلام .

سنذكر في هذا الفصل بعض الروايات في هذا المجال :

1 - الإيرانيون:
اشارة

يفهم من الروايات أن عددا ملفتا للإنتباه من جنود وجيش الإمام المهدي عليه السلام هو من الإيرانيين، وتعبر عنهم بتعابير مختلفة مثل: أهل الري، أهل خراسان، كنز طالقان، القميين، أهل فارس وغير ذلك.

عن الباقر عليه السلام :

«تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان في الكوفة، فإذا ظهر المهدي بمكة بعث إليه بالبيعة»(1).

وعنه عليه السلام :

«أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، أولاد العجم»(2).

وعن عبد الله بن عمر، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«يملأ الله عز وجل أياديكم من العجم ويصيرون أسدا، لا

ص: 116


1- (1) إبن حماد، الفتنة، ص 85. عقد الدرر، ص129. الحادي للفتاوي، ج2،ص69.
2- (2) النعماني، الغيبة، ص315. إثبات الهداة ، ج3، ص547. بحار الأنوار، ج52، ص369.

يفرون، يضربون أعناقكم ويأكلون فيأكم»(1).

وعن حذيفة عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :

«يوشك أن يملا الله أيديكم من العجم، ويجعلهم أسدا، لا يفرون، فيضربون أعناقكم، ويأكلون فيأكم»(2).

من المحتمل قويا أن الروايتين الأخيرتين إشارة إلي تحالف القوي الكافرة وهجومها الشرس ضد الإسلام والمسلمين، وليست مرتبطة بالحركات الممهدة والموطئة لدولة المهدي عليه السلام ؛ لذلك هناك إشكال في دلالة الرواية .

تفيد الروايات أنه سيأتي يوم يجرد الإيرانيون سيوفهم من أجل نشر الإسلام وإعادة العرب إليه، ويقطعون رقاب الممتنعين. ويكون وضع العرب في ذلك الزمان سيء جدا.

كلمة عجم، وإن كانت تطلق علي غير العرب، ولكنها تشمل الإيرانيين قطعاً.وعلي أساس روايات أخري، الإيرانيون أيضا لهم دور اساسي في تهيئة الأرضية من خلال أكثر الحروب التي تحدث قبل ظهور المهدي عليه السلام وحينه، وهم يشكلون العدد الأكبر من الجنود.

في خطبة علي عليه السلام عن أصحاب المهدي عليه السلام يذكر فيها بلدانهم وإسم بعض مدن إيران .

ص: 117


1- (1) فردوس الأخبار، ج5، ص366.
2- (2) عبد الرزاق، المصنف، ج 11، ص385. المعجم الكبير، ج7، ص268. حلية الأولياء ، ج 3، ص24. فردوس الأخبار، ج 5، ص 445.

عن الأصبغ بن نباتة ، قال : خطب أمير المؤمنين عليه السلام خطبة فذكر المهدي، وخروجه ومن يخرج معه وأسماءهم، فقال له أبو خالد الحلبي: صفه لنا يا أمير المؤمنين، فقال علي عليه السلام :

«ألا إنه أشبه الناس خلقا وخلقا، وحسنا برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم . ألا أدلكم علي رجاله وعددهم؟ قلنا: بلي يا أمير المؤمنين! قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال : أولهم من البصرة وآخرهم من اليمامة . وجعل علي عليه السلام يعدد رجال المهدي والناس يكتبون. فقال : رجلان من البصرة، ورجل من الأهواز، ورجل من عسكر مكرم، ورجل من مدينة تستر، ورجل من دورق، ورجل من الباستان وإسمه علي، وثلاثة من إسمه: أحمد وعبد الله وجعفر، ورجلان من عمان محمد والحسن، ورجلان من سيراف شداد وشديد، وثلاثة من شيراز : حفص ويعقوب وعلي، وأربعة من اصفهان: موسي وعلي وعبد الله وغلفان، ورجل من أبدح وإسمه يحيي، ورجل من المرج (العرج) وإسمه داود، ورجل من الكرخ وإسمه عبد الله، ورجل من بروجرد إسمه قديم. ورجل من نهاوند واسمه عبد الرزاق ، ورجلان من الدينور : عبد الله وعبد الصمد، وثلاثة من همدان : جعفر وإسحاق وموسي. وعشرة من فم أسماؤهم علي أسماء أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، ورجل من خراسان إسمه دريد، وخمسة من الذين أسماؤهم علي أهل الكهف، ورجل من آمل، ورجل من جرجان، ورجل من هرات، ورجل من بلخ، ورجل من قراح، ورجل من عانة، ورجل من دامغان، ورجل من سرخس، وثلاثة من السيار، ورجل من ساوة ، ورجل من سمرقند، وأربعة وعشرون من الطالقان وهم الذين ذكرهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، وفي خراسان كنوز لا ذهب ولا

ص: 118

فضة ولكن رجال يجمعهم الله ورسوله، ورجلان من قزوين، ورجل من فارس، ورجل من أبهر، ورجل من برجان من جموح، ورجل من شاخ، ورجل من صريح، ورجل من أردبيل، ورجل من مراد، ورجل من تدمر، ورجل من أرمينية، وثلاثة من المراغة، ورجل من خوي، ورجل من سلماس، ورجل من أردبيل ورجل من بدليس، ورجل من نسور، ورجل من بر كري، ورجل من سرخيس، ورجل من منارجرد، ورجل من قرقيلا، وثلاثة من واسط، وعشرة من الزوراء، وأربعة من الكوفة، ورجل من القادسية، ورجل من سوراء ، ورجل من السراة، ورجل من النيل، ورجل من صيداء، ورجل من جرجان، ورجل من القصور، ورجل من الأنبار، ورجل من عكبرا، ورجل من الحنانة، ورجل من تبوك، ورجل من الجامدة، وثلاثة من عبادان، وستة من حديثة الموصل، ورجل من الموصل، ورجل من مغلثايا، ورجل من نصيبين، ورجل من كازرون، ورجل من فارقين، ورجل من آمد، ورجل من رأس العين، ورجل من الرقة، ورجل من حران، ورجل من بالس، ورجل من قبج، وثلاثة من طرطوس، ورجل من القصر، ورجل من أدنة، ورجل من خمري، ورجل من عرار، ورجل من قورص، ورجل من أنطاكية، وثلاثة من حلب، ورجلان من حمص. وأربعة من دمشق، ورجل من سورية، ورجلان من قسوان، ورجل من قيموت، ورجل من صور، ورجلان من بيت المقدس، ورجل من الرملة، ورجلان من عكا، ورجل من صور، ورجل من عرفات، ورجل من عسقلان، ورجل من غزة، وأربعة من الفسطاط، ورجل من قرميس، ورجل من دمياط، ورجل من المحلة، ورجل من الاسكندرية، ورجل من برقة، ورجل من طنجة،

ص: 119

ورجل من افرنجة، ورجل من القيروان، وخمسة من السوس الأقصي، ورجلان من قبرص، وثلاثة من حميم، ورجل من قوص، ورجل من عدن، ورجل من علالي، وعشرة من مدينة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، وأربعة من مكة، ورجل من الطائف، ورجل من الدير، ورجل من الشيروان، ورجل من زبيد، وعشرة من مرد، ورجل من الإحساء، ورجل من القطيف، ورجل من هجر، ورجل من اليمامة. قال عليه الصلاة والسلام: أحصاهم لي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدد أصحاب بدر يجمعهم الله من شرقها إلي مغربها في أقل مما يتم الرجل عيناه عند بيت الله الحرام»(1).

كما مر في الرواية، إن إثنين وسبعين شخصا من ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا الذين هم خواص جيش الإمام المهدي عليه السلام الذين يصحبون الإمام عليه السلام في بداية قيامه، هم من مدن إيران المعروفة اليوم. لو تم العد بناء علي نقل الطبري في دلائل الإمامة ، أو علي أساس أسماء المدن الإيرانية في ذلك العصر، فإن عدد الإيرانيين سيكون أكثر(2).

في الرواية السابقة ذكرت أسماء بعض المدن مرتين، أو أسماء بعض المدن في بلد ما ثم ذكر إسم ذلك البلد، فإذا كان نقل الرواية صحيحا، فيمكن أن يكون ذلك صورة عن تقسيمات وأسماء ذلك العصر، ولا يمكن جعل التقسيمات الجغرافية في هذا العصر ملاكا لتفسير وفهم هذه الرواية ؛ لأن أسماء المدن قد تغيرت، فإسم

ص: 120


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص146.
2- (2) دلائل الإمامة ، ج316.

بعض المدن يطلق علي البلد في هذا العصر. إن تطبيق أسماء المدن علي خرائط العالم الجغرافية الحالية يمكن أن يستنتج منه أن أصحاب الإمام عليه السلام منتشرون في أنحاء العالم، ويمكن أن تكون كلمة «افرنجة» - الواردة في الرواية - إشارة إلي مغرب الأرض. لو كان هذا التطبيق والقول صحيحا لكان لجملة «لو خليت لفنيت» مصداق ومعني؛ لأن الأرض لا تخلو في أي عصر من الأشخاص الصالحين، وإلا قلبت وفنيت.

ذكرت في روايات أخري أسماء مدني خاصة نذكر هنا عددا من الروايات في مدينة قم، خراسان وطالقان .

قم:

عن الإمام الصادق عليه السلام :

«تربة قم مقدسة ... أما وإنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا» (1) .

وعن عفان البصري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

«قال لي: أتدري لم سمي قم؟ قلت: الله ورسوله وأنت أعلم، قال : إنما سمي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد صلوات الله عليهم. ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه»(2) .

خراسان :

قال أمير المؤمنين عليه السلام :

ص: 121


1- (1) بحار الأنوار، ج60، ص218.
2- (2) ن.م، ج6، ص216.

«سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال : ... وفي خراسان كنوز لا ذهب ولا فضة، ولكن رجال يجمعهم الله ورسوله ...»(1).

قد يكون المقصود أنهم مشتركون في الإعتقاد الصادق بالله ورسوله، أو أن الله يجمعهم جميعا في يوم واحد في مكة .

طالقان :

عن أمير المؤمنين عليه السلام :

«ويحة للطالقان! فإن الله - عز وجل - بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة،ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته، وهم أنصار المهدي عليه السلام في آخر الزمان» (2).

2- إلعرب:

الروايات المرتبطة بمشاركة العرب في قيام الإمام المهدي عليه السلام هي قسمان : قسم يدل علي عدم اشتراكهم في ثورة المهدي عليه السلام ، وعدد منها يذكر أسماء بعض المدن العربية التي يخرح منها اشخاص ينصرون المهدي عليه السلام في قيامه.

الروايات التي تدل علي عدم اشتراك العرب علي فرض صحتها سندا - يمكن توجيهها؛ لأنه من الممكن أن لا يشترك العرب في القوات الخاصة التي تكون مع الإمام في بداية قيامه؛ كما فسر الشيخ الحر العاملي الروايات في كتاب إثبات الهداة . والمدن العربية

ص: 122


1- (1) إبن طاووس، الملاحم، ص147. روضة الواعظين، ص310. بحار الأنوار، ج52، ص 304.
2- (2) كشف الغمة، ج3، ص268. كنز العمال، ج14، ص 591. الشافعين البيان، ص106. ينابيع المودة، ص91.

التي ذكرت الروايات أسماءها قد يكون الجنود الذين يخرجون منها النصرة الإمام المهدي عليه السلام من غير العرب الذين يسكنون فيها، لا من ذوي الأصل العربي، أو أن المراد الحكومات والدول العربية .

عن الصادق عليه السلام :

«اتق العرب، فإن لهم خبر سوء، أما إنه لا يخرج مع القائم واحد منهم»(1).

يقول الشيخ الحر العاملي: قد يكون المراد من كلام الإمام الصادق عليه السلام هذا بداية قيام الإمام عليه السلام أو كناية عن ضعف مشاركتهم .

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم :

«... يخرج إليه الأبدال من الشام، وأشتاتهم، كأن قلوبهم زبر الحديد، رهبان بالليل وليوث بالنهار»(2).

وعن أبي جعفر عليه السلام :

«يتابع بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من الشام، والأخبار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم» (3).

وعنه عليه السلام :

ص: 123


1- (1) الطوسي، الغيبة، ص 284. إثبات الهداة، ج3، ص517. بحار الأنوار، ج52، ص333.
2- (2) ابن طاووس، الملاحم، ص 142. بحار الأنوار، ج52، ص304.
3- (3) الطوسي، الغيبة، الطبعة الجديدة، ص477. بحار الأنوار، ج 52، ص334. إثبات الهداة ، ج3، ص518.

«إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله - تعالي - من ظهر الكوفة سبعين ألف صديق فيكونون من أصحابه وأنصاره»(1).

3- غير المسلمين:

عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام :

«إذا قام قائم آل محمد عليه السلام استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا من قوم موسي الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسي، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي، وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر»(2).

وعنه عليه السلام:

«إن أرواح المؤمنين يرون آل محمد في جبل رضوي . فتأكل من طعامهم وتشرب من شرابهم وتحدث معهم في مجالسهم حتي يقوم قائمنا أهل البيت. فإذا قام قائمنا بعثهم الله معه، يلبون زمرا فزمرا، فعند ذلك يرتاب المبطلون ويضمحل المنتحلون وينجو المقربون» (3).

وعن ابن جريح: «بلغني أن بني إسرائل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثني عشر سبطاً، تبرأ سبط منهم مما صنعوا، واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نفقا من

ص: 124


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص43. ينابيع المودة، ج2، ص435. الشيعة والرجعة، ج1، ص 456.
2- (2) روضة الواعظين، ج2، ص266. أبو دجانة إسمه سمان بن خرشة الأنصاري، يقول عنه المرحوم المامقاني أري أنه حسن الحال ... تنقيح المقال، ج2، ص68.
3- (3) الكافي، ج3، ص131. الإيقاظ ، ص290. بحار الأنوار، ج27، ص308.

الأرض، فساروا فيه سنة ونصف حتي خرجوا من وراء الصين، فهم هناك حنفاء مسلمين يستقبلون قبلتنا(1) .

قيل: إن جبرائيل انطلق بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم ليلة المعراج إليهم، فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة، فآمنوا به وصدقوه، وأمرهم أن يقيموا مكانهم، ويتركوا السبت، وأمرهم بالصلاة والزكاة، ولم يكن نزلت فريضة غيرها ففعلوا» (2).

عن ابن عباس في تفسير الآية المباركة: (وقلنا من بعده، لبني إسرءيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الأخرة جئنا كر لفيفا)(3). ذكروا إن المراد من الآخرة ظهور عيسي عليه السلام الذي يقوم معه بنوا إسرائيل. ولكن اصحابنا رووا أنهم يقومون مع قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم(4).

وفي تفسير الآية الشريفة :( ومن قوم موسي أمة يهدون بالحق و به يعدلون)(5). يقول المرحوم المجلسي إن هناك خلاف في من هي هذه الأمة.

البعض كإبن عباس يقول أنهم قوم يسكنون في طرف الصين الآخر، وبينهم وبين الصين صحراء من الرمل المتحرك وهم لا يبدلون حكم الله أبدا(6).

ص: 125


1- (1) بحار الأنوار، ج 54. ص316.
2- (2) ن.م.
3- (3) سورة الإسراء (بني إسرائيل)، الآية 104.
4- (4) بحار الأنوار، ج5، 316.
5- (5) سورة الأعراف، الآية 159.
6- (6) بحار الأنوار، ج5، ص316.

عن الباقر عليه السلام :

«وليس لأحد منهم مال دون صاحبه، يمطرون في الليل ويضحون في النهار يزرعون، لا يصل إليهم منا أحد ولا منهم إلينا، وهم علي الحق»(1).

وعن الصادق عليه السلام :

«لا تشتر من السودان أحدا، فإن كان لا بد، فمن النوبة، فإنهم من الذين قال الله عز وجل : (و من الذين قالوا إنا نصاري أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به (2) أما إنهم سيذكرون ذلك وسيخرج مع القائم عصابة منهم»(3).

لا يخفي ما في الرواية من الضعف، وقد ناقشنا السند في كتابنا بالفارسية «إيلام ديار شيعيان كمنام» أي (إيلام ديار الشيعة المجهولين).

4 - جابلقا وجابرسا:

عن أبي عبد الله عليه السلام قال :

«إن الله عز وجل بالمشرق مدينة إسمها «جابلقا»، لها إثنا عشر ألف باب من ذهب، بين كل باب إلي صاحبه مسيرة فرسخ، علي كل باب برج فيه إثنا عشر ألف مقاتل، يلهبون الخيل ويشحذون السيوف والسلاح، ينتظرون قيام قائمنا. وإن الله عز وجل - بالمغرب

ص: 126


1- (1) م. س.
2- (2) القرآن الكريم، سورة المائدة، الآية 14.
3- (3) الكافي، ج5، ص 352. التهذيب، ج7، ص 405، وسائل الشيعة، ج14، ص56. نور الثقلين، ج 1، ص 601. تفسير البرهان، ج1، ص454. ينابيع المودة، ص422.

مدينة يقال لها (جابرسا) لها إثنا عشر الف باب من ذهب بين كل باب إلي صاحبه مسيرة فرسخ. علي كل باب برج فيه إثنا عشر ألف مقاتل، يلهبون الخيل، ويشحذون السلاح والسيوف، ينتظرون قائمنا ، وأنا الحجة عليهم»(1).

هناك روايات متعددة أخري تدل علي وجود مدن ومناطق أخري في العالم، أهلها لا يعصون الله أبدا. لمزيد من الإطلاع يرجع إلي المجلد الرابع والخمسين من كتاب بحار الأنوار .

يفهم من مجموع هذه الروايات أن الإمام المهدي عليع السلام لديه جنود ومعسكرات في أنحاء العالم مستعدون للدخول في الحرب عند ظهوره، ولكن يفهم من بعض الروايات أنهم ما توا منذ سنوات والله - عز وجل - سيحييهم ويرجعهم من أجل نصرته.

عن الإمام الصادق عليه السلام :

«إنه - يعني نجم بن أعين - ممن يجاهد في الرجعة»(2).

عنه عليه السلام : «كأني بحمران ابن أعين وميسر بن عبد العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة»(3) .

ص: 127


1- (1) بحار الأنوار، ج 54، ص334 وج26، ص47.
2- (2) الإيقاظ من الهجعة، ص269. أقول: الشيعة يعتقدون بأن الإمام المهدي عليه السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام وبعض المؤمنين والكافرين يرجعون إلي الدنيا. وفي هذا الأمر عشرات الروايات. راجع كتاب الوالد المرحوم آية الله الطيسي الشيعة والرجعة، ج 2، وقد كتبت كراسا بإسم الرجعة بنظر الشيعة مستفيدة من كتاب الوالد وقد نشر (بالفارسية) وكتاب أخر بإسم الرجعة في أحاديث الفريقين تحت الطبع فراجع.
3- (3) الكشي، الرجال، ص204، الخلاصة، ص98. القهبائي، الرجال، ج2، ص289. الإيقاظ ، ص 284. بحار الأنوار، ج 54. ص. معجم رجال الحديث، ج6، ص259.

فسر آية الله الخوئي (قده) في معجم رجال الحديث كلمة «يخبطان» بضرب السيف.

وعنه عليه السلام : أيضا أنه نظر إلي داود الرقي وقد ولي، فقال :

«من سره أن ينظر إلي رجل من أصحاب القائم فلينظر إلي هذا»(1).

ج - عدد الجنود

اشارة

لدينا روايات مختلفة في عدد جنود إمام الزمان عليه السلام ، بعضها تذكر عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، وبعضها تكلمت عن عشرة آلاف وما يزيد. وهنا أمران من الضروري ذكرهما وهما:

1- إن الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا - الذين جاء ذكرهم في الروايات - هم القوات الخاصة التي تكون في بداية القيام مع الإمام عليه السلام . وهم يكونون من أركان حكومة الإمام المهدي (ع) العالمية؛ كما يذكر المرحوم الأربلي في كتاب كشف الغمة أنه يستفاد من رواية العشرة آلاف، أن عدد أنصار الإمام عليه السلام لا ينحصر بثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا هو عدد الذين يكونون معه في بداية قيامه.

2- إن عدد أربعة آلاف أو عشرة آلاف وغيره المذكور في بعض الروايات ليس عدد كل أفراد جيش المهدي عليه السلام ؛ بل كما يستفاد من الروايات أيضا، إن كل واحد من هذه الأرقام يشير إلي

ص: 128


1- (1) الإيقاظ، ص264. هناك بحث في وثاقة داود، ولكن في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنه منه كما كان المقداد من النبي صلي الله عليه و آله و سلم. تنقيح المقال، ج2، ص414.

عدد القوات في برهة من زمان ظهور الإمام عليه السلام أو في معركة خاصة في ناحية من العالم. ولعل هناك تفسير آخر لا نعلمه يظهر عند ظهوره عليه السلام .

1- القوات الخاصة :

عن يونس بن ظبيان، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ، فذكر أصحاب القائم، فقال :

«ثلاثمائة وثلاثة عشر، وكل واحد يري نفسه في ثلاثمائة ...»(1).

يحتمل من قول الإمام عليه السلام «وكل واحد يري نفسه ثلاثمائة ...» أمران:

ا- أن قوة كل منهم البدنية توازي قوة ثلاثمائة رجل، كما أن قوة كل واحد من المؤمنين في ذلك العصر توازي قوة أربعين رجلا.

2- أن كل واحد منهم لديه ثلاثمائة جندي، وهو يري نفسه بين ثلاثمائة شخص تحت أمره. بناء علي هذا الإحتمال فهم يقدرون بحدود ثلاثمائة كتيبة عسكرية، ومن المحتمل أن يكون هذا هو ظاهر اللفظ؛ يعني أن كل واحد منهم يري نفسه جزء من ذلك العدد كما ذكر البعض.

عن علي بن الحسين الإمام زين العابدين عليه السلام ، قال :

ص: 129


1- (1) دلائل الإمامة، ص 320. المحجة، ص26.

«إذ قال : المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا،عدة أهل بدر، فيصبحون بمكة»(1) .

وعن أبي جعفر الثاني الإمام الجواد عليه السلام قال :

«قال النبي صلي الله عليه و آاه و سلم ، لأبي بن كعب في وصف القائم... يخرج من تهامة ... وله كنوز لا ذهب ولا فضة، إلا خيول مطهمة ورجال مسومة، يجمع الله له من أقاصي البلاد علي عدة أهل بدر، ثلاثمائة عشر رجلا، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وبلدانهم وطبائعهم ومحلاهم وكناهم، كدادون مجدون في طاعته»(2).

وعن النبي عليه السلام :

«فيجتمع عليه كالطير الواردة ، حتي يجتمع إليه ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا فيهم نسوة، فيظهر علي كل جبار وإبن جبار، ويظهر من العدل ما يتمني له الأحياء أمواتهم...»(3).

وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام :

«فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، عدة أهل بدر علي غير معاد، قزعا كقزع الخريف، رهبان بالليل، وأسد بالنهار»(4).

وعن إبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام :

«سيأتي في مسجدكم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، يعني مسجد

ص: 130


1- (1) كمال الدين، ج2، ص 654. العياشي، التفسير، ج2، ص56. نور الثقلين، ج1، ص139 و ج4، ص94. بحار الأنوار، ج52، ص323.
2- (2) عيون أخبار الرضا، ج1، ص59. بحار الأنوار، ج52، ص310.
3- (3) مجمع الزوائد، ج 7، ص 315.
4- (4) ابن طاووس، الملاحم، ص64. الفتاوي الحديثة، ج 31.

مكة، يعلم أهل مكة أنه لم يلدهم آباؤهم ولا أجدادهم، عليهم السيوف، مكتوب علي كل سيف [عليها] كلمة تفتح ألف كلمة»(1).

وعن الصادق عليه السلام :

«يا مفضل! أنت وأربعة وأربعون رجلا مع القائم»(2) .

لعل المراد من الأربعة وأربعين رجلا أشخاص من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام :

وعن المفضل بن عمر عنه عليه السلام في رواية مرت سابقا :

«إذا قام قائم آل محمد عليه السلام استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا من قوم موسي الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسي، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي وأبا دجانة الأنصاري، ومالك الأشتر»(3).

وفي بعض الروايات ذكر المقداد بن الأسود أيضا بناء علي الروايات: الملائكة هي التي تنقل الموتي الصالحين إلي الأماكن المقدسة(4) مثل الكعبة. وعليه قد يكون هؤلاء المذكورون في الرواية من الذين نقلت أرواحهم إلي الكعبة ثم يرجعون ويحييون مرة ثانية من ذلك المكان. وبحسب روايات أخري هذا المكان هو ظهر الكوفة أي مدينة النجف، فيصح معني الرواية لأن أرواحهم تنقل إلي هناك أي إلي النجف الأشرف.

ص: 131


1- (1) كمال الدين، ج2، ص671. بصائر الدرجات، ص311. بحار الأنوار، ج52، ص286.
2- (2) دلائل الإمامة ، ص248. إثبات الهداة ، ج3، ص 574.
3- (3) روضة الواعظين، ص277. إثبات الهداة، ج3، ص55 .
4- (4) درر الأخبار، ج1، ص258.

من المناسب ذكره هو أن هؤلاء الأشخاص كان لهم دور في الماضي في المواجهة مع طواغيت عصرهم، في أبعادها السياسية والعسكرية ؛ وبالأخص سلمان الفارسي، أبو دجانة، مالك الأشتر والمقداد الذين اشتركوا في حروب صدر الإسلام، وأظهروا بطولات كثيرة، وعدد منهم كانوا قادة .

2 - جيش المهدي عليه السلام :

عن أبي بصير، سأل رجل من أهل الكوفة أبا عبد الله عليه السلام : كم يخرج مع القائم،فإنهم يقولون: إنه يخرج معه عدة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا؟ قال: «وما يخرج إلا في أولي قوة، وما يكون أولو القوة أقل من عشرة آلاف»(1).

وعنه عليه السلام :

«إذا أذن الله تعالي للقائم... وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيبايعونه، ويقيم بمكة حتي يتم أصحابه عشرة آلاف نفس، ثم يسير منها إلي المدينة»(2) .

وعن ابن رزين الخافقي : سمع عليا عليه السلام يقول: «يخرج المهدي في إثني عشر ألفا إن قلوا، وخمسة عشر ألفا إن كثروا ، ويسير الرعب بين يديه. لا يلقاه عدد إلا هزمهم. شعارهم: أمت، أمت، لا يبالون في الله لومة لائم» (3) .

ص: 132


1- (1) كمال الدين، ج2، ص 654. العياشي، التفسير، ج1، ص134. نور الثقلين. ج4، ص98 وج1، ص340. العدد القوية، ص65. إثبات الهداة ، ج3، ص548.
2- (2) النجاء، ص511.
3- (3) ابن طاووس، الملاحم، ص65.

وعن الصادق عليه السلام :

لا يخرج القائم حتي يكون تكملة الحلقة، قلت: وكم الحلقة؟ قال: عشرة آلاف»(1).

يقول الحر العاملي: في رواية : إن عدد أفراد جيش الإمام عليه السلام مائة ألف شخص»(2).

3 - قوات الحماية :

عن كعب الأحبار : «ينزل رجل من بني هاشم ببيت المقدس حرسه إثنا عشر ألفا.

وفي نقل آخر منه : حرسه ستة وثلاثون ألفا، علي كل طريق البيت المقدس إثنا عشر ألفا»(3).

إن كلمة حرس الواردة في الرواية هي بمعني الأعوان الأنصار .هذا المعني يناسب عنوان الحديث.

د- اجتماع الجيش:

يجتمع جنود الإمام المهدي عليه السلام حوله كما مر من كل ناحية من نواحي العالم. أشارت الروايات بأنحاء مختلفة إلي كيفية معرفة الجنود بالقيام واجتماعهم في مكة. البعض ينامون في الليل في فراشهم، وعند الصباح يرون أنفسهم بين يدي الإمام عليه السلام . البعض

ص: 133


1- (1) النعماني، الغيبة ، ص307. إثبات الهداة، ج3، ص545.
2- (2) إثبات الهداة ، ج3، ص578. بحار الأنوار، ج52، ص307، 367. بشارة الإسلام، ص 190.
3- (3) إبن حماد، الفتن، ص106. عقد الدرر، ص143.

تطوي لهم الأرض فيصلون إلي الإمام عليه السلام من مسافات بعيدة في مدة قصيرة، والبعض بعد معرفتهم بالقيام بأتون إليه مع السحاب.

قال أبو عبد الله عليه السلام :

«إذا أذن الإمام، دعي الله باسمه العبراني، فأتيحت له أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر قزع كقزع الخريف، وهم أصحاب الألوية . منهم من يفقد عن فراشه ليلا فيصبح بمكة، ومنهم من يري يسير في السحاب نهارا، يعرف بإسمه واسم أبيه وحليته ونسبه، قلت: جعلت فداك! أيهم أعظم إيمانا؟ قال: الذي يسير في السحاب نهارا، وهم المفقودون وفيهم نزلت هذه الآية (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا) (1)» (2).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «سيكون بعدكم أقوام تطوي لهم الأرض وتفتح لهم الدنيا، وتخدمهم بنات فارس وأبناؤهم، تطوي لهم الأرض في أسرع الطرق، حتي لو شاء أحدهم أن يأتي مشرقها أو مغربها في ساعة فعل. ليسوا من الدنيا، وليست الدنيا منهم في شيء»(3).

وعن الباقر عليه السلام : «وتسير إليه - أي المهدي - شيعته من أطراف الأرض تطوي لهم طي حتي يبايعوه»(4).

ص: 134


1- (1) سورة البقرة، الآية 148.
2- (2) كمال الدين، ج2، ص972. العياشي، التفسير، ج1، ص567. النعماني، الغيبة، ص315. بحار الأنوار، ج2، ص368. الكافي، ج8، ص313. المحجة، ص19.
3- (3) فردوس الأخبار، ج2، ص449.
4- (4) روضة الواعظين، ج2، ص263. عقد الدرر، ص65، المتقي الهندي، البرهان، ص145.

وعن عبد الله بن عجلان قال: «ذكرنا خروج القائم عند أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : كيف لنا بعلم ذلك؟ فقال : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة»(1).

وعن الرضا عليه السلام : «والله ! أن لو قام قائمنا لجمع الله إليه جميع شيعتنا من جميع البلدان»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «بينا شباب الشيعة علي ظهور سطوحهم نيام، إذ أتوا أفواجا إلي صاحبهم في ليلة واحدة علي غير ميعاده فيصبحون في مكة»(3).

ه- - شروط قبول الجنود وإمتحانهم:

قال أمير المؤمنين عليه السلام - في خطبة البيان - بعدما بين أصحابه الثلاثمائة وثلاثة عشر : يقال : «إنهم يمضون إلي المهدي وهو مختف تحت المنارة، فيقولون له: أنت المهدي، فيقول: نعم، يا أنصاري! ثم يخفي نفسه عنهم لينظر كيف هم في طاعته، فيمضي إلي المدينة فيخبرونهم أنه لاحق بقبر جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، فيلحقونه بالمدينة . فإذا أحس بهم رجع إلي مكة، فلا يزالون علي ذلك ثلاثا. ثم يتراءي لهم بعد ذلك بين الصفا والمروة، فيقول لهم:إني لست قاطعة أمرا حتي تبايعوني علي ثلاثين خصلة ألزمكم أن لا تغيروا منها شيئا، ولكم علي ثماني خصال، فقالوا : سمعنا وأطعنا فاذكر ما أنت

ص: 135


1- (1) بحار الأنوار، ج52، ص324. إثبات الهداة ، ج3، ص524. ترجمة المجلد 13. من بحار الأنوار، ص916.
2- (2) مجمع البيان، ج1، ص231. إثبات الهداة، ج524. نور الثقلين، ج 1، ص140. بحار الأنوار، ج52، ص 291.
3- (3) النعماني، الغيبة، ص316. بحار الأنوار، ج2، ص89 بشارة الإسلام، ص198.

ذاكره با ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، فيخرج إلي الصفا فيخرجون معه، فيقول: أبايعكم أن لا تولوا دابرا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تفعلوا محرما، ولا تأتوا فاحشة، ولا تضربوا أحدا، إلا بحق ولا تكنزوا ذهبا ولا فضة ولا برا ولا شعيرا، ولا نخربوا مسجدا، ولا تشهدوا زورا، ولا تقبحوا علي مؤمن، ولا تأكلوا ربا، وأن تصبروا علي الضراء، ولا تلعنوا موحدا، ولا تشربوا مسكرا، ولا تلبسوا الذهب ولا الحرير ولا الديباج، ولا تتبعوا هزيما، ولا تسفكوا دما حراما، ولا تغدروا بمسلم، ولا تنفقوا علي كافر ولا منافق، ولا تلبسوا الخز من الثياب، وتتوسدون التراب، وتكرهون الفاحشة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، فإذا فعلتم ذلك، فلكم علي أن لا أتخذ سواكم، ولا ألبس إلا ما تلبسون، ولا أكل إلا مثل ما تأكلون، ولا أركب إلا ما تركبون، ولا أكون إلا حيث تكونون، وأمشي حيثما تمشون، وأرضي بالقليل، وأملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ونعبد الله حق عبادته، وأوف الكم وأوفوا لي. فقالوا: رضينا وبايعناك علي ذلك، فصافحهم رجلا، رجلا»(1).

لا بد من الإلتفات إلي أن الإمام عليه السلام يضع هذه الشروط ويقوم بهذه الإختبارات مع قواته الخاصة ؛ لأنهم الذين يتسلمون زمام الأمور في حكومته عليه السلام ، وسيكون لأفعالهم دور مهم في نشر العدل في العالم .

ولا بد من الإشارة إلي أن في سند الرواية تأمل، لأن البعض

ص: 136


1- (1) الشيعة والرجعة، ج1، ص157. عقد الدرر، ص96.

يري أن خطبة البيان ضعيفة السند، وإن كان بعض العظماء دافع عنها وقواها(1).

و - خصائص جنود الإمام عليه السلام :

اشارة

ذكرت في الروايات صفات كثيرة لأصحاب وأنصار المهدي عليه السلام نذكر قسما منها فيما يلي:

1- العبادة والصلاح:

عن أبي عبد الله عليه السلام : «... رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل. يبيتون قياما علي أطرافهم، ويصبحون علي خيولهم. رهبان بالليل، ليوث بالنهار ... وهم من خشية الله مشفقون. بهم ينصر الله إمام الحق»(2).

وعنه عليه السلام : «كأني أنظر إلي القائم وأصحابه في نجف الكوفة، كأن علي رؤوسهم الطير، قد فنيت أزوادهم، وخلقت ثيابهم. قد أثر السجود علي جباههم. ليوث بالنهار، رهبان بالليل . كأن قلوبهم زبر الحديد. يعطي الرجل منهم قوة أربعين رجلا. لا

ص: 137


1- (1) يقول والدنا المرحوم سيدي الوالد آية الله الطبسي في حاشية المجلد الأول من كتابه الشيعة والرجعة في خطبة البيان : نحن نقلنا هذه الخطبة من كتاب دوحة الأنوار للشيخ محمد اليزدي؛ ولكنها ليست منحصرة بهذا الكتاب فقط، بل هي مدرجة في كتب أخري كما أن الآغا بزرك الطهراني في المجلد السابع من كتاب الذريعة يذكر أسماء عدة منها. في الخطبة عبارات لا تنسجم مع التوحيد، ولكنها ليست موجودة في جميع النسخ، وهي من دون شك من وضع الغلاة. أما العبارات مثل «أنا مورق الأشجار، ومثمر الثمار» فهي موجودة في كثير من الروايات مثل : «بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنهار، وبنا ينزل الغيث وتنبت عشب الأرض»، وفي الزيارة المطلقة : «وبكم تنبت الأرض أشجارها، وبكم تخرج الأشجار وأثمارها ...» وفي الزيارة الرجبية: «أنا سائلكم وآملكم فيما إليكم التفويض وعليكم التعويض، ، فبكم يجبر المهيض ويشفي المريض ... » فالعبارات المخالفة لظاهر القرآن وليست قابلة للتأويل والتوجيه فالمعصومين عليهم السلام مبرؤون ومنزهون عنها .
2- (2) بحار الأنوار، ج52، ص308.

يقتل أحدا منهم إلا كافر أو منافق، وقد وصفهم الله - تعالي - بالتوسم في كتابه : (إن في ذلك

لأيت المتوسمين)(1)» (2).

2- حب الإمام وطاعته:

قال أبو جعفر عليه السلام : «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض الشعاب. ثم أومأ بيده إلي ناحية ذي طوي - حتي إذا كان قبل خروجه بليلتين، انتهي المولي الذي يكون بين يديه حتي يلقي بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم هنا؟ فيقولون نحو من أربعين، فيقول : كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله ! لو يأوي بنا الجبال، لأويناها معه. ثم يأتيهم...»(3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام :

«له... رجال كأن قلوبهم زبر الحديد، هم أطوع له من الأمة لسيدها»(4) .

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «يتمسحون بسرج الإمام عليه السلام يطلبون بذلك البركة، ويحفون به، يقونه بأنفسهم في الحرب، ويكفونه ما يريد منهم»(5).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «يجمع الله له من أقاصي البلاد علي عدة أهل بدر، كدادون، مجدون في طاعته»(6).

ص: 138


1- (1) سورة الحجر، الآية 75.
2- (2) بحار الأنوار، ج52، ص386.
3- (3) العياشي، التفسير، ج2، ص56. بحار الأنوار، ج52، ص 341.
4- (4) بحار الأنوار، ج52، ص308.
5- (5) ن.م.
6- (6) ن.م، ص310.

وعن الصادق عليه السلام : «كأني أنظر إلي القائم وأصحابه في نجف الكوفة، كأن علي رؤوسهم الطير»(1).

جنود الإمام عليه السلام منظمون ولديهم تسليم تام له، كأن علي رأس أحدهم الطير فإذا تحرك أدني حركة يطير ذلك الطائر .

3- جنود شبان أقوياء:

عن أمير المؤمنين عليه السلام : «أصحاب المهدي شباب لا كھول فيهم، إلا مثل كحل العين، والملح في الزاد. وأقل الزاد الملح.» (2)

وعن الصادق عليه السلام : «ما كان قول لوط عليه السلام لقومه (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلي ركن شديد) إلا تمنيا لقوة القائم وشدة أصحابه . وهم الركن الشديد، فإن الرجل منهم يعطي قوة أربعين رجلا، وإن قلب رجل منهم أشد من زبر الحديد. ولو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت. لا يكفون سيوفهم حتي يرضي الله - عز وجل -»(3).

وعن علي بن الحسين عليه السلام : «إذا قام قائمنا، أذهب الله - عز وجل - عن شيعتنا العاهة وجعل قلوبهم كزبر الحديد، وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلا ويكونون حكام الأرض وسنامها»(4).

ص: 139


1- (1) إثبات الهداة ، ج3، ص585.
2- (2) الطوسي، الغيبة، ص284. النعماني، الغيبة، ص315. إبن طاووس، الملاحم، ص145. كنز العمال، ج14، ص592. بحار الأنوار، ج2، ص334. إثبات الهداة، ج3، ص517.
3- (3) كمال الدين، ج2، ص673. بحار الأنوار ج 52. ص317، 327.
4- (4) ن.م.ينابيع المودة، ص 42. احقاق الحق، ج13، ص346.

وعن الصادق عليه السلام : «يكون شيعتنا في دولة القائم عليه السلام : سنام الأرض وحكامها، يعطي كل رجل منهم قوة أربعين رجلا»(1).

وقال أبو جعفر عليه السلام : «ألقي الرعب في قلوب شيعتنا من عدونا، فإذا وقع أمرنا وخرج مهدينا كأن أحدهم أجري من الليث، وأمضي من السنان، يطأ عدونا بقدميه ويقتله بكفيه»(2).

وعن عبد الملك بن أعين، قال: قمت من عند أبي جعفر عليه السلام، فاعتمدت علي يدي فبكيت، وقلت: كنت أرجو أن أدرك هذا الأمر وبي قوة، قال: «أما ترضون أن أعداء كم يقتل بعضهم بعضا، وأنتم آمنون في بيوتكم. إنه لو كان ذلك أعطي الرجل منكم قوة أربعين رجلا، وجعل قلوبكم كزبر الحديد، لو قذفتم بها الجبال، فلقتها، وأنتم قوام الأرض وخزانها»(3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «إن الله نزع الخوف من قلوب أعدائنا وأسكنه في قلوب شيعتنا، فإذا جاء أمرنا نزع الخوف من قلوب شيعتنا وأسكنه في قلوب أعدائنا، فواحدهم أمضي من سنان، وأجري من ليث، يطعن عدوه برمحه ويضربه بسيفه ويدوسه بقدمه»(4) .

ص: 140


1- (1) المفيد، الإختصاص، ص24، بحار الأنوار، ج 52، ص 372.
2- (2) ن.م، بصائر الدرجات، ج1، ص124. ينابيع المودة ص448، ص489. إثبات الهداة ، ج3، ص557. بحار الأنوار، ج52، ص318، 372.
3- (3) الكافي، ج8، ص282. بحار الأنوار، ج52، ص335.
4- (4) الخرائج، ج1، ص840. بحار الأنوار، ج52، ص336. راجع: حلية الأولياء، ج3، ص 184، كشف الغمة، ص345. ينابيع المودة، ص448. وجاء شبيه هذه الرواية في : بصائر الدرجات، ص24. بحار الأنوار، ج2، ص189.

وعنه عليه السلام : «وله عليه السلام ... رجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله، أشد من الحجر. لو حملوا علي الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدة إلا خربوها، كأن علي خيولهم العقبان»(1).

4 - جنود محبوبون:

عن أبي جعفر عليه السلام : «كأني بأصحاب القائم عليه السلام وقد أحاطوا بما بين الخافقين فليس من شيء إلا هو مطيع لهم، حتي سباع الأرض وسباع الطير، يطلب رضاهم في كل شيء حتي تفخر الأرض علي الأرض وتقول: مر بي اليوم رجل من أصحاب القائم»(2).

5 - عشاق الشهادة:

عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أصحاب القائم عليه السلام : «وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة، يتمنون أن يقتلوا في سبيل الله، شعارهم يا لثارات الحسين عليه السلام ، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر»(3) .

ص: 141


1- (1) بحار الأنوار، ج52، ص308.
2- (2) كمال الدين، ج2، ص673. إثبات الهداة ، ج3، ص693. بحار الأنوار، ج52، ص327.
3- (3) مستدرك الوسائل، ج 11، ص 114.

ص: 142

الفصل الرابع : حروب الإمام عليه السلام

اشارة

بما أن الهدف من قيام الإمام المهدي عليه السلام هو إقامة الحكومة الإلهية في العالم، وإزالة الظلم والجور منه، فمن الطبيعي أن الإمام عليه السلام سيواجه مصاعب وموانع كثيرة من أجل الوصول إلي هذا الهدف؛ لذلك يجب القيام بعمليات عسكرية لإزالة هذه الموانع من طريقه، واحدا بعد الآخر، حتي يسيطر علي الشرق والغرب ويقيم حكومة العدل الإلهي في الأرض. سنذكر في هذا الفصل بعض الروايات في هذا المجال .

أ- ثواب المجاهدين والشهداء:

إن الهدف من الحرب في زمن الإمام المهدي عليه السلام هو إزالة الفساد والظالمين، وتشكيل الحكومة الإسلامية في العالم؛ لذلك فإن القتال في رحاب الإمام القائم عليه السلام له ثواب عظيم، إلي حد إن كل من يقتل شخصا من الأعداء فله أجر عشرين أو خمسة وعشرين شهيدا، وإذا نال فيض الشهادة فإن له أجر عشرين شهيدا، وكذلك

ص: 143

الجرحي فإن لهم مقامات ودرجات معنوية عالية وخاصة في دولة إمام الزمان عليه السلام وكذلك أهل الشهيد.

عن أبي جعفر عليه السلام في حديث أنه قال للشيعة: «إذا كنتم كما أوصيناكم ولم تعدوه إلي غيره، فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين ومن قتل بين يديه عدوا لنا كان له أجر عشرين شهيدا»(1).

في هذه الرواية جعل أجر قتل العدو أعلي بمراتب من الإستشهاد، لأن قتل العدو فيه رضا الله وراحة عباده، وعزة الإسلام، ولكن، الإستشهاد فيه كمال للشهيد، لهذا يجب علي المجاهدين في جبهة القتال أن يفكروا في قتل العدو أكثر منه في الإستشهاد.

وعن أبي جعفر عليه السلام : «... والشهيد معه - له - شهادتان»(2).

وعنه عليه السلام : «ومن أدرك قائمنا فخرج معه فقتل عدونا كان له أجر عشرين شهيد»(3).

وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام : «... ثم يقبل إلي الكوفة،

ص: 144


1- (1) الطوسي، الأمالي، ج1، ص236. بشارة المصطفي، ص113. إثبات الهداة، ج3، ص529. بحار الأنوار ج 52، ص123، 317.
2- (2) إثبات الهداة ، ج3، ص490. راجع : الطوسي، الأمالي؛ ج1، ص236. البرقي، المحاسن، ص173. نور الثقلين، ج 5، ص356.
3- (3) الكافي، ج2، ص222.

فيكون منزله لها، ولا يقتل قتيل إلا قضي عنه دينه ... وألحق عياله في العطاء»(1).

هذه الرواية تشير إلي اهتمام الإمام عليه السلام بعوائل الشهداء .

ب - التجهيزات العسكرية:

من الأمور القطعية أن نوع الأسلحة التي يستخدمها الإمام القائم عليه السلام في الحروب تختلف اختلافا كبيرا عن أسلحة ذلك العصر . فكلمة سيف الواردة في الروايات قد تكون كناية عن سلاح

خاص، ولا يكون المقصود بها نفس السيف؛ لأن أسلحة الإمام عليه السلام إذا استخدمت تنهار حيطان المدن أو تتلاشي وتتبدل إلي دخان. والعدو بضربة واحدة يذوب كالملح في الماء أو كالنحاس في الماء.

سلاح الإمام طبقا لإحدي الروايات يكون من الحديد. ولكنه لا كهذا الحديد إذ لو نزل علي جبل القسمه نصفين. وقد يستعمل العدو أيضا أسلحة نارية؛ لأن الإمام عليه السلام يلبس لباسا مضادا للحرارة، وهو اللباس الذي أحضره جبرائيل عليه السلام من السماء لإبراهيم عليه السلام كي ينجو من نار نمرود، وذلك اللباس عند بقية الله عليه السلام . ولو لم يكن الأمر كذلك . أي لم يكن لدي العدو أسلحة وصناعات متطورة - قد لا يكون هناك ضرورة للبس ذلك اللباس، وإن كان يمكن أن يقصد به الناحية الإعجازية .

ص: 145


1- (1) العياشي، التفسير، ج2، ص261، بحار الأنوار، ج52، ص224.

عن أبي عبد الله عليه السلام : «إذا قام القائم عليه السلام نزلت سيوف القتال، علي كل سيف إسم الرجل واسم أبيه»(1).

وعنه عليه السلام : «... لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقده حتي يفصله. يغزو بهم الإمام عليه السلام الهند والديلم والكرد والروم وبربر وفارس وبين جابرسا إلي جابلقا»(2).

وسائل قوات الإمام المهدي عليه السلام الدفاعية لا تؤثر بها أسلحة العدو، فعن الإمام الصادق عليه السلام : «... لو أنهم وردوا علي ما بين المشرق والمغرب من الخلق لأفنوهم في ساعة واحدة ، لا يختل فيهم الحديد»(3).

ج - السيطرة علي العالم

الروايات الواردة في حروب الإمام المهدي عليه السلام ، وفتح المدن والبلدان علي نوعين :

1- بعض الروايات الواردة تتكلم عن فتح الشرق والغرب والجنوب والقبلة ثم جميع أنحاء العالم.

2 - البعض الآخر يشير إلي فتح أراض معينة .

لا شك أن الإمام عليه السلام يسيطر ويحكم العالم كله؛ ولكن ذكر أسماء بعض المدن قد يكون بسبب الأهمية التي تكتسبها في ذلك

ص: 146


1- (1) النعماني، الغيبة ، ص 244. بحار الأنوار، ج52، ص369 إثبات الهداة ج3، ص542.
2- (2) بصائر الدرجات، ص 141. إثبات الهداة ، ج3، ص523. تبصرة الولي، ص97. بحار الأنوار، ج27، ص 41. وج 54. ص334.
3- (3) ن.م، .

العصر . هذه الأهمية بسبب كونها مركزا للقوي في ذلك الزمن وتسيطر علي مناطق من العالم، أو لكون تلك الأراضي منطقة واسعة وتحتوي علي عدد كبير من الناس، أو لكونها لأتباع دين أو مذهب خاص، فإذا سقطت المدينة فإن جميع أتباع هذا الدين سيستسلمون . أو بسبب أهميتها الإستراتيجية والعسكرية فيؤدي سقوطها إلي ضعف قوي العدو وتشكل أرضية لهجوم قوات الإمام عليه السلام .

نذكر فيما يلي بعضا من روايات القسم الأول التي تحكي عن سيطرة الإمام عليه السلام علي العالم :

عن الرضا عليه السلام : «قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «لما عرج بي إلي السماء ... فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي بعدي؟ فنوديت: يا محمد ! هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك علي بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك . وعزتي وجلالي ! لأظهرن بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها»(1).

وعن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالي: (الذين إن مكنهم في الأرض أقاموا الصلوة وءاتوا الزكوة(2) «فهذه لآل محمد صلي الله عليه و آله و سلم إلي آخر الأئمة والمهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها»(3).

ص: 147


1- (1) كمال الدين، ج1 ص366. عيون أخبار الرضا، ج1، ص262. بحار الأنوار، ج18، ص 326.
2- (2) سورة الحج، الآية 41.
3- (3) تفسير البرهان، ج2، ص96. ينابيع المودة، ص425. بحار الأنوار، ج51، ص1.

وعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «المهدي من ولدي، الذي يفتح الله به مشارق الأرض ومغاربها»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «... يرد الله به الدين، ويفتح له فتوح، فلا يبقي علي وجه الأرض إلا من يقول لا إله إلا الله»(2).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «القائم منا... يبلغ سلطانه المشرق والمغرب...»(3) .

وعن أبي جعفر عليه السلام أيضا: «إن الإسلام قد يظهره الله علي جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام » (4).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «ويبعث جنوده في الآفاق »(5).

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «إن ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله - عز وجل - حجة علي عباده، فدعا قومه إلي الله وأمرهم بتقواه . فضربوه علي قرنه، فغاب عنهم زمانا حتي قيل : مات أو هلك، بأي واد سلك. ثم ظهر ورجع إلي قومه فضربوه علي قرنه الآخر، وفيكم من هو علي سنته. وإن الله - عز وجل - مكن لذي القرنين في الأرض وجعل له من كل شيء سببا وبلغ المغرب والمشرق وإن الله

ص: 148


1- (1) إحقاق الحق، ج13، ص259. ينابيع المودة ص487. بحار الأنوار، ج52، ص378. الشيعة والرجعة، ج1، ص218.
2- (2) عقد الدرر، ص222. فرائد فوائد الفكر، ص9.
3- (3) كمال الدين، ج 1، ص 331. الفصول المهمة، ص 284. إسعاف الراغبين، ص140.
4- (4) ينابيع المودة، ص423.
5- (5) القول المختصر، ص23.

تبارك وتعالي سيجري سنته في القائم من ولدي، فيبلغه شرق الأرض وغربها، حتي لا يبقي منهلا ولا موضعا من سهل ولا جبل وطأه ويظهر الله - عز وجل - له كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرعب فيملأ الأرض به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما»(1).

وفيما يلي القسم الثاني من الروايات الواردة في فتح مدن محددة :

عن أمير المؤمنين عليه السلام ، في قصة المهدي وفتوحاته ورجوعه إلي دمشق قال : «... ثم يأمر المهدي عليه السلام بإنشاء مراكب، فينشئ أربعمائة سفينة علي ساحل عكا، وتخرج الروم في مائة صليب، وتحت كل صليب عشرة آلاف، فيقيمون علي طرطوس، ويفتحونها بأسنة الرماح، ويوافيهم المهدي عليه السلام فيقتل الروم، حتي يتغير ماء الفرات بالدم، وتنتن حافتاه بالجيف وتنهزم (من في) الروم، فيلحقون بأنطاكية...»(2).

وعن الصادق عليه السلام : «إذا قام القائم... ويبعث جندا إلي القسطنطينية، فإذا بلغو إلي الخليج، كتبوا علي أقدامهم شيئا ومشوا علي الماء ...»(3).

ص: 149


1- (1) كمال الدين، ج2، ص394، بحار الأنوار، ج52، ص323، 336. الشيعة والرجعة، ج1، ص218. راجع: إبن حماد، الفتن، ص95. الصراط المستقيم، ج 2 ص250. 262. المفيد الإرشاد، ص 362. اعلام الوري، ص430.
2- (2) إين حماد، الفتن، ص116، عقد الدرر، ص189. لكن الرواية عامية وفي السند اشكال لا يخلو المضمون من تأمل واضح.
3- (3) بحار الأنوار، ج52، ص365.

وعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال : «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لبعث الله فيه رجلا من عترتي يواطيء إسمه إسمي، براق الجبين، يفتح القسطنطينية وجبلالديلم»(1).

وعن حذيفة: «لا يفتح القسطنطينية ولا الديلم ولا طبرستان إلا رجل من بني هاشم»(2).

وعن الباقر عليه السلام : «إذا قام القائم عليه السلام سار إلي الكوفة... ويفتح القسطنطينية والصين (3) وجبال الديلم، فيمكث علي ذلك سبع سنين»(4) .

وقال علي عليه السلام : «إن المهدي عليه السلام يسير هو ومن معه، فينزل قسطنطينية في محل ملك الروم، فيخرج منها ثلاث كنوز، من الجواهر وكنز من الذهب وكنز من الفضة. ثم يقسم المال علي عساكره» (5).

وعن الباقر عليه السلام : «ثم يعقد بها القائم ثلاث رايات، لواء إلي القسطنطينية(6) يفتح الله له، ولواء إلي الصين، فيفتح الله له. ولواء

ص: 150


1- (1) فردوس الأخبار، ج3، ص83. الشافعي، البيان، ص137. أحقاق الحق، ج13، ص229. وج19، ص660.
2- (2) إبن أبي شيبه، المصنف، ج13، ص18.
3- (3) الصين : تطلق علي أسيا الشرقية، وتشمل بلدان الإتحاد السوفييتي سابقا، الهند النيبال، بورما، فيتنام، اليابان وبحر الصين، وكوريا. المنجد.
4- (4) بحار الأنوار، ج 52, ص339، ص339. أحقاق الحق، ج13، ص352، الشيعة والرجعة ، ج1، ص400.
5- (5) الشيعة والرجعة، ج1، ص162.
6- (6) القسطنطينية مدينة في تركيا بنيت في القرن السابع قبل الميلاد، كانت مدة من الزمن عاصمة امبراطورية الروم، معجم البلدان، ج4، ص347. المنجد في الإعلام، ص28.

إلي جبال الديلم(1) فيفتح له...»(2) .

وعن حذيفة : «لا يفتح بلنجر ولا جبل الديلم إلا رجل من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم»(3).

وعن علي عليه السلام : «ثم يتوجه المهدي من مدينة القاطع إلي القدس الشريف بألف مركب، فينزلون شام فلسطين، بين عكا وصور وغزة وعسقلان(4)، فيخرجون ما معهم من الأموال، وينزل المهدي بالقدس الشريف، ويقيم بها إلي أن يخرج الدجال»(5).

وعن أبي حمزة الثمالي، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام : «لو خرج قائم آل محمد عليه السلام ... ومعه سيف مخترط، يفتح الله له الروم(6)، والصين والترك (7) والديلم والسند والهند(8) و كابل شاه والخزر»(9).

ص: 151


1- (1) الديلم، قسم من جبال جبلان شمال قزوين. معجم البلدان، ج1، ص99. المنجد في الإعلام، ص 227. البرهان القاطع، ج1، ص570.
2- (2) إثبات الهداة ، ج3، ص585.بحار الأنوار، ج52، ص388. راجع: بحار الأنوار، ج 54، ص 332، الحديث رقم: 1- 6-11-14 - 17 - 19 - 34- 35- 36 - 46.
3- (3) عقد الدرر، ص123. نقلا عن : إبن المنادي، الملاحم.
4- (4) مدينة في الشام، من توارع فلسطين علي ساحل البحر، بين مدينة غزة وبيت جبرين. معجم البلدان، ج3، ص673.
5- (5) عقد الدرر. ص123. نقلا عن : ابن المنادي، الملاحم.
6- (6) الروم، عاصمة إيطاليا اليوم. كانت مركز حكومة قيصر، كان نفوذه البحر المتوسط، شمال إفريقا، اليونان، تركيا، سوريا, لبنان, فلسطين، وكل هذه الأراضي كانت تسمي الروم.
7- (7) تركستان في قارة آسيا، قسمت بين الصين وروسيا، وتشمل سين كيانغ من الصين و تركمنستان ازبكستان طشقند، طاجكستان، قرنجير و قزاقستان. (المنجد).
8- (8) شبه الجزيرة، بشكل مثلث في جنوب آسيا تشمل جمهورية الهند، الباكستان، بوتان والنيبال انظر البرهان القاطع، ج1، ص703. المنجد في الإعلام، ص 542.
9- (9) النعماني، الغيبة، ص108. بحار الأنوار، ج52، ص348.

وعن ابن حجر : أول لواء يعقده المهدي يبعثه إلي الترك»(1).

قد يكون المقصود من السيف المخترط في رواية الثمالي سلاح خاص في متناول يد الإمام المهدي عليه السلام ؛ لأن فتح جميع البلدان الذي يحتاج إلي قوة هجومية غير عادية - يحتاج إلي سلاح مناسب أقوي من جميع الأسلحة؛ وبالأخص إذا قلنا إن الإمام عليه السلام يقوم بأعماله بالطريقة العادية .

عن كعب: «يبعث ملك في بيت المقدس جيشا إلي الهند فيفتحها، فيطأ أرض الهند، ويأخذ كنوزها فيصيره ذلك الملك حلية لبيت المقدس، ويقدم عليه بملوك مغللين، ويفتح لهم بين المشرق والمغرب، ويكون مقامهم في الهند إلي خروج الدجال»(2).

عن حذيفة عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «غزا طاهر بن أسماء بني إسرائيل فسباهم وسبا حلي بيت المقدس وأحرقها بالنيران وحمل منها في البحر، منها ألفا وسبعمائة - وتسعمائة - سفينة حلي حتي أوردها رومية. قال : فسمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: يستخرج المهدي عليه السلام ذلك حتي يرده إلي بيت المقدس»(3).

إن قيام الإمام المهدي عليه السلام وإن كان سيبدأ من مكة ولكن أرض الحجاز(4) ستفتح بعد ظهوره عليه السلام.

ص: 152


1- (1) القول المختصر، ص26.
2- (2) عقد الدرر، ص297، 319. ابن طاووس، الملاحم، ص81. الحنفي، البرهان، ص88.
3- (3) عقد الدرر، ص201. الشافعي، البيان، ص114، أحقاق الحق، ج13، ص229.
4- (4) الحجاز هي أرض يحدها من الشمال خليج العقبة، ومن المغرب البحر الأحمر، ومن المشرق نجد ومن الجنوب عسير . المنجد في الإعلام، ص229. وبنقل الحمويني تسمي المنطقة من أعماق صنعاء في اليمن حتي الشام بالحجاز، ومنها تبوك وفلسطين. معجم البلدان .

عن الإمام الباقر عليه السلام : «ثم يظهر المهدي بمكة ... فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم»(1).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «ثم يسير - المهدي - حتي يفتح خراسان (2)، ثم يرجع إلي مدينة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم »(3) .

وعنه عليه السلام : «... ثم إن المهدي عليه السلام يسير حتي ينزل أرمينية(4) الكبري، فإذا رآه أهل أرمينية، أنزلوا له راهبة من رهبانهم كثير العلم فيقولون له: انظر ماذا يريد هؤلاء، فإذا أشرق الراهب علي المهدي عليه السلام فيقول الراهب: أنت المهدي. فيقول المهدي : نعم، أنا المذكور في إنجيلكم، أنا أخرج في آخر الزمان فيسأله الراهب عن مسائل كثيرة، فيجيبه عنها فيسلم الراهب، ويمتنع أهل أرمينية. فيدخلها أصحاب المهدي عليه السلام ، فيقتلون فيها خمسمائة ألف مقاتل من النصاري، ثم يعلق الله مدينتهم بين السماء والأرض بقدرته، فينظر الملك ومن معه إلي مدينتهم وهي معلقة، وهو يومئذ خارج عنها بجميع جنوده إلي قتال المهدي . فإذا نظر إلي ذلك، ينهزم ويقول لأصحابه : خذوا لأنفسكم مهربا، فيهرب أولهم وآخرهم. فيخرج عليهم أسد عظيم فيزعق في وجوههم فيلقون ما

ص: 153


1- (1) إبن حماد، الفتن، ص 95، المتقي الهندي، البرهان، ص 141. إبن طاووس، الملاحم، ص 64. القول المختصر، ص23.
2- (2) خراسان في ذلك العصر كانت تطلق علي مناطق من إيران، أفغانستان والإتحاد السوفياتي سابقا، المنجد في الأعلام، ص267.
3- (3) الشيعة والرجعة، ج1، ص158.
4- (4) أرمينية ، في آسيا الصغري ويحدها جبال آرارات، القفقاز، إيران، تركية ونهر الفرات. كان لها فيما مضي حكم مستقل وبعد انقراض الأمبراطورية البيزنطية تقسمت هذه الأرض بين إيران، روسية والعثمانيين. المنجد، ص25.

في أيديهم من السلاح والمال، ويتبعهم جنود المهدي عليه السلام ، فيأخذون أموالهم ويقسمونها، فيكون لكل واحد مائة ألف دينار»(1).

وعنه عليه السلام : «... ثم يسير المهدي عليه السلام إلي مدينة الزنج الكبري، وفيها ألف سوق، وفي كل سوق ألف دكان فيفتحها»(2).

وعنه عليه السلام : «... ثم يأتي إلي مدينة يقال لها قاطع، وهي علي البحر الأخضر المحيط بالدنيا»(3).

وعن الباقر عليه السلام : «كأني بالقائم... وهو يفرق الجنود في البلاد....»(4) .

وعنه عليه السلام : «... فيبعث بالبيعة إلي المهدي جنوده إلي الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله علي يديه القسطنطينية» (5).

أقول: لا شك في ظهور الدين الإسلامي علي الأديان كلها، وفتح العالم بأجمعه علي يد المهدي عليه السلام ، بحيث لا يبقي إلا الدين الحنيف وحكم الإسلام، ولكن الكلام في التفاصيل التي وردت في بعض النصوص كأخذ الأموال وقتل هذا العدد الهائل، فهو مما ينبغي إعادة النظر فيها وفي أسانيد الرويات التي وردت فيها، ولا سيما في مثل كعب، وبعضها الآخر الذي لم يتم سنده .

ص: 154


1- (1) ن. م، ص 162.
2- (2) ن. مو ص 146.
3- (3) ن.م، ص164. راجع: عقد الدرر، ص200. إحقاق الحق، ج13، ص229.
4- (4) المفيد، الإرشاد، ص341.. بحار الأنوار، ج52، ص337.
5- (5) ابن طاووس، الملاحم، ص64. الفتاوي الحديثة، ص31.

ولا أقل من القول بأن التفاصيل ليست من الضروريات، ومما يجب الإعتقاد به، إذ أن ما هو المتداول علي الألسن من إراقة الدماء مما لا أساس له، نعم أنه عليه السلام يزيل الموانع عن طريق إقامة الحكومة العالمية الإسلامية وويل لمن ناواه .

د- قمع الإضطرابات:

بعد ظهور الإمام المهدي عليه السلام وفتح المدن والبلدان المختلفة، تقوم بعض المدن والقبائل لمواجهة الإمام عليه السلام فيقمعون بواسطة جنود الإمام عليه السلام . ويعترض بعض المنحرفين أيضا علي كلام الإمام عليه السلام في بعض المسائل ويقومون عليه فيقمعون مرة ثانية، علي يد جنوده عليه السلام .

عن الصادق عليه السلام : «ثلاثة عشر مدينة وطائفة يحارب القائم أهلها أو يحاربونه: أهل مكة، وأهل المدينة، وأهل الشام، وبنو أمية، وأهل البصرة، وأهل ديسان، والأكراد، والأعراب، وضبة(1)، وغني(2)، وباهلة(3)، وأزد، وأهل الري»(4).

ص: 155


1- (1) ضبة، أسم قرية في الحجاز علي طريق الشام علي ساحل البحر، إلي جانب قرية يعقوب عليه السلام وإسمها «بدراً» ساعد أهلها أعداء علي عليه السلام في حرب الجمل... السمعاني، الأنساب، ج4، ص12. إبن أبي الحديد، شرح نهج البلاغه، ج9، ص320 و ج1، ص253.
2- (2) غني، قبيلة تعيش في «هار» في جزيرة العرب بين الموصل والشام، منسوبة لغني بن يعصر السمعاني، الأنساب، ج4، ص315.
3- (3) باهلة ، طائفة منسوبة لباهلة بن اعصر،كان يمتنع العرب من الإرتباط معها لعدم وجود شرفاء فيها ولحقارة نفوسهم. أقسم علي عليه السلام أنه سئمهم وسئموه، وطلب منهم أن يأخذوا حقوقهم ويخرجوا عن الكوفة إلي الديلم، السمعاني الأنساب، ج1، ص275. وقعة صفين، ص116. النفي والتغريب، ص 349. إبن أبي الحديد، شرح نهج البلاعة ، ج3، ص272. الغارات، ج2، ص21.
4- (4) النعماني، الغيبة، ص299، بصائر الدرجات، ص336، حلية الأبرار، ج 2، ص 632. بحار الأنوار، ج52، ص345.

وعن أبي جعفر عليه السلام : «فبينا صاحب الأمر قد حكم ببعض الأحكام وتكلم ببعض السنن؛ إذ خرجت خارجة من المسجد، يريدون الخروج عليه، فيقول لأصحابه: انطلقوا، فيلحقوا بهم في التمارين، فيأتونه بهم أسري ليأمر بهم فيذبحون وهي آخر خارجة تخرج علي قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم »(1).

وعن ابن يعفور، قال : دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام وعنده نفر من أصحابه، فقال لي: يا ابن أبي يعفور! هل قرأت القرآن؟ قال: قلت: نعم، هذه القراءة . قال : عنها سألتك، ليس عن غيرها. قال: فقلت: نعم، جعلت فداك، ولم؟ قال : لأن موسي عليه السلام حدث قومه بحديث لم يحكوه عنه، فخرجوا عليه بتكريت، فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم وهو قول الله - عز وجل - (فئامنت طائفة من بني إسرئيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين ءامنوا علي عدوهم فأصبحوا ظهرين )(2) . وإنه أول قائم يقوم منا أهل البيت، يحدثكم بحديث لا تحتملونه، فتخرجون عليه برميلة الدسكرة، فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم، وهي آخر خارجة تكون...»(3) .

ه- - نهاية الحرب:

مع تأسيس النظام الإلهي، وحكومة إمام العصر عليه السلام العالمية ، وزوال القوي الشيطانية، تخمد شعلة الحرب، ولا يبقي قوة تستطيع

ص: 156


1- (1) العياشي، التفسير، ج2، ص61، تفسير البرهان، ج2، ص83. بحار الأنوار، ج52، اصه 345.
2- (2) سورة الصف، الآية 14.
3- (3) بصائر الدرجات، ص336. بحار الأنوار، ج52، ص375، وج 47، ص 84، وج14، ص 279.

أن تواجه جيش المهدي عليه السلام علي أثر ذلك يقل الطلب علي المعدات العسكرية في الأسواق فترخص أسعارها ولا تجد لها مشتريا.

عن علي عليه السلام : «... وتضع الحرب أوزارها»(1).

وعن كعب: «لا تنقضي الأيام حتي ينزل خليفة من قريش ببيت المقدس ... وتضع الحرب أوزارها»(2).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم ... في خطبته في الدجال وقتله : «... ويكون الفرس بدريهمات»(3).

وعن ابن مسعود: «من أشراط الساعة ... أن تغلو النساء والخيل ثم ترخص، فلا تغلو إلي يوم القيامة»(4).

وروي الزمخشري : «من أشراط الساعة أن يتخذ السيوف مناجل»(5).

قد يكون المقصود من غلاء النساء قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام أنه علي أثر تردي الأوضاع الإقتصادية حينئذ فيصعب علي الرجل أن يكون لديه امرأة ويبني عائلة، وكذلك بسبب كثرة الحروب والحاجة للمركب يصعب شراء الحصان والوسائل الحربية

ص: 157


1- (1) إبن حماد، الفتن، ص162، المعجم الصغير، ص 150. إحقاق الحق، ج13، ص 204
2- (2) عقد الدرر، ص166، راجع: عبد الرزاق، المصنف،ج11، ص 401.
3- (3) ابن طاووس، الملاحم، ص152.
4- (4) المعجم الكبير، ج9، ص342، ومثله في عقد الدرر، ص331، منقول عن خارجة ابن الصلت.
5- (5) الفائق، ج1، ص254.

ويغلو سعرها. ولكن عند انتهاء الحرب - بعد قيام الإمام المهدي عليه السلام - ترخص أسعار الوسائل الحربية، وتتحسن الأوضاع الإقتصادية فيسهل الزواج وتشكيل الحياة العائلية .

وبما أنه لا يبقي هناك حرب في ذلك العصر، يستفاد من الصناعات والآلات التي كانت تستخدم في الحرب في تطوير الزراعة.

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم «... ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات»(1).

لعله يكون البقر يستخدم في الزراعة، وللحمه ولبنه، ولكن الحصان أكثر ما يستفاد منه كوسيلة حربية وهي من المحتمل أنها كنايات أيضا.

ص: 158


1- (1) إين حماد، الفتن، ص159، ابن طاووس، الملاحم، ص82.

الفصل الخامس : المدد الغيبي

اشارة

الحروب بعد ظهور الإمام المهدي عليه السلام وإن كانت في روايات كثيرة، نسبة إلي الجنود الذين اندفعوا من جميع أنحاء العالم لنصرة الإمام عليه السلام ، ولكن الإنتصار علي العالم كله بالنظر إلي تطور العلم والصناعات العسكرية قبل ظهوره عليه السلام هو أمر صعب ومستحيل إلا إذا كان بقيادة شخص منصور من الله - عز وجل -.

أحيانا قد يكون المدد الإلهي في القدرة التي يعطيها الله - عز وجل - للإمام عليه السلام ، وبإظهار الكرامات، فيقوم بإزالة المصاعب من طريقه، أو بوسيلة الرعب والخوف الذي يلقيه الله تبارك وتعالي -

في قلب العدو، أو بإرسال الملائكة لنصرته عليه السلام .

في بعض الروايات كلام عن جنود يمتلكون خواص الملائكة وهم ينتظرون ظهور الإمام عليه السلام لينصروه. ويذكر في بعض الروايات وسائل ينصر بها الإمام عليه السلام كالتابوت وما فيه من أشياء النصرة الإمام عليه السلام .

ص: 159

فيما يلي بعض الروايات في هذا المجال :

أ - الرعب والخوف:

عن الصادق عليه السلام : «القائم منا منصور بالرعب»(1).

وعنه عليه السلام : «ويؤيده الله بثلاثة أنصار: بالملائكة والمؤمنين والرعب»(2).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «... ويسير الرعب أمامه شهرا، وخلفه شهرا»(3).

وعنه عليه السلام : «... ويسير الرعب قدامها شهرا [ووراءها شهرا وعن يمينها شهرا وعن يسارها شهراً]»(4).

يستفاد من هذه الروايات أن الإمام المهدي عليه السلام أينما قصد فإن الخوف والرعب يصيب عدوه، فيفقد قدرة المواجهة والمقاومة أمام جيشه عليه السلام . كذلك عندما يتحرك الجيش إلي مكان ما فلا أحد يتجرأ علي القيام بأي حركة لما يصيب العدو وجنوده من الخوف. هذا التفسير والتوجيه يتنافي مع ظاهر بعض الروايات الأخري.

ب - الملائكة والجن:

عن علي عليه السلام : «... ويؤيده الله بالملائكة والجن وشيعتنا المخلصين»(5).

ص: 160


1- (1) مستدرك الوسائل، ج12، ص 335وج 14، ص 354.
2- (2) بحار الأنوار، ج52، ص356.
3- (3) ن.م، ص343.
4- (4) النعماني، الغيبة ، ص308، بحار الأنوار، ج52، ص 361.
5- (5) الحصيني، الهداية ، ص31. إرشاد القلوب، ص286.

وعن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «كأني أنظر إلي القائم علي ظهر النجف، فإذا استوي علي ظهر النجف، ركب فرسا أدهم، أبلق، بين عينه شمراخ، ثم ينتفض به فرسه، فلا يبقي أهل بلدة إلا وهم يظنون أنه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية رسول صلي الله عليه و آله و سلم انحط إليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر، كلهم ينتظر القائم، وهم الذين كانوا مع نوح عليه السلام في السفينة، والذين كانوا مع إبراهيم الخليل عليه السلام حيث ألقي في النار، وكانوا مع عيسي عليه السلام حيث رفع، وأربعة آلاف من الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي عليه السلام فلم يؤذن لهم، فصعدوا في الاستيذان وهبطوا وقد قتل الحسين عليه السلام منهم شعث غبر يبكون عند قبر الحسين عليه السلام إلي يوم القيامة، وما بين قبر الحسين عليه السلام إلي السماء مختلف الملائكة»(1).

وعن الباقر عليه السلام : «لكأني أنظر إليهم... جبرائيل عن يمينه وميكائل عن يساره، يسير الرعب أمامه شهرا، وخلفه شهرا، أمده الله بخمسة آلاف من الملائكة»(2).

وعنه عليه السلام : «إن الملائكة الذين نصروا محمدا صلي الله عليه و آله و سلم يوم بدر ، في الأرض ما صعدوا بعد، ولا يصعدون حتي ينصروا صاحب هذا الأمر وهم خمسة آلاف»(3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : ينزل علي القائم عليه السلام تسعة آلاف

ص: 161


1- (1) كمال الدين، ج2، ص672. النعماني، الغيبة، ص309، كامل الزيارات، ص120. العدد القوية، ص74. مستدرك الوسائل، ج10، ص245.
2- (2) بحار الأنوار، ج 52، ص363. نور الثقلين، ج 1، ص 388. القول المختصر، ص21.
3- (3) إثبات الهداة 3: 549 - نور الثقلين 12: 388 - مستدرك الوسائل 2: 448.

ملك وثلاثمائة وثلاث عشر ملكا ... وهم الذين كانوا مع عيسي لما رفعه الله إليه»(1).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «ولا تنشر - الراية - حتي يخرج المهدي، ويمد بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفه وأدبارهم»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «في قول الله - عز وجل - (أني أمر الله فلا تستعجلوه )و(3)، قال: «هو أمرنا يعني قيام قائمنا آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم ، أمرنا الله أن لا نستعجل به، فيؤيده إذا أتي عليه ثلاثة جنود : الملائكة والمؤمنون والرعب»(4) .

وعن الرضا عليه السلام : «إذا قام القائم بأمر الله الملائكة بالسلام علي المؤمنين والجلوس معهم في مجالسهم، فإذا أراد واحد حاجة ، أرسل القائم من بعض الملائكة أن يحمله، فيحمله الملك حتي يأتي القائم، فيقضي حاجته ثم يرده. ومن المؤمنين من يسير في السحاب. ومنهم من يتحاكم الملائكة إليه. المؤمن أكرم علي الله من الملائكة، ومنهم من يصيره القائم قاضيا بين مائة ألف ملك»(5) .

قد يكون قضاء هؤلاء المؤمنين بين الملائكة هو رفع اختلافهم

ص: 162


1- (1) بحار الأنوار، ج14، ص339. أنظر: النعماني، الغيبة، ص3121.
2- (2) إبن حماد، الفتن، ص 101، الشافعي، البيان، ص515. الحاوي للفتاوي، ج2، ص73. الصواعق المحرقة، ص167. كنزل العمال، ج4، ص589, إبن طاووس، الملاحم، ص73. احقاق الحق، ج19، ص652.
3- (3) سورة النحل، الآية 1.
4- (4) تأويل الآيات الظاهرة، ج1، ص252، إثبات الهداة ، ج3، ص563. بحار الأنوار، ج 52، و ص356.
5- (5) دلائل الإمامة ، ص241،. إثبات الهداة ، ج3، 523.

في المسائل العلمية والموضوعات، وهذه الاختلافات لا تنافي عصمة الملائكة.

ج - ملائكة الأرض:

عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ميراث العلم وما مبلغه؟ أجوامع ما هو من هذا العلم، أم تفسير كل شيء من هذه الأمور التي تتكلم فيها؟ فقال: «إن الله - عز وجل - مدينتين : مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب، وفيهما قوم لا يعرفون إبليس، ولا يعلمون بخلق إبليس، نلقاهم في كل حين، فيسألونا عما يحتاجون ويسألونا عن الدعاء فنعلمهم، ويسألونا عن قائمنا متي يظهر؟ وفيهم عبادة وإجنهاد شديد، ولمدينتهم أبواب ما بين المصراع إلي المصراع مائة فرسخ؛ لهم تقديس وتمجيد ودعاء وإجتهاد شديد، لو رأيتموهم لإحتقرتم عملكم. يصلي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من سجدته. طعامهم التسبيح، ولباسهم الورق، ووجوههم مشرقة بالنور، إذا رأوا منا واحدا لمسوه واجتمعوا عليه وأخذوا من أثره من الأرض، يتبركون به. لهم دوي إذا صلوا كأشد من دوي الريح العاصف. منهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ينتظرون قائمنا. يدعون الله - عز وجل - أن يريهم إياه وعمر أحدهم ألف سنة. إذا رأيتهم رأيت الخشوع والإستكانة وطلب ما يقربهم إلي الله - عز وجل - إذا احتبسنا عنهم ظنوا أن ذلك من سخط. يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم فيها. لا يسأمون ولا يفترون . يتلون كتاب الله - عز وجل - كما علمناهم؛ وإن فيما نعلمهم ما لو تلي علي الناس لكفروا به ولأنكروه. يسألوننا عن الشيء إذا ورد عليهم من القرآن لا يعرفونه، فإذا أخبرناهم به انشرحت صدورهم لما

ص: 163

يستمعون منا وسالوا لنا طول البقاء وأن لا يفقدونا. ويعلمون أن المنة من الله عليهم فيما نعلمهم عظيمة، ولهم خرجة مع الإمام إذا قام يسبقون فيها أصحاب السلاح ويدعون الله - عز وجل - أن يجعلهم ممن ينتصر بهم لدينه. فيهم كهول وشبان. منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد، لا يقوم حتي يأمره. لهم طريق هم أعلم به من الخلق إلي حيث يريده الإمام عليه السلام ، فإذا أمرهم الإمام بأمر قاموا عليه أبدا حتي يكون هو الذي يأمرهم بغيره. لو أنهم وردوا علي ما بين المشرق والمغرب من الخلق لأفنوهم في ساعة واحدة. لا يختل فيهم الحديد. لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد، لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقده حتي يفصله، ويغزوا بهم الإمام عليه السلام الهند والديلم والكرد والروم وبربر وفارس وبين جابرسا إلي جابلقا وهما مدينتان واحدة بالمشرق وواحدة بالمغرب. لا يأتون علي أهل دين إلا دعوهم إلي الله عز وجل - وإلي الإسلام والإقرار بمحمد صلي الله عليه و آله و سلم والتوحيد وولايتنا أهل البيت، فمن أجاب منهم ودخل في الإسلام تركوه، وأمروا عليه أميرا منهم، ومن لم يجب ولم يقر بمحمد صلي الله عليه و آله و سلم ولم يقر بالإسلام ولم يسلم، قتلوه حتي لا يبقي بين المشرق والمغرب وما دون الجبل أحد إلا آمن بالله »(1)

يفهم من هذه اللمحة عن جنود الإمام عليه السلام هؤلاء أنهم الملائكة الذين بقوا في الأرض؛ وهم منتظرون لقيام القائم عليه السلام .

ص: 164


1- (1) بصائر الدرجات، ص 144. إثبات الهداة ، ج3، ص523. تبصرة الولي، ص97. بحار الأنوار، ج7، ص 41، وجون ص 334. أقول: لدينا شواهد وروايات علي كثير من فقرات هذا النص، كما أن الإكتشافات التي تحصل اليوم وتعلمها عبر وسائل الإعلام هي مما يؤيد هذه المتون؛ لأن البشر لا تقاس بمعلوماتهم. ولكن مع ذلك يبقي الكلام في سند هذه الرواية .

د- تابوت موسي عليه السلام :

في كتاب غاية المرام، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : (ينزل عيسي... ويجمع الكتب من أنطاكية... فيكشف الله له عن إرم ذات العماد(1)، والقصر الذي بناه سليمان بن داود قرب مؤتة، فيأخذ ما بهم من الأموال ويقسمها علي المسلمين، ويخرج التابوت الذي أمر به أرميا أن يرميه في بحر طبرية، فيه بقية مما ترك آل موسي وآل هارون، ورضاضة اللوح، وعصا موسي، وقبا هارون، وعشرة أصوع من المن، وشرائح السلوي التي ادخرها . كذا - بنو إسرائيل لمن بعدهم، فيستفتح بالتابوت المدن، كما استفتح به من كان قبله»(2).

وينقل القندوزي في ينابيع المودة هذا الحديث، مع تغيير بسيط ويقول: قيل إن المهدي عليه السلام يستخرج كتبا من غار بمدينة أنطاكية ويستخرج الزبور من بحيرة طبريا، فيها مما ترك آل موسي وهارون تحمله الملائكة، وفيها الألواح وعصا موسي عليه السلام(3) .

ص: 165


1- (1) قرية مذكورة في القرآن دمرها الله ، سورة الفجر، الآية 8.
2- (2) غاية المرام، ص697. حلية الأبرار، ج 2، ص 620، الشيعة والرجعة، ج1، ص136. انظر : إبن طاووس، الملاحم، ص66. وينفي إثباة الهداة ، ج3، ص489. 541.
3- (3) ينابيع المودة، ص410. إبن حماد، الفتن، ص98. المتقي الهندي، البرهان، ص157. إبن طاووس، الملاحم، ص67.

ص: 166

الفصل السادس : معاملة الإمام عليه السلام مع الأعداء

اشارة

في النهاية بعد قرون من الإنتظار وتحمل الآلام سينتهي عصر الظلم والظلمة، وسيبزغ شعاع شمس السعادة، وستظهر شخصية عظيمة لإزالة آثار الظلم والجور بعون الله . يقوم الإمام عليه السلام بإصلاحات جذرية أساسية واسعة ومختلفة في البعدين المعنوي والمادي، ويبث في المجتمع البشري السلام ما يكون فيه رضا الله تعالي.

قد تحاول بعض الأحزاب والجماعات في هذا المجال أن تمنع هذا القيام العظيم بإفتعال المشكلات، أو أن تحد من حركة القيام من خلال الإخلال بها، فهؤلاء هم أعداء البشرية والدين الإلهي الألداء ، وسيكون جزاؤهم القتل علي يد الإمام المهدي عليه السلام القوية.

الذين يحاولون الإخلال بثورة الإمام عليه السلام هم الذين تلوثت أيديهم بدماء البشرية أو من اللامبالين الذين فضلوا السكوت أمام جرائم المعتدين، ولكنهم رفعوا راية المعارضة في مواجهة الإمام عليه السلام ، أو هم أصحاب الفهم والسلائق العوجاء غير المستقيمة الذين يقدمون فهمهم علي كلام الإمام عليه السلام .

ص: 167

من الطبيعي أن هؤلاء يجب أن يقمعوا بحزم كامل؛ لحماية المجتمع البشري من شرهم. من هذه الناحية، يكون أسلوب وسياسة الإمام عليه السلام معهم حاسما ودون تساهل.

في هذا الفصل سنقوم بدراسة موضوعين أساسيين يفهمان من الروايات :

أ. حزم الإمام عليه السلام في مقابل الأعداء؟

ب - أسلوب الإمام عليه السلام مع مختلف الفرق.

أ- حزم الإمام عليه السلام في مقابل الأعداء.

اشارة

محل الكلام في هذا القسم هو أن الإمام عليه السلام في مواجهة الأعداء لا يستفيد من نوع واحد من العقاب ، بل يقضي علي البعض منهم في الحرب، فيطارد حتي الفارين والجرحي، ويعدم البعض، يهدم بيوتهم وينفي البعض ويقطع أيدي البعض.

1- الحرب والقتال :

عن زرارة، قلت لأبي جعفر عليه السلام : «أيسير القائم عليه السلام بسيرة محمد ؟ قال : هيهات، هيهات، يا زرارة أما يسير بسيرته. إن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سار في أمته باللين، كأن يتألف الناس، والقائم يسير بالقتل، بذلك أمر في الكتاب الذي معه: أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا. ويل لمن ناواه»(1).

وعن الحسن بن هارون، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام

ص: 168


1- (1) النعماني الغيبة، ص31. عقد الدرر، ص226. إثبات الهداة ، ج3، ص539. حلية الأبرار، ج2، ص628. بحار الأنوار، ج52، ص353.

جالسا، فسأله المعلي بن قيس : أيسير المهدي عليه السلام إذا خرج بخلاف سيرة علي عليه السلام ؟ قال: نعم، وذلك أن عليا عليه السلام سار باللين والكف؛ لأنه يعلم أن شيعته سيظهر عليهم من بعده، وأن المهدي إذا خرج سار فيهم بالبسط والسبي؛ وذلك أنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبدا»(1).

عن الرضا عليه السلام : «لو قد خرج قائمنا عليه السلام لم يكن إلا العلق والعرق والنوم علي السروج»(2).

وعن المفضل بن عمر، سمعت أبا عبد الله عليه السلام وقد ذكر القائم، فقلت : إني لأرجو أن يكون أمره في سهوله، فقال: «لا يكون ذلك حتي تمسحوا العرق والقلق»(3). العلق بالتحريك : الدم الغليظ، ومسح العرق والعلق كناية عن ملاقاة الشدائد التي توجب سيلان العرق، والجراحات المسيلة للدم(4).

وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : «إن عليا عليه السلام قال : كان لي أن أقتل المولي وأجهز علي الجريح، ولكني تركت ذلك للعاقبة من أصحابي، إن جرحوا لم يقتلوا، والقائم له أن يقتل المولي، ويجهز علي الجريح» (5).

ص: 169


1- (1) البرقي، المحاسن، ص 320. الكافي، ج2، ص33. علل الشرائع، ص150. التهذيب، ج6، ص55، وسائل الشيعة، ج 11، ص57. مستدرك الوسائل ج 11، ص58. جامع أحاديث الشيعة، ج13، ص 101.
2- (2) النعماني، الغيبة ، ص 285. إثبات الهداة، ج3، ص543.
3- (3) بحار الأنوار 52: 258.
4- (4) ن.م، ص 284. ن.م.
5- (5) ن.م، ص 231. إنطر: التهذيب، ج6، ص 154. وسائل الشيعة، ج11، ص57. بحار الأنوار، ج52، ص353، مستدرك الوسائل، ج 11، ص 54.

وعن الباقر عليه السلام : «لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج. لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس. أما إنه لا يبدأ إلا بقريش، فلا يأخذ منها إلا السيف، ولا يعطيها إلا السيف، حتي يقول كثير من الناس؛ ليس هذا من آل محمد عليه السلام ، لو كان من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم لرحم»(1).

وعن الباقر عليه السلام : «يقوم عليه السلام بأمر جديد وسنة جديدة وقضاء جديد، علي العرب شديد، وليس من شأنه إلا القتل» (2).

2 - الإعدام والنفي:

عن عبد الله بن مغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام : «إذا قام القائم من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة [فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة] أخري، حتي يفعل ذلك ست مرات، قلت : ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال : نعم منهم ومن مواليهم(3) .

وعن أبي جعفر عليه السلام : «إذا قام القائم عليه السلام عرض الإيمان علي كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة، وإلا ضرب عنقه أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة. ويشد علي وسطه الهميان ويخرجهم من الأمصار إلي السواد»(4).

ص: 170


1- (1) ن.م، عقد الدرر، ص227. إثبات الهداة ، ج3، ص539. بحار الأنوار، ج 52. ص354.
2- (2) بحار الأنوار، ج52، ص349.
3- (3) المفيد، الارشاد، ص364. روضة الواعظين، ج 2، ص 265، كشف الغمة، ج3، ص255. الصراط المستقيم، ج2، ص53. إثبات الهداة ، ج3، ص527. بحار الأنوار، ج52، ص338، 349.
4- (4) الكافي، ج8، ص227. إثبات الهداة ، ج3، ص450. مرآة العقول، ج26، ص160. بحار الأنوار، ج 52. ص375.

وعن الصادق عليه السلام : «لو قام قائمنا يعرف أعداءنا بسيماهم فيأخذ بنواصيهم وأقدامهم هو وأصحابه بالسيف خبطا»(1).

3 - قطع الأيدي:

عن الهروي، قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : «بأي شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال : يبدأ ببني شيبة، فيقطع أيديهم، لأنهم سراق بيت الله - عز وجل -»(2) .

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «أما إن قائمنا لو قد قام، لقد أخذ بني شيبة وقطع أيديهم وطاف بهم وقال : هؤلاء شراق الكعبة»(3).

وعنه عليه السلام : «... فأول ما يبدأ ببني شيبة، فيقطع أيديهم ويعلقها في الكعبة، وينادي مناديه : هؤلاء سراق الكعبة»(4) .

شيبة من الذين أسلموا عند فتح مكة، وجعله النبي صلي الله عليه و آله و سلم خازن الكعبة، وبقي آل شيبة خرنة الكعبة وسدنتها مدة من الزمن (5).

يقول المرحوم المامقاني: بنو شيبة سراق بيت الله ، وإن شاء الله ستقطع أيديهم جزاء لهذا الجرم وتعلق علي حائط الكعبة (6).

ص: 171


1- (1) إحقاق الحق، ج13، ص357. المحجة ص429.
2- (2) عيون أخبار الرضا، ج1، ص273. علل الشرائع، ج1، ص219، بحار الأنوار، ج52، ص313.
3- (3) علل الشرائع، ج2، ص96، بحار الأنوار، ج52، ص317.
4- (4)النعماني، الغيبة، ص 165، بحار الأنوار، ج 52, ص 351، 361.
5- (5) أسد الغابة ، ج 3، ص 372.
6- (6) تنقيح المقال، ج2، ص246.

ب - اسلوب الإمام مع مختلف الفرق:

اشارة

عندما يقوم الإمام المهدي عليه السلام سيواجه جماعات وفرقا مختلفة. بعضهم من قومية وعرق خاص، والبعض الآخر من إتباع الأديان غير الإسلامية، والبعض وإن كان مسلما ظاهرا إلا أنه يعمل عمل المنافقين. أو هم من المتظاهرين بالقداسة وذوي الفهم الخاطيء الذين يعارضون الإمام عليه السلام ، أو من أتباع الفرق الباطلة . للإمام عليه السلام مع كل منها مواجهة خاصة وردت في الروايات التي سننقلها فيما يلي:

1- العرب :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف»(1).

وعنه عليه السلام : «ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح» وأومأ بيده إلي حلقه (2).

وعنه عليه السلام : «فإذا قام عليه السلام ... ثم يتناول قريشا... فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف(3) .

قد يكون المراد من قوله عليه السلام : «فلا يأخذ منها إلا السيف...» هو أن قريش لا تطيع الإمام عليه السلام وتحاول العرقلة وافتعال المشاكل وتكون سببا مباشرا أو غير مباشر للقتال والحرب

ص: 172


1- (1) النعماني، الغيبة ، ص122، بحار الأنوار، ج52، ص355.
2- (2) ن.م.
3- (3) ن.م، ص167.

مع الإمام عليه السلام ولا يري الإمام عليه السلام وسيلة مناسبة أخري غير السلاح كما ورد في الحديث: «.. يبايع القائم بمكة علي كتاب الله وسنة رسوله ويستعمل علي مكة ثم يسير نحو المدينة فيبلغه أن عامله قتل، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ولا يزيد علي ذلك(1).

في حديث آخر عن أبي جعفر عليه السلام : يقول القائم لأصحابه : «يا قوم إن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم، فيدعو رجلا من أصحابه فيقول له إمض إلي مكة فيقتل... فإذا تكلم هذا الفتي بين الركن والمقام وهي النفس الزكية، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا»(2).

2 - أهل الكتاب :

عن عبد الله ابن بكير، قال: سألت أبا الحسن الكاظم عليه السلام عن قوله : (وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها ...)(3) قال: «أنزلت في القائم عليه السلام إذ خرج اليهود والنصاري والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الأرض وغربها، فعرض عليهم الإسلام، فمن اسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه، حتي لا يبقي في المشارق والمغارب أحد إلا وحد الله .

ص: 173


1- (1) بحار الأنوار 308:02 .
2- (2) بحار الأنوار 307:52 .
3- (3) سورة آل عمران، الآية 83.

قلت جعلت فداك ! إن الخلق أكثر من ذلك؟ فقال : إن الله إذا أراد أمرا قلل الكثير وكثر القليل»(1).

وعن شهر بن حوشب ، قال : قال لي الحجاج: «يا شهر! آية في كتاب الله وقد أعيتني، فقلت : أيها الأمير أية آية هي؟ فقال : قوله: (وإن من أهل الكتب إلا ليؤمنن به قبل موته)(2). والله إني لآمر باليهودي، والنصراني فأضرب عنقه، ثم أرمقه بعيني فما أراه يحرك شفتيه حتي يخمد، فقلت: أصلح الله الأمير! ليس علي ما قلت . قال : كيف هو؟ قلت : إن عيسي بن مريم ينزل قبل يوم القيامة إلي الدنيا فلا يبقي أهل ملة يهودي ولا نصراني، إلا آمن به قبل موته، ويصلي خلف المهدي عليه السلام ، قال : ويحك أني لك هذا ومن أين جئت به؟ فقلت: حدثني به محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فقال: جئت بها من عين صافية»(3).

يقول إبن الأثير: «في ذلك العصر لا يبقي أهل ذمة كي يدفعوا الفدية». وقد يكون المراد أن أهل الذمة إما أنهم اسلموا أو قتلوا. بالطبع هناك روايات وردت علي خلاف هذا المعني(4).

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «لا تقوم الساعة حتي تقاتلوا اليهود، فيفر

ص: 174


1- (1) العياشي، التفسير، ج1، ص183. نور الثقلين، ج 1، ص 362. إثبات الهداة، ج3، ص549. تفسير الصافي، ج1، ص267. بحار الأنوار، ج 52، ص340.
2- (2) سورة النساء، الآية 159.
3- (3) تفسير القمي، ص146. إحقاق الحق، ج13، ص332. العرائس الواضحة، ص209. بحار الأنوار، ج 14، ص349.
4- (4) النهاية، ج5. ص197.

اليهودي وراء الحجر، فيقول الحجر: يا عبد الله ! يا مسلم! هذا يهودي ورائي(1) .

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «... حتي أن الشجرة والحجر ينادي يا روح الله ! هذا يهودي، فلا يترك ممن كان يتبعه أحدا إلا قتله»(2).

يستفاد من روايات أخري أن الحرب والمواجهة بين الإمام عليه السلام وأهل الكتاب لم تكن علي نحو واحد، بل يسمح لهم في بعض الموارد أن يبقوا علي دينهم مع أخذ الجزية منهم، ويجري بحثا ومناظرة مع جماعة ليدعوهم بهذا الأسلوب إلي الإسلام. ويمكن أن نقول بأنه عليه السلام في بداية قيامه يجري المناظرات، ويحارب الذين يكتمون الحق.

عن أبي بصير، قال: قلت للإمام الصادق عليه السلام : جعلت فداك ! لا يزال القائم فيه أبدا ( مسجد السهلة) قال: نعم، قلت: فما يكون من أهل الذمة عنده؟ قال: «يسألهم كما سألهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون»(3).

وعن ابن شوذب: «إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي جبل من جبال الشام، يستخرج منه أسفار التوراة، يحاج بها اليهود، فيسلم علي يديه جماعة من اليهود»(4) .

ص: 175


1- (1) أحمد بن حنبل، المسند، ص398، 520.
2- (2) ن.م، ج3، ص367. الحاكم، المستدرك، ج4، ص503. أنظر ابن حماد، الفتن، ص59. ابن ماجة، السنن، ج2، ص1359.
3- (3) بحار الأنوار، ج52، ص376.
4- (4) عقد الدرر، ص40.
3- الفرق الباطلة والمنحرفة :

عن أبي جعفر عليه السلام : «ويح هذه المرجئة إلي من يلجؤون غدا إذا قام قائمنا؟ قلت: إنهم يقولون لو قد كان ذلك كنا وأنتم في العدل سواء. فقال : من تاب تاب الله عليه، ومن أسر نفاقا فلا يبعد الله غيره. ومن أظهر شيئا أهرق الله دمه. ثم قال : يذبحهم - والذي نفسي بيده ! - كما يذبح القصاب - وأومأ بيده إلي حلقه - قلت : إنهم يقولون: إنه إذا كان ذلك استقامت له الأمور فلا يهرق محجمة دم، فقال : كلا والذي نفسي بيده حتي نمسح وأنتم العرق والعلق، وأومأ بيده إلي جبهته»(1).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : أنه قال عندما مر علي قتلي الخوارج وهم صرعي: «لقد صرعكم من غركم، فقيل ومن غرهم؟ قال : الشيطان وأنفس السوء. فقال أصحابه : قد قطع الله دابرهم إلي آخر الدهر، فقال : كلا، والذي نفسي بيده ! وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعدها مثلها حتي تخرج خارجة الفرات ودجلة مع رجل يقال له: الأشمط(2). يخرج إليه رجل منا أهل البيت، فيقتله ولا تخرج بعدها خارجة إلي يوم القيامة»(3).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «إذا قام القائم سار إلي الكوفة، فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس، يدعون البترية، عليهم السلاح،

ص: 176


1- (1) النعماني، الغيبة ص283. بحار الأنوار، ج52، ص357.
2- (2) الأشمط : من خالط بياض رأسه سواد، وقد يقال للطويل . (المعجم 3: 116)
3- (3) مروج الذهب، ج2، ص408.

فيقولون له: إرجع من حيث جئت، فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتي يأتي علي آخرهم»(1).

البترية(2) هم فرقة من الزيدية من أتباع كثير النوي. عقائدهم مشابهة للسليمانية التي هي فرقة أخري من فرق الزيدية . هم يتوقفون في إسلام وكفر عثمان، وفي المسائل الإعتقادية يأخذون برأي المعتزلة وفي الفروع يتبعون أبا حنيفة، ويتبع جمع منهم الشافعي أو مذهب الشيعة»(3) .

4 - المتظاهرون بالقداسة :

عن الإمام الباقر عليه السلام «... ويسير إلي الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفا من البترية شاكين في السلاح قراء القرآن، فقهاء في الدين، قد قرحوا جباههم، وسمروا ساماتهم وعمهم النفاق وكلهم يقولون يابن فاطمة إرجع لا حاجة لنا فيك. فيضع فيهم (السيف) علي ظهر النجف عشية الإثنين من العصرإلي العشاء ، فيقتلهم أسرع من جزر جزور، فلا يفوت منهم رجل، ولا يصاب من أصحابه

ص: 177


1- (1) الإرشاد، ص 364. كشف الغمة، ج3، ص355. الصراط المستقيم، ج2، ص354. روضة الواعظين ج2، ص265، إعلام الوري، ص431. بحار الأنوار، ج52، ص328.
2- (2) قال الطريحي: فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا مرجئة لإعتقادهم أن الله أرجا تعذيبهم عن المعاصي - أي آخره . وعن ابن قتيبة : هم الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل، لأنهم يقدمون القول ويؤخرون العمل، وقال قوم : إن المرجئة هم الفرقة الجبرية الذين يقولون إن العبد لا فعل له، وإضافة الفعل إليه بمنزلة إضافته إلي المجازات، إنما سميت المجترة مرجئة لأنهم يؤخرون أمر الله ويرتكبون الكبائر . مجمع البحرين 188:1.
3- (3) بهجة الآمال، ج1، ص95. الملل والنحل، ج 1، ص 161.

أحد، دماؤهم قربان إلي الله»(1).

وعن أبي حمزة الثمالي: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «إن صاحب هذا الأمر لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم [وأكثر ]»(2) .

وعن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام : «قائمنا إذا قام استقبل من جهة الناس أشد مما استقبله رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من جهال الجاهلية ، فقلت : وكيف ذلك؟ قال: إن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اتي الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة. وإن قائمنا إذا قام أتي الناس وهم (بين من) يتأول عليه كتاب الله ويحتج عليه به»(3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «يقتل القائم حتي يبلغ السوق، قال: فيقول له رجل من ولد أبيه : إنك لتجفل الناس إجفال النعم، فبعهد من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، أو بماذا؟ قال : وليس في الناس رجل أشد منه بأسا، فيقوم إليه رجل من الموالي فيقول له: لتسكتن أو لأضربن عنقك، فعند ذلك خرج القائم عهداً من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم »(4).

وعن الصادق عليه السلام : «إذا خرج القائم عليه السلام خرج من هذا

ص: 178


1- (1) دلائل الإمامة، ص 241، الطوسي، الغيبة، ص283. إثبات الهداة، ج3، ص519. بحار الأنوار، ج2، ص598.
2- (2) النعماني، الغيبة، ص297. حلية الأبرار، ج2، ص361. بحار الأنوار، ج 52، ص362. بشارة الأسلام، ص222.
3- (3) ن.م.
4- (4) إثبات الهداة، ج3، ص585. بحار الأنوار، ج52، ص387.

الأمر من كان يري أنه أهله، ودخل فيه شبه عبدة الشمس والقمر»(1).

5- النواصب :

عن أبي جعفر عليه السلام : «إذا قام القائم عليه السلام عرض الإيمان علي كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة، وإلا ضرب عنقه، أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة، ويشد علي وسطه الهميان، ويخرجهم من الأمصار إلي السواد» (2).

ومثله عن الصادق عليه السلام: (3)

يقول المرحوم المجلسي: لعل هذا الحكم مرتبط ببداية القيام ؛ لأن ظاهر الروايات أنه لا يقبل منهم إلا الإيمان وإلا فالقتل (4).

وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله . قلت : نصب لكم عداوة؟ فقال: «لا يا أبا محمد! ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، إن الله قد أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا، فاليوم محرم علينا وعليكم ذلك. فلا يغرنك أحد. إذا قام قائمنا انتقم لله ولرسوله ولنا أجمعين»(5).

ص: 179


1- (1) النعماني، الغيبة، ص317. الطوسي، الغيبة، ص273. بحار الأنوار، ج52, ص363. 329.
2- (2) الكافي، ج8، ص227. إثبات الهداة ، ج3، ص450. بحار الأنوار، ج52، ص375. تنقيح المقال، ج2، ص43.
3- (3) تفسير الفرات، ص100، بحار الأنوار، ج52، ص 372.
4- (4) مرآة العقول، ج26، ص160.
5- (5) بحار الأنوار، ج52، ص376.
6 - المنافقون:

عن الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالي: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما (1) قال: «إن له ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، وقائمنا لن يظهر حتي تخرج ودائع الله، فإذا خرجت ظهر، فيقتل الكفار والمنافقين ...»(2).

وقال عليه السلام : «ولو قد قام القائم عليه السلام ما احتاج إلي مساءلتكم عن ذلك، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله ...»(3).

وعن الحسين عليه السلام : «... يا ولدي علي، والله لا يسكن دمي حتي يبعث الله المهدي فيقتل علي دمي من المنافقين الكفرة، الفسقة سبعين ألفا»(4)

وعن أبي جعفر عليه السلام : «إذا قام القائم عليه السلام ... ثم يدخل الكوفة فيقتل بها كل منافق مرتاب، ويهدم قصورها ويقتل مقاتليها حتي يرضي الله - عز وجل-»(5).

7- الشيطان :

عن وهب بن جميع قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول إبليس: «رب فأنظرني إلي يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين إلي يوم الوقت المعلوم...»(6) قال له وهب : جعلت فداك أي يوم هو؟

ص: 180


1- (1) سورة الفتح، الآية 25.
2- (2) كمال الدين، ج 2، ص 461. المحجة، ص206. إحقاق الحق، ج13، ص357.
3- (3) التهذيب، ج6، ص 172 ، وسائل الشيعة، ج 11، ص 382. ملاذ الأخيار، ج9، ص 455.
4- (4) إبن شهر آشوب، المناقب، ج4، ص85، بحار الأنوار، ج45، ص299.
5- (5) إثبات الهداة ، ج3، ص528. بحار الأنوار، ج52، ص338.
6- (6) سورة الحجر، الآية 38.

قال: «يا وهب أتحسب أنه يوم يبعث الله فيه الناس؟ إن الله أنظره إلي يوم يبعث فيه قائمنا، فإذا بعث الله قائمنا كان في مسجد الكوفة، وجاء إبليس حتي يجثو بين يديه علي ركبتيه فيقول: يا ويله من هذا اليوم فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم هو الوقت المعلوم»(1) .

ينقل العلامة الطباطبائي رواية أخري بهذا المضمون عن تفسير القمي ويقول بعدها: الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام في تفسير أكثر آيات القيامة، التي تفسر الآيات أحيانا بظهور الإمام المهدي عليه السلام وأحيانا بالرجعة، وأحيانا بالقيامة، ولعل ذلك بلحاظ أن الأيام الثلاثة مشتركة في ظهور الحقائق وإن كانت مختلفة من حيث الشدة والضعف (2).

والحاصل إن قتال الإمام عليه السلام : مركز في محاور خاصة، الخوارج، النواصب، بنو أمية، بنو العباس، سراق الكعبة، المرجئة ، الظالمين، السفياني، الدجال، اليهود، وباختصار : له مواجهة مع كل المعارضين له، والذين يعتبرون موانع وصداً عن إقامة الحكومة الإلهية. وهم المناوؤن. وأما ما يتصور البعض من كثرة إراقة الدماء وما أشبه - من حركات عشوائية، نعوذ بالله - فلا دليل عليه ، سيما وقد ورد عن النبي : أنه أشبه الناس بي خلقا وخلقا ...

وما ورد: من اقتدائه بسنة محمد صلي الله عليه و آله وسلم : من القيام بسيرته وإنه يهتدي بهداه ويسير بسيرته (3).

ص: 181


1- (1) العياشي، التفسير، ج2، ص243. إثبات الهداة ، ج3، ص551. تفسير الصافي، ج1، ص906. تفسير البرهان، ج2، ص343. بحار الأنوار، ج60، ص 254.
2- (2) الميزان، ج12، ص184، الرجعة في أحاديث الفريقين . . للطبسي نجم الدين
3- (3) انظر كمال الدين 311. وكتاب الإمام المهدي للشيرازي ص50.

ص: 182

الفصل السابع : إحياء سنة النبي محمد صلي الله عليه و آله وسلم

اشارة

هناك روايات كثيرة في الأحكام الجديدة وقضاء الإمام المهدي عليه السلام والاصطلاحات التي يضعها؛ هذه الأحكام تخالف(1) للوهلة الأولي المتون الفقهية الموجودة، وظواهر الروايات والسنة أحيانا . من جملة هذه الأحكام ارث الأخ في عالم الذر، قتل شارب الخمر، قتل تارك الصلاة، إعدام الكاذب، تحريم الربح علي المؤمن في المعاملات، هدم المآذن، وإزالة أسقف المساجد. ومن هذا القبيل أيضا الأساليب التي يستخدمها الإمام عليه السلام في ما يقوم به من أعمال وأمور ذكرت في الفصل السابق .

عبرت هذه الروايات عن هذه التغييرات بعبارات مثل قضاء جديد، سنة جديدة ، دعوة جديدة وكتاب جديد، ونحن لا نري فيها إلا إحياء للسنة المحمدية صلي الله عليه و آله وسلم ، ولكن هذه التغييرات ملفتة للإنتباه

ص: 183


1- (1) أو لم نر لها وجها فقهيا .

إلي حد أن الناس عندما يرونها يعبرون عن ذلك بأن الإمام عليه السلام قد جاء بدين جديد».

في حال ثبت صدور هذه الروايات عن المعصومين عليهم السلام ، فمن الضروري الإنتباه إلي عدة أمور وهي:

1- إن بعض الأحكام الإلهية وإن كانت قد وضعت من قبل الله تعالي، ولكن شرائط إعلانها وتنفيذها تتهيأ في زمان ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، ويقوم هو بإعلان هذه الأحكام وتطبيقها.

2- تظهر مع مضي الزمان تغييرات وتحريفات في الأحكام الإلهية بواسطة الحكام والوضاعين، ويقوم الإمام القائم عليه السلام بعد الظهور بتصحيحها وتعديلها.

جاء في كتاب القول: المختصر أنه عليه السلام : «لا يترك بدعة إلا أزالها ولا سنة إلا أحياها»(1).

3 - يستفيد الفقهاء من عدد من القواعد والأصول في استنباط الحكم الشرعي، فالحكم الذي يستنبطونه قد لا يطابق الواقع أحيانا، وإن كانت نتيجة الإستنباط حجة شرعية علي المجتهد ومقلديه ؛ ولكن في حكومة الإمام المهدي (ع) يبين عليه السلام الأحكام الواقعية .

4- بعض الأحكام الشرعية بينت بصورة مغايرة للواقع في ظروف خاصة واضطرارية ولأجل التقية، وفي عصر الإمام عليه السلام تزول التقية ويبين الحكم والواقعي.

ص: 184


1- (1) القول المختصر، ص20.

عن أبي عبد الله عليه السلام : «إذا قام قائمنا سقطت التقية وجرد السيف ولم يأخذ من الناس ولم يعطهم إلا السيف»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام ، في حديث طويل قال : «عليكم بالتسليم والرد إلينا، وانتظار أمرنا وأمركم، وفرجنا وفرجكم، فلو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا، ثم استأنف بكم تعليم القرآن، وشرائع الدين والأحكام والفرايض، كما أنزله الله علي محمد صلي الله عليه و آله وسلم ؛ لأنكم (لأنكر) أهل البصاير فيكم ذلك اليوم، إنكارا شديدا، لم تستقيموا علي دين الله وطريقته إلا من تحت حد السيف فوق رقابكم. إن الناس بعد نبي الله صلي الله عليه و آله وسلم ركب الله بهم سنة من كان قبلكم، فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه، فما من شيء عليه الناس اليوم إلا وهو منحرف عما نزل به الوحي من عند الله، فأجب رحمك الله من حيث تدعي إلي حيث ترعي من يستأنف بكم دين الله استيناف»(2) .

وعنه عليه السلام : «إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلي الإسلام جديدا، وهداهم إلي أمر قد دثر وضل عنه الجمهور»(3).

يفهم من هذه الرواية أن الإمام عليه السلام لا يأتي بدين جديد للعالم، بل بما أن الناس انحرفوا عن الإسلام الحقيقي. يدعوهم الإمام عليه السلام إليه مرة ثانية، كما دعاهم إليه النبي صلي الله عليه و آله وسلم .

ص: 185


1- (1) تأويل الآيات الظاهرة، ج2، ص540. إثبات الهداة ، ج3، ص564.
2- (2) الكشي، الرجال، ص138. إثبات الهداة، ج3، ص560. بحار الأنوار، ج2، ص246. العوالم، ج3، ص58.
3- (3) المفيد، الإرشاد، ص 364، روضة الواعظين، ج2، ص264. أعلام الوري، ص431. بحارالأنوار، ج51، ص30.

عن بريد بن معاوية، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «يا بريد! والله! ما بقيت الله حرمة إلا انتهكت، ولا عمل بكتاب الله وسنة نبيه في هذا العالم، ولا أقيم في هذا الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين، ولا عمل بشيء من الحق إلي يوم الناس هذا، ثم قال : أما والله ! لا تذهب الأيام والليالي حتي يحيي الله الموتي، ويميت الأحياء ويرد الحق إلي أهله، ويقيم دينه الذي ارتاضاه لنفسه ونبيه . فأبشروا ثم أبشروا، فوالله ما الحق إلا في أيديكم»(1).

أ- الأحكام الجديدة:

1- إعدام الزاني ومانع الزكاة :

عن إبان بن تغلب ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : «دمان في الإسلام حلال من الله لا يقضي فيها أحد بحكم الله عز وجل حتي يبعث الله قائمنا أهل البيت، فإذا بعث الله عز وجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله ، لا يريد عليهما بينة : الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه»(2) .

وعن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهماالسلام : قالا: «لو قام القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله: يقتل الشيخ الزاني ويقتل مانع الزكاة، ويورث الأخ في الأظلة»(3).

يقول العلامة الحلي في حكم إعدام مانع الزكاة : أجمع

ص: 186


1- (1) التهذيب، ج4، ص96. ملاذ الأحياء، ج1، ص258.
2- (2) الكافي، ج3، ص503. الفقيه، ج2، ص11. كمال الدين، ج2، ص671. وسائل الشيعة ، ج6، ص19. بحار الأنوار، ج 52، ص325.
3- (3) الصدوق، الخصال، باب 3، ص133. إثبات الهداة، ج3، ص495.

المسلمون كافة علي وجوبها [الزكاة] في جميع الأعصار، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، إذا عرفت هذا، فمن أنكر وجوبها بين المسلمين فهو مرتد يقتل من غير أن يستتاب، وإن لم يكن عن فطرة، بل اسلم عقيب كفر استتيب - مع العلم بوجوبها - ثلاثا، فإن تاب وإلا فهو مرتد وجب قتله. وإن كان ممن يخفي وجوبها عليه لأنه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالإسلام، عرف وجوبها ولم يحكم بكفره»(1).

وعن العلامة المجلسي (الأول): أو يكون المراد أنه عليه السلام يحكم بعلمه فيهما ولا يحتاج إلي الشهود كما في سائر قضاياه ، ويكون التخصيص للإهتمام»(2) .

2 - قانون الإرث:

عن جرم بن أبي جهينة ، قال : سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول: «إن الله تبارك وتعالي خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام، ثم خلق الأبدان بعد ذلك، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض، وما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض، فإذا قام القائم ورث الأخ في الدين ولم يورث الأخ في الولادة، وذلك قول الله عز وجل - في كتابه (قد أفلح المؤمون ... فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم

يومئذ ولا يتساءلون) (3)»(4).

ص: 187


1- (1) تذكرة الفقهاء، ج5، ص7، كتاب الزكاة . أنظر: مرآة العقول، ج16، ص 14.
2- (2) روضة المتقين، ج3، ص18.
3- (3) القرآن الكريم، سورة المؤمنون، الآية 101.
4- (4) دلائل الإمامة ، ص260. تفسير البرهان، ج3، ص120. الشيعة والرجعة، ج1، ص402.

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «إن الله آخا بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخا بينهما في الأظلة، ولم يورث الأخ من الولادة»(1).

3- قتل الكذابين :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «لو قد قام قائمنا لبدأ بكذابي الشيعة فقتلهم»(2).

يحتمل أن يكون المراد من هؤلاء الأشخاص المنافقين، أو مدعي المهدوية والمبدعين في الدين الذين هم سبب انحراف الناس.

4 - انتهاء حكم الجزية :

قال أمير المؤمنين عليه السلام : «... فإن الله لم يذهب بالدنيا حتي يقوم القائم منا، يقتل مبغضينا ولا يقبل الجزية، ويكسر الصليب والأصنام، وتضع الحرب أوزارها، ويدعو إلي أخذ المال ويقسمه بالسوية ويعدل في الرعية»(3).

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «يخرج المهدي حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويطاف بالمال في أهل الحواء فلا يوجد أحد يقبله»(4).

ص: 188


1- (1) الفقيه، ج4، ص 25. الصدوق، العقائد، ص76. الحصيني، الهداية ، ص64، 87. مختصر البصائر، ص159. روضة المتقين، ج 11، ص 415. بحار الأنوار، ج6، ص249. وج 101، ص367.
2- (2) الكشي، الرجال، ص299. إثبات الهداة ، ج3، ص 561.
3- (3) إثبات الهداة، ج3، ص496.
4- (4) عقد الدرر، ص166. القول المختصر، ص14.
5 - الإنتقام من ذرية قتلة الحسين عليه السلام :

عن الهروي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : «إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها؟ فقال عليه السلام : هو كذلك ، فقلت : وقول الله - عز وجل - : (ولا تزر وازرة وزر أخري ) (1)ما معناه؟

قال : «صدق الله في جميع أقواله؛ ولكن ذراري قتلة الحسين عليه السلام يرضون بفعال آبائهم ويفخرون بها، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه. ولو أن رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله - عز وجل - شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آباءهم. قال: قلت: بأي شيء يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال : يبدأ ببني شيبة فيقطع أيديهم لأنهم سراق بيت الله - عز وجل -»(2).

6- حكم الرهن والربح علي المؤمن .

عن علي بن سالم، عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخبر الذي روي أن من كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن فأنا منه بريء . قال : «ذلك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت. قلت : فالخبر الذي روي أن ربح المؤمن علي المؤمن ربا ماهو؟ فقال :

ص: 189


1- (1) القرآن الكريم، سورة الكهف، الآية 18.
2- (2) علل الشرائع، ج1، ص219، عيون أخبار الرضا، ج1، ص273. بحار الأنوار، ج 52، ص313. إثبات الهداة ، ج3، ص 455.

ذلك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت، فأما اليوم فلا بأس أن يبيع من المؤمن ويربح عليه»(1) .

قال المجلسي الأول:... ويدل علي أن الأخبار المتقدمة في كراهة الربح علي المؤمن وأنه ربا لا مبالغة فيها. ويمكن أن يكون في زمان القائم حراما ، والآن مكروها(2).

قال المجلسي الثاني : مجهول [أي الحديث] قوله ذاك إذا ظهر الحق، لعل الحرمة في الموضعين مقيدة بذلك(3) .

7- مساعدة الإخوان:

عن إسحاق بن عمار، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فذكر مواساة الرجل لإخوانه إلي أن قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : «إنما ذلك إذا قام القائم وجب عليهم أن يجهزوا أخوانهم وأن يقووهم»(4) .

8- القطائع :

عن جعفر عليه السلام : «إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع [ملك الأموال غير المنقولة]، فلا قطائع»(5).

ص: 190


1- (1) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص200، التهذيب، ج7، ص179، وسائل الشيعة، ج13، ص 123. إثبات الهداة ، ج3، ص455. ملاذ الأخيار، ج11، ص315.
2- (2) روضة المتقين، ج7، ص375.
3- (3) ملاذ الأخيار، ج 11، 3 ص315.
4- (4) الصدوق، مصادقة الأخوان، ص20، إثبات الهداة ، ج3، ص495.
5- (5) قرب الإسناد، ص54. بحار الأنوار، ج52، ص309, وج97، ص57. إثبات الهداة، ج3، ص523.، 584. بشارة الإسلام، ص234.

القطائع التي هي الأملاك الكبيرة مثل القري والأراضي الكثيرة والقلاع التي يسجلها الملوك والأقوياء بأسمائهم، جميعها تعود لإمام الزمان عليه السلام في ذلك العصر.

9 - الثروات :

عن معاذ بن كثير، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «موسع علي شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف، فإذا قام قائمنا حرم علي كل ذي كنز، كنز كنز، حتي يأتيه به فيستعين به علي عدوه، وهو قول الله - عز وجل - (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)(1)»(2).

ب - الإصلاحات الإجتماعية وتجديد بناء المساجد:

1- مسجد الكوفة وتعديل قبلته :

عن الأصبغ بن بناته، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له حتي انتهي إلي مسجد الكوفة. وكان مبنيا بخزف ودنان وطين، فقال: «ويل لمن هدمك، وويل لمن سهل هدمك، وويلل لبانيك بالمطبوخ، المغير قبلة نوح. طوبي لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي، أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة» (3) .

ص: 191


1- (1) القرآن الكريم، سورة التوبة، الآية 34.
2- (2) الكافي، ج4، ص61. التهذيب، ج4، ص143. العياشي، التفسير، ج2، ص87. المحجة ، ص 89. تفسير الصافي، ج2، ص341. تفسير البرهان، ج2، ص121. نور الثقلين، ج 2، ص213. بحار الأنوار، ج 73، ص143. مرآة العقول، ج16، ص193.
3- (3) الكوسي، الغيبةن ص283. إثبات الهداة، ج3، ص516. بحار الأنوار، ج52، ص332.

وعنه عليه السلام : أما إن قائمنا إذا قام كسره - مسجد الكوفة - وسوي قبلته»(1).

2- هدم المساجد المشرفة :

عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام : «إذا قام القائم دخل الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة حتي يبلغ اساسها ويصيرها عريشا كعريش موسي، ويكون المساجد كلها جماء لا شرف لها كما كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم»(2).

قد يكون المراد المساجد الأربعة التي بناها يزيد في الكوفة بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام شكرا لقتل الإمام عليه السلام ، وعرفت فيما بعد بإسم المساجد الملعونة». هذه المساجد وإن لم تكن موجودة الآن، ولكن من الممكن أن تبني فيما بعد، بأهل البيت عليهم السلام .

عن الباقر عليه السلام : «جددت أربعة مساجد بالكوفة فرحا بقتل الحسين عليه السلام ، مسجد الأشعث ومسجد جرير، ومسجد سماك ، ومسجد بن ربعي - لعنهم الله»(3) .

3- هدم المنارات:

عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي محمد

ص: 192


1- (1) النعماني، الغيبة ، ص317. بحار الأنوار، ج52، ص 364. مستدرك الوسائل ج 3، ص369 وج 12، ص294.
2- (2) من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 53 وص 234. بحار الأنوار، ج52، ص333، إثبات الهداة ، ج3، ص517، 556. الشيعة والرجعة، ج2، ص400. أنظر الإرشاد، ص365. روضةالواعظين، ج 2، ص 264.
3- (3) بحار الأنوار، ج45، ص189.

العسكري عليه السلام ، فقال : «إذا قام القائم أمر بهدم المنار والمقاصير(1) التي في المساجد، فقلت في نفسي: لأي معني هذا؟ فأقبل علي، فقال : معني هذا أنها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي ولا حجة» (2).

وروي الصدوق رحمه الله : «أن عليّاً عليه السلام مر علي منارة - طويلة - فأمر بهدمهما ثم قال : «لا ترفع المنارة إلا مع سطح المسجد»(3) .

قال المجلسي الأول : يفهم منه حرمة بناء المنارات العالية ، لحرمة الإشراف علي بيوت المسلمين وحمله الأكثر علي الكراهة وإن حكموا بحرمة الإشراف (4).

4 - هدم أسقف المساجد والمنابر :

قال أبو جعفر عليه السلام : «أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها ويأمر بها فتجعل عريشا(5) كعريش موسي»(6).

هدم أسقف المساجد قد يكون بسبب خروج المساجد قبل ظهور الإمام عليه السلام عن بساطتها. وتحولت إلي مظهر للأبهة

ص: 193


1- (1) المقصورة مكان كانوا يبنونه للخليفة أو الإمام الجماعة ليقف فيه عند الصلاة ويكون بعيدة عن متناول العدو.
2- (2) الطوسي، الغيبة، ص123. ابن شهر آشوب، المناقب، ج4، ص437. أعلام الوري، ص355. كشف الغمة، ج3، ص208. إثبات الهداة، ج3، ص412 بحار الأنوار، ج50، ص215 و ج52. ص323، مستدرك الوسائل، ج3، ص379، 384.
3- (3) من لا يحضره الفقيه، ج1، ص155.
4- (4) روضة المتقين، ج2، ص109.
5- (5) ينقل الطريحي أن العريش يبني من سعف النخل للإستظلال من حر الشمس في فصل الصيف.
6- (6) إثبات الهداة، ج3، ص425. من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 153. وسائل الشيعة، ج 3، ص488. روضة المتقين، ج2، ص101.

والفخامة. حملت هذه الرواية علي الإستحباب، لإستحباب عدم وجود مانع بين المصلي والسماء الذي هو أحد أسباب قبول الصلاة واستجابة الدعاء.

وينقل المسعودي والطبرسي أن الإمام عليه السلام يأمر بالمنابر فتهدم (1).

ربما كان هدم المنابر لكونها لم تعد أماكن الإرشاد الناس، بل صارت وسيلة لتقوية الحكام الظلمة والخونة، وتبريرا لنفوذ الأعداء في البلدان الإسلامية .

5- إعادة المسجد الحرام ومسجد النبي صلي الله عليه و آله و سلم إلي حالتهما السابقة :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «القائم يهدم المسجد الحرام حتي يرده إلي أساسه ومسجد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم إلي أساسه»(2).

وعنه عليه السلام أيضا: «إن القائم عليه السلام إذا قام يرد بيت الله إلي حجمه السابق وكذلك مسجد النبي صلي الله عليه و آله و سلم ومسجد الكوفة» .

وقد بين الصدوق والمجلسي رحمه الله حدوده(3).

ص: 194


1- (1) إثبات الوصية، ص215. أعلام الوري، ص355.
2- (2) الإرشاد، ص364. الطوسي، الغيبة، ص293. النعماني. الغيبة، ص171. أعلام الوري . ص 431. كشف الغمة، ج3، ص255. إثبات الهداة ، ج3، ص516. بحارالأنوار، ج52، ص 332.
3- (3) انظر ك روضة المتقين، ج2، ص 94 . من لا يحضره الفقيه، ج1 ص149.

ج - القضاء:

قال أبو عبد الله عليه السلام : «فيبعث الله تبارك وتعالي ريحا فتنادي بكل واد: هذا المهدي يقضي بقضاء داود وسليمان ولا يريد بينة»(1).

يري المجلسي أن هذا الحديث موثق(2).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «يقضي القائم بقضايا ينكرها بعض أصحابه ممن قد ضرب قدامه بالسيف؛ وهو قضاء آدم عليه السلام فيقدمهم فيضرب أعناقهم، ثم يقضي الثانية، فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف، وهو قضاء داود عليه السلام فيقدمهم فيضرب أعناقهم، ثم يقضي الثالثة فينكرها قوم آخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف، وهو قضاء إبراهيم عليه السلام فيقدمهم فيضرب أعناقهم ثم يقضي الرابعة وهو قضاء محمد صلي الله عليه و آله و سلم فلا ينكرها عليه أحد»(3) .

وعن أبي جعفر عليه السلام : «دولتنا آخر الدول، ولن يبقي أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء. وهو قول الله - عز وجل - : ( والعقبة للمتقين) (4)»(5).

ص: 195


1- (1) الكافي، ج 1، ص397. كمال الدين، ج2، ص671،. مرآة العقول، ج4، ص300. بحار الأنوار، ج 52، ص320. 330. 336. 339.
2- (2) مرآة العقول، 4: 300.
3- (3) إثبات الهداة، ج3، ص585. بحار الأنوار، ج52، ص389.
4- (4) القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 128.
5- (5) الإرشاد، ص 344. روشة الواعظين، ص265. بحار الأنوار، ج 52. ص 332.

د- حكومة العدل:

العدالة كلمة معروفة يحبها الجميع ويسعون وراءها. العدالة هي شيء جميل وحسن إذا صدر من أي شخص، ومن المسؤولين والقادة أجمل. ولكن للأسف! مرت عصور لا نجد فيها من العدالة إلا الإسم. إلا في أوقات قليلة، وفي زمن حكومة الحكام الإلهيين .

المستعمرون استغلوا بشكل سيء هذه الكلمة المقدسة وبأشكال مختلفة، لكي يزيدوا من استثماراتهم ونفوذهم وسيطرتهم، وجمعوا حولهم بهذا الشعار الجذاب جماعة من الناس. ولكن لن يطول الأمر حتي يفتضحوا، ولا يجدوا سبيلا لاستمرار حكمهم إلا الجور والظلم .

للمرحوم الطبرسي كلام حول إحياء الإمام المهدي عليه السلام للسنة يقول فيه: «قالوا إذا حصل الإجماع علي أن لا نبي بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، وأنتم قد زعمتم أن القائم إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين، ويأمر بهدم المساجد والمشاهد، وأنه يحكم بحكم داود عليه السلام ، لا يسأل عن بينة واشباه ذلك مما ورد في آثاركم، وهذا يكون نسخا للشريعة وإبطالا لأحكامها، فقد أثبتم معني النبوة وإن لم تتلفظوا بأسمها، فما جوابكم عنها؟

الجواب: أنا لا نعرف ما تضمنه السؤال من أنه لا يقبل الجزية من أهل الكتاب وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين، فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به .

وأما هدم المساجد والمشاهد، فقد يجوز أن يختص بهدم ما

ص: 196

بني من ذلك علي غير تقوي الله، وعلي خلاف ما أمر الله سبحانه به، وهذا مشروع قد فعله النبي عليه السلام .

وأما ما روي من أنه عليه السلام يحكم بحكم داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضا غير مقطوع به، وإن صح فتأويله أنه يحكم بعلمه فيما يعلمه، وإذا علم الإمام أو الحاكم أمرا من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل البنية، وليس في هذا نسخ للشريعة.

علي أن هذا الذي ذكروه من ترك قبول الجزية واستماع البينة لو صح لم يكن ذلك نسخا للشريعة ؛ لأن النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ ولم يكن مصاحبا له. فأما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخا لصاحبه، وإن كان يخالفه في الحكم، ولهذا اتفقنا علي أن الله سبحانه لو قال : الزموا السبت إلي وقت كذا ثم لا تلزموه، أن ذلك لا يكون نسخا لأن الدليل الرافع مصاحب للدليل الموجب.

وإذا صحت هذه الجملة، وكان النبي صلي الله عليه و آله و سلم ، قد أعلمنا بأن القائم من ولده يجب إتباعه وقبول أحكامه، فنحن إذا صرنا إلي ما يحكم به فينا - وإن خالف بعض الأحكام المتقدمة - غير عاملين بالنسخ لأن النسخ لا يدخل فيما يصطحب الدليل(1).

ووردت عدة روايات طرق أهل السنة بهذه المضامين .

ص: 197


1- (1) أعلام الوري، ج 2، ص 311. بحار الأنوار، ج 52, ص383.

ص: 198

الباب الثالث : الدولة

اشارة

ص: 199

ص: 200

الفصل الأول : دولة الحق

اشارة

إن إدارة بلد بمساحة عالم الدنيا أمر صعب جدا وغير مستطاع إلا من قبل قادة إلهيين وعاملين شغوفين ومعتقدين بالنظام الإلهي وبحكم الإسلام. لذلك يعين الإمام عليه السلام من أجل إدارة البلدان وزراء ذوي تاريخ جهادي وقد أظهروا الصبر والحزم في التجربة والعمل.

يتولي البلاد ولاة أقوياء لا يبتغون شيئا إلا مصالح البلاد الإسلامية ورضا الله - عز وجل -، ومن الواضح أن البلد الذي يتمتع مسؤولوه بهذه الخصوصيات سينتصر علي المشاكل ويبدل بنجاح ما هدمته الحكومات السابقة إلي عمران، ويتحول الوضع إلي حالة يتمني الأحياء معها الحياة للأموات.

يجب الإلتفات إلي أن الإمام عليه السلام عندما يمسك زمام الأمور بيده يكون هناك مقدار عظيم من المشاكل، وملايين الجرحي والمرضي الجسديين والنفسيين . ويرمي مشهد من الدمار ظله علي العالم، ويسيطر الخوف علي الأنحاء. المدن قد تبدلت إلي خراب علي أثر الحرب، وفنيت المزروعات وقلت الأرزاق علي أثر التلوث.

ص: 201

من ناحية أخري تكون شعوب العالم قد رأت دولا وأحزابا ومنظمات كثيرة تدعي أنها إذا حكمت العالم وشعوبه، ستقدم لهم الراحة والأمان والاستقرار الإقتصادي ؛ ولكنها عمليا تكون أسوأ من سابقاتها ولا تقدم لهم إلا الفساد والقتل والدمار .

الماركسية تلاشت، والرأسمالية تخلي عنها قادتها، والديمقراطية الغربية لم تكن إلا شعارا لخداع الناس . في النهاية سيحل يوم يقام فيه العدل والعدالة علي وجه الأرض الميتة علي يد رجل إلهي قدير. ولديه العزم القوي في تطبيق شعار «يملأ الأرض قسطا وعدلا» بحيث تظهر آثاره في كل مكان.

يشكل الإمام عليه السلام الحكومة ويعلم الناس بنحو تختفي فيه كلمة الظلم من الأذهان، وبحسب تعبير الروايات بنحو لا يظلم أحد أحدا، حتي الحيوانات تتخلي عن الإعتداء والظلم وتجلس الشاة إلي

جانب الذئب.

تروي أم سلمة عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «ويظهر من العدل ما يتمني له الأحياء أمواتهم»(1).

وعن الباقر عليه السلام : «في قوله تعالي: (واعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها) (2)، قال : يحييها الله بالقائم فيعدل فيها، فيحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم»(3).

ص: 202


1- (1) مجمع الزوائد، ج7، ص315. الإذاعة، للقنوجي ص119. إحقاق الحق، ج13، ص 294.
2- (2) القرآن الكريم، صورة الحديد، الآية 17.
3- (3) كمال الدين، ص668. المحجة، ص429. نور الثقلين، ج 5، ص242. ينابيع المودة ، ص429. بحار الأنوار، ج51، ص54.

وعن الإمام الصادق عليه السلام : «أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر»(1).

وعن الإمام الباقر عليه السلام : في قوله تعالي : (الذين إن مكنهم في الأرض ...)(2)، قال : «نزلت في المهدي وأصحابه .... ويظهر الله بهم الدين حتي لا يري أثر من الظلم والبدع...»(3) .

وعن الإمام الرضا عليه السلام: «فإذا خرج عليه السلام ... ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا»(4).

وعن الإمام علي عليه السلام : «... ويعدل (في) الرعية ..»(5).

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:« دخل رجل علي أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام فقال : أقبض مني هذه الخمسمائة درهم، فإنها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر عليه السلام خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام والمساكين إخوانك المسلمين، ثم قال : إذا قام مهدينا أهل البيت، قسم بالسوية وعدل في الرعية، فمن اطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصي الله . وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي أمر خفي»(6).

ص: 203


1- (1) النعماني، الغيبة، ص159. إثبات الهداة، ج3، ص544. بحار الأنوار، ج52، ص362.
2- (2) القرآن الكريم، سورة الحج، الآية 41.
3- (3) تفسير القمي، ج 2، ص 87. المحجة، ص143. إحقاق الحق، ج13، ص 341.
4- (4) كمال الدين، ص 372، كفاية الأثر، ص270. اعلام الوري، ص408. كشف الغمة، ج314. بحار الأنوار، ج52، ص321. غاية المرام، ص696.
5- (5) إثبات الهداة ، ج3، ص496.
6- (6) عقد الدرر، ص39. إحقاق الحق ، د13، ص186.

تعم العدالة في عصر الإمام المهدي عليه السلام فتراعي الأولويات الشرعية. ويقدم في الإستفادة من الإمكانات الذين يريدون القيام بواجباتهم علي الذين يريدون القيام بالمستحبات. ففي عصر الإمام القائم عليه السلام الذي يقام فيه الإسلام والحكومة الإلهية في أنحاء العالم، من الطبيعي أن تقام الشعائر الإلهية بعظمة لا توصف.

الحج الإبراهيمي أحد الشعائر الإلهية التي لا يعود يسد طريقها أي شيء علي أثر اتساع الحكومة الإسلامية. وينطلق الناس كالسيل الهادر نحو الكعبة لأداء الحج، فيكثر الإزدحام حول الكعبة ولا تكفي لجميع الحجاج، فيعطي الإمام أوامره بأن تعطي الأولوية ، للذين يجب عليه الحج. وبحسب قول الإمام الصادق عليه السلام يكون هذا أول مظاهر عدل الإمام المهدي عليه السلام .

عن أبي عبد الله عليه السلام : «أول ما يظهر القائم من العدل، أن ينادي مناديه أن يسلم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف»(1).

أ. الحكم علي القلوب:

اشارة

بديهي أن الحكومة التي أزالت كل المشاق ورفعت كل المشاكل وزرعت بذور الأمل في القلوب في مدة قليلة ستتمتع بتأييد الناس. وأن النظام الذي أطفأ نار الحروب وأعاد الأمان والراحة إلي المجتمع حتي تستفيد منه الحيوانات أيضاً، هذه الحكومة ستحكم القلوب، لأن أمنية البشر أن يحييوا في ظل حكومة كهذه؛ من هذه

ص: 204


1- (1) الكافي، ج4، ص427. من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 525. بحار الأنوار، ج52، ص 374.

الناحية عبرت الروايات عنها بتعابير لطيفة ارتباط الناس بالإمام عليه السلام وتعلقهم بحكومته.

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «أبشروا بالمهدي رجل من قريش يرضي لخلافته، ساكن السماء وساكن الأرض»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «... فيبعث رجلا من أمتي يحبه ساكن الأرض وساكن السماء» (2).

وعن صباح: «يتمني في زمن المهدي الصغير أن يكون كبيرا والكبير أن يكون صغيرا»(3)

لعل تمني الكبير أن يكون صغيرا لأنه يحب أن يقضي وقتا أطول في ظل حكومة الإمام عليه السلام ، وتمني الصغير أن يكون كبيرا لأنه يريد أن يكون مكلفا وأن يكون له دور في تنفيذ برامج حكومة

ولي العصر عليه السلام الإلهية ليحصل الثواب الأخروي.

تأثير دولة الإمام علي الأموات:

عن أبي جعفر عليه السلام ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : «يخرج رجل من ولدي ... ولا يبقي ميت إلا دخلت عليه الفرحة في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم»(4).

ص: 205


1- (1) ينابيع المودة، ص431. إثبات الهداة ، ج3، ص524.
2- (2) فردوس الأخبار، ج4، ص496، إسعاف الراغبين، ص 124. أحقاق الحق، ج19، ص663. الشيعة والرجعة، ج1، ص216.
3- (3) إبن حماد، الفتن، ص99. الحاويللفتاوي، ج2، ص78. القول المختصر، ص21. المتقي الهندي ، البرهان، ص89. ابن طاووس، الملاحم، ص70.
4- (4) كمال الدين، ج2، ص653. بحار الأنوار، ج52، ص328. الوافي ج2، ص112.

في كامل الزيارات إن الفرجة بمعني السعادة، وأن ذكر كلمة الميت في الرواية تستوجب الدقة لأنه يمكن استنتاج أن هذا الفرج والراحة عام ولا يختص بأرواح خاصة . إذا وضعنا هذه الرواية علي جانب الروايات التي تقول بأن أرواح الكافرين في أشد العذاب في السلاسل يتضح معني هذه الرواية ؛ لأنه مع ظهور الإمام يتحررون من العذاب أو يحدث تحول في عمل ملائكة العذاب الذي ليس فيه فرج ورحمة، إلي مدة ما وإن كانت قليلة احتراما لتشكيل الحكومة الإلهية علي الأرض فيتوقفون عن تعذيب أرواح الكافرين والمنافقين(1).

ب - عاصمة الدولة:

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «يا أبا محمد! كأني أري نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله. قلت: يكون منزله؟ قال: نعم، هو منزل إدريس عليه السلام ، وما بعث الله نبيا إلا وقد صلي فيه، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم . وما من مؤمن إلا وقلبه يحن إليه، وما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة يأوون إلي هذا المسجد، يعبدون الله فيه يا أبا محمد! أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه، ثم إذا قام قائمنا انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين»(2) .

وفي رواية أخري عنه، قلت جعلت فداك : لا يزال القائم فيه أبداً؟ قال : نعم» (3) .

ص: 206


1- (1) كامل الزيارات، ص30.
2- (2) الكافي، ج3، ص 495. كامل الزيارات ص 30. الراوندي، قصص الأنبياء، ص80. التهذيب، ج3، ص583. بحار الأنوار، ج3، ص524 وسائل الشيعة، ج3، ص524.
3- (3) ن.م.

وقال أبو عبد الله عليه السلام : «وقد ذكر مسجد السهلة: «أما إنه منزل صاحبنا إذا قام بأهله»(1).

وعن الإمام الباقر عليه السلام : «ويخرج المهدي ... ثم يقبل إلي الكوفة فيكون منزله بها»(2).

وعنه عليه السلام : «إذا قام القائم ودخل الكوفة لم يبق مؤمن إلا وهو بها»(3) .

وعن الإمام عليه السلام: «يا أهل الكوفة ... وليأتين عليه - أي مسجد الكوفة - زمان يكون مصلي المهدي»(4).

وعن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام أو عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «قلت له : أي بقاع الله أفضل بعد حرم الله - عز وجل - وحرم رسله؟ فقال : الكوفة يا أبا بكر! هي الزكية الطاهرة فيها قبور النبيين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين . وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا إلا وقد صلي فيه. ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه، والقوام من بعده. وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين» (5).

ص: 207


1- (1) ن.م. الإرشاد، ص362. التهذيب، ج3، ص252. الطوسي، الغيبة، ص 282. وسائل الشيعة، ج3، ص 532. بحار الأنوار، ج52، ص 331. ملاذ الأخبار، ج5، ص475.
2- (2) الراوندي، قصص الأنبياء، ص80. بحار الأنوار، ج52، ص225.
3- (3) بحار الأنوار، ج52، ص385. الطوسي، الغيبة، ص275. مع اختلاف يسير .
4- (4) روضة الواعظين، ج2، ص337. إثبات الهداة، ج3، ص452.
5- (5) كامل الزيارات، ص30، مستدرك الوسائل، ج3، ص416.

وعن محمد بن فضيل: «لا تقوم الساعة حتي يجتمع كل مؤمن بالكوفة»(1).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم :« يملك المهدي تسعا أو عشرا. أسعد الناس به أهل الكوفة» (2).

يفهم من مجموع الروايات أن مدينة الكوفة هي المركز الأساسي لقيادة إمام الزمان عليه السلام .

ج - العاملون في دولة المهدي عليه السلام :

من الطبيعي أن العاملين المسؤولين في الدولة التي سيقودها الإمام المهدي عليه السلام يجب أن يكونوا من كبار وصلحاء الأمة. من هذه الجهة نري الروايات تحكي أن هيكل دولة الإمام المهدي عليه السلام يتكون من الأنبياء وخلفائهم والأتقياء وصالحي العصر والأمم السابقة، ومن رؤوس وكبار أصحاب النبي صلي الله عليه و آله و سلم وتذكر أسماء بعضهم.

ذكر للنبي عيسي عليه السلام مهام عديدة في الروايات مثل : وزيري نائب وعامل علي الأموال في دولة الإمام عليه السلام .

عن كعب يقول النبي عيسي عليه السلام للقائم: «فإنما بعثت وزيرا ولم أبعث أميرا»(3).

ص: 208


1- (1) الطوسي، الغيبة، ص273. بحار الأنوار، ج52، ص330.
2- (2) فضل الكوفة، ص25. إثبات الهداة ج3، ص309. حلية الأبرار، ج2، ص719. أعيان الشيعة، ج2، ص51.
3- (3) الملاحم، ص83. ابن حماد، الفتن، 16.

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «وهو - أي عيسي - الوزير الأيمن للقائم وحاجبه ونائبه»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم :« ينزل عيسي... ويقبض أموال القائم ويمشي خلفه أهل الكهف» (2).

وعن الصادق عليه السلام : «إذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم، استخرج من ظهر الكعبة سبعة عشر رجلا، خمسة من قوم موسي الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسي، ومؤمن آل فرعون وسلمان الفارسي، وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر» (3) .

ذكر عددهم في رواية سبعة وعشرون شخصا، وقوم موسي أربعة عشر شخصا(4)، وفي رواية ذكر المقداده(5).

ص: 209


1- (1) حلية الأبرار، ج2، ص120. غاية المرام، ص697.
2- (2) ن.م.
3- (3) العياشي، التفسير، ج2، ص32. دلائل الإمامة، ص 274. مجمع البيان، ج2، ص489. الإرشاد ص365. كشف الغمة، ج3، ص256. بحار الأنوار، ج52، ص346.
4- (4) إثبات الهداة، ج3، ص573.
5- (5) المقداد من أصحاب النبي صلي الله عليه و آله و سلم ؛ وعلي عليه السلام . روي في منزلته كما في بعض الروايات أن الله تعالي يرزق الناس ويساعدهم وينزل عليهم المطر بفضل سبعة أشخاص. منهم المقداد، بحار الأنوار 34: 273. وروي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن الله أمره بحب أربعة : علي عليه السلام ، المقداد، أبي ذر وسلمان . وفي رواية الجنة مشتاقة للمقداد. وهو قد هاجر هجرتين وشارك في حروب عديدة مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ، وقد قال للرسول صلي الله عليه و آله و سلم لن نقول لك كما قالت بنوا إسرائيل لموسي إذهب أنت وربك فقاتلا بل نقول إنا معك مقاتلون، لهذا التعليق تتمة لم تترجم فراجع.

وعن الإمام علي عليه السلام : «وتقبل الجيوش أمامه، ويكون همدان وزراؤه»(1) .

وعن ابن العربي: وله رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يجمعون أثقال المملكة ويعينونه علي ما قلده الله تعالي (2).

وعن ابن عباس، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «أصحاب الكهف أعوان المهدي»(3) .

ويقول الحلبي، إن أهل الكهف كلهم أعجام ولا يتكلمون إلا بالعربية، وإنهم يكونون وزراء المهدي»(4).

نستنتج من الروايات السابقة أن ثقل الحكومة الكبير وإدارة البلاد الإسلامية لا يمكن جعله علي عهدة أي شخص، بل يجب أن تلقي المسؤولية علي عاتق أفراد جربوا مرارا. وثبتت أهليتهم في

ص: 210


1- (1) عقد الدرر، ص97. همدان قبيلة في اليمن . أرسلوا رسولا لهم إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم بعد معركة تبوك وأرسل لهم النبي صلي الله عليه و آله و سلم أمير المؤمنين عليه السلام لدعوتهم إلي الإسلام. بعد قراءة رسالة النبي صلي الله عليه و آله و سلم أسلموا جميعا . فأرسل إلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم خبرهم وسلم علي همدان ثلاث مرات . فلما وصل الخبر مسجد النبي صلي الله عليه و آله و سلم شكرا لله. مدحهم الإمام علي عليه السلام . عندما دعي أمير المؤمنين عليه السلام الناس لحرب معاوية اعترض رجل فهجموا عليه وقضوا عليه لكما وركلا فدفع عليه السلام ديته. كانوا في الجناح الأيمن في حرب صفين وأظهروا شجاعة ومقاومة كبيرين. وقتل منهم وجرح مائة وسبعون شخصا. وكانوا مطيعين دائمة للإمام عليه السلام . أنظر تنقيح المقال، ج2، ص245. اسد الغية، ج4، ص409. إبن الأثير، الكامل، ج1، ص26، 29، 30. العقد الفريد، ج4، ص 339. وقعة صفين، ص274. 43. 290،252 .329.
2- (2) نور الأبصار، ص 187. الوافي، ج2، ص114. نقلا عن الفتوحات المكية.
3- (3) الدر المنثور، ج4، ص215. المتقي الهندي، البرهان، ص 150. العطر الوردي، ص70.
4- (4) السيرة الحلبية، ج1، ص22. منتخب الأثر، ص485.

تجارب مختلفة لعله لهذا السبب نري أن النبي عيسي عليه السلام الذي هو أحد الأنبياء من أولي العزم علي رأس وزراء دولة الإمام المهدي عليه السلام . ومن جملة المسؤولين البارزين في دولته سلمان الفارسي، المقداد، أبو دجانة ومالك الأشتر الذين تولوا مسؤوليات بجدارة في عهد النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أمير المؤمنين، وأهل قبيلة همدان التي هي نقطة مضيئة في التاريخ الإسلامي وفي حكومة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام هم أيضا من مسؤولي هذه الحكومة.

د - عمر الدولة:

هناك روايات مختلفة عن طريق السنة والشيعة في مجال عمر دولة المهدي عليه السلام ، تحدد مدتها بسبع سنوات. بعض الأحاديث الأخري تحددها بثمان،تسع، عشر، وعشرين سنة. وصلت بعض الأخبار التي تحدده بألف سنة . المسلم أن مدة دولة المهدي عليه السلام لن تكون أقل من سبع سنوات، وقد أكدت بعض الأحاديث الواردة عن الأئمة عليهم السلام ذلك.

يمكن أن يقال أن المدة هي سبع سنوات، ولكن سنواتها تختلف عن سني عصرنا كما جاء في بعض الروايات : عن عبد الكريم الخثعمي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كم يملك القائم؟ قال : «سبع سنين تطول له الأيام والليالي حتي تكون السنة من سنيه بمقدار عشر سنين من سنيكم، فتكون سنيه بمقدار سبعين سنة من سنيكم هذه »(1).

ص: 211


1- (1) المفيد، الارشاد، ص363. الطوسي، الغيبة، ص283. روضة الواعظين، ج2، ص264. الصراط المستقيم، ج 2، ص 251. الفصول المهمة، ص302. بحار الأنوار، ج 52، ص291.

وعن الإمام عليه السلام : «فيمكث علي ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر من سنيكم هذه »(1).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «المهدي منا... يملك سبع سنين»(2).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم: «يعمل سبع سنين علي هذه الأمة»(3).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «يكون المهدي عمره إن قصر فسبع سنين، وإلا فثمان، وإلا فتسع» (4).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «يملك المهدي تسع سنين»(5).

وعن جابر، قلت لأبي جعفر عليه السلام : ... وكم يقوم القائم في عالمه حتي يموت ؟ قال : «تسع عشر سنة من يوم قيامه إلي موته»(6).

وعنه النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «... يملك عشرين سنة يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك»(7).

ص: 212


1- (1) عقد الدرر، ص224. إثبات الهداة ، ج3، ص624.
2- (2) الفصول المهمة، ص302. إبن بطريق، العمدة، ص435. دلائل الإمامة ، ص258. الحنفي، البرهان. ص 99. مجمع الزوائد، ج7، ص314. بحار الأنوار، ج51، ص82. فرائد السمطين، ج2، ص330. عقد الدرر، ص 236. 20 .. الشافعي، البيان، ص50. الحاكم، المستدرك، ج4، ص557.
3- (3) عقد الدرر، ص224، 238. إثبات الهداة ، ج3، ص424.
4- (4) إبن طاووس، الملاحم، ص 140. كشف الأستار، ج4، ص112. مجمع الزوائد، ج7، ص314.
5- (5) إين طاووس، الطرائف، 177.,
6- (6) العياشي، التفسير، ج2، ص326. النعماني، الغيبة، ص331. الإختصاص، ص257. بحارالأنوار، ج 52، ص298.
7- (7) فردوس الأخبار، ج4، ص221. العلل المتناهية، ج2، ص858 دلائل الإمامة، ص233. إثبات الهداة ، ج3، ص593. بحار الأنوار، ج51، ص 91. انظر: الطبراني . المعجم، ج8، ص 120. أسد الغابة، ج4، ص353. فرائد السمطين، ج2، ص314. مجمع الزوائد، ج7، ص318. لسان الميزان، ج4، ص383.

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «المهدي من ولدي ... يملك عشرين سنة»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «... يملك عشر سنين»(2).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «يلي المهدي أمر الناس ثلاثين سنة أو أربعين سنة»(3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام« القائم من ولدي يعمر عمر خليل الرحمن، يقوم في الناس وهو ابن ثمانين سنة، ويمكث فيها أربعين سنة»(4).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «يملك القائم تسع عشرة سنة وأشهر»(5).

وعن أبي الجارود، قال أبو جعفر عليه السلام : «إن القائم يملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم»(6).

قال المجلسي رحمه الله : «الأخبار المختلفة الواردة في أيام ملكه عليه السلام بعضها محمول علي جميع مدة ملكه، وبعضها علي زمان استقرار دولته، وبعضها علي حساب ما عندنا من السنين والشهور، وبعضها علي سنينه وشهوره الطويلة، والله يعلم»(7).

ص: 213


1- (1) كشف الغمة، ج3، ص271. إبن بطريق، العمدة، ص439. بحار الأنوار، ج51، ص 1 ، إبن طاووس، الملاحم، ص 142. فردوس الأخبار، ج4، ص6، دلائل الإمامة، ص233.
2- (2) نور الأبصار، ص 170، الشيعة والرجعة، ج 1، ص 225. انظر : فضل الكوفة، ص25. أعيان الشيعة، ج 2، ص 51. ينابيع المودة، ص 492.
3- (3) إبن حماد، الفتن، ص104. كنز العمال، ج14، ص 591.
4- (4) إثبات الهداة, ج3، ص574.
5- (5) النعماني، الغيبة ، ص331. بحار الأنوار، ج52، ص298. وج 53، ص3.
6- (6) الطوسي، الغيبة، ص283. بحار الأنوار، ج52، ص380. إثبات الهداة، ج 3، ص 584.
7- (7) بحار الأنوار، ج52، ص280.

قال المرحوم الوالد آية الله الطبسي: «وهذه الأقوال بظاهرها متناقضة لا يعتمد علي شيء منها. نعم رواية السبع تكررت في أخبارهم وأخبارنا، وربما ترجح هذا القول علي بقية الروايات ؛ لكونها مطابقة لأخبارنا الدالة علي أن المراد منها (سبعين) سنة ، وأنه بقدرة الله - تعالي - يعيش بعد ظهوره بهذا العدد، فكان كل سنة مقدار عشر سنين من سنينا، ويبين ذلك أخبارنا المروية علي ما ذكره أئمة الحديث وحفاظ علي الرواية»(1).

ص: 214


1- (1) الشيعة والرجعة، ج1، ص225.

الفصل الثاني : نمو العلم والثقافة الإسلامية

اشارة

الدولة التي يكون علي رأسها قائد كالمهدي عليه السلام الذي تفتح له أبواب العلم، بمقدار يزيد علي ما كان لدي الأنبياء بثلاثة عشر ضعفا. فمن الناحية العلمية سيكون هناك تطور مثير للعجب، وتحول ملفت في مجال العلموالثقافة والصناعة.

بتعبير آخر إن العلم الذين يفتحه إمام العصر عليه السلام علي الناس لا يمكن قياسه بالتطور العلمي الذي كان لدي البشر، وسيظهر الناس تقبلا أكثر لتحصيل العلم حتي أن النساء اللواتي مازلن في سن الصبا تصير عارفة بكتاب الله ومباني الدين بحيث أنهن يستطعن استخراج حكم الله من القرآن الكريم بسهولة .

في المجال الصناعي، أيضا يكون هناك تطور عجيب، وإن كانت الروايات لم تذكر جزئيات هذا التطور، ولكن مجموع الروايات الواردة في هذا المجال تشير إلي تحول عظيم. مثل الروايات التي تخبر أن شخصا في المشرق يري أخاه في المغرب،

ص: 215

وأن الإمام عليه السلام عندما يتكلم يراه جميع البشر، وأن أصحابه يتكلمون مع بعضهم من مسافة بعيدة، وأنهم يسمعون كلام بعضهم البعض، وأن خشبة التعليم ورباط الحذاء تتكلم مع الإنسان، وأن أثاث المنزل يقدم لصاحبه تقريرا، وأن المسافر يركب السحاب ويطير من جهة إلي جهة أخري، إلي غير ذلك من النماذج الكثيرة من هذا القبيل التي قد يكون بعضها إشارة إلي الإعجاز . ولكن بالنظر إلي مجموع الروايات يمكن إدراك هذا التحول.

الروايات تدل علي أن العالم في زمان إمام العصر عليه السلام عالم متمدن وفي كمال القوة والتطور العلمي، وبشكل عام، هناك فرق كبير بين الصناعة في ذلك العصر والصناعة الحالية، كما أن الصناعة الآن تختلف اختلافا بارزا عنها في القرون السابقة.

الفرق الأساسي بين التطور في عصر الإمام المهدي عليه السلام والعصر الحالي هو أن التطور العلمي والصناعي في عصرنا يؤدي إلي تدني مستوي الثقافة وإلي الاختلاف في المجتمع البشري، وبقدر ما يتطور الإنسان من ناحية العلم فهو يبتعد عن الإنسانية ، ويتجه نحو الفساد والهلاك والجريمة؛ ولكن في عصر الإمام المهدي عليه السلام تكون الظروف علي العكس، فبمقدار ما يصل البشر إلي أعلا مراتب النمو العلمي والصناعي، فهم في نفس الوقت يقتربون بنفس المقدار من الكمال الأخلاقي والإنساني.

في حكومة المهدي عليه السلام مع تطبيق البرامج السماوية يتكامل البشر من ناحية الشخصية، وكأنهم غير البشر الذين كانوا سابقا، الذين مازالوا حتي اليوم يريقون دماء أقرب الناس إليهم من أجل الدرهم والدينار، في دولة الإمام عليه السلام المال والثروة يصيران في نظر الناس

ص: 216

بدون قيمة، فيرون أن طلبهما علامة حقارة ودناءة في الطبع. ويزول الحسد والحقد والعدوان الذي ما زال يخيم عليهم، في دولة الإمام عليه السلام تتقارب القلوب إلي حد تصير كأنها روح واحدة في عدة أجساد. الضعفاء والأذلاء تصير قلوبهم قوية وأشد من الحديد.

نعم إن دولة الإمام عليه السلام تبعث نمو وتكامل الأفكار والأخلاق، ويكون ذلك العصر عصر تكامل الإستعدادات . إن ما ظهر حتي اليوم كان بسبب قصر نظر البشر، وفي النظام الإلهي الدولة المهدي عليه السلام تصل البشرية إلي منتهي بلوغها، وتأخذ الأخلاق والأفكار، والآمال ونحوها لون الكمال والرشد، وهذا الأمل هو وعد عظيم يتحقق في دولة الإمام المهدي عليه السلام العادلة . هدية لم تستطع أي حكومة في أي عصر أن تقدمها للبشر .

أ- تطور العلم والصناعة:

عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «العلم سبعة وعشرون حرفا، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان. فلم يعرف الناس حتي اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا، أخرج الخمسة والعشرين حرفا فبثها في الناس، وضم إليها الحرفين حتي يبثها سبعة وعشرين حرفا»(1).

بنقل الراوندي في الخرائج «جزءاً» بدل حرفاً».

يستفاد من هذه الرواية أن التطور العلمي الذي وصل إليه البشر في عصر الإمام المهدي عليه السلام يصل إلي أكثر من إثني عشرة ضعفا من الكمال والسعة، ومع الدقة سندرك التطور العجيب والمدهش للعلم في عصر الإمام عليه السلام .

ص: 217


1- (1) الخرائج، ج 2، ص 841. مختصر بصائر الدرجات، ص 117. بحار الأنوار، ج52، ص326.

وعن أبي جعفر عليه السلام : «إن العلم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلي الله عليه و آله و سلم ينبت في قلب مهدينا كما ينبت الزرع عن أحسن نباته ، فمن بقي منكم حتي يلقاه، فليقل حين يراه : السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة، ومعدن العلم وموضع الرسالة»(1) .

وعنه عليه السلام : «يكون هذا الأمر في أصغرنا سنا وأجملنا ذكرا، يورثه الله علما، لا يكله إلي نفسه»2(2).

وعنه عليه السلام : «منا الإمام الذي يكون عنده الكتاب والعلم والسلاح»(3).

في هذه الرواية ذكر سر تطور وتكامل البشرية، لأن القائد الذي يستطيع أن يجر المجتمع نحو السعادة والكمال هو القائد الذي يمتلك ثلاثة أمور:

1- القانون الإلهي الذي يهدي الناس إلي الكمال.

2 - العلم الذي يستعمل في سبيل رفاهية حياة البشر .

3- القدرة والأسلحة التي تزيل المفسدين وموانع تكاملالبشرية من طريقها.

الإمام ولي العصر عليه السلام يتمتع بهذه الأمور الثلاثة ؛ بناء عليه فهو يحكم العالم، وإضافة إلي كونه يوصل البشر إلي تطورهم العلمي والصناعي، فهو أيضا يوصلهم إلي كمالهم الأخلاقي والإنساني.

ص: 218


1- (1) كمال الدين، ج2، ص653. العدد القوية، ص65. إثبات الهداة، ج3، ص491. حلية الأبرار، ج3، ص639. بحار الأنوار، ج 51. ص 36. وج52، ص317.
2- (2) عقد الدرر، ص 42.
3- (3) إلزام الناصب، ج1، ص222.

نشير هنا إلي بعض الروايات التي تشير إلي تطور ونمو الصناعة والعلم في عصر الإمام المهدي عليه السلام :

عن ابن مسكان، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق يري أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب يري أخاه الذي في المشرق»(1).

وعن أبي الربيع الشامي، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتي [لا] يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم، فيسمعون وينظرون إليه

وهو في مكانه»(2).

وعن المفضل قال : يا سيدي - الصادق عليه السلام . ففي أي بقعة يظهر المهدي؟ قال عليه السلام : «لا تراه عين في وقت ظهوره إلا رأته كل عين، فمن قال لكم غير هذا فكذبوه»(3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : «كأني بالقائم قد لبس درع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ... لا يبقي أهل بلاد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم»(4).

يفهم من هذه الرواية أن الناس في عصر الإمام المهدي عليه السلام

ص: 219


1- (1) بحار الأنوار، ج52، ص 391. حق اليقين، ج1، ص29. بشارة الإسلام، ص341.
2- (2) الكافي، ج8، ص240. الخرائج، ج2، ص840. مختصر البصائر، ص117. الصراط المسقيم، ج2، ص262. منتخب الأنوارالمضيئة ، ص200. بحار الأنوار، ج52، ص336.
3- (3) بحار الأنوار، ج 53 ص 6.
4- (4) كامل الزيارات. ص119. النعماني، الغيبة، ص309. كمال الدين، ج2، ص671. بحار الأنوار، ج52، ص325. إثبات الهداة ، ج3، ص493. نور الثقلين ج1، ص387.

يرون الإمام بوسيلة غير الموجودة حاليا؛ لأن الرواية تقول: «لا يبقي أهل بلاد إلا وهم يرون أنه معهم».

في هذا المجال هناك إحتمالان:

1- أنه سيكون هناك نظام تصوير ثلاثي الأبعاد في العالم في ذلك العصر.

2- أنه سيكون هناك نظام أكثر تطورا مكانه، يرون به الإمام عليه السلام ، والحديث يشير إلي إعجازه عليه السلام .

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «سيكون بعدكم أقوام تطوي لهم الأرض... وتفتح لهم الدنيا... تطوي لهم الأرض في أسرع الطرق حتي لو شاء أحدهم أن يأتي شرقها أو غربها في ساعة فعل»(1).

وفي مجال تطور الوسائل المعلوماتية عند الظهور، وفي دولة الإمام، إمام الزمان عليه السلام هناك رواية جاء فيها:

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتي يخرج أحدكم من أهله، فيخبره نعله أو سوطه أو عصاه بما أحدث أهله بعده» (2).

وعن أبي جعفر عليه السلام : إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلي أمر خفي، حتي أنه يبعث إلي رجل لا يعلم الناس له ذنب، فيقتله حتي أن أحدهم يتكلم في بيته فيخاف أن يشهد عليه الجدار»(3).

ص: 220


1- (1) فردوس الأخبار، نج2، ص449. إحقاق الحق، ج13، ص351.
2- (2) أحمد بن حنبل، ج3، ص89. فردوس الأخبار، ج5، ص98. جامع الأخبار، ج 11، مص 81.
3- (3) النعماني، الغيبة، ص319. بحار الأنوار، ج52، ص365.

لعل هذه الرواية إشارة إلي التطور المذهل للمنظومة المعلوماتية في عصر الإمام عليه السلام ، فالدولة التي تسيطر علي العالم كله تحتاج إلي تشكيلات وأنظمة معلوماتية معقدة، وقد يكون المراد نفس ظاهر العبارة وهو كون الجدار يعطي الأخبار .

ب - إنتشار الثقافة الإسلامية:

اشارة

في دولة الإمام المهدي عليه السلام يميل الناس للإسلام بنحو لم يسبق له مثيل، وينتهي زمن الإضطرابات وقمع المتدينين ومنع المظاهر الدينية، ويسمع نداء الإسلام في كل مكان، وتتجلي آثار المذهب. يدخل الإسلام كل بيت كما يدخله الحر والقر، كما تعبر بعض الروايات. لأن دخول الحرارة والبرودة ليس اختياريا، ومهما حاول المرء منعهما فإنهما يدخلان ويؤثران علي البيت. الإسلام في ذلك العصر حتي مع وجود المخالفة القلبية في قلوب البعض، يدخل إلي كل مكان، إلي كل قرية ومدينة وسهل وصحراء، ويؤثر عليهم ويغيرهم.

في ظرف كهذه، سيكون تقبل الناس للمظاهر والشعائر الدينية بلا نظير،وسيكون إقبالهم علي تعلم القرآن وصلاة الجماعة، وصلاة الجمعة مدهشا حتي أن المساجد التي ستبني في المستقبل لن تكون كافية، وما روي من أنه تقام الجماعة في المسجد الواحد إثني عشرة مرة، وهذا نفسه دليل واضح علي إقبال الناس علي المظاهر الدينية، هذا الأمر مع الإلتفات إلي أن عدد البشر في زمن ظهور الإمام عليه السلام يكون قليلا لسبب كثرة القتل.

في تلك الظروف، يكون تأثير الجهة أو الوزارة التي تحتمل

ص: 221

مسؤولية الأمور الثقافية والدينية كبيرة جدا، فتبني مساجد بشكل متناسب مع عدد الناس، وقد يلزم في بعض الأماكن بناء مسجد له خمسمائة باب، وفي رواية إن اصغر مساجد الكوفة في ذلك العصر هو مسجد الكوفة الحالي الذي هو الآن من أكبر مساجد العالم.

سنتكلم فيما يلي عن انتشار تعليم القرآن، وكثرة المساجد، والتكامل المعنوي والأخلاقي في دولة الإمام المهدي عليه السلام بنظر الروايات:

1- تعليم القرآن والمعارف الإسلامية :

قال أمير المؤمنين عليه السلام : «كأني أنظر إلي شيعتنا بمسجد الكوفة قد ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن كما أنزل»(1).

وعن أبي عبد الله : «كأني بشيعة علي في أيديهم المثاني، يعلمون الناس»(2).

وعن الأصبغ بن نباته، سمعت عليا يقول: «كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن كما أنزل»(3).

هذه الرواية توضح هوية المعلمين الذين هم من العجم، والعجم(4) عند أهل اللغة يراد منهم الفرس والإيرانيون.

ص: 222


1- (1) النعماني، الغيبة ، ص318 بحار الأنوار، ج52، ص 364.
2- (2) ن.م.
3- (3) الإرشاد، ص 365. كشف الغمة، ج3، ص265. نور الثقلين، ج5، ص27. روضة الواعظين، ج2، ص265.
4- (4) مجمع البحرين، ج6، ص111.

عن أبي جعفر عليه السلام : «... وتؤتون الحكمة في زمانه، حتي أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالي، وسنة رسول الله»(1).

2 - بناء المساجد:

عن حبة العرني، قال : خرج أمير المؤمنين عليه السلام إلي الحيرة(2) ، فقال : «ليبنين بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم؛ لأن مسجد الكوفة ليضيقن عليهم، وليصلين فيه إثنا عشر إماما عدلا، قلت: يا أمير المؤمنين عليه السلام ! ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ؟ قال: تبني له أربع مساجد، الكوفة أصغرها وهذا ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب، وأومأ بيده نحو نهر البصريين والغربيين»(3).

وعنه عليه السلام : «يسير المهدي .... حتي تبني المساجد بالقسطنطينية وما دونها»(4) .

وعن المفضل، قال : سمعت أبا عبد الله يقول: «... إذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم بني في ظهر الكوفة مسجدة له ألف باب»(5) .

لعل المراد من ظهر الكوفة في الرواية مدينة النجف الأشرف ؛ لأن العلماء عبروا عن النجف بظهر الكوفة.

ص: 223


1- (1) بحار الأنوار، ج 52. ص352.
2- (2) مدينة علي بعد فرسخ من الكوفة ، ملكها الملوك اللخميون في زمن الساسانيين. قضي عليهم خسرو برويز سنة 602، عندما وقعت بيد المسلمين وبنيت الكوفة تركت فانهدمت وزالت .
3- (3) التهذيب، ج3، ص253. الكافي، ج4، ص427. من لا يحضره الفقيه . ج2، ص525. وسائل الشيعة، ج9، ص412. مرآة العقول، ج18، ص58. بحار، ج52، ص375.
4- (4) إحقاق الحق، ج13، ص312.
5- (5) الإرشاد، ص 362. الطوسي، الغيبة، ص295. إثبات الهداة، ج3، ص537. الوافي، ج 2، ص 112، بحار الأنوار، ج52، ص330، 337.
3- التكامل المعنوي والأخلاقي :

عن أمير المؤمنين عليه السلام : «فيبعث المهدي ... ويقبل الناس علي العبادة والمشروع والديانة والصلاة في الجماعات»(1).

وعن الإمام الصادق عليه السلام : «وتتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء، وبالحيرة حتي يخرج رجل يوم الجمعة علي بغلة سفواء يريد الجمعة فلا يدركها»(2).(بغلة سفواء : خفيفة سريعة).

قد يكون ذلك كناية عن زيادة أعداد الناس وإزدحامهم المانع من الإشتراك والحضور في صلاة الجمعة، فإجتماع الناس في مكان واحد مع العلم بعدم مشروعية إقامة عدة صلوات جمعة، لعله لصيرورة هذه المدن الثلاث مدينة واحدة، لأن إقامة أكثر من صلاة جمعة في مدينة واحدة غير جائز من الناحية الشرعية .

وعن المفضل بن عمر، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : «إن قائمنا إذا قام.... يمسي الرجل في زمانه جاهلا، بخيلا جبانا ، فيصبح أعلم الناس، أشجع الناس، أكرم الناس يمشي النصر بين يديه»(3).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «إذا قام قائمنا ... لذهبت الشحناء من قلوب العباد»(4).

ص: 224


1- (1) عقد الدرر، ص159
2- (2) الطوسي، الغيبة، ص295، إثبات الهداة ، ج3، ص537. الوافي، ج2، ص112. بحار الأنوار، ج52، ص330، 337.
3- (3) الوافي، ج2، ص113. نقلا عن الفتوحات المكية .
4- (4) الخصال، ج2، ص154. ح 1051.

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «... ويرفع الشحناء والتباغض»(1).

وعن الإمام الحسن عليه السلام : «يبعث الله رجلا في آخر الزمان ... ولا يبقي طالح إلا صلح»(2).

إحدي خصائص عصر الإمام المهدي عليه السلام هي ذهاب الحرص والطمع، وبروز الشعور بالغني لدي البشر.

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «إذا خرج المهدي عليه السلام ألقي الله الغناء في قلوب العباد، حتي يقول المهدي : من يريد المال؟ ولا يأتيه أحد»(3).

وقال صلي الله عليه و آله و سلم : «أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي علي اختلاف الناس، وزلازل، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض، ويملأ الله قلوب أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم غني، فلا يحتاج أحد إلي أحد، فينادي مناد: من له في المال حاجة؟ قال : فيقوم رجل، فيقول: أنا، فيقال له: أنت السادن - يعني الخازن - فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له إحث حتي إذا جعله في حجره وأبرزه، ندم فيقول: كنت أجشع أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم نفسا، أوعجز عني ما وسعهم. قال: فيرده فلا يقبل منه . فيقال له: إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه»(4).

ص: 225


1- (1) عبد الرزاق، المصنف، ج 11، ص402. إبن حماد، الفتن، 162. إبن طاووس، الملاحم، ص152.
2- (2) منن الرحمن، ج2، ص42، إثبات الهداة، ج3، ص524. نقلا عن أمير المؤمنين عليه السلام
3- (3) إبن طاووس، الملاحم، ص71. إحقاق الحق، ج13، ص186. الشيعة والرجعة، ج 1، ص27 .
4- (4) أحمد بن جنبل، المسند، ج3، ص37، 52. جامع أحاديث الشيعة، ج1، ص34. إحقاق الحق، ج13، ص146.

استخدمت في الرواية جملة «ويملأ قلوب أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم غني» التي تستحق الدقة في معناها، لأن الغني ليس هو المقصود، بل الإستغناء وعدم الحاجة، فيمكن أن يكون الإنسان فقيرا ولكن لديه روح غنية. فالجملة تفيد أن قلوبهم مليئة بالإحساس بالإستغناء، ويزيد عليها بأنهم من الناحية المالية يتمتعون بوضع جيد.

وكما وردت روايات في مجال الرشد الفكري والكمال الأخلاقي وقوة القلب في زمان الإمام المهدي عليه السلام نذكر بعضا منها :

عن أبي جعفر عليه السلام :« إذا قام قائمنا وضع يده علي رؤوس العباد فجمع به عقولهم وأكمل به أحلامهم»(1). أي آمالهم(2).

بما أن إمام الزمان عليه السلام يطبق القوانين الإسلامية كاملة فإن ذلك يؤدي إليرشد الناس الفكري وتحقيق هدف النبي صلي الله عليه و آله و سلم ، الذي أخبر عنه: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لفاطمة عليهاالسلام : «فبعث الله عند ذلك منهما - الحسنين - من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا»(3).

«يخرج رجل من ولدي ... ووضع يده علي رؤوس العباد، فلا يبقي مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالي قوة أربعين رجلا»(4).

ص: 226


1- (1) الكافي، ج1، ص25. الخرائج، ج2، ص840، كمال الدين، ج2، ص675.
2- (2) بحار الأنوار، ج52، ص336.
3- (3) عقد الدرر، ص152 ، إحقاق الحق، ج13، ص116، إثبات الهداة، ج3، ص448/ 495.
4- (4) كمال الدين، ج2، ص653. دلائل الإمامة، ص243. كامل الزياراتن ص119.

وقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «تقيء الأرض أفلاذ كبدها. أمثال الاسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلايأخذون شيئا»(1).

وعن زيد الزراد، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : يخشي أن لا نكون مؤمنين، قال : ولم ذاك؟ فقلت : وذلك أنا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده أثر من در همه وديناره، ونجد الدنيا والدرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنين عليه السلام . فقال : «كلا، إنكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتي يخرج قائمنا . فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين»(2).

ص: 227


1- (1) مسلم، الصحيح، ج52، ص701. الترمذي. الصحيح، ج34، ص493. أبو يعلي، المسند ج11، ص32. جامع الأصول، ج11، ص38.
2- (2) الأصول الستة عشر، ص56. بحار الأنوار، ج 97، ص350.

ص: 228

الفصل الثالث : الأمن

اشارة

بما أن الخوف يكون مسيطرا علي العالم قبل ظهور الإمام عليه السلام ، فإن أهم عمل للإمام عليه السلام هو إعادة الأمن إلي المجتمع. في دولة الإمام المهدي عليه السلام يعود الأمن علي جميع الأصعدة إلي المجتمع وفي مدة قليلة، بناء علي برنامج دقيق، ويعيش الناس في جو من الإطمئنان لم تر البشرية مثله في أي عصر.

تأمن الطرقات فتسافر الفتاة من مكان إلي آخر دون حاجة إلي رفيق أو محرم، وتكون آمنة من التعرض لأي إعتداء أو نظر محرم .

يعيش الناس في أمن من ناحية القضاء، فلا يكون لدي المرء أدني خوف من ضياع حقه. توضع القوانين وتطبق بحيث يحس الناس بالأمن علي المال والنفس. تزول السرقة من المجتمع، ويعم الأمن علي المال حتي أن الشخص إذا وضع يده في جيب أخيه لا يكون هناك لديه احتمال لنية السرقة ويبرر عمله .

يزول الخوف من المجتمع ويحل مكانه الأمن حتي يشمل

ص: 229

الحيوانات أيضا، فتعيش الشاة إلي جانب الذئب، ويلعب الأطفال بالعقرب والأفعي دون أن يصيبهم أي ضرر.

أ. عموم الأمن:

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «إذا نزل عيسي بن مريم وقتل الدجال... يقول الرجل لغنمه ولدوابه إذهبوا فارعوا في مكان كذا وكذا، وتعالوا في كذا كذا، ويري الماشية بين الزرعين، لا تأكل منه سنبلة، ولا تكسر ضلعها عودا»(1).

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «... يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتي يكون الناس علي مثل أمرهم الأول لا يوقظ نائما ولا يهرق دما» (2).

وعن ابن عباس: «... حتي يأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحية، وحتي لا تفرض الفأرة جرابا»(3).

قال أمير المؤمنين عليه السلام : «... ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها وأصطلحت السباع والبهائم، حتي تمسي المرأة بين العراق والشام ولا يهيجها سبع ولا تخافه»(4) .

ص: 230


1- (1) إبن طاووس، الملاحم، ص97.
2- (2) إبن حماد، الفتن، ص99. المتقي الهندي، البرهان، ص78. إبن طاووس، الملاحم، ص70. إنظر : عقد الدرر، ص156. القول المختصر، ص19. السفاريني، اللوائح، ج2 ص12. الطوسي، الغيبة، ص274. الخرائج، ج3، ص1249. إثبات الهداة، ج3، ص 514. بحار الأنوار، ج52، ص290.
3- (3) بحار الأنوار، ج 1، ص 61. البيهقي، السنن، ج9، ص180.
4- (4) الصدوق، الخصال، الباب 400، ص255، الإمامة والتبصرة. ص131. إثبات الهداة، ج3، ص 494. بحار الأنوار، ج52، ص316 .

وعنه عليه السلام : «... ثم إن جيش المهدي عليه السلام يقتل جيش الأعور الدجال في مدة أربعين يوما من طلوع الشمس إلي غروبها، ويطهر الأرض منهم، وبعد ذلك يملك المهدي عليه السلام مشارق الأرض ومغاربها، ويفتحها من جابرقا إلي جابرسا ويفتح جميع الأمصار، ويستقيم، ويستقيم أمره، ويعدل بين الناس؛ حتي ترعي الشاة مع الذئب في موضع واحد. وتلعب الصبيان والعقرب ولا يضرهم، ويذهب الشر، ويبقي الخير ...»(1) .

وعن أبي هريرة : «لا تقوم الساعة حتي ينزل عيسي ... ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، ويكون الأسد في الإبل كأنه فحلها - عجلها»(2) .

وعن حذيفة، قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «إذا كان عند خروج القائم ... فعند ذلك تفرخ الطيور في أوكارها، والحيتان في مجاريها»(3) .

لعل المراد أنها تحس بالأمن، وتضع بيضها في أعشاشها وفي محل إقامتها دون تردد.

عن أبي إمامة الباهلي، قال : خطبنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ذات يوم خطبة، فكان آخر خطبته :... وإمام الناس يومئذ رجل صالح... ولا يسعي علي شاة. ولا يبغي بقرة، ويرفع الشحناء والتباغض، وينزع حمة كل دابة، حتي يدخل الوليد يده في فم الحنش فلا

ص: 231


1- (1) ينابيع المودة، ص422. المحجة، ص425. أحقاق الحق، ج13، ص341.
2- (2) عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص401. إنظر. أحمد بن حنبل، المسند، ج2، ص437.ابن حماد، الفتن، ص 162.
3- (3) الإختصاص، ص208. بحار الأنوار، ج52، ص304.

يضره. وتلقي الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون في الإبل كأنه كلبها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها(1).

لعل هذه الرواية كناية عن الإحساس بالأمن الكامل ووجود جو من الإطمئنان للطرف الآخر.

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «إذا نزل عيسي بن مريم قتل الدجال... والحيات والعقارب ظاهرة لا تؤذي أحدا»(2).

يظهر بشكل واضح من هذه الأحاديث مقدار الأمن علي المال والنفس في عصر الإمام المهدي عليه السلام ؛ كالراعي الذي يرسل قطيعه إلي الرعي آمنا من سطو البشر وهجوم الحيوانات المفترسة عليها، والإنسان الذي يسافر من مكان إلي مكان، أو يعيش بين الحيوانات المؤذية، آمنا من أذاها، وكأن قانون احترام حقوق الآخرين يسود عند الحيوانات المفترسة والحشرات ويخضع له الجميع. وكأن هذا الأمن هو بسبب النعم الإلهية في عصر الإمام عليه السلام ، وبما أن جميع الحيوانات تستفيد من هذه النعم فهي تحس بالأمن ولا تؤذي أحدا.

ويعم الأمن في عصر إمام الزمان عليه السلام إلي حد أن الشخص النائم يطمئن إلي أنه لا يوقظه أحد.

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «يأوي إلي المهدي أمته كما يأوي النحل إلي يعسوبها، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، حتي يكون الناس علي مثل أمرهم الأول، لا يوقظ نائمةا ولا يهرق دما»

ص: 232


1- (1) الطيالسي، المسند، ج10، ص 335. إبن طاووس، الملاحم، ص153.
2- (2) الحاوي لفتاوي، ج 2، ص 77، إبن طاووس، الملاحم، ص70. 63. إحقاق الحق، ج13/ ص 154.

ب - أمن الطرق:

بالنسبة لأمن الطرق في دولة الإمام المهدي عليه السلام وصلت روايات كثيرة نذكر منها الروايات التالية :

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «... حتي تسير المرأتان، لا تخشيان جورا...»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «وليتمن الله هذا الأمر حتي يسير الراكب من صنعاء إلي حضرموت لا يخاف إلا الله ...»(2) .

وعن أبي جعفر عليه السلام : «... يقاتلون والله حتي يوحد الله ولا يشرك به شيء، وحتي تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب لا ينهاها أحد»(3).

قد يكون ذكر إسمي هذين البلدين نظرا لوجود صحار مخيفة يعبر عنها أحيانا بالمفازة، تفاؤلا بالخروج منها بأمان.

عن رجل، قلت لأبي عبد الله عليه السلام : «... ما نتمني القائم عليه السلام إذا كان علي هذا؟ فقال لي: سبحان الله أما تحب أن يظهر العدل ويأمن السبل وينصف المظلوم»(4).

وعن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ، قال : دخل عليه أبو حنيفة، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : أخبرني عن قول الله عز وجل :

ص: 233


1- (1) المعجم الكبير، ج8، ص179.
2- (2) ن.م. ج4، ص72. جامع الأصول، ج7، ص286. البهيقي، السنن، ج9، ص180.
3- (3) العياشي، التفسير، ج2، ص62، النعماني، الغيبة، ص283. تفسير البرهان، ج1، ص369. بحار الأنوار، ج52، ص345. ينابيع المودة، ص423. الشيعة والرجعة، ج1، ص380.
4- (4) المفيد، الإختصاص، ص20، العياشي، التفسير، ج1، ص64. النعماني، الغيبة، ص149. بحار الأنوار، ج52، ص144. إثبات الهداة ، ج3، ص557. الفائق، ج4،ص100.

(سيروا فيها ليالي وأياما ءامنين)(1) أين ذلك من الأرض؟ قال : أحسبه بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلي أصحابه ، فقال: «أتعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة، فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون علي أنفسهم ويقتلون؟ قالوا نعم، فقال: فسكت أبو حنيفة . فقال عليه السلام يا أبا حنيفة ! أخبرني عن قول الله عز وجل (ومن دخله كان آمنا) (2) أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة. قال : أعلم أن الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق علي إبن الزبير في الكعبة فقتله كان آمناً فيها؟ قال : فسكت. فلما خرج، قال أبو بكر الحضرمي: جعلت فداك الجواب في المسألتين؟ فقال : يا أبا بكر ( سيروا فيها ليالي وأياما ءامنين) فقال : مع قائمنا أهل البيت. وأما قوله : (ومن دخله كان آمنا) فمن بايعه ودخل معه ومسح علي يده ودخل في عقد أصحابه كان آمنا...»(3).

روي علي بن عقبة عن أبيه، قال: «إذا قام القائم حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور وأمنت به السبل وأخرجت الأرض بركاتها ورد كل حق إلي أهله ...»(4).

وقال قتادة : «المهدي خير الناس... ويأمن الأرض، حتي أن المرأة لتحج في خمس نسوة وما معهن رجل، لا تتقي شيئا»(5).

ص: 234


1- (1) سورة سبأ، الآية 18.
2- (2) سورة آل عمران، الآية 97.
3- (3) علل الشرائع، ج1، ص83. نور الثقلين ج3، ص332. تفسير البرهان، ج3، ص212. بحار الأنوار، ج 52، ص314.
4- (4) بحار الأنوار، ج52، ص338.
5- (5) إبن حماد، الفتن، ص98. إبن طاووس، الملاحم، ص69. عقد الدرر، ص 151. القول المختصر، ص21.

وعن عدي بن حاتم: «لتخرجن الضعيفة من الحيرة، حتي تطوف بهذا البيت، لا تخاف إلا الله عز وجل» (1).

ج - الأمن القضائي:

الأمور التي تحصل بعد ظهور الإمام عليه السلام هي معاقبة الأشخاص الذين أخلوا بالأمن في العالم كله، وقتلوا وتسببوا بأذي الملايين، وبوجود المشكلات المادية والمعنوية. هؤلاء المجرمون الذين تسببوا بإيجاد وضع مؤسف في الأرض. من المؤكد أنهم سيؤخذون ويحاكمون بعد ظهور الإمام عليه السلام لأن تنفيذ الحدود الإلهية هو واحد من الواجبات المهمة وبالأخص في حضور الإمام المعصوم وبقية الله في الأرض، الذي سيطبق الحدود حسب كتاب الله وبعيدا عن الأهواء النفسية .

في ذلك العصر، يستفاد في هذه الوظيفة الهامة من أشخاص ذوي ماض نقي من المساوئ، فضلا عن معرفتهم الكاملة بالمباني الإسلامية والفقهية. وقد أشير إلي ذلك في بعض الروايات نذكر منها الروايات التالية :

عن أبي عبد الله عليه السلام : «إذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم استخرج من ظهر الكعبة سبعة عشر رجلا، خمسة من قوم موسي الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أصحاب الكهف، ويوشع وصي موسي، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر» (2).

ص: 235


1- (1) فردوس الأخبار، ج3، ص491.
2- (2) إثبات الهداة، ج3، ص55، نقلا عن تفسير العياشي، وفي روضة الواعظين، ج66، يخرج الإمام سبعة وعشرين شخصا من خلف الكعبة.

وقال أبو بصير، جعلت فداك ليس علي ظهر (الكعبة) مؤمن غير هؤلاء، قال: «بلي، ولكن هذه العدة التي يخرج فيها القائم عليه السلام ، وهم النجباء والفقهاء، وهم الحكام، وهم القضاة الذين يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشكل عليهم حكم»(1).

في بحار الأنوار أنهم أصحاب المهدي عليه السلام والحكام علي الأرض(2).

عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه عليه السلام : «إذا قام القائم، بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلا، يقول: عهدك في كفك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه، فانظر إلي كفك واعمل بما فيها» (3).

يمكن أن يكون فهم حكم المشكلات بواسطة الكف كناية عن سرعة الإرتباط بمركز الدولة وفهم الواجب في رفع المشكل، أو إشارة إلي المهارة المدهشة للمسؤولين الذين بإمكانهم إبداء الرأي بمجرد رؤية المشكل ولو لمرة واحدة، وقد يكون ذلك بواسطة المعجزة التي يعجز عقل البشر عن فهمها.

عن أبي جعفر عليه السلام «... ويخرج المهدي ... فلا يترك... ولا مظلمة لأحد من الناس إلا ردها»(4) .

ص: 236


1- (1) إبن طاووس، ص202. دلائل الإمامة، ص307. مع اختلاف يسير .
2- (2) دلائل الإمامة ، ص249. بحار الأنوار، ج52، ص365.
3- (3) النعماني، الغيبة، ص319. دلائل الإمامة، ص249. أثبات الهداة ، ج3، ص573. بحار الأنوار، ج52، ص365 وج53، ص 91.
4- (4) العياشي، التفسير، ج1،ص62، بحار الأنوار، ج52، ص224.

وقال الصادق عليه السلام : «إذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلي بينة، يلهمه الله تعالي فيحكم بعلمه»(1).

وعن جعفر بن سيار الشامي، قال: «يبلغ من رد المهدي المظالم، حتي لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتي رده»(2).

بالطبع هذا التصرف بحقوق الناس يليق بمحاكم دولة الإمام المهدي عليه السلام ، وقضاتها هم أشخاص مثل : سلمان، مالك الأشتر، وكبار قوم موسي عليه السلام وغيرهم، ورئاسة الهيئة القضائية بيد الإمام نفسه عليه السلام ومن الطبيعي أنه لا مكان للخوف من ضياع الحقوق، كما تبين هذه الحقيقة جملة «حتي لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتي رده.

ص: 237


1- (1) روضة الواعظين، ص266، بصائر الدرجات، ج5، ص259.
2- (2) إبن حماد، الفتن، ص98. عقد الدرر، ص36. إين طاووس، الملاحم، ص68. القول المختصر، ص52.

ص: 238

الفصل الرابع : الإقتصاد

اشارة

الحكومة إذا كانت مدعومة من الله تعالي، وطبقت الأحكام والقوانين الإلهية في المجتمع، فإن الناس سيتغيرون ببركتها، ويتوجهون للتقوي والصلاح، وستفيض نتيجة ذلك نعم الله علي العباد من كل مكان.

كما نقرأ في القرآن الكريم (ولو أن أهل القري ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركت من السماء والأرض)(1).

في دولة المهدي عليه السلام التي يتوجه فيها الناس لطاعة الله - عز وجل - وتخضع رقابهم لأوامر حجة الله ، لا مبرر لأن تمنع الأرض والسماء بركاتها عن عباد الله . من هذه الناحية تهطل الأمطار الموسمية، تمتليء الأنهار بالمياه، وتكثر محاصيل الأرض، وتزدهر الزراعة، وتخضر الحقول وتثمر، وتتحول الصحاري مثل مكة

ص: 239


1- (1) القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 96.

والمدينة التي لم تر الخضرة أبدا إلي واحات، وتتسع تربية الحيوانات. ويزدهر الإقتصاد، ويزول الفقر والعوز، ويظهر العمران في كل مكان، وتزدهر التجارة.

هناك روايات كثيرة وردت في مجال الإزدهار الإقتصادي في زمان إمام العصر عليه السلام نذكر منها الروايات التالية :

أ- الرفاه الإجتماعي

اشارة

ما يستفاد من الروايات في هذا المجال هو أنه علي اثر تحسن الوضع الإقتصادي تنتزع جذور الفقر والعوز من المجتمع البشري، ويعطي للشخص المحتاج المال حتي لا يستطيع حمله، ويتحسن الوضع العام للمجتمع بحيث أن دافعي الزكاة يجهدون في إيجاد المستحق لإيصالها إليه .

1- تقسيم الأموال :

عن أبي جعفر عليه السلام : «إذا قام قائم أهل البيت عليهم السلام . قسم بالسوية وعدل في الرعية،... ويجمع إليه أموال من بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس: تعالوا إلي ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم في ما حرم الله عز وجل، فيعطي شيئا لم يعطه أحد كان قبله»(1).

وعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد»(2).

ص: 240


1- (1) علل الشرائع، ص 161، النعماني، الغيبة، ص237. عقد الدرر، ص39. بحار الأنوار، ج52، ص390. إثبات الهداة ، ج3، ص497.
2- (2) إبن حماد، الفتن، ص98. ابن أبي شيبة، المصنف، ج10، ص196. أحمد بن حنبل، المسند، ج 3، ص . إبن بطريق، العمدة، ص424.

وقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له المهدي، عطاؤه هنيئا»(1).

إن عطاء المهدي عليه السلام رحمة وبلا منّة، بناء علي هذا يكون هنيئا علي خلاف عطاء الآخرين الذي يكون ثمنه العبودية، أو بيع الدين، أو إراقة ماء الوجه.

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «ثم ينشأ رجل من قريش... فيقسم المال، ويعمل بسنة نبيهم»(2).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيثا ولا

يعده عدا» (3).

وعن عبد الله بن سنان، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن لي أرض خراج، وقد ضقت بها ذرعا قال : فسكت هينهة ثم قال : إن قائمنا لو قد قام، كان نصيبك في الأرض أكثر منها»(4)(4) .

وعن الإمام الباقر عليه السلام : «إذا قام قائم أهل البيت عليهم السلام ، قسم بالسوية وعدل في الرعية»(5).

وعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «.. آخرهم إسمه إسمي يخرج فيملأ

ص: 241


1- (1) الشافعي، البيان، ص124. احقاق الحق، ج13، ص248. الشيعة والرجعة، ج1، ص207.
2- (2) اين داود، السنن، ج4، ص108.
3- (3) عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص 372. إين بطريق، العمدة، ص 424. الصواعق المحرقة ، ص 164، البغوي، مصابيح السنة، ج2، ص139. الشافعي، البيان، ص 122. ابن طاووس، الملاحم، ص69.
4- (4) الكافي، ج5، ص 285. التهذيب، ج7، ص149.
5- (5) النعماني، الغيبة ، ص237. بحار الأنوار، ج51، ص29.

الأرض... يأتيه الرجل والمال كدوس، فيقول: يا مهدي أعطني ، فيقول خذ»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «... إنه يستخرج الكنوز، ويقسم المال، ويلقي الإسلام بجرانه» (2).

2- قلع جذور الفقر:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «يخرج المهدي ... ويطاف بالمال في الحواء، فلا يوجد أحد يقبله»(3).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «يكون في أمتي المهدي ... والمال كدوس»(4).

هذا الحديث كناية عن زوال الحاجة من المجتمع بنحو تزيد الأموال عن موارد مصرفها. وبتعبير آخر إن دولة المهدي عليه السلام ليست بلا نقص في ميزانيتها، فحسب بل إن مدخولها أكثر من مصروفها.

عن المفضل بن عمر : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن قائمنا إذا قام... تظهر الأرض كنوزها، حتي يراها الناس علي وجهها، ويطلب منكم من يصله بماله ويأخذ من زكاته، لا يوجد أحد يقبل منه ذلك، واستغني الناس بما رزقهم الله من فضله»(5) .

ص: 242


1- (1) ابن طاووس، الملاحم، ص70. بحار الأنوار، ص379. أنطر: أحمد بن جنبل، المسند، ج3، ص21. أحقاق الحق، ج13، ص 55.
2- (2) ن.م، ص 69.
3- (3) عقد الدرر، ص166. المستجاد، ص58. يطلق الحواء علي البيوت القريبة لبعضها في حي واحد.
4- (4) الحاكم، المستدرك، ج4، ص558. الشيعة والرجعة، ج1، ص214.
5- (5) المفيد، الارشاد، ص363، بحار الأنوار، ج52، ص337.

وعن علي بن عقبة: «ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته ولا لبره لشمول الغني جميع المؤمنين»(1) .

وعن الباقر عليه السلام : «ويخرج الناس خراجهم علي رقابهم إلي المهدي، ويوسع الله علي شيعتنا، ولولا ما يدركهم من السعادة لبغواه»(2).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «... ويعطي الناس عطايا مرتين في السنة، ويرزقهم في الشهر رزقين، ويسوي بين الناس حتي لا تري محتاجا إلي الزكاة، ويجيء أصحاب الزكاة علي المحاويج من شيعته فلا يقبلونها فيصروها ويدورون في دورهم فيخرجون إليهم فيقولون : لا حاجة لنا في دراهمكم»(3) .

يعلم من الروايات السابقة أمران:

الأول: أن الناس في زمن دولة الإمام المهدي عليه السلام ، تصل إلي مرحلة من الرشد الفكري يعملون بواجباتهم في جميع أبعادها دون إجبار واضطرار، ومن هذه الوظائف دفع خمس الأرباح للدولة الإسلامية .

لو دفع جميع المسلمين أرباحهم وزكاة أموالهم إلي الدولة الإسلامية، فإنها ستشكل رقما كبيرا وتكون الدولة قادرة علي أي إجراء إصلاحي وخدماتي عام.

ص: 243


1- (1) ن.م، ص 344. المستجاد، ص509. بحار الأنوار، ج52، ص339. إنظر : أحمد بن حنبل، و المسند، ج2، ص53. 272. 313 وج3، ص 5. مجمع الزوائد ص 31.
2- (2) بحار الأنوار، ج52، ص345.
3- (3) النعماني، الغيبة ، ص238. حلية الأبرار، ج2، ص642. بحار الأنوار، ج52، ص390. أنظر : بحار الأنوار، ج52، ص352. إبن أبي شيبة، المصنف، ج3، ص111. احمد بن حنبل ج4، ص306. البخاري، الصحيح، ج2، ص135. مسلم، الصحيح، ج2، ص70.

الثاني: أنه وإن كان عطاء الإمام عليه السلام في ذلك العصر بدون حساب، وكان لدي الناس موارد مختلفة تسد حاجاتهم، ولكن ما يلفت النظر هو طبيعة وحالة الغني لديهم؛ لأنه كم من الناس الأثرياء لديهم نفس جائعة وروح فقيرة، وكم من الناس مع فقرهم يتمتعون بطبيعة عالية وروح غنية. الناس في عصر إمام الزمان عليه السلام يتمتعون بروح غنية ، وهذا هو التغيير المعنوي الذي يحدث في ذلك العصر .

3- مساعدة المحرومين والمستضعفين :

عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «... فعند ذلك خروج المهدي وهو رجل من ولد هذا - وأشار بيده إلي علي ابن أبي طالب عليه السلام به يمحق الله الكذب، ويذهب الزمان الكليب، وبه يخرج ذل الرق من أعناقكم»(1).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «... فلا يترك - أي المهدي - عبدا مسلما إلا اشتراه وأعتقه، ولا غارما إلا قضي دينه»(2).

وعن أبي أرطأة: «ثم ينزل - أي المهدي - الكوفة حتي يستنقذ من فيها من بني هاشم»(3).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «ثم يخرج المهدي حتي يمر بالمدينة فيستنقذ من كان فيها من بني هاشم»(4).

ص: 244


1- (1) الطوسي، الغيبة، ص114. إثبات الهداة، ج3، ص502، بحار الأنوار، ج5، ص 75.
2- (2) العياشي، التفسير، ج1، ص64. بحار الأنوار، ج52،ص224.
3- (3) إبن حماد، 83، الحاوي للفتاوي، ج3، ص67. المتقي الهندي، البرهان، 118.
4- (4) إبن طاووس، الملاحم، ص64.

وفي الملاحم لإبن طاووس: «فيفتح الله أرض الحجاز ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم»(1).

وعن طاووس اليماني: «المهدي يلعق المساكين الزبد»(2).

يحتمل أن يكون المراد أن الإمام عليه السلام لديه اهتمام خاص بمساعدة وإعطاء المحرومين والمساكين، وكان يعطيهم من الأموال زيادة ما يستحقه أي مسلم من بيت المال، بمقدار ما يري

الأصلح.

ب - العمران:

عندما نأخذ بعين الإعتبار مقدار الدمار قبل الظهور فإننا سندرك عظمة وأهمية العمران في دولة الإمام المهدي . فالعالم ابتلي بالحرب المدمرة، وصار هدفا للأهواء النفسانية للمستكبرين واحترق مدة من الزمن بنار الحرب التي تركت الكثير من القتلي والدمار، لذلك هو يحتاج إلي مقدار كبيرمن الإعمار، ودولة الإمام المهدي عليه السلام تقوم بتعمير هذا الخراب، ويظهر هذا الإعمار في العالم كله.

عن علي عليه السلام : «... ثم إن المهدي عليه السلام يفرق أصحابه وهم الذين عاهدوه في أول خروجه، فيوجههم إلي جميع البلدان، ويأمرهم بالعدل والإحسان، وكل رجل منهم يحكم علي إقليم من الأرض، ويعمر جميع مدائن الدنيا بالعدل والإحسان»(3) .

ص: 245


1- (1) عقد الدرر، ص167.
2- (2) إبن طاووس، الملاحم، ص68. عقد الدرر، ص227.
3- (3) الشيعة والرجعة، ج1 ص168.

وعن أبي جعفر عليه السلام : «... فلا يبقي في الأرض خراب إلا عمر»(1).

وعنه عليه السلام : «يدخل المهدي الكوفة ... ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين عليه السلام لهم نهرا يجري إلي الغريين، حتي يبرز في النجف، ويعمل علي فوهته قناطر»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «إن قائمنا إذا قام ... ويتصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة»(3).

وفي الإرشاد: «اتصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلاء»(4).

تحكي هذه الرواية عن اتساع العمران في الكوفة، الذي يتصل من ناحية بالحيرة التي تبعد الآن من ناحية مسافة ستين كيلو مترا عن الكوفة، وتتصل بكربلاء من ناحية أخري التي هي تبعد هذه المسافة أيضا.

«ليتصلن هذه بهذه، وأومأ بيده علي الكوفة والحيرة، حتي يباع الذراع فيما بينهما بدنانير»(5) .

ص: 246


1- (1) كمال الدين، ص331، الفصول المهمة، ص 284. اسعاف الراغبين ، ص152. الوافي، ج2، ص112. نور الثقلين، ج2، ص212. احقاق الحق، ج3، ص342.
2- (2) المقيد، الإرشاد، ص362. الطوسي، الغيبة، ص280. روضة الواعظين، ج 2ن ص263. الصراط المستقيم، ج2، ص262. أعلام الوري، 430. المستجاد، ص580. كشف الغمة، ج3، ص253. بحار الأنوار، ج52، ص331 وج97، ص385.
3- (3) الطوسي، الغيبة، ص295، بحار الأنوار، ج52، ص330 . 337. وج97، ص385.
4- (4) المفيد، الإرشاد، ص 362، أنظر : روضة الواعظين، ج2، ص264. أعلام الوري، ص434. الخرايج، ص3، 1176. الصراط المستقيم، ج2، ص252. المحجة، ص184.
5- (5) التهذيب، ج3، ص253. ملاذ الأخيار، ج5، ص478. بحار الأنوار، ج52، ص374.

قد يكون اتساع الكوفة وغلاء الأرض لأنها ستكون عاصمة الدولة الإسلامية، والمؤمنون بحسب الروايات سيذهبون إلي هناك .

في زمن الإمام المهدي عليه السلام تتسع الطرق والشوارع أيضا، وتوضع قوانين خاصة في هذا المجال. عن الإمام الباقر عليه السلام : «إذا قام القائم سار إلي الكوفة... ولم يبق مسجد علي الأرض له شرف إلا هدمها وجعلها جماء، ووسع الطريق الأعظم»(1).

وعن أبي الحسن موسي عليه السلام : «إذا قام قائمنا قال : يا معشر الفرسان سيروا في وسط الطريق يا معشر الرجال سيروا علي جنبي الطريق، فأيما فارس أخذ علي جنبي الطريق فأصاب رجلا عيب ألزمناه الدية، وأيما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له»(2)

نفهم من هذه الرواية أن المدن تتسع، وتكثر الطرقات، وتوضع قوانين ليس فقط لوسائل النقل، بل للمشاة أيضا. فالحكومة التي تستفيد من العلم والصناعة وتوسع الطرق الرئيسية، وتفتح شوارع واسعة، لا شك أنها تضع إلي جانب ذلك قوانين للقيادة مع ضمان قوي لتنفيذها.

ج - الزراعة:

اشارة

من الموارد التي حصل فيها تغيير ملفت في دولة إمام الزمان عليه السلام ، الزراعة وتربية المواشي، فبعد أن ذاق الناس طعم قلة

ص: 247


1- (1) المفيد، الارشاد، ص365. بحار الأنوار، ج52، ص339.
2- (2) التهذيب، ج1، ص314، وسائل الشيعة، ج19، ص181. ملاذ الأخيار، ج16، ص685 .إثبات الهداة، ج3، ص455.

المطر، والجفاف، وقلة المواد الغذائية، وانعدام الأراضي الزراعية لسنوات متوالية، ومضي زمان لا أثر فيه للماشية وتربية المواشي، وكان علي المرء أن يقدم أحيانا أغلي شيء عنده ، أي الشرف والعرض، من أجل تأمين لقمة الخبز يحدث تغيير مدهش في الزراعة وتربية المواشي وتكثر المواد الغذائية في المجتمع.

قبل ظهور الإمام عليه السلام إذا كان المطر يهطل أحيانا، لم تكن الأرض تقبله، وأحيانا تكون الأرض محتاجة له إلا إنها لا تمطر، تنعدم المحاصيل الزراعية، وفي بعض الأحيان كان المطر يهطل في غير زمانه فيفني المزروعات. في زمان الإمام عليه السلام تتغير أوضاع الطقس، في البداية يهطل مطر لم يره الناس في حياتهم، وبعد ذلك تنزل الرحمة الإلهية علي البشر،وتكثر علي أثره النعم عليهم، بحيث أنهم يجنون محصول عشر سنوات في يوم واحد. وقد جاء في الروايات أنه ينتج من كل من واحد كل ثلاثة كيلو غرامات من القمح مائة من.

تحكي الروايات عن نزول أربعة وعشرين مطرا بعد الظهور ، تعم بعدها الناس بركات كثيرة. وتنتشر الخضرة والبهجة، في الجبال والسهول والصحاري، ولا يبقي في الصحاري البائرة والقاحلة أثر للبوار، وتزداد النعم الإلهية حتي يتمني الناس الحياة لأمواتهم.

1- كثرة الأمطار:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «... ترسل عليهم السماء مدرارا»(1).

ص: 248


1- (1) مجمع الزوائد، ج7، ص317.

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «... وينزل الله له البركة من السماء»(1).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «... فيملأ الأرض قسطا وعدلا، وتمطر السماء مطرا, وتخرج الأرض نباتها، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعم بمثلها قط»(2) .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «بنا يفتح الله، وبنا يختم، وبنا يمحو ما يشاء، وبنا يثبت، وبنا يدفع الله الزمان الكلب، وبنا ينزل الغيث، فلا يغرنك بالله الغرور، ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عز وجل، ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء» (3).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «وإذا آن قيامه صلي الله عليه و آله و سلم ، مطر الناس جمادي الآخرة

وعشرة أيام من رجب مطرا لم تر الخلائق مثله»(4).

وقال سعيد بن جبير : «السنة التي يقوم فيها المهدي تمطر أربعا وعشرين مطرة يري أثرها وبركتها»(5).

وعن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «وتزيد المياه في دولته، وتمد الأنهار»(6).

ص: 249


1- (1) عقد الدرر، ص169.
2- (2) المطالب العالية، ج4، ص242. إبن طاووس، الملاحم، ص139. إثبات الهداة ، ج3، ص 524. إحقاق الحق، ج19، 655. إنظر بحار الأنوار، ج52، ص345.
3- (3) منن الرحمن، ج2، ص337. الوافي، ج2، ص113.
4- (4) بحار الأنوار، ج52، ص337. الوافي، ج2، ص113.
5- (5) إحقاق الحق، ج13، ص169.
6- (6) عقد الدرر، ص84.

وقال صلي الله عليه و آله و سلم : «إذا كان خروج القائم، .... فعند ذلك تفرح الطيور ... وتمد الأنهار، وتفيض العيون، وتنبت الأرض ضعف أكلها»(1).

2- كثرة المحاصيل الزراعية :

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «طوبي لعيش بعد المسيح (الدجال)، يؤذن للسماء في القطر، وللأرض في النبات، فلو بذرت حبة علي الصفا النبتت، ولا تباغض ولا تحاسد، حتي يمر المرء علي الأسد، ولا يضره ويطأ علي الحية فلا تضره»(2).

وقال صلي الله عليه و آله و سلم : «... تنعم أمتي في دنياه نعمة لم تنعم مثله قط، البر منهم والفاجر، ترسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدخر الأرض شيئا من نباتها» (3) .

وعن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «وتكون الأرض كفاثورة الفضة، تنبت نباتها كما كانت علي عهد آدم»(4)

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «ويجتمع النفر علي الرمانة فتشبعهم»(5) .

وعن طاووس عن أبيه يرويه : ويكون القطف - عنقاء - يأكل منه النفر ذو عدد»(6).

ص: 250


1- (1) المفيد، الإختصاص، ص208. بحار الأنوار، ج 52، ص304.
2- (2) فردوس الأخبار، ج3، ص24.
3- (3) إبن طاووس، الملاحم، ص 141، انظر: الطوسي، الغيبة، ص 115، إثبات الهداة ، ج3، و ص504.
4- (4) ن.م، ص 152. إبن ماجة، السنن، ج2، ص1359. إبن حماد، الفتن، ص 162. فيه (كفادورة). عبد الرزاق، المصنفن ج11، ص399 وفيه (كماتور الورق).
5- (5) ن.م، الدر المنثور، ج4، ص255. فاختلاف . عبد الرزاق، المصنف، ج11، ص 401.
6- (6) م. س.

وعنه قال أمير المؤمنين عليه السلام: «... وبعد ذلك يملك المهدي مشارق الأرض ومغاربها ... ويذهب الشر ويبقي الخير، ويزرع الرجل الشعير والحنطة، فيخرج من كل من مائة من، كما قال الله تعالي : (في كل سنبلة مائه حبه والله يضعف لمن يشاء)»(1).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «فبعث الإمام عليه السلام إلي أمرائه بسائر الأمصار بالعدل بين الناس... ويزرع الإنسان مدا يخرج له سبعمائة كما قال الله عز وجل (والله يضعف...) (2).

وعنه عليه السلام : وفي قصة المهدي عليه السلام : «... وتحمل الأشجار، وتتضاعف البركات»(3) .

وعنه عليه السلام : «ولو قد قام قائمنا، لأنزلت السماء قطرها، وأخرجت الأرض نباتها ... حتي تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها إلا علي النبات»(4).

قد يكون الإمام عليه السلام ذكر هذه المنطقة كمثال، ولا بد من الإلتفات إلي أن هذه المنطقة ليس فيها إلا الأشواك الصحراوية . ولعل ذكرها هو لبيان أن جميع الأراضي البائرة تتحول إلي أراض زراعية في عصر الإمام المهدي عليه السلام ، يقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم في هذا

ص: 251


1- (1) الشيعة والرجعة، ج1، ص167. الآية 261، من سورة البقرة .
2- (2) عقد الدرر، ص159. إبن طاووس، الملاحم، ص97. القول المختصر، ص 30.
3- (3) اين طاووس، الملاحم، ص125. الحاوي للفتاوي، ج2، ص61، المتقي الهندي، البرهان ،ص117.
4- (4) تحف العقول، ص115.

المجال : «إذا ظهر المهدي في أمتي أخرجت الأرض زهرتها وأمطرت السماء مطرها»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «... والله ليزرعن الزرع، وليغرسن النخل بعد خروج الدجال»(2).

وعنه عليه السلام : «في تفسير الآية الشريفة (مدهامتان) أن أشجار التمر تتصل بين مكة والمدينة»(3) .

3 - إنتشار تربية المواشي:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتكثر الماشية»(4).

وقال صلي الله عليه و آله و سلم : «.... وتعيش الماشية»(5).

وعنه صلي الله عليه و آله و سلم : «بعد الدجال يبارك الله في الرسل، حتي أن اللقمة من الأبل لتكفي الفئام من الناس، واللقمة من البقر لتكفي القبيلة ، واللقمة من الغنم لتكفي النفر من الناس»(6) .

ص: 252


1- (1) المناقب والمثالب، ص 44. أحقاق الحق، ج19، ص677. أنظر : إبن ماجة، السنن، ج2، ص1356. الحاكم، المستدرك، ج2، ص492. الدر المنثور، ج 2، ص 244.
2- (2) الكافي، ج5، ص260. من لا يحضره الفقيه،، ج3، ص158. وسائل الشيعة، ج13،ص193.التهذيب، ج6، ص384 .
3- (3) القمي، التفسير، ج2، ص346. بحار الأنوار، ج51، ص49. الآية 64. من سورة الرحمن .
4- (4) الحاكم، المستدرك، ج4، ص5558. عقد الدرر، ص 144. المتقي الهندي، البرهان، ص 84. كشف الغمة، ج3، ص260. بحار الأنوار، ج51، ص81.
5- (5) جامع الأحاديث، ج8، ص77. أحقاق الحق، ج13، ص215. وج19، ص681.
6- (6) اين حماد، الفتن، ص148.
4- التجارة:

إن رشد ونمو التجارة في البلاد والمجتمع هو علامة إزدهار الإقتصاد وثراء المجتمع، كذلك تعطيل الأسواق، وكساد التجارة هو علامة فقر المجتمع. وبما أن الناس في دولة إمام العصر عليه السلام يعيشون في وضع اقتصادي جيد، فإن التجارة تزدهر وتنشط الأسواق .

عن النبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم : «من أشراط الساعة أن يفيض المال، ويظهر العلم ويفشو التجاره»(1).

وعن عبد الله بن سلام: «يمكث الناس بعد خروج الدجال أربعين عاما، ويغرس النخل، وتقوم الأسواق» (2) .

ص: 253


1- (1) ابن قتيبة، عيون الأخبار، ج1، ص12.
2- (2) إبن أبي شيبة ، المصنف، ج10، ص142، الدر المنثور، ج5، المتقي الهندي، البرهان ، ص193.

ص: 254

الفصل الخامس : الصحة الطب

اشارة

من مشاكل المجتمع قبل ظهور إمام الزمان عليه السلام سوء الوضع الصحي، والعلاج، التي ينتج علي أثرها انتشار الأمراض المعدية والموت فجأة في أنحاء العالم. فتنتشر أمراض مثل: الجذام والطاعون، الشلل، العمي، السكتة ومئات الأمراض الخطرة الأخري بحيث تهدد حياة الناس حتي يصير الجميع وكأنهم ينتظرون الموت المحتم، ولا يبقي لديهم أمل أبداً بالحياة. إذا ناموا لا يأملون بالبقاء أحياء حتي الصباح والاستيقاظ، وإذا خرجوا لا أمل لديهم بالعودة .

هذه الأوضاع المفزعة والمؤلمة تحدث بسبب تلوث الجو ونتيجة استخدام الأسحلة الكيميائية، الذرية والميكروبية، أو زيادة أعداد الجثث التي لم تدفن وفسادها، أو علي أثر الأمراض النفسية والروحية التي تظهر من الخوف وفقدان الأعزاء، وقد يكون ذلك بسبب جميع ما ذكر، وأشياء أخري لا نعرفها.

ص: 255

دولة المهدي عليه السلام في تلك الظروف، هي نور أمل في قلوب البشر المعذبين والمتألمين في ذلك العصر، من أجل إزالة هذا الوضع، وبشري بصلاح المجتمع البشري، وهذا هو عين الشيء الذي تقوم به دولة إمام الزمان عليه السلام .

سنذكر هنا عدة روايات في مجال الوضع الصحي قبل الظهور، ثم ننقل الروايات التي تتحدث عن مساعي الإمام الحجة عليه السلام لتأمين الإمكانات الطبية والعلاج للمجتمع البشري .

أ- إنتشار الأمراضعن النبي والموت الفجائي:

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «من إقتراب الساعة أن يموت الرجل بغير وجع»(1).

وقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «تكثر الصواعق عند إقتراب الساعة حتي يأتي الرجل فيقول: من صعق تلكم الغداة؟ فيقولون: صعق فلان وفلان» (2).

الصاعقة بمعني فقدان الوعي وذهاب العقل إثر سماع صوت قوي مخيف، وبمعني الاشتعال والاحتراق، من هذه الناحية الأشخاص الذين يصابون بالصاعقة إما أن يفقدوا عقولهم أو أن يحترقوا علي أثر الصاعقة ويتحولوا إلي رماد. يمكن طبعا أن تكون الصاعقة بسبب انفجار قذائف الأسلحة المتطورة في ذلك العصر التي لها صوت مرعب ونار حارقة، بحيث أن كل من يقترب منها يصير

ص: 256


1- (1) فردوس الأخبار، ج4، ص298.
2- (2) أحمد بن حنبل، المسند، ج3، ص64. فردوس الأخبار، ج5، ص434.

رمادا، وتتسبب بالأمراض، وهذه الأمراض والمصائب هي فقط من آثار الأسلحة المدمرة.

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : «... وبين يدي الساعة موت شديد وبعده سنوات الزلازل»(1).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض، أما الموت الأبيض

فالطاعون»(2).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «من أشراط الساعة أن يفشو الفالج وموت الفجأة» (3)

وعن موسي بن جعفر عليه السلام : قال : «قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : ظهور البواسير، وموت الفجأة والجذام من اقتراب الساعة » (4).

وفي كتاب بيان الأئمة: وقوع الوباء والطاعون في العالم، خصوصا في بغداد، وما يقرب منه من البلاد، فيهلك منه جمع كثير، وجم غفير من الناس»(5).

ب - الصحة:

اشارة

إزدهار العلم المدهش، وبالأخص علم الطب في دولة الإمام المهدي عليه السلام، والإستفادة منه من أجل تحسين الأوضاع الصحية في

ص: 257


1- (1) المعجم الكبير، ج7، ص59.
2- (2) المفيد، الارشاد، ص 359. النعماني، الغيبة، ص277. أعلام الوري، ص427. الخرائج، ج3، ص1152. بحار الأنوار، ج52، ص211. الصراط المستقيم، ص249. إلزام الناصب، ج2، ص147.
3- (3) بحار الأنوار، ج2، ص313. إبن الأثير، النهاية ، ج 1، ص 187.
4- (4) ن.م، ص269. نقلا عن الإمامة والتبصرة. إلزام الناصب، ج2، ص125.
5- (5) بيان الأئمة، ج1، ص102.

المجتمع، وإخماد نيران الحروب، وإيجاد الجو الهاديء، والنعيم بإصلاح الناس، وتوسعة الزراعة وتربية المواشي، وتأمين المواد الغذائية بالشكل المطلوب، كل ذلك هو من العوامل التي ترفع مستوي سلامة الأوضاع الصحية إلي مستوي نموذجي، وتتغير الإمكانات الجسمية لدي الناس وتطول أعمارهم، بحيث أن الشخص قد يري ألف ولد وحفيد له، قبل أن يموت.

عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم : «إذا نزل عيسي بن مريم، وقتل الدجال تمتعوا، تحيوا ليلة طلوع الشمس من مغربها، وحتي تتمتعوا بعد خروج الدجال أربعين سنة، لا يموت أحد ولا يمرض»(1).

قد يكون المراد من هذا الكلام هو أن الموت والأمراض التي تنتشر قبل ظهور الإمام عليه السلام تقل في زمانه إلي أقل مستوي قد يعد في حكم العدم، وقد يكون المراد هو المعني الظاهري . يعني ذلك أن لا يكون هناك وجود للموت والمرض في هذه المدة، وذلك ببركة وجود الإمام بقية الله الأعظم المبارك .

عن أمير المؤمنين عليه السلام : «... فيبعث المهدي عليه السلام إلي أمرائه بسائر الأمصار... وتطول الأعمار»(2).

وعن المفضل بن عمر، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إن قائمنا إذا قام ... ويعمر الرجل في ملكه حتي يولد له ألف ذكر، لا تولد فيهم أنثي»(3).

ص: 258


1- (1) إبن طاووس، الملاحم، ص97.
2- (2) عقد الدرر، ص159. القول المختصر، ص20.
3- (3) المفيد، الإرشاد، ص363. المستجاد، ص509. بحار الأنوار، ج52، ص337. الوافي، ج2، ص113.

وعن علي بن الحسين عليه السلام : «إذا قام قائمنا، أذهب الله عز وجل عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلا، ويكونون حكام الأرض وسنامها»(1).

وعن أبي جعفر عليه السلام : «من أدرك قائم أهل بيتي من ذي عاهة برأ، ومن ذي ضعف قوي»(2).

وفي رواية : «ذهب العاهة وهم كزبر الحديد» .

- شهادة أو رحيل الإمام عليه السلام :

وصلت روايات مختلفة في موضوع شهادة أو رحيل الإمام عليه السلام ، ولكن نظرا إلي كلام الإمام الحسن المجتبي عليه السلام الذي يقول فيه: «ما منا إلا مسموم أو شهيد»(3)(3)، يمكن ترجيح الروايات الدالة علي شهادة الإمام عليه السلام علي غيرها. نذكر هنا عدة روايات فقط في هذا المجال :

عن الإمام الصادق عليه السلام : في قوله تعالي: (... ثم رددنا لكم الكرة عليهم...) خروج الحسين عليه السلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان، المؤدون إلي الناس أن هذا الحسين قد خرج حتي لا يشك المؤمنون فيه، وأنه ليس بدجال ولا شيطان. والحجة القائم بين أظهرهم، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين عليه السلام جاء الحجة الموت فيكون الذي

ص: 259


1- (1) النعماني، الغيبة، ص307. الصدوق، الخصال، ج2، ص541، روضة الواعظين، ج2، ص 295. الصراط المستقيم، ج2، ص261. بحار الأنوار، ج02. ص317.
2- (2) ن، م.
3- (3) الصدوق، الخصال، ج2، ص507.

يغسله، ويكفنه ويحنطه، ويلحده في حفرته الحسين بن علي عليه السلام ، ولا يلي الوصي إلا الوصي»(1).

وعن الزهري: «يعيش المهدي أربع عشرة سنة، ثم يموت موتا»(2).

وعن أرطأة: «بلغني أن المهدي يعيش أربعين عاما، ثم يموت علي فراشه»(3).

وعن كعب الأحبار، قال: «المنصور يعيش أربعين عاما، ثم يموت علي فراشه»(4)

وعن كعب الأحبار، قال : «المنصور المهدي يصلي عليه أهل الأرض والسماء، يبتلي بقتل الروم والملاحم عشرين سنة، ثم يقتل شهيداً هو وألفان معه، كلهم أمير وصاحب راية، فلم يصب المسلمين مصيبة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أعظم منها»(5).

إن كلام الزهري وأرطأة وكعب لا يعتمد عليه إلا إذا كان هناك شاهد صدق عليه .

ص: 260


1- (1) كفاية الأثر، ص229. بحار الأنوار، ج27، ص217.
2- (2) الكافي، ج8، ص206. تأويل الآيات الظاهرة، ج 1، ص 278. وج 2، ص 762. مختصر البصائر، ص48. تفسير البرهان، ج2، ص401 بحار الأنوار، ج53، ص13. وج51، ص59 الآية، 26، سورة الإسراء.
3- (3) إبن حماد، الفتن، ص104. البدء والتاريخ، ج2، ص184. المتقي الهندي، البرهان ، ص163.
4- (4) ن.م. ص99. عقد الدرر، ص157. المتقي الهندي، البرهان، ص157.
5- (5) عقد الدرر، ص149.
- كيفية شهادة الإمام عليه السلام :

في إلزام الناصب: «فإذا تمت السبعون سنة أتي الحجة الموت، فتقتله إمرأة من بني تميم إسمها سعيدة ولها لحية الرجل بجاون صخر من فوق سطح وهو متجاوز في الطريق، فإذا مات، تولي تجهيزه الحسين عليه السلام»(1).

ومثله عن الإحسائي:.... «إلي أن تمضي إحدي عشرة سنة تمام مدة ملك الحجة عليه السلام، فيقتل، تقتله إمرأة من بني تميم لها لحية كلحية الرجل يقال لها سعيدة ، لعنها الله! وذلك أنه يتجاوز في الطريق، وهي علي سطحها، وتضربه بجاون صخر علي أم رأسه فتقتله، ويتولي أمر تجهيزه الحسين عليه السلام ويقوم بالأمر بعده إلي أن تمضي ثمان سنين»(2). لكنها ليست رواية بل هو مجرد قول غير مستند إلي منبع روائي.

وعن الصادق عليه السلام : «يقبل الحسين عليه السلام في أصحابه الذين قتلوا معه، ومعه سبعون نبيا، كما بعثوا مع موسي بن عمران، فيدفع إليه الخاتم، فيكون الحسين عليه السلام هو الذي يلي غسله، وكفنه وحنوطه، وإبلاغه حفرته»(3).

والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً.

ص: 261


1- (1) إلزام الناصب، ص 190.
2- (2) شرح الزيارة الجامعة، ج3، ص53.
3- (3) مختصر بصائر الدرجات، ص48.

ص: 262

فهرست المصادر

1- قرآن كريم

2- نهج البلاغة.

3- إثبات الوصية، علي بن حسين المسعودي، ت 346 ه-.ق، منشورات الرضي، قم، 1404 ه-.ق.

4 - إثبات الهداة، محمد الحسن الحر عاملي، ت1104ه-.ق، المطبعة العلمية، قم.

5 - الاحتجاج، أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، القرن السادس الهجري، دار النعمان، النجف الأشرف 1384 ه-.ق.

6 - إحقاق الحق وإزهاق الباطل، الشهيد القاضي نور الله الحسيني المرعشي التستري، ت1019 ه-.ق. (مع تعليقات آية الله المرعشي النجفي) مكتبة آية الله المرعشي، قم.

7 - الإختصاص، محمد بن محمد بن النعمان، ت413 ه-.ق، المنشورات الإسلامية تجمع المدرسين، قم.

8- اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، ت 385 ه-.ق، التلخيص لأبي جعفر بن الحسن طوسي، جامعة مشهد.

9- الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة، محمد صديق حسن القنوجي البخاري، 1307 ه-.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

ص: 263

10 - الإرشاد، محمد بن محمد بن النعمان، 613 ه-.ق، منشورات بصيرتي، قم.

11 - إرشاد القلوب، أبو محمد الديملي، مؤسسة الإعلمي، بيروت.

12 - إسعاف الراغبين، محمد بن علي الصبان، ت1206 ه-.ق، دار الفكر، قاهرة.

13 - أسد الغابة، ابن الأثير الشيباني، ت 630 ه-.ق، المطبعة الإسلامية طهران.

14 - الإصابة في معرفة الصحابة، ابن حجر عسقلاني، ت852 ه-.ق، دار الكتاب، بيروت.

15 - الأصول الستة عشر، تحقيق حسن المصطفي، تهران، 1371 ش.

16 - أعلام المنجد، لويس معلوف اليسوعي، دار المشرق، بيروت.

17 - أعلام النساء، عمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1401 ه-.ق.

18 - إعلام الوري بأعلام الهدي، أبو علي فضل بن حسن الطبرسي، ت548 ه-.ق دار المعرفة، بيروت.

19 - أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين العاملي، دارالتعارف، بيروت.

20 - الإقبال، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسي بن جعفر بن طاووس، ت664 ه-.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران 1390 ه-.ق.

21 - إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، قم، 1404 ه-.ق.

22 - أمالي الشجري (الأمالي الخميسية)، يحيي بن حسين الشجري ، ت679 ه-.ق، المكتبة الأهلية، بغداد.

23 - أمالي الشيخ الطوسي، أبو جعفر محمد بن الحسن طوسي، ت460 ه-.ق، المكتبة الأهلية، بغداد.

24 - أمالي المفيد، محمد بن محمد بن نعمان، ت413 ه-.ق، المنشورات الإسلامية، تجمع المدرسين، قم،

ص: 264

25 - الإمامة والتبصرة، علي بن الحسين بن بابوية القمي، ت329 ه-.ق، مدرسة الإمام المهدي (عج)، قم.

26 - الأنساب، أبو سعد عبد الكريم التميمي السمعاني، ت563 ه-.ق، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، 1408 ه-.ق.

27 - الإيقاظ من الهجعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت1104 ه-.ق، دار الكتب العلمية، قم.

28 - الأيام المكية من عمر النهضة الحسينية، نجم الدين الطبسي، دار الولاء - بيروت.

29 - بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ت1111 ه-.ق، مؤسسة الوفاء، بيروت.

30 - البدء والتاريخ، المنسوب إلي أبي زيد أحمد بن سهل البلخي المقدسي، ت 355، ه-.ق، مكتبة الأسدي، طهران.

31 - البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، ت1107، ه-.ق، المطبعة العلمية، قم.

32 - البرهان في علامات مهدي آخر الزمان، علاء الدين علي بن حسام الدين المعروف بالمتقي هندي، ت975 ه-.ق، مطبعة الخيام، قم.

33 - البرهان القاطع، محمد حسين برهان، ت1083 ه-.ق، منشورات الفكر، طهران.

34 - بشارة الإسلام السيد مصطفي آل السيد حيدر الكاظمي، ت1336 ،مكتبة نينوي الحديثة، طهران.

35 - بشارة المصطفي، أبو جعفر، محمد بن أبي القاسم الطبري، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف.

36 - بصائر الدرجات في فضائل آل محمد، محمد بن الحسن بن فروخ الصفار قمي، ت290 ه-.ق، مكتبة آية الله المرعشي، قم.

37 - بهحة الآمال، الملا علي علياري التبريزي، ت1327 ه-.ق، مؤسسة الثقافة الإسلامية كوشانبور، طهران.

ص: 265

38 - بيان الأئمة، محمد مهدي النجفي، قم، 1408 ه-.ق.

39 - البيان في أخبار صاحب الزمان، محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي، ت 658 ه-.ق، دار إحياء تراث أهل البيت، طهران.

40 - تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، السيد شرف الدين عل الحسيني الأسترابادي النجفي، القرن السادس، مدرسة الإمام مهدي (عج)، قم.

41 - تاريخ الأمم والملوك، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ت310 ه-.ق، دار المعارف، القاهرة.

42 - تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، ت 463 ه-.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

43 - تاريخ ما بعد الظهور، السيد محمد صادق الصدر، دار التعارف للمطبوعات بيروت.

44 - تبصرة الولي، السيد هاشم البحراني، ت1107 ه-.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

45 - تحف العقول عن آل الرسول، أبو محمد حسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني، المنشورات الإسلامية تجمع المدرسين، قم.

46 - تذكرة رالفقهاء، العلامة الحلي، ت726 هق، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، قم.

47 - الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، ت 656 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

48 - التصريح بما تواتر في نزول المسيح، محمد أنور شاه الكشميري الهندي، ت1352 ه-.ق، دار القرآن الكريم، بيروت.

49 - التطبيق بين السفينة والبحار بالطبعة الجديدة السيد جواد المصطفوي، مقام القدس الرضوي، مشهد، 1403ه-.ق.

ص: 266

50 - تفسير الصافي الفيض الكاشاني، ت 1091 ه-.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

51 - تفسير العسكري (ع) المنسوب للإمام الحسن العسكري (ع)، مدرسة الإمام المهدي (ع)، قم، 1409 ه-.ق.

52 - تفسير العياشي، محمد بن مسعود بن عياش السمرقندي، المكتية الإسلامية، طهران.

53 - تفسر فرات الكوفي، فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، مكتبة الداوري، قم.

54 - تفسير القمي، أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي، أواخر القرن الثالث الهجري القمري، مكتبة الهدي، النجف الأشرف.

55 - تفسير نور الثقلين، عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، ت1112 ه-.ق، المكتبة العملية، قم.

56 - تقريب المعارف الشيخ تقي الدين أبو الصلاح الحلبي، ت447 ه-.ق، المنشورات الإسلامية تجمع المدرسين قم، 1404 ه-.ق.

57 - التقريب والتيسير، أبو زكريا يحيي بن شرف النووي، بيروت.

58 - تنقيح المقال في علم الرجال للشيخ عبد الله بن محمد حسن بن المولي عبد الله المامقاني النجفي، ت 1351 ه-.ق.

59 - تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 ه-.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

60 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمد بن الحسين بن بابوية، ت381 ه-.ق، مكتبة آية الله المرعشي، قم.

61 - جامع أحاديث الشيعة، السيد حسين البروجردي، ت 1380 ه-.ق، مدينة العلم، قم.

62 - جامع الأخبار، تاج الدين الشعيري، القرن السادس الهجري القمري، منشورات الرضي، قم.

ص: 267

63 - جامع الأصول من أحاديث الرسول، أبو السعادات مبارك بن محمد معروف به ابن الأثير، ت 606 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

64 - الجامع الصحيح، محمد بن عيسي بن سورة الترمذي، ت 297 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

65 - جمع الجوامع (الجامع الكبير)، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، ت911 ه-.ق، طبعة حجرية.

66 - الحاوي للفتاوي، جلال الدين عبد الرحمن للسيوطي، ت911 ه-.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

67 - حق اليقين، محمد باقر مجلسي، ت1111 ه-.ق، منشورات جاويدان، طهران.

68 - حلية الأبرار في فضائل محمد وآله الأطهار السيد هاشم بن إسماعيل البحراني، ت1107 ه-.ق، دار الكتب العلمية، قم.

69 - حليةالأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصفهاني أحمد بن عبد الله، ت 630 ه-.ق، دار الكتاب العربي، بيروت.

70 - الخرائج والجرائح، أبو الحسين سعيد بن هبة الله معروف بقطب الدين الراوندي، ت 573 ه-.ق، مؤسسة الإمام المهدي (ع)، قم.

71 - الخصال، أو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمي، ت381 ه-.ق، المنشورات الإسلامية تجمع المدرسين، قم.

72 - خلاصة الأقوال (رجال العلامة)، حسن بن يوسف بن مطهر الحلي، ت726 ه-.ق، الرضي، قم.

73 - درر الأخبار فيما يتعلق بحال الإحتضار، الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي، ت1605 ه-.ق، مطبعة النعمان، النجف الأشرف.

74 - الدرر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، ت911 ه-.ق، دار المعرفة، بيروت.

ص: 268

75 - دلائل الإمامة، أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري، مكتبة الرضي، قم.

76 - دلائل النبوة، أحمد بن عبد الله، أبو نعيم الصفهاني، ت230ه-.ق، دار المعرفة، بيروت.

77 - ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي، محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، ت92 ه-.ق، مكتبة المحمدي، قم.

78 - الذريعة إلي تصانيف الشيعة، الشيخ الطهراني، ت 1389 ه-.ق، المكتبة الإسلامية، طهران.

79 - راموز الأحاديث، ضياء الدين أحمد بن مصطفي الإستانبولي ت1311 ه-.ق مطبعة هند.

80 - رجال ابن داود، حسن بن علي بن داود الحلي، أول القرن الثامن النجف، 1972م.

81 - الرجعة بنظر الشيعة، نجم الدين الطبسي، المكتبة العلمية قم، و 1200 ه-.ق.

82 - الرجعة في أحاديث الفريقين، نجم الدين الطبسي.

83 - الكتب الأربعة، محمد الظفري، المطبعة العلمية، قم 1405 ه-.ق.

84 - روضة المتقين، محمد تقي المجلسي، 1070ه-.ق مؤسسة الثقافة الإسلامية، طهران.

85 - روضة الواعظين، محمد بن فتال النيسابوري، ت508 ه-.ق، قم منشورات الرضي، قم.

86 - رياحين الشريعة، ذبيح الله المحلاتي، دار الكتب الإسلامية، طهران.

87 - النجم اللامع، الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي، ترجمة السيد محمد مير شاه ولد، منشورات المحمدي طهران.

88 - سفينة البحار الشيخ عباس القمي، ت1359 ه-.ق، منشورات الأسوة، قم.

ص: 269

89 - سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، ت 275 ه-.ق، دار أحياء التراث العربي، بيروت.

90 - سنن ابن داود، سليمان بن الأشعب السجتاني، ته 275 ه-.ق، دار أحياء السنة النبوية.

91 - السنن الكبري، أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، ت458 ه-.ق، دار إحياء السنة النبوية.

92 - سنن الدارمي، أبو محمد عبد الله الدارمي، ت 255 ه-.ق، دار الفكر، بيروت.

93 - السيرة الحلبية، علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي، ت 1044 ه-.ق بيروت.

94 - شرح نهج البلاغة، عز الدين أبو حامدبن هبة الله بن أبي الحديد المدائني، ته 655 ه-.ق، مطبعة باب الحلبي، القاهرة.

- شرح زيارة الجامعة الكبيرة للإحسائي.

95 - الشيعة والرجعة، الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي، دار الولاء - بيروت.

96 - صحيح البخاري، إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، ت256 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

97 - صحيح الترمذي، أبو عيسي محمد بن عيسي بن سوره، ت297 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

98 - صحيح مسلم، أبو الحسين مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري، ات 261 ه-.ق دار إحياء التراث العربي، بيروت.

99 - الصراط المستقيم إلي مستحقي التقديم، زين الدين أبو محمد علي بن يونس العاملي النباطي، ت877 ه-.ق، المكتبة المرتضوية، طهران.

100 - الصواعق المحرقة، أحمد بن حجر الهيثمي، ت974 ه-.ق، مكتبة القاهرة.

ص: 270

101 - الطبقات الكبري، أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري، ت 230 ه-.ق، دار صادر، بيروت.

102 - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، علي بن موسي المعروف بالسيد بن طاوس، ت 664 ه-.ق، مطبعة الخيام، قم.

103 - العدد القوية لدفع المخاوف اليومية، رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر الحلي، ت726 ه-.ق، مكتبة آية الله المرعشي، قم.

104 - العطر الوردي، محمد بلبيسي الشافعي، ت1308 ه-.ق، الطبعة الأميرية، بولاق.

105۔ عقائد الصدوق، أبو جعفر محمد بن بابوية القمي، ت381 ه-.ق، طبعة حجرية، 1292 ه-.ق.

106 - عقد الدرر في أخبار المنتظر، يوسف بن يحيي المقدسي الشافعي القرن السابع الهجري القمري، عالم الفكر، قاهرة.

107 - العقد الفريدة، ابنعبد ربه الأندلسي، ت327 ه-.ق، دار الكتاب العربي، بيروت.

108- علل الشرايع، أبو جعفر محمد بن بابوية، ت381 ه-.ق، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

109 - العلل المتناهية، أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، ت597 ه-.ق، دار الكتب العلمية، بيروت 1603 ه-.ق.

110 - العمدة لابن البطريق، يحيي بن الحسن الأسدي الحلي المعروف بإبن البطريق،ت 900 ه-.ق، المنشورات الإسلامية مجمع المدرسين، قم.

111 ۔ عوالم العلوم، والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال، الشيخ عبد الله البحراني الأصفهاني، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم.

112 - عيون الأخبار، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ت278 ه-.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

ص: 271

113 - عيون أخبار الرضا، أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية، ت381 ه-.ق، منشورات طوس، قم.

114 - الغارات، أبو اسحاق إبرهيم بن محمد الثقفي، ت 283 ه-.ق، طهران.

115 - غاية المرام في حجةالخصام عن طريق الخاص والعام، سيد هاشم بن سليمان البحراني، ت1107 ه-.ق، مؤسسة الأعملي، بيروت.

116 - الغيبة أبو جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، ت460 ه-.ق، مكتبة نينوي طهران.

117 - الغيبة، محمد بن إبراهيم النعماني، ت 360 ه-.ق مكتبة الصدوق، طهران.

118 - الفائق في غريب الحديث، جار الله، محمود بن عمر الزمخشري، ت583 ه-.ق، دار المعرفة بيروت.

119 - الفتاوي الحديثية، أحمد بن حجر الهيثمي، ت974 ه-.ق، التقدم العلمية، مصر.

120 - الفتن، أبو عبد الله نعيم بن حماد المروزي، ت228 ه-.ق، نسخة خطية، مكتبة المتحف إنكلترا.

121 - الفتوحات المكية، محمد بن علي المعروف به ابن عربي، ت638 ه-.ق، دار الصادر، بيروت .

122 - فرائد السمطين في فضائل المرتضي والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم (ع)، إبراهيم بن محمد الجويني، الخراساني، ت 730ه-.ق، مؤسسة المحمودي، بيروت.

123 - فرائد فوائد الفكر، مرعي بن يوسف بن أبي بكر، القرن الحادي عشر الهجري القمري، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم.

124 - فردوس الأخبار، أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيروية الديلمي، ت509 ه-.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

ص: 272

125 - قاموس عميد فارسي فارسي، حسن عميد منشورات، جاويدان، طهران.

126 - الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة، علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي المشهور بابن صباغ، ت855 ه-.ق، مكتبة دار الكتب النجف الأشرف.

127 - فضل الكوفة، وفضل أهلها، محمد بن علي بن الحسن العولي الحسيني الكوفي، ت445 ه-.ق، مؤسسة أهل البيت، بيروت.

128 - الفقيه (كتاب من لا يحضره الفقيه)، محمد بن علي بن بابوية القمي، ت381 ه-.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

129 - قرب الأسناد، أبو العباس عبد الله بن جعفر الحميري، ت310 ه-.ق، طبعة حجرية، المطبعة الإسلامية، طهران.

130 - قصص الأنبياء، قطب الدين الراوندي، ت573 ه-.ق، مؤسسة التحقيق الإسلامي، مشهد، ت1409 ه-.ق.

131 - القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، أحمد بن الحجر الهيثمي، ت274 ه-.ق، مكتبة أمير المؤمنين، النجف الأشرف.

132 - كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولوية، 367 ه-.ق، المطبعة المرتضوية، النجف الأشرف، 1356 ه-.

133 - الكامل في التاريخ، أبو الحسن علي بن أبي المكرم المعروف به ابن الأثير، 630 ه-.ق، دار صادر، بيروت.

134 - كشف الأستار، الميرزا حسين النوري، ت1320 ه-.ق مكتبة نينوي، طهران.

135 - كشف الحق (الاربعون)، أمير محمد صادق خاتون آبادي، ت1207 ه-.ق، مؤسسة البعثة طهران، 1361 ش.

136 - كشف الغمة في معرفة الأئمة، أبو الحسن علي بن عيسي بن أبي الفتح الأربلي، ت692 ه-.ق، دار الكتاب الإسلامي، بيروت.

ص: 273

137 - الكافي، محمد بن يعقوب الكليني الرازي، ت 329 ه-.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

138 - كفاية الأثر في النص علي الأئمة الأثني عشر، أبو القاسم علي بن محمد بن علي (الخزاز) القرن الرابع ه-.ق شوران بيدار، قم.

139 - كمال الدين وتمام النعمة، أبو جعفر محمد علي بن بابويه القمي، ت381 ه-.ق، المنشورات الإسلامية تجمع مدرسي قم.

140 - الكني والألقاب، الشيخ عباس القمي، ت1359 ه-.ق، مكتبة الصدر طهران.

141 - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، علاء الدين علي معروف به المتقي الهندي، ت975 ه-.ق، مؤسسة الرسالة، بيروت.

142 - لسان الميزان، أحمد بن علي بن حجر السقلاني، ت 852 ه-.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

143 - لوائح الأنوار البيهية، شمس الدين ممحد أحمد السفاريني النابلسي، ت1188 ه-.ق، مجلة المنار، مصر.

144 - مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي، ت 1085 ه-.ق، المكتبة المرتضوية، طهران.

145 - مجمع البيان في تفسير القرآن، فضل بن الحسن الطبرسي، ت 548 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

146 - مجمع الرجال، زكي الدين عناية الله بن مشرف الدين القهبائي، القرن الحادي العشر الهجري القمري، مطبعة رباني، أصفهان.

147 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، ت807 ه-.ق، دار الكتاب العربي، بيروت.

148 - المحاسن، أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ت274 ه-.ق، دار الكتب الإسلامية، قم.

ص: 274

149 - المحجة فيما نزل في الحجة، السيد هاشم البحراني، ت1107 ه-.ق، مؤسسة الوفاء، بيروت، ت1403 ه-.ق.

150 - مختصر إثبات الرجعة، فضل بن شاذان النيسابوري، مجلة تراثنا، رقم 15.

151 - مختصر بصائر الدرجات، عز الدين حسن بن سليمان الحلي، القرن التاسع عشر الهجري القمري، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

152 - مدينة المعاجز، سيد هاشم البحراني، ت1107 ه-.ق، طبعة حجرية، طهران

153 - مرآة العقول، محمد باقر المجلسي، 1111 ه-.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

154 - مروج الذهب، علي بن حسين المسعودي، ت 346 ه-.ق، دار الأندلس، بيروت.

155 - المستجاد من كتاب الإرشاد، حسن بن المطهر الحلي، ت726 ه-.ق، مكتبة آية الله مرعشي، قم.

156 - مستدركات علم رجال الحديث،الشيخ علي التماري، ته 1405 ه-.ق، المطعبة الحيدرية، طهران.

157 - المستدرك علي الصحيحين في الحديث، أبو عبد الله، محمد معروف به الحاكم النيسابوري، ت 405 ه-.ق، دار الفكر بيروت.

158 - مستدرك الوسائل، ميرزا حسين نوري الطبرسي، ت 1320 ه-.ق، مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، قم.

159 - المسترشد، أبو جعفر، محمد بن جرير بن رستم الطبري القرن الرابع الهجري القمري، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

ص: 275

160 - مسند أبو عوانة، يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني، ت316 ه-.ق، دار المعرفة، بيروت.

161 - مسند أبي يعلي الموصلي، أحمد بن علي بن المثني التميمي، ت307 ه-.ق، دار المأمون للتراث، دمشق.

162 - مسند أحمد، أحمد بن حنبل، ت241 ه-.ق، دار الفكر، بيروت.

163 - مسند أبي داود، سليمان بن داود بن الجارود الفارسي البصري ت4 20 ه-.ق، دار المعرفة، بيروت.

164 - مصابيح السنة، حسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي، ت516 ه-.ق، دار المعرفة بيروت.

165 - مصادقة الإخوان، أبو جعفر محمد بن علي بابوية القمي، ت381 ه-.ق، مدرسة الإمام المهدي (ع)، قم.

166 - المصنف، عبد الرازق بن همام الصنعائي، ت 211 ه-.ق، المكتب الإسلامي، بيروت.

167 - المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، ت 235 ه-.ق، دار السلفية، بومباي.

168 - المطالب العلية بزوائد المسانيد الثمانية، أحمد بن حجر العسقلاني، ت852 ه-.ق، دار المعرفة بيروت.

169 - معجم أحاديث الإمام المهدي، نجم الدين الطبسي، وجمع من الفضلاء، نشر معارف إسلامي، قم.

170 - معجم البلدان، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي البغدادي، ت626 ه-.ق، دار التراث العربي، بيروت.

171 - معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة، سيد أبو القاسمالخوئي مدينة العلم، قم.

ص: 276

172 - المعجم الصغير، سليمان بن أحمد طبراني، ت360 ه-.ق، دار الكتب العلمية، بيروت.

173 - المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد طبراني ت360 ه-.ق، مكتبة المعارف الرياض.

174 - المعجم الكبير، سليمان أحمد الطبراني، ت360 ه-.ق، وزارة أوقاف العراق

175 - الملاحم والفتن في ظهور الغائب والمنتظر، رضي الدين علي بن موسي بن طاووس، ت 664 ه-.ق، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

176 - ملاذ الأخيار، محمد باقر المجلسي، ت1111 ه-.ق، مكتبة آية الله مرعشي، قم.

177 - المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ابن قيم الجورية،ت751 ه-.ق، مكتب المطبوعات الإسلامية.

178 ۔ مناقب آل أبي طالب، أبو جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب، ت588 ه-.ق، انتشارات علامة، قم.

179 ۔ منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر (ع) الشيخ لطف الله الصافي، مكتبة الصدر طهران.

180 - منتخب الأنوار المضيئة، السيد علي بن عبد الكريم النيلي النجفي، القرن التاسع الهجري القمري مكتبة الخيام، قم، 1401 ه-.

181 - منتخب كنز العمال، علاء الدين المتقي الهندي، ت975 ه-.ق، دار الفكر، بيروت.

182 - المنجد، لويس معلوف اليسوعي، دار المشرق، بيروت.

183 - منن الرحمن، محمد بهاء الدين الحارثي، ت1030 ه-.ق، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، 1344ه-.

184 - منية المريد، زين الدين بن علي بن أحمد العاملي، ت965 ه-.ق، منشورات مركز التبليغات الإسلامية، قم، 1368ش.

ص: 277

185 - منهاج الدموع، شيخ علي قرني الكلبايكاني، مؤسسة الدين والعلم للمطبوعات، قم، 1344 ه-.ق.

186 - مهدي موعود، محمد باقر المجلسي، 1111 ه-.ق، ترجمه، علي الدواني، منشورات الأخوندي، طهران.

187 - المهذب البارع في شرح المختصر النافع، شيخ جمال الدين أبو العباس، أحمد بن فهد الحلي الأسدي، المنشورات الإسلامية، 841 ه-.ق، مجمع المدرسين، قم.

188 - موارد السجن في النصوص والفتاوي، نجم الدين الطبسي، مركز التبليغات الإسلامية، قم، 1411 ه-.ق.

189 - الموطا، مالك بن أنس، ت179 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

190 - الميزان في تفسير القرآن، السيد محمد حسين الطباطبائي، ت1402 ه-.ق، دار الكتب الإسلامية، طهران.

191 - النفي والتغريب، نجم الدين الطبسي، مجمع الفكر الإسلامي، قم.

192 - دور النساء المسلمات في الحرب، محمد جواد الطبسي النجفي، مطبعة طلوع الحرية، 1367ه-. ش.

193 - نور الأبصار، في مناقب آل النبي المختار(ص)، الشيخ مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي، ت 1290 ه-.ق، دار الفكر، بيروت.

194 - النهاية في غريب الحديث والأثر، مبارك بن محمد الجزري المعروف به ابن الأثير، ت 606 ه-.ق، منشورات إسماعيليان، قم.

195 - وسائل الشيعة إلي تحصيل مسائل الشريعة، محمد بن الحسن الحر العاملي، ت1104 ه-.ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

196 - وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري، ت212 ه-.ق، مكتبة آية الله مرعشي، قم، 1403 ه-.ق.

ص: 278

197 - الهداية الكبري، حسين بن حمدان الحسيني الحصيني، ت 344 ه-.ق، مؤسسة البلاغ، 1406 ه-.ق.

198 - ينابيع المودة، سليمان بن إبراهيم بن القندوزي الحنفي، ت1294 ه-.ق، مكتبة المحمدي، قم.

199 - يوم الخلاص في ظل القائم المهدي (ع)، كامل سليمان، دار الكتاب اللبناني، 1402 ه-. ق.

ص: 279

ص: 280

الفهرس

الصورة

ص: 281

الصورة

ص: 282

الصورة

ص: 283

الصورة

ص: 284

الصورة

ص: 285

الصورة

ص: 286

الصورة

ص: 287

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.