مقتل الحسين عليه السلام علي لسان جده رسول الله من كتب العامة
تأليف فضيلة الشيخ قيس بهجت العطار
الرافد للطباعة والنشر
لبنان - بیروت
ص: 1
مقتل الحسين
على لسان جده رسول الله
من كتب العامة
ص: 2
مقتل الحسين عليه السلام على لسان جده رسول الله صلي الله عليه واله من كتب العامة
فضيلة الشيخ قيس بهجت العطار
منشورات الرافد
arrafed_pub@yahoo.com
الطبعة الأولى / 2000 نسخة
1430 ه/ 2009 م
ISBN : 978-600-90891-3-0
توزيع
الغدير للطباعة والنشر والتوزيع: 989125514426+
algadeer_pub@yahoo.com
جميع الحقوق مسجلة ومحفوظة
ص: 3
ص: 4
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ »
ص: 5
إِلى كُلَّ قطرةِ دمٍ زكئًّ هَدَرَت
وإِلى كُلَّ دمعةٍ حَرَّى سُکِبَت
وإلى كُلَّ خطوةٍ في السَّبي عَثَرَت
وإلى والِدَيَّ الَّذَينِ علّماني كيف أهوَى الحسين عليه السلام
أهدي هذا المقتل الشريف
قيس العطار
ص: 6
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
وبعد، فإن هناك في تاريخ البشرية حوادث ضخمة تعد منعطفات خطيرة تبدل التاريخ من مسار إلى مسار آخر، وتنحو به من وجهة إلى وجهة أخرى، ومدى هذا التبدل يكمن في ضخامة وخطورة الحادثة : أسبابا ، ووقوعأ ، ونتائج ، فربما أثرت على مدى عقد أو عقود، وربما أثرت على مسار قرن أو قرون، ومثل هذه المنعطفات يمكن أن تلحظ بوفرة في التاريخ ، وهي ليست من الندرة بمكان .
وإلى جنب ذلك توجد في تاريخ الأنبياء والأوصياء والإلهيين حوادث أبعد أثرا وأعمق غورا وأشد تغییرا مما درجت عليه العصور، بحيث تعبر تلك الحوادث حدود الزمان والمكان، وتتعداها إلى لا نهائية الخلود والبقاء.
وفي هذا المضمار تقف مأساة كربلاء ومقتل الحسين بن علي عليهما السلام في قائمة الصدارة، بل تقف في الصدارة على الإطلاق، حيث لم تعهد ولن تعهد كارثة أو واقعة بالمستوى الذي كانت عليه من جميع النواحي وعلى كافة الأصعدة : مضيا ، ووقوعا ، ومستقبلا.
ولعل في تواتر الاخبارات النبوية وكثرتها، وتظافر الإنباءات السابقة،
ص: 7
والآيات والظواهرالكونية وخوارق النوامیس، قبل وأثناء وبعد هذه الواقعة، ما يغني عن التطويل، ويكفينا مؤونة التحليل والتدليل.
فلقد لحظ الإمام الحسن بن علي عليهما السلام واستحضر جميع ما حل بالأنبياء والأوصياء والإلهيين على مدى التاريخ، منذ ولادة البشرية وحتى اختتامها ، وذلك حين بكى الحسين عليه السلام عندما رأى أخاه الحسن عليه السلام ، وحين سأله الحسن عليه السلام عن سبب بكائه قال : أبكي لما يصنع بك، فقال له الحسن عليه السلام - بعد أن استحضر جميع مآسي الأنبياء والأوصياء والبشرية جمعاء - : إنّ الذي يُؤتى إليَّ سَمُّ يُدَسّ إليّ فأقتَل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله (1) ؛ مما يعني عدم وجود مثيل، وعدم تکرر شبیه أو عديل لهذه الفاجعة الإلهية الإنسانية الكبری.
ولأن هذه الفاجعة العظمى هزت ضمير الإنسانية جمعاء، ألفت فيها من الموسوعات والأسفار والكتب والكراريس، والأبواب والفصول، ما لم يؤلف مثله في فاجعة أخرى ، رغم ظروف القهر والتفرعن والتسلط التي سبقت ورافقت تلك الفاجعة، وامتدت بعدها حتى يومنا الحاضر؛ متباينة شدة وضعفا ، ومدا وجزرا .
وقبل تسليط الضوء على ما كتب في واقعة الطف و مقتل الإمام الحسين بن علي عليهما السلام ، لابد من بیان معنى المقتل.
المقتل في اللغة يطلق على اسم المكان واسم الزمان ، كما يرد مصدرا ميميا . فمن الأول : قول مالك الأشتر في خطبة له بصفين يحرض فيها على القتال :
ص: 8
واطعنوا الشرسوف الأيسر ؛ فإنه مقتل (1)، أي محل القتل وموضع القتل ؛ لأنه موضع القلب ومحله.
ومنه: قول عمرو بن العاص في قصيدته الجلجلية مخاطبا معاوية :
نَسِيتَ مُحاورتي الأشعريَّ *** ونحن على دَومة الجَندلِ
ألينُ فيطمعُ في جانبي *** وسَهميَ قد خاض في المقتلِ
ومن الثاني : قولهم : ولد سليمان بن مهران الأعمش مقتل الحسين، وقتل الحسين سنة إحدى وستين.
وفي حديث زيد بن ثابت: أرسل إلى أبوبكر مقتل أهل اليمامة ، قال ابن الأثير: المقتل مفعل من القتل، وهو ظرف زمان هاهنا، أي عند قتلهم في الوقعة التي كانت باليمامة (2).
قال الشريف الجرجاني في كتاب «المفتاح»: ومقتل الحسين رضي الله عنه الزمان قتله و مکان قتله ، وهما يوم عاشوراء، وأرض کربلاء (3).
وقال صاحب «المراح» في فصل اسمي الزمان والمكان : واسم الزمان مثل المكان، نحو مقتل الحسين (4).
وأما المصدر الميمي ، فمنه : قول الربيع بن زياد العبسي:
أفبَعدَ مَقتل مالکِ بنِ زُهَيرٍ *** تَرجو النساءُ عواقِبَ الأطهارِ (5)
وقول ذي الرمة:
ص: 9
ضَرَجنَ البُرُودَ عن ترائبِ حُرَّةٍ *** وعن أعيُنٍ قَتَّلنَنا كُلَّ مَقتَلِ (1)
وقول ديف بن میمون :
وأذکُرنَ مَقتَلَ الحسينِ وزيدٍ *** وقتيلاً بجانِبِ المِهراسِ (2)
وكتب المقاتل التي ألفت إنما سمیت ب «المقتل» على نحو المصدر الميمي ؛ لأن القتل هو المقصود بالإخبار عنه ، وما ذکر من لوازم ذلك من تفاصيل الأحداث إنما هو على نحو المجاز الموسع.
وقد تطور معنى هذه الكلمة حتى صارت تدل بنفسها - وبلا إضافة - على مدلول شهادة الإمام الحسين عليه السلام ، فإذا قلت: «قرأت المقتل»، انصرف الذهن إلى مقتل الإمام الحسين عليه السلام ، فصار «المقتل» اصطلاحأ في الكتاب الذي يروي أحداث ووقائع شهادة الإمام الحسين عليه السلام.
ففي حوادث سنة 650 ه من «العسجد المسبوك»: منع الشيعة من قراءة المقتل في يوم عاشوراء إلا في المشهد الكاظمي ومحلة الكرخ خاصة خوفا من وقوع الفتنة (3).
وقال السيد ابن طاووس في «الإقبال»: فإن قيل : فعلام تجددون قراءة المقتل والحزن كل عام؟ فأقول: لأن قراء ته هي عرض قصة القتل على عدل الله جل جلاله ؛ ليأخذ بثأره (4).
ص: 10
ومهما كان، فإن ما ألف في موضوع استشهاد الإمام الحسين عليه السلام من الموسوعات والأسفار الكتب والأبواب والفصول، هو عدد كبير جدا، وعلى مر العصور . واستقصاء جميع ما کتب في هذا الباب يعد من المحال عادة أو شبه المحال ، إذ يندر أن ترى من لم يذكر هذه الواقعة العظمی مفصلا أو مجملا، منصفا أو حائفا، معتدلا أو مبالغا أو مقصرا، لكننا هنا نذكر أمهات ماكتب مستقلا في مقتل الحسين عليه السلام لمشاهير المؤلفين والكتاب و الرواة، والتي تحمل عنوان «مقتل الحسين عليه السلام »
1- مقتل الحسين عليه السلام : لأبي القاسم الأصبغ بن نباتة التميمي الحنظلي الدارمي المجاشعي الكوفي، من التابعين ومن خاصة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن شرطة الخميس، عمر بعد الإمام علي عليه السلام طويلا ومات بعد المائة. والظاهر أنه أول من كتب مقتل الحسين عليه السلام ، وكتابه أسبق كتب المقال.
2- مقتل الحسين عليه السلام : لأبي عبد الله جابر بن یزید بن الحارث الجعفي ،
المتوفي بالكوفة سنة 127 أو 128 أو 132 ه.
3 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي مخنف لوط بن یحیی بن سعید بن مخنف بن
سليم الأزدي، المتوفى سنة 157ه. يروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وجده مخنف صحابي شهد الجمل في أصحاب علي عليه السلام حاملا راية الأزد، فاستشهد في تلك الوقعة سنة 36 ه.
4 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي، عالم بالأيام مشهور بالفضل، نسي العلم فسقاه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام العلم في كأس فعاد إليه علمه، وفي سنة 204 أو 206 ه.
5- مقتل الحسين عليه السلام : لأبي عبد الله محمد بن عمر بن واقد السهمي الأسلمي
ص: 11
بالولاء، المدني، المعروف بالواقدي، المولود سنة 130ه، والذي انتقل إلى بغداد سنة 180ه، و توفي سنة 207ه.
وأشهر من روى عنه كتابه : محمد بن سعد صاحب «الطبقات الكبرى».
6- مقتل الحسين عليه السلام : لأبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري، ولد سنة 110ه (1) بالبصرة، واستقدمه هارون الرشيد إلى بغداد سنة 188 ه، وتوفي بالبصرة سنة 209ه (2). وكان أباضيا شعوبيا.
7- مقتل الحسين عليه السلام : لأبي الفضل نصر بن مزاحم بن سيار المنقري العطار، كوفي ، سكن بغداد، توفي سنة 212ه.
8- مقتل الحسين عليه السلام : لأبي الحسن المدائني ، علي بن محمد بن عبد الله ، من أهل البصرة، ولد سنة 135 ه، سكن المدائن، ثم انتقل إلى بغداد و توفي بها سنة 220ه.
9- مقتل الحسين عليه السلام : لإبراهيم بن إسحاق بن أبي بشر النهاوندي الأحمري ، سمع منه القاسم بن محمد الهمداني سنة 269ه.
10 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي الفضل - أو أبي محمد - سلمة بن الخطاب البراوستاني - قرية من قرى قم - الأزدورقاني ؛ قرية من سواد الري، وفي سنة 270 ه، واسم كتابه «مولد الحسين ومقتله».
11 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي جعفر محمد بن أحمد بن یحیی بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي، المعروف به «دبة شبيب»، وهو في طبقة البراوستاني المتقدم .
ص: 12
12 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفیان بن قیس ، القرشي الأموي مولاهم، المعروف ب «ابن أبي الدنيا» البغدادي. ولد سنة 208 ه، وتوفي سنة 281 ه.
13 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود الثقفي الكوفي ، نشأ بالكوفة ، وانتقل إلى أصفهان ، و توفي بها سنة 283 ه. كان زيديا ثم انتقل إلى القول بالإمامة.
14 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي عبد الله محمد بن زکریا بن دینار البصري
الغلابي، مولى بني غلاب، إمام أهل السير والتاريخ بالبصرة، توفي سنة 298 ه.
15 - مقتل الحسين عليه السلام : لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح، الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي، المتوفى على الأرجح بعد سنة 292 ه (1).
16 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي أحمد عبد العزيز بن یحیی بن أحمد بن عیسی الجلودي الأزدي البصري، شيخ البصرة وأخباريها ، توفي في 17 ذي الحجة سنة 332 ه، ودفن في يوم الغدیر 18 ذي الحجة من هذه السنة.
17 - مقتل الحسين عليه السلام : لأبي سعيد الحسن بن عثمان بن زیاد بن الخليل (2) التستري، روى عنه : ابن عدي المتوفى سنة 365 ه مباشرة، وروى عنه الصدوق المتوفى سنة 381ه بواسطة واحدة.
18 - مقتل الحسين عليه السلام : للشيخ الصدوق، أبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين بن موسی بن بابويه القمي، المتوفى سنة 381ه.
19 - مقتل الحسين عليه السلام : لمحمد بن علي بن الفضل بن تمام بن سکین، من ولد
ص: 13
شهریار الأصغر. وهو في طبقة الصدوق، ومن مشايخ ابن الغضائري المتوفى سنة 411 ه.
وهناك العشرات من المقاتل الأخرى المؤلفة في القرون التالية ، والتي تحمل اسم المقتل أو أسماء أخرى، كمقتل الحسين عليه السلام ، لأبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي المتوفى سنة 568 ه، ومثير الأحزان لأبي إبراهيم نجيب الدین محمد بن جعفر ، ابن نما الحلي المتوفى سنة 645 ه، والملهوف على قتلي الطفوف للسيد علي بن موسی بن طاووس الحلي المتوفى سنة 664 ه، وغيرها من عشرات بل ربما مئات المؤلفات في المقاتل حتى يومنا الحاضر.
هذا، ناهيك عما كتب في ضمن التواريخ والمعاجم والمصنفات والمسانید، مما يصلح كل منها - لو أفرد- لأن يكون تأليفا مستقلا في مقتل الحسين عليه السلام (1) ، كما في مقتله من: تاريخ الطبري، و تاریخ ابن الأثير، والفتوح لابن الأعثم، وأنساب الأشراف للبلاذري، و تاریخ دمشق لابن عساکر، والمنتظم لابن الجوزي، والبداية والنهاية لابن كثير ، والمعجم الكبير للطبراني ، ومقتله من طبقات ابن سعد، ومسند أحمد وفضائل صحابته ، وغيرها من الكتب الضخام.
بعد أن انتهينا من تأليف كتاب «مقتل الحسين عليه السلام رواية عن جده رسول الله صلي الله عليه واله » من كتب العامة ، وبحثنا هناك الطرق والأسانيد واعتبار الروايات بالتفصيل، وأثبتنا تواتر الإخبارات النبوية بالشهادة الحسينية ، وأن الإخبارات تناولت جميع مراحل
ص: 14
حياة الإمام الحسين عليه السلام قبل ولادته وعندها وفي طفولته وفي شبابه وفي كهولته و عند استشهاده، وأنه روي ذلك عن النبي صلي الله عليه واله أكثر من عشرين صحابيا وصحابية ، وكان في تلك الروایات ذکر قاتلیه و عقوبتهم في الدنيا والآخرة.
بعد ذلك عزمنا على تأليف مقتل آخر بنمط آخر، فهناك عدد آخر من الروايات والأخبار غير ما ذكرناه في ذلك الكتاب فيها تفاصيل أكثر عن الشهادة الحسينية ، وقد كتب الأعلام حول ذلك وجمعوا الروايات والأخبار من کتب الحديث والتاريخ والتراجم والسير وغيرها، وتناولوها بالبحث والتحقيق والتمحيص، ودراسة الأحداث وملابساتها.
لكن العثور على كل مفردة من مفردات الإخبارات النبوية مضافا إلى كونه صعبا على عامة الناس يبقى مبتورا عن سائر الأحداث، ولا يستطيع ربط الأحداث وسلسلتها إلا ذوو الاختصاص والفضلاء، ويبقى عامة الناس محرومین من فهم التسلسل والترابط في مفردات الإخبارات النبوية.
لذلك قمت بأخذ الكلام النبوي المبارك المروي في كتب العامة فقط دون كتب الشيعة ، ورصفته وصففته ، ووضعت بعضه إلى جنب بعض ، وذلك طبق تسلسل الأحداث، وطبق ذوقي الأدبي ومعرفتي بلسان الروايات، فألفت مقتلا واحدا متكاملا ذا نص واحد، كله مروي عن رسول الله صلي الله عليه واله من كتب العامة.
وهذا المقتل التلفيقي يتناول قضية الإمام الحسين عليه السلام - على لسان رسول الله صلي الله عليه واله - قبل خلق العالم، وفضائله ، ومناقبه ، ومنزلته، وما أعد الله لمحبيه وشیعته من النعيم، ولمبغضيه وشانيه من النكال والعذاب المقيم، ثم زواج علي وفاطمة عليهما السلام ، و ولادة الحسن عليه السلام ، ثم الحسين عليه السلام ، وما سيجري على أهل البيت من المصائب، وكيف سيقتل الحسين، وأين سيقتل، وفي أي سنة ، ومن سيقتله، وما ثواب مناصریه ، وما عقاب خاذليه فضلا عن قاتليه، وفيه حضور رسول الله صلي الله عليه واله
ص: 15
في يوم عاشوراء لدفن الحسين عليه السلام وأصحابه ، وكيف أن الله سبحانه أراد أن يسحت الناس بعذاب عظيم، وفيه إخبار النبي صلي الله عليه واله بأن قبر الحسين عليه السلام سيسار إليه من الآفاق، عند انقطاع ملك بني مروان.
والأهداف التي توخيناها من كتابة مثل هذا المقتل هي :
1 - الحصول على نص نبوي واحد متکامل متسلسل المطالب حول المقتل الحسيني.
2- أخذ مفردات نص هذا المقتل من كتب العامة حصرا ، وفي ذلك أقوى لجام لكبح جماح المنكرين من النواصب والوهابيتين.
3- سهولة استحضار المطالب المقاتلية في أماكنها، وكيفية تعاضدها مع ما قبلها وما بعدها دون كثير عناء ودون تقليب للكتب الكبار .
4 - الدعوة لكتابة مقتل تلفيقي واحد من كتب الشيعة أو من كتب الفريقين، وسيكون قطعا أكثر تفصيلا، وأوسع مطالب، وأغنی سردا، لكنه سيكون أصعب منالا وأجهد لكاتبه.
وقد تبعنا في تأليف هذا المقتل المنهج التالي :
1- الإلمام بكل النصوص النبوية المروية في كتب العامة.
2 - ترتيبها طبق النسق الأدبي، والتسلسل التاريخي.
3- كان المقصود الأول هو المتن دون لحاظ صحة السند و عدمه ، وإن كان الجل الأعظم - بل الكل - من هذه المضامين مرويا بأسانيد صحيحة وحسنة ومعتبرة، لأن المقصود في هذا المقتل هو المتن.
4 - إذا أعوزنا الربط بين بعض الجمل وبعضها الآخر، وضعنا ذلك من عندنا بين معقوفتين لكي لا تختل وحدة النص.
5 - ربما فككنا بعض الضمائر، ووضعناها بين قوسين ، كما في قول
ص: 16
النبي صلي الله عليه واله حول الحسين عليه السلام : «ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام تكون منه الأئمة الهادية»، فهنا فككناه «ولكن (الحسين) لا يقتل حتى يكون منه إمام تكون منه الأئمة الهادية».
6- طبعنا المقتل التلفيقي بنصه الواحد في بداية الكتاب ، ثم ذكرنا بعد ذلك تفصيل العمل التلفيقي ، حيث ذكرنا ما انتخبناه من کلام رسول الله عليهما السلام في المتن ، وذكرنا في الهامش مصدر الرواية وسندها ، وما أخذناه منها طبعناه بالأسود الخشن المتميز.
7- ذكرنا في آخر الكتاب، الكتب التي استفدنا منها وأسماء مؤلفيها ، وسنة طبعها، وأسماء محققيها إن كانوا، وذكرنا ترجمة مختصرة لكل واحد منهم مع ذكر مذهبه.
لقد بذلت جهدي واستفرغت وسعي في ترتيب نص هذا المقتل الشريف . وفتح باب جديد في الكتابة المقاتلية ، ليكون سهلا وفي متناول أكبر عدد من طلاب الحقيقة، وحجة على من أنكر ظلامات آل محمد، فإن كان الصواب حليفي فلله الحمد والمنة، وإلا فحسبي أنني أردت التقرب إلى الله سبحانه بموالاة محمد و آل محمد، والتبري من أعدائهم.
قيس بهجت العطار
1/ محرم الحرام /1430ه. ق
ص: 17
ص: 18
ص: 19
ص: 20
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلي الله عليه واله :
لما خلق الله آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش ، فإذا في التور خمسة أشباح سجدا وركعا ، فقال آدم: یا رب هل خلقت أحدا من طين قبلي ؟ قال : لا يا آدم، قال : فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتی ؟ قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار، ولا العرش ولا الكرسي ، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن ، فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين .
اليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم إلا أدخلته ناري ولا أبالي.
یا آدم، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم أنجي، وبهم أهلك ، فإذا كان لك إلى حاجة فبهؤلاء توسل.
نحن سفينة النجاة ، من تعلق بها نجا ، ومن حاد عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل الله بنا أهل البيت.
نحن أهل البيت مفاتيح الرحمة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم، نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد، أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من
ص: 21
ولد الحسین مطهرون معصومون.
من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي ، فليوال عليا بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بالأئمة من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهما وعلما ، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي.
هبط علي جبرئيل فقال لي : السلام عليك ورحمة الله وبركاته يانبي الله ، ثم إنه وضع في يدي حريرة بيضاء من حرير الجنة ، وفيها سطران مکتوبان بالنور، فقلت : حبيبي جبرئيل ما هذه الحريرة ؟ وما هذه الخطوط ؟
فقال جبرئیل: يا محمد، إن الله اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارك من خلقه وابتعثك برسالاته ، ثم اطلع إلى الأرض ثانية فاختار لك منها أخا ووزيرا وصاحبا وختنا، فزوجه ابنتك فاطمة.
فقلت : حبيبي جبرئيل ، ومن هذا الرجل ؟ فقال لي : يا محمد ، أخوك في الدين وابن عمك في النسب ، علي بن أبي طالب.
وإن الله أوحي إلى الجنان أن تزخرفي فتزخرفت ، وإلى شجرة طوبی أن احملي الحلي والحلل فحملت شجرة طوبى الحلي والحلل، وتزخرفت الجنان ، وتزینت الحور العين ، وأمر الله الملائكة أن تجتمع في السماء الرابعة عند البيت المعمور ، فهبطت الملائكة - ملائكة الصفيح الأعلى وملائكة السماءالخامسة - إلى السماء الرابعة ، وزفت ملائكة السماء وملائكة السماء الثانية وملائكة السماء الثالثة إلى الرابعة.
وأمر الله عزوجل رضوان فنصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور، وهو المنبر الذي خطب فوقه آدم يوم علمه الله الأسماء وعرضهم على الملائكة ، وهو منبر من نور...
ص: 22
قال جبرئیل : ثم أوحى الله إلي أني اعقد عقدة النكاح، فإني قد زوجت أمتي فاطمة ابنة حبيبي محمد من عبدي علي بن أبي طالب ، فعقدثت عقدة النكاح، وأشهدت على ذلك الملائكة أجمعين ، وكتبت شهادة الملائكة في هذه الحريرة ، وقد أمرني ربي أن أعرضها عليك وأن أختمها بخاتم مسك أبيض ، وأن أدفعها إلى رضوان خازن الجنان .
وإن الله عزوجل لما أن أشهد على تزويج فاطمة من علي ملائكته أمر شجرة طوبی أن تنثر حملها وما فيها من الحلي والحلل، فنثرت الشجرة ما فيها والتقطته الملائكة والحور العين ، وإن الحور لیتهادينه ويفخرن به إلى يوم القيامة.
یا محمد، وإن الله أمرني أن آمرك أن تزوج عليا في الأرض فاطمة، وأن تبشرهما بغلامين زكيين نجيبين طيبين طاهرین فاضلين في الدنيا والآخرة .
يا أبا الحسن، فوالله ما خرج الملك من عندي حتی دققت الباب ، ألا وإني منفذ فيك أمر ربي ... فإني خارج إلى المسجد ومزوجك على رؤوس الناس ، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك وأعين محبيك في الدنيا والآخرة ...
[ ثم رقی صلي الله عليه واله المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال ]:
الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه ، المرغوب إليه فيما عنده ، النافذ أمرهفي أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد.
ثم إن الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا، وأمرا مفترضأ، وشج بها الأرحام، وألزمها الأنام ، فقال تبارك اسمه وتعالى جده « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرآً » ، فأمر الله يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، فلكل قضاء قدر ، ولكل قدر أجل ، ولكل أجل كتاب « يَمحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثبِتُ وَعِندَهُ أمُّ الكِتَابِ ».
ص: 23
ثم إني أشهدكم أني زوجت فاطمة من علي على أربعمائة مثقال فضة ..... بارك الله لكما، وبارك الله فيكما ، وأسعد جدكما ، وأخرج منكما الكثير الطيب ...
أتاني ملك فقال: يا محمد ... سيولد منهما ولدان سیدا شباب أهل الجنة، وبهم يزين أهل الجنة ، فأبشر يا محمد، فإنك خير الأولين والآخرين.
[ ثم بعد مدة رأت أم الفضل رؤيا ، فقال صلي الله عليه واله ]:
خيرا رأيتيه ، تلد فاطمه غلاما ، إن الله سبحانه وتعالى قد أمرني أن أسميه حسنة ( با سم) ولد هارون ، شبر ، اللهم إن هذا ابني وأنا أحبه ، فأحبه وأحب من يحبه ، من آذاه فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، إنه ريحانتي من الدنيا ، إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين، [ف]من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة ، فلينظر إلى الحسن بن علي، [هو] حسن وبعده حسین .
[ ثم بعد أن ولد الحسن عليه السلام ، رأت أم الفضل رؤيا أفزعتها، فقال رسول الله صلي الله عليه واله ]:
فاطمة حبلی ، تلد إن شاء الله غلاما ، فلما ولد الحسين... أوحى الله إلى مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا . وأوحى الله تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان وطيبها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا، وأوحى الله تعالى إلى الحور العين أن تَزَيَّنَّ وتزاورن الكرامة مولود ولد محمد في دار الدنيا. وأوحى الله تعالى إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد، والتكبير لكرامة مولود ولد محمد في دار الدنيا.
وأوحى الله تعالى إلى جبرئيل أن اهبط إلى نبي محمد في ألف قبیل من الملائكة على خيول بلق مسرجة ملجمة، عليها قباب الدر والياقوت، ومعهم ملائكة يقال لهم: الروحانيون، بأيديهم حراب من نور، أن يهنئوا محمدا
ص: 24
بمولوده ، وأخبره یا جبرئيل أني قد سميته الحسین.
فهبط جبرئیل وقال : يا محمد، العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول : علي منك بمنزلة هارون من موسی ولا نبي بعدك ، سم ابنك باسم ابن هارون ... شبیر... سمه حسينا .
[ثم, أتاني جبريل من ربي ، فقال لي ، يا محمد، إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست أجمع (الحسين وإبراهيم) لك، فان أحدهما بصاحبه .... [فقلت] : يا جبريل تقبض إبراهيم ، فديته بإبراهيم ... فديت من فديته بابني إبراهيم.
ألا وإن ربي أهدى إليه مدرعة، وإن لحمتها من زغب جناح جبرئیل .
ألا وإن الحسين باب من أبواب الجنة ، من عانده حرم الله عليه رائحة الجنة، وبالحسين تسعدون وبه تشقون، [و] کل بني أم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة فأنا أبوهم وعصبتهم، حسین مني وأنا من حسین ، أحب الله من أحب حسینا، الحسين سبط من الأسباط اللهم إني أحبه ، فأحبه وأحب من يحبه، [ف]من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا ، هذا من أطائب أرومتي ، وأبرار عترتي ، وخيار ذريتي، لا بارك الله فيمن لم يحفظه بعدي ، إنه سید ابن سيد أبو سادة ، إنه إمام ابن إمام أبو أئمة ، إنه حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبه ، تاسعهم قائمهم.
أيها الناس لأعرفن ما اختلفتم فيه من الخيار بعدي ، هذا الحسين بن علي خيرالناس جدا وجدة ، جده محمد رسول الله سيد النبيين ، وجدته خديجة بنت خویلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله.
هذا الحسين بن علي خير الناس أبا وخير الناس أما ؛ أبوه علي بن أبي طالب أخو رسول الله ووزيره وابن عمه وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله ،
ص: 25
وأمه فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين .
هذا الحسين بن علي خير الناس عما وخير الناس عمة، عمه جعفر بن أبي طالب المزين بجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وعمته أم هانیء بنت أبي طالب.
هذا الحسين بن علي خير الناس خالا وخير الناس خالة ، خاله القاسم بن محمد رسول الله ، وخالته زینب بنت محمد...
أيها الناس ، هذا الحسين بن علي جده وجدته في الجنة ، وأبوه وأمه في الجنة وعمه وعمته في الجنة، وخاله وخالته في الجنة ، وهو وأخوه في الجنة.
يا أيها الناس، إن الفضل والشرف والسؤدد والمنزلة والولاية لرسول الله ولذريته ، فلا تذهب بكم الأباطيل.
[إني] لما أسري بي إلى السماء ، رأيت على باب الجنة مكتوبا بالذهب : لا إله إلا الله ، محمد حبيب الله ، علي ولي الله ، فاطمة أمة الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، على مبغضيهم لعنة الله ، والذي نفس محمد بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أكبه الله في النار.
اشتد غضب الله وغضب رسوله على من أهرق دمي وآذاني في عترتي ، الويل لظالمي أهل بيتي، عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من عذاب جهنم، فالويل لهم من العذاب الأليم.
إن لله حرمات ثلاث ، من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهن
لم يحفظ الله له شيئا : حرمة الإسلام، وحرمتي ، وحرمة رحمي.
[إنه] يجيء يوم القيامة ثلاثة : المصحف والمسجد والعترة، فيقول المصحف : حرقوني ومزقوني ، ويقول المسجد، خربوني وعطلوني ، وتقول العترة : قتلونا وطردونا وشردونا، فأجثو على ركبتي للخصومة ، فيقول الله
ص: 26
عزوجل : ذلك إلي فأنا أولى بذلك.
[و] قد أعطيت الكوثر .. نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب ، لا يشرب منه أحد فيظمأ، ولا يتوضأ منه أحد فيشعث، لا يشربه إنسان خفر ذمتي ولا قتل أهل بيتي ، [ف]من سمع بواعية أهل بيتي ثم لم ينصرهم على حقهم كبه الله على وجهه في نار جهنم، [و] من رأى سلطانا جائرا - مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله صلي الله عليه واله ، يعمل في عباد الله بالإثموالعدوان - فلم يغير عليه بفعل ولا قول ، كان حقا على الله أن يدخله مدخله.
أيها الناس ، إني خلفت فيكم الثقلین ، کتاب الله ، وعترتي وأرومتي ومزاج مائي وثمرتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وإني أنتظرهما، ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم به ؛ المودة في القربی ، فانظروا لا تلقوني على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم.
ألا وإنه سترد علي في القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة : راية سوداء مظلمة ، فتقف فأقول: من أنتم ؟ فينسون ذكري ويقولون : أهل التوحيد من العرب ، فأقول : أنا أحمد نبي العرب والعجم، فيقولون: نحن من أمتك يا أحمد ، فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي ؟ فيقولون : أما الكتاب فضيعناه ومزقناه، وأما عترتك فحرصنا على أن نبيدهم عن جديد الأرض ، فأوتي وجهي عنهم، فيصدرون ظماء عطاشی مسودة وجوههم.
ثم ترد علي راية أخرى أشد سوادا من الأولى ، فأقول لهم: من أنتم ؟ فيقولون كالقول الأول بأنهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني وقالوا: نحن أمتك، فأقول : كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟ فيقولون : أما الأكبر فخالفناه ، وأما الأصغر فخذلناه ومزقناه کل ممزق ، فأقول لهم: إليكم عني، فيصدرون ظماء عطاشی مسودة وجوههم.
ص: 27
ثم ترد على راية أخرى تلمع نورا ، فأقول لهم : من أنتم ؟ فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى ، نحن أمة محمد ، ونحن بقية أهل الحق الذين حملنا کتاب ربنا فحللنا حلاله وحرمنا حرامه ، وأحببنا ذرية محمد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا، وقاتلنا معهم وقاتلنا من ناوأهم، فأقول لهم : أبشروا فأنا نبيكم محمد، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم ، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء .
[ف]من أحب أن يبارك الله في أجله ، وأن يمتع بما خوله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة ، ومن لم يخلفني فيهم بتك عمره، وورد على يوم القيامة مسودا وجهه.
ويل لمن يظلم (فاطمة)، ويظلم أمير المؤمنين عليا ، وويل لمن يظلم ذريتها وشیعتها.
أما علي بن أبي طالب ، فإنه أخي وشقيقي ، وصاحب الأمر بعدي، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وصاحب حوضي وشفاعتي، وهو مولی کل مسلم ، وإمام كل مؤمن ، وقائد كل تقي ، وهو وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد موتي، محبه محبي، ومبغضه مبغضي، وبولايته صارت أمتي مرحومة ، وبعداوته صارت المخالفه له ملعونة.
وإني بكيت حين أقبل لأي ذكرت غدر الأمة به بعدي ، حتى إنه يزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي ، ثم لا يزال الأمر به حتى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور؛ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن.
وأما ابنتي فاطمة ، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وهي بضعة مني، وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جنبي ، وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها الملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ، ويقول الله عزوجل لملائكته:
ص: 28
یا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترعد فرائصها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أشهدكم أني قد أمنت شیعتها من النار .
وإني لما رأيتها ذكر ما يصنع بها بعدي ، كأني بها وقد دخل الذل بيتها ، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنعت إرثها، وکسر جنبها ، وأسقطت جنينها، وهي تنادي : يا محمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مکروبة باكية، تتذكر انقطاع الوحي من بيتها مرة ، وتتذکر فراقي أخرى ، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة.
فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ، فيناديها بما نادی به مريم ابنة عمران ، فيقول لها: یا فاطمة ، إن الله اصطفاك وطهرک واصطفاک على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي الربك واسجدي واركعي مع الراكعين
ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض، فيبعث الله عزوجل إليها مريم ابنة عمران تمرضها وتؤنسها في علتها، فتقول عند ذلك : یا رب إني قد سئمت الحياة ، وتبرمت بأهل الدنيا ، فألحقني بأبي ، فيلحقها الله عزوجل بي ، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم على محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ، فأقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها ، وذلل من أذلها ، وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمین.
وأما الحسن، فإنه ابني وولدي ومني، وقرة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي ، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري ، وقوله قولي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فإنه ليس مني.
وإني لما نظرت إليه تذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي ، ولا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا ، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ،
ص: 29
ويبكيه كل شيء حتى الطير في جو السماء ، والحيتان في جوف الماء، فمن بکاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقعته ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.
وأما الحسين ، فإنه مني، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه، وهو إمام المسلمين ، وخليفة رب العالمين ، وغياث المستغيثين، وكهف المستجیرین، ورحمة الله على الخلق أجمعين، وهو سيد شباب أهل الجنة، وباب نجاة الأمة ، أمرة أمري ، وطاعته طاعتي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني.
وإني لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدي ، كأني به وقد استجار بحرمی و قبري فلا يجار، فأضمه في منامه إلى صدري وأمره بالهجرة عن دار هجرتي ، وأبشره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه ؛ أرض کرب وبلاء، وقتل وفناء، تنصره عصابة من المسلمين، أولئك سادة شهداء أمتي يوم القيامة.
كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخر عن فرسه صريعا، ثم يذبح - كما يذبح الكبش - مظلوما ...
ألا وإن جبرئيل قد أخبرني أن أمتي ستفتتن بعدي ، [و] بأن أمتي تقتل ولدي الحسين ، تقتله الفئة الباغية - لا أنالهم الله شفاعتي - حين يعلوه القتير ، على رأس ستين من مهاجري ، بأرض العراق ، بشاطئ الفرات ، في أرض الطف ، بأرض يقال لها: كربلاء، هي کرب وبلاء، وجاءني بهذه التربة التي يقتل عليها، وأخبرني أن فيها مضجعه، فأراني تربة حمراء.
إنما جاءني جبرئیل ( والحسين ) قاعد على بطني . فقال لي: أتحبه ؟ فقلت : نعم، فقال : إن أمتك ستقتله ، ألا أريك التربة التي يقتل بها ؟ فقلت بلی یا جبرئیل أرني تربة مصرعه، أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فضرب بجناحه فأتي بهذه التربة ، فهي التي أقلب بكفي ، إن هذا من تربة الأرض التي يقتل بها، هذه رائحة
ص: 30
ابني الحسين.
[يا أم سلمة] وديعة عندك هذه التربة ... يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل.
[و] أنا محمد، أوتيت جوامع الحکم فواتحها وخواتمها ، فأطیعوني ما دمت بين أظهركم، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله عزوجل، أحلوا حلاله وحرموا حرامه ، وعترتي أهل بيتي.
أتتكم الموتة ، أتتكم بالروح والراحة ، كتاب من الله سبق ، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلما ذهب رسل جاء رسل، تناسخت النبوة فصارت ملكا، رحم الله من أخذها بحقها وخرج منها كما دخلها...
نعي إلى الحسين ، ثم أتيت بتربته ، وأخبرت بقتله وقاتله أو قتلته ، وأنه اشتد غضب الله على من يقتله ، اشتد غضب الله على من يسفك دمه ... والذي نفسي بيده إنه ليحزنني [ذلك] ، فمن أدركه منكم فلينصره.
وكأني أنظر إلى منصرفه ومدفنه [ بكربلاء ] وقد أهدي رأسه ، والله ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه ، والذي نفسي بيده لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه إلا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم، وسلط عليهم شرارهم، وألبسهم شيعا، ألا فلعنة الله على قاتله و خاذله آخر الدهر ، فلئن خذلوه ولم ينصروه ليخذلنهم الله إلى يوم القيامة.
اللهم وقد أخبرني جبرئيل بأن ولدي هذا مقتول مخذول ، اللهم فبارك لي قتله ، واجعله من سادات الشهداء ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله ... اللهم فكن له أنت وليا وناصرا.
اللهم لا تبارك في قاتل ولدي ، وأصله نار جهنم ... اللهم اخذل من خذل ( الحسين )، واقتل من قتله ، ولا تمتعه بما طلبه .
ص: 31
( يقتله ) رجل من أمتي يبغض عترتي لا تناله شفاعتي ، يقال له يزيد، لا بارك الله في نفسه ، مالي وليزيد، لا بارك الله في يزيد، فإنه يقتل ولدي وولد ابنتي، الحسين بن علي ، آه لفراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف ، كأني أنظر إلى کلب أبقع [معه] بلغ في دماء أهل بيتي .
[ولقد] أتاني يوما حبيبي جبرئيل فقال : يا محمد ، إن أمتك تقتل ابنك حسينأ ،
وقابله لعين هذه الأمة ، إن قاتل الحسين في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، كأني بنفسه بين أطباق النيران پرسب تارة ويطفو أخرى ، وإن جوفه ليقول : غق غق ، وقد شدت يداه ورجلاه بسلاسل من نار، ينکس في النار حتى يقع في قعر جهنم، وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتنها، وهو فيها خالد ذائق العذاب العظيم، مع جميع من شايع على قتله ، « کُلَّمَا نَضِجَت جُلُودُهُم بَدَّلنَاهُم جُلُوداً غَيرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ » الأليم، لا يفتر عنهم ساعة وسقوا من حميم جهنم، الويل لهم من عذاب الله عزوجل. ما هؤلاء بأمتي ، أنا بريء منهم، والله بريء منهم.
[و] إن موسی بن عمران عليه السلام سأل ربه عزوجل [من قبل] فقال : يا رب إن أخي هارون مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه : يا موسى ، لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك فيهم، ما خلا قاتل الحسين بن علي ، فإني أنتقم منه.
[و] إن موسی بن عمران عليه السلام سأل ربه عزوجل زيارة قبر الحسين بن علي عليه السلام ، فزاره في سبعين ألف من الملائكة.
[ويوم القيامة] تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدم ، فتتعلق بقائمة من قوائم العرش، وتقول : يا جبار احكم بيني وبين قاتل ولدي ، فيحكم لابنتي ورب الكعبة.
[فإنه] إذا كان يوم القيامة تقبل فاطمة ... وبيدها قميص الحسين ملطخ بدمه ، على ناقة من نياق الجنة، خطامها من لؤلؤ رطب، وقوائمها من زمرد أخضر ،
ص: 32
وذنبها من مسك أذفر ، وعيناها من ياقوت أحمر، عليها قبة من النور ، بری باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، داخلها عفو الله ، وخارجها رحمة الله ، وعلى رأسها تاج من النور له سبعون رکنا، كل ركن مرصع بالدر والياقوت، يضيء كما تضيء الكواكب في أفق السماء ، وعن يمينها سبعون ألف ملك، وعن يسارها مثلهم ،وجبریل آخذ بخطام الناقة وهو ينادي بأعلى صوته: غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة ،فيغضون أبصارهم حتى تجاوز عرش ربها، وتزج بنفسها عن ناقتها وتخر ساجدة لله عزوجل، وتقول : إلهي وسيدي ومولاي ، احكم بيني وبين من ظلمني وقتل ولدي.
فإذا النداء من قبل الله تعالى : يا حبيبتي وابنة حبيبي ، ارفعي رأسك ، سليني تعطي ، واشفعي تشفعي ، فوعزتي وجلالي لا يجاوزني ظلم ظالم.
فتقول : إلهي وسيدي ومولاي، ذريتي وشيعتي وشيعة ذريتي.
فإذا النداء من قبل الله تعالى : أين ذرية فاطمة وشيعتها وشيعة ذريتها ومحبوها ومحبو ذريتها ؟ فيقولون وقد أحاطت بهم ملائكة الرحمن : ها نحن یا ربنا، فتقودهم فاطمة حتى تدخلهم الجنة.
فيقال لها : ادخلي الجنة ، فتقول : لا أدخل حتى أعلم ما صنع ولدي الحسين ، فيقال لها ، انظري عن يمينك ، فتلتفت فإذا الحسين قائم وليس عليه رأس. فتصرخ صرخة عظيمة - فتصرخ النساء لصراخها والملائكة أيضا - ثم تنادي : واولداه واثمرة فؤاداه.
فعند ذلك يغضب الله ، ويأمر نارا قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودت - لا تدخلها ريح ولا تخرج منها أبدأ - فيقال لها : التقطي من حضر قتل الحسين ،فتلتقطهم، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها ، وشهقت بهم وشهقوا بها ، وزفرت بهم وزفروا بها.
ص: 33
ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة : يا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان ؟ فيأتيهم الجواب عن الله عزوجل : إن من علم ليس كمن لا يعلم.
قاتل الحسين أنا منه بريء ، لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد من المذنبين إلا وقاتل الحسين أعظم جرمأ منه، قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر.
ولكن (الحسين ) لا يقتل حتى يكون منه إمام تكون منه الأئمة الهادية ... والأئمة بعدي هم: الهادي علي ، والمهتدي الحسن، والعدل الحسين، والناصر علي بن الحسين، والسفاح محمد بن علي ، والنفاع جعفر بن محمد، والأمين موسی بن جعفر ، والمؤتمن علي بن موسى ، والإمام محمد بن علي ، والفعال علي بن محمد ، والعلام الحسن بن علي ، ومن يصلي خلفه عیسی بن مریم.
[فقد] (أوحى الله تعالى إلي ) : إني قتلت بیحیی بن زکریا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن بنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا ؛ يأتي قوم من قبل المشرق، معهم رایات سود، يسألون الحق فلايعطونه ، فيقاتلون فيضربون ، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملأوها جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج.
[ ثم خاطب النبي صلی الله علیه واله ولده الحسين علیه السلام فقال] :
یا حسین ، آخر شربة من الدنيا تشربها من دماء تشربها على ظما، [و] إن لك في الجنة درجة لا تنالها إلا بالشهادة.
یا حسین ، إن لي ولقاتلك يوم القيامة مقاما بين يدي ربي وخصومة ، وقد طابت نفسي إذ جعلني الله خصما لمن قاتلك يوم القيامة ، لعن الله قاتلك ، يا ليت شعري من يقتلك بعدي !! من هذا الذي يقتل حسينا بعدي !! وهل تفلح أمة تقتل فرخي و فرخ ابنتي !!
ص: 34
حبيبي يا حسين ، كأني أراك عن قريب مرملا بدمائك ، مذبوحا بأرض كربلاء، بين عصابة من أمتي ، وانت في ذلك عطشان لا تسقى ، وظمان لا تروي ، وهم في ذلك يرجون شفاعتي ، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، وما لهم عند الله من خلاق. حبيبي يا حسين ، إن أباك وأمك وأخاك قدموا علي وهم إليك مشتاقون ، إنك رائح إلينا عن قريب ، العجل العجل ، فإن لك كأسا مذخورة.
يا بني ، أنت شهيد آل محمد ، وقد استبشر بك أهل السماوات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة.
عجل یا بني ولا تأخر، فهذا ملك نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء.
[ف]إن حبيبي جبرئيل أتاني وأخبرني أنكم قتلى، وأن مصارعكم شتى، فأحزنني ذلك ، ودعوت الله لكم بالخيرة.
( یا حسین ، يزوركم على تشتتكم ويتعاهد قبوركم ) طائفة من أمتي يريدون بري وصلتي ، فإذا كان يوم القيامة شهدتها بالموقف وأخذت بأعضادها فأنجيتها - والله - من أهواله وشدائده .
[ فلما قتل الحسين علیه السلام يوم عاشوراء أقبل النبي صلی الله علیه واله فقال] :
[يا أم سلمة ] وثب الناس على ابني فقتلوه ، وقد شهدته قتيلا الساعة ، شهدت قتل الحسين آنفا ، قتل الحسين وأهل بيته ، والساعة فرغت من دفنهم.
[یابن عباس] ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي ؟ قتلوا ابني الحسين ، وهذا دمه ودم أصحابه أرفعها إلى الله عزوجل.
[یا عامر بن سعد البجلي] ائت البراء بن عازب، فأقرئه مني السلام، وأخبره أن قتلة الحسين في النار، وأن كاد الله عزوجل أن يسحت الناس بعذاب عظيم.
ص: 35
[ولما جيء برأس الحسين عليه السلام إلى الشام أقبل النبي صلي الله عليه واله ، فقال ]:
السلام عليك يا ولدي ، قتلوك ، ومن شرب الماء منعوك ، أتراهم ما عرفوك ؟! أنا جدك المصطفى ، وهذا أبوك على المرتضی، [وهذه امك فاطمة الزهراء] ، وهذا أخوك الحسن.
يا حبيبي يا حسين ، عشت سعيدا وقتلت شهيدا عطشانا ، حتى ألحقك الله بنا، غفر الله لك يا بني ولا غفر لقاتلك ، والويل له غدا من النار ... یا آدم ، ويا نوح ، ويا موسی ، ويا عيسى ، اشهدوا على ما ترون من فعل هؤلاء القوم بأولادي.
كأني بالقصور قد شيدت حول قبر الحسين، ولا تذهب الأيام والليالي حتى يسار إليه من الآفاق ، وذلك عند انقطاع ملك بني مروان .
ص: 36
ص: 37
ص: 38
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلي الله عليه واله :
لما خلق الله آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش، فإذا في النور خمسة أشباح سجدا وركعا ، فقال آدم: یا رب هل خلقت أحدا من طين قبلي ؟ قال : لا يا آدم، قال: فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي ؟ قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار، ولا العرش ولا الكرسي ، ولا السماء ولا الأرض ، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن ، فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين.
آليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم إلا أدخلته ناري ولا أبالي.
یا آدم، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم أنجي، وبهم أهلك ، فإذا كان لك إلي حاجة فبهؤلاء توسل (1).
نحن سفينة النجاة ، من تعلق بها نجا ، ومن حاد عنها هلك ، فمن كان له إلى الله
ص: 39
حاجة فليسأل الله بنا أهل البيت (1).
نحن أهل البيت مفاتيح الرحمة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم (2) ، نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد (3) ، أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة
ص: 40
من ولد الحسين مطهرون معصومون (1).
من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليوال عليا بعدي، وليوال وليه ، وليقتد بالأئمة من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهما وعلما ، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي (2).
هبط على جبرئيل فقال لي : السلام عليك ورحمة الله وبركاته يانبي الله ، ثم إنه
ص: 41
وضع في يدي حريرة بيضاء من حرير الجنة، وفيها سطران مکتوبان بالنور، فقلت: حبيبي جبرئيل ما هذه الحريرة ؟ وما هذه الخطوط ؟
فقال جبرئیل: يا محمد، إن الله اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارك من خلقه وابتعثك برسالاته ، ثم اطلع إلى الأرض ثانية فاختار لك منها أخا ووزيرا وصاحبا وختنأ ، فزوجه ابنتك فاطمة.
فقلت : حبيبي جبرئيل ، ومن هذا الرجل ؟ فقال لي : يا محمد ، أخوك في الدين
وابن عمك في النسب ، علي بن أبي طالب.
وإن الله أوحي إلى الجنان أن تزخرفي فتزخرفت ، وإلى شجرة طوبی أن احملي الحلي والحلل فحملت شجرة طوبى الحلي والحلل، وتزخرفت الجنان ، وتزینت الحور العين ، وأمر الله الملائكة أن تجتمع في السماء الرابعة عند البيت المعمور، فهبطت الملائكة - ملائكة الصفيح الأعلى وملائكة السماء الخامسة - إلى السماء الرابعة، وزفت ملائكة السماء وملائكة السماء الثانية وملائكة السماء الثالثة إلى الرابعة.
وأمر الله عزوجل رضوان فنصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور ، وهو المنبر الذي خطب فوقه آدم يوم علمه الله الأسماء وعرضهم على الملائكة، وهو منبر من نور ...
قال جبرئیل : ثم أوحى الله إلى أن اعقد عقدة النكاح، فإني قد زوجت أمتي فاطمة ابنة حبيبي محمد من عبدي علي بن أبي طالب ، فعقدت عقدة النكاح، وأشهد على ذلك الملائكة أجمعين، وكتبت شهادة الملائكة في هذه الحريرة ، وقد أمرني ربي أن أعرضها عليك وأن أختمها بخاتم مسك أبيض ، وأن أدفعها إلى رضوان خازن الجنان.
وإن الله عزوجل لما أن أشهد على تزويج فاطمة من علي ملائكته أمر شجرة
ص: 42
طوبی أن تنثر حملها وما فيها من الحلي والحلل، فنثرت الشجرة ما فيها والتقطته الملائكة والحور العين ، وإن الحور لیتهادينه ويفخرن به إلى يوم القيامة.
یا محمد، وإن الله أمرني أن أمرك أن تزوج عليا في الأرض فاطمة، وأن تبشرهما بغلامين زكيين نجيبين طيبين طاهرین فاضلين في الدنيا والآخرة.
يا أبا الحسن، فوالله ما خرج الملك من عندي حتی دققت الباب ، ألا وإني منفذ فيك أمر ربي ... فإني خارج إلى المسجد ومزوجك على رؤوس الناس ، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك وأعين محبيك في الدنيا والآخرة (1)...
[ثم رقي صلي الله عليه واله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال] (2):
الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه ، المرغوب إليه
ص: 43
فيما عنده ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد.
ثم إن الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا، وأمرأ مفترضا، وشج بها الأرحام، وألزمها الأنام، فقال تبارك اسمه وتعالى جده « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً» (1) ، فأمر الله يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، فلكل قضاء قدر ، ولكل قدر أجل ، ولكل أجل کتاب « يَمحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثبِثُ وَعِندَهُ أمُّ الكِتَابِ» (2).
ثم إني أشهدكم أني زوجت فاطمة من علي على أربعمائة مثقال فضة ...... بارك الله لكما، وبارك الله فيكما، وأسعد جد كما ، وأخرج منكما الكثير الطيب (3)...
ص: 44
أتاني ملك فقال : يا محمد ... سيولد منهما ولدان سیدا شباب أهل الجنة . وبهم يزين أهل الجنة ، فأبشر يا محمد ، فإنك خير الأولين والآخرين (1).
[ ثم بعد مدة رأت أم الفضل رؤيا ، فقال صلي الله عليه واله ]:
خيرا رأيتيه ، تلد فاطمة غلاما (2) ، إن الله سبحانه وتعالى قد أمرني أن أسميه حسنا (3) ( بأسم ) ولد هارون ، شبر (4) ، اللهم إن هذا ابني وأنا أحبه ، فأحبه وأحب
ص: 45
من يحبه (1)، من آذاه فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله (2) ، إنه ریحانتي من الدنيا (3) ، إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين (4) ، [ف]من سره أن
ص: 46
[ ثم بعد أن ولد الحسن عليه السلام ، رأت أم الفضل رؤيا أفزعتها، فقال رسول الله صلي الله عليه واله] : فاطمة ځحبلی (1)، تلد إن شاء الله غلاما (2) ، فلما ولد الحسين ... أوحى الله إلى
ص: 48
مالك خازن النار أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد محمد في دار الدنيا. وأوحى الله تعالى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان وطيبها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا، وأوحى الله تعالى إلى الحور العين أن تزيين وتزاورن لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا. وأوحى الله تعالى إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد، والتكبير لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا.
وأوحى الله تعالى إلى جبرئيل أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبیل من الملائكة على خيول بلق مسرجة ملجمة، عليها قباب الدر والياقوت، ومعهم ملائكة يقال لهم: الروحانيون، بأيديهم حراب (1) من نور، أن يهنئوا محمدأ بمولوده ، وأخبره یا جبرئيل أني قد سميته الحسین (2).
ص: 49
فهبط جبرئیل وقال : يا محمد ، العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول : علي منك بمنزلة هارون من موسی ولانبي بعدك ، سم ابنك باسم ابن هارون ... شبیر ... سمه حسينا (1).
ص: 50
[ثم] أتاني جبريل من ربي ، فقال لي ، يا محمد، إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست أجمع (الحسين وإبراهيم) لك، فافد أحدهما بصاحبه .... [فقلت] : يا جبريل تقبض إبراهيم ، فديته بإبراهيم ... فديت من فديته بابني إبراهيم (1).
ص: 51
ألا وإن ربي أهدى إليه مدرعة، وإن لحمتها من زغب جناح جبرئيل (1).
ألا وإن الحسین باب من أبواب الجنة ، من عانده حرم الله عليه رائحة الجنة، وبالحسين تسعدون وبه تشقون (2)، [و] کل بني أم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة
ص: 52
فأنا أبوهم وعصبتهم (1) ، حسین مني وأنا من حسین ، أحب الله من أحب حسینا ، الحسين سبط من الأسباط (2) اللهم إني أحبه ،فأحبه وأحب من يحبه (3) ، [ف]من أحب أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذا (4)، هذا من أطائب
ص: 53
أرومتي ، وأبرار عترتي ، وخيار ذريتي، لا بارك الله فيمن لم يحفظه بعدي (1) ، إنه سيد ابن سيد أبو سادة ، إنه إمام ابن إمام أبو أئمة ، إنه حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبه ، تاسعهم قائمهم (2).
أيها الناس لأعرفن ما اختلفتم فيه من الخيار بعدي ، هذا الحسين بن علي خير الناس جدأ وجدة، جده محمد رسول الله سيد النبيين ، وجدته خديجة بنت خویلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله.
هذا الحسين بن علي خير الناس أبأ وخير الناس أما ؛ أبوه علي بن أبي طالب أخو رسول الله ووزيره وابن عمه وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله ، وأمه فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين .
هذا الحسين بن علي خير الناس عما وخير الناس عمة، عممه جعفر بن أبي طالب المزين بجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء ، وعمته أم هانیء بنت أبي طالب.
هذا الحسين بن علي خير الناس خالا وخير الناس خاله ؛ خاله القاسم بن
ص: 54
محمد رسول الله ، وخالته زینب بنت محمد (1)...
أيها الناس، هذا الحسين بن علي جده وجدته في الجنة ، وأبوه وأمه في الجنة وعمه وعمته في الجنة، وخاله وخالته في الجنة ، وهو وأخوه في الجنة (2).
يا أيها الناس، إن الفضل والشرف والسؤدد والمنزلة والولاية لرسول الله ولذريته ، فلا تذهبن بكم الأباطيل (3).
ص: 55
[إني] لما أسري بي إلى السماء، رأيت على باب الجنة مكتوبا بالذهب: لا إله إلا الله ، محمد حبيب الله ، علي ولي الله ، فاطمة أمه الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، على مبغضيهم لعنة الله (1) ، والذي نفس محمد بيده لا يبغضنا أهل البيت
أحد إلا أكتبه الله في النار (2).
اشتد غضب الله وغضب رسوله على من أهرق دمي وآذاني في عترتي (3)،
ص: 56
الويل لظالمي أهل بيتي، عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من عذاب جهنم، فالويل لهم من العذاب الأليم (1).
إن لله حرمات ثلاث، من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئأ : حرمة الإسلام، وحرمتي ، وحرمة رحمي (2).
[إنه] يجيء يوم القيامة ثلاثة: المصحف والمسجد والعترة، فيقول المصحف: حرقوني ومزقوني ، ويقول المسجد، خربوني وعطلوني ، وتقول العترة: قتلونا وطردونا وشردونا، فأجثو على ركبتي للخصومة ، فيقول الله عز وجل : ذلك إلى فأنا أولى بذلك (3) .
[و] قد أعطيت الكوثر ... نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب،
ص: 57
لا يشرب منه أحد فيظمأ، ولا يتوضأ منه أحد فيشعث، لا يشربه إنسان خفر ذمتي ولا قتل أهل بيتي (1) ، [ف]من سمع بواعية أهل بيتي ثم لم ينصرهم على حقهم كبه الله على وجهه في نار جهنم (2)، [و] من رأى سلطانا جائرا - مستحلا لحرم الله ، ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنة رسول الله صلی الله علیه واله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان - فلم يغير عليه بفعل ولا قول ، كان حقا على الله أن يدخله مدخله (3).
أيها الناس ، إني خلفت فيكم الثقلین ، کتاب الله ، وعترتي وأرومتي ومزاج مائي وثمرتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ، ألا وإني أنتظرهما، ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم به ؛ المودة في القربی، فانظروا لا تلقوني على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم.
ألا وإنه سترد علي في القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة : راية سوداء مظلمة،
ص: 58
فتقف فأقول : من أنتم ؟ فينسون ذكري ويقولون : أهل التوحيد من العرب ، فأقول : أنا أحمد نبي العرب والعجم، فيقولون : نحن من أمتك يا أحمد ، فأقول لهم : كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي ؟ فيقولون : أما الكتاب فضيعناه ومزقناه ، وأما عترتك فحرصنا على أن نبيدهم عن جديد الأرض، فأولي وجهي عنهم، فيصدرون ظماء عطاشی مسودة وجوههم.
ثم ترد علي راية أخرى أشد سوادا من الأولى ، فأقول لهم: من أنتم ؟ فيقولون كالقول الأول بأنهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني وقالوا: نحن أمتك ، فأقول : كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟ فيقولون : أما الأكبر فخالفناه ، وأما الأصغر فخذلناه ومزقناه کل ممزق ، فأقول لهم: إليكم عني . فيصدرون ظماء عطاشی مسودة وجوههم.
ثم ترد علي راية أخرى تلمع نورا ، فأقول لهم: من أنتم ؟ فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى ، نحن أمة محمد ، ونحن بقية أهل الحق الذين حملنا کتاب ربنا فحللنا حلاله وحرمنا حرامه، وأحبنا ذرية محمد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا (1) ، وقاتلنا معهم وقاتلنا من ناوأهم، فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيكم محمد ، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء (2) .
ص: 59
[ف]من أحب أن يبارك الله في أجله ، وأن يمتع بما خوله الله تعالى ، فليخلفني في أهلي خلافة حسنة، ومن لم يخلفني فيهم بتك عمره ، وورد علي يوم القيامة مسودا وجهه (1).
ويل لمن يظلم (فاطمة)، ويظلم أمير المؤمنين عليا ، وويل لمن يظلم ذريتها وشیعتها (2).
أما علي بن أبي طالب ، فإنه أخي وشقيقي ، وصاحب الأمر بعدي، وصاحب
ص: 60
لوائي في الدنيا والآخرة، وصاحب حوضي وشفاعتي ، وهو مولی کل مسلم، وامام كل مؤمن ، وقائد كل تقي ، وهو وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد موتي ، محبة محبي ، ومبغضه مبغضي ، وبولايته صارت أمتي مرحومة ، وبعداوته صارت المخالفة له ملعونة.
وإني بكيت حين أقبل لأني ذكرت غدر الأمة به بعدي ، حتى إنه يزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي ، ثم لا يزال الأمر به حتى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور؛ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن .
وأما ابنتي فاطمة ، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وهي بضعة مني ، وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جنبي ، وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها الملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ، ويقول الله عزوجل لملائكته: یا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترعد فرائصها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أشهدكم أني قد أمنت شیعتها من النار .
وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأني بها وقد دخل الذل بيتها ، وانتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها ، وأسقطت جنينها ، وهي تنادي : يا محمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مکروبة باكية، تتذكر انقطاع الوحي من بيتها مرة ، وتتذکر فراقي أخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة.
فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ، فيناديها بما نادی به مريم ابنة عمران ، فيقول لها : یا فاطمة ، إن الله اصطفاك وطهرک واصطفاک على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتی لربك واسجدي واركعي مع الراكعين.
ص: 61
ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض،فيبعث الله عزوجل إليها مريم ابنة عمران تمرضها وتؤنسها في علتها ، فتقول عند ذلك : یا رب إني قد سئمت الحياة ، وتبرمت بأهل الدنيا ، فألحقني بأبي ، فيلحقها الله عزوجل بي، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم على محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها، وذلل من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمین.
وأما الحسن، فإنه ابني وولدي ومني، وقرة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي ، وهو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري ، وقوله قولي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فإنه ليس مني.
وإني لما نظرت إليه تذكر ما يجري عليه من الذل بعدي ، ولا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ، ويبكيه كل شيء حتى الطير في جو السماء ، والحيتان في جوف الماء ، فمن بکاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ، ومن زاره في بقعته ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام .
وأما الحسين ، فإنه مني ، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه ، وهو إمام المسلمين ، وخليفة رب العالمين، وغياث المستغيثين، وكهف المستجیرین ، ورحمة الله على الخلق أجمعين، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وباب نجاة الأمة ، أمره أمري ، وطاعته طاعتي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني.
وإني لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدي ، كأني به وقد استجار بحرمي وقبري فلا يجار ، فأضمه في منامه إلى صدري وأمره بالهجرة عن دار هجرتي ، وأبشره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه ؛ أرض کرب وبلاء ، وقتل وفناء، تنصره عصابة من المسلمين ، أولئك سادة شهداء أمتي يوم القيامة .
ص: 62
كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخر عن فرسه صريعا، ثم يذبح - كما يذبح الكبش - مظلوما (1) ..
ألا وإن جبرئيل قد أخبرني (2) أن أمتي ستفتتن بعدي (3) ، [و] بأن أمتي تقتل
ص: 63
ولدي الحسين (1) ، تقتله الفئة الباغية - لا أنالهم الله شفاعتي (2) - حين يعلوه القتير (3) ، على رأس ستين من مهاجري (4) ، بأرض العراق (5) ، بشاطئ
ص: 64
الفرات (1) ، في أرض الطف (2) ، بأرض يقال لها: كربلاء (3) ، هي كرب وبلاء (4) ، وجاءني بهذه التربة (5) التي يقتل عليها (6) ، وأخبرني أن فيها
ص: 65
مضجعه (1)، فأراني تربة حمراء (2).
إنما جاءني جبرئیل ( والحسين ) قاعد على بطني . فقال لي : أتحبه ؟ فقلت : نعم، فقال : إن أمتك ستقتله ، ألا أريك التربة التي يقتل بها؟ فقلت بلی (3)
ص: 66
يا جبرئيل أرني تربة مصرعه (1)، أرني تربة الأرضالتي يقتل بها (2) ، فضرب بجناحه فأتي بهذه التربة (3)، فهي التي أقلب بكفي (4)، إن هذا من تربة الأرض التي يقتل بها (5)، هذه رائحة ابني الحسين (6).
ص: 67
[يا أم سلمة] وديعة عندك هذه التربة ... يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قيل (1).
[و] أنا محمد، أو تیت جوامع الحكم فواتحها وخواتمها، فأطیعوني ما دمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله عزوجل، أحلوا حلاله وحرموا
ص: 68
حرامه (1)، وعترتي أهل بيتي (2).
أتتكم الموتة ، أتتكم بالروح والراحة ، كتاب من الله سبق، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم ، كلما ذهب رسل جاء رسل ، تناسخت النبوة فصارت ملكا، رحم الله من أخذها بحقها وخرج منها كما دخلها (3)..
ص: 69
نعي إلى الحسين ، ثم أتيت بتربته ، وأخبرت بقتله وقاتله أو قتلته (1) ، وأنه اشتد غضب الله على من يقتله (2) ، اشتد غضب الله على من يسفك دمه .... والذي نفسي بيده إنه ليحزنني [ذلك] (3) ، فمن أدركه منكم فلينصره (4).
ص: 70
وكأني أنظر إلى منصرفه ومدفنه [بكربلاء] وقد أهدي رأسه ، والله ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه (1) ، والذي نفسي بيده
ص: 71
لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه إلا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم (1)، وسلط عليهم شرارهم، وألبسهم شيعا (2) ، ألا فلعنة الله على قاتله وخاذله آخر الدهر (3) ، فلئن خذلوه ولم ينصروه ليخذلنهم الله إلى يوم القيامة (4).
اللهم وقد أخبرني جبرئيل بأن ولدي هذا مقتول مخذول ، اللهم فبارك لي قتله،واجعله من سادات الشهداء ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم ولا تبارك فيقاتله
ص: 72
وخاذله .... اللهم فكن له أنت وليا وناصرا (1).
اللهم لا تبارك في قاتل ولدي ، وأصله نار جهنم ... اللهم اخذل من خذل (الحسين )، واقتل من قتله ، ولا تمتعه بما طلبه (2).
( يقتله ) رجل (3) من أمتي يبغض عترتي لا تناله شفاعتي (4) ، يقال له يزيد،
ص: 73
لا بارك الله في نفسه (1) ، مالي وليزيد، لا بارك الله في يزيد ، فإنه يقتل ولدي وولد ابنتي ، الحسين بن علي (2) ، آه لفراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف ، يقتل خلفي وخلف الخلف (3) ، كأني أنظر إلی کلب أبقع [معه] يلغ في دماء أهل بيتي (4).
ص: 74
[ولقد] أتاني يوما حبيبي جبرئيل فقال : يا محمد ، إن أمتك تقتل ابنك حسينا ، وقاتله لعين هذه الأمة (1)، إن قاتل الحسين في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل النار (2)، كأني بنفسه بين أطباق النيران يرسب تارة ويطفو أخرى ، وإن جوفه ليقول : غق غق (3)، وقد شدت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، ينکس في النار حتى يقع في قعر جهنم، وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتنها ، وهو فيها خالد
ص: 75
ذائق العذاب العظيم (1)، مع جميع من شايع على قتله (2)، «کُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَیْرَهَا لِیَذُوقُوا الْعَذَابَ» (3) الأليم، لا يفتر عنهم ساعة وسقوا من حميم جهنم، الويل لهم من عذاب الله عزوجل (4) . ما هؤلاء بأمتي، أنا بريء منهم ، والله بريء منهم (5).
[و] إن موسی بن عمران علیه السلام سأل ربه عزوجل [من قبل] فقال : يا رب إن أخي هارون مات فاغفر له، فأوحى الله إليه : يا موسی ، لو سألتني في الأولين والآخرين الأجبتك فيهم، ما خلا قاتل الحسين بن علي ، فإني أنتقم منه (6).
ص: 76
[و] إن موسی بن عمران علیه السلام سأل ربه عزوجل زيارة قبر الحسين بن علي علیه السلام ، فزاره في سبعين ألف من الملائكة (1).
[ويوم القيامة] تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدم ، فتتعلق بقائمة من قوائم العرش، و تقول : يا جبار احكم بيني وبين قاتل ولدي ، فيحكم لابنتي ورب الكعبة (2).
[فإنه] إذا كان يوم القيامة تقبل فاطمة .. وبيدها قميص الحسين
ص: 77
ملطخ بدمه (1)، على ناقة من نياق الجنة، خطامها من لؤلؤ رطب، وقوائمها من زمرد أخضر ، وذنبها من مسك أذفر، وعيناها من ياقوت أحمر، عليها قبة من النور، یری باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من باطنها، داخلها عفو الله ، وخارجها رحمة الله، وعلى رأسها تاج من النور له سبعون رکنا، کل رکن مرصع بالدر والياقوت ، يضيء كما تضيء الكواكب في أفق السماء ، وعن يمينها سبعون ألف ملك، وعن يسارها مثلهم، وجبریل آخذ بخطام الناقة وهو ينادي بأعلى صوته: غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة ، فيغضون أبصارهم حتى تجاوز عرش ربها، وتزج بنفسها عن ناقتها (2) وتخر ساجدة
ص: 78
لله عز وجل (1)، وتقول : إلهي وسيدي ومولاي ، احكم بيني وبين من ظلمني وقتل ولدي.
فإذا النداء من قبل الله تعالى : يا حبيبتي وابنة حبيبي (2) ، ارفعي رأسك (3) سليني تعطي ، واشفعي تشفعي، فوعزتي وجلالي لا يجاوزني ظلم ظالم.
فتقول : إلهي وسيدي ومولاي ، ذريتي وشيعتي وشيعة ذريتي.
فإذا النداء من قبل الله تعالى : أين ذرية فاطمة وشيعتها وشيعة ذريتها ومحبوها ومحبو ذريتها؟ فيقولون وقد أحاطت بهم ملائكة الرحمن: هانحن یا ربنا، فتقودهم فاطمة حتى تدخلهم الجنة (4).
فيقال لها : ادخلي الجنة ، فتقول : لا أدخل حتى أعلم ما صنع ولدي الحسين ، فيقال لها، انظري عن يمينك ، فتلتفت فإذا الحسين قائم وليس عليه رأس . فتصرخ صرخة عظيمة - فتصرخ النساء لصراخها والملائكة أيضا - ثم تنادي : واولداه واثمرة فؤاداه .
فعند ذلك يغضب الله ، ويأمر نارا قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودت - لا تدخلها ريح ولا تخرج منها أبدأ . فيقال لها : التقطي من حضر قتل الحسين ، فتلتقطهم، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها، وشهقت بهم وشهقوا بها ، وزفرت بهم وزفروا بها.
ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة: یا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان ؟
ص: 79
فيأتيهم الجواب عن الله عزوجل : إن من علم ليس كمن لا يعلم (1).
قاتل الحسين أنا منه بريء، لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد من المذنبين إلا وقاتل الحسين أعظم جرما منه ، قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر (2).
ولكن (الحسين ) لا يقتل حتى يكون منه إمام تكون منه الأئمة الهادية ... والأئمة بعدي هم : الهادي علي، والمهتدي الحسن، والعدل الحسين، والناصر علي بن الحسين، والسفاح محمد بن علي ، والنفاع جعفر بن محمد، والأمين موسی بن جعفر ، والمؤتمن علي بن موسى ، والإمام محمد بن علي ، والفعال علي ابن محمد ، والعلام الحسن بن علي ، ومن يصلي خلفه عیسی بن مریم (3).
[فقد] (أوحى الله تعالى إلي ) : إني قتلت بیحیی بن زکریا سبعين ألفا، واني قاتل بابن بنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا (4) ، يأتي قوم من قبل المشرق، معهم رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فيضربون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه ، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملأوها جورا ،
ص: 80
فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج (1).
[ثم خاطب النبي صلی الله علیه واله ولده الحسين عليه السلام فقال] :
یا حسین ، آخر شربة من الدنيا تشربها من دماء تشربها على ظمإ (2) ،[و] إن لك في الجنة درجة لا تنالها إلا بالشهادة (3).
یا حسین ، إن لي ولقاتلك يوم القيامة مقاما بين يدي ربي وخصومة ، وقد طابت نفسي إذ جعلني الله خصما لمن قاتلك يوم القيامة (4) ، لعن الله
ص: 81
قاتلك (1)، يا ليت شعري من يقتلك بعدي (2) !! من هذا الذي يقتل حسينا بعدي (3) ! وهل تفلح أمة تقتل فرخي وفرخ ابنتي (4) !!
حبيبي يا حسين ، كأني أراك عن قريب مرملا بدمائك ، مذبوحا بأرض كربلاء، بين عصابة من أمتي ، وانت في ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروي ، وهم في ذلك يرجون شفاعتي ،ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، وما لهم عند الله من خلاق .
حبيبي يا حسين ، إن أباك وأمك وأخاك قدموا على وهم إليك مشتاقون (5) ، إنك
ص: 82
رائح إلينا عن قريب (1) ، العجل العجل ؛ فإن لك كأسا مذخورة (2).
يا بني ، أنت شهيد آل محمد، وقد استبشر بك أهل السماوات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة.
عجل یا بني ولا تأخر ، فهذا ملك نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء (3).
ص: 83
[ف]إن حبيبي جبرئيل أتاني وأخبرني أنكم قتلى، وأن مصارعكم شتى، فأحزنني ذلك ، ودعوت الله لكم بالخيرة.
( یا حسین ، يزوركم على تشتتكم ويتعاهد قبوركم ) طائفة من أمتي يريدون بري وصلتي ، فإذا كان يوم القيامة شهدتها بالموقف وأخذت بأعضادها فأنجيتها - والله - من أهواله وشدائده (1).
ص: 84
[فلما قتل الحسين عليه السلام يوم عاشوراء أقبل النبي صلي الله عليه واله فقال] :
[يا أم سلمة] وثب الناس على ابني فقتلوه، وقد شهدته قتيلا الساعة (1) شهدت قتل الحسین آنفا (2) ، قتل الحسين وأهل بيته، والساعة فرغت من دفنهم (3).
ص: 85
[یابن عباس] ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي ؟ قتلوا ابني الحسين ، وهذا دمه ودم أصحابه أرفعها إلى الله عزوجل (1).
[یا عامر بن سعد البجلي] ائت البراء بن عازب ، فأقرئه مني السلام، وأخبره أن قتلة الحسين في النار، وأن كاد الله عزوجل أن يسحت الناس بعذاب عظيم (2).
[ولما جيء برأس الحسين عليه السلام إلى الشام أقبل النبي صلي الله عليه واله ، فقال ]:
السلام عليك يا ولدي ، قتلوك ، ومن شرب الماء منعوك ، أتراهم ما عرفوك ؟! أنا
ص: 86
جدك المصطفى ، وهذا أبوك علي المرتضی، [وهذه أمک فاطمه الزهراء]، وهذا أخوك الحسن (1).
يا حبيبي يا حسين ، عشت سعیدا وقتلت شهيدا عطشانا ، حتى ألحقك الله بنا، غفر الله لك يا بني ولا غفر لقاتلك ، والويل له غدا من النار ... یا آدم، ويا نوح ، ويا موسی ، ویا عیسی ، اشهدوا على ما ترون من فعل هؤلاء القوم بأولادي (2).
ص: 87
ص: 88
كأني بالقصور قد شيدت حول قبر الحسين ، ولا تذهب الأيام والليالي حتى يسار إليه من الآفاق ، وذلك عند انقطاع ملك بني مروان (1).
ص: 89
ص: 90
ص: 91
ص: 92
1- البداية والنهاية (تاریخ ابن كثير): لأبي الفداء إسماعيل بن کثیر الدمشقي، المتوفى سنة 774ه. الطبعة الأولى لدار إحياء التراث العربي في بيروت سنة 1988م - 1408ه، بتحقيق و تقديم على شيري.
ترجمته:
هو أبو الفداء، عماد الدين ، إسماعيل بن عمر بن کثیر بن ضوء بن کثیر بن ذرع، البصروي - نسبة إلى بصرى الشام - الدمشقي الشافعي .
ولد سنة 701ه. في «مجدل القرية» من أعمال مدينة بصرى إلى الشرق منها .
توفي والده سنة 703ه. وكان أبوه خطيبا في مجدل القرية. وكان حنفيا.
تحول مع عائلته سنة 706ه إلى دمشق، ودرس علی کمال الدین عبد الوهاب الذي كان يرعاه، ونشأ في دمشق وطلب العلم بها وسمع الشيوخ وحفظ المتون.
أخذ كثيرا عن ابن تيمية الحراني ، وفتن بحبه، وكان يتبع آراءه. وطارت فتاويه في البلاد وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير.
له مؤلفات كثيرة، أشهرها كتابا «البداية والنهاية» و«تفسير القرآن العظيم». وله أيضأ كتاب «الواضح النفيس في مناقب الإمام محمد بن إدريس»، وهو المعروف ب«مناقب الإمام الشافعي»، وله كتاب طبقات الفقهاء الشافعيين .
أضر وعمي في آخر عمره.
توفي سنة 774ه، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية .
ص: 93
2- تاريخ الأمم والملوك وأخبارهم و مولد الرسل وأنباؤهم، ويعرف ب «تاريخ الرسل والملوك»، وهو المعروف ب«تاريخ الطبري»: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة 310. طبع المطبعة الحسينية في مصر، سنة 1326ه.
ترجمته:
هو أبو جعفر، محمد بن جریر بن یزید بن خالد - أو ابن كثير - بن غالب الطبري الآملي البغدادي ، الشافعي.
ولد بأمل طبرستان سنة 224 ه، ونشأ بها.
ثم رحل منها إلى الري لطلب العلم ولم يبلغ سنه الثانية عشر ، وأخذ عن شيوخها وأكثر. ثم رحل إلى البصرة فسمع عمن بقي من شيوخها. ثم رحل إلى الكوفة فلقي علماءها وأخذ وكتب عنهم . ثم رحل إلى بغداد وفيها أخذ في مدارسة علوم القرآن، وجنح إلى دراسة فقه الشافعي ، ولم يلبث أن اتخذه مذهبا وأفتى به سنوات.
ثم رحل إلى مصر للقيا بقية أصحاب الشافعي، وفي طريقه ذهب إلى الشام وطالت أيامه في بيروت، ثم تابع رحلته إلى مصر حتى وصلها في سنة 253ه، وطال بقاؤه فيها سنوات . ثم عاد إلى بغداد واستوطن بها حتى وفاته.
وقد كان على مذهب الشافعي ، ثم صار مجتهدأ مستقلا بالفتوى، وألف كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل ، فلما سئل عن ذلك قال : لم يكن أحمد فقيها وإنما كان محدثا ، فعظم ذلك على الحنابلة ، فاتهموه بالإلحاد، ومنعوا الناس والطلاب من الدخول عليه.
له مؤلفات كثيرة، أشهرها كتابا «تاريخ الأمم والملوك» و«تفسير القرآن». وله کتاب «الولاية» في تصحيح حديث الغدير .
ص: 94
توفي سنة 310ه. ودفن في داره ليلا لأن الحنابلة أجتمعوا ومنعوا من دفنه نهارا.
3- تاريخ بغداد: لأبي بكر أحمد بن علي، الخطيب البغدادي ، الشافعي ، المتوفى سنة 463 ه. طبع دار الكتاب العربي ، بالأوفسيت عن طبعة مصر ، بتصحيح محمد حامد الفقي.
ترجمته:
هو أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، المعروف بالخطيب البغدادي ، الشافعي.
ولد في غزیة منتصف الطريق بين الكوفة ومكة سنة 392ه، وقيل : في قرية من أعمال نهر الملك بهنیقة.
كان أبوه يخطب في جامع قرية درزیجان لمدة عشرين عاما، وهي قرية كبيرة جنوب غربي بغداد.
نشأ الخطيب في هذه القرية، فأدبه وأقرأه القرآن هلال بن عبد الله الطيبي المتوفى سنة 422 ه.
سمع الحديث وعمره 11 سنة بجامع بغداد في حلقة ابن رزقويه ، وذلك سنة 403 ه. ثم انقطع عنه وأخذ يتردد على مجلس أبي حامد الاسفراييني الفقيه الشافعي في مسجده .
عاد إلى حلقة ابن رزقويه مرة أخرى في بداية سنة 406ه، وواظب على ذلك حتى سنة 411ه، كما أفاد من المحدث المشهور أبي بكر البرقاني.
درس الفقه الشافعي على يد أبي الطيب الطبري وأحمد بن محمد المحاملي .
أفاد من عدد كبير من علماء بغداد والوافدين عليها و علماء أطراف بغداد ،
ص: 95
ورحل إلى البصرة والكوفة وإلى نيسابور وهمدان و ساوه والري وأصبهان ودمشق و مكه المكرمة و غيرها من البلدان، والتقى بكثير من علمائها ومحدثيها، وكانت له عدة رحلات في ذلك.
وكان خطيبا بجامع بغداد في الأعياد والجمعات.
كان أول أمره حنبليا ، ثم صار شافعيا - وقيل بل كان شافعيا من أول أمره - فكان الحنابلة يؤذونه في بغداد ويتحاملون عليه ويتهمونه بمختلف التهم، لكنه كان ممتنعا بالوزير ابن مسلمة، فلما حدثت حركة البساسیري وتل ابن مسلمة خرج الخطيب إلى دمشق وذلك في سنة 451ه، و مکث بدمشق طويلا وكان يعقد مجالسه في الجامع الأموي . وكان يحدث بكتاب فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل، وكتاب فضائل العباس لأبي الحسن بن رزقويه.
خرج إلى صور سنة 459 ه، ومكث فيها إلى سنة 462 ه، حيث عاد إلى بغداد في ذي الحجة من سنة 462ه..
كان الخطيب على مذهب الأشعري في الأصول ، وهو مذهب التعطيل و عدم التأويل في الصفات، وهو مذهب أحمد بن حنبل وأهل الحديث. وكان في الفروع حنبليا ثم صار شافعيا.
له مؤلفات كثيرة تربو على الثمانين، أشهرها على الإطلاق كتابه «تاریخ بغداد».
توفي في سنة 463 ه، ودفن في مقبرة باب حرب في جوار بشر الحافي في بغداد.
4 - تاريخ مدينة دمشق: لأبي القاسم، علي بن الحسن بن هبة الله ، المعروف بابن عساكر ، المتوفى سنة 571 ه. طبع دار الفكر في بيروت، سنة 1415ه
ص: 96
- 1995م، بتحقيق علي شيري .
ترجمته:
هو أبو القاسم، علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين ، الشافعي، المعروف بابن عساکر .
ولد في دمشق سنة 499ه.
شب ونما فيها ، وحضر حلقات المسجد الأموي والمدرسة الغزالية .
بعد وفاة أبيه سنة 520 ه، عقد العزم على الرحلة في طلب العلم ، فاتجه نحو العراق، وعاد بعد سنة - 521 ه - إلى دمشق قاصدا الحج، وسمع بمكة ومنی والمدينة ولقي العلماء، وحدث بمكة.
ثم عاد من مكة إلى العراق ثانية، وأقام فيها خمس سنوات في بغداد وسائر مدن العراق کالموصل والرحبة والجزيرة وماردین والكوفة ، ثم عاد من بغداد إلى دمشق بعد أن لقي أغلب الشيوخ، وذلك في سنة 526 ه.
ثم رحل إلى بلاد العجم في سنة 529ه، وسمع شيوخ نيسابور وأصبهان ومرو و تبریز و دامغان والري وزنجان وبیهق ونوقان و سمنان وخوي ومدن وقصبات كثيرة أخرى ، ثم رجع إلى بغداد ومنها إلى دمشق سنة 533 ه.
وبدأ في دمشق بالتصدر والإقراء والتصنيف والتأليف والرواية والتسميع ، فطار صيته وانتشر أمره، ورحل إليه الطلبة من الآفاق ، وانتهت إليه رئاسة الحفظ والإتقان، وأصبح إمام الحديث في عصره، وأكبر أعيان الشافعية في دمشق .
ولما دخل نور الدين زنكي دمشق سنة 549 ه، سمع به، فبنى له المدرسة النورية، وكان يحضر حلقات تدريسه، كما كان صلاح الدين الأيوبي يحضرمجلسه و دروسه . ولقب ابن عساكر بألقاب كثيرة منها «ثقة الدولة» «ناصر السنة» «جمال السنة».
ص: 97
له أكثر من مائة مؤلف، أشهرها «تاريخ مدينة دمشق» الذي أتمه با 75 مجلدا في سنة 549 ه، ثم أخذ يزيد فيه ويضيف ما يستجد عنده ، حتى بلغ 80 مجلدا في سنة 559 ه.
توفي سنة 571 ه، وصلى عليه القطب النيسابوري، وحضره صلاخ الدين الأيوبي،ودفن عند أبيه بمقبرة باب الصغير .
5- تذكرة خواص الأمة: لأبي المظفر يوسف بن قزعلي بن عبد الله ، المعروف ب «سبط ابن الجوزي»، المتوفى سنة 654 ه . طبع مكتبة نينوى في طهران، بتقديم السيد محمد صادق بحر العلوم
ترجمته:
هو شمس الدين ، أبو المظفر ، يوسف بن قزغلي بن عبد الله ، التركي العوني الهبيري البغدادي، الحنبلي ثم الحنفي ، المعروف ب«سبط ابن الجوزي» ولد في بغداد سنة 581 أو 582 ه.
اهتم به وتكفل بتعليمه وإقرائه القرآن وإسماعه الحديث جده الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي، ودرسه الفقه. وكان يتردد على شيوخ بغداد ويسمع منهم الحديث ، ولم ينقطع عن مجالس جده و دروسه .
عقد أول مجلس للوعظ عند قبر الإمام أحمد بن حنبل وهو في السادسة عشر من عمره، وظل يزاول الخطابة والوعظ.
رحل في سنة 600 ه إلى الشام، فاجتاز بدقوقا وإربل والموصل وحران وكان في ذلك يلتقي المشايخ والواعظين ويعقد هو مجالس الوعظ والخطابة ، ثم استقر في دمشق إلى سنة 603 ه.
ثم وصل إلى حلب وبقي فيها إلى موعد الحج من سنة 604 ه، فتوجه إلى
ص: 98
بغداد ومنها إلى مكة. ثم عاد من مكة إلى حلب فبقي فيها تمام سنة 605ه، ثم تحول إلى دمشق ، فصلى فيها الجمعة بجامع الجبل سنة 606 ه.
وفي سنة 607 ه، خطب فحرض الناس على جهاد الإفرنج، فخرج هو وجموع المجاهدين لقتالهم ، ففرح بذلك الملك المعظم عیسی ، وانتصر المسلمون .
ثم كان السبط في القاهرة سنة 609 ه وفي دمياط أيضا في نفس السنة.
ثم عاد إلى دمشق سنة 610 ه، ثم كان سنة 611 ه في الكرك، ثم في خلاط سنة 612 ه، ثم ذهب في سنة 613 ه إلى الحج من طريق بغداد. وبقي يتنقل في الوعظ والجهاد ومحاربة الإفرنج.
حج مرة أخرى سنة 619 ه، وتزوج سنة 620 ه، وفي سنة 623 ه فوض إليه الملك المعظم التدريس بمدرسة شبل الدولة بقاسيون.
وفي سنة 624 ه، توفي الملك المعظم عيسى، وهو الذي أثر على سبط ابن الجوزي فجعله ينتقل من المذهب الحنبلي إلى الحنفي.
ثم ذهب في سنة 626 ه إلى الكرك، وبقي بها إلى سنة 633 ه. ثم عاد إلى دمشق وبقي بها إلى سنة 635 ه. ثم كان في القدس سنة 638 ه.
ثم عاد إلى دمشق، ثم أخرج منها بوشاية إلى حماة. ثم ذهب إلى مصر سنة 639 ه، وبقي فيها إلى سنة 643 ه. .
ثم غادر مصر إلى قاسيون، فمرض هناك وطال مرضه ، ثم غادرها إلى بغداد سنة 644 ه..
وفي صفر من سنة 645 ه غادر بغداد إلى حلب، وفي ربيع الآخر من هذه السنة توفي ابنه إبراهيم ، فنقله إلى قاسیون ودفنه بالتربة عند أمه وأخيه.
ثم عاد إلى مصر وبقي فيها إلى سنة 653 ه.
اشتغل طيلة عمره بالحديث والوعظ والتأليف والجهاد والحج، فكان له أكثر
ص: 99
من ثلاثين مؤلفا ومصنفا ، أشهرها «مرآة الزمان في وفيات الفضلاء والأعيان» و «تذكرة خواص الأمة».
توفي في ليلة الثلاثاء 21/ ذي الحجة / سنة 654 ه بمنزله بالجبل، ودفن بالتربة التي دفنت فيها زوجته وابناه.
6- ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربی: لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري الشافعي، المتوفى سنة 694 ه. طبع مكتبة القدسي بمصر ، سنة 1356 ه.
ترجمته:
هو أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطبري المكي الشافعي ، شيخ الحرم المكي.
ولد سنة 615ه بمكة المكرمة.
نشأ فيها وأخذ عن شيوخها وسمع الكثير . فسمع من أبي الحسن بن المقير وابن الجميزي، وشعيب الزعفراني ، وعبد الرحمن بن أبي حرمي ، وجماعة. وروی عنه الدمياطي من نظمه ، وأبو الحسن بن العطار ، وأبو محمد بن البرزالي، وولده قاضي مكة جمال الدين محمد ، وحفيده الإمام مجد الدین قاضي مكة.
تفقه و درس وأفتي وصنف في فنون كثيرة، فكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز ، ولقب ب«شيخ الحرم» و «حافظ الحجاز» بلا منازع.
له أكثر من عشرين مؤلفا ومصنفا ، أهمها «شرح كتاب التنبيه» في فروع الشافعية - للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه الشيرازي الشافعي المتوفى سنة 476ه - وهو شرح مبسوط في عشرة أسفار كبار. وأشهر كتبه کتاب «ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربی» وكتاب «الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة».
توفي سنة 694 ه بمكة المكرمة ودفن بها.
ص: 100
7- الذرية الطاهرة: لأبي بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي، المتوفی سنة 310. طبع مؤسسة الأعلمي في بيروت، الطبعة الثانية سنة 1408ه- 1988م، بتحقيق السيد محمد جواد الحسيني الجلالي.
ترجمته:
هو أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد بن سعد الرازي أصلا، الدولابي نسبة ، الأنصاري ولاء، الحنفي مذهبا.
أصله من الري.
وعرف بالدولابي نسبة إلى منطقة دولاب شرقي بغداد، أو إلى قرية من قرى الري اسمها دولاب. وكان أبوه من أهل العلم وكان مسكنه بدولاب من أرض بغداد.
ولد بالدولاب سنة 224ه، ورحل إلى الشام ومصر نحو سنة 260ه، وكان یورق على شيوخ مصر. وقد حدث بمصر عن شيوخ بغداد والبصرة والشام، وکان له مشايخ كثيرون ، وكان من أهل صنعه الحديث ، وكان حسن التصنيف، عالما بالحديث والأخبار والتواریخ، وله تصانیف مفيدة في التاريخ ومواليد العلماء و وفياتهم، واعتمد عليه أرباب هذا الفن في النقل . وقال ابن كثير : أحد الأئمة من حفاظ الحديث ، وله تصانیف حسنة في التاريخ وغير ذلك، وروي عن جماعة كثيرة.
أكثر الرواية، وجالس العلماء ، وتفقه لأبي حنيفة ، وجرد له فأكثر .
ورغم تصريح المترجمين بكثرة تأليفه و تصانیفه، إلا أننا لم نقف من كتبه إلا على كتاب «الذرية الطاهرة» وكتاب «الأسماء والكني»
خرج في سنة 310 أو 320ه إلى الحج، فلما بلغ العرج بين المدينة والحرة توفي.
ص: 101
8- الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة: لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري الشافعي، المتوفى سنة 964ه. طبع مصر سنة 1372ه، بتحقيق الشيخ مصطفى أبي العلاء.
وقد تقدمت ترجمته برقم (6).
9- سنن ابن ماجة: للحافظ أبي عبد الله محمد بن یزید، ابن ماجة القزويني ،المتوفى سنة 273 أو 275ه. طبع و نشر دار الفكر في بيروت، بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
ترجمته:
هو أبو عبد الله محمد بن يزيد، الربعي ولاء، ابن ماجة القزويني، وماجة لقب لوالده یزید.
ولد سنة 209ه بقزوین.
رحل إلى أمهات البلاد الإسلامية ، ارتحل إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والري و غيرها من البلاد، فكتب الحديث . وكان إماما في الحديث ، عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به ، وهو ثقة كبير عند العامة، متفق عليه محتج به .وله مؤلفات ومصنفات في السنن والتفسير والتاريخ، وحسبه کتابه «السنن» الذي يعد سادس الصحاح الستة، ولما رأى أبو زرعة كتابه هذا قال : أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها.
له من المؤلفات: کتاب «السنن»، و«تفسير القرآن»، و تاریخ کامل من لدن الصحابة إلى عصره.
توفي سنة 273 أو 275ه، بقزوین، وصلى عليه أخوه أبو بكر، وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد الله وابنه عبد الله بن محمد بن یزید .
ص: 102
10 - سنن الترمذي: للحافظ أبي عیسی محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ، المتوفى سنة 279ه. طبع دار الفكر في بيروت، الطبعة الثانية سنة 1403ه- 1983م، بتحقيق عبد الرحمان محمد عثمان.
ترجمته:
هو أبو عيسى محمد بن عیسی بن سورة بن موسی بن الضحاك ، السلمي البوغي الترمذي ، الحافظ الأعمى.
و ترمذ - بالتاء المثلثة وكسر الميم أو ضمها - : مدينة قديمة على طريق جیحون نهر بلخ. وبوغ: من قرى ترمذ على ستة فراسخ منها ، فهو إما من هذه القرية أو سكن هذه القرية إلى حين وفاته.
ولد في سنة 200ه.
قيل أنه ولد أعمى، وقيل : بل عمي في كبره بعد رحلته وكتابته العلم.
وهو أحد الحفاظ المبرزين ، طاف البلاد وسمع خلقا كثيرا من الخراسانيين والعراقيين والحجازيين وغيرهم، ولم يرحل إلى مصر والشام، ودخل بخاری وحدث بها.
وكان من تلامذة البخاري، واشتركوا في بعض المشايخ، وسمع منه البخاري .
وهو أحد الأعلام الحفاظ ، وقد جمع وصنف وحفظ وذاكر ، وهو عند العامة ثقة مجمع عليه.
له عدة مؤلفات أهمها جامعه الصحيح هذا المسمی ب «سنن الترمذي»، والذي فرغ من تأليفه سنة 270ه، وله كتاب «شمائل النبي» وكتاب «العلل في الحديث» وغيرها.
قال الترمذي عن كتابه السنن : صنفت کتابي هذا فعرضته على علماء الحجاز
ص: 103
فرضوا به، وعرضته على علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به، ومن كان في بيته هذا فكأنما في بيته نبي يتكلم.
وقال الترمذي : قال لي البخاري : ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي.
وكتابه السنن هو ثالث الصحاح الستة .
توفي سنة 279ه في بوغ، ودفن بها.
11 - السنن الكبرى: لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ، المتوقی سنة 458ه. طبع دار المعرفة في بيروت، أعد فهارسه الدكتور يوسف عبد الرحمان المرعشلي.
ترجمته:
هو أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى الخسروجردي البيهقي ، الشافعي.
ولد بناحية خسروجرد - من توابع بيهق - وهي قريبة من نیسابور، وذلك في سنة 384 ه، وبها حفظ القرآن وبعض أصول اللغة وفنونها .
ثم رحل لطلب العلم فطاف إيران والعراق والحجاز والجبال، فتعلم ولقي الشيوخ وسمع منهم، وهم أكثر من مائة شيخ، ولم يقع للنسائي ولا للترمذي ولا لابن ماجة ما وقع له. وتأليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد.
قال إمام الحرمين الجويني : ما من شافعي إلا وللشافعي فضل عليه، غير البيهقي فإن له المنة والفضل على الشافعي لكثرة تصانيفه في نصرة مذهبه وبسط موجزه و تأیید آرائه.
وقال الذهبي: لو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهبا يجتهد فيه لكان قادرا على ذلك لسعة علومه ومعرفته بالاختلاف.
ص: 104
له مؤلفات كثيرة في شتى العلوم الإسلامية ، أشهرها هو کتاب «السنن الكبرى» و «دلائل النبوة» و«شعب الإيمان» .
طلب محدثوا نیسابور منه الانتقال إليهم في سنة 441ه لسماع كتبه ، فأجابهم إلى ذلك ، وعقدوا له المجلس، وحدث بكتبه ، وحضر أئمة الحديث ، وأخذ عنه الحديث جماعة من الأعيان، وبقي في نيسابور إلى أن وافاه الأجل في سنة 485 ه، فنقل جثمانه إلى بيهق حيث دفن فيها .
12 - الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة: لأحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، الشافعي، المتوفى سنة 974ه. طبع مكتبة القاهرة سنة 1385ه، بتخریج و تعلیق عبد الوهاب عبد اللطيف .
ترجمته:
هو أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن محمد بن علي بن حجر، الهيتمي، المكي، الشافعي.
ولد سنة 899 ه في محلة أبي الهيتم من إقليم الغربية بمصر.
مات أبوه وهو صغير ، فكفله شمس الدين بن أبي الحمائل وشمس الدین الشناوي. ثم نقله الشناوي من محلة أبي الهيتم إلى مقام سيدي أحمد البدوي بطنطا، فقرأ هناك مبادئ العلوم وحفظ القرآن.
ثم نقله في سنة 924ه إلى الجامع الأزهر في القاهرة، فأخذ من العلماء وسمع من المشايخ، ودرس الفقه والأصول والحديث والتفسير والكلام والتصوف والفرائض، وكان قوي الحافظة.
أذن له شيوخه بالإفتاء والتدريس وعمره دون العشرين.
ذهب إلى مكة حاجا في سنة 933 ه وجاور بها، ثم عاد إلى مصر، ثم حج
ص: 105
ثانية بعياله سنة 937ه.
ثم انتقل إلى مكة للإقامة بها سنة 940، وكان فيها إماما الحرمين يدرس ويفتي ويؤلف، فكانت مؤلفاته كثيرة في مصر ومكة، تدور على كتب الفقه منها فتاوى الشافعية في الحجاز واليمن ومصر وغيرها.
له مؤلفات عديدة أكثر من عشرين مؤلفا، منها كتاب «الصواعق» هذا وكتاب «تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوه بثلب معاوية بن أبي سفيان»، وكتاب «تحفة المحتاج لشرح المنهاج» للنووي في فروع الفقه الشافعي، وكتاب «الخيرات الجسان في مناقب أبي حنيفة النعمان».
توفي بمكة سنة 973ه أو 974ه، ودفن بالمعلاة في تربة الطبرین .
13 - الطبقات الكبرى
«ترجمة الحسين عليه السلام ومقتله من الطبقات الكبرى»: لأبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصري، المتوفى سنة 230ه. طبع مؤسسة آل البيت في قم، الطبعة الأولى سنة 1415ه، بتحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي.
ترجمته:
هو أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصري ، نزيل بغداد ، مولى بني هاشم . ولد بالبصرة سنة 168ه.
ارتحل إلى بغداد وأقام فيها ملازما لأستاذه الواقدي يكتب له حتى عرف باسم «كاتب الواقدي».
كانت له رحلة إلى المدينة والكوفة، ورحلته إلى المدينة كانت قبل سنة 200ه، حيث لقي بعض الشيوخ فيها سنة 189ه. وسمع بالشام من كثير من الشاميين.
ص: 106
لقي الكبار من الشيوخ وكتب الحديث عنهم، وجمع الكتب ، ولذلك وصف بأنه كان كثير العلم كثير الحديث والرواية كثير الكتب، كتب الحديث والفقه وغيرهما من کتب الغريب.
أشهر مؤلفاته على الإطلاق هو کتاب «الطبقات الكبرى» المعروف ب «طبقات ابن سعد»، وله كتاب «الطبقات الصغير» مستخرج من الطبقات الکبری، وله كتاب «أخبار النبي يقول صلي الله عليه واله »
توفي يوم الأحد لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة 230ه في بغداد ،ودفن في مقبرة باب الشام. وقيل توفي سنة 236ه.
14 - فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم: لشيخ الإسلام إبراهيم بن محمد بن المؤيد الجويني الخراساني، المتوفى سنة 722ه. الطبعة الأولى لمؤسسة المحمودي في بيروت سنة 1398 - 1978م، بتحقيق محمد باقر المحمودي.
ترجمته:
هو شيخ الإسلام صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن سعد الدین محمد بن المؤيد بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمويه، الحمويني الجويني - نسبة إلى جوین ناحية بين خراسان و قهستان - الخراساني الشافعي .
ولد في آمل طبرستان في 26/ شعبان / 644ه.
سمع الحديث سنة 664 ه.
تزوج ببنت علاء الدین صاحب الديوان سنة 671 ه.
كان من بيت علم وفضل، ورحل لطلب الحديث إلى العراق والشام والحجاز وإيران والقدس، وسمع بالحلة و تبریز و آمل طبرستان والشوبك والقدس وكربلاء
ص: 107
ومشهد أمير المؤمنين في النجف و بغداد و قزوین، وله رحلة واسعة، وسمع علماء الفريقين. وكان شیخ خراسان في وقته، وكان دينا وقورا، وعلى يده أسلم غازان خان بن أرغون بن ابغا بن هولاكو في شعبان سنة 694 ه.
قدم دمشق وأسمع الحديث بها في سنة 695 ه، وسمع منه الذهبي فيها . وحج في سنة 721ه.
له عدة مجاميع ومؤلفات، وله إجازات من نجم الدین عبد الغفار صاحب «الحاوي»، وله تاريخ في عدة مجلدات باللغة العجمية، وله «الأربعين التساعيات» في جزئين، لكن أهم مؤلفاته على الإطلاق هو « فرائد السمطين » الذي فرغ من تأليفه سنة 716ه.
كان مشهورا بالولاية هو وأبوه، سكن بقرية من قرى نیسابور ، و توفي بها في الخامس من محرم سنة 722ه.
15 - فضائل الصحابة: لأحمد بن حنبل الشيباني ، المتوفى سنة 241ه. طبع مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الأولى سنة 1403-1983م، بتحقيق وصي الله بن محمد عباس.
ترجمته:
هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد، الشيباني المروزي.
ولد في ربيع الأول من سنة 164ه، قيل : في مرو ، وقيل : إن أمه أتت به حاملا من مرو فوضعته في بغداد.
نشأ يتيما في بغداد ، وتعلم اللغة والكتابة ، وقرأ القرآن ، واختلف إلى الكتاب وهو ابن 12 سنة.
ص: 108
اتجه إلى طلب العلم وهو ابن 15 سنة، وكان أول تلقيه العلم على القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ، وهشيم بن بشير السلمي أبي معاوية الواسطي المتوفی 183 ه.
ابتدأ رحلته سنة 186 ه، فرحل إلى الحجاز والكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والثغور والمغرب والجزائر وفارس و خراسان والجبال والأطراف .
أخذ عن محمد بن إدريس الشافعي واتصل به اتصالا وثيقا، ولازمه مدة إقامته في بغداد من سنة 195 ه إلى 197ه.
بعد محنة خلق القرآن اشتهر اسم أحمد بن حنبل، وخصوصا في عهد المتوكل العباسي الذي رفع شأنه، فكثر أتباعه ، وصار إمام مذهب الحنابلة .
له کتاب «المسند» و «فضائل الصحابة».
توفي سنة 241ه، ببغداد، ودفن بمقبرة باب حرب.
16 - كفاية الطالب في مناقب على بن أبي طالب: لأبي عبد الله محمد بن يوسف ابن محمد القرشي الكنجي الشافعي، المقتول سنة 658 ه. الطبعة الثالثة لدار إحياء تراث أهل البيت في طهران ، سنة 1404ه، بتحقيق محمد هادي الأميني.
ترجمته:
هو الحافظ فخر الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي النوفلي الشافعي الكنجي ، نزيل دمشق.
والكنجي نسبة إلى «کنجه» و تعريبها «جنزة» وهي بلدة كبيرة باذربيجان الشمالية .
عني بالحديث وسمع ورحل وحصل، وكان إماما محدثا ، وكان ثقة عدلا دينا حافظا للقرآن والسنة ، فاضلا أديب ، له شعر حسن. وقد جمع إلى جانب الحفظ
ص: 109
والرواية وصدق الحديث الفهم والفقه .
رحل إلى البلدان الإسلامية وسمع المشايخ والمحدثين، فقد سمع في سنة 633 - 636 بدمشق، وفي سنة 637ه بمكة درس التفسير، وسمع في سنة 640 ه بحلب وحماة وبغداد، وسمع في سنة 641 ه ببغداد، وفي سنة 642 ه و643 ه بدمشق والموصل، وفي سنة 647 ه في الموصل، وفي سنة 648 ه بغوطة دمشق وفي المسجد الأقصى ببیت المقدس، وفي بغداد، ومنی . وسمع أيضا من مشايخ كثيرين في أماكن أخرى.
وكان قد تفقه على مذهب الشافعي على يد أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمان ابن عثمان المعروف بابن الصلاح، وذلك في سنة 631 ه.
وبينما كان يوم الخميس لست ليال بقين من جمادى الآخرة سنة 647 ه بالمشهد الشريف بالحصباء من مدينة الموصل، ودار الحديث بين المشايخ، أنكر بعضهم حديث زيد بن أرقم في غدیر خم، وفي حديث عمار قوله صلي الله عليه واله لعلي : «طوبی لمن أحبك وصدق فيك»، فدعته الحمية إلى تأليف كتاب في مناقب أمير المؤمنین وأهل البيت عليهم السلام ، وهو كتاب «كفاية الطالب»، وله كتاب آخر هو «البيان في أخبار صاحب الزمان».
ولميله إلى أهل البيت اتهمه العامة بالميل إلى الشيعة ، فألبوا عليه وقتلوه بعد صلاة الصبح في جامع دمشق سنة 658 ه.
17 - کنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: لعلاء الدين علي بن حسام الدين المتقي الهندي، المتوفى سنة 975ه. طبع مؤسسة الرسالة في بيروت سنة1409- 1989م، بتحقيق الشيخ بكري حياتي والشيخ صفوة السقا.
ص: 110
ترجمته:
هو علاء الدين علي بن حسام الدين بن عبد الملك بن قاضي خان، الشاذلي الجشتي الجونفوري الهندي ، الشهير بالمتقي الهندي. الحنفي المذهب .
أصله من مدينة جونفور.
ولد في مدينة برهانبور من بلاد الدكن بالهند سنة 885ه.
نشأ ودرس بها، وطوف في بلدان الهند للأخذ من علمائها . ثم ذهب إلى الحرمين الشريفين وأخذ من شيوخهما، فسكن المدينة، ثم أقام بمكة مدة طويلة.
وفد إلى الهند مرتين: الأولى على عهد ناصر خان محمد شاه الثاني، الذي جلس على العرش سنة 932ه، وكان السلطان من مریدیه . والثانية في أيام محمود شاه الثالث الذي جلس على العرش سنة 944ه. ووكل إليه الشاه بعض أمور إدارة الدولة،فاستعان ببعض طلابه فخانوه، فنوى المتقي الذهاب إلى مكة، وعلم به السلطان وأرسل إليه بالبقاء فلم يجبه.
كان محدثا فقيها واعظا، وكان من العلماء العاملين، وذكروا عنه أخبارا حميدة ، وله محاسن و مناقب جمة أفردها العلامة عبد القادر بن أحمد الفاكهي المكي في تأليف لطيف سماه «القول النقي في مناقب المتقي» ذكر فيه سيره وریاضاته. وللمتقي نفسه رسالة أملاها عن حياته.
له أكثر من مائة مؤلف، أشهرها على الإطلاق «کنز العمال»، الذي فرغ من تأليفه سنة 957ه، وله كتاب «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان».
توفي سنة 975ه في مكة المكرمة.
18 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، المصري، الشافعي، المتوفى سنة 807ه. طبع دار الكتب العلمية في بیروت، سنة 1408ه - 1988م.
ص: 111
ترجمته:
هو نور الدين ، أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر بن صالح، الهيثمي القاهري المصري الشافعي، المعروف بالهيثمي .
كان والده صاحب حانوت بصحراء مصر.
ولد له على هذا في رجب سنة 735ه.
نشأ فقرأ القرآن، ثم صحب الزين العراقي وهو بالغ ولازمه أشد الملازمة، ولم يفارقه سفرا وحضرا بحيث حج معه جميع حجاته ورحل معه سائر رحلاته ووافقه في جميع مسموعاته ، بمصر والقاهرة والحرمین و بیت المقدس ودمشق وبعلبك وحلب وحماة وطرابلس وغيرها. وكان مکثرا سماعا وشيوخا ، مقبلا على العلم والعبادة والمحبة للحديث وأهله.
كان الزين العراقي لا يعتمد إلا عليه في أموره، وزوجه ابنته خديجة .
حدث هو والزين العراقي معا، لكنهم بعد وفاة الزين أكثروا عنه، ومع ذلك لم يتكبر الهيثمي ولم يتصدر للرئاسة.
كان كثير الحفظ للمتون والآثار، وكان عند العامة إماما عالما حافظا زاهدا متواضعا، متوددا إلى الناس ، ذا عبادة وتقشف وورع، وكان من نوادر مصر .
له أكثر من عشرة مؤلفات ، أشهرها على الإطلاق «مجمع الزوائد»، الذي جمع فيه زوائد الكتب الستة : مسند أحمد والبزار وأبي يعلى الموصلي ومعاجم الطبراني الثلاثة بحذف الأسانيد ، مع الكلام على كل حديث بالصحة والضعف.
مات في 19 شهر رمضان سنة 807ه بالقاهرة، ودفن خارج باب البرقية .
19 - مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابیح: لملا علي القاري، المتوفى سنة 1014 ه. طبع المطبعة الميمنية بمصر سنة 1309ه.
ص: 112
ترجمته:
هو نور الدين الملا علي بن سلطان محمد الهروي، المعروف بالقاري الحنفي.
ولد بهراة.
رحل الى مكة وأخذ بها عن الأستاذ أبي الحسن البكري، ومشايخ كثيرين ، فصار من مشاهير عصره في الحديث والتفسير والكلام، وإليه تنتهي أكثر إجازات علماء العامة.
كان أحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقیق و تنقیح العبارات، وشهرته کافية عن الإطراء في وصفه.
قيل : كان يكتب في كل عام مصحفا وعليه طرر في القراءات والتفسير فيبيعه فيكفيه قوته من العالم إلى العالم.
صنف کتبا كثيرة تنيف على العشرين، من أشهرها کتاب «مرقاة المفاتيح» و «شرح الفقه الأكبر» لأبي حنيفة .
اشتهر ذكره، وطار صيته، ولما بلغ خبر وفاته في سنة 1014ه علماء مصر صلوا عليه بجامع الأزهر صلاة الغيبة في مجمع حافل يجمع أربعة آلاف نسمة وأكثر.
20 - المستدرك على الصحيحين : للحاكم النيسابوري ، أبي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري الشافعي، المعروف بابن البيع، المتوفى سنة 405ه. طبع دار المعرفة في بيروت سنة 1406ه، بتحقيق الدكتور يوسف المرعشلي.
ترجمته:
هو الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم بن
ص: 113
الحكيم، الضبي النيسابوري، الشافعي، المعروف بابن البيع ، وبالحاكم النيسابوري .
ولد في يوم الإثنين 3 ربيع الأول سنة 321ه بنیسابور.
طلب العلم باعتناء أبيه في الصغر، وكان أول سماعه سنة 330ه واستملی على أبي حاتم بن حبان في سنة 334ه وهو ابن 13 سنة.
رحل إلى العراق سنة 341ه، وحج، وجال في بلاد خراسان و ماوراء النهر ، وسمع من نحو ألفي شيخ.
كان شافعي المذهب ، وتفقه على أبي علي بن أبي هريرة ، وأبي الوليد حسان ابن محمد ، وأبي سهل الصعلوك.
ولي قضاء نيسابور سنة 359ه، ثم قلد قضاء جرجان فامتنع .
وهو إمام أهل الحديث في عصره، وكان من أهل العلم والحفظ والحديث ، سمع الكثير وطاف الآفاق وصنف الكتب الكبار والصغار ، وكان من أهل الدين والأمانة والصيانة والتجرد والورع.
اتهم بالتشيع، و آذاه أصحاب أبي عبد الله بن کرام ، وكسروا منبره ومنعوه من الخروج من داره إلى المسجد ، وأرادوا منه أن يحدث بشيء من مناقب معاوية فامتنع.
له أكثر من عشرين مؤلفا ومصنفا، أشهرها «المستدرك» و «معرفة علوم الحديث» و «تاريخ نيسابور»، وله كتاب «فضائل الصحابة» و «مقتل الحسين عليه السلام » و «مناقب الشافعي».
توفي بنيسابور 3 صفر سنة 405ه - وقيل 403ه -، وصلى عليه القاضي أبوبكر الحيري.
ص: 114
21 - مسند أحمد بن حنبل: لأحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، المتوفی سنة 241ه. طبع دار صادر في بيروت، بالأوفسيت عن طبعة المطبعة الميمنية في مصر سنة 1313ه.
وقد تقدمت ترجمته برقم (15).
22 - المصنف: لعبد الرزاق بن همام الصنعاني ، المتوفى سنة 211ه. نشر المجلس العلمي الذي أسس في سملك سورت في الهند. طبع بالأوفسيت في بیروت سنة 1970م، بتحقیق حبیب الرحمان الأعظمي.
ترجمته:
هو أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري ولاء، الصنعاني.
كان أبوه همام من خيار أهل اليمن وعبادهم. وكان عمه وهب بن نافع منرأهل العلم.
ولد سنة 126ه.
كان له 18 سنة حين قدم ابن جريج اليمن.
طلب العلم وهوابن عشرين سنة.
ارتحل إلى الحجاز والشام والعراق، وسافر في تجارة ، ولقي الكبار ، فروی عن معمر ، ومالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر، والأوزاعي ، والثوري، وخلق كثير . وروى عنه أحمد بن حنبل ، و یحیی بن معين ، وإسحاق بن إبراهيم، وعلي بن المديني، وغيرهم . روی له أصحاب الصحاح الستة .
الزم معمرا سبع أو ثمان سنوات، وكان يحفظ حديثه.
قال أحمد بن صالح : قلت لأحمد بن حنبل : رأيت أحسن حديثا من عبد الرزاق ؟ قال : لا.
ص: 115
وهو عالم اليمن، الحافظ الكبير ، صاحب التصانيف ، و ثقه الأئمة كلهم، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع وهو أعظم ما ذموه به.
قال مخلد الشعيري: كنت عند عبد الرزاق فذكر رجل عنده معاوية ، فقال عبد الرزاق : لا تقذر مجلسنا بذكر ولد أبي سفيان .
ضعف بصره في آخر عمره.
له من المؤلفات «المصنف» و «تفسير القرآن».
توفي سنة 211ه باليمن.
23 - المصنف: لابن أبي شيبة ، أبي بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، المتوفى سنة 235ه. طبع دار الفكر في بيروت، الطبعة الأولى سنة 1409ه، بتحقيق سعيد محمد اللحام.
ترجمته:
هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خواستي، العبسي ولاء، الكوفي.
ولد سنة 159ه بالكوفة.
سمع منذ صغره من المشايخ الكبار الأعلام، فسمع من شريك بن عبد الله قاضي الكوفة وهو ابن 14 سنة ، وسمع من أبي الأحوص، وعبد الملك بن المبارك، وسفيان بن عيينة ، وجرير بن عبد الحميد، وطبقتهم.
وأخذ عنه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، وروى النسائي عن أصحابه ، وأخذ عنه البغوي ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وبقي بن مخلد، وجعفر الفريابي ، وطبقتهم.
كان من أقران أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني في
ص: 116
السن والمولد والحفظ . وسمع من خلق كثير في العراق والحجاز و غير ذلك، وكان بحرا من بحور العلم ، وبه يضرب المثل في قوة الحفظ.
كان جده أبو شيبة قاضي واسط ، ولي القضاء للمنصور 23 سنة، وكان أبوه محمد أيضا من أهل العلم وكان على قضاء فارس ومات بها. ولعبد الله هذا أيضأ أخوان محدثان هما عثمان والقاسم، ولكل من عبد الله وعثمان ولد محدث، فهم من بيت علم وحديث.
في سنة 234ه أرسل المتوكل العباسي إلى الفقهاء والمحدثين، وكان منهم عبد الله وعثمان ابنا أبي شيبة ، فقسم بينهم الجوائز وأمرهم أن يحدثوا بالأحاديث التي فيها رد على المعتزلة والجهمية ، فجلس عبد الله في مسجد الرصافة، وجلس عثمان في مدينة المنصور، وصارا يحدثان بما أمرهما به المتوكل العباسي.
له من المؤلفات «المسند» و «المصنف» و«التفسير»، وكان معروفا بحسن التصنيف وجودة التأليف.
توقي في المحرم سنة 235ه.
24 - مقتل الحسين: للطبراني، أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، المتوفى سنة 360ه. وهو مستل من المعجم الكبير للطبراني. نشر دار الأوراد للنشر والتوزيع في الكويت ، سنة 1412ه- 1992م، بتحقيق و تعلیق محمد شجاع ضيف الله .
ترجمته:
هو الحافظ الإمام بقية الحفاظ، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني .
أصله من طبرية الشام، وإليها نسبته .
ص: 117
ولد بعكا في صفر سنة 260ه، وكانت أمه عكاوية.
سمع الحديث سنة 273ه. وحرص عليه في صباه أبوه فرحل به.
رحل إلى مصر والحجاز واليمن والجزيرة والعراق والشام وبغداد والكوفة والبصرة وإصبهان وغيرها من البلدان . وكان أول ارتحاله سنة 275ه .
قدم إلى أصفهان سنة 290ه، وسمع بها وسافر، ثم قدمها ثانية سنة 310ه فاستوطنها إلى أن مات فيها.
كان إماما ثقة واسع الحفظ بصيرا بالعلل، وسئل عن كثرة حديثه ، فقال : كنت أنام على البواري ثلاثين سنة.
حدث عن ألف شيخ أو یزیدون ، جمعهم هو بنفسه .
له مصنفات وتأليفات جمة أشهرها معاجمه الثلاثة : الكبير، والأوسط، والصغير .
توفي ليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة 360ه بأصبهان.
20 - مقتل الحسين: للحافظ الموفق بن أحمد بن محمد البكري الحنفي ، المعروف ب «أخطب خوارزم»، المتوفى سنة 568 ه. نشر أنوار الهدى في قم، الطبعة الأولى سنة 1418ه، بتحقيق الشيخ محمد السماوي.
ترجمته:
هو أبو المؤيد، الموفق محمد بن أحمد المؤيد بن أبي سعيد إسحاق المؤيد المكي الخوارزمي الحنفي ، الملقب به «صدر الأئمة» و«أخطب خوارزم» و« خليفة الزمخشري »
ولد سنة 484ه.
قرأ على أبيه وغيره من العلماء.
ص: 118
طاف في طلب الحديث بلاد فارس والعراق والحجاز ومصر والشام، وكاتب العلماء فأجازوه وأجازهم.
تتلمذ في علوم العربية على الزمخشري بخوارزم، وتضلع فيها ، فكان يقال له : خليفة الزمخشري.
وتتلمذ عليه جماعة من العلماء والفضلاء، منهم ولده أحمد المؤيد، ومنهم ناصرالدین المطرزي صاحب المغرب في اللغة. وقد مدحه مترجموه بمختلف المدائح.
وروى مصنفات محمد بن الحسن الشيباني عن نجم الدین عمر بن محمد بن أحمد النسفي .
سمع عن كثير من المشايخ يناهزون السبعين شيخا ، وله تلامذة كثيرون منهم المطرزي ، وناصر بن أحمد بن بكر النحوي، وولده أحمد المؤيد، وغيرهم.
له عدة مؤلفات هي : «مناقب أمير المؤمنين عليه السلام » و «مقتل الحسين عليه السلام » و «مقتل أمير المؤمنين عليه السلام » و «قضايا أمير المؤمنين عليه السلام » و «رد الشمس لأميرالمؤمنين عليه السلام » و «الأربعين في مناقب النبي الأمين ووصيه أمير المؤمنین عليه السلام » و «مناقب أبي حنيفة» و « المسانيد على البخاري » و «دیوان شعره».
توفي في 11 صفر سنة 568 ه، في خوارزم.
26 - مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام : للحافظ علي بن محمد بن محمد الواسطي الجلابي الشافعي، الشهير ب« ابن المغازلي»، المتوفى سنة 483 ه. الطبعة الثانية للمكتبة الإسلامية في طهران سنة 1402ه.
ترجمته:
هو الحافظ أبو الحسن - أو أبو محمد - علي بن محمد بن محمد بن الطيب
ص: 119
الجلابي الشافعي الواسطي ثم البغدادي ، الشهير ب«ابن المغازلي»
والجلابي نسبة إلى قرية الجلابية من قرى واسط . وابن المغازلي نسبة إلى أن أحد أسلافه کان نازلا بمحلة المغازليين في واسط.
كان أبوه خطيبا معدودا في علماء واسط ، قاضيا في المرافعات .
ولد بواسط ، ثم انتقل إلى بغداد.
كان أشعريا في الأصول، شافعيا في الفروع.
كان عالما معروفا عارفا برجالات واسط، حريصا على سماع الحديث وطلبه ، وكان عالما مؤرخأ، وكان يسند إليه في زمانه ، وكان ثقة أمينا صدوقا معتمدا في منقولاته ، مسندا إليه في مروياته .
أخذ عن كثير من مشايخ عصره، المحصون منهم قرابة الخمسين ، وله تلامذة وراوون عنه.
وكانت أسرته من الأسر العلمية، حيث نبغ منهم ولده: أبو عبد الله محمد بن علي القاضي - وقد شارك أباه في بعض المشايخ - وولده الآخر أبو محمد صالح ابن علي، وحفيده صالح بن محمد بن علي القاضي.
له عدة مؤلفات، أهمها «المناقب» هذا، و «الذيل لتاريخ واسط»، و «مناقب الشافعي ومرجحات مذهبه على سائر المذاهب».
توقي غرقا بدجلة ببغداد في صفر سنة 483ه، و حمل میتأ إلى واسط ودفن بها.
27 - مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام : للحافظ الموفق بن أحمد بن محمد البكري الحنفي ، المعروف ب «أخطب خوارزم»، المتوفى سنة 568 ه. إصدار مكتبة نينوى بطهران، بالأوفسيت عن طبعة النجف الأشرف سنة 1965ه، بتقديم السيد
ص: 120
محمد رضا الموسوي الخرسان.
وقد تقدمت ترجمته برقم (20).
28 - منتخب مسند عبد حميد: للحافظ أبي محمد عبد بن حميد بن نصر الكشي، المتوفى سنة 249ه. طبع مكتبة النهضة العربية - عالم الكتب، الطبعة الأولى سنة 1408ه - 1988م، بتحقیق صبحي البدري السامرائي ومحمود محمد خليل الصعيدي.
ترجمته:
هو أبو محمد عبد بن حميد بن نصر الکسي أو الكشي، نسبة إلى كس بلدة بماوراء النهر قرب سمرقند، أو إلى کش قرية من قرى جرجان.
اسمه عبد الحميد بن حميد، ثم خفف فقيل عبد بن حميد.
ول بعد سنة 170ه بکس. ونشأ بها.
رحل وطوف البلاد الإسلامية للسماع وطلب العلم، على رأس 200ه.
روي عن الكبار مثل يزيد بن هارون و عبد الرزاق وطبقتهما، وروى عنه الأعلام كمسلم والترمذي.
كان إماما حافظا متقنا ثقة، جلیل القدر ، جمع وصنف، وكانت إليه الرحلة في أقطار الأرض.
له مؤلفات: «التفسير» و «المسند»، وهما مسندان: الكبير وهو مفقود، والصغير وهو منتخبه، وهو الموجود.
توفي في دمشق سنة 249ه في شهر رمضان .
ص: 121
29 - نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين: لجمال الدین محمد بن يوسف بن الحسن الزرندي الحنفي ، المتوفى سنة 750ه. إصدار مكتبة نينوى الحديثة في طهران ، بتقديم وتحقيق الدكتور محمد هادي الأميني.
ترجمته:
جمال الدين وشمس الدین محمد بن عز الدين أبي المظفر یوسف بن الحسن ابن محمد بن محمود بن الحسن الأنصاري الزرندي الحنفي.
والزرنديون عائلة علم كبيرة في المدينة المنورة وهم أحناف. وزرند موضع قرب المدينة بل محلة من محلاتها.
ولد في المدينة سنة 693ه.
نشأ ودرس بها في كنف أبيه، فأصبح عالما، وصنف كتبا كثيرة، ودرس في الفقه والحديث.
كان محدث الحرم النبوي الشريف.
ترأس بعد وفاة أبيه أبي المظفر يوسف.
ثم رحل إلى شیراز بدعوة من سلطان وقته الشيخ أبي إسحاق ابن الملك الشهيد شرف الدین محمود شاه الأنصاري.
تصدى لمنصب القضاء في شيراز إلى أن توفي فيها.
كان أبوه من العلماء الصالحين، حجة أربعين حجة ومات في طريق العراق إلى الحجاز سنة 712ه.
وكان أخوه نور الدين علي محدث الحرمين ، وله مؤلفات، توفي سنة 772ه.
له عدة مؤلفات أهمها هو «نظم درر السمطين»، فرغ من تأليفه سنة 747ه. وله کتاب «الإعلام بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام»، وكتاب «بغية المرتاح إلى طلب الأرباح» و «معراج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول».
ص: 122
توفي سنة 750ه في شيراز ، ودفن فيها.
30 - نور العين في مشهد الحسين: للأستاذ أبي إسحاق ابراهيم بن محمد الاسفراييني ، المتوفى سنة 418 ه. طبع مطبعة المنار في تونس على نفقة صاحب مطبعة ومكتبة المنار التجاني المحمدي.
ترجمته :
هو ركن الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الاسفراييني الشافعي، المعروف ب« الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني »
لا يعلم تاریخ ولادته.
ارتحل في طلب الحديث وسمع الكثير من المشايخ، كأبي بكر الإسماعيلي ودعلج وغيرهما. وأخذ عنه البيهقي والحاكم النيسابوري وأثنى عليه.
كان أحد المجتهدين الأعلام في عصره، فقيها أصوليا متكلما زاهدا مبالغا في الورع.
ذهب إلى العراق وأقام به، واكتمل علمه، فأقر له أهل العلم و خراسان بالتقدم والفضل ، وأراد البقاء في العراق لكن بعد إلحاح بنيت له مدرسة لم يبن مثلها في نيسابور فعاد ودرس فيها.
أخذ عنه الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور.
له مؤلفات عديدة، أهمها على الإطلاق كتاب «جامع الجلي والخفي في أصول الدين والرد على الملحدين»، ومن كتبه أيضأ «أدب الجبل» و «معالمالإسلام» و «نور العين في مشهد الصين»
توفي في يوم عاشوراء سنة 418 أو 17 که بنیسابور، ونقل جثمانه إلى إسفرايين - وهي بلدة بنواحی نیسابور - فدفن بها وله فيها مشهد هناك .
ص: 123
31 - وسيلة المال في عد مناقب الآل: للشيخ الفاضل أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي الشافعي، المتوفى سنة 1047ه.
الكتاب ما يزال مخطوطا.
كان المترجم أديبا مؤرخا فاضلا محبا لأهل بیت رسول الله صلي الله عليه واله ، وكان له عند أشراف مكة منزلة وشهرة.
وهو من علماء الشافعية ، وأصله من حضرموت، وقد سكن مكة.
قال محمد أمين المحبي في خلاصة الأثر: من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكنين ، كان فاضلا أديبا، له مقدار علي، وفضل جلي، وكان له في العلوم الفلكية وعلم الأوفاق يد عالية، وكان له عند أشراف مكة منزلة وشهرة، وكان في الموسم يجلس في المكان الذي يقسم فيه الصر السلطاني بالحرم الشريف بدلا عن شريف مكة.
من مؤلفاته «وسيلة المال في عد مناقب الآل» جعله باسم الشريف إدريس أمير مكة ، فرغ منه سنة 1027 ه و له شعر جيد.
توفي سنة 1047ه بمكة، ودفن في المعلاة.
ص: 124
مقتل الحسين عليع السلام
مراكز التوزيع
و ایران : قم - الغدير للطباعة والنشر والتوزيع - تليفون :9125514426 0098 العراق : بغداد - شارع المتنبي . مكتبة بساتين المعرفة , هاتف : 07902278551 النجف الاشرف - شارع الرسول صلي الله عليه واله مکتبة دار الهلال. هاتف : 913 332 - 727 371
كربلاء - شارع قبلة الامام الحسين عليه السلام - مكتبة ابن فهد الحلی 07801558942
البصرة - العشار- مكتبة الإمام الهادي عليه السلام - تليفون : 622562/624932
لبنان : المؤسسة العاملية لإحياء التراث - تليفون : 03/747658
ص: 125