ینابیع الحکمه المجلد 5

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

فی الحدیث القدسی:

یابن آدم انا غنی لاافتقر اطعنی فیما امرتک اجعلک غنیا لاتفتقر.

یابن آدم ، خلقتک للبقاء انا حی لا اموت اطعنی فیما امرتک به وانته عما نهیتک عنه اجعلک مثلی حیا لاتموت.

یابن آدم انا اقول لشیء کن فیکون اطعنی فیما امرتک به اجعلک مثلی تقول لشیء کن فیکون.

عده الداعی ص 291 - قر] العیون للفیض رحمه الله ص 473

ص: 3

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد للّه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الحيّ القادر، العليم الحكيم، الذي ليس كمثله شيء و هو السميع البصير، و الصلاة و السلام على النبيّ الأمّي، العربيّ الهاشميّ القرشيّ، العبد المؤيّد و الرسول المسدّد، المصطفى الأمجد، المحمود الأحمد، حبيب إله العالمين، و على آله الطاهرين و ذرّيّته المعصومين.

الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، و لا سيّما مولانا المهديّ صاحب العصر و الزمان أبي القاسم حجّة بن الحسن العسكريّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ صلّ و سلّم على السيّد الزاهد و الإمام العابد، الراكع الساجد، وليّ الملك الماجد، و قتيل العبرات، و صاحب المحنة و الكرب و البلاء، الشهيد المظلوم، سبط رسول الثقلين، مولانا و مولى الكونين، الإمام بالحقّ أبي عبد اللّه الحسين صلوات اللّه و سلامه عليه.

ص :1

ص:2

حرف اللام

164- اللبس و الملابس

الآيات

1- يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ اَلتَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اَللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . (1)

2- يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ. . . (2)

3- وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ . (3)

الأخبار

1-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب اللّه عليها.

المومن: طعام يأكله، و ثوب يلبسه، و زوجة صالحة تعاونه و تحصن فرجه. (4)

2-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: غسل الثياب يذهب الهمّ

ص:3


1- -الأعراف:26
2- الأعراف:31
3- المدّثّر:4
4- الخصال ج 1 ص 80 باب الثلاثة ح 2

و الحزن و هو طهور للصلاة. (1)

و قال عليه السّلام: البسوا ثياب القطن، فإنّها لباس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو لباسنا، و لم نكن نلبس الشعر و الصوف إلاّ من علّة، و قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جميل يحبّ الجمال، و يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده. (2)

و قال عليه السّلام: لا تلبسوا السواد فإنّه لباس فرعون. (3)

و قال عليه السّلام: تشمير الثياب طهور لها، قال اللّه تبارك و تعالى: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ أي فشمّر. (4)

و قال عليه السّلام: عليكم بالصفيق من الثياب، فإنّه من رقّ ثوبه رقّ دينه، لا يقومنّ أحدكم بين يدي الربّ جلّ جلاله و عليه ثوب يشفّ. (5)

و قال عليه السّلام: إذا كسى اللّه عزّ و جلّ مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضّأ و ليصلّ ركعتين يقرء فيهما أمّ الكتاب و آية الكرسيّ و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ و إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ، ثمّ ليحمد اللّه الذي ستر عورته و زيّنه في الناس، و ليكثر من قول «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» فإنّه لا يعصي اللّه فيه، و له بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له و يستغفر له و يترحّم عليه. (6)

و قال عليه السّلام: ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه و يجلس بين قوم. (7)

ص:4


1- -الخصال ج 2 ص 612
2- الخصال ج 2 ص 613
3- الخصال ج 2 ص 615
4- الخصال ج 2 ص 622
5- الخصال ج 2 ص 623
6- الخصال ج 2 ص 624
7- الخصال ج 2 ص 630

بيان:

«تشمير الثياب» : رفعها و عدم جرّها و المعنى تقصير الثياب.

«الصفيق من الثياب» : ما كان نسجه كثيفا (ضخيم) .

3-عن سفيان الثوري قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أن تروي أنّ علىّ بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس الخشن و أنت تلبس القوهيّ و المرويّ! قال: ويحك إنّ عليّ بن أبي طالب كان في زمان ضيق، فإذا اتّسع الزمان فأبرار الزمان أولى به. (1)

أقول:

في الكافي ج 1 ص 340 باب سيرة الإمام في نفسه. . . ح 4 عن حمّاد بن عثمان قال:

حضرت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قال له رجل: أصلحك اللّه، ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم و ما أشبه ذلك، و نرى عليك اللباس الجديد (الجيّد ف ن) فقال له: إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [عليه]، و لو لبس مثل ذلك اليوم شهّر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أنّ قائمنا أهل البيت عليهم السّلام إذا قام لبس ثياب عليّ عليه السّلام و سار بسيرة عليّ عليه السّلام. (الكافي ج 6 ص 444 باب اللباس ح 15)

4-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟ قال: نعم، قلت: عشرين؟ قال: نعم، و ليس ذلك من السرف، إنّما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «. . . و لكنّ السرف أن تلبس ثوب صونك

ص:5


1- -مكارم الأخلاق ص 97 ب 6 ف 1
2- مكارم الأخلاق ص 98

في المكان القذر» ، و معلوم أنّ مجرّد كثرة الثوب لا يكون من السرف إذا احتاج إلى جميعها، و أمّا الذي اشتهر اليوم بين الناس من أنّ لهم ثياب فاخرات متعدّده، يلبسونها في مدّة قليلة، ثمّ يطرحونها و يشترون ثيابا اخر، فهذا مذموم، لأنّه من الكبر و التفاخر و الشهرة في لبس الثياب، بل يكون من السرف، و سيأتي في الأحاديث ما يدلّ على ذلك.

«ثياب الصون» التي تلبس للتجمّل و صيانة البدن من البرد و الحرّ و «البذلة» الثوب الرثّ الخلق و ثوب الخدمة و ما يلبس كلّ يوم. يقال: بذل الثوب و ابتذله أي لبسه في أوقات الشغل و الخدمة و الامتهان.

5-عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في ثوب يلبسه: «اللهمّ اجعله ثوب يمن و بركة، اللهمّ ارزقني فيه شكر نعمتك و حسن عبادتك و العمل بطاعتك، الحمد للّه الذي رزقني ما أستر به عورتي و أتجمّل به في الناس» . (1)

أقول:

الأخبار في الدعاء عند لبس الثوب كثيرة راجع الوسائل و غيره.

6-عن الصادق عن عليّ عليهما السّلام قال: لبس الأنبياء القميص قبل السراويل.

و في رواية قال: لا تلبسه من قيام، و لا مستقبل القبلة و لا الإنسان. (2)

7-قال الصادق عليه السّلام: اغتمّ أمير المؤمنين عليه السّلام يوما فقال: من أين أتيت؟

فما أعلم أنيّ جلست على عتبة باب، و لا شققت بين غنم، و لا لبست سراويلي من قيام، و لا مسحت يدي و وجهي بذيلي. (3)

8-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أدنى الإسراف هراقة

ص:6


1- -مكارم الأخلاق ص 99
2- مكارم الأخلاق ص 101
3- مكارم الأخلاق ص 101

فضل الإناء، و ابتذال ثوب الصون، و إلقاء النوى. (1)

9-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس من ثيابكم شيء أحسن من البياض، فالبسوه و كفّنوا فيه موتاكم. (2)

10-عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ عليّ بن الحسين عليه السّلام كان رجلا صردا و كان يشتري الثوب الخزّ بألف درهم أو خمسمأة درهم، فإذا خرج الشتاء باعه و تصدّق بثمنه و لم يكن يصنع ذلك بشيء من ثيابه غير الخزّ. (3)

بيان:

في مجمع البحرين، في الحديث: «كان عليّ الحسين عليه السّلام رجلا صردا لا تدفئه فراء الحجاز» الصرد: من يجد البرد سريعا. . . و يقال أيضا للقويّ على البرد، فهو من الأضداد. . .

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ ريح الجنّة ليوجد من مسيرة ألف عام و لا يجدها جارّ إزاره خيلاء، إنّما الكبرياء للّه ربّ العالمين. (4)

أقول:

الأخبار في ذمّ جرّ الثوب تكبّرا، و إسبال الثوب، و الاختيال، و التبختر كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الكبر و غيره.

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام خرج في ثياب حسان، فرجع مسرعا يقول: يا جارية، ردّي عليّ ثيابي، فقد مشيت في ثيابي

ص:7


1- -مكارم الأخلاق ص 103 ف 2
2- مكارم الأخلاق ص 104 ف 3
3- مكارم الأخلاق ص 106 ف 4
4- مكارم الأخلاق ص 109 ف 5

هذه فكأنّي لست عليّ بن الحسين، و كان إذا مشى كأنّ الطير على رأسه لا يسبق يمينه شماله. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى. (2)

14-عن الأصبغ قال: خرجنا مع عليّ عليه السّلام حتّى آتينا التّمارين. . . ثمّ مضى حتى آتى البزّازين فساوم رجلا بثوبين و معه قنبر، فقال: بعني ثوبين، فقال الرجل: ما عندي يا أمير المؤمنين، فانصرف حتّى أتى غلاما، فقال: بعني ثوبين، فماكسه الغلام حتّى اتّفقا على سبعة دراهم، ثوب بأربعة دراهم و ثوب بثلاثة دراهم.

فقال لغلامه قنبر: اختر أحد الثوبين، فاختار الذي بأربعة و لبس هو الذي بثلاثة و قال: «الحمد للّه الذي كساني ما أواري به عورتي و أتجمّل به في خلقه» ثمّ أتى المسجد الأكبر فكوّم كومة من حصباء فاستلقى عليه، فجاء أبو الغلام، فقال:

إنّ ابني لم يعرفك و هذان درهمان ربحهما عليك فخذهما، فقال عليّ عليه السّلام: ما كنت لأفعل، ماكسته و ماكسني و اتّفقنا على رضى. (3)

بيان:

المماكسة في البيع: انتقاص الثمن و استحطاطه «كوّم» التراب: جمعه و جعله كوما، و الكومة: القطعة المتجمّعة المرتفعة من التراب و نحوه.

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض شهرة اللباس. (4)

16-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يزجر

ص:8


1- -مكارم الأخلاق ص 111
2- مكارم الأخلاق ص 111
3- مكارم الأخلاق ص 111
4- مكارم الأخلاق ص 116 ف 6

الرجل يتشبّه بالنساء، و ينهى المرأة أن تتشبّه بالرجال في لباسها. (1)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تختّموا بالعقيق، فإنّه أوّل جبل أقرّ للّه عزّ و جلّ بالربوبيّة، و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالنبوّة و لعليّ عليه السّلام بالوصيّة، و هو الجبل الذي كلّم اللّه عزّ و جلّ عليه موسى تكليما، و المتختّم به إذا صلّى صلاته علا على المتختّم بغيره من ألوان الجواهر أربعين درجة. (2)

أقول:

الأخبار في فضل التختّم بالعقيق كثيرة، في بعضها: «تختّموا بالعقيق فإنّه لا يصيب أحدكم غمّ ما دام عليه» . و في بعضها: «من تختّم بالعقيق ختم اللّه له بالأمن و الإيمان» .

و كذا التختّم بالفيروزج؛ في بعضها: «ما افتقر كفّ يتختّم بالفيروزج» .

و في الوسائل ج 7 ص 144 ب 66 من الدعاء: «قال اللّه: إنّي لأستحيي من عبد يرفع يده و فيها خاتم فيروزج فأردّها خائبة» .

18-عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول (في حديث) : خير لباس كلّ زمان لباس أهله. (3)

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى إبراهيم: أنّ الأرض قد شكت إليّ الحياء من رؤية عورتك، فاجعل بينك و بينها حجابا، فجعل شيئا هو أكبر من الثياب من دون السراويل فلبسه فكان إلى ركبتيه. (4)

20-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان لا ينخل له الدقيق، و كان يقول: لا تزال هذه الأمّة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم و يطعموا

ص:9


1- -مكارم الأخلاق ص 118
2- مكارم الأخلاق ص 87 ب 5 ف 5
3- الوسائل ج 5 ص 8 ب 2 من الملابس ح 2
4- الوسائل ج 5 ص 23 ب 11

أطعمة العجم، فإذا فعلوا ذلك ضربهم اللّه بالذلّ. (1)

بيان:

نخل الدقيق: غربله و أزال نخالته.

21-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من لبس السراويل من قعود وقي وجع الخاصرة. (2)

22-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل ما يشتهي و لبس ما يشتهي و ركب ما يشتهي، لم ينظر اللّه إليه حتّى ينزع أو يترك. (3)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لقد دخل موسى بن عمران و معه أخوه هارون عليهما السّلام على فرعون و عليهما مدارع الصوف و بأيديهما العصيّ. (4)

أقول:

الأخبار في زهد الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام في ألبستهم كثيرة راجع البحار و غيره.

24-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، من كان له قميصان فليلبس أحدهما و ليلبس الآخر أخاه.

يا أبا ذرّ، سيكون ناس من امّتي يولدون في النعيم و يغذون به، همّتهم ألوان الطعام و الشراب و يمدحون بالقول، اولئك شرار امّتي.

يا أبا ذرّ، من ترك لبس الجمال و هو يقدر عليه تواضعا للّه عزّ و جلّ فقد كساه حلّة الكرامة. . .

يا أبا ذرّ، البس الخشن من اللباس و الصفيق من الثياب؛ لئلاّ يجد الفخر فيك مسلكا.

ص:10


1- -الوسائل ج 5 ص 27 ب 14 ح 4
2- الوسائل ج 5 ص 108 ب 68 ح 1
3- تحف العقول ص 33
4- نهج البلاغة ص 790 في خ 234(القاصعة)

يا أبا ذرّ، يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم و شتائهم، يرون أنّ لهم الفضل بذلك على غيرهم، اولئك تلعنهم ملائكة السموات و الأرض. (1)

25-عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: إنّ اللّه يحبّ الجمال و التجمّل، و يكره البؤس و التباؤس، فإنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها، قيل: و كيف ذلك؟ قال عليه السّلام: ينظّف ثوبه، و يطيّب ريحه، و يحسّن داره، و يكنس أفنيته، حتّى أنّ السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر و يزيد في الرزق. (2)

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: كنت قاعدا في البقيع مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في يوم دجن و مطر، إذ مرّت امرأة على حمار، فوقع يد الحمار في وهدة، فسقطت المرأة، فأعرض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّها متسرولة، قال: اللهمّ اغفر للمتسرولات-ثلاثا-أيّها الناس، اتّخذوا السراويلات، فإنّها من أستر ثيابكم، و حصّنوا بها نسائكم إذا خرجن. (3)

بيان:

«الدجن» : الغيم المطبّق المظلم، المطر الكثير، و في اللسان: ظلّ الغيم في اليوم المطير.

«الوهدة» : الأرض المنخفضة، الحفرة في الأرض (زمين گود-شكاف در زمين) .

27-أوحى اللّه إلى نبيّ، أن قل لقومك: لا تطعموا مطاعم أعدائي، و لا تشربوا مشارب أعدائي، و لا تركبوا مراكب أعدائي، و لا تلبسوا ملابس أعدائي، و لا تسكنوا مساكن أعدائي، فتكونوا أعدائي، كما كان أولئك أعدائي. (4)

ص:11


1- -البحار ج 77 ص 92
2- البحار ج 79 ص 300 باب التجمّل ح 8
3- المستدرك ج 3 ص 244 ب 7 من الملابس
4- المستدرك ج 3 ص 248 ب 10 ح 4

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الحمرة من زينة الشيطان، و الشيطان يحبّ الحمرة. . . (1)

29-روى الطريحيّ في المنتخب و غيره مرسلا: أنّ يزيد لعنه اللّه استدعى بحرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال لهنّ: أيّما أحبّ إليكنّ: المقام عندي أو الرجوع إلى المدينة، و لكم الجائزة السنيّة؟ قالوا: نحبّ أوّلا أن ننوح على الحسين عليه السّلام، قال: افعلوا ما بدا لكم، ثمّ اخليت لهنّ الحجر و البيوت في دمشق، فلم تبق هاشميّة و لا قرشيّة، إلاّ و لبست السواد على الحسين عليه السّلام، و ندبوه على ما نقل سبعة أيّام. . . (2)

و فيه و نقل: أنّ سكينة بنت الحسين عليه السّلام قالت: يا يزيد، رأيت البارحة رؤيا و ذكرت الرؤيا. . . فإذا بخمس نسوة قد عظّم اللّه خلقتهنّ، و زاد في نورهنّ، و بينهنّ امرأة عظيمة الخلقة ناشرة شعرها، و عليها ثياب سود، و بيدها قميص مضمّخ بالدم (إلى أن ذكرت) أنّها كانت فاطمة الزهراء عليها السّلام. (3)

و ورد في كامل الزيارات ص 67 ب 21 في ح 3(في خبر) : أنّ ملكا من ملائكة الفردوس الأعلى نزل على البحر، و نشر أجنحته عليها، ثمّ صاح صيحة و قال:

يا أهل البحار، البسوا أثواب الحزن، فإنّ فرخ الرسول مذبوح.

قلت: و في هذه الأخبار و القصص إشارة أو دلالة على عدم كراهة لبس السواد، أو رجحانه حزنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام، كما عليه سيرة كثير في أيّام حزنه و ماتمه. . . (4)

ص:12


1- -المستدرك ج 3 ص 253 ب 13 ح 6
2- المستدرك ج 3 ص 327 ب 48 ح 31( رواه في البحار ج 45 ص 196 عن بعض مؤلّفات أصحابنا أيضا)
3- المستدرك ج 3 ص 327 ح 32( رواه في البحار ج 45 ص 195 أيضا)
4- المستدرك ج 3 ص 327 ح 33

30-عن عمر بن عليّ بن الحسين قال: لمّا قتل الحسين بن عليّ عليه السّلام لبس نساء بني هاشم السواد و المسوح، و كنّ لا يشتكين من حرّ و لا برد، و كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يعمل لهنّ الطعام للمأتم. (1)

أقول:

وجه الدلالة على عدم الكراهة أو الرجحان هو لبسهنّ ذلك بمحضره عليه السّلام و عدم منعهنّ عنه، مضافا إلى وجود الصدّيقة الصغرى زينب الكبرى عليها السّلام بينهنّ، فإنّه لا يقصر فعلها عن فعل المعصوم، لكونها تالية له في المقامات العالية و الدرجات السامية التي قال في حقّها الإمام السجّاد عليه السّلام في الحديث المعروف مخاطبا لها:

«يا عمّة. . . و أنت بحمد اللّه عالمة غير معلّمة، فهمة غير مفهّمة» . (2)

فكيف يخفى على مثلها مع تلك الجلالة و عظم الشأن و القدر و النبالة تلك الكراهة الشديدة.

قال الفقيه المحدّث البحراني رحمه اللّه في الحدائق (ج 7 ص 118) :

ثمّ أقول: لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين عليه السّلام من هذه الأخبار لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان، و يؤيّده ما رواه شيخنا المجلسيّ قدّس سرّه عن البرقيّ في كتاب المحاسن أنّه روى عن عمر بن زين العابدين عليه السّلام. . .

ثمّ ذكر رحمه اللّه الحديث المتقدّم.

و في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 ص 22 ب 31، قال المدائني: لمّا توفّي عليّ (ع) خرج عبد اللّه بن العبّاس إلى الناس فقال: إنّ أمير المؤمنين (ع) توفّى و قد ترك خلفا فإن أحببتم خرج إليكم و إن كرهتم فلا أحد على أحد، فبكى الناس و قالوا: بل يخرج إلينا، فخرج الحسن (ع) فخطبهم. . . و كان خرج إليهم

ص:13


1- -البحار ج 45 ص 188 ب 39 ح 33 و ج 82 ص 84
2- الاحتجاج ج 2 ص 31- البحار ج 45 ص 164

و عليه ثياب سود.

31-قال الصادق عليه السّلام: أزين اللباس للمؤمن لباس التقوى و أنعمه الإيمان، قال اللّه تعالى: وَ لِباسُ اَلتَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ و أمّا اللباس الظاهر فنعمة من اللّه تعالى تستر بها عورات بني آدم، و هي كرامة أكرم اللّه بها ذرّيّة آدم عليه السّلام ما لم يكرم بها غيرهم، و هي للمؤمنين آلة لأداء ما افترض اللّه عليهم. و خير لباسك ما لا يشغلك عن اللّه عزّ و جلّ، بل يقرّبك من ذكره و شكره و طاعته، و لا يحملك على العجب و الرياء و التزيين و التفاخر و الخيلاء، فإنّها من آفات الدين و مورثة القسوة في القلب.

فإذا لبست ثوبك فاذكر ستر اللّه عليك ذنوبك برحمته، و البس باطنك [بالصدق]كما ألبست ظاهرك بثوبك، و ليكن باطنك من الصدق في ستر الهيبة (الرهبة ف ن) ، و ظاهرك في ستر الطاعة. . . (1)

ص:14


1- -مصباح الشريعة ص 6 ب 7

165- اللحية و الشارب

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما زاد على القبضة ففي النار، يعني اللحية. (1)

2-عن عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن قصّ الشارب أمن السنّة؟ قال: نعم. (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يطوّلنّ أحدكم شاربه، فإنّ الشيطان يتّخذه مخبأ يستتر به. (3)

بيان:

خبأ الشيء: ستره و أخفاه، و المخبأ أي موضع الاختفاء.

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حفّوا الشوارب، و اعفوا اللحى، و لا تشبّهوا باليهود. (4)

ص:15


1- -الوسائل ج 2 ص 113 ب 65 من آداب الحمّام ح 1
2- الوسائل ج 2 ص 114 ب 66 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 114 ح 3
4- الوسائل ج 2 ص 116 ب 67 ح 1

أقول:

ح 3 مثله، و لكن فيه: «و لا تشبّهوا بالمجوس» .

بيان: يقال: حفا حفوا شاربه: بالغ في أخذه، في قصّه. و أعفى الشعر: تركه حتّى يكثر و يطول. «اللحى» بكسر اللام و ضمّها: جمع اللحية.

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المجوس جزّوا لحاهم، و وفّروا شواربهم و إنّا نحن نجزّ الشوارب، و نعفي اللحى، و هي الفطرة. (1)

بيان:

جزّ الصوف: قطعه و جزّ الشعر: قصّه.

6-قال الصادق عليه السّلام: أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام. (2)

7-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يأخذ شاربه فليس منّا. (3)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: أحفوا الشوارب فإنّ اميّة لا تحفي شواربها. (4)

9-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

حلق اللحية من المثلة، و من مثّل فعليه لعنة اللّه. (5)

10-عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: عشر خصال عملها قوم لوط بها أهلكوا، و تزيدها أمّتي بخلّة: إتيان الرجال. . . و قصّ اللحية و طول الشارب. (6)

ص:16


1- -الوسائل ج 2 ص 116 ح 2
2- مكارم الأخلاق ص 67 ب 4 ف 2
3- مكارم الأخلاق ص 67
4- المستدرك ج 1 ص 406 ب 39 من آداب الحمّام ح 4
5- المستدرك ج 1 ص 406 ب 40 ح 1
6- المستدرك ج 1 ص 407 ح 3

11-عن الصادق عليه السّلام في توحيد المفضّل: طلوع الشعر في الوجه عزّ الرجل الذي يخرج به من حدّ الصبيّ و شبه النساء. (1)

12-فيما أجاب الرضا عليه السّلام لصبّاح بن نصر و عمران الصابي عن مسائلهما أنّهما قالا: فما بال الرجل يلتحي دون المرئة؟ قال: زيّن اللّه الرجال باللحى، و جعلها فضلا يستدلّ بها على الرجال من النساء. (2)

13-عن أبي كهمش قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: علّمني دعاء أستنزل به الرزق، فقال لي: خذ من شاربك و أظفارك، و ليكن ذلك في يوم الجمعة. (3)

أقول:

تدلّ أيضا على ذمّ حلق اللحية طوائف من الأخبار: منها ما يدلّ على وجوب الدية في إزالة شعر اللحية، و ما يدلّ على تحريم المشاكلة لأعداء الدين و سلوك طريقتهم، كما يستفاد من أخبار ذمّ تشبّه الرجال بالنساء.

ص:17


1- -سفينة البحار ج 2 ص 508( لحى)
2- سفينة البحار ج 2 ص 508
3- البحار ج 76 ص 110 باب اللحية ح 5

ص:18

166- اللواط و المساحقة

الآيات

1- وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ اَلْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ اَلْعالَمِينَ - إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ اَلنِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ . (1)

2- وَ لُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ نَجَّيْناهُ مِنَ اَلْقَرْيَةِ اَلَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ اَلْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ . (2)

3- أَ تَأْتُونَ اَلذُّكْرانَ مِنَ اَلْعالَمِينَ - وَ تَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ . الآيات. (3)

4- وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ اَلْفاحِشَةَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ - أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ اَلنِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . (4)

5- وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ

ص:19


1- -الأعراف:80 و 81
2- الأنبياء:74
3- الشعراء:165 إلى 174
4- النمل:54 و 55

مِنَ اَلْعالَمِينَ - أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ اَلرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ اَلسَّبِيلَ . الآيات. (1)

الأخبار

1-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة لا يكلّمهم اللّه يوم القيامة و لا ينظر إليهم و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم: الناتف شيبه، و الناكح نفسه، و المنكوح في دبره. (2)

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أربع خصال لا تكون في مؤمن: لا يكون مجنونا، و لا يسأل عن أبواب الناس، و لا يولد من الزنا، و لا ينكح في دبره. (3)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من جامع غلاما جاء يوم القيامة جنبا لا ينقيه ماء الدنيا، و غضب اللّه عليه و لعنه و أعدّ له جهنّم و ساءت مصيرا. ثمّ قال: إنّ الذكر يركب الذكر فيهتزّ العرش لذلك. . . (4)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج، و إنّ اللّه أهلك امّة لحرمة الدبر، و لم يهلك أحدا لحرمة الفرج. (5)

5-في جواب الرضا عليه السّلام لمحمّد بن سنان: و علّة تحريم الذكران للذكران و الاناث للاناث لما ركّب في الاناث و ما طبع عليه الذكران، و لما في إتيان الذكران للذكران و الاناث للاناث من انقطاع النسل، و فساد التدبير، و خراب الدنيا. (6)

ص:20


1- -العنكبوت:28 إلى 34
2- الخصال ج 1 ص 106 باب الثلاثة ح 68
3- الخصال ج 1 ص 229 باب الأربعة ح 68
4- الوسائل ج 20 ص 329 ب 17 من النكاح المحرّم ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 329 ح 2
6- الوسائل ج 20 ص 331 ح 8

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لمّا عمل قوم لوط ما عملوا، بكت الأرض إلى ربّها حتّى بلغت دموعها إلى السماء، و بكت السماء حتّى بلغت دموعها العرش، فأوحى اللّه إلى السماء أن احصبيهم، و أوحى إلى الأرض أن اخسفي بهم. (1)

بيان:

في مجمع البحرين (حصب) : الحصباء: صغار الحصى، و في حديث قوم لوط:

«فأوحى اللّه إلى السماء أن احصبيهم» أي ارميهم بالحصباء، واحدها حصبة.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) أنّ زنديقا قال له: لم حرّم اللّه الزنا؟ قال: لما فيه من الفساد و ذهاب المواريث، و انقطاع الأنساب، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها، و لا المولود يعلم من أبوه، و لا أرحام موصولة، و لا قرابة معروفة، قال: فلم حرّم اللّه اللواط؟ قال: من أجل أنّه لو كان إتيان الغلام حلالا لأستغنى الرجال عن النساء، و كان فيه قطع النسل، و تعطيل الفروج، و كان في إجازة ذلك فساد كثير. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و إنّ الرجل ليؤتى في حقبه فيحسبه اللّه على جسر جهنّم حتّى يفرغ اللّه من حساب الخلائق، ثمّ يؤمر به إلى جهنّم، فيعذّب بطبقاتها طبقة طبقة حتّى يرد إلى أسفلها و لا يخرج منها. (3)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اللواط ما دون الدبر و الدبر هو الكفر. (4)

ص:21


1- -الوسائل ج 20 ص 332 ح 10
2- الوسائل ج 20 ص 332 ح 12
3- الوسائل ج 20 ص 333 ب 18 ح 1
4- الوسائل ج 20 ص 339 ب 20 ح 2

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قبّل غلاما من شهوة ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار. (1)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و أولاد الأغنياء و الملوك المرد، فإنّ فتنتهم أشدّ من فتنة العذاري في خدورهنّ. (2)

12-عن بشير النبّال قال: رأيت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا فقال له:

ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟ فقال: لا اخبرك حتّى تحلف لتحدّثنّ بما أحدّثك النساء، قال: فحلف له، فقال: هما في النار عليهما سبعون حلّة من نار، فوق تلك الحلل جلد جاف غليظ من نار، عليهما نطاقان من نار و تاجان من نار فوق تلك الحلل، و خفّان من نار و هما في النار. (3)

13-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام أو أبا إبراهيم عليه السّلام عن المرأة تساحق المرأة و كان متّكئا فجلس و قال: ملعونة ملعونة الراكبة و المركوبة، و ملعونة حتّى تخرج من أثوابها، فإنّ اللّه و ملائكته و أولياءه يلعنونها، و أنا و من بقي في أصلاب الرجال و أرحام النساء، فهو و اللّه الزنا الأكبر، و لا و اللّه ما لهنّ توبة، قاتل اللّه لا قيس بنت إبليس ما ذا جاءت به.

فقال الرجل: هذا ما جاء به أهل العراق فقال: و اللّه لقد كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل أن يكون العراق، و فيهنّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لعن اللّه المتشبّهات بالرجال من النساء و لعن اللّه المتشبّهين من الرجال بالنساء. (4)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجرّدتين

ص:22


1- -الوسائل ج 20 ص 340 ب 21 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 340 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 345 ب 24 ح 4
4- الوسائل ج 20 ص 345 ح 5

جلّدت كلّ واحدة منهما مأة جلدة. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أخوف ما أخاف على امّتي عمل قوم لوط، فلترتقب امّتي العذاب إذا تكافى الرجال بالرجال و النساء بالنساء. (2)

16-عن عليّ عليه السّلام قال: السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يجد ريح الجنّة زنوق و هو المخنّث. (4)

بيان:

في مجمع البحرين، «المخنّث» : هو من يوطى في دبره، لما فيه من الانخناث و هو التكسّر و التثنّي و يقال: هو من الخنثى.

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل لعب بغلام، قال: إذا اوقب لم تحلّ له اخته أبدا.

و قال عليه السّلام: لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرّتين لرجم اللوطيّ مرّتين.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اللواط ما دون الدبر فهو لوطي و الدبر فهو الكفر باللّه. (5)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في بابي التقبيل و النظر.

ص:23


1- -الوسائل ج 20 ص 349 ب 25 ح 2
2- المستدرك ج 14 ص 347 ب 15 من نكاح المحرّم ح 14
3- المستدرك ج 14 ص 353 ب 20 ح 1
4- البحار ج 79 ص 67 باب تحريم اللواط ح 10
5- المحاسن ص 112 ب 50 من عقاب الأعمال ح 104

ص:24

حرف الميم

167- المرض و العافية

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعمتان مكفورتان: الأمن و العافية. (1)

بيان:

«مكفورتان» أي مستورتان عن الناس، لا يعرفون قدرهما أو لا يشكرهما الناس لغفلتهم عن عظم شأنهما.

2-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما: الصحّة و الفراغ. (2)

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعمتان مفتون فيهما كثير من الناس: الفراغ و الصحّة. (3)

بيان:

«مفتون. . .» أي مختبرون امتحنهم اللّه بهما و ابتلاهم ليرى كيف شكرهم فيهما، أو افتتنوا و وقعوا في الضلال و الإثم بهما. (البحار ج 81 ص 171)

ص:25


1- -الخصال ج 1 ص 34 باب الاثنين ح 5
2- الخصال ج 1 ص 34 ح 6
3- الخصال ج 1 ص 34 ح 7

3-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا أحبّ اللّه عبدا نظر إليه، فإذا نظر إليه أتحفه من ثلاثة بواحدة: إمّا صداع، و إمّا حمّى، و إمّا رمد. (1)

بيان:

«الصداع» : وجع الرأس. «الرمد» : هيجان العين و كلّ ما يؤلم العين.

4-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لسلمان الفارسيّ رحمه اللّه: يا سلمان، إنّ لك في علّتك إذا اعتللت ثلاث خصال: أنت من اللّه تبارك و تعالى بذكر، و دعاؤك فيها مستجاب، و لا تدع العلّة عليك ذنبا إلاّ حطّته، متّعك اللّه بالعافية إلى انقضاء أجلك. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خمس خصال من فقد واحدة منهنّ لم يزل ناقص العيش، زائل العقل، مشغول القلب: فأوّلها؛ صحّة البدن، و الثانية؛ الأمن، و الثالثة؛ السعة في الرزق، و الرابعة؛ الأنيس الموافق-قلت: و ما الأنيس الموافق؟ قال: الزوجة الصالحة، و الولد الصالح، و الخليط الصالح-و الخامسة و هي تجمع هذه الخصال؛ الدعة. (3)

بيان:

«الدعة» : السكون و قلّة الأشغال. . . و يحتمل أن يكون المراد عدم المنازعة و المخاصمة. (البحار ج 81 ص 171)

6-عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب للحسن ابنه عليهما السّلام: يا بنيّ، أ لا اعلّمك أربع خصال تستغني بها عن الطبّ؟ فقال:

بلى يا أمير المؤمنين، قال: لا تجلس على الطعام إلاّ و أنت جائع، و لا تقم على الطعام إلاّ و أنت تشتهيه، و جوّد المضغ، و إذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء،

ص:26


1- -الخصال ج 1 ص 13 باب الواحد ح 45
2- الخصال ج 1 ص 170 باب الثلاثة ح 224
3- الخصال ج 1 ص 284 باب الخمسة ح 34

فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطبّ (عن الطبيب ف ن) . (1)

7-عن الزهريّ قال: سمعت عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السّلام يقول:

حمّى ليلة كفّارة سنة، و ذلك لأنّ ألمها يبقى في الجسد سنة. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حمّى ليلة كفّارة لما قبلها و لما بعدها. (3)

9-عن أبي عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها و أدّى إلى اللّه شكرها، كانت له كفّارة ستّين سنة، قال:

قلت: و ما معنى قبلها بقبولها؟ قال: صبر على ما كان فيها. (4)

أقول:

نظيره في الكافي ج 3 ص 116 ح 5، و فيه: كعبادة ستّين سنة، و زاد في آخره:

و لا يخبر بما كان فيها، فإذا أصبح حمد اللّه على ما كان.

10-قال الرضا عليه السّلام: المرض للمؤمن تطهير و رحمة، و للكافر تعذيب و لعنة، و إنّ المرض لا يزال بالمؤمن حتّى لا يكون عليه ذنب. (5)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صداع ليلة تحطّ كلّ خطيئة إلاّ الكبائر. (6)

12-عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

للمريض أربع خصال: يرفع عنه القلم، و يأمر اللّه الملك يكتب له كلّ فضل كان يعمله في صحّته، و يتتبّع مرضه كلّ عضو في جسده فيستخرج ذنوبه منه، فإن

ص:27


1- -الخصال ج 1 ص 228 باب الأربعة ح 67
2- ثواب الأعمال ص 229 باب ثواب حمّى ليلة ح 1
3- ثواب الأعمال ص 229 ح 2
4- ثواب الأعمال ص 229 باب ثواب من اشتكى ليلة
5- ثواب الأعمال ص 229 باب ثواب المرض
6- ثواب الأعمال ص 230 باب ثواب صداع ليلة

مات مات مغفورا له، و إن عاش عاش مغفورا له. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من عاد مريضا في اللّه لم يسأل المريض للعائد شيئا إلاّ استجاب اللّه له. (2)

14-عن أمير المؤمنين عليه السّلام في المرض يصيب الصبيّ قال: كفّارة لوالديه. (3)

15-قال أبو جعفر عليه السّلام: سهر ليلة من مرض أفضل من عبادة سنة. (4)

16-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: حمّى ليلة تعدل عبادة سنة، و حمّى ليلتين تعدل عبادة سنتين، و حمّى ثلاث ليال تعدل عبادة سبعين سنة، قال:

قلت: فإن لم يبلغ سبعين سنة؟ قال: فلأبيه و لأمّه، قال: قلت: فإن لم يبلغا؟ قال:

فلقرابته، قال: قلت: فإن لم يبلغ قرابته؟ قال: فجيرانه. (5)

17-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، أنين المؤمن تسبيح، و صياحه تهليل، و نومه على الفراش عبادة، و تقلّبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل اللّه، فإن عوفي مشى في الناس و ما عليه من ذنب. (6)

بيان:

«الأنين» : الصوت من ألم أو مرض.

في المرآة ج 13 ص 266: يمكن أن يكون اختلاف الثواب (أي ثواب المريض)

ص:28


1- -ثواب الأعمال ص 230 باب ثواب المريض ح 1
2- ثواب الأعمال ص 230 ح 3
3- ثواب الأعمال ص 230 باب ثواب مرض الصبي ّ
4- الوسائل ج 2 ص 398 ب 1 من الاحتضار ح 3
5- الوسائل ج 2 ص 400 ح 10
6- الوسائل ج 2 ص 400 ح 11

باختلاف الأمراض أو الأشخاص أو مراتب الصبر و الرضا.

18-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : من مرض يوما و ليلة فلم يشك إلى عوّاده بعثه اللّه يوم القيامة مع خليله إبراهيم خليل الرحمن حتّى يجوز الصراط كالبرق اللامع. (1)

بيان:

«العوّاد» : جمع العائد.

19-قال أبو الحسن عليه السّلام: ليس من دواء إلاّ و يهيّج داء، و ليس شيء أنفع في البدن من إمساك اليد إلاّ عمّا يحتاج إليه (2).

20-عن بكر بن صالح قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام، و هو يقول: ادفعوا معالجة الأطبّاء ما اندفع الداء عنكم، فإنّه بمنزلة البناء قليله يجرّ إلى كثيره. (3)

21-عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عاد مريضا شيّعه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتّى يرجع إلى منزله. (4)

22-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يعيّر اللّه عزّ و جلّ عبدا من عباده يوم القيامة فيقول: عبدي، ما منعك إذا مرضت أن تعودني؟ فيقول: سبحانك سبحانك أنت ربّ العباد، لا تألم و لا تمرض، فيقول:

مرض أخوك المؤمن فلم تعده، و عزّتي و جلالي لو عدته لوجدتني عنده، ثمّ لتكفّلت بحوائجك فقضيتها لك، و ذلك من كرامة عبدي المؤمن و أنا الرحمن

ص:29


1- -الوسائل ج 2 ص 407 ب 3 ح 8
2- الوسائل ج 2 ص 408 ب 4 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 409 ح 4
4- الوسائل ج 2 ص 415 ب 10 ح 2

الرحيم. (1)

أقول:

الأخبار في فضل العيادة كثيرة، في بعضها: «إنّ من أعظم العوّاد أجرا عند اللّه لمن إذا عاد أخاه خفّف الجلوس، إلاّ أن يكون المريض يحبّ ذلك. . .» . و في بعضها:

«. . . مع أحدكم تفّاحة أو سفرجلة. . .» و في بعضها: «و من سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه» . و في بعضها: «العيادة بعد ثلاثة أيّام، و ليس على النساء عيادة» . و في بعضها: «من عاد مريضا فإنّه يخوض في الرحمة» .

(راجع الوسائل و البحار)

23-عن موسى بن جعفر عليهما السّلام أنّ رجلا شكا إليه: إنّني في عشرة نفر من العيال كلّهم مريض، فقال له موسى عليه السّلام: داوهم بالصدقة، فليس شيء أسرع إجابة من الصدقة، و لا أجدى منفعة للمريض من الصدقة. (2)

أقول:

الأخبار في فضل الصدقة للمريض كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الصدقة، و منها قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «داووا مرضاكم بالصدقة» .

24-عن هشام بن إبراهيم أنّه شكا إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام سقمه، و أنّه لا يولد له ولد، فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله، قال: ففعلت، فأذهب اللّه عنّي سقمي و كثر ولدي. (3)

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أما إنّه ليس من عرق يضرب و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلاّ بذنب، و ذلك قوله عزّ و جلّ في كتابه: وَ ما أَصابَكُمْ

ص:30


1- -الوسائل ج 2 ص 417 ح 10
2- الوسائل ج 2 ص 433 ب 22 ح 4
3- الوسائل ج 5 ص 412 ب 18 من الأذان ح 1

مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (1)ثمّ قال: و ما يعفو اللّه أكثر ممّا يأخذ به. (2)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تداووا؛ فإنّ اللّه عزّ و جلّ لم ينزل داء إلاّ و أنزل له شفاء. (3)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: تجنّب الدواء ما احتمل بدنك الداء، فإذا لم يحتمل الداء فالدواء. (4)

28-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ نبيّا من الأنبياء مرض فقال:

لا أتداوى حتّى يكون الذي أمرضني هو الذي يشفيني، فأوحى اللّه عزّ و جلّ:

لا أشفيك حتّى تتداوى، فإنّ الشفاء منّي و الدواء منّي، فجعل يتداوى فأتى الشفاء. (5)

29-قال الرضا عليه السّلام: لو أنّ الناس قصّروا في الطعام لاستقامت أبدانهم. (6)

أقول:

مرّ ما يناسب المقام في باب الأكل.

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: لا يجتمع الجوع و المرض.

(الغرر ج 2 ص 836 ف 86 ح 135)

ص:31


1- -الشورى:30
2- مكارم الأخلاق ص 357 ب 11 ف 1
3- مكارم الأخلاق ص 362
4- مكارم الأخلاق ص 362
5- مكارم الأخلاق ص 362
6- مكارم الأخلاق ص 362

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه اللّه. (1)

31-قال العالم عليه السّلام: في القرآن شفاء من كلّ داء.

و عن العالم عليه السّلام أنّه قال: من نالته علّة فليقرأ عليها أمّ الكتاب-سبع مرّات- فإن سكنت و إلاّ فليقرأها سبعين مرّة، فإنّها تسكن. (2)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو قرأت (اَلْحَمْدُ) على ميّت سبعين مرّة ثمّ رددت فيه الروح ما كان عجبا. (3)

33-قال الباقر عليه السّلام: إذا كانت بك علّة تتخوّف على نفسك منها، فاقرء «سورة الأنعام» ، فإنّه لا ينالك من تلك العلّة ما تكره. (4)

أقول:

الأخبار في الاستشفاء بالسور و آيات القرآن و الأدعية كثيرة لا مجال لذكرها.

34-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

السقم يمحو الذنوب.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ساعات الوجع يذهبن ساعات الخطايا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ساعات الهموم ساعات الكفّارات، و لا يزال الهمّ بالمؤمن حتّى يدعه و ما له من ذنب. (5)

35-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: العافية نعمة خفيّة، إذا وجدت نسيت، و إذا فقدت ذكرت.

ص:32


1- -مكارم الأخلاق ص 363 ف 2
2- مكارم الأخلاق ص 363
3- مكارم الأخلاق ص 363
4- مكارم الأخلاق ص 363
5- البحار ج 67 ص 244 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 83

و قال الصادق عليه السّلام: العافية نعمة يعجز الشكر عنها. (1)

36-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ليس من داء إلاّ و هو من داخل الجوف إلاّ الجراحة و الحمّى، فإنّهما يردان ورودا. (2)

37-فيما أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام: ربّما أمرضت العبد فقلّت صلاته و خدمته، و لصوته إذا دعاني في كربته أحبّ إليّ من صلاة المصلّين. (3)

38-. . . عن العالم عليه السّلام أنّه قال: لكلّ داء دواء، فسئل عن ذلك، فقال:

لكلّ داء دعاء، فإذا ألهم المريض الدعاء فقد أذن اللّه في شفائه. (4)

39-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، ليس على النساء جمعة، و لا عيادة مريض، و لا اتّباع جنازة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيّع جنازة. (5)

40-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ظهرت صحّته على سقمه فيعالج نفسه بشيء فمات، فأنا إلى اللّه بريء منه. (6)

41-قال الصادق عليه السّلام: من ظهرت صحّته على سقمه فشرب الدواء فقد أعان على نفسه. (7)

42-عن معاوية بن عمّار قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دواء عجن بالخمر يكتحل منها؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما جعل اللّه عزّ و جلّ في حرام

ص:33


1- -البحار ج 81 ص 172 باب فضل العافية و المرض ح 5
2- البحار ج 81 ص 178 ح 19
3- البحار ج 81 ص 192 ح 50
4- البحار ج 81 ص 212 باب آداب المريض ح 30
5- البحار ج 81 ص 224 باب ثواب عيادة المريض ح 32
6- البحار ج 62 ص 64 باب أنّه لم سمّي الطبيب طبيبا ح 5
7- البحار ج 62 ص 65 ح 8

شفاء. (1)

أقول:

الأخبار في النهي عن التداوي بالحرام خصوصا بالمسكر كثيرة.

43-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين: العافية و الغنى، بينا تراه معافى إذ سقم، و بينا تراه غنيّا إذ افتقر. (2)

44-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يكتب أنين المريض حسنات ما صبر، فإن جزع كتب هلوعا لا أجر له. (3)

45-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الرجل ليكون له الدرجة عند اللّه لا يبلغها بعمله، يبتلى ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: عجبت للمؤمن و جزعه من السقم، و لو علم ما له في السقم لأحبّ أن لا يزال سقيما حتّى يلقى ربّه عزّ و جلّ. (4)

46-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المسلم إذا ضعف من الكبر، يأمر اللّه الملك أن يكتب له في حاله تلك ما كان يعمل و هو شابّ نشيط مجتمع، و مثل ذلك إذا مرض، وكّل اللّه به ملكا يكتب له في سقمه ما كان يعمل من الخير في صحّته. (5)

47-عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

المرض حبس البدن. (الغرر ج 1 ص 17 ف 1 ح 424)

التجوّع أدوء الدواء-الشبع يكثر الأدواء. (ص 31 ح 953 و 954)

العافية أهنأ النعم. (ص 33 ح 1016)

ص:34


1- -البحار ج 62 ص 90 باب التداوي بالحرام ح 20
2- نهج البلاغة ص 1285 ح 418
3- المستدرك ج 2 ص 52 ب 1 من الاحتضار ح 4
4- المستدرك ج 2 ص 56 ح 18 و 19
5- المستدرك ج 2 ص 56 ح 16

الصحّة أفضل النعم. (ص 35 ح 1092)

العافية أشرف اللباسين. (ص 64 ح 1693)

العوافي إذا دامت جهلت و إذا فقدت عرفت. (ص 80 ح 1930)

أوفر القسم صحّة الجسم. (ص 180 ف 8 ح 133)

بالعافية توجد لذّة الحياة. (ص 330 ف 18 ح 29)

بالصحّة تستكمل اللذّة. (ص 331 ح 50)

بصحّة المزاج توجد لذّة الطعم. (ص 334 ح 111)

ثوب العافية أهنأ الملابس. (ص 366 ف 25 ح 3)

ربّ دواء جلب داء-ربّ داء انقلب شفاء. (ص 415 ف 35 ح 40 و 41)

ربّما كان الدواء داء-ربّما كان الداء شفاء. (ص 419 ح 102 و 103)

كيف يغترّ بسلامة جسم معرض للآفات؟ ! (ج 2 ص 554 ف 64 ح 11)

لكلّ حيّ داء. (ص 577 ف 70 ح 10)

لكلّ علّة دواء. (ح 11)

من كتم الأطبّاء مرضه خان بدنه. (ص 663 ف 77 ح 883)

من كتم مكنون دائه عجز طبيبه عن شفائه. (ص 668 ح 949)

من اقتصد في أكله كثرت صحّته و صلحت فكرته. (ص 684 ح 1140)

من لم يتحمّل مرارة الدواء دام ألمه. (ص 721 ح 1507)

من غرس في نفسه محبّة أنواع الطعام جنى ثمار فنون الأسقام.

(ص 722 ح 1517)

لا يجتمع الصحّة و النهم. (ص 836 ف 86 ح 136)

لا تنال الصحّة إلاّ بالحمية (1). (ص 837 ح 169)

ص:35


1- -الحمية: اسم من حمى المريض إذا منعه عمّا يضّره

أقول:

قد مرّت أخبار عديدة ممّا يناسب المقام في باب الأكل ف 1 و 2.

ص:36

168- المشي

الآيات

1- وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ اَلْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ اَلْجِبالَ طُولاً- كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً . (1)

2- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً. . . (2)

3- فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْياءٍ. . . (3)

4- وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ- وَ اِقْصِدْ فِي مَشْيِكَ. . . (4)

ص:37


1- -الإسراء:37 و 38
2- الفرقان:63
3- القصص:25
4- لقمان:18 و 19

الأخبار

1-قال أبو الحسن عليه السّلام: سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن. (1)

2-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ليس للنساء سراة الطريق و لكن جنباه، يعني بالسراة وسطه. (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من مشى على الأرض اختيالا لعنته الأرض و من تحتها و من فوقها. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الكبر.

بيان: قال المظاهري في أحسن اللغة ص 88: الاختيال و التبختر: مشية الرجل المتكبّر و المرئة المعجبة بجمالها و كمالها.

4-عن بشير النبّال قال: كنّا مع أبي جعفر عليه السّلام في المسجد إذ مرّ علينا أسود و هو ينزع في مشيته، فقال أبو جعفر عليه السّلام: إنّه لجبّار، قلت: إنّه سائل، قال: إنّه جبّار.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يمشي مشية كأنّ على رأسه الطير، لا يسبق يمينه شماله. (4)

بيان:

في النهاية ج 3 ص 150، في صفة الصحابة: «كأنّما على رؤوسهم الطير» وصفهم

ص:38


1- -البحار ج 76 ص 302 باب آداب المشي ح 5-و مثله في مكارم الأخلاق ( ص 257 ب 9 ف 6) عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام
2- البحار ج 76 ص 302 ح 6
3- البحار ج 76 ص 303 ح 8
4- البحار ج 76 ص 303 ح 11

بالسكون و الوقار، و أنّهم لم يكن فيهم طيش و لا خفّة، لأنّ الطير لا تكاد تقع إلاّ على شيء ساكن.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: جاءت المشاة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فشكوا إليه الإعياء فقال: عليكم بالنسلان؛ ففعلوا فذهب عنهم الإعياء، فكأنّما نشطوا من عقال. (1)

أقول:

ح 4 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله، إلاّ أنّه قال: «عليكم بالنسلان فإنّه يذهب بالإعياء و يقطع الطريق» .

بيان: في مجمع البحرين (نسل) : النسلان: و هو مقاربة الخطوة مع الإسراع كمشي الذئب ينسل و يعسل. «الإعياء» التعب و الكلّ في المشي.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لابنه محمّد بن الحنفيّة: و فرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته، و أن لا تمشي بها مشية عاص، فقال عزّ و جلّ: وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً. . . . (2)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان ف 2: إنّ اللّه فرض الإيمان على جوارح ابن آدم. . . و فرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي اللّه، و فرض عليهما المشي إلى ما يرضى اللّه عزّ و جلّ فقال: وَ لا تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً. . .

7- اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هو الرجل يمشي بسجيّته التي جبل عليها لا يتكلّف و لا يتبختر. (3)

8-قال الصادق عليه السّلام: إن كنت عاقلا (عارفا ف ن) فقدّم العزيمة الصحيحة و النيّة الصادقة، في حين قصدك إلى أيّ مكان أردت، و انه النفس من التخطّي

ص:39


1- -الوسائل ج 11 ص 439 ب 51 من آداب السفر ح 3
2- نور الثقلين ج 3 ص 167( الإسراء:37) ح 218
3- نور الثقلين ج 4 ص 26( الفرقان:63) ح 89

إلى محذور، و كن متفكّرا في مشيتك (في مشيك ف ن) و معتبرا بعجايب صنع اللّه تعالى أينما بلغت، و لا تكن مستهزءا و لا متبخترا في مشيتك (في مشيك) و غضّ بصرك عمّا لا يليق بالدين، و اذكر اللّه كثيرا-فإنّه قد جاء في الخبر أنّ المواضع التي يذكر اللّه فيها و عليها تشهد بذلك عند اللّه يوم القيامة و تستغفر لهم إلى أن يدخلهم اللّه الجنّة-و لا تكثرنّ الكلام مع الناس في الطريق فإنّ فيه سوء الأدب.

و أكثر الطرق مراصد الشيطان و متجرته فلا تأمن كيده، و اجعل ذهابك و مجيئك في طاعة اللّه و السعي في رضاه، فإنّ حركاتك كلّها مكتوبة في صحيفتك، قال اللّه تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ . (1)و قال اللّه عزّ و جلّ أيضا: وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ (2). (3)

بيان:

رصده: رقبه، قعد له على طريقه ليوقع به، و المرصد جمع مراصد: المكان الذي يرصد فيه أي يرقب فيه (كمينگاه) .

ص:40


1- -النور:24
2- الإسراء:13
3- مصباح الشريعة ص 28 ب 43

169- المكر و الخديعة و الغدر و الغشّ

الآيات

1- . . . وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّهُ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ . (1)

2- وَ مَكَرُوا مَكْراً وَ مَكَرْنا مَكْراً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ - فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ . (2)

3- . . . وَ اَلَّذِينَ يَمْكُرُونَ اَلسَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ . (3)

4- اِسْتِكْباراً فِي اَلْأَرْضِ وَ مَكْرَ اَلسَّيِّئِ وَ لا يَحِيقُ اَلْمَكْرُ اَلسَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ. . . (4)

5- وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً . (5)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو لا أنّ المكر و الخديعة في النار لكنت أمكر

ص:41


1- -الأنفال:30
2- النمل:50 و 51
3- فاطر:10
4- فاطر:43
5- نوح:22

الناس. (1)

بيان:

كأنّه عليه السّلام إنّما قال ذلك لأنّ الناس كانوا ينسبون معاوية إلى الدهاء و العقل، لما كانوا يرون من إصابة حيل معاوية، المبنيّة على الكذب و المكر و الغدر، فبيّن عليه السّلام أنّه أعرف بتلك الحيل منه، و لكنّها لمّا كانت مخالفة لأمر اللّه و نهيه، فلذا لا يستعملها.

في القاموس، «المكر» : الخديعة، و في النهاية ج 4 ص 349: أصل المكر الخداع.

و في المفردات، المكر: صرف الغير عمّا يقصده بحيلة و ذلك ضربان: مكر محمود و ذلك أن يتحرّى بذلك فعل جميل و على ذلك قال: وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ و مذموم و هو أن يتحرّى به فعل قبيح، قال: وَ لا يَحِيقُ اَلْمَكْرُ اَلسَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ. . . و قال بعضهم: من مكر اللّه إمهال العبد و تمكينه من أعراض الدنيا، و لذلك قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : من وسّع عليه دنياه و لم يعلم أنّه مكر به، فهو مخدوع عن عقله.

«الخديعة» في القاموس: خدعه كمنعه خدعا و يكسر: ختله و أراد به المكروه من حيث لا يعلم، و الاسم الخديعة. و في المفردات، الخداع: إنزال الغير عمّا هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه.

و في المرآة ج 10 ص 319: ربّما يفرّق بينهما (المكر و الخديعة) حيث اجتمعا بأن يراد بالمكر احتيال النفس و استعمال الرأي فيما يراد فعله ممّا لا ينبغي، و إرادة إظهار غيره، و صرف الفكر في كيفيّته، و بالخديعة إبراز ذلك في الوجود و إجراؤه على من يريد.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يجيء كلّ غادر يوم

ص:42


1- -الكافي ج 2 ص 252 باب المكر و الغدر ح 1

القيامة بإمام مائل شدقه، حتّى يدخل النار، و يجيء كلّ ناكث بيعة إمام أجذم حتّى يدخل النار. (1)

بيان:

في المرآة: في القاموس، «الغدر» : ضدّ الوفاء. . . أقول: يطلق الغدر غالبا على نقض العهد و البيعة، و إرادة إيصال السوء إلى الغير بالحيلة بسبب خفيّ، و قوله: «بإمام» متعلّق بغادر، و المراد بالإمام إمام الحقّ، و يحتمل أن يكون"الباء"بمعنى"مع" و يكون متعلّقا بالمجيء، فالمراد بالإمام إمام الضلالة كما قال بعض الأفاضل انتهى.

في المصباح: «الشدق» بالفتح و الكسر: جانب الفم. «الناكث» : ناقض البيعة و العهد «الأجذم» . في النهاية: هو مقطوع اليد، من الجذم: القطع، و لعلّ ذلك لأنّ البيعة إنّما كانت تتمّ بصفق اليد على يد الإمام.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس منّا من ماكر مسلما. (2)

4-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم و هو يخطب على المنبر بالكوفة: يا أيّها الناس، لو لا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس، ألا إنّ لكلّ غدرة فجرة، و لكلّ فجرة كفرة، ألا و إنّ الغدر و الفجور و الخيانة في النار. (3)

بيان:

«أدهى الناس» في المرآة: في القاموس، الدهى و الدهاء: النكر و جودة الرأي و الإرب. . . و الدهيّ كغنيّ: العاقل انتهى. و كأنّ المراد هنا طلب الدنيا بالحيلة و استعمال الرأي في غير المشروع، ممّا يوجب الوصول إلى المطالب الدنيويّة و تحصيلها، و طالبها على هذا النحو يسمّى داهيا و داهية للمبالغة، و هو مستلزم

ص:43


1- -الكافي ج 2 ص 252 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 252 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 253 ح 6

للغدر بمعنى نقض العهد و ترك الوفاء. «الفجرة» قال رحمه اللّه: أي اتّساع في الشرّ و انبعاث في المعاصي، أو كذب أو موجب للفساد أو عدول عن الحقّ. . .

و في شرح ابن أبي الحديد: الغدرة على فعلة: الكثير الغدر، و الفجرة و الكفرة: الكثير الفجور و الكفر.

5-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس منّا من غشّ مسلما أو ضرّه أو ماكره. (1)

بيان:

في المصباح: غشّه غشّا. . . لم ينصحه و زيّن له غير المصلحة، و لبن مغشوش:

مخلوط بالماء. و في مجمع البحرين، المغشوش: الغير الخالص. . . من قوله غشّه:

لم يمحّضه النصح و أظهر له خلاف ما أضمر، و الغشّ بالكسر: اسم منه.

6-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان مسلما فلا يمكر و لا يخدع، فإنّي سمعت جبرئيل عليه السّلام يقول:

إنّ المكر و الخديعة في النار.

ثمّ قال عليه السّلام: ليس منّا من غشّ مسلما، و ليس منّا من خان مسلما. . . (2)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الوفاء توأم الصدق، و لا أعلم جنّة أوقى منه، و لا يغدر من علم كيف المرجع. و لقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا، و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم؟ قاتلهم اللّه! قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة و دونه مانع من أمر اللّه و نهيه فيدعها رأى عين بعد القدرة عليها، و ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين. (3)

ص:44


1- -العيون ج 2 ص 28 ب 31 ح 26
2- العيون ج 2 ص 50 ح 194
3- نهج البلاغة ص 126 خ 41

بيان:

«الحوّل القلّب» : هو البصير بتحويل الأمور و تقليبها.

«من لا حريجة له» : الحريجة أي التحرّج و التحرّز من الآثام، و قيل: أي التقوى، و المراد معاوية و عمرو بن العاص و المغيرة و أضرابهم.

8-و قال عليه السّلام: و اللّه ما معاوية بأدهى منّي، و لكنّه يغدر و يفجر، و لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، و لكن كلّ غدرة فجرة، و كلّ فجرة كفرة، و لكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة، و اللّه ما استغفل بالمكيدة، و لا استغمز بالشديدة. (1)

بيان:

«لا استغمز» : أي لا أستضعف بالقوّة الشديدة، و المعنى: لا يضعّفني شديد القوّة، و الغمز: الرجل الضعيف.

9-قال الصادق عليه السّلام: إن كان العرض على اللّه عزّ و جلّ حقّا فالمكر لما ذا؟ (2)

10-في مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: من غشّ مسلما في شراء أو بيع فليس منّا، و يحشر يوم القيامة مع اليهود، لأنّهم أغشّ الخلق للمسلمين.

و قال عليه السّلام: من بات و في قلبه غشّ لأخيه المسلم، بات في سخط اللّه، و أصبح كذلك حتّى يتوب. (3)

أقول:

و فيه؛ قال صلّى اللّه عليه و آله: «و من غشّ أخاه المسلم نزع اللّه عنه بركة رزقه، و أفسد عليه معيشته، و وكله إلى نفسه» . (البحار ج 76 ص 365)

ص:45


1- -نهج البلاغة ص 648 خ 191- صبحي ص 318 خ 200
2- البحار ج 75 ص 284 باب المكر و الخديعة ح 1
3- البحار ج 75 ص 284 ح 3

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : المؤمن لا يغشّ أخاه و لا يخونه و لا يخذله و لا يتّهمه و لا يقول له: أنا منك بريء. (1)

12-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس منّا من غشّنا. (2)

13-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: ملعون من غشّ مسلما، أو غرّه، أو ماكره. (3)

14-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المكر لوم. (الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 145)

الخديعة شؤم. (ح 146)

الغدر شيمة اللئام. (ص 14 ح 344)

الغشّ سجيّة المردة. (ص 18 ح 476)

الغشّ يكسب المسبّة. (ص 23 ح 666)

الغدر يضاعف السيّئات-المكر سجيّة اللئام. (ص 24 ح 694 و 695)

الغشّ شرّ المكر. (ص 27 ح 790)

المكر بمن ائتمنك كفر. (ص 39 ح 1209)

الغشّ من أخلاق اللئام. (ص 46 ح 1346)

المكور شيطان في صورة إنسان. (ص 54 ح 1503)

الحرّيّة منزّهة من الغلّ و المكر. (ص 55 ح 1522)

المروءة بريّة من الخناء و الغدر. (ح 1523)

الوفاء لأهل الغدر غدر عند اللّه سبحانه. (ص 60 ح 1606)

الغدر لأهل الغدر وفاء عند اللّه سبحانه. (ح 1607)

ص:46


1- -البحار ج 75 ص 285 ح 4
2- الوسائل ج 17 ص 279 ب 86 من ما يكتسب به ح 1
3- المستدرك ج 13 ص 202 ب 69 من ما يكتسب به ح 5

الغشوش لسانه حلو و قلبه مرّ. (ح 1611)

المكر و الغلّ مجانبا الإيمان. (ص 61 ح 1627)

الغدر أقبح الخيانتين. (ص 66 ح 1730)

الغدر بكلّ أحد قبيح و هو بذوي القدرة و السلطان أقبح. (ص 77 ح 1886)

الغدر يعظّم الوزر و يزري بالقدر. (ص 105 ح 2215)

إيّاك و الخديعة فإنّ الخديعة من خلق اللئيم. (ص 153 ف 5 ح 73)

إيّاك و المكر فإنّ المكر لخلق ذميم. (ص 154 ح 74)

أفظع الغشّ غشّ الأئمّة. (ص 179 ف 8 ح 112)

أقبح الغدر إذاعة السرّ. (ص 183 ح 179)

إنّ الحازم من لا يغترّ بالخدع. (ص 218 ف 9 ح 47)

إنّ أغشّ الناس أغشّهم لنفسه و أعصاهم لربّه. (ص 229 ح 140)

آفة الذكاء المكر. (ص 304 ف 16 ح 6)

جانبوا الغدر فإنّه مجانب القرآن. (ص 370 ف 26 ح 25)

رأس الحكمة تجنّب الخدع. (ص 412 ف 34 ح 27)

شرّ الناس من يغشّ الناس. (ص 443 ف 41 ح 6)

غرّ عقله من أتبعه الخدع. (ج 2 ص 507 ف 57 ح 22)

من غدر شانه غدره. (ص 619 ف 77 ح 191)

من مكر حاق به مكره. (ح 192)

من غشّ مستشيره سلب تدبيره. (ص 650 ح 688)

من مكر بالناس ردّ اللّه سبحانه مكره في عنقه. (ص 686 ح 1170)

من غشّ الناس في دينهم فإنّه معاند للّه سبحانه و لرسوله. (ص 692 ح 1230)

من غشّ نفسه كان أغشّ لغيره. (ص 707 ح 1379)

من علامة الشقاء غشّ الصديق. (ص 727 ف 78 ح 48)

ص:47

من علامات اللوم الغدر بالمواثيق. (ح 49)

لا أمانة لمكور-لا إيمان لغدور. (ص 829 ف 86 ح 7 و 8)

لا دين لخدّاع. (ص 843 ح 286)

ص:48

170- الموت

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: ما يتعلّق بالموت

الآيات

1- . . . قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ . (1)

2- أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ اَلْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ. . . (2)

3- هُوَ يُحيِي وَ يُمِيتُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . (3)

4- . . . وَ لكِنْ أَعْبُدُ اَللّهَ اَلَّذِي يَتَوَفّاكُمْ. . . (4)

ص:49


1- -آل عمران:168
2- النساء:78
3- يونس:56
4- يونس:104

5- وَ اَللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ. . . (1)

6- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ اَلْمَوْتِ وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ اَلْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ . (2)

7- قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ اَلْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ اَلْمَوْتِ أَوِ اَلْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً . (3)

8- اَللّهُ يَتَوَفَّى اَلْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ اَلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ اَلَّتِي قَضى عَلَيْهَا اَلْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ اَلْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . (4)

9- وَ جاءَتْ سَكْرَةُ اَلْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ . (5)

10- نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ اَلْمَوْتَ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ . الآيات. (6)

11- وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ اَلصّالِحِينَ . (7)

12- اَلَّذِي خَلَقَ اَلْمَوْتَ وَ اَلْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْغَفُورُ . (8)

13- قُلْ إِنَّ اَلْمَوْتَ اَلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (9)

ص:50


1- -النحل:70
2- الأنبياء:35 و بمدلولها في آل عمران:185 و العنكبوت:57
3- الأحزاب:16
4- الزمر:42
5- ق:19
6- الواقعة:60
7- المنافقين:10
8- الملك:2
9- الجمعة:8

14- يا أَيَّتُهَا اَلنَّفْسُ اَلْمُطْمَئِنَّةُ - اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً - فَادْخُلِي فِي عِبادِي- وَ اُدْخُلِي جَنَّتِي . (1)

15- وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى - وَ أَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَ أَحْيا . (2)

(الآيات بهذا المعنى كثيرة)

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: كان الناس يعتبطون اعتباطا، فلمّا كان زمان إبراهيم عليه السّلام قال: يا ربّ، اجعل للموت علّة يؤجر بها الميّت و يسلّي بها عن المصاب، قال: فأنزل اللّه عزّ و جلّ الموم و هو البرسام، ثمّ أنزل بعده الداء. (3)

بيان:

«الاعتباط» : إدراك الموت بلا علّة. «البرسام» : علّة يهذى فيها. «بعده الداء» : أي سائر الأمراض.

2-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ موت الفجأة تخفيف عن المؤمن و أخذة أسف عن الكافر. (4)

أقول:

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، موت الفجأة راحة المؤمن و حسرة الكافر.

(البحار ج 77 ص 54)

بيان: «أخذة أسف» : أي أخذة توجب تأسّفه، و يمكن أن يقرء بكسر السين أي

ص:51


1- -الفجر:27 إلى 30
2- النجم:43 و 44
3- الكافي ج 3 ص 111 باب علل الموت ح 1 و 2
4- الكافي ج 3 ص 112 ح 5

أخذة غضب أو غضبان، يقال: أسف يأسف أسفا فهو أسف إذا غضب.

(المرآة ج 13 ص 260)

3-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ المؤمن يبتلى بكلّ بليّة و يموت بكلّ ميتة إلاّ أنّه لا يقتل نفسه. (1)

4-عن سدير الصير فيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك يا بن رسول اللّه، هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ قال: لا و اللّه إنّه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك الموت: يا وليّ اللّه، لا تجزع فو الذي بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله لأنا أبرّ بك و أشفق عليك من والد رحيم لو حضرك، افتح عينك فانظر، قال: و يمثّل له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة من ذرّيتهم عليهم السّلام.

فيقال له: هذا رسول اللّه و أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة عليهم السّلام رفقاؤك، قال: فيفتح عينه فينظر فينادي روحه مناد من قبل ربّ العزّة: فيقول:

يا أَيَّتُهَا اَلنَّفْسُ اَلْمُطْمَئِنَّةُ إلى محمّد و أهل بيته اِرْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً بالولاية مَرْضِيَّةً بالثواب فَادْخُلِي فِي عِبادِي يعني محمّدا و أهل بيته وَ اُدْخُلِي جَنَّتِي فما شيء أحبّ إليه من استلال روحه و اللحوق بالمنادي. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: في القاموس، السلّ: انتزاعك الشيء و إخراجه في رفق كالاستلال.

5-عن عبد الرحيم قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: حدّثني صالح بن ميثم عن عباية الأسديّ أنّه سمع عليّا عليه السّلام يقول: و اللّه لا يبغضني عبد أبدا يموت

ص:52


1- -الكافي ج 3 ص 112 ح 8
2- الكافي ج 3 ص 127 باب أنّ المؤمن لا يكره على قبض روحه ح 2

على بغضي إلاّ رآني عند موته حيث يكره، و لا يحبّني عبد أبدا فيموت على حبّي إلاّ رآني عند موته حيث يحبّ. فقال أبو جعفر عليه السّلام: نعم و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باليمين. (1)

6-عن عبد الحميد بن عواض قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا بلغت نفس أحدكم هذه قيل له: أمّا ما كنت تحذر من همّ الدنيا و حزنها فقد أمنت منه، و يقال له: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ عليه السّلام و فاطمة عليها السّلام أمامك. (2)

7-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ آية المؤمن إذا حضره الموت يبيّاض وجهه أشدّ من بياض لونه و يرشح جبينه و يسيل من عينيه كهيئة الدموع، فيكون ذلك خروج نفسه، و إنّ الكافر تخرج نفسه سلاّ من شدقه كزبد البعير أو كما تخرج نفس البعير. (3)

8-عن محمّد بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، حديث سمعته من بعض شيعتك و مواليك يرويه عن أبيك، قال: و ما هو؟ قلت:

زعموا أنّه كان يقول: أغبط ما يكون امرء بما نحن عليه إذا كانت النفس في هذه، فقال: نعم، إذا كان ذلك أتاه نبيّ اللّه و أتاه عليّ و أتاه جبرئيل و أتاه ملك الموت عليهم السّلام فيقول ذلك الملك لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، إنّ فلانا كان مواليا لك و لأهل بيتك، فيقول: نعم كان يتولاّنا و يتبرّء من عدوّنا، فيقول ذلك نبيّ اللّه لجبرئيل، فيرفع ذلك جبرئيل إلى اللّه عزّ و جلّ. (4)

بيان:

«ذلك الملك» : أي ملك الموت. «فيرفع ذلك» : أي هذا الكلام أو روح المؤمن.

ص:53


1- -الكافي ج 3 ص 132 باب ما يعاين المؤمن و الكافر ح 5
2- الكافي ج 3 ص 134 ح 10
3- الكافي ج 3 ص 134 ح 11
4- الكافي ج 3 ص 134 ح 13

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام اشتكى عينه فعاده النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فإذا هو يصيح، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ جزعا أم وجعا؟ فقال: يا رسول اللّه، ما وجعت وجعا قطّ أشدّ منه، فقال: يا عليّ، إنّ ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفّود من نار، فينزع روحه به فتصيح جهنّم، فاستوى عليّ عليه السّلام جالسا، فقال: يا رسول اللّه، أعد عليّ حديثك فلقد أنساني وجعي ما قلت، ثمّ قال:

هل يصيب ذلك أحدا من أمّتك؟ قال: نعم، حاكم جائر، و آكل مال اليتيم ظلما، و شاهد زور. (1)

بيان:

في القاموس: السفّود بالتشديد كتنّور: حديدة التي يشوى بها اللحم (سيخ كباب) .

10-قال أبو جعفر عليه السّلام: مناد ينادي في كلّ يوم: ابن آدم لد للموت و اجمع للفناء و ابن للخراب. (2)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ عيسى بن مريم جاء إلى قبر يحيى بن زكريّا عليه السّلام و كان سأل ربّه أن يحييه له، فدعاه فأجابه و خرج إليه من القبر، فقال له:

ما تريد منّي؟ فقال له: أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا، فقال له: يا عيسى، ما سكنت عنّي حرارة الموت (مرارة الموت ف ن) و أنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا و تعود عليّ حرارة الموت، فتركه فعاد إلى قبره. (3)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ قوما فيما مضى قالوا لنبيّ لهم: ادع لنا ربّك يرفع عنّا الموت، فدعا لهم فرفع اللّه عنهم الموت فكثروا حتّى ضاقت عليهم المنازل و كثر النسل، و يصبح الرجل يطعم أباه و جدّه و امّه و جدّ جدّه، و يوضّيهم و يتعاهدهم فشغلوا عن طلب المعاش، فقالوا: سل لنا ربّك أن يردّنا إلى حالنا

ص:54


1- -الكافي ج 3 ص 253 باب النوادر من الجنائز ح 10
2- الكافي ج 3 ص 255 ح 19-و نظيره في نهج البلاغة ص 1150 ح 127
3- الكافي ج 3 ص 260 ح 37

التي كنّا عليها، فسأل نبيّهم ربّه فردّهم إلى حالهم. (1)

بيان:

في المرآة ج 14 ص 263، «يوضّيهم» : أي يذهب بهم إلى الخلاء و ينجّيهم و يغسلهم.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أشراط الساعة أن يفشو الفالج، و موت الفجأة. (2)

بيان:

«الأشراط» : العلامات.

14-عن محمّد بن عليّ عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال:

قيل للصادق عليه السّلام: صف لنا الموت، فقال: للمؤمن كأطيب ريح يشمّه فينعس لطيبه و ينقطع التعب و الألم كلّه عنه، و للكافر كلسع الأفاعي و لدغ العقارب أو أشدّ.

قيل: فإنّ قوما يقولون: إنّه أشدّ من نشر بالمناشير، و قرض بالمقاريض، و رضخ بالأحجار، و تدوير قطب الأرحية في الأحداق، قال: فهو كذلك هو على بعض الكافرين و الفاجرين، أ لا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد فذاكم الذي هو أشدّ من هذا إلاّ من عذاب الآخرة فهذا أشدّ من عذاب الدنيا. . . (3)

بيان:

«ينعس» : أي تأخذه فترة في حواسّه فقارب النوم. «المناشير» : ج المنشار يقال بالفارسيّة: ارّه. «رضخ بالأحجار» يقال: رضخ الحصى: كسره، و المراد هنا ضرب الرؤس بالأحجار.

15-عن الجواد عن آبائه عليهم السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: صف لنا

ص:55


1- -الكافي ج 3 ص 260 ح 36
2- الكافي ج 3 ص 261 ح 39
3- معاني الأخبار ص 272 باب معنى الموت ح 1

الموت، فقال: على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة امور يرد عليه: إمّا بشارة بنعيم الأبد، و إمّا بشارة بعذاب الأبد، و إمّا تحزين و تهويل و أمره مبهم لا يدري من أيّ الفرق هو.

فأمّا وليّنا المطيع لأمرنا فهو المبشّر بنعيم الأبد، و أمّا عدوّنا المخالف علينا فهو المبشّر بعذاب الأبد، و أمّا المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما مخوفا، ثمّ لن يسوّيه اللّه عزّ و جلّ بأعدائنا، لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا و أطيعوا، لا تتّكلوا و لا تستصغروا عقوبة اللّه عزّ و جلّ، فإنّ من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلاّ بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة. (1)

16-و سئل الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: ما الموت الذي جهلوه؟ قال: أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، و أعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنّتهم إلى نار لا تبيد و لا تنفد.

و قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيّرت ألوانهم و ارتعدت فرائصهم و وجلت قلوبهم، و كان الحسين عليه السّلام و بعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم و تهدىء جوارحهم و تسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت!

فقال لهم الحسين عليه السّلام: صبرا بني الكرام، فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس و الضرّاء إلى الجنان الواسعة و النعيم الدائم، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر، و ما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلى سجن و عذاب.

ص:56


1- -معاني الأخبار ص 273 ح 2

إنّ أبي حدّثني عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر، و الموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم و جسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كذبت و لا كذبت. (1)

بيان:

«النكد» : الشدّة و العسر. «الثبور» : الهلاك.

17-و قال محمّد بن عليّ عليهما السّلام: قيل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: ما الموت؟ قال:

للمؤمن كنزع ثياب و سخة قملة، و فكّ قيود و أغلال ثقيلة، و الاستبدال بأفخر الثياب و أطيبها روائح و أوطئ المراكب، و آنس المنازل، و للكافر كخلع ثياب فاخرة، و النقل عن منازل أنيسة، و الاستبدال بأوسخ الثياب و أخشنها، و أوحش المنازل و أعظم العذاب. (2)

و قيل لمحمّد بن عليّ عليهما السّلام: ما الموت؟ قال: هو النوم الذي يأتيكم كلّ ليلة، إلاّ أنّه طويل مدّته لا ينتبه منه إلاّ يوم القيامة، فمن رأى في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره، و من أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره؟ فكيف حال فرح في النوم و وجل فيه؟ هذا هو الموت فاستعدّوا له. (3)

18-عن الحسن بن عليّ عن أبيه عن محمّد بن عليّ عن أبيه عليهم السّلام قال:

دخل موسى بن جعفر عليهما السّلام على رجل قد غرق في سكرات الموت و هو لا يجيب داعيا، فقالوا له: يا بن رسول اللّه، وددنا لو عرفنا كيف الموت و كيف حال صاحبنا؟ فقال: الموت هو المصفّاة يصفّي المؤمنين من ذنوبهم، فيكون آخر ألم يصيبهم كفّارة آخر وزر بقي عليهم، و يصفّي الكافرين من حسناتهم، فيكون آخر لذّة أو راحة تلحقهم و هو آخر ثواب حسنة تكون لهم.

ص:57


1- -معاني الأخبار ص 274 ح 3
2- معاني الأخبار ص 274 ح 4
3- معاني الأخبار ص 275 ح 5

و أمّا صاحبكم هذا فقد نخل من الذنوب نخلا، و صفّى من الآثام تصفية، و خلّص حتّى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ، و صلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد. (1)

بيان:

«نخل الدقيق» : غربله و أزال نخالته، و نخل الشيء: اختاره و صفّاه.

19-و بهذا الإسناد، عن عليّ بن محمّد عليه السّلام قال: قيل لمحمّد بن عليّ بن موسى عليهم السّلام: ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت؟ قال: لأنّهم جهلوه فكرهوه، و لو عرفوه و كانوا من أولياء اللّه عزّ و جلّ لأحبّوه، و لعلموا أنّ الآخرة خير لهم من الدنيا.

ثمّ قال عليه السّلام: يا أبا عبد اللّه، ما بال الصبيّ و المجنون يمتنع من الدواء المنقّي لبدنه و النافي للألم عنه؟ قال: لجهلهم بنفع الدواء، قال: و الذي بعث محمّدا بالحقّ نبيّا، إنّ من استعدّ للموت حقّ الاستعداد فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج، أما إنّهم لو عرفوا ما يؤدّي إليه الموت من النعيم لاستدعوه و أحبّوه أشدّ ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات و اجتلاب السلامات. (2)

20-و بهذا الإسناد، عن الحسن بن عليّ عليه السّلام قال: دخل عليّ بن محمّد عليهما السّلام على مريض من أصحابه و هو يبكي و يجزع من الموت، فقال له: يا عبد اللّه، تخاف من الموت لأنّك لا تعرفه، أ رأيتك إذا اتّسخت و تقذّرت و تأذّيت من كثرة القذر و الوسخ عليك، و أصابك قروح و جرب، و علمت أنّ الغسل في حمّام يزيل ذلك كلّه، أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك؟ أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال: بلى يا بن رسول اللّه، قال: فذاك الموت هو ذلك الحمّام و هو آخر

ص:58


1- -معاني الأخبار ص 275 ح 6
2- معاني الأخبار ص 276 ح 8

ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك و تنقيتك من سيّئاتك، فإذا أنت وردت عليه و جاوزته فقد نجوت من كلّ غمّ و همّ و أذى، و وصلت إلى كلّ سرور و فرح، فسكن الرجل و استسلم و نشط و غمض عين نفسه و مضى لسبيله. (1)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الموت طالب حثيث، لا يفوته المقيم، و لا يعجزه الهارب، إنّ أكرم الموت القتل، و الذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على الفراش في غير طاعة اللّه. (2)

بيان:

«الحثيث» : السريع.

22-و قال عليه السّلام: فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما أو إلى دفع الموت سبيلا لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام الذي سخّر له ملك الجنّ و الإنس مع النبوّة و عظيم الزلفة، فلمّا استوفى طعمته، و استكمل مدّته، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت، و أصبحت الديار منه خالية، و المساكن معطّلة، و ورثها قوم آخرون، و إنّ لكم في القرون السالفة لعبرة؛ أين العمالقة و أبناء العمالقة، أين الفراعنة و أبناء الفراعنة. . . (3)

بيان:

«الطعمة» : أي ما يؤكل، و المراد الرزق المقسوم. «قسيّ» : ج القوس (كمان) .

«النبل» ج نبال: السهام (تير) .

23-و قال عليه السّلام: و إنّ للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة، أو تعتدل على عقول أهل الدنيا. (4)

ص:59


1- -معاني الأخبار ص 276 ح 9
2- نهج البلاغة ص 380 في خ 122
3- نهج البلاغة ص 593 في خ 181
4- نهج البلاغة ص 702 في خ 212-صبحي ص 341 خ 221

بيان:

«الغمرات» : المكاره و الشدائد، يريد بها هنا سكرات الموت.

24-و قال عليه السّلام: إذا كنت في إدبار و الموت في إقبال فما أسرع الملتقى. (1)

25-و قال عليه السّلام: نفس المرء خطاه إلى أجله. (2)

26-و قال عليه السّلام: الرحيل و شيك. (3)

بيان:

«الوشيك» : القريب.

27-و قال عليه السّلام: إنّ مع كلّ إنسان ملكين يحفظانه، فإذا جاء القدر خلّيا بينه و بينه، و إنّ الأجل جنّة حصينة. (4)

28-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى محمّد بن أبي بكر رحمه اللّه: و أنتم طرداء الموت، إن أقمتم له أخذكم، و إن فررتم منه أدرككم، و هو ألزم لكم من ظلّكم، الموت معقود بنواصيكم و الدنيا تطوى من خلفكم. (5)

29-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو لا ثلاثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شيء: المرض، و الموت، و الفقر، و كلّهنّ فيه و إنّه لمعهنّ وثّاب. (6)

30-قال إبراهيم الخليل عليه السّلام لملك الموت: هل تستطيع أن تريني صورتك التي تقبض فيها روح الفاجر؟ قال: لا تطيق ذلك، قال: بلى، قال: فأعرض عنّي؛ فأعرض عنه ثمّ التفت، فإذا هو برجل أسود، قائم الشعر، منتن الريح، أسود

ص:60


1- -نهج البلاغة ص 1098 ح 28
2- نهج البلاغة ص 1117 ح 71
3- نهج البلاغة ص 1172 ح 178
4- نهج البلاغة ص 1178 ح 192
5- نهج البلاغة ص 887 في ر 27
6- البحار ج 6 ص 118 باب حكمة الموت ح 5

الثياب، يخرج من فيه و مناخره لهيب النار و الدخان؛ فغشي على إبراهيم ثمّ أفاق، فقال: لو لم يلق الفاجر عند موته إلاّ صورة وجهك لكان حسبه. (1)

31-سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن ملك الموت، يقال: الأرض بين يديه كالقصعة يمدّ يده منها حيث يشاء؟ فقال: نعم. (2)

32-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا إلاّ و يحضره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السّلام فيرونه و يبشّرونه، و إن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسوؤه، و الدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السّلام لحارث الهمدانيّ:

يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلا. (3)

33-قال الحارث الأعور: أتيت أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم نصف النهار فقال: ما جاء بك؟ قلت: حبّك و اللّه، قال: إن كنت صادقا لتراني في ثلاث مواطن: حيث تبلغ نفسك هذه-و أومأ بيده إلى حنجرته-و عند الصراط، و عند الحوض. (4)

34-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ البهائم يعلمون من الموت ما تعلمون أنتم، ما أكلتم منها سمينا. (5)

35-عن الرقّي عن الصادق عليه السّلام قال: من أحبّ أن يخفّف اللّه عزّ و جلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا، و بوالديه بارّا، فإذا كان كذلك هوّن

ص:61


1- -البحار ج 6 ص 143 باب ملك الموت ح 8
2- البحار ج 6 ص 144 ح 12( الكافي ج 3 ص 256)
3- البحار ج 6 ص 180 باب ما يعاين المؤمن ح 8
4- البحار ج 6 ص 195 ح 46
5- البحار ج 6 ص 132 باب حبّ لقاء اللّه ح 31

اللّه عليه سكرات الموت، و لم يصبه في حياته فقر أبدا. (1)

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الموت ريحانة المؤمن. (2)

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تحفة المؤمن الموت. (3)

37-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: موت الأبرار راحة لأنفسهم، و موت الفجّار راحة للعالم. (4)

38-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شيئان يكرههما ابن آدم: يكره الموت و الموت راحة للمؤمن من الفتنة، و يكره قلّة المال و قلّة المال أقلّ للحساب. (5)

39-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: بين العبد و بين الجنّة مأتا ألف هول، أهونهنّ الموت، و تسعون ألف ضربة بالسيف أهون من جذبة من جذبات الموت، فمن قال هذه العشر كلمات، كفاه اللّه من تلك الأهوال كلّها بفضله و رحمته:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم، أعددت لكلّ هول ألقاه في الدنيا و الآخرة لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، و لكلّ همّ و غمّ ما شاء اللّه، و لكلّ نعمة الحمد للّه، و لكلّ شدّة و رخاء الشكر للّه، و لكلّ ذنب أستغفر اللّه، و لكلّ أعجوبة سبحان اللّه، و لكلّ ضيق حسبي اللّه، و لكلّ مصيبة إنّا للّه [و إنّا إليه راجعون]، و لكلّ قضاء و قدر توكّلت على اللّه، و لكلّ طاعة و معصية لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» . (6)

ص:62


1- -البحار ج 74 ص 66 باب برّ الوالدين ح 33
2- البحار ج 82 ص 168 باب النوادر ح 3 و ص 179 ح 23
3- البحار ج 82 ص 171 ح 6
4- البحار ج 82 ص 181 ح 28
5- الخصال ج 1 ص 74 باب الاثنين ح 115
6- المخلاة للشيخ البهائي رحمه اللّه ص 172

أقول:

نقله الكفعميّ رحمه اللّه في المصباح (ص 82) و البلد الأمين و عنه المجلسيّ رحمه اللّه في البحار (ج 87 ص 5 ب 47 ح 8) و المحدّث القميّ رحمه اللّه في الباقيات الصالحات، و سفينة البحار (قبر) مع اختلاف يسير، و في صدره: من قال هذه الكلمات في كلّ يوم عشرا غفر اللّه تعالى له أربعة آلاف كبيرة، و وقاه من شرّ الموت و ضغطة القبر و النشور و الحساب، و الأهوال كلّها، و هو مأة [ألف]هول أهونها الموت، و وقي من شرّ إبليس و جنوده، و قضي دينه و كشف همّه و غمّه و فرّج كربه.

40-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الموت مريح. (الغرر ج 1 ص 10 ف 1 ح 198)

الموت فوت. (ص 13 ح 300)

الموت باب الآخرة-الموت رقيب غافل. (ص 15 ح 371 و 369)

الموت مفارقة دار الفناء، و ارتحال إلى دار البقاء. (ص 54 ح 1495)

الموت ألزم لكم من ظلّكم و أملك بكم من أنفسكم. (ص 85 ح 1982)

ازهد في الدنيا و اعزف عنها، و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربّك في طلبها فتشقى. (ص 120 ف 2 ح 174)

أفضل تحفة المؤمن الموت. (ص 213 ف 8 ح 540)

أشدّ من الموت ما يتمنّى الخلاص منه بالموت. (ح 541)

إنّ في الموت لراحة لمن كان عبد شهوته و أسير أهويته، لأنّه كلّما طالت حياته كثرت سيّئاته و عظمت على نفسه جناياته. (ص 243 ف 9 ح 217)

إنّ الموت لهادم لذّاتكم و مباعد طلباتكم و مفرّق جماعاتكم، قد أعلقتكم حبائله و أقصدتكم مقاتله. (ص 246 ح 233)

إنّ الموت لزائر غير محبوب، و واتر غير مطلوب، و قرن غير مغلوب.

(ص 250 ح 252)

ص:63

إنّك طريد الموت الذي لا ينجو هاربه و لا بدّ أنّه مدركه. (ص 286 ف 13 ح 7)

إنّك لن يغني عنك بعد الموت إلاّ صالح عمل قدّمته، فتزوّد من صالح العمل.

(ص 288 ح 29)

إنّك من ورائك طالبا حثيثا من الموت فلا تغفل. (ح 28)

شوّقوا أنفسكم إلى نعيم الجنّة تحبّوا الموت و تمقتوا الحياة.

(ص 450 ف 42 ح 25)

غائب الموت أحقّ منتظر و أقرب قادم. (ج 2 ص 509 ف 57 ح 49)

في الموت غبطة أو ندامة-في كلّ نفس فوت. (ص 511 ب 58 ح 7 و 11)

في كلّ وقت موت. (ح 12)

في كلّ لحظة أجل. (ح 13)

في الموت راحة السعداء-في الدنيا راحة الأشقياء. (ص 514 ح 60 و 61)

كيف يسلم من الموت طالبه. (ص 553 ف 64 ح 8)

من رأى الموت بعين يقينه رأه قريبا. (ص 645 ف 77 ح 603)

ما أقرب الحيوة من الموت. (ص 738 ف 79 ح 35)

ما أقرب الحيّ من الميّت، للحاقه به. (ص 744 ح 146)

موت الولد قاصمة الظهر-موت الولد صدع في الكبد-موت الأخ قصّ الجناح و اليد. (ص 763 ف 80 ح 110 إلى 112)

لا قادم أقرب من الموت. (ص 838 ف 86 ح 185)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب البرزخ.

ص:64

الفصل الثاني: ذكر الموت و الاستعداد له

الآيات

1- قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ عِنْدَ اَللّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ اَلنّاسِ فَتَمَنَّوُا اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ - وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ . (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اِطْمَأَنُّوا بِها وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ - أُولئِكَ مَأْواهُمُ اَلنّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ . (2)

أقول:

الآيات في لقاء اللّه كثيرة راجع المعجم المفهرس.

3- قُلْ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ مِنْ دُونِ اَلنّاسِ فَتَمَنَّوُا اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ - وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ - قُلْ إِنَّ اَلْمَوْتَ اَلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (3)

ص:65


1- -البقرة:94 و 95
2- يونس:7 و 8
3- الجمعة:6 إلى 8
الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى أبي ذرّ رحمه اللّه فقال: يا أبا ذرّ، ما لنا نكره الموت؟ فقال: لأنّكم عمّرتم الدنيا و أخربتم الآخرة، فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب، فقال له: فكيف ترى قدومنا على اللّه؟ فقال: أمّا المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله، و أمّا المسيئ منكم فكالآبق يردّ على مولاه، قال: فكيف ترى حالنا عند اللّه؟ قال: اعرضوا أعمالكم على الكتاب، إنّ اللّه يقول: إِنَّ اَلْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ - وَ إِنَّ اَلْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ (1)قال: فقال الرجل: فأين رحمة اللّه؟ قال: رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ (2). (3)

2-عن الحسن العسكريّ عن آبائه عليهم السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام:

ما الاستعداد للموت؟ قال: أداء الفرائض و اجتناب المحارم و الاشتمال على المكارم، ثمّ لا يبالي أن وقع على الموت أو الموت وقع عليه، و اللّه لا يبالي ابن أبي طالب أن وقع على الموت أو الموت وقع عليه. (4)

3-عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا من ذكر هادم اللذّات. (5)

4-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال: رأى الصادق عليه السّلام رجلا قد اشتدّ جزعه على ولده، فقال: يا هذا، جزعت للمصيبة الصغرى و غفلت

ص:66


1- -الانفطار 13 و 14
2- الأعراف:56
3- الكافي ج 2 ص 331 باب محاسبة العمل ح 20
4- العيون ج 1 ص 232 ب 28 ح 55( أمالي الصدوق ص 110 م 23 ح 8)
5- العيون ج 2 ص 69 ب 31 ح 325

عن المصيبة الكبرى؟ ! و لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدّا لما اشتدّ عليه جزعك، فمصابك بتركك الاستعداد أعظم من مصابك بولدك. (1)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت، و أفضل العبادة ذكر الموت، و أفضل التفكّر ذكر الموت، فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنّة. (2)

6-عن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام عن الصادق عليه السّلام قال: وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن فيه مكتوب: «لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، و عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و عجبت لمن اختبر الدنيا و تقلّبها [بأهلها]كيف يطمئنّ إليها، و عجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب» . (3)

7-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أو لستم ترون أهل الدنيا يمسون و يصبحون على أحوال شتّى: فميّت يبكى و آخر يعزّى، و صريع مبتلى، و عائد يعود، و آخر بنفسه يجود، و طالب للدنيا و الموت يطلبه، و غافل و ليس بمغفول عنه، و على أثر الماضي ما يمضي الباقي! !

ألا فاذكروا هادم اللذّات، و منغّص الشهوات، و قاطع الأمنيّات، عند المساورة للأعمال القبيحة، و استعينوا اللّه على أداء واجب حقّه، و ما لا يحصى من أعداد نعمه و إحسانه. (4)

بيان:

«بنفسه يجود» : أي إذا قارب موته كأنّه يسخو بها و يسلّمها إلى خالقها.

ص:67


1- -العيون ج 2 ص 5 ب 30 ح 10
2- جامع الأخبار ص 165 ف 131
3- جامع الأخبار ص 131 ف 89
4- نهج البلاغة ص 292 في خ 98

«صريع مبتلى» : الصريع، فعيل بمعنى المفعول أي المصروع على الأرض و الساقط عليها، لأنّ المرض يغلب على الإنسان حتّى يصرعه. «المساورة» : ساوره مساورة أي واثبه أو وثب عليه، كأنّه يرى العمل القبيح-لبعده عن ملاءمة الطبع الإنساني بالفطرة الإلهيّة-ينفر من مقترفه كما ينفر الوحش، فلا يصل إليه المغبون إلاّ بالوثبة عليه.

8-و قال عليه السّلام: فإنّ الموت هادم لذّاتكم، و مكدّر شهواتكم، و مباعد طيّاتكم. . . فعليكم بالجدّ و الاجتهاد، و التأهّب و الاستعداد، و التزوّد في منزل الزاد، و لا تغرّنّكم الحياة الدنيا كما غرّت من كان قبلكم من الامم الماضية، و القرون الخالية. (1)

بيان:

«الطيّة» : الضمير و النيّة، الحاجة و قيل: أي منزل السفر، و المراد أنّ السفر يباعد رحيل القوم.

9-و قال عليه السّلام: و أوصيكم بذكر الموت و إقلال الغفلة عنه، و كيف غفلتكم عمّا ليس يغفلكم، و طمعكم فيمن ليس يمهلكم؟ ! فكفى واعظا بموتى عاينتموهم، حملوا إلى قبورهم غير راكبين، و أنزلوا فيها غير نازلين، فكأنّهم لم يكونوا للدنيا عمّارا، و كأنّ الآخرة لم تزل لهم دارا. (2)

10-و قال عليه السّلام: و عجبت لمن نسي الموت و هو يرى من يموت. (3)

11-و قال عليه السّلام: أيّها الناس، اتّقوا اللّه الذي إن قلتم سمع، و إن أضمرتم علم، و بادروا الموت الذي إن هربتم منه أدرككم، و إن أقمتم أخذكم،

ص:68


1- -نهج البلاغة ص 723 في خ 221-صبحي ص 351 في خ 230
2- نهج البلاغة ص 758 في خ 230-صبحي ص 278 في خ 188
3- نهج البلاغة ص 1145 في ح 121-الغرر ج 2 ص 493 ف 54 ح 5

و إن نسيتموه ذكركم. (1)

12-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و أنّك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه، و لا يفوته طالبه، و لا بدّ أنّه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك و أنت على حال سيّئة قد كنت تحدّث نفسك منها بالتوبة، فيحول بينك و بين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك.

يا بنيّ، أكثر من ذكر الموت و ذكر ما تهجم عليه، و تفضي بعد الموت إليه، حتّى يأتيك و قد أخذت منه حذرك و شددت له أزرك، و لا يأتيك بغتة فيبهرك. (2)

بيان:

«الحذر» : الاحتراز و الاحتراس. «الأزر» : الظهر. «يبهرك» : يغلبك على أمرك.

13-و قال عليه السّلام: من ارتقب الموت سارع في الخيرات. (3)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من أكثر ذكر الموت أحبّه اللّه. (4)

15-قيل: يا رسول اللّه، هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال: نعم، من يذكر الموت بين اليوم و الليلة عشرين مرّة. (5)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ تدرون من أكيسكم؟ قالوا: لا يا رسول اللّه، قال:

أكثركم للموت ذاكرا، و أحسنكم استعدادا له، فقالوا: و ما علامته يا رسول اللّه؟ قال: التجافي عن دار الغرور، و الإنابة إلى دار الخلود، و التزوّد لسكنى القبور،

ص:69


1- -نهج البلاغة ص 1178 ح 194
2- نهج البلاغة ص 926 في ر 31-صبحي ص 400
3- نهج البلاغة ص 1099 في ح 30
4- الوسائل ج 2 ص 434 ب 23 من الاحتضار ح 2
5- المستدرك ج 2 ص 104 ب 17 من الاحتضار ح 19

و التأهّب ليوم النشور. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه في صدر الباب: إنّه من جعل الموت نصب عينيه زهّده في الدنيا، و هوّن عليه المصائب، و رغّبه في فعل الخير، و حثّه على التوبة، و قيّده عن الفتك، و قطعه عن بسط الأمل في الدنيا، و قلّ أن يعود يفرح قلبه بشيء من الدنيا، و ما أنعم اللّه تعالى على عبد بنعمة أعظم من أن يجعل الدار الآخرة نصب عينيه، و لهذا منّ اللّه على إبراهيم و ذرّيّته عليهم السّلام بقوله تعالى: إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى اَلدّارِ (2). . .

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من علم أنّ الموت مصدره، و القبر مورده، و بين يدي اللّه موقفه، و جوارحه شهيدة له، طالت حسرته، و كثرت عبرته، و دامت فكرته. (3)

18-عن أبي عبيدة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك حدّثني بما أنتفع به، فقال: يا أبا عبيدة، ما أكثر ذكر الموت إنسان إلاّ زهد في الدنيا. (4)

19-و قال (أبو جعفر عليه السّلام) : إذا استحقّت ولاية الشيطان و الشقاوة جاء الأمل بين العينين و ذهب الأجل وراء الظهر. (5)

20-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: مالي لا أحبّ الموت؟ فقال له: أ لك مال؟ قال: نعم، قال: فقدّمته؟ قال: لا، قال: فمن ثمّ

ص:70


1- -ارشاد القلوب ص 58 ب 12
2- ص:46
3- إرشاد القلوب ص 58
4- البحار ج 6 ص 126 باب حبّ لقاء اللّه ح 3
5- البحار ج 6 ص 126 ح 5

لا تحبّ الموت. (1)

21-عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: كان للحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام صديق و كان ماجنا فتباطأ عليه أيّاما فجاءه يوما، فقال له الحسن عليه السّلام:

كيف أصبحت؟ فقال: يا بن رسول اللّه، أصبحت بخلاف ما أحبّ و يحبّ اللّه و يحبّ الشيطان، فضحك الحسن عليه السّلام ثمّ قال: و كيف ذاك؟ قال: لأنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ أن أطيعه و لا اعصيه و لست كذلك، و الشيطان يحبّ أن أعصي اللّه و لا أطيعه و لست كذلك، و أنا أحبّ أن لا أموت و لست كذلك.

فقام إليه رجل فقال: يا بن رسول اللّه، ما بالنا نكره الموت و لا نحبّه؟ قال:

فقال الحسن عليه السّلام: إنّكم أخربتم آخرتكم و عمّرتم دنياكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب. (2)

بيان:

«الماجن» : في أقرب الموارد، مجن الرجل مجونا: كان لا يبالي قولا و فعلا أي هزل، ضدّ جدّ فهو ماجن. «تباطأ» الرجل: تأخّر مجيئه.

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : أكثروا ذكر الموت، و يوم خروجكم من القبور، و قيامكم بين يدي اللّه عزّ و جلّ تهوّن عليكم المصائب. (3)

23-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام لمحمّد بن أبي بكر: عباد اللّه، إنّ الموت ليس منه فوت، فاحذروا قبل وقوعه، و أعدّوا له عدّته، فإنّكم طرد الموت، إن أقمتم له أخذكم و إن فررتم منه أدرككم، و هو ألزم لكم من ظلّكم، الموت معقود بنواصيكم، و الدنيا تطوى خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم

ص:71


1- -البحار ج 6 ص 127 ح 9
2- البحار ج 6 ص 129 ح 18
3- البحار ج 6 ص 132 ح 26

إليه أنفسكم من الشهوات، و كفى بالموت واعظا؛

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول: أكثروا ذكر الموت، فإنّه هادم اللذّات، حائل بينكم و بين الشهوات. (1)

24-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكيس الناس من كان أشدّ ذكرا للموت. (2)

أقول:

زاد في ح 6: «و أشدّهم استعدادا له» .

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: بقيّة عمر المرء لا قيمة له، يدرك بها ما قد فات، و يحيي ما مات. (3)

26-. . . قيل لزين العابدين عليه السّلام: ما خير ما يموت عليه العبد؟ قال:

أن يكون قد فرغ من أبنيته و دوره و قصوره، قيل: و كيف ذلك؟ قال: أن يكون من ذنوبه تائبا و على الخيرات مقيما، يرد على اللّه حبيبا كريما. (4)

27-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: ما أنزل الموت حقّ منزلته من عدّ غدا من أجله. (5)

28-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من عدّ غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت. (6)

29-. . . عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه أوصى رجلا من الأنصار فقال: أوصيك بذكر الموت فإنّه يسلّيك عن أمر الدنيا.

ص:72


1- -البحار ج 6 ص 132 ح 30( أمالي الطوسي ج 1 ص 27)
2- البحار ج 6 ص 130 ح 21
3- البحار ج 6 ص 138 ح 46
4- البحار ج 71 ص 267 باب الاستعداد للموت ح 17
5- البحار ج 73 ص 166 باب الحرص ح 28
6- البحار ج 77 ص 155 باب مفردات كلمات النبي ّ صلّى اللّه عليه و آله

و عنه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أكثروا من ذكر هادم اللذّات، فقيل: يا رسول اللّه، فما هادم اللذّات؟ قال: الموت، فإنّ أكيس المؤمنين أكثرهم ذكرا للموت، و أشدّهم له استعدادا. (1)

30-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و اقلل من الذنوب يسهل عليك الموت، و قدّم ما لك أمامك يسرّك اللحاق به. (2)

31-في مفردات كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشهوات. . . و من ارتقب الموت سارع في الخيرات. (3)

32-في مواعظ موسى بن جعفر عليهما السّلام، سمع عليه السّلام رجلا يتمنّى الموت فقال له: هل بينك و بين اللّه قرابة يحاميك لها؟ قال: لا، قال: فهل لك حسنات قدّمتها تزيد على سيّئاتك؟ قال: لا، قال: فأنت إذا تتمنّى هلاك الأبد. (4)

33-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أ تأذن لي أن أتمنّى الموت؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: الموت شيء لا بدّ منه، و سفر طويل ينبغي لمن أراده أن يرفع عشر هدايا، فقال: و ما هي؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: هديّة عزرائيل، و هديّة القبر، و هديّة منكر و نكير، و هديّة الميزان، و هديّة الصراط، و هديّة مالك، و هديّة رضوان، و هديّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و هديّة جبرئيل، و هديّة اللّه تعالى.

أمّا هديّة عزرائيل فأربعة أشياء: رضاء الخصماء، و قضاء الفوائت، و الشوق إلى اللّه، و التمنّي للموت. و هديّة القبر أربعة أشياء: ترك النميمة، و استبراؤه من البول، و قراءة القرآن، و صلاة الليل، و هديّة منكر و نكير أربعة أشياء: صدق اللسان، و ترك الغيبة، و قول الحقّ، و التواضع لكلّ أحد، و هديّة الميزان أربعة

ص:73


1- -البحار ج 82 ص 167 باب النوادر ح 3
2- البحار ج 77 ص 189 في ح 37
3- البحار ج 77 ص 173
4- البحار ج 78 ص 327

أشياء: كظم الغيظ، و ورع صادق، و المشي إلى الجماعات، و التداعي إلى المغفرات.

و هديّة الصراط أربعة أشياء: إخلاص العمل، و حسن الخلق، و كثرة ذكر اللّه، و احتمال الأذى، و هديّة مالك أربعة أشياء: البكاء من خشية اللّه، و صدقة السرّ، و ترك المعاصي، و برّ الوالدين، و هديّة رضوان أربعة أشياء: الصبر على المكاره، و الشكر على نعمه، و إنفاق المال في طاعته، و حفظ الأمانة في الوقف.

و هديّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أربعة أشياء: محبّته، و الاقتداء بسنّته، و محبّة أهل بيته، و حفظ اللسان عن الفحشاء، و هديّة جبرئيل أربعة أشياء: قلّة الأكل، و قلّة النوم، و مداومة الحمد، و هديّة اللّه تعالى أربعة أشياء: الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و النصيحة للخلق، و الرحمة على كلّ أحد. (1)

بيان:

«هديّة عزرائيل» : لعلّ بهذه الخصال يحصل رفقه حين أخذ الروح، أو بها تحصل الراحة عند الموت. «هديّة القبر» : بهذه الخصال ترفع عذاب القبر و ضغطته.

«هديّة منكر و نكير» : بهذه الخصال ترفع سؤالهما أو تسهّله. «هديّة الميزان» : بها يحصل ثقله. «هديّة الصراط» : أي بها يسهل المرور عليه. «هديّة المالك» : أي إنّها تطفئ النار و توجب عدم الدخول في جهنّم.

«هديّة رضوان» : إنّها توجب الدخول في الجنّة. «هديّة النبي صلّى اللّه عليه و آله» : أي بها ينال قربه و شفاعته. «هديّة جبرئيل» : لعلّ بها يشبه به و توجب التزكية و خروج الإنسان عن الطبيعة كما مرّ في باب الأكل: صنف يشبّهون بالملائكة. . .

«هديّة اللّه» : أي إنّها توجب قربه إليه تعالى. «التداعي إلى المغفرات» : أي دعوة الناس إليها. «النصيحة للخلق» : أي إرشادهم إلى مصالحهم.

34-قال الصادق عليه السّلام: ذكر الموت يميت الشهوات في النفس، و يقطع

ص:74


1- -الاثنى عشرية ص 325 ب 10 ف 1

منابت الغفلة، و يقوّي القلب بمواعد اللّه، و يرقّ الطبع و يكسر أعلام الهوى و يطفئ نار الحرص و يحقّر الدنيا، و هو معنى ما قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فكر ساعة خير من عبادة سنة، و ذلك عند ما يحلّ أطناب خيام الدنيا و يشدّها في الآخرة، و لا يشكّ بنزول الرحمة عند ذكر الموت بهذه الصفة، و من لا يعتبر بالموت و قلّة حيلته و كثرة عجزه و طول مقامه في القبر، و تحيّره في القيامة فلا خير فيه.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «اذكروا هادم اللذّات، قيل: و ما هو يا رسول اللّه؟ فقال:

الموت» فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلاّ ضاقت عليه الدنيا، و لا في شدّة إلاّ اتّسعت عليه، و الموت أوّل منزل من منازل الآخرة، و آخر منزل من منازل الدنيا، فطوبى لمن اكرم عند النزول بأوّلها، و طوبى لمن أحسن مشايعته في آخرها، و الموت أقرب الأشياء من بني آدم و هو يعدّه أبعد! فما أجرأ الإنسان على نفسه! و ما أضعفه من خلق! و في الموت نجاة المخلصين و هلاك المجرمين، و لذلك اشتاق من اشتاق إلى الموت و كره من كره.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «من أحبّ لقاء اللّه أحبّ اللّه لقاؤه، و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه» . (1)

بيان:

«و ذلك» : أي فكر ساعة الذي هو خير من عبادة سنة. «ما يحلّ الأطناب» : حلّ أطناب خيام الدنيا كناية عن قطع العلائق عنها و عن شهواتها، و كذا شدّها في الآخرة عبارة عن جعل ما يأخذه و يدعه لتحصيل الآخرة.

(البحار ج 6 ص 134)

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

ازهد في الدنيا و اعزف عنها، و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربّك

ص:75


1- -مصباح الشريعة ص 57 ب 83

في طلبها فتشقى. (الغرر ج 1 ص 120 ف 2 ح 174)

أدم ذكر الموت، و ذكر ما تقدم عليه بعد الموت، و لا تتمنّ الموت إلاّ بشرط وثيق. (ح 178)

استعدّوا للموت فقد أظلّكم. (ص 131 ف 3 ح 14)

أسمعوا دعوة الموت آذانكم قبل أن يدعى بكم. (ح 15)

استعدّوا ليوم تشخص فيه الأبصار، و تتدلّه لهوله العقول، و تتبلّد البصائر.

(ص 140 ح 95)

اذكروا هادم اللذّات، و منغّص الشهوات، و داعي الشتات. (ح 97)

احذر الموت و أحسن له الاستعداد، تسعد بمنقلبك. (ص 144 ف 4 ح 36)

أكثر الناس أملا أقلّهم للموت ذكرا. (ص 186 ف 8 ح 227)

إنّ ذهاب الذاهبين لعبرة للقوم المتخلّفين. (ص 219 ف 9 ح 59)

إنّ المرء إذا هلك، قال الناس: ما ترك، و قالت الملائكة: ما قدّم، للّه آباؤكم، فقدّموا بعضا يكن لكم ذخرا، و لا تخلّفوا كلاّ فيكون عليكم كلاّ.

(ص 237 ح 191)

إنّ العاقل ينبغي أن يحذر الموت في هذه الدار و يحسن له التأهّب (1)، قبل أن يصل إلى دار يتمنّى فيها الموت فلا يجده. (ص 246 ح 235)

إنّك لن يغني عنك بعد الموت إلاّ صالح عمل قدّمته فتزوّد من صالح العمل.

(ص 288 ف 13 ح 29)

إذا كان هجوم الموت لا يؤمن، فمن العجز ترك التأهّب له.

(ص 317 ف 17 ح 119)

ص:76


1- -أي التهيّوء

تارك التأهّب للموت و اغتنام المهل غافل عن هجوم الأجل.

(ص 349 ف 22 ح 52)

ترحّلوا فقد جدّ بكم، و استعدّوا للموت فقد أظلّكم. (ص 350 ح 53)

ذكر الموت يهوّن أسباب الدنيا. (ص 405 ف 32 ح 19)

عجبت لغافل و الموت حثيث خلفه. (ج 2 ص 493 ف 54 ح 2)

عجبت لمن يرى أنّه ينقص كلّ يوم في نفسه و عمره و هو لا يتأهّب للموت.

(ص 494 ح 6)

كيف تنسي الموت و آثاره يذكّرك. (ص 554 ف 64 ح 17)

ما أنزل الموت منزله من عدّ غدا من أجله. (ص 746 ف 79 ح 177)

ما أنفع الموت لمن أشعر الإيمان و التقوى قلبه. (ص 747 ح 186)

من ترقّب الموت سارع إلى الخيرات. (ص 666 ف 77 ح 927)

من أكثر من ذكر الموت نجا من خداع الدنيا. (ص 660 ح 845)

من صوّر الموت بين عينيه هان أمر الدنيا عليه. (ص 667 ح 941)

من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا بالكفاف. (ص 672 ح 999)

من أكثر من ذكر الموت قلّت في الدنيا رغبته. (ص 681 ح 1104)

من استعدّ لسفره قرّ عينا بحضره. (ص 721 ح 1509)

ص:77

ص:78

171- حبّ المال

الآيات

1- وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اَللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (1)

2- . . . وَ اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ اَلذَّهَبَ وَ اَلْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اَللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ - يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ . (2)

3- فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ . (3)

4- اَلْمالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَلْباقِياتُ اَلصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً . (4)

5- أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ - نُسارِعُ لَهُمْ فِي اَلْخَيْراتِ

ص:79


1- -الأنفال:28 و بمدلولها في التغابن:15
2- التوبة:34 و 35
3- التوبة:55
4- الكهف:46

بَلْ لا يَشْعُرُونَ . (1)

6- إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَ آتَيْناهُ مِنَ اَلْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي اَلْقُوَّةِ . الآيات. (2)

7- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ . (3)

8- وَ تُحِبُّونَ اَلْمالَ حُبًّا جَمًّا . (4)

9- وَ إِنَّهُ لِحُبِّ اَلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ . (5)

10- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ - اَلَّذِي جَمَعَ مالاً وَ عَدَّدَهُ - يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ . الآيات (6)

الأخبار

1-شكى رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام الحاجة، فقال له: اعلم أنّ كلّ شيء تصيبه من الدنيا فوق قوتك، فإنّما أنت فيه خازن لغيرك. (7)

بيان:

في عدّة الداعي ص 95: اعلم أنّ جامع المال و الساعي له مغبون الصفقة و مدخول العقل، و لنبيّن ذلك في وجوه:

ص:80


1- -المؤمنون:55 و 56
2- القصص:76 إلى 83
3- المنافقون:9
4- الفجر:20
5- العاديات:8
6- الهمزة:1 إلى 3
7- الخصال ج 1 ص 16 باب الواحد ح 58

الأوّل: ظلمه لنفسه بحمله عليها همّا قد كفيته، فإنّ محمل المال ثقيل و الهمّ به طويل، فصاحبه إن كان في الملأ شغله الفكر فيه، و إن كان وحيدا ارقته حراسته.

قال بعض العلماء: اختار الفقراء ثلاثة: اليقين، و فراغ القلب، و خفّة الحساب، اختار الأغنياء ثلاثة: تعب النفس، و شغل القلب و شدّة الحساب.

الثاني: شغل باطنه ببسط آماله فيه و فيما يصنع به، و كيف ينميه و يحفظه من لصّ أو ظالم، و كيف تنعم به، إذ لو لم يكن له فيه أمل لم يجمعه، ثمّ يخترمه أجله و يبطله آماله و يورث أهواله. قال عيسى عليه السّلام: ويل لصاحب الدنيا كيف يموت و يتركها و يأمنها و تغرّه وثيق بها و تخذله.

الثالث: إنّ جمع مال الدنيا يولد الأمل، و يورث ظلمة القلب، و يخرج حلاوة العبادات و هي من المهلكات. قال عيسى عليه السّلام: بحقّ أقول لكم: كما ينظر المريض إلى الطعام فلا يلتذّ به من شدّة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذّ بالعبادة، و لا يجد حلاوتها مع ما يجد من حلاوة الدنيا. . .

الرابع: وقوعه في عكس مراده و مقصوده، فإنّما سعى و حصل المال ليستريح به فزاده في همّه و تعبه، و عاد ما يحاذر عليه من الأسود الضارية و الكلاب العاوية. . .

الخامس: إنّه اشتريها بعمره و هو أنفس منها عاجلا و آجلا، فإنّه لو قيل للعاقل:

تبيع عمرك بملك الدنيا و ما فيها لأبى و لم يقبل ذلك، بل عند معاينة ملك الموت و تجليه لقبض روحه لو تقبّل منه المفادات و المصالحة على يوم واحد يبقى فيه و يستدرك ما فاته بجميع ماله لافتدى به. . .

و في جامع السعادات ج 2 ص 52: إنّ المال مثل حيّة فيها سمّ و ترياق، فغوائله سمّه و فوائده ترياقه، فمن عرفهما أمكنه أن يحترز من شرّه و يستدرّ منه خيره.

و لبيان ذلك نقول: إنّ غوائله إمّا دنيويّة أو دينيّة: و الدنيويّة: هي ما يقاسيه أرباب الأموال؛ من الخوف، و الحزن، و الهمّ، و الغمّ، و تفرّق الخاطر، و سوء العيش، و التعب في كسب الأموال و حفظها، و دفع الحسّاد و كيد الظالمين، و غير ذلك.

ص:81

و الدينيّة؛ ثلاثة أنواع:

أوّلها: أداؤه إلى المعصية، إذ المال من الوسائل إلى المعاصي، و نوع من القدرة المحرّكة لداعيتها، فإذا استشعرها الإنسان من نفسه انبعثت الداعية، و اقتحم في المعاصي و ارتكب أنواع الفجور. . .

و ثانيها: أداؤه إلى التنعّم في المباحات، فإنّ الغالب أنّ صاحب المال يتنعّم بالدنيا و يمرّن عليه نفسه، فيصير التنعّم محبوبا عنده مألوفا، بحيث لا يصبر عنه و يجرّه البعض منه إلى البعض، و إذا اشتدّ ألفه به و صار عادة له، ربما لم يقدر عليه من الحلال، فيقتحم في الشبهات و يخوض في المحرّمات: من الخيانة، و الظلم، و الغصب، و الرياء، و الكذب، و النفاق، و المداهنة، و سائر الأخلاق المهلكة، و الأشغال الرديّة، لينتظم أمر دنياه و يتيسّر له تنعّمه. . .

و ثالثها: و هو الذي لا ينفكّ عنه أحد من أرباب الأموال، و هو أنّه يلهيه إصلاح ماله و حفظه عن ذكر اللّه تعالى، و كلّ ما يشغل العبد عن اللّه تعالى فهو خسران و وبال. . .

أقول: قد مرّ في باب العلم ف 1 عن عليّ عليه السّلام: هلك خزّان الأموال و هم أحياء. . .

(نهج البلاغة ص 1156 ح 139)

2-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما بلا اللّه العباد بشيء أشدّ عليهم من إخراج الدرهم. (1)

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدينار و الدرهم أهلكا من كان قبلكم و هما مهلكاكم. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: منهومان لا يشبعان: منهوم علم و منهوم مال. (3)

ص:82


1- -الخصال ج 1 ص 8 ص 27
2- الخصال ج 1 ص 43 باب الاثنين ح 37(الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا ح 6)
3- الخصال ج 1 ص 53 ح 69

بيان:

«المنهوم» : المولع بالشيء لا يشبع منه.

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يهرم ابن آدم و يشبّ منه اثنان: الحرص على المال، و الحرص على العمر. (1)

6-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: الفتن ثلاث: حبّ النساء و هو سيف الشيطان، و شرب الخمر و هو فخّ الشيطان، و حبّ الدينار و الدرهم و هو سهم الشيطان، فمن أحبّ النساء لم ينتفع بعيشه، و من أحبّ الأشربة حرمت عليه الجنّة، و من أحبّ الدينار و الدرهم فهو عبد الدنيا.

و قال: قال عيسى بن مريم عليه السّلام: الدينار داء الدين، و العالم طبيب الدين، فإذا رأيتم الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتّهموه، و اعلموا أنّه غير ناصح لغيره. (2)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ملعون ملعون من أكمه و أعمى عن ولاية أهل بيتي، ملعون ملعون من عبد الدينار و الدرهم، ملعون ملعون من نكح بهيمة. (3)

بيان:

كمه كمها: عمي أو صار أعشى، و الأكمه: الأعمى.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقول إبليس: ما أعياني في ابن آدم فلن يعييني منه واحدة من ثلاث: أخذ مال من غير حلّه، أو منعه من حقّه، أو وضعه في غير وجهه. (4)

بيان:

«ما أعياني» أي ما أعجزني.

ص:83


1- -الخصال ج 1 ص 73 ح 112
2- الخصال ج 1 ص 113 باب الثلاثة ح 91
3- الخصال ج 1 ص 129 ح 132
4- الخصال ج 1 ص 132 ح 141

9-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كسب مالا من غير حلّ سلّط اللّه عليه البناء و الماء و الطين. (1)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّما أتخوّف على أمّتي من بعدي ثلاث خصال:

أن يتأوّلوا القرآن على غير تأويله، أو يتّبعوا زلّة العالم، أو يظهر فيهم المال حتّى يطغوا و يبطروا، و سأنبّئكم المخرج من ذلك: أمّا القرآن فاعملوا بمحكمه و آمنوا بمتشابهه، و أمّا العالم فانتظروا فيئته و لا تتّبعوا زلّته، و أمّا المال فإنّ المخرج منه شكر النعمة و أداء حقّه. (2)

بيان:

«فانتظروا فيئته» : أي فانتظروا رجوعه عن الزلّة إلى الحقّ و الاستقامة.

11-عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول:

لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخل شديد، و أمل طويل، و حرص غالب، و قطيعة الرحم، و إيثار الدنيا على الآخرة. (3)

12-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : السكر أربع سكرات: سكر الشراب، و سكر المال، و سكر النوم، و سكر الملك. (4)

أقول:

قد مرّ في باب الحبّ ف 2، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، و عن شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت» . (الخصال ص 253 باب الأربعة ح 125) 13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الشيطان يدير ابن آدم في كلّ شيء فإذا

ص:84


1- -الخصال ج 1 ص 159 ح 205
2- الخصال ج 1 ص 164 ح 216
3- الخصال ج 1 ص 282 باب الخمسة ح 29
4- الخصال ج 2 ص 636(معاني الأخبار ص 347 باب معنى أنواع السكر)

أعياه جثم له عند المال فأخذ برقبته. (1)

بيان:

«جثم له» أي لزم مكانه فلم يبرح «فإذا أعياه» أي إذا رفض الإنسان طاعة الشيطان و أعجزه و أعياه، ترصّد له و اختفى عند المال، فإذا أتى المال أخذ برقبته فأوقعه فيه بالحرام أو الشبهة، و الحاصل أنّ المال من أعظم مصائد الشيطان، إذ قلّ من لم يفتتن به عند تيسّره له. (راجع المرآة ج 10 ص 229)

14-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما ذئبان ضاريان في غنم ليس لها راع، هذا في أوّلها و هذا في آخرها بأسرع فيها من حبّ المال و الشرف في دين المؤمن. (2)

أقول:

في ح 2: «. . . بأفسد فيها من حبّ المال و الشرف في دين المسلم» .

بيان: «أسرع فيها» : أي في القتل و الإفناء. «الضاري» : السبع الذي اعتاد بالصيد و إهلاكه.

15-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أتاني ملك، فقال: يا محمّد، إنّ ربّك عزّ و جلّ يقرئك السلام و يقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا، قال: فرفع رأسه إلى السماء و قال: يا ربّ، أشبع يوما فأحمدك و أجوع يوما فأسألك. (3)

بيان:

«البطحاء» : مسيل وادي مكّة، و هو مسيل واسع فيه دقاق الحصى.

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اكتسب مالا من غير حلّه، كان رادّه

ص:85


1- -الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا ح 4
2- الكافي ج 2 ص 238 ح 3
3- العيون ج 2 ص 29 ب 31 ح 36

إلى النار.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: من لم يبال من أيّ باب اكتسب الدينار و الدرهم، لم أبال يوم القيامة من أيّ أبواب النار أدخلته. (1)

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: المال مادّة الشهوات. (2)

18-و قال عليه السّلام: يا بن آدم، ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك. (3)

19-و قال عليه السّلام: أنا يعسوب المؤمنين، و المال يعسوب الفجّار.

و معنى ذلك: أنّ المؤمنين يتّبعوني، و الفجّار يتّبعون المال كما يتّبع النحل يعسوبها، و هو رئيسها. (4)

20-و قال عليه السّلام: إنّ اللّه سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلاّ بما منع غنيّ، و اللّه تعالى جدّه سائلهم عن ذلك. (5)

21-و قال عليه السّلام: لكلّ امرئ في ماله شريكان: الوارث و الحوادث. (6)

22-و قال عليه السّلام: إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة اللّه، فورثه رجل فأنفقه في طاعة اللّه سبحانه، فدخل به الجنّة و دخل الأوّل به النار. (7)

ص:86


1- -الاختصاص للمفيد رحمه اللّه ص 242
2- نهج البلاغة ص 1113 ح 55- الغرر ج 1 ص 22 ف 1 ح 626
3- نهج البلاغة ص 1175 ح 183
4- نهج البلاغة ص 1236 ح 308
5- نهج البلاغة ص 1242 ح 320
6- نهج البلاغة ص 1245 ح 329
7- نهج البلاغة ص 1286 ح 421

أقول:

راجع باب الحسرات، و قد مرّ في باب القلب: «يا موسى، لا تفرح بكثرة المال. . .

فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب» .

23-في حديث الصادق عليه السّلام: و طلبت فراغ القلب فوجدته في قلّة المال. (1)

24-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه ذكر عنده رجل فقال: إنّ الرجل إذا أصاب مالا من حرام لم يقبل منه حجّ و لا عمرة و لا صلة رحم، حتّى إنّه يفسد فيه الفرج. (2)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يكتسب العبد مالا حراما فيتصدّق منه فيوجر عليه، و لا ينفق منه فيبارك اللّه له فيه، و لا يتركه خلف ظهره إلاّ كان رادّه (زاده ف ن) إلى النار. (3)

26-قال الصادق عليه السّلام: إن كان الحساب حقّا فالجمع لماذا؟ (4)

27-عن ابن عبّاس قال: إنّ أوّل درهم و دينار ضربا في الأرض نظر إليهما إبليس، فلمّا عاينهما أخذهما فوضعهما على عينيه، ثمّ ضمّهما إلى صدره، ثمّ صرخ صرخة ثمّ ضمّهما إلى صدره، ثمّ قال: أنتما قرّة عيني و ثمرة فؤادي، ما ابالي من بني آدم إذا أحبّوكما أن لا يعبدوا وثنا، حسبي من بني آدم أن يحبّوكما. (5)

28-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام أنّه سئل عن الدنانير و الدراهم، و ما على الناس فيها، فقال أبو جعفر عليه السّلام: هي خواتيم اللّه في أرضه، جعلها اللّه

ص:87


1- -المستدرك ج 12 ص 174 ب 101 من جهاد النفس في ح 19
2- أمالي الطوسي ج 2 ص 293
3- عدّة الداعي ص 93
4- البحار ج 73 ص 137 باب حبّ المال ح 1
5- البحار ج 73 ص 137 ح 3

مصحّة لخلقه، و بها يستقيم شؤونهم و مطالبهم، فمن أكثر له منها فقام بحقّ اللّه تعالى فيها، و أدّى زكاتها، فذاك الذي طابت و خلصت له، و من أكثر له منها فبخل بها، و لم يؤدّ حقّ اللّه فيها، و اتّخذ منها الآنية، فذاك الذي حقّ عليه وعيد اللّه عزّ و جلّ في كتابه، يقول اللّه تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ . (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «كلّ مال يؤدّى زكاته فليس بكنز، و إن كان تحت سبع أرضين، و كلّ مال لا تؤدّى زكاته فهو كنز و إن كان فوق الأرض» .

29-كان فيما سأل يهوديّ أمير المؤمنين عليه السّلام: لم سمّي الدرهم درهما و الدينار دينارا؟ فقال عليه السّلام: إنّما سمّي الدرهم درهما لأنّه دار همّ من جمعه و لم ينفقه في طاعة اللّه أورثه النار، و إنّما سمّي الدينار دينارا لأنّه دار النار من جمعه و لم ينفقه في طاعة اللّه أورثه النار. فقال اليهوديّ: صدقت يا أمير المؤمنين. (2)

30-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يكون امّتي في الدنيا على ثلاثة أطباق: أمّا الطبق الأوّل: فلا يحبّون جمع المال و ادّخاره، و لا يسعون في اقتنائه و احتكاره، و إنّما رضاهم من الدنيا سدّ جوعة و ستر عورة، و غناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة، فاولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.

و أمّا الطبق الثاني: فإنّهم يحبّون جمع المال من أطيب وجوهه و أحسن سبيله، يصلون به أرحامهم و يبرّون به إخوانهم و يواسون به فقرائهم، و لعضّ أحدهم

ص:88


1- -البحار ج 73 ص 138 ح 7
2- البحار ج 73 ص 140 ح 14

على الرضيف أيسر عليه من أن يكتسب درهما من غير حلّه، أو يمنعه من حقّه أن يكون له خازنا إلى حين موته، فاولئك الذين إن نوقشوا عذّبوا و إن عفي عنهم سلموا.

و أمّا الطبق الثالث: فإنّهم يحبّون جمع المال ممّا حلّ و حرم، و منعه ممّا افترض و وجب، إن أنفقوه أنفقوه إسرافا و بدارا و إن أمسكوه أمسكوه بخلا و احتكارا، اولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتّى أوردتهم النار بذنوبهم. (1)

بيان:

«اقتنائه» : قنا و اقتنى المال: جمعه و اتّخذه لنفسه لا للتجارة. «عضّ» على الشيء:

أمسكه بأسنانه. «الرضيف» : الحجارة المحماة على النار.

31-عن عيسى بن موسى عن الصادق عليه السّلام قال: يا عيسى، المال مال اللّه عزّ و جلّ، جعله ودائع عند خلقه و أمرهم أن يأكلوا منه قصدا و يشربوا منه قصدا، و يلبسوا منه قصدا، و ينكحوا منه قصدا، و يركبوا منه قصدا، و يعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، فمن تعدّى ذلك كان ما أكله حراما، و ما شرب منه حراما و ما لبسه منه حراما، و ما نكحه منه حراما، و ما ركبه منه حراما. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحرام، الحساب، الدنيا، الحسرات، الشيطان، الفقر، القناعة و الكفاف.

32-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، البركة في مال من آتى الزكاة، و واسى المؤمنين، و وصل الأقربين. (3)

33-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي زمان على امّتي يحبّون خمسا و ينسون خمسا:

ص:89


1- -البحار ج 77 ص 186 ح 29 من أعلام الدين
2- البحار ج 103 ص 16 باب الحثّ في طلب الحلال ح 74
3- تحف العقول ص 120

يحبّون الدنيا و ينسون الآخرة، و يحبّون المال و ينسون الحساب، و يحبّون النساء و ينسون الحور، و يحبّون القصور و ينسون القبور، و يحبّون النفس و ينسون الربّ، اولئك بريئون منّي و أنا بريء منهم. (1)

34-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّ المال و الشرف ينبتان النفاق، كما ينبت الماء البقل. (2)

35-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أخلاّء ابن آدم ثلاثة: واحد يتبعه إلى قبض روحه و هو ماله، و واحد يتبعه إلى قبره و هو أهله، و واحد يتبعه إلى محشره و هو عمله. (3)

36-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نعم المال الصالح للرجل الصالح. (4)

37-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المال حساب. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 231)

المال عارية. (ص 13 ح 303)

المال نهب الحوادث-المال سلوة (5)الوارث. (ص 17 ح 430 و 431)

المال يقوّي غير الأيّد. (ص 19 ح 516)

المال يقوّي الآمال. (ص 22 ح 628)

العاقل يطلب الكمال-الجاهل يطلب المال. (ح 630 و 631)

المال يبدي جواهر الرجال و خلائقها. (ص 39 ح 1199)

المال يفسد المآل و يوسّع الآمال. (ص 53 ح 1466)

ص:90


1- -الاثنى عشرية ص 202 ب 5 ف 2
2- جامع السعادات ج 2 ص 48
3- جامع السعادات ج 2 ص 48
4- جامع السعادات ج 2 ص 51
5- أي النعمة، و الرفاهيّة

المال للفتن سبب و للحوادث سلب. (ص 54 ح 1486)

المال داعية التعب، و مطيّة النصب. (ح 1487)

المال لا ينفعك حتّى يفارقك. (ح 1490)

المال يكرم صاحبه في الدنيا، و يهينه عند اللّه سبحانه. (ص 75 ح 1861)

المال يرفع صاحبه في الدنيا و يضعه في الآخرة. (ص 79 ح 1906)

المال و بال على صاحبه إلاّ ما قدّم منه. (ص 84 ح 1978)

المال فتنة النفس و نهب الرزايا. (ص 87 ح 2011)

استعيذوا باللّه من سكرة الغنى، فإنّ له سكرة بعيدة الإفاقة.

(ص 138 ف 3 ح 77)

أفضل المال ما استرقّ به الأحرار. (ص 180 ف 8 ح 125)

أفضل الأموال ما استرقّ به الرجال. (ح 127)

أزكى المال ما اكتسب من حلّه. (ح 128)

أنفع المال ما قضي به الفرض. (ص 185 ح 213)

أزكى المال ما اشتري به الآخرة. (ح 214)

أطيب المال ما اكتسب من حلّه. (ص 186 ح 224)

أفضل الأموال أحسنها أثرا عليك. (ص 193 ح 323)

أفضل المال ما قضيت به الحقوق. (ص 201 ح 424)

إنّ إعطاء هذا المال قنية (1)و إنّ إمساكه فتنة. (ص 215 ف 9 ح 16)

إنّ إنفاق هذا المال في طاعة اللّه أعظم نعمة و إنفاقه في معصية اللّه أعظم محنة.

(ص 216 ح 17)

إنّ مالك لحامدك في حياتك و لذامّك بعد وفاتك. (ص 222 ح 89)

ص:91


1- -بكسر القاف أو ضمّها: ما اكتسب من المال، أصل المال

إنّ المرء على ما قدّم قادم، و على ما خلّف نادم. (ص 228 ح 130)

إنّ خير المال ما أكسب ثناء و شكرا و أوجب ثوابا و أجرا. (ص 238 ح 196)

إنّ خير المال ما أورثك ذخرا و ذكرا، و أكسبك حمدا و أجرا.

(ص 244 ح 224)

إذا أحبّ اللّه عبدا بغّض إليه المال و قصّر منه الآمال.

(ص 319 ف 17 ح 136)

إذا أراد اللّه بعبد شرّا حبّب إليه المال و بسط منه الآمال. (ح 137)

بركوب الأهوال تكتسب الأموال. (ص 332 ف 18 ح 78)

ثروة المال تردي [و تطغي]و تفني. (ص 367 ف 25 ح 22)

حبّ المال يفسد المآل. (ص 380 ف 28 ح 8)

حبّ المال يقوّي الآمال، و يفسد الأعمال. (ح 9)

حبّ المال يوهن الدين و يفسد اليقين. (ص 381 ح 10)

شرّ الأموال ما أكسب المذامّ. (ص 442 ف 41 ح 2)

شرّ الأموال مال لم يغن عن صاحبه. (ص 443 ح 11)

شرّ الأموال مال لم ينفق في سبيل اللّه منه، و لم تؤدّ زكاته. (ح 12)

شرّ الأموال ما لم يخرج منه حقّ اللّه سبحانه. (ص 445 ح 39)

كثرة المال يفسد القلوب و ينسي الذنوب. (ج 2 ص 562 ف 66 ح 28)

لن ينجو من الموت غنيّ لكثرة ماله. (ص 591 ف 72 ح 29)

من اكتسب مالا من غير حلّه أضرّ بآخرته. (ص 662 ح 871)

من جمع المال لينفع به الناس أطاعوه، و من جمعه لنفسه أضاعوه.

(ص 665 ف 77 ح 913)

من كرم عليه المال، هانت عليه الرجال. (ص 670 ح 973)

من بذل ماله استرقّ الرقاب. (ح 976)

ص:92

من اكتسب مالا في غير حلّه، يصرفه في غير حقّه. (ص 691 ح 1222)

لا تصرف مالك في المعاصي فتقدم على ربّك بلا عمل.

(ص 817 ف 85 ح 209)

لا يجمع المال إلاّ الحرص، و الحريص شقيّ مذموم. (ص 851 ف 86 ح 405)

لا يبقي المال إلاّ البخل، و البخيل معاقب ملوم. (ح 406)

ينبغي للعاقل أن يحترس من سكر المال، و سكر القدرة، و سكر العلم، و سكر المدح، و سكر الشباب، فإنّ لكلّ ذلك رياح خبيثة، تسلب العقل، و تستخفّ الوقار. (ص 862 ف 87 ح 27)

ص:93

ص:94

172- الماء

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: شرب الماء

الآيات

1- . . . وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلسَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ اَلشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ اَلْأَقْدامَ . (1)

2- . . . وَ جَعَلْنا مِنَ اَلْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ . (2)

3- . . . وَ أَنْزَلْنا مِنَ اَلسَّماءِ ماءً طَهُوراً- لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَ نُسْقِيَهُ مِمّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَ أَناسِيَّ كَثِيراً . (3)

ص:95


1- -الأنفال:11
2- الأنبياء:30
3- الفرقان:48 و 49

4- وَ نَزَّلْنا مِنَ اَلسَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنّاتٍ وَ حَبَّ اَلْحَصِيدِ . (1)

5- أَ فَرَأَيْتُمُ اَلْماءَ اَلَّذِي تَشْرَبُونَ - أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ اَلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ اَلْمُنْزِلُونَ - لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ . (2)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الماء سيّد الشراب في الدنيا و الآخرة. (3)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكثر من شرب الماء، فإنّه مادّة لكلّ داء. (4)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يشرب أحدكم الماء حتّى يشتهيه، فإذا اشتهاه فليقلّ منه.

و في حديث آخر: لو أنّ الناس أقلّوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم. (5)

4-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أقلّ شرب الماء صحّ بدنه. (6)

5-قال: شرب الماء على أثر الدسم يهيّج الداء. (7)

بيان:

«الدسم» : يقال بالفارسيّة: چربى.

ص:96


1- -ق:9
2- الواقعة:68 إلى 70
3- الوسائل ج 25 ص 233 ب 1 من الأشربة المباحة ح 3
4- الوسائل ج 25 ص 238 ب 6 ح 2
5- الوسائل ج 25 ص 238 ح 3 و 4
6- الوسائل ج 25 ص 239 ح 5
7- الوسائل ج 25 ص 239 ح 7

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شرب الماء من قيام بالنهار أقوى و أصحّ للبدن. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شرب الماء بالنهار يمرئ الطعام، و شرب الماء بالليل من قيام يورث الماء الأصفر. (2)

8-عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشرب بالنفس الواحد؟ قال: يكره ذلك، و ذاك شرب الهيم، قلت: و ما الهيم؟ قال:

الإبل. (3)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يكره النفس الواحد في الشرب، و قال: ثلاثة أنفاس أو اثنتين. (4)

10-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ الرجل ليشرب الشربة فيدخله اللّه بها الجنّة، قلت: و كيف ذاك يا بن رسول اللّه؟ قال: إنّ الرجل ليشرب الماء فيقطعه، ثمّ ينحّي الماء و هو يشتهيه، فيحمد اللّه، ثمّ يعود فيه فيشرب، ثمّ ينحّيه و هو يشتهيه، فيحمد اللّه عزّ و جلّ، ثمّ يعود فيشرب، فيوجب اللّه عزّ و جلّ له بذلك الجنّة. (5)

أقول:

بهذا المعنى ح 3 و 4، و قال في ح 3: «إنّه ليأخذ الإناء فيضعه على فيه و يسمّي ثمّ يشرب. . .» .

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذكر اسم اللّه على الطعام و الشراب، فإذا

ص:97


1- -الوسائل ج 25 ص 239 ب 7 ح 1
2- الوسائل ج 25 ص 240 ح 2
3- الوسائل ج 25 ص 245 ب 9 ح 1
4- الوسائل ج 25 ص 247 ح 12
5- الوسائل ج 25 ص 249 ب 10 ح 1

فرغت فقل: الحمد للّه الذي يطعم و لا يطعم. (1)

12-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ماء زمزم دواء ممّا شرب له. (2)

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما إنّ أهل الكوفة لو حنّكوا أولادهم بماء الفرات لكانوا شيعة لنا. (3)

14-عن داود الرقّي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذا استقى الماء، فلمّا شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه.

ثمّ قال لي: يا داود، لعن اللّه قاتل الحسين عليه السّلام [فما أنغص ذكر الحسين عليه السّلام للعيش، إنّي ما شربت ماء باردا إلاّ ذكرت الحسين عليه السّلام]و ما من عبد شرب الماء، فذكر الحسين عليه السّلام و أهل بيته، و لعن قاتله إلاّ كتب اللّه عزّ و جلّ له مائة ألف حسنة، و حطّ عنه مائة ألف سيّئة، و رفع له مائة ألف درجة، و كأنّما أعتق مائة ألف نسمة، و حشرة اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد [أبلج الوجه]. (4)

بيان:

«ثلج الفؤاد» : أي مطمئنّ القلب، في النهاية ج 1 ص 219: يقال: ثلجت نفسي بالأمر. . . إذا اطمأنّت إليه و سكنت، و ثبت فيها و وثقت به.

15-في الرسالة الذهبيّة للرضا عليه السّلام: و من أراد أن لا تؤذيه معدته فلا يشرب على (بين م) طعامه ماء حتّى يفرغ، و من فعل ذلك رطب بدنه، و ضعفت معدته، و لم تأخذ العروق قوّة الطعام، فإنّه يصير في المعدة فجّا إذا صبّ

ص:98


1- -الوسائل ج 25 ص 252 ح 7
2- الوسائل ج 25 ص 260 ب 16 ح 2
3- الوسائل ج 25 ص 268 ب 23 ح 5
4- الوسائل ج 25 ص 272 ب 27 ح 1( كامل الزيارات ص 106 ب 34- أمالي الصدوق م 29 ح 7- الكافي ج 6 ص 391 باب النوادر من الأشربة ح 6)

الماء على الطعام أوّلا فأوّلا. (1)

بيان:

«رطب» بضمّ الطاء و كسرها: ندي و صار ناعما. «الفجّ» من كلّ شيء: ما لم ينضج (نپخته) .

16-روى الكفعميّ رحمه اللّه عن سكينة بنت الحسين عليه السّلام قالت: لمّا قتل الحسين عليه السّلام اعتنقته فأغمي عليّ فسمعته يقول:

شيعتي ما إن شربتم (ماء) عذب فاذكروني

أو سمعتم بغريب أو شهيد فاندبوني

الخبر. (2)

أقول:

في لئالي الأخبار ج 2 ص 332: نقل في حديقة الشيعة (ص 508) : أنّه جرى الكلام في محضر أحد الأئمّة عليهم السّلام في فضل ليلة من الليالي المتبركة، و ثواب إحيائها، و أجر الأعمال الواقعة فيها؛ فقال رجل من الحاضرين: آه إنّي كنت غافلا فيها، و تأسّف على فوات إحيائها و القيام بأعمال الحسنة فيها، فقال له الإمام عليه السّلام: أنت كنت في الليلة أفضل عملا و أكثر أجرا من كلّ أحد لما شربت الماء فيها و ذكرت الحسين عليه السّلام و لعنت على ظالميه. (و تبرّئت منهم م) .

17-. . . قال الصادق عليه السّلام: الماء البادر يطفئ الحرارة، و يسكنّ الصفراء، و يذيب الطعام في المعدة، و يذهب بالحمّى. (3)

18-و عنه عليه السّلام قال: الماء المغليّ ينفع من كلّ شيء و لا يضرّ من شيء. (4)

ص:99


1- -المستدرك ج 17 ص 7 ب 4 من الأشربة المباحة ح 2
2- المستدرك ج 17 ص 26 ب 22
3- البحار ج 66 ص 450 باب فضل الماء ح 16
4- البحار ج 66 ص 451

19-و عنه عليه السّلام قال: إذا دخل أحدكم الحمّام فليشرب ثلاثة أكفّ ماء حارّ، فإنّه يزيد في بهاء الوجه، و يذهب بالألم من البدن. (1)

20-و قال الرضا عليه السّلام: الماء المسخّن إذا غليته سبع غليات و قلبته من إناء إلى إناء فهو يذهب بالحمّى و ينزل القوّة في الساقين و القدمين. (2)

21-عن ابن أبي طيفور المتطبّب قال: نهيت أبا الحسن الماضي عليه السّلام عن شرب الماء، قال: و ما بأس بالماء، و هو يدير الطعام في المعدة، و يسكن الغضب، و يزيد في اللبّ، و يطفئ المرار. (3)

بيان:

«يدير الطعام في المعدة» : كأنّه كناية عن سرعة الهضم، و في مكارم الأخلاق:

"يذيب الطعام"و هو أظهر.

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الاستشفاء بالعيون الحارّة التي تكون في الجبال التي توجد منها رائحة الكبريت، فإنّها من فوح جهنّم. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر في الكافي و غيره.

بيان: في النهاية ج 3 ص 477، «من فوح جهنّم» : أي شدّة غليانها و حرّها، و يروى بالياء. «الكبريت» يقال بالفارسيّة: گوگرد.

ص:100


1- -البحار ج 66 ص 451
2- البحار ج 66 ص 451
3- البحار ج 66 ص 456 ح 42
4- البحار ج 66 ص 480 باب النهي عن الاستشفاء بالمياه الحارّة ح 2

الفصل الثاني: سقي الماء

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أوّل ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء-يعني: في الأجر-. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفضل الصدقة إبراد كبد حرّى. (2)

3-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة، و من سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان كمن أحيى نفسا، و من أحيى نفسا فكأنّما أحيى الناس جميعا. (3)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى يحبّ إبراد الكبد الحرّى، و من سقى كبدا حرّى من بهيمة أو غيرها أظلّه اللّه (في ظلّ عرشه) يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه. (4)

5-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: من أطعم مؤمنا

ص:101


1- -الوسائل ج 9 ص 472 ب 49 من الصدقة ح 1
2- الوسائل ج 9 ص 472 ح 2
3- الوسائل ج 9 ص 473 ح 3
4- الوسائل ج 9 ص 473 ح 5

من جوع أطعمه اللّه من ثمار الجنّة، و من سقى مؤمنا من ظمأ سقاه اللّه من الرحيق المختوم، و من كسا مؤمنا كساه اللّه من الثياب الخضر. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سقى مؤمنا شربة من ماء من حيث يقدر على الماء أعطاه اللّه بكلّ شربة سبعين ألف حسنة، و إن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنّما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل. (2)

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الصدقة سقي الماء. (3)

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من سقى أخاه المسلم شربة سقاه اللّه من شراب الجنّة، و أعطاه بكلّ قطرة منها قنطارا في الجنّة. (4)

9-. . . و عن ابن عبّاس قال: قال لي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: رأيت فيما يرى النائم عمّي حمزة بن عبد المطلّب و أخي جعفر بن أبي طالب، فقلت لهما: بأبي أنتما أيّ الأعمال وجدتما أفضل؟ قالا: فديناك بالآباء و الامّهات وجدنا أفضل الأعمال؛ الصلاة عليك، و سقي الماء، و حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (5)

10-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ أوّل ما يبدء به يوم القيامة صدقة الماء. (6)

ص:102


1- -الوسائل ج 9 ص 474 ح 7
2- الوسائل ج 25 ص 253 ب 11 من الأشربة المباحة ح 2
3- المستدرك ج 7 ص 250 ب 45 من الصدقة ح 1
4- المستدرك ج 7 ص 253 ح 10
5- البحار ج 96 ص 172 ب 19 من الزكاة ح 6
6- البحار ج 96 ص 173 ح 13

حرف النون

173- النبوّة

الآيات

1- رَبَّنا وَ اِبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ . (1)

2- قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ اَلْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ ما أُوتِيَ اَلنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ - فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اِهْتَدَوْا وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اَللّهُ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ - صِبْغَةَ اَللّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللّهِ صِبْغَةً وَ نَحْنُ لَهُ عابِدُونَ . (2)

3- كانَ اَلنّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اَللّهُ اَلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ اَلْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ اَلنّاسِ فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ. . . (3)

4- لَقَدْ مَنَّ اَللّهُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ . (4)

ص:103


1- -البقرة:129 و بمضمونها في البقرة:151 و النساء:113 و المائدة:110 و الزخرف:63
2- البقرة:136 إلى 138 و مثلها في آل عمران:84
3- البقرة:213
4- آل عمران:164

5- إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَ اَلنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ . . . - رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اَللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ وَ كانَ اَللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً . (1)

6- يا أَهْلَ اَلْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ اَلْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اَللّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اَللّهُ مَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ اَلسَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . (2)

7- وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا . الآيات. (3)

8- اَلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ اَلرَّسُولَ اَلنَّبِيَّ اَلْأُمِّيَّ اَلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي اَلتَّوْراةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ اَلطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اَلْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ اَلْأَغْلالَ اَلَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اِتَّبَعُوا اَلنُّورَ اَلَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ . الآيات. (4)

9- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ. . . (5)

10- وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اَللّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ . (6)

11- وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اَللّهَ وَ اِجْتَنِبُوا اَلطّاغُوتَ. . . (7)

ص:104


1- -النساء:163 إلى 165
2- المائدة:15 و 16
3- الأنعام:84 إلى 90
4- الأعراف:157
5- الأنفال:24
6- إبراهيم:5
7- النحل:36

12- وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ - بِالْبَيِّناتِ وَ اَلزُّبُرِ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ . (1)

13- . . . وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ اَلنَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً . (2)

14- وَ ما نُرْسِلُ اَلْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ. . . (3)

15- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . (4)

16- يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اَللّهِ وَ آمِنُوا بِهِ . . . فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ. . . (5)

17- لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْمِيزانَ لِيَقُومَ اَلنّاسُ بِالْقِسْطِ. . . (6)

18- هُوَ اَلَّذِي بَعَثَ فِي اَلْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ . (7)

ص:105


1- -النحل:43 و 44
2- الإسراء:55
3- الكهف:56
4- الشعراء:107 و 125 و 143 و 162 و 178، و الدخان:18 و نظيرها في الأعراف:68
5- الأحقاف:31 إلى 35
6- الحديد:25
7- الجمعة:2

الأخبار

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الإمامة من الاضطرار إلى الحجّة و لزوم العصمة و. . .

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحمد للّه المتحجّب بالنور دون خلقه. . . و ابتعث فيهم النبيّين، مبشّرين و منذرين، ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حىّ عن بيّنة، و ليعقل العباد عن ربّهم ما جهلوا و عرفوه بربوبيّته بعد ما أنكروا، و يوحّدوه بالإلهيّة بعد ما عندوا. (1)

بيان:

قال المظفّر رحمه اللّه (في عقائد الإماميّة ص 73) : نعتقد أنّ النبوّة وظيفة إلهيّة و سفارة ربّانيّة، يجعلها اللّه تعالى لمن ينتجبه و يختاره من عباده الصالحين و أوليائه الكاملين في إنسانيّتهم، فيرسلهم إلى سائر الناس لغاية إرشادهم إلى ما فيه منافعهم و مصالحهم في الدنيا و الآخرة، و لغرض تنزيههم و تزكيتهم من درن مساوئ الأخلاق، و مفاسد العادات، و تعليمهم الحكمة و المعرفة، و بيان طرق السعادة و الخير، لتبلغ الإنسانيّة كمالها اللائق بها، فترتفع إلى درجاتها الرفيعة في الدارين: دار الدنيا و دار الآخرة.

و نعتقد أنّ قاعدة اللطف توجب أن يبعث الخالق اللطيف بعباده رسله لهداية البشر. . . كما نعتقد أنّه تعالى لم يجعل للناس حقّ تعيين النبيّ أو ترشيحه أو انتخابه. . .

(النبوّة لطف) : إنّ الإنسان مخلوق غريب الأطوار، معقّد التركيب في تكوينه

ص:106


1- -العلل ج 1 ص 119 ب 99 ح 1

و في طبيعته و في نفسيّته و في عقله، بل في شخصيّة كلّ فرد من أفراده، و قد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة و بواعث الخير و الصلاح من جهة اخرى، فمن جهة قد جبل على العواطف و الغرائز من حبّ النفس و الهوى و الأثرة و إطاعة الشهوات، و فطر على حبّ التغلّب و الاستطالة و الاستيلاء على ما سواه، و التكالب على الحياة الدنيا. . .

و من الجهة الثانية، خلق اللّه تعالى فيه عقلا هاديا يرشده إلى الصلاح و مواطن الخير، و ضميرا وازعا يردعه عن المنكرات و الظلم و يؤنّبه على فعل ما هو قبيح و مذموم.

و لا يزال الخصام الداخلي في النفس الإنسانيّة مستعرا بين العاطفة و العقل، فمن يتغلّب عقله على عاطفته كان من الأعلين مقاما و الراشدين في إنسانيّتهم و الكاملين في روحانيّتهم، و من تقهره عاطفته كان من الأخسرين منزلة. . .

على أنّ الإنسان لقصوره و عدم اطّلاعه على جميع الحقائق و أسرار الأشياء المحيطة به و المنبثقة من نفسه، لا يستطيع أن يعرف بنفسه كلّ ما يضرّه و ينفعه، و لا كلّ ما يسعده و يشقيه، لا فيما يتعلّق بخاصّة نفسه، و لا فيما يتعلّق بالنوع الإنسانيّ و مجتمعه و محيطه. . .

و على هذا فالإنسان في أشدّ الحاجة ليبلغ درجات السعادة إلى من ينصب له الطريق اللاحب و النهج الواضح إلى الرشاد و اتّباع الهدى، لتقوّى بذلك جنود العقل. . . و أكثر ما تشتدّ حاجته إلى من يأخذ بيده إلى الخير و الصلاح عند ما تخادعه العاطفة و تراوغه-و كثيرا ما تفعل-فتزيّن له أعماله و تحسّن لنفسه انحرافاتها، إذ تريه ما هو حسن قبيحا أو ما هو قبيح حسنا، و تلبّس على العقل طريقه إلى الصلاح و السعادة و النعيم، في وقت ليس له تلك المعرفة التي تميّز له كلّ ما هو حسن و نافع، و كلّ ما هو قبيح و ضارّ، و كلّ واحد منّا صريع لهذه المعركة من حيث يدري و لا يدري إلاّ من عصمه اللّه.

ص:107

و لأجل هذا يعسر على الإنسان المتمدّن المثقّف فضلا عن الوحشيّ الجاهل أن يصل بنفسه إلى جميع طرق الخير و الصلاح، و معرفة جميع ما ينفعه و يضرّه في دنياه و آخرته فيما يتعلّق بخاصّة نفسه أو بمجتمعه و محيطه، مهما تعاضد مع غيره من أبناء نوعه ممن هو على شاكلته و تكاشف معهم، و مهما أقام بالاشتراك معهم المؤتمرات و المجالس و الاستشارات.

فوجب أن يبعث اللّه تعالى في الناس رحمة لهم و لطفا بهم: رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ و ينذرهم عمّا فيه فسادهم و يبشّرهم بما فيه صلاحهم و سعادتهم. . .

قال رحمه اللّه في ص 80: و نعتقد أنّ النبيّ كما يجب أن يكون معصوما يجب أن يكون متّصفا بأكمل الصفات الخلقيّة و العقليّة و أفضلها؛ من نحو الشجاعة و السياسة و التدبير و الصبر و الفطنة و الذكاء، حتّى لا يدانيه بشر سواه فيها، لأنّه لو لا ذلك لما صحّ أن تكون له الرئاسة العامّة على جميع الخلق و لا قوّة إدارة العالم كلّه.

كما يجب أن يكون طاهر المولد، أمينا صادقا منزّها عن الرذائل قبل بعثته أيضا، لكي تطمئنّ إليه القلوب و تركن إليه النفوس، بل لكي يستحقّ هذا المقام الإلهيّ العظيم.

2-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأله رجل فقال: لأيّ شيء بعث اللّه الأنبياء و الرسل إلى الناس؟ فقال: لئلاّ يكون للناس على اللّه حجّة من بعد الرسل، و لئلاّ يقولوا: ما جائنا من بشير و لا نذير و ليكون حجّة اللّه عليهم، أ لا تسمع اللّه عزّ و جلّ يقول حكاية عن خزنة جهنّم و احتجاجهم على أهل النار بالأنبياء و الرسل: أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ- قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اَللّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (1). 2

ص:108


1- -الملك:8 و 9

3-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لأيّ علّة أعطى اللّه عزّ و جلّ أنبيائه و رسله و أعطاكم المعجزة؟ فقال: ليكون دليلا على صدق من أتى به، و المعجزة علامة للّه لا يعطيها إلاّ أنبيائه و رسله و حججه ليعرف به صدق الصادق من كذب الكاذب. (1)

بيان:

«المعجزة» في عقائد الإماميّة ص 77: نعتقد أنّه تعالى إذ ينصب لخلقه هاديا و رسولا لا بدّ أن يعرفّهم بشخصه و يرشدهم إليه بالخصوص على وجه التعيين، و ذلك منحصر بأن ينصب على رسالته دليلا و حجّة يقيمها لهم، إتماما للطف و استكمالا للرحمة، و ذلك الدليل لا بدّ أن يكون من نوع لا يصدر إلاّ من خالق الكائنات و مدبّر الموجودات (أي فوق مستوى مقدور البشر) فيجريه على يدي ذلك الرسول الهادي ليكون معرّفا به و مرشدا إليه، و ذلك الدليل هو المسمّى بالمعجز أو المعجزة، لأنّه يكون على وجه يعجز البشر عن مجاراته و الإتيان بمثله. . .

4-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: إنّما سمّي أولوا العزم أولي العزم لأنّهم كانوا أصحاب العزائم و الشرايع، و ذلك أنّ كلّ نبيّ كان بعد نوح عليه السّلام كان على شريعته و منهاجه، و تابعا لكتابه إلى زمان إبراهيم الخليل عليه السّلام، و كلّ نبيّ كان في إيّام إبراهيم و بعده كان على شريعة إبراهيم و منهاجه، و تابعا لكتابه إلى زمن موسى عليه السّلام، و كلّ نبيّ كان في زمن موسى عليه السّلام و بعده كان على شريعة موسى و منهاجه و تابعا لكتابه إلى أيّام عيسى عليه السّلام، و كلّ نبيّ كان في أيّام عيسى و بعده كان على منهاج عيسى و شريعته و تابعا لكتابه إلى زمن نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه

ص:109


1- العلل ج 1 ص 122 ب 100

و آله و عليهم، فهؤلاء الخمسة هم أولوا العزم و هم أفضل الأنبياء و الرسل، و شريعة محمّد صلّى اللّه عليه و آله لا تنسخ إلى يوم القيامة و لا نبيّ بعده إلى يوم القيامة، فمن ادّعى بعد نبيّنا أو أتى القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه. (1)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: أولوا العزم من الرسل خمسة: نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمّد صلوات اللّه عليهم. (2)

6-في سؤال أبي ذرّ رحمه اللّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. . . قلت: يا رسول اللّه، كم النبيّون؟ قال: مائة ألف و أربعة و عشرون ألف نبيّ، قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة و ثلاث عشر. . . قلت: يا رسول اللّه، كم أنزل اللّه من كتاب؟ قال:

مائة كتاب و أربعة كتب؛ أنزل اللّه على شيث خمسين صحيفة، و على إدريس ثلاثين صحيفة و على إبراهيم عشرين صحيفة، و أنزل التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان. . . (3)

7-عن عليّ بن موسى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: خلق اللّه عزّ و جلّ مائة ألف نبيّ و أربعة و عشرين ألف نبيّ، أنا أكرمهم على اللّه و لا فخر، و خلق اللّه عزّ و جلّ مائة ألف وصيّ و أربعة و عشرين ألف وصيّ، فعليّ عليه السّلام أكرمهم على اللّه و أفضلهم. (4)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الأنبياء و المرسلون على أربع طبقات: فنبيّ منبّأ في نفسه لا يعدو غيرها، و نبيّ يرى في النوم و يسمع الصوت و لا يعاينه في اليقظة، و لم يبعث إلى أحد و عليه إمام، مثل ما كان إبراهيم على لوط، و نبيّ يرى في منامه و يسمع الصوت و يعاين الملك، و قد ارسل إلى طائفة قلّوا أو كثروا، كيونس.

ص:110


1- -العلل ج 1 ص 122 ب 101 ح 2
2- الخصال ج 1 ص 300 باب الخمسة ح 73
3- الخصال ج 2 ص 524 باب العشرين ح 13
4- الخصال ج 2 ص 641 باب ما بعد الألف ح 18(و 19)

قال اللّه ليونس: وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (1)قال: يزيدون ثلاثين ألفا و عليه إمام، و الذي يرى في نومه و يسمع الصوت و يعاين في اليقظة و هو إمام مثل أولي العزم، و قد كان إبراهيم عليه السّلام نبيّا و ليس بإمام حتّى قال اللّه: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي فقال اللّه: لا يَنالُ عَهْدِي اَلظّالِمِينَ (2)من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما. (3)

أقول:

لاحظ باب الفرق بين الرسول و النبيّ و المحدّث في الكافي ج 1 ص 134.

بيان: «أو يزيدون» . . . قيل: إنّه لمّا كان إرسال يونس إلى قومه أمرا مستمرّا و كان قومه في بعض أوقات الإرسال مأة ألف و زادوا بالتوالد في بعض الأوقات إلى أن صاروا مأة و ثلاثين ألفا استعمل"أو". . . و لم يذكر قدر الزيادة إشارة إلى أنّه في كلّ وقت من أوقات الزيادة غير ما في الأوقات الأخرى، فبيّن عليه السّلام أنّ منتهى الزيادة ثلاثون ألفا. . . (المرآة ج 2 ص 282)

9-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: سادة النبيّين و المرسلين خمسة و هم أولوا العزم من الرسل و عليهم دارت الرحى: نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمّد صلّى اللّه عليه و آله و على جميع الأنبياء. (4)

بيان:

«دارت الرحى» : أي رحى النبوّة و الرسالة و الشريعة و الدين، و سائر الأنبياء تابعون لهم.

10-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام في العقل: يا هشام، ما بعث اللّه

ص:111


1- -الصافّات:147
2- البقرة:124
3- الكافي ج 1 ص 133 باب طبقات الأنبياء ح 1
4- الكافي ج 1 ص 134 ح 3

أنبيائه و رسله إلى عباده إلاّ ليعقلوا عن اللّه، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، و أعلمهم بأمر اللّه أحسنهم عقلا، و أكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا و الآخرة.

يا هشام، إنّ للّه على الناس حجّتين: حجة ظاهرة و حجّة باطنة؛ فأمّا الظاهرة فالرسل و الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام، و أمّا الباطنة فالعقول. (1)

بيان:

في المرآة: «ليعقلوا عن اللّه» : ضمير الجمع راجع إلى العباد، و إرجاعه إلى الأنبياء بعيد، أي ليعلموا علوم الدين أصولا و فروعا عنه تعالى بتوسّط الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام، فالعقل هنا بمعنى العلم، أو لتصير عقولهم كاملة بحسب الكسب بهداية اللّه تعالى، و التفريع بالأوّل أنسب.

أقول: في ح 11: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و لا بعث اللّه نبيّا و لا رسولا حتّى يستكمل العقل، و يكون عقله أفضل من جميع عقول امّته، و ما يضمر النبيّ في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين. . .

11-قال ابن السكّيت لأبي الحسن عليه السّلام: لماذا بعث اللّه موسى بن عمران عليه السّلام بالعصا و يده البيضاء و آلة السحر؟ و بعث عيسى عليه السّلام بآلة الطبّ؟ و بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالكلام و الخطب؟ فقال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ اللّه لمّا بعث موسى عليه السّلام كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن في وسعهم مثله، و ما أبطل به سحرهم، و أثبت به الحجّة عليهم.

و إنّ اللّه بعث عيسى عليه السّلام في وقت (قد) ظهرت فيه الزمانات، و احتاج الناس إلى الطبّ، فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن عندهم مثله، و بما أحيا لهم الموتى، و أبرء الأكمه و الأبرص بإذن اللّه، و أثبت به الحجّة عليهم.

و إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب و الكلام

ص:112


1- -الكافي ج 1 ص 13 ك العقل ح 12

-و أظنّه قال: الشعر-فأتاهم من عند اللّه من مواعظه و حكمه ما أبطل به قولهم، و أثبت به الحجّة عليهم، قال: فقال ابن السكّيت: تاللّه ما رأيت مثلك قطّ، فما الحجّة على الخلق اليوم؟ قال: فقال عليه السّلام: العقل، يعرف به الصادق على اللّه فيصدّقه، و الكاذب على اللّه فيكذّبه، قال: فقال ابن السكّيت: هذا و اللّه هو الجواب. (1)

بيان:

«الزمانات» : الأمراض المزمنة و الآفات. . .

لا بدّ أن تناسب معجزة كلّ نبيّ ما يشتهر في عصره من العلوم و الفنون، و معجزة نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله الخالدة هي القرآن الكريم، و نعتقد أنّ القرآن هو الوحي الإلهيّ المنزّل من اللّه تعالى على لسان نبيّه الأكرم، فيه تبيان كلّ شيء، و هو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة و الفصاحة و فيما احتوى من حقائق و معارف عالية، لا يعتريه التبديل و التغيير و التحريف.

و من دلائل إعجازه أنّه كلّما تقدّم الزمن و تقدّمت العلوم و الفنون، فهو باق على طراوته و حلاوته و على سموّ مقاصده و أفكاره، و لا يظهر فيه خطأ في نظريّة علمية ثابتة، على العكس من كتب العلماء.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما كلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله العباد بكنه عقله قطّ.

و قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم. (2)

بيان:

كنه الشيء: نهايته أو حقيقته.

ص:113


1- -الكافي ج 1 ص 18 ح 20-و مثله في العلل و العيون عن الرضا عليه السّلام
2- الكافي ج 1 ص 18 ح 15

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اصطفى سبحانه من ولده (أي آدم) أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، و على تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم، فجهلوا حقّه، و اتّخذوا الأنداد معه، و احتالتهم الشياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، و واتر إليهم أنبيائه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، و يذكّروهم منسيّ نعمته، و يحتجّوا عليهم بالتبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول، و يروهم الآيات المقدّرة:

من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع، و معايش تحييهم، و آجال تفنيهم، و أوصاب تهرمهم و أحداث تتابع عليهم، و لم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل، أو كتاب منزل، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة، رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم، و لا كثرة المكذّبين لهم: من سابق سمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله. . . (1)

بيان:

«الأنداد» : الأمثال، و أراد المعبودين من دونه سبحانه. «و احتالتهم» احتال: أتى بالحيلة و استعملت، و في صبحي: بالجيم أي صرفتهم عن قصدهم. «واتر إليهم أنبياءه» : أرسلهم و بين كلّ نبيّ و من بعده فترة. «ليستادوهم» : ليطلبوا الأداء.

«الأوصاب» ج الوصب: المرض و الوجع الدائم و نحول الجسم، و قد يطلق على التعب و الفتور في البدن. «المحجّة» : الطريق القويمة الواضحة. «الغابر» : أي الماضي أو الباقي (يكون من الأضداد) .

14-و قال عليه السّلام: فبعث اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالحقّ ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته، و من طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بيّنه و أحكمه ليعلم العباد ربّهم إذ جهلوه، و ليقرّوا به بعد إذ جحدوه، و ليثبتوه بعد إذ أنكروه،

ص:114


1- -نهج البلاغة ص 33 في خ 1

فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أراهم من قدرته، و خوّفهم من سطوته، و كيف محق من محق بالمثلاث، و احتصد من احتضد بالنّقمات. . . (1)

بيان:

«المثلات» : العقوبات.

15-و قال عليه السّلام: . . . و بعث إلى الجنّ و الإنس رسله، ليكشفوا لهم عن غطائها، و ليحذّروهم من ضرّائها، و ليضربوا لهم أمثالها، و ليبصّروهم عيوبها، و ليهجموا عليهم بمعتبر من تصرّف مصاحّها و أسقامها، و حلالها و حرامها، و ما أعدّ اللّه سبحانه للمطيعين منهم و العصاة من جنّة و نار و كرامة و هوان. . . (2)

بيان:

«ليهجموا» هجم عليه: دخل غفلة. «المعتبر» مصدر ميمي: الاعتبار و الاتّعاظ «التصرّف» و المراد هنا التبدّل. «المصاحّ» : جمع مصحّة بمعنى الصحّة و العافية.

16-و قال عليه السّلام: إنّ أولى الناس بالأنبياء أعلمهم (أعملهم ف ك) بما جاؤوا به، ثمّ تلا عليه السّلام: إِنَّ أَوْلَى اَلنّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَ هذَا اَلنَّبِيُّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا (3)ثمّ قال: إنّ وليّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله من أطاع اللّه و إن بعدت لحمته، و إنّ عدوّ محمّد من عصى اللّه و إن قربت قرابته. (4)

بيان:

«لحمته» : نسبه.

ص:115


1- -نهج البلاغة ص 446 خ 147
2- نهج البلاغة ص 600 في خ 182
3- آل عمران:68
4- نهج البلاغة ص 1129 ح 92

17-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: إنّ الأنبياء و أولاد الأنبياء و أتباع الأنبياء خصّوا بثلاث خصال: السقم في الأبدان، و خوف السلطان، و الفقر. (1)

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يبعث نبيّا إلاّ بصدق الحديث، و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر. (2)

19-قال أبو الحسن عليه السّلام: من أخلاق الأنبياء التنظّف و التطيّب و حلق الشعر و كثرة الطروقة. (3)

20-في مواعظ الصادق عليه السّلام: أربعة من أخلاق الأنبياء: البرّ، و السخاء، و الصبر على النائبة، و القيام بحقّ المؤمن. (4)

21-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ مكّن أنبيائه من خزائن لطفه و كرمه و رحمته، و علّمهم من مخزون علمه، و أفردهم من جميع الخلايق لنفسه، فلا يشبه أحوالهم و أخلاقهم أحدا من الخلائق أجمعين، إذ جعلهم وسائل سائر الخلق إليه، و جعل حبّهم و طاعتهم سبب رضاه، و خلافهم و إنكارهم سبب سخطه، و أمر كلّ قوم و فئة باتّباع ملّة رسولهم.

ثمّ أبى أن يقبل طاعة أحد إلاّ بطاعتهم و تمجيدهم و معرفة (حقّهم) و تبجيلهم و حرمتهم و وقارهم و تعظيمهم و جاههم عند اللّه تعالى، فعظّم جميع أنبياء اللّه و لا تنزّلهم منزلة أحد ممّن دونهم و لا تتصرّف بعقلك في مقاماتهم و أحوالهم و أخلاقهم إلاّ ببيان محكم من عند اللّه، و إجماع أهل البصائر بدلايل يتحقّق بها فضائلهم و مراتبهم، و أنّى بالوصول إلى حقيقة ما لهم عند اللّه تعالى! فإن قابلت أقوالهم و أفعالهم بمن دونهم من الناس أجمعين فقد أسأت صحبتهم و أنكرت

ص:116


1- -البحار ج 11 ص 59 باب معنى النبوّة ح 66
2- البحار ج 11 ص 67 باب نقش خواتيمهم و. . . ح 21
3- البحار ج 11 ص 66 ح 13
4- البحار ج 78 ص 260

معرفتهم و جهلت خصوصيّتهم باللّه و سقطت عن درجة حقائق الإيمان و المعرفة فإيّاك ثمّ إيّاك. (1)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أقرب الناس من الأنبياء عليهم السّلام أعملهم بما امروا به.

(الغرر ج 1 ص 186 ف 8 ح 231)

أشبه الناس بأنبياء اللّه أقولهم للحقّ، و أصبرهم على العمل به.

(ص 195 ح 349)

ما أعظم فوز من اقتفى أثر النبيّين! . . . (ج 2 ص 742 ف 79 ح 105)

أقول:

قد مرّ في باب مكارم الأخلاق، قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق.

ص:117


1- -مصباح الشريعة ص 45 ب 68

ص:118

174- النساء

الآيات

1- اَلرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى اَلنِّساءِ بِما فَضَّلَ اَللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ. . . (1)

2- وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ اَلصّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً . (2)

3- وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ اَلنِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ اَلْمَيْلِ. . . (3)

4- . . . إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ . (4)

5- مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ . (5)

6- وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ

ص:119


1- -النساء:34
2- النساء:124
3- النساء:129
4- يوسف:28
5- النحل:97

لِبُعُولَتِهِنَّ. . . (1)

7- وَ اَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اِجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً . (2)

8- يا نِساءَ اَلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ اَلنِّساءِ إِنِ اِتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ اَلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَ قُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً- وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ اَلْجاهِلِيَّةِ اَلْأُولى. . . (3)

9- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ اَلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً . (4)

10- . . . وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ . (5)

11- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِذا جاءَكَ اَلْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اَللّهَ إِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . (6)

12- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . (7)

ص:120


1- -النور:31
2- الفرقان:74
3- الأحزاب:32 و 33
4- الأحزاب:59
5- المؤمن:40
6- الممتحنة:12
7- التغابن:14

13- ضَرَبَ اَللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَ اِمْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اَللّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ اُدْخُلاَ اَلنّارَ مَعَ اَلدّاخِلِينَ - وَ ضَرَبَ اَللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ اِبْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي اَلْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ اَلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ - وَ مَرْيَمَ اِبْنَتَ عِمْرانَ اَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَ صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَ كُتُبِهِ وَ كانَتْ مِنَ اَلْقانِتِينَ . (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوصاني جبرئيل عليه السّلام بالمرأة حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة. (2)

2-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كتب اللّه الجهاد على الرجال و النساء، فجهاد الرجل بذل ماله و نفسه حتّى يقتل في سبيل اللّه، و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و غيرته. و في حديث آخر: جهاد المرأة حسن التبعّل. (3)

3-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تعالى بعث عيسى بن مريم بالرهبانيّة، و بعثت بالحنيفيّة السمحة، و حبّبت إليّ النساء و الطيب، و جعلت في الصلاة قرّة عيني. (4)

بيان:

«الحنيفيّة» : المستقيمة، المائلة عن الباطل إلى الحقّ. «السمحة» : أي السهلة التي

ص:121


1- -التحريم:9 إلى 12
2- الكافي ج 5 ص 512 باب حقّ المرأة على الزوج ح 6( عدّة الداعي ص 81 في ب 2)
3- الكافي ج 5 ص 9 باب جهاد الرجل و المرأة
4- أمالي الطوسي ج 2 ص 141

لا ضيق فيها و لا حرج.

4-عن فاطمة بنت الحسين عليه السّلام عن جدّها عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: النساء عيّ و عورات، فاستروا عيّهنّ بالسكوت، و عورتهنّ بالبيوت. (1)

بيان:

«النساء عيّ» في القاموس: عيّ بالأمر. . . لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه و لم يطق إحكامه، و عيي في المنطق كرضي عيّا بالكسر: حصر، و أعيى الماشي: كلّ.

و في المرآة ج 20 ص 373: العيّ: العجز عن البيان، أي لا يمكنهنّ التكلّم بما ينبغي في أكثر المواطن، فاسعوا في سكوتهنّ لئلاّ يظهر منهنّ ما تكرهونه. . .

«العورات» : كلّ شيء يستره الإنسان أنفة أو حياء فهو عورة و الجمع عورات.

5-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، و الاستماع منهنّ، و الأخذ برأيهنّ، و مجالسة الموتى، فقيل: يا رسول اللّه، و ما مجالسة الموتى؟ قال: مجالسة كلّ ضالّ عن الإيمان، و جائر عن الأحكام. (2)

6-من كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام بعد فراغه من حرب الجمل في ذمّ النساء:

معاشر الناس، إنّ النساء نواقص الإيمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول؛ فأمّا نقصان إيمانهنّ فقعودهنّ عن الصلاة و الصيام في أيّام حيضهنّ، و أمّا نقصان عقولهنّ فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد، و أمّا نقصان حظوظهنّ فمواريثهنّ على الأنصاف من مواريث الرجال، فاتّقوا شرار النساء، و كونوا من خيارهنّ على حذر، و لا تطيعوهنّ في المعروف حتّى لا يطمعن في المنكر. (3)

7-و قال في وصيّته لابنه الحسن عليهما السّلام: و إيّاك و مشاورة النساء، فإنّ

ص:122


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 197
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 81
3- نهج البلاغة ص 179 خ 79

رأيهنّ إلى أفن، و عزمهنّ إلى وهن، و اكفف عليهنّ من أبصارهنّ بحجابك إيّاهنّ، فإنّ شدّة الحجاب أبقى عليهنّ، و ليس خروجهنّ بأشدّ من إدخالك من لا يوثق به عليهنّ، و إن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل.

و لا تملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فإنّ المرأة ريحانة و ليست بقهرمانة، و لا تعد بكرامتها نفسها، و لا تطمعها في أن تشفع بغيرها، و إيّاك و التغاير في غير موضع غيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم، و البريئة إلى الريب. (1)

أقول:

زاد في كنز الفوائد للكراجكيّ: و إن رأيت منهنّ ريبة فعجّل النكير، و أقلّ الغضب عليهنّ إلاّ في عيب أو ذنب. (البحار ج 103 ص 253)

بيان: «الأفن» : النقص. «الوهن» : الضعف. «لا تعد» : أي لا تجاوز بإكرامها نفسها فتكرم غيرها بشفاعتها. «و ليس بخروجهنّ. . .» : أي دخول من لا يوثق بأمانته على النساء مثل خروجهنّ إلى مختلط الناس، و لا فرق بينهما و كلاهما في الفساد سواء.

8-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و جهاد المرأة حسن التبعّل. (2)

بيان:

«حسن التبعّل» : أي حسن العشرة و حسن صحبة المرأة مع بعلها و اطاعتها.

9-و قال عليه السّلام: خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزهو، و الجبن، و البخل، فإذا كانت المرأة مزهوّة لم تمكّن من نفسها، و إذا كانت بخيلة حفظت مالها و مال بعلها، و إذا كانت جبانة فرقت من كلّ شيء يعرض لها. (3)

ص:123


1- -نهج البلاغة ص 938 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 1152 في ح 131
3- نهج البلاغة ص 1190 ح 226

بيان:

«الزهو» : الكبر. «المزهوّة» أي المتكبّرة.

10-و قال عليه السّلام: المرأة شرّ كلّها، و شرّ ما فيها أنّه لا بدّ منها. (1)

11-و قال عليه السّلام: المرأة عقرب حلوة اللسبة. (2)

بيان:

«اللسبة» أي اللسعة (گزيدن) .

12-و قال عليه السّلام: و إنّ النساء همّهنّ زينة الحياة الدنيا و الفساد فيها. (3)

13-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: عقول النساء في جمالهنّ، و جمال الرجال في عقولهم. (4)

14-عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: . . . و اتّقوا شرار النساء و كونوا من خيارهنّ على حذر، إن أمرنكم بالمعروف فخالفوهنّ كيلا يطمعن منكم في المنكر. (5)

15-عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) : و نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها، فإن خرجت لعنها كلّ ملك في السماء، و كلّ شيء تمرّ عليه من الجنّ و الإنس، حتّى ترجع إلى بيتها، و نهى أن تتزيّن المرأة لغير زوجها، فإن فعلت كان حقّا على اللّه عزّ و جلّ أن يحرقها بالنار.

و نهى أن تتكلّم المرأة عند غير زوجها و غير ذي محرم منها أكثر من خمس

ص:124


1- -نهج البلاغة ص 1192 ح 230
2- نهج البلاغة ص 1114 ح 58
3- نهج البلاغة ص 475 في خ 152
4- أمالي الصدوق ص 228 م 40 ح 9
5- أمالي الصدوق ص 304 م 50 ح 8

كلمات ممّا لا بدّ منه، و نهى أن تباشر المرأة المرأة ليس بينهما ثوب، و نهى أن تحدّث المرأة المرأة ممّا تخلو به مع زوجها. . . (1)

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل اللّه منها صرفا و لا عدلا و لا حسنة من عملها حتّى ترضيه، و إن صامت نهارها، و قامت ليلها، و أعتقت الرقاب، و حملت على جياد الخيل في سبيل اللّه، و كانت أوّل من يرد النار، و كذلك الرجل إذا كان لها ظالما. (2)

بيان:

«صرفا و لا عدلا» في مجمع البحرين (صرف) : أي توبة و فدية، أو نافلة و فريضة.

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل الشهوة عشرة أجزاء، تسعة منها في النساء و واحدة في الرجال، و لو لا ما جعل اللّه عزّ و جلّ فيهنّ من أجزاء الحياء على قدر أجزاء الشهوة لكان لكلّ رجل تسع نسوة متعلّقات به. (3)

17-قال الصادق عليه السّلام: الحياء على عشرة أجزاء، تسعة في النساء و واحدة في الرجال، فإذا حاضت الجارية ذهب جزء من حيائها، فإذا تزوّجت ذهب جزء، فإذا افترعت ذهب جزء، فإذا ولدت ذهب جزء و بقي لها خمسة أجزاء فإن فجرت ذهب حياؤها كلّه، و إن عفّت بقي لها خمسة أجزاء. (4)

بيان:

«الافتراع» : إزالة البكارة.

18-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى جعل

ص:125


1- -أمالي الصدوق ص 423 م 66 في ح 1(البحار ج 76 ص 329)
2- أمالي الصدوق ص 429( البحار ج 76 ص 334)
3- الخصال ج 2 ص 438 باب العشرة ح 28
4- الخصال ج 2 ص 438 ح 29

للمرأة صبر عشرة رجال، فإذا حملت زادها قوّة [صبر]عشرة رجال اخرى. (1)

أقول:

في ح 32: «فإذا هاجت كان لها قوّة عشرة رجال» .

19-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في وصيّته له: يا عليّ، ليس على النساء جمعة و لا جماعة، و لا أذان، و لا إقامة، و لا عيادة مريض، و لا اتّباع جنازة، و لا هرولة بين الصفا و المروة، و لا استلام الحجر، و لا حلق، و لا تولّى القضاء، و لا تستشار، و لا تذبح إلاّ عند الضرورة، و لا تجهر بالتلبية، و لا تقيم عند قبر، و لا تسمع الخطبة، و لا تتولّى التزويج، و لا تخرج من بيت زوجها إلاّ بإذنه، فإن خرجت بغير إذنه لعنها اللّه و جبرئيل و ميكائيل، و لا تعطي من بيت زوجها شيئا إلاّ بإذنه، و لا تبيت و زوجها عليها ساخط و إن كان ظالما لها. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة رواها أصحابنا رحمه اللّه،

و لاحظ الخصال ج 2 ص 585 باب السبعين ح 12، و فيه ثلاث و سبعون خصلة في آداب النساء و الفرق بين أحكامهنّ و أحكام الرجال.

20-عن ابن عباس قال: حججنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حجّة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة، ثمّ أقبل علينا بوجهه فقال: . . . إنّ من أشراط القيامة إضاعة الصلوات، و اتّباع الشهوات، و الميل إلى الأهواء، و تعظيم أصحاب المال. . .

يا سلمان، فعندها تكون إمارة النساء، و مشاورة الإماء، و قعود الصبيان

ص:126


1- -الخصال ج 2 ص 439 ح 31
2- الخصال ج 2 ص 511 باب التسعة عشر ح 2

على المنابر. . . يا سلمان، و عندها تشارك المرأة زوجها في التجارة. . .

يا سلمان، و عندها يكتفي الرجال بالرجال، و النساء بالنساء، و يغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، و تشبّه الرجال بالنساء و النساء بالرجال، و لتركبنّ ذوات الفروج السروج، فعليهنّ من أمّتي لعنة اللّه. . . (1)

بيان:

«السروج» : ليس السروج مختصّا بالخيل فقطّ، فقد أطلق هذا اللفظ على مطلق الدابّة، فينطبق تماما على النساء اللواتي يسقن السيّارة.

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المرأة خلقت من الرجل و إنّما همّتها في الرجال فأحبّوا نساءكم، و إنّ الرجل خلق من الأرض فإنّما همّته في الأرض. (2)

22-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّة امرأة تطيّبت ثمّ خرجت من بيتها فهي تلعن حتّى ترجع إلى بيتها متى رجعت. (3)

23-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

اضربوا النساء على تعليم الخير. (4)

24-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لعن اللّه المتشبّهين من الرجال بالنساء، و المتشبّهات من النساء بالرجال. (5)

25-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أظنّ رجلا يزداد في الإيمان خيرا إلاّ

ص:127


1- -تفسير القميّ رحمه اللّه ج 2 ص 303( سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله)
2- البحار ج 103 ص 226 ب 2 من النكاح ح 16
3- البحار ج 103 ص 247 ب 4 ح 27
4- البحار ج 103 ص 249 ح 39
5- البحار ج 103 ص 258 ب 5 ح 6

ازداد حبّا للنساء. (1)

26-عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان و اقتراب الساعة، و هو شرّ الأزمنة، نسوة كاشفات عاريات متبرّجات، من الدين خارجات، في الفتن داخلات، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذّات، مستحلاّت المحرّمات، في جهنّم خالدات.

قال: و قال عليه السّلام: لو لا النساء لعبد اللّه حقّا حقّا. (2)

27-عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مثل المرأة المؤمنة مثل الشامة في الثور الأسود. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان ف 5: «المؤمنة أعزّ من المؤمن. . .» .

بيان: «الشامة» : علامة تخالف البدن الذي هي فيه، و يقال لها الخال أيضا.

28-عن عليّ عليه السّلام قال: كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: أخبروني أيّ شيء خير للنساء؟ فعيينا بذلك كلّنا حتّى تفرّقنا، فرجعت إلى فاطمة عليها السّلام فأخبرتها بالذي قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ليس أحد منّا علمه و لا عرفه، فقالت: و لكنّي أعرفه: «خير للنساء أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال» ، فرجعت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلت: يا رسول اللّه، سألتنا أيّ شيء خير للنساء؟ خير لهنّ أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال، فقال: من أخبرك، فلم تعلمه و أنت عندي؟ فقلت: فاطمة، فأعجب ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: إنّ فاطمة بضعة منّي. (4)

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تنزلوا النساء

ص:128


1- -الوسائل ج 20 ص 21 ب 3 من مقدّمات النكاح ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 35 ب 7 ح 5 و 6
3- الوسائل ج 20 ص 41 ب 9 ح 11
4- الوسائل ج 20 ص 67 ب 24 ح 7

الغرف، و لا تعلّموهنّ الكتابة، و علّموهنّ المغزل و سورة النور. (1)

بيان:

في المرآة ج 21 ص 85، «لا تنزلوا. . .» : أي لا يجعل الغرف منزلا و مسكنا لها، لئلاّ تتراءى الرجال، و لا تطّلع عليهم.

«سورة النور» قال رحمه اللّه: لما فيها من الترغيب إلى سترهنّ و عفافهنّ و ما يجري هذا المجرى، و النهي عن تعليم سورة يوسف لما فيها من ذكر تعشّقهنّ و حبّهنّ للرجال انتهى. «المغزل» غزل الصوف: مدّه و فتله خيطانا.

30-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف و لا تقرؤوهنّ إيّاها، فإنّ فيها الفتن، و علّموهنّ سورة النور فإنّ فيها المواعظ. (2)

31-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ألهموهنّ حبّ عليّ عليه السّلام و ذروهنّ بلها. (3)

32-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تحملوا الفروج على السروج فتهيّجوهنّ للفجور. (4)

33-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله النساء فقال: اعصوهنّ في المعروف قبل أن يأمرنكم بالمنكر، و تعوّذوا باللّه من شرارهنّ، و كونوا من خيارهنّ على حذر. (5)

34-شكى رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام نساءه فقام عليه السّلام خطيبا فقال: معاشر الناس، لا تطيعوا النساء على حال، و لا تأمنوهنّ على مال،

ص:129


1- -الوسائل ج 20 ص 176 ب 92 ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 177 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 177 ح 3
4- الوسائل ج 20 ص 178 ب 93 ح 2
5- الوسائل ج 20 ص 178 ب 94 ح 1

و لا تذروهنّ يدبّرن أمر العيال، فإنّهنّ إن تركن و ما أردن أوردن المهالك، و عدون أمر المالك، فإنّا وجدناهنّ لا ورع لهنّ عند حاجتهنّ، و لا صبر لهنّ عند شهوتهنّ.

التبرّج (البذخ في الأمالي و العلل) لهنّ لازم و إن كبرن، و العجب لهنّ لا حق و إن عجزن، رضاهنّ في فروجهنّ، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، ينسين الخير و يحفظن الشرّ، يتهافتن بالبهتان و يتمادين في الطغيان، و يتصدّين الشيطان، فداروهنّ على كلّ حال، و أحسنوا لهنّ المقال، لعلّهنّ يحسنّ الفعال. (1)

35-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: طاعة المرأة ندامة. (2)

36-عن الحكم بن مسكين قال: حدّثتني سعيدة و منّة أختا محمّد بن أبي عمير قالتا: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقلنا: تعود المرأة أخاها؟ قال: نعم، قلنا: تصافحه؟ قال: من وراء الثوب، قالت احداهما: إنّ أختي هذه تعود إخوتها، قال: إذا عدت إخوتك فلا تلبسي المصبغة. (3)

أقول:

يدلّ الحديث على الكراهة، جمعا بينه و بين مفهوم ما ورد عنه عليه السّلام: لا يحلّ للرجل أن يصافح المرأة إلاّ امرأة يحرم عليه أن يتزوّجها؛ أخت أو بنت أو عمّة. . .

(الوسائل ج 20 ص 208 ب 115 ح 2)

37-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تبدؤوا النساء بالسلام، و لا تدعوهنّ إلى الطعام، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: النساء عيّ و عورة، فاستروا عيّهنّ بالسكوت و استروا عوراتهنّ بالبيوت. (4)

ص:130


1- -الوسائل ج 20 ص 180 ح 7
2- الوسائل ج 20 ص 181 ب 95 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 209 ب 116
4- الوسائل ج 20 ص 234 ب 131 ح 1

38-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسلّم على النساء و يرددن عليه، و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يسلّم على النساء و كان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنّ و يقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ أكثر ممّا طلبت من الأجر.

و رواه الصدوق رحمه اللّه ثمّ قال: إنّما قال ذلك لغيره و إن عبّر عن نفسه، و أراد بذلك أيضا التخوّف من أن يظنّ به ظانّ أنّه يعجبه صوتها فيكفر (قال: و لكلام الأئمّة عليهم السّلام مخارج و وجوه لا يعقلها إلاّ العالمون) . (1)

39-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا أهل العراق، نبّئت أنّ نساءكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحون؟ .

و رواه البرقيّ رحمه اللّه في المحاسن مثله و زاد: و قال: لعن اللّه من لا يغار.

و قال الكلينيّ رحمه اللّه: في حديث آخر؛ أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أما تستحيون و لا تغارون نساءكم يخرجن إلى الأسواق و يزاحمن العلوج. (2)

40-عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خروج النساء في العيدين و الجمعة، فقال: لا، إلاّ امرأة مسنّة. (3)

41-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: صلاة المرئة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجامع خمسا و عشرين درجة. (4)

42-و قال عليه السّلام: مروا نساؤكم بالغزل، فإنّه خير لهنّ و أزين. (5)

ص:131


1- -الوسائل ج 20 ص 234 ح 3
2- الوسائل ج 20 ص 235 ب 132 ح 1 و 2
3- الوسائل ج 20 ص 238 ب 136 ح 2
4- مكارم الأخلاق ص 233 ب 8 ف 10
5- مكارم الأخلاق ص 238

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الزواج ف 2 و 3، الاستشارة، الغيرة، الغضب، النظر و. . .

و مرّ في باب جهنّم حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليلة المعراج في عذاب النساء.

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

النساء أعظم الفتنتين. (الغرر ج 1 ص 66 ف 1 ح 1720)

المرئة شرّ كلّها، و شرّ منها أنّه لا بدّ منها. (ص 79 ح 1908)

إيّاك و كثرة الوله بالنساء و الاغترار بلذّات الدنيا، فإنّ الوله بالنساء ممتحن و الغريّ باللذّات ممتهن (1). (ص 156 ف 5 ح 90)

إن رأيت من نسائك ريبة فاجعل لهنّ النكير على الكبير و الصغير، و إيّاك أن تكرّر العتب، فإنّ ذلك يغري بالذنب و يهوّن العتب. (ص 278 ف 10 ح 42)

إنّما المرأة لعبة فمن اتّخذها فليغطّها. (ص 298 ف 15 ح 22)

ستّة لا يمارون: الفقيه، و الرئيس، و الدنيّ، و البذيّ، و المرءة، و الصبيّ.

(ص 438 ف 39 ح 84)

صيانة المرئة أنعم لحالها و أدوم لجمالها. (ص 454 ف 44 ح 10)

طاعة النساء تزري بالنبلاء و تردي العقلاء. (ج 2 ص 472 ف 47 ح 36)

طاعة النساء شيمة الحمقى. (ح 39)

لا تكثرنّ الخلوة بالنساء فيمللنك و تمللهنّ، و استبق من نفسك و عقلك بالإبطاء عنهنّ. (ص 826 ف 85 ح 262)

لا تحملوا النساء أثقالكم و استغنوا عنهنّ ما استطعتم، فإنّهنّ يكثرن الامتنان و يكفرن الإحسان. (ح 263)

ص:132


1- -أي المحتقر و المبتذل

175- النصيحة و الاهتمام في امور المسلمين

الأخبار

1-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من يضمن لي خمسا أضمن له الجنّة، قيل: و ما هي يا رسول اللّه، قال: النصيحة للّه عزّ و جلّ، و النصيحة لرسوله، و النصيحة لكتاب اللّه، و النصيحة لدين اللّه، و النصيحة لجماعة المسلمين. (1)

بيان:

في النهاية ج 5 ص 63: «النصيحة» : كلمة يعبّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، و ليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها.

و أصل النصح في اللغة: الخلوص. يقال: نصحته و نصحت له. و معنى نصيحة اللّه:

صحّة الاعتقاد في وحدانيّته، و إخلاص النيّة في عبادته.

و النصيحة لكتاب اللّه: هو التصديق به و العمل بما فيه، و نصيحة رسوله: التصديق بنبوّته و رسالته، و الانقياد لما أمر به و نهى عنه.

و نصيحة الأئمّة: أن يطيعهم في الحقّ. . . و نصيحة عامّة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم انتهى.

ص:133


1- -الخصال ج 1 ص 294 باب الخمسة ح 60

«لجماعة المسلمين» : في بعض الأخبار بدلها"و النصيحة لأئمّة المسلمين"و المعنى:

التصديق بإمامتهم و خلافتهم من عند اللّه تعالى و الانقياد لهم.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم. (1)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 1: «لا يهتمّ. . .» أي لا يعزم على القيام بها، و لا يقوم بها مع القدرة عليه. . .

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنسك الناس نسكا أنصحهم جيبا و أسلمهم قلبا لجميع المسلمين. (2)

بيان:

في النهاية ج 5 ص 48: النسك و النسك: الطاعة و العبادة، و كلّ ما تقرّب به إلى اللّه، و النسك: ما أمرت به الشريعة، و الورع: ما نهت عنه. «الجيب» : الصدر و القلب.

و في الصحاح: رجل ناصح الجيب أي نقيّ القلب، و في القاموس: رجل ناصح الجيب: لا غشّ فيه. «أسلمهم قلبا» أي من الحقد و الحسد و العداوة و. . .

4-عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليك بالنصح للّه في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه. (3)

بيان:

النصح للخلق أي إعانتهم و هدايتهم و كفّ الأذى عنهم، و ترك الحسد و الغشّ لهم، و الذبّ عنهم في أعراضهم، و دفع الضرر عنهم، و جلب النفع إليهم و غير ذلك.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من أصبح لا يهتمّ بامور

ص:134


1- -الكافي ج 2 ص 131 باب الاهتمام بأمور المسلمين ح 1-و بمدلوله ح 4
2- الكافي ج 2 ص 131 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 131 ح 3

المسلمين فليس منهم، و من سمع رجلا ينادي: يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الخلق عيال اللّه، فأحبّ الخلق إلى اللّه من نفع عيال اللّه، و أدخل على أهل بيت سرورا. (2)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ الناس إلى اللّه؟ قال: أنفع الناس للناس. (3)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يجب للمومن على المؤمن أن يناصحه. (4)

9-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد و المغيب. (5)

10-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه. (6)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعظم الناس منزلة عند اللّه يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه. (7)

12-في خبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة الناصح فأربعة: يقضي بالحقّ و يعطي الحقّ من نفسه و يرضى للناس ما يرضاه لنفسه و لا يعتدي

ص:135


1- -الكافي ج 2 ص 131 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 131 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 131 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 166 باب نصيحة المؤمن ح 1
5- الكافي ج 2 ص 166 ح 2-و بمضمونه ح 3 عن أبي جعفر عليه السّلام
6- الكافي ج 2 ص 166 ح 4
7- الكافي ج 2 ص 166 ح 5

على أحد. (1)

13-في مواعظ الجواد عليه السّلام: المؤمن يحتاج إلى توفيق من اللّه، و واعظ من نفسه، و قبول ممّن ينصحه. (2)

14-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ المؤمن لتردّ عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده، فيهتمّ بها قلبه، فيدخله اللّه تبارك و تعالى بهمّه الجنّة. (3)

15-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الخلق كلّهم عيال اللّه، فأحبّهم إلى اللّه عزّ و جلّ أنفعهم لعياله. (4)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدين نصيحة، قيل: لمن يا رسول اللّه؟ قال: للّه و لرسوله [و لكتابه]و لأئمّة [في]الدين و لجماعة المسلمين. (5)

17-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أيّما مؤمن مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه، فقد خان اللّه و رسوله. (6)

أقول:

الأخبار بهذا المعنى كثيرة، في بعضها: «فإن لم يناصحهم فقد حارب اللّه و رسوله» و زاد في بعضها: «من مشى لإمرء مسلم في حاجة فنصحه فيها، كتب اللّه له بكلّ خطوة حسنة» لاحظ الوسائل و المستدرك.

18-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أحبّ عباد اللّه إلى اللّه تعالى، أنفعهم لعباده،

ص:136


1- -تحف العقول ص 22
2- تحف العقول ص 337
3- الوسائل ج 16 ص 337 ب 18 من فعل المعروف ح 4
4- الوسائل ج 16 ص 344 ب 22 ح 9
5- الوسائل ج 16 ص 382 ب 35 ح 7( أمالي الطوسي ج 1 ص 82)
6- الوسائل ج 16 ص 383 ب 36 ح 2

و أوفاهم بعهده. (1)

19-و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: خصلتان و ليس فوقهما خير منهما: الإيمان باللّه، و النفع لعباد اللّه.

قال: و خصلتان ليس فوقها شرّ: الشرك باللّه، و الإضرار لعباد اللّه. (2)

20-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ليكن أحبّ الناس إليك و أحظاهم لديك، أكثرهم سعيا في منافع الناس. (3)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة رفع اللّه عنهم العذاب يوم القيامة:

الراضي بقضاء اللّه، و الناصح للمسلمين، و الدالّ على الخير. (4)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه، إنّ أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربّه، و إنّ أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه. (5)

23-و قال عليه السّلام: أمّا بعد: فإنّ معصية الناصح الشفيق العالم المجرّب تورث الحيرة و تعقب الندامة. (6)

24-و قال عليه السّلام: و لكن من واجب حقوق اللّه على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم، و التعاون على إقامة الحقّ بينهم. (7)

أقول:

لاحظ الخطبة 34 و 35 و 117 و 175 و 147-و الرسالة 31 و 53 و 69 و الحكمة

ص:137


1- -المستدرك ج 12 ص 390 ب 22 من فعل المعروف ح 9
2- المستدرك ج 12 ص 390 ح 10
3- المستدرك ج 12 ص 391 ح 16
4- المستدرك ج 12 ص 431 ح 6
5- نهج البلاغة ص 208 في خ 85
6- نهج البلاغة ص 116 في خ 35
7- نهج البلاغة ص 684 في خ 207

116 أيضا.

25-عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: الخلق عيالي فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم، و أسعاهم في حوائجهم. (1)

26-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: كثرة النصح تدعو إلى التهمة. (2)

27-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: خمس من خمسة محال: النصيحة من الحاسد محال. . . (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الأخوّة، الإيمان و. . .

و مرّ؛ أنّ خير الناس من انتفع به الناس.

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

النصح يثمر المحبّة. (الغرر ج 1 ص 23 ف 1 ح 665)

الغشّ يكسب المسبّة. (ح 666)

النصيحة تثمر الودّ. (ص 29 ح 894)

النصيحة من أخلاق الكرام-الغشّ من أخلاق اللئام.

(ص 46 ح 1345 و 1346)

المؤمن غريزته النصح و سجيّته الكظم. (ص 47 ح 1352)

أشفق الناس عليك أعونهم لك على صلاح نفسك و أنصحهم لك في دينك.

(ص 214 ف 8 ح 548)

إنّ أنصح الناس أنصحهم لنفسه و أطوعهم لربّه-إنّ أغشّ الناس أغشّهم لنفسه و أعصاهم لربّه. (ص 229 ف 9 ح 139 و 140)

ص:138


1- -البحار ج 74 ص 336 باب قضاء حاجة المؤمنين ح 114
2- البحار ج 75 ص 66 باب النصيحة للمسلمين ح 7
3- الخصال ج 1 ص 269 باب الخمسة ح 5

خير الإخوان أنصحهم و شرّهم أغشّهم. (ص 391 ف 29 ح 68)

طوبى لمن أطاع ناصحا يهديه و تجنّب غاويا يرديه. (ج 2 ص 465 ف 46 ح 9)

كيف ينصح غيره من يغشّ نفسه. (ص 555 ف 64 ح 27)

كيف ينتفع بالنصيحة من يلتذّ بالفضيحة. (ح 34)

ليكن أحبّ الناس إليك المشفق الناصح. (ص 587 ف 71 ح 73)

من خالف النصح هلك. (ص 614 ف 77 ح 101)

من بصّرك عيبك فقد نصحك. (ص 616 ح 123)

من نصحك فقد أنجدك. (ح 125)

من غشّ نفسه لم ينصح غيره. (ص 628 ح 363)

من استغشّ النصيح استحسن القبيح. (ص 634 ح 449)

من نصح في العمل نصحته المجازاة. (ص 650 ح 685)

من قبل النصيحة سلم من الفضيحة-من عصى نصيحه نصر ضدّه.

(ح 687 و 696)

من استنصح اللّه حاز التوفيق. (ص 658 ح 817)

من أقبل على النصيح أعرض عن القبيح-من استغنى عن النصيح غشيه القبيح. (ص 673 ح 1020 و 1021)

من أعرض عن نصيحة الناصح أحرق بمكيدة الكاشح-من تاجرك بالنصح فقد أجزل لك الربح. (ص 675 ح 1035 و 1037)

من أكبر التوفيق الأخذ بالنصيحة. (ص 727 ف 78 ح 55)

من أحسن النصيحة الإبانة عن القبيحة. (ح 56)

ما أخلص المودّة من لم ينصح. (ص 743 ف 79 ح 128)

مرارة النصح أنفع من حلاوة الغشّ. (ص 761 ف 80 ح 87)

ص:139

مناصحك شفيق عليك، محسن إليك، ناظر في عواقبك، مستدرك فوارطك، ففي طاعته رشادك، و في مخالفته فسادك. (ص 765 ح 128)

لا تنتصح ممّن فاته العقل، و لا تثق بمن خانه الأصل، فإنّ من فاته العقل يغشّ من حيث ينصح، و من خانه الأصل يفسد من حيث يصلح.

(ص 824 ف 85 ح 247)

لا واعظ أبلغ من النصح. (ص 838 ف 86 ح 186)

لا خير في قوم ليسوا بناصحين و لا يحبّون الناصحين. (ص 855 ح 447)

لا ينصح اللئيم أحدا إلاّ عن رغبة أو رهبة، فإذا زالت الرغبة و الرهبة عاد إلى جوهره. (ص 858 ح 474)

ص:140

176- الإنصاف

الأخبار

1-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول في آخر خطبته: طوبى لمن طاب خلقه، و طهرت سجيّته، و صلحت سريرته، و حسنت علانيته، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من قوله، و أنصف الناس من نفسه. (1)

بيان:

«طاب خلقه» : بضمّ الخاء أي تخلّق بالأخلاق الحسنة، و يحتمل الفتح أيضا.

«طهرت سجيّته» : أي طبيعته من الأخلاق الرذيلة، فعلى الأوّل يكون تأكيدا لما سبق. و في النهاية ج 2 ص 345، و فيه: «أنّه (عليّ عليه السّلام) كان خلقه سجيّة» أي طبيعة من غير تكلّف، و في المصباح، السجيّة: الغريزة، و الجمع سجايا.

«صلحت سريرته» السرّ: ما يكتم كالسريرة، فالمعنى يكون باطنه طاهر و يخلو عن الرذائل. «حسنت علانيته» : أي يكون ظاهر أمره موافقا للآداب الشرعيّة.

في المرآة ج 8 ص 340، «أنصف الناس من نفسه» : أي كان حكما و حاكما

ص:141


1- -الكافي ج 2 ص 116 باب الإنصاف و العدل ح 1

على نفسه فيما كان بينه و بين الناس، و رضي لهم ما رضي لنفسه، و كره لهم ما كره لنفسه، و كأنّ كلمة"من"للتعليل، أي كان إنصافه الناس بسبب نفسه لا بانتصاف حاكم غيره، و في المصباح: أنصفت الرجل إنصافا: عاملته بالعدل و القسط و الاسم النصفة بفتحتين لأنّك أعطيته من الحقّ ما تستحقّه لنفسك انتهى.

أقول: إنّ الإنصاف غير العدل، لكن ينشأ من العدل أي إذا كان المرء عادلا أنصف من نفسه، و يكلّف نفسه على إظهار ما هو الحقّ و العمل به، و لو بالمشقّة الشديدة، إلى أن يصير ذلك عادة له و سيأتي في الأحاديث: أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه.

و يكون ضدّ الإنصاف العصبيّة في حماية نفسه و سائر ما يتعلّق به و كتمان الحقّ و الانحراف عنه

2-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنّة، أنفق و لا تخف فقرا، و أفش السلام في العالم، و اترك المراء و إن كنت محقّا، و أنصف الناس من نفسك. (1)

3-عن جارود أبي المنذر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: سيّد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك حتّى لا ترضى بشيء إلاّ رضيت لهم مثله، و مواساتك الأخ في المال، و ذكر اللّه على كلّ حال، ليس «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» فقطّ، و لكن إذا ورد عليك شيء أمر اللّه عزّ و جلّ به أخذت به، أو إذا ورد عليك شيء نهى اللّه عزّ و جلّ عنه تركته. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة جدّا، في بعضها: «أشدّ ما فرض اللّه على خلقه»

ص:142


1- -الكافي ج 2 ص 116 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 116 ح 3

و في بعضها: «ما ابتلى المؤمن بشيء أشدّ عليه» ، و قد مرّ بعضها في باب الذكر و غيره. (راجع الوسائل و البحار)

بيان: واسى الرجل مواساة أي عاونه و في النهاية ج 1 ص 50(أسا) : المواساة:

المشاركة و المساهمة في المعاش و الرزق، و أصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا.

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال: أمير المؤمنين عليه السّلام في كلام له: ألا إنّه من ينصف الناس من نفسه لم يزده اللّه إلاّ عزّا. (1)

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة هم أقرب الخلق إلى اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة حتّى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده، و رجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، و رجل قال بالحقّ فيما له و عليه. (2)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره. (3)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من واسى الفقير من ماله، و أنصف الناس من نفسه، فذلك المؤمن حقّا. (4)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ للّه جنّة لا يدخلها إلاّ ثلاثة: أحدهم من حكم في نفسه بالحقّ. (5)

9-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، اجعل نفسك ميزانا فيما بينك و بين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك، و اكره له ما تكره لها،

ص:143


1- -الكافي ج 2 ص 116 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 116 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 118 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 118 ح 17
5- الكافي ج 2 ص 119 ح 19

و لا تظلم كما لا تحبّ أن تظلم، و أحسن كما تحبّ أن يحسن إليك، و استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك، و ارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، و لا تقل ما لا تعلم و إنّ قلّ ما تعلم، و لا تقل ما لا تحبّ أن يقال لك. (1)

10-و قال عليه السّلام: أنصف اللّه و أنصف الناس من نفسك و من خاصّة أهلك و من لك فيه هوى من رعيّتك، فإنّك إن لا تفعل تظلم، و من ظلم عباد اللّه كان اللّه خصمه دون عباده، و من خاصمه اللّه أدحض حجّته، و كان للّه حربا حتّى ينزع و يتوب. (2)

بيان:

«أدحض حجّته» : أي أبطلها. «حتّى ينزع» : أي يقلع عن ظلمه.

11-و قال عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ:

العدل: الإنصاف، و الإحسان: التفضّل. (3)

أقول:

في البحار ج 78 ص 165 في وصايا الباقر عليه السّلام: «و لا عدل كالإنصاف» .

12-و قال عليه السّلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة، و بالنصفة يكثر المواصلون. . . (4)

13-عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أنصف الناس من نفسك، و أنصح الامّة و ارحمهم، فإذا كنت كذلك و غضب اللّه على أهل بلدة و أنت فيها، و أراد أن ينزل عليهم العذاب، نظر إليك فرحمهم بك، يقول اللّه تعالى: وَ ما كانَ

ص:144


1- -نهج البلاغة ص 921 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 995 في عهده إلى مالك رحمه اللّه في ر 53
3- نهج البلاغة ص 1188 ح 223
4- نهج البلاغة ص 1185 ح 215

رَبُّكَ لِيُهْلِكَ اَلْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ (1). (2)

14-قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام (في حديث) : و خافوا اللّه عزّ و جلّ في السرّ، حتّى تعطوا من أنفسكم النصف. (3)

15-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعدل الناس من رضي للناس ما يرضى لنفسه، و كره لهم ما يكره لنفسه. (4)

16-في خبر الشاميّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا شيخ، ارض للناس ما ترضى لنفسك، و آت إلى الناس ما تحبّ أن يؤتى إليك. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أحبّوا للناس ما تحبّون لأنفسكم. (6)

18-قال الصادق عليه السّلام: ليس من الإنصاف مطالبة الإخوان بالإنصاف. (7)

19-عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علّمني عملا لا يحال بينه و بين الجنّة، قال: لا تغضب، و لا تسأل الناس شيئا، و ارض للناس ما ترضى لنفسك. (8)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإنصاف راحة. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 29)

ص:145


1- -هود:117
2- المستدرك ج 11 ص 310 ب 34 من جهاد النفس ح 8
3- المستدرك ج 11 ص 309 ح 5
4- البحار ج 75 ص 25 باب الإنصاف ح 1
5- البحار ج 75 ص 25 ح 2
6- البحار ج 75 ص 25 ح 3
7- البحار ج 75 ص 27 ح 14
8- البحار ج 75 ص 27 ح 15

الإنصاف عنوان النبل. (ص 13 ح 319)

الإنصاف أفضل الفضائل. (ص 28 ح 855)

الإنصاف زين الإمرة. (ص 32 ح 966)

الإنصاف أفضل الشيم. (ص 33 ح 1014)

الإنصاف يستديم المحبّة. (ص 36 ح 1118)

الإنصاف يؤلّف القلوب. (ص 38 ح 1173)

المؤمن ينصف من لا ينصفه. (ص 52 ح 1451)

الإنصاف يرفع الخلاف و يوجب الإئتلاف. (ص 64 ح 1681)

الإنصاف من النفس كالعدل في الإمرة. (ص 84 ح 1972)

ارض للناس ما ترضاه لنفسك تكن مسلما. (ص 113 ف 2 ح 106)

أنصف الناس من نفسك و أهلك و خاصّتك و من لك فيه هوى، و اعدل في العدوّ و الصديق. (ص 120 ح 179)

أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك، فإنّ ذلك أجلّ لقدرك و أجدر برضا ربّك. (ص 128 ح 230)

أعدل السيرة أن تعامل الناس بما تحبّ أن يعاملوك به. [أجور السيرة أن تنتصف من الناس و لا تعاملهم به]. (ص 195 ف 8 ح 348)

أعدل الناس من أنصف من ظلمه-أجور الناس من ظلم من أنصفه.

(ص 196 ح 362 و 363)

أعدل الناس من أنصف عن قوّة، و أعظمهم حلما من حلم عن قدرة.

(ص 201 ح 417)

أنصف الناس من أنصف من نفسه بغير حاكم عليه. (ص 211 ح 520)

إنّ أعظم المثوبة مثوبة الإنصاف. (ص 215 ف 9 ح 12)

إنّ أفضل الإيمان إنصاف المرء من نفسه. (ص 219 ح 63)

ص:146

إنّ من العدل أن تنصف في الحكم، و تجتنب الظلم. (ص 220 ح 65)

إنّ من فضل الرجل أن ينصف من نفسه و يحسن إلى من أساء إليه.

(ص 224 ح 105)

إنّك إن أنصفت من نفسك أزلفك (1)اللّه سبحانه. (ص 287 ف 13 ح 17)

تاج الرجل عفافه، و زينته إنصافه. (ص 348 ف 22 ح 35)

ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة [أبدا]: العاقل من الأحمق، و البرّ من الفاجر، و الكريم من اللئيم. (ص 364 ف 24 ح 17)

زكاة القدرة الإنصاف. (ص 425 ف 37 ح 4)

عامل سائر الناس بالإنصاف، و عامل المؤمنين بالإيثار.

(ج 2 ص 503 ف 55 ح 58)

من عدم إنصافه لم يصحب. (ص 635 ف 77 ح 459)

من منع الإنصاف سلبه الإمكان. (ص 653 ح 735)

من كثر إنصافه تشاهدت النفوس بتعديله. (ص 654 ح 749)

من تحلّى بالإنصاف بلغ مراتب الأشراف-من لم ينصف المظلوم من الظالم عظمت آثامه. (ص 678 ح 1072 و 1077)

مع الإنصاف تدوم الأخوّة. (ص 758 ف 80 ح 24)

نظام الدين خصلتان: إنصافك من نفسك، و مواساة إخوانك.

(ص 777 ف 82 ح 34)

لا ينتصف البرّ من الفاجر-لا ينتصف عالم من جاهل-لا ينتصف الكريم من اللئيم. (ص 844 ف 86 ح 296 و 297 و 299)

لا ينتصف من سفيه قطّ إلاّ بالحلم عنه. (ص 855 ح 442)

ص:147


1- -أزلفه: قربه و أدناه

ص:148

177- النظر

الآيات

1- . . . وَ جَعَلَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . (1)

2- وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً . (2)

3- قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اَللّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ - وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ. . . (3)

4- . . . وَ جَعَلَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ . (4)

الأخبار

1-عن عقبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: النظرة سهم من سهام

ص:149


1- -النحل:78
2- الإسراء:36
3- النور:30 و 31
4- السجدة:9 و الملك:23

إبليس مسموم، و كم من نظرة أورثت حسرة طويلة. (1)

2-عن أبي جميلة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: ما من أحد إلاّ و هو يصيب حظّا من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القبلة، وزنا اليدين اللمس، صدّق الفرج ذلك أو كذّب. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها للّه عزّ و جلّ لا لغيره أعقبه اللّه أمنا و إيمانا يجد طعمه. (3)

4-عن الكاهليّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة و كفى بها لصاحبها فتنة. (4)

5-و قال عليه السّلام: أوّل نظرة لك، و الثانية عليك و لا لك، و الثالثة فيها الهلاك. (5)

6-قال الصادق عليه السّلام: من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو غمّض بصره، لم يرتدّ إليه بصره حتّى يزوّجه اللّه من الحور العين.

و في خبر آخر: لم يرتدّ إليه طرفه حتّى يعقّبه اللّه إيمانا يجد طعمه. (6)

بيان:

غمّض عينه: أطبق جفنيها.

7-عن محمّد بن سنان عن الرضا عليه السّلام فيما كتبه إليه من جواب مسائله:

و حرّم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالأزواج و إلى غيرهنّ من النساء،

ص:150


1- -الوسائل ج 20 ص 190 ب 104 من مقدّمات النكاح ح 1
2- الوسائل ج 20 ص 191 ح 2
3- الوسائل ج 20 ص 192 ح 5
4- الوسائل ج 20 ص 192 ح 6
5- الوسائل ج 20 ص 193 ح 8
6- الوسائل ج 20 ص 193 ح 9 و 10

لما فيه من تهييج الرجال و ما يدعوا إليه التهييج من الفساد، و الدخول فيما لا يحلّ و لا يجمل، و كذلك ما أشبه الشعور. . . (1)

8-قال عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : لكم أوّل نظرة إلى المرأة، فلا تتبعوها نظرة اخرى و احذروا الفتنة. (2)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اطلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل أو شعر امرأة أو شيء من جسدها، كان حقّا على اللّه أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يتّبعون عورات النساء في الدنيا، و لا يخرج من الدنيا حتّى يفضحه اللّه، و يبدي للناس عورته في الآخرة، و من ملأ عينيه من امرأة حراما حشاهما اللّه يوم القيامة بمسامير من نار، و حشاهما نارا حتّى يقضي بين الناس، ثمّ يؤمر به إلى النار. (3)

10-عن هشام و حفص و حمّاد بن عثمان كلّهم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ما يأمن الذين ينظرون في أدبار النساء أن ينظر بذلك في نسائهم. (4)

أقول:

و ح 4 عنه عليه السّلام: «أما يخشى الذين ينظرون في أدبار النساء أن يبتلوا بذلك في نسائهم؟ !» .

11-استأذن ابن أمّ مكتوم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عنده عايشة و حفصة فقال لهما: قوما فادخلا البيت، فقالتا: إنّه أعمى، فقال: إن لم يركما فإنّكما تريانه. (5)

ص:151


1- -الوسائل ج 20 ص 193 ح 12
2- الوسائل ج 20 ص 194 ح 15
3- الوسائل ج 20 ص 194 ح 16
4- الوسائل ج 20 ص 199 ب 108 ح 1
5- الوسائل ج 20 ص 232 ب 129 ح 1

أقول

بمدلوله ح 4، و فيه قال صلّى اللّه عليه و آله (لامّ سلمة و ميمونة) : احتجبا، فقلنا: يا رسول اللّه، أ ليس أعمى لا يبصرنا؟ قال: أ فعميا و ان أنتما؟ أ لستما تبصرانه؟

12-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّ فاطمة قالت له في حديث: خير للنساء أن لا يرين الرجال، و لا يراهنّ الرجال، فقال صلّى اللّه عليه و آله: فاطمة منّي. (1)

أقول:

قد مرّ نظيره في باب النساء.

13-في خبر المناهي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و نهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم. و قال: من تأمّل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك. . .

و قال صلّى اللّه عليه و آله: من ملأ عينه من حرام ملأ اللّه عينه يوم القيامة من النار إلاّ أن يتوب و يرجع. (2)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ليس في البدن شيء أقلّ شكرا من العين، فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر اللّه عزّ و جلّ. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الذكر عنه عليه السّلام: «كلّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو» .

15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: استأذن أعمى على فاطمة عليها السّلام فحجبته، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لم حجبته و هو لا يراك؟ فقالت عليها السّلام: إن لم يكن يراني فأنا أراه و هو يشمّ الريح. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أشهد أنّك بضعة منّي. (4)

ص:152


1- -الوسائل ج 20 ص 232 ح 3
2- البحار ج 104 ص 32 باب من يحلّ النظر إليه و من لا يحلّ ح 2
3- البحار ج 104 ص 35 ح 20
4- البحار ج 104 ص 38 ح 36

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أطلق ناظره أتعب حاضره، من تتابعت لحظاته دامت حسراته. (1)

17-عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

يا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اِسْتَأْجَرْتَ اَلْقَوِيُّ اَلْأَمِينُ (2)قال: قال لها شعيب:

يا بنيّة، هذا قويّ قد عرفته بدفع الصخرة، الأمين من أين عرفته؟ قالت: يا أبت، إنّي مشيت قدّامه فقال: امشي من خلفي فإن ضللت فأرشديني إلى الطريق، فإنّا قوم لا ننظر في أدبار النساء. (3)

18-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: النظر إلى العالم عبادة، و النظر إلى الإمام المقسط عبادة، و النظر إلى الوالدين برأفة و رحمة عبادة، و النظر إلى الأخ تودّه في اللّه عزّ و جلّ عبادة. (4)

أقول:

ورد في أخبار كثيرة: «النظر إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام عبادة» روتها الخاصّة و العامّة. (راجع البحار ج 74 ص 73-و ج 92 ص 199-و ج 99 ص 60)

19-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: النظر في ثلاثة أشياء عبادة: النظر في وجه الوالدين، و في المصحف، و في البحر. (5)

20-في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: . . . و إيّاكم و فضول النظر فإنّه يبذر الهوى، و يولّد الغفلة. . . (6)

ص:153


1- -البحار ج 104 ص 38 ح 33
2- القصص:26
3- البحار ج 13 ص 32 باب أحوال موسى ح 5
4- البحار ج 74 ص 73 باب برّ الوالدين ح 59
5- البحار ج 10 ص 368
6- البحار ج 72 ص 199

21-في خطبة الوسيلة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: و عمي البصر خير من كثير من النظر. (1)

و قال عليه السّلام: من أطلق طرفه كثر أسفه. (2)

22-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب قال: إنّ عيسى بن مريم عليه السّلام قال لأصحابه: . . . إيّاكم و النظرة، فإنّها تزرع في القلب الشهوة، و كفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه و لم يجعل بصره في عينه. . . (3)

23-روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان جالسا في أصحابه، فمرّت بهم امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم، فقال عليه السّلام: إنّ أبصار هذه الفحول طوامح، و إنّ ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنّما هي امرأة كامرأة. . . (4)

أقول:

و قال عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله فإنّ عند أهله مثل ما رأى، و لا يجعلنّ للشيطان إلى قلبه سبيلا و ليصرف بصره عنها، فإن لم تكن له زوجة فليصلّ ركعتين، و يحمد اللّه كثيرا و يصلّي على النبيّ و آله، ثمّ ليسأل اللّه من فضله فإنّه يبيح له برأفته ما يغنيه. (الخصال ج 2 ص 637)

بيان: «رمقها» : أطال النظر إليها «طوامح» طمح بصره إلى الشيء: ارتفع، و طمح ببصره نحو الشيء: استشرف له «هبابها» المراد هيجان الفحول لملامسة الأنثى، يقال: هبّت الرياح: هاجت و تحرّكت.

ص:154


1- -البحار ج 77 ص 286- الغرر ج 2 ص 499 ف 55 ح 22
2- البحار ج 77 ص 288- الغرر ج 2 ص 625 ف 77 ح 304
3- البحار ج 78 ص 284
4- نهج البلاغة ص 1283 ح 412

24-من نظر إلى غلام أمرد بشهوة كأنّما قتل عليّا عليه السّلام ستّين مرّة. (1)

25-قال الصادق عليه السّلام: ما اغتنم (ما اعتصم ف ن) أحد بمثل ما اغتنم (ما اعتصم ف ن) بغضّ البصر، لأنّ البصر لا يغضّ عن محارم اللّه إلاّ و قد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة و الجلال.

سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: بما ذا يستعان على غضّ البصر؟ فقال: بالخمود تحت سلطان المطّلع على سرّك. و العين جاسوس القلب و بريد العقل، فغضّ بصرك عمّا لا يليق بدينك و يكرهه قلبك و ينكره عقلك.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: غضّوا أبصاركم ترون العجائب. قال اللّه تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ .

و قال عيسى بن مريم عليهما السّلام للحواريّين: «إيّاكم و النظر إلى المحذورات فإنّها بذر الشهوات و نبات الفسق» . قال يحيى بن زكريّا عليه السّلام: «الموت أحبّ إليّ من نظرة بغير واجب» .

و قال عبد اللّه بن مسعود رحمه اللّه لرجل نظر إلى امرأة قد عادها في مرضها:

«لو ذهبت عيناك لكان خيرا من عيادة مريضك» و لا تتوفّى عين نصيبها من نظر إلى محذور إلاّ و قد انعقد عقدة على قلبه من المنية، و لا تنحلّ إلاّ باحدى الحالين:

إمّا ببكاء الحسرة و الندامة بتوبة صادقة، و إما بأخذ نصيبه ممّا تمنّى و نظر إليه، فآخذ الحظّ من غير توبة مصيره إلى النار، و أمّا التائب الباكي بالحسرة و الندامة عن ذلك فمأويه الجنّة و منقلبه الرضوان. (2)

أقول:

قد مرّ في باب البكاء ف 1: كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاثة: عين غضّت

ص:155


1- -مجموعة الأخبار ص 104 ب 63
2- مصباح الشريعة ص 28 ب 42

عن محارم اللّه. . .

26-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أربعة تفسد الصوم و أعمال الخير: الغيبة و الكذب و النميمة و النظر إلى الأجنبي. (1)

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

العين رائد القلب. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 420)

العين بريد القلب. (ح 422)

العيون طلائع (2)القلوب. (ص 18 ح 459)

الحياء غضّ الطرف. (ص 19 ح 517)

العيون مصائد الشيطان. (ص 32 ح 993)

اللحظ رائد الفتن. (ص 35 ح 1089)

إذا أبصرت العين الشهوة عمي القلب عن العاقبة. (ص 315 ف 17 ح 89)

ذهاب النظر خير من النظر إلى ما يوجب الفتنة. (ص 405 ف 32 ح 23)

ربّ صبابة (3)غرست من لحظة. (ص 416 ف 35 ح 49)

كم من صبابة اكتسبت من لحظة-كم من نظرة جلبت حسرة.

(ج 2 ص 550 ف 63 ح 19 و 21)

من غضّ طرفه أراح قلبه-من أطلق طرفه جلب حتفه-من غضّ طرفه قلّ أسفه و أمن تلفه. (ص 715 ف 77 ح 1459 و 1461 و 1462)

نعم الورع غضّ الطرف. (ص 772 ف 81 ح 35)

نعم صارف الشهوات غضّ الأبصار. (ح 44)

ص:156


1- -الاثنى عشرية ص 157 ب 4 ف 2
2- الطليعة ج طلائع: من يبعث قدّام الجيش ليطّلع على أحوال العدوّ
3- الصبابة: لوعة العشق و حرارته

178- انتظار الفرج

الآيات

1- . . . فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ . (1)

2- . . . فَقُلْ إِنَّمَا اَلْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ . (2)

3- فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاّ مِثْلَ أَيّامِ اَلَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ . (3)

4- . . . وَ اِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ . (4)

الأخبار

1-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل العبادة انتظار الفرج. (5)

ص:157


1- -الأعراف:71
2- يونس:20
3- يونس:102
4- هود:93
5- كمال الدين ج 1 ص 404 ب 26 ح 6

2-عن أبي خالد الكابليّ عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام. . . قال: ثمّ تمتدّ الغيبة بوليّ اللّه الثاني عشر من أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة بعده عليهم السّلام.

يا أبا خالد، إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته و المنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان، لأنّ اللّه تبارك و تعالى أعطاهم من العقول و الأفهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، و جعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالسيف، اولئك المخلصون حقّا و شيعتنا صدقا، و الدعاة إلى دين اللّه عزّ و جلّ سرّا و جهرا.

. . . و قال عليه السّلام: انتظار الفرج من أفضل العمل (من أعظم الفرج ف ن) . (1)

3-عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أقرب ما يكون العباد من اللّه عزّ و جلّ، و أرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة اللّه عزّ و جلّ، فلم يظهر لهم و لم يعلموا بمكانه، و هم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجج اللّه عنهم و بيّناته، فعندها فتوقّعوا الفرج صباحا و مساءا، و إنّ أشدّ ما يكون غضب اللّه تعالى على أعدائه إذا افتقدوا حجّة اللّه فلم يظهر لهم، و قد علم أنّ أوليائه لا يرتابون، و لو علم أنّهم يرتابون لما غيّب عنهم حجّة اللّه طرفة عين، و لا يكون ذلك إلاّ على رأس شرار الناس. (2)

بيان:

«على رأس. . .» : أي لا يكون إلاّ في زمن كان رئيسهم و من يكون رأس أمورهم من شرار الناس.

4-عن المفضّل بن عمر قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: من مات منتظرا لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان كالضارب بين يدي

ص:158


1- -كمال الدين ج 1 ص 437 ب 31 ح 2
2- كمال الدين ج 2 ص 7 ب 34 ح 10

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالسيف. (1)

5-قال محمّد بن عليّ الجواد عليه السّلام لعبد العظيم: . . . و إنّ اللّه تبارك و تعالى ليصلح له أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسى عليه السّلام إذ ذهب يقتبس لأهله نارا فرجع و هو رسول نبيّ.

ثمّ قال عليه السّلام: أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج. (2)

6-في حديث الحسن العسكريّ عليه السّلام لأحمد بن إسحق: . . . و اللّه ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلاّ من ثبّته اللّه عزّ و جلّ على القول بإمامته، و وفّقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه. . . (3)

7-عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: أفضل أعمال امّتي انتظار الفرج من اللّه عزّ و جلّ. (4)

8-عن البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: ما أحسن الصبر و انتظار الفرج، أما سمعت قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ فعليكم بالصبر، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس، و قد كان الذين من قبلكم أصبر منكم. (5)

9-عن أبي بصير و محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه. (6)

ص:159


1- -كمال الدين ج 2 ص 7 ح 11
2- كمال الدين ج 2 ص 49 ب 36 ح 1
3- كمال الدين ج 2 ص 55 ب 38 ح 1
4- كمال الدين ج 2 ص 357 ب 59 ح 3
5- كمال الدين ج 2 ص 358 ح 5
6- كمال الدين ج 2 ص 358 ح 6

بيان:

في مجمع البحرين، «المتشحّط» : أي المقتول المضطرب المتمرّغ بدمه في سبيل اللّه، من قولهم: «يتشحّط بدمه» أي يتخبّط فيه و يضطرب و يتمرّغ.

10-في توقيع صاحب الزمان عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف: و أمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب، و إنّي لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا باب السؤال عمّا لا يعنيكم، و لا تكلّفوا علم ما قد كفيتم، و أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم، و السلام عليك يا إسحق بن يعقوب و على من اتّبع الهدى. (1)

11-في خبر الأعمش قال الصادق عليه السّلام: من دين الأئمّة الورع و العفّة و الصلاح. . . و انتظار الفرج بالصبر. (2)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : انتظروا الفرج و لا تيأسوا من روح اللّه، فإنّ أحبّ الأعمال إلى اللّه عزّ و جلّ؛ انتظار الفرج.

. . . و قال عليه السّلام: الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس، و المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل اللّه. (3)

13-عن محمّد بن الفضيل عن الرضا عليه السّلام قال: سألته عن شيء من الفرج، فقال: أ ليس انتظار الفرج من الفرج؟ إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ اَلْمُنْتَظِرِينَ (4). (5)

14-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: أفضل عبادة

ص:160


1- -كمال الدين ج 2 ص 162 ب 49 ح 4
2- البحار ج 52 ص 122 باب فضل انتظار الفرج ح 1
3- البحار ج 52 ص 123 ح 7
4- الأعراف:71 و يونس:20 و 102
5- البحار ج 52 ص 128 ح 22

المؤمن انتظار فرج اللّه. (1)

15-عن الفضل بن أبي قرّة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أوحى اللّه إلى إبراهيم أنّه سيولد لك، فقال لسارة، فقالت: أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ (2)فأوحى اللّه إليه: أنّها ستلد و يعذّب أولادها أربعمائة سنّة بردّها الكلام عليّ، قال: فلمّا طال على بني إسرائيل العذاب ضجّوا و بكوا إلى اللّه أربعين صباحا، فأوحى اللّه إلى موسى و هارون أن يخلّصهم من فرعون، فحطّ عنهم سبعين و مائة سنة.

قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج اللّه عنّا، فأمّا إذا لم تكونوا فإنّ الأمر ينتهي إلى منتهاه. (3)

16-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: يا أبا بصير، أنت ممّن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فرج عنه بانتظاره. (4)

17-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل جهاد أمّتي انتظار الفرج. (5)

18-في حكم موسى بن جعفر عليه السّلام: . . . و أفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج. . . (6)

19-في توقيع الحسن العسكريّ عليه السّلام لابن بابويه رحمه اللّه: . . . و عليك بالصبر و انتظار الفرج، فإنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج، و لا تزال

ص:161


1- -البحار ج 52 ص 131 ح 33
2- هود:72
3- البحار ج 52 ص 131 ح 34( تفسير العياشي ج 2 ص 154)
4- البحار ج 52 ص 142 ح 54
5- تحف العقول ص 33
6- تحف العقول ص 297

شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدي. . . (1)

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أوّل العبادة انتظار الفرج بالصبر. (الغرر ج 1 ص 44 ف 1 ح 1304)

أقول:

ذكرنا أهمّ الأخبار في الباب، و لاحظ كتاب «مكيال المكارم» فإنّه من أحسن الكتب في هذا الفنّ.

ص:162


1- -منتخب الأثر ص 234 ف 2 ب 21 ح 2

179- النفاق

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث من كنّ فيه كان منافقا و إن صام و صلّى و زعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف. . . (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «المنافق» : هو الذي يخفى الكفر و يظهر غيره، من النفق و هو السرب في الأرض أي يستتر بالإسلام كما يستتر في السرب (الحفرة) و قيل:

من نافق اليربوع (موش صحرائى) إذا دخل نافقائه، فإذا طلب من النافقاء خرج من القاصعاء و هما حجرتا اليربوع. . . و النفاق بالكسر: فعل المنافق.

و في جامع السعادات ج 2 ص 423، النفاق: هو مخالفة السرّ و العلن، سواء كان في الإيمان أو في الطاعات أو في المعاشرات مع الناس، و سواء قصد به طلب الجاه و المال أم لا. . .

أقول: اعلم أنّه كما يطلق المؤمن و المسلم على معان، فكذلك يطلق المنافق على معان: منها؛ أن يظهر الإسلام و يبطن الكفر، و هو المعنى المشهور و الآيات في ذمّهم

ص:163


1- -الكافي ج 2 ص 221 باب أصول الكفر و أركانه ح 8

كثيرة و يكون عذابهم أشدّ من الكفّار، و ليس مرادنا في الباب هذا المعنى، و لا يخفى أنّ أكثر الآيات الواردة في ذمّ المنافقين يكون بهذا المعنى، و لذا لم نذكر الآيات، و ورد في نهج البلاغة (ص 620 خ 185) خطبة في ذمّهم.

و قد يطلق المنافق على من يدّعي الإيمان و لم يعمل بمقتضاه و لم يتّصف بالصفات التي ينبغي أن يكون المؤمن عليها و يكون باطنه مخالفا لظاهره، مقابل المؤمن الكامل، و هذا هو مرادنا في الباب، و بهذا المعنى ورد أكثر الأخبار في ذمّ النفاق و المنافق.

و منها؛ أن يظهر الحبّ و يكون في الباطن عدوّا، أو يظهر الصلاح و يكون في الباطن فاسقا، و قد ذكر هذا المعنى العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في البحار ج 72 ص 109 و لعلّه داخل في المعنى الثاني.

2-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال: إنّ المنافق ينهى و لا ينتهي، و يأمر بما لا يأتي، و إذا قام إلى الصلاة اعترض-قلت: يا بن رسول اللّه، و ما الاعتراض؟ قال: الالتفات-و إذا ركع ربض، يمسي و همّه العشاء و هو مفطر، و يصبح و همّه النوم و لم يسهر، إن حدّثك كذبك، و إن ائتمنته خانك، و إن غبت اغتابك، و إن وعدك أخلفك. (1)

أقول:

ح 4 مثله، و زاد فيه: إذا ركع ربض، و إذا سجد نقر، و إذا جلس شغر.

و رواه ابن شعبة رحمه اللّه في تحف العقول ص 202 عنه عليه السّلام، و ذكر عليه السّلام بعده أوصاف المؤمن.

بيان: «ربض» : الربض للدابّة مثل بروك الإبل (شتر زانو بزمين زد كه بخوابد) أي ركع كربض الدابّة، و في المرآة ج 11 ص 172: هنا إمّا كناية عن إدلاء رأسه و عدم

ص:164


1- -الكافي ج 2 ص 291 باب صفة النفاق ح 3

استواء ظهره، أو عن أنّه يسقط نفسه على الأرض قبل أن يرفع رأسه من الركوع كاسقاط الغنم نفسه عند ربوضه. «إذا سجد نقر» : أي نقر كنقر الغراب يريد تخفيف السجود و أنّه لا يمكث فيه إلاّ قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله.

«شغر» : أي أقعى كإقعاء الكلب، أي رفع رجليه كما يرفع الكلب إحدى رجليه ليبول، و في بعض النسخ: "شفّر"من التشفير بمعنى النقص. «العشاء» : الطعام الذي يتعشّى به.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق. (1)

4-عن عبد اللّه بن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أربع من كنّ فيه فهو منافق و إن كانت فيه واحدة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتّى يدعها:

من إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا عاهد غدر، و إذا خاصم فجر. (2)

5-عن عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يجمع اللّه لمنافق و لا فاسق حسن السمت، و الفقه، و حسن الخلق أبدا. (3)

بيان:

«حسن السمت» : هيئة أهل الخير، من السكينة و الوقار و حسن السيرة و استقامة المنظر و الهيبة.

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و إنّ لسان المؤمن من وراء قلبه، و إنّ قلب المنافق من وراء لسانه. . . (4)

ص:165


1- -الكافي ج 2 ص 291 ح 6
2- الخصال ج 1 ص 254 باب الأربعة ح 129
3- الخصال ج 1 ص 127 باب الثلاثة ح 126
4- نهج البلاغة ص 570 في خ 175

أقول:

لاحظ تمام الخبر في باب الصمت.

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ لا أتخوّف على أمّتي مؤمنا و لا مشركا، فأمّا المؤمن فيحجزه إيمانه، و أمّا المشرك فيقمعه كفره، و لكن أتخوّف عليكم منافقا عليم اللسان، يقول ما تعرفون و يعمل ما تنكرون. (1)

بيان:

«المشرك» : في نزهة الناظر ص 12 بدلها في موضعين"الكافر".

8-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

خلّتان لا تجتمعان في منافق: فقه في الإسلام و حسن سمت في الوجه. (2)

9-قال الصادق عليه السّلام: أربع من علامات النفاق: قساوة القلب، و جمود العين، و الإصرار على الذنب، و الحرص على الدنيا. (3)

10-عن جعفر عن أبيه عليهم السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: . . . و للمنافق ثلاث علامات: إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذ ائتمن خان. (4)

11-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، لكلّ شيء علامة يعرف بها و يشهد عليها. . . و للمنافق ثلاث علامات: يخالف لسانه قلبه، و قلبه فعله، و علانيته سريرته. . . (5)

12-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ المؤمن إذا نظر اعتبر. . .

و المنافق إذا نظر لها، و إذا سكت سها، و إذا تكلّم لغا، و إذا استغنى طغا، و إذا

ص:166


1- -البحار ج 2 ص 110 ب 15 من العلم ح 20
2- البحار ج 72 ص 176 باب النفاق ح 2
3- البحار ج 72 ص 176 ح 4
4- البحار ج 72 ص 205 باب شرار الناس و صفات المنافق ح 6
5- البحار ج 72 ص 206 ح 7

أصابته شدّة ضغا، فهو قريب السخط بعيد الرضى، يسخط على اللّه اليسير، و لا يرضيه الكثير، ينوي كثيرا من الشرّ و يعمل بطائفة منه، و يتلهّف على ما فاته من الشرّ كيف لم يعمل به. (1)

بيان:

«لها» : أي لعب. «سها» : غفل و نسي و ذهب قلبه إلى غيره. «لغا» : أي خطأ و تكلّم من غير تفكّر و رويّة. «ضغا» : أي تذلّل و ضعف. «يتلهّف. . .» : أي حزن عليه و تحسّر.

13-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أنزل اللّه سبحانه و تعالى آية في المنافقين إلاّ و هي فيمن ينتحل التشيّع. (2)

14-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت الصادق عليه السّلام يقول: قال أبو جعفر عليه السّلام:

من كان ظاهره أرجح من باطنه خفّ ميزانه. (3)

15-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ فإنّها تذهب بالنفاق. (4)

16-و بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الصلاة عليّ و على أهل بيتي تذهب بالنفاق. (5)

17-عن سلمان و أبو ذرّ رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من كان ظاهره في ولايتي أكثر من باطنه خفّت موازينه. . . (6)

ص:167


1- -البحار ج 78 ص 50
2- البحار ج 68 ص 166 باب صفات الشيعة ح 20
3- الوسائل ج 1 ص 68 ب 11 من مقدّمة العبادات ح 15
4- الوسائل ج 7 ص 192 ب 34 من الذكر ح 2
5- الوسائل ج 7 ص 193 ح 3
6- مشارق الأنوار ص 160

18-في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة المنافق فأربعة: فاجر دخله، يخالف لسانه قلبه، و قوله فعله، و سريرته علانيته، فويل للمنافق من النار. (1)

19-قال الصادق عليه السّلام: المنافق قد رضي ببعده عن رحمة اللّه تعالى، لأنّه يأتي بأعماله الظاهرة شبيها بالشريعة، و هو لاه و لاغ و باغ بالقلب عن حقّها مستهزئ فيها، و علامة النفاق قلّة المبالات بالكذب و الخيانة و الوقاحة، و الدعوى بلا معنى، و استخانة العين، و السفه، و الغلظ، و قلّة الحياء، و استصغار المعاصي، و استيضاع أرباب الدين، و استخفاف المصائب في الدين، و الكبر و حبّ المدح، و الحسد، و إيثار الدنيا على الآخرة، و الشرّ على الخير، و الحثّ على النميمة، و حبّ اللهو، و معونة أهل الفسق و البغي، و التخلّف عن الخيرات، و تنقّص أهلها، و استحسان ما يفعله من سوء، و استقباح ما يفعله غيره من حسن، و أمثال ذلك كثيرة. . .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المنافق من إذا وعد أخلف، و إذا فعل أساء، و إذا قال كذب، و إذا ائتمن خان، و إذا رزق طاش، و إذا منع عاش

و قال صلّى اللّه عليه و آله أيضا: من خالفت سريرته علانيته فهو منافق، كائنا من كان، و حيث كان، و في أيّ زمن كان، و على أيّ رتبة كان. (2)

بيان:

«الوقاحة» : قلّة الحياء.

«استخانة العين» : في مجمع البحرين، سخنة العين: نقيض قرّتها، و أسخن اللّه عينه:

أبكاه.

ص:168


1- -تحف العقول ص 23
2- مصباح الشريعة ص 25 ب 37

أقول: قد مرّ في باب الحياء: «أنّ الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق» .

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

النفاق أخو الشرك. (الغرر ج 1 ص 27 ف 1 ح 787)

النفاق توأم الكفر. (ح 789)

النفاق يفسد الإيمان. (ح 791)

الغيبة آية المنافق. (ص 31 ح 949)

النفاق مبنيّ على المين (1). (ص 39 ح 1200)

الكذب يؤدّي إلى النفاق. (ص 40 ح 1225)

الإيمان بريء من النفاق. (ص 43 ح 1291)

المنافق مكوّر مضرّ مرتاب. (ص 46 ح 1335)

النفاق من أثافيّ الذلّ. (ص 53 ح 1477)

المنافق لسانه يسرّ و قلبه يضرّ. (ص 60 ح 1612)

المنافق قوله جميل و فعله الداء الدخيل (2). (ح 1614)

الحكمة لا تحلّ قلب المنافق إلاّ و هي على ارتحال. (ص 82 ح 1944)

المنافق لنفسه مداهن و على الناس طاعن. (ص 88 ح 2029)

المنافق مريب. (ص 10 ح 201)

الخيانة رأس النفاق. (ص 33 ح 1012)

المنافق وقح غبيّ (3)متملّق شقيّ. (ص 76 ح 1876)

أظهر الناس نفاقا من أمر بالطاعة و لم يعمل بها، و نهى عن المعصية و لم ينته عنها. (ص 198 ف 8 ح 390)

ص:169


1- -أي الكذب
2- أي داخل في أعماق البدن
3- أي الجاهل و القليل الفطنة

أشدّ الناس نفاقا من أمر بالطاعة و لم يعمل بها، و نهى عن المعصية و لم ينته عنها. (ص 207 ح 482)

إنّي أخاف عليكم كلّ عليم اللسان منافق الجنان، يقول ما تعلمون و يفعل ما تنكرون. (ص 284 ف 12 ح 12)

بالكذب يتزيّن أهل النفاق. (ص 331 ف 18 ح 43)

تجنّبوا البخل و النفاق فهما من أذمّ الأخلاق. (ص 353 ف 22 ح 78)

علم المنافق في لسانه-علم المؤمن في عمله. (ج 2 ص 498 ف 55 ح 3 و 4)

كثرة الوفاق نفاق-كثرة الخلاف شقاق. (ص 561 ف 66 ح 4 و 5)

نفاق المرء من ذلّ يجده في نفسه. (ص 777 ف 82 ح 39)

ورع المنافق لا يظهر إلاّ في لسانه. (ص 786 ف 83 ح 71)

ص:170

180- النميمة و السعاية

الآيات

1- . . . وَ مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها. . . (1)

2- وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ - هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ - مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ - عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ . (2)

أقول:

الزنيم: هو ولد الزنا، قال الشهيد رحمه اللّه في كشف الريبة ص 83 و النراقي رحمه اللّه في جامع السعادات ج 2 ص 284: يستفاد من الآية؛ أنّ كلّ من يمشي بالنميمة فهو ولد الزنا.

3- وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ . (3)

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أ لا أنبّئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: المشّاؤون بالنميمة، المفرّقون

ص:171


1- -النساء:85
2- القلم:10 إلى 13
3- الهمزة:1

بين الأحبّة، الباغون للبراء المعايب. (1)

بيان:

«المشّاؤون» : مشى يمشي فهو ماش و يكنّى بالمشي عن النميمة و رجل مشّاء بالتشديد للمبالغة و التكثير. «الباغون» البغي: الطلب «البراء» ككرام و كفقهاء جمع البريء و هو ضدّ المذنب و المتّهم.

في النهاية ج 5 ص 120، «النميمة» : هي نقل الحديث من قوم إلى قوم، على جهة الإفساد و الشرّ. . .

و في المصباح: نمّ الرجل الحديث نمّا: سعى به ليوقع فتنة أو وحشة. . . و الاسم النميمة و النميم أيضا.

و في المفردات، النمّ: إظهار الحديث بالوشاية، و النميمة: الوشاية. . . و أصل النميمة:

الهمس و الحركة الخفيفة، و منه"أسكت اللّه نامّته"أي ما ينمّ عليه من حركته.

و في أقرب الموارد ج 2 ص 1348، نمّ الحديث: أظهره بالوشاية و رفعه على وجه الإشاعة و الإفساد.

أقول: إنّ النمينة تطلق في الأكثر على من ينمّ قول الغير إلى المقول فيه، كأن يقال:

فلان تكلّم فيك بكذا و كذا، و ليست مخصوصة بالقول، بل تطلق النميمة على ما هو أعمّ منه، بل على كشف ما يكره كشفه، سواء كان الكشف بالقول أو بالكتابة أو بالرمز و الإيماء، و سواء كان المنقول من الأعمال أو من الأقوال، و حينئذ فكلّ ما يرى من أحوال الناس و لم يرضوا بإفشائه، فإذاعته نميمة.

ثمّ الباعث على النميمة يكون غالبا إرادة السوء بالمحكيّ عنه، أو إظهار الحبّ للمحكيّ له، أو التفريح بالحديث، أو الخوض في الفضول، أو إفساد بين الناس أو

ص:172


1- -الكافي ج 2 ص 274 باب النميمة ح 1-و بمدلوله ح 3، و روى الصدوق رحمه اللّه نظيره في الخصال ج 1 ص 182 باب الثلاثة في ح 249

غيره، و ألحق الشهيد رحمه اللّه النميمة بالغيبة.

و يلزم على من تحمل إليه النميمة ستّة أمور:

الأوّل؛ أن لا يصدّقه، لأنّ النّمام فاسق و الفاسق مردود الشهادة، قال اللّه تعالى:

إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا. . .

الثاني؛ أن ينهاه عن ذلك و ينصحه و يقبّح له فعله.

الثالث؛ أن يبغضه في اللّه، لكونه مبغوضا عنده تعالى.

الرابع؛ أن لا يظنّ بأخيه السوء بمجرّد قوله، لقوله تعالى: اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ اَلظَّنِّ .

الخامس؛ أن لا يحمل عمله على التجسّس و البحث لتحقيق ما حكي له، لقوله تعالى: وَ لا تَجَسَّسُوا .

السادس؛ أن لا يرضى لنفسه ما نهى عنه النمّام، فلا يحكى نميمته، فيقول: فلان قد حكى كذا و كذا، فيكون به نمّاما و مغتابا.

و من عرف حقيقة النميمة يعلم أنّ النمّام شرّ الناس و أخبثهم، كيف و هو لا ينفكّ من الكذب، و الغيبة، و الغدر، و الخيانة، و الغلّ، و الحسد، و النفاق، و الإفساد بين الناس، و الخديعة، و السعي في قطع ما أمر اللّه به أن يوصل، و غير ذلك.

(راجع جامع السعادات ج 2 ص 287 و كشف الريبة ص 83)

2-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: محرّمة الجنّة على القتّاتين المشّائين بالنميمة. (1)

بيان:

«القتّاتين» : في النهاية ج 4 ص 11، فيه: «لا يدخل الجنّة قتّات» هو النمّام. يقال:

قتّ الحديث يقتّه إذا زوّره و هيّأه و سوّاه. و قيل: النمّام: الذي يكون مع القوم يتحدّثون فينمّ عليهم. و القتّات: الذي يتسمّع على القوم و هم لا يعلمون ثمّ ينمّ.

ص:173


1- -الكافي ج 2 ص 274 ح 2

و القسّاس: الذي يسأل عن الأخبار ثمّ ينمّها.

3-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، لا يدخل الجنّة القتّات، قلت: يا رسول اللّه، ما القتّات؟ قال: النمّام.

يا أبا ذرّ، صاحب النميمة لا يستريح من عذاب اللّه في الآخرة.

يا أبا ذرّ، من كان ذا وجهين و لسانين في الدنيا فهو ذو وجهين في النار.

يا أبا ذرّ، المجالس بالأمانة و إفشاؤك سرّ أخيك خيانة فاجتنب ذلك و اجتنب مجلس العثرة. (1)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في خطبة له: و من مشى في نميمة بين اثنين سلّط اللّه عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة، و إذا خرج من قبره سلّط اللّه عليه تنّينا أسود ينهش لحمه حتّى يدخل النار. (2)

5-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربعة يزيد عذابهم على عذاب أهل النار: . . . و رجل اغتاب الناس، و مشى بالنميمة، فهو يأكل في النار لحمه. (3)

6-قال الصادق عليه السّلام: بينا موسى بن عمران عليه السّلام يناجي ربّه عزّ و جلّ إذ رأى رجلا تحت ظلّ عرش اللّه عزّ و جلّ، فقال: يا ربّ، من هذا الذي قد أظلّه عرشك؟ فقال: هذا كان بارّا بوالديه و لم يمش بالنميمة. (4)

7-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لمّا أسري بي رأيت امرأة رأسها رأس خنزير، و بدنها بدن الحمار، و عليها ألف ألف لون من العذاب فسئل ما كان عملها؟ فقال: إنّها كانت نمّامة

ص:174


1- -الوسائل ج 12 ص 307 ب 164 من العشرة ح 4
2- الوسائل ج 12 ص 308 ح 6
3- المستدرك ج 9 ص 151 ب 144 من العشرة ح 8
4- البحار ج 75 ص 263 باب النميمة و السعاية ح 2

كذّابة. (1)

8-عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: شرّ الناس المثلّث، قيل: يا رسول اللّه، و ما المثلّث؟ قال: الذي يسعى بأخيه إلى السلطان، فيهلك نفسه و يهلك أخاه و يهلك السلطان. (2)

بيان:

في جامع السعادات ج 2 ص 289: «السعاية» هي النميمة بشرط كون المحكيّ له من يخاف جانبه، كالسلاطين و الأمراء و الحكماء و الرؤساء و أمثالهم، فهي أشدّ أنواع النميمة إثما و معصية، و هي أيضا تكون من العداوة و من حبّ المال و طمعه، فتكون من رداءة القوّتين و خباثتهما، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «الساعي بالناس إلى الناس لغير رشدة» يعني ليس ولد حلال. و ذكرت السعاة عند بعض الأكابر، فقال: ما ظنّك بقوم يحمد الصدق من كلّ طبقة إلاّ منهم.

9-رفع رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام كتابا فيه سعاية، فنظر إليه أمير المؤمنين عليه السّلام ثمّ قال: يا هذا، إن كنت صادقا مقتناك، و إن كنت كاذبا عاقبناك، و إن أحسنت القيلة أقلناك، قال: بل تقيلني يا أمير المؤمنين. (3)

10-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، احذر الغيبة و النميمة، فإنّ الغيبة تفطر، و النميمة توجب عذاب القبر. (4)

أقول:

قد مرّ في باب البرزخ: أنّ عذاب القبر يكون من النميمة، و البول، و عزب الرجل عن أهله.

ص:175


1- -البحار ج 75 ص 264 ح 7
2- البحار ج 75 ص 266 ح 16
3- البحار ج 75 ص 266 ح 13
4- البحار ج 77 ص 69

11-في كتاب الصادق عليه السّلام إلى النجاشي: إيّاك و السعاة و أهل النمائم، فلا يلتزقنّ بك أحد منهم، و لا يراك اللّه يوما و لا ليلة و أنت تقبل منهم صرفا و لا عدلا، فيسخط اللّه عليك و يهتك سترك. (1)

12-في حديث الصادق عليه السّلام لمّا سأله الزنديق عن السحر، . . . قال: و إنّ من أكبر السحر النميمة! يفرّق بها بين المتحابّين، و يجلب العداوة على المتصافيين، و يسفك بها الدماء، و يهدم بها الدور، و يكشف بها الستور، و النمّام أشرّ من وطئ على الأرض بقدم! . . . (2)

أقول:

و لاحظ خبر سعاية عليّ بن إسماعيل أو محمّد بن إسماعيل لمولانا الكاظم عليه السّلام في البحار ج 48 ص 232 ب 9 ح 38 و ص 239 ح 48.

13-و روي أنّ موسى استسقى لبني إسرائيل حين أصابهم قحط، فأوحى اللّه تعالى إليه: أنّي لا أستجيب لك و لا لمن معك و فيكم نمّام قد أصرّ على النميمة، فقال موسى عليه السّلام: من هو يا ربّ، حتّى نخرجه من بيننا؟ فقال اللّه:

يا موسى، أنهاكم عن النميمة و أكون نمّاما، فتابوا بأجمعهم فسقوا. (3)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة لا يدخلون الجنّة: السفّاك للدم، و شارب الخمر، و مشّاء بنميمة. (4)

أقول:

إنّ الأخبار في عدم دخول النمّام الجنّة كثيرة، في بعضها: «أربعة لا يدخلون الجنّة منها النمّام» و في بعضها: «حرّمت الجنّة على النمّام» و في بعضها: «لمّا خلق اللّه الجنّة

ص:176


1- -البحار ج 77 ص 192 و (ج 78 ص 272)
2- البحار ج 63 ص 21 باب تأثير السحر ح 14( الاحتجاج ج 2 ص 82)
3- كشف الريبة ص 85
4- الخصال ج 1 ص 180 باب الثلاثة ح 244

قال لها: تكلّميني، قالت: سعد من دخلني، قال اللّه: لا يسكن فيك ثمانية: منها قتّات و هو النمّام» إلى غير ذلك، و قد مرّ بعضها في باب الجنّة.

15-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الأمّة عشرة: القتّات، . . .

و الساعي في الفتنة. . . (1)

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الهمّاز مذموم مجروح. (الغرر ج 1 ص 17 ف 1 ح 427)

النميمة شيمة المارق. (ص 31 ح 950)

النميمة ذنب لا ينسى. (ص 50 ح 1421)

الساعي كاذب لمن سعى إليه، ظالم لمن سعى عليه. (ص 75 ح 1858)

النميمة شرّ رواية ف ك) .

أكذب السعاية و النميمة، باطلة كانت أو صحيحة. (ص 125 ف 2 ح 216)

إيّاك و النميمة، فإنّها تزرع الضغينة، و تبعّد عن اللّه و الناس.

(ص 149 ف 5 ح 33)

أسوء الصدق النميمة. (ص 179 ف 8 ح 111)

بئس السعي التفرقة بين الأليفين. (ص 342 ف 20 ح 29)

شرّ الناس من سعى بالإخوان و نسي الإحسان. (ص 445 ف 41 ح 41)

لا تعجلنّ إلى صديق واش و إن تشبّه بالناصحين، فإنّ الساعي ظالم لمن سعى به، غاش لمن سعى إليه. (ج 2 ص 812 ف 85 ح 176)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب النظر.

ص:177


1- -الخصال ج 2 ص 450 باب العشرة ح 56

ص:178

181- النوم

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: النوم و آدابه

الأخبار

1-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: . . . يا عليّ، ثلاثة يتخوّف منهنّ الجنون:

التغوّط بين القبور، و المشي في خفّ واحد، و الرجل ينام وحده. . . (1)

2-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثلاثة: الآكل زاده وحده، و الراكب في الفلاة وحده، و النائم في بيت وحده. (2)

3-عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال:

كان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بالكوفة في الجامع، إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن النوم على كم وجه

ص:179


1- -الخصال ج 1 ص 125 باب الثلاثة ح 122
2- الخصال ج 1 ص 93 ح 38

هو؟ فقال: النوم على أربعة أوجه: الأنبياء عليهم السّلام تنام على أقفيتهم مستلقين، و أعينهم لا تنام متوقّعة لوحي اللّه عزّ و جلّ، و المؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة، و الملوك و أبناؤها تنام على شمائلها ليستمرئوا ما يأكلون، و إبليس و إخوانه و كلّ مجنون و ذو عاهة ينام على وجهه منبطحا. (1)

بيان:

«مستلقين» : استلقى الرجل أي نام على قفاه. «ذو عاهة» : ذو آفة. «المنبطح» بطحه: أي ألقاه على وجهه، و انبطح الرجل: أي انطرح على وجهه.

أقول: قد مرّ في بابي الأكل و المرض؛ قول أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أربع خصال تستغني بها عن الطبّ: . . . و إذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء.

و مرّ في باب الزنا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما عجّت الأرض إلى ربّها عزّ و جلّ كعجيجها من ثلاث: . . . أو النوم عليها قبل طلوع الشمس.

4-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّ اللّه عزّ و جلّ كره لكم أيّتها الأمّة أربعا و عشرين خصلة، و نهاكم عنها: . . .

و كره النوم قبل العشاء الآخرة، و كره الحديث بعد العشاء الآخرة. . . و كره النوم في سطح ليس بمحجّر، و قال: من نام على سطح غير ذي محجّر فقد برئت منه الذمّة، و كره أن ينام الرجل في بيت وحده. . . (2)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في باب الجماع.

5-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) قال: إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خدّه الأيمن و ليقل: «بسم اللّه وضعت جنبي للّه على ملّة

ص:180


1- -الخصال ج 1 ص 262 باب الأربعة ح 140
2- الخصال ج 2 ص 520 باب العشرين ح 9

إبراهيم و دين محمّد و ولاية من افترض اللّه طاعته، ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن» فمن قال ذلك عند منامه حفظ من اللصّ و المغير و الهدم، و استغفرت له الملائكة.

من قرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ حين يأخذ مضجعه و كلّ اللّه عزّ و جلّ به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته.

و إذا أراد أحدكم النوم فلا يضعنّ جنبه على الأرض حتّى يقول: «أعيذ نفسي و ديني و أهلي و ولدي و مالي و خواتيم عملي، و ما رزقني ربّي و خوّلني، بعزّة اللّه، و عظمة اللّه، و جبروت اللّه، و سلطان اللّه، و رحمة اللّه، و رأفة اللّه، و غفران اللّه، و قوّة اللّه، و قدرة اللّه، و جلال اللّه، و بصنع اللّه، و أركان اللّه، و بجمع اللّه، و برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و بقدرة اللّه على ما يشاء، من شرّ السامّة و الهامّة، و من شرّ الجنّ و الإنس، و من شرّ ما يدبّ في الأرض و ما يخرج منها، و من شرّ ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها، و من شرّ كلّ دابّة أنت آخذ بناصيتها، إنّ ربّي على صراط مستقيم، و هو على كلّ شيء قدير، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يعوّذ بها الحسن و الحسين عليهما السّلام و بذلك أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (1)

و قال عليه السّلام: لا ينام المسلم و هو جنب، و لا ينام إلاّ على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمّم بالصعيد، فإنّ روح المؤمن ترفع إلى اللّه تبارك و تعالى فيقبلها و يبارك عليها، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته، و إن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع أمنائه من ملائكته فيردّونها في جسدها. (2)

6-قال الصادق عليه السّلام: فما سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصحابه: فأيّكم يحيي

ص:181


1- -الخصال ج 2 ص 631
2- الخصال ج 2 ص 613

الليل؟ قال سلمان رحمه اللّه أنا.

و قال سلمان: في ردّ من اعترض عليه: و لكنّي سمعت حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «من بات على طهر فكأنّما أحيى الليل كلّه» فأنا أبيت على طهر. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بات على وضوء بات و فراشه مسجده، فإن تخفّف و صلّى ثمّ ذكر اللّه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه. (2)

8-قال الصادق عليه السّلام: من تطهّر ثمّ أوى إلى فراشه بات و فراشه كمسجده، فإن ذكر أنّه على غير وضوء فليتيمّم من دثاره كائنا ما كان، فإن فعل ذلك لم يزل في الصلاة و ذكر اللّه عزّ و جلّ. (3)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من نام على الوضوء إن أدركه الموت في ليله فهو عند اللّه شهيد. (4)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: النوم بين العشائين يورث الفقر، و النوم قبل طلوع الشمس يورث الفقر. (5)

11-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: النوم من أوّل النهار خرق، و القائلة نعمة، و النوم بعد العصر حمق، و بين العشائين يحرم الرزق. (6)

بيان:

«الخرق» : ضعف العقل و البلادة.

12-. . . و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أويت إلى فراشك فانظر ما سلكت

ص:182


1- -أمالي الصدوق ص 33 م 9 ح 5 و معاني الأخبار ص 222 باب معنى قول سلمان رحمه اللّه
2- البحار ج 76 ص 182 باب فضل الطهارة عند النوم ح 4
3- البحار ج 76 ص 182 ح 6
4- البحار ج 76 ص 183 ح 7
5- البحار ج 76 ص 184 باب الأوقات المكروهة للنوم ح 2
6- البحار ج 76 ص 185 ح 6

في بطنك، و ما كسبت في يومك، و اذكر أنّك ميّت و أنّ لك معادا. (1)

13-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قرء: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ حين يأخذ مضجعه غفر اللّه له ذنوب خمسين سنة.

و في ثواب الأعمال مثله، إلاّ أنّ فيه: من قرء قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ مأة مرّة حين يأخذ. (2)

14-قال الصادق عليه السّلام: من قال حين يأوي إلى فراشه: «لا إله إلاّ اللّه» مائة مرّة، بنى اللّه له بيتا في الجنّة، و من استغفر اللّه حين يأوي إلى فراشه مأة مرّة، تحاتّت ذنوبه كما يسقط ورق الشجر. (3)

15-. . . و عن الصادق عليه السّلام قال: من قرء (يس) في ليلته قبل أن ينام وكّل اللّه به ألف ملك يحفظونه من كلّ شيطان رجيم و من كلّ آفة. (4)

16-و عن الباقر عليه السّلام قال: من قرء (اَلْواقِعَةُ) كلّ ليلة قبل أن ينام لقي اللّه عزّ و جلّ و وجهه كالقمر ليلة البدر. (5)

أقول:

في مجمع البيان: في حديث ابن مسعود قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قرأ سورة الواقعة كلّ ليلة لم تصبه فاقة أبدا.

17-و عنه عليه السّلام قال: من قرء المسبّحات كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يدرك القائم، و إن مات كان في جوار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (6)

ص:183


1- -البحار ج 76 ص 190 باب أنواع النوم ح 21
2- البحار ج 76 ص 192 باب القراءة و الدعاء عند النوم ح 2
3- البحار ج 76 ص 192 ح 3
4- البحار ج 76 ص 200 ح 14
5- البحار ج 76 ص 200 ح 14
6- البحار ج 76 ص 201 ح 14

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أوى إلى فراشه فقرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ إحدى عشر مرّة حفظه اللّه في داره و دويرات حوله. (1)

19-. . . عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من قرأ قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ إحدى عشر مرّة حين يأوى إلى فراشه غفر له ذنبه، و شفّع في جيرانه، فإن قرأها مأة مرّة غفر ذنبه فيما يستقبل خمسين سنة. (2)

20-. . . كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقرء آية الكرسيّ عند منامه و يقول: أتاني جبرئيل فقال: يا محمّد، إنّ عفريتا من الجنّ يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسيّ.

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما استيقظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نوم قطّ إلاّ خرّ للّه عزّ و جلّ ساجدا. (3)

21-. . . عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: دعاني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا عليّ، إذا أخذت مضجعك فعليك بالاستغفار، و الصلاة عليّ، و قل: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» و أكثر من قراءة قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ فإنّها نور القرآن، و عليك بقراءة آية الكرسيّ، فإنّ في كلّ حرف منها ألف بركة و ألف رحمة. (4)

22-عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السّلام قال: لم يقل أحد قطّ إذا أراد أن ينام: إِنَّ اَللّهَ يُمْسِكُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (5)فسقط عليه البيت. 6

ص:184


1- -البحار ج 76 ص 201 ح 15
2- البحار ج 76 ص 205 ح 23
3- البحار ج 76 ص 202 ح 19
4- البحار ج 76 ص 220 ح 31
5- فاطر:41

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قال حين يأوي إلى فراشه: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم و أتوب إليه» ثلاث مرّات، غفر اللّه ذنوبه، و إن كان مثل زبد البحر و إن كانت عدد ورق الشجر، و إن كانت عدد رمل عالج، و إن كانت عدد أيّام الدنيا. (1)

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من بات على تسبيح فاطمة عليها السّلام كان من الذاكرين اللّه كثيرا و الذاكرات. (2)

25-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا خفت الجنابة فقل في فراشك: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من الاحتلام، و من سوء الأحلام، و من أن يتلاعب بي الشيطان في اليقظة و المنام» . (3)

26-قال أبو جعفر عليه السّلام: من قال هذه الكلمات فأنا ضامن أن لا يصيبه عقرب و لا هامّة حتّى يصبح: «أعوذ بكلمات اللّه التامّات، التي لا يجاوزهنّ برّ و لا فاجر، من شرّ ما ذرأ و من شرّ ما برأ، و من شرّ كلّ دابّة هو آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم» . (4)

27-عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليه السّلام قال: سألته عن النوم بعد الغداة، فقال: إنّ الرزق يبسط تلك الساعة، فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة. (5)

28-قال الصادق عليه السّلام: نومة الغداة مشؤومة، تطرد الرزق و تصفر اللون،

ص:185


1- البحار ج 76 ص 204 ح 22
2- الوسائل ج 6 ص 447 ب 11 من التعقيب ح 4(مجمع البيان ج 8 ص 354)
3- الوسائل ج 6 ص 448 ب 12 ح 4
4- الوسائل ج 6 ص 449 ح 5
5- الوسائل ج 6 ص 496 ب 36 ح 1

و تقبّحه و تغيّره، و هو نوم كلّ مشوم، إنّ اللّه تعالى يقسّم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإيّاكم و تلك النومة.

قال: و كان المنّ و السلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه، و كان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج إلى السؤال و الطلب. (1)

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: [إذا كان]يتفزّع يقول عند النوم: «لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك يحيي و يميت، و يميت و يحيي و هو حيّ لا يموت» -عشر مرّات-و يسبّح تسبيح الزهراء عليها السّلام، فإنّه يزول ذلك. (2)

أقول:

نظيره في الوسائل (ج 6 ص 450) ، و لكن زاد بعد قوله: «له الملك» "و له الحمد"، و بعد قوله: «حيّ لا يموت» "بيده الخير و له اختلاف الليل و النهار و هو على كلّ شيء قدير"عشر مرّات.

30-و روي: من أصابه فزع عند منامه فليقرء إذا أوى إلى فراشه المعوّذتين و آية الكرسيّ. (3)

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: النوم على سبعة أوجه: نوم الغفلة فهو الذي في مجلس الذكر، و نوم الشقاوة فهو الذي وقت الصبح، و نوم العقوبة فهو النوم الذي وقت الصلاة، و نوم اللعنة و هو الذي بعد صلاة الفجر، و نوم الراحة فهو النوم عند استواء النهار، و نوم الرخصة فهو نوم بعد العشاء، و نوم الحسرة فهو النوم ليلة الجمعة. (4)

ص:186


1- -الوسائل ج 6 ص 496 ح 3 و 4
2- المستدرك ج 5 ص 45 ب 10 من التعقيب ح 13
3- سفينة البحار ج 2 ص 625
4- الاثنى عشرية ص 246 ب 7 ف 2

32-قال الصادق عليه السّلام: نم نوم المعتبرين (المتعبّدين ف ن) ، و لا تنم نومة الغافلين، فإنّ المعتبرين (المتعبّدين ف ن) من الأكياس ينامون استراحة و لا ينامون استبطارا.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: تنام عيناي و لا ينام قلبي، و انو بنومك تخفيف مؤنتك على الملائكة، و اعزل (و اعتزال ف ن) النفس عن شهواتها و اختبر بها نفسك، و كن ذا معرفة بأنّك عاجز ضعيف لا تقدر على شيء من حركاتك و سكونك إلاّ بحكم اللّه و تقديره، و إنّ النوم أخ الموت و استدلّ بها لى الموت. . .

و كثرة النوم يتولّد من كثرة الشرب، و كثرة الشرب يتولّد من كثرة الشبع، و هما يثقلان النفس عن الطاعة، و يقسيان القلب عن التفكّر و الخشوع، و اجعل كلّ نومك آخر عهدك من الدنيا، و اذكر اللّه بقلبك و لسانك و خف اطّلاعه على سرّك، مستعينا به في القيام إلى الصلاة إذا انتبهت، فإنّ الشيطان يقول لك: نم فإنّ لك بعد ليلا طويلا، يريد تفويت وقت مناجاتك و عرض حالك على ربّك، و لا تغفل عن الاستغفار بالأسحار فإنّ للقانتين فيه أشواقا. (1)

33-عن الزهراء عليها السّلام أنّها قالت: دخل عليّ أبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّي قد افترشت الفراش و أردت أن أنام، فقال: يا فاطمة، لا تنامي حتّى تعملي أربعة أشياء: حتّى تختمي القرآن، و تجعلي الأنبياء شفعاءك، و تجعلي المؤمنين راضين عنك، و تعملي حجّة و عمرة، و دخل في الصلاة، فتوقّفت على فراشي حتّى أتمّ الصلاة.

فقلت: يا رسول اللّه، أمرتني بأربعة أشياء لا أقدر في هذه الساعة أن أفعلها، فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: إذا قرأت قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرّات فكأنّك قد ختمت القرآن، و إذا صلّيت عليّ و على الأنبياء من قبلي فقد صرنا لك شفعاء

ص:187


1- -مصباح الشريعة ص 29 ب 44

يوم القيامة، و إذا استغفرت للمؤمنين، فكلّهم راضون عنك، و إذا قلت: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» فقد حججت و اعتمرت. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الرؤياء، الذكر، و التسبيح.

و مرّ في باب الإيمان: علامات المؤمن أربعة: . . . و نومه كنوم الغرقى.

و جدير بالذكر أنّ ممّن استقصى هذا الباب و يسبر غوره هو المحدّث النوري رحمه اللّه في كتابه"دار السلام فيما يتعلّق بالرؤيا و المنام".

ص:188


1- -خلاصة الأذكار للفيض رحمه اللّه ص 70

الفصل الثاني: السهر و كثرة النوم

الأخبار

1-عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قالت امّ سليمان بن داود لسليمان عليه السّلام: إيّاك و كثرة النوم بالليل، فإنّ كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة. (1)

بيان:

«تدع. . .» : أي يتركه فقيرا.

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: [لا سهر]بعد العشاء الآخرة إلاّ لأحد رجلين:

مصلّ أو مسافر. (2)

3-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا سهر إلاّ في ثلاث: متهجّد بالقرآن، أو في طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها. (3)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث (خصال ف ن) فيهنّ المقت من اللّه

ص:189


1- -الخصال ج 1 ص 28 باب الواحد ح 99
2- الخصال ج 1 ص 78 باب الاثنين ح 125
3- الخصال ج 1 ص 112 باب الثلاثة ح 88

عزّ و جلّ: نوم من غير سهر، و ضحك من غير عجب، و أكل على الشبع. (1)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: قال موسى عليه السّلام: يا ربّ، أيّ عبادك أبغض إليك؟ قال: جيفة بالليل، بطّال بالنهار. (2)

بيان:

يقال: بطل بطالة فهو بطّال: أي تعطّل و تفرّغ من العمل.

6-عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السّلام قال: لا تعوّد عينيك كثرة النوم، فإنّها أقلّ شيء في الجسد شكرا. (3)

7-قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه يبغض كثرة النوم، و كثرة الفراغ.

و قال أيضا: كثرة النوم مذهبة للدين و الدنيا. (4)

8-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: لا بأس بالسهر في الفقه. (5)

9-. . . قال أبو الحسن الثالث عليه السّلام في بعض مواعظه: السهر ألذّ للمنام، و الجوع يزيد في طيب الطعام، يريد به الحثّ على قيام الليل و صيام النهار. (6)

أقول:

لاحظ أبواب الجمعة، الشيعة، التقوى، اليقين و. . . أيضا.

و مرّ في باب البكاء ف 1: كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاثة: . . . عين سهرت في طاعة اللّه. . .

و في باب الدنيا: أوّل ما عصي اللّه به ستّ خصال: . . . و حبّ النوم و حبّ الراحة

ص:190


1- -الخصال ج 1 ص 89 ح 25
2- البحار ج 76 ص 180 باب ذمّ كثرة النوم ح 8
3- البحار ج 76 ص 180 ح 9
4- البحار ج 76 ص 180 ح 10
5- البحار ج 76 ص 178 باب ما ينبغي السهر فيه ح 1
6- البحار ج 87 ص 172 باب أصناف الناس في القيام ح 5

و في باب حبّ المال: السكر أربع سكرات: . . . و سكر النوم. . .

و في باب الحبّ ف 1: يا بن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟ . . .

و في باب المرض: قال أبو جعفر عليه السّلام: سهر ليلة من مرض أفضل من عبادة سنة.

10-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

السهر روضة المشتاقين. (الغرر ج 1 ص 25 ف 1 ح 717)

السهر إحدى الحياتين. (ص 66 ح 1724)

أسهروا عيونكم، و ضمّروا بطونكم، و خذوا من أجسادكم، تجودوا بها على أنفسكم. (ص 132 ف 3 ح 20)

أفضل العبادة سهر العيون بذكر اللّه سبحانه. (ص 193 ف 8 ح 327)

بئس الغريم النوم يفني قصير العمر، و يفوّت كثير الأجر.

(ص 342 ف 20 ح 33)

سهر الليل شعار المتّقين، و شيمة المشتاقين. (ص 436 ف 39 ح 60)

سهر العيون بذكر اللّه خلصان العارفين و حلوان المقرّبين. (ح 61)

سهر الليل في طاعة اللّه ربيع الأولياء، و روضة السعداء. (ح 62)

سهر الليل بذكر اللّه سبحانه غنيمة الأولياء، و سجيّة الأتقياء. (ح 63)

سهر العيون بذكر اللّه سبحانه فرصة السعداء، و نزهة الأولياء (1).

(ص 439 ح 92)

من كثر في ليله نومه فاته من العمل ما لا يستدركه في يومه.

(ج 2 ص 686 ف 77 ح 1165)

ص:191


1- -أي تفرّجهم

ص:192

182- النيّة

اشارة

قال اللّه تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً . (1)

الأخبار

1-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: لا عمل إلاّ بنيّة. (2)

بيان:

في المصباح، نويته أنويه: قصدته و الاسم النيّة. . . ثمّ خصّت النيّة في غالب الاستعمال بعزم القلب على أمر من الامور. . .

أقول: قد يراد بالنيّة في الأخبار السريرة و الباطن.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نيّة المؤمن خير من عمله، و نيّة الكافر شرّ من عمله؛ و كلّ عامل يعمل على نيّته. (3)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 92: هذا الحديث من الأخبار المشهورة بين الخاصّة و العامّة

ص:193


1- -الإسراء:84
2- الكافي ج 2 ص 69 باب النيّة ح 1
3- الكافي ج 2 ص 69 ح 2

و قد قيل فيه وجوه، ثمّ ذكر رحمه اللّه اثنا عشر وجها في كلّها نظر، فراجع المصدر.

أقول: الحقّ أنّ النيّة هي التي يشكّل عمل الإنسان، حيث من الواضح إنّ بين الملكات و الأحوال النفسانيّة و بين الأعمال رابطة خاصّة، فلذا لا يتساوي عمل الشجاع و الجبان إذا حضرا موقفا هائلا، و لا عمل الجواد الكريم و البخيل اللئيم في موارد الإنفاق و هكذا، فكلّ مؤمن و كافر يعمل على نيّاتهم و سرائرهم و تنشأ الأعمال على ما في قلوبهم، و إن لم تكن في قلب المؤمن نيّة خير لم يصر مؤمنا و كذا إن لم تكن في قلب الكافر نيّة شرّ لم يصر كافرا.

فالمدار في الكمال و النقص و الردّ و القبول هو النيّة، فتكون النيّة خير من العمل و العمل يتشكّل على طبق النيّة، فإذا كانت النيّة تشكّل العمل فلا عمل إلاّ بالنيّة كما في ح 1، و من هنا يعلم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّما الأعمال بالنيّات» و قوله تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فعلى هذا تكون نيّة المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله.

و ليعلم أنّ مراتب الأعمال و كذا الأشخاص بمراتب نيّاتهم، فيلزم تصحيحها بإخراج حبّ الدنيا و الرياء و السمعة و غيرها من القلب، حتّى يوجد في القلب حقيقة الإيمان و الإخلاص، و إن كان تصحيح النيّة من أشقّ الأعمال و أحمزها و يحتاج إلى الرياضات الشاقّة الشرعيّة و التفكّرات الصحيحة و المجاهدات الكثيرة، فإنّ القلب سلطان البدن فإن صحّ يتبعه سائر الجوارح.

3-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ العبد المؤمن الفقير ليقول:

يا ربّ، ارزقني حتّى أفعل كذا و كذا من البرّ و وجوه الخير، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك منه بصدق نيّة، كتب اللّه له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله، إنّ اللّه واسع كريم. (1)

ص:194


1- -الكافي ج 2 ص 69 ح 3

4-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن حدّ العبادة التي إذا فعلها فاعلها كان مؤدّيا؟ فقال: حسن النيّة بالطاعة. (1)

5-عن أبي هاشم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما خلّد أهل النار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا اللّه أبدا؛ و إنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا اللّه أبدا؛ فبالنيّات خلّد هؤلاء و هؤلاء، ثمّ تلا قوله تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ قال: على نيّته. (2)

بيان:

قد مرّ ما يناسب المقام في ح 2 و توضيح هذا الخبر أنّ بالنيّة الحسنة تكسب الطينة الطيّبة و الصفات الحسنة و الملكات الفاضلة، و أنّ الإنسان يحشر مع ملكاته، و بصفاته الحسنة يهيّئ نفسه للإتيان بالأعمال الحسنة و الأفعال الجميلة، مضافا إلى أنّه لم يكن مانع لقبول عمله من قبل نفسه فيستحقّ بذلك الخلود في الجنّة.

و أمّا الكافر فبالنيّة الخبيثة و الشرّ يكتسب الصفات الخبيثة و الملكات الرديئة، فيحشر مع ملكاته في القيامة، و بصفاته الخبيثة يهيّئ نفسه للإتيان بالأعمال السيّئة و الشرور، و أيضا تكون أعماله مردودة لخبث نيّته و عدم إيمانه فيستحقّ الخلود في النار.

6-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما الأعمال بالنيّات، و إنّما لامرء ما نوى. (3)

أقول:

مضمون الحديث مشهور بين العامّة و الخاصّة.

ص:195


1- -الكافي ج 2 ص 69 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 69 ح 5( العلل ج 2 ص 523 ب 299)
3- الوسائل ج 6 ص 5 ب 1 من النيّة ح 2

7-عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا قول إلاّ بعمل، و لا قول و عمل إلاّ بنيّة، و لا قول و عمل و نيّة إلاّ بإصابة السنّة. (1)

أقول:

في ب 6 ح 13: سأل عيسى بن عبد اللّه القمّي أبا عبد اللّه عليه السّلام: ما العبادة؟ فقال:

حسن النيّة بالطاعة من الوجه الذي يطاع اللّه منه.

و في حديث آخر قال: حسن النيّة بالطاعة من الوجه الذي امر به.

بيان: يعني يلزم في العبادة الحسن الفاعليّ أي حسن النيّة، و الحسن الفعليّ أي كان العمل ممّا امر به.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة. (2)

9-عن أبي ذرّ رحمه اللّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في وصيّة له، قال: يا أبا ذرّ، ليكن لك في كلّ شيء نيّة، حتّى في النوم و الأكل. (3)

10-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن ليهمّ بالحسنة و لا يعمل بها فتكتب له حسنة، و إن هو عملها كتبت له عشر حسنات، و إنّ المؤمن ليهمّ بالسيّئة أن يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه. (4)

11-عن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي سمعتك تقول: نيّة المؤمن خير من عمله، فكيف تكون النيّة خيرا من العمل؟ قال: لأنّ العمل ربما كان رياء للمخلوقين، و النيّة خالصة لربّ العالمين، فيعطي عزّ و جلّ على النيّة ما لا يعطي على العمل.

ص:196


1- -الوسائل ج 1 ص 47 ب 5 من مقدّمة العبادات ح 2
2- الوسائل ج 1 ص 48 ح 5
3- الوسائل ج 1 ص 48 ح 8
4- الوسائل ج 1 ص 51 ب 6 ح 7

قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد لينوي من نهاره أن يصلّي بالليل فتغلبه عينه فينام، فيثبت اللّه له صلاته، و يكتب نفسه تسبيحا، و يجعل نومه عليه صدقة. (1)

12-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه كان يقول: نيّة المؤمن أفضل من عمله، و ذلك لأنّه ينوي من الخير ما لا يدركه، و نيّة الكافر شرّ من عمله، و ذلك لأنّ الكافر ينوي الشرّ و يأمل من الشرّ ما لا يدركه. (2)

13-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صدق لسانه زكا عمله، و من حسنت نيّته زاد اللّه في رزقه، و من حسن برّه بأهله زاد اللّه في عمره. (3)

14-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، همّ بالحسنة و إن لم تعملها لكي لا تكتب من الغافلين. (4)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمن لينوي الذنب فيحرم رزقه. (5)

16-عن الفضيل عن الصادق عليه السّلام قال: ما ضعف بدن عمّا قويت عليه النيّة. (6)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما قدّر اللّه عون العباد على قدر نيّاتهم، فمن صحّت نيّته تمّ عون اللّه له، و من قصرت نيّته قصر عنه العون بقدر الذي

ص:197


1- -الوسائل ج 1 ص 53 ح 15 و ص 54 ح 16( العلل ج 2 ص 524 ب 301)
2- الوسائل ج 1 ص 54 ح 17
3- الوسائل ج 1 ص 55 ح 19
4- الوسائل ج 1 ص 56 ح 24
5- الوسائل ج 1 ص 58 ب 7 ح 4
6- البحار ج 70 ص 205 باب النيّة و شرائطها ح 14

قصر. (1)

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما الأعمال بالنيّات، و إنّما لكلّ امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّه و رسوله فهجرته إلى اللّه و رسوله، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوّجها فهجرته إلى ما هاجر إليه. (2)

19-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أغزى عليّا في سريّة و أمر المسلمين أن ينتدبوا معه في سريّته، فقال رجل من الأنصار لأخ له:

اغز بنا في سريّة عليّ، لعلّنا نصيب خادما أو دابّة أو شيئا نتبلّغ به، فبلغ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قوله فقال: إنّما الأعمال بالنيّات و لكلّ امرء ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند اللّه عزّ و جلّ فقد وقع أجره على اللّه عزّ و جلّ، و من غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلاّ ما نوى. (3)

20-في وصايا الباقر عليه السّلام: إذا علم اللّه تعالى حسن نيّة من أحد اكتنفه بالعصمة. (4)

21-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، . . . و كما لا يقوم الجسد إلاّ بالنفس الحيّة فكذلك لا يقوم الدين إلاّ بالنيّة الصادقة، و لا تثبت النيّة الصادقة إلاّ بالعقل. (5)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كانت نيّته الدنيا فرّق اللّه عليه أمره، و جعل الفقر بين عينيه، و لم يأته من الدنيا إلاّ ما كتب له، و من كانت نيّته الآخرة جمع اللّه

ص:198


1- -البحار ج 70 ص 211 ح 34
2- البحار ج 70 ص 211 ح 35
3- البحار ج 70 ص 212 ح 38
4- البحار ج 78 ص 188
5- البحار ج 78 ص 312

شمله، و جعل غناه في قلبه، و أتته الدنيا و هي راغمة. (1)

بيان:

«شمله» : أي ما تشتتّ من أمره.

23-قال الصادق عليه السّلام: صاحب النيّة الصادقة صاحب القلب السليم، لأنّ سلامة القلب من هواجس المحذورات بتخليص النيّة للّه في الامور كلّها، قال اللّه تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ - إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (2).

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «نيّة المؤمن خير من عمله» و قال صلّى اللّه عليه و آله: «إنّما الأعمال بالنيّات، و لكلّ امرئ ما نوى» .

فلا بدّ للعبد من خالص النيّة في كلّ حركة و سكون، لأنّه إذا لم يكن بهذا المعنى يكون غافلا، و الغافلون قد وصفهم اللّه تعالى فقال: إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (3)و قال أُولئِكَ هُمُ اَلْغافِلُونَ (4). ثمّ النيّة تبدو من القلب على قدر صفاء المعرفة و تختلف على حسب اختلاف الإيمان (الأوقات ف ن) في معنى قوّته و ضعفه، و صاحب النيّة الخالصة نفسه و هواه معه مقهورتان تحت سلطان تعظيم اللّه تعالى و الحياء منه، و هو من طبعه و شهوته و منيته، نفسه منه في تعب و الناس منه في راحة. (5)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الأعمال ثمار النيّات. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 345)

النيّة أساس العمل. (ص 35 ح 1082)

ص:199


1- -مجمع البيان ج 9 ص 27(الشورى:20) -(البحار ج 70 ص 225)
2- الشعراء:88 و 89
3- الفرقان:44
4- الأعراف:179
5- مصباح الشريعة ص 4 ب 4

إحسان النيّة يوجب المثوبة. (ص 45 ح 1312)

النيّة الصالحة أحد العملين. (ص 62 ح 1655)

إذا فسدت النيّة وقعت البليّة. (ص 312 ف 17 ح 49)

بحسن النيّات تنجح المطالب. (ص 338 ف 18 ح 172)

تخليص النيّة من الفساد أشدّ على العاملين من طول الاجتهاد.

(ص 352 ف 22 ح 71)

جميل النيّة سبب لبلوغ الامنيّة. (ص 372 ف 26 ح 50)

حسن النيّة جمال السرائر. (ص 376 ف 27 ح 4)

حسن النيّة من سلامة الطويّة. (ح 15)

ربّ عمل أفسدته النيّة. (ص 415 ف 35 ح 29)

ربّ نيّة أنفع من عمل. (ح 31)

سوء النيّة داء دفين. (ص 433 ف 39 ح 19)

صلاح العمل بصلاح النيّة. (ص 452 ف 43 ح 1)

صلاح السرائر برهان صحّة البصائر. (ص 453 ح 16)

صلاح الظواهر عنوان صحّة الضمائر. (ح 17)

صحّة الضمائر من أفضل الذخائر. (ف 44 ح 3)

على قدر قوّة الدين يكون خلوص النيّة. (ص 488 ف 51 ح 21)

على قدر النيّة تكون من اللّه العطيّة. (ح 22)

عند فساد النيّة ترتفع البركة. (ج 2 ص 491 ف 52 ح 30)

عوّد نفسك حسن النيّة و جميل القصد، تدرك في مساعيك النجاح.

(ص 492 ف 53 ح 8)

قدر الرجل على قدر همّته، و علمه (عمله ف ن) على قدر نيّته.

(ص 536 ف 61 ح 31)

ص:200

لو خلصت النيّات لزكت الأعمال. (ص 603 ف 75 ح 11)

لا عمل لمن لا نيّة له. (ص 846 ف 86 ح 334)

لا يكمل صالح العمل إلاّ بصالح النيّة. (ص 848 ح 363)

من أساء النيّة منع الأمنيّة. (ص 648 ف 77 ح 656)

من أخلص النيّة تنزّه عن الدنيّة. (ص 656 ح 788)

من لم يقدّم إخلاص النيّة في الطاعات لم يظفر بالمثوبات. (ص 702 ح 1324)

من حسنت [نيّته كثرت]مثوبته و طابت عيشته [و]وجبت مودّته.

(ص 712 ح 1431)

من حسنت نيّته أمدّه التوفيق. (ص 720 ح 1484)

ما أعطى اللّه سبحانه العبد شيئا من خير الدنيا و الآخرة إلاّ بحسن خلقه و حسن نيّته. (ص 750 ف 79 ح 217)

ص:201

ص:202

حرف الهاء

183- الهجران

اشارة

قال اللّه تعالى: وَ اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً . (1)

الأخبار

1-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يفترق رجلان على الهجران إلاّ استوجب أحدهما البراءة و اللعنة، و ربّما استحقّ ذلك كلاهما، فقال له معتّب:

جعلني اللّه فداك، هذا الظالم فما بال المظلوم؟ قال: لأنّه لا يدعو أخاه إلى صلته و لا يتغامس له عن كلامه، سمعت أبي يقول: إذا تنازع اثنان فعازّ أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتّى يقول لصاحبه: أي أخي أنا الظالم، حتّى يقطع الهجران بينه و بين صاحبه، فإنّ اللّه تبارك و تعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 359، «معتّب» : كان من خيار موالي الصادق عليه السّلام، بل خيرهم كما روي فيه. «و لا يتغامس» قال رحمه اللّه في أكثر النسخ بالغين المعجمة، و الظاهر أنّه

ص:203


1- -المزّمّل:10
2- الكافي ج 2 ص 257 باب الهجرة ح 1

بالمهملة كما في بعضها، قال في القاموس: تعامس: تغافل، و عليّ: تعامى عليّ، و يمكن التكلّف في المعجمة بما يرجع إلى ذلك. . . و في النهاية ج 3 ص 299:

العمس: أن تري أنّك لا تعرف الأمر، و أنت به عارف. و يروى بالغين المعجمة انتهى.

«فعازّ» في الوافي، عازّه: أي غالبه انتهى. و في بعض النسخ: "فعال"باللام المخفّفة، في القاموس: عال أي جار و مال عن الحقّ، و الشيء فلانا: غلبه و ثقل عليه و أهمّه انتهى. «أنا الظالم» كأنّه من المعاريض للمصلحة.

«الهجران» في المصباح: هجرته هجرا من باب قتل [تركته و رفضته فهو مهجور، و هجرت الإنسان]قطعته و الاسم الهجران. و في المفردات: الهجر و الهجران: مفارقة الإنسان غيره إمّا بالبدن أو باللسان أو باللقب. . . و قوله تعالى: إِنَّ قَوْمِي اِتَّخَذُوا هذَا اَلْقُرْآنَ مَهْجُوراً فهذا هجر بالقلب أو بالقلب و اللسان و قوله:

وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً يحتمل الثلاثة. . .

أقول: الهجر و الهجران: خلاف الوصل، و هو مذموم، و كثيرا ما يكون من نتائج العداوة و الحقد و الحسد و الغضب و البخل، فلا يجوز إعماله، و هو من ذمائم الأفعال، فيجب على كلّ طالب للنجاة الأبديّة أن يتأمّل في أخبار الباب، ثمّ يتذكّر ثواب أضداد تلك الصفة و فوائدها، أعنى التألّف و التواصل و التزاور بين الإخوة، و لو حصل الهجران فليكلّف الإنسان نفسه إلى المواصلة و زيارة أخيه و تألّفه، حتّى يغلب على الشيطان و نفسه الأمّارة بالسوء.

2-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا هجرة فوق ثلاث. (1)

ص:204


1- -الكافي ج 2 ص 257 ح 2

بيان:

«فوق ثلاث» في المرآة: . . . و أمّا الهجر في الثلاث فظاهره أنّه معفوّ عنه، و سببه أنّ البشر لا يخلو عن غضب و سوء خلق فسومح في تلك المدّة. . . و هذه الأخبار مختصّة بغير أهل البدع و الأهواء و المصرّين على المعاصي، لأنّ هجرهم مطلوب و هو من أقسام النهي عن المنكر.

3-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصرم ذوي قرابته ممّن لا يعرف الحقّ، قال: لا ينبغي له أن يصرمه. (1)

بيان:

«الصرم» : القطع أي يهجره رأسا، و قد مرّ أنّه لا يجوز قطع الرحم و لو كان الرحم كافرا، لاحظ باب الرحم.

4-عن داود بن كثير عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلاّ كانا خارجين من الإسلام، و لم يكن بينهما ولاية، فأيّهما سبق إلى كلام أخيه، كان السابق إلى الجنّة يوم الحساب. (2)

5-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه؛ فإذا فعلوا ذلك استلقا على قفاه و تمدّد، ثمّ قال: فزت، فرحم اللّه امرء ألّف بين وليّين لنا، يا معشر المؤمنين، تألّفوا و تعاطفوا. (3)

بيان:

«يغري» : في القاموس، أغرى بينهم العداوة: ألقاها، كأنّه ألزقها بهم.

«التمدّد» : الاستراحة، كناية عن فراغه من عمله في التفريق بين المؤمنين.

ص:205


1- -الكافي ج 2 ص 258 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 258 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 258 ح 6

6-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال إبليس فرحا ما اهتجر المسلمان؛ فإذا التقيا اصطكّت ركبتاه و تخلّعت أوصاله و نادى: يا ويله، ما لقي من الثبور. (1)

بيان:

«اصطكاك الركبتين» : اضطرابهما و تأثير أحدهما في الآخر. «التخلّع» : التفكّك «الأوصال» : المفاصل أو مجتمع العظام. «الثبور» : الهلاك.

7-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال:

و نهى عن الهجران، فمن كان لا بدّ فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيّام، فمن كان هاجرا (مهاجرا ف ن) لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به. (2)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: ما من مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلاّ و برئت منهما في الثالثة، قيل: هذا حال الظالم فما بال المظلوم؟ فقال: ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم فيقول: أنا الظالم، حتّى يصطلحا. (3)

9-في الاحتجاج: عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث طويل بعد ذكر المنافقين) قال:

و ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتألّفهم و يقرّبهم و يجلسهم عن يمينه و شماله، حتّى أذن اللّه عزّ و جلّ له في إبعادهم بقوله: وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً . (4)

أقول:

تجوز الهجرة في موارد؛ كهجران من أهل البدع، و المصرّين على المعاصي.

و سيأتي في باب الوالدين؛ أنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام لم يكلّم رجلا كان اتّكى على ذراع أبيه.

ص:206


1- -الكافي ج 2 ص 258 ح 7
2- الوسائل ج 12 ص 262 ب 144 من العشرة ح 8
3- الوسائل ج 12 ص 263 ح 10
4- نور الثقلين ج 5 ص 450 ح 30

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن هديّة اللّه عزّ و جلّ إلى أخيه المؤمن، فإن سرّه و وصله فقد قبل من اللّه عزّ و جلّ هديّته، و إن قطعه و هجره فقد ردّ على اللّه عزّ و جلّ هديّته. (1)

11-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: في أوّل ليلة من شهر رمضان يغلّ المردة من الشياطين، و يغفر في كلّ ليلة سبعين ألفا، فإذا كان في ليلة القدر غفر اللّه بمثل ما غفر في رجب و شعبان و شهر رمضان إلى ذلك اليوم، إلاّ رجل بينه و بين أخيه شحناء، فيقول اللّه عزّ و جلّ: أنظروا هؤلاء حتّى يصطلحوا. (2)

12-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، تعرض أعمال أهل الدنيا على اللّه من الجمعة إلى الجمعة في يومين: الاثنين و الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن إلاّ عبدا كان بينه و بين أخيه شحناء، فقال: اتركوا عمل هذين حتّى يصطلحا.

يا أبا ذرّ، إيّاك و هجران أخيك فإنّ العمل لا يتقبّل من الهجران.

يا أبا ذرّ، أنهاك عن الهجران و إن كنت لا بدّ فاعلا فلا تهجره فوق ثلاثة أيّام [كملا]فمن مات فيها مهاجرا لأخيه كانت النار أولى به. (3)

أقول:

قد مرّ ما يدلّ على المقام في باب الحقد و. . .

ص:207


1- -المستدرك ج 9 ص 97 ب 124 من العشرة ح 2
2- البحار ج 75 ص 188 باب الهجران ح 11( العيون ج 2 ص 70 ب 31 ح 331)
3- البحار ج 77 ص 91

ص:208

حرف الواو

184- التوحيد و معرفة اللّه

اشارة

الآيات و الأخبار في التوحيد و جوامع التوحيد و المعرفة و إثبات الصانع و. . .

كثيرة جدّا، نذكر بعض الأخبار فقطّ فراجع البحار و غيره.

الأخبار

1-عن محمّد بن عبد اللّه الخراسانيّ خادم الرضا عليه السّلام قال: دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن عليه السّلام و عنده جماعة، فقال أبو الحسن عليه السّلام: أيّها الرجل أ رأيت إن كان القول قولكم-و ليس هو كما تقولون-ألسنا و إيّاكم شرعا سواء، لا يضرّنا ما صلّينا و صمنا و زكّينا و أقررنا؟ فسكت الرجل؛ ثمّ قال أبو الحسن عليه السّلام: و إن كان القول قولنا-و هو قولنا-أ لستم قد هلكتم و نجونا؟ . . . (1)

2-عن عاصم بن حميد قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن التوحيد، فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون، فأنزل اللّه تعالى: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ و الآيات من سورة الحديد إلى قوله: وَ هُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ

ص:209


1- -الكافي ج 1 ص 61 باب حدوث العالم ح 3

اَلصُّدُورِ فمن رام وراء ذلك فقد هلك. (1)

3-عن أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال: لو اجتمع أهل السماء و الأرض أن يصفوا اللّه بعظمته لم يقدروا. (2)

4-عن بريد العجليّ قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: بنا عبد اللّه، و بنا عرف اللّه، و بنا و حدّ اللّه تبارك و تعالى و محمّد حجاب اللّه تبارك و تعالى. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: في المرآة ج 2 ص 121، «محمّد حجاب اللّه» : أي واسطة بين اللّه و بين خلقه، كما أنّه لا يمكن الوصول إلى المحجوب إلاّ بالوصول إلى الحجاب، فكذلك هو بالنسبة إلى جميع خلقه لا يمكنهم الوصول إلى اللّه سبحانه و إلى رحمته إلاّ بالتوصّل به.

و قيل: المراد أنّه صلّى اللّه عليه و آله النور المشرق منه سبحانه، و أقرب شيء منه، كما قال صلّى اللّه عليه و آله:

«أوّل ما خلق اللّه نوري» و منه الحجاب لنور الشمس، أو المراد أنّه النور المشرق منه سبحانه و لتوسّطه بينه و بين النفوس النوريّة يكون حجابا له سبحانه، لأنّه بالوصول إليه و غلبة نوره على أنوارهم يعجز كلّ منها عن إدراك ما فوقه.

5-عن محمّد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المعرفة من صنع من هي؟ قال: من صنع اللّه، ليس للعباد فيها صنع. (4)

6-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو يعلم الناس ما في فضل معرفة اللّه عزّ و جلّ ما مدّوا أعينهم إلى ما متّع اللّه به الأعداء:

من زهرة الحياة الدنيا و نعيمها، و كانت دنياهم أقلّ عندهم ممّا يطؤونه بأرجلهم،

ص:210


1- -الكافي ج 1 ص 72 باب النسبة ح 3
2- الكافي ج 1 ص 79 باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ح 4
3- الكافي ج 1 ص 113 باب النوادر من التوحيد ح 10
4- الكافي ج 1 ص 124 باب البيان و التعريف ح 2

و لنعموا بمعرفة اللّه جلّ و عزّ و تلذّذوا بها تلذّذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء اللّه.

إنّ معرفة اللّه عزّ و جلّ أنس من كلّ وحشة، و صاحب من كلّ وحدة، و نور من كلّ ظلمة، و قوّة من كلّ ضعف، و شفاء من كلّ سقم.

ثمّ قال عليه السّلام: و قد كان قبلكم قوم يقتلون و يحرقون و ينشرون بالمناشير و تضيق عليهم الأرض برحبها فما يردّهم عمّا هم عليه شيء ممّا هم فيه، من غير ترة و تروا من فعل ذلك بهم و لا أذى بل ما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد، فاسألوا ربّكم درجاتهم و اصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم. (1)

بيان:

«عمّا هم عليه» : أي من دينهم الحقّ. «من غير ترة» : أي مكروه أو جناية أصابوا منهم.

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى حرّم أجساد الموحّدين على النار. (2)

8-لمّا وافى أبو الحسن الرضا عليه السّلام بنيسابور، و أراد أن يخرج منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: يا بن رسول اللّه، ترحل عنّا و لا تحدّثنا (و لم تحدّثنا ف ن) بحديث فنستفيده منك؟ و كان قد قعد في العمارية.

فأطلع رأسه و قال: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن عليّ يقول: سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول:

سمعت أبي الحسين بن عليّ بن أبي طالب يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت اللّه

ص:211


1- -الكافي ج 8 ص 247 ح 347
2- توحيد الصدوق ص 20 ب 1 ح 7

جلّ جلاله يقول: «لا إله إلاّ اللّه حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي» .

قال: فلمّا مرّت الراحلة نادانا: بشروطها و أنا من شروطها.

قال مصنّف هذا الكتاب: «من شروطها» : الإقرار للرضا عليه السّلام بأنّه إمام من قبل اللّه عزّ و جلّ على العباد، مفترض الطاعة عليهم. (1)

أقول:

الحديث مشهور رواه أصحابنا رحمه اللّه بطرق عديدة.

بيان: «من شروطها» أي أساس التوحيد الولاية لأهل البيت عليهم السّلام، و لا ينفع الإقرار باللّه بدون الإقرار بالولاية، و حيث إنّ أكثر أهل النيسابور في زمانه عليه السّلام كانوا من المخالفين، أشار عليه السّلام إلى لزوم قبول الولاية.

9-عن عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التوحيد نصف الدين، و استنزلوا الرزق بالصدقة. (2)

بيان:

لعلّ المراد أنّ التوحيد نصف الدين، و النصف الآخر العمل بما اقتضاه التوحيد.

«و استنزلوا. . .» تنبيه على أنّ همّ الرزق لا يشغلكم عن الدين و تحصيل معارفه، فإنّه مقسوم بينكم يصل إليكم من رازقكم، فإن قدر عليكم فاستنزلوه بالصدقة و الإنفاق، كما قال تعالى: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اَللّهُ .

10-عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام أنّه قال: إنّ رجلا قام إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أمير المؤمنين، بما ذا عرفت ربّك؟ قال: بفسخ العزم و نقض الهمّ، لمّا هممت فحيل بيني و بين همّي، و عزمت فخالف القضاء عزمي علمت أنّ المدبّر غيري.

ص:212


1- -توحيد الصدوق ص 25 ح 23
2- توحيد الصدوق ص 68 ب 2 ح 24

قال: فبما ذا شكرت نعماءه؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عنّي و أبلى به غيري، فعلمت أنّه قد أنعم عليّ فشكرته. قال: فلما ذا أحببت لقاءه؟ قال: لمّا رأيته قد اختار لي دين ملائكته و رسله و أنبيائه علمت أنّ الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه. (1)

11-عن هشام بن سالم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام فقيل له: بما عرفت ربّك؟ قال: بفسخ العزم و نقض الهمّ، عزمت ففسخ عزمي، و هممت فنقض همّي. (2)

12-عن محمّد الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فِطْرَتَ اَللّهِ اَلَّتِي فَطَرَ اَلنّاسَ عَلَيْها قال: فطرهم على التوحيد. (3)

13-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن إثبات الصانع فقال: البعرة تدلّ على البعير، و الروثة تدلّ على الحمير، و آثار القدم تدلّ على المسير، فهيكل علويّ بهذه اللطافة و مركز سفليّ بهذه الكثافة كيف لا يدلاّن على اللطيف الخبير! (4)

14-قال عليه السّلام: بصنع اللّه يستدلّ عليه، و بالعقول تعتقد معرفته، و بالتفكّر تثبت حجّته، معروف بالدلالات، مشهور (مشهود ف ن) بالبيّنات. (5)

15-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: ما الدليل على إثبات الصانع؟ قال: ثلاثة أشياء: تحويل الحال، و ضعف الأركان، و نقض الهمّة. (6)

ص:213


1- -توحيد الصدوق ص 288 ب 41 ح 6
2- توحيد الصدوق ص 289 ح 8
3- توحيد الصدوق ص 329 ب 53 ح 5
4- جامع الأخبار ص 4 ف 1
5- جامع الأخبار ص 4
6- جامع الأخبار ص 6 ف 2

16-عن هشام بن الحكم أنّه قال: من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبد اللّه عليه السّلام أن قال: ما الدليل على صانع العالم؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: وجود الأفاعيل التي دلّت على أنّ صانعها صنعها، أ لا ترى أنّك إذا نظرت إلى بناء مشيّد مبنيّ، علمت أنّ له بانيا و إن كنت لم تر الباني و لم تشاهده. . . (1)

17-و روي أنّ الصادق عليه السّلام قال لابن أبي العوجا: إن يكن الأمر كما تقول-و ليس كما تقول-نجونا و نجوت، و إن يكن الأمر كما نقول-و هو كما نقول-نجونا و هلكت. (2)

18-و سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن التوحيد و العدل؛ فقال: التوحيد أن لا تتوهّمه، و العدل أن لا تتّهمه. (3)

بيان:

«لا تتوهّمه» : أي لا تصوّره بوهمك، فكلّ موهوم محدود و مخلوق، و اللّه تعالى لا يحدّ بوهم. «لا تتّهمه» : أي لا تتّهمه في أفعاله، بأن يظنّ عدم الحكمة فيها و أن ينسب إلى اللّه ما لا يناسبه.

أقول: الخطب و الحكم حول التوحيد في نهج البلاغة كثيرة.

19-في مواعظ الباقر عليه السّلام: لا يقبل عمل إلاّ بمعرفة، و لا معرفة إلاّ بعمل، و من عرف دلّته معرفته على العمل، و من لم يعرف فلا عمل له. (4)

20-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التوحيد ثمن الجنّة. . . (5)

ص:214


1- -الاحتجاج ج 2 ص 69
2- الاحتجاج ج 2 ص 75
3- نهج البلاغة ص 1301 ح 462- صبحي ح 470
4- تحف العقول ص 215
5- البحار ج 3 ص 3 ب 1 من التوحيد ح 3

21-عن محمّد بن سماعة قال: سأل بعض أصحابنا الصادق عليه السّلام فقال له:

أخبرني أيّ الأعمال أفضل؟ قال: توحيدك لربّك، قال: فما أعظم الذنوب؟ قال:

تشبيهك لخالقك. (1)

22-عن معتّب مولى أبي عبد اللّه عليه السّلام عنه عن أبيه عليهما السّلام قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، هل للجنّة من ثمن؟ قال: نعم، قال: ما ثمنها؟ قال: لا إله إلاّ اللّه، يقولها العبد مخلصا بها، قال: و ما إخلاصها؟ قال: العمل بما بعثت به في حقّه و حبّ أهل بيتي.

قال: فداك أبي و أمّي، و إنّ حبّ أهل البيت لمن حقّها؟ قال: إنّ حبّهم لأعظم حقّها. (2)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضلكم إيمانا أفضلكم معرفة. (3)

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يكون أبواه يهوّدانه و ينصّرانه. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر روتها العامّة و الخاصّة.

25-عن ابن عبّاس قال: جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، علّمني من غرائب العلم، قال: ما صنعت في رأس العلم حتّى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول اللّه؟ قال: معرفة اللّه حقّ معرفته.

قال الأعرابيّ: و ما معرفة اللّه حقّ معرفته؟ قال: تعرفه بلا مثل و لا شبه و لا ندّ، و أنّه واحد أحد ظاهر باطن أوّل آخر، لا كفو له و لا نظير، فذلك حقّ

ص:215


1- -البحار ج 3 ص 8 ح 18
2- البحار ج 3 ص 13 ح 30
3- البحار ج 3 ص 14 ح 37
4- البحار ج 3 ص 281 ب 11 ح 22

معرفته. (1)

بيان:

«الندّ» : المثل.

26-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اعرفوا اللّه باللّه، و الرسول بالرسالة، و أولي الأمر بالمعروف و العدل و الإحسان. (2)

27-عن الحسن بن عليّ بن محمّد عليهم السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ فقال: اللّه هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج و الشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرجاء من كلّ من دونه و تقطّع الأسباب من جميع من سواه، تقول:

بسم اللّه أي أستعين على أموري كلّها باللّه الذي لا تحقّ العبادة إلاّ له، المغيث، إذا استغيث، و المجيب إذا دعي.

و هو ما قال رجل للصادق عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، دلّني على اللّه ما هو؟ فقد أكثر عليّ المجادلون و حيّروني، فقال له: يا عبد اللّه، هل ركبت سفينة قطّ؟ قال:

نعم، قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك، و لا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال: فهل تعلّق قلبك هنالك أنّ شيئا من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال الصادق عليه السّلام: فذلك الشيء هو اللّه القادر على الإنجاء حيث لا منجي، و على الإغاثة حيث لا مغيث. (3)

بيان:

«يتألّه إليه» قال الفيروزآبادي: أله إليه: فزع و لاذ، و ألهه: أجاره و آمنه.

28-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما خلق اللّه خلقا أصغر من البعوض و الجرجس أصغر من البعوض، و الذي يسمّونه الولغ أصغر من الجرجس،

ص:216


1- -البحار ج 3 ص 269 ب 10 ح 4
2- البحار ج 3 ص 270 ح 7
3- البحار ج 3 ص 41 ب 3 ح 16

و ما في الفيل شيء إلاّ و فيه مثله، و فضّل على الفيل بالجناحين. (1)

بيان:

«الجرجس» : البعوض الصغار. «الولغ» قال رحمه اللّه: هنا بالغين المعجمة و في الكافي بالمهملة، و هما غير مذكورين فيما عندنا من كتب اللغة، و الظاهر أنّه أيضا صنف من البعوض.

29-دخل على أبي جعفر الباقر عليه السّلام رجل من الخوارج فقال: يا أبا جعفر، أيّ شيء تعبد؟ قال: اللّه، قال: رأيته؟ قال: لم تره العيون بمشاهدة العيان، و رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يعرف بالقياس، و لا يدرك بالحواسّ، و لا يشبه بالناس، موصوف بالآيات، معروف بالعلامات، لا يجور في حكمه، ذلك اللّه لا إله إلاّ هو.

قال: فخرج الرجل و هو يقول: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. (2)

30-عن الأصبغ (في حديث) قال: قام إليه رجل يقال له: ذعلب فقال:

يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربّك؟ فقال: ويلك يا ذعلب، لم أكن بالذي أعبد ربّا لم أره.

قال: فكيف رأيته؟ صفه لنا، قال: ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، و لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب، إنّ ربّي لا يوصف بالبعد و لا بالحركة و لا بالسكون و لا بالقيام قيام انتصاب و لا بجيئة و لا بذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رؤوف الرحمة لا يوصف بالرقّة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمجسّة، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كلّ شيء و لا يقال شيء فوقه، أمام

ص:217


1- -البحار ج 3 ص 44 ح 19
2- البحار ج 4 ص 26 باب نفي الرؤية ح 1( الكافي ج 1 ص 75 باب إبطال الرؤية ح 5)

كلّ شيء و لا يقال له أمام، داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، و خارج منها لا كشيء من شيء خارج. فخرّ ذعلب مغشيّا عليه. . . (1)

31-قال الصادق عليه السّلام: العارف شخصه مع الخلق و قلبه مع اللّه، لو سهى قلبه عن اللّه طرفة عين لمات شوقا إليه، و العارف أمين ودائع اللّه، و كنز أسراره و معدن أنواره، و دليل رحمته على خلقه، و مطيّة علومه و ميزان فضله و عدله، قد غني عن الخلق و المراد و الدنيا، فلا مونس له سوى اللّه، و لا نطق و لا إشارة و لا نفس إلاّ باللّه و من اللّه و مع اللّه، فهو في رياض قدسه متردّد، و من لطائف فضله إليه متزوّد، و المعرفة أصل فرعه الإيمان. (2)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإيمان نجاة. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 235)

الإيمان واضح الولائج (3). (ص 19 ح 512)

المعرفة نور القلب-التوحيد حياة النفس. (ص 21 ح 591 و 593)

المعرفة الفوز بالقدس. (ح 595)

المعرفة برهان الفضل. (ص 29 ح 879)

الإيمان أعلى غاية. (ص 30 ح 900)

الإيمان شهاب لا يخبو. (ص 32 ح 991)

المعرفة دهش (4)و الخلوّ منها عطش. (ص 61 ح 1635)

الإيمان أفضل الأمانتين. (ص 65 ح 1706)

العلم أوّل دليل و المعرفة آخر نهاية. (ص 92 ح 2084)

ص:218


1- -البحار ج 4 ص 27 ح 2-و بمدلوله في نهج البلاغة ص 582 خ 178
2- مصباح الشريعة ص 64 ب 95
3- أي البواطن و الأسرار
4- أي التحيّر

إنّ للا إله إلاّ اللّه شروطا و إنّي و ذرّيّتي من شروطها. (ص 224 ف 9 ح 103)

ثمرة العلم معرفة اللّه-ثمرة الإيمان الفوز عند اللّه. (ص 358 ف 23 ح 1 و 2)

ثمرة المعرفة العزوف (1)عن دار الدنيا. (ص 361 ح 63)

ثمرة الإيمان الرغبة في دار البقاء. (ح 64)

عجبت لمن عرف اللّه كيف لا يشتدّ خوفه. (ج 2 ص 494 ف 54 ح 14)

عجبت لمن عرف ربّه كيف لا يسعى لدار المقام. (ص 495 ح 17)

عرف اللّه سبحانه بفسخ العزائم، و حلّ العقود، و كشف البليّة عمّن أخلص النيّة. (ص 500 ف 55 ح 30)

غاية الدين الإيمان. (ص 503 ف 56 ح 1)

غاية المعرفة الخشية. (ص 504 ح 14)

من عرف كفّ. (ص 611 ف 77 ح 7)

من عرف نفسه فقد عرف ربّه. (ص 625 ح 301)

من عرف اللّه كملت معرفته. (ص 628 ح 354)

من آمن باللّه لجأ إليه. (ص 632 ح 413)

من عرف اللّه توحّد. (ص 619 ح 187)

من وحّد اللّه سبحانه لم يشبّهه بالخلق. (ص 671 ح 986)

من عرف اللّه سبحانه لم يشق أبدا. (ص 699 ح 1292)

من صحّت معرفته انصرفت عن العالم الفاني نفسه و همّته. (ص 716 ح 1479)

معرفة اللّه سبحانه أعلى المعارف. (ص 767 ف 80 ح 150)

هو اللّه الذي تشهد له أعلام الوجود على قلب ذوي الجحود.

(ص 794 ف 84 ح 33)

ص:219


1- -أي الزهد و الكراهة

يسير المعرفة يوجب الزهد في الدنيا. (ص 866 ف 89 ح 9)

أقول:

قال الإمام السجّاد عليه السّلام في دعاء أبي حمزة: «بك عرفتك و أنت دللتني عليك، و دعوتني إليك، و لو لا أنت لم أدر ما أنت. . . و أنّ الراحل إليك قريب المسافة، و أنّك لا تحتجب عن خلقك إلاّ أن تحجبهم الأعمال دونك. . . يا غفّار، بنورك اهتدينا. . .» .

و في دعاء العرفة للحسين عليه السّلام: «كيف يستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أ يكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك و متى بعدت حتّى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبا، و خسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيبا.

إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فارجعني إليك بكسوة الأنوار و هداية الاستبصار حتّى أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون السرّ عن النظر إليها و مرفوع الهمّة عن الاعتماد عليها، إنّك على كلّ شيء قدير.

إلهي هذا ذلّي ظاهر بين يديك و هذا حالي لا يخفى عليك، منك أطلب الوصول إليك، و بك أستدلّ عليك، فاهدني بنورك إليك، و أقمني بصدق العبوديّة بين يديك. . . أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتّى عرفوك و وحّدوك، و أنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّى لم يحبّوا سواك و لم يلجئوا إلى غيرك. . .» .

ص:220

185- الورع

الأخبار

1-عن عمرو بن سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّي لا ألقاك إلاّ في السنين، فأخبرني بشيء آخذ به، فقال: أوصيك بتقوى اللّه و الورع و الاجتهاد، و اعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه. (1)

بيان:

«الاجتهاد» : بذل الجهد في فعل الطاعات و تحمّل المشقّة في العبادة.

قال في النهاية ج 5 ص 174، «الورع» في الأصل: الكفّ عن المحارم و التحرّج منه، يقال: ورع الرجل يرع بالكسر فيهما، ورعا، ورعة فهو ورع، و تورّع من كذا، ثمّ استعير للكفّ عن المباح و الحلال.

و في مجمع البحرين، الورع في الأصل: الكفّ عن المحارم و التحرّج منها. . . ثمّ استعمل في الكفّ المطلق، قال بعض شرّاح الحديث: هو أقسام: فمنه؛ ما يخرج المكلّف عن الفسق و هو الموجب لقبول الشهادة و يسمّى"ورع التائبين"، و منه؛ ما يخرج به عن الشبهات، فإنّ من رتع حول الحمى يوشك أن يدخل فيه و يسمّى "ورع الصالحين"، و منه؛ ترك الحلال الذي يتخوّف انجراره إلى المحرّم و يسمّى

ص:221


1- -الكافي ج 2 ص 62 باب الورع ح 1

"ورع المتّقين"، و عليه حمل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به مخافة أن يكون فيه بأس» و مثل «يترك الكلام عن الغير مخافة الوقوع في الغيبة» و منه؛ الإعراض عن غير اللّه خوفا من ضياع ساعة من العمر فيما لا فائدة فيه و يسمّى"ورع الصدّيقين".

2-عن حديد بن حكيم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اتّقوا اللّه و صونوا دينكم بالورع. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 59: يدلّ على أنّ ترك الورع عن المحرّمات يصيّر الإيمان بمعرض الضياع و الزوال، فإنّ فعل الطاعات و ترك المعاصي حصون للإيمان من أن يذهب به الشيطان.

3-عن يزيد بن خليفة قال: وعظنا أبو عبد اللّه عليه السّلام فأمر و زهّد، ثمّ قال:

عليكم بالورع، فإنّه لا ينال ما عند اللّه إلاّ بالورع. (2)

4-عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أشدّ العبادة الورع. (3)

5-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه عزّ و جلّ: ابن آدم اجتنب ما حرّمت عليك، تكن من أورع الناس. (4)

6-عن حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الورع من الناس؛ فقال: الذي يتورّع عن محارم اللّه عزّ و جلّ. (5)

7-عن أبي أسامة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليك بتقوى اللّه

ص:222


1- -الكافي ج 2 ص 62 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 62 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 62 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 62 ح 7
5- الكافي ج 2 ص 63 ح 8

و الورع و الاجتهاد، و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و حسن الخلق، و حسن الجوار، و كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم، و كونوا زينا و لا تكونوا شينا، و عليكم بطول الركوع و السجود؛ فإنّ أحدكم إذا طال (أطال ف ن) الركوع و السجود هتف إبليس من خلفه و قال: يا ويله أطاع و عصيت و سجد و أبيت. (1)

بيان:

«حسن الجوار» : لكلّ من جاوره و صاحبه و لجار بيته. «لا تكونوا شينا» أي عيبا و عارا علينا. «الهتف» : أي الصوت و هتف بي هاتف: صاح.

«يا ويله» : في النهاية ج 5 ص 236، الويل: الحزن و الهلاك و المشقّة من العذاب، و كلّ من وقع في هلكة دعا بالويل. . . و أضاف الويل إلى ضمير الغائب حملا على المعنى و عدل عن حكاية قول إبليس"يا ويلي"كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه انتهى.

و قيل: الضمير راجع إلى الساجد و دعا إبليس له بالعذاب و الويل.

8-عن أبي زيد قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل عيسى بن عبد اللّه القمّي فرحّب به و قرّب من مجلسه، ثمّ قال: يا عيسى بن عبد اللّه، ليس منّا -و لا كرامة-من كان في مصر فيه مأة ألف أو يزيدون و كان في ذلك المصر أحد أورع منه. (2)

بيان:

فرحّب به أي قال له: مرحبا.

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: أعينونا بالورع، فإنّه من لقي اللّه عزّ و جلّ منكم بالورع كان له عند اللّه فرجا، و إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ (3)

ص:223


1- -الكافي ج 2 ص 63 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 63 ح 10
3- في التنزيل العزيز: وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ

فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (1)فمنّا النبيّ و منّا الصدّيق و الشهداء و الصالحون. (2)

10-عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: كثيرا ما كنت أسمع أبي يقول: ليس من شيعتنا من لا تتحدّث المخدّرات بورعه في خدورهنّ، و ليس من أوليائنا من هو في قرية فيها عشرة ألاف رجل فيهم من خلق اللّه أورع منه. (3)

بيان:

«المخدّرات» : النساء المستورات، و المعنى اشتهر ورعه بحيث تتحدّث النساء المستورات بورعه في بيوتهنّ.

11-إنّ رجلا سأل عليّ بن الحسين عليهما السّلام عن الزهد، فقال: عشرة أشياء؛ فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع، و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا. . . (4)

بيان:

معنى الحديث أنّ الرجل لا يكون ورعا حتّى يكون زاهدا، و لا يكون موقنا حتّى يكون ورعا، و لا يكون راضيا إلاّ أن يكون موقنا، فالزهد ينجرّ إلى الورع و الورع إلى اليقين و اليقين إلى الرضا.

12-عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام أودّعه فقال: يا خيثمة، أبلغ من ترى من موالينا السلام، و أوصهم بتقوى اللّه العظيم، و أن يعود غنيّهم على فقيرهم، و قويّهم على ضعيفهم، و أن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، و أن يتلاقوا في بيوتهم، فإنّ لقيا بعضهم بعضا حياة لأمرنا، رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا.

ص:224


1- -النساء:69
2- الكافي ج 2 ص 63 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 64 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا ح 4

يا خيثمة، أبلغ موالينا أنّا لا نغني عنهم من اللّه شيئا إلاّ بعمل، و أنّهم لن ينالوا ولايتنا إلاّ بالورع، و إنّ أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ خالفه إلى غيره. (1)

بيان:

«لا نغني» يقال: أغنى عنه أي أجزأه و كفاه «لقيا» : اسم من اللقاء، و يحتمل"لقيّا" بالتشديد من لقيه لقاء و لقيّا.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإسلام عريان فلباسه الحياء، و زينته الوفاء (الوقار ف ن) ، و مروءته العمل الصالح، و عماده الورع، و لكلّ شيء أساس و أساس الإسلام حبّنا أهل البيت. (2)

14-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، أ يكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت. . . و ما تنال ولايتنا إلاّ بالعمل و الورع. (3)

15-عن عليّ بن محمّد عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام أنّه قال: عليكم بالورع، فإنّه الدين الذي نلازمه و ندين اللّه تعالى به و نريده ممّن يوالينا، لا تتعبونا بالشفاعة. (4)

16-عن فضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: من الورع من الناس؟ فقال: الذي يتورّع عن محارم اللّه، و يجتنب هؤلاء، و إذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام و هو لا يعرفه، و إذا رأى المنكر و لم ينكره و هو يقوى عليه، فقد أحبّ أن يعصى اللّه، و من أحبّ أن يعصى اللّه فقد بارز اللّه بالعداوة،

ص:225


1- -الكافي ج 2 ص 140 باب زيارة الإخوان ح 2
2- الوسائل ج 15 ص 184 ب 4 من جهاد النفس ح 6
3- الوسائل ج 15 ص 234 ب 18 ح 3
4- الوسائل ج 15 ص 248 ب 21 ح 21

و من أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يعصى اللّه، إنّ اللّه تبارك و تعالى حمد نفسه على هلاك الظلمة فقال: فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . (1). (2)

أقول:

«يجتنب هؤلاء» : في تفسير القمّي بدلها: "يجتنب الشبهات".

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهادا من ترك الذنوب. (3)

18-فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام قال: يا عليّ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي اللّه عزّ و جلّ، و خلق يداري به الناس، و حلم يردّ به جهل الجاهل. (4)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كفّ عن محارم اللّه تكن أورع الناس. (5)

20-عن الصادق عن آبائه عن الحسين بن عليّ عليهم السّلام قال: سئل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه: ما ثبات الإيمان؟ فقال: الورع، فقيل له: ما زواله؟ قال: الطمع. (6)

21-في خطبة الوسيلة: لا معقل أحرز من الورع. (7)

ص:226


1- -الأنعام:45
2- البحار ج 70 ص 303 باب الورع ح 15( تفسير القميّ ج 1 ص 200 الأنعام)
3- البحار ج 70 ص 305 ح 25 و مثله في تحف العقول ص 363 عن الحسن العسكريّ عليه السّلام
4- البحار ج 70 ص 305 ح 21
5- البحار ج 70 ص 305 ح 22
6- البحار ج 70 ص 305 ح 23
7- البحار ج 70 ص 305 ح 24

22-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال: التسليم و الورع. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الصوم، ما سأل أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين خطبته:

ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم اللّه.

23-قال الصادق عليه السّلام: أم و اللّه إنّكم لعلى دين اللّه و ملائكته، فأعينونا على ذلك بورع و اجتهاد، عليكم بالصلاة و العبادة، عليكم بالورع. (2)

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتّقوا اللّه، اتّقوا اللّه، عليكم بالورع و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و عفّة البطن و الفرج، تكونوا معنا في الرفيع الأعلى. (3)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من أحبّنا فليعمل بعملنا و ليستعن بالورع، فإنّه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا و الآخرة. (4)

أقول:

قد مرّ ما يدلّ على المقام في باب الحبّ ف 2.

26-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شكر كلّ نعمة الورع عمّا حرّم اللّه. (5)

27-عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: لا يجمع اللّه عزّ و جلّ لمؤمن الورع و الزهد في الدنيا إلاّ رجوت له الجنّة. (6)

ص:227


1- -البحار ج 70 ص 304 ح 17
2- البحار ج 70 ص 306 ح 27
3- البحار ج 70 ص 306 ح 28
4- البحار ج 70 ص 306 ح 30
5- البحار ج 70 ص 307 ح 31
6- البحار ج 70 ص 307 ح 32

28-عن أبي جميلة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أيّها الناس، لا خير في دين لا تفقّه فيه، و لا خير في دنيا لا تدبير فيها، و لا خير في نسك لا ورع فيه. (1)

29-عن زيد بن عليّ عن أبيه عليه السّلام قال: الورع نظام العبادة، فإذا انقطع الورع ذهبت الديانة، كما أنّه إذا انقطع السلك اتّبعه النظام. (2)

بيان:

«السلك» : الخيط ينظم فيه الخرز و نحوه (خرزة: مهره و دانه سوراخ شده) .

30-و قال عليه السّلام: و اعلم أنّكم لو صلّيتم حتّى تكونوا كالحنايا، و صمتم حتّى تكونوا كالأوتار ما نفعكم ذلك إلاّ بورع حاجز. (3)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 454، «لو صلّيتم حتّى تكونوا كالحنايا» : هي جمع حنيّة، أو حنيّ، و هما القوس، فعيل بمعنى مفعول؛ لأنّها محنيّة أي معطوفة.

«الوتر» : جمع أوتار و هو شرعة القوس و معلّقها.

31-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و الورع جنّة. (4)

32-و قال عليه السّلام: . . . و لا معقل أحسن من الورع. . . (5)

33-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، أصل الدين الورع، و رأسه الطاعة، يا أبا ذرّ، كن ورعا تكن أعبد الناس، و خير دينكم الورع. (6)

34-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خرجت أنا و أبي ذات يوم إلى المسجد، فإذا

ص:228


1- -البحار ج 70 ص 307 ح 34
2- البحار ج 70 ص 308 ح 37
3- عدّة الداعي ص 284 ب 6-و بمضمونه في البحار ج 84 ص 258 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
4- نهج البلاغة ص 1089 في ح 3-الغرر ج 1 ص 9 ف 1 ح 163
5- نهج البلاغة ص 1260 في ح 363
6- المستدرك ج 11 ص 270 ب 21 من جهاد النفس ح 10

هو باناس من أصحابه بين القبر و المنبر، قال: فدنا منهم و سلّم عليهم، و قال:

و اللّه إنّي لاحبّ ريحكم و أرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع و اجتهاد، و اعلموا أنّ ولايتنا لا تنال إلاّ بالورع و الاجتهاد، و من ائتمّ منكم بقوم (بإمام ف ن) فيعمل بعملهم (بعمله ف ن) . . . (1)

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في خبر المعراج) قال:

يا أحمد، عليك بالورع، فإنّ الورع رأس الدين، و وسط الدين، و آخر الدين، إنّ الورع يقرّب العبد إلى اللّه عزّ و جلّ.

يا أحمد، إنّ الورع كالشنوف بين الحليّ، و الخبز بين الطعام، إنّ الورع رأس الإيمان (زين المؤمن م) ، و عماد الدين، و إنّ الورع مثله كمثل السفينة، كما أنّ من في البحر لا ينجو إلاّ بالسفينة، و كذلك لا يقدر الزاهد أن ينجو من الدنيا إلاّ بالورع.

يا أحمد، إنّ الورع يفتح على العبد أبواب العبادة، فيكرم به العبد عند الخلق، و يصل به إلى اللّه عزّ و جلّ. . . (2)

بيان:

«الشنف» جمع شنوف: الحلية التي تلبس بالاذن.

36-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من لم يتورّع في دين اللّه تعالى، ابتلاه اللّه بثلاث خصال: إمّا أن يميته شابّا، أو يوقعه في خدمة السلطان، أو يسكنه في الرساتيق. (3)

37-قال الصادق عليه السّلام: أغلق أبواب جوارحك عمّا يقع ضرره إلى قلبك، و يذهب بوجاهتك عند اللّه، و يعقّب الحسرة و الندامة يوم القيامة، و الحياء عمّا اجترحت من السيّئات، و المتورّع يحتاج إلى ثلاثة أصول: الصفح عن عثرات

ص:229


1- -المستدرك ج 11 ص 272 ح 16
2- المستدرك ج 11 ص 273 ح 20
3- المستدرك ج 11 ص 274 ح 21

الخلق أجمع، و ترك خطيئته (خوضه ف ب) فيهم، و استواء المدح و الذمّ.

و أصل الورع دوام محاسبة النفس، و صدق المقاولة، و صفاء المعاملة، و الخروج من كلّ شبهة، و رفض كلّ عيبة و ريبة، و مفارقة جميع ما لا يعنيه، و ترك فتح أبواب لا يدري كيف يغلقها، و لا يجالس من يشكل عليه الواضح، و لا يصاحب مستخفّ الدين، و لا يعارض من العلم ما لا يحتمل قلبه، و لا يتفهّمه من قائله، و يقطع عمّن يقطعه عن اللّه عزّ و جلّ. (1)

38-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الورع اجتناب. (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 112)

الورع أفضل لباس-الورع خير قرين. (ص 20 ح 531 و 548)

الورع شعار الأتقياء. (ص 23 ح 644)

الورع جنّة من السيّئات. (ص 26 ح 771)

الورع مصباح نجاح. (ص 27 ح 800)

الورع ثمرة العفاف. (ص 33 ح 1033)

الورع شيمة الفقهاء. (ص 34 ح 1037)

الورع أساس التقوى. (ص 37 ح 1149)

الورع يحجز عن ارتكاب المحارم. (ص 53 ح 1474)

الورع من تنزّهت نفسه و شرفت خلاله (2). (ص 67 ح 1741)

الورع يصلح الدين و يصون النفس و يزيّن المروّة. (ص 77 ح 1889)

الورع الوقوف عند الشبهة. (ص 103 ح 2185)

أحسن اللباس الورع. (ص 177 ف 8 ح 67)

ص:230


1- -مصباح الشريعة ص 23 ب 33
2- أي خصاله

أكيسكم أورعكم. (ص 174 ح 10)

أملك شيء الورع-أنفع شيء الورع. (ص 176 ح 52 و 61)

أحسن شيء الورع. (ص 182 ح 167)

أفضل الورع حسن الظنّ. (ص 184 ح 201)

أصل الورع تجنّب الآثام و التنزّه عن الحرام. (ص 189 ح 271)

أصل الورع تجنّب الشهوات. (ص 192 ح 312)

أفسد دينه من تعرّى عن الورع. (ح 315)

أورع الناس أنزههم عن المطالب. (ص 213 ح 543)

إنّما الورع التطهير عن المعاصي. (ص 297 ف 15 ح 13)

إنّما الورع التحرّي في المكاسب و الكفّ عن المطالب. (ص 299 ح 29)

آفة الورع قلّة القناعة. (ص 305 ف 16 ح 21)

آفة العدول قلّة الورع. (ص 306 ح 23)

بالورع يكون التنزّه عن الدنايا. (ص 334 ف 18 ح 102)

بصدق الورع يحصن الدين. (ح 105)

بالورع يتزكّى المؤمن. (ص 337 ح 156)

ثمرة الورع صلاح النفس و الدين. (ص 360 ف 23 ح 49)

جمال المؤمن ورعه. (ص 370 ف 26 ح 31)

خير أعوان الدين الورع. (ص 388 ف 29 ح 26)

دليل دين المرء ورعه-دليل ورع المرء نزاهته. (ص 401 ف 31 ح 3 و 5)

دلالة حسن الورع عزوف النفس عن مذلّة الطمع. (ص 402 ح 21)

رأس الورع غضّ الطرف. (ص 412 ف 34 ح 20)

رأس الورع ترك الطمع. (ح 28)

سبب صلاح الدين الورع. (ص 430 ف 38 ح 3)

ص:231

سبب الورع قوّة الدين. (ص 431 ح 30)

سبب صلاح النفس الورع. (ص 432 ح 37)

شيئان لا يوازنهما عمل؛ حسن الورع و الإحسان إلى المؤمنين.

(ص 449 ف 42 ح 17)

صلاح الإيمان الورع، و فساده الطمع. (ص 452 ف 43 ح 7)

عليك بالورع فإنّه خير صيانة. (ج 2 ص 479 ف 49 ح 28)

عليك بالورع فإنّه عون الدين و شيمة المخلصين. (ص 482 ح 53)

عليك بالورع و إيّاك و غرور الطمع، فإنّه و خيم المرابع. (ح 62)

من قلّ حيائه قلّ ورعه. (ص 647 ف 77 ح 645)

من قلّ ورعه مات قلبه. (ح 646)

من مات قلبه دخل النار. (ح 647)

من لزم الطمع عدم الورع. (ح 649)

من زاد ورعه نقص إثمه. (ص 649 ح 675)

من أحبّنا فليعمل بعملنا و ليتجلبب الورع. (ص 658 ح 822)

من تعرّى بالورع ادّرع جلباب العار. (ص 661 ح 856)

من لوازم الورع التنزّه عن الآثام. (ص 730 ف 78 ح 89)

من أفضل الورع أن لا تبدي في خلوتك ما تستحيي من إظهاره في علانيتك.

(ح 95)

من أفضل الورع اجتناب المحرّمات. (ص 733 ح 126)

ملاك الدين الورع. (ص 757 ف 80 ح 7)

ملاك الورع الكفّ عن المحارم. (ص 758 ح 16)

مع الورع يثمر العمل. (ح 27)

ورع الرجل على قدر دينه. (ص 780 ف 83 ح 5)

ص:232

ورع يعزّ خير من طمع يذلّ. (ص 781 ح 17)

ورع المرء ينزّهه عن كلّ دنيّة. (ح 19)

ورع المؤمن يظهر في علمه. (ص 786 ح 70)

ورع المنافق لا يظهر إلاّ في لسانه. (ح 71)

لا ورع كالكفّ. (ص 830 ف 86 ح 18)

لا نزاهة كالتورّع-لا ورع مع غيّ (1). (ص 832 ح 58 و 76)

لا ورع كتجنّب الآثام. (ص 834 ح 114)

لا يصلح الدين كالورع. (ص 835 ح 124)

لا يجتمع الورع و الطمع. (ص 836 ح 142)

لا معقل أحرز من الورع. (ص 839 ح 208)

لا يزكو العلم بغير ورع. (ص 842 ح 252)

لا صيانة لمن لا ورع له. (ص 847 ح 346)

لا ورع أنفع من تجنّب المحارم. (ص 851 ح 403)

لا ورع أنفع من ترك المحارم و تجنّب الآثام. (ص 853 ح 417)

لا ينفع زهد من لم يتخلّ عن الطمع و يتحلّ بالورع. (ح 420)

لا خير في عمل إلاّ مع اليقين و الورع. (ص 858 ح 478)

يفسد الطمع الورع، و الفجور التقوى. (ص 874 ف 91 ح 7)

ص:233


1- -أي الضلالة

ص:234

186- الوسوسة

الآيات

1- فَوَسْوَسَ لَهُمَا اَلشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما. . . (1)

2- فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ اَلشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ اَلْخُلْدِ وَ مُلْكٍ لا يَبْلى . (2)

3- وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ . (3)

4- قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ - مَلِكِ اَلنّاسِ - إِلهِ اَلنّاسِ - مِنْ شَرِّ اَلْوَسْواسِ اَلْخَنّاسِ - اَلَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ اَلنّاسِ - مِنَ اَلْجِنَّةِ وَ اَلنّاسِ . (4)

الأخبار

1-عن محمّد بن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الوسوسة

ص:235


1- -الأعراف:20
2- طه:120
3- ق:16
4- سورة الناس

و إن كثرت؛ فقال: لا شيء فيها، تقول: لا إله إلاّ اللّه. (1)

2-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: إنّه يقع في قلبي أمر عظيم، فقال: قل: لا إله إلاّ اللّه. قال جميل: فكلّما وقع في قلبي شيء قلت: لا إله إلاّ اللّه، فيذهب عنّي. (2)

بيان:

للوسوسة معان ستأتي، و المراد بها في هذين الخبرين ما يخطر بالقلب من أصول الدين بحيث يخاف منها.

3-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا نبيّ اللّه، الغالب عليّ الدين و وسوسة الصدر، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قل:

«توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، و الحمد للّه الذي لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له وليّ من الذلّ و كبّره تكبيرا» قال: فصبر الرجل ما شاء اللّه، ثمّ مرّ على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فهتف به فقال: ما صنعت؟ فقال: أدمنت ما قلت لي يا رسول اللّه، فقضى اللّه ديني، و أذهب وسوسة صدري. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجلا مبتلى بالوضوء و الصلاة و قلت: هو رجل عاقل، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و أيّ عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟ فقال: سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو؟ فإنّه يقول لك: من عمل الشيطان. (4)

5-قال الصادق عليه السّلام: من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء: «بسم اللّه و باللّه، أعوذ باللّه من الرجس النجس، الخبيث المخبث، الشيطان

ص:236


1- -الكافي ج 2 ص 310 باب الوسوسة ح 1
2- الكافي ج 2 ص 310 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 403 باب الدعاء للدين ح 2-و بمدلوله ح 3
4- الكافي ج 1 ص 9 كتاب العقل ح 10

الرجيم» . (1)

6-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ آدم شكا إلى اللّه ما يلقى من حديث النفس و الحزن، فنزل عليه جبرئيل عليه السّلام فقال له: يا آدم، قل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فقالها، فذهب عنه الوسوسة و الحزن. (2)

7-عن زرارة و أبي بصير جميعا قالا: قلنا له: الرجل يشكّ كثيرا في صلاته حتّى لا يدري، كم صلّى و لا ما بقي عليه؟ قال: يعيد، قلنا: فإنّه يكثر عليه ذلك، كلّما أعاد شكّ؟ قال: يمضي في شكّه، ثمّ قال: لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد، فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرنّ نقض الصلاة، فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ، قال زرارة: ثمّ قال: إنّما يريد الخبيث أن يطاع، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم. (3)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رجل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أشكو إليك ما ألقي من الوسوسة في صلاتي حتّى لا أدري ما صلّيت من زيادة أو نقصان، فقال: إذا دخلت في الصلاة فاطعن فخذك الأيسر باصبعك اليمنى المسبّحة ثمّ قل: «بسم اللّه و باللّه توكّلت على اللّه، أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم» فإنّك تنحره و تطرده. (4)

9-عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى قيل: ما يفطر. . . ثمّ قبض عليه السّلام على صيام ثلاثة أيّام في الشهر و قال: يعدلن صوم

ص:237


1- -الوسائل ج 1 ص 308 ب 5 من الخلوة ح 8
2- الوسائل ج 7 ص 217 ب 47 من الذكر ح 1
3- الوسائل ج 8 ص 228 ب 16 من الخلل ح 2
4- الوسائل ج 8 ص 249 ب 31 ح 1

الدهر، و يذهبن بوحر الصدر، و قال حمّاد: (فقلت: و ما) الوحر (؟ فقال:) الوسوسة. قال حمّاد: فقلت: و أيّ الأيّام هي؟ قال: أوّل خميس في الشهر، و أوّل أربعاء بعد العشر منه، و آخر خميس فيه. . . (1)

10-في العقد الحسيني قال: إنّ بعض الصحابة شكا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الوسوسة، فقال: يا رسول اللّه، إنّ الشيطان قد حال بيني و بين صلواتي، يلبّسها عليّ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ذلك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسست به فتعوّذ باللّه منه، و اتفل عن يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهب اللّه عنّي.

قال: و رويت عن ابن عبّاس أنّه شكا إليه بعضهم الوسوسة، فقال:

إذا وجدت في قلبك شيئا، فقل: «هو الأوّل و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكلّ شيء عليم» . (2)

11-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل رحمه اللّه: يا كميل، إذا وسوس الشيطان في صدرك فقل: «أعوذ باللّه القويّ من الشيطان الغويّ، و أعوذ بمحمّد الرضيّ من شرّ ما قدّر و قضى، و أعوذ بإله الناس من شرّ الجنّة و الناس أجمعين» و سلّم تكف مؤونة إبليس و الشياطين معه، و لو أنّهم كلّهم أبالسة مثله.

يا كميل، إنّ لهم خدعا و شقاشق و زخازف و وساوس و خيلاء على كلّ أحد قدر منزلته في الطاعة و المعصية، فبحسب ذلك يستولون عليه بالغلبة. (3)

أقول:

في المستدرك ج 6 ص 426: يوجد في بعض نسخ النهج، و فيه: و أعوذ بإله الطيّبين من شرّ الخ و بعد قوله: «أجمعين» و عظّم اللّه و صلّ على محمّد و آله تكف الخ.

بيان: المراد بالوسوسة في الحديث إغواء الشيطان و إضلاله. «الشقاشق» : جمع

ص:238


1- -الوسائل ج 10 ص 415 ب 7 من الصوم المندوب ح 1
2- المستدرك ج 6 ص 425 ب 27 من الخلل ح 3
3- البحار ج 77 ص 273

شقشقة و هي شيء يخرجه البعير من فيه إذا هاج.

12-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلوا الرمّان، فليست منه حبّة تقع في المعدة إلاّ أنارت القلب، و أخرجت الشيطان أربعين يوما. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغسل رأسه بالسدر، و يقول: اغسلوا رؤوسكم بورق السدر و نقّوا، فإنّه قدّسه كلّ ملك مقرّب و كلّ نبيّ مرسل، و من غسل رأسه بورق السدر صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما، و من صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص اللّه و من لم يعص دخل الجنّة. (2)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليكم بالسواك، فإنّه يذهب وسوسة الصدر. (3)

15-عن ابن عبّاس قال: لمّا أن بعث اللّه عيسى عليه السّلام تعرّض له الشيطان فوسوسه، فقال عيسى عليه السّلام: «سبحان اللّه ملأ سمواته و أرضه و مداد كلماته، و زنة عرشه، و رضا نفسه» قال: فلمّا سمع إبليس ذلك ذهب على وجهه لا يملك من نفسه شيئا حتّى وقع في اللجّة الخضراء. (4)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في البحار ج 14 ص 270.

16-في مكارم الأخلاق لوسوسة القلب يقول: فَإِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ و يقرأ المعوّذتين.

ص:239


1- -البحار ج 66 ص 154 باب فضل الرمّان ح 1
2- البحار ج 76 ص 87 باب غسل الرأس بالخطمي و غيره ح 6
3- البحار ج 76 ص 139 باب السواك ح 52
4- البحار ج 95 ص 136 باب الدعاء لدفع وساوس الشيطان ح 2

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا وسوس الشيطان لأحدكم فليتعوّذ باللّه، و ليقل بلسانه و قلبه: «آمنت باللّه و رسله مخلصا له الدين» . (1)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الشيطان اثنان: شيطان الجنّ، و يبعد ب «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم» ، و شيطان الإنس و يبعد ب «الصلاة على النبيّ و آله» . (2)

18-عن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: قلت: يا بن رسول اللّه، إنّي أجد بلابل في صدري، و وساوس في فؤادي حتّى لربّما قطع صلاتي، و شوّش عليّ قراءتي، قال: و أين أنت من عوذة أمير المؤمنين عليه السّلام، قلت:

يا بن رسول اللّه علّمني.

قال: إذا أحسست بشيء من ذلك، فضع يدك عليه، و قل: «بسم اللّه و باللّه اللهمّ مننت عليّ بالإيمان، و أودعتني القرآن، و رزقتني صيام شهر رمضان، فامنن عليّ بالرحمة و الرضوان، و الرأفة و الغفران، و تمام ما أوليتني من النعم و الإحسان، يا حنّان يا منّان، يا دائم يا رحمن، سبحانك و ليس لي أحد سواك، سبحانك أعوذ بك بعد هذه الكرامات من الهوان، و أسألك أن تجلّي عن قلبي الأحزان» تقولها ثلاثا، فإنّك تعافى منها بعون اللّه تعالى، ثمّ تصلّي على النبيّ و السلام عليهم و رحمة اللّه. (3)

بيان:

قال رحمه اللّه: «فضع يدك عليه» : أي على الفؤاد كما يظهر من الخبر الآتي أيضا، و لمّا كان الصدر محلاّ للفؤاد فينبغي وضع اليد على الصدر.

19-عن عبد اللّه بن سنان قال: شكى رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام كثرة

ص:240


1- -البحار ج 95 ص 136 ح 3
2- البحار ج 95 ص 136 ح 4
3- البحار ج 95 ص 137 باب الدعاء لوساوس الصدر ح 1

التمنّي و الوسوسة، فقال: أمرّ يدك على صدرك، ثمّ قل: «بسم اللّه و باللّه، محمّد رسول اللّه، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم، اللهمّ امسح عنّي ما أحذر» ثمّ أمرّ يدك على بطنك و قل ثلاث مرّات، فإنّ اللّه تعالى يمسح عنك و يصرف، قال الرجل: فكنت كثيرا ما أقطع صلاتي ممّا يفسد عليّ التمنّي و الوسوسة، ففعلت ما أمرني به سيّدي و مولاي ثلاث مرّات، فصرف اللّه عنّي و عوفيت منه، فلم أحسّ به بعد ذلك. (1)

20-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، ثلاثة من الوسواس: أكل الطين، و تقليم الأظفار بالأسنان، و أكل اللحية. (2)

21-قال الصادق عليه السّلام: لا يتمكّن الشيطان بالوسوسة من العبد إلاّ و قد أعرض عن ذكر اللّه و استهان بأمره، و سكن إلى نهيه، و نسي اطّلاعه على سرّه، فالوسوسة ما تكون من خارج القلب بإشارة معرفة العقل (3)و مجاورة الطبع، و أمّا إذا تمكّن في القلب فذلك غيّ و ضلالة و كفر، و اللّه عزّ و جلّ دعا عباده بلطف دعوته و عرّفهم عداوة إبليس، فقال تعالى: إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ و قال: إِنَّ اَلشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا (4).

فكن معه كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه، كذلك إذا أتاك الشيطان موسوسا ليضلّك عن سبيل الحقّ، و ينسيك ذكر اللّه، فاستعذ منه بربّك و ربّه، فإنّه يؤيّد الحقّ على الباطل، و ينصر المظلوم بقوله عزّ و جلّ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (5)و لن يقدر على هذا

ص:241


1- -البحار ج 95 ص 138 ح 3
2- الخصال ج 1 ص 126 باب الثلاثة ح 122
3- و في نسخة: بإشارة القلب
4- فاطر:6
5- النحل:99

و معرفة إتيانه و مذاهب وسوسته، إلاّ بداوم المراقبة و الاستقامة على بساط الخدمة، و هيبة المطّلع و كثرة الذكر، و أمّا المهمل لأوقاته فهو صيد الشيطان لا محالة. . . (1)

أقول:

قد مرّ بعض معاني الوسوسة، و قد يراد بالوسوسة إغواء الشيطان و إضلاله للإنسان بحيث يصير منشأ للمعصية و ترك أوامر اللّه و الإتيان بالمحرّمات، و هذا المعنى هو المراد في بعض الآيات و الأحاديث المذكورة في الباب و منها حديث مصباح الشريعة.

و يمكن دفع الوسوسة بهذا المعنى بالتوكّل على اللّه و الاعتصام به، قال اللّه تعالى:

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و تدفع أيضا بدوام المراقبة و الاستقامة و كثرة الذكر و إدمانه، قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا. . . (2).

كما أنّ الغفلة يوجب تسلّط الشيطان على العبد، قال اللّه تعالى: وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (3)

و تدفع أيضا بالنظر و التفكّر في عواقب المعصية، من العذاب الاخرويّ، و المصائب الدنيويّة، و قد مرّ ما يدلّ على المقام في بابي الذنب و الشيطان.

و قد يراد بها المرض المشهور، و الذي يوجب الشكّ في صحّة أعماله و الإعادة ثمّ الإعادة، و هي مرض مهلك حيث توجب بعد الموسوس عن اللّه تعالى، و سوء الظنّ به تعالى و بأوليائه، كما ينجرّ إلى كسالة الإنسان في العبادة بل الاشمئزاز منها.

ص:242


1- -مصباح الشريعة ص 26 ب 39
2- الأعراف:201
3- الزخرف:36

و أيضا يسبّب أمراضا جسميّة و خيمة، و بالأخير يسبّب هذا المرض بعواقبه الوخيمة ضنك المعيشة و التضيّق على الموسوس و يؤدّي إلى قتله نفسه و الكفر باللّه و. . .

و العمدة في الباب هو معالجة هذا المرض. و لا شكّ في أنّ المعالجة متوقّف على معرفة ماهيّة المرض، أيّ مرض كان، و حيث إنّ الوسواس ناشئ عن إلقاء الشيطان و إصراره على وسوسة الإنسان حتّى يطيعه فيما أمره، تبيّن دواؤه، و هو مخالفة الإنسان المبتلى هذه الوساوس الملقاة من الشيطان، و طرده و رجمه كرارا و على التوالي، و هذا أمر مجرّب كما أكّدت عليه الأخبار أيضا، و لكن يجب على الموسوس الاستعاذة و التضرّع باللّه، و التوسّل بذيل أوليائه، و قرائة الأدعيّة و التعويذات المأثورة حتّى يوفّق في الطرد و المخالفة و إلاّ كان أمرا صعبا مستصعبا.

هذا، و يؤيّده في هذا السبيل أن يحدّث نفسه بأنّ اللّه تعالى يطلب منه هذه الصلاة الباطلة بزعمه مثلا أو هذا الوضوء الباطل بزعمه، كما أفتى به بعض المراجع عند رجوع بعض مقلّديهم المبتلى بالوسواس.

و بالجملة يجب على العبد مخالفة الشيطان و التثبّت في جادّة الشرع، دون أيّ إفراط و تفريط، و لو كان في حكم واحد مثل الطهارة، فإن قال الشارع بطهارة شيء أطاعه و لا يكرّر العمل حتّى للاحتياط حذرا من وقوعه في حبل الشيطان.

و في الختام ينبغي ذكر فتوى مرجع التشيّع آية اللّه البروجردي رحمه اللّه في جواب من استفتى عنه حكم عبادة الموسوس، قال رحمه اللّه: عبادة الموسوس باطلة و هو مخلّد في النار. (1)

ص:243


1- -و ها هي عين الفتوى بسمه تعالى كسى كه از حقير تقليد مى كند و مبتلى بوسوسه است خواه در طهارت و نجاست وسوسه داشته باشد، يا در وضوء و غسل، يا در نيّت نماز و تكبيرة الإحرام و قرائت حمد و سوره

و به يفتي بعض المراجع المعاصرين. و ليذكر أنّ أصل الاستفتاء و الجواب عنه موجود عند أحد العلماء.

و نقل آية اللّه حسين شب زنده دار عن فقيه العصر السيّد الگلپايگاني رحمه اللّه أنّه قال:

إنّ الموسوس فاسق. (1)

ص:244


1- و هذا نفس المكتوب: بسم اللّه الرحمن الرحيم از حضرت آية اللّه گلپايگانى-قدّس سرّه-شنيدم كه؛ وسواسى فاسق است هرچند وسوسه او در طهارت و نجاست باشد چون در روايت دارد: «هو يطيع الشيطان» . . .

187- التواضع

الآيات

1- . . . فَسَوْفَ يَأْتِي اَللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكافِرِينَ. . . (1)

2- . . . وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ . (2)

3- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً . (3)

4- وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ . (4)

الأخبار

1-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ

ص:245


1- -المائدة:54
2- الحجر:88
3- الفرقان:63
4- الشعراء:215

في السماء ملكين موكّلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه و من تكبّر وضعاه. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 252، التواضع: ترك التكبّر و التذلّل للّه و لرسوله و لأولي الأمر و للمؤمنين و عدم حبّ الرفعة و الاستيلاء. . .

و في جامع السعادات ج 1 ص 358: قد أشير إلى أنّ ضدّ الكبر التواضع، و هو انكسار للنفس، يمنعها من أن يرى لذاتها مزيّة على الغير، و تلزمه أفعال و أقوال موجبة لاستعظام الغير و إكرامه، و المواظبة عليها أقوى معالجة لإزالة الكبر.

أقول: أصل التواضع أن يكون للّه تعالى من إجلاله و هيبته و عظمته، و إظهار الخشوع و الذلّ و الافتقار إليه عند ملاحظة عظمته و عند تجدّد نعمه تعالى، ثمّ لأنبيائه و الأوصياء و الأولياء ثمّ للمؤمنين، و من أهمّ التواضع التواضع للحقّ، فالمؤمن يتواضع للحقّ و إن كان عليه، و الكافر يتكبّر على الحقّ و إن كان له.

و لا بدّ أن يكون التواضع للّه تعالى لا لغيره، فإن تواضع للناس فليكن للّه تعالى، فلا يتواضع للغنيّ لغنائه مثلا أو لذي القدرة لقدرته إلى غير ذلك، و ينبغي ألاّ يتواضع للمتكبّرين، إذا الانكسار و التذلّل لمن يتكبّر مع كونه من المذلّة المذمومة يوجب إضلال هذا المتكبّر، و لذا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المتكبّرين فتكبّروا عليهم، فإنّ ذلك لهم مذلّة و صغار.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أفطر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عشيّة خميس في مسجد قبا، فقال: هل من شراب؟ فأتاه اوس بن خوليّ الأنصاريّ بعسّ مخيض بعسل، فلمّا وضعه على فيه نحّاه، ثمّ قال: شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه، لا أشربه و لا أحرّمه و لكن أتواضع للّه، فإنّ من تواضع للّه رفعه اللّه، و من تكبّر خفضه اللّه، و من اقتصد في معيشته رزقه اللّه، و من بذّر حرمه اللّه، و من أكثر ذكر الموت أحبّه

ص:246


1- -الكافي ج 2 ص 99 باب التواضع ح 2

اللّه. (1)

أقول:

ح 4 مثله، و قال: من أكثر ذكر اللّه أظلّه اللّه في جنّته.

بيان: «بعسّ مخيض بعسل» : في المحاسن و كتاب الزهد: "بعسّ من لبن مخيض بعسل. " «العسّ» ج عساس: القدح أو الإناء الكبير. «مخيض بعسل» : أي ممزوج به. «من اقتصد. . .» : أشار صلّى اللّه عليه و آله بأنّ ترك الأطعمة و الأشربة اللذيذة مطلوب للتواضع و للاقتصاد في المعيشة.

3-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يذكر أنّه أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ملك فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يخيّرك أن تكون عبدا رسولا متواضعا أو ملكا رسولا، قال: فنظر إلى جبرئيل، و أومأ بيده أن تواضع، فقال: عبدا متواضعا رسولا، فقال الرسول: مع أنّه لا ينقصك ممّا عند ربّك شيئا، قال: و معه مفاتيح خزائن الأرض. (2)

بيان:

«فنظر إلى جبرئيل» : كان هذا أيضا من تواضعه صلّى اللّه عليه و آله. «فقال الرسول» : أي الملك «قال: و معه مفاتيح» : أي قال أبو جعفر عليه السّلام: و مع الملك المفاتيح.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من التواضع أن ترضى بالمجلس دون المجلس، و أن تسلّم على من تلقى، و أن تترك المراء و إن كنت محقّا، و أن لا تحبّ أن تحمد على التقوى. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ من التواضع أن يجلس الرجل دون

ص:247


1- -الكافي ج 2 ص 99 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 99 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 100 ح 6

شرفه. (1)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام أن يا موسى، أ تدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال: يا ربّ، و لم ذاك؟ قال: فأوحى اللّه تبارك و تعالى إليه أن يا موسى، إنّي قلبت عبادي ظهرا لبطن، فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك، يا موسى، إنّك إذا صلّيت وضعت خدّك على التراب -أو قال: على الأرض-. (2)

أقول:

في حديث آخر، قال: يا موسى، إنّي اطّلعت على خلقي اطّلاعة فلم أر في خلقي شيئا أشدّ تواضعا منك. (البحار ج 75 ص 123 ب 51 في ح 16)

بيان: «قلبت عبادي» : أي اختبرتهم بملاحظة ظواهرهم و بواطنهم.

و في المصباح: قلبت الأمر ظهرا لبطن: اختبرته.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى داود عليه السّلام:

يا داود، كما أنّ أقرب الناس من اللّه المتواضعون، كذلك أبعد الناس من اللّه المتكبّرون. (3)

8-عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال: التواضع أن تعطي الناس ما تحبّ أن تعطاه.

و في حديث آخر قال: قلت: و ما حدّ التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟ فقال: التواضع درجات، منها؛ أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحبّ أن يأتي إلى أحد إلاّ مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيّئة

ص:248


1- -الكافي ج 2 ص 100 ح 9
2- الكافي ج 2 ص 100 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 101 ح 11

درأها بالحسنة، كاظم الغيظ عاف عن الناس، و اللّه يحبّ المحسنين. (1)

بيان:

في المرآة، «درأها» : أي دفعها. «بالحسنة» : أي بالخصلة أو المداراة أو الموعظة الحسنة، إشارة إلى قوله تعالى: وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ اَلسَّيِّئَةَ (2)

9-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، و اللّه لو أنّ الوضيع في قعر بئر لبعث اللّه عزّ و جلّ إليه ريحا ترفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار. (3)

10-قال عيسى بن مريم عليه السّلام للحواريّين: لي إليكم حاجة اقضوها لي، فقالوا: قضيت حاجتك يا روح اللّه، فقام فغسّل أقدامهم، فقالوا: كنّا أحقّ بهذا منك، فقال: إنّ أحقّ الناس بالخدمة العالم، إنّما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم، ثمّ قال عيسى عليه السّلام: بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبّر، و كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل. (4)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند اللّه! و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتّكالا على اللّه. (5)

بيان:

تاه أي تكبّر.

12-و قال عليه السّلام: و من أتى غنيّا فتواضع له لغناه ذهب ثلثا دينه. (6)

ص:249


1- -الكافي ج 2 ص 101 ح 13
2- الرعد:22
3- الوسائل ج 15 ص 274 ب 28 من جهاد النفس ح 7
4- الوسائل ج 15 ص 276 ب 30 ح 2
5- نهج البلاغة ص 1277 ح 398
6- نهج البلاغة ص 1187 في ح 219

13-و قال عليه السّلام: و بالتواضع تتمّ النعمة. (1)

14-و قال عليه السّلام: و لا حسب كالتواضع. (2)

أقول:

لاحظ الخطبة القاصعة، و هي تتضمّن ذمّ إبليس لعنه اللّه على استكباره.

(نهج البلاغة ص 775 خ 234-صبحي ص 285 خ 192)

15-قال الصادق عليه السّلام: كمال العقل في ثلاثة: التواضع للّه، و حسن اليقين، و الصمت إلاّ من خير. (3)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: ما لي لا أرى عليكم حلاوة العبادة! قالوا: و ما حلاوة العبادة؟ قال: التواضع. (4)

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أربع لا يعطيهنّ اللّه إلاّ من يحبّه: الصمت و هو أوّل العبادة، و التوكّل على اللّه، و التواضع، و الزهد في الدنيا. (5)

18-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المتواضعين من امّتي فتواضعوا لهم، و إذا رأيتم المتكبّرين فتكبّروا عليهم، فإنّ ذلك لهم مذلّة و صغار. (6)

19-عن المفضّل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا نزلت هذه الآية: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ. . . (7)قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و من أتى ذا ميسرة

ص:250


1- -نهج البلاغة ص 1185 في ح 215
2- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
3- المستدرك ج 11 ص 296 ب 28 من جهاد النفس ح 3
4- جامع السعادات ج 1 ص 359
5- جامع السعادات ج 1 ص 359
6- جامع السعادات ج 1 ص 363
7- الحجر:88

فتخشّع له طلب ما في يديه، ذهب ثلثا دينه. . . (1)

20-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام عند موته: عليك بالتواضع، فإنّه من أعظم العبادة. (2)

21-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: التواضع يكسبك السلامة.

و قال عليه السّلام: زينة الشريف التواضع. (3)

22-(في رجال الكشّيّ) قال أبو النصر: سألت عبد اللّه بن محمّد بن خالد عن محمّد بن مسلم، فقال: كان رجلا شريفا موسرا، فقال له أبو جعفر عليه السّلام:

تواضع يا محمّد، فلمّا انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرّة من تمر مع الميزان و جلس على باب مسجد الجامع و صار ينادي عليه، فأتاه قومه فقالوا له: فضحتنا، فقال:

إنّ مولاي أمرني بأمر فلن اخالفه، و لن أبرح حتّى أفرغ من بيع ما في هذه القوصرّة، فقال له قومه: إذا أبيت إلاّ أن تشتغل ببيع و شراء فاقعد في الطحّانين، فهيّأ رحى و جملا و جعل يطحن. (4)

بيان:

«القوصرّة» : وعاء من قصب يجعل فيه التمر و نحوه.

23-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: يا هشام، إنّ لقمان قال لابنه:

تواضع للحقّ تكن أعقل الناس. (5)

و قال عليه السّلام: يا هشام، إنّ الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع، و لا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار، لأنّ اللّه جعل

ص:251


1- -البحار ج 73 ص 89 باب حبّ الدنيا ح 58
2- البحار ج 75 ص 119 باب التواضع ح 5
3- البحار ج 75 ص 120 ح 11
4- البحار ج 75 ص 121 ح 13
5- البحار ج 78 ص 299

التواضع آلة العقل، و جعل التكبّر من آلة الجهل، ألم تعلم أنّ من شمخ إلى السقف برأسه شجّه و من خفض رأسه استظلّ تحته و أكنّه، و كذلك من لم يتواضع للّه خفضه اللّه، و من تواضع للّه رفعه. (1)

بيان:

«شمخ» : علا و رفع. «شجّه» : كسره و جرحه.

24-قال الصادق عليه السّلام: التواضع أصل كلّ شرف نفيس و مرتبة رفيعة، و لو كان للتواضع لغة يفهمها الخلق، لنطق عن حقايق ما في مخفيّات العواقب.

و التواضع ما يكون للّه و في اللّه و ما سواه مكر، و من تواضع للّه شرّفه اللّه على كثير من عباده، سئل بعضهم عن التواضع قال: هو أنّ يخضع للحقّ و ينقاد له، و لو سمعه من صبيّ، و كثير من أنواع الكبر يمنع من استفادة العلم و قبوله و الانقياد له. . .

و أصل التواضع من جلال اللّه و هيبته و عظمته و ليس للّه عزّ و جلّ عبادة يرضاها و يقبلها إلاّ و بابها التواضع، و لا يعرف ما في معنى حقيقة التواضع إلاّ المقرّبون من عباده المتّصلين بوحدانيّته، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً . و قد أمر اللّه عزّ و جلّ أعزّ خلقه و سيّد بريّته محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالتواضع، فقال عزّ و جلّ: وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ .

و التواضع مزرعة الخشوع و الخضوع و الخشية و الحياء، و إنّهنّ لا يتبيّن (لا يأتين ف ن) إلاّ منها [و فيها]و لا يسلّم الشرف التامّ الحقيقيّ إلاّ للمتواضع في ذات اللّه تعالى. (2)

ص:252


1- -البحار ج 78 ص 312
2- مصباح الشريعة ص 38 ف 58

25-عن عليّ عليه السّلام قال:

التواضع يرفع. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 19)

التكبّر يضع. (ح 20)

التكبّر يضع الرفيع-التواضع يرفع الوضيع. (ص 14 ح 362 و 363)

التواضع ينشر الفضيلة. (ص 21 ح 575)

التواضع ثمرة العلم. (ص 27 ح 819)

التواضع زكاة الشرف. (ص 32 ح 982)

التواضع أشرف السؤدد. (ص 33 ح 1027)

التواضع سلّم الشرف. (ص 35 ح 1093)

التواضع من مصائد الشرف. (ص 57 ح 1542)

التواضع أفضل الشرفين. (ص 64 ح 1684)

التواضع رأس العقل و التكبّر رأس الجهل. (ص 102 ح 2166)

أعظم الشرف التواضع. (ص 177 ف 8 ح 73)

أجلّ الناس من وضع نفسه. (ص 185 ح 210)

أشرف الخلائق التواضع و الحلم و لين الجانب. (ص 199 ح 399)

إذا تفقّه الرفيع تواضع. (ص 314 ف 17 ح 74)

بالتواضع تكون الرفعة. (ص 329 ف 18 ح 2)

بالتواضع تزان الرفعة. (ص 330 ح 15)

بكثرة التواضع يستدلّ على تكامل الشرف. (ص 334 ح 109)

بخفض الجناح تنتظم الأمور. (ص 335 ح 124)

تواضع للّه يرفعك-تواضع المرء يرفعه. (ص 347 ف 22 ح 6 و 14)

تمام الشرف التواضع. (ح 20)

ص:253

تواضعوا لمن تتعلّمون منه العلم و لمن تعلّمونه، و لا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم جهلكم بعلمكم. (ص 353 ح 81)

تواضع الشريف يدعو إلى كرامته. (ص 358 ح 120)

ثمرة التواضع المحبّة-ثمرة الكبر المسبّة. (ص 359 ف 23 ح 27 و 28)

ثلاثة يوجبن المحبّة: الدين و التواضع و السخاء. (ص 364 ف 24 ح 21)

من تواضع رفع. (ج 2 ص 612 ف 77 ح 38)

من حقّر نفسه عظّم. (ص 613 ح 51)

من تواضع عظّمه اللّه سبحانه و رفعه. (ص 657 ح 813)

ما تكبّر إلاّ وضيع-ما تواضع إلاّ رفيع. (ص 737 ف 79 ح 15 و 16)

ما حقّر نفسه إلاّ عاقل-ما نقّص نفسه إلاّ كامل. (ح 17 و 18)

ما اكتسب الشرف بمثل التواضع. (ص 738 ح 45)

ما تواضع أحد إلاّ زاده اللّه تعالى جلالة. (ص 744 ح 141)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الكبر، الزهد، اللبس و. . .

ص:254

188- الموعظة

اشارة

حيث إنّ آيات الباب كثيرة جدّا و قد مرّ أكثرها في الأبواب السابقة لم نذكرها هنا.

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: عظنا و أوجز، فقال:

الدنيا حلالها حساب و حرامها عقاب، و أنّى لكم بالروح و لمّا تأسّوا بسنّة نبيّكم، تطلبون ما يطغيكم و لا ترضون ما يكفيكم. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الورع عن الكافي: في حديث الصادق عليه السّلام: و كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم.

بيان: في المفردات، الوعظ: زجر مقترن بتخويف، قال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرقّ له القلب، و العظة و الموعظة الاسم.

و في مجمع البحرين، الموعظة: عبارة عن الوصيّة بالتقوى، و الحثّ على الطاعات، و التحذير عن المعاصي و الاغترار بالدنيا و زخارفها، و نحو ذلك، و الوعظ: النصح

ص:255


1- -الكافي ج 2 ص 332 باب محاسبة العمل ح 23

و التذكير بالعواقب، تقول: وعظته وعظا و عظة فاتّعظ أي قبل الموعظة.

أقول: قد تكون الموعظة في الآيات و الأخبار بمعنى العبرة، و الاعتبار من الامم السالفة و التخويف بسوء العاقبة.

2-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: مالي أرى حبّ الدنيا قد غلب على كثير من الناس، حتّى كأنّ الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، و كأنّ الحقّ في هذه الدنيا على غيرهم وجب، و حتّى كأنّ ما يسمعون من خبر الأموات قبلهم عندهم كسبيل قوم سفر عمّا قليل إليهم راجعون، تبوّئونهم أجداثهم و تأكلون تراثهم، و أنتم مخلّدون بعدهم، هيهات هيهات، أما يتّعظ آخرهم بأوّلهم، لقد جهلوا و نسوا كلّ موعظة في كتاب اللّه و آمنوا شرّ كلّ عاقبة سوء. . . (1)

3-و قال صلّى اللّه عليه و آله: كفى بالموت واعظا. . . (2)

4-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: أحي قلبك بالموعظة و موّته بالزهد. (3)

و قال عليه السّلام: و لا تكوننّ ممّن لا ينتفع من العظة إلاّ بما لزمه، فإنّ العاقل ينتفع بالأدب و البهائم لا تتّعظ إلاّ بالضرب. (4)

و قال عليه السّلام: و العاقل من وعظته التجارب. (5)

5-و في مواعظه عليه السّلام: . . . و السعيد من وعظ بغيره. . .

و قال عليه السّلام: . . . و الموعظة كهف لمن لجأ إليها. (6)

ص:256


1- -تحف العقول ص 28
2- تحف العقول ص 30
3- تحف العقول ص 52
4- تحف العقول ص 61
5- تحف العقول ص 62
6- تحف العقول ص 153

6-في مواعظ السجّاد عليه السّلام: ابن آدم، إنّك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، و ما كانت المحاسبة من همّك، و ما كان الخوف لك شعارا، و الحذر (1)لك دثارا.

ابن آدم، إنّك ميّت و مبعوث و موقوف بين يدي اللّه جلّ و عزّ فأعدّ له جوابا. (2)

7-في مواعظ الباقر عليه السّلام: من لم يجعل اللّه له من نفسه واعظا، فإنّ مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا. (3)

8-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام: و خذ موعظتك من الدهر و أهله، فإنّ الدهر طويلة قصيرة، فاعمل كأنّك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك، و اعقل عن اللّه، و انظر في تصرّف الدهر و أحواله، فإنّ ما هو آت من الدنيا كما ولّى منها، فاعتبر بها. (4)

9-في مواعظ الجواد عليه السّلام: المؤمن يحتاج إلى توفيق من اللّه، و واعظ من نفسه، و قبول ممّن ينصحه. (5)

10-في مواعظ الهادي عليه السّلام: قال عليه السّلام لبعض مواليه: عاتب فلانا و قل له:

إنّ اللّه إذا أراد بعبد خيرا إذا عوتب قبل. (6)

11-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام: من وعظ أخاه سرّا فقد زانه،

ص:257


1- -الصحيح: «و الحزن لك دثارا» ، كما في أمالي المفيد و أمالي الطوسي ج 1 ص 114
2- تحف العقول ص 202
3- تحف العقول ص 214
4- تحف العقول ص 288
5- تحف العقول ص 337
6- تحف العقول ص 356

و من وعظه علانية فقد شانه. (1)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اعلموا أنّه من لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ و زاجر لم يكن له من غيرها زاجر و لا واعظ. (2)

13-و قال عليه السّلام: فاتّعظوا بالعبر، و اعتبروا بالغير، و انتفعوا بالنذر. (3)

14-و قال عليه السّلام: انتفعوا ببيان اللّه، و اتّعظوا بمواعظ اللّه، و أقبلوا نصيحة اللّه. . . (4)

أقول:

في البحار ج 77 ص 116 في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أصدق القول و أبلغ الموعظة و أحسن القصص كتاب اللّه. (لاحظ باب القرآن)

15-و قال عليه السّلام: ألا إنّ أبصر الأبصار ما نفذ في الخير طرفه، ألا إنّ أسمع الأسماع ما وعى التذكير و قبله.

أيّها الناس، استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متّعظ. . . (5)

16-و قال عليه السّلام: أ لستم في مساكن من كان قبلكم أطول أعمارا. . .

و اتّعظوا فيها بالذين قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً (6)حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا. . . (7)

ص:258


1- -تحف العقول ص 364
2- نهج البلاغة ص 225 في خ 89
3- نهج البلاغة ص 496 في خ 156
4- نهج البلاغة ص 566 خ 175
5- نهج البلاغة ص 311 في خ 104
6- فصّلت:15
7- نهج البلاغة ص 344 في خ 110

أقول:

بهذا المعنى في نهج البلاغة جملات كثيرة.

17-و قال عليه السّلام: . . . و من كان له من نفسه واعظ كان عليه من اللّه حافظ. (1)

أقول:

في البحار ج 41 ص 133 عنه عليه السّلام (في خبر طويل) قال: ألا و إنّه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من اللّه حافظ.

18-و قال عليه السّلام و قد سمع رجلا يذمّ الدنيا: . . . إنّ الدنيا دار صدق لمن صدقها، و دار عافية لمن فهم عنها، و دار غنى لمن تزوّد منها، و دار موعظة لمن اتّعظ بها. . . (2)

19-و قال عليه السّلام لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل، و يرجّي التوبة بطول الأمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، و يعمل فيها بعمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، و إن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما اوتي، و يبتغي الزيادة فيما بقي، ينهى و لا ينتهي، و يأمر بما لا يأتي.

يحبّ الصالحين و لا يعمل عملهم و يبغض المذنبين و هو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، و يقيم على ما يكره الموت له، إن سقم ظلّ نادما، و إن صحّ أمن لاهيا، يعجب بنفسه إذا عوفي، و يقنط إذا ابتلي، إن أصابه بلاء دعا مضطرّا، و إن ناله رخاء أعرض مغترّا، تغلبه نفسه على ما يظنّ، و لا يغلبها على ما يستيقن، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه، و يرجو لنفسه بأكثر من عمله، إن استغنى بطر و فتن، و إن افتقر قنط و وهن، يقصّر إذا عمل، و يبالغ إذا سأل،

ص:259


1- -نهج البلاغة ص 1126 ح 86
2- نهج البلاغة ص 1148 ح 126

إن عرضت له شهوة أسلف المعصية، و سوّف التوبة، و إن عرته محنة انفرج عن شرائط الملّة، يصف العبرة و لا يعتبر، و يبالغ في الموعظة و لا يتّعظ، فهو بالقول مدلّ، و من العمل مقلّ، ينافس فيما يفنى، و يسامح فيما يبقى، يرى الغنم مغرما و الغرم مغنما، يخشى الموت و لا يبادر الفوت.

يستعظم من معصية غيره ما يستقلّ أكثر منه من نفسه، و يستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره، فهو على الناس طاعن، و لنفسه مداهن، اللغو مع الأغنياء أحبّ إليه من الذكر مع الفقراء، يحكم على غيره لنفسه، و لا يحكم عليها لغيره، و يرشد غيره و يغوي نفسه، فهو يطاع و يعصي و يستوفي و لا يوفي، و يخشى الخلق في غير ربّه، و لا يخشى ربّه في خلقه.

قال رحمه اللّه: و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة، و حكمة بالغة، و بصيرة لمبصر، و عبرة لناظر مفكّر. (1)

بيان:

«أسلف» : قدم. «عرته محنة» : عرضت له مصيبة و نزلت به. «انفرج عنها» : أي انخلع و بعد. «مدلّ» يقال: أدلّ على أقرانه، أي استعلى عليهم.

20-و قال عليه السّلام: بينكم و بين الموعظة حجاب من [الغفلة و]الغرّة. (2)

بيان:

«الغرّة» : الغفلة.

21-و قال عليه السّلام: لم يذهب من مالك ما وعظك. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مررت ليلة اسري بي على اناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء خطباء

ص:260


1- -نهج البلاغة ص 1159 ح 142
2- نهج البلاغة ص 1223 ح 274- الغرر ج 1 ص 345 ف 21 ح 29
3- نهج البلاغة ص 1176 ح 187

من أهل الدنيا، ممّن كانوا يأمرون الناس بالبرّ و ينسون أنفسهم. (1)

23-عن المفضّل عن الصادق عليه السّلام قال: من لم يكن له واعظ من قلبه، و زاجر من نفسه، و لم يكن له قرين مرشد استمكن عدوّه من عنقه. (2)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . اتّعظ بغيرك و لا تكن متّعظا بك. . . (3)

25-عن الصادق عليه السّلام قال: . . . بينا موسى بن عمران يعظ أصحابه إذ قام رجل فشقّ قميصه، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، قل له: لا تشقّ قميصك و لكن اشرح لي عن قلبك. . . (4)

26-كتب هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: عظني و أوجز، فكتب إليه: ما من شيء تراه عينيك إلاّ و فيه موعظة. (5)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الأدب، العلم، الحسرات و. . .

و مرّ في باب الأخوّة ف 2 عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أحبّ إخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي.

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المواعظ حيات القلوب. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 373)

الاعتبار يثمر العصمة. (ص 30 ح 929)

الموعظة نصيحة شافية. (ص 32 ح 968)

ص:261


1- -البحار ج 72 ص 223 باب من وصف عدلا ثمّ خالفه ( مجمع البيان ج 1 ص 98 البقرة:44)
2- البحار ج 74 ص 187 باب من ينبغي مجالسته ح 8
3- البحار ج 78 ص 91
4- البحار ج 78 ص 226
5- البحار ج 78 ص 319 ح 2

الاعتبار يفيد الرشاد. (ص 35 ح 1079)

المواعظ كهف لمن وعاها. (ص 37 ح 1169)

المواعظ شفاء لمن عمل بها. (ص 40 ح 1213)

العاقل من وعظته التجارب. (ص 41 ح 1233)

الوعظ النافع ما ردع. (ص 42 ح 1261)

العاقل من اتّعظ بغيره. (ص 46 ح 1330)

المواعظ صقال النفوس و جلاء القلوب. (ص 49 ح 1399)

المؤمن إذا وعظ ازدجر، و إذا حذّر حذر، و إذا عبّر اعتبر، و إذا ذكّر ذكر، و إذا ظلم غفر. (ص 93 ح 2098)

أنفع المواعظ ما ردع. (ص 183 ف 8 ح 170)

أبلغ العظات الاعتبار بمصارع الأموات. (ص 191 ح 302)

أبلغ العظات النظر إلى مصارع الأموات، و الاعتبار بمصائر الآباء و الأمّهات.

(ص 213 ح 536)

أبلغ ناصح لك الدنيا، لو انتصحت بما تريك من تغاير الحالات و تؤذنك به من البين و الشتات. (ح 537)

إنّ في كلّ شيء موعظة و عبرة لذوي اللبّ و الاعتبار. (ص 222 ف 9 ح 84)

إنّ الوعظ الذي لا يمجّه سمع و لا يعدله نفع: ما سكت عنه لسان القول، و نطق به لسان الفعل. (ص 232 ح 162)

إنّ الغاية القيامة، و كفى بذلك واعظا لمن عقل، و معتبرا لمن جهل، و بعد ذلك ما تعلمون من هول المطّلع و روعات الفزع و استكاك الأسماع و اختلاف الأضلاع و ضيق الأرماس و شدّة الإبلاس. (ص 250 ح 254)

إذا أحبّ اللّه عبدا وعظه بالعبر. (ص 312 ف 17 ح 59)

بالمواعظ تنجلي الغفلة. (ص 330 ف 18 ح 13)

ص:262

ثمرة الوعظ الانتباه. (ص 358 ف 23 ح 3)

خير المواعظ ما ردع. (ص 387 ف 29 ح 6)

خير ما جرّبت ما وعظك. (ص 388 ح 15)

ربّ آمر غير مؤتمر-ربّ زاجر غير مزدجر. (ص 419 ف 35 ح 92 و 93)

ربّ واعظ غير مرتدع. (ح 94)

غير منتفع بالعظات قلب متعلّق بالشهوات. (ص 507 ف 57 ح 26)

في تصاريف الدنيا اعتبار. (ج 2 ص 511 ف 58 ح 9)

في كلّ نظرة عبرة. (ص 512 ح 15)

في كلّ تجربة موعظة-في كلّ اعتبار استبصار. (ح 16 و 17)

في المواعظ جلاء الصدور. (ص 514 ح 67)

في تعاقب الأيّام معتبر للأنام. (ص 515 ح 77)

فطنة المواعظ تدعو إلى الحذر. (ص 518 ف 59 ح 37)

فاتّعظوا بالعبر، و انتفعوا بالنذر. (ح 38)

فتفكّروا أيّها الناس، و تبصّروا و اعتبروا، و اتّعظوا، و تزوّدوا للآخرة، تسعدوا. (ص 520 ح 62)

فيا لها مواعظ شافية لو صادفت قلوبا زاكية و أسماعا واعية و آراء عازمة.

(ح 63)

قد نصح من وعظ. (ص 529 ف 60 ح 59)

قد تيقّظ من اتّعظ-قد اعتبر بالباقي من اعتبر بالماضي. (ح 60 و 64)

كفى عظة لذوي الألباب ما جرّبوا. (ص 559 ف 65 ح 52)

للكيّس في كلّ شيء اتّعاظ. (ص 581 ف 71 ح 21)

من وعظك فلا توحشه. (ص 619 ف 77 ح 186)

من وعظك أحسن إليك. (ص 624 ح 279)

ص:263

من كثر اعتباره قلّ عثاره. (ص 631 ح 401)

من اتّعظ بالعبر ارتدع. (ص 648 ح 651)

من لم يتّعظ بالناس وعظ اللّه الناس به. (ص 696 ح 1269)

من فهم مواعظ الزمان لم يسكن إلى حسن الظنّ بالأيّام. (ص 697 ح 1276)

من لم يكن أملك شيء به عقله لم ينتفع بموعظة. (ص 702 ح 1330)

من لم يعنه اللّه سبحانه على نفسه لم ينتفع بموعظة واعظ. (ص 704 ح 1348)

من لم يعتبر بغير الدنيا و صروفها لم ينجع فيه المواعظ. (ح 1349)

نعم الهديّة الموعظة. (ص 770 ف 81 ح 5)

ص:264

189- الوفاء بالوعد و العهد

الآيات

1- أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ . (1)

2- . . . وَ اَلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا. . . (2)

3- وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ اَلْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا . (3)

4- قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ . (4)

5- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ . (5)

6- وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ . (6)

ص:265


1- -البقرة:100
2- البقرة:177
3- مريم:54
4- المؤمنون:1 و 8
5- الصفّ:2 و 3
6- المعارج:32

الأخبار

1-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عدة المؤمن أخاه نذر لا كفّارة له، فمن أخلف فبخلف اللّه بدأ و لمقته تعرّض، و ذلك قوله:

يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ . (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 22: «نذر» : أي كالنذر في جعله على نفسه أو في لزوم الوفاء به و هو أظهر، و عدم الكفّارة: الظاهر أنّه للتغليظ كاليمين الغموس (أي الكاذبة) أو للتخفيف و هو بعيد. «لمقته» : أي غضبه سبحانه.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان يومن باللّه و اليوم الآخر فليف إذا وعد. (2)

3-عن يزيد الصائغ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل على هذا الأمر، إن حدّث كذب، و إن وعد أخلف، و إن ائتمن خان. ما منزلته؟ قال: هي أدنى المنازل من الكفر و ليس بكافر. (3)

4-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ثلاث من كنّ فيه كان منافقا و إن صام و صلّى و زعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف. . . (4)

ص:266


1- -الكافي ج 2 ص 270 باب خلف الوعد ح 1
2- الكافي ج 2 ص 270 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 220 باب أصول الكفر ح 5
4- الكافي ج 2 ص 221 ح 8

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب النفاق.

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثلاث لم يجعل اللّه عزّ و جلّ لأحد فيهنّ رخصة:

أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبرّ و الفاجر، و برّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين. (1)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّما سمّي إسماعيل صادق الوعد لأنّه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة، فسمّاه اللّه عزّ و جلّ صادق الوعد.

ثمّ قال: إنّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل: ما زلت منتظرا لك. (2)

7-عن أبي مالك قال: قلت لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: أخبرني بجميع شرايع الدين، قال: قول الحقّ، و الحكم بالعدل، و الوفاء بالعهد. (3)

بيان:

«الوفاء بالعهد» في المرآة ج 7 ص 273، الوفاء: هو العمل بعهود اللّه تعالى من التكاليف الشرعيّة و ما عاهد اللّه تعالى عليه و ألزم على نفسه من الطاعات، و الوفاء ببيعة النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام، و الوفاء بعهود الخلق ما لم تكن في معصية.

8-عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من عامل الناس فلم يظلمهم، و حدّثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم، فهو ممّن كملت مروءته، و ظهرت عدالته، و وجبت اخوّته، و حرمت غيبته. (4)

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: أربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه

ص:267


1- -الكافي ج 2 ص 129 باب البرّ بالوالدين ح 15-و بمدلوله في الخصال ج 1 ص 123 و ص 128 باب الثلاثة ح 118 و 129
2- الكافي ج 2 ص 86 باب الصدق ح 7
3- الخصال ج 1 ص 113 باب الثلاثة ح 90
4- الخصال ج 1 ص 208 باب الأربعة ح 28(العيون ج 2 ص 29 ب 31 ح 34)

و يكافيك بالإحسان إليه إساءة، و رجل لا تبغي عليه و هو يبغي عليك، و رجل عاهدته على أمر، فمن أمرك الوفاء له و من أمره الغدر بك، و رجل يصل قرابته و يقطعونه. (1)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عن عليّ بن الحسين عليهم السّلام قال: أربع من كنّ فيه كمل إسلامه و محصت عنه ذنوبه و لقي ربّه عزّ و جلّ و هو عنه راض:

من وفى للّه عزّ و جلّ بما يجعل على نفسه للناس، و صدّق لسانه مع الناس، و استحيى من كلّ قبيح عند اللّه و عند الناس، و حسن خلقه مع أهله. (2)

بيان:

«محصت عنه» يقال: محص اللّه عن فلان ذنوبه أي نقصها و طهّره منها.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تقبّلوا لي بستّ أتقبّل لكم بالجنّة: إذا حدّثتم فلا تكذبوا، و إذا وعدتم فلا تخلفوا، و إذا ائتمنتم فلا تخونوا، و غضّوا أبصاركم، و احفظوا فروجكم، و كفّوا أيديكم و ألسنتكم. (3)

12-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقربكم غدا منّي في الموقف أصدقكم للحديث، و أدّاكم للأمانة، و أوفاكم بالعهد، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (4)

13-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وعد رجلا إلى صخرة، فقال: أنا لك ههنا حتّى تأتي، قال: فاشتدّت الشمس عليه، فقال أصحابه: يا رسول اللّه، لو أنّك تحوّلت إلى الظلّ، قال:

ص:268


1- -الخصال ج 1 ص 230 ح 71-و نظيره ح 72 في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام
2- الخصال ج 1 ص 222 ح 50
3- الخصال ج 1 ص 321 باب الستّة ح 5
4- البحار ج 75 ص 94 باب لزوم الوفاء بالوعد ح 12

قد وعدته إلى ههنا و إن لم يجئ كان منه المحشر. (1)

14-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا دين لمن لا عهد له. (2)

15-قال الرضا عليه السّلام: إنّا أهل بيت نرى ما وعدنا علينا دينا، كما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (3)

16-في مواعظ الحسن بن عليّ عليهما السّلام: الوعد مرض في الجود، و الإنجاز دواؤه. (4)

أقول:

سيأتي عن الغرر: «الوعد مرض و البرء إنجازه» و المعنى أنّ كثرة الوعدة تكون مرضا و دواؤه يوجد في الوفاء، فإذا و فى بوعده و رأى صعوبة الوفاء فلا يعد.

17-في مواعظ الصادق عليه السّلام قال عليه السّلام للمفضّل: أوصيك بستّ خصال تبلّغهنّ شيعتي: . . . و لا تعدنّ أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه. (5)

18-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الوفاء توأم الصدق، و لا أعلم جنّة أوقى منه، و لا يغدر من علم كيف المرجع. و لقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا، و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم؟ قاتلهم اللّه! . . . (6)

19-في عهده عليه السّلام إلى مالك: و إيّاك و المنّ على رعيّتك بإحسانك،

ص:269


1- -البحار ج 75 ص 95 ح 13
2- البحار ج 75 ص 96 ح 20
3- البحار ج 75 ص 97 ح 22
4- البحار ج 78 ص 113
5- البحار ج 78 ص 250
6- نهج البلاغة ص 126 خ 41

أو التزيّد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك، فإنّ المنّ يبطل الإحسان، و التزيّد يذهب بنور الحقّ، و الخلف يوجب المقت عند اللّه و الناس، قال اللّه تعالى: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ . (1)

بيان:

«التزيّد» : إظهار الزيادة في الأعمال عن الواقع منها في معرض الافتخار.

20-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الوفاء توأم الصدق. (الغرر ج 1 ص 13 ف 1 ح 325)

المروّة إنجاز الوعد. (ص 29 ح 895)

الوعد مرض و البرء إنجازه. (ص 38 ح 1177)

الوفاء عنوان وفور الدين و قوّة الأمانة. (ص 53 ح 1469)

الكريم إذا وعد وفى، و إذا تواعد عفى. (ص 58 ح 1565)

اللئيم إذا قدر أفحش و إذا وعد أخلف. (ح 1566)

الوعد أحد الرقّين-إنجاز الوعد أحد العتقين. (ص 64 ح 1687 و 1688)

أصل الدين أداء الأمانة و الوفاء بالعهود. (ص 70 ح 1788)

الوفاء توأم الأمانة و زين الأخوّة. (ص 77 ح 1887)

العقل أنّك تقتصد فلا تسرف، و تعد فلا تخلف، و إذا غضبت حلمت.

(ص 99 ح 2152)

النبل (2)التحلّي بالجود و الوفاء بالعهود. (ص 103 ح 2175)

أفضل الأمانة الوفاء بالعهد. (ص 184 ف 8 ح 192)

أفضل الصدق الوفاء بالعهود. (ح 194)

ص:270


1- -نهج البلاغة ص 1031 في ر 53-صبحي ص 444
2- أي الفضل و النجابة

أحسن الصدق الوفاء بالعهد. (ص 209 ح 501)

إنّ حسن العهد من الإيمان. (ص 215 ف 9 ح 4)

إنّ الوفاء توأم الصدق، و ما أعرف جنّة أوقى منه. (ص 228 ح 134)

إنّ العهود قلائد في الأعناق إلى يوم القيامة، فمن وصلها وصله اللّه فمن نقضها خذله اللّه، و من استخفّ بها خاصمته إلى الذي أكّدها و أخذ خلقه بحفظها.

(ص 254 ح 274)

آفة العهد قلّة الرعاية. (ص 307 ف 16 ح 32)

آفة الوفاء الغدر. (ص 308 ح 46)

بالصدق و الوفاء تكمل المروءة لأهلها. (ص 335 ف 18 ح 129)

بحسن الوفاء يعرف الأبرار. (ص 337 ح 153)

سنّة الكرام الوفاء بالعهود. (ص 432 ف 39 ح 7)

من وفى بعهده أعرب (1)عن كرمه. (ج 2 ص 646 ف 77 ح 624)

من حفظ عهده كان وفيّا. (ح 629)

من الكرم الوفاء بالذمم. (ص 725 ف 78 ح 19)

من المروّة أن تقصد فلا تسرف و تعد فلا تخلف. (ص 734 ح 140)

من أشرف الشيم الوفاء بالذمم. (ح 142)

من أفضل الإسلام الوفاء بالذمام. (ح 147)

ما أنجز الوعد من مطل به. (ص 740 ف 79 ح 81)

ما أيقن باللّه سبحانه من لم يرع عهوده و ذممه. (ص 743 ح 125)

ملاك الوعد إنجازه. (ص 757 ف 80 ح 5)

وعد الكريم نقد و تعجيل. (ص 780 ف 83 ح 1)

ص:271


1- -أعرب الشيء: أبانه

وعد اللئيم تسويف و تعليل (تعطيل ف ك) . (ح 2)

لا تثقنّ بعهد من لا دين له. (ص 800 ف 85 ح 14)

لا تعد ما تعجز عن الوفاء. (ص 801 ح 28)

لا تضمن ما لا تقدر على الوفاء به. (ح 29)

لا تعتمد على مودّة من لا يوفي بعهده. (ص 805 ح 98)

لا تغدرنّ بعهدك و لا تحقرنّ ذمّتك و لا تختل عدوّك، فقد جعل اللّه سبحانه عهده و ذمّته أمنا له. (ص 818 ح 218)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الشيطان و المكر.

ص:272

190- التقوى

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضلها

الآيات

1- . . . وَ اِتَّقُوا اَللّهَ وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ مَعَ اَلْمُتَّقِينَ . (1)

2- . . . وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ اَلزّادِ اَلتَّقْوى وَ اِتَّقُونِ يا أُولِي اَلْأَلْبابِ . (2)

3- وَ إِذا قِيلَ لَهُ اِتَّقِ اَللّهَ أَخَذَتْهُ اَلْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ اَلْمِهادُ . (3)

4- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . (4)

5- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اَللّهَ بِما يَعْمَلُونَ

ص:273


1- -البقرة:194 و نظيرها في التوبة:123
2- البقرة:197
3- البقرة:206
4- آل عمران:102

مُحِيطٌ . (1)

6- . . . وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (2)

7- . . . وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ . (3)

8- لكِنِ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اَللّهِ وَ ما عِنْدَ اَللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ . (4)

9- . . . إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ . (5)

10- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ اِبْتَغُوا إِلَيْهِ اَلْوَسِيلَةَ وَ جاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . (6)

11- . . . وَ لِباسُ اَلتَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ، ذلِكَ مِنْ آياتِ اَللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . (7)

12- وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ اَلْقُرى آمَنُوا وَ اِتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ . (8)

13- قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اِسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَ اِصْبِرُوا إِنَّ اَلْأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . (9)

14- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ

ص:274


1- -آل عمران:120
2- آل عمران:179
3- آل عمران:186
4- آل عمران:198
5- المائدة:27
6- المائدة:35
7- الأعراف:26
8- الأعراف:96
9- الأعراف:128

مُبْصِرُونَ . (1)

15- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اَللّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ . (2)

16- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ فِي اَلْآخِرَةِ. . . (3)

17- مَثَلُ اَلْجَنَّةِ اَلَّتِي وُعِدَ اَلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ عُقْبَى اَلْكافِرِينَ اَلنّارُ . (4)

18- إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ اَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ . (5)

19- وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا- ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ نَذَرُ اَلظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا . (6)

20- يَوْمَ نَحْشُرُ اَلْمُتَّقِينَ إِلَى اَلرَّحْمنِ وَفْداً- وَ نَسُوقُ اَلْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً . (7)

21- وَ اَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اِجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً . (8)

22- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً- يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ

ص:275


1- -الأعراف:201
2- الأنفال:29
3- يونس:63 و 64
4- الرعد:35
5- النحل:128
6- مريم:71 و 72
7- مريم:85 و 86
8- الفرقان:74

وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً . (1)

23- هذا ذِكْرٌ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ - جَنّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ اَلْأَبْوابُ . (2)

24- إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ - فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ . (3)

25- . . . وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ . (4)

26- مَثَلُ اَلْجَنَّةِ اَلَّتِي وُعِدَ اَلْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ . . . وَ اَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ . (5)

27- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اَللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . (6)

28- إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ نَهَرٍ- فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ . (7)

29- فَاتَّقُوا اَللّهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ وَ اِسْمَعُوا وَ أَطِيعُوا وَ أَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ. . . (8)

30- . . . وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ . . .

وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً -. . . وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَ يُعْظِمْ لَهُ أَجْراً . (9)

ص:276


1- -الأحزاب:70 و 71
2- ص:49 و 50
3- الدخان:51 و 52
4- الجاثية:19
5- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:15 إلى 17
6- الحجرات:13
7- القمر:54 و 55
8- التغابن:16
9- الطلاق:2 إلى 5

31- إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً- حَدائِقَ وَ أَعْناباً . الآيات. (1)

أقول:

اعلم أنّ الآيات حول التقوى كثيرة، ذكرنا شطرا منها، و أنّ جميع خيرات الدنيا و الآخرة جمعت في كلمة واحدة و هي التقوى؛ ها هو القرآن، كم من خير و ثواب و سعادة و كرامة أدارها القرآن مدار التقوى، نذكر عدّة منها:

1-الفرقان: إِنْ تَتَّقُوا اَللّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ .

2-خير الزاد: فَإِنَّ خَيْرَ اَلزّادِ اَلتَّقْوى .

3-الثناء عليها: وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ اَلْأُمُورِ .

4-الحفظ و الحراسة من الأعداء و الماكرين: وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً .

5-التأييد و النصر: إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا .

6-النجاة من النار: ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا .

7-الخلود في الجنّة: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .

8-النجاة من الشدائد و الرزق الحلال: وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ .

9-غفران الذنب: وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .

10-إصلاح العمل: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً- يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ .

11-محبّة اللّه تعالى: فَإِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَّقِينَ .

12-الإكرام و الإعزاز: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّهِ أَتْقاكُمْ .

ص:277


1- -النبأ:31 إلى 36

13-قبول الأعمال: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ .

14-البشارة عند الموت: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ فِي اَلْآخِرَةِ .

15-نزول البركات: لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ .

16-تيسير الحساب: وَ ما عَلَى اَلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ .

و لأجل الحصول على تلك الخصال قال اللّه تعالى: . . . وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ إِيّاكُمْ أَنِ اِتَّقُوا اَللّهَ. . . (1).

الأخبار

1-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يقول: لا يقلّ عمل مع تقوى و كيف يقلّ ما يتقبّل. (2)

بيان:

«التقوى» : قال في المصباح: وقاه اللّه السوء يقيه وقاية بالكسر: حفظه. . . و التقيّة و التقوى اسم منه، و التاء مبدلة من واو، و الأصل و قوى. . .

و قال في المفردات: الوقاية: حفظ الشيء ممّا يؤذيه و يضرّه. . . و التقوى: جعل النفس في وقاية ممّا يخاف، هذا تحقيقه، ثمّ يسمّى الخوف تارة تقوى، و التقوى خوفا حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه و المقتضي بمقتضاه، و صار التقوى في تعارف الشرع: حفظ النفس عمّا يؤثم، و ذلك بترك المحظور، و يتمّ ذلك بترك بعض المباحات، لما روي: «الحلال بيّن، و الحرام بيّن، و من رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه» . . .

ص:278


1- -النساء:131
2- الكافي ج 2 ص 61 باب الطاعة و التقوى ح 5

و في المرآة ج 7 ص 325 و البحار ج 70 ص 136 باب اليقين، «التقوى» :

من الوقاية و هي في اللغة فرط الصيانة، و في العرف صيانة النفس عمّا يضرّها في الآخرة، و قصرها على ما ينفعها فيها، و لها ثلاث مراتب: الأولى؛ وقاية النفس عن العذاب المخلّد، بتصحيح العقائد الإيمانيّة، و الثانية؛ التجنّب عن كلّ ما يؤثم من فعل أو ترك و هو المعروف عند أهل الشرع، و الثالثة؛ التوقّي عن كلّ ما يشغل القلب عن الحقّ، و هذه درجة الخواصّ، بل خاصّ الخاصّ.

و في سفينة البحار ج 2 ص 678: حكي عن بعض الناسكين أنّه قال له رجل: صف لنا التقوى؟ فقال: إذا دخلت أرضا فيها شوك كيف كنت تعمل؟ فقال: أتوقّى و أتحرّز، قال: فافعل في الدنيا كذلك، فهي التقوى.

أقول: و هذا مأخوذ من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام فإنّه قال: اجعل الدنيا شوكا و انظر أين تضع قدمك منها. . . (الإثنى عشرية ص 434 ب 12 ف 7)

و في عدّة الداعي ص 293: اعلم أنّ التقوى شطران: شطر الاكتساب و شطر الاجتناب، و الاكتساب فعل الطاعات، و الاجتناب ترك المنهيات، و شطر الاجتناب أسلم و أصلح للعبد و أهمّ عليه من شطر الاكتساب، لأنّ الاجتناب يفيد مع حصوله، و يزكو معه ما يحصل من شطر الاكتساب و إنّ قلّ. . . و شطر الاكتساب لا ينفع مع تضييع شطر الاجتناب. . .

أقول: بهذا يفرق بين الورع و التقوى، لأنّ الورع كفّ عن المحرّمات و الشبهات فقطّ كما مرّ في بابه، و أمّا التقوى كفّ و اكتساب للطاعات و الفضائل و الدرجات و المقامات، و يدّل على ذلك أخبار الباب.

فما قيل: من أنّ التقوى و الورع مترادفان لا يكون صحيحا.

و معلوم أنّ التقوى أمر قلبيّ، و تظهر آثاره في الأعمال كما يدلّ عليه الأخبار.

و لا يخفى أنّ التقوى كما قيل يحصل بأحد امور ثلاثة: الخوف و الرجاء و الحبّ، قال اللّه تعالى: وَ فِي اَلْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اَللّهِ وَ رِضْوانٌ وَ مَا اَلْحَياةُ

ص:279

اَلدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ اَلْغُرُورِ (1).

فعلى المؤمن أن يتنبّه لحقيقة الدنيا و هي أنّها متاع الغرور، و عليه أن لا يجعلها غاية لأعماله، و أن يعلم أنّ له ورائها دارا فيها ينال غاية أعماله؛ و هي عذاب شديد للسيّئات يجب أن يخافه، و مغفرة من اللّه يجب أن يرجوها، و طباع الناس مختلفة، فبعضهم و هو الغالب يغلب على نفسه الخوف و يساق بذلك إلى عبادته تعالى خوفا من عذابه.

و بعضهم يغلب على نفسه الرجاء و كلّما فكّر فيما وعده اللّه من النعمة و الكرامة زاد رجاءه و بالغ في التقوى و الالتزام بالأعمال الصالحة.

و طائفة ثالثة و هم العلماء باللّه لا يعبدون خوفا من عقابه و لا طمعا في ثوابه و إنّما يعبدونه لأنّه أهل للعبادة، و ذلك لأنّهم عرفوه بما يليق به من الأسماء الحسنى و الصفات العليا، فهم يعبدون اللّه و لا يريدون إلاّ وجهه و لا يلتفتون فيها إلى عقاب يخوّفهم و لا إلى ثواب يرجيهم.

2-عن مفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فذكرنا الأعمال فقلت أنا: ما أضعف عملي، فقال: مه، استغفر اللّه، ثمّ قال لي: إنّ قليل العمل مع التقوى خير من كثير العمل بلا تقوى، قلت: كيف يكون كثير بلا تقوى؟ قال:

نعم مثل الرجل يطعم طعامه و يرفق جيرانه و يوطّئ رحله، فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه، فهذا العمل بلا تقوى، و يكون الآخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه. (2)

بيان:

«يوطّئ رحله» : كناية عن كثرة الضيافة و قضاء حوائج الناس بكثرة الواردين

ص:280


1- -الحديد:20
2- الكافي ج 2 ص 61 ح 7

إلى منزله.

3-عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما نقل اللّه عزّ و جلّ عبدا من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى، إلاّ أغناه من غير مال، و أعزّه من غير عشيرة، و آنسه من غير بشر. (1)

4-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّما عبد أقبل قبل ما يحبّ اللّه عزّ و جلّ أقبل اللّه قبل ما يحبّ، و من اعتصم باللّه عصمه اللّه، و من أقبل اللّه قبله و عصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض، أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بليّة، كان في حزب اللّه بالتقوى من كلّ بليّة، أ ليس اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (2)؟ (3)

بيان:

«أقبل قبل» في القاموس: أقبل قبلك: أقصد قصدك. . . و لي قبله: أي عنده انتهى.

و المراد إقبال العبد نحو ما يحبّه اللّه، و كون ذلك مقصوده دائما.

«في حزب اللّه» الصحيح كما في العدّة ص 288: "في حرز اللّه".

5-كتب أبو جعفر عليه السّلام إلى سعد الخير: بسم اللّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فإنّي أوصيك بتقوى اللّه، فإنّ فيها السلامة من التلف، و الغنيمة في المنقلب، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقي (نفى ف ن) بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله، و يجلي بالتقوى عنه عماه و جهله، و بالتقوى نجا نوح و من معه في السفينة، و صالح و من معه من الصاعقة، و بالتقوى فاز الصابرون، و نجت تلك العصب من المهالك، و لهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة. . . (4)

ص:281


1- -الكافي ج 2 ص 61 ح 8
2- الدخان:51
3- الكافي ج 2 ص 53 باب التفويض إلى اللّه ح 4
4- الكافي ج 8 ص 52 ح 16

بيان:

«عزب عنه عقله» : أي بعد عن إدراكه. في المرآة، «العصب» : جمع عصبة، و هي من الرجال و الخيل و الطير ما بين العشرة إلى الأربعين.

6-قال عليه السّلام: أصل الدين الورع، كن ورعا تكن أعبد الناس، كن بالعمل بالتقوى أشدّ اهتماما منك بالعمل بغيره، فإنّه لا يقلّ عمل بالتقوى و كيف يقلّ عمل يتقبّل؟ لقول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ فكان التقوى مدار قبول العمل. (1)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في جوابه إلى رجل من أصحابه: أمّا بعد؛ فإنّي أوصيك بتقوى اللّه عزّ و جلّ، فإنّ اللّه قد ضمن لمن اتّقاه أن يحوله عمّا يكره إلى ما يحبّ، و يرزقه من حيث لا يحتسب، إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يخدع عن جنبه (جنّته ب) ، و لا ينال ما عنده إلاّ بطاعته. (2)

8-عن الرضا عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أكثر ما يدخل به الجنّة؟ قال: تقوى اللّه و حسن الخلق. (3)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : ليس لأحد على أحد فضل إلاّ بالتقوى، ألا و إنّ للمتّقين عند اللّه أفضل الثواب و أحسن الجزاء و المآب. (4)

10-عن عبد اللّه بن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: يا بن مسعود، اتّق اللّه في السرّ و العلانية، و البرّ و البحر، و الليل و النهار، فإنّه يقول: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ. . . (5). 6

ص:282


1- -عدّة الداعي ص 284
2- عدّة الداعي ص 287
3- الوسائل ج 12 ص 153 ب 104 من العشرة ح 23
4- المستدرك ج 11 ص 265 ب 20 من جهاد النفس ح 10
5- المجادلة:7

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: التقوى إجلال اللّه، و توقير المؤمنين. . .

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّي لأعرف آية، لو أخذ بها الناس لكفاهم، ثمّ قرء:

وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ و قال: إنّما سمّي المتّقون المتّقين، لتركهم عمّا لا بأس به حذرا ممّا به البأس. (1)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اعلموا عباد اللّه؛ أنّ التقوى دار حصن عزيز، و الفجور دار حصن ذليل، لا يمنع أهله، و لا يحرز من لجأ إليه، ألا و بالتقوى تقطع حمة الخطايا، و باليقين تدرك الغاية القصوى. (2)

بيان:

«الحمة» في الأصل: إبرة الزنبور و العقرب و نحوها تلسع بها، و المراد هنا سطوة الخطايا على النفس.

13-و قال عليه السّلام: و اعلموا أنّه من يتّق اللّه يجعل له مخرجا من الفتن، و نورا من الظلم، و يخلّده فيما اشتهت نفسه، و ينزله منزلة الكرامة عنده، في دار اصطنعها لنفسه: ظلّها عرشه، و نورها بهجته، و زوّارها ملائكته، و رفقاؤها رسله. (3)

14-و قال عليه السّلام: أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، فإنّها الزّمام و القوام، فتمسّكوا بوثائقها، و اعتصموا بحقائقها، تؤل بكم إلى أكنان الدعة، و أوطان السعة، و معاقل الحرز، و منازل العزّ، في يوم تشخص فيه الأبصار. (4)

بيان:

«الكنّ» : جمع أكنان: ما يستكنّ به. «الدعة» : سعة العيش. «المعاقل» : الحصون.

ص:283


1- المستدرك ج 11 ص 267 ح 18
2- نهج البلاغة ص 494 في خ 156
3- نهج البلاغة ص 602 في خ 182
4- نهج البلاغة ص 629 في خ 186-صبحي ص 309 خ 195

«الحرز» : الحفظ.

15-و قال عليه السّلام: أمّا بعد، فأوصيكم بتقوى اللّه الذي ابتدء خلقكم، و إليه يكون معادكم، و به نجاح طلبتكم، و إليه منتهى رغبتكم، و نحوه قصد سبيلكم، و إليه مرامي مفزعكم، فإنّ تقوى اللّه دواء داء قلوبكم، و بصر عمى أفئدتكم، و شفاء مرض أجسادكم، و صلاح فساد صدوركم، و طهور دنس أنفسكم، و جلاء غشاء أبصاركم، و أمن فزع جأشكم، و ضياء سواد ظلمتكم. (1)

بيان:

«إليه مرامي مفزعكم» : أي إليه ملجأ خوفكم. «الغشاء» : الغطاء. «الجأش» :

ما يضطرب في القلب عند الفزع، أو التهيّب، أو توقّع المكروه.

16-و قال عليه السّلام: فإنّ تقوى اللّه مفتاح سداد، و ذخيرة معاد، و عتق من كلّ ملكة، و نجاة من كلّ هلكة، بها ينجح الطالب، و ينجو الهارب، و تنال الرغائب. . . (2)

17-و قال عليه السّلام: أوصيكم-عباد اللّه-بتقوى اللّه، فإنّها حقّ اللّه عليكم، و الموجبة على اللّه حقّكم، و أن تستعينوا عليها باللّه، و تستعينوا بها على اللّه، فإنّ التقوى في اليوم الحرز و الجنّة، و في غد الطريق إلى الجنّة، مسلكها واضح، و سالكها رابح، و مستودعها حافظ. (3)

18-في عهده إلى محمّد بن أبي بكر: . . . و اعلموا-عباد اللّه-أنّ المتّقين ذهبوا بعاجل الدنيا و آجل الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، و لم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، و أكلوها بأفضل ما اكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون، و أخذوا منها ما أخذه الجبابرة

ص:284


1- -نهج البلاغة ص 635 في خ 189-صبحي ص 312 خ 198
2- نهج البلاغة ص 723 خ 221- صبحي ص 351 خ 230
3- نهج البلاغة ص 770 في خ 233-صبحي ص 284 خ 191

المتكبّرون، ثمّ انقلبوا عنها بالزاد المبلّغ، و المتجر الرابح: أصابوا لذّة زهد الدنيا في دنياهم، و تيقّنوا أنّهم جيران اللّه غدا في آخرتهم، لا تردّ لهم دعوة، و لا ينقص لهم نصيب من لذّة. . . (1)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في أمالي الطوسيّ ج 1 ص 24، و فيه: شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، فأكلوا معهم من طيّبات ما يأكلون، و شربوا من طيّبات ما يشربون، و لبسوا من أفضل ما يلبسون، و سكنوا من أفضل ما يسكنون، و تزوّجوا من أفضل ما يتزوّجون، و ركبوا من أفضل ما يركبون. . .

بيان: كأنّه أشار عليه السّلام أنّ التقوى لا تضرّ بدنياهم، فإنّ أهل التقوى متنعّمون بأفضل ما في الدنيا و الآخرة و أمّا غيرهم فحظّهم في الدنيا الحرص و الطمع و الأمل و الشغل الكثير و. . . و ما لهم في الآخرة من نصيب و لهم عذاب أليم.

19-و قال عليه السّلام: اتّق اللّه بعض التقى و إن قلّ، و اجعل بينك و بين اللّه سترا و إن رقّ. (2)

20-و قال عليه السّلام: التقى رئيس الأخلاق. (3)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ شيء معدن، و معدن التقوى قلوب العارفين. (4)

22-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، كن بالعمل بالتقوى أشدّ اهتماما منك بالعمل، فإنّه لا يقلّ عمل بالتقوى، و كيف يقلّ عمل يتقبّل؟ يقول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ .

يا أبا ذرّ، لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة

ص:285


1- -نهج البلاغة ص 886 في ر 27
2- نهج البلاغة ص 1194 ح 234
3- نهج البلاغة ص 1278 ح 402-و نظيره في الغرر ج 1 ص 27 ف 1 ح 801
4- مشكوة الأنوار ص 256 ب 6 ف 3

الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه و من أين مشربه و من أين ملبسه، أ من حلّ ذلك أم من حرام.

يا أبا ذرّ، من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال اللّه عزّ و جلّ من أين أدخله النار.

يا أبا ذرّ، من سّره أن يكون أكرم الناس فليتّق اللّه عزّ و جلّ.

يا أبا ذرّ، إنّ أحبّكم إلى اللّه جلّ ثناؤه أكثركم ذكرا له، و أكرمكم عند اللّه عزّ و جلّ أتقيكم له، و أنجاكم من عذاب اللّه أشدّكم له خوفا.

يا أبا ذرّ، إنّ المتّقين الذين يتّقون [اللّه عزّ و جلّ]من الشيء الذي لا يتّقي منه خوفا من الدخول في الشبهة. . . (1)

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تبارك و تعالى لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أموالكم (أقوالكم ف ن) و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم.

يا أبا ذرّ، التقوى ههنا، التقوى ههنا-و أشار إلى صدره-. (2)

و قال عليه السّلام: يا أبا ذرّ، اتّق اللّه و لا تري الناس أنّك تخشى اللّه فيكرموك و قلبك فاجر. (3)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اتّقى اللّه عاش قويّا و سار في بلاد عدوّه آمنا. (4)

24-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ السموات و الأرض كانتا رتقا على عبد ثمّ اتّقى اللّه، لجعل اللّه له منهما فرجا و مخرجا. (5)

25-و سئل الصادق عليه السّلام عن تفسير التقوى فقال: أن لا يفقدك اللّه حيث

ص:286


1- -البحار ج 77 ص 88
2- البحار ج 77 ص 90
3- البحار ج 77 ص 83
4- البحار ج 70 ص 283 باب الطاعة و التقوى ح 5
5- البحار ج 70 ص 285 ح 8

أمرك و لا يراك حيث نهاك. (1)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: القيامة عرس المتّقين. (2)

27-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: عليك بتقوى اللّه فإنّه رأس الأمر كلّه. (3)

28-عن إسحاق بن موسى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المتّقون سادة، و الفقهاء قادة، و الجلوس إليهم عبادة. (4)

29-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يكون أكرم الناس فليتّق اللّه، و من أحبّ أن يكون أتقى الناس فليتوكّل على اللّه. . . (5)

30-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يبعث اللّه يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطيّ، ثمّ يقال له: كن هباء منثورا، ثمّ قال: أما و اللّه يا أبا حمزة، إنّهم كانوا يصومون و يصلّون، و لكن كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه، و إذا ذكر لهم شيء من فضل أمير المؤمنين عليه السّلام أنكروه. و قال: و الهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوّة من شعاع الشمس. (6)

بيان:

«القبطيّة» : ج القباطيّ: ثياب من كتّان منسوبة إلى القبط.

و في المصباح، الكوّة تفتح و تضمّ: الثقبة في الحائط.

31-عن عليّ عليه السّلام و قد سئل عن التقوى؟ فقال عليه السّلام: هو أنّه لو وضع

ص:287


1- -البحار ج 70 ص 285 ح 8
2- البحار ج 70 ص 288 ح 18
3- البحار ج 70 ص 289 ح 21
4- البحار ج 70 ص 290 ح 25
5- البحار ج 70 ص 291 ح 30
6- البحار ج 70 ص 293 ح 35

عملك على طبق و لم يجعل عليه غطاء، و طيف به على أهل الدنيا لما كان فيه شيء تستحيي منه. (1)

32-قال الصادق عليه السّلام: اتّق اللّه و كن حيث شئت و من أيّ قوم شئت، فإنّه لا خلاف لأحد في التقوى، و التقوى محبوب عند كلّ فريق، و فيه اجتماع كلّ خير و رشد، و هو ميزان كلّ علم و حكمة، و أساس كلّ طاعة مقبولة، و التقوى ماء ينفجر من عين المعرفة باللّه تعالى، يحتاج إليه كلّ فنّ من العلم و هو لا يحتاج إلاّ إلى تصحيح المعرفة بالخمود تحت هيبة اللّه تعالى و سلطانه، و مزيد التقوى يكون من أصل اطّلاع اللّه عزّ و جلّ على سرّ العبد بلطفه، فهذا أصل كلّ حقّ.

و أمّا الباطل فهو ما يقطعك عن اللّه، متّفق عليه أيضا عند كلّ فريق، فاجتنب عنه و أفرد سرّك للّه تعالى بلا علاقة. . . (2)

33-قال الصادق عليه السّلام: التقوى على ثلاثة أوجه: تقوى باللّه و هو ترك الحلال فضلا عن الشبهة، و هو تقوى خاصّ الخاصّ، و تقوى من اللّه تعالى و هو ترك الشبهات فضلا عن الحرام و هو تقوى الخاصّ، و تقوى من خوف النار و العقاب و هو ترك الحرام و هو تقوى العامّ. . .

و تفسير التقوى؛ ترك ما ليس بأخذه بأس حذرا ممّا به البأس، و هو في الحقيقة طاعة بلا عصيان و ذكر بلا نسيان و علم بلا جهل مقبول غير مردود. (3)

34-عن عليّ عليه السّلام قال: مخّ الإيمان التقوى و الورع، و هما من أفعال القلوب. . . (4)

ص:288


1- -الاثنى عشرية ص 434 ب 12 ف 7
2- مصباح الشريعة ص 44 ب 67
3- مصباح الشريعة ص 56 ب 82
4- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 347

أقول:

قد مرّ في باب القبر عن أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . أما لو أذن لهم (أي أهل القبور) في الكلام لأخبروكم؛ أنّ خير الزاد التقوى.

و قد مرّ في باب الدنيا فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى بعض أصحابه: فإنّ من اتّقى اللّه عزّ و قوي و شبع و روي و رفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا و قلبه و عقله معاين الآخرة.

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

التقوى اجتناب. (الغرر ج 1 ص 11 ف 1 ح 237)

التقوى خير زاد. (ص 20 ح 545)

التقوى أزكى زراعة. (ص 23 ح 664)

التقوى رأس الحسنات. (ص 26 ح 772)

التقوى حصن حصين. (ص 27 ح 804)

التقوى ذخيرة معاد. (ص 28 ح 846)

التقوى أقوى أساس. (ص 29 ح 872)

التقوى مفتاح الصلاح. (ص 32 ح 984)

التقوى حصن المؤمن. (ص 35 ح 1088)

التقوى حرز لمن عمل بها. (ص 38 ح 1171)

الورع أساس التقوى. (ص 37 ح 1149)

التقوى حصن حصين لمن لجأ إليه. (ص 59 ح 1594)

التقوى جماع التنزّه و العفاف. (ص 64 ح 1682)

التقوى ثمرة الدين و أمارة اليقين. (ص 67 ح 1743)

المتّقي من اتّقى الذنوب، و المتنزّه من تنزّه عن العيوب. (ص 78 ح 1893)

الكيس تقوى اللّه سبحانه، و تجنّب المحارم، و إصلاح المعاد. (ص 81 ح 1941)

ص:289

التقوى ظاهره شرف الدنيا و باطنه شرف الآخرة. (ص 87 ح 2013)

التقوى آكد سبب بينك و بين اللّه إن أخذت به، و جنّة من عذاب أليم.

(ص 94 ح 2101)

التقوى لا عوض عنه و لا خلف فيه. (ص 103 ح 2176)

التقوى أن يتّقي المرء كلّما يؤثمه. (ح 2186)

أشعر قلبك التقوى، و خالف الهوى، تغلب الشيطان. (ص 115 ف 2 ح 132)

اتّقوا اللّه الذي إن قلتم سمع، و إن أضمرتم علم. (ص 132 ح 29)

اتّقوا اللّه تقيّة من سمع فخشع، و اقترف فاعترف، و علم فوجل، و حاذر فبادر، و عمل فأحسن. (ص 137 ف 3 ح 69)

اتّقوا اللّه تقيّة من دعي فأجاب، و تاب فأناب، و حذّر فحذر، و عبر فاعتبر، و خاف فأمن. (ح 70)

الجأوا إلى التقوى فإنّه جنّة منيعة، من لجأ إليها حصّنته، و من اعتصم بها عصمته. (ح 75)

اعتصموا بتقوى اللّه فإنّ لها حبلا وثيقا عروته، و معقلا منيعا ذروته.

(ص 138 ح 76)

أوقى جنّة التقى. (ص 176 ف 8 ح 64)

أمنع حصون الدين التقوى. (ص 180 ح 124)

إنّ التقوى عصمة لك في حياتك و زلفى لك بعد مماتك. (ص 222 ف 9 ح 90)

إنّ تقوى اللّه سبحانه هي الزاد و المعاذ (المعاد ف ن) ؛ زاد مبلّغ، و معاذ منجح، دعا إليها أسمع داع، و وعاها خير واع، فأسمع داعيها و فاز واعيها.

(ص 247 ح 240)

إنّ تقوى اللّه عمارة الدين، و عماد اليقين، و إنّها لمفتاح و صلاح، و مصباح نجاح. (ص 249 ح 247)

ص:290

إنّ التقوى منتهى رضا اللّه من عباده، و حاجته من خلقه، فاتّقوا اللّه الذي إن أسررتم علمه و إن أعلنتم كتبه. (ص 248 ح 244)

إنّ من فارق التقوى أغري باللذّات و الشهوات، و وقع في تيه السيّئات، و لزمه كثير التبعات. (ح 249)

بالتقوى قرنت العصمة-بالتقوى تزكو الأعمال.

(ص 336 ف 18 ح 138 و 149)

سادة أهل الجنّة الأتقياء الأبرار. (ص 435 ف 39 ح 50)

صفتان لا يقبل اللّه سبحانه الأعمال إلاّ بها: التقى و الإخلاص.

(ص 460 ف 45 ح 77)

عليك بالتقى فإنّه خلق الأنبياء. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 6)

عليك بالتقوى فإنّه شرف النسب. (ح 17)

عليكم بلزوم اليقين و التقوى، فإنّهما يبلّغانكم جنّة المأوى.

(ص 485 ف 50 ح 14)

عليكم بالتقوى فإنّه خير زاد و أحرز عتاد (1). (ص 486 ح 16)

للمتّقي هدى في رشاد، و تحرّج عن فساد، و حرص في إصلاح معاد.

(ص 583 ف 71 ح 40)

من اتّقى اللّه وقاه. (ص 619 ف 77 ح 182)

من اتّقى ربّه كان كريما. (ص 646 ح 627)

من عمل بطاعة اللّه ملك. (ص 651 ح 713)

من أشعر قلبه التقوى فاز عمله. (ص 666 ح 931)

ص:291


1- -أي ما أعدّ لامر ما

من اتّقى اللّه سبحانه جعل له من كلّ همّ فرجا و من كلّ ضيق مخرجا.

(ص 688 ح 1185)

من تذلّل لأبناء الدنيا تعرّى من لباس التقوى. (ص 690 ح 1208)

من أحبّ فوز الآخرة فعليه بالتقوى. (ص 694 ح 1245)

من تعرّى عن لباس التقوى لم يستتر بشيء من أسباب الدنيا.

(ص 698 ح 1284)

من تسربل أثواب التقى لم يبل سرباله. (ص 705 ح 1357)

من لم يتّق وجوه الرجال لم يتّق اللّه سبحانه. (ص 711 ح 1418)

من اتّقى اللّه فاز و غني. (ص 654 ح 756)

متّقيّ الشرّ كفاعل الخير. (ص 761 ف 80 ح 77)

متّقيّ المعصية كعامل البرّ. (ح 78)

ملوك الجنّة الأتقياء المخلصون. (ص 763 ح 106)

هدي من أشعر قلبه التقوى. (ص 791 ف 84 ح 2)

لا زاد كالتقوى. (ص 831 ف 86 ح 52)

لا تفسد التقوى إلاّ غلبة الشهوة. (ص 837 ح 170)

لا تقوى كالكفّ عن المحارم. (ح 175)

لا يقلّ عمل من تقوى و كيف يقلّ ما يتقبّل. (ص 848 ح 369)

لا ينفع الإيمان بغير تقوى. (ص 850 ح 392)

لا يهلك على التقوى سنخ أصل، و لا يظمأ عليها زرع. (ص 853 ح 419)

لا شرف أعلى من التقوى. (ص 857 ح 467)

يستدلّ على دين الرجل بحسن تقواه و صدق ورعه.

(ص 863 ف 88 ح 6)

ص:292

الفصل الثاني: صفات المتّقين

الآيات

1- الم - ذلِكَ اَلْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ - اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ - وَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ - أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ . (1)

2- . . . وَ لكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ. . . وَ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ . (2)

3- وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا اَلسَّماواتُ وَ اَلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ - اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي اَلسَّرّاءِ وَ اَلضَّرّاءِ وَ اَلْكاظِمِينَ اَلْغَيْظَ وَ اَلْعافِينَ عَنِ اَلنّاسِ وَ اَللّهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. . . وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . (3)

4- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ . (4)

ص:293


1- -البقرة:1 إلى 5
2- البقرة:177
3- آل عمران:133 إلى 138
4- الأعراف:201

5- وَ اَلَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ . الآيات (1)

6- إِنَّ اَلْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ عُيُونٍ - آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ - كانُوا قَلِيلاً مِنَ اَللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ - وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ - وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَ اَلْمَحْرُومِ . (2)

الأخبار

1-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فاتّقوا اللّه-عباد اللّه-تقيّة ذي لبّ شغل التفكّر قلبه، و أنصب الخوف بدنه، و أسهر التهجّد غرار نومه، و أظمأ الرجاء هواجر يومه، و ظلف الزهد شهواته، و أوجف الذكر بلسانه، و قدّم الخوف لأمانه. . . (3)

بيان:

«أنصب» : أي أتعب. «غرار نومه» : قليل نومه أي أزال قيامه بالليل نومه القليل «الهاجرة» : جمع هواجر، و هي نصف النهار عند اشتداد الحرّ و المراد أنّه في الليل قائم و في النهار صائم. «ظلف» : أي منع. «أوجف الذكر بلسانه» : أي أسرع، كأنّ الذكر لشدّة تحريكه اللسان موجف به كما توجف الناقة براكبها.

2-و قال عليه السّلام: أوصيكم-عباد اللّه-بتقوى اللّه التي هي الزاد، و بها المعاذ، زاد مبلّغ و معاذ منجح، دعا إليها أسمع داع و وعاها خير واع، فأسمع داعيها و فاز واعيها،

عباد اللّه، إنّ تقوى اللّه حمت أولياء اللّه محارمه، و ألزمت قلوبهم مخافته، حتّى أسهرت لياليهم، و أظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة بالنصب، و الريّ بالظمأ،

ص:294


1- -الزمر:33 إلى 35
2- الذاريات:15 إلى 19
3- نهج البلاغة ص 192 في خ 82-صبحي ص 111 في خ 83

و استقربوا الأجل، فبادروا العمل، و كذّبوا الأمل، فلاحظوا الأجل. (1)

بيان:

«المعاذ» : الملجأ. «أسمع داع» : المراد به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. «وعاها» : أي حفظها و فهمها. «حمت» : أي منعت. «الريّ» : ضدّ العطش.

3-روي أنّ صاحبا لأمير المؤمنين عليه السّلام يقال له: همّام-كان رجلا عابدا-فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لي المتّقين حتّى كأنّي أنظر إليهم، فتثاقل عليه السّلام عن جوابه، ثمّ قال: يا همّام، اتّق اللّه و أحسن ف إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ اَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ فلم يقنع همّام بهذا القول حتّى عزم عليه، فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) ثمّ قال عليه السّلام:

أمّا بعد، فإنّ اللّه سبحانه و تعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيّا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه، و لا تنفعه طاعة من أطاعه، فقسم بينهم معايشهم، و وضعهم من الدنيا مواضعهم.

فالمتّقون فيها هم أهل الفضائل: منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع، غضّوا أبصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم، و وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء، و لو لا الأجل الذي كتب اللّه عليهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب و خوفا من العقاب.

عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم، فهم و الجنّة كمن قد رأها، فهم فيها منعّمون، و هم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون، قلوبهم محزونة، و شرورهم مأمونة، و أجسادهم نحيفة، و حاجاتهم خفيفة، و أنفسهم عفيفة، صبروا أيّاما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرّها لهم ربّهم،

ص:295


1- -نهج البلاغة ص 353 في خ 113

أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، و أسرتهم ففدوا أنفسهم منها.

أمّا الليل فصافّون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن؛ يرتّلونه ترتيلا، يحزّنون به أنفسهم، و يستثيرون به دواء دائهم، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، و تطلّعت نفوسهم إليها شوقا، و ظنّوا أنّها نصب أعينهم، و إذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، و ظنّوا أنّ زفير جهنّم و شهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم و أكفّهم و ركبهم و أطراف أقدامهم، يطلبون إلى اللّه تعالى في فكاك رقابهم.

و أمّا النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء، قد براهم الخوف برى القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى و ما بالقوم من مرض، و يقول: لقد خولطوا و لقد خالطهم أمر عظيم؛ لا يرضون من أعمالهم القليل، و لا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متّهمون، و من أعمالهم مشفقون، إذا زكّي أحد منهم خاف ممّا يقال له، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، و ربّي أعلم بي منّي بنفسي، اللهمّ لا تؤاخذني بما يقولون، و اجعلني أفضل ممّا يظنّون، و اغفر لي ما لا يعلمون.

فمن علامة أحدهم: أنّك ترى له قوّة في دين، و حزما في لين، و إيمانا في يقين، و حرصا في علم، و علما في حلم، و قصدا في غنى، و خشوعا في عبادة، و تجمّلا في فاقة، و صبرا في شدّة، و طلبا في حلال، و نشاطا في هدى، و تحرّجا عن طمع، يعمل الأعمال الصالحة و هو على وجل، يمسي و همّه الشكر، و يصبح و همّه الذكر، يبيت حذرا و يصبح فرحا؛ حذرا لما حذر من الغفلة، و فرحا بما أصاب من الفضل و الرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحبّ، قرّة عينه فيما لا يزول، و زهادته فيما لا يبقى.

يمزج الحلم بالعلم، و القول بالعمل، تراه قريبا أمله، قليلا زلله، خاشعا قلبه، قانعة نفسه، منزورا أكله، سهلا أمره، حريزا دينه، ميّتة شهوته، مكظوما غيظه، الخير منه مأمول، و الشرّ منه مأمون، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين،

ص:296

و إن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين، يعفو عمّن ظلمه، و يعطي من حرمه، و يصل من قطعه، بعيدا فحشه، ليّنا قوله، غائبا منكره، حاضرا معروفه، مقبلا خيره، مدبرا شرّه، في الزلازل وقور، و في المكاره صبور، و في الرخاء شكور.

لا يحيف على من يبغض، و لا يأثم فيمن يحبّ، يعترف بالحقّ قبل أن يشهد عليه، لا يضيّع ما استحفظ، و لا ينسى ما ذكّر، و لا ينابز بالألقاب، و لا يضارّ بالجار، و لا يشمت بالمصائب، و لا يدخل في الباطل، و لا يخرج من الحقّ، إن صمت لم يغمّه صمته، و إن ضحك لم يعل صوته، و إن بغي عليه صبر حتّى يكون اللّه هو الذي ينتقم له، نفسه منه في عناء و الناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، و أراح الناس من نفسه، بعده عمّن تباعد عنه زهد و نزاهة، و دنوّه ممّن دنا منه لين و رحمة، ليس تباعده بكبر و عظمة، و لا دنوّه بمكر و خديعة.

قال: فصعق همّام صعقة كانت نفسه فيها، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أما و اللّه لقد كنت أخافها عليه، ثمّ قال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها.

فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السّلام: ويحك، إنّ لكلّ أجل وقتا لا يعدوه، و سببا لا يتجاوزه، فمهلا لا تعد لمثلها فإنّما نفث الشيطان على لسانك. (1)

بيان:

قد مرّ بيان بعض ألفاظ الحديث في بابي الإيمان ف 3 و الشيعة ف 2.

«حتّى عزم عليه» : أقسم عليه، أي الإمام عليه السّلام. «وضعهم من الدنيا مواضعهم» :

المراد بمواضع الخلق مراتبهم، و هي إشارة إلى الدرجات الدنيويّة كالغنى و الفقر، و الصحّة و المرض، أو الدينيّة لاختلاف استعدادهم و قابليّاتهم في العلم و العمل، أو الأعم منهما و هو الأظهر. «ملبسهم الاقتصاد» الملبس: ما يلبس أي يكون

ص:297


1- -نهج البلاغة ص 611 خ 184( شرح ابن أبي الحديد ج 10 ص 132 خ 186 و صبحي ص 303 خ 193)

ملبسهم اقتصاد أي توسّط بين الإفراط و التفريط، و يمكن أن يكون المراد؛ أنّ الاقتصاد في الأقوال و الأفعال، صار شعارا لهم، محيطا بهم، كاللباس للإنسان.

«مشيهم التواضع» : أي لا يمشون مشي المتكبّرين، و يمكن أن يكون المراد أنّ سيرتهم و سلوكم بين الخلق بالتواضع. «الرخاء» : سعة العيش. «قلوبهم محزونة» :

للأمور الأخرويّة و الخوف من العقاب و. . . «أجسادهم نحيفة» : أي مهزولة لكثرة الخوف و الحزن و العبادة من الصيام و السهر و. . . «حاجاتهم خفيفة» : لقلّة رغبتهم في الدنيا و ترك الهوى و قصر الأمل.

«أنفسهم عفيفة» : أي من السؤال عن الناس، و العفّة كثيرا ما يستعمل في الأخبار في كفّ البطن و الفرج، و ربما يستعمل في كفّ النفس عن المحرّمات بل عن الشبهات و المكروهات، و قد يستعمل في كفّ السؤال عن الناس و الكلّ محتمل و الأخير أظهر.

«أسرتهم ففدوا أنفسهم منها» أسره كضربه: أي شدّه و حبسه، و الفدية: زخارف الدنيا و ملاذها التي سلّموها إلى الدنيا بالترك و الإعراض عنها، فأمّا أسرها إيّاهم فلأنّ أرواح الأولياء قدسيّة و حيث مقامها في الجسد و عالم الناسوت على خلاف مقتضى فطرتها، فهي غريبة أسيرة، إذ ليس للروح أدنى تناسب مع التراب، و لذا كانت و لا تزال تتمنّى و تتهيّأ للسفر الحقيقي و تزيل المثبّطات، و ترفعها من البين، و ذلك فداؤها.

«يستثيرون به» يقال: ثار الغبار: إذا سطح و هاج، و أثار الغبار و استثاره: هيّجه، و المراد أنّهم يداوون بآيات القرآن داءهم، و يطلبون منه دوائهم بالتذكّر و التدبّر فيه، «تطلّعت نفوسهم» قيل: أي كادت تطلع شموس نفوسهم من أفق عوالم أبدانهم، فتصعد إلى العالم العلويّ، شوقا إلى ما وعدوا به في تلك الآيات. . . «ظنّوا أنّها» : الظنّ هنا بمعنى اليقين أي أيقنوا أنّ الجنّة معدّة لهم. «زفير جهنّم» زفير النار:

صوت توقّدها. «الشهيق» : الصوت و الانين الشديد المرتفع، و كونهما في"أصول

ص:298

الآذان"كناية عن تمكّنهما في الآذان. «حانون على أوساطهم» : حنى ظهره يحنيه أي عطفه، و هو وصف لحال ركوعهم. «مفترشون» : وصف لحال سجودهم.

«قد برأهم الخوف» : كناية عن نحافة البدن و ضعف الجسد.

«لأنفسهم متّهمون» : و المراد أنّهم يظنّون بأنفسهم التقصير. «مشفقون» الإشفاق:

الخوف أي لأعمالهم خائفون، أمّا من الحسنات فلاحتمال عدم القبول، و أمّا من السيّئات فلاحتمال عدم قبول توبتهم. «إذا زكّي أحدهم» التزكية: المدح «حزما في لين» : كأنّ المعنى أنّه لا يصير حزمه سببا لخشونته، بل مع الحزم يداري الخلق و يلاينهم.

«التجمّل في فاقة» التجمّل: التزيّن، و التكلّف بالجميل و إظهاره، يعني مع فقرهم يظهرون الغنى. «صبرا في شدّة» : أي الصبر على شدّة الفقر، أو العبادة، أو المصائب أو الأعمّ. «استصعبت عليه نفسه» الصعب: نقيض الذلول، و استصعبت على فلان دابّته: أي صعبت، و المراد لم تطعه نفسه في مكروهاتها.

«سؤلها فيما تحبّ» : أي لم يطاوع النفس فيما تريده. «قرّة عينه فيما لا يزول» : أي فيما عند اللّه و الدار الآخرة. «فيما لا يبقى» : الدنيا و زخارفها. «قريبا أمله» : أي أمله قصير. «منزورا أكله» المنزور: القليل، و الأكل: الحظّ من الدنيا، و في بعض النسخ:

"أكله"بالفتح أي لا يمتلئ من الطعام. «حريزا دينه» : حريز أي حصين، و حرزه أي حفظه و المراد عدم إهماله في أمر دينه، و عدم تطرّق الخلل فيه. «مقبلا خيره مدبرا شرّه» : يمكن أن يراد بالإقبال الازدياد، و بالإدبار الانتقاص أي لا يزال يسعى فيزداد خيره و ينتقص شرّه.

«في الزلازل وقور» : أي لا يضطرب في الشدائد، الوقور: فعول من الوقار و هو الحلم و الرزانة. «لا يأثم فيمن يحبّ» : المراد بالإثم: الميل عن الحقّ و الغرض أنّه لا يترك الحقّ للعداوة و المحبّة. «لا يضيّع ما استحفظ» : أي ما أودع عنده من الأسرار و الأموال و غير ذلك، و يحتمل شموله لما استحفظه اللّه من دينه و كتابه.

ص:299

«لا ينابز بالألقاب» : المنابزة و التنابز: التعاير و التداعي بالألقاب، من النبز بمعنى اللقب، و قيل: كثر استعماله فيما كان ذمّا. «بعده عمّن تباعد عنه زهد و نزاهة» النزاهة: التباعد عن كلّ قذر و مكروه، و إنّما كان تباعده زهدا و نزاهة، لأنّه إنّما يرغب عن أهل الدنيا و أهل الباطل. «صعق. . . كانت نفسه فيها» : يحتمل أن يراد بالصعقة: الصيحة، و يراد بكون «نفسه فيها» خروج روحه بخروجها.

يكفينا في الفصل هذا الحديث الشريف و فيه زهاء ثمانين خصالا للمتّقين.

(لاحظ شرح الخطبة في البحار ج 67 ص 317 و غيره)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فمن أشعر التقوى قلبه برّز مهله، و فاز عمله، فاهتبلوا هبلها، و اعملوا للجنّة عملها. (1)

بيان:

«برّز» يقال: برّز الرجل على أقرانه أي فاقهم. «مهله» المهل: التقدّم في الخير، أي فاق تقدّمه إلى الخير. «فاهتبلوا هبلها» الضمير في هبلها راجع إلى التقوى، و يقال:

"اهتبل هبلك"أي عليك بشأنك، فالمعنى اطلب التقوى كما هو شأنه.

5-و قال عليه السّلام: و اللّه ما أرى عبدا يتّقي تقوى تنفعه حتّى يخزن لسانه. (2)

6-و قال عليه السّلام: . . . و لا يستطيع أن يتّقي اللّه من خاصم. (3)

أقول:

الأخبار في فضل التقوى و أوصاف المتّقين في نهج البلاغة كثيرة ذكرنا بعضها.

7-قال عليّ عليه السّلام: العقل شجرة أصلها التقى، و فرعها الحياء، و ثمرتها الورع، فالتقوى تدعو إلى خصال ثلاث: إلى الفقه في الدين، و الزهد في الدنيا، و الانقطاع إلى اللّه تعالى، و الحياء يدعو إلى ثلاث خصال: إلى اليقين، و حسن

ص:300


1- -نهج البلاغة ص 410 في خ 132
2- نهج البلاغة ص 570 في خ 175
3- نهج البلاغة ص 1230 ح 290

الخلق، و التواضع، و الورع يدعو إلى خصال ثلاث: إلى صدق اللسان، و المسارعة إلى البرّ، و ترك الشبهات. (1)

8-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنّ لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث، و أداء الأمانة، و وفاء بالعهد، و قلّة العجز و البخل، و صلة الأرحام، و رحمة الضعفاء، و قلّة المؤاتاة للنساء، و بذل المعروف، و حسن الخلق، و سعة الحلم، و اتّباع العلم فيما يقرّب إلى اللّه، طوبى لهم و حسن مآب. . . (2)

أقول:

قد مرّ في باب الدين عن الكافي ج 2 ص 187 باب المؤمن و علاماته مثله، و فيه:

«إنّ لأهل الدين علامات» .

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عليّ بن عبد العزيز، لا يغرّنّك بكاؤهم، فإنّ التقوى في القلب. (3)

10-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أتقى الناس من قال الحقّ فيما له و عليه. (4)

11-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

اِتَّقُوا اَللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ، قال: يطاع فلا يعصى، و يذكر فلا ينسى، و يشكر فلا يكفر. (5)

ص:301


1- -الاثنى عشرية ص 99 ب 3 ف 7
2- البحار ج 70 ص 282 باب الطاعة و التقوى ح 2
3- البحار ج 70 ص 283 ح 4
4- البحار ج 70 ص 288 ح 15
5- البحار ج 70 ص 291 ح 31

12-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المتّقون قلوبهم محزونة، و شرورهم مأمونة. (الغرر ج 1 ص 49 ف 1 ح 1394)

المتّقي قانع متنزّه متعفّف. (ص 53 ح 1472)

المتّقون أنفسهم عفيفة، و حوائجهم خفيفة، و خيراتهم مأمولة، و شرورهم مأمونة. (ص 82 ح 1953)

المتّقون أنفسهم قانعة، و شهواتهم ميّتة، و وجوههم مستبشرة، و قلوبهم محزونة. (ح 1954)

المتّقون أعمالهم زاكية، و أعينهم باكية، و قلوبهم وجلة. (ص 85 ح 1986)

المتّقي ميتة شهوته، مكظوم غيظه، في الرخاء شكور، و في المكاره صبور.

(ص 87 ح 2020)

حرام على كلّ قلب متولّه بالدنيا أن يسكنه التقوى. (ص 383 ف 28 ح 38)

رأس التقوى ترك الشهوة. (ص 411 ف 34 ح 15)

للمتّقي ثلاث علامات: إخلاص العمل، و قصر الأمل، و اغتنام المهل.

(ج 2 ص 585 ف 71 ح 54)

ملاك التقى رفض الدنيا. (ص 757 ف 80 ح 9)

عند حضور الشهوات و اللذّات يتبيّن ورع الأتقياء. (ص 491 ف 52 ح 26)

من ملك شهوته كان تقيّا. (ص 646 ف 77 ح 628)

ص:302

191- التقيّة

الآيات

1- لا يَتَّخِذِ اَلْمُؤْمِنُونَ اَلْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اَللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اَللّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اَللّهِ اَلْمَصِيرُ . (1)

2- مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ. . . (2)

3-(في قصّة أصحاب الكهف) . . . وَ لْيَتَلَطَّفْ وَ لا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً . (3)

4- فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي اَلنُّجُومِ - فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ . (4)

5- وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ. . . (5)

الأخبار

1-عن هشام بن سالم و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ:

ص:303


1- -آل عمران:28
2- النحل:106
3- الكهف:19
4- الصافّات:88 و 89
5- المؤمن:28

أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا (1)قال: بما صبروا على التقيّة وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ اَلسَّيِّئَةَ قال: الحسنة التقيّة، و السيّئة الإذاعة. (2)

بيان:

قال الشيخ المفيد رحمه اللّه في تصحيح الاعتقاد ص 66: «التقيّة» : ستر الاعتقاد و مكاتمة المخالفين و ترك مظاهرتهم بما يعقّب ضررا في الدين و الدنيا.

و في المرآة ج 9 ص 183 ذيل ح 18: قال الشهيد رحمه اللّه في قواعده: التقيّة مجاملة الناس بما يعرفون و ترك ما ينكرون، و قد دلّ عليها الكتاب و السنّة. . .

ثمّ قال رحمه اللّه: التقيّة تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة: فالواجب إذا علم أو ظنّ نزول الضرر بتركها به أو ببعض المؤمنين، و المستحبّ إذا كان لا يخاف ضررا عاجلا أو يخاف ضررا سهلا أو كان تقيّة في المستحبّ كالترتيب في تسبيح الزهراء عليها السّلام و ترك بعض فصول الأذان، و المكروه التقيّة في المستحبّ حيث لا ضرر عاجلا و لا آجلا، و يخاف منه الالتباس على عوام المذهب، و الحرام التقيّة حيث يؤمن الضرر عاجلا و آجلا أو في قتل مسلم، و المباح التقيّة في بعض المباحات التي ترجّحها العامّة و لا يصل بتركها ضرر.

و قال الشيخ الأنصاريّ رحمه اللّه في رسالته في التقيّة (المكاسب ص 320) : التقيّة، اسم لاتّقى يتّقي، و التاء بدل عن الواو كما في التهمة و التخمة، و المراد هنا: التحفّظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحقّ. و الكلام تارة يقع في حكمها التكليفيّ و أخرى في حكمها الوضعيّ. . .

أمّا الكلام في حكمها التكليفيّ فهو أنّ التقيّة تنقسم إلى الأحكام الخمسة: فالواجب منها ما كان لدفع الضرر الواجب فعلا و أمثلته كثيرة، و المستحبّ ما كان فيه

ص:304


1- -القصص:54
2- الكافي ج 2 ص 172 باب التقيّة ح 1

التحرّز عن معارض الضرر، بأن يكون تركه مفضيا تدريجا إلى حصول الضرر، كترك المداراة مع العامّة و هجرهم في المعاشرة في بلادهم، فإنّه ينجرّ غالبا إلى حصول المباينة الموجب لتضرّره منهم، و المباح ما كان التحرّز عن الضرر و فعله مساويا في نظر الشارع، كالتقيّة في إظهار كلمة الكفر على ما ذكره جمع من الأصحاب، و يدلّ عليه الخبر الوارد في رجلين (1)أخذا بالكوفة و أمرا بسبّ أمير المؤمنين عليه السّلام، و المكروه ما كان تركها و تحمّل الضرر أولى من فعله كما ذكر ذلك بعضهم في إظهار كلمة الكفر، و أنّ الأولى تركها ممّن يقتدي به الناس إعلاء لكلمة الإسلام، و المراد بالمكروه حينئذ ما يكون ضدّه أفضل، و المحرّم منه ما كان في الدماء. . .

أقول: الروايات في الباب كثيرة جدّا تبلغ حدّ التواتر، لا يسعنا ذكر تمامها، فالمهمّ عرفان موارد التقيّة و كيفيّة استعمالها، و كثرة الأخبار يعرب عن أهمّيّة الموضوع، كيف و إنّ صيانة الإنسان و الإخوان، و صلاح الأمّة، و حفظ أولياء الدين منوطة بالتقيّة.

2-عن أبي عمر الأعجميّ قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا عمر، إنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة، و لا دين لمن لا تقيّة له، و التقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ و المسح على الخفّين. (2)

ص:305


1- -في هداية الطالب للشهيديّ رحمه اللّه ص 630: يعني به خبر عبد اللّه بن عطا قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجلان من أهل الكوفة أخذا، فقيل لهما: ابرءا عن أمير المؤمنين عليه السّلام، فبرء واحد منهما و أبى الآخر، فخلّي سبيل الذي برء، و قتل الآخر، فقال: أمّا الذي برء فرجل فقيه في دينه، و أمّا الذي لم يبرء فرجل تعجّل إلى الجنّة. لا يخفى أنّ مورده البراءة عنه لا سبّه عليه السّلام و الأخبار المشتملة على السبّ؛ قد أمر في جميعها بسبّه عليه السّلام لاجل التقيّة، و أمّا البراءة عنه عليه السّلام فالأخبار فيها مختلفة. . .
2- الكافي ج 2 ص 172 ح 2

3-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: التقيّة من دين اللّه، قلت:

من دين اللّه؟ قال: إي و اللّه من دين اللّه، و لقد قال يوسف عليه السّلام: أَيَّتُهَا اَلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و اللّه ما كانوا سرقوا شيئا، و لقد قال إبراهيم عليه السّلام: إِنِّي سَقِيمٌ و اللّه ما كان سقيما. (1)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 167: «من دين اللّه» أي من دين اللّه الذي أمر عباده بالتمسّك به في كلّ ملّة، لأنّ أكثر الخلق في كلّ عصر لمّا كانوا من أهل البدع شرع اللّه التقيّة في الأقوال و الأفعال و السكوت عن الحقّ لخلّص عباده عند الخوف، حفظا لنفوسهم و دمائهم و أعراضهم و أموالهم و إبقاءا لدينه الحقّ، و لو لا التقيّة بطل دينه بالكلّيّة، و انقرض أهله، لاستيلاء أهل الجور، و التقيّة إنّما هي في الأعمال لا العقائد لأنّها من الأسرار التي لا يعلمها إلاّ علاّم الغيوب.

4-عن حبيب بن بشير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سمعت أبي يقول:

لا و اللّه ما على وجه الأرض شيء أحبّ إليّ من التقيّة، يا حبيب، إنّه من كانت له تقيّة رفعه اللّه، يا حبيب، من لم تكن له تقيّة وضعه اللّه. يا حبيب، إنّ الناس إنّما هم في هدنة، فلو قد كان ذلك كان هذا. (2)

بيان:

«الهدنة» : الصلح و المسالمة و الموادعة بين المسلمين و غيرهم، و المراد بالناس إمّا المخالفون أو الأعمّ منهم و غيرهم. «فلو قد كان ذلك» : أي ظهور القائم عليه السلام و عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف. «كان هذا» : أي ترك التقيّة.

5-عن عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اتّقوا على دينكم

ص:306


1- -الكافي ج 2 ص 172 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 172 ح 4

فاحجبوه بالتقيّة، فإنّه لا إيمان لمن لا تقيّة له، إنّما أنتم في الناس كالنحل في الطير، لو أنّ الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلاّ أكلته، و لو أنّ الناس علموا ما في أجوافكم: أنّكم تحبّونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم، و لنحلوكم في السرّ و العلانية، رحم اللّه عبدا منكم كان على ولايتنا. (1)

بيان:

في الوافي: «نحلوكم» أي سبّوكم.

6-عن هشام الكنديّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إيّاكم أن تعملوا عملا يعيّرونا به، فإنّ ولد السوء يعيّر والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا و لا تكونوا عليه شينا، صلّوا في عشائرهم، و عودوا مرضاهم، و اشهدوا جنائزهم، و لا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم، و اللّه ما عبد اللّه بشيء أحبّ إليه من الخبء، قلت: و ما الخبء؟ قال: التقيّة. (2)

بيان:

«صلّوا» من الصلاة أي صلّوا معهم، و يمكن بالتخفيف من الصلّة أي صلوا في عشائرهم. «عشائرهم» : الضمائر راجعة إلى المخالفين بقرينة المقام، و في بعض النسخ: "عشايركم". «الخبء» : الإخفاء و الستر.

7-عن معمّر بن خلاّد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن القيام للولاة، فقال:

قال أبو جعفر عليه السّلام: التقيّة من ديني و دين آبائي، و لا إيمان لمن لا تقيّة له. (3)

8-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: التقيّة في كلّ ضرورة و صاحبها أعلم بها حين تنزل به. (4)

ص:307


1- -الكافي ج 2 ص 172 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 174 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 174 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 174 ح 13

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: [كان]أبي عليه السّلام يقول: و أيّ شيء أقرّ لعيني من التقيّة؛ إنّ التقيّة جنّة المؤمن. (1)

10-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقيّة. (2)

11-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّما تقارب هذا الأمر كان أشدّ للتقيّة. (3)

بيان:

«هذا الأمر» : أي ظهور القائم عليه السلام و عجّل اللّه فرجه الشريف.

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: التقيّة ترس اللّه بينه و بين خلقه. (4)

13-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: خالطوهم بالبرّانيّة، و خالفوهم بالجوّانيّة، إذا كانت الإمرة صبيانيّة. (5)

بيان:

أراد بالبرّانيّة العلانية، و بالجوّانيّة السرّ و هي منسوب إلى جوّ البيت و هو داخله.

«الإمرة صبيانيّة» : أي كون الأمير صبيّا أو مثله في قلّة العقل و السفاهة.

14-عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: التقيّة ترس المؤمن، و التقيّة حرز المؤمن، و لا إيمان لمن لا تقيّة له. إنّ العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيدين اللّه عزّ و جلّ به فيما بينه و بينه، فيكون له عزّا في الدنيا و نورا في الآخرة، و إنّ العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيذيعه، فيكون له ذلاّ

ص:308


1- -الكافي ج 2 ص 174 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 174 ح 16
3- الكافي ج 2 ص 175 ح 17
4- الكافي ج 2 ص 175 ح 19
5- الكافي ج 2 ص 175 ح 20

في الدنيا و ينزع اللّه عزّ و جلّ ذلك النور منه. (1)

15-. . . ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: خالطوا الأبرار سرّا، و خالطوا الفجّار جهارا، و لا تميلوا عليهم فيظلموكم، فإنّه سيأتي عليكم زمان لا ينجو فيه من ذوي الدين إلاّ من ظنّوا أنّه أبله، و صبّر نفسه على أن يقال له: إنّه أبله لا عقل له. (2)

16-قال عليّ بن محمّد عليهما السّلام لداود الصرميّ: يا داود، لو قلت: إنّ تارك التقيّة كتارك الصلاة لكنت صادقا. (3)

17-قال الرضا عليه السّلام: لا دين لمن لا ورع له، و لا إيمان لمن لا تقيّة له، و إنّ أكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقيّة، قيل: يا بن رسول اللّه، إلى متى؟ قال: إلى قيام القائم، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا. . . (4)

18-عن عليّ بن محمّد عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: ليس منّا من لم يلزم التقيّة، و يصوننا عن سفلة الرعيّة. (5)

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رحم اللّه عبدا اجترّ مودّة الناس إلى نفسه فحدّثهم بما يعرفون، و ترك ما ينكرون. (6)

20-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف؛ أسرّوا الإيمان و أظهروا الشرك، فآتاهم اللّه أجرهم مرّتين. (7)

ص:309


1- -الكافي ج 2 ص 175 ح 23
2- الكافي ج 2 ص 96 باب المدارة ح 5
3- الوسائل ج 16 ص 211 ب 24 من الأمر و النهي ح 27
4- الوسائل ج 16 ص 211 ح 26
5- الوسائل ج 16 ص 212 ح 28
6- الوسائل ج 16 ص 220 ب 26 ح 4
7- الوسائل ج 16 ص 225 ب 29 ح 1

21-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: يغفر اللّه للمؤمن كلّ ذنب، و يطهّره منه في الدنيا و الآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقيّة، و تضييع حقوق الإخوان. (1)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مثل مؤمن لا تقيّة له كمثل جسد لا رأس له، و مثل مؤمن لا يرعى حقوق إخوانه المؤمنين كمثل من حواسّه كلّها صحيحة و هو لا يتأمّل بعقله و لا يبصر بعينه و لا يسمع بأذنه. . . (2)

23-قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السّلام: أشرف أخلاق الأئمّة و الفاضلين من شيعتنا: استعمال التقيّة، و أخذ النفس بحقوق الإخوان. (3)

24-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: ذكرت التقيّة يوما عند عليّ بن الحسين عليهما السّلام، فقال: و اللّه لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله، و لقد آخى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بينهما فما ظنّكم بسائر الخلق.

إنّ علم العالم صعب مستصعب، لا يحتمله إلاّ نبيّ مرسل أو ملك مقرّب، أو عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، قال: و إنّما صار سلمان من العلماء لأنّه امرء منّا أهل البيت عليهم السّلام فلذلك نسبه (نسبته ف ن) إلينا. (4)

بيان:

في الحديث نكتتان مهمّتان: الأولى؛ و هي أمر زعم الأكثر خلافه و يعتقدون بأنّ التقيّة تنحصر في التقيّة عن المخالفين و الأعداء، و لكنّك ترى الإمام عليه السّلام يقول بوجوب التقيّة و وجودها حتّى بين أبي ذرّ و سلمان-مع أخوّتهما و عظم شأن أبي ذرّ-فضلا عن سائر المؤمنين.

ص:310


1- -الوسائل ج 16 ص 223 ب 28 ح 6
2- جامع الأخبار ص 94 ف 53
3- جامع الأخبار ص 95
4- بصائر الدرجات ص 25 الجزء الأوّل ب 11 ح 21(الكافي ج 1 ص 331 باب أنّ حديثهم صعب مستصعب ح 2)

و السرّ في ذلك أنّ القلوب أوعية، فضّل اللّه بعضها في الاستيعاب و القابليّة دون بعض، فيتحمّل بعضها أسرارا لا يطيقها البعض الآخر، فتجب مراعاة حال الأفراد بكتمان أسرار الأئمّة التي تكون فوق تحمّلهم و لو كانوا من المؤمنين. هذا و أمّا التقيّة من المخالفين فأمر يذعن بها كلّ ذيّ لبّ و لا يحتاج إلى الإصرار و الإبرام بهذا المقدار الوارد في الأخبار.

الثانية: لا يليق امرؤ أن يتّصف بكونه عالما عند الأئمّة بعد انتسابه إليهم، بل بعد أن صار منهم أهل البيت، إذا فما ظنّك بأكثر علماء هذا الزمان البعداء عن فناء أهل البيت عليهم السّلام و التاركين لعلومهم، المستغرقين في الظلمات و الضلال.

25-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الأنبياء إنّما فضّلهم اللّه على خلقه أجمعين بشدّة مداراتهم لأعداء دين اللّه، و حسن تقيّتهم لأجل إخوانهم في اللّه. (1)

26-عن الرضا عليه السّلام أنّه سئل: ما العقل؟ قال: التجرّع للغصّة، و مداهنة الأعداء، و مداراة الأصدقاء. (2)

بيان:

داهنه أي أظهر له خلاف ما يضمر.

27-قال الصادق عليه السّلام: اطلب السلامة أينما كنت، و في أيّ حال كنت، لدينك و قلبك و عواقب أمورك من اللّه عزّ و جلّ، فليس من طلبها وجدها، فكيف من تعرّض للبلاء و سلك مسالك ضدّ السلامة و خالف أصولها، بل رأى السلامة تلفا و التلف سلامة؟ و السلامة قد عزلت من الخلق في كلّ عصر خاصّة في هذا الزمان، و سبيل وجودها في احتمال جفاء الخلايق و أذيّتهم، و الصبر عند

ص:311


1- -المستدرك ج 12 ص 262 ب 27 من الأمر و النهي ح 3
2- البحار ج 75 ص 393 باب التقيّة ح 3

الرزايا، و خفّة المؤن، و الفرار من الأشياء التي تلزمك رعايتها؛ و القناعة بالأقلّ من الميسور، فإن لم تتمكّن (لم تكن ف ن) فالعزلة، فإن لم تقدر فالصمت و ليس كالعزلة، فإن لم تستطع فالكلام بما ينفعك و لا يضرّك و ليس كالصمت.

فإن لم تجد السبيل إليه فالانقلاب في الأسفار من بلد إلى بلد، و طرح النفس في بوادي (براري ف ن) التلف، بسرّ صاف، و قلب خاشع، و بدن صابر، قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ تَوَفّاهُمُ اَلْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي اَلْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اَللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها (1)و انتهز مغنم عباد اللّه الصالحين، و لا تنافس الأشكال، و لا تنازع الأضداد، و من قال لك:

أنا، فقل: أنت، و لا تدّع شيئا و إن أحاط به علمك، و تحقّقت به معرفتك، و لا تكشف سرّك إلاّ لمن هو أشرف منك في الدين فتجد الشرف، فإن فعلت ذلك أصبت السلامة و بقيت مع اللّه عزّ و جلّ بلا علاقة. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الكتمان و الرفق.

ص:312


1- -النساء:97
2- مصباح الشريعة ص 18 ب 23

192- التوكّل و الاعتصام باللّه تعالى

الآيات

1- . . . وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . (1)

2- وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ . (2)

3- . . . فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَوَكِّلِينَ - إِنْ يَنْصُرْكُمُ اَللّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَ إِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا اَلَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ . (3)

4- . . . فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً . (4)

5- . . . وَ عَلَى اَللّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . (5)

6- إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ

ص:313


1- -آل عمران:101
2- آل عمران:122 و المائدة:11 و التوبة:51 و المجادلة:10 و التغابن:13
3- آل عمران:159 و 160
4- النساء:81
5- المائدة:23

زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . (1)

7- وَ قالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ - فَقالُوا عَلَى اَللّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ اَلظّالِمِينَ . (2)

8- إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اَللّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . (3)

9- وَ لِلّهِ غَيْبُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ اَلْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ . (4)

10- وَ قالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ اَلشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي اَلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ . (5)

11- . . . وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ - وَ ما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اَللّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَ عَلَى اَللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُتَوَكِّلُونَ . (6)

12- اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . (7)

13- وَ آتَيْنا مُوسَى اَلْكِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً . (8)

ص:314


1- -الأنفال:2
2- يونس:84 و 85
3- هود:56
4- هود:123
5- يوسف:42
6- إبراهيم:11 و 12
7- النحل:42
8- الإسراء:2

14- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً . (1)

15- . . . وَ اِعْتَصِمُوا بِاللّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ اَلْمَوْلى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ . (2)

16- أَ رَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَ فَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً . (3)

17- وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَلْحَيِّ اَلَّذِي لا يَمُوتُ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَ كَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً . (4)

18- وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَلْعَزِيزِ اَلرَّحِيمِ - اَلَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ - وَ تَقَلُّبَكَ فِي اَلسّاجِدِينَ - إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ . (5)

19- فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّكَ عَلَى اَلْحَقِّ اَلْمُبِينِ . (6)

20- وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ. . . - اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . (7)

21- وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً . (8)

22- أَ لَيْسَ اَللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ . الآيات. (9)

23- . . . وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اَللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اَللّهُ لِكُلِّ

ص:315


1- -الإسراء:65
2- الحجّ:78
3- الفرقان:43
4- الفرقان:58
5- الشعراء:217 إلى 220
6- النمل:79
7- العنكبوت:58 و 59
8- الأحزاب:3 و 48
9- الزمر:36

شَيْءٍ قَدْراً . (1)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الغنى و العزّ يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا. (2)

بيان:

«يجولان» : أي يسيران و يتحرّكان لطلب الموطن.

«التوكّل» : في المصباح، وكلت الأمر إليه: . . . فوضّته إليه و اكتفيت به. . . و توكّل على اللّه: اعتمد عليه و وثق به و اتّكل عليه في أمره كذلك.

و في النهاية ج 5 ص 221 قد تكرر ذكر التوكّل في الحديث، يقال: توكّل بالأمر، إذا ضمن القيام به، و وكلت أمري إلى فلان: أي ألجاته إليه و اعتمدت فيه عليه، و وكّل فلان فلانا، إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته، أو عجزا عن القيام بأمر نفسه.

و في أقرب الموارد ج 2 ص 1482، توكّل على اللّه: استسلم إليه و اعتمد عليه و وثق به، و توكّل في الأمر: أظهر العجز و اعتمد على الغير، و عند أهل الحقيقة التوكّل: هو الثقة بما عند اللّه، و اليأس ممّا في أيدي الناس.

و في مجمع البحرين: الأصل في التوكّل: إظهار العجز و الإعياء، و الاسم التكلان، و التوكّل على اللّه: انقطاع العبد إليه في جميع ما يأمله من المخلوقين. و قيل: ترك السعي فيما لا يسعه قدرة البشر فيأتي بالسبب و لا يحسب أنّ المسبّب منه، كحديث «اعقل و توكّل» .

ص:316


1- -الطلاق:3
2- الكافي ج 2 ص 53 باب التفويض إلى اللّه ح 3

و في جامع السعادات ج 3 ص 218، التوكّل: اعتماد القلب في جميع الأمور على اللّه، و بعبارة اخرى: حوالة العبد جميع اموره على اللّه، و بعبارة اخرى: هو التبرّي من كلّ حول و قوّة، و الاعتماد على حول اللّه و قوّته، و هو موقوف على أن يعتقد اعتقادا جازما بأنّه لا فاعل إلاّ اللّه، و أنّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه، و أنّ له تمام العلم و القدرة على كفاية العباد.

ثمّ تمام العطف و العناية و الرحمة بجملة العباد و الآحاد، و أنّه ليس وراء منتهى قدرته قدرة، و لا وراء منتهى علمه علم، و لا وراء منتهى عنايته عناية، فمن اعتقد ذلك اتّكل قلبه لا محالة على اللّه وحده، و لم يلتفت إلى غيره، و لا إلى نفسه أصلا، و من لم يجد ذلك من نفسه، فسببه إمّا ضعف اليقين، أو ضعف القلب و مرضه، باستيلاء الجبن عليه و انزعاجه بسبب الأوهام الغالبة عليه. . .

ص 220: التوكّل منزل من منازل السالكين و مقام من مقامات الموحّدين، بل هو أفضل درجات الموقنين، و لذا ورد في مدحه و فضله و في الترغيب فيه ما ورد من الكتاب و السنّة. . .

و في المرآة ج 7 ص 293 في باب خصال المؤمن: التوكّل على اللّه أي الاعتماد عليه في جميع الأمور و المهمّات، و قطع النظر عن الأسباب الظاهرة و إن كان يجب التوسّل بها ظاهرا، لكن من كمل يقينه باللّه و أنّه القادر على كلّ شيء و أنّه المسبّب للأسباب لا يعتمد عليها بل على مسبّبها.

و قال رحمه اللّه في ج 8 ص 21: ثمّ إنّ التوكّل ليس معناه ترك السعي في الأمور الضروريّة، و عدم الحذر عن الأمور المحذورة بالكلّيّة، بل لا بدّ من التوسّل بالوسائل و الأسباب على ما ورد في الشريعة من غير حرص و مبالغة فيه، و مع ذلك لا يعتمد على سعيه و ما يحصله من الأسباب، بل يعتمد على مسبّب الأسباب.

قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه في أوصاف الأشراف: المراد بالتوكّل أن يكل العبد جميع

ص:317

ما يصدر عنه و يرد عليه إلى اللّه تعالى، لعلمه بأنّه أقوى و أقدر، و يصنع ما قدر عليه على وجه أحسن و أكمل، ثمّ يرضى بما فعل و هو مع ذلك يسعى و يجتهد فيما وكّله اللّه إليه، و يعدّ نفسه و عمله و قدرته و إرادته من الأسباب و الشروط المخصّصة لتعلّق قدرته تعالى و إرادته بما صنعه بالنسبة إليه، و من ذلك يظهر معنى:

«لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين» انتهى.

أقول: قيل: لا بدّ للوكيل أن يكون له أربعة أوصاف:

ألف: أن يكون عالما فيما وكّل.

ب: أن يكون أمينا.

ج: أن يكون قادرا بما وكّل.

د: أن يكون له رحيما و شفيقا و عطوفا، و كلّ ذلك موجود في اللّه تعالى بالنحو الأكمل، فينبغي للعاقل أن يتوكّل على اللّه في اموره و يعتصم به لا بغيره.

2-عن عليّ بن سويد عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، فقال: التوكّل على اللّه درجات؛ منها أن تتوكّل على اللّه في امورك كلّها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنّه لا يألوك خيرا و فضلا، و تعلم أنّ الحكم في ذلك له، فتوكّل على اللّه بتفويض ذلك إليه، وثق به فيها و في غيرها. (1)

بيان:

«لا يألوك» : في المرآة، الألو: التقصير، و إذا عدّى إلى مفعولين ضمن معنى المنع. . .

«فيها» : أي في أمورك كلّها. «و في غيرها» : أي في أمور غيرك من عشائرك و أتباعك و غيرهم.

«التوكّل على اللّه درجات» في جامع السعادات ج 3 ص 223: للتوكّل في الضعف

ص:318


1- -الكافي ج 2 ص 53 ح 5

و القوّة ثلاث درجات: الأولى، أن يكون حاله في حقّ اللّه و الثقة بعنايته و كفالته كحاله بالثقة بالوكيل، و هذه أضعف الدرجات، و يكثر وقوعها و يدوم مدّة مديدة. . .

الثانية، أن يكون حاله مع اللّه كحال الطفل مع امّه، فإنّه لا يعرف غيرها، و لا يفزع إلاّ إليها، و لا يعتمد إلاّ عليها، فإن رآها تعلّق في كلّ حال بذيلها، و إن ورد عليه أمر في غيبتها كان أوّل سابق لسانه يا امّاه.

و الفرق بين هذا و سابقه؛ أنّ هذا متوكّل قد فنى في موكّله عن توكّله، أي ليس يلتفت قلبه إلى التوكّل، بل التفاته إنّما هو إلى المتوكّل عليه فقط، فلا مجال في قلبه لغير المتوكّل عليه، و أمّا الأوّل فتوكّل بالكسب و التكلّف، و ليس فانيا عن توكّله، أي له التفات إلى توكّله، و ذلك شغل صارف عن ملاحظة المتوكّل عليه وحده، و هذا أقلّ وقوعا و دواما من الأوّل، إذ حصوله إنّما هو للخواصّ، و غاية دوامه أن يدوم يوما أو يومين، و ينافي التدبيرات، إلاّ تدبير الفزع إلى اللّه بالدعاء و الابتهال، كتدبير الطفل في التعلّق بامّه فقطّ.

الثالثة، و هي أعلى الدرجات، أن يكون بين يدي اللّه في حركاته و سكناته مثل الميّت بين يدي الغاسل، بأن يرى نفسه ميّتا، و تحرّكه القدرة الأزليّة كما يحرّك الغاسل الميّت، و هو الذي قويت نفسه، و نال الدرجة الثالثة من التوحيد.

و الفرق بينه و بين الثاني؛ أنّ الثاني لا يترك الدعاء و التضرّع كما أنّ الصبيّ يفزع إلى امّه، و يصيح و يتعلّق بذيلها و يعدو خلفها، و هذا ربما يترك الدعاء و السؤال ثقة بكرمه و عنايته، فهذا مثال صبيّ علم أنّه إن لم يرص بامّه فالأمّ تطلبه، و إن لم يتعلّق بذيلها فهي تحمله، و إن لم يسأل اللبن فهي تسقيه.

و من هذا القسم توكّل إبراهيم الخليل عليه السّلام لمّا وضع في المنجنيق ليرمى به إلى النار، و أشار إليه روح الأمين بسؤال النجاة و الاستخلاص من اللّه سبحانه، فقال:

«حسبي من سؤالي علمه بحالي» و هذا نادر الوقوع، عزيز الوجود، فهو مرتبة

ص:319

الصدّيقين، و إذا وجد فدوامه لا يزيد على صفرة الوجل، أو حمرة الخجل، و هو ينافي التدبيرات ما دام باقيا، إذ يكون صاحبه كالمبهموت.

ثمّ توكّل العبد على اللّه قد يكون في جميع اموره، و قد يكون في بعضها، و تختلف درجات ذلك بحسب كثرة الأمور المتوكّل فيها و قلّتها. . .

3-عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا: من اعطي الدعاء اعطي الإجابة، و من اعطي الشكر اعطي الزيادة، و من اعطي التوكّل اعطي الكفاية، ثمّ قال: أ تلوت كتاب اللّه عزّ و جلّ:

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ و قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (1)و قال:

اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (2). (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب التفويض، الرضا، التقوى، و القناعة عن الكافي و غيره.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: قال إبليس: خمسة [أشياء]ليس لي فيهنّ حيلة، و سائر الناس في قبضتي: من اعتصم باللّه عن نيّة صادقة و اتّكل عليه في جميع اموره، و من كثر تسبيحه في ليله و نهاره، و من رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، و من لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، و من رضي بما قسم اللّه له و لم يهتمّ لرزقه. (4)

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس شيء إلاّ و له حدّ، قلت:

جعلت فداك، فما حدّ التوكّل؟ قال: اليقين، قلت: فما حدّ اليقين؟ قال: أن لا تخاف

ص:320


1- -إبراهيم:7
2- المؤمن:60
3- الكافي ج 2 ص 53 ح 6
4- الخصال ج 1 ص 285 باب الخمسة ح 37

مع اللّه شيئا. (1)

أقول:

سيأتي شرح الحديث في باب اليقين.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لمّا أمر الملك فحبس يوسف في السجن ألهمه اللّه علم تأويل الرؤيا، فكان يعبّر لأهل السجن رؤياهم، و إنّ فتيين ادخلا معه السجن يوم حبسه، فلمّا باتا أصبحا فقالا له: إنّا رأينا رؤيا فعبّرها لنا، فقال:

و ما رأيتما؟ فقال أحدهما: إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ اَلطَّيْرُ مِنْهُ و قال الآخر: رأيت إنّي أسقي الملك خمرا، ففسّر لهما رؤياهما على ما في الكتاب، ثمّ قال للذي ظنّ أنّه ناج منهما: اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ .

قال: و لم يفزع يوسف في حاله إلى اللّه فيدعوه، فلذلك قال اللّه: فَأَنْساهُ اَلشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي اَلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ قال: فأوحى اللّه إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف، من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ قال: أنت يا ربّي، قال:

فمن حبّبك إلى أبيك؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن وجّه السيّارة إليك؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن علّمك الدعاء الذي دعوت به حتّى جعل لك من الجبّ فرجا؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟ قال: أنت يا ربّي، قال:

فمن أنطق لسان الصبيّ بعذرك؟ قال: أنت يا ربّي قال: فمن صرف كيد امرأة العزيز و النسوة؟ قال: أنت يا ربّي، قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا ربّي.

قال: فكيف استغثت بغيري و لم تستغث بي و تسألني أن أخرجك من السجن، و استغثت و أمّلت عبدا من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي، و لم تفزع إليّ؟ ! البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا

ص:321


1- -الوسائل ج 15 ص 202 ب 7 من جهاد النفس ح 4

إلى عبد. (1)

7-عن الصادق عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: كن لما لا ترجو أرجي منك لما ترجو، فإنّ موسى بن عمران عليه السّلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلّمه اللّه عزّ و جلّ فرجع نبيّا، و خرج ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السّلام، و خرج سحرة فرعون يطلبون العزّة لفرعون فرجعوا مؤمنين. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تدع طلب الرزق من حلّه، فإنّه عون لك

ص:322


1- -البحار ج 12 ص 301 باب قصص يعقوب و يوسف ح 100 أقول: في البحار ج 13 ص 130 باب بعثة موسى على فرعون ح 34 عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال: قلت للرضا عليه السّلام: لأيّ علّة أغرق اللّه فرعون و قد آمن به و أقرّ بتوحيده؟ قال: لأنّه آمن عند رؤية البأس، و الإيمان عند رؤية البأس غير مقبول. . . و لعلّة أخرى أغرقه اللّه عزّ و جلّ و هي أنّه استغاث بموسى لمّا أدركه الغرق و لم يستغث باللّه، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، لم تغث فرعون لأنّك لم تخلقه و لو استغاث بي لأغثته. و في ص 257 باب قصّة قارون في ح 4: . . . فقال موسى: يا بني إسرائيل، إنّ اللّه تعالى قد بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون، فمن كان معه فليثبت مكانه، و من كان معي فليعتزل، فاعتزلوا قارون و لم يبق معه إلاّ رجلان، ثمّ قال موسى عليه السّلام: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى كعابهم، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى ركبهم، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى حقوهم، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم، و قارون و أصحابه في كلّ ذلك يتضرّعون إلى موسى عليه السّلام و يناشده قارون باللّه و الرحم، حتّى روي في بعض الأخبار أنّه ناشده سبعين مرّة، و موسى في جميع ذلك لا يلتفت إليه لشدّة غضبه، ثمّ قال: يا أرض، خذيهم فانطبقت عليهم الأرض، فأوحى اللّه سبحانه إلى موسى: يا موسى، ما أفظّك! استغاثوا بك سبعين مرّة فلم ترحمهم و لم تغثهم، أما و عزّتي و جلالي لو إيّاي دعوني مرّة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا.
2- البحار ج 71 ص 134 باب التوكّل ح 9

على دينك، و اعقل راحلتك و توكّل. (1)

9-في مواعظ الباقر عليه السّلام: يا جابر، من [هذا]الذي سأل اللّه فلم يعطه؟ أو توكّل عليه فلم يكفه؟ أو وثق به فلم ينجه؟ (2)

10-سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن جبرئيل: ما التوكّل على اللّه عزّ و جلّ؟ فقال:

العلم بأنّ المخلوق لا يضرّ و لا ينفع، و لا يعطي و لا يمنع، و استعمال اليأس من الخلق، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى اللّه، و لم يرج و لم يخف سوى اللّه، و لم يطمع في أحد سوى اللّه، فهذا هو التوكّل. . . (3)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (4)قال: هو قول الرجل لو لا فلان لهلكت، و لو لا فلان لأصبت كذا و كذا، و لو لا فلان لضاع عيالي، أ لا ترى أنّه قد جعل شريكا في ملكه يرزقه و يدفع عنه؟ قال: قلت: فيقول: لو لا أنّ اللّه منّ عليّ بفلان لهلكت، قال: نعم لا بأس بهذا. (5)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّكم تتوكّلون على اللّه حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا. (6)

13-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يكون أقوى الناس فليتوكّل على اللّه. (7)

ص:323


1- -البحار ج 71 ص 137 ح 20
2- البحار ج 71 ص 138 ح 21
3- البحار ج 71 ص 138 ح 23
4- يوسف:106
5- البحار ج 71 ص 150 ح 49
6- البحار ج 71 ص 151 ح 51
7- البحار ج 71 ص 151 ح 51

14-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من وثق باللّه أراه السرور، و من توكّل عليه كفاه الأمور. (1)

15-و قال الباقر عليه السّلام: من توكّل على اللّه لا يغلب، و من اعتصم باللّه لا يهزم. (2)

16-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلاّ قطعت به أسباب السموات و أسباب الأرض من دونه، فإن سألني لم أعطه و إن دعاني لم أجبه، و ما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلاّ ضمّنت السموات و الأرض رزقه، فإن دعاني أجبته و إن سألني أعطيته، و إن استغفرني غفرت له. (3)

17-. . . و قال الجواد عليه السّلام: كيف يضيع من اللّه كافله؟ و كيف ينجو من اللّه طالبه؟ و من انقطع إلى غير اللّه وكله اللّه إليه. (4)

18-أمر نمرود بجمع الحطب في سواد الكوفة عند نهر كوثا من قرية قطنانا و أوقد النار، فعجزوا عن رمي إبراهيم فعمل لهم إبليس المنجنيق فرمي به، فتلقّاه جبرئيل في الهواء، فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أمّا إليك فلا، حسبي اللّه و نعم الوكيل، فاستقبله ميكائيل، فقال: إن أردت أخمدت النار فإنّ خزائن الأمطار و المياه بيدي، فقال: لا أريد، و أتاه ملك الريح، فقال: لو شئت طيّرت النار، قال: لا أريد، فقال: جبرئيل فاسأل اللّه! فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي. (5)

ص:324


1- -البحار ج 71 ص 151 ح 51
2- البحار ج 71 ص 151 ح 51
3- البحار ج 71 ص 155 ح 68
4- البحار ج 71 ص 155 ح 69
5- البحار ج 71 ص 155 ح 70

19-. . . قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوحي اللّه تبارك و تعالى إلى داود عليه السّلام أنّه ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيّته ثمّ تكيده السموات و الأرض و من فيهنّ إلاّ جعلت له المخرج من بينهنّ، و ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيّته إلاّ قطعت أسباب السموات من بين يديه و أسخت الأرض من تحته، و لم أبال في أيّ واد تهالك. (1)

20-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: و من التوكّل أن لا تخاف مع اللّه غيره. (2)

21-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من وثق باللّه أراه السرور، و من توكّل عليه كفاه الأمور، و الثقة باللّه حصن لا يتحصّن فيه إلاّ مؤمن أمين، و التوكّل على اللّه نجاة من كلّ سوء و حرز من كلّ عدوّ. . . (3)

22-قال (النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ظ) : من انقطع إلى اللّه كفاه اللّه مؤنته و رزقه من حيث لا يحتسب، و من انقطع إلى الدنيا و كله إليها. (4)

23-. . . و رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوما لا يزرعون، قال: ما أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون، قال: لا بل أنتم المتّكلون. (5)

24-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا تتّكل إلى غير اللّه فيكلك اللّه إليه، و لا تعمل لغير اللّه فيجعل ثوابك عليه. (6)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في خبر المعراج) أنّه قال:

يا ربّ، أيّ الأعمال أفضل؟ فقال اللّه عزّ و جلّ: يا أحمد، ليس شيء أفضل عندي

ص:325


1- -البحار ج 71 ص 157 ح 75
2- البحار ج 71 ص 158
3- البحار ج 78 ص 79
4- مشكوة الأنوار ص 18 ب 1 ف 4
5- المستدرك ج 11 ص 217 ب 11 من جهاد النفس ح 11
6- المستدرك ج 11 ص 217 ح 12

من التوكّل عليّ و الرضا بما قسمت. (1)

26-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه مرّ يوما على قوم، فرآهم أصحّاء جالسين في زاوية المسجد، فقال عليه السّلام: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون، قال عليه السّلام: لا بل أنتم المتأكّلة، فإن كنتم متوكّلين فما بلغ بكم توكّلكم؟ قالوا: إذا وجدنا أكلنا، و إذا فقدنا صبرنا، قال عليه السّلام: هكذا تفعل الكلاب عندنا، قالوا: فما نفعل؟ قال: كما نفعل، قالوا:

كيف تفعل؟ قال عليه السّلام: إذا وجدنا بذلنا، و إذا فقدنا شكرنا. (2)

27-دخل الأعرابيّ إلى مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: اعقلت ناقتك؟ قال: لا، قد توكّلت على اللّه، قال: اعقلها و توكّل [على اللّه]. (3)

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

التوكّل كفاية. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 94)

التوكّل خير عماد. (ص 20 ح 547)

التوكّل حصن الحكمة. (ص 21 ح 597)

التوكّل أفضل عمل. (ص 23 ح 656)

التوكّل من قوّة اليقين. (ص 25 ح 747)

التوكّل كفاية شريفة لمن اعتمد إليه. (ص 59 ح 1595)

التوكّل التبريّ من الحول و القوّة، و انتظار ما يأتي به القدر. (ص 81 ح 1938)

أصل قوّة القلب التوكّل على اللّه. (ص 188 ف 8 ح 256)

أقوى الناس إيمانا أكثرهم توكّلا على اللّه سبحانه. (ص 193 ح 328)

إنّ حسن التوكّل لمن صدق الإيقان. (ص 215 ف 9 ح 5)

بحسن التوكّل يستدلّ على حسن الإيقان. (ص 334 ف 18 ح 108)

ص:326


1- -المستدرك ج 11 ص 220 ح 18
2- المستدرك ج 11 ص 220 ح 20
3- ارشاد القلوب ص 165 ب 35

توكّل على اللّه سبحانه، فإنّه قد تكفّل بكفاية المتوكّلين عليه.

(ص 349 ف 22 ح 44)

حسن توكّل العبد على اللّه سبحانه على قدر يقينه به. (ص 377 ف 27 ح 29)

حسبك من توكّلك أن لا ترى لرزقك مجريا إلاّ اللّه سبحانه.

(ص 382 ف 28 ح 29)

صلاح العبادة التوكّل. (ص 452 ف 43 ح 11)

عليك بالاعتصام باللّه في كلّ امورك، فإنّها عصمة من كلّ شيء.

(ج 2 ص 481 ف 49 ح 45)

في التوكّل حقيقة الإيقان. (ص 513 ف 58 ح 42)

ليس لمتوكّل عناء. (ص 593 ف 73 ح 1)

ينبغي لمن رضي بقضاء اللّه سبحانه أن يتوكّل عليه. (ص 860 ف 87 ح 15)

من توكّل لم يهتمّ. (ص 616 ف 77 ح 130)

من وثق باللّه غني-من توكّل على اللّه كفي. (ص 618 ح 168 و 169)

من توكّل على اللّه كفاه-من اعتصم باللّه نجّاه. (ص 619 ح 183 و 184)

من اعتصم باللّه لم يضرّه شيطان. (ص 630 ح 380)

من وثق باللّه توكّل عليه. (ص 632 ح 414)

من توكّل على اللّه غني عن عباده. (ص 644 ح 599)

من وثق باللّه صان يقينه. (ص 645 ح 607)

من اعتصم باللّه عزّ مطلبه. (ص 649 ح 668)

من توكّل على اللّه سبحانه كفى و استغنى. (ص 655 ح 764)

من انقطع إلى غير اللّه سبحانه و تعالى شقي و تعنّى. (ح 765)

من وثق بقسم اللّه لم يتّهمه في الرزق. (ص 671 ح 987)

ص:327

من توكّل على اللّه سبحانه أضائت له الشبهات، و كفي المؤنات و أمن التبعات.

(ص 701 ح 1323)

من توكّل على اللّه هانت له الصعاب، و تسهّلت عليه الأسباب، و تبوّء الخفض (1)و الكرامة. (ص 706 ح 1366)

ص:328


1- -أي الراحة و السكون، يقال: هو في خفض من العيش أي في سعة و راحة

193- الوالدين

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. . . (1)

2- قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اِسْتَحَبُّوا اَلْكُفْرَ عَلَى اَلْإِيمانِ . الآيات. (3)

4- وَ قَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ اَلْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً- وَ اِخْفِضْ لَهُما جَناحَ اَلذُّلِّ مِنَ اَلرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ اِرْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً . (4)

ص:329


1- -البقرة:83
2- الأنعام:151
3- التوبة:23 و 24
4- الإسراء:23 و 24

5- يا يَحْيى خُذِ اَلْكِتابَ بِقُوَّةٍ. . . - وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ جَبّاراً عَصِيًّا . (1)

6-(حاكيا عن عيسى) وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيًّا . (2)

7- وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَ إِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (3)

8- وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اُشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ اَلْمَصِيرُ- وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي اَلدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اِتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . (4)

9- وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً. . . (5)

الأخبار

1-عن محمّد بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أوصني، فقال: لا تشرك باللّه شيئا و إن حرّقت بالنار و عذّبت إلاّ و قلبك مطمئنّ بالإيمان، و والديك فأطعهما و برّهما حيّين كانا أو ميّتين، و إن أمراك أن تخرج من أهلك و مالك فافعل، فإنّ ذلك من الإيمان. (6)

بيان:

«إلاّ و قلبك مطمئنّ بالإيمان» لعلّ المراد: إلاّ إذا خفت التحريق أو التعذيب فتتكلّم

ص:330


1- -مريم:12 إلى 14
2- مريم:32
3- العنكبوت:8
4- لقمان:14 و 15
5- الأحقاف:15
6- الكافي ج 2 ص 126 باب البرّ بالوالدين ح 2

تقيّة خلاف عقيدتك و قلبك مطمئنّ بالإيمان كما قال اللّه تعالى في قصّة عمّار:

إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ .

«برّهما» : بصيغة الأمر من باب علم و نصر يقال: برّ يبرّ فهو بارّ، و البرّ: الإحسان.

و في المرآة ج 8 ص 389، قال الطبرسيّ رحمه اللّه: البرّ أصله من السعة و منه البرّ خلاف البحر، و الفرق بين البرّ و الخير أنّ البرّ هو النفع الواصل إلى الغير ابتداء مع القصد إلى ذلك، و الخير يكون خيرا و إن وقع عن سهو، و ضدّ البرّ العقوق و ضدّ الخير الشرّ «مالك» أي بهبته.

2-عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، و برّ الوالدين، و الجهاد في سبيل اللّه عزّ و جلّ. (1)

3-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: سأل رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما حقّ الوالد على ولده؟ قال: لا يسمّيه باسمه، و لا يمشي بين يديه، و لا يجلس قبله، و لا يستسبّ له. (2)

بيان:

«لا يستسبّ له» : أي لا يفعل ما يصير سببا لسبّ الناس لأبيه.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيّين و ميّتين؛ يصلّي عنهما، و يتصدّق عنهما، و يحجّ عنهما، و يصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، و له مثل ذلك فيزيده اللّه عزّ و جلّ ببرّه و صلته خيرا كثيرا. (3)

5-عن معمّر بن خلاّد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: أدعو لوالديّ إذا كانا لا يعرفان الحقّ؟ قال: ادع لهما و تصدّق عنهما، و إن كان حيّين لا يعرفان

ص:331


1- -الكافي ج 2 ص 127 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 127 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 127 ح 7

الحقّ فدارهما، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه بعثني بالرحمة لا بالعقوق. (1)

بيان:

يدلّ الحديث على جواز الدعاء و التصدّق للوالدين المخالفين للحقّ بعد موتهما، و لزوم المداراة لهما في حياتهما، على أنّ برّ الوالدين لا يتوقّف على الإسلام لقوله تعالى: وَ وَصَّيْنَا اَلْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ. . . وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي اَلدُّنْيا مَعْرُوفاً و هي نصّ في البرّ لهما إذا كانا مشركين، و فيها دلالة على مخالفتهما إذا أمرا بالمعصية. هذا و لكن تخصيص الخبر بما إذا لم يكونا ناصبيين معلنيين لعداوة أهل البيت عليهم السّلام ممّا لا تأمّل فيه، حيث إنّهما مهدورا الدم.

6-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، من أبرّ؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال ثمّ من؟ قال: أباك. (2)

7-عن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

يا رسول اللّه، إنّي راغب في الجهاد نشيط، قال: فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فجاهد في سبيل اللّه، فإنّك إن تقتل تكن حيّا عند اللّه ترزق، و إن تمت فقد وقع أجرك على اللّه، و إن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت.

قال: يا رسول اللّه، إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنّهما يأنسان بي و يكرهان خروجي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فقرّ مع والديك، فو الذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما و ليلة خير من جهاد سنة. (3)

ص:332


1- -الكافي ج 2 ص 127 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 127 ح 9
3- الكافي ج 2 ص 128 ح 10

بيان:

«فقرّ» : فعل أمر من القرار.

8-عن زكريّا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيّا فأسلمت و حججت، فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلت: إنّي كنت على النصرانيّة و إنّي أسلمت، فقال:

و أيّ شيء رأيت في الإسلام؟ قلت: قول اللّه عزّ و جلّ: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا اَلْكِتابُ وَ لاَ اَلْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ (1)فقال: لقد هداك اللّه.

ثمّ قال: اللهمّ اهده-ثلاثا-، سل عمّا شئت يا بنيّ، فقلت: إنّ أبي و أمّي على النصرانيّة و أهل بيتي، و أمّي مكفوفة البصر فأكون معهم و آكل في آنيتهم؟ فقال: يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا و لا يمسّونه، فقال: لا بأس، فانظر امّك فبرّها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها، و لا تخبرنّ أحدا أنّك أتيتني حتّى تأتيني بمنى إن شاء اللّه، قال: فأتيته بمنى و الناس حوله كأنّه معلّم صبيان، هذا يسأله و هذا يسأله.

فلمّا قدمت الكوفة ألطفت لأمّي و كنت اطعمها و أفلّي ثوبها و رأسها و أخدمها، فقالت لي: يا بنيّ، ما كنت تصنع بي هذا و أنت على ديني، فما الذي أراى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفيّة؟ فقلت: رجل من ولد نبيّنا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبيّ؟ فقلت: لا و لكنّه ابن نبيّ.

فقالت: يا بنيّ، إنّ هذا نبيّ إنّ هذه وصايا الأنبياء، فقلت: يا امّه، إنّه ليس يكون بعد نبيّنا نبيّ و لكنّه ابنه، فقالت: يا بنيّ، دينك خير دين اعرضه عليّ، فعرضته عليها فدخلت في الإسلام و علّمتها، فصلّت الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة، ثمّ عرض لها عارض في الليل، فقالت: يا بنيّ، أعد عليّ

ص:333


1- -الشورى:52

ما علّمتني فأعدته عليها، فأقرّت به و ماتت، فلمّا أصبحت كان المسلمون الذين غسّلوها، و كنت أنا الذي صلّيت عليها و نزلت في قبرها. (1)

بيان:

«فإذا ماتت. . .» : معجزة له عليه السّلام لأنّه كان يعلم بأنّ أمّه سوف تسلم و تموت فوصّى عليه السّلام بأوامر. «أفلّي ثوبها» في القاموس: فلى رأسه يفليه: بحثه عن القمل، كفلاّه.

9-عن إبراهيم بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أبي قد كبر جدّا و ضعف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة، فقال: إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل، و لقّمه بيدك فإنّه جنّة لك غدا. (2)

بيان:

«أن تلي ذلك» : أي بنفسك. «فإنّه جنّة» : أي وقاية لك من النار.

10-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثلاث لم يجعل اللّه عزّ و جلّ لأحد فيهنّ رخصة:

أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبرّ و الفاجر، و برّ الوالدين برّين كانا أو فاجرين. (3)

11-عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: هل يجزي الولد والده؟ فقال:

ليس له جزاء إلاّ في خصلتين: يكون الوالد مملوكا فيشتريه ابنه فيعتقه، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه. (4)

12-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ العبد ليكون بارّا بوالديه في حياتهما، ثمّ يموتان، فلا يقضي عنهما ديونهما، و لا يستغفر لهما فيكتبه اللّه عاقّا، و إنّه ليكون عاقّا لهما في حياتهما غير بارّ بهما، فإذا ماتا قضى دينهما،

ص:334


1- -الكافي ج 2 ص 128 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 129 ح 13
3- الكافي ج 2 ص 129 ح 15
4- الكافي ج 2 ص 130 ح 19

و استغفر لهما، فيكتبه اللّه عزّ و جلّ بارّا. (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أدنى العقوق أفّ، و لو علم اللّه عزّ و جلّ شيئا أهون منه لنهى عنه. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 371: المراد بعقوق الوالدين ترك الأدب لهما و الإتيان بما يؤذيهما قولا و فعلا، و مخالفتهما في أغراضهما الجائزة عقلا و نقلا، و قد عدّ من الكبائر، و دلّ على حرمته الكتاب و السنّة و أجمع عليها الخاصّة و العامّة.

و في النهاية ج 3 ص 277، يقال: عقّ والده يعقّه عقوقا فهو عاقّ: إذا آذاه و عصاه و خرج عليه. و هو ضدّ البرّ به، و أصله من العقّ: الشقّ و القطع.

14-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كن بارّا و اقتصر على الجنّة، و إن كنت عاقّا [فظّا]فاقتصر على النار. (3)

بيان:

«اقتصر على الجنّة» : أي اكتف بها.

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من نظر إلى أبويه نظر ماقت و هما ظالمان له لم يقبل اللّه له صلاة. (4)

بيان:

«المقت» : البغض.

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنّة، فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلاّ صنف واحد،

ص:335


1- -الكافي ج 2 ص 130 ح 21
2- الكافي ج 2 ص 260 باب العقوق ح 1
3- الكافي ج 2 ص 260 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 260 ح 5

قلت: من هم؟ قال: العاقّ لوالديه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر لاحظ باب الجنّة و غيره.

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو علم اللّه شيئا أدنى من افّ لنهى عنه، و هو من أدنى العقوق، و من العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما. (2)

18-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أبي نظر إلى رجل و معه ابنه يمشي و الابن متّكئ على ذراع الأب، قال: فما كلّمه أبي عليه السّلام مقتا له حتّى فارق الدنيا. (3)

أقول:

قد مرّ في باب الكبر: نزعت النبوّة من عقب يوسف عقوبة لما لم ينزل ليعقوب عن مركبه.

(راجع الكافي ج 2 ص 235 باب الكبر ح 15-و العلل ج 1 ص 55 ب 47)

19-عن محمّد بن سنان أنّ الرضا عليه السّلام كتب إليه: حرّم اللّه عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التوفيق لطاعة اللّه تعالى، و التوقير للوالدين، و تجنّب كفر النعمة، و إبطال الشكر، و ما يدعو من ذلك إلى قلّة النسل و انقطاعه، لما في العقوق من قلّة توقير الوالدين، و العرفان بحقّهما، و قطع الأرحام، و الزهد من الوالدين في الولد، و ترك التربية، لعلّة ترك الولد برّهما. (4)

20-عن عبد العظيم الحسنيّ عن محمّد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عقوق الوالدين من الكبائر لأنّ اللّه تعالى جعل

ص:336


1- -الكافي ج 2 ص 260 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 261 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 261 ح 8
4- العلل ج 2 ص 479 ب 229 ح 1( الوسائل ج 21 ص 502 ب 104 من أحكام الأولاد ح 9)

العاقّ عصيّا شقيّا. (1)

أقول:

أشار عليه السّلام إلى الآية 14 و 32 من سورة مريم.

21-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام قال: جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره. (2)

22-في رسالة عليّ بن الحسين عليهما السّلام في الحقوق: فحقّ أمّك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا، و أطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، و أنّها وقتك بسمعها و بصرها و يدها و رجلها و شعرها و بشرها و جميع جوارحها، مستبشرة بذلك، فرحة موبلة، محتملة لما فيه مكروهها و ألمها و ثقلها و غمّها، حتّى دفعتها عنك يد القدرة و أخرجتك إلى الأرض.

فرضيت أن تشبع و تجوع هي، و تكسوك و تعرى، و ترويك و تظمأ، و تظلّك و تضحى، و تنعّمك ببؤسها، و تلذّذك بالنوم بأرقّها، و كان بطنها لك وعاء، و حجرها لك حواء، و ثديها لك سقاء، و نفسها لك وقاء، تباشر حرّ الدنيا و بردها لك و دونك، فتشكرها على قدر ذلك و لا تقدر عليه إلاّ بعون اللّه و توفيقه.

و أمّا حقّ أبيك فتعلم أنّه أصلك و أنّك فرعه، و أنّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ممّا يعجبك فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه، و احمد اللّه و اشكره على قدر ذلك، و لا قوّة إلاّ باللّه. (3)

بيان:

«وقتك» : من الوقاية أي حفظتك و سترتك.

23-في حكم الصادق عليه السّلام (نثر الدرر) : و يجب للوالدين على الولد ثلاثة

ص:337


1- -العلل ج 2 ص 479 ح 2
2- تحف العقول ص 363
3- تحف العقول ص 189

أشياء: شكرهما على كلّ حال، و طاعتهما فيما يأمرانه و ينهيانه عنه في غير معصية اللّه، و نصيحتهما في السرّ و العلانية. و تجب للولد على والده ثلاث خصال: اختياره لوالدته، و تحسين اسمه، و المبالغة في تأديبه. (1)

24-قيل لعليّ بن الحسين عليهما السّلام: أنت أبرّ الناس بأمّك و لا نراك تأكل معها، قال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها. (2)

25-و سئل الصادق عليه السّلام: لم أيتم اللّه نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله؟ قال: لئلاّ يكون لأحد عليه منّة. (3)

26-جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا رسول اللّه، لم أترك شيئا من القبيح إلاّ و قد فعلته، فهل لي من توبة؟ فقال له: هل بقي من والديك أحد؟ فقال:

نعم أبي، فقال صلّى اللّه عليه و آله: اذهب و أبرره، فلمّا ولّى، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لو كانت امّه. (4)

27-و قال عليه السّلام: من سرّه أن يمدّ له في عمره و يبسط له في رزقه، فليصل أبويه، فإنّ صلتهما من طاعة اللّه. (5)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رقودك على السرير إلى جنب والديك في برّهما أفضل من جهادك بالسيف في سبيل اللّه. (6)

29-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، رضى اللّه كلّه في رضاء الوالدين، و سخط اللّه في سخطهما.

و قال: يقال للعاقّ: اعمل ما شئت فإنّي لا أغفر لك و يقال للبارّ: اعمل

ص:338


1- -تحف العقول ص 238( البحار ج 78 ص 236)
2- مكارم الأخلاق ص 221 ب 8 ف 6
3- مكارم الأخلاق ص 221
4- عدّة الداعي ص 76 في ب 2
5- عدّة الداعي ص 76
6- جامع الأخبار ص 83 ف 40

ما شئت فإنّي سأغفر لك. (1)

30-و قال صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، رأيت على باب الجنّة مكتوبا؛ أنت محرّمة على كلّ بخيل و مراء و عاقّ و نمّام. (2)

31-قال الصادق عليه السّلام: برّوا آباءكم يبرّكم أبناؤكم، و عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم. (3)

32-عن الرقّي عن الصادق عليه السّلام قال: من أحبّ أن يخفّف اللّه عزّ و جلّ عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولا، و بوالديه بارّا، فإذا كان كذلك، هوّن اللّه عليه سكرات الموت، و لم يصبه في حياته فقر أبدا. (4)

33-عن أبي الحسن الثالث عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: ثلاث دعوات لا يحجبن عن اللّه تعالى: دعاء الوالد لولده إذا برّه، و دعوته عليه إذا عقّه، و دعاء المظلوم على ظالمه، و دعاؤه لمن انتصر له منه، و رجل مؤمن دعا لأخ له مؤمن واساه فينا، و دعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه و اضطرار أخيه إليه. (5)

34-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما ولد بارّ نظر إلى أبويه برحمة إلاّ كان له بكلّ نظرة حجّة مبرورة، فقالوا: يا رسول اللّه، و إن نظر في كلّ يوم مائة نظرة؟ قال: نعم، اللّه أكبر و أطيب. (6)

ص:339


1- -جامع الأخبار ص 83
2- جامع الأخبار ص 84
3- البحار ج 74 ص 65 باب برّ الوالدين ح 31
4- البحار ج 74 ص 66 ح 33
5- البحار ج 74 ص 72 ح 57
6- البحار ج 74 ص 73 ح 58

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب النظر.

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها و لا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، و البغي على الناس، و كفر الإحسان. (1)

36-عن سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حضر شابّا عند وفاته فقال له: قل: «لا إله إلاّ اللّه» ، قال: فاعتقل لسانه مرارا فقال:

لامرأة عند رأسه: هل لهذا امّ؟ قالت: نعم أنا امّه، قال: أ فساخطة أنت عليه؟ قالت: نعم، ما كلّمته منذ ستّ حجج، قال لها: ارضي عنه قالت: رضي اللّه عنه برضاك يا رسول اللّه.

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قل: «لا إله إلاّ اللّه» قال: فقالها. فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

ما ترى؟ فقال: أرى رجلا أسود قبيح المنظر و سخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة فأخذ بكظمي.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قل «يا من يقبل اليسير و يعفو عن الكثير اقبل منّي اليسير و اعف عنّي الكثير إنّك أنت الغفور الرحيم» فقالها الشابّ، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

انظر ما ترى؟ قال: أرى رجلا أبيض اللون، حسن الوجه، طيّب الريح حسن الثياب، قد وليني و أرى الأسود قد تولّى عنّي، قال: أعد فأعاد، قال: ما ترى؟ قال: لست أرى الأسود، و أرى الأبيض قد وليني، ثم طفا على تلك الحال. (2)

بيان:

«فأخذ بكظمي» الكظم: الحلق و مخرج النفس، يقال: أخذ بكظمه: أي كربه و غمّه.

ص:340


1- -البحار ج 74 ص 74 ح 64
2- البحار ج 74 ص 75 ح 67

«طفا» : أي مات.

37-. . . عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إيّاكم و دعوة الوالد، فإنّها ترفع فوق السحاب حتّى ينظر اللّه تعالى إليها، فيقول اللّه تعالى: ارفعوها إليّ حتى أستجيب له، فإيّاكم و دعوة الوالد، فإنّها أحدّ من السيف. (1)

38-. . . عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيّد الأبرار يوم القيامة رجل برّ والديه بعد موتهما. (2)

39-عن البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له، ثمّ أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل، ثمّ جاء يطلب بدمه، فقالوا لموسى عليه السّلام: إنّ سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله؟ قال: ائتوني ببقرة. . . فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل فقال:

لا أبيعها إلاّ بملء مسكها ذهبا، فجاؤا إلى موسى عليه السّلام فقالوا له ذلك، فقال:

اشتروها، فاشتروها و جاؤوا بها، فأمر بذبحها ثمّ أمر أن يضربوا الميّت بذنبها، فلمّا فعلوا ذلك حيي المقتول، و قال: يا رسول اللّه، إنّ ابن عمّي قتلني، دون من يدّعي عليه قتلي، فعلموا بذلك قاتله.

فقال لرسول اللّه موسى عليه السّلام بعض أصحابه: إنّ هذه البقرة لها نبأ، فقال:

و ما هو؟ قال: إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه و إنّه اشترى تبيعا فجاء إلى أبيه فرأى أنّ الأقاليد تحت رأسه، فكره أن يوقظه فترك ذلك البيع، فاستيقظ أبوه فأخبره فقال: أحسنت خذ هذه البقرة فهي لك عوضا لما فاتك، قال: فقال رسول اللّه موسى عليه السّلام: انظروا إلى البرّ ما بلغ بأهله. (3)

ص:341


1- -البحار ج 74 ص 83 ح 94
2- البحار ج 74 ص 86 ح 100
3- البحار ج 74 ص 68 ح 41

بيان:

«مسكها» المسك: الجلد، سمّي بذلك لأنّه يمسك فيه الشيء إذا جعل سقاء.

40-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من أحزن والديه فقد عقّهما. (1)

41-عن أبي جميلة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان في بني إسرائيل عابد يقال له: جريح و كان يتعبّد في صومعة، فجاءته امّه و هو يصلّي فدعته فلم يجبها فانصرفت، ثمّ أتته و دعته فلم يلتفت إليها فانصرفت ثمّ أتته و دعته فلم يجبها و لم يكلّمها فانصرفت و هي تقول: أسأل إله بني إسرائيل أن يخذلك.

فلمّا كان من الغد جائت فاجرة و قعدت عند صومعته قد أخذها الطلق فادّعت أنّ الولد من جريح، ففشا في بني إسرائيل أنّ من كان يلوم الناس على الزنا قد زنى و أمر الملك بصلبه، فأقبلت امّه إليه فلطم وجهها، فقال لها: اسكتي إنّما هذا لدعوتك.

فقال الناس لمّا سمعوا ذلك منه: و كيف لنا بذلك؟ قال: هاتوا الصبيّ فجاؤوا به فأخذه فقال: من أبوك: فقال: فلان الراعي لبني فلان، فأكذب اللّه الذين قالوا ما قالوا في جريح، فحلف جريح ألاّ يفارق امّه يخدمها. (2)

بيان:

«الطلق» : وجع الولادة.

42-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: بين الأنبياء و البارّ درجة، و بين العاقّ و الفراعنة دركة. (3)

43-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من يضمن لي برّ الوالدين و صلة الرحم، أضمن له

ص:342


1- -البحار ج 74 ص 72 ح 53
2- البحار ج 74 ص 75 ح 68
3- المستدرك ج 15 ص 176 ب 68 من أحكام الأولاد ح 14

كثرة المال، و زيادة العمر، و المحبّة في العشيرة. (1)

44-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: برّ الوالدين أكبر فريضة.

و قال عليه السّلام: برّوا آبائكم يبرّكم أبناءكم.

و قال عليه السّلام: من برّ والديه برّه ولده. (2)

45-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة تحت أقدام الأمّهات.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: تحت أقدام الأمّهات روضة من رياض الجنّة. (3)

46-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و ليعمل العاقّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنّة.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أكبر الكبائر؛ الشرك باللّه، و عقوق الوالدين. (4)

47-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة لا يحجبون عن النار: العاقّ لوالديه، و المدمن للخمر، و المانّ بعطائه، قيل: يا رسول اللّه، و ما عقوق الوالدين؟ قال: يأمران فلا يطيعهما، و يسألانه فيحرمهما، و إذا رآهما لم يعظّمهما بحقّ ما يلزمه لهما. . . (5)

48-و في الحديث عنه صلّى اللّه عليه و آله، قيل: يا رسول اللّه، ما حقّ الوالد؟ قال:

أن تطيعه ما عاش، فقيل: ما حقّ الوالدة؟ فقال: هيهات هيهات، لو أنّه عدد رمل عالج، و قطر المطر أيّام الدنيا، قام بين يديها، ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها. (6)

49-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قم من مجلسك لأبيك و معلّمك و لو كنت أميرا. (7)

ص:343


1- -المستدرك ج 15 ص 176 ح 12
2- المستدرك ج 15 ص 178 ح 21
3- المستدرك ج 15 ص 180 ب 70 ح 4
4- المستدرك ج 15 ص 193 ب 75 ح 19
5- المستدرك ج 15 ص 193 ح 23
6- المستدرك ج 15 ص 203 ب 77 ح 19
7- المستدرك ج 15 ص 203 ح 20

50-قال الباقر عليه السّلام: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أعظم حقّا على الرجل؟ قال: والداه. (1)

51-قال الصادق عليه السّلام: برّ الوالدين من حسن معرفة العبد باللّه، إذ لا عبادة أسرع بلوغا لصاحبها إلى رضا اللّه من برّ الوالدين المؤمنين لوجه اللّه تعالى، لأنّ حقّ الوالدين مشتقّ من حقّ اللّه تعالى، إذا كانا على منهاج الدين و السنّة، و لا يكونان يمنعان الولد من طاعة اللّه إلى معصيته (إلى طاعتهما ف ن) ، و من اليقين إلى الشكّ، و من الزهد إلى الدنيا، و لا يدعوانه إلى خلاف ذلك، فإذا كانا كذلك فمعصيتهما طاعة و طاعتهما معصية، قال اللّه تعالى: وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي اَلدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اِتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ .

و أمّا في باب المصاحبة (العشرة ف ن) فقاربهما، و ارفق بهما، و احتمل أذاهما، بحقّ (نحو ف ن) ما احتملا عنك في حال صغرك، و لا تضيّق عليهما فيما قد وسّع اللّه عليك من المأكول و الملبوس، و لا تحوّل وجهك (بوجهك ف ن) عنهما، و لا ترفع صوتك فوق صوتهما، فإنّ تعظيمهما من أمر اللّه، و قل لهما بأحسن القول، و الطف بهما، فإنّ اللّه لا يضيع أجر المحسنين. (2)

أقول:

ستأتي جملة من حقوقهما في باب الولد إن شاء اللّه.

ص:344


1- -مشكوة الأنوار ص 158 ب 3 ف 14
2- مصباح الشريعة ص 48 ب 72

194- الولد

الآيات

1- وَ اَلْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ اَلرَّضاعَةَ وَ عَلَى اَلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَ لا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ. . . (1)

2- . . . وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيّاهُمْ. . . (2)

3- وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اَللّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (3)

4- وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ . (4)

5- اَلْمالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَلْباقِياتُ اَلصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً . (5)

6- وَ ما أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ

ص:345


1- -البقرة:233
2- الأنعام:151 و بمدلولها في الإسراء:31
3- الأنفال:28
4- النحل:58
5- الكهف:46

صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ اَلضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِي اَلْغُرُفاتِ آمِنُونَ . (1)

7- اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ. . . (2)

8- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ . (3)

9- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا فَإِنَّ اَللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ اَللّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . (4)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الولد الصالح ريحانة من اللّه قسّمها بين عباده، و إنّ ريحانتي من الدنيا الحسن و الحسين عليهما السّلام، سمّيتهما باسم سبطين من بني إسرائيل: شبّرا و شبيرا. (5)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 288: «إنّكم لمن ريحان اللّه» يعني الأولاد، الريحان: يطلق على الرحمة و الرزق و الراحة، و بالرزق سمّي الولد ريحانا.

و في مجمع البحرين (ريح) ، في الحديث: «الحسن و الحسين ريحانتان» يعني أشمّهما و أقبّلهما، لأنّ الأولاد يشمّون و يقبّلون، فكأنّهم من جملة الرياحين.

ص:346


1- -سبأ:37
2- الحديد:20
3- المنافقون:9
4- التغابن:14 و 15
5- الوسائل ج 21 ص 358 ب 2 من أحكام الأولاد ح 1

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مرّ عيسى بن مريم عليه السّلام بقبر يعذّب صاحبه، ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو لا يعذّب، فقال: يا ربّ، مررت بهذا القبر عام أوّل و هو يعذّب، و مررت به العام فإذا هو ليس يعذّب؟

فأوحى اللّه إليه: أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا، و آوى يتيما، فلهذا غفرت له بما عمل (فعل ف ن) ابنه.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ميراث اللّه عزّ و جلّ من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده، ثمّ تلا أبو عبد اللّه عليه السّلام آية زكريّا: ربّ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا- يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اِجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (1). (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه ليرحم الرجل لشدّة حبّه لولده. (3)

4-قال أبو الحسن عليه السّلام: أوّل ما يبرّ الرجل ولده أن يسمّيه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده. (4)

5-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، حقّ الولد على والده؛ أن يحسن اسمه و أدبه، و يضعه موضعا صالحا، و حقّ الوالد على ولده؛ أن لا يسمّيه باسمه، و لا يمشي بين يديه، و لا يجلس أمامه، و لا يدخل معه الحمّام.

يا عليّ، لعن اللّه والدين حملا ولدهما على عقوقهما.

يا عليّ، يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما.

يا عليّ، رحم اللّه والدين حملا ولدهما على برّهما.

ص:347


1- -مريم:5 و 6
2- الوسائل ج 21 ص 359 ح 5
3- الوسائل ج 21 ص 359 ح 7
4- الوسائل ج 21 ص 388 ب 22 ح 1

يا عليّ، من أحزن والديه فقد عقّهما. (1)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دع ابنك يلعب سبع سنين، و ألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح و إلاّ فإنّه من لا خير فيه. (2)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الغلام يلعب سبع سنين، و يتعلّم الكتاب سبع سنين، و يتعلّم الحلال و الحرام سبع سنين. (3)

8-قال الصادق عليه السّلام: دع ابنك يلعب سبع سنين، و يؤدّب سبع سنين، و ألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح و إلاّ فلا خير فيه. (4)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يربّى (يرفّ) الصبيّ سبعا و يؤدّب سبعا و يستخدم سبعا، و منتهى طوله في ثلاث و عشرين سنة، و عقله في خمس و ثلاثين، و ما كان بعد ذلك فبالتجارب. (5)

بيان:

«رفّه» : خدمه و أحسن إليه.

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة. (6)

بيان:

«بادروا أحداثكم» : في بعض النسخ: "أولادكم"، في الوافي و المرآة ج 21 ص 82:

أي علّموهم في بدو شبابهم و عند بلوغهم، التميز من الحديث ما يهتدون به

ص:348


1- -الوسائل ج 21 ص 389 ح 4
2- الوسائل ج 21 ص 473 ب 82 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 474 ب 83 ح 1
4- الوسائل ج 21 ص 475 ح 4
5- الوسائل ج 21 ص 475 ح 5
6- الوسائل ج 21 ص 476 ب 84 ح 1

إلى معرفة الأئمّة عليهم السّلام، و مذهب التشيّع، قبل أن يغويهم المخالفون، و يدخلوهم في ضلالتهم، و يتعسّر بعد ذلك صرفهم عنه.

و قد مرّ معنى المرجئة في باب الحديث.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالناس الظهر فخفّف في الركعتين الأخيرتين فلمّا انصرف، قال الناس: هل حدث في الصلاة شيء؟ قال: و ما ذاك؟ قالوا: خفّفت في الركعتين الأخيرتين، فقال لهم: أو ما سمعتم صراخ الصبيّ. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حقّ الولد على والده إذا كان ذكرا أن يستفره امّه، و يستحسن اسمه، و يعلّمه كتاب اللّه، و يطهّره، و يعلّمه السباحة، و إذا كانت انثى أن يستفره امّها، و يستحسن اسمها، و يعلّمها سورة النور، و لا يعلّمها سورة يوسف، و لا ينزلها الغرف، و يعجّل سراحها إلى بيت زوجها. (2)

بيان:

قد مرّ آخر الحديث مع بيانه في باب النساء.

«يستفره امّه» : أي يستكرم امّه فلا يدعو لأمّه بالسبّ و اللعن و الفحش، و في الوافي و المرآة: أي يستكرمها و يجعلها فارهة كريمة الأصل، و هذا من باب النظر إلى العواقب. «يطهّره» : التطهير أي الختان. «سراحها» السراح: الإرسال، فالمعنى:

يعجّل إرسالها إلى بيت زوجها سريعا سهلا.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رحم اللّه من أعان ولده على برّه، قال: قلت: كيف يعينه على برّه؟ قال: يقبل ميسوره و يتجاوز

ص:349


1- -الوسائل ج 21 ص 480 ب 86 ح 3
2- الوسائل ج 21 ص 481 ح 7

عن معسوره و لا يرهقه و لا يخرق به، و ليس بينه و بين أن يدخل في حدّ من حدود الكفر إلاّ أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم.

ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة طيّبة، طيّبها اللّه و طيّب ريحها، يوجد ريحها من مسيرة ألفي عام، و لا يجد ريح الجنّة عاقّ و لا قاطع رحم و لا مرخي الإزار خيلاء. (1)

بيان:

في الوافي و المرآة ج 21 ص 87: «لا يرهقه» أي لا يسفه عليه و لا يظلمه، من الرهق محرّكة، أو لا يحمّل عليه ما لا يطيقه من الإرهاق، يقال: لا يرهقني لا أرهقك اللّه أي لا أعسرك اللّه.

«الخرق» بالضمّ و التحريك: ضدّ الرفق. «الإرخاء» : الإرسال.

«الخيلاء» : التكبّر عن تخيّل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه.

14-قال عليه السّلام: من حقّ الولد على والده ثلاثة: يحسّن اسمه، و يعلّمه الكتابة، و يزوّجه إذا بلغ. (2)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أحبّوا الصبيان و ارحموهم، و إذا وعدتموهم شيئا ففوا لهم، فإنّهم لا يرون (لا يدرون م) إلاّ أنّكم ترزقونهم. (3)

أقول:

نظيره ح 5، و زاد في آخره: «إنّ اللّه عزّ و جلّ ليس يغضب لشيء كغضبه للنساء و الصبيان» .

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ما قبّلت

ص:350


1- -الوسائل ج 21 ص 481 ح 8
2- الوسائل ج 21 ص 482 ح 9
3- الوسائل ج 21 ص 483 ب 88 ح 3

صبيّا قطّ، فلمّا ولّى قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هذا رجل عندي أنّه من أهل النار. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب التقبيل.

17-نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى رجل له ابنان، فقبّل أحدهما و ترك الآخر، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فهلاّ واسيت بينهما. (2)

18-أتى رجل عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأخبر بمولود أصابه فتغيّر وجه الرجل، فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما لك؟ فقال: خير، فقال: قل، قال: خرجت و المرأة تمخض، فأخبرت أنّها ولدت جارية، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الأرض تقلّها، و السماء تظلّها، و اللّه يرزقها، و هي ريحانة تشمّها.

ثمّ أقبل على أصحابه فقال: من كانت له ابنة فهو مفدوح، و من كانت له ابنتان فوا غوثاه باللّه، و من كانت له ثلاث وضع عنه الجهاد و كلّ مكروه، و من كانت له أربع فيا عباد اللّه أعينوه، يا عباد اللّه أقرضوه، يا عباد اللّه ارحموه. (3)

أقول:

قد مرّ ما بمضمونه في باب الأسماء و الألقاب و هو حديث السكونيّ.

بيان: في المرآة ج 21 ص 13، «تقلّها» : أي تحملها. «مفدوح» قال رحمه اللّه: أي ذو تعب و ثقل و صعوبة، من قولهم: فدحه الدين أي أثقله.

و في الفقيه بدلها: "مقروح"أي مقروح القلب.

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: دعاء الوالد لولده كدعاء النبيّ لأمّته. (4)

20-قال الصادق عليه السّلام: البنات حسنات، و البنون نعمة، فالحسنات يثاب

ص:351


1- -الوسائل ج 21 ص 484 ب 89 ح 1
2- الوسائل ج 21 ص 487 ب 91 ح 3
3- الوسائل ج 21 ص 363 ب 5 ح 2
4- مشكوة الأنوار ص 162 ب 3 ف 14

عليها، و النعمة يسأل عنها. (1)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اعدلوا بين أولادكم [في السرّ]كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ و اللطف. (2)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق. (3)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكرموا أولادكم و أحسنوا أدبهم يغفر لكم. (4)

24-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام قال: و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية: ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، و يشتغل لبّك، لتستقبل بجدّ رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته و تجربته. (5)

بيان:

«جدّ رأيك» : أي محقّقه و ثابته (صبحي) «بغيته» يقال: كفاه بغية الشيء: أغناه عن طلبه.

25-و قال عليه السّلام لبعض أصحابه: لا تجعلنّ أكثر شغلك بأهلك و ولدك: فإن يكن أهلك و ولدك أولياء اللّه، فإنّ اللّه لا يضيع أولياءه، و إن يكونوا أعداء اللّه فما همّك و شغلك بأعداء اللّه؟ ! (6)

26-و قال عليه السّلام: إنّ للولد على الوالد حقّا، و إنّ للوالد على الولد حقّا،

ص:352


1- -مكارم الأخلاق ص 219 ب 8 ف 6
2- مكارم الأخلاق ص 220
3- مكارم الأخلاق ص 220
4- مكارم الأخلاق ص 222
5- نهج البلاغة ص 912 في ر 31
6- نهج البلاغة ص 1251 ح 344

فحقّ الوالد على الولد؛ أن يطيعه في كلّ شيء إلاّ في معصية اللّه سبحانه، و حقّ الولد على الوالد؛ أن يحسّن اسمه، و يحسّن أدبه، و يعلّمه القرآن. (1)

أقول:

قد مرّ في باب الأسماء أخبار عديدة في تسمية الولد باسم حسن.

27-في رسالة السجّاد عليه السّلام في الحقوق: و أمّا حقّ ولدك؛ فتعلم أنّه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شرّه، و أنّك مسئول عمّا ولّيته من حسن الأدب، و الدلالة على ربّه و المعونة له على طاعته فيك و في نفسه، فمثاب على ذلك و معاقب، فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربّه فيما بينك و بينه بحسن القيام عليه، و الأخذ له منه، و لا قوّة إلاّ باللّه. (2)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أولادنا أكبادنا؛ صغراؤهم أمراؤنا، و كبراؤهم أعداؤنا، فإن عاشوا فتنونا، و إن ماتوا حزنونا. (3)

29-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ عن ثلاث: ولد صالح يدعو له، و علم ينتفع بعده، و صدقة جارية. (4)

30-روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنّه نظر إلى بعض الأطفال، فقال: ويل لأولاد آخر الزمان من آبائهم، فقيل: يا رسول اللّه، من آبائهم المشركين؟ فقال: لا، من آبائهم المؤمنين، لا يعلّمونهم شيئا من الفرائض، و إذا تعلّموا أولادهم منعوهم، و رضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا، فأنا منهم بريء و هم منّي براء. (5)

ص:353


1- -نهج البلاغة ص 1274 ح 391
2- تحف العقول ص 189
3- جامع الأخبار ص 105 ف 62
4- جامع الأخبار ص 105
5- جامع الأخبار ص 106

بيان:

«العرض» : اسم لما لا دوام له، المتاع، حطام الدنيا.

31-عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا نظر الوالد إلى ولده فسرّه، كان للوالد عتق نسمة، قيل:

يا رسول اللّه، و إن نظر ستّين و ثلاثمائة نظرة؟ قال: اللّه أكبر. (1)

32-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رحم اللّه عبدا أعان ولده على برّه بالإحسان إليه، و التألّف له، و تعليمه و تأديبه. (2)

بيان:

«تألّفه» : تكلّف الفته و داراه، و منه: «لو تألّف وحشيّا لألف» .

33-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: نظر الوالد إلى ولده حبّا له عبادة. (3)

34-كان لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام ابن و بنت، فقبّل الابن بين يدي البنت، فقالت: أ تحبّه يا أبة؟ قال: بلى، قالت: ظننت أنّك لا تحبّ أحدا من دون اللّه، فبكى ثمّ قال: الحبّ للّه، و الشفقة للأولاد. (4)

أقول:

في المستدرك ج 15 ص 215 ب 79 ح 16: مجموعة الشهيد رحمه اللّه قيل: لمّا كان العبّاس و زينب-ولدي عليّ عليهم السّلام-صغيرين، قال عليّ عليه السّلام للعبّاس: قل: واحد، فقال: واحد، فقال: قل: اثنان، قال: أستحيي أن أقول باللسان الذي قلت واحد، اثنان، فقبّل عليّ عليه السّلام عينيه، ثمّ التفت إلى زينب، و كانت على يساره و العبّاس

ص:354


1- -المستدرك ج 15 ص 169 ب 63 من أحكام الأولاد ح 6
2- المستدرك ج 15 ص 169 ح 9
3- المستدرك ج 15 ص 170 ب 64 ح 2
4- المستدرك ج 15 ص 171 ب 65

عن يمينه، فقالت: يا أبتاه أ تحبّنا؟ قال: نعم يا بنيّ، أولادنا أكبادنا، فقالت: يا أبتاه حبّان لا يجتمعان في قلب المؤمن: حبّ اللّه و حبّ الأولاد، و إن كان لا بدّ فالشفقة لنا و الحبّ للّه خالصا، فازداد عليّ عليه السّلام بهما حبّا. و قيل: بل القائل الحسين عليه السّلام.

(المقتل للخوارزمي ج 1 ص 122 ف 6)

35-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين، و اضربوهم إذا كانوا أبناء سبع سنين، و فرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين. (1)

بيان:

«عشر سنين» : في بعض الأخبار؛ "فرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا سبع سنين".

36-قال بعضهم: شكوت إلى أبي الحسن موسى عليه السّلام ابنا لي، فقال:

لا تضربه و اهجره و لا تطل. (2)

37-قال الصادق عليه السّلام: أيّما رجل دعا على ولده أورثه الفقر.

و قال عليه السّلام: من تمنّى موت البنات حرم أجرهنّ و لقي اللّه تعالى عاصيا. (3)

38-عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلاّ ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، و سنّة هدى سنّها فهي تعمل بها بعد موته، و ولد صالح يستغفر له. (4)

39-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الولد الصالح أجمل الذكرين. . . . (الغرر ج 1 ص 65 ف 1 ح 1704)

أشدّ المصائب سوء الخلف. . . . (ص 180 ف 8 ح 135)

ص:355


1- -البحار ج 104 ص 98 باب فضل الأولاد ح 65
2- البحار ج 104 ص 99 ح 74
3- البحار ج 104 ص 99 ح 77 و 78
4- البحار ج 104 ص 99 ح 80

شرّ الأولاد العاقّ. (ص 443 ف 41 ح 17)

فقد الولد محرق الكبد. (ج 2 ص 516 ف 59 ح 15)

من العقوق إضاعة الحقوق. (ص 724 ف 78 ح 2)

ولد السوء يهدم الشرف، و يشين السلف. (ص 780 ف 83 ح 3)

ولد السوء يعزّ (يعرّ ف ن) السلف و يفسد الخلف. (ح 4)

ولد عقوق محنة و شوم. (ح 10)

ص:356

195- الولاية

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: لزوم ولاية أهل البيت عليهم السّلام

الآيات

1- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللّهِ وَ اَلرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً . (1)

2- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اَللّهُ وَ رَسُولُهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ

ص:357


1- -النساء:59
2- المائدة:55

وَ اَللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّاسِ إِنَّ اَللّهَ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْكافِرِينَ . (1)

4- اَلنَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. . . (2)

5- إِنّا عَرَضْنَا اَلْأَمانَةَ عَلَى اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً . (3)

الأخبار

1-عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمس:

على الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الحجّ، و الولاية، و لم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع و تركوا هذه-يعني الولاية- (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: في الوافي و المرآة ج 7 ص 101: «الولاية» بالفتح بمعنى المحبّة و المودّة. . .

و بالكسر: تولّي الأمر، و مالكيّة التصرّف فيها و هو المراد بها هيهنا.

أقول: الولاية: كلمة جامعة متضمّنة معنى المحبّة و المعرفة و التبعيّة و الحكومة و تولّي الأمور و مالكيّة التصرّف فيها و ساير ما لا بدّ منه، و هي على قسمين:

الولاية التشريعيّة، و التكوينيّة و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: دخل أبو عبد اللّه الجدليّ على أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أبا عبد اللّه، أ لا اخبرك بقول اللّه عزّ و جلّ:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ - وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ

ص:358


1- -المائدة:67
2- الأحزاب:6
3- الأحزاب:72
4- الكافي ج 2 ص 15 باب دعائم الإسلام ح 3

فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي اَلنّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (1)قال: بلى يا أمير المؤمنين، جعلت فداك فقال: الحسنة معرفة الولاية و حبّنا أهل البيت، و السيّئة إنكار الولاية و بغضنا أهل البيت، ثمّ قرء عليه هذه الآية. (2)

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يحيى حياة تشبه حياة الأنبياء، و يموت ميتة تشبه ميتة الشهداء، و يسكن الجنان التي غرسها الرحمن، فليتولّ عليّا و ليوال وليّه، و ليقتد بالأئمّة من بعده، فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي، اللهمّ ارزقهم فهمي و علمي، و ويل للمخالفين لهم من امّتي، اللهمّ لا تنلهم شفاعتي. (3)

أقول:

بهذا المضمون أخبار اخر.

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال اللّه تبارك و تعالى: لأعذّبنّ كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ إمام جائر ليس من اللّه، و إن كانت الرعيّة في أعمالها برّة تقيّة، و لأعفونّ عن كلّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كلّ إمام عادل من اللّه و إن كانت الرعيّة في أنفسها ظالمة مسيئة. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

5-عن أبي الحسن عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ (5)، قال:

ص:359


1- -النمل:89 و 90
2- الكافي ج 1 ص 142 باب معرفة الإمام ح 14
3- الكافي ج 1 ص 162 باب ما فرض اللّه و رسوله من الكون مع الأئمّة عليهم السّلام ح 3
4- الكافي ج 1 ص 307 باب فيمن دان اللّه عزّ و جلّ بغير إمام من اللّه ح 4
5- الدهر:7

يوفون بالنذر الذي أخذ عليهم من ولايتنا. (1)

6-عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا اَلتَّوْراةَ وَ اَلْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ (2)قال: الولاية. (3)

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ في ولاية عليّ و ولاية الأئمّة من بعده فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (4)هكذا نزلت. (5)

8-عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى نبيّه صلّى اللّه عليه و آله:

فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (6)قال: إنّك على ولاية عليّ و عليّ هو الصراط المستقيم. (7)

9-عن عبد اللّه بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ - عَنِ اَلنَّبَإِ اَلْعَظِيمِ قال: النبأ العظيم الولاية، و سألته عن قوله:

هُنالِكَ اَلْوَلايَةُ لِلّهِ اَلْحَقِّ (8)قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام. (9)

10-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ

ص:360


1- -الكافي ج 1 ص 341 باب فيه نكت من التنزيل في الولاية ح 5
2- المائدة:66
3- الكافي ج 1 ص 342 ح 6
4- الأحزاب:71
5- الكافي ج 1 ص 342 ح 8
6- الزخرف:43
7- الكافي ج 1 ص 345 ح 24
8- الكهف:44
9- الكافي ج 1 ص 346 ح 34

حَنِيفاً (1)قال: هي الولاية. (2)

11-عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه تعالى: قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ (3)فقال: إنّما أعظكم بولاية عليّ عليه السّلام هي الواحدة التي قال اللّه تبارك و تعالى: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ . (4)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: صِبْغَةَ اَللّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللّهِ صِبْغَةً (5)قال: صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق. (6)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عزّ و جلّ: رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً (7)يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء عليهم السّلام، و قوله: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (8)يعني الأئمّة عليهم السّلام و ولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. (9)

14-عن محمّد بن الفضيل عن الرضا عليه السّلام قال: قلت: قُلْ بِفَضْلِ اَللّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ (10)قال: بولاية محمّد

ص:361


1- -الروم:30
2- الكافي ج 1 ص 346 ح 35
3- سبأ:46
4- الكافي ج 1 ص 347 ح 41
5- البقرة:138
6- الكافي ج 1 ص 350 ح 53
7- نوح:28
8- الأحزاب:33
9- الكافي ج 1 ص 350 ح 54
10- يونس:58

و آل محمّد عليهم السّلام هو خير ممّا يجمع هؤلاء من دنياهم. (1)

15-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (2)قال: يعني إنّ أشركت في الولاية غيره، بَلِ اَللّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ اَلشّاكِرِينَ: يعني بل اللّه فاعبد بالطاعة و كن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك و ابن عمّك. (3)

16-عن عمّار الأسديّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ (4)قال: ولايتنا أهل البيت- و أهوى بيده إلى صدره-فمن لم يتولّنا لم يرفع اللّه له عملا. (5)

17-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه جلّ و عزّ: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي قال: بولاية أمير المؤمنين عليه السّلام أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (6)أوف لكم بالجنّة. (7)

أقول:

روى رحمه اللّه أخبارا أخر في تأويل الآيات بالولاية في هذا الباب فراجع المصدر.

18-كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: إنّ اللّه أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية و هم ذرّ، يوم أخذ الميثاق على الذرّ و الإقرار له بالربوبيّة و لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالنبوّة. (8)

ص:362


1- -الكافي ج 1 ص 350 ح 55
2- الزمر:65
3- الكافي ج 1 ص 353 ح 76
4- فاطر:10
5- الكافي ج 1 ص 356 ح 85
6- البقرة:40
7- الكافي ج 1 ص 357 ح 89
8- الكافي ج 1 ص 362 باب فيه نتف و جوامع من الرواية في الولاية ح 1

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

بيان: قال الجوهريّ: الذرّ: جمع ذرّة و هي أصغر النمل.

و في المرآة ج 5 ص 160: شبّههم بالذرّ لصغر الأجزاء التي تعلّقت بها الأرواح عند الميثاق، و ذلك عند كونهم في صلب آدم أو بعد إخراجهم منه. . .

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ولايتنا ولاية اللّه التي لم يبعث نبيّا قطّ إلاّ بها. (1)

20-عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما من نبيّ جاء قطّ إلاّ بمعرفة حقّنا و تفضيلنا على من سوانا. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحديث، الحبّ ف 2، أهل الدين، الشيعة، الورع و. . .

21-عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: ولاية عليّ مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث اللّه نبيّا إلاّ بنبوّة محمّد و ولاية وصيّة عليّ عليهما السّلام. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما تكاملت النبوّة لنبيّ في الأظلّة حتّى عرضت عليه ولايتي و ولاية أهل بيتي، و مثّلوا له، فأقرّوا بطاعتهم و ولايتهم. (4)

23-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما من نبيّ نبّئ

ص:363


1- -الكافي ج 1 ص 362 ح 3( أمالي الطوسي ج 2 ص 283) و رواه غير واحد من أصحابنا رحمهم اللّه.
2- الكافي ج 1 ص 362 ح 4
3- بصائر الدرجات ص 72 الجزء 2 ب 8 ح 1
4- بصائر الدرجات ص 73 ح 7

و لا من رسول أرسل إلاّ بولايتنا و بفضلنا عمّن سوانا. (1)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عرج بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى السماء مائة و عشرين مرّة، ما من مرّة إلاّ و قد أوصى اللّه (فيها) النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بولاية عليّ و الأئمّة من بعده أكثر ممّا أوصاه بالفرائض. (2)

25-عن جميل و الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قال: فقال: بولاية أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام. (3)

26-عن أبي يوسف البزّاز قال: تلا علينا أبو عبد اللّه عليه السّلام هذه الآية:

فَاذْكُرُوا آلاءَ اَللّهِ (4)قال: أ تدري ما ألاء اللّه؟ قلت: لا، قال: هي أعظم نعم اللّه على خلقه، و هو ولايتنا. (5)

27-عن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: و اللّه إنّ في السماء لسبعين صنفا (صفّا ف ن) من الملائكة، لو اجتمع عليهم أهل الأرض كلّهم يحصون عدد كلّ صنف منهم ما أحصوهم، و إنّهم ليدينون بولايتنا. (6)

28-عن حمّاد بن عيسى قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: الملائكة أكثر أو بنو آدم، فقال: و الذي نفسي بيده لملائكة اللّه في السموات أكثر من عدد

ص:364


1- -بصائر الدرجات ص 74 ب 9 ح 2 و 5
2- بصائر الدرجات ص 79 باب النوادر ح 10-و رواه الصدوق رحمه اللّه في الخصال ج 2 ص 600 باب المائة ح 3
3- بصائر الدرجات ص 72 ب 8 ح 3
4- الأعراف:74
5- بصائر الدرجات ص 81 ب 12 ح 3( الكافي ج 1 ص 169 باب أنّ النعمة التي ذكرها اللّه في كتابه الأئمّة ح 3)
6- بصائر الدرجات ص 67 ب 6 ح 1-و نظيره ح 4-و مثله في الكافي ج 1 ص 362 في باب جوامع من الرواية في الولاية ح 5

التراب، و ما في السماء موضع قدم إلاّ و فيه ملك يقدّس له و يسبّح، و لا في الأرض شجرة و لا مثل غرزة إلاّ و فيها ملك موكّل بها، يأتي اللّه كلّ يوم بعملها، و اللّه أعلم بها، و ما منهم أحد إلاّ و يتقرّب إلى اللّه في كلّ يوم بولايتنا أهل البيت، و يستغفر لمحبّينا، و يلعن أعدائنا و يسأل اللّه أن يرسل عليهم من العذاب إرسالا. (1)

بيان:

«غرزة» الغرز: نبات صغير، و الغرز: العود المغروز بالأرض، و في بعض النسخ:

"عوذة"أو"عودة"و في نسخة اخرى: "و لا مدر".

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه عرض ولايتي على أهل السموات و على أهل الأرض، أقرّبها من أقرّ و أنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحسبه اللّه في بطن الحوت حتّى أقرّبها. (2)

30-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا عَرَضْنَا اَلْأَمانَةَ عَلَى اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ (3)قال:

الولاية أبين أن يحملنها كفرا بها و عنادا، وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسانُ و الإنسان الذي حملها أبو فلان. (4)

31-عن محمّد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلاّ أهل الكوفة. (5)

32-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ ولايتنا عرض

ص:365


1- -بصائر الدرجات ص 68 ح 9-و مثله في تفسير القميّ رحمه اللّه ج 2 ص 255( سورة المؤمن)
2- بصائر الدرجات ص 75 ب 10 ح 1
3- الأحزاب:72
4- بصائر الدرجات ص 76 ح 3-و بمدلوله في الكافي ج 1 ص 341 ح 2
5- بصائر الدرجات ص 76 باب النوادر ح 1

على السموات و الأرض و الجبال و الأمصار ما قبلها قبول أهل الكوفة. (1)

بيان:

يستفاد من هذا الحديث اختلاف الدرجات في قبول الولاية، فيكون مفسّرا لذي قبله و ما يكون بمضمونه.

33-قال الصادق عليه السّلام: ولايتي لآبائي أحبّ إليّ من نسبي، ولايتي لهم تنفعني من غير نسب، و نسبي لا ينفعني بغير ولاية. (2)

34-قال الصادق عليه السّلام: ولايتي لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام أحبّ إليّ من ولادتي منه، لأنّ ولايتي لعليّ بن أبي طالب فرض، و ولادتي منه فضل. (3)

35-قال الرضا عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيّام إلى اللّه، كما تزّف العروس إلى خدرها، قيل: ما هذه الأيّام؟ قال: يوم الأضحى، و يوم الفطر، و يوم الجمعة و يوم الغدير. . .

و في يوم الغدير عرض اللّه الولاية على أهل السموات السبع، فسبق إليها أهل السماء السابعة، فزيّن بها العرش، ثمّ سبق إليها أهل السماء الرابعة فزيّنها بالبيت المعمور، ثمّ سبق إليها أهل السماء الدنيا فزيّنها بالكواكب، ثمّ عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكّة فزيّنها بالكعبة، ثمّ سبقت إليها المدينة فزيّنها بالمصطفى محمّد صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ سبقت إليها الكوفة فزيّنها بأمير المؤمنين عليه السّلام.

و عرضها على الجبال فأوّل جبل أقرّ بذلك ثلاثة أجبل (أجبال ف ن) : العقيق، و جبل الفيروزج، و جبل الياقوت، فصارت هذه الجبال جبالهنّ و أفضل الجواهر، ثمّ سبقت إليها جبال اخر فصارت معادن الذهب و الفضّة، و ما لم يقرّ بذلك و لم يقبل صارت لا تنبت شيئا.

ص:366


1- -بصائر الدرجات ص 77 ح 4
2- مشكوة الأنوار ص 332 ب 10
3- البحار ج 39 ص 299 ب 87 ح 107

و عرضت في ذلك اليوم على المياه، فما قبل منها صار عذبا و ما أنكر صار ملحا اجاجا، و عرضها في ذلك اليوم على النبات، فما قبله صار حلوا طيّبا، و ما لم يقبل صار مرّا، ثمّ عرضها في ذلك اليوم على الطير، فما قبلها صار فصيحا مصوّتا و ما أنكرها صار أخرس مثل اللكن (ألكن بحار) .

و مثل المؤمنين في قبولهم ولاء أمير المؤمنين في يوم غدير خم كمثل الملائكة في سجودهم لآدم، و مثل من أبى ولاية أمير المؤمنين في يوم الغدير مثل إبليس، و في هذا اليوم أنزلت هذه الآية: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ و كان يوم بعثه مثل يوم الغدير عنده، و عرّف حرمته إذ نصب لأمّته وصيّا و خليفة من بعده في ذلك اليوم. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة راجع البحار ج 27 ص 280 و غيره.

36-و من هذا الباب ما رواه سلمان و أبو ذرّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من كان ظاهره في ولايتي أكثر من باطنه خفّت موازينه. يا سلمان، لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يعرفني بالنورانيّة، و إذا عرفني بذلك فهو مؤمن، امتحن اللّه قلبه للإيمان، و شرح صدره للإسلام، و صار عارفا بدينه مستبصرا، و من قصر عن ذلك فهو شاكّ مرتاب.

يا سلمان و يا جندب، إنّ معرفتي بالنورانيّة معرفة اللّه، و معرفة اللّه معرفتي، و هو الدين الخالص بقول اللّه سبحانه: «و ما امروا إلاّ بالتوحيد» و هو الإخلاص، و قوله: حُنَفاءَ و هو الإقرار بنبوّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و هو الدين الحنيف، و قوله: «و يقيم الصلاة» و هي ولايتي، فمن والاني فقد أقام الصلاة، و هو صعب مستصعب، «و يؤتي الزكاة» و هو الإقرار بالأئمّة، و ذلك دين اللّه القيّم،

ص:367


1- -إقبال الأعمال للسيّد رحمه اللّه ص 464(البحار ج 27 ص 262)

شهد القرآن أنّ الدين القيّم الإخلاص بالتوحيد، و الإقرار بالنبوّة و الولاية، فمن جاء بهذا فقد أتى بالدين.

يا سلمان و يا جندب، المؤمن الممتحن الذي لم يرد عليه شيء من أمرنا، إلاّ شرح اللّه صدره لقبوله، و لم يشكّ و لم يرتاب، و من قال: لم و كيف فقد كفر، فسلّموا اللّه أمره، فنحن أمر اللّه. . . (1)

37-عن المفضّل بن عمر قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى توحّد بملكه فعرّف عباده نفسه، ثمّ فوّض إليهم أمره، و أباح لهم جنّته، فمن أراد اللّه أن يطهّر قلبه من الجنّ و الإنس عرّفه ولايتنا، و من أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفتنا.

ثمّ قال: يا مفضّل، و اللّه ما استوجب آدم أن يخلقه اللّه بيده، و ينفخ فيه من روحه إلاّ بولاية عليّ عليه السّلام، و ما كلّم اللّه موسى تكليما إلاّ بولاية عليّ عليه السّلام، و لا أقام عيسى بن مريم آية للعالمين إلاّ بالخضوع لعليّ عليه السّلام. ثمّ قال: أجمل الأمر ما استأهل خلق من اللّه النظر إليه إلاّ بالعبوديّة لنا. (2)

38-عن عبد الرحمن بن كثير قال: حججت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فإنّي معه في بعض الطريق إذ صعد على جبل فنظر إلى الناس، فقال: ما أكثر الضجيج؟ فقال له داود بن كثير الرقّيّ: يا بن رسول اللّه، هل يستجيب اللّه دعاء الجمع الذي أرى؟ فقال: ويحك يا أبا سليمان، إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به، إنّ الجاحد لولاية عليّ عليه السّلام كعابد وثن.

فقلت له: جعلت فداك هل تعرفون محبّيكم من مبغضيكم؟ فقال: ويحك يا أبا سليمان، إنّه ليس من عبد يولد إلاّ كتب بين عينيه مؤمن أو كافر، و إنّ الرجل

ص:368


1- -مشارق الأنوار ص 160-و في البحار ج 26 ص 1 مثله مع اختلاف في بعض الألفاظ
2- الاختصاص للمفيد رحمه اللّه ص 244

ليدخل إلينا، يتولاّنا و يتبرّء من عدوّنا، فيرى مكتوبا بين عينيه مؤمن، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ، فنحن نعرف عدوّنا من وليّنا. (1)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع بيان بعض مفرداته في باب الحجّ.

39-عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و هو جالس على الباب الذي إلى المسجد و هو ينظر إلى الناس يطوفون، فقال: يا أبا حمزة، بما امروا هؤلاء؟ قال: فلم أدر ما أرد عليه، قال: إنّما امروا أن يطوّفوا بهذه الأحجار ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم. (2)

40-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة! إنّما أمروا أن يطوفوا بها ثمّ ينفروا إلينا، فيعلمونا ولايتهم و مودّتهم، و يعرضوا علينا نصرتهم، ثمّ قرء هذه الآية:

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (3). (4)

41-عن أبي الربيع الشاميّ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ قال:

نزلت في ولاية عليّ عليه السّلام. (5)

42-عن عبد الرحمن بن سالم عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ اِتَّقُوا فِتْنَةً

ص:369


1- -الاختصاص ص 296
2- العلل ج 2 ص 406 ب 142 ح 8
3- إبراهيم:37
4- الكافي ج 1 ص 323 باب أنّ الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتو الإمام. . . ح 1
5- نور الثقلين ج 2 ص 141 ح 50( الأنفال:24)

لا تُصِيبَنَّ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قال: أصابت الناس فتنة بعد ما قبض اللّه نبيّه حتّى تركوا عليّا و بايعوا غيره، و هي الفتنة التي فتنوا فيها، و قد أمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باتباع عليّ و الأوصياء من آل محمّد عليهم السّلام. (1)

43-عن سدير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام و هو داخل و أنا خارج و أخذ بيدي، ثمّ استقبل البيت فقال: يا سدير، إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، و هو قول اللّه: وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اِهْتَدى -ثمّ أومى بيده إلى صدره-إلى ولايتنا. . . (2)

44-قال أبو جعفر عليه السّلام: ثُمَّ اِهْتَدى إلى ولايتنا أهل البيت، فو اللّه لو أنّ رجلا عبد اللّه عمره ما بين الركن و المقام ثمّ مات و لم يجئ بولايتنا لأكبّه اللّه في النار على وجهه.

رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده، و أورده العيّاشي في تفسيره بعدّة طرق. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر لاحظ البحار ج 24 ص 148 و 149 و غيره.

45-عن زيد الشحّام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ وليّ عليّ إن تزلّ به قدم ثبتت اخرى. (4)

46-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ولاية عليّ بن أبي طالب ولاية اللّه، و حبّه عبادة اللّه، و اتّباعه فريضة اللّه، و أوليائه أولياء اللّه، و أعداءه أعداء اللّه، و حربه حرب اللّه، و سلمه سلم اللّه عزّ و جلّ. (5)

ص:370


1- -نور الثقلين ج 2 ص 142 ح 58
2- نور الثقلين ج 3 ص 386( طه:82) ح 92(الكافي ج 1 ص 323 ح 3)
3- نور الثقلين ج 3 ص 387 ح 95( مجمع البيان ج 7 ص 23)
4- المحاسن ص 158 ب 25 من الصفوة و النور
5- أمالي الصدوق ص 32 م 9 ح 3

47-عن المفضّل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: بني الإسلام على خمس دعائم: على الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الحجّ، و ولاية أمير المؤمنين و الأئمّة من ولده عليهم السّلام. (1)

48-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: ولايتي و ولاية أهل بيتي أمان من النار. (2)

49-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من منّ اللّه عليه بمعرفة أهل بيتي و ولايتهم فقد جمع اللّه له الخير كلّه. (3)

50-عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: من أقام فرائض اللّه، و اجتنب محارم اللّه، و أحسن الولاية لأهل بيت نبيّ اللّه، و تبرّأ من أعداء اللّه عزّ و جلّ، فليدخل من أيّ أبواب الجنّة الثمانية شاء. (4)

51-قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا و أهل عداوتنا: فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ - فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره، وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة، وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ اَلْمُكَذِّبِينَ اَلضّالِّينَ - فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في قبره، وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني في الآخرة. (5)

52-عن محمّد بن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: نزل جبرئيل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا محمّد، السلام يقرئك السلام، و يقول: خلقت السموات السبع و ما فيهنّ و الأرضين السبع و من عليهنّ، و ما خلقت موضعا أعظم من الركن و المقام، و لو أنّ عبدا دعاني هناك منذ خلقت السموات

ص:371


1- -أمالي الصدوق ص 268 م 45 ح 14
2- أمالي الصدوق ص 474 م 72 ح 8( البحار ج 27 ص 88)
3- أمالي الصدوق ص 474 م 72 ح 9( البحار ج 27 ص 88)
4- أمالي الصدوق ص 474 م 72 ح 10( البحار ج 27 ص 88)
5- أمالي الصدوق ص 474 ح 11

و الأرضين، ثمّ لقيني جاحدا لولاية عليّ عليه السّلام لأكببته في سقر. (1)

53-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السّلام يقول:

ثلاثة هنّ فخر المؤمن و زينته في الدنيا و الآخرة: الصلاة في آخر الليل، و يأسه ممّا في أيدي الناس، و ولاية الإمام من آل محمّد عليهم السّلام. (2)

54-عن ابن عبّاس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه جلّ جلاله:

لو اجتمع الناس كلّهم على ولاية عليّ عليه السّلام ما خلقت النار. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة، راجع البحار ج 39(ص 246 باب أنّ حبّه إيمان و بغضه كفر) و غيره.

55-عن سدير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول أمير المؤمنين عليه السّلام:

«إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يقرّ به إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان» فقال: إنّ من الملائكة مقرّبين و غير مقرّبين، و من الأنبياء مرسلين و غير مرسلين، و من المؤمنين ممتحنين و غير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقرّ به إلاّ المقرّبون، و عرض على الأنبياء فلم يقرّ به إلاّ المرسلون، و عرض على المؤمنين فلم يقرّ به إلاّ الممتحنون، قال: ثمّ قال لي: مرّ في حديثك. (4)

بيان:

«صعب مستصعب» : هذا وصف لبيان صعوبة الأمر، و قال الفيروزآبادي:

الصعب: العسر و الابّي. . . و استصعب الأمر: صار صعبا، و استصعب الشيء:

ص:372


1- -أمالي الصدوق ص 484 م 73 ح 12
2- أمالي الصدوق ص 544 م 81 ح 8
3- أمالي الصدوق ص 657 م 94 ح 7
4- البحار ج 2 ص 184 باب أنّ حديثهم صعب ح 7

وجده صعبا، لازم متعدّ.

و في المرآة ج 4 ص 312، «المستصعب» : مبالغة في الصعب، أو الصعب ما يكون صعبا في نفسه و المستصعب ما يعدّه الناس صعبا.

«لا يقرّ به» : إنّ الولاية ذو مراتب و لا ينال المرتبة الكاملة منها إلاّ من ذكروه، بل يظهر من بعض الأخبار ما هو أعلى من ذلك، فلا ينافي ما في بعض الأخبار من إقرار الملائكة و الأنبياء كلّهم بالولاية.

56-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أمرنا صعب مستصعب على الكافرين، لا يقرّ بأمرنا إلاّ نبيّ مرسل، أو ملك مقرّب، أو عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان. (1)

57-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ من كتب اللّه في قلبه الإيمان. (2)

بيان:

«لا يحتمله» الاحتمال: مطاوعة الحمل، و معناه التحمّل و القبول مع الإيمان به.

58-عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إنّ أمرنا أهل البيت صعب مستصعب لا يعرفه و لا يقرّ به إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو مؤمن نجيب امتحن اللّه قلبه للإيمان. (3)

أقول:

الأخبار بهذا المعنى كثيرة جدّا، راجع بصائر الدرجات ص 20 إلى 29 و الكافي و البحار ج 2 ص 182 منها؛ قول السجّاد عليه السّلام: و اللّه لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله.

ص:373


1- -البحار ج 2 ص 191 ح 30
2- البحار ج 2 ص 195 ح 41
3- البحار ج 2 ص 196 ح 45

و منها؛ قول الباقر عليه السّلام: يا أبا حمزة، أ لا ترى أنّه اختار لأمرنا من الملائكة المقرّبين، و من النبيّين المرسلين، و من المؤمنين الممتحنين.

و قوله عليه السّلام: إنّ أمرنا هذا مستور مقنّع بالميثاق، من هتكه أذلّه اللّه.

و قوله عليه السّلام: إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب، ثقيل مقنّع أجرد ذكوان، لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان، أو مدينة حصينة، فإذا قام قائمنا (عجّل اللّه تعالى فرجه) نطق و صدّقه القرآن.

منها قول الصادق عليه السّلام: خالطوا الناس ممّا يعرفون، و دعوهم ممّا ينكرونه، و لا تحملوا على أنفسكم و علينا، إنّ أمرنا صعب مستصعب.

و قوله عليه السّلام لأبي الصامت: إنّ حديثنا صعب مستصعب، شريف كريم ذكوان ذكيّ و عر، لا يحتمله ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل و لا مؤمن ممتحن، قلت: فمن يحتمله جعلت فداك؟ قال: من شئنا يا أبا الصامت.

و قوله عليه السّلام: إنّ أمرنا سرّ في سرّ، و سرّ مستسرّ، و سرّ لا يفيد إلاّ سرّ، و سرّ على سرّ، و سرّ مقنّع بسرّ.

و قد مرّ بعضها في أبواب الحديث، التقيّة و. . .

59-عن بريد العجلّي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ أَنْ لَوِ اِسْتَقامُوا عَلَى اَلطَّرِيقَةِ (1)قال: يعني على الولاية لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً قال: لأذقناهم علما كثيرا يتعلّمونه من الأئمّة عليهم السّلام، قلت: قوله: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ قال: إنّما هؤلاء يفتنهم فيه، يعني المنافقين. (2)

60-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ بَشِّرِ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (3)قال: ولاية أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه. 4

ص:374


1- -الجنّ:16
2- البحار ج 24 ص 29 باب في أنّ الاستقامة هي الولاية ح 7
3- يونس:2

أقول:

قال عليه السّلام في ح 1: هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام.

61-عن الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً (1)قال: النعمة الظاهرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و ما جاء به من معرفته و توحيده، و أمّا النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت و عقد مودّتنا. (2)

62-عن عبد اللّه بن نجيح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما معنى قوله تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (3)قال: النعيم الذي أنعم اللّه به عليكم من ولايتنا، و حبّ محمّد و آل محمّد عليهم السّلام. (4)

أقول:

ح 6، تفسير القميّ رحمه اللّه ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ أي عن الولاية، و الدليل على ذلك قوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (5)قال: عن الولاية.

63-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام و حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: لَوْ لا فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ (6)قال: فضل اللّه رسوله، و رحمته ولاية الأئمّة عليهم السّلام. (7)

64-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام إِنَّ هذَا اَلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ

ص:375


1- لقمان:20
2- البحار ج 24 ص 54 باب أنّهم نعمة اللّه ح 16
3- التكاثر:8
4- البحار ج 24 ص 56 ح 27
5- الصافّات:24
6- النساء:83
7- البحار ج 24 ص 60 ح 39 و ص 62 ح 46

أَقْوَمُ (1)قال: يهدي إلى الولاية. (2)

65-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُدْخُلُوا فِي اَلسِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ (3)قال: أ تدري ما السلم؟ قال: قلت: أنت أعلم، قال: ولاية عليّ و الأئمّة الأوصياء من بعده عليهم السّلام.

قال خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ و اللّه ولاية فلان و فلان. (4)

66-عن مالك بن عبد اللّه قال: قلت لمولاي الرضا عليه السّلام: قوله تعالى:

وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها (5)قال: هي ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام. (6)

67-عن حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (7)قال: ما الذي أتوا؟ أتوا و اللّه الطاعة مع المحبّة و الولاية، و هم مع ذلك خائفون، ليس خوفهم خوف شكّ و لكنّهم خافوا أن يكونوا مقصّرين في طاعتنا و ولايتنا. (8)

68-عن الرضا عليه السّلام قال: أخبرني أبي عن أبيه عن جدّه أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أخذ بطّيخة ليأكلها فوجدها مرّة فرمى بها و قال: بعدا و سحقا، فقيل:

يا أمير المؤمنين، و ما هذه البطّيخة، فقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تبارك و تعالى

ص:376


1- -الإسراء:9
2- البحار ج 24 ص 145 باب أنّهم الهداية ح 13
3- البقرة:208
4- البحار ج 24 ص 159 باب أنّ السلم الولاية ح 1
5- الفتح:26
6- البحار ج 24 ص 180 باب أنّهم كلمات اللّه ح 13
7- المؤمنون:60
8- البحار ج 24 ص 402 باب جوامع تأويل. . . ح 132

أخذ عقد موّدتنا على كلّ حيوان و نبت، فما قبل الميثاق كان عذبا طيّبا و ما لم يقبل الميثاق كان مالحا زعاقا. (1)

أقول:

في ح 6: فالتفت إليّ أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا قنبر، إنّ اللّه تبارك و تعالى عرض ولايتنا على أهل السموات و أهل الأرض، من الجنّ و الإنس، و الثمر و غير ذلك، فما قبل منه ولايتنا طاب و طهر و عذب، و ما لم يقبل منه خبث وردي و نتن.

بيان: «الزعاق» الماء المرّ الغليظ الذي لا يطاق شربه.

69-من مناقب الخوارزمي عن جابر الأنصاريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى لمّا خلق السموات و الأرض دعاهنّ فأجبنه، فعرض عليهنّ نبوّتي و ولاية عليّ بن أبي طالب فقبلناهما، ثمّ خلق الخلق و فوّض إلينا أمر الدين، فالسعيد من سعد بنا، و الشقيّ من شقي بنا، نحن المحلّلون لحلاله و المحرّمون لحرامه. (2)

70-عن عليّ بن موسى الرضا، عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللوح، عن القلم، قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: ولاية عليّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

أقول: لم نذكر حديث الغدير و المنزلة و أمثالهما لاستيفاء أبحاثها في كتاب الغدير

ص:377


1- -البحار ج 27 ص 280 باب ما أقرّ من الجمادات و النباتات بولايتهم ح 3
2- البحار ج 27 ص 284 ح 8
3- البحار ج 39 ص 246 باب أنّ حبّه إيمان ح 1

لمؤلّفه العلاّمة الأميني رحمه اللّه و غيره من الكتب.

و جدير بالذكر أنّ الأخبار في تأويل الآيات بالولاية كثيرة جدّا، و من أراد المزيد فليلاحظ كتاب «تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة» لمؤلّفه المفسّر الكبير السيّد شرف الدين عليّ الحسيني.

ص:378

الفصل الثاني: بطلان العبادة دون قبول ولايتهم عليهم السّلام

الأخبار

1-عن المعلّى بن خنيس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا معلّى، لو أنّ عبدا عبد اللّه مائة عام بين الركن و المقام، يصوم النهار و يقوم الليل حتّى يسقط حاجباه على عينيه و تلتقى تراقيه هرما جاهلا لحقّنا لم يكن له ثواب. (1)

بيان:

في البحار ج 27 ص 177، «التراقي» : العظام المتّصلة بالحلق من الصدر، و التقاؤها كناية عن نهاية الذبول و الدقّة و التجفّف.

2-عن أبي حمزة قال: قال لنا عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أيّ البقاع أفضل؟ فقلت: اللّه و رسوله و ابن رسوله أعلم، قال: إنّ أفضل البقاع ما بين الركن و المقام، و لو أنّ رجلا عمّر ما عمّر نوح عليه السّلام في قومه-ألف سنة إلاّ خمسين عاما-يصوم النهار و يقوم الليل في ذلك المقام (المكان ف ن) ثمّ لقي اللّه عزّ و جلّ بغير ولايتنا لم ينتفع بذلك شيئا. (2)

3-عن ميسر قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام و عنده في الفسطاط نحو

ص:379


1- -عقاب الأعمال ص 2(ص 243) باب عقاب من جهل حقّ أهل البيت عليهم السّلام ح 1
2- عقاب الأعمال ص 2 ح 2

من خمسين رجلا، فجلس بعد سكوت منّا طويلا، فقال: ما لكم لعلّكم ترون أنّي نبيّ اللّه؟ و اللّه ما أنا كذلك، و لكن لي قرابة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و ولادة، فمن وصلنا وصله اللّه، و من أحبّنا أحبّه اللّه عزّ و جلّ و من حرمنا حرمه اللّه.

أ تدرون أيّ البقاع أفضل عند اللّه منزلة؟ فلم يتكلّم أحد منّا، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: ذلك مكّة الحرام التي رضيها اللّه لنفسه حرما، و جعل بيته فيها، ثمّ قال: أ تدرون أيّ البقاع أفضل فيها عند اللّه حرمة؟ فلم يتكلّم أحد منّا، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: ذاك المسجد الحرام، ثمّ قال: أ تدرون أيّ بقعة في المسجد الحرام أعظم عند اللّه حرمة؟ فلم يتكلّم أحد منّا فكان هو الرادّ على نفسه، قال: ذاك ما بين الركن الأسود و المقام و باب الكعبة، و ذلك حطيم إسماعيل عليه السّلام، ذاك الذي كان يزوّد فيه غنيماته و يصلّي فيه.

و اللّه لو أنّ عبدا صفّ قدميه في ذلك المكان؛ قام الليل مصلّيا حتّى يجيئه النهار، و صام النهار حتّى يجيئه الليل و لم يعرف حقّنا و حرمتنا أهل البيت لم يقبل اللّه منه شيئا أبدا. (1)

4-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كلّ من دان اللّه عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من اللّه، فسعيه غير مقبول، و هو ضالّ متحيّر، و اللّه شانئ لأعماله، و مثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها و قطيعها، فهجمت ذاهبة و جائية يومها. . . و كذلك و اللّه يا محمّد، من أصبح من هذه الأمّة لا إمام له من اللّه عزّ و جلّ ظاهر عادل، أصبح ضالاّ تائها، و إن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر و نفاق.

و اعلم يا محمّد، أنّ ائمّة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه، قد ضلّوا و أضلّوا، فأعمالهم التي يعملونها كَرَمادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ اَلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ

ص:380


1- -عقاب الأعمال ص 2 ح 3

لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ، ذلِكَ هُوَ اَلضَّلالُ اَلْبَعِيدُ (1). (2)

بيان:

«شانئ لأعماله» : أي مبغض لأعماله بمعنى غير مقبولة عند اللّه.

5-عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّما يعرف اللّه عزّ و جلّ و يعبده من عرف اللّه و عرف إمامه منّا أهل البيت، و من لا يعرف اللّه عزّ و جلّ و لا يعرف الإمام منّا أهل البيت، فإنّما يعرف و يعبد غير اللّه، هكذا و اللّه ضلالا. (3)

6-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام (في حديث) قال: ذروة الأمر، و سنامه، و مفتاحه، و باب الأشياء، و رضا الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، أما لو أنّ رجلا قام ليله، و صام نهاره، و تصدّق بجميع ماله، و حجّ جميع دهره، و لم يعرف ولاية وليّ اللّه فيواليه، و يكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على اللّه حقّ في ثوابه، و لا كان من أهل الإيمان. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : من لم يأت اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة بما أنتم عليه لم تقبل منه حسنة، و لم يتجاوز له عن سيّئة. (5)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: و اللّه لو أنّ إبليس سجد للّه بعد المعصية و التكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك، و لا قبله اللّه عزّ و جلّ، ما لم يسجد لآدم كما أمره اللّه عزّ و جلّ أن يسجد له، و كذلك هذه الأمّة العاصية، المفتونة بعد نبيّها صلّى اللّه عليه و آله، و بعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيّهم صلّى اللّه عليه و آله لهم، فلن يقبل اللّه لهم عملا،

ص:381


1- -إبراهيم:18
2- الكافي ج 1 ص 140 باب معرفة الإمام ح 8
3- الكافي ج 1 ص 139 ح 4
4- الوسائل ج 1 ص 119 ب 29 من مقدّمة العبادات ح 2
5- الوسائل ج 1 ص 119 ح 3

و لن يرفع لهم حسنة، حتّى يأتوا اللّه من حيث أمرهم، و يتولّوا الإمام الذي امروا بولايته، و يدخلوا من الباب الذي فتحه اللّه و رسوله لهم. (1)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب الأخذ بالسنّة.

9-عن معاذ بن كثير أنّه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : إنّ أهل الموقف لكثير، فقال: غثاء يأتي به الموج من كلّ مكان، لا و اللّه، ما الحجّ إلاّ لكم، لا و اللّه، ما يتقبّل اللّه إلاّ منكم. (2)

10-عن عبّاد بن زياد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عبّاد، ما على ملّة إبراهيم أحد غيركم؛ و ما يقبل اللّه إلاّ منكم، و لا يغفر الذنوب إلاّ لكم. (3)

11-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم و آل عمران فرحوا و استبشروا، و إذا ذكر عندهم آل محمّد اشمأزّت قلوبهم، و الذي نفس محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) بيده، لو أنّ عبدا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيّا، ما قبل اللّه ذلك منه حتّى يلقى اللّه بولايتي و ولاية أهل بيتي. (4)

12-عن عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ أوّل من يسأل العبد عنه إذا وقف بين يدي اللّه جلّ جلاله، عن الصلوات المفروضات، و عن الزكاة المفروضة، و عن الصيام المفروض، و عن الحجّ المفروض، و عن ولايتنا أهل البيت، فإن أقرّ بولايتنا ثمّ مات عليها قبلت منه صلاته،

ص:382


1- -الوسائل ج 1 ص 119 ح 5
2- الوسائل ج 1 ص 121 ح 9
3- الوسائل ج 1 ص 121 ح 11
4- المستدرك ج 1 ص 150 ب 27 من مقدّمة العبادات ح 3 و 4(أمالي الطوسي ج 1 ص 140)

و صومه، و زكاته، و حجّه، و إن لم يقرّ بولايتنا بين يدي اللّه جلّ جلاله، لم يقبل اللّه عزّ و جلّ منه شيئا من أعماله. (1)

13-عن الصادق عليه السّلام قال: إنّ عليّا عليه السّلام كان يقول: لا خير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين: رجل يزداد كلّ يوم إحسانا، و رجل يتدارك سيّئته بالتوبة؟ ! و أنّى له بالتوبة؟ ! و اللّه لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل اللّه منه إلاّ بولايتنا أهل البيت. (2)

14-عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: مرّ موسى بن عمران برجل رافعا يديه إلى السماء يدعو، فانطلق موسى في حاجته فغاب عنه سبعة أيّام، ثمّ رجع إليه و هو رافع يديه يدعو و يتضرّع و يسأل حاجته، فأوحى اللّه إليه: يا موسى، لو دعاني حتّى يسقط لسانه ما استجبت له حتّى يأتيني من الباب الذي أمرته به. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

15-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف عام، ثمّ ذبح كما يذبح الكبش، ثمّ أتى اللّه ببغضنا أهل البيت لردّ اللّه عليه عمله. (4)

16-عن الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام قال: مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام في مسجد الكوفة و قنبر معه، فرأى رجلا قائما يصلّي، فقال: يا أمير المؤمنين، ما رأيت رجلا أحسن صلاة من هذا.

ص:383


1- -المستدرك ج 1 ص 152 ح 11
2- المستدرك ج 1 ص 152 ح 12 و 13( الخصال ج 1 ص 41 باب الاثنين ح 29)
3- المستدرك ج 1 ص 157 ح 21
4- المستدرك ج 1 ص 161 ح 36

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: مه يا قنبر، فو اللّه لرجل على يقين من ولايتنا أهل البيت خير ممّن له عبادة ألف سنة، و لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف سنة لا يقبل اللّه منه حتّى يعرف ولايتنا أهل البيت، و لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف سنة و جاء بعمل اثنين و سبعين نبيّا ما يقبل اللّه منه حتّى يعرف ولايتنا أهل البيت، و إلاّ أكبّه اللّه على منخريه في نار جهنّم. (1)

17-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: لا يقبل اللّه عملا لعبد إلاّ بولايتنا، فمن لم يوالنا كان من أهل هذه الآية: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (2). (3)

18-عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (4)قال: هي للمسلمين عامّة، و الحسنة الولاية، فمن عمل من حسنة كتبت (كتب اللّه ف ن) له عشرا، فإن لم تكن له ولاية رفع عنه بما عمل من حسنته في الدنيا و ما له في الآخرة من خلاق. (5)

بيان:

«الخلاق» : الحظّ و النصيب.

19-عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألزموا مودّتنا أهل البيت، فإنّه من لقي اللّه يوم القيامة و هو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا، و الذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلاّ بمعرفة حقّنا. (6)

ص:384


1- -المستدرك ج 1 ص 168 ح 48
2- الفرقان:23
3- المستدرك ج 1 ص 175 ح 65
4- الأنعام:160
5- البحار ج 27 ص 168 باب أنّه لا تقبل الأعمال إلاّ بالولاية ح 6
6- البحار ج 27 ص 170 ح 10

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أمّتي أمّتي، إذا اختلف الناس بعدي و صاروا فرقة فرقة، فاجتهدوا في طلب الدين الحقّ حتّى تكونوا مع أهل الحقّ، فإنّ المعصية في دين الحقّ تغفر، و الطاعة في دين الباطل لا تقبل. (1)

أقول:

الأخبار في هذا الفصل كثيرة جدّا، راجع البحار و المستدرك و. . .

ص:385


1- -البحار ج 27 ص 197 ح 58

ص:386

196- أولياء اللّه

الآيات

1- أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ . (1)

2- قُلْ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ مِنْ دُونِ اَلنّاسِ فَتَمَنَّوُا اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ . (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من عرف اللّه و عظّمه منع فاه من الكلام، و بطنه من الطعام، و عنا نفسه بالصيام و القيام، قالوا: بآبائنا و أمّهاتنا يا رسول اللّه، هؤلاء أولياء اللّه؟

قال: إنّ أولياء اللّه سكتوا فكان سكوتهم فكرا، و تكلّموا فكان كلامهم ذكرا، و نظروا فكان نظرهم عبرة، و نطقوا فكان نطقهم حكمة، و مشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لو لا الآجال التي قد كتبت عليهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم،

ص:387


1- -يونس:62
2- الجمعة:6

خوفا من العذاب و شوقا إلى الثواب. (1)

بيان:

في المرآة: فما في المجالس أظهر سندا و متنا.

«أولياء اللّه» : في مجمع البحرين (ولى) ، قال بعض المحقّقين: طريقة الأولياء مبنيّة على مجاهدات نفسانيّة، و إزالة عوائق بدنيّة، و توجّه نحو طلب الكمال الذي يسمّى بالسلوك، و من جملة تلك المجاهدات التوبة، و هي الرجوع عن المعصية، و الإنابة و هي الرجوع إلى اللّه تعالى و الإقبال عليه، و الإخلاص و هو أنّ جميع ما يفعله السالك و يقوله يكون تقرّبا إلى اللّه تعالى وحده لا يشوبه شيء، و الزهد في الدنيا، و إيثار الفقر، و ليس المراد به عدم المال بل عدم الرغبة في القنيات الدنيويّة، و الرياضة و الحزن على ما فات، و الخوف على ما لم يأت، و الرجاء، و الصبر، و الشكر، و نحو ذلك من الكمالات.

و في إرشاد القلوب ص 199 ب 45: الوليّ كلّ الوليّ من توالت أقواله و أفعاله على موافقة الكتاب و السنّة، و من كان هكذا تولّى اللّه سيّئاته باللطف في كلّ اموره، و حرسه في غيبته و حضوره، و حفظه في أهله و ولده و ولد ولده و في جيرانه . . . و الوليّ ريحانة اللّه في أرضه يشمّها المؤمنون و يشتاق إليها الصالحون.

و علامة الوليّ ثلاثة أشياء: شغله باللّه، و همّه للّه، و فراره إلى اللّه، و إذا أراد اللّه أن يوالي عبدا فتح على لسانه ذكره و على قلبه فكره، فإذا تلذّذ بالذكر فتح له باب القرب، ثمّ فتح عليه باب الأنس به، و الوحشة من خلقه، فأجلسه على كرسيّ الولاية، و عامله بأسباب العناية، و أورثه دار الكرامة، و كشف عن قلبه و بصره غشاوة العماية، فأصبح ينظر بنور اللّه، و رفع عنه حزن الرزق، و خوف العدوّ من حيث يحلّ التوكّل في قلبه و الرضا بقسمه، و لهذا قال اللّه تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ

ص:388


1- -أمالي الصدوق ص 303 م 50 ح 7( الكافي ج 2 ص 186 باب المؤمن و علاماته ح 25)

اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و أمن من أهوال يوم القيامة و نار جهنّم.

2-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: إنّ من أغبط أوليائي عندي رجلا خفيف الحال، ذا حظّ من صلاة، أحسن عبادة ربّه بالغيب، و كان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا، فصبر عليه، عجّلت منيّته فقلّ تراثه و قلّت بواكيه. (1)

أقول:

قد مرّ شرحه في باب الشهرة.

3-عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصدود لأوليائي، فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم؛ فيقال:

هؤلاء الذين آذوا المؤمنين و نصبوا لهم، و عاندوهم، و عنّفوهم في دينهم، ثمّ يؤمر بهم إلى جهنّم. (2)

بيان:

«أين الصدود» : في بعض النسخ و الوافي: "أين المؤذون". «نصبوا» : نصبت لفلان نصبا إذا عاديته. «عنّفوهم» التعنيف: التعيير و اللوم.

أقول: بهذا المعنى أخبار اخر قد مرّ بعضها في باب الإيمان.

4-عن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لقد أسرى ربّي بي فأوحى إليّ من وراء الحجاب ما أوحى، و شافهني إلى أن قال لي:

يا محمّد، من أذلّ لي وليّا فقد أرصدني بالمحاربة، و من حاربني حاربته، قلت:

يا ربّ، و من وليّك هذا؟ فقد علمت أنّ من حاربك حاربته، قال لي: ذاك من أخذت ميثاقه لك و لوصيّك و لذرّيّتكما بالولاية. (3)

ص:389


1- -الكافي ج 2 ص 113 باب الكفاف ح 1-و بمدلوله ح 6
2- الكافي ج 2 ص 262 باب من آذى المسلمين ح 2
3- الكافي ج 2 ص 263 ح 10

بيان:

«أرصدني» في الوافي، الإرصاد: المراقبة و الإعداد للشيء.

و في النهاية ج 2 ص 226 يقال: رصدته إذا قعدت له على طريقه تترقّبه، و أرصدت له العقوبة إذا أعددتها له، و حقيقته جعلتها على طريقه كالمترقّبة له.

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أولياء اللّه هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها، و اشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، و تركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم، و رأوا استكثار غيرهم منها استقلالا، و دركهم لها فوتا، أعداء ما سالم الناس، و سلم ما عادى الناس، بهم علم الكتاب و به علموا، و بهم قام الكتاب و به قاموا، لا يرون مرجوّا فوق ما يرجون، و لا مخوفا فوق ما يخافون. (1)

بيان:

«باطن الدنيا» : ما خفي عن أعين الناس من مضارّها و وخامة عاقبتها، للراغبين إليها، و المراد بظاهرها شهواتها التي تغرّ أكثر الناس عن التوجّه إلى باطنها.

«بآجلها» : أي ما يأتي من نعيم الآخرة بعدها أو ما يظهر ثمرتها في الآجل من المعارف و الطاعات. «ما سالم الناس» : ما مالوا إليه من متاع الدنيا و زينتها «ما عادى الناس» : ما رفضوه من العلوم و العبادات، و الرغبة في الآخر.

«و به علموا» : أي بالكتاب علموا فضلهم و شرف منزلتهم و صفاتهم.

«و بهم قام الكتاب» : أي بهم صارت أحكامه قائمة في الخلق معمولا بها.

«و به قاموا» : أي بالكتاب ارتفعت منزلتهم، و فازوا بالزلفى بالعمل بما فيه.

(البحار ج 69 ص 320)

«لا يرون مرجوّا. . .» : لعلّ المعنى ليس الرجاء و الخوف في ظاهرهم أكثر

ص:390


1- -نهج البلاغة ص 1287 ح 424

من باطنهم فلم يكن ظاهرم أرجح من باطنهم، أو المعنى لا يكون لهم الرجاء و الخوف الكاذب، كما أشار بقوله عليه السّلام في خ 159: يدّعي بزعمه أنّه يرجو اللّه! كذب و العظيم، ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله! فكلّ من رجا عرف رجاؤه في عمله إلاّ رجاء اللّه فإنّه مدخول، و كلّ خوف محقّق إلاّ خوف اللّه فإنّه معلول.

6-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ: و اعلم بأنّك لا تكون لنا وليّا حتّى لو اجتمع عليك أهل مصرك و قالوا: إنّك رجل سوء لم يحزنك ذلك، و لو قالوا:

إنّك رجل صالح لم يسرّك ذلك، و لكن اعرض نفسك على كتاب اللّه، فإن كنت سالكا سبيله، زاهدا في تزهيده، راغبا في ترغيبه، خائفا من تخويفه، فاثبت و أبشر، فإنّه لا يضرّك ما قيل فيك، و إن كنت مبائنا للقرآن فما ذا الذي يغرّك من نفسك. (1)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوحى اللّه تعالى إلى موسى: يا موسى، من كان ظاهره أزين من باطنه فهو عدوّي حقّا، و من كان ظاهره و باطنه سواء فهو مؤمن حقّا، و من كان باطنه أزين من ظاهره فهو وليّي حقّا. (2)

8-عن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: . . . ثمّ قال عليه السّلام: يا أبا بصير، طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته، و المطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء اللّه الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون. (3)

9-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى أخفى أربعة في أربعة: أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرنّ شيئا من طاعته فربّما وافق رضاه و أنت لا تعلم، و أخفى سخطه

ص:391


1- -تحف العقول ص 206
2- جامع الأخبار ص 185 ف 141
3- البحار ج 52 ص 149 باب فضل انتظار الفرج ح 76

في معصيته، فلا تستصغرنّ شيئا من معصيته، فربّما وافق سخطه و أنت لا تعلم، و أخفى إجابته في دعوته، فلا تستصغرنّ شيئا من دعائه فربّما وافق إجابته و أنت لا تعلم، و أخفى وليّه في عباده، فلا تستصغرنّ عبدا من عبيد اللّه فربّما يكون وليّه و أنت لا تعلم. (1)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ ثمّ قال: تدرون من أولياء اللّه؟ قالوا: من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال:

هم نحن و أتباعنا، فمن تبعنا من بعدنا طوبى لنا و طوبى لهم أفضل من طوبى لنا.

قال: يا أمير المؤمنين، ما شأن طوبى لهم أفضل من طوبى لنا؟ ألسنا نحن و هم على أمر؟ قال: لا، لأنّهم حملوا ما لم تحملوا عليه، و أطاقوا ما لم تطيقوا. (2)

11-عن بريد العجليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ إذا أدّوا فرائض اللّه، و أخذوا سنن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و تورّعوا محارم اللّه، و زهدوا في عاجل زهرة الدنيا، و رغبوا فيما عند اللّه، و اكتسبوا الطيّب من رزق اللّه لوجه اللّه لا يريدون به التفاخر و التكاثر، ثمّ أنفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين بارك اللّه لهم فيما اكتسبوا، و يثابون على ما قدّموا لآخرتهم. (3)

12-عن ابن عبّاس قال: سئل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، عن قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ فقيل له: من هؤلاء الأولياء؟ فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: هم قوم أخلصوا اللّه تعالى في عبادته، و نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، فعرفوا آجلها حين غرّ الناس سواهم بعاجلها، فتركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم، و أماتوا منها

ص:392


1- -البحار ج 69 ص 274 باب صفات خيار العباد ح 7
2- البحار ج 69 ص 277 ح 10
3- البحار ج 69 ص 277 ح 11

ما علموا أنّه سيميتهم. . . (1)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا ولد وليّ اللّه خرج إبليس (لعنه اللّه) فصرخ صرخة يفزع لها شياطينه قال: فقالت له: يا سيّدنا، ما لك صرخت هذه الصرخة؟ قال: فقال: ولد وليّ اللّه، قال: فقالوا: و ما عليك من ذلك؟ قال: إنّه إن عاش حتّى يبلغ مبلغ الرجال هدى اللّه به قوما كثيرا، قال: فقالوا له: أو لا تأذن لنا فنقتله؟ قال: لا، فيقولون له: و لم و أنت تكرهه؟ قال: لأنّ بقاءنا بأولياء اللّه، فإذا لم يكن للّه في الأرض من وليّ قامت القيامة فصرنا إلى النار، فما لنا نتعجّل إلى النار؟ (2)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث خصال من صفة أولياء اللّه: الثقة باللّه في كلّ شيء، و الغنا به عن كلّ شيء، و الافتقار إليه في كلّ شيء. (3)

أقول:

قد مرّ في باب السخاء عنه صلّى اللّه عليه و آله: ما جبل وليّ اللّه إلاّ على السخاء.

و في باب الشيعة ف 2 في حديث الصادق عليه السّلام لسدير: فإنّ أولياء اللّه لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق اللّه آدم عليه السّلام.

15-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أ تدرون ما غمّي؟ و في أيّ شيء تفكّري؟ و إلى أيّ شيء أشتاق؟ قال أصحابه: لا، يا رسول اللّه، ما علمنا بهذه من شيء، أخبرنا بغمّك و تفكّرك و تشوّقك.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخبركم إن شاء اللّه، ثمّ تنفّس، و قال: هاه شوقا إلى إخواني من بعدي، فقال أبو ذرّ: يا رسول اللّه، ألسنا إخوانك؟

قال: لا، أنتم أصحابي، و إخواني يجيئون من بعدي، شأنهم شأن الأنبياء قوم

ص:393


1- -البحار ج 69 ص 319 ح 35( أمالي المفيد ص 52 م 10 ح 2)
2- البحار ج 63 ص 249 باب إبليس ح 108( العلل ج 2 ص 577 ب 385 ح 1)
3- البحار ج 103 ص 20 باب الإجمال في الطلب ح 2

يفرّون من الآباء و الامّهات، و من الأخوة و الأخوات، و من القرابات كلّهم، ابتغاء مرضات اللّه، يتركون المال للّه، و يذلّون أنفسهم بالتواضع للّه، لا يرغبون في الشهوات و فضول الدنيا، مجتمعون في بيت من بيوت اللّه، كأنّهم غرباء، محزونين لخوف النار و حبّ الجنّة، فمن يعلم قدرهم عند اللّه؟ ! ليس بينهم قرابة و لا مال يعطون بها، بعضهم لبعض أشفق من الابن على الوالد، و من الوالد على الولد و من الأخ على الأخ.

هاه شوقا إليهم، يفرغون أنفسهم من كدّ الدنيا و نعيمها بنجاة أنفسهم من عذاب الأبد، و دخول الجنّة لمرضات اللّه.

و اعلم يا أبا ذرّ، إنّ للواحد منهم أجر سبعين بدريّا.

يا أبا ذرّ، واحد منهم أكرم على اللّه من كلّ شيء خلق اللّه على وجه الأرض.

يا أبا ذرّ، قلوبهم إلى اللّه و عملهم للّه، لو مرض أحدهم، له فضل عبادة ألف سنة؛ صيام نهارها و قيام ليلها.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال: نعم يا رسول اللّه، زدني.

قال: لو أنّ أحدا منهم مات فكأنّما مات من في السماء الدنيا من فضله على اللّه.

و إن شئت أزيدك؟ قال: نعم يا رسول اللّه، زدني.

قال: يا أبا ذرّ، لو أنّ أحدهم تؤذيه قملة في ثيابه فله عند اللّه أجر أربعين حجّة و أربعين عمرة، و أربعين غزوة، و عتق أربعين نسمة من ولد إسماعيل عليه السّلام، و يدخل واحد منهم اثني عشر ألفا في شفاعته.

[قال:]فقلت: سبحان اللّه، و قالوا مثل قولي سبحان اللّه، ما أرحمه بخلقه و ألطفه و أكرمه على خلقه!

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ تعجبون من قولي؟ و إن شئتم حتّى أزيدكم؟

قال أبو ذرّ: نعم يا رسول اللّه، زدنا.

فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، لو أنّ أحدا منهم اشتهى شهوة من شهوات الدنيا

ص:394

فيصبر و لا يطلبها (لا يطالبها ف ن) كان له من الأجر بذكر أهله، ثمّ يغتمّ و يتنفّس كتب اللّه له بكلّ نفس ألفي ألف حسنة، و محا عنه ألفي ألف سيّئة، و رفع له ألفي ألف درجة.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال: حبيبي رسول اللّه، زدني.

قال: لو أنّ أحدا منهم يصبر مع أصحابه لا يقطعهم و يصبر في مثل جوعهم و مثل غمّهم كان له من الأجر كأجر سبعين ممّن غرا معي غزوة تبوك.

و إن شئت حتّى أزيدك؟ قال: نعم يا رسول اللّه، زدنا.

قال: لو أنّ أحدا منهم وضع جبينه على الأرض ثمّ يقول: «آه» فتبكي ملائكة السماوات السبع لرحمتهم عليه.

قال اللّه تعالى: يا ملائكتي، ما لكم تبكون؟ فيقولون: يا إلهنا و سيّدنا، و كيف لا نبكي و وليّك على الأرض يقول في وجعه: «آه» فيقول اللّه: يا ملائكتي، اشهدوا أنتم أنّي راض عن عبدي بالذي يصبر في الشدّة و لا يطلب الراحة.

فتقول الملائكة: يا إلهنا و سيّدنا، لا تضرّ الشدّة بعبدك و وليّك بعد أن تقول هذا القول.

فيقول اللّه: يا ملائكتي، إنّ وليّي عندي كمثل نبيّ من أنبيائي، و لو دعاني وليّي و شفّع في خلقي شفّعته في أكثر من سبعين ألفا، و لعبدي و وليّي في جنّتي ما يتمنّى.

يا ملائكتي، و عزّتي و جلالي لأنا أرحم بوليّي، و أنا خير له من المال للتاجر و الكسب للكاسب، و في الآخرة لا يعذب وليّي، و لا خوف عليه.

ثمّ قال رسول اللّه: طوبى لهم يا أبا ذرّ، لو أنّ أحدا منهم يصلّي ركعتين في أصحابه أفضل عند اللّه من رجل يعبد اللّه في جبل لبنان عمر نوح.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ [قال: نعم يا رسول اللّه، قال:]

لو أنّ أحدا منهم يسبّح تسبيحة خير له من أن يصير له جبال الدنيا ذهبا، و نظرة إلى واحد منهم أحبّ إليّ من نظرة إلى بيت اللّه الحرام.

ص:395

و لو أنّ أحدا منهم يموت في شدّة بين أصحابه له أجر مقتول بين الركن و المقام، و له أجر من يموت في حرم اللّه، و من مات في حرم اللّه آمنه اللّه من الفزع الأكبر و أدخله الجنّة.

و إن شئت حتّى أزيدك يا أبا ذرّ؟ قال: نعم يا رسول اللّه.

قال: يجلس إليهم قوم مقصّرون مثقلون من الذنوب فلا يقومون من عندهم حتّى ينظر إليهم فيرحمهم و يغفر لهم ذنوبهم لكرامتهم على اللّه.

ثمّ قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المقصّر منهم أفضل عند اللّه من ألف مجتهد من غيرهم.

يا أبا ذرّ، ضحكهم عبادة، و فرحهم تسبيح، و نومهم صدقة، و أنفاسهم جهاد، و ينظر اللّه إليهم في كلّ يوم ثلاث مرّات.

يا أبا ذرّ، إنّي إليهم لمشتاق. (ثمّ غمّض عينيه، و بكى شوقا) .

ثمّ قال: اللهمّ احفظهم و انصرهم على من خالف عليهم و لا تخذلهم، و أقرّ عيني بهم يوم القيامة أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. . . (1)

16-قال الصادق عليه السّلام: العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة. . . و أصول المعاملات تقع على أربعة أوجه: معاملة اللّه تعالى، و معاملة النفس، و معاملة الخلق، و معاملة الدنيا، و كلّ وجه منها منقسم على سبعة أركان.

أمّا أصول معاملة اللّه تعالى فسبعة أشياء: أداء حقّه، و حفظ حدّه، و شكر عطائه، و الرضا بقضائه، و الصبر على بلائه، و تعظيم حرمته، و الشوق إليه.

و أصول معاملة النفس سبعة: الجهد، و الخوف، و حمل الأذى، و الرياضة، و طلب الصدق، و الإخلاص، و إخراجها من محبوبها، و ربطها في الفقر.

و أصول معاملة الخلق سبعة: الحلم، و العفو، و التواضع، و السخاء، و الشفقة، و النصح، و العدل، و الإنصاف.

ص:396


1- -التحصين لابن فهد الحليّ رحمه اللّه ص 23 ح 40

و أصول معاملة الدنيا سبعة: الرضا بالدون، و الإيثار بالموجود، و ترك طلب المفقود، و بغض الكثرة، و اختيار الزهد، و معرفة آفاتها، و رفض شهواتها، مع رفض الرياسة، فإذا حصلت هذه الخصال في نفس واحدة، فهو من خاصّة اللّه و عباده المقرّبين و أوليائه حقّا.

قال الصادق عليه السّلام: كتاب اللّه تعالى على أربعة أشياء: العبارة، و الإشارة، و اللطائف، و الحقائق، فالعبارة للعوام، و الإشارة للخواصّ، و اللطائف للأولياء، و الحقائق للأنبياء عليهم السّلام. (1)

بيان:

«ربطها» : في مجمع البحرين، الربط على القلب: تسديده و تقويته. . . و أصل الرباط:

الملازمة و المواظبة على الأمر. . . و يقال للمصاب: «ربط على قلبه بالصبر» أي ألهمه.

17-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

إن أولياء اللّه تعالى كلّ مستقرب أجله، مكذّب أمله، كثير عمله، قليل زلله.

(الغرر ج 1 ص 234 ف 9 ح 176)

إنّ أولياء اللّه تعالى لأكثر الناس له ذكرا، و أدومهم له شكرا، و أعظمهم على بلائه صبرا. (ص 238 ح 195)

ص:397


1- -مصباح الشريعة ص 66 ب 100

ص:398

197- التهمة و البهتان

الآيات

1- وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ اِحْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً . (1)

2- لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ اَلْمُؤْمِنُونَ. . . - وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ . (2)

3- إِنَّ اَلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ اَلْفاحِشَةُ فِي اَلَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي اَلدُّنْيا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ . (3)

4- يا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ إِذا جاءَكَ اَلْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ . . . وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ. . . (4)

الأخبار

1-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بهت مؤمنا أو مؤمنة

ص:399


1- -النساء:112
2- النور:12 إلى 16
3- النور:19
4- الممتحنة:12

بما ليس فيه، بعثه اللّه في طينة خبال حتّى يخرج ممّا قال، قلت: و ما طينة الخبال؟ قال: صديد يخرج من فروج المومسات. (1)

بيان:

«الخبال» في النهاية ج 2 ص 8، جاء تفسيره في الحديث: أنّ الخبال عصارة أهل النار، و الخبال في الأصل: الفساد، و يكون في الأفعال و الأبدان و العقول.

«الصديد» : القيح مختلط بالدم. «المومسة» : جمع مومسات و هي الفاجرة.

«بهت» في النهاية ج 1 ص 165: وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ هو الباطل الذي يتحيّر منه، و هو من البهت التحيّر. . . و البهت: الكذب و الافتراء.

و في المصباح: و بهت. . . دهش و تحيّر، فبهت بالبناء للمفعول: قذفها بالباطل و افترى عليها الكذب و الاسم البهتان. . .

أقول: إنّ البهتان أن تقول في أخيك المسلم ما لم يكن فيه، فإن كان ذلك في غيبته كان كذبا و غيبة و إن كان بحضوره كان أشدّ أنواع الكذب، فيكون البهتان أشدّ إثما من الغيبة و الكذب. و قد مرّ في باب الغيبة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه. . . و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اتّهم المؤمن أخاه انماث الإيمان من قلبه كما ينماث الملح في الماء. (2)

بيان:

في المصباح (وهم) ، اتّهمته بكذا: ظننته به. . . و الاسم التهمة.

و في مجمع البحرين، يقال: تهمته أي ظننت فيه ما نسب إليه.

أقول: يقال: اتّهمه بكذا أي أدخل عليه نسبة ظنّ أنّها فيه، و اتّهم فلان أي وقعت

ص:400


1- -الكافي ج 2 ص 266 باب الغيبة ح 5
2- الكافي ج 2 ص 269 باب التهمة ح 1

عليه التهمة، فتبيّن الفرق بين التهمة و البهتان، حيث إنّ البهتان هو إدخال نسبة على المرء عن كذب و عمد و هي ليست فيه، مع أنّ التهمة إدخال النسبة عليه مع الظنّ بأنّها فيه، فإذا نسب الزنا إلي زيد كذبا و زورا فهو البهتان، و أمّا إذا تكلّم زيد مع امرأة فظنّ أحد فيه ظنّ السوء أو سمع ذلك من آخر ثمّ قال: زيد يراود امرأة فهو من التهمة، فسلّط الضوء على أنّ البهتان كذب محض عمدا و لكن التهمة ناشئة من سوء الظنّ.

و جدير بالذكر وردت أخبار كثيرة تمنع عن الورود في مواضع التهمة و مداخل السوء التي توجب سوء الظنّ بالإنسان.

3-عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من اتّهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما، و من عامل أخاه بمثل ما عامل به الناس فهو بريء ممّا ينتحل. (1)

بيان:

«فلا حرمة بينهما» : المراد انقطعت علاقة الأخوّة، و زالت الرابطة الدينيّة و الولاية بينهما. «ممّا ينتحل» : أي ممّا ينتسب إليه من الدين و التشيّع.

4-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رأيتم العالم محبّا لدنياه فاتّهموه على دينكم، فإنّ كلّ محبّ لشيء يحوط ما أحبّ. . . (2)

أقول:

قد مرّ تمام الحديث في باب العلم.

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و من دخل مداخل السوء اتّهم. . . (3)

6-و قال عليه السّلام: من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء به

ص:401


1- -الكافي ج 2 ص 269 ح 2
2- الكافي ج 1 ص 37 باب المستأكل بعلمه ح 4
3- نهج البلاغة ص 1249 في ح 341

الظنّ. (1)

7-روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يكلّم زوجته صفيّة بنت حيّ ابن أخطب، فمرّ به رجل من الأنصار، فدعاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا فلان، هذه زوجتي صفيّة، فقال: يا رسول اللّه، أ فنظنّ بك إلاّ خيرا؟ قال: إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فخشيت أن يدخل عليك. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من عرض نفسه للتهمة فلا يلومنّ من أساء به الظنّ، و من كتم سرّه كانت الخيرة في يده. (3)

9-قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: من دخل موضعا من مواضع التهمة فاتّهم فلا يلومنّ إلاّ نفسه. (4)

10-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لولده الحسن عليه السّلام قال: و إيّاك و مواطن التهمة، و المجلس المظنون به السوء، فإنّ قرين السوء يغرّ جليسه. (5)

11-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إنّ من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه، و إنّ من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه. (6)

12-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الغيبة أن تقول في أخيك ما قد ستره اللّه عليه، فأمّا إذا قلت ما ليس فيه فذلك قول اللّه عزّ و جلّ:

فَقَدِ اِحْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً . (7)

ص:402


1- -نهج البلاغة ص 1165 ح 151
2- جامع السعادات ج 1 ص 282( في سوء الظنّ)
3- الوسائل ج 12 ص 36 ب 19 من العشرة ح 1
4- الوسائل ج 12 ص 36 ح 2
5- الوسائل ج 12 ص 37 ح 4
6- الوسائل ج 12 ص 282 ب 152 ح 14
7- الوسائل ج 12 ص 286 ح 22

13-عن الصادق عليه السّلام قال: قال لي أبي: يا بنيّ، من يصحب صاحب السوء لا يسلم، و من يدخل مداخل السوء يتّهم، و من لا يملك لسانه يندم. (1)

14-عن الثمالي عن الصادق عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة. (2)

15-في جوامع البزنطي عن أبي الحسن عن أبي عبد اللّه عليهما السّلام قال: اتّقوا مواضع الريب، و لا يقفنّ أحدكم مع امّه في الطريق، فإنّه ليس كلّ أحد يعرفها. (3)

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس لك أن تأتمن من غشّك، و لا تتّهم من ائتمنت. (4)

17-عن الصادق عليه السّلام ناقلا عن حكيم: البهتان على البريّ أثقل من الجبال الراسيات. (5)

18-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من بهت مؤمنا أو مؤمنة، أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه اللّه تعالى يوم القيامة على تلّ من نار، حتّى يخرج ممّا قاله فيه. (6)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر، فلا يقفنّ مواقف التهمة. (7)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في المؤمن ثلاث خصال، ليس منها خصلة إلاّ و له

ص:403


1- -البحار ج 75 ص 90 باب التحرز عن مواضع التهمة ح 1
2- البحار ج 75 ص 90 ح 3
3- البحار ج 75 ص 91 ح 7
4- البحار ج 75 ص 194 باب التهمة و البهتان ح 1
5- البحار ج 75 ص 194 ح 3
6- البحار ج 75 ص 194 ح 5
7- المستدرك ج 8 ص 340 ب 18 من العشرة ح 5

منها مخرج: الظنّ، و الطيرة، و الحسد، فمن سلم من الظنّ سلم من الغيبة، و من سلم من الغيبة سلم من الزور، و من سلم من الزور سلم من البهتان. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الإيمان و. . .

ص:404


1- -المستدرك ج 9 ص 147 ب 141 ح 14

حرف الياء

198- اليأس

الآيات

1- وَ لَئِنْ أَذَقْنَا اَلْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ . (1)

2- يا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اَللّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اَللّهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْكافِرُونَ . (2)

3- قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ اَلْقانِطِينَ - قالَ وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ اَلضّالُّونَ . (3)

4- وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى اَلْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ اَلشَّرُّ كانَ يَؤُساً . (4)

5- وَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اَللّهِ وَ لِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ . (5)

6- وَ إِذا أَذَقْنَا اَلنّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا

ص:405


1- -هود:9
2- يوسف:87
3- الحجر:55 و 56
4- الإسراء:83
5- العنكبوت:23

هُمْ يَقْنَطُونَ . (1)

7- قُلْ يا عِبادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ . (2)

8- لا يَسْأَمُ اَلْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ اَلْخَيْرِ وَ إِنْ مَسَّهُ اَلشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ . (3)

الأخبار

1-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ من الكبائر عقوق الوالدين، و اليأس من روح اللّه، و الأمن لمكر اللّه.

و قد روي: أنّ أكبر الكبائر الشرك باللّه. (4)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 14، «روح اللّه» : أي من رحمته الواسعة المريحة من الشدائد.

و قال رحمه اللّه في ص 25: في النهاية، الرحمة: إعطاء المحبوب، و الروح: دفع الشرّ و المكروه.

2-عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الكبائر؛ القنوط من رحمة اللّه، و اليأس من روح اللّه، و الأمن من مكر اللّه. . . (5)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 113: قد تكرّر ذكر"القنوط"في الحديث، و هو أشدّ اليأس من الشيء.

ص:406


1- -الروم:36
2- الزمر:53
3- فصّلت:49
4- الكافي ج 2 ص 212 باب الكبائر ح 4
5- الكافي ج 2 ص 213 ح 10

3-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: أ لا أخبركم بالفقيه حقّ الفقيه؟ من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه و لم يؤمّنهم من عذاب اللّه، و لم يرخّص لهم في معاصي اللّه، و لم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره. . . (1)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عجبت لمن يقنط و معه الاستغفار. (2)

5-و قال عليه السّلام: الفقيه كلّ الفقيه من لم يقنّط الناس من رحمة اللّه، و لم يؤيسهم من روح اللّه، و لم يؤمنهم من مكر اللّه. (3)

6-قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: إذا كان يوم القيامة نشر اللّه تبارك و تعالى رحمته حتّى يطمع إبليس في رحمته. (4)

7-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة تجلّى اللّه عزّ و جلّ لعبده المؤمن، فيوقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا، ثمّ يغفر اللّه له، لا يطلع اللّه على ذلك ملكا مقرّبا و لا نبيّا مرسلا، و يستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد، ثمّ يقول لسيّئاته: كوني حسنات. (5)

8-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و في القنوط التفريط. (6)

9-في وصيّته للحسين عليهما السّلام: أي بنيّ، لا تؤيس مذنبا، فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير، و كم من مقبل على عمله مفسد في آخر عمره، صائر إلى النار، نعوذ باللّه منها.

ص:407


1- -الكافي ج 1 ص 28 باب صفة العلماء ح 3
2- نهج البلاغة ص 1124 ح 84
3- نهج البلاغة ص 1126 ح 87
4- البحار ج 7 ص 287 باب ما يظهر من رحمته في القيامة ح 1( أمالي الصدوق ص 205 م 37 ح 2)
5- البحار ج 7 ص 287 ح 2
6- البحار ج 77 ص 213

أي بنيّ، كم من عاص نجا، و كم من عامل هوى. (1)

بيان:

عكف على الأمر: لزمه مواظبا. «هوى» : هلك.

10-عن الصادق عليه السّلام ناقلا عن حكيم: اليأس من روح اللّه أشدّ بردا من الزمهرير. (2)

بيان:

«الزمهرير» : شدّة البرد.

11-عن جندب الغفّاريّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ رجلا قال يوما:

و اللّه لا يغفر اللّه لفلان، قال اللّه عزّ و جلّ: من ذا الذي تألّى عليّ أن لا أغفر لفلان، فإنّي قد غفرت لفلان و أحبطت عمل المتألّي بقوله: لا يغفر اللّه لفلان. (3)

بيان:

«تألّى عليّ» : أي حكم عليّ و حلف، يقال: آلى إيلاءا و تألّى أي حلف و أقسم.

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يبعث اللّه المقنّطين يوم القيامة مغلبة وجوههم، يعني غلبة السواد على البياض، فيقال لهم: هؤلاء المقنّطون من رحمة اللّه تعالى. (4)

13-عن صفوان الجمّال قال: صلّيت خلف أبي عبد اللّه عليه السّلام فأطرق ثمّ قال: اللهمّ لا تقنطني من رحمتك، ثمّ جهر فقال: وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ اَلضّالُّونَ . (5)

ص:408


1- -البحار ج 77 ح 241
2- البحار ج 72 ص 338 باب اليأس من روح اللّه ح 1
3- البحار ج 72 ص 338 ح 2
4- البحار ج 72 ص 338 ح 3
5- نور الثقلين ج 3 ص 22 ح 76( الحجر)

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : قال اللّه: يا بن آدم، بإحساني إليك قويت على طاعتي، و بسوء ظنّك بي قنطت من رحمتي. (1)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : إنّ اللّه عزّ و جلّ بعث نبيّا من أنبيائه إلى قومه، فأوحى إليه أن قل لقومك: إنّ رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي، فإنّه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره. (2)

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أعظم البلاء انقطاع الرجاء. (الغرر ج 1 ص 175 ف 8 ح 31)

قتل القنوط صاحبه. (ج 2 ص 535 ف 61 ح 19)

ص:409


1- -نور الثقلين ج 3 ص 22 ح 77
2- نور الثقلين ج 4 ص 491 ح 74( الزمر)

ص:410

199- اليتيم

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينِ. . . (1)

2- . . . وَ لكِنَّ اَلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ اَلْمَلائِكَةِ وَ اَلْكِتابِ وَ اَلنَّبِيِّينَ وَ آتَى اَلْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى وَ اَلْمَساكِينَ. . . (2)

3- . . . وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ. . . (3)

4- وَ آتُوا اَلْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَ لا تَتَبَدَّلُوا اَلْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً- وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي اَلْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ. . . - وَ اِبْتَلُوا اَلْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا اَلنِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ. . . - إِنَّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ

ص:411


1- -البقرة:83
2- البقرة:177
3- البقرة:220

اَلْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً . (1)

5- . . . وَ أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اَللّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً . (2)

6- وَ لا تَقْرَبُوا مالَ اَلْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. . . (3)

7- وَ يُطْعِمُونَ اَلطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً . (4)

8- كَلاّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ اَلْيَتِيمَ - وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ اَلْمِسْكِينِ . (5)

9- أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ - يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ . (6)

10- فَأَمَّا اَلْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ . (7)

11- فَذلِكَ اَلَّذِي يَدُعُّ اَلْيَتِيمَ . (8)

الأخبار

1-عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

أدّب اليتيم ممّا تؤدّب منه ولدك، و اضربه ممّا تضرب منه ولدك. (9)

ص:412


1- -النساء:2 إلى 10
2- النساء:127
3- الأنعام:152( الإسراء:34)
4- الإنسان:8
5- الفجر:17 و 18
6- البلد:14 و 15
7- الضحى:9
8- الماعون:2
9- الوسائل ج 21 ص 478 ب 85 من أحكام الأولاد ح 1

بيان:

قال الجوهريّ: اليتيم في الناس من قبل الأب و في البهائم من قبل الأمّ.

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شرّ المآكل أكل مال اليتيم ظلما. (1)

3-قال الصادق عليه السّلام: إنّ آكل مال اليتيم يخلفه و بال ذلك في الدنيا و الآخرة، أمّا في الدنيا فإنّ اللّه تعالى يقول: وَ لْيَخْشَ اَلَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اَللّهَ و أمّا في الآخرة فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

إِنَّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ اَلْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً . (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في ح 6: إنّ في كتاب عليّ عليه السّلام: إنّ آكل مال اليتيم سيدركه و بال ذلك في عقبه من بعده في الدنيا، و يلحقه و بال ذلك في الآخرة. . .

4-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لمّا أسري بي إلى السماء رأيت قوما تقذف في أجوافهم النار، و تخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما. (3)

أقول:

الأخبار في ذمّ أكل مال اليتيم ظلما كثيرة جدّا، و قد مرّ أنّه من الكبائر.

بيان: «ظلما» : إشارة إلى ما في الأخبار من جواز أكل مال اليتيم إذا كان له نفعا بأن يطعمه عوضه أو غير ذلك، و من جواز تصرّف الوليّ و القيّم في ماله بالمعروف بأن يأخذ منه الأجرة مع الحاجة إليها.

ص:413


1- -الوسائل ج 17 ص 245 ب 70 من ما يكتسب به ح 3
2- الوسائل ج 17 ص 245 ح 4
3- الوسائل ج 17 ص 248 ح 8

5-في وصيّة أمير المؤمنين للحسنين عليهم السّلام: اللّه اللّه في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، و لا يضيعوا بحضرتكم. (1)

بيان:

«فلا تغبّوا» يقال: أغبّ القوم: جاءهم يوما و ترك يوما، و المراد صلوا أفواههم بالإطعام و لا تقطعوه عنها.

6-عن أبي محمّد الحسن العسكريّ قال: حدّثني أبي عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: أشدّ من يتم اليتيم الذي انقطع من امّه و أبيه، يتم يتيم انقطع عن إمامه، و لا يقدر على الوصول إليه، و لا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا، و هذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه و أرشده و علّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى. (2)

بيان:

«الرفيق الأعلى» : في النهاية ج 2 ص 246، فيه: «و ألحقني بالرفيق الأعلى» الرفيق: جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى علّيّين. . .

7-و عنه عليه السّلام قال: قال [الحسن]بن عليّ عليهما السّلام: فضل كافل يتيم آل محمّد، المنقطع عن مواليه، الناشب في رتبة الجهل، يخرجه من جهله، و يوضع له ما اشتبه عليه، على فضل كافل يتيم يطعمه و يسقيه كفضل الشمس على السها. (3)

بيان:

«الناشب» : الواقع فيما لا مخلص له منه. «السها» : كوكب خفيّ من بنات نعش الصغرى.

ص:414


1- -نهج البلاغة ص 977 في ر 47
2- الاحتجاج ج 1 ص 7( البحار ج 2 ص 2)
3- الاحتجاج ج 1 ص 7

8-عنه عليه السّلام قال: قال موسى بن جعفر عليهما السّلام: فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا و عن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشدّ على إبليس من ألف عابد. . . (1)

9-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كن لليتيم كالأب الرحيم، و اعلم أنّك تزرع كذلك تحصد. (2)

10-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من كفل يتيما و كفل نفقته كنت أنا و هو في الجنّة كهاتين، و قرن بين أصبعيه المسبّحة و الوسطى. (3)

11-عن الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أربع من كنّ فيه بنى اللّه له بيتا في الجنّة: من آوى اليتيم، و رحم الضعيف، و أشفق على والديه، و رفق بمملوكه. (4)

12-عن أبي ذرّ، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يا أبا ذرّ، إنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي إنّي أراك ضعيفا، فلا تأمّرنّ على اثنين، و لا تولّينّ مال يتيم. (5)

بيان:

«فلا تأمّرنّ» : يقال: تأمّر فلان أي تسلّط و صار أميرا.

13-عن غياث بن إبراهيم عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من مؤمن و لا مؤمنة يضع يده على رأس يتيم ترحّما له، إلاّ كتب اللّه له بكلّ شعرة مرّت يده عليها حسنة. (6)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم رحمة له،

ص:415


1- -الاحتجاج ج 1 ص 8( البحار ج 2 ص 5)
2- البحار ج 77 ص 173
3- البحار ج 75 ص 3 باب العشرة مع اليتامى ح 4
4- البحار ج 75 ص 4 ح 6
5- البحار ج 75 ص 4 ح 7
6- البحار ج 75 ص 4 ح 9

إلاّ أعطاه اللّه بكلّ شعرة نورا يوم القيامة. (1)

15-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيما فيلاطفه، و ليمسح رأسه يلين قلبه بإذن اللّه، إنّ لليتيم حقّا.

و قال في حديث آخر: يقعده على خوانه، و يمسح رأسه يلين قلبه، فإنّه إذا فعل ذلك لان قلبه بإذن اللّه عزّ و جلّ. (2)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اليتيم إذا بكى اهتزّ له العرش، فيقول الربّ تبارك و تعالى: من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره؟ فو عزّتي و جلالي لا يسكته أحد إلاّ أوجبت له الجنّة. (3)

17-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: من ظلم يتيما عقّ أولاده. (4)

بيان:

قد مرّ ذيل ح 3: «إنّ أكل مال اليتيم سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده في الدنيا» .

و في ح 9 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «و اعلم أنّك تزرع كذلك تحصد» .

و في نهج البلاغة ص 1215 ح 256: «أحسنوا في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم» .

فيكون جزاء الظلم لليتيم ترك البرّ و عقوق أولاده في الدنيا.

18-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا بكى اليتيم في الأرض يقول اللّه: من أبكى عبدي و أنا غيّبت أباه في التراب؟ ! فو عزّتي و جلالي أنّ من أرضاه بشطر كلمة أدخلته الجنّة. (5)

ص:416


1- -البحار ج 75 ص 5 ح 10
2- البحار ج 75 ص 5 ح 11
3- البحار ج 75 ص 5 ح 12
4- المستدرك ج 13 ص 193 ب 58 من ما يكتسب به ح 12
5- المستدرك ج 15 ص 153 ب 44 من أحكام الأولاد ح 2

أقول:

قد مرّ في باب الولد، أنّ عيسى بن مريم عليه السّلام مرّ بقبر يعذّب صاحبه ثمّ مرّ به من قابل فإذا هو لا يعذّب. . . فأوحى اللّه إليه: أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا، و آوى يتيما، فلهذا غفر اللّه له بما عمل ابنه.

ص:417

ص:418

200- اليقين

الآيات

1- . . . هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. . . وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . (1)

2- . . . قَدْ بَيَّنَّا اَلْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ . (2)

3- . . . يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ يُفَصِّلُ اَلْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ . (3)

4- وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ . (4)

5- هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ - اَلَّذِينَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . (5)

6- هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ. . . وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . (6)

7- وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ . (7)

ص:419


1- -البقرة:1 إلى 4
2- البقرة:118
3- الرعد:2
4- الحجر:99
5- النمل:2 و 3
6- لقمان:3 و 4
7- السجدة:24

8- وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ . (1)

9- وَ فِي اَلْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ - وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ . (2)

10- كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اَلْيَقِينِ - لَتَرَوُنَّ اَلْجَحِيمَ - ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ اَلْيَقِينِ . (3)

الأخبار

1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليس شيء إلاّ و له حدّ، قال:

قلت: جعلت فداك فما حدّ التوكّل؟ قال: اليقين، قلت: فما حدّ اليقين؟ قال:

أن لا تخاف مع اللّه شيئا. (4)

بيان:

«فما حدّ التوكّل» في المرآة ج 7 ص 355: المراد بالحدّ هنا إمّا علامته أو تعريفه أو نهايته، فعلى الأوّل؛ المعنى أنّ علامة التوكّل اليقين، و على الثاني؛ تعريف له بلازمه، و على الثالث؛ المعنى أنّ التوكّل ينتهي إلى اليقين. . . و كذا الفقرة الثانية تحتمل الوجوه المذكورة.

و في المرآة ج 7 ص 354: قال المحقّق الطوسيّ رحمه اللّه في أوصاف الأشراف: "اليقين":

اعتقاد جازم مطابق ثابت لا يمكن زواله، و هو في الحقيقة مؤلّف من علمين: العلم بالمعلوم، و العلم بأنّ خلاف ذلك العلم محال، و له مراتب، علم اليقين و عين اليقين و حقّ اليقين.

و قال رحمه اللّه في ص 330 و البحار ج 70 ص 141: اعلم أنّ أوائل درجات الإيمان تصديقات مشوبة بالشكوك و الشبه، على اختلاف مراتبها، و يمكن معها الشرك

ص:420


1- -الجاثية:4
2- الذاريات:20 و 21
3- التكاثر:5 إلى 7
4- الكافي ج 2 ص 47 باب فضل اليقين ح 1

وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (1)و عنها يعبّر بالإسلام في الأكثر قالَتِ اَلْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا. . . .

و أواسطها تصديقات لا يشوبها شكّ و لا شبهة اَلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا (2)و أكثر إطلاق الإيمان عليها خاصّة إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (3).

و أواخرها تصديقات كذلك مع كشف و شهود و ذوق و عيان و محبّة كاملة للّه سبحانه، و شوق تامّ إلى حضرته المقدّسة يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكافِرِينَ. . . (4). . .

و لليقين ثلاث مراتب: علم اليقين، و عين اليقين، و حقّ اليقين كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اَلْيَقِينِ - لَتَرَوُنَّ اَلْجَحِيمَ - ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ اَلْيَقِينِ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اَلْيَقِينِ (5)و الفرق بينها إنّما ينكشف بمثال، فعلم اليقين بالنار مثلا هو مشاهدة المرئيّات بتوسّط نورها، و عين اليقين بها هو معاينة جرمها، و حقّ اليقين بها الاحتراق فيها، و انمحاء الهويّة بها، و الصيرورة نارا صرفا، و ليس وراء هذا غاية و لا هو قابل للزيادة، لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا انتهى.

أقول: لا يخفى أنّ أكثر المحقّقين ذكروا هذه المراتب لليقين، و بالجملة اليقين أشرف الفضائل و أهمّها، و أفضل الكمالات النفسانيّة و أعظمها، و هو الكبريت الأحمر الذي لا يناله إلاّ الأوحد من الأكابر، و من وصل إليه فاز بالرتبة القصوى

ص:421


1- -يوسف:106
2- الحجرات:15
3- الأنفال:2
4- المائدة:54
5- الواقعة:95

و السعادة العظمى.

و لا يخفى أنّه لا يحصل بمجرّد الفكر و الاستدلال بل يتوقّف حصوله على الرياضة الشرعيّة و المجاهدة، و تصفية النفس عن كدورات ذمائم الأخلاق. و قد قلنا كرارا أنّ أفضل الوسائل و أقرب الطرق للوصول إلى الحقائق التضرّع إلى اللّه تعالى، و التوسّل بأوليائه و الأئمّة المعصومين عليهم السّلام.

و التحقيق أنّ الصفات الحسنة كالتوكّل و الرضا و التسليم و التفويض من مراتب اليقين و درجاته و ثمراته، فإذا حصل اليقين باللّه تعالى في النفس، يحصل التوكّل و الاعتماد عليه في الأمور، و لا يكون اتّكاله في مقاصده إلاّ عليه، فيتبرّء عن كلّ حول و قوّة سوى حول اللّه و قوّته، و يعلم أنّ ما يرد عليه منه تعالى، و ما قدّر له و عليه من الخير و الشرّ سيساق إليه، فتستوي عنده حالة الوجود و العدم، و الزيادة و النقصان، و المدح و الذمّ، و الفقر و الغنى، و الصحّة و المرض و. . . فيوجد في النفس الرضا و التسليم له تعالى في جميع الأمور، و يرى أنّه مسبّب الأسباب، فلا يلتفت إلى الوسائط، بل يراها مسخّرة تحت حكمه، فيكون في جميع الأحوال خاضعا للّه خاشعا منه، معرضا عن جميع ما عداه، مفرّغا قلبه عمّا سواه، منصرفا بفكره إلى جناب قدسه، مستغرقا في لجّة حبّة و أنسه و يحصل في النفس مقام التفويض و ردّ الأمور بالكلّيّة إليه و يدلّ على ذلك كلّه أخبار الباب.

2-عن أبي ولاّد و عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من صحّة يقين المرء المسلم أن لا يرضي الناس بسخط اللّه، و لا يلومهم على ما لم يؤته اللّه، فإنّ الرزق لا يسوقه حرص حريص، و لا يردّه كراهية كاره؛ و لو أنّ أحدكم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت.

ثمّ قال: إنّ اللّه بعدله و قسطه جعل الروح و الراحة في اليقين و الرضا، و جعل

ص:422

الهمّ و الحزن في الشكّ و السخط. (1)

3-عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ العمل الدائم القليل على اليقين، أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين. (2)

4-عن زيد الشحّام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس، فقال بعضهم: لا تقعد تحت هذا الحائط، فإنّه معور، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: حرس امرء أجله، فلمّا قام سقط الحائط.

قال: و كان أمير المؤمنين عليه السّلام ممّا يفعل هذا و أشباهه، و هذا اليقين. (3)

بيان:

في المرآة، «فإنّه معور» : على بناء الفاعل من باب الإفعال أي ذو شقّ و خلل يخاف منه، أو على بناء المفعول من التفعيل أو الإفعال أي ذو عيب. قال في النهاية:

العوار بالفتح: العيب و قد يضمّ. . . «حرس امرء» يقال: حرسه أي حفظه، و في الوافي «حرس امرء أجله» : يعني أنّ أجل المرء حارسه عن الآفات حتّى يدركه انتهى.

و في نهج البلاغة (ص 1232 ح 298) : «كفى بالأجل حارسا» .

فيكون امرء منصوب على المفعوليّة و أجله مرفوع على الفاعليّة، و هذا ممّا استعمل فيه النكرة في سياق الإثبات للعموم.

5-عن صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ أَمَّا اَلْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي اَلْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما (4)فقال: أما إنّه ما كان ذهبا و لا فضّة و إنّما كان أربع كلمات «لا إله إلاّ أنا، من أيقن بالموت

ص:423


1- -الكافي ج 2 ص 47 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 47 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 48 ح 5
4- الكهف:82

لم يضحك سنّه، و من أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، و من أيقن بالقدر لم يخش إلاّ اللّه» . (1)

6-عن جابر قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أخا جعف، إنّ الإيمان أفضل من الإسلام، و إنّ اليقين أفضل من الإيمان، و ما من شيء أعزّ من اليقين. (2)

بيان:

«أعزّ» : أي أقلّ وجودا.

7-عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الإيمان و الإسلام، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هو الإسلام، و الإيمان فوقه بدرجة، و التقوى فوق الإيمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة، و لم يقسّم بين الناس شيء أقلّ من اليقين، قال: قلت: فأيّ شيء اليقين؟ قال: التوكّل على اللّه، و التسليم للّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه، قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر عليه السّلام. (3)

أقول:

قد مرّ في باب العقل: لم يقسّم بين العباد أقلّ من الخمس: اليقين و. . .

بيان: «إنّما هو الإسلام» كأنّ الضمير راجع إلى الدين، لقوله تعالى: إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ اَللّهِ اَلْإِسْلامُ .

8-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالناس الصبح، فنظر إلى شابّ في المسجد و هو يخفق و يهوي برأسه، مصفرّا لونه قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كيف

ص:424


1- -الكافي ج 2 ص 48 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 43 باب فضل الإيمان على الإسلام ح 1
3- الكافي ج 2 ص 43 ح 5

أصبحت يا فلان؟ قال: أصبحت يا رسول اللّه، موقنا، فعجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من قوله، و قال: إنّ لكلّ يقين حقيقة، فما حقيقة يقينك؟

فقال: إنّ يقيني يا رسول اللّه، هو الذي أحزنني و أسهر ليلي و أظمأ هواجري، فعزفت نفسي عن الدنيا و ما فيها، حتّى كأنّي أنظر إلى عرش ربّي و قد نصب للحساب، و حشر الخلائق لذلك و أنا فيهم، و كأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتنعّمون في الجنّة و يتعارفون و على الأرائك متّكئون، و كأنّي أنظر إلى أهل النار و هم فيها معذّبون مصطرخون، و كأنّي الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: هذا عبد نوّر اللّه قلبه بالإيمان. ثمّ قال له: الزم ما أنت عليه، فقال الشابّ: ادع اللّه لي يا رسول اللّه، أن أرزق الشهادة معك، فدعا له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فاستشهد بعد تسعة نفر و كان هو العاشر. (1)

أقول:

بمدلوله ح 3: و اسم الشابّ فيه: حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاريّ.

و فيه فقال صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارزق حارثة الشهادة، فلم يلبث إلاّ أيّاما حتّى بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سريّة فبعثه فيها، فقاتل فقتل تسعة-أو ثمانية-ثمّ قتل.

و في رواية القاسم بن بريد عن أبي بصير: استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر و كان هو العاشر.

بيان: و العجب انكار الحديث و رميه إلى المتصوّفة ممّن لا يعبأ بهم! نعم، إنّ الناس أعداء ما جهلوا.

«يخفق» : أي ينعس. «يهوي برأسه» : ينحطّ رأسه للنعاس. «فعزفت» : عزفت نفسي عنه أي زهدت فيه. «مصطرخون» الاصطراخ: الاستغاثة.

ص:425


1- -الكافي ج 2 ص 44 باب حقيقة الإيمان ح 2

«مسامعي» : في القاموس، المسمع كمنبر: الأذن كالسامعة و الجمع مسامع.

أقول: قد مرّ في باب مكارم الأخلاق عن الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق. . . فذكرها عشرة: اليقين و. . .

و مرّ في باب البخل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «إنّ صلاح أوّل هذه الأمّة بالزهد و اليقين، و هلاك آخرها بالشحّ و الأمل» .

9-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام في خطبة له: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، و اليقين، و العدل، و التوحيد. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفى باليقين غنى، و بالعبادة شغلا. (2)

11-سأل أمير المؤمنين عليه السّلام الحسن و الحسين عليهما السّلام فقال لهما: ما بين الإيمان و اليقين؟ فسكتا، فقال للحسن: أجب يا أبا محمّد، قال: بينهما شبر، قال: و كيف ذاك؟ قال: لأنّ الإيمان ما سمعناه بآذاننا و صدّقناه بقلوبنا، و اليقين ما أبصرناه بأعيننا، و استدللنا به على ما غاب عنّا. (3)

12-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أما علامة الموقن فستّة: أيقن باللّه حقّا فآمن به، و أيقن بأنّ الموت حقّ فحذره، و أيقن بأنّ البعث حقّ فخاف الفضيحة، و أيقن بأنّ الجنّة حقّ فاشتاق إليها، و أيقن بأنّ النار حقّ فظهر سعيه للنجاة منها، و أيقن بأنّ الحساب حقّ فحاسب نفسه. (4)

13-في مواعظ عليّ بن الحسين عليه السّلام: الرضى بمكروه القضاء أرفع

ص:426


1- -مشكوة الأنوار ص 11 ب 1 ف 3
2- مشكوة الأنوار ص 13
3- مشكوة الأنوار ص 15
4- تحف العقول ص 22

درجات اليقين. (1)

14-في حكم موسى بن جعفر عليه السّلام و قال: سألته عن اليقين، فقال عليه السّلام:

يتوكّل على اللّه، و يسلم للّه، و يرضى بقضاء اللّه، و يفوّض إلى اللّه. (2)

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و باليقين تدرك الغاية القصوى. (3)

16-في وصيّته لابنه الحسن عليهما السّلام: اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر و حسن اليقين. (4)

17-و سئل عليه السّلام عن الإيمان، فقال: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، و اليقين، و العدل، و الجهاد. . . و اليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، و تأوّل الحكمة، و موعظة العبرة، و سنّة الأوّلين، فمن تبصّر في الفطنة تبيّنت له الحكمة، و من تبيّنت له الحكمة عرف العبرة، و من عرف العبرة فكأنّما كان في الأوّلين. . . (5)

بيان:

«تأوّل الحكمة» : أي الوصول إلى دقائقها. «سنّة الأوّلين» : أي طريقتهم و سيرتهم.

18-و قد سمع عليه السّلام رجلا من الحروريّة يتهجّد و يقرأ، فقال عليه السّلام: نوم على يقين خير من صلاة في شكّ. (6)

بيان:

«الحروريّة» : الخوارج، لأنّهم خرجوا على أمير المؤمنين عليه السّلام في موضع حروراء

ص:427


1- -تحف العقول ص 200
2- تحف العقول ص 301
3- نهج البلاغة ص 494 في خ 156
4- نهج البلاغة ص 935 في ر 31-صبحي ص 404
5- نهج البلاغة ص 1099 ح 30
6- نهج البلاغة ص 1130 ح 93

بقرب من الكوفة.

19-و قال عليه السّلام: لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي: الإسلام هو التسليم، و التسليم هو اليقين، و اليقين هو التصديق، و التصديق هو الإقرار، و الإقرار هو الأداء، و الأداء هو العمل. (1)

20-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، و اعلم أنّ أعجب الناس إيمانا و أعظمهم يقينا، قوم يكونون في آخر الزمان، لم يلحقوا النبيّ، و حجب عنهم الحجّة، فآمنوا بسواد على بياض. (2)

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير ما القي في القلب اليقين. (3)

22-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قلت لجبرئيل: ما تفسير اليقين؟ قال: المؤمن يعمل للّه كأنّه يراه فإن لم يكن يرى اللّه فإنّ اللّه يراه، و أن يعلم يقينا أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، و أنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه. . . (4)

23-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اَلْيَقِينِ قال: المعاينة. (5)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له: أيّها الناس، سلوا اللّه اليقين، و ارغبوا إليه في العافية، فإنّ أجلّ النعمة العافية، و خير ما دام في القلب اليقين، و المغبون من غبن دينه، و المغبوط من غبط يقينه.

ص:428


1- -نهج البلاغة ص 1144 ح 120
2- البحار ج 52 ص 125 باب فضل انتظار الفرج خ 12( كمال الدين ج 1 ص 405 ب 26 ح 7)
3- البحار ج 70 ص 173 باب اليقين ح 25
4- البحار ج 70 ص 173 ح 27
5- البحار ج 70 ص 176 ح 31

قال: و كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يطيل القعود بعد المغرب يسأل اللّه اليقين. (1)

25-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الإيمان في القلب و اليقين خطرات. (2)

26-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ ما اوتيتم اليقين، و عزيمة الصبر، و من أوتي حظّه منهما لم يبال ما فاته من صيام النهار و قيام الليل.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: اليقين الإيمان كلّه. (3)

27-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما آدميّ إلاّ و له ذنوب، و لكن من كانت غريزته العقل، و سجيّته اليقين، لم تضرّه الذنوب، لأنّه كلّما أذنب ذنبا، تاب و استغفر، و ندم فتكفّر ذنوبه، و يبقى له فضل يدخل به الجنّة. (4)

28-و في وصيّة لقمان لابنه: قال: يا بنيّ، لا يستطاع العمل إلاّ باليقين، و لا يعمل المرء إلاّ بقدر يقينه، و لا يقصر عامل حتّى ينقص يقينه. (5)

29-قال الصادق عليه السّلام: اليقين يوصل العبد إلى كلّ حال سنيّ و مقام عجيب، كذلك أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أنّ عيسى عليه السّلام كان يمشي على الماء، فقال صلّى اللّه عليه و آله: لو زاد يقينه لمشى على الهواء، فدلّ بهذا على أنّ الأنبياء مع جلالة محلّهم من اللّه كان تفاضلهم (كانت تتفاضل ف ن) على حقيقة اليقين لا غير، و لا نهاية بزيادة اليقين على الأبد.

و المؤمنون أيضا متفاوتون في قوّة اليقين و ضعفه، فمن قوي منهم يقينه فعلامته التبرّي من الحول و القوّة إلاّ باللّه، و الاستقامة على أمر اللّه و عبادته ظاهرا

ص:429


1- -البحار ج 70 ص 176 ح 33( تحف العقول ص 146)
2- البحار ج 70 ص 178 ح 38 و ح 49
3- جامع السعادات ج 1 ص 119
4- جامع السعادات ج 1 ص 119
5- جامع السعادات ج 1 ص 119

و باطنا قد استوت عنده حالتا العدم و الوجود، و الزيادة و النقصان، و المدح و الذمّ، و العزّ و الذلّ، لأنّه يرى كلّها من عين واحدة.

و من ضعف يقينه تعلّق بالأسباب و رخّص لنفسه بذلك، و اتّبع العادات و أقاويل الناس بغير حقيقة، و السعي في أمر الدنيا و جمعها و إمساكها، مقرّا باللسان أنّه لا مانع و لا معطي إلاّ اللّه، و أنّ العبد لا يصيب إلاّ ما رزق و قسّم له، و الجهد لا يزيد في الرزق و ينكر ذلك بفعله و قلبه.

قال اللّه تعالى: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ اَللّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (1). . . (2)

بيان:

«السنيّ» : الرفيع.

30-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: اعلموا أنّه لا يصغر ما ضرّ يوم القيامة، و لا يصغر ما ينفع يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم اللّه كمن عاين. (3)

31-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول (في حديث) : لا عبادة إلاّ بيقين. (4)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

اليقين عبادة. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 49)

اليقين نور. (ص 7 ح 89)

اليقين عنوان الإيمان. (ص 16 ح 405)

اليقين أفضل الزهادة-اليقين عماد الإيمان. (ص 17 ح 445 و 452)

ص:430


1- -آل عمران:167
2- مصباح الشريعة ص 59 ب 87
3- المستدرك ج 11 ص 195 ب 7 من جهاد النفس ح 5
4- المستدرك ج 11 ص 196 ح 8

الصبر ثمرة اليقين. (ص 18 ح 465)

الزهد ثمرة اليقين. (ص 19 ح 514)

الصدق لباس اليقين. (ص 20 ح 543)

الزهد أساس اليقين. (ص 21 ح 569)

الشوق شيمة الموقنين. (ص 24 ح 714)

الفكر نزهة المتّقين. (ص 25 ح 716)

التوكّل من قوّة اليقين. (ح 747)

الحرص يفسد الإيقان-الرضا ثمرة اليقين. (ص 26 ح 774 و 778)

اليقين يثمر الزهد-اليقين يرفع الشكّ. (ص 29 ح 893 و 876)

اليقين رأس الدين-الإخلاص ثمرة اليقين. (ص 30 ح 902 و 903)

اليقين أفضل عبادة-اليقين جلباب الأكياس. (ح 906 و 912)

الجدل في الدين يفسد اليقين. (ص 40 ح 1221)

المغبوط من قوي يقينه. (ص 46 ح 1332)

الإيمان شجرة أصلها اليقين، و فرعها التقى، و نورها الحياء، و ثمرها السخاء.

(ص 71 ح 1811)

الموقن أشدّ الناس حزنا على نفسه. (ص 88 ح 2033)

الصبر أوّل لوازم الإيقان. (ص 60 ح 1616)

أيقن تفلح. (ص 108 ف 2 ح 18)

أفضل الدين اليقين. (ص 175 ف 8 ح 40)

أفضل الإيمان حسن الإيقان. (ص 182 ح 165)

إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله، و إنّ المنافق يرى شكّه في عمله.

(ص 234 ف 9 ح 175)

آفة اليقين الشكّ. (ص 304 ف 16 ح 2)

ص:431

إذا أراد اللّه بعبد خيرا فقّهه في الدين، و ألهمه اليقين.

(ص 322 ف 17 ح 159)

باليقين تتمّ العبادة. (ص 330 ف 18 ح 21)

ثبات الدين بقوّة اليقين. (ص 367 ف 25 ح 17)

ثمرة الدين قوّة اليقين. (ص 360 ف 23 ح 48)

سبب فساد اليقين الطمع. (ص 430 ف 38 ح 4)

سلاح الموقن الصبر على البلاء، و الشكر في الرخاء. (ص 432 ف 39 ح 11)

شيئان هما ملاك الدين: الصدق و اليقين. (ص 449 ف 42 ح 16)

طاعة الحرص تفسد اليقين. (ج 2 ص 469 ف 47 ح 4)

عليك بلزوم اليقين و تجنّب الشكّ، فليس للمرء شيء أهلك لدينه من غلبة الشكّ على يقينه. (ص 483 ف 49 ح 65)

عليكم بلزوم الدين و التقوى و اليقين، فهنّ أحسن الحسنات، و بهنّ تنال رفيع الدرجات. (ص 484 ف 50 ح 6)

عليكم بلزوم اليقين و التقوى، فإنّهما يبلّغانكم جنّة المأوى.

(ص 485 ح 14)

على قدر الدين يكون قوّة اليقين. (ص 487 ف 51 ح 14)

غاية اليقين الإخلاص-غاية الإخلاص الخلاص. (ص 503 ف 56 ح 2 و 3)

قوّ إيمانك باليقين، فإنّه أفضل الدين. (ص 540 ف 61 ح 85)

كفى باليقين عبادة. (ص 558 ف 65 ح 35)

ما أيقن باللّه سبحانه من لم يرع عهوده و ذممه. (ص 743 ف 79 ح 125)

ما أعظم سعادة من بوشر (يؤثر ف ن) قلبه ببرد اليقين. (ص 742 ح 104)

ما غدر من أيقن بالمرجع. (ص 744 ح 139)

لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. (ص 603 ف 75 ح 1)

ص:432

لو صحّ يقينك لما استبدلت الباقي بالفاني، و لا بعت السنيّ بالدنيّ.

(ص 604 ح 21)

لا إيمان لمن لا يقين له. (ص 847 ف 86 ح 345)

لا يعمل بالعلم إلاّ من أيقن بفضل الأجر فيه. (ص 854 ح 433)

نظام المروّة حسن الأخوّة، و نظام الدين حسن اليقين. (ص 776 ف 82 ح 27)

يستدلّ على اليقين بقصر الأمل، و إخلاص العمل، و الزهد في الدنيا.

(ص 864 ف 88 ح 15)

يسير الشكّ يفسد اليقين. (ص 866 ف 89 ح 4)

يفسد اليقين الشكّ و غلبة الهوى. (ص 873 ف 91 ح 6)

يحتاج الإسلام إلى الإيمان، و يحتاج الإيمان إلى الإيقان، و يحتاج العلم إلى العمل. (ص 874 ح 13)

من أيقن أحسن. (ص 611 ف 77 ح 2)

من أيقن أفلح. (ص 613 ح 67)

من أيقن ينجو. (ص 614 ح 78)

من يستيقن يعمل جاهدا. (ص 627 ح 343)

من أيقن بالجزاء أحسن. (ص 629 ح 373)

من كثر حرصه قلّ يقينه. (ص 628 ح 351)

من يؤمن يزدد يقينا. (ص 627 ح 342)

من قوي يقينه لم يرتب. (ص 635 ح 458)

من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا-من وثق باللّه صان يقينه.

(ص 645 ح 601 و 607)

من أيقن بالمعاد استكثر من الزاد. (ص 651 ح 710)

من حسن يقينه حسنت عبادته. (ص 655 ح 777)

ص:433

من أيقن بما يبقى، زهد فيما يفنى. (ص 654 ح 763)

من رضي بالمقدور قوي يقينه. (ص 657 ح 808)

من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا. (ص 672 ح 1002)

من أيقن بالمجازاة لم يؤثر غير الحسنى. (ح 1003)

من صحّ يقينه زهد في المراء. (ص 675 ح 1047)

من لم يوقن بالجزاء أفسد الشكّ يقينه. (ص 699 ح 1299)

من لم يوقن قلبه لم يطعه عمله. (ص 702 ح 1331)

وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا. اللهمّ احملنا في سفن نجاتك، و متّعنا بلذيذ مناجاتك، و أوردنا حياض حبّك، و أذقنا حلاوة ودّك و قربك، و اجعل جهادنا فيك، و همّنا في طاعتك، و أخلص نيّاتنا في معاملتك، فإنّا بك و لك، و لا وسيلة لنا إليك إلاّ أنت، إلهي اجعلني من المصطفين الأخيار و ألحقني بالصالحين الأبرار.

اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد و آله الطيّبين و اجعلنا معهم في الدنيا و الآخرة، و صلّ على مولانا صاحب الزمان، القائم بالحقّ، و الداعي إلى الصدق، و أمان اللّه و حجّة اللّه، الغالب بأمر اللّه، إمام السرّ و العلن، دافع الكرب و المحن، صاحب العصر و الزمان، و خليفة الرحمن، و إمان الإنس و الجانّ الأب الرؤف و مولانا المظلوم عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه، و أيّده بالنصر، و انصر ناصريه، و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

20 جمادى الآخرة 1414 يوم مولد سيّدة النسوان فاطمة الزهراء عليها السّلام

ص:434

الفهرس

حرف اللام

164-اللبس و الملابس 3

165-اللحية و الشارب 15

166-اللواط و المساحقة 19

حرف الميم

167-المرض و العافية 25

168-المشي 37

169-المكر و الخديعة و الغدر و الغشّ 41

170-الموت

الفصل 1: ما يتعلّق بالموت 49

الفصل 2: ذكر الموت و الاستعداد له 65

171-حبّ المال 79

172-الماء

الفصل 1: شرب الماء 95

الفصل 2: سقي الماء 101

ص:435

حرف النون

173-النبوّة 103

174-النساء 119

175-النصيحة و الاهتمام في امور المسلمين 133

176-الإنصاف 141

177-النظر 149

178-انتظار الفرج 157

179-النفاق 163

180-النميمة و السعاية 171

181-النوم

الفصل 1: النوم و آدابه 179

الفصل 2: السهر و كثرة النوم 189

182-النيّة 193

حرف الهاء

183-الهجران 203

ص:436

حرف الواو

184-التوحيد و معرفة اللّه 209

185-الورع 221

186-الوسوسة 235

187-التواضع 245

188-الموعظة 255

189-الوفاء بالوعد و العهد 265

190-التقوى

الفصل 1: فضلها 273

الفصل 2: صفات المتّقين 293

191-التقيّة 303

192-التوكّل و الاعتصام باللّه تعالى 313

193-الوالدين 329

194-الولد 345

195-الولاية

الفصل 1: لزوم ولاية أهل البيت عليهم السّلام 357

الفصل 2: بطلان العبادة دون قبول ولايتهم عليهم السّلام 379

196-أولياء اللّه 387

197-التهمة و البهتان 399

ص:437

حرف الياء

198-اليأس 405

199-اليتيم 411

200-اليقين 419

ص:438

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.