موسوعة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) المجلد 5

اشارة

سرشناسه:قرشی، باقرشریف، 1926 - م.

Qarashi, Baqir Sharif

عنوان و نام پديدآور: موسوعة الامام امیرالمومنین علی بن ابی طالب علیه السلام/ مولف باقر شریف القرشی

مشخصات نشر:قم: مجمع جهانی شیعه شناسی

مشخصات ظاهری:11ج.

شابک:دوره: 978-600-6164-72-4 ؛ 90000 ریال: ج. 1: 978-600-6164-65-6 ؛ ج.2و3 978-600-94930-7-4 : ؛ ج. 4 978-622-962924-6:

وضعیت فهرست نویسی:فیپا

يادداشت:ناشر جلد دوم و سوم و چهارم انتشارات دارالتهذیب است .

مندرجات:ج. 1. زندگانی و فضایل امام علی علیه السلام در قرآن و سنت.- ج.2 و 3. امام علی (ع) در عهد پیامبر و دوران خلافت

موضوع:علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40 ق.

موضوع:علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- سرگذشتنامه

شناسه افزوده:مجمع جهانی شیعه شناسی

شناسه افزوده:The World Center for Shite Studies

رده بندی کنگره:BP37/ق36م8041 1393

رده بندی دیویی:297/951

شماره کتابشناسی ملی:3726762

ص: 1

اشارة

موسوعة الامام امیرالمومنین علی بن ابی طالب علیه السلام

مولف باقر شریف القرشی

ص: 2

مقدمة التحقيق

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ النحل: 64 سُنَّةَ اللّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً الفتح: 23 وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا الحشر: 7 قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها. وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسّاها الشمس: 9 و 10 إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ الحاقّة: 40

ص: 3

ص: 4

تقديم

1 تأتي السنّة النبوية في الأهميّة بعد القرآن الكريم، فلها دورها المشرق في بناء صرح الإسلام، و إنشاء قواعده، و تأسيس حضارته... و هي منهج كامل لجميع ما يسعد به الإنسان نفسيا و اجتماعيا، فقد أقامت له قواعد الأخلاق، و اصول الآداب، و ما يتميّز به الإنسان من الصفات الحميدة، و الأوصاف الشريفة، فقد عبّدت له الطريق و أوضحت له القصد، و حرّرته من جميع الخلفيات التي تلقي به في قرار سحيق من مآثم هذه الحياة.

2 و تكفّل القرآن الحكيم بتأسيس القواعد العامّة للتكاليف الشرعية من العبادات و المعاملات، و العقود و الايقاعات من دون أن يعرض إلى كيفيّاتها و كمياتها و أجزائها و شرائطها و موانعها، إلاّ انّ السنّة قد تبنّت تفصيل ذلك، و أوضحت جميع ما يرتبط بالتكاليف الشرعية، فكانت بذلك عنصرا مهما في بناء العقيدة الإسلامية، فقد ارتبطت بالقرآن الكريم ارتباط الجزء بالكلّ، و كلاهما يعملان على تطوير حياة الإنسان، و تهذيب سلوكه، و إبعاده عن شرور هذه الحياة.

ص: 5

3 و نعني بالسنّة النبوية قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و فعله و تقريره، أمّا قوله: فهو ما يؤثر عنه من الأحكام الشرعية التكليفية و الوضعية، و فنون الآداب و مكارم الأخلاق. و أمّا فعله فهو أن يعمل شيئا، و هو دليل على إباحته بالمعنى الأعم و لو كان غير مشروع لما جاز أن يعمله. و أمّا تقريره فهو أن يرى أحدا من المسلمين يعمل شيئا فأقرّه عليه، و هو دليل على مشروعيته؛ إذ لو كان محرّما لوجب عليه أن ينهاه و يصدّه عنه.

4 و ترى الشيعة أنّ من صميم السنّة النبوية قول أئمّة الهدى عليهم السّلام و فعلهم و تقريرهم، فإنّها امتداد ذاتي للسنة النبوية، و هذا الرأي وثيق للغاية، فإنّ من يلحظ سيرتهم يجدها تنبض بروح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هديه و سلوكه و اتّجاهاته و التزامه بحرفية الإسلام، فهم أوصياؤه و خلفاؤه و أرصدته التي أقامها لاصلاح امّته، فقد قرنهم بمحكم التنزيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و جعلهم سفن النجاة و أمن العباد، فحديثهم حديث الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و فعلهم فعله، و تقريرهم تقريره، و ليس في ذلك خروج عن المناهج العلمية أو انحراف عن الطريق القويم.

5 و لم يكتب للأحاديث النبوية أن تدوّن في عهد الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و إنّما ظلّت محفوظة في

ص: 6

قلوب أهل بيته و أصحابه و طبعت في ضمائرهم و دخائل نفوسهم، و بعد انتقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى حضيرة القدس، رأى مفكّرو الصحابة ضرورة تدوين الأحاديث النبوية خوفا عليها من التلف و الضياع و الزيادة و النقصان، و عرضوا ذلك على أبي بكر و مستشاره و وزيره عمر بن الخطاب، فلم يستجيبا لهم بحجّة أنّها لو سجّلت في كتاب واحد لا نشغل بها المسلمون عن قراءة كتاب اللّه تعالى!؟ و هو اعتذار مهلهل، و الذي نراه بمزيد من التأمل الذي لا يخضع لهوى و لا لعاطفة أنّ السبب في ذلك هو أنّ كوكبة من الأخبار قد أشادت بفضل أهل البيت، و ألزمت المسلمين بمودّتهم و طاعتهم و ترشيحهم لقيادة الامّة. الأمر الذي يتنافى مع احتلالهم لمركز الخلافة، و إبعاد أهل البيت عليهم السّلام عن قيادة الامّة، و جعلهم بمعزل عن الحياة السياسية العامّة في البلاد.

6 و لو دوّنت الأحاديث النبوية بإشراف الإمام عليّ عليه السّلام و غيره من كبار الصحابة لما مني الإسلام بكارثة الوضّاعين الذين لا يرجون للّه وقارا، فقد عمدوا إلى افتعال الأحاديث و نسبتها إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و معظمها قد حملت معول الهدم على الأفكار الإسلامية المشرقة التي تدعو إلى تحرير الإنسان، و سلامته من الانحطاط و التأخر.

و من المؤسف جدا أنّ كثيرا من الأخبار الموضوعة قد دوّنت في الصحاح و السنن من دون دراية المؤلّفين لها بوضعها و افتعالها، و نحن على ثقة أنّهم لو علموا زيفها لما سجّلوها في كتبهم، و تبرّءوا منها.

7 و تشكّلت لجان الوضع بصورة رسمية و مكشوفة في عهد معاوية عميد الاسرة

ص: 7

الأموية، الذي لم يأل جهدا في محق الإسلام، و إطفاء نوره و إخفاء معالمه، و ليس في هذا القول تجنّيا عليه أو انقيادا لعاطفة، و إنّما الدراسة الواعية لأحداث التأريخ هي التي تدلّل على ذلك، فقد تفجرت سياسته بكلّ ما خالف كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيّه و التي منها إعدامه لأعلام الإسلام أمثال حجر بن عدي و عمرو بن الحمق الخزاعي، و اغتياله لسبط رسول اللّه الإمام الحسن عليه السّلام و غير ذلك من الأحداث الجسام.

و على أي حال فقد عمد معاوية إلى عصابة من حزبه و عملائه إلى افتعال الحديث و تنسيقه ليعارض به الأحاديث النبوية البالغة حدّ الاعجاز في فصاحتها و بلاغتها، و فعلا فقد وضعت الأحاديث، و هي ذات ألوان متعدّدة بعضها في فضائل الصحابة، و بعضها في ذمّ أهل البيت عليهم السّلام دعاة العدل الاجتماعي، و بعضها في الحطّ من قيمة الأنبياء عليهم السّلام.

و قد عرض لزيفها الإمام شرف الدين، و العلامة الكبير الشيخ محمود أبو رية في كتابه «أضواء على السنّة المحمّدية» و كانت بحوثهما عن الأحاديث الموضوعة مشرقة بالروح العلمية النزيهة التي لم تجنح لعاطفة و لا لتقليد.

8 و استخدمت الحكومات القائمة في تلك العصور من الأمويين و العباسيين الأحاديث الموضوعة سلّما لسياساتهم القائمة على الظلم و الجور، و على إرغام الناس على ما يكرهون، فقد تمسّكوا بما وضعه الوضّاعون من إعفاء زعيم الدولة عمّا يقترفه من السيّئات و الآثام، و أنّ اللّه تعالى لا يحاسبه عليها في الدار الآخرة، و أنّه ليس كبقية الناس الذين يحاسبهم اللّه تعالى على ما صدر عنهم من شرّ و إثم في دار الدنيا. و على أي حال فإنّ الأحاديث الموضوعة قد ألقت المسلمين في شرّ عظيم، و صدّت الكثير منهم عن الطريق القويم الذي رسمه الإسلام ليكونوا قادة الامم و الشعوب.

ص: 8

9 و استشف الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله من وراء الغيب ما تقوم به بعض النفوس المريضة و الضمائر الرخيصة من افتعال الحديث و نسبته إليه، فحذّرهم و خوّفهم عقاب اللّه تعالى، قال صلّى اللّه عليه و آله: «من كذب عليّ متعمّدا(1) فليتبوّأ مقعده من النّار»(2). و لكنّهم لم يحفلوا بتحذير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أصرّوا على غيّهم فعمدوا إلى افتعال الأحاديث، و نسبتها إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و معظمها تتنافى مع روح الإسلام و هديه، و قد انتهكت بموضوعاتهم حرمة الإسلام الذي بني على الصدق و قول الحقّ.

و على أي حال فقد أحصى المحقّق الأميني عدد الوضّاعين (620)(3) وضاعا، فالويل لهم على ما اقترفوه من الإثم فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمّا يَكْسِبُونَ(4).

10 و نعود للحديث عما اثر عن إمام المتقين الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام من الأحاديث التي

ص: 9


1- قال المحقق الكبير الشيخ محمود أبو رية : « وقد عنيت بالبحث عن حقيقة هذا الحديث حتى وصلت بعد طول السعي إلى أنّ كلمة ( متعمّدا ) لم تأت في روايات كبار الصحابة ... » _ أضواء على السنّة المحمّدية : ص ٧.
2- الحديث متواتر صحيح.
3- الغدير ١٠ : ١٨٥ _ ٢٣٦.
4- البقرة : ٧٩.

رواها عن أخيه و ابن عمّه سيّد المرسلين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ معظمها تتعلّق بالآداب و حسن السلوك، و بناء شخصية الإنسان المسلم على اسس رفيعة متوازنة من الكمال و حسن الأخلاق، و ما يتعلّق بروابطه الاجتماعية، من الاهتمام بالصالح العام، و تبنّي قضايا مجتمعه و غير ذلك ممّا يتعلّق بتطوّر الحياة الإسلامية في جميع مناطق العالم الإسلامي. إنّ أحاديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله التي يرويها وصيّه و باب مدينة علمه، الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام تتميّز بما تحمله من طاقات ندية خلاّقة، تسمو بالمجتمع الإسلامي إلى أرقى مستويات الكمال و التهذيب، و تحقّق له القيادة العامة لشعوب العالم.

11 ألّف المؤرخ الكبير أبو جعفر الطبري كتابا أسماه «تهذيب الآثار و تفصيل الثابت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من الأخبار» عرض فيه للأخبار النبوية التي رواها أعلام الصحابة، و هو يقع في عدّة أجزاء، نسب كل جزء منها إلى علم من أعلام الصحابة، سجّل فيه ما رواه عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله بعنوان مسند الصحابي فلان، و من هذه المسانيد (مسند عليّ) ذكر فيه روايات عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و من مزايا هذا المسند أنّه دون الرواية التي يرويها الإمام عليه السّلام ثمّ ذكر لها مماثلا من طرق اخرى، ثمّ ما ذكر بعد ذلك ما يعارضها من الروايات، و يختار بعد ذلك ما يذهب إليه، و الكتاب طريف و مفيد للمعنيين بهذه البحوث، و عدد ما جاء في مسنده عن الإمام عليه السّلام (43) حديثا.

12 و أودّ أن أعرض إلى أنّ ما سجّلته في هذا الكتاب من روايات الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

ص: 10

ليست هي جميع رواياته عنه، و إنّما هي جزء بسيط منها، فإنّ الإمام عليه السّلام من ألصق الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و هو باب مدينة علمه، و قد وعى بصورة جازمة جميع أحاديثه، و سجّلها في دخائل نفسه، و أشاعها بين الناس، فليس هذا الكتاب إلاّ بعض أحاديثه عنه، و المتتبّع يجد أضعافها في مصادر الحديث و السنّة.

و من الخطأ الواضح أن أدّعي الاحاطة التامّة و المستوعبة لجميع أحاديث الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فإنّ ذلك أمر بعيد المنال، و أستغفر اللّه تعالى إن صدرت عنّي دعوى ذلك.

إنّه تعالى وليّ التوفيق النّجف الأشرف باقر شريف القرشى 25 /ذي القعدة/ 1419 ه

ص: 11

ص: 12

اضواء على السّنّة المحمّديّة

اشارة

ص: 13

ص: 14

و ألقى الإمام عليه السّلام الأضواء بصورة موضوعية و شاملة على رواة الأحاديث النبوية، و عرض بتحليل رائع لدوافع رواياتهم عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، التي هي متباينة كأشدّ ما يكون التباين، فقد عمد بعضهم إلى وضع الأحاديث و افتعالها، و سها آخرون عن نصوص الأحاديث فرووا ما يغايرها، إلى غير ذلك من الدوافع و الأغراض، و من المؤكّد أنّ المسلمين لو علموا أو ميّزوا الأحاديث المفتعلة لتبرّؤا منها، و ما سجّلها الثقات في السنن و الصحاح.

و على أي حال فيعتبر حديث الإمام عليه السّلام في هذا الموضوع من أروع الدراسات العلمية عن الأحاديث النبوية، و قد

روى ذلك الثقة الزكي سليم بن قيس الهلالي(1)

ص: 15


1- سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي ، من أصحاب أمير المؤمنين ، وأصحاب الأئمّة الحسن والحسين وعليّ بن الحسين ، كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي في رجاله ، وقد طلبه الحجّاج الطاغية الأثيم ليقتله فهرب منه ، وأوى إلى أبان بن أبي عيّاش ، فاستقام عنده ، ولمّا حضرته الوفاة دفع إليه كتابه الذي سجّل فيه الأحاديث المروعة التي وقعت بعد وفاة رسول الله ، وعانى ويلاتها وكوارثها عترة رسول الله. ويعتبر كتابه عند النعماني من أكبر كتب الاصول التي رواها أهل العلم ، وأنّ جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم عليه السلام ولا بدّ من تصديقه وقبول رواياته إلاّ أنّ الشيخ المفيد رحمه الله لم يوثق هذا الكتاب لأنّه قد حصل فيه خلط وتدليس. وقد أطال السيّد الاستاذ الخوئي البحث في تحقيق هذا الكتاب ، ومدى صحّة الناقدين له ، وقد ناقش جملة من أقوال الناقدين ، وأنّها بعيدة عن الصحّة ، يراجع في ذلك معجم رجال الحديث ٨ : ٢١٨ _ ٢٣٠.

قال: قلت لأمير المؤمنين: إنّي سمعت من سلمان الفارسي و المقداد و أبي ذرّ شيئا من تفسير القرآن، و أحاديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غير ما في أيدي الناس، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، و رأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن و من الأحاديث عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنتم تخالفونهم فيها، و تزعمون أنّ ذلك كلّه باطل، أ فترى الناس يكذبون على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّدين، و يفسّرون القرآن بآرائهم؟ لقد طلب سليم من الإمام عليه السّلام أن يوضّح له الحال في شأن بعض الأخبار، و تفسير بعض آيات الذكر الحكيم التي ينقلها حماة الإسلام أمثال سلمان الفارسي و أبي ذرّ و المقداد، و الإمام يقرّها، و هناك طائفة من الأخبار و تفسير بعض الآيات، و الإمام ينكرها، فما هو الصحيح منهما؟ فأجابه الإمام بهذا الجواب الرائع قائلا:

«قد سألت فافهم الجواب، إنّ في أيدي النّاس حقّا و باطلا، و كذبا، و ناسخا و منسوخا، و عامّا و خاصّا، و محكما و متشابها، و حفظا و وهما، و قد كذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على عهده حتّى قام خطيبا، فقال:

أيّها النّاس، قد كثرت عليّ الكذّابة فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار.

ثمّ كذب عليه من بعده. و إنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:

رجل منافق يظهر الايمان، متصنّع بالإسلام(1)، لا يتأثّم و لا يتحرّج أن يكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متعمّدا، فلو علم النّاس أنّه منافق كذّاب، لم يقبلوا منه و لم يصدّقوه، و لكنّهم قالوا: هذا قد صحب

ص: 16


1- متصنع بالإسلام : أي مدلس به.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و رآه و سمع منه... و أخذوا - أي الناس - عنه، و هم لا يعرفون حاله، و قد أخبره اللّه عن المنافقين بما أخبره، و وصفهم بما وصفهم فقال عزّ و جلّ: وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ(1)، ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضّلالة و الدّعاة إلى النّار بالزّور و الكذب و البهتان، فولّوهم الأعمال، و حملوهم على رقاب النّاس، و أكلوا بهم الدّنيا، و إنّما النّاس مع الملوك و الدّنيا إلاّ من عصم اللّه...».

و حكى هذا المقطع من حديث الإمام عليّ عليه السّلام امورا بالغة الأهمّية و هي:

أولا: أنّ ما بأيدي الناس من الأحاديث التي يروونها عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله متباينة لا يعرفون واقعها، فبعضها صدق، و بعضها كذب، و هي بين عامّ و خاصّ، و محكم و متشابه، و ناسخ و منسوخ، و قد جهلوا ذلك، و لم يميّزوا بعضها عن بعض.

ثانيا: أنّ الكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يحدث بعد وفاته، و إنّما كان في حياته، ممّا دعا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يحذّر الكاذبين، و شدّد عليهم النكير، و بشّرهم بنار جهنّم.

ثالثا: ذكر أنّ نقلة الحديث أربعة أشخاص، و ذكر القسم الأوّل و هم المنافقون الذين يظهرون الإسلام بألسنتهم و قلوبهم مطوية على الكفر و الإلحاد، و هؤلاء لا يتحرّجون من الكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و افتعال الأحاديث الباطلة و نسبتها له، و لو علم الناس بافتعال أحاديثهم لما أخذوا بها و اجتنبوها، لقد اغترّ الناس بهم لأنّهم رأوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صحبوه و سمعوا منه، و ظنّ الناس بهم خيرا، و لم يعرفوا واقعهم أنّهم على ضلال... و هؤلاء المنافقون أمثال سمرة بن جندب و عمرو بن العاص

ص: 17


1- المنافقون : ٤.

و مروان بن الحكم و أشباههم من المنافقين.

رابعا: أنّ المنافقين من الرواة قد تقرّبوا إلى السلطة الأموية الظالمة، و أخذوا ينشرون بين الناس الأحاديث المنكرة تقرّبا للأمويين، فمنحتهم السلطة الوظائف المهمّة في الدولة، و حملوهم على رقاب الناس... و هؤلاء الصنف الأوّل من الرواة.

ثمّ يأخذ الإمام عليه السّلام في بيان بقية أصناف الرواة قائلا:

«و رجل سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا لم يحمله على وجهه و وهم فيه، و لم يتعمّد كذبا، فهو في يده يقول به، و يعمل به، و يرويه، و لو علم هو أنّه و هم لرفضه...».

و هذا الصنف الثاني من الرواة الذين سمعوا من رسول اللّه حديثه إلاّ أنّهم على غفلة و وهم، فإنّهم لم يحملوا الحديث على وجهه و ظاهره و أخذوا بالوهم منه، و هؤلاء لم يتعمّدوا الكذب و لا افتعال الحديث فحديثهم مرفوض لأنّهم لم يأخذوا بظاهره و تأوّلوه، ثمّ يأخذ الإمام في بيان الصنف الثالث من رواة الحديث قائلا:

«و رجل ثالث سمع من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شيئا أمر به ثمّ نهى عنه و هو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به و هو لا يعلم، فحفظ منسوخه و لم يحفظ النّاسخ، و لو علم أنّه منسوخ لرفضه، و لو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه...».

الصنف الثالث من الرواة أنّهم سمعوا حديثا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد أمر به ثمّ نهى عنه، فحفظوا ما أمر به و أشاعوه بين الناس، و لم يحفظوا ناسخه، و هم كانوا على حسن نيّة لم يتعمّدوا الكذب و افتعال الحديث إلاّ أنّهم غافلون، و هؤلاء ينبغي التوقّف في حديثهم و عدم الأخذ به.

و يستمر الإمام عليه السّلام في بيان الصنف الرابع من رواة الحديث قائلا:

ص: 18

«و آخر رابع لم يكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، مبغض للكذب خوفا من اللّه و تعظيما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لم ينسه - أي الحديث - بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه، و لم ينقص منه، و علم النّاسخ من المنسوخ، فعمل بالنّاسخ و رفض المنسوخ، فإنّ أمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله مثل القرآن ناسخ و منسوخ، و خاصّ و عامّ، و محكم و متشابه، قد يكون من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الكلام له وجهان كلام عامّ، و كلام خاصّ مثل القرآن، و قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا(1) فيشتبه على من لم يعرف و لم يدر ما عنى اللّه به و رسوله».

الصنف الرابع من الرواة و هم المتحرّجون في دينهم الذين يخافون اللّه و لا يكذبون، و هم الذين يحفظون الحديث على وجهه، و يشيعونه بين الناس، قد عرفوا الناسخ من المنسوخ، و الخاصّ من العامّ، و المحكم من المتشابه، و هؤلاء حديثهم من أرقى أصناف الحديث، و من أكثره صدقا، و يجب الأخذ به.

و يستمر الإمام عليه السّلام في حديثه قائلا:

«و ليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يسأله عن الشّيء فيفهم، و كان منهم من يسأله، و لا يستفهمه، حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابيّ، و الطّاري(2) فيسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى يسمعوا...».

تحدّث الإمام عليه السّلام في هذه الكلمات عن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أنّهم ليسوا على مستوى واحد من الإدراك و الفهم، فبعضهم يسأل عن الشيء فيجيبه

ص: 19


1- الحشر : ٧.
2- الطّاري : الغريب.

الرسول صلّى اللّه عليه و آله فيفهم الجواب، و البعض الآخر يسأل و لا يعرف الجواب، و أنّهم كانوا بشوق لمجيء أعرابي أو غريب ليسألا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيجيبهما، فيقفوا على ما دار بينهما و يفهموا ما أراد الرسول صلّى اللّه عليه و آله. و يستمر الإمام في حديثه فيعرب عن سموّ منزلته و عظيم مكانته عند الرسول صلّى اللّه عليه و آله قائلا:

«و قد كنت أدخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلّ يوم دخلة و كلّ ليلة دخلة فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار، و قد علم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم يصنع ذلك بأحد من النّاس غيري، فربّما كان في بيتي يأتيني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أكثر ذلك.

و كنت إذا دخلت عليه بعض منازله، أخلاني، و أقام عنّي نساءه فلا يبقى عنده غيري، و إذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة، و لا أحد من بنيّ.

و كنت إذا سألته أجابني و إذا سكتّ عنه، و فنيت مسائلي ابتدأني.

فما نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله آية من القرآن إلاّ أقرأنيها و أملاها عليّ فاكتتبتها بخطّي، و علّمني تأويلها و تفسيرها، و ناسخها و منسوخها، و محكمها و متشابهها، و خاصّها و عامّها، و دعا اللّه أن يعطيني فهمها و حفظها فما نسيت آية من كتاب اللّه، و لا علما أملاه عليّ و كتبته منذ دعا اللّه لي بما دعا.

و ما ترك شيئا علّمه اللّه من حلال و لا حرام، و لا أمر و لا نهي كان أو يكون، و لا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية، إلاّ علّمنيه و حفظته، فلم أنس حرفا واحدا.

ص: 20

ثمّ وضع يده على صدري و دعا اللّه أن يملأ قلبي علما و فهما و حكما و نورا فقلت: يا نبيّ اللّه، بأبي أنت و أمّي منذ دعوت اللّه لي بما دعوت لم أنس شيئا، و لم يفتني شيء لم أكتبه أ فتتخوّف عليّ النّسيان فيما بعد؟ فقال: لا لست أتخوّف عليك النّسيان و الجهل»(1).

و أعرب الإمام عليه السّلام بهذه الكلمات عن شدّة اتّصاله بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أنّه من ألصق الناس به و أقربهم إليه، و أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله أفاض عليه علومه و معارفه، و أنّه قد دعا له بأن لا ينسى ما علّمه، و قد استجاب اللّه دعاءه فكان الإمام عليه السّلام لا ينسى أي شيء عهد به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إليه.

صحة هذا الحديث:

و نال هذا الحديث الدرجة القطعية من الصحّة، فقد عرضه بنصّه أبان على الإمام أبي جعفر الباقر عليه السّلام بعد موت أبيه الإمام علي بن الحسين عليهما السّلام، فاغرورقت عينا الإمام، و قال:

«صدق سليم ما قد أتى - يعني سليم - أبي بعد قتل جدّي الحسين عليه السّلام و أنا قاعد عنده فحدّثه بهذا الحديث بعينه، فقال له أبي: صدقت، قد حدّثني أبي و عمّي الحسن عليهما السّلام بهذا الحديث عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و عليهم، فقالا له: صدقت قد حدّثك بذلك و نحن شهود»(2).

و بهذا ينتهي بنا المطاف عن الأضواء التي ألقاها الإمام عليه السّلام على الأحاديث النبوية، فقد عرض لها بصورة موضوعية و شاملة.

ص: 21


1- اصول الكافي ١ : ٦٢ _ ٦٤. روي قريب من صدر الحديث في الامتاع والمؤانسة ٣ : ١٩٧.
2- رجال الكشيّ ١٠٥.

ص: 22

مسند الإمام

اشارة

ص: 23

ص: 24

أمّا مسند الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام فله أهمّيته البالغة في الأوساط الإسلاميّة و غيرها لأنّه يكشف عن مدى الصلة الفكرية و الروحية بين الإمام عليه السّلام و بين الرسول صلّى اللّه عليه و آله، كما يكشف عن التراث الضخم للرسول صلّى اللّه عليه و آله الذي نقله الإمام عليه السّلام الشامل لجميع جوانب الحياة... و نحن ننقل نصوص رواياته عنه من دون أن نعرض لسندها، فإنّ البحث عن ذلك يستدعي جهدا شاقّا، و وقتا متّسعا، و لا يتهيّأ لي ذلك.

و فيما يلي كوكبة من تلك الأخبار:

1- إصابة السّنّة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لا قول إلاّ بعمل، و لا عمل إلاّ بنيّة، و لا قول و عمل و نيّة إلاّ بإصابة السّنّة»(1).

إنّ القول إذا لم يكن مشفوعا بالعمل فلا أثر له، كما أنّ العمل إذا لم يصدر عن نيّة فلا أثر له، و القول و العمل و النيّة مشروطة بإصابتها للسنّة، فإذا لم تصادفها فلا يترتّب عليه أي أثر وضعي.

ص: 25


1- بحار الأنوار ٢ : ٢٦١.

2- العمل بالسّنّة

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«عليكم بسنّة، فعمل قليل في سنّة خير من عمل كثير في بدعة»(1).

أنّ العمل بالسنّة و الجري عليها أكثر عائدة على الإنسان من العمل في البدعة التي تجرّ إلى النار.

3- العلم

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«العلم خزائن و مفتاحها السّؤال، فاسألوا يرحمكم اللّه؛ فإنّه يؤجر فيه أربعة: السّائل، و المعلّم، و المستمع، و المجيب(2) لهم»(3).

تبنّى الإسلام بصورة إيجابية و شاملة قضايا العلم، فقد حثّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله على إشاعته بين الناس؛ لأنّه من العناصر الأساسية في نهضة الامّة و تطوّرها، و لا يمكن بأي حال أن تنال مركزا كريما تحت الشمس و هي قابعة في الجهل، و قد حثّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله في هذا الحديث على السؤال من العالم، و وعده بالأجر الجزيل كما وعد بذلك العالم و المستمع و المجيب أو المحبّ.

ص: 26


1- بحار الأنوار ٢ : ٢٦١.
2- في رواية : « والمحبّ ».
3- حلية الأولياء ٣ : ١٩٣.

4- تعلّم و تعليم القرآن

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«خياركم من تعلّم القرآن و علّمه»(1).

إنّ تعلّم القرآن و تعليمه للغير من أفضل الأعمال، و أقربها إلى اللّه تعالى.

5- طلب العلم

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«طلب العلم فريضة على كلّ مسلم؛ فاطلبوا العلم من مظانّه، و اقتبسوه من أهله؛ فإنّ تعليمه للّه حسنة، و طلبه عبادة، و المذاكرة به تسبيح، و العمل به جهاد، و تعليمه من لا يعلمه صدقة، و بذله لأهله قربة إلى اللّه تعالى؛ لأنّه معالم الحلال و الحرام، و منار سبل الجنّة، و المؤنس في الوحشة، و الصّاحب في الغربة و الوحدة، و المحدّث في الخلوة، و الدّليل على السّرّاء و الضّرّاء، و السّلاح على الأعداء، و الزّين عند الأخلاّء.

يرفع اللّه به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم، و يهتدى بفعالهم، و ينتهى إلى رأيهم، و ترغب الملائكة في خلّتهم، و بأجنحتها تمسحهم، و في صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كلّ رطب و يابس، حتّى حيتان البحر و هوامه، و سباع البرّ و أنعامه.

ص: 27


1- سنن الترمذي ٤ : ٥٣.

إنّ العلم حياة القلوب من الجهل، و ضياء الأبصار من الظّلمة، و قوّة الأبدان من الضّعف، يبلغ بالعبد منازل الأخيار، و مجالس الأبرار، و الدّرجات العلى في الدّنيا و الآخرة.

الذّكر فيه يعدل بالصّيام، و مدارسته بالقيام، به يطاع الرّبّ و يعبد، و به توصل الأرحام، و به يعرف الحلال و الحرام.

العلم إمام العمل، و العمل تابعه، يلهمه السّعداء، و يحرمه الأشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه اللّه منه حظّه»(1).

و حفل هذا الحديث الشريف بالدعوة الملحّة لطلب العلم الذي هو من العناصر الأساسية في بناء المجتمع الإسلامي؛ فإنّه من المستحيل أن ينهض المسلمون في ظروف الجهل و التأخّر. و في هذا الحديث تمجيد و ثناء و تكريم لطالب العلم حتّى يقبل على الدراسة، و يواصل البحث و الجدّ في طلب العلم.

6- طلب العلم عبادة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من خرج يطلب بابا من علم ليردّ به باطلا إلى حقّ، أو ضلالة إلى هدى، كان عمله ذلك كعبادة متعبّد أربعين عاما»(2).

إنّ من طلب العلم ليشيع الحقّ و يناهض الباطل فهو من المجاهدين في سبيل اللّه تعالى.

ص: 28


1- بحار الأنوار ١ : ١٧١.
2- المصدر السابق : ١٨٢.

7- طلب العلم للّه

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من طلب العلم للّه لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه ذلاّ، و في النّاس تواضعا، و للّه خوفا، و في الدّين اجتهادا، و ذلك الّذي ينتفع بالعلم فليتعلّمه.

و من طلب العلم للدّنيا، و المنزلة عند النّاس، و الحظوة عند السّلطان، لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه عظمة، و على النّاس استطالة، و باللّه اغترارا، و من الدّين جفاء، فذلك لا ينتفع بالعلم، فليكفّ و ليمسك عن الحجّة على نفسه، و النّدامة و الخزي يوم القيامة»(1).

عرض هذا الحديث الشريف إلى طلب العلم؛ فإن كان للّه تعالى و لنفع الناس من غير أن يبتغي وسيلة مادية فإنّ اللّه تعالى يرفعه، و إن كان طلبه للدنيا فلا خير فيه و إنّ أتعابه ستذهب أدراج الرياح، أعاذنا اللّه تعالى من ذلك.

8- طلب العلم لمجادلة العلماء

من الوصايا الرفيعة التي أوصى بها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الإمام باب مدينة علمه

قوله:

«يا عليّ، من تعلّم علما ليماري به السّفهاء، أو يجادل به العلماء،

ص: 29


1- بحار الأنوار ٢ : ٣٤.

أو ليدعو النّاس إلى نفسه فهو من أهل النّار»(1).

إنّ طلب العلم ينبغي أن يكون للّه تعالى، و لتهذيب النفس و تنميتها، فإذا كان مشفوعا بأغراض اخرى، و التي منها ما أدلى به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في وصيّته للإمام عليه السّلام، فإنّه بالإضافة إلى حرمانه من الثواب فإنّ مصيره يكون إلى النار.

9- مداد العلماء

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشّهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشّهداء»(2).

إنّ مداد العلماء يضيء الطريق.

10- منهومان لا يشبعان

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«منهومان لا يشبعان: طالب دنيا، و طالب علم، فمن اقتصر من الدّنيا على ما احلّ له سلم، و من تناولها من غير حلّها هلك إلاّ أن يتوب أو يرجع، و من أخذ العلم من أهله و عمل به نجا، و من أراد به الدّنيا فهو حظّه»(3).

ص: 30


1- من لا يحضره الفقيه : ٤٤٤.
2- بحار الأنوار ٢ : ١٦.
3- المصدر السابق : ٣٤.

إنّ طالب العلم منهوم لا يشبع، فهو كلّما درس و طالع يبغي المزيد لتنمية فكره، و كذلك صاحب المال منهوم يطلب المزيد من المال.

11- الفقيه

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«نعم الرّجل الفقيه في الدّين إن احتيج إليه نفع، و إن لم يحتج إليه نفع نفسه»(1).

إنّ الفقهاء مصابيح الإسلام، و هم في جميع أدوارهم مصدر إفاضة و عطاء للمجتمع، كما أنّهم مصدر خير لأنفسهم إن لم يحتج إليهم الناس.

12- العالم المطاع

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لا خير في العيش إلاّ لرجلين: عالم مطاع، و مستمع واع»(2).

العالم المطاع و المستمع الواعي هما من خيار المجتمع و من سادات الناس، و لا خير في العيش إلاّ لهما.

ص: 31


1- بحار الأنوار ١ : ٢١٦.
2- المصدر السابق : ١٦٨.

13- فضل العقل

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا عليّ، إذا تقرّب النّاس إلى خالقهم في أبواب البرّ فتقرّب إلى اللّه بأنواع العقل تسبقهم بالدّرجات و الزّلفى عند النّاس في الدّنيا، و عند اللّه في الآخرة...»(1).

إنّ العقل من أفضل مخلوقات اللّه تعالى، و هو حجّته و رسوله الباطني إلى عباده - كما في الحديث - فطاعته هدى، و مخالفته شقاء، و أفضل ما يتقرّب إلى اللّه تعالى بعبادة منشؤها التفكّر و التأمّل.

14- الجهل و العقل

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، لا فقر أشدّ من الجهل، و لا مال أعود من العقل»(2).

أمّا الجهل فهو أعظم آفة مدمّرة للإنسان، فإنّه يلقيه في شرّ عظيم، و يبعد عنه كلّ خير، و أمّا العقل فهو أساس النجاح في الدنيا و الآخرة.

ص: 32


1- حلية الأولياء ١ : ١٨.
2- وسائل الشيعة ٦ : ١٦٢.

15- العالم بين الجهّال

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«العالم بين الجهّال كالحيّ بين الأموات، و إنّ طالب العلم ليستغفر له كلّ شيء حتّى حيتان البحر و هوامه، و سباع البرّ و أنعامه، فاطلبوا العلم فإنّه السّبب بينكم و بين اللّه عزّ و جلّ، و إنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم»(1).

و نعت هذا الحديث طالب العلم الذي يكون بين الجهال الذين لا يعرفون حقيقته فإنّه في محنة و شقاء، كما حثّ الحديث على طلب العلم، و أنّه فريضة على كلّ مسلم.

16- كتمان العلم

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«من سئل عن علم فكتمه حيث يجب إظهاره، و تزول عنه التّقيّة جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار»(2).

إنّ العالم يجب عليه أن يشيع العلم و ينشره بين الناس، فاذا كتم علمه في وقت يحتاجه الناس فإنّ اللّه تعالى يحاسبه، و يخزيه.

ص: 33


1- بحار الأنوار ١ : ١٧٢.
2- المصدر السابق ٢ : ٧٢.

17- الفتوى بغير علم

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من أفتى النّاس بغير علم لعنته ملائكة السّماوات و الأرض»(1).

إنّ الفتوى بغير علم فيها تحريم للحلال و تحليل للحرام، و قد منع الإسلام كأشدّ ما يكون المنع من ذلك.

18- حقيقة الإيمان

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لا يؤمن عبد حتّى يؤمن بأربعة:

حتّى يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّي رسول اللّه بعثني بالحقّ.

و حتّى يؤمن بالبعث بعد الموت.

و حتّى يؤمن بالقدر»(2).

إنّ حقيقة الإيمان و استكماله هو الإيمان باللّه و برسوله، و بالبعث بعد الموت، و الإيمان بالقدر.

ص: 34


1- المصدر السابق : ١١٦.
2- بحار الأنوار ٥ : ٨٧.

19- توحيد اللّه

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«التّوحيد ظاهره في باطنه، و باطنه في ظاهره، ظاهره موصوف لا يرى، و باطنه موجود لا يخفى، يطلب بكلّ مكان، و لم يخل عنه مكان طرفة عين، حاضر غير محدود، و غائب غير مفقود»(1).

أدلى الشيخ المجلسي ببيان هذا الحديث قال: لعلّ المراد به أنّ كلّ ما يتعلّق بالتوحيد من وجود الباري تعالى و صفاته، ظاهره مقرون بباطنه أي كلّ ما كان ظاهرا منه بوجه فهو باطن و مخفيّ بوجه آخر، و كذا العكس.

ثمّ بيّن صلّى اللّه عليه و آله ذلك بأنّ ظاهره موصوف بالوجود و سائر الكمالات بما أظهر من الآثار في الممكنات، و لكنّه لا يرى فهو باطن عن الحواس، و باطنه أنّه موجود خاصّ لا كالموجودات و لكنّه لا يخفى من حيث الآثار، ثمّ ذكر وجها آخر لتفسير الحديث(2).

20- كلمة لا إله إلاّ اللّه

قال الإمام عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يقول اللّه جلّ جلاله: لا إله إلاّ اللّه حصني، فمن دخله أمن عذابي»(3).

ص: 35


1- المصدر السابق ٤ : ٢٦٤.
2- بحار الأنوار ٤ : ٢٦٤.
3- حياة الإمام الرضا ٢ : ٢٨٩.

هذا الحديث الذهبي رواه الإمام الرضا عليه السّلام، و قد سجّله العلماء بمحابر ذهبية.

و أضاف إليه الإمام قائلا:

«و لكن بشرطها و شروطها، و الّتي منها محبّتنا أهل البيت عليهم السّلام»(1).

21- نعمة التوحيد

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ما جزاء من أنعم اللّه عزّ و جلّ عليه بالتّوحيد إلاّ الجنّة»(2).

إنّ نعمة التوحيد من أفضل نعم اللّه على عباده؛ فإنّها تنقذه من خرافات الجاهلية، و عبادة الأوثان و الأصنام التي تبلغ بالإنسان إلى مستوى سحيق ما له من قرار من الجهل و الانحطاط.

22- طاعة اللّه

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لا طاعة لبشر في معصية اللّه».

إنّ أي طاعة لمخلوق مهما كان فإنّها مرفوضة لا يجوز عملها إذا كانت فيها معصية للّه تعالى خالق الكون و واهب الحياة.

ص: 36


1- بحار الأنوار ٣ : ٥.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢١٢ ، رقم الحديث ١٠٩٨.

23- حسن الظنّ باللّه

قال عليه السّلام: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال على منبره:

«و الّذي لا إله إلاّ هو، ما اعطي مؤمن قطّ خير الدّنيا و الآخرة إلاّ بحسن ظنّه باللّه و رجائه له، و حسن خلقه، و الكفّ عن اغتياب المؤمنين.

و الّذي لا إله إلاّ هو لا يعذّب اللّه مؤمنا بعد التّوبة و الاستغفار إلاّ بسوء ظنّه باللّه و تقصيره من رجائه له، و سوء خلقه، و اغتياب المؤمنين.

و الّذي لا إله إلاّ هو لا يحسن ظنّ عبد مؤمن باللّه إلاّ كان اللّه عند ظنّ عبده المؤمن، لأنّ اللّه كريم بيده الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظّنّ ثمّ يخلف ظنّه و رجاءه، فأحسنوا باللّه الظّنّ و ارغبوا إليه»(1).

إنّ حسن الظنّ باللّه تعالى من صميم الإيمان، فمن لم يحسن الظنّ بخالقه فليس برشيد، و ليس له من الإسلام شيء.

24- التمنّي لرضا اللّه

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من تمنّى شيئا و هو للّه عزّ و جلّ رضا لم يخرج من الدّنيا حتّى يعطاه»(2).

ص: 37


1- الوسائل ٦ : ١٨١ ، نقلا عن الاصول : ٣٤٤.
2- الخصال ١ : ٦.

إنّ من يتمنّى ما فيه رضا اللّه و طاعته، فإنّه تعالى بفضله و فيضه يعطيه ذلك.

25- ما يقرّب الإنسان إلى اللّه

قال عليه السّلام:

«قال رجل للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال:

لا تغضب، و لا تسأل النّاس شيئا، و ارض للنّاس ما ترضى لنفسك»(1).

إنّ من تحلّى بهذه الصفات الكريمة يستوجب رضا اللّه تعالى و الفوز بالفردوس الأعلى.

26- اللّه غفّار

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«مكتوب حول العرش قبل أن يخلق الدّنيا بأربعة آلاف عام: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى(2)»(3).

إنّ اللّه تعالى هو صاحب الفيض و العطاء الذي لا حدّ له، قد جعل التوبة سببا لمغفرته و مرضاته.

ص: 38


1- بحار الأنوار ٧٤ : ١٢٣.
2- طه : ٨٢.
3- كنز العمّال ٤ : ٢٢٨.

27- الرسول صلّى اللّه عليه و آله يعمّم الإمام عليه السّلام

قال عليه السّلام:

«عمّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعمامة سدلها خلفي ثمّ قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أمدّني في يوم بدر و حنين بملائكة يعتمّون هذه العمامة... فقال:

إنّ العمامة حاجزة بين الكفر و الإيمان»(1).

إنّ العمامة من شعار المؤمنين و الصالحين، و قد قلّدها الرسول صلّى اللّه عليه و آله لوصيّه و جعلها و ساما له.

28- زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام

قال عليه السّلام:

«زارنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فبات عندنا و الحسن و الحسين نائمان فاستسقى الحسن، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى قربة لنا فجعل يعصرها في القدح ثمّ يسقيه، فتناول الحسين يشرب فمنعه، و بدأ بالحسن، فقالت فاطمة: يا رسول اللّه، كأنّه - أي الحسن - أحبّهما إليك، فقال: لا، و لكنّه استسقى أوّل مرّة، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّي و إيّاك و هذين، و هذا الرّاقد يعني عليّا يوم القيامة في مكان واحد»(2).

إنّ أهل البيت سلام اللّه عليهم يحشرون في الفردوس الأعلى في مكان واحد

ص: 39


1- سنن أبي داود ١ : ٢٣ ، رقم الحديث ١٥٤.
2- المصدر السابق : ٢٦ ، رقم الحديث ١٩٠.

و في منزلة واحدة، و إنّ اللّه تعالى أعدّ لهم المنزلة الكريمة التي لا ينالها أحد من أوليائه المقرّبين.

29- وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، اوصيك بوصيّة فاحفظها عنّي، و كان من بنود وصيته:

إنّ اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط اللّه، و لا تحمد أحدا على ما آتاك اللّه، و لا تذمّ أحدا على ما لم يؤتك اللّه، فإنّ الرّزق لا يجرّه حرص حريص، و لا يصرفه كراهية كاره، إنّ اللّه بحكمه و فضله جعل الرّوح و الفرج في اليقين و الرّضى، و جعل الهمّ و الحزن في الشّكّ و السّخط.

يا عليّ، لا فقر أشدّ من الجهل، و لا مال أعود من العقل، و لا وحدة أوحش من العجب، و لا مظاهرة أوثق من المشاورة، و لا عقل كالتّدبير، و لا ورع كالكفّ - يعني عن محارم اللّه، و لا حسب كحسن الخلق، و لا عبادة كالتّفكّر.

يا عليّ، آفة الحديث الكذب، و آفة العلم النّسيان، و آفة العبادة الفترة، و آفة السّماحة المنّ، و آفة الشّجاعة البغي، و آفة الجمال الخيلاء، و آفة الحسب الفخر...

يا عليّ، إنّك لا تزال بخير ما حفظت وصيّتي، أنت مع الحقّ و الحقّ معك»(1).

ص: 40


1- المحاسن _ البرقي : ١٣.

و ألمّ هذا الحديث الشريف بذخائر الأعمال التي تقرّب الإنسان زلفى إلى اللّه، فقد أحاط بجميع مكارم الأخلاق، و محاسن الصفات التي هي من أغلى المبادئ و القيم التي تبنّاها الإسلام.

30- وصية اخرى للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«اوصيك يا عليّ في نفسك بخصال فاحفظها - اللّهمّ أعنه -:

الاولى: الصّدق فلا يخرج من فيك كذب أبدا.

و الثانية: الورع فلا تجترئ على خيانة أبدا.

و الثالثة: الخوف من اللّه كأنّك تراه.

و الرابعة: البكاء للّه، يبنى لك بكلّ دمعة بيتا في الجنّة.

و الخامسة: بذلك مالك و دمك دون دينك.

السادسة: الأخذ بسنّتي في صلاتي و صومي و صدقتي.

فأمّا الصّيام فثلاثة أيّام في الشّهر، الخميس أوّل الشّهر، و الأربعاء في وسط الشّهر، و الخميس في آخر الشّهر.

و الصّدقة بجهدك، حتّى تقول قد أسرفت، و لم تسرف.

و عليك بصلاة اللّيل، كرّر ذلك أربع مرات، و عليك بصلاة الزّوال، و عليك برفع يديك إلى ربّك و كثرة تقلّبها، و عليك بتلاوة القرآن على كلّ حال، و عليك بالسّواك لكلّ وضوء، و عليك بمحاسن الأخلاق فارتكبها

ص: 41

و بمساوئ الأخلاق فاجتنبها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ إلاّ نفسك»(1).

إنّ في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام من القيم التي تسمو بالإنسان إلى أرقى مستويات الأدب و الكمال، و تجعله المثل الأعلى لكلّ فضيلة.

31- من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام

قال عليه السّلام:

«لمّا بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى اليمن، فقال و هو يوصيني:

يا عليّ، ما حار من استخار، و لا ندم من استشار.

يا عليّ، عليك بالدّلجة(2)؛ فإنّ الأرض تطوى باللّيل ما لا تطوى بالنّهار.

يا عليّ، اغد على اسم اللّه، فإنّ اللّه تعالى بارك لامّتي في بكورها»(3).

و هذه الوصايا من أغلى النصائح و أثمنها، و هي ممّا تعين الإنسان في السلوك على أكثر الوسائل راحة و سعادة.

32- من وصايا الرسول صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

ص: 42


1- المحاسن : ١٣ _ ١٤. الروضة : ٧٩.
2- الدلجة : آخر ساعة من الليل.
3- أمالي الطوسي ١ : ١٣٥.

«يا عليّ، النّوم أربعة: نوم الأنبياء على أقفيتهم، و نوم المؤمنين على أيمانهم، و نوم الكفّار و المنافقين على أيسارهم، و نوم الشّياطين على وجوههم»(1).

و عالج الإسلام جميع شئون الإنسان و التي منها نومه، فقد دعاه إلى النوم الصحيح و السليم، و هو ما عرض له الحديث الشريف.

33- وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لخالد

قال الإمام عليه السّلام:

«جاء خالد بن زيد إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال:

يا رسول اللّه، أوصني، و أقلل لعلّي أحفظ، فقال:

اوصيك بخمس: باليأس عمّا في أيدي النّاس؛ فإنّه الغنى.

و إيّاك و الطّمع؛ فإنّه الفقر الحاضر.

و صلّ صلاة مودّع.

و إيّاك و ما تعتذر منه.

و أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك»(2).

و حفلت هذه الوصية الذهبية بما يضمن للإنسان سلامته و راحته الفكرية، و ما ينفعه في آخرته.

ص: 43


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٥٥.
2- وسائل الشيعة ٦ : ٣٢٢.

34- الدّين قبل الوصيّة

قال عليه السّلام:

«قضى محمّد صلّى اللّه عليه و آله إنّ الدّين قبل الوصيّة، و أنتم تقرءون الوصيّة قبل الدّين، و إنّ أعيان بني الامّ يتوارثون دون بني العلاّت»(1).

و حكى هذا الحديث حكمين:

الأول: إنّ الدّين قبل الوصية، فليس للورثة أن يعطوا ما أوصى به الميّت قبل وفاء دينه، بل لا بدّ من وفاء الدين أولا ثمّ العمل بما أوصى به.

الثاني: إنّه إذا توفّي الشخص و عنده إخوة من أبيه و امّه و إخوة من أبيه و هم المعبّر عنهم في الحديث ببني العلاّت، فإنّ الذي يرثه هم إخوته من أبيه و أمه دون إخوته من أبيه.

35- ترك الوصية

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، من لم يحسن وصيّته عند موته كان نقصا في مروّته، و لم يملك الشّفاعة»(2).

حثّ الإسلام و أكّد على ضرورة الوصيّة للإنسان، و أنّه يستحبّ له أن يوصي

ص: 44


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٣ ، رقم الحديث ٥٩٥.
2- بحار الأنوار ٧٤ : ٤٦.

بما له و ما عليه، و من الغريب جدا القول بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله توفّي و لم يوصي إلى أحد، فإنّ ذلك طعن في شخصيّته المقدّسة.

36- دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام

قال عليه السّلام:

«كنت شاكيا فمرّ بي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا أقول: اللّهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرحني، و إن كان آجلا فارفعني، و إن كان بلاء فصبّرني.

قال: ما قلت؟ فأعدت عليه، فضربني برجله فقال:

ما قلت؟ قال: فأعدت عليه.

فقال: اللّهمّ عافه، اللّهمّ شافه، فما اشتكيت ذلك الوجع بعد»(1).

لقد استجاب اللّه دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الإمام، فلم يشتك ألما و لا وجعا.

37- دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفره

- قال عليه السّلام:

«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد سفرا قال: بك اللّهمّ أصول، و بك أجول، و بك أسير»(2).

ص: 45


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٧٢ ، رقم الحديث ٨٤٣.
2- المصدر السابق : ٢٤٣ ، رقم الحديث ١٢٩٨.

- قال الإمام عليه السّلام:

«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا أراد أن يسير قال: اللّهمّ بك أصول، و بك أحلّ، و بك أسير»(1).

إنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله كان في معظم أوقاته يلهج بذكر اللّه تعالى و يمجّده في مسيره و جلوسه، فهو داعيته في الأرض، و حامل رسالته لعباده.

38- دعاء للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله

- قال عليه السّلام:

«علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا نزل بي كرب أن أقول: لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم، سبحان اللّه و تبارك و تعالى اللّه ربّ العرش العظيم، و الحمد للّه ربّ العالمين»(2).

إنّ في أدعية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أدعية أئمّة الهدى عليهم السّلام التعظيم الكامل، و الانقطاع إليه، و هي بلسم للقلوب، و غذاء روحي للنفوس.

- قال عليه السّلام:

«قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا اعلّمك كلمات إذا قلتهنّ غفر لك، على أنّه مغفور لك:

لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم، لا إله إلاّ اللّه العليّ العظيم، سبحان اللّه ربّ

ص: 46


1- مسند الإمام عليّ : ٩٠.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٥٢ ، رقم الحديث ٧٢٨.

السّماوات السّبع، و ربّ العرش العظيم، الحمد للّه ربّ العالمين»(1).

39- دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في آخر الوتر

قال عليه السّلام:

«إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقول في آخر وتره: اللّهمّ إنّي أعوذ برضاك من سخطك، و أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، و أعوذ بك منك، لا احصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك»(2).

و حكى هذا الدعاء تضرّع الرسول صلّى اللّه عليه و آله إلى اللّه تعالى و خشوعه له و التجائه إليه في جميع شئونه و أحواله.

40- صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

حكى الإمام عليه السّلام صلاة النبيّ قال:

«كان إذا استفتح الصّلاة يكبّر، ثمّ يقول:

وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات و الأرض حنيفا مسلما، و ما أنا من المشركين إنّ صلاتي و نسكي و محياي و مماتي للّه ربّ العالمين لا شريك له، و بذلك امرت، و أنا من المسلمين - و قال أبو النصر: و أنا

ص: 47


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٤٦ ، رقم الحديث ٧٠٣.
2- المصدر السابق : ١٥٥ ، رقم الحديث ٧٥٣.

أوّل المسلمين -.

اللّهمّ لا إله إلاّ أنت، أنت ربّي و أنا عبدك، ظلمت نفسي، و اعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت، و اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت، و اصرف عنّي سيّئها لا يصرف عنّي سيّئها إلاّ أنت، تباركت و تعاليت، أستغفرك و أتوب إليك...

و كان إذا ركع قال:

اللّهمّ لك ركعت، و بك آمنت، و لك أسلمت، خشع لك سمعي و بصري و مخّي و عظامي و عصبي.

و إذا رفع رأسه عن الرّكعة قال:

سمع اللّه لمن حمده، ربّنا و لك الحمد ملء السّماوات و الأرض و ما بينهما، و ملء ما شئت من شيء بعده.

و إذا سجد قال:

اللّهمّ لك سجدت، و بك آمنت، و لك أسلمت، سجد وجهي للّذي خلقه فصوّره فأحسن صوره، فشقّ سمعه و بصره فتبارك اللّه أحسن الخالقين.

و إذا فرغ من الصّلاة و سلّم قال:

اللّهمّ اغفر لي ما قدّمت، و ما أخّرت، و ما أسررت، و ما أعلنت، و ما أسرفت، و ما أنت أعلم به منّي، أنت المقدّم، و أنت المؤخّر، لا إله إلاّ أنت»(1).

ص: 48


1- المحلّى ٤ : ٩٥ _ ٩٦. صحيح مسلم ١ : ٢١٥. مسند أبي عوانة ٢ : ١٠١.

و هذه الأذكار و الأدعية ليست واجبة في الصلاة، و إنّما هي مندوبة، و كان الرسول صلّى اللّه عليه و آله يصلّي أكمل صلاة.

و قد اقتدى به الأئمّة الطاهرون من ذرّيّته، فكانت صلاتهم كصلاة جدّهم مقرونة بالخشوع للّه و تعظيمه.

41- الصلاة الوسطى

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«الصّلاة الوسطى صلاة العصر»(1).

إنّ الصلاة الوسطى التي أمر القرآن بالمحافظة عليها، قد اختلف في تحديدها فقيل: هي صلاة الظهر، و عيّنت هذه الرواية أنّها صلاة العصر.

42- تأخير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للصلاة الوسطى

قال عليه السّلام:

«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول يوم الأحزاب: شغلونا عن الصّلاة الوسطى، ملأ اللّه قبورهم و بيوتهم نارا، و صلاّها بين العشاءين»(2).

إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخّر صلاة العشاء لضرورة ملحّة، فلم يستطع الصلاة خوفا على نفسه من العدوّ فلمّا أمن منه صلاّها قضاء.

ص: 49


1- سنن أبي داود ١ : ٢٤ ، رقم الحديث ١٦٤.
2- مسند أبي عوانة ١ : ٣٥٦.

43- ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ركوعه

قال عليه السّلام:

«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا ركع قال:

اللّهمّ لك ركعت، و بك آمنت، و لك أسلمت. أنت ربّي، خشع سمعي و بصري و مخّي و عظمي و عصبي، و ما استقلّت به قدمي للّه ربّ العالمين»(1).

و ليس هذا الذّكر واجبا في الصلاة، و إنّما هو مستحب و ذلك لإظهار العبودية المطلقة للّه ربّ العالمين.

44- من أخلاق الرسول صلّى اللّه عليه و آله

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، لو اهدي إليّ كراع لقبلت، و لو دعيت إلى ذراع لأجبت»(2).

كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله آية من آيات اللّه تعالى في سموّ أخلاقه و آدابه، فلم يترفّع على أي أحد، و يجيب من دعاه، و لو على تناول ذراع من لحم شاة، و قد مدحه اللّه تعالى، فقال: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(3)، و في مدح اللّه تعالى له غنى عن مدح المادحين، و وصف الواصفين.

ص: 50


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٩ ، رقم الحديث ٩٦٠.
2- بحار الأنوار ٧٤ : ٥٤.
3- القلم : ٤.

45- ترحّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على خلفائه

قال الإمام عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«اللّهمّ ارحم خلفائي، قال ذلك ثلاثا.

قيل: يا رسول اللّه، و من خلفاؤك؟ قال: الّذين يتّبعون حديثي و سنّتي، ثمّ يعلّمونها أمّتي»(1).

إنّ خلفاء الرسول هم الذين يتفقّهون في أحكام الدّين، ثمّ يعلّمونها الناس.

46- حوض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و شفاعته

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي، و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي.

ثمّ قال:

إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل»(2).

و رفع اللّه تعالى مكانة الرسول العظيم محمّد صلّى اللّه عليه و آله و ميّزه على بقيّة أنبيائه و مخلوقاته، و منحه الحوض و الشفاعة في يوم القيامة.

ص: 51


1- بحار الأنوار ٢ : ١٤٤.
2- أمالي الصدوق : ٦.

47- تعويذ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للمرضى

قال عليه السّلام:

«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا عوّذ مريضا قال:

أذهب البأس ربّ النّاس، أشف أنت الشّافي، لا شفاء إلاّ شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما»(1).

إنّ جميع أعمال الرسول صلّى اللّه عليه و آله مرتبطة باللّه الواحد القهّار، و عيادته للمرضى كانت مقرونة بدعائه للّه تعالى بشفائهم بهذا الذّكر.

48- ضمان دين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه:

«من يضمن عنّي ديني، و يقضي عداتي، و يكون معي في الجنّة؟».

فقال له الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «أنا»(2).

و تولّى الإمام عليه السّلام قضاء حوائج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و القيام بخدمته، و قد ضمن له قضاء دينه، و إنجاز عداته من بعده، و قد وفى له بذلك.

لقد كان الإمام عضد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقد وهب حياته لخدماته و قضاء حوائجه.

ص: 52


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢ ، رقم الحديث ٥٦٥.
2- مسند الإمام عليّ : ٦٠.

49- آخر كلام للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله

قال عليه السّلام:

«كان آخر كلام النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الصّلاة الصّلاة، اتّقوا اللّه فيما ملكت أيمانكم»(1).

أمّا الصلاة فهي من أهمّ الطقوس الدينية. و قد اهتمّ بها الإسلام اهتماما بالغا، فهي عمود الدّين، إن قبلت قبل ما سواها، و إن ردّت ردّ ما سواها - كما في الحديث -، و أما الرفق بالرقيق، فهو من أوّليات التعاليم الإسلامية، فقد أضفى عليهم الإسلام جميع ألوان البرّ و الإحسان.

50- أقرب الناس إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ أقربكم منّي غدا، و أوجبكم عليّ شفاعة، أصدقكم لسانا، و آداكم للأمانة، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من النّاس»(2).

إنّ من اتّصف بهذه الصفات الكريمة و الخصال الرفيعة، فهو من أقرب الناس إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أنّه يفوز بشفاعته.

ص: 53


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٢٦ ، رقم الحديث ٥٨٦.
2- أمالي الصدوق : ٣٠٤.

51- أبعد الخلق عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ثلاث من لم تكن فيه فليس منّي، و لا من اللّه عزّ و جلّ.

قيل: يا رسول اللّه، و ما هنّ؟ قال: حلم يردّ به جهل الجاهل، و حسن خلق يعيش به في النّاس، و ورع يحجزه عن معاصي اللّه عزّ و جلّ»(1).

إنّ من لم يتحلّ بهذه الصفات الكريمة فليس هو قريبا من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أنّه لبعيد عنه.

52- الكذب على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

روى الإمام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«لا تكذبوا عليّ، فإنّه من كذب عليّ فليلج النّار»(2).

لقد استشفّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله خطورة العصابة التي تكذب عليه إرضاء للسلطات الحاكمة فوعدهم بالنار يوم القيامة.

ص: 54


1- الخصال ١ : ٧١.
2- كنز العمّال ٣ : ٦٢٥.

53- الأئمة الاثنا عشر

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«الأئمّة من بعدي اثنا عشر أوّلهم أنت يا عليّ، و آخرهم القائم الّذي يفتح اللّه تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض و مغاربها»(1).

و هذا الحديث متواتر مشهور روته العامة و الخاصة، فان الأئمة الطاهرين مصابيح الإسلام و هداة هذه الأمة، و مصدر فخرها و شرفها، و آخرهم مهدي آل محمّد عليه السّلام الذي يقيم ما أعوج من نظام الدين و الدنيا.

54- الإمام المهدي عليه السّلام

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم لبعث اللّه عزّ و جلّ رجلا منّا يملؤها عدلا كما ملئت جورا»(2).

و أعلن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أوصياؤه العظام عن حتمية ظهور الإمام المهدي عليه السّلام ليملأ الدنيا عدلا، و يعيد للإنسانية الدور المشرق لحكومة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في عدله و مساواته.

ص: 55


1- أمالي الصدوق : ١٧٣.
2- سنن أبي داود ٤ : ١٧٤.

55- مهدي آل محمّد عليه السّلام

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«المهديّ منّا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة»(1).

إنّ الإمام المهدي عليه السّلام المصلح الأعظم الذي يقيم اعوجاج الدين و الدنيا، و يؤسّس معالم الحضارة الإسلامية في الأرض، هو الإمام الثاني عشر من أوصياء الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

56- تسبيح الزهراء عليها السّلام

قال عليه السّلام:

«اشتكت إليّ فاطمة عليها السّلام مجل يديها من الطّحن، فأتينا النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقلت: يا رسول اللّه، فاطمة تشتكي إليك مجل يديها من الطّحن، و تسألك خادما.

فقال: أ لا أدلّكما على ما هو خير لكما من خادم؟ فأمرنا عند منامنا بثلاث و ثلاثين و ثلاث و ثلاثين، و أربع و ثلاثين من تسبيح و هو سبحان اللّه، و تحميد و هو الحمد للّه، و تكبير و هو اللّه أكبر»(2).

و تواترت الأخبار عن أئمّة الهدى عليهم السّلام بالحثّ على هذا الذّكر خصوصا بعد

ص: 56


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٤ ، رقم الحديث ٦٤٥.
2- المصدر السابق : ٢١٤ ، رقم الحديث ٩٩٨.

أداء الصلاة، و سمّي هذا الذّكر بتسبيح سيّدة نساء العالمين عليها السّلام.

57- أفضل آية

قال الإمام عليه السّلام لأصحابه:

«أ لا اخبركم بأفضل آية في كتاب اللّه تعالى حدّثنا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ(1).

و سأفسّرها لك يا عليّ: ما أصابكم من مرض، أو عقوبة، أو بلاء في الدّنيا، فبما كسبت أيديكم، و اللّه تعالى أكرم من أن يثنّي عليهم العقوبة في الآخرة، و ما عفا اللّه تعالى عنه في الدّنيا، فاللّه تعالى أحلم من أن يعود بعد عفوه»(2).

إنّ اللّه تعالى إذا ابتلى عبده في الدنيا ببلاء فإنّه لا يثنّي عليه العقوبة في الدار الآخرة فهو أرحم و أولى بالعفو لعباده.

58- فضل أبي ذرّ رضى اللّه عنه

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ما أظلّت الخضراء، و لا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من

ص: 57


1- الشورى : ٣٠.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٥ ، رقم الحديث ٦٤٩.

أبي ذرّ»(1).

أما أبو ذر فهو من عمالقة الإسلام الذين عذبوا في اللّه، فقد ثار على الحكم الأموي الأسود الذي اتخذ مال اللّه دولا و عباد اللّه خولا، و قد وقف من الأمويين موقفا صلبا لم يخش من سلطانهم، و راح يوقظ الجماهير و يحفزهم إلى الثورة، و قد اعتقله عثمان عميد الاسرة الأموية في الربذة فمات فيها جائعا و في بيوت الأمويين الملايين من أموال المسلمين يهبونها لعملائهم، و ينفقونها على شهواتهم.

59- عمار بن ياسر رضى اللّه عنه

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعض الأحاديث في فضل عمّار بن ياسر، هذه بعضها:

- قال عليه السّلام:

«استأذن عمّار بن ياسر على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال:

ائذنوا له.

فلمّا دخل قال:

مرحبا بالطّيب المطيّب»(2).

- دخل عمار على الإمام عليه السّلام: فقال له:

«مرحبا بالطّيّب المطيّب، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ عمّارا ملئ

ص: 58


1- مسند الإمام عليّ : ١٥٨.
2- المصدر السابق : ١٥٦.

إيمانا إلى مشاشته»(1).

إنّ عمار بن ياسر في طليعة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من أبرز المساهمين في اقامة صرح الإسلام، استشهد أبوه ياسر و أمه سمية في سبيل الدعوة الإسلامية، و كان أثيرا عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كما كان من أخلص المسلمين للامام أمير المؤمنين عليه السّلام استشهد في صفين دفاعا عن الإمام و ايمانا بقضيته.

60- عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه

قال عليه السّلام:

«أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عبد اللّه بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها فنظر أصحابه إلى حموشة ساقه فضحكوا منها، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

ما تضحكون لرجل عبد اللّه في الميزان أثقل من جبل احد»(2).

إنّ عبد اللّه بن مسعود من ألمع أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و من أكثرهم ايمانا، و قد أشاد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بفضله في كثير من المناسبات.

61- مريم و خديجة عليهما السّلام

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«خير نسائها - أي نساء أهل الجنة - مريم بنت عمران، و خير

ص: 59


1- مسند الإمام عليّ : ١٥٧.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٨٤ ، رقم الحديث ٩٢٢.

نسائها خديجة»(1).

و تواترت الأخبار عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ سيّدات أهل الجنّة السيّدة الفاضلة مريم بنت عمران، و أم المؤمنين خديجة بنت خويلد.

62- مناجاة لموسى عليه السّلام

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ موسى بن عمران لمّا ناجى ربّه، قال:

يا ربّ، أ بعيد أنت منّي فاناديك، أم قريب فاناجيك؟ فأوحى اللّه جلّ جلاله إليه:

أنا جليس من ذكرني.

فقال موسى: يا ربّ، إنّي أكون في حال اجلّك أن أذكرك فيها.

فقال: يا موسى، اذكرني على كلّ حال»(2).

إنّ اللّه تعالى أقرب لعباده من حبل الوريد إليهم، و هو حاضر و عالم بحالهم، و الرواية لا تخلو من وهن؛ فإنّ قول موسى إلى اللّه تعالى: «أ بعيد أنت منّي فاناديك، أم قريب فاناجيك» لا تتّفق مع مركز النبوّة؛ فإنّ موسى و غيره من أنبياء اللّه تعالى على علم و يقين من أنّ اللّه تعالى قريب من كلّ شيء.

ص: 60


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٣٥ ، رقم الحديث ٦٤١.
2- بحار الأنوار ٣ : ٣٢٩.

63- اللّه مع بعض أنبيائه عليهم السّلام

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه:

و عزّتي و جلالي لأقطعنّ أمل كلّ مؤمّل غيري بالإياس، و لأكسونّه ثوب المذلّة في النّار، و لابعدنّه من فرجي و فضلي.

أ يؤمّل عبدي في الشّدائد غيري، و الشّدائد بيدي.

أو يرجو سواي، و أنا الغني الجواد، بيدي مفاتيح الأبواب، و هي مغلقة، و بابي مفتوح لمن دعاني، أ لم يعلم أنّه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري، فما لي أراه بأمله معرضا عنّي، قد أعطيته بجودي و كرمي ما لم يسألني، فأعرض عنّي و لم يسألني و سأل في نائبته غيري، و أنا اللّه أبتدئ بالعطيّة قبل المسألة، أ فأسأل فلا اجيب. كلاّ، أ و ليس الجود و الكرم لي؟ أ و ليس الدّنيا و الآخرة بيدي؟ فلو أنّ أهل سبع سماوات و أرضين سألوني جميعا فأعطيت كلّ واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة، و كيف ينقص ملك أنا قيّمه، فيا بؤسا لمن عصاني و لم يراقبني»(1).

إنّ جميع ما في هذا الوجود من الممكنات كلّها بيد اللّه تعالى، فهو مصدر العطاء و الفيض لجميع عباده، و قد خاب و خسر من رجا غيره و تأمّل سواه.

ص: 61


1- أمالي الطوسي ٢ : ١٩٤.

64- من وحي اللّه لداود عليه السّلام

روى الإمام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«أوحى اللّه إلى داود: يا داود، مثل الدّنيا كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرّونها أ فتحبّ أن تكون كلبا مثلهم فتجرّ معهم.

يا داود، طيب الطّعام، و لين اللّباس، و الصّيت في النّاس، و في الآخرة الجنّة لا تجتمع أبدا»(1).

لقد اجتمع الناس منذ فجر تأريخهم حتى يرث اللّه الأرض و من عليها على التفاني في حبّ الدنيا و الإقبال عليها، و لا ينجو منها إلاّ المتّقون و الصالحون من عباد اللّه.

65- وصف كامل للإسلام

روى خلاس بن عمر قال:

كنّا جلوسا عند عليّ بن أبي طالب إذ أتاه رجل من خزاعة، فقال:

يا أمير المؤمنين، هل سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ينعت الإسلام؟ قال: نعم، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«بني الإسلام على أربعة أركان:

على الصّبر و اليقين، و الجهاد و العدل.

ص: 62


1- كنز العمّال ٣ : ٢١٤.

و للصبر أربع شعب:

الشّوق، و الشّفقة، و الزّهادة، و التّرقّب، فمن اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشّهوات، و من أشفق من النّار رجع عن المحرّمات، و من زهد في الدّنيا تهاون بالمصيبات، و من ارتقب الموت سارع في الخيرات.

و لليقين أربع شعب:

تبصرة الفطنة، و تأويل الحكمة، و معرفة العبرة، و اتّباع السّنّة، فمن أبصر الفطنة تأوّل الحكمة، و من تأوّل الحكمة عرف العبرة، و من عرف العبرة اتّبع السّنّة، و من اتّبع السّنّة فكأنّما كان في الأوّلين.

و للجهاد أربع شعب:

الأمر بالمعروف، و النّهي عن المنكر، و الصّدق في المواطن، و شنآن الفاسقين، فمن أمر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن، و من نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، و من صدق في المواطن قضى الّذي عليه و أحرز دينه، و من شنأ الفاسقين فقد غضب للّه، و من غضب للّه يغضب اللّه له.

و للعدل أربع شعب:

غوص الفهم، و زهرة العلم، و شرائع الحكم، و روضة الحلم؛ فمن غاص الفهم فسّر جمل العلم، و من رعى زهرة العلم عرف شرائع الحكم و ورد روضة الحلم، و من ورد روضة الحلم لم يفرّط في أمره و عاش في النّاس و هم في راحة»(1).

و ألمّ هذا الحديث بفلسفة الإسلام، و أحاط بروائع أحكامه التي تهدف إلى سعادة الإنسان، و إبعاده عن مآثم هذه الحياة.

ص: 63


1- حلية الأولياء ١ : ٧٤ _ ٧٥.

66- عناصر الإسلام

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ اللّه خلق الإسلام فجعل له عرصة، و جعل له نورا، و جعل له حصنا و جعل له ناصرا.

فأمّا عرصته فالقرآن.

و أمّا نوره فالحكمة.

و أمّا حصنه فالمعروف.

و أمّا أنصاره فأنا و أهل بيتي و شيعتنا»(1).

إنّ هذه البنود التي أدلى بها الرسول صلّى اللّه عليه و آله هي التي يتألف منها الإسلام، و يقوم على سوقه عبل الذراع مفتول الساعد.

67- الضرائب الإسلامية

روى محمّد بن الحنفيّة نجل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه سمع أباه يقول:

«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء قدر ما يسعهم، فإن منعوهم حتّى يجوعوا أو يعروا أو يجهدوا حاسبهم اللّه حسابا شديدا و عذّبهم عذابا نكرا...»(2).

ص: 64


1- وسائل الشيعة ٦ : ١٤١.
2- حلية الأولياء ٣ : ١٧٨.

عالج الإسلام بصورة موضوعية و شاملة جميع قضايا الإنسان و شئونه، و من أهمّ ما عنى به مكافحة الفقر و مطاردته، و من الوسائل التي اعتمد عليها في ذلك فرضه للحقوق المالية في أموال الأغنياء، و إعطاؤها للفقراء، و هي بصورة دقيقة تفي بحاجاتهم، و تنفي عنهم البؤس و الحاجة، و شدّد الإسلام على الأغنياء بدفع ما عليهم من الضرائب إلى الفقراء فإذا لم يؤدّوها تعرّضت الامّة إلى النكبات و الأزمات، و أنّ اللّه تعالى يحاسبهم حسابا عسيرا على ذلك.

68- أنواع الجهاد

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«الجهاد أربع: الأمر بالمعروف، و النّهي عن المنكر، و الصّدق في مواطن الصّبر، و شنآن الفاسق»(1).

إنّ هذه الأنواع من أفضل صور الجهاد، فإنّها تدعو إلى نكران الذات.

69- جهاد النفس

قال عليه السّلام:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعث سريّة فلمّا رجعوا قال:

مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر و بقي عليهم الجهاد الأكبر.

فقيل: يا رسول اللّه، و ما الجهاد الأكبر؟

ص: 65


1- كنز العمّال ٣ : ٦٤.

فقال: جهاد النّفس»(1).

إنّ جهاد النفس و منع غرائزها الشريرة من الاستيلاء على الإنسان و صدّها عن تقوى اللّه من أفضل ألوان الجهاد، إنّ النفس لأمّارة بالسوء، و هي تعمل على هبوط الإنسان إلى مستوى سحيق من الرذائل و الآثام، وقانا اللّه شرّها.

70- الجهاد في الفتنة

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، إنّ اللّه تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي، كما كتب عليهم الجهاد مع المشركين معي.

فقلت: يا رسول اللّه، و ما الفتنة الّتي كتب علينا فيها الجهاد.

قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّي رسول اللّه، و هم مخالفون لسنّتي، و طاعنون في ديني.

فقلت: فعلام نقاتلهم يا رسول اللّه و هم يشهدون أن لا إله إلاّ اللّه، و أنّك رسول اللّه؟ فقال: على إحداثهم في دينهم و فراقهم لأمري و استحلالهم دماء عترتي»(2).

إنّ هؤلاء الذين أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بجهادهم، و مناجزتهم قد مرقوا عن الدين،

ص: 66


1- المحاسن : ٢٧٩.
2- وسائل الشيعة ٦ : ٦١.

و خالفوا جماعة المسلمين، و استحلوا ما حرم اللّه، و حرموا ما حلل اللّه، فكان اللازم على المسلمين مناجزتهم حتى يفيئوا إلى حكم اللّه.

71- المسالمة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«سيكون بعدي اختلاف أو أمر فإن استطعت أن تكون السّلم فافعل»(1).

أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الإمام بالسلم و هو المسالمة و عدم فتح باب الحرب مع المعتدين عليه حفظا لكلمة التوحيد، و صيانة لدماء المسلمين.

72- الحرب خدعة

كان الإمام عليه السّلام يقول:

«لأن يخطفني الطّير أحبّ إليّ من أن أقول على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما لم يقل...

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول يوم الخندق: الحرب خدعة»(2).

من أهمّ وسائل الظفر بالحرب هي الخدعة، و قد اندحر الجيش العراقي في صفّين بعد أن أشرف على الفتح بخديعة ابن العاص في رفع المصاحف، و قد عرضنا لذلك في بحوث هذه الكتاب.

ص: 67


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٩٠ ، رقم الحديث ٦٩٥.
2- وسائل الشيعة ٦ : ١٠٢.

73- الصبر

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«الصّبر من الإيمان بمنزلة الرّأس من الجسد»(1).

الصبر من أفضل الصفات الكريمة، و قد حثّ الإسلام عليه، و قد ذكر العرفاء أنواعه و ما اثر عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه.

74- علامة الصابر

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ علامة الصّابر في ثلاث:

أوّلها أن لا يكسل.

و الثّانية أن لا يضجر.

و الثّالثة أن لا يشكو من ربّه عزّ و جلّ لأنّه: إذا كسل فقد ضيّع الحقوق، و إذا ضجر لم يؤدّ الشّكر، و إذا شكا من ربّه فقد عصاه»(2).

إنّ الصبر من أفضل النزعات النفسية، و قد ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له ثلاث علامات، يعرف بها الصابر.

ص: 68


1- كنز العمّال ٣ : ٢٧١.
2- علل الشرائع : ١٩٦.

75- الدنيا سجن المؤمن

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، إنّ الدّنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر.

يا عليّ، أوحى اللّه إلى الدّنيا: اخدمي من خدمني، و أتعبي من خدمك.

يا عليّ، إنّ الدّنيا لو عدلت عند اللّه جناح بعوضة لما سقي الكافر منها شربة من ماء.

يا عليّ، ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدّنيا إلاّ قوتا»(1).

إنّ الدنيا لا قيمة لها عند اللّه، فهي دار امتحان و بلاء، و لو كان لها من الأهمية شيء لمّا تمتّع الكافر منها بالنّعم الجزيلة، و ما عانى منها أولياء اللّه و أحباؤه الخطوب و الكوارث من ملوك عصورهم.

76- مرض المؤمن

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا عليّ، أنين المؤمن تسبيح، و صياحه تهليل، و نومه على الفراش عبادة، و تقلّبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل اللّه، فإن عوفي مشى في النّاس و ما عليه من ذنب»(2).

ص: 69


1- وسائل الشيعة ٦ : ٣١٦.
2- المصدر السابق ٢ : ٣٣٨.

إنّ رعاية اللّه تعالى للمؤمن تصاحبه في جميع فترات حياته، في صحته، و في سقمه.

77- أنين المريض

روى الإمام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«يكتب أنين المريض، فإن كان صابرا كان أنينه حسنات، و إن كان أنينه جزعا كان هلوعا لا أجر له»(1).

إنّ من يصبر على ما ينزل به من آلام المرض، و يوكّل ذلك إلى اللّه تعالى فإنّه يجزل له المزيد من الأجر، أمّا من يجزع فلا أجر له.

78- حقوق المسلم على المسلم

روى عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ للمسلم على أخيه المسلم من المعروف ستّا: يسلّم عليه إذا لقيه، و يعوده إذا مرض، و يسمّته إذا عطس، و يشهده إذا مات، و يجيبه إذا دعاه، و يحبّ له ما يحبّ لنفسه، و يكره له ما يكره لنفسه»(2).

إنّ هذه الحقوق التي أعلنها الرسول توجب تماسك المسلمين و وحدتهم، و تؤلّف بين عواطفهم و قلوبهم.

ص: 70


1- كنز العمّال ٣ : ٣١١.
2- أمالي الطوسي ٢ : ٩٢.

79- من حقوق المسلم على المسلم

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«للمسلم على أخيه ثلاثون حقّا، لا براءة له منها إلاّ بالأداء أو العفو:

يغفر زلّته، و يرحم عبرته، و يستر عورته، و يقيل عثرته، و يقبل معذرته، و يردّ غيبته و يديم نصيحته، و يحفظ خلّته، و يرعى ذمّته، و يعود مرضته، و يشهد ميته، و يجيب دعوته، و يقبل هديّته، و يكافئ صلته، و يشكر نعمته، و يحسن نصرته، و يحفظ حليلته، و يقضي حاجته، و يشفع مسألته، و يسمّت عطسته، و يرشد ضالّته، و يردّ سلامه، و يطيّب كلامه، و يبرّ أنعامه، و يصدّق أقسامه، و يوالي وليّه، و لا يعاديه، و ينصره ظالما و مظلوما.

فأمّا نصرته ظالما فيردّه عن ظلمه، و أمّا نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقّه.

و لا يسلمه و لا يخذله، و يحبّ له من الخير ما يحبّ لنفسه، و يكره له من الشّرّ ما يكره لنفسه»(1).

و عنى الرسول صلّى اللّه عليه و آله بترابط المسلمين و وحدتهم، و إقامة المودّة فيما بينهم.

و من الطبيعي أنّ المبادئ التي أعلنها ممّا توجب شيوع الحبّ بينهم، و إقصاء العداوة عنهم.

ص: 71


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٢٣٦.

80- حقوق في المال

قال عليه السّلام:

«قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا نبيّ اللّه، أ في المال حقّ سوى الزّكاة؟ قال: نعم، برّ الرّحم إذا أدبرت، وصلة الجار المسلم، فما آمن بي من بات شبعانا و جاره المسلم جائع.

ثمّ قال:

ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه»(1).

إنّ الإسلام قد تبنّى بصورة إيجابية و بجميع الوسائل إذابة الفقر و إقصاءه عن الحياة الاجتماعية فهو رديف الكفر، و مصدر الشقاء في الأرض، و قد وضع البرامج لذلك، كان منها ما ذكره الرسول صلّى اللّه عليه و آله.

81- الكسب الحلال

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ اللّه تعالى يحبّ أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال»(2).

إنّ السعي في طلب الحلال و الاجتناب من الكسب الحرام من أفضل الأعمال المقرّبة للّه تعالى، و المنمّية لرزق الإنسان.

ص: 72


1- أمالي الطوسي ٢ : ١٣٤.
2- كنز العمّال ٤ : ٤.

82- دعوات لا ترد

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، أربعة لا تردّ لهم دعوة: إمام عادل، و والد لولده، و الرّجل يدعو لأخيه بظهر الغيب، و المظلوم. يقول اللّه جلّ جلاله: و عزّتي و جلالي لأنتصرنّ لك و لو بعد حين»(1).

إنّ اللّه تعالى يستجيب دعاء هؤلاء الأصناف، و لو بعد حين و لا يردّ لهم دعاء.

83- الدعاء عند لبس الثياب

أتى الإمام عليه السّلام إلى غلام فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم و لبسه و هو يقول:

«الحمد للّه الّذي رزقني من الرّياش ما أتجمّل به في النّاس و اواري به عورتي».

فقيل له: هذا شيء ترويه عن نفسك أو عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال:

«هذا شيء سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقوله عند الكسوة: الحمد للّه الّذي رزقني من الرّياش ما أتجمّل به في النّاس و اواري به عورتي»(2).

إنّ ذكر اللّه تعالى مصاحب للرسول و لوصيّه في جميع تصرفاتهم و شئونهم

ص: 73


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٤٧.
2- مجمع الزوائد ٥ : ١١٨. مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٥٤ ، رقم الحديث ١٣٥٦.

و مراحل حياتهم حتّى في لبس الثياب.

84- بناء المساجد

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنّة»(1).

أمّا المساجد فانها من المراكز الحساسة في الإسلام، ففيها العبادة، و اقامة شعائر الإسلام، و منها تنطلق الدعوة إلى اللّه تعالى، فهي محل تبشير و عبادة.

85- الجلوس في المصلّى

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«من صلّى الفجر ثمّ جلس في مصلاّه صلّت عليه الملائكة، و صلاتهم عليه: اللّهمّ اغفر له، اللّهمّ ارحمه.

و من ينتظر الصّلاة صلّت عليه الملائكة و صلاتهم عليه: اللّهمّ اغفر له، اللّهمّ ارحمه»(2).

إنّ الجلوس في المصلّى و ذكر اللّه تعالى موجب لمغفرة اللّه تعالى، كما أنّه موجب لزيادة الرزق خصوصا بعد صلاة الصبح، كما دلّت على ذلك كوكبة من الأخبار.

ص: 74


1- حلية الأولياء ٢ : ١٨٠.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٣٢ ، رقم الحديث ١٢٢٣.

86- الفقراء أصدقاء اللّه

روى الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«الفقراء أصدقاء اللّه، و المرضى أحبّاء اللّه، فمن مات على التّوبة فله الجنّة، فتوبوا و لا تيأسوا فإنّ باب التّوبة مفتوح من قبل المغرب لا ينسدّ حتّى تطلع الشّمس منه»(1).

و في هذا الحديث تكريم للفقراء فهم أصدقاء اللّه تعالى، كما فيه تكريم للمرضى فهم أحبّاء اللّه، و فيه الدعوة إلى التوبة و الاقلاع عن الذنب فإنّ من تاب تاب اللّه عليه، و غفر ذنبه.

87- فقراء أهل الصّفة

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«لا اعطيكم و أدع أهل الصّفّة تلوّى بطونهم من الجوع»(2).

أهل الصفّة: هم الفقراء الذين كانوا ينتشرون على ضفاف الجامع النبوي فيتصدّق عليهم المسلمون، و كان منهم المحدّث الشهير أبو هريرة الدوسي شيخ المضيرة.

و كان جعفر الطيّار يأخذه من الشارع و يطعمه في بيته، و كان أبو هريرة كثيرا ما يذكر ألطاف جعفر عليه.

ص: 75


1- كنز العمّال ٤ : ٢٢٢.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٣ ، رقم الحديث ٥٩٦.

88- المنازل الرفيعة في الجنة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ في الجنّة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، و باطنها من ظاهرها، يسكنها من أمّتي من أطاب الكلام، و أطعم الطّعام، و أفشى السّلام، و صلّى باللّيل و النّاس نيام.

فقال عليّ: يا رسول اللّه، و من يطيق هذا من أمّتك؟ فقال: يا عليّ، أو تدري ما إطابة الكلام؟ من قال إذا أصبح و أمسى: سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر عشر مرّات.

و إطعام الطّعام نفقة الرّجل على عياله.

و أمّا الصّلاة و النّاس نيام فمن صلّى بالمغرب و العشاء الآخرة، و صلّى الغداة في المسجد فكأنّما أحيى اللّيل كلّه.

و إفشاء السّلام أن لا يبخل بالسّلام على أحد من المسلمين»(1).

إنّ اللّه أعدّ في الجنة المنازل الكريمة لعباده الصالحين، و هذه الخصال التي ذكرها الرسول صلّى اللّه عليه و آله من سمات المتقين الذين يتبوّءون في الجنة حيث ما شاءوا.

ص: 76


1- أمالي الصدوق : ١٩٨.

89- الزهد في الدنيا

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من زهد في الدّنيا علّمه اللّه بلا تعلّم، و هداه بلا هداية، و جعله بصيرا و كشف عنه العمى»(1).

إنّ الزهد في الدنيا و عدم الافتتان بمباهجها و زينتها له آثاره المهمّة و التي منها أنّ اللّه تعالى يضفي على الزاهد العلم، و يجعله بصيرا في أحوال الدنيا.

90- مكارم الأخلاق

روى الإمام الحسين عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام قال:

«سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: بعثت بمكارم الأخلاق و محاسنها»(2).

إنّ الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله الذي هو هبة من اللّه تعالى لعباده قد غيّر مجرى التاريخ، و طوى حياة الجاهلية، و ذلك بسعة أخلاقه الرفيعة التي امتاز بها على سائر النبيّين.

- جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، ثلاثة من مكارم الأخلاق في الدّنيا و الآخرة: أن تعفو عمّن ظلمك، و تصل من قطعك، و تحلم عمّن جهل حقّك»(3).

ص: 77


1- كنز العمّال ٣ : ١٩٧.
2- أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٩.
3- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.

و هذه الامور من محاسن مكارم الأخلاق، و من امّهات الفضائل، فهي من العناصر التي أقامها الإسلام في مجتمعه.

91- حسن الأخلاق

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم»(1).

إنّ السمت البارز في شخصية الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله هي الأخلاق العظيمة التي امتاز بها على سائر النبيّين، و قد رفع الدعوة إلى مكارم الأخلاق و محاسن الصفات.

- قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، أ لا اخبركم بأشبهكم بي خلقا؟ قال: بلى يا رسول اللّه.

قال: أحسنكم خلقا، و أعظمكم حلما، و أبرّكم بقرابته، و أشدّكم من نفسه إنصافا»(2).

إنّ حسن الخلق من أطيب الصفات و أجلها، و من اتّصف به و بالحلم و الإنصاف كان من أشبه الناس برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

- من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، أحسن خلقك مع أهلك و جيرانك و من تعاشر و تصاحب من

ص: 78


1- أمالي الصدوق : ٢٦٨.
2- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٤٠.

النّاس تكتب عند اللّه في الدّرجات العلى»(1).

إنّ الأخلاق الحسنة من أبرز الصفات الكريمة التي يتحلّى بها الإنسان، و التي تجلب له الخير، و تدفع عنه السوء، و كان الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله المثل الأعلى للأخلاق الرفيعة.

92- قضاء حوائج الناس

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، الحاجة أمانة اللّه عند خلقه، فمن كتمها على نفسه أعطاه اللّه ثواب من صلّى، و من كشفها إلى من يقدر أن يفرّج عنه و لم يفعل فقد قتله، أما إنّه لم يقتله بسيف و لا سنان و لا سهم، و لكن قتله بما نكى من قلبه»(2).

و في هذا الحديث دعوة من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى المسلمين بالسعي لقضاء حوائج بعضهم بعضا، و حذّر من يتمكّن على ذلك و لا يقوم به فإنّه قد قتل نفسه، و حرمها من الأجر الجزيل و الثواب العظيم.

93- أفضل الناس

جاء في وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للامام أمير المؤمنين عليه السّلام:

ص: 79


1- بحار الانوار ٧٤ : ٦٧.
2- اصول الكافي ٢ : ٢٦١.

«يا عليّ، ثلاثة من لقي اللّه عزّ و جلّ بهنّ فهو من أفضل النّاس:

من أتى اللّه عزّ و جلّ بما افترض عليه فهو من أعبد النّاس.

و من ورع عن محارم اللّه فهو من أورع النّاس.

و من قنع بما رزقه اللّه فهو من أغنى النّاس».

ثمّ قال:

«يا عليّ، ثلاثة من لم يكنّ فيه لم يتمّ عمله:

ورع يحجزه عن معاصي اللّه، و خلق يداري به النّاس، و حلم يردّ به جهل الجاهل».

إلى أن قال:

«يا عليّ، الإسلام عريان، و لباسه الحياء، و زينته العفاف، و مروّته العمل الصّالح، و عماده الورع»(1).

إنّ من اتّصف بهذه الصفات الكريمة، و الخصال الحميدة فهو من أفضل الناس، و أشرفهم، و أكملهم. و جميع وصايا الرسول، و وصايا الأئمة الطاهرين عليهم السّلام من أبنائه تدعو إلى سموّ الإنسان و كماله و تهذيبه و سلامته من المآثم و الرذائل.

94- إعانة المسلم

قال الإمام عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص: 80


1- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٦.

«من ردّ عن قوم من المسلمين عادية ماء أو نار وجبت له الجنّة»(1).

إنّ من أوّليات المبادئ التي رفع شعارها الإسلام التوادد و التعاطف بين المسلمين، و قيام بعضهم بقضاء حوائج البعض الآخر الأمر الذي يؤدي إلى تماسك المسلمين و وحدة صفوفهم.

95- أوصاف المؤمن

سأل الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن صفة المؤمن، فقال:

«عشرون خصلة في المؤمن، فإن لم تكمل فيه لم يكمل إيمانه:

إنّ من أخلاق المؤمنين يا عليّ: الحاضرون الصّلاة، و المسارعون إلى الزّكاة، و المطعمون للمساكين، الماسحون لرأس اليتيم، المطهّرون أطمارهم، المتّزرون على أوساطهم، الّذين إن حدّثوا لم يكذبوا، و إن وعدوا لم يخلفوا، و إن ائتمنوا لم يخونوا، و إن تكلّموا صدقوا.

رهبان في اللّيل، اسد بالنّهار، صائمون النّهار، قائمون اللّيل، لا يؤذون جارا و لا يتأذّى منهم جار، الّذين مشيتهم على الأرض هون و خطاهم على بيوت الأرامل، و على أثر الجنائز»(2).

و هذه الأوصاف الكريمة من تحلى بها فقد بلغ غاية الايمان، و نال أسمى مراتب الكمال.

ص: 81


1- فروع الكافي ١ : ٣٤٢.
2- بحار الأنوار ٦٠ : ٢٧٦.

96- علامات للمؤمن و لغيره

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، إنّ للمؤمن ثلاث علامات:

الصّيام و الصّلاة و الزّكاة.

و إنّ للمتكلّف من الرّجال ثلاث علامات:

يتملّق إذا شهد، و يغتاب إذا غاب، و يشمت بالمصيبة.

و للظّالم ثلاث علامات:

يقهر من دونه بالغلبة، و من فوقه بالمعصية، و يظاهر الظّلمة.

و للمرائي ثلاث علامات:

ينشط إذا كان عند النّاس، و يكسل إذا كان وحده، و يحبّ أن يحمد في جميع الامور.

و للمنافق ثلاث علامات:

إن حدّث كذب، و إن اؤتمن خان، و إن وعد أخلف.

و للكسلان ثلاث علامات:

يتوانى حتّى يفرّط، و يفرّط حتّى يضيّع، و يضيّع حتّى يأثم.

و ليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصا إلاّ في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذّة في غير محرّم»(1).

ص: 82


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٦٤.

و ألمّت هذه الخصال بطباع أهلها و ألقت الأضواء على خفايا نفوسهم و ضمائرهم.

97- حسان الوجوه

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«اطلبوا الخير عند حسان الوجوه فإنّ فعالهم أحرى أن تكون حسنا»(1).

إنّ حسان الوجوه على الأكثر يصنعون البرّ و الإحسان، و أجدر من غيرهم بقضاء حوائج الناس.

98- صلة الرحم

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ الرّجل ليصل رحمه، و قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيّرها اللّه عزّ و جلّ ثلاثين سنة، و يقطعها و قد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيّرها اللّه ثلاث سنين، ثمّ تلا قوله تعالى: يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ(2)»(3).

ص: 83


1- عيون الأخبار ٢ : ٧٤.
2- الرعد : ٣٩.
3- بحار الأنوار ٧٤ : ٩٣.

إنّ لصلة الرحم آثارا وضعية منها أنّها توجب إشاعة المودّة بين الأرحام و هذا ممّا ندب إليه الإسلام، بالاضافة إلى أنّ اللّه تعالى يطيل حياة من يصل رحمه.

- قال عليه السّلام: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«من سرّه أن يمدّ في عمره، و يوسّع في رزقه، فليصل رحمه»(1).

- قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من سرّه أن يمدّ في عمره، و يوسّع في رزقه فليصل رحمه»(2).

إنّ الإسلام قد عني بتعاليمه بالتماسك الاجتماعي، و ربط المسلمين بعضهم ببعض، و قد حثّهم على صلة الأرحام، و بيّن لهم الآثار العظيمة التي تترتّب على ذلك، و التي منها طول العمر و السعة في الرزق.

99- مواساة الإخوان

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، ثلاثة لا تطيقها هذه الامّة:

المواساة للأخ في ماله، و إنصاف النّاس من نفسه، و ذكر اللّه على كلّ حال، و ليس هو سبحان اللّه، و الحمد للّه، و لا إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر، و لكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف اللّه عزّ و جلّ عنده و تركه»(3).

ص: 84


1- مجمع الزوائد ٨ : ١٥٢ _ ١٥٣.
2- عيون الأخبار _ ابن قتيبة ٣ : ٨٦.
3- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٢٦.

إنّ هذه الخصال من أجل الصفات الكريمة التي أوصى بها الإسلام فهي تعزّ الإنسان المسلم و تسمو به، و لكن المسلمين تركوها.

100- التودّد إلى الناس

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«رأس العقل بعد الايمان باللّه التّودّد إلى النّاس»(1).

و حثّ الإسلام على إشاعة الفضيلة و الآداب بين المسلمين و أمرهم بالتودّد بعضهم إلى بعض؛ لأنّه يوجب التماسك الاجتماعي و شيوع المحبّة و الالفة بينهم، و كان من اهتمامه بذلك أنّه جعله في الأهمية بعد الإيمان باللّه.

101- المرء مع من أحبّ

قال عليه السّلام:

«إنّ رجلا قال للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الرّجل يحبّ القوم و لا يستطيع أن يعمل بعملهم، قال: المرء مع من أحبّ»(2).

و تظافرت الأخبار عن أئمّة الهدى عليهم السّلام إنّ الإنسان يحشر مع من أحبّ فإن أحبّ مؤمنا حشر معه، و إن أحبّ كافرا حشر معه.

ص: 85


1- حلية الأولياء ٣ : ٢٠٣.
2- مسند أبي داود ١ : ٢٣ ، رقم الحديث ١٥٩.

102- خصال كريمة

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، ثلاثة تحت العرش يوم القيامة:

رجل أحبّ لأخيه ما أحبّ لنفسه.

و رجل بلغه أمر فلم يقدم فيه و لم يتأخّر حتّى يعلم أنّ ذلك الأمر للّه رضى أو سخط.

و رجل لم يعب أخاه بعيب حتّى يصلح ذلك العيب من نفسه، فإنّه كلّما أصلح من نفسه عيبا بدا له منها آخر، و كفى بالمرء في نفسه شغلا»(1).

و حفلت هذه الوصية بأسمى القيم التربوية التي يسمو بها الإنسان و ينال رضا اللّه تعالى.

- من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، سبعة من كنّ فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان، و أبواب الجنّة مفتّحة له:

من أسبغ وضوءه، و أحسن صلاته، و أدّى زكاة ماله، و كفّ غضبه، و سجن لسانه، و استغفر اللّه لذنبه، و أدّى النّصيحة لأهل بيته»(2).

إنّ هذه الخصال من تحلّى بها، و طبّقها على واقع حياته فقد كمل ايمانه، و حسن عمله.

ص: 86


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٦٢.
2- الدرر اللامعة في الأحاديث الجامعة : ١٠ ، نقلا عن من لا يحضره الفقيه ومكارم الأخلاق.

- قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من اعطي أربع خصال في الدّنيا، فقد اعطي خير الدّنيا و الآخرة، و فاز بحظّه منهما:

ورع يعصمه عن محارم اللّه، و حسن خلق يعيش به في النّاس، و حلم يدفع به جهل الجاهل، و زوجة صالحة تعينه على أمر الدّنيا و الآخرة»(1).

إنّ من اتّصف بهذه الصفات فقد فاز بخير الدنيا و خير الآخرة، و سعد في دنياه و آخرته.

103- محاسن الصفات

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أعبد النّاس من أقام الفرائض.

و أسخى النّاس من أدّى زكاة ماله.

و أزهد النّاس من اجتنب الحرام.

و أتقى النّاس من قال الحقّ فيما له و عليه.

و أعدل النّاس من رضي للنّاس ما يرضى لنفسه و كره لهم ما يكره لنفسه.

و أكيس النّاس من كان أشدّ ذكرا للموت.

و أغبط النّاس من كان تحت التّراب قد أمن العقاب و يرجو الثّواب.

و أغفل النّاس من لم يتّعظ بتغيّر الدّنيا من حال إلى حال.

ص: 87


1- أمالي الطوسي ٢ : ١٨٩.

و أعظم النّاس في الدّنيا خطرا من لم يجعل للدّنيا عنده خطرا.

و أعلم النّاس من جمع علم النّاس إلى علمه.

و أشجع النّاس من غلب على هواه.

و أكثر النّاس قيمة أكثرهم علما.

و أقلّ النّاس قيمة أقلّهم علما.

و أقلّ النّاس لذّة الحسود.

و أقلّ النّاس راحة البخيل.

و أبخل النّاس من بخل بما افترض اللّه عزّ و جلّ عليه.

و أولى النّاس بالحقّ أعلمهم به.

و أقلّ النّاس حرمة الفاسق.

و أقلّ النّاس وفاء الملوك.

و أقلّ النّاس صديقا الملك.

و أفقر النّاس الطّمع.

و أغنى النّاس من لم يكن للحرص أسيرا.

و أفضل النّاس إيمانا أحسنهم خلقا.

و أكرم النّاس أتقاهم.

و أعظم النّاس قدرا من ترك ما لا يعنيه.

و أورع النّاس من ترك المراء و إن كان محقّا.

و أقلّ النّاس مروءة من كان كاذبا.

و أشقى النّاس الملوك.

و أمقت النّاس المتكبّر.

و أشدّ النّاس اجتهادا من ترك الذّنوب.

ص: 88

و أحكم النّاس من فرّ من جهّال النّاس.

و أسعد النّاس من خالط كرام النّاس.

و أعقل النّاس أشدّهم مداراة للنّاس.

و أولى النّاس بالتّهمة من جالس أهل التّهمة.

و أعتى النّاس من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه.

و أولى النّاس بالعفو أقدرهم على العقوبة.

و أحقّ النّاس بالذّنب السّفيه المغتاب.

و أذلّ النّاس من أهان النّاس.

و أحزم النّاس أكظمهم للغيظ.

و أصلح النّاس أصلحهم للنّاس.

و خير النّاس من انتفع به النّاس»(1).

و أشاد هذا الحديث الشريف بالصفات الكريمة، و المثل الرفيعة التي يمتاز بها الإنسان على غيره من مخلوقات اللّه، و هذا الحديث من ذخائر الأحاديث النبوية، و قد رصع بجواهر البيان و بدائع الحكمة.

104- الآمر بالمعروف

قال الإمام عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، أو دلّ على خير أو أشار به، فهو شريك.

ص: 89


1- أمالي الصدوق : ١٨ _ ١٩.

و من أمر بسوء، أو دلّ عليه أو أشار به فهو شريك»(1).

إنّ الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر فهو شريك لمن امتثل ذلك في الثواب، و له الأجر الجزيل عند اللّه و كذلك من أمر بسوء فهو شريك لمن اقترفه و عمل به.

105- إتمام المعروف

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«استتمام المعروف أفضل من ابتدائه»(2).

إنّ إتمام المعروف و إكماله أفضل من ابتدائه، فإنّه أعظم نعمة، و أوفر عطاء من ابتدائه.

106- كمال المروءة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من عامل النّاس فلم يظلمهم، و حدّثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو ممّن كملت مروءته و ظهرت عدالته، و وجبت اخوّته، و حرمت غيبته»(3).

ص: 90


1- الخصال ١ : ٦٨.
2- أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٩.
3- البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي : ١٤٦.

إنّ من تحلّى بهذه الصفات الكريمة، فقد بلغ قمة الكمال و الأدب، و وجب على الناس تكريمه و تعظيمه و مواخاته.

107- الحبّ و البغض

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما»(1).

و هذه الحكمة التي أدلى بها الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله تلتقي مع واقع الحياة، فإنّه ليس من الحكمة في شيء أن يسرف الإنسان في محبّة شخص لأنّه قد يأتي وقت فيكون من ألدّ أعدائه، و كذلك ليس من الحكمة أن يسرف الإنسان في عداوة شخص لأنّه قد يأتي وقت تتغيّر فيه الأوضاع فيكون من أعزّ اخوانه.

108- الحلم

روى الإمام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ الرّجل ليدرك بالحلم درجة الصّائم القائم»(2).

إنّ الحلم من أفضل النزعات النفسية، و قد حثّ الإسلام على التحلّي به لأنّه يقي الإنسان من كثير من المصاعب و المشاكل.

ص: 91


1- مسند الإمام عليّ : ٢٨٣.
2- كنز العمّال ٣ : ١٢٩.

109- إصلاح ذات البين

روى الإمام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«إنّ إصلاح ذات البين أعظم من عامّة الصّلاة و الصّيام»(1).

و اهتمّ الإسلام اهتماما بالغا بوحدة المسلمين، و شيوع المحبة و الالفة بينهم، و ندب إلى الإصلاح فيما بينهم، و جعل الإصلاح و إخماد نار الفتنة و البغضاء أفضل من الصلاة و الصيام.

110- الإحسان إلى المسيء

روى الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«صل من قطعك، و أحسن إلى من أساء إليك، و قل الحقّ و لو على نفسك»(2).

و هذه الحكمة من الحكم الخالدة التي تدلّل على مدى عظمة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في معالجته لجميع الشؤون الإنسانية باروع ألوان الحكمة.

111- العفو عن المسيء

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص: 92


1- كنز العمّال ٣ : ٥٨.
2- المصدر السابق : ٣٥٩ ، ٣٧٧.

«ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش ألا فليقم من كان أجره على اللّه، فلا يقوم إلاّ من عفا عن أخيه»(1).

من الخصال الكريمة التي تبنّاها الإسلام الحثّ على العفو عن المسيء فإنّه يوجب نشر المحبّة و سيادة الخصال الشريفة في المجتمع.

112- الإعانة على البرّ

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«رحم اللّه ولدا أعان والديه على برّه، و رحم اللّه والدا أعان ولده على برّه، و رحم اللّه جارا أعان جاره على برّه، و رحم اللّه رفيقا أعان رفيقه على برّه، و رحم اللّه خليطا أعان خليطه على برّه، و رحم اللّه رجلا أعان سلطانه على برّه»(2).

إنّ الاعانة على البر من أفضل الاعمال في الإسلام، فقد أقام شريعته على البر و الاحسان و المحبة و المودة.

113- أبواب البرّ

من وصايا الرسول صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النّفس، و طيب الكلام، و الصّبر

ص: 93


1- كنز العمّال : ٣٥٩ ، ٣٧٧.
2- ثواب الأعمال : ١٠١. الوسائل ٦ : ٥٩٢.

على الأذى»(1).

إنّ هذه الخصال الثلاث من أبواب البرّ و الإحسان، و من أخذ بها فقد كمل دينه، و سمت نفسه.

114- المبادرة لفعل الخير

جاء في وصيّة الرسول صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، بادر بأربع قبل أربع: شبابك قبل هرمك، و صحّتك قبل سقمك، و غناك قبل فقرك، و حياتك قبل موتك»(2).

إنّ المبادرة في هذه الامور إنّما هي مبادرة نحو الخير و استباق لرضوان اللّه و رحمته.

115- الرفق باليتيم و الضعيف

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، أربع من كنّ فيه بنى اللّه له بيتا في الجنّة: من آوى اليتيم، و رحم الضّعيف، و أشفق على والديه، و رفق بمملوكه».

ثمّ قال:

«يا عليّ، من كفى يتيما في نفقته بماله حتّى يستغني وجبت له الجنّة البتّة.

ص: 94


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٦٢.
2- الخصال ١ : ١١٣.

يا عليّ، من مسح يده على رأس يتيم ترحّما له أعطاه اللّه بكلّ شعرة نورا يوم القيامة»(1).

إنّ الإسلام تبنّى بصورة إيجابية الرفق باليتيم و الإحسان إلى الضعيف، و البرّ بالوالدين، و الإحسان إلى المملوك، فإنّ هذه الامور من موجبات رحمة اللّه.

116- النصيحة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما محض أخاه النّصيحة، فإذا حاد عن ذلك سلب التّوفيق»(2).

إنّ إسداء النصيحة لمن طلب منه، ندب إليه الإسلام و حثّ عليه، و وعد من جفا ذلك بسلب التوفيق عنه.

117- المنجيات

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للامام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، ثلاثة منجّيات: خوف اللّه في السّرّ و العلانية، و القصد في الغنى و الفقر، و كلمة العدل في الرّضا و السّخط»(3).

ص: 95


1- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٦.
2- كنز العمّال ٣ : ٤١٣.
3- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.

إنّ هذه الخصال الكريمة تنجي الإنسان من عذاب اللّه تعالى كما تسبب له الحياة الكريمة في الدنيا.

118- ظلم من لا ناصر له

روى الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال:

«يقول اللّه عزّ و جلّ: اشتدّ غضبي على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري»(1).

إنّ أفحش الظلم: ظلم الضعيف الذي لا يجد له ناصرا إلاّ اللّه تعالى.

119- الأمانة

روى الإمام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«الأمانة تجلب الرّزق، و الخيانة تجلب الفقر»(2).

إنّ الأثر الوضعي الذي يترتّب على الأمانة هو السعة في الرزق، كما يترتّب الفقر على الخيانة.

ص: 96


1- وسائل الشيعة ١٦ : ٥١.
2- كنز العمّال ٣ : ٦٠.

120- الغيرة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّي لغيور، و اللّه عزّ و جلّ أغير منّي، و إنّ اللّه تعالى يحبّ من عباده الغيور»(1).

من الخصال الشريفة الغيرة على العرض و على الدّين، و هي من امّهات الفضائل التي يدعو إليها الإسلام.

121- الكفاف

روى الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ اللّه تعالى إذا أحبّ عبدا جعل رزقه كفافا»(2).

أي جعله في حالة وسطى لا غنيا و لا فقيرا، فقد يصبح أشرا بطرا إذا أغناه، أو شقيا بائسا إذا أفقره، بينما الكفاف حالة وسطى.

122- فضل الصدقة

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص: 97


1- كنز العمّال ٣ : ٣٨٧.
2- المصدر السابق : ٣٩٠.

«كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير، فتصدّقوا و لو بشقّ تمرة، و اتّقوا النّار و لو بشقّ التّمرة، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتّى يوفّيه إيّاها يوم القيامة، و حتّى يكون أعظم من الجبل العظيم»(1).

إنّ الصدقة لون من ألوان البرّ و الإحسان، و قد ندب الإسلام إليها و حثّ عليها، و رتّب الأجر الجزيل عليها.

123- القليل من الدنيا خير من الكثير

قال الإمام عليّ عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ما قلّ و كفى خير ممّا كثر و ألهى»(2).

إنّ القليل من الدنيا خير من الكثير منها لأنه يصد الإنسان عن الطريق القويم و يلهيه عن ذكر اللّه تعالى.

124- عدة المؤمن

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«عدة المؤمن نذر لا كفّارة له»(3).

ص: 98


1- أمالي الطوسي ٢ : ٣١١.
2- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٤٢.
3- كشف الغمّة ٣ : ٩٢.

و معنى هذا الحديث أنّ المؤمن إذا واعد أخاه بشيء فيكون وعده بمنزلة النذر، و عليه أن يفي به، لكنّه لو خالف و لم يف به، فلا كفّارة عليه.

و هذه الوصايا من أغلى النصائح و أثمنها، و هي ممّا تعين الإنسان في السلوك على أكثر الوسائل راحة و سعادة.

125- ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من فقه الرّجل قلّة كلامه فيما لا يعنيه»(1).

إنّ ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان، و عدم الدخول دليل على سموّ عقل الرجل، و كثرة وعيه.

126- الكلمة الحكيمة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«كلمة الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقّ بها»(2).

إنّ الكلمة الحكيمة من أثمن و أغلى ما يظفر به المؤمن، فإنّها تزيده علما و فضلا.

ص: 99


1- بحار الأنوار ٢ : ٥٥.
2- المصدر السابق : ٩٩.

127- الأعمال المبعدة للشيطان

قال عليه السّلام:

«قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما الّذي يبعد الشّيطان منّا؟ فقال: الصّوم للّه يسوّد وجهه، و الصّدقة تكسر ظهره، و الحبّ في اللّه تعالى و المواظبة على العمل الصّالح يقطع دابره، و الاستغفار يقطع وتينه»(1).

إنّ هذه الأعمال الحسنة توجب القرب من اللّه تعالى، و تبعد الإنسان عن الشيطان الرجيم الذي هو أمكر عدوّ للإنسان.

128- الاستغفار للأبوين المشركين

قال عليه السّلام:

«سمعت رجلا يستغفر لأبويه و هما مشركان، فقلت: أ يستغفر الرّجل لأبويه و هما مشركان، فقال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه - و هو مشرك - فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله فنزلت: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ(2)»(3).

ص: 100


1- بحار الأنوار ٦٩ : ٤٠٣.
2- التوبة : ١١٣.
3- سنن النسائي ١ : ٢٨٦. تفسير ابن كثير ٤ : ٢٥٠.

إنّ الاستغفار للأبوين المشركين لا يجديهما نفعا؛ فإنّ اللّه تعالى يغفر الذنوب جميعا إلاّ أن يشرك به.

129- الاتّقاء من الغضب

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، لا تغضب فإذا غضبت فاقعد، و تفكّر في قدرة الرّبّ على العباد، و حلمه عنهم، و إذا قيل لك اتّق اللّه فانبذ غضبك و راجع حلمك»(1).

الغضب من الآفات المدمّرة للإنسان، و قد أدلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعلاجه للتخلّص من شروره.

130- النهي عن الكذب

قال الرسول صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«إيّاك و الكذب فإنّ الكذب يسوّد الوجه، ثمّ يكتب عند اللّه كذّابا، و إنّ الصّدق يبيّض الوجه، و يكتب عند اللّه تعالى صادقا.

و اعلم أنّ الصّدق مبارك، و الكذب مشئوم»(2).

ص: 101


1- تحف العقول : ١٤.
2- بحار الأنوار ٧٤ : ٦٧.

من الصفات الذميمة التي يمقتها الإسلام الكذب، فإنّه من أرذل الصفات و أكثرها إضرارا بالمجتمع، كما أنّ الصدق من أنبل الصفات، و أفضلها عند اللّه تعالى.

131- النهي عن الحلف باللّه

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، لا تحلف باللّه كاذبا و لا صادقا من غير ضرورة، و لا تجعل اللّه عرضة ليمينك، فإنّ اللّه لا يرحم، و لا يرعى من حلف باسمه كاذبا»(1).

إنّ اللّه تعالى خالق السموات و الأرض و واهب الحياة، و القادر على كلّ شيء، فالواجب الاجتناب عن القسم به، سواء أ كان اليمين صدقا أو كذبا، فإنّ من المؤكّد أنّ الذي يحلف باللّه تعالى لا يعرف عظمته.

132- كفّ اللسان

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«من كفّ لسانه عن أعراض المسلمين أقال اللّه عثرته يوم القيامة»(2).

إنّ كفّ اللسان و عدم التعرّض لأعراض الناس له الثواب الجزيل عند اللّه تعالى فإنّه يقيل عثرته يوم القيامة.

ص: 102


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٦٧.
2- كنز العمّال ٣ : ٣٥٤.

133- تفريج الأزمات

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، إذا هالك أمر فقل: اللّهمّ بحقّ محمّد و آل محمّد إلاّ فرّجت عنّي»(1).

إنّ للرسول صلّى اللّه عليه و آله، و لأهل بيته منزلة كريمة عند اللّه تعالى، فإذا سئل بحقهم عليه فرّج اللّه الكروب و أزال الأزمات.

134- ما يقول العاطس

روى الإمام عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد للّه على كلّ حال، و ليقل له: يرحمكم اللّه، و ليقل هو: يهديكم اللّه، و يصلح بالكم»(2).

لقد علّمنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كلّ شأن من شئون حياتنا و وضع لنا البرامج لاصلاحنا، حتّى في أبسط الامور.

ص: 103


1- تحف العقول : ١١.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢١٤ ، رقم الحديث ٩٩٥.

135- ترك الشهوة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره»(1).

إنّ ترك الشهوات و الاعراض عنها خوفا من اللّه تعالى ينم عن نفس مطمئنة بالايمان، مترعة بحب اللّه.

136- خصال مذمومة

جاء في وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للامام عليه السّلام:

«يا عليّ، أربع خصال من الشّقاء: جمود العين، و قساوة القلب، و بعد الأمل، و حبّ البقاء»(2).

إنّ هذه الصفات المذمومة لا يتّصف بها إلاّ الاشقياء الذين لا عهد لهم بالخير.

- قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا عملت أمّتي خمس عشرة خصلة حلّ بها البلاء.

قيل يا رسول اللّه: و ما هي؟ قال: إذا كانت المغانم دولا، و الأمانة مغنما، و الزّكاة مغرما، و أطاع الرّجل زوجته و عقّ امّه، و برّ صديقه و جفا أباه، و كان زعيم القوم

ص: 104


1- الخصال ١ : ٥.
2- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥. الخصال ١ : ١١٣.

أرذلهم، و أكرمه القوم مخافة شرّه، و ارتفعت الأصوات في المساجد، و لبسوا الحرير، و اتّخذوا القينات، و ضربوا بالمعازف، و لعن آخر هذه الامّة أوّلها، فليرتقب عند ذلك ثلاثة: الرّيح الحمراء، أو الخسف، أو المسخ»(1).

و هذه الخصال توجب غضب اللّه تعالى، و نزول عقابه، و تنذر بالشرّ العميم إن سادت في الامّة.

137- حرمة البذاء و الفحش

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ اللّه حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذي، قليل الحياء، لا يبالي ما قال، و لا ما قيل له، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلاّ لغية، أو شرك شيطان.

فقيل: يا رسول اللّه، و في النّاس شرك الشّيطان؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ ما تقرأ قول اللّه عزّ و جلّ: وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2)»(3).

و أهاب الإسلام بالمسلمين من اقتراف الرذائل و المآثم التي منها الفحش و بذاءة الكلام فانّها تجعلهم بأقصى مكان من التأخّر و الانحطاط.

ص: 105


1- بحار الأنوار ٦ : ٣٠٤.
2- الإسراء : ٦٤.
3- اصول الكافي ٢ : ٣٢٣ _ ٣٢٤.

138- المزاح و الكذب

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للامام عليه السّلام:

«يا عليّ، لا تمزح فيذهب بهاؤك، و لا تكذب فيذهب نورك، و إيّاك و خصلتين: الضّجر و الكسل، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حقّ، و إن كسلت لم تؤدّ حقّا.

يا عليّ، من استولى عليه الضّجر رحلت عنه الرّاحة...»(1).

و حفلت هذه الوصيّة بجميع مقومات الحياة، و ما يسعد به الإنسان لو طبّق هذه البنود على حياته، و سار على ضوئها.

139- سوء الخلق

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، لكلّ ذنب توبة إلاّ سوء الخلق؛ فإنّ صاحبه كلّما خرج من ذنب دخل في ذنب»(2).

إنّ سوء الخلق من أفحش الصفات المرذولة التي تلحق الإنسان بقافلة الحيوان الأعجم، و التي هي بعيدة كل البعد عن روح الإسلام و هديه.

- قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ص: 106


1- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٤.
2- بحار الأنوار ٧٤ : ٤٨.

«إنّ الخلق السّيّئ يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل»(1).

إنّ الخلق السيئ منقصة و انحطاط، و قد حذّر منه الإسلام و جعله مفسدا للعمل.

140- شرّ الناس

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد...

يا عليّ، من خاف النّاس لسانه فهو من أهل النّار.

يا عليّ، شرّ النّاس من أكرمه النّاس اتّقاء فحشه و أذى شرّه.

يا عليّ، شرّ النّاس من باع آخرته بدنياه، و شرّ من ذلك من باع آخرته بدنيا غيره»(2).

عرض هذا الحديث لشر الناس، و أكثرهم بعدا عن اللّه تعالى، و هو من يخاف الناس سطوة لسانه و أذاه، و من باع آخرته بدنياه، و من باع آخرته بدنيا غيره، فهؤلاء الأصناف ممن لا آخرة لهم، و مآلهم إلى النار.

- قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، أ لا انبئك بشرّ النّاس؟ قلت: بلى يا رسول اللّه.

ص: 107


1- كنز العمّال ٣ : ٤٤٣.
2- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٣.

قال: من لا يغفر الذّنب، و لا يقيل العثرة.

أ لا انبئك بشرّ من ذلك؟ قلت: بلى يا رسول اللّه.

قال: من لا يؤمن شرّه، و لا يرجى خيره»(1).

إنّ هؤلاء الذين تحدّث عنهم الرسول صلّى اللّه عليه و آله من شرار خلق اللّه، و من لئام البشر الذين لا يرجى خيرهم، و لا يؤمن شرّهم.

141- العبس في وجوه الإخوان

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ اللّه يبغض المعبس في وجوه إخوانه»(2).

إنّ الإسلام يدعو إلى ترابط المسلمين و شيوع المودّة و الصفاء فيما بينهم، و إنّ العبس في وجوه الإخوان ممّا يشيع البغضاء و الكراهية بينهم.

142- ذو الوجهين

قال عليه السّلام: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كان من جملة خطابه:

«بئس العبد له وجهان، يقبل بوجه، و يدبر بوجه، إن اوتي أخوه

ص: 108


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٦٦.
2- كنز العمّال ٣ : ٤٤١.

المسلم خيرا حسده، و إن ابتلي خذله، بئس العبد أوّله نطفة، ثمّ يعود جيفة، ثمّ لا يدري ما يفعل به فيما بين ذلك.

بئس العبد عبد خلق للعبادة فألهته العاجلة عن الآجلة، و شقي بالعاقبة.

بئس العبد عبد تجبّر و اختال، و نسي الكبير المتعال.

بئس العبد عبد عتا و بغى، و نسي الجبّار الأعلى.

بئس العبد عبد له هوى يضلّه و نفس تذلّه.

بئس العبد عبد له طمع يقوده إلى الطّبع(1)»(2).

و في هذا الحديث الدعوة إلى الاستقامة و التقوى، و التجنّب عن معاصي اللّه تعالى.

143- ذنوب تعجّل العقوبة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ثلاثة من الذّنوب تعجّل عقوبتها و لا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، و البغيّ على النّاس، و كفر الإحسان»(3).

إنّ هذه الذنوب من أفحش الجرائم، و هي توجب غضب اللّه، و تعجيل العقوبة لمن اقترفها.

ص: 109


1- الطّبع : الدنس.
2- بحار الأنوار ٧٢ : ٢٠١.
3- أمالي الطوسي ، ١٤.

144- من موجبات العقوبة

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، أربعة أسرع شيء عقوبة:

رجل أحسنت إليه فكافأك بالإحسان إليه إساءة.

و رجل لا تبغي عليه و هو يبغي عليك.

و رجل عاهدته على أمر فوفيت له و غدر بك.

و رجل وصل قرابته فقطعوه»(1).

إنّ هذه الخصال الذميمة ممّا توجب غضب اللّه تعالى و الاسراع في عقوبته لمن اتّصف بها، كما أنّها تنمّ عن نفس لا عهد لها بالأدب و الأخلاق.

145- تارك الصلاة

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«تارك الصّلاة يسأل الرّجعة إلى الدّنيا و ذلك قوله تعالى: حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ(2)»(3).

لشدّة الندم الذي ينتاب المرء العاصي؛ إذ يودّ استدراك ما فاته، و تصحيح ما

ص: 110


1- الخصال ١ : ١٠٩.
2- المؤمنون : ٩٩.
3- بحار الأنوار ٧٤ : ٥٨.

وقع فيه دون جدوى، ذلك إنّ الإنسان يملك في الدنيا فرصة كبيرة لإثبات طاعته بالصلاة و غيرها من الطاعات و القربات.

146- من قواصم الظهر

و كان ممّا أوصى به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الإمام:

«يا عليّ، أربعة من قواصم الظّهر: إمام يعصي اللّه و يطاع أمره، و زوجة يحفظها زوجها و هي تخونه، و فقر لا يجد صاحبه له مداويا، و جار سوء في دار مقام»(1).

إنّ هذه الخصال من قواصم الظهر و من مآثم هذه الحياة، أعاذنا اللّه منها.

147- سبعة لعنهم اللّه

قال الإمام عليه السّلام: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«سبعة لعنهم اللّه و كلّ نبيّ مجاب قبلي.

فقيل: و من هم؟ فقال: المغيّر لكتاب اللّه، و المكذّب بقدر اللّه، و المبدّل سنّة رسول اللّه، و المستحلّ من عترتي ما حرّم اللّه عزّ و جلّ، و المتسلّط في سلطانه ليعزّ من أذلّ اللّه، و يذلّ من أعزّ اللّه، و المستحلّ لحرم اللّه، و المتكبّر عن

ص: 111


1- الخصال ١ : ٩٦.

عبادة اللّه عزّ و جلّ»(1).

إنّ هذه الأصناف قد استحقوا لعنة اللّه و عذابه لأنّهم قد اقترفوا ما حرّم اللّه، و ابتعدوا عن سنّة الإسلام.

148- أهل المعاصي

قال الإمام عليه السّلام:

«أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن نلقي أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة»(2).

إنّ مقابلة أهل المعاصي بالاعراض عنهم و الانكار عليهم من مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الذي هو من الواجبات في الإسلام.

149- الوضيع

جاء في وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، و اللّه لو أنّ الوضيع في قعر بئر لبعث اللّه عزّ و جلّ ريحا ترفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار»(3).

و هذا الحديث من أجمل الاحاديث النبوية، فقد تولى الاشرار في العصر الأموي الحكم و التسلط على الاخيار و ارغامهم إلى ما يكرهون و قد حفل التاريخ

ص: 112


1- بحار الأنوار ٥ : ٨٨.
2- فروع الكافي ١ : ٣٤٤.
3- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٧.

بصور مروّعة منهم، فقد تولى زياد بن أبيه رقاب المسلمين و أذاقهم سوء العذاب و كذلك ولده عبيد اللّه و غيرهم.

150- كفران النعمة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أسرع الذّنوب عقوبة كفران النّعمة»(1).

إنّ كفران النعمة و عدم شكرها من مزيلات النعم، و من موجبات العقوبة.

151- الاحتكار

قال عليه السّلام:

«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الحكرة»(2).

إنّ الاحتكار ممّا حرّمه الإسلام لأنّه يوجب شيوع الفقر و انتشار المجاعة، الأمر الذي يتنافى مع ما ينشده الإسلام من سلامة الاقتصاد العامّ من الانهيار و تكدّس الثروة عند المحتكرين.

ص: 113


1- بحار الأنوار ٦٩ : ٧٠.
2- كنز العمّال ٤ : ١٨٢.

152- هلاك الناس بالدرهم و الدينار

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ الدّينار و الدّرهم أهلكا من كان قبلكم، و هما مهلكاكم»(1).

إنّ حبّ المال هو السبب الرئيسي في هلاك البشر في جميع فترات التاريخ، فالحروب و سفك الدماء و غير ذلك من ألوان الفساد في الأرض مبعثه المادة.

153- الغيبة

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله اللّه تعالى في الدّنيا و الآخرة»(2).

و حرّم الإسلام الغيبة لأنّها تدعو إلى إشاعة الفحشاء بين المسلمين، و قد حرص الإسلام كأشدّ ما يكون الحرص على أن يكون المجتمع الإسلامي نظيفا، و يكون قدوة في سلوكه و آدابه بين الامم.

154- قساوة القلب

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

ص: 114


1- وسائل الشيعة ٦ : ٣١٩ ، نقلا عن الكافي والسرائر.
2- من لا يحضره الفقيه : ص ٤٤٥.

«يا عليّ، ثلاث يقسين القلب: استماع اللّهو، و طلب الصّيد، و إتيان باب السّلطان»(1).

إنّ هذه الخصال التي أدلى بها الرسول صلّى اللّه عليه و آله و حذّر منها تدعو إلى قساوة الإنسان، و صدّه عن الطريق القويم.

155- إذلال النفس

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ليس للمسلم أن يذلّ نفسه.

قالوا: يا رسول اللّه، و كيف يذلّ نفسه؟ قال: يتعرّض من البلاء لما لا يطيق»(2).

إنّ تعرض الإنسان لما لا يطيقه إهانة للنفس، و مذلّة لها.

156- السؤال عن غنى

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها من رضف جهنّم(3).

ص: 115


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٤٦.
2- كنز العمّال ٣ : ٨٠٢.
3- الرضف : الحجارة المحمّاة على النار.

قالوا: ما ظهر غنى؟ قال: عشاء ليلة»(1).

إنّ السؤال عن غنى، من فقر النفس وضعتها، و إنّ اللّه تعالى يريد للمسلم العزّة و الكرامة، و أنّ السؤال إنّما هو للفقراء الذين لا يملكون قوت يومهم.

157- الغضب

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«أشدّكم من غلب نفسه الغضب، و أحلمكم من عفا بعد القدرة»(2).

إنّ الغضب من الآفات المدمّرة للإنسان، فمن تغلّب عليه فهو الكامل في إنسانيّته، كما أنّ من أحلم الناس من عفا بعد القدرة.

158- العجلة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ثلاث لا تؤخّرهنّ: الصّلاة إذا أتت، و الجنازة إذا حضرت، و الأيم إذا وجدت كفؤا»(3).

دعا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للمبادرة في هذه الامور فإنّ التعجيل فيها من أفضل الأعمال.

ص: 116


1- مجمع الزوائد ٣ : ٩٤.
2- كنز العمّال ٣ : ٥١٩.
3- المصدر السابق : ٥١٣.

159- البغي و الحسد

قال عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ إبليس يقول: ألقوا بين بني آدم البغي و الحسد، فإنّهما يعدلان عند اللّه الشّرك».

إنّ البغي و الحسد من شرار الخصال الكريهة، و إنّهما يدفعان الإنسان إلى اقتراف الجريمة.

160- الاستخفاف بالدّين

قال عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«إنّي أخاف عليكم الاستخفاف بالدّين، و بيع الحكم، و قطيعة الرّحم، و أن تتّخذوا القرآن مزامير، و تقدّموا أحدكم و ليس بأفضلكم في الدّين»(1)..

إنّ هذه الامور ممّا تهدم الدين، و تعجّل عقوبة اللّه تعالى، فحذّر منها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.

161- المروق من الدّين

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص: 117


1- عيون الأخبار ٢ : ٤٢.

«يكون في آخر الزّمن قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّمية، قتالهم حقّ على كلّ مسلم»(1).

من الملاحم التي أخبر عنها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مروق قوم في آخر الزمن عن الإسلام، و أنهم يقرءون القرآن، و لكن لا عن فهم و تدبّر، فهؤلاء قتالهم حقّ؛ لارتدادهم عن الإسلام.

162- الاعتصام بغير اللّه

قال عليه السّلام: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«يقول اللّه عزّ و جلّ: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلاّ قطعت به أسباب السّماوات و أسباب الأرض من دونه، فإن سألني لم اعطه، و إن دعاني لم اجبه، و ما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلاّ ضمنت السّماوات و الأرض رزقه، فإن دعاني أجبته، و إن سألني أعطيته، و إن استغفرني غفرت له»(2).

إنّ الاعتصام و الالتجاء لغير اللّه من مرديات الإنسان و من جهله، فإن الذي يرجوه فقير إلى اللّه، و أنّ جميع الكائنات تحت قبضته تعالى، فبه الاعتصام و إليه الملجأ في جميع الامور و الأحوال.

ص: 118


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٤٣ ، رقم الحديث ١٣٤٥.
2- أمالي الطوسي ٢ : ١٩٨.

163- الإهانة باستحقاق الجماعة

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، ثمانية إن اهينوا فلا يلومون إلاّ أنفسهم: الذّاهب إلى مائدة لم يدع إليها، و المتأمّر على ربّ البيت، و طالب الخير من أعدائه، و طالب الفضل من اللّئام، و الدّاخل بين اثنين في سرّ لم يدخلاه فيه، و المستخفّ بالسّلطان، و الجالس في مجلس ليس له بأهل، و المقبل بالحديث على من لا يسمع منه...»(1).

إنّ هؤلاء الأصناف إن اهينوا فباستحقاق لأنّهم لم يكرموا أنفسهم و دخلوا مداخل ليست لهم.

164- نخوة الجاهليّة

من تعاليم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام قوله:

«يا عليّ، إنّ اللّه تبارك و تعالى قد أذهب بالإسلام نخوة الجاهليّة و تفاخرهم بآبائهم ألا و إنّ النّاس من آدم، و آدم من تراب، و أكرمهم عند اللّه أتقاهم»(2).

إنّ الإسلام دمّر معالم الجاهليّة و سحق تفاخرهم بالآباء، و جعل مناط التمايز بالتقوى و العمل الصالح.

ص: 119


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٤٨.
2- المصدر السابق ٧٤ : ٥٤.

165- التزيّن للناس

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«من تزيّن للنّاس بما يحبّ اللّه، و بارز اللّه في السّرّ بما يكره، لقي اللّه و هو عليه غضبان، له ماقت»(1).

إنّ العمل إذا كان رياء لا يقصد به وجه اللّه، فإنّه يعود على صاحبه بمقت اللّه تعالى و غضبه.

166- عقاب مدمن الخمر

قال الإمام عليه السّلام: حدّثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«أشهد باللّه، و أشهد للّه لقد قال لي جبرئيل: يا محمّد، إنّ مدمن الخمر كعابد الأوثان»(2).

و اهتمّ الإسلام كأشدّ ما يكون الاهتمام بالصحّة العامّة لجميع الناس، و من اهتمامه البالغ تحريمه لشرب الخمر، و عدّ الشارب كعابد الوثن، فإنّ الخمر له مضاعفاته السيّئة على الصحّة، فإنّ الكحول تتسرّب إلى الدم، و توجب انهيار الصحّة، كما تقضي على مادة الببسين الذي هو في بصاق الإنسان و المساعد على هضم الطعام، و لذلك يشكو الكثيرون من المدمنين من الآلام القاسية في جهازهم الهضمي، و قد بحثنا بصورة مفصلة عن أضراره الفظيعة في كتابنا (العمل و حقوق

ص: 120


1- قرب الاسناد : ٤٥.
2- حلية الأولياء ٣ : ٢٠٤.

العامل في الإسلام).

167- موبقات و منجيات

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، ثلاث موبقات، و ثلاث منجيات:

فأمّا الموبقات: فهوى متّبع، و شحّ مطاع، و إعجاب المرء بنفسه.

و أمّا المنجيات: فالعدل في الرّضى و الغضب، و القصد في الغنى و الفقر، و خوف اللّه في السّرّ و العلانية كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك»(1).

و هذه الموبقات و المنجيات مشتقّة من صميم الواقع، فقد عرضها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام لتكون منهاجا للأمّة.

168- خصال مذمومة و خصال كريمة

كان من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى باب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام هذه الوصيّة القيّمة:

«يا عليّ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام: الحسد و الحرص و الكذب.

يا عليّ، سيّد الأعمال ثلاث خصال: إنصافك النّاس من نفسك،

ص: 121


1- بحار الأنوار ٧٤ : ٦٣.

و مواساتك الأخ في اللّه عزّ و جلّ، و ذكرك اللّه تبارك و تعالى على كلّ حال.

يا عليّ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدّنيا: لقى الإخوان، و الإفطار من الصّيام، و التّهجّد من آخر اللّيل.

يا عليّ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي اللّه عزّ و جلّ، و خلق يداري به النّاس، و حلم يردّ به جهل الجاهل.

يا عليّ، ثلاث من حقائق الإيمان: الإنفاق في الإقتار، و إنصاف النّاس من نفسك، و بذل العلم للمتعلّم.

يا عليّ، ثلاث خصال من مكارم الأخلاق: تعطي من حرمك، و تصل من قطعك، و تعفو عمّن ظلمك»(1).

و هذه الوصية من مناجم التربية الاسلامية الهادفة إلى ايجاد مجتمع متكامل في سلوكه و آدابه.

169- المحاسن و القبائح

قال عليه السّلام: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«ثلاث يحسن فيهنّ الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك، و الإصلاح بين النّاس.

و قال: ثلاث يقبح فيهنّ الصّدق: النّميمة، و إخبارك الرّجل عن أهله بما يكرهه، و تكذيبك الرّجل عن الخبر.

ص: 122


1- الخصال ١ : ٦٢.

و قال: ثلاثة مجالستهم تميت القلب: مجالسة الأنذال، و الحديث مع النّساء، و مجالسة الأغنياء»(1).

و حكى هذا الحديث محاسن الأخلاق و مكارم الآداب، كما حكى الخصال الذميمة التي يشقى بها الإنسان.

170- اعطيت ما لم يعط أحد

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«اعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء.

فقلنا: يا رسول اللّه، ما هو؟ قال: نصرت بالرّعب - أي في نفوس المشركين -، و اعطيت مفاتيح الأرض، و سمّيت أحمد، و جعل التّراب لي طهورا، و جعلت أمّتي خير الامم»(2).

لقد امتاز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على جميع الأنبياء بمكوّناته النفسية و بما وهبه اللّه له من الفضائل التي لا تحصى.

171- التقيّة

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص: 123


1- الخصال ٢ : ٤٣.
2- مجمع الزوائد ١ : ٢٦٠ _ ٢٦١.

«لا دين لمن لا تقيّة له»(1).

و شرّع الإسلام التقيّة حفظا لدماء المسلمين و أرواحهم، و قد مرّت على شيعة أهل البيت ظروف عصيبة و لو لا التزامهم بالتقية لم تبق لهم باقية.

172- حلّية المتعة

اجتمع الإمام عليه السّلام مع عثمان بن عفان بعسفان، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال عليّ:

«ما تريد إلى أمر فعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، تنهى عنها».

فقال عثمان: دعنا منك(2).

و شرّع الإسلام المتعة، و نطق القرآن بحلّيّتها إلاّ أنّ عمر و من سار على خطّه حرّمها.

و أمّا أئمّة الهدى فقد أباحوها مستندين إلى كتاب اللّه تعالى، و إنّ آية الحلّ غير منسوخة.

و قد تعرّض بصورة موضوعية علماء الإمامية إلى جوازها(3).

ص: 124


1- كنز العمّال ٣ : ٩٦.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٥٦ ، رقم الحديث ٧٥٨.
3- يراجع في حلّيتها إلى ما كتبه الحجّة السيّد محمّد تقي الحكيم والعلاّمة توفيق الفكيكي ، وغيرهما.

173- منى

قال عليه السّلام:

«إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتى المنحر بمنى فقال: هذا المنحر، و منى كلّها منحر»(1).

إنّ منى هي من المواقف التي يجب على الحاجّ أن يقف بها، و في اليوم العاشر من ذي الحجّة - و هو يوم العيد - يجب عليه أن يضحّي، و في مكان منى مكان مخصوص للذبح، و قد توسّع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فجعل جميع منى مكانا لذبح الهدي.

174- الزكاة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«فيما سقت السّماء ففيه العشر، و ما سقي بالغرب(2) و الدّالية ففيه نصف العشر»(3).

على ضوء هذا الحديث و غيره ممّا اثر عن أئمّة الهدى عليهم السّلام أفتى فقهاء الإمامية في مقدار الزكاة، فإنّ كانت الغلّة تسقى من ماء المطر ففيها العشر، و إن كانت تسقى بالواسطة ففيها نصف العشر.

ص: 125


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٢٣ ، رقم الحديث ٥٦٣.
2- الغرب : الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد الثور.
3- المنتقى ١٩٩٥. مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٣٥ ، رقم الحديث ١٢٤٤.

175- إبل الصدقة

قال عليه السّلام:

«مرّت إبل الصّدقة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأهوى بيده إلى وبرة من جنب بعير، فقال: ما أنا أحقّ بهذه الوبرة من رجل من المسلمين»(1).

و هذا غاية العدل الذي لا مثيل له في تاريخ الامم و الأديان، لقد أسّس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معالم المساواة، و حطّم الامتيازات و دعا إلى العدل بكلّ افقه و مفاهيمه.

176- الغنم و الحرث

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«عليكم بالغنم و الحرث، فإنّهما يغدوان بخير، و يروحان بخير»(2).

و حرّض الرسول صلّى اللّه عليه و آله على الزراعة و جنيان الأغنام فإنّهما من المصادر الأوّليّة للثراء و النعمة.

177- الذبيحة لغير اللّه

قال الإمام عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

ص: 126


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٨ ، رقم الحديث ٦٦٧.
2- المحاسن : ٥٥٣.

«لعن اللّه من ذبح لغير اللّه، لعن اللّه من تولّى غير مواليه، لعن اللّه من غيّر منار الأرض، لعن اللّه من عقّ والديه»(1).

لقد لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هؤلاء الاصناف لأنهم لا علاقة لهم باللّه، و بعضهم من المفسدين، و هم من غيّروا منار الأرض، و ذلك بتغييرهم للسنة القائمة و المناهج الكريمة.

178- حيوانات لا يضحّى بها

قال عليه السّلام:

«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يضحّى بالمقابلة، أو بمدابرة، أو شرقاء، أو خرقاء، أو جدعاء»(2).

أمّا الحيوانات التي لا يضحّى بها حسب هذا الحديث، هي:

1 - المقابلة: و هي التي يقطع من طرف اذنها شيء ثمّ يترك معلّقا.

2 - المدابرة: و هي التي قطع من مؤخر اذنها ثمّ يترك معلّقا.

3 - الشرقاء: المشقوقة الاذن باثنتين.

4 - الخرقاء: التي في اذنها ثقب مستدير.

5 - الجدعاء: المقطوعة الاذن أو الأنف أو الشفة.

- روى الإمام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه نهى أن يضحّى بعضباء القرن و الاذن(3).

ص: 127


1- مستدرك الحاكم ٤ : ١٥٣.
2- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٤١ ، رقم الحديث ٦٠٩.
3- المصدر السابق : ٥٢ ، رقم الحديث ٦٣٣.

المراد من عضباء القرن مكسورة القرن، و عضباء الاذن مشقوقة الاذن.

179- رفع القلم عن ثلاثة

قال عليه السّلام: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

«رفع القلم عن ثلاثة: عن النّائم حتّى يستيقظ، و عن المعتوه - أو قال:

المجنون - حتّى يعقل، و عن الصّغير حتّى يشبّ»(1).

و المرفوع في هذا الحديث الحكم التكليفيّ عن هؤلاء الأشخاص دون الحكم الوضعي كالضمان و غيره.

180- الأمان من الغرق

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا عليّ، أمان لامّتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا: بسم اللّه الرّحمن وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ(2)، بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(3)»(4).

ص: 128


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٧ ، رقم الحديث ٩٥٦.
2- الزمر : ٦٧.
3- هود : ٤١.
4- عيون الأخبار ١ : ١٣٧.

إن الأدعية التي أثرت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و عن أهل بيته لها أثرها الحاسم في دفع المكروه و الوقاية من الشر، و قد دلت التجارب على ذلك.

181- رؤية الهلال

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، إذا رأيت الهلال فكبّر ثلاثا و قل: الحمد للّه الّذي خلقني و خلقك، و قدّرك منازل، و جعلك آية للعالمين»(1).

إنّ الهلال آية من آيات اللّه تعالى، فهو يسبّح في الفضاء كما تسبّح بقيّة الكواكب و المجرّات، و من نظر إلى الهلال فليذكر اللّه و يكبّره على ما فيه من العجائب في بداية غزوه و في تدرجه حتى يستدير ثم يأخذ بالنقصان بالاضافة إلى ما له من الآثار الوضعيّة في جزر البحور و مدها فتبارك اللّه أحسن الخالقين.

182- النظر في المرآة

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام:

«يا عليّ، إذا نظرت في مرآة فكبّر ثلاثا، و قل: اللّهمّ كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي»(2).

و دعا الإسلام إلى حسن الأخلاق الذي هو من أهم الركائز الاجتماعية في

ص: 129


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٨ ، رقم الحديث ٥٨١.
2- وسائل الشيعة ٢ : ٨٥٥.

الحياة الإسلامية.

183- النظر إلى المجذومين

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«لا تديموا النّظر إلى المجذّمين، و إذا كلّمتموهم فليكن بينكم و بينهم قيد رمح»(1).

من تعاليم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الصحية النهي المشدّد عن مجالسة المجذومين و الاختلاط بهم، فإنّ الجرائيم و الميكروبات سريعة الانتقال منهم إلى من جالسهم و اختلط بهم، فلذا أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالابتعاد عنهم.

184- حثو التراب على الميّت

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

«من حثا على ميّت، و قال: إيمانا بك، و تصديقا ببعثك، هذا ما وعد اللّه و رسوله، و صدق اللّه و رسوله أعطاه اللّه بكلّ ذرّة حسنة»(2).

و هذه الكلمات تنمّ عن واقع الإيمان، و الرضا بما كتب اللّه تعالى. كما أن حثو التراب على الميّت من الآداب الإسلامية التي حثّ عليها الإسلام.

ص: 130


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٨ ، رقم الحديث ٥٨١
2- وسائل الشيعة ٢ : ٨٥٥.

185- مفارقة الأحباب

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«قال لي جبرئيل: أحبب من شئت فإنّك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنّك ملاقيه، و عش ما شئت فإنّك ميّت»(1).

و حفلت هذه الكلمات الرائعة بما يلي.

1 - إنّ كلّ إنسان لا بدّ أن يفارق سواء أ كان أخاه أم صديقه، و سواء أحب شيئا من متع الدنيا، فإنّه لا بدّ من مفارقته لها.

2 - إنّ جميع ما يعمله الإنسان من خير أو شر لا بدّ أن يلاقي جزاءه في قبره و حشره قال اللّه تعالى: وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى. وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى(2).

3 - ان الإنسان مهما عاش و قطع من السنين لا بدّ أن يفارق الحياة يقول الشاعر:

كل ابن انثى و إن طالت سلامته. يوما على آلة حدباء محمول

186- التأمّل في المواعظ

روى الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام، ما كانوا أكثر النّاس صلاة و لا صياما

ص: 131


1- حلية الأولياء ٣ : ٢٠٢.
2- النجم : ٣٩ _ ٤٠.

و لا اعتمارا - أي الاتيان بالعمرة -، و لكنّهم عقلوا عن اللّه مواعظه فوجلت قلوبهم، و اطمأنّت إليه النّفوس، و خشعت منه الجوارح، ففاقوا الخليقة بطيب المنزلة، و بحسن الدّرجة عند النّاس، و عند اللّه في الآخرة»(1).

إنّ التأمّل و التدبّر في المواعظ ممّا يوجب صلاح النفس و استقامتها و إقبالها على طاعة اللّه تعالى، و اجتناب معاصيه، و قد أعدّ اللّه المنزلة الكريمة في الفردوس الأعلى للمتّعظين.

187- أربعة تذهب ضياعا

من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للامام عليه السّلام:

«يا عليّ، أربعة تذهب ضياعا: الأكل على الشّبع، و السّراج في القمر، و الزّرع في السّبخة، و الصّنيعة عند غير أهلها»(2).

إنّ صنع هذه الامور تذهب ضياعا و لا أثر لها، و قد اعطانا الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله بذلك منهجا كاملا للحياة، و صاغ لنا الأساليب التي نعملها و ننجح بها.

188- أنواع الكلام

روى الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص: 132


1- كنز العمّال ٣ : ١٤٩.
2- الخصال ١ : ١٢. الوسائل ٦ : ٥٣٣.

«الكلام ثلاثة: فرابح، و سالم، و شاحب.

فأمّا الرّابح فالّذي يذكر اللّه.

و أمّا السّالم فالّذي يقول: ما أحبّ اللّه.

و أمّا الشّاحب فالّذي يخوض في النّاس»(1).

قسّم الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله الكلام إلى ثلاثة أنواع: و ذكر خصائصها، و ما يترتب عليها من آثار.

189- سريرة الإنسان و علانيته

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا عليّ، ما من عبد إلاّ و له جوّانيّ و برّانيّ(2)، فمن أصلح جوّانيّه أصلح اللّه برّانيّه، و من أفسد جوّانيّه أفسد اللّه برّانيّه، و ما من أحد إلاّ له صيت في أهل السّماء وضع له ذلك في أهل الأرض، فإذا ساء صيته في أهل السّماء وضع له ذلك في الأرض»(3).

إنّ للإنسان صورتين: سريرته، و ما يطويه في أعماق نفسه و دخائل ذاته، و ظاهره، و هو ما يظهره للناس و إن كان مخالفا لما انطوت عليه سريرته، فإذا حسنت سريرته أصلح اللّه شأنه، و رفع مكانه، و إذا ساءت سريرته فلا نصيب له عند اللّه.

ص: 133


1- بحار الأنوار ٧١ : ٢٨٩.
2- الجواني : السريرة. البراني : العلانية والظاهر.
3- أمالي الطوسي ٢ : ٧٣.

190- الاهتمام بالرزق

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

«يا عليّ، لا تهتمّ لرزق غد فإنّ كلّ غد يأتي رزقه»(1).

إنّ اللّه تعالى قد تكفّل أرزاق عباده، فلا تذهب نفس الإنسان حسرات على رزق مستقبل حياته.

191- رأس العقل خصلة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«رأس العقل بعد الإيمان باللّه عزّ و جلّ التّحبّب إلى النّاس»(2).

حكى الحديث أهمية المداراة بين الأفراد، مع تأكيده على ضرورة تكوين العلاقات الاجتماعية الحميمة. و من الواضح أنّ غياب التحبّب يورث بين الناس الشكّ و الارتياب.

192- الذهب و الحرير

قال عليه السّلام:

«أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذهبا بيمينه و حريرا بشماله، فقال: هذا حرام

ص: 134


1- تحف العقول : ١٤.
2- الخصال ١ : ١٥.

على ذكور أمّتي»(1).

و قد أخذ فقهاء الإمامية بهذه الرواية و بأمثالها ممّا روي عن أئمّة الهدى عليهم السّلام فأفتوا بحرمة لبس الذهب و الحرير للرجال دون النساء.

193- بيع غلامين أخوين

قال عليه السّلام:

«أمرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما، ففرّقت بينهما، فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: أدركهما فأرجعهما، و لا تبعهما إلاّ جميعا»(2).

و قد أشفق النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على الأخوين فكره مفارقتهما لأنّها تؤدي إلى شيوع الحزن في أنفسهما، و هذه الجنبة الإنسانية هي التي دفعت الرسول صلّى اللّه عليه و آله إلى فسخ البيع.

194- الورد

قال عليه السّلام:

«حباني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالورد بكلتا يديه، فلمّا أدنيته إلى أنفي قال:

ص: 135


1- سنن النسائي ٢ : ٢٨٥. سنن ابن ماجة ٢ : ١٩٦.
2- مجمع الزوائد ٤ : ١٠٧.

أما إنّه سيّد ريحان الجنّة بعد الآس»(1).

الورد من أجمل النباتات التي خلقها اللّه، في روعة منظره، و جمال صورته، و بديع رائحته، كلّ ذلك ممّا يدل على عظمة الخالق العظيم.

195- الفاكهة الجديدة

قال الإمام عليه السّلام:

«كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذا رأى الفاكهة الجديدة قبّلها و وضعها على عينيه و فمه ثمّ قال: اللّهمّ كما أريتنا أوّلها في عافية فأرنا آخرها في عافية»(2).

الفاكهة نعمة من نعم اللّه تعالى و هبة لعباده، تستوجب الشكر و الثناء على اللّه.

196- الأكل على الجنابة

قال عليه السّلام:

«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الأكل على الجنابة، و قال: إنّه يورث الفقر»[3].

و النهي في الحديث محمول على الكراهة لا على الحرمة، و قد علّل الأكل على الجنابة أنّه يورث الفقر.

ص: 136


1- وسائل الشيعة ١ : ٤٦١.
2- وسائل الشيعة ١ : ٤٦١.

197- غسل جميع البدن من الجنابة

قال الإمام عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

«من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يغسله، فعل به كذا و كذا من النّار، قال عليّ: فمن ثمّ عاديت شعري»، و كان يجز شعره(1).

يجب استيعاب غسل جميع البدن في غسل الجنابة، فمن ترك شعرة من بدنه لم يغسلها فان غسله باطل، و بهذا أفتى فقهاء الامامية.

198- البول تحت الشجرة

قال عليه السّلام:

«نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطّريق»(2).

لقد كره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله البول تحت الشجرة المثمرة لأنّه يؤدي إلى تلوّث الثمرة، و هذا الحكم من الوصايا الصحّية التي شرّعها الإسلام، و لو كانت الشجرة في غير فصل ثمرها. فقد ذهب بعض علماء الاصول إلى كراهة التبوّل؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبس بالمبدإ فعلا و من انقضى عنه المبدأ.

و ذهب جماعة آخرون إلى عدم الكراهة؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبّس بالمبدإ فعلا دون غيره.

ص: 137


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٦٣ ، رقم الحديث ٧٩٢.
2- من لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٤. وسائل الشيعة ١ : ٢٣٠.

199- البول في النهر الجاري

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«و كره البول على شفا نهر جار»(1).

و هذا الحكم من الاحكام الصحّية التي شرعها الإسلام، فإنّ البول في النهر الجاري ممّا يوجب تلوّث الماء، و هو ممّا يؤدّي إلى انتشار الأمراض كالبلهارزيا، و أمثالها.

200- البول قائما

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

«البول قائما من غير علّة من الجفاء»(2).

أنّ بول الإنسان و هو قائم ممّا يوجب أن يمسّ جسده و ثيابه ثرثار البول. الأمر الذي يوجب نجاسة بدنه و ثيابه، و هو ممّا يتنافى مع ما يريده الإسلام من إشاعة النظافة التي هي من الإيمان - كما في الحديث.

201- تارك الوضوء

روى الإمام عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

ص: 138


1- من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.
2- المصدر السابق ١ : ١٠.

«أنّ ثمانية لا تقبل صلاتهم، و عدّ منهم تارك الوضوء»(1).

إنّ الوضوء من الشروط الواقعية لا العلمية في صحّة الصلاة، ففي الحديث «لا صلاة إلاّ بوضوء»، و النفي في الحديث للماهية.

202- دخول الحمام بمئزر

جاء في وصيّة الرسول صلّى اللّه عليه و آله إلى الإمام عليّ عليه السّلام:

«إنّ اللّه كره لامّتي - و عدّ خصالا، منها: - دخول الحمّام إلاّ بمئزر»(2).

من الآداب التي شرّعها الإسلام عدم دخول الحمّام إلاّ بمئزر؛ لأنّه لو دخل بلا مئزر لكان بادي العورة، فإن رآه أحد فهو محرّم عليه، بالإضافة إلى منافاته للآداب العامّة التي يحرص الإسلام على إشاعتها بين الناس.

203- الخضاب

جاء في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام:

«يا عليّ، درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم ينفق في سبيل اللّه، و فيه أربع عشرة خصلة، و الّتي منها: جلاء البصر، و ذهاب الغشيان»(3).

أمّا الخضاب فهو زينة الرجل، و به تظهر الفتوّة، و تذهب غائلة الشيخوخة.

ص: 139


1- وسائل الشيعة ١ : ٢٥٩.
2- المصدر السابق : ٣٦٩.
3- ارشاد المفيد : ٢٦٩.

204- السواك

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إنّ أفواهكم طرق القرآن فطهّروها بالسّواك»(1).

السواك مطهّر للفم و معقّم له، و هو من المناهج الصحّيّة التي تبنّاها الإسلام،

و في الحديث: «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك»، و الأمر - في الحديث - هو الحكم الإلزامي.

205- الطهور مفتاح الصلاة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«مفتاح الصّلاة الطّهور، و تحريمها التّكبير، و تحليلها التّسليم»(2).

أمّا الطهور فهو مفتاح الصلاة و من مقدّماتها الواقعية، فلا تصحّ إلاّ به. و في الحديث: «لا صلاة إلاّ بطهور»، و النفي للماهية.

و أمّا بداية الصلاة ففي تكبيرة الإحرام، فبها يحرم الكلام و غيره من منافيات الصلاة، و بالتسليم الأخير يحلّ للمصلّي ما حرّم عليه بتكبيرة الإحرام.

ص: 140


1- حلية الأولياء ٤ : ٢٩٦.
2- المصدر السابق ٧ : ١٢٤.

206- إخراج أهل نجران من الجزيرة

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا عليّ، إن أنت وليت هذا الأمر فأخرج أهل نجران من جزيرة العرب»(1).

لقد عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى الإمام إذا ولي الخلافة أن يخرج نصارى نجران من جزيرة العرب لأنّهم كانوا مبعث فتنة و شقاء بين المسلمين.

207- دعوة المظلوم

قال عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«يا عليّ، اتّق دعوة المظلوم، فإنّما يسأل اللّه حقّه، و إنّ اللّه لم يمنع ذا حقّ حقّه»(2).

إنّ دعوة المظلوم لا تردّ، و إنّ اللّه تعالى الذي يحكم بين عباده بالحق لا يرد دعوة المظلوم، و إنّه للظالم بالمرصاد لا بدّ أن ينتقم منه إن عاجلا أو آجلا.

208- المقتول دون ماله

روى الإمام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:

ص: 141


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٧ ، رقم الحديث ٦٦١.
2- حلية الأولياء ٣ : ٢٠٢.

«من قتل دون ماله فهو شهيد»(1).

أضفى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الشهادة على من يقتل دون ماله فإنّه يكون شهيدا في حكمه و أجره لا في الآثار الاخرى التي تترتّب على الشهيد من عدم تغسيله و من دفنه بثيابه فإنّ هذه الآثار لا تترتّب عليه.

و بهذا نطوي الحديث عن مسند الإمام عليه السّلام، و هو بعض ما يرويه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كما أنّ فيه كوكبة من الأحاديث هي من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قد بذلت في جمعها جهدا شاقا سائلا من اللّه تعالى أن يتقبّل ذلك، و أن يثيبنا عليه، و أن يوفّقنا لإكمال هذه الموسوعة عن حياة بطل الإسلام، و باب مدينة علم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إنّه تعالى وليّ التوفيق 1

ص: 142


1- مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣١ ، رقم الحديث ٥٩٠.

المحتويات

تقديم 9 اضواء على السّنة المحمّديّة 13-21 مسند الإمام 23-142 إصابة السّنّة 25 العمل بالسّنّة 26 العلم 26 تعلّم و تعليم القرآن 27 طلب العلم 27 طلب العلم عبادة 28 طلب العلم للّه 29 طلب العلم لمجادلة العلماء 29 مداد العلماء 30 منهومان لا يشبعان 30

ص: 143

الفقيه 31 العالم المطاع 31 فضل العقل 32 الجهل و العقل 32 العالم بين الجهّال 33 كتمان العلم 33 الفتوى بغير علم 34 حقيقة الإيمان 34 توحيد اللّه 35 كلمة لا إله إلاّ اللّه 35 نعمة التوحيد 36 طاعة اللّه 36 حسن الظنّ باللّه 37 التمنّي لرضا اللّه 37 ما يقرّب الإنسان إلى اللّه 38 اللّه غفّار 38 الرسول صلّى اللّه عليه و آله يعمّم الإمام عليه السّلام 39 زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام 39 وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام 40 وصية اخرى للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 41 من وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام 42 من وصايا الرسول صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام 42

ص: 144

وصية النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لخالد 43 الدّين قبل الوصيّة 44 ترك الوصية 44 دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام عليه السّلام 45 دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في سفره 45 دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 46 دعاء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في آخر الوتر 47 صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 47 الصلاة الوسطى 49 تأخير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للصلاة الوسطى 49 ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ركوعه 50 من أخلاق الرسول صلّى اللّه عليه و آله 50 ترحّم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على خلفائه 51 حوض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و شفاعته 51 تعويذ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للمرضى 52 ضمان دين النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 52 آخر كلام للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 53 أقرب الناس إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 53 أبعد الخلق عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 54 الكذب على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 54 الأئمة الاثنا عشر 55 الإمام المهدي عليه السّلام 55

ص: 145

مهدي آل محمّد عليه السّلام 56 تسبيح الزهراء عليها السّلام 56 أفضل آية 57 فضل أبي ذرّ رضى اللّه عنه 57 عمّار بن ياسر رضى اللّه عنه 58 عبد اللّه بن مسعود رضى اللّه عنه 59 مريم و خديجة عليهما السّلام 59 مناجاة لموسى عليه السّلام 60 اللّه مع بعض أنبيائه عليهم السّلام 61 من وحي اللّه لداود عليه السّلام 62 وصف كامل للإسلام 62 عناصر الإسلام 64 الضرائب الإسلامية 64 أنواع الجهاد 65 جهاد النفس 65 الجهاد في الفتنة 66 المسالمة 67 الحرب خدعة 67 الصبر 68 علامة الصابر 68 الدنيا سجن المؤمن 69 مرض المؤمن 69

ص: 146

أنين المريض 70 حقوق المسلم على المسلم 70 من حقوق المسلم على المسلم 71 حقوق في المال 72 الكسب الحلال 72 دعوات لا ترد 73 الدعاء عند لبس الثياب 73 بناء المساجد 74 الجلوس في المصلّى 74 الفقراء أصدقاء اللّه 75 فقراء أهل الصّفة 75 المنازل الرفيعة في الجنة 76 الزهد في الدنيا 77 مكارم الاخلاق 77 حسن الأخلاق 78 قضاء حوائج الناس 79 أفضل الناس 79 اعانة المسلم 80 أوصاف المؤمن 81 علامات للمؤمن و لغيره 82 حسان الوجوه 83 صلة الرحم 83

ص: 147

مواساة الإخوان 84 التودّد إلى الناس 85 المرء مع من أحبّ 85 خصال كريمة 86 محاسن الصفات 87 الآمر بالمعروف 89 إتمام المعروف 90 كمال المروءة 90 الحب و البغض 91 الحلم 91 إصلاح ذات البين 92 الإحسان إلى المسيء 92 العفو عن المسيء 92 الإعانة على البرّ 93 أبواب البرّ 93 المبادرة لفعل الخير 94 الرفق باليتيم و الضعيف 94 النصيحة 95 المنجيات 95 ظلم من لا ناصر له 96 الأمانة 96 الغيرة 97

ص: 148

الكفاف 97 فضل الصدقة 97 القليل من الدنيا خير من الكثير 98 عدة المؤمن 98 ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان 99 الكلمة الحكيمة 99 الأعمال المبعدة للشيطان 100 الاستغفار للأبوين المشركين 100 الاتّقاء من الغضب 101 النهي عن الكذب 101 النهي عن الحلف باللّه 102 كفّ اللسان 102 تفريج الأزمات 103 ما يقول العاطس 103 ترك الشهوة 104 خصال مذمومة 104 حرمة البذاء و الفحش 105 المزاح و الكذب 106 سوء الخلق 106 شرّ الناس 107 العبس في وجوه الإخوان 108 ذو الوجهين 108

ص: 149

ذنوب تعجّل العقوبة 109 من موجبات العقوبة 110 تارك الصلاة 110 من قواصم الظهر 111 سبعة لعنهم اللّه 111 أهل المعاصي 112 الوضيع 112 كفران النعمة 113 الاحتكار 113 هلاك الناس بالدرهم و الدينار 114 الغيبة 114 قساوة القلب 114 إذلال النفس 115 السؤال عن غنى 115 الغضب 116 العجلة 116 البغي و الحسد 117 الاستخفاف بالدين 117 المروق من الدّين 117 الاعتصام بغير اللّه 118 الاهانة باستحقاق الجماعة 119 نخوة الجاهلية 119

ص: 150

التزيّن للناس 120 عقاب مدمن الخمر 120 موبقات و منجيات 121 خصال مذمومة و خصال كريمة 121 المحاسن و القبائح 122 اعطيت ما لم يعط أحد 123 التقيّة 123 حلّية المتعة 124 منى 125 الزكاة 125 إبل الصدقة 126 الغنم و الحرث 126 الذبيحة لغير اللّه 126 حيوانات لا يضحّى بها 127 رفع القلم عن ثلاثة 128 الأمان من الغرق 128 رؤية الهلال 129 النظر في المرآة 129 النظر إلى المجذومين 130 حثو التراب على الميّت 130 مفارقة الأحباب 131 التأمّل في المواعظ 131

ص: 151

أربعة تذهب ضياعا 132 أنواع الكلام 132 سريرة الإنسان و علانيته 133 الاهتمام بالرزق 134 رأس العقل خصلة 134 الذهب و الحرير 134 بيع غلامين أخوين 135 الورد 135 الفاكهة الجديدة 136 الأكل على الجنابة 136 غسل جميع البدن من الجنابة 137 البول تحت الشجرة 137 البول في النهر الجاري 138 البول قائما 138 تارك الوضوء 138 دخول الحمام بمئزر 139 الخضاب 139 السواك 140 الطهور مفتاح الصلاة 140 إخراج أهل نجران من الجزيرة 141 دعوة المظلوم 141 المقتول دون ماله 141

ص: 152

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.