کتاب النور فی الامام المستور عجل الله تعالی له الفرج

اشارة

سرشناسه:بهاری همدانی، محمدباقربن محمدجعفر، م 1332 - 1277

عنوان و نام پديدآور:کتاب النور فی الامام المستور عجل الله تعالی له الفرج/ محمدباقر البهاری؛ تحقیق دار التحقیق للروضه المقدسه بقم

مشخصات نشر:قم: زائر، 1382.

مشخصات ظاهری:ص 734

شابک:964-6461-46-535000ریال ؛ 964-6461-46-535000ریال

وضعیت فهرست نویسی:فهرستنویسی قبلی

يادداشت:عربی.

یادداشت:کتابنامه: ص. [704] - 719؛ همچنین به صورت زیرنویس

موضوع:مهدویت - انتظار

موضوع:محمدبن حسن(عج)، امام دوازدهم، 255ق. - -- غیبت

شناسه افزوده:آستانه مقدس قم. انتشارات زائر

رده بندی کنگره:BP224/4/ب 93ک 2

رده بندی دیویی:297/462

شماره کتابشناسی ملی:م 82-15788

ص :1

اشارة

کتاب النور فی الامام المستور عجل الله تعالی له الفرج

محمدباقر البهاری

ص :2

خطبة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على نبيّنا محمّد و على آله الطاهرين.

اللهمّ صلّ على المهدي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا.

و عجّل فرجه

ص:3

دليل الكتاب

مقدمة التحقيق 5

الفصل الأول:7

الفصل الثاني:25

الخاتمة:29

تقريظ آية اللّه السيد حسن الصدر 41

متن الكتاب 43

مقدّمة الكتاب 47

الباب الأوّل 49

الباب الثاني 97

الباب الثالث 139

الباب الرابع 171

الباب الخامس 205

الباب السادس 277

الباب السابع 357

الباب الثامن 373

الباب التاسع 461

الخاتمة 535

مستدرك كتاب النور 539

الفهارس الفنية 581

ص:4

مقدّمة التحقيق

اشارة

و فيها فصلان و خاتمة

ص:5

ص:6

الفصل الأوّل: المؤلّف في سطور

اشارة

هو الشيخ محمّد باقر بن جعفر بن محمّد المدعوّ ب «كافي» بن محمّد يوسف البهاري الهمداني المعروف ب «محمد باقر البهاري» . و البهاري منسوب إلى قرية بهار من قرى مدينة همدان، و الظاهر أنّه ولد في اليوم الأخير من ذى الحجّة سنة 1277 ق (1). و عن ابنه الشيخ محمّد حسين أنّ والده البهاري ولد سنة 1275 ق (2).

و قد ادعى بعض آخر انّه ولد سنة 1265 ق (3). و المعروف هو القول الأوّل و لعلّ منشأ هذا الاختلاف الخلط بين المترجم له-أي الشيخ محمّد باقر البهاري-و معاصره من الشيخيّة الشيخ ميرزا باقر بن محمّد جعفر الجندقي الهمداني الشيخي و من العجيب اتحادهما في الاسم و اللقب و كذا في اسم أبيهما و زمن حياتهما و حتّى في عنوان بعض تأليفاتهما، فإنّ لكلّ منهما كتابا يسمّى ب «الدرّة النجفيّة» أو الدرّة الغرويّة، و من هنا وقع الاشتباه بينهما في بعض كتب التراجم (4)، و نظيره

ص:7


1- «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537؛ «الفوائد الرضوية» ص 18/4؛ «معارف الرجال» ج 1، ص 144.
2- مجلة «شهاب» العدد الثاني من السنة الرابعة، ص 50.
3- «مكارم الآثار» ج 6، ص 2165.
4- نفس المصدر، ص 2169؛ «مؤلّفين كتب چاپى فارسى و عربى» ج 2، ص 46.

ما وقع في بداية القرن الرابع في مدينة آمل حيث كان هناك اثنان بل ثلاثة من العلماء باسم محمّد بن جرير بن رستم الطبري فانّ واحدا منهم من علماء السنة و هو صاحب التاريخ، و الآخرين من علماء الشيعة أي صاحب «دلائل الإمامة» و صاحب «المسترشد» (1).

و توفّي البهاري رحمه اللّه في شهر شعبان المعظم سنة 1333 ق (2)بهمدان و دفن بها عند قبر المولى عبد اللّه الهمداني و هو من المقابر المعروفة و يزار بها.

كان البهاري من اسرة العلم و الدين فإنّ جدّه من الفقهاء العظام (3)، كما أنّ أخاه الشيخ محمد رضا البهاري أيضا من فحول العلماء بالنجف الأشرف (4). قرأ المؤلّف في قريته عند والده ثمّ انتقل إلى همدان، مدرسة الآخوند ملا حسين الهمداني و تتلمذ عند الشيخ محمّد إسماعيل الهمداني، ثمّ أكمل تعلّمه في مدينة بروجرد عند الميرزا محمود الطباطبايى صاحب «المواهب في شرح منظومة بحر العلوم» حتّى أتمّ السطوح العالية و هو ابن عشرين سنة (5). و بعده هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1297 ق. و استقى العلم من مصدره و أقام بها عشرين سنة و تتلمذ عند فحول العلماء و الفقهاء العظام بها مثل الملا محمّد كاظم الخراساني و الملا حسينقلى الهمداني. ثمّ رجع إلى همدان سنة 1317 ق (6). حينما صار فقيها مجتهدا عارفا، فانّه تتلمذ على العارف الشهير الملا حسينقلى الهمداني حتّى برع في الأخلاق و العرفان و صار من الأولياء.

ص:8


1- مجلة «آينه پژوهش» العدد الرابع من السنة السادسة، ص 67.
2- «طبقات أعلام الشيعة» نقباء البشر، ج 1، ص 201؛ «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537؛ «تاريخ همدان» ص 267 و لكن في «مؤلّفين كتب چاپي فارسي و عربي» ج 2، ص 46؛ انّه توفى سنة 1332 ق.
3- «دائرة المعارف تشيع» ج 3، ص 514.
4- «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537.
5- نفس المصدر؛ «معارف الرجال» ج 1، ص 144.
6- «گنجينه دانشمندان» ج 7، ص 367.

و لا يخفى أنّ المؤلّف-و هو الشيخ محمد باقر البهاري المتوفى 1333 ق. -هو غير العارف الشهير الشيخ محمد البهاري المتوفّى 1325 ق. و كان كلّ منهما تلميذا للمولى حسينقلي الهمداني و إن كان الثاني أعرف و أشهر.

مشايخه

اصطاد المحقّق البهاري المعارف الإلهيّة في مختلف الفنون من فحول أساطين الفقه و العرفان و الأخلاق «ففي ايران، قرأ على عدّة مشايخ، منهم والده الشيخ محمد جعفر و الآقا محمد إسماعيل الهمداني و الميرزا محمود الطباطبائي» (1)و في النجف الأشرف «فقد أخذ السلوك و الأخلاق عن العلامة الشهير المولى حسين قلي الهمداني» (2)حتى صار من خواص تلامذته و أصحابه، ثم رجع البهاري إلى همدان بعد وفاة الأستاذ (3)و «كان يحضر على مشايخه الشيخ محمد حسين الكاظمي و الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي و ملا محمد الإيرواني و ملا محمد الشرابياني و الميرزا حسين ابن الميرزا خليل الرازي النجفي» (4)«و الشيخ حسن المامقاني و ملا كاظم الخراساني و ملا حسينقلي الهمداني و الشيخ محمد طه نجف و الشيخ ميرزا حبيب اللّه الرشتي و ملا لطف اللّه المازندراني و غيرهم و يروي عنهم بالإجازة بتاريخ سنة 1308 و يروى عن الميرزا حسين النوري بتاريخ 27 ربيع الثاني سنة 1302» (5).

ص:9


1- «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537؛ «معارف الرجال» ج 1، ص 144.
2- «نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» ج 1، ص 201؛ « تاريخ حكماء و عرفاء متأخر بر صدر المتألهين» ص 136.
3- «مكارم الآثار» ج 6، ص 2166؛ «مؤلفين كتب چاپى فارسى و عربى» ج 2، ص 46.
4- «معارف الرجال» ج 1، ص 144؛ « نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» ج 1، ص 201: الميرزا حسين الخليلي.
5- «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537؛ « نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» ج 1، ص 201؛ «معارف الرجال» ج 1، ص 144.

بعض أحواله

من الجدير بالذكر إحيائه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (1)تبعا لمولاه سيد الشهداء عليه السّلام و كونه محدّثا متبحرا لروايات أهل البيت بإجازة من مشايخه المحدّثين (2)و من العجائب ما حصل له من التوفيق فى الجهات المختلفة بعد رجوعه إلى همدان من الخدمات الدينية و الاجتماعية و السياسية و إليك الإشارة إلى بعضها:

الخدمات الدينية

قسم منها يتعلق بتأليفاته و سيأتى ذكرها و قسم منها مربوط بإجراء الأحكام و الحدود الإلهية.

فنقول: بعد رجوعه إلى همدان توجّه أهلها إليه و كانوا يدعوه لإقامة الجماعة بمسجد الجامع بعد وفاة إمام جماعته العالم المجتهد الميرزا سيد عبد المجيد الكروسى المتوفى 1318، فكان أقام الجماعة و تولّى موقوفاته و المناصب الدينية (3)و بعد قبول الإمامة أخذ بعمران المسجد و تجديد بنائه بإعانة المؤمنين و أحدث عليه قبة مع منارتين و صنع في حياطه حوضا، و هذه الباقيات الصالحات موجود إلى اليوم و المؤمنون كانوا يستفيدون منه، و قد نقل أنه بعد تولية المسجد

ص:10


1- «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537؛ «بزرگان و سخن سرايان همدان» ج 2، ص 51.
2- «نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» ج 1، ص 201؛ «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537؛ «فوائد الرضوية» ص 418.
3- «دانشنامۀ جهان اسلام» ج 4، ص 719؛ «تاريخ همدان» سيد على دعوتي، ص 254- 267، و في «دائرة المعارف التشيع» : أنه أقام الجماعة بعد وفاة الملا عبد اللّه البروجردى الذي كان من أعاظم المتشرعين بهمدان «دائرة المعارف التشيع» ج 3، ص 514.

أحيى بعض موقوفاته كماء القناة فأعادها بعد ما تصّرفه بعض عدوانا (1).

و من مآثره الجميلة اهتمامه الكبير بإحياء الحدود الإلهية و إجرائها في المجتمع و قد نقل: أنه حكم بقتل رجل فاجر فاسق فى محل يسمى مقبرة الميرزا تقي و تولى بنفسه لاجراء هذا الحكم و اجتمع الناس منذ يومه لمشاهدة إجراء الحدّ و لكن لم يكن فيهم أحد أقدم على ذلك حتى أصدقائه و أصحابه للخوف و الاضطراب فأقدم بنفسه و انتزع ردائه رافعا لكمّيه و ضرب مرّة فانقطع الرأس (2).

و كان غير غافل عن أعمال السلطان و ولاة الجور، فكان يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يتذكرهم الآخرة (3).

عونه للمظلومين و المستضعفين

و من جملة أفعاله التي كانت منشأ للبركات هى إعانته المظلومين الحافين و حمايتهم وافرا و المجاهدة على الظالمين المستبدين في عصره.

قد حكي: أنّ بعض حكّام الهمدان كان يظلم و يجور على الناس بحيث كان الناس غير قادرين على تحمل مظالمه، فالتجأوا بارسال التلغراف إلى طهران عاصمة الحكومة و مع ذلك لم يهتم به أحد و لم يؤثر ذلك، ثم اجتمعوا و تحصّنوا عند الاستخبارات و مضى مدة و لم يحصلوا على مأمولهم لمساعدة اركان الحكومة للحاكم و كونه من أياديهم و هدّدهم بان يتفرّقوا منه و إلاّ فالجنود يجبرونهم على ذلك و لو برميهم بالبنادق و قتلهم، و حيث بلغ ذلك إلى الشيخ محمد باقر البهاري كتب تلغرافا بامضائه و أرسله إلى عاصمة الحكومة، و جاء في نهايته كلام يشبه ان يكون شعارا او رجزا للمتحصنين:

ص:11


1- «تاريخ همدان» ، سيد على دعوتى، ص 267.
2- «هگمتانه تا همدان» نقلا عن «نشريه وحيد» ، ش 232، دى 1352؛ «بزرگان و سخن سرايان همدان» ج 2، ص 51.
3- «دانشنامه جهان اسلام» ج 4، ص 720.

إجماع أمت در عزل حاكم يا قتل أمت يا عزل حاكم

كان فيه إيماء على استقامة الناس في قيامهم إلى حد الشهادة، و عند وصول التلغراف إلى العاصمة أقدم الحكومة سريعا على عزل الحاكم الجور (1).

و من بعض خدماته حمايته لمن كان ساعيا حاميا للمستضعفين في المجامع السياسي كالشيخ تقي وكيل الرعايا، و هو من الرجال الشهير و المجاهد الكبير بهمدان، و إنّما سمي بذلك لإظهار الصداقة و الاستقامة في حرية الوطن و حسن النية و اعتماد الناس به، و هو من أعاظم رجال نهضة المشروطة بهمدان و قد كان مؤثرا فيها و مجاهدا على الإقطاعية و لذلك اختاره الطبقات و الطوائف المختلفة لو كالة «مجلس فوائد عامة» للاعتماد به، و من هنا وصفوه بوكيل الرعايا، ثم لاجتهاده المستمر لأخذ حقوق الناس من خوانين همدان صار وكيلا لهم في مجلس الشورى الوطني في المرحلة الأولى و من طهران في الثانية. (2)

و أمّا مبارزاته مع الاستبداد الصغير و مخالفته مع الشاه محمد على من سلاطين القاجار و ولاته مثل أخ الشاه سالار الدولة فكثيرة نشير إلى بعض مجهوداته، و منه ان الشيخ البهارى قد أسس حزبا بهمدان للكفاح مع عمّال السلطان و الذبّ عن أموال الناس و أعراضهم حتى ارتفع صيت المخالفة مع السالار فى جميع اصقاع همدان خصوصا عند تسلطه على كردستان (3)حتى قصد قتل البهارى مرارا من قبل الحكومة و عوامله و لكن أعوانه و أنصاره دفعوا عنه ذلك، و عند نفى آية اللّه البهبهاني إلى العتبات العاليات أراد البهاري مع حزبه التهاجم إلى جنود الحكومة و لكن البهبهاني نهاه و انصرفه عن ذلك (4).

ص:12


1- «هگمتانه تا همدان» ، ص 152.
2- نفس المصدر، ص 283 و 282.
3- «دانشنامه جهان اسلام» ج 4، ص 720؛ «دائرة المعارف تشيع» ج 3، ص 515.
4- «دانشنامه جهان اسلام» ج 4، ص 720.

شخصيته السياسية

و من جملة الموارد المغفول عنها في كتب التراجم و التاريخ اهتمامه الكثير بالمسائل السياسية، إذ فضلا عن أنّه من رجال المشروطة بهمدان هو أحد رجال السياسى بايران في عصره-و مع ذلك لم يسمّ عنه فيها-و هو من العلماء المفكرين و من رجال المشروطة في ناحية همدان حتى قيل إنّ عمدة شهرته كانت من جهة دوره في نهضة المشروطة و كونه من دعاتها، و له مبارزات سياسية مستمرة فيها، فجعلها من العلماء الثوري و كانت أرائه في المشروطة موردا للتوجه و صنّف لذلك كتابا كما سيأتى (1).

و أمّا دوره في المشروطة بهمدان فكان بيته بهمدان مركز الاجتماعات مأمنا للمبارزين و كان له حظّ عظيم فى قيام المشروطة في ناحية همدان (2). و في سنة 1325 ق كان من أعضاء انجمن ولايتي همدان ثم صار رئيسها (3).

و أمّا صيرورته من رجال سياسي ايران فلأنّه جعل سنة 1328 ق في مجلس الشورى الوطني من أحد مجتهدي الخمسة من علماء ايران في هيئة الخمسة العلمية و لكن لم يقبل البهاري ذلك و امتنع عن عضويته (4)، و في أوائل سنة 1329 ق عند تشكيل هيئة الاتحادية مع حضور الستين أو السبعين من العلماء صار رئيسها (5)، و أنظاره كانت من الآراء الموجهة من منظر التشريع، و التشيع و منها عدم التعارض بين المشروطة و المشروعة و لذلك صنّف كتابا سمّاه «إيضاح

ص:13


1- «دائرة المعارف تشيع» ج 3، ص 515.
2- «شهاب» السنة الرابعة، العدد الثاني؛ «دانشنامه جهان اسلام» ج 4، ص 720.
3- «دائرة المعارف تشيع» ج 3، ص 515.
4- نفس المصدر.
5- «دانشنامه جهان اسلام» ج 4، ص 720.

الخطاء في تخطئة الأجلة العلماء» (1)و حضر سنة 1332 ق لوكالة المجلس و لم يحصل على الأراء اللازمة، و نقل أنّ ذلك لإجراء الحدود في الاجتماع (2).

تأليفاته القيّمة و ما استنسخها

اشارة

له مكتبة عظيمة فيها كتب قيّمة منها مكتوباته التي استنسخها من الكتب النفيسة التي ألّفها غيره من العلماء السالفة و منها تأليفاته المشتملة على المعارف الإلهية في الموضوعات المختلفة. و انتقل جميع كتب هذه المكتبة-إلاّ خمسة منها-إلى مكتبة سماحة الآية اللّه العظمى المرعشي النجفي بقم المقدّسة باهتمام ولده حجة الإسلام و المسلمين الدكتور السيد محمود المرعشي النجفي رئيس المكتبة (3).

و نأتي بها كلّها أولا تأليفاته القيّمة ثمّ بما استنسخها من كتب سائر العلماء.

تأليفاته

قد وفّق المؤلف المحقق للتأليف في مختلف العلوم الإسلامية و إليك عنوان ما وصل إلينا منها (4).

(1) - «أبهى الدرر في تكملة عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر عليه السّلام» ليوسف بن يحيى الشافعي من علماء العامة.

ص:14


1- مجلة «شهاب» السنة الرابعة، العدد الثالث؛ فى «گفتگو» «إيضاح الخطاء في الردع عن الاستبداد» ش 12، تابستان 1357.
2- «دائرة المعارف تشيع» ج 3، ص 515.
3- مجلة «شهاب» السنة الرابعة، العدد الثاني و الثالث.
4- راجع: «أعيان الشيعة» ج 3، ص 537؛ « نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» ج 1، ص 201؛ مجلة «الشهاب» السنة الرابعة، العدد الثاني؛ «معارف الرجال في تراجم العلماء و الأدباء» ج 1، ص 146؛ «دائرة المعارف تشيع» ج 3، ص 515؛ «دانشنامه جهان اسلام» ج 4، ص 719.

(2) - «أحاديث مناقب أخطب الخوارزم» . أي مستدرك الروايات التي لم يأت بها الخوارزمي في مناقبه.

(3) - «رسالة في أحوال أخطب الخوارزم» .

(4) - «اصول الدين» بالفارسية.

(5) - «إضائة النور في الامام المستور» فيما يتعلق بالحجة «عج» .

(6) - «كتاب النور في الإمام المستور» (1).

(7) - «بسط النور» في شرح «كتاب النور في الإمام المستور» و هو ترجمته بالفارسية.

(8) - «ذيل كتاب النور» .

(9) - «أعلان الدعوة» .

(10) - «إيضاح الخطاء في تخطئة الأجلة العلماء» ، بالفارسيّة في المشروطة و الردع عن الاستبداد. (2)

(11) - «إيضاح المرام في أمر الإمام» ، فيما يتعلق بالحجة «عج» (3).

(12) - «رسالة في جواب من أنكر وجود الإمام «عج» في هذه الأزمنة» (4).

(13) - «بدر الأمّة في جفر الأئمة» . (5)

(14) - «بعث الأموات قبل ظهور الحجة» .

(15) - «البيان في حقيقة الإيمان» .

ص:15


1- «اعيان الشيعة» : «كتاب النور في اخبار الامام المستور» .
2- «نشريه گفتگو» ش 12، تابستان،1357: «ايضاح الخطا في الردع عن الاستبداد» .
3- «نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» : هذا جواب من أنكر وجوده في هذه الأزمنة.
4- نفس المصدر.
5- «معارف الرجال» : «رسالة في علم الجفر» .

(16) - «التحصيل في معني التفضيل» (1)في رد ما ذكروه في الفضل بين الخلفاء.

(17) - «تحفة الحجاج» في مناسك الحج المطابق لفتاواى الحاج الميرزا حسين الحسيني، بالفارسية.

(18) - «تزويج الصغيرة في المدة القليلة» .

(19) - «تسديد المكارم و تفضيح المظالم» (2).

(20) - «ترجمة تسديد المكارم و تفضيح المظالم» بالفارسية.

(21) - «تعليقة على مكاسب الشيخ المرتضى الأنصاري» .

(22) - «تعليقة على الرضاعية» للشيخ المرتضى الأنصاري.

(23) - «تعليقة على «المقاصد العلية» في شرح «النفلية» .

(24) - «تقريرات الأصول» للمرحوم الحاج الميرزا أبي القاسم الطهراني.

(25) - «تكليف الكفار» بالفروع و ملحقه.

(26) - «ذيل تكليف الكفار» .

(27) - «تلخيص رسالة الشافية الرجالية» في أحوال إبراهيم بن هاشم القمي، للسيد محمد باقر الشفتي الاصفهاني (3).

(28) - «تلخيص الرسائل الرجالية» في عثمان بن عيسى الرؤاسي العامر الكلابي (4)للسيد محمد باقر الشفتي الاصفهاني.

(29) - «تلخيص قسم من الرسائل» في ثلاثة فصول:

الأول: في أبي بصير.

ص:16


1- «أعيان الشيعة» : «رسالة التفصيل في معني التفضيل» .
2- «اعيان الشيعة» : رسالة أخرى أخصر منه.
3- «اعيان الشيعة» : مع الحواشي عليها من المترجم.
4- و في «نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» : مع ضم الحواشي و فوائد اخرى عليه.

الثاني: في إسحاق بن عمار.

الثالث: في حسين بن خالد.

(30) - «تلخيص عدة رسائل رجالية» للسيد محمد باقر الشفتي.

الإصفهاني المشتمل على سبع عشر رسالة:

(1) -في اتحاد معاوية بن شريح و معاوية بن ميسرة بن شريح.

(2) -في محمد بن الفضيل الراوي عن أبي الصباح الكناني.

(3) -في محمد بن خالد البرقي.

(4) -في أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

(5) -في محمد بن أحمد الراوي عن العمركي و عنه ابن محبوب (1).

(6) -في محمد بن اسماعيل الراوي عن الفضل في أسناد الكليني.

(7) -في أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى القمي.

(8) -في شهاب عبد ربّه.

(9) -في عبد الحميد بن سالم العطار و ابنه محمد بن عبد الحميد.

(10) -في عمر بن يزيد.

(11) -الملقب ما جيلويه و أنّهم أربعة و أحوالهم.

(الف) -محمد بن علي بن أبي القاسم.

(ب) -عمّه، محمد بن أبي القاسم.

(ج) -ابن عمّه، علي بن محمد بن أبي القاسم.

(د) -و من أحفاد عمّه، محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم.

(12) -في محمد بن سنان الزاهري و حسن حاله.

(13) -في محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني.

ص:17


1- «اعيان الشيعة» : محمد بن أحمد عن العمركي.

(14) -في عدّة الكافي.

(15) -في سهل بن زياد الآدمي.

(16) -حمّاد بن عيسى الحميني (1).

(17) -في أبان بن عثمان الأحمر و أصحاب الإجماع.

(31) - «التنبيه على أمر الكتب» .

(32) - «تنزيه المشاهد عن دخول الأباعد» في منع الحائض و الجنب عنها.

(33) - «تلخيص تنزيه المشاهد» .

(34) - «التوحيد» في الفلسفة.

(35) -رسالة في «الجمع بين فاطميتين» .

(36) - «حاشية حكمة العين» لأبي الحسن علي بن عمر دبيران كاتبي قزويني.

(37) - «حاشية على حياة الأرواح» في أصول الدين للأستر آبادي.

(38) - «الحاشية-الجديدة-على فرائد الأصول» .

(39) - «الحاشية على الملل و النحل» لأبي الفتح عبد الكريم الشهرستاني.

(40) - «حاشية على منبع الحياة» للجزائري.

(41) - «حاشية قوانين الأصول» للميرزا أبي القاسم القمي.

(42) - «حقيقة الإسلام» في أصول الدين بالفارسية.

(43) - «الفرق المسيحية و حقّانية الإسلام» بالفارسية.

(44) - «الدرّة الغروية و التحفة الحسينية» (2).

(45) - «الدعوة الحسينية إلى مواهب اللّه السنية» في استحباب البكاء على

ص:18


1- «أعيان الشيعة» : الجهني.
2- «مؤلفين كتب چاپى» ، ج 2، ص 46-45: الدرة النجفية.

الحسين عليه السّلام من طرق العامة.

(46) - «دعوة الرشاد» في مدرك أعمال العباد.

(47) - «دين المقتول» .

(48) - «رسالة أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد اللّه البكري» .

(49) - «رسالة جابلقا و جابرسا» و هى رسالة في مدينتي جابلقا و جابرسا (1).

(50) - «رسالة في تفسير قوله تعالى: وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي اَلْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي اَلْأَرْضِ في الاحتجاج مع بعض علماء المسيحيّة.

(51) - «رسالة في تفسير قوله تعالى: كُنْ فَيَكُونُ بانها ليست تأييدا للأخباريين.

(52) - «رسالة في التقلييد» .

(53) - «رسالة في حفظ الصحة» .

(54) - «رسالة في رد انتساب كتاب الفضائل و الروضة إلى فضل بن الشاذان» .

(55) - «رسالة في الصوم» .

(56) - «رسالة في العدالة» .

(57) - «رسالة في العلامات و الإشارات» .

(58) - «رسالة في القضاء و الشهادات» (2).

(59) - «رسالة في مناقب سيد الشهداء عليه السّلام» من الأحاديث و الروايات الواردة في شأنه.

(60) - «روح الجوامع في الرجال» أو «تلخيص جامع الرواة» للاردبيلي.

ص:19


1- «نقباء البشر» من «طبقات الأعلام» : كتاب الصوم، «شهاب» رقم 2: رسالة أخرى في الصوم. و لكن الظاهر أنّ هذه الرسالة ليست للمترجم له و أنّما نسبت إليه غفلة من بعض المصادر بل هي من الشيخ محمد باقر البهاري من علماء الشيخية المعاصر للمترجم له.
2- «اعيان الشيعة» : « جزء في القضاء» .

(61) - «الروضة الجعفرية» .

(62) - «سلاح الحازم لدفع الظالم» في الاعتقادات.

(63) - «شرح الفية» لابن مالك (1).

(64) - «شرح علائم الظهور» .

(65) - «شرح قطر الندى» .

(66) - «الطلع النضييد» في إبطال المنع عن لعن يزيد (2).

(67) - «كتاب العصمة في دفع الوصمة» في رد من أنكر عصمة الأئمّة عليهم السّلام.

(68) - «كتاب عصمة الملائكة» في الاعتقادات.

(69) - «كتاب العلائم لاهتداء الهوائم» في علامات ظهور الحجة (عج) و أحواله.

(70) - «تكملة كتاب العلائم لاهتداء الهوائم» .

(71) - «ذيل كتاب العلائم» .

(72) - «الفوائد الأصولية» المشتمل على المسائل الاصولية.

(1) -الإجزاء.

(2) -التسامح في أدلة السنن.

(3) -المطلق و المقيد.

(4) -المجمل و المبين.

(5) -بعض الكلام في المشتق.

(73) - «مسائل في الأصول» .

(1) - «رسالة في الأمر مع العلم بانتفاء الشرط» .

ص:20


1- «نقباء البشر» من «طبقات الأعلام» ؛ «اعيان الشيعة» : «حاشية على شرح الألفية» .
2- «أعيان الشيعة» : مع تذييل له في الرد على ابن حجر.

(2) - «رسالة في زمان فعل الأمر» .

(3) - «رسالة في الصحيح و الأعم» .

(74) - «فضل عمار» (1).

(75) - «قامعة اللجاج و دافعة انحجاج» فيما يتعلق بالحجة «عج» .

(76) - «مبدأ اشتقاق الموجودات» في الفلسفة.

(77) - «المجاهدة لدين الحق» في رد إظهار الحق لعبد العيلم بن عبد الرحيم في طعنه على الشيعة في أمر الصحابة.

(78) - «مجموع الروايات و الأحاديث» .

(79) - «الرسائل الفقهيّة» :

(1) -رسالة في الصلاة.

(2) -في صلاة الجماعة.

(3) -في لباس المصلى.

(4) -في أفعال صلاة المسافر.

(5) -في سهو المأموم.

(6) -الخلل في الصلاة او المخلاة في الصلاة أو الذهب المسبوك في الصلاة و الشكوك.

(7) -رسالة في الإجارة.

(8) -رسالة في الزكاة.

(9) -في الصيد.

(80) - «مستدرك الدرة الغروية و التحفة الحسينية» .

(81) - «مستدرك كتاب النور في الإمام المستور» فيما يتعلق بامر الحجة (عج) .

ص:21


1- مجلة «شهاب» رقم 2: «كتاب أحوال عمار» ؛ «أعيان الشيعة» : « رسالة في فضل عمار» .

(82) - «مطلع الشمسين» في فضل حمزة و جعفر ذى الجناحين.

(83) - «مغايرة الإجزاء و القبول» (1).

(84) - «مقارنات ظهور الحجة» بالفارسية.

(85) - «رسالة في استحالة توقيف ظهور الحجة» بالفارسية.

(86) - «المقالات في اثبات مذهب الإسلام» (2).

(87) - «مناهج الطالبين» أو «تعليقة على مختصر أبي محمد بن عبد اللّه بن يوسف هاشم الانصاري» .

(88) - «المولود من الزنا» .

(89) - «نثار اللباب في تقبيل التراب» في استحباب تقبيل العتبة في المشاهد المشرفه و إبطال توهم المنع عنه.

(90) - «وجيزة تنقيح المقال» في عدة من الرجال.

(91) - «وجيزة في غيبته عليه السّلام» .

(92) - «وفاة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (3)» .

ما استنسخها

و أمّا ما استنسخها البهاري رحمه اللّه لنفسه فكثير.

و الموجود منها في مكتبة آية اللّه السيد المرعشي هذه:

(1) - «اسرار قاسمي» الفارسي في العلوم الغريبة و الطلسمات للواعظ الكاشفي.

ص:22


1- «نقباء البشر» من «طبقات الأعلام» : «مفارقة الإجزاء للقبول» .
2- نفس المصدر: «إثبات مذهب الإسلام» .
3- «اعيان الشيعة» : « اخبار وفاة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» .

(2) - «الأشعثيات» (1).

(3) - «البراهين الساباطية» لجواد بن ساباط بن إبراهيم.

(4) - «ترجمة انجيل متى و الزبور و التوراة» من العبري إلى العربي لهداية اللّه الهمداني.

(5) - «تفسير أحمد بن محمد السياري» .

(6) - «تفسير سعد الأشعري القمي» .

(7) - «تفسير محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب» المشهور بابن أبي زينب النعماني.

(8) - «التكلمة المعينية» لخواجه نصير الدين الطوسي.

(9) - «ثاقب المناقب» المنسوب الى عماد الدين مشهدي ابن حمزة.

(10) - «الحاشية على الرسائل» للآخوند الخراساني.

(11) - «رسالة الأربعين» لمحمد تقي المجلسي.

(12) - «رسالة حياة الأرواح» في أصول الدين للمولى محمد جعفر الاستر آبادي.

(13) - «رسالة العقد الحسيني» لعبد الصمد الجباعي الحارثي والد الشيخ بهاء الدين.

(14) -تأليفات الشهيد الثاني-(الف) - «رسالة في تحريم طلاق الحائض» .

(ب) - «نتائج الأفكار في بيان حكم المقيمين في الأسفار» .

(ج) - «كشف الريبة في أحكام الغيبة» .

(15) - «رسالة في الحكمة» .

(16) - «رسالة في معرفة ساعات الليل» .

ص:23


1- أو مسائل الأشعثيات أو الجعفريات.

(17) - «رسالة المعينية» في الهيئة لخواجه نصير الدين الطوسي.

(18) -تأليفات السيد جعفر الدارابي البروجردي: (الف) - «الرقّ المنثور لبيان معراج نبينا المنصور» .

(ب) - «منظومة البلد الأمين» في الأصول.

(ج) - «قصيدة السردابية» .

(19) - «سبيل الرشاد» في رد فرقة البروتستاني من المسيح لإبراهيم بن أحمد بن حسين بن خليل.

(20) - «عقد الدرر في اخبار المنتظر» للشافعي.

(21) - «فرحة الغرى بصرحة الغرى» لأحمد بن موسى بن طاووس الحلي.

(22) - «فرق الشيعة» للنوبختي.

(23) - «الفهرست» للشيخ الطوسي.

(24) - «كامل الزيارات» لابن قولويه.

(25) - «كتاب في الإمامة» -لخواجه نصير الدين الطوسي.

(26) - «المزار» -للشيخ المفيد.

(27) - «المناقب» للخوارزمي.

(28) - «منية اللبيب في شرح التهذيب» في الأصول لبهاء الدين ابن أعرج.

(29) - «مقتضب الأثر في الأئمة الاثني عشر عليهم السّلام» لابي عبد اللّه أحمد بن محمد بن العياش.

(30) - «النكت في مقدمات الأصول للشيخ المفيد» (1).

(31) - «اليقين» لعلي بن طاووس.

ص:24


1- كذا في مصادر ترجمة البهاري، و لكن الظاهر أنّه «النكت الاعتقادية» المنسوب إلى الشيخ المفيد، و يبدو أنّه من تأليفات فخر المحققين، و قد نشر بتصحيح الراقم ضمن منشورات المؤتمر العالمي للشيخ المفيد رحمه اللّه.

الفصل الثاني: حول الكتاب

اشارة

في أواخر القرن الثالث عشر ظهرت آراء و عقائد سخيفة حول الإمام المهدي عليه السّلام و قد انتجت منها مذاهب فاسدة قد أثمرت فشل المسلمين و تفرّق كلمتهم، و قد كان أوزارها على عاتقة بعض الطلبة الّذين لم يتضلّعوا في العلوم الإسلاميّة عامّة و في الكلام و الفلسفة الإسلاميّة خصوصا. و في مقدّم هؤلاء الشيخ أحمد الأحسائي فإنّه نشأ و تربّى في بيت من أهل السنّة ثمّ أظهر التشيّع و سافر إلى النجف الأشرف لتحصيل المعارف الدينيّة، و لكنّه لم يأخذ الفلسفة و العرفان من أساتذة الفنّ و إنّما شرع في مطالعة كتب المعقول من دون استعداد و تمهيد مقدّمات لها، فحصل على نتائج و أبرز آراء و عقائد سخيفة تحكى عن فكره الفاتر مثل أصالة الوجود و الماهية معا و الاعتقاد بوجود جسم هور قليائى الموجود في عالمي جابلقا و جابرصا و تفسير المعاد الجسماني و المعراج النبوي و بقاء الإمام المهدي عليه السّلام في مدّة طويلة و ابتنائها على الاعتقاد بهذا الجسم الموهوم. و من هنا حكم بعض علماء الشيعة بكفره. لكنّه لم يرتدع عن تلك الآراء حتّى ابتدع مذهبا سمّيت من بعده بمذهب «الشيخية» أو «الكشفية» . و قد أولدت مذاهب و فرقا ضالة مبتدعة مثل البابية و الأزلية و البهائية. و كان جلّها حول مسألة المهدوية و الاعتقاد بقرب ظهور المهدي عليه السّلام بل تحقّق ظهوره الصغرى.

ص:25

و المقابلة لمثل هذه الآراء الكاسدة الفاسدة هي الغاية القصوى من تأليف «كتاب النور في الإمام المستور» و قد شمّر المؤلّف المحقّق البهاري عن ساعد اجتهاده و ذبّ عمّا هو الصحيح من المذهب الحقّة من إثبات إمامة المهدي عليه السّلام و أنّه من ولد الإمام الحسن العسكري عليه السّلام و أنّه حيّ موجود لم يظهر بعد و جعل كتابه مشتملا على مقدّمة و تسعة أبواب و خاتمة ثمّ ما الحقه به. امّا المقدّمة فيبحث فيها عن لزوم وجود الحجّة و ضرورة بقاء الدّين بعد الرسول.

و أمّا الأبواب فإليك عناوينها:

الأول: الأخبار الدالة على وجود الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وجوب الايتمام به و الدخول في طاعته دوام الإسلام و بعض ما لذلك الإمام من الأوصاف.

الثاني: أنّ هذه الأمّة قد خيف عليهم الضلال و وقع المحذور بفقد شرط انتفاء ذلك المخوف و لو ائتمّوا بإمام مرّ وصفه لم يضلّوا، ففيه ما سلف، و أراد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يكتب ما لا يضلّون بعده فمنع منه و كان رزية كلّ الرزية.

الثالث: أنّهم أمروا بالتمسّك بالكتاب و العترة كيلا يضلّوا، فلهم منهم أمراء و أئمّة و خلفاء يمنعونهم من الضلال بما خصّوا به من علم الدين.

الرابع: تعيين أهل البيت و العترة الّذين أمر النّاس بالرجوع إليهم و التمسك بهم و الدخول في طاعتهم و الايتمام بهم مدّة الإسلام.

الخامس: أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عيّن أمرائهم من العترة و الرؤسا المرجوع إليهم منهم في تلك المدّة في اثني عشر لا يزيد فيهم واحد و لا ينقص واحد.

السادس: جملة ممّا يعلم حاله من تلك الأخبار و إلاّ فكلّه لا يحصى هنا و فيه تعيين الاثني عشر.

السابع: بعض ما في الثاني عشر.

الثامن: سرّ حجب هذا البدر المنير عن الأبصار بعد الإيماء إلى أمور هي

ص:26

كالمقدّمة.

التاسع: بعض الكلمات الصادرة في شأن هذا الإمام من بعض الأعلام.

و الخاتمة في تعيين بعض نسخ مدارك الكتاب.

و بعد الخاتمة فقد الحق المحقق المؤلّف رحمه اللّه فصلا آخر في رؤية الإمام المهدي عليه السّلام و من رآه من علماء العامّة مثل محى الدين و غيره و نقل كلمات بعضهم مثل «الفتوحات المكية» و «اليواقيت» و أنّها دليل على وجود امام عليه السّلام، و الإشارة إلى التحريف الواقع في نسخ «الفتوحات» .

ثمّ إنّ المحقّق البهاري لم يتمحّض و لم يتمركز على البحث العقلي فحسب و لا على خصوص نقل الروايات و البحث النقلي الخالص، بل يذكر بعض الروايات في كلّ فصل من أهمّ مصادر الروائية عند أهل السنّة، ثمّ يأخذ في فقه الحديث و بيان شرحه و ما يستفاد منه، فقد يذكر في كيفيّة الاستدلال ببعض الروايات و وجوه دلالته على مدّعاه ما يقرب من خمسين وجها.

و إليك بعض آخر من خصوصيات الكتاب:

ألف: نقل الروايات حول الإمام المهدي عليه السّلام من المصادر الروائية القديمة و الحديثة من أهل السنّة و قد يذكر قليلا بعضها من المصادر الشيعيّة.

ب: بيان المشتركات بين الشيعة و السنة حول المسألة و متفردات كلّ من المذهبين.

ج: التحرّي التامّ لنقل التصحيفات و التحريفات الّتي جاء بها أهل السنة في مصادرهم الروائية، و التدليس الواقع في كتبهم.

د: اهتمامه الكثير بكتاب «بعض الأثبات» أي «روضة الأحباب في سيرة النبي و الآل و الأصحاب» . للسيد جمال الدين الأمير عطاء اللّه بن فضل اللّه الحسيني الدشتكي الشيرازي و كتاب «غاية المرام» للمحقق السيد هاشم البحراني.

ه: عدم دقّة المؤلّف كثيرا من جهة القواعد الأدبيّة و اللغوية.

ص:27

و: البحث عن الإمامة العامّة و الخاصة كلتيهما مع مزيد الاهتمام بالبحث عن إمامة المهدي عليه السّلام.

عملنا في تصحيح و تحقيق الكتاب

حيث إنّ اللّه تبارك و تعالى يسّر لنا الحصول على النسخة الأصلية المخطوطة من الكتاب بخطّ مؤلّفه المحقّق البهاري الموجودة في مكتبة السيدة فاطمة المعصومة عليها السّلام بقم المرقّمة 899، فقد صرنا في غنى عن تحصيل سائر نسخ الكتاب أو إثبات اختلاف النسخ في الهوامش. و هذه النسخة نفيسة قليلة الأخطاء و عليها حواش جميعها عناوين مباحث الكتاب، و في مقدّمتها تقريظ من آية اللّه السيّد حسن الصدر رحمه اللّه بخطّه الشريف.

و قد اعتمدنا في تحقيق الكتاب على هذه النسخة، و بعد استنساخ الكتاب خرّجنا الآيات و الأخبار و أقوال العلماء من مصادرها الأصلية، و تحرّينا من هذه المصادر ما هو الموجود عند المؤلّف، و أثبتنا عناوين تلك المصادر في التعليقات مع الإشارة إلى اختلاف ما نقله المحقق البهاري مع الموجود في تلك المصادر إن كان هناك اختلاف.

ص:28

الخاتمة

كلمة شكر و ثناء

نشكر اللّه تعالى و نحمده على أن تفضّل علينا بتحقيق و إعداد هذا الكتاب المتفرّد في موضوعه، و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه. و بعد السلام و التحيّة على صاحب الأمر الإمام المهدي عليه السّلام حيث هيّأ لنا التوفيق لخدمة صاحب الولاية الكبرى، و خدمة بنت باب الحوائج إلى اللّه السيدة الستي فاطمة المعصومة عليها السّلام.

و في نهاية المطاف أتقدّم بالشكر الخالص إلى سماحة آية اللّه المسعودي المتولي العامّ للروضة المقدّسة بقم و سماحة الفضيلة حسين الفقيه الميرزائي نائب التولية و كذا الفاضل الألمعي الشيخ غلامعلي العباسي مسئول الامور الثقافية للروضة المقدّسة، و الشيخ أحمد رضا الأحمديان مسئول المكتبة. و المحققين الأعزّاء السيد حسن النقيبي و إلياس محمد بيگى الصادقي و عباس علي القضائي، فإنّه وقع مهمّة تحقيق الكتاب و تخريج مصادره على كاهلهم، كما أنّ السيد علي أصغر الموسوي و رسول عينلو و عبد اللّه العسكري و السيد محسن الصالحي ساعدونا في استنساخ الكتاب. و الّذي تولّى الإشراف و المراجعة على تحقيق الكتاب مع الملاحظة النهائية الشيخ محمد باقر بابانيا. فإنّهم ساعدوني في إنجاز هذا المشروع و تحقيق الكتاب. و للّه درّهم و أتقدّم إليهم بالشكر.

و آخر دعوينا أن الحمد للّه ربّ العالمين احمد العابدي

23 رمضان المبارك 1423 ق.

ص:29

ص:30

صورة تقريظ آية اللّه السيد حسن الصدر

ص:31

ص:32

صورة الصفحة الاولى من الكتاب

ص:33

صورة الصفحة الأخيرة من الكتاب

ص:34

ص:35

ص:36

صورة المؤلّف المحقّق البهاري رحمه اللّه

ص:37

تصوير مضجع البهاري الشريف

ص:38

ص:39

ص:40

تقريظ قيّم و كلمة طيبّة

لسماحة الحجة العلامة السيد حسن الصدر

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، و الصلاة على رسوله المبعوث لكافّة الأمم، و على آله أهل العصمة و الكرم.

أمّا بعد؛ فيقول العبد الراجي فضل ربّه ذي المنن ابن السيد هادي من آل صدر الدين حسن: اعلموا يا إخواني أنّ هذا هو «كتاب النور في الإمام المستور» حوى من درر الأسرار ما يكاد سنابرقه يذهب بالأبصار، انتضمت دراريه و استحكمت معانيه، و أشرقت أنواره إشراق البدر في سواد مفرق هذا الدهر، قد فتحت به معضلات المسائل حتّى لم يبق قول لقائل، لم يبلغ أحد بلاغه حتّى أعاظم الصناعة، تقصر عنه الإشارة و تضيق عن إحاطة نعته العبارة. فهو الحياة لأولى البصائر و الأبصار، و أحاديثه نخب الآثار و الأخبار، كما لا يخفى على أولى النهى و الأنظار، و لا غرو فقد جمعه الشيخ المتبحّر الباهر و من هو للعلوم باقر، قد نشر بيد الفضل أعلامه و طوى على التحقيق لياليه و أيّامه، لم أعثر على من جرى على مثاله أو نسج على منواله، فعلى نور هذا الكتاب يجد الحيران الهدى و من به المقتدى، و لعمري لهو النور لمن كان له قلب قد أوعى. و لو أنزلناه على جبل لرأيته خاضعا متصدّعا (1)قد-و اللّه-أسفر الحقّ به وجهه و أوضح نهجه، حتّى عاد حلية

ص:41


1- اقتباس من قوله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ [الحشر:59، الآية 21].

لجيل هذا الزمن العاطل، و زينة لأهل المنابر و المحافل، و نور هداية لأهل الفضل و الفواضل.

فلو تأمّل علماء الجمهور أحاديثه الباهرة و براهينه القاهرة، كان الجدير أن يتلى عليهم: فَإِذا هُمْ بِالسّاهِرَةِ (1)تتجلّى به البصائر و ترتاح بمطالعته القلوب و الضمائر. فهو هداية الاستبصار و بحار الأنوار، و كشف المحجة عن طرائف الأسرار، و فتح الأبواب و ربيع الألباب.

فأسعد اللّه بالشيخ الفاضل جدود الأفاضل و ورّد بنور مزاياه خدود الفضائل، و عمّر به أفنية الشريعة، و رفع به أعمدة الملّة المنيعة و جعله ملاذا للشيعة، فقد حباهم بكتاب تستأنس برائق تحقيقاته النفوس، و تتجلّى بترتيبه و أبوابه أبواب النحوس، فهو الحقيق بأن يكتب بالنور على جبهات الحور، لا ما تلفّقه علماء أهل العناد من الجمهور، فقد زيّفها هذا الشيخ الفاضل-دامت إفادته-بالصوارم الإلهية، و نقضها بالضربة الحيدرية، و قطعها بالصمصام البتار، و قصمها بذي الفقار و حسام الإسلام، و شجّرها بطفق الرماح، و أعماها بالبرق الخاطف، و فضحها بتشييد المطاعن و كشف الضغائن و تقليب المكائد، و صرعها بمصارع الأفهام.

حتّى قامت الحجّة بالجواهر العبقرية، و ظهرت مقالة الإمامية بعبقات الأنوار، و تمّ البرهان على إمامة الأئمة الأطهار. و الحمد للّه ربّ العالمين.

حرّرته يمناي الداثرة في غرّة شهر رمضان المبارك من شهور سنة 1317. و اللّه جلّ جلاله وليّ التوفيق و كتبه السيد حسن الصدر

ص:42


1- النازعات:79، الآية 14.

متن الكتاب

اشارة

ص:43

ص:44

مقدمة المولف

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الأولين و الآخرين إلى يوم الدين.

و بعد فيقول العبد الفاقر إلى ربّه الغافر-محمّد المدعوّ بباقر ابن الراجي عفو ربّه الأكبر محمّد المدعوّ بجعفر ابن الواصل إلى رحمة ربّه الوافي محمّد المدعوّ بكافي ابن محمّد يوسف عفي عنهم و عمّن دعا لهم بخير: إنّي كنت كتبت كتابي «أبهى الدرر تكملة عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر» و أثبتت فيه من طرق إخواننا أهل السنة أنّ المهدي الموعود به في أخبارهم هو الثاني عشر من أئمة الإمامية، بما يكون حجة على العباد إلى يوم التناد، إلاّ أنّي كنت اقتصرت فيه على ذكر الروايات، و رمزت في آخره إلى شيء من وجوه الدلالات، و نبذ من طرق الاستدلال بها على وجه الاختصار.

ثمّ بدا لي تجديد الكلام في هذا المرام في و ريقات تكون تبصرة لأولى النهى، فجاء بحمد اللّه تعالى «كتاب النور في الإمام المستور» عجلّ اللّه فرجه و سهّل مخرجه.

و رتّبت ذلك على مقدّمة و أبواب و خاتمة.

المقدّمة في الإشارة إلى الحاجة إلى وجود من يمكنه القيام بأمر الدين و تبليغه إلى العباد عضّا طريّا من غير شوب باطل و لا اختلاف نحو ما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ثمّ باب الأخبار الدالّة على وجود الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وجوب

ص:45

الايتمام به و الدخول في طاعته دوام الإسلام، و بعض ما لذلك الإمام من الأوصاف.

ثمّ باب أنّ هذه الأمّة قد خيف عليهم الضلال و وقع المحذور بفقد شرط انتفاء ذلك المخوف، و لو ائتمّوا بإمام مرّ وصفه لم يضلّوا قضيّة ما سلف، و أراد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يكتب ما لا يضلّون بعده فمنع منه، و كان رزية كلّ الرزية.

ثمّ باب أنّهم أمروا بالتمسك بالكتاب و العترة كيلا يضلّوا فلهم منهم أمراء و أئمة و خلفاء يمنعونهم من الضلال بما خصّوا به من علم الدين.

ثمّ باب تعيين أهل البيت و العترة الذين أمر الناس بالرجوع إليهم و التمسك بهم و الدخول في طاعتهم و الايتمام بهم مدّة الإسلام.

ثمّ باب أن عيّن أمرائهم من العترة و الرؤساء المرجوع إليهم منهم في تلك المدّة في اثني عشر لا يزيد فيهم واحد و لا ينقص واحد.

ثمّ باب جملة ممّا يعلم حاله من تلك الأخبار، و إلاّ فكلّه لا يحصى هنا، و فيه تعيين الاثني عشر.

ثمّ باب بعض ما في الثاني عشر.

ثمّ باب سرّ حجب هذا البدر المنير عن الأبصار بعد الإيماء إلى أمور هي كالمقدّمات له.

ثمّ باب بعض الكلمات الصادرة في هذه الإمام من بعض الأعلام.

الخاتمة في تعيين بعض نسخ مدارك الكتاب.

ص:46

المقدّمة

إنّ من الواضح الضروري من دين الإسلام أنّ اللّه تعالى بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خاتم الأنبياء، و ليس بعده نبيّ، فلابدّ أن يكون أقام به الحجج و أوضح المنهج للناس إلى يوم الدين. حتّى يكون شرعه محكم البنيان و أوضح البرهان في كلّ أوان بوجود من يقوم بأمره، يحمي (1)حماه بنحو ما كان يفعله و نحو ما كان في زمانه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى يمكن الوصول إلى خالصه و يكون حرمان من يحرم عن لبّه لنحو ما كان لحرمان المحرومين في زمانه من الأسباب سُنَّةَ اَللّهِ فِي اَلَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اَللّهِ تَبْدِيلاً (2)و إلاّ عادت الجاهلية الأولى و اضمحلّ الدين نحو ما وقع في الأولين و لم يتمّ الحجة على الآخرين و قد أقام علما في الدين يضيئون (3)إليه و يلوذون به، يقوم به دينهم و لا يندرس إلى قيام الساعة، و قد أشار إلى هذا العلم الإمام في أخبار و نحن نشير إلى نبذة منها في ضمن أبواب.

ص:47


1- في النسخة: ينحمي.
2- الأحزاب:33، الآية 62.
3- كذا في النسخة، و الظاهر: يستضيئون.

ص:48

الباب الاول: باب الأخبار الدالّة على وجود الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وجوب...

اشارة

باب الأخبار الدالّة على وجود الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وجوب الايتمام به و الدخول في طاعته دوام الإسلام و بعض ما لذلك الإمام من الأوصاف

ص:49

رواية ينابيع المودّة

في «ينابيع المودّة» في آخر الكتاب، و في «الأربعين» للشيخ بهاء الدين العاملي قدّس سرّه صاحب الكشكول و الأوراد قال: إنّ الحديث المتفق عليه بين العامّة و الخاصّة: «من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية. . .» و كذا في كتاب «الملل و النحل» هذا الحديث موجود (1). انتهى.

رواية معاوية

(2)

أقول: و من ذلك ما في «مسند الإمام أحمد» في الجزء الرابع في أحاديث معاوية-و هو في السادسة و التسعين في الطبع-: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أسود بن عامر، أنبأنا أبو بكر، عن عاصم، عن أبي صالح، عن معاوية، قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية» (3).

رواية عامر

و في الثالث في أحاديث عامر بن ربيعة-في السادسة و الأربعين بعد الأربع مأة -: حدّثنا عبد اللّه، حدّثنا أبي، حدّثنا أبو النضر و حسن، قالا: حدّثنا شريك، عن عاصم بن عبد اللّه (4)، عن عبد اللّه بن عامر-يعني ابن ربيعة-، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من مات و ليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية، فإن خلعها

ص:50


1- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني ص 524؛ «الأربعون حديثا» الحديث السادس و الثلاثون، ص 206؛ «الملل و النحل» ج 1، ص 172.
2- جميع العناوين التي جعلناها بين المعقوفتين موجودة في هامش النسخة الخطية و إنّما نقلناها مطابقة لما في المخطوطة.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 96.
4- في المصدر: عبيد اللّه.

من بعد عقدها في عنقه لقي اللّه تبارك و تعالى و ليست له حجة. . .» (1)الخبر. و في ذيله، قال حسن: «بعد عقده إيّاها في عنقه» (2).

و لا يخفى عليك دلالة الخبر على أنّ الإمام أنّما اعتبر ليطاع، حيث إنّ موت الجاهلية يحصل بأن لا يكون له إمام، و بأن لا يدخل في طاعة إمام.

رواية أبي هريرة

مسلم في «الصحيح» في كتاب الإمارة، في باب الأمر بلزوم الجماعة: حدّثنا شيبان بن فرّوخ، حدّثنا جرير-يعني ابن حازم-، حدّثنا غيلان بن جرير، عن أبي قيس بن رياح، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّه قال: «من خرج من الطاعة و فارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، و من قاتل تحت راية عميّة يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتله جاهلية. . .» الخبر (3).

«عمية» يحتمل الصفة، ففي «القاموس» : «فهي عمياء و عمية و عمية» (4)و يحتمل المصدر قال: «و العمية بالكسر و الضمّ مشدّدتي الميم و الياء: الكبر و الضلال» (5)و أيّاما كان فالمراد أن ليست على هدى، و لعلّ قوله: «يغضب. . .» كالتفسير لذلك.

ثمّ إنّ الخبر كالصريح في أنّ الجماعة يراد بهم خصوص الملازمين للطاعة، و أنّ الخروج من الطاعة عبارة أخرى من فراق الجماعة أو محقّق له؛ فلاحظ.

ص:51


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 446.
2- نفس المصدر.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 20.
4- «القاموس المحيط» ج 4، ص 366.
5- نفس المصدر.

أيضا رواية أبي هريرة

حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا عبد الرحمان بن مهدي، حدّثنا مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير، عن زياد بن رياح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من خرج من الطاعة و فارق الجماعة ثمّ مات، مات ميتة جاهلية. . .» الخبر (1).

و روي الفقرة الثانية فقط عن هريم بن عبد الأعلى، عن المعتمر، عن أبيه، عن أبي مجلز، عن جندب بن عبد اللّه البجلي، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).

و أيضا حدّثنا محمّد بن المثنى و ابن بشار، قالا: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن غيلان بن جرير، بهذا الإسناد، غير أنّ ابن المثنى لم يذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (3).

رواية ابن عباس

و أيضا حدّثنا حسن بن الربيع، حدّثنا حمّاد بن زيد، عن الجعد أبي عثمان، عن أبي رجاء، عن ابن عباس يرويه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنّه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية» (4).

«البخاري» في الجزء الرابع في كتاب الأحكام في باب السمع و الطاعة للإمام ما لم يكن معصية: حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حمّاد. فذكر مثله إلاّ أنّه قال:

«فيموت إلاّ مات ميتة جاهلية» (5).

ص:52


1- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 21.
2- نفس المصدر، ص 22.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 21.
4- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 21.
5- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 105.

«مسلم» في الباب: حدّثنا شيبان بن فرّوخ، حدّثنا عبد الوارث الجور (1)، حدّثنا أبو رجاء العطاردي عن ابن عباس، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال «من كره من أميره شيئا فليصبر عليه، فإنّه ليس أحد من الناس يخرج (2)من السلطان شبرا فمات عليه إلاّ مات ميتة جاهلية» (3).

رواية ابن عمر

حدّثنا عبيد اللّه بن معاذ العنبري، حدّثنا أبي، حدّثنا عاصم-و هو ابن محمّد بن زيد-، عن زيد بن محمّد، عن نافع، قال: جاء عبد اللّه بن عمر إلى عبد اللّه بن مطيع حين كان من أمر الحرّة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرّحمان وسادة، فقال: إنّي لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدّثك حديثا سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقوله: سمعته (4)يقول: «من خلع يدا من طاعة لقي اللّه يوم القيامة لا حجّة له، و من مات و ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» (5).

حدّثنا ابن نمير، حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكير، حدّثنا ليث عن عبيد اللّه بن أبي جعفر، عن بكير بن عبد اللّه الأشج، عن نافع، عن ابن عمر: أنّه أتى ابن مطيع فذكر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نحوه (6).

حدّثنا عمرو بن علي، حدّثنا ابن مهدي [و]حدّثنا محمّد بن عمرو بن جبلّة،

ص:53


1- في المصدر: الجعد.
2- في المصدر: خرج.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 21.
4- في المصدر: سمعت رسول اللّه.
5- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 22.
6- نفس المصدر.

حدّثنا بشر بن عمر، قالا (1): حدّثنا هشام بن سعيد (2)، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نحوه (3).

رواية عرفجة

و روي بطرق عن عرفجة، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة و هي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان» (4).

و في بعضها: «فاقتلوه» (5)و في بعضها: «من أتاكم و أمركم جمع على رجل واحد، يريد أن يشقّ عصاكم أو يفرّق جماعتكم فاقتلوه» (6). و بعض ذلك «أو كلّه» قد رواه في «المسند» أيضا (7).

بيان الأخبار

أقول: مجمل القول في تلك الأخبار أنّه قد ذكر عناوين حكم عليها بكون ميتتها جاهلية، سردها:

1-من مات و لم يعرف إمام زمانه.

2-من مات بغير إمام.

3-من مات و ليست عليه طاعة.

ص:54


1- في المصدر+: جميعا.
2- في المصدر: هشام بن سعد.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 22.
4- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 22.
5- نفس المصدر.
6- نفس المصدر.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 24؛ ج 4، ص 261 و 341.

4-من مات و ليس في عنقه بيعة.

5-من خرج من الطّاعة و فارق الجماعة.

6-من خرج من السّلطان شبرا.

7-من فارق الجماعة.

و قد حكم على تلك العناوين ب

1-مات ميتة جاهلية.

2-فمات، مات ميتة جاهلية.

3-فمات فميتته جاهلية.

رجوع مفادات الأخبار إلى أمر واحد

و الظاهر أنّ الأربعة الأول ترجع إلى أمر واحد و هو ترك اتخاذ إمام ينقاد له بالطاعة فيما أمر. و الثلاثة الأخيرة (1)ترجع إلى أمر واحد و هو خلع ربقة طاعة الإمام. و يرجعان إلى أمر واحد هو ترك الايتمام. و ستعرف الكلام في عنوان الجماعة إن شاء اللّه تعالى.

هذا في جانب الموضوع.

استظهار السببية

و أمّا في طرف الحكم فالظاهر رجوع الكلّ إلى الإخبار بأنّ موت صاحب العنوان ميتة جاهلية. و حيث كان الإخبار بذلك الكلام على صورة القضية الشرطية دلّ على أنّ العنوان المذكور في المقدّم سبب للأمر المذكور في التالي

ص:55


1- أي الخامس و السادس و السابع.

و بينهما تأثير و تأثّر، كما دلّ على أنّ الموت المذكور في المقدّم ليس جزءا من السبب المذكور، بل المؤثر في الواقع عدم معرفة الإمام و عدم اتخاذه و عدم البيعة له و عدم الانقياد لطاعته فقط، فنفس ذلك الأمر العدمي هو المؤثر في الجزاء. و إذا ثبت الدّلالة على التأثير المزبور في المذكور في المقدّم و سياق الشرط ثبت أحد الأمرين-بعد وضوح كون تلك الأخبار ناظرة إلى خصوص المسلمين و خصوص أحوالهم بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-:

أحدهما كون اتخاذ الإمام شرطا في الإسلام، و انتفاء الشرط يوجب فوات فوائد الإسلام و نقض المشروط.

و ثانيهما كون اتخاذ الإمام مانعا عن الضلال، و حيث ينتفي المانع يوجد الممنوع، و إلاّ فترتّب الجزاء المذكور في تلك الأخبار على الشرط المذكور فيها غير معقول كما لا يخفى.

إثبات كون اتخاذ الإمام مانعا عن طرد الضلال

و من الواضح انتفاء الأوّل، لتمامية إسلامهم بالإقرار بالشهادتين، فيتعيّن الثاني و هو كون اتخاذ الإمام مانعا عن الموت ميتة جاهلية.

ثمّ ما ذكر فيه الموت في المقدّم و التالي معا أنّما أورد بيانا لحال الميّت و يعرف منه حال الحيّ أيضا، لأنّ من مات بغير إمام ميتة جاهلية حياته أيضا حياة أهل الجاهلية، فهو من نوع الجاهلية في حياته و موته، و ليس تنحصر النوعية في الممات فقط.

و أمّا مثل رواية أبي هريرة (1)فيمكن أن يكون إرشادا إلى إيراثه سوء الخاتمة، و الجاهلية في العاقبة، و لعلّه أيضا لا يكون مع المفارقة التامّة الحقيقية للجاهلية في

ص:56


1- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 20.

الحياة، بل يكون بالجاهلية في الحياة أيضا كما لا يخفى.

ثمّ إنّ نوع ميتة الجاهلية المشار إليه في تلك الأخبار إمّا أن يكون ما خصّ به أهل الجاهلية في كيفية القبض و العذاب عند النزع و نحو ذلك، أو الموت بغير دين الإسلام. و لعلّ الظاهر من سياقها و المتفاهم منها عرفا هو الثاني، لأنّه الذي كان يعرفه الناس كلّهم فخوّفوا به؛ فلاحظ.

في بيان الجاهلية

و أيضا نقول: الجاهلية مقابل الإسلام، و جاهلية تارك اتخاذ الإمام و الانقياد لطاعته في موته المحكوم بها في تلك الأخبار يمكن أن يكون نفس عمله جاهلية لا يرتبط بما دعا إليه دين الإسلام-كما في قوله: «من مات من غير وصية مات ميتة جاهلية» (1)-و أن يكون عمله هذا مستتعبا له بأن يبتلي بسوء الخاتمة- و العياذ باللّه منه-و بأن يقع في الجاهلية في أعماله التي يبتلي بها حال عدم اتخاذ الإمام.

و قد يضعّف الأول بأنّ البيعة للرئيس و الدخول في طاعته كانت متداولة في الجاهلية أيضا، فكيف يعدّ نفس ترك الاتخاذ جاهلية؟ ! !

و فيه أنّه لو أريد مطلق اتخاذ الرئيس و المتبوع، فالأمر كذلك. فقد كان في الجاهلية أيضا، فلا يكون تركه من خواصّ الجاهلية، و المراد في الروايات المتبوع في الأمور الدينية الذي يسلم تابعه كما أوصى إليه بذكر ذلك في ترك الطاعة و في الخروج من السلطان و نحوهما أيضا. و من خواصّ أهل الجاهلية ترك اتخاذ إمام كذلك لأمور دينهم و أخراهم، و إلاّ لم يكونوا في الجاهلية كما لا يخفى.

ص:57


1- «مناقب آل أبي طالب» ج 2، ص 246؛ « مشكاة الأنوار» ص 585؛ «روضة الواعظين» ص 482.

و قد يؤيّد هذا الوجه أنّ الخبر عامّ لكلّ من مات بغير إمام، سواء كان طال عمره و ابتلي بأعمال لا يعرف حكمها أم لا حتّى من لم يقع بين موته و موت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فصل كثير.

و بعبارة أخرى: عمله جاهلية لا يكون بواسطة هذا العمل محظوظا من الإسلام بواسطة كثرة مفاسد ترك اتخاذ الإمام و ليس ذلك إلاّ الوقوع (1)في عمل أهل الجاهلية فيما بعدّ كثيرا.

و أمّا الثاني فكان سياق الأخبار ينصرف إلى غيره؛ فلاحظ.

و مع ذلك فنقول: إنّ الجاري على الصراط المستقيم في حياته لا يعقل أن يبتلي بالجاهلية في وفاته، فلابدّ أن يكون عمله مخالفا للشرع حتى يبتلي، و يكفي فيه تلك الأخبار الدالة على دعوة الإسلام إلى الايتمام بإمام تعرف وصفه إن شاء اللّه، فيكون الترك جاهلية أيضا.

فالوجوه كلّها تلازم جاهلية المسلم التارك لاتخاذ الإمام في حياته حتّى يبتلي بها في مماته، و مع ذلك فالمصدر النوعي كأنّه يراد به أنّ هذا المسلم التارك للايتمام كمن لم يفز بحظوظ الإسلام.

و بعبارة أخرى: الجاهل في ذلك أو الجاهل (2)في الجملة يموت كموت أهل الجاهلية المطلقة فيما لهم من الخصوصية، و يكون حكم هذا البعض حكم الكل.

و بعبارة أخرى: يكون هذا التارك المسلم كمن لم يدخل في الإسلام أصلا، و من المعلوم أنّ تلك المشاركة أنّما تكون مع وقوع الكثير من الأعمال أو العمدة منها على غير قواعد الإسلام، أو فوات الالتزام و التديّن فيها على ما يكون في الإسلام، لوضوح أنّ مدار الفرق بين الجاهلية و الإسلام أنّما هو في التديّن

ص:58


1- كذا في النسخطة، و الظاهر: للوقوع.
2- في النسخة المخطوطة: الجاهلي، و لكن الصحيح ما أثبتناه في المتن.

و الالتزام، لا في نفس العمل، فتارك الفرض عصيانا بعد الإقرار به مسلم لا يكون من أهل الجاهلية، بخلاف غير الملتزم بوجوبه، فيعدّ جاهليّا لا عاصيا؛ فتأمّل.

إثبات عنوان المانعية

و إذا ثبت جاهلية من لم يتخذ الإمام في حياته أيضا-و كون ذلك بملاحظة جاهلية في أعماله حال الحاجة إلى الإمام، حيث يكون في عمله خارجا من الطاعة و السلطان و مفارقا للجماعة و مخالفا للحقّ و القرآن، و لعلّ استفادة ذلك من تلك الأخبار لا صعوبة فيها-فنقول: من الواضح أنّ الجاهلية معني واقعي-لا تعبّدي-يوجد في محلّها بالجهل بما (1)أرداه اللّه تعالى من العبد، و بذلك دخل أهل الجاهلية فيها و سمّوا باسمهم. و تلك الجاهلية ممّا يجري عليه البشر بمقتضى طبائعهم و عاداتهم، و لذا احتاجوا في الفوز بالسعادة إلى أن يأتيهم رسل مبشّرين و منذرين فيحتاجون إلى دافع للجاهلية و مانع عنها، فيثبت مانعية اتخاذ الإمام و الدخول في طاعته عن الجاهلية فيما بعد بمقتضى تلك الأخبار.

في الأمور التي تظهر من تلك الأخبار

اشارة

و حينئذ فيستفاد من تلك الأخبار أمور:

الأوّل: أنّ الدخول في طاعة الإمام مانع عن الجاهلية

الأوّل: أنّ الدخول في طاعة الإمام مانع عن الجاهلية فلا يجامعها أبدا، ضرورة المانعية كما لا يخفى.

الثاني: لزوم انتفاء الجاهلية عن ذلك الإمام و من قبله

الثاني: أنّ ذلك الإمام لا يوصف بجاهلية و لا يأتي من قبله جاهلية أبدا،

ص:59


1- في النسخة: بالجهل ما، و الصحيح ما أثبتناه في المتن.

ضرورة المانعية. إذ المانعية عن شيء لا يتأتّي عن واجده، كاستحالة تأثيره في وجود ممنوعه. و من ائتمّ بجاهلي ارتطم فيها، لا خرج عنها و خلص منها. فلابدّ أن يكون عالما بجميع ما يحتاج آحاد رعيته إلى علمه فيه، ضرورة رئاسته على الكلّ بوجه واحد و بالعلم، و مانعيته عن جاهلية كلّ الآحاد متبوعا غير تابع لواحد من الأمّة. ضرورة إمامته على الكلّ و تكليف الناس باتخاذه إماما و الدخول في طاعته.

و أيضا دلّت تلك الأخبار على أنّ الخلوص من الجاهلية يتوقف على اتخاذ الإمام و الدخول في طاعته، إذ لو لا التوقّف المزبور لم يتمّ الحكم بجاهلية من لا إمام له على وجه الإطلاق، فلو كان لذلك الإمام مورد جاهلية وجب ايتمامه بآخر و لو لم يفعل لمات بغير إمام و هكذا في كلّ من يفرض له مورد جهل فيما يحتاج إليه هو أو رعيّته، و حينئذ قد يتسلسل أو يدور، و من المعلوم من تلك الأخبار أنّ الموصوف بالإمامة يجب الايتمام به.

الثالث: انتفاء الإمامة عمّن له جاهلية أو تأتي من قبله

الثالث: انتفاء الإمامة المشار إليها في تلك الأخبار عمّن علم جاهليته في الأحكام كلّها أو بعضها في مورد احتياج الناس و كذا عمّن يأتي من قبله جاهلية، أعني من يوجب إطاعته الوقوع في عمل جاهلية.

الرابع: إنّ وجوده يدوم بدوام الإسلام

الرابع: أنّ وجود المانع اتباعه عن جاهلية آحاد الرعية في كلّ مورد يمكن فيه كونهم في الجاهلية و أهلها، مستمر في دين الإسلام من زمان مضي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الأبد، ضرورة إطلاق الأخبار و دوام الحاجة إلى المانع المزبور و عدم فرق في التكليف بالايتمام.

ص:60

الخامس: إنّ إمامته لا تتوقّف على اجتماع و نحوه

الخامس: أنّ إمامة ذلك الإمام أو منشأها الباعث على إيجاب الايتمام به أنّما هو بمانعيته عن الجاهلية و قدرته على منعها و دفعها، و ذلك أمر واقعي في مورده لا يحتاج تحقّقه إلى اجتماع الناس و ايتمامهم بذلك الإمام، كما لا يضرّه عدم ذلك الاجتماع، ضرورة أنّ مانعية المانع تلازم ذاته و يدور مدار وجوده، و لعلّ ذلك واضح.

السادس: لزوم عالمية ذلك الإمام بكلّ ما يحتاج إليه الآحاد

السادس: أنّ إمامة هذا الإمام موقوف على علمه بكلّ مورد يجهل فيه الرعية و يبتلون بجاهليته و الضلال، فبذلك يعلم أن لا يمكن حصولها باجتماع الناس و نحوه لقصورهم عن معرفة وجود المانعية المطلقة لتمام الرعية في كلّ الأحوال عن الجاهلية و الضلال، [و كذا عن معرفة وجود المانعية المطلقة]لشخص مدّة عمره و إمامته و رئاسته من غير تخلّف، بل يعرف ذلك العالم بمراتب الناس و عواقبهم، و هذا معني الحاجة إلى النصّ و التعريف من اللّه جلّ جلاله.

السابع: يجب أن لا تكون مع اتخاذه جاهلية

السابع: أنّ الجاهلية لازم ترك اتخاذ الإمام، فلابدّ أن لا تثبت مع اتخاذه و إلاّ لم يكن الفرار منها باعثا على اتخاذه لوجودها مع اتخاذ الإمام و عدمه، و ارتفاع الجاهلية باتخاذ الإمام أنّما يكون بسؤاله و اتّباعه فيما يقول و يرشد إلى ذلك ذكر الطاعة و نحوها فيما مرّ من الأخبار. و إن شئت قلت: إنّ لازم ترك الإمام الجاهلية، فيدلّ على كون لازم ضدّه ضدّ الجاهلية لدفع مرض الجاهلية و لا يندفع إلاّ بسؤاله و الأخذ بعلمه.

ص:61

الثامن: إنّ الأمّة كلّهم غير الإمام في معرض الجاهلية

الثامن: أنّ الأمّة كلّهم غير الإمام في معرض الجاهلية، فيحتاجون إلى الإمام دفعا لذلك و إلاّ لم يتمّ إطلاق وجوب الايتمام و الدخول في طاعة الإمام، و لعلّ ذلك أيضا بعد ملاحظه الحوادث لا يكون تعبّديّا و يعرفه كلّ بصير.

التاسع: إنّ أهل البيت لا يشار كونهم في ذلك

التاسع: أنّ أهل البيت-الآتي وصفهم في الأخبار-ليسوا من هؤلاء الأمّة المحكوم بجاهليتهم لو لا اتباعهم. و ذلك لاستحالة جاهلية من لا يفارق القرآن و لا يفارقه، و كذا جاهلية سفينة النجاة، إلى غير ذلك ممّا يأتي في وصفهم، فيختصّ تلك بغير هؤلاء المذكورين في تلك الأخبار، و لعلّ ذلك-بعد وضوح تصادق الجاهلية و الضلال-في كمال الوضوح.

العاشر: إنّ ذاك الإمام من العترة الهادية

العاشر: أنّ ذاك الإمام المانع اتّباعه عن جاهلية تابعيه تماما و في كلّ أحوال التبعية من العترة و أهل البيت، يعرف ذاك من ضمّ هذه الأخبار إلى ما يأتي في أهل البيت الموجب رئاستهم على عامّة الأمّة و كون كلّ من سواهم في معرض الضلال إلاّ أن يتمسّكوا بهم. و لا يحتمل أحد تقييد الأخبار الآتية بأخبار الايتمام بالإمام و إلاّ لاحتاج القرآن إلى إمام يأتمّ به و هم قرناءه و مشاركوه في عدم المزايلة عن الحقّ، فدلّت الأخبار المزبورة على وجود إمام عالم بشرائع الإسلام عامّة ليس له جاهلية أصلا يندفع باتّباعه جاهلية الرعيّة فيما تبعوه من غير استثناء و هو من العترة أهل البيت يجب على الناس اتباعه و الايتمام به دفعا لمرض الجاهلية؛ و أين معاوية و أهل البيت؟ ! و أضرابه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ ! هذا.

ص:62

و خصوص حديث ابن ربيعة (1)تخدير عن إنكار الإمام وليّ الأمر الّذي أمر بطاعته كما أمر بطاعة الرسول في الآية (2)، إذ المراد طاعة إمام الحقّ و أمّا غيره فعدم إطاعته مطلوب للشارع و محبوب له و مندوب إليه كما يأتي، فلا يعقل أن يوجب موت الجاهلية و لا خلعها سببا لانقطاع الحجة و المحجوجية، فذكر هذين الأمرين على أنّ المراد من الإمام إمام ليس له مورد طاعة إلاّ و هو للّه رضى، كما يدلّ على أنّ الإمام حجة على العباد و أنّ الفوز مع الانقياد له، و الهلاك مع عدم الانقياد، فيثبت بذلك أيضا اعتبار عالميته بشرائع الإسلام و كونه يوافق رضي اللّه في سائر الأحوال، و منه يعلم الحال في عنوان الخروج من الطاعة، فإنّ المعيار على انتفاء الطاعة، و من يكون مخالفته و ترك طاعته-و لو في مورد-رضي اللّه تعالى لا يكون من ذلك الإمام المشار إليه في تلك الأخبار بل الإمام غيره.

مفاد حديث فراق الجماعة

اشارة

و أمّا أحاديث فراق الجماعة (3)فنقول: -مضافا إلى ما يظهر منها من أنّ المراد منها جماعة الإمام الّذي لا يأمر إلاّ بما هو للّه رضى، كما عرفت الذين اتّفقوا على طاعته و ثبتوا عليها-:

أوّلا: لا يراد منها الفراق الكلّي بل الأعم كما يدلّ عليه قوله: «شبرا» (4)و نحو ذلك.

و ثانيا: لم يرد منه الفراق في خصوص شيء خاص بل مطلق المفارقة لهم كما

ص:63


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 446؛ ج 4، ص 341 و 261؛ ج 5، ص 24؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 22.
2- النساء:4، الآية 59.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 22 و 20.
4- نفس المصدر، ص 21.

يرشد إليه التنكير أيضا.

ثالثا: لمّا حكم بجاهلية كلّ مفارق لها في أيّ شيء كان و في أيّ وقت كان كما هو قضية الإطلاق الوارد في مقام التعليل يكون المراد منها جماعة ليس لهم جاهلية و لا لواحد منهم و إلاّ لم يجامعهم و لا يصدر منهم عمل غير ما يقتضيه دين الإسلام و يدعو إليه و لا يخالف عملهم أبدا قضية دين الإسلام، و إلاّ لم يكن مفارقهم في ذلك العمل جاهليا و هو خلاف نصّ الأخبار، و هذا المعني مساوق لعصمتهم عن مخالفة الشرع و الهدى كما لا يخفى.

و رابعا: إنّ قضية ملاحظة المورد في الفراق بكره شيء من الأمير و بعد الاجتماع على عمل الحقّ من الناس في تمام أحوالهم و أفعالهم أنّ النظر في تلك الأخبار أيضا إلى فراق من يكون الحقّ و الهدى معه، يدور معه حيثما دار.

فافرض فراق الكلّ أو الأكثر فيما رأوا من الأمير ما كرهوه، و انظر-من يكون مذموم الخبر-الأمير أو من تركه؟ من الواضح أنّه الأخير.

و أيضا الجماعة إمّا أن يكون لهم إمام و إمّا لا يكون، و على الثاني هم أهل جاهلية قضية ما سلف، فكيف يكون مفارقهم جاهليا؟ و على الأوّل هم أتباع يكون المعيار على فراق رئيسهم الذي يكون مدار الحقّ و الحقّ مداره، و أيضا الجماعة إن تمسّكوا بالعترة قرناء التنزيل فالفراق فراقهم، و لا يكون للجماعة مدخلية و إلاّ فهم أهل ضلال، قضية ما يأتي، فلا يكون مفارقهم جاهليا و هو باطل.

لزوم كون مدار الحقّ في تلك الجماعة

و خامسا: إن ظاهر عنوان الجماعة و الفراق أنّه في مورد حصل اجتماع منهم في أمر، سواء كانوا كلّ أهل الإسلام أو بعضه كما في مورد الأخبار أيضا، و حينئذ لا بدّ من معرفة ما اجتمعوا فيه و عدم دخوله في أمر الجاهلية و لا يعلم ذلك إلاّ بعد

ص:64

وجود مدار الحقّ فيهم أو كون ما جمعهم أمر من يكون القرآن و الحقّ معه و هو معهما إذ الجماعة في الفرضين أمرهم ليس بجاهلية، و يوصف مفارقهم في الأمر الجامع جاهليا و يرمي إلى ذلك ما يأتي عن الترمذي أيضا، فلا يثبت الحكم لكلّ جماعة و اجتماع كما لا يخفى.

و يؤيّد ما حرّرناه ما ذكره الترمذي في «صحيحه» في كتاب الفتن، ذيل حديث «يد اللّه مع (1)الجماعة و من شذّ شذّ إلى النار» (2).

قال أبو عيسى: «و تفسير الجماعة-عند أهل العلم-: هم أهل الفقه و العلم و الحديث» قال: «و سمعت الجارود ابن معاذ، يقول: سمعت علي بن الحسن، يقول: سئل عبد اللّه بن المبارك من الجماعة؟ فقال: أبو بكر و عمر. قيل له: قد مات أبو بكر و عمر، قال: فلان و فلان. قيل له: قد مات فلان و فلان. فقال عبد اللّه بن المبارك: أبو حمزة السكري جماعة. قال أبو عيسى: و أبو حمزة هو محمّد بن ميمون و كان شيخا صالحا و إنّما قال: هذا في حياته عندنا» (3)، انتهى.

و أيضا من الواضح أنّ أظهر مصاديق الجماعة الّذين يكون مفارقهم أهل جاهلية الجماعة الذين يكون الإمام و الأمير معهم، كما أومي إليه في تلك الأخبار أيضا.

في الإمام المذموم و ذمّ الأمراء

و بعد ما جعلهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قسمين يكون الإمام الواجب اتّخاذه و الايتمام به أحد النوعين و الجماعة المذموم مفارقتهم خصوص اتباعه و لا يكون

ص:65


1- في المصدر: على.
2- «سنن الترمذي» ج 3، ص 315، ح 2255.
3- ما نقله المؤلف رحمه اللّه عن أبي عيسى لم نجده بعد الفحص الأكيد في سننه.

الإمام و الجماعة في كلا القسمين، بضرورة من العقول.

ففي «البخاري» في الجزء الثالث، في كتاب التفسير، في سورة التوبة، في قوله تعالى: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ اَلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ (1): حدّثنا محمّد بن المثنى، حدّثنا يحيى، حدّثنا إسماعيل، حدّثنا زيد بن وهب، قال: كنّا عند حذيفة، فقال:

ما بقي من أصحاب هذه الآية إلاّ ثلاثة و لا من المنافقين إلاّ أربعة. فقال أعرابي:

إنّكم أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تخبرونا فلا ندري فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا و يسرقون أعلاقنا (2)، قال: أولئك الفساق أجل لم يبق معهم (3)إلاّ أربعة أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده (4).

أقول: و عن حذيفة: إنّ أهل هذه الآية لم يقاتلوا بعد (5).

و قيل: إنّه مات بعد بيعة أمير المؤمنين عليه السّلام بأربعين يوما (6).

و في الجزء الثاني منه-قبيل فضائل أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بنصف كراس تقريبا-:

حدّثنا محمّد بن عبد الرحيم، حدّثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا شعبة، عن أبي التيّاح، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «يهلك الناس هذا الحيّ من قريش» . قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «لو

ص:66


1- التوبة:9، الآية 12.
2- القسطلاني: بالعين المهملة و القاف أي نفائس أيوان.
3- في المصدر: منهم.
4- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 203.
5- «تفسير الثعلبى» ج 5، ص 16؛ «جامع البيان» ج 10، ص 114.
6- «رجال الطوسي» ص 16: «حذيفة بن اليمان أبو عبد اللّه، سكن الكوفة و مات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين عليه السّلام بأربعين يوما» و مقصود المؤلف رحمه اللّه من هذه العبارة أن حذيفة- الذي قال: إنّ أهل هذه الأية لم يقاتلوا بعد-لم يكن حيا حينما قاتل أمير المؤمنين عليه السّلام مع أصحاب هذه الأية، أي مع أئمة الكفر و النفاق حيث قال عليه السّلام يوم الجمل: و اللّه ما قوتل أهل هذه الأية إلاّ اليوم؛ «الإفصاح» ص 125؛ «عوالى اللئالى» ج 2، ص 102.

أنّ الناس اعتزلوهم» (1).

قال محمود: حدّثنا أبو داود، أخبرنا شعبة عن أبي التياح سمعت أبا زرعة (2).

أقول: مسلم في كتاب الفتن من «صحيحه» عن أبي بكر بن أبي شيبة عن شعبة مثله (3).

و عن «الجمع بين الصحاح» : عن «موطأ» مالك عن أبي هريرة مثله (4).

و في «المسند» ، في أحاديث أبى هريرة، في الواحدة بعد الثلاث مأة، في الجزء الثاني: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة فذكر مثله، و قال بعد قوله: «اعتزلوهم» : قال أبي في مرضه الّذي مات فيه:

اضرب على هذا الحديث فإنّه خلاف الأحاديث عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يعنى قوله:

«اسمعوا و أطيعوا و اصبروا» (5).

و في «البخاري» في الموضع: حدّثنا أحمد بن محمّد المكّي، حدّثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي، عن جدّه، قال: كنت مع مروان و أبي هريرة فسمعت أبا هريرة يقول: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلاك أمّتي على يدي غلمة من قريش» ، فقال مروان: غلمة؟ قال أبو هريرة: إن شئت أن أسمّيهم بني فلان و بني فلان (6).

مسلم في كتاب الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة: حدّثنا خلف بن هشام، حدّثنا حمّاد بن زيد (ح) ، قال: حدّثني أبو الربيع الزهرانيّ و أبو كامل الجحدريّ،

ص:67


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 177.
2- نفس المصدر.
3- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 186.
4- «العمدة» لابن بطريق، ص 469، نقلا عن «الجمع بين الصحاح» .
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 301.
6- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 177.

قالا: حدّثنا حمّاد، عن أبي عمران الجوني، عن عبد اللّه بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخّرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها» ؟ قال: (1)فما تأمرني؟ قال: «صلّ الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصلّ فإنها لك نافلة» و لم يذكر خلف «عن وقتها» (2).

حدّثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن عبد اللّه بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّه سيكون بعدي أمراء يميتون الصلاة فصلّ الصلاة لوقتها فإن صلّيت لوقتها كانت لك نافلة و إلاّ كنت قد أحرزت صلاتك» (3).

و في طريق آخر: «كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخّرون الصلاة عن وقتها. . .» (4).

«الترمذي» في آخر كتاب الصلاة: حدّثنا عبد اللّه [بن]أبي زياد الكوفي، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، أخبرنا غالب أبو بشر، عن أيّوب بن عائذ الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن كعب بن عجرة، قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أعيذك باللّه يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدّقهم في كذبهم و أعانهم على ظلمهم فليس منّي و لست منه، و لا يرد عليّ الحوض، و من غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم و لم يعنهم على ظلمهم فهو منّي و أنا منه، و سيرد عليّ الحوض. . .» الخبر (5).

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا يعرفه إلاّ من هذا الوجه، و سألت

ص:68


1- في المصدر+: قلت.
2- «صحيح مسلم» الجزء الثاني، ج 1، ص 120.
3- نفس المصدر.
4- نفس المصدر، ص 121.
5- «سنن الترمذي» ج 2، ص 61، ح 609.

محمّدا عن هذا الحديث فلم يعرفه إلاّ من حديث عبيد اللّه بن موسى و أيوب بن (1)عائذ و استغربه جدا (2).

و قال (3)حدّثنا ابن نمير عن عبيد اللّه بن موسى، عن غالب بهذا (4).

أقول: و في الجزء الرابع من «المسند» في الثالثة و الأربعين بعد المأتين:

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى بن سعيد عن سفيان، حدّثني أبو حصين، عن الشعبي، عن عاصم العدوي، عن كعب بن عجرة، قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو دخل-و نحن تسعة و بيننا و سادة من أدم-فقال: «إنّها ستكون بعدي أمراء يكذبون و يظلمون، فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم و أعانهم على ظلمهم فليس منّي و لست منه و ليس بوارد عليّ الحوض و من لم يصدقهم بكذبهم و يعنهم على ظلمهم فهو منّي و أنا منه و هو وارد عليّ الحوض» (5).

أقول: فالاستغراب في غير محله و عدم المعرفة من المقصود.

و في كتاب الفتن، باب ما جاء في الأئمّة المضلّين: حدّثنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا حمّاد بن زيد، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء [الرحبي]، عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّما أخاف على أمّتي الأئمّة المضلّين. . .» الخبر.

قال أبو عيسى: و هذا حديث حسن صحيح (6).

ص:69


1- في المصدر-: و أيوب بن عائذ.
2- «في النسخة المخطوطة» : قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلاّ من حديث عبيد اللّه بن موسى و أيوب بن عائذ يضعف و يقال: كان يرى رأى الإرجاء، و سألت محمدا عن هذا الحديث، فلم يعرفه إلاّ من حديث عبيد اللّه بن موسى و استغربه جدا.
3- في المصدر+: محمد.
4- نفس المصدر، ح 610.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 243.
6- «سنن الترمذي» ، ج 3، ص 342، ح 233.

أقول: و في «المسند» : حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حمّاد، فذكر مثله (1).

و في الجزء الثالث من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث أبي سعيد، في الثانية و العشرين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا فضيل، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إنّ أحبّ الناس إلى اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و أقربهم منه مجلسا إمام عادل و إنّ أبغض الناس إلى اللّه يوم القيامة و أشدّهم عذابا إمام جائر» (2).

و في الخامسة و الخمسين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد اللّه، أنبأنا الفضيل بن مرزوق، عن عطية، مثله (3).

و في الرابعة و العشرين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى عن شعبة، حدّثنا قتادة، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، قال: «تكون أمراء تغشاهم غواش أو حواش من الناس يظلمون و يكذبون فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم و أعانهم على ظلمهم فليس منّي و لست منه و من لم يدخل عليهم و يصدّقهم بكذبهم و يعنهم على ظلمهم فهو منّي و أنا منه» (4).

و في رواية: «تكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب و تلين لهم الجلود ثمّ يكون عليكم أمراء تشمئزّ منهم القلوب و تقشعرّ منهم الجلود» فسئل عن قتالهم فقال: «لا، ما أقاموا الصلاة» (5).

و في حديث عامر بن ربيعة في الخامسة و الأربعين بعد الأربع مأة من الجزء:

ص:70


1- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 5، ص 278.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 22.
3- نفس المصدر، ص 55.
4- نفس المصدر، ص 24.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 29 و 28، مع اختلاف يسير.

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا ابن جريح، قال:

أخبرني عاصم بن عبيد اللّه، إنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «إنّها ستكون من بعدي أمراء يصلّون (1)لوقتها و يؤخّرونها عن وقتها فصلّوها معهم، فإن صلّوها لوقتها و صلّيتموها معهم فلكم و لهم و إن أخّروها عن وقتها فصلّيتموها معهم فلكم و عليهم، من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية و من نكث العهد (2)جاء يوم القيامة لا حجّة له» قلت له: من أخبرك هذا الخبر؟ قال: أخبرنيه عبد اللّه بن عامر بن ربيعة، عن أبيه عامر بن ربيعة، يخبر عامر بن ربيعة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم (3).

و في الّتي بعدها: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدثّنا محمّد بن بكر، قال: أنبأ ابن جريح مثله (4).

و في أحاديث أبي هريرة، في الثاني بسنده عن يزيد العامري: سمعت مروان يقول لأبي هريرة: حدّثني حديثا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال سمعته (5)يقول:

«ليوشكنّ رجل يتمنّى أنّه خرّ من عند الثريا و أنّه لم ينل من أمر الناس شيئا» قال:

و سمعته يقول: «إنّ هلاك العرب على يدي غلمة من قريش» قال: فقال مروان:

بئس الغلام أولئك (6).

و روايته هلاك الأمّة و فسادها على يدي أغيلمة سفهاء من قريش كثيرة.

و في الجزء الثاني من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث أبي هريرة، في الرابعة و العشرين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا روح، حدّثنا أبو

ص:71


1- في المصدر+: الصلاة.
2- في المصدر+: و مات ناكثا للعهد.
3- نفس المصدر، ص 445.
4- نفس المصدر، ص 446.
5- في المصدر: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 536.

أميّة عمرو بن يحيى، عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: أخبرني جدّي سعيد بن عمرو بن سعيد عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «هلاك أمّتي على يد غلمة من قريش» قال مروان: و هو معنا في الحلقة قبل أن يلي شيئا فلعنة اللّه عليهم غلمة، قال: و أما و اللّه لو أشاء أقول: بنو فلان و بنو فلان لفعلت، قال: فقمت أخرج أنا مع أبي و جدّي إلى مروان بعد ما ملكوا، فإذا هم يبايعون الصبيان منهم و من يبايع له و هو في خرقة، قال لنا: هل عسى أصحابكم هؤلاء أن يكونوا الّذين سمعت أبا هريرة يذكر أنّ هذه الملوك يشبه بعضها بعضا (1).

و في الجزء الخامس، في الثانية و العشرين بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الملك بن عمرو، حدّثنا كثير بن زيد، عن داود بن أبي صالح، قال: أقبل مروان يوما، فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر، فقال: أتدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب، فقال: نعم، جئت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم آت الحجر، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، و لكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله» (2).

أقول: أبو أيوب خالد بن زيد قتل في غزوة قسطنطنية منذ خمسين (3)أو إحدى و خمسين (4)أو اثنين و خمسين زمن معاوية (5)فتدبّر في تعيين الوالى.

و في «البخاري» في الجزء الرابع من كتاب الفتن في باب قول النبي صلى اللّه عليه و سلم:

«هلاك أمّتي على يدي أغيلمة سفهاء» .

حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد،

ص:72


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 324.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 422.
3- «الكامل» لابن أثير، ج 3، ص 458.
4- «مروج الذهب» ج 3، ص 24.
5- «البداية و النهاية» ج 6، ص 223.

قال: أخبرني جدّي، قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في المسجد النبي صلى اللّه عليه و سلم بالمدينة و معنا مروان، قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: «هلاك (1)أمّتي على يدي غلمة من قريش» فقال مروان: لعنة اللّه عليهم غلمة، فقال أبو هريرة: لو شئت أن أقول: بني فلان و بني فلان لفعلت، فكنت أخرج مع جدّي إلى بني مروان حين ملكوا بالشام، فإذا رآهم غلمانا أحداثا، قال لنا: عسى هؤلاء أن يكونوا منهم، قلنا: أنت أعلم (2).

و في حواشي شيخ الإسلام: قوله: «فكنت أخرج» قائله عمرو بن يحيى (3).

أقول: وجدنا السند في الكتابين كما أوردنا و يظهر من رواية «البخاري» السابقة أن عمرو بن يحيى هو الأموي؛ فليلاحظ.

و يؤيّده روايته السابقة أيضا و أخبار «ويل للأمراء» «ويل للوزراء» و نحو ذلك كثيرة جدّا في «المسند» (4)و غيره (5).

في أن لا يراد المذموم من رواية من مات بغير إمام

إذا عرفت هذه النبذة من أخبار هذا المضمار و اتّضح لك أنّ الإمام المذموم تاركه بالجاهلية و الجماعة المذموم المفارقها بها أيضا لا يعقل أن يكون هؤلاء و أتباعهم ضرورة لزوم الجاهلية لهم و لأتباعهم فكذا من حذى حذوهم، فيكون المفارق على ضدّ الجاهلية كما لا يخفى. فينحصر من يذم تاركه من الأئمّة

ص:73


1- في المصدر: هلكة.
2- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 88.
3- «إرشاد الساري» ج 10، ص 170؛ «فتح الباري» ج 16، ص 116.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 521.
5- «السنن الكبرى» ج 1، ص 97؛ «كنز العمال» ج 6، ص 30؛ «المستدرك على الصحيحين» ج 4، ص 91.

و مفارقه من الجماعة فيمن لا أمر له إلاّ فيما هو للّه رضى و من ليس لهم غير العمل بالحقّ محضة و مرّة، فمن وجدته مصداقا لذلك يكون مورد تلك الأخبار، فإن لم تر تريها بقيت بلا مورد.

«اللهمّ بلى إنّك لا تخلي الأرض من حجّة لك كيلا يبطل بيّناتك» (1)و ذلك واضح بنصوص تلك الأخبار.

إثبات حديث «لو أنّ الناس اعتزلوهم» و أن لا يبطل الأمر

بالسمع]

ثمّ نقول: إنّ المذكور في أخبار الذمّ هلاك الناس و هلاك الأمّة و المراد من ذلك الهلاك ليس فساد دنياهم ليكون على حذو أخبار: «و سترون أثرة» ، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «فاصبروا» (2)بل المراد فساد دينهم و فسادهم في الأمور الدينيّة، و يؤيّد ذلك ذكر الأمور الديني و الضلال في جملة من تلك الأخبار و ذلك الفساد لا يعقل أن يكون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمر فيه بغير الاعتزال أو الإنكار و لو بالقلب الذي هو أدنى مراتب الإيمان، كما في أحاديث الصحاح (3)و إلاّ أمرا بإفساد الدين و إذنا فيه (4).

فما قاله الإمام أحمد (5)في غير محله لا ينبغي أن يصدر عن مثله، كما لا ينبغي أن يخفى فساده على ولده و منشأ ذلك-بعد حمل الفساد و الهلاك على ما يرد على

ص:74


1- اقتباس من قول أمير المؤمنين عليه السّلام في «نهج البلاغة» ، كلمات القصار، ش 139: اللهمّ بلى. . .
2- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 88: «سترون بعدي أثرة» .
3- «سنن الترمذي» ج 3، ص 318، ح 2263.
4- أي و إلاّ فيكون قد أمر بإفساد الدين و أذن فيه.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 301.

دنياهم لا دينهم-حمل سئوال السائلين على ما بعد ولاية هؤلاء الغلمة و الاعتزال على اعتزالهم حينئذ و هو أيضا كما ترى.

بل لمّا عرفوا وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (1)و أنّهم مورد تلك الهلكة سئلوا عن طريق النجاة عن تلك الورطة و عن السبيل الّذي لا يرد على تلك الهلكة فقال: «لو أنّ الناس اعتزلوهم» يعني من الأوّل و بدو الأمر، و كان ذلك الاعتزال سبيل أن لا ينالوا الولاية عليهم فيهلكوهم، و هذا واضح، و ليس فيه مخالفة لشيء من أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بل أحاديث السمع و الطاعة-بعد رئاسة الوالي أيضا بعد ما فيها مخصّصة بغير صورة المعصية بصراح ما رواه هو و غيره-هي كثيرة جدّا.

الإشارة إلى اعتزال الولاة

مع أنّ المسلمين المتديّنين عنده اعتزلوا الولاة في فساد الدين و لم يسمعوا و لم يطيعوا. فهذا سعد بن أبي وقاص أمره معاوية بسب عليّ فلم يطعه و اعتزله إلى غير ذلك، ممّا لا يحصى هنا ممّا يعرفه المطلع في الأخبار و السير (2).

ثمّ إنّ الخبر المزبور يظهر منه عموم الهلاك، فليت الإمام أحمد كان صرف عنان الكلام إليه لمنافاته لأحاديث بقاء الدين و نحوها إلاّ أنّ من الواضح صحّة مثل هذا التعبير عرفا مع كثرة هالكهم، فلا تنافيها أيضا.

ثمّ إنّ هذا الصنع من الإمام الناقد يدلّ على أنّ كلّ ما رواه خال عمّا يبطله فيما زعم، كما أنّ تعرّضه لعمرو بن خالد (3)الراوي عن زيد بن علي-مع كون روايته

ص:75


1- الكهف:18، الاية 79.
2- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 120؛ «سنن الترمذي» ج 5، ص 301، ص 3808؛ «فرائد السمطين» ج 1، الباب التاسع و الستون، ص 377، ح 307.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 321.

عنه بوسائط-يدلّ على سلامة رجال رواياته الّتي سكت عنهم عمّا يوجب القدح فيهم وكلتا الدعويين منه واضحة الفساد بإخباره فضلا عن غيره إذ ممّن روي عنهم مترضيا (1)أبو الغادية (2)، قاتل-عمّار-مع روايته لرواية القدح (3)-أيضا إلى غير ذلك ممّا لا مهمّ في التعرّض له هنا.

و أمّا روايات أبي ذرّ فهي في «المسند» (4)أيضا صريحة في المخالفة حيث أمره بالصلاة ثمّ الصلاة معهم و الثانية من المماشاة، فلم يأذن صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في تفويت فضيلة أوّل الوقت تبعا للأمراء و هو فضل فكيف بالمعاصي و هي خطر؟ فلاحظ.

و أمّا حديث كعب بن عجرة (5)فصريح في اعتزالهم حال إمارتهم و أنّ المتابعة لهم توجب هلاك الدين و الانفصال عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و البعد عنه و عدم ورود الحوض، ثمّ إنّ من المحتمل أن يراد من الكذب، الكذب في الإمارة و الظلم فيها أو الأعم لا خصوص الكذب و الظلم في أمر آخر خارج عن أصل الإمارة؛ فتأمّل.

و أمّا حديث ثوبان فصريح في أنّه كان يخاف على أمّته من الأئمّة المضلّين أن يضلّوهم و لذا عقبه هو أو ثوبان مولاه بذكر «طائفة منهم لا يزالون على الحق ظاهرين. . .» (6)إرشادا إلى أنّ من أراد التخلص من ضلال هؤلاء المضلّين فلتكن مع تلك الطائفة.

ص:76


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 76.
2- كذا، و لكن في النسخة المخطوطة و كذا في «مروج الذهب» ج 2، ص 381: «أبو العادية» و في «الكامل» لابن اثير، ج 3، ص 310: « أبو الغازية» و ما أثبتناه في المتن موافق ل «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 76؛ و هو الذي ادعا أنّه قاتل عمار.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 199 و 197؛ ج 6، ص 311 و 300.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 469 و 149 مع اختلاف؛ «صحيح مسلم» الجزء الثاني، ج 1، ص 120 و 121.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 243.
6- «سنن الترمذي» ج 3، ص 342، ح 2330.

ثمّ إنّ المشار إليهم في ذلك الخبر كأنّهم عين المشار إليهم في حديث كعب، مضافا إلى وضوح أنّ التصديق في الكذب و الإعانة في الظلم لا يقعان بلا ضلال، كما أنّ فراق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و البعد عنه و حرمان حوضه لا يكون لغير من ضلّ ممّن آمن به، و لعلّ ذلك واضح.

و أمّا رواية أبي سعيد الأولى (1)فهل يتوهّم عاقل أن يأمر اللّه تعالى أو يرضى بالكون مع من ذكر فيه من أبغض الناس و المجالسة أو يأمر بالاعتزال و المخالفة؟

و أمّا الثانية (2)فيعلم الحال فيها من الكلام في رواية كعب.

و قوله: «هو منّي» فيهما إشارة إلى قوله: «من تبعني فإنّه منّي» (3)المستفاد منه القرب في الجملة، و كيف كان فالمراد منه و تاليه في مثل المقام بقاء ما جاء بالإيمان برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الدخول في دين الإسلام و لا يقاس غيره؛ فلاحظ.

و أمّا ما أشرنا إليه جملا فلا يهمّنا الكلام في موضوعية الترتيب فيها و نحوه، و من الواضح أنّ النهي عن القتال (4)أعمّ من الأمور الموهومة كما لا يخفى.

و أمّا رواية عاصم (5)فمسوقة للحثّ على الصلاة معهم و عدم مشاركتهم كليّا و هو-كما ترى-لا يدلّ على الاقتصار على تلك الصلاة و إن أميت عن وقتها، فيكون ما يصنعه معهم نحو ما أمر به أبا ذرّ (6)، و ربّما يؤيّده قوله: «فلكم و عليهم» فهو أيضا من حقيقة الإعراض و الاعتزال، و كيف يحتمل أن يكون موت المنفرد بالحق من الجماعة المفارق فيه و به ميتة جاهلية؟ ! ! كما هو مورد ظاهر الخبر مع

ص:77


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 22.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 24.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 383.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 29.
5- نفس المصدر، ص 445.
6- «صحيح مسلم» الجزء الثاني، ج 1، ص 121 و 120.

إرادة نحو ما علم أبا ذرّ و حينئذ يكون قوله: «من فارق. . .» تحذيرا عن مخالفة الحق و إلاّ فتفويت فضل الصلاة في وقتها يكون واجبا صونا للنفس عن الموت ميتة جاهلية؛ فلاحظ ذلك جيّدا.

حديث حذيفة في الأمر بالاعتزال

مسلم في «صحيحه» في باب الأمر بلزوم الجماعة من كتاب الإمارة: حدّثني محمّد بن المثنّى، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا عبد الرحمان بن يزيد بن جابر، حدّثني بسر بن عبيد اللّه الحضرمي، أنّه سمع أبا إدريس الخولاني يقول: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الخير و كنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول اللّه! إنّا كنّا في جاهلية (1)فجائنا (2)بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شرّ؟ قال: «نعم» فقلت: فهل بعد ذلك الشرّ من خير؟ قال: «نعم و فيه دخن» قلت: و ما دخنه؟ قال: «قوم يستنّون بغير سنّتي و يهدون بغير هديي تعرف منهم و تنكر» فقلت: فهل بعد ذاك الخير من شرّ؟ قال:

«نعم دعاة على أبواب جهنّم من أجابهم إليها قذفوه فيها» فقلت: يا رسول اللّه! صفهم لنا. قال: «نعم، (3)من جلدتنا و يتكلّمون بألسنتنا» ، قلت: يا رسول اللّه! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين و إمامهم» فقلت: (4)فإن لم تكن لهم جماعة و لا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلّها و لو أن تعضّ على أصل شجرة، حتّى يدركك الموت و أنت على ذلك» (5).

ص:78


1- في المصدر+: و شرّ.
2- في المصدر+: اللّه.
3- في المصدر+: قوم.
4- في المصدر+: يا رسول اللّه.
5- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 20.

و رواه «البخاري» عن يحيى بن موسى، عن الوليد، عن ابن جابر، عن بسر بن عبيد اللّه الحضرمي، عن أبي إدريس نحوه (1)، بل رواه مكررا و يحتمل تعدد الطريق أيضا.

استظهار وجود الإمام الحق من هذا الخبر

و لا يخفى أنّ هذا الخبر-بعد ضمّه إلى خبر «من مات بغير إمام» (2)و نحوه (3)الصريح في عود الجاهلية لو لا الإمام و ضمّه إلى أدلّة بقاء الإسلام يظهر منه إرادة عدم التمكن من الوصول إلى الإمام و عدم ظهور الإمام و نحوه لا عدم وجوده أصلا و إلاّ عادت الجاهليّة بمقتضى تلك الأخبار، كما أنّه يكون أمرا بها و كلاهما واضح الفساد باتّفاق الفريقين و يؤيده ما في بعض طرق الإمام أحمد في الحديث، قال: «فإن رأيت يومئذ خليفة اللّه في الأرض فالزمه و إن نهك جسمك و أخذ مالك، فإن لم تره فاهرب في الأرض و لو أن تموت بجذل شجرة. . .» الحديث (4).

و أيضا صريح في أنّ هؤلاء الدعاة على أبواب جهنّم، لا يكون لهم إمام في أهل الإسلام و إن ترأّسوا كما هو الفرض، و أنّ مع وجودهم لا بدّ أن يكون المفزع هو الإمام، فيجامع وجوده وجودهم، و يلزمه من وصل إليه، بل فرض ذلك-في شرّ بعد خير فيه دخن جمع رؤسائهم بين المعروف و المنكر-يدلّ على أنّه زمان لا يكون الرؤسا فيه إلاّ شرار الخلق، ليس لهم معروف، و أنّه حينئذ لو وجد إمام يكون ملاذا للناس في حكم اللّه و رسوله فهو غير الرؤساء بين الناس حينئذ، و إمامته حينئذ إنّما يكون بنصب من اللّه و رسوله، و يكون إماما لم يطع مثل نبيّ لم

ص:79


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 178؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 93.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 96.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 446؛ «ينابيع المودّة» الجزء الثاني ص 524.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 403.

يصنع إليه و لم يتّبع، و لو لا أنّ الإمام حاله ذلك لم يكن الزمان شرّا كلّه، كما فرض، بل كان الفساد في بعض الرؤساء فقط، و الإمامة الّتي يجامع وجود صاحبها شرّ الزمان على الوجه المفروض في الرواية ما يقوله الإماميّة و لا يتعدّاهم كما لا يخفى.

و أيضا مسلم في الباب من الكتاب من «صحيحه» : و حدّثني محمّد بن سهل بن عسكر التميمي حدّثنا يحيى بن حسّان (ح) و حدّثنا عبد اللّه بن عبد الرحمان الدارمي، أخبرنا يحيى (و هو ابن حسّان) حدّثنا معاوية يعني ابن سلاّم، حدّثنا زيد بن سلاّم، عن أبي سلاّم، قال: قال حذيفة بن اليمان: قلت: يا رسول اللّه! إنّا كنّا بشرّ فجائنا (1)اللّه بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شرّ؟ قال: «نعم» قلت: كيف؟ قال: «يكون (2)أئمّة لا يهتدون بهداي و لا يستنّون بسنّتي (3)فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس» قال: قلت: كيف أصنع يا رسول اللّه! إن أدركت ذلك؟ قال: «تسمع و تطيع للأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع» (4).

أقول: السمع و الطاعة إن أريد الحقيقي منهما كان ذلك أمرا بترك الاهتداء بهداه و الاستنان بسنّته و أمرا بإطاعة الشيطان كما هو مورد الخبر و لا يتوهّم ذلك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، مضافا إلى معارضته بروايته الأولى كما لا يخفى، و إن أريد محض إظهارهما مع المخالفة في الواقع و الباطن لم يكن فيه محذور، غير أنّه التقيّة التي ينكرها إخواننا، و إن أريد السمع و الطاعة لأمير ليس هو من هؤلاء الذين

ص:80


1- في المصدر: فجاء.
2- في المصدر+: بعدي.
3- في المصدر+: و سيقوم.
4- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 20، باب الأمر بلزوم الجماعة من كتاب الإمارة.

ذكرهم في خبره، و غرضه الحثّ على إطاعة ذلك الأمير الخارج عنهم في الكره و النشاط عند وجود هؤلاء الظلمة أيضا فلا يخالف خبره السابق، و يدلّ على أنّ الإمارة الإلهيّة و أنّ الأمير يمكن أن لا يكون مبسوط اليد، و أن لا يكون له رئاسة في الظاهر، و لا يضرّ ذلك في إمارته نظير ما يكون في النبيّ الذي لا يؤمن به قومه و هو ما يقوله الإماميّة بعينها؛ فلاحظ.

عدم بيعة علي عليه السّلام و لوازمه

أقول: إذا عرفت الحثّ على الايتمام بالإمام، و التحذير عن ترك اتّخاذه، و الحثّ على الكون مع جماعة الحق، و التحذير عن مفارقتهم، كالتحذير عن الايتمام بالجائر، و الموافقة مع أهل الباطل، ممّا رويناه من الأخبار، فنقول:

في «البخاري» في كتاب المغازي في غزوة خيبر: حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عايشة، أنّ فاطمة عليها السّلام بنت النبي صلى اللّه عليه و سلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ممّا أفاء اللّه عليه بالمدينة و فدك و ما بقي من خمس خيبر.

فقال أبو بكر: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «لا نورث، ما تركناه صدقة» و إنّما يأكل آل محمّد صلى اللّه عليه و سلم في هذا المال و إنّي و اللّه لا أغيّر شيئا من صدقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لأعملنّ فيها بما عمل به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة (1)شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلّمه حتّى توفّيت و عاشت بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ستة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا و لم يؤذن بها أبا بكر، و صلّى عليها و كان لعليّ من الناس وجه حياة فاطمة فلمّا توفّيت

ص:81


1- في المصدر+: منها.

استنكر عليّ وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر و مبايعته، و لم يكن يبايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا و لا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر.

فقال عمر: لا و اللّه، لا تدخل عليهم وحدك.

فقال أبو بكر: و ما عسيتهم أن يفعلوا بي، و اللّه لآتينّهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهّد عليّ، فقال: إنّا قد عرفنا فضلك و ما أعطاك اللّه و لم ننفس عليك خيرا ساقه اللّه إليك، و لكنّك استبددت علينا بالأمر و كنّا نرى لقرابتنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نصيبا، حتّى فاضت عينا أبي بكر، فلمّا تكلّم أبو بكر قال: و الذي نفسي بيده لقرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أحبّ إليّ، أن أصل من قرابتي، و أمّا الذي شجر بيني و بينكم من هذه الأموال فلم آل فيها عن الخير، و لم أترك أمرا رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصنعه فيها إلاّ صنعته.

فقال عليّ لأبي بكر: موعدك العشيّة للبيعة، فلمّا صلّى أبو بكر الظهر رقي المنبر فتشهّد و ذكر شأن علي و تخلّفه عن البيعة و عذره بالذي اعتذر إليه، ثمّ استغفر و تشهّد عليّ فعظّم حقّ أبي بكر و حدّث: أنّه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر و لا إنكارا للذي فضّله اللّه به، و لكنّا كنّا نرى لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبدّ علينا فوجدنا في أنفسنا، فسرّ بذلك المسلمون، و قالوا: أصبت و كان المسلمون إلى عليّ قريبا حين راجع الأمر بالمعروف (1).

مسلم في «الصحيح» في كتاب الجهاد و السير، في باب قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا نورث، ما تركناه فهو صدقة» : حدّثني محمّد بن رافع، أخبرنا حجين، حدّثنا ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عايشة أنّها أخبرته أنّ فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فساق مثله سواء (2).

ص:82


1- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.
2- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 153.

قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم و محمّد بن رافع و عبد بن حميد، قال ابن رافع:

حدّثنا و قال لآخران: أخبرنا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عايشة، أنّ فاطمة و العبّاس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هما حينئذ يطلبان أرضه من فدك و سهمه من خيبر، فقال لهما أبو بكر: إنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، ثمّ قال مسلم: و ساق الحديث بمثل (1)حديث عقيل عن الزهري غير أنّه قال: ثمّ قام عليّ فعظّم (2)حقّ أبي بكر و ذكر فضيلته و سابقته، ثمّ مضى إلى أبي بكر فيبايعه، فأقبل الناس إلى عليّ، فقالوا: أصبت و أحسنت، فكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الأمر المعروف (3).

أقول: و روى محمّد بن يوسف بن محمّد القريشي الكنجي صدر الحفاظ فقيه الحرمين في كتابه «كفاية الطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب» عن إبراهيم بن محمود المعروف بابن الخيّر، عن خديجة بنت النهرواني، عن الحسين بن طلحة النعالي، عن علي بن محمّد، عن إسماعيل بن محمّد، عن أحمد بن منصور، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عايشة إنّ فاطمة و العبّاس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هما حينئذ يطلبان أرضه من فدك و سهمه من خيبر، فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «لا نورث، ما تركناه صدقة» إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال، و اللّه لا أدع أمرا رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصنعه، قال: فغضبت فاطمة و هجرته و لم تكلّمه حتّى ماتت فدفنها عليّ ليلا و لم يؤذن أبا بكر، قالت عايشة: و كان لعليّ من الناس وجه في حياة فاطمة، فلمّا توفّيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عند ذلك، قال

ص:83


1- في المصدر+: معنى.
2- فى المصدر+: من.
3- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 155.

معمر للزهري: كم مكثت فاطمة بعد النبي صلى اللّه عليه و سلم؟ قالت: ستّة أشهر، فقال رجل للزهري: فلم يبايعه عليّ حتّى ماتت فاطمة، قال: لا-و لا أحد من بني هاشم. ثمّ قال: قلت: هذا حديث صحيح متّفق على صحّته أخرجه «البخاري» و «مسلم» في كتابيهما (1).

أقول: لعلّ نظر هذا الحافظ إلى خصوص قصّة فاطمة و أمر فدك، فقد تكرّر روايتهما في الصحيحين (2)و يؤيّده أنّه ذكر ما ذكر فيما يتعلّق بفاطمة و أمّا ما اشتمل على قصّة بيعة عليّ من ذلك الحديث في الصحيحين فهو ما أوردناه و لا يوجد فيهما غيره.

نعم في «باب مناقب قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و منقبة فاطمة عليها السّلام» بنت النبيّ ذكر: فتشهّد عليّ، و قوله: إنّا قد عرفنا. . . (3)و هو بعض تلك الرواية، كما يعرفه المراجع، و «البخاري» أورد حديث مطالبة فاطمة عليها السّلام في الخبر الثاني في باب فرض الخمس (4)، و أخرى في باب مناقب قرابته. . . (5)و ثالثة في أوائل المغازي من الجزء الثالث (6)، و رابعة في غزوة خيبر (7)لمّا أوردناه، و خامسة في الرابع في باب قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لا نورث» (8). و مسلم ذكره في الباب (9)و الإمام أحمد في

ص:84


1- «كفاية الطالب» الباب التاسع و التسعون، ص 225: فى السند زيادة.
2- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82 و 25؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 3؛ الجزء الرابع، ج 2، ص 209؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 153 و 155.
3- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 209.
4- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 42.
5- نفس المصدر، ص 209.
6- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 25.
7- نفس المصدر، ص 82.
8- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 3.
9- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 155-153.

عدّة مواضع من مسند الصديق (1)و فى «شرح النهج» لابن أبي الحديد مثل ذلك، مع الزيادة السابقة بعد نسبة الرواية إلى الشيخين (2).

و عن «إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري» لشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني هكذا: «و قد صحّح ابن حيان و غيره من حديث أبي سعيد الخدري، أنّ عليّا بايع أبا بكر في أوّل الأمر، و أما ما في «مسلم» عن الزهري، أن قال له رجل: لم يبايع عليّ أبا بكر حتّى ماتت فاطمة عليها السّلام، قال: و لا أحد من بنى هاشم، فقد ضعّفه البيهقي (3): بأن الزهري لم يسنده و أن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح» (4)انتهى.

و في «الصواعق المحرقة» : قال البيهقي: «و أمّا ما وقع في «صحيح مسلم» عن أبي سعيد من تأخر بيعته هو و غيره من بنى هاشم إلى موت فاطمة عليها السّلام فضعيف، فإن الزهرى لم يسنده. و أيضا فالرواية الأولى عن أبي سعيد هي الموصولة فتكون أصحّ» انتهى (5).

و لعلّ ذلك يشهد بوجود الذيل أيضا في «مسلم» أو بعض نسخه؛ فلاحظ.

و في حديث السقيفة من «المسند» و هو بعد مسند فاروق و من «البخاري» و هو في باب رجم الحبلى بسندهما عن سيّدنا عمر: إلاّ و أنّه كان من خبرنا حين توفّى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أنّ عليّا و الزبير و من كان معهما تخلّفوا في بيت فاطمة عليها السّلام بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و تخلّفت عنّا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، و اجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من هؤلاء

ص:85


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 10 و 9 و 6 و 4.
2- «شرح نهج البلاغة» لابن أبى الحديد، ج 6، باب 66، ص 47 و 46.
3- «السنن الكبرى» ج 6، ص 377.
4- «إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري» ج 6، ص 377.
5- «الصواعق المحرقة» ص 9.

الأنصار فانطلقنا، . . . القصّة (1).

و في رواية ابن عبّاس في باب فضل أبي بكر، من الجزء الثاني من «صحيح البخاري» بعد ذكر قصّة الشيخين في إنكار موته و الردع، قال: اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبّادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منّا أمير و منكم أمير؛ فذهب إليهم أبو بكر الصديق و عمر بن الخطّاب و أبو عبيدة بن الجرّاح. . . الخبر (2).

في لوازم قعوده عن البيعة في تلك المدّة

أقول: و كيف كان فهذا الخبر قد رواه الشيخان و غيرهما، مع زيادة احتياط أبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري في مرحلة النقل، حيث أشار إلى اختلاف لفظ مشايخه في نقلهم له، حيث قال: قال ابن رافع: حدّثنا و قال الآخران: أخبرنا (3)، و ذلك يكشف عن غاية احتياطه في حفظ اللفظ في الروايات، حتّى فيما لا يختلف المعني باختلافه، و قد سلك هذا المسلك في غير موضع من كتابه، فجزاه اللّه جزاه، و من يريد الاستفادة و الاستدلال بالروايات و معرفة السوالف من الحكايات يتردد أمره بين أمور لا يرى العالم شيئا منها إلاّ حرجا.

الأوّل: إبطال تلك الروايات الّتي أعمل فيها مثل هذا الاحتياط من هذه الرواة أيضا، فينكر ما فيها من أمر البيعة فرارا عن محذور الآخرين.

الثاني: الالتزام بصحّة ما فيها من الأمر المزبور، و القول: بأنّ عليّا الذي مع القرآن و القرآن معه، و من وافقه في القعود عن البيعة في تلك الستّة الأشهر، كانوا

ص:86


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 55؛ «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 26.
2- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 194.
3- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 155.

صاروا أهل جاهلية، حيث لم يكن لهم إمام فيها، حيث امتنعوا عن بيعة الصديق و كفوا عنه كما ستعرفه، و لأنّهم فارقوا الجماعة و لم يلزموها، خصوصا على ما رواه الترمذي عن ابن المبارك من تفسير الجماعة بالشيخين في عصرهما (1).

فيكون حال نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حال سعد بن عبّادة.

ففي حديث السقيفة في الكتابين: فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته و بايعه المهاجرون، ثمّ بايعته الأنصار و نزونا على سعد بن عبّادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبّادة، فقلت: قتل اللّه سعد بن عبّادة (2).

و في حديث ابن عبّاس السابق: فأخذ عمر بيده فبايعه و بايعه الناس فقال قائل: قتلتم سعد بن عبّادة، فقال: قتله اللّه (3)قلت: يعني، قال سيّدنا عمر!

قلت: و دعا سيّدنا عمر على سعد بذلك يوم السقيفة الدالّ على محبوبية مقتوليته أو قتله، و أنّ موته أحبّ إليه من بقائه في دار الدنيا، و أنّ حياته شرّ له يحسن دفعه، و شبه ذلك ممّا يستكشف منه حبّه لأن يقتلوه و إلاّ فلا يدعو لما يكره، كما هو عادة العقلاء فيما يدعون له سرى إلى عليّ أيضا إمام الجمل، كما ستعرفه آنفا إن شاء اللّه تعالى، و هذا ممّا يؤيّد لحوقه و من تبعه في أمر البيعة بسعد بن عبادة و ثبوت عنوان الجاهلية لهم فيما زعموا، فكانوا يرون أنفسهم الجماعة الذين يكون مفارقهم جاهليا، و إمامهم الإمام الّذي يكون من لا يأتمّ به جاهليا.

إنّهم أرادوا قتل علي عليه السّلام

ففي «المسند» في الجزء الأوّل، في مسند الزبير، في السادسة و الستّين بعد

ص:87


1- ما نقله المؤلف رحمه اللّه عن أبى عيسى لم نجده بعد الفحص الأكيد فى سننه.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 56.
3- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 194.

المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا مبارك، حدّثنا الحسن، قال: جاء رجل إلى الزبير بن العوام فقال: أقتل لك عليّا عليه السّلام؟ قال: لا، و كيف تقتله و معه الجنود؟ قال: ألحق به فأفتك به، قال: لا، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «إنّ الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن» (1).

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا مبارك بن فضّالة، حدّثنا الحسن، قال: أتى رجل الزبير بن العوام فقال: ألا أقتل لك عليّا عليه السّلام؟ قال:

و كيف تستطيع قتله و معه الناس؟ قال: فذكر معناه (2).

و في الّتي بعدها: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا إسماعيل، حدّثنا أيّوب عن الحسن، قال: قال رجل للزبير: ألا أقتل لك عليّا عليه السّلام؟ قال: كيف تقتله؟ قال أفتك به، قال: لا، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن» (3).

و لكنّ الأسف هنا-إنّ بعد المرمى-فقد مال أبو محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري في كتابه، «كتاب الإمامة و السياسة» و يروي عنه في هذا الكتاب ناسبا لهذا الكتاب إليه العلاّمة عمر بن محمّد بن أبي الخير محمّد بن عبد اللّه بن فهد في كتابه «اتحاف الورى بأخبار أمّ القرى» في وقائع ثلاث و تسعين؛ فليلاحظ (4).

و نسخ «كتاب الإمامة» أيضا ليست بتلك العزة؛ فليراجع.

قال في عنوان «كيف كانت بيعة علي عليه السّلام» بعد كلام له: و بقي عمر و معه قوم، فأخرجوا عليّا عليه السّلام و مضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن لم أفعل، فمه؟ قالوا إذا و اللّه الّذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك! قال: إذا تقتلون عبد اللّه و أخا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال عمر: أمّا عبد اللّه فنعم و أمّا أخو رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلا! و أبو بكر

ص:88


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 166.
2- نفس المصدر.
3- نفس المصدر، ص 167.
4- «اتحاف الورى بأخبار أم القرى» ج 2، ص 118.

ساكت لا يتكلّم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال: لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق عليّ بقبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصيح و يبكي و ينادي (1): اِبْنَ أُمَّ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي (2).

و ذلك مؤيّد أيضا بما نرده في سعد (3)و كان منه بمنزلة هارون لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (4).

و في مسند أم الفضل من «مسند الإمام أحمد» : حدّثنا عبد اللّه، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده، حدّثنا أبو معمر و سمعته أنا من أبي معمر، قال: حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، قال: حدّثنا يزيد يعني ابن أبي زياد عن عبد اللّه بن الحرث، عن أمّ الفضل بنت الحرث و هي أمّ ولد العبّاس أخت ميمونة، قال: أتيت النبي صلى اللّه عليه و سلم في مرضه، فجعلت أبكي، فرفع رأسه، فقال: «ما يبكيك؟» فقلت: خفنا عليك، و ما ندري ما نلقي من الناس بعدك يا رسول اللّه! قال: «أنتم المستضعفون بعدي» (5).

أقول: و قال تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ اَلْوارِثِينَ (6).

و الكلام في مثل ذلك خروج عن غرض الكتاب فليطلب من مظانه.

الأمر الثالث: الالتزام بعدم كون تلك الإمامة إمامة ينظر إليها أخبار من مات بغير إمام و نحوها (7)، و لا بالجماعة جماعة يكون مفارقهم أهل

ص:89


1- «الإمامة و السياسة» المعروف بتاريخ الخلفاء، ص 31 و 30.
2- الأعراف:7، الآية 150.
3- أي سعد بن عبّادة الذي سبق آنفا في حديث السقيفة.
4- الانشقاق:84، الآية 19.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 339.
6- القصص:28، الآية 5.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 96؛ ج 3، ص 446.

جاهلية (1)و كل ذلك فيه محذور، فتلك الروايات بحر هلكة لا ينجو فيه غير من ركب سفينة محمّد بن عبد اللّه خاتم النبيين صلوات اللّه عليه و آله و أخذ من تلك الوجوه ما يقتضيه قواعد شرعه و أخبار سنّته، فنقول: أمّا إبطال الحديث فكأنّهم لا يقدمون عليه لما قالوا في الصحيحين و مصنّفيها و الثالث أيضا أساس مذهبهم، فقد يتوهّم الجاهل أنّ الأمر في الثاني أهون، فلنشر إلى بعض ما ينافيه:

إبطال الأمر الثاني بما ورده في على عليه السّلام

اشارة

فنقول: يجب على المسلمين أن يحبّوه أجر الرسالة في آية المودّة في القربى، فكيف يحارب و يعادى من قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من فارقه فارق اللّه» (2)«و خير البرية» (3)، «حبّه إيمان و بغضه كفر و نفاق» (4)، «باغضه يموت ميتة جاهلية يهوديا أو نصرانيا» (5)، «حربه حرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو حرب له» (6)و عدل كتاب اللّه «لا يتفارقان حتّى يردا عليّ الحوض» (7)فأين كان كتاب اللّه في تلك الستة الأشهر؟ فإن كان مع الممتنع عن البيعة فهي مخالف للكتاب النور و الهدى، عالم بالقرآن و تأويله، لو قاتل كان على تأويله، و يدور الحق معه، و هو على قلبه و لسانه و بين عينيه و كفى بذلك مانعا عن الثاني، فيتعيّن الثالث عند من لا يرى

ص:90


1- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 21 و 20.
2- «كنز العمّال» ج 11، ص 614» .
3- «ترجمة الإمام على بن أبي طالب» ج 2، ص 443، ح 952؛ «فرائد السمطين» ج 1، الباب الواحد و الثلاثون، ص 155، ح 117.
4- «كنز العمّال» ج 11، ص 615 و 614.
5- «مناقب على بن أبي طالب» لمحمّد بن سلمان الكوفى، ج 1 ص 321.
6- «مناقب على بن أبي طالب» لابن المغازلى، ص 50، ح 73.
7- نفس المصدر، ص 234، ح 281، هذا نقل بالمضمون.

الأوّل، و نبذة من أخبار هذا الوجه قد رويناها في أوّل كتاب «سلاح الحازم» فليراجع (1).

توضيح الخبر لإيضاح حال بيعته و حين ما بايع أيضا

و إذا عرفت ذلك فلنوضح ما رويناه من الخبر ليتّضح حال بيعته في ذلك الوقت أيضا.

فنقول: «و كان لعليّ عليه السّلام من الناس وجه أو وجهة حياة فاطمة عليها السّلام تلك الستّة الأشهر فلمّا توفّيت استنكر عليّ وجوه الناس (2)أو انصرف عنه وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر و مبايعته و لم يكن بايع أو يبايع تلك الأشهر (3).

أقول: يدلّ الصدر على أنّه كان للنّاس إقبال إلى عليّ في تلك المدّة-مدّة حياة فاطمة، مدّة الامتناع من البيعة أو مدّة ترك البيعة-و بقرينة ترتب البيعة و المصالحة على انصرافها يعلم أنّه بالنظر إلى أمر الخلافة أو الامتناع من البيعة، أيّا منهما كان، فلا يكون تلك الوجهة ممّن بايع عن صميم القلب و راضيا بها لمنافاة ذلك لتلك الوجهة، فيدلّ على أنّ هؤلاء كانوا يرون أن لم يتحقّق الإمارة بحقيقتها، و إلاّ فكيف يكون لهم وجهة إلى من يخالف تلك الإمارة؟ ! ! و ذلك ممّا يؤيده ما رواه الكنجي (4)و ابن أبي الحديد (5)عن الصحيحين صريحا من عدم بيعة أحد من بني

ص:91


1- «سلاح الحازم» مخطوط.
2- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.
3- «كفاية الطالب» الباب التاسع و التسعون، ص 225.
4- «كفاية الطالب» الباب التاسع و التسعون، ص 225.
5- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، باب 66 ص 46 و 47؛ «كفاية الطالب» الباب التاسع و التسعون، ص 225.

هاشم (1)فكأنّهم إذا لم يبايعوا عامّة لم يطمئنّ الناس بدوام ما فعلوه أيضا؛ فلاحظ.

و كيف كان، فأهل تلك الوجهة لا بدّ أن يكونوا لنفع عليّ المخالف لتلك الخلافة، التارك لبيعتها على وجه الامتناع بعد الحث و السؤال و على ضرر تلك الخلافة، حتّى يترتب البقاء على الخلاف على وجود تلك الوجهة و الرجوع عنه و الإقدام على المصالحة على انعدام تلك الوجهة. و بالجملة، فدوران الامتناع المزبور مع تلك الوجهة من الناس وجودا و عدما يدلّ على تمام مدخلية تلك الوجهة في الامتناع و ليس ذلك إلاّ بواسطة التمكن من الامتناع مع تلك الوجهة و عدم التمكّن مع عدمها، بأن يكون لا يسع قهر ذلك الممتنع على البيعة أو إضراره بالترك مع تلك الوجهة، بخلاف صورة انتفاء تلك الوجهة، فكان يسع أحد الأمرين أو كلاهما.

و بعبارة أخرى الممتنع كأنّه كان متحصّنا بتلك الوجهة و محفوظا بها فلمّا ارتفع الحصن و غاب الحافظ ترك الامتناع فرارا عمّا يتعقّبه من المفسدة، فإن كان الحال كذلك كما يرشد إليه قولها «فالتمس مصالحة أبي بكر و الاعتذارات» (2)فمن الواضح أنّ تلك البيعة أيضا لا تكون بيعة اختيارية بل اضطرارية محضة، أوتي بها دفعا للضرر و حفظا للنفس عن المهالك، و لا عملا بالأخبار السابقة كما لا يخفى، بل المبايع كذلك في حكم الخارج في الواقع رأسا، فلم يرتفع محذور المخالفة حينئذ أيضا.

استظهار المعاداة بينهم من لفظ الصحيحين

ثمّ إنّ الخبر صريح في أنّ التماس المصالحة و المبايعة ترتّب على فوات

ص:92


1- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، باب 66 ص 46 و 47؛ «كفاية الطالب» الباب التاسع و التسعون، ص 225.
2- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.

الوجهة و كان عقيبه، فيكون الإقدام على الصلح لفقد الناصر المعين في الوصول إلى المدّعى، إذ المصالحة تكون بعد منازعة لا قبلها، و المصالحة قد تؤمي إلى أنّ الخصم ليس بذي حقّ بزعم المصالح، فماذا يثبت تلك المصالحة في مرحلة الواقع، خصوصا إذا كانت عن حاجة إلى ترك الخصومة بالعجز عنها؟

ثمّ إنّ ما أومى إليه لفظ المصالحة من وجود الخصومة، بل العداوة قد يؤيّده قول عمر و جواب أبي بكر بقول: «و ما عسيتهم أن يفعلوا بي» (1)حيث يدلّ على أنّه خشي عليه منهم أو زعم هو خشيته، و هذا ممّا يؤيّد ما ذكرناه في وجه دوران الامتناع مع وجهة الناس؛ فلاحظ.

ثمّ إنّ الإرسال المزبور نفس التماس المصالحة، و لا بدّ من التدبّر في وجه فهم عايشة، أنّ اشتراط الوحدة لكراهة محضر عمر، لا لإرادة أصل الوحدة، و في أنّ أيّ مفسدة كانت لحضوره في ذلك المجالس بزعمها أو زعم علي ظاهر السياق إن لم يكن يتمّ المقصود من وقوع المصالحة، و ليتأمّل في أنّه من أيّ وجه كان يبطلها أو يمنعها؛ فلاحظ.

إنّ الاستبداد وجه الأمر

قوله: «استبددت. . .» (2)بيان لوجه ما وقع بينهما و انّه الاستبداد بالأمر و أنّه تمام العلّة.

و قوله: «كنّا. . .» (3)أخذ له أخذ إلزام، حيث كان في السقيفة قال الأنصار: «لن يعرف هذا الأمر إلاّ في هذا الحيّ من قريش هم أوسط العرب نسبا و دارا» كما في

ص:93


1- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.
2- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.
3- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.

حديث السقيفة من الكتابين (1)و قوله: «بلزوم كون الأمر في قربى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا غيرهم» كما في غير واحد من الروايات (2).

و أمّا أبو بكر فلم يجبه عن ذلك، و مثله، و تعرض لذكر الأموال مصرحا بنشو العداوة بينهما منها أيضا، دفعا لما دخل القلوب منها، فقال: ما قال، يعني من زمان تصرّفه فيها إلى الوقت، و لم يتعرض له عليّ عليه السّلام في ذلك، و صريح روايات قصّة الخصومة إلى عمر في الصحيحين و غيرهما شهادة عمر بأنّه لم يصدّقه، قال: و أنتما حينئذ تذكران أبا بكر فيه كما تقولان و اللّه يعلم أنّه صادق، بارّ، راشد، تابع للحقّ (3)بل في «صحيح مسلم» في كتاب الأنفال، في الحديث: «فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، و اللّه يعلم أنه لصادق بارّ راشد تابع للحق. . . (4)

و كيف كان فأعرض عمّا قال، و وعده العشية للبيعة، و فعل في المسجد أيضا ما فعل، و لم يظهر أنّه كان أخطأ و لا شبه ذلك، و سرّ المسلمون حيث راجع الأمر بالمعروف، و لم يقع منكرا و رجع إلى الأمر المعروف الّذي ليس بمنكر، و يدلّ ذلك على أنّهم كانوا بعدوا منه قبل المراجعة، فقرّبوا حين راجع، فليتأمّل في ذلك أيضا.

و لعلّه ليس غير ما أشرنا إليه؛ فلاحظ.

و ممّا ينبغي التأمّل في وجهه ما حكاه قولها: «حتّى فاضت عينا أبي بكر» (5)فما وجه بكائه الآن؟ و من المحتمل أنّه رأى وقوع ما أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمّ

ص:94


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 56؛ «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 27.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 94؛ ج 5، ص 87؛ «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 127.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 209؛ «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 24؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 52.
4- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 152.
5- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.

الفضل من استضعافهم بعده. ثمّ قول الناس: «أصبت أحسنت» (1)يشعران بأن لم يكن قبل تلك البيعة أصاب و أحسن، فلا أدري هل كان الحق و القرآن فارقاه أو العياذ باللّه انتفى عنهما الإصابة و الإحسان أيضا؟ فياله من تمسك بالكتاب و العترة.

امتحان الأئمة في وجود الوصف المعلوم ممّا سبق و عدمه

تتميم: قد علم من الأخبار في أوّل الباب اعتبار العلم بكافّة شرائع الإسلام في الإمام المفترض الايتمام به، و كونه لا يأمر بغير ما رضيه اللّه، ليتمّ فرض طاعته، و كون من انحاز عنه جاهليا، و كونه مع الحقّ، فيكون مفارقه جاهليا، إلى غير ذلك، فمن وجد إمامه بذلك الوصف فليحمد اللّه على الاهتداء، و إلاّ فليعلم أنّه أورد الروايات غير مواردها، و لم يحصل له الايتمام الواجب، و الانقياد الازم للإمام المشار إليه في تلك الأخبار.

ثمّ نقول يلاحظ ذلك بالنسبة إلى أهل بيت قرناء التنزيل و آياته، فيقال: إنّهم إمّا أن يكونوا هم الإمام الواجب على الناس اتخاذه و الايتمام به، أو يكون الإمام غيرهم، و الثاني يبطله أن لا يعقل جاهليتهم بعد الأمر بالتمسك بهم، و جعلهم مرجعا للناس، و آمنا من الضلال و نحوه، فإنّ قضية ذلك، كفاية ذلك للورود على الحوض، و نحوه المنافي للجاهلية و إنّ العترة لو لم يتخذوا إماما لزم كونهم أهل جاهلية، فكيف يجعلون قرين القرآن فيما يأتي يؤمر بالرجوع إليهم؟ ! ! .

و إنّ العترة أهل البيت إمّا أن يكونوا الجماعة الذين يكون مفارقهم أهل جاهلية أو في تلك الجماعة رئيسا فيها، حسب ما يعرف، ممّا أثبت لها أو يكونوا غيرهم و خارجين عنهم؟ و على الثاني يكونون أهل جاهلية و هو واضح الفساد. و على

ص:95


1- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 155.

الأوّل يكون الجاهلية بفراقهم، سواء كانوا نفس الجماعة أو الرؤساء فيها، و إنّ العترة ما ورد فيها مانع عن دخولهم في شيء من العناوين المذمومة في الأخبار السابقة في الرؤساء، فلابدّ من دخولهم في غيرهم، فتكون العناوين المذمومة كلها لغير العترة، و أتباعهم فيكون الهدى باتّباعهم فقط. و الجاهلية بفراقهم كذلك.

استظهار أنّ أهل البيت مدار الخلوص من الضلال

و أيضا إنّ هذا الإمام للناس إمّا أن يكلّف بالرجوع إلى أهل البيت، كما أمر غيره، و الأخبار الآتية تعم الناس كلّهم، فالخروج من الجاهلية باتّباع ذلك الإمام، يكون باستضاءته من نور أهل البيت و العترة فقط، فيكون أهل البيت مدار ذلك، و هم الإمام حقيقة دون تابعهم، كما لا يخفى.

فيثبت من ذلك انحصار العالم بشرايع الإسلام كما هو حقّه، و العامل بها الّذي لا يفارقها في عمله، و إلاّ لم يذم من فارقه في عمله المفارق شرع الاسلام، كما لا يخفى في أهل البيت و العترة دون من سواهم.

و كيف كان فالمتحصّل من أخبار «من مات بغير إمام» و «من مات مفارقا للجماعة» (1)عروض الجاهلية و حصول الضلال بهذين العنوانين، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يخاف على أمّته عروض الضلال، فأراد أن يفعل ما يمنعهم من الضلال فمنعوه، و كان الجمع بينهما يشهد بتعلّق الكتاب بتسجيل أمر الإمام و الجماعة و إلاّ مانعان عن الضلال الذي كان يخاف منه، فلنشر إلى ذلك في باب على حدة.

ص:96


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 96؛ ج 3، ص 445؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 20 و 21.

الباب الثاني: باب أنّ هذه الأمّة قد خيف عليهم الضلال

اشارة

باب أنّ هذه الأمّة قد خيف عليهم الضلال.

و وقع ذلك المحذور بفقد شرط انتفاء ذلك المخوف، و لو ائتموا بإمام مرّ وصفه لم يضلّوا قضية ما سلف، و أراد أن يكتب ما لا يضلّون بعده، فمنع منه و كان رزيّة كلّ الرّزية.

ص:97

حديث ابن عباس في أن خاف عليهم الضلال و لم يوجد ما يمنعهم

في الجزء الأوّل من الأجزاء الستة من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث ابن عبّاس، في الصفحة الثانية و العشرين بعد المأتين من الجزء المزبور في الطبع، حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا سفيان، عن سليمان ابن أبي مسلم خال ابن نجيح، سمع سعيد بن جبير، يقول: قال ابن عباس: يوم الخميس و ما يوم الخميس، ثمّ بكى حتّى بلّ دمعه، و قال: مرّة دموعه الحصى، قلنا: يا أبا العباس و ما يوم الخميس؟ قال: اشتدّ برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وجعه فقال: «ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا» فتنازعوا و لا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ قال سفيان: يعني هذه استفهوا، فذهبوا، يعيدون عليه فقال: «دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه» و أمر بثلاث، و قال سفيان: مرّة أوصي بثلاث، قال:

«أخرجو المشركين من جزيرة العرب و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» و سكت سعيد عن الثالثة، فلا أدري أسكت عنها عمدا؟ و قال: مرّة أو نسيها، و قال سفيان: مرّة و إمّا أن يكون تركها أو نسيها (1).

«البخاري» في الجزء الثاني في التاسعة و الثلاثين بعد المأة: حدّثنا محمّد، حدّثنا ابن عيينة، عن سليمان بن أبي مسلم الأحول، سمع سعيد بن جبير، فذكر نحوه باختلاف يسير، فقال: «ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا» فتنازعوا و لا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما له أهجر استفهموه؟ فقال: «ذروني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه» فأمرهم بثلاث، قال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» و الثّالثة إمّا أن سكت

ص:98


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222.

عنها و إمّا أن قالها فنسيتها؟ قال سفيان: هذا من قول سليمان (1).

و أيضا «البخاري» في الجزء الثاني من الأجزاء الأربعة، في الثانية و العشرين بعد المأة في الطبع: حدّثنا قبيصة، حدّثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، نحو الأوّل باختلاف يسير، إلاّ أنّه قال بعد قوله: تنازع: فقالوا:

هجر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: «دعوني، فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه» و أوصى عند موته بثلاث: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» و نسيت الثالثة، و قال يعقوب بن محمد: سألت المغيرة بن عبد الرّحمان عن جريرة العرب؟ فقال: مكّة و المدينة و اليمامة و اليمن، و قال يعقوب: و العرج أوّل تهامة (2).

و في الجزء الثالث، في الثانية و الستين، في مرض النبي صلى اللّه عليه و سلم: حدّثنا قتيبة، حدّثنا سفيان، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس: يوم الخميس و ما يوم الخميس، اشتدّ برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وجعه، فقال: «ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا» فتنازعوا و لا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه، فذهبوا، يردون عليه، فقال: «دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه» و أوصاهم بثلاث، قال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» و سكت أو قال فنسيتها (3).

مسلم في «صحيحه» في الجزء الثاني، في باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه و هو في العاشرة: حدّثنا سعيد بن منصور و قتيبة بن سعيد و أبو بكر بن أبي شيبة و عمرو الفاقد [و اللفظ لسعيد]، قالوا: حدّثنا سفيان، عن سليمان

ص:99


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 65.
2- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31.
3- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.

الأحول، عن سعيد بن جبير، قال: قال ابن عباس: يوم الخميس و ما يوم الخميس، ثمّ بكى حتّى بلّ دمعه الحصى، فقلت: يا ابن عباس و ما يوم الخميس؟ قال: اشتدّ برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وجعه، فقال: «ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعدي» فتنازعوا. و ما ينبغي عند نبيّ تنازع، و قالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه قال:

«دعوني، فالّذي أنا فيه خير، أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب و أجيزوا بنحو ما كنت أجيزهم» و قال: و سكت عن الثّالثة أو قالها فأنسيتها (1).

ابن أبي الحديد: في الصحيحين خرّجا معا، فذكر الحديث، و قال في آخره:

و سئل ابن عباس عن الثالثة، إمّا أن لا يكون تكلّم بها و إمّا أن يكون قالهما فنسيت (2).

و في «المسند» في الثالثة و التسعين بعد المأتين من الجزء الأوّل في الطبع:

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا حسن، حدّثنا شيبان، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس، أنّه قال: لمّا حضر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «ائتوني بكتف أكتب لكم فيه كتابا لا يختلف منكم رجلان من بعدي» قال: ما قبل القوم في لغطهم، فقالت المرأة: و يحكم عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (3).

و في آخر الرابعة و العشرين بعد الثلاث مأة من الجزء في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثني وهب بن جرير، حدّثنا أبي، قال: سمعت يونس يحدّث عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن ابن عباس، قال: لمّا حضر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الوفاة قال: «هلّم أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده» و في البيت رجال، فيهم عمر بن

ص:100


1- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
2- «شرح نهج البلاغة» لابن أبى الحديد، ج 6، ص 51.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 293.

الخطاب، فقال عمر: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد غلبه الوجع، و عندكم القرآن، حسبنا كتاب اللّه، قال: فاختلف أهل البيت، فاختصموا، فمنهم من يقول يكتب لكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو قال: قرّبوا يكتب لكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و منهم من يقول: ما قال عمر، فلمّا اكثروا اللغط و الاختلاف و غم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «قوموا عنّي» فكان ابن عباس يقول: إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم و لغطهم (1).

أقول: و قال «البخاري» في الثانية و العشرين من الجزء الأوّل: حدّثنا يحيى بن سليمان، قال: حدّثني ابن وهب، قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن ابن عباس، قال: لمّا اشتدّ بالنبيّ صلى اللّه عليه و سلم وجعه قال: «ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده» قال عمر: إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم غلبه الوجع، و عندنا كتاب اللّه حسبنا، فاختلفوا و كثر اللغط، قال: «قوموا عنّي، و لا ينبغي عندي التنازع» فخرج ابن عباس، يقول: إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بين كتابه (2).

و في «المسند» في السادسة و الثلاثين بعد الثلاث مأة من الجزء الأوّل، في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن ابن عباس، قال: لمّا حضر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم-و في البيت رجال و فيهم عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه-قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «(هلّم) أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا» فقال: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد غلب عليه الوجع، و عندنا القرآن، حسبنا كتاب اللّه، فاختلف أهل البيت فاختصموا، فمنهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم كتابا (لن) لا تضلّوا بعده، و فيهم من يقول: ما قال عمر، و لمّا أكثروا اللغو

ص:101


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324.
2- «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 36.

و الاختلاف عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «قوموا» قال عبد اللّه: و كان ابن عباس يقول: إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم و لغطهم (1).

أقول: «البخاري» في باب مرض النبيّ صلى اللّه عليه و سلم من الجزء الثالث، و هو في الثانية و الستين من الطبع: حدّثنا علي بن عبد اللّه، حدّثنا عبد الرزاق، فذكر نحوه إلاّ أنّه قال: و في البيت رجال، فقال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم «هلّموا. . .» و قال أيضا: و منهم من يقول:

غير ذلك (2).

فترك التصريح بذكر عمر في المقامين.

و قال في الجزء الرابع، في باب قول المريض «قوموا عنّي» هو في الخامسة من الطبع: حدّثنا إبراهيم بن موسى، حدّثنا هشام عن معمر و حدّثني عبد اللّه بن محمّد، حدّثنا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر فذكر نحو ما في المسند سواء (3).

و في باب كراهية الخلاف و هو في الثالثة و الثمانين بعد المأة في الطبع: حدّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام عن معمر، عن الزهري فذكر نحوه سواء، ذاكرا لعمر في المقامين صريحا أيضا (4).

و في «صحيح مسلم» في الباب السابق: حدّثني محمد بن رافع و عبد بن حميد قال: عبد أخبرنا و قال ابن رافع: حدّثنا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عباس، فذكر مثله إلاّ أنّه قال: «كتابا لا تضلّون بعده» فقال عمر: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد غلب عليه الوجع، و عندكم القرآن حسبنا كتاب اللّه. . . (5).

ص:102


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336.
2- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
3- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 9.
4- نفس المصدر، الجزء الثامن، ج 4، ص 160.
5- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.

و عن ابن أبي الحديد في «الشرح» : قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري:

حدّثنا الحسن بن الربيع، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن عبيد اللّه بن العباس، عن أبيه قال: لمّا حضرت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الوفاة-و في البيت رجال منهم عمر بن الخطاب-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ائتوني بدواة و صحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي» فقال عمر: كلمة معناها أن الوجع قد غلب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ قال: إنّ عندنا القرآن، حسبنا كتاب اللّه؛ فاختلف من في البيت و اختصموا، فمن قائل يقول: القول ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من قائل يقول: القول ما قال عمر، فلمّا كثر اللغط و اللغو و الاختلاف غضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: «قوموا؛ إنّه لا ينبغي لنبي أن يختلف عنده هكذا» فقاموا، فمات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في ذلك اليوم؛ فكان ابن عباس يقول: إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بيننا و بين كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعني الاختلاف و اللغط.

قلت: هذا الحديث قد خرّجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري و مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحهما و اتفق المحدّثون كافّة على روايته (1).

و في «المسند» في الخامسة و الخمسين بعد الثلاث مأة من الجزء الأوّل في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا و كيع، حدّثنا مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: يوم الخميس و ما يوم الخميس؛ ثمّ نظرت إلى دموعه على خديه تحدر كأنّها نظام اللؤلؤ، قال: قال:

رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ائتوني باللوح و الدواة، أو الكتف، أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا، فقالوا: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يهجر (2).

النسائي في «خصائصه» في الثامنة و العشرين هكذا ذكر: آخر الناس عهدا

ص:103


1- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 355.

برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: أخبرنا أبو الحسن على بن حجر المروزي، قال: حدّثنا جرير، عن المغيرة، عن أم المؤمنين أم سلمة: إنّ أقرب النّاس عهدا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليّ رضى اللّه عنه (1).

أخبرني محمد بن قدامة، قال جرير: حدّثنا حرير عن مغيرة، عن أم موسى قالت: قالت أم سلمة: و الّذي تحلف به أم سلمة، إنّ أقرب النّاس عهدا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليّ رضى اللّه عنه، قالت: لما كانت غدوة قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأرسل إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالت: و أظنّه كان بعثه في حاجة، فجعل يقول: جاء عليّ ثلاث مرّاة! فجاء قبل طلوع الشمس، فلمّا أن جاء عرفنا أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت و كنّا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يومئذ في بيت عايشة، و كنت في (2)آخر من خرج من البيت، ثمّ جلست من وراء الباب، فكنت أدناهم إلى الباب، فاكبّ عليه عليّ رضى اللّه عنه، فكان آخر النّاس به عهدا، فجعل (3)يساره و يناجيه (4).

و في الجزء السادس من «مسند الإمام أحمد» في الثلاث مأة في أحاديث أم سلمة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد اللّه بن محمد و سمعته أنا من عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة، قال: حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن أم موسى، عن أم سلمة، قالت: و الّذي أحلف به أن كان عليّ عليه السّلام لأقرب النّاس عهدا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قالت: عدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غداة بعد غداة، يقول: «جاء عليّ عليه السّلام مرارا» قالت: و أظنّه كان بعثه في حاجة، قالت: فجاء بعد، فظنت أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، فقعدنا عند الباب، فكنت من أدناهم إلى الباب فأكب عليه عليّ، فجعل يساره و يناجيه، ثمّ قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من يومه ذلك،

ص:104


1- «خصائص أمير المؤمنين» ص 130.
2- في المصدر+: كنت في.
3- في المصدر+: فجعل.
4- نفس المصدر.

فكان أقرب الناس به عهدا (1).

أقول: قال مسلم في الباب السّابق: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا و كيع عن مالك بن مغول؛ فذكر مثله إلاّ أنّه قال: «ائتوني بالكتف و الدواة (أو اللوح و الدواة) (2)» .

و في «المسند» في السادسة و الخمسين بعد الثلاث مأة من الجزء الأوّل في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس، قال: لمّا مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مرضه الّذي مات فيه، كان في بيت عايشة، فقال: «ادعوا إليّ عليّا» قالت عايشة: ندعو لك أبا بكر؟ قال: «أدعوه» قالت حفصة: يا رسول اللّه ندعو لك عمر؟ قال: «ادعوه» قالت أم الفضل: يا رسول اللّه ندعو لك العباس؟ قال: «ادعوه» فلمّا اجتمعوا رفع رأسه؛ فلم ير عليّا فسكت، فقال عمر: قوموا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر، يصلّي بالناس، فقالت عايشة: إنّ أبا بكر رجل حضر (3)و متى ما لا يراك الناس يبكون، فلو أمرت عمر يصلي بالناس، فخرج أبو بكر فصلّى بالناس و وجد النبي صلى اللّه عليه و سلم من نفسه خفة، فخرج يهادي بين رجلين، و رجلاه تخطان في الأرض، فلما رآه الناس سبّحوا أبا بكر، فذهب يتأخّر، فأومأ إليه أيّ مكانك؟ فجاء النبي صلى اللّه عليه و سلم حتى جلس قال: و قام أبو بكر عن يمينه و كان أبو بكر يأتم بالنبي صلى اللّه عليه و سلم و الناس يأتمّون بأبي بكر.

قال ابن عبّاس: و أخذ النبي صلى اللّه عليه و سلم من القرآئة من حيث بلغ أبو بكر و مات في مرضه ذلك عليه السلام. و قال وكيع: مرّة، و كان (4)أبو بكر يأتمّ بالنبي صلى اللّه عليه و سلم و الناس

ص:105


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 300.
2- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
3- فى المصدر: حصر.
4- في المصدر: فكان.

يأتمّون بأبي بكر (1).

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثني حجّاج، أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن الأرقم بن شرحبيل، قال: سافرت مع ابن عبّاس من المدينة إلى الشام، فسألته أوصى النبي؟ فذكر معناه و قال: ما قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم الصلاة حتّى ثقل جدّا، فخرج يهادي بين رجلين، و إنّ رجليه لتخطان في الأرض، فمات رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم و لم يوص (2).

الخوارزمي «في الفصل السادس» من كتابه: و أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد اللّه بن الحسن (3)الهمذاني، فيما كتب إليّ من همذان:

أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد بإصبهان، فيما أذن لي في الرواية عنه، أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلي عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث و سبعين و أربع مأة، أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردوية الإصفهاني، قال أبو النجيب سعد بن عبد اللّه الهمذاني (4)المعروف بالمروزي: و أخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الإصبهاني في كتابه إلىّ من إصبهان، سنة ثمان و ثمانين و أربع مأة، عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردوية، حدّثنا عبد الرحمان بن محمّد بن حمّاد، حدّثنا القاسم بن عليّ بن منصور الطائي، حدّثنا إسماعيل بن أبان، حدّثنا عبد اللّه بن مسلم الملائي، عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة و الأسود (5)، عن عايشة، قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-و هو في بيتي-لمّا حضره الموت: «ادعو

ص:106


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 356.
2- نفس المصدر، ص 357.
3- في المصدر: الحسين.
4- في المصدر: الهمداني.
5- في المصدر: عن الأسود.

إليّ حبيبي» فدعوت أبا بكر، فنظر إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثمّ وضع رأسه، ثمّ قال:

«ادعوا لي حبيبي» فقلت: ويلكم؛ ادعوا له علي بن أبي طالب، فو اللّه ما يريد غيره، فلمّا رآه [استوى جالسا و]فرّج الثوب الّذي كان عليه، ثمّ أدخله فيه، فلم يزل يحضنه (1)حتّى قبض و يده عليه (2).

و الكنجي في أواخر الباب الثاني و الستين-بعد إيراد رواية إنكار عايشة وصايته و إبطالها بأنّها أنكرت ما لم تسمعه-: و أخبرنا أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد بن الحسن الصالحي، أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي، أخبرنا أبو غالب بن البنا، أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون، أخبرنا إمام أهل الحديث أبو الحسن الدار قطني، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمّد بن شرالبجلي، حدّثنا علي بن الحسين بن عبد كعب، حدّثنا إسماعيل بن أبان، حدّثنا عبد اللّه بن مسلم الملائي، فذكر نحوه، و زاد عليه إحضار عمر أيضا، و قال: قلت: (3)رواه محدّث الشام في كتابه، كما أخرجناه، قال: قال الدار قطني (4): تفرد به مسلم الملائي و هو غريب في مثل هذا (5).

و الّذي يدلّ على أنّ عليّا كان أقرب الناس عهدا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند وفاته، ما ذكره أبو يعلي الموصلي في «مسنده» (6)و الإمام أحمد في مسنده (7).

ص:107


1- في المصدر: يحتضنه.
2- «المناقب» الفصل السادس، ص 68، ح 41.
3- في المصدر+: هكذا.
4- لم نجده في «سنن الدارقطني» و لكن العبارة بعينها موجودة في «كفاية الطالب» الباب الثاني و الستون، ص 133.
5- «ترجمة الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام» من تاريخ مدينة دمشق، ج 3، ص 15.
6- «مسند أبي يعلى الموصلى» ج 6، ص 257، ح 6898، مع اختلاف يسير.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 300.

و (1)أخبرنا أبو القاسم بن الحسين، أخبرنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدّثني عبد اللّه بن محمّد و سمعته أنا من عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة، قال: حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن أم موسى، عن أم سلمة، قالت:

و الذي أحلف به أن كان علي عليه السّلام لأقرب الناس عهدا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال (2)غدا (3)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غداة بعد غداة، يقول: «جاء عليّ مرارا» قالت فاطمة (4):

كان يبعثه (5)في حاجة (6)، فجاء بعد، فظننت أنّه له إليه حاجة، فخرجنا من البيت؛ فقعدنا عند الباب، فكنت من أدناهم من الباب (7)، فأكبّ عليه علي عليه السّلام، فجعل يساره و يناجيه، ثمّ قبض (8)من يومه ذلك؛ فكان أقرب الناس (9)عهدا.

قلت: هكذا أخرجه الإمام أحمد في مسنده و الموصلي سواء غير أنّ الموصلي قال في مسنده: فأكبّ على عليّ عليه السّلام (10).

و في الجزء الرابع من الستّة من «المسند» في حديث عبد اللّه بن أبيّ أو في، الحادية و الثمانين بعد الثلاث مأة: (11)

ص:108


1- في «كفاية الطالب» : و أخبرنا أبو الفتح نصر اللّه بن أبي بكر بدمشق، أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد اللّه بن فرج.
2- في المصدر: قالت.
3- في المصدر: عدنا.
4- في المصدر-: فاطمة.
5- في المصدر: بعثه.
6- في المصدر+: قالت.
7- في المصدر: إلى.
8- في المخطوطة: نهض رسول اللّه، و ما أثبتناه في المتن موافق للمصدر و الاعتبار.
9- في المصدر+: به.
10- انتهى كلام الكنجي في «كفاية الطالب» الباب الثاني و الستّون، ص 132-133.
11- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 381.

حدّثنا عبد اللّه، حدّثنى أبي، حدّثنا و كيع، حدّثنا مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، قال: قلت لعبد اللّه بن أبي أوفى: أوصّى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشيء؟ قال: لا، قلت: فكيف أمر المسلمين بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب اللّه عزّ و جلّ، قال مالك بن مغول: قال طلحة: و قال الهذيل بن شرحبيل: أبو بكر رضى اللّه عنه كان يتأمّر على وصي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ودّ أبو بكر رضى اللّه عنه أنّه وجد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عهدا فخزم أنفه بخزام. (1)

رواية جابر منع عمر عن الكتاب

و في الجزء الثالث من الستة من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث جابر، في السادسة و الأربعين بعد الثلاث مأة من الجزء في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا موسى بن داود، حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلّون بعده، قال: فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها (2).

و الضمير في قوله: «بعده» يحتمل رجوعه إلى الكتاب، و يحتمل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و في «منتخب كنز العمّال» في كتاب الشمائل في مرض موته صلى اللّه عليه و سلم عن عليّ أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لمّا ثقل قال: «يا علي ائتني بطبق أكتب فيه ما لا تضلّ أمّتي بعدى» ، فخشيت أن تسبقني نفسه فقلت: إنّي أحفظ ذراعا من الصحيفة فكان رأسه بين ذراعي و عضدي، فجعل يوصي بالصّلاة و الزكاة و ما ملكت أيمانكم، قال: كذلك حتّى فاضت نفسه و أمر بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله حتّى

ص:109


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 381.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 346.

فاضت نفسه من شهد بها حرم على النار. ابن سعد (1).

عن عمر بن الخطاب قال: كنّا عند النبي صلى اللّه عليه و سلم و بيننا و بين النساء حجاب، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «اغسلوني بسبع قرب و آتوني بصحيفة و دواة أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا» ، فقال النسوة: ائتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بحاجته فقلت: اسكتن فإنكنّ صواحبه! إذا مرض عصر تنّ أعينكنّ فإذا صحّ أخذتنّ بعنقه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:

«هنّ خير منكم» . إبن سعد (2).

أقول: و في بعض الكتب إنّهنّ فاطمة و أمّ سلمة و عايشة و فضّة (3)، و فيما أوردناه كفاية و إن كان يوجد عندنا غير ذلك أيضا من أخبارهم.

كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما يتعلق به

اعلم انّ تلك الأخبار قد اشتملت على كلام من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و كلام ممّن عارضه و كلام من ابن عباس و لا بأس بشرح كلّ تلك الكلمات فنقول:

إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم له كلام البدو و له كلام تلوما قالوا؛ أمّا الأوّل «هلمّوا أكتب. . .» (4)، «هلمّ أكتب. . .» (5)، «ائتوني أكتب لكم كتابا. . .» (6)أو «ائتوني بكتف أكتب. . .» (7)أو «ائتوني بكتاب

ص:110


1- «منتخب كنز العمال» المطبوع في حاشية «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 114.
2- نفس المصدر.
3- «غاية المرام» ج 6، المقصد الثاني، الباب الثالث و السبعون، ص 98، ح 11.
4- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76، باب ترك الوصية.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 293؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.

أكتب. . .» (1)أو «ائتوني بالكتف و الدواة أو اللوح و الدواة. . .» كما في رواية مسلم (2)أو «ائتوني بصحيفة و دواة. . .» كما في رواية منتخب كنز العمال (3)، «أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا. . .» (4)، «لا يختلف منكم رجلان من بعدي. . .» (5)، «لن تضلّوا بعده أبدا. . .» (6)، «لا تضلّوا بعدي. . .» كما في رواية مسلم (7)؛ «لا تضلّون بعده. . .» كما في رواية البخاري (8).

و أمّا مثل «هلمّ أكتب. . .» (9)فيدلّ على طلب حضورهم كتابه صلى اللّه عليه و آله فقط، و أمّا غيره فالترديد فيه فيما أمر به يمكن أن يكون من الرواة في النقل و أن يكون تخييرا منه لئلاّ يعتذر بالعسر أو عدم العثور، و المراد: إحضار ما يكتب فيه و لفظ «أكتب» و إن كان ظاهرا في المباشرة إلاّ أنّ المنسوب منه إلى الأجلّة و العظماء الذين لهم كتّاب أعدّوهم لحوائجهم في أمر الكتابة لا يكون له هذا الظهور بل يراد منه كتابتهم بأيدى عمّالهم محض دخول ما في أنفسهم من الحاجة في عالم الانتقاش في الصحف و لعلّ ذلك لا يخفى.

ص:111


1- «صحيح البخاري» الجزء الاول، ج 1، ص 37؛ الجزء الرابع، ج 2، ص 31.
2- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه من كتاب الوصية.
3- «منتخب كنز العمال» المطبوع في هامش «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 114.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66؛ ج 3، ص 137.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 293؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31.
7- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
8- «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 37؛ ج 3، ص 137؛ ج 4، ص 9، و في الجميع: «لا تضلوا» من دون النون، و هو الصحيح لكونه مجزوما جوابا للأمر، أو منصوبا بأن المقدّرة.
9- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324.

و لو قيل: إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان أميّا لا يقرأ و لا يكتب كما عن أسلاف القوم فالأمر أظهر.

فإن قلت: إنّ الشريف الّذي له كاتب إذا احتاج إلى كتابة أمر عمّاله بإحضار ما يكتب فيه أو الحضور و الكتابة أو غيره بأن يأتي له ما يكتب فيه لإعانة من في البيت و يقول: ائتوني.

قلت: الكلام مرّة في عموم التكليف المزبور، و أخرى في جعل ياء المتكلّم مفعولا. و من الواضح أنّ العموم بعد تعلّق الغرض بوجود شيء خاص يكون أقرب إلى النجح كما في الواجبات الكفائية، لوضوح أنّه لو أنيط بشخص قد لا يقع المراد بعذر أو تعلّل أو نحو ذلك. مضافا إلى إيضاح تعلّق الغرض بإتيان ما يكتب فيه محضا بلا خصوصية لشخص و نحو ذلك.

و أمّا الثاني فلأنّ الحاجة في المقام للطالب حقيقة و أن أتي إلى الكاتب مثلا و أنّ إظهار كون الحاجة للعظيم الشريف يوجب الحرص على الامتثال. و بالجملة فالعموم معلوم.

و الأمر أعرف بطريق طلب إيجاد مرامه و ما يتعلّق به غرضه في الأمر و خصوصية ما له داع إلى فعله. و الأمر للوجوب [لقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:] «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» (1)وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (2)وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ (3)، فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (4)خصوصا بعد ملاحظة خصوصيات الواقعة.

ص:112


1- «عوالى اللئالى» ج 4، ص 58، ح 206 و إليك نصّ الحديث: «إذا أمرتم بأمر فأتوا منه بما استطعتم» .
2- الحشر:59، الآية 7.
3- النساء:4، الآية 59.
4- النور:24، الآية 63.

عدم وجوب الكتابة عليه

و أمّا جواب الأمر فلا يفيد أزيد من وعد به، إذ معنى «ائتوني بكتاب» (1)إن أتيتم أكتب، فلا يدلّ على الوجوب و لا يكون ذلك مضرا، بدلالة الأمر على الوجوب أو إرادته منه أيضا، إذ الأمر لا تعليق فيه بما يمكن أن يقع و أن لا يقع لئلاّ يكون واجبا إلاّ في الجملة، بل التعليق أنما هو في الجواب و حكم أصل الكتابة المزبورة من حيث الوجوب و غيره إنّما يلتمس من دليل آخر و قد علم في المقام، ان لم يكن، وجب لا من تركه لها بل لما ذكر من ثمرة الكتابة و غايتها الداعي إليها كما ستعرفه.

و قوله: «لا تضلّون بعده» (2)جملة وصفية وصف بها كتابه الذي أراد أن يكتب و هو نفي لفعلية الضلال.

و أمّا «لا تضلّوا» (3)فسقوط النون فيه للنصب بأن مقدرة، يشهد لها السياق و الأظهر فيه حينئذ الغائية لقوله: «أكتب» .

و أمّا «لن تضلّوا» (4)فيحتمل الأمرين كما لا يخفى، كما يحتمل إرادة نفي إمكان الضلال بكثرة وضوح الحق و الهدى و بكمال قوّة أسباب الاهتداء بل الظاهر إرادة امتناع الضلال بواسطة أنّه في نفسه كان ممكنا، و أراد إيجاد المانع عنه، و معلوم أنّ وجوده بعد وجود المانع ممتنع لا ممكن و لا يقع.

ص:113


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31.
2- نفس المصدر.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66، «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3 ص 137 و الجزء الرابع، ج 2، ص 31.

ثمّ إنّ ذلك فيما عقب بقوله: «بعده» (1)و أمّا ما عقب بقوله: «بعدي» (2)فالمتعيّن فيه الغائية لعدم وجود الرابط على الوصفية.

و مثله قوله: «لا يختلف رجلان من بعدي» (3)و لعلّ أصل الضلال هو التحيّر [كما في قوله تعالى]: وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (4)و اختيار الباطل و غير الحق فممّا يتفرّع على ذلك، و هو منسوب إلى ضمير الجمع و النسبة إليه في طرف الإيجاب تقضي بقيام الحدث على كل واحد من الأفراد، فالمقتضي في طرف السلب انتفاء انتساب ذلك الحديث إلى آحاد الأفراد، كما هو المتفاهم من قبيل العبارة في العرف أيضا، دون السلب عن المجموع من حيث المجموع، فهو خلاف الظاهر و خلاف ما فهمه السامعون أيضا كما لا يخفى، مضافا إلى ثبوت انتفاء ضلالهم بهذا المعنى من قوله «لا يزال طائفة» (5)و نحوه.

وقت الضلال المخشي

و إذا ظهر أنّ المرعىّ في المقام حال الآحاد فمن الواضح أنّ الملحوظ خصوص حالهم فيما بعد حال إرادة الكتاب مرة بواسطة الإفصاح عنه بصيغة الاستقبال، و أخرى بذكر ظرف الضلال بقوله: «بعده» (6)و «بعدي» (7)و نفي «لن» (8)و مثل ذلك، و مجرد الالتفات إلى خصوص حالهم المتاخر عن زمان

ص:114


1- نفس المصدر.
2- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 293.
4- الضحى:93، الآية 7.
5- «السنن الكبرى» ج 9، ص 226؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 52.
6- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 138؛ الجزء الرابع، ج 2، ص 31 و 66.
7- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1 ص 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31.

إرادة الكتاب مضافا إلى ظهور صيغة الاستقبال في خصوص العارض من الضلال و ما يوجد بعد الانعدام كما لا يخفى يكشف عن انتفاء نسبة الضلال إليهم في تلك الحال و إنّهم على هدى و مهتدون.

كون المخوف مطلق الضلال

و لمّا لم يقيّد الضلال بقيد و هو بحكم النكرة في سياق النفي المفيد للعموم، يفيد أن لا يضاف إليهم في الحال ضلال، و ذلك إنّما ينتفي بانتفائه عنهم في كل مورد يكون فيه هدى و ضلال و حق و باطل، و إلاّ لم ينتف عنهم على وجه الإطلاق و لم يخص بما بعده أو حال عدم الكتاب خاصة.

و لعلّ ذلك بعد اختلاف حال الأمة في العلم و الجهل و أشباههما فما يكشف عن كون دخولهم عامّة في أهل الهدى و المهتدين مطلقا بواسطة نصب هاد لهم يهديهم إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (1)عالم بطرق الهدى عند مخاوف الردى فيما ينوبهم قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (2)لا يكون مثلهم في الحاجة إلى الأخذ عنهم أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى اَلْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى (3)و لا يشابههم في كونهم في معرض الضلال بل يكون بريء الساحة عن ذلك و يكون مع الحقّ في أحواله و يكون الحقّ معه في أفعاله و يدور معه حيثما دار، التزم الأمّة بالفزع إليه في موارد الحيرة، فبوصف هذا العلم المنصوب و التزام الأمّة باتّباعه كما التزموا في زمان الرسول باتّباعه يوصفون بالهدى مطلقا و ينتفي عنهم الضلال كذلك، و إلاّ فكيف يثبت الأمرآن لآحاد الأمّة على وجه الإطلاق

ص:115


1- الرعد:13، الآية 7.
2- الزمر:39، الآية 9.
3- يونس:10، الآية 35.

و في ذلك للحقّ حجّة واضحة و أعلامها لائحة.

فرض إرادة الخاص

و لو أريد الضلال في أمر خاص فلا بد أن يكون معلوما لهم، كلّهم قد أخذوه فاهتدوا بأخذه و يخاف أن يزيغوا عن الهدى فيضلّوا.

ثمّ إنّه لا بدّ أن يكون الضلال في ذلك الأمر الخاص قبيحا في الغاية و موجبا للهلاك و العقاب الدائم و ما يقاربه حتّى يهتمّ بالاهتداء فيه و البقاء عليه هذا الاهتمام في مرض الموت برفع أعلامه بحيث لا يضلّ عنه أحد إلاّ واضح الحال في سوء الاختيار و إظهار الخلاف على اللّه و رسوله، إذ ليس كلّ واحد من المعالم الدينية كذلك فلابدّ هو من الأركان بل يزيد على ذلك بكون أصل قوام باقي المعالم أو الاهتداء فيه و دوامه بدوام الاهتداء في ذلك، حيث إنّ بقاء الاهتداء فيه و عدم طرو الضلال يوجب أن لا يختلف بعده رجلان منهم في أمر من أمور الدين، و القامع لمادة الاختلاف من رجلين لا بدّ مثل أسّ الدين و أساس شريعة سيد المرسلين، حتى يكون الهدى فيه ملازما لانحسام مادة طبيعة اختلاف رجلين من الأمّة و زيادة و الضلال فيه موجبا لإثارة الاختلافات بين الأمّة عامة، هذا مع إرادة الاختلاف في أمور الدين و اختلاف أهل الدين في دينهم و ما يتبعه في كمال الوضوح.

و لو أريد الاعم من ذلك و من الاختلافات في موارد الخصومات المنطقة بأشخاصهم لا من حيث خصوص الدخول في دين الإسلام فشأن ذلك الحاسم لتلك المادة أعلى و أجلّ، حيث إنّ مع هداهم فيه لا يكون خصومة و اختلاف لا في أمر ديني و لا في أمر دنيوي و أضلالهم فيه أبشع حيث يكون منار الفتن و الخصومات و المحن و ما الذي يكون أثر دوام الهدى فيه ذلك و مفسدة الضلال فيه و عنه ما أشير إليه أ ليس لدوام بقائه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يخش وقوع ذلك الاختلاف إذا

ص:116

المراد من الاختلاف المزبور ليس محض طهوره و وجوده بل وجوده المستمر فكان يرتفع ببركته هَباءً مَنْثُوراً (1)و كان لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (2)فكذا لو قام مقامه من هو بمنزلته في العلم و العمل بل له مراتبه إلاّ النبوّة، الايمان خالط لحمه و دمه و الحق على قلبه و لسانه و بين عينيه و هو معه و يدور معه حيثما دار و أذعن له الأمّة و ولّوه كما هو مولاهم كان يحصل هذا الغرض و ينتفي تلك المفسدة كما كان في عصره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و إذا عرفت ذلك فلاحظ قول المرأة: «و يحكم عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» (3)لتعرف معرفتها بما أراد أن يكتب أو تستشم ما استشمت، بل و قول غيرها (4)أيضا يؤيّد ذلك في وجه، فحجّة الحق في حديث الاختلاف أبلج، و لها كمال الفلج، و الدعوة إلى واضح المنهج إلاّ أنّ قولهم-في أحاديث «لن تضلّوا» (5)و نحوه و كذا ذكر كتاب اللّه عزّ و جلّ-يرشد إلى فهمهم إرادة العموم من الضلال المنفي.

ثم إنّ ما يعقل عدم حصوله بعد الكتاب من الضلال و كذا الاختلاف خصوص ضلال و اختلاف لا يكون عن عناد و عتوّ و أمّا ما يستند إلى مثلهما فدفعه لا يحصل إلاّ بالقهر المنافي للتكليف على قواعد العدلية كما لا يخفى، فهو الذي أخبر بعدم حصوله لا مطلق الضلال و الاختلاف فلا يكون تصديه لدفعه في تلك الحال منافيا لما أخبر به من وقوع أنواع الضلالات و وجود الأئمة المضلّين لكون كلّ ذلك من

ص:117


1- الفرقان:25، الآية 23.
2- الإنسان:76، الآية 1.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 293.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31 و ص 66؛ الجزء الخامس، ج 5، ص 137.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31 و ص 66؛ الجزء الخامس، ج 5، ص 137.

باب العناد و نحوه، و لو كان فيه ما يخرج عن ذلك فقد يكون إخباره بواسطة علمه بأنّهم يمنعونه عن نيل المرام في هذا المقام و التصدي لإصلاح تلك المفاسد في تلك الحال مع عرفان ما هو المآل بعين اليقين من الإعذار و تأكيد الحجة و هو شأن العقلاء و أعقلهم نظير إرسال اللّه تعالى رسوله إلى من يعرف أن يجحد و لا يؤمن فلا يكون منافيا لمرتبته و جلالته كما لا يخفى.

ثمّ إنّ الخطاب في تلك الأخبار و إن كان مع الحاضرين في البيت و عنده إلاّ أنّ من المعلوم، أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يلاحظ حال كلّ الأمّة، من الحاضرين و الغائبين و من في الأصلاب كلّ من أرسله اللّه تعالى لهديهم، فإنّ ضلال كل واحد مبغوض عنده، و يمكن أن يكون ما كان يخافه خصوص ضلال الحاضرين بعد ما عرف طوياتهم و يكون من وجه اهتمامه بعدمه أنّه لو ضلّ الأوّلون تبعهم الأخرون كما في الأمم، و إنّ هدى الأخرين لا يكون إلاّ بدوام الهدى فيهم من أوّلهم و إلاّ كانوا أمّة أخرى كما لا يخفى، و لعلّ هذا أقرب؛ فليلاحظ.

ثمّ إنّ الضلال المبغوض الملحوظ محذورا منه في تلك الأخبار لمّا كان خصوص ما كان متأخرا بحسب الوجود عن زمان إرادة الكتاب-بقرينة صيغة الاستقبال و غيرها-فكان يكتب دفعا له يكون احتمال وجوده ذلك احتمالا عقلائيا كافيا في الحركة للخلوص عن ذلك المحذور و التهية لعدم وفوعه و لا يتوقف على الجزم بالوقوع، نظير ما لو كان الاستقبال أمرا مرغوبا فيه، فيتحرك إليه و يهيؤ أسبابه، بعد كونه محتمل الوقوع احتمالا عقلائيا، بل العقلاء بالنسبة إلى الاستقباليات لا يكون إلاّ على الخوف و الرجاء و لا يكون لهم في الغالب جزم، و انتفاء الجزم لا يكفّهم عن الحركة نحو المطلوب و عن الفرار من المحذور كما لا يخفى.

فاتضح كفاية الاحتمال في هذا المجال لأنّه يوجب حصول الخوف و هو يكون سببا للتصدي لمنع المحذور عن الوقوع، و كان قد حصل له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، مع أن كون

ص:118

العباد-إلاّ من عصمه اللّه تعالى-في معرض الوقوع في ورطة الضلال، لعلّه بعد معرفة ما تجري عليه النفوس البشرية و ما يسعى فيه، و له عدوّها إبليس كما فعل بالأمم السالفة في كمال الوضوح و لا يحتاج إلى إعمال روية، كيف لا؟ ! و قد أمروا أن يتفزعوا إلى ربّهم في كل يوم و ليلة مرارا، و إن بلغ بهم العمر ما بلغ و ارتقوا من الهدى و المعرفة مرتقى و يقول: اِهْدِنَا اَلصِّراطَ اَلْمُسْتَقِيمَ (1)السورة استثباتا لهديهم و استبعادا من الغضب و الضلال و كيف لا يذعن بذلك من يراه دعاء في الصلوات كلّفوا بطلب الاستجابة بعده، بقول امين رجاء أن يوافق تأمين الملائكة، مضافا إلى آيات يضلّ اللّه، و هى لا تحصى، فإمكان ضلال كلّ واحد ممّا لا ينكر.

لا يقال: إنّ إضلال اللّه تعالى غير ضلالهم لأنّه يقال: على مذهب العدلية إضلاله خذلانه، فالضّالّ إنّما باختياره؛ هذا.

الإيماء إلى أسباب الضلال

و للضلال أسباب أقويها و عمدتها التي يرجع إليها الباقي العمى لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي فِي اَلصُّدُورِ (2)فما من أمر اهتدى الناس فيه إلاّ و يمكن أن تعمى عنه أبصارهم، فيضلّوا عنه، وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ اَلشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ اَلْغاوِينَ* وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى اَلْأَرْضِ وَ اِتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ اَلْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ اَلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (3).

كلّ ذلك من باب المماشاة و إلاّ كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعرف عاقبتهم بوحي من اللّه جلّ

ص:119


1- فاتحة الكتاب:1، الآية 6.
2- الحج:22، الآية 46.
3- الأعراف:7، الآية 176 و 175.

جلاله أو ما جعل من الطريق إلى معرفتها، كيف؟ و قد ملؤا الطوامير من قوله: فلان من أهل الجنّة و فلان من أهل النّار و أشباه ذلك، فلا مانع من أن يعلم جزما بضلال من يضلّ مع عدم الكتاب، و يريد أن يكتب دفعا له يقول: كما قال.

و التصدي لدفع هذا المخوف منهم من كمال شفقته عليهم و إلاّ فالنبي يبعثه اللّه تعالى بَشِيراً وَ نَذِيراً (1)بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (2)و لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اَللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ (3)و لئلا يقول أحد لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى (4)و لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (5)و لو ضلّ من هداهم فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ (6)عليهم.

ثمّ إنّ أمره الموعود في جوابه الكتاب المفيد لدوام الاهتداء و النجاة من الضلال فيه، زيادة ترغيب على الإطاعة و الامتثال، حيث أبان أنّ إطاعتهم لها فائدة تعود إليهم ثمرة جليلة لما يتسامح طالبها. و هو دوام الاهتداء و الأمن من مهكة عظيمة لا يغفل هاد بها و هو الضلال و كلهم أهلها، و إنّ عليهم الحمل على الكتاب و إن لم يكن أمرهم و وعدهم حرصا على تلك السعادة و فرارا عن تلك الشقاوة، فكيف بعد ما أمرهم و حثّهم!

و إذا عرفت هذا ظهر لك أنّ الباعث إلى الكتاب المزبور كان وجد له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وجوده قريب جدّا لا غريب و أنّه كان للحاضرين، بل و غيرهم أيضا من محض الرحمة، بل من الرحمات الخاصة التي لا يتصور فيها جهة أخرى بوجه من الوجوه، فكان خيرا محضا لهم ليس فيه شائبة شرّ عليهم أصلا. و هذا يقتضى غاية

ص:120


1- البقرة:2، الآية 119.
2- سبأ:34، الآية 46.
3- النساء:4، الآية 165.
4- طه:20، الآية 134.
5- الأنفال:8، الآية 42.
6- الأنعام:6، الآية 149.

الحرص على حصوله دون المحيد عنه و منعه، كما فعلوا، فحرّموا أنفسهم و أضرّوا غيرهم و هذا بعض ما يتعلّق بشرح كلامه الأوّل على وجه الإجمال و الاختصار.

كلام من تعرّض له

و امّا كلام من تعرّض له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمنه ما ينظر إلى حاله و منه ما ينظر إلى مقاله و إن كان من إثبات ما قيل في حاله و نحو ذلك.

فالأوّل صنفان بل ثلاثة أصناف قولهم: «ما شأنه أهجر استفهموه» (1)قال سفيان-شيخ (2)ابن حنبل-: «يعني هذى» (3)و يقرب منه قول المرأة: «و يحكم عهد. . .» (4)في الازم بل هو مثبت لما احتملوه لإظهار كون فعله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من تحصيل الحاصل و نحوه، و قول عمر: إنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «قد غلب عليه» (5)أو «غلبه الوجع» (6)و قولهم: ما قال عمر فقالوا: «إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يهجر» (7)و قولهم:

«قرّبوا يكتب لكم. . .» (8)«ائتوا له يكتب» (9)«ائتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بحاجته» (10)أمّا

ص:121


1- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
2- التوضيح من مؤلف الكتاب.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222، و اليك نص عبارته: «فقالوا: ما شأنه أهجر قال سفيان: يعنى هذى استفهموه» .
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 293.
5- «صحيح مسلم» ، الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 37؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138.
7- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
9- هذا لا يوجد في الروايات المنقوله.
10- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75 و 76؛ «منتخب كنز العمّال» المطبوع بهامش، «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 114.

الأخير فيوافقه و لا يخالف فإنّه و إن كان يحتمل كونه من استمالة المتكلم أو المماشاة معه، و يؤيده أن لم يقدّموا بإتيان الصحيفة و الدواة، مع أنّ طلبها عنهم كان على سبيل الوجوب الكفائي دون العيني. و يؤيده أيضا إفراد ما عورض به من الكلام في رواية طلحة بن مصرف (1)إلاّ ان المقابلة بقول غيرهم في رواية عبيد اللّه (2)و كونهما شرح الخصومة و كون هذا الكلام طرفا فيها و نحو ذلك يوجب ظهوره في خلاف ما يتوهم.

و عدم الإتيان يمكن أن يكون لكون قائل ذلك خارجا عن خطاب «ائتوني أكتب لكم» (3)كخروج النسوة، مثلا في الرواية الأخيرة (4)، أو أنّهم راوا أن لا يجدي إتيانهم بما أمر، حيث أنّ غرضه لا يحصل و لا يقدم على الكتاب بعد خلاف من خالف، أولا يتركونه يكتب أو فهم أنّ الغرض أن يكونوا كيد واحدة في حصول هذا المطلب، فيأتوا به و يكتب لهم، كما يكونون في الحمل على الكتاب لهم فيما ينفعهم و لم يكن يحصل الغرض مع الانفراد بالإتيان، و أمّا إفراد المعارض في حديث طلحة (5)فلكون الغرض نقل المانع فقط؛ فلاحظ.

و أمّا سابقه فصريح في أنّهم أخبروا أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «هجر» (6)و هذى كفّا لمريد الإمتثال عن امتثاله و كأنّه أثبت ذلك يقول: «عندكم القرآن» (7)أي الذي فيه النور

ص:122


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 355؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس ص 75 و 76.
2- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
4- «منتخب كنز العمّال» المطبوع في حاشية «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 114.
5- مسند أحمد بن حنبل ج 1، ص 355؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
6- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325؛ «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.

و الهدى «حسبنا كتاب اللّه» (1)مانع عن الضلال.

و أمّا قول «غلبه» (2)و «غلب عليه الوجع» (3)فهو القهر (4)لكون مادّته بذلك المعنى، و قهر الوجع يكون بسلبه للاختيار و الإرادة، فالجزم به بعد كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جزم بالمعني السابق بغير ذلك اللفظ، و قول: «عندكم القرآن» (5)تأمين لمن خاف من ضلال نفسه بعد قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الدال على أنّهم في معرض الضلال (6)أو يخشى عليهم الضلال و إثبات لما ادعاه من غلبة الوجع.

إنّ كلامهم في حاله كان جزميا

ثم إنّ المنسوب إلى سيدنا عمر تلك العبارة، غير أنّ رواية الجوهري (7)صريحة في أنّ هذه معنى ما صدر منه من الكلام و ليست بلفظه؛ فلاحظ.

و روايات «ما شأنه اهجر استفهموه» (8)و إن كان ظاهرها السؤال و الاحتمال

ص:123


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325؛ «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325؛ «صحيح البخاري» الجزء الاول، ج 1، ص 37؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
4- «القاموس المحيط» ج 1، ص 111، باب الباء: الغلبّة بفتح الغين و الغلابية: القهر؛ «لسان العرب» ج 1، ص 651؛ غلبه يغلبه. . . : قهر.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325؛ «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336 و 355؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75 و 76.
7- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد ج 6، ص 51.
8- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137؛ الجزء الرابع، ج 2، ص 66؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.

إلاّ أنّ الجزم في ثاني روايات «البخاري» (1)و إن كان يحتمل حذف أداة الاستفهام، و الرواية الثانية لسعيد بن جبير التي رواها طلحة، و رواها عنه بسندهما الإمام أحمد (2)ثمّ مسلم (3)بعده بعد وضوح اتحاد الواقعة، مضافا إلى ذكر التنازع (4)و الإعادة عليه و الرد عليه، و مضافا إلى قوله: «ممّا تدعونى إليه» (5)و نحوه (6)، يرشد إلى أنّ القضيّة كانت جزمية صرف عنها إلى صورة السؤال لوجه.

كما أنّ ضم ذلك و ما جزم فيه بالهجر إلى ما دلّ على كون سيدنا عمر، هو البادي بمثل ذلك الكلام و أنّ غيره قال: ما قال سيدنا عمر، و إلاّ لم يصح قول:

«يقول القول ما قال عمر» (7)كما لا يخفى-يدلّ على أنه المخبر بأنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يهجر مضافا إلى رواية جابر الناصّة بأنّه المخالف المصرّ «حتّى رفضها» (8)كما يدلّ ما احتوى على كلامه الجزمي على أنّ ما صدر من القوم تبعا له، كان كلاما جزميّا و قضية جزميّه لا استفهاميه بقرينة تقسيم المتكلمين إلى من تبع سيدنا (9)و من قال:

ص:124


1- الظاهر هو ثاني روايات «البخاري» التي أوردها المصنف هنا و هو الجزء الرابع، ج 2، ص 31.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 355.
3- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75 و 76.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66 و 31؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
5- نفس المصادر.
6- «صحيح البخاري» الجزء الاول، ج 1، ص 37؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325 و 336؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 8، ص 161؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 346.
9- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325 و 336؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 7، ص 9؛ ج 8، ص 160؛ «منتخب كنز العمال» المطبوع في حاشية «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 114.

«ائتوا» أو من قال: غير ما قال الظاهر في اتّحاد مقولهم كما لا يخفى.

و بذلك يوهن الاستفهامية غاية الوهن، و أن التعبير من بعض رواته لبعض المصالح، كما أنّ ما دلّ على أن القوم تبعوا (1)عمر بانضمامه إلى ما دلّ على أنّهم «قالوا يهجر» (2)يدلّ على أنّ ما صدر منه في المقام أنّما كان خصوص هذا اللفظ أو ما هو صريح في معناه و إلاّ لم يكن من التبعية و قول ما قال، بل من قول شتى يوهم (3)أنه قال.

فيحصل من اجتماع تلك الروايات إنّهم قالوا: «يهجر» و اتبعوا عمر في القول، فيكون كلامه كلام هاجر هاذر لا يعبأ به و لا يترتب عليه أثر.

ممّا ينبغي أن يذكر في الاعتذار

و قد اعتذر بعض حماة الشوكة العمرية من إخواننا عن إنكاره موته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ففي «مشارق الأنوار» للعلامة الشيخ حسن العدوي الحمزواي في خاتمة الفصل الأوّل من الباب الثالث-بعد ذكر قصة الإنكار و الردع-ما هذا لفظه: «و قال الإمام ابن المنير: لمّا مات صلّى اللّه عليه و آله و سلّم طاشت العقول فمنهم من خبل و منهم من أقعد فلم يطق القيام و منهم من أخرس فلم يطق الكلام و كان عمر ممّن خبل و عثمان ممّن أخرس و عليّ ممّن أقعد و كان أثبتهم أبو بكر رضى اللّه عنه» (4)؛ فلاحظ.

ص:125


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325 و 336؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد ج 6، ص 51.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 355؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
3- في المخطوطة: «يتوهم» و الظاهر ما أثبتناه في المتن.
4- «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» الفصل الأوّل من الباب الثالث، ص 130 و 131.

كلامهم في مقاله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

و أمّا ما ينظر إلى مقاله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من كلامهم فهو قول سيدنا عمر رضى اللّه عنه الذي تبعه فيه جماعة ممّن حضر في البيت و محضر النبي صلى اللّه عليه و سلم و «عندكم (1)القرآن» أو «عندنا القرآن حسبنا كتاب اللّه» (2)و لعلّ نظره إلى أنّ القرآن فيه تبيان كل شىء أو إِنَّ هذَا اَلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (3)إلى غير ذلك ممّا في القرآن و غيره للقرآن.

و حاصله أنّ من عنده القرآن لا يضلّ أو لا يمكن ضلاله، فكيف يخاف عليه من الضلال؟ ! و إنّ كتاب اللّه حسبنا في المنع عن الضلال، فهذا دفع للخوف الحاصل من كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، حيث أخبر بكونهم في معرض الضلال، حيث أراد أن يكتب لهم ما يدفعه عنهم و تأمين للخائفين و إظهار جزم بأنّهم لا يضلّون، فلا حاجة لهم إلى ذلك الكتاب، فيخطأ من يزعمهم محتاجين و يتصدي لدفع الحاجة، و يكون إظهار ذلك من غلبة الوجع عليه لا أنّه شيء واقعي عرفه و أدركه.

ثمّ إنّ اعتقاد امتناع ضلالهم و نحوه يحمل على اعتقاد هجر من يتكلّم بخلافه، فيكون إظهار ذلك إفصاحا لما ذكره، من أنّه «غلب عليه الوجع» (4)و نحوه ليعرفه الجاهل أيضا، فيشاركه في ذلك الاعتقاد، فيتّفقوا على ترك الإتيان بما أمر به، كما

ص:126


1- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 325؛ «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 161.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.
3- الإسراء:17، الآية 9.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324 و 336؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.

لو سمعوه من مجنون، فلا يقع ما أراد من الكتاب، و لعلّ الظّاهر من قوله: «فأقبل القوم في لغطهم» (1)و قوله: «فذهبوا يعيدون عليه» (2)أو «يردون عليه» (3)و قوله:

«و لمّا أكثروا اللغط أو اللغو و الاختلاف» (4)و قوله: «كثر اللغط» (5)و نحو ذلك، خصوصا رواية جابر «فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها» (6)تكرر صدور هذا القول، و مثله من سيدنا عمرو من تبعه في محضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لعلّ ذلك لا يخفى.

الكلام الثاني لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المجلس

و أمّا كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد تلك الكلمات فقوله: «دعوني» (7)أو «ذروني فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه» . (8)و قوله: «قوموا عني» (9)و الأوّل إظهار انزجار منهم و طرد لهم، و يؤيّده قول ابن عباس في رواية عبيد اللّه: «و غمّ رسول

ص:127


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 293.
2- نفس المصدر.
3- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1 ص 336 و 325؛ «صحيح البخاري» الجزء الثالث، ج 5، ص 138؛ الجزء الرابع، ج 7، ص 9؛ ج 8، ص 161؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.
5- «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 37.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 346.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» ، الجزء الرابع، ج 2، ص 31؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 137؛ «صحيح مسلم» ؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
8- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66.
9- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 37؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 161.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» (1)و الثاني صريح في الطرد عن انزجار كما لا يخفى.

استظهار الإدخال في الروايات

ثمّ إنّ ذكر ذلك و نحوه-تفريعا على اللغط و الاختلاف-يدلّ على أنّ الوصيّة بالثلاث لم يقع في هذا المجلس و يعد هذا القول-و إن كان ظاهر قول مسلم في روايته «فالذي أنا فيه خير أوصيكم بثلاث. . .» (2)كون الوصية بها عقيب ما انزجر، إذ الظاهر أنّ كل تلك الروايات من ثقل واقعة واحدة، و الصريح في طردهم و إخراجهم من البيت-بعد ما تأذي من عملهم و قولهم و عقيب كثرة اللغط و الاختلاف-يمنع عن تخلل تلك الوصية بين التأذي و الانزجار- «أو نسيتهما» و بين طردهم عن محضره و إلاّ لنقل الطرد المزبور بعد الوصية، و لم يكن قول:

«دعوني» (3)و قول: «قوموا» (4)جواب كلمة «لمّا» بل كانت الوصية جواب «لمّا» و حكى الطرد بقول ثم قال: «قوموا عنّي» و نحو ذلك و لعلّ ذلك واضح.

تعيين ما أجمله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

و أمّا ما كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيه الذي قال: فيه هو «خيّر ممّا تدعوني إليه» (5)فيمكن أن

ص:128


1- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 324.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31، 66؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 137؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 137؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 336 و 325؛ «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66؛ الجزء الخامس ج 3، ص 137؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.

يكون أراد الموت فرآى نفسه فيه مشارفة، فيكون الحاصل الموت لي خير من أن أكون هاذيا، و سمّاه لعدم وجود واقع له عنده، فمن زعمه هاذيا و ليس به، كأنّه دعاه إليه سيّما بعد تكرر التعبير، و إلاّ فهم لم يدعوه إلى أمر على وجه الحقيقة؛ فلاحظ.

و أيّا ما كان، فهذا الكلام فيه إظهار كمال التأثر عمّا قالوا فيه، و ذلك التأثر تسبب إلى أن استرحمهم بقول: «دعوني» (1)«ذروني» (2)تخلصا ممّا يناله منهم و من كلامهم، و تبعيدا للآذى عن نفسه.

و أمّا رواية مسلم: «فالذي أنا فيه من الخير» ، (3)و لكن السياق يشهد بأنّ تلك الرواية أيضا حذو أخواتها؛ فلاحظ.

و أمّا كلام بن عباس فمنه ما يتعلق بفعلهم فقال: «تنازعوا و لا ينبغي. . .» ، (4)«اختلفوا. . .» ، (5)«اختلف أهل البيت و اختصموا. . .» ، (6)«فذهبوا يردون عليه. . .» (7)، «يعيدون عليه. . .» (8)و قال جابر: «خالف عليها عمر حتى

ص:129


1- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 137؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
2- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66.
3- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66 و 31؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
5- «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 37.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336 و 324؛ «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 138؛ الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 161؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
7- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 222.

رفضها. . .» (1)و قال عمر: «فقلت اسكتنّ. . .» . (2)

و أمّا ما يتعلق بكلامهم فهو قوله: «فلمّا أكثروا اللغط أو اللغو و الاختلاف. . .» (3)و قوله: «كثر اللغط. . .» (4)و في «القاموس» : «اللغط و يحرك الصوت و الجلبة أو أصوات مبهمة لا تفهم» (5)و لعلّ المراد به الأخير بقرينة اللغظ و لا يبعد أن يكون الغرض أنّها كانت أصواتا بلا معاني تشنيعا عليها.

الدلالة على المنع و تعيين من منع

و ما يتعلّق بشأن الواقعة و وصف الحال و هو «الرزية كل الرزية ما حال. . .» (6)يدلّ ذلك على أنّه منع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن ذلك الكتاب مانع و إلاّ كان يفعل و كان يكتب و قال جابر: «فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها. . .» (7)و الاستناد إلى المانع كأنّه يكون بعد وجود المقتضي المفروض الحصول، و وجود الشرط المفهوم من ذكر الكتابة جوابا للأمر الموجب، لتعليق الكتابة على الإتيان بما أمر

ص:130


1- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 3، ص 346.
2- «منتخب كنز العمّال» المطبوع هامش حاشية «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 3، ص 114.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336 و 324؛ «صحيح البخاري» الجزء السابع ج 4، ص 9؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 161؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.
4- «صحيح البخاري» الجزء الأوّل ج 1، ص 37.
5- «القاموس المحيط» ج 2، ص 383.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336 و 324؛ « صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 37؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138؛ الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 161؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبى الحديد، ج 6، ص 151؛ ج 6، ص 51.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 3، ص 346.

به، فإمّا أن يكون قد حصل أو فهم أنّه كان يكتب و أن لم يمتثّلوه بأمر غيرهم بإحضاره و نحو ذلك و إلاّ كان فقد الشرط حائلا، و لعلّ الحيلولة حينئذ بواسطة المنع عن وجود الشرط، فيكون مانعا عن الكتاب بواسطة، ثم بين ذلك المانع فجعله الاختلاف و اللغط، و من المعلوم أن منعه بانزجار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ممّا قالوا و أنّه لو اختلفوا و لغطوا بما ينزجر منه لم يحصل ترك الكتاب.

فالاختلاف و اللغط بما احتوى عليه من سبب انزجاره و تأذيه حال بينه و بين الكتاب، و كلّ أطراف الخلاف لم يعلم سببيته، بل الظاهر انفرادها دعوه إليه، ممّا جعل ما هو خيرا منه بالتأثير في الانزجار و السببية للمنع، و كذا الحال بالنسبة إلى اللغط، فينفرد ذلك الكلام الجزمي بالسببية، و التأثير في المنع عن الكتاب و الحيلولة بينه و بين من أراده، فرآه رزية كل الرزية و رزية كاملة كان يبكي ابن عباس عند ما يتذكرها بعد أعوام تأثرا من تلك الرزية «حتى يبلّ دمعه الحصى من شدة البكاء» (1)و يرى «دموعه تحدر على خدّيه كنظام اللؤلؤ» (2)لتواتر البكاء.

فينحصر «الرزية كل الرزية» في قول سيدنا عمر و من تبعه في الكلام، في هذا المقام لا يشاركه كلام غيرهم و يصرّح بذلك كلام جابر «فخالف عليها عمر حتى رفضها» (3).

جهة المصيبة فيما وقع بينهم

ثم أبان ابن عباس جهة المصيبة من تلك الرزية بعد ما كان كثر المكاره فيها

ص:131


1- هذا اقتباس من روايات «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 66؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
2- هذا اقتباس من روايات «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 355؛ روايت «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 346.

فجعلها خصوص وصف الحيلولة لا تأذى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مادمى به و غير ذلك، فالعمل بحيلولته و مانعيته عن الكتاب صار رزية كل الرزية يحق لها ما فعل ابن عباس، فأظهر أن المصابية منه ليست شخصية و دنيوية بل هي دينية و اسلامية نوعية، فإنّ فوات الكتاب لو كان ضررا و صدمة فهو على من قال فيهم «لا تضلّوا بعده» (1)لا على ابن عباس مثلا، و مثل هذا البكاء عند تذكر تلك الواقعة كأنّه يكشف عن إحساس وقوع ما كان يخاف من الضلال و إدراك وقوع ذلك المحذور حسّا و إلاّ فلو مضى أعوام و لم يظهر وقوع ذلك الأمر المحذور الذي خيف منه كان حرّيا هو ان أمر المنع و الحيلولة دون زيادة التأثر و التصدم كما لا يخفى.

تحقيق رشيق في الكلام

أمّا كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الأول فهو أمر و وعد بيّن فيه الداعي إلى فعل ما وعد. و هو خوف ضلالهم و منع ذلك الضلال، و من الواضح كفاية الاحتمال في التصدي و التعرض لإيجاد ما يمنع ذلك المحتمل فضلا عن عرفان العواقب و الإطلاع بالعاشرة على طويات السرائر و ما يؤل إليه لو لا الآمر و الزاجر، بل الضرر المحتمل إذا كان جليلا وجب الفرار عنه، كما هو الشاهد في إفعال العقلاء عامّة، و مثل ذلك الكلام من أيّ متكلّم كان إذا علم صلوحه لمعرفة ما ينبئ عنه لا يصح معاوضته إلاّ فمن يقطع بأن لا يقع ذلك المحتمل عن حسّ صحيح و إطلاع على الغيب، فيصح له معارصة المتكلّم في دعواه الكون في معرض الضلال و الحاجة إلى المانع عن وقوعه كما لا يخفى، و كذا فمن يعرف عدم حصول الاحتمال للمتكلّم و لا هو موجود في الواقع.

ص:132


1- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 137 و 138؛ الجزء الرابع، ج 2، ص 66.

إبطال كلام المتعرضين له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

و بعبارة أخرى أنّه لم يحتمل أيضا و لم يعرف كونهم في ذلك المعرض و ليسوا أيضا فيكذب في دعوى وجود مبادي الحاجة إلى الحاجز، و ممّن يعرف أن ما يريد إيجاده من الحاجز بلا فائدة ليس له وصف الحاجزيّة، و أنّه لا يؤثر بل ذلك المحتمل يبقى على حاله و يقع و يؤثر لا محالة من غير ان يحجزه الحاجز أو يمنع عن أثره مانع، فتحصّل من ذلك أنّ الخدشة في مثل الكلام.

أمّا في مقدمات فعله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقد عرفت تماميتها و ليس لأحد منع حصولها أو ابطالها إلاّ المعارف بالعواقب و بشهوات طويات السرائر الذي هو أعرف من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بهما، و الظاهر أنّه بعد في كتم العدم و لم يوجد إلى الآن.

و أمّا مانعية ما أراد أن يكتب و عدمها فهل يعقل معرفتها قبل معرفة نفس ذلك الشيء و معرفة أثارها و خواصّها و ما يترتب عليه؟ كلاّ؛ لتأخّر معرفة الوصف عن معرفة الموصوف و قس عليهما إلاّ أن يكون من عرفان قصور الفاعل عن إيجاد حاجز و إلاّ فالجاهل بما أراد أن يكتب كيف يصح له التعرض له؟ ! ! فظهر من ذلك أن مثل هذا الكلام لا يخدش، بل من حصل له احتمال أن يضلّ عليه أن يعي أو يجدّ كل الجدّ-بضرورة العقول-في وجود ذلك الحاجز أو مثله فرارا من الضرر المحتمل، بعد عظم شأنه و فظاعته (1)و التساهل فيه خلاف سنة العقلاء في أحوالهم.

و أمّا من تعرّض له في أصل كلامه فليس له وجه وجيه، لان ما صدر عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان متقضى الحزم كما عرفت، فما وجه الجزم بالهجر أو احتماله.

ص:133


1- الصحيح ما أثبتناه و لكن في النسخة المخطوطة: فضاعته.

إنّ القران لم يحجز المانع من الضلال في ذلك الوقت

و أمّا قول: «عندنا» (1)أو «عندكم كتاب اللّه» (2)ففيه-مضافا إلى وضوح أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يرى أن لا يوجب حصول ما كان له من الغرض من الكتاب و إلاّ فلم يجهل ما عرفه هذا القائل-أنّ القرآن لم يكن عند كل أحد بحسب إقرار ذلك القائل، فليراجع الأخبار في جمع القرآن و نحوه، من الاكتفاء بشهادة رجلين في أثبات الآية و ما وقع يوم اليمامة و شبه ذلك.

و أمّا قول «حسبنا كتاب اللّه» (3)فدعوى قولي يكذبه الفعل من المدعي، أليس بزعم أنهم لا يضلّون، فلأجله قال: ما قال، و نصّ القرآن بأن ضلّ جملة ممّن اهتدى، فلم يكفّه القرآن في تصحيح هذا الاحتمال بعد كونه واضحا لأوائل العقول.

و قال القرآن: وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (4).

و قال القائل: «قد غلب عليه» (5)أو «يهجر» (6)حسب ما عرفت من اجتماع تلك الأخبار.

ص:134


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 325؛ «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 161.
3- نفس المصادر.
4- النجم:53، الآية 4 و 3.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 355؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76.

و قال القرآن: فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ (1)و أصرّ ذلك القائل على الخلاف «حتى رفضها» (2)و نهى القرآن عن رفع الصوت فوق صوته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و فعل ما فعل و قال: ما قال، حتى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «هنّ خير منكم» (3).

و قال القرآن: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ اَلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً (4)فدعاه بما (5)قال: «ما أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه» (6).

و قال: وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ (7)و أقبل القوم في لغطهم أفكان القائل خارجا من القوم في اللغط و نحوه؟ و نفى أن يكون لهم الخيرة من أمرهم بعد ما قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمرا فقال: ما قال و أظهر أنّهم يضلون لو لا الكتاب فقال القائل ما معناه لا نضل «عندنا كتاب اللّه» (8).

و قال القرآن: أن يقولوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا (9)تلو ما يقضى و هذا خالفها «حتى رفضها» (10).

و قال: وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ (11)فخاطبهن بعد ما وافقن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص:135


1- النور:24، الآية 63.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 346.
3- «منتخب كنز العمّال» المطبوع في حاشية «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 114.
4- النور:24، الآية 63.
5- في المصدر: الذي.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 222؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 31 و 66؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 137؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75.
7- الحجرات:49، الآية 2.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 336؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.
9- هذا اقتباس من سورة النساء:4، الآية 46.
10- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 346.
11- الأحزاب:33، الآية 6.

يقول: ما قال، إلى غير ذلك.

فكيف لم يكن كتاب اللّه حسبه في ذلك و شبهه، فيهتدي للحق و الصواب فلا يقع في المحضر ما غمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى طردهم و أخرجهم من عنده، و لم يوجد ما كان مانعا عن ضلالهم في نظره.

و ربما يستشمم من هذا الكلام أن الضلال المذكور في كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان مرادا به الضلال عن أمر خاص كان القرآن هاديا إليه، فأظهر أنّ الدليل الكتابي عليه موجود و لا نضلّ معه فلا يخشى إذ لو أريد العموم لم يكن وجه لذكر القرآن في مرحلة ذكر المانع عن مطلق الضلال و كل ضلال فيكون دليلا على أنّه عرف ما أردا أن يكتب، فمنع مظهرا لعدم الحاجة إلى الكتاب؛ فلاحظ.

و أمّا قوله الثاني فهو إعراض عنهم و ترك لهم و منع لخيره عنهم بما قابلوه بالإسائة و الإنكار، نظير الإعراض عن المشركين، و نظير ترك الكفّار ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا وَ يُلْهِهِمُ اَلْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (1)هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (2)بِأَنَّ اَللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ (3)فقد استحقّوا الحرمان بما فعلوا.

و أمّا قول بن عباس في وصف الحاجز عن الكتاب «الرزية كل الرزية» (4)فمن أصدق الأقوال، أي رزية أعظم قادحا عليهم من أمر يضلّ به من ضلّ من الأمّة في

ص:136


1- الحجر:15، الآية 3.
2- ص:38، الآية 39.
3- الأنفال:8، الآية 53.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 324 و 336؛ « صحيح البخاري» الجزء الأول، ج 1، ص 37؛ الجزء الخامس، ج 3، ص 138؛ الجزء السابع، ج 4، ص 9؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 161؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 76؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 6، ص 51.

موارد الضلال. أو كلّ الأمّة عن أمر خاص مهمّ من أعلام الشرع، فلم يحصل الحاجز و دفع الضلال بنصّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بتعليق عدمه على كتابه الكتاب، و لم يحصل حسّا فيقع علق عليه عدمه ينصّ المخبر الصادق على التعليق.

دليل أن عرف مراده فمنع

ثمّ إنّ في أخبار إخواننا ما يدلّ على انّه عرف ما أراد ان يكتب، طبق ما استكشفناه من تلك الروايات، و أنّه منعه لغرض، فلا بأس بالإشارة إليه و إن كان من غير الصحاح الستة فنقول: قال ابن أبي الحديد المعتزلي في «شرح نهج البلاغة» :

«روى ابن عباس قال: دخلت على عمر في أوّل خلافته و قد ألقى (1)صاع من تمر على خصفة فدعاني إلى الأكل فأكلت تمرة واحدة، و أقبل يأكل حتّى أتي عليه، ثم شرب من جرة كانت (2)عنده و استلقى على مرفقة له و طفق يحمد اللّه يكرر ذلك، ثم قال: من أين جئت يا عبد اللّه؟ قلت: من المسجد، قال: كيف خلّفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبد اللّه بن جعفر، قلت: خلّفته يلعب مع أترابه، قال: لم أعن ذلك، انّما عنيت عظيمكم أهل البيت، قلت: خلّفته يمتح بالغرب على تحيلات من فلاة (3)و يقرأ (4)القرآن، قال: يا عبد اللّه عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟ قلت: نعم، قال: أيزعم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نصّ عليه؟ .

قلت: نعم، و أزيدك، سألت أبي عمّا يدّعيه فقال: صدق، فقال عمر: لقد كان

ص:137


1- في المصدر+: له.
2- في المصدر: جرّ كان.
3- في المصدر: فلان.
4- في المصدر+: هو.

من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في أمره ذرؤ من قول لا يثبت حجة و لا يقطع عذرا و لقد كان يرثع (1)في أمره وقتا ما، و لقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك انفاقا و خيطة على الإسلام لا و ربّ هذه البنية لا تجتمع عليه قريش ابدا و لو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّي علمت ما في نفسه فأمسك و أبى اللّه إلاّ إمضاء ما حتم.

ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب (2)«تاريخ بغداد» (3)في كتابه مسندا انتهى (4).

هذا و قد عرفت أن قضية جعل الضلال المدفوع بالكتاب لو كان حصل خصوص الاستقبالي منه دون الحالي كما لا يخفى، كون كتابه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من باب التسجيل و التأكيد و التثبيت للامر الثابت المقرر لا من إحداث ما لم يكن و بيان ما جهل، فلابدّ أنّ ما في الكتاب لو حصل هدى و سببا للاهتداء و دوامه و كان أهل بيته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم موصونا في غير موضع من كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بذلك، لا يضلّ من تمسك بهم و كان مهم و لم يخالفهم و لم يفارقهم كما كان كتاب اللّه كذلك.

ثمّ إنّا كنّا قد شرحنا روايات الصحيفة و الدواة من «البخاري» في كتاب «التنبيه» و تعرضنا لبعض ما قيل فيها، كما تعرضنا للضلالات الواقعة في الأمّة بنص روايات «البخاري» يراجعها من أراد و لم يكن مهمنا تكرار التحرير.

ص:138


1- في المصدر: يربع.
2- في المصدر+: كتاب.
3- و في «كشف الظنون عن أسامى الكتب و الفنون» ج 1، ص 288: قيل أوّل من صنف بها تاريخا أحمد بن أبي طاهر البغدادي و تلاه الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي المعروف بالخطيب البغدادي المتوفى سنة ثلاث و ستين و أربع مائة فكتب على طريقة المحدثين جمع فيه رجالها و من ورد بها و ضمّ إليه فوائد جمّة فصار كتابا عظيم الحجم و النفع و الذي بخطه كان في وقف المستنصرية أربعة عشر مجلدا.
4- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 12، ص 20.

الباب الثالث: باب أنّهم أمروا بالتمسك بالكتاب و العترة، كيلا يضلّوا فلهم منهم أمراء و أئمة و خلفاء يمنعونهم من الضلال بما خصّوا به من علم الدين

اشارة

باب أنّهم أمروا بالتمسك بالكتاب و العترة، كيلا يضلّوا فلهم منهم أمراء و أئمة و خلفاء يمنعونهم من الضلال بما خصّوا به من علم الدين.

ص:139

أمروا بالتمسك بالعترة كيلا يضلوا:

في الجزء الثالث من الأجزاء الستة من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث أبي سعيد الخدري في الرابعة عشر في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أسود بن عامر، أخبرنا أبو إسرائيل يعني إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي، عن عطيّة عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي و أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (1).

ما يكون بمشاركة الكتاب

أقول: ذكر كون الكتاب حبلا ممدودا للإرشاد إلى لزوم التمسك به بواسطة العمل به و الرجوع إليه لذلك لكونه كالوجه، للزوم العمل كما يخفى.

و قوله «لن يفترقا» بيان للوجه الداعي إلى لزوم الرجوع إلى العترة و أن لن يضلّ تابعهما، ثم المراد من «العترة أهل البيت» الأشخاص الموجودة في الخارج لأنّها القابلة للمراجعة كالقرآن دون معني مفهومي و نحو ذلك.

استظهار كون المشارك له خواص العترة لا كلّهم

ثمّ بواسطة التوصيف بعدم الافتراق من الكتاب يعلم أنّ من يفارق الكتاب في عمله بمقارنة الذنوب من أهل البيت ليس داخلا فيمن أومى إليهم في تلك الروايات بل المشار إليهم خصوص من يمتنع مفارقته للكتاب، و كذا يمتنع مفارقة الكتاب له قضيّة «لن» ، فيستحيل إنفراد كل عن الأخر، و هو دليل على وجود

ص:140


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 14.

المعصوم من مفارقة الكتاب، و أنّه الذي تركه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في النّاس مرجعا لهم كما استفيد من الخبر؛ فلاحظ.

و في السابعة عشر من الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا محمّد يعني ابن طلحة عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إنّي أو شك أن أدعي فأجيب و إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه عزّ و جلّ و عترتي، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي، و إن اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما» (1).

أقول: صدر الخبر قوله: «إنّي أو شك. . .» إمّا من بيان الحاجة إلى مرجع مثله في الاهتداء به، ثمّ الإشارة إلى ذلك المرجع أو تمهيد لبيان ترك هذه الشركة، و لمّا كان الترك بعنوان المرجعية للأمّة كما عرفت، فالمراد من خلافتهم له فيهما العمل بهما أو الرجوع إليهما بعده؛ فتأمل.

و امّا قوله: «فانظروني. . .» فلعلّ المراد أكون في أنظاركم في وقت الرجوع، ذكر ترغيبا في الرجوع بوجه تام و نحوه و لو ظهر في الإسائة و الإحسان، فنقول:

ترك الرجوع إسائة و العمل إحسان؛ فتأمّل.

و في السادسة و العشرين من الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا ابن نمير، حدّثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان عن عطيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب اللّه عزّ و جلّ حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي، ألا إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (2).

ص:141


1- نفس المصدر، ص 17.
2- نفس المصدر، ص 26.

و في التّاسعة و الخمسين من الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا ابن نمير، حدّثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه: «إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا بعدي، الثقلين أحدهما أكبر من الأخر، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي، ألا و إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (1)» .

و عن بعض نسخ الكتاب: قال ابن نمير: قال بعض أصحابنا: عن الأعمش قال:

«انظروا كيف تخلّفوني فيهما» (2).

و عن «تفسير الثعلبي» في الجزء الأول في سورة آل عمران في قوله:

وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ. . . (3): حدّثنا الحسن بن محمّد بن حبيب قال: وجدت في كتاب جدّي بخطه، حدّثنا أحمد بن الأعجم القاضي المروزي، حدّثنا الفضل بن موسى الشيباني، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «أيّها النّاس إنّي قد (4)تركت فيكم الثقلين خليفتين، إن أخذتم بهما لم تضلّوا (5)بعدي، أحدهما أكبر من الأخر، كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء و الأرض-أو قال: بين السماء إلى الأرض (6)-و عترتي أهل بيتي (7)و أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (8).

ص:142


1- نفس المصدر، ص 59.
2- «غاية المرام» ج 2، الباب الثامن و العشرون، ص 304، ج 1.
3- آل عمران:3، الآية 103.
4- في المصدر-: قد.
5- -في المصدر: لن تضلوا.
6- في المصدر: ممدود من السماء إلى الأرض-أو قال: إلى الأرض.
7- في المصدر+: ألا.
8- سقط هذا الحديث من نسخة «تفسير الثعلبي» المطبوعة التي بأيدينا و لكن نقله في «غاية المرام» ج 2، الباب الثامن و العشرون، ص 305 ح 7.

أقول: عدم ضلال الأخذ بهما. معلوم من ساير الروايات أيضا إذ بعد فرض مصادفتهما للحقّ و الهدى لن يعقل ضلال، كما أنّ تارك الأخذ لا يتوهم فيه غير الضلال لوضوح الإعراض عن الحق، فكيف لا يكون ضلالا؟ ! !

مقتضى قوله: «لن يفترقا» بالنسبة إلى العترة

و الافتراق، افتعال من الفرق، إسند إلى ضمير المثنى و هو يفارق، قولك تفارقا يكون الفراق إراديّا من كل منهما في مكان واحد.

و بعبارة أخرى إرادتهما معا أثرت في وقوع حدث واحد يقوم بهما معا. و أمّا الافتراق فالحدث يقوم بالفاعل الواحد، فمفاد يفترقا وقوع الحدث عن كل واحد من الفاعلين، فلهما فعلان، فافتراق العترة من الكتاب أن تدخل مدخلا لا يلج فيه الكتاب و افتراق الكتاب من العترة دخوله موردا لا يتابعه العترة، فكان ظرف افتراق كل منهما غير ظرف افتراق الأخر؛ فلاحظ.

و كيف كان فالروايات تدلّ على شدّة اجتماعهما و تنفى افتراق كلّ عن الأخر نافيا (1)بكلمة «لن» الدالة على التأبيد، فكان ذلك لاستحالة انفراد كل واحد منهما عن الأخر أو دليل الاستحالة، فالكتاب محفوظ عن التخلّف عن العترة و مخالفتهم و العترة معصومة عن مخالفة الكتاب أبدا، لا يحصل بينهما ذلك الاختلاف أبدا، بل يتّفقان و يجتمعان ما داما موجودين إلى أن يردا الحوض معا و لا يعقل بينهما تفارق و افتراق أبدا، و في ذلك دليل على أنّ العترة في حدّ نفسها معيار الحق و الدليل عليه، نحو الكتاب.

فكان ترك الكتاب بمخالفة العترة-كالإعراض عن العترة بمخالفة الكتاب- كان أمرا موهوما أو معقولا و مقصودا أو محتملا و نحو ذلك، فنفى وجود سبب وهن

ص:143


1- زائد ظاهرا.

أحدهما بذلك، و قال: «يجريان كفرسي رهان» (1)و يستحيل الافتراق من كلا الطرفين، فنفي المفارقة المزبورة يدلّ على اختصاص الترك المزبور بمن يستحيل انفراده عن الكتاب في ساير الأحوال و يثبت له عدمه مطلقا و لا يعمّ كل العترة، كما يتوهم و لا كل عالم منهم بالكتاب و السنّة، كما توهمه من تعرض للحديث، و لعل ذلك واضح.

ثم في ذلك دلالة واضحة على أنّ كل ما يقوله من يدخل في تلك العترة المتروكة في الأمور الدينية هو ممّا يوافقه الكتاب العزيز، و أنّه ناطق بما قالوا، فلابدّ أن يكون كل ما قالوا واردا في الكتاب و أن قصر العقول عن إدراك نطق الكتاب طبق ما قالوا، و لعلّ ذلك بعد الإقرار ببطون القرآن و نحو ذلك ممّا لا غبار عليه؛ فلاحظ.

و في الجزء الرابع من الأجزاء الستة من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث زيد بن أرقم، في الحادية و السبعين بعد الثلاث مأة من الجزء المزبور في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني، أبي حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا إسرائيل عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن بيعة، قال: لقيت زيد بن أرقم و هو داخل على المختار أو خارج من عنده، فقلت: له أسمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «إني تارك فيكم الثقلين» ؟ قال:

نعم. (2)

و في الخامس من أجزاء «المسند» في حديث زيد بن ثابت: عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في اخر الصفحة الحادية و الثمانين بعد المأة من الجزء المزبور في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني، أبي حدّثنا الأسود بن عامر، حدّثنا شريك عن الركين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّي تارك فيكم

ص:144


1- هذا اقتباس من المثل، كما في «مجمع الأمثال» ج 2، ص 158، رقم 3121.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 371.

خليفتين، كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء و الأرض أو ما بين السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي و أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (1).

و في التاسعة و الثمانين بعد المأة من الجزء في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو أحمد الزبيري، حدّثنا شريك، عن الركين، عن القاسم بن حسّان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّي تارك فيكم خليفتين كتاب اللّه و أهل بيتي و أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض جميعا» (2).

معنى خلافة الكتاب و العترة

أقول: من الواضح أنّ إطلاق الخليفة عليهما ليس بوجودهما بعد موته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بقائهما في تلك النشأة بضرورة عدم اختصاص هذا المعنى بهما فالخلافة إمّا بكونهما في محله و منزلته في هداية النّاس و اهتدائهم بهما أو بكونهما بدله بعده في المرجعية للأنام، فلابدّ أن يكونا يحصل للناس منهما ما كان يحصل لهم من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليتمّ خلافتهما له و نيابتهما أو عوضيتهما و بدليتهما. ثم الذيل إشارة إلى اتحاد الخليفتين هذين و أن لا يختلفان، فيكون حالهما حاله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في زمانه في وجوب الرجوع إليه و الايتمام به في أمور الدين.

و المخاطب في قوله «تارك فيكم» كلّ الأمّة أو من حضر مشهده ذلك و يعلم حال الغير من مساواتهم معهم، فلا بد أن لا يخالفهما، بل و لا أحدهما في الظاهر أحد و إلاّ كان معرضا عن خليفة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الأمّة و مرتطما في الضلال بترك الحق الذي لا يخرج عن القرآن و العترة.

الكنجي في «كفايته» : أخبرنا أبو المنجا عبد اللّه بن عمر بن علي بن الليثي (3)،

ص:145


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 181.
2- نفس المصدر، ص 89.
3- في المصدر+: قال.

أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى (1)أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمان بن محمّد الداري (2)، أخبرنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد حمويه، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن حريم (3)، أخبرنا الامام (4)عبد بن حميد، حدّثني يحيى بن عبد الحميد، حدّثنا شريك، عن الركين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم لن تضلّوا، كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» قلت: هكذا أخرجه في المنتخب (5)من مسنده (6).

حديث زيد بن أرقم

و في الجزء الرابع من الأجزاء الستة من المسند، في أحاديث زيد بن أرقم، في السادسة و الستين بعد الثلاث مأة من الجزء في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي حيّان التميمي، حدّثني يزيد بن حيّان التميمي، قال: انطلقت أنا و حصين بن سبرة و عمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلمّا جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و سمعت حديثه و غزوت معه و صلّيت معه لقد رأيت يا زيد خيرا كثيرا، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ فقال: يابن أخي و اللّه لقد كبرت سنّي و قدم عهدي و نسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فما حدّثتكم فاقبلوه و ما لا

ص:146


1- في المصدر+: قال.
2- في المصدر: الداودي.
3- في المصدر: مريم.
4- في المصدر+: أبو محمّد.
5- «منتخب مسند أحمد بن حنبل» ص 107 و 108.
6- «كفاية الطالب» الباب الثاني و الستون، ص 130.

فلاّ تكلفوا فيه.

ثم قال: قام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوما خطيبا بماء يدعى خما بين مكة و المدينة، فحمد اللّه تعالى و أثنى عليه و وعظ و ذكر.

ثم قال: «أمّا بعد ألا أيّها الناس إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي عزّ و جل فأجيب، و إنّي تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتاب اللّه عزّ و جل، فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب اللّه تعالى و استمسكوا به، فحث على كتاب اللّه و رغب فيه، قال: و أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي، أذكركم اللّه في أهل بيتي، أذكركم اللّه في أهل بيتي» ، فقال له حصين: و من أهل بيته يا زيد؟ أليس نسائه من أهل بيته؟ قال: إنّ نسائه من أهل بيته و لكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: و من هم؟ قال: هم آل علي و آل عقيل و آل جعفر و آل عباس، قال: كلّ (1)هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. . . (2)

مسلم في «صحيحه» في باب من فضائل عليّ عليه السّلام: حدّثني زهير بن حرب و شجاع بن مخلد جميعا عن ابن عليّة، قال زهير: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثني أبو حيّان، حدّثني يزيد بن حيان، قال: انطلقت فذكر مثله سواء (3).

و قال: حدّثنا محمّد بن بكّار بن الريّان، حدّثنا حسان (يعني ابن إبراهيم) ، عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيّان، عن زيد بن أرقم، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (4).

[قال] (5)و ساق الحديث (6)بمعنى حديث زهير.

ص:147


1- في المصدر+: أكل.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 366.
3- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 122.
4- نفس المصدر، ص 123.
5- في المصدر-: قال. هذا عبارة المصنف.
6- في المصدر+: بنحوه.

حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا محمّد بن فضيل و حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جرير كلاهما، عن أبي حيّان بهذا الاسناد، نحو حديث أسماعيل، و زاد في حديث جرير: «كتاب اللّه فيه الهدى و النور، من استمسك به و أخذ به كان على الهدى و من أخطأه ضلّ» (1).

حدّثنا محمّد بن بكّار بن الريّان، حدّثنا حسان (يعني ابن إبراهيم) عن سعيد (و هو ابن مسروق) ، عن يزيد بن حيّان، عن زيد بن أرقم، قال: دخلنا عليه، فقلنا له: لقد رأيت خيرا، لقد صاحبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صليت خلفه، و ساق الحديث بنحو حديث أبي حيان، غير أنه قال: « (2)و إنّي تارك فيكم ثقلين، أحدهما كتاب اللّه عزّ و جلّ، هو حبل اللّه، من اتبعه كان على الهدى و من تركه كان على ضلالة» و فيه فقلنا: من أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا و إيم اللّه إنّ المرئة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها فترجع إلى أبيها و قومها، أهل بيته أصله و عصبته الذين حرّموا الصدقة بعده (3).

و في «رشفة الصادي» (4)و «الصواعق» (5)عنه في الرواية: أهل بيته أهله و عصبته الذين حرّموا الصدقه بعده.

أقول: اعترف زيد بأن حديثه ليس على ما ينبغي للنسيان و شبهه و لا يريد الاعتذار عن خصوص الأحاديث المنفرده كما لا يخفى، و مع ذلك فذكر الترك بعد الأخبار بمضيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كالدليل على إرادة تركه بدلا عن نفسه و مرجعا للناس،

ص:148


1- نفس المصدر.
2- في المصدر+: ألا.
3- نفس المصدر.
4- «رشفة الصادي» المسمى أيضا «الشاهد المقبول بفضل أبناء الرسول» الباب الخامس، ص 70.
5- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الأول، ص 89.

مضافا إلى ما ذكره في حق الكتاب ممّا يدلّ على إرادة خصوص مرجعيته بعد جعله و العترة قرينين.

استطهار كون الحديث على نهج باقي الأخبار

ثم إنّ ظاهر قوله: «أذكركم اللّه. . .» (1)و إن كان من الوصية بالإحسان محضا إلاّ أن الظاهر أنّ المراد أن يعامل معهم كما أمر اللّه به و رضيه و يعلم الحال في ذلك من موارد أخر، و لعلّ المعلوم من الخارج كان ما يفيد لزوم الرجوع إليهم، فاقتصر بالإجمال أو أجمل لغرض أخر مّما ورد نحوه في «المسند» (2)عن أجلة الأصحاب، و أمّا تصديق كونهنّ من أهل بيته كما في الطريق الأول بعد ما عقبه به من الاستدراك، فيمكن أن يكون بالنظر إلى معني دون آخر.

و الحاصل أنهنّ من أهل بيته بالمعني المعروف و لسن ممّن أراده في المقام، و حاصله أن مراده معنى خاص أو أشخاص مخصوصون يخرج عنهم النسوة، فخروجهنّ من المراد يدلّ على عدم إرادة الوصية بالإحسان محضا و إلاّ كن بالدخول أولى كما لا يخفى، كما أنّ النعيم في البيوتات يرشد إلى عدم إرادة بيان المرجع أيضا و لكن الأول أقوى، و كان العذر في أوّل الحديث ناظر إلى مثل ذلك الإجمال و نحو، و مع ذلك فقد يأتي عن زيد مفصلا واضح الدلالة و هي قرينة أخرى على ما ذكر أو رافعة لهذا الإجمال و يبيّن أنه من زيد في أواخره أو من الرواة عنه لا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بخصوص هذا الإجمال؛ فتأمل.

أقول: و رواه الحمويني بسنده إلى أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، عن أبي

ص:149


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 366؛ «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 122 و 123.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 366.

محمّد جناح (1)القاضي بالكوفة، عن محمّد بن علي بن رحيم، عن إبراهيم بن إسحاق الزهري، عن جعفر بن عون (2)و يعلى، عن أبي حيّان التميمي، عن يزيد بن حيّان، قال: سمعت زيد بن أرقم، قال: قام فينا-فذكر نحو الأوّل-و قال: قال الشيخ أحمد البيهقي: قلت: قد بيّن زيد بن أرقم: أن نسائه من أهل بيته و أن اسم أهل البيت للنساء تحقيق و هو يتناول الآل و اسم الآل لكلّ من حرم عليه الصدقة من أولاد هاشم و أولاد المطّلب لقول النبي صلى اللّه عليه و سلم «إن الصدقة لا تحلّ لمحمد و لآل محمّد» و إعطاؤه (3)الخمس الذي عوضهم من الصدقة (4)بني هاشم و بني عبد المطلب، و قد يسّمى أزواجه آلا بمعني التشبيه (5)فأراد (6)تخصيص الآل من أهل البيت بالذكر و لفظ النبي صلى اللّه عليه و سلم في الوصية بهم عامة يتناول الآن و الأزواج و قد أمرنا بالصلاة على جميعهم؛ انتهى (7).

أقول: و قال الكنجي في الباب الأول من كفايته-بعد إيراد الحديث عن مسلم-: قلت: إن تفسير زيد-أهل البيت-غير مرضي لأنه قال: أهل بيته من حرم الصدقة (8)لا ينحصرون في المذكورين فإنّ بني المطلب يشاركونهم في الحرمان و لان آل الرجل غيره على الصحيح، فعلى قول زيد يخرج أمير المؤمنين عليه السّلام عن أن يكون من أهل البيت بل الصحيح، أن أهل البيت علىّ و فاطمة و الحسنان عليهم السّلام

ص:150


1- في المصدر+: نذير بن.
2- في المصدر: يعني ابن عون.
3- في المصدر+: [إياهم].
4- في المصدر+: [و لقوله: إن]بني هاشم و بني المطلب واحد.
5- في المصدر+: [بالنسب].
6- في المصدر+: [زيد].
7- «فرائد السمطين» ج 2، الباب السادس و الأربعون، ص 234 و 237 ح 513.
8- في المصدر: بعده يعني بعد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و حرمان الصدقة يعمّ حياة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بعده و لأن الذين حرموا الصدقة.

كما رواه مسلم، فذكر ما يأتي إن شاء اللّه و لعلّ مصداق من حرم كان الحصر في الآل فلا اشكال و أنّه يريد (1).

و في أواخر «صحيح أبي عيسى الترمذي» في مناقب أهل بيت النبي صلى اللّه عليه و سلم:

حدّثنا نصر بن عبد الرحمان الكوفي، أخبرنا زيد بن الحسن هو الأنماطي (2)، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه، قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حجته يوم عرفة و هو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: «يا أيّها الناس إنّي تركت فيكم من [ما]إن أخذتم به لن تضلّوا، كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي- قال: -و في الباب عن أبى ذر و أبي سعيد و زيد بن أرقم و حذيفه بن أسيد-قال: - و هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

قال: و زيد بن الحسن قد روي عنه سعيد بن سليمان و غير واحد من أهل العلم. (3)

إلى أن قال: حدّثنا علي بن المنذر الكوفي، أخبرنا محمّد بن فضيل، قال (4):

أخبرنا الأعمش عن عطية، عن أبي سعيد و الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنهما قالا (5): قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي و لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (6)، قال: هذا حديث حسن غريب (7).

ص:151


1- «كفاية الطالب» الباب الاول، ص 12.
2- في المصدر-: هو الأنماطي.
3- «سنن الترمذي» ج 5، ص 327، ح 3874.
4- في المصدر-: قال.
5- في المصدر: قال.
6- في بعض النسخ: في عترتي.
7- «سنن الترمذي» ج 5، ص 328، ح 3876.

أقول: خبره الأول صريح في أن النّاس في معرض الضّلال و انتفاء الضلال عنهم مشروط بحصول الأخذ بما ترك كتاب اللّه و العترة، كما هو صريح في أنّ المشار إلى تركهما فيهم، هنا خصوص ما يوجب دوام الاهتداء للنّاس، كما هو صريح أيضا في أنّهما في مرحلة ترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لهما علما و أخذ الناس واحد لا تعدد فيهما، فيدلّ على أنّ تارك العترة لم يأخذ بما ترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دافعا للضلال، و الثاني شرح فيما سبق و قوله: «فانظروا كيف. . .» من القلب و يحتمل أن يكون وصية على حدة فرعها على مالهما من الفائدة الجليلة للمسلمين.

و عن «الجمع بين الصّحّاح» في الجزء الثّالث من الأربعة الأجزاء، عن «صحيح أبي داود السّجستاني» (1)و «صحيح التّرمذي» (2)الحديث عن زيد بن أرقم نحو ذلك إلاّ أنّه قال: «عترتي» و زاد عليه سفيان: أهل بيته هم ورثة علمه لأنّه لا يورث من الأنبياء إلاّ العلم فهو كقول نوح عليه السّلام: رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً (3)يريد ديني و العلماء من أهل بيته المقتدون به و العالمون بما جاء به لهم فضلان. (4)

النسائي في «خصائصه» في الخامسة عشر: أخبرنا أحمد بن المثنى، قال:

حدّثنا يحيى بن معاذ، قال: أخبرنا أبو عوانة عن سليمان، قال: حدّثنا حبيب بن ثابت (5)، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: لمّا دفع (6)النبي صلى اللّه عليه و سلم من حجة

ص:152


1- لم نجده من «صحيح أبي داود» .
2- «سنن الترمذي» ج 5، ص 328، ح 3876.
3- نوح:71، الآية 28.
4- «غاية المرام» ج 2، الباب الثامن و العشرون، ص 306، ح 12.
5- في المصدر: أبي ثابت.
6- في المصدر: رجع.

الوداع و نزل غدير خم أمر بدوحات، فقممن ثمّ قال: «كأنّي دعيت فأجبت و إنّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» ثمّ قال: «إنّ اللّه مولاي و أنا وليّ كلّ مومن» ثم إنّه أخذ بيد عليّ رضى اللّه عنه فقال: «من كنت وليّه فهذا وليّه اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه» فقلت: لزيد سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ فقال: إنّه ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينه و سمعه بأذنيه (1).

الكنجي في الباب السادس من «كفايته» : أخبرنا محمّد بن عبد الواحد بن أحمد بن التوكل على اللّه ببغداد عن (2)محمّد بن عبيد اللّه (3)حدّثنا حسين بن محمّد بن (4)الفرزدق، حدّثنا حسين بن علي بن يزيع، حدّثنا يحيى بن الحسن بن (5)الفرات، حدّثنا أبو عبد الرحمان المسعودي و هو عبد اللّه بن عبد الملك، عن الحرث بن حصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري، عن حبّان الحرث الأزدي، عن الربيع بن جميل الضبي، عن مالك بن ضمرة الدوسي، عن أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ترد عليّ الحوض راية أمير المؤمنين و إمام الغر المحجّلين، فأقوم فآخذ بيده، فيبيض وجهه و وجوه أصحابه و أقول: ما خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا (6)الأكبر و صدقناه و وازرنا الأصغر و نصرناه و قاتلنا معه، فأقول: زدوا رواء مرويين فيشربون شربة لا يظمأمون بعدها (7)، وجه إمامهم.

ص:153


1- «خصائص أمير المؤمنين» ص 93.
2- في المصدر: أخبرنا.
3- في المصدر+: (حدّثنا عبد الحميد بن عبد الرحمان، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه) .
4- في المصدر: محمد الفرزدق.
5- في المصدر+: الحسن بن.
6- في المصدر: تتبعنا.
7- في المصدر+: أبدا.

كالشّمس الطالعة و وجوههم كالقمر ليلة البدر أزكى ضوء (1)نجم في السماء (2).

أقول: نصروه على النّاكثين و القاسطين و المارقين إذ لم يحارب بعده غيرهم.

و في «الصواعق» في ذيل الأربعين و في رواية أنّه صلى اللّه عليه و سلم قال في مرض موته:

«أيّها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي و قد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إنّي مخلف فيكم كتاب اللّه (3)عزّ و جلّ و عترتي أهل بيتي» ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها فقال: «هذا عليّ مع القرآن و القرآن مع عليّ لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض، فاسألوهما ما خلفت فيهما» (4).

و في «رشفة الصادي» بعد إيراد رواية زيد عن «صحيح مسلم» (5): و في رواية:

«إنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا بما تخلفوني فيهما» (6)زاد الطبراني (7): «و أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، سألت ربي ذلك لهما، فلا تقدموهما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا، و لا تعلموهم فانّهم أعلم منكم» (8).

و في رواية عنه رضى اللّه عنه (9)قال: أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم حجة الوداع، فقال:

«إنّي فرطكم على الحوض و إنكم تبعي و إنكم توشكون أن تردّوا عليّ الحوض

ص:154


1- في المصدر: أو كأضوء.
2- «كفاية الطالب» الباب السادس، ص 24.
3- في المصدر: ربّي.
4- «الصواعق المحرقة» الباب التاسع، الفصل الثاني، ص 75.
5- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 122 و 123.
6- «مسند ابن الجعد» ، ص 397.
7- «المعجم الكبير» للطبراني ج 5، ص 167، ح 4971؛ ج 3، ص 66، ح 2681؛ باختلاف يسير.
8- «رشفة الصادي» الباب الخامس، ص 71.
9- «نظم درر السمطين» النسخة المخطوطة، ص 233.

فأسئلكم عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما» ؟ فقام رجل من المهاجرين فقال: ما الثقلان؟ قال: «الأكبر منهما كتاب اللّه سبب طرفه بيد اللّه و سبب طرفه بأيديكم، فتمسكوا به، و الأصغر عترتي، فمن استقبل قبلتي و أجاب دعوتي فليستوص بهم خيرا» -أو كما قال-: «فلا تقتلوهم و لا تقهروهم و لا تقصروا عنهم، و إنّي قد سألت (1)اللطيف الخبير، فأعطاني أن يردّوا عليّ الحوض كتين-أو قال: كهاتين- و أشار بالمسبحتين، ناصرهما لي ناصرو خاذلهما لي خاذل و وليّهما لي وليّ و عدّوهما لي عدوّ» (2).

أقول: و عن ابن المغازلي: أخبرنا أبو يعلى عليّ بن عبيد اللّه (3)، أخبرنا عبد السلام بن عبد الملك (4)، أخبرنا عبد اللّه بن محمّد (5)، حدّثنا محمّد بن بكير (6)بن عبد الرزاق، حدّثنا ابن حاتم مغيرة بن محمّد المهلّبي (7)، حدّثني مسلم بن إبراهيم، حدّثنا يونس (8)بن قيس الحدّاني حدّثنا الوليد بن صالح عن امرأة زيد بن أرقم، في حديث طويل مثل ذلك إلاّ أنّه قال-بعد قوله: «خلفتموني فيهما» :

فأعيل علينا ما ندري ما يقول الان، فقام (9)رجل. . . و قال أيضا: «أجاب دعوتي فلا تقتلوهم. . .» و قال (10): «كهاتين» و أشار بالمسبحة، و لو شئت قلت: كهاتين

ص:155


1- في المصدر+: لهم.
2- «رشفة الصادي» المسمى أيضا «الشاهد المقبول» الباب الخامس، ص 71.
3- في المصدر+: بن العلاّف البزار إذنا قال: .
4- في المصدر+: بن حبيب البزار قال: .
5- في المصدر+: بن عثمان قال: .
6- في المصدر: بكر.
7- في المصدر+: قال: .
8- في بعض النسخ: نوح.
9- في المصدر: ما ندري ما الثقلان حتى قام.
10- قوله: كهاتين. . . في «رشفة الصادي» و لم يذكر في «المناقب» .

بالسبابة و الوسطى ناصرهما. . . ، و زاد عليه (1)، «ألا و إنّها لم تهلك أمّة قبلكم حتّى تتدين بأهوائها، و تظاهر على نبوتها، و تقتل من قام بالقسط» ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبيطالب عليه السّلام فرفعها فقال (2): «من كنت وليّه فهذا وليه، اللّهمّ وال من والاه، و عاد من عاداه» قالها ثلاثا (3). . . آخر الخطبة (4).

و «في الصواعق» في التتمّة، في باب الأمان ببقائهم: و جاء عن الحسين كرّم اللّه وجهه: «من أطاع اللّه من ولدي و اتبع كتاب اللّه تعالى وجبت طاعته» و قال:

و أورد أيضا بلا إسناد: «في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين، تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين» الحديث و أشهر منه الحديث المشهور: «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدو له ينفون عنه. . .» (5).

و في «رشفة الصادي» -بعد ما مرّ عنه-: و في رواية أخرى أنه قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-في مرض موته-: «يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي و قد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إنّي مخلف فيكم كتاب ربّي عزّ و جلّ و عترتي أهل بيتي» قال السمهودي قده: و الحاصل انه لمّا كان كلّ من القرآن العظيم و العترة الطاهرة معدنا للعلوم الدينيّة و الحكم و الأسرار النفيسة الشرعيّة و كنوز دقائقها و استخراج حقائقها أطلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليهما الثقلين و يرشد لذلك حثه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض الطرق السابقة على الاقتداء و التمسك و التعلّم من أهل بيته و قوله في حديث أحمد: «الحمد للّه الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت» (6)و ما سيأتي من كونهم أمانا

ص:156


1- على حسب نقل ابن المغازلي.
2- في المصدر: ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه.
3- في المصدر+: هذا.
4- «مناقب عليّ بن أبيطالب، لابن المغازلي، ص 16، ح 23.
5- «الصواعق المحرقه» باب الأمان ببقائهم ص 140 و 141.
6- «كتاب فضائل الصحابة» ج 2، ص 654، ح 1113.

للأمّة انتهى (1).

و عن إبراهيم بن شيبة الأنصاري قال: جلست إلى الأصبغ بن نباتة، فقال: ألا أقرئك ما أملاه عليّ بن أبي طالب كرم اللّه وجهه، فأخرج صحيفة فيها مكتوب:

«هذا ما أوصى محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أهل بيته و أمّته، أوصى أهل بيته بتقوى اللّه و لزوم طاعته و أوصى أمّته بلزوم أهل بيته و انّ أهل بيته يأخذون بحجزة نبيّهم، و إنّ شيعتهم يأخذون بحجزتهم يوم القيامة، و إنّهم لن يدخلوكم باب ضلالة، و لم يخرجوكم عن باب هدى» و أخرج الملاء حديث: «[من]في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين، ألا و إنّ أئمتكم و فدكم إلى اللّه، فانظروا من توفدون» (2).

و في «الصواعق» و في رواية صحيحة: «إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا ان تبعتموهما و هما كتاب اللّه و أهل بيتي عترتي» (3)زاد الطبراني: «إني سألت ذلك لهما، فلا تقدموهما، فتهلكوا و لا تقصروا عنهما، فتهلكوا و لا تعلموهم، فإنّهم أعلم منكم» (4).

و قال أيضا: ثمّ اعلم إنّ لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف و عشرين صحابيا، و مرّ له طرق مبسوطة في حادي عشر لشبهة. انتهى موضع الحاجة (5).

و قال فيما أشار إليه: و لفظه «أي حديث الغدير» عند الطبراني و غيره بسند صحيح. فساقه إلى أن قال: ثم قال: «أيّها الناس إنّي فرطكم، و إنّكم و اردون عليّ

ص:157


1- كلام السمهودي في «جواهر العقدين» الجزء الأول من القسم الثاني، ص 92.
2- «رشفة الصادي» ، المسى أيضا «الشاهد المقبول» ، الباب الخامس، ص 72.
3- «المستدرك على الصحيحين» ج 3، ص 110.
4- «المعجم الكبير» للطبراني، ج 5، ص 167، ح 4970؛ ج 3، ص 66، ح 2681.
5- «الصواعق المحرقة» ، الباب الحادي عشر، الفصل الأول، ص 89.

الحوض، حوض أعرض ممّا بين بصري و صنعاء فيه عدد النجوم، قدحان من فضة، و إنّي سائلكم حين تردّون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الأكبر كتاب اللّه عزّ و جل، سبب طرفه بيد اللّه و طرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا و لا تبدّلوا، و عترتي أهل بيتي، فإنه قد نبّأني اللطيف الخبير، إنهّما لن ينقضيا حتّى يردا عليّ الحوض» (1).

أقول: أخبار الثقلين كثيرة الطرق جدّا، و لم يتعلق الغرض باستيفاء ما يحضرنا من طرقها فضلا عن النقل بالواسطة، كسائر الأخبار في الأبواب، لأنّ فيما نورده كفاية.

و عن «الحمويني» : حدّثنا الإمام الأطهر (2)قطب الدين المرتضي ابن محمود محمّد بن محمّد الحسني إجازة (3)سنة إحدى و سبعين و ست مأة بهمذان، قال:

أنبأنا والدي رحمه اللّه و أبنأنا الإمام مجد الدين أبو الحسن محمّد بن يحيى بن الحسن الكرخي (4)بقرائتي عليه ظاهر قرية قهود و هي التي تدعي قلعة (5)سقور، قال:

أنبأنا جدّي لأمّي الإمام مجد الدين أبو محمّد عبد الرحمان بن الإمام مجد الدين أبي القاسم عبد اللّه بن حيدر (6)، أنبانا شيخ الإسلام جمال السنة معين الدين أبو عبد اللّه محمّد بن حمويه (7)قال: أبنأنا جمال الإسلام أبو المحاسن عليّ بن الفضل الغاريدي رضى اللّه عنه، قال: أنبأنا والدى شيخ الإسلام أبو على الفضل بن على بن محمّد

ص:158


1- نفس المصدر، الباب الأول، الفصل الخامس، ص 25.
2- في المصدر-: الأطهر.
3- في المصدر+: في شهور.
4- في المصدر: الكرجي.
5- في المصدر: بنقور قلعة.
6- في المصدر+: القزويني قال: .
7- في المصدر+: الجويني-سلام اللّه عليه، و لا زالت رسائل لطفه و رضاه متواصلة إليه-.

الفارندى قال (1): قال: أبنأنا الإمام أبو القاسم عبد اللّه بن علي-شيخ وقته المشار إليه في الطريقة و متقدم (2)أهل الإسلام و الشريعة قال: أنبأنا (3)أبو زيد عبد الرحمان بن محمّد بن أحمد-يوم الثلثاء السابع من شوال سنة ست و أربع مأة -حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب الأصم، حدّثنا محمّد بن سنان الفزار (4)، حدّثنا (5)موسى بن عبيدة حدّثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «النجوم أمان لأهل السماء، و أهل بيتي أمان لأمّتي» (6).

أقول: و في هامش النسخة: بهلول عن مورق، أنبأنا و لا أعرف موضع ذلك فتدبر (7).

و أيضا قال: قال الواحدي: رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن (8)أبي فضيل عن أبي حيّان عن يزيد بن حيّان (9).

أنبأني السيد الإمام جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحسني قدس اللّه أرواحهم و السيد النسّابة جمال الدين (10)عبد الحميد بن فخّار بن معد

ص:159


1- في المصدر-: قال: أبنأنا. . . الفارندي قال.
2- في المصدر: مقدم.
3- في المصدر+: شيخ الإسلام.
4- في المصدر: شيبان العرار.
5- في المصدر+: بهلول بن موزون حدّثنا.
6- «فرائد السمطين» ج 2، الباب السابع و الأربعون، ص 241-ح 515.
7- في المصدر: بهلول بن موزن مذكور قبل موسى بن عبيدة و أمّا بهلول عن مورق فلم يذكر في هذا السند و الصحيح كما في «تهذيب التهذيب» ج 1، ص 49: بهلول بن مورق الشامي.
8- في المصدر+: [محمد].
9- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الثامن و الأربعون، ص 250، ح 520؛ و سند هذا الحديث مطابق لما في «غاية المرام» ج 3، الباب السادس و الستون، ص 137، ح 3؛ و فيه ما لا يخفى من اختلاط رواة حديث رقم 520 مع رقم 521 الآتي.
10- في المصدر: جلال الدين.

الموسوي رحمه اللّه بروايتهما عن السيد شمس الدين [شيخ]الشرف فخار بن معد بن فخار الموسوي، عن شاذان بن جبرئيل القمّي، عن جعفر بن محمّد الدوريستي، عن أبيه، عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمي رضى اللّه عنهم، قال:

حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد العزيز بن الجعد أبو بكر، قال: حدّثنا عبد الرحمان بن صالح، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى عن موسى بن عبيدة، عن أياس بن سلمة (1)عن أبيه رفعه (2)قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . . فذكر مثله (3).

و بهذا الإسناد عن ابن بابويه، حدّثنا محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن السري بن سهل، قال: حدّثنا عباس بن الحسين، قال: حدّثنا عبد الملك بن هارون عن (4)عنترة عن أبيه عن جدّه عن على عليهما السّلام، مثله، إلاّ أنه قال: «لأهل الأرض «فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» (5).

أقول: و روى غير ذلك أيضا» (6).

و عن عبد اللّه بن أحمد عن أبيه قال: و فيما كتب إلينا محمّد بن علي الحضرمي، يذكر أن يوسف بن نفيس حدّثهم، قال: حدّثنا عبد الملك بن هارون، عن عنترة (7)، عن أبيه، عن جدّه، عن علي عليه السّلام. . . ، فذكر ما يأتي عن أحمد (8).

ص:160


1- في المصدر+: [بن الأكوع].
2- في المصدر-: رفعه.
3- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الثامن و الأربعون، ص 252، ح 521.
4- في المصدر: ابن عنترة.
5- نفس المصدر: «النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهبت السماء و أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» .
6- «ذخائر العقبى» ص 17.
7- في المصدر: ابن عنترة.
8- «كتاب فضائل الصحابة» ج 2،671، ح 1145؛ «غاية المرام» ج 3، الباب السادس و الستون، ص 137، ح 1.

و في «الصواعق» : و منها «النجوم أمان لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأمّتي» أخرجه جماعة كلّهم بسند ضعيف و في رواية ضعيفة أيضا «أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الأيات ما كانوا يوعدون» و في أخرى لأحمد. . . ، فذكر ما يأتي عنه. و في رواية صحّحها الحاكم على شرط الشيخين. . . ، فذكر رواية الحاكم الآتية. (1)

و في «رشفة الصادي» : أخرج الحاكم (2)و قال: صحيح الإسناد عن ابن عباس رضى اللّه عنه أنّه، قال: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، و أهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوها، فصاروا حزب إبليس» و عن عليّ بن أبيطالب كرّم اللّه وجهه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

«النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، و أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» أخرجه أحمد في «المناقب» (3). . . ، إلى أن قال: قال السمهودي روح اللّه روحه (4)-بعد إيراد هذه الأحاديث-: يحتمل أن المراد من أهل البيت (5)علمائهم الذين يهتدي بهم كما يهتدي بنجوم السماء، و هم الذين إذا خلت الأرض منهم جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون (6)، و ذلك عند موت المهدي، إلى أن قال: و يحتمل و هو الأظهر الإطلاق (7)لأنّ اللّه تعالى لمّا خلق الدنيا (8)لأجل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جعل

ص:161


1- «الصواقع المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الاول، ص 91.
2- «المستدرك على الصحيحين» ج 3، ص 149.
3- «كتاب فضائل الصحابة» ج 2، ص 671، ح 1145.
4- «جواهر العقدين في فضل الشرفين» الجزء الأول من القسم الثاني، ص 123 و 124.
5- «رشفة الصادي» +: الذين هم أمان للأرض.
6- في المصدر+: و ذهب أهل الأرض.
7- في المصدر: عندي أن المراد من كونهم أمانا للأمة، أهل البيت مطلق.
8- في المصدر+: بأسرها من أجل.

دوامها بدوامه و دوام أهل بيته فإذا انقضوا طوى بساطها (1).

و قال في «الرشفة» : أخرج الحاكم (2)عن أبي ذر رضى اللّه عنه: أنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى و من تخلف عنها عرق و مثل باب حطّة بني إسرائيل» (3).

و زاد أبو الحسن المغازلي: «و من قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال» (4).

و عن أبي سعيد الخدري رضى اللّه عنه قال: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجى و من تخلف عنها غرق، و إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني اسرائيل من دخله غفر له» أخرجه الطبراني في الصغير و الأوسط. (5)

و الكنجي في الباب المأة: و أخبرنا نقيب النقباء أبو الحسن علي بن إبراهيم الحسيني (6)و غيره بدمشق، و أخبرنا الحافظ يوسف بن خليل الدمشقي بحلب، قالوا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي، أخبرنا أبو عدنان و فاطمة بنت عبد اللّه، قالا: أخبرنا أبو بكر بن زيدة، أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد

ص:162


1- انتهى كلام السمهودي في «رشفة الصادي» المسمى أيضا «الشاهد المقبول» الباب الخامس، ص 78.
2- «المستدرك على الصحيحين» ج 2، ص 343؛ ج 3، ص 149.
3- «رشفة الصادي» ، الباب الخامس ص 78: لبني إسرائيل. و ذيل الحديث المنقول من «رشفة الصادي» (و مثل باب حطة بني إسرائيل) لم يوجد من الحاكم.
4- «مناقب على بن أبي طالب» لابن المغازلي، ص 134، ح 177.
5- «المعجم الصغير» للطبراني، ج 2، ص 22؛ «المعجم الأوسط» ج 6، ص 406، ح 5866.
6- في المصدر: الحسني.

بن أيوب الطبراني، حدّثنا الحسن بن (1)منصور سجادة، (2)حدّثنا عبد اللّه بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن حنش بن المغيرة (3): فإنه سمع أبا ذر الغفاري يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح (4)من ركبها نجى و من تخلف عنها هلك و مثل باب حطّة في بني إسرائيل» أخرجه إمام أهل الحديث في معجم شيوخه (5)، كما أخرجناه سواء. (6)

و رواه عن أبي سعيد بسند آخر، كما أخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي بحلب، قال: أخبرنا الأمير أبو علي داود بن سليمان بن أحمد (7)مولانا وزير وزراء الشرق و الغرب محيي الشريعة نظام الملك أبي علي الحسن بن إسحاق، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزدانية و خجسته (8)الصالحانية (9)أخبرنا أبو بكر بن زيدة، أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، حدّثنا محمّد بن عبد العزيز بن محمّد بن ربيعة، حدّثنا عبد الرحمان بن أبي حماد المقري عن أبي سلمة الصايغ، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى و من

ص:163


1- في المصدر+: أحمد بن.
2- في المصدر+: حدثنا عبد اللّه بن داهر الرازي.
3- لم يوجد في كتب التراجم و الرجال و الظاهر «حنش بن المعتمر» و يقال: «ابن ربيعة الكناني» كما في «تهذيب التهذيب» ، ج 3، ص 58؛ « طبقات ابن سعد» ج 6، ص 225؛ «اسد الغابة» ج 2، ص 55: يقال: أبو المعتمر» .
4- في المصدر+: في قوم نوح.
5- «المعجم الأوسط» ج 4، ص 284، ح 3502.
6- «كفاية الطالب» الباب المأة، ص 233.
7- في المصدر+: بن.
8- في المصدر+: جحشة.
9- في المصدر+: قالتا.

تخلف عنها غرق و إنّما مثل أهل بيتي مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له» .

قلت: هو في هذه الترجمة في كتابه و أمّا الكلام (1)فظاهر عند أهل النقل (2).

عن الحمويني: أخبرنا الشيخ الصالح كمال الدين أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن عليّ السيد قاني الجويني رحمه اللّه فيما كتب إليّ (3)و أجاز [لي]-في روايته [عنه] في ذي الحجة، سنة أربع و ستين و ستة مأة-، قال: أنبأنا الإمام جمال الدين أبو الفضل جمال بن معين الطبري قال (4): أبنأنا زاهر بن طاهر بن محمّد المستملي أنبأنا (5)أبو الفتح محمّد بن عليّ بن عبد اللّه المذكّر بهراة، قال: أنبأنا إسماعيل بن زاهر اليوناني (6)في كتابه، قال: أنبأنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم الإصفهاني، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد بن الطبراني فذكر مثل مامرّ (7).

و أيضا قد أخبرني جماعة: منهم العلامة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني -فيما أجازوا لي روايته عنهم-، قالوا: أنبأنا المؤيد بن محمّد بن عليّ الطوسي عن عبد الجبّار بن محمّد الجوازي (8)إجازة، قال: أبنأنا الإمام أبو الحسن عليّ [بن أحمد]الواحدي، قال: أنبأنا الفضل بن أحمد بن محمّد بن إبراهيم، أنبأنا أبو عليّ

ص:164


1- في المصدر+: على لفظه.
2- «كفاية الطالب» الباب المأة، ص 233 و 234.
3- في المصدر: لي.
4- في المصدر-: قال.
5- في المصدر+: أبو الفتوح حمزة بن محمد بن عليّ الملقّب ببحسول الهمداني، قال: أنبأنا الإمام.
6- في المصدر: النوماجي.
7- «فرائد السبطين» الباب السابع و الأربعون، ج 2، ص 242، ح 516.
8- في المصدر: الخواري.

بن أبي بكر الفقيه، أبنأنا محمّد بن إدريس الشافعي، حدّثنا الفضل (1)بن صالح، عن أبي إسحاق السبيعي، عن حبش (2)بن المعتمر الكناني، قال: سمعت أبا ذر. . . ، فذكر ما مرّ مع زيادة.

أيضا قال الواحدي: روى الحاكم في «صحيحه» (3)عن أحمد بن جعفر بن حمدان (4)عن عباس (5)القراطيسي عن محمّد بن إسماعيل الأحمسي عن الفصل (6). . . (7)

و في «الصواعق» : و جاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضا «إنّما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة (8)نوح من ركبها نجى» و في رواية مسلم (9)«و من تخلف عنها غرق» و في رواية: «هلك (10)» «و إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل من دخله غفر له» .

و في رواية «غفر له الذنوب» (11).

و وجّه بأن من تمسك بأهل بيته و أخذ بهديهم نجى من ظلمات المتخالفات

ص:165


1- في المصدر: المفضل.
2- في المصدر: حنش.
3- «المستدرك على الصحيحين» ج 3، ص 150.
4- في المصدر+: الزاهد ببغداد.
5- في المصدر: العباس بن إبراهيم القراطيسي.
6- في المصدر: مفضل بن صالح.
7- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الثامن و الأربعون، ص 246، ح 519.
8- في المصدر: كمثل سفينة نوح.
9- لم نجده في «صحيح مسلم» .
10- «المعجم الكبير» ج 3، ص 46، ح 2637.
11- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الأول، ص 91.

و اعتصم بأقوى سبب إلى اللّه و من تخلّف عن ذلك و أخذ غير مأخذهم غرق في بحار الطغيان و استوجب حلول النيران لأنّ بعضهم موجب لدخولها انتهى ملخصا. (1)

أقول: و عن ابن المغازلي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي، قال: حدّثنا أبو محمّد عبد اللّه بن محمّد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي، قال: حدّثني أبو بكر محمّد بن يحيى الصوليّ النحويّ، قال (2): حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي قال (3): حدّثنا جهم بن السباق أبو السباق الرياحي، حدّثني بشر بن المفضّل يقول (4): سمعت المهدي، يقول: سمعت المنصور يقول: حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عباس، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «مثل أهل بيتي (5)مثل سفينة نوح من ركبها نجى و من تخلف عنها هلك (6).

و أيضا أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا أبو الحسين محمّد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ إذنا، حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي، حدّثنا سويد، حدّثنا عمر بن ثابت، عن موسى بن عبده (7)، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجى» (8).

ص:166


1- هذا نقل بمضمون قوله: «ما وجّهه» .
2- في المصدر-: قال.
3- في المصدر-: قال.
4- في المصدر: قال.
5- في المصدر+: فيكم.
6- «مناقب علي بن أبي طالب» لابن المغازلي، ص 132، ح 173.
7- في المصدر: عبيدة.
8- نفس المصدر، ح 174.

و بهذا الاسناد عن سويد: حدّثنا المفضل بن عبد اللّه (1)بن إسحاق، عن ابن المعتمر عن أبي ذر مثله و زاد: «و من تخلّف عنها غرق» (2).

و أيضا أخبرنا أبو نصر (3)الطحان إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطي قال (4): حدّثنا أبو الطيب بن فرج (5)، حدّثنا إبراهيم، حدّثنا إسحاق بن سنان، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا الحسن بن أبي جعفر، حدّثنا عليّ بن زيد عن سعيد بن مسيب، عن أبي ذر، مثل الأخير مع زيادة من «قاتلنا. . .» . (6)

و أيضا أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحوي قال (7): حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عليّ [بن محمّد بن عليّ] (8)السقطى إملاء، حدّثنا يوسف (9)بن سهل، حدّثنا (10)الحضرمي، حدّثنا محمّد بن عبد العزيز بن أبي ودمة (11)، حدّثنا سليمان بن إبراهيم، حدّثنا الحسن بن أبي جعفر، حدّثنا أبو الصهباء، عن سعيد بن عبّاس، مثله إلى قوله: «غرق» (12).

أقول: و في «القاموس» : «العترة» بالكسر «قلادة تعجن بالمسك، و الأفاوية

ص:167


1- في المصدر: عن أبي إسحاق.
2- نفس المصدر، ص 133، ح 175.
3- في المصدر+: ابن.
4- في المصدر-: قال.
5- في المصدر: فرخ.
6- نفس المصدر، ص 134، ح 177.
7- في المصدر-: قال.
8- في المصدر-: بن محمّد بن علي.
9- في المصدر: أبو يوسف.
10- في المصدر-: حدّثنا.
11- في المصدر: رزمة.
12- نفس المصدر.

و نسل الرجل و رهطه و عشيرته الأدنون ممّن مضى و غبر» (1).

و في «مختار الصحاح» : «و عترة الرجل» نسله و رهطه الأدنون «و العتر» (2)أيضا.

و في الصراح: خويشان و نزديكان (3).

أبو البقاء: هي نسل الرجل و رهطه و عشيرته الأدنون ممن مضى (4).

«الأساس» : «و عترة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» عبد المطلب و كل عمود تفرعت منه الشعب فهو عترة، و أغصان الشجرة عترتها: عمود الشجرة (5).

و في «العين» : «عترة الرجل» أقرباءه من ولده و ولد ولده و بني عمه دنيا. . . (6).

و عن أبي العباس تغلب، عن ابن الأعرابي في معاني العترة: «و العترة» ولد الرجل و ذريته من صلبه (7)فلذلك سميت ذرية محمّد صلى اللّه عليه و سلم من عليّ و فاطمة عترة محمّد صلى اللّه عليه و سلم، قال تغلب: قلت: لإبن الأعرابي فما قول أبي بكر في السقيفة نحن عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: أراد بلدته و بيضته و عترة محمّد لا محالة ولد فاطمة. (8)

يحكى ذلك عن كتاب «الياقوتة» : لمحمد بن عبد الواحد صاحب تغلب.

أقول: لا يبعد أن يقال: إنّ الظاهر من الأخبار إرادة الأقارب الادنين، و لذا

ص:168


1- «القاموس المحيط» ج 2، ص 84.
2- «مختار الصحاح» ص 199.
3- «صراح اللغة» الطبع الحجري، ص 125.
4- «كليات أبي البقاء» فصل العين، ص 477.
5- «أساس البلاغة» ص 292.
6- «كتاب العين» ج 2، ص 66.
7- «مجمل اللغة» ص 498.
8- «مجمع البحرين» ج 3، ص 395.

قال: بينا أهل بيتي.

فالظاهر أن المراد بهما واحد و إن كان الظاهر من العترة اسم الجنس الجمعي كالقوم و الرهط، و كيف كان نعهد الإضافة يجري في ذلك أيضا، مضافا إلى الاختصاص ما ذكر لها من الوصف، من أنها و القرآن لا يتفارقان إلى الحوض أيّا ما كان العترة و أهل البيت، فدلالة هذه الأخبار على عدم احتباجهم إلى الايتمام بإمام في كمال الوضوح كدلالتها على كونهم أئمة لمن يكون في معرض ضلال و جاهلية بنزاهتهما عن الضلال و الإضلال و فوزها بالحق و الصواب، كدلالتها على كون كل من سواهم من الأمة مكلفا بالتمسك بهم و التشبث بذيلهم حتى بنحو فلنجرى الكلام في تعينهم.

ص:169

ص:170

الباب الرابع: باب تعيين أهل البيت و العترة الذين أمر النّاس بالرجوع إليهم و التّمسك بهم و الدخول في طاعتهم و الايتمام بهم مدّة الإسلام

اشارة

باب تعيين أهل البيت و العترة الذين أمر النّاس بالرجوع إليهم و التّمسك بهم و الدخول في طاعتهم و الايتمام بهم مدّة الإسلام.

ص:171

تعيين من خلّفهم في الأمّة من العترة

في الجزء الرابع من «المسند» في مسند الشّامييّن في حديث واثلة بن الأسقع في السابعة بعد المأة في الطّبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن مصعب (1)قال: حدّثنا الأوزاعي، عن شدّاد أبي عمّار، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع-و عنده قوم-فذكروا عليّا، فلمّا قاموا قال لي: أ لا أخبرك (2)؟

أقول: كذا حديث النّسخة. و في المحكي عن الكتاب: قد ذكروا فشتموه، فشتمته معهم، فلمّا قاموا قال لي: لم شتمت هذا الرّجل؟ ! قلت: رأيت القوم يشتمونه فشتمته معهم، فقال: ألا أخبرك بما رأيت من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ قلت: بلى.

قال: أتيت فاطمة (رضي اللّه عنها) أسألها عن عليّ عليه السّلام قالت: توجّه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجلست انتظره حتى جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و معه عليّ و حسن و حسين رضى اللّه عنهم أخذ كلّ واحد منهما بيده حتّى دخل، فأدنى عليّا و فاطمة، فأجلسهما بين يديه، و أجلس حسنا و حسينا كلّ واحد منهما على فخذه، ثمّ لفّ عليهم ثوبه، أو قال: كسا، ثمّ قرأ هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3). و قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، و أهل بيتي أحقّ» (4).

أقول: سبط ابن الجوزي في تذكرته فيما يتعلّق بالحسين عليه السّلام: و قال أحمد في «الفضائل» (5): حدّثنا محمّد بن مصعب، حدّثنا الأوزاعي عن شدّاد بن عمّار، عن

ص:172


1- في النسخة المخطوطة: في بعض النسخ: «و هو الفرفائي؛ القانلائي؛ القفلاني» .
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 107.
3- الأحزاب:33، الآية 33.
4- «الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف» ج 1، ص 123، ح 188.
5- «كتاب فضائل الصحابة» ج 2، ص 577 و 578، ح 978.

واثلة (1)بن الأسقع، قال: أتيت فاطمة، أسألها عن عليّ، فقالت: توجّه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجلست أنتظره، و إذا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أقبل و معه عليّ و الحسن و الحسين، قد أخذ بيد كلّ واحد (2)حتّى دخل الحجرة، فأجلس الحسن على فخذه اليمنى و الحسين على فخذه اليسرى، و أجلس عليّا (3)و فاطمة بين يديه، ثمّ لفّ عليهم كساء (4)أو ثوبه، ثمّ قرأ: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ. . . (5)ثمّ قال: «أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي حقّا» (6).

أقول: و عن «تفسير الثّعلبي» عن الحسين بن محمّد، عن عمر بن الخطّاب، عن عبد اللّه بن الفضل، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمّد بن مصعب، مثل الأوّل مع زيادة قصّة الشتم (7).

استظهار الانحصار

أقول: تعريف المسند فيه قد يوجب الدّلالة على الانحصار فيمن أشار إليهم.

و لعلّ قوله: «أهل بيتي حقا» و نحوه أيضا يؤيّد هذا المعنى، لإفادته أنّ أهل بيته الحقيقي الكاملين في الأهليّة، أو في وجه النّسبة و الإضافة هم، فليس المورد من قبيل الإخبار عن الخاصّ بالعامّ، بل هما من قبيل هذا زيد.

مضافا إلى أنّ الإخبار بالعامّ في مثل المورد كأنّه لا يخلو عن الفائدة؛ فلاحظ.

ص:173


1- في المصدر: وائلة.
2- في المصدر+: منهم.
3- في المصدر: عليّ.
4- في المصدر: كساه.
5- الأحزاب:23، الآية 33.
6- «تذكرة الخواصّ» ص 233.
7- «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 43؛ باختلاف يسير.

و في السّادس، في الثانية و التسعين بعد المأتين، في أحاديث أمّ سلمة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد اللّه بن نمير، قال: حدّثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، قال: حدّثني من سمع أمّ سلمة، تذكر أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم كان في بيتها، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة (1)، فدخلت بها عليه، فقال لها:

«ادعي زوجك و ابنيك» .

قالت: فجاء عليّ و الحسن و الحسين (2)، فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة و هو على منامة له على دكّان تحته كساء له خيبري.

قالت: و أنا أصليّ في الحجرة، فأنزل اللّه عزّ و جلّ هذه الآية: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (3).

قالت: فأخذ فضل الكساء فغشّاهم به، ثمّ أخرج يده، فألوى بها إلى السّماء، ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي و خاصّتي، فأذهب عنهم الرّجس، و طهّرهم تطهيرا» (4).

قالت: فأدخلت رأسي البيت، فقلت: و أنا معكم يا رسول اللّه؟ قال: «إنّك إلى خير، إنّك إلى خير» (5).

قال عبد الملك: و حدّثني-أبو ليلى عن أمّ سلمة مثل حديث عطاء سواء (6).

قال عبد الملك: و حدّثني داود بن أبي عوف الجحّاف، عن حوشب عن أمّ سلمة مثله سواء (7).

ص:174


1- «النهاية» لابن أثير، ج 2، ص 28، : الخزيرة، لحم يقطع صغارا و يصبّ عليه ماء كثير.
2- في المصدر: و الحسين و الحسن.
3- الأحزاب:33، الآية 33.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 292.
5- نفس المصدر.
6- نفس المصدر.
7- نفس المصدر.

أقول: و عن «تفسير الثّعلبي» ، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه بن فتحويه، حدّثنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، فذكر مثله (1).

و في بعض نسخ الرّواية عن «المسند» : قوله مرّتين «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي و خاصّتي، فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا» (2).

بيان الدلالة

أقول: أصل سؤال أمّ سلمة ممّا يشهد بأن فهمت أن لا يراد من أهل البيت المعني المتعارف، فضلا عن إلاعراض عن جوابها بقول لا، أو نعم، مضافا إلى تطييب قلبها بأنّها إلى خير، و خصوص ذلك على أنّ الوجه ما يكون من الخير، فأجاب بما حاصله: أن لست منهم، و لا ينتفي عنك الخير أيضا. و في الخبر دلالة على أن اللّفّ لتعيين المشار إليه، و لو أريد الدّعاء لهم خاصّة-و هم بعض أهل بيته -لأدخل لفظة: «من» ، مع أنّ ذكر هذا الكلام-بعد نزول الآية-لبيان مورد الإرادة، و إلاّ فمع تعلّقها بكلّ أهل بيته كيف يدعو بها لبعضهم خاصّة؟ !

ثمّ إنّ الدّعاء المزبور بعد وعد اللّه عزّ و جلّ؛ و إخباره لأغراض أخر غير أصل حصول الحاجة؛ فتأمّل.

و في السّادسة و التّسعين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا عوف عن أبي المعدّل عطيّة الطّفاوي، عن أبيه، عن أمّ سلمة، حدّثته، قالت: بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في بيتي يوما، إذ قالت الخادم: إنّ عليّا و فاطمة بالسّدّة، قالت، فقال: «قومي تنّحي (3)لي من أهل بيتي» ، قالت: فقمت، فتنحّيت

ص:175


1- «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 42؛ باختلاف يسير.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 6، ص 292.
3- في المصدر فتنحي.

في البيت قريبا، فدخل عليّ و فاطمة، و معهما الحسن و الحسين، و هما صبيّان صغيران، فأخذ الصّبيين، فوضعهما في حجره، فقبّلهما، قال: و اعتنق عليّا بإحدى يديه، و فاطمة باليد الأخرى، فقبّل فاطمة، و قبّل عليّا، فأغدف عليهم خميصة سوداء، فقال: «اللّهمّ إليك، لا إلى النّار أنا و أهل بيتي» ، قالت: فقلت: و أنا يا رسول اللّه؟ فقال: «و أنت» (1).

و في الرّابعة بعد الثّلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الوهّاب بن عطاء، حدّثنا عوف، عن أبي المعدّل عطيّة الطّفاوي، قال: حدّثني أبي، عن أمّ سلمة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم، فذكر مثله، إلاّ أنّه قال: و اعتنق عليّا و فاطمة، ثمّ أغدف عليهما ببردة له، و قال: «أللّهمّ. . .» (2).

و كيفيّة قول أمّ سلمة و جوابه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يدلّ على خروجها منهم عندها أيضا، حيث أفردت نحو ما أفردت نفسه، و لو شاركتهم في ذلك لم يدلّ على دخولها في عنوان أهل البيت في أمثال المقام كما لا يخفى، فكيف بالنّظر إلى ردّها، إخراجها؟ ! فلاحظ.

و في الثّامنة و التّسعين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم، حدّثنا عبد الحميد يعني ابن بهرام، قال: حدّثني شهر بن حوشب، قال: سمعت أمّ سلمة زوج النّبي صلى اللّه عليه و سلم-حين جاء نعي الحسين بن علي-لعنت أهل العراق، فقالت: قتلوه قتلهم اللّه، غرّوه و ذلّوه لعنهم اللّه، فإنّي رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جائته فاطمة-غدية-ببرمة قد صنعت له فيها عصيدة تحمله في طبق لها حتى وضعتها بين يديه، فقال لها: «أين ابن عمّك؟» قالت: هو في البيت، قال:

«فاذهبي فادعيه، و إيتيني بابنيه» ، قالت: فجاءت تقود ابنيها كلّ واحد منهما

ص:176


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 296.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 304.

بيده (1)، و عليّ يمشى في إثرهما، حتّى دخلوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأجلسهما في حجره، و جلس عليّ عن يمينه، و جلست فاطمة عن يساره، قالت أم سلمة:

فأجتيذ (2)من تحتي كساء خيبريّا كان بساطا لنا على المنامة في المدينة، فلفّه النبي صلى اللّه عليه و سلم عليهم جميعا، فأخذ بشماله طرفي الكساء، و ألوى بيده اليمنى إلى ربّه عزّ و جلّ، قال: «أللّهمّ أهلي أذهب عنهم الرّجس، و طهّرهم تطهيرا، أللّهمّ أهل بيتي أذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا» قلت: يا رسول اللّه! ألست من أهلك؟ قال: «بلى، فأدخلي الكساء» (3)قالت: فدخلت في الكساء بعد ما قضى دعائه لإبن عمّه عليّ و ابنيه، و ابنته فاطمة رضى اللّه عنهم (4).

أقول: يشعر الخبر بأنّ دعوتهم لأن يفعل بهم ما فعل، و لو كان لهم شريك لم يترك دعوته، كما دعاهم. ثمّ إنّ سؤال أمّ سلمة هذا يدلّ على فهمها من كلامه صلى اللّه عليه و سلم انحصار أهل بيته فيهم، كما يدلّ على أنّها عرفت من أشار إليهم بلفظ الإشارة و رأت نفسها خارجة عمّن أشار إليهم.

و أمّا الجواب: فيصّح كونه تصديقا لأهليّتها له بمعني آخر تطييبا لطيبها، ثمّ إنّ التثليث بلفظ واحد كالصّريح في الانحصار.

و في الرّابعة بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو أحمد الزّبيري، حدّثنا سفيان، عن زبيد عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة، أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم جلّل على عليّ و حسن و حسين و فاطمة كساء، ثمّ قال: «أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، و خاصّتي، أللّهمّ أذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا» ، فقالت أمّ سلمة: أنا منهم؟

ص:177


1- في المصدر: بيد.
2- في المصدر: فاجتبذ.
3- في المصدر: فادخلي في الكساء.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 298.

قال: «إنّك على (1)خير» (2).

أقول: لعلّ قوله صلّى اللّه عليه و سلّم «خاصّتي» يدلّ على أن ليسوا لغيره بخاصة، و عطفه على الأهل قد يرشد إلى أن وجه النسبة تلك الخصوصيّة، و إلى انحصار العنوانين فيهم؛ فتأمّل.

و في الثالثة و العشرين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال: حدّثنا عليّ بن زيد، عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال لفاطمة: « (3)بزوجك و ابنيك» فجائت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيّا، ثمّ وضع يده عليهم، ثمّ قال: «اللّهمّ هؤلاء آل محمّد، فاجعل صلواتك و بركاتك على محمّد و على آل محمّد، إنّك حميد مجيد» ، قالت أمّ سلمة:

فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، و قال: «إنّك إلى (4)خير» (5).

و في الأوّل، في الثّلاثين بعد الثّلاث مأة-في أحاديث ابن عبّاس-: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيي بن حمّاد، حدّثنا أبو عوانه، حدّثنا أبو بلج، حدّثنا عمرو بن ميمون، قال: إنّي لجالس إلى ابن عبّاس، إذ أتاه تسعة (6)، فقالوا:

يا أبا عبّاس إمّا أن تقوم معنا، و إمّا أن تخلونا هؤلاء، قال: فقال ابن عبّاس: بل أقوم معكم، قال: و هو يومئذ صحيح البصر (7)، قبل أن يعمى، قال: فابتدؤا فتحدّثوا، فلا ندري ما قالوا. قال: فجاء ابن عبّاس (8)ينفض ثوبه، و يقول: أفّ

ص:178


1- في المصدر: إلى خير.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 304.
3- في المصدر+: ائتيني.
4- في المصدر: على خير.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 323.
6- في المصدر+: رهط.
7- في المصدر-: البصر.
8- في المصدر-: ابن عباس.

و تف، وقعوا في رجل له عشر، إلى أن قال: قال: و أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ثوبه فوضعه على عليّ و فاطمة و حسن و حسين، فقال: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ. . . (1)الحديث (2).

و يدلّ على كون فعله صلى اللّه عليه و سلم من بيان أهل البيت المومى إليهم في الآية-كما لا يخفى.

و في الخامسة و الّثمانين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن حمّاد (3)، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول له و خلّفه في بعض مغازيه، فقال عليّ رضى اللّه عنه:

تخلفني (4)مع النّساء و الصبيان؟ ! قال: «يا عليّ أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ (5)بعدي» ، و سمعته يقول يوم خيبر: «لأعطينّ الّرايه رجلا يحبّ اللّه و رسوله، و يحبّه اللّه و رسوله» ، فتطاولنا لها، فقال: «ادعوا لي عليّا رضى اللّه عنه» ، فأتي به أرمد، فبصق في عينيه (6)، و دفع الرّاية إليه ففتح اللّه عليه، و لمّا نزلت هذه الآية: نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ (7)دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا و فاطمة و حسنا و حسينا رضوان اللّه عليهم أجمعين، فقال: «أللّهمّ هؤلاء أهلي» (8).

أقول: الدّلالة فيه على الانحصار لا تخفى.

«مسلم» في كتاب الفضائل، في باب فضائل عليّ رضى اللّه عنه: حدّثنا قتيبة بن سعيد

ص:179


1- الاحزاب:33، الآية 33.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 330.
3- في المصدر: مسمار و هو الصحيح.
4- في المصدر: أتخلفني.
5- في المصدر: لا نبوّة بعدي.
6- في المصدر: في عينه.
7- آل عمران:3، الآية 61.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 185.

و محمّد بن عبّاد-و تقاربا في اللّفظ-قالا: حدّثنا حاتم-و هو ابن إسماعيل-عن بكير. . . ، فذكر مثله (1)، إلاّ أنّه قال-بعد قوله عن أبيه-قال أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا، فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب (2)؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثا قالهنّ له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلن أسبّه لإن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إلىّ من حمر النّعم، سمعت-رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول له: «خلفه. . .» . (3)

التّرمذي في «صحيحه» في كتاب الفضائل باب في فضائل عليّ رضى اللّه عنه: حدّثنا قتيبة، حدّثنا حاتم ابن إسماعيل، عن بكير بن مسمار عن عامر، فذكر مثله، فقال: «قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه» (4).

و في كتاب التفسير في سورة آل عمران: حدّثنا قتيبة، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار-و هو مدني، ثقة-عن عامر بن سعد بن أبي وقاص (5)، عن أبيه، قال: لمّا أنزل اللّه هذه الآية: . . . نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ. . . (6)دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عليّا و فاطمة، و حسنا و حسينا، فقال: «اللّهمّ هؤلاء أهلي» ، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، غريب، صحيح (7).

مسلم في باب فضائل أهل بيت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة و محمّد بن عبد اللّه بن نمير، و اللّفظ لأبي بكر (8)، حدّثنا محمّد بن بشر عن زكريّا، عن مصعب بن شيبة، عن صفيّة بنت شيبة، قالت: قالت عايشة صلى اللّه عليه و سلم: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غداة-

ص:180


1- مع الاختلاف.
2- في المصدر: أبا التراب.
3- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 120.
4- «سنن الترمذي» ج 5، ص 301، ح 3808.
5- في المصدر-: ابن أبي وقاصّ.
6- آل عمران:30، الآية 61.
7- «سنن الترمذي» ج 4، ص 293، ج 4085.
8- في المصدر+: قالا:

و عليه مرط مرجّل (1)من شعر أسود-فجاء الحسن بن عليّ، فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثمّ جاءت فاطمة، فأدخلها، ثمّ جاء عليّ فأدخله، ثمّ قال:

إِنَّما يُرِيدُ. . . (2)، (3).

أقول: قال بعض الأثبات: و من «صحيح البخاري» -في الجزء الرّابع منه (4)- و من «صحيح مسلم» في الجزء الرّابع منه على احدّ الكراسين (5)، من آخر الجزء- و أجزاء «البخاري» ثمانية و أجزاء «مسلم» من ستة، -و هذا من المتفق عليه منهما، فذكر سنده إلى «البخاري» ، و قال: يرفعه إلى مصعب بن شيبة، عن صفيّة بنت شيبة عن عايشة، و سيأتي ذكر الخبر، ثمّ ذكر طريقه إلى «صحيح مسلم» :

و هذا الحديث، إلى أن قال:

و من «الجمع بين الصّحيحين» للحميدي، فذكر سنده إليه، فقال: قال: الحديث السابع و السّتّون من المتفق عليه في الصّحيحين من «البخاري» و «مسلم» ، من مسند عايشة، عن مصعب بن شيبة، فذكر الحديث، و قال: و ليس لمصعب بن شيبة، عن صفيّة في مسند عايشة من الصحيحين غير هذا (6).

ص:181


1- في المصدر: مرحل بالحاء المهملة، و الصحيح ما أثبتناه في المتن، قال ابن الأثير في «النهاية» ج 4، ص 315: يروى بالجيم و الحاء فالجيم معناه ان عليها نقوشا تمثال الرجال، و الحاء معناه أنّ عليها صور الرجال و هى الابل باكوارها.
2- الأحزاب:33، الآية 33.
3- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 130.
4- لم نجد هذة الرواية من «صحيح البخاري» و انما ذكره في «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 180، ح 11.
5- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 130؛ «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 180، ح 12.
6- «الجمع بين الصحيحين» الجزء الرابع، ص 224 و 225؛ «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 183، ح 22. .

و من «الجمع بين الصّحاح السّتّة» (1)فذكرها و السند، فقال: قال في الجزء الثّاني من أجزاء ثلاثة، في تفسير سورة الأحزاب: و من «صحيح أبي داود السجستاني» (2)، و هو كتاب «السّنن» في تفسير قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ. . . (3)

عن عايشة، قالت: . . . ، فذكر هذا الحديث بعينه، إلى أن قال: و من الجزء الثالث من الكتاب، أعني جمع رزين أيضا في باب مناقب الحسن و الحسين من «صحيح أبي داود» ، و هو السّنن، عن صفيّة بنت شيبة. . . ، فذكر الحديث بعينه (4).

أقول: لم أجد الحديث في نسختي من «صحيح البخاري» و اتفاق النّقلين مع عدم إشارة رزين قد يرمي إلى كون ذلك من اختلاف النّسخ؛ فلاحظ.

الترمذي في «صحيحه» في كتاب التفسير في سورة الأحزاب: حدّثنا قتيبة، حدّثنا (5)محمّد بن سليمان (6)الإصبهاني عن يحيى بن عبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة-ربيب النبيّ صلى اللّه عليه و سلم-قال: لمّا نزلت هذه الآية على النبي صلى اللّه عليه و سلم: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (7)، في بيت أمّ سلمة، فدعا فاطمة و حسنا و حسينا، فجلّلهم بكساء، و عليّ خلف ظهره، فجلّلهم (8)بكساء، ثمّ قال: «أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا» قالت أمّ سلمة: و أنا معهم يا رسول اللّه (9)؟ قال: «أنت على

ص:182


1- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول ص 183 ح 23؛ باختلاف يسير.
2- «سنن أبي داود» ج 4، ص 44، ح 4032.
3- الأحزاب:33، الآية 33.
4- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 183 و 184، ح 23 و 25.
5- في المصدر: أخبرنا.
6- في المصدر: محمّد بن سليمان بن الإصبهاني.
7- الأحزاب:33، الآية 33.
8- في المصدر: فجلّله.
9- في المصدر: يا نبيّ اللّه.

مكانك، و أنت على خير» .

قال: هذا حديث غريب (1)من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة. (2)

حدّثنا عبد بن حميد، حدّثنا (3)عفّان بن مسلم، حدّثنا (4)حمّاد بن سلمة، أخبرنا عليّ بن زيد، عن أنس بن مالك: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يمرّ بباب فاطمة ستّة أشهر، إذا خرج إلى صلاة (5)الفجر، يقول: «الصلاة يا أهل البيت» إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (6)، قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، إنّما نعرفه من حديث حمّاد بن سلمة، قال: و في الباب عن أبي الحمراء (7)و معقل بن يسار و أمّ سلمة (8).

أقول: و رواه في باب مناقب أهل بيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعينه، و قال: و في الباب:

عن أمّ سلمة و معقل بن يسار و أبي الحمراء و أنس (9)، قال: و (10)هذا حديث، غريب من هذا الوجه. (11)

أقول: من «الجمع بين الصّحاح السّتّة» في الجزء الثاني-في تفسير سورة

ص:183


1- في المصدر+: من هذا الوجه.
2- «سنن الترمذي» ج 5، ص 30، ح 3258.
3- في المصدر: أخبرنا.
4- في المصدر: أخبرنا.
5- في المصدر: لصلاة الفجر.
6- الأحزاب:33، الآية 33.
7- في المصدر-: و.
8- «سنن الترمذي» ج 5، ص 31، ح 3259.
9- في المصدر: و أنس بن مالك.
10- في المصدر-: الواو.
11- «سنن الترمذي» ج 5، ص 328، ح 3875.

الأحزاب-: «سنن أبي داود» (1)و «موطأ» (2)مالك، عن أنس إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. . . (3)فذكر الحديث بعينه، إلاّ أنّه قال: «قريبا من ستّة أشهر» ، و لعلّ إشعاره أو دلالته على وحدة المراد من أهل البيت في كلامه و الآية لا يخفى.

«التّرمذي» في باب فضل فاطمة: حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا (4)أبو أحمد الزّبيري، حدّثنا (5)سفيان، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة: أن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم جلّل على الحسن و الحسين و عليّ و فاطمة كساء، ثمّ قال: «أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي و خاصّتي (6)أذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا» فقالت أمّ سلمة: و أنا معهم يا رسول اللّه؟ فقال: «إنّك إلى (7)خير» ، قال: هذا حديث حسن (8)، و هو أحسن شيء (9)في هذا الباب (10).

و في الباب عن عمر بن أبي سلمة و أنس بن مالك و أبي الحمراء و معقل (11)بن يسار و عايشة (12).

و في «الصواعق» : و صحّ أنّه صلى اللّه عليه و سلم جعل على هؤلاء كساء، و قال: «أللّهمّ هؤلاء

ص:184


1- «سنن أبي داود» لم نجد هذه الرواية فيه.
2- «الموطأ» لم نجد هذه الرواية فيه.
3- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 184، ح 24.
4- في المصدر: أخبرنا.
5- في المصدر: أخبرنا.
6- في المصدر: و حامّتي.
7- في المصدر+: على.
8- في المصدر+: صحيح.
9- في المصدر+: روي.
10- «سنن الترمذي» ج 5، ص 360، ح 3963.
11- في المصدر: و في الباب عن أنس و عمر بن أبي سلمة و أبي الحمراء.
12- «سنن الترمذي» ج 5، ص 360، ح 3963.

أهل بيتي و حامتي-أي خاصّتي-أذهب عنهم الّرجس و طهّرهم تطهيرا» ، فقالت أمّ سلّمة: و أنا معهم؟ قال: «إنّك إلى خير» (1)(2).

و في رواية أنّه قال بعد تطهيرا-: «أنا حرب لمن حاربهم، و سلم لمن سالمهم، و عدوّ لمن عاداهم» (3).

و في أخرى ألقى عليهم كساء، و وضع يده عليها، ثمّ قال: «اللّهمّ إنّ هؤلاء آل محمّد، فاجعل صلواتك و بركاتك على آل محمّد إنّك حميد مجيد» (4).

و في أخرى أنّها نزلت ببيت أمّ سلمة، فأرسل صلى اللّه عليه و سلم إليهم و جلّلهم بكساء، ثمّ قال نحو ما مرّ (5).

و في أخرى: إنّهم جاؤا، و اجتمعوا، فنزلت. فإن صحّتها حمل على نزولها مرّتين (6).

و في أخرى أنّه قال: «أللّهمّ أهلي أذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا» ثلاثا، و أنّ أم سلمة قالت له: ألست من أهلك؟ قال: «بلى» ، و أنّه أدخلها الكساء بعد ما قضى دعاءه لهم (7).

و عن «الجمع بين الصّحاح» في الجزء الثّاني: في تفسير سورة الأحزاب: و في «صحيح أبي داود السّجستاني» (8)-و هو كتاب السّنن-في تفسير قوله: إِنَّما

ص:185


1- في المصدر: على خير.
2- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الاول، ص 85.
3- نفس المصدر.
4- نفس المصدر.
5- نفس المصدر.
6- نفس المصدر.
7- نفس المصدر.
8- لم نجد هذه الرواية من «سنن أبي داوود» .

يُرِيدُ. . . (1)قال: و عن أمّ سلمة زوج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّ هذه الآية نزلت في بيتها:

إِنَّما يُرِيدُ. . . (2)قالت: و أنا جالسة عند الباب، فقلت يا رسول اللّه! ألست من أهل بيتك؟ فقال: «إنّك إلى خير، إنّك من أزواج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قالت: و في البيت رسول اللّه و عليّ و فاطمة و حسن و حسين فجلّلهم بكساء، و قال: «أللهمّ هؤلاء أهلى بيتي فأذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا» (3).

أقول: لا يخفى إشعاره أو دلالته على سبق سؤالها على فعل ما فعل:

و أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أثبت لها كونها من أزواجه، و ذكرهنّ في المقام يدلّ على خروجهنّ من المراد من أهل البيت في الآية و الرواية، و إن صحّ الإطلاق من وجه آخر كما يأتي.

بعض الأثبات عن «مسند الإمام أحمد» (4)ما هذا لفظه: قال حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا الوليد بن أسلم، قال: حدّثنا الأوزاعي، قال: حدّثنا شدّاد بن عمّارة، عن واثلة (5)بن الأسقع، أنّه حدّثه، قال: طلب عليّا في منزله، فقالت فاطمة:

«ذهب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم» قال: فجاءآ جميعا، فدخلا، و دخلت معهم، فأجلس عليّا عن يساره، و فاطمة عن يمينه، و الحسن و الحسين بين يديه، ثمّ التفع عليهم بثوبه و قال: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً «أللّهمّ إنّ هؤلاء أهلي، أللّهمّ إنّ هؤلاء أحقّ» ، قال واثلة: فقلت: من ناحية البيت

ص:186


1- الأحزاب:33، الآية 33.
2- الأحزاب:33، الآية 33.
3- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 184، ح 23.
4- «كتاب فضائل الصحابة» ج 2، ص 632، ح 1077؛ «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 107؛ نقل بالمعنى.
5- في النسخة المخطوطة: وائلة؛ الصحيح ما اثبتناه كما في المصدر.

و أنا من أهلك يا رسول اللّه؟ قال: «و أنت من أهلي» ، قال واثلة: قلت: لك (1)أرجو ما أرجو من عملي (2).

و في «الصواعق» : و في رواية صحيحة، قال واثلة: و أنا من أهلك؟ قال:

«و أنت من أهلي» قال واثلة: إنّها لمن أرجى ما أرجو. قال البيهقي: (3)و كأنّه جعله في حكم الأهل، تشبيها بمن يستحق هذا الاسم، لا تحقيقا (4).

أقول: روايات واثلة السابقة و الآتية كلّها تدفع قول: «و أنا من أهلك. . .» بل و قول: «ذلك أرجى ما أرجو من عملي» يشعر بأنّ ما كان منه هو الآتي في رواية الخوارزمي من طلبه التشريك في الصلوات و ما معها و الإجابة؛ فتأمل.

إلاّ أن يكون إشارة إلى قول: «و أنا من أهلك» فهو عمل يرجوه بما تعقبه من التّصديق و نحوه، و مع الغضّ عن ذلك، فكأنّه يشعر بأنّ المراد بأهل البيت من كان في البيت حينئذ، فتوهّم دخوله فيهم هذا، و لفظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الدّعاء الظّاهر كونه غير ما في تلك الرواية بكثرة طرقها.

بعض الأثبات، قال: و بالإسناد المقدّم يعني إسناده إلى «المسند» (5)قال:

حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن سليمان، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمر الحنفي، قال: حدّثنا عمر بن يونس، قال: حدّثنا سليمان بن أبي سليمان الزّهري، قال:

حدّثنا ابن أبي كثير، حدّثنا عبد الرّحمان بن أبي عمرو، حدّثني شدّاد بن عبد اللّه، قال: سمعت واثلة بن الأسقع-و قد جيء برأس الحسين بن عليّ عليهما السّلام-قال:

ص:187


1- في المصدر: قال واثلة: إنّها لمن أرجى ما أرجف.
2- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 178، ح 5.
3- «السنن الكبرى» للبيهقى ج 2، ص 152.
4- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الأول، ص 86.
5- «كتاب فضائل الصحابة» ج 2، ص 672، ح 1149.

فلقيه رجل من أهل الشّام، فأظهر سرورا، فغضب واثلة، فقال: و اللّه أزال (1)أحبّ عليّا و حسينا و حسنا أبدا بعد إذ سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هو في منزل أمّ سلمة يقول فيهم ما قال، قال واثلة: رأيت ذات يوم-و قد جئت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو في منزل أمّ سلمة يقول فيهم ما قال. قال واثلة: رأيت ذات يوم-و قد جئت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو في منزل أم سلمة و جاء الحسن، فأجلسه على فخذه اليمنى و قبّله، و جاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى و قبّله، ثمّ جاءت فاطمة، فأجلسها بين يديه، ثمّ دعا بعليّ فجاء، ثمّ أردف عليهم كساء خيبريّا-كأنّي أنظر إليه-ثمّ قال: إِنَّما يُرِيدُ. . . (2)الآية، قلت لواثلة: ما الرّجس؟ قال الشّكّ في اللّه عزّ و جلّ (3).

و لا يخفى دلالة ذكر ذلك في وجه تخصيصهم بالحثّ دون من سواهم على أنّ واثلة قد فهم من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تخصيضا لهم بما يختصّ بهم، و لا يتعدّاهم، و ليس ذلك إلاّ بكونهم أهل البيت المذكورين في الآية، دون من سواهم.

ثمّ إنّي لم أجد هذا و ما قبله في نسختي من «المسند» (4)و كأنّ السندين أيضا ليساله.

و عن «تفسير الثّعلبي» : أخبرنى عقيل بن محمّد الجرجاني، أخبرنا المعافى بن ذكريّا البغدادي، أخبرنا محمّد بن جرير، حدّثني المثنّي، حدّثني أبو بكر بن يحيى بن ريّان المغنوي، حدّثنا مندل، عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «نزلت هذه الآية في خمسة، فيّ و في عليّ

ص:188


1- كذا في النسخة المخطوطة، و الظاهر: لا أزال كما في المصدر.
2- الأحزاب:33، الآية 33.
3- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 178، ح 6.
4- إنّما نقلهما في «كتاب فضائل الصحابة» لأحمد بن حنبل، ج 2، ص 632، ح 1077؛ ج 2، ص 672، ح 1149.

و حسن و حسين و فاطمة» ، إِنَّما يُرِيدُ. . . (1)الآية (2).

أقول: و في «الصّواعق» : أخرج أحمد (3)، عن أبي سعيد الخدري أنّها نزلت في خمسة، النّبي و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين (4)، و أخرجه ابن جرير مرفوعا بلفظ نزلت هذه الآية في خمسة؛ فيّ و في عليّ و الحسن و الحسين و فاطمة (5).

و أخرجه الطّبراني (6)أيضا (7).

و عن «الثّعلبي» أيضا، قال: و أخبرني الحسين بن محمّد بن الحسين بن عبد اللّه الثّقفي، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوّام بن حوشب، حدّثني ابن عمّ لي من بني الحرث بن تيم اللّه، يقال له (مجمع) ، عن عايشة في حديث: لقد رأيت عليّا و فاطمة و حسنا و حسينا، و قد جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يغدف عليهم، ثمّ قال:

«أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي، و خاصّتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهّرهم تطهيرا» ، قال: قلت، يا رسول اللّه! أنا من أهلك؟ فقال: «تنحّي فإنّك إلى خير» (8).

و قال: أخبرني الحسين بن محمّد، حدّثنا ابن حبش المقري، حدّثنا أبو القاسم المقري، حدّثنا أبو زرعة، حدّثني عبد الرّحمان بن عبد الملك بن شيبة، أخبرني أبو فديك، حدّثني ابن أبي مليكة، عن إسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر الطّيّار عن أبيه،

ص:189


1- الأحزاب:33، الآية 33.
2- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 181، ح 15؛ «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 42، باختلاف يسير.
3- «مختصر زوائد، مسند البزار» ج 2، ص 332، ح 1962.
4- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الاول، ص 85.
5- «جامع البيان في تفسير القرآن» ، ج 22، ص 5.
6- «المعجم الكبير» ج 3، ص 56.
7- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الاول، ص 85.
8- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 182، ح 17؛ نقلا عن: «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 42؛ مع اختلاف.

قال: لمّا نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلى الرحمة هابطة من السماء، قال: «من يدعو» ؟ مرتين، قالت زينب: أنا يا رسول اللّه! فقال: «أدعي لي عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين» ، قال: فجعل حسنا عن يمينه و حسينا عن شماله، و عليّا و فاطمة تجاهه، ثمّ غشّاهم كساء خيبريا، ثمّ قال: «أللّهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلا، و هؤلاء أهل بيتي، و أنزل (1)اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ. . . (2)الآية، فقالت زينب: يا رسول اللّه! ألا أدخل معكم؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «مكانك، فإنّك إلى خير إن شاء اللّه تعالى» (3).

أقول: و عن الحمويني في «فرائد السّمطين» عن المفتي جلال الدّين أحمد بن محمّد عن والده نجم الدّين محمّد بن محمّد. . . . و عن الإمام محمّد بن عبد اللّه بن الحسن عن والده مظهر الدّين. . . (4)و عن الإمام يحيى بن الحسين، كلّهم عن الإمام أحمد بن الحسين الطّالقاني، عن ناصر بن سهل و محمّد بن المنتصر، كلاهما عن محمّد بن سعيد، عن الثّعلبي مثله (5).

و السّند في كلامه طويل في أوصافهم، و دلالة ذلك على الانحصار لا يخفى.

قال: و قال: و أخبرني أبو عبد اللّه-يعني ابن فتحوية- (6)، حدّثنا أبو سعيد أحمد بن على بن عمر بن حبش (7)الرّازي، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحيم السّناني أبو

ص:190


1- في المصدر: فأنزل.
2- الأحزاب:33، الآية 33.
3- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 182، ح 18؛ «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 42؛ باختلاف يسير.
4- قد أسقط المصنف بعض رجال السند مع ألقابه.
5- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الثالث، ص 18، ح 362.
6- في النسخة المخطوطة: في بعض النسخ: فنجوية.
7- في المصدر: جيش.

عبد الرّحمان، حدّثنا كريب (1)، حدّثنا هشام بن يونس عن أبي إسحاق، عن نفيع، عن أبي داود، عن أبي الحمراء قال: أقمت بالمدينة تسعة أشهر-كيوم واحد- و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يجيء كلّ غداة، فيقوم على باب عليّ و فاطمة، فيقول:

الصّلاة، . . . إِنَّما يُرِيدُ. . . (2)الآية (3).

و عن الحمويني بسند طويل ذكره: عن يحيى بن معين، عن أبي عبيدة، عن طريف بن عيسى، عن يوسف بن عبد الحميد، قال: قال لي ثوبان-مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسن و الحسين على فخذيه و فاطمة في حجره و اعتنق عليّا، ثمّ قال: «أللّهمّ هؤلاء أهل بيتي» (4).

الخوارزمي في الفصل الخامس من كتابه في فضائل عليّ عليه السّلام: عن عليّ بن أحمد العاصمي عن إسماعيل، عن والده شيخ السّنّة أحمد بن الحسين البيهقي، عن عبد اللّه بن يوسف الإصبهاني، عن بكر (5)بن أحمد، عن موسى بن هارون، عن إبراهيم بن حبيب، عن عبد اللّه بن مسلم، عن أبي الحجّاف (6)، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدري، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، جاء إلى باب عليّ أربعين صباحا بعد ما دخل على فاطمة، فقال: «السّلام عليكم أهل البيت و رحمة اللّه و بركاته. الصّلاة يرحمكم اللّه» ، . . . إِنَّما يُرِيدُ. . . (7)الآية (8).

ص:191


1- في المصدر: أبو كريب.
2- الأحزاب:33، الآية 33.
3- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الاول، ص 183، ح 20؛ «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 44؛ باختلاف يسير.
4- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الثاني، ص 15، ح 360.
5- في المصدر: بكير بن أحمد.
6- في المصدر: أبي الجحّاف.
7- الأحزاب:33، الآية 33.
8- «المناقب» للخوارزمي، الفصل الخامس، ص 60، ح 28.

و عن أبي سعيد، لمّا نزل قوله تعالى: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ (1)، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأتي باب فاطمة و عليّ-تسعة أشهر، كلّ صلاة (2)-فيقول: «الصّلاة يرحمكم اللّه . . . إِنَّما يُرِيدُ. . . (3)الآية (4).

أقول: يشعر الأوّل باتّحاد المراد من أهل البيت في كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الآية، و الثّاني بانحصار أهله فيهم، حيث لم يفعل ذلك بغيرهم، و خصّهم من بين الأقارب بذلك؛ فلاحظ.

و أيضا الخوارزمي بإسناده عن البيهقي، عن أبي عبد اللّه الحافظ، و أحمد بن الحسن القاضي، و أبو عبد الرّحمان السّلمي، كلّهم عن أبي العبّاس محمّد بن يعقوب، عن الحسن بن مكرّم، عن عثمان بن عمر، عن عبد الرّحمان بن عبد اللّه، عن شريك (5)بن نمير، عن عطاء بن يسار، عن أمّ سلمة. قالت: في بيتي نزلت . . . إِنَّما يُرِيدُ. . . (6)الآية، قالت: فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى فاطمة و عليّ و الحسن و الحسين. فقال: «هؤلاء أهلي أهل البيت» (7)، فقلت: يا رسول اللّه! أمّا أنا من أهل البيت؟ فقال: «بلى إن شاء اللّه» (8).

أقول: الجواب بذلك ينافيه ما سبق، و هو أقوى بالكثرة.

و أيضا عن سيّد الحفّاظ مهرداد الدّيلمي، عن أبي عليّ، عن ابي نعيم، عن عليّ

ص:192


1- طه:20، الآية 132.
2- في المصدر: في كلّ صلاة.
3- الأحزاب:33، الآية 33.
4- نفس المصدر.
5- في المصدر: شريك بن أبي نمير.
6- الأحزاب:33، الآية 33.
7- في المصدر-: أهل البيت.
8- «المناقب» للخوارزمي، الفصل الخامس ص 61، ح 30.

بن أحمد، عن أحمد بن خليل (1)، عن الرّبيع بن نافع، عن يزيد بن ربيعة، عن يزيد بن أبي مالك عن أبي الأزهر واثلة بن الأسقع، قال: لمّا جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين تحت ثوبه، قال: «أللّهمّ قد جعلت صلواتك و رحمتك و مغفرتك و رضوانك على إبراهيم و آل إبراهيم، أللّهمّ إنّهم منّي و أنا منهم، فاجعل صلواتك و رحمتك و مغفرتك و رضوانك عليّ و عليهم» ، فقال واثلة:

و كنت واقفا على الباب فقلت: و عليّ يا رسول اللّه بأبي أنت و أمّي؟ قال: «أللّهمّ و على واثلة» (2).

بعض الأثبات بإسناده عن أبي نعيم الحافظ-و هو يروي عن كتابه «حلية الأولياء» (3)و عمّا صنّفه من المنتزع من القرآن العزيز ممّا ورد في مناقب أمير المؤمنين، و لم يعيّن هنا محلّ الرّواية-قال: قال الحافظ أبو نعيم، حدّثنا أحمد بن عليّ بن الحرب المرهبي و زيد بن علي المقري، حدّثنا القاسم بن محمّد بن حمّاد الدّلاّل، حدّثنا مخول بن إبراهيم، حدّثنا عبد الجبّار بن العبّاس الشّامي الشّيباني، عن عمّار الدّهني، عن عمرة بن أفعي عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي إِنَّما يُرِيدُ. . . (4)الآية، و في البيت سبعة، جبرائيل و ميكائيل و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ و الحسن و الحسين و فاطمة و أنا على الباب فقلت: يا رسول اللّه! أ لست من أهل البيت؟ فقال: «أنت على خير، إنّك من أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ما قال إنّك من أهل البيت (5).

ص:193


1- في المصدر: أحمد بن خليد الحلبي.
2- «المناقب» للخوارزمي، الفصل الخامس، ص 63، ح 32؛ مع اختلاف يسير في أوصاف الرواة.
3- «روضة الأحباب في سيرة النبي و الآل و الأصحاب» مخطوط.
4- الأحزاب:33، الآية 33.
5- «حلية الأولياء» ج 5، ص 163.

و قال: حدّثنا سليمان بن أحمد، قال حدّثنا الحسين بن إسحاق، قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن عبد الرّحمان، عن حكيم بن سعد، عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت: نزلت هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ. . . (1)الآية في رسول اللّه و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين (2).

في «المعجم الكبير» : حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: حدّثنا ابن زهير التّستري، قال: حدّثنا عبد الرّحمان بن محمّد بن منصور بن أبي الأسود، قال:

حدّثنا الأعمش، عن حبيب بن ثابت، عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة رضى اللّه عنها، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخذ ثوبا فجلّله على عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين، ثمّ قرأ: إِنَّما يُرِيدُ. . . (3)الآية (4).

و قال: حدّثنا أبو بكر بن خلاّد، قال: حدّثنا محمّد بن عثمان. قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن ميمون، قال: حدّثنا علي بن عابس، عن أبي الجحاف، عن عطيّة، عن أبي سعيد و عن الأعمش عن عطيّة، عن أبي سعيد، قال: نزلت هذه الآية إِنَّما يُرِيدُ. . . (5)الآية في خمسة: في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين (6).

و قال: حدّثنا صالح بن يوسف الأنباري، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة، قال: حدّثنا عبد الملك، قال: حدّثنا عبد الرّحيم بن هارون، قال: حدّثنا

ص:194


1- الأحزاب:33، الآية 33.
2- «مناقب علي بن أبي طالب عليه السّلام» لابن المغازلي، ص 301، ح 345، مع اختلاف؛ «المعجم الكبير» ج 23، ص 327.
3- الأحزاب:33، الآية 33.
4- «المعجم الكبير» ج 23، ص 337.
5- الأحزاب:33، الآية 33.
6- «المعجم الكبير» ج 3، ص 56، ح 2673.

هارون بن سعد، قال: حدّثنا عطيّة، قال: سألت أبا سعيد عن أهل البيت الذّين قال اللّه عزّ و جلّ فيهم: إِنَّما يُرِيدُ. . . (1)، فذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين (2).

و قال: حدّثنا صباح بن محمّد بن علي، و أبو ذر بن محمّد بن الحسين بن رومي، حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال:

حدّثنا أبو عبد الرّحمان المسعودي عن كثير النّوا، عن عطيّة، عن أبي سعيد رضوان اللّه عليه قال: نزلت هذه الآية في خمسة، فقرأها و سمّاهم: إِنَّما يُرِيدُ. . . (3)

الآية، في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين (4).

أقول: دلالة هذه الأخبار على اختصاص الآية بهم؛ و انحصار أهل البيت لهم في كمال الوضوح.

بيان مقتضى أخبار الباب

(تتميم) : قد ذكر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرجع النّاس في أخبار الباب السّابق بقوله: «عترتي أهل بيتي» و قد أومأنا إلى ما يفيد كون العنوان هو الثّاني، حيث جعل كالبيان، و ورد في أخبار هذا الباب عنوان أهل البيت، أهل بيتي، أهلي، كما ورد التّعرّض للأشخاص (5)المذكورين، مع الإيماء إلى آية التطهير و نحوها، و الحال في الأسامي جليّة و المهمّ الإشارة إلى الحصر.

ص:195


1- الأحزاب:33، الآية 33.
2- «المعجم الكبير» لم نجد الرواية منه.
3- الأحزاب:33، الآية 33.
4- «المعجم الكبير» لم نجد الرواية منه.
5- في المخطوطة: لأشخاص و لكن الصحيح ما اثبتناه.

معني البيت

فنقول: أمّا أهل البيت فكان معرفة (1)حقّها بعد معرفة المراد من البيت الذي أضيف إليه، لفظ الأهل، قال أمين الدّين الفضل بن الحسن الطّبرسي رحمه اللّه في الآية:

«و البيت التعريف فيه للعهد، و المراد به بيت النّبوّة و الرّسالة، و العرب تسمّي ما تلتجيء إليه بيتا، و لهذا سمّوا الأنساب بيوتا-إلى أن قال: -و قيل: البيت، بيت الحرام و أهله هم المتّقون على الإطلاق، لقوله تعالى: إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ اَلْمُتَّقُونَ (2)، و قيل البيت مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أهله من مكّنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيه، و لم يخرجه و لم يسدّ بابه. . .» (3).

أقول: لفظ أهل البيت ذكر في قصّة بشارة إبراهيم عليه السّلام أيضا، و قال تعالى:

وَ إِذْ جَعَلْنَا اَلْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَ أَمْناً (4)، وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ اَلْقَواعِدَ مِنَ اَلْبَيْتِ (5)إلى غير ذلك (6).

و لا يبعد كونه المراد من «البيت» في الآية، و يؤيّده ما دلّ على أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من المخاطبين بالآية، و الدّاخلين في الأهل، و أنّها تشملهم على حدّ سواء (7). و ينافيه ما يذكر فيه قوله: «أهل بيتي» ، و ما يفيد مؤدّاه الّذي ذكر فيه الآية مشعرا باتّحاد الأهل في المقامين، و ما دلّ على كون الآية في أهل البيت و هو كثير.

ص:196


1- في المخطوطة: معرفته و لكن الصحيح ما أثبتناه.
2- الأنفال:8، الآية 34.
3- «مجمع البيان» ج 8، ص 356.
4- البقرة:2، الآية 125.
5- البقرة:2، الآية 127.
6- آل عمران:3، الآية 97؛ هود:11، الآية 73.
7- راجع: «مناقب علي بن أبيطالب عليه السّلام» لابن المغازلي، ص 301.

و يمكن أن يكون الوجه في الأوّل أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أراد مساواتهم له في كونهم أهل البيت، و ذلك طريق التأدية، و أمّا الاتحاد المتوهّم ففيه أنّ غاية ما يعلم من ذلك كون الأشخاص المزبورين مصداقا لكلا العنوانين، و أمّا اتحاد نفس العنوانين فلا، فيكونون أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أهل البيت المذكور في الآية، و في الثاني أنّه وارد بالنّظر إلى ما بعد زمانه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو مع قطع النّظر عنه بوضوح الحال، أو كون الحصر إضافيّا بالنسبة إلى غيره من النّاس، و يحتمل أن يراد به بيت النّسب.

و يؤيّده ما كثر في الأخبار من قوله: «ثمّ جعل القبائل بيوتا، فجعلني في خيرهم بيتا» (1)، و ذلك قوله عزّ و جلّ: إِنَّما يُرِيدُ. . . (2)الآية، و هو أيضا كما ترى لا دلالة فيه على أنّ المراد من البيت في كلامه و الآية واحد، و لا مانع من أن يكون الأهل المذكورين منها، عدّهم بيتا و رآهم بيتا من القبائل، أو بحكمه، فلا يدلّ على كون المراد من البيت المذكور فيه بيت النّسب؛ فلاحظ. هذا بعض الكلام في لفظ «البيت» في الآية.

و أمّا الأهل المضاف إليه، فإنّه و إن كان يختلف ما به يتحقّق الأهليّة باختلاف البيت، فبيت السّكنى لأهله و ساكنوه، و بيت النّسب لأهله المتولّدون فيه، و منه- كما لا يخفى-و بيت اللّه أهله و عامروه بالعبادة حقّها، أو غيره، أو النّازلون عنده و نحو ذلك، إلاّ أنّه لا يهمّنا البحث عن محقّق الأهليّة للبيت المذكور في الآية بعد وضوح طريق تمييز المراد من أهله بأشخاصهم، فإنّ إحراز العنوان و مفهومه من أجل السّلامة من الخطأ في تعيين المصداق، و الخطأ مأمون هنا.

ص:197


1- «كنزل العمّال» ج 2، ص 44، ح 3050، نص العبارة و في «مجمع الزوائد و منبع الفوائد» ، ج 8، ص 215؛ «الخصال» ص 559؛ «الأمالي» للصدوق، ص 374، المجلس الثاني و التسعون؛ «كتاب سليم بن قيس» ص 140، و العبارة-كما رواها الهيثمي-هكذا: فجعلني من خيرها قبيلة.
2- الأحزاب:33، الآية 33.

و بيان ذلك أنّ الإرادة هنا ليست على حذوها في ساير الموارد. قال تعالى:

إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (1)فأخبر تعالى عن أهل البيت في الآية بأن أذهب عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا.

في معني طهارتهم

و في «القاموس» : «التطهّر التّنزه و الكفّ عن الإثم» (2).

و في «المختار» : «قوم يتطهّرون أي يتنزّهون من الأدناس» (3).

و في «الأساس» : «و من المجاز تطهّر من الإثم: تنزّه منه، و طهّره اللّه و هو طاهر الثّياب: نزه من مدانس الأخلاق، و التوبة طهور للمذنب» (4).

و قال بعض الأثبات: «و الطّهر خلاف الدّنس، و التطّهر التّنزه عن الإثم، و عن كلّ قبيح» ، ذكر ذلك صاحب «المجمل في اللّغة» (5)أحمد بن فارس اللّغوي. (6)

و لعلّ ذلك لا يحتاج إلى نقل الكلمات.

معني الرّجس

و في «القاموس» : «الرّجس بالكسر: القذر، و يحرّك و يفتح الرّاء، و تكسر الجيم، و الماثم و كلّ ما استقذ من العمل، و العمل المؤدّى إلى العذاب، و الشكّ و العقاب، و الغضب» (7).

ص:198


1- يس:36، الآية 82.
2- «القاموس المحيط» الجزء الثاني، ص 82.
3- «مختار الصحاح» ص 193.
4- «أساس البلاغة» ص 285.
5- «مجمل اللغة» ص 452.
6- «روضة الأحباب في سيرة النبي و الآل و الأصحاب» مخطوط.
7- «القاموس المحيط» ج 2، ص 227.

و في «المختار» : «القذر و العقاب و الغضب» ، هذا ملخصّه. (1)

فدلالة الآية على طهر أهل البيت من الإثم واضحة، و أمّا الخبر المفسّر للرّجس فلا يضرّ مرّة للمغايرة و أخرى بأنّ ارتكاب المعصية يحصل عن نقصان و ضعف في الاعتراف بالباري تعالى، كما أنّ الكفّ عنها بقوّة معرفته تعالى-كما لا يخفى- فإذا خصّوا بإذهاب الرّجس و التّطهير، فمن لم يوجد فيه علم خروجه من أهل البيت المذكورين في الآية، و ليس صاحب تلك الخاصّة في عصرهم باتّفاق الأمّة غير الخمسة، رأى اختصاص أظهر من هذا، و بذلك يبطل الأوهام، و إذا عصموا كانوا أهل بيت اللّه الحرام، لا يكون له أخصّ منهم، و بيت الرّسالة لا يكون أعجز منهم، و ذلك واضح، و لو سلّم اكثرية من يعدّ أهلا للبيت بأحد المعنيين، فنقول: إنّ الإضافة للعهد كما في غلام زيد و نحوه. و يكون ذهاب الرّجس و الطّهر دليلا مرشدا إلى بيان العهود، هذا بعض الكلام في الآية.

الإيماء إلى عصمتهم

و أمّا الرّوايات الواردة في هذا الباب الدّالّة على صدقه على الأشخاص المخصوصين بل و انحصار مصداقه فيهم، و الوصفان يلازمان المرجعيّة للنّاس، و من يخاف ضلاله الموصوف بعدم المخالفة للقرآن، بل الوصف المزبور يدلّ على العصمة من السّهو و الخطأ في الأحكام أيضا، و إلاّ لتحقّق المفارقة للكتاب و مخالفته-كما لا يخفى-.

و بعبارة أخرى: العترة و أهل البيت قرناء التّنزيل، و صفوا بعدم مفارقة الكتاب أبدا، و لا يكون ذلك لغير من عصمه اللّه، فلا يدخل في أخبار المرجع مطلقا، غير من يؤمن منه مفارقة الكتاب، فلا يتعدّي عن الخمسة، لاتّفاق الأمّة بعدم أمنهم

ص:199


1- «مختار الصحاح» ص 118.

عن مفارقة الكتاب في غير هؤلاء و نقل المفارقات الواضحة عن غيرهم. فالبيت في الأخبار و لو علم كونه بيت النّسب أو نحوه و أهله أكثر إلاّ أنّ الإضافة للعهد، و الوصف المذكور فيها مبيّن للمعهود، فلا وجه للتعميم يعتمد عليه، و لعلّ ذلك واضح. كلّ ذلك بالنّظر إلى ذكر أهل البيت في تلك الأخبار، و لا ينافيه بوجه إطلاق أهل البيت و العترة في غيرها على الأعمّ ممّا ذكر، لفقد قرينة الاختصاص، و خصوص هذا العهد، لعدم لزوم اتّحاد المراد من هذا اللّفظ، في كلّ مورد.

الإشارة إلى إمامتهم، ثمّ دوام وجودهم أبد الدّهر

و بالجملة: فيثبت لهم المرجعيّة المطلقة لكلّ من يخشى ضلاله و جاهليّته، و ثبت-خلافتهم عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في اهتداء النّاس بهم، و يثبت كونهم من يجب على الناس الايتمام بهم، و عدم مفارقتهم فرارا عن الجاهليّة، و الضّلال، و ذلك مع قطع النّظر عن أخبار الباب السّابق، و أمّا هي فدلالتها على كون أهل البيت مع القرآن كفرسي رهان يجريان إلى آخر الزّمان في كمال الوضوح.

و قال في «الصواعق» : و في أحاديث الحثّ على التمّسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمّسك به إلى يوم القيامة، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك و لهذا كانوا أمانا لأهل الأرض (1)كما يأتي (2)، يشهد لذلك الخبر السابق:

«في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدّين تحريف الغالين (3)، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين، ألا و إنّ أئمّتكم و فدكم إلى اللّه عزّ و جلّ، فانظروا من توفدون» (4).

ص:200


1- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الاول، ص 90.
2- نفس المصدر، ص 91.
3- في المصدر: الضّالّين.
4- نفس المصدر، ص 90.

أقول: و رواها عن الملاء في سيرته (1)، و قد ذكر نحو ذلك غيره (2)أيضا، فالدّلالة على اتّصال مرجعيّتهم إلى القيامة واضحة، و قد وصف هؤلاء بأن لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم، فهم رجال اصطفاهم اللّه تعالى بتلك العطيّة خاصّة، لا كلّ من يكون من قريش، أو بني هاشم، أو بني عبد المطلب، أو بني أبي طالب، و لا شبه ذلك، و البيت و إن كان أكثر أهلا إلاّ أنّه علم إرادة خصوص الموصوفين بهذا الوصف منهم في تلك الأخبار، و لم يدّع أحد وجود الوصف المزبور و مثله في غير سلسلة أولاد عليّ عليه السّلام، من أهل هذا البيت؛ فليلاحظ.

رواية ابن حجر حجّة تامّ الدّلالة على إمامة الأئمّة

و في «الصّواعق» ما هذا لفظه: الآية الخامسة قوله تعالى: وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا (3)أخرج الثّعلبي في «تفسيره» (4)عن جعفر الصّادق رضى اللّه عنه:

أنّه قال: «نحن حبل اللّه الذّي قال اللّه تعالى: وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا (5)و كان جدّه زين العابدين إذا تلي قوله تعالى: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ (6)يقول دعاء طويلا يشتمل على طلب اللّحوق بدرجة الصّادقين و الدّرجات العليّه. . ، و على وصف المحن و ما انتحلته المبتدعة المفارقون لأئمّة الدّين، و الشّجرة النّبويّة، ثمّ يقول: و ذهب آخرون إلى التّقصير

ص:201


1- نفس المصدر.
2- «السنن الكبرى» ج 10، ص 209.
3- آل عمران:3، الآية 103.
4- اعلم أنّ النسخة المطبوعة من «تفسير الثعلبي» التي بأيدينا قد سقط منه بعض الأحاديث و هذا من تلك الموارد و قد نبّه عليه مصحح التفسير في الهامش فراجع، ج 3، ص 116.
5- آل عمران:3، الآية 103.
6- التوبة:9، الآية 119.

في أمرنا و احتجّوا بمتشابه القرآن، فتأوّلوا بآرائهم، و اتّهموا مأثور الخبر، إلى أن قال: فإلى من يقرع خلف هذه الأمّة، و قد درست أعلام هذه الملّة، و دانت الأمّة بالفرقة و الاختلاف، يكفّر بعضهم بعضا، و اللّه تعالى يقول: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اِخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ اَلْبَيِّناتُ (1)فمن الموثوق به على إبلاغ الحجّة، و تأويل الحكم إلى أهل الكتاب، و أبناء الأئمّة الهدى و مصابيح الدّجى الّذين احتج اللّه بهم على عباده، و لم يدع الخلق سدى من غير حجّة. هل تعرفونهم أو تجدونهم إلاّ من فروع الشّجرة المباركة، و بقايا الصّفرة الّذين أذهب اللّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا، و برّأهم من الآفات، و افترض مودّتهم في الكتاب؟ انتهى (2).

أقول: و الّذي حكاه غيره عن «تفسير الثّعلبي» مسندا هو إلى قوله: و كان جدّه و أمّا ما بعده فلم أجده مرويّا عن «الثّعلبي» ، و هو صريح في أهل البيت، و انحصار المرجع فيهم؛ فلاحظ (3).

و قال: الحديث الحادي و العشرون، أخرج الطّبراني في «الأوسط» (4)عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «عليّ مع القرآن، و القرآن مع عليّ، لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض» (5).

و قال: الحديث الرّابع و الثّلاثون، أخرج الدّار قطني في «الإفراد» ، عن ابن عبّاس أنّ النّبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «عليّ باب حطّة من دخل منه كان مؤمنا، و من خرج منه

ص:202


1- آل عمران:3، الآية 105.
2- «الصواعق المحرقة» الباب الحادي عشر، الفصل الأول، ص 90.
3- «خصائص الوحي المبين» لابن بطريق، ص 193.
4- «المعجم الأوسط» ج 5، ص 455، ح 4877.
5- «الصواعق المحرقة» الباب التاسع، الفصل الثاني، ص 74.

كان كافرا» (1).

أقول: و كثير من أخبار هذا الباب مودع في كتابنا «أبهي الدرّر» (2)يراجعه من أراد.

و إذا عرفت محلّ الخلافة التّامّة و الرّئاسة العامّة، و الرّئاسة الحقيقيّة، و الإمامة الواقعيّة، مرجع الإمامة إلى يوم القيامة، و منجاهم أبدا في موارد الهلكة، و سلسلة أهل البيت قرناء التّنزيل، فلنجري الكلام في عدّة أمراء الأمّة و خلفائهم و أئمّتهم المعلوم، بعد ما مرّ كون تلك العدّة منهم.

ص:203


1- «الصواعق المحرقة» ، الباب التاسع، الفصل الثاني، ص 75.
2- «أبهى الدرر» مخطوط.

ص:204

الباب الخامس: باب أن عيّن أمرائهم و خلفائهم المعلوم كونهم من العترة، بعد انتفاء حقيقة الإمامة عن غيرهم بما سلف

اشارة

باب أن عيّن أمرائهم و خلفائهم المعلوم كونهم من العترة، بعد انتفاء حقيقة الإمامة عن غيرهم بما سلف، و الرّؤساء المرجوع إليهم في أمور الدّين، و موارد خوف الضّلال و الهلكة الواجب بما مرّ كونهم من أهل البيت، قرناء التنزيل، في تمام تلك المدّة في اثني عشر لا يزيد فيهم واحد، و لا ينقص منهم واحد.

ص:205

حديث جابر بن سمرة عن رسول الله

اشارة

في الجزء الخامس من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث جابر بن سمرة، في السادسة و الّثمانين في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا حمّاد بن خالد، حدّثنا ابن ذئب (1)عن المهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد، قال: سألت جابر بن سمرة عن حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يزال هذا (2)الدّين قائما حتّى يكون اثنا عشر خليفة من قريش، ثمّ يخرج كذّابون-بين يدي السّاعة-ثمّ تخرج عصابة من المسلمين، فيستخرجون كنز الأبيض كسرى و آل كسرى، و إذا أعطى اللّه عزّ و جلّ أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أهله، و أنا فرطكم على الحوض» (3).

و في آخر السّابعة و الثمانين مثله بلا اختلاف (4).

بيان الخبر

أقول: يأتي إن شاء اللّه تعالى ما يشهد بأنّ ما في الخبر أحاديث متعدّدة سمع كلاّ في موضع و أنّ لفظة «ثمّ» من كلام عامر، و من بعده أتي به لإفادة التّرتيب بين أخبار جابر بكلّ واحد من تلك الأخبار مضافا إلى شهادة تمام طرق الرّواية على تجّردها من تلك الزّوايد-كما لا يخفى-مع أنّ ذلك لو كان في وعد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لزم تقدّم خلافة الاثني عشر و خروج الكذّابين قبل فتح بلاد كسرى الواقع في زمان عمر، كما يلزم تأخّر خروج الكذّابين عن خلافتهم، تقدّمه على فتح بلاد كسرى، و انفاق كنوزها، و كلّ ذلك معلوم الفساد.

ص:206


1- في المصدر: ابن أبي ذئب.
2- في المصدر-: هذا.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 86.
4- نفس المصدر، ص 87.
إنّ حتّى للغاية

و أمّا لفظة «حتّى» فهي في حدّ نفسها يحتمل وجوها، و لكنم سبق قوله: «لا يزال» و نحوه يرشد إلى الغائيّة، و لو أريد ذلك كان إخبارا بارتفاع الدّين عند خلافة الاثني عشر خليفة من قريش، و من المعلوم إرادة غير ذلك. كما ستعرفه إن شاء اللّه، إلاّ مع إرادة مضيّ ملك اثنى عشر خليفة، لا دخول ملكهم و ستعرف أنّ هذا الاحتمال ممّا يعنيه باقي الطّرق، و ساير الألفاظ، فلا يكون عنه معدل.

ثمّ إنّ جعل ذلك غاية إنّما يتمّ بعد معرفة أنّ هؤلاء الاثني عشر مدار الدّين و الإسلام، و أنّ بعدهم يقع ما يرفع الدّين جزما، و ذلك لا يتمّ إلاّ بكونهم أشخاصا معروفي الحال و الأعمار و الأعمال، أو العلم بوجود ما يخرّب الدّين بعد اثني عشر من الخلفاء لخصوص تلك العدد، أيّا من كان الخليفة، و ستعرف التفصيل إن شاء اللّه تعالى.

ثمّ إنّ المراجع في تلك الأخبار يرى أنّ الدّين و الأمر و الإسلام و نحوها ممّا ذكر فيها؛ يراد معني واحد كما يرى أن القيام و الصلاح و المضي و بنحوها يراد به شيء واحد و أنّ بعض تلك العبارات من النقل بالمعني و التّفسير، و لعلّ ذلك واضح.

و في السّابعة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرّحمان بن مهدي، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: جئت أنا و أبي إلى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم و هو يقول: «لا يزال هذا الدّين (1)صالحا، حتّى يكون اثنا عشر أميرا» ثمّ قال: كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (2).

ص:207


1- في المصدر: الأمر.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 97.

و في آخر السابعة بعد المأة مثله بلا اختلاف (1).

أقول: ألأكثر في الرّوايات مشاركة أبيه، و في بعضها التّرديد بنيه و بين الابن و لعلّه من الرّواة، لا من جابر، كما أنّ في بعضها ذكر الأخ، و ذكر السّؤال عن الأب لا ينافي سؤال غيره أيضا، فمثل تلك الاختلافات لا يوجب قدحا، كما لا يخفى.

و أيضا حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، عن فطر، عن أبي خالد الوالبي، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يزال هذا الأمر مؤاتي» أو «مقاربا حتّى يقوم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش» (2).

أقول: أي ينقضي خلافتهم و قيامهم بالخلافة، كما يعرف ممّا يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و في السابعة و الثمانين، حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا حمّاد بن أسامة، حدّثنا مجالد، عن عامر، عن جابر بن سمرة السّوائي، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: -في حجّة الوداع- «إنّ هذا الدّين لن يزال ظاهرا على من ناواه، لا يضرّه مخالف و لا مفارق، حتّى يمضي من أمّتي اثنا عشر خليفة» قال: ثمّ تكلّم بشيء لم أفهمه، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (3).

و كرّرها في الثّامنة و الّثمانين (4).

توجيه الخبر

أقول: «لن» للنّفي الأبدي، و الظّهور على من ناواه هو غلبته عليه بعد ما أبدي له صفحة وجهه، فلو أشير إلى القتال، فالمراد أنّه لا يقع قتال بين المسلمين

ص:208


1- نفس المصدر: ص 107.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 107.
3- نفس المصدر، ص 87.
4- نفس المصدر: ص 88.

و الكفّار، فيرتفع و يرجع الفريقان؛ إلاّ و الغلبة للإسلام، فلا يكون مغلوبا، و لا ترتفع الخصومة إلاّ مع غلبة الإسلام، و نصر أهله، لا أنّه لا يرد عليهم كسر أبدا، و لو أشير إلى مقام الاحتجاج، فالمراد أنّ لهم الفلج، و لا يخصم أهله عامّة، بل هم الغالبون، و كيف كان، فالمراد غالبيّة الإسلام عند ما يكون طرف المعارضة فإنّ ذلك مورد الظّهور لا غير.

ثمّ إنّه يخرج من ذلك ما يكون الطرف بعض المسلمين بخصوصيّة فيهم، فإنّ ذلك غير طرفيّة الإسلام للمعارضة كما لا يخفى.

في الضرّ المنفي

و أمّا الضرّ المنفي عن الإسلام مع خلاف من خالف و مفارقة من فارق فالمراد به اضمحلاله، كما يؤيّده ذكر الانقضاء فيما يأتي، فإنّ مخالف الدّين و مفارقه معاند له، و لعامّة أهله من تلك الجهة، فإن اضمحلّ الدّين فقد ضرّه، و وصل إلى مطلوبه، و إلاّ لم يضرّ الدّين، و لو كان اللفظ ظاهرا في مطلق الصّدمة، و التضعيف أيضا، وجب صرفه إلى ما ذكرناه صونا لكلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الخلف، فكيف مع عدمه؟ ! ، فتأمل.

و بالجملة: فالمنفي تضرّر الدّين بما هو دين، و هو لا يكون إلاّ باضمحلاله أو اضمحلال بعضه، لا تضرّره في أهله، لوضوح وقوعه، و أنّه لا ينبغي كما لا يخفى.

ثمّ إنّ هذا الوصف ثابت للدّين إلى مضيّ الاثني عشر الخليفة من الأمّة، يمضى زمان خلافتهم و موتهم عنهم، و لا يثبت له بعدهم ضرورة التّعليق بالغاية في الخبر، و لعلّ الخبر يكون ظاهرا في كونهم مرتبين واحدا بعد واحد.

ثمّ إنّ بقاء الوصف المزبور للإسلام يكشف عن أنّ مضيّ الاثني عشر لم يحصل بعد ضرورة الغائيّة.

ثمّ إنّ ذكر حجّة الوداع و خصوص عرفة أو منى قد ينافي ذكر المسجد، و ذكر

ص:209

رجم الأسلمي و القيام و القعود و نحو ذلك، إلاّ أنّه يمكن تعدّد صدور هذا القول من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أنّ بعد اتّحاد كيفيّة تلقي جابر للحديث في كلا الوقتين، و إن أمكن كون الكيفيّة في أحدهما من الاقتباس على رواته؛ فتأمل.

فكيف كان فيظهر من تلك الرّوايات كون هؤلاء الاثني عشر مدار الدّين و حامي حماه، و لا يحصل عملهم من غيرهم، و إن كثروا؛ فلاحظ.

و أيضا: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا ابن نمير، حدّثنا مجالد، عن عامر، عن جابر بن سمرة السوائي، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: -في حجّة الوداع- «لا يزال هذا الدّين ظاهرا على من ناواه، لا يضرّه مخالف، و لا مفارق حتّى يمضي من أمّتي اثنا عشر أميرا كلّهم، ثمّ خفي عليّ (1)من قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، قال: و كان أبي أقرب إلى راحلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم منّي، فقلت: يا أبتاه! ما الّذي خفي من قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟ قال، يقول: «كلّهم من قريش» (2).

و في التسعين كرّرها بعينها، و زاد، قال: فأشهد على إفهام أبي إيّاي؛ قال كلّهم من قريش. (3)

و في الواحدة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعت جابر بن سمرة السوائي يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لا يزال هذا الأمر ماضيا حتى يقوم اثنا عشر أميرا، ثمّ تكلّم بكلمة خفيت عليّ، فسألت أبي: و قال (4): قال: «كلّهم من قريش» (5).

و في آخر السّابعة و التسعين مثله بلا اختلاف (6).

ص:210


1- في المصدر-: عليّ.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 90.
4- في المصدر: ، ما قال.
5- نفس المصدر، ص 101.
6- نفس المصدر، ص 97.

و في التّاسعة و الثّمانين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد، و سمعته أنا من عبد اللّه بن محمّد، حدّثنا حاتم بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص، قال: كتبت إلى جابر بن سمرة-مع غلامي أخبرني بشىء سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: فكتب إليّ: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم الجمعة، عشيّة رجم الأسلمي-يقول: «لا يزال الدّين قائما حتّى تقوم السّاعة، أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش» .

و سمعته يقول: «عصبة المسلمين يفتحون (1)البيت الأبيض، بيت كسرى و آل كسرى» . و سمعته يقول: «إنّ بين يدي السّاعة كذّابين، فاحذروهم» .

و سمعته يقول: «إذا أعطى اللّه تعالى أحدكم خيرا؛ فليبدأ بنفسه و أهل بيته» .

و سمعته يقول: «أنا فرطكم على الحوض» (2).

و في «صحيح مسلم» في كتاب الإمارة، في الباب الآتي: حدّثنا قتيبة بن سعيد، و أبو بكر بن أبي شيبة، قالا: حدّثنا حاتم-و هو إسماعيل-عن المهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد مثل ذلك (3).

و قال: حدّثنا محمّد بن رافع، حدّثنا ابن أبي فديك، حدّثنا ابن أبي ذئب، عن مهاجر بن مسمار. . . إلى أن قال: فذكر نحو حديث حاتم (4).

أقول: هذه تشهد بأنّ لفظ «ثمّ» في الحديث الاوّل (5)لإفادة التّرتيب في ذكر جابر لتلك الأحاديث، لا التّرتيب في وقائعها.

و لا يخفى أنّ لفظة «أو» في الرّواية (6)ليست للترديد، حتّى من جابر، فإنّه

ص:211


1- في المصدر: ، يفتتحون.
2- نفس المصدر ص 89.
3- «صحيح مسلم» ، الجزء السادس، ج 3، ص 4: مع اختلاف يسير.
4- نفس المصدر.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 86.
6- نفس المصدر، ص 89.

روى: «لا يزال الدّين قائما حتّى تقوم السّاعة» (1)كما روى: «لا يزال الدّين قائما حتّى يكون اثنا عشر خليفة» (2)كما يأتي، فهذا جمع بين حديثيه؛ فلاحظ.

و في «صحيح مسلم» في الجزء الثّاني في كتاب الإمارة، في باب أنّ الناس تبع لقريش و الخلافة في قريش: حدّثنا قتيبه بن سعيد، حدّثنا جرير، عن حصين، عن جابر بن سمرة، قال (3)دخلت مع أبي على النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم، فسمعته يقول: إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم أثنا عشر خليفة (4): ثمّ تكلّم بكلام خفي علىّ، قال فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (5).

بيان مفاد الخبر

أقول: «مضي الاثني عشر خليفة من قريش فيهم» جعل غاية لعدم انقضاء الدّين، فيحصل الانقضاء بعدهم لانتهاء الغاية للبقاء و الانقضاء، فيكون زمانهم زمان الدّين فلو دلّ دليل على بقاء الدّين إلى قيام السّاعة؛ يلزم أن لا يتحقّق مضي هؤلاء الخلفاء من قريش فيهم قبل ذلك الأمد، و بعبارة أخرى دلّ الغائيّة بمعونة ذلك الدّليل على أنّ هؤلاء يمتدّ زمانهم إلى أمد الدّين، و هو قيام السّاعة لئلاّ يختلف الحدّان.

و أيضا: حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا

ص:212


1- نفس المصدر، ص 92،94،98؛ مع إضافة.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 86.
3- في المصدر+: سمعت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم يقول ح و حدّثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي (و اللفظ له) حدّثنا خالد (يعني ابن عبد اللّه الطّحان) ، عن حصين، عن جابر بن سمرة قال.
4- في المصدر+: قال: .
5- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.

عشر رجلا» ثمّ تكلّم (1)بكلمة خفيت عليّ فسألت أبي ما ذا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ فقال: «كلّهم من قريش» (2).

حدّثنا قتيبة ابن سعيد، أخبرنا (3)أبو عوانة، عن سماك، عن جابر بن سمرة، عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم بهذا الحديث، و لم يذكر «لا يزال أمر النّاس ماضيا» (4).

مؤاخذة مسلم

أقول: إذا لم يذكر هذا الجزء من الخبر؛ لا أدري ما يكون الجزء الّذي ذكره؟ ! إذ باقي ألفاظ الحديث السّابق غير قابل لابتداء الكلام، و لا يبعد أن يكون يليهم «اثنا عشر. . .» .

و يؤيّده رواية ابن مسعود الآتية (5)، فيكون صريحا في أنّ ولاتهم «اثنا عشر رجلا من قريش» و لا يليهم غيرهم، كما يدلّ عليه الأخبار، في أنّ الولاية فيهم، «و لو بقي من النّاس اثنان» (6)و نحو ذلك (7)، فيكون صريحا في مذهب الإمامية، و من الخيانة أجمال الأمر في المقام؛ فلاحظ.

بيان المفاد

ثمّ إنّ ما في قوله: «ما وليهم» ظرفيّة زمانيّة، و ظرف لقوله: «لا يزال. . .»

ص:213


1- في المصدر+: النّبي صلى اللّه عليه و سلم.
2- نفس المصدر.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- نفس المصدر.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398 و 406.
6- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3؛ «السنن الكبرى» ج 3، ص 121 و ج 8، ص 141؛ «كنز العمال» ج 6، ص 49، ح 14794.
7- «كفاية الأثر» ص 254 و 248.

فيدلّ على أنّ مضيّه وقت ولاية هؤلاء الرّجال الاثني عشر من قريش، فينتفي في غيره ضرورة التّوقيت، فيكون هؤلاء عماد الدّين و قوامه، و لا أقلّ من السّكوت عن مضيّه في غير وقت ولايتهم، فلو كان ماضيا إلى قيام السّاعة بإخبار المطّلع على العواقب كانوا هؤلاء يمتدّ زمانهم إلى قيام السّاعة، إذا حدّ مضيّ الدّين هذا المطّلع بوقت ولايتهم، و كلا الأمرين واضح الثبوت من إخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما لا يخفى.

و في التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت جابر بن سمرة، قال: سمعت نبيّ اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: يكون اثنا عشر أميرا، فقال: كلمة لم أسمعها. فقال: القوم «كلّهم من قريش» (1).

و في الثّانية و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا هاشم، حدّثنا زهير، حدّثنا زياد بن خثيمة، عن الأسود بن سعيد الهمداني، عن جابر بن سمرة، قال:

سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (2)يقول: «يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش» قال: ثمّ رجع إلى منزله، فأتته قريش، فقالوا: ثمّ يكون ماذا؟ قال: ثمّ يكون الهرج (3).

استظهار الترتيب في اثني عشر

أقول: تعقيب الكلام بهذا السّؤال كالصّريح في أنّهم فهموا من كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ خلافة هؤلاء يكون بقيام واحد بعد واحد، لا غيره ممّا احتمله القوم-كما لا يخفى

ص:214


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 90.
2- في المصدر+: أو قال: قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
3- نفس المصدر، ص 92.

-مضافا إلى ما دلّ على الامتداد لما سبق و يأتي.

و أيضا: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو كامل، حدّثنا زهير، حدّثنا سماك بن حرب، حدّثني جابر، أنّه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «يكون بعدي اثنا عشر أميرا» ثمّ لا أدري ما قال بعد ذلك؟ فسألت: القوم كلّهم، فقالوا: قال: «كلّهم من قريش» (1).

و في الرّابعة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا حسن، حدّثنا زهير، فذكر مثله باختلاف يسير (2).

و في الخامسة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب، فذكر مثله باختلاف يسير (3).

و في الثالثة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «يكون اثنا عشر أميرا» قال: فقال: كلمة لم أسمعها، قال أبي: قال: «كلهم من قريش» (4).

و في التّاسعة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني سريج بن يونس، عن عمر بن عبيد، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول:

«يكون (5)بعدي اثنا عشر أميرا» فتكلّم، فخفي عليّ، فسألت الّذي يليني أو إلى جنبي، فقال: «كلّهم من قريش» (6).

ص:215


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 92.
2- نفس المصدر، ص 94.
3- نفس المصدر، ص 95.
4- نفس المصدر، ص 93.
5- في المصدر+: من.
6- نفس المصدر، ص 99.

و في الثّامنة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عمر بن عبيد أبو حفص، عن سماك، عن جابر، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: يكون بعدي اثنا عشر أميرا، قال: ثمّ تكلّم فخفي عليّ ما قال؛ قال: فسألت: بعض القوم، أو الذي يليني ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (1).

و في «جامع التّرمذي» ، في الجزء الثّاني، من كتاب الفتن، في باب ما جاء في الخلفاء: حدّثنا أبو كريب محمّد بن العلاء (2)، حدّثنا (3)عمر بن عبيد الطنافسي (4)، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يكون من بعدي اثنا عشر أميرا» (5)ثمّ تكلّم بشيء لم أفهمه. فسألت: الّذي يليني، فقال:

قال: «كلّهم من قريش» (6).

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

حدّثنا أبو كريب، حدّثنا (7)عمر بن عبيد، عن أبيه، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن جابر بن سمرة، عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم مثل هذا الحديث (8)-قد روي من غير وجه عن جابر بن سمرة (9).

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح (10)غريب يستغرب من حديث أبي

ص:216


1- نفس المصدر، ص 108.
2- في المصدر-: محمّد بن العلاء.
3- في المصدر: أخبرنا.
4- في المصدر-: الطنافسي.
5- في المصدر+: قال.
6- «سنن الترمذي» ج 3، ص 340، ح 2323.
7- في المصدر: أخبرنا.
8- نفس المصدر، ح 2324.
9- جملة «قد روي من غير وجه عن جابر بن سمرة» ذيل الحديث السابق رقم 2323.
10- في المصدر-: حسن صحيح.

بكر بن أبي موسى، عن جابر بن سمرة، و في الباب عن ابن مسعود و عبد اللّه بن عمرو. (1)انتهى.

و في «صحيح البخاري» ، في كتاب الأحكام، في باب غير مترجم، قبل باب إخراج الخصوم: حدّثني محمّد بن المثنيّ، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن عبد الملك، سمعت جابر بن سمرة، قال: سمعت النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يقول: «يكون بعدي (2)اثنا عشر أميرا» فقال: كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنّه قال: «كلّهم من قريش» (3).

و قال السّندي: قوله: «اثنا عشر أميرا. . .» إيضاحه ما رواه أبو داود، عن جابر بن سمرة بلفظ: «لا يزال هذا الدّين عزيزا إلى اثني عشر خليفة» قال: «فبكى النّاس و ضجّوا» (4)و لعلّ هذا سبب خفاء الكلمة المذكورة على جابر، ذكره شيخنا، (5)انتهى.

أقول: الأمير و الخليفة و الوالى بمعني، كما لا يخفى، و هذه تدلّ على انحصار الخلافة في العدد، فيكون إخبارا بعدّة ما أخبر به في قوله: «الملك في قريش» (6).

حاصله أنّه يكون بعدي اثنا عشر، فلا يزال على هذا العدد، و هم من قريش، فلا يكون من غيرهم، و يؤيّد ذلك رواية ابن مسعود (7)؛ كما لا يخفى.

و قوله: «كلّهم من قريش» : جملة خبريّة، و توضيح ذلك: أنّ الأصل اثنا عشر خليفة بعدي (8)، كلّهم من قريش، فأدخل الفعل النّاقص فجعل العدد اسما له

ص:217


1- «سنن الترمذي» ج 3، ص 340، ح 2324.
2- في المصدر-: بعدي.
3- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 127.
4- «سنن أبي داود» ج 4، ص 106، ح 4280؛ فكبّر الناس و ضجّوا.
5- «صحيح البخاري» مع حاشية السندي، ج 4، باب 52، ص 481، ح 7222.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 364؛ «سنن الترمذي» ج 5، ص 384، ح 4028.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398، و 406.
8- في بعض الروايات: من بعدي.

و الظّرف خبرا، فتكون الجملة الأخيرة خبرا ثانيا، فيكون الجملة إخبارا بوجود هؤلاء العدّة بعده، و ليست وصفيّة و لا حاليّة لبعدهما عن المساق مع نكارة ذيها.

و إن خصّ بالخبر الأوّل-كما لا يخفى-فيدلّ على الانحصار. فمعناه بالفارسيّة: (مى باشد بعد از من دوازده خليفه، همۀ آنها از قريش هستند) فلو كان بعده خليفة غير هؤلاء لذكرهم، أو زاد في العدد، و لم يفعل، فتأمّل جيدا.

و في التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا بهز، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا سماك، قال: سمعت جابر بن سمرة، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة، فقال: كلمة خفيّة لم أفهمها، قال: قلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: «كلّهم من قريش» (1).

و كرّرها في المأة (2)بعينها.

و في الثّالثة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا أبي حدّثنا داود، عن عامر، قال: حدّثني جابر بن سمرة السوائي، قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: «إنّ هذا الدّين لا يزال عزيزا إلى اثني عشر خليفة» قال: ثمّ تكلّم بكلمة لم أفهمها، وضجّ النّاس، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (3).

و في الثامنة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني محمّد بن أبي بكر بن علي المقدمي، حدّثنا زهير بن إسحاق، حدّثنا داود بن أبي هند، عن عامر الشّعبي، عن جابر نحوه، إلاّ أنّه قال: فكبّر النّاس و ضجّوا، و قال: كلمة خفيّة (4).

و أيضا: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني محمّد بن أبي بكر بن علي المقدّمي، حدّثنا

ص:218


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 90.
2- نفس المصدر، ص 100، مع اختلاف يسير في السند و المتن.
3- نفس المصدر، ص 93.
4- نفس المصدر، ص 98.

يزيد بن زريع، حدّثنا أبو عون، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة» ثمّ قال: كلّمة أصمنيها النّاس، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (1).

و أيضا: حدّثنا عبد اللّه، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عبد اللّه الرّزي، حدّثنا أبو عبد الصمد العمي، حدّثنا عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا يزال هذا الدّين عزيزا» أو قال: «لا يزال النّاس بخير» -شك أبو عبد الصّمد- «إلى اثني عشر خليفة» ، ثمّ قال: كلمة خفيّة، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (2).

و في التّاسعة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني عبيد اللّه القواريري، حدّثنا سليم بن خضر، عن ابن عون، عن الشّعبي، قال: سمعت جابر بن سمرة، يقول:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا يزال هذا الدّين عزيزا، منيعا، ينصرون على من ناواهم عليه، إلى اثني عشر خليفة» قال: فجعل النّاس يقومون و يقعدون (3).

و في الواحدة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، عن الشّعبي، عن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي أو مع ابني، قال (4): فقال صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا يزال هذا الأمر عزيزا، منيعا، ينصرون على من ناواهم عليه، إلى اثني عشر خليفة» ثمّ تكلّم بكلمة أصمنيها النّاس، فقلت لأبي أو لابني: ما الكلمة التّي أصمنيها النّاس، قال: «كلّهم من قريش» (5).

ص:219


1- نفس المصدر.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98.
3- نفس المصدر، ص 99.
4- في المصدر+: و ذكر النبي صلى اللّه عليه و سلم.
5- نفس المصدر، ص 101.

و في السادسة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا بهز، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا سماك، قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقول: «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة» ثمّ قال: كلمة خفيّة لم أفهمها، قال: قلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش» (1).

و في «صحيح مسلم» في كتاب الإمارة، في الباب السّابق: حدّثنا هداب بن خالد الأزدي، أخبرنا (2)حمّاد بن سلمة، عن سماك بن حرب، قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: سمعت النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة» ثمّ قال: كلمة لم أفهمهما: فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: «كلّهم من قريش» (3).

حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا (4)أبو معاوية، عن داود، عن الشّعبي، عن جابر بن سمرة، قال: قال النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم: «لا يزال هذا الدّين (5)عزيزا إلى اثنى عشر خليفة» قال: ثمّ تكلّم بشيء لم أفهمه، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: «كلّهم من قريش» (6).

حدّثنا نصر بن على الجهضمي، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا ابن عون (ح) و حدّثنا أحمد بن عثمان النّوفلي-(و اللفظ له) -حدّثنا أزهر، حدّثنا ابن عون، عن الشّعبي، عن جابر بن سمرة، قال: انطلقت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و معي أبي، فسمعته يقول: «لا يزال هذا الدّين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة» فقال: كلمة

ص:220


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 106.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
4- في المصدر: أخبرنا.
5- في المصدر: هذا الأمر.
6- نفس المصدر.

صمّينها النّاس، فقلت لأبي: ما قال؟ «قال كلّهم من قريش» (1).

أقول: كلمة «إلى» في الغاية أظهر، فجعل غاية عزّ الإسلام و منيعيّته و منصوريّة أهله «على من ناواهم عليه» الظّاهر في بيان عدم ذلّه و مغلوبيّته الموجب لاضمحلاله و نحوه، كما لا يخفى ما بعد لفظة «إلى» و بظهور الامتداد منه عرفا، نظير-قولك «إلى اثني عشر سنة» و نحوه، يعرف إرادة مضيّ هؤلاء الاثني عشر المراد به انقضاء زمانهم، و خروجه، لا الدّخول و نحوه، فلابدّ أن يدوموا بدوام عزّ الإسلام و بقائه، و لا يكون أحدهما أقصر من الآخر، و إلاّ لزم الخلف، و بالتّخلف يرتفع صحّة الخبر منه صلى اللّه عليه و سلم و هو محال كما لا يخفى.

ثمّ إنّ استفادة الانحصار من تلك الطّائفة: نظير الاستفادة من الطّائفة السّابقة، فعلى غيرنا الالتزام إمّا-العياذ باللّه-بانقضاء الدّين و ارتفاع الإسلام و رجوع الجاهليّة؛ و إمّا بعدم انقضاء زمان الاثني عشر، و كون المسلمين الآن في زمان هؤلاء الكرام، إذ السّلامة و العزّ في وقت الخليفة و الأمير تستند إليه، و تقوم به، فلا يتخلّف عنه بوجه؛ فلاحظ.

و في الثّالثة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يونس بن محمّد، حدّثنا حمّاد يعني ابن زيد، حدّثنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال:

خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعرفات، فقال: «لا يزال هذا الأمر عزيزا، منيعا، ظاهرا على من ناواه، حتّى يملك اثنا عشر كلّهم» قال: فلم أفهم ما بعد، قال: فقلت لأبي: ما قال بعد ما قال كلّهم؟ قال: «كلّهم من قريش» (2).

و في السادسة و التّسعين كرّر ذلك بعينه (3)و قال قبله: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني

ص:221


1- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 93.
3- نفس المصدر، ص 96.

خلف بن هشام البزّاز (1)المقري، حدّثنا حماد بن زيد مثله، إلاّ أنّه قال-بعد ناواه-: «لا يضرّه من فارقه أو خالفه حتّى يملك اثنا عشر كلّهم من قريش» أو كما قال (2).

و في التّاسعة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبو الرّبيع الزّهراني و سليمان بن داود، و عبد اللّه (3)بن عمر القواريري، و محمّد بن أبي بكر المقدمي، قالوا:

حدّثنا حمّاد بن زيد، حدّثنا مجالد بن سعيد، عن الشّعبي، عن جابر بن سمرة، قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعرفات، و قال المقدي في حديثه: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يخطب بمنى، و هذا لفظ (4)أبي الرّبيع، فسمعته يقول: «لن يزال هذا الأمر عزيزا ظاهرا حتّى يملك اثنا عشر كلّهم» ثمّ لغط القوم، و تكلّموا، فلم أفهم قوله بعد كلّهم، فقلت لأبي: يا أبتاه! ما بعد كلّهم؟ قال: «كلّهم من قريش» و قال القواريري (5): «لا يضرّه من خالفه أو فارقه، حتّى يملك اثنا عشر» (6).

أقول: أي ينقضي ملكهم كما يعرف ممّا مرّ، و قد مرّ الكلام فيما يحسن الكلام فيه من تلك الرّوايات. ثمّ إنّ اللغط و البكاء و نحوهما لعلّه نشأ من توهّم قصر زمان هذا الدّين حيث جعل إلى اثني عشر خليفة؛ فلاحظ.

و في السادسة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا مؤمّل بن إسماعيل، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا داود بن هند، عن الشّعبي، عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبيّ صلى اللّه عليه و سلم: يقول: «يكون لهذه الأمّة اثنا عشر خليفة» (7).

ص:222


1- في المصدر: البزّار.
2- نفس المصدر.
3- في المصدر: عبيد اللّه.
4- في المصدر+: حديث.
5- في المصدر+: في حديثه.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 99.
7- نفس المصدر، ص 106.
إيضاح دلالة الأخبار بذلك الخبر

أقول: هذا الخبر لا يخلو من أن يكون لفظ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و من أن يكون لفظ الرّواة من النقل بالمعني لما صدر عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

أمّا على الأول: فدلالته على مذهب الإماميّة و انحصار الخليفة على الدّين و على النّاس في الاثني عشر، لا زيادة في كمال الوضوح، فقد أخبر عمّن يكون للأمّة من الخليفة و عدّتهم، فأظهر أنّهم اثنا عشر، فلا يكون غيرهم من خليفة الأمّة، و إن ارتقي مرتقى، و بعد وضوح كون هؤلاء الخلفاء من جعل أمدهم أمد الدّين و أمد الأمّة المتديّنين به كما لا يخفى يعرف كون زمانهم ممتّدا بامتداد زمان الإسلام، و إن لا يقصر عنه بوجه.

و بالجملة لم يعتبر في خليفة الأمّة خصوصيّة بوجه، و أخبر عن مطلق خليفتهم بكونهم العدّة، فلابدّ أن لا يزيد خليفتهم على العدد المذكور، و إلاّ لم يصح هذا الخبر، و لزم خلفه، و هو باطل.

و لو كان من الرّواة فقد فهموا من مثل قوله: إلى اثني عشر خليفة كلّهم من قريش، أنّ غرضه صلى اللّه عليه و سلم الإخبار عن مطلق الخليفة الذّي يكون للأمّة، و إلاّ لم يصحّ النّسبة، و حكاة ذلك قد جزموا بوجود ما يصّحح نسبة ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فحكوه؛ فلاحظ.

و إذا ثبت الانحصار بخبره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلو جعل زمانهم أمد الدّين؛ فلابدّ أن يمتدّ معه، و إلاّ لزم كون الأمّة بلا خليفة، و بقاء الدّين كذلك، و خبر التّحديد بمضيّهم و نحوه ينفي ذلك كما لا يخفى.

و في كتاب «مودّة القربى» (1)في المودّه العاشرة و «ينابيع المودّة» عينه أيضا

ص:223


1- «المودّة القربى» المطبوع في «ينابيع المودّة» الجزء الأول الباب السادس و الخمسون، ص 258؛ و في «الذريعة» ج 23، ص 255، رقم 8871: « المودّة في القربى» .

عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي عند النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم (1)فسمعته يقول: «بعدي اثنا عشر خليفة» ثمّ أخفى صوته، فقلت لأبي: ما الّذي أخفى صوته قال: (2)«كلّهم من بني هاشم» (3).

و عن سماك بن حرب مثل ذلك (4).

روايت ابن مسعود

اشارة

و في الجزء الأول-من الأجزاء الستّة-من «المسند» في حديث ابن مسعود، في الثّامنة و التّسعين بعد الثّلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا حسن بن موسى، حدّثنا حمّاد بن زيد، عن المجالد، عن الشّعبي، عن مسروق، قال: «كنّا جلوسا عند عبد اللّه بن مسعود، و هو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرّحمان! هل سألتم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كم تملك هذه الأمّة من خليفة، فقال عبد اللّه بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثمّ قال: نعم، و لقد سألنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: «اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل» (5).

بيان مدلولها

أقول: لا يخفى أنّه سئل عن سؤالهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن عدد من يملك الأمّة من خليفة-و عدم السؤال (6)-فأجاب بأنّهم سئلوا عمّا ذكره، و هو عدد من يملك،

ص:224


1- «المودّة القربى» : عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
2- في المصدر+: قال: .
3- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب السابع و السبعون، ص 445.
4- نفس المصدر.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398.
6- زائد ظاهرا.

و قدرهم، فأجاب صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ببيان عدّتهم فقط، فلابدّ أن لا يملك الأمّة غيرهم، و ما يزيد عليهم، و لا أقلّ منهم، و إلاّ لزم تخلّف خبره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عمّا يكون مالكا للأمّة في الخارج، و هو محال، و إذا ملكهم حدّ الإسلام لزم امتداد زمانهم بامتداد زمان الإسلام، كما لا يخفى.

و في السّادسة بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا ابو النّضر، حدّثنا أبو عقيل، حدّثنا مجالد عن الشّعبي، عن مسروق، قال: كنّا مع عبد اللّه بن مسعود (1)جلوسا في المسجد يقرئنا، فأتاه رجل، فقال: يابن مسعود! هل حدّثكم نبيّكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال: نعم، كعدّة نقباء بني إسرائيل (2).

أقول: سأل عن صدور الأخبار منه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعدد من يكون بعده من الخليفة من غير اعتبار قيد فيه غير الخلافة، فأجاب بالوقوع، و بيان أنّهم اثنا عشر، فلا يزيد و لا ينقص، و إلاّ لزم المحال.

«مودّة القربى» (3)في المودّة العاشرة، عن الشّعبي، عن عمرو بن قيس (4)، قال: كنّا جلوسا في حلقة فيها عبد اللّه بن مسعود، فجاء أعرابي، فقال: أيّكم عبد اللّه بن مسعود؟ فقال (5): أنا عبد اللّه بن مسعود، قال: هل حدّثكم نبيّكم؛ كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال: نعم؛ أثنا عشر عدّة (6)نقباء بني إسرائيل (7).

عن الشّعبي، عن مسروق، قال: بينا (8)نحن عند ابن مسعود، نعرض

ص:225


1- في المصدر-: بن مسعود.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 406.
3- «الذريعة» ج 23، ص 255، رقم 8871؛ «المودّة في القربى» .
4- في المصدر: عمر بن قيس.
5- في المصدر: قال.
6- في المصدر: عدد.
7- «مودّة القربى» المطبوع في «ينابيع المودّة» الباب السادس و الخمسون، ص 258.
8- في المصدر: بينما.

مصاحفنا (1)إذ قال له فتى: هل عهد إليكم نبيّكم كم يكون بعده خليفة؟ قال: إنّك لحديث (2)السّنّ، و إنّ هذا شيء ما سألني عنه أحد قبلك، نعم عهد إلينا نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّه يكون بعده اثنا عشر خليفة، بعدد نقباء بني إسرائيل (3).

عن جرير، عن أشعث، عن ابن مسعود، عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدد نقباء بني إسرائيل» (4).

رواية عايشة رضي اللّه عنها

اشارة

«منتخب كنز العمال» في الفرع الخامس، في لواحق الإمارة و الخلافة.

عن عايشة: «إنّ عدّة الخلفاء بعدي عدّة نقباء موسى» (5).

أقول: روايات الإمام أحمد في «مسنده» و ما انفراد به ابنه، و رواية «البخاري» و روايات «مسلم» و «التّرمذي» في الاثني عشر، في النسخ الّتي عندنا كما أوردناها، ليس في تلك الكتب غيرها.

و مع ذلك فقد قال السّيوطي في «تاريخ الخلفاء» : قال عبد اللّه بن أحمد:

حدّثنا محمّد بن أبي بكر المقدمي، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا ابن عون، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا يزال هذا الأمر عزيزا ينصرون على من ناواهم عليه اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش» (6)أخرجه الشّيخان و غيرهما، و له طرق و ألفاظ، منها: «لا يزال هذا الأمر صالحا» و منها

ص:226


1- في المصدر+: عليه.
2- في المصدر: الحديث.
3- نفس المصدر.
4- نفس المصدر.
5- «منتخب كنز العمال» المطبوع في هامش «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 154.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98،99،101.

«لا يزال هذا الأمر ماضيا» رواهما أحمد. (1)

و منها عند «مسلم» : «لا يزال أمر النّاس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا» (2).

و منها عنده: «إنّ الأمر لا ينقضي حتّى يمضي له فيهم اثنا عشر خليفة» (3).

و منها عنده: «لا يزال عزيزا، منيعا إلى اثني عشر خليفة» (4).

و منها عند البزّار: «لا يزال أمر أمّتي قائما حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش» (5).

و منها عند أبي داود؛ زيادة: فلمّا رجع إلى منزله أتته قريش، فقالوا: ثمّ يكون ماذا؟ قال: «ثمّ يكون الهرج» (6).

و منها عنده: «لا يزال هذا الدّين قائما حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم تجتمع عليه الأمّة» (7).

و عند أحمد و البزّار (8)-بسند حسن عن ابن مسعود-أنّه سأل كم يملك هذه الأمّة من خليفة؟ فقال: سألنا عن هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: «اثنا عشر، كعدّة نقباء بني إسرائيل» (9).

أقول: قد عزمت على إلحاق بعض ما وجدت في الاثني عشر بهذا المقام، لأنّه

ص:227


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 97،98،107.
2- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
3- نفس المصدر.
4- نفس المصدر، ص 4.
5- «مختصر زوائد مسند البزّار» ، ج 1، ص 674، ح 1237.
6- «سنن أبي داود» ، ج 4، ص 106، ح 4281.
7- نفس المصدر، ح 4279.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 406 و 398، لم نجده في «مختصر زوائد مسند البزّار» بعد الفحص الأكيد.
9- انتهى كلام السيوطي في «تاريخ الخلفاء» ص 10.

يتلو الأخبار في المرام.

فأقول: قال القاضي جواد في «البراهين السّاباطيّة» في التبصرة الثّالثة فيما يدلّ على نبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في البرهان السّادس في ضمن كلام له نقلا عن أشعياء عليه السّلام، حيث قال في سفر التّكوين قوله: «اندفار اسماعيل أي هيوهررذي فساقه» فقال: و ترجمته بالعربيّة «و أمّا إسماعيل، فإنّي قد سمعت دعائك له، و ها أنا ذا قد باركت فيه، و جعلته مثمرا و سأكثر تكثيرا، و سيلد اثني عشر ملكا، و سأصيرهم أمّة عظيمة» (1).

أقول: ذهب اليهود و النّصاري إلى أنّ المراد بالملوك الاثني عشر أولاد اسماعيل الاثني عشر، و هو باطل، لأنّهم لم يتملّكوا و لم يدعوا الملكيّة، و الحقّ أنّه في شأن الأئمّة الاثني عشر الّتي تعتقد الإماميّة عصمتها و سيأتي بيان ذلك في ذكر المهدي عجل اللّه بظهوره.

و قال في أواخر الكتاب: البرهان الخامس ما ورد في الرّؤيا فساق بلغة يرطين (2)، فقال: و ترجمته بالعربيّة: فأخذتني الرّوح إلى جبل عظيم شامخ، و أرتني المدينة العظيمة أو رشليم المقدّسة نازلة من السّماء من عند اللّه، و فيها مجد اللّه وضوئها كالحجر الكريم و كحجر اليشم و البلور و كان لها سود عظيم عال و اثنا عشر بابا، و على الأبواب اثنا عشر ملكا، و كان قد كتب عليها أسماء أسباط إسرائيل الاثني عشر (3).

ثمّ قال: أقول-إلى أن قال-: المراد «بالسّور» هو ربّ الجنود صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص:228


1- «الكتاب المقدس، العهد القديم» سفر التكوين، الإصحاح الخامس و العشرون، الآيات: 17-20.
2- كذا في النسخة المخطوطة و لم نقف على معنى محصل له.
3- «الكتاب المقدس، العهد الجديد» رؤيا يوحنا، الإصحاح الحادي و العشرون، الآيات 10 -12.

و «الأبواب الاثني عشر» أولاده الأحد عشر و ابن عمّه عليّ و هم عليّ و الحسن و سمّاهم إلى آخرهم.

و قوله: «و على الأبواب الاثني عشر اثنا عشر ملكا» يدلّ على عظم مرتبته، و على عموم نبوّته، و على قيام دعوته، و انقياد جميع الأسباط له. . .

و قال: البرهان السّادس ما ورد في الرّويا-إلى أن قال-: و ترجمته بالعربيّة:

و لسور المدينة اثنا عشر أساسا، و عليها أسماء رسل الحمل الاثني عشر.

فقال: أقول: هذا تأكير لما قبله، و الاثني عشر الأساس هم الأئمّة الاثني عشر، و رسل الحمل الحواريّون. . . إلى أن قال: و فيه إشارة إلى انقياد جميع المذاهب- العيسويّة لشريعة خير البريّة صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. (1)

البرهان السّابع ما ورد في الرّؤيا-إلى أن قال-: و ترجمته بالعربيّة: و الأبواب الاثني عشر اثنا عشر لؤلؤة كلّ واحد من الأبواب كان من لؤلؤة واحدة، و ساحة المدينة من الذّهب الأبريز، كالزّجاج الشفّاف. (2)

أقول: هذا بيان لما قبله وصفة الأبواب، و كون كلّ واحد من لؤلؤة واحدة فيه إشارة إلى ما يدّعيه الإماميّون، من عصمة أئمّتهم، فساق الكلام في بيانه.

و قال: البرهان الثامن ما ورد في الرّؤيا-إلى أن قال-: و ترجمته بالعربيّة:

و أراني في وسطها نهرا معينا من ماء الحياة، مضيئا كالبلور خارجا من كرسي اللّه و الحمل في أزقتها و على كلّ طرف من طرفي النّهر شجرة الحياة تثمر في كلّ شهر اثني عشر ثمرة، و أوراق الأشجار شفاء الأمم (3).

فقال: كناية ظاهرة في حق آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فالنّهر هو شريعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

ص:229


1- نفس المصدر، الآية 14.
2- نفس المصدر، الآية 21.
3- نفس المصدر، الإصحاح الثاني و العشرون، آيتا 1 و 2.

و كرسى اللّه هو السّماء، و الحمل لقب عيسى، و الشجرة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و الثمرات الاثني عشرهم عليّ و أولاده الأحد عشر، على رأى الإماميّة إلى أن قال: و أوراق الأشجارهم السّادة الذّين هم من ولد فاطمة رضي اللّه عنها، هم شفاء العالم الذّين حرمت عليهم نار جهنّم. . .

إلى أن قال: و لك أن تقول: أنّ النّهر نفس محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الشّجرتان عليّ و فاطمة رضي اللّه عنهما و الأثمار الاثني عشرهم الأئمّة الاثني عشر بدخول «عليّ» فيهم، و الأوراق أولادهم، و هذا المقدار في الأمثال مقنع. . .

أقول: و الرّؤيا ليوحنّا، و هو من كتب العهد الجديد في مصطلح النصاري، و أشعيا من العهد العتيق. (1)

مؤاخذة على السيوطي

أقول: و لا يخفى عليك مخالفة ما نقله عن عبد اللّه لما سلف عنه، و أنّ ما ذكره لا يتمّ إلاّ بكون لفظ «عليه» من الذّيل، أي «عليه اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش، أي على الأمر، فيدلّ على انحصار خليفته فيهم، و يدلّ على دوام عزّ الإسلام، فيدوم الخلافة عليه أيضا فيهم، و لا يتعدّاهم، و لا يقصرون عنه، و لا يكون خليفة غيرهم، و لا يبقي بلا خليفة أيضا، فلابدّ أن يساوي زمانهم زمان الإسلام، كما لا يخفى، و أنّ مثل هذا اللّفظ لم يحكه الشيخان، كما علم ممّا مرّ، و ثاني ما نسبه إلى «مسلم» (2)صريح في انحصار خليفه الإسلام في المسلمين في الاثني عشر، و أنهم خلفاء مرتّبين واحدا بعد واحد، و كلا هذين لا يقبلان جملة ممّا نقله من التّاويل.

ص:230


1- و اعلم أنّ من قوله: «أقول: قد عزمت على إلحاق بعض. . .» إلى هنا قد سقطت من المتن و كان موجودا في هامش النسخة المخطوطة فأضفنا هنا.
2- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.

و أمّا ثاني ما نقله عن أبي داود (1)، ففي «ينابيع المودّة» في الباب السّابع و السّبعين: و في «جمع الفوائد» : عن جابر (2)بن سمرة-رفعه-: «لا يزال. . .» فذكره، و زاد عليه: فسمعت كلاما من النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم لم أفهمه، فقلت لأبي: ما يقول؟ قال: «كلّهم من قريش» للشيخين (3)و التّرمذي (4)و أبي داود (5)بلفظه، إنتهى (6).

و سنوضح إن شاء اللّه تعالى كون قوله: «و كلّهم تجتمع عليه الأمّة» (7)موضوعا و مع ذلك إذا علم كون شخص من هؤلاء الاثني عشر الخلفاء على الأمّة عن اتبّاعه خارح منهم الكشف خروج ذلك الخارج عن الأمّة بذلك الخروج، لا كون ذلك ليس من الاثني عشر المذكورين، كما لا يخفى.

ابن حجر في «تطهير الجنان و اللّسان» في الكلام في أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشّر بالخلافة:

و صحّ حديث «لا يزال أمر امّتي صالحا حتّى يمضي إثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش» (8).

و في رواية في سندها ضعيف: «اثنا عشر قّيما من قريش، لا يضرّهم عداوة من عاداهم (9)» .

ص:231


1- «سنن أبي داود» ج 4، ص 106، ح 4279.
2- في المصدر-: عن.
3- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 127؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
4- «سنن التدمذي» ج 3، ص 340، ح 2323.
5- «سنن أبي داود» ج 4، ص 106، ح 4279.
6- «ينابيع المودة» الجزء الثاني، الباب السابع و السبعون، ص 444.
7- «سنن أبي داود» ج 4، ص 106، ح 4279.
8- «تطهير الجنان و اللسان» عن الخطور و التفوه، المطبوع في هامش «الصواعق المحرقه» ، ص 29.
9- نفس المصدر، ص 32.

أقول: ذكرهم بالإمارة و الخلافة و الملك و نحوها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يدلّ على كون الدّين لبّه عندهم، و على قيامهم به، و قيامه بهم، و كونهم هداة مهتدين، فلابدّ أن يكون من العدّة، و إلاّ لتوقف هداهم على اتّباعهم، نفس الإمام الحقّ و إلاّ لا حتاجوا إلى الايتمام به و نفس الجماعة، و إلاّ لتوقف هداهم على الاجتماع معهم، و ان لا يفارقوهم. كلّ ذلك قضيته ما مرّ و يأتي إن شاء اللّه.

السيّوطي في «تاريخ الخلفاء» ، في ضمن كلامه عن «شرح البخارى» : و يؤيّد هذا ما أخرجه مسدّد في «مسنده الكبير» (1)، عن أبي الخلد انّه قال: «لا تهلك هذه الأمة حتّى يكون منها اثنا عشر خليفه، كلّهم يعمل بالهدي و دين الحقّ، فيهم (2)رجلان من أهل بيت محمد صلى اللّه عليه و سلم (3).

قلت: و حال ذيله في كمال الوضوح.

تجديد بيان مفاد تلك الأخبار

أقول: و سرد عنوان الاثني عشر في تلك الأخبار أن قال: «لا يزال الدّين قائما أو صالحا حتّى يكون اثنا عشر أميرا (4)» و «خليفة من قريش (5)، و يمضي زمان إمارتهم و خلافتهم و ولايتهم» .

2-و قال: «هو ماض ما وليهم اثنا عشر رجلا من قريش» (6).

ص:232


1- «مسند الكبير» للمسدد مفقود.
2- في المصدر: منهم.
3- «تاريخ الخلفاء» ص 12.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 97.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87 و 86؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 4.
6- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.

3-و قال: «يكون بعدي اثنا عشر أميرا و خليفة من قريش» (1).

4-و قال: «الإسلام عزيز إلى مضي اثني عشر أميرا و خليفة من قريش» (2).

5-و قال: «لا يزال الدّين عزيزا منيعا حتّى يملك اثنا عشر كلّهم من قريش» (3).

6-و قال: «يكون لهذه الأمّة اثنا عشر خليفة» (4).

7-و أجاب عن السّؤال عمّن يملكهم من خليفة بقوله: «اثنا عشر، و سبعة إذا رجعتم» (5)و كلّ تلك الرّوايات يستفاد منها انحصار الأمراء و الخلفاء فيهم حسب ما أشرنا إليه في مواردها. و الأوّل و الثاني و الرّابع و الخامس صراح في أنّ هؤلاء الاثني عشر يمتدّ أمدهم بأمد الدّين، و لا يقصر زمانهم و زمان إمارتهم عن زمان قيام الإسلام و بقائه و عزّه.

و من الواضح أنّ ظهور الإسلام في عصر خليفة و أمير إنّما يكون بشوكته و ببركته، و يستند إليه، بل لا يبعد دعوى أنّ الأوصاف المذكورة في تلك الرّوايات للدّين؛ جلّها أو كلّها وصف الأمير و الرّئيس، نسب إلى غير من هي له، بضرب من التجوّز، فالمعلوم من تلك الرّوايات عامّة؛ أنّهم سبب بقاء الإسلام و عزّه، و لذلك ينتهي بانتهائهم، إلى غير ذلك، فلابدّ من دوامهم بدوام عزّ الإسلام و عدم حصول الانقطاع فيهم، و إلاّ لم يكن لهم مدخليّة في البقاء و الظهور، و لم يستند إليهم، بل لم يثبت أصل الظهور على ما عرفت.

ص:233


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 92 و 94 و 95 و 99؛ «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 127؛ «سنن الترمذي» الجزء الثالث، ص 340، ح 2323.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 90.
3- نفس المصدر، ص 99.
4- نفس المصدر، ص 106.
5- نفس المصدر، ص 99.

و الثّالث و السّادس أيضا يدلاّن على ذلك بملاحظة دوام الإمارة و الخلافة و الحاجة إليهما في دين الإسلام، و هما مع السّابع يدلاّن على أنّ لا إمارة لغيرهم، و ان لا يملك أمر الأمّة غيرهم، و إلاّ شاركهم في الإمارة، و شورك في الإخبار به معهم، و إذا ثبت انحصار الإمارة و الخلافة الّتي يراد بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إمارة و خلافة في إمارة الاثني عشر بتخصيصها بهم و خلافتهم في مقام الإخبار عنها أو الإثبات لها انكشف أن لا يكون ما لغيرهم إمارة، و إن تسمّى بالأمير و أن تسمّى بالخلافة، فليمحوا الخارج عن الاثني عشر اسمه الشريف عن جريدة أسامي الخلفاء و أمراء الأمّة، و إلاّ فهو من قبيل الإمام الجائر الوارد في الأخبار كما سلف، تبعا للكتاب العزيز.

قال عزّ من قائل: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى اَلنّارِ وَ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ * وَ أَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ اَلدُّنْيا لَعْنَةً وَ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ هُمْ مِنَ اَلْمَقْبُوحِينَ (1)و مثله لا يكون زمان إمارته من زمان عزّ الاسلام، و ظهوره كفرسي رهان، بل كرضيعي لبان، بل زمان إمارته من زمان هوان الإسلام حيث يحب اللّه تعالى ردعه و قمعه و يوجبه في حكم الإسلام، و لا يحصل فياله من معرّة، و ذلك أوضح من الشّمس في رابعة النّهار، فلو قام دليل على ثبوت الظّهور للإسلام من زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ممتدّا إلى قيام السّاعة كان ذلك زمان خلافة الاثني عشر بلا فصل، و ممّا وليهم الاثنا عشر و لا غيرهم.

فلنشر إلى نبذة من الأخبار الدّالّة على دوام ذلك الوصف للإسلام إلى قيام السّاعة، ثمّ إلى نبذة من الأخبار الدّالّة على استمرار إمارة قريش إلى قيام السّاعة. فههنا فصلان:

ص:234


1- القصص:28، الآية 42-41.

فصل في بقاء ظهور الإسلام إلى قيام السّاعة

اشارة

في الجزء الثّاني من الأجزاء السّتّة من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث أبي هريرة، في الواحد و العشرين بعد الثلاثمأة في الطبع: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا ابو عبد الرّحمان، حدّثنا سعيد، حدّثنا محمّد بن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنّه قال: «لا يزال لهذا الأمر-أو على هذا الأمر-عصابة على الحقّ، و لا يضرّهم خلاف من خالفهم، حتّى يأتي (1)أمر اللّه» (2).

الإفصاح عن مفاد الخبر

أقول: يرجّح الاحتمال الثاني الطّريق الآتي، فلتلك العصابة رئاسة على هذا الأمر و هو الإسلام، و التسلّط عليه بالسّلطنة على أهله.

و لو أريد من كون العصابة للأمر أو عليه مجرّد دخولهم في هذا الدّين، فيكون إخبارا بأنّ هذا الدّين له أهل، و لا يبقى بلا أهل، كما قد يتوهم لزم كون قوله:

«على الحقّ» في قوله: «عصابة على الحق» مستدركا، كما لا يخفى، فهو دليل ارادة ما ذكرناه من الرئاسة، لا محض الدّخول في الإسلام، ثمّ وصف هؤلاء العصابة بأنّهم «على الحقّ» الظّاهر في العموم بارادة الجنس أو الاستغراق، فهم على الحق في كل مالهم من الأمور و الشؤون من أهله في كل الأحوال، و لا يضاف إليهم الباطل، فلا يكونون على باطل، فهم مع الحقّ و الحقّ معهم.

و ثانيا بأنّهم «لا يضرّهم خلاف من خالفهم» الظّاهر في إرادة الضّرر في الكون

ص:235


1- في المصدر: يأتيهم.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 321.

على الحقّ لا مطلقا.

و الحاصل أنّ خلاف من خالف لا يضرهم عن الكون على الحقّ، فهم على ما كانوا عليه من الحقّ، و الظّاهر أنّ المخالف هنا يراد به من خالفهم من أهل الإسلام، دون ساير الملل، و إلاّ لم يختص انتفاء الضّرر بتلك العصابة، بل عمّ عامّة أهل الإسلام و يحتمل أن لا يرجع الضمير إلى العصابة، بل إلى أهل الإسلام المفهوم من ذكر الأمر المراد به الإسلام، فيكون الحاصل عليهم عصابة على الحقّ، و لا يضرّهم خلاف غيرهم.

و أمّا الضّمير في «يأتيهم» فهو يحتمل رجوعه إلى العصابة، فيكون غاية لعدم ضرر المخالف و ما سبقه، و يحتمل الرّجوع إلى أهل الإسلام، فيكون غاية لقوله:

«لا يزال. . .» إلاّ أنّ قوله: «و هم على ذلك» (1)في الطّريق الآتي يرجّح الأوّل.

فالحاصل أنّهم على الحق إلى موتهم، و لا يضرّهم الخلاف إلى موتهم، و التّأبيد يفهم من قوله: «لا يزال» كما لا يخفى-حيث لم يخصّ ذلك بوقت و قدر من الزّمان.

و على الثّاني: فالمراد بأمر اللّه قيام السّاعة و نحوه، و الدّلالة فيه أظهر؛ فلاحظ (2).

ثمّ إنّ الوصف الثّاني ممّا أثبت في الأخبار السّابقة للأمراء و الخلفاء الإثني عشر، فرئاسة العصابة يعارض أخبار الأمراء، إلاّ أن يؤوّل و يحمل على غير ظاهره؛ فتأمّل.

و في الأربعين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يونس،

ص:236


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 340.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87 و 86 و 97؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 40.

حدّثنا ليث، عن محمّد، عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «لن يزال على هذا الأمر عصابة على الحقّ لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتيهم أمر اللّه و هم على ذلك» (1).

و في التّاسعة و السبعين بعد الثّلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا قتيبة، حدّثنا ليث، عن ابن عجلان، عن القعقاع مثله (2).

و في الثّالث من الأجزاء، في الخامسة و الأربعين بعد الثّلاث مأة من الطبع في أحاديث جابر الأنصاري: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا موسى، حدّثنا أبي لهيعة، عن ابن الزّبير، عن جابر، أنّه سمع النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم: «لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة» ، قال: «فينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم: تعال، صلّ بنا، فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أمير، ليكرم اللّه هذه الأمّة» (3).

و في الرّابعة و الثّمانين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا حجّاج، قال، قال ابن جريح: أخبرني أبو الزّبير، فذكر مثله، إلاّ أنّه قال: «تكرمة اللّه عزّ و جلّ هذه الأمّة» (4).

«مسلم» في باب نزول عيسى حاكما بشريعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حدّثنا الوليد بن شجاع و هارون بن عبد اللّه و حجّاج بن الشّاعر، قالوا: حدّثنا حجّاج و هو ابن محمّد، عن ابن جريح، أخبرنا ابو الزّبير، فذكر مثله (5).

و في كتاب الإمارة، في باب «لا تزال طائفة. . .» رواه عن هارون بن عبد اللّه

ص:237


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 340.
2- نفس المصدر، ج 2، ص 378، مع اختلاف يسير.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 345.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 384.
5- «صحيح مسلم» الجزء الاول، ج 1، ص 95.

و حجّاج بن الشّاعر، قالا: حدّثنا حجاج بن محمّد، فذكر مثله (1).

و قال في «القاموس» : «الطّائفة من الشّيء القطعة منه، أو الواحد فصاعدا، أو إلى الألف أو أقلّها رجلان، أو رجل، فيكون بمعني أخص» (2).

بقاء ظهور الإسلام

هذا الخبر بظاهره إخبار بوجود قوم يقاتلون، و يظهرون من أوّل الإسلام إلى يوم القيامة.

و أمّا قوله: «على الحقّ» ففي موضع نصب على الحال من الطّائفة، و يحتمل تعلّقه بقوله: «يقاتلون» و لا يخفى بعده.

و الحاصل إخبار بدوام المقاتلين الظّاهرين الّذين هم على الحقّ إلى يوم القيامة و يتّصل ذلك إلى لقاء عيسى بن مريم.

تضعيف بعض مضامين الخبر

ثمّ إنّ من المعلوم أنّ المراد مقاتلة المسلمين مع الكفّار و المنتحلين لغير ملّة الإسلام، و من الواضح الضّروري لكلّ أحد استغراب وقوع الجهاد في الإسلام، بل صار كأنّه نادر الاتّفاق، و ستعرف ما أوجب هذا الخلف في الخبر إن شاء اللّه تعالى، و لعلّ هذا التخلف هو السّبب في ترك «مسلم» (3)و «البخاري» (4)و «التّرمذي» (5)في ذكر القتال في عنوان الباب، عند ذكر الحديث.

ص:238


1- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 53.
2- «القاموس المحيط» الجزء الثالث، ص 170: فيكون بمعنى النفس.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 52.
4- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 149، مع اختلاف يسير.
5- «سنن ترمذي» ج 3، ص 342، ح 2330.

و زاد «البخاري» عليهما بقوله: «و هم أهل العلم» .

و في السّادسة و الثّلاثين بعد الأربع مأة في بقيّة حديث معاوية بن قرّة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يزيد، حدّثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إذا فسد أهل الشّام فلا خير فيكم، و لا يزال أناس من أمّتي منصورين لا يبالون من خذلهم حتّى تقوم الساعة» (1).

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدّثني معاوية بن قرة، عن أبيه، عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «إذا فسد أهل الشّام فلا خير فيكم، و لن تزال طائفة من أمّتي منصورين لا يضرّهم من خذلهم حتّى تقوم السّاعة» (2).

و رواهما في الجزء الخامس، في الرّابعة و الثّلاثين، و الخامسة و الثّلاثين، في أحاديث قرّة المزني، و زاد في مسند الأخير، و محمّد بن جعفر: حدّثنا شعبة عن معاوية (3).

التّرمذي في «سننه» في كتاب الفتن، في باب ما جاء في أهل الشّام: حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا أبو داود، حدّثنا شعبة، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه، فذكر نحوه.

ثمّ قال: قال محمّد بن إسماعيل: قال عليّ بن المديني: هم أصحاب الحديث.

قال أبو عيسى: و في الباب عن عبد اللّه بن حوالة و ابن عمر و زيد بن ثابت، و عبد اللّه بن عمرو، و هذا حديث حسن صحيح (4).

أقول: أهل الشّام لم يكونوا أسلموا زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و مفاد ذلك أنّه يقع

ص:239


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 436.
2- نفس المصدر.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 34 و 35.
4- «سنن الترمذي» ج 3، ص 328، ح 2287.

فيهم الفساد في وقت، و إذا وقع فلا خير في أهل الإسلام، فلاحظه، هل ينافي ذيله أم لا؟

في معني أناس

و في «القاموس» و «النّاس يكون من الإنس و من الجنّ، جمع إنس، أصله أناس، جمع عزيز أدخل عليه ال» انتهى (1).

و أمّا من فسّر بأن: إنس جمعه (2)فقد أخطأ، كما لا يخفى.

و ظاهر السّياق إرادة أنّهم منصورون في القتال، و إن خذلهم الخاذلون، و إذا انتفى الخير من أهل الإسلام بفساد أهل الشّام الحاصل بترك إطاعة أميرهم يكون هو المنصور المزبور الّذي لا يبالي الخاذل، فهو من الموضوعات ترغيبا في إطاعة معاوية، مع أنّ المنصوريّة أبدا مع عدم المبالات على الخاذل لم يحصل في الإسلام.

و في الجزء الرّابع من «المسند» في الثّالثة و التّسعين في حديث معاوية بن أبي سفيان: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا كثير بن هشام، قال: حدّثنا جعفر، حدّثنا يزيد بن الأصم، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان ذكر حديثا رواه عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلّم لم أسمعه روي عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم حديثا غيره أنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال: «من يرد اللّه به خيرا يفقّهه في الدّين، و لا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناواهم إلى يوم القيامة» (3).

أقول: صدره حديث آخر، فقد أفرده في غير رواية (4).

ص:240


1- «القاموس المحيط» ج 2، ص 256، كلمة «النوس» .
2- «لسان العرب» ج 6، ص 12؛ «تاج العروس» ج 15، ص 414.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 93.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 95 و 96 و 98.
استظهار الوضع و بيانه

أقول: رواه «مسلم» عن إسحاق بن منصور، عن كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن يزيد، مثله (1).

و حال المقاتلة المزبورة قد عرفتها فيما قبل، و منه يعلم حال الظّهور، فالخلف فيهما يكشف عن عدم كونهما من حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فحديثه هو المذكور في الطّريق الآتي آنفا، و هو الإخبار بوجود طائفة لا يبالون الخاذل و المخالف إلى يوم القيامة، بل الطّريق الآتي يكشف عن الوضع على معاوية، كما أنّ روايته ما يروي عن الأنصاري يكشف عن سماعة ذلك أيضا، و كم من حديث يرويه كذلك، و قد أخذه بواسطة يعرف من مراجعة «المسند» ؛ فليلاحظ.

و توضيح الخلف-زيادة على ما مرّ-أنّ العصابة قيل فيه: إنّه ما بين العشرة إلى خمسة عشر (2)، و قيل: إلى أربعين (3)، و أمّا ما كان فالظّاهر إرادة هؤلاء من يباشر القتال، و القتال و الظهور نسبا إلى مصداق العصابة الخارجي دون مفهومه النوعي، فلابدّ أن يكون تلك الأشخاص موصوفين بالقتال و الظّهور، فلو أريد منها كل من شهد المعارك فمن المعلوم وجود المقتول و المغلوب فيهم، و إن غلب الجند، و كذا لو أريد الرّؤساء، كما لا يخفى.

و لو أريد المعني النوعي كان منافيا لما هو ظاهر في الإناطة على ذوات الأشخاص، و هو أكثر الأخبار، و لتحديد ذلك بأن يأتيهم أمر اللّه بانّ المعني النوعي المزبور لا غاية له-كما لا يخفى-و أنّ عدم المبالاة و نحوه معان يقوم

ص:241


1- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 53.
2- لم نجد هذا المعنى فيما بأيدينا من الكتب اللغوية، نعم في «مجمع البيان» ج 5، ص 362.
3- «القاموس المحيط» ج 1، ص 105.

بالأشخاص و لو وصل إلى الخاذل و نحوه لم يتفاوت إلى أشخاص الخاذلين إلى غير ذلك من شواهد إرادة الذّوات.

و في السّابعة و التسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى بن إسحاق، قال: أنبأنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن ربيعة بن يزيد، عن عامر بن عبد اللّه اليحصبي، قال عبد اللّه: قال أبي: كذا، قال يحيى بن اسحق: و إنّما هو عبد اللّه بن عامر اليحصبي، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول: سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول:

«لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ لا يبالون من خالفهم أو خذلهم حتّى يأتيهم أمر اللّه عزّ و جلّ» . (1)

و في التّاسعة و التّسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرّحمان بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد اللّه بن عامر اليحصبي (2)، قال: سمعت معاوية يحدّث و هو يقول: إيّاكم و أحاديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلاّ حديثا كان على عهد عمر و إنّ عمر كان أخاف النّاس في اللّه عزّ و جلّ، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. . . إلى أن قال: و سمعته يقول: «لا تزال أمّة من أمّتي ظاهرين على (3)الحقّ، لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتي أمر اللّه و هم ظاهرون على الناس (4).

أقول: لا يخفى أنّ النّاس هنا غير المسلمين و حينئذ يكون الظّهور للإسلام و أهله عامّة إلاّ يخصّ الظّهور بمن تعرّض للكفار، و دوامه يكون بعد دوام التعرّض المعلوم عدم دوامه، فكلّ ذلك ممّا فهموه بزعمهم من قوله: «لا يضرّهم من خذلهم

ص:242


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 97.
2- في المصدر: اليحصي.
3- في المصدر: عن.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 99.

و لا من خالفهم» (1)؛ فلاحظ. ثمّ إنّ إطلاق الأمّة على الواحد لا إشكال فيه، إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ (2)و أيضا ينبغي التّأمل في قوله: إيّاكم و أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ. . . ، في وجه النّهي و وجه الاستثناء، و غرضه لعلّه أن لا ينتشر غير ما كان انتشر في زمان عمر، كحديث المتعتين و غيرهما، و حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، من المعلوم أنّه غير المكذوب عليه؛ فلاحظ.

و في الواحدة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو سلمة الخزاعي، أنبأنا ليث يعني ابن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن عبد الوهاب بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمان، عن معاوية بن أبي سفيان، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «من يرد اللّه به خيرا يفقّهه في الدين، و لن تزال هذه الأمّة أمّة قائمة على أمر اللّه، لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتيهم (3)أمر اللّه، و هم ظاهرون على الناس» (4).

أقول: كونها قائمة بأمر اللّه بقيام آحادها بأمره تعالى؛ و لم يحصل أيضا، و لعلّه سقط لفظ «من» من الولاية؛ فلاحظ.

و الباقي يعلم حاله ممّا مرّ إلاّ أن يراد أنّه يقوم و لا يهلك حتّى يأتيهم أمر اللّه، إلاّ أنّه حينئذ لا يبقى ناس حتّى يكونوا ظاهرين عليهم بل يتشاركون في الإسلام، فتأمّل.

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا إسحاق بن عيسى، حدّثنا يحيى بن حمزة، عن عبد الرّحمان بن يزيد بن جابر، أنّ عمير بن هاني حدّثه، قال: سمعت معاوية

ص:243


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 436؛ ج 4، ص 99.
2- النحل:16، الآية 120.
3- في المصدر: يأتي.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 101.

بن أبي سفيان على هذا المنبر يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لا تزال طائفة من أمّتي قائمة بأمر اللّه، لا يضرّهم من خذلهم، أو خالفهم حتّى يأتي أمر اللّه عزّ و جلّ، و هم ظاهرون على الناس» فقام مالك بن يخامر السكسكي، فقال: يا أمير المؤمنين! سمعت معاذ بن جبل يقول: و هم أهل الشّام، فقال معاوية-و رفع صوته-: هذا مالك، يزعم أنّه سمع معاذا يقول: و هم أهل الشّام (1).

أقول: صدر الخبر لا إشكال فيه، و قوله: «ظاهرون على الناس» علم وضعه و أوضح منه ما قال مالك، فلم يكونوا و لم يدم فيهم الوصف عند أحد، فكيف يكون خبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ : و كيف يفعل بقوله: «إذا فسد أهل الشّام» (2)؟ !

مسلم في «صحيحه» في آخر كتاب الإمارة في باب «لا يزال طائفة. . .» :

حدّثنا منصور بن أبي مزاحم، حدّثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمان بن يزيد بن جابر، أنّ عمير بن هاني حدّثه فذكره إلى قوله: «على الناس» (3).

البخاري في «صحيحه» قبل فضائل أصحاب النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-بقليل-: حدّثنا الحميدي عن إسماعيل، فذكر مثله مع الزّيادة إلاّ أنّه قال: «و لا من خالفهم» (4).

و في كتاب الاعتصام بالكتاب و السّنّة، في باب قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «لا تزال طائفة. . .» : حدّثنا إسماعيل، حدّثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، أخبرني حميد (5)سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطب، قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «من يرد اللّه به خيرا يفقّهه في الدين و إنّما أنا قاسم و يعطي اللّه و لن يزال أمر

ص:244


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 101.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 436؛ ج 5، ص 34 و 35؛ «سنن الترمذي» ج 3، ص 328، ح 2287.
3- «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 53.
4- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 187.
5- في المصدر+: قال.

هذه الأمّة مستقيما حتّى تقوم السّاعة أو (1)يأتي أمر اللّه» (2).

و في الرابعة بعد المأة، في حديث سلمة بن نفيل السّكوني: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا الحكم بن نافع، حدّثنا إسماعيل بن عيّاش، عن إبراهيم بن سليمان، عن الوليد بن عبد الرحمان الجرشي، عن جبير بن نفير، أنّ سلمة بن نفيل أخبرهم أنّه أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: «إنّي سمعت الخيل و ألقيت السّلاح و وضعت الحرب أوزارها» قلت: لا قتال، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «الآن جاء القتال، لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على النّاس، يرفع اللّه قلوب أقوام فيقاتلونهم و يرزقهم اللّه منهم حتّى يأتي أمر اللّه عزّ و جلّ و هم على ذلك إلاّ أنّ عقر دار المؤمنين الشام، و الخيل معقود في نواحيها الخير إلى يوم القيامة» (3).

أقول: و لعلّ السياق يدلّ على إرادة قتال الكفّار و الرّزق منهم و وصف الطّائفة من الأمّة بالظّهور على النّاس «حتّى يأتيهم أمر اللّه» و هو الموت.

و في الرابعة و الأربعين بعد المأتين، في حديث المغيرة بن شعبة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يعلي بن عبيد أبو يوسف، حدّثنا إسماعيل عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يزال من أمّتي قوم ظاهرين على النّاس حتّى يأتيهم أمر اللّه و هم ظاهرون» (4).

و في الثامنة و الأربعين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يزيد أخبرنا إسماعيل يعني إبن أبي خالد عن قيس بن حازم عن المغيرة بن شعبة عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا يزال ناس من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين حتّى يأتيهم أمر اللّه عزّ و جلّ» (5).

ص:245


1- في المصدر+: حتى.
2- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 149.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 104.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 244.
5- نفس المصدر، ص 248.

و في الثانية و الخمسين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى، عن إسماعيل، حدّثني قيس، قال: سمعت المغيرة بن شعبة يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لن يزال أناس من أمّتي ظاهرين على الناس حتّى يأتيهم أمر اللّه و هم ظاهرون» (1).

أقول: مسلم في «صحيحه» في آخر كتاب الإمارة، في باب قوله: «لا يزال طائفة. . .» و حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا وكيع، ح و حدّثنا ابن نمير، حدّثنا وكيع و عبدة كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد ح و حدّثنا إبن أبي عمرو (2)(و اللفظ له) ، حدّثنا مروان (يعني الفزاري) عن إسماعيل، عن قيس، عن المغيرة، قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «لا يزال (3)قوم من أمّتي ظاهرين على النّاس حتّى يأتيهم أمر اللّه و هم ظاهرون» (4).

و حدّثنيه محمّد بن رافع، حدّثنا أبو أسامة، حدّثني إسماعيل، بمثل الحديث سواء. (5)«البخاري» قبل فضائل أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حدّثنا عبد اللّه بن أبي الأسود، حدّثنا يحيى عن إسماعيل، حدّثنا قيس، فذكر مثل آخر روايات «المسند» (6).

و في كتاب التّوحيد من الجزء الرابع، في باب قول اللّه تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ. . . (7): حدّثنا شهاب بن عبّاد، حدّثنا إبراهيم بن حميد، عن إسماعيل،

ص:246


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 252.
2- في المصدر: ابن أبي عمر.
3- في المصدر: لن يزال.
4- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 53.
5- نفس المصدر.
6- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 187.
7- النحل:16، الآية 40.

عن قيس، عن المغيرة بن شعبة (1)سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «لا يزال من أمّتي قوم ظاهرين على النّاس حتّى يأتيهم أمر اللّه» (2).

حدّثنا الحميدي. . . فذكر حديث عمير بن هاني السّابق (3)، إلاّ أنّه قال: «ما يضرّهم من كذّبهم و لا من خالفهم» (4).

في كتاب الاعتصام بالكتاب و السنّة، في باب قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ يقاتلون و هم أهل العلم» : حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسماعيل، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «لا يزال طائفة من أمّتي ظاهرين حتّى يأتيهم أمر اللّه و هم ظاهرون» (5).

و في رابع أجزاء «المسند» في التّاسعة و السّتين بعد الثلاث مأة، في حديث زيد بن أرقم: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا سليمان بن داود، أنبأنا شعبة، عن أبي عبد اللّه الشّامي، قال: سمعت معاوية يخطب: يقول: يا أهل الشام! حدّثني الأنصاري، قال: قال: شعبة-يعني زيد بن أرقم-إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا تزال طائفة من أمّتي على الحق ظاهرين، و إنّي لأرجو أن تكونوا هم يا أهل الشّام» (6).

أقول: هذا الخبر ليس فيه غائلة، و المراد من الظهور الغلبة في مقام الخصومة، و لازمه أن لا يكونوا طرف خصومة إلاّ و يكون لهم الغلبة، و من ذلك يعلم أنّ ما يزيد على ذلك ممّا زاد رحمه اللّه في خبره من أجل ما تخيّلوا في معناه أو مصداقه و الزّعم منهم، و لم يكن له أصل، ثم إنّ الرّجاء يمكن أن يكون من معاوية، و من

ص:247


1- في المصدر+: قال.
2- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 189.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 101.
4- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 189.
5- نفس المصدر، ص 149.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 369.

الأنصاري، و ايّاما كان فقد خاب الرّجاء.

و في التاسعة و العشرين بعد الأربع مأة، في أحاديث عمران بن حصين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا نمير، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أنبأنا قتادة، عن مطرف، عن عمران بن حصين، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين على من ناواهم حتّى يأتي أمر اللّه تبارك و تعالى، و ينزل عيسى بن مريم عليه السّلام (1).

أقول: الخبر صريح في أنّ وجود تلك الطّائفة يتّصل بنزول عيسى و لا ينقطع قبله، ثمّ معني كونهم على الحق أن لا يفعلوا إلاّ ما هو للّه رضى، فلو لم يعارضوا المناوي لمصلحة لم يناف ذلك الظّهور؛ فلاحظ.

ثمّ إنّ هذا يشهد بأنّ ذكر القتال فيما يأتي، من روايات عمران ممّا تخيّله في معني الحديث كما لا يخفى، و روايته الأخيرة في أنّ مقاتل الدّجال آخر تلك الطّائفة، المخبر عن حالهم؛ فلاخط.

و في الرّابعة و الثلاثين بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا إسماعيل، أنبأنا الجريري عن أبي العلا بن الشّيخين، عن مطرف، قال: قال لي عمران: إنّي لأحدّثك بالحديث اليوم لينفعك اللّه عزّ و جلّ به بعد اليوم، اعلم «أنّ خير عباد اللّه تبارك و تعالى يوم القيامة الحمّادون» و اعلم «انّه لن تزال طائفة من أهل الإسلام يقاتلون على الحقّ ظاهرين على من ناواهم حتّى يقاتلوا الدّجال» و اعلم؛ أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد أعمر من أهله في العشر، فلم تنزل آية تنسخ ذلك و لم ينه عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتّى مضي لوجهه ارتأي كلّ امرئ، بعد ما شاء اللّه أن يرتئي» (2).

ص:248


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 429.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 434.

قوله: «بعد اليوم» يريد أن يمكّن إظهار تلك الأحاديث فيه؛ فليلاحظ وجه لزوم الإخفاء فيما ذكره.

و في السابعة و الثلاثين بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو كامل و عفّان، قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن قتادة، عن مطرف بن عبد اللّه بن الشّخير، عن عمران بن حصين، أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين على من ناواهم حتّى يقاتل آخرهم المسيح الدجال» (1).

و في الخامس من الأجزاء الستّة، في التّاسعة و السّتين بعد المأتين، في حديث أبي أمامة، قال أبو عبد الرّحمان: وجدت في كتاب أبي بخطّ يده: حدّثني مهدي بن جعفر الرّملي، حدّثنا ضمرة، عن الشّيباني و اسمه يحيى بن أبي عمرو، عن عمرو بن عبد اللّه الحضرمي، عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تزال طائفة من أمّتي على الدّين ظاهرين، لعدوّهم قاهرين لا يضرّهم من خالفهم إلاّ ما أصابهم من لأواه، حتّى يأتيهم أمر اللّه، و هم كذلك» قالوا: يا رسول اللّه! و أين هم، قال: «ببيت المقدس و أكناف بيت المقدس» (2).

أقول: الظهور على الدين، الظاهر في الغلبة، لعلّه يراد به السلطنة عليه و الرئاسة فيه على أهله، فيعرف من ذلك لو أنّهم على الحقّ و معه و إلاّ فلم يظهروا على الدين، و الضرر المنفي يراد منه العموم بقرينة الاستثناء، و أثبت لهم الوصفين إلى أن يموتوا، فلا يخالف ذلك غيره، بل يوافقه و موضوعية الذيل واضحة.

و في الرابعة و التسعين، في أحاديث جابر بن سمرة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا شريك عن سماك، عن جابر بن سمرة، رفعه،

ص:249


1- نفس المصدر، ص 437.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 269.

قال: «لا يزال هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة حتّى تقوم الساعة» قال شريك:

سمعه من أخيه إبراهيم بن حرب، قلت لشريك: عمّن ذكره، هو لكم، أنتم؟ قال:

عن جابر بن سمرة (1).

و في الثامنة و التسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني محمّد، حدّثنا عمرو، حدّثنا أسباط، عن سماك، عن جابر بن سمرة، عمّن حدّثه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «لا يزال هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتّى تقوم الساعة» (2).

و في الثالثة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال:

«لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتّى تقوم الساعة» (3).

و في الخامسة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الزبيري و خلف ابن الوليد، قالا: حدّثنا إسرائيل، عن سماك، بن حرب، أنّه سمع جابر بن سمرة، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا يزال هذا الأمر قائما، يقاتل عليه المسلمون حتّى تقوم الساعة» قال أبو عبد الرحمان: هذا أبو أحمد الزبيري ليس من ولد الزّبير بن العوام، و إنّما كان اسم جدّه الزبير (4).

و في السادسة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا معاوية بن عمرو، حدّثنا زائدة، حدّثنا سماك، عن جابر، مثل ما كان في الثالثة بعد المأة سواء (5).

ص:250


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 94.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98.
3- نفس المصدر، ص 103.
4- نفس المصدر، ص 105.
5- نفس المصدر، ص 106.

و في الثامنة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرحمان، حدّثنا زائدة مثل حديثه السابق سواء (1).

مسلم في «الصحيح» كتاب الإمارة، في باب «لا يزال طائفة. . .» : حدّثنا محمّد بن المثنى و محمّد بن بشّار، قالا: حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة: عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، فذكر مثله (2).

أقول: دوام مقاتلة المسلمين للكفّار على الدين من بدو الإسلام الى قيام الساعة قد عرفت أنّه بواسطة التخلّف و نحوه، ممّا لا ينسب إلى حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فكل ذلك ممّا نقلوه بالمعني بما توهّموه في معني كلامه صلى اللّه عليه و سلم، ثمّ إنّ قتال العصابة و المسلمين إمّا مع كون أميرهم فيهم و بأمره، أو بغير ذلك الوجه، فإن كان الأوّل فقد روي جابر هذا «أنّ أمرائهم و خلفائهم ينحصر في الاثني عشر» و عرفت أنّ الأمير غيرهم و ليس بأمير إلاّ جورا، و الوصف بكونهم على الحقّ و نحوه يأبى الحمل على قتال يكون بأمر خلفاء الجور، فيدوم وجود الخلفاء الاثني عشر إلى قيام الساعة؛ فلاحظ.

و في خامس «المسند» أيضا، في الثامنة و السبعين بعد المأتين، في أحاديث ثوبان: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حمّاد، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. . .

فساق الحديث إلى أن قال: «و لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين، لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتي أمر اللّه عزّ و جلّ» (3).

ص:251


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 108.
2- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 52.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 278.

و في التاسعة و السبعين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يونس، حدّثنا حمّاد، فذكر ذلك الذيل فقط بباقي السند سواء (1).

أقول: و عن «الجمع بين الصحيحين» : الحديث العاشر: من المتّفق عليه من «البخاري» و «مسلم» من مسند ثوبان مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ليس له في «الصحيحين» سوى عشرة أحاديث، ممّا خرّجه أبو بكر البرقاني من حديث أبي الربيع الزاهراني و قتيبة، من حديث أبي موسى و بندار عن هشام، أخرجه «مسلم» من حديثهم، بالإسناد إلى أن قال: «و لا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ، منصورة لا يضرّهم من خذلهم حتّى يأتي أمر اللّه تعالى» (2).

أقول: و الترمذي في «سننه» في كتاب الفتن، في باب ما جاء في الأئمة المضلّين: حدّثنا قتيبة بن سعيد (3)، حدّثنا حمّاد بن زيد، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرجبي، عن ثوبان، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنّما أخاف على أمّتي الأئمة المضلّين» قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين لا يضرّهم من يخذلهم (4)حتى تأتيهم (5)أمر اللّه» .

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن (6)صحيح (7).

سمعت محمّد بن إسماعيل يقول: سمعت علي بن المديني، يقول، و ذكر هذا الحديث عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم «لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق، قال: عليّ

ص:252


1- نفس المصدر، ص 279.
2- «الجمع بين الصحيحين» ج 3، مسند رقم 182، ص 535، ح 3097.
3- في المصدر-: بن سعيد.
4- في المصدر: من خذلهم.
5- في المصدر: يأتي.
6- في المصدر-: حسن.
7- «سنن الترمذي» ج 3، ص 342، ح 2330.

«هم أهل الحديث» (1).

مسلم في آخر كتاب الإمارة من «صحيحه» في باب لا يزال طائفة: حدّثنا سعيد بن منصور و أبو الربيع العتكي و قتيبة بن سعيد، قالوا: حدّثنا حمّاد (و هو ابن زيد) . . . ، فذكر مثله و زاد «و هم كذلك» و ليس في حديث قتيبة «و هم كذلك» (2).

و أيضا حدّثني أحمد بن عبد الرحمان بن وهب، حدّثنا عمّي عبد اللّه بن وهب، حدّثنا عمرو بن الحرث (3)، حدّثني يزيد بن أبي حبيب، حدّثني عبد الرحمان بن شماسة المهري، فساق الحديث (4)إلى أن قال: قال عقبة بن عامر: و أمّا أنا فسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أمر اللّه، قاهرين لعدوّهم، لا يضرّهم من خالفهم حتّى تأتيهم الساعة، و هم على ذلك» . (5)

و أيضا حدّثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هشيم، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان، عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحقّ حتّى تقوم الساعة» . (6)

تجديد بيان تلك الأخبار

أقول: دلالة تلك الأحاديث على بقاء الإسلام و ظهوره إلى نزول عيسى و قيام الساعة في كمال الظهور، لا حاجة فيه إلى كلام، و مع ذلك فنقول: ذكر من يقوم به

ص:253


1- لم نجده في «سنن الترمذي» بعد الفحص الأكيد.
2- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 52.
3- في المصدر: عمرو بن الحارث.
4- أقول: في حديث دعوى عبد اللّه بن عمرو بن العاص: إنّ الساعة تقوم على شرار الخلق شر من أهل الجاهلية فلمّا دفع بالحديث قال ثم يبعث اللّه ريحا يقبض اللّه المؤمنين و يبقى الشرار فتقوم عليهم الساعة؛ فلاحظ دلالته على استمرار الاسلام و ظهوره. منه رحمه اللّه.
5- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 54.
6- نفس المصدر.

الإسلام بلفظ «العصابة» (1)و «ناس» (2)و «أمّة» (3)و «قوم» (4)و «طائفة» (5).

و نسب إلى الأمّة و المسلمين و ذكر من غير إضافة أيضا و وصف بالظّهور على «من ناواه» و الظهور على الناس و بكونه «على الحقّ» و «بأن لا يبالي من خالفه» و «من كذبه» و «من خذله» و «و لا يضرّونه» كل ذلك إلى موتهم.

و إذا عرضت الموصوف في تلك الأخبار على أخبار «الأمراء» و «الخلفاء» فهل تراه غيرهم؟ و غير من يكون تحت أمرهم؟ لئلا يكون دوام هؤلاء في الإسلام دليلا على دوام إمارة هؤلاء الأمراء و خلافتهم، أو تراهم إيّاهم أو من يكون تحت رآيتهم.

إذا عرفت بطلان ذكر المقاتلة و دوامها في تلك الأخبار بالتخلّف الذي لا يعقل في وعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خبره، و أنّ «البخاري» و شيخه و «الترمذي» حملوا جملة من تلك الأخبار على أهل العلم، ظهر لك أن المراد الغلبة في مقام الاحتجاج، و التمكّن منها، و دوام تلك الحال إلى الموت، و هذا أمر معلوم الثبوت في حقّ أهل البيت، كما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما لا يخفى.

و مع ذلك فنقول: هذه الطائفة مع الغضّ عمّا أسلفنا إمّا أن يكون لهم إمام و مع الجماعة، أم لا. و على الثاني يكونون أهل جاهليّة قضيّة ما مرّ، و على الأوّل يدور بقاء الدين مدار إمامهم و رئيسهم الفئة و الجماعة.

ص:254


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 93؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 54.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 248 و 252.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 99 و 101.
4- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 189؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 53.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 101؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 187.

و أيضا إمّا أن تمسّكوا بالعترة أهل البيت و إمّا لا، و على الثاني هم أهل ضلال قضية ما مرّ، و على الأوّل فالعترة أقوى في الوصف، و من ذلك يظهر كونهم بأنفسهم من أهل البيت و العترة لا غيرهم.

و بعبارة أخرى غير [العترة]أهل البيت لمّا كان هداهم و خلوصهم من الضلال موقوفا على التمسك بأهل البيت و اتّباعهم نحو التمسّك بالكتاب و أتباعه و على أن يكون لهم إمام و على أن يكونوا مع الجماعة و لا يكونوا فارقوهم، و إلاّ كانوا أهل ضلال و أهل جاهليّة حسب ما مرّ، و تلك الطائفة لمّا وصفوا بالهدى و أثبت لهم المرتبة العليا من غير إعتبار شيء فيهم، فهم نفس العترة لأنّهم الذين لا يتوقّف هداهم و خلوصهم من الضلال على اتّباع غيرهم، و اتّخاذ إمام و موافقة جماعة بل هم في أنفسهم هداة مهتدون «لا يضرّهم من خالفهم» «و لا من كذبهم» «و لا من خذلهم» و لا بدّ هم أيضا الأئمة الاثنا عشر و إلاّ كان لهم إمام و يظهر من ذلك أيضا أنّ هؤلاء الاثني عشر أيضا من نفس العترة لا من غيرهم و إلاّ لتوقّف هداهم على اتباعهم؛ فلاحظ.

فصل، في أنّ الإمارة و الملك و الخلافة في قريش مدّة الإسلام

اشارة

في الجزء الثاني من الأجزاء الستّة من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث ابن عمر، في التاسعة و العشرين من الجزء في الطبع:

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا معاذ، حدّثنا عاصم بن محمّد، سمعت أبي يقول: سمعت عبد اللّه بن عمر، يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من النّاس اثنان» قال: و حرّك إصبعيه يلويهما هكذا (1).

و في الثّالثة و التسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو النّضر، حدّثنا

ص:255


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 29.

عاصم بن محمّد بن زيد بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب عن أبيه، عن عبد اللّه، مثله إلاّ أنّه ترك قوله: قال: و حرّك. . . (1).

و في الثّامنة و العشرين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن زيد، عن عاصم مثل ذلك: (2)

مسلم في «صحيحه» في الجزء الثاني، في أوّل كتاب الإمارة، في باب أنّ النّاس تبع لقريش و الخلافة في قريش: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس، حدّثنا عاصم بن محمّد بن زيد عن أبيه، قال: قال عبد اللّه: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من النّاس اثنان» (3).

و عن «الثّعلبى» ، في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ (4): أخبرني ابن فتحويه، حدّثنا أبو نصر منصور بن جعفر النّهاوندي، حدّثنا أحمد بن يحيي الجلّودي (5)، حدّثنا هشام بن عبّاد، حدّثنا الوليد عن العمري، عن نافع عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لن يزال هذا الشّان (6)في قريش ما بقي من النّاس اثنان» (7).

البخاري في «الصّحيح» في مناقب قريش: حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا عاصم بن محمّد، قال: سمعت ابي، عن ابن عمر، عن النّبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» (8).

ص:256


1- نفس المصدر، ص 93.
2- نفس المصدر، ص 128.
3- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 2.
4- الزخرف:43، الآية 44.
5- في المصدر: يحيى بن الجارود.
6- في المصدر: لا يزال هذا الأمر.
7- «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 336؛ مع اختلاف يسير.
8- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 155.

و في الجزء الرابع من «صحيحه» في كتاب الأحكام، في باب الأمراء من قريش: حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا عاصم بن محمّد، سمعت أبي يقول: قال ابن عمر: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» (1).

استمرار الخلافة في قريش

أقول: قوله: «منهم» الضمير راجع إلى النّاس لا إلى قريش بقرينة ساير الطرق، و الخبر صريح في أنّهم-دون غيرهم-محل الإمارة إلى يوم القيامة و لم يقيدّ بشيء و ستعرف ما في القيود إن شاء اللّه.

و في اوّل الرّابعة و السّتين بعد الثلاث مأة من «المسند» في الجزء المزبور في أحاديث أبي هريرة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا معاوية بن صالح، قال: حدّثنا أبو مريم، أنّه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الملك في قريش و القضاء في الأنصار و الأذان في الحبشة و السّرعة في اليمن» و قال زيد مرّة بحفظه: «و الأمانة في الأزد» (2).

الترمذمي في «سننه» في أواخر الكتاب، في فضل اليمن، حدّثنا أحمد بن منيع، أخبرنا زيد بن حباب، فذكر مثله إلى قوله: «في الحبشة، فقال: و الأمانة في الأزد» يعني اليمن (3).

حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا (4)عبد الرحمان بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي هريرة، نحوه، و لم يرفعه، و هذا أصح من حديث زيد بن حباب (5).

ص:257


1- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 105.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 364.
3- «سنن الترمذي» ج 5، ص 384، ح 4028.
4- في المصدر: أخبرنا.
5- نفس المصدر، ح 4029.

و في «تاريخ الخلفاء» : و قال الترمذي، ثمّ ذكر حديث زيد، فقال: إسناده صحيح (1).

أقول: رواية «أحمد» كأنّها ترفع تفسير الترمذي؛ فلاحظ، و إن لم يكن الخبر مرفوعا فهو، و إلاّ فما وجه تخصيص رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لغير الملك بمن ذكر؟ و إلاّ قطع ذكر الأذان، إلاّ أنّ ذلك لا يخلّ لوضوح مرفوعيّة صدره، حتّى تعرّضوا له في السّقيفة أيضا، و كيف كان، فقد اثبت محلية قريش لجنس الملك و طبيعته، فلا يكون لغيرهم ملك و لا إمارة إلى يوم القيامة.

في الجزء الثّالث، في التّاسعة و العشرين بعد المأة، في أحاديث أنس بن مالك:

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن عليّ أبي الأسد، قال: حدّثني بكير بن وهب الجزري، قال: قال لي أنس بن مالك: أحدّثك حديثا ما أحدثه كلّ أحد؛ إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قام على باب البيت، نحن فيه، فقال:

«الأئمة من قريش إنّ لهم عليكم حقا، و لكم عليهم حقّا، مثل ذلك ما إن استرحموا فرحموا، و إن عاهدوا وفوا، و إن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة اللّه و الملائكه و النّاس أجمعين» (2).

و في الثّالثه و الّثمانين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، حدّثنا الأعمش، عن سهيل بن أبي الأسد، عن بكير الجزري، عن أنس، قال: كنّا في بيت رجل من الأنصار، فجاء النّبي صلى اللّه عليه و سلم حتّى وقف، فأخذ بعضادة الباب، فقال: «الأئمة من قريش، و لهم عليكم حق، و لكم مثل ذلك، ما إذا استرحموا رحموا و إذا حكموا عدلوا، و إذا عاهدوا فوفوا فمن. . .» (3).

ص:258


1- «تاريخ الخلفاء» ص 9.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 129.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 183.
بيان الخبر الظاهر في التّقييد

أقول: صدر الخبر صريح في أن الأئمة منهم و الإمامة فيهم ثمّ بيّن أنّ لكلّ من الإمام و الرّعيه حقّا على الآخر و هو واضح أيضا و أمّا قوله: «ما إن استرحموا. . .» (1)فالظاهر بقرينة الموضع الثّاني و الرّواية الأولى لأبي برزة أنّ المراد ما دام «إن استرحموا رحموا. . .» و قوله: «فمن لم يفعل ذلك منهم» (2)أي قريش، و لو لا لفظة «منهم» لقيل: إنّه توعيد للنّاس.

إبطال القيدية

و أيّا ما كان فنقول: الأئمه من قريش مادام إذا استرحموا، الضّمير إمّا يرجع إلى الأئمة أو إلى قريش، فإن كان الأوّل فالمفهوم منه تقييد إمامة الإمام بالرّحم و الوفاء و العدل و إن لم يقم بذلك الأمور فعليه اللّعنة المذكورة.

و إن كان الثّاني فيكون رحم كل واحد واحد من قريش-بعد ما استرحمهم، بحيث لا يصحّ سلب الرّحم عنه في وقت دواما و كلّ واحد كذلك بكلّ عهوده، بحيث لا يخلف عهدا له في وقت و عدل كلّ واحد في تمام أحكامه، بحيث لا ينسب إليه غير العدل-شرطا لوجود الإمام فيهم و منهم.

و من المعلوم عدم اتّصاف آحاد قريش عامّة بذلك الوصف في وقت، بأن لا يوجد فيهم من لا يرحم إذا استرحم، أو لا يفي إذا وعد، أو لا يعدل إذا حكم، فاللازم أن لا يكون فيهم الإمامة رأسا، و مثل ذلك لا يعتبر في مذهب من المذاهب و يقطع بعدم اقترانه من باب الاتّفاق سلطنة سلطانهم أيضا، بل و بأن لا

ص:259


1- نفس المصدر، ص 129.
2- نفس المصدر، ص 129.

يقترن أيضا، فكيف يجعل قيدا في خبر النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن وجود الإمامة فيهم، فالاحتمال الثّاني واضح البطلان.

و على الأوّل لو كان الإمامة منصبا مجعولا لشخص فيتبدّل، لا أنّه يخرج من يخرج من قعر بيتهم، هذا و قضيّة التّقييد لو كان إمّا السّقوط عن المرتبة أو خروج السّلطنة من بيتهم فكلا الأمرين لا يناسب اللّعن في الّذيل.

و بعبارة أخرى، ظاهر اللّعن أنّهم لا يفعلون ذلك، و هم أئمّة فلعنهم بتركهم زيّهم، فكيف صار السّقوط من المرتبة أو خروج السّلطان من بيتهم، المستفاد من القيد إلاّ أن يكون اللّعن التّسبيب لخروج سلطان محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن قعر بيته، لا لنفس ارتكابه تلك الأمور، و يكون تحذيرا في السّببيّة لخروج السّلطان عنهم، و هو أيضا لا يكون إلاّ مع كون وجود الإمامة فيهم محبوبا لا يرضى، يعني و هو معني إيجاب الايتمام بهم فقط، فلا يخرج إلى غيرهم شيء فيثبت استحقاقهم الإمامة مطلقا و اتّصافهم بها، و عدم اتّصاف غيرهم بها بوجه، و سيأتي بعض ما يناسب الخبر.

و في الجزء الرّابع، في الرّابعة و التّسعين، في أحاديث معاوية بن أبي سفيان:

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة، حدّثني أبي، عن الزّهري، كان محمّد بن جبير بن معطم يحدّث: أنّه بلغ معاوية-و هو عنده في وفد من قريش-أنّ عبد اللّه بن عمرو بن العاص يحدّث: أنّه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاوية فقام، فأثنى على اللّه عزّ و جلّ بما هو أهله، ثمّ قال: أمّا بعد فإنّه بلغني أنّ رجالا منكم يحدّثون أحاديث ليست في كتاب اللّه، و لا يؤثر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أولئك جهّالكم، فإيّاكم الأمانّي الّتي تضلّ أهلها، فإنّى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «إنّ هذا الأمر في قريش لا ينازعهم أحد إلاّ أكبّه اللّه على وجهه ما أقاموا الدّين» (1).

ص:260


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 94.

البخاري في «صحيحه» في الجزء الثاني، في مناقب قريش: حدّثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزّهري، فذكر مثله (1).

و في كتاب الأحكام في باب الأمراء من قريش، ذكر مثله (2).

أقول: لا يخفى أن منافاة ذلك لما قاله ابن عمرو أوّلا، لعدم الفرق بين ملك الجور و الحقّ، أو حمل ما ذكره أيضا على الملك الحقّ و مع ذلك فنفس ذكره في مورد المعارضة قرينة على أنّ القيد للجزء الأخير و هو أكبّ اللّه من ينازعهم دون أصل كون الأمر فيهم و إلاّ لم يعارض ما ذكره إذ لا يستحيل أن لا يقيموا الدّين في وقت، فلا يكون لهم الأمر بحكم التّقييد، فيكون الخبر إثباتا لكونهم محل الأمر بلا قيد؛ فلاحظ.

و في الخامسة و الثمانين بعد المأة، في حديث عتبة بن عبد: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا الحكم بن نافع، حدّثنا إسماعيل بن عيّاش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن كثير بن مرّة، عن عتبة بن عبد، أن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «الخلافة في قريش و الحكم في الأنصار و الدعوة في الحبشة و الهجرة في المسلمين و المهاجرين بعد» (3).

أقول: و في «تاريخ الخلفاء» بعد ذكر الرّواية عن أحمد: و رجاله موثّقون (4).

أقول: و حال الرّواية بالنسبة إلى غير الخلافة حال رواية أبي هريرة، و قد سبق (5)، بل الحال في قوله: و الهجرة إلى آخر (6)، أوضح كما لا يخفى.

ص:261


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 155.
2- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 105.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 185.
4- «تاريخ الخلفاء» ص 9.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 364.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 185.

و في الثالثة بعد المأتين في بقيّة حديث عمرو بن العاص: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة عن خبيب بن الزّبير، قال:

سمعت عبد اللّه بن أبي الهذيل، قال: كان عمرو بن العاص يتخوّلنا، فقال رجل من بكر بن وائل: لئن لم تنته قريش ليضعن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب سواهم، فقال عمرو بن العاص: كذبت سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «قريش ولاة النّاس في الخير و الشّر إلى يوم القيامة» (1).

التّرمذي في «سننه» في كتاب الفتن، في باب ما جاء «أنّ الخلفاء من قريش إلى أن تقوم السّاعة» : حدّثنا حسين بن أحمد البصري (2): حدّثنا (3)خالد بن الحرث (4): حدّثنا شعبة، فذكر مثله، ثمّ قال: أبو عيسى و في الباب عن إبن مسعود و إبن عمر و جابر. هذا حديث غريب صحيح (5).

أقول: عنوان «البخاري» و «مسلم» و إن لم يكن فيهما التّصريح بالأبد إلاّ أنّ الظّاهر أنّهما أيضا يريدان ذلك؛ فلاحظ.

و قوله «و الشرّ» يمكن أن يكون مثل فيما يحبّ و يكره و إلاّ فلا ينصب فيه ولاة إلاّ من قبيل وَ جَعَلْناهُمْ (6)الآية.

ثمّ إنّ قوله: «قريش ولاة» يستفاد منه حصر الولاة فيهم كما فهمه ابن العاص.

و احتجّ به أيضا، فلا يكون لغيرهم ولاية في وقت إلاّ من قبلهم.

و في الواحدة و العشرين بعد الأربع مأة، في أحاديث أبي برزة: حدّثنا عبد اللّه،

ص:262


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 203.
2- في المصدر: محمّد البصري.
3- في المصدر: أخبرنا.
4- في المصدر: خالد بن الحارث.
5- «سنن الترمذي» ج 3، ص 342، ح 2328.
6- الأنبياء:21، الآية 73.

حدّثني أبي، حدّثنا سليمان بن داود، حدّثنا سكّين، حدّثنا سيّار بن سلامة، سمع أبا برزة يرفعه إلى النّبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «الأئمّة من قريش، إذا استرحموا رحموا، و إذا عاهدوا وفوا، و إذا حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة اللّه و الملائكة و النّاس أجمعين» (1).

«تاريخ الخلفاء» قال: أبو داود الطّيالسي في سننه (2): حدّثنا سكّين بن عبد العزيز، عن سيّاد بن سلامة، عن أبي برزة، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «الأئمّة من قريش (3)ما حكموا فعدلوا، و وعدوا فوفوا، و استرحموا فرحموا» (4)أخرجه أحمد و أبو يعلى في مسنديهما (5)و الطبراني (6).

أقول: رواية الإمام أحمد هذه ليس فيها ما يوجب التّقييد، بل ظاهرها بيان حالهم، فهو ترفيب في الايتمام بهم و تقديمهم، و حينئذ يحتمل رجوع الذّيل إلى تارك ذلك لا الأئمّة إلاّ أنّ ذلك موهون بطريقها الآخر، كما لا يخفى.

و ما أشار إليه السيوطي مأخذو ممّا يأتي و ربّما يشعر به سياق الثلاثة أيضا، كما لا يخفى.

و أيضا: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا سكّين بن عبد العزيز، حدّثنا سيّار بن سلامة أبو المنهال، قال: دخلت مع أبي على أبي برزة-و (7)في أذني يومئذ لقرطين، و إنّي غلام-قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الأمراء من قريش

ص:263


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 421.
2- في المصدر: في مسنده.
3- «مسند أبي داود الطيالسي» ص 125: «الأئمّة من قريش ما عملوا بثلاث» و ص 284: مع اختلاف.
4- «تاريخ الخلفاء» ص 9؛ لا يخفى أنّ ما نقله المؤلف رحمه اللّه من الجمع بين الرواية.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 421؛ «مسند أبي يعلى» ج 6، ص 321، ح 3644.
6- «المعجم الأوسط» ج 2، ص 342؛ «المعجم الكبير» ج 1، ص 252، ح 725؛ مع اختلاف.
7- في المصدر+: أنّ.

ثلاثا ما فعلوا ثلاثا، ما حكموا فعدلوا، و استرحموا فرحموا، و عاهدوا فوفوا، فمن لم. . .» فذكر مثله. (1)

و في الرّابعة و العشرين بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا حسين بن موسى، حدّثنا سكّين بن عبد العزيز، عن سيّار بن سلامة أبي المنهال الرّياحي، قال: دخلت مع أبي على أبي برزة الأسلمي (2)-و إنّ في أذني (3)لقرطين، قال: و إنّي لغلام-قال: فقال أبو برزة: إنّي أحمد اللّه، إنّي أصبحت لائما لهذا الحي من قريش، فلان هيهنا يقاتل على الدّنيا، و فلان هيهنا يقاتل على الدّنيا، يعني عبد الملك بن مروان (4)، حتّى ذكر ابن الأرزق، قال: ثمّ قال: «إنّ أحبّ النّاس إليّ لهذه العصابة الملبدة الخميصة بطونهم من أموال المسلمين، و الخفيفة ظهورهم من دمائهم» قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الأمراء من قريش، الأمراء من قريش، الأمراء من قريش، لي عليهم حقّ، و لهم عليكم حقّ، ما فعلوا ثلاثا، ما حكموا فعدلوا، و استرحموا فرحموا، و عاهدوا فوفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة اللّه و الملائكة و النّاس أجمعين» (5).

و عن الثّعلبي في «تفسيره» في قوله: وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ (6): و أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا السّراج، حدّثنا إبراهيم بن عبد الرحيم، حدّثنا موسى بن داود و خالد بن خداش، قالا: حدّثنا سكّين بن عبد العزيز، عن سيّار بن سلامة، عن أبي

ص:264


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 421.
2- في «الاستيعاب» روى عنه أبو العالية و أبو الغال و أبو الرضى و الحسن البصري و جماعة غيرهم و هذه رواية تدفع ما ذكر. . . فلاحظ منه رحمه اللّه.
3- في المصدر+: يومئذ.
4- في المصدر+: قال.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 424.
6- الزخرف:43، الآية 44.

برزة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الأمراء من قريش، لي عليهم حقّ، و لهم عليكم حقّ، (1)ما حكموا فعدلوا، و استرحموا فرحموا، و عاهدوا فوفوا» زاد خالد «فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة اللّه و الملائكة و النّاس أجمعين» (2).

بيان قوله: «ما حكموا. . .» لإبطال الأوهام

أقول: رواية «الثعلبي» و الأخيرة من روايات الإمام أحمد (3)كالصريحة في الإطلاق، فإنّ قوله: «ما حكموا. . .» قيد لقوله: «و لهم عليكم حقّ» و توضيح ذلك، أنّهم إذا فعلوا ذلك يكونون إمام حقّ، فلهم حقّ على الرّعية و يجب الايتمام بهم، و إذا لم يفعلوا لم يكن لهم حقّ، فلا طاعة لهم و الفرض تقييد ذي الحقّ من الأمراء من قريش لإخراج من لا حقّ له على الرّعية بالّذين ثبت لهم تلك الأوصاف، و هو لا ينافي وجود الأمير فيهم.

ثمّ إنّ ظاهر روايات أبي برزة، لا سيّما الأخيرتين، أنّ الضمير في الأفعال للأمراء و هو في معنى ايجاب تلك الأفعال على أمرائهم، كما يرشد إليه تعقيب ذكرها بلعن التّارك، كما أنّ ظاهر خصوص الثّانية و الثّالثة بواسطة تكرير الصدر أنّ الإمارة لا تخرج عنهم، أو لا ينبغي إخراجها عنهم، فأكّد ثبوتها فيهم بالتّكرير، و المناسب لذلك تحذير من يخالف ذلك الحكم، فينصرف اللّعن إلى صارف الإمارة عنهم، أو الحائد عن إمارتهم إذ استقرار الإمارة فيهم، أو ثبوتها لهم يعلم مطلوبيته و إهتمامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم به من كلامه من هذا التّكرار إذ لا يكون ذلك إلاّ مع خوف أن لا يقع الأمر موقعه حتّى يحصل المطلوب في الأمر المهمّ، و لو لا أنّ

ص:265


1- في المصدر+: ما فعلوا ثلاثا.
2- «تفسير الثعلبي» ج 8، ص 337.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 421 و 424.

منشأ اختلال حصول هذا الأمر المطلوب هو النّاس بأحد الوجهين لم يحتجّ إلى تكرير النّداء فيهم و تثليثه، و لو كان ذلك فالمناسب لعن الصّارف لا التعرّض للأمراء كما لا يخفى.

ثمّ على الفرض الآخر، ذكر تلك الأمور في وصف الأمير يدلّ على طلبها منه و إيجابها عليه و حثّه عليها، و إذا لم يفعل ما عليه كان عليه بمقتضي تلك الرّوايات لعنة من ذكر، و ذلك لا يدلّ على تقييد أصل الأمراء من قريش. و أوضح من ذلك أنّ الإمارة المخبر بكونها في قريش و صاحبها منهم إمّا أن يكون أحد حوادث الدّنيا الّتي قدّرها اللّه جلّ جلاله، كما كان قدّر ما سلف من الأمور المشابهة لها لمن قام بها، و نظير ما قدّر الغنى و الفقر لزيد و عمرو، و غير ذلك من حوادث العالم و مقدّراته جلّ جلاله، فعدم قيديّة وجود الأمور المذكورة لإمارة القرشيين في كمال الوضوح، فقد فعل أمراء منهم ما فعل، و لم يخرج سلطانهم عن قعر بيوتهم، بل كلّما اشتدّ جورهم قوي سلطانهم.

فلاحظ جملة من بني أميّة و بني العباس، و إن كانت عهدا منه تعالى يناله بعض قريش، و هو مع أنّه لا يكون إلاّ لمعلومين، فقد قال اللّه تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ (1)إلى غير ذلك، فلا يكون صاحبها إلاّ من يفي، فكيف يقيّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فوزهم بالأمارة و الموهبة الإلهيّة و بقائهم عليها بما في الخبر؟ ! مع أنّها لا يقتضي أزيد من إنعزال المخالف، و سقوطه بشخصه من تلك المرتبة، لا خروج الإمارة من قريش، فهو يكون من بيان حال الأمراء، و أنّ من ليس كذلك ليس من الأمراء.

ففي الخبر باعتبار القيام بتلك الأمور دلالة على انّ الإمارة منصب إلهي يجعله لمن أراد و لا يحصل بغيره، و من التزم بذلك فلا بحث معه في المقام، و لو جعل

ص:266


1- البقرة:2، الآية 124.

كلامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من محض الإخبار عن الأمور الواقعية التي تحدث بعده خاليا عن جهة إنشاء الإمارة و نصب الأمير و تعيين من عيّنه اللّه لهذا المنصب، لزم-و العياذ باللّه-الخلف في خبره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما لا يخفى هذا.

و ظاهر أبي برزة في الرواية الطويلة أنّ أمراء عصره قد سقطوا عن الإمارة بترك تلك الأمور، و حمد اللّه بأن أصبح لائما للحي من قريش، و مال إلى من ذكرهم من العصابة، و صاروا أحبّ الناس إليه و لينه، كان أبان عنهم لنعرف هل كان له إمام في الزمان، و كان مع الجماعة أو لم يكن له إمام و لم يكن يعرفه و كان فارق الجماعة؟ و لو كان كذلك فما يكون حاله عند إخواننا الّذين رووا: «مات ميتة الجاهلية» ؟ و نحوه (1).

و في الجزء الخامس من «المسند» في الرابعة و السبعين بعد المأتين، في حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا معاوية بن هشام، حدّثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن القاسم بن الحرث، عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لقريش إنّ هذا الأمر لا يزال فيكم، و أنتم ولاته، حتّى تحدثوا أعمالا، فإذا فعلتم ذلك سلّط اللّه عليكم شرار خلقه، فالتحوكم كما يلتحي القضيب» (2).

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو نعيم، عن عبد اللّه بن عتبة، قال:

«فالتحوكم» و كذلك قال أبو أحمد: و قال: «فالتحوكم» قال أبو نعيم: «كما يلتحي القضيب» (3).

و أيضا حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا سفيان، عن حبيب

ص:267


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 21 و ج 7، ص 133؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 21، باب الأمر بلزوم الجماعة. . . .
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 274.
3- نفس المصدر.

بن أبي سالم (1)، عن القاسم بن الحرث، عن عبد اللّه بن عتبة، عن أبي مسعود، فذكر مثل الأوّل (2).

إبطال التقييد

أقول: الخطاب لقريش عامّة، فغاية ولايتهم أن يحدثوا الأعمال بمعنى أن لا يبقى منهم أحد إلاّ و قد أحدث الأعمال أو دخل في المحدثين، و لو أريد خصوص أهل الإمارة فقد فعلوا و لم يسلبوا ثمّ سلبوا بزعم القوم، و كيف يجامع ذلك ما دلّ على التأبيد؟ ! ! و كيف جمع الإمام أحمد بين النوعين و لم يضرب عليه و لا أمر به؟ ! ! كما أمر في مرض موته بالضّرب على حديث «لو أنّ النّاس اعتزلوهم» ، و لعلّه لزعم أن لا يسلبون، أو أنّ المراد من الأعمال السجود للأصنام و لا يسجدون.

«تاريخ الخلفاء» : و قال البزّار: حدّثنا إبراهيم بن هاني، حدّثنا الفيض بن الفضل، حدّثنا مسعر عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ماجد، عن عليّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «الأمراء من قريش أبرارها أمراء أبرارها و فجارها أمراء فجارها» (3).

أقول: أليس الأمراء نصبت لكف الفجّار عن فجورها؟ فكيف يكون هذا التقسيم؟ ! ! فهو ممّا وضع إبطالا للحقّ، مضافا إلى لخلف بواسطة عدم دخول القريقين في الأعصار تحت أمر الفريقين من قريش كما لا يخفى. و مع ذلك نقول:

ساير بيوتات قريش كساير الناس يتوقّف هديهم و خلوصهم من الضلال على متابعة العترة و الكون معهم حسب ما عرفت، و لمّا لم يتوقّف هدى الأمراء

ص:268


1- كما في المصدر و لكن الصحيح كما في الكتب الرجالية هو حبيب بن أبي ثابت كما في السند المتقدّم.
2- نفس المصدر: ما لم تحدثوا.
3- «تاريخ الخلفاء» ص 9.

المذكورين على شيء علم إرادة خصوص العترة من قريش، و إن كان اللفظ عامّا، فإنّ أرادة الخاصّ من العام و التّعميم في مقام الخصوص لأغراض للمخبر في غاية الكثرة و الشيوع، فالأمر في العترة و إن بقي من الناس اثنان، و إلى أن تقوم الساعة، لا أمر لغيرهم قضيّة ما سلف، و يدوم فيهم بدوام الإسلام و ظهوره إلى القيامة قضيّة الجمع بين ذلك و أخبار دوام الإسلام.

تجديد بيان الأخبار و وجوه الدلالة

تذنيب في سرد العناوين و بيانها فنقول: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» (1)، «الملك في قريش» (2)، «الأئمّة من قريش» (3)، «الخلافة في قريش» (4)، «قريش ولاة الناس في الخير و الشّر» (5)، «الأمراء من قريش» (6)، «لا يزال هذا الأمر فيكم و أنتم ولاته و سبقه إذا رجعتم» (7).

اعلم أنّ الأمر و الملك و الخلافة و الولاية كأنّها بمعني، و يراد بها الرّئاسة على المسلمين، قال: الصديق أبو بكر يوم السقيفة على ما في «البخاري» و «المسند» :

«و لن يعرف هذا الأمر إلاّ لهذا الحيّ من قريش هم أوسط العرب نسبا و دارا. . .» (8).

ص:269


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 29؛ «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 105.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 364.
3- نفس المصدر، ج 3، ص 129 و 183.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 185.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 203؛ « سنن الترمذي» ج 3، ص 342 ح 2328؛ «تاريخ الخلفاء» ص 9.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 421 و 424.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 274.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 56؛ «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 27.

و اللام في قوله: «الأمر» و «الملك» و «و الخلافة» ، للجنس، و أخبر عن مدخول اللام بكونه في قريش فلا يكون في غيرهم، على ما عرفه رواة تلك الروايات أيضا، من معاوية (1)و عمرو بن العاص (2)و غيرهما (3).

و المراد من «الأمر» و «الملك» لا يكون مطلقهما بل خصوص الرّئاسة العظمى و الزّعامة الكبرى إذ لو أريد الأوّل كان الخبر واضح الخلف، فيراد خصوص الرئاسة العامة، و تنحصر به في قريش.

بيان انحصار الخلافة فيهم

و بعبارة أخرى أخبر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن محلّ تلك الماهيّة، فلو لم تختصّ بهم لم يصحّ الخبر، أو لم يفد، و أنّه لو كان له مشارك لأشار إليه بقوله: «في قريش» و فلان و لم يفعل وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (4).

و اللام (5)في قوله: «الأئمّة» و «الأمراء» للاستغراق، فلا يبقى إمام و أمير إلاّ و قد أخبر عن حاله بكونه من قريش، فمن لا، فليس من الإمام و الأمير في نظر هذا المخبر المطلع على ما يكون في الأمّة من ذلك و إلاّ كان التعرض لمثل ذلك الخبر، و العياذ باللّه من الخرص بل الكذب و من الغلط كما لا يخفى.

و أفصح أحاديث ابن عمر بقوله: «ما بقي من الناس اثنان» (6)المساوي في

ص:270


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 94.
2- نفس المصدر، ص 203.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 29 و 364.
4- النجم:53، الآية 4-3.
5- في النسخة لم يذكر و لكن الصحيح ما أثبتناه.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 29.

المفاد لقوله (1): «إلى يوم القيامة» (2)، من أنّ استقرار الأمر في قريش إلى قيام الساعة، كما دلّ على أنّ الرّئاسة في الإسلام لا ترتفع بقلّة النّاس، بل يمتدّ ببقاء ما يتصوّر معه رئيس و مرئوس، فالحجة مع النّاس أبدا، و ذكر الاثنين لكونهما أقلّ عدد يتصوّر معه عنوان الرّئاسة، و لا ينافي ذلك كون الواحد الباقي منهما هو الحجة، فيكون مع الخلق و بعدهم، فيدلّ ذلك على أبديّة وجود الأمير على الناس من قريش.

و قوله: «ما بقي. . .» كأنّه ظرف لقوله: «لا يزال» أو النسبة في قوله: «هذا الأمر في قريش» فبقاء الاثنين يستتبع أميرا من قريش و كون الأمر فيه و إن انضمّ إليهما ألوف كما لا يخفى.

و يستفاد هذا المطلب من إطلاق جملة من غير ذلك الخبر أيضا، مضافا إلى كون القضية طبيعيّة كما لا يخفى. و من الاستغراق أيضا بعد وضوح عدم إرادة خصوص زمان دون زمان غيره، و لعلّ ذلك واضح، مضافا إلى دلالة أخبار الفصل السابق بالصّراحة من قوله: «لا تزال» ، «لن تزال» و التّقييد في جملة منها، بقوله:

«حتّى تقوم السّاعة» (3)و نحوه (4)على امتداد الرئاسة في الإسلام إلى قيام السّاعة، مضافا إلى دلالة رواية جابر على كون مكلّم عيسى أميرهم، و قوله: «إنّ بعضكم على بعض أمير» (5)و صراحة رواية عمران (6)في كون مقاتل الدّجال آخر

ص:271


1- في النسخة المخطوطة: لقولك.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 203.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 94 و 98 و 103 و 105.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 29؛ ج 4، ص 203.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 345.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 437.

تلك الطوايف، و ما دلّ على رئاسة هؤلاء على الدّين (1)و أهله ما وجدوا كما أومأنا إليه.

استمرار الخلافة في قريش

فتدلّ تلك الأخبار على دوام الأمر و الملك في الإسلام إلى يوم القيامة، و تدلّ أخبار الفصل الثاني على كون صاحب الأمر فيهم من قريش لا من غيرهم، كما أشرنا و يحصل من ضمّ أخبار الفصل الثّاني «الأمر في قريش» (2)إلى أخبار كون غير العترة أهل البيت في معرض الضّلال (3)، و لا يستحقّ مثله للإمارة و الخلافة و الملك المعلوم كون أصلها للخلوص و التّخليص من الضّلال و الجاهلية كما علم ممّا سلف و لو ملك ذلك ضلّ، و أضلّ، و إلى دليل وجوب رجوع النّاس عامّة إلى أهل البيت و دخولهم تحت رايتهم، و الانقياد لرئاستهم، و عدم وجود من يكون رئيسا عليهم في الدين، و أمره في وقت، كما أسلفنا لزوم كون ذلك القرشي من العترة أيضا، و إرادة خصوص العترة من هذا اللفظ العام الوسيع لغرض (4)، نحو ما وقع في الإخبار برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قول: «يخرج من تهامة» (5)أو «ولد إسماعيل» (6)و نحو ذلك-حفظا له من أعدائه، أو نحو ذلك-فلا يعمّ كلّ قرشي و إن زعمته الأوهام.

ثمّ تتعيّن العترة بما يعيّنه من أخباره الّتي أودعناها في الباب الرّابع من

ص:272


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 434 و 437.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 128.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 14.
4- خبر لقوله: «و ارادة» .
5- «مجمع الزوائد» ج 8، ص 132؛ «المعجم الأوسط» ج 7، ص 360.
6- «الفصول المختاره» ص 60؛ «الخصال» ج 1، ص 56 و 57.

الكتاب، كما تدلّ أخبار أصل الباب من قوله: «أنّ الخليفة و الأمير من قريش» على أن المراد به العترة فقط، كما عرفت في مدة الدّين اثنا عشر، لا يزيد فيهم واحد و لا ينقص منهم واحد، فينتفي إمارة غير ذلك القرشي في تمام تلك المدّة، و ينتفي إمارة غير هؤلاء الاثني عشر من قريش أيضا، بمجتمع تلك الطوايف من الأخبار.

بيان انحصار خلفا قريش في الاثني عشر

و نقول أيضا غبّا: ظهور الدين في أخبار الفصل الأوّل «بقيام الساعة» (1)و «نزول عيسى» (2)و نحوهما (3)-و غبّا-قيامه في أخبار الاثني عشر بقوله:

«حتّى يكون اثنا عشر خليفة من قريش» (4)و قال: «لن يزال ظاهرا. . . حتّى يمضي من أمّتي اثنا عشر خليفة. . . كلّهم من قريش» (5)و قال: «لا ينقضيى حتّى يمضي فيهم اثنا عشر من قريش» (6)و قال: «ماض ما وليهم اثنا عشر من قريش» (7)و قال: «لا يزال أو لن يزال عزيرا إلى اثنى عشر خليفة كلّهم من قريش» (8)و «حتّى يملك اثنا عشر كلّهم من قريش» (9)و قضية اتّحاد الغايتين

ص:273


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 429.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 278.
4- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 4.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87.
6- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 99.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 106 و 93.
9- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 93.

حفظا عن الخلف تساوي المدّتين و امتداد ملك الاثني عشر إلى قيام السّاعة.

هذا.

و أخبار الباب منها ما اعتبر فيه كون الخليفة من قريش، فخصّه بالعدد. (1)

و منها ما لم يعتبر فيه ذلك و خصّه بالعدد و قال: «يكون لهذه الأمّة اثنا عشر خليفة» (2)و تقديم الخبر أيضا يفيد الحصر كما في الرواية الأخيرة لابن سمرة و جعله عدة من يملك الأمّة من الخلفاء بعده في رواية ابن مسعود (3)و جعله عدة الخلفاء بعده في رواية عايشة (4). و يعلم قرشيّتهم من جعله قريشا فقط محل الخلافة و الإمارة و الملك و كونهم من العترة أهل البيت من الحكم بمرؤسية كلّ من سواهم، بحاجتهم إلى من يسوسهم و يميرهم في العلم دون العترة أهل البيت خاصّة.

فجعلهم رؤسائا في الدّين، مرجعا لأهله، قرين الكتاب العزيز حسب ما عرفت من روايات الباب الثالث و كونهم في عصر النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم علىّ و ولداه و عدم دخول غيرهم من الرّجال في عترته و أهل بيته، فيكونون هم الأمراء و الخلفاء و الملوك في هذه الأمّة في زمانهم حسب ما يظهر من ضمّ أخبار العترة (5)المنضم إليها أخبار الاثني عشر (6)إلى أخبار تعيين العترة، و هي أخبار الباب الرابع (7).

ص:274


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 99.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 106.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398.
4- «منتخب كنز العمّال» المطبوع في هامش «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 154.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 14.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 90 و 93 و 99؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 107.

فلا يكون لغير العدّة من العترة إمارة و خلافة و ملك في نظره، و بحسب خبره و ليس ذلك إلاّ لأجل انتفاء مبادي تحقّق تلك العناوين في حقّ غيرهم، و اختصاص وجودها بمباديها بهؤلاء الاثني عشر، و إلاّ كان الإثبات و النّفي- و العياذ باللّه-من الخرص الذي لا يتوهّم عليه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فبماذا يثبت تلك العناوين لغيرهم أو يتوهّم في العدد زيادة أو نقص؟ فلنقتصر بذلك في الكلام على تلك الطوايف من الأخبار بعد وضوح سعة المجال في هذا المضمار، و فيه كفاية لمن خشي العار و النار، فهاك ساطع النّور على شاهق الطّور، في ظلماء الديجور و هو الهادي إلى أرشد الأمور.

ص:275

ص:276

الباب السادس: باب جملة ممّا يعلم حاله من تلك الأخبار و إلاّ فكلّه لا يحصى هنا و فيه تعيين الأثني عشر

اشارة

باب جملة ممّا يعلم حاله من تلك الأخبار و إلاّ فكلّه لا يحصى هنا و فيه تعيين الأثني عشر.

ص:277

تحديد سني الخلافة

و متّضح الحال بها أخبار و غيرها، فمن الأوّل ما ورد في تحديد مدة الخلافة، مثل ما عن سعيد بن جمهان، عن سفينة، قال: سمعت رسول اللّه عليه الصلاة و السلام يقول: «الخلافة ثلاثون سنة، ثمّ يكون بعد ذلك الملك» أخرجه أصحاب السّنن، و صحّحه ابن حبّان و غيره، ذكره السّيوطي في «تاريخ الخلفاء» (1).

و من ذلك، انقطاعها، مثل ما عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قال رسول اللّه عليه الصلاة و السلام: «إنّ اوّل دينكم بدء نبوّة و رحمة، ثمّ يكون خلافة و رحمة، ثمّ يكون ملكا و جبريّة» حديث حسن ذكره السّيوطي أيضا (2).

و قال أيضا: و أخرج أبو القاسم البغوي بسند حسن عن ابن عمر، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «يكون خلفي اثنا عشر خليفة، أبو بكر لا يلبث إلاّ قليلا» صدر هذا الحديث مجمع على صحّته، وارد من طرق عدة، و قد تقدّم شرحه في اوّل هذا الكتاب انتهى (3).

كثرة الخلفاء

و من ذلك ما يظهر منه كثرة الخلفاء، مثل ما في «البخاري» ، في باب ما ذكر عن بني إسرائيل: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن فرات القزّاز، قال: سمعت أبا حازم، قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين،

ص:278


1- «تاريخ الخلفاء» ص 9.
2- نفس المصدر، ص 10.
3- نفس المصدر، ص 61.

فسمعته: يحدّث عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك بنيّ خلّفه بنيّ، و لا نبيّ بعدي، و سيكون خلفاء، فيكثرون» قالوا: فما تأمرنا قال: «فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقّهم، فإنّ اللّه سائلهم عمّا استرعاهم» (1).

جملة ممّا ظهر حاله

و في باب علامات النّبوة: حدّثنا محمّد بن كثير، أنبأنا سفيان، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن أبي مسعود، عن النّبى صلى اللّه عليه و سلم، قال: «ستكون أثرة و أمور تنكرونها» قالوا: يا رسول اللّه! فما تأمرنا؟ قال: «تؤدّون الحقّ الّذي عليكم، و تسألون اللّه الّذي لكم» (2).

و مرّ حديث حذيفة، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة و لا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق. . .» . (3)

تحديد الصديق بالبقاء على الدين باستقامة الأمّة

أقول: كيف يحدّها بثلاثين سنة؟ ! ! و قد حدّها إلى السّاعة في أخبار الاثني عشر (4).

و في أخبار ظهور الدّين (5)بعد وضوح أنّ ظهور الدّين بالخليفة و الإمام، ففي «البخاري» بعد أبواب المناقب من الجزء الثاني في باب أيّام الجاهلية: عن أبي

ص:279


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 144.
2- نفس المصدر، ص 177.
3- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2 ص 178؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 93.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 93 و 99 و 106.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 269؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3 ص 54.

النعمان، عن أبي عوانة، عن بيان أبي بشر، عن قيس بن أبي حازم، قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس، يقال لها زينب، إلى ان قال: قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء اللّه به بعد الجاهلية؟ قال: «بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم» قالت: و ما الأئمة؟ قال: «أما كان لقومك رؤس و أشراف يأمرونهم فيطيعونهم» ؟ قالت: بلى، قال: «فهم أولئك على النّاس» . (1)

و كيف يقول: يملكهم مالك و لا يكون خليفة؟ ! ! و قد نصّ بملك الخليفة في أخبار الاثني عشر، و ان لا يملك غيرهم كما عرفت، و إلاّ كان جائرا، و يشاركه كلّ من يخرج ممّن حكم بملكهم و يملكون في حكمه،

فإن قلت: لعلّ في ملك الاثني عشر انقطاعا و ليس بمتّصل، فلا ينافي تخلّل الملك.

قلت: مع الغضّ عن دليل تعيينهم، قد استظهرنا الاتّصال من أدلّته، مضافا إلى دوام وجه الحاجة إلى الخليفة من الخليقة، و مضافا إلى دليل اتصال وجود الدّين و دوامه، و نحو ذلك، و ملك قريش المقيد بكونه من العترة بما سلف (2)، مع انّ الحسنين الأميرين الخليفتين في زمانهما بما سلف من حكمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم موجود ان في تلك المدّة، فكيف يفرض انقطاع الخلافة؟ ! إلى غير ذلك ممّا لا يخفى، و لا يحصى هنا.

ثمّ أين يكون عند انقطاع الخلافة إمام النّاس الذّي يكون ترك اتّخاذه و الايتمام به سببا للجاهليّة و الموت ميتة جاهليّة، و لو كان هذا الملك فقد أثبتنا أن لا يعقل كون اتّباعه سببا للخروج من الجاهلية، و لو كان غيره و موجودا فلم ينقطع الخلافة، بضرورة اتّصاف هذا الشّخص بالإمارة و الملك و الخلافة، و يكشف

ص:280


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 269؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 54.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 107؛ ص 6 ص 292.

أخبار دوامها في قريش عن دوام وجوده كما أن أخبار وجوب اتخاذ الإمام أبدا تكشف عن دوام وجود دافع مرض الجاهلية عن آحاد الأمّة، كما أومأنا إليه ايضا، و الإمام و الأمير و الخليفة واحد كما عرفت، و يدّل عليه التّوارد في أخبار الفصل الثاني أيضا.

و من ذلك يعلم حال خبر أبي عبيدة (1)، بل و رواية ابن عمر (2)ايضا. و من لا يرى الصّديق منصوصا عليه لا بدّله من جعل الذّيل من ابن عمر لا مرفوعا.

و أما أبّو هريرة فمن رواة اثني عشر خليفة (3)، فكيف يروي الكثرة (4)كما ذكره؟ ! ! و ظاهره الكثرة في عصر، فكيف صار وجوب القتل في حديث عرفجة في الباب الأوّل؟ ! ! (5)

ثمّ إنّه هل يجوز تعدّد البيعة بالخلافة لغير واحد؟ ثمّ ما حقّهم الذّي يجب إعطاؤه؟ و هل يكون خلافة النّبوة إلاّ على منهاجها؟ (6)و كيف صار ما كان في غير الإمام الحقّ من حكمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ ! ! فلاحظ.

و ابن مسعود أيضا روى انحصار الخلفاء في اثني عشر (7)، فلو رآهم أعمّ من الخليفة على الحقّ و غيره، فقد وضح الآن فساده، و إن رآهم خصوص من كان بحق، فكيف يكون أثرة و أمور منكرة؟ ! ! فهو كاشف عن غلبة الغير على من رآه

ص:281


1- «تاريخ الخلفاء» ص 10.
2- نفس المصدر، ص 61.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 321 و 340 و 387. لا تصريح فيها بذلك، نعم فيها إشعار به، كما ذكره المصنف في الباب الخامس.
4- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 144.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 261 و 341؛ ج 5، ص 23 و 24؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 22.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398 و 406.

خليفة، مالك الأمة بإخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الاثني عشر (1)، فذلك الخبر حينئذ إخبار بأنّهم يهتضمون في سلطانهم إلاّ عند من يرى جواز انقطاع ملك هؤلاء الخلفاء، و قد اتّضح فساد ذلك أيضا، فيما سلف.

و أمّا حديث حذيفة (2)فقد أسلفنا تفسيره و المراد منه، و إذا كانت الخلافة لأشخاص عدّوا بالعدد، فمحلها مستقّرهم، و لو عرفتهم عرفت إن لم تنزّلوا الشّام، منه يظهر حال ما رواه أحمد في الجزء الخامس، في الثامنة و الثمانين بعد المأتين، من قوله: «إذا نزلت الخلافة بالشّام. . .» (3)؛ فلاحظ.

و من ذلك ما رواه في «المسند» في الجزء الأوّل في أحاديث عليّ عليه السّلام في الثّامنة و الأربعين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني إسماعيل أبو معمّر، حدّثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، عن قيس بن عبّاد، قال: قلت لعليّ: أرايت مسيرك هذا عهد عهده إليك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أم رأي رأيته؟ قال: «ما تريد إلى هذا؟» قلت:

ديننا ديننا، قال: «ما عهد إلىّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيه شيئا، و لكن رأي رأيتة» (4).

إبطال الموضوع على عليّ عليه السّلام

أقول: المراد من المسير إمّا سيره إلى أهل البصرة؛ أهل الجمل؛ أو إلى صفّين، القاسطين؛ أو إلى النّهروان، الخوارج المارقين، و العهد في كلّ ذلك ثابت له، رواه الخوارزمي (5)و غيره (6)، خصوصا الأخبار في الخوارج ملأ المسند، و أيّا ما كان

ص:282


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
2- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 178؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 93.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5 ص 288.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 148.
5- «المناقب» الفصل السادس عشر، ص 176، ح 212 و ص 189، ح 224 و ص 190، ح 225.
6- «فرائد السمطين» ج 1، الباب الثالث و الخمسون، ص 278، ح 217؛ الباب الرابع و الخمسون، ص 280، ح 220، ص 284، ح 224؛ «ترجمة الإمام علي أبي طالب عليه السّلام» من تاريخ مدينة دمشق، ج 3، ص 158، ح 1196؛ ص 159، ح 1197؛ ص 160، ح 1198.

فالسّؤال عنه في حال خلافته، و يظهر منه أن يتفاوت أمر دينه بطر في السّؤال و أن يقتضي الجواب رجوعه، و لكن قيس بن عباد البكري من أصحابه المشهورين المشكورين.

و في الثانية و الأربعين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرّزاق، أخبرنا معمّر، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن قيس بن عبّاد، قال: كنّا مع علي رضي اللّه عنه فكان إذا شهد مشهدا؛ أو أشرف على أكمة أو هبط واديا؛ قال: «سبحان اللّه، صدق اللّه و رسوله» ، فقلت لرجل من بني يشكر: إنطلق بنا إلى أمير المؤمنين حتّى نسأله عن قوله:

«صدق اللّه و رسوله» قال: فانطلقنا إليه، فقلنا: يا أمير المؤمنين! رأنياك إذا شهدت مشهدا؛ أو هبطت واديا؛ أو أشرفت على أكمة؛ قلت: «صدق اللّه و رسوله» ، فهل عهد إليك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (1)في ذلك؟ قال: فأعرض عنّا، و ألححنا عليه، فلمّا رأى ذلك. قال: «و اللّه ما عهد إلىّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عهدا إلاّ شيئا عهده إلى النّاس، و لكن النّاس وقعوا على عثمان فقتلوه، فكان غيري فيه أسوء حالا و فعلا منّي. ثمّ إنّي رأيت أنّي أخفّهم بهذا الأمر فوثبت عليه، فاللّه أعلم أصبنا أم أخطأنا» (2).

أقول: الظّاهر أنّ القصّة في هذا و سابقه واحدة، و أيّاما كان فالعهد في أمر الرّجوع إلى أهل البيت و استخلاف اثني عشر خليفة و نحو ذلك ممّا لم يختص بأحد من المسلمين، فضلا عن الاختصاص به، و ستّيضح مقتضي مثل ذلك إن

ص:283


1- في المصدر: فهل عهد رسول اللّه إليك شيئا.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 142.

شاء اللّه تعالى.

و يقرب من جوابه ذلك عذر بعض أصحابه حين سئل عن عمله أمن عهد؟ فنفي أن يكون عهد إليهم بما يخصهم، إفصاحا لكفاية العهود العامّة فيما فعلوا.

و أمّا قوله: «فاللّه أعلم أصبنا أم اخطأنا» فقد أومأنا إلى وضعه في كتاب سلاح الحازم (1)، و يدلّ عليه ما دلّ على عدم شكّه في قضاء و لم يزل قاضيا، و كونه أقضي الأمّة و نحوه ممّا ورد في فضله و علمه و غير ذلك ممّا لا يحصى هنا و من ذلك ما سلف في الباب الأوّل من «المسند» : كان أبو بكر يتأمر على وصيّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2). . . و أحاديث إنكار عايشة وصاية علي عليه السّلام (3).

إبطال إنكار تقدّم الصديق على وصي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم!

و توضيح المقام أنّ السوالف من العهود العامّة إلى كافّة المسلمين أثبتت الخلافة لعلّي عليه السّلام و وجوب الرّجوع إليه.

ما قيل في علم الصديق

و شيخنا الصّدّيق، قد عقد السيوطي في «تاريخ الخلفاء» فصلا لبيان أنّه أعلم الصّحابة و أذكاهم و روى حديث: «و كان أبو بكر أعلمنا» (4)إلى أن قال: و كان مع ذلك أعلمهم بالسّنّة، كما رجع إليه الصّحابة في غير موضع يبرّز عليهم بنقل «سنن عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحفظها هو و يستحضرها عند الحاجة إليها ليست عندهم، و كيف

ص:284


1- «سلاح الحازم» مخطوط.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4 ص 382.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 32؛ « صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 75؛ «كفاية الطالب» الباب الثاني و الستون، ص 132.
4- «تاريخ الخلفاء» ص 41.

لا يكون كذلك؟ ! و قد واظب صحبة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أوّل البعثة إلى الوفاة! و هو مع ذلك أذكى عباد اللّه، و أعقلهم، و إنّما لم يرو عنه من الأحاديث المسندة إلاّ القليل، لقصر مدّته و سرعة وفاته بعد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و إلاّ فلو طالت مدّته لكثر ذلك عنه (1)و لم يترك النّاقلون عنه حديثا إلاّ نقلوه، و لكن كان الّذين في زمانه من الصّحابة لا يحتاج أحد منهم أن ينقل عنه ما قد شاركه هو في روايته، فكانوا ينقلون عنه ما ليس عندهم. (2)انتهى موضع الحاجة من كلامه.

فإن كان عرف تلك العهود العامّة و الأحاديث المودّعة في تلك الأبواب و مفاداتها-مضافا إلى الأخبار النّاصّة بالوصاية التي لم نوم إليها، و حديث الغدير الصّادر في الملأ الّذي لم نتعرّض له بعنوان إثبات الإمامة، و إن أسلفنا بعض طرقه، إلى غير ذلك-فقد تآمر على الوصي، و لم يلاحظ عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ليس من المحبّة إنكار العلم بتلك العهود العامّة الّتي عرّفها قليل الصّحبة، فضلا عن صاحب الغار و غيره، أو معرفة مفاداتها و مقتضياتها، حيث يستلزم نقصا فيه و في علمه الوافر، و هو منكر عند العلماء عامّة.

بل اللازم تصحيح عمله من وجه آخر، كاعتقاد الصّلاح في تأخيره و نحو ذلك، مثل ما أشار إليه سيدنا عمر في الحديث السّابق عن ابن أبي الحديد (3)، و دعوى وصي علي عليه السّلام بمباشرته الزّعامة الكبرى، كما يرى في بعض الكلمات، و يصرّح (4)بمثله أو ما يقرب (5)منه الأفضليّة من أهل السّنّة و الجماعة، و إلاّ فهذا

ص:285


1- في المصدر+: جدا.
2- نفس المصدر.
3- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 12، ص 20.
4- كما في حديث الغدير و أحاديث اثني عشر أميرا او خليفة.
5- كما في حديث الثقلين و حديث السفينة و حديث النجوم.

الصّدّيق أيمكن أن يجهل بحديث الثقلين، و أحاديث (1)تعيين العترة النّاصّة بدخول فاطمة في عترته أهل البيت (2)، مضافا إلى ما في فضلها، و مقتضيات تلك السنن ظني أن لا يجامع ذلك فضله في العلم، فقد عرفها حق المعرفة، لكونه أعلم الصّحابة و أذكى عباد اللّه و أعقلهم بشهادة السيوطي، (3)و من حذا حذوه من أهل البصيرة و الإطلاع و مع ذلك، وقع بينه و بين فاطمة عليها السّلام ما مرّ بعض أحاديثه من «البخاري» (4).

و يروي في الصّحاح (5)و غيرها (6)من كتب الجماعة: «فهجرته، فلم تكلّمه حتى ماتت» .

فعلى المحبّ دعوى أن فعل لمصلحة رآها، و إلاّ فأين العلم و الذكاء و العقل التي يراه فاق فيها الصّحابة؛ فلاحظ.

تجديد مقال لإيضاح حال

إعلم أنّ وجه الكلام الآن إلى إخواننا أهل السّنّة و الجماعة في أمر الإمامة و الخلافة، دون ساير الفرق، فالصحيح فيها باتّفاق الفريقين أحد الطّرقين.

ص:286


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 304؛ «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 130؛ «الصواعق المحرقة» ص 85.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 304؛ «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 130؛ «الصواعق المحرقة» ص 58.
3- «تاريخ الخلفاء» ص 42.
4- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 82.
5- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 3 و الجزء الخامس، ج 3، ص 82؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 154.
6- «السنن الكبرى» ج 6، ص 300؛ «كنز العمال» ج 16، ص 722.

تفاوت الأدلّة بحسب الأزمنة

و الكلام في أمر الإمامة، لأنّه يختلف باختلاف الأزمان و مرّ الدّهور، إذ في ابتداء الإسلام كان يشكّ في أن خليفة الزّمان هو شيخنا الصّدّيق، أو عليّ عليه السّلام.

فمن اختار الأوّل اعتمد على ما ادّعاه من تحقّق الإجماع (1)و نحوه (2)، بعد دعوى عدم كون الخلافة منصبا إلهيّا (3)يعرف بتعريفه؛ فقط.

و من اختار عليّا ادّعي النّصّ في الغدير (4)و غيره (5)، بعد زعم توقيفيّة منصب الخلافة (6). و أمّا في مثل هذا الزّمان؛ فليس التّردّد بين الشخصين، بل بين النّوعين و القبيلين، هل الإمارة في الخلفاء البارزين المعروفين، الملوك في الدّولة الإسلاميّة غالبا، أو في أشخاص الاثني عشر لا يتعدّاهم و إن يتولّوا رئاسة في الدّولة الإسلاميّة؟

و أكثر الباحثين في تلك المسألة قد ساقوا الكلام كأنّهم فرضوهما خليفة العصر أو أنفسهم في زمانهما، و لا حاجة إلى ذلك أبدا.

و في هذا الزّمان اتّضح كون الثّاني موافقا لأخبار خير الأنام من طرق الفريقين

ص:287


1- «المستدرك على الصحيحين» ج 3، ص 79؛ «الصواعق المحرقة» المقدمة الثانية، ص 5 و الفصل الثاني، ص 7.
2- «المستدرك على الصحيحين» ج 3، ص 75 و ج 4، ص 333؛ «الصواعق المحرقة» الفصل الثالث، ص 9.
3- «المستدرك على الصحيحين» ج 3، ص 70؛ «تاريخ الخلفاء» ص 7.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 367.
5- من أحاديث الثقلين و السفينة و اثني عشر خليفه و غيرها من الأدلة التي ذكرها في «الصواعق المحرقة» .
6- «الشافي في الإمامة» ج 1، ص 59 و 62.

بنفسه، و بمباديه (1)، إذ في الصدر الأوّل قبل مضي اثني عشر من الخلفاء البارزين من قريش كان يحتمل كون هؤلاء البارزين مطرح أنظار تلك الأخبار، و إن كانت مغيّاة بالسّاعة، أو مفيدة للانحصار من أجل خفاء غاية الأمد، و مدّة الإسلام، و عدد من يأتي من الخلفاء.

الاستدلال بلزوم الخلف في أدلّة استمرار الملك في قريش

و أمّا الآن فقد انسدّ باب هذا الاحتمال، و ضاق المجال، خصوصا بعد خروج سلطان محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن قعر بيته و قراره في سائر البيوت، فإنّ قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا يزال الأمر في قريش» (2)و نحوه (3)إمّا أن يكون جزا عن قرار الأمر بحسب ما يجري في العالم، كما هو صريح القاضي عياض في «الشفاء» حيث قال في فصل إخباره بالغيوب: «و قال: الخلافة في قريش، و لن يزال هذا الأمر في قريش ما أقاموا الدّين» . (4)

و إمّا أن يكون بيانا لمورد الأمر بحسب جعل الشارع و حكم اللّه تعالى على العباد، كما يؤمي إليه التعرّض له يوم السقيفة كما عرفت (5)، و التخلّف بحسب ما وقع في العالم من وقائعه، كما هو المحسوس و المفروض مع استحالة التخلف في أخباره عن الوقائع و الغيوب، كما هو واضح عند كلّ من أقرّ برسالته، و عرف معناها و لوازمها يوجب الجزم بكون سنخ تلك الرّوايات خارجا عن سنخ القضايا

ص:288


1- راجع «معاني الأخبار» ص 58.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 90 و 97؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
3- من أحاديث اثني عشر خليفة أو أميرا.
4- «الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» ج 1، الباب الثالث، الفصل الرابع و العشرون، ص 661.
5- في الباب الأول، في «لزوم قعوده عن البيعة» .

الأخباريّة، و كونها من سنخ بيان الأحكام و إنشائها و جعلها، و بذلك يثبت كون الخلافة توقيفيّة محتاجة إلى التعريف من البرّ اللّطيف، و عدم كونها ممّا يحصل بإجماع النّاس و نحوه-كما أو مأنا إليه في ذيل أحاديث الباب الأوّل (1)أيضا.

و بذلك يظهر عدم كون ما حصل لشيخنا الصّدّيق و من بعده من الخلفاء البارزين من حقيقة تلك الإمارة، و يقصر مقتضاهما عن إثبات الحقيقة لها.

فمن يقول بتلك الرّوايات و لا يجد عنها ملجأ و لا منجي يضطّر إلى الإقرار بتوقيفيّة الخلافة، فيضطر إلى الفحص و التفتيش عن معرّف الخليفة بعنوانه الخاصّ الذّي يعيّنه من بين رجال قريش.

كفاية أخبار الاثني عشر

كما أنّ أخبار «الاثني عشر» بعد تجاوز عدد الخلفاء البارزين يكشف عن ذلك، لأنّ تلك الأخبار أظهرت خلافه اثني عشر رجلا من قريش، و لم يعتبر فيهم سوى كونهم من قريش من الخصوصيّات شيء حتّى يرجع إلى الأخبار عن ولاية صاحب تلك الخصوصيّة، و يمكن انطباق الخبر على واقعه من غير تخلّف و اختلاف بينهما، و بعد تساوي كل واحد من البارزين الّذين جازت (2)عدّتهم العدد المزبور في دخوله في تلك الأخبار و شمولها له، و عدم تفاوت و ترجيح لبعض على بعض بالنّسبة إلى عناوين تلك الأخبار يعلم أنّ النّظر فيها إلى غير ما نراه في الشّاهد من أمر الخلافة.

فيدلّ على كونها توقيفيّة محتاجة إلى تعريف الباري، عرفّها رسوله خاصا بالمعدودين بذلك العدد، فكشف عنهم كشفه عن ساير الأمور الّتي لا تعرف إلاّ من

ص:289


1- في الباب الأول، في «مفاد حديث فراق الجماعة» .
2- كذا في المخلوط، و الظاهر: جاوزت.

قبله من الأحكام و موضوعاتها الشّرعية، فتكون معني آخر غير ثابت لهؤلاء البارزين عامّة، فوجود ذلك المعني فيهم لا يعارض خلافة المشار إليهم في أخبار العدد فيما اختلف مصداقهما.

كما أنّ اعتبار بلوغ أمدهم نزول عيسى و نحوه يدلّ على أنّ هؤلاء العدّة ليسوا ممّن يعرفونهم أهل الإسلام بما جرت عليه الدّولة الإسلاميّة، و أنّهم يحتاجون إلى تعريف لهم من قبل المخبر بهم أو من هو مثله في العلم و المعرفة، و إلاّ لبقي النّاس أهل جاهليّة بهم و لا سيّما بعد ظهور اتّصال إمارتهم و خلافتهم بعضهم ببعض من غير انقطاع الإمارة عنهم إلى غير ذلك حسب ما استظهرناه من تلك الرّوايات، إذ بذلك يزداد جهة الجهل بهؤلاء الأشخاص، و لا مخلص إلاّ بتعريف من العارف بهم بأشخاصهم كما لا يخفى.

و هذا معني التوقيف، و مبني على توقيفيّة الخلافة و الملك و الإمارة، فيكون التوقيفيّة ثابتة عند المخبر عن عدّتهم بذلك العدد؛ انكشف ذلك لنا بما أو مأنا، و إن كانت التوقيفيّة معلومة لنا من طرق آخر و أدلّة محكمة لا بدّ أن يلتزم به من ينقاد للأخذ بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أحاديثه و مقتضياتها، و إن قصر عن إدراك توقيفيّة الخلافة من طرقه الآخر الأجلى، إلاّ أن يعرض عن تلك الطوايف من سننه أو يؤوّلها بقرائن واضحة، تأويلا يقبله العقول، فلنقتصر بذلك في الكلام على الحق الجديد، و فيه كفايه لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى اَلسَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ (1).

و نقول أيضا: إنّ الخليفة إمّا أن يكون هو الإمام الّذي يجب اتخاذه، و يوجب طاعته الخلوص من الجاهليّة حسب ما مرّ في أخبار الباب الأوّل (2)، أو يكون غيره، فإن كان الأوّل أمره بالإمامة توقيفيّا محتاجا إلى التعريف حسب ما قلنا في

ص:290


1- ق:50، الآية 37.
2- في «استظهار وجود الإمام» .

الباب الأوّل (1)، و إن كان الثاني فالأمير و المالك من يكون ذلك تابعا له، المحتاج إلى التعريف دون المتظاهر بالإمارة، كما لا يخفى، و قد أثبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم التابعيّة لكلّ من سوي العترة في أخبار الخليفتين، فيكونون هم الخلفاء دون غيرهم، و قد كشف عنهم و عرّفهم في تلك الأخبار، فلا يثبت الخلافة لغيرهم؛ فلاحظ.

كلام السيوطي في توجيه الأخبار

و من الثاني في كلمات العلماء في أخبار «الاثني عشر» و نحن نقتصر من ذلك على جملة، قال الإمام العالم العلاّمة، جلال الدّين عبد الرّحمان السّيوطي في كتابه «تاريخ الخلفاء» في الكرّاس الأوّل في فصل أورد فيه أخبار «الاثني عشر» كما نقلنا عنه ما هذا لفظه: «قال القاضي عياض: لعلّ المراد بالاثني عشر في هذه الأحاديث و ما شابهها أنّهم يكونون في مدّة عزّة الخلافة و قوّة الإسلام و استقامة أموره، و الاجتماع على من يقوم بالخلافة، و قد وجد هذا فيمن اجتمع عليه النّاس إلى أن اضطرب أمر بني أميّة، و وقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد، فاتّصلت بينهم إلى أن قامت الدّولة العبّاسيّه، فاستأصلوا أمرهم (2).

قال (3)شيخ الإسلام ابن حجر في «شرح البخاري» : كلام القاضي عياض أحسن ما قيل في الحديث، و أرجحه لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة (4): «كلّهم يجتمع عليه النّاس» و إيضاح ذلك أنّ المراد بالاجتماع

ص:291


1- في «امتحان الأئمة في وجود الوصف» .
2- «الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» ، ج 2، ص 94.
3- نصّ كلام السيوطي في «تاريخ الخلفاء» ص 11؛ راجع أيضا «فتح الباري» ج 13، ص 184.
4- كلمة «الصحيحة» ليست في النسخة المخطوطة و إنّما أثبتناها من المصدر أي من «تاريخ الخلفاء» .

انقياده (1)لبيعته، و الّذي وقع أنّ النّاس اجتمعوا على أبي بكر، ثمّ عمر، ثمّ عثمان، ثمّ علي، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين، فتسمّى (2)معاوية يومئذ بالخلافة.

ثمّ اجتمع النّاس على معاوية عند صلح الحسن، ثمّ اجتمعوا على ولده يزيد، و لم ينتظر للحسين أمر، بل قتل (3)ذلك، ثمّ لمّا مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزّبير، ثمّ اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد، ثمّ سليمان، ثمّ يزيد، ثمّ هشام، و تخلّل بين سليمان و يزيد عمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الرّاشدين، و الثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك، اجتمع عليه النّاس، لمّا مات عمّه هشام فولى نحو أربع سنين، ثمّ قاموا عليه، فقتلوه، و انتشرت (4)و تغيّرت الأحوال من يومئذ، و لم يتّفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك، لأنّ يزيد بن الوليد الّذي قام على ابن عمّه الوليد بن يزيد لم تطل مدّته، بل ثار عليه-قبل أن يموت-ابن عم أبيه مروان بن محمّد بن مروان، و لمّا مات يزيد ولى أخوه إبراهيم، فقتله (5)مروان، ثمّ ثار على مروان بنو العبّاس، إلى أن قتل.

ثمّ كان أوّل خلفاء بني العبّاس السّفّاح، و لم تطل مدّته مع كثرة من ثار عليه، ثمّ ولى أخوه المنصور، فطالت مدّته، و لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيّين على الأندلس و استمرّت في أيديهم متغلّبين عليها إلى أن تسمّوا بالخلافة بعد ذلك (6)إلى أن لم يبق من الخلافة إلاّ الاسم في البلاد (7)، بعد أن كان

ص:292


1- في المصدر: انقيادهم.
2- في المصدر: فسمّى.
3- في المصدر+: قبل.
4- في المصدر+: الفتن.
5- في «فتح البارى» : فغلبه.
6- في المصدر+: و انفرط الأمر، و في «فتح الباري» : و انفرط الأمر في جميع أقطار الأرض.
7- «فتح البارى» : بعض البلاد.

في أيّام (1)عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع الأقطار من الأرض (2)شرقا و غربا، يمينا و شمالا (3)ممّا غلب عليه المسلمون، و لا يتولّى أحد في بلد من البلاد كلّها الإمارة على شيء منها إلاّ بأمر الخليفة (4).

و من انفراط الأمر أنه كان في المأة الخامسة بالأندلس وحدها ستّة أنفس كلّهم يتسمّى بالخلافة، و معهم صاحب مصر العبيدي و العبّاسي ببغداد خارجا عمّن كان يدّعي الخلافة في أقطار الأرض من العلويّة و الخوارج، قال (5): فعلى هذا التأويل (6)يكون المراد بقوله: «ثمّ يكون الهرج» (7)يعني القتل الناشي عن الفتن وقوعا فاشيا، و يستمرّ و يزداد (8)و كذا كان.

و قيل: إنّ المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى يوم القيامة، يعملون بالحقّ، و إن لم تتوال (9)أيّامهم، و يؤيد هذا (10)ما أخرجه مسدّد في «مسنده» الكبير عن أبي الخلد (11)أنّه قال: «لا تهلك هذه الأمّة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلّهم يعمل بالهدى و دين الحق، منهم رجلان من أهل بيت محمّد صلى اللّه عليه و سلم. . .» (12)و على، هذا فالمراد بقوله: «ثمّ يكون الهرج» أي الفتن المؤذنة

ص:293


1- «فتح البارى» : كانوا في أيّام بني عبد الملك.
2- «فتح البارى» أقطار الأرض.
3- «فتح البارى» : و شمالا و يمينا.
4- انتهى كلام ابن حجر، راجع: «فتح البارى» ج 13، ص 185.
5- «تاريخ الخلفاء» ص 11 و 12؛ ابن حجر في «فتح الباري» ج 13، ص 185.
6- «فتح الباري» -: التأويل.
7- «سنن أبي داود» ج 4، كتاب المهدي،106، ح 4281.
8- «فتح الباري» +: على مدى الأيّام.
9- «فتح الباري» ج 13، ص 184: و ان لم تتوالى.
10- في المصدر: يؤيّده.
11- في المصدر: من طريق أبي بحر أن أبا الجلد حدثّه.
12- «مسند الكبير» للمسدّد مفقود.

بقيام السّاعة من خروج الدّجّال و ما بعده» ، انتهى (1).

قلت (2): و على هذا فقد وجد من الاثني عشر (3)الخلفاء الأربعة، و الحسن و معاوية و ابن الزّبير و عمر بن عبد العزيز هؤلاء ثمانية، و يحتمل أن ينضمّ إليهم المهدي (4)المهتدي من العبّاسيّين، لأنّه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أميّة، و كذلك الظاهر، لما أويته من العدل، و يبقي الاثنان المنتظران، أحدهما المهدي، لأنه من آل بيت محمّد» انتهى كلام السيوطي (5).

أقول: الحيرة في المراد من «الاثني عشر» من هذا الكلام في كمال الوضوح.

إبطال قول القاضي عياض الذي حكاه

و ظاهر القاضي انقضاؤهم قبل بني العبّاس، حيث قال: «و قد وجد هذا. . .» (6).

و أمّا شرح شيخ الإسلام و كلامه: فى «الشرح» فقيه أنّه مغاير لما هو الظّاهر من كلامه. حيث يدخل فيهم من بني العبّاس، و ظاهره عدم دخولهم كما عرفت، بل هو يقارب الوجه الأخير كما لا يخفى، و مع ذلك فلم يفتن في أمر أبي بكر بما وقع ممّن لم يبايعه، و من أهل الردّة، و لا في أمر عثمان بمن ثاروا عليه حتّى قتلوه، و لا في أمر عليّ عليه السّلام بما وقع. . . و أحزابه و الشام و أشباهه من ترك البيعة، و عدم الانقياد رأسا، و لا بما وقع من أهل الجمل و لا أهل صفين، و لا أهل نهروان، و لا في

ص:294


1- انتهى كلام ابن حجر في «فتح الباري» ج 13، ص 184، مع التغيير في ترتيب كلامه من السيوطي في «تاريخ الخلفاء» ص 11 و 12.
2- كلام السيوطي في «تاريخ الخلفاء» ص 12.
3- في المصدر+: خليفة.
4- في المصدر-: المهدي.
5- «تاريخ الخلفاء» ص 10-12.
6- «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» ج 2، ص 94.

معاوية إلى قهر الناس، و فعل ما فعل، و لا في يزيد إلى حيل أبيه، و لا إلى وقعة الطّفّ، و لا إلى فعل أهل المدينة، و وقعة الحرّة و ما كان من ابن الزّبير، و لا غير ذلك. مع أنّ ما أخرج به غيرهم تشبه تلك الوقائع، كما يعرفه البصير.

ثمّ الأقطع قوله: «فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الرّاشدين و الثاني عشر هو الوليد. . .» (1)، مع أنّه تمّ العدد بهشام «أبو بكر و عمر و عثمان و عليّ و معاوية و يزيد و عبد الملك و الوليد و سليمان و عمر بن عبد العزيز و يزيد و هشام» و على أيّ وجه يدّعي إرادة العهد في تلك الأخبار؟ ! و لا قرنية عليه فيها؛ و لا شاهد له في الخارج؛ ثمّ على أيّ وجه ينزّل تلك الأخبار عليهم؟ ! مع أنّه جعل قيامهم غاية قيامهم الدّين؛ و غاية صلاحه؛ و غاية كونه مواتي أو مقاربا، و غاية ظهوره على من ناواه لا يضرّه مخالف و لا مفارق و غاية كونه ماضيا، و غاية عدم انقضائه، و نفس مدّة مضيّه، و غاية عزّة الدّين، و كونه عزيزا، منيعا ينصرون على من ناواهم عليه، و غاية كون النّاس بخير، فجعل غاية لذلك، كما جعل السّاعة غاية لكثير منها المساوي للباقي و جعل العدد بنفسه عدد من يكون بعده من الخلفاء، و عدّة من يكون لهذه الأمّة من خليفة، و عدّة من يملكهم من خليفة، و عدّة الخلفاء بعده، و سئل عمّا يكون بعدهم، فقال: «الهرج» و وصفوا بالعمل بالهدى فيما ذكره (2)، فلو كان هؤلاء مطرح تلك الأخبار فقد انقضى الدّين قبل ذلك بكثير، بل قامت السّاعة بمشاركتهم لمضيهم في الغائية، كما عرفت.

فياللّه من خطب جليل، و ذالت الخلافة عن غيرهم، بالحصر في أخبار نفس العدد و غيره، و كان الهدى قتل العترة، و نهب المدينة و إباحتها، و إحراق البيت، و سبّ عليّ عليه السّلام و قتل من يحبّه إلى غير ذلك، فليراجع كتابنا: «الطّلع النّضيد في

ص:295


1- «فتح الباري» ج 13، ص 184.
2- «تاريخ الخلفاء» ص 12.

إبطال المنع عن لعن يزيد» (1)في مذهبه و نسبه و أفعاله و أقوال العلماء فيه و غير ذلك، و كتابنا: «سلاح الحازم» (2)فيما يتعلق بمعاوية.

فإن قيل: العمل بالهدى ليس في تلك الأخبار، بل فيما يذكره فقط. قلت: معني الخيلفة أن يكون عاملا بالهدى، و إلاّ فنمرود و نجت النّصر لا يتوهّم كونهما خليفة من سبقهما من الأنبياء، و كذا كل من لا يجري على وتيرة السّابق كما لا يخفى، مضافا إلى أنّ تلك الأخبار كلّها يرد موردا واحدا لا تعدّد فيما تنظر إليه، و إلاّ فليجعل كلّ واحد ناظرا إلى اثني عشر علاحدّه، غير ما أشار إليه في الآخر.

إبطال التأييد الّذي ادعاه

و أمّا المؤيّد الّذي ذكره (3)فبطلان التّأييد فيه واضح لوجوه. منها: أنّ قضيّة لزوم الاجتماع على الإمام و الخليفة كما هو قضيّة الباب الأوّل (4)، و قضيّة كلام سيّدنا عمر السّابق في سعد بن عبّادة (5)و غير ذلك (6)خروج الخارج من الأمّة:

و انحصارهم في المجتمعين.

و منها: ما أشار إليه في باقي الطرق من أنّ «لا يضره أو يضرّهم المخالف و المفارق» (7)و نحو ذلك (8)ممّا يشعر بوجود الخارج في زمانهم أيضا بالخلاف

ص:296


1- «الطلع النضيد في إبطال المنع عن لعن يزيد» مخطوط.
2- «سلاح الحازم» مخطوط.
3- «فتح الباري» ج 13، ص 184.
4- من «الاخبار الدالة على وجود الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وجوب الايتمام» .
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 56؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 194.
6- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 194.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 269،278،279؛ «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 26؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 53 و 54.
8- نفس المصدر.

و الغراق.

و منها: أنّ أبا بكر لم يبايعه عدّة (1)، و كذا عليّ (2)-كما يعرف من السّير، و الحال في يزيد أوضح و أفظع إلى غير ذلك.

و منها: أنّ قوله: «كلّهم يجتمع عليه النّاس أو الأمّة» (3)جملة مستأنفة، و هو خبر آخر عن الخلفاء، قبال الخبر عنهم بكونهم «اثنا عشر» من غير اعتبار خصوصيّة فيهم-كما عرفته مرارا و هو واضح، فاتّضح عدم كون ما ذكره من تعيين مصداق. «الاثني عشر» المذكور في الخبر، كلّ ذلك مضافا إلى ما عرفت في أخبار بقاء الدّين، من لزوم كون الطّائفة المذكورة فيها نفس الإمام و الخليفة، أو من أتباعه، فراجع (4). و لا يوجد في أتباع جملة من هؤلاء مصداق ما عرفت عنوانه في تلك الأخبار؛ فلاحظ.

و الدّاعى إلى مثل هذا التّأويل في الأخبار ليس إلاّ كثرة الخلفاء فيما زعموا.

مع الغفلة عن لزوم تصحيح الخلافة أوّلا، و هو واضح، و أغرب من ذلك ما ذكره في تأويل الهرج، و حاله واضح لا يحتاج إلى مقال.

و أمّا الوجه الثّاني: فيعرف جملة ممّا فيه ممّا سلف، فلا نعيده، و أنّ الّذين وصفوا بالعدل في زعمهم أزيد منهم-كما يعرف من السير-مضافا إلى ظهور الاتّصال من الأخبار-كما عرفت-و ما دلّ على كون دوام الدّين بالإمام و الخليفة و انّه لا ينقطع.

ص:297


1- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 2، ص 50 و 21؛ «تاريخ الطبري» ج 3، ص 199؛ «الإمامة و السياسة» ج 1، ص 12.
2- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 4، ص 9؛ «تاريخ الطبري» ج 5، ص 153؛ «ترجمة الإمام علي بن أبي طالب» من تاريخ مدينه دمشق، ج 3، ص 97.
3- «سنن أبي داود» ج 4، ص 106، ح 4279؛ «كنزل العمال» ج 11، ص 135، ح 30929؛ «فتح الباري» ج 13، ص 184.
4- الباب الاول بعد المقدمات.

كلام فضل اللّه بن روزبهان

و قال ابن روزبهان في جواب العلاّمة الحلّي رحمه اللّه، عند ما اشار إلى أخبار «اثني عشر» ما هذا لفظه: «ثمّ ما ذكر من عدد اثني عشر خليفة، فقد اختلف العلماء في معناه، فقال بعضهم: هم الخلفاء بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كان اثني عشر منهم ولاة الأمر إلى ثلاث مأة سنة، و بعدها وقع (1)الفتن و الحوادث، فيكون المعني أنّ أمر الدّين عزيز في مدّة «خلافة اثني عشر كلّهم من قريش» و قال بعضهم: إنّ عدد صلحاء الخلفاء من قريش اثني عشر، و هم الخلفاء الرّاشدون، و هم خمسة، و عبد اللّه ابن الزبير، و عمر بن عبد العزيز و خمسة آخر من خلفاء بني العبّاس، فيكون هذا إشارة إلى الصلحاء من الخلفاء القرشيّة» (2)، انتهى موضع الحاجة من كلامه.

أقول: خليفة الوقت سنة الثلاث مأة، هو المقتدر باللّه، أبو الفضل بن المعتضد باللّه و هو ثامن عشر خلفاء بني العبّاس-على ما ذكره السّيوطي في التاريخ (3)- فإمّا أن تكون عبارة النّسخة سقيمة أو ذلك من محض التمويه و نحوه، و المفاسد الصّادرة من الخلفاء إلى ذلك الوقت لا تحصى هنا، و لعلّه ينتخب منهم إلى المدّة اثني عشر رجلا، و لم يذكر هو غير كونهم ولاة الأمر، و كلّهم كانوا ولاة الأمر فيما زعموا، و تفصيل فساد ذلك الوجه يعرف من مراجعة سير خلفاء المدّة، فكيف يكون أمر الدّين عزيزا في خلافتهم؟ !

و أمّا القول الثّاني فأنعم به من قول، حيث جعل معاوية من الخلفاء الرّاشدين (4)

ص:298


1- في المصدر: وقعت.
2- «إبطال نهج الحق» المطبوع في «دلائل الصدق» ج 2، ص 486.
3- «تاريخ الخلفاء» ص 378.
4- حيث قال: و هم الخلفاء الراشدون و هم خمسة.

و قد ذكر النّاقل في موضعه أنّه ليس من الخلفاء، بل من الملوك (1)، و لا يلزمه الذّبّ عنه. و ابن الزبير يطابق عليه خبر: «يلحد في مكّة رجل من قريش عليه نصف عذاب أهل الدّنيا» (2)الّذي خوّف عثمان من الخروج إليهما، فنعم الصّلاح، مضافا إلى ما رووه في ذمّه (3)و عدم تصحيحهم لخلافته بما يعرف من السير، و إباء الأجلّة كابن عبّاس من البيعة له، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى هنا (4)، و أمّا الخمسة من بني العبّاس، فليته عيّنهم، و الجلّ منهم على منهاج واحد لا يمتاز في الأمر خمسة منهم، مع أنّهم إذا لم يعرفوا العاقبة، فلعلّ أن يملك فيما بعد جماعة من قريش أصلح من جملة هؤلاء، فماذا يجعلهم مطرح تلك الأخبار دون غيرهم؟ ! و إنّما يعرف المراد من الكلام في مثله من قبل المتكلّم فقط؛ فلاحظ.

نقل كلام أحمد بن سليمان

و قال الفاضل أحمد بن سليمان في حاشية كتاب أبيه الشيخ سليمان خليفة عبد الحقّ الدّهلوي: اعلم أنّ العلماء ذكروا في تأويله وجوها:

منها: ما ذكره في «الصّواعق» بقوله: «قال القاضي عياض: قيل: «المراد باثني عشر في هذه الأحاديث و أشباهها أنّه يكون في مدّة. . .» فذكر العبارة السّابقة بعينها، إلاّ أنّه قال: «فاتّصلت الفتن بينهم إلى أن قامت الدّولة العباسيّة. فاستأصلوا أمرهم» قال شيخ الإسلام ابن حجر في «فتح الباري» (5): كلام القاضي هذا أحسن ما قيل في هذا الحديث و أرجحه، لتأييده بقوله: «في بعض طرقه الصّحيحة «كلّهم

ص:299


1- «إبطال نهج الحق» المطبوع في «دلائل الصدق» ج 3، ص 352.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 67؛ «مجمع الزوائد» ج 7، ص 230؛ باختلاف يسير.
3- «مروج الذهب» ج 3، ص 75؛ «تاريخ الخلفاء» ص 212.
4- «الكامل في التاريخ» لابن أثير، ج 4، ص 249-253.
5- «فتح الباري» ج 13، ص 184.

يجتمع عليه النّاس» و المراد باجتماعهم. . .» فذكر عبارة شيخ الإسلام باختلاف إلى قوله: «و لا يتولّى أحد في بلد إمارة شيء إلاّ بأمر الخليفة» فقال:

و منها ما قيل: «إنّ المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى القيامة، يعملون بالحقّ، و إن لم يتولّوا (1)فالمراد باثني عشر الخلفاء الأربعة، و الحسن و معاوية و ابن الزّبير و عمر بن عبد العزيز، (2)و يحتمل أن ينضمّ إليهم المهدي العبّاسي، لأنه في العبّاسيين كعمر بن عبد العزيز في الأمويّين، و الظاهر العبّاسي أيضا (3)و يبقي الاثنان المنتظران أحدهما المهدي، لأنّه من أهل بيت (4)محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (5).

و منها (6)ما قيل: إنّ هذا يكون بعد موت المهدي الّذي يخرج في آخر الزّمان، و قد وجدت في كتاب دانيال: إذا مات المهدي يملك خمسة رجال، هم ولد السّبط الأكبر، يعني الحسن بن عليّ رضى اللّه عنه ثمّ يملك من بعدهم خمسة رجال من ولد السّبط الأصغر يعني به الحسين بن عليّ رضى اللّه عنه ثمّ يوصي آخرهم إلى رجل من ولد السّبط الأكبر. فيهلك، ثمّ يملك بعده ولده فيتمّ بذلك اثنا عشر ملكا، كلّ واحد منهم إمام مهدي (7).

و منها ما قيل: إنّهم يكونون في زمان واحد، فهذا الحديث إشارة إلى سعة ملك الإسلام، بحيث يكون اثنا عشر خليفة في زمان واحد في جميع بلاد الإسلام.

ص:300


1- «الصواعق المحرقة» ص 12: و إن لم يتوالوا.
2- في المصدر+: قيل:
3- في المصدر+لما أويته من العدل.
4- في المصدر: آل بيت.
5- انتهى ما نقله «الصواعق المحرقة» من كلام ابن حجر في «فتح الباري» .
6- تتمة كلام أحمد بن سليمان.
7- لم نجد هذا المضمون في كتاب «دانيال» من كتب العهد العتيق.

قلت: و إلى الآن لم يقع ذلك، و اللّه يعلم بعده.

و منها ما ذكره العارف خواجه محمّد پارسا-في «فصل الخطاب» (1)ناقلا عن الإمام عفيف الدين الكازروني: «من أنّ هذا إشارة إلى ما بعده و ما بعد أصحابه.

لأنّ حكم الصّحابة مرتبط بحكمه، فأخبر صلى اللّه عليه و سلم عن الولايات الواقعة بعد ذلك، و كأنّه إشارة إلى خلفاء بني أميّة، و ليس هذا على طريق المدح، بل على معنى استقامة السّلطنة فأوّلهم يزيد بن معاوية، ثمّ معاوية بن يزيد، و لا يدخلهم ابن الزّبير، لأنّه من الصّحابة. و لا مروان بن الحكم، لأنّه بويع له بعد بيعة ابن الزّبير، و كان ابن الزّبير أولى منه، فكان هو كالغاصب (2)، ثمّ عبد الملك، ثمّ الوليد، ثمّ سليمان، ثمّ عمر بن عبد العزيز، ثمّ يزيد بن عبد الملك، ثمّ هشام، ثمّ وليد بن يزيد، ثمّ يزيد بن الوليد، ثمّ إبراهيم بن الوليد، ثمّ مروان بن محمّد، فهؤلاء اثنا عشر، ثمّ خرجت الخلافة منهم إلى بني العبّاس.

قلت: هذه الوجوه الخمسة ما وقفت عليه في تأويل هذا الحديث، ممّا أورده العلماء من الأقوال، و اللّه سبحانه أعلم بحقيقة الحال، أحمد بن سليمان (3).

أقول: كلامه صريح في زعمه-تبعا للصواعق (4)و السّيوطي (5)قبلهما-في اتّحاد مرام القاضي و شيخ الإسلام في فتح الباري (6)، مع وضوح المغايرة، و لفظ «لعلّ» اشتبه عليه فجعل القاضي حاكيا عن الغير، و الأمر سهل.

و الوجهان مرّ ما فيهما، و يأتي أيضا ما له دخل، و أمّا الثاني في كلامه؛ فهو

ص:301


1- قد طبع كتاب «فصل الخطاب» لخواجه پارسا في تاجيكستان، و لم نجده إلى الآن.
2- في النسخة المخطوطة: «كالغضب» و الصحيح ما أثبتناه.
3- انتهى كلام الفاضل أحمد بن سليمان في حاشية «تحفة اثني عشرية» .
4- «الصواعق المحرقة» ص 12.
5- «تاريخ الخلفاء» ص 10 و 11.
6- «فتح الباري» ج 13، ص 184 و 185.

السّابق نقله في كلام السّيوطي نقلا عن شيخ الإسلام، مع ضمّ تعيين المصداق من السّيوطي (1)إلاّ أن يدلّ قوله: «و إن لم تتوال أيّامهم» (2)بقوله: «و إن لم يتولّوا» و الظّاهر أنه مصحّف «و إن لم يتوالوا» و أيّا ما كان، فقد مرّ حاله، و لو لا تعيين المصداق بما ذكر لكان له قرب إلى الأخبار كما لا يخفى.

و أمّا الوجه الثّالث: فمن أفسد الوجوه، لصراحة الكثير من الأخبار من أجل نحو قوله: «لا يزال هذا الدّين صالحا إلى اثني عشر. . .» (3)الظّاهر في اتّصال ظهور الدّين الموجود في زمانه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما يكون في زمانهم، و «المهدي يملأها قسطا و عدلا، بعد ما ملئت جورا و ظلما» (4)و نصت جملة منها بأنّهم «ينصرون على من ناواهم عليه» (5)و قال: لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ (6)و من يبقي على مذاق القوم، حتى ينصروا عليه؟ ! و ورد «أنّ المهدي صاحب دجّال» و مرّ أيضا في الطائفة المنصورة «أن آخرهم يقاتل المسيح الدّجال (7)، فينتهى الأمر حينئذ» .

و ما حكاه القائل بقوله: «وجدت. . .» على فرض صدقه لا يدلّ على الانحصار أوّلا، و لا على كون كلّ منهم إماما مهديّا ثانيا، و لا هو أقرب بذلك في

ص:302


1- «تاريخ الخلفاء» ص 11.
2- نفس المصدر، ص 12.
3- لم نجد هذه العبارة بل الأخبار الكثيرة هي: «لا يزال هذا الدين قائما أو ظاهرا أو عزيزا» كما في «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87،90،92،98،99؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 4.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 37 و 52؛ «كنز العمال» ج 14، ص 264، ح 38655 «فرائد السمطين» ج 2، ص 312، ح 562.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98،99،101.
6- التوبة:9، الآية 33.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 434 و 437.

«الاثني عشر» المذكور في الرّوايات، هذا مع أنّ المذكور في الكلام ليس إلاّ الملك، فلعلّه غير الخلافة و إن كان نفسها في أخبار «الاثني عشر» .

ثمّ إنّه كيف يجوز للرّواة أن يرووا المقيّد بهذا الإطلاق «أو لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» ترك قيده؟ ! بل و تخصيص ملكهم و عدّتهم، و ترك ذكر من يملك من قريش قبل المهدي، مع حكمه أو إخباره بدوام الأمر فيهم مطلقا، كما هو قضيّة حديث ابن عمر (1)و غيره (2)أيضا؟ ! كما عرفت، أو مقيّدا كما توهّم؟ و كيف يذكره في جواب السؤال عن عدّة من يملك من أمّته من غير تقييد بشيء (3)؟ ! و كيف تروى عايشة كما روت، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى هنا، و لا يخفى على أولى النّهى؟ ! و كيف يصنع الموجه لحديث «أبو بكر لا يلبث إلاّ قليلا و عمر. . .» (4)؟ و كيف يفعل بما يوهم خروج السّلطان من قريش إذا أحدثوا؟ ! و نحو ذلك و قد خرج، و أخبار الاشتراط بأمور، و بأخبار كون المهدي آخر الأمّة (5)؟ ، بل و بحديث بكاء الصّحابة عند سماع حديث الاثني عشر (6)؟ .

و أمّا الوجه الرّابع، ففيه أنّ نفس العدد الخاص هو المخبر به في حديثي ابن مسعود المسئول في أحدهما عن قدر من يملك هذه الأمّة من خليفة (7)، و في الآخر عن قدر من يكون بعده خليفة (8)و الأوّل سؤال عن قدر تمام من يملكهم،

ص:303


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 29 و 93 و 128؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 155.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 93-107؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398 و 406.
4- «الصواعق المحرقة» ص 11.
5- «المستدرك على الصحيحيين» ج 4، ص 558.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398.
8- «نفس المصدر» ص 406.

و الثاني سؤال عن قدر من يكون خليفة من بعده، أي يثبت له الخلافة، فيساوى الأوّل و يظهر في المتّصل، و تمام خلفائه، فكأنّه أخبر عن الخليفة بذلك العدد الخاص.

و في حديث عايشة (1)جعل العدد الخاص بالإشارة خبرا عن عدّة الخلفاء بعده الظاهر أو الصّريح في العموم الافرادي، كما لا يخفى.

و في حديث جابر الأخير جعل اسم العدد مع تمييزه اسم كان، و أخبر عنه بقوله: «لهذه الأمّة» فقال: «يكون لهذه الأمّة اثنا عشر خليفة» (2)، فهو أيضا إخبار عن عدد خليفة الأمّة بما هم أمّة، و في جملة من أخباره «يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش» (3)و العدد اسم كان، و الظّرف المتقدّم خبره، و يعيّنه ما في بعض طرقها من قوله: «من بعدي» (4)و قوله: «كلّهم من قريش» (5)جملة خبريّة خبر بعدّ خبر، لا وصفيّة، و مثله قوله: «يكون اثنا عشر أميرا، كلّهم من قريش» (6)إلاّ أنّ الخبر فيه محذوف للوضوح، فيكون إخبارا عن الخلفاء و الأمراء بعده بعددهم، و بكونهم من قريش، كما أسلفناه أيضا.

و لعلّ الموجّه المزبور يجعل قوله: «كلّهم من قريش» (7)جملة وصفيّة، إلاّ أن

ص:304


1- «منتخب كنزل العمّال» المطبوع في هامش «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 154.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 105 و 106.
3- نفس المصدر، ص 92.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 99؛ «كنز العمال» ج 12، ص 24 و 33، ح 33803 و 33860.
5- نفس المصدر.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87،90،92،98.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87 و 99؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 8، ص 127؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3 و 4.

روايتي ابن مسعود (1)و رواية عايشة (2)تشهد بخبريّتها، فهي أظهر، و بذلك تحمل العبارة على الخبريّة في تمام طرق الرّواية، حتّى الأولى من روايات جابر (3)، و إن كان في بعضها على وجه الاستيناف البياني، كما لا يخفى، و الامتداد و إن لم يظهر من مثل قوله: «يكون بعدي اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش» (4)على وجه الصّراحة، إلاّ أنّه يكفي فيه كونه خبرا بخلافة العدّة بعده، و عدّة الخلفاء بعده، من غير اعتبار قيد من الاجتماع و نحوه، بعد وضوح الحاجة إلى الخليفة في تمام المدّة الطّويلة.

و أمّا قوله في بعض الطّرق: «حتّى يملك اثنا عشر كلّهم من قريش» (5)فبعد ظهوره في المضيّ بقرينة التعبير به في جملة و كونه غاية الأمر الممتد بعد وضوح استناده إلى مالك الأمر في الدّين، و كذا حاجة أهل الدّين إلى الخليفة فينصرف إلى خصوص المترتبين أيضا، و ربّما يؤيّده قول القواريري السّابق؛ فلاحظ.

و أمّا قوله: «ما وليهم اثنا عشر رجلا» (6)فصريح في الامتداد بكونه توقيتا، لما سبقه المعلوم إرادة وجوده من بدو الأمر، و ما أشار إليه «مسلم» في ذلك أظهر، لكونه إخبارا بمن يليهم «و كلّهم من قريش» (7)كما عرفت.

و أمّا قوله: «حتى يمضى فيهم (8)أو منهم اثنا عشر. . .» (9)فذكر مضي العدد

ص:305


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 398 و 406.
2- «منتخب كنز العمّال» المطبوع في هامش «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 154.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 87-92.
4- نفس المصدر، ص 92.
5- نفس المصدر، ص 96.
6- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
7- نفس المصدر.
8- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
9- «كنز العمال» ج 12، ص 32، ح 33848 و 33849 و 33852.

ظاهر في التعاقب، فلو أراد الاجتماع لقيّده، مضافا إلى القرائن السّابقة، و منه يعلم الحال في قوله: «حتّى يقوم» (1)و «حتى يكون» (2)كلّ ذلك مضافا إلى أنّه حكم بقتل ثاني الخليفتين، كما مرّ (3)، فكيف يكون الكثرة تجامع الخلافة؟ ! و تستتبع ما جعل غاية له من صلاح الدّين، و هذا عليّ عليه السّلام لم يترك معاوية تارك البيعة و رضى منه بالشّام، و لم يعطه، إلى غير ذلك ممّا يدلّ على بطلان تعدّد خلفاء عصر واحد، و كيف يكون ظهور الدّين و صلاحه و استقامته و غير ذلك في زمان هؤلاء؟ ! و أحد عشر منهم واجب القتل، و لا يتمكن منه في حقّهم.

و أمّا قول القائل: «و إلى الآن لم يقع ذلك» (4)ففيه: أنّه إذا كان المعيار على التّسمّى و إقرار جماعة بالاسم، كيف عرف عدم الوقوع؟ ! و قد حكي السّيوطي ما يقرب من ذلك آنفا (5)، و نعم انقضاء الإسلام بعد موت هؤلاء المجتمعين.

و بالجملة: فقضيّة أخبار الخلافة بمجموعها-إلاّ معلوم الفساد-و حكمة الحاجة إليها، و نحو ذلك؛ اعتبار الترتيب و ساير رواياته بعد وضوح كونها قضيّة واحدة، بل و اتّحاد مضمونها لما في روايات غير جابر أيضا، مضافا إلى الأخبار المعيّنة للخلفاء.

و بعبارة أخرى: إنّ الموجّه رأى تلك الأخبار مجملة غير معيّن المصداق، و أراد تعيينه باحتمال لا يساعده ظاهر الأثر، و لو وجد في السّنّة ما يبيّنه قدم على أمثاله. مضافا إلى منافات الاحتمال المزبور لما عرفت من شواهد السّنّة، و نفس

ص:306


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98،101،107؛ «كنز العمال» ج 12، ص 33، ح 33853.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ، ص 86 و 88 و 97 و 107.
3- الباب الاول، نقلا عن «الإمامة و السياسة» .
4- «حاشية أحمد بن سليمان في تحفة اثني عشرية» .
5- «تاريخ الخلفاء» ص 12.

تلك الأخبار؛ فلاحظ.

و أمّا الوجه الخامس: فكان الموجّه به قصر نظره إلى نحو قوله: «يكون لهذه الأمّة اثنا عشر خليفة» (1)ثمّ أراد تصحيح الخبر، بعد أن رأى أنه (2)لا يطابق الواقع، فأراد التّوجيه، و ادّعى عدم الدّلالة على المدح، غافلا عمّا في تصديق الخلافة و عمّا جعل مضيهم غاية له من استقامة الدّين و صلاحه المعلوم، خصوصا بعد شهادة الصّدّيق، كون مثل ذلك في كلّ زمان مستندا إلى إمامه و خليفته، و لا مدح أعلى ممّا في تلك الأخبار.

و أيّاما كان أخرج من كان قبل يزيد عن عناوين تلك الأخبار، و جعله أوّل من تشرّف بذلك التّشريف (3).

و نقول: إذا كان أخبر عن الولايات الواقعة بعده؛ لا بدّ من مرجحّ يوجب الكشف عن هذا القدر خاصّة بلا زيادة، و ليته أشار إليه، و إذا كان العدد عدد بعض الولاة؛ فأيّ داع لإخراج الصّحابي؟ ثمّ أيّ وجه بعد كون الخبر عن محض الملك و الخلافة في الظاهر للتخصيص ببني أميّة؟ فهو طول مدّة ملك هؤلاء الملوك، فمنهم من ملك أربعين يوما و أقلّ، أو استحكام ملكهم، و منهم من خلع و عاش مخلوعا، مع أنّ الأخبار بكونهم «كلّهم من قريش» (4)أن انصرف إلى أعلاهم فبني العبّاس أولى من بني أميّة.

و بالجملة فعدم كون مثل ملك هؤلاء ذاتا و مدة بحيث يكون مورد الاهتمام من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مرحلة الإخبار، و من غيره في مرحلة السّؤال و كذا

ص:307


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 105 و 106.
2- في النسخة المخطوطة: أن، و الصحيح ما أثبتناه.
3- «حاشية تحفة اثني عشرية» نقلا عن «فصل الخطاب» حيث قال: فأوّلهم يزيد بن معاوية.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 92 و 93؛ «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4 ص 127؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.

الجواب. حيث يتحسّر أن لم يسأله غيره منذ قدم العراق، و نحو ذلك يوجب القطع بعدم كون ذلك الملك مصبّ تلك الأخبار من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أصحابه مضافا إلى الإطلاق و غيره ممّا ينافي الصرف إلى ذلك، فضلا عن ملاحظة كون مضيّ الاثني عشر عدل قيام السّاعة في الغائيّة للدّين (1)و غير ذلك (2)، و ملاحظة وجود المغيّا من استقامة الأمر و ظهور الإسلام و نحوه في زمانهم (3)، و ملاحظة عدم انقطاع ذلك بعد مضيّهم، بل كون الأمر بعدهم أحسن منه في زمانهم، كما يعرفه العارف بالسير و ما جرى بعدهم، و لا سيّما هذه الأزمان، و من الجري أن يكون أصل التّوجيه من شيعة آل أبي سفيان، و جند بني مروان، و إن ألقي في روع غيرهم.

قال التّرمذى في كتاب الفتن من «صحيحه» في باب ما جاء في الخلافة حدّثنا أحمد بن منيع أخبرنا شريح (4)بن النّعمان. أخبرنا حشرج بن نباتة، عن سعيد بن جمهان، قال: حدّثني سفينة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثمّ ملك بعد ذلك» ثمّ قال لي سفينة: أمسك (5)خلافة أبي بكر (6)و خلافة عمر و خلافة عثمان، ثمّ قال لي (7): أمسك خلافة عليّ، قال (8): فوجدناها ثلاثين سنة، قال سعيد: فقلت له: إنّ بني أميّة يزعمون أنّ الخلافة فيهم، قال: كذبوا (9)بنو

ص:308


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 89؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3 و 4.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 93،96،98؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 4.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 93،96،98؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 4.
4- في المصدر: سريح.
5- في المصدر+: عليك.
6- في المصدر+: ثمّ قال: .
7- في المصدر-: لي.
8- في المصدر-: قال: .
9- في المصدر: كذب.

الزّرقاء، بل هم ملوك من شرّ الملوك و قال (1): حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد (2)، و لا نعرفه إلاّ من حديثه (3).

الوجه الآخر لفضل بن روزبهان

و في المقام وجه آخر استحسنه ابن روزبهان، و هذا لفظه:

«و أمّا حمله على الأئمّة الاثني عشر؛ فإن أريد بالخلافة العلم (4)و المعرفة و إيضاح الحجّة و القيام بإتمام منصب النبوّة فلا مانع من الصّحّة، و يجوز هذا الحمل، بل يحسن (5)، و إن أريد (6)الزّعامة الكبرى و الإيالة العظمى فهذا أمر لا يصحّ، لأن من اثني عشر اثنين كان صاحب (7)الزّعامة (8)الكبرى و هما عليّ و حسن (رضي اللّه عنهما) و الباقون لم يتصدّوا للزّعامة الكبرى. و لو قال الخصم:

إنّهم كانوا خلفاء، لكن منعهم النّاس عن حقّهم. قلنا: سلمت أنّهم لم يكونوا خلفاء بالفعل، بل بالقوّة و الاستحقاق، و ظاهر أنّ مراد الحديث أن يكونوا خلفاء قائمين بالرعاية (9)و الولاية، و إلاّ فما الفائدة في خلافتهم في إقامة الدّين؟ و هذا ظاهر.

و اللّه أعلم» (10)انتهى موضع الحاجة.

ص:309


1- في المصدر+: هذا.
2- في المصدر: سعيد بن جمهان.
3- «سنن الترمذي» ج 3، ص 341، ح 2326.
4- في المصدر: وراثة العلم.
5- في المصدر-: بل يحسن.
6- في المصدر+: به.
7- في المصدر: كانا صاحبا، و الصحيح، كانا صاحبي.
8- في المصدر: للزّعامة.
9- في المصدر: بالزّعامة.
10- «إبطال نهج الحق» المطبوع في «دلائل الصدق» ج 2، ص 478.

أقول: قد اتضح من الكلام في أخبار الباب الأوّل في الإمام و نحوه (1)معني الخلافة و الخليفة و مباديها، و منه يظهر انّ العلم و المعرفة و التمكّن من إيضاح الحجّة، و القدرة على القيام بإتمام منصب النّبوّة و أشباه ذلك ممّا يتوقف عليه الإمامة، و أنّ من كان له ذلك و لوازمها مادام عمره و بالنّسبة إلى كلّ الأمّه صاحب منصب الإمامة، و لا يعرفه غير العالم بالسّرائر و العواقب و مراتب العباد، و الحوادث الّتي يحتاج النّاس فيها إلى ذلك الملجأ و نحو ذلك. و لذلك يحتاج إلى التنصيص و التّعريف من الباري تعالى. و تولّى الرّعاية يحصل من رجوع النّاس إليه و مباشرته ما يلزمه، كما في سائر الرّوساء. و ليس الرّئاسة على الكثير و نحوها معتبرا في تحقّق أصل المعني و مباديه، إذ لو كان-و العياذ باللّه-توفّى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن اثنين كان أحدهما الخليفة بنصّ رواية ابن عمر «الأمر في قريش و لو بقي من النّاس اثنان» (2)و لا يرى فيه الزّعامة الكبرى و الإيالة العظمى الّتي ذكرها مع تحقّق الخلافة الفعليّة على الوجه الّذي زعمه أيضا، بل و لو كفّ عن التّصرف لخوف خارج الملة لم يضرّ ذلك بتحقق أصل معني الخلافة، نظير ما وقع لهارون.

قال تعالى وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ اَلْمُفْسِدِينَ (3)و قال: فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ اَلْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي* قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَ لكِنّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ اَلْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى اَلسّامِرِيُّ* فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ

ص:310


1- «الأخبار الدالة على وجود الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» .
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 29 و 93؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 155؛ الجزء الثامن، ج 4، ص 105؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 2: «لا يزال هذا الأمر. . .» .
3- الأعراف:7، الآية 142.

فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ* أَ فَلا يَرَوْنَ أَلاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَ لا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً* وَ لَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ اَلرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي* قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى* قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلاّ تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي* قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (1)الآيات.

و قال: «وَ اِتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَ لَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَ لا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اِتَّخَذُوهُ وَ كانُوا ظالِمِينَ* وَ لَمّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَ يَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ اَلْخاسِرِينَ* وَ لَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَ أَلْقَى اَلْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ اِبْنَ أُمَّ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ اَلْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِي مَعَ اَلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ* قالَ رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ لِأَخِي وَ أَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ اَلرّاحِمِينَ* إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّخَذُوا اَلْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي اَلْمُفْتَرِينَ» (2).

أقول: و في تلك الآيات لنديد هارون شبه و أمثال و فيها علوم مخزونة فتبصّر.

و نظير ما يكون للأنبياء قبل أن يطيعهم أحد من قومهم و ما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فوجود التّابع لا مدخليّة له في تحقيق واقع الرّسالة بالفعل، و كذا الحال في الخلافة بعد ما تكون منصبا إلهيّا بل و على غيره أيضا، أفيقولون-و العياذ باللّه- لو كان ارتّد الناس كلّهم غير أبي بكر كان انعزل عن الخلافة، أو لم يكن خليفة

ص:311


1- طه:20، الآيات 86-94.
2- الأعراف:7، الآيات 148-152.

بالنسبة إلى أهل الردّة، و أنّ عثمان يوم الدار لم يكن له خلافة، أو أنّ الخليفة في حالة النوم و نحوها ممّا يكون فيه مسلوب التصرّف ليس خليفة بالفعل، ألى غير ذلك ممّا لا يخفى، أو هي معنى يتحقّق بمحقّقه و لا يزول إلاّ بموت و نحوه. و إن شئت، قلت: يتولى الزعامة لأنّه خليفة لا أنّها نفس الخلافة، و لعلّ ذلك واضح.

ثمّ إن هذا الشيخ قد سلم أن لو كان معنى الخلافة ما أشار إليه-و لا مانع و يجوز الحمل (1)، بل يحسن ذلك الإقرار بتمام انطباق الأخبار على هؤلاء، و أن لا يتخطاهم و لا تقصر عنهم بوجه من الوجوه، فقد أقرّ بأن الناس وليهم الاثنا عشر بوجود ما أشار إليه فيهم (2)، و كانوا خلفائهم بالمعني (3)، فملكوهم و مضوا فيهم، و منهم و امتدوا إلى الساعة، فأن قوله: «ما وليهم» (4)ممّا ذكره خصمه و أقرّ هو أيضا بصحته و وجوده في الصحاح (5)، و كذا قوله: «حتّى تقوم الساعة و يكون عليهم اثنا عشر خليفة» (6)-و الملك المذكور في بعض طرق الحديث (7)ليس غير الولاية المذكورة في الأوّل و الرئاسة المشار إليها في الأخير، و الخلافة المذكورة في الكلّ كما لا يخفى.

فلا نحتاج معه إلى بحث في غير إثبات كون معنى الخلافة ذلك، و هو أيضا ثبت بما أشرنا إلى ما ينادي به اليوم خبر «الملك في قريش» (8)من كون الخلافة منصبا

ص:312


1- «إبطال نهج الحق» المطبوع في «دلائل الصدق» ج 2، ص 487.
2- نفس المصدر.
3- نفس المصدر.
4- «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 3.
5- «إبطال نهج الحق» المطبوع في «دلائل الصدق» ج 2، ص 486.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 89؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 4.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 364؛ «سنن الترمذي» ج 5، ص 384، ح 4028؛ «كنز العمال» ج 12، ص 25، ح 3811.
8- نفس المصادر.

إلهيا يجعله لمن يشاء، و الذي يجعله ذلك المعني اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (1)و لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ (2)أطاعه الناس أم له، و لو أطاعوا ظهر جملة من آثار الرسالة و لوازمها و إلاّ لم تنتف من أصلها، و غير ذلك من أدّلة إلهية المنصب، و من ذلك يظهر الحال في ذيل كلامه.

و مع ذلك نقول: السلطنة في الظاهر صارت من اثار تلك الخلافة في موردها، كما كان في النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و خلافة عليّ عليه السّلام لم تتحقّق في المرتبة الرابعة بل كانت من حين ما توفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و إن شئت فأعرض ذلك على أخبار وجوب الإيتام، فقل الخليفة إمّا أن يكون نفسه الإمام الوارد في تلك الروايات (3)أو غيره و على الأوّل يلزم وجوده متصفا بالخلافة عند وفات النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من هو بحكمه لما عرفت في محله؛ و على الثاني لا يكون رئيسا غير مرؤس و إلاّ كان جاهليا قضية ما سلف، و لا يتوهم ذلك فيمن أقر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بخلافته، و كونه رأس الرؤسا لا رئيس عليه، و عدم تصدي الباقين لا يوجب إلاّ فوات بعض اثار الخلافة منع عن تحقّقه عائق، فكانوا خلفاء، و باشر الناس هذه الآثار، و لا يرتبط بذلك ما توهمه؛ فلاحظ.

و امّا قوله: «و ظاهر أن مراد الحديث. . .» (4)ففيه أن الأحاديث لا تدلّ على أزيد من إثبات الخلافة، و أما إناطة المضي بولايتهم، و قيام الدين بزمان خلافتهم، و عدم انقضائه ببقائهم، و عزته بوجودهم، و نحو ذلك، فقد عرفت أن الثابت بعد الغاية زوال الدين، و هلاكه، و ارتفاعه، و لم يحصل بعد، و لن يحصل ما وجدوا،

ص:313


1- الأنعام:6، الآية 124.
2- البقرة:2، الآية 124.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 129 و 183؛ ج 4، ص 421.
4- «إبطال نهج الحق» المطبوع في «دلائل الصدق» ج 2، ص 487.

و يستند بقائه إليهم و أما مثل قوله: «ينصرون على من ناواهم عليه» (1)و نحوه فقد مرّ تفسيره (2)و كذا قوله: «لا يضرّهم من خالفهم» (3)«و من فارقهم» (4)و نحو ذلك (5)فلا ذابّ عن حوزة الإسلام مثلهم، فإنّهم مثل جدهم في العلم و المجادلة بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (6).

و أمّا فائدة خلافتهم فالإعذار في الدعوة و إتمام الحجّة نظير ما يكون في الرسول لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ (7)و لو حرم عن فوائدهم واحد لكان عن تقصيره. أو ظلم ظالم، فيعذرو لا حجّة له على اللّه تعالى، و أمّا فائدة استخلافهم في إقامة الدين فهو فائدة بعث الرسول لا بلاغ الدين، فعليهم أن يفعلوا ما وسعهم، و قد روا عليه و لا يضرهم ما كان لهم عنه حاجز، و لا بخلافتهم و لا باستخلافهم، و لا المصلحة الداعية إلى الاستخلاف، فهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يخاطب بقوله تعالى: يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (8)- و في تفسير في عليّ عليه السّلام (9)وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اَللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ

ص:314


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 98 و 99 و 101.
2- في الباب الخامس «ايضاح؟ ؟ ؟ دلالة الأخبار» .
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 340؛ ج 4، ص 99؛ ج 5، ص 269؛ «صحيح البخاري» الجزء الأول، ج 1، ص 26؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 54.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 269،278؛ «صحيح البخاري» الجزء الأوّل، ج 1، ص 26؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3، ص 53.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 34 و 279؛ «صحيح مسلم» الجزء السادس، ج 3 ص 53: «لا يضرهم من خذلهم» .
6- النحل:16، الآية 125.
7- الأنفال:8، الآية 42.
8- المائدة:5، الآية 67.
9- «تفسير الثعلبي» ج 4، ص 92.

اَلنّاسِ (1)و يقول لعاشية: «لو لا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدّمت الكعبة و جعلت لها بابين. . .» (2)و هذا سيدنا عمر يقول: لو لا ان يقول الناس إنّ عمر زاد في كتاب اللّه لكتبت اية الرجم بيدي. . .» (3)و كان ينهى الناس عن متعة الحج و لا ينتهي جماعة، و لا يتمكن مع صولته و رئاسته، و كذا كان عثمان ينهى عن المتعة و عليّ عليه السّلام يلبي عنده بهما، و يعارضه و لا ينتهي، و لا أقلّ من أراد ردّ الناس عنه يوم الدار و لم يتأت منه، و أشباه ذلك.

و بالجملة فنصب الخليفة فعل ينشاء عن دواعيه و هو الإعذار، و كذا تعيين شخص دون آخر، و وجود الشرائط و المبادي فيه دونه، و الواجب من العمل على هذا الخليفة ما لا يمنع عنه مانع يعذره اللّه تعالى بمنعه، فإذا اكثر مورد المانع و قلّ حصول آثار الخلافة لم يضر ذلك بشيء، نظير ما في الأنبياء، بعث نوحا ليهدي قومه و فعل ما عليه، و قال: وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ (4)و لعلّ كلّ ذلك واضح، و فلنقتصر بذلك في هذا المقام.

تعيين الاثني عشر

اشارة

و أمّا تعيين الاثني عشر فثلاثة منهم سبق ذكرهم (5)، و تعيينهم في ضمن أخبار تعيين أهل البيت (6)فالمهم التعرض للباقي منهم بعنوان كونهم من أهل البيت أو ما يساوق هذا المعني، حيث مرّ بقاء من يتمسك به من أهل بيته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى يوم

ص:315


1- المائدة:5، الآية 67.
2- «صحيح مسلم» الجزء الرابع، ج 2، ص 98: بشرك أو بكفر.
3- «الدر المنثور» ج 5، ص 180؛ «تفسير ابن كثير» ج 3، ص 271.
4- هود:11، الآية 40.
5- «فتح الباري» ج 13، ص 184؛ «تاريخ الخلفاء» ص 12.
6- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب السادس و السبعون، ص 440.

القيامة، قرين الكتاب العزيز، و أقرّ بذلك جماعة من أهل السنة.

إنّهم من العترة

و عن ابن أبي الحديد في الشرح: قال شيخنا أبو عثمان رحمه اللّه: قال أبو عبيدة: عن جعفر بن محمد عليهما السّلام، عن آبائه، عن عليّ عليه السّلام في خطبة له لمّا بويع له: «ألا إنّ أبرار عترتي و أطايب أرومتي، أحلم الناس صغارا، و أعلم الناس كبارا، ألا و إنّا أهل بيت، من علم اللّه علمنا، و بحكم اللّه حكمنا، و من قول صادق سمعنا، فإن تتّبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، و إن لم تفعلوا يهلككم اللّه بأيدينا، و معنا راية الحق، من تبعها لحق، و من تأخّر عنها غرق، ألا و بنا يدرك (1)كلّ مؤمن، و بنا يخلع (2)ربقة الذل من (3)أعناقكم، و بنا فتح اللّه (4)لا بكم، و بنا (5)يختم لا بكم» (6).

قال: و قوله في آخره: «و بنا يختم (7)لا بكم» إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان (8).

و قال عليّ عليه السّلام: «نحن النمرقة الوسطى بها يلحق التالي و إليها يرجع الغالي» (9).

ص:316


1- في المصدر+: ترة.
2- في المصدر: تخلع.
3- في المصدر: عن.
4- في المصدر-: اللّه.
5- في المصدر: منّا.
6- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 1، ص 276.
7- في المصدر: تختم.
8- انتهى كلام ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» ج 1، ص 281.
9- «نهج البلاغة» كلمات القصار، رقم 109.
ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

و في المودة العاشرة من «مودة القربى» : و عن عليّ كرم اللّه وجهه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «الأئمّة من ولدي فمن أطاعهم فقد أطاع اللّه و من عصاهم فقد عصى اللّه، هم العروة الوثقى و الوسيلة إلى اللّه جلّ و علا» (1).

الأئمّة مخلوقون من طينته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

«كفاية الطالب» : أخبرنا أبو طالب عبد اللطيف بن محمّد الجوهري و غيره ببغداد؛ أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو الفضل بن أحمد، حدّثنا أحمد بن عبد اللّه، حدّثنا محمد بن المظفر، حدّثنا محمد بن جعفر بن عبد الرّحيم، حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم، حدّثنا عبد الرحمان بن عمران بن أبي ليلى أخو محمد بن عمران، حدّثنا يعقوب بن موسى الهاشمي، عن أبي روّاد (2)، عن إسماعيل بن أميّة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «من سره أن يحيى حياتي و يموت مماتي و يسكن جنة عدن التي غرسها ربّي عزّ و جلّ، فليوال عليا من بعدي و ليوال وليه، و ليقتد بالأئمة بعدي، فإنّهم خلقوا من طينتي، رزقوا فهما و علما، ويل للمكذّبين بفضلهم من أمّتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنا لهم اللّه شفاعتي» (3).

ص:317


1- «مودّة القربى» المطبوع في «ينابيع المودّة» الجزء الاول الباب السادس و الخمسون، ص 259.
2- في المصدر: أبي رداء عن إسماعيل بن رداد.
3- «كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» ، الباب السادس و الخمسون، ص 94.
إنّهم عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

و عن «الحمويني» : أخبرني الخطيب نجم الدين عبد اللّه (1)بن أبي السعادات بن منصور بن أبي السعادات الناصري (2)بقرائتي عليه ببغداد بجامع المنصور، أنبأنا الشيخ الإمام [أحمد بن يعقوب بن عبد اللّه الماسناني (3)سماعا عليه، قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد المعروف بابن البطّي إجازة إن لم يكن سماعا، قال: أنبأنا أبو الفضل أحمد بن أحمد الإصبهاني]، قال: أخبرنا أبو نعيم (4)الحافظ، قال: حدّثنا محمد بن المظفر، قال: حدّثنا محمد بن جعفر بن عبد الرّحيم، حدّثنا (5)أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم، حدّثنا (6)عبد الرحمان بن عمران بن أبي ليلى أخو محمد بن عمران، حدّثنا (7)يعقوب بن موسى الهاشمي عن ابن أبي زياد (8)، عن إسماعيل بن أميّة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من سرّه أن يحيى حياتي و يموت مماتي و يسكن جنات (9)غرسها ربي فليوال عليا من بعدي و ليوال وليّه و ليقتد بالأئمة من بعدي فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي و رزقوا فهما و علما. . .» (10)فذكر مثله.

ص:318


1- في المصدر: ابن عبد اللّه أبي السعادات.
2- في المصدر: البابصري؟ ؟ ؟ .
3- في المصدر: المارستاني.
4- في المصدر+: أحمد بن عبد اللّه.
5- في المصدر: قال: أنبأنا.
6- في المصدر: قال: أنبأنا.
7- في المصدر: قال: أنبأنا.
8- و في النسخة المخطوطة: و في بعض النسخ: ابن أبي رواد.
9- في المصدر: جنة.
10- «فرائد السمطين» ج 1، الباب الخامس، ص 53، ح 18.

«ينابيع المودّة» في الباب الثالث و الأربعين: أخرج أبو نعيم الحافظ (1)و «الحمويني» عن عكرمة، عن ابن عباس. . . فذكره (2).

و في التاسع و الخمسين فيما يرويه عن «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد المعتزلي-بعد ما قال في الشرح: بل أذكر شيئا يسيرا ممّا رواه علماء الحديث الذين لا يتهمون فيه فروايتهم (3)توجب سكون النفس و الاطمينان-الثاني عشر «من سرّه أن يحيى حياتي، و يموت مماتي، و يسكن جنة عدن شجرة طوبى التي غرسها ربّي، فليوال. . .» (4)فذكر مثله (5)و قال: ذكره صاحب «الحلية» أيضا (6).

بيان أنّ عترته في الأخبار من شاركه في الطينة، و يعرف من

آثارها]

أقول: قوله «من بعدي» يعني في المرتبة دون الزمان، كما لا يخفى. ثم إنّ قوله: «خلقوا من طينتي. . .» إنّما يصح مع انفراده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الناس في الطينة، كما هو واضح، و يكون ذلك علة إمامة هؤلاء العترة، و منشأ أن يكونوا رزقوا فهما، و علما. ثم إنّ ذلك دلّ على اختصاص أمثال تلك الأخبار بمن علم مشاركته له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الطينة و آثارها، و لا أقلّ من القطع بخروج من علم عدم المشاركة في حقه و يدلّ ذلك على أن العترية لا يتحقّق من محض الولادة و إلاّ كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شارك ساير بني آدم في الطينة و شاركه كل من يولد منه أو ولد معه في طبقته، حتى

ص:319


1- «حلية الأولياء» ج 1، ص 86.
2- «ينابيع المودّة» الجزء الأول، الباب الثالث و الأربعون، ص 126.
3- في «ينابيع المودّة» +: فضائله.
4- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 9، ص 170.
5- انتهى كلام ابن أبي الحديد في «ينابيع المودّة» الباب التاسع و الخمسين، ص 314.
6- «حلية الأولياء» ج 1، ص 86.

يلزم مشاركة أبي لهب أيضا.

و كلّ ذلك واضح الفساد، و يعرف المغايرة في الطينة من المغايرة في آثارها و لوازمها كما لا يخفى.

إنّ ذريته الطاهرين أئمة يحجزون عن الضلال

«الخوارزمي» في الفصل السادس من كتابه: و أخبرنا الإمام الأجل أخي شمس الأئمة أبو الفرج محمد بن أحمد المكي، قال: أخبرنا الإمام الزاهد أبو محمد إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل إجازة، حدّثنى السيد الإمام الأجل المرشد باللّه أبو الحسين (1)يحيى بن الموفق باللّه، أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف الواعظ بن العلاف، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن حمّاد المعروف بابن ميثم (2)أخبرنا أبو القاسم (3)بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبيطالب، حدّثني أبو جعفر محمد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين سيد العابدين، عن أبيه الحسين بن عليّ الشهيد عليهم السّلام قال: سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «من أحبّ أن يحيى حياتي، و يموت ميتتي (4)، و يدخل الجنة التي وعدني ربّي فليتولّ عليّ بن أبيطالب و ذريته الطاهرين (5)، أئمة الهدى و مصابيح الدجى من بعدي (6)، فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب

ص:320


1- في المصدر: أبو الحسن.
2- في المصدر: بن متيم.
3- في المصدر+: أبو محمّد القاسم.
4- في المصدر: مماتي.
5- في المصدر-: الطاهرين.
6- في المصدر: بعده.

الضلالة» (1).

و في «ينابيع المودّة» في الباب الثالث و الأربعين: أخرج موفق بن (2)أحمد الخوارزمي عن أبي محمد القاسم بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبيطالب، قال: حدّثني جعفر الصادق عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين رضي اللّه عنهم، قال: «سمعت. . .» فذكره.

ثم قال-بعد ثلاثة أسطر-: أخرج موفق بن أحمد عن الباقر، عن أبيه، عن جده الحسين رضي اللّه عنهم، قال: سمعت جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «من أحبّ أن يحيى حياتي، و يموت مماتي، و يدخل جنة عدن التي وعدني ربّي، و غرس فيها قضيبا بيده، و نفخ فيها من روحه، فليوال عليا و ذريته الطاهرين، أئمة الهدى (3)من بعده، فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الردى» (4).

إن الإمامة في ولد علي عليه السّلام

«الخوارزمي» في أواخر الفصل التاسع عشر، من كتابه: و أخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرنا (5)شيرويه، أخبرنا (6)أبو طالب أحمد بن محمّد بن خالد الزنجاني (7)الصوفي بقرائتي عليه من أصل سماعه في مسجد الشونيزية رحمها اللّه أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد الرّحمان بن محمد بن طلحة الصيدائي (8)بها،

ص:321


1- «المناقب» الفصل السادس، ص 75، ح 55.
2- في المصدر-: بن أحمد.
3- في المصدر+: و مصابيح الدجى.
4- «ينابيع المودّة» الجزء الأوّل، الباب الثالث و الأربعون، ص 127 و 128.
5- في المصدر: أخبرني أبي شيرويه.
6- في المصدر: أخبرني.
7- في المصدر: خال الريحاني و في النسخة المخطوطة: في بعض النسخ: الريحانى.
8- في المصدر: الصيداني.

حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل الحلبي بمصر، حدّثنا أبو أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، حدّثنا علي بن العباس المقانعي، حدّثني سعيد بن مزيد (1)الكندي، حدّثنا عبيد اللّه بن حازم الخزاعي، عن إبراهيم بن موسى الجهني، عن سلمان الفارسي، عن (2)النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّه قال لعلي عليه السّلام: «يا علي! تختم باليمين تكن من المقربين، قال: يا رسول اللّه! و من (3)المقربين؟ قال:

«جبرئيل و ميكائيل» قال: فبم أتختم يا رسول اللّه، قال: «بالعقيق الأحمر، فإنّه جبل أقرّ للّه بالوحدانية، ولي بالنبوة، و لك بالوصية، و لولدك بالإمامة و لمحبيك بالجنّة، و لشيعة ولدك بالفردوس» (4).

إنّ الأئمة من ولد عليّ عليه السّلام

و عن ابن المغازلي: أخبرنا القاضي أبو تمّام عليّ بن محمّد بن الحسين، قال (5):

أخبرنا القاضي أبو الفرج أحمد بن عليّ بن جعفر بن (6)محمّد بن المعلّى الحنوطي (7)إذنا، قال (8): حدّثني أبو الطيّب محمّد بن حبيش بن عبد اللّه بن هارون النّيلي في الطّران (9)بواسط سنة إحدى و ثلاثين و أربع مأة (10)، قال: حدّثنا (11)

ص:322


1- في المصدر: مرثد، و في النسخة المخطوطة: في بعض النسخ: مؤيد و في بعض آخر: زيد.
2- في المصدر: أنّ.
3- في المصدر: ما.
4- «المناقب» الفصل التاسع عشر، ص 325، ح 335.
5- في المصدر-: قال: .
6- في المصدر-: بن محمّد.
7- في المصدر: الخيوطي.
8- في المصدر-: قال: .
9- في المصدر: في الطراز.
10- في المصدر: ثلاثمائة.
11- في المصدر: أخبرنا المشرّف.

أشرف بن سعيد الزراع (1)، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحرامي (2)، حدّثنا سفيان بن حمزة الأسلمي عن كثير بن زيد، قال: دخل الأعمش على المنصور و هو جالس للمظالم فلمّا بصر به قال: تصدّر (3)يا سليمان! قال (4): أنا صدر حيث جلست. ثمّ قال: حدّثني الصادق عليه السّلام، قال: حدّثني الباقر عليه السّلام، قال:

حدّثني السّجّاد عليه السّلام، قال: حدّثني الشهيد عليه السّلام، قال: حدّثني التقيّ و هو الوجّى أمير المؤمنين عليّ بن أبيطالب عليه السّلام، قال: حدّثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (5)قال: أتاني جبرئيل انفا (6)فقال: تختّموا بالعقيق، فإنّه أوّل حجر شهد اللّه بالوحدانيّة، و لي بالنبوّة، و لعلّي بالوصيّه، و لولده بالإمامة و لشيعته بالجنّة» (7)فاستدار الناس بوجوههم نحوه، فقيل له: تذكر قوما تعلم (8)من لا يعلم (9)، فقال الصادق جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبيطالب و الباقر محمّد بن عليّ (10)و السجّاد عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب و الشهيد الحسين بن عليّ و الوصي و هو التقي عليّ بن أبيطالب (11).

ص:323


1- في المصدر: الذارع.
2- في المصدر: الحزامي.
3- في المصدر: يا سليمان تصدّر.
4- في المصدر: فقال.
5- في المصدر: النبي.
6- في المصدر-: آنفا.
7- في المصدر+: قال: .
8- في المصدر: فتعلم.
9- في المصدر: لا نعلم.
10- في المصدر-: و الباقر محمّد بن عليّ.
11- «مناقب علي بن أبي طالب» لابن المغازلي، ص 281، ح 328.
إمام بعد إمام من ولد فاطمة عليها السّلام

و أيضا أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب إجازة، أنّ أبا أحمد عمر بن عبد اللّه بن شوذب، أخبرهم، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن زياد، حدّثنا أحمد بن خليل ببلخ، حدّثني محمّد بن أبي محمود، قال (1): حدّثنا يحيى بن أبي معروف، قال (2): حدّثنا محمّد بن سهل البغدادي، عن موسى بن القاسم، عن عليّ بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ اَلْمِصْباحُ (3)قال: المشكوة فاطمة و المصباح الحسن و الحسين، و اَلزُّجاجَةُ الحسين كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ قال: كانت فاطمة كوكبا دريّا من نساء العالمين يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ الشجرة المباركة إبراهيم لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ لا يهوديّه و لا نصرانية يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ 4وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ، نُورٌ عَلى نُورٍ منها (4)إمام بعد إمام يَهْدِي اَللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ قال: يهدي اللّه عزّ و جلّ لولايتنا من يشاء» (5).

الأئمة من ولدها

و عن «الحمويني» : أخبرني الإمام نجم الدين عيسى بن الحسين الطبري رحمه اللّه إجازة، بجميع كتاب مقتل أمير المؤمنين الحسين بن علي عليهما السّلام، قال: أخبرني

ص:324


1- في المصدر-: قال: .
2- في المصدر-: قال: .
3- النور:24، الآية 35.
4- في المصدر+: قال: فيها.
5- «مناقب علي بن أبي طالب عليه السّلام» لابن المغازلي، ص 316، ح 361.

السيد النقيب الحسيب (1)ركن الدين أبو طالب يحيى بن الحسن الحسيني البطحائي، عن الإمام جمال الدين بن معين، عن مصنّفه أخطب خوارزم أبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي رحمه اللّه، قال فيه (2): و ذكر الإمام محمّد بن أحمد بن علي بن شاذان رحمه اللّه (3)عن محمّد بن زياد، عن جميل (4)بن صالح، عن جعفر بن محمّد، حدّثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي عليهما السّلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «فاطمة بهجة قلبي، و أبناها ثمرة فؤادي، و بعلها نور بصري، و الأئمة من ولدها أمناء ربي، و حبله الممدود بينه و بين خلقه، من اعتصم به نجى و من تخلّف عنه هوى» (5).

أقول: و رواه في «المناقب المأة» (6)أيضا و ظني أن في السند سقطا، و روي عن الزمخشري في «ربيع الأبرار» (7)أيضا و رواه أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن علي الحنبلي في «أربعينه» الذي رواه عن الإمام الحافظ الحسيب النسيب جمال الدين أبي الخطاب عمر ذي الحسبين بين الدحية و الحسين بقرائة من هرب بن المبارك سنة عشرة و ست مأة في مجلس واحد و هو تاسع و الأربعين.

الأئمّة من ولد عليّ عليه السّلام و حزب عدّوهم حزب الشيطان

«مودّة القربى» في المودّة العاشرة: «عليّ رفعه من أحبّ أن يركب سفينة

ص:325


1- في المصدر+: النسيب.
2- في المصدر-: فيه.
3- في المصدر+: حدّثنا الحسن بن حمزة بن عليّ بن محمّد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان.
4- في المصدر: حميد.
5- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الخامس عشر، ص 66، ح 390.
6- «المناقب المأة» المعروف ب «مأة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» ، المنقبة الرابع و الأربعون، ص 100.
7- لم نجده في «ربيع الأبرار» .

النجاة، و يستمسك بالعروة الوثقى، و يعتصم بحبل اللّه المتين فيلوال عليا بعدي، و ليعاد عدوّه و ليأتمّ بالإئمة الهداة من ولده، فإنّهم خلفائي و أوصيائي و حجج اللّه على خلقه بعدي، و سادات أمّتي، و قادات الاتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي، و حزبي حزب اللّه، و حزب أعدائهم حزب الشيطان (1).

إنّ بقاء أهل الإيمان ببقاء واحد من ذريته الأئمة

زيد بن حارثة قال: لمّا كانت الليلة التي أخذ فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على الأنصار بيعته (2)الأولى قال: «أنا اخذ عليكم بما أخذ اللّه على النبيين من قبلي أن تحفظوني و تمنعوني عمّا تمنعون أنفسكم (3)و تمنعوا عليّ بن أبيطالب كما (4)تمنعون أنفسكم عنه (5)فإنّه الصديق الأكبر، يزيد اللّه دينكم، و إنّ اللّه أعطى موسى العصا، و إبراهيم بردّ النار، و عيسى الكلمات يحيى بها الموتى، و أعطاني هذا عليّا، و لكلّ نبي آية و هذا آية ربي، و الأئمة الطاهرين من ولده آيات ربّي، لن تخلو الأرض من أهل الإيمان ما أبقي اللّه أحدا من ذريته واحدا» (6).

إنّهم عصموا

عن أصبغ بن نباته، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول:

ص:326


1- «مودّة القربى» في المودّة العاشرة، المطبوع في «ينابيع المودّة» الجزء الاول، في الباب السادس و الخمسون، ص 258.
2- في المصدر: بيعة.
3- في المصدر+: عنه.
4- في المصدر: عمّا.
5- في المصدر+: و تحفطوه.
6- نفس المصدر.

«أنا و عليّ و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهّرون و معصومون» (1).

«ينابيع المودّة» في الباب السابع و السبعين: و عن ابن عباس، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . .» (2)فذكر مثله و قال: أخرجه «الحمويني» (3).

الخوارزمي في «الباب التاسع عشر» من كتابه: و بهذا الاسناد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: يا عليّ إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة اللّه، و أخذت أنت بحجزتي، و أخذ ولدك بحجزتك، و أخذ (4)شيعة ولدك بحجزتهم، فترى أين يؤمر بنا؟ (5)

تعيينهم بعددهم و غيره

أقول: و الإسناد ما سبق عدّة من الأحاديث و هذا لفظه:

و أخبرنا الشيخ الفقيه العدل الحافظ (6)أبو بكر محمّد بن عبد اللّه بن نصر بن الزاغوني، حدّثني أبو الحسين محمّد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الباقرجى، حدّثنا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن العليّ بن بندار، حدّثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمّد بن شاذان، حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي، حدّثنا أبو أحمد بن عامر بن سليمان، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن موسى

ص:327


1- نفس المصدر.
2- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب السابع و السبعون، ص 445.
3- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الثلاثون، ص 132، ح 430.
4- في المصدر: و أخذت.
5- «المناقب» الفصل التاسع عشر، ص 296، ح 289.
6- في المصدر: الثقة الحافظ العدل.

الرضا، فذكر الطريق في النسب الطاهر، ثمّ تعيينهم بعددهم للخلافة (1).

رواية سلمان

«ينابيع المودّة» في الباب، في «مودّة القربي» في المودّة العاشرة، عن عباية بن ربعي رضي اللّه عنه (2)مرفوعا «أنا سيّد النبيين و عليّ سيد الوصيين و أنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم عليّ و آخرهم القائم المهدي» .

و عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، قال: دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فإذا الحسين عليه السّلام على فخذيه و هو يقبّل خديه و يلثم فاه (3)و يقول:

«أنت سيد ابن سيد أخو (4)سيد، و أنت إمام ابن إمام أخو إمام (5)، و أنت حجة ابن حجة و أخو حجة (6)و (7)أبو حجج تسعة (8)تاسعهم القائم المهدي» (9)(10).

أيضا أخرجه الحمويني (11)، و موفق بن أحمد الخوارزمي (12).

أقول: بعض الاثبات-بعد نقله روايتين عن «الخوارزمي» يأتي الإشارة

ص:328


1- «المناقب» الفصل التاسع عشر، ص 293، ح 280.
2- في النسخة المخطوطة: و في بعض النسخ: عن جابر رفعه.
3- و في بعض النسخ: يقبل عينيه و يقبل فاه.
4- في المصدر-: أخو سيد.
5- في المصدر-: أخو إمام.
6- في المصدر-: و أخو حجة.
7- في المصدر+: أنت.
8- و في النسخة المخطوطة: و في «المناقب» : أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم. . .
9- في المصدر: قائمهم.
10- «ينابيع المودّة» ؛ الجزء الأول الباب السادس و الخمسون، ص 258؛ الجزء الثاني الباب السابع و السبعون ص 445.
11- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 313، ح 564.
12- «مقتل الحسين» الجزء الأوّل، الفصل السابع، ص 146.

إليهما في سندهما ابن شاذان-ما هذا لفظه: و بالإسناد السابق الإشارة إليهم عن ابن شاذان، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد العلوي الطبري، عن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه، حدّثني جدّي أحمد بن محمّد، عن أبيه عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، قال: حدّثنا أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان المحمّدي. . . ثمّ ذكر الحديث إلاّ أنّ فيه زيادة «أبو السادات أبو الأئمة» . (1)

أقول: و كذا أو جدته مرويّا عن «المناقب المأة» (2)لأبي الحسن ابن شاذان رحمه اللّه و كلّها من طرق أهل السنة.

و ثبت اخر بما هذا لفظه: موفق بن أحمد في كتابه: حدّثني فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي فيما كتب إليّ من همذان، قال: أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمّد الزينبي، قال:

أخبرنا إمام الأئمة محمّد بن أحمد بن شاذان، قال: حدّثنا أبو محمّد. . . (3)فذكره باختلاف يسير يظن أنّه من النساخ.

ثمّ إنّ الأخبار الدالّة على إمامة أولاد الحسين عليه السّلام كثيرة أوردنا جملة منها في كتابنا السابق «أبهى الدرر تكملة عقد الدرر» (4)يراجعها من أراد و جلّها عن «ينابيع المودّة» و هو كتاب شايع النسخة و إن تفرقت الأخبار في أبوابها.

ص:329


1- «غاية المرام» ج 1، المقصد الاول، الباب العاشر، ص 102، ح 3.
2- «مأة منقبة» من مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام، المنقبه الثامنة و الخمسون، ص 113.
3- «غاية المرام» ج 1، المقصد الأول، الباب الثاني عشر، ص 128، ح 20؛ «مقتل الحسين» للخوارزمي، الجزء الأول، الفصل السابع، ص 146.
4- «أبهى الدرر تكملة عقد الدرر» مخطوط.
إنّهم من ولد عليّ عليه السّلام

و عن الحمويني في «فرائد السمطين» : أخبرني (1)الشيخ الزاهد جمال الدين محمّد بن أبي بكر بن أحمد بن الخليل الصوفي الخليلي القزويني بقرائتي عليه ب «نخر آباد» (2)في شهر ربيع الآخر، سنة سبع و ستين و ست مأة، قال: أنبأنا الشيخ أبو حفص عمر بن أبي بكر بن محمّد بن عامر التميمي-في منزلنا برباط الغزاونة الملاصق بالمسجد الحرام تجاه الكعبة (3)المعظمة في العشر الأخير من شوّال سنة سبع و ثلاثين و ست مأة بقرائتي عليه- (4)أبي الهدى عيسى بن يحيى بن أحمد الصوفي السيسبي (5)الأنصاري، قال: حدّثنا الشيخ أبو عبد اللّه يعلي بن أبي مسلم بن يعلى الصوفي القزويني بقرائته علينا في السادس من رجب سنة ثمان و ست مأة بالحرم الشريف، قال: أخبرني (6)أبو الهدى صواب بن عبد اللّه الحبشي خادم الضريح النّبوي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة زادها اللّه شرفا عند باب الخردرة (7)في التاسع و العشرين من ذي القعدة سنة ست و ست مأة بقرائتي عليه، قال: أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد اللّه الإصبهاني بدمشق، قال:

أنبأنا أبو سعيد عبد اللّه بن محمّد بن عبد الوهاب، قال: حدّثنا أبو نصر منصور بن عبد اللّه، قال: حدّثنا عبد اللّه بن إسماعيل (8)، قال: حدّثنا عثمان بن طالوت، قال:

نبّأنا بشر بن أبي عمرو بن العلاء النحوي (9)، قال: حدّثني أبو عمرو بن العلاء

ص:330


1- في المصدر: أخبرنا.
2- في المصدر: «بحر آباد» .
3- في المصدر: القبلة.
4- في المصدر+: عن.
5- في المصدر: السبي.
6- في المصدر+: الشيخ.
7- في المصدر-: عند باب الحزدرة.
8- في المصدر-: قال: حدّثنا عبد اللّه بن إسماعيل.
9- في المصدر: حدّثنا كثير بن بشر أبو عمر و ابن علي النحوي.

القاري، عن ابن (1)أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري، قال: كنت يوما مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض حيطان المدينة، و يد عليّ عليه السّلام في يده فمررنا (2)بنخل فصاح النخل: «هذا محمّد سيد الأنبياء و هذا علي سيد الأوصياء و (3)أبو الأئمة الطاهرين» ثمّ مررنا بنخل فصاح النخل: «هذا محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هذا علي سيف اللّه» فالتفت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى عليّ عليه السّلام، فقال: «يا عليّ! سمه الصيحاني (4)فسمي من ذلك اليوم بصيحاني» (5)(6).

تعيينهم بأسمائهم و غيرها

و أمّا تعيينهم بأسمائهم الشريفة و غيرها فعن الحمويني في «فرائد السمطين» :

أنبأني (7)الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن (8)المطهر الحلي رضي اللّه عنه، عن الشيخ الفقيه مهذب الدين أبي عبد اللّه الحسين بن أبي الفرج بن ردّة السليمي (9)رحمه اللّه بروايته عن محمّد بن الحسين بن عليّ بن عبد الصمد، عن والده، عن جدّه محمّد، عن أبيه، عن جماعة منهم السيد أبو البركات عليّ بن الحسن الخوزي العلوي (10)

ص:331


1- في المصدر-: ابن.
2- في المصدر: فمرّ.
3- -في المصدر-: و.
4- في المصدر: قال.
5- في المصدر: بالصيحاني.
6- «فرائد السمطين» ج 1، الباب الثالث و العشرون، ص 137، ح 101.
7- في المصدر: أبنأنا.
8- في المصدر-: بن.
9- في المصدر: النيلي.
10- في المصدر: علي بن الحسين الجوري.

و أبو بكر محمّد بن أحمد بن علي المقري (1)و الفقيه أبو جعفر محمّد بن إبراهيم القاضي (2)بروايتهم عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (3)، قال: حدّثنا محمّد بن علي ما جيلويه (4)رضي اللّه عنه، قال حدّثني (5)عمّي أبو القاسم (6)، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ القرشي، قال: حدّثني (7)أبو الربيع الزهراني، قال: حدّثنا جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس (8). . . فساق حديث دردائيل و مولد الحسين عليه السّلام و اطلاع أمّه بأنّه يقتل (9)، فقال: فبكت فاطمة عليها السّلام، ثمّ قالت: «يا

ص:332


1- في المصدر: المعمري.
2- في المصدر: القايني.
3- في المصدر+: القمي جميع مصنفاته و رواياته رحمه اللّه.
4- في المصدر: علي بن ماجيلويه.
5- في المصدر: حدّثنا.
6- في المصدر: محمّد بن أبي القاسم.
7- في المصدر: حدّثنا.
8- في المصدر: قال ابن عباس.
9- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الرابع و الثلاثون، ص 152، ح 446، هذا نص الحديث: قال ابن عباس: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى ملكا يقال له: دردائيل كان له ست عشر الف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء، و الهواء كما بين السماء إلى الأرض، فجعل يوما يقول في نفسه: أفوق ربّنا جلّ جلاله شيء، فعلم اللّه ما قال، فزاده أجنحة مثلها فصار له إثنان و ثلاثون ألف جناح، ثمّ أوحى اللّه جلّ جلاله إليه: أن طر، فطار مقدار خمسين عاما فلم ينل رأس قائمة من قوائم العرش فلمّا علم اللّه إتعابه أوحى إليه: أيّها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم كل عظيم و ليس فوقي شيء و لا أوصف بمكان، فسلب اللّه أجنحته و مقامه من صفوف الملائكة. فلمّا ولد الحسين بن عليّ عليهما السّلام-و كان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى مالك خازن النار: أن أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمّد في دار

ليتني لم ألده، قاتل الحسين في النار، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و أنا أشهد بذلك يا فاطمة! و لكنّه لا يقتل حتّى يكون منه إمام يكون منه الأئمة الهادية.

ص:333

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الأئمة من بعدي (1)الهادي و المهدي و العدل و الناصر علي، الحسن، الحسين، عليّ بن الحسين (2)و السفّاح و النفّاع و الأمين و المؤتمن محمّد بن عليّ، جعفر بن محمّد، موسى بن جعفر، عليّ بن موسى (3)، محمّد بن عليّ، عليّ بن محمّد، الحسن بن عليّ و الإمام و الفعّال و العلم (4)و من يصلّي خلفه عيسى بن مريم، ابن الحسن بن عليّ القائم (5)» فسكتت (6)فاطمة عليها السّلام من البكاء. . .

الخبر (7).

أقول: النسخة الناقلة سقيمة، و الرواية في كتاب «أبي جعفر رحمه اللّه» هكذا:

«و الائمة بعدي الهادي عليّ، و المهتدي الحسن، و الناصر الحسين، و المنصور عليّ بن الحسين، و الشفّاع محمّد بن عليّ، و النفّاع جعفر بن محمّد، و الأمين موسى بن جعفر، و المؤتمن (8)عليّ بن موسى، و الإمام (9)محمّد بن عليّ، و الفعّال (10)عليّ بن محمّد، و العلاّم الحسن بن عليّ و من يصلي خلفه عيسى بن مريم القائم عجل اللّه تعالى فرجه الشريف فسكتت فاطمة. . .» الخبر (11).

ص:334


1- في المصدر: ثم قال عليه السّلام: و الأئمة بعدي هم.
2- في المصدر: الهادي عليّ، و المهتدي الحسن، و العدل الحسين، و الناصر عليّ بن الحسين.
3- في المصدر: و السفّاح محمّد بن عليّ، و النفّاع جعفر بن محمّد، و الأمين موسى بن جعفر، و المؤتمن عليّ بن موسى.
4- في المصدر: و الإمام محمّد بن عليّ، و الفعّال عليّ بن محمّد، و العلاّم الحسن بن عليّ.
5- في المصدر-: ابن الحسن بن عليّ القائم.
6- في المصدر: فسكنت.
7- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الخامس و الثلاثون، ص 151-154.
8- في المصدر: الرضا.
9- في المصدر: الفعّال.
10- في المصدر: المؤتمن.
11- «كمال الدين و تمام النعمة» ج 1، الباب الرابع و العشرون، ص 284، ح 36.

أقول: أعتمد «الحمويني» على نقل رجال الشيعة عن أبي الربيع و من بعده (1)و قد فعل نحو ذلك في غير موضع فيما وجدنا من النقل عنه.

رواية ابن عباس

و عن «الحمويني» بإسناده هذا أو غيره عن أبي جعفر-و ظني أنه الخزاز دون ابن بابويه فاشتبه في الكنية أيضا-أخبرني أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه بن المطلّب الشيباني، قال: حدّثنا أحمد (2)بن مطرف بن سواد (3)بن الحسين القاضي البسيتي (4)بمكة، قال: حدّثني (5)أبو حاتم (6)المغيرة بن محمّد بن مهلب (7)قال:

حدّثنا (8)عبد الغفّار بن كثير الكوفي، عن إبراهيم بن حميد (9)عن أبي هاشم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضى اللّه عنه، قال: قدم يهودي. . . (10)فساق الحديث إلى أن قال:

قال: صدقت يا محمّد! فأخبرني عن وصيك من هو؟ فما من نبي إلاّ وله وصيّ، و إنّ نبيّنا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون.

فقال: «نعم؛ إنّ وصيي و الخليفة (11)بعدي عليّ بن أبيطالب و بعده سبطاي:

ص:335


1- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الخامس و الثلاثون ص 151-154.
2- في المصدر: عن أحمد.
3- في المصدر: سوار.
4- في المصدر: الحسني.
5- في المصدر-: قال: حدّثني.
6- في المصدر: أبنأنا أبو حاتم المهلّبي.
7- في المصدر-: بن مهلّب.
8- في المصدر: أنبأنا.
9- في المصدر: هيثم بن حميد.
10- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الثلاثون، ص 133، ح 431.
11- في المصدر+: من.

الحسن و (1)الحسين عليهما السّلام تتلوهم (2)تسعة من صلب الحسين أئمة أبرار.

قال: يا محمّد! فسمّهم لي. قال: «نعم؛ إذا مضى الحسين فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، فإذا مضى محمّد فابنه عليّ، فإذا مضى عليّ فابنه الحسن (3)ثم الحجة ابن الحسن، فهذه اثنا عشر أئمة عدد نقباء بني إسرائيل» .

قال: فأين مكانهم في (4)الجنّة؟ قال: «معي في درجتي» قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أشهد أنّهم الأوصياء (5)بعدك، و لقد وجدت هذا في الكتب المتقدمة، و فيما عهد إلينا موسى بن عمران، أنّه إذا كان آخر الزمان يخرج نبيّ يقال له: أحمد خاتم الأنبياء، لا نبيّ بعده، فيخرج من صلبه أئمة أبرار عدد الأسباط.

قال: فقال: «يا أبا عمارة أتعرف الأسباط» ؟ قال: نعم، يا رسول اللّه! إنّهم كانوا اثني عشر، قال: إنّ (6)أوّلهم لاوي بن برخيا و هو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة (7)ثمّ عاد، فأظهر اللّه شريعته بعد دراستها، و قاتل مع قرسطيا (8)الملك حتّى قتله.

فقال عليه السّلام: «كائن في أمّتي ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، و القذة

ص:336


1- في المصدر: ثمّ.
2- في المصدر يتلوه.
3- في المصدر: فإذا مضى عليّ فابنه محمّد، ثمّ ابنه عليّ ثمّ ابنه الحسن.
4- في المصدر: من.
5- في المصدر+: من.
6- في المصدر-: قال: إنّ.
7- في المصدر+: طويلة.
8- في المصدر: قاتل قرشطيا.

بالقذة و (1)الثاني عشر من ولدي يغيب حتّى لا يرى و يأتي على أمّتي زمن لا يبقى من الإسلام إلاّ اسمه و من القرآن إلاّ رسمه فحينئذ يأذن اللّه تعالى له بالخروج فيظهر الإسلام و يجدد» (2)، ثمّ قال عليه السّلام: «طوبي لمن أحبّهم، و الويل لمبغضهم، و طوبى لمن تمسّك بهم» .

فانتفض نعثل و قام بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنشأ يقول:

صلّى الاله ذو العلا (3) عليك يا خير البشر

أنت النبيّ المصطفى و الهاشمي المفتخر

بكم هدانا ربنا و فيك نرجو ما أمر

و معشر سميّتهم أئمة اثني عشر

حباهم ربّ العلى ثمّ اصطفاهم (4)من كدر

قد فاز من والاهم و خاب من عادى الزهر

آخرهم يشفى الظما و هو الإمام المنتظر

عترتك الأخيار لي و التّابعون ما أمر

من كان عنهم معرضا فسوف تصلاه سقر

(5) (6)أقول: «الحمويني» يروي كتاب «كفاية الأثر» للخزاز عن منتجب الدين عليّ بن عبد اللّه بن الحسين بن بابويه، عن السيد أبي محمّد شمس الشرف بن عليّ بن عبد اللّه الحسيني النيلي، عن الشيخ المفيد أبي محمّد عبد الرحمان بن أحمد بن

ص:337


1- في المصدر+: أنّ.
2- في المصدر+: الدين.
3- في المصدر: العليّ ذو العلى.
4- في المصدر: صفاهم.
5- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الثلاثون، ص 134، ح 431؛ يصلى بالسقر.
6- هذا الحديث نقله الخزاز في «كفاية الأثر» ص 11، مع اختلاف يسير.

الحسين النيسابوري الخزاعي، عن الشيخ أبي المفضل محمّد بن الحسين بن سعيد القمي المجاور ببغداد، عن الشيخ علي بن محمّد الخزاز المصنف.

عليّ بن طاوس في «الطرائف» : «و رأيت في كتبهم و تصانيفهم و رواياتهم غير ذلك ممّا يطول تعداده، يتضمن الشهادة للفرقة الشيعة بتعيين أئمتهم الاثني عشر، و أسمائهم» (1).

ك «ما رواه المسمى عندهم صدر الأئمة، أخطب خطباء خوارزم، موفق بن أحمد المكي في كتابه (2)، قال: حدّثنا فخر القضاة نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد (3)البغدادي، فيما كتب إليّ من همذان، قال: أنبأنا الإمام الشريف نور الهدى أبو طالب الحسن بن محمّد الزينبي (4)قال: أخبرنا إمام الأئمة محمّد بن أحمد بن شاذان، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه الحافظ (5)، قال: حدّثنا عليّ بن سنان (6)الموصلي، عن أحمد بن محمّد بن صالح، عن سليمان بن محمّد، عن زياد بن مسلم، عن عبد الرحمان بن (7)يزيد عن جابر (8)عن سلامة، عن أبي سليمان الراعي (9)راعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (10)، يقول:

ص:338


1- «الطرائف في معرفة المذاهب» ، ص 175.
2- «مقتل الحسين» الجزء الأوّل، الفصل السادس، ص 95، و لكن لم يذكر فيه الرواة إلى الإمام محمّد بن أحمد بن علي بن شاذان، حيث قال الخوارزمي فيه: «و ذكر الإمام. . .» كما أنّ المنقول في «الطرائف» يختلف مع «مقتل الحسين» باختلاف يسير.
3- «الطرائف» -: بن محمّد.
4- في المصدر: الحسين بن محمّد الزبيبي.
5- في المصدر: أحمد بن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه الحافظ.
6- في المصدر: شاذان.
7- في المصدر: عن زيد بن جابر.
8- و في بعض النسخ: زيد بن جابر.
9- و في المصدر-: الراعى.
10- في المصدر: رسول اللّه.

«ليلة أسري بي إلى السماء، قال لي الجليل جلّ جلاله: آمَنَ اَلرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ (1)فقلت: «و المؤمنون» ، قال: صدقت يا محمّد! من خلّقت في أمّتك؟ قلت: «خيرها» قال: عليّ بن أبيطالب؟ قلت: «نعم» يا رب!

قال: يا محمّد! إنّي أطلعت إلى الأرض اطلاعة، فأخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا أذكر في موضع إلاّ ذكرت معي، فأنا المحمود و أنت محمّد.

ثمّ أطلعت الثانية، فأخترت منها عليا، و شققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى و هو عليّ، يا محمّد! إنّي (2)خلقت عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولده (3)من نوري ثمّ عرضت (4)و لا يتكم لأهل السماء (5)فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، و من جحدها كان عندي من الكافرين.

يا محمّد! لو أنّ عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي، ثمّ أتاني جاحدا لولايتكم، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد أ تحبّ (6)أن تراهم؟ قلت: «نعم يا رب» فقال: التفت عن يمين العرش، فألتفت فإذا (7)بعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و عليّ بن الحسين و محمّد بن عليّ و جعفر بن محمّد و موسى بن جعفر و عليّ بن موسى و محمّد بن عليّ و عليّ بن محمّد و الحسن بن عليّ و المهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون

ص:339


1- البقرة:2، الآية 285.
2- في المصدر: إنّي خلقتك و خلقت عليا.
3- في المصدر: ولد الحسين.
4- في المصدر: من شبح نور من نوري و عرضت.
5- في المصدر: على أهل السماوات و الأرض.
6- في المصدر: تحب.
7- في المصدر: أنا.

و هو (1)في وسطهم يعني المهدي (2)عليه السّلام، كأنّه كوكب درّي (3)قال: يا محمّد! هؤلاء الحجج و هو (4)الثائر من عترتك، (5)و عزّتي و جلالي! أنّه الحجة الواجبة لأوليائي و المنتقم من أعدائي» (6).

أقول: و رواه بعض الأثبات عن كتاب «السيد» رحمه اللّه بهذه العبارة أيضا (7).

و روى بعض الأجلة من ثقاة السادات في سبعة مواضع من كتابه عن «الخوارزمي» بعين تلك العبارة، مصرحا في جملة منها ب «أنّ كلّ ما يرويه عن «الخوارزمي» فهو من كتابه في «فضائل علي عليه السّلام» (8).

و قال أيضا: و روى هذا الحديث جماعة من الخاصة و العامة، رواه الطوسي في «الغيبة» (9)و أبو الحسن بن شاذان في «المناقب المأة» (10)من طريق العامه، و رواه صاحب «المقتضب» (11)و صاحب «الكنز الخفي» (12)و «الحمويني» (13)من العامة (14).

ص:340


1- في المصدر: المهدي.
2- في المصدر-: يعني المهدي.
3- في المصدر+: بينهم و.
4- في المصدر: هذا.
5- في المصدر+: يا محمّد.
6- «الطرائف» ج 1، ص 172، ح 270.
7- «روضة الأحباب» في سيرة النبي و آل و الأصحاب» مخطوط.
8- «غاية المرام» ج 1، المقصد الأوّل، الباب الثامن، ص 62، ح 1.
9- «كتاب الغيبة» ص 95.
10- «مأة منقبة» المنقبة السابع عشر، ص 62.
11- «مقتضب الأثر» الجزء الأوّل، ص 10.
12- «الكنز الخفى» .
13- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 319، ح 571.
14- «غاية المرام» ج 2، المقصد الأوّل، الباب الرابع و العشرون، ص 256، ح 39.

أقول: وجدته في المحكي عن «المناقب المأة» أيضا و في «ينابيع المودة» في الباب الثالث و التسعين: أخرج أبو المؤيد موفق بن أحمد الخوارزمي بسنده عن أبي سليمان راعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . . ، فذكر الحديث بعينه، فقال: أيضا أخرجه «الحمويني» (1).

أقول: و في «المقتضب» فيما رواه عن أهل السنة: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن سنان الموصلي العدل (2)قال: أخبرني أحمد بن محمّد الخليلي الأملي، قال: حدّثنا محمّد بن صالح الهمداني، قال: حدّثنا سليمان بن أحمد، قال: أخبرني الريان بن مسلم، عن عبد الرحمان بن يزيد بن جابر، قال: سمعت سلام بن أبي عمرة، قال:

سمعت أبا سلمى راعى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . . ، فذكره (3).

و بعض الأثبات من السادات ما هذا لفظه (4): الحمويني هذا، قال: بالأسانيد المذكورة إلى الإمام السعيد ضياء الدين أخطب الخطباء موفق بن أحمد الخوارزمي رحمه اللّه، قال: أخبرني قاضي القضاة. . . (5)فذكر الحديث كما هنا.

أقول: و الأسانيد التي أشار إليها ما يأتي إن شاء اللّه، و هو صريح في أخذ الحديث عن كتابه، لا سماعا منه، و له طريق آخر و هي روايته عن العدل عليّ بن الحب (6)بن عبيد اللّه، عن الإمام ناصر بن أبي المكارم المطرّزي عن الإمام أخطب خوارزم موفق بن أحمد إجازة. . . (7).

ص:341


1- «ينابيع المودّة» الجزء الأوّل، الباب الثالث و التسعون، ص 486 و 487.
2- في المصدر: المعدل.
3- «مقتضب الأثر» ص 10.
4- «غاية المرام» ج 7، المقصد الثاني، الباب الحادي و الأربعون و المأة، ص 88، ح 27.
5- «فرائد المسطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 319، ح 571.
6- في المصدر: عليّ بن أنجب.
7- نفس المصدر، ص 321، ح 572.

و في «الطرائف» تلو ما سبق ما هذا لفظه: و بإسناده (1)عن الإمام محمّد بن أحمد بن شاذان (2)، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن الفضل بن (3)محمّد بن القاسم، عن عبّاد بن يعقوب، عن موسى بن عثمان، عن الأعمش، قال: حدّثني أبو إسحاق عن الحرث (4)و سعيد بن بشير، عن عليّ بن أبيطالب عليه السّلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا واردكم على الحوض و أنت يا عليّ! الساقي، و الحسن الذائد (5)و الحسين الآمر، و عليّ بن الحسين الفارط، و محمّد بن علي الناشر، و جعفر بن محمّد السائق، و موسى بن جعفر محصي المحبّين و المبغضين، و قامع المشركين (6)و عليّ بن موسى مزين (7)المؤمنين، و محمّد بن عليّ منزل أهل الجنّة درجاتهم، و عليّ بن محمّد خطيب شيعته، و مزوجهم من (8)الحور العين و الحسن بن عليّ سراج أهل الجنّة، يستضيئون به، و المهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن اللّه إلاّ لمن يشاء و يرضى (9).

و رواه بعض الأثبات عن كتاب «الخوارزمي» في عليّ عليه السّلام في غير موضع من كتابه و قال أيضا: الحمويني هذا قال: (10)أخبرني شيخنا نجم الدين عثمان بن

ص:342


1- رواه الخوارزمي في «مقتل الحسين» الجزء الأوّل، الفصل السادس، ص 94.
2- في المصدر: محمّد بن أحمد بن عليّ بن شاذان.
3- في المصدر: عن.
4- في المصدر: بن الحارث.
5- في المصدر: الرائد.
6- في المصدر: المنافقين.
7- و في بعض النسخ: معين.
8- في المصدر-: من.
9- «الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف» ج 1، ص 173 و 174، ح 271، مع اختلاف يسير بما في «مقتل الحسين» الجزء الأول، الفصل السادس، ص 94.
10- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 318، ح 570 و ص 321، ح 572.

الموفق بقرائتي عليه، قال: أنبأنا عبد الحميد بن محمّد بن إبراهيم الخوارزمي إجازة، أنبأنا أبو العلا أحمد بن الحسن (1)العطار الهمداني، ح أنبأنا الإمام برهان الدين ناصر بن أبي المكارم المطرّزي كتابه، أنبأنا الإمام ضياء الدين أخطب الخطباء أبو المؤيد الموفق بن أحمد، إجازة-إن لم يكن سماعة-أنبأنا (2)قاضي القضاة نجم الدين فخر الإسلام محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي، فيما كتب إليّ من همدان. . . و ذكر السند إلى ابن شاذان و الحديث، كما مر (3).

أقول: و في السند إشكال (4)ذكرناه في محله، و الحديثان موجودان في «المناقب المأة» (5)و رواية الخوارزمي عنه بسند واحد يدلّ على أخذه منه، لا من الشفاه، و كانا موجودين في كتابه (6)، في عدّة من الطبقات حتّى وجدهما «القندوزي» (7)و لكن نسختي ليس فيها ذلك و كأنّها بلغها قلم الإمام أحمد (8)و نحوه و «المناقب المأة» كلّها من طرق أهل السنة و أشباه الحديثين فيه كثير و لو لا أنّ ما بيدنا حذفت أسناده لأوردناه جما.

ص:343


1- في المصدر: الحسن بن أحمد.
2- في المصدر: أخبرنا.
3- «غاية المرام» ج 2، المقصد الاول، الباب الرابع و العشرون، ص 258، ح 43.
4- لأنّ بعض الأثبات قد خلط بين رواة حديث رقم 570، ص 318 و حديث رقم 572، ص 321 من الباب الحادي و الستين من «فرائد السمطين» ج 2 و أسقط سائر الرواة.
5- «مأة منقبة» المنقبة الخامسة، ص 45.
6- «مقتل الحسين» للخوارزمي، ص 94 و 95.
7- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب الثالث و التسعون، ص 486؛ الباب السادس و الخمسون و من كتاب «مودّة القربى» المطبوع في «ينابيع المودة» الجزء الاول، في المودّة الرابعة عشر ص 265، و إليك نص الحديث الثاني: عن الأعمش، قال: حدّثني أبو إسحاق بن الحارث و سعد بن بشر، عن عليّ كرّم اللّه وجهه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا واردكم على الحوض، و أنت يا علي الأمر و الحسن و الحسين الساقي.
8- يعني الامام أحمد بن عليّ بن شاذان.
الإيماء إلى سبق خلافة علي عليه السّلام على المعراج

أقول: أمّا ذكر الخلافة في حديث راعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقد روى «ابن أبي الحديد» عن «الطبري» في تاريخه (1)عن ابن عباس، عن عليّ عليه السّلام في قوله تعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ (2)حديث دعوته لهم إلى طعام، و فيهم أعمامه أبو طالب، و حمزة، و العباس، و أبو لهب و أن قال لهم: «فأيّكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم» و سكوتهم و قول عليّ عليه السّلام: «أنا» و قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له، و أطيعوا» فقام القوم، يضحكون، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع (3).

أقول: طريق «الطبري» الذي تركه «ابن أبي الحديد» مذكور في «مجالس الطوسي» [هكذا]: قال: حدّثنا (4)جماعة عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري، سنة ثمان و ثلاث مأة، قال: حدّثنا محمّد بن حميد الرازي، قال: حدّثنا سلمة بن المفضل (5)الأبرش، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق بن عبد الغفار (6)، قال أبو المفضل: و حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الباغندي- و اللفظ له-قال: حدّثنا محمّد بن الصبّاح الجرحلوي (7)، قال: حدّثنا (8)سلمة بن

ص:344


1- «تاريخ الطبري» ج 2، ص 319-321.
2- الشعراء:26، الآية 214.
3- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 13، ص 210.
4- في المصدر: أخبرنا.
5- في المصدر: الفضل.
6- في المصدر: محمّد بن إسحاق، عن عبد الغفّار بن القاسم.
7- في المصدر: الجرجرائي.
8- في المصدر: حدّثني.

صالح الجعفي، عن سليمان الأعمش و أبي مريم جميعا، عن المنهال بن عمرو، عن عبد اللّه بن الحرث (1)بن نوفل، عن ابن عباس (2)، عن عليّ. . . (3)فذكر الحديث نحو ما أورده الكنجي في «كفايته» :

أخبرنا عليّ بن المقير النجّار بدمشق، عن المبارك بن الحسن بن أحمد الشهرزوري، أخبرنا عليّ بن أحمد، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا الحسين بن محمّد بن الحسين، حدّثنا موسى بن محمّد بن (4)عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا الحسن بن عليّ بن شبيب العمري، حدّثنا عبّاد بن يعقوب، حدّثنا عليّ بن هاشم، عن صباح بن يحيى المزني، عن زكريا بن ميسرة، عن أبي إسحاق، عن البراء. . . ، فساق الحديث إلى أن قال: قال: «و من يواخيني و يوازرني، و يكون وليي و وصيي بعدي، و خليفتي في أهلي و يقضي ديني» و أمسك القوم، فأعاد ذلك ثلاثا، كلّ ذلك يسكت القوم، و يقول عليّ: «أنا» (5)فقام القوم و هم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك، فقد أمر علينا و عليك.

[و قال]: و رواه (6)أبو عبد الرحمان النسائي مع جلالة قدره في «خصائص عليّ عليه السّلام» (7)فذكر ما رواه (8).

و قد روى ما رواه الثعلبي في «تفسيره» (9)و يأتي إن شاء اللّه.

ص:345


1- في المصدر: الحارث.
2- في المصدر: عبد اللّه بن عباس.
3- «الأمالي» للشيخ الطوسي، مجلس يوم الجمعة، رقم 24، ص 581، ح 1206.
4- في المصدر-: بن.
5- في المصدر+: فقال «أنت» .
6- في المصدر+: الإمام.
7- «خصائص أمير المؤمنين» ص 86.
8- «كفاية الطالب» الباب الحادي و الخمسون، ص 89.
9- «تفسير الثعلبي» ج 7، ص 182.

و في الجزء الأوّل من «مسند الإمام أحمد» في الحادية عشرة بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبّاد بن عبد اللّه الأسدي، عن عليّ رضى اللّه عنه، قال: لمّا نزلت هذه الآية:

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ (1) (2)جمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا و شربوا، قال: فقال لهم «من يضمن عنّي ديني و مواعيدي و يكون معي في الجنّة و يكون خليفتي في أهلي» ؟ فقال رجل-لم يسمه شريك-: يا رسول اللّه! أنت كنت بحرا (3)من يقوم بهذا؟ قال: ثمّ قال الأخر: قال فعرض ذلك على أهل بيته، فقال عليّ رضي اللّه عنه: «أنا» (4).

أقول: كذا وجدت النسخة، و حكى رواية أخرى عن عبد اللّه، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدّثنا شريك. . . ، فذكر السند (5).

و قال عبد اللّه: و حدّثنا أبو خيثمة حدّثنا أسود. . . فذكره، و الحديث يخالف ذلك بيسير و زاد في آخره: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «عليّ يقضي ديني عنّي، و ينجز مواعيدي» و لفظ الحديث للحماني، و بعضه لحديث أبي خيثمة (6).

و في التاسعة و الخمسين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن عليّ رضى اللّه عنه، قال: «جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بني

ص:346


1- الشعراء:26، الآية 214.
2- في المصدر+: قال.
3- في النسخة المخطوطة: و في بعض النسخ: تجد.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 111.
5- «ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب» من تاريخ مدينة دمشق، ج 1، ص 85، ح 138؛ «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الخامس عشر، ص 276، ح 1.
6- «غاية المرام» ج 3 المقصد الثاني، الباب الخامس عشر، ص 276، ح 2.

عبد المطلب، فيهم رهط، كلّهم يأكل الجذعة، و يشرب الفرق» قال: «فصنع لهم مدا من طعام، فأكلوا حتّى شبعوا» قال: «و بقي الطعام كما هو كأنّه لم يمسّ، ثمّ دعا بغمر فشربوا، حتّى رووا و بقي الشراب كأنّه لم يمس» (1)، فقال: «يا بني عبد المطلّب إنّي بعثت لكم خاصة و إلى الناس عامة (2)، و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيّكم يبايعني علي أن يكون أخي و صاحبي» ؟ قال: «فلم يقم إليه أحد (3)، فقمت إليه، و كنت أصغر القوم» قال: «فقال: اجلس» ، قال: «ثلاث مرات، كلّ ذلك أقوم إليه، فيقول لي: اجلس حتّى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي» (4).

و عن «الثعلبي» في الآية (5): أبنأنا (6)الحسين بن محمّد بن الحسين، قال:

حدّثنا موسى بن محمّد (7)، حدّثنا الحسن بن عليّ بن شبيب العمري (8)، قال:

حدّثنا (9)عبّاد بن يعقوب (10)، حدّثنا عليّ بن هاشم، عن صباح بن يحيى المزني، عن زكريا بن ميسرة، عن أبي إسحاق، عن البراء. . . ، فذكر الحديث، فقال: ثمّ أنذرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: «يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من اللّه (11)، و البشير لما يجيء به أحد12، جئتكم بالدنيا و الآخرة، فأسلموا و أطيعوني

ص:347


1- في المصدر+: أو لم يشرب.
2- في المصدر: بعامة.
3- في المصدر+: قال.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 159.
5- الشعراء:26، الآية 214.
6- -في المصدر: أخبرني.
7- في المصدر+: بن عليّ بن عبد اللّه، قال.
8- في المصدر: المعمر.
9- في المصدر: حدّثني.
10- في المصدر+: قال.
11- في المصدر+: سبحانه.

تهتدوا، و من يواخيني، و يوازرني، و يكون وليّي، و وصيي (1)، و خليفتي في أهلي، و يقضي ديني» ؟ فأمسك (2)القوم، و أعاد ذلك ثلاثا، كلّ ذلك يسكت القوم، و يقول عليّ: «أنا» (3)فقام القوم، و هم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك، فقد أمّر عليك» (4).

تاريخ المعراج

هذا و تاريخ الإسراء، قال «الطبرسي» أمين الإسلام في قوله تعالى:

لَيْلاً (5): قالوا: «كان ذلك اليل قبل الهجرة بسنة» (6)و أشار في سورة الشعراء في آية الإنذار (7): إنّ الإنذار على الوجه المزبور وقع في الشعب، رواه عن أبي رافع (8).

بدء خلافة علي عليه السّلام

أقول: محمّد بن العباس بن ماهيار الثقة قال: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد، عن

ص:348


1- في المقدر+: بعدى.
2- في المصدر: فسكت.
3- في المصدر+: فقال: «أنت» .
4- «تفسير الثعلبي» ج 7، ص 182؛ « غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب الخامس عشر، ص 276، ح 3.
5- الإسراء:16، الآية 1.
6- «مجمع البيان في تفسير القرآن» ج 3، ص 396.
7- الشعراء:26، الآية 214.
8- «مجمع البيان في تفسير القرآن» ج 4، ص 206.

إسماعيل بن إسحاق الراشدي و عليّ بن محمّد بن خالد (1)الدهان، عن الحسن بن عليّ بن عفّان، قال: حدّثنا أبو زكريا يحيى بن هاشم السماوي، (2)عن محمّد بن عبد اللّه بن عليّ بن أبي رافع مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، عن أبيه، عن جدّه أبي رافع، قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جمع بني عبد المطلب في الشعب. . . فذكر الحديث بطوله (3).

أقول: صريح نحو «أطع ابنك فقد أمره عليك» (4)أنّ تلك الخلافة أوجبت الرئاسة فيما فهم هؤلاء و قوله: «خليفتي في أهلي» لعلّ المعني خليفتي الموجود في أهلي دون اختصاص مورد الخلافة بالأمور المرتبطة بالأهل فقط، مع أنّه إذا ثبت رئاسته على أهله عامّة ثبت رئاسته على عامة الأمة بملاحظة ما دلّ على رئاسة أهل بيته على الأمّة، و قد مرّ نبذ من ذلك.

الإشارة إلى طريق معرفة الأئمة من غير هذه الروايات

ثمّ إن الغرض في المقام لم يكن إثبات الخلافة لعليّ عليه السّلام بل الداعي رفع الإشكال من الخبر، و في ذلك كفاية، و أيّا ما كان فهؤلاء المشار إليهم في تلك الروايات، و من عرف تلك الأسانيد من طرق أهل السنة، مضافا إلى تأيّدها بما دلّ على كون الرئاسة في أهل البيت و ولد الحسين ممّا مرّ في سائر الأبواب، فهو و إن جهل ذلك، فله طريق أخر لتعيين من أشير إليهم بعد الإذعان بكون خلافة الاثني عشر المذكورة في أخبار العدد منصبا إلهيا أخت النبوة و لو من أجل التعيين في العدد الخاص و إظهار امتداد خلافتهم إلى قيام الساعة و نحوه.

ص:349


1- في المصدر: مخلد.
2- في المصدر: الشمساوي.
3- «غاية المرام» ج 3، المقصد الثاني، الباب السادس عشر، ص 281 ح 4.
4- في المصدر: أمّر عليك.

و من التخصيص بقريش فيها، و في أخبار «الملك في قريش» (1)الذي لم يصح كونه كلاما خبريا محضا، كما عرفت اتضاحه في هذه الأزمان، و من نفس تخصيص العدد بالإخبار عنهم، مع تعدّي عدّة البارزين، و عدم ملاحظة خصوصية تختص بالعدد منهم، حسب ما عرفت في توجيه الأخبار و غير ذلك ممّا يوجب الجزم بالمنصبية من اللّه تعالى، و هو فحص النصوص على آحادهم، فبالنسبة إلى عليّ في حديث الغدير (2)و غيره (3)و إلى الحسن في نصوص أبيه و انقياد أخوته و شيعته له و نحو ذلك و محل فحص ذلك معلوم لا يخفى.

و طريق أخر و هو الفحص عن أحوال هؤلاء المسمين، فإن وجدهم أهل التمسك بهم كما أمر في حديث الثقلين و نحوه اتّضح خلافتهم، و كونهم المشار إليهم في تلك الأخبار، و محل الفحص عن هذين الأمرين هو الأخبار و السير الموجودة فيما بين خواصّهم و نحوهم، دون ما يكون فيما بين أهل الإعراض عنهم، لوضوح أن النصوص و ذكر أوصافهم على ما هي عليها في الواقع ينافي أغراض أهل الإعراض، و كان ممّا وجد الدواعي إلى كتمانها بعد تبرز الأغيار بمنصبهم و نحو ذلك.

و كيف يكون مضان حديث يخالف المذهب في كتاب من يضرب على حديث «لو أنّ الناس اعتزلوهم» (4)بمجرد توهم مخالفته لأحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

ص:350


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 364؛ «سنن الترمذي» ج 5، ص 384، ح 4028.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 118 و 119؛ ج 4، ص 281؛ ج 5، ص 374؛ «سنن الترمذي» ج 5، ص 297، ح 3797.
3- كحديث الثقلين، في «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 26 و 59؛ ج 5، ص 182 و 190.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 301؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 177؛ «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 186.
الإيما إلى ما يتوهم لزومه على فرض كون الخلافة لعلي عليه السّلام

(تبيين و إيضاح) قد يذهب الأوهام إلى أنّه لو كان خلافة النبوة لعليّ عليه السّلام من أوّل ما مضي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان عليه قدح في القعود و الانزواء، و لا حاجة إلى نقل كلماتهم في ذلك.

و لكن نقول: إذا كانت خلافته من الزمان ممّا ثبت بالسنة الواضحة و البينة العادلة-كما عرفت-لا يكون مثل ذلك واقعا للحق المبين بل الازم أن تتعلموا منهم، و لا تعلموهم، فإنّهم أعلم منكم بحكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فما فعل إلاّ ما هو للّه رضى «لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» .

وعد اللطيف الخبير و على حماة الشوكة أن يكونوا في تصحيح فعله في التخلف عن البيعة ستة أشهر و زيادة و زعمه فيها أنّ له لقرابته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نصيبا موجدته اشفى و اسغى لما عرفت من اللوازم التي لا يسعهم التزامها و لم يفعلوا.

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخبره بما يجري و أمره بالسلم

ثمّ إنّ الباعث له على ما فعل وصية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لما رآه من المصلحة و إن لم يدركه بعض العقول.

ففي الجزء الأوّل من «مسند الإمام أحمد» في التسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني محمّد بن أبي بكر القدمي، حدّثنا فضيل بن سليمان يعني النميري، حدّثنا محمّد بن أبي يحيى، عن إياس بن عمر و الأسلمي، عن عليّ بن أبي طالب رضى اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّه سيكون بعدي اختلاف أو أمر، فإن استطعت أن تكون السلم فافعل» (1).

و في الحادية و التسعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يعقوب، حدّثنا

ص:351


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 90.

أبي، عن أبي إسحاق، قال: و ذكر محمّد بن كعب القرظي، عن الحرث بن عبد اللّه الأعور، قال: قلت لآتين أمير المؤمنين فلأسألنّه عمّا سمعت العشية، قال: فجئته بعد العشاء، فدخلت عليه فذكر الحديث، قال ثمّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «أتاني جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمّد! إنّ أمّتك مختلفة بعدك، قال: فقلت: له فأين المخرج يا جبرئيل؟ قال: فقال: كتاب اللّه تعالى، به يقصم اللّه كلّ جبّار، من اعتصم به نجا و من تركه هلك-مرتين-قول فصل و ليس بالهزل، لا تختلقه الألسنة (1)و لا تفني أعاجيبه فيه، نبأ ما كان قبلكم، و فصل ما بينكم، و خبر ما هو كائن بعدكم» . (2)

أقول: الخبر الأوّل كأنّه ناظر إلى ما يكون هو الطرف فيه دون سلم طرفي الاختلاف، إذ قد يكون فيه ترك نصرة الحق و نحو ذلك، فكيف يأمر به؟ ! ! و قد قال تعالى: فَقاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ (3)إلى غير ذلك.

و إن قلت: ارتكاب ذلك جاز له بخصوصه حفظا للنفس، أو نحو ذلك.

قيل: فشجاعته و بسالته لم تمنع من أن يؤمر بترك حق أو يرخّص فيه، و لا يأتي عليه من قبل نحو ذلك الترك بعد الرخصة المعلومة في كلّ ما فعل من آية التطهير و نحوها، كما عرفت قدح و نحوه.

خروج غزواته الثلاثة عن مورد وصية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له

بالسلم]

ثمّ عدم كونه سلما في وقعة الجمل و صفين و النهروان، مع أن كلا منها من

ص:352


1- في المصدر: الألسن.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 91.
3- الحجرات:49، الآية 9.

الاختلاف في الأمّة على ما زعموا، إمّا لفقد الاستطاعة، كما أفصح عنه فيما رواه «الخوارزمي» في الفصل الأوّل من الفصل السادس عشر، قال: و أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي-فيما كتب إليّ من همدان-أخبرني (1)أبو الفتح عبدوس بن عبد اللّه بن عبدوس الهمذاني، كتابة، حدّثنا أحمد بن كامل بن خالد بن كامل القاضي، حدّثنا العباس بن أحمد، حدّثنا سعيد بن يحيى (2)الأزهر، حدّثنا محمّد بن هبة (3)، حدّثنا فضيل (4)، عن سالم بن أبى حفصة، عن مازن العايذي (5)قال: قال عليّ بن أبي طالب: «ما وجدت (6)من قتال القوم بدّا أو الكفر بما أنزل اللّه على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (7)» من الدين و الإيمان يعني بذلك كلّ من حاربهم من الكفّار و غيرهم (8)انتهى.

إنّ أمر الخلافة مورد تلك الوصية

أو خروج هذه عمّا أمر فيه بالسلم، كما يدلّ عليه ما رواه الخوارزمي (9)

ص:353


1- في المصدر: أخبرنا.
2- في المصدر: يحيى بن الأزهر.
3- في المصدر-: حدّثنا محمّد بن هبة.
4- في المصدر: محمّد بن فضيل.
5- في المصدر: العابدي.
6- في المصدر: وحدت.
7- «المناقب» الفصل الأوّل من الفصل السادس عشر، ص 173، ح 210.
8- و في المصدر-: «من الدين و الإيمان يعني بذلك كلّ من حاربهم من الكفار و غيرهم» و لم نجد هذا الذيل في غيره من المصادر: كما في «فرائد السمطين» ج 1، الباب الثالث و الخمسون، ص 279، ح 218؛ « ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب» ج 3، ص 174 ح 1211 و 1212.
9- «المناقب» الفصل السادس عشر، من الفصل الثالث، ص 189، ح 225.

و غيره (1)عنه بأسانيدهم «أمرت بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين» كما يدلّ عليه أمر غيره بمقاتلتهم معه (2)، و هو كثير لا حاجة إلى إيراده، فينحصر مورد السلم المزبور في أمر الخلافة، و هو بنفسه فيه طرف الخلاف، على ما قرر أو امرها مورد الاختلاف الشديد على ما زعم.

كلام الشهرستاني في إثبات الاختلاف

قال الشهرستاني في «الملل و النحل» : الخلاف الخامس في الإمامة و أعظم خلاف بين الأمّة خلاف الإمامة إذ (3)ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة (4)و قد سهل اللّه تعالى ذلك في الصدر الأوّل، فاختلف المهاجرون و الأنصار فيها، و قالت الأنصار: «منّا أمير و منكم أمير» و اتفقوا على رئيسهم سعد بن عبّادة الأنصاري، فاستدركه أبو بكر و عمر في الحال بان حضرا سقيفة بني ساعدة.

ان سيدنا عمر البادي ببيعته و من عاد إلى مثلها يقتل في حكمه

و قال عمر: كنت أزور في نفسي كلاما في الطريق، فلمّا وصلنا إلى السقيفة أردت أن أتكلم، فقال أبو بكر: «مه يا عمر» فحمد اللّه و أثنى عليه و ذكر ما كنت

ص:354


1- «فرائد السمطين» ج 1، الباب الثالث و الخمسون، ص 279، ح 217؛ «ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب» ج 3، ص 160، ح 1198.
2- «المناقب» الفصل السادس عشر، من الفصل الثالث، ص 190، ح 224 و 226؛ «فرائد السمطين» ج 1، الباب الثالث و الخمسون، ص 281، ح 220 و 221 «ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب» ج 3، ص 169، ح 1205.
3- في النسخة المخطوطة «إذا» و الصحيح ما أثبتناه من المصدر.
4- في المصدر+: في كلّ زمان.

أقدره في نفسي كأنّه يخبر عن غيب، فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام، مددت يدي إليه، فيايعته و بايعه الناس، و سكنت النائرة إلاّ بيعة أبي بكر كانت فلتة و في اللّه شرّها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فأيّما رجل بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين، فإنّهما (1)تغرة أن يقتلا، و إنّما سكنت الأنصار عن دعواهم لرواية أبي بكر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «الأئمّة من قريش» و هذه البيعة هي التي جرت في السقيفة.

من لم يبايع أبا بكر

ثمّ لمّا دعا إلى المسجد أنثال الناس عليه و بايعوه عن رغبة سوى جماعة من بني هاشم و أبي سفيان من بني أمية و أمير المؤمنين عليّ كرم اللّه وجهه كان مشغولا بما أمره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من تجهيزه و دفنه و ملازمة قبره من غير منازعة و لا مدافقة (2)إنتهى موضع الحاجة من كلامه، نقلناه بطوله لفوائد جمّة لا تخفى.

و أمّا الحديث الثاني (3)فالظاهر أن قوله: «فقلت له» من كلام عليّ لا كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و في الجواب أيضا إرشاد إلى ذلك، كما لا يخفى و هو سؤال عمّا يوجب الخلاص من ورطة الاختلاف، و ما يتعقّبه مشيرا إلى كونه حجة قاصمة ينجو من تمسّك به و يهلك من ترك إرشادا إلى أنّ من يوافق القرآن لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (4).

[و قوله:] «فيه نبأ ما كان قبلكم» في الأمم [و قوله:] «و فصل ما بينكم»

ص:355


1- في المصدر-: فإنّهما، و في بعض النسخ: «فإنّه لا يؤمر واحد منها» .
2- «الملل و النحل» الجزء الأوّل، ص 16.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 91.
4- يونس:10، الآية 62.

و ذلك بضميمته إلى حديث «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» (1)إخبار إجمالي بما يقع عليه، و أنّه يعذر فيما فعل اخذا بما يدعو إليه القرآن.

و مع ذلك فلا ينسى قول سيدنا عمر في حقه: «و لو وليها لانتقضت عليه العرب» (2)و حديث: «اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتي» (3)و قد أوردناها بطرقها في كتابنا «سلاح الحازم» (4)يراجعه من أراد.

و لا ينسى أيضا قول أمّنا عايشة: «فالتمس مصالحة أبي بكر و مبايعته و لم يكن يبايع تلك الستّة (5)الأشهر» .

و قد أسلفناه عن الصحيحين (6)، فبأيّ وجه يدعى أن كان يسعه القيام بحقه و الإنكار و لم يفعل حتّى يتخلّق عليه ما زوّرته الأوهام؟ ! ! فلاحظ.

ص:356


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 32؛ «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 208؛ «المناقب» الفصل الاول ص 39، ح 7.
2- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 12، باب 223، ص 21.
3- «المناقب» ص 62.
4- «سلاح الحازم» مخطوط.
5- في المصدر-: الستة.
6- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 83؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 154.

الباب السابع: باب بعض ما في الثاني عشر عجّل اللّه فرجه

اشارة

باب بعض ما في الثاني عشر عجّل اللّه فرجه

ص:357

نص الرضا عليه السّلام بأنّه من ولد العسكري

بعض الأثبات ما هذا لفظه (1):

ابن الخشاب قال: حدّثنا صدقة بن موسى، عن أبيه، عن الرضا عليه السّلام، قال:

«الخلف الصالح من ولد [أبي محمّد]الحسن بن عليّ العسكري، هو صاحب الزمان، و هو المهدي» (2).

و أيضا ابن الخشاب، عن أبي القاسم الطاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه، عن جدّه، قال سيّدي جعفر بن محمّد: «الخلف الصالح من ولدي، و هو المهدي، اسمه محمّد و كنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال: لأمّه صيقل» ، قال لنا أبو بكر الزرّاع (3).

و في رواية أخرى بل: «اسمها حكيمة» و في رواية ثالثة: يقال لها: «نرجس» و يقال بل: «سوسن» و اللّه أعلم بذلك (4).

ابن الخشاب، قال: حدّثني محمد بن موسى الطوسي، حدّثني عبيد اللّه بن محمد، عن القاسم بن عدي، قال: يقال: كنية الخلف الصالح أبو القاسم و هو ذو الاسمين (5).

أقول: في «كشف الغمة» : و نقلت من كتاب «مواليد الائمة» تصنيف الشيخ ابن

ص:358


1- «غاية المرام» ج 7، المقصد الثاني، الباب الحادي و الاربعون و المأة، ص 105، ح 112.
2- «تاريخ مواليد الأئمة و وفياتهم» المطبوع في «مجموعة نفيسة» في تاريخ الأئمة، ص 200، باختلاف يسير.
3- في المصدر: الزارع.
4- «غاية المرام» ج 7، المقصد الثاني، الباب الحادي و الأربعون و المأة، ص 106، ح 113؛ «تاريخ مواليد الأئمة و وفياتهم» ، المطبوع في «مجموعة نفيسة» في تاريخ الأئمة ص 201.
5- نفس المصدر.

الخشاب بخط ابن وضّاح، إلى أن قال: «فانظر و اعتبر إلى هذا الكتاب و مصنفه و كاتبه و هما من أعيان أصحاب أحمد بن حنبل. . .» (1).

و قال رحمه اللّه: قال ابن الخشاب رحمه اللّه تعالى: ذكر الخلف الصالح عليه السّلام.

حدّثنا صدقة بن موسى. . . ، فذكر العبارة بعينها و زاد بعد قوله «و اللّه أعلم بذلك» : و يكنى بأبي القاسم، و هو ذو الاسمين خلف و محمّد، يظهر في آخر الزمان، على رأسه غمامة تضله من الشمس، تدور معه حيثما دار، تنادي (2)بصوت فصيح هذا: «المهدي» (3).

حدّثني محمّد بن موسى الطوسي، قال: حدّثنا أبو مسكين (4)، عن بعض أصحاب التاريخ: «أنّ أمّ المنتظر يقال لها: حكيمة» (5).

حدّثني محمّد بن موسى الطوسي، حدّثني عبيد اللّه بن محمّد، عن القاسم بن عدي، قال: يقال: كنية الخلف الصالح أبو القاسم، و هو ذو الاسمين (6).

«ينابيع المودّة» في الباب الرابع و التسعين: أخرج أبو نعيم أربعين حديثا في المهدي، فمنها. . . إلى أن قال: و منها عن ابن الخشاب. . . فذكر الحديث الأوّل (7).

و منها عن ابن الخشاب. . . فذكر الثاني، إلاّ أنّه قال: يقال: لأمّه نرجس (8).

ص:359


1- «كشف الغمة» في معرفة الأئمة» ج 1، ص 65.
2- في المصدر: ينادي.
3- «كشف الغمة» في معرفة الأئمة، ج 2، ص 475 « تاريخ المواليد الأئمة و وفياتهم» المطبوع في «مجموعة نفيسة» في تاريخ الأئمة، ص 201.
4- في المصدر: أبو سكين.
5- «تاريخ مواليد الأئمة و وفياتهم» المطبوع في «مجموعة نفيسة» في تاريخ الأئمة، ص 201.
6- «تاريخ مواليد الأئمة و وفياتهم» ص 202.
7- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب الرابع و التسعون، ص 491.
8- نفس المصدر.

الرواية عن العسكري

عليّ بن طاوس في كتاب «المهج» ما هذا لفظه:

[فصل]و ذكر نصر بن عليّ الجهضمي-و هو من ثقات رجال المخالفين و قد مدحه الخطيب في تاريخه (1)و الخطيب من المتظاهرين بعداوة أهل البيت-، فيما صنّفه نصر بن علي الجهضمي المذكور في «مواليد الأئمة» : و من الدلائل، فقال عند ذكر الحسن العسكري: و من الدلائل ما جاء عن الحسن بن عليّ العسكري، عند ولادة محمّد بن الحسن، و سمّاه المؤمّل (2): «زعمت الظلمة أنّهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، كيف رأوا قدرة القادر، و سمّاه المؤمّل» ؟

و روى عن عليّ بن محمّد، أنّه قال: «لو أذن لنا في الكلام لزالت الشكوك، يفعل اللّه ما يشاء» (3):

قلت: نصر شيخ الشيخين (4).

نص الرضا عليه السّلام بأنّه الرابع من ولده

«ينابيع المودّة» في الرابع و التسعين: عن «فرائد السمطين» (5)عن الحسين (6)بن خالد، قال: قال عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام: اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ (7)و هو يوم

ص:360


1- «تاريخ بغداد» ج 13، ص 288.
2- في المصدر-: و سمّاه المؤمّل.
3- «المهج الدعوات» ص 332.
4- و هو البخاري و مسلم، راجع «تاريخ بغداد» ج 13، ص 287، حيث صرّح فيه بأنّ مسلم روى عن نصر بن عليّ الجهضمي، إلاّ أنّه من تلاميذ البخاري و معاصريه.
5- «فرائد السمّطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 337، ح 590.
6- في المصدر: الحسن.
7- الحجر:15، الآية 38.

خروج قائمنا، فقيل له: من القائم منكم؟ قال: «الرابع من ولدي، ابن سيدة الإماء، يطهّر اللّه به الأرض من كلّ جور، و يقدّسها من كلّ ظلم، و هو الّذي يشك الناس في ولادته، و هو صاحب الغيبة قبل خروجه. . . الخبر (1).

له غيبة

و في «عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر» لأبي بدر يوسف بن يحيى السلمي الشافعي: و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام قال: «يكون لصاحب هذا الأمر-يعني المهدي عليه السّلام-غيبة في بعض هذه الشعاب» و أومى بيده إلى ناحية ذي طوى، قال (2): «و (3)إذا كان قبل خروجه انتهى المولى الذي يكون معه حتّى يلقي بعض أصحابه، فيقول: «كم أنتم ههنا» ؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلا، فيقول: «كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم» ؟ فيقولون و اللّه لو ناوى الجبل (4)لناوينا (5)معه، ثمّ يأتيهم من القابلة: فيقول: «اشيروا إلى (6)من رؤسائكم أو من (7)خياركم عشرة فيسيرون (8)له فينطلق بهم حتّى يلقوا صاحبهم و يعدهم الليلة التي يليها (9)(10).

ص:361


1- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب الرابع و التسعون، ص 489.
2- في المصدر-: قال.
3- في المصدر: حتّى إذا.
4- في المصدر: الجبال.
5- في المصدر: لنناوينّها.
6- في المصدر: استبرئوا.
7- في المصدر-: من.
8- في المصدر: فيستبرئون.
9- في المصدر: تليها.
10- «عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر» الباب الخامس، ص 133.

له غيبتان

و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: «لصاحب هذا الأمر-يعني المهدي عليه السّلام-غيبتان، إحديهما تطول حتّى يقول بعضهم: مات، و بعضهم: قتل، و بعضهم: ذهب، و لا يطّلع على أمره إلاّ الذي يلي أمره (1)انتهى (2).

إنّه أصغرهم سنا

و في آخر الباب السادس منه: و عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال: «يكون هذا الأمر في أصغرنا سنّا و أجملنا ذكرا و يورثه اللّه تعالى علما و لا يكله إلى نفسه» (3).

و رواه في آخر الباب السابع مثله (4).

و في الباب السابع: عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه سئل: هل ولد المهدي عليه السّلام؟ قال: «لا، و لو أدركته لخدمته أيام حياتي» (5).

و قبيل ذلك:

و عن شعيب بن حمزة (6)قال: دخلت على أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ قال: «لا» فقلت: فولدك؟ قال «لا» فقلت:

فولد ولدك؟ قال: «لا» فقلت: من هو (7)؟ قال: «الذي يملاء الأرض (8)عدلا، كما

ص:362


1- في المصدر: و لا يطّلع على موضعه أحد و من وليّ و لا غيره إلاّ المولى الّذي يلى أمره.
2- نفس المصدر، ص 134.
3- نفس المصدر، الباب السادس، ص 139.
4- نفس المصدر، الباب السابع، ص 160.
5- نفس المصدر.
6- في المصدر: ابن أبي حمزة.
7- في المصدر: فمن هو.
8- في المصدر: يملأها.

ملئت جورا، على فترة من الأئمة (1)كما أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعث على فترة من الرسل» (2).

يخرج شابّا و هم يظنونه شيخا

و في آخر الباب الثالث: و عن أبي عبد اللّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، أنّه قال: «لو قد (3)قام المهدي لأنكره الناس، لأنّه ليرجع (4)إليهم شابّا موفّقا، و إنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابّا و هم يظنونه (5)شيخا كبيرا» (6)

و عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: «يكون. . .» فذكر مثل ما مرّ (7).

أقول: و لا يبعد أن يكون لفظ «الحسين بن عليّ» ممّأ ألحقه أبو بدر بزعم أنّه المراد بأبي عبد اللّه، و المراد به في الكلّ أو الجلّ هو جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام، كما يعرفه البصير؛ فلاحظ:

رواية الرشيد في المهدي

أقول: و عن الحمويني ما هذا لفظه: [و عن كتاب «إعلام الورى»] (8).

للشيخ الإمام أبي عليّ الفضل بن عليّ بن الفضل الطبرسي قدس اللّه روحه:

ص:363


1- في المصدر+: تأتي.
2- «عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر» الباب السابع، ص 158.
3- في المصدر-: قد.
4- في المصدر: يرجع.
5- في المصدر: يحسبونه.
6- نفس المصدر، الباب الثالث، ص 41.
7- نفس المصدر، ص 42: و عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام، أنّه قال: يكون هذا الأمر في أصغرنا سنّا، و أجملنا ذكرا، و يورثه اللّه علما، و لا يكله إلى نفسه.
8- «إعلام الورى بأعلام الهدى» الركن الرابع، الفصل الأوّل، ص 385.

أخبرني الإمام سديد الدين يوسف بن عليّ بن المطّهر الحلي، فيما كتب لي بخطه رحمه اللّه [عليه رحمة واسعة]أنّ الشيخ (1)الفقيه الفاضل شهاب الدين أبا عبد اللّه الحسين بن أبي الفرج بن ردّة التيملي (2)أنبأه عن الحسن بن عليّ (3)الطبرسي، إجازة بروايته عن والده جميع رواياته و تصانيفه، قال: و (4)أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن وهبان، قال: أبنأنا (5)أبو بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد القمّي، قال أنبأنا محمّد بن زكريّا بن دينار الغلابي، أنبأنا (6)سليمان بن إسحاق بن سليمان بن عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس، قال: حدّثني أبي، قال: كنت يوما عند الرشيد فذكر المهدي و ما ذكر من عدله، فأطنب في ذلك، فقال الرشيد: «إنّي أحسبكم أنّه تحسبونه (7)المهدي» (8).

حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاس، عن أبيه العبّاس بن عبد المطلب، أنّ النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «يا عمّ يملك من ولدي اثنا عشر خليفة، ثمّ يكون أمور كثيرة شديدة عظيمة (9)، ثمّ يخرج المهدي من ولدي، يصلح اللّه أمره في ليلة، فيملاء الأرض عدلا كما ملئت جورا، و يمكث في الأرض ما شاء اللّه ثمّ يخرج الدجّال» (10):

ص:364


1- في المصدر+: الكبير.
2- في المصدر: النيلي.
3- في المصدر: الحسن ابن أبي علي الفضل بن الحسن.
4- في المصدر-: و.
5- في المصدر: حدّثنا.
6- في المصدر: حدّثنا.
7- في المصدر: إنّي أحسبكم أنّكم تحسبون أن أبي المهدي، و في بعض النسخ «إنّي أحسبكم أنّه تحسبونه أني المهدي «و في بعض آخر: «أحسبكم تحسبونه أبي المهدي» .
8- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 329، ح 579.
9- في المصدر: و شدة عظيمة.
10- نفس المصدر.

ثمّ نقل كلاما للطبرسي رحمه اللّه و هو بعينه عبارة كتاب «إعلام الورى» (1)و لكنّ الحمويني دخل عليه، زعم أنّ الطبرسي أخذ الرواية عن محمّد بن وهبان و هو اشتباه، بل قال الطبرسي رحمه اللّه قبل العبارة:

و ممّا ذكره الشيخ أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن أبي أحمد الدوريستي في كتابه، في الردّ على الزيدية (2)أخبرني أبي، قال: أخبرني الشيخ أبو جعفر. . . ، فساق روايته.

فقال: قال: و أخبرني المفيد. . . ، فساق روايته و قال: قال: و أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن وهبان. . . (3)، فساق تلك الرواية و ذكر الكلام.

و محمّد بن وهبان ممّن أكثر عنه الخزاز في «كفايته» و كذا من عاصره و الطبرسي متأخّر عنه بكثير لا يخفى.

و الرواية هنا عن الدوريستي و يدلّ على ذلك كلام الحمويني في محلّ آخر.

قال: عن السيد السند-النقاب (4)النقيب الأطهر الأزهر الأفضل الأكمل الحسيب النسيب شرف العترة الممجّدة الطاهرة غرّة جبين غرّة (5)الطهارة و الأسرة العلويّة الزاهرة الّذي شرّفني بمؤاخاته في اللّه، فأفتخر بإخائه، و أعدّها ذخرا ليوم العرض على اللّه تعالى و لقائه-جمال الدّين أحمد بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي (6)الجلي شريف أخلاقه من كلّ ما يتطرّق إليها به ذامّ (7)و عاب

ص:365


1- «إعلام الوراى بأعلام الهدى» الركن الرابع الفصل الأوّل، ص 385.
2- في المصدر+: قال: .
3- نفس المصدر.
4- في المصدر: الثقة.
5- في المصدر: عنزة.
6- في المصدر+: الخلي.
7- في المصدر: ذامّه.

الحلي (1)أنوار فضائله و آثار بركاته التي تتحلي (2)بها الزمان، و بميامنها تنجلى (3)غيوم الحليّ (4)و تنحاب (5)أفاض اللّه تعالى عليه و على سلفه سحاب (6)لطفه و رضوانه، و أسكنه و ذريته الكريمة واسع فضله، غرف جنانه قراءة عليه، و أنا أسمع بداره بمحلّه عجلان بالحلة السفيفية الزيدية (7)يوم الخميس (8)ثاني عشر ذي قعدة (9)سنة إحدى و سبعين (10)و ستمأة، قال أنبأنا الشيخ نجيب الدّين محمّد بن أبي غالب، عن أبي محمّد جعفر بن أبي الفضل بن شعرة (11)عن نجم الدّين عبد اللّه بن جعفر الدوريستي-و عاش مأة و ثماني عشر سنة-عن عماد الدّين أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي-و كانت وفاته رحمه اللّه عليه [رحمة واسعة]سنة إحدى و ثمانين و ثلاث مأة. . . (12).

أقول: نقلنا العبارة كما وجدنا و هي كما ترى:

الرواية عن الرضا عليه السّلام

و في «الفصول المهمة» لابن الصباغ: و روى ابن الخشاب في كتابه «مواليد

ص:366


1- في المصدر: الجلي.
2- في المصدر: يتجلي.
3- في المصدر: يتجلي.
4- في المصدر-الحلي.
5- في المصدر: تنجاب.
6- في المصدر: سحائب.
7- في المصدر: السيفية المزيدية.
8- في المصدر+: في.
9- في المصدر: ذى القعدة.
10- في المصدر: تسعين.
11- في المصدر: أبي محمّد جعفر بن الفضل بن سعدة.
12- «فرائد السمطين» ج 1، الباب السابع و الخمسون، ص 309، ح 248.

أهل البيت» يرفعه بسنده إلى عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام أنّه قال: «الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن عليّ و هو صاحب الزمان القائم المهدي» (1).

الرواية في أنّ ابن الحسن صاحب عيسى

و عن «الثعلبي» في تفسيير قوله تعالى: وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ (2)إلى أن قال:

و روى عمر بن إبراهيم الأويسي في كتابه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «ينزل عيسى بن مريم عند انفجار الصبح، ما بين مهر و دين، و هما ثوبان أصفران من الزعفران، أبيض (3)أصهب الرأس، أفرق الشعر، كان رأسه يقطر دهنا، بيده حربة يكسر الصليب، و يقتل الخنزير، و يهلك الدجّال، و يقبض أموال القائم، و يمشي خلفه أهل الكهف، و هو وزير الأيمن للقائم، و صاحبه و نائبه، و يبسط في المغرب و المشرق الدّين، (4)كرامة لحجّة ابن الحسن عليه السّلام (5).

أقول: فلنكتف بهذه النبذة من الأخبار، في هذا المضمار، و لو رنما نقل ما نعثر عليه لطال الكتاب، فإنّ «الحمويني» قد روى أخبارا كثيرة أخرج من جملة ممّا أوردناه هنا، و أكثر ممّا نقلناه بواسطة «ينابيع المودّة» في الكتاب الأوّل «أبهى الدرر» رواها معتمدا عليها بما عرف لها من الصحة و ثقة الرواة، و لعمري أنّه خرّيت صناعة الحديث (6)حسب ما يعلم من سياق أحاديثه و أهل الإنصاف و مجانب الاعتساف.

ص:367


1- «الفصول المهمة» الفصل الثاني عشر، ص 274.
2- الزخرف:43، الآية 61.
3- في المصدر+: الجسم.
4- في المصدر: الأمن من كرامة.
5- «غاية المرام» ج 7، المقصد الثاني، الباب الحادي و الأربعون و المأة، ص 92، ح 38.
6- في النسخة المخطوطة: «التحديث» و لكن الصحيح ما أثبتناه.

و بالجملة، فالأحاديث من طرق أهل السنّة عندنا أضعاف ما أوردناه لأنّ جملة وافرة من طرق أحاديث كتاب «كفاية الأثر» من أهل السنّة، و كذا بعض طرق أحاديث كتاب «كمال الدّين» إلى غير ذلك، و جملة أخرى من طرق الأحاديث التّي ظفرنا بها احتوت على رجال أهل السنّة، و يصحّ الاحتجاج بها بعد إثبات صحة النقل إلى هؤلاء كما لا يخفى إلاّ أنّه بعد اتّضاح الأمر بتلك النبذة لا حاجة إلى إسهاب و إقعاب.

نقل الكلام عن «فصل الخطاب» في مولده و غيره

و في «ينابيع المودّة» : عن «فصل الخطاب» في أبي محمّد الحسن العسكري عليه السّلام: «و لم يخلف ولدا غير أبي القاسم محمّد المنتظر، المسمّى بالقائم و الحجة و المهدي و صاحب الزمان، و خاتم الأئمة الاثني عشر عند الإماميّة، و كان مولده (1)ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، و أمّه أمّ ولد، يقال لها: نرجس توفي أبوه رضى اللّه عنه و هو ابن خمس سنين، فاختفى إلى الآن رضى اللّه عنه و هو محمّد المنتظر ولد الحسن العسكري معلوم عند خاصة أصحابه» (2).

و قال أيضا: و يروى أنّ حكيمة بنت محمّد الجواد كانت عمّة أبي محمّد العسكري (3)تحبّه، و تدعو له و تتضرّع إلى اللّه تعالى أن ترى (4)ولده، فلمّا كانت

ص:368


1- في المصدر: مولد المنتظر.
2- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني الباب التاسع و السبعون، ص 451: إلى الآن و أبو محمّد الحسن العسكري ولده محمّد المنتظر المهدي رضي اللّه عنهما معلوم عنه خاصة أصحابه و ثقات أهله.
3- في المصدر: بنت أبي جعفر محمّد الجواد التقي كانت عمة أبي محمّد الحسن العسكري.
4- في المصدر: يريها.

ليلة النصف من شعبان من السنة المذكورة (1)دخلت (2)عند الحسن العسكري، فقال لها: «يا عمّة! كوني الليلة عندنا لأمر» فأقامت، فلمّا كان وقت الفجر اضطربت نرجس، فقامت إليها حكيمة، فوضعت (3)المولود المبارك، فلمّا رأته حكيمة أتت به الحسن (4)رضى اللّه عنهم و هو مختون، فأخذه و مسح بيده على ظهره و عينيه، و أدخل لسانه في فيه، و أذن في أذنه اليمنى، و أقام في الأخرى.

ثمّ قال: «يا عمّة! اذهبي به إلى أمّه» (5)قالت حكيمة: «ثمّ جئت من بيتي إلى أبي محمّد الحسن فإذا المولود بين يديه، في ثياب صفر [بيض ظ]و عليه من البهاء و النور، ما أخذ حبّه مجامع قلبي (6).

فقلت: يا سيّدي! هل عندك من علم في هذا المولود المبارك؟ فقال: «يا عمّة! هذا المنتظر الذّي بشّرنا به» (7)فخررت للّه ساجدة، شكرا على ذلك، ثمّ كنت أتردّد إلى الحسن (8)فلا أرى المولود، فقلت: يا سيّدي (9)ما فعل سيّدنا المنتظر؟ (10)قال: «استودعناه (11)الذي استودعته أمّ موسى عليهما السّلام ابنها و قالوا: «أتاه اللّه تبارك و تعالى الحكمة و فصل الخطاب (12)، و جعله آية للعالمين، كما قال تعالى:

ص:369


1- في المصدر: سنة خمس و خمسين و مأتين.
2- في المصدر+: حكمية.
3- في المصدر+: نرجس.
4- في المصدر: أبا محمّد الحسن العسكري.
5- في المصدر+: فذهبت به ورددته إلى أمّه.
6- في المصدر: أخذ بمجامع قلبي.
7- في المصدر+: قالت حكيمة.
8- في المصدر: أبي محمّد الحسن.
9- في المصدر: يا مولاي.
10- في المصدر: منتظرنا.
11- في المصدر+: اللّه.
12- في المصدر+: في طفوليته.

يا يَحْيى خُذِ اَلْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا (1) (2)و طوّل اللّه تبارك و تعالى عمره، كما طوّل عمر الخضر و إلياس (3)(4).

كلام صلاح الدين

و في «ينابيع المودّة» في الباب السادس و الثمانين ما هذا لفظه: و قال الشيخ الكبير الكامل بأسرار الحروف صلاح الدّين الصفدي في «شرح الدّائرة» : «إنّ المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمّة أوّلهم سيّدنا عليّ و آخرهم المهدي رضي اللّه عنهم و نفعنا (5)بهم» (6).

كلام محمّد بن طلحة

و في الثامن و الستين في ضمن كلام محمّد بن طلحة في «الدر المنظّم» :

«و اعلم أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هو صورة العنصر الأعظم، و الإمام علي صورة العقل الكلّ، و هو القلم الأعلى لهذا العالم، و فاطمة هي صورة النفس الكليّة، و هي اللوح المحفوظ، و الحسن هو صورة العرش، و الحسين هو صورة الكرسيّ، و الأئمّة الاثنا عشر هو (7)صورة البروج (8)و الإمام محمّد المهدي صورة

ص:370


1- مريم:19، الآية 12.
2- في المصدر+: و قال تعالى: قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي اَلْمَهْدِ صَبِيًّا «29» قالَ إِنِّي عَبْدُ اَللّهِ آتانِيَ اَلْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا مريم:19، الآية 29-30.
3- في المصدر-: و إلياس.
4- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب التاسع و السبعون، ص 451.
5- في المصدر+: اللّه.
6- نفس المصدر: الباب السادس، ص 471.
7- زائد ظاهرا.
8- في المصدر+: الاثني عشر.

العالم. . .» (1)إلى أن قال بعد ذكر كتاب عليّ عليه السّلام: «و قد ورث هذا الكتاب النوراني و اللباب الصمداني الإمام المهدي و هو ورثه من أبيه الحسن (2)-هو ورثه من أبيه عليّ النقي. . .» فساق ذكر النسب الطاهر إلى عليّ عليه السّلام» (3).

كلام القاضي ابن خلكان في الوالد و المولود و الميلاد و غيرها

و في «وفيات الأعيان» : أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد ثاني عشر الائمّة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، المعروف بالحجة، و هو الذّي تزعم الشيعة أنّه المنتظر و القائم و المهدي، و هو صاحب السرداب (4)بسّر من رأى، كانت ولادته يوم الجمعة، منتصف شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، و لمّا توفّي أبوه كان عمره خمس سنين، و اسم أمّه خمط، و قيل: «نرجس» و الشيعة يقولون: «إنّه دخل السرداب في دار أبيه، و أمّه تنظر إليه، فلم يخرج بعد إليها (5)و ذلك في سنة خمس و ستين و مأتين (6)، و عمره يومئذ تسع سنين.

و ذكر ابن الأرزق في «تاريخ ميّا فارقين» : أنّ الحجّة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأوّل سنة ثمان و خمسين و مأتين، و قيل: في ثامن شعبان سنة ست و خمسين، و هو الأصح، و أنّه لمّا دخل السرداب كان عمره أربع سنين، و قيل:

ص:371


1- «ينابيع المودّة» الباب الثامن و الستون، ص 408.
2- في المصدر: ورثه أبيه الحسن العسكري.
3- نفس المصدر، ص 411.
4- في المصدر+: عندهم و أقاويلهم فيه كثيرة و هم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب.
5- في المصدر: فلم يعد، يخرج إليها.
6- النسخة المخطوط-: مأتين.

خمس ستين، و قيل: إنّه دخل السرداب سنة خمس و سبعين و مأتين و عمره سبع عشرة سنة، و اللّه أعلم أيّ ذلك كان رحمة اللّه تعالى (1).

و قال في ترجمة الحسن عليه السّلام: أحد الأئمة الإثني عشر على اعتقاد الإمامية، و هو والد المنتظر صاحب السرداب، و يعرف بالعسكري. . . (2).

و ستعرف ما في ذلك الكلام إن شاء اللّه تعالى في الخاتمة.

ص:372


1- «وفيات الأعيان» ج 4، ص 176، رقم 562.
2- «وفيات الأعيان» ج 2، ص 94، رقم 169.

الباب الثامن: باب سرّ حجب هذا البدر المنير عن الأبصار بعد الايماء إلى أمور هي كالمقدمات له

اشارة

باب سرّ حجب هذا البدر المنير عن الأبصار بعد الايماء إلى أمور هي كالمقدمات له.

ص:373

الأوّل: إنّ الأمّة أخبروا بإقبال الفتن و حذروا بها و لعلّهم يحذرون

إنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هنّأ أهل البقيع بموتهم قبله قبل مرض موته

في الجزء الثالث من «مسند الإمام أحمد» في الثامنة و الثمانين بعد الأربع مأة حديث أبي مويهبة مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا الحكم بن فضيل، حدّثنا يعلي بن عطاء، عن عبيد بن جبير، عن أبي مويهبة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن يصلّي على أهل البقيع فصلّى عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة ثلاث مرّات، فلمّا كانت الليلة الثانية، قال لي:

«يا أبا مويهبة! أسرج لي دابّتي» قال: فركب، و مشيت حتّى انتهى إليهم، فنزل عن دابّته، و أمسكت الدابّة، و وقف عليهم، أو قال: قام عليهم.

فقال: «ليهنكم! ما أنتم فيه ممّا فيه الناس؟ أتت الفتن، كقطع الليل، يركب بعضها بعضا، الآخرة أشدّ من الأولى، فليهنكم ما أنتم فيه» ثمّ رجع، فقال: «يا أبا مويهبة! إنّي أعطيت» أو قال: «خيّرت مفاتيح ما يفتح على أمّتي من بعدي و الجنة أو لقاء ربّي» فقلت: بأبي و أمّي يا رسول اللّه! فأخبرني، قال: «لان ترد على عقبها ما شاء اللّه، فاخترت لقاء ربّي عزّ و جلّ» فما لبث بعد ذلك إلاّ سبعا أو ثمانيا حتّى قبض صلى اللّه عليه و سلم و قال أبو النضر: مرّة ترد على عقبيها (1).

أقول: قوله: «لإن ترد. . .» لعلّه كالغاية لموته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيث يترتّب عليه؛ فلاحظ.

ص:374


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 488.
أيضا و كون موتهم خيرا ممّا ابتلى به الناس من الفتن

و أيضا، قال: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي (1)حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا، أبي، قال: عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني عبد اللّه بن عمر العبلي، قال: حدّثني عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبد اللّه بن عمرو [بن العاص]، عن أبي مويهبة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من جوف الليل، فقال: «يا أبا مويهبة! إنّي قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع» فانطلق معي، فانطلقت معه، فلمّا وقف بين أظهرهم. قال: «السّلام عليكم يا أهل المقابر! ليهن لكم ما أصبحتم فيه، ممّا أصبح فيه الناس، لو تعلمون ما نجاكم اللّه تعالى منه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع أوّلها آخرها، الآخرة شرّ من الأولى» قال: ثمّ أقبل عليّ، فقال: «يا أبا مويهبة! إنّي قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا و الخلد فيها ثمّ الجنّة، خيّرت بين ذلك و بين لقاء ربّي عزّ و جلّ. و الجنّة» قال: قلت: بأبي و أمّي، فخذ مفاتيح الدنيا و الخلد فيها ثمّ الجنّة، قال: «لا؛ و اللّه يا أبا مويهبة! لقد أخترت لقاء ربّي و الجنّة» ثمّ استغفر لأهل البقيع، ثمّ انصرف، فبدئ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في وجعه الذي قبضه اللّه عزّ و جلّ فيه حين أصبح (2).

أقول: و عن «ابن أبي الحديد» قال أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في «تاريخه» (3): روى أبو مويهبة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: أرسل (4)رسول

ص:375


1- في المصدر+: قال.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 489.
3- «تاريخ الطبري» ج 3، ص 188، باختلاف يسير.
4- في المصدر+: إليّ.

اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في جوف الليل، فقال (1): إنّي (2)أمرت أن أستغفر لأهل البقيع. . . ، فذكر مثله (3).

و في «سيرة ابن هشام» في الجزء الثالث: قال ابن اسحاق: و حدّثني، عن عبد اللّه بن عمر، عن عبيد بن جبير، . . . فذكر مثل ما مرّ، إلاّ أنّه قال في آخره: فبدأ برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وجعه الذي قبضه اللّه فيه (4).

فقال: قال ابن إسحاق: و حدّثني يعقوب بن عتبة، عن محمّد بن مسلم الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود، عن عايشة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم:

قالت رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من البقيع، . . . فذكر حديث الصداع (5).

و قال قبل ذلك: فكان أوّل ما ابتدئ به من ذلك فيما ذكر لي، أنّه خرج إلى البقيع الغرقد من جوف الليل، فاستغفر لهم، ثمّ رجع إلى أهله، فلمّا أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك (6).

أقول: في رواية في أواخر «المسند» : إنّ ابتداء مرضه كان في بيت ميمونة (7).

استظهار كون الفتنة شاملة لكلّ من يبقى بعده

ثمّ إنّ الفتن التي ذكرها لأهل البقيع قد يستشمّ من الحديث كونها شاملة بجميع من يبقى بعده، و أنّهم أصبحوا فيها، دون من مات قبله، و لا يبعد أيضا كونها ما

ص:376


1- في المصدر+: يا أبا مويهبة.
2- في المصدر+: قد.
3- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 13، الباب 230، ص 27.
4- «سيرة ابن هشام» ج 4، ص 320.
5- نفس المصدر.
6- نفس المصدر.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 228: أوّل ما اشتكى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في بيت ميمونة. . .

أخبر به بعد الاستيقاظ في حديث أمّ سلمة الآتي آنفا (1)، و كذا لا يبعد كونها ما أخبر في الإشراف على الأطم، فإنّها أيضا فتنة عامّة شاملة لتمام أهلها لا تترك محلاّ، و لذا شبّهها بالمطر و نحوه.

ثمّ إنّ تلك الفتنة يقرب أن يكون من قبيل ما يفسّره حذيفة دينية، راجعة إلى القلوب، حتّى يهنّئ عامّة الأموات و ذي الأهل، و الأقارب و الأموال، و سائر العلائق، و فاقد كلّ ما يوجب الحزن في اشتداد الحروب، و يرجح موت الأموات، كذلك على حياة الأحياء كذلك بإظهار حسن الاغتباط عليهم، حيث خرجوا من الدنيا محفوظين من تلك الفتن.

شمول الفتنة تمام المدينة

و في الجزء الخامس، في المأتين، في أحاديث أسامة بن زيد: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد، أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم أشرف على أطم من آطام المدينة، فقال: «هل ترون ما أرى؟ إنّي لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم، كمواقع القطر» (2).

أقول: و رواه مسلم في «كتاب الفتن» في باب نزول الفتن كمواقع القطر: عن ابن أبي قتيبة و الناقد و بني إبراهيم و أبي عمرو، عن سفيان و عن عبد بن حميد، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزهري: مثل ذلك (3).

و رواه «البخاري» مرّة عن عليّ بن عبد اللّه، عن سفيان، فقال: تابعه معمر و سليمان بن كثير، عن الزهري (4).

ص:377


1- «سنن الترمذي» ج 3، ص 330، ح 2292.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 200.
3- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 168: مع الاختلاف في السند.
4- «صحيح البخاري» الجزء الثاني، ج 1، باب آطام المدينة، ص 222.

و أخرى: عن عبد اللّه بن محمّد، عن أبي عيينة، عن الزهري (1).

و ثالثة: عن أبي نعيم، عن أبي عيينة (2).

و رابعة: عن محمود، عن عبد الرزّاق، عن معمّر، عن الزهري، إلاّ أنّ الأخيرة نحو ما يأتي (3).

و في الثامنة بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمّر، عن الزهري. . . ، فذكره، إلاّ أنّه قال: قالوا: لا، و قال: «و (4)إنّي لأرى الفتن تقع خلال المدينة كوقع المطر» (5).

أقول: لعلّ الغرض ان لا يبقى موضع إلاّ دخلته، فتممّ بها البلوى.

الأخبار بفتن تؤدّي إلى الكفر بعد الإيمان

الترمذي في «كتاب الفتن» في باب ما جاء ستكون فتنة كقطع الليل المظلم:

حدّثنا قتيبة، حدّثنا (6)عبد العزيز بن محمّد، عن العلاء بن عبد الرحمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، قال: «بادروا بالأعمال فتنا، كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا و يمسي كافرا، و يمسي مؤمنا و يصبح كافرا، ببيع (7)دينه بعرض من الدنيا» .

قال أبو عيسى: حديث حسن صحيح (8).

ص:378


1- «صحيح البخاري» الجزء الثالث، ج 2، ص 103.
2- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 176.
3- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 88.
4- في المصدر: قالوا: لا، قال: إنّي.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 208.
6- في المصدر: أخبرنا.
7- في المصدر: يبيع أحدهم.
8- «سنن الترمذي» ج 3، ص 330، ح 2291.

حدّثنا سويد بن النصر، حدّثنا (1)عبد اللّه بن المبارك، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحرث (2)، عن أمّ سلمة: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم استيقظ ليلة، فقال:

«سبحان اللّه ماذا أنزل اللية من الفتن (3)؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواهب الحجرات؟ يا ربّ كاسية في الدنيا عارية في الاخرة» ! ! هذا حديث حسن (4)صحيح (5).

ان منشأها عرض الدنيا

حدّثنا قتيبة، حدّثنا (6)الليث بن سعد (7)، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (8)، قال: «تكون بين يدي الساعة فتن. . .» فذكر مثل الأوّل، إلاّ أنّه قال: يبيع أقوام دينهم بعرض (9)و (10).

قوله: «يصبح الرجل. . .» كأنّه بيان للفتنة التي تقع.

و قوله: «يبيع. . .» بيان لمنشأ اللكفر، و المراد من البيع أن يترك الأمر الديني لأجل العرض الدنيوي، اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ و لا يعبد إله السماء فيكفر؛ فلاحظ.

و المبادرة بالأعمال بواسطة أنّ الأعمال الحسنة تورث حفظ الحفيظ في تلك

ص:379


1- في المصدر: سويد بن نصر، أخبرنا.
2- في المصدر: الحارث.
3- في المصدر: الفتنة.
4- في المصدر-: حسن.
5- «سنن الترمذي» ج 3، ص 330، ح 2292.
6- في المصدر: أخبرنا.
7- في المصدر-: بن سعد.
8- في المصدر: رسول اللّه.
9- في المصدر: بعرض الدنيا.
10- نفس المصدر، ح 2293.

الورطات، و تنتج السلامة من تلك الهلكات.

«البخاري» في كتاب الفتن في باب لا يأتي زمان إلاّ الذي بعده شرّ منه:

حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري ح، و حدّثنا إسماعيل، حدّثني أخي، عن سليمان، عن محمّد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن هند بنت الحرث الفراسيّة. . . فذكر حديث أم سلمة، و زاد: «يريد أزواجه لكي يصلّين. . .» (1).

و في السادس من «المسند» في أحاديث أمّ سلمة، في السابعة و التسعين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزّاق (2)حدّثنا معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحرث، قال الزهري، و كان لهند إزار (3)في كمّها، عن أمّ سلمة، قالت: استيقظ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذات ليلة، و هو يقول: «لا إله إلاّ اللّه ما فتح الليلة من الخزائن؟ لا إله إلاّ اللّه ما ذا أنزل الليلة من الفتنة؟ من يوقظ صواحب الحجر؟ يا ربّ كاسيات في الدنيا عاريات في الآخرة» (4)! !

«البخاري» في باب علامات النبوّة في الإسلام: حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، حدّثتني هند بنت الحرث، أنّ أمّ سلمة قالت: استيقظ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، فقال: «سبحان اللّه ما ذا أنزل من الخزائن؟ و ما ذا أنزل من الفتن» (5).

و ربّما أشعر بأنّ الأمرين توأمان؛ فلاحظ.

فتن تموت فيها القلوب و منها في الخلافة بزعم الراوي

ثالث «المسند» في الثالثة و الخمسين بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني

ص:380


1- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 90.
2- في المصدر+: قال.
3- في المصدر: أزرار.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 297.
5- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 176.

أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال: أخبرنا عليّ بن زيد، عن الحسن:

أنّ الضحّاك بن قيس كتب إلى قيس بن الهيثم حين مات يزيد بن معاوية: سلام عليك، أمّا بعد فإنّي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «إنّ بين يدي الساعة فتنا، كقطع الليل المظلم، فتنا كقطع الدخان يموت فيها قلب الرجل، كما يموت بدنه، يصبح الرجل مؤمنا و يمسي كافرا، و يمسي مؤمنا و يصبح كافرا، و (1)يبيع أقوام خلاقهم و دينهم بعرض (2)الدنيا» و إنّ يزيد بن معاوية قد مات، و أنتم أخواتنا و أشقاؤنا، فلا تسبقونا حتّى نختار لأنفسنا (3).

أقول: يظهر من الرواية أنّ الضحّاك بن قيس كان يرى أنّ المداخلة في أمر الاستخلاف و الخلافة إذا لم يكن على الوجه المرضّي كان من الابتلاء بتلك الفتنة التّي ذكرها في حديثه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يموت القلب و ينقلب المؤمن كافرا و إلاّ لم يرتبط الكلام؛ كما لا يخفى.

«مسلم» في كتاب الفتن في باب أنّ الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرن (4)الشيطان.

حدّثنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا (5)ليث ح و حدّثني محمّد بن رمح، أخبرنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، أنّه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم-و هو مستقبل المشرق-يقول:

«ألا إنّ الفتنة ههنا، ألا إنّ الفتنة ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» (6).

و حدّثني عبيد اللّه بن عمر القواريريّ و محمّد بن المثنّى ح و حدّثنا عبيد اللّه بن

ص:381


1- في المصدر-: و.
2- في المصدر+: من.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 453.
4- في المصدر: قرنا.
5- في المصدر: حدّثنا.
6- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 180.

سعيد كلّهم، عن يحيى القطّان، قال القواريريّ: أخبرني (1)يحيى بن سعيد، عن عبيد اللّه بن عمر، حدّثني نافع، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قام عند باب حفصة، فقال-بيده نحو المشرق-: «الفتنة ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» قالها مرّتين أو ثلاثا، و قال عبيد اللّه بن سعيد في روايته، قام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عند باب عايشة (2).

و حدّثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد اللّه، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال-و هو مستقبل المشرق-:

«ها إنّ الفتنة ههناها، إنّ الفتنة ههناها، إنّ الفتنة ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» (3).

حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا (4)وكيع، عن عكرمة بن عمّار، عن سالم، عن ابن عمر، قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من بيت عايشة، فقال «إنّ (5)رأس الكفر من ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» (6).

و حدّثنا ابن نمير، أخبرنا (7)إسحاق (يعني ابن سليمان) ، أخبرنا حنظلة، قال:

سمعت سالما، يقول: سمعت ابن عمر، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-يشير بيده نحو المشرق-و يقول: «ها إنّ الفتنة ههنا (8)ثلاثا، حيث يطلع قرن (9)

ص:382


1- في المصدر: حدّثني.
2- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 181.
3- نفس المصدر.
4- في المصدر: حدّثنا.
5- في المصدر-: إنّ.
6- نفس المصدر+: يعني المشرق.
7- في المصدر: حدّثنا.
8- في المصدر+: ها إن الفتنة ههنا.
9- في المصدر: قرنا.

الشيطان (1).

حدّثنا عبد اللّه بن عمر بن أبان، و واصل بن عبد الأعلى، و أحمد بن عمر الوكيعيّ (و اللفظ لابن أبان) ، قالوا: أخبرنا (2)ابن فضيل، عن أبيه، قال: سمعت سالم بن عبد اللّه بن عمر، يقول: يا أهل العراق! ما أسألكم عن الصغيرة، و أركبكم للكبيرة، سمعت أبي عبد اللّه بن عمر، يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يقول: «إنّ الفتنة تجيء من ههنا» و أومأ بيده نحو المشرق «من حيث يطلع قرنا الشيطان، و أنتم يضرب بعضكم رقاب بعض، و إنّما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطاء، فقال: اللّه عزّ و جلّ له: وَ قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ اَلْغَمِّ وَ فَتَنّاكَ فُتُوناً (3).

قال أحمد بن عمر في روايته (4): و لم يقل: سمعت (5).

«مسند الإمام أحمد» في الثاني، في أحاديث ابن عمر، في الثالثة و العشرين:

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، حدّثني عكرمة بن عمّار، عن سالم، عن ابن عمر، قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من بيت عايشة، فقال: «رأس الكفر من ههنا، من حيث يطلع قرن الشيطان» (6).

و في طريق آخر: «تجيء الفتنة من ههنا من المشرق» (7).

و في الأربعين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا إسحاق بن سليمان، . . . فذكر حديثه السابق (8).

ص:383


1- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 181.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- طه:20، الآية 40.
4- في المصدر+: عن سالم.
5- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 181.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 23.
7- نفس المصدر.
8- نفس المصدر، ص 40.

«البخاري» في باب ما جاء في بيوت أزواج النبيّ صلى اللّه عليه و سلم: حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا جويرية، عن نافع، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: قام النبيّ صلى اللّه عليه و سلم خطيبا، فأشار نحو مسكن عايشة، فقال: «ههنا الفتنة ثلاثا من حيث يطلع قرن الشيطان (1).

و لا يخفى عليك ما في ترجمة اللباب من «البخاري» .

و في الحادية و الخمسين بعد المأة، من صفحات جزئه الثاني: حدّثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن عبد اللّه بن دينار، عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، يشير إلى المشرق، فقال: «ها إنّ الفتنة ههنا، ها (2)إنّ الفتنة هنا (3)من حيث يطلع قرن الشيطان (4).

و في الثمانين بعد المأة: حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، عن سالم أنّ عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يقول- و هو على المنبر-: «ألا إنّ الفتنة ههنا، يشير إلى المشرق، من حيث يطلع قرن الشيطان» (5).

أقول: تلك الأخبار و أضرابها كأنّها في محلّ الفتنة أو منشأها، فهي بمعنى غير ما يأتي عن حذيفة، كالحروب و نحوها، و إن كان التعبير برأس الكفر في رواية «المسند» (6)يشير إلى اتّحاد المعنى أو التقارب، كما لا يخفى.

و مع ذلك قال ابن مالك:

ص:384


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 46.
2- في المصدر-: ها.
3- في المصدر: ههنا.
4- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 93.
5- نفس المصدر، ص 157.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 23.

و بهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان و به الكاف صلا (1)

و في «القاموس» : «هنا و ههنا إذا أردت القرب، و «هنّا» إلى أن قال: إذا أردت البعد» (2).

و أيضا: «قرن الشيطان و قرناه أمّته و المتّبعون لرأيه أو قوّته و انتشاره أو تسلّطه» (3).

و أمّا حديث طلوع الشمس من قرني الشيطان فلا يرتبط على فرضه بهذا المقام، لفرض جعل القرن هو الطالع لا المطلع؛ فلاحظ.

ثمّ إنّ الطلوع المذكور في الأخبار استقباليّ بالنسبة إلى زمان إخباره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كما لا يخفى. و مع ذلك فرواية «المسند» تشعر بأنّه أشار إلى مطلع الرئيس في الفتنة، و أنّ التعبير في الباقي بها لأنّه كأنه أنفسها.

رواية حذيفة

الإمام أحمد، في الجزء الخامس، في أحاديث حذيفة بن اليمان، في الثالثة و الثمانين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، قال: حدّثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حديثين، قد رأيت أحدهما و أنا أنتظر الآخر، حدّثنا: «أنّ الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثمّ نزل القرآن، فعلّموا من القرآن، و علّموا من السنة» ثمّ حدّثنا عن رفع الأمانة، فقال: «نيام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظلّ أثرها، مثل أثر الموكب (4)، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها، مثل أثر المجل،

ص:385


1- «البهجة المرضية» ج 1، باب أسماء الإشارة، ص 60.
2- «قاموس المحيط» ج 4، ص 414.
3- نفس المصدر، ص 258.
4- في المصدر: الوكت.

كحجر (1)دحرجته على رجلك تراه منتبرا و ليس فيه شيء» ، قال: فأخذ (2)حصى، فدحرجه على رجله، قال: «فيصبح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتّى يقال: إنّ في بني فلان رجلا أمينا، حتّى يقال للرجل: ما أجلده! و أظرفه! و أعقله! و ما في قلبه حبة من خردل من إيمان! و لقد أتى عليّ زمان، و ما أبالي أيّكم بايعت! لئن كان مسلما ليردنّه على دينه، و لئن كان نصرانيّا أو يهوديّا ليردنّه على ساعيه، و أمّا (3)اليوم فما كنت لأبايع منكم إلاّ فلانا و فلانا» (4).

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، حدّثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، قال: حدّثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حديثين، رأيت أحدهما و أنا أنتظر الآخر، فذكر معناه (5).

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت زيد بن وهب، يحدّثنا (6)عن حذيفة، قال: حدّثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بحديثين، فذكر الحديث (7).

كلام حذيفة في أمر البيعة

أقول: رفع الأمانة من أعظم الفتن، و هو و إن نفاه بانتظاره الذي ذكره أوّلا، إلاّ أنّه كأنّه أثبته بما ذكر في أمر البيعة، و إن كان ما ذكره فيه من أشكل الأقوال، كما

ص:386


1- في المصدر: كجمر.
2- في المصدر: ثمّ أخذ.
3- في المصدر: فأمّا.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 383.
5- نفس المصدر.
6- في المصدر: يحدث.
7- نفس المصدر، ص 384.

لا يخفى.

إلاّ أنّ حصره في فلان و فلان يدلّ على ارتفاع ما حصل بنزول القرآن و الأخذ بالسنة.

لم يصلّوا إلاّ سرّا

و يدلّ على ذلك أيضا ما في الرابعة و الثمانين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أحصوا لي إلى (1)كم يلفظ الإسلام» ؟ قلنا: يا رسول اللّه! أتخاف علينا؟ و نحن ما بين الست مأة إلى السبع مأة، قال: فقال: «إنّكم لا تدرون، لعلّكم إن تبتلوا» قال: فابتلينا حتّى جعل الرجل منّا لا يصلي إلاّ سرّا (2).

إذ الظاهر كونه إشارة إلى ما بعد وفاته، و إلى ما ذكره في أمراء يميتون الصلاة عن وقتها (3)، أو نحو ذلك (4).

و أصرح من ذلك حديث أبي أيّوب، السابق في اللباب الأوّل (5)و قول أنس فيما رواه الإمام أحمد في «المسند» و «البخاري» (6)و غيرهما (7):

ما أعرف شيئا اليوم ممّا كنّا عليه على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: قلنا (8): فأين

ص:387


1- في المصدر-: إلى.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 384.
3- «صحيح مسلم» الجزء الثاني، ج 1، ص 120.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 4، ص 243؛ ج 3، ص 446؛ ج 5، ص 159؛ «سنن الترمذي» ج 1، ص 113، ج 176.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 422.
6- لم نجد هذه الرواية من البخاري بعد الفحص الأكيد.
7- «سنن الترمذي» ج 4، ص 50، ح 2564.
8- في المصدر+: له.

الصلاة، قال: «أو لم تصنعوا في الصلاة ما قد علمتم» (1).

و قول أبي الدرداء فيما رواه في «المسند» : «و اللّه ما أعرف فيهم شيئا من أمر محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلاّ أنّهم يصلون جميعا» (2)إلى غير ذلك.

حديث حذيفة في الفتن و تأثيرها في القلوب

و في السادسة و الثمانين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا أبو مالك، عن ربعي بن خراش (3)عن حذيفة، أنّه قدم من عند عمر، قال: لمّا جلسنا إليه أمس سأل أصحاب محمّد صلى اللّه عليه و سلم: أيّكم سمع قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الفتن؟ فقالوا: نحن سمعناه، قال: لعلّكم تعنون فتنة الرجل في أهله و ماله، قالوا: أجل! قال: لست عن تلك أسأل، تلك، يكفّرها الصلاة و الصيام و الصدقة، و لكن أيّكم سمع قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الفتن التي تموج موج البحر؟ قال: فأمسك القوم، و ظننت أنّه إيّاي يريد، قلت: أنا قال لي: أنت للّه أبوك، قال:

قلت: تعرض الفتن على القلوب، عرض الحصير، فأيّ قلب أنكرها؟ ! نكتت فيه نكتة بيضاء، و أيّ قلب أشربها (4)، نكتت فيه نكتة سوداء، حتّى يصير القلب على قلبين أبيض مثل الصفاء، لا يضرّه فتنة مادامت السماوات و الأرض، و الآخر أسود مرّبد كالكوز مخجيّا، و أمال كفّه لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا إلاّ ما أشرب من هواه (5).

و رواه في الخامسة بعد الأربع مأة مثله و زاد عليه: و حدّثته أنّ بينه و بينها بابا

ص:388


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 101.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 195.
3- في المصدر: حراش.
4- في بعض النسخ: استربها.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 386.

مغلقا يوشك أن يكسر كسرا، (1)قال: و حدثته أنّ ذلك الباب رجل يقتل أو يموت، حديثا ليس بالأغاليط (2).

أقول: هذا تفسير الفتنة، و أنعم به تفسيرا، و يقرب منه ما مرّ في رواية أبي هريرة (3)و غيرها كما لا يخفى، و مثل ذلك ينبغي أن يكون ما أخبر به في الأطم و شبهه إلاّ أنّ ذكر الباب لا يناسب المقام، بل هو في فتنة تكون بمعني اختلاف الأمّة فيما بينهم المنطبق على رقعة عثمان فيما زعموا، كما يدلّ عليه عدّة روايات في أحاديث حذيفة في المسند (4)؛ فلاحظ.

حديث حذيفة في الرؤسا

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا بهز و أبو النضر، قالا: حدّثنا سليمان بن المغيرة، حدّثنا حميد هو ابن هلال، قال أبو النضر في حديثه: حدّثني حميد- يعنى ابن هلال-حدّثنا نصر بن عاصم الليثي، قال: أتيت اليشكري. . . إلى أن ذكر سؤاله عن حديث حذيفة و نقله أنّه سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أبعد هذا الخير شرّ؟ قال: «يا حذيفة تعلّم كتاب اللّه و اتّبع ما فيه» ثلاث مرّات، قال: قلت: يا رسول اللّه! أبعد هذا الشرّ خير؟ قال: «هدنة على دخن و جماعة على أقذاء» قال: قلت:

يا رسول اللّه! أ بعد هذا الشرّ خير؟ قال: «لا ترجع قلوب أقوام على الّذي كانت عليه» قال: قلت: يا رسول اللّه! أبعد هذا الخير شرّ؟ قال: «فتنة عمياء صمّاء عليها دعاة على أبواب النار و أنت أن تموت يا حذيفة و أنت عاض على جذل خير لك

ص:389


1- في المصدر+: قال عمر: كسرا لا أبا لك قال: قلت: نعم، قال: فلو أنّه فتح كان لعله أن يعاد فيغلق، قال: قلت: لا بل كسرا.
2- نفس المصدر، ص 405.
3- «سنن الترمذي» ج 3، ص 330، ح 2291.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 387.

من أن تتّبع أحدا منهم» (1).

لبعضهم فتنة أخوف من فتنة الدجّال

و في التاسعة و الثمانين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وهب بن جرير، حدّثنا أبي، قال سمعت الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: ذكر الدجّال عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: «لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجّال، و لن ينجو أحد ممّا قبلها إلاّ نجا منها، و ما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة و لا كبيرة إلاّ لفتنة الدجّال» (2).

أقول: صريح في أن لبعض المسلمين أو الأصحاب فتنة أشدّ من فتنة الدجّال، أو أقرب إلى التأثير و الإهلاك، أو نحو ذلك من فتنة الدجّال. من نجا من تلك الفتنة، و أنّ الفتن في العالم ليتهيّا الناس بالنجاة و الخلاص منها للنجاة من فتنة الدجّال؛ فلاحظ ذلك بعين الاعتبار ما أظلم الليل و أضاء النهار أو ترجع إلى العزيز الغفّار.

و في الواحدة و التسعين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو المغيرة، حدّثنا صفوان، حدّثنا السفر بن نسير الأزدي و غيره، عن حذيفة بن اليمان، أنّه قال: يا رسول! إنّا كنّا في شرّ فذهب اللّه بذلك الشرّ و جاء بالخير على يديك، فهل بعد الخير من شرّ؟ قال: «نعم» ، قال: ما هو؟ قال: «فتن كقطع الليل المظلم، يتبع بعضها بعضا، تأتيكم مشتبهة كوجوه البقر، لا تدرون أيّا من أيّ» (3).

ص:390


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 386.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 389.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 391.
بيان مفاد الأخبار في الفتن
اشارة

أقول: أخبار الفتن و الإخبار بها أزيد من ذلك بكثير، و في ذلك كفاية إن شاء اللّه تعالى.

و نقول: لا يخفى اختصاص مورد تلك الأخبار بخصوص ما بعد زمانه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمعنى كونها وقعت بعده و لم تقع فى زمانه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ذلك واضح، و مع ذلك فرواية أبي مويهبة الأولى (1)يظهر منها ترتّب الرجوع إلى العقب ممّن شاء اللّه على لقائه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ربّه، كالعاقبة لذلك الحادث، و لا يبعد كون ذلك هو المشار الى إقباله في حديثه، و المبشّر أهل البقيع بأن نجاهم اللّه تعالى منه، و ليس استفادة ذلك ليس به خفاء، و حديث الأثم (2)يدلّ على كون عامّة أهل المدينة في معرض الوقوع في الفتن، و رواية أبي هريرة (3)تفسيرها بما يؤدى إلى الكفر و إلى بيع الدين بعرض من الدنيا، و يؤيّده أيضا قوله: «الفتنة هاهنا. . .» (4)بعد ضمّه إلى قوله «رأس الكفر من هاهنا» (5)، حيث يدلّ على أنّ الفتنة كفريّة و رواية امّ سلمة (6)في نزولها تدلّ على كون الفتن النازلة تلك الليلة قوام ما أنزل فيها من الخزائن المشعر بأن من ينال منها تناله و أنّ الأموال منشأ تلك الفتنة.

ص:391


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 488.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 200.
3- «سنن الترمذي» ج 3، ص 330، ح 2291.
4- «صحيح مسلم» ، ج 8، ج 4، ص 180.
5- نفس المصدر، ص 181.
6- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 90؛ الجزء الرابع، ج 2، ص 176؛ «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 297؛ «سنن الترمذي» ج 3، ص 330، ح 2292.
بيان اللزوم بين تلك الفتن و عرض الحياة الدنيا

و يؤيد ذلك ما رواه «البخاري» في باب الحوض: حدّثنا عمرو بن خالد، حدّثنا الليث، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عقبة: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خرج يوما، فصلّى على أهل أحد، صلاته على الميّت، ثم انصرف على المنبر فقال: «إنّي فرطكم (1)، و أنا شهيد عليكم، و إنّي و اللّه لأنظر إلى حوضي الآن، و إنّي أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، (2)و أنّي و اللّه ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي و لكنّي أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» (3).

و رواه في الجزء الإوّل، في الستين بعد المأة: عن عبد اللّه بن يوسف عن الليث (4).

و في الثاني في التاسعة و الثمانين: عن شرحبيل، عن ليث (5).

و في الثالث، في التاسعة عشرة: عن عمرو بن خالد (6).

و في الرابع، في الواحدة و الثمانين: عن قتيبة بن سعيد، عن الليث (7).

و قال في باب الصدقة على اليتامى و هو في السادسة و السبعين بعد المأة من الأوّل: حدّثنا معاذ بن فضالة، حدّثنا هشام، عن هلال بن أبي ميمونة، حدّثنا عطاء بن يسار، أنّه سمع أبا سعيد الخدري رضى اللّه عنه يحدّث: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جلس

ص:392


1- في المصدر: فرط لكم.
2- في المصدر+: أو مفاتيح الأرض.
3- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 209.
4- «صحيح البخاري» الجزء الثاني، ج 1، ص 94.
5- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 176: حدّثني سعيد بن شرحبيل.
6- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 40.
7- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 173.

ذات يوم على المنبر و جلسنا حوله، فقال: «إنّي (1)أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا و زينتها. . .» الخبر (2).

و في السابعة و الثلاثين بعد المأة من الثاني حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري (3)، حدّثني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخزمة عن (4)عمرو بن عوف الأنصاري، فساق الحديث إلى أن قال: قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «فو اللّه لا الفقر أخشى عليكم و لكن أخشى عليكم أن تنبسط (5)عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، و تهلككم كما أهلكتهم» (6).

و أشباه ذلك في غاية الكثرة في «الصحاح» و غيرها؛ هذا.

و كون «حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة» (7)و لا يقع أحد في شيء من القبيح إلاّ به، و غلبة النفس الأمّرة ممّا يذعن به أهل البصرة، و ليس هنا مجال التفصيل في مثل ذلك، فهي منشأ الفتن كلّها و سبب الابتلاء بها؛ فلاحظ.

الثاني

اشارة

[أخبروا بوقوع الارتداد]

إنهم أخبروا بوقوع الردّة فيهم كى يجتنبوها و حصول سبب المنع عن الحوض

ص:393


1- في المصدر+: ممّا.
2- «صحيح البخاري» الجزء الثاني، ج 1، ص 127.
3- «صحيح البخاري» الجزء الثاني، ج 1، ص 127.
4- في المصدر: مخرمة أنّه أخبره أنّ.
5- في المصدر: تبسط.
6- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 62.
7- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 9، ص 239، «الجامع الصغير» ج 1، ص 566، ح 3662.

كي يكفّوا عنه.

في الجزء الأوّل من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث ابن عباس، في الخامسة و الثلاثين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع و ابن جعفر المعنى، قالا: حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بموعظة، فقال: «إنّكم لمحشرون إلى اللّه تعالى حفاة عراة غرلا كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ (1)فأوّل الخلق (2)يكسى إبراهيم خليل الرحمان عزّ و جل» قال: «ثمّ يؤخذ بقوم منكم ذات الشمال» قال ابن جعفر: «و إنّه سيجاء برجال من امّتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال» فأقول: «يا ربّ! أصحابي» قال: «فيقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك؛ لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ (3)فارقتهم، فأقول: كما قال العبد الصالح: وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً. . . (4)إلى قوله: اَلْحَكِيمُ (5).

و في الثالثة و الخمسين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا شعبة، حدّثنا المغيرة بن النعمان شيخ من النخع، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدّث، قال: سمعت ابن عبّاس، قال: قام فينا. . . فذكر مثله إلى قوله: إبراهيم، فقال: «و إنّه سيجاء بأناس من أمّتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فلأقولنّ:

أصحابي، فليقالنّ لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فلأقولنّ: كما قال العبد الصالح: وَ كُنْتُ. . . إلى قوله: اَلْحَكِيمُ (6)فيقال: إنّ هؤلاء لم يزالوا

ص:394


1- الأنبياء:21، الآية 104.
2- في المصدر: الخلائق.
3- في المصدر: مذ.
4- المائدة:5، الآية 117 و 118.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 235.
6- المائدة:5، الآية 117 و 118.

مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم» قال شعبة: فأمله (1)على سفيان مكانه (2).

حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قام. . . فذكره (3).

«البخاري» في باب قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اِتَّخَذَ اَللّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً و هو في التاسعة و الخمسين بعد المأة من الجزء الثاني: حدّثنا محمّد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدّثنا المغيرة بن النعمان، قال: حدّثني سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: «إنّكم تحشرون حفاة عراة غرلا. . .» فذكر مثله، إلاّ قال: «و إنّ أناسا من أصحابي يوخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنّهم لم يزالوا. . .» (4).

و فى الرابعة و التسعين بعد المأة: حدّثنا محمّد بن يوسف، حدّثنا سفيان. . .

فذكره إلاّ أنّه قال: «ثمّ يوخذ برجال من أصحابي ذات اليمين و ذات الشمال، فأقول: أصحابي، فيقال: إنّهم لم يزالوا. . .» قال محمّد بن يوسف الفربريّ ذكر عن أبي عبد اللّه، عن قبيصة قال: هم المرتدّون الّذين ارتدّوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر (5).

و في الجزء الرابع، في باب كيف الحشر، و هو في الواحدة و التسعين: حدّثنا محمّد بن بشّار (6)حدّثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان. . . ، فذكر حديثه السابق عن «المسند» (7).

ص:395


1- في المصدر: أمله.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 253.
3- نفس المصدر.
4- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 110.
5- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 142.
6- في المصدر+: حدّثنا غندر.
7- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 195.

«مسلم» في باب فناء الدنيا و بيان الحشر يوم القيامة، و هو في الخامسة و الخمسين بعد الثلاث مأة من الجزء الثاني: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا (1)وكيع ح و حدّثنا عبيد اللّه بن معاذ، أخبرنا (2)أبي كلاهما عن شعبة ح و حدّثنا محمّد بن المثنّى و محمّد بن بشار (و اللفظ لابن المثنّى) قالا: أخبرنا (3)محمّد بن جعفر، أخبرنا (4)شعبة عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال:

قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خطيبا بموعظة، فقال: «يا أيّها النّاس إنّكم تحشرون إلى اللّه حفاة عراة غرلا كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ (5)ألا و إنّ أوّل الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السّلام، ألا و إنّه سيجاء برجال من أمّتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا ربّ أصحابي! فقال: (6)إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: كما قال العبد الصالح: وَ كُنْتُ. . . (7)قال فيقال لي إنّهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم» و في حديث وكيع و معاذ: «فيقال:

إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (8).

«الترمذي» في الثاني، في أبواب القيامة، في باب ما جاء في شأن الحشر:

حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا (9)أبو أحمد الزبيري، حدّثنا (10)سفيان، عن

ص:396


1- في المصدر: حدّثنا.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- في المصدر: حدّثنا.
5- الأنبياء:21، الآية 104.
6- في المصدر: فيقال.
7- المائدة:5، الآية 117.
8- «صحيح مسلم» ، الجزء الثامن، ج 4، ص 157.
9- في المصدر: أخبرنا.
10- في المصدر: أخبرنا.

المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «يحشر النّاس يوم القيامة حفاة عراة غرلا، كما خلقوا» ثمّ قرأ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ. . . (1)و أوّل من يكسى من الخلائق إبراهيم، و يؤخذ من أصحابي برجال ذات اليمين و ذات الشمال، فأقول: يا ربّ أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول: كما قال العبد الصالح: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ. . . (2). (3)

حدّثنا محمّد بن بشّار و محمّد بن المثنّى، قالا: حدّثنا (4)محمّد بن جعفر، عن شعبة عن المغيرة بن النعمان، بهذا الإسناد (5)فذكر نحوه (6)قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح (7).

و في كتاب التفسير، في التاسعة و التسعين بعد المأة: حدّثنا محمود بن غيلان، حدّثنا (8)وكيع و وهب بن جرير و أبو داود، قالوا: حدّثنا (9)شعبة، عن المغيرة بن النعمان. . . فذكر نحو ما ذكرناه عن «مسلم» إلاّ أنّه ترك قوله: «حفاة» و قال:

«و إنّه سيؤتي برجال من أمّتي. . .» و قال: «فيقال هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم» (10).

ص:397


1- الأنبياء:21، الآية 104.
2- المائدة:5، الآية 118.
3- «سنن الترمذي» ج 4، ص 38، ح 2539.
4- في المصدر: أخبرنا.
5- في المصدر-: بهذا الإسناد.
6- نفس المصدر، ص 39، ح 2540.
7- في المصدر-: هذا حديث حسن صحيح.
8- في المصدر: أخبرنا.
9- في المصدر: أخبرنا.
10- «سنن الترمذي» ج 5، ص 4، ح 3215.

حدّثنا محمّد بن بشار، حدّثنا (1)محمّد بن جعفر، حدّثنا (2)شعبة عن المغيرة بن النعمان نحوه، قال: هذا حديث حسن صحيح، و رواه سفيان الثوري عن المغيرة بن النعمان نحوه (3). قال أبو عيسى: كأنّه قاوله على أهل الردّة (4):

الكنجي في الباب العاشر من «كفايته» بعد إيراد الحديث بسند يطول ذكره:

قلت: هذا حديث صحيح متّفق على صحّته، من حديث المغيرة بن النعمان، و رواه «البخاري» (5)في «صحيحه» عن محمّد بن كثير، عن سفيان و رواه مسلم في «صحيحه» (6)عن بشار و بندار (7)، عن محمّد بن جعفر غندر، عن شعبة و رزقناه عاليا بحمد اللّه من هذا الطريق (8).

و في أوّل «المسند» في السابعة و الخمسين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عثمان بن محمّد، و سمعته أنا منه، حدّثنا جرير، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الملك بن سعيد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال:

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «أنا فرطكم على الحوض، فمن ورد أفلح، و يؤتى بأقوام فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أي ربّ؟ فيقال: ما زالوا بعدك يرتدّون على أعقابهم» (9).

و في الرابعة و الثمانين بعد الثلاث مأة في أحاديث ابن مسعود: حدّثنا عبد اللّه،

ص:398


1- في المصدر: أخبرنا.
2- في المصدر: أخبرنا.
3- نفس المصدر، ح 3216.
4- في المصدر-: قال أبو عيسى: كأنّه قاوله على أهل الردّة.
5- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 110.
6- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 157.
7- في المصدر: محمّد بن بشار بندار.
8- «كفاية الطالب» الباب العاشر، ص 30.
9- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 257.

حدّثني أبي، حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد اللّه، قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أنا فرطكم على الحوض، و لأنازعنّ أقواما، ثمّ لأغلبنّ عليهم، فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1).

و في الخامسة و العشرين بعد الأربع مأة مثله، إلاّ أنّه قال: «فيقال. . .» (2).

أقول: «مسلم» في الباب الآتي: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة و أبو كريب و ابن نمير، قالوا: أخبرنا (3)أبو معاوية. . . فذكره، إلاّ أنّه قال: «أصحابي! فيقال. . .» (4).

و قال: و حدّثناه عثمان بن أبي شيبة و إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن الأعمش بهذا الاسناد، و لم يذكر أصحابي أصحابي (5).

حدّثنا عثمان بن أبي شيبة و إسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير، ح و حدّثنا ابن المثنّى، أخبرنا (6)محمّد بن جعفر، أخبرنا (7)شعبة جميعا، عن مغيرة، عن أبي وائل، عن عبد اللّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، بنحو حديث الأعمش و في حديث شعبة، عن مغيرة، سمعت أبا وائل (8).

و حدّثنا سعيد بن عمر و الأشعثي، أخبرنا عبثر، ح و حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبه، أخبرنا (9)ابن فضيل كلاهما، عن حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة، عن

ص:399


1- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 1، ص 384.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 425.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 68.
5- نفس المصدر.
6- في المصدر: حدّثنا.
7- في المصدر: حدّثنا.
8- نفس المصدر.
9- في المصدر: حدّثنا.

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نحو حديث الأعمش و مغيرة (1).

و في أوّل «المسند» ، في الثانية بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أسود بن عامر، أنبأنا أبو بكر، عن عاصم، عن أبى وائل، عن عبد اللّه، قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «إنّي فرطكم على الحوض، و إنّي سأنازع رجالا فأغلب عليهم، فأقول: يا ربّ أصحابى!

فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك» (2).

و في السابعة بعد الأربع مأة مثله (3).

و في الثالثة و الخمسين بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد، قال: أخبرنا عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، . . . مثله إلاّ أنّه قال: «فلأقولنّ ربّ، أصحابي أصحابي، فليقالنّ لي، إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (4).

و في التاسعة و الثلاثين (5)بعد الأربع مأة: حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن مغيرة قال: سمعت أبا وائل، يحدّث عن عبد اللّه، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّه قال: «أنا فرطكم على الحوض، و ليرفعنّ لي رجال منكم، ثمّ ليختلجّن دوني، فأقول: يا ربّ أصحابي! فيقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك (6).

و في الخامسة و الخمسين بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا

ص:400


1- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 68.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 402.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 407.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 453.
5- في النسخة المخطوطة: و في التاسعة و التسعين بعد الأربع مأة، و لكن الصحيح ما أثبتناه.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 439.

عبد اللّه بن الوليد، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أنا فرطكم على الحوض و ليختلجنّ رجال دوني، فأقول: يا ربّ أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك (1).

و رواه «البخاري» في الجزء الرابع، في باب الحوض و هو في السادسة و التسعين: عن عمرو بن عليّ، عن (2)محمّد بن جعفر، عن (3)شعبة، عن المغيرة، عن أبي وائل (4)مثله، ثمّ قال: تابعه عاصم عن أبى وائل، و قال حصين: عن حذيفة، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (5).

و في أوّل كتاب «الفتن» و هو في التاسعة و الأربعين بعد المأة: حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن أبي وائل، قال: قال عبد اللّه: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أنا فرطكم على الحوض، ليرفعنّ إلىّ رجال منكم، حتّى إذ أهويت أناولهم (6)اختلجوا دوني، فأقول: أي ربّ أصحابي! فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك» (7).

و في الجزء الثالث من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث أبي سعيد الخدري، في الثامنة عشرة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو عامر، حدّثنا زهير، عن عبد اللّه بن محمّد، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول على هذا المنبر: «ما بال رجال يقولون: إنّ رحم

ص:401


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 455.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- في المصدر: قال: سمعت أبا وائل.
5- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 206.
6- في المصدر: حتى إذا أهويت لأناولهم.
7- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 86.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا ينفع قومه! ! بلى و اللّه إنّ رحمي موصولة في الدنيا و الآخرة، و إنّي أيّها النّاس فرط لكم على الحوض، فإذا جئتم قال رجل: يا رسول اللّه! أنا فلان بن فلان، و قال أخوه: أنا فلان بن فلان، قال: لهم: أما النسب فقد عرفته، و لكنّكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى» (1).

و في الثامنة و العشرين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا سليمان بن داود، حدّثنا عبد الرحمان بن عبد اللّه بن دينار، عن أبي حازم، عن النعمان بن أبي عياش الزرقي، عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «فأقول أصحابي أصحابي! فقيل: إنّك لا تدريى ما أحدثوا بعدك! قال: فأقول بعدا بعدا، أو (2)سحقا لمن بدّل بعدي» (3).

و في التاسعة و الثلاثينه: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا شريك، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «تزعمون أنّ قرابتي لا تنفع قومي؟ ! و اللّه إنّ رحمي موصولة في الدنيا و الأخرة، إذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم ذات اليسار، فيقول الرجل: يا محمّد! أنا فلان بن فلان، و يقول الآخرون (4). أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب قد عرفت، و لكنّكم أحدثتم بعدي و ارتددتم على أعقابكم القهقرى (5).

و في الأربعين بعد المأة في أحاديث أنس بن مالك: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أبو النضر، حدّثنا المبارك، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال:

ص:402


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 18.
2- في المصدر+: قال.
3- نفس المصدر، ص 28.
4- في المصدر: الآخر.
5- نفس المصدر: ص 39.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ليردنّ على الحوض رجلان، ممّن قد صحبني، فإذا رأيتهما رفعا إلىّ (1)اختلجا دوني» (2).

أقول يأتي رواية عبد العزيز عن أنس (3)ذلك بلفظ الجمع، مع زيادة و مشاركة الشيخين (4)للإمام أحمد في نقل الآتية، و لعمري إنّ وجودهما في كتاب الإمام أحمد يكشف عن التصرّف في أحدهما من بعض الرواة، و مع ذلك.

ففي «صحيح البخاري» في الجزء الرابع في كتاب الأدب، في باب ما يكون من الظن و هو في الثانية و الأربعين: حدّثنا سعيد بن عفير، حدّثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عايشة، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ما أظنّ فلانا و فلانا يعرفان من ديننا شيئا» قال الليث: كانا رجلين من المنافقين (5).

حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا الليث بهذا، و قالت: دخل عليّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (6)و قال: «يا عايشة! ما أظنّ فلانا و فلانا يعرفان ديننا الّذي نحن عليه» (7)انتهى.

و قد مرّ الآن آنفا حديث قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «فإذا جئتم قال: رجل يا رسول اللّه! أنا فلان بن فلان و قال أخوه أنا فلان بن فلان. . .» (8)الظاهر في تعدد أبيها كما لا يخفى، و كونهما اثنين أخوين في الإسلام، لهما خصوصيّة في المراتب كلّها، فلا ينكر أن يكون رجلان تعرض لحالهما بتلك العناوين الأجماليّة في تلك الأخبار؛ فلاحظ.

ص:403


1- في المصدر: لي.
2- نفس المصدر، ص 140.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 281.
4- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 207؛ «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 70.
5- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 89.
6- في المصدر+: يوما.
7- نفس المصدر.
8- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 18.

و في العشرين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن فضيل، عن المختار بن فلفل، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: أغفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1)إغفائة، فرفع رأسه متبسّما، أمّا قال لهم، و أمّا قالوا له: لم ضحكت؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنزل (2)عليّ آنفا سورة، فقرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ إِنّا أَعْطَيْناكَ (3)حتّى ختمها، قال: «هل تدرون ما الكوثر» ؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم، قال: «هو نهر أعطانيه ربّي عزّ و جلّ في الجنّة، عليه خير كثير، يرد عليه أمّتي يوم القيامة انيته عدد الكواكب (4)، يختلج العبد منهم، فأقول:

يا ربّ! إنّه من أمّتي، فيقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (5).

أقول: مسلم في «الصحيح» في باب حجّة من قال: البسملة آية من أوّل كلّ سورة سوى برائة: حدّثنا عليّ بن حجر السعدي، قال: (6)حدّثنا علي بن مسهّر، قال: (7)حدّثنا (8)المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك ح و حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة و اللفظ له، قال: (9)حدّثنا عليّ بن مسهر، عن المختار، عن أنس بن مالك (10)قال: بينما (11)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفي إغفاءة، ثمّ رفع رأسه

ص:404


1- في المصدر: النبي.
2- في المصدر: أنّه أنزلت.
3- الكوثر:108، الآية 1.
4- في النسخة المخطوطة: في بعض النسخ: النجوم.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 102، الصحيح ما أثبتناه.
6- في المصدر-: قال.
7- في المصدر-: قال.
8- في المصدر: أخبرنا.
9- في المصدر-: قال.
10- في المصدر-: ابن مالك.
11- في المصدر: بينا.

متبسّما، فقلنا له (1): ما أضحكك يا رسول اللّه، . . . ، فذكر مثله، و زاد بعد قوله:

«خير كثير هو حوض ترد عليه أمّتي. . .» قال: فيقال: (2)ما تدري ما أحدثت بعدك» ! زاد ابن حجر في حديثه: بين أظهرنا في المسجد، و قال: «ما أحدث بعدك» (3).

حدّثنا أبو كريب محمّد بن العلاء قال: (4)أخبرنا ابن فضيل، عن مختار بن فلفل، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: أغفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إغفاءة بنحو حديث ابن مسهر، غير أنّه قال: نهر و عدنيه ربّى عزّ و جل في الجنّة، عليه حوض» و لم يذكر «انيته عدد النجوم» (5).

و في الواحدة و الثمانين بعد المأتين، حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي حدّثنا عفّان، حدّثنا وهيب، حدّثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «ليردنّ الحوض عليّ رجال، حتّى إذا رأيتهم رفعوا إليّ، فاختلجوا دوني، فلا أقولنّ: يا ربّ أصحابي أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (6)!

و رواه «البخاري» في باب الحوض عن مسلم بن إبراهيم، عن وهيب: مثله باختلاف يسير (7).

«مسلم» فى باب الآتي: و حدّثني محمّد بن حاتم، أخبرنا (8)عفّان بن مسلم

ص:405


1- في المصدر-: له.
2- في المصدر: فيقول.
3- «صحيح مسلم» الجزء الثاني، ج 1، ص 13.
4- في المصدر-: قال.
5- «صحيح مسلم» الجزء الثاني، ج 1، ص 12.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ، ج 3، ص 281.
7- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 207.
8- في المصدر: حدّثنا.

الصفّار، أخبرنا (1)وهيب، قال: سمعت عبد العزيز بن صهيب، يحدّث قال: حدّثنا أنس بن مالك، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني، حتّى إذا رأيتهم، و رفعوا إليّ، اختلجوا دوني، فلأقولنّ: أي ربّ أصيحابي أصيحابي! إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (2).

و حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة و عليّ بن حجر، قالا: أخبرنا (3)عليّ بن مسهّرح و حدّثنا أبو كريب، أخبرنا (4)ابن فضيل، جميعا، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بهذا المعنى، و زاد «آنيته عدد النجوم» (5).

و في الرابعة و الثمانين بعد الثلاث مأة، في أحاديث جابر بن عبد اللّه الأنصاري: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا روح، حدّثنا زكريّا بن إسحاق، حدّثنا أبو الزبير، أنّه سمع جابر بن عبد اللّه، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أنا على الحوض أنظر من يرد عليّ» قال: «فيوّخذ ناس دوني، فأقول: يا ربّ منّي و من أمّتي» قال: «فيقال: و ما يدريك ما عملوا بعدك، ما برحوا بعدك، يرجعون على أعقابهم. . .» الخبر (6).

و في الجزء الخامس، في الثامنة و الأربعين، في حديث أبي بكرة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا عليّ بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «ليردنّ علىّ الحوض رجال ممّن صحبني و رآني، حتّى إذا رفعوا إلىّ، و رأيتهم اختلجوا دوني،

ص:406


1- في المصدر: حدّثنا.
2- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 70.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- في المصدر: حدّثنا.
5- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 71.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 384.

فلأقولنّ: ربّ أصحابي أصحابي! إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1).

و في الخمسين: قال أبو عبد الرحمان: وجدت هذه الأحاديث في كتاب أبي بخط يده: حدّثنا هوذة بن خليفة، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيد، عن عبد الرحمان بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، فذكر ذلك في ضمن تلك الأحاديث، إلاّ أنّه قال: «ليردنّ الحوض عليّ. . . و قال: «أصيحابي أصيحابي» . (2)

و في الثالثة و الثلاثين بعد الثلاث مأة، في أحاديث سهل بن سعد: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمان، عن أبي حازم، قال: سمعت سهلا، يقول: سمعت رسول اللّه (3)، يقول: «أنا فرطكم على الحوض، من ورد شرب و من شرب لم يظما بعده أبدا، و ليردنّ عليّ أقوام أعرفهم و يعرفونني، ثمّ يحال بيني و بينهم» قال أبو حازم: فسمع النعمان بن أبي عيّاش؛ و أنا أحادثهم هذا الحديث، فقال: هكذا سمعت سهلا، يقول؟ قال: فقلتا نهم؛ قال: و أنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته (4)يزيد، فيقول: «إنّهم منّي، فيقال: إنّك لا تدري ما عملوا (5)بعدك! فأقول: سحقا سحقا لمن بدّل بعدي» (6).

و رواه «البخاري» في باب الحوض عن سعيد بن أبي مريم، عن محمّد بن مطرف، عن أبي حازم مثله باختلاف يسير (7).

و في أوّل كتاب الفتن من الجزء الرابع: حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا يعقوب بن

ص:407


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 48.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 50؛ مع اختلاف يسير.
3- في المصدر: النبي.
4- في المصدر: لسمعت.
5- في النسخة المخطوطة: في بعض النسخ: ما أحدثوا.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 333.
7- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 207.

عبد الرحمان، عن أبي حازم، . . . ، فذكر مثله (1).

مسلم في «الصحيح» في كتاب الفضائل، في باب إثبات حوض نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صفاته: حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا يعقوب (يعني ابن عبد الرحمان القاريّ) . . . ، فذكر نحو ما في «المسند» (2):

و حدّثنا هارون بن سعيد الأيلي، أخبرنا (3)ابن وهب، أخبرني أسامة، عن أبي حازم، عن سهل، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عن النعمان بن أبي عيّاش، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمثل حديث يعقوب (4).

و في التاسعة و الستين بعد الثلاث مأة من الجزء: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا عبد الرحمان (يعنى ابن عبد اللّه بن دينار) ، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أنا فرطكم على الحوض، من ورد (5)شرب، و من شرب لا (6)يظمأ بعده أبدا، أبصرت أن لا يرد عليّ أقواهم أعرفهم و يعرفوني، ثمّ يحال بينى و بينهم» قال: فسمعنى النعمان بن أبي عيّاش، أحدث به، فقال: و أشهد أنّ سعيد الخدري يزيد فيه، فيقول: «و أقول: إنّهم أمّتي، أو منّي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك! أو ما بدّلوا بعدك! فأقول: سحقا سحقا لمن بدّل بعدي» (7).

ص:408


1- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4 ص 87.
2- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 65.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 66.
5- في المصدر+: عليّ.
6- في المصدر: لم.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 339؛ الصحيح ما أثبتناه.
بيان الخبر

أقول: في «القاموس» : و أبصره و تبصّره نظر هل يبصره (1).

و لكن هذا المعنى لا يناسب المقام، و لا يبعد أن يكون المعنى «أبصرتكم أن لا يرد. . .» أي جعلتكم بصراء في معالم الدين لأن لا يرد. . . فالأفعال كلّها معطوفات على مدخول «أن» و يحتمل كون «لا» زائدة نحو قوله: لا يَهْتَدُونَ* أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ اَلَّذِي يُخْرِجُ اَلْخَبْءَ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (2).

كما يحتمل كون الهمزة للسلب، فأخبره بأنّه سلب رؤية «أن لا يرد. . .» بوقوع ورود من ذكر وصفه؛ فلاحظ.

و في الثامنة و الثمانين بعد الثلاث مأة، في أحاديث حذيفة: عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الصمد، حدّثنا عبد العزيز بن مسلم، حدّثنا حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «ليردنّ عليّ الحوض أقوام فيختلجون دوني، فأقول: ربّ أصحابي! ربّ أصحابي! فيقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (3)!

و في الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا مؤمّل، حدّثنا عبد العزيز، . . . فذكر مثله (4).

و في الثالثة و التسعين بعد الثلاث مأة، حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا شريح (5)بن النعمان، حدّثنا هشيم، عن المغيرة، عن أبي وائل، عن ابن مسعود

ص:409


1- «قاموس المحيط» ج 1، ص 373.
2- النمل:27، الآية 25.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 388.
4- نفس المصدر، ص 400.
5- في المصدر: سريج.

و حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة، قالا: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، «أنا فرطكم على الحوض، أنظركم ليرفع لي رجال منكم، حتّى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: ربّ أصحابي أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (1).

و في الثانية عشرة بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا يحيى، حدّثنا شعبة، حدّثني عمرو بن مرّة، قال: سمعت مرّة، قال: حدّثني رجل من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: «أ تدرون أيّ يوم (2)يومكم هذا» ؟ قال: قلنا: يوم النحر، قال: «فإنّ دمائكم و أموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» أو قال: «كحرمة يومكم هذا، و شهركم هذا، و بلدكم هذا، ألا و إنّي فرطكم على الحوض، أنظركم، و إنى مكاثر بكم الأمم، فلا تسودّوا وجهي، ألا و قد رأيتموني، و سمعتم منّي و ستسألون عنّي، فمن كذب عليّ فليتبوء مقعده من النّار، ألا و إنّي مستنقذ رجالا أو أناثا، و مستنقذ منّي آخرون، فأقول: يا ربّ أصحابي! فيقال: أنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (3)!

رواية عايشة

و في الجزء السادس، في الواحدة و العشرين بعد المأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، (4)حدّثنا عفّان، حدّثنا وهيب (5)، حدّثنا عبد اللّه بن عثمان بن خيثم عن ابن أبي مليكة، عن عايشة، قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «إنّي على

ص:410


1- نفس المصدر، ص 393.
2- في المصدر-: يوم.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 412.
4- في المصدر+: قال.
5- في المصدر+: قال.

الحوض، أنتظر من يرده عليّ منكم، فليقطعنّ رجال دوني، فلأقولنّ: يا ربّ أمّتي أمّتي! فليقالنّ لي: إنّك لا تدري ما عملوا بعدك! ما زالوا يرجعون على أعقابهم» (1).

«مسلم» في الباب الآتي: و حدّثنا ابن أبي عمر، أنبأنا (2)يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، عن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي مليكة، أنّه سمع عايشة، تقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يقول-و هو بين ظهراني أصحابه-: «إنّي على الحوض. . . ، فذكر مثله، إلاّ أنّه قال: أي ربّ منّي أو (3)من أمّتي، فيقول. . .» (4).

و في السابعة و التسعين بعد المأتين، في أحاديث أمّ سلمة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أفلح بن سعيد، قال: حدّثنا عبد اللّه بن رافع، قال: كانت أمّ سلمة تحدّث: أنّها سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يقول على المنبر-و هي تمتشط-: «أيّها النّاس» فقالت: لما شطتها لفى رأسي، قالت: فقالت: فديتك؛ إنّما يقول: أيّها النّاس، قلت: ويحك؛ أ و لسنا من الناس، فلفت، قامت في حجرتها، فسمعته يقول: «أيّها الناس! بينما أنا على الحوض جيء بكم زمرا، فتفرقت بكم الطريق، فناديتكم ألا هلمّوا إلى الطريق، فناداني مناد من بعدي، فقال: إنّهم قد بدّلوا بعدك! فقلت: ألا سحقا؛ ألا سحقا» (5).

أقول: «مسلم في باب إثبات حوض نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صفاته: و حدّثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي، أخبرنا عبد اللّه بن وهب، أخبرني عمرو (و هو ابن الحارث) أن بكيرا حدّثه، عن القاسم بن عباس الهاشمي، عن عبد اللّه بن رافع مولى أمّ

ص:411


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 121.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- في المصدر: و.
4- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 66.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6 ص 297.

سلمة، عن أمّ سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّها قالت: كنت أسمع الناس يذكرون الحوض، و لم أسمع ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا كان يوما من ذلك، و الجارية تمشطني، فسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يقول: «أيّها النّاس» فقلت للجارية:

استأخري عنّي، قالت: إنّما دعا الرجال، و لم يدع النساء، فقلت: إنّي من الناس، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّي لكم فرط على الحوض، فإيّاى لا يأتينّ أحدكم، فيذّب عنّي، كما يذبّ البعير الضّال، فأقول: فيم هذا؟ إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك؛ فأقول: سحقا» (1).

و حدّثني أبو معن الرقاشي و أبو بكر بن نافع و عبد بن حميد، قالوا أخبرنا (2)أبو عامر (و هو عبد الملك بن عمرو) ، أخبرنا (3)أفلح بن سعيد، أخبرنا (4)عبد اللّه بن رافع، قال: كانت أمّ سلمة تحدّث: أنّها سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يقول على المنبر- و هي تمتشط-: «أيّها النّاس» فقالت: لما شطتها كفّي رأسي، بنحو حديث بكير، عن القاسم بن العباس (5).

و في الثامنة و التسعين بعد المأتين: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن مسروق، عن أمّ سلمة، قالت: قال النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من أصحابي من لا أراه و لا يراني بعد أن أموت أبدا» قال: فبلغ ذلك عمر، قال: فأتاها، يشتدّ أو يسرع، شك شاذان، قال: فقال لها:

أنشدك باللّه، أنا منهم، قالت: لا، و لن أبرئ أحدا بعدك أبدا (6).

ص:412


1- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 67.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- في المصدر: حدّثنا.
5- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 67.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 298.

أقول: و في طريق آخر: «من لا يراني بعد أن يفارقني» (1).

و في آخر أنّها ذكرت ذلك، عظة لعبد الرحمان بن عوف، حيث خاف هلاكه لكثرة ماله (2).

تكذيب ما نسب إلى الفاروق

أقول: لا يخفى أن ناحكته إنّما هو الخبر الإجمالي، بأن بعض الأصحاب يحرم لقائه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد موته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلا يراه في القيامة أيضا.

أيضا، من غير إفصاح عن سبب الحرمان أيضا بوجه، كما يدلّ على إجمال الخبر و جهالة السبب أيضا، ذكرها له في مقام الموعظة، إذ لو كان أخبر عن أشخاص بأعيانهم، أو أفصح عن سبب الحرمان إفصاحا تامّا لم يتّجه ذكره في مقام الوعظ و النصيحة، و لو كان داخلا في التفصيل، أو ما فيه داخلا في سبب الحرمان جزما لم تذكره كما ذكرت.

و إذا تّضح كون إخباره إجماليا و مع، ترك الإفصاح عن سبب الحرمان كيف يذهب الفاروق بين الحق و الباطل-عند الإخوان-بسرعة، و نحوها إلى أمّ سلمة و يسألها بلفظ «أنا منهم» ؟ ! ! و إنّما يكون ذلك و جوابها مع كون الخبر تفصيليّا فقط.

و لو كان كيف و عظت عبد الرحمان بما ذكرت؟ ! فالواضح لم يضع الذيل بحيث يلائم الصدر فأترك الان شاذان، يشك في أنّه يشتدّ أو يسرع.

ثمّ إنّ من الواضح أنّ معيار الحرمان هو اتّباع الهوى و مجانبة الهدى و العالم بطريق الهدى و الردى يكون الحاكم على نفسه، بَلِ اَلْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (3)و كيف يعقل من الفاروق أن يريد امتحان الحال من أم سلمة و أهل

ص:413


1- نفس المصدر، ص 307.
2- نفس المصدر، ص 290 و 317.
3- القيامة:75، الآية 14.

البيت أدرى؟ !

و لو ادّعى كون الخبر تفصيليّا فأجملت، فيا للّه من وجه الستر و الإخفاء بعد ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أبدى إلاّ أنّ ذلك معلوم البطلان، بل الممكن الصدور منه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في نحو ذلك، أمّا العناوين الكلية أو القضا يا الإجمالية فالوضع واضح.

«البخاري» في الجزء الثاني، في باب من رأى أنّ صاحب الحوض و القربة أحقّ بمائه، و هو في السادسة و الثلاثين: حدّثنا محمّد بن بشّار، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبه، عن محمّد بن زياد، سمعت أبا هريرة رضى اللّه عنه، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

«و الّذي نفسي بيده لأذودنّ رجالا عن حوضي كما تذاد الغربية من الإبل عن الحوض» (1).

«مسلم» في باب إثبات حوض نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: حدّثنا عبد الرّحمان بن سلاّم الجمحيّ، حدّثنا الرّبيع (يعنى ابن مسلم) عن محمّد بن زياد، . . . ، فذكر مثله باختلاف يسير و قال: و حدّثنيه عبيد اللّه بن معاذ، حدّثنا أبي، حدّثنا شعبة، عن محمّد بن زياد، سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمثله (2).

«البخاري» في باب الحوض: و قال أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطيّ: حدّثنا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، أنّه كان يحدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي، فيجلون عن الحوض، فأقول: يا ربّ أصحابي! فيقول: إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقهري» (3).

ص:414


1- «صحيح البخاري» الجزء الثالث، ج 2، ص 78.
2- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 70.
3- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 208.

حدّثنا أحمد بن صالح، حدّثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيّب، أنّه كان يحدّث عن أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

«يرد عليّ الحوض رجال من أصحابي فيجلؤن (1)عنه. . . ، فذكر نحوه. ثمّ قال:

و قال: شعيب، عن الزّهريى كان أبو هريرة يحدّث عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «فيجلون» و قال (2): فيجلؤن (3)و قال الزّبيدي: عن الزّهري، عن محمّد بن علىّ، عن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (4).

خروج رجل و دعوته لهم إلى النار

حدّثني إبراهيم بن المنذر الحرامي (5)، حدّثنا محمّد بن فليح، حدّثنا أبي، حدّثني هلال، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: «بينا أنا قائم، فإذا زمرة حتّى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني و بينهم، فقال: هلمّ فقلت، أين؟ فقال (6): إلى النّار و اللّه! قلت: و ما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثمّ إذا زمرة حتّى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني و بينهم، فقال: هلمّ، قلت: أين؟ قال: إلى النّار و اللّه! قلت: و ما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النّعم» (7).

أقول: و قال شيخ الاسلام في الحاشية: «همل بفتح الهاء و الميم أي الإبل بلا

ص:415


1- في المصدر: فيحلّؤون.
2- في المصدر+: عقيل.
3- في المصدر: فيحلّؤون.
4- نفس المصدر.
5- في المصدر: الحزامي.
6- في المصدر: قال.
7- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 208.

راع، أي لا يخلص منهم من النار إلاّ قليل، و هذا يشعر على أنّهم صنفان كفّار و عصاة» إنتهى (1).

أقول: قال تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (2)فدلّ على كون المدعوين الإمام و أتباعه، ك و الّذي يعلم من أخبار أهل السنّة كونه يرد الحوض امنا؛ هم أهل البيت الّذين دعى النّاس إلى اتّباعهم في أخبار الثقلين، و منه يعلم شهادتهم على النّاس و قبولها منهم في ذلك اليوم، و إن ذهبوا في قوله تعالى:

لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى اَلنّاسِ وَ يَكُونَ اَلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً (3)كلّ مذهب، و قالوا في قوله تعالى قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ (4)الآية: ما قالوا.

الكنجي في الباب الثالث، في «كفاية» أخبرنا القاضي العلامة أبو نصر محمّد بن هبة اللّه بن محمّد الشيرازي بدمشق، أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة اللّه الدمشقي، أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا محمّد بن أبي نصر النرسي، أخبرنا أبو محمّد عبد اللّه بن أحمد بن معروف القاضي، حدّثنا سهل بن يحيى، حدّثنا الحسين (5)بن هارون الصايغ، حدّثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن موسى بن طريف، عن عباية بن ربعي (6)عن عليّ بن أبي طالب، قال: «أنا قسيم النار يوم القيامة، أقول خذي و ذري ذا» هكذا رواه

ص:416


1- «إرشاد السارى» لشرح صحيح البخارى، ج 9، ص 342؛ باختلاف يسير.
2- الإسراء 17، الآية،71.
3- البقرة:2، الآية،143.
4- التوبة:9، الآية،105.
5- في المصدر: حسين.
6- في المصدر-: ابن ربعى.

الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخه (1)و رواه غيره (2)مرفوعا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فإن قلت: (3)هذا سند ضعيف، قلت: قال محمّد بن منصور الطوسي: كنّا عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: يا أبا عبد اللّه ما تقول في هذا الحديث الّذي يروى أنّ عليّا قال: «أنا قسيم النّار» ؟ فقال أحمد: و ما تنكرون من هذا الحديث؟ أ ليس روينا أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لعلي «لا يحبّك إلاّ مؤمن، و لا يبغضك إلاّ منافق» ؟ قلنا، بلى، قال، فأين المؤمن؟ قلنا، في الجنّة، قال فأين المنافق؟ قلنا: في النّار، قال، فعلي قسيم النّار. هكذا ذكره في طبقات أصحاب أحمد رحمه اللّه (4)انتهى (5).

و في الباب العاشر: أخبرنا الحافظ يوسف، أخبرنا ابن زيد، أخبرنا محمود، أخبرنا ابن فادشاه (6)، حدّثنا الإمام أبو القاسم، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد و عبد الرحمان بن سلم الرازي، قالا: حدّثنا عبّاد بن يعقوب الأسدي، حدّثنا عليّ بن عابس، عن بدر بن خليل، عن أبي كثير، في حديث: أنّ الحسن عليه السّلام قال لمعاوية بن خديج: «أما لإن وردت عليه الحوض، و ما أراك ترده لتجدنّه مشمرا حاسرا ذراعيه يذود الكفّار و المنافقين عن حوض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما تذاد غريبة الإبل عن صاحبها، قول الصادق المصدّق أبي القاسم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» قلت:

ص:417


1- «ترجمة الإمام علي بن أبي طالب» من تاريخ مدينة دمشق، ج 2، ص 243، ح 753.
2- «مناقب علي بن أبي طالب» لابن مغازلى ص 67، ح 97؛ «فرائد السمطين» ج 1، الباب التاسع و الخمسون، ص 325، ح 253.
3- في المصدر: فإن قيل.
4- «طبقات الحنابلة» ج 1، ص 320.
5- «كفاية الطالب في مناقب امير المؤمنين علي بن ابي طالب» ، الباب الثالث، ص 21.
6- في المصدر: فاذشاه.

أخرجه الطبراني (1)في ترجمة الحسن عليه السّلام كما أخرجناه سواء (2).

أقول: هذا السنخ في الأخبار في كتاب الخوارزمي كثير جدّا (3).

و مراجعة أخبار كون «عليّ ساقي الحوض» و «الذائد عنه» و أخبار كونه «قسيم الجنّة و النار» هنا لا تخلو عن فائدة.

ثمّ من الواضح صدق العنوان المذكور في تلك الأخبار بالدخول في بعض العناوين الّتي أثبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لها عنوان الجاهليّة، و حكم لأن تموت ميتتها، و تفصيل ذلك يعرف من مواضع اخر؛ فلاحظ.

و أيضا حدّثنا سعيد بن أبي مريم، عن نافع بن عمر، قال: حدّثني ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنهما، قالت: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «إنّي على الحوض حتّى أنظر من يرد عليّ منكم، و سيؤخذ ناس من دوني، فأقول: يا ربّ منّي و من امّتي! فيقال: هل تعرف (4)ما عملوا بعدك؟ ! ! و اللّه ما برحوا يرجعون على أعقابهم» فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهمّ إنّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن على ديننا (5).

و في الجزء الرابع منه، في أوّل كتاب الفتن، و هو في التاسعة و الأربعين بعد المأة: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه حدّثنا بشير بن السري (6)، حدّثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: قالت أسماء عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «أنا على حوضي، أنتظر من يرد عليّ، فيؤخذ بناس من دوني، فأقول: أمّتي! فيقال: (7)لا تدري مشوا على

ص:418


1- «المعجم الكبير» ج 3، ص 82.
2- «كفاية الطالب في مناقب امير المؤمنين علي بن ابي طالب» ، الباب العاشر، ص 30.
3- «المناقب» للخوارزمي، ص 294، ح 281.
4- في المصدر: شعرت.
5- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 3، ص 209.
6- في المصدر: بشر بن السريّ.
7- في المصدر: «فيقول» .

القهقرى» قال ابن أبي مليكة: اللهمّ إنّا نعوذ بك من أن نرجع على أعقابنا أو نفتن (1).

حدّثنا داود بن عمرو الضبى، أخبرنا (2)نافع بن عمر الجمحيّ، عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد اللّه بن عمرو بن العاص: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «حوضي سيرة شهر، و زواياه سواء، و ماءه أبيض من الورق، و ريحه أطيب من المسلك، و كيزانه كنجوم المساء فمن شرب منه فلا يظمأ بعده أبدا» . قال: و قالت أسماء بنت أبي بكر: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّي على الحوض، حتّى أنظر من يرد عليّ منكم، و سيؤخذ أناس من (3)دوني، فأقول: يا ربّ منّي و من أمّتي! فيقال: أما شعرت ما عملوا بعدك، و اللّه ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم» .

قال: فكان ابن أبي مليكة يقول: اللّهمّ إنّا نعوذ (4)أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن على ديننا (5).

أقول: ذهب الآن عنّي موضع الخبر، أهو «صحيح البخاري» أو «مسلم» ؟ و في أيّ موضع منهما؟ و الظن أنّه من باب إثبات حوض نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . . من «مسلم» فيلاحظ.

مسلم في «الصحيح» في باب استحباب إطالة الغرة و التحجيل في الوضوء، و هو في الخامسة و الثمانين: و حدّثنا أبو كريب و واصل بن عبد الأعلى، و اللّفظ لواصل، قالا: حدّثنا ابن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ترد عليّ أمّتي الحوض، و أنا أذود النّاس

ص:419


1- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 86.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- في المصدر-: من.
4- في المصدر+: بك.
5- «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 66.

عنه، كما يذود الرّجل إبل الرّجل عن إبله» قالوا: يا نبيّ اللّه تعرفنا (1)؟ قال: «نعم، لكم سيماء (2)ليست لأحد غيركم، تردون (3)غرّا محجّلين من آثار الوضوء، و ليصدّنّ عنّي طائفة منكم، فلا يصلون، فأقول: يا ربّ هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك، فيقول: و هل تدري ما أحدثوا بعدك» (4)؟

و أيضا: حدّثنا يحيى بن أيّوب و سريج بن يونس و قتيبة بن سعيد و عليّ بن حجر جميعا، عن إسماعيل بن جعفر، قال ابن أيّوب: حدّثنا إسماعيل، قال (5):

أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتى المقبرة، فقال:

«السّلام عليكم دار قوم مؤمنين، و إنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون، وددت أنّا قد رأينا إخواننا» قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول اللّه؟ قال: أنتم أصحابي و إخواننا الّذين لم يأتوا بعد» فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمّتك يا رسول اللّه؟ قال:

«رأيت لو أنّ رجلا له خيل غرّ محجّلة بين ظهراني (6)خيل دهم بهم، ألا يعرف خيله» ؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه؛ قال: «فإنّهم يأتون غرّا محجّلين من الوضوء و أنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادنّ رجال منكم (7)عن حوضي، كما يذاذ البعير الضالّ أناديهم ألا هلمّ، فيقال إنّهم قد بدّلوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا» (8).

و حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا عبد العزيز، يعني الدرّ اورديّ ح و حدّثنا (9)،

ص:420


1- في المصدر أ تعرفنا.
2- في المصدر: سيما.
3- في المصدر+: عليّ.
4- «صحيح مسلم» الجزء الثاني، ج 1، ص 150.
5- في المصدر-: قال.
6- في المصدر: ظهري.
7- في المصدر-: منكم.
8- «صحيح مسلم» الجزء الاول، ج 1، ص 150.
9- في المصدر: حدّثني.

إسحاق بن موسى الأنصاري، حدّثنا معن، حدّثنا مالك جميعا، عن العلاء بن عبد الرحمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خرج إلى المقبرة، فقال: «السّلام عليكم دار قوم مؤمنين، و إنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون، بمثل حديث إسماعيل بن جعفر، غير أنّ حديث مالك: «فليذادنّ رجال من حوضي» (1).

أقول: و في الجزء الثاني من «مسند الإمام أحمد» في أحاديث أبي هريرة، في الثامنة بعد الأربع مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا عفّان، (2)حدّثنا عبد الرّحمان بن إبراهيم، (3)حدّثنا العلاء بن عبد الرّحمان، . . . ، فذكر مثله إلاّ أنّه قال: «و إخواني الّذين لم يأتوا بعد، و أنا فرطكم على الحوض» قالوا، و كيف تعرف. . . ؟ ! و قال بعد قوله «من الوضوء» : يقولها ثلاثا: «و أنا فرطكم على الحوض، ألا ليذادنّ رجال عن حوضي، كما يذاد البعير الضالّ، أناديهم ألا هلمّ؛ ألا هلمّ، فيقال: إنّهم قد بدّلوا بعدك، فأقول، سحقا سحقا (4).

و في الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، قال: سمعت العلاء بن عبد الرحمان: يحدّث عن أبيه، هم أبي هريرة، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنّه أتى المقبرة، فسلّم على أهل المقبرة، فقال: سلام عليكم. . .» فذكر نحو ما ذكرناه عن «مسلم» أولا سواء إلاّ أنّه قال: «ألا ليذادنّ منكم عن حوضي. . .» (5).

ص:421


1- «صحيح مسلم» الجزء الاول، ج 1، ص 151.
2- في المصدر+: قال.
3- في المصدر+: قال.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 408.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 2، ص 300.
بيان مفاد الأخبار

أقول: لا بأس بإيضاح مفاد تلك الأخبار مفهوما، فتقول: أمّا عنوان حال ما يأتون الحوض فأمور 1- «رجال من أصحابي»2- «رجال منكم»3- «رجال من أمّتي»4- «أناس من أصحابي»5- «أناس من أمّتي»6- «رجال من ممّن صاحبني»7- «صحبنى و رانى»8- «أقوام أعرفهم و يعرفونني» و هذه ثمانية و أمّا عنوانهم حال ما يريد استنقاذهم فيمن أراد فأمور أيضا 1- «أصحابي»2- «أصيحابي»3- «من أمّتي»4- «منّي و من أمّتي» و التصغير يحتمل التعظيم و التفخيم نظير قوله: «دويهية تصفّر منها الأنامل» (1).

و لعلّ ذكر الصحبة مع الرؤية أو المصاحبة و المعرفة من الطرفين يرشد إلى إرادة أزيد من الاجتماع في زمان، و الملاقات في وقت من الصحبة، و ارادة أزيد ممّا يحصل بين الملوك و الرعايا يا عامّة من المعرفة، كأهل المصاحبة و المعرفة الخاصّة، فيكون هؤلاء أهل خصوصية من الأمّة و الأصحاب و يرشد إلى ذلك أيضا قوله «منّي» و «أصحابي» و «أصيحابي» المشعر بمزيد الخصوصية كما يا يخفى.

و يؤيده أيضا ذكر الهوى لينا و لهم بنفسه، و المنازعة و المغالبة، ممّا يشعر باهتمامه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأمرهم، إلى غير ذلك ممّا لا يخفى.

هذا؛ و لكن لا يعرف كون تلك العناوين متّحد المصداق، بأن يراد منهم نوع واحد من الأمّة أو الأصحاب، و يدلّ على الاختلاف و التعدد أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

ص:422


1- إليك نصّ عبارة رضي الدين الأستر آبادي في «شرح شافية ابن الحاجب» ، ج 1، ص 191: و قيل: للتعظيم و كلّ أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفّر منها الأنامل

«لأذودنّ» الظاهر في منعه بنفسه و كونه خصيما يخاصمهم فيفحمهم يقول:

«ارتددتم» و إنّهم «يذادونّ» فيناديهم، فيقال له: «قد بدّلوا بعدك» و كون خصمهم «الملك» مرّة، و كون خصمهم «رجل بينه و بينهم» و ندائه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لهم، و قول من بعده: «بدّلوا» و من المحتمل كون الرجل الذي بينه و بينهم، و المعبر عنه بمن هو عليّ عليه السّلام لم ورد في مناقبة ممّا يناسب ذلك كم لا يخفى.

و كونه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ينازع ثم يقلب، و كونهم يختلجون إلى غير ذلك من وجوه الاختلاف فيما يقع لأهل التبديل و الردّة في القيامة، ممّا لا يجامع بعضها بعضا، فالظاهر تعدد الأصناف بتعدد صحيح الروايات: و نحو ذلك و عدم الانحصار في واحد؛ فلاحظ.

إيضاح سبب المنع عن الحوض

و أمّا عنوان ما أوجب لهم ذلك «ما أحدثوا بعدك، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم» كما في رواية ابن عباس (1).

و إظهار أنّهم أحدثوا عظيما حيث يقول: يقول: «من بعدي لا تدري ما أحدثوا بعدك» (2).

أو «ما يدريك ما عملوا بعدك» (3)أو «لا تدري ما أحدثوا بعدك» أو «ما بدّلوا بعدك» كما في رواية سهل بن سعد (4).

ص:423


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 235؛ «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 157؛ «سنن الترمذي» ج 4، ص 38، ح 2539.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 48 و 388.
3- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 384.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 339.

«أحدثتم بعدي و ارتددتم على أعقابكم القهقري» كما في أبي سعيد (1).

«ارتدّوا على أدابرهم القهقرى» كما في رواية أبي هريرة (2).

«لا تدري مشوا على القهقرى» كما في رواية أسماء (3).

«و اللّه ما برحوا [بعدك]يرجعون على أعقابهم» كما في رواية أسماء (4).

أيضا «لا تدري ما عملوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم» كما في رواية عايشة (5).

«ما زالوا [بعدك]يرتدّون على أعقابهم» ابن عباس (6).

و الأوّل من هذه العناوين و إن لم تكن صريحة في استدامة الرجوع شيئا فشيئا، إلاّ أن الأواخر صريحة في ذلك، حيث قال: «مشوا» (7)مؤميا إلى كونهم في حركة الرجوع دائما «و ما زالوا يرتدّون» أي الرجوع إلى الأعقاب لم يزل كان يصدر منهم «و ما برحوا يرجعون» أي ما زال كان يصدر عنهم الرجوع إلى الأعقاب لم يزل كان يصدر منهم «و ما برحوا يرجعون» أي ما زال كان يصدر عنهم الرجوع إلى الأعقاب، فيتركون أمرا من أمر الاسلام، و يأخذون عوضا عنه، يأمر من أمر الجاهلية، «و ما زالوا يرجعون» ممّا دخلو فيه، و لو في المقام إلاّ روايتى بنتى أبي بكر (8)لكفتا.

ص:424


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 3، ص 39.
2- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 208.
3- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 86.
4- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 209، «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 66.
5- «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 121.
6- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 257.
7- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 86.
8- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 209: الجزء الثامن، ج 4، ص 86؛ «صحيح مسلم» الجزء السابع، ج 4، ص 66.

كيف؟ ! و قد اعتضدنا بروايات غيرهما من الأعلام.

و أوضح من ذلك أنّ الأواخر دلّت على أنّ كلّ واحد من هؤلاء «ما زال» و «ما برح» يرجع عمّا كان عليه من الإسلام شيئا فشيئا دوام عمره من وقت ما فارقه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فهو في كلّ ان في الرجوع، لا أنّه اكتفى بارتداد واحد، و رجوع زمان ما، و دلالتها على ذلك ليس فيها خفاء، و بذلك ينصرف الأوّل أيضا إلى خصوص الارتداد الدوامي حدوثا.

فقوله: «مرتدين» يراد به المشغولون بالارتداد، و الرجوع منذ فارقهم إلى أن ماتو، دون من أتى بواحد من أسباب الارتداد، و لم يخرج عن ذلك الارتداد بتوبة، و لعلّ قوله: «لم يزالوا» و نحوه أيضا ممّا يؤيّد هذا المعنى، إذ لو أريد محض حصول ماهية الارتداد و وجوده بعد العدم و لو مرة من غير وجود يتجدد في حدوثه و حصوله لم يحتجّ إلى قوله: «لم يزالوا» و نحوه.

و أما أصل عدم الرجوع ممّا حصل من الردّة فكان يفهم من ترتيب أثرها في القيامة إذ «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» بل و ربّما يؤيد ذلك الاستمرار أيضا قوله: «القهقرى» .

و في «القاموس» : «و القهقهري رجوع إلى خلف» (1)و هو مفعول مطلق نوعي، لا يخلو عن إيماء دوام حدوث الارتداد؛ فلاحظ.

و يؤيّد أيضا قوله: «منذ فارقتهم» فإنّه من قبيل بيان المبدء و إنّما يكون ذلك في الأمر الممتد دون الأمر الآني، و ما هو بحكمه، و مآل كلّ ذلك إلى بيان ارتكابهم القبيح في الغاية، مدة طويلة باقي عمرهم، من وفات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يلايم ذلك أيضا تعظيم ما فعلوا في مثل قوله: «ما يدريك ما عملوا بعدك» و قوله، «لا تدري ما أحدثوا بعدك» لتعظيم نفس ما تصرفوا فيه، بقوله: «لا تدري

ص:425


1- «القاموس المحيط» ج 2، ص 123.

ما بدّلوا بعدك» و لعلّ ذلك لا يخفى. ثم إنّ اختلاف ما يصدر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حقهم ممّا يكشف عن اختلاف مراتبهم إمّا في كثرة ما ارتكبوا من القبيح و قلّته، أو في قبح ما فعلوا، أو في القرب من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما يوجب القرب منه، ممّا يوجب الاهتمام على استنفاذهم و إلاّ لم يعقل ذلك الاختلاف كما لا يخفى.

ثم إنّ من الواضح أنّ الذين تعرض لواقعتهم يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً (1)في تلك الأخبار، قد رأوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في ذلك المشهد المهول و راهم و تكلّموا معه و تكلّم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم معهم، فهم لا بدّ غير الذين أخبر عنهم بأنّهم لا يرونه بعد ما توفي، فهم أسوء حالا، و أقبح أفعالا، و أشنع آثارا من أهل الردّة الذين يكون واقعتهم في ذلك اليوم العظيم ما ذكر، و إلاّ لم يعقل أن يكون الأقل أو زارا، أشدّ عذابا، و أعظم حظا من العذاب، و أكثر حرمانا من الخير كما هو واضح أيضا.

أن لا ينجو منهم أحد

ثم إنّ مآل كلّ هؤلاء إلى مولاهم النار، كما يؤمي إليه طرد من هو رحمة للعالمين، و أذان المؤذن بينهم فَلَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلْكافِرِينَ (2)و مخاصمة الرّبّ و الملك، و الحرمان من أقل الخير بالنسبة إلى نعيم الجنة، و هو ورود الحوض، و الدعوة إلى النار ذكر العلة التامة لدخول النار و هى الردّة و الكفر بعد الإيمان، وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي اَلْآخِرَةِ مِنَ اَلْخاسِرِينَ (3)فليس

ص:426


1- الانفطار:82، الآية 19.
2- البقرة:2، الآية 89.
3- المائدة:5، الآية 5.

فيهم من ينجو يوم العرض على اللّه تعالى.

و أمّا ذكر قول العبد الصالح المشتمل على قوله: وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ (1)فلا يدلّ على وجود من ينجو، كما يعرف من ملاحظة أصل مورد ذلك الكلام، فقد قاله في الذين: قالُوا إِنَّ اَللّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ (2)و قد أخبرنا العدل الحكيم أن لا يغفر لمشرك، فقال في سورة النساء: إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ اِفْتَرى إِثْماً عَظِيماً (3).

فسوق هذا الكلام لا بدّ أن يكون لغرض آخر غير الإيماء إلى وجود قابل لتلك الرحمة الخاصّد، و لا يبعد أن يكون التبرّي من الشفاعة لهم المتوهّم من التعرض لهم و خروجهم عن مورد الشفاعة أيضا يعرف من السلوك معهم بهذا الوجه الخاص.

و أمّا قوله في رواية «البخاري» : «فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم» (4)فلا يبعد كونهم المستضعفين الذين خلطوهم باتّباعهم لهم من غير بصيرة بهم، و من قصور و نحوه، ممّن لا يستقبح شمول المغفرة لهم بعد الوعد السابق؛ فلاحظ و إلاّ فلا يصح أن ينجو منهم أحد كما لا يخفى.

و بالجملة هؤلاء «بدّلوا» ، و «ارتدّوا» ، و «ما زالوا يرتدّون» ، و «يرجعون القهقهري على أعقابهم» ، بترك قواعد الإسلام في مواردها، و الأخذ برسوم الجاهلية و شبهها بدلا عن الطريقة الإسلامية و الملة الحنيفة، فذلك التبديل منشأ الارتداد حيث علموا أحكام الإسلام بالأخذ من مؤسّسها و نحوه، ثم خالفوها بالتدين بما يضادّ ما أتى به الرّسول، و هذا الكفر المحض و الردّة الواضحة.

ص:427


1- المائدة:5، الآية 118.
2- المائدة:5، الآية 73.
3- النساء:4، الآية 48.
4- «صحيح البخاري» الجزء السابع، ج 4، ص 208.
تخطئة بعض الكلمات في تعيين المصداق

هذا هو الكلام في مفاد تلك الروايات و المفهوم منها و أمّا تعيين مصداقه في الخارج و تطبيق تلك العناوين و ما يساوقها على صنف معين من الأمّة أو الأصحاب فمن الواضح توقفه أوّلا على معرفة موازين الشرع في أفعال العباد التي أتى بها محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لبّها و حقائقها من غير شوب باطل، ثم على معرفة عامّة أعمال من يراد التطبيق عليه عن حس و ما هو منزلته، ثم مشاهدة التنافي و التضاد، و إلاّ كان التطبيق من الظن و التخمين و الخرص الباطل أو الافتراء الحرام، و من رمي مؤمنا بكفر يأبه.

فمن حصل له مبادي الحكومة في تلك المرحلة، فطوبى له، ثم طوبى فياله من عبد أكرمه اللّه بعلم وافر، و ألاّ فليأخذ حذاره لئلا يدخله اللّه ناره، أفيكفى مجرد تسمية شخص أو جماعة شخصا أو جماعة في الحكم بكونهم مصاديق تلك الأخبار من غير تحقيق و تدقيق، و لعمري أنّ المرتقى أصعب من ذلك، فلا يقد من إلاّ من يرى حصول ما نبّهنا عليه من المقدمات علم عرفان، بل علم يقين أو ليكونن من الهالكين.

و أمّا التطبيق على ما نعي الزكاة من شيخنا الصديق، كما سلف عن قبيصة (1)و غيره (2)في ذيل حديث ابن عباس ففيه جهل أو تجاهل بحالهم، و غيرها، بل الروايات أيضا حيث يستفاد منها بتحديد الأول و قول «لم يزالوا» و شبه ذلك أن طال أمدهم، هؤلاء لم يكونوا كذلك، بل لمّا منعوا فيما زعموا قتل منهم من قتل،

ص:428


1- «صحيح البخاري» الجزء الرابع، ج 2، ص 143.
2- قال أبو عيسى في «سنن الترمذي» ج 5، ص 4، ح 3216 في بعض نسخة: كأنّه قاوله على أهل الردّة.

و سبي منهم من سبي، و أقصى من أقصى، و أخذ منهم و رجعوا إلى ما أرادوا، و إنّهم لم يكن منهم غير أمر الزكاة حسب حصر التعليل في الأخبار (1)ثم ما بدّلوا شيئا و لا تكرر منهم الردّة كي يقال: «ما برحوا يرجعون» .

هذا و سيدنا عمر كان يجاجّ شيخنا الصديق في أمرهم في الأوّل (2)ثم لمّا ولّى فعل بهم ما فعل (3)ممّا لا يجامع الإذعان بالارتداد.

يطلب تفصيله من موضعه، فهم لو كانوا أهل ردّة أيضا لم ينطبق عليهم تلك الأخبار لما عرفت في مفاداتها، و ما يعرف من أحوالهم فليطلب من ينطبق عليه تلك الهاوية صنف غيرهم، و لعمري أنّ في تلك الأخبار علما جمّا لو وجدت له حملة بلى وجدت له لقنا غير مأمون عليه يستعمل الة الدين للدنيا (4).

و قال السجّاد عليه السّلام على ما في «ينابيع المودة» عن الدّر المنظم لابن طلحة الشافعي:

«إنّي لأكتم من عملي جواهره كيلا يرى الحق ذو الجهل فيفتتنا» (5)

«و قد تقدم في هذا أبو حسن إلى الحسين و وصي قبله الحسنا»

«يا ربّ جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممّن يعبد الوثنا»

«و لا ستحلّ رجال مسلمون دمي يرون أقبح ما يأتونه حسنا»

(6)و لا يخفي أنّ الجواب عن قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «أصحابي، أصحابي» و نحوه

ص:429


1- «الفتوح» ج 1، ص 72؛ «تاريخ اليعقوبي» ج 2، ص 128.
2- «تاريخ الطبري» ج 3، ص 278؛ «الكامل في التاريخ» ج 2، ص 358.
3- «الطبقات الكبرى» ج 7، ص 101؛ «البداية و النهاية» ج 7، ص 116؛ «كتاب الأغاني» ج 16، ص 166.
4- اقتباس من كلام امير المؤمنين عليه السّلام في «نهج البلاغة» الحكمة، ش 139.
5- في المصدر: فيفتنا.
6- «ينابيع المودّة» ، الجزء الثاني، الباب الرابع و الستون، ص 367.

بقول: «إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. . .» يشعر أو يدلّ على أنّ الأحداث مناف لبقاء حقّ الصحبة، و أنّه رافع لعلاقتها و علاقة التديّن بدينه، فلا يدخل مصاديق تلك الأخبار الموجودة في الخارج فيما ورد في حقّ الصحابة و الأمّة، و لا يكون لهم احترامهم، بل و لا احترام أصلا، بل و أن لا مانع من لعنهم بوجه، حيث أنّهم ملعونون في الآخرة و مبعدون عن رحمته.

تركوا من حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بكفره

أقول: ثم من الغريب ترك ذكر من حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بكفرهم، مع إمارة واضحة في مصداق تلك الأخبار، فمن ذلك ما رواه «البخاري» في الرابع، في باب قول النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا ترجعوا بعدي كفّارا. . .» و هو في الحادية و الخمسين:

حدّثنا حجّاج بن منهال، حدّثنا شعبة، أخبرني واقد، عن أبيه، عن ابن عمر، أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (1).

حدّثنا مسدّد، حدّثنا يحيى، حدّثنا قرّة بن خالد، حدّثنا ابن سيرين، عن عبد الرحمان بن أبي بكرة، عن أبي بكرة. . . فذكر الحديث إلى أن قال: «فإنّ دمائكم، و أموالكم، و أعرضكم، و أبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألاهل بلّغت؟» قلنا: نعم. قال: «اللّهم اشهد، فليبلّغ الشّاهد الغائب، فأنّه ربّ مبلّغ يبلّغه من هو أوعى له، فكان ذلك» (2)، قال:

«لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض. . .» (3).

ص:430


1- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 91.
2- في المصدر: كذلك.
3- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 91.

و لو رمنا إيراد الأحاديث من هذا السنخ ممّا حضرنا لجاء كتابا و أخبار قتال المسلم كفر غير عزيز جدّا.

و الظاهر أنّ قوله: «يضرب. . .» بيان لوجه الكفر و منشائه فليعرض على تلك الأخبار أحوال عليّ إمام البررة، قاتل الفجرة و خصماءه لترى أيّ الفريقين خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا (1)لتعرف حال من حضر تلك المشاهد من الصحابة، و يظهر حال ما شاع من أن الصحابة كلّهم عدول، إلاّ أن يمحى تلك الأحاديث و سنخها؛ فلاحظ.

الثّالث

اشارة

إنّ أهل البيت قرناء التنزيل ينصرف الأمر عنهم في الظاهر، فيخفى أمرهم و يكونون مورد إعراض الناس، و بغضهم، فيجري عليهم ما جرى، فيحرم جلّ الأمّة فوائد الرجوع إليهم و ركوب سفينة النجاة، فيقعون فيما خيف عليهم، ممّا مرّ في أحاديث الوصيّة بهم، و أيّ فتنة لهم أعظم من هذا.

يعرض عن أهل البيت

قد سلف بعض ما يتعلق بعليّ و الحسن عليهما السّلام، بايع معاوية بعد ما كاد، و وضع (2)في عصره الأحاديث الموضوعة (3)، و قتل شيعة عليّ عليه السّلام و سملت أعينهم، و طردوا، و شرّدوا (4)و شاع سبّ أبي تراب، نفس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (5)الّذي الحق

ص:431


1- مريم:19، الآية 73.
2- هكذا في النسحطة المخطوطة، و لا يخفى ما في العبارة من الحزارة.
3- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 4، ص 63، ؛ ج 11، ص 44.
4- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 11، ص 44؛ «الكامل في التاريخ» لابن اثير، ج 3، ص 450 و 462.
5- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 4، ص 56؛ «رجال الكشي» ص 69.

و القرآن معه و هو معهما، لا تعدّى منه إلى سائر أهل البيت، و لا يدفعه دافع، و يشير إلى ذلك مضافا إلى الوضوح ما رواه الكنجى في الباب المأة من «كفاية» (1).

قال أخبرنا يوسف الحافظ بحلب، أخبرنا ابن أبي زيد بإصبهان، أخبرنا محمود الأشقر، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، حدّثنا الإمام أبو القاسم، حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدّثنا إبراهيم بن الحجّاج السّامي، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى الأعرج، قال: كنت بين الحسن و الحسين، و مروان يتسابان، فجعل الحسن يسكت الحسين، فقال مروان: أهل بيت ملعونون! ! فغضب الحسن، و قال: «قلت أهل بيت ملعونون؟ ! فو اللّه لقد لعنك اللّه على لسان نبيه و أنت في صلب أبيك» ، هذا حديث صحيح أخرجه الطبراني في «معجمه» (2)في معجمه في هذه الترجمة (3).

و أشباه ذلك كثيرة أو مانا إلى بنذة منها في كتابنا «سلاح الحازم» (4)و غيره و قد أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عمّا يجري عليهم.

و قال الخوارزمي في الفصل الخامس من كتابه في عليّ عليه السّلام: و أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن عليّ بن محمّد الهمذاني إجازة أخبرنا (5)، محمّد بن الحسين بن عليّ البزاز، أخبرنا (6)أبو منصور محمّد بن عليّ بن عبد العزيز، أخبرنا (7)هلال بن محمّد بن جعفر، حدّثنا (8)أبو بكر محمّد بن عمرو الحافظ،

ص:432


1- «المعجم الكبير» ج 3، ص 85.
2- «المعجم الكبير» للطبراني، ج 3، ص 85، ح 2740.
3- «كفاية الطالب في مناقب امير المؤمنين علي بن ابي طالب» الباب المأة، ص 231.
4- «سلاح الحازم» مخطوطة.
5- في المصدر: أخبرني.
6- في المصدر: أخبرني.
7- في المصدر: أخبرني.
8- في المصدر: حدّثني.

حدّثني أبو الحسن عليّ بن موسى الخراز (1)من كتابه، حدّثنا (2)الحسن بن عليّ الهاشمي، حدّثنا (3)إسماعيل بن أبان، حدّثنا (4)أبو مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال: قال أبي: دفع النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الراية يوم خيبر إلى عليّ بن أبى طالب عليه السّلام. . . ، ثم ذكر جملة من مناقبه، إلى أن قال: و قال له:

«إن اللّه أوحى إليّ بان أقوم بفضلك، فقمت به في الناس، و بلّغتهم ما أمرنيّ اللّه بتبليغه» و قال له: «إتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتي، أولئك يلعنهم اللّه و يلعنهم اللاعنون» ثم بكى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقيل: ممّ بكاؤك يا رسول اللّه؟ قال: «أخبرني جبرئيل عليه السّلام إنّهم يظلمونه، و يمنعونه حقه، و يقاتلونه و يقتكون ولده، و يظلمونهم بعده و أخبرني جبرئيل عن اللّه عزّ و جلّ: أنّ ذلك الظلم يزول عنهم (5)إذا قام قائمهم، و علّت كلمتهم، اجتمعت الأمّة على محبّتهم، و كان الشّاني لهم قليلا، و الكاره لهم ذليلا، و كثر المادح لهم، و ذلك حين تغيّر البلاد، و ضعف العباد، و الإياس (6)من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم» .

قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «اسمه كاسمي (و اسم أبيه كاسم أبي خ، ل) ، هو من ولد ابنتي فاطمة، يظهر اللّه الحق بهم، يخمد الباطل بأسيافهم، و يتبعهم الناس راغبا إليهم و خائفا لهم» (7)قال: و سكن البكاء من (8)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال: «معاشر

ص:433


1- في النسخة المخطوطة: خ، ل: البزاز، الجزار و لكن في المصدر: الخزّاز.
2- في المصدر: حدّثني.
3- في المصدر: حدّثني.
4- في المصدر: حدّثني.
5- في المصدر: فيهم.
6- في المصدر: اليأس.
7- في المصدر: منهم.
8- في المصدر: عن.

المسلمين (1)أبشروا بالفرج، فإنّ وعد اللّه لا يخلف، و قضاؤه لا يردّ، و هو الحكيم الخبير، و إنّ فتح اللّه قريب، اللّهم إنّهم أهلي، فاذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، اللّهم أكلأهم و أرعهم و كن لهم و انصرهم و أعزهم، و لا تذلّهم و اخلفني فيهم، إنّك على ما تشاء قدير» (2).

و في الفصل السادس: و أنبأني صدر الحفّاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد هذا أخبرني (3)أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ، أخبرني (4)أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبد اللّه، أخبرني أبو القاسم عيسى بن عليّ بن عيسى بن داود الجراح، أخبرنا أبو القاسم عبد اللّه بن محمّد بن عبد العزيز البغوي، حدّثنا عبيد اللّه بن عمر القواريري، حدّثنا هرمي (5)بن عمّارة، قال: حدّثني الفضل بن عميرة القيسي، أبو قتيبة، حدّثني ميمون الكردي أبو نصير، عن أبي عثمان النهدي، عن عليّ بن [أبي طالب عليه السّلام]: (6)«كنت أمشي مع النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض طرق المدينة. . .» إلى أن قال: «فلما خلاله الطريق اعتنقني و أجهش بالبكاء (7)، فقلت: يا رسول اللّه! ما يبكيك؟ قال: ضغائن في صدور قوم (8)لا يبدونها لك إلاّ بعدي، فقلت: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك» (9).

عن «الحمويني» : أنباني عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر عن الشيخ جمال

ص:434


1- في المصدر: الناس.
2- «المناقب» للخوارزمي الفصل الخامس، ص 61، ح 31.
3- في المصدر: الحسن بن أحمد العطار الهمداني، أخبرنا.
4- في المصدر: أخبرنا.
5- في المصدر: حرمي.
6- في المصدر+: قال.
7- في المصدر: باكيا.
8- في المصدر: أقوام.
9- «المناقب» للخوارزمي، الفصل السادس، ص 65، ح 35.

الدين الديني (1)أجازة عن ناصر بن أبي المكارم المطرّزي باأسناده عن أبي عثمان النهدي: مثله (2).

أقول: و الناصر هذا من دون «كتاب الخوارزمي» إجازة الكنجي في الباب السادس و الستين من «كفايته» ما هذا لفظه: أخرجه (3)بقية السلف شيخ الشيوخ عبد اللّه بن عمر (4)حمويه بدمشق، قال: أخبرنا زين الحّفاظ و أستاد المؤرخين و محدث الشام أبو القاسم علىّ بن الحسن بن هبة اللّه بن عبد اللّه المعروف بابن عساكر، حدّثنا أبو العز أحمد بن عبيد اللّه العكبري، أخبرنا أبو محمد الحسن بن عليّ الجوهري، أخبرنا عليّ بن محمد بن أحمد، حدّثنا عمر بن محمد الباقلاني (5)حدّثنا المفضل بن صالح الأسدي، حدّثنا يونس بن حباب (6)عن عثمان بن حاضر، عن أنس بن مالك، قال: خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمرّ بحديقة، فقال عليّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «يا رسول اللّه ما أحسن هذه الحديقة؟ قال: حديقتك في الجنة أحسن منها» حتى مرّ بست حدائق، كلّ ذلك يقول عليّ عليه السّلام (7)«ما أحسن هذه الحديقة» فردّ (8)عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «حديقتك في الجنة أحسن منها» ثم وضع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رأسه على إحدي منكبي عليّ عليه السّلام فبكى، فقال له: «ما يبكيك يا رسول اللّه صلّى اللّه عليك» ؟ قال: «ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى

ص:435


1- في المصدر: [ابن]الدبيثي [الواسطى]و في حاشية المصدر: و في مخطوطة تهران: «جمال الدين الزينبي» و في نسخة السيد على نقى: «الدبيني» .
2- «فرائد السمطين» ج 1، الباب الثلاثون، ص 152، ح 115.
3- في المصدر: أخبرنا.
4- في المصدر+: بن.
5- في المصدر+: حدّثنا أحمد بن يزيد.
6- في المصدر: خباب.
7- في المصدر: أخبرنا.
8- في المصدر: فيرد.

أفارق الدّنيا» قال عليّ: «فما أصنع يا رسول اللّه» ؟ قال: «تصبر» قال: «فإن لم أستطع» ؟ قال: «تلقى جهدا» قال: «و يسلّم (1)ديني» ؟ قال: «و يسلّم (2)دينك» .

قلت: «هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد اللّه. و منه و هذا سياق الحافظ مورخ الشام (3)في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام (4).

و في الباب الرابع بسنده: «ثم إنّه رفع إليّ سيخصّه من البلاد بشيء لم يخص به أحد من أصحابي، فقلت: يا ربّ أخي و صاحبي، فقال: إنّ هذا شىء قد سبق أنه مبتلى و مبتلى به (5)هذا حديث حسن عال أخرجه الحافظ في «الحلية» (6)(7).

أقول: و عن «فضائل الصحابة» لأبي الظفر السمعاني: قال: بالإسناد عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري. . . ، فذكر حديثه عنه في الأخبار بالمهدي عليه السّلام، فقال: قال أبو هارون: و لقيت وهب بن منبه أيّام الموسم، فعرضت عليه هذا الحديث، فقال لي وهب: يا أبا هارون العبدي: إنّ موسى بن عمران لمّا فتن قومه و اتخذوا العجل كبر على موسى، فقال: «يا رب! فتنت قومى، حيث غبت عنهم، فقال اللّه: يا موسى! إنّ كلّ من كان قبلك من الأنبياء أفتتنن قومه، و كذلك من هو كائن بعدك من الأنبياء يفتنن قومه إذا فقدوا نبيّهم، قال موسى:

و أمّة محمد أيضا مفتونون؟ و قد أعطيتهم من الفضل و الخير ما لم تعطه من كان قبله في التورية، فأوحى اللّه تعالى إلى موسى: أنّ أمّة أحمد سيصيبهم فتنة عظيمة من

ص:436


1- في المصدر+: لي.
2- في المصدر+: لك.
3- «ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب» ج 2، ص 325 ح 830.
4- «كفاية الطالب» الباب السادس و الستون، ص 141.
5- الصحيح ما أثبتاه و لكن في النسخ المخطوطة: يتلى به.
6- «حلية الأولياء» ج 1، ص 70.
7- «كفاية الطالب» الباب الرابع، ص 23؛ هذا ذيل بعض الرواية التي نقلها الكنجي فيه.

بعده، حتى يعبد بعضهم بعضا و يتبرأ بعضهم من بعض، حتى يصيبهم حال، أو حتى يجحدوا ما أمرهم به نبيّهم، ثم يصلح اللّه تعالى أمرهم برجل من ذرية أحمد، فقال موسى: يا رب! اجعله من ذريتى، و قال اللّه: من ذرية أحمد و عترته، و قد جعلته في الكتاب السابق، أنه من ذرية أحمد و عترته، أصلح به أمر الناس و هو المهدي (1).

قلت: عرفت أمره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الإمامة و مرجع الأمّة و واضح ما جرى عليه الحال.

محمد بن يوسف الكنجي في كتاب «البيان» في الباب الخامس: و أخبرنا العلامة الحسن بن محمد بن الحسن اللغوي في كتابه (2)إليّ بدمشق، ثم لقيته ببغداد و (3)قال: أخبرنا نصر بن أبي الفرج الحصري، عن أبي طالب محمد بن محمد بن أبي زيد العلوي، عن أبي عليّ التستري، عن أبي عمر الهاشمي، عن أبي عليّ محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي، أخبرنا الحافظ أبو داود سليمان بن الأشعث، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا معاوية بن هشام، حدّثنا عليّ بن أبى صالح، عن زيد (4)بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: بينما نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلمّا راهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اغر و رقت عيناه و تغيّر لونه، قال: فقلت، ما نراك ترى (5)في وجهك شيئا نكرهه؟ قال: «إنّا أهل بيت اختار اللّه لنا الأخرة على الدنيا، و إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي بلائا و تشديدا (و تشريدا خ، ل) و تطريدا حتّى يأتى قوم من قبل المشرق، و معهم

ص:437


1- «غاية المرام» ج 7، الباب الحادي و الأربعون و المأة، ص 99، ح 71.
2- في المصدر: كتاب أتي منه.
3- في المصدر-: و.
4- في المصدر: يزيد.
5- في النسخة المخطوطة: (مازال، خ ل) و لكن في المصدر: ما نزال نرى.

رايات سود، و يسألون (1)الخير، و لا يعطونه، فيقاتلون، فيصبرون (2)فيعطون ما شاؤوا، و لا يقبلونه، حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتى، فيملأها عدلا و قسطا كما ملئت جورا (3)؛ فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم، و لو حبوا على الثلج (4).

أقول: و عن «الأربعين» للحافظ أبي نعيم بأسناده عن علقمة، عن عبد اللّه: مثله إلاّ أنّه قال: «كما ملؤها جورا فمن استطاع منكم (5)فليأتهم و لو حبوا. . .» (6).

و قد عرفت أنّ الأئمّة أهل البيت أو هم منأعلاهم و قوله: «حتّى يأتى قوم. . .» غاية قوله: «سيلقون كما لا يخفى.

ثم إنّ سلامة جملة من الذرية الطاهرة في الأعصار من الأشرار يكشف عن اختصاص مثل الخبر بالأئمة الأطهار، فدام فيهم الخوف بدوام الليل و النهار.

و عن «أربعين» الحافظ بإسناده عن حذيفة، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يقول: «ويح هذه الأمّة من ملوك جبابرة، كيف يقتلون و يطردون؟ ! (7)إلاّ من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه، و يفرّ منهم بقلبه فإذا أراد [اللّه] تعالى أن يعيد الإسلام عزيزا، قصم (8)كلّ جبّار عنيد، و هو القادر على ما يشاء و أصلح الأمّة (9)بعد فسادها (10)يا حذيفة! لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل

ص:438


1- في المصدر: فيسألون.
2- في المصدر: فينصرون.
3- في المصدر: +: و ظلما.
4- «البيان» في أخبار صاحب الزمان المطبوع في كتاب «أحاديث المهدي» ص 100.
5- في المصدر: فمن أدرك ذلك منكم.
6- «كتاب الأربعين» المطبوع في «نامه دانشوران» ج 7، ص 16، ح 27.
7- في المصدر: يخيفون المطيعين.
8- في المصدر: فصم.
9- في المصدر: ما يشاء أن يصلح أمه.
10- في المصدر+: فقال عليه السّلام.

اللّه ذلك اليوم، حتّى يملك رجل من أهل بيتى الملاحم في يديه (1)و يظهز الإسلام، و اللّه (2)لا يخلف وعده و هو سريع الحساب» (3).

قلت: لا يحضرنى سند الرواية، و مرّ حديث أمّنا عايشة: فالتمس. . . و بعض ما جرى (4)و عليّ لم يحارب بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الاّ الغزوات الثلاث، الجمل و صفين و نهروان، فتبصرو حال أولاده مع ملوك العصر، أما الطاعة فخلاف الطهارة و غيرها و أمّا المصانعة كما لا يخفى.

حديث أم سلمة

الخوارزمي في الفصل الرابع عشر من كتابه بإسناده إلى مردويه:

حدّثنا (5)أبو بكر أحمد بن محمد السري بن يحيى التميمى، حدّثنا المنذر بن محمد بن المنذر، حدثنا (6)أبي، حدّثنا الحسين (7)بن يوسف بن سعيد بن أبي الجهم، حدّثني أبي، عن أبان بن تغلب، عن عليّ بن محمّد بن المنكدر، عن أم سلمة زوج النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . . ، فيما حدّثته لمولاه و قد ذكره بطوله، ثم قال: «يا أمّ سلمة لا تلومينى، فإنّ جبرئيل اتاني بأمر (8)من اللّه تعالى أمر (9)أن أوصي به عليّا من

ص:439


1- في المصدر: تجرى الملاحم على يديه.
2- في المصدر-: و اللّه.
3- «كتاب الأربعين» المطبوع في «نامه دانشوران» ج 7، ص 17، ح 28.
4- «صحيح البخاري» الجزء الخامس، ج 3، ص 83؛ «صحيح مسلم» الجزء الخامس، ج 3، ص 154.
5- في المصدر: أخبرنى.
6- في المصدر: حدّثنى.
7- في المصدر: عمّي الحسين.
8- في المصدر-: بأمر.
9- في المصدر: يأمر.

بعدي، و كنت بين جبرئيل و عليّ، و جبرئيل عن يمينى و عليّ عن شمالي، فأمرني جبرئيل أن امر عليّا بما هو كائن من بعدي إلى يوم القيامة، فاعذرينى و لا تلوميني، إنّ اللّه عزّ و جلّ اختار من كلّ أمّة نبيّا، و اختار لكلّ نبيّ وصيّا، فأنا نبيّ هذه الأمّة و عليّ وصيى في عترتي و أهل بيتي و أمّتي من بعدي. . . الخبر (1).

و في الفصل الثاني من الفصل السادس عشر بإسناده عن ابن مردويه أيضا:

حدّثنا محمّد بن عليّ بن دحيم، حدّثنا أحمد بن حازم، حدّثنا (2)شهاب بن عبّاد، حدّثنا (3)جعفر بن سليمان، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، قال: ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعلّي عليه السّلام ما يلقى من بعده، قال: فبكى عليّ (4)و قال: «أسألت بحق قرابتي منك، و بحق صحبتي إلاّ دعوت اللّه عزّ و جلّ أن يقبضني إليه» (5)قال:

«يا عليّ! تسألني أن أدعوا اللّه لأجل مؤجل! !» قال: فقال: «يا رسول اللّه! على ما أقاتل القوم» ؟ قال: «على الأحداث في الدين» (6).

و روى هو (7)قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ثم رفع (8)إليّ أنّه سيخصّه من البلاد بشىء لم يخص به أحد من أصحابي، فقلت يا ربّ أخىّ و صاحبي، فقال: إنّ هذا شىء سبق أنه مبتلى و مبتلى به» .

و قال الكنجي: هذا حديث حسن عال، أخرجه الحافظ في «الحلية» (9).

ص:440


1- «المناقب» للخوارزمي، الفصل الرابع عشر، ص 146، ح 171.
2- في المصدر: أخبرنا.
3- في المصدر: حدّثني.
4- في المصدر-: عليّ.
5- في المصدر: دعوت اللّه لى أن يقبضني اللّه.
6- «المناقب» للخوارزمى، الفصل الثاني من الفصل السادس عشر، ص 175، ح 211.
7- «المناقب» للخوارزمي، الفصل التاسع عشر، ص 304، ح 299؛ مع الاختلاف.
8- في النسخة المخطوطة: وقع و لكن الصحيح ما أثبتناه.
9- «كفاية الطالب» الباب الرابع، ص 23؛ «حلية الاولياء» ، ج 1، ص 70.

و أخباره بشهادة الحسين أكثر من أن تعدّهنا، كلّ ذلك فيما قاسوه من هذه الأمّة.

حديث حذيفة في الإخبار بما يقع

و في خامس «المسند» في الخامسة و الثمانين بعد الثلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مقاما، فما ترك شيئا يكون بين يدي الساعة إلاّ ذكره في مقامه ذلك، حفظه من حفظه، و نسيه من نسيه، قال حذيفة: فإنّي لأرى أشياء قد كنت نسيتها، فأعرفها كما يعرف الرجل وجه الرجل، قد كان غائبا عنه يراه فيعرفه؛ و قال وكيع مرّة: فرآه فعرفه (1).

و أروده في الواحدة و الأربع مأة إلى قوله: نسيه، إلاّ أنّه قال: فأخبرنا بما هو كائن إلى يوم القيامة (2).

و في السّادسة و الثمانين بعد الثّلاث مأة: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة عن عابس، (عدي) (3)بن ثابت، عن عبد اللّه بن يزيد، عن حذيفة، أنّه قال: أخبرني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة. . . الخبر (4).

و قال القاضي عياض في أواخر الجزء الأول من «الشفاء» فصل و من ذلك ما أطلع عليه من الغيوب و ما يكون، و الأحاديث في هذا الباب بحر لا يدرك قعره

ص:441


1- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 385.
2- نفس المصدر، ص 401.
3- هكذا في النسخة المخطوطة و أمّا في المصدر: عدى بن ثابت.
4- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 386.

و لا ينزف غمره، و هذه المعجزة من جملة معجزاته المعلومة على القطع الواصل إلينا خبرها على التواتر، لكثرة رواتها و اتفاق معانيها على الاطلاع على الغيب.

حدّثنا الإمام أبو بكر محمّد بن الوليد الفهري إجازة و قرائة على غيره، قال أبو بكر: أخبرنا (1)أبو عليّ التستري، أخبرنا (2)أبو عمر الهاشمي، أخبرنا (3)اللؤلؤي، أخبرنا (4)أبو داود، أخبرنا (5)عثمان بن أبي شيبة، أخبرنا (6)جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مقاما، فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاّ حدّثه، حفظه من حفظه، و نسيه من نسيه، قد عمله أصحابي هؤلاء، و إنّه ليكون منه الشيء فأعرفه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل، إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه، ثم قال حذيفة: ما نسي (7)أصحابي أم تناسوه؟ ! ! و اللّه! ما ترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قائد فتنة إلى أن ينقضي (8)الدنيا، يبلغ من معه ثلاث مأة فصاعدا إلاّ قد سمّاه لنا باسمه و اسم أبيه و قبيلته.

و قال أبو ذر: لقد تركنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما يحرّك طائر جناحيه في السماء إلاّ ذكرنا منه علما (9)انتهى موضع الحاجة من كلامه.

ص:442


1- في المصدر: حدّثنا.
2- في المصدر: حدّثنا.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- في المصدر: حدّثنا.
5- في المصدر: حدّثنا.
6- في المصدر: حدّثنا.
7- في المصدر: ما أدري أنسي.
8- في المصدر: تنقضي.
9- «الشفا» بتعريف حقوق المصطفى ج 1، ص 650.

«الترمذي» في كتاب الفتن، في باب (1)ما أخبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة: حدّثنا عمران بن موسى القزّاز البصري، حدّثنا (2)حمّاد بن زيد حدّثنا (3)عليّ بن زيد بن جذعان القرشي (4)عن أبي نضرة، عن سعيد الخدري، قال: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (5)صلاة العصر بنهار، ثمّ قام خطيبا فلم يدع شيئا يكون إلى قيام الساعة إلاّ أخبرنا به، حفظه من حفظه، و نسيه من نسيه، و كان فيما قال «إنّ الدّنيا حلوة خضرة (6)و إنّ اللّه مستخلفكم فيها فناظر، كيف تعملون؟ ألا فاتّقوا الدنيا و اتّقوا النّساء» و كان فيما قال: «لا يمنعنّ (7)رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه» قال: فبكى أبو سعيد، فقال: قد و اللّه رأينا أشياء، فهبنا فكان (8)فيما قال: ألا إنّه ينصب لكلّ غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته، و لا غدرة أعظم من غدرة إمام عامّة يركز لواه (9)عند إسته. . . الخبر (10).

و قال: و في الباب عن حذيفة و أبي مريم و أبي زيد بن أخطب و المغيرة بن شعبه (11)و ذكروا أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حدّثهم بما هو كائن إلى أن تقوم السّاعة، و هذا

ص:443


1- في النسخة المخطوطة: في باب ما جاء ما أخبر النبي، و لكن الصحيح ما أثبتناه كما في المصدر.
2- في المصدر: أخبرنا.
3- في المصدر: أخبرنا.
4- في المصدر-: ابن جذعان القرشي.
5- في المصدر+: يوما.
6- في المصدر: خضرة حلوة.
7- في المصدر: ألا لأتمنعنّ.
8- في المصدر: و كان.
9- في المصدر: لواؤه.
10- «سنن الترمذي» ج 3، ص 327، ح 2286.
11- في المصدر: و في الباب عن المغيرة بن شعبة و أبي زيد بن أخطب و حذيفة و أبي مريم.

حديث حسن (1).

إخباره بما يقع

«صحيح مسلم» في كتاب الفتن، في باب أخبار النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما (2)يكون إلى قيام الساعة: حدّثني حرملة بن يحيى التجيبي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أنّ أبا إدريس الخولانيّ كان يقول: قال حذيفة ابن اليمان: و اللّه! إنّي أعلم الناس (3)بكلّ فتنة هي كائنة فيما بيني و بين الساعة، و ما أن يكون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أسرّ إليّ في ذلك شيئا لم يحدّثه غيري، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

«و هو يحدّث مجلسا أنا فيه من (4)الفتن» فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-و هو يعدّ الفتن - «فتن (5)ثلاث لا يكدن يذرن شيئا، و منهنّ فتن كرياح الصيف، منها صغار، و منها كبار» قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلّهم غيري» (6).

أقول: في «المسند» : عبد اللّه، عن أبيه، عن يعقوب، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب: مثله (7).

و عن أبيه، عن فزارة بن عمرو، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح: مثله (8).

و حدّثنا عثمان بن أبي شيبة. و إسحاق بن إبراهيم، قال عثمان: أخبرنا (9)،

ص:444


1- نفس المصدر، ص 328.
2- في المصدر: فيما.
3- في المصدر: لأعلم الناس.
4- في المصدر: عن.
5- في المصدر: منهن.
6- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 172.
7- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 388.
8- نفس المصدر.
9- في المصدر: حدّثنا.

و قال إسحاق: أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، قال: قام فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مقاما ما ترك شيئا يكون في مقام ذلك إلى قيام الساعة إلاّ حدّث به، حفظه من حفظه، و نسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، و إنّه ليكون منه الشيء، قد نسيته، فأذكره كما يذكر الرّجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثمّ إذا رآه عرفه (1).

و رواه عبد اللّه، عن أبيه، عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن الاعمش: مثله (2).

و حدّثنا (3)أبو بكر بن أبي شيبه، أخبرنا (4)و كيع، عن سفيان، عن الأعمش، بهذا الإسناد إلى قوله: (5)من نسيه و لم يذكر ما بعده (6).

و حدّثنا محمّد بن بشّار، أخبرنا (7)محمّد بن جعفر، أخبرنا شعبة ح و حدّثني أبو بكر بن نافع، أخبرنا (8)غندر، أخبرنا (9)شعبة، عن عدي بن ثابت، عن عبد اللّه بن يزيد، عن حذيفة، أنّه قال: أخبر (10)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما كائن إلى أن تقوم الساعة. . . الخبر (11).

ص:445


1- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 172.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 5، ص 388.
3- في المصدر: و حدّثناه.
4- في المصدر: حدّثنا.
5- في المصدر+: و نسيه.
6- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 172.
7- في المصدر: حدّثنا.
8- في المصدر: حدّثنا.
9- في المصدر: حدّثنا.
10- في المصدر: أخبرني.
11- نفس المصدر.

حدّثنا محمّد بن المثنّى، أخبرني (1)وهب بن جرير، أخبرنا شعبة بهذا الإسناد نحوه (2).

و حدّثني يعقوب بن إبراهيم الدّورقي و حجّاج بن الشاعر جميعا، عن أبي عاصم، قال حجّاج: أخبرنا (3)أبو عاصم، أخبرنا عزرة بن ثابت، أخبرنا علباء بن أحمر، حدّثني أبو زيد (يعني عمرو بن أخطب) قال: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الفجر و صعد المنبر فخطبنا حتّى حضرت صلاة (4)الظهر فنزل فصلّى، ثمّ صعد المنبر فخطبنا حتّى حضرت صلاة (5)العصر، ثمّ نزل فصلّى، ثمّ صعد المنبر فخطبنا حتّى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان و بما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا (6).

أقول: و إذا كان هذا حال حذيفة و من يليه في عرفان ما تأخّر عن زمانه، فكيف بعيبة علم اللّه و باب المدينة؟ و الّذين هم من طينة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رزقوا فهما و علما، قرناء التنزيل، علماء التأويل، فهم أعرف و أعرف.

إجمال ما جرى عليهم من الأمّة

و جرى على عليّ عليه السّلام ما علم، و الحسن نهبوا فسطاطه في خلافته و أرادوا تسليمه إلى معاوية، و جرحوه غير مرّة، حتّى قتلوه مسموما ترغيبا لجعدة بنت قيس في يزيد و المال.

و قتلوا حسينا و سبوا نسائه، و ساقوهن من بلد إلى بلد، يستشر فهن أهل

ص:446


1- في المصدر: حدّثني.
2- «صحيح مسلم» الجزء الثامن، ج 4، ص 173.
3- في المصدر: حدّثنا.
4- في المصدر-: صلاة.
5- في المصدر-: صلاة.
6- نفس المصدر.

المناهل، ليس معهنّ من حماتهنّ حميّ و لا من ولاتهنّ ولي.

و زين العابدين أرادوا قتله مرارا فأنجاه اللّه، ثمّ حملوه مقيّدا إلى عبد الملك، فأنجاه انزوائه و اشتغاله بنفسه و العبادة.

و جعفر حملوه مرارا إلى المنصور بافتراء دعوى الإمامة، و كونه معرض معارضة السّلطان.

و موسى طال حبسه في مواضع، تكرّر إلى أن مات في الحبس مسموما، و القيود في رجليه، و نودي على جنازته بما نودي، و بويع لولده بولاية العهد إظهارا لرغبته في الملك إلى أن قتل مسموما.

و لاحظ الجواد و النقى و العسكري، و ما جرى أخبرا على بني هاشم فضلا عنهم.

قال السيوطي: و في سنة ست و ثلاثين (يعني بعد المأتين) أمر يعني المتوكل) بهدم قبر الحسين، و هدم ما حوله من الدّور، و أن يعمل مزارع، و منع الناس من زيارته، و خرّب و بقي صحراء، و كان المتوكل معروفا بالتعصّب فتألّم المسلمون من ذلك، و كتب أهل بغداد شتمه على الحيطان و المساجد، و هجاه الشعراء، فممّا قيل في ذلك:

باللّه إن كانت أمّيّة قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتوه (1)بنو أبيه بمثله هذا لعمري قبره مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قتله فتتبّعوه رميما (2)

و قال في المنتصر: وافر العقل، راغبا في الخبر، قليل الظلم، محسنا إلى العلويين، وصولا لهم، أزال عن ال أبي طالب ما كانوا فيه من الخوف و المحنة

ص:447


1- في المصدر: أتاه.
2- «تاريخ الخلفاء» ص 347.

بمنعهم من زيارة قبر الحسين، وردّ على آل الحسين فدك، فقال يزيد المهلبي في ذلك:

و لقد بررت الطالبية بعد ما ذمّوا زماما (1)بعدها و زمانا

و رددت ألفة هاشم فرأيتهم بعد العداوة بينهم إخوانا (2)

و قال السيوطي في ذكر المعتمد ابن المتوكّل: و في أيّامه دخلت الزنج البصرة و أعمالها و أخربوها، و بذلوا السيف و أحرقوا و أخربوا و سبوا. . . إلى أن قال: ذكر الصولي أنّه قتل (3)من المسلمين ألف ألف و خمس مأة ألف ادمي، و قتل في يوم واحد بالبصرة ثلاث مأة ألف، و كان له منبر في مدينته يصعد عليه و يسبّ عثمان و عليّا و معاوية و طلحة و الزبير و عايشة رضي اللّه عنهم، و كان ينادي على المرأة العلوية في عسكره بدرهمين و ثلاثة، و كان عند الواحد من الزنج العشر من العلويات، يطؤهنّ و يستخدمهنّ. . . (4).

منشأ الغيبة على وجه الإجمال

(و أمّا الغيبة الإلهيّة) (5)فمن الواضح الضروري أنّه بعد ما قدر اللّه جلّ جلاله في

ص:448


1- في المصدر: زمانا.
2- «تاريخ الخلفا» ص 356.
3- الصحيح ما أثبتناه كما في المصدر و لكن في النسخة المخطوطة غير موجود.
4- «تاريخ الخلفاء» ص 363.
5- و في «عقد الدرر» في الفصل الثالث فيما يجري من الملاحم و الفتوحات. . . ، ص 226: و عن عبد اللّه بن عطاء، قال: قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السّلام: أخبرني عن القائم، قال: «ما هو أنا و لا الذي تمدون إليه أعناقكم و لا يعرف و لا يأبه له» . قلت: بما يسير؟ قال: بما سار به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. أقول: و عن «الصحاح» ج 6، ص 2228: قال ابن السكيت: يقال: بهت بضم الباء و كسرها، أى ما فظنت له (منه رحمه اللّه) .

تدبيره بقاء الدنيا، و خلق من يعمرها من أصناف من فيها إلى أمد ممدود، و أجل محدود، حجية عن غيره وَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّاعَةِ (1)لحكمة هو أعرف بها لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ (2)و كان نظامهم و حصول الغرض من إنشائهم موقوفا على وجود من يحتجّ به على العباد، لئلاّ يقول أحد: لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى (3)لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اَللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ (4)إمّا ظاهرا مشهورا، مطاعا متّبعا في الناس، و إمّا معرضا عنه النّاس، فهذا شيخ المرسلين لبث في قومه ما لبث، داعيا و منذرا، فقال:

رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَ نَهاراً* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاّ فِراراً* وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَ اِسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَ أَصَرُّوا وَ اِسْتَكْبَرُوا اِسْتِكْباراً* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (5)إلى أن قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْكافِرِينَ دَيّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً (6)إلى أن قال: وَ لا تَزِدِ اَلظّالِمِينَ إِلاّ تَباراً (7).

و لمّا كان قد جعل ابن الحسن عليه السّلام خاتمة الحجج، كما انقلب واضح المنهج لزوم إبقائه ما دامت الحاجة إلى الحجّة باقية، و حفظه عمّا يوجب الإخلال بوجود الحجّة إلى أن ينقضى وقت ما قدّره و دبّره إتماما للحجّة على العباد إلى يوم التناد و إتماما لما دبّره و قدّره إلى يوم المعاد.

ص:449


1- الزخرف:43، الآية 85.
2- الأنبياء:21، الآية 23.
3- طه:20، الآية 134.
4- النساء:4، الآية 165.
5- نوح:71، الآية 5-9.
6- نوح:71، الآية 26 و 27.
7- نوح:71، الآية 28.
يفعل في حفظهم خلاف المعارف

و بعبارة اخرى إنّ خلق العالم بما فيه و أخذه له حكمة علم اقتضائها إلى هذا الأمد، و إلى ما يبقى اليه من الزمان، لا يتخلف امتداده عن أجله المسمّى عند، و يستلزم ذلك إبقاء حجّة عليهم، و بعد ما عين ابن الحسن عجّله اللّه فرجه لذلك المنصب، و جعله صاحب السيف، و بوار الكافرين و المنافقين.

فلابدّ أن يظهره بسيفه قبل الأمد، و إذا كان في معرض الخوف في دار الدنيا من أعدائه يعصمه من الناس بما يراه، كافيا في حفظه إلى بلوغ الغاية و حصول تمام الغرض، من نصبه بخصوصه لذلك، و لا يفوت شيء ممّا يريد به، و فيه فإرادة إتمام الحجّة بوجوده الشريف، من زمان انتقال ذلك المنصب إليه.

فمن قبله إلى اليوم المعلوم عنده إطاعة عمره، و حفظه عن موارد الهلاك إلى الغاية، كما أنّ حكمة طول بقاء العالم يقتضي فعل ذلك به بعد ما جعله بحكمه لحكمة عنده خاتمة الحجج، و لعلّ ذلك واضح.

فلا يعقل في حكمته ظهوره قبل أوانه، لأدائه إلى النقص فيما دبّر و قدّر في خلق العالم، أو ذهاب الحجّة مع بقاء الحاجة، أو التخلف فيما وعد فيه من الأوصاف، و كلّ ذلك ممّا لا يقع ممّن هو على كلّ شيء قدير.

و كان قد سلك في حفظ الحجج من أعدائها خوارق العادات من غير أن يكون له منهج واحد، فهذا خليل الرحمان، قال فيه بعد ما كاد: يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (1)و قال في نوح: فَأَنْجَيْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِي اَلْفُلْكِ اَلْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ اَلْباقِينَ (2)و قال في موسى: أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ اَلْبَحْرَ فَانْفَلَقَ

ص:450


1- الأنبياء:21، الآية 69.
2- الشعراء:26، الآية 119 و 120.

فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ اَلْعَظِيمِ (1)و حفظ يونس في بطن الحوت، و يوسف بعد ما القي في غيابة الجب، إلى غير ذلك ممّا لا يخفى.

فيعقل أن يحفظه بالحجب عن الأبصار، و الغيبة الطويلة، و لا يزيد على خلاف العادة بنحو ما سبق.

بيان أخر و أن لا يلزم معرفة سرّها بل لا يمكن

و بعبارة أخرى إنّ كلّ ما وقع في العالم من الخلق و المقدرات له تعالى، له حكمة، و إن عجزت عن إدراكها العقول، و أذعنت بها بوجودها بعد ما جبلت عليه من الإقرار بكمال بارئها أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (2)لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاَتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا (3).

فيعلم من بقاء هذا العالم على هذا النظام أن لم يتم ما قدّر و دبّر، و لم يأت زمان الأمر الموعود، و دام مقتضي بقائه في الغيب عن الشهود، و مثل ذلك راجع إلى كلمة إنشاء العالم بخصوصياته، و علمها موضوع عن العباد، و بابه محجوب عن الرشاد، و الحاجة إلى الحجّة تدلّ على وجوده، و كونه خاتم الحجج يدلّ على بقائه و إن طال الأمد، و ينكشف المحفوظية و إن قصرت العقول عن إدراك الكيفيّة.

و بذلك يعلم أنّ الغيبة إلهيّة لا يعترض بشيء منها، و لا يمارى لو ورد فيها بعض ما لا يقبله العقول أو لا تستحسنه؛ فلاحظ.

ثمّ من الغريب القدح في الحق المبين من ناحية الطعام و الشراب و نحوهما، و قد قال الشيخ العارف عبد الوهاب الشعراني في «اليواقيت و الجواهر» في

ص:451


1- الشعراء:26، الآية 63.
2- المؤمنون:23، الآية 115.
3- الإنبياء:21، الآية 17.

المبحث الخامس و الستين، في أشراط الساعة و أنّها تقع في ضمن الجواب عن استغناء عيسى عليه السّلام عن الطعام مدّة رفعه، و قد قال تعالى: وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ (1).

قال الشيخ أبو طاهر (يعني القزويني) (2): قد شاهدنا رجلا اسمه خليفة الخراط (3)، كان مقيما بأبهر من بلاد المشرق، مكث لا يطعم طعاما منذ ثلاث و عشرين سنة، و كان يعبد اللّه ليلا و نهارا من غير ضعف، فإذا علمت ذلك. . . (4).

قلت: و الّذي يكشف عن كون مثل ذلك الاعتراض وسوسة إبليسية، عرضت للإضلال أنّ من يقولون بحياته بنحو حياة الحجّة، ممّن لا يرتبط حياتهم بالدّين لا يلتفت إلى سائر لوازم الحياة في حقّه بوجه، بل إذا سمعوا خبر حياته في الغيبة خفضوا له الجناح، و إذا كان مثل ذلك في المهدي عليه السّلام ارتأي كلّ أحد ما شاء اللّه أن يرتأي.

و أمّا وجود الغيبة الإلهيّة في حججه، و عدم بطلان الحجيّة بها، و أنّه سلك في كلّ مسلكا يغاير المسلك في الأخر، فيعرف من تواريخ الأنبياء، فليراجع العرائس في اليأس و غيره، و لا مهمّ في الإيراد من ذلك، كما لا مهمّ الان في ذكر

ص:452


1- الأنبياء 21، الآية 8.
2- «التدوين في أخبار قزوين» ج 2، ص 494، باختلاف يسير.
3- «التدوين في أخبار قزوين» ج 2، ص 494: خليفة بن أميركا الخراط الزاهد القزويني كان مقيما بأبهر بلغني أنّه انتقل من قزوين إليها و هو ابن أربع عشرة سنة و أنّه مات بها و هو ابن أربع و ثمانين و كان يربط أفراسا يركبها و يحب ركوب الخيل و من عجائب شأنه إقلال الأكل حتّى أنّه كان يطوى أيّاما و قد جربه في ذلك غير واحد من الأمراء و الرؤساء، و قال الإمام أبو محمّد البخاري في «سراج العقول» : قد شهدنا رجلا في زماننا أمسك عن الطعام قريب من ثلاث و عشرين سنة، يقال له خليفة الخراط كان من قزوين و مقامه بأبهر و نواحيها و كان يعبد اللّه ليلا و نهارا.
4- «اليواقيت و الجواهر» الجزء الثاني المبحث الخامس و الستون، ص 568.

المعمرين بعدما يوافقنا الأخوان في عمر المعمرين من الأنبياء، و يقولون بولادة الدجّال في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بقائه غائبا إلى أبده، إلى غير ذلك.

حديث الصادق عليه السّلام في الغيبة
اشارة

و لنختم الكلام هنا بإيراد خبر شريف أورد في «ينابيع المودّة» (1)إجماله عن «المناقب» (2).

قال رئيس المحدّثين أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى رحمه اللّه: حدّثنا محمّد بن عليّ بن محمّد بن حاتم (3)النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللّه (4)، قال: حدّثنا محمّد بن بحر بن سهيل (5)الشيباني، قال: أخبرنا عليّ بن الحرث (6)، عن سعد (7)بن منصور الجواشني، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ البديلّي، قال: أخبرنا أبي، عن سدير الصيرفي، قال: دخلت أنا و المفضّل بن عمر، و أبو بصير، و أبان بن تغلب على مولانا أبي عبد اللّه الصادق رضى اللّه عنه، فرأيناه جالسا عل التراب، و عليه مسح خيبري، مطوّق بلا جيب، مقصّر الكميّن، و هو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرّى، قد نال الحزن من وجنتيه، و شاع التغيّر في عارضيه، و أبلى الدموع محجّريّه.

ص:453


1- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب الثمانون، ص 454.
2- لم نجده من «المناقب» .
3- في المصدر: محمّد بن عليّ بن حاتم.
4- في المصدر: أحمد بن طاهر (القمّي) .
5- في المصدر: سهل.
6- في المصدر: الحارث.
7- في المصدر: سعيد.

و هو يقول: «سيدى غيبتك نفت رقادي، و ضيّقت عليّ مهادي، و ابتزّت منّي راحة فؤادي، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، و فقد الواحد بعد الواحد، يفني الجمع و العدد، فما أحس بدمعة ترقي من عيني، و أنين يفترّ من صدري عن دوارج الرزّايا و سوالف البلايا، تلاّ مثّل لعيني عن غرائل (1)أعظمها و أفظها (2)و بواقي أشدّها و أنكرها، و نوائب مخلوطة بغضبك، و نوازل معجونة بسخطك» .

قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها، و تصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل، و الحادث الغائل، و ظنّنا أنه سمت لمكروهة قارعة، أو حلّت له (3)من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكى اللّه يا بن خير الورى! عينيك، من أيّة حادثة تسترقي (4)دمعتك، تستمطر عبرتك؟ و أية حالة حتمت عليك هذا الماتم؟

قال: فزفر الصّادق عليه السّلام زفرة النتفخ منها جوفه، اشتدّ عنها خوفه، و قال:

«ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، و هو الكتاب المشتمل على علم المنايا و البلايا (5)و علم ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة، الّذي خصّ اللّه به محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمة من بعده، و تأملت فيه (6)مولد قائمنا، غيبته، و إبطاءه، و طول عمره، و بلوى المؤمنين في ذلك الزمان، و تولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، و ارتداد أكثرهم عن دينهم، و خلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم، الّتي

ص:454


1- في المصدر: بعيني عن غوابر.
2- في المصدر: أفظعها.
3- في المصدر: به.
4- في المصدر: تستنزف.
5- في المصدر+: الرّزايا.
6- في المصدر: منه.

قال اللّه تعالى (1)وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ (2)-يعني الولاية- فأخذتني الرقّة، و استولت عليّ الأحزان» .

فقلنا: يابن رسول اللّه! كرّمنا و فضّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال: «إن اللّه تبارك و تعالى أدار للقائم منّا ثلاثة أدارها، لثلاثة (3)من الرسل، قدّر مولده تقدير مولد موسى عليه السّلام، و قدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السّلام، و قدّر إبطائه تقدير إبطاء نوح عليه السّلام، و جعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح-أعني الخضر-دليلا على عمره.

فقلنا (4)اكشف لنا يابن رسول اللّه! عن وجوه هذه المعاني.

تتمة الحديث

قال عليه السّلام: «أمّا مولد موسى فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة، فدلّوه على نسبه، و أنّه يكون من بني إسرائيل، و لم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل، من نساء بني إسرائيل، حتّى قتل في طلبه نيّفا و عشرين ألف مولود، و تعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ اللّه تبارك و تعالى إيّاه، و كذلك بنو أمية و بنو العباس لمّا وقفوا على أنّ زوال ملك الأمراء (5)و الجبابرة منهم على يد القائم منّا، ناصبونا العداوة، و وضعوا سيوفهم في قتل

ص:455


1- في المصدر: تقدس ذكره.
2- الإسراء 17، الآية 13.
3- في المصدر: في ثلاثة.
4- في المصدر+: له.
5- في المصدر: زوال ملكهم و ملك الأمراء.

الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و إبادة نسله، طمعا (1)في الوصول إلى قتل القائم، و يأبى اللّه عزّ و جلّ أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ (2).

و أمّا غيبة عيسى عليه السّلام فإنّ اليهود و النصاري اتّفقت على أنّه قتل، فكذّبهم اللّه عزّ و جلّ (3)بقوله وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (4)كذلك غيبة القائم عليه السّلام، فإنّ الأمّة تنكرها (5)لطولها، فمن قائل يهذي بأنّه لم يلد، و قائل يقول:

إنّه ولد و مات، قائل يكفر بقوله: إنّ حادي عشرنا كان عقيما، و قائل يمرق بقوله (6): إنّه يتعديّ إلى ثالث عشر فصاعدا (7)و قائل يعصي اللّه عزّ و جلّ بقوله: إنّ روح القائم ينطق في هيكل غيره.

و أمّا إبطاء نوح عليه السّلام فإنّه لمّا استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث اللّه تبارك و تعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع نوايات (8)، فقال: يا نبيّ اللّه إنّ تبارك و تعالى يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي و عبادي، و لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي، إلاّ بعد تأكيد الدعوة، و إلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك، فإنّي مثيبك عليه، و أغرس هذا (9)النوى فإنّ لك في نباتها و بلوغها و إدراكها إذا

ص:456


1- في المصدر+: منهم.
2- التوبة:9، الآية 32.
3- في المصدر+: جلّ ذكره.
4- النساء:4، الآية 157.
5- في المصدر: ستنكرها.
6- في المصدر-: «و قائل يقول: إنّه ولد و مات و قائل يكفر بقوله: إنّ حادي عشرنا كان عقيما» كما أنّ «و قائل يمرق بقوله» . إنّما ذكره في البحار، ج 51، ص 221.
7- في المصدر: قائل يقول: إنّه يعتدّي إلى ثلاثة عشر و صاعدا.
8- في المصدر: بعث اللّه عزّ و جلّ الروح الأمين بسبع نوبات.
9- في المصدر: هذه.

أثمرت الفرج و الخلاص، فبشّر بذلك من اتّبعك (1)من المؤمنين.

فلمّا نبتت الأشجار و تأزّرت و نوقت و اغضت (2)و أثمرت و زهى الثمر (3)عليها بعد زمان طويل، استنجز عن (4)اللّه سبحانه و تعالى العدّة، فأمره اللّه تبارك و تعالى أن يغرس (5)نوى تلك الأشجار و يعاود الصبر و الاجتهاد، و يؤكّد الحجّة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف الّتي امنت به فارتدّ منهم ثلاث مأة رجل و قالوا: لو كان ما يدّعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربّه خلف.

ثم إنّ اللّه تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها تارة أخرى (6)إلى أن غرسها سبع مرّات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين، ترتدّ منه طائفة بعد طائفة، إلى أن عاد إلى نيّف و سبعين رجلا، فأوحى اللّه تبارك و تعالى عند ذلك إليه، و قال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن اللّيل بعينك (7)حين صرّح الحقّ عن محضه، وصفى (8)من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة.

فلو أنّي أهلكت الكفّار، و أبقيت من قد ارتدّ من الطوائف، الّتي كانت امنت بك لما كنت صدقت و عدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، و اعتصموا بحبل نبوّتك، بأنّي (9)أستخلفهم في الأرض، و أمكّن لهم دينهم، و أبدّل

ص:457


1- في المصدر: تبعك.
2- في المصدر: تسوّقت و تغصّنت.
3- في المصدر: وزها التمر.
4- في المصدر: من.
5- في المصدر+: من.
6- في المصدر: مرّة بعد أخرى.
7- في المصدر: لعينك.
8- في المصدر+: [الأمر و الايمان].
9- في المصدر: بأنّ.

خوفهم امنا كي يتخلص (1)العبادة لي بذهاب الشرك (2)من قلوبهم.

و كيف يكون الاستخلاف و التمكين و بذل الأمن (3)منّي، لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدّوا، و خبث طينتهم، و سوء سرائر هم الّتي نتائج النفاق، و سنوح الضلالة، فلو أنّهم تنسموا من الملك (4)الّذي أوتي (5)المؤمنين وقت الاستخلاف، إذا أهلكت أعدائهم لنشقوا روائح صفاته، و لا ستحكمت من أثر نفاقهم (6)، و ثادت خبال (7)ضلالة قلوبهم، و لكاشفوا إخوانهم بالعداوة، و حاربوهم على طلب الرئاسة، و التفرّد بالأمر و النهي.

و كيف يكون التمكين في الدّين، و انتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن، و إبقاع الحروب؟ كلاّ وَ اِصْنَعِ اَلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا (8).

قال الصادق عليه السّلام و كذلك غيبة (9)القائم، فإنّه يمتدّ (10)أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه، و يصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق، إذا أحسّوا بالاستخلاف و التمكين و الأمر (11)المنتشر في عهد القائم» .

ص:458


1- في المصدر: بالأمن لكي تخلص.
2- في المصدر: بذهاب الشك و في بعض النسخ: بذهاب الشرك.
3- في المصدر: بدل الخوف بالأمن.
4- في المصدر: تسنّموا منّي الملك، و في بعض النسخ: تنسموا من الملك.
5- الصحيح ما أثبتناه كما في المصدر و لكن في النسخة المخطوطة: أولى.
6- في المصدر: سرائر نفاقهم، و في بعض النسخ مرائر نفاقهم و في بعضها من أثر نفاقهم.
7- في المصدر: تأبّدت حبال.
8- هود:11، الآية 37.
9- في المصدر-: غيبة.
10- في المصدر: تمتدّ.
11- في المصدر: الأمن.

قال المفضل: فقلت يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم! فإنّ (1)النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت فيّ أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ.

فقال: لا (2)لا يهدي اللّه قلوب الناصبة، متى كان الدين الّذي ارتضاه اللّه و رسوله متمكنا بانتشار الأمر (3)في الأمّة، و ذهاب الخوف من قلوبها، و ارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، و في عهد عليّ عليه السّلام مع ارتداد المسلمين و الفتن الّتي كانت (4)تثور في أيّامهم، و الحروب التي كانت تنشب بين الكفّار و بينهم، ثمّ تلا الصادق عليه السّلام: حَتّى إِذَا اِسْتَيْأَسَ اَلرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا (5).

و أمّا العبد الصالح-أعني الخضر-فإنّ اللّه [تبارك و]تعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له، و لا كتاب (6)ينزّله عليه، و لا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، و لا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، و لا لطاعة يفرضها له، بل (7)إنّ اللّه [تبارك و]تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السّلام، ما يقدر من عمر الخضر و ما قدر (8)في أيام غيبته ما قدر (9)و علم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك

ص:459


1- في المصدر+: [هذه].
2- في المصدر-: لا.
3- في المصدر: الأمن و في بعض النسخ: انتشار الأمر.
4- في المصدر-: كانت.
5- يوسف:12، الآية 110.
6- في المصدر: و لا لكتاب.
7- في المصدر: بلى.
8- في المصدر-: ما يقدر من عمر الخضر و ما قدر.
9- في المصدر: ما يقدّر.

لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه السّلام، و ليقطع بذلك حجة المعاندين لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّة» (1)انتهى.

ص:460


1- «كمال الدين و تمام النعمة» ج 2، الباب الثالث و الثلاثون، ح 50، ص 352-357؛ «بحار الانوار» ج 51، ص 219-223.

الباب التاسع: باب بعض الكلمات الصّادرة في هذا الإمام من بعض الأعلام

اشارة

ص:461

(كلام الشّعراني)

و نكتفي في ذاك بعدّة.

فنقول: الشّعراني في كتابه «اليواقيت و الجواهر في بيان عقائد الأكابر» في المبحث الخامس و السّتين، في بيان أنّ جميع أشراط السّاعة الّتي أخبر (1)بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلّها قبل قيام السّاعة و هو في آخر السّبعة و الّثمانين بعد المأتين، في النسخة المعرّبة المطبوعة في إدارة أحمد البابى الحلبي، في أواخر شعبان سنة 1306 من الهجرة، قال ما هذا لفظه: «و ذلك كخروج المهديّ، ثمّ الدّجّال، ثمّ نزول عيسى، و خروج الدّابّة، و طلوع الشّمس من مغربها، و رفع القرآن، و فتح سدّ يأجوج و مأجوج، حتّى لو لم يبق من (2)الدنيا إلاّ مقدار يوم واحد لوقع ذلك كلّه» .

قال الشّيخ تقيّ الدين بن أبي المنصور في عقيدته: كلّ هذه الآيات تقع في المأة الأخيرة من اليوم الّذي وعد به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمّته بقوله: «إن صلحت أمّتي فلها يوم و إن فسدت فلها نصف يوم» (3)يعني: من أيّام الرّبّ المشار إليها بقوله تعالى: وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (4).

حكايته عن الشيخ حسن العراقي و عليّ الخواص

قال بعض العارفين: «و أوّل الألف محسوب من وفاة عليّ بن أبي طالب رضى اللّه عنه

ص:462


1- في المصدر: أخبرنا.
2- في المصدر: في.
3- لم نجد هذا الحديث من المصادر.
4- الحج:22، الآية 47.

آخر الخلفاء فإنّ تلك المدّة (1)من جملة أيّام نبوّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و رسالته، فمهّد اللّه تعالى بالخلفاء الأربعة البلاد، و مراده صلى اللّه عليه و سلم أنّ بالألف قوّة سلطان شريعته إلى انتهاء الألف، ثمّ تأخذ في ابتداءه الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريبا كما بدء، و ذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضيّ ثلاثين سنة في القرن الحادي عشر.

فهناك يترقّب خروج المهديّ عليه السّلام و هو من أولاد الإمام الحسن العسكري و مولده عليه السّلام ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السّلام، فيكون عمره إلى وقتنا هذا-و هو سنة ثمان و خمسين و تسع مأة-سبع مأة و ستّ سنين.

هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقى المدفون فوق كوم الريش المطلّ على بركة الرّطلي (2)بمصر المحروسة، عن الإمام المهديّ حين أجتمع به، و وافقه على شيخنا سيّدي علىّ الخّواص رحمهما اللّه تعالى.

ما حكاه عن ابن العربي

و عبارة الشيخ محيى الدين في الباب السّادس و السّتين و ثلاث مأة من «الفتوحات» (3): و اعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهديّ عليه السّلام، و (4)لكن لا يخرج حتّى تمتلىء الأرض جورا و ظلما، فيملأها قسطا و عدلا، و لو لم يكن من الدّنيا إلاّ يوم واحد طوّل اللّه تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة.

ص:463


1- في المصدر+: كانت.
2- في المصدر: الرطل.
3- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس، و الستين و ثلاث مأة، ص 327، باختلاف يسير.
4- «اليواقيت و الجواهر» -: و.

و هو من عترة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ولد فاطمة رضى اللّه عنها جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب، و والده حسن العسكري ابن الأمام عليّ النّقى-بالنّون-ابن محمد التّقيّ-بالتّاء-ابن الإمام عليّ الرّضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين عليّ ابن الإمام الحسين ابن الإمام عليّ بن أبى طالب رضي اللّه عنه.

يواطي اسمه اسم رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يبايعه المسلمون بين الرّكن و المقام، يشبه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الخلق-بفتح الخاء-و ينزل عنه في الخلق-بضمّها-إذ لا يكون أحد مثل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في أخلاقه، و اللّه تعالى يقول: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (1)هو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد النّاس به أهل الكوفة، يقسّم المال بالسّوية، و يعدل في الرّعيّة، يأتيه الرّجل، فيقول: يا مهدي! أعطني-و بين يديه المال- فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، يخرج على فترة من الدّين، يزع اللّه تعالى به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجل جاهلا، و جبّانا، و بخيلا، فيصبح عالما، شجاعا، كريما، يمشي النصر بين يديه، يعيش خمسا، أو سبعا، أو تسعا.

يقفو أثر رسول اللّه لا يخطىء، له ملك يسدّده من حيث لا يراه، يحمل الكلّ، و يعين الضعيف، و يساعد على نوائب الحقّ، يفعل ما يقول، و يقول ما يفعل، و يعلم ما يشهد، يصلحه اللّه في ليلة، يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفا من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمى-مأدبة اللّه-بمرج عكا، يبيد الظلم و أهله، يقيم الدّين و ينفخ الرّوح في الإسلام، يعزّ اللّه به الإسلام بعد ذلّه و يحييه بعد موته، يضع الجزية و يدعو إلى اللّه بالسّيف، فمن أبى قتل و من نازعه خذل.

ص:464


1- القلم:68، الآية 4.

انقباض علماء المذاهب

يظهر من الدّين ما هو عليه الدّين في نفسه، حتّى لو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حيّا لحكم به، فلا يبقى في زمانه إلاّ الدّين الخالص عن الرّأي، يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء، فينقبضون منه لذلك، لظنّهم أنّ اللّه تعالى ما بقي (1)بعد أئمّتهم مجتهدا» و أطال في ذكر وقائعه معهم.

ثمّ قال: و اعلم أنّ المهديّ إذا خرج يفرح به جميع المسلمين-خاصّتهم و عامتهم-و له رجال إلهيّون، يقيمون دعوته و ينصرونه، هم الوزراء له، يتحمّلون أثقال المملكة، و يعينونه على ما قلّده اللّه تعالى له، ينزل عليه عيسى بن مريم بالمنارة البيضاء، شرقيّ دمشق، متّكئا على ملكين، ملك عن يمينه و ملك عن يساره، و النّاس في صلاة العصر، فيتنحّى له الإمام عن مكانه، فيتقدّم فيصلّي بالنّاس، يأمر الناس بسنّة محمّد صلى اللّه عليه و سلم يكسر الصّليب، و يقتل الخنزير، و يقبض اللّه المهديّ إليه طاهرا مطهّرا، و في زمانه يقتل السّفيانى عند شجرة بغوطة دمشق، و يخسف بجيشه في البيداء، فمن كان مجبورا من ذلك الجيش مكرها يحشر على نيّته، و قد جائكم زمانه و أظلكم أوانه.

ظهر في القرن الرابع

و قد ظهر في القرن الرّابع اللاّحق بالقرون الثّلاثة الماضية، قرن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو قرن الصّحابة، ثمّ الّذي يليه، ثمّ الّذي يلي الثاني، ثمّ جاء بينهما فترات، و حدثت أمور، و انتشرت أهواء و سفكت دماء، فاختفى إلى أن يجيء الوقت الموعود، فشهدائه خير الشّهداء، و أمنائه أفضل الأمناء.

ص:465


1- في «اليواقيت و الجواهر» +: يحدث.

قال الشيخ محيي الدين (1): «و قد استوزر اللّه تعالى له طائفة خبأهم اللّه تعالى له في مكنون غيبه، أطلعهم كشفا و شهودا على الحقائق، و ما هو أمر اللّه عليه في عباده (2)على أقدام رجال من الصّحابة الذين صَدَقُوا ما عاهَدُوا اَللّهَ عَلَيْهِ (3)و هم من الأعاجم ليس فيهم عربيّ، لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربيّة، لهم حافظ من غير جنسهم، ما عصى اللّه قطّ، و هو أخصّ الوزراء» (4)انتهى موضع الحاجة ممّا في الكتاب.

أقول: صدر هذا الكلام اختلاله و فساده ظاهر لا يحتاج إلى بيان، بل «اليوم» في مثل: «لطوّل اللّه ذلك اليوم» يراد منه بياض النّهار، و يشهد له قوله: «لطوّل» و غير ذلك.

ثمّ الآن قد ظهر كذب بعض ما فيه من التحديد بيوم أو نصف، و على فرض كون وفاة عليّ عليه السّلام أوّل الألف-مضافا إلى عدم تمام الثلاثين الموعود فيه بخلافته- كيف يقول بعد الإشارد إلى طروّ الاضمحلال بكون بدايته من مضي ثلاثين سنة في القرن الحادي عشر؟ !

و لعلّه يريد جعل ذلك الثلاثين بدل زمان الخلفاء، و يرى أنّها صلحت فكانت لها يوم ألف سنة، فيقضي في الثلاثين بعد الألف، و ذلك بدو الاضمحلال، و يكون قوله «هناك» إشارة إلى ما ذكره تلو كلمة الغاية و هو صيرورة الدين غريبا، كما بدء؛ فلاحظ. و منافاة مثل ذلك للكثير من أخبارهم واضحة لا يهمّنا التّعرض لها.

و أمّا ذكره في مولده و نسبه، فحقّ لا معدل عنه.

و أمّا قوله: «سبع مأة و ستّ سنين» ففيه ما لا يخفى، بل سبع مأة و ثلاث سنين.

ص:466


1- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 328؛ باختلاف يسير.
2- في «اليواقيت و الجواهر» +: و هم.
3- الأحزاب:33، الآية 23.
4- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 561-564.

و أمّا عبارة «الفتوحات» (1)فإنّها و إن لن يعيّن وقت الميلاد إلاّ أنّه-بعد ذكره الجدّ حسينا، و الوالد بلا واسطة العسكري حسنا المتوفّى في حدود الستّين بعد المأتين، و سوق النّسب إلى الذّروة العالية-يكون موافقا لكلامه و ملائما لما ذكره في تاريخ الميلاد أيضا.

مضافا إلى ذكر الاختفاء إلى الوقت الموعود في آخر كلامه.

و قوله: «و قد ظهر في القرن الرابع. . .» و قد قال في «القاموس» في القرن:

«و أربعون سنة، أو عشرة، أو عشرون، أو ثلاثون، أو خمسون؛ أو ستّون، أو سبعون، أو ثمانون، أو مأة، أو مأة و عشرون، و الأول أصحّ، لقوله صلى اللّه عليه و سلم لغلام:

«عش قرنا» فعاش مأة (2)انتهى.

و على أخذه السّبعين أو ثمانين يكون مولده في القرن الرابع كما لا يخفى، و يكون القرن في كلامه يخالف المراد منه في الصدر، و يدلّ على ما ذكرناه ذكر الشّعراني كلامه كالشّاهد لكلامه، و حينئذ فقوله:

«و قد جائكم زمانه و أظلّكم أوانه» يراد منه زمان الظهور و قربه دون الولادة، و يؤيد ذلك أن لا يكون زمانه من القرن الرّابع بوجه؛ فلاحظ.

ثمّ إنّ قوله: «يواطي اسمه اسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» ، تاركا لذكر اسم الأب- مضافا إلى ما نصّ عليه أوّلا-يدلّ على أنّه لا يرى صحّة ما ورد في أخبارهم من قول: «اسم أبيه اسم أبي» (3)و وافقه على ذلك عليّ الخواص، و الشّعراني (4)كما

ص:467


1- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 327 و 328.
2- «القاموس المحيط» ج 4، ص 257.
3- «سنن أبي داود» ج 4، كتاب المهدي، ص 106، ح 4282؛ «المعجم الكبير» للطبراني ج 10، ص 133 و 135؛ «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب الثاني و السبعون، ص 430.
4- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 562.

أبطله الكنجي (1)و لاغر و في ذلك، فإنّ الأخبار المخلوقة في حقّ الحجّة المنتظر، في أخبار أهل السّنّة و من حذى حذوهم كثيرة جدّا، و ستعرف الإيماء إلى بعضها.

و قوله: «يمسي الرّجل» هذا من إصلاح أمر المنتظر في ليلة؛ فلاحظ.

قوله: «المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألفا من المسلمين من ولد إسحاق» :

يريد من ولد إسحاق الأعاجم، كما يؤمي إليه ذيل كلامه و هو إشارة إلى مثل: «إنّ للّه كنوزا بالطّالقان ليس بذهب و لا فضّة. . .» (2).

«المدينة الرّومية» و في بعض عباراته «مدينة الرّوم» .

فتح القسطنطنية و غيرها

أقول: فتح القسطنطنية و الرّوميّة، ورد تفصيله في عدّة أخبار (3)و في عدّة منها التّصريح «بكونه في يد المهدي» (4)و قد فتحت القسطنطنية في سالف الزّمان، لا على وجه المذكور في تلك الرّوايات الّتي أوردها في «عقد الدرر» (5).

و من غريب تلك الروايات قوله: و عن معاذ بن جبل عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال:

«الملحمة العظيمة (6)و فتح القسطنطنية و خروج الدجال في سبعة أشهر» أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد اللّه الحاكم في «مستدركه» (7)و أخرجه جماعة من أئمّة

ص:468


1- «البيان في أخبار صاحب الزمان» المطبوع في «أحاديث المهدى» ص 78.
2- «كنز العمّال» ج 14، ص 591، ح 39677.
3- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 318، ح 570؛ «البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السّلام» الباب الاول، ص 85؛ الباب العشرون، ص 139.
4-
5- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» الباب التاسع، الفصل الأوّل، ص 173.
6- في المصدر: العظمى.
7- «مستدرك الصحيحين» ج 4، ص 426.

الحديث منهم الإمام أبو عبد الرحمان النسائي (1)و أبو عبد اللّه محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني (2)و الحافظ أبو بكر البيهقي (3)و الإمام أبو داود السجستاني (4)و الإمام أبو عيسى الترمذي (5)و قالوا بدل العظيمة: «الكبرى» (6).

أقول: و مثل ذلك ليس بعزيز.

و في جملة منها: ذكر النصرانية (7)، فلا أدري أنّ البلاد الّتي هي بلاد المسلمين و لا سيّما الّتي هي مستقرّ سلطانهم دهورا أترجع-و العياذ باللّه-إلى النصرانيّة أو الأمر كما يكتم علمه، فعلى الناقد ملاحظة تلك الأخبار في «عقد الدرر» و أشباهه و لا يهمّنا التعرّض لها.

قوله: «يخالف في غالب أحكامه. . .» يدلّ على أنّ علماء المذاهب الّذين اتّخذوا في مذهبهم مجتهدا هم الّذين يخالفهم المهدي عليه السّلام في غالب أحكام الدين و الإسلام. و من المعلوم موافقته لآبائه عليهم السّلام في الأحكام و أنّهم لم يكونوا حكموا بما يخالف ولدهم المهدي عليه السّلام.

و فيه دلالة واضحة على حال ما يؤخذ من هؤلاء العلماء، إلاّ أن يقولوا: بكون ما يأتي به المهدي نسخا لما كان بأيديهم أو شبه ذلك وَ أَنّى لَهُمُ اَلتَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (8)و هو دليل واضح على أنّهم اليوم على خلاف المهدي و هداه في الأحكام، كما أنّه يدلّ على أنّ الفرح المستمرّ بظهور المهدي يكون لغير هؤلاء

ص:469


1- لم نجده في «سنن النسائي» بعد الفحص الأكيد من الطبع الّذي بأيدينا.
2- «سنن ابن ماجة» ج 2، ص 1370، ح 4092.
3- لم نجد الحديث في «السنن الكبرى» بعد الفحص الأكيد.
4- «سنن أبي داود» ج 4، باب في تواتر الملاحم، ص 110، ح 4295.
5- «سنن الترمذي» ج 3، ص 346، ح 2339.
6- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» الباب التاسع، الفصل الثالث، ص 212.
7- نفس المصدر، ص 173.
8- سبأ:34، الآية 52.

العلماء و أتباعهم فَما ذا بَعْدَ اَلْحَقِّ إِلاَّ اَلضَّلالُ (1).

قوله: «فيتقدّم، فيصلّي. . .» خالف الشيخ أخبارهم الحقّ في إمام تلك الصلاة، و قد مرّ نبذ منها و لا حاجة إلى الإطالة.

و أمّا قوله: «ثمّ جاء بينهما فترات. . .» فلا أعرف مرجع الضّمير المثنّى على التّحقيق؛ فليلاحظ.

و يحتمل أن يراد ب «هما» ما أشار اليه بقوله «و قد جائكم زمانه» و بقوله:

«و قد ظهر. . .» يعني: جاء فترات. . . فاختفى.

فإن أراد ذلك ففيه أنّ سبب الاختفاء في وقته الأمر الممتدّ ممّا قبل مولده، كما يستفاد من الأخبار السابقة أيضا (2).

و يحتمل أن يريد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المهديّ و هو حقّ كما لا يخفى إلاّ أنّه يزاحم ما ذكره الشّعراني في مسألة اليوم؛ فلاحظ.

كلام الصبّان

ثمّ إنّ كلام الشعراني-هذا-في المولود و الميلاد و ما يتبعهما مبني على التدقيق و موصول بالتحقيق، إلاّ أنّ الإمام العلاّمة الشيخ محمد الصبّان في كتابه «إسعاف الراغبين» في الباب الثّاني في الكلام على المهديّ بعد ما استصّح ما رواه عن أبي داود في «سننه» : «أنّه من ولد الحسن عليه السّلام» و بيّن له في زعمه سرّا، قال: و رواية كونه من ولد الحسين واهية (3).

و أقرّ بملك القحطاني الّتميمي العادل بعد موت المهديّ، و أنّه يقتل.

ص:470


1- يونس:10، الآية 32.
2- «كمال الدين و تمام النعمة» ج 2، الباب الثالث و الثلاثون، ص 354، ح 50.
3- «إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى و فضائل أهل بيته الطاهرين» ، المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 137.

و بعد ما قال: «و جاء في رواية تفضيل المهدي على أبي بكر و عمر، بل على بعض الأنبياء» (1)ذكر تأويله عن «العرف الوردي في أخبار المهدي» مصدّقا به:

أنّ أفضليّته من جهة زيادة صبره في شدّة الفتن (2)لا من جهة زيادة الثواب و الرّفعة عند اللّه.

و بعد ما أنكر عصمة المهدي حيث أنه بعد ما ذكر حديث: «لا مهديّ إلاّ عيسى» قال: فمتكلّم فيه و على تقدير صحّته يحمل على أنّ المراد لا مهديّ على الإطلاق سواه لوضعه الجزية و إهلاكه الملل المخالفة لملّتنا كما صحّت به الأحاديث، أو لا مهديّ معصوما إلاّ هو (3).

و قال في حديث ابن عديّ: «المهديّ من ولد عمّي العباس» (4)في إسناده وضّاع، و جهل (5)و ما صحّ عند الحاكم عن ابن عباس: «منّا أهل البيت أربعة، منّا السّفاح، و منّا المنذر، و منّا المنصور، و منّا المهديّ» (6).

و قال: أهل البيت أراد به ما يشمل جميع بني هاشم و تكون الثلاثة الأول من نسل العباس و الأخير من نسل فاطمة، و على تقدير إرادة كونهم من ولد العباس فهو ثالث خلفاء بنى العبّاس لما أوتيه من العدل التّامّ و السيرة الحسنة، و لمّا صحّ من «انّ المهدىّ (7)اسمه اسمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اسم أبيه اسم أبيه» ، و هو كذلك.

و قال: قال مقاتل بن سليمان و من تبعه من المفسّرين في قوله تعالى: وَ إِنَّهُ

ص:471


1- نفس المصدر: ص 138.
2- في المصدر+: و زيادة الكروب لاتفاق الروم عليه و محاصرة الدجال له.
3- نفس المصدر: ص 139.
4- في المصدر: ولد العباس عمّي.
5- في المصدر-: و جهل.
6- «مستدرك الصحيحين» كتاب الفتن و الملاحم، ج 4، ص 514.
7- في المصدر+: يوافق.

لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ (1): إنّها نزلت في المهديّ (2).

و بعد ما اتّعب في نقل الأخبار في مدّة ملكه و الجمع بينها بالحمل على مراتب الظهور و بعد ما حكي عن «الكشف» للحافظ السيوطى عن جعفر و غيره: «أنّ المهدي يقوم سنة مأتين» و عن أبى قبيل: «أنّ النّاس يجتمعون عليه سنة أربع و مأتين» و بعد ما ذكر: «أنّ ظهوره يكون في يوم عاشوراء» قال ما هذا لفظه:

و قال سيّدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه «اليواقيت و الجواهر» (3): المهدي من ولد الامام الحسن العسكري و مولده ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطل على بركة الرطل بمصر المحروسة عن المهديّ حين اجتمع به، و وافقه على ذلك سيّدي عليّ الخواص رحمهما اللّه.

و قال الشّيخ محيي الدّين في «الفتوحات» (4): و اعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهديّ عليه السّلام، لكن لا يخرج حتّى تملأ الأرض جورا و ظلما، فيملأها قسطا و عدلا، و هو من عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من ولد فاطمة، جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب و والده الإمام حسن العسكري. . . فذكر العبارة إلاّ أنّ في النسخة: زين العابدين بن عليّ بن الحسين بن الإمام عليّ. . . (5).

و قال بعد قوله في أخلاقه: «و أسعد النّاس. . .

ص:472


1- الزخرف:43، الآية 61.
2- «إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى و فضائل أهل بيته الطاهرين» ، المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 140، باختلاف يسير.
3- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 562.
4- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 327؛ و لا يخفى قوله: قال الشيخ محيى الدين. . . تتمة كلام الصبان.
5- النسخة المطبوعة «إسعاف الراغبين» الموجودة عندنا صحيحة، حيث إنّ منها: زين العابدين عليّ بن الحسين بن الإمام عليّ بن أبي طالب.

و قال بعد قوله: «في الرعيّة» : يمشى الخضر بين يديه، يعيش خمسا. . .

و قال بعد قوله: «لا يراه» : يفتح المدينة الرومية و أسقط قوله: «من ولد إسحاق» (1).

و ساق العبارة بمثل هذا الاختلاف. و قال بعد قوله: «في عباده» : فلا يفعل المهديّ شيئا إلاّ بمشاورتهم، و هم على أقدام رجال من الصّحابة، ثمّ ذكر العبارة أزيد ممّا أوردنا (2).

ثمّ شرع في الاعتراض عليه، فقال: و لا يخفى أنّ ما ذكره «من كون جدّه الحسين» مناف لما مرّ من ترجيح كون جدّه الحسن (3).

و أنّ ما ذكره: «من كون والده حسن العسكريّ» مناف لما مرّ في بعض الرّوايات من كون اسم أبيه يواطي اسم أب (4)رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

و أنّ ما ذكره «من كون المحقق لبثه (5)إماما خمس سنين» مناف لما مرّ عن «الصواعق» أخذا من الأحاديث السّابقة من كون المحقّق ستّ سنين.

و أنّ ما ذكره «من كونه يضع الجزية و يقتل الخنزير» مناف لما مرّ من كون ذلك لعيسى.

و أنّ ما ذكره «من كون عيسى هو الّذي يصلّي بالنّاس حين ينزل» مناف لما مرّ من كون الّذي يصلّي بهم حينئذ هو المهديّ.

ثمّ ما ذكره «من أنّ عيسى ينزل و النّاس في صلاة العصر» مناف لما في

ص:473


1- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 141 و 142.
2- نفس المصدر، ص 143 و 144.
3- نفس المصدر، ص 145.
4- في المصدر: أبي.
5- في المصدر: مدّة إقامته.

«السيرة الحلبية» من أنّه ينزل و النّاس في صلاة الفجر. (1)انتهى موضع الحاجة من كلامه.

أخبار كون المهديّ من ولد الحسين عليه السّلام

أقول: رواية كونه من ولد الحسن قد اتّضح حالها بما لا مزيد عليه، و مع ذلك فالأخبار في كونه من ولد الحسين كثيرة، لا بأس بالإشارة إلى جملة منها:

رواية الخدري

محمّد بن يوسف الشافعي الكنجي في كتاب «البيان في أخبار صاحب الزّمان» ، في الباب التاسع، في تصريح النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأنّ المهديّ من ولد الحسين عليه السّلام: أخبرنا الحافظ أبو الحجّاج يوسف بن خليل بن عبد اللّه الدّمشقي- قرائة عليه و أنا أسمع بمدينة حلب-قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمّد بن الفتح (2)إسماعيل بن الفضل السّراج، أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن عبد الرّحيم؛ أخبرنا الحافظ شيخ أهل الحديث و قدوتهم في النقل أبو الحسن عليّ بن عمر بن أحمد بن مهديّ بن مسعود الشافعيّ المعروف بالدار قطني، حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن إسحاق بن يزيد، حدّثنا سهل بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، قال أتيت أبا سعيد الخدري، فقلت له:

هل شهدت بدرا؟ فقال: نعم، فقلت: ألا تحدّثني (3)بما سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في عليّ عليه السّلام و فضله؟ فقال: بلى، أخبرك إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرض

ص:474


1- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 146.
2- في المصدر: أبو الفتح ناصر بن محمد بن أبي يعرف بديرج باصبهان، أخبرنا أبو الفتح.
3- في المصدر: بشيء ممّا.

مرضة نقه منها، فدخلت عليه فاطمة عليها السّلام تعوده-و أنا جالس عن يمين رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلمّا رأت ما برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الضعف، خنقتها العبرة حتّى بدت دموعها على خدّها.

فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ما يبكيك يا فاطمة» ؟ قالت: «أخشى الضّيعة يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» فقال: «يا فاطمة! (1)أما علمت أنّ اللّه [تعالى]، اطّلع إلى الأرض إطّلاعة، فاختار منها أباك فبعثه نبيّا، ثمّ اطّلع ثانية فاختار بعلك، فأوحى إليّ فأنكحته (2)و اتّخذته وصيّا.

أما علمت أنّك بكرامة اللّه [تعالى]أباك، زوّجك أعلمهم علما و أكثرهم حلما و أقدمهم مسلما» ؟ (3)فضحكت و استبشرت، فأراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يزيدها مزيد الخير كلّه، الّذي قسّمه اللّه لمحمّد و آل محمّد [صلّى اللّه عليه و آله و سلّم]، فقال لها: «يا فاطمة! و لعليّ ثمانية أضراس-يعني مناقب-إيمان باللّه و رسوله، و حكمته، و زوجته، و سبطاه الحسن و الحسين، و أمره بالمعروف، و نهيه عن المنكر.

يا فاطمة! إنّا أهل بيت أعطينا ستّ خصال لم يعطها أحد من الأولين، و لا يدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت، نبينا خير الأنبياء و هو أبوك، و وصّينا خير الأوصياء و هو بعلك، و شهيدنا خير الشهداء و هو حمزة عمّ أبيك، منّا سبطا هذه الأمّة و هما ابناك، و منّا مهدى هذه الأمّة الّذي يصلي عيسى خلفه» ثمّ ضرب على منكب الحسين، فقال: «من هذا مهديّ الأمّة» .

قلت: هكذا أخرجه الدار قطني صاحب «الجرح و التعديل» (4).

ص:475


1- في المصدر-: قالت: أخشى الضيعة يا رسول اللّه، فقال: يا فاطمة.
2- في المصدر: فأنكحتك إيّاه.
3- في المصدر: سلما.
4- «البيان في أخبار صاحب الزمان» ، المطبوع في «أحاديث المهدي» الباب التاسع، ص 116 و 117.

رواية حذيفة و طرقها

و قال في الباب الثالث عشر، في ذكر كنيته وّ أنّه يشبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [في خلقه]: أخبرنا الحافظ أبو الحسن محمد بن أبي جعفر القرطبي و غيره بدمشق و المفتي صقر بن يحيى بن صقر الشافعي و غيره بحلب، قالوا جميعا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفى و أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن، أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه، عن محمّد بن زكريا الغلاّبي (1)؛ حدّثنا العباس بن بكار، حدّثنا عبد اللّه، عن الأعمش، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد لبعث اللّه فيه رجلا، اسمه اسمى و خلقه خلقي، يكنى أبا عبد اللّه، يبايع له الناس بين الركن و المقام، يرد اللّه به الدين و يفتح له فتوحا (2)فلا يبقى على ظهر الأرض إلاّ من يقول: لا إله إلاّ اللّه» .

فقام سلمان، فقال: يا رسول اللّه! من أي ولدك هو؟ قال: «من ولد ابني هذا» و ضرب بيده على الحسين [عليه السّلام].

قلت هذا حديث حسن، رزقناه عاليا بحمد اللّه و معنى (3)قوله: «خلقه خلقي» من حسن الكنايات عن انتقام المهديّ [عليه السّلام]من الكفّار لدين اللّه، كما كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؛ و قد قال اللّه تعالى (4): وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (5). (6)

ص:476


1- في المصدر: العلابي.
2- الصحيح ما أثبتناه كما في المصدر و لكن فى النسخة المخطوطة: فتوح.
3- في المصدر: فمعنى.
4- في المصدر+: لنبيه.
5- القلم:68، الآية 5.
6- «البيان في أخبار صاحب الزمان» ، المطبوع في «أحاديث المهدي» ، الباب الثالث عشر، ص 125.

و عن الحمويني، قال: «أخبرنا الإمام العلاّمة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني [رحمه اللّه]بقرائتي بإسفراين في مسجد (1)بمحلّة رأس القدم (2)ليلة السبت، الرابع و العشرين من صفر، سنة أربع و ستين و ست مأة؛ قلت له: أخبركم الشيخ (3)الإمام مجد الدين عبد الحميد بن محمد بن إبراهيم الخوارزمي إجازة؟ فأقرّ به.

قال: أنبأ (4)الشيخ الإمام الحافظ قطب الدين شيخ الإسلام أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطّار الهمذاني (5)و أخبرني المشايخ أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب، و إبراهيم بن إسماعيل الدرجي و إسكندر بن سعد بن أحمد بن محمد الطاووسي، و يحيى بن الحسن (6)بن عبد اللّه إجازة و (7)بروايتهم عن أمّ هاني عفيفة، بنت أبي بكر (8)، أحمد بن عبد اللّه الحافظ، قال (9)، العباس بن بكّار (10):

نبأ (11)عبد اللّه بن زياد الكلايي (12)، عن الأعمش، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة رضى اللّه عنه، قال: خطبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فذكرنا (13)ما هو كائن، فقال (14): «لو

ص:477


1- في المصدر: بقرائتي عليه بإسفرايين في مسجده.
2- في المصدر: المقدّم.
3- في المصدر-: الشيخ.
4- في المصدر: أنبأنا.
5- في المصدر: الهمداني.
6- في المصدر: محيى بن الحسين.
7- في المصدر-: و.
8- في المصدر+: ابن أحمد الحدّاد الإصفهاني بإصفهان، قالت عفيفة إجازة، قال: حدثنا أبو نعيم.
9- في المصدر+: حدّثنا.
10- في المصدر: بندار.
11- في المصدر: حدّثنا.
12- في المصدر: الكلابي.
13- في المصدر: خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فذكر.
14- في المصدر: ثم قال.

لم يبق من الدنيا الاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا من ولدي اسمه اسمي» . فقام سلمان رضى اللّه عنه فقال: من أيّ ولدك هو؟

قال: «من ولدي هذا» . و ضرب (1)بيده على الحسين [رضي اللّه عنه] (2).

و عن أربعين الحافظ أبي نعيم بإسناده عن حذيفة، مثله (3).

و عنه أيضا بإسناده عن حذيفة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لو لم يبق (4)من الدّنيا إلاّ يوم واحد بعث (5)اللّه فيه رجلا، اسمه اسمي و خلقه خلقي، يكنّى أبا عبد اللّه» (6).

و قال الكنجي في الباب السّادس عشر: و بهذا الإسناد عن أبي قبيل، عن عبد اللّه بن عمر (7)قال: «يخرج رجل (8)من ولد الحسين عليه السّلام من قبل المشرق، لو استقبلته الجبال لهدمها، و اتّخذ فيها طرقا.

قلت: رواه الطبراني و أبو نعيم عنه (9).

قلت: الظاهر أنّ الإشارة إلى روايته عن الحافظ يوسف بن خليل (10)، عن محمود بن إسماعيل الصّيرفي، عن أبي الحسين، عن سليمان بن أحمد، عن

ص:478


1- في المصدر: فضرب.
2- «فرائد السبطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 375، ح 575.
3- «الأربعين» للحافظ أبي نعيم، المطبوع في «نامه دانشوران» ج 7، ص 11، ح 6.
4- في المصدر-: لو.
5- في المصدر: ليبعث.
6- نفس المصدر، ص 14، ح 20.
7- في المصدر: عبد اللّه بن عمرو.
8- في المصدر-: رجل.
9- «البيان في أخبار صاحب الزمان» ، المطبوع في أحاديث المهدى، الباب السادس عشر، ص 132.
10- في المصدر+: عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي.

عبد الرّحمان، عن نعيم، عن الوليد، و رشد (1)، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل (2).

و في الباب الخامس من «عقد الدّرر» : عن عبد اللّه بن عمر، قال: يخرج رجل من ولد الحسين. . . فذكره و قال: «أخرجه الحافظ أبو القاسم الطّبراني في «معجمه» و الحافظ أبو نعيم الإصبهاني؛ و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد في كتاب «الفتن» (3).

و قال-في ذكر فتوحه عليه السّلام بعد ذكره-: أخرجه الحافظ أبو نعيم الإصبهاني؛ في «صفة المهديّ» و الحافظ أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد (4)و الحافظ أبو القاسم الطبراني (5).

و في الباب الأوّل: و عن عليّ بن الحسين رضى اللّه عنه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لفاطمة: «المهديّ من ولدها» (6)أخرجه الحافظ أبو نعيم في «صفة المهديّ» (7).

و قال: و أخرج الإمام أبو عبد اللّه نعيم بن حمّاد، عن الأعمش عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسين (8)عليهما السّلام فقال: «إنّ ابني هذا سيّد، كما سمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و سيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم يملأ الأرض عدلا، كما مئلت ظلما و جورا» (9).

ص:479


1- في المصدر: رشيد.
2- نفس المصدر، ص 131 و 132؛ هذا سند حديث السابق.
3- «عقد الدّرر في أخبار المنتظر» ، الباب الخامس، ص 127.
4- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» ص 223، في هامش رقم 6، نقلا عن «الفتن» باب نسب المهدي، لوحة 102.
5- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» ، الباب التاسع، ص 223.
6- في المصدر: ولدك.
7- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» ، الباب الأوّل، ص 21.
8- في المصدر: الحسن.
9- نفس المصدر: ص 23.

و عن أبي إسحاق رضى اللّه عنه: أنّ عليّا (1)نظر إلى ابنه الحسين (2)فقال: «إنّ ابني هذا سيّد، كما سمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؛ و سيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخلق و لا يشبهه في الخلق؛ يملأ الأرض عدلا. . .» أخرجه الإمام أبو داود في «سننه» (3)و الإمام أبو عيسى التّرمذي، «في جامعه» و الإمام أبو عبد الرّحمان النسائي في «سننه» (4).

و عن حذيفة، فذكر حديثه السّابق (5)و قال: أخرجه أبو نعيم في «صفة المهديّ» (6).

أقول: لم أجد ذلك في مظانّه من «جامع الترمذي» .

و بعض الأثبات: عن «الجمع بين الصّحاح» (7)قال: و عن أبي إسحاق، قال:

نظر عليّ إلى ابنه (8)الحسن. . . ، فذكر الحديث، ثمّ غلطه في الآخر بوهم الراوي (9)و هو قريب جدّا، فتدبّر.

و في الباب الثاني من «عقد الدّرر» ما هذا لفظه: و روي عن (10)حديث أبي الحسن الربع (11)المالكي، أتمّ من هذا الوجه عن حذيفة أيضا، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم

ص:480


1- في المصدر: و عن أبي إسحاق، قال: قال علي عليه السّلام و.
2- في المصدر: الحسن.
3- «سنن أبي داود» ج 4، ص 108، ح 4290.
4- لم نجد هذا الحديث منهما بعد الفحص الأكيد.
5- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 325، ح 575.
6- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» ، الباب الأوّل، ص 24.
7- «الجمع بين الصحاح» مخطوط.
8- في بعض النسخ: قال: قال علي نظر إلى.
9- «روضة الأحباب في سيرة النبي و الآل و الأصحاب» مخطوط.
10- في المصدر: من.
11- في المصدر: الربعي.

أنّه قال: «لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد لبعث اللّه رجلا من ولدي (1)اسمه اسمي، و خلقه خلقي، يكنّى أبا عبد اللّه، يبايع له، النّاس بين الرّكن و المقام، يردّ اللّه به الدّين، و تفتح له فتوح، فلا يبقى على وجه الأرض إلاّ من يقول: لا إله إلاّ اللّه» .

فقام سلمان؛ فقال: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، من أيّ ولدك؟ قال: «هو من ولد ابني هذا و ضرب بيده على الحسين» (2).

و في الباب الثالث: و عن أبي وائل، قال: نظر عليّ إلى الحسين رضي اللّه عنه (3)فقال:

«إنّ ابني هذا سيّد، كما سمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، سيخرج من صلبه رجل باسم نبيّكم، يخرج على حين غفلة من الناس. . .» (4).

أقول: بعض الأثبات جمال الدّين، المحدّث السيّد عطاء اللّه بن السيّد غياث الدّين بن السيّد فضل اللّه بن السيّد عبد الرّحمان-بعد ذكره مولده و غيبته على ما يوافق الحقّ و نحو ذلك-روى عن جابر بن يزيد الجعفي، سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري رضى اللّه عنه، يقول: لمّا أنزل اللّه تعالى قوله: أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ (5)قلت: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم! ، عرفنا اللّه و رسوله فمن أولوا الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟

فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «هم خلفائي من بعدي: أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التورية بالباقر، و ستدركه يا جابر! فإذا لقيته فاقرأه منّي السّلام، ثمّ الصّادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ

ص:481


1- في المصدر: لبعث اللّه فيه رجلا.
2- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» ، الباب الثاني، ص 31.
3- في المصدر: الحسن.
4- نفس المصدر، الباب الثالث، ص 38.
5- النساء:4، الآية 59.

الحسن بن عليّ، ثمّ حجّة اللّه في أرضه، و بقيّته في عباده، محمّد بن الحسن بن عليّ، ذلك الّذي يفتح اللّه، (عزّ و جلّ) على يديه مشارق الأرض و مغاربها، و ذلك الذي يغيب عن شيعته، و أوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان» .

قال جابر: قلت: يا رسول اللّه! هل لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ .

قال: «إى، و الّذي بعثني بالنّبوة، إنّهم يستضيئون بنوره و ينتفعون بولايته، كانتفاع النّاس بالشمس و إن علاها السّحاب؛ يا جابر، هذا سرّ اللّه، فاكتمه إلاّ عن أهله» (1).

و عن «فصل الخطاب» : و قوله: «و اسم أبيه اسم أبي» في إحدى روايتي «أبي داود» ينفي صريحا ما ذهب إليه الإماميّة (2).

و عن حاشيته، للخواجه محمّد پارسا على المقام؛ بخط المولوي مرتضى كريم أخي المولوي نور كريم هكذا: و ذكر في بعض روايات أبي داود: «اسم أبيه اسم أبي» (3)و أهل البيت لا يصحّحون هذه الرّواية لما ثبت عندهم من «اسمه و اسم أبيه» . و الجمهور من أهل السنّة نقلوا أنّ «زائدة» كان يزيد في الأحاديث.

ذكر الإمام الحافظ أبو حاتم البستي رحمه اللّه في كتاب «المجروحين من المحدّثين» : «زائدة» مولى عثمان رضى اللّه عنه، روي عنه أبو الزّياد منكر الحديث جدّا، و هو مدنيّ لا يحتجّ به لو وافق الثقات، فكيف إذا انفرده؟ ! ! (4).

و زائدة بن أبي الرّقاد الباهلي من أهل البصرة، يروي المناكير عن المشاهير،

ص:482


1- «روضة الأحباب في سيرة النبي و الآل و الأصحاب» المخطوطة، الورقة 305.
2- «فصل الخطاب» مخطوط.
3- «سنن أبي داود» ج 4، ص 106، ح 4282.
4- «المجروحين من المحدثين» ج 1، ص 307.

لا يحتجّ بخبره و لا يكتب إلاّ للاعتبار (1).

و قالوا: يحتمل أنّ الرّاوي و هم بحرف تقديره: «و اسم أبيه اسم ابني» و المراد «بابنه» الحسن.

و كذلك قالوا في الخبر الّذي فيه: «إنّ أمير المؤمنين عليّا قال: و قد نظر إلى ابنه الحسن رضى اللّه عنه: «إنّ ابني هذا سيّد، و سيخرج من صلبه رجل يسمّى باسم نبيّكم، يشبهه في الخلق يملأ الأرض عدلا» (2).

قالوا: فإنّ الرّاوي و هم أيضا في حرف واحد و هو «الياء» فأراد أن يقول:

«الحسين» : فقال: «الحسن» (3).

ثمّ قال-بعد ذكر روايات من رواة أهل البيت و قصّة المعتضد: ما هذا لفظه:

و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى، و مناقب المهديّ رضى اللّه عنه صاحب الزّمان، الغايب عن الأعيان، الموجود في كلّ زمان، كثيرة. و قد تظاهرت الأخبار على ظهوره و إشراق نوره، يجدّد الشّريعة المحمديّة، و يجاهد في اللّه حقّ جهاده، و يطهّر من الأدناس أقطار بلاده؛ زمانه زمان المتيّقن، و أصحابه خلصوا من الرّيب، و سلموا من العيب و أخذوا بهداه و طريقه و اهتدوا من الحقّ إلى الحقيقة به ختمت الخلافة و الإمامة، و هو الإمام من لدن مات أبوه إلى يوم القيامة و عيسى يصلّي خلفه و يصدّقه على دعواه و يدعوا إلى ملّته الّتي هو عليها، و النبيّ صلى اللّه عليه و سلم صاحب الملّة» (4)، انتهى.

أقول: قال «ابن أبي الحديد» : روى قاضي القضاة عن كافي الكفاة إسماعيل بن عبّاد بإسناد متّصل بعليّ عليه السّلام أنّه ذكر المهديّ و قال: «إنّه من ولد

ص:483


1- نفس المصدر، ص 308.
2- «سنن أبي داود» ج 4، ص 108، ح 4290.
3- «حاشية فصل الخطاب» مخطوط.
4- «حاشية فصل الخطاب» مخطوط.

الحسين عليه السّلام» و ذكر حليته. فقال: «رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أذيل (1)الفخذين، أبلج الثنايا، بفخذه اليمنى شامة» و ذكر هذا الحديث بعينه عبد اللّه بن قتيبة في كتاب «غريب الحديث» (2)انتهى.

بيان السرّ في غير ما هو الصحيح

أقول: و إذا عرفت ذلك-مضافا إلى ما سلف من قاطع الأعذار، و رافع العلل من أهل النّحل-فلا بأس بالإشارة إلى ما يوجب التّنبّه للأمراض و العلل و منشأ الخلل في ذلك الحيل؛ فنقول: في أواخر ملك بني مروان تحرّك أولاد الحسن، و وافقهم أولاد العبّاس، فبايعوا محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام (3).

لمّا ظنّوا أنّ الأرض امتلأت جورا و ظلما، و جاء وقت أن تملأ قسطا و عدلا؛ و كان السّفّاح و المنصور ممّن بايعاه على ذلك، و تظاهر بالمهدويّة أو نسب ذلك إليه أتباعه برجاء إحياء الدّين و الحقّ، بعد كثرة الزيديّة في النّاس، و طال ذلك إلي زمان المنصور فأنكر ذلك؛ و قال: كذب عدوّ اللّه، إنّما هو ابني؛ ثمّ صرّح في الحفيه؟ ؟ ؟ بأن لا حقيقة له (4).

فلما رأوا كثرة سميّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم زادوا فيه «و اسم أبيه اسم أبي» تصحيفا لأمر صريح قريش، و لمّا أرادوا إثبات ما قاله المنصور جعلوه في ولد العبّاس.

و كان يدفع أمر محمّد و غيره، بأنّ المنعوت في الرّوايات ابن أمة (5).

ص:484


1- في المصدر: أربل أو أزيل.
2- «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 1، ص 281؛ ج 19، ص 130.
3- «مقاتل الطالبين» ص 233.
4- نفس المصدر، ص 239 و 240 و 247.
5- نفس المصدر، ص 247.

يعرف ما ذكرناه بما ذكره أبو الفرج في «مقاتل الطّالبيين» في ذكر «ما جاء في تسمية المهديّ» و ما بعده؛ فليراجع (1).

و لنورد منه روايتين:

قال: قال أبو زيد: و حدّثني إبراهيم بن إسحاق الغطفاني، قال: حدّثني كثير بن الصّلت، قال: أخبرني يوسف بن قتيبة بن مسلم، و لم أر بأهلنا قطّ خيرا منه، قال:

أخبرني (2)مسلم بن قتيبة، قال أرسل أليّ أبو جعفر، فدخلت عليه، فقال: قد خرج محمّد بن عبد اللّه، و تسمّى بالمهديّ، و و اللّه ما هو به؛ و أخرى أقولها لك لم أقلها لأحد قبلك، و لا أقولها لأحد بعدك، و ابني و اللّه ما هو المهديّ الّذي جائت به الرّواية، و لكنّي تيمّنت به و تفألت به (3).

قال أبو زيد: و حدّثني محمّد بن يحيى، قال: حدّثني ابن أبي ثابت، عن أبي العبّاس الفلسطي، قال: قلت لمروان بن محمّد: جدّ محمّد بن عبد اللّه، فإنّه يدّعي هذا الأمر، و يتسمّى بالمهديّ، فقال: ما لي و له؟ ما هو به، و لا من بني أميّة (4)و أنه ابن أمّ ولد، و لم يهجه مروان حتّى قتل (5).

قلت: فذكر أمّه كان معروفا بين النّاس عامّة، و كلّ ذلك قد علم كذبه في تلك الأوان، كما لا يخفى.

في الجواب عن الصّبان

«و أمّا ملك القحطاني» (6)فيردّه-و إن ورد في جملة من أخبارهم-روايات

ص:485


1- «مقاتل الطالبين» ص 237-259.
2- في المصدر+: أخي.
3- «مقاتل الطالبين» ص 246 و 247.
4- في المصدر: و لا من أبيه.
5- «مقاتل الطالبين» ص 247.
6- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار» ، ص 138.

«كون الأمر في قريش» و قد سلف. و الأخبار الدّالّه على الهرج بعد المهديّ و قيام السّاعة (1)و نحو ذلك، ممّا لا حاجة إلى تفصيله؛ بعد ما سلف، أكذب من الكلّ، و اللّه ما هو دونه-يعني القحطاني-ليس دونه في إثارة و نحوها.

و أمّا الكلام في حديث التفضيل (2)فجهل أو تجاهل بما ورد في أهل البيت، و أنّه ناظر إلي مرحلة كثرة الثّواب، و زيادة الرّفعة عند اللّه فقط، دون زيادة العمل؛ و إلاّ لوحظ خصوص الأعمال أيضا، في مقام التفضيل.

و أمّا حديث «لا مهديّ إلاّ عيسى» (3)فمعلوم البطلان، موضوع في الزّمان المشار إليه، ممّن قال بمهدويّة من ذكر، بعد ما رأوا-أن لم يتمّ العدل بطوائف من الأخبار-لا حاجة إلى إيرادها هنا، الجامعة بين ذكرهما و واقعتهما معا، و منها الناصّة: «بكون المهديّ من ذريّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عترته و ولد فاطمة (4)و نحو ذلك.

و في «نور الأبصار» : «و هو من ولد فاطمة باتّفاق الجمهور» و جمع بين مثل ذلك و كونه من ولد العبّاس، بأن يكون له نسبة إليه من طرف الأمّهات (5).

و منها الأخبار المفصّلة، و قد سبقت جملة منها.

و أمّا ما ذكره من التوجية (6)ففي غاية الضعف، لأنّ المهديّ، اسم له لا وصف و إن لوحظ في التّسمية، فكيف يكون مجرى الإطلاق و التّقييد؟

ص:486


1- «سنن أبي داود» ج 4، ص 106.
2- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 138.
3- نفس المصدر، ص 139.
4- «سنن أبي داود» ج 4، ص 107، ح 4284؛ «سنن ابن ماجة» ج 2، ص 1368، ح 4086.
5- «نور الأبصار» ص 169-: باتّفاق الجمهور.
6- «إسعاف الراغبين» ص 139.

و أمّا إنكار العصمة (1)فمن الجهل بما ورد فيه من الأخبار و غيرها.

و أمّا حديث كونه من ولد العبّاس (2)فقد أسلفنا علّته. (3)

و أمّا حديث ابن عبّاس (4)فيسأل الشيخ عن تعيين منذرهم، و عن وجه افتخار ابن عبّاس بهؤلاء، مع عدم كونهم معروفين بما يوجب الفخر، و لا مخبرا عنهم بذلك.

و أمّا قوله: «و على تقدير. . .» (5)فهدم أساس الّدين، فإنّه لمّا لم يشر إلى كون ذلك غير المبشّر به في الرّوايات، جعله الموعود في أخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

فلاحظ «تاريخ الخلفاء» للسيوطي في أوّله في فصل «الأحاديث المبشّرة بخلافة بني العبّاس» فقد احتوت على «ختم الّدين بهم» (6)و «أنّهم يسلّمون إلى عيسى» (7)و شبه ذلك، نحو «منهم المهديّ» (8)و نحو «يكون منهم من يصلّي بعيسى بن مريم» (9)إلى غير ذلك. و قد أفسد ذلك المنصور، كما سلف آنفا (10)و الرشيد، فيما سلف سابقا مضافا إلى ما أشرنا إليه من صنوف الأخبار (11).

و أمّا ما نقله عن الكشف (12)من المأتين فباطل، موضوع، واضح الحال،

ص:487


1- نفس المصدر.
2- نفس المصدر.
3- «مقاتل الطالبين» ص 247 و 239.
4- المحكى عن «مستدرك الصحيحين» ج 4، ص 514.
5- «إسعاف الراغبين» ص 139.
6- «تاريخ الخلفاء» ، ص 15.
7- نفس المصدر، ص 16.
8- نفس المصدر.
9- نفس المصدر.
10- «مقاتل الطالبين» ص 246-248.
11- «البيان في أخبار صاحب الزّمان» ، المطبوع في «أحاديث المهديّ» ص 132.
12- «إسعاف الراغبين» ص 147.

بضروب من الأخبار، و لم يعرف له وقت محدود.

و أمّا ما نقله عن الشّعراني (1)، فقد ترك بعض ما يهمّ كما هو واضح.

و أمّا ما ذكره في الاعتراض على ما عن «الفتوحات» (2)فما وجه الإضراب عن الاعتراض على الشعراني و شيخيه و تكذيب حسّهما فيما زعما بما رجح من الرّوايات في زعمه؟ .

و لعلّ قوله: «هكذا أخبرني» (3)، إشارة إلى قوله: «المهديّ من ولد العسكريّ ولد في كذا و باق إلي الاجتماع مع عيسى» ، (4)هذا بالنّسبة إلى ما نقله.

و أمّا في أصل عبارة الكتاب، فمن المحتمل اختصاص الإشارة بما ذكره من سنيّ عمره و المولد و هو أيضا مثبت لما سبقه بوجه قويّ.

و بالجملة فإن رأى أنّ هؤلاء صدقوا، و أخبرا عن حسّ، بعد معرفة، و جزم بأنّ مخبرهما الإمام المهديّ، كيف يعترض على «الفتوحات» ؟ و إلاّ فكيف يسكت عنهم؟

فإن قلت: أراد التكذيب بوجه لطيف، قلت: هل يعارض العيان، بمثل ذلك البيان؟ كيف؟ و لم يأت بما يوجب تكذيبهما، كما لا يخفى.

كيف يكذب من رأه بعد سبع مأة من عمرة تقريبا؟ ! واجدا لأوصاف المهديّ، و عالما بحقيقته و صدق مقالته، و الأمّة قصرت أعمارهم و مع ذلك، فما ذكره من ذكر اسم الأب يعلم حاله ممّا سلف، و مع ذلك، وجّه بتوجيهات بعضها لا يخلو عن وجه و بعضها عن ركاكة.

و قال «الكنجي» : قد ذكر «التّرمذي» الحديث، و لم يذكر قوله «و اسم أبيه اسم

ص:488


1- نفس المصدر، ص 141.
2- نفس المصدر، ص 145 و 146.
3- نفس المصدر، ص 141.
4- نفس المصدر.

أبي» (1).

و ذكره «أبو داود» : (2)في معظم روايات الحفّاظ و الثّقات من نقله الأخبار:

«اسمه اسمي» فقط (3).

و قال: إنّ الإمام احمد مع ضبطه و إتقانه قد رواه في عدّة مواضع بدون الزّيادة و جمع الحفاظ أبو نعيم طرق هذا الحديث عن الجمّ الغفير في «مناقب المهديّ» (4)ثمّ ذكر رواته و قال: كلّهم (5)رووا: «اسمه، اسمي» ، إلاّ ما كان (6)عبيد اللّه بن موسى عن زائدة عن عاصم، فإنّه قال فيه: «و اسم أبيه اسم أبي» و لا يرتاب اللبيب، أنّ هذه الزّيادة لا اعتبار بها، مع اجتماع هؤلاء الأئمّة على خلافها و اللّه أعلم؛ ذكره في الباب الأوّل (7).

أقول: و الأدلّة السّابقة في الدّلالة علي الفساد أوضح من دلالة عدم ثبوته في نقل جلّ الحفّاظ.

و أمّا قدر إقامته بين النّاس فعلمه عند اللّه لا يعرف على اليقين؛ فتأمّل.

و أمّا فعل عيسى فيضاف إليه أيضا لكونه من أمره و فعل من دخل تحت أمره و تحصيلا لغرضه؛ فلاحظ.

و أمّا أمر الصّلوة فقد اختلف فيه رواياتهم و أكثرها و أرجحها ما ذكره المورد.

و أمّا وقت الصّلوة فمن اختلاف أخبارهم أيضا.

ص:489


1- «سنن الترمذي» ج 3، ص 343، ح 2331.
2- في المصدر+: و.
3- «البيان» الباب الأوّل، ص 87 و 86.
4- «نفس المصدر» ، ص 89 و 87.
5- في المصدر-: كلّهم.
6- في المصدر+: من.
7- «البيان في أخبار صاحب الزّمان عليه السّلام» ، الباب الأوّل، ص 90.

ثمّ إنّ هذا الكلام من «الصبان» ، مبني علي التحقيق و التدقيق بزعمه و إن كان واضح الفساد.

كلام الحمزاوي

اشارة

و العلاّمة الشيخ حسن العدوي الحمزاوي، في كتابه «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» ، في الفصل الثاني من الباب الرّابع في المهديّ. . . ذكر ما عن «الفتوحات» (1)نحو ما نقله «الصبان» (2)، ثمّ ذكر اعتراض هذا الشيخ على ما عن «الفتوحات» بعبارة تخالف الأصل في الجملة (3).

ثمّ قال: قلت: و هذا من مثل هذا الإمام المحقّق، في غاية الغرابة، لا سيّما التورّك على مثل هذا العارف، و ذلك لإمكان الجمع و الإصلاح في جميع ما ردّه عليه.

فقوله: «لا يخفى أنّ ما ذكره العارف ابن العربيّ من كون جدّه «الحسين» :

مناف لما مرّ من توجيه بعضهم: «أنّ جدّه الحسن» (4)لا مانع من أن يراد بالحسن في كلام البعض، «الحسن العسكري» و هو من أولاد الحسين، و إنّما نسب إليه خاصّة، لكونه كان أشهر آبائه من قبل أبيه لأنّه كان-كما ذكره المعترض نفسه في مناقب سيدي الحسن-من (5)الأخيار صاحب الشّهرة (6)في العلم و المعارف، و لم

ص:490


1- «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» ، المطبوع في «الإمام المهدي» عند أهل السنّة، ج 2، ص 59.
2- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 141.
3- «مشارق الأنوار» المطبوع في هامش «الإمام المهدي» ، ج 2، ص 60.
4- «إسعاف الراغبين» ص 145.
5- في المصدر+: الأئمّة.
6- في المصدر+: العظيمة.

يكن الحسن بن عليّ.

على أنّه لو قيل ذلك، لأمكن ما تقدّم أيضا، لما علمت من تمام شهرته و هو و إن كان بعيدا يقوى (1)برواية كونه من ولد الحسين و السّنة، تفسّر (2)بعضها بعضا، و على تسليم ذلك، فتوجيه البعض كونه من ولد الحسن، لا يصلح أن يكون له حجّة في الرّدّ على مثل هذا العارف.

و قول المحقق ثانيا: «ما ذكره العارف أيضا من كون والده الحسن العسكري مناف لما مرّ في بعض الرّوايات من كون اسم أبيه مواطأ لاسم أبي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (3)لا يصحّ من مثل هذا الإمام و ذلك أنّه من المعلوم، أنّه يولد في آخر الزّمان، كما سيذكره العلاّمة المتعقّب نقلا عن «الشعراني» و لفظه:

«قال سيّدي عبد الوهّاب الشعراني في «اليواقيت و الجواهر» (4): «المهديّ من ولد الإمام الحسن العسكريّ، و مولده ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين بعد الألف، و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطلّ على بركة الرّطل بمصر المحروسة، و وافقه على ذلك سيّدى عليّ الخواص. . .» (5).

بلفظه إذا علمت ذلك النّقل من هذا المحقق عن القطب الشّعراني ظهر لك عدم المنافاة ضرورة، و ذلك لأن الإمام سيّدي الحسن العسكريّ، بينه و بين جدّه الحسين ستة من الآباء، فيعلم من ذلك أنّ الإمام المذكور ليس والدا لسيّدي المهديّ مباشرة، و أنّ والده مباشرة «عبد اللّه» كما في بعض الرّوايات، و يعلم أنّ

ص:491


1- في المصدر: يتقوى.
2- في المصدر: يقسّر.
3- نفس المصدر، ص 146.
4- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 562، مع الاختلاف.
5- «إسعاف الراغبين» المطبوع في «نور الأبصار» ص 141.

تخصيصه الإمام العسكري بالذكر لكونه أوّل المشاهير من قبل أبيه «عبد اللّه» المذكور، بذلك يتقوّى الاحتمال الأوّل، من دفع المنافاة (1).

أقول: فساق الكلام في الذبّ عنه، إلي أن قال: و قد تمّ بهذا الجمع بين كلام العارف، و إذا أمكن الجمع و الوصل فلا ينبغي التورّك، لا سيّما من مثل هذا المحقّق على هذا العارف، خصوصا و كلام العارفين حجّة في التّصحيح للحديث أو ضعفه، و قد سبق للعلاّمة المعترض، نقلا عن بعض المحقّقين «أنّ المهديّ، يحرم عليه القياس» و كذلك أهل اللّه العارفون لشهودهم للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقظة و مشافهة، فهم مطّلعون على صحة الحديث و ضعفه، و لذلك قال سيّدى أحمد بن المبارك في كتابه «الإبريز» : كنّا معاشر العلماء، نعرض كتب السّنّة، على سيّدي عبد العزيز الدبّاغ، و هو أمّي، و يبيّن لنا الحديث الصحيح من غيره، فكنّا نجد ما يخبر بعدم صحّته منصوصا كذلك، للحفّاظ إذا علمت ذلك فكلام الاستاذ حجّة لا يعارضه غيره» (2).

أقول: ثمّ ساق الكلام في بعض الروايات، إلى أن قال في آخر الفصل: و للقطب الشعراني في كتابه «بهجة النفوس و الأسماء» قال: أخبرني سيّدي حسن العراقي:

بأنّه اجتمع بالإمام المهديّ، بجامع بني أميّه و لقّنه الذّكر، و أمره بصيام يوم، و إفطار يوم، و أن يصلّى كلّ ليلة خمس مأة ركعة أبدا ما عاش، و أمره أن يسيح في البلاد، قال: «فخرجت بعد إلى الشّام سائحا، فسحت سبعا و خمسين سنة، حتّى بلغت (3)سدّ إسكندر ذي القرنين و مسكت القفل بيدي، إلى أن قال: و قال لي المهديّ:

«عمري الآن مأة و سبع و ثلاثون سنة. . . ، : إلى آخر العبارة، فلينظر هذا مع الّذي

ص:492


1- انتهى كلام الحمزاوي في «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» المطبوع في كتاب «الإمام المهديّ» عند أهل السنة، ج 2، ص 60.
2- نفس المصدر، ص 62.
3- في المصدر: وصلت.

سيق نقله للعلاّمة «الصبّان» في عمره (1)، و كذلك العلاّمة الشّرقاوى» (2).

أقول: انتهى بلفظه، و مراده الإشارة إلى ما نقله قبل ذلك عن شرح الشيخ الشرقاوي على ورد الأستاذ البكري، ففي ذلك:

و قيل: إنّ مدّة المهديّ، أربعون سنة، يجتمع مع عيسى في سبع سنين أو تسع، و يتقدّم عليه بأكثر من ثلاثين سنة، و يتأخّر عنه ببضع و ثلاثين سنة لأنّ مدّة ملكه (3)خمس و أربعون سنة. . . إلى أن قال: و قال في محلّ آخر: و تدخل سائر الملوك في طاعته، و عند مبايعته في المرّة الأولى، يكون عمره خمسا و عشرين سنة، و قيل: بل أكثر من سبع مأة سنة (4).

في الجواب عن الحمزاوي

أقول: قوله في نقل الاعتراض الأوّل (5)لا يوافق الأصل كما لا يخفى، ففيه أمور:

الأوّل: أنّه جعل ذلك ما رجحه لا أنّه عن غيره نقله، و إن كان مذكورا في «الصّواعق» أيضا، و هو أعرف بالرّواية الّتي تعارض رواية كونه من ولد الحسين.

و يحتمل كونها واردة في «عقد الدّرر» من رواية أبي إسحاق، حيث نسبه إلى أبي داود، أيضا (6)و أنّه كان في نسخته بدون الياء.

ص:493


1- «إسعاف الراغبين» ص 146.
2- «مشارق الأنوار» في فوز الاعتبار، المطبوع في «الإمام المهدي» عند أهل السنة، ج 2، ص 62 و 63.
3- «مشارق الأنوار» ص 62: مكثه.
4- «مشارق الأنوار» ص 62.
5- «مشارق الأنوار» ص 60.
6- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» ، الباب الأوّل، ص 24.

الثاني: أنّه، جعل رواية كونه من ولد الحسن، راجحة، و لم يجعل الحسن تفسيرا لمجمل في الرواية، و ادّعى ضعف رواية كونه من ولد الحسين.

الثالث: كيف يراد من الحسن في كلامه العسكري عليه السّلام؟

و أمّا قوله: «أشهر آبائه من قبل أبيه» (1)لو لم يرد أوّل مشهوريهم. ففيه ما لا يخفى؛ و ستعرف ما فيه أيضا.

و أمّا قوله: «كما ذكره المعترض» فلا أدري أين ذكر ذلك؟ إذ لم يذكر العسكريّ عليه السّلام في «إسعاف الرّاغبين» فليراجع (2).

و أمّا قوله: «و لم يكن الحسن بن عليّ» المناسب زيادة «ابن أبي طالب» ، و إلاّ فهذا القدر لا يوجب الحمل على السبط، إلاّ ممّن جهل والد العسكريّ؛ فلاحظ.

و أمّا قوله: «لما علمت من شهرته. . .» ففيه أنّ الشّهرة لا يوجب الحمل في الرّواية، بل و لا في غيرها إلاّ مع القرينة، و التقوّي بعد ثبوت الأصل، و لا يراه المعترض و أين ذلك من تفسير بعضها بعضا؟ و إلى أين ذهب كونه كلام بعض؟

إظهار إعانة الحمزاوي

و أمّا قوله: في الجواب عن الاعتراض الثاني «و ذلك أنّه من المعلوم أنّه يولد في آخر الزّمان كما سيذكره. . .» (3)فقول غفلة و افتراء و كذب.

أمّا الغفلة فإنّ ابن العربي، فيما حكاه الصبّان عيّن نسبته أوّلا، فقال: «من عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، من ولد فاطمة» ، و عيّن جدّه ثانيا، فقال: «جدّه الحسين عليه السّلام» و أثبت بعد ذلك الوالدية له للعسكريّ (4)، و ساق النّسب.

ص:494


1- «مشارق الانوار» ، ص 60.
2- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 145.
3- «مشارق الأنوار» ص 60.
4- «إسعاف الراغبين» ص 142.

و أمّا الافتراء فإنّ العسكريّ عليه السّلام توفّي في حدود سنة ستين و مأتين (1)فكيف يكون والدا مقابل الجدّ لمن يولد في آخر الزّمان؟ فمعلومه ذلك معدوم.

و إنّ الصبّان نقل كلام الشعراني قبل كلام ابن العربي (2)و لو لم يخن بترك قوله:

«فيكون عمره، إلى وقتنا هذا-و هو سنة ثمان و خمسين و تسع مأة-تسع مأة و ستّ سنين» عليه السّلام لعلّه لم يأت أهل التزويق عليه بهذا التّحقيق الأنيق.

و الافتراء الرّشيق بخلق قول: «بعد الألف» فيما بعد قوله: «سنة خمس و خمسين و مأتين» (3)و إن كان مثل هذا لا يستيقظ و إلاّ فقد أشار بعد التصريح إلى سبق الميلاد أيضا مرّة بقوله: «و هو باق» و أخرى: بقوله: «أخبرني الشيخ حسن العراقي، المدفون هناك، عن الإمام المهديّ حين اجتمع به» (4).

فلا أدري؛ على ماذا حمل اجتماعه ذلك مع المهديّ؟ اجتمع بمن لم يولد بعد! أو اجتمع العراقي بعد موته مع المهديّ بعد ولادته؛ بعد الشّعرانيّ و الحمزاويّ!

ثمّ قصّ القصّة على الشّعراني، من أهل المأة العاشرة، فأثبته في كتابه قبل أن يولد المهديّ، فنعم الاجتماع و أكرم به دليلا لهذا المستيقظ.

و لعمري! لما كان انعقد على أنّ المهديّ، رجل يولد في آخر الزّمان لم يكن يرجع بذلك البرهان.

بل زاد بقلمه في كلام الصبّان لفظ «بعد الألف» (5)لاحتمال النّسيان من الناسخ، لأنّه انسان، فأكرم به علما، و عملا، و فطانة، و عقلا.

ص:495


1- «الكامل في التاريخ» ج 7، ص 274.
2- «إسعاف الراغبين» ص 141.
3- «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» ، المطبوع في «الإمام المهديّ عند أهل السنّة» ، ج 2، ص 60.
4- «إسعاف الراغبين» ص 141.
5- «مشارق الأنوار» ص 60.

و يقرّب ذلك قوله: «ظهر لك عدم المنافاة، ضرورة» فأكرم بها من ضرورة.

و يقرب منه تعليله العليل، من قوله: «و ذلك لأنّ الإمام سيدي الحسن العسكري، بينه و بين جدّه الحسين ستة من الآباء» (1)فياله من إعمال فكر و روية و تدبّر و تعمّق في كلام العارف محيى الدّين ابن العربي، و وفور علم بالأنساب، فإنّ سادس أولاد الحسين عليه السّلام محمد التقيّ الجواد، هو جدّ العسكريّ عليه السّلام لا أبوه، و لو كانت النسخة (2)عنده، كما نجد نسخة الكتاب: «ابن زين العابدين بن علي بن الحسين» و زعم صحّتها، و كون عليّ ولد الحسين عليه السّلام جدّ محمّد الباقر عليه السّلام، لا أبا له فيكون سادسهم، علي الرّضا ابن الكاظم عليه السّلام.

ثمّ إنّ تشّبثه بهذا التعليل العليل، يكشف عن أمرين:

الأوّل: أنّ هذا النّحرير لم يكن يعرف وقت وفات العسكريّ، و إلاّ كان ذكر زمان وفاته بعد ما افترى من تاريخ ولادة المهديّ، أقوى في الدّلالة على انتفاء والديته له بلا واسطة، و اختفاء مثل ذلك عليه ليس بعجيب، و ان كان ذكره فحول العلماء في كتبهم، فلم يكن يراجع ما يتعلّق بهذا الشأن لجلالته و نبالته، و إلاّ تفطّن لما ذكروه من الكلام في كون ولده المهديّ، إلاّ أن يكون يغفل عنه نحو ما يغفل آنفا.

الثاني: أنّه بعد ما جهل وقت وفات العسكريّ عليه السّلام لم يكن يجوز عدم وفاته و كونه باقيا في الدّنيا إلى أن يتولّد منه الإمام المهديّ، و لعلّ منشأ ذلك قصر الأعمار في تلك الأزمان، أو كان قاطعا بأنّه مات و مضى، و لا أدري ما أوجب له ذلك القطع؟ غير قصر الأعمار و بعد زمانه عن زمان العسكريّ بكثير. و لو لا ذلك لم يكن كون عدّة الآباء ما ذكره، أو ما يقاربه دليلا على نفي والديته للحجة بلا

ص:496


1- نفس المصدر.
2- نسخة «إسعاف الراغبين» الناقل عن «الفتوحات» في ذكر أباء المهدي عليه السّلام.

واسطة بوجه من الوجوه.

و يتجّه عليه أيضا أنّ ذلك لا يصلح صارفا لكلام محيى الدين عن ظاهره خصوصا بعد ما عرفت ممّا يشهد لظاهره، مضافا إلى أنّ محيى الدّين لعلّه لا يسلم مبنى الاستدلال ممّا كشف عنه دليله العليل، بل ظاهر هذا الكلام ينفيه زيادة على باقي الشّواهد من كلامه، و فهم شارح كلامه، فإنّ كتاب الشّعراني هذا شرح ما أغلق من «الفتوحات» .

و أيضا إنّ رواية «و اسم أبيه اسم أبي» قد عرفت بعض أقوال العلماء فيها، فكيف يسلمها و يجعلها منشأ صرف الكلام و صحّة مبني الإيراد؟ .

و أيضا إنّ توجيهه إنّما يتمّ لو كان للعسكريّ أولاد غير المنتظر، و يثبت وفاتهم عامّة، أو عدم كون اسم أحد منهم محمّدا، أو يكون معلوم الوفات لا مشتبه الحال، و لو كان عرف ذلك لتشبّث بذيله في إثبات مرامه و لم يفعل و لم يذكر له أهل النّسب غير المنتظر.

و قد مرّ كلام ابن خلكان (1)و غيره، و قد نقلوا قصّة حيازة جعفر ميراثه و غير ذلك (2)فذلك رجوع الى إنكار وجود المهديّ من هذه السّلسة أبد الدّهر لا إقرار به، حيث لم يثبت له ولدا.

و قول الشّعراني: «من أولاد الحسن» (3)مسامحة و قول ابن العربي مورد الكلام و المعترض لم يسلم وجود ولد له، فلعلّه ممّن ينكره من أصله، و ان كان ظاهر الكلام الإقرار بالولد، إلاّ أنّه جرى على ظاهر كلام محيى الدّين، فكيف يكون هذا الاستدلال؟ و كيف يثبت نفي المباشرة الّذي هو مدّعاه.

ص:497


1- «وفيات الأعيان» ج 2، ص 94، رقم 169؛ ج 4، ص 176، رقم 562.
2- «الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد» ج 2، ص 336؛ «مناقب آل أبي طالب» ج 4، ص 422.
3- لم نجد من «اليواقيت و الجواهر» «كون المهدى من أولاد الحسن» .

و أمّا قوله: «بذلك يتقوّى الاحتمال الأوّل من دفع المنافاة» (1)فلا يعلم الاحتمال الأوّل فراجعه ألف مرّه، و لو بدّله، يقول: و بذلك يتقوّى الاحتمال في رفع الاعتراض الأوّل كان أحسن كما لا يخفى.

و أمّا قوله: «و قد سبق للعلاّمة المعترض نفسه نقلا. . .» (2)إنّما نقل هذا عن ابن العربي في «الفتوحات» فلاحظ.

و إذا كان كلامهم في ذلك حجة فصحّة ما اختاروه واضحة و عرفت أنّ المجيب خالف هذا العارف في المهديّ، حيث أنكر ولادته من العسكريّ بواسطة، و كأنّه جعل كلامه أوّلا من الترجيح في الرّوايات، و نصّ أخيرا بكونه حجّة بالذّات، فقال: «فكلام الاستاذ. . .» (3).

و أمّا ما حكاه عن «بهجة النّفوس» للشّعراني (4)فلا يحضرني أصل كتابه لأوضح بعبارته كيفية الخيانة، إلاّ أنّك عرفت أنّ المطابق للحقّ ممّا ذكره في «اليواقيت و الجواهر» (5)كون عمره في التّاريخ سبع مأة و ثلاث سنين و لعلّ ذلك الّذي قلّبه الى قوله:

«مأة و سبع و ثلاثون سنة (6)» ، فقدّم و أخّر و جمع و أفرد فحصل هذا القلب.

و يتجّه عليه: انّه كيف لم يتنبّه من ذكر الملاقات و التعلّم منه بعد عمر له لما غلط فيه سابقا؟ أغرب منه قوله: «فلينظر هذا مع الّذي سبق نقله للعلاّمة الصبّان في عمره» (7)مع أنّه لم ينقل عنه قوله في قدر العمر وليته بدّل ذلك بقوله: «ما سبق نقله

ص:498


1- «مشارق الأنوار» المطبوع في «الإمام المهدي عند أهل السنّة» ج 2، ص 60.
2- نفس المصدر، ص 62.
3- نفس المصدر.
4- نفس المصدر.
5- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 562.
6- «مشارق الأنوار» ص 63.
7- «مشارق الأنوار» ص 63.

في تاريخ ولادته و نحو ذلك» .

و أمّا كلام الشرقاوي فلا ينافي ما في «البهجة» (1)له إلاّ في قوله: «يكون عمره خمسا و عشرين سنة» و يكفي في ضعفه، ما ذكره من الأربعين و نحوه، و إلاّ فالزّيادة على السبع مأة لا ينافي ذلك بعد ما لا يعلم آخر عمره، و لا الشرقاوي عيّن مبدء الميلاد حتّى يكون نظره إلى ذلك، و إنّما ذكر موضع الولادة بلفظ «يكون مولده. . .» (2)و هو أعمّ من كونه ولد في زمانه و قبله أو لم يولد بعد، و لعلّ قوله: «أزيد من سبع مأة» إشارة إلى ما ذكره الشعرانيّ هذا.

و قول الشعرانيّ: «فيكون عمره إلى وقتنا هذا. . .» (3)لو كان مأخوذا من شيخه الشيخ حسن فيوافق ما ادّعيناه من التحريف في التّاريخ في «البهجة» و كذا لو كان من نفسه، و لكن كان أخبر بالواقعة وقت حصولها لا بعد سياحة، و إلاّ فلا يكون الأمر كما ذكرناه، و تنقيح ذلك بمراجعة تواريخ هؤلاء المشايخ، و الآن لا يحضرني؛ فلاحظ.

نعم في «آخر اليواقيت و الجواهر» ما هذا لفظه: «و كان الفراغ من تأليفه يوم الاثنين المبارك، سابع عشر رجب، سنة خمس و خمسين و تسع مأة بمنزل المؤلّف بمصر المحروسة بخطّ بين السّورين هذا ما وجد كلّه بخطّ المؤلّف بقوله: «طالعت إلى آخر الكلام» (4).

أقول: و هو متقدّم على التّاريخ الّذي ذكره سابقا في مبحث أشراط السّاعة

ص:499


1- بهجة النفوس و الأسماء» مخطوطة.
2- «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» المطبوع في كتاب «الإمام المهدي عند أهل السنة» ج 2، ص 62.
3- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 562.
4- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الحادى و السبعون، ص 676.

بثلاث سنين (1)و لا دافع لذلك غير القول بكون ما في أشراط الساعة مما الحقه بكتابه بعد تأليفه بثلاث سنين.

أو كون تاريخ الفراغ ممّا فيه الاشتباه؛ فلاحظ.

نقل كلام الشّعراني من ينابيع المودّة

أقول: و في «ينابيع المودّة» و ظنّي أنّه في الخامس و الثمانين فيما ينقله عن الصبّان في «إسعاف الرّاغبين» (2)ما هذا لفظه: و قال سيّدي عبد الوهّاب الشّعراني في كتاب «اليواقيت و الجواهر» في المبحث الخامس و السّتين: «المهديّ من ولد الإمام الحسن العسكريّ، و مولده ليلة النّصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي عن الإمام المهديّ حين اجتمع به و وافقه على ذلك سيّدي عليّ الخواص رضى اللّه عنه.

و قال الشيخ محيى الدّين في «الفتوحات المكيّة» (3): إنّ المهديّ يحكم بما ألقى إليه ملك الإلهام من الشّريعة، كما في حديث « (4)يقفو أثري، لا يخطيء» (5).

و يقول مؤلّف (6)الكتاب: إنّ الشيخ عبد الوهّاب الشّعراني قدّس سرّه قال في كتابه «الأنوار القدسية» : إنّ بعض مشايخنا قال: نحن بايعنا المهديّ عليه السّلام بدمشق و كنّا

ص:500


1- نفس المصدر، ص 562: وقتنا هذا و هو سنة ثمان و خمسين و تسع مأة.
2- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار، ص 141.
3- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 335.
4- في المصدر+: المهدي.
5- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 565.
6- في المصدر+: هذا.

عنده سبعة أيّام» (1).

نقل الرّؤية عن الشيخ إبراهيم

و قال لي الشيخ عبد اللّطيف الحلبي-سنة ألف و مأتين و ثلاثة (2)و سبعين-إنّ أبي الشيخ إبراهيم، قال: سمعت بعض (3)مشايخ مصر يقول: «بايعنا (4)المهديّ. . .» ثمّ ذكر ترجمة للشيخ إبراهيم هذا، فلاحظ (5).

كلام الشهرستاني

اشارة

أقول: قال الشهرستاني المتوفى في الثانية و الأربعين بعد الخمس مأة في كتابه «الملل و النحل» بعد التعرّض لتفرّق الأهواء بعد موت العسكريّ عليه السّلام ما هذا لفظه:

«فهذه جملة فرق الاثنا عشرية، قطعوا على واحد واحد منهم، ثمّ قطعوا على كلّ بأسرهم، و من العجيب (6)أنّهم قالوا: الغيبة قد امتدت مأتين و نيّفا و خمسين سنة، و صاحبنا قال: «إن خرج القائم و قد طعن في الأربعين فليس بصاحبكم، و لسنا ندري كيف ينقضي مأتان و خمسون سنة في أربعين سنة؟ و إذا سأل القوم عن مدّة الغيبة كيف يتصوّر؟ ! !

قالوا: «أليس الخضر و إلياس عليه السّلام يعيشان في الدّنيا من آلاف سنة (7)

ص:501


1- «الأنوار القدسية» المطبوع في هامش «الطبقات الكبرى» المسماة ب «لواقح الأنوار» ص 4، باختلاف يسير.
2- في المصدر: ثلاث.
3- في المصدر+: مشايخي من.
4- في المصدر+: الإمام.
5- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب الخامس و الثمانون، ص 470 و 471.
6- في المصدر: العجب.
7- في المصدر: سنين.

لا يحتاجان إلى طعام و شراب؟ فلم لا يجوز ذلك في واحد من أهل البيت؟» .

قيل لهم: و مع اختلافكم هذا، كيف يصحّ لكم دعوى العيبة؛ ثمّ الخضر ليس مكلّفا بضمان جماعة؟ و الإمام عندكم ضامن، مكلّف بالإمامة (1)و العدل، و الجماعة مكلّفون بالأقتداء به، و الاستنان لسنته (2)، و من لا يرى كيف يقتدى به؟ فلهذا صارت الإمامية متمسّكين بالعدلية في الأصول، و بالمشبّهة في الصّفات، متحيرين تايهين و بين الأخبارية منهم، و الكلامية سيف و تكفير، و كذلك بين التّفضيلية و الوعيدية قتال و تضليل، أعاذنا اللّه من الحيرة.

و من العجب، أنّ القائلين بإمامة المنتظر مع هذا الاختلاف العظيم لا يستحيون فيدعون فيه أحكام الإلهيّة، و يتأوّلون قوله تعالى وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ (3)قالوا: هو الإمام المنتظر الّذي يردّ إليه علم السّاعة و يدّعون فيه: أنّ لا يغيب عنها (4)، و يتسخبرنا بأحوالنا حين يحاسب الخلق، إلى تحكّمات باردة، و كلمات عن العقول ردّه؛ شعر:

لقد طفت في تلك المعاهد كلّها و سبرت (5)طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلاّ واضعا كفّ حائر على ذقن أوقارعا سنّ نادم» (6)

انتهى.

ص:502


1- في المصدر: بالهداية.
2- في المصدر: بسنته.
3- التوبة:9، الآية 105.
4- في المصدر: عنّا.
5- في المصدر: سيرت.
6- «الملل و النحل» ج 1، ص 287 و 288.
جواب الشهرستاني

أقول: الاثنا عشرية اسم من قال: بإمامة هؤلاء تماما، عرفوا ذلك و قالوا به قبل أن يأتي زمانهم و يدلّ على ذلك ما يوافق مذهبهم من طرق أهل السنّة، و لا أقلّ من حديث «اثني عشر اميرا» (1)لا أنّهم قالوا: بواحد واحد حتّى انتهى العدد إلى اثني عشر، و إنّ من شذّ منهم في الأثناء قد شذّ عن المذهب، لا أنّه يكون فرقة من أهل ذلك المذهب، و مثل ذلك عنوان الإمامية، و تفرّق الأهواء لا يوجب تعدّد أنواع مصداق العنوانين بعد ما يقصر ائمّتهم عن العدّة أو يتجاوز، أو يأخذ أهل الإمامة من غير أهل البيت بالمعنى السّابق، و ذلك واضح و ليس ذلك مجال تفصيله، و ليس في أخبار هؤلاء أنّ صاحب الزّمان يكون عمره من ميلاده إلى موته، أربعين سنة، و لا ما يشابه ذلك و إن ورد أنّه يخرج و كأنّه من أبناء كذا و كذا سنة (2)؛ و قد مرّ في أخبار أهل السّنّة أيضا أنّ عمره في الواقع لا يوافق ما يبدو من و جناته و علامات سنّه في ظاهر البشرة و نحو ذلك (3).

و مثل ذلك لا يوجب تعجّب الشهرستاني بما ذكر، كما هو واضح.

ثمّ إنّه قد اتّضح ممّا أسلفناه أنّ سؤاله عن مدّة الغيبة يتوجّه إلى جماعة من فحول علماء أهل السنّة أيضا، حيث قالوا: بكون ابن الحسن العسكريّ عليه السّلام مهديّ الأمّة الموعود به في أخبارهم (4)من غير ان يثبتوا الخلافة لآبائه كما يثبتها

ص:503


1- «صحيح البخاري» الجزء الثامن، ج 4، ص 127.
2- «كمال الدّين» و تمام النعمه، الباب 29، ص 316، ح 2.
3- «ينابيع المودّة» الجزء الثاني، الباب الرابع و التسعون، ص 492؛ نقلا عن «عقد الدرر» : «لو قام المهدي لأنكره الناس لانه يرجع إليهم مشابا و هم يحسبونه شيخا كبيرا» .
4- «فرائد السمطين» ج 2، الباب الحادي و الستون، ص 337، ح 591؛ «ينابيع المودّة» ج 2، الباب السادس و الثمانون، ص 471.

الإمامية فليته يفهم جوابهم لاتّحاد السنخ.

ثمّ إنّ الظّاهر أنّ مراده من قوله: «و إذا سأل القوم عن مدّة الغيبة كيف يتصوّر» (1)أنّ وجود الشخص في تلك المدّة و بقائه غائبا، و مستورا عن أبناء زمانه و سنخه، كيف يعقل؟

و يظهر ممّا ذكره في الجواب أنّ منشأ استبعاد الوجود و البقاء مع الحاجة إلى ما يكون به قوام التعيّش، و زعم انقطاع ذلك عن هذا الغايب.

و قد سلف من الشّعراني ما سلف، و كأنّه يزعم أنّ الباري تعالى لا يقدر على أن يرزق عبدا على غير الطّريق المشاهد و المتعارف، و مشركوا مكّة قطعوا الميرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من معه في الشّعب ليقتلوهم جوعا فعاشوا على رغم الأنوف، و نزول الموائد عليهم و أشباههم كثير الذّكر في كتب القوم، لا حاجة إلى إيراده.

فتعالى [اللّه]عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا و إيصال الرزق إلى بعض بوجوه أخر لا تكاد تخفى، و إذا ستر عبدا كفل أمره و كفاه رزقه، كما فعل بالأنبياء و غيرهم في البراري و القفار و الغايب بالغيبة الإلهيّة إنّما يدعو به الجاهل به بعد ظهوره ألا ترى أنّ موسى لما ألقي في اليمّ كان الأمر فيه كذلك، و كذا في يونس حين كان من المدحضين إلى غير ذلك.

و لا اختلاف في الإمامية فيما هم عليه و أمّا خلاف من شذّ منهم فلا أثر له، و إلاّ لأثر في الإسلام الاختلاف بأزيد من سبعين فرقة، بنص النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فكلامه ذلك حجة عليه للكفّار فياله من تحقيق أنيق! .

و قد مرّ أن لا يضرّهم و لا يضرّ الإسلام خلاف من خالف، و فراق من فارق و نحو ذلك. أفمن شرط أصل وجود الغايب في غيبته أو من شرط طول عمره و بقائه كثرة المطّلعين على حاله في الغيبة و الاستتار، أو يعمّر اللّه من أراد تعميره

ص:504


1- «الملل و النحل» ج 1، ص 287.

بما أراد، و كما أراد و إن لم يطّلع عليه أحد، و لم يكن عليه مطّلع غير من يرى أثر الّنمل على الصّخرة الصّمّاء في الليلة الظّلماء، و قول المنكر لجهله بالحال، كيف يعقل حجيّته على العارف بالمبدء و المأل؟ بل و على الشّاكّ أيضا. كما لا يخفى.

و لاحظ الخلاف في دجّال و غيره و تبصّر.

و أمّا كلامه في الخضر، فيتمّ على القول بعدم نبوّته لا مطلقا، و إلياس كان صاحب نبوّة و ضامن رعيّة، و تكليف الإمام لا يزيد على تكليف النبيّ، و كم من مورد وقع لهم الاستتار، كما أنّ تكليف الجماعة بالاقتداء لا يزيد على تكليف الكفّار بالاهتداء بالنبيّ و أتباعه في زمان الاستتار أيضا، و إذا كانوا أهل إعراض- كنفس المعترض-ما ذا يرد على الإمام؟ و أمّا غيرهم فيستضيئون بأنواره نظير مؤمني زمان استتار الأنبياء.

و أمّا قوله: «و من لا يرى. . .» (1)فمن غريب الكلمات، أفرأى المعترض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاقتدى به في دينه؟ إلى غير ذلك، أو يرى نفسه خارجا عن أمّته؟ أو يقول بكفاية العلم بالطّريقة؟ و إن لم ير صاحبها، و كيف كان أمر أويس القرني و لم ير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أبدا؟ و الإمام المزبور مقرّر في تلك الأوان ما بلّغه آبائه. و أمّا المختصّ به فلم يأت بعد وقته، و الإمامية لهم قواعد فيما بلغهم عن أهل البيت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، لا يفيئون إلى غيرهم.

و الخلافات بينهم لا يزيد على الخلافات بين الأشاعرة و غيرهم، و الخلافات بين الفقهاء الأربعة أفدلّ على بطلان الإسلام أو وجب الفحص عن الحقّ من بين تلك المختلفات؟ فليرجع كلّ عاقل إلى نفسه، و قد علم المتحيّر ممّا سلف في تضاعيف الكتاب و الاختلاف الّذي أشار إليه في أمر الحجّة لا يكون أزيد و أشدّ ممّا وقع للنّاس في جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بدو الأمر، إذ قالوا فيه ما قالوا،

ص:505


1- نفس المصدر.

و جملة منها في القرآن الكريم، و أنكروا أن يكون ولد، حيث قالوا: «بشّرنا برسول في آخر الزّمان ولست به» (1)و نحو ذلك فما ذا أثر تلك الاختلافات؟

و لمّا رأى الآية فيما بين أيديهم و لم يعرف المراد و أنّ الموجود فيما بينهم أنّ الأئمّة هم المؤمنون الذين يعرض عليهم الأعمال كما يعرض على الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يضيئون إليه يَوْمَ يَقُومُ اَلنّاسُ لِرَبِّ اَلْعالَمِينَ (2)، يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (3).

و أمّا قوله: «و يدّعون أنّه لا يغيب عنّا» (4)، قد كفانا مؤنة الجواب عنه مشايخ الصوفية من أهل السّنّة حيث ادّعوا زيارته و الانتفاع به (5)و يزيدون بالقول بمشاهدة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سائر الأنبياء و قد أسلفنا الإشارة منهم إلى ذلك و شبهه.

و لا يغفل دعوى محيى الدين الاجتماع بإدريس و غيره فيما يتعلّق منه بالجفر و لو طفت في تلك المحافل كلّها

و لا حظت من قد صار في تلك المجالس

فما أحال (6)ترى غير من حار في الهدى

و صار الهدى ما بينهم في الدروس

ص:506


1- «البداية و النهاية» ج 4، ص 93 و 305، «الصحيح من سيرة النبي» ج 8، ص 21؛ هذا النقل بالمعنى.
2- المطففين:83، الآية 6.
3- الإسراء:17، الآية 71.
4- «الملل و النحل» ج 1، ص 288.
5- «مشارق الأنوار» المطبوع في كتاب «الإمام المهدي» ج 2، ص 62، نقلا عن الشعراني في «بهجة النفوس و الأسماء» ؛ «اليواقيت و الجواهر» ، ج 12، المبحث الخامس و الستون ص 562؛ «ينابيع المودّة» الجزء الاول الباب الخامس، و الثمانون، ص 470 و 471.
6- «فلست» خ ل.

و يطفأ نور اللّه فيها و ربّك قد أبى

له غير إتمام على رغم تلك المعاطس

سيظهر هذا البدر كالشمس عن سحابها

فثمّ بلاء للرؤس النواكس

و يحيى قلوبا أظلمت بعد قفلها

و يبعد عنها كلّ تلك الوساوس

و تدعو ثبورا آخرون فقل لهم

يزيدوا عليها زال فكّ المخالس

كلام المنيني

اشارة

و قال الشيخ أحمد بن عليّ، الشّهير بالمنيني، في أوّل شرحه لقصيدة شيخنا البهايي رحمه اللّه، في مديح صاحب الزّمان عليه السّلام بعد أن قال: (1)ورد، بل صحّ عنه صلى اللّه عليه و سلم أنّه قال صلى اللّه عليه و سلم: «يواطي اسمه اسمي و اسم أبيه اسم أبي» (2)و كلام له:

و الّذي عليه أهل السّنة أنّ مولده و خروجه يكون في آخر الزّمان، و يبايعه النّاس و هو ابن أربعين سنة أو دونها بيسير.

و مولده بالمدينة و مبايعته بمكّة بين الرّكن و المقام.

و ذهبت الإمامية-منهم الناظم-إلى أنّه محمّد بن الحسن العسكريّ عليه السّلام أحد الأئمّة الاثني عشر، باصطلاحهم الّذين أثبتوا لهم العصمة في اعتقادهم، و أنّه مختف بسرداب سرّ من رأى إلى أن يأتي أو أن ظهوره، و يتأوّلون الحديث السّابق الّذي فيه «يواطي» أي يوافق «اسمه اسمي و اسم أبيه اسم أبي» (3)بتأويلات فاسدة.

ص:507


1- في المصدر+: فقد.
2- «المعجم الأوسط» ج 2، ص 55؛ «المعجم الكبير» ج 10، ص 133، رقم 10213.
3- «المعجم الأوسط» ج 2، ص 55؛ «المعجم الكبير» ج 10، ص 133، رقم 10213.

منها أنّ «أبي» تصحيف من الرّواة و إنّما الصّواب فيه: «و اسم أبيه اسم ابني» يعني الحسن رضى اللّه عنه، ليطابق معتقدهم الفاسد، أنّه محمّد بن الحسن العسكريّ.

و هذا باطل أيضا بأنّ محمّد بن الحسن المذكور توفّي في حياة والده، و أخذ ميراث والده عمّه جعفر، و وفاة الحسن العسكريّ لسبع خلون من ذي الحجّة، سنة اثنتين و ثمانين و ثلاث مأة، كما ذكره ابن خلكان (1).

و هذه القصيدة قالها ناظمها (رحمه اللّه تعالى) متخلّصا إلى «مديح المهديّ» المذكور (2)

يحرّضه و يحثّه على الخروج، على زعم الشيعة أنّه موجود في زمنه، و أن يطّلع عليه بعض خواصّ شيعته، و ربّما يطمع في وصول مدحته إليه، و هذا من التّخيّلات الفاسدة، و الأوهام الفارغة أجارنا اللّه تعالى منها (3).

و قال في أثناء شرحها: و المهديّ ممدوح النّاظم و هو محمّد بن عبد اللّه الحسيني الّذي يظهر آخر الزّمان «فيملأ الأرض عدلا» كما هو الحقّ الّذي عليه أهل السّنّة، و قالت الإمامية: أنّه محمّد بن الحسن العسكريّ، أحد الأئمّة الاثني عشر عندهم، و أنّه حيّ من ذلك العهد إلى الآن، و أنّه مختف في سرداب يجتمع به بعض خاصة شيعته، كما تقدّم ذكره في ديباجة هذا الشرح (4).

و قال في شرح قوله:

أيا حجة اللّه الّذي ليس جاريا بغير الّذي يرضاه سابق الأقدار (5)

ص:508


1- «وفيات الأعيان» ج 2، ص 94، رقم 169: ثماني ليال خلون من شهر ربيع الأول و قيل: جمادي الأولى سنة ستين و مأتين.
2- يعني الموعود خروجه في آخر الزمان. (منه) .
3- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهدي» للمنيني، ص 377.
4- نفس المصدر، ص 397.
5- في المصدر: أقدار.

و يا من مقاليد الزّمان بكفّه و ناهيك من مجد به خصّه الباري

أغث حوزة الإيمان و اعمر ربوعه فلم يبق منها غير دارس الآثار (1)(2)

و معنى الأبيات أنّ النّاظم ينادي ممدوحه المهديّ و يستغيث (3)و يصفه بأنّه حجة اللّه على الخلق، و أنّ الأقدار الإلهيّة لا تجري إلاّ برضاه، و أنّ مفاتيح الزّمان و خزائنه بيده، و أنّ كلّ واحدة من هذه الصفات مجد ينهاك أن ننظر إلى غيره، خصّه اللّه تعالى به، ثمّ تفزع إليه و سأله أن يظهر، و يغيث حوزة الإسلام، و يعمر منازله و أماكنه، فإنّها قد اندرست و عفت آثارها.

و هذا بناء على زعم النّاظم أنّ المهديّ محمد بن الحسن العسكريّ، و أنّه حيّ مختف في سرداب ينتظر أو ان خروجه، و تلك أوهام فارغة، و خيالات فاسدة، و لو كان المهديّ موجودا، إذ ذاك، و سمع مثل هذا الإفراط في الغلوّ لحقّ له أن يخلع على ناظمه حلّة حمراء، نسجتها السيوف، و عقلتها (4)أيدي الحتوف، إذ لو كان ممدوحه نبيّا لما ساغ له أن يقول في مدحه: أنّ سوابق الأقدار الإلهيّة (5)لا تجري إلاّ برضاه و اللّه يغفر له (6).

و قال في شرح قوله:

و أنقذ كتاب (7)من يد عصبة عصوا و تمادوا في عتوّ و إصرار

يحيدون عن آياته لرواية رواها أبو شيعون عن كعب الأخبار (8)

ص:509


1- في المصدر: آثار.
2- «الكشكول» للشيخ البهائي، ص 407.
3- في المصدر+: به.
4- في المصدر: أعلمتها.
5- في المصدر+: الأزلية.
6- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهدي» للمنيني، ص 408.
7- في المصدر: كتاب اللّه.
8- «الكشكول» للشيخ البهائي، ص 409، المطبوع في القاهرة، مصر،1305 ق.

بعد ما ذكر حاصل معناه: و لعلّ ذلك تعريض بأهل السّنّة، فإنّهم يحتجّون بالأحاديث التّي ترويها الثقات، و يبيّنون بها مجمل الكتاب، و يقيّدون مطلقه، و يخصّون عامّه، إذا كان الحديث مستوفيا لشروط الصّحّة و القبول بخلاف الشيعة، فإنّهم لا يقبلون من الأحاديث إلاّ ما كان من (1)آل البيت، كما هو مشهور عنهم.

و قد اتّفق لي مع رجل من علمائهم مناظرة، فأردت الاحتجاج عليه بحديث من «صحيح البخاري» فطعن في «صحيح البخاري» . فقال (2): «البخاري» لا يوثق بكلّ ما فيه من الأحاديث، فقلت له: الأحاديث الضعيفة في «صحيح البخاري» محصورة و هي نحو ستّين حديثا، و هي معروفة منصوص عليها، و أكثرها في التراجم و التعاليق، و قد اجتمعت الأمّة على تلقّي صحيحه و «صحيح مسلم» بالقبول، فما هذه الخرافات الّتي تبديها و التلفيقات الّتي كبيت العنكبوت تبنيها؟

و قد ظهر لي منك علامة الابتداع، فلا صحبة لك معي بعدها و لا اجتماع، فتبرأ من الرّفض، و أقسم باللّه أنّه محبّ للشّيخين لكنّه يفضّل عليّا عليهما و هو أهون الشيئين! !» (3).

أقول: فقلت: العبارة من نسخة طبعت مع «الكشكول» بمصر في إدارة أحمد البابي الحلبي، في ربيع الثّاني 1305 هجرية.

في الجواب عن المنيني

أقول: أمّا رواية اسم الأب فقد مرّ ما ذكره الكنجي من الإنكار عليها (4)كما مرّ

ص:510


1- في المصدر+: رواية.
2- في المصدر: و قال.
3- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهدي» للمنيني، ص 409.
4- «البيان في أخبار صاحب الزّمان» المطبوع مع «أحاديث المهدي» ص 86-90.

مذهب جماعة من مشايخ أهل السّنّة مخالفا لما ذكره و هو مشيّد البنيان، قويّ السّلطان، واضح البرهان، و معلوم كالعيان، و لا يحتاج بعد ما سلف إلى بيان، و عصمتهم علم من عدم مفارقة القرآن، و أنّ الغايب دخل أوّل الغيبة السّرداب، لا أنّه فيه أبدا؛ فلاحظ ما أسلفه الشّعراني، و أنّ الحديث تعرّض له أهل السنّة بإعراض و تأويل.

و أمّا قوله: «ليطابق معتقدهم الفاسد» (1)عرفت أن أرتكب أهل السّنّة ما ارتكبوا ليطابق حديثهم الحقّ الواضح، و لا يكون من الكذب الواضح، و حجّة في هذا الزمان لمن بشّر بنبوّة محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في آخر الزّمان، و أنكر نبوّة نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من اليهود و النّصارى على أهل الإسلام كما لا يخفى.

جواب دعواه وفاة ابن الحسن عليه السّلام

و أمّا قوله: «و هذا باطل أيضا بأنّ محمّد بن الحسن المذكور توفّى في حياة والده و أخذ ميراث والده عمّه جعفر و وفاة العسكريّ لسبع خلون من ذي الحجّة سنة اثنتين و ثمانين و ثلاث مأة، كما ذكره ابن خلكان» ففيه جحد و جهل و افتراء، و دعوى بلا شاهد، فمن الّذي أخبره بموت محمّد بن الحسن المذكور، و لعلّ الشيخ من فقاهته و عراقته في حبّ جعفر الفاسق الكذّاب، و حمله فعله على الصحيح أدرك ذلك المجهول في المأة الثّانية عشرة، أو عرف ذلك من رضي خليفة العصر بأخذ جعفر للميراث، و نحو ذلك، و إلاّ فلم لم يذكر من ذكر وفاته فضلا عن كون الوفاة في حياة والده.

فهو افتراء و دعوى بلا شاهد و جهل بالتّواريخ، و لا غرو في أن لا يكون رأى قول ابن خلكان في ترجمته: و لمّا توفّى أبوه كان عمره خمس سنين (2).

ص:511


1- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهدي» للمنيني، ص 377.
2- «وفيات الأعيان» ج 4، ص 176، رقم 562.

و لا ما حكاه فيها عن ابن الأزرق في «تاريخ ميّافارقين» : و أنّه لمّا دخل السّرداب كان عمره أربع سنين، و قيل: خمس سنين، و قيل: إنّه دخل السّرداب سنه خمس و سبعين و مأتين، و عمره سبع عشرة سنة، و اللّه أعلم أيّ ذلك كان (1).

أمانة المنيني في النّقل

و لا في أن لا يعرف تاريخ وفاة العسكريّ من كلام ابن خلكان في تلك الترجمة حيث قال: كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، لما توفّي أبوه كان عمره خمس سنين (2).

فلا غرو في ذلك كلّه بعد ما يكون غلط أو صحف فيما حكاه من ابن خلكان من تاريخ وفاة العسكريّ عليه السّلام فلننقل عبارة ابن خلكان ليظهر الأمانة و الدّيانة أو العلم و الفطانة.

قال، في حرف الحاء المهملة، و ما ننقله في الثامنة و الستين بعد المأة، من النسخة المنقول عنها تلك العبارة ما هذا لفظه:

أبو محمّد الحسن، بن عليّ، بن محمّد بن عليّ، بن موسى الرّضا، بن جعفر الصادق، بن محمّد الباقر، بن عليّ زين العابدين، بن الحسين، بن عليّ بن أبي طالب، رضي اللّه عنهم، أحد الأئمة الاثني عشر، على اعتقاد الإماميّة، و هو والد المنتظر، صاحب السّرداب، و يعرف بالعسكريّ، و أبوه عليّ، يعرف أيضا بهذه النّسبة، و سيأتي ذكره و ذكر بقيّة الأئمّة، إن شاء اللّه تعالى.

و كانت ولادة الحسن المذكور يوم الخميس، في بعض شهور سنة إحدى و ثلاثين و مأتين و قيل: سادس شهر ربيع الأوّل، و قيل: الآخر سنة اثنتين و ثلاثين

ص:512


1- نفس المصدر.
2- نفس المصدر.

و مأتين.

و توفّى يوم الجمعة، و قيل: يوم الأربعاء لثماني (1)خلون من شهر ربيع الأوّل، و قيل: جمادي الأولى، سنة ستّين و مأتين بسرّ من رأى، و دفن بجنب قبر أبيه رحمه اللّه تعالى.

و العسكريّ-بفتح السين المهملة، و سكون السّين المهملة، و فتح الكاف و بعدها راء-هذه النّسبة إلى سرّ من رأى، و لمّا بناها المعتصم، و انتقل إليها بعسكره و قيل لها: العسكر، و إنّما نسب الحسن المذكور إليها لأنّ المتوكّل أشخص أباه عليّا إليها، و أقام بها عشرين سنة و تسعة أشهر، فنسب هو و ولده إليها (2)انتهى.

أقول: فجعل الثماني سبعا، و الرّبيع أو الجمادي الأوليين ذا الحجّة، و السّتين اثنتين و ثمانين، و المأتين ثلاث مأة (3)فياله من علم وفيّ و تدليس خفيّ! و التاريخ الّذي ذكره هذا الفاضل زمان القادر باللّه أبو العبّاس أحمد بن إسحاق بن المقتدر باللّه، و زمان الشريف الرضيّ كما ذكره السيوطيّ في التاريخ (4).

و أمّا قوله: «و أن يطّلع عليه بعض خواص شيعته. . .» (5)، فقد مرّ من كبّار مشايخهم دعوى الوصول إلى خدمته بأتمّ وجه (6)فشهد على هؤلاء بالتخيّلات و الأوهام و لم يؤمن بكرامة أوليائهم.

ص:513


1- في المصدر+: ليال.
2- «وفيات الأعيان» ج 2، ص 94، رقم 169.
3- حيث نقل المنيني في «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهدي» ص 377 عن ابن خلكان بأنّه ذكر: وفاة الحسن العسكري عليه السّلام لسبع خلون من ذي الحجّة سنة اثنتين و ثمانين و ثلاث مأة.
4- «تاريخ الخلفاء» ص 411 و 412.
5- «شرح قصيدة البهائي في مديح المهدي» للمنيني ص 377.
6- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون ص 562؛ «الأنوار القدسية» المطبوع في هامش «الطبقات الكبرى» ص 4.

قوله: «و المهديّ ممدوح الناظم. . .» (1)لا يخفى أنّه لم يمدح من ذكره أهل السنّة بعد قوله بما قال، و لا هو مهديّ عنده.

و أمّا إشكاله عليه بالغلوّ (2)فهو أجلّ من أن يغلو، و هو أحقر من أن يعرف مرامه، و ما ذكره من التّوجيه المتروك (3)ذكره زندقة، و كأنّه لم يقرأ قوله تعالى:

وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (4)و لا عرف أنّ العبد إذا كمل في مرحلة العبوديّة لا يحبّ إلاّ ما يحبّه مولاه، و لا يرضى إلاّ ما يرضاه، و لا عرف مثل قولهم:

«عرضت الناقة على الحوض» (5)، و كيف يكون ذلك غلوّا؟ بعد قوله: «و ناهيك من مجد به خصّه الباري. . . (6)و اقراره بدخول كلّ ذلك فيما خصّه اللّه تعالى به.

و أمّا قوله: «و لو كان المهديّ. . .» (7)فلعلّه يريد الاستدلال بذلك على ان لم يوجد، و فيه.

أوّلا: أنّ عدم التّعرّض أين دلّ على عدم الوجود، حتّى يكون ذلك ثانيا.

و ثانيا: أنّه وجد بإقرار مشايخه الّذين سلف ذكرهم، و لم يتعرّض لهذا المعترض المنكر وجوده وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ اَلَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (8)و إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ

ص:514


1- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهديّ» للمنيني ص 397.
2- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهديّ» للمنيني ص 408.
3- نفس المصدر.
4- الانسان:76، الآية 30.
5- «مجمع الأمثال» ج 2، ص 12، رقم 2412: عرض علىّ الأمر سوم عالّة؛ قال الأصمعى: اصله في الأبل التي قد نهلت في الشرب. . . ؛ و لكن ما في المتن مطابق لما في «المغنى اللبيب» ج 2، ص 696؛ « تفسير القرطبي» ج 1 ص 11.
6- نفس المصدر، ص 407: و يا من مقاليد الزمان بكفه و ناهيك من مجد به خصّه الباري
7- نفس المصدر، ص 408.
8- الروم:30، الآية 60.

لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصارُ (1).

و ثالثا: أنّ دليله العليل مسّبة على أهل الإسلام، و حجّة للطّبيعيين، حيث لا يتعرّض القادر المتعال لكلّ من أشرك به و أشباههم، فليأخذن دليلا على كفرهم البداح، أخذا من هذا المقباح.

و أمّا قوله: «و لعلّ ذلك. . .» (2)ففيه أنّه ليس تعريضا، بل هو صريح، و لكنّه حادّ عن مورد الإعراض للإعراض، و ليس هنا مجال تفصيله و لا يخفى على أهل البصيرة.

و أمّا «ما ذكره في حقّ الصّحيح» (3)فلا نراه يلتزم به و إلاّ فما أسلفناه عنه و عن أخته و أضرابهما يبطل جملة وافرة، ممّا يفرح به المعترض أو يدّعي كون كلّ ذلك ممّا أشار إليه من الضعاف فيتجاوز الحد المورد؛ فلاحظ (4).

ص:515


1- إبراهيم:14، الآية 42.
2- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهديّ» للمنيني، ص 409.
3- نفس المصدر.
4- و يقرب منها ما رواه الحافظ نور الدين عليّ بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي القاهري المصريّ الشّافعيّ الحافظ العراقي في «مجمع الزوائد» قال: و عن ابن عبّاس، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحرس، و كان يرسل معه عمّه أبو طالب كلّ يوم رجالا من بني هاشم، حتّى نزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اَللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّاسِ فأراد عمّه أن يرسل معه من يحرسه، فقال: «يا عمّ! إنّ اللّه قد عصمني من الجنّ و الانس» رواه الطبراني و فيه النضر بن عبد الرحمان و هو ضعيف. عن أبي سعيد الخدري، قال: كان العباس عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيمن يحرسه فلمّا نزلت وَ اَللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّاسِ ترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحرس رواه الطبراني في الصغير و الأوسط، و فيه عطية العوفي و هو ضعيف. أقول: لو عصمه اللّه في حياة أبي طالب في مكّة فيما بقي من عصره، فما ذا الخروج إلى الغار؟ و ما ذا ما ملؤا منه الصّحاح من سحرهم له فيما زعموا؟ و ما ذا رووا من عايشة في سحره من قول يزعم أنه يفعل و لا يفعل؟ و ما ذا سمّ خيبر و غيره؟ و ما ذا ما جرى عليه في أحد من شجّه و كسر الثنايا؟ فيما زعموا، أو يخلف اللّه الميعاد؟ (منه) .

و أمّا قوله: «و هو أهون الشيئين» (1)فقد شان به أجلّة من طبقات أهل الإسلام من زمن الصّحابة إلى تلك الأوان يعرفهم أهل البصيرة بأحوال الرّجال، فالقائلون بأفضليته ليسوا بقليل.

كلام ابن حجر

اشارة

و قال الشيخ ابن حجر في «الصواعق» في الآية الثانية عشرة من الآيات، في أهل البيت، في ضمن كلام له في المهديّ: و يردّه أيضا قول عليّ: «مولد المهديّ بالمدينة» و محمد الحجة هذا إنّما ولد بسرّ من رأى، سنة خمس و خمسين و مأتين، و من المجازفات و الجهالات زعم بعضهم أنّ رواية «أنّه من أولاد الحسن» و رواية «اسم أبيه اسم أبي» كلّ منهما و هم، و زعمه أيضا أنّ الأمّة اجتمعت على أنّه من أولاد الحسين و أنّى له بتوهيم الرواة بالتّشهيّ، و نقل الإجماع بمجرّد التّخمين (2)و القائلون من الرافضة بأنّ الحجّة هذا هو المهديّ، يقولون: لم يخلف أبوه غيره، و مات و عمره خمس سنين آتاه اللّه فيها الحكمة، كما آتاها يحيى عليه السّلام صبيّا، و جعله إماما في حال الطفولية، كما جعل عيسى كذلك، توفّي أبوه بسرّ من رأى، و تسترّ هو بالمدينة، و له غيبتان صغرى من سنة (3)ولادته إلى انقطاع السّفارة بينه و بين شيعته و كبرى و في آخرها يقوم و كان فقده يوم الجمعة سنة ستّ و تسعين و مأتين، فلم يدر أين ذهب خاف على نفسه. فغاب» (4).

ص:516


1- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهديّ» للمنيني ص 410، المطبوع في آخر «الكشكول» القاهرة.
2- في المصدر+: و الحسد.
3- في المصدر: منذ.
4- «الصواعق المحرقة» الفصل الأوّل في الآيات الواردة في فضائل أهل البيت، الآية الثانية عشر، ص 100.

ثمّ نقل ملخص ما سلف عن ابن خلكان و قال: «و كثير أنّ العسكريّ لم يكن له ولد لطلب أخيه جعفر ميراثه من تركته لمّا مات، فدلّ طلبه أنّ أخاه لا ولد له، و إلاّ لم يسعه الطلب، و حكى السّبكي عن جمهور الرافضة، أنّهم قائلون بأنّه لا عقب للعسكريّ، و أنّه لم يثبت له ولد بعد أن تعصّب قوم لإثباته، و أنّ أخاه جعفرا أخذ ميراثه، و جعفر هذا ضلّلته فرقة من الشيعة، و نسبوه للكذب في ادّعائه ميراث أخيه، و لذا سمّوه، و اتّبعته فرقة و أثبتوا له الإمامة.

و الحاصل أنّهم تنازعوا في المنتظر بعد وفاة العسكريّ على عشرين فرقة، و أنّ الجمهور غير الإمامية على أنّ المهديّ غير الحجة هذا، إذ تغيب شخص هذه المدّة المديدة من خوارق العادات، فلو كان هو لكان وصفه صلى اللّه عليه و سلم بذلك أظهر من وصفه بغير ذلك ممّا مرّ.

ثمّ المقرّر في الشريعة المطهرة أنّ الصغير لا تصحّ ولايته، فكيف ساغ لهؤلاء الحمقي المغفلين أن يزعموا إمامة من عمره خمس سنين، و أنّه أوتي الحكم صبيّا مع أنّه صلى اللّه عليه و سلم لم يخبر بذلك (1)ما ذلك إلاّ مجازفة و جرأة على الشّريعة الغرّاء.

قال بعض أهل البيت: و ليت شعري من المخبر لهم بهذا و ما طريقه؟ و لقد صاروا بذلك و بوقوفهم بالخيل على ذلك السّرداب، و صياحهم بأن يخرج إليهم ضحكة لأولى الألباب و لقد أحسن القائل:

ما آن للسّرداب أن يلد الّذي كلّمتوه بجهلكم ما آنا

فعلى عقولكم العفاء فإنّكم ثلّثتم العنقاء و الغيلانا

و زعمت فرقة من الشيعة: أنّ الإمام المهديّ هو أبو القاسم محمّد بن عليّ بن عمر بن الحسين السبط، حبسه المعتصم فنقب (2)شيعته الحبس، و أخرجوه،

ص:517


1- في المصدر: به.
2- في المصدر: فنقبت.

و ذهبوا به، فلم يعرف له خبر (1). . . إلى أن قال:

ثمّ من عجيب تناقض الرافضة أنّهم لم يدعوها-أي الإمامة (2)-لزيد و إسحاق مع جلالتهما، و ادّعاء زيد لها، و من قواعدهم أنّها تثبت لمن ادّعاها (3)و أظهر خوارق العادة الدالة على صدقه، و ادّعوها لمحمّد الحجّة، مع أنّه لم يدّعها، و لا أظهر ذلك، لغيبته عن أبيه صغيرا على ما زعموا و اختفائه، بحيث لم يره إلاّ آحاد زعموا رؤيته، و كذّبهم غيرهم فيها، و قالوا: لا وجود له أصلا كما مرّ.

فكيف يثبت له ذلك (4)بمجرّد الإمكان و يكفي (5)العاقل بذلك في باب العقائد؟ .

ثمّ أيّ فائدة في إثبات الإمامة لعاجز عن أعبائها؟ ثمّ ما هي الطريق المثبتة؟ لأنّ كلّ واحد من الأئمّة المذكورين ادّعى الإمامة (6)و أظهر الخوارق على ذلك، مع أنّ الطّافح من كلماتهم الثابتة دالّ على أنّهم لا يدّعون ذلك، بل يبعدون منه، و إن كانوا أهلا له، ذكر ذلك بعض أهل البيت النّبويّ الّذين طهّر اللّه قلوبهم من الزيغ و الضّلال و نزّه عقولهم من السّفه و تناقض الأداء لتمسّكهم بواضح البرهان و صحيح الاستدلال، و ألسنتهم عن الكذب و البهتان الموجب لأولئك غاية البوار و النّكال» (7).

ص:518


1- «الصواعق المحرقة» ص 100.
2- في المصدر-: أي الإمامة.
3- في المصدر+: من أهل البيت.
4- في المصدر-: ذلك.
5- في المصدر: يكتفي.
6- في المصدر+: بمعنى ولاية الخلق.
7- «الصواعق المحرقة» الفصل الأوّل في الآيات الواردة في فضائل أهل البيت، الآية الثانية عشر، ص 101.
الجواب عن ابن حجر

أقول: قد أسلفنا الكلام في مهدوية الحجّة بما لا يقبل التّشكيك بما نقله، و أنّ الكلام في روايتي كونه «من ولد الحسن و اسم الأب» صدر من أهل السنّة أيضا، و هذه النّزهات لا تقيم روايتهما، و قد سلف عن «عقد الدّرر» ما يلايم الإجماع الّذي هو من خصائصهم (1)و إلاّ فالشّيعة لم يقولوا بذلك من الإجماع، و لا به يستدلّون على من أنكره نظير ما في رسالة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كما لا يخفى.

و قول الشّيخ «من الرّافضة» تشنيع على أهل الحقّ، و إغراء للقوم عليهم، و إلاّ فالرّفض بزعمه عمل يصدر عن بعض من قال بالإمامة و لا يعمّ و ذلك واضح.

و ردّ من قال: «بكون الحجّة هو المهديّ» و بطلان قوله يحصل من أمور قد أبى اللّه وجودها.

و لا أدري المراد من قوله: «تسترّ هو بالمدينة» أهي سرّ من رأى بقرينة السّرداب أو مدينة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من لا يعرف أقوال الناس ماله و الحكاية، من الّذي ذكر الاستتار بالمدينة المنوّرة، و من ذكر الغيبة؟ كما ذكر من حين الولادة، و أوّل الغيبة الكبرى سنة ثمان و عشرين و ثلاث مأة، و مدّة الغيبة الصغرى أربع و سبعون سنة، كما عن «كشف الغمّة» (2)و عبارة ابن خلكان قد سلفت (3).

أن لا يصح النفي

و أمّا قوله: «و كثير أنّ العسكريّ لم يكن له ولد لطلب. . .» (4)فقد أخبر عنهم

ص:519


1- «عقد الدرر» الباب الأوّل و الثاني، ص 21،23،24،33،38.
2- «كشف الغمّة» ج 2، ص 530.
3- «وفيات الأعيان» ج 4، ص 176، رقم 562.
4- «صواعق المحرقه» الفصل الأوّل في الآيات الواردة في فضائل أهل البيت، الآية الثانية عشر، ص 100.

الصّادق عليه السّلام في الرّواية السّابقة (1)، و لا يخفى أنّ عدم الولد في الظّاهر كاف في الطلب، فلا يدلّ على العدم في الواقع، مع ما علم من جعفر من الطّلب إلى السّلطان أن يجعل له مرتبة أخيه، و سائر الفسوق الّتي لا ينفرد بنقلها الإماميّة، فنفي الولد بلا وجه و لا يصحّ النّفي إلاّ ممّن كان ملازما للعسكريّ عليه السّلام ليلا و نهارا، لا يفارقه أبدا، فرآه لم يتزوّج (2)و لم يتيّسر، أو أقرّ عنده بأن لم يلد له، و لا يحتمل أيضا، و إلاّ فالنّفي منهم لا يزاحم الإثبات، كما في سائر موارد الدّعاوي و النّفي و الإثبات، و أيّ من الكثير اتّفق لهم ذلك حتّى يقابلوا المثبتين؟

إنّ الاختلاف لا يدلّ على البطلان

و أمّا حكاية السّبكي فليته عيّن رجاله لنعرفهم، و لعلّ نظره أيضا إلى ما تشتّت إليه الأهواء بعد وفات العسكريّ عليه السّلام، حيث إنّ بعضهم أنكر وجود الولد فضلّ و أضلّ و ليت الشّيخ ابن حجر أشار إلى الفرق العشرين و أقوالهم لنراها، ثمّ أقام الدليل على دلالة الاختلاف، على أنّ الكلّ على الباطل لا حقّ فيهم أصلا ليتمّ حجّة بالغة لمن يبطل الشرايع بالاختلاف، أو أصل الشّريعة به تعصّبا في إبطال الحقّ المبين، و إلاّ فما ذا يجدي هذه الكلمات في تلك الخصومات؟

أ فيزيد هذه الاختلافات على ما يكون من المعتزلة و الأشاعرة و أضرابهما من الخصومات في أصول الدّيانات، و صفات الرّبّ في طرفي النفي و الإثبات.

لا يصح دعوى المغايرة

قوله: «و إنّ الجمهور غير الإمامية. . .» (3)يردّ عليه أنّ المشايخ الّذين سبق

ص:520


1- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» ، الباب الخامس، ص 133.
2- الصحيح ما أثبتناه و لكن في النسخة المخطوطة: لم يتزرج.
3- «الصواعق المحرقة» ص 100.

ذكرهم-فضلا عمّن لم نذكرهم ممّن يوافقهم من الإماميّة-هم أمّ من أركان أهل السنّة؛ فلاحظ بإنصاف.

و أيضا ما وجّه دعوى الجمهور المغايرة قبل حصول الغيبة و قبل طول أمدها بما يكون موردا لما زعم، فإنّ ما ذكره يتمّ دليلا بعد طول زمانها لا مطلقا، فإن لم يكن لهم دليل ما عرف حالهم و حال قولهم أو النّقل عنهم.

أن لا قول يحكى

فإن قلت: إنّ الجمهور لم يلتفتوا في تلك الأوان إلى لزوم وجود خليفة، و إمام أسلفت وصفه من أخبارهم، و كانوا يكتفون بخلافة البارزين في الخليفة، و الإمام الأعظم، و التّعرّض للاتّحاد و المغايرة إنّما يكون بعد الإذعان بلزوم وجود رجل مرجع النّاس غير البارزين.

قلت: فلا يكون لهم قول حتّى يحكي، و كذا لا يلزم معرفة الخليفة قبل فوزه بالمنصب، حتّى يبحثوا عمّن يكون خليفة آخر الزّمان، و بعد انقطاع الخلافة الظاهرة الّتي يرونها خلافة الرّسالة، فيكون لهم فول في مرحلة تعيين ذلك الشخص، فكيف يضيف إليهم نفي الاتّحاد و إثبات التّعدّد؟

و إن استنبط ذلك من قولهم بكون المهديّ خليفة آخر الزّمان، و إذعانهم بوجود الخليفة بعد العسكريّ عليه السّلام بطويل.

ففيه: أنّه قال هو أو غيره حكاه في شرح الشّفا: «أنّ من أنكر صحبة أبي بكر كفر أو قتل، و لو أنكر أصل وجوده لم يقتل أو لم يكفر» (1)و لازم القول ليس بقول، فلا يكون ذلك منشأ نسبة القول؛ فلاحظ.

ثمّ إنّه-بعد الاعتراف بكون التّغيب من خوارق العادات-من أين علم أنّ

ص:521


1- «نسيم الرياض» ج 4، ص 566 و 567؛ هذا نقل بالمضمون.

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يخبر به في الواقع؟ أ فمن عدم وجود ذكره في الصّحيحين؟ و ما يرجى في الغيبة ممّن يضرب على حديث: «لو أنّ النّاس اعتزلوهم» (1)و يبطل حديث: «القضاء بالشاهد و اليمين» (2)مع إبطالها لما يراه من الخلافة، فلاحظ. مع أنّا حكينا ما عثرنا عليه مع القصور.

هذا و الغيبة الممتدّة هذا الامتداد لجهالة النّاس بحال الغايب و نحوها ممّا لا يصحّ أن يكون وصفا معرّفا للمهديّ؛ كما لا يخفى.

فساد ما أبطل من ولاية الصّغير سنّا

و أمّا قوله: «ثمّ المقرّر في الشّريعة. . .» (3)أ و هذا من خواصّ هذه الشريعة؟ أو قوله: وَ آتَيْناهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا (4)كان من خواصّ تلك الشريعة؟ أو ليس قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «ليقض (5)فيكم ما وقع في الأمم السابقة (6)و نحو ذلك، أو يمتنع أن يكون الصغير سنّا بالغا بحسب العقل؛ و قد قالوا: «أنّ المباهلة لا تجوز إلاّ بمن كلّف» (7)و قد باهل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بولديه (8).

ص:522


1- «خصائص مسند أحمد بن حنبل» ص 18؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 9، ص 287.
2- «سنن ابن ماجة» ج 2، ص 793، ح 2370؛ «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد، ج 16، ص 269.
3- «الصواعق المحرقة» ص 100.
4- مريم:19، الآية 12.
5- في المصدر: «يقع» أو «يكون» .
6- «كمال الدين» ج 2، الباب السابع و الأربعون، ص 530؛ الباب الرابع و الخمسون؛ ص 576؛ «بحار الانوار» ج 28، ص 20.
7- «التبيان في تفسير القرآن» ج 2، ص 485.
8- «الكامل في التاريخ» ج 2، ص 293؛ «الدر المنثور» ج 2، ص 38 و 39.

و استدلّ بعض القوم من ذلك على كمال عقلهما في الوقت و تكليفهما (1)، و حديث تمرة الصّدقة قد ملأ «المسند» (2)و غيره (3)فما ذا ينكر من التّكليف في صغر السّنّ بكمال العقل، و إنّما أخذ ذلك ممّا وقع في بني مروان و بعض بني العبّاس حيث أخّروا من لم يبلغ مبلغ الرجال؛ فلاحظ المبدء و المآل هذا.

سنّ الجواد حال إمامته باعتراف ابن حجر

و الشّيخ معترف في كلامه ذلك باجتماع الشّرائط في باقي الأئمّة عند ما يقول:

«الإماميّة بإمامتهم» (4)و مع ذلك فعبارة «الصواعق» في محمّد الجواد هكذا: و ممّا اتّفق له أنّه بعد موت أبيه بسنة واقف و الصّبيان يلعبون أزقة بغداد، إذ مرّ المأمون ففروا و وقف محمّد-و عمره تسع سنين فألقى اللّه محبته في قلبه. . . فساق الحديث إلى أن قال: فلم يزل مشفقا به لما ظهر له بعد ذلك من فضله، و علمه، و كمال عظمته، و ظهور برهانه، مع صغر سنّه، و عزم على تزويجه بابنته أمّ الفضل، و صمّم على ذلك فمنعه العباسيّون من ذلك، خوفا من أن يعهد إليه، كما عهد إلى أبيه، فلمّا ذكر لهم أنّه إنّما اختاره لتميّزه على كافّة أهل الفضل علما و معرفة و حلما مع صغر سنّه. . . (5)» و بذلك يعرف الموصوف بما ذكره من الذم و الشّتم.

و أمّا قوله: «و بوقوفهم بالخيل. . .» (6)فكذب مفترى فلا يرونه ساكن السّرداب و إن كانوا يستغيثون به في كلّ مكان، إظهارا للإقرار بوجوده، و للشّوق إلى لقائه

ص:523


1- «التبيان في تفسير القرآن» ج 2، ص 485.
2- «مسند أحمد بن حنبل» ج 1، ص 200 و 201.
3- «صحيح مسلم» الجزء الثالث، ج 2، ص 117.
4- «الصواعق المحرقة» ص 101؛ هذا نقل بالمضمون.
5- «الصواعق المحرقة» الفصل الثالث في الأحاديث الواردة في بعض أهل البيت، ص 123.
6- نفس المصدر، ص 100.

و دولته و لأغراض أخر واضحة لائمة.

و أمّا قول القائل فيشبه السّؤال عن وقت العذاب أو قيام السّاعة وَ يَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (1)أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ* فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ اَلْمُنْذَرِينَ (2).

و قد مرّ من محيى الدّين ما يرشد إلى حال علمائهم معه فراجع (3).

ثمّ المعروف من الشعر في الشّطر الثّاني: «صيّرتموه بزعمكم إنسانا» (4).

ثمّ القائل به و غيبته قد علم ممّا سلف، فانظر لمن يسبّ هذا الشّاعر و بأيّ مسبة؟ من أهل البيت و من فوقهم، و علماء أهل السّنّة فمن دونهم، و بمثل ذلك يبطل الحقّ إبطالا.

تغليطه فيما حكى من وجوه

و أمّا قوله: «و زعمت فرقة من الشيعة. . .» (5)ففيه أنّ هذه كتب النّسب و ليست بعزيزة الوجود، فليراجعه من أراد، من الّذي ذكر: أنّ للحسين السّبط ولدا يسمّى عمر عاش و أعقب؟ ! ! و من الّذي لم ينصّ بانحصار عقبه في عليّ السّجاد عليه السّلام؟ ! ! و إن كنّا قد أثبتنا أنّ لعليّ الشّهيد أيضا [أعقابا]لا نعرفهم لإجمال الدليل القائم عليه هذا أوّلا.

و أمّا ثانيا: فمن ذكر أبا القاسم محمّد بن عليّ و خروجه و نحوه و اتّباع النّاس له بعنوان كونه المهديّ في عصر المعتصم العبّاسيّ؟

ص:524


1- الإسراء:17، الآية 51.
2- الصافات:37، الآية 176 و 177.
3- «إسعاف الراغبين» المطبوع في هامش «نور الأبصار» ص 141-146.
4- «الرد على ابن حجر العسقلاني» المنقول في «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» ج 10، ص 176، رقم 365.
5- «الصواعق المحرقة» ص 100.

و ثالثا: من الّذي ذكر [ادّعى]دعوى الغيبة في محمّد الّذي حبسه المعتصم؟

و رابعا: من الذي كنّاه بأبي القاسم، هذا و الذي حبسه المعتصم على ما ذكره أبو الفرج الإصبهاني في كتابه «مقاتل الطالبين» هو محمّد بن القاسم بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب و كنيته أبو جعفر (1)و لقصّته شرح ذكره، بايعه النّاس، و كان على مذهب الزيديّة، يرى الخروج، و خرج، فقاتل إلى أن انهزم و اختفى في نساء ثمّ أخذ و حبس، ثمّ فرّ من الحبس بحيلة عملها، فهرب و اختفى في واسط عند أمّ ابن عمّه، عليّ بن الحسين، فمرض من الوّهن الّذي أصاب ظهره حتّى مات بواسط (2).

و قال أحمد-يعني الحرث الجزّار (3): و توارى محمّد بن القاسم أيّام المعتصم و أيّام الواثق، ثمّ أخذ في أيّام المتوكّل (4)فحبس حتّى مات في محبسه.

و يقال (5): إنّه دسّ إليه سمّا فمات منه. و من أراد تفصيل القصّة فعليه بكتاب أبي الفرج (6).

فإن أراد الشّيخ ممّن ذكره ذلك الرّجل فانظر الأصل و ما نقل «و ليست بأوّل قارورة كسرت في الإسلام» كما عرفت و إن أراد غيره فليته أتانا فيه بسلطان مبين.

و أمّا قوله: «و من قواعدهم. . .» (7)ففيه أنّ الخلافة عند الإماميّة موهبة إلهيّة،

ص:525


1- «مقاتل الطالبين» ص 577.
2- «مقاتل الطالبين» ص 578-587.
3- في المصدر: الخرّاز.
4- في المصدر+: فحمل إليه.
5- في المصدر+: قال.
6- «مقاتل الطالبين» ص 578-588.
7- «الصواعق المحرقة» ص 101.

جعلها لعدّة نقباء بني إسرائيل، و هم في الواقع أولو المعجزات الباهرة، و لا يشترط في ثبوتها لهم إظهار معجزة أبدا، و إن ظهرت منهم ما ملأ الأسماع، و لا يتوقّف الثبوت أيضا على دعواها، يعرف ذلك من الكلام في أخبار الباب الأول أيضا، بل لوجودها مباد أخر أسلفنا هناك الإشارة إليها، و ما ذكره قريب ممّا عليه الزيديّة، و ليس به أيضا لأنّهم لا يشترطون إظهار الخوارق أيضا، بل و لا الدّعوى، بل يقولون: بإمامة من قام بالسّيف و دعى إلى اللّه تعالى و قاتل أعدائه (1)فظهر ان لم يدّع الإمامة للحجّة، بل حباه اللّه بها كما سلف بيانه.

و أمّا قوله: «لغيبته عن أبيه» (2)فمن عجيب الأقوال.

و قوله: «على ما زعموا» (3)من واضح الافتراء فقد مرّ كلامه و كلام ابن خلكان الّذي حكى ملخصه في زعمه و الغيبة في السّرداب بسرّ من رأى (4).

أن لا يتحقق تكذيب صحيح

و أمّا قوله: «و اختفائه بحيث لم يره إلاّ آحاد زعموا رؤيته و كذّبهم غيرهم فيها و قالوا لا وجود له أصلا» (5)ففيه: أنّه إذا اعترف برؤية الرّائين فتكذيب مكذّبهم من أحد وجوه:

الأوّل: أنّ هؤلاء المدّعين لم يحصل منهم روية شخص أبدا، فأخبروا بفعل لهم لم يصدر منهم أصلا.

ص:526


1- «فرق الشيعة» للنوبختي، ص 57؛ «الملل و النحل» للشهرستاني، ج 1، ص 249، باختلاف يسير.
2- «الصواعق المحرقة» ص 101.
3- «الصواعق المحرقة» ص 101.
4- نفس المصدر، ص 100.
5- نفس المصدر، ص 101.

الثاني: أن يصدّقوهم في وجود أصل الرؤية، و لكن يكذّبونهم في كون المرئيّ شخصا من بني آدم، بل أدركوا صورا خيالية نظير ما يلتبس على بعض أهل الجبن في بعض الموارد.

الثالث: أن يقبلوا منهم ذلك أيضا و ينكروا كون المرئيّ هو شخص ابن الحسن و يدّعوا أنّ المرئيّ المشاهد لكم غيره، فتوهّمتم أنّه ابن الحسن، و ليس به، بل كان غيره.

و بالجملة فالتّكذيب الصّحيح لمدعي رؤيته عليه السّلام ما ينشأ عن العلم بأحد الوجوه الثلاثة في حقّ المدّعي و مرئيه.

و من الواضح الضروريّ أن لا يصحّ تكذيب مدعي فعل صدر عنه في غياب الخصم، و أن لا يقبل ذلك التكذيب من غير حجّة واضحة عند أهل العقول، و كذا لا يقبل تغليط الجمّ الغفير، و دعوى أن شاهدوا صورا خلقها القوّة الوهميّة من غير سلطان مبين، فيبطل التكذيب النّاشي من الوجهين الأولين عند أولي الألباب من غير ارتياب، فينحصر فيما ينشأ من الثالث، و يبطل التكذيب منه أيضا بأنّ قصص هؤلاء الرّائين قد احتوت على أمور تعيّن كون المرئيّ حجّة على العباد من الأخبار بالغيب و نحوه من الخوارق، كما يعرف من مراجعة جلّ قصصهم، فما ذا يضرّهم التكذيب أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى* وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى* عِنْدَ سِدْرَةِ اَلْمُنْتَهى (1).

هذا مضافا إلى أنّ الإخبار برؤية شخص خاص إنّما يصحّ بعد العلم بكونه إيّاه، و إلاّ دخل في الكذب في القول، و القوم لم يعهد النفاة منهم كذبا، و إلاّ لقالوا هؤلاء كذّابون و نحو ذلك، و لم نجد منهم مثله، بل التكذيب ممّن رأى أنّ الحادي عشر كان عقيما مضى و لم يولد له، أو توفّي من ادّعى رؤيته قبل زمان الرّؤية، أو مات

ص:527


1- النجم:53، الآية 13 و 14.

بطول زمان غيبته، و انقطاع الطعام و الشّراب منه، أو أصل طول الزّمان، و مثل ذلك.

و قد عرفت انّ باب العلم بعدم وجود المرئيّ من تلك الوجوه كان منسدّا لآحاد هؤلاء المكذّبين و النفاة، حيث لا يوجد فيهم من لازمه في عمره، أو أقرّ له في آخر عمره بعدم الولد، و لا نحو ذلك، و لا من شهد جنازة الولد، و لا من أخبر متواترا، و نحوه بموته، و نحو ذلك وَ إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ (1)فماذا يضرّ وجود آلاف ممّن يكذّب خرصا و يمتري.

و بالجملة فالتكذيب على الثالث إنّما يسع ممّن حضر المشاهدة، و رأى أنّها وقعت على زيد بن بكر مثلا دون الحجّة ابن الحسن، و لم يقع ذلك جزما، و ممّن يعلم علما صحيحا لا مرية فيه عن مدرك صحيح عن حسّ، و ما هو بمنزلته أنّ ابن الحسن لم يوجد، أو خرج بالموت عن قابلية المشاهدة، و اللّه جلّ جلاله لم يخلق مصداقا لذلك العنوان، أو يبطل كلّ تلك الأحاديث الّتي سقناها، و يأبى اللّه و المسلمون ذلك.

و أيّا ما كان فقد اتّضح أنّ إثبات الإمامة له عليه السّلام ليس من مجرد الإمكان، كما جرى من الشيخ على اللّسان، بل من عدم إمكان إمامته، فقد ترى ضاق الخناق، وَ ظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اَللّهِ إِلاّ إِلَيْهِ (2).

و يكفي في ذلك أخبار الباب الأوّل فضلا عن غيره كما عرفته.

و أمّا التّحقيق الرّشيق بقوله: «ثمّ أيّ فائدة. . .» (3)فالجواب الإجمالي اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (4)فقد عرف عدم العجز، و أنّه من أيّ وجه عجزه، أفمن

ص:528


1- الأنعام:6، الآية 116.
2- التوبة:9، الآية 118.
3- «الصواعق المحرقة» ص 101.
4- الأنعام:6، الآية 124.

صغر سنّه الشريف بعد ما كان الخلافة الإلهيّة على منهاج النبوّة؟ و قد قال:

وَ آتَيْناهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا (1)نعم قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي اَلْمَهْدِ صَبِيًّا (2)و كأنّ لم يسمعوا قالَ إِنِّي عَبْدُ اَللّهِ آتانِيَ اَلْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا (3)وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ اَلزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (4)«و السّلام عليّ يوم ولدتّ و يوم أموت و يوم أبعث حيّا» (5).

فعيسى مأمور بالصلاة و الزكاة مادام حياته، و من أوّل أمره، و لا تكليف إلاّ على بالغ عاقل، و فعل صبيّ يوسف فعل كاملى العقول.

و قد روى الدميري قصة أخرى نحوها فيما تعرض تكلّم الصبيان و فعل الصبيّ في حجر أمّه فيما رووه في قصّة أصحاب الأخدود (6)ما عجز عن مثله كمّل الرجال فيما زعموا، فما كان يأتي منه إنفاذ الأحكام أو بعث الجيوش أو ترتيب الملك فرأه كأحدنا، فقالوا: ما قالوا، و لم يروه من نسخة يقرّوا له: وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (7)بتقبيل أقدامه و ما يضع عليه من الثرى أو من غيبته.

ص:529


1- مريم:19، الآية 12.
2- مريم:19، الآية 29.
3- مريم:19، الآية 30.
4- مريم:19، الآية 31.
5- مريم:19، الآية 33.
6- قال السيوطي في «الدر المنثور» : كان بعض الجبابرة خدّ أخدودا في الأرض و جعل فيها النيران و عرض للمؤمنين على ذلك فمن تابعه على كفره خلى عنه و من أبى ألقاه في النار فجعل يلقى حتّى أتى على امرأة و معها بني لها صغير فكانها أنفت النار فكلّمها الصبي، فقال: يا أمه قعي في النار و لا تقاعسي، فألقيت في النار، و اللّه ما كانت إلاّ نقطة من نار حتّى أفضوا إلى رحمة اللّه تعالى «الدر المنثور» ج 6، ص 332 و 333.
7- الإسراء:17، الآية 109.

و قد مرّ أنّها غيبة إلهية لم يفعل إلاّ ما أمره اللّه تعالى به، و ما رضيه له حتّى يصلح أمره في ليلة فيظهره لتطهير الأرض، و إظهار العدل، و كيف لا يتأمّل العاقل ما أسلفناه في باب العقائد؟ فيضلّ و يضلّ، فقد أوضحنا بعض طرق إثبات الحق الواضح.

أن لم يتمكّنوا من دعوى الخلافة

و أمّا قوله: «مع أنّ الطافح. . .» (1)ففيه أنّه كيف يجمعه مع ما ذكره من الدعوى و إظهار الخوارق على ذلك؟ و أنّهم كيف يظهرون دعوى الإمامة و الخلافة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ و هم مهدور (2)الدم بذلك، كما أومى إليه، أو نادى به بأعلى صوتها الواقعة الحسينيّة في طفّ كربلا، و عدم الإظهار لذلك لا يدلّ على عدم الخلافة و الإمامة و الإمارة في حكم اللّه و رسوله، و من أعظم المصيبات ذكر ذاكر هذه الكلمات بعنوان بعض أهل البيت و برهان ذلك واضح ممّا ذكرناه في تضاعيف الكتاب، كما يظهر منه حال ما دحضه به؛ فلاحظ.

كلام العلاّمة الحليّ رحمه اللّه

و قال العلاّمة رحمه اللّه في «نهج الحق» في قوله: «المطلب الثاني في زوجته و أولاده» : و كان سبطاه الحسنان أشرف النّاس بعده، ثمّ روى فيهما روايات من طرق أهل السّنّة. . . إلى أن قال: و كان مولانا زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السّلام أعبد أهل زمانه، و أزهدهم، يحجّ ماشيا و المحامل تساق معه، و ولده الباقر، سلّم عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لجابر: «إنّك (3)تدرك ولدي محمّدا الباقر، إنّه يبقر

ص:530


1- «الصواعق المحرقة» ص 101.
2- النسخة المخطوطة+: و لكن الصحيح ما أثبتناه.
3- في المصدر: أنت.

العلم بقرا، فإذا رأيته قاقرأه عنّي السّلام.

و الصّادق أعلم أهل زمانه، و أزهدهم، و كان يخبر لغيب، و لا أخبر بشيء إلاّ وقع، و لهذا سمّوه صادقا.

و كان الكاظم ولده (1)أزهد أهل زمانه و أعلمهم، و كذا ولده الرّضا، و الجواد، و الهادي، و العسكريّ، و المهديّ (عليهم أفضل الصّلاة و السلام) ، فهؤلاء الأئمّة الاثني عشر، لم يسبقهم سابق، و لا يلحقهم لاحق، اشتهر زهدهم و فضلهم (2)بين المخالف و المؤالف، و أقرّوا لهم بالعلم، و لم يؤخذ عليهم في شيء ألبتة، كما أخذ على غيرهم، فلينظر العاقل بعين البصيرة، هل ينسب هؤلاء الزهّاد، المعصومون العلماء إلى من لا يتوقى المحارم، و لا يفعل الطاعات» ؟ (3).

كلام ابن روزبهان

اشارة

و قال فضل اللّه بن روزبهان بن فضل اللّه الخنجيّ مجيبا عن هذا الإمام الهمام و الحبر القمقام: أقول: «ما ذكر من فضائل فاطمة صلوات اللّه على أبيها و عليها و على سائر آل محمّد السلام، أمر لا ينكر، فإنّ الإنكار على البحر برحمته، و على البرّ بسعته، و على الشمس بنورها، و على الأنوار بظهورها، و على السّحاب بجوده، و على الملك بسجوده، إنكار لا يزيد للمنكر إلاّ الاستهزاء به، و من هو قادر على أن ينكر على جماعة، هم أهل السّداد، و خزّان العلم [و]معدن النبوّة (4)و حفّاظ آثار الفتوّة (5)صلوات اللّه و سلامه عليهم؟ ! ! و نعم ما قلت فيهم منظوما:

ص:531


1- في المصدر-: ولده.
2- في المصدر: فضلهم و زهدهم.
3- «نهج الحق و كشف الصدق» القسم الثالث في الفضائل الخارجية، المطب الثاني، ص 255-259.
4- في المصدر: خزّان معدن النبوّة.
5- في المصدر: حفّاظ آداب الفتوة.

[نظم]

سلام على المصطفى المجتبى سلام على السيّد المرتضى

سلام على (1)فاطمة من اختارها اللّه خير النّساء

سلام من المسك أنفاسه على الحسن الألمعي الرّضا

سلام على الأوزعي (2)الحسين شيهد برى جسمه كربلاء

سلام على سيّد العابدين عليّ بن الحسين المجتبى

سلام على الباقر المهتدي سلام على الصّادق المقتدى

سلام على الكاظم الممتحن رضيّ السّجايا إمام التّقى

سلام على الثّامن المؤتمن عليّ الرّضا سيّد الأصفياء

سلام على المتّقي النّقيّ محمّد الطيّب المرتجى

سلام على الأربحيّ النّقيّ عليّ المكرم نادى (3)الورى

سلام على السيّد العسكريّ إمام يجهزّ جيش الصّفا

سلام على القائم المنتظر أبي القاسم القرم نور الورى (4)

سيطلع كالشّمس في غاسق ينجيه من سيفه المنتضى

ترى (5)يملأ الأرض من عدله كما ملئت جور أهل الهوى

سلام عليه و آبائه و أنصاره ما تدور السّماء (6)

انتهى.

ص:532


1- في المصدر+: ستّنا.
2- في المصدر: الأورعي.
3- في المصدر: هادي.
4- النسخة المخطوطة: و في بعض النسخ: الهدى.
5- في المصدر: يرى.
6- «إبطال نهج الحق» المطبوع في كتاب «دلائل الصدق» ج 2، ص 574.

أقول: إنّ المولى علاّمة (أعلى اللّه مقامه) ذكرهم بنهج واحد و أشرك كلاّ فيما أشار إليه من أوصافهم من العلم و الزّهد، بعد تعيين كلّ مع والده إلى غير ذلك.

و الفضل هذا، أقرّ بما ذكره من فضلهم و زاد الإفصاح عن ذلك بما ذكره في نثره و نظمه، فهو صريح في امتيازهم كلاّ في العلم و الزّهد و نحوهما عن عامّة أهل زمانهم لا يسبقهم سابق، و لا يدركهم لاحق، و لا يصحّ هذا الإقرار و التسليم من هذا الفاضل، إلاّ أن يكون عرف من كلّ واحد منهم حتّى المهديّ عليه السّلام وجود ما نسب إليهم خصمه العلاّمة، و ما أفصح هو ببيانه على سبيل القطع و الجزم! ! كما لا يخفى.

الاعتراض على ابن روزبهان

ثمّ إنّ المذكور مبادي خلافة الرّسول، أو جلّها، و قد أقرّ بوجودها في الاثني عشر في حديث الاثني عشر، كما مرّ (1)و مع ذلك لم يقل بخلافتهم في الواقع، كما سلف و مع ذلك يسأل هذا الشّيخ: من أنّ المهديّ في زمان غيبته و طول حياته إمام و خليفة أو الإمام غيره؟ فإن كان الثاني فيسأل: هل أئتمّ ذلك العالم الّذي علمه لا يبيد بذلك الإمام و اهتدى بهداه و دخل في بيعته و طاعته أم لا؟

فإن قال: بالثّاني فقد أدخله في العناوين المشار إليها في أخبار الباب الأوّل.

و إن قال: أئتمّ. . . مع معرفته بحال خلفاء الأعصار و انقطاع الخلافة في بعض الأزمان، كما ذكره السّيوطي (2)حيث يرى أنّ النّاس بقوا زمانا بلا خليفة فمع كونه من الكذب الواضح يلزم اتّباعه لمن يعرف حالهم المعلوم انتفائه من مثله، حسب ما يظهر من الأخبار فيه بخصوصه و في أهل البيت عامّة.

و إن قال: بأوّل الأقسام فيسأل هذا الهمام عن عاقد الإمامة و الخلافة لهذا الإمام: أهو اتّفاق الأمّة و الاجتماع عليه؟ فلتضحك الثّكلى، و إنّ عقد الخلافة كيف

ص:533


1- في أحاديث الباب الأوّل.
2- «تاريخ الخلفاء» ص 12.

حصل إذ قارن موت خليفة العصر من قبل أن يبايع لآخر، أو صار المهديّ ثاني الخليفتين يجب قتله.

و لا يبعد ذلك عمّن ينقبض أبناء سنخه من أحكام المهديّ، كما شهد به محيى الدّين فيما سلف من كلامه فيه، فيحبون زوال و فناء من ينقبضون عن غالب أفعاله و أقواله، بل يسأل عن عاقد الإمامة له وقت الظهور، و كيفية الانعقاد: أفهو بيعة من يبايعه بين الركن و المقام، و هم بعض النّاس فهو ثاني الخليفتين أيضا، لأنّ ظاهر قصّة السّفياني و غيرها أنّ على المسلمين في الوقت إماما.

فكيف يكون خليفته حقّ يؤمر باتّباعه و البيعة له، و نحو ذلك، فإن كان منشأ إمامته نص الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما يحذو حذوه، فليلاحظ حاله في وقت الانعقاد و إبطاله لخلافة غيره ممّن عاصره و يسري إلى السّابق أيضا، إذ منشأ انعقاد خلافة الخلفاء البارزين على منهج واحد، و مثله لا يصحّ إبطاله بالنّسبة إلى زمان دون آخر و نحو ذلك و لو كان خلافته من نصّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من زمان مضيّ العسكريّ صلوات اللّه عليهما.

فيعلم حال ما ذكره السّيوطي، قال قبل ذكر الصّديق: فائدة قال ابن السّاعي:

حضرت مبايعة الخليفة الظاهر، فكان جالسا في شباك القبّة بثياب بيض، و عليه مطرفة (1)و على كتفه بردة (2)النبيّ صلى اللّه عليه و سلم، و الوزير قائما (3)بين يديه على منبر، و أستاذ الدار دونه بمرقاة، و هو يأخذ البيعة على النّاس.

و لفظ المبايعة: أبايع سيّدنا و مولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام، أبا نصر محمّدا الظاهر بأمر اللّه، على كتاب اللّه و سنّة نبيّه و اجتهاد أمير المؤمنين، و أن لا خليفة سواه انتهى (4).

ص:534


1- في المصدر: المطرحة.
2- في المصدر: برد.
3- في المصدر: قائم.
4- «تاريخ الخلفاء» ص 26.

الخاتمة

ص:535

كلّ ما نقلناه عن «مسند الإمام أحمد» فهو من نسخة مطبوعة في «مصر» في إدارة أحمد البابي الحلبي، في شهر جمادي الثانية سنة (1313) ، ثلاث عشرة، و الثلاث مأة بعد الألف من الهجرة.

و ما كان من «صحيح البخاري» فهو من النسخة المطبوعة في «مصر» في إدارة أحمد المزبور، في ربيع الثّاني من شهور سنة (1306) ، ستّ و ثلاث مأة بعد الألف هجريّة.

و ما كان من «صحيح مسلم» فهو من النسخة المطبوعة ب «بولاق مصر» بإرادة سعادة حسين و وكيله، حضرة محمّد أفندي، و ملاحظة أفندي أحمد في أواسط شهر رمضان من سنة تسعين و مأتين بعد الألف، من الهجرة.

و ما من «صحيح الترمذي» فهو من المطبوعة في الإدارة المزبورة، في أوائل شعبان المعظم، من سنة اثنتين و تسعين و المأتين بعد الألف، من الهجرة.

و ما كان من ابن خلكان، فهو من المطبوعة في «بولاق» في إدارة علي بك جودت، في أوائل رجب، عام تسع و تسعين و مأتين بعد الألفّ من الهجرة.

و ما كان من «تاريخ الخلفاء» فهو من المطبوعة في «مصر» في إدارة أحمد البابي الحلبي، في صفر سنة (1305) ، خمس و ثلاث مأة بعد الألف، من الهجرة.

و ما كان من «نور الأبصار» و «إسعاف الراغبين» فهو من المطبوعة في «مصر» في خان أبي طافية، في منسلخ شهر رمضان، سنة ثلاث و ثلاث مأة بعد الألف، من الهجرة.

و ما كان من «الصّواعق» فهو من المطبوعة في «مصر» في إدارة أحمد، في شهر رمضان، سنة سبع و ثلاث مأة بعد الألف، من الهجرة.

و ما كان من «اليواقيت و الجواهر» فهو من المطبوعة في «مصر» في إدارة أحمد، في أواخر شعبان، سنة (1306) ، ستّ و ثلاث مأة بعد الألف، من الهجرة.

ص:536

فليكن هذا آخر ما نمليه، و لم نعط الكلام في الأبواب و غيرها حقّه روما للاختصار، و كان في مجالس آخرها عشية الحادي عشر من محرم الحرام، من السّنة الّسادسة عشرة و الثلاث مأة بعد الألف من الهجرة، على هاجرها آلاف تحيّة حامدا، مصليّا، مسلّما بيد مؤلّفه «محمّد باقر البهاريّ» في الغري الغرّاء على مشرّف ها السّلام 1316.

ص:537

ص:538

مستدرك

اشارة

كتاب النّور

فى الإمام المستور عجل الله تعالى له الفرج

للعارف المحقّق آية الله الشيخ محمّد باقر البهاري قدّس سرّه تحقيق دار التحقيق للروضة المقدّسة بقم

ص:539

تصدير

باسمه تعالى و حمده في «الفتوحات» (1)في الجزء الثالث، في التاسعة بعد الأربع مأة، من أصل الكتاب: الباب السّادس و الستّون و ثلاث مأة في معرفة منزل وزراء المهديّ الظاهر في آخر الزّمان الذي بشّر به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو من أهل البيت المطهر من الحضرة المحمديّة (2).

إنّ الإمام إلى الوزير فقير و عليها فلك الوجود يدور

و الملك إن لم يستقم أحواله بوجود هذين فسوف يبور (3)

إلاّ الإله الحقّ فهو منزه ما عنده فيما يريد وزير

جلّ الإله الحقّ في ملكوته من (4)أن يراه الخلق و هو فقير

إعلم، أيّدنا اللّه و إيّاك (5)أنّ للّه خليفة يخرج، و قد امتلأت الأرض جورا

ص:540


1- عن الكفوي في «أعلام الأخيار» : محمد بن علي بن محمّد بن محمّد العربيّ الحاتمي الطّائيّ الأندلسي قدّس سرّه ولد بقرية مرسية، من نواحي أندلس، من بلاد المغرب، ليلة الاثنتين، السابع عشر من رمضان، سنة ستّين و خمسمأة، و هو قدوة القائلين بوحدة الوجود و النّاس في حقّه فرقتان، فإنّ بعض الفقهاء و علماء الظاهر قد طعنوا فيه، و أكفروه، و بعض الفقهاء و علماء الآخرة، و كبراء الصّوفية عظّموه، و فخّموه تفخيما عظيما، و مدحوا كلامه مدحا كريما، و وصفوه بعلوّ المقامات، و أخبروا عنه بما يطول ذكره من الكرامات. . .» (منه) . راجع «الفتوحات المكيّة» ج 3، ص 327.
2- في المصدر-: المطهر من الحضرة المحمّديّة.
3- «نصّ في لزوم وجود الإمام في كلّ زمان كما لا يخفى، فيراه موجودا في زمانه» (منه) .
4- في المصدر: عن.
5- في المصدر-: و إيّاك.

و ظلما، فيملأها قسطا و عدلا، لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد طوّل اللّه ذلك اليوم، حتّى يلي هذا الخليفة من عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من ولد فاطمة، جدّه الحسن (1)بن عليّ بن أبي طالب رضى اللّه عنه، يواطى اسمه اسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2)، يبايع بين الركن و المقام، يشبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الخلق (3)-بفتح الخاء-و ينزل عنه في الخلق-بضمّ الخاء-لأنّه لا يكون أحد مثل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في أخلاقه.

و اللّه يقول فيه: «وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (4)و (5)هو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد النّاس به أهل الكوفة، يقسّم المال بالسوية، و يعدل في الرّعيّة، و يفصل في القضيّة، يأتيه الرّجل، فيقول له: يا مهديّ أعطني، و بين يديه المال، فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله، يخرج على فترة من الدّين، يزع اللّه به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجل (6)، جاهلا بخيلا جبانا، فيصبح (7)أعلم الناس، أكرم الناس، أشجع الناس (8)، يصلحه اللّه في ليلة يمشي النّصر بين يديه، يعيش خمسا

ص:541


1- «أخذنا من نسخة طبع «مصر» يراجع النّسخ العتيقة في ذلك، مضافا إلى نقل الرواة عن الكتاب و مضافا إلى شهادة ذكر الظهور في القرن الرابع، على أنّ الموجود من ولد «الحسين» دون غيره، الى غير ذلك؛ فلاحظ» (منه) .
2- في المصدر: من ولد فاطمة يواطي اسمه اسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب.
3- في المصدر: خلقه.
4- القلم:68، الآية 4.
5- في المصدر-: و.
6- في المصدر-: الرجل.
7- في المصدر: و يصبح.
8- عن الولويّ: عبد العليّ حمله على المهدي نفسه، و يؤيده صيغة التفضيل في العلم و الكرم و الشجاعة على وجه الإطلاق، فإنّ أفضل النّاس في ذلك لا يكون إلاّ واحدا، و من الواضح أن ناله قلم التحريف، نقل الشعرانى عالما، كريما شجاعا، مضافا إلى ما ورد في أهل البيت، مع أنّ الاتّحاد لا يدلّ على دعوى الولويّ المزبور لما تراه يثبت لوزرائه من المراتب، فليلاحظ (منه) .

أو سبعا أو تسعا، يقفو أثر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، لا يخطىء، له ملك يسدّده من حيث لا يراه، يحمل الكلّ، و يقوي الضعيف في الحقّ، و يقري الضّيف، و يعين على نوائب الحقّ، يفعل ما يقول، و يقول (1)ما يعلم و يعلم ما يشهد، يفتح المدينة الرّوميّة بالتّكبير في سبعين ألفا من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمى مأدبة اللّه بمرج عكا.

يبيد الظّلم و أهله، يقيم الدّين، و ينفخ الروح في الإسلام، يعزّ الإسلام به بعد ذلّه، و يحيى بعد موته، يضع (2)الجزية، و يدعو إلى اللّه بالسّيف ما كان (3)فمن أبى قتل، و من نازعه خذل، يظهر من الدّين ما هو الدين عليه في نفسه، ما لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حيّا لحكم به.

يرفع المذاهب (4)من الأرض، فلا يبقى إلاّ الدّين الخالص، أعدائه مقلّدة العلماء أهل الإجتهاد، لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهب (5)إليه أئمّتهم، فيدخلون كرها تحت حكمه، خوفا من سيفه و صولته (6)و رغبة فيما لديه، يفرح به عامّة المسلمين أكثر (7)من خاصّتهم (8)يبايعه (9)العارفون باللّه من أهل الحقائق، عن شهود و كشف و (10)تعريف (11)إلهيّ.

ص:542


1- هذا من موارد اختلاف الأصل و النقل و الأظهر غير ما هنا؛ فلاحظ (منه) .
2- يعني: رفعها كما يشهد له ذيله: فمن أبى قتل، و نحوه؛ فلاحظ (منه) .
3- في المصدر-: ما كان.
4- أعمّ من الأربعة و غيرها، كما يعرف من اتّحاد المذاهب، و نحوه (منه) .
5- في المصدر: ذهبت.
6- في المصدر: سطوته.
7- يوافق نقل البهائي و يخالف نقل الشّعراني و الأظهر الأوّل لما يذكره في حال الخواص معه (منه) .
8- في المصدر: خواصهم.
9- يمكن أن يريد المبايعة قبل زمان الظهور، فلاحظ (منه) .
10- في المصدر-: و.
11- في المصدر: بتعريف.

له رجال إلهيّون، يقيمون دعوته و ينصرونه، هم الوزراء، يحملون أثقال المملكة، و يعينونه على ما قلّده اللّه، ينزل عليه عيسى بن مريم بالمنارة البيضاء، شرقيّ دمشق بين مهرودتين، متكئا على ملكين ملك عن يمينه و ملك عن يساره، يقطر رأسه ماء مثل الجمان، يتحدر كأنّما (1)من ديماس، و النّاس في صلاة العصر، فيتنحّى له الإمام من مقامه، فيتقدم، فيصلّي بالنّاس.

يؤمّ (2)النّاس بسنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (3)، يكسر الصّليب، و يقتل الخنزير، و يقبض اللّه المهديّ طاهرا مطهرا، و في زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق، و يخسف بجيشه بالبيداء (4)بين المدينة و مكة، حتّى لا يبقى من الجيش إلاّ رجل واحد من جهينة يستبيح هذا الجيش مدينة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثلاثة أيّام، ثمّ يرحل يطلب مكة، فيخسف اللّه به في البيداء، فمن كان مجبورا من ذلك (5)مكرها يحشر على نيّته، القرآن حاكم و السّيف مبيد، و لذلك ورد في الخبر: «إنّ اللّه يزع بالسّلطان ما لا يزع بالقرآن» . (6)

ألا إنّ ختم (7)الأولياء شهيد و عين إمام العالمين فقيد

ص:543


1- في المصدر+: خرج.
2- و في نقل الشعرانيّ يأمر، و لعلّ ما في هنا أظهر (منه) .
3- في المصدر: بسنة محمّد صلى اللّه عليه و سلم.
4- في المصدر: في البيداء.
5- في المصدر: ذلك الجيش.
6- «البداية و النهاية» ج 2، ص 12.
7- يأتي في كلام غيره: «أنّ المهديّ ختم الأولياء أيضا، و على هذا يكون ذلك شهادة على وجوده في زمانه» و لكن ما ينقله في «اليواقيت» ممّا يأتي يشعر بزعمه المغايرة، و لا يضرنا أيضا، فإن العبارة تلو الأبيات صريحة في وجوده في القرن الرّابع، باقيا إلى زمان الظهور، و لم يحصل في ذلك من يكون كذلك غير ثاني عشر الأئمّة، من قوله: بمهدويته لكون غيره معلوم الحال في عدم طول الحياة؛ فلاحظ (منه) .

هو السيّد المهديّ من آل أحمد هو الصّارم الهنديّ حين يبيد

هو الشمس يجلو كلّ غيم (1)و ظلمة هو الوابل الوسميّ حين يجود

و قد جائكم زمانه، و أظلّكم أوانه، و ظهر في القرن الرّابع اللاّحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هو قرن الصحابة، ثمّ الّذي يليه، ثمّ الّذي يلي الثاني، ثمّ جاء بينهما فترات، و حدثت أمور، و انتشرت أهواء، و سفكت دماء، و عاثت الذئاب في البلاد، و كثر (2)الفساد إلى أن طمّ الجور، و طماسبله (3)و أدبر نهار العدل (4)حين أقبل ليله، فشهداؤه خير الشهداء، و أمناؤه أفضل الأمناء.

و إنّ اللّه يستوزر له طائفة خبأهم له في مكنون غيبه، أطلعهم كشفا و شهودا على الحقائق، و ما هو أمر اللّه عليه في عباده، فبمشاورتهم يفصل ما يفصل، و هم العارفون الّذين عرفوا ما ثمّ.

و أمّا هو في نفسه فصاحب سيف حقّ، و سياسة مرتبة (5)يعرف من اللّه قدر ما يحتاج (6)إليه مرتبته و منزلته، لأنّه خليفة مسدّد يفهم منطق الحيوان، يسري عدله بين (7)الإنس و الجانّ، من أسرار علم وزرائه الّذين استوزرهم اللّه له، قوله تعالى:

وَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (8).

ص:544


1- في المصدر: غمّ.
2- ذكر الظهور في القرن الرّابع السّابق على زمان الشيخ بكثير، و تعصيبه بتحقق هذه الدّلالة شهادة على عروض الغيبة، و الاستتار على هذا الإمام الواجب بقائه إلى أن يملأ الأرض عدلا، مضافا إلى قوله في أبياته «فقيد» الصريح في الوجود المستور، و إقراره يتوقف النّظام على وجود الإمام؛ فلاحظ (منه) .
3- في المصدر: طماسيله.
4- في المصدر+: بالظلم.
5- في المصدر: مدينة.
6- في المصدر: تحتاج.
7- في المصدر: في.
8- الروم:30، الآية 47.

و هم (1)أقدام رجال من الصّحابة رضي اللّه عنهم صَدَقُوا ما عاهَدُوا اَللّهَ عَلَيْهِ (2)و هم من الأعاجم، ما فيهم عربيّ، و لكن لا يتكلّمون إلاّ بالعربيّة، لهم حافظ ليس من جنسهم ما عصى اللّه قطّ، هو أخصّ الوزراء، و أفضل الأمناء، فأعطاهم اللّه في هذه الآية التّي اتّخذوها هجيرا، و في ليلهم سميرا، أفضل علم الصدق حالا و ذوقا. . . (3).

و أنقذ كتاب اللّه من يد عصبة

فساق الكلام في ذلك، و كأنّه جعل النّاس كلّهم أهل الإيمان، و جعلهم صنفين، مؤمن بالباطل، و مؤمن بالحقّ. و جعل الكلّ من في إيمانه خلل، و من لا خلل في إيمانه و جعل من لا خلل في إيمانه، سواء كان بالبالطل أو بالحق مصداق قوله:

وَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (4).

و جعل الثّبات في الحروب و الغلبة فيها من لوازم رسوخ الإيمان و قوّته، و إن كان بالباطل و الفرار و نحوه من آثار الخلل في الإيمان المزبور، و جعل الأنبياء من الأولين و استشهد بعدم فرارهم و نحوه.

فقال: و لو كان خلاف هذا ما انهزم المسلمون قطّ، كما أنّه لم ينهزم نبي قطّ، و أنت تشاهد غلبة الكفّار و نصرتهم في وقت، و غلبة المسلمين و نصرتهم في وقت، و الصّادق من الفريقين لا ينهزم جملة واحدة، بل لا يزال ثابتا (5)أو ينصرف من هزيمة و على هذه القدم وزراء المهديّ، و هذا هو الّذي يقرّرونه في نفوس

ص:545


1- في المصدر+: على.
2- الأحزاب:33، الآية 23.
3- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 327 و 328.
4- الروم:30، الآية 47.
5- في المصدر+: حتى يقتل.

أصحاب المهديّ، ألا تريهم بالتكبير يفتحون مدينة الروم، فيكبرون التّكبيرة الأولى فيسقط ثلث سورها، و يكبّرون الثانية فيسقط الثلث الثاني من السّور، و يكبّرون الثالثة فيسقط الثلث الثالث، فيفتحونها من غير سيف.

فهذا عين الصدق الّذي ذكرنا، و هم جماعة-أعني وزراء المهديّ-دون العشرة، و إذا علم الإمام المهديّ (1)هذا عمل به، فيكون أصدق أهل زمانه، فوزرائه الهداة، و هو المهديّ، فهذا القدر يحصل للمهديّ من العلم باللّه على أيدي وزرائه.

و أمّا ختم الولاية المحمديّة فهو أعلم الخلق باللّه لا يكون في زمانه و لا بعد زمانه أعلم باللّه، و بمواقع الحكم منه، فهو و القرآن أخوان، كما أنّ المهديّ و السّيف أخوان. . . (2)إلى أن قال: و ظهور المهديّ من أشراط السّاعة (3)و يكون فتح مدينة الرّوم-و هي القسطنطينية العظمى و الملحمة الكبرى الّتي هي المأدبة-بمرج عكا، و خروج الدّجّال في سبعة أشهر (4)و يكون بين فتح القسطنطينيّة و خروج الدّجّال ثمانية عشر يوما، و يكون خروج الدّجّال (5)من خراسان. . . (6)فذكر كلاما طويلا ذكر في ضمنه:

إنّ التّحوّل في الصّور نعت المهيمن في الخبر

و بذلك أنزل وحيه فيما تلاه في السّور

و لقد رأيت مثاله بمطوّل و بمختصر (7)

ص:546


1- في المصدر: لإمام المهديّ.
2- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 329.
3- في المصدر: قرب الساعة.
4- «هذا صريح فيما أسلفناه سابقا؛ فلاحظ» (منه) .
5- في المصدر: خروجه.
6- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 330.
7- نفس المصدر، ص 331.

إلى أن قال: و جميع ما يحتاج إليه (1)ممّا يكون قيام وزرائه به تسعة أمور لا عاشر لها و لا تنقص عن ذلك، و هي نفوذ البصر، و معرفة الخطاب الإلهي عند الإلقاء، و علم الترجمة عن اللّه، و تعيين المراتب لولاة الأمر و الرّحمة و الغضب (2)و ما يحتاج إليه الملك من الأرزاق المحسوسة و المعقولة، و علم تداخل الأمور بعضها على بعض، و المبالغة و الاستقصاء في قضاء الحوائج إلى النّاس (3)، و الوقوف على علم الغيب، الّذي يحتاج إليه في الكون في مدّته خاصّة.

فهذه تسعة أمور لا بدّ أن يكون عليها وزير الإمام المهديّ (4)إن كان الوزير واحدا، أو وزرائه إن كانوا أكثر من واحد.

فأمّا نفوذ البصر فذلك ليكون دعائه إلى اللّه على بصيرة في المدعوّ إليه لا في المدعوّ، فينظر في عين كلّ مدعوّ ممّن يدعوه، فيرى (5)منه أنّه لا يجيب دعوة الداعي (6)يدعوه من غير إلحاح لإقامة الحجّة عليه خاصّة، فإنّ المهديّ حجّة اللّه على أهل زمانه، و هي درجة الأنبياء الّتي تقع فيها المشاركة.

قال اللّه تعالى عن نبيّه عليه السّلام: أَدْعُوا إِلَى اَللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اِتَّبَعَنِي (7)أخبر بذلك عن نبيّه صلى اللّه عليه و سلم فالمهديّ ممّن اتّبعه و هو صلى اللّه عليه و سلم لا يخطيء و في دعائه إلى

ص:547


1- قد أسلف أنّه يعرف من اللّه ما يحتاج إليه مرتبته، فكيف يجعل الوزراء مورد هذه الأمور، مضافا إلى ما يذكره هنا في المهديّ نفسه؛ كما لا يخفى (منه) .
2- في المصدر: في الغضب.
3- في المصدر: حوائج الناس.
4- في المصدر: لا بد أن تكون في وزير الإمام المهديّ.
5- في المصدر+: ما يمكن له الإجابة إلى دعوته، فيدعوه من ذلك و لو بطريق الإلحاح و ما يرى.
6- في المصدر: دعوته.
7- يوسف:12، الآية 108.

اللّه، فمتّبعه لا يخطيء فإنّه يقفو أثره، و كذا ورد في (1)الخبر، في صفة المهديّ، إنّه قال صلى اللّه عليه و سلم: «إنّه (2)يقفو أثري لا يخطيء» و هذه هي العصمة في الدّعاء إلى اللّه، و ينالها كثير من الأولياء بل كلّهم (3). . . .

ثمّ ذكر كلاما، ثمّ تعرض لمعرفة الخطاب و علم الترجمة إلى أن قال:

و أمّا تعيين المراتب لولاة الأمر فهو العلم بما يستحقّ (4)كلّ مرتبة من المصالح الّتي خلقت لها، فينظر صاحب هذا العلم في نفس الشخص الّذي يريد أن يوليه و يرفع الميزان بينه و بين المرتبة، فإذا رأى الاعتدال في الوزن من غير ترجيح لكفّة المرتبة ولاّه، و إن رجح الوالي فلا يضرّه، و إن رجحت كفة المرتبة عليه لم يولّه لأنّه ينقص عن علم ما رجحه به (5)فيجوز بلاشك، و هو أصل الجور في الولاة، و من المحال عندنا أن يعلم و يعدل عن حكم علمه جملة واحدة، و هو جائز عند علماء الرّسول (6)[الرسولم ظ]و عندنا هذا الجائز ليس بواقع في الوجود، و هي مسألة صعبة، و لهذا يكون المهديّ يملأها قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما-أعني (7)الأرض-فإنّ العلم عندنا يقتضي العمل و لا بدّ، و إلاّ فليس بعلم و إن ظهر بصورة العلم (8). . . (9).

ص:548


1- في المصدر-: في.
2- في المصدر-: إنّه.
3- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 332.
4- في المصدر: تستحقه.
5- أقول: لو تمّ ما ذكره في تعيين المراتب اتّضح أن لا يصحّ تعيين ولاة الأمر إلاّ من العالم بالغيب و نحو ذلك، فكيف يتحقّق الولاية بتعيين من غيره، من غير أن يكون جورا و لا مستتبعا للجور بوجه؟ ! ! فنبصّر في ذلك جيّدا (منه) .
6- في النسخة المخطوطة: الظاهر؛ «علماء الرسوم» كما في المصدر: علماء الرسوم.
7- في المصدر: يعني.
8- في المصدر: علم.
9- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 333.

فساق كلاما طويلا إلى أن قال في علم تداخل الأمور بعضها على بعض:

فالإمام يتعيّن عليه علم ما يكون بطريق التّنزيل الإلهيّ و ما يكون (1)بطريق القياس، و ما يعلمه المهديّ-أعني علم القياس-لا (2)ليحكم به، و إنّما يعلمه ليتجنبه، فما يحكم المهديّ إلاّ بما يلقي إليه الملك من عند اللّه الّذي بعثه (3)إليه ليسدّده، و ذلك هو الشّرع الحقيقيّ المحمديّ، الذي لو كان محمّد صلى اللّه عليه و سلم حيّا، و رفعت إليه تلك النّازلة لم يحكم فيها إلاّ بما يحكم هذا الإمام، فيعلمه اللّه أنّ هذا (4)هو الشّرع المحمديّ، فيحرم عليه القياس مع وجود النصوص الّتي منحه اللّه إيّاها.

و لذلك قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في صفة المهديّ: «يقفو أثري لا يخطيء» (5)، فعرفنا أنّه متّبع لا متبوع (6)، و أنّه معصوم، و لا معنى للمعصوم في الحكم إلاّ أنّه لا يخطيء.

فإنّ حكم الرّسول لا ينسب إليه خطأ، فإنّه وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (7)كما أنّه لا يسوغ القياس في موضع يكون فيه الرّسول صلى اللّه عليه و سلم موجودا و أهل الكشف النّبيّ عندهم موجود، فلا يأخذون الحكم إلاّ عنه، و لهذا الفقير الصّادق لا ينتمي إلى مذهب، إنّما هو مع الرّسول صلى اللّه عليه و سلم الّذي هو مشهود له، كما أنّ الرّسول صلى اللّه عليه و سلم مع الوحي الّذي ينزل عليه.

فينزل على قلوب الفقراء (8)الصّادقين من اللّه التّعريف بحكم النّوازل، أنّه حكم الشّرع الّذي بعث به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحاب علم الرّسوم ليست لهم هذه المرتبة

ص:549


1- في المصدر: بين ما يكون.
2- في المصدر-: لا.
3- في المصدر+: اللّه.
4- في المصدر: ذلك.
5- لم نجد هذا الحديث ممّا بأيدينا من المصادر.
6- في كلام الناقلين «لا يبتدع» و لعلّه لا فرق بينهما في المآل؛ فلاحظ (منه) .
7- النجم:53، الآية 3.
8- في المصدر: العارفين.

لما أكبّوا عليه من حبّ الجاه و الرّئاسة، و التقدّم على عباد اللّه، و افتقار العامّة إليهم، فلا يفلحون في أنفسهم، و لا يفلح بهم، و هي حالة فقهاء الزّمان الرّاغبين في المناصب من قضاء، و شهادة، و حسبة، و تدريس.

و أمّا المتّسمون (1)منهم بالدّين فيجمعون أكتافهم، و ينظرون إلى النّاس من طرف خفيّ نظر الخاشع، و يحرّكون شفاههم بالذّكر ليعلم النّاظر إليهم أنّهم ذاكرون، و يتعجّمون في كلامهم، و يتشدّقون، و يغلب عليهم رعوئات النفس، و قلوبهم قلوب الذّئاب لا ينظر اللّه إليهم، هذا حال المتديّنين المتقين منهم الّذين (2)هم قرناء الشّيطان، لا حاجة للّه بهم، لبسوا للنّاس جلود الضّأن من اللّين، إخوان العلانية، أعداء السريرة، فاللّه يراجع بهم، و يأخذ بنواصيهم إلى ما فيه سعادتهم (3).

أحوالهم مع المهدي عليه السّلام

و إذا خرج الإمام المهديّ فليس له عدوّ مبين إلاّ الفقهاء خاصّة، فإنّه لا يبقى (4)لهم رئاسة و لا تمييز عن العامّة، بل (5)لا يبقى لهم علم بحكم إلاّ قليل، و يرتفع الخلاف من العالم في الأحكام بوجود هذا الإمام، و لو لا أنّ السيف بيد المهديّ لأفتى الفقهاء بقتله، و لكنّ اللّه يظهره بالسّيف و الكرم، فيطعمون، و يخافون، فيقبلون حكمه من غير إيمان، بل يضمرون خلافه، كما يفعل الحنفيون، و الشافعيون فيما اختلفوا فيه.

فلقد أخبرنا أنّهم يقتتلون في بلاد العجم أصحاب المذهبين، و يموت بينهما خلق كثير، و يفطرون في شهر رمضان، ليتقوّوا على القتال، فمثل هؤلاء لو لا قهر

ص:550


1- في المصدر: المتنسمون.
2- في المصدر: هذا حال المتدين منهم لا الذين.
3- في المصدر+: هذا.
4- في المصدر: فإنّهم لا تبقى.
5- في المصدر: و.

الإمام المهديّ بالسّيف ما سمعوا له، و لا أطاعوه بظواهرهم، كما أنّهم لا يطيعونه بقلوبهم، بل يعتقدون فيه أنّه إذا حكم فيهم بغير مذهبهم أنّه على ضلال (1)في ذلك الحكم، لأنّهم يعتقدون أنّ زمان الاجتهاد (2)قد انقطع و ما بقي مجتهد في العالم، و أنّ اللّه لا يوجد بعد ائمّتهم أحدا له درجة الاجتهاد.

و أمّا من يدعي التعريف الإلهيّ بالأحكام الشّرعيّة فهو عندهم مجنون، فاسد الخيال (3)، لا يلتفتون إليه فإذا (4)كان ذا مال و سلطان انقادوا إليه في الظاهر (5)رغبة في ماله، و خوفا من سلطانه و هم ببواطنهم كافرون به (6).

ثمّ ساق الكلام في باقي المسائل و كلامه في التاسعة في غاية الجودة، تعرض فيه لإبطال العمل بالقياس، إلى أن قال: فهذه تسعة أمور لم تصح لإمام من أئمّة الدين، خلفاء اللّه و رسوله بمجموعها إلى يوم القيامة إلاّ لهذا الإمام المهديّ، كما أنّه ما نصّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على إمام من أئمّة الدّين يكون بعده يرثه، و يقفو أثره لا يخطىء إلاّ المهديّ خاصّة، فلقد (7)شهد بعصمته في أحكامه، كما شهد الدّليل العقلي بعصمة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيما يبلّغه عن ربّه من الحكم المشروع له في عباده (8).

انتهى موضع الحاجة من كلامه في الباب من الكتاب، و لقد أرخ فيه قصّة، ثمّ قال: و نحن الآن في سنة خمس و ثلاثين و ست مأة (9).

ص:551


1- في المصدر: ضلالة.
2- في المصدر: أهل الاجتهاد.
3- في المصدر: مفسود الخيال.
4- في المصدر: فإن.
5- في المصدر: في الظاهر إليه.
6- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 335 و 336.
7- في المصدر: فقد.
8- نفس المصدر، ص 337 و 338.
9- نفس المصدر، ص 339.

أقول: و في «اليواقيت» في المبحث السّابع و الأربعين عن «الفتوحات» في الباب الثالث و السّبعين، في الجواب الثالث عشر (1): إنّ أعظم الوراثة (2)الختمان و أحدهما أعظم من الآخر، فواحد منهما (3)يختم اللّه به الولاية على الإطلاق، و واحد يختم به الولاية المحمديّة، فأمّا خاتم الولاية على الإطلاق فهو عيسى عليه السّلام. . . (4)إلى أن قال:

و أمّا خاتم الولاية المحمديّة فهو رجل من الغرب من أكرمها أصلا و يدا، و هو في زماننا اليوم موجود و قد اجتمعت به في سنة خمس و تسعين و خمس مأة، و رأيت العلامة الّتي أخفاها الحقّ تعالى (5)عن عيون عباده، و كشفها لي بمدينة «فاس» حتّى رأيت خاتم الولاية المحمديّة منه، و رأيته مبتلى بالإنكار عليه فيما يتحقّق به في سرّه من العلوم الرّبانيّة، قال: و أطال في ذلك (6).

أقول: قال شيخنا البهائي رحمه اللّه في الحديث السادس و الثلاثين من «أربعينه» :

ليعجبني كلام في هذا المقام للشيخ العارف الكامل الشيخ محيى الدّين بن عربي أورده في كتاب «الفتوحات المكيّة» قال رحمه اللّه في الباب الثلاث مأة و السّت و الستّين من الكتاب المذكور (7):

إنّ للّه خليفة يخرج من عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من ولد فاطمة عليها السّلام، يواطي اسمه اسم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، جدّه الحسين بن عليّ عليهما السّلام، يبايع له (8)بين الركن

ص:552


1- «الفتوحات المكية» ج 2، الباب السابع و السبعون، ص 49، باختلاف كثير.
2- في المصدر: الورثة.
3- في المصدر-: منهما.
4- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث السابع و الأربعون، ص 466.
5- في المصدر+: فيه.
6- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث السابع و الأربعون، ص 466.
7- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 327.
8- في المصدر-: له.

و المقام، يشبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الخلق-بفتح الخاء-و ينزل (1)في الخلق- بضم الخاء-أسعد النّاس به أهل الكوفة، يعيش خمسا (2)أو تسعا، يضع الجزية، و يدعو إلى اللّه بالسيف، و يرفع المذاهب عن الأرض.

فلا يبقى إلاّ الدّين الخالص، أعدائه مقلّدة العلماء أهل الاجتهاد، و لمّا يرونه (3)يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمّتهم، فيدخلون كرها تحت حكمه، خوفا من سيفه، يفرح به عامّة المسلمين أكثر من خواصهم، يبايعه العارفون من أهل الحقايق عن شهود و كشف بتعريف إلهي، له رجال إلهيّون، يقيمون دعوته و ينصرونه، و لو لا أنّ السّيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله، و لكنّ اللّه يظهره بالسّيف و الكرم.

فيطعمون، و يخافون، و يقبلون حكمه من غير إيمان، و يضمرون خلافه، و يعتقدون فيه إذا حكم فيهم بغير مذهب أئمّتهم أنّه على ضلال في ذلك، لأنّهم يعتقدون أنّ (4)أهل الاجتهاد و زمانه قد انقطع، و ما بقي مجتهد في العالم، و أنّ اللّه لا يوجد بعد أئمّتهم أحدا له درجة الاجتهاد.

و أمّا من يدعي التعريف الإلهيّ بالأحكام الشرعيّة، فهو عندهم مجنون فاسد الخيال. (5)

انتهى كلامه فتأمّله، بعين البصيرة، و تناوله بيد غير قصيرة» (6)انتهى موضع الحاجة.

ص:553


1- في المصدر+: عنه.
2- في المصدر+: أو سبعا.
3- في المصدر: مقلدة العلماء أهل الاجتهاد بما يرونه يحكم. و لكن في «الفتوحات المكية» : مقلدة العلماء أهل الاجتهاد و لمّا يرونه يحكم. كما في المتن.
4- في المصدر: بأنّ.
5- «الفتوحات المكية» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 327.
6- «كتاب الأربعين» الحديث السادس و الثلاثون، ص 220 و 221.

أقول: ظاهره أن وجده في كلامه في الباب متّصلا، و أنّ المذكور جدّا هو «الحسين» ، و لم يذكر الأب فضلا عن الآباء، و ما وجدناه في النّسخة «الحسن» بدل «الحسين» ، و قد سلف صراحة عبارة «اليواقيت» (1)في أنّ ما ذكره تماما عبارة «الفتوحات» .

أقول: و عن عبد الرحمان في «مراة المدارية» ما هذا ترجمته: حضرة الشيخ محيى الدّين بن عربي في الباب (366) من «الفتوحات» يقول: اعلموا أيّها المسلمون لا بدّ من خروج مهديّ، والده الحسن العسكريّ ابن الإمام علي النّقي ابن الإمام محمّد التقيّ. . . (2)» (3).

أقول: و يراجع رسالة «فتح الرّحمان» للمولويّ عبد العليّ (4)فقد نقل عنها نقل جملة من عبارات «الفتوحات» لعلّه نقل تلك الفقرات أيضا.

فلنشر إلى حال أصل الكتاب و حال نسخة الشعراني على وجه الإجمال لتوضيح الحال فنقول:

قال الشعراني في الفصل الأوّل من «اليواقيت» في بيان أحوال محيى الدين في ضمن كلام له: و جميع ما لم يفهمه الناس من كلامه إنّما هو لعلو مراقيه، و جميع ما عارض من كلامه ظاهر الشريعة، و ما عليه الجمهور (5)فهو مدسوس عليه، كما

ص:554


1- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 562.
2- لم نجد هذه العبارة في «الفتوحات المكية» المطبوع الموجود بايدينا في الباب 366.
3- «مرأة المدارية» مخطوط.
4- «فتح الرحمن» مخطوط.
5- «لا يقال: أن كون «ابن الحسن» هو «المهديّ» ممّا يعارض ما عليه الجمهور حسب ما يعرف، ممّا يأتي من الكلمات، من زعمهم المغايرة، فيكون مدسوسا بحكم الشّيخ. لأنّا نقول: ذلك ممّا لا يحتمله الشّعراني، لما يأتي من روايته عنه بطريق الجملة في المسلسل مع النّصّ فيه بالاحتجاب و لمّا سلف و يأتي من نقل الرّؤية و ذكر العمر، حيث لا يحتمل فيهم و لا في نفسه مخالفة أهل السّنّة حتّى أنّه لم يغفل الخلاف أيضا، فالقول بالإنكار مؤوّل عنده دون القول بالاتّحاد. فلاحظ» (منه) .

أخبرني بذلك سيدي الشيخ أبو الحسن (1)أبو الطاهر المغربي نزيل مكة المشرفة، ثمّ أخرج لي نسخة «الفتوحات» التي قابلها على نسخة الشيخ، التي بخطه في مدينة «قونية» فلم أر فيها شيئا ممّا توقفت فيه (2)و حذفته حين اختصرت «الفتوحات» (3).

ثمّ أشار إلى بعض من الدسّ على الأجلة إلى أن ذكر الدسّ على نفسه، إلى أن قال: إذا علمت ذلك فيحتمل أن الحسدة دسّوا على الشيخ في كتبه، كما دسّوا في كتبي أنا، فإنّه أمر قد شاهدته على أهل عصري (4)فاللّه يغفر لنا و لهم امين (5).

ثمّ ذكر كلام الفيروز آبادي في الشيخ و في ضمنه: قال الفيروز آبادي: «فلا أدري، أوجد ابن الخياط تلك المسائل في كتاب مدسوس على الشيخ، أو فهمها هو من كلامه (6)على خلاف مراده (7).

و قال الشعراني في أوّل كتابه: و قد أخبرني الشيخ (8)العارف باللّه تعالى الشيخ أبو طاهر المزني الشاذلي رضي اللّه عنه أنّ جميع ما في كتب الشيخ محيى الدّين ممّا يخالف ظاهر الشريعة مدسوس عليه، قال: لأنه رجل كامل بإجماع المحققين و الكامل لا يصح في حقه شطح عن ظاهر الكتاب و السنة (9)، لأنّ الشارع أمنه

ص:555


1- في المصدر-: أبو الحسن.
2- في المصدر: مما كنت توقفت فيه.
3- «اليواقيت و الجواهر» ج 1، الفصل الأوّل، ص 22.
4- في المصدر+: في حقّي.
5- نفس المصدر.
6- في المصدر: كلام الشيخ محيى الدين.
7- نفس المصدر، ص 24.
8- في المصدر-: الشيخ.
9- إقرار إجمالي بأنّ ما ذكره في المهديّ عليه السّلام ممّا يقتضيه الكتاب و السّنة، فلاحظ، و هو لازم كلام الشيخ أيضا فيما يأتي في مدحه كتابه، بل يدّعى فيه الإلهام و شبهه أيضا (منه) .

على شرعه (1)إنتهى (2).

أقول: و عن «كشف الظنون» : قال الشعراني في «مختصر الفتوحات» : و قد توقفت حال الاختصار في مواضع كثيرة منه، لم يظهر لي موافقتها لما عليه أهل السنة (3)فحذفتها من هذا المختصر، و ربّما سهوت فتبعت ما في الكتاب، كما وقع للبيضاوي مع الزمخشري.

ثمّ لم أزل كذلك أظنّ أنّ المواضع التي حذفتها (4)ثابتة عن الشيخ محيى الدين، حتّى قدم علينا الأخ العالم الشريف شمس الدين بن أبى الطيب (5)المدني- المتوفى سنة 955[خمس و خمسين و تسع مأة]فذاكرته في ذلك فأخرج لي (6)نسخة من «الفتوحات» التي قابلها على (7)خط الشيخ محيى الدين (8)بقونية، فلم أر فيها شيئا ممّا كنت توقفت فيه و حذفته و علمت (9)أنّ النسخ التي في مصر الأن كلّها (10)من النسخة التي دسّوها (11)على الشيخ، فيها ما يخالف عقائد أهل السنة و الجماعة، كما وقع ذلك له (12)في كتاب «الفصوص» و غيره.

ص:556


1- في المصدر: شريعته.
2- «اليواقيت و الجواهر» ج 1، خطبة الكتاب و سبب التأليف، ص 3.
3- في المصدر+: و الجماعة.
4- في المصدر: حذفت.
5- في المصدر: شمس الدين محمّد بن السيد أبي الطيب المدني.
6- في المصدر: إليّ.
7- في المصدر+: النسخة التي عليها.
8- في المصدر+: نفسه.
9- في المصدر: فعلمت.
10- في المصدر+: كتبت.
11- في المصدر: دسوا.
12- في المصدر: وقع له ذلك.

و قد أطلعني الأخ الصالح السيد الشريف المدني على صورة ما رآه مكتوبا، بخط الشيخ محيى الدين و غيره على النسخة التي وقفها الشيخ في «قونية» و هو هذا: وقف محمّد بن علي بن العربي الطائي هذا الكتاب على (1)المسلمين» . و في آخره: (2)قد تمّ هذا الكتاب على يد منشئه و هو النسخة الثانية منه بخط يدي، و كان الفراغ منه في (3)يوم الأربعاء، الرابع و العشرين من شهر ربيع الأوّل، سنة (4)ست و ثلاثين و ست مأة، و كتبه منشئه.

قال السيد: و هذه النسخة في سبعة و ثلاثين مجلدا، و فيها زيادات على النسخة الأولى التي دسّ الملحدون فيها بالعقائد (5)الشنيعة. . . (6).

و إذا عرفت ذلك فمن الواضح أنّ الشعراني الذي لخصّ كتابه مرارا ب «لواقح الأنوار» و «الكبريت الأحمر» و «اليواقيت» لا ينقل عن الشيخ في الكتاب إلاّ ما يقطع بثبوته عنه، و ما يعلم أنّه كما ذكره في «الكبريت الأحمر» .

قال في أوّل ذلك الكتاب-في ضمن كلام له (7): فإنّ علوم الشيخ كلّها مبنية على الكشف و التعريف مطهر (8)من الشك و التحريف، كما أشار هو (9)رضى اللّه عنه إلى ذلك في الباب 367 من «الفتوحات» بقوله: و ليس عندنا بحمد اللّه تعالى تقليد

ص:557


1- في المصدر+جميع.
2- في المصدر+: و.
3- في المصدر: بكرة.
4- في المصدر+:636.
5- في المصدر: العقائد.
6- «كشف الظنون» ج 1، ص 1238 و 1239.
7- «كلامه في المهديّ بهذا الطول لا يمكن أن يخرج من العناوين الّتي يذكرها، فكيف يخالفه من يصدّقه» (منه) .
8- في المصدر: و مطهرة.
9- في المصدر-: هو.

إلاّ للشارع صلى اللّه عليه و سلم (1).

و بقوله في الكلام على الأذان: و اعلم أنّي لم أقرر بحمد اللّه في كتابي هذا أمرا غير مشروع، و ما خرجت عن الكتاب و السنة في شيء منه (2).

و بقوله-في الباب 365 (3): و اعلم أن جميع ما أتكلّم فيه في مجالسي و تصانيفي إنّما هو من حضرة القرآن و خزائنه، فإنّي أعطيت مفاتيح الفهم فيه، و الإمداد منه كلّ ذلك، حتّى لا أخرج عن مجالسة الحق تعالى و مناجاته بكلامه.

و بقوله في باب الأسرار و النفث، في الرّوع من وحي القدوس، لكن ما هو مثل وحي الكلام و لا وحي الإشارة و العبارة، ففرّق يا أخي بين وحي الكلام و وحي الإلهام، تكن من أهل ذي الجلال و الإكرام (4).

و بقوله في الباب 366: و اعلم أنّ جميع ما أكتبه في تأليفي ليس هو عن روّية و فكر، و إنّما هو عن نفث في روعي على يد ملك الإلهام (5).

و بقوله في الباب 373 جميع ما كتبته و أكتبه في هذا الكتاب إنّما هو من إملاء إلهي و إلقاء رباني، أو نفث روحاني في روح كياني، كلّ ذلك بحكم الإرث للأنبياء و التبعية لهم، لا بحكم الاستقلال (6).

و بقوله في الباب 89 (7)من «الفتوحات» و الباب 348 (8): و اعلم أنّ ترتيب

ص:558


1- «الفتوحات المكيّة» ج 3، الباب السابع و الستون و ثلاث مأة، ص 352، مع اختلاف كثير.
2- «الفتوحات المكيّة» ج 1، الباب التاسع و الستون في معرفة أسرار الصلاة، فصل بل وصل في الإقامة، ص 404؛ مع الاختلاف.
3- «الفتوحات المكيّة» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة ص 334؛ مع الاختلاف.
4- «الفتوحات المكيّة» ج 4، الباب التاسع و الخمسون و خمس مأة، ص 369؛ مع اختلاف كثير.
5- «الفتوحات المكيّة» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة؛ باختلاف كثير.
6- «الفتوحات المكيّة» ج 3، الباب الثالث و السبعون و ثلاث مأة، ص 456؛ مع الاختلاف.
7- «الفتوحات المكيّة» ج 2، الباب الثامن و الثمانون، ص 163؛ مع الاختلاف.
8- لم نجده في «الفتوحات المكيّة» .

أبواب «الفتوحات» لم يكن عن إختيار و لا عن نظر و فكر و إنّما الحق تعالى يملي لنا على لسان ملك الإلهام جميع ما نسطره. . . (1)إلى أن قال:

و بقوله في الباب الثاني من «الفتوحات» : اعلم أن العارفين إنّما كانوا لا يتقيدون بالكلام على ما بوّبوا عليه فقط، لان قلوبهم عاكفة على باب الحضرة الإلهية، مراقبة لما يبرز منها، فمهما برز لهم أمر بادرت لامتثاله و القته حسب ما حدّ لها، فقد تلقى الشيء إلى ما ليس من جنسه امتثالا لأمر ربّها (2).

و بقوله في الباب 47: اعلم أنّ علومنا و علوم أصحابنا ليست من طريق الفكر، و إنّما هي من الفيض الإلهي (3)، انتهى، و اللّه أعلم (4)انتهى موضع الحاجة.

مدرك النقل عن الشعراني

و أمّا نقل الشعراني تلك العبارة فقد بيّنّا المأخذ، و مع ذلك نقل لنا موافقا لما سلف عن أربع نسخ خطية، واحدة عتيقة، ذهب آخرها.

و ثانية، في آخرها: كان الفراغ من كتابته يوم الأحد، ثاني شهر شوال المكرم، سنة 1169 من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة و السلام.

و ثالثة، عليها خط علي أكبر المودودي و تقريظه.

و رابعة، في آخرها: كان الفراغ من كتابته يوم الأربعاء، من شهر ربيع الأوّل، من سنة ثمان و مأتين و ألف. . .

في نقل عن صاحب اليواقيت

أقول: و أمّا مدح كتاب «اليواقيت» من الأكابر فجملة منه مكتوبة في نسختنا،

ص:559


1- «الكبريت الأحمر» المطبوع في أسفل كتاب «اليواقيت و الجواهر» ج 1، ص 18-21.
2- «الفتوحات المكيّة» ج 1، الباب الثاني، ص 59؛ مع الاختلاف.
3- «الفتوحات المكيّة» ج 1، الباب السابع و الأربعون، ص 261؛ مع الاختلاف.
4- «الكبريت الأحمر» المطبوع في أسفل كتاب «اليواقيت و الجواهر» ج 1، ص 21 و 22.

و يعرف حال مؤلفه أيضا منها و من تراجمه؛ فلاحظ هذا.

و قد نقل ذلك من صاحب «اليواقيت» علي اكبر بن أسد اللّه المودودي في حاشية «نفحات الأنس» للعارف نور الدين عبد الرحمان الجامي-و هي تسمى ب «المكاشفات» -قال في حاشية ترجمة عليّ بن سهل بن الأزهر الإصبهاني ما هذا لفظه على ما يحكي عنه بعض الثقات الأثبات رحمه اللّه.

و لقد قالوا: إنّ عدم الخطأ في الحكم مخصوص بالأنبياء آكد الخصوصية و الشيخ رضي اللّه عنه يخالفهم في ذلك لحديث ورد في شأن الإمام المهدي الموعود، على جدّه و عليه الصلاة و السلام، كما ذكر ذلك صاحب «اليواقيت» (1)منه، حيث قال:

صرح الشيخ رضي اللّه عنه في «الفتوحات» (2)بأنّ الإمام المهدي يحكم بما ألقى إليه ملك الإلهام من الشريعة، و ذلك أنّه يلهمه الشرع المحمدّي، فيحكم به، كما أشار إليه حديث المهدي: «أنّه يقفو أثري لا يخطيء» فعرّفنا صلى اللّه عليه و سلم أنّه متبع لا مبتدع، و أنّه معصوم في حكمه، إذ لا معنى للمعصوم في الحكم إلاّ أنّه لا يخطيء، و حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يخطيء، فإنّه وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (3)و قد أخبر عن المهدي أنّه لا يخطيء و جعله ملحقا بالأنبياء في ذلك الحكم.

و أطال صاحب «اليواقيت» في ذلك نقلا عن الشيخ رضي اللّه عنه و عن غيره من العلماء و الفضلاء من أهل السنة، و الجماعة.

و قال رحمه اللّه في المبحث الحادي و الثلاثين في بيان عصمة الأنبياء من كلّ حركة و سكون و قول و فعل ينقص مقامهم الأكمل: و ذلك لدوام عكوفهم في حضرة اللّه تعالى الخاصة، فتارة يشهدونه سبحانه و تعالى، و تارة يشهدون أنّه يريهم

ص:560


1- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 565.
2- «الفتوحات المكيّة» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 335، باختلاف كثير.
3- النجم:53، الآية 3 و 4.

و لا يرونه، و لا يخرجون أبدا عن شهود هذين الأمرين، و من كان مقامه كذلك لا يتصور في حقه مخالفة قط حقيقية، و إنّما هي مخالفة صورية، كما سيأتي بيانه.

و تسمى هذه حضرة الإحسان، و منها عصم الأنبياء، و حفظ الأولياء، فالأولياء يخرجون، و يدخلون، و الأنبياء مقيمون، و من أقام فيها كسهل بن عبد اللّه التسري، و سيدي إبراهيم المبتولي، فإنّما ذلك بحكم الإرث و التبعية للأنبياء، استمدادا من مقامهم لا بحكم الاستقلال فافهم (1).

ثمّ قال في المبحث الخامس و الأربعين: قد ذكر (2)الشيخ أبو الحسن الشازلي رضى اللّه عنه: أنّ للقطب خمسة عشر علامة، أن يمدّد بمدد العصمة و الرحمة و الخلافة و النيابة، و مدد حملة العرش، و يكشف له عن حقيقة الذّات، و إحاطة الصفات (3)إلى آخره.

و بهذا صحّ مذهب من ذهب إلى كون غير النّبيّ معصوما، و من فيه العصمة في زمرة معدودة، و نفيها عن غير ذلك الزّمرة فقد سلك مسلكا آخر، و له أيضا وجه يعلمه من علمه.

فإنّ الحكم بكون المهديّ الموعود رضى اللّه عنه موجودا، و هو كان قطبا بعد أبيه الحسن العسكريّ عليهما السّلام، كما كان قطبا بعد أبيه، إلى الإمام عليّ بن أبي طالب كرّمنا اللّه بوجوههم إلى صحة حصر تلك الرتبة في وجوداتهم، من حين كان القطبيّة في وجود جدّه عليّ بن أبي طالب إلى أن تتمّ فيه لا قبل ذلك، فكلّ قطب فرد يكون على تلك الرّتبة نيابة عنه لغيبوبته عن أعين العوام و الخواص لا عن أعين أخص الخواص.

ص:561


1- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الحادي و الثلاثون، ص 305.
2- أقول: لا أجد ذلك في نسختي من «اليواقيت» (منه) .
3- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الأربعون، ص 446.

و قد ذكر ذلك عن الشيخ صاحب «اليواقيت» و عن غيره أيضا-رضي اللّه عنهم- فلابدّ أن يكون لكلّ إمام من الأئمّة الاثني عشر عصمة. خذ هذه الفائدة.

قال الشيخ عبد الوهّاب الشّعراني-في المبحث الخامس و السّتين (1): قال الشيخ تقي الدّين بن أبي المنصور في عقيدته (2)، بعد ذكر السنين للقيامة: فهناك يترقّب خروج المهديّ عليه السّلام، و هو من أولاد الإمام الحسن العسكريّ، و مولده عليه السّلام ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، و هو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السّلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا-و هو سنة ثمان و خمسين و تسع مأة-سبع مأة سنة و ستّ سنين، هكذا أخبرني الشّيخ حسن العراقي عن الإمام المهديّ حين اجتمع به، و وافقه على ذلك شيخنا سيّدي عليّ الخواصّ رحمه اللّه.

و عبارة الشيخ محيى الدّين-في الباب (366) -من «الفتوحات» (3): و اعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهديّ عليه السّلام، ثمّ قال: هو من عترة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ولد فاطمة رضي اللّه عنها جدّه الحسين بن عليّ بن أبيطالب، و والده الحسن العسكريّ ابن الإمام عليّ النقيّ-بالنّون-ابن الإمام محمّد التقيّ-بالتاء-ابن عليّ الرّضا، ابن موسى الكاظم، ابن الإمام جعفر الصّادق، ابن الإمام محمّد الباقر، ابن الإمام زين العابدين، ابن الإمام الحسين، ابن الإمام عليّ بن أبيطالب رضي اللّه عنهم أجمعين؛ يواطي اسمه اسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (4).

ثمّ عدّد رضي اللّه عنه نبذة من شيم المهديّ، و أخلاقه النبويّة، الّتي تكون فيه على جدّه و عليه الصّلاة و السّلام-و نحن نذكرها في أحوال العارف الجنديّ قدّس سرّه إن شاء اللّه إنتهى (5).

ص:562


1- «اليواقيت و الجواهر» ج 2، المبحث الخامس و الستون، ص 562، باختلاف يسير.
2- عبارة «اليواقيت» سلفت بالعرض عليها النقل عن تقى الدين (منه) .
3- «الفتوحات المكيّة» ج 3، الباب السادس و الستون و ثلاث مأة، ص 327؛ مع الاختلاف.
4- نفس المصدر، ص 562، باختلاف يسير.
5- «روضة الأحباب» نقلا عن المكاشفات.

نقل الشعراني وصول شيخه إلى خدمته عليه السّلام

أقول: و بعض الأثبات عن الشعراني في كتابه «لواقح الأنوار في طبقات الأخيار» : و في آخر الكتاب تسميته ب «لواقح الأنوار القدسية» في مناقب العلماء و الصوفية. و قال: كان الفراغ من تأليفي هذه الطبقات في تاسع عشر شوّال، سنة إحدى و ستين و تسع مأة.

و قد رأى الناقل رحمه اللّه نسخة أخرى للكتاب في آخرها: كان الفراغ من كتابتها على يد أفقر الفقراء و أحوجهم إليه يوسف بن الشيخ أحمد بن الشيخ عليّ بن الشيخ موسى البناء الدميري بلدا، الشّافعي مذهبا، غفر اللّه له و لوالديه و لمن طالع فيها، و دعا له بالرّحمة و المغفرة و المسامحة في الدّنيا و الآخرة آمين، في يوم الاثنين المبارك، في شهر محرم، سنة سبعة عشر و ألف من الهجرة النبويّة (1)انتهى.

و كيف كان نص الكتاب ما هذا لفظه: و منهم الشيخ الصالح العابد الزاهد، ذو الكشف الصحيح، و الحال العظيم الشيخ حسن العراقيّ، المدفون فوق الكوم المطل على بركة الرّطلي، كان رضي اللّه عنه قد عمر نحو مأة سنة ثلاثين سنة، و دخلت عليه مرّة أنا و سيّدي أبو العبّاس الحريثي، فقال: أحدّثكم بحديث تعرفون به أمري من حين كنت شابّا إلى وقتي هذا؟ فقلنا: نعم.

فقال: كنت شابّا أمردا، فسيح العباء في الشّام، و كنت مسرفا على نفسي، فدخلت جامع بني أميّة، فوجدت شجا على الكرسيّ، يتكلّم في أمر المهديّ و خروجه، فتشرب حبّه في قلبي، و صرت أدعو في سجودي بأن يجمعني عليه، فمكثت نحو سنة و أنا أدعو، فبينما أنا بعد المغرب في الجامع إذ دخل عليّ شخص عليه عمامة كعمائم العجم و جبّة من وبر الجمال فجس بيده على كتفي، و قال لي

ص:563


1- «روضة الاحباب» مخطوط.

«مالك بالاجتماع بي» ؟ فقلت: من أنت؟ فقال: «أنا المهديّ» فقبّلت يده و قلت:

إمض بنا إلى البيت، فأجاب و قال: «أخل لي مكانا لا يدخل عليّ فيه أحد غيرك» .

فأخليت له، فمكث عندي سبعة أيّام و لقّنني الذّكر، و أمرني بصوم يوم و إفطار يوم، و بصلاة خمس مأة ركعة في كلّ ليلة، و أن لا أضع جنبي على الأرض للنّوم إلاّ غلبة. ثمّ طلب الخروج و قال لي: «يا حسن، لا تجتمع بأحد بعدي، و يكفيك ما حصل لك منّي، فما ثمّ إلاّ دون ما وصل إليك منّي، فلا تتحمل منه أحد بلا فائدة» .

فقلت: سمعا و طاعة، و خرجت، أودّعه، فأوقفني عند عتبة باب الدّار، و قال:

«من هنا» فأقمت على ذلك سنين عديدة. . . ، إلى أن قال الشعراني بعد حكاية سياحة حسن العراقي: و سألت المهديّ عن عمره؟ فقال: «يا ولدي، عمري الآن ست مأة و عشرون سنة، و لي عنه الآن مأة سنة (1).

فقلت: ذلك لسيّدي عليّ الخواصّ، فوافقه على عمر المهديّ رضي اللّه عنهما (2)انتهى بلفظه.

أقول: و من ذلك يظهر حال ما حكاه الحمزاوي عن كتابه، و ما فيه من التحريف، و أنّ ذلك يوافق ما في «اليواقيت» أو يقاربه، و أنّ أخبار الحسن بذلك كان في أواخر عمره؛ فلاحظ.

ص:564


1- و لا يخفى عليك أنّه إذا أضيف الست مأة و عشرون إلى خمس و خمسين و مأتين كان مولد المهديّ يكون ثمان مأة و خمس و سبعين، فيكون تاريخ الملاقاة، و إذا أضيف إليه ما ذكره بقوله: ولي عنه الآن مأة سنة، يكون (975) ، و يكون هو تاريخ إخبار الشيخ حسن للشّعراني، و يتأخّر ذلك عن تاريخ «لواقح الأنوار» بأربعة عشر، و عن تاريخ اليواقيت بعشرين، و يحتمل أن يكون قوله: و لي عنه الآن مأة سنة، ليس تحقيقيا و تصريح الشعرانيّ بما ذكره في «اليواقيت» يؤيد التقريب كما لا يخفى» (منه) .
2- «روضة الأحباب» نقلا عن «لواقح الأنوار» ج 2، ص 136، باختلاف كثير.

رواية الشعرانيّ بتوسط الجلّة عن صاحب الزّمان عليه السّلام

أقول: و عن الشاه وليّ اللّه الدهلويّ في «النّزهة» : هكذا في كتاب «المسلسلات» المشهور ب «الفضل المبين» :

قلت: شافهني ابن عقله بإجازة جميع ما يجوز له روايته (1)، و وجدت في «مسلسلاته» حديثا مسلسلا بانفراد كلّ راو من رواته بصفة عظيمة تفرد بها، قال رحمه اللّه: أخبرني فريد عصره الشيخ حسن بن علي العجيمي، أخبرنا حافظ عصره جمال الدين البابليّ، أخبرنا مسند وقته محمد الحجازي الواعظ، أخبرنا صوفيّ زمانه الشيخ عبد الوهّاب الشّعرانيّ، أخبرنا مجتهد عصره الجلال السيوطي، أخبرنا حافظ عصره أبو نعيم رضوان العقبي، أخبرنا مقريّ زمانه الشمس محمّد بن الجزري، أخبرنا الإمام جمال الدين محمد بن محمد الجمال زاهد عصره، أخبرنا الإمام محمّد بن مسعود محدّث بلاد فارس في زمانه، أخبرنا شيخنا إسماعيل بن مظفر الشيرازي عالم وقته، أخبرنا عبد السّلام بن أبي الرّبيع الحنفي محدث زمانه، أخبرنا أبو بكر عبد اللّه بن محمّد بن شابور القلانسي شيخ عصره، أخبرنا عبد العزيز، حدّثنا محمّد الأدمي إمام أوانه، أخبرنا سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان نادرة عصره، حدّثنا أحمد بن محمّد بن هاشم البلاذريّ حافظ زمانه، حدّثنا محمّد بن الحسن بن عليّ المحجوب إمام عصره (2)، حدّثنا الحسن بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي جدّه علي بن موسى، حدّثنا موسى الكاظم، قال: حدّثنا أبي جعفر الصادق، حدّثنا أبي محمّد الباقر ابن عليّ، حدّثنا أبي عليّ

ص:565


1- أقول: هذه الأثبات كلّهم أقروا بوجوده عليه السّلام إماما للعصر محجوبا عن الانظار و مرجعا للرواة و الأثبات و بعد ذلك لا يبقى لطالب مطلب، فلاحظ (منه) .
2- «صريح في أنّ نقل البلاذري تلك الرّواية لنادرة عصره كان بعد احتجابه عن الأنظار و إن كان يمكن الوصل إليه قبل ذلك للتعلّم و نحوه» (منه) .

بن الحسين زين العابدين السجّاد، حدّثنا أبي الحسين سيّد الشهداء، حدّثنا أبي عليّ بن أبي طالب سيّد الأولياء، قال: أخبرني سيّد الأنبياء محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: «أخبرني جبرئيل سيّد الملائكة، قال: قال اللّه تعالى سيّد السّادات: إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، من أقرّ لي بالتّوحيد دخل حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي» .

قال الشمس بن الجزريّ: كذا وقع هذا الحديث من المسلسلات السعيدة، و العهدة فيه على البلاذريّ (1)انتهى.

و عن رسالة «النوادر من حديث سيد الأوائل و الأواخر» له من نسخة حسنعلي المحدّث تلميذ صاحب التحفة هذا لفظه: حديث محمّد بن الحسن الذي يعتقد الشيعة أنّه المهديّ عن آبائه الكرام وجدت في «مسلسلات» الشيخ محمّد بن عقلة المكيّ عن الحسن العجيمي. . . .

أخبرنا أبو طاهر أقوى أهل عصره سندا، إجازة لجميع ما تصحّ له روايته قال:

أخبرنا فريد عصره الشيخ الحسن بن عليّ العجيمي، أخبرنا حافظ عصره. . . فذكر العبارة بعينها.

ترجمة البلاذريّ

أقول: أمّا البلاذريّ فعن «أنساب السّمعاني» في ضمن كلامه: كان حافظا (2)عارفا بالحديث، سمع. . . ثمّ ذكر جملة من المشايخ، و سمع منه الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ و [أبو] (3)محمّد البلاذريّ الواعظ الطوسي كان واحد عصره في الحفظ

ص:566


1- «النزهة» للدهلوي. نقلا عن المسلسلات المشهور ب «الفضل المبين» .
2- في المصدر+: فاضلا فهما.
3- في المصدر+: في بعض النسخ: قال الحافظ أبو عبد اللّه.

و الوعظ، و من أحسن النّاس، عشرة و أكثرهم فائدة، و كان يكثر المقام بنيسابور، يكون له (1)، في أسبوع مجلسان عند شيخي البلد أبي الحسين المحميّ و أبي نصر العبدوي، و كان أبو علي الحافظ و مشايخنا يحضرون مجالسه، و يفرحون بما يذكره على (2)الملأ من الأسانيد، و لم أرهم غمزوه قط (3)في إسناد، أو اسم، أو حديث، و كتب بمكة عن إمام أهل البيت أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرّضا (4). . . إلى أن قال:

قال الحاكم: استشهد بالطاهران (5)سنة تسع و ثلاثين و ثلاث مأة (6).

أقول: و عن السيوطيّ في «التدريب» : ذكر في «شرح النخبة» : أن المسلسل بالحفّاظ ممّا يفيد العلم القطعي (7).

أقول: و لم أجد في الحكايتين ذكر ما انفرد به عبد العزيز، و لا ما انفرد به جملة من الأئمّة أهل البيت، و يمكن أن يكون ذلك في الثاني إمامتهم الّتي انفردوا بها، لم تذكر استغنائا بالوضوح و الأوّل أن يكون سقط من النّسّاخ.

كلام القاضي جواد

أقول: و عن القاضي جواد الساباط في كتاب «البراهين الساباطية» فيما يستقيم به دعائم الملّة الحنفيّه البرهان به ما ورد في (11-من أشعيا) قوله، فذكر

ص:567


1- في المصدر+: في كلّ.
2- في المصدر+: رؤس.
3- في المصدر: و لم أرهم قط غمزوه.
4- في المصدر: على بن موسى الرضا.
5- في المصدر: و استشهد بالطابران.
6- «أنساب الأشراف» ج 2، باب الباء، ص 378 و 379، رقم 638.
7- «تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي» ، ج 2، النوع الثالث و الثلاثون، ص 189.

إلى أن قال: و ترجمته بالعربيّة: «و ستخرج من «قنس الأسى» غض، و ينبت من عروقه غض، و ستستقرّ عليه روح الرب، أعني روح الحكمة و المعرفة، و روح الشّورى و العدل، و روح العلم و خشية الرّبّ فلا يقتضي، لمحاباة الوجوه، و لا يدين بمجرّد السّمع» (1).

أقول: أوّل اليهود هذا في شأن مسيحهم، و النصارى في حقّ آلهتهم، فقال اليهود: إنّ اسى اسم أبي داود، و المسيح لا يكون إلاّ من أولاد داود، فيكون هو المنصوص عليه، و قد ذكرت منع صغرى هذا القياس، فيما قبل، فتذكره.

و قال النّصارى: إنّ المراد به عيسى بن مريم، لأنّه هو المسيح الّذي يجب أن يكون من أولاد داود.

و أجيب بأنّ صفاته أعمّ من صفات النبيّ و لا قرينة لقيام الخاص مقام العامّ، فيكون المنصوص عليه هو المهديّ رضى اللّه عنه بعينه بصريح قوله: «و لا يدين بمجرّد السّمع» ، لأنّ المسلمين أجمعوا على أنّه رضى اللّه عنه لا يحكم بمجرّد السمع و الظاهر، بل يلاحظ الباطن، و لم يتّفق ذلك لأحد من الأنبياء و الأوصياء أفلا ترى قوله: «من قال: «لا إله إلاّ اللّه» حقن ماله و دمه» (2)؟ !

إذا علمت ذلك فاعلم أن لفظ «أسى» في العبراني مرادفة الوجود، فيكون من قبيل استعمال العلّة مقام المعلول، إذ لا يمكن أن يكون للوجود الحقيقي أصل، فيكون المراد محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لقوله: «لو لاك لما خلقت الأفلاك» .

و قد اختلف المسلمون في المهديّ، فقال أصحابنا (3)من أهل السّنّة و الجماعة

ص:568


1- «العهد القديم» أشعياء، الإصحاح الحادي عشر.
2- «الهداية» للصدوق، باب الإسلام و الإيمان، ص 54: « من قال: لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه فقد حقن ماله و دمه» .
3- كأنّه اكتفى بالغلبة و إلاّ فقد عرفت و تعرف من أعرض عن هذا المذهب، ثمّ إنّ ذكر الأمّ من منفردات هذا القاضي لم أجده لغيره فلاحظ (منه) .

أنّه رجل من أولاد فاطمة، يكون اسمه محمّدا و اسم أبيه «عبد اللّه» و اسم أمّه آمنة.

و قال الإماميّون: بل إنّه هو محمّد بن الحسن العسكريّ رضى اللّه عنه، و كان قد تولّد سنة خمس و خمسين و مأتين، من فتاة للحسن العسكريّ رضى اللّه عنه، اسمها نرجس، في سرّ من رأى زمن المعتمد، ثمّ غاب سنة، ثمّ ظهر، ثمّ غاب، و هي الغيبة الكبرى، و لا يؤب بعدها إلاّ إذا شاء اللّه تعالى (1)، و لمّا كان قولهم أقرب لتناول هذا النصّ، و كان غرضي الذبّ عن ملّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مع قطع النظر عن التعصّب في المذهب ذكرت مطابقة ما يدعيه الإماميّون مع هذا النصّ (2)انتهى ما حكي عنه.

أقول: و لعبد العزيز في «مفتاح الكنوز الخفية» (3)حاشية «تحفة الاثني عشرية» في حاشية الباب الأوّل كلام حاصله: خلافة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كلّما قصر عن ظاهر الاسلام كمل في الباطن، و لذلك في أيّام رابع الخلفاء ظهرت بلباس الولاية، ثمّ بعده اختفى من الظاهر و استتر، و هذا المعنى المستور كان يظهر في الأئمّة عليهم السّلام بترتيبهم، و من ذلك كان فيض الباطن ينتشر منهم إلى كلّ الأمّة، و ينشعب منهم أهل الولاية، فكان في زمانهم الخلافة في الباطن، و تسمّى بالإمامة، و بعد غيبة الثاني عشر استتر الإمامة أيضا، و ظهر باقي أقسام الولايات (4). انتهى ترجمته.

أقول: و عن جمال الدين المحدّث في خاتمة «أربعينه» في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام ما هذا لفظه: و اعلموا أيّها المؤمنون الكاملون أنّ اعتقادي في شأن أمير المؤمنين على عليه السّلام ما يقتضيه مضمون تلك الأحاديث الّتي جمعتها في هذه الأوراق، فأقول:

ص:569


1- لعلّ نظره إلى سنين الاستقبال و نحوه (منه) .
2- «البراهين الساباطية» مخطوطة.
3- «مفتاح الكنوز الخفية» حاشية «تحفة الاثني عشرية» مخطوط.
4- «مفتاح الكنوز الخفية» لعبد العزيز مخطوط.

«رضيت باللّه ربّا و بالإسلام دينا، و بمحمّد صلى اللّه عليه و آله رسولا، و بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام إماما، و بالإمامين الهمامين (1)الحسن المجتبى، و الحسين الشهيد بكربلا و عليّ بن الحسين زين العابدين السجّاد ذي الثفنات، و بمحمّد بن عليّ الباقر، و جعفر بن محمّد الصادق، و موسى بن جعفر الكاظم، و عليّ بن موسى الرّضا، و محمّد بن عليّ التقيّ، و عليّ بن محمّد النقيّ، و الحسن بن عليّ الزكيّ العسكريّ، و محمّد بن الحسن الحجّة المهديّ صاحب الزّمان، أئمّة، و سادة، و قادة، اللّهمّ هؤلاء أئمّتي (2)و سادتي، و قادتي، و كبرائيّ و شفعائيّ، الأئمّة الهداة الأبرار، الأتقياء الأخيار، بهم أتولّى و من أعدائهم أتبرّء في الدّنيا و الآخرة» (3)إنتهى.

و نقل لنا عن نسخة عتيقة كتبت في السبعين بعد التسع مأة.

أقول: و عن الملاّ عليّ المتقيّ القاريّ الهنديّ في «المرقاة شرح المشكاة» بعد ذكر حديث اثني عشر خليفة ما هذا لفظه: قلت: قد حمل الشّيعة الاثني عشرية على أنّهم من أهل بيت النبوّة متوالية، أعمّ من أنّ تكون لهم خلافة حقيقة أو استحقاقا، فأوّلهم عليّ، فالحسن، فالحسين، فزين العابدين، فمحمّد الباقر، فجعفر الصّادق، فموسى الكاظم، فعليّ الرضا، فمحمّد التقيّ، فعليّ النّقيّ، فالحسن العسكريّ، فمحمّد المهديّ، رضوان اللّه عليهم أجمعين.

على ما ذكرهم زبدة الأولياء خواجة محمّد پارسا في كتاب «فصل الخطاب» (4)مفصّلة، و تبعه مولانا نور الدين عبد الرحمان الجاميّ في أواخر

ص:570


1- في المصدر-: بالإمامين الهمامين.
2- في المصدر: كلّهم أئمّتي الأئمّة الهداة.
3- «كتاب الأربعين» الحديث الأربعون، ص 65.
4- «فصل الخطاب» المطبوع في «ينابيع المودة» ، الباب الخامس و الستون، ص 368.

«شواهد النبوّة» (1)و ذكر فضائلهم و مناقبهم و كراماتهم و مقاماتهم جملة، و فيه ردّ على الروافض حيث يظنّون بأهل السّنة أنّهم يبغضون أهل البيت باعتقادهم الفاسد و وهمهم الكاسد. (2)انتهى.

أقول: و عن عبد الرحمان في كتاب «مرآة المدارية» ما هذا ترجمة ألفاظه:

حضرة الشيخ محيى الدين بن عربيّ في الباب (366) من «الفتوحات» يقول:

اعلموا أيّها المسلمون أنّه لا بدّ من خروج مهديّ، والده الحسن العسكريّ، ابن الإمام عليّ النقيّ، ابن الإمام محمّد التقي. . . ، أسعد الناس به أهل الكوفة، يدعو إلى اللّه بالسيف فمن أبي قتله و من نازعه خذل، و ذكر في الباب تمام أحوال المهديّ مفصّلا يراجعه من أراد (3).

و حضرة مولانا عبد الرحمان الجاميّ الصوفيّ الشافعيّ ذكر تمام أحواله و كمالاته، و حقيقة ميلاده و غيبته، مفصلا في كتاب «شواهد النبوّة» (4)بوجه أحسن من أئمّة أهل البيت العترة و أهل السير.

و ذكر صاحب «المقصد الأقصى» (5): أنّ حضرة الشيخ سعد الّدين الحمويّ، خليفة نجم الدين، صنّف كتابا في المهديّ و ضمّ إليه أشياء لم يبق مورد خدشة مخلوق، و إذا ظهر ظهرت الولاية المطلقة، و ارتفع اختلاف المذاهب و الظلم، يظهر في آخر الزّمان، و يطهر الأرض من الجور و الظلم، و يتحد المذاهب.

و بالجملة لو وجد الدجّال الملعون و اختفى، و كذا عيسى، فلو غاب ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، محمّد المهديّ ابن الحسن العسكريّ من أنظار العموم إلى أن يظهر فيما

ص:571


1- «شواهد النبوّة» ص 324-411.
2- «مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح» ج 10، ص 336، ح 5983.
3- «مرآة المدارية» .
4- «شواهد النبوة» ص 404-411.
5- «المقصد الأقصى» ص 160، الطبع الحجري.

قدّره اللّه، كما يظهر أن لا يكون مورد عجب، و أقوال الأكابر، و أئمّة أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنكارها من باب التّعصب ليس بلازم و مورد حاجة انتهى.

أقول: و عن عبد الحق الدهلوي في رسالته، في مناقب الأئمّة الأطهار الّتي أشار إليها في كتابه «تحصيل الكمال» بقوله: «و لقد تشّرفنا بذكرهم جميعا في رسالة منفردة. . . (1).

ما هذا ترجمته: و أبو محمّد الحسن العسكريّ، و ولده محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم معلوم (2)عند خواص أصحابه، و ثقات أهله، و رووا أنّ حكيمة بنت أبي جعفر محمّد الجواد كانت تحبه، و تدعو، و تتضرع إلى اللّه أن ترى ولده.

و أبو محمد كان اصطفى جارية يقال لها: «نرجس» و لمّا كان ليلة النصف من شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين، أتته. . . فذكر ترجمة ما أسلفناه عن «فصل الخطاب» .

و زاد عليه و روى: قيل للرّضا عليه السّلام: ما اسم قائمكم؟

قال: «أمرنا أن لا نذكره قبل أن يلد» (3).

أقول: و عن «روضة الأحباب» لجمال الدين المحدث الحسينيّ الّذي يقول فيه عبد العزيز الدهلوي في رسالة «أصول الحديث» ما هذا ترجمته: أن حصل هذا الكتاب خاليا عن الإلحاق و التحريف، فهو أحسن ما صنّف في الباب، و يروي عنه وليّ اللّه الدهلوي في «إزالة الخفاء» في مأثر عمر مرارا، و عبد الحقّ الدهلويّ في «تحصيل الكمال» في ترجمة فاطمة.

و يروي عنه ملا يعقوب اللاهوري في «الخير الجاري في شرح البخاري» قول

ص:572


1- «تحصيل الكمال» مخطوط.
2- هذا شهادة منه بخروج جعفر عن ثقات الأهل و خواصّ الأصحاب معا حيث جهله و انكره (منه) .
3- «رسالة مناقب الأئمّة الأطهار» مخطوطة.

رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعمّه العبّاس بعد وقعة بدر: «عليك أن تؤدّي فدية عن نفسك، و عن ابن أخيك العقيل» .

و هو من مشايخ إجازة صاحب «التحفة» فعنه ما هذا ترجمته: في بيان الإمام الثاني عشر المؤتمن، محمّد بن الحسن تولّده في درج الولاية و جوهر معدن الهداية، يقول أكثر أهل الرّواية: في نصف شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين في سامراء.

و قيل: في الثالث و العشرين من شهر رمضان، سنة ثمان و خمسين و مأتين، أمّه أمّ ولد تسمّى «صيقل» أو «سوسن» ، و قيل: «نرجس» ، و قيل: «حكيمة» . و هذا الإمام في الإسم و الكنية يشابه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المهديّ، و المنتظر، و الخلف الصالح، و صاحب الزّمان من ألقابه، و كان عند وفات أبيه على الأوّل ابن خمس و على الثاني ابن سنتين.

وهب اللّه له كما وهب ليحيى الحكمة، و بلغ مرتبة الإمامة، و في زمان المعتمد- في خمس و ستين و مأتين أو ستّ و ستين و مأتين على اختلاف القولين-غاب عن الأنطار في سرداب سرّ من رأى» (1)انتهى.

ثمّ أورد روايات حملها على الحجة، هذا و روى روايات لا يحتمل غيره، و ذكر رواية جابر الّتي أسلفناها عنه في كونه من ولد الحسين عليه السّلام، ثمّ ذكر كلاما طويلا في انتظاره لظهوره (2)لا حاجة إلى إيراده.

روايات الجامي فيه عليه السّلام

أقول: «و عن نور الدين عبد الرحمان الجاميّ في أواخر كتابه «شواهد النبوّة»

ص:573


1- «روضة الاحباب» لجمال الدين المحدث الحسيني، مخطوطة.
2- نفس المصدر.

الّذي يروي عنه في «تاريخ الخميس» و غيره بعد التصريح بكونه عليه السّلام الإمام الثاني عشر ما هذا ترجمته: قالت حكيمة عمّة أبي محمّد الزكيّ رضى اللّه عنه: دخلت على أبي محمّد يوما، فقال: «يا عمّة! كوني اللّيلة عندنا إنّ اللّه يعطيني خلفا.

فقلت: ممّن؟ إذ لا أرى في نرجس أثر الحمل فقال: «يا عمة! إنّ مثل نرجس مثل أمّ موسى لا يتبيّن حملها إلاّ وقت الولادة» .

فكنت هنا اللّيلة، فلمّا انتصف اللّيل قمت، و تهجّدت، و تمجّدت نرجس، فقلت: قرب الفجر و لم يظهر ما قال أبو محمّد! ! فناداني: «يا عمّة! لا تعجلي» .

فرجعت إلى البيت الّذي فيه نرجس، فاستقبلتني، و هي ترتعش، فضمّتها إلى صدري، و قرأت التوحيد، و القدر، و آية الكرسيّ عليها، فإذا من بطنها صوت قرائة ما قرأت، و أضاء البيت، فنظرت إلى ولد على الأرض، و قد سجد، فأخدته، فناداني أبو محمّد: «يا عمّة؟ إيتيني بولدي» فأتيته به، فأجلسه في حجره، و أدخل لسانه في فيه.

فقال: «تكلّم يا بنيّ بإذن اللّه» ، فقال: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ اَلْوارِثِينَ (1).

فرأيت طيورا أحاطوا بأبي محمّد، فدعى واحدا منها، و قال: «خذه، فاحفظه، حتّى يأذن اللّه تعالى فيه، فإنّ اللّه بالغ أمره» .

فقلت له: من هذا الطّير و من هذه الطيور» ؟ .

فقال: «هذا جبرئيل و هم ملائكة الرحمة» . ، ثمّ قال: «يا عمّة! ردّيه إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ وَ لِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اَللّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (2)فأتيتها به؛ فلمّا ولد كان مسرورا مختونا، على ذراعه الأيمن مكتوب: جاءَ

ص:574


1- القصص:28، الآية 5.
2- القصص:28، الآية 13.

اَلْحَقُّ وَ زَهَقَ اَلْباطِلُ إِنَّ اَلْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (1).

و رووا عن آخر، قال: لمّا ولد جلس على ركبتيه، و رفع سبّابته إلى السّماء، فعطس و قال: «الحمد لله رب العالمين» .

و عن آخر: أتيت العسكريّ عليه السّلام و قلت: «يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من الخليفة و الإمام بعدك» ؟ فدخل الدّار، ثمّ خرج و على كتفه غلام ثلاثيّ، كأنّه البدر، فقال:

«يا فلان! لو لا منزلتك عندي لما أريتك ولدي، اسمه اسم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و كنيته كنيته، هو الّذي يملأ الأرض قسطا كما ملئت جورا و ظلما» .

و عن آخر: دخلت على أبي محمّد عليه السّلام و رأيت على يمينه بيتا عليه ستر، فقلت: يا سيّدي! من صاحب الأمر بعدك؟ فأمرني برفع السّتر، فخرج غلام في كمال النظافة، و على خدّه الأيمن خال، و له ذوائب، فجاء حتّى جلس في حجره، فقال: «هذا صاحبكم بعدي، ثمّ قام، فقال له: «يا بنيّ ادخل إلى الوقت المعلوم» فدخل البيت، و أنا أنظر إليه، فقال أبو محمّد: «قم فانظر من في البيت» ، فأتيته فلم أر أحدا.

و عن آخر، قال: طلبني المعتضد، و آخرين معي، فقال: إنّ الحسن بن عليّ توفّي بسامرّا، اذهبوا، أحيطوا بداره، فمن رأيتموه فيها فأتوني برأسه، فذهبنا، و إذا داره كأنّها جديد البناء، و رأينا سردابا، و رأينا فيه بحرا، في أقصاه حصير على الماء، و عليه رجل بهيّ، يصلّي و لا يلتفت إلينا، فسبق أحدهما ليذهب إليه، و غرق في الماء، و اضطرب، فأخذت بيده، فأنجيته. فسبق الآخر، فجرى له مثل ما وقع للأوّل، فتحيّرت، و قلت: يا صاحب الدار! أعتذر إلى اللّه و إليك، و اللّه ما عرفت الحال، و تبت إلى اللّه، و لم يلتفت إلينا و أتينا الخليفة و قصصنا فقال: اكتموه و إلاّ ضربت أعناقكم. (2)إنتهى ترجمته.

ص:575


1- الإسراء:17، الآية 81.
2- «شواهد النبوة» للجامي ص 405-407.

كلام ملك العلماء

أقول: و عن ملك العلماء شهاب الدين الدولت آبادي صاحب التفسير «البحر الموّاج» الّذي يظهر جلالته من «أخبار الأخيار» لعبد الحقّ الدّهلويّ و «سبحة المرجان» و يذكره في «الإيضاح» بعنوان ملك العلماء، و يعدّه من أجلّة أهل السّنّة، و يحتجّ بكلامه و إشاراته، ويعدّه من عقائد أهل السّنّة، يقول في كتابه «هداية السّعداء في حقّ الحجّة» ما هذا ترجمته: أنّه الإمام الثاني عشر الغايب الطويل العمر، مثل عيسى و إلياس و خضر (1).

و قال أيضا: يقول أهل السّنّة: خلافة الخلفاء الأربعة ثبتت بالنصّ، كذا في العقيدة الحافظية.

قال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم: «خلافتي ثلاثون سنة، و قد تمّت بعليّ» .

و كذلك خلافة الأئمّة الاثني عشر ثبتت بالحديث: أوّلهم، عليّ، و في خلافته ورد حديث الخلافة ثلاثون سنة.

الثاني: السلطان حسن رضى اللّه عنه، قال صلى اللّه عليه و سلم: «هذا ابني سيّد، سيصلح بين المسلمين» .

الثالث: السلطان حسين صلوات اللّه عليه، قال صلى اللّه عليه و سلم: «هذا ابني سيّد، سيقتله الفئة الباغية» .

و تسعة من ولد الحسين تسعة أئمّة، آخرهم القائم.

حديث اللوح من رواية جابر

و قال جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ: دخلت على فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،

ص:576


1- «هداية السعداء في حقّ الحجّة» مخطوطة.

و بين يديها ألواح، و فيها أسماء أئمّة من ولدها، فعددت أحد عشر اسما، آخرهم القائم.

سؤال: لأيّ حكمة لم يدع زين العابدين الخلافة؟

الجواب: لو كان في وقت الصّحابة عايشة، و معاوية، و طلحة، و الزبير أفتوا بالخطأ، و البغاة حاربوا السّلطان عليّا، و في وقت التابعين قتلوا السّلطان حسينا، و لو كان المصطفى أخبر أنّ أهل بيته مقهور، و البغاة ألف شهر، كما أورد في الخزانة الجلالية أنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رأى في المنام أنّ وجود الكلاب صعدوا منبره، يعوون، عبّر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّ فلانا، فلانا اليزيديّ، يتغلب، و على منبره يلعنون أهل بيته.

و في «روضة العلماء» نزل قوله: «خير من ألف شهر» (1)، قال جبرئيل: «يا محمّد! ألف شهر يكون ملك اليزيديّين، يلعنون أهل بيتك، و اليوم يوم هزيمة بيتك» . فذكر ما حاصله:

أنّهم من زين العابدين إلى المهديّ، تركوا إلاّ دعاء، حفظا لنفوسهم الشريفة، و إذا ظهر المهديّ السيّد محمّد بن عبد اللّه (2)أبو القاسم أظهر أهل البيت علم الهزيمة، و أعلنوا الأولوية، فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما، و هؤلاء التّسعة أوّلهم السّجّاد، ثمّ الباقر ابنه، ثمّ الصادق ابنه، ثمّ الكاظم ابنه، ثمّ الرضا ابنه، ثمّ الجواد ابنه، ثمّ النقيّ ابنه، ثم الحسن ابنه، و التاسع الإمام حجة اللّه القائم الإمام المهديّ ابنه، و هو غايب، و عمره طويل كعيسى و إلياس و خضر في المؤمنين (3)، و في الكفّار الدّجّال و السامريّ و بلعم و شمر قاتل السّلطان حسين، و أشباههم و اللّه أعلم بالصواب (4).

ص:577


1- «روضة العلماء» مخطوطة.
2- الواضح من سابق كلامه و لاحقه، أنّ المقام قد ناله بعض أقلام المنحرفين، فلاحظ (منه) .
3- القول بحياة جملة من هؤلاء من منفردات هذا الملك فلاحظ (منه) .
4- انتهى كلام شهاب الدين الدولت آبادي في «هداية السعداء في حقّ الحجّة» .

كلام عبد الرحمان في «مرآة الأسرار

أقول: و عن عبد الرحمان في «مرآة الأسرار» الّذي اعتمد عليه وليّ اللّه الدهلويّ «في الانتباه في سلاسل الأولياء» . ما هذا ترجمته: ذكر شمس الدّين و الدولة، هادي جميع الأممّ و الملّة، خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، الإمام بالحقّ، أبو القاسم محمّد بن الحسن المهديّ رضى اللّه عنه، و هو الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت، أمّه أمّ ولد، اسمها نرجس، ولادته ليلة الجمعة، منتصف شعبان، سنة خمس و خمسين و مأتين.

و على رواية «شواهد النبوّة» (1)في الثالث و العشرين، من شهر رمضان، سنة ثمان و خمسين و مأتين، في سامرا، و هو يواطى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، في الاسم و الكنية، و ألقابه المهديّ، و الحجّة، و القائم، و المنتظر، و صاحب الزّمان، و خاتم اثني عشر، و كان عند موت أبيه ابن خمس سنين، و فاز بالإمامة في الطفولية، كما أعطى اللّه يحيى و عيسى الحكمة، و خوارقه لا يسعها هنا المختصر.

و عبد الرحمان الجامي روى في «شواهد النبوّة» عن حكيمة أخت الهاديّ، فذكر ما سلف (2)انتهى.

كلام عبد الرحمان في «مرآة المدارية»

و عن عبد الرحمان في «مرآة المدارية» في أحوال المدار ما هذا ترجمته: أنّه بعد صفاء الباطن حصل له الحضور التامّ بروحانية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو من كرمه و رحمه أخذ بيده، و لقّنه الإسلام الحقيقي، و كان حضر روحانية عليّ كرّم اللّه

ص:578


1- «شواهد النبوّة» ص 130.
2- «شواهد النبوّة» ص 131.

وجهه، فأعطاه له، و قال: «هذا الشابّ طالب الحقّ و قبلته بمكان الولد» فربّه و أوصله إلى مطلوبه، فإنّه عن قريب يكون عند اللّه قطب المدار في وقته.

فالسّلطان المدار بحكمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أتى النجف مرقد عليّ كرّم اللّه وجهه، و اشتغل بالرّياضات، و كان يصله منه عليه السّلام أنواع التربية بالصراط المستقيم، و بوسيلة دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فاز بمشاهدة الحقّ، و جميع مقامات الصوفية الصّافية، و العرفان الحقيقي.

ثمّ أسد اللّه الغالب سلّمه إلى ولده الرّشيد، وارث الولاية المطلقة، محمّد المهديّ ابن الحسن العسكريّ، و جعله ممّن يعرفه في الظاهر، و قال له من لطفه: إنّ قطب المدار بديع الدين أبلغته إلى مقامات عالية، و قبلته بمكان الولد بإشارة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أنت أيضا راعه و علمه بشفقتك جميع الكتب السماوية، فعلّمه المهديّ صاحب الزّمان من لطفه اثني عشر كتابا و صحفا من السماويات فسّماها.

و قال: ثمّ عرض صاحب الزّمان الشّاه قطب المدار بعد ما كمّله بذلك على جدّه أسد اللّه الغالب. و قال: هو نوع من الإرشاد و يرجو الخلافة.

ثمّ قال: فليعلم أنّ المسألة لمّا كانت مختلفا فيها لزم ذكر قول كلّ طائفة، لئلا يعترض على أحوال أولياء اللّه من باب التعصّب [و]أكثر علماء أهل السّنّة و الجماعة ينكرون وجود الإمام محمّد المهديّ ابن الحسن العسكريّ، و إنّه ليس المهديّ الموعود و إن كان من أهل البيت، و إنّه يظهر قرب القيامة من نسل فاطمة و لم يوجد بعد.

و جماعة من علماء الإمامية الاثني عشرية يروون من أخبار النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أقوال ائمّة أهل البيت أنّ المهديّ الموعود هو الإمام الثاني عشر، صاحب الزمان، خاتم الولاية المطلقة، محمّد المهديّ ابن الإمام الحسن العسكريّ، الّذي وجد، بأمر اللّه غاب عن أنظار العوام، و يظهر بأمره قرب القيامة، فالإنكار على الإمام يوجب الضّلالة، و الحديث المرويّ في «المشكاة» يذكرونه نصّا: «من

ص:579

مات و لم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية» . و هذه المقدمة مفصّلة في كتبهم لا يسعها هذا المختصر» (1)انتهى.

كلام شاه وليّ اللّه الدهلويّ

عن الشاه وليّ اللّه الدهلويّ في «المقالة الوضيئة» ما هذا ترجمته: «ظهر لهذا الفقير أنّ الأئمّة الاثني عشر رضي اللّه عنهم أقطاب نسبيّة من النّسب، و رواج التصّوف ظهر مقارن انقراضهم (2)و أمّا العقيدة و الشرع فلا يؤخذان إلاّ من الحديث النبويّ، و قطبيّتهم أمر باطنيّ لا يرتبط بالتكليف الشرعي، و نص كلّ واحد و إشارته إلى المتأخر إنّما باعتبار القطبية و أمور الإمامة، الّتي كانوا يقولون راجع إليها، و أظهروه لبعض خلّص أصحابهم، ثمّ بعد زمان تعمّق قوم، و أوردوا أقوالهم بغير محمله و اللّه المستعان. انتهى.

أقول: نقلنا ذلك من كتاب «الاستقصاء» (3)و حواشيه، و لا نتعرّض لها ببيان الصحيح من السقيم، و بيان العلل و الأمراض، و دلالتها كلاّ على ولادته و وجوده إلى الآن و إلى ما شاء اللّه لا تخفى.

و هؤلاء الحكاة عين أهل المعرفة، فهم فيما زعموا، فلا على أقوالهم و كلامهم اطّلعوا، و لا لهم في المذهب وافقوا، و لا لهم من التسنّن أخرجوا، و لا عن تشنيع الإماميّة في القال كفوا، و هو الفتّاح العليم.

انتهى في ثاني صفر، سنة (1316) بيد العاصي محمّد باقر المؤلّف أيضا حامدا، مصلّيا، مسلّما، سائلا أن يجعله لوجهه الكريم بلطفه العميم.

ص:580


1- «مرأة المدارية» مخطوط.
2- لعلّ مراده بالانقراض عروض الاستتار، كما ذكره عبد العزيز فيما سلف، ثمّ لاحظ الإقرار بالنصّ و التعيين في طبقاتهم، و راجع روايات النصوص لتعرف مقتضاها (منه) .
3- «الاستقصاء» مخطوط.

الفهارس الفنّية

اشارة

فهرس الآيات الشريفة

فهرس الأحاديث الشريفة

فهرس الآثار

فهرس الأشعار

فهرس الأعلام

فهرس الكتب

فهرس الجماعات و القبائل و المذاهب

فهرس الأمكنة و الأزمنة

فهرس مصادر تحقيق الكتاب

فهرس الموضوعات

ص:581

فهرس الأيات الشريفة

اشارة

(1)السورةالآيةالصفحة

«فاتحة الكتاب»

اِهْدِنَا اَلصِّراطَ اَلْمُسْتَقِيمَ 6119

«البقرة»

فَلَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلْكافِرِينَ 89426

بَشِيراً وَ نَذِيراً 119120

لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ 124266،313

وَ إِذْ جَعَلْنَا اَلْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَ أَمْناً 125196

وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ اَلْقَواعِدَ مِنَ اَلْبَيْتِ 127196

لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى اَلنّاسِ 143416

آمَنَ اَلرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ 285339

«آل عمران»

نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ 61179،180

وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا 103142،201

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اِخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ اَلْبَيِّناتُ 105202

«النساء»

سَمِعْنا وَ أَطَعْنا 46135

إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ 48427

أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ 59112،481

ص:582


1- هذه العلامة علامة للأعلام المذكورة في مقدمة التحقيق. هذه العلامة*علامة للأعلام الواردة في تعليقات ذيل الصفحات.

السورةالآيةالصفحة

وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ 157456

لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اَللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ 165120،449

«المائدة»

وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ 5426

يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ 67314،515*

قالُوا إِنَّ اَللّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ 73427

وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً 117394،397

وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ 118394،397،427

«الأنعام»

وَ إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ 116528

اَللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ 124313،528

فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ 149120

«الأعراف»

وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي 142310

وَ اِتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ 148311

وَ لَمّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ 149311

وَ لَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ 150311

اِبْنَ أُمَّ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي 15089

قالَ رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ لِأَخِي 151311

إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّخَذُوا اَلْعِجْلَ 152311

وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا 175119

وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها 176119

ص:583

السورةالآيةالصفحة

«الأنفال»

إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ اَلْمُتَّقُونَ 34196

لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ 42120،314

بِأَنَّ اَللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها 53136

«التوبة»

فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ اَلْكُفْرِ 1266

إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ 32456

لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ 33302

وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ 105416،502

وَ ظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اَللّهِ إِلاّ إِلَيْهِ 118528

يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ كُونُوا مَعَ اَلصّادِقِينَ 119201

«يونس»

فَما ذا بَعْدَ اَلْحَقِّ إِلاَّ اَلضَّلالُ 32470

أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى اَلْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ 35115

فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ 62355

«هود»

وَ اِصْنَعِ اَلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا 37458

وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ 40315

«يوسف»

أَدْعُوا إِلَى اَللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اِتَّبَعَنِي 108547

حَتّى إِذَا اِسْتَيْأَسَ اَلرُّسُلُ 110459

ص:584

السورةالآيةالصفحة

«الرعد»

إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ 7115

«إبراهيم»

إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ اَلْأَبْصارُ 42515

«الحجر»

ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا وَ يُلْهِهِمُ اَلْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ 3136

إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ 38360

«الإسرار»

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ 40246

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ 120243

وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ 125314

«الإسراء»

لَيْلاً مِنَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرامِ 1348

وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ 419

إِنَّ هذَا اَلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ 9126

وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ 13455

وَ يَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً 51524

يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ 71416،506

وَ قُلْ جاءَ اَلْحَقُّ وَ زَهَقَ اَلْباطِلُ إِنَّ اَلْباطِلَ كانَ زَهُوقاً 81575

وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً 109529

«الكهف»

وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً 7975

ص:585

السورةالآيةالصفحة

«مريم»

يا يَحْيى خُذِ اَلْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا 12370،522،529

قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي اَلْمَهْدِ صَبِيًّا 29370،529

قالَ إِنِّي عَبْدُ اَللّهِ آتانِيَ اَلْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا 30370

وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ اَلزَّكاةِ 31529

وَ اَلسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا 33529

خَيْرٌ مَقاماً وَ أَحْسَنُ نَدِيًّا 73431

«طه»

وَ قَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ اَلْغَمِّ 40383

فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً 86310

أَ فَلا يَرَوْنَ أَلاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً 89311

وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اِصْطَبِرْ عَلَيْها 132192

لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ 134120،449

«الأنبياء»

لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً 17451

لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ 23449

يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ 69450

وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا 73262

كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ 104394،396،397

«الحج»

لا تَعْمَى اَلْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى اَلْقُلُوبُ 46119

إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ 47462

ص:586

السورةالآيةالصفحة

«المؤمنون»

أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ 115451

«النور»

كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ اَلزُّجاجَةُ 35324

لا تَجْعَلُوا دُعاءَ اَلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً 63135

فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ 63112،135

«الفرقان»

هَباءً مَنْثُوراً 23117

«الشعراء»

أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ اَلْبَحْرَ فَانْفَلَقَ 63450

فَأَنْجَيْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِي اَلْفُلْكِ اَلْمَشْحُونِ 119450

ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ اَلْباقِينَ 120450

وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ 214344،346

«النمل»

لا يَهْتَدُونَ* أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ 24 و 25409

«القصص»

وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ 589،574

فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَ لا تَحْزَنَ 13574

وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى اَلنّارِ 41234

وَ أَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ اَلدُّنْيا لَعْنَةً 42234

«الروم»

وَ كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ اَلْمُؤْمِنِينَ 47544،545

وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ اَلَّذِينَ لا يُوقِنُونَ 60514

ص:587

السورةالآيةالصفحة

«الأحزاب»

وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ 6135

صَدَقُوا ما عاهَدُوا اَللّهَ عَلَيْهِ 23466،545

إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 33172،173،174، 179،181،182، 183،185،186، 188،189،190، 191،192،193، 194،195،197

سُنَّةَ اَللّهِ فِي اَلَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ 6247

«سبأ»

بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ 46120

وَ أَنّى لَهُمُ اَلتَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ 52469

«يس»

إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 82198

كُنْ فَيَكُونُ 8219

«الصافات»

أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ 176524

«ص»

هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ 39136

«الزمر»

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ 9115

ص:588

السورةالآيةالصفحة

«الزخرف»

وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ 44256،264

وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ 61367،472

وَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّاعَةِ 85449

«الحجرات»

وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ 2135

فَقاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ 9352

«ق»

لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى اَلسَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ 37290

«النجم»

وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى 3134،270، 549،560

إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى 4134،270، 549،560

أَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى 12527

«الحشر»

وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا 7112

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً 2141

«القلم»

وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 4464،476،541

«نوح»

رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَ نَهاراً 5449

ص:589

السورةالآيةالصفحة

رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْكافِرِينَ دَيّاراً 26449

رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً 28152

«القيامة»

بَلِ اَلْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ 14413

«الإنسان»

لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً 1117

وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ 30514

«النازعات»

فَإِذا هُمْ بِالسّاهِرَةِ 1442

«الانفطار»

يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً 19426

«المطفّفين»

يَوْمَ يَقُومُ اَلنّاسُ لِرَبِّ اَلْعالَمِينَ 6506

«الانشقاق»

لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ 1989

«الضحى»

وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى 7114

«الكوثر»

إِنّا أَعْطَيْناكَ اَلْكَوْثَرَ 1404

ص:590

فهرس الأحاديث الشريفة

«الف»

أتاني جبرئيل آنفا، فقال: تختّموا بالعقيق 323

أتاني جبرئيل، فقال: يا محمد! إنّ أمّتك مختلفة بعدك 352

ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا 98،110،111

ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعدي 100،111

ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا 99،111

ائتوني بدواة و صحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعدي 103

ائتوني بصحيفة و دواة أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا 110،111

ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده 101،110

ائتوني بكتف أكتب لكم فيه كتابا لا يختلف منك رجلان 100،111

ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا 98،110

ائتوني بالكتف و الدواة (أو اللوح و الدواة)105،111

ائتوني باللوح و الدواة أو الكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا 103

الأئمة من قريش، إذا استرحموا رحموا و إذا عاهدوا وفوا 263

الأئمة من قريش، إنّ لهم عليكم حقّا و لكم عليهم حقّا 258،269،355

الأئمّة من قريش، ما حكموا فعدلوا و وعدوا فوفوا 263،269

الأئمة من قريش ما عملوا 263*

الأئمة من ولدي، فمن أطاعهم فقد أطاع الله 317

أبو بكر لا يلبث إلاّ قليلا 303

اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلاّ بعد موتي 356،433

ص:591

أحصوا لي إلى كم يلفظ الإسلام؟387

أخبرني جبرئيل سيد الملائكة، قال: قال اللّه تعالى: سيد السادات أني أنا اللّه لا إله إلاّ أنا 566

أخبرني رسول الله بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة 441

ادعوا إليّ حبيبي 106

ادعوا إليّ عليّا 105

ادعي لي عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين 190

إذا أعطى الله تعالى أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أهل بيته 211

إذا امرتم بأمر فأتوا منه بما استطعتم 112

إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم 239

أعيذك بالله يا كعب بن عجرة! من أمراء يكونون من بعدي 68

اغسلوني بسبع قرب و آتوني بصحيفة و دواة 110

ألا إنّ الفتنة هاهنا ألا إنّ الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان 381،382

ألا إنّ الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان 384

الأن جاء القتال، لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الناس 245

أما لإن وردت عليه الحوض و ما أراك ترده لتجدنّه 417

الأمراء من قريش أبرارها أمراء أبرارها 268

الأمراء من قريش، الأمراء من قريش، الأمراء من قريش، لي عليهم حقّ 264،269

الأمراء من قريش ثلاثا ما فعلوا ثلاثا 263،269

الأمراء من قريش، لي عليهم حقّ و لهم عليكم حقّ 265،269

أمرنا أن لا نذكره قبل أن يلد 572

أنا اخذ عليكم بما أخذ اللّه على النبيين من قبلي 326

أنا حرب لمن حاربهم و سلم لمن سالمهم و عدو لمن عاداهم 185

ص:592

أنا سيد النبيين و عليّ سيد الوصيين و أن أوصيائي بعدي اثنا عشر 328

أنا على الحوض أنظر من يرد عليّ 406

أنا على حوضي أنتظر من يرد عليّ 418

أنا فرطكم على الحوض 211

أنا فرطكم على الحوض ألا ليذادن رجال عن حوضي 421

أنا فرطكم على الحوض أنظركم ليرفع لي رجال منكم 410

أنا فرطكم على الحوض فمن ورد أفلح 398

أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب 407،408

أنا فرطكم على الحوض و لأنازعن أقواما 399

أنا فرطكم على الحوض و ليختلجنّ رجال 401

أنا فرطكم على الحوض و ليرفعن لي رجال منكم 400،401

أنا قسيم النار يوم القيامة، أقول: خذي و ذري ذا 416،417،418

أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين مطهّرون و معصومون 327

أنت سيد ابن سيد أخو سيد و أنت إمام ابن إمام أخو إمام 328

أنت منّي بمنزلة هارون من موسى 356

إن صلحت أمّتي فلها يوم و إن فسدت فلها نصف يوم 462

إنّا أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا 437

إنّ ابني هذا سيد كما سمّاه رسول الله 479،480،481،483

إنّ أحب الناس إلى الله عزّ و جلّ يوم القيامة و أقربهم منه مجلسا إمام عادل 70

إنّ الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن 385

إنّ الأمر لا ينقضي حتى يمضي له فيهم اثنا عشر خليفة 227

إن أوّل دينكم بدء نبوة و رحمة، ثم يكون خلافة و رحمة، ثم يكون ملكا و جبرية 278

ص:593

إنّ بين يدي الساعة كذّا بين فاحذروهم 211

إنّ بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم 381

إنّ الخلفاء من قريش إلى أن تقوم الساعة 262

إنّ خير عباد الله تبارك و تعالى يوم القيامة الحمّادون 248

إنّ الدنيا حلوة خضرة 443

إنّ رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان 382،383

إنّ ظهوره يكون في يوم عاشوراء 472

إنّ عّدة الخلفاء بعدي عدّة نقباء موسى 226

إن الفتنة تجيء من هنا 383

إنّك تدرك ولدي محمدا الباقر 530

إنّكم تحشرون حفاة عراة غرلا 395

إنّكم لمحشرون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلا 394

إنّ الله أولى إليّ بأن أقوم بفضلك 433

إنّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن 543

إنّ لله كنوزا بالطالقان ليس بذهب و لا فضة 468

إنّ اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض 154

إنّما أخاف على أمّتي الأئمّة المضلّين 69،252

إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق 162،163،165

إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل 165

إنّ من أنكر صحبة أبي بكر كفر أو قتل 521

إنّ المهدي اسمه اسمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اسم أبيه اسم أبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 471

إنّ المهدي يقوم سنة مأتين 472

ص:594

إنّ الناس يجتمعون عليه سنة أربع و مأتين 472

إنّها ستكون بعدي أمراء يكذبون و يظلمون 69

إنّها ستكون من بعدي أمراء يصلّون لوقتها 71

إنّ هذا الأمر في قريش لا ينازعهم أحد 260

إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة 212

إنّ هذا الدين لا يزال عزيزا إلى اثني عشر خليفة 218

إنّ هذا الدين لن يزال ظاهرا على من ناواه لا يضرّه مخالف 208

إنه سيكون بعدي اختلاف أوامر فإن استطعت أن تكون السلم فافعل 351

إنّه سيكون بعدي أمراء يميتون الصلاة 68

إنّي أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا و زينتها 393

إنّي أوشك أن أدعي فأجيب و إنّي تارك فيكم الثقلين 141

إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن تبعتموهما 157

إنّي تارك فيكم الثقلين 144،148

إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر 140

إنّي تارك فيكم خليفتين 144،145

إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا بعدي 146،151

إنّي على الحوض انتظر من يرده عليّ منكم 411

إنّي على الحوض حتّى أنظر من يرده عليّ منكم 418،419

إنّي فرطكم على الحوض و إنّكم تبعي 154

إنّي فرطكم على الحوض و إني سأنازع رجالا 400

إنّي فرطكم و أنا شهيد عليكم و إنّي و الله لأنظر إلى حوضي الآن 392

إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر 141

إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا بعدي 142

ص:595

إنّي لأرى الفتن تقع خلال المدينة كوقع القطر 378

إنّي لأكتم من عملي جواهره كيلا يرى الحق ذو الجهل فيفتنا 429

أهل بيتي أمان لأهل الأرض 161

أهل الغرب ظاهرين على الحقّ حتى تقوم الساعة 253

أو لم تصنعوا في الصلاة ما قد علمتم 388

أيّها الناس! إنّي فرطكم و إنّكم واردون عليّ الحوض 157

أيّها الناس! إنّي قد تركت فيكم الثقلين خليفتين 142

أيّها الناس! إنّي لكم فرط على الحوض 412

أيّها الناس! بينما أنا على الحوض جيء فيكم زمرا 411

أيّها الناس! يوشك أن أقبض قبضا سريعا 154

«ب»

بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا و يمسى كافرا 378

با غصه يموت ميتة جاهلية يهوديا أو نصرانيا 90

بشّرنا برسول في آخر الزمان و لست به 506

بعدي اثنا عشر خليفة 224

بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني و بينهم 415

«ت»

التائب من الذنب كمن لا ذنب له 425

ترد علي أمّتي الحوض أنا أذود الناس 419

ترد علي الحوض رآية أمير المؤمنين 153

تزعمون أنّ قرابتي لا تنفع قومي 402

ص:596

تكون أمراء تغشاهم غواش 70

تكون بين يدي الساعة فتن 379

تكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب 70

«ث»

ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا 197

«ح»

حب الدنيا رأس كلّ خطيئة 393

حبّه إيمان و بغضه كفر و نفاق 90

حربه حرب رسول الله و هو حرب له 90

الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت 156

حوضي مسيره شهر و زواياه سواء 419

«خ»

الخلافة ثلاثون سنة، ثم يكون بعد ذلك الملك 278

الخلافة في أمّتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك 308

الخلافة في قريش و الحكم في الأنصار و الدعوة في الحبشة و الهجرة في المسلمين و المهاجرين بعد 261،269

خلافتي ثلاثون سنة و قد تمت بعلي عليه السّلام 576

الخلافة في قريش و لن يزال هذا الأمر في قريش ما أقاموا الدين 288

الخفاء بعدي اثنا عشر كعدد نقباء بني إسرائيل 226

الخلف الصالح من ولد [أبي محمد]الحسن بن علي عليه السّلام 358،367

ص:597

«س»

سبحان الله صدق الله و رسوله 283

سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن 379

سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن و ماذا أنزل من الفتن 380

ستكون أثرة و أمور تنكرونها 279

السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله و بركاته؛ الصلاة 191

السلام عليكم دار قوم مؤمنين و إنّا إن شاء الله بكم لا حقون 420،421

«ص»

الصلاة يا أهل البيت إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ 183،191

«ض»

ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا 435

«ط»

طوبى لمن أحبّهم و الويل لمبغضهم و طوبى لمن تمسك بهم 337

«ع»

عليّ باب حطّة من دخل منه كان مؤمنا و من خرج منه كان كافرا 202

عليّ ساقي الحوض و الذائذ عنه 418

عليّ مع القرآن و القرآن مع عليّ لا يفترقان حتى يردا علي الحوض 202

عليّ يقضي ديني عنّي و ينجر مواعيدي 346

عليك أن تؤدي فدية عن نفسك و عن ابن أخيك العقيل 573

ص:598

«ف»

فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض 160

فاطمة بهجة قلبي و أبناها ثمرة فؤادي 325

فأقول: أصحابي أصحابي، فقيل: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك 402

فالتمس مصالحة أبي بكر و مبايعة و لم يكن يبايع تلك الستة الأشهر 356

فإنّ دمائكم و أموالكم و أعراضكم و أبشاركم عليكم حرام 430

فإنّ رأيت يومئذ خليفة الله في الأرض فألزمه 79

فأيّكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم 344

فتنة عمياء صمّاء عليها دعاة على أبواب النار 389

فتن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا 444

فو الله لا الفقر أخشى عليكم و لكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا 393

في كلّ خلف من أمّتي عدول من أهل بيتي 156،157،200

«ق»

قريش ولاة الناس في الخير و الشر إلى يوم القيامة 262،269

قوم يستنّون بغير سنتي و يهدون بغير هدي 78

«ك»

كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلّما هلك نبي خلّفه نبي 279

كانّي دعيت فأجبت و إنّي تارك فيكم الثقلين 153

كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها 68

كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخّرون الصلاة عن وقتها 68

ص:599

«ل»

اللّهم إليك لا إلى النار أنا و أهل بيتي 176

اللّهم إنّ لكلّ نبي أهلا و هؤلاء أهل بيتي 190

اللّهم أهلي أذهب عنهم الرجس 177،185

اللّهم بلى انّك لا تخلى الأرض 74

اللّهم قد جعلت صلواتك و رحمتك و مغفرتك و رضوانك على إبراهيم و آل إبراهيم 193

اللّهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك و بركاتك على محمد و على آل محمد إنّك حميد مجيد 178،185

اللّهم هؤلاء أهلي 179،180،186

اللّهم هؤلاء أهل بيتي 191

اللّهم هؤلاء أهل بيتي حقّا 173

اللّهم هؤلاء أهل بيتي و أهل بيتي أحق 172،186

اللّهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي، فأذهب عنهم الرجس، طهّرهم تطهيرا 174، 175،177،182،184،186،189

لا إله إلاّ الله ما فتح الله الليلة من الخزائن 380

لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله 72

لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض 430

لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق 242،247،248،251

لا تزال طائفة من أمّتي على الحق لا يبالون من خالفهم 242

لا تزال طائفة من أمّتي على الحق منصورة لا يضرهم 252

لا تزال طائفة من أمّتي على الدين ظاهرين 249

ص:600

لا تزال طائفة من أمّتي قائمة بأمر الله 244

لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحق 237،249

لا تزال عصابة من أمّتي يقاتلون على أمر الله 253

لا تهلك هذه الأمّة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة 232،292

لا مهدي إلاّ عيسى 471،486

لا نورث ما تركناه صدقة 81،83

لا؛ و لو أدركته لخدمته إيّام حياتي 362

لا يحبّك إلاّ مؤمن و لا يبغضك إلاّ منافق 417

لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة 218،220،233

لا يزال أمر أمّتي صالحا حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش 231

لا يزال أمر أمّتي قائما حتّى يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش 227

لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا 212،227

لا يزال الدين عزيزا منيعا حتّى يملك اثنا عشر كلّهم من قريش 233

لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة 211،212

لا يزال قوم من أمّتي ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله 246

لا يزال لهذا الأمر أو على هذا الأمر عصبابة على الحق 235

لا يزال من أمّتي قوم ظاهرين على الناس 245،247

لا يزال ناس من أمّتى يقاتلون على الحق 245

لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان 255،256،257،269، 271،288،310

لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا ظاهرا على من ناواه 221

لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة 219،226

ص:601

لا يزال هذا الأمر قائما يقاتل عليه المسلمون حتى تقوم الساعة 250

لا يزال هذا الأمر مؤاتي أو مقاربا حتى يقوم اثنا عشر خليفة 208

لا يزال هذا الأمر ماضيا حتى يقوم اثنا عشر أميرا 210

لا يزال هذا الأمر صالحا حتى يقوم اثنا عشر أميرا 207،232،302

لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناواه لا يضرّه مخالف 210

لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة 217،220

لا يزال هذا الدين عزيزا أو لا يزال الناس بخير إلى اثني عشر خليفة 219

لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة 220،227

لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا ينصرون على من ناواهم 219

لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش 206،212، 227،232

لا يزال هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين 250

لأعطين الرآية رجلا يحبّ الله و رسوله و يحبه الله و رسوله 179

لأنّا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال 390

لصاحب هذا الأمر يعني المهدي غيبتان أحداهما تطول حتى يقول بعضهم:

مات 362

لقريش إنّ هذا الأمر لا يزال فيكم و أنتم ولاته 267،269

لن تزال طائفة من أمّتي منصورين لا يضرّهم 239

لن تزال طائفة من أهل الإسلام يقاتلون على الحق 248

لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين 250

لن يزال أناس من أمّتي ظاهرين على الناس 246

لن يزال على هذا الأمر عصابة على الحق لا يضرّهم من خالفهم 237

لن يزال هذا الأمر عزيزا ظاهرا حتى يملك اثنا عشر 222،305

ص:602

لن يزال هذا الشأن في قريش ما بقي من الناس اثنان 256

لن يعرف هذا الأمر إلاّ في هذا الحي من قريش 93

لو أنّ الناس اعتزلوهم 268،350

لو قد قام المهدي لأنكره الناس 363

لو لا أن يقول الناس أنّ عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي 315

لو لا قومك حديثوا عهد بالاسلام لهدمت الكعبة و جعلت لها بابين 315

لو لاك لما خلقت الأفلاك 568

لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لبعث الله فيه رجلا 476،478،481

لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم 478،541

ليلة أسرى بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله 339

ليردّن الحوض عليّ رجال حتّى إذا رأيتهم رفعوا إليّ 405،407

ليردّن عليّ الحوض أقوام فيختلجون 409

ليردّن عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني 406

ليردّن علي الحوض رجال ممّن صحبني و رآني 406

ليردّن على الحوض رجلان ممّن قد صحبني 403

ليوشكن رجل يتمنّى أنّه خرّمن عند الثريا 71

«م»

ما أظن فلانا و فلانا يعرفان من ديننا شيئا 403

ما بال رجال يقولون: إنّ رحم رسول الله لا ينفع قومه 401

ما عهد إليّ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيه شيئا و لكن رأى رأيته 282

ما وجدت من قتال القوم بدّا 353

ما هو أنا و لا الذي تمدون إليه أعناقكم و لا يعرف و لا يأبه له 448*

ص:603

ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: أخشى الضيعة يا رسول الله!475

مثل أهل بيتى فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا 163

مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق 162

مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك 166

معاشر المسلمين ابشروا بالفرج 434

الملك في قريش 217،312

الملك في قريش و القضاء في الأنصار و الأذان في الحبشة و السرعة في اليمن 257،269،350

من أتاكم و أمركم جمع على رجل واحد 54

من أحبّ أن يركب سفينة النجاة و يتمسك بالعروة الوثقى 325

من أحبّ أن يحيى حياتي و يموت ميتتي و يدخل الجنّة 320

من أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة 54

من أصحابي من لا أراه و لا يراني بعد أن أموت أبدا 412

من أطاع الله من ولدي و اتبع كتاب الله و جبت طاعته 156

من خرج من الطاعة و فارق الجماعة ثم مات، مات ميتة جاهلية 52

من خرج من الطاعة و فارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية 51

من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له 53

من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر 52

من سرّه أن يحيى حياتي و يموت مماتي و سكن جنة عدن 317،318،319

من فارقه فارق الله 90

من قال لا إله إلاّ الله حقن ماله و دمه 568

من كره من أميره شيئا فليصبر عليه 53

من كنت وليّه فهذا وليّه 153،156

ص:604

من مات بغير إمام مات ميتة الجاهلية 50،54

من مات من غير وصية مات ميتة جاهلية 57

من مات و لم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية 580

من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية 50،54

من مات و ليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية 50،54

من هذا مهدي الأمّة 475

من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين 240،243،244

من يضمن عنّي ديني و مواعيدي و يكون معي في الجنة و يكون خليفتي في أهلي 346

المهدي من ولد الإمام الحسن العسكري 491،500

المهدي من ولد العسكري 488

المهدي يملأها قسطا و عدلا بعد ما مئلت جورا و ظلما 302

«ن»

النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق و أهل بيتي أمان لأمّتي من الاختلاف 161

النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء و أهل بيتي أمان لأهل الارض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الارض 161

النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهبت السماء 160*

النجوم أمان لأهل السماء و أهل بيتي أمان لأمّتي 159،161

نحن حبل الله الذي قال الله تعالى: وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّهِ 201

نزلت هذه الآية أَنَّما يُرِيدُ اَللّهُ. . . في خمسة فيّ و في علي و حسن و حسين و فاطمة 188،189

نعم؛ إنّ وصيّي و الخليفة بعدي علي بن أبى طالب 335

ص:605

«ه»

ها إنّ الفتنة هاهنا، إنّ الفتنة هاهنا، إنّ الفتنة هاهنا، من حيث يطلع قرن الشيطان 382،384

هؤلاء أهلي أهل البيت 192

هدنة على دخن و جماعة على أقذاء 389

هذا ابني سيد سيصلح بين المسلمين 576

هذا ابني سيد سيقتله الفتنة الباغية 576

هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا 344

هذا علي مع القرآن و القرآن مع علي 154

هذا ما أوصى محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أهل بيته و أمّته 157

هذا محمد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هذا علي سيف الله 331

هذا محمد سيد الأنبياء و هذا علي سيد الأوصياء و أبو الأئمة الطاهرين 331

هلاك أمّتي على يدي غلمة من قريش 67،72،73

هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم 377

هلم أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا 101،110،111

«و»

و إنّه سيجاء بأناس من أمّتي فيوخذ بهم ذات الشمال 394

و إنّي أيّها الناس فرط لكم على الحوض 402

و الذي نفسي بيده لأذودنّ رجالا عن حوضي 414

و الله ما عهد إلي رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عهدا إلاّ شيئا عهده إلى الناس 283

و لن يعرف هذا الأمر إلاّ لهذا الحىّ من قريش 269

ص:606

و لو وليها لانتقضت عليه العرب 356

و من قاتلنا آخر الزمان فكأنّما قاتل مع الدجال 162

و من يواخيني و يوازرنى و يكون وليي و وصيي بعدي 345

و يح هذه الأمّة من ملوك جبابرة 438

ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم 454

«ى»

يا أبا مويهبة! إنّي قد أمرت أن استغفر لأهل البقيع 375

يا أبا مويهبة! إنّي قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا 375

يا أبا مويهبة! أسرج لي دابّتي 374

يا أمّ سلمه! لا تلوميني فإنّ جبرئيل أتاني بأمر 439

يا أيّها الناس! إنّكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا 396

يا أيّها الناس! إنّي تركت فيكم من [ما]إن أخذتم به لن تضلّوا 151

يا بني عبد المطلب! إنّى بعثت لكم خاصة و إلى الناس عامّة 347

يا حذيفة! تعلّم كتاب الله و اتبع ما فيه 389

يا حذيفة! لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم 438

يا ربّ! فتنت قومي حيث غبت عنهم 435

يا رسول الله! ما أحسن هذه الحديقة؟ قال: حديقتك في الجنة أحسن منها 435

يا عايشة! ما أظنّ فلانا و فلانا يعرفان ديننا الذي نحن عليه 403

يا علي! ائتني بطبق أكتب فيه ما لا تضلّ أمّتي بعدي 109

يا علي! إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة الله و أخذت أنت بحجزتي 327

يا علي! أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى 179

يا علي! تختم باليمين تكن من المقربين 322

ص:607

يا عمّة! كوني الليلة عندنا إنّ الله يعطيني خلفا 574

يا عمّة! كوني الليلة عندنا لأمر 369

يا عمّ! يملك من ولدي اثنا عشر خليفة 364

يا فاطمة! إنّا أهل بيت أعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأولين 475

يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا 397

يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدو له ينفون عنه 156

يخرج رجل من ولد الحسين من قبل المشرق 478

يد الله مع الجماعة و من شذّ شذّ إلى النار 65

يرد علي الحوض رجال من أصحابي 415

يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي 414

يقفو أثر رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يخطىء 464،542،548،549،560

يكون بعده اثنا عشر خليفة بعدد نقباء بني إسرائيل 226

يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش 214،233،304،305

يكون بعدي اثنا عشر أميرا 215،216،217،233،304

يكون خلفي اثنا عشر خليفة 278

يكون لصاحب هذا الأمر يعنى المهدي غيبة في بعض هذه الشعاب 361

يكون لهذه الأمّة اثنا عشر خليفة 222،233،304

يكون هذا الأمر في أصغرنا سنا و أجملنا ذكرا 362

يلحد في مكة رجل من قريش عليه نصف عذاب أهل الدنيا 299

يهلك الناس هذا الحي من قريش 66

يواطي اسمه اسمي و اسم أبيه اسم أبي 507

يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي 156

ص:608

فهرس الآثار

اشارة

الصفحة

«الف»

أتيت فاطمة عليها السّلام أسألها عن عليّ عليه السّلام قالت: توجّه إلى رسول الله 172،173

أتيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في مرضه فجعلت أبكي 89

أجلس رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحسن و الحسين على فخذيه و فاطمة حجره و اعتنق عليّا 191

أخبرني رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة 445

أطرحوا لأبي عبد الرحمان و سادة 53

أغفى رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اغفائة فرفع رأسه متبسما 404،405

أقبل رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم حجة الوداع 154

أقبل مروان يوما فوجد رجلا 72

أقتل لك عليّا؟ قال: لا 88

ألا أقتل لك عليا؟88

أمر رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يصلى على أهل البقيع فصلى عليهم 374

إنّ أقرب الناس عهدا برسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّ عليه السّلام 104

إنّ أهل هذه الآية لم يقاتلوا بعد 66

إنّ الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن 88

إنّ الرزية كلّ الرزيه ما حال بين رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 101،102،103

أوصى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشيء؟ قال: لا 109

إنّ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جاء الى باب عليّ أربعين صباحا بعد ما دخل على فاطمة عليها السّلام 191

ص:609

إنّ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد غلب عليه الوجع 101

إنّ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد غلبه الوجع 101

إنّ عليّا عليه السّلام بايع أبا بكر في أول الأمر 85

إنّ فاطمة عليها السّلام بنت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أرسلت إلى أبي بكر 81،82

إنّ فاطمة عليها السّلام و العباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما 83

إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخذ ثوبا فجلّله على عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين 194

إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جلس ذات يوم على المنبر 392

إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خرج يوما فصلى على أهل أحد 392

إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلّون بعده 111،109

إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غلبه الوجع 101

إنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان في بيتها فأتته فاطمة 174

«ب»

بينما رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بيتي يوما إذ قالت 175

بينما رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذات يوم بين أظهرنا إذا أغفى إغفائة 404

«ج»

جلّل على عليّ و حسن و حسين و فاطمة عليهم السّلام كساء 177،184

جمع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو دعا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بني عبد المطلب فيهم رهط 346

«خ»

خرج رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غداة و عليه مرط مرجل 180

خرجنا مع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمرّ بحذيقة 435

ص:610

«د»

دخلت على عمر في أوّل خلافته 137

دخلنا عليه فقلنا له: لقد رأيت خيرا 148

دفع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الراية يوم الخيبر إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام 433

«ذ»

ذكر رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعلي عليه السّلام ما يلقى من بعده 440

ذهب إلى رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: جاءا جميعا فدخلا 186

«ر»

رأيت رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حجته يوم عرفة و هو على ناقته القصواء 151

«س»

سافرت مع ابن عباس من المدينة إلى الشام 106

«ص»

صلى بنا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلاة العصر بنهار 443

صلى بنا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الفجر و صعد المنبر فخطبنا حتّى حضرت صلاة الظهر 446

«ف»

فأرسل رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى فاطمة و علي و الحسن و الحسين 192

ص:611

«ق»

قام فينا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على ناقة حمراء مخضرمة 410

قام فينا رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مقاما فما ترك شيئا يكون بين يدي الساعة 441، 442،445

قلت: يا رسول الله! إنّا كنّا بشرّ فجائنا 80

«ك»

كان أبو بكر يتأمر على وصي رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 284

كان رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يجيء كلّ غداة فيقوم على باب عليّ و فاطمة 191

كان رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأتي باب فاطمة و علي تسعة أشهر 192

كان الناس يسألون رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الخير 78

كنّا عند النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و بيننا و بين النساء حجاب 110

كنت أمشي مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بعض طريق المدينة 434

كنت جالسا مع أبي هريرة في المسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 73

«ل»

لعنت أهل العراق، فقالت: قتلوه قتلهم الله 176

لقد رأيت عليّا و فاطمة و حسنا و حسين و قد جمع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يغدف عليهم 189

لقد لقيت يا زيد! خيرا كثيرا رأيت رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 146

لقيت زيد بن أرقم و هو داخل على المختار 144

لمّا جمع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين تحت ثوبه 193

لمّا حضرت رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الوفاة قال: هلم أكتب 100

لمّا حضرت رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الوفاة و في البيت رجال 103

ص:612

لمّا رجع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من حجة الوداع و نزل غدير خم أمر بدوحات 152

لمّا مرض رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرضه الذي مات فيه 105

لمّا نظر رسول الله إلى الرحمة هابطة من السماء قال: من يدعو؟190

لمّا اشتدّ بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وجعه 101

لم يبايع عليّ أبا بكر حتّى ماتت فاطمة 85

«م»

ما بقي من أصحاب هذه الآية إلاّ ثلاثة 66

منّا أهل البيت أربعة 471

«ن»

نزلت هذه الآية أَنَّما يُرِيدُ اَللّهُ. . . في رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و علي و فاطمة و الحسن و الحسين 194،195

نزلت هذه الآية في بيتي أَنَّما يُرِيدُ اَللّهُ. . . و في البيت سبعة جبرائيل و ميكائيل و رسول الله و علي و الحسن و الحسين و فاطمة 193

«و»

و أخذ رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثوبه فوضعه على عليّ و فاطمة و حسن و حسين 179

و الذي أحلف به أن كان عليّ لأقرب الناس عهدا برسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 104،108

و الذي تحلف به أم سلمة أنّ أقرب الناس عهدا برسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّ 104

و الله ما قوتل أهل هذه الآيه إلاّ اليوم

«ى»

يوم الخميس و ما يوم الخميس ثم بكى 97،100،103

ص:613

فهرس الأشعار

سلام على المصطفى المجتبى

سلام على السيد المرتضى 532

و بهنا أو هاهنا أشر إلى

داني المكان و به الكاف صلا 385

بالله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما 447

ما آن للسرداب أن يلد الذي

كلّمتوه بجهلكم ما آنا 517

و لقد بررت الطالبية بعد ما

ذمّوا زمانا بعدها و زمانا 448

و لو طفت في تلك المحافل كلّها

و لا حظت من قد صار في تلك المجالس 506

ألا إنّ ختم الأولياء شهيد

و عين إمام العالمين فقيد 543

أيا حجة الله الذي ليس جاريا

بغير الذي يرضاه سابق الأقدار 508

و انقذ كتاب من يد عصبة

عصوا و تمادوا في عتّو و إصرار 509

صلى الإ له ذو العلا

عليك يا خير البشر 337

ص:614

إنّ الإمام إلى الوزير فقير

و عليها فلك الوجود يدور 540

إنّ التحول في الصور

نعت المهيمن في الخير 546

إجماع امّت در عزل حاكم

يا قتل امّت يا عزل حاكم 12

لقد طفت في تلك المعاهد كلّها

و سبرت طرفي بين تلك المعالم 502

و يا من مقاليد الزمان بكفه

و ناهيك من مجد به خصه الباري 514*

ص:615

فهرس الأعلام

اشارة

(1)

الإمام علي بن أبي طالب (2)أمير المؤمنين أبو الحسن-أبو تراب عليه السّلام:66،75، 81،82،83،84،85،86،87،88،89،90،91،94،104،105،107، 108،109،125،147،150،153،154،156،157،160،161، 168،172،173،174،175،176،177،179،180،181،182،184، 186،188،189،190،191،192،193،194،195،201،202،229، 230،268،274،282،283،284،285،287،292،294،295،297، 300،306،308،309،313،314،315،316،317،318،320،321، 322،323،324،325،326،327،328،331،332،333،334،335، 336،339،342،343*،344،345،346،348،349،350،351، 352،353،355،370،371،375،416،417،418،423،429،431، 432،433،434،435،436،439،440،446،448،459،462،464، 466،472،474،479،480،481،483،484،491،494،512،513، 532،534،541،552،561،562،566،569،570،576،577،578، 579.

الإمام الحسن بن علي عليهما السّلام:172،173،174،176،179،180،181،182،

ص:616


1- هذه العلامة علامة للأعلام المذكورة في مقدّمة التحقيق. هذه العلامة*علامة للأعلام الواردة في تعليقات ذيل الصفحات.
2- كان الأولى أن يكتب الامام علي بن أبو طالب عليه السّلام كما هو المنقول عنه عليه السّلام؛ راجع «نامه ها و پيمانهاى سياسى حضرت محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» و هو أيضا موافق للاعتبار أي القطع إلى الرفع و أن «أبو طالب» يكون اسما لوالد الإمام عليه السّلام و لكن المشهور كتابته بالياء.

184،186،188،189،190،191،192،193،194،195،229،292، 294،300،309،324،327،334،336،339،342،343،350،370، 372،417،418،429،431،432،446،471،473،475،480،481، 483،484،490،491،494،508،512،532،541،554،570،576، 577.

الإمام الحسين بن علي عليهما السّلام:19،156،172،173،174،176،179،180، 181،182،184،186،187،188،189،190،191،192،193،194، 195،292،320،321،323،324،325،327،328،329،332،334، 336،339،342،343*،349،362،363،370،429،432،441، 446،447،448،464،467،470،472،473،475،476،478،479، 480،481،483،490،491،494،496،512،524،532،552،554، 562،566،570،576،577.

الإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد عليه السّلام:201،320،323،334،339، 342،429،447،464،472،479،481،496،512،514،525،530، 532،562،565،570،577.

الإمام محمّد بن علي الباقر أبو جعفر عليه السّلام:320،321،323،361،362،363، 448*،464،481،496،512،530،532،562،565،570،577.

الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:201،316،321،323،334،336،339، 342،358،363،447،453،454،458،459،464،481،512،520، 531،532،562،565،570،577.

الإمام موسى الكاظم عليه السّلام:334،339،342،464،481،496،512،531، 532،562،565،570،577.

الإمام علي بن موسى الرضا أبو الحسن عليه السّلام:327،334،339،342،358،

ص:617

360،366،367،464،481،496،512،531،532،562،565،567، 570،572،577.

الإمام محمد بن علي التقي الجواد عليه السّلام:334،339،342،368،371،447، 464،481،496،512،523،531،532،554،562،567،570،571، 577.

الإمام علي بن محمد النقي عليه السّلام:334،339،360،371،447،464،481، 512،531،532،554،562،567،570،571،577.

الإمام الحسن بن علي العسكري أبو محمد عليه السّلام:26،358،360،367،368، 369،371،372،447،463،464،467،472،473،482،488،490، 491،492،494،495،496،497،498،500،501،507،508، 511،512،513،517،519،520،521،531،532،554،561،562، 565،567،570،571،572،574،575،577،579.

الإمام المهدي الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف عليه السّلام:15، 20،21،22،25،26،27،45،161،228،294،300، 302،303،316،328،334،336،337،339،340،342،357،358، 359،360،361،362،363،364،367،368،369،370،371،372، 433،436،437،448،449،450،452،455،456،459،460،462، 463،464،465،468،469،470،471،472،473،474،475،476، 479،482،483،485،486،487،488،489،490،491،492،493، 495،496،497،498،500،501،502،503،507،508،509،511، 512،513،514،516،517،519،521،522،524،527،528،531، 532،533،534،540،541،543،544،546،547،548،549،550، 551،554،555،560،561،562،563،564،565،566،568،569، 570،571،572،573،574،575،576،577،578،579.

ص:618

«الف»

الآخوند الخراساني (محمد كاظم) :

9،23.

الآخوند مولى حسين الهمداني:8.

آمنة:569.

أبان بن أبي عيّاش:329.

أبان بن تغلب:439،453.

أبان بن عثمان الأحمر:18.

إبراهيم (عليه السّلام) :193،196،324، 326،394،396،397،450.

إبراهيم:106،437.

إبراهيم:167.

إبراهيم بن أحمد:24.

إبراهيم بن إسحاق الزهري:150

إبراهيم بن إسحاق الغطفاني:485.

إبراهيم بن إسماعيل الدرجي:477.

إبراهيم بن حبيب:191.

إبراهيم بن الحجاج السامي:432.

إبراهيم بن حرب:250.

إبراهيم بن مريم (أبو إسحاق) :146.

إبراهيم بن حميد:246.

إبراهيم بن سعد:444.

إبراهيم بن سليمان:245.

إبراهيم بن شيبة الأنصاري:157.

إبراهيم بن عبد الرحيم:264.

إبراهيم بن عبد الله:186.

إبراهيم بن محمد بن إسحاق:474.

إبراهيم بن محمد بن عرفة:194.

إبراهيم بن محمد بن ميمون:194.

إبراهيم بن محمود (ابن الخير) :83.

إبراهيم بن المنذر الحزامي:323، 415.

إبراهيم بن موسى:102.

إبراهيم بن موسى الجهني:322.

إبراهيم بن هاشم القمي:16.

إبراهيم بن هاني:268.

إبراهيم بن الوليد:292،301.

إبراهيم المبتولي:561.

(الإمام) الثاني عشر-الإمام المهدي عليه السّلام.

أحمد الأحسائي:25.

أحمد الحرث الحرار:525.

ص:619

أحمد البابي الحلبي:462،510، 536.

أحمد بن إبراهيم:345.

أحمد بن ابراهيم الإصفهاني (ابو الحسن) :164.

أحمد بن إبراهيم بن شاذان (أبو بكر) :

327.

أحمد بن إبراهيم القمي (أبو بشر) :

364.

أحمد بن أبي عبد الله البرقي:332.

أحمد بن أحمد الإصفهاني (أبو الفضل) :317،318.

أحمد بن الأعجم المروزي:142.

أحمد بن جعفر:165.

أحمد بن حازم:440.

أحمد بن الحسن القاضي:192.

أحمد بن الحسين الطالقاني:190.

أحمد بن حنبل:156،161،172، 189،226،227،263،268، 282،359،403،417،489.

أحمد بن خليل:193،324.

أحمد بن سليمان:299،300*، 301.

أحمد بن شبيب الحبطي:414.

أحمد بن صالح:415.

أحمد بن طاهر القمي:453*.

أحمد بن عبد الرحمان:253.

أحمد بن عبد الرحيم السناني (أبو عبد الرحمان) :190.

أحمد بن عبد العزيز (أبو بكر) :160.

أحمد بن عبد العزيز الجوهري (أبو بكر) :103،123.

أحمد بن عبد الله:317،338*.

أحمد بن عبد الله الإصفهاني (أبو العباس) :330.

أحمد بن عبد الله:256.

أحمد بن عبيد الله العكبري (أبو العزّ) :

435.

أحمد بن عثمان النوفلي:220.

أحمد بن علي البديلي:453.

أحمد بن علي الخيوطي (أبو الفرج) :

167،322.

أحمد بن علي الرازي (أبو سعيد) :

190.

أحمد بن علي المرهبي:193.

ص:620

أحمد بن علي المنيني:507،510، 512،514*،515*،516*.

أحمد بن عمر الوكيعي:383.

أحمد بن عيسى الوشاء (أبو العباس) :

453.

أحمد بن فارس اللغوي:198.

أحمد بن كامل القاضي:353.

أحمد بن المبارك:492.

أحمد بن المثنّى:152.

أحمد بن محمد (أبو الحسين) :434.

أحمد بن محمد (أبو عبد الله) :24.

أحمد بن محمد بن سعيد:474.

أحمد بن محمد بن صالح:338.

أحمد بن محمد بن عبد الله:329.

أحمد بن محمد بن عبد الوّهاب:

324.

أحمد بن محمد بن محمد:190.

أحمد بن محمد بن يزيد:317،318.

أحمد بن محمد البلاذري:565، 566.

أحمد بن محمد الحنفي:187.

أحمد بن محمد بن خالد البرقي:

17.

أحمد بن محمد الخليلي الأملي:

341.

أحمد بن محمد الزنجاني (أبو طالب) :

321.

أحمد بن محمد السري (أبو بكر) :

439.

أحمد بن محمد القسطاني:85.

أحمد بن محمد القمي (أبو جعفر) :

17.

أحمد بن المظفر (أبو الحسن) :166.

أحمد بن محمد المكي:67.

أحمد بن مطرف البسيتي:335.

أحمد بن منصور:83.

أحمد بن منيع:257،308.

أحمد بن موسى الإصفهاني (أبو بكر) :

106.

أحمد بن يحيى الجلّودي:256.

أحمد بن يزيد:435*.

أحمد بن يعقوب:318.

أحمد بن يونس:257.

أحمد الحرث الخرّاز:525.

أحمد رضا أحمديان:29.

إدريس (عليه السّلام) :506.

ص:621

الأردبيلي:19.

أرقم بن شرحبيل:105،106.

أزهر:220.

أسامة:408.

أسامة بن زيد:377.

الأستر آبادي:18.

إسحاق:518.

إسحاق بن إبراهيم:83،105،148، 399،444،445.

إسحاق بن سليمان:382،383.

إسحاق بن سنان:167.

إسحاق بن عمّار:17.

إسحاق بن عيسى:243.

إسحاق بن منصور:241.

إسحاق بن موسى الأنصاري:421.

إسرائيل:105،106،144،250.

أسعد بن إبراهيم الحنبلي:325.

إسكندر بن سعد الطاووسي:477.

الأسلمي:210،211.

أسماء بنت أبي بكر:418،419، 424.

إسماعيل (عليه السّلام) :228،272.

إسماعيل:380.

إسماعيل بن أبان:106،107،433.

إسماعيل بن إبراهيم (أبو معمر) :66، 89،146،147،148،219، 282.

إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي (أبو إسرائيل) :140.

إسماعيل بن أبي خالد:66،88، 245،246،247،248.

إسماعيل بن أحمد البيهقي:191.

إسماعيل بن أحمد:434.

إسماعيل بن إسحاق الراشدي:349.

إسماعيل بن أمية:317،318.

إسماعيل بن جعفر:420،421.

إسماعيل بن زاهر اليوناني:164.

إسماعيل بن عبّاد:483.

إسماعيل بن عبد الله:189.

إسماعيل بن علي (أبو محمد) :320.

إسماعيل بن عيّاش:261.

إسماعيل بن محمد:83.

إسماعيل بن محمد الحلبي (أبو القاسم) :322.

إسماعيل بن مظفر الشيرازي:565.

إسكندر ذو القرنين:492.

ص:622

الأسود:106.

الأسود بن سعيد الهمداني:214.

أسود بن عامر:50،140،144، 346،400،412،413.

أصبغ بن نباتة:157،326.

الأصعمي:514*.

الأشرف بن سعيد الزرّاع:323.

أشعث:226.

أشعياء:228،230.

الأعمش:141،151،163،188، 194،258،279،323،342، 343*،385،386،387،399، 400،401،416،441،442، 445،476،477،479.

أفلح بن سعيد:411،412.

إلياس (عليه السّلام) :370،501،505، 576،577.

إلياس محمد بيكي (الصادقي) :9.

أميّة:447.

أنس بن مالك:183،184،258، 379،387،402،403،404، 405،406،435.

الأوزاعي:172،186.

أويس القرني:505.

إياس بن سلمة:159،160،166.

إياس بن عمرو الأسلمي:351.

أيّوب بن عائذ الطائي:68،69،88، 251،252.

«ب»

باقر بن محمد جعفر الجندقي الهمداني الشيخي:7،19.

بدر بن خليل:417.

البراء:345،347.

البزّار:227،268.

بسر بن عبيد الله الحضرمي:78،79.

بشر بن أبي عمرو النحوي:330.

بشر بن السري:418.

بشر بن شعيب:260.

بشر بن عمر:54.

بشر بن المفضل:166.

بعض الأثبات-عطاء الله بن غياث الدين بن فضل الله الحسيني الدشتكي الشيرازي (جمال الدين)

بكر بن وائل:262.

ص:623

البكرى:493.

بكير:411،412.

بكير بن أحمد:191.

بكير بن عبد الله الأشجع:53.

بكير بن مسمار:179،180.

بكير بن وهب الجزري:258.

بلال:105.

بلعم:577.

بهاء الدين بن أعرج:24.

بهز:218،220،389.

بهلول بن مورق:159.

بيان بن بشر:280.

البيضاوي:556.

البيهقي (أبو بكر أحمد بن الحسين) :

149،150،186،191،192، 469.

«ت، ث»

تقي الدين بن أبي المنصور:462، 562.

تقي (وكيل الرعايا) :12.

الثعلبي:201،345،347.

ثوبان:69،76،251،252.

ثوير بن أبي فاختة:433.

«ج»

جابر بن سمرة السوائي:206،207، 208،210،211،212،213، 214،215،216،217،218، 219،220،221،222،224، 226،231،249،250،251، 274،303،305،306.

جابر بن عبد الله الأنصاري:109، 124،127،129،131،151، 231،237،241،247،248، 328،406،481،482،530، 573،576.

جابر بن يزيد الجعفي:481.

الجارود بن معاذ:65.

جبرييل (الروح الأمين) :193،322، 333، *،433،439،440، 456،574،577.

جبير بن نفير:245.

جرير (ابن حازم) :51،148،149، 212،226،332،398،399، 442،445.

جرير بن عبد الحميد:104،108.

ص:624

الجريري:248.

الجزائري:18.

الجعد (أبو عثمان) :52.

جعدة بنت قيس:446.

جعفر بن أبي الفضل (أبو محمد) :

366.

جعفر بن برقان:240،241.

جعفر بن ربيعة:242.

جعفر بن سليمان:68،440.

جعفر بن عبد الرحمان:194.

جعفر بن عون:150.

جعفر بن محمد:151،325.

جعفر بن محمد الدوريستى (أبو عبد الله) :160،365.

جعفر الدارابي البروجردي:24.

جعفر (الطيار) :22.

جعفر (الكذّاب) :497،508،511، 517،520.

جمال بن معين الطبري (أبو الفضل) :

164.

جمال الدين البابلي:565.

جمال الدين بن معين:325.

جمال الدين الدبيني:435.

جميل بن صالح:325.

جندب بن عبد الله البجلي:52.

جهم بن السبّاق (أبو السبّاق الرياحي) :166.

جواد بن ساباط-جواد الساباطي:

23،228،567.

جويرية:384.

«ح»

حاتم بن إسماعيل:179،180، 211.

الحاكم النيسابوري:161،162، 165.

حبّان الحرث الأزدي:153.

حبيب بن أبي ثابت:151،152، 268.

حبيب بن ثابت:152،194.

حجّاج بن الشاعر:237،238، 446.

حجّاج بن محمد:106،237،238.

حجّاج بن منهال:430.

حجين:82.

حذيقة بن أسيد:151.

ص:625

حذيقة بن اليمان:66،78،80، 279،282،384،385،386، 387،388،389،390،399، 401،409،410،438،441، 442،443،444،445،446، 476،477،478،480.

الحرث بن حصيرة:153.

الحرث بن عبد الله الأعور:352.

حرملة بن يحيى:382،444.

حرمي بن عمّارة:434.

حرير:104.

حسن:50،51،100،215.

الحسن:88،282،283،381، 406.

الحسن البصري:264*.

حسن الصدر:28،31،41، 41،42.

حسن العدوي الحمزاوي:125، 490،493،494،495،564.

حسن العراقي:462،463،472، 491،492،495،499،500، 562،563،564.

حسن المالمقاني:9.

حسن النقيبي:29.

حسّان (ابن إبراهيم) :147،148.

الحسن بن أبي جعفر:167.

الحسن بن أحمد الحداد (أبو علي) :

106،192،476.

الحسن بن أحمد العطار الهمداني (أبو العلاء) :343،434،477.

الحسن بن أحمد العلوي الطبري (أبو محمد) :329.

الحسن بن إسحاق (أبو علي) :163.

الحسن بن حمزة:325*.

الحسن بن الربيع:52،103.

الحسن بن علي بن عفان:349.

الحسن بن علي الجوهري (أبو محمد) :435.

الحسن بن علي الطبرسي:364، 365.

حسن بن علي العجيمي:565،566.

الحسن بن علي العمري:345.

الحسن بن علي الهاشمي:433.

الحسن بن محمد بن حبيب:142.

الحسن بن محمد بن شرالبجلي (أبو القاسم) :107.

ص:626

الحسن بن محمد اللغوي:437.

الحسن بن مكرّم:192.

الحسن بن منصور:163.

حسن بن موسى:224.

الحسين بن أبي الفرج التيملي (أبو عبد الله) :331،364.

حسين بن أحمد البصري:262.

الحسين بن إسحاق:194.

الحسين (الحسن) بن خالد:17، 360.

الحسين بن الحسن بندار (أبو عبد الله) :327.

الحسين بن طلحة النعالي:83.

حسين بن علي بن يزيع:153.

الحسين بن محمد:173،345،347.

الحسين بن محمد الثقفي:189.

الحسين بن محمد الزينبي:329.

حسين بن محمد الفرزدق:153.

حسين بن موسى:264.

حسين بن خليل الرازي النجفي:9.

حسين الحسيني:16.

الحسين بن هارون:416.

الحسين بن يوسف:

حسين الفقيه الميرزائي:29.

حشرج بن نباتة:308.

حصين بن سبرة:146،147،212، 401،409،410.

الحضرمي:167.

حفصة:105،382.

الحكم بن أبي العاص:375.

الحكم بن فضيل:374.

الحكم بن نافع:245،261.

حكيم بن سعد:194.

حكيمة-نرجس.

حكيمة بنت أبي جعفر محمد الجواد (عليه السّلام) :358،359،368، 369،572،574،578.

حمّاد بن أسامة:208.

حمّاد بن خالد:206.

حمّاد بن زيد:52،67،68،69،70، 221،222،224،251،252، 253،400،444.

حمّاد بن سلمة:178،183،218، 220،222،248،249،381، 406،407،432.

ص:627

حمّاد بن عيسى الحسيني:18، 329.

حمزة (بن عبد المطلّب) :22،344، 475.

حمزة بن أبي سعيد الخدري:401.

حمزة بن محمد الهمداني (أبو الفتوح) :164*.

الحمويني:158،164،190،191، 324،327،328،330،331، 335،337،340،341،342، 363،365،367،434،477.

حميد بن عبد الرحمان:243،244.

حميد بن هلال:389.

الحميدي:244،247.

حنبل بن عبد الله (أبو علي) :108*.

حنش بن المعتمر (ابن المعتمر) الكناني:163،165،167.

حنظلة:382.

حوشب:174.

«خ»

خالد بن الحارث:262*.

خالد بن خداش:264.

خالد بن زيد (أبو أيوب) :72،387.

خالد بن عبد الله الطحان:212*.

خبيب بن الزبير:262.

خديجة بنت النهرواني:83.

الخزّاز:335،337،365.

الخضر (عليه السّلام) :370،455،459، 473،501،502،505،576، 577.

الخطيب البغدادي (أبو بكر أحمد بن أبي طاهر) :138،416.

خلف بن هشام البزّار المقري:67، 222.

خلف بن الوليد:250.

خليفة بن أميركا الخراط:452.

خمط-: نرجس.

خواجه نصير الدين الطوسي:23، 24.

الخوارزمي (الموفق بن أحمد) :

15،24،106،164،187، 191،192،282،320،321، 325،327،328،329،338، 340،341،342،343،353، 418،432،435،439.

ص:628

«د»

الدار قطني علي بن عمر (أبو الحسن) :107،202،474، 475.

داود بن أبي صالح:72.

داود بن أبي عوف الجحّاف:174.

داود بن أبي هند:218،220،222، 253.

داود بن سليمان (أبو علي) :163.

داود بن عمرو الضبي:419.

الدجّال:248،249،271،294، 302،364،367،390،453، 462،468،505،546،571، 577.

دردائيل:332.

الدميرى:529.

«ر»

ربعي بن حراش:388.

الربيع بن جميل الضبي:153.

الربيع بن نافع:193.

ربيعة بن ماجة:268.

ربيعة بن ناجد:346.

ربيعة بن يزيد:242.

رسول عينلو:29.

الرشيد:363،364.

الرشيد:479*.

رفاعة بن الهيثم الواسطي:212*.

الركين:144،145،146.

الريان بن مسلم:341.

«ز»

زائدة بن أبي الرقاد الباهلي:

250،251،482،489.

زاهر بن طاهر المستملي:164.

زبيد:177،184.

الزبيدي:415.

الزبير بن العوام:55،87،88،250، 448،577.

زرّ بن حبيش:476،477.

زكريا:180.

زكريا بن إسحاق:406.

زكريا بن ميسرة:345،347.

الزمخشري:556.

ص:629

الزهري:83،84،85،100،101، 102،103،260،261،337، 393،415.

زهير بن إسحاق:214،215،401.

زهير بن حرب:52،147.

زياد بن خثيمة:214.

زياد بن رياح:52.

زياد بن مسلم:338.

زيد بن أرقم (شعبة) :144،146، 147،148،150،151،152، 155،247.

زيد بن أسلم:54.

زيد بن بكر:528.

زيد بن ثابت:144،145،146، 239.

زيد بن جابر:338*.

زيد بن حارثة:326.

زيد بن الحباب:257.

زيد بن الحسن الأنماطي:151.

زيد بن سلاّم:80.

زيد بن علي (عليه السّلام) :75،518.

زيد بن علي المقري:193.

زيد بن محمد:53.

زيد بن وهب:66،279،385،386.

زينب:190،280.

«س»

سالار الدولة:12.

سالم بن أبي حفصة:353.

سالم بن عبد الله:382،383،384.

السامري:310،577.

سبط بن الجوزي:172.

السبكي:517،520.

سدير الصيرفي:453،454.

السراج:264.

سريج بن النعمان:308،409.

سريج بن يونس:215،420.

سعد بن أبى وقّاص:75،180،253.

سعد بن سنان:379.

سعد بن عبّادة:86،87،89،296، 354.

سعد بن عبد الله المروزي الهمداني (أبو نجيب) :106.

سعد الدين الحموي:571.

سعيد:235.

سعيد بن أبى مريم:407،418.

ص:630

سعيد بن جبير:98،99،100،103، 124،394،395،396،397، 398.

سعيد بن جمهان:278،308،309.

سعيد بن سليمان:151.

سعيد بن شرحبيل:392.

سعيد بن عبّاس:167.

سعيد بن عفير:403.

سعيد بن عمرو:72.

سعيد بن عمرو الأشعثي:399.

سعيد بن مؤيد الكندي:322.

سعيد بن مسروق:147،148.

سعيد بن المسيّب:167،402،414، 415.

سعيد بن منصور:99،253.

سعيد بن يحيى:353.

السفّاح:292،471،484.

السفر بن نسير الأزدي:390.

سفيان بن عيينة:69،98،99،121، 152،177،184،207،210، 212،267،279،377،441، 445.

سفيان بن حمزة الأسلمي:323.

سفيان الثوري:395،396،398، 401.

السفياني:465،534،543.

سكيّن بن عبد العزيز:263،264.

سلام بن أبي عمرة:341.

سلمان الفارسي:322،328،329، 476،478،481.

سلمة بن صالح الجعفي:344.

سلمة بن الفضل الأبرش:344.

سلمة بن كهيل:268.

سلمة بن نفيل السكوني:245.

سليمان:380،386.

سليمان الأعمش:345.

سليمان بن إبراهيم:106،167، 565.

سليمان بن أبي سليمان الزهري:70، 187.

سليمان بن أبي مسلم الأحول:97، 98،99.

سليمان بن أحمد الطبراني (أبو القاسم) :162،163،164، 186،194،341،478.

سليمان بن إسحاق:364.

ص:631

سليمان بن الأشعث:437.

سليمان بن حرب:52،70،251.

سليمان داود:222،247،263، 402.

سليمان بن عبد الملك:292،295.

سليمان بن كثير:377.

سليمان بن محمد:338.

سليمان بن المغيرة:389.

سليم بن خضر:219.

سليم بن قيس الهلالي:328،329.

سماعة:241.

سماك بن حرب:213،214،215، 216،218،220،224،249، 250،251.

السمعاني:566.

السمهودي:156،161،162*.

السندي:217.

سهل بن زياد الآدمي:18.

سهل بن سعد:407،408.

سهل بن سليمان:474.

سهل بن عبد الله التستري:561.

سهيل بن أبي الأسد:258.

سوسن-نرجس.

سويد:166،167.

سويد بن النصر:379.

سيّار بن سلامة الرياحي (أبو منهال) :

263،264.

السيوطي جلال الدين عبد الرحمان:

226،230،232،263،278، 284،286،291،294،298، 301،302،306،447،448، 472،487،513،529*،533، 534،565،567.

«ش»

شاذان-الأسود بن عامر.

شاذان بن جبرييل القمي:160.

الشافعي:24.

الشاه محمد علي:12.

شجاع بن مخلد:147.

شداد بن عبد الله:187.

شدّاد بن عمّار (عمّارة) :172،186.

الشرقاوي:493،499.

شريح بن عبيد:261.

الشريف المدني:557.

ص:632

شريك:50،144،145،146،346، 402،412.

شعبة:52،66،67،70،214،215، 217،239،247،250،251، 258،262،278،386،394، 400،401،410،414،421، 430،441،445،446.

الشعبى (عامر بن الشعبى) :69، 208،210،218،219،220، 221،222،224،225،226.

الشعراني:451،462،467،470، 472،488،491،492،495، 497،499،500،504،511، 541*،542*،543*،554، 555،556،557،559،562، 563،564.

شعيب:261،380،384،393، 415.

شعيب بن أبي حمزة:362.

شقيق:387،399،445.

شمر:577.

شمس الشرف بن علي النيلى (أبو محمد) :337.

شهاب بن عبّاد:246،440.

شهاب الدين الدولت آبادي:576، 577.

شهاب عبد ربّه:17.

شهرب حوشب:176،177،178، 184،194.

شهردار بن شيرويه الديلمي:353.

الشهرستاني محمد بن عبد الكريم (أبو الفتح) :18،354،501، 503.

الشهيد الثاني:23.

شيبان:100.

شيبان بن فرّوخ:51،53.

شيبان العرار:159*.

الشيخ البهائي (بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي:23،50، 507،542،552.

الشيخ الطوسي (محمد بن حسن) :

24،340.

الشيخ المرتضى الأنصاري:16.

ص:633

الشيخ المفيد محمد بن محمد (أبو محمد) :24،337.

شيرويه:321.

الشيطان:80،119،326،381، 382،383،384،385.

«ص، ض، ط، ظ»

صالح بن كيسان:444.

صالح بن يوسف الأنباري:194.

صباح بن محمد:195.

صباح بن يحيى المزني:345،347.

الصبّان (محمد) :470،485،490، 493،494،495،498.

صخر بن الحكم الفزاري:153.

صدقة بن موسى:358،359.

صفوان:390.

صفية بنت شيبة:180،181،182.

صقر بن يحيى الشافعي:476.

صلاح الدين الصفدي:370.

صواب بن عبد الله الحبشي (أبو الهدى) :330.

الصولي:448.

صيقل-نرجس.

الضّحاك بن قيس:381.

ضمرة:249.

ضمضم بن زرعة:261.

طارق بن شهاب:68.

الطاهر بن هارون العلوى (أبو القاسم) :358.

الطبراني:154،157،162،189، 202،263،344،418،432، 478،479،515*.

طريف بن عيسى:191.

طلحة:448،577.

طلحة بن مصرف:103،109،122، 124.

الظاهر (العباسي) :294،300.

«ع»

عاصم بن عبيد الله العدوي:50،69، 71،77،412،489.

عاصم بن بهدلة:400،401.

عاصم بن محمد:53،255،256، 257.

عامر بن ربيعة:50،63،70،71.

ص:634

عامر بن سعد:179،180،206، 211.

عامر بن عبد الله اليحصبي:242.

عامر الشعبي-الشعبى.

عايشة:81،82،83،104،105، 106،107،108،181،182، 189،226،274،284،303، 304،305،315،356،376، 382،383،384،403،410، 411،424،439،515،577.

عبّاد بن عبد الله الأسدي:346.

عبّاد بن يعقوب الأسدي:195، 342،345،347،417.

عباس (بن عبد المطلب) :83،105، 344،364،471،515*،573.

العباس بن إبراهيم القراطيسي:165.

العباس بن أحمد:353.

العباس بن بكّار:476،477.

عباس بن الحسين:160.

عباس علي القضائي:29.

العباس بن الفضل (أبو أحمد) :322.

عباية بن ربعي:328،416.

عبثر:399.

عبد الأول بن عيسى:146.

عبد بن حميد:83،102،146،183، 377،412.

عبدة:246.

عبد الجبّار بن العباس الشافي الشيباني:193.

عبد الجبار بن محمد الخواري:164.

عبد الحق الدهلوي:299،752، 576.

عبد الحميد (ابن بهرام) :176.

عبد الحميد بن سالم العطّار:17.

عبد الحميد بن عبد الرحمان:153*.

عبد الحميد بن محمد الخوارزمي:

343،477.

عبد الرحمان:251،479.

عبد الرحمان:554.

عبد الرحمان بن إبراهيم:421.

عبد الرحمان بن أبي بكرة:407، 430.

عبد الرحمان بن أبي حمّاد المقري:

163.

عبد الرحمان بن أبي عمرو:187.

عبد الرحمان بن أبي ليلى:433.

ص:635

عبد الرحمان بن سلام الجمحي:

414.

عبد الرحمان بن سلم الرازي:417.

عبد الرحمان بن شماسة المهري:

253.

عبد الرحمان بن صالح:160.

عبد الرحمان بن عبد الله:192.

عبد الرحمان بن عبد الله (ابن دينار) :

402،408.

عبد الرحمان بن عبد الله (أبو محمد) :

158.

عبد الرحمان بن عبد الملك:189.

عبد الرحمان بن عمران (ابن أبي ليلى) :317،318.

عبد الرحمان بن عوف:413.

عبد الرحمان بن محمد:106،194.

عبد الرحمان بن محمد (أبو زيد) :

159.

عبد الرحمان بن محمد الدارمي:

146.

عبد الرحمان بن مهدي:52،53، 207،242،257.

عبد الرحمان بن يزيد:78،243، 244،338،341.

عبد الرحمان الجامي:570،571، 573،578،590.

عبد الرحيم بن هارون:194.

عبد الرزاق:71،83،101،102، 103،283،377،378،380، 445.

عبد الرزاق الطهراني (أبو يعلي) :

106.

عبد السلام بن أبي الربيع:565.

عبد السلام بن عبد الملك:155.

عبد الصمد:218،409،434.

عبد الصمد الجباعي الحارثي:23.

عبد العزيز:565،567.

عبد العزيز الدراوردي:420.

عبد العزيز صهيب:402،403،405، 406.

عبد العزيز بن محمد:378.

عبد العزيز بن محمد الصالحي (أبو محمد) :107.

عبد العزيز بن مسلم:409.

عبد العزيز الدباغ:492.

ص:636

عبد العزيز الدهلوي:569.

عبد العليم بن عبد الرحيم:21.

عبد الغفار بن القاسم:344*.

عبد الغفار بن كثير الكوفي:335.

عبد الله (بن عبد المطّلب) :569.

عبد الله البروجردي:10.

عبد الله بن أبي الأسود:246.

عبد الله بن أبي أوفى:108،109.

عبد الله بن أبي زياد الكوفى:68.

عبد الله بن أبى أبي السعادات الناصري:318.

عبد الله بن أبي الهذيل:263.

عبد الله بن أحمد:187.

عبد الله بن أحمد بن حنبل:50،67، 70،71،88،89،97،100، 101،102،103،104،105، 106،109،140،141،142، 144،145،146،160،172، 174،175،176،177،178، 179،186،187،206،207، 208،210،211،214،215، 216،218،219،220،221، 222،224،225،226،230، 235،236،237،240،242، 243،245،246،248،249، 250،251،252،255،256، 257،258،260،261،262، 263،264،267،282،283، 346،351،374،375،377، 378،380،383،385،386، 387،388،389،390،394، 395،398،400،401،402، 404،405،406،407،408، 409،410،411،417،421، 432،441،444،445.

عبد الله بن أحمد حموية (أبو محمد) :

146.

عبد الله بن أحمد الطائى (أبو القاسم) :

327.

عبد الله بن إدريس:89.

عبد الله بن إسماعيل:330.

عبد الله بن جعفر الطيار:137.

عبد الله بن جعفر الدوريستي:366.

عبد الله بن الحارث:89،345.

عبد الله بن حوالة:239.

عبد الله بن داهر الرازي:163*.

ص:637

عبد الله بن دينار:384.

عبد الله بن رافع:411،412.

عبد الله بن الرحمان الدرامي:80.

عبد الله بن زياد الكلابي:476،477.

عبد الله بن الزبير (ابن الزبير) :292، 294،295،298،299،300، 301.

عبد الله بن الشخير:249.

عبد الله بن الصامت:68.

عبد الله بن عامر:50،71.

عبد الله بن عامر اليحصبي:242.

عبد الله بن عبد القدوس:163.

عبد الله بن عبد الله:267.

عبد الله بن عبد الملك (أبو عبد الرحمان المسعودي) :153، 195.

عبد الله بن عتبة:267،268.

عبد الله بن عثمان (ابن خثيم) :410، 411.

عبد الله بن عطاء:448*.

عبد الله بن علي (أبو القاسم) :159.

عبد الله بن عمر (ابن أبان) :383.

عبد الله بن عمر (ابن الخطّاب) :53، 54،239،255،256،262، 270،278،281،310،381، 382،383،384،430،437، 438،478،479.

عبد الله بن عمر:303.

عبد الله بن عمر حموية:435.

عبد الله بن عمر العبلي:375،376.

عبد الله بن عمر الليثي (أبو المنجا) :

145.

عبد الله بن عمرو بن العاص:217، 239،253*،260،375،419.

عبد الله بن الفضل:173.

عبد الله بن قتيبة:484.

عبد الله بن المبارك:65،87،379.

عبد الله بن محمد:104،155،211، 378،401.

عبد الله بن محمد (أبو سعيد) :330.

عبد الله بن محمد البغوي (أبو القاسم) :

434.

عبد الله بن محمد القلانسي (أبو بكر) :

565.

ص:638

عبد الله بن محمد الواسطي (أبو محمد) :166.

عبد الله بن محمد بن أبي شيبة:104، 108.

عبد الله بن محمد بن عقيل:402.

عبد الله بن مسلم الملائي (مسلم الملائي) :106،107،191.

عبد الله بن مسلمة:384.

عبد الله بن مطيع:53.

عبد الله بن نمير-ابن نمير.

عبد الله بن وهب:253،408،411.

عبد الله بن الوليد:401.

عبد الله بن يزيد:348،441،445.

عبد الله بن يوسف الإصفهاني:191، 392.

عبد الله العسكري:30.

عبد الله الهمداني:8.

عبد اللطيف الحلبي:501.

عبد اللطيف بن محمد الجوهري (أبو طالب) :317.

عبد المجيد بن فخّار الموسوي:159.

عبد المجيد الكروسي:10.

عبد المطلب:168.

عبد الملك بن أبي سليمان:141، 142،174.

عبد الملك بن سعيد:398.

عبد الملك بن علي الهمداني (أبو المظفر) :432.

عبد الملك بن عمرو (أبو عامر) :72، 401،412.

عبد الملك بن عمير:207،210، 212،217،219،224.

عبد الملك بن مروان:194،264، 292،293،295،301،447.

عبد الملك بن هارون:160.

عبد الوارث:53.

عبدوس بن عبد الله الهمداني (أبو الفتح) :353.

عبد الوهّاب بن أبي بكر:243.

عبد الوهّاب بن عطاء:176.

عبيد بن جبير:374،375،376.

عبيدة:166.

عبيد الله بن أبي جعفر:53.

عبيد الله بن أبي رافع:415.

عبيد الله بن حازم الخزاعي:322.

عبيد الله بن سعيد:381،382.

ص:639

عبيد الله بن عبد الله (ابن عتبة) :100، 101،102،122،127.

عبيد الله بن عمر القواريري:219، 222،381،382،434.

عبيد الله بن محمد:358،359.

عبيد الله بن معاذ العنبري:53،396، 414.

عبيد الله بن موسى:68،69،160، 247،489.

العبيدي:293.

عتبة بن عبد:261.

عثمان بن أبي شيبة:194،399، 437،442،444.

عثمان بن حاضر:435.

عثمان بن طالوت:330.

عثمان بن عفّان:125،283،292، 294،295،299،308،312، 315،389،448،459،482.

عثمان بن عمر:192.

عثمان بن عيسى الرواسي:160.

عثمان بن محمد:398.

عثمان بن المغيرة:144،346.

عثمان بن الموفق الأذكاني:164، 477.

عدي بن ثابت:441،445.

عرفجة:54،281.

عروة بن الزبير:81،82،83،377، 393،403.

عزرة بن ثابت:446.

عطاء بن أبي رياح:174،182، 183.

عطاء بن السائب:432.

عطاء الله بن غياث الدين بن فضل الله الحسيني الدشتكي الشيرازي (جمال الدين) :27،181، 186،187،193،198،328، 340،341،342،358،480، 481،560،563،569.

عطاء بن يسار:192،392،415.

عطية الطفاوي (أبو المعدل) :175، 176.

عطية العوفي:70،140،141،142، 151،163،188،191،194، 195،515*.

ص:640

عفّان:88،178،249،263،346، 381،394،400.

عفّان بن مسلم الصفار:183،405.

عقبة بن عامر:253،392.

عقبة بن عمرو الأنصاري (أبو مسعود) :267،268،279.

العقيل:81،82،83،403،573.

عقيل بن محمد الجرجاني:188.

عكرمة بن عمّار:317،318،319، 382،383.

العلاء بن عبد الرحمان:378،420، 421.

علباء بن أحمر:446.

العلامة الحلّي:298،530،533.

علقمة:106،437،438.

علي أبي الأسد:258.

علي أصغر الموسوي:29.

علي أكبر المودودي:559،560.

علي بن أبراهيم الحسيني (أبو الحسن) :162.

علي بن أبي بكر الهيثمي:515*.

علي بن أبي صالح:437.

علي بن أحمد العاصمي:191،192، 345.

علي بن أحمد الواحدي (أبو الحسن) :

164.

علي بن الحب-ابن الساعي.

علي بن إسحاق:70.

علي بن بيعة:144.

علي بن جعفر (عليه السّلام) :324.

علي بن جعفر السعدي:404،405، 406،420.

علي بن الحارث:453.

علي بن حجر المروزي (أبو الحسن) :

104.

علي بن الحسن:65.

علي بن الحسين:107.

علي بن الحسين (أبو البركات) :331.

علي بن زيد:167،178،183، 283،381،406،407.

علي بن زيد القرشي:443.

علي بن سنان الموصلي:338،341.

علي بن سهل (بن الأزهر) الإصفهاني:

560.

ص:641

علي بن طاوس:24،328،360.

علي بن عابس:194،417.

علي بن العبّاس المقاني:322.

علي بن عبد الله:102،377،418.

علي بن عبد الله بابويه:337.

علي بن عبيد الله (أبو يعلي) :155.

علي بن عبيد الله (بن العباس) :103.

علي بن عمر-الدار قطني.

علي بن الفضل الغاريدي:158.

علي بن محمد:83،435.

علي بن محمد (أبو تمام) :322.

علي بن محمد (بن أبي القاسم) :

17.

علي بن محمد الخزاز:338.

علي بن محمد الدهان:349.

علي بن محمد المنكدر:439.

علي بن المديني:239،252.

علي بن مسهّر:404،405،406.

علي بن المقير:345.

علي بن المنذر الكوفي:151.

علي بن موسى الخزّاز (أبو الحسن) :

433.

علي بن هاشم:345،347.

علي الخواص:463،467،472، 491،500،562،564.

علي المتقي القاري الهندي:570.

عماد الدين بن حمزه:23.

عمّار:21،76.

عمّار الذهبي:193.

عمران بن حصين:248،249.

عمران بن موسى القزاز البصري:

443.

عمر أبو الخطاب:325.

عمر بن إبراهيم الأويسي:367.

عمر بن أبي بكر التميمي (أبو حفص) :

330.

عمر بن أبي سلمة:182،183،184.

عمر بن أذينة:329.

عمر بن ثابت:166.

عمر بن الحسين (عليه السّلام) :524.

عمر بن الخطاب:65،82،85،86، 87،88،89،93،94،100، 101،102،103،105،107، 108،110،121،123،124، 125،126،127،129،130، 131،137،173،206،242،

ص:642

285،292،295،296،303، 308،315،354،356،388، 389،412،459،471.

عمر بن عبد العزيز:292،294، 295،298،300.

عمر بن عبد الله (أبو أحمد) :324.

عمر بن عبيد الطنافسي:215،216.

عمر بن قيس:225*.

عمر بن مسلم:146.

عمر بن محمد الباقلاني:435.

عمر بن محمد (بن فهد) :88.

عمر بن يزيد:17.

عمر بن يونس:187.

عمرة بن أفعي:193.

العمركي:17.

عمرو بن أخطب:443،446.

عمرو بن الحارث:250،253،411.

عمرو بن خالد:75،392.

عمرو بن العاص:262،270.

عمرو بن عبد الله الحضرمي:249.

عمرو بن علي:53،401.

عمرو بن عوف الأنصاري:393.

عمرو بن قيس:225.

عمرو بن مرة:410.

عمرو بن ميمون:178.

عمرو بن يحيى الأموي:67،72، 73.

عمرو الفاقد:99.

العمري:256.

عمير بن هاني:243،244،247.

عنترة:160.

العوام بن حوشب:189.

عوف:175،176.

عيسى بن مريم-المسيح (عليهما السّلام) :

24،230،237،248،249، 253،273،290،326،334، 367،452،543،562،568، 571،576،577،578.

عيسى بن الحسين الطبري:324.

عيسى بن علي الجرّاح (أبو القاسم) :

434.

عيسى بن يحيى الأنصاري (أبو الهدى) :330.

«غ»

غالب (أبو بشر) :68،69.

ص:643

غلام علي العباسي:29.

غندر-محمد بن جعفر.

غيلان بن جرير:51،52.

«ف»

فاطمة عليها السّلام:81،82،83،84،85، 88،91،108،110،150،168، 172،173،174،175،176، 177،178،179،180،181، 182،183،184،186،188، 189،190،191،192،193، 194،195،230،286،324، 325،332،333،334،339، 370،433،464،471،472، 475،532،572،576،579.

فاطمة (المعصومة) عليها السّلام:29.

فاطمة بنت عبد الله:162.

فاطمة الجوزدانية:163.

فخّار بن معد الموسوي:160.

فرآت القزاز:278.

فرعون:455.

فضة:110.

الفضل:17.

الفضل بن أحمد:164.

الفضل بن الحسن الطبرسي:196، 348.

الفضل بن شاذان:19،325*.

الفضل بن علي الطبرسي (أبو علي) :

363.

الفضل بن علي الفارندي (أبو علي) :

158.

الفضل بن عميرة القيسي:434.

الفضل بن موسى الشيباني:142.

فضل الله بن روزبهان:298،309، 531،533.

فضيل:353.

فضيل بن سليمان النميري:351.

الفصيل بن مرزوق:70.

الفيروز آبادي:555.

الفيض بن الفضل:268.

«ق»

القادر بالله (أبو العباس) :513.

القاسم بن جعفر (أبو محمد) :320، 321.

القاسم بن الحرث:267،268.

ص:644

القاسم بن الحسّان:144،145، 146.

القاسم بن العباس الهاشمي:411، 412.

القاسم بن العدي:358،359.

القاسم بن علي الطائي:106.

القاسم بن محمد الدلاّل:193.

القاضي عياض:288،291،294، 299،301.

قبيصة:99،395،428.

قتادة:70،248،249.

قتيبة:99،179،180،182،211، 212،213،237،252،253، 378،379،381،392،407، 408،420.

قحطان:260.

القحطاني التميمي:470،485،486.

قرّة بن خالد:430.

قرّة المزني:239.

قرسطيا (قرشطيا) :336.

القسطاني:66*.

القعقاع بن حكيم:235،237.

القندوزي (سليمان بن إبراهيم) :

343.

القواريري:305.

قيس بن أبي حازم:245،246، 247،280.

قيس بن عباد البكري:282،283.

قيس بن مسلم:68.

قيس بن الهيثم:381.

قيس الحداني:155.

«ك»

الكاتبي القزيني (علي بن عمر) :

18.

الكازروني:301.

كثير بن بشر النحوي:330*.

كثير بن زيد:72،323.

كثير بن الصلت:485.

كثير بن مرّة:261.

كثير بن هشام:240،241.

كريب:191.

كعب الأحبار:509.

كعب بن عجرة:68،69،76،77.

الكفوي:540*.

ص:645

الكليني (محمد بن يعقوب) :17.

الكنجي:162،345،398،416، 432،435،437،440،468، 474،478،488،510.

«ل»

لاوي بن برخيا:336.

اللؤلؤئي (أبو علي محمد بن أحمد) :

437،442،541*.

لطف الله المازندراني:9.

ليث:53،81،82،100،236،237، 392،403.

ليث بن أبي سليم:332،398.

الليث بن سعد:243،379،381.

«م»

مازن العائذي:353.

مالك:384،421.

مالك بن مغول:103،105،109.

مالك بن ضمرة الدوسي:153.

مالك بن يخامر السكسكي:244.

مؤمّل بن إسماعيل:222،409.

المأمون:523.

المؤيد بن محمد الطوسي:164.

المبارك:402.

المبارك بن الحسن الشهرزوري:

345.

مبارك بن فضّالة:88.

المتوكل (العباسي) :447،513، 525.

المثنى:188.

مجالد بن سعيد:208،210،221، 222،224،225.

مجاهد:332،335.

محمد:69،98،237،250.

محمد:497.

محمد الآدمي:565.

محمد إسماعيل الهمداني:8،9.

محمد الأفندي:536.

محمد الإيرواني:9.

محمد باقر بابانيا:30.

محمد باقر البهاري الهمداني:7، 8،9،11،12،13، 22،24،26،27،28، 34،35،45،536،580.

محمد بن إبراهيم (أبو جعفر) :332.

ص:646

محمد بن أبي بكر القزويني:330.

محمد بن أبي بكر المقدمي:218، 222،351.

محمد بن أبي جعفر القرطبي (أبو الحسن) :476.

محمد بن أبي الطيب المدني:556.

محمد بن أبي عتيق:380.

محمد بن أبي غالب:366.

محمد بن أبي القاسم:17.

محمد بن أبي محمود:324.

محمد بن أبي نصر النرسي:416.

محمد بن أبي يحيى:351.

محمد بن أحمد:17.

محمد بن أحمد (أبو طاهر) :474.

محمد بن أحمد بن شاذان:325، 329،338،342.

محمد بن أحمد (بن عثمان) :166.

محمد بن أحمد المقري (أبو بكر) :

332.

محمد بن أحمد المكي (أبو الفرج) :

320.

محمد بن أحمد النحوي (أبو غالب) :

167.

محمد بن إدريس الشافعي:165.

محمد بن إسحاق:344.

محمد بن إسحاق:375.

محمد بن إسحاق الباقرجي (أبو الحسين) :327.

محمد بن إسماعيل:17.

محمد بن إسماعيل:239،252.

محمد بن إسماعيل الأحمسي:165.

محمد بن إسماعيل الطرسوسي:

478*.

محمد بن بحر الشيباني:453.

محمد بن بشّار بندار (ابن بشّار) :52، 251،252،257،278،395، 396،397،398،414،445.

محمد بن بشر:180.

محمد بن بكّار:147،148.

محمد بن بكر:71.

محمد بن بكير:155.

محمد بن جبير:260.

محمد بن جرير الطبري (أبو جعفر) :

8،188،344،375.

محمد بن الجزري:565،566.

ص:647

محمد بن جعفر (غندر) :52،67، 175،214،215،217،239، 250،251،258،263،278، 386،395،396،397،398، 399،400،401،414،421، 441،445.

محمد بن جعفر (بن عبد الرحيم) :

317،318.

محمد بن حاتم:405.

محمد بن حبيش النيلي (أبو الطيب) :

322.

محمد بن الحسن (بن زياد) :324.

محمد بن الحسن المحجوب:565.

محمد بن الحسين (بن حفص) :195.

محمد بن الحسين (بن علي) :331.

محمد بن الحسين البزاز (ابن علي) :

432.

محمد بن الحسين البغدادي (أبو منصور) :329،338،343.

محمد بن الحسين القمي (أبو الفضل) :

338،344.

محمد بن حمويه الجوينى (أبو عبد الله) :158.

محمد بن حميد الرازي:344.

محمد بن خالد البرقي:17.

محمد بن رافع:82،83،102،211، 246.

محمد بن رمح:381.

محمد بن زكريا الغلابى:166،364، 476.

محمد بن زياد:325،414.

محمد بن زيد:256.

محمد بن السري (أبو بكر) :160.

محمد بن سعيد:190.

محمد بن سليمان:182.

محمد بن سنان الزهري:17.

محمد بن سنان الفزار:159.

محمد بن سهل البغدادي:324.

محمد بن سهل التميمي:80.

محمد بن صالح الهمداني:341.

محمد بن الصباح الجرجرائي:344.

محمد بن طلحة:141،370.

محمد بن عبّاد:180.

محمد بن العباس:348.

محمد بن عبد الباقي-ابن البطّي:

317،318.

ص:648

محمد بن عبد الحميد:17.

محمد بن عبد الرحيم:66.

محمد بن عبد العزيز:167.

محمد بن عبد العزيز (بن ربيعة) :

163.

محمد بن عبد الكريم-الشهرستاني.

محمد بن عبد الله:153*.

محمد بن عبد الله (بن الحسن) :190.

محمد بن عبد الله (بن الحسن) :484، 485،508.

محمد بن عبد الله (بن علي) :349.

محمد بن عبد الله (بن نمير) :180.

محمد بن عبد الله الرازي (أبو جعفر) :

219.

محمد بن عبد الله الزبيري (أبو أحمد الزبيرى) :145،177،184، 250،396.

محمد بن عبد الله الزعفراني (أبو بكر) :327.

محمد بن عبد الله الشيباني (أبو الفضل) :335.

محمد بن عبد الواحد:153.

محمد بن عبيد الله:153.

محمد بن عثمان:194.

محمد بن عجلان-ابن عجلان.

محمد بن عقلة المكي:566.

محمد بن العلاء (أبو كريب) :191*، 216،399،405،406،419.

محمد بن علي:415.

محمد بن علي (بن أبي القاسم) :

17.

محمد بن علي (بن دحيم) :440.

محمد بن علي (بن رحيم) :150.

محمد بن علي (بن الفضل) :342.

محمد بن علي (بن ماجيلوية) :332.

محمد بن علي (أبو طاهر) :320.

محمد بن علي (أبو الفتح) :164.

محمد بن علي (أبو القاسم) :517، 518،524،525.

محمد بن علي (أبو منصور) :432.

محمد بن علي حاتم النوفلي:453.

محمد بن علي الحضرمي:160.

محمد بن علي السقطي (أبو عبد الله) :

167.

محمد بن علي الطائي الأندليسيى:

540*.

ص:649

محمد بن علي القرشي:332.

محمد بن عمران:317،318.

محمد بن عمر البغدادي:160.

محمد بن عمرو:53.

محمد بن عمرو (أبو بكر) :432.

محمد بن عيسى اليقطيني:17.

محمد بن فضيل (ابن فضيل) :17، 148،151،353،383،404، 405،406،416،419.

محمد بن فليح:415.

محمد بن القاسم:342*.

محمد بن القاسم (أبو جعفر) :525.

محمد بن قدامة:104.

محمد بن كثير:279،395،398.

محمد بن كعب القرظي:352.

محمد بن المثنى:52،66،78،217، 251،381،396،397،399، 446.

محمد بن محمد:190.

محمد بن محمد الباغندي:166، 344.

محمد بن محمد الجويني (أبو عبد الله) :164.

محمد بن محمد الحسني (ابن محمود) :158.

محمد بن محمد العلوي (أبو طالب) :

437.

محمد بن مسعود:565.

محمد بن مسلم الزهري (الزهري) :

376،377،378،379،380، 384.

محمد بن مصعب القرقساني:172، 173.

محمد بن مطرف:407.

محمد بن المظفر (أبو الحسين) :566، 317،318.

محمد بن المنتصر:190.

محمد بن منصور الطوسي:358، 359،417.

محمد بن ميمون:65.

محمد بن هبة الله:353.

محمد بن هبة الله الشيرازي (أبو نصر) :416.

محمد بن الوليد (أبو بكر) :442.

محمد بن وهبان (أبو عبد الله) :364، 365.

ص:650

محمد بن يحيى:485.

محمد بن يحيى الصولي النحوي (أبو بكر) :166.

محمد بن يحيى الكرخي (أبو الحسن) :158.

محمد بن يعقوب (أبو عبد الله) :477.

محمد بن يعقوب الأصم (أبو العباس) :159،192.

محمد بن يوسف الفربري:395.

محمد پارسا:302،482،570.

محمد تقى المجلسي:23.

محمد جعفر الأستر آبادي:23.

محمد الحجازي:565.

محمد حسن الشيرازي:9.

محمد حسين الكاظمي:9.

محمد رضا البهاري:8.

محمد الشرابياني:9.

محمد طه نجف:9.

محمد الظاهر بالله (أبو نصر) :534.

محمد يوسف البهاري الهمداني:7، 45.

محمود:67،378،417.

محمود الأشقر:432.

محمود بن إسماعيل الصيرفي:478.

محمود بن غيلان:184،239،396، 397.

محمود الطباطبائي:8،9.

محيي بن الحسين:477*.

محي الدين (ابن العربي) :27، 463،466،472،490،494، 495،496،497،498،500، 506،524،534،552،554، 555،556،557،562،567، 571.

مختار (الثقفي) :144.

المختار بن فلفل:404،405،406.

مخول بن إبراهيم:193.

مرتضى كريم:482.

المرعشي النجفي (شهاب الدين) :

14،22.

المرعشي النجفي (محمود) :14.

مروان بن الحكم:67،71،72،73، 301،432.

مروان بن محمد:292،301،485.

مروان الفزاري:246.

مسدّد:293،430.

ص:651

مسروق:224،225،412.

مسعر:268.

المسعودي (علي اكبر) :29.

مسلم بن إبراهيم:155،167،405.

مسلم بن قتيبة:485.

المسور بن مخرمة:393.

مصعب بن شيبة:180،181.

مطرف:248،249.

معاذ:255.

معاذ بن جبل:244،468.

معاذ بن فضّالة:392.

المعافي بن زكريا البغدادي:188.

معاية بن أبي سفيان:50،62،72، 75،180،240،241،242، 243،244،247،260،270، 292،294،295،296،298، 300،301،306،431،446، 448،577.

معاوية بن حرّة:239.

معاوية بن خديج:417.

معاوية بن سلام:80.

معاوية بن شريح-معاوية بن ميسرة:17.

معاوية بن صالح:242،257.

معاوية بن عمرو:250.

معاوية بن هشام:267،437.

المعتصم العباسي:517،524،525.

المعتضد العباسي:483،575.

المعتمد العباسي:448،573.

المعتمر:52.

معقل بن يسار:183،184.

معمر:83،101،102،103،283، 377،378،379،380.

معن:421.

المغيرة بن محمد المهلبي (أبو حاتم) :

155،335.

المغيرة بن شعبة:104،108،245، 246،247،443.

المغيرة بن عبد الرحمان:99.

المغيرة بن النعمان:394،395، 396،397،398،399،400، 401،409.

مفضل بن صالح الأسدي:165، 435.

المفضل بن عمر:453،459.

المفضل بن عبد الله:167.

ص:652

مقاتل بن سليمان:471.

المقتدر بالله:298،513.

الملاء:157.

المنتصر:447.

(الإمام) المنتظر-الإمام المهدي عليه السّلام.

مندل:188.

المنذر بن محمد:439.

منصور (أبو جعفر) :166،292، 323،447،471،484،487.

منصور بن أبي مزاحم:244.

منصور بن جعفر النهاوندي (أبو نصر) :256.

منصور بن عبد الله (أبو نصر) :330.

المنهال بن عمرو:345،346.

المهاجر بن مسمار:206،211.

المهدي:166.

مهدي بن جعفر الرملي:249.

مهدي بن ميمون:52.

المهدي المهتدي العباسي:294، 300.

مهرداد الديلمي:193.

مورق:159.

موسى:237.

موسى بن عمران عليه السّلام:310،311، 326،335،336،356،383، 436،447،504،455.

موسى بن إسماعيل:384،401.

موسى بن داود:109،264.

موسى بن طريف:416.

موسى بن عبيدة:159،160،166.

موسى بن عثمان:342.

موسى بن القاسم:324.

موسى بن محمد:345،347.

موسى بن هارون:191.

الموصلي:108.

المولى حسين قلي الهمداني:8، 9.

المولوي عبد العلي:554.

ميرزا أبي القاسم القمي:18.

ميرزا حبيب الله الرشتي:9.

ميرزا حسين النوري:9.

ميمونة:376.

ميمون الكردي (أبو نصير) :434.

ص:653

«ن»

ناصر بن أبي المكارم المطرّزي:

341،343،435.

ناصر بن سهل:190.

ناصر بن محمد (أبو الفتح) :474.

نافع:256،381،384.

نافع بن عمر الجمحي:418،419.

نرجس عليها السّلام-حكيمة-خمط- سوسن-صيقل:358،359، 368،369،569،572،573، 574،578.

النسائي:103.

نصر بن أبي الفرج الحصري:437.

نصر بن عاصم الليثي:389.

نصر بن علي الجهضمي:220،360.

نصر الله بن أبي بكر (أبو الفتح) :108.

النضر بن عبد الرحمان الكوفي:151، 515*.

النعمان بن أبي عياش الزرقي:402، 407،408.

نعيم بن حمّاد (أبو عبد الله) :479.

نفيع:191.

نمير:248.

النوبختي:24.

نوح عليه السّلام:162،163،165،166، 315،455،456،457.

نوح بن قيس الحداني:155.

«ه»

هارون عليه السّلام:89،179،310،311، 356.

هارون بن سعد:195.

هارون بن سعيد الإبلي:408.

هارون بن عبد الله:237.

هارون الرشيد:487.

هاشم:214،448.

هاشم الانصاري (أبو محمد) :22.

هاشم البحراني:27.

هاشم بن القاسم (أبو النضر) :51، 141،176،225،255،374، 389،402،408.

الهاشمي:337.

هداب خالد الأزدي:220.

هدايت الله الهمداني:23.

الهذيل بن شرحبيل:109.

ص:654

هريم بن عبد الأعلى:52.

هشام:102،252،392.

هشام بن سعد:54.

هشام بن عبّاد:256.

هشام بن عبد الملك:292،295.

هشام بن يونس:191.

هشيم:253،409.

هلال بن أبي ميمونة:392،415.

هلال بن محمد:432.

هند بنت الحارث الفراسية:179، 380.

هوذة بن خليفة:407.

هيثم بن حميد:335.

«و»

الواثق (العباسي) :525.

واثلة بن الأسقع (أبو الأزهر) :172، 173،186،187،188،193.

الواحدي:159،165.

واصل بن عبد الأعلى:383،419.

واصل بن عبد الأعلى:383،419.

الواعظ الكاشفي:22.

واقد:430.

وكيع:103،105،109،208،246، 258،382،383،386،394، 396،397،441.

الوليد:479.

الوليد بن أسلم:186.

الوليد بن شجاع:237.

الوليد بن صالح:155.

الوليد بن عبد الرحمان الجرشي:

245.

الوليد بن عبد الملك:292،295.

الوليد بن مسلم:78،79.

الوليد بن يزيد:291،292،301.

الوليدي:256.

ولي الله الدهلوي:565،572،578، 580.

وهب بن جرير:100،390،397، 446.

وهب بن منبة:436.

وهيب:405،406.

«ى»

يأجوج و مأجوج:462.

يحيى عليه السّلام:516،573،578.

ص:655

يحيى بن آدم:66،70،246،410، 430.

يحيى بن أبي عمر الشيباني:249.

يحيى بن أبي معروف:324.

يحيى بن إسحاق:242.

يحيى بن أيّوب:420.

يحيى بن بكير:81،403،407.

يحيى بن الجارود:256.

يحيى بن حسّان:80.

يحيى بن الحسن:477.

يحيى بن الحسن (بن الفرات) :153.

يحيى بن الحسن البطحاني (أبو طالب) :325.

يحيى بن الحسين:190.

يحيى بن حمّاد:178.

يحيى بن حمزة:243،244.

يحيى بن سعيد:69،239،382.

يحيى بن سليمان:101.

يحيى بن عبد الحميد الحماني:146، 346.

يحيى بن عبد اللّه:53.

يحيى بن عبيد:182.

يحيى بن محمود الثقفي (أبو الفرج) :

162،476.

يحيى بن معين:191.

يحيى بن موسى:79.

يحيى بن الموفق بالله (أبو الحسين) :

320.

يحيى بن هاشم الشمسائي (أبو زكريا) :349.

يحيى بن يحيى:68،253.

يحيى القطّان:382.

يزيد:239،392.

يزيد بن أبي حبيب:253،379.

يزيد بن أبي زياد:89،437.

يزيد بن أبي مالك:193.

يزيد بن الأصم:240،241.

يزيد بن حيّان التميمي:146،147، 148،150،159.

يزيد بن ربيعة:193.

يزيد بن زريع:219،220،226.

يزيد بن عبد الملك:292،295.

يزيد بن معاوية:20،53،292، 295،296،297،301،381.

ص:656

يزيد بن هارون:88،189،388.

يزيد بن الهاد:243.

يزيد بن الوليد:292،301.

يزيد العامري:71.

يزيد المهلبي:448.

اليشكري:389.

اليشم:228.

يعقوب:351،375.

يعقوب بن إبراهيم الدورقي:444، 446.

يعقوب بن عبد الرحمان (ابن عبد الرحمان القاري) :407، 408.

يعقوب بن عتبة:376.

يعقوب بن محمد:99.

يعقوب بن موسى الهاشمي:317، 318.

يعقوب اللاهوري:572.

يعلي بن أبي مسلم القزويني (أبو عبد اللّه) :330.

يعلى بن عبيد:150،245.

يعلي بن عطاء:374.

يوحنّا:228*،230.

يوسف عليه السّلام:451.

يوسف بن أحمد الدميري:563.

يوسف بن خليل الدمشقي (أبو الحجّاج) :162،163،417، 432،474،478.

يوسف بن سهل:167.

يوسف بن عبد الحميد:191.

يوسف بن علي الحلي:331،364.

يوسف بن قتيبة:485.

يوسف بن نفيس:160.

يوسف بن يحيى السلمي (أبو بدر) :

361،363.

يوسف بن يحيى الشافعي:14.

يوشع بن نون:335.

يونس عليه السّلام:451،504.

يونس (بن خباب) :100،101، 244،282،382،414،415، 444.

يونس بن عبد الأعلى الصدفي:411.

يونس بن محمد:221،236،252.

ص:657

«أب»

أبو أحمد:267.

أبو أحمد الزبيري-محمد بن عبد الله الزبيري.

أبو أحمد بن عامر:327.

أبو أحمد-العباس بن الفضل المكي.

أبو أحمد-عمر بن عبد الله.

أبو إدريس الخولاني:78،89،444.

أبو الأزهر-واثلة بن الأسقع.

أبو أسامة:66،246.

أبو إسحاق:105،106،163، 167*،191،342،345،347، 352،480،493.

أبو إسحاق-إبراهيم بن مريم.

أبو إسحاق بن الحارث:342، 343*.

أبو إسحاق السبيعي:165.

أبو إسرائيل-إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي.

أبو أسماء الرجبي:69،251،252.

أبو الأسود بن عامر:249.

أبو أمامة:249.

أبو أمية-عمرو بن يحيى.

أبو أيوب-خالد بن زيد.

أبو بحر:293*.

أبو بدر-يوسف بن يحيى السلمي.

أبو البركات-علي بن الحسين الجوزي.

أبو برزة الأسلمي:259،262،263، 264،265،267.

أبو بشر-أحمد بن إبراهيم القمي.

أبو بشر-غالب.

أبو بصير:16،453.

أبو البقاء:168.

أبو بكر-أحمد بن إبراهيم شاذان.

أبو بكر-الخطيب البغدادي (أحمد بن أبي طاهر) .

أبو بكر-البيهقي (أحمد بن الحسين) .

أبو بكر-أحمد بن عبد العزيز.

أبو بكر-أحمد بن عبد العزيز الجوهري.

أبو بكر-أحمد بن محمد السري.

ص:658

أبو بكر-أحمد بن موسى الإصفهاني.

أبو بكر البرقاني:252.

أبو بكر بن أبي شيبة:66،99،148، 159،173،180،211،220، 246،382،396،399،400، 404،406.

أبو بكر بن أبي قحافة:50،65،81، 82،83،85،86،87،88،91، 92،93،94،105،106،107، 109،125،165،269،278، 280،283،287،292،294، 295،297،303،308،354، 355،356،428،429،449، 459،471،521.

أبو بكر بن أبي موسى:216.

أبو بكر بن خلاّد:194.

أبو بكر بن زيدة:162،163.

أبو بكر بن مالك القطيعي:108،175.

أبو بكر بن نافع:412،445.

أبو بكر بن يحيى ريّان المغنوي:

188.

أبو بكرة:406،407،430.

أبو بكر الزرّاع:358.

أبو بكر-عبد الله بن محمد القلانسي.

أبو بكر-محمد بن أحمد المقري.

أبو بكر-محمد بن السري.

أبو بكر-محمد بن عبد الله الزاغوني.

أبو بكر-محمد بن عمرو.

أبو بكر-محمد بن الوليد.

أبو بكر-محمد بن يحيى الصولي النحوي.

أبو بلج:178.

أبو تراب:180.

أبو تمّام-علي بن محمد.

أبو التيّاح:66،67.

أبو الجحّاف:191،194.

أبو جعفر-أحمد بن محمد بن عيسى القمي.

أبو جعفر-محمد بن إبراهيم القاضي.

أبو جعفر-ابن ميثم (محمد بن أحمد) .

أبو جعفر-محمد بن جرير الطبري.

ص:659

أبو جعفر-محمد بن عبد الله الرازي.

أبو جعفر-ابن بابويه (محمد بن علي) .

أبو جعفر-محمد بن القاسم.

أبو جعفر-منصور.

أبو جلد:293*.

أبو حاتم البستي:482.

أبو حاتم-المغيرة بن محمد المهلبي.

أبو حازم:278،402،403،408، 419.

أبو الحجّاج-يوسف بن خليل الدمشقي.

أبو حصين:69.

أبو حفص-عمر بن أبي بكر التميمي.

أبو الحمراء:183،184،191.

أبو حمزة السكري:65.

أبو حيّان التميمي:146،147،148، 150،159.

أبو خالد الوالبي:208.

أبو خثيمة:346.

أبو الخطّاب-عمر.

أبو الخلد:232،293.

أبو الخير:392.

أبو داود:67،191،239،397، 442،568.

أبو داود السجستاني:217،227، 231،469،482،489،493.

أبو داود-سليمان بن الأشعث.

أبو الحسن-ابن شاذان (محمد بن أحمد.)

أبو الحسن (أبو طاهر) المغربي، المزني، الشازلي:555،561.

أبو الحسن-أحمد بن إبراهيم الإصفهاني.

أبو الحسن-أحمد بن المظفر.

أبو الحسن الربعي المالكي:480.

أبو الحسن-عبد الرحمان بن محمد الداري.

أبو الحسن-علي بن إبراهيم الحسيني.

أبو الحسن-علي بن أحمد الواحدي.

ص:660

أبو الحسن-علي بن حجر الواحدي.

أبو الحسن-الدارقطني (علي بن عمر) .

أبو الحسن-كاتبي قزويني (علي بن عمر) .

أبو الحسن-على بن موسى الخزاز.

أبو الحسن-محمد بن أبي جعفر القرطبي.

أبو الحسن-محمد بن يحيى الكرخي.

أبو الحسن المغازلي:162.

أبو الحسين:478.

أبو الحسين: أحمد بن محمد.

أبو الحسين فاذشاه:432.

أبو الحسين-محمد بن إسحاق الباقرجي.

أبو الحسين-محمد بن المظفر.

أبو الحسين المحمّي:567.

أبو الحسين-يحيى بن الموفق بالله.

أبو داود الطيالسي:263.

أبو الدرداء:388.

أبو ذر بن محمد الرومي:195.

أبو ذر الغفاري:68،76،77،78، 151،153،162،163،165، 167،442.

أبو رافع:348،349.

أبو الربيع الزهراني:67،222،252، 332،335.

أبو الربيع العتكي:253.

أبو رجاء العطاردي:52،53.

أبو الرضي:264*.

أبو الزبير:109،237،406.

أبو زرعة:67،189.

أبو الزياد:482.

أبو زيد:485.

أبو زيد-عبد الرحمان بن محمد.

أبو زيد-عمرو بن أخطب.

أبو زكريا-يحيى بن هاشم الشمساوي.

أبو السبّاق الرياحي-جهم بن السباق.

أبو سعيد-أحمد بن علي الرازي.

أبو سعيد الخدري:70،77،85، 140،141،142،151،162،

ص:661

163،188،189،191،192، 194،195،392،401،402، 407،408،424،436،440، 443،474،515*.

أبو سعيد-عبد الله بن محمد.

أبو سفيان:355.

أبو سلاّم:80.

أبو سلمة الخزاعي:243.

أبو سلمة الصايغ:163.

أبو سليمان الراعي-أبو سلمى راعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:338،341.

أبو شيعون:509.

أبو صالح:50،235،237.

أبو صادق:268،346.

أبو الصباح الكناني:17.

أبو الصهباء:167.

أبو طالب:344،345،348،515*.

أبو طالب-أحمد بن محمد الزنجاني.

أبو طالب-الحسين بن محمد الزينبي.

أبو طالب-عبد اللطيف بن محمد الجوهري.

أبو طالب-محمد بن محمد العلوي.

أبو طالب-يحيى بن الحسن البطحائي.

أبو طاهر القزويني:452.

أبو طاهر-محمد بن أحمد.

أبو طاهر-محمد بن علي.

أبو الطفيل:152.

أبو الطيب بن فرج:167.

أبو الطيب-محمد بن حبيش النيلي.

أبو ظفر السمعاني:436.

أبو عاصم:446.

أبو عامر-عبد الملك بن عمرو.

أبو العالية:264*.

أبو العباس-أحمد بن إسحاق القادر بالله.

أبو العباس-أحمد بن عبد الله الإصفهاني.

أبو العباس-أحمد بن عيسى الوشاء.

أبو العباس تغلب:168.

أبو العباس الحريثى:563.

أبو العباس الفلسطي:485.

ص:662

أبو العباس-محمد بن يعقوب الأصم.

أبو عثمان:253،316.

أبو عثمان النهدي:434،435.

أبو عبد الرحمان:235،249،250، 407.

أبو عبد الرحمان-أحمد بن عبد الرحيم السناني.

أبو عبد الرحمان السلمي:192.

أبو عبد الرحمان النسائي:345، 469.

أبو عبد الرحمان-ابن مسعود (عبد الله) .

أبو عبد الرحمان المسعودي- عبد الله بن عبد الملك.

أبو عبد الصمد العمى:219.

أبو عبد الله-أحمد بن محمد.

أبو عبد الله بن فنجوية:175،190، 256.

أبو عبد الله-جعفر بن محمد الدوريستي.

أبو عبد الله الحاكم النيسابوري:192، 468،471،566.

أبو عبد الله-الحسين بن أبي الفرج التيملي.

أبو عبد الله-الحسين بن الحسن بندار.

أبو عبد الله الشامي:247.

أبو عبد الله-محمد بن حمويه.

أبو عبد الله-محمد بن عبد الرحمان الصيدائي (الصيدلاني) .

أبو عبد الله-محمد بن علي السقطي.

أبو عبد الله-محمد بن محمد الجويني.

أبو عبد الله-محمد بن وهبان.

أبو عبد الله-ابن ماجة القزويني (محمد بن يزيد) .

أبو عبد الله-محمد بن يعقوب.

أبو عبد الله-نعيم بن حمّاد.

أبو عبد الله-يعلى بن أبي مسلم القزويني.

أبو عبيدة بن الجرّاج:86،191، 278،281،316.

أبو عثمان-الجعد.

أبو عدنان:162.

ص:663

أبو العزّ-أحمد بن عبيد الله العكبري.

أبو عقيل:225.

أبو العلاء بن الشيخين:248.

أبو العلاء-الحسن بن أحمد الهمداني.

أبو علي بن أبي بكر:164.

أبو علي بن المذهب:108.

أبو علي التستري:437،442.

أبو علي-الحسن بن أحمد الحداد.

أبو علي-الحسن بن إسحاق.

أبو علي-حنبل بن عبد الله.

أبو علي-داود بن سليمان.

أبو علي-الفضل بن علي الطبرسي.

أبو علي-الفضل بن علي الفارندي.

أبو علي-محمد بن أحمد اللؤلؤي.

أبو عمارة:336.

أبو عمران الجوني:68.

أبو عمر الهاشمي:437،442.

أبو عمرو:377.

أبو عمرو بن العلاء القاري:330.

أبو عوانة:152،178،213،219، 280،346،401.

أبو عيسى (الترمذي) :216،231، 239،378،396،397،443، 469،488.

أبو عيينة:378.

أبو الغال:264*.

أبو غالب بن البنّاء:107.

أبو غالب-محمد بن أحمد النحوي.

أبو الغنائم بن المأمون:107.

أبو الفتح-محمد بن عبد الكريم الشهرستاني.

أبو الفتح-عبدوس بن عبد الله الهمداني.

أبو الفتح-محمد بن عبد الباقي.

أبو الفتح-محمد بن علي.

أبو الفتح-ناصر بن محمد.

أبو الفتح-نصر الله بن أبي بكر.

أبو الفتوح-حمزة بن محمد الهمداني.

أبو فديك:189.

أبو الفرج-أحمد بن علي الخيوطي.

أبو الفرج الإصفهاني (علي بن الحسين) :485،525.

ص:664

أبو الفرج-محمد بن أحمد المكي.

أبو الفرج-يحيى بن محمود الثقفي.

أبو الفضل-أحمد بن أحمد الإصفهاني.

أبو الفضل بن المعتضد بالله:298.

أبو الفضل-جمال بن معين الطبري.

أبو فضيل:159.

أبو القاسم-الإمام المهدي عليه السّلام.

أبو القاسم:332.

أبو القاسم-إسماعيل بن أحمد.

أبو القاسم-إسماعيل بن محمد الحلبي.

أبو القاسم البغوي:278.

أبو القاسم الطهراني:16.

أبو القاسم بن الحسين:108.

أبو القاسم-ابن عساكر (علي بن الحسين) .

أبو القاسم-الحسن بن محمد.

أبو القاسم-سليمان بن أحمد الطبراني.

أبو القاسم-الطاهر بن هارون العلوي.

أبو القاسم-عبد الله بن أحمد الطائي.

أبو القاسم-عبد الله بن علي.

أبو القاسم-عبد الله بن محمد البغوي.

أبو القاسم-عيسى بن علي الجرّاح.

أبو القاسم-محمد بن علي.

أبو القاسم المقري:189.

أبو القاسم الواسطي:416.

أبو قبيل:472،478،479.

أبو قتيبة:434.

أبو قلابة:69،251،252.

أبو قيس بن رياح:51.

أبو كامل:215،249.

أبو كامل الجحدري:67.

أبو كثير:417.

أبو كريب-محمد بن العلاء.

أبو لهب:320،344.

أبو لهيعة:237.

أبو ليلى:174.

أبو مالك الأشجعي:388،419.

أبو مجلز:52.

أبو محمد-إسماعيل بن علي.

ص:665

أبو محمد البخاري:452*.

أبو محمد-جعفر بن أبى الفضل.

أبو محمد جناح:150.

أبو محمد-الحسن بن أحمد العلوي الطبري.

أبو محمد-حسن بن علي الجوهري.

أبو محمد-شمس الشرف النيلي.

أبو محمد-الشيخ المفيد.

أبو محمد-عبد الرحمان بن عبد الله.

أبو محمد-عبد العزيز بن محمد الصالحي.

أبو محمد-عبد الله بن أحمد حمويه.

أبو محمد-عبد الله بن محمد الواسطي.

أبو محمد-ابن قتيبة الدينوري (عبد الله بن مسلم.)

أبو محمد-القاسم بن جعفر.

أبو محمد-هاشم الأنصاري.

أبو مريم:345،433.

أبو مريم (الأزدي) :443.

أبو مريم الأنصاري:257.

أبو مسعود-عقبة بن عمرو الأنصاري.

أبو المظفر-عبد الملك بن علي الهمذاني.

أبو معاوية:220،385،387،399.

أبو المعتمر:163*.

أبو المعدل، عطية الطفاوي.

أبو معمر-إسماعيل بن إبراهيم.

أبو معن الرقاشي:412.

أبو المغيرة:390.

أبو المفضل-محمد بن الحسين القمي.

أبو المفضل-محمد بن عبد الله الشيباني.

أبو المنجا-عبد الله بن عمر.

أبو منصور-محمد بن الحسين البغدادي.

أبو منصور-محمد بن علي.

أبو المنهال-سيّار بن سلامة الرياحي.

أبو موسى:252.

أبو مويهبة:374،375،391.

ص:666

أبو النجيب-سعد بن عبد الله الهمذاني (المروزي) .

أبو نصر بن الطحان:167.

أبو نصر العبدوي:567.

أبو نصر-محمد الظاهر بالله.

أبو نصر-محمد بن هبة الله الشيرازي.

أبو نصر-منصور بن جعفر النهاوندي.

أبو نصر-منصور بن عبد الله.

أبو النضر-هاشم بن القاسم.

أبو نضرة:443.

أبو النعمان:280.

أبو نعيم:565.

أبو نعيم الإصفهاني (أحمد بن عبد الله) :192،193،267، 318،319،359،378،438، 476،477*،478،479،480، 489.

أبو هارون العبدي:436،440،474.

أبو هاشم:337.

أبو الهدى-صواب بن عبد الله الحبشي.

أبو الهدى-عيسى بن يحيى الأنصاري.

أبو هريرة:51،52،56،66،67، 71،72،73،235،237،257، 261،278،281،378،389، 391،414،415،419،420، 421،424.

أبو وائل:390،399،400،401، 409،410،412،441،442، 479،481.

أبو الوليد:256.

أبو يحيى الأعرج:432.

أبو يعلي:263.

أبو يعلي-عبد الرزاق الطهراني.

أبو يعلي-علي بن عبيد الله.

أبو اليمان:261،380،384،393.

أبو يوسف:167*.

«ابن»

ابن إبراهيم-حسّان.

ابن أبي ثابت:485.

ابن أبي الحديد:285،344،375، 483.

ص:667

ابن أبي خالد-إسماعيل.

ابن أبي ذئب:206،211.

ابن أبي رواد:318.

ابن أبي الزبير:331.

ابن أبي زياد:318.

ابن أبي زيد:432.

ابن أبي زينب النعماني:23.

ابن أبي سليمان-عبد الملك.

ابن أبي عمر:246،411.

ابن أبي عمير:212.

ابن أبي فديك:211.

ابن أبي قتيبة:377.

ابن أبي كثير:187.

ابن أبي ملكية (عبد الله بن عبيد الله) :

189،410،418،419.

ابن الأزرق:264،371،512.

ابن إسحاق:376.

ابن الأعرابي:168.

ابن بابويه القمي (محمد بن علي) :

160.

ابن بشّار-محمد بن بشّار بندار.

ابن بطريق:67*.

ابن بهرام-عبد الحميد.

ابن جابر-يزيد بن جابر.

ابن جريح:71،237.

ابن جرير:189.

ابن جعفر المعنى:394.

ابن الحارث-عمرو.

ابن حبيب البزّار:155*.

ابن حبش المقري:189.

ابن حجر العسقلاني:291،299، 301،302.

ابن حجر الهيثمي:201،231،516، 519،520،523.

ابن حيّان:85،278.

ابن الخشّاب:358،359،366.

ابن خلكان:371،497،508،511، 512،513،517،519،526، 536.

ابن الخير الورى:454.

ابن رافع:86.

ابن ربيعة-عامر بن ربيعة.

ابن ربيعة الكناني-حنش بن المعتمر.

ابن الزبير:237.

ابن زيد:417.

ص:668

ابن زهير التستري:194.

ابن الساعي:341،534.

ابن السكيت:448*.

ابن سيرين:430.

ابن شاذان (محمد بن أحمد) :329، 340،343.

ابن شهاب:81،82،101،243، 244،380،382،403،414، 415،444.

ابن الصباغ:366.

ابن طاووس (أحمد بن موسى) :

24،159،365.

ابن طلحة الشافعي:429.

ابن عباس (عبد الله بن عباس) :52، 53،86،87،98،99،100، 101،102،103،105،106، 110،127،129،131،132، 136،137،161،166،178، 202،299،317،318،319، 326،327،332،335،344، 345،364،394،395،396، 397،398،423،424،428، 471،487،515*.

ابن عبد الرحمان القاري-يعقوب بن عبد الرحمان.

ابن عبد الله بن دينار-عبد الرحمان بن عبد الله بن دينار.

ابن عجلان:235،237.

ابن عدي:471.

ابن عربي-محي الدين.

ابن عساكر (أبو القاسم علي بن الحسين الدمشقي) :107،416، 417،432،435.

ابن العلاّف البزّار:155*.

ابن عليّة:147،282.

ابن عمر-عبد الله بن عمر.

ابن عنترة:160*.

ابن عون:219،220،226.

ابن عيينة:98،99.

ابن فاذشاه:417.

ابن فنجوية-أبو عبد الله بن فنجوية.

ابن فضيل-محمد بن فضيل ابن قتيبة الدينوري:88.

ابن قولويه:24.

ابن لهيعة:109،242،479.

ص:669

ابن ماجة القزويني (أبو عبد الله محمد بن يزيد) :469.

ابن مالك:20،384.

ابن ماهيار-محمد بن العباس.

ابن مبارك-عبد الله بن مبارك.

ابن المثنى:52.

ابن محبوب:17.

ابن محمود-محمد بن محمد الحسني.

ابن مردويه:439،440.

ابن مسعود (أبو عبد الرحمان عبد الله) :213،217.

224،225،226،227،262،274، 281،303،305،398،399، 400،401،409.

ابن مسلم-الربيع.

ابن المعتمر-حنش بن المعتمر.

ابن المغازلي:155،156*،166، 322.

ابن المنير:125.

ابن نجيح:98.

ابن نمير:53،69،141،142،174، 210،246،382،399.

ابن وضّاح:359.

ابن وهب:101،244،382،415، 444.

«أم»

أمّ سلمة:104،108،110،174، 175،176،177،178،182، 183،184،185،186،188، 192،193،377،379،380، 391،411،412،413،439.

أمّ الفضل:89،105،523.

أمّ موسى:104،108.

أمّ موسى عليه السّلام:369،574.

أمّ هاني عفيفة:477.

ص:670

فهرس الكتب

(1)

القرآن الكريم:26،46،59،62، 65،86،90،95،101،102، 103،122،123،126،134، 135،136،137،139،140، 141،142،143،144،145، 146،147،148،149،151، 152،153،154،155،156، 157،158،169،193،199، 200،201،202،224،260، 274،315،316،337،352، 356،385،387،389،432، 462،464،506،511،516، 529،534،541،543،546، 555،558.

الإبريز:492.

إبطال نهج الحق-دلائل الصدق:

298،299،309،312،313، 532.

أبهى الدرر في تكلمة عقد الدرر:

14،45،203،329،367.

اتحاف الورى بأخبار أمّ القرى:88.

الإجزاء:20.

أحاديث مناقب أخطب الخوارزم:

15.

أخبار الأخيار:576.

الأربعون حديثا للشيخ البهائي- كتاب الأربعين:50،552،553.

(كتاب) الأربعين لأسعد بن إبراهيم الحنبلى:325.

إرشاد الساري في شرح البخاري:

73*،85،416.

الإرشاد في معرفة حجج الله العباد:

497*.

إزالة الخفاء:572.

أساس البلاغة:168،198.

الاستبصار:42.

الاستقصاء:580.

الاستيعاب:264*.

اسد الغابة في معرفة الصحابة:

163*.

ص:671


1- هذه العلامة علامة للكتب المذكورة في مقدّمة التحقيق. هذه العلامة*علامة للكتب الواردة في تعليقات ذيل الصفحات.

أسرار قاسمي:22.

إسعاف الراغبين:470،472،473، 474،485،486،487،490، 491،493،494،495،496، 500،524،536.

الأشعثيات:23.

أصول الحديث:572.

أصول الدين:15.

إضائة النور في الإمام المستور:

15.

إعلام الأخيار:540*.

إعلام الورى بأعلام الهدى:363، 365.

إعلان الدعوة:15.

أعيان الشيعة:7،8،9،10، 14،15،16،17،18، 19،20،22.

الإفراد:202.

الإفصاح:66*.

الإمامة و السياسة-كتاب الإمامة و السياسة.

الأمالي للصدوق:197.

الأمالي للطوسي-مجالس الطوسي.

الانتباه في سلاسل الأولياء:578.

أنساب الأشراف:566،567.

الأنوار القدسية-لواقح الأنوار القدسية-لواقح الأنوار في طبقات الأخيار.

الإيضاح:576.

إيضاح الخطاء في الردع عن الاستبداد-ايضاح الخطاء في تخطئة الأجلة العلماء:14، 15.

إيضاح المرام في أمر الإمام:15.

بحار الأنوار:42،456*،460*، 522*.

البحر المواج:576.

البداية و النهاية:72*،429*، 506*،543*.

بدر الأمة في جفر الأئمة:15.

البراهين الساباطية:23،228، 567،569.

بزرگان و سخن سرايان همدان:

10،11.

ص:672

بسط النور:15.

بعث الأموات قبل ظهور الحجة:

15.

بعض الكلام في المشتق:20.

البهجة المرضية-النهجة المرضية:

385.

بهجة النفوس و الأسماء:492،498، 499،506*.

البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السّلام:

436،438،468،474،475، 476،478،487،489،510.

البيان في حقيقة الإيمان:15.

تاريخ بغداد:138،360.

تاريخ حكما و عرفاء متأخر بر صدر المتأهلين:9.

تاريخ الخلفاء:226،227،232، 258،261،263،268،269، 278،281،284،287*،291، 293،294،298،299،301، 302،305،306،315،447، 448،513،533،534،536.

تاريخ الخميس:574.

تاريخ الطبري:297*،344،375، 429*.

تاريخ ميّافارقين:371،512.

تاريخ همدان:8،10،11.

تاريخ اليعقوبي:429*.

التبيان في تفسير القرآن:522*، 523*.

التحصيل في معنى التفصيل:16.

تحصيل الكمال:572.

تحفة الاثني عشرية:301،573.

تحفة الحجاج:16.

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي:567.

التدوين في أخبار القزوين:452.

تذكرة الخواص:172،173.

ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من مدينة دمشق:90*،107، 283*، /297*، /346*، 353*،354،417،436*.

ترجمة إنجيل متى و الزبور و التوراة:

23.

ترجمة تسديد المكارم و تفضيح المظالم:16.

ص:673

تزويج الصغير فى المدّة القليلة:

16.

التسامح في أدلة السنن:20.

تسديد المكارم و تفضيح المظالم:

16.

تطهير الجنان و اللسان:231.

تعليقة على الرضاعية:16.

تعليقة على المقاصد العلية في شرح النفلية:16.

تعليقة على مكاسب الشيخ الأنصاري:16.

تفسير ابن كثير:315*.

تفسير أحمد بن محمد اليساري:

23.

تفسير الثعلبي-الثعلبي:66،142، 173،175،188،189،190، 191*،201،202،256،264، 265،345،348.

تفسير سعد الأشعري القمي:23.

تفسير القرطبي:514*.

تفسير محمد بن إبراهيم المكاتب:

23.

تقريرات الاصول:16.

تكليف الكفار بالفروع و ملحقه:

16.

تكملة كتاب العلائم لاهتداء الهوائم:

20.

التكملة المعينية:23.

تلخيص تنزيه المشاهد:18.

تلخيص جامع الرواة:19.

تلخيص الرسائل الرجالية:16.

تلخيص رسالة الشافية الرجالية:

16.

تلخيص عدة رسائل رجالية:17.

تلخيص قسم من الرسائل:16.

التنبيه على أمر الكتب:18.

تنزيه المشاهد عن دخول الأباعد:

18.

تهذيب التهذيب:163*.

التوحيد:18.

التوراة:436،481.

ثاقب المناقب:23.

جامع البيان في تفسير القرآن:66*، 189.

الجامع الصغير:393*.

الجرح و التعديل:475*.

ص:674

الجمع بين الصحاح الستة:182، 183،185،480.

الجمع بين الصحيحين:181،252.

جمع الفوائد:231.

جواهر العقدين في فضل الشرفين:

157،161.

حاشية تحفة الاثني عشرية-مفتاح الكنوز الخفية:301،306،307، 569.

حاشية حكمة العين:18.

حاشية السندي على البخاري:217.

حاشية قوانين الأصول:18.

حاشية على حياة الأرواح:18.

حاشية على شرح الألفية:20.

الحاشية (الجديدة) على فرائد الأصول-الحاشية على الرسائل:

18،23.

الحاشية على الملل و النحل:18.

حاشية على منبع الحياة:18.

حقيقة الإسلام:18.

حلية الأولياء:193،319،436، 440.

خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام:104، 152،153،345.

خصائص مسند أحمد بن حنبل:

522*.

خصائص الوحي المبين:202*.

الخصال:197*،272*.

الخلل في الصلاة-المخلاة في الصلاة-الذهب المسبوك في الصلاة و الشكوك:21.

الخير الجاري في شرح البخاري:

573.

دائرة المعارف التشيع:8،10، 12،13،14.

دانش نامه جهان اسلام:10، 11،12،13،14.

الدرة الغروية:7.

الدرة الغروية و التحفة الحسينية:

18.

الدرة النجفية:7،18.

الدر المنثور:315*،370*، 522*،529*.

الدر المنظم:429*.

ص:675

الدعوة الحسينية إلى مواهب الله السنية:18.

دعوة الرشاد:19.

دين المقتول:19.

ذخائر العقبى:160*.

الذريعة إلى تصانيف الشيعة:223*، 225*،524*.

ذيل تكليف الكفّار:16.

ذيل كتاب العلائم:20.

ذيل كتاب النور:15.

الرد على ابن حجر العسقلاني:

524*.

ربيع الأبرار:325*.

ربيع الألباب:42.

رجال الطوسي:66*.

رجال الكشي-اختيار معرفة الرجال:431*.

الرسائل الفقية:21.

رسالة أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البكري:19.

رسالة الأربعين:23.

رسالة التفصيل في معنى التفضيل:

16.

رسالة جابلقا و جابرسا:19.

رسالة حياة الأرواح:23.

رسالة العقد الحسيني:23.

رسالة المعينية:24.

رسالة في الإجارة:21.

رسالة في أحوال أخطب الخوارزم (الموافق بن أحمد الخوارزمي) :

15.

رسالة في استحالة توقيف ظهور الحجة:22.

رسالة في أفعال صلاة المسافر:

21.

رسالة في الأمر مع العلم بانتفاء الشرط:20.

رسالة في تحريم طلاق الحائض:

23.

رسالة في تفسير آية: «كُنْ فَيَكُونُ» :

19.

رسالة في تفسير آية: «وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ» :19.

رسالة في التقليد:19.

رسالة في الجمع بين فاطمتين:18.

ص:676

رسالة في جواب من أنكر وجود الإمام في هذه الأزمنة:15.

رسالة في الحكمة:23.

رسالة في حفظ الصحة:19.

رسالة في رد انتساب كتاب الفضائل و الروضة إلى فضل بن الشاذان:

19.

رسالة في الزكاة:21.

رسالة في زمان فعل الأمر:21.

رسالة في سهو المأمون:21.

رسالة في الصحيح و الأعم:21.

رسالة في الصلاة:21.

رسالة في صلاة الجماعة:21.

رسالة في الصوم:19.

رسالة في الصيد:21.

رسالة في العدالة:19.

رسالة في العلامات و الإشارات:

19.

رسالة في فضل عمّار:21.

رسالة في القضاء و الشهادات:19.

رسالة في لباس المصلي:21.

رسالة في معرفة ساعات الليل:

23.

رسالة في مناقب سيد الشهدا عليه السّلام:

19.

رشفة الصادي-الشاهد المقبول:

148،154،155،157،161، 162.

الرضاعية:16.

الرق المنثور لبيان معراج نبينا المنصور:24.

روح الجوامع في الرجال:19.

روضة الأحباب في سيرة النبي و الآل و الأصحاب:27،340، 480،482،562،572،573.

الروضة الجعفرية:20.

روضة العلماء:577.

روضة الواعظين:57*.

سبحة المرجان:576.

سبيل الرشاد:24.

سراج العقول:452*.

سلاح الحازم لدفع الظالم:20، 296،356،432.

سنن ابن ماجه:469،486*، 522*.

ص:677

سنن أبي داود:152،182،184، 185،217،227،231،293، 297،467*،469،470،480، 482،483،486.

سنن الترمذي:65،68،69،74*، 75*،76*،87،151،152، 180،182،183،184،216، 217،226،231،233،238، 239،244،252،253،254، 257،258،262،269،308، 309،312،350،377،378، 379،387،389،391،397، 423*،424*،428*،443، 469،480،489،536.

سنن الدارقطني:107*.

السنن الكبرى:73*،85،114*، 187،213*،286*،469.

سنن النسائي:469،480.

سيرة ابن هشام:376.

السيرة الحلبية:474.

الشافي في الإمامة:287*.

شرح ألفية:20.

شرح الدائرة:370.

شرح شافية ابن الحاجب:422*.

شرح علائم الظهور:20.

شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهدي:508،510،511،513، 514،515،516.

شرح قطرالندى:20.

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:

85،91،92*،100،103، 124*، /125*، /126*، 127*، /130*، /134*، 136*،137،138،285،297، 316،319،344،356*،393، 431،483،522*.

الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:288،291،294،441، 442.

شواهد النبوة:571،573،575، 578.

الصحاح للجوهري:448*.

صحيح البخاري-(البخاري) :52، 66،67،72،73،74*،79، 81،82،84،85،86،87*،

ص:678

91*،92*،93*،94*،98، 99،101،102،103،111*، 113*، /117*، /121*، 122*، /123*، /124*، 126*، /127*، /128*، 129*، /130*، /131*، 132*،134*،136*،138، 181،182،217،226،231*، 233*،238،239،244،245، 246،247،252،254،256، 257،261،262،269،278، 279،281،282،286،296، 307،310،314،315،350، 356*،360،377،378،380، 384،387،391،392،393، 395،401،403،405،407، 408،414،415،418،419، 427،428،429،439،503، 510،536.

صحيح مسلم-(مسلم) :51،52، 53،54،56*،63*،67، 68*،75*،76*،77*،78، 80،82،83،84،85،86، 90*،94،95*،96*،99، 100،102،103،105،111*، 113*، /114*، /121*، 122*،123*،124،125*، 126*،127*،128*،129، 130*، /131*، /134*، 136*،147،149*،151، 154،159،165*،180،181، 211،212،213،220،221، 226،227،230،231*،232، 236،237،238،241،244، 246،251،252،253،254، 256،262،267،273،274، 279،280،281،282،284، 286،288،296،302،303، 304،305،307،308،310، 312،314،350،356،360، 377،381،382،383،387، 391،396،398،399،400، 403،405،406،408،411، 412،414،419،420،721، 423*،424*،439،444، 445،446،510،523*،536.

ص:679

الصحيح من سيرة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

506*.

صراح اللغة:168.

الصواعق المحرقة:85،148،154، 155،156،157،161،165، 185*،187،189،200،201، 203،286*،287*،299، 300،301،303،473،493، 516،518،519،520،522، 523،524،525،526،528، 530،536.

طبقات أعلام الشيعة، نقباء البشر:

8،9،10،14،15، 16،19،20،21،22.

طبقات الحنابلة:417.

الطبقات الكبرى لابن سعد:163*، 429*.

الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف:

172*،338،342.

الطلع النضيد في إبطال المنع عن لعن يزيد:20،296.

عقد الدرر في أخبار المنتظر:24، 361،363،448،468،469، 479،480،481،493،503، 518،519،520.

العمدة:67*.

عوالي اللئالي:66*،112*.

غاية المرام و حجة الخصام:27، 142*، /152*، /159*، 160*، /181*، /182*، 184*، /186*، /187*، 189*، /190*، /191*، 329*، /340*، /341*، 343*، /346*، /348*، 349*، /358*، /367*، 437*.

غريب الحديث:484.

فتح الباري في شرح البخاري:

73*، /291، /293*، /294، 295،296،297،299،300، 301،315*.

فتح الرحمان:554.

الفتوحات المكية:27،463،466، 467،472،488،490،496، 497،498،500،540،545، 546،548،551،552،553،

ص:680

554،555،556،557،558، 559،560،562،567،571.

فرائد السمطين:75*،90*،149، 150،159،160،164،165، 190،191،283،302،318، 319،325،327،328،330، 331،334،335،337،340، 341،342،343،353،354، 360،361،366،417،468، 478،480،503.

فرحة الغرى بصرحة الغرى:24.

فرق الشيعة:24،526*.

الفرق المسيحية و حقانية الإسلام:

18.

فصل الخطاب-ينابيع المودّة:301، 368،482،570،572.

فصوص الحكم:556.

الفصول المختارة:272*.

الفصول المهمة:366،367.

فضائل الصحابة للسمعاني:436.

فضائل علي عليه السّلام:340.

الفهرست:24.

الفوائد الأصولية:20.

فوائد الرضوية:7،10.

قامعة اللجاج و دافعة انحجاج:21.

القاموس المحيط:51،123*، 130،167،198،238،241، 385،409،425،467.

قصيدة السردابية:24.

الكافي:18.

كامل الزيارات:24.

الكامل في التاريخ:72*،76*، 299*، /429*، /431*، 495*،552*.

الكبريت الأحمر:557.

كتاب الأربعين لأبي نعيم الإصفهاني -نامه دانشوران:438،439، 478.

كتاب الأربعين لجمال الدين عطاء الله الدشتكي الحسيني:570.

كتاب الأغاني:429*.

كتاب الإمامة و السياسة:88،89، 297،306.

كتاب دانيال:300.

كتاب سليم بن قيس الهلالي:197.

كتاب العصمة في دفع الوصمة:20.

ص:681

كتاب عصمة الملائكة:20.

كتاب العلائم لاهتداء الهوائم:20.

كتاب العين:168.

كتاب الغيبة:340.

كتاب الفتوح-الفتوح:429*.

كتاب فضائل الصحابة:156،160، 161،172،186،187،188.

كتاب في الإمامة:24.

كتاب الله-القرآن الكريم.

الكتاب المقدس-العهد العتيق و العهد الجديد:228،230،568.

كتاب النور في الإمام المستور:

15،26،41،45.

الكشف للسيوطي:472،487.

كشف الريبة في أحكام الغيبة:23.

كشف الظنون:138*،556*، 557*.

كشف الغمة:358،359،519.

كشف المحجة:42.

الكشكول للشيخ البهائي:509، 510،516.

كفاية الأثر:213*،337*،365*، 368*.

كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السّلام:83،91،92*، 107،108،145،146،150، 151،153،154،162،163، 164،284*،317،345،398، 417،418،432،435،436، 440.

كليات أبي البقاء:168.

كمال الدين و تمام النعمة:334، 368،460،503،522*.

الكنز الخفي:340.

كنز العمّال:73*،90*،197*، 213*، /286*، /297*، 302*، /304*، /305*، 306*،312*،468*.

گفتگو:14،15.

گنجينه دانشمندان:8.

لسان العرب:123*،240*.

لواقح الأنوار في طبقات الأخيار- لواقح الأنوار القدسية:500، 501،513،557،563،564.

مؤلفين كتب چاپى فارسي و عربي:

7،8،9،18.

ص:682

مبدأ اشتقاق الموجودات:21.

المجاهدة لدين الحق:21.

مجالس الطوسي-الأمالي:344، 345.

المجروحين من المحدثين:482.

مجله آينه پژوهش:8.

مجله شهاب:7،13،14، 19،21.

مجمع الأمثال:514*.

مجمع البحرين:168*.

مجمع البيان في تفسير القرآن:

196*،241*،348*.

مجمع الزوائد و منبع الفوائد:197*، 272*،299،515*.

مجمل اللغة-المجمل في اللغة:

168*،198.

المجمل و المبين:20.

مجموع الروايات و الأحاديث:

21.

مختار الصحاح:168،198،199.

مختصر زوائد-مسند البزار:

189*،227*.

مختصر الفتوحات:556.

مرآة الأسرار:578.

مرآة المدارية:571،578،580.

مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح:570،571.

مروج الذهب:72*،76*،299*.

المزار:24.

مسائل الأشعثيات او الجعفريات:

23.

مسائل في الأصول:20.

مستدرك الدرة الغروية و التحفة الحسينية:21.

المستدرك على الصحيحين:73*، 157*، /161، /162، /165، 286*،303،468،471،487.

المسلسلات-الفضل المبين:565، 566،567.

مسند ابن الجعد:154*.

مسند أبي داود الطيالسي:263.

مسند أبي يعلي الموصلي:107، 263.

مسند أحمد بن حنبل:50،54، 63*،67،69،70،71،72،

ص:683

73،74*،75*،76،77*، 79،85،86*،87،89،90*، 94*،96*،98،100،101، 102،103،104،105،107، 108،109،111*،113*، 114*، /117*، /121*، 122*،123*،124،125*، 126*، /127*، /128*، 129*، /130*، /131*، 132*،134*،136*،140، 142،144،145،146،147، 149،172،174،175،176، 177،178،179،186،187، 188،206،207،208،210، 211،212،213*،214،215، 217،218،219،220،221، 222،224،225،226،227، 232،233،235،236،237، 239،240،242،243،244، 245،246،247،248،249، 250،251،254،255،257، 258،260،261،262،263، 264،265،267،269،270، 271،272،273،274،279، 280،281،282،284،286، 287،288،296،299،302، 303،304،305،306،307، 308،310،312،313،314، 345،346،347،350،351، 352،355،356*،374،375، 376،377،378،380،381، 383،384،386،387،388، 389،390،391،395،398، 399،400،401،402،403، 404،405،406،407،408، 409،410،411،412،421، 423*، /424*، /441، /444، 445،523،536.

مسند الكبير للمسدد:232،293.

مستدرك كتاب النور في الإمام المستور:21،439.

مشارق الأنوار:125،490،492، 493،494،495،498،499، 506.

المشكاة-مشكاة الأنوار:57*، 324،579.

ص:684

مطلع الشمسين في فضل حمزه و جعفر ذي الجناحين:22.

المطلق و المبين:20.

معارف الرجال في تراجم العلماء و الأدباء:7،8،9،14، 15.

معاني الأخبار:288*.

المعجم الأوسط:162،163*، 202،263،272،507*، 515*.

المعجم الصغير:162،515*.

المعجم الكبير:154*،157،165، 189،194،263،418،432، 467*،503*.

مغايرة الإجزاء و القبول:22.

المغني اللبيب:514.

مقاتل الطالبين:484،485،487، 525.

مقارنات ظهور الحجة:22.

المقاصد العلية:16.

المقالات في إثبات مذهب الإسلام:

22.

المقالة الوضيئة:580.

مقتضب الأثر في الأئمة الاثني عشر:

24،340،341.

مقتل الحسين عليه السّلام:328،329، 338،342،343.

المقصد الأقصى:571.

مكارم الأثار:7،9.

المكاشفات:560.

الملل و النحل:50،354،355، 501،502،504،506،526.

المناقب للخوارزمي:24،107، 191،192،193،282،321، 322،327،328،353،354، 418،434،440،453.

مناقب آل أبي طالب:57*،497*.

مناقب علي بن أبي طالب عليه السّلام لابن المغازلي:155*،156،162، 166،194،196،324،417.

مناقب علي بن أبي طالب عليه السّلام لمحمد بن سلمان الكوفي:90*.

المناقب المأة-مأة منقبة من مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام:325،329، 340،341،343.

مناهج الطالبين:22.

ص:685

منتخب مسند أحمد بن حنبل:146.

منتخب كنزل العمّال:109،111، 121*، /122*، /124*، 130*،226،274،304،305.

منظومة البلد الأمين:24.

منية اللبيب في شرح التهذيب:24.

مهج الدعوات:360.

المواهب في شرح منظومة بحر العلوم:8.

مودة القربى-المودّة في القربى:

223،224،225،317،325، 328،343*.

الموطأ للمالك:67،184.

المولود من الزنا:22.

نتائج الأفكار في بيان حكم المقيمين في الأسفار:23.

نثار اللباب في تقبيل التراب:22.

النزهة:565.

نسيم الرياض-شرح الشفا:521.

نشريه وحيد:11.

نظم درر السمطين:154*.

نفحات الأنس:560.

النفلية:16.

النكت الاعتقادية:24.

النكت في مقدمات الأصول:24.

النهاية لابن الأثير:174*،181*.

نهج البلاغة:74*،316*،429*.

نهج الحق و كشف الصدق:530، 531.

النوادر من حديث سيد الأوائل و الأواخر:566.

نور الأبصار:486.

الهداية للصدوق:568*.

هداية السعداء في حق الحجة:576، 577.

هگمتانه تا همدان:11،12.

و جيزة تنقيح المقال:22.

وجيزة في غيبته عليه السّلام:22.

وفاة النبي-أخبار وفاة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:22.

وفيات الأعيان:371،372،497، 508،511،513.

الياقوتة:168.

اليقين:24.

ينابيع المودّة:50،79*،223، 224،225،231،315*،319،

ص:686

321،327،328،329،341، 343،359،360،361،367، 368،370،429،453،467، 500،501،503،506*.

اليواقيت و الجواهر:27،451، 452*،462،465،466،467، 472،491،497،498،499، 500، /506*، /513*، /536، 543*،552،554،555،556، 557،559،560،561،562، 564.

ص:687

فهرس الجماعات و القبائل و المذاهب

آل إبراهيم:193.

آل أبي سفيان:308.

آل أبي طالب:447.

آل جعفر:147.

آل الحسين عليه السّلام:448.

آل عباس:147.

آل عقيل:147.

آل علي عليه السّلام:147.

آل فرعون:383.

آل كسرى:206،211.

الأئمة عليهما السّلام:20،73،95،201، 202،258،259،263،269، 270،280،291*،309،317، 318،320،322،324،325، 326،331،333،334،339، 349،363،370،438،454، 489،506،512،518،523، 569،570،572،574.

الأئمة الاثنا عشر عليهما السّلام:228،229، 230،337،370،371،372، 507،508،512،531،562، 576،577،580.

الأئمة الأبرار عليهما السّلام:336.

الأئمة الأطهار عليهما السّلام:42.

أئمة الإمامية عليهما السّلام:45.

أئمة الكفر:66*.

الأئمة المضلين:69،252.

اثنا عشر ائمة:336.

اثنا عشر أميرا:207،210،214، 215،216،217،232،233، 285*.

اثنا عشر خليفة:206،207،208، 209،211،212،214،217، 218،219،220،222،223، 224،226،227،230،232، 233،273،274،278،283، 285*، /287*، /293، /298، 300،304،307،312،364، 570.

ص:688

اثنا عشر رجلا:213،227،232، 289،305.

اثنا عشر قيما:231.

اثنا عشر ملكا:228،229،300.

اثنا عشر من قريش:273.

الاثنا عشرية-الإمامية.

أحمس:280.

الأخباريون:19.

أسباط:250،336.

أسباط إسرائيل:228.

الإسلام:49،57،58،62،77،95، 96،116،138،171،207، 209،218،220،221،223، 225،230،233،234،235، 236،238،240،243،251، 253،254،269،271،272، 287،288،291،293،300، 306،314.

الأشاعرة:520.

أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-الأصحاب:

66،149،410،413،415، 422،428.

أصحاب الإجماع:18.

أصحاب الأخدود:529.

أصحاب الحديث:239.

أصحاب المهدي عليه السّلام:546.

أصحابي:394،395،397،399، 400،401،402،405،407، 409،410،414،420،422، 429،436،440،442،445.

أصيحابي:406،407،422.

الأعاجم:466،468،545.

أغيلمة:71،72.

الإمامية:42،80،81،213،223، 228،230،368،371،372، 482،501،502،503،504، 505،507،508،512،517، 520،521،525،579.

الإماميون:229،569.

الأمّة-أمّتي:54،61،67،69،71، 72،74،97،115،116،118، 141،145،156،157،159، 161،198،200،202،208، 209،227،237،239،242، 244،246،247،249،251، 252،253،254،270،274،

ص:689

281،282،284،293،295، 296،303،308،310،317، 333،336،337،349،353، 374،375،389،394،396، 397،404،405،406،408، 411،418،419،422،428، 430،431،433،436،437، 438،440،441،446،456، 459،462،475،503،516، 533،569.

الأمراء:68،69،70،73،76،139، 232،234،236،254،261، 264،265،266،268،269، 270،274،304،387،455.

أناس:239،240،246،419، 506.

الأبنياء:152،279،296،311، 315،436،452،453،459، 471،475،506،545،547، 558،560،561.

الأنصار:85،86،87،93،257، 258،261،326،354،355.

الأنام:534.

أهل الاجتهاد:553.

أهل أحد:392.

اهل الإسلام:79،159،236،240، 248،290،511،515،516.

أهل البصرة:282،293.

أهل البقيع:374،375،376،391.

أهل البيت-العترة-أهل بيتي-آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:10،26،46، 62،81،83،95،96،101، 129،137،138،139،140، 141،142،143،144،146، 147،148،149،150،151، 152،153،154،155،156، 157،158،159،160،161، 162،163،164،165،166، 167،168،169،171،172، 173،174،175،176،177، 178،179،183،184،185، 186،187،188،189،190، 191،192،193،195،196، 197،198،199،200،202، 203،205،229،232،254، 255،268،269،272،273،

ص:690

274،275،280،283،286، 291،293،294،295،300، 315،316،318،319،349، 360،366،414،416،431، 432،437،438،440،456، 464،471،472،475،482، 483،486،494،502،503، 505،510،517،518،524، 530،531،540،541،544، 552،562،570،571،572، 576،577،578،579.

أهل الجاهلية:57،58،59،87،89، 95،253،254،290.

أهل الجمل:282،294.

أهل الحديث:107،163،253.

أهل الردّة:294،312،398، 412*.

أهل السماء:159،160،161،329.

أهل السنة:25،27،45،285، 286،316،329،341،343، 349،368،416،468،482، 503،506،507،508،510، 511،514،519،521،524، 530،554،556،560،568، 571،579.

أهل الشام:188،239،244،247.

أهل العراق:176،383.

أهل الكهف:367.

أهل الكوفة:464،541،553،571.

أهل المدينة:391.

الأوصياء:328،336،475.

أولاد الحسن-ولد الحسن عليه السّلام:

470،474،490،491،494، 497،517.

أولاد الحسين-ولد الحسين عليه السّلام:

470،474،478،479،483، 493،496،516،541*،573، 576.

أولاد داود عليه السّلام:568.

أولاد العباس-ولد العباس- بني العباس:484،486،487.

أولاد فاطمة-ولد فاطمة عليها السّلام:

472،482،494،541،552، 562،567،569.

أولى الأمر:112.

البروتستاني:24.

ص:691

بنو آدم عليه السّلام:319،527.

بنو إبراهيم عليه السّلام:377.

بنو أبي طالب:201.

بنو إسرائيل:162،163،164، 278،279،307،311،336، 455.

بنو أميّة:266،291،294،308، 355،455،485.

بنو الحرث:189.

بنو الزرقاء:309.

بنو العباس:266،292،294،298، 299،301،307،455،523.

بنو عبد المطلب:150،201،347، 349.

بنو عبد الملك:293*.

بنو مروان:73،308،484،523.

بنو هاشم:84،85،91،150،201، 224،355،447،471،515*.

بنو يشكر:283.

البهائية-البابية:25.

الجاهلية:50،51،52،53،54،55، 56،57،58،59،60،61،62، 63،64،65،73،78،79،87، 95،96،267،272،279،280، 281،290،418،427.

الجاهلون:200.

الجبابرة:529*.

الجماعة:51،52،55،59،63،64، 65،66،71،73،74،77،78، 80،81،87،89،95،96،161، 232،254،267،279،285، 286،289،299،306،315، 316،331،344،355،389، 502،505،546،556،560، 568،579.

جماعة المسلمين:78.

الجمهور:42،486،520،521.

الجنود:11،88،228.

جنود الحكومة:12.

الجيش:190*،456،543.

الجيوش:529.

الحجج:340.

حجج الله:326.

الحواريون:229.

الحي:66،93،264،269.

ص:692

الخلفاء:16،139،207،212، 216،225،226،231،233، 234،236،251،254،262، 274،278،279،281،282، 287،288،289،291،294، 295،297،298،299،300، 304،305،306،309،313، 462،466،534،569،567.

خلفاء بني أميّة:301.

خلفاء بني العباس:298،471.

الخلفاء الراشدون:292،295،298.

الخلفاء القريشيّة:298.

خلفاء الله:551.

الخوارج:282،293.

خوانين همدان:12.

الدولة العباسية:291،299.

الرؤسا:26.

الرجال:80،100،101،102، 103،181*،214،412،415، 421،429.

رجال المشروطة:13.

الرسل:363،449،455،459.

الرعيّة:464،473.

الرهط:168،169،178*،347، 414،444.

الرواة:111،208،223.

الروافض:571.

الروحانيون:333*.

الزيدية:363،484،525،526.

السادة:230.

سادات أمّتي:326.

السفهاء:71،72.

سلاطين القاجار:12.

الشافعي:166.

الشاميّون:172.

شريعة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:229،483.

الشعراء:447.

الشهداء:416،465،475.

الشيخية:7،25.

الشيعة:21،25،27،42، 327،328،335،371،508، 510،517،519،524،566.

الشيعة الاثنا عشرية:570.

شيعة علي عليه السّلام:431.

الصبيان:72،179،529.

ص:693

الطائفة:114،237،238،239، 241،242،244،245،247، 248،249،251،252،254، 297،302،457.

الصحابة:21،284،286،301، 303،430،431،465،466، 473،516،544،545،577.

الصوفية:506،540*،579.

الضالّون:200*.

العباسيون:523.

العبراني:568.

العجم:563.

العرب:71،138،161،196،262، 269،356.

العشية:94،352.

العصاة:416.

العلماء:28،87،132،133، 152،285،196،298،299، 301،492،531،542،553، 560.

علماء أهل العناد:42.

علماء إيران:13.

علماء التأويل:446.

العلماء الثوري:13.

علماء الجمهور:42.

علماء الرسوم:548.

علماء السنة:8.

علماء الشيعة:8،25.

علماء الصوفية:563.

علماء العامة:14،27.

علماء المذاهب:465.

علماء المسيحية:19.

العلوية:293.

العلويون:447.

العيسوية:228.

الغالّون:156،157،200.

الغاوون:119.

الفجّار:268.

الفقهاء:8،505،540*،550، 553.

القاسطون:154،282،354.

قريش:66،67،71،72،73،93، 138،201،206،207،208، 210،211،212،213،214، 215،216،217،218،219، 220،221،222،223،226،

ص:694

227،230،231،232،233، 255،256،257،258،259، 260،261،262،263،264، 265،266،267،268،269، 270،271،272،273،274، 280،281،288،289،298، 299،303،304،310،312، 350،484،486.

القوم:100،112،119،124،125، 127،135،136،169،172، 222،246،254،268،302، 310،311،344،345،347، 348،353،388،394،401، 434،437،438،440.

الكافرون-الكفار:136،209، 238،242،245،251،339، 353،416،417،430،449، 450،456،457،459،476، 545،551،557.

المارقون:154،282،354.

المؤمنون:10،253*،339، 420،454،457،458،502، 529،544،545،577.

المبطلون:200.

المحدثون:10،103،106،268.

المرتدون:394،395،396،397.

المستضعفون:11،89،427.

المسلمون:56،82،90،94،109، 152،206،208،209،211، 230،238،240،242،250، 251،254،261،264،269، 283،284،293،355،390، 429،434،447،448،459، 464،465،469،528،534، 542،545،553،554،557، 568،571،576.

المشركون:98،99،100،136، 302.

المطهرون:327.

المظلمون:11.

المعتزلة:520.

المعصومون:327.

المعمرون:453.

المفترون:311.

المفسدون:310.

المقبوحون:234.

ص:695

المقربون:322.

المكذبون:317،528.

الملائكة:119.

ملائكة الرحمة:574.

الملة:202.

ملة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:569.

الملحدون:557.

الملل:471.

الملوك:72،228،287،299، 307،309،423،438،493.

المنافقون:417،450.

المنتحلون:238.

المنذرن:524.

المهاجرون:85،87،155،354.

المهدوية:25.

الناس:9،12،26،46،53، 60،61،64،66،70،71،74، 77،78،81،82،83،87،88، 89،91،92،93،95،96،103، 104،105،108،141،147، 152،154،171،195،212، 213،217،218،219،221، 227،242،243،244،245، 246،247،254،255،256، 257،258،262،263،264، 265،266،267،268،269، 270،271،272،280،289، 290،291،292،295،300، 309،310،311،312،313، 315،316،319،323،347، 350،355،361،363،374، 375،386،397،402،406، 411،412،416،418،431، 433،437،443،447،449، 450،460،464،465،481، 482،485،489،506،507، 519،521،522،524،525، 533،534،541،543،545، 571.

الناكثون:154،354.

النخع:394.

النساء:110،179،324،412، 443.

النسوة:110،149.

النصارى-النصرانية:228،230، 324،456،469،511،568.

ص:696

نقباء بني إسرائيل:224،225،226، 227،336،526.

نقباء موسى عليه السّلام:226.

النواصب:459.

الوزراء:73،466.

وزراء المهدي عليه السّلام:540،545، 546.

الوفد:98،99.

الولاة:262،269،548.

ولاة الأمر:298.

ولاة الجور:11.

ولد إسحاق عليه السّلام:464،468،473، 542.

اليهود-يهودية:228،324،456، 511،568.

اليزيدي:577.

ص:697

فهرس الأمكنة و الأزمنة

آخر الزمان:336،358،359،371، 521،540،571.

آمل:7.

أبهر:452.

الأرض:74،79،89،105،106، 119،140،141،145،151، 159،160،161،200،292*، 293،326،329،361،362، 364،388،392،409،449، 457،463،472،475،476، 479،480،481،482،483، 484،508،529،530،532، 540،542،544*،548،553، 563،571،572،577.

الأزد-يمن.

إسفراين:477.

إصفهان-اصبهان:106،432.

الأندلس:292،293،540*.

أورشليم:228.

إيران:9،13.

البحر:338،450،531،575.

بحر آباد-نخر آباد:330.

بروجرد:8.

بركة الرطلي-الرطل:463،472، 491،563.

البصرة:448،482.

بغداد:153،293،317،318،338، 437،447.

البقيع:376.

بلخ:324.

البلد:446.

البلاد:292،293،433،436،440، 469،492،544.

بلاد العجم:550.

بنقور قلعة:158*.

بهار:7.

البيت:100،101،102،103، 104،108،126،128،174، 176،186،187،193،196، 201،258،295،564،574، 575.

ص:698

بيت عايشة-مسكن عايشة:105، 382،383،384.

بيت العنكبوت:510.

بيت كسرى:211.

بيت الله الحرام:196،199.

بيت المقدس:249.

بيت النبوة:196.

البيوت:66،196،211،288.

البيوتات:268،288.

البيداء:465.

تهامة:99،272.

جابلقا و جابرسا (جابرصا) :25.

الجبال:478.

جزيرة العرب:98،99،100.

جمادي الأولى:513.

جمادي الثانية:536.

الجنة:320،322،323،326،328، 333*،336،374،375،404، 405،417،418،426،435.

جنات عدن:317،319،321.

جهنم:78،79،230.

الحبشة:257،261.

الحدائق:435.

الحديقة:435.

الحجر:72،191،380.

الحرّة:53،295.

حلب:162،163،432،474، 476.

الحوض:68،69،76،90،140، 141،142،145،146،151، 153،154،155،158،169، 202،206،211،343*،351، 392،393،398،399،400، 401،402،403،405،406، 407،408،409،410،411، 412،414،415،416،417، 418،419،420،421،422، 423،426،514.

الحيطان:447.

حيطان المدينة:331.

خراسان:546.

خم:147.

دار المؤمنين:245.

دمشق:163،330،345،416، 435،437،465،476،500، 543.

ص:699

الدهر:41،148،200،454.

ذي الحجة:7،164،511،513.

ذي طوى:361.

ذي القعدة:330،366.

رباط الغزاونة:330.

ربيع الأول:371،512،513،557، 559.

ربيع الثاني:9،330،536.

رجب:330،499،536.

الركن:464،476،481،534، 541،552.

رمضان:42،536،540*،550، 578.

الساعة:206،211،212،214، 239،245،251،308،312، 349،379،381،441،442، 443،444،445،449،452، 502.

سدرة المنتهى:527.

سرّ من رأى-سامراء:371،507، 513،516،519،526،569، 573،575،578.

السرداب:371،372،507،508، 509،511،512،517،519، 523،526،573،575.

سقور:158.

السقيفة-سقيفة بني ساعدة:85،86، 87،93،94،258،269،288، 354،355.

السماء:140،141،142،145، 151،154،159،160،161، 174، /190، /230، /232*، 233*،379،442،456،532، 575.

الشام:73،106،282،294،306، 492،563.

الشرقية:324.

شعبان المعظم:8،368،369، 371،462،463،472،491، 500،512،536،562،572، 573،578.

الشمال:293،394،395،396، 398.

شوال المكرم:159،330،559، 563.

ص:700

الصباح:191.

الصبح:367،457.

صفر:477،536،580.

صفين:282،292،294،352، 439.

صنعاء:158.

الطالقان:468.

الطف:295.

طهران:11،12.

الظهر:82.

عاشورا:472.

العتبات العاليات:12.

العراق:224،308.

العرج:99.

العرش:332*،561*.

عرفات:221.

العشاء:352.

العشية:82،211.

الغار:515*.

الغربية:324.

الغيبة (زمان الغيبة) :448،451، 452،453،456،458،501، 502،503،504،511،519، 521،522،525،526،544*، 569.

فارس:565.

فاس:552.

الفجر:369،446،574.

فدك:81،83،84،448.

الفلك:450،458.

القبة:534.

قبر الحسين عليه السّلام:447،448.

قبر رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:89.

قسطنطنية:72،546.

قم:14،28،29.

القناة:11.

قهود:158.

قونية:555،557.

قيام الساعة:234،235،236،442، 443،444،445،462،486.

كربلا:530،532،570.

كردستان:12.

الكعبة-القبلة:315،325.

الكوفة:66.

كوم الريش:463،472،491.

الكوم المطل:563.

ص:701

الليل:348،374،375،376،378، 379،381،390،438،449، 452،457،520.

ليلة البدر:154.

المجلس:14،70،128.

مجلس الشورى الوطني:12، 13.

مجلس فوائد عامة:12.

محرم الحرام:537،563.

المدائن:66*.

المدينة:81،99،106،147،177، 191،229،295،377،378، 434،446،516،519،543.

المدينة الرومية-مدينة الروم:464، 468،473،542،546.

مرج عكا:464،542،546.

المسجد:10،94،137،209، 225،355،405،447،477.

مسجد الجامع:10.

مسجد جامع بني أميّة:492،563.

المسجد الحرام:330.

مسجد الشونيزية:321.

مسجد النبي-مسجد رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:196.

المشرق-الشرق:163،293،367، 381،382،383،384،437، 452،478.

مصر:463،472،491،499،501، 510،536،541،556.

مضجع البهاري:35.

المغرب:163،293،367،552.

المقبرة:420،421.

مقبرة الميرزاتقي:11.

المقام:462،476،481،534، 541،552.

مكة:99،147،299،335،515*، 543،555،567.

المكتبة:14.

مكتبة السيدة فاطمة المعصومة عليها السّلام:

28.

مكتبة المرعشي:22.

المملكة:465،543.

المنبر:384،392،393،401، 411،412،446،448،534، 577.

ص:702

منى:209،229.

المنامة:177.

النجف الأشرف:8،9،25، 579.

النهار:234،390،438،443، 449،452،466،520.

النهر:229،230،404،405.

هراة:164.

همدان-همذان:7،8،9، 10،11،12،13،106، 158،329،338،343،353.

الوطن:12.

اليم:504.

اليمامة:99.

يمن:99،257.

اليمين:293.

يمين العرش:339.

يوم التناد:45،449.

يوم الجمعة:211،371.

يوم الجمل:66*.

يوم الخميس:98،99،100.

يوم خبير:179،433.

يوم الدار:312،315.

يوم الدين:47.

يوم عرفة:151،209.

يوم القيامة:53،70،71،157، 200،201،234،237،238، 240،245،257،293،262، 271،272،316،327،333*، 396،397،402،404،413، 414،416،423،425،440، 441،443،454،483،551، 579.

يوم النحر:410.

يوم القيامة:134.

ص:703

فهرس مصادر تحقيق الكتاب

اشارة

القرآن الكريم.

«الف-المصادر المطبوعة»

1- «ابطال نهج الحق» فضل الله بن روزبهان، المطبوع ضمن «دلائل الصدق» دار المعلم، القاهرة، الطبعة الثانية،1396 ق.

2- «اتحاف الورى بأخبار أم القرى» عمر بن فهد، جامعة أمّ القرى، مكة المكرمة، مكتبة الخانجي، القاهرة.

3- «اختيار معرفة الرجال» - «رجال الكشي» .

4- «الأربعون» محمد بن الحسين المعروف ب «الشيخ البهائي» نشر نويد اسلام، قم.

5- «إرشاد الساري في شرح البخاري» أحمد بن محمد القسطلاني، مكتبة المثنى، بغداد.

6- «أساس البلاغة» محمود بن عمر الزمخشري، دفتر تبليغات اسلامي، قم.

7- «أسد الغابة في معرفة الصحابة» علي بن محمد ابن الأثير، المكتبة الإسلامي، طهران.

8- «إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى و فضائل أهل بيته الطاهرين» محمد الصبّان، المطبوع في هامش «نور الأبصار» مطبعة عبد الحميد أحمد حنفي، مصر.

5- «رسالة أصول الحديث» الدهلوي پاكستان، إسلام آباد، المرقّمة،4/1.

9- «إعلام الورى بأعلام الهدى» الفضل بن الحسن الطبرسي، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف،1390 ق.

ص:704

10- «أعيان الشيعة» السيد محسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1403 ق.

11- «الإفصاح في الإمامة» محمد بن محمد ابن النعمان المعروف ب «الشيخ المفيد» ، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، قم، الطبعة الثانية،1413 ق.

12- «الأمالي» محمد بن الحسن المعروف ب «الشيخ الطوسي» ، دار الثقافة، قم، الطبعة الأولى،1414 ق.

13- «الإمامة و السياسة» ابن قتيبة الدينوري، مطبعة البابى الحلبي، مصر، الطبعة الأولى،1356 ق.

14- «الإمام المهدي عند أهل السنة» مهدى الفقيه الإيماني، مكتبة الإمام أمير المؤمنين، اصفهان، الطبعة الثانية،1402 ق.

15- «أنساب الأشراف» أحمد بن يحيى البلاذري، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى،1397 ق.

16- «الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية» عبد الوهاب الشعراني، المطبوع في هامش «الطبقات الكبرى» مطبعة عبد الحميد أحمد حنفي، مصر.

17- «بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهم السّلام» محمد باقر بن محمد تقي المجلسي، المكتبة الإسلامية و دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الثالثة،1398 ق.

18- «البداية و النهاية» إسماعيل بن كثير، مكتبة المعارف، بيروت، الطبعة الثالثة،1413 ق.

19- «بزرگان و سخن سرايان همدان» مهدى درخشان، چاپ نيكو، تهران، 1341 ش.

21- «البيان في أخبار صاحب الزمان» محمد بن يوسف الكنجي، المطبوع ذيل «أحاديث المهدي عجل الله تعالى فرجه من مسند أحمد بن حنبل» مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة السادسة،1417 ق.

ص:705

22- «تاج العروس» محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، دار ليبيا، بنغازي.

23- «تاريخ بغداد أو مدينة السلام» أحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت،1411 ق.

24- «تاريخ حكما و عرفاء متأخر بر صدر المتألهين» منوچهر صدوقى سها، انجمن اسلامى حكمت و فلسفه، تهران،1401 ق.

25- «تاريخ الخلفاء» جلال الدين السيوطي، انتشارات الشريف الرضي، قم، الطبعة الاولى،1411 ق.

26- «تاريخ الطبري» محمد بن جرير الطبري، دار المعارف، القاهرة، 1963 م.

27- «تاريخ مواليد الأئمة و وفياتهم» عبد الله بن النصر بن الخشاب، المطبوع في «مجموعة نفيسة في تاريخ الأئمة» مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، 1406 ق.

28- «تاريخ همدان» السيد علي الدعوتي، قم،1368.

29- «تاريخ اليعقوبي» أحمد بن أبي يعقوب، دار صادر، بيروت 1379 ق.

30- «التبيان في تفسير القرآن» محمد بن الحسن المعروف ب «الشيخ الطوسي» مكتبة الأمين، النجف الأشرف،1376 ق.

31- «تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي» جلال الدين السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى،1417 ق.

32- «التدوين في أخبار قزوين» عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني، دار الكتب العلمية، بيروت،1408 ق.

33- «تذكرة الخواص» سبط ابن الجوزي، مكتبة نينوى الحديثة، كربلا.

34- «ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام من تاريخ مدينة دمشق» علي بن الحسن بن عساكر، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى،1395 ق.

ص:706

35- «تطهير الجنان و اللسان عن الخطور و التفوه» أحمد بن حجر الهيثمي، المطبعة الميمنية، مصر، المطبوع في هامش «الصواعق المحرقة» .

36- «تفسير الثعلبي» أبو إسحاق أحمد الثعلبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى،1422 ق.

37- «تفسير القران العظيم» إسماعيل بن كثير، دار إحياء الكتب العربية.

38- «تهذيب التهذيب» ابن حجر العسقلاني، دار صادر، بيروت.

39- «جامع البيان في تفسير القرآن» محمد بن جرير الطبري، المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، مصر، الطبعة الأولى،1328 ق.

40- «الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير» جلال الدين السيوطي، دار العلمية، بيروت.

41- «الجمع بين الصحيحين» محمد بن فتوح الحميدي، دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى،1419 ق.

42- «جواهر العقدين في فضل الشرفين» علي بن عبد الله السمهودي، إحياء التراث الإسلامي، بغداد،1407 ق.

43- «حلية الأولياء» أبو نعيم أحمد بن عبد الله الإصفهاني، دار أحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الاولى،1421 ق.

44- «خصائص أمير المؤمنين» أحمد بن شعيب النسائي، مكتبة نينوى الحديثة، كربلا،1389 ق.

45- «خصائص الوحى المبين» يحيى بن الحسن ابن البطريق، مطبعة وزارة الإرشاد الاسلامي، طهران، الطبعة الأولى،1406 ق.

46- «دانشنامه جهان اسلام» بنياد دايرة المعارف اسلامى، تهران،1377 ش.

47- «دايرة المعارف التشيع» وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامى، تهران، 1375 ش.

ص:707

48- «الدر المنثور في التفسير بالمأثور» جلال الدين السيوطي، دار المعرفة، بيروت.

49- «ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى» أحمد بن عبد الله الطبري، دار المعرفة، بيروت.

50- «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» الشيخ آقا بزرگ الطهراني، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الثانية.

51- «ربيع الأبرار و نصوص الأخبار» محمود بن عمر الزمخشري، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى،1412 ق.

52- «رجال الطوسي» محمد بن الحسن الطوسي، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، الطبعة الأولى،1381 ق.

53- «رجال الكشي» محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، كربلا.

54- «رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبي الهادي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» أبو بكر ابن شهاب الدين الحضرمي، مطبعة الإعلامية، القاهرة، مصر،1303 ق.

55- «روضة الواعظين» محمد بن الفتّال النيسابوري، انتشارات رضي، قم، 1386 ق.

56- «سنن ابن ماجة» محمد بن يزيد القزويني، دار إحياء التراث العربي، بيروت،1395 ق.

57- «سنن أبي داود» سليمان بن الأشعث السجستاني، دار إحياء السنة النبوية.

58- «سنن الترمذي» محمد بن عيسى الترمذي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة،1398 ق.

59- «السنن الكبرى» أحمد بن الحسين البيهقي، دار المعرفة، بيروت.

ص:708

60- «سنن النسائي» أحمد بن شعيب النسائي، دار الفكر، بيروت،1398 ق.

61- «السيرة الحلبية» علي بن برهان الدين الحلبي، مطبعة الاستقامة، القاهرة، 1382 ق.

62- «السيرة النبوية» - «سيرة النبي» محمد عبد الملك بن هشام، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة.

63- «الشافي في الإمامة» علي بن الحسين الشريف المرتضى، مؤسسة الصادق عليه السّلام، طهران، الطبعة الثانية،1410 ق.

64- «الشاهد المقبول بفضل أبناء الرسول» -؟ ؟ ؟ «رشفة الصادي» .

65- «شرح قصيدة الشيخ البهائي في مديح المهدي» المنيني، المطبوع ذيل «الكشكول» ، القاهرة، مصر،1305 ق.

66- «شرح نهج البلاغة» ابن أبي الحديد، انتشارات جهان، تهران، الطبعة الأولى،1378 ق.

67- «الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» القاضي عيّاض بن موسى اليحصبي الأندلسي، مؤسسة علوم القران، مكتبة الفارابي، دار الفيحاء، عمّان، الطبعة الثانية،1407 ق.

68- «صحاح اللغة» إسماعيل بن حمّاد الجوهري، دار الكتاب العربي، مصر.

69- «صحيح البخاري» محمد بن إسماعيل البخاري، دار الفكر، بيروت.

70- «صحيح البخاري مع حاشية السندي» محمد بن عبد الهادي السندي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى،1419 ق.

71- «صحيح مسلم» مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، منشورات المكتب التجاري، بيروت.

72- «صراح اللغة» محمد بن عمر قرشي، طهران،1272 ق، الطبع الحجري.

ص:709

73- «الصواعق المحرقة» أحمد بن حجر الهيثمي، المطبعة الميمنية، مصر، 1324 ق، الطبع الحجري.

74- «طبقات أعلام الشيعة» -؟ ؟ ؟ «نقباء البشر» .

75- «طبقات الحنابلة» محمد بن أبي يعلي، دار المعرفة، بيروت.

76- «الطبقات الكبرى» عبد الوهاب بن أحمد الشعراني، مطبعة عبد الحميد أحمد حنفي، مصر.

77- «الطبقات الكبرى» محمد بن سعد، دار صادر، دار بيروت، بيروت، 1380 ق.

78- «الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف» علي بن موسى ابن طاووس، مطبعة الخيام، قم،1400 ق.

79- «عقد الدرر في أخبار المنتظر» يوسف بن يحيى السلمي، مكتبة عالم الفكر، القاهرة، الطبعة الأولى،1399 ق.

80- «عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب الإمام الأبرار» يحيى بن الحسن ابن البطريق، مؤسسة النشر الإسلامي، قم،1407 ق.

81- «عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية» محمد بن علي الأحسائي المعروف ب «ابن أبي الجمهور» مطبعة سيد الشهداء، قم، المطبعة الأولى،1403 ق.

82- «غاية المرام و حجة الخصام» السيد هاشم البحراني، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، الطبعة الأولى،1422 ق.

83- «فتح الباري بشرح البخاري» أحمد بن علي العسقلاني، الحلبي، مصر، 1378 ق.

84- «الفتوحات المكية» محمد بن علي بن العربي، دار صادر، بيروت.

ص:710

85- «فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول و السمطين و الأئمة من ذرّيتّهم» عليهم السّلام، إبراهيم بن محمد الجويني، مؤسسة المحمودي، بيروت، الطبعة الأولى،1400 ق.

86- «الفصول المختارة من العيون و المحاسن» محمد بن النعمان المعروف ب «الشيخ المفيد» مكتبة الداوري، قم، الطبعة الرابعة،1396 ق.

87- «الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة» علي بن محمد ابن صباغ، مكتبة دار الكتب التجارية، النجف الأشرف.

88- «فوائد الرضوية فى أحوال علماء المذهب الجعفرية» الشيخ عباس القمي، المكتبة المركزي، تهران.

89- «القاموس المحيط فيما ذهب من لغة العرب شماطيط» مجد الدين الفيروز آبادي، مطبعة السعادة، مصر.

90- «الكامل في التاريخ» علي بن أبي الكرم بن الأثير، دار صادر، بيروت، 1385 ق.

91- «الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر» عبد الوهاب بن أحمد الشعراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

92- «كتاب الأربعين» أحمد بن عبد الله أبو نعيم الإصفهاني، المطبوع في «نامه دانشوران ناصري» ج 7، مؤسسة مطبوعاتي دار الفكر، قم.

93- «كتاب الأربعين في فضائل أمير المؤمنين» جمال الدين المحدث الحسيني الدشتكي، مجمع البحوث الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى،1413 ق.

94- «كتاب الأغاني» علي بن الحسين أبو الفرج الإصفهاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية،1418 ق.

95- «كتاب الأمالي أو المجالس» محمد بن علي بن بابوية المعروف ب «الشيخ الصدوق» المطبعة الحكمة، قم.

ص:711

96- «كتاب الخصال» محمد بن علي بن بابوية المعروف ب «الشيخ الصدوق» مكتبة الصدوق، طهران،1389 ق.

97- «كتاب سليم بن قيس الكوفي» سليم بن قيس الكوفي، دار الكتب الإسلامية، قم.

98- «كتاب العين» الخليل بن أحمد الفراهيدي، مؤسسة دار الهجرة، قم، الطبعة الثانية،1409 ق.

99- «كتاب الغيبة» محمد بن الحسن المعروف ب «الشيخ الطوسي» مكتبة نينوى الحديثة، كربلا.

100- «كتاب الفتوح» أحمد بن أعثم الكوفي، دار الندوة الجديدة، بيروت.

101- «كتاب فضائل الصحابة» أحمد بن حنبل، دار العلم، مكة المكرمة، الطبعة الأولى،1403 ق.

102- «كتاب مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر» أحمد بن محمد الجوهري، مكتبة الطباطبائي، قم.

103- «الكتاب المقدس العهد العتيق و الجديد» .

104- «كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون» مصطفى بن عبد الله الجامي خليفة، استانبول.

105- «كشف الغمة في معرفة الأئمة» علي بن عيسى الإربلي، مكتبة بني هاشم، تبريز،1381 ق.

106- «الكشف و البيان» المعروف ب «تفسير الثعلبي» .

107- «الكشكول» محمد بن الحسين المعروف ب «الشيخ البهائي» القاهرة، 1305 ق.

108- «كفاية الأثر» علي بن محمد الخزّاز القمي، انتشارات بيدار، قم، 1401 ق.

ص:712

109- «كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام» محمد بن يوسف الكنجي، مطبعة الغري، النجف الأشرف،1356 ق.

110- «كليات أبي البقاء» أيوب بن موسى أبو البقاء، مطبعة القاهرة، مصر، 1287، الطبع النحاسي.

111- «كمال الدين و تمام النعمة» محمد بن عليّ بن بابويه المعروف ب «الشيخ الصدوق» مكتبة الصدوق، طهران.

112- «كنزل العمّال في سنن الأقوال و الأفعال» عليّ بن حسام الدين المتقي الهندي، مكتبة التراث الإسلامي، حلب، الطبعة الأولى.

113- «لسان العرب» محمد بن مكرم بن منظور، نشر أدب الحوزة، قم، 1405 ق.

114- «لواقح الأنوار في طبقات الأخيار» -؟ ؟ ؟ «الطبقات الكبرى» عبد الوهاب بن أحمد الشعراني.

115- «مأة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام» أحمد بن شاذان، انتشارات الأنصاريان، قم، الطبعة الثانية،1413 ق.

116- «مؤلّفين كتب چاپى فارسى و عربى» خانبا بامشار،1340 ق.

117- «المجروحين من المحدثين» محمد بن حبّان البستي، دار المعرفة، بيروت.

118- «مجلة شهاب» جريدة مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم.

119- «مجمع الأمثال» أحمد بن محمد النيسابوري الميداني، مطبعة السنة المحمدية،1374 ق.

120- «مجمع البحرين» فخر الدين الطريحي، دار و مكتبة الهلال، بيروت، 1985 م.

ص:713

121- «مجمع البيان لعلوم القرآن» المعروف ب «مجمع البيان في تفسير القرآن» الفضل بن الحسن الطبرسي، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم،1403 ق.

122- «مجمع الزوائد و منبع الفوائد» علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية،1408 ق.

123- «مجمل اللغة» أحمد بن فارس الرازي القزويني.

124- «مختار الصحاح» محمد بن أبي بكر الرازي، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة الرابعة،1418 ق.

125- «مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة و مسند أحمد» شهاب الدين بن حجر العسقلاني، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، الطبعة الأولى، 1402 ق.

126- «مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح» علي بن سلطان محمد القاري، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاولى،1414 ق.

127- «مروج الذهب و معادن الجوهر» علي بن الحسين المسعودي، دار أندلس، بيروت، الطبعة الأولى،1385 ق.

128- «المستدرك على الصحيحين» محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، دار الكتاب العربي، بيروت.

129- «مسند ابن الجعد» علي بن الجعد الجوهري، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية،1417 ق.

130- «مسند أبي داود الطيالسي» سليمان بن داود الطيالسي، دار المعرفة، بيروت.

131- «مسند أبي يعلي» أحمد بن علي التميمي، دار الثقافة العربية، دمشق- بيروت، الطبعة الثانية،1412 ق.

ص:714

132- «مسند» أحمد بن حنبل، المكتب الإسلام، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى،1389 ق.

133- «مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار» الشيخ حسن الحمزاوي، المطبوع في كتاب «الإمام المهدي عند أهل السنة» ، مكتبة الإمام أمير المؤمنين، إصفهان، الطبعة الثانية،1402 ق.

134- «مشكاة الأنوار في غرر الأخبار» الفضل بن الحسن الطبرسي مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثانية،1411 ق.

135- «معارف الرجال في تراجم العلماء و الأدباء» محمد حرز الدين، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم،1405 ق.

136- «معاني الأخبار» محمد بن علي ابن بابويه المعروف ب «الشيخ الصدوق» مؤسسة النشر الإسلامي، قم،1379 ش.

137- «المعجم الأوسط» سليمان بن أحمد الطبراني، مكتبة المعارف، رياض، الطبعة الأولى،1405 ق.

138- «المعجم الصغير» سليمان بن أحمد الطبراني، دار الكتب العلمية، بيروت.

139- «المعجم الكبير» سليمان بن أحمد الطبراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية.

140- «مقاتل الطالبين» علي بن الحسين أبو الفرج الإصفهاني، مؤسسة المطبوعاتي الإسماعيليان، طهران، الطبعة الثانية.

141- «مقتل الحسين عليه السّلام» الموفق بن أحمد الخوارزمي، مكتبة المفيد، قم.

142- «المقصد الأقصى» عزيز بن محمد النسفي، في مجموعة الرسائل، الطبع الحجري.

ص:715

143- «مكارم الآثار» محمّد علي المعلم حبيب آبادي، مكتبة نشاط، اصفهان،1352 ش. بالفارسية.

144- «الملل و النحل» محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، دار السرور، بيروت، الطبعة الأولى،1368 ق.

145- «المناقب» الموفق بن أحمد الخوارزمي، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية،1414 ق.

146- «مناقب آل أبي طالب» محمد بن عليّ بن شهر آشوب المازندراني، انتشارات العلامة، قم.

147- «مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السّلام» عليّ بن محمد ابن المغازلي، المكتبة الإسلامية، طهران، الطبعة الثانية،1403 ق.

148- «المناقب المأة» -؟ ؟ ؟ «مأة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام» .

149- «منتخب كنز العمّال في سنن الأقوال و الأفعال» علي بن حسام الدين المتقي الهندي، المطبوع في هامش «مسند أحمد بن حنبل» .

150- «منتخب مسند أحمد بن حنبل» أحمد بن حنبل.

151- «المنتخب من مسند عبد الله بن حميد» عبد الله بن حميد، عالم المكتب، بيروت، الطبعة الأولى،1408 ق.

152- «مهج الدعوات و منهج العبادات» علي بن موسى بن طاووس، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأولى،1414 ق.

183- «المودّة في القربى» -؟ ؟ ؟ «المودّة القربى» .

154- «المودّة القربى» علي بن شهاب الهمداني، المطبوع ضمن «ينابيع المودّة» .

155- «الموطأ» مالك بن أنس، المكتبة العلمية، مصر،1399 ق.

ص:716

156- «نسيم الرياض في شرح الشفا القاضي عيّاض» أحمد الخفاجي المصري، دار الفكر، بيروت.

157- «نظم درر السمطين» محمد بن يوسف الزرندي الحنفي، مكتبة الإمام أمير المؤمنين، الطبعة الأولى،1377 ق.

158- «نقباء البشر» من «طبقات أعلام الشيعة» الشيخ آغا بزرگ الطهراني، مشهد، دار المرتضى، الطبعة الثانية،1404 ق.

159- «النهاية في غريب الحديث و الأثر» علي بن محمد بن الأثير الجزري المكتبة الإسلامية، دار إحيا التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى،1383 ق.

160- «نهج البلاغة» محمد بن الحسن الرضي، المترجم، فيض الإسلام.

161- «نهج الحق و كشف الصدق» الحسن بن يوسف العلامة الحلي، مؤسسة دار الهجرة، قم، الطبعة الأولى.

162- «النهجة المرضية» جلال الدين السيوطى، مؤسسة المطبوعاتي الإسماعيليان، قم،1370 ش.

163- «نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار عليهم السّلام» الشيخ الشبلنجي، مطبعة عبد الحميد أحمد البابي، مصر.

164- «هگمتانه تا همدان» غلام حسين قراگوزلو، انتشارات إقبال، تهران، 1369 ش.

165- «وفيات الأعيان و ابناء الزمان» أحمد بن محمد بن خلكان، دار صادر، دار الثقافة، بيروت.

166- «ينابيع المودّة» سليمان بن إبراهيم القندوزي، مطبعة أختر، اسلامبول، 1301 ق.

167- «اليواقيت و الجواهر في بيان عقائد الأكابر» عبد الوهاب بن أحمد الشعراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

ص:717

«ب-المصادر المخطوطة»

1- «أبهى الدرر» محمد باقر البهاري مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، غير مرقّمة.

2- «أخبار الأخيار» الدهلوي، پاكستان، المرقّمة،537.

3- «إزالة الخفاء» الدهلوي، مكتبة ندوة العلماء، لكهنو، المرقّمة 14.

4- «الاستقصاء» و حواشيه، الدهلوي.

5- «رسالة أصول الحديث» الدهلوي، پاكستان، إسلام آباد، المرقّمة،4/1.

6- «الانتباه في سلاسل الأولياء» الدهلوي، مكتبة ندوة العلماء، لكهنو، المرقّمة،119.

7- «الإيضاح» الدهلوي، مدرسة الأخوند، همدان، المرقّمة،2/264.

8- «البحر الموّاج» شهاب الدين الدولت آبادي، پاكستان، پيشاور، المرقمة، 439.

9- «بهجة النفوس و الأسماء» الشعراني، دار الكتب الظاهرية، المرقّمة 8091.

10- «تحصيل الكمال» الدهلوي.

11- «تحفة الاثني عشرية» الدهلوي، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، المرقّمة،483.

12- «الخير الجاري في شرح البخاري» يعقوب اللاهوري.

13- «روضة الأحباب في سيرة النبي و الآل عليهم السّلام و الأصحاب» عطاء الله بن غياث الدين بن فضل الله الحسيني الدشتكي الشيرازي، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، المرقّمة،1023.

14- «روضة العلماء» الدهلوي.

ص:718

15- «سبحة المرجان» الدهلوي.

16- «سلاح الحازم» محمد باقر البهاري، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، غير مرقّمة.

17- «شواهد النبوة» الجامي، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، المرقّمة 3584.

18- «الطلع النضيد في إبطال المنع عن لعن يزيد» محمد باقر البهاري، مكتبة السيد المرعشي النجفي، قم، غير مرقّمة.

19- «فصل الخطاب» أحمد پاشا.

20- «مرآة الأسرار» .

21- «مرآة المدارية» .

22- «مفتاح الكنوز الخفية» الدهلوي.

23- «المقالة الوضيئة» الدهلوي.

24- «النوادر من أحاديث سيد الأوائل و الأواخر» الدهلوي.

25- «النزهة» الدهلوي.

26- «هداية السعداء في حق الحجة» شهاب الدين الدولت آبادي.

ص:719

فهرس الموضوعات

مقدّمة التحقيق 6

الفصل الأوّل 7

المؤلّف في سطور 7

مشايخه 9

بعض أحواله 10

الخدمات الدينيّة 10

تأليفاته القيّمة و ما استنسخها 14

تأليفاته 14

ما استنسخها 22

الفصل الثاني 25

حول الكتاب 25

عملنا في تصحيح و تحقيق الكتاب 28

الخاتمة 29

كلمة شكر و ثناء 29

تقريظ قيّم و كلمة طيبّة لسماحة الحجة العلامة السيد حسن الصدر 41

المقدّمة 47

الباب الاول

باب الأخبار الدالّة على وجود الإمام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و وجوب الايتمام به و الدخول فى طاعته دوام الإسلام و بعض ما لذلك الإمام من الأوصاف 49

ص:720

رواية معاوية 50

رواية عامر 50

رواية أبي هريرة 51

أيضا رواية أبي هريرة 52

رواية ابن عباس 52

رواية ابن عمر 53

رواية عرفجة 54

بيان الأخبار 54

و قد حكم على تلك العناوين ب 55

رجوع مفادات الأخبار إلى أمر واحد 55

استظهار السببية 55

إثبات كون اتخاذ الإمام مانعا عن طرد الضلال 56

في بيان الجاهلية 57

إثبات عنوان المانعية 59

في الأمور التي تظهر من تلك الأخبار 59

لزوم انتفاء الجاهلية عن ذلك الإمام و من قبله 59

انتفاء الإمامة عمّن له جاهلية أو تأتي من قبله 60

إنّ وجوده يدوم بدوام الإسلام 60

إنّ إمامته لا تتوقّف على اجتماع و نحوه 61

لزوم عالمية ذلك الإمام بكلّ ما يحتاج إليه الآحاد 61

يجب أن لا تكون مع اتخاذه جاهلية 61

إنّ الأمّة كلّهم غير الإمام في معرض الجاهلية 62

إنّ أهل البيت لا يشاركونهم في ذلك 62

ص:721

إنّ ذاك الإمام من العترة الهادية 62

مفاد حديث فراق الجماعة 63

لزوم كون مدار الحقّ في تلك الجماعة 64

في الإمام المذموم و ذمّ الأمراء 65

في أن لا يراد المذموم من رواية من مات بغير إمام 73

إثبات حديث «لو أن الناس اعتزلوهم» و أن لا يبطل الأمر بالسمع 74

الإشارة إلى اعتزال الولاة 75

حديث حذيفة في الأمر بالاعتزال 78

استظهار وجود الإمام الحق من هذا الخبر 79

عدم بيعة علي عليه السّلام و لوازمه 81

في لوازم قعوده عن البيعة في تلك المدّة 86

إنّهم أرادوا قتل علي عليه السّلام 87

إبطال الأمر الثاني بما ورده في علي عليه السّلام 90

توضيح الخبر لإيضاح حال بيعته و حين ما بايع أيضا 91

استظهار المعاداة بينهم من لفظ الصحيحين 92

إنّ الاستبداد وجه الأمر 93

امتحان الأئمة في وجود الوصف المعلوم ممّا سبق و عدمه 95

استظهار أنّ أهل البيت مدار الخلوص من الضلال 96

الباب الثاني

باب أنّ هذه الأمّة قد خيف عليهم الضلال و وقع ذلك المحذور بفقد شرط انتفاء ذلك المخوف، و لو ائتموا بإمام مرّ وصفه لم يضلّوا قضية ما سلف، و أراد أن يكتب ما لا يضلّون بعده، فمنع منه و كان رزيّة كلّ الرّزية 97

ص:722

حديث ابن عباس في أن خاف عليهم الضلال و لم يوجد ما يمنعهم 98

رواية جابر منع عمر عن الكتاب 109

كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما يتعلق به 110

عدم وجوب الكتابة عليه 113

وقت الضلال المخشي 114

كون المخوف مطلق الضلال 115

فرض إرادة الخاص 116

الإيماء إلى أسباب الضلال 119

كلام من تعرّض له 121

إنّ كلامهم في حاله كان جزميا 123

ممّا ينبغي أن يذكر في الاعتذار 125

كلامهم في مقاله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 126

الكلام الثاني لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المجلس 127

استظهار الإدخال في الروايات 128

تعيين ما أجمله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 128

الدلالة على المنع و تعيين من منع 130

جهة المصيبة فيما وقع بينهم 131

تحقيق رشيق في الكلام 132

إبطال كلام المتعرضين له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 133

إنّ القران لم يحجز المانع من الضلال في ذلك الوقت 134

دليل ان عرف مراده فمنع 137

ص:723

الباب الثالث

باب أنّهم أمروا بالتمسك بالكتاب و العترة، كيلا يضلّوا فلهم منهم أمراء و أئمة و خلفاء يمنعونهم من الضلال بما خصّوا به من علم الدين 139

أمروا بالتمسك بالعترة كيلا يضلّوا 140

ما يكون بمشاركة الكتاب 140

استظهار كون المشارك له خواص العترة لا كلّهم 140

مقتضى قوله: «لن يفترقا» بالنسبة إلى العترة 143

معنى خلافة الكتاب و العترة 145

حديث زيد بن أرقم 146

استطهار كون الحديث على نهج باقي الأخبار 149

الباب الرابع

باب تعيين أهل البيت و العترة الذين أمر النّاس بالرجوع إليهم و التّمسك بهم و الدخول في طاعتهم و الايتمام بهم مدّة الإسلام 171

تعيين من خلّفهم في الأمّة من العترة 172

استظهار الانحصار 173

بيان الدلالة 175

بيان مقتضى أخبار الباب 195

معني البيت 196

في معني طهارتهم 198

معني الرّجس 198

الإيماء إلى عصمتهم 199

الإشارة إلى إمامتهم، ثمّ دوام وجودهم أبد الدّهر 200

ص:724

رواية ابن حجر حجّة تامّ الدّلالة على إمامة الأئمّة 201

الباب الخامس

باب أن عيّن أمرائهم و خلفائهم المعلوم كونهم من العتره، بعد انتفاء حقيقة الإمامة عن غيرهم بما سلف، و الرّؤساء المرجوع إليهم في أمور الدّين، و موارد خوف الضّلال و الهلكة الواجب بما مرّ كونهم من أهل البيت، قرناء التنزيل في تمام تلك المدّة في اثني عشر لا يزيد فيهم واحد، و لا ينقص منهم واحد 205

بيان الخبر 206

إنّ حتّى للغاية 207

توجيه الخبر 208

في الضرّ المنفي 209

بيان مفاد الخبر 212

مؤاخذة مسلم 213

بيان المفاد 213

استظهار الترتيب في اثني عشر 214

إيضاح دلالة الأخبار بذلك الخبر 223

روايت ابن مسعود 224

بيان مدلولها 224

رواية عايشة رضي اللّه عنها 226

مؤاخذة على السيوطي 230

تجديد بيان مفاد تلك الأخبار 232

فصل في بقاء ظهور الإسلام إلى قيام السّاعة 235

الإفصاح عن مفاد الخبر 235

ص:725

بقاء ظهور الإسلام 238

تضعيف بعض مضامين الخبر 238

في معني أناس 240

استظهار الوضع و بيانه 241

تجديد بيان تلك الأخبار 253

فصل، في أن الإمارة و الملك و الخلافة في قريش مدّة الإسلام 255

استمرار الخلافة في قريش 257

بيان الخبر الظاهر في التّقييد 259

إبطال القيدية 259

بيان قوله: «ما حكموا. . .» لإبطال الأوهام 265

إبطال التقييد 268

تجديد بيان الأخبار و وجوه الدلالة 269

بيان انحصار الخلافة فيهم 270

استمرار الخلافة في قريش 272

بيان انحصار خلفاء قريش في الاثني عشر 273

الباب السادس

باب جملة ممّا يعلم حاله من تلك الأخبار و إلاّ فكلّه لا يحصى هنا و فيه تعيين الاثني عشر 277

تحديد سني الخلافة 278

كثرة الخلفاء 278

جملة ممّا ظهر حاله 279

تحديد الصديق؟ ؟ ؟ بالبقاء على الدين باستقامة الأمّة 279

إبطال الموضوع على عليّ عليه السّلام 282

ص:726

إبطال إنكار تقدّم الصديق على وصي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم!284

ما قيل في علم الصديق 284

تجديد مقال لإيضاح حال 286

تفاوت الأدلّة بحسب الأزمنة 287

الاستدلال بلزوم الخلف في أدلّة استمرار الملك في قريش 288

كفاية أخبار الاثني عشر 289

كلام السيوطي في توجيه الأخبار 291

إبطال قول القاضي عياض الذي حكاه 294

إبطال التأييد الّذي ادعاه 269

كلام فضل اللّه بن روزبهان 298

نقل كلام أحمد بن سليمان 299

الوجه الآخر لفضل بن روزبهان 309

تعيين الاثني عشر 315

إنّهم من العترة 316

ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 317

الأئمّة مخلوقون من طينته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 317

إنّهم عترة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 318

بيان أنّ عترته في الأخبار من شاركه في الطينة، و يعرف من آثارها 319

إنّ ذريته الطاهرين أئمة يحجزون عن الضلال 320

إن الإمامة في ولد علي عليه السّلام 321

إنّ الأئمة من ولد عليّ عليه السّلام 322

إمام بعد إمام من ولد فاطمة عليها السّلام 324

الأئمة من ولدها 324

ص:727

الأئمّة من ولد عليّ عليه السّلام و حزب عدّوهم حزب الشيطان 325

إنّ بقاء أهل الإيمان ببقاء واحد من ذريته الأئمة 326

إنّهم عصموا 326

تعيينهم بعددهم و غيره 327

رواية سلمان 328

إنّهم من ولد عليّ عليه السّلام 330

تعيينهم بأسمائهم و غيرها 331

رواية ابن عباس 335

الإيماء إلى سبق خلافة علي عليه السّلام على المعراج 344

تاريخ المعراج 348

بدء خلافة علي عليه السّلام 348

الإشارة إلى طريق معرفة الأئمة من غير هذه الروايات 349

الإيما إلى ما يتوهم لزومه على فرض كون الخلافة لعلي عليه السّلام 351

إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أخبره بما يجري و أمره بالسلم 351

خروج غزواته الثلاثة عن مورد وصية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له بالسلم 352

إنّ أمر الخلافة مورد تلك الوصية 353

كلام الشهرستاني في إثبات الاختلاف 354

ان سيدنا عمر البادي ببيعته و من عاد إلى مثلها يقتل في حكمه 354

من لم يبايع أبا بكر 355

الباب السابع

باب بعض ما في الثاني عشر عجّل اللّه فرجه 357

ص:728

نص الرضا عليه السّلام بأنّه من ولد العسكري 358

الرواية عن العسكري 360

نص الرضا عليه السّلام بأنّه الرابع من ولده 360

له غيبة 361

له غيبتان 362

إنه أصغرهم سنا 362

يخرج شابّا و هم يظنونه شيخا 363

رواية الرشيد في المهدي 363

الرواية عن الرضا عليه السّلام 366

الرواية في أنّ ابن الحسن صاحب عيسى 367

نقل الكلام عن «فصل الخطاب» في مولده و غيره 368

كلام صلاح الدين 370

كلام محمّد بن طلحة 370

كلام القاضي ابن خلكان في الوالد و المولود و الميلاد و غيرها 371

الباب الثامن

باب سرّ حجب هذا البدر المنير عن الأبصار بعد الإيماء إلى أمور هي كالمقدمات له 373

الأوّل 374

إنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هنّأ أهل البقيع بموتهم قبله قبل مرض موته 374

أيضا و كون موتهم خيرا ممّا ابتلى به الناس من الفتن 375

استظهار كون الفتنة شاملة لكلّ من يبقى بعده 376

شمول الفتنة تمام المدينة 377

ص:729

الأخبار بفتن تؤدّي إلى الكفر بعد الإيمان 378

ان منشأها عرض الدنيا 379

فتن تموت فيها القلوب و منها في الخلافة بزعم الراوي 380

رواية حذيفة 385

كلام حذيفة في أمر البيعة 386

لم يصلّوا إلاّ سرّا 387

حديث حذيفة في الفتن و تأثيرها في القلوب 388

حديث حذيفة في الرؤسا 389

لبعضهم فتنة أخوف من فتنة الدجّال 390

بيان مفاد الأخبار في الفتن 391

بيان اللزوم بين تلك الفتن و عرض الحياة الدنيا 392

الثاني 393

أخبروا بوقوع الارتداد 393

بيان الخبر 409

رواية عايشة 410

تكذيب ما نسب إلى الفاروق 413

خروج رجل و دعوته لهم إلى النار 415

بيان مفاد الأخبار 422

إيضاح سبب المنع عن الحوض 423

أن لا ينجو منهم أحد 426

تخطئة بعض الكلمات في تعيين المصداق 428

تركوا من حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بكفره 430

الثّالث 431

ص:730

يعرض عن أهل البيت 431

حديث أم سلمة 439

حديث حذيفة في أخبار بما يقع 431

إخباره بما يقع 444

إجمال ما جرى عليهم من الأمّة 446

منشأ الغيبة على وجه الإجمال 448

يفعل في حفظهم خلاف المعارف 450

بيان أخر و أن لا يلزم معرفة سرّها بل لا يمكن 451

حديث الصادق عليه السّلام في الغيبة 453

تتمة الحديث 455

الباب التاسع

باب بعض الكلمات الصّادرة في هذا الإمام من بعض الأعلام 461

كلام الشّعراني 462

حكايته عن الشيخ حسن العراقي و عليّ الخواص 462

ما حكاه عن ابن العربي 463

انقباض علماء المذاهب 465

ظهر في القرن الرابع 465

فتح القسطنطنية و غيرها 468

كلام الصبّان 470

أخبار كون المهديّ من ولد الحسين عليه السّلام 474

رواية الخدري 474

رواية حذيفة و طرقها 476

ص:731

بيان السرّ في غير ما هو الصحيح 484

في الجواب عن الصّبان 485

كلام الحمزاوي 490

في الجواب عن الحمزاوي 493

إظهار إعانة الحمزاوي 494

نقل كلام الشّعراني من ينابيع المودّة 500

نقل الرّؤية عن الشيخ إبراهيم 501

كلام الشهرستاني 501

جواب الشهرستاني 503

كلام المنيني 507

في الجواب عن المنيني 510

جواب دعواه وفاة ابن الحسن عليه السّلام 511

أمانة المنيني في النّقل 512

كلام ابن حجر 516

الجواب عن ابن حجر 519

أن لا يصح النفي 519

إنّ الاختلاف لا يدلّ على البطلان 520

لا يصح دعوى المغايرة 520

أن لا قول يحكى 521

فساد ما أبطل من ولاية الصّغير سنّا 522

سنّ الجواد حال إمامته باعتراف ابن حجر 523

تغليطه فيما حكى من وجوه 524

أن لا يتحقق تكذيب صحيح 526

ص:732

أن لم يتمكّنوا من دعوى الخلافة 530

كلام العلاّمة الحليّ رحمه اللّه 530

كلام ابن روزبهان 531

الاعتراض على ابن روزبهان 533

الخاتمة 535

مستدرك كتاب النور

و أنقذ كتاب اللّه من يد عصبة 545

أحوالهم مع المهدي عليه السّلام 550

مدرك النقل عن الشعراني 559

في نقل عن صاحب اليواقيت 559

نقل الشعراني وصول شيخه إلى خدمته عليه السّلام 563

رواية الشعرانيّ بتوسط الجلّة عن صاحب الزّمان عليه السّلام 565

ترجمة البلاذريّ 566

كلام القاضي جواد 567

روايات الجامي فيه عليه السّلام 573

كلام ملك العلماء 576

حديث اللوح من رواية جابر 576

كلام عبد الرحمان في «مرآة الأسرار»578

كلام عبد الرحمان في «مرآة المدارية»578

كلام شاه وليّ اللّه الدهلويّ 580

الفهارس الفنّية

فهرس الأيات الشريفة 582

ص:733

فهرس الأحاديث الشريفة 591

فهرس الآثار 609

فهرس الأشعار 614

فهرس الأعلام 616

فهرس الكتب 671

فهرس الجماعات و القبائل و المذاهب 688

فهرس الأمكنة و الأزمنة 698

فهرس مصادر تحقيق الكتاب 704

فهرس الموضوعات 720

ص:734

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.