ینابیع الحکمه المجلد 2

اشارة

سرشناسه : اسماعیلی یزدی، عباس، 1332 -

عنوان و نام پديدآور : ینابیع الحکمه/ تالیف عباس الاسماعیلی الیزدی.

مشخصات نشر : قم: مسجد مقدس صاحب الزمان (جمکران)، 1378.

مشخصات ظاهری : 5 ج.

شابک : دوره: 964-6705-47-2 ؛ ج.1: 964-6705-42-1 ؛ ج.2: 964-6705-43-X ؛ ج. 3، چاپ چهارم: 964-6705-44-8 ؛ ج. 4: 964-6705-45-6 ؛ ج. 5: 964-6705-46-4

يادداشت : عربی.

يادداشت : چاپ قبلی: نشر مولود کعبه، 1417ق. = 1375.

يادداشت : ج. 1 - 5 (1427 ق.= 1385).

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : قرآن -- فهرست مطالب

موضوع : احادیث شیعه -- فهرست مطالب

شناسه افزوده : مسجد جمکران (قم)

رده بندی کنگره : BP106/الف 5ی 9 1378

رده بندی دیویی : 297/22

شماره کتابشناسی ملی : م 78-25667

ص: 1

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص :2

عن يونس بن عبد الرحمان ، قال : دخلت على موسى بن جعفر عليه السلام فقلت له : يا بن رسول الله، أنت القائم بالحق؟ فقال : أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله عزوجل و يملأها عدلا كما ملئت جورة و ظلمة هو الخامس من ولدي ، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون.

ثم قال علیه السلام : طوبى لشيعتنا، المتمسكين بحبلنا (بحبنا) في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا و البراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم ، قد رضوا بنا أئمة ، ورضينا بهم شيعة ، فطوبى لهم، ثم طوبى لهم، هم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة.

کمال الدین باب ما أخبر به الكاظم علیه السلام من وقوع الغيبة ح 5 و البحار ج 1، ص 151 ح 6

ص:3

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه الذي لا إله غيره، و لا شيء يعدله ليس كمثله شيء و هو اللطيف الخبير، و الصلاة و السلام على سيّد الأنبياء و المرسلين محمّد صلّى اللّه عليه و آله و على عترته و الأئمّة من بعده سيّما مولانا المهديّ صاحب العصر و الزمان القائم بالحقّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

اللهمّ صلّ على السيّد المطهّر و الإمام المظفّر و الشجاع الغضنفر أبي شبير و شبّر قاسم طوبى و سقر الأنزع البطين الأشجع المتين العالم المبين الإمام الوصيّ الحاكم بالنصّ الجليّ المدفون بالغريّ مظهر العجائب و مظهر الغرائب أسد اللّه الغالب مولانا و مولا الكونين الإمام أبي الحسنين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه و سلامه عليه.

ص:1

ص :2

حرف الحاء

31- الحبّ

الحبّ

فيه فصول

الفصل الأوّل: حبّ اللّه تعالى

الآيات

1- وَ مِنَ اَلنّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اَللّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اَللّهِ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ. . . (1)

2- قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (2)

3- . . . فَسَوْفَ يَأْتِي اَللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ. . . (3)

4- قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ

ص:3


1- -البقرة:165.
2- آل عمران:31.
3- المائدة:54.

اِقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اَللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ وَ اَللّهُ لا يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْفاسِقِينَ. (1)

5- ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ. . . (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: . . . إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما و وجد حلاوة حبّ اللّه و كان عند أهل الدنيا كأنّه قد خولط و إنّما خالط القوم حلاوة حبّ اللّه فلم يشتغلوا بغيره. . . (3)

2-عن حمّاد بن بشير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: من أهان لي وليّا فقد أرصد لمحاربتي و ما تقرّب إليّ عبد بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه و إنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى احبّه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته و إن سألني أعطيته، و ما تردّدت عن شيء أنا فاعله كتردّدي عن موت المؤمن، يكره الموت و أكره مساءته. (4)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع شرحه في باب الإيمان ف 7، و يأتي بهذا المعنى في باب أولياء اللّه.

3-في آخر رسالة من أبي عبد اللّه عليه السّلام إلى جماعة الشيعة: و من سرّه أن يعلم أنّ اللّه يحبّه، فليعمل بطاعة اللّه و ليتّبعنا، ألم يسمع قول اللّه عزّ و جلّ

ص:4


1- -التوبة:24
2- الأحزاب:4
3- الكافي ج 2 ص 105 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 10
4- الكافي ج 2 ص 262 باب من أذى المسلمين ح 7

لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، و اللّه لا يطيع اللّه عبد أبدا إلاّ أدخل اللّه عليه في طاعته اتّباعنا، و لا و اللّه لا يتّبعنا عبد أبدا إلاّ أحبّه اللّه، و لا و اللّه لا يدع أحد اتّباعنا أبدا إلاّ أبغضنا، و لا و اللّه لا يبغضنا أحد أبدا إلاّ عصى اللّه، و من مات عاصيا للّه أخزاه اللّه و أكبّه على وجهه في النار، و الحمد للّه ربّ العالمين. (1)

4-في رسالة أبي جعفر عليه السّلام إلى سعد الخير: و اعلم رحمك اللّه، أنّه لا تنال محبّة اللّه إلاّ ببغض كثير من الناس، و لا ولايته إلاّ بمعاداتهم، و فوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من اللّه لقوم يعلمون. (2)

بيان:

«فوت ذلك» : إشارة إلى حبّ الناس و ولايتهم. «درك ذلك» : إشارة إلى محبّة اللّه و ولايته.

5-في حديث أبي عبد اللّه عليه السّلام لحفص بن غياث: إنّي لأرجو النجاة لمن عرف حقّنا من هذه الأمّة، إلاّ لأحد ثلاثة صاحب سلطان جائر، و صاحب هوى، و الفاسق المعلن، ثمّ تلا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ.

ثمّ قال: يا حفص، الحبّ أفضل من الخوف، ثمّ قال: و اللّه ما أحبّ اللّه من أحبّ الدنيا و والى غيرنا، و من عرف حقّنا و أحبّنا فقد أحبّ اللّه تبارك و تعالى. (3)

6-قال الصادق عليه السّلام: القلب حرم اللّه فلا تسكن حرم اللّه غير اللّه. (4)

7-قال عليّ عليه السّلام: من أحبّ أن يعلم كيف منزلته عند اللّه فلينظر كيف

ص:5


1- -الكافي ج 8 ص 14 ح 1
2- الكافي ج 8 ص 56 ح 17
3- الكافي ج 8 ص 128 ح 98
4- جامع الأخبار ص 185 في فصل النوادر

منزلة اللّه عنده فإنّ كلّ من خيّر له أمران؛ أمر الدنيا و أمر الآخرة فاختار أمر الآخرة على الدنيا فذلك الذي يحبّ اللّه و من اختار أمر الدنيا فذلك الذي لا منزلة للّه عنده. (1)

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما ضرّك إن أحببت اللّه و رسوله و أحبّك اللّه و رسوله، من أبغضك، فإنّه ليس أحد من أولياء اللّه يبغض أحبّاء اللّه و لا أحد من غيره يحبّك فينفعك حبّه.

ثمّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يستوحش من كان اللّه أنيسه، و لا يذلّ من كان اللّه أعزّه، و لا يفتقر من كان باللّه غناؤه، فمن استأنس باللّه آنسه اللّه بغير أنيس، و من اعتزّ باللّه أعزّه اللّه بغير عدد و لا عشيرة، و من يستغني باللّه أغناه اللّه بغير دنياه. (2)

9-سأل اعرابيّ عليّا عليه السّلام عن درجات المحبّين ما هي؟ قال: أدنى درجاتهم من استصغر طاعته و استعظم ذنبه، و هو يظنّ أن ليس في الدارين مأخوذ غيره، فغشي على الأعرابيّ، فلمّا أفاق قال: هل درجة أعلى منها؟ قال:

نعم، سبعون درجة. (3)

10-. . . و أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: إن كنت تحبّني فأخرج حبّ الدنيا من قلبك، فإنّ حبّي و حبّها لا يجتمعان في قلب. (4)

11-قال الصادق عليه السّلام: . . . و طلبت حبّ اللّه عزّ و جلّ فوجدته في بغض أهل المعاصي. . . (5)

ص:6


1- -جامع الأخبار ص 178
2- مشكوة الأنوار ص 125 ب 3 ف 5
3- المستدرك ج 1 ص 133 ب 20 من مقدّمة العبادات ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 39 ب 61 من جهاد النفس في ح 13
5- المستدرك ج 12 ص 173 ب 101 ح 19

12-قال القائم عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف (في خبر طويل) في تأويل قوله تعالى فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ: إنّ موسى عليه السّلام ناجى ربّه بالواد المقدّس فقال: يا ربّ، إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي، و غسّلت قلبي عمّن سواك-و كان شديد الحبّ لأهله-فقال اللّه تبارك و تعالى: اخلع نعليك أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة، و قلبك من الميل إلى من سواي مغسولا. . . (1)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكثر ذكر اللّه أحبّه. (2)

14-. . . و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يا ربّ، وددت أن أعلم من تحبّ من عبادك فاحبّه؟ فقال: إذا رأيت عبدي يكثر ذكري فأنا أذنت له في ذلك، و أنا أحبّه و إذا رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجبته و أنا أبغضته. (3)

أقول:

سيأتي في باب الذكر عنه صلّى اللّه عليه و آله: علامة حبّ اللّه حبّ ذكره، و علامة بغض اللّه بغض ذكره.

15-قال اللّه تعالى (في خبر المعراج) : . . . يا محمّد، وجبت محبّتي للمتحابّين فيّ، و وجبت محبّتي للمتعاطفين فيّ، و وجبت محبّتي للمتواصلين فيّ، و وجبت محبّتي للمتوكّلين عليّ، و ليس لمحبّتي علم و لا غاية و لا نهاية و كلّما رفعت لهم علما وضعت لهم علما، أولئك الذين نظروا إلى المخلوقين بنظري إليهم، و لا يرفعوا الحوائج إلى الخلق، بطونهم خفيفة من أكل الحلال، نعيمهم في الدنيا ذكري، و محبّتي، و رضاي عنهم. . . (4)

ص:7


1- -البحار ج 52 ص 83(و ج 13 ص 65-و ج 83 ص 237)
2- البحار ج 93 ص 160 باب ذكر اللّه تعالى ح 39
3- البحار ج 93 ص 160 ح 41
4- البحار ج 77 ص 21 ح 6

بيان:

«ليس لمحبّتي علم» : كناية عن عدم المحدوديّة.

16-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أحبّوا اللّه لما يغدوكم به من نعمة، و أحبّوني لحبّ اللّه عزّ و جلّ، و أحبّوا أهل بيتي لحبّي. (1)

17-عن المفضل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى بن عمران عليه السّلام أن قال له: يا بن عمران، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عنّي، أ ليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه؟

ها أنا ذا يا بن عمران، مطّلع على أحبّائي إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم من قلوبهم، و مثّلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، و يكلّموني عن الحضور.

يا بن عمران، هب لي من قلبك الخشوع، و من بدنك الخضوع، و من عينك الدموع في ظلم الليل، و ادعني فإنّك تجدني قريبا مجيبا. (2)

بيان:

«حوّلت أبصارهم» المراد: أنّه نقلت أبصارهم إلى قلوبهم فيبصرون بقلوبهم.

«مثّلت. . .» : صوّرت لهم عقوبتي و تجسّمت.

18-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أحبّ اللّه عزّ و جلّ من عصاه ثمّ تمثّل، فقال:

تعصي الإله و أنت تظهر حبّه هذا محال في الفعال بديع

لو كان حبّك صادقا لأطعته إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع (3)

19-قال رجل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا رسول اللّه، علّمني شيئا إذا أنا فعلته أحبّني اللّه من السماء و أحبّني الناس من الأرض. فقال له: ارغب فيما عند اللّه عزّ و جلّ

ص:8


1- -البحار ج 70 ص 14 باب حبّ اللّه ح 1
2- البحار ج 70 ص 14 ح 2-( ج 87 ص 139)
3- البحار ج 70 ص 15 ح 3

يحبّك اللّه، و ازهد فيما عند الناس يحبّك الناس. (1)

20-في الزبور: يا داود، اسمع منّي ما أقول-و الحقّ أقول-: من أتاني و هو يحبّني أدخلته الجنّة. . . (2)

21-عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أوحى اللّه تعالى إلى موسى عليه السّلام:

أحببني و حبّبني إلى خلقي، قال موسى: يا ربّ، إنّك لتعلم أنّه ليس أحد أحبّ إليّ منك، فكيف لي بقلوب العباد؟ فأوحى اللّه إليه: فذكّرهم نعمتي و آلائي فإنّهم لا يذكرون منّي إلاّ خيرا. (3)

22-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه عزّ و جلّ لداود عليه السّلام: أحببني و حبّبني إلى خلقي، قال: يا ربّ، نعم أنا أحبّك فيكف أحبّبك إلى خلقك؟ قال: اذكر أياديّ عندهم، فإنّك إذا ذكرت ذلك لهم أحبّوني. (4)

بيان:

«الأياديّ» : أي النعم، لأنّ النعمة من شأنها أن تصدر من اليد، و قد شاع استعمال الأيادي في النعم، و الأيدي في الأعضاء.

23-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يمحّض رجل الإيمان باللّه حتّى يكون اللّه أحبّ إليه من نفسه و أبيه و أمّه و ولده و أهله و ماله و من الناس كلّهم. (5)

24-عن الصادق عليه السّلام قال: إنّ أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة، حتّى ورثوا منه حبّ اللّه، فإنّ حبّ اللّه إذا ورثه القلب و استضاء به أسرع إليه اللطف، فإذا نزل اللطف صار من أهل الفوائد، فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة

ص:9


1- -البحار ج 70 ص 15 ح 4
2- البحار ج 70 ص 16 ح 6
3- البحار ج 70 ص 21 ح 18
4- البحار ج 70 ص 22 ح 19
5- البحار ج 70 ص 24 ح 25

[و إذا تكلّم بالحكمة]صار صاحب فطنة، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة، فإذا عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في فكر بلطف و حكمة و بيان، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته و محبّته في خالقه، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه، و ورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء، و ورث العلم بغير ما ورثه العلماء، و ورث الصدق بغير ما ورثه الصدّيقون.

إنّ الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت، و إنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب، و إنّ الصدّيقون ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة، فمن أخذه بهذه المسيرة إمّا أن يسفل و إمّا أن يرفع و أكثرهم الذي يسفل و لا يرفع، إذا لم يرع حقّ اللّه و لم يعمل بما أمر به، فهذه صفة من لم يعرف اللّه حقّ معرفته و لم يحبّه حقّ محبّته

فلا يغرّنّك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم فإنّهم حمر مستنفرة. (1)

أقول:

هذا الحديث مشتمل على كثير من الحقائق الربّانيّة، و الأسرار الإلهيّة، لا ينتفع بها إلاّ من نوّر اللّه قلبه بنور الإيمان. و الحديث طويل أورده رحمه اللّه بتمامه في البحار ج 36 ص 403 و البحراني رحمه اللّه في البرهان ج 4 ص 65(سورة ص) ح 4.

25-في أخبار داود عليه السّلام: يا داود، أبلغ أهل أرضي أنّي حبيب من أحبّني، و جليس من جالسني، و مونس لمن أنس بذكري، و صاحب لمن صاحبني، و مختار لمن اختارني، و مطيع لمن أطاعني، ما أحبّني أحد أعلم ذلك يقينا من قلبه إلاّ قبلته لنفسي، و أحببته حبّا لا يتقدّمه أحد من خلقي، من طلبني بالحقّ وجدني و من طلب غيري لم يجدني، فارفضوا يا أهل الأرض ما أنتم عليه من غرورها، و هلمّوا إلى كرامتي و مصاحبتي و مجالستي و مؤانستي، و آنسوني أؤنسكم،

ص:10


1- -البحار ج 70 ص 25 ح 26

و أسارع إلى محبّتكم.

و أوحى اللّه إلى بعض الصدّيقين: أنّ لي عبادا من عبيدي يحبّوني و احبّهم و يشتاقون إليّ و أشتاق إليهم، و يذكروني و أذكرهم، فإن أخذت طريقهم أحببتك و إن عدلت عنهم مقتّك.

قال: يا ربّ، و ما علامتهم؟ قال: يراعون الظلال بالنهار كما يراعي الشفيق غنمه، و يحنّون إلى غروب الشمس كما تحنّ الطير إلى أوكارها عند الغروب، فإذا جنّهم الليل و اختلط الظلام و فرشت الفرش و نصبت الأسرّة و خلا كلّ حبيب بحبيبه، نصبوا إليّ أقدامهم، و افترشوا إليّ وجوههم، و ناجوني بكلامي و تملّقوني بأنعامي، ما بين صارخ و باك، و بين متأوّه و شاك، و بين قائم و قاعد، و بين راكع و ساجد، بعيني ما يتحمّلون من أجلي، و بسمعي ما يشكون من حبّي.

أوّل ما أعطيهم ثلاثا: الأوّل، أقذف من نوري في قلوبهم، فيخبرون عنّي كما أخبر عنهم و الثاني، لو كانت السماوات و الأرضون و ما فيهما من مواريثهم لاستقللتها لهم، و الثالث، أقبل بوجهي عليهم، أ فترى من أقبلت عليه بوجهي يعلم أحد ما أريد أن أعطيه؟ (1)

بيان:

«يراعون» : من المراعاة و هي المحافظة. «يحنّون» : في النهاية ج 1 ص 452: أصل الحنين: ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها انتهى. و لكن يستعمل بمعنى الاشتياق و الميل. «يراعون الظلال. . .» قيل: المراد أنّهم يراقبون الظلال في النهار متى ينقضي و يشتاقون بمجيء الليل لأجل العبادة فيه. «السرير» ج أسرّة: التخت. «متأوّه» :

من التأوّه، يقال بالفارسيّة: آه كشيدن. «شاك» : من الشكاية.

26-روي أنّ سليمان عليه السّلام رأى عصفورا يقول لعصفورة: لم تمنعين نفسك

ص:11


1- -البحار ج 70 ص 26 ح 28

منّي؟ و لو شئت أخذت قبّة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر، فتبسّم سليمان عليه السّلام من كلامه، ثمّ دعاهما، و قال للعصفور: أ تطيق أن تفعل ذلك؟ فقال: لا يا رسول اللّه، و لكنّ المرء قد يزيّن نفسه و يعظّمها عند زوجته، و المحبّ لا يلام على ما يقول، فقال سليمان عليه السّلام للعصفورة: لم تمنعينه من نفسك و هو يحبّك؟ فقالت: يا نبيّ اللّه، إنّه ليس محبّا و لكنّه مدّع، لأنّه يحبّ معي غيري، فأثّر كلام العصفورة في قلب سليمان، و بكى بكاء شديدا، و احتجب عن الناس أربعين يوما يدعو اللّه أن يفرغ قلبه لمحبّته و أن لا يخالطها بمحبّة غيره. (1)

27-روي أنّ اللّه تعالى أوحى إلى داود عليه السّلام: من أحبّ حبيبا صدّق قوله، و من آنس بحبيب قبل قوله و رضي فعله، و من وثق بحبيب اعتمد عليه، و من اشتاق إلى حبيب جدّ في السير إليه. يا داود، ذكري للذاكرين، و جنّتي للمطيعين و زيارتي للمشتاقين، و أنا خاصّة للمطيعين (للمحبّين م) . (2)

28-في مناجاة المحبّين (ممّا روي عن السجّاد عليه السّلام) : إلهي، من ذا الذي ذاق حلاوة محبّتك فرام منك بدلا. . . يا منى قلوب المشتاقين، و يا غاية آمال المحبّين، أسألك حبّك و حبّ من يحبّك و حبّ كلّ عمل يوصلني إلى قربك و أن تجعلك أحبّ إليّ ممّا سواك و أن تجعل حبّي إيّاك قائدا إلى رضوانك. . .

و في المناجاة المنظومة لمولانا عليّ عليه السّلام:

إلهي حليف الحبّ في الليل ساهر يناجي و يدعو و المغفّل يهجع

و في دعاء يوم عرفة لمولانا الحسين عليه السّلام: . . . و أنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّى لم يحبّوا سواك و لم يلجئوا إلى غيرك، أنت المونس لهم حيث أوحشتهم العوالم و أنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم، ما ذا وجد

ص:12


1- -البحار ج 14 ص 95 ب 7
2- البحار ج 14 ص 40 باب ما أوحي إلى داود ح 23

من فقدك و ما الذي فقد من وجدك. . . (1)

29-قال الصادق عليه السّلام: حبّ اللّه إذا أضاء على سرّ عبده أخلاه عن كلّ شاغل و كلّ ذكر سوى اللّه، و المحبّ أخلص الناس سرّا للّه و أصدقهم قولا و أوفيهم عهدا، و أزكيهم عملا، و أصفيهم ذكرا، و أعبدهم نفسا، تتباهى (به) الملائكة عند مناجاته و تفتخر برؤيته، و به يعمر اللّه تعالى بلاده، و بكرامته يكرم اللّه عباده (و) يعطيهم إذا سألوه بحقّه، و يدفع عنهم البلايا برحمته و لو علم الخلق ما محلّه عند اللّه و منزلته لديه ما تقرّبوا إلى اللّه إلاّ بتراب قدميه.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: حبّ اللّه نار لا يمرّ على شيء إلاّ احترق و نور اللّه لا يطلع على شيء إلاّ أضاء. . . فمن أحبّ اللّه أعطاه كلّ شيء من الملك و الملك (و الملكوت ف ن) .

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا أحبّ اللّه عبدا من أمّتي قذف في قلوب أصفيائه و أرواح ملائكته و سكّان عرشه محبّته ليحبّوه فذلك المحبّ حقّا، طوبى له ثمّ طوبى له و له عند اللّه شفاعة يوم القيامة. (2)

30-روي أنّه سلّم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غلام دون البلوغ و بشّ له و تبسّم فرحا بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال له: أ تحبّني يا فتى؟ فقال: اي و اللّه يا رسول اللّه، فقال له:

مثل عينيك؟ فقال: أكثر، فقال: مثل أبيك؟ فقال: أكثر، فقال: مثل أمّك؟ فقال:

أكثر، فقال: مثل نفسك؟ فقال: أكثر و اللّه يا رسول اللّه، فقال: أمثل ربّك؟ فقال:

اللّه اللّه اللّه يا رسول اللّه، ليس هذا لك و لا لأحد، فإنّما أحببتك لحبّ اللّه، فالتفت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى من كان معه و قال: هكذا كونوا، أحبّوا اللّه لإحسانه إليكم و إنعامه عليكم، و أحبّوني لحبّ اللّه. (3)

ص:13


1- -مفاتيح الجنان
2- مصباح الشريعة ص 64 ب 96
3- ارشاد القلوب ص 226 في ب 49

بيان:

اعلم أنّه لا مستحقّ للحبّ غير اللّه تعالى، و لا محبوب بالحقيقة عند ذوي البصائر إلاّ هو، و لو كان غيره تعالى قابلا للحبّ و موضعا له، فإنّما هو بالتبع، و من حيث نسبته إليه تعالى، فمن أحبّ غيره سبحانه لا من حيث نسبته إليه فذلك لجهله، و قصوره في معرفة اللّه، على أنّ جميع الأسباب التي توجب الحبّ مجتمعة في اللّه تعالى و لا توجد في غيره حقيقة، و وجودها في غيره و هم و تخيّل و مجاز محض لا حقيقة له.

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المحبّة أساس المعرفة، و العفّة غاية اليقين، و رأس اليقين الرضا بتقدير اللّه تعالى. (1)

32-جاء رجل من أهل البادية-و كان يعجبنا أن يأتي الرجل من أهل البادية-يسأل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، متى قيام الساعة؟ فحضرت الصلاة، فلمّا قضى صلاته قال: أين السائل عن الساعة، قال: أنا يا رسول اللّه، قال:

فما أعددت لها؟ قال: و اللّه ما أعددت لها من كثير عمل، لا صلاة و لا صوم إلاّ أنّي أحبّ اللّه و رسوله.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المرء مع من أحبّ، قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء أشدّ من فرحهم بهذا. (2)

33-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

إن كنتم تحبّون اللّه فأخرجوا من قلوبكم حبّ الدنيا.

(الغرر ج 1 ص 278 ف 10 ح 41)

إذا أكرم اللّه عبدا شغله بمحبّته. (ص 316 ف 17 ح 106)

ص:14


1- -الاثنى عشريّة ص 89 ب 3 ف 4
2- العلل ج 1 ص 139 ب 117 ح 2

كيف يدّعي حبّ اللّه من سكن قلبه حبّ الدنيا؟ ! (ج 2 ص 555 ف 64 ح 29) كيف يأنس باللّه من لا يستوحش من الخلق؟ ! (ح 30)

كما أنّ الشمس و الليل لا يجتمعان، كذلك حبّ اللّه و حبّ الدنيا لا يجتمعان. (ص 572 ف 68 ح 25)

أقول:

قد مرّ في باب البكاء ف 1: حديث بكاء شعيب عليه السّلام من حبّ اللّه حتّى عمي ثلاث مرّات.

و سيأتي في باب العبادة في حديث الصادق عليه السّلام: إنّ الناس يعبدون اللّه على ثلاثة أوجه: طبقة يعبدونه رغبة في ثوابه، فتلك عبادة الحرصاء و هو الطمع، و آخرون يعبدونه خوفا من النار، فتلك عبادة العبيد و هي رهبة، و لكنّي أعبده حبّا له عزّ و جلّ، فتلك عبادة الكرام، و هو الأمن. . . فمن أحبّ اللّه عزّ و جلّ أحبّه اللّه، و من أحبّه اللّه تعالى كان من الآمنين.

و يأتي في باب الولد: حديث مولانا عليّ عليه السّلام مع ولده، و فيه: «الحبّ للّه و الشفقة للأولاد» .

ص:15

الفصل الثانيّ: حبّ النبيّ و آله عليهم السّلام و البرائة من أعدائهم

اشارة

قال اللّه تعالى: . . . قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً. . . (1)

أقول:

المراد بالقربى في الآية هي أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله؛ عليّ و فاطمة و أبناءهما المعصومين عليهم السّلام، دلّ على ذلك أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة لاحظ الغدير ج 2 ص 306 إلى 310 و البحار ج 23 ص 228 إلى 253 و مجمع البيان ج 9 ص 28 و 29 و. . .

و في الوافي ج 1 ص 21 باب العقل ذيل ح 2: و المودّة هي من الودّ بمعنى الحبّ، و الفرق بينها و بين الحبّ أنّ الحبّ ما كان كامنا في النفس و ربما لم يظهر أثره بخلاف المودّة فإنّها عبارة عن إظهار المحبّة و إبراز آثارها من التألّف و التعطّف و نحو ذلك فالحبّ أعمّ و كذا مقابلاهما (يعني العداوة و البغضاء) .

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإسلام عريان، فلباسه

ص:16


1- -الشورى:23

الحياء و زينته الوقار (الوفاء ف ن) و مروءته العمل الصالح و عماده الورع، و لكلّ شيء أساس و أساس الإسلام حبّنا أهل البيت. (1)

2-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثانيّ عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق الإسلام فجعل له عرصة و جعل له نورا و جعل له حصنا و جعل له ناصرا.

فأمّا عرصته فالقرآن، و أمّا نوره فالحكمة، و أمّا حصنه فالمعروف، و أمّا أنصاره فأنا و أهل بيتي و شيعتنا، فأحبّوا أهل بيتي و شيعتهم و أنصارهم.

فإنّه لمّا اسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل عليه السّلام لأهل السماء استودع اللّه حبّي و حبّ أهل بيتي و شيعتهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة ثمّ هبط بي إلى أهل الأرض فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع اللّه عزّ و جلّ حبّي و حبّ أهل بيتي و شيعتهم في قلوب مؤمني أمّتي فمؤمنوا أمّتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة.

ألا فلو أنّ الرجل من امّتي عبد اللّه عزّ و جلّ عمره أيّام الدنيا ثمّ لقي اللّه عزّ و جلّ مبغضا لأهل بيتي و شيعتي ما فرّج اللّه صدره إلاّ عن النفاق. (2)

بيان:

في المرآة ج 7 ص 289، «العرصة» : كلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، و الظاهر أنّه عليه السّلام شبّه الإسلام برجل لابدار كما زعم، و شبّه القرآن بعرصة يجول الإسلام فيه، و شبّه الحكمة و العلوم الحقّه بسراج و نور يستنير به الإسلام أو يبصر به صاحبه فإنّ بالعلم يظهر حقائق الإسلام و أوامره و نواهيه و أحكامه.

«المعروف» : أي الإحسان أو ما عرف بالعقل و الشرع حسنه، كما هو المراد في الأمر

ص:17


1- -الكافي ج 2 ص 38 باب نسبة الإسلام ح 2- أمالي الصدوق ص 268 م 45 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 38 ح 3

بالمعروف، فإنّه بكلّ من المعنيين يكون سببا لحفظ الإسلام و بقائه و عدم تطرّق شياطين الإنس و الجنّ للخلل فيه، أو المراد به الأمر بالمعروف فالتشبيه أظهر.

«فنسبني» : أي ذكر نسبي أو وصفني و ذكر نبوّتي و مناقبي. «فرّج اللّه صدره» :

تفريج الصدر كناية عن إظهار ما كان كامنا فيه على الناس في القيامة أو عن علمه تعالى به، و الأوّل أظهر.

3-عن محمّد بن الفضيل قال: سألته عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى اللّه عزّ و جلّ؟ قال: أفضل ما يتقرّب به العباد إلى اللّه عزّ و جلّ طاعة اللّه و طاعة رسوله و طاعة أولي الأمر.

قال أبو جعفر عليه السّلام: حبّنا إيمان و بغضنا كفر. (1)

4-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يحيى حياة تشبه حياة الأنبياء و يموت ميتة تشبه ميتة الشهداء و يسكن الجنان التي غرسها الرحمن فليتولّ عليّا و ليوال وليّه و ليقتد بالأئمّة من بعده، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي، اللهمّ ارزقهم فهمي و علمي، و ويل للمخالفين لهم من أمّتي، اللهمّ لا تنلهم شفاعتي. (2)

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: و إنّ الروح و الراحة و الفلج و العون و النجاح و البركة و الكرامة و المغفرة و المعافاة و اليسر و البشرى و الرضوان و القرب و النصر و التمكّن و الرجاء و المحبّة من اللّه عزّ و جلّ لمن تولّى عليّا و ائتمّ به و برئ من عدوّه و سلّم لفضله و للأوصياء من بعده، حقّا عليّ أن أدخلهم في شفاعتي، و حقّ على ربّي تبارك و تعالى أن يستجيب لي فيهم، فإنّهم أتباعي و من تبعني

ص:18


1- -الكافي ج 1 ص 144 باب فرض طاعة الأئمّة ح 12
2- الكافي ج 1 ص 162 باب ما فرض اللّه و رسوله من الكون مع الأئمّة ح 3-و بهذا المعنى ح 5 و 6

فإنّه منّي. (1)

بيان:

في المرآة ج 2 ص 425، «الروح» : نسيم الريح، و المراد هنا روح الجنّة أو النفخات القدسيّة. «الفلج» : الغلبة. «النجاح» : الظفر بالمطلوب. «المعافاة» : دفع المكاره.

«القرب» : من اللّه. «النصر» : في الرجعة (كما في البحار ج 27 ص 93) أو النصر على الأعداء الظاهرة و الباطنة. «السرور» : عند الموت و في الآخرة. «الفلاح» : الفوز.

6-عن أبي حمزة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يعبد اللّه من يعرف اللّه، فأمّا من لا يعرف اللّه فإنّما يعبده هكذا ضلالا، قلت: جعلت فداك فما معرفة اللّه؟ قال: تصديق اللّه عزّ و جلّ و تصديق رسوله صلّى اللّه عليه و آله و موالاة عليّ عليه السّلام و الائتمام به و بأئمّة الهدى عليهم السّلام و البراءة إلى اللّه عزّ و جلّ من عدوّهم، هكذا يعرف اللّه عزّ و جلّ. (2)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان رجل يبيع الزيت، و كان يحبّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حبّا شديدا، كان إذا أراد أن يذهب في حاجته لم يمض حتّى ينظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قد عرف ذلك منه، فإذا جاء تطاول له حتّى ينظر إليه، حتّى إذا كانت ذات يوم دخل عليه فتطاول له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى نظر إليه ثمّ مضى في حاجته، فلم يكن بأسرع من أن رجع.

فلمّا رأه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد فعل ذلك، أشار إليه بيده: اجلس فجلس بين يديه فقال: مالك فعلت اليوم شيئا لم تكن تفعله قبل ذلك؟ فقال: يا رسول اللّه، و الذي بعثك بالحقّ نبيّا لغشي قلبي شيء من ذكرك حتّى ما استطعت أن أمضي في حاجتي حتّى رجعت إليك، فدعا له و قال له خيرا.

ص:19


1- -الكافي ج 1 ص 163 ح 7
2- الكافي ج 1 ص 138 باب معرفة الإمام ح 1

ثمّ مكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيّاما لا يراه، فلمّا فقده سأل عنه فقيل: يا رسول اللّه، ما رأيناه منذ أيّام، فانتعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و انتعل معه أصحابه، و انطلق حتّى أتوا سوق الزيت فإذا دكان الرجل ليس فيه أحد، فسأل عنه جيرته فقالوا: يا رسول اللّه، مات، و لقد كان عندنا أمينا صدوقا إلاّ أنّه قد كان فيه خصلة، قال: و ما هي؟ قالوا: كان يرهق-يعنون يتبع النساء-فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رحمه اللّه، و اللّه لقد كان يحبّني حبّا لو كان نخّاسا لغفر اللّه له. (1)

8-عن جابر عن أبي جعفر عن عليّ بن الحسين عن أبيه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّي و حبّ أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهنّ عظيمة: عند الوفاة و في القبر و عند النشور و عند الكتاب و عند الحساب و عند الميزان و عند الصراط. (2)

9-عن عليّ بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تبارك و تعالى فرض عليكم طاعتي و نهاكم عن معصيتي و أوجب عليكم اتّباع أمري، و فرض عليكم من طاعة عليّ بعدي ما فرضه من طاعتي، و نهاكم من معصيته عمّا نهاكم عنه من معصيتي، و جعله أخي و وزيري و وصيّي و وارثي، و هو منّي و أنا منه. حبّه إيمان و بغضه كفر، و محبّه محبّي، و مبغضه مبغضي، و هو مولى من أنا مولاه، و أنا مولى كلّ مسلم و مسلمة، و أنا و إيّاه أبوا هذه الأمّة. (3)

10-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام ذات يوم على منبر الكوفة:

أنا سيّد الوصيّين. . . و لقد كان حبيبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا ما يقول: يا عليّ، حبّك تقوى و إيمان، و بغضك كفر و نفاق، و أنا بيت الحكمة و أنت مفتاحه و كذب

ص:20


1- -الكافي ج 8 ص 77 ح 31
2- أمالي الصدوق ص 10 م 3 ح 3- الخصال ج 2 ص 360 باب السبعة ح 49
3- أمالي الصدوق ص 14 م 4 ح 6

من زعم أنّه يحبّني و يبغضك. (1)

11-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ولاية عليّ بن أبي طالب ولاية اللّه، و حبّه عبادة اللّه، و إتّباعه فريضة اللّه، و أوليائه أولياء اللّه، و أعداؤه أعداء اللّه، و حربه حرب اللّه، و سلمه سلم اللّه عزّ و جلّ. (2)

12-عن رقيّة بنت إسحق بن موسى بن جعفر عن أبيها عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع:

عن عمره فيما أفناه، و شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين كسبه و فيما أنفقه، و عن حبّنا أهل البيت. (3)

أقول:

نحوه في أمالي الطوسي ج 2 ص 206، و رواه غير واحد من الخاصّة و العامّة أيضا.

و في البحار ج 73 ص 70: "ما"في المواضع استفهاميّة، و اثبات الألف مع حرف الجرّ شاذّ. «فيما أبلاه» الثوب البالي هو الذي استعمل حتّى أشرف على الاندراس. . .

13-عن جابر الجعفيّ عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أ كلّ من قال: «لا إله إلاّ اللّه» مؤمن؟ قال: إنّ عداوتنا تلحق باليهود و النصارى، إنّكم لا تدخلون الجنّة حتّى تحبّوني، و كذب من زعم أنّه يحبّني و يبغض هذا يعني عليّا عليه السّلام. (4)

14-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام:

يا عليّ، أنا مدينة الحكمة و أنت بابها و لن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب، و كذب

ص:21


1- -أمالي الصدوق ص 25 م 7 ح 2
2- أمالي الصدوق ص 32 م 9 ح 3
3- أمالي الصدوق ص 39 م 10 ح 9
4- أمالي الصدوق ص 268 م 45 ح 17

من زعم أنّه يحبّني و يبغضك لأنّك منّي و أنا منك، لحمك من لحمي و دمك من دمي و روحك من روحي و سريرتك سريرتي و علانيتك علانيتي و أنت إمام أمّتي و خليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك و شقي من عصاك و ربح من تولاّك و خسر من عاداك و فاز من لزمك و هلك من فارقك، مثلك و مثل الأئمّة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا و من تخلّف عنها غرق، و مثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة. (1)

15-عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه، و أهلي أحبّ إليه من أهله، و عترتي أحبّ إليه من عترته، و ذاتي أحبّ إليه من ذاته.

قال: فقال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن، ما تزال تجيء بالحديث يحيي اللّه به القلوب. (2)

16-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من سرّه أن يجمع اللّه له الخير كلّه فليوال عليّا بعدي، و ليوال أوليائه، و ليعاد أعداءه. (3)

17-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّنا أهل البيت فليحمد اللّه على أوّل النعم، قيل: و ما أوّل النعم؟ قال: طيب الولادة، و لا يحبّنا إلاّ من طابت ولادته. (4)

18-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

يا عليّ، من أحبّني و أحبّك و أحبّ الأئمّة من ولدك فليحمد اللّه على طيب مولده،

ص:22


1- -أمالي الصدوق ص 268 ح 18
2- أمالي الصدوق ص 334 م 54 ح 9
3- أمالي الصدوق ص 473 م 72 ح 7
4- أمالي الصدوق ص 475 ح 12

فإنّه لا يحبّنا إلاّ من طابت ولادته، و لا يبغضنا إلاّ من خبثت ولادته. (1)

أقول:

الحديث مشهور بين المسلمين. و بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة.

19-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: أنا سيّد ولد آدم و أنت يا عليّ و الأئمّة من بعدك سادة أمّتي، من أحبّنا فقد أحبّ اللّه و من أبغضنا فقد أبغض اللّه و من والانا فقد والى اللّه و من عادانا فقد عادى اللّه و من أطاعنا فقد أطاع اللّه و من عصانا فقد عصى اللّه. (2)

20-عن سلمان رحمه اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: يا معاشر المهاجرين و الأنصار، أ لا أدلّكم على ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: هذا عليّ أخي و وصيّي و وزيري و وارثي و خليفتي إمامكم فأحبّوه لحبّي و أكرموه لكرامتي فإنّ جبرائيل أمرني أن أقوله لكم. (3)

21-عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام عن أبي برزة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ عهد إليّ في عليّ عليه السّلام عهدا قلت: يا ربّ، بيّنه لي قال: اسمع، قلت:

قد سمعت قال: إنّ عليّا راية الهدى و إمام أوليائي و نور من أطاعني و هو الكلمة التي ألزمتها المتّقين، من أحبّه أحبّني و من أطاعه أطاعني. (4)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ عليّا في حيوته و بعد موته كتب اللّه عزّ و جلّ له من الأمن و الإيمان ما طلعت عليه شمس و غربت، و من أبغضه في حيوته و بعد موته مات موتة (ميتة ع) جاهليّة و حوسب بما عمل. (5)

ص:23


1- -أمالي الصدوق ص 475 ح 14
2- أمالي الصدوق ص 476 ح 16
3- أمالي الصدوق ص 477 ح 21
4- أمالي الصدوق ص 478 ح 23
5- أمالي الصدوق ص 583 م 85 ح 27( العلل ج 1 ص 144 ب 120 ح 10)

23-عن الثمالي عن أبي جعفر الباقر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، ما ثبت حبّك في قلب امرء مؤمن فزلّت به قدمه على الصراط إلاّ ثبتت له قدم حتّى يدخله اللّه عزّ و جلّ بحبّك الجنّة. (1)

24-عن حذيفة قال: رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله آخذا بيد الحسين بن عليّ عليهما السّلام و هو يقول: يا أيّها الناس، هذا الحسين بن عليّ فأعرفوه، فو الذي نفسي بيده إنّه لفي الجنّة، و محبّيه في الجنّة، و محبّي محبّيه في الجنّة. (2)

25-. . . قال المفضّل: و سمعت الصادق عليه السّلام يقول لأصحابه: من وجد برد حبّنا على قلبه فليكثر الدعاء لامّه فإنّها لم تخن أباه. (3)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ حبّنا أهل البيت ليحطّ الذنوب عن العباد كما تحطّ الريح الشديدة الورق عن الشجر. (4)

27-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أحبّنا و أبغض عدوّنا في اللّه، من غير ترة و ترها إيّاه لشيء من أمر الدنيا، ثمّ مات على ذلك فلقي اللّه و عليه من الذنوب مثل زبد البحر غفرها اللّه له. (5)

بيان:

وتر و ترا و ترة فلانا: أفزعه، أصابه بظلم أو مكروه، و الترة: الظلم فيه و الانتقام.

28-عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يحبّ عترتي فهو لإحدى ثلاث؛ إمّا منافق، و إمّا لزنية، و إمّا امرء حملت به أمّه في غير طهر. (6)

ص:24


1- -أمالي الصدوق ص 583 ح 28
2- أمالي الصدوق ص 596 م 87 ح 4
3- أمالي الصدوق ص 609 م 89 ح 4- العلل ج 1 ص 142 ب 120 ح 5
4- ثواب الأعمال ص 223 باب ثواب حبّ أهل البيت عليهم السّلام
5- ثواب الأعمال ص 204 باب ثواب من أحبّ آل محمّد عليهم السّلام.
6- الخصال ج 1 ص 110 باب الثلاثة ح 82

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، راجع البحار ج 27 ص 145 و غيره.

29-عن جابر بن عبد اللّه قال: كنت ذات يوم عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إذ أقبل بوجهه على عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال: أ لا أبشّرك يا أبا الحسن؟ قال: بلى يا رسول اللّه، قال: هذا جبرئيل يخبرني عن اللّه جلّ جلاله أنّه قد أعطى شيعتك و محبّيك سبع خصال: الرفق عند الموت، و الانس عند الوحشة، و النور عند الظلمة و الأمن عند الفزع، و القسط عند الميزان، و الجواز على الصراط، و دخول الجنّة قبل الناس، نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم. (1)

30-عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من رزقه اللّه حبّ الأئمّة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا و الآخرة، فلا يشكّنّ أحد أنّه في الجنّة، فإنّ في حبّ أهل بيتي عشرون خصلة، عشر منها في الدنيا، و عشر منها في الآخرة.

أمّا التي في الدنيا، فالزهد و الحرص على العمل (العلم ف ن) و الورع في الدين و الرغبة في العبادة، و التوبة قبل الموت، و النشاط في قيام الليل، و اليأس ممّا في أيدي الناس، و الحفظ لأمر اللّه و نهيه عزّ و جلّ، و التاسعة بغض الدنيا، و العاشرة السخاء.

و أمّا التي في الآخرة، فلا ينشر له ديوان، و لا ينصب له ميزان، و يعطى كتابه بيمينه، و يكتب له برائة من النار، و يبيّض وجهه، و يكسى من حلل الجنّة، و يشفّع في مأة من أهل بيته، و ينظر اللّه عزّ و جلّ إليه بالرحمة، و يتوّج من تيجان الجنّة، و العاشرة يدخل الجنّة بغير حساب فطوبى لمحبّي أهل بيتي. (2)

ص:25


1- -الخصال ج 2 ص 402 باب السبعة ح 112
2- الخصال ج 2 ص 515 باب العشرين ح 1

أقول:

قد ورد مضمون الخبر في كثير من الأخبار من طرق الخاصّة و العامّة.

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه و تكون عترتي إليه أعزّ من عترته و يكون أهلي أحبّ إليه من أهله و تكون ذاتي أحبّ إليه من ذاته. (1)

32-عن إبراهيم القرشيّ قال: كنّا عند امّ سلمة-رض-فقالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لعليّ عليه السّلام: لا يبغضكم إلاّ ثلاثة؛ ولد زنا، و منافق، و من حملت به أمّه و هي حائض. (2)

33-عن ابن عمر قال: سألنا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فغضب صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال: ما بال أقوام يذكرون من منزلته من اللّه كمنزلتي؟ ! (3)

ألا و من أحبّ عليّا أحبّني، و من أحبّني فقد رضي اللّه عنه، و من رضي اللّه عنه كافأه الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا لا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر و يأكل من طوبى و يرى مكانه في الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا قبل صلاته و صيامه و قيامه و استجاب له دعاه.

ألا و من أحبّ عليّا استغفرت له الملائكة و فتحت له أبواب الجنّة الثمانية يدخلها من أيّ باب شاء بغير حساب.

ألا و من أحبّ عليّا أعطاه اللّه كتابه بيمينه و حاسبه حساب الأنبياء.

ألا و من أحبّ عليّا هوّن اللّه عليه سكرات الموت و جعل قبره روضة

ص:26


1- -العلل ج 1 ص 140 ب 117 ح 3
2- العلل ج 1 ص 142 ب 120 ح 6.
3- في بعض النسخ: ما بال أقوام ينكرون من له عند اللّه منزلة و مقام كمنزلتي و مقامي إلاّ النبوّة

من رياض الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا أعطاه اللّه بكلّ عرق في بدنه حوراء و شفّع في ثمانين من أهل بيته و له بكلّ شعرة في بدنه حوراء و مدينة في الجنّة.

ألا و من أحبّ عليّا بعث اللّه إليه ملك الموت كما يبعث إلى الأنبياء، و دفع اللّه عنه هول منكر و نكير، و بيّض وجهه و كان مع حمزة سيّد الشهداء.

ألا و من أحبّ عليّا أثبت اللّه في قلبه الحكمة و أجرى على لسانه الصواب و فتح اللّه عليه أبواب الرحمة.

ألا و من أحبّ عليّا سمّي في السماوات و الأرض أسير اللّه.

ألا و من أحبّ عليّا ناداه ملك من تحت العرش: يا عبد اللّه، استأنف العمل فقد غفر اللّه لك الذنوب كلّها.

ألا و من أحبّ عليّا جاء يوم القيامة و وجهه كالقمر ليلة البدر.

ألا و من أحبّ عليّا وضع على رأسه تاج الملك و ألبس حلّة الكرامة.

ألا و من أحبّ عليّا جاز على الصراط كالبرق الخاطف.

ألا و من أحبّ عليّا (و تولاّه) كتب (اللّه) له برائة من النار و جوازا على الصراط و أمانا من العذاب و لا ينشر له ديوان و لا ينصب له ميزان و قيل له:

ادخل الجنّة بلا حساب.

ألا و من أحبّ عليّا صافحته الملائكة و زارته الأنبياء و قضى اللّه له كلّ حاجة.

ألا و من أحبّ آل محمّد أمن من الحساب و الميزان و الصراط.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد فأنا كفيله بالجنّة مع الأنبياء.

ألا و من مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة.

ص:27

قال أبو رجاء: كان حمّاد بن زيد يفتخر بهذا و يقول هو الأمل (الأصل ف ن) . (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة، و يعلم من الحديث أنّ أصل الخيرات حبّ عليّ و أولاده عليهم السّلام، و أنّ طريق الوصول إلى الحقائق كلّها حبّ آل محمّد عليهم السّلام.

34-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أثبتكم قدما على الصراط أشدّكم حبّا لأهل بيتي. (2)

35-عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّ عليّ بن أبي طالب يأكل السيّئات (الذنوب ف ن) كما تأكل النار الحطب. (3)

36-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: يا رسول اللّه، إنّي لاحبّك فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنت مع من أحببت. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

37-قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: من أحبّنا للّه و أحبّ محبّنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، و عادى عدوّنا لا لإحنة كانت بينه و بينه، ثمّ جاء يوم القيامة و عليه من الذنوب مثل رمل عالج و زبد البحر غفر اللّه تعالى له. (5)

بيان:

«الإحنة» : الحقد. «رمل عالج» : هو ما تراكم من الرمل دخل بعضه في بعض.

ص:28


1- -فضائل الشيعة للصدوق رحمه اللّه ص 3 ح 1(البحار ج 39 ص 277)
2- فضائل الشيعة ص 6 ح 3
3- فضائل الشيعة ص 12 ح 10
4- فضائل الشيعة ص 41 ح 42
5- أمالي الطوسي ج 1 ص 156

«زبد البحر» يقال بالفارسيّة: كف دريا.

38-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حبّنا أهل البيت يكفّر الذنوب و يضاعف الحسنات، و إنّ اللّه تعالى ليتحمّل عن محبّينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلاّ ما كان منهم فيها على إصرار و ظلم للمؤمنين، فيقول للسيّئات: كوني حسنات. (1)

39-عن سويد بن غفلة قال: سمعت عليّا عليه السّلام يقول: و اللّه لو صببت الدنيا على المنافق صبّا ما أحبّني، و لو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبّني و ذلك أنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، لا يحبّك إلاّ مؤمن و لا يبغضك إلاّ منافق. (2)

40-عن عليّ بن الحسين عن الحسين عن أبيهما عليّ عليهم السّلام قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: يا رسول اللّه، ما استطيع فراقك و إنّي لأدخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي و أقبل حتّى أنظر إليك حبّا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة و أدخلت الجنّة فرفعت في أعلا علّيّين، فكيف لي بك يا نبيّ اللّه؟ فنزلت: وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (3)فدعا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الرجل فقرأها عليه و بشّره بذلك. (4)

41-عن محمّد بن شريح قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول:

إنّ اللّه فرض ولايتنا، و أوجب مودّتنا، و اللّه ما نقول بأهوائنا، و لا نعمل بآرائنا و لا نقول إلاّ ما قال ربّنا عزّ و جلّ. (5)

ص:29


1- -أمالي الطوسي ج 1 ص 166
2- أمالي الطوسيّ ج 1 ص 209-و نحوه في نهج البلاغة ص 1109 ح 42
3- النساء:69
4- أمالي الطوسي ج 2 ص 233
5- أمالي المفيد رحمه اللّه ص 38 م 7 ح 4

42-عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ألزموا مودّتنا أهل البيت، فإنّه من لقي اللّه و هو يحبّنا دخل الجنّة بشفاعتنا، و الذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلاّ بمعرفتنا. (1)

43-في آخر وصيّة الصادق عليه السّلام لابن النعمان (مؤمن الطاق) : يا بن النعمان، إنّ اللّه جلّ و عزّ إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء فجال القلب بطلب الحقّ، ثمّ هو إلى أمركم أسرع من الطير إلى و كره.

يا بن النعمان، إنّ حبّنا أهل البيت ينزله اللّه من السماء من خزائن تحت العرش كخزائن الذهب و الفضّة، و لا ينزّله إلاّ بقدر، و لا يعطيه إلاّ خير الخلق، و إنّ له غمامة كغمامة القطر، فإذا أراد اللّه أن يخصّ به من أحبّ من خلقه أذن لتلك الغمامة فتهطّلت كما تهطّلت السحاب، فتصيب الجنين في بطن أمّه. (2)

بيان:

«الغمامة» : السحاب. «القطر» : المطر. «تهطّل المطر» : نزل متتابعا عظيم القطر.

44-في كلام الصادق عليه السّلام في وصف المحبّة لأهل البيت عليهم السّلام: دخل عليه رجل فقال عليه السّلام له: ممّن الرجل؟ فقال: من محبّيكم و مواليكم، فقال له جعفر عليه السّلام:

لا يحبّ اللّه عبد حتّى يتولاّه، و لا يتولاّه حتّى يوجب له الجنّة. ثمّ قال له: من أيّ محبّينا أنت؟ فسكت الرجل فقال له سدير: و كم محبّوكم يا بن رسول اللّه؟

فقال: على ثلاث طبقات: طبقة أحبّونا في العلانية و لم يحبّونا في السرّ، و طبقة يحبّونا في السرّ و لم يحبّونا في العلانية، و طبقة يحبّونا في السرّ و العلانية، هم النمط الأعلى، شربوا من العذب الفرات، و علموا بأوائل الكتاب، و فصل الخطاب و سبب الأسباب.

ص:30


1- -أمالي المفيد ص 7 م 2 ح 1
2- تحف العقول ص 230

فهم النمط الأعلى، الفقر و الفاقة و أنواع البلاء أسرع إليهم من ركض الخيل، مسّتهم البأساء و الضرّاء و زلزلوا و فتنوا، فمن بين مجروح و مذبوح متفرّقين في كلّ بلاد قاصية، بهم يشفي اللّه السقيم و يغني العديم، و بهم تنصرون، و بهم تمطرون، و بهم ترزقون، و هم الأقلّون عددا، الأعظمون عند اللّه قدرا و خطرا.

و الطبقة الثانية: النمط الأسفل أحبّونا في العلانية و ساروا بسيرة الملوك فألسنتهم معنا و سيوفهم علينا.

و الطبقة الثالثة: النمط الأوسط أحبّونا في السرّ و لم يحبّونا في العلانية، و لعمري لئن كانوا أحبّونا في السرّ دون العلانية، فهم الصوّامون بالنهار القوّامون بالليل، ترى أثر الرهبانيّة في وجوههم، أهل سلم و انقياد.

قال الرجل: فأنا من محبّيكم في السرّ و العلانية. قال جعفر عليه السّلام: إنّ لمحبّينا في السرّ و العلانية علامات يعرفون بها. قال الرجل: و ما تلك العلامات؟ قال عليه السّلام:

تلك خلال أوّلها أنّهم عرفوا التوحيد حقّ معرفته، و أحكموا علم توحيده، و الإيمان بعد ذلك بما هو و ما صفته، ثمّ علموا حدود الإيمان و حقائقه و شروطه و تأويله. . . (1)

بيان:

في المقائيس، «النمط» : جماعة من الناس. و في النهاية ج 5 ص 119: في حديث عليّ «خير هذه الأمّة النمط الأوسط» النمط: الطريقة من الطرائق، و الضرب من الضروب، يقال: ليس هذا من ذلك النمط: أي من ذلك الضرب. و النمط:

الجماعة من الناس أمرهم واحد. «القاصية» : بعيدة. «العديم» : الفقير. «الخلّة» :

ج خلال أي الخصلة.

45-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأل: هل الملائكة أكثر أم بنو

ص:31


1- -تحف العقول ص 240

آدم؟ فقال عليه السّلام: و الذي نفسي بيده لعدد ملائكة اللّه في السموات أكثر من عدد التراب في الأرض، و ما في السماء موضع قدم إلاّ و فيها ملك يسبّحه و يقدّسه و لا في الأرض شجرة و لا مدر إلاّ و فيها ملك موكّل بها يأتي اللّه كلّ يوم بعملها، و اللّه أعلم بها، و ما منهم أحد إلاّ و يتقرّب كلّ يوم إلى اللّه بولايتنا أهل البيت، و يستغفر لمحبّينا، و يلعن أعداءنا، و يسأل اللّه أن يرسل عليهم العذاب إرسالا. (1)

بيان:

«مدر» : يقال بالفارسيّة: كلوخ.

46-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّي لأعلم أنّ هذا الحبّ الذي تحبّونا ليس بشيء صنعتموه و لكنّ اللّه صنعه. (2)

47-عن إسماعيل الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجل يحبّ أمير المؤمنين عليه السّلام و لا يتبرّأ من عدوّه و يقول: هو أحبّ إليّ ممّن خالفه، فقال: هذا مخلط، و هو عدوّ، فلا تصلّ خلفه و لا كرامة إلاّ أن تتّقيه. (3)

بيان:

«هذا مخلط» : أي لا يكون خالصا أو المراد فساد عقله، و الأوّل أظهر.

48-عن الباقر عليه السّلام قال: أحبب حبيب آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و إن كان فاسقا زانيا، و أبغض مبغض آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و إن كان صوّاما قوّاما. (4)

أقول:

و نظيره في بشارة المصطفى ص 75 عن جابر الأنصاريّ، و زاد في آخره: و ارفق بمحبّ محمّد و آل محمّد عليهم السّلام فإنّه إن تزلّ له قدم بكثرة ذنوبه ثبتت له أخرى

ص:32


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 255( المؤمن)
2- المحاسن ص 149 كتاب الصفوة ب 19 ح 62
3- الوسائل ج 8 ص 309 ب 10 من صلاة الجماعة ح 3
4- الوسائل ج 16 ص 169 ب 15 من الأمر و النهي ح 12

بمحبّتهم، فإنّ محبّهم يعود إلى الجنّة، و مبغضهم يعود إلى النار.

(المستدرك ج 12 ص 232 ب 16 من الأمر و النهي ح 1)

49-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليّ بن الحسين عن فاطمة الصغرى عن الحسين بن عليّ عن أمّه فاطمة بنت محمّد صلوات اللّه عليهم قالت:

خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عشيّة عرفة، فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالى باهى بكم و غفر لكم عامّة و لعليّ خاصّة، و إنّي رسول اللّه إليكم غير محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني أنّ السعيد كلّ السعيد حقّ السعيد من أحبّ عليّا في حياته و بعد موته، و إنّ الشقيّ كلّ الشقيّ حقّ الشقيّ من أبغض عليّا في حياته و بعد وفاته. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «غير محاب» بتخفيف الباء: أي لا أقول فيهم ما لا يستحقّونه محاباة لهم.

قال الفيروزآبادي: حاباه محاباة و حباء: نصره و اختصّه و مال إليه انتهى.

و بالتشديد تصحيف.

50-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، إنّ اللّه قد غفر لك و لأهلك و لشيعتك و محبّي شيعتك و محبّي محبّي شيعتك، فأبشر فإنّك الأنزع البطين؛ منزوع من الشرك، بطين من العلم. (2)

بيان:

«الأنزع البطين» : في النهاية ج 5 ص 42، الأنزع: الذي ينحسر (بريزد) شعر مقدّم رأسه ممّا فوق الجبين. . . و في صفة عليّ"البطين الأنزع": كان أنزع الشعر، له بطن.

و قيل: معناه «الأنزع من الشرك، المملوء البطن من العلم و الإيمان» .

51-و بهذا الإسناد قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما يسأل عنه العبد حبّنا

ص:33


1- -البحار ج 27 ص 74 باب ثواب حبّهم ح 1
2- البحار ج 27 ص 79 ح 13

أهل البيت. (1)

52-عن أبي بصير قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام: من أقام فرائض اللّه و اجتنب محارم اللّه و أحسن الولاية لأهل بيت نبيّ اللّه و تبرّأ من أعداء اللّه عزّ و جلّ فليدخل من أيّ أبواب الجنّة الثمانية شاء. (2)

53-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من تمسّك بنا لحق و من سلك غير طريقنا غرق، لمحبّينا أفواج من رحمة اللّه و لمبغضينا أفواج من غضب اللّه.

و قال عليه السّلام: من أحبّنا بقلبه و أعاننا بلسانه و قاتل معنا أعداءنا بيده فهم معنا في درجتنا.

و من أحبّنا بقلبه و أعاننا بلسانه و لم يقاتل معنا في أعدائنا فهو أسفل من ذلك بدرجة.

و من أحبّنا بقلبه و لم يعنّا بلسانه و لا بيده فهو في الجنّة.

و من أبغضنا بقلبه و أعان علينا بلسانه و يده فهو مع عدوّنا في النار.

و من أبغضنا بقلبه و لم يعن علينا بلسانه و لا بيده فهو في النار.

قال عليه السّلام: أنا يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الظلمة، و اللّه لا يحبّني إلاّ مؤمن و لا يبغضني إلاّ منافق. (3)

54-قال الرضا عليه السّلام: من سرّه أن ينظر إلى اللّه بغير حجاب و ينظر اللّه إليه بغير حجاب فليتولّ آل محمّد و ليتبرّأ من عدوّهم و ليأتمّ بإمام المؤمنين منهم، فإنّه إذا كان يوم القيامة نظر اللّه إليه بغير حجاب و نظر إلى اللّه بغير حجاب. (4)

ص:34


1- -البحار ج 27 ص 79 ح 18
2- البحار ج 27 ص 88 ح 37
3- البحار ج 27 ص 88 ح 39
4- البحار ج 27 ص 90 ح 42-و روى رحمه اللّه بمضمونه مع شرحه أيضا في ص 51 ح 2

بيان:

«بغير حجاب» : أي بغير واسطة، و المراد بنظره إليه تعالى: النظر إلى نبيّنا و أئمّتنا كما ورد في الخبر، أو هو كناية عن غاية العرفان بحسب طاقته و قابليّته، و بنظره تعالى إليه: نهاية لطفه و إحسانه و رحمته إليه.

55-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أحبّنا أهل البيت و حقّق حبّنا في قلبه جرى ينابيع الحكمة على لسانه و جدّد الإيمان في قلبه و جدّد له عمل سبعين نبيّا و سبعين صدّيقا و سبعين شهيدا و عمل سبعين عابدا عبد اللّه سبعين سنة. (1)

56-عن حفص الدهّان قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ فوق كلّ عبادة عبادة و حبّنا أهل البيت أفضل عبادة (العبادة ف ن) . (2)

57-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما مثلك مثل قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ فإنّه من قرأها مرّة فكأنّما قرأ ثلث القرآن، و من قرأها مرّتين فكأنّما قرأ ثلثي القرآن، و من قرأها ثلاث مرّات فكأنّما قرأ القرآن، و كذلك من أحبّك بقلبه كان له مثل ثلث ثواب أعمال العباد، و من أحبّك بقلبه و نصرك بلسانه كان له مثل ثلثي ثواب أعمال العباد، و من أحبّك بقلبه و نصرك بلسانه و يده كان له مثل ثواب [أعمال]العباد. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، و في بعضها: «في الجنّة ثلاث درجات و في النار ثلاث دركات، على قدر درجات الحبّ و البغض» .

58-روى صاحب الكشّاف و الثعلبيّ في تفسير قوله تعالى: قُلْ

ص:35


1- -البحار ج 27 ص 90 ح 43
2- البحار ج 27 ص 91 ح 48
3- البحار ج 27 ص 94 ح 54

لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً. . . (1)بإسناده عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات مغفورا له.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات تائبا.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر و نكير.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد جعل اللّه زوّار قبره الملائكة بالرحمة.

ألا و من مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة و الجماعة.

ألا و من مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة اللّه.

ألا و من مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة. (2)

59-عن سلمان رحمه اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا سلمان، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنّة معي، و من أبغضها فهو في النار.

يا سلمان، حبّ فاطمة ينفع في مائة موطن أيسر تلك المواطن الموت و القبر و الميزان و المحشر و الصراط و المحاسبة، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه، و من رضيت عنه رضي اللّه عنه، و من غضبت عليه فاطمة غضبت عليه و من غضبت عليه غضب اللّه عليه.

يا سلمان، ويل لمن يظلمها و [يظلم بعلها أمير المؤمنين عليّا، ويل لمن]يظلم

ص:36


1- -الشورى:23
2- البحار ج 27 ص 111 ح 84

ذرّيّتها و شيعتها. (1)

60-عن عمر بن الخطّاب قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه تعالى خلق من نور وجه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام سبعين ألف ألف ملك يسبّحونه و يقدّسونه و يكتبون ذلك لمحبّيه و محبّي ولده. (2)

61-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال لعليّ عليه السّلام: يا عليّ، إنّي سألت اللّه عزّ و جلّ أن لا يحرم شيعتك التوبة حتّى تبلغ نفس أحدهم حنجرته، فأجابني إلى ذلك و ليس ذلك لغيرهم. (3)

62-عن أنس يقول: و اللّه الذي لا إله إلاّ هو، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: عنوان صحيفة المؤمن حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، روتها العامّة و الخاصّة.

63-عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: ما جَعَلَ اَللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ (5)قال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: لا يجتمع حبّنا و حبّ عدوّنا في جوف إنسان، إنّ اللّه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه فيحبّ هذا و يبغض هذا فأمّا محبّنا فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه.

فمن أراد أن يعلم حبّنا فليمتحن قلبه فإن شاركه في حبّنا حبّ عدوّنا فليس منّا و لسنا منه، و اللّه عدوّهم و جبرئيل و ميكائيل، و اللّه عدوّ للكافرين. (6)

ص:37


1- -البحار ج 27 ص 116 ح 94
2- البحار ج 27 ص 118 ح 98
3- البحار ج 27 ص 137 ح 138
4- البحار ج 27 ص 142 ح 149
5- الأحزاب:3
6- البحار ج 27 ص 51 باب وجوب موالاة أوليائهم ح 1-( صحّحنا الحديث كما في تفسير

64-قيل للصادق عليه السّلام: إنّ فلانا يواليكم إلاّ أنّه يضعف عن البرائة من عدوّكم، فقال: هيهات كذب من ادّعى محبّتنا و لم يتبرّأ من عدوّنا. (1)

65-قال الرضا عليه السّلام: كمال الدين ولايتنا و البراءة من عدوّنا. (2)

66-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، أنت أمير المؤمنين و إمام المتّقين، يا عليّ، أنت سيّد الوصيّين و وارث علم النبيّين و خير الصدّيقين و أفضل السابقين، يا عليّ، أنت زوج سيّدة نساء العالمين و خليفة خير المرسلين، يا عليّ، أنت مولى المؤمنين و الحجّة بعدي على الناس أجمعين، استوجب الجنّة من تولاّك، و استوجب دخول النار من عاداك.

يا عليّ، و الذي بعثني بالنبوّة و اصطفاني على جميع البريّة، لو أنّ عبدا عبد اللّه ألف عام ما قبل ذلك منه إلاّ بولايتك و ولاية الأئمّة من ولدك و إنّ ولايتك لا تقبل إلاّ بالبرائة من أعدائك و أعداء الأئمّة من ولدك، بذلك أخبرني جبرئيل عليه السّلام، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر. 3

67-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من تولّى غير مواليه فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين. 4

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر.

68-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التاركون

ص:38


1- البحار ج 27 ص 58 ح 18
2- البحار ج 27 ص 58 ح 19

ولاية عليّ عليه السّلام المنكرون لفضله، المظاهرون أعداءه، خارجون عن الإسلام من مات منهم على ذلك. (1)

بيان:

يقال: ظاهره مظاهرة: أي عاونه.

69-عن ابن عبّاس قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الناس لو اجتمعوا على حبّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام لما خلق اللّه النار. (2)

أقول:

بهذا المضمون أخبار عديدة، روتها الخاصّة و العامّة، و في بعضها: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأمير المؤمنين عليه السّلام: لو اجتمعت الخلائق على ولايتك لما خلق اللّه النار» .

70-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: حبّ عليّ بن أبي طالب حسنة لا تضرّ معها سيّئة، و بغضه سيّئة لا تنفع معها حسنة. (3)

71-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا كان يوم القيامة مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بشفير النار، و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السّلام، فيصيح صائح من النار: يا رسول اللّه، أغثني يا رسول اللّه-ثلاثا-قال: فلا يجيبه. قال: فينادي يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين-ثلاثا-أغثني فلا يجيبه، قال: فينادي يا حسين يا حسين يا حسين، أغثني أنا قاتل أعدائك، قال: فيقول له رسول اللّه: قد احتجّ عليك، قال: فينقضّ عليه كأنّه عقاب كاسر، قال: فيخرجه من النار.

قال: فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: و من هذا جعلت فداك؟ قال: المختار، قلت له:

و لم عذّب بالنار و قد فعل ما فعل؟ قال: إنّه كان في قلبه منهما شيء، و الذي بعث محمّدا بالحقّ لو أنّ جبرئيل و ميكائيل كان في قلبيهما شيء لأكبّهما اللّه في النار

ص:39


1- -البحار ج 27 ص 238 باب ذمّ مبغضيهم ح 60
2- البحار ج 39 ص 248 باب أنّ حبّه إيمان ح 8
3- البحار ج 39 ص 248 ح 10

على وجوههما. (1)

72-عن عليّ بن عاصم الكوفيّ قال: دخلت على سيّدي الحسن العسكريّ عليه السّلام، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام و قال: مرحبا بك. . . و قلت له: إنّي عاجز عن نصرتكم بيدي، و ليس أملك غير موالاتكم و البراءة من أعدائكم، و اللعن لهم في خلواتي، فكيف حالي يا سيّدي؟

فقال عليه السّلام: حدّثني أبي عن جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من ضعف على نصرتنا أهل البيت و لعن في خلواته أعداءنا بلّغ اللّه صوته إلى جميع الملائكة، فكلّما لعن أحدكم أعداءنا صاعدته الملائكة، و لعنوا من لا يلعنهم، فإذا بلغ صوته إلى الملائكة استغفروا له و أثنوا عليه، و قالوا: «اللهمّ صلّ على روح عبدك هذا الذي بذل في نصرة أوليائه جهده و لو قدر على أكثر من ذلك لفعل» .

فإذا النداء من قبل اللّه تعالى يقول: يا ملائكتي، إنّي قد أجبت دعاءكم في عبدي هذا، و سمعت نداءكم و صلّيت على روحه مع أرواح الأبرار، و جعلته من المصطفين الأخيار. (2)

73-دعوات الراوندي. . . و إليه أشار الرضا عليه السّلام بمكتوبه: «كن محبّا لآل محمّد و إن كنت فاسقا، و محبّا لمحبّيهم و إن كانوا فاسقين» .

و من شجون الحديث أنّ هذا المكتوب هو الآن عند بعض أهل كرمند قرية من نواحينا إلى إصفهان ما هي و رفعته (رأيته ف ن) أنّ رجلا من أهلها كان جمّالا لمولانا أبي الحسن عليه السّلام عند توجّهه إلى خراسان، فلمّا أراد الانصراف قال له:

يا بن رسول اللّه، شرّفني بشيء من خطّك أتبرّك به، و كان الرجل من العامّة فأعطاه ذلك المكتوب. (3)

ص:40


1- -البحار ج 45 ص 339 باب أحوال المختار ح 5
2- البحار ج 50 ص 316 باب مكارم العسكري عليه السّلام ح 13
3- البحار ج 69 ص 252 باب الحبّ في اللّه ح 33

بيان:

يقال: الحديث ذو شجون أي فنون و فروع متعدّدة، من الشجن بمعنى الغصن المشتبك. «ما هي» أي ما هي من اصفهان لكنّها في تلك الناحية.

74-عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قبّة آدم، فقلت له: هذه قبّة آدم؟ فقال: نعم و للّه قباب كثيرة، أما إنّ خلف مغربكم هذا تسعة و ثلاثين مغربا أرضا بيضاء مملوّة خلقا يستضيئون بنورنا، لم يعصوا اللّه طرفة عين، لا يدرون أخلق اللّه آدم أم لم يخلقه يتبرّأون من فلان و فلان.

قيل له: كيف هذا يتبرّأون من فلان و فلان و هم لا يدرون أخلق اللّه آدم أم لم يخلقه؟ فقال للسائل: أ تعرف إبليس؟ قال: لا إلاّ بالخبر، قال: فأمرت باللعنة و البراءة منه؟ قال: نعم، قال: فكذلك أمر هؤلاء. (1)

75-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ من وراء شمسكم هذه أربعين عين شمس، ما بين شمس إلى شمس أربعون عاما، فيها خلق كثير ما يعلمون أنّ اللّه خلق آدم أو لم يخلقه، و إنّ من وراء قمركم هذا أربعين قمرا، ما بين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوما، فيها خلق كثير ما يعلمون أنّ اللّه خلق آدم أو لم يخلقه، قد ألهموا كما ألهمت النحل لعنة الأوّل و الثاني في كلّ وقت من الأوقات، و قد وكّل بهم ملائكة متى لم يلعنوهما عذّبوا. (2)

76-عن أبي خالد الكابليّ قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام: عن قوله: فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اَلنُّورِ اَلَّذِي أَنْزَلْنا (3)فقال: يا أبا خالد، النور و اللّه الأئمّة

ص:41


1- -البحار ج 27 ص 45 باب أنّهم الحجّة على جميع العوالم ح 5( بصائر الدرجات ص 490 ب 14 من ج 10 ح 8-مختصر بصائر الدرجات ص 12)
2- البحار ج 27 ص 45 ح 6- بصائر الدرجات ص 493( مختصر بصائر الدرجات ص 12)
3- التغابن:8

من آل محمّد إلى يوم القيامة، هم و اللّه نور اللّه الذي أنزل، و هم و اللّه نور اللّه في السموات و الأرض.

و اللّه يا أبا خالد، لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، و هم و اللّه ينوّرون قلوب المؤمنين، و يحجب اللّه نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم.

و اللّه يا أبا خالد، لا يحبّنا عبد و يتولاّنا حتّى يطهّر اللّه قلبه، و لا يطهّر اللّه قلب عبد حتّى يسلّم لنا، و يكون سلما لنا، فإذا كان سلما لنا سلّمه اللّه من شديد الحساب و آمنه من فزع يوم القيامة الأكبر. (1)

77-جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سأله عن عمل يدخله الجنّة؟ فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: صلّ المكتوبات و صم شهر رمضان و اغتسل من الجنابة و حبّ عليّا و أولاده المعصومين عليهم السّلام و ادخل الجنّة من أيّ باب شئت.

فو الذي بعثني بالحقّ نبيّا و بالرسالة نجيّا لو صلّيت ألفا و حججت ألفا و صمت ألفا و غزوت ألفا و عتقت ألف رقبة و قرئت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و لقيت الأنبياء كلّهم و عبدت اللّه تعالى و غزوت مع كلّ نبيّ ألف غزوة و حججت مع كلّ نبيّ ألف حجّة و عمرة و لم يكن في قلبك حبّ عليّ و أولاده المعصومين دخلت النار مع الداخلين، فليبلغ الشاهد الغائب هذا الكلام.

فقولوا في عليّ، فإنّي ما أقول في عليّ إلاّ بأمر جبرئيل و جبرئيل لا يخبرني إلاّ عن اللّه عزّ و جلّ و إنّ جبرئيل عليه السّلام لم يتّخذ أخا في الدنيا إلاّ عليّا من شاء فليحبّه و من شاء فليبغضه فإنّ اللّه تعالى آلى على نفسه ألاّ يخرج مبغض عليّ من النار ما دام محبّه في الجنّة. (2)

ص:42


1- -البحار ج 23 ص 308 باب أنّهم أنوار اللّه ح 5( الكافي ج 1 ص 150 باب أنّ الأئمّة نور اللّه ح 1- تفسير القميّ ج 2 ص 371)
2- الاثنى عشريّة ص 226 الخاتمة من ب 5

78-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أشدّ الناس عمى من عمي عن حبّنا و فضلنا و ناصبنا العداوة بلا ذنب سبق منّا إليه إلاّ إنّا دعوناه إلى الحقّ و دعاه سوانا إلى الفتنة و الدنيا فآثرها و نصب العداوة لنا (الغرر ج 1 ص 206 ف 8 ح 470)

أسعد الناس من عرف فضلنا و تقرّب إلى اللّه بنا و أخلص حبّنا و عمل بما إليه ندبنا و انتهى عمّا عنه نهينا، فذاك منّا و هو في دار المقامة معنا. (ح 471)

أحسن الحسنات حبّنا، و أسوء السيّئات بغضنا. (ص 213 ح 538)

أولى الناس بنا من والانا و عادا من عادانا (ح 539)

إنّ وليّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله من أطاع اللّه و إن بعدت لحمته. (ص 221 ف 9 ح 75)

إنّ عدوّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله من عصى اللّه و إن قربت قرابته. (ح 76)

إنّكم ستعرضون على سبيّ أو البرائة منّي فسبّوني، و إيّاكم و البراءة منّي.

(ص 294 ف 14 ح 39)

عليكم بحبّ [آل]نبيّكم فإنّه حقّ اللّه عليكم و الموجب على اللّه حقّكم، أ لا ترون إلى قول اللّه تعالى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبى.

(ج 2 ص 486 ف 50 ح 20)

لمبغضنا أمواج من سخط اللّه سبحانه. (ص 581 ف 71 ح 25)

لو ضربت خيشوم المؤمن على أن يبغضني ما أبغضني. (ص 603 ف 75 ح 3)

لو صببت الدنيا على المنافق بجملتها على أن يحبّني ما أحبّني. (ح 4)

لو أحبّني جبل لتهافت. (ص 604 ح 19)

من أحبّنا بقلبه و كان معنا بلسانه و قاتل عدوّنا بسيفه فهو معنا في الجنّة في درجتنا. (ص 637 ف 77 ح 491)

من أحبّنا بقلبه و أعاننا بلسانه و لم يقاتل معنا بيده فهو معنا في الجنّة دون درجتنا. (ح 492)

ص:43

من أحبّنا فليعمل بعملنا و ليتجلبب الورع (ص 658 ح 822)

هلك فيّ رجلان: محبّ غال و مبغض قال. (ص 791 ف 84 ح 8)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة جدّا و تحتاج إلى كتاب مستقلّ، ذكرنا بعضها، و سيأتي ما يناسب المقام في باب الولاية.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في غدير خم: «اللهمّ وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله»

و في كثير من الزيارات «إنّي سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم و محبّ لمن أحبّكم و مبغض لمن أبغضكم و عدوّ لمن عاداكم» .

ص:44

الفصل الثالث: الحبّ في اللّه و البغض في اللّه

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أحبّ للّه و أبغض للّه و أعطى للّه فهو ممّن كمل إيمانه. (1)

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أوثق عرى الإيمان أن تحبّ في اللّه و تبغض في اللّه و تعطي في اللّه و تمنع في اللّه. (2)

بيان:

«العروة» ج عرى: ما يوثق به و ما يعوّل عليه، و في المرآة ج 8 ص 257، العروة:

ما يكون في الجبل يتمسّك به من أراد الصعود، و عروة الكوز و نحوه، و الأوّل هنا أنسب، كأنّه عليه السّلام شبّه الإيمان بجبل يرتقي به إلى الجنّة و الدرجات العالية، و الأعمال الإيمانيّة و أخلاقها بالعرى التي تكون فيه يتمسّك بها من أراد الصعود عليه، و فيه إشارة إلى قوله تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدِ اِسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ اَلْوُثْقى لاَ اِنْفِصامَ لَها (3).

ص:45


1- -الكافي ج 2 ص 101 باب الحبّ في اللّه ح 1
2- الكافي ج 2 ص 102 ح 2
3- البقرة:255

«في اللّه» : "في"للتعليل أي للّه، أو بمعنى الحبّ في سبيل طاعته فيرجع إليه أيضا.

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ودّ المؤمن للمؤمن في اللّه من أعظم شعب الإيمان. ألا و من أحبّ في اللّه و أبغض في اللّه و أعطى في اللّه و منع في اللّه فهو من أصفياء اللّه. (1)

4-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ المتحابّين في اللّه يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور وجوههم و نور أجسادهم و نور منابرهم كلّ شيء حتّى يعرفوا به، فيقال: هؤلاء المتحابّون في اللّه. (2)

5-عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحبّ و البغض، أمن الإيمان هو؟ فقال: و هل الإيمان إلاّ الحبّ و البغض؟ ! ثمّ تلا هذه الآية:

حَبَّبَ إِلَيْكُمُ اَلْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ. . . (3) (4)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأصحابه: أيّ عرى الإيمان أوثق؟ فقالوا: اللّه و رسوله أعلم، و قال بعضهم: الصلاة و قال بعضهم:

الزكاة و قال بعضهم: الصيام و قال بعضهم: الحجّ و العمرة و قال بعضهم: الجهاد، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لكلّ ما قلتم فضل و ليس به و لكن أوثق عرى الإيمان:

الحبّ في اللّه و البغض في اللّه و توالي أولياء اللّه و التبرّي من أعداء اللّه. (5)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الرجل ليحبّكم و ما يعرف ما أنتم عليه فيدخله اللّه الجنّة بحبّكم، و إنّ الرجل ليبغضكم و ما يعرف ما أنتم عليه، فيدخله

ص:46


1- -الكافي ج 2 ص 102 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 102 ح 4
3- الحجرات:7
4- الكافي ج 2 ص 102 ح 5
5- الكافي ج 2 ص 102 ح 6

اللّه ببغضكم النار. (1)

8-عن جابر الجعفيّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيرا فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة اللّه و يبغض أهل معصيته ففيك خير و اللّه يحبّك، و إن كان يبغض أهل طاعة اللّه و يحبّ أهل معصيته فليس فيك خير، و اللّه يبغضك، و المرء مع من أحبّ. (2)

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: لو أنّ رجلا أحبّ رجلا للّه لأثابه اللّه على حبّه إيّاه و إن كان المحبوب في علم اللّه من أهل النار، و لو أنّ رجلا أبغض رجلا للّه لأثابه اللّه على بغضه إيّاه و إن كان المبغض في علم اللّه من أهل الجنّة. (3)

بيان:

في المرآة: هذا إذا لم يكن مقصّرا في ذلك و لم يكن مستندا إلى ضلالته و جهالته كالذين يحبّون أئمّة الضلالة و يزعمون أنّ ذلك للّه، فإنّ ذلك لمحض تقصيرهم عن تتبّع الدلائل. . .

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ من لم يحبّ على الدين و لم يبغض على الدين فلا دين له. (4)

11-عن الحسن العسكريّ عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لبعض أصحابه ذات يوم: يا عبد اللّه، أحبب في اللّه و أبغض في اللّه و وال في اللّه و عاد في اللّه، فإنّه لا تنال ولاية اللّه إلاّ بذلك، و لا يجد رجل طعم الإيمان و إن كثرت صلاته و صيامه حتّى يكون كذلك، و قد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون، و عليها يتباغضون، و ذلك لا يغني

ص:47


1- -الكافي ج 2 ص 103 ح 10
2- الكافي ج 2 ص 103 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 103 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 104 ح 16

عنهم من اللّه شيئا.

فقال له: و كيف لي أن أعلم أنّي قد واليت و عاديت في اللّه عزّ و جلّ، فمن وليّ اللّه عزّ و جلّ حتّى اواليه و من عدوّه حتّى أعاديه؟ فأشار له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عليّ عليه السّلام فقال: أ ترى هذا؟ فقال: بلى، قال: وليّ هذا وليّ اللّه، فواله، و عدوّ هذا عدوّ اللّه فعاده، وال وليّ هذا و لو أنّه قاتل أبيك و ولدك، و عاد عدوّ هذا و لو أنّه أبوك و ولدك. (1)

12-عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى بعض الأنبياء: أمّا زهدك في الدنيا فتعجّلك الراحة، و أمّا انقطاعك إليّ فتعزّزك بي، و لكن هل عاديت لي عدوّا أو واليت لي وليّا؟ (2)

13-روي أنّ اللّه تعالى قال لموسى عليه السّلام: هل عملت لي عملا؟ قال:

صلّيت لك و صمت و تصدّقت و ذكرت لك، قال اللّه تبارك و تعالى: و أمّا الصلاة فلك برهان و الصوم جنّة، و الصدقة ظلّ، و الذكر نور، فأيّ عمل عملت لي؟ قال موسى عليه السّلام: دلّني على العمل الذي هو لك، قال: يا موسى، هل واليت لي وليّا، و هل عاديت لي عدوّا قطّ؟ فعلم موسى أنّ أفضل الأعمال الحبّ في اللّه و البغض في اللّه. (3)

بيان:

«لك برهان» : أي دليل على إسلامك و دينك.

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ حول العرش منابر من نور، عليها قوم لباسهم و وجوههم نور، ليسوا بأنبياء، يغبطهم الأنبياء و الشهداء. قالوا: يا رسول اللّه،

ص:48


1- -أمالي الصدوق ص 11 م 3 ح 7( العلل ج 1 ص 140 ب 119- العيون ج 1 ص 226 ب 28 ح 41)
2- البحار ج 69 ص 238 باب الحبّ في اللّه ح 7
3- البحار ج 69 ص 252 ح 33

حلّ لنا، قال: هم المتحابّون في اللّه و المتجالسون في اللّه و المتزاورون في اللّه. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «حلّ لنا» أي بيّن لنا من حلّ العقدة، استعير لحلّ الإشكال. . .

15-عن بريد العجليّ قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام إذ دخل عليه قادم من خراسان ماشيا فأخرج رجليه و قد تغلّفتا و قال: أما و اللّه ما جاء بي من حيث جئت إلاّ حبّكم أهل البيت. فقال أبو جعفر عليه السّلام: و اللّه لو أحبّنا حجر حشره اللّه معنا، و هل الدين إلاّ الحبّ؟ إنّ اللّه يقول: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ (2)و قال: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ (3)و هل الدين إلاّ الحبّ! (4)

بيان:

«تغلّفتا» : أي لفّتا بالثوب أو غيره و في بعض نسخ المصدر: "تفلّقتا"من الفلق بمعنى الشقّ.

أقول: في تفسير فرات الكوفي ص 430(سورة الحجرات) عن بريد بن معاوية العجليّ و إبراهيم الأحمريّ قالا: دخلنا على أبي جعفر عليه السّلام و عنده زياد الأحلام، فقال أبو جعفر عليه السّلام: يا زياد، مالي أرى رجليك متغلّفين (متفلّقتين) ؟ قال: جعلت لك الفداء، جئت على نضو (5)لي عامّة الطريق و ما حملني على ذلك إلاّ حبّي لكم و شوقي إليكم.

ثمّ أطرق زياد مليّا ثمّ قال: جعلت لك الفداء، إنّي ربما خلوت فأتاني الشيطان

ص:49


1- -البحار ج 69 ص 252 ح 32
2- آل عمران:31
3- الحشر:9
4- البحار ج 27 ص 95 باب ثواب حبّهم ح 57( تفسير العياشي ج 1 ص 167 ح 27)
5- پاى برهنه

فيذكرني ما قد سلف من الذنوب و المعاصي، فكأنّي آيس ثمّ أذكر حبّي لكم و انقطاعي [إليكم]و كان متكا لكم. قال عليه السّلام: يا زياد، هل الدين إلاّ الحبّ و البغض؟ ! ثمّ تلا هذه الآيات الثلاث كأنّها في كفّه: وَ لكِنَّ اَللّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ اَلْإِيمانَ. . . و قال: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ. . . و قال: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي. . . . . .

(المستدرك ج 12 ص 226 ب 14 من الأمر و النهي ح 28)

16-قيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، إنّا نسمّي بأسمائكم و أسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟ فقال: إي و اللّه، و هل الدين إلاّ الحبّ؟ ! قال اللّه: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ. (1)

بيان:

«إنّا نسمّي» : أي أولادنا.

17-قال أمير المؤمنين عليه السّلام لنوف البكالي: يا نوف، إنّه ليس من رجل أعظم منزلة عند اللّه من رجل بكى من خشية اللّه، و أحبّ في اللّه و أبغض في اللّه.

يا نوف، من أحبّ في اللّه لم يستأثر على محبّته، و من أبغض في اللّه لم ينل مبغضيه خيرا، عند ذلك استكملتم حقائق الإيمان. (2)

بيان:

استأثر على أصحابه: اختار لنفسه الأشياء الحسنة، و استأثر بالشيء على الغير استبدّ به و خصّ به نفسه. «على محبّته» : لعلّ الصحيح"على محبّيه".

18-. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يقول اللّه في القيامة: أين المتحابّون فيّ بجلالي؟ اليوم أظلّهم بظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي.

ص:50


1- -البحار ج 27 ص 95 ح 58( تفسير العياشي ج 1 ص 167 ح 28)
2- المستدرك ج 12 ص 222 ب 14 من الأمر و النهي ح 17

و قال صلّى اللّه عليه و آله: يقول: ألا و حقّت محبّتي للذين يتحابّون من أجلي، و قد حقّت محبّتي للذين يتصادقون من أجلي، و قد حقّت محبّتي للذين يتزاورون من أجلي، و قد حقّت محبّتي للذين يتباذلون من أجلي.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّ عمل العبد يبلغ عنان السماء ما نفعه ذلك إلاّ بالحبّ في اللّه و البغض في اللّه.

و قال: المتحابّون في اللّه على منابر من نور، هم أقرب الخلق إلى اللّه. (1)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأس الإيمان الحبّ في اللّه و البغض في اللّه. (2)

20-قال الصادق عليه السّلام: المحبّ في اللّه محبّ اللّه و المحبوب في اللّه حبيب اللّه، لأنّهما لا يتحابّان إلاّ في اللّه.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المرء مع من أحبّ، فمن أحبّ عبدا في اللّه فإنّما أحبّ اللّه تعالى و لا يحبّ اللّه تعالى إلاّ من أحبّه اللّه.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: أفضل الناس بعد النبيّين في الدنيا و الآخرة المحبّون للّه، المتحابّون فيه، و كلّ حبّ معلول يورث فيه عداوة إلاّ هذين، و هما من عين واحدة يزيدان أبدا و لا ينقصان أبدا قال اللّه: اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ (3)لأنّ أصل الحبّ التبرّي عن سوء (عن سوى ب) المحبوب.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أطيب شيء في الجنّة و ألذّه حبّ اللّه و الحبّ في اللّه و الحمد للّه.

قال اللّه عزّ و جلّ: وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (4)و ذلك أنّهم إذا عاينوا ما في الجنّة من النعيم هاجت المحبّة في قلوبهم فينادون عند ذلك: و الحمد

ص:51


1- -المستدرك ج 12 ص 224 ح 23
2- المستدرك ج 12 ص 228 ح 31
3- الزخرف:67
4- يونس:10

للّه ربّ العالمين. (1)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام، أنّه قال:

إنّ أفضل الدين الحبّ في اللّه و البغض في اللّه و الأخذ في اللّه و العطاء في اللّه سبحانه. (الغرر ج 1 ص 233 ف 9 ح 164)

جماع الخير في الموالاة في اللّه، و المعاداة في اللّه، و المحبّة في اللّه، و البغض في اللّه.

(ص 373 ف 26 ح 65)

غاية الإيمان الموالاة و المعاداة في اللّه، و التباذل في اللّه، و التوكّل على اللّه سبحانه. (ج 2 ص 505 ف 56 ح 33)

من أحبّ أن يكمل إيمانه فليكن حبّه للّه و بغضه للّه و رضاه للّه و سخطه للّه.

(ص 693 ف 77 ح 1236)

من أعطى في اللّه سبحانه، و منع في اللّه، و أحبّ في اللّه، [و أبغض في الله،] فقد استكمل الإيمان. (ص 706 ح 1369)

ص:52


1- -مصباح الشريعة ص 64 ب 97

32- الحجّ

الآيات

1- وَ إِذْ جَعَلْنَا اَلْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَ أَمْناً وَ اِتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ اَلْعاكِفِينَ وَ اَلرُّكَّعِ اَلسُّجُودِ. (1)

2- وَ أَتِمُّوا اَلْحَجَّ وَ اَلْعُمْرَةَ لِلّهِ. . . (2)

3- إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ- فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعالَمِينَ. (3)

4- جَعَلَ اَللّهُ اَلْكَعْبَةَ اَلْبَيْتَ اَلْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ. . . (4)

5- إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ وَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرامِ . . . وَ لْيَطَّوَّفُوا

ص:53


1- -البقرة:125
2- البقرة:196
3- آل عمران:96 و 97
4- المائدة:97

بِالْبَيْتِ اَلْعَتِيقِ. (1)

الأخبار

1-قلت لأبي جعفر عليه السّلام: لم سمّي الحجّ؟ قال: الحجّ الفلاح، يقال: حجّ فلان أي أفلح. (2)

بيان:

«الحجّ» في اللغة؛ القصد، و خصّ في الشرع بقصد بيت اللّه الحرام إقامة للنسك.

2-فيما كتب الرضا عليه السّلام لمحمّد بن سنان في جواب مسائله: إنّ علّة الحجّ الوفادة إلى اللّه تعالى و طلب الزيادة، و الخروج من كلّ ما اقترف، و ليكون تائبا ممّا مضى، مستأنفا لما يستقبل و ما فيه من استخراج الأموال و تعب الأبدان و حظرها عن الشهوات و اللذّات، و التقرّب في العبادة إلى اللّه عزّ و جلّ و الخضوع و الاستكانة و الذلّ شاخصا إليه في الحرّ و البرد و الأمن و الخوف دائبا في ذلك دائما.

و ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع و الرغبة و الرهبة إلى اللّه سبحانه و تعالى، و منه ترك قساوة القلب و خساسة الأنفس و نسيان الذكر و انقطاع الرجاء و الأمل، و تجديد الحقوق و حظر الأنفس عن الفساد، و منفعة من في المشرق و المغرب و من في البرّ و البحر ممّن يحجّ و ممّن لا يحجّ، من تاجر و جالب و بايع و مشتر و كاسب و مسكين، و قضاء حوائج أهل الأطراف و المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها، كذلك ليشهدوا منافع لهم.

و علّة فرض الحجّ مرّة واحدة، لأنّ اللّه تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم

ص:54


1- -الحجّ:25 إلى 29
2- معاني الأخبار ص 165 باب معنى الحجّ

قوّة فمن تلك الفرائض الحجّ المفروض واحد ثمّ رغب أهل القوّة على قدر طاقتهم. (1)

بيان:

«حظرها» : منعها. «الوفادة» يقال: وفد إلى الأمير: قدم و ورد عليه و في الأصل، الوفادة: القدوم لطلب النصرة، و يستعار للحجّ لأنّه قدوم إلى بيت اللّه طلبا لفضله و ثوابه. «شاخصا» : خارجا للسفر.

«دائبا» : دأب في العمل: استمرّ عليه فهو دائب.

3-عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، فقلت له: ما العلّة التي من أجلها كلّف اللّه العباد الحجّ و الطواف بالبيت؟ فقال: إنّ اللّه تعالى خلق الخلق لا لعلّة إلاّ أنّه شاء ففعل فخلقهم إلى وقت مؤجّل، و أمرهم و نهاهم ما يكون من أمر الطاعة في الدين و مصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من المشرق و المغرب ليتعارفوا، و ليتربّح كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد و لينتفع بذلك المكارى و الجمّال، و لتعرف آثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تعرف أخباره و يذكر و لا ينسى، و لو كان كلّ قوم إنّما يتّكلون على بلادهم و ما فيها هلكوا، و خربت البلاد و سقط الجلب و الأرباح و عميت الأخبار و لم يقفوا على ذلك، فذلك علّة الحجّ. (2)

بيان:

«الجلب» : ما تجلبه من بلد إلى بلد للتجارة.

4-عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام و هو جالس على الباب الذي إلى المسجد و هو ينظر إلى الناس يطوفون، فقال: يا أبا حمزة،

ص:55


1- -العلل ج 2 ص 404 ب 142 ح 5-( العيون ج 2 ص 88 ب 33)
2- العلل ج 2 ص 405 ح 6

بما أمروا هؤلاء؟ قال: فلم أدر ما أردّ عليه. قال: إنّما أمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم. (1)

5-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة! إنّما امروا أن يطوفوا بها ثمّ ينفروا إلينا، فيعلمونا ولايتهم و مودّتهم و يعرضوا علينا نصرتهم، ثمّ قرء هذه الآية:

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ اَلنّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ. (2) (3)

6-آخر حديث الرضا عليه السّلام لابن شاذان: فإن قال: فلم أمروا بالإحرام؟ قيل: لأن يخشعوا قبل دخول حرم اللّه عزّ و جلّ و أمنه و لئلاّ يلهوا و يشتغلوا بشيء من أمر الدنيا و زينتها و لذّاتها و يكونوا جادّين فيما هم فيه، قاصدين نحوه مقبلين عليه بكلّيتهم مع ما فيه من التعظيم للّه تعالى و لبيته و التذلّل لأنفسهم عند قصدهم إلى اللّه تعالى و وفادتهم إليه راجين ثوابه راهبين من عقابه ماضين نحوه مقبلين إليه بالذلّ و الاستكانة و الخضوع. (4)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ ليغفر للحاجّ، و لأهل بيت الحاجّ، و لعشيرة الحاجّ، و لمن يستغفر له الحاجّ بقيّة ذي الحجّة و المحرّم و صفر و شهر ربيع الأوّل و عشر من ربيع الآخر. (5)

8-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من حجّ يريد به اللّه و لا يريد

ص:56


1- -العلل ج 2 ص 406 ح 8
2- إبراهيم:37
3- الكافي ج 1 ص 322 باب أنّ الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام. . . ح 1
4- العيون ج 2 ص 119 ب 34 ح 1
5- ثواب الأعمال ص 70 باب ثواب الحجّ ح 1

به رياء و لا سمعة غفر اللّه له البتّة. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، في بعضها؛ قال الملكان: أمّا ما مضى فقد كفيته فانظر كيف تكون فيما تستقبل.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: حجّوا و اعتمروا تصحّ أجسامكم و تتّسع أرزاقكم، و يصلح إيمانكم، و تكفوا مؤونة الناس و مؤونة عيالاتكم. (2)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحاجّ يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار و صنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمّه، و صنف يحفظ في أهله و ماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاجّ. (3)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ للّه تبارك و تعالى حول الكعبة مائة و عشرين رحمة منها ستّون للطائفين، و أربعون للمصلّين، و عشرون للناظرين. (4)

12-عن محمّد بن مسلم عن أبي الحسن (أبي جعفر ف ن) عليه السّلام قال: دخل عليه رجل فقال له: أقدمت حاجّا؟ قال له: نعم، قال: تدري ما للحاجّ من الثواب؟ قلت: لا أدري جعلت فداك، قال: من قدم حاجّا حتّى إذا دخل مكّة متواضعا فإذا دخل المسجد الحرام قصّر خطاه مخافة اللّه عزّ و جلّ فطاف بالبيت طوافا و صلّى ركعتين، كتب اللّه له سبعين ألف حسنة، و حطّ عنه سبعين ألف سيّئة، و رفع له سبعين ألف درجة، و شفّعه في سبعين ألف حاجة، و حسب له عتق سبعين

ص:57


1- -ثواب الأعمال ص 70 ح 2
2- ثواب الأعمال ص 70 ح 3
3- ثواب الأعمال ص 72 ح 9
4- ثواب الأعمال ص 72 ح 11

رقبة، قيمة كلّ رقبة عشرة آلاف درهم. (1)

13-روي باسناد صحيح عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يأتي على الناس زمان يكون فيه حجّ الملوك نزهة و حجّ الأغنياء تجارة و حجّ المساكين مسألة. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) أنّه قال: و هذا بيت استعبد اللّه به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه و زيارته، و جعله محلّ أنبيائه، و قبلة للمصلّين له، فهو شعبة من رضوانه، و طريق يؤدّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال و مجمع العظمة و الجلال، خلقه اللّه قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحقّ من أطيع فيما أمر و انتهى عمّا نهى عنه و زجر، اللّه المنشئ للأرواح و الصور. (3)

15-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) :

و حجّوا تستغنوا. (4)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة. (5)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو أنّ الناس تركوا الحجّ لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده، و لو تركوا زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك و على المقام عنده، فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين. (6)

ص:58


1- -ثواب الأعمال ص 72 ح 12- رواه البرقيّ رحمه اللّه بسند آخر عن أبي الحسن عليه السّلام
2- جامع الأخبار ص 69 ف 32
3- الوسائل ج 11 ص 10 ب 1 من وجوب الحجّ ح 10
4- الوسائل ج 11 ص 12 ح 13
5- الوسائل ج 11 ص 21 ب 4 ح 5
6- الوسائل ج 11 ص 24 ب 5 ح 2

18-عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي اَلْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلاً (1)قال: ذلك الذي يسوّف نفسه الحجّ-يعني: حجّة الإسلام-حتّى يأتيه الموت. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة؛ رواها الكليني رحمه اللّه في الفروع و القميّ رحمه اللّه في تفسيره و. . .

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من مات و لم يحجّ حجّة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّا أو نصرانيّا. (3)

بيان:

في المرآة ج 17 ص 149، قال الفيروزآبادي: «أجحف به» : ذهب و به الفاقة:

أفقرته الحاجة و أجحف به أيضا: قار به و دنا منه. . .

20-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، كفر باللّه العظيم من هذه الأمّة عشرة: القتّات. . . و من وجد سعة فمات و لم يحجّ.

يا عليّ، تارك الحجّ و هو مستطيع كافر، يقول اللّه تبارك و تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ عَنِ اَلْعالَمِينَ.

يا عليّ، من سوّف الحجّ حتّى يموت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديّا أو نصرانيّا. (4)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحاجّ و المعتمر وفد اللّه، إن سألوه أعطاهم، و إن دعوه أجابهم، و إن شفعوا شفّعهم، و إن سكتوا ابتدأهم، و يعوّضون

ص:59


1- -الإسراء:72
2- الوسائل ج 11 ص 26 ب 6 ح 5
3- الوسائل ج 11 ص 29 ب 7 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 31 ح 3

بالدرهم ألف (ألف) درهم. (1)

22-عن معاوية بن عمّار قال: قال: لمّا أفاض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تلقّاه أعرابيّ بالأبطح فقال: يا رسول اللّه، إنّي خرجت أريد الحجّ ففاتني و أنا رجل مئل، يعني كثير المال، فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به ما يبلغ به الحاجّ، فالتفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أبي قبيس فقال: لو أنّ أبا قبيس لك زنته ذهبة حمراء أنفقته في سبيل اللّه ما بلغت ما بلغ الحاجّ. (2)

23-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ رجلا استشارني في الحجّ و كان ضعيف الحال فأشرت عليه أن لا يحجّ، فقال: ما أخلقك أن تمرض سنة، قال: فمرضت سنة. (3)

بيان:

في الوافي، «ما أخلفك» : إن كان بالفاء ف «ما» للاستفهام أو للنفي بمعنى لم يتخلّف عنك المرض، و إن كان بالقاف ف «ما» للتعجّب أي ما أجدرك و أحراك أن تمرض سنة و هو الأصوب.

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أكتسب الرجل مالا من غير حلّة ثمّ حجّ فلبّى نودي: لا لبّيك و لا سعديك، و إن كان من حلّه فلبّى نودي: لبّيك و سعديك. (4)

25-عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه ذكر عنده رجل فقال: إنّ الرجل إذا أصاب

ص:60


1- -الوسائل ج 11 ص 99 ب 38 ح 14
2- الوسائل ج 11 ص 116 ب 42 ح 7-و في ثواب الأعمال عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله
3- الوسائل ج 11 ص 137 ب 48 ح 1
4- الوسائل ج 17 ص 89 ب 4 من ما يكتسب به ح 3-و بهذا المعنى روته العامّة، منهم السيوطي في درّ المنثور ج 1 ص 247

مالا من حرام لم يقبل منه حجّ و لا عمرة و لا صلة رحم حتّى أنّه يفسد فيه الفرج. (1)

26-عن ابن كثير قال: حججت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فلمّا صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر إلى الناس فقال: ما أكثر الضجيج و أقلّ الحجيج.

فقال له داود الرقّي: يا بن رسول اللّه، هل يستجيب اللّه دعاء هذا الجمع الذي أرى؟ قال: ويحك يا أبا سليمان، إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به، الجاحد لولاية عليّ كعابد وثن. . . (2)

أقول:

روى بمضمونه في ص 270 ج 6 ب 3 ح 4، و فيه: إنّ أكثر من ترى قردة و خنازير.

و لاحظ البحار ج 27 ص 181 و ج 47 ص 79 و يأتي ما بهذا المعنى في باب الولاية.

بيان: في مجمع البحرين و في الصحاح، ضجّ القوم إضجاجا: إذا جلبوا و صاحوا. . .

و سمعت ضجّة القوم: أي جلبتهم، و منه قوله عليه السّلام: «ما أكثر الضجيج» كأنّه يريد به رفع الأصوات بالتلبية.

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام: و فرض عليكم حجّ بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، يردونه ورود الأنعام، و يألهون إليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، و إذعانهم لعزّته، و اختار من خلقه سمّاعا أجابوا إليه دعوته و صدّقوا كلمته، و وقفوا مواقف أنبيائه، و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، و يتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه

ص:61


1- -أمالي الطوسي ج 2 ص 293
2- بصائر الدرجات ص 358 ج 7 ب 17 ح 15

و تعالى للإسلام علما، و للعائذين حرما، فرض حجّه، و أوجب حقّه، و كتب عليكم وفادته، فقال سبحانه: وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ. . . . (1)

بيان:

«يحرزون» : المراد يكسبون.

28-عن مالك بن أنس-فقيه المدينة-قال: كنت أدخل إلى الصادق عليه السّلام . . . و لقد حججت معه سنة فلمّا استوت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، و كاد أن يخرّ من راحلته، فقلت: قل يا بن رسول اللّه، و لا بدّ لك من أن تقول، فقال: يا بن أبي عامر، كيف أجسر أن أقول: «لبّيك اللهمّ لبّيك» ، و أخشى أن يقول عزّ و جلّ لي: لا لبّيك و لا سعديك. (2)

29-عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يفقد الناس إمامهم فيشهدهم الموسم فيراهم و لا يرونه. (3)

30-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من قال: «ما شاء اللّه» ألف مرّة في دفعة واحدة رزق الحجّ من عامه، فإن لم يرزق أخّره اللّه حتّى يرزقه. (4)

31-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال ألف مرّة: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» رزقه اللّه تعالى الحجّ، فإن كان قد قرب أجله أخّره اللّه في أجله حتّى يرزقه الحجّ. (5)

32-لمّا رجع مولانا زين العابدين عليه السّلام من الحجّ استقبله الشبليّ، فقال عليه السّلام له: حججت يا شبلي؟ قال: نعم يا بن رسول اللّه، فقال عليه السّلام: أنزلت الميقات

ص:62


1- -نهج البلاغة ص 40 في الخطبة الأولى
2- البحار ج 47 ص 16 باب مكارم سيره (الصادق) عليه السّلام ح 1
3- البحار ج 52 ص 151 باب من ادّعى الرؤية ح 2
4- البحار ج 99 ص 27 ب 3 من الحجّ ح 2
5- البحار ج 99 ص 27 ح 3

و تجرّدت عن مخيط الثياب و اغتسلت؟ قال: نعم، قال: فحين نزلت الميقات نويت أنّك خلعت ثوب المعصية، و لبست ثوب الطاعة؟ قال: لا، قال: فحين تجرّدت عن مخيط ثيابك، نويت أنّك تجرّدت من الرياء و النفاق و الدخول في الشبهات؟ قال: لا، قال: فحين اغتسلت، نويت أنّك اغتسلت من الخطايا و الذنوب؟ قال:

لا، قال: فما نزلت الميقات، و لا تجرّدت عن مخيط الثياب، و لا اغتسلت،

ثمّ قال: تنظّفت و أحرمت، و عقدت بالحجّ؟ قال: نعم، قال: فحين تنظفت و أحرمت و عقدت الحجّ، نويت أنّك تنظفت بنورة (بنور ف ن) التوبة الخالصة للّه تعالى؟ قال: لا، قال: فحين أحرمت نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ محرّم حرّمه اللّه عزّ و جلّ؟ قال: لا، قال: فحين عقدت الحجّ نويت أنّك قد حللت كلّ عقد لغير اللّه؟ قال: لا، قال له عليه السّلام: ما تنظّفت، و لا أحرمت، و لا عقدت الحجّ.

قال له: أدخلت الميقات و صلّيت ركعتي الإحرام و لبّيت؟ قال: نعم، قال:

فحين دخلت الميقات، نويت أنّك بنيّة الزيارة؟ قال: لا، قال: فحين صلّيت الركعتين، نويت أنّك تقرّبت إلى اللّه بخير الأعمال من الصلاة، و أكبر حسنات العباد؟ قال: لا، قال: فحين لبّيت، نويت أنّك نطقت للّه سبحانه بكلّ طاعة، و صمت عن كلّ معصية؟ قال: لا، قال له عليه السّلام: ما دخلت الميقات و لا صلّيت و لا لبّيت.

ثمّ قال له: أدخلت الحرم و رأيت الكعبة و صلّيت؟ قال: نعم. قال: فحين دخلت الحرم، نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ غيبة تستغيبها المسلمين من أهل ملّة الإسلام؟ قال: لا، قال: فحين وصلت مكّة، نويت بقلبك أنّك قصدت اللّه؟ قال: لا.

قال عليه السّلام: فما دخلت الحرم، و لا رأيت الكعبة، و لا صلّيت.

ثمّ قال: طفت بالبيت و مسست الأركان و سعيت؟ قال: نعم، قال عليه السّلام: فحين سعيت نويت أنّك هربت إلى اللّه و عرف منك ذلك علاّم الغيوب؟ قال: لا، قال:

ص:63

فما طفت بالبيت، و لا مسست الأركان و لا سعيت.

ثمّ قال له: صافحت الحجر، و وقفت بمقام إبراهيم عليه السّلام و صلّيت به ركعتين؟ قال: نعم، فصاح عليه السّلام صيحة كاد يفارق الدنيا ثمّ قال: آه آه-ثمّ قال عليه السّلام-من صافح الحجر الأسود، فقد صافح اللّه تعالى، فانظر يا مسكين، لا تضيّع أجر ما عظم حرمته، و تنقض المصافحة بالمخالفة، و قبض الحرام نظير أهل الآثام.

ثمّ قال عليه السّلام: نويت حين وقفت عند مقام إبراهيم عليه السّلام أنّك وقفت على كلّ طاعة، و تخلّفت عن كلّ معصية؟ قال: لا. قال: فحين صلّيت فيه ركعتين، نويت أنّك صلّيت بصلاة إبراهيم عليه السّلام، و أرغمت بصلاتك أنف الشيطان؟ قال: لا، قال له: فما صافحت الحجر الأسود، و لا وقفت عند المقام و لا صلّيت فيه ركعتين.

ثمّ قال عليه السّلام له: أشرفت على بئر زمزم، و شربت من مائها؟ قال: نعم. قال:

نويت أنّك أشرفت على الطاعة، و غضضت طرفك عن المعصية؟ قال: لا، قال عليه السّلام: فما أشرفت عليها، و لا شربت من مائها.

ثمّ قال له عليه السّلام: أ سعيت بين الصفا و المروة، و مشيت و ترددت بينهما؟ قال: نعم.

قال له: نويت أنّك بين الرجاء و الخوف؟ قال: لا، قال: فما سعيت و لا مشيت و لا ترددت بين الصفا و المروة.

ثمّ قال: أخرجت إلى منى؟ قال: نعم. قال: نويت أنّك آمنت الناس من لسانك و قلبك و يدك؟ قال: لا. قال: فما خرجت إلى منى.

ثمّ قال له: أوقفت الوقفة بعرفة، و طلعت جبل الرحمة، و عرفت وادي نمرة، و دعوت اللّه سبحانه عند الميل و الجمرات؟ قال: نعم. قال: هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة اللّه سبحانه أمر المعارف و العلوم، و عرفت قبض اللّه على صحيفتك و اطلاعه على سريرتك و قلبك؟ قال: لا، قال: نويت بطلوعك جبل الرحمة؛ أنّ اللّه يرحم كلّ مؤمن و مؤمنة، و يتولى كلّ مسلم و مسلمة؟ قال: لا. قال: فنويت عند نمرة أنّك لا تأمر حتى تأتمر، و لا تزجر حتّى تنزجر؟ قال: لا.

ص:64

قال: فعند ما وقفت عند العلم و النمرات نويت أنّها شاهدة لك على الطاعات، حافظة لك مع الحفظة بأمر ربّ السموات؟ قال: لا. قال: فما وقفت بعرفة، و لا طلعت جبل الرحمة، و لا عرفت نمرة و لا دعوت، و لا وقفت عند النمرات.

ثمّ قال: مررت بين العلمين، و صلّيت قبل مرورك ركعتين و مشيت بمزدلفة، و لقطت فيها الحصى، و مررت بالمشعر الحرام؟ قال: نعم. قال: فحين صلّيت ركعتين نويت أنّها صلاة شكر في ليلة عشر، تنفي كلّ عسر و تيسّر كلّ يسر؟ قال:

لا. قال: فعند ما مشيت بين العلمين و لم تعدل عنهما يمينا و شمالا، نويت أن لا تعدل عن دين الحقّ يمينا و شمالا لا بقلبك و لا بلسانك، و لا بجوارحك؟ قال: لا، قال:

فعند ما مشيت بمزدلفة و لقطت منها الحصى، نويت أنّك رفعت عنك كلّ معصية و جهل، و ثبّت كلّ علم و عمل؟ قال: لا. قال: فعند ما مررت بالمشعر الحرام، نويت أنّك أشعرت قلبك إشعار أهل التقوى و الخوف للّه عزّ و جلّ؟ قال: لا.

قال: فما مررت بالعلمين، و لا صلّيت ركعتين، و لا مشيت بالمزدلفة، و لا رفعت منها الحصى، و لا مررت بالمشعر الحرام.

ثمّ قال له: وصلت منى و رميت الجمرة و حلقت رأسك، و ذبحت هديك و صلّيت في مسجد الخيف، و رجعت إلى مكّة، و طفت طواف الإفاضة؟ قال: نعم.

قال: فنويت عند ما وصلت منى، و رميت الجمار، أنّك بلغت إلى مطلبك، و قد قضى ربّك لك كلّ حاجتك؟ قال: لا، قال: فعند ما رميت الجمار نويت أنّك رميت عدوّك إبليس و غضبته بتمام حجّك النفيس؟ قال: لا،

قال: فعند ما حلقت رأسك، نويت أنّك تطهرت من الأدناس و من تبعه بني آدم و خرجت من الذنوب كما ولدتك أمّك؟ قال: لا. قال: فعند ما صلّيت في مسجد الخيف، نويت أنّك لا تخاف إلاّ اللّه عزّ و جلّ و ذنبك، و لا ترجو إلاّ رحمة اللّه تعالى؟ قال: لا. قال: فعند ما ذبحت هديك نويت أنّك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسكت به من حقيقة الورع، و أنّك اتّبعت سنّة إبراهيم عليه السّلام بذبح ولده و ثمرة فؤاده

ص:65

و ريحان قلبه، و حاجه (و أحييت) سنّته لمن بعده، و قرّبه إلى اللّه تعالى لمن خلفه؟ قال: لا.

قال: فعند ما رجعت إلى مكّة و طفت طواف الإفاضة، نويت أنّك أفضت من رحمة اللّه تعالى و رجعت إلى طاعته، و تمسكت بودّه، و أدّيت فرائضه و تقرّبت إلى اللّه تعالى؟ قال: لا.

قال له زين العابدين عليه السّلام: فما وصلت منى، و لا رميت الجمار، و لا حلقت رأسك، و لا أدّيت (ذبحت) نسكك، و لا صلّيت في مسجد الخيف، و لا طفت طواف الإفاضة، و لا تقرّبت، ارجع فإنّك لم تحجّ.

فطفق الشبلي يبكي على ما فرّطه في حجّه، و ما زال يتعلّم حتّى حجّ من قابل بمعرفة و يقين. (1)

33-قال الصادق عليه السّلام: إذا أردت الحجّ فجرّد قلبك للّه عزّ و جلّ من قبل عزمك من كلّ شاغل و حجب كلّ حاجب، و فوّض أمورك كلّها إلى خالقك، و توكّل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك و سكونك و سلّم لقضائه و حكمه و قدره، و ودّع الدنيا و الراحة و الخلق، و أخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، و لا تعتمد على زادك و راحلتك و أصحابك و قوّتك و شبابك و مالك مخافة أن تصير لك أعداء و وبالا، ليعلم أنّه ليس له قوّة و لا حيلة و لا لأحد إلاّ بعصمة اللّه تعالى و توفيقه، و استعدّ استعداد من لا يرجو الرجوع، و أحسن الصحبة، و راع أوقات فرائض اللّه تعالى و سنن نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و ما يجب عليك من الأدب و الاحتمال و الصبر و الشكر و الشفقة و السخاء و إيثار الزاد على دوام الأوقات.

ثمّ اغتسل بماء التوبة الخالصة من الذنوب، و ألبس كسوة الصدق و الصفاء

ص:66


1- -المستدرك ج 10 ص 166 ب 17 من العود إلى منى ح 5

و الخضوع و الخشوع.

و أحرم عن كلّ شيء يمنعك عن ذكر اللّه عزّ و جلّ و يحجبك عن طاعته.

و لبّ بمعنى إجابة ضيافته خالصة زاكية للّه عزّ و جلّ في دعوتك له، متمسّكا بالعروة الوثقى.

و طف بقلبك مع الملائكة حول العرش كطوافك مع المسلمين بنفسك (ببدنك) حول البيت.

و هرول هرولة فرّا (هربا ف ن) من هواك و تبرّيا من جميع حولك و قوّتك

و اخرج من غفلتك و زلاّتك بخروجك إلى منى، و لا تمنّ (و لا تتمنّ ف ن) ما لا يحلّ لك و لا تستحقّه.

و اعترف بالخطأ بالعرفات، و جدّد عهدك عند اللّه تعالى بوحدانيّته و تقرّب إليه و اتّقه بمزدلفة و اصعد بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك إلى الجبل.

و اذبح حنجرة الهوى و الطمع عند الذبيحة.

و ارم الشهوات و الخساسة و الدناءة و الأفعال الذميمة عند رمي الجمرات.

و احلق العيوب الظاهرة و الباطنة بحلق شعرك.

و ادخل في أمان اللّه تعالى و كنفه و ستره و كلائته من متابعة مرادك بدخول الحرم.

و زر البيت متحقّقا لتعظيم صاحبه و معرفته و جلاله و سلطانه.

و استلم الحجر رضى بقسمته و خضوعا لعظمته.

و ودّع ما سواه بطواف الوداع.

و صفّ روحك و سرّك للقاء اللّه تعالى يوم تلقاه بوقوفك على الصفا.

و كن ذا مروّة من اللّه بفناء أوصافك عند المروة، و استقم على شروط حجّتك و وفاء عهدك الذي عاهدت ربّك و أوجبته له إلى يوم القيامة.

و اعلم بأنّ اللّه لم يفترض الحجّ و لم يخصّه من جميع الطاعات بالإضافة

ص:67

إلى نفسه بقوله تعالى: وَ لِلّهِ عَلَى اَلنّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ. . . و لا شرّع نبيّه صلّى اللّه عليه و آله سنّة في خلال المناسك على ترتيب ما شرّعه إلاّ للاستعداد و الإشارة إلى الموت و القبر و البعث و القيامة، و فضل بيان السبق من دخول الجنّة أهلها و دخول النار أهلها، بمشاهدة مناسك الحجّ من أوّلها إلى آخرها لأولي الألباب و أولي النهى. (1)

بيان:

«كلائته» : أي حفظه. «صفّ» : فعل أمر من التصفية.

ص:68


1- -مصباح الشريعة ص 16 ب 21

33- الحديث

الأخبار

1-عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل راوية لحديثكم يبثّ ذلك في الناس و يشدّده في قلوبهم و قلوب شيعتكم، و لعلّ عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيّهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا يشدّد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. (1)

بيان:

«الراوية» : كثير الرواية و التاء للمبالغة.

2-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تذاكروا و تلاقوا و تحدّثوا فإنّ الحديث جلاء للقلوب، إنّ القلوب لترين كما يرين السيف و جلاؤها الحديث. (2)

بيان:

«الرين» : الدنس و الوسخ.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له

ص:69


1- -الكافي ج 1 ص 25 باب صفة العلم ح 9
2- الكافي ج 1 ص 32 باب سؤال العالم ح 8

في الآخرة نصيب و من أراد به خير الآخرة أعطاه اللّه خير الدنيا و الآخرة. (1)

4-عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رواة الكتاب كثير و إنّ رعاته قليل، و كم من مستنصح للحديث مستغشّ للكتاب، فالعلماء يحزنهم ترك الرعاية، و الجهّال يحزنهم حفظ الرواية، فراع يرعى حياته و راع يرعى هلكته، فعند ذلك اختلف الراعيان و تغاير الفريقان. (2)

بيان:

«الكتاب» : لعلّ المراد به القرآن، و يحتمل أن يكون المراد به ما يشمل الحديث أيضا. «مستنصح للحديث» : أي برعاية فهم معانيه، و التدبّر فيه، و العمل بما يقتضيه. «مستغشّ» : أي من لا يتدبّر فيه و لا يعمل بمقتضاه.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه اللّه يوم القيامة عالما فقيها. (3)

بيان:

في المرآة ج 1 ص 165: هذا المضمون مشهور مستفيض بين الخاصّة و العامّة بل قيل: إنّه متواتر، و اختلف فيما أريد بالحفظ. فقيل: المراد الحفظ عن ظهر القلب فإنّه هو المتعارف المعهود في الصدر السالف. . . و قيل: المراد الحراسة عن الاندارس بما يعمّ الحفظ عن ظهر القلب و الكتابة و النقل بين الناس، و لو من كتاب و أمثال ذلك، و قيل: المراد تحمّله على أحد الوجوه المقرّرة التي سيأتي ذكرها في باب رواية الكتب، و الحقّ أنّ للحفظ مراتب يختلف الثواب بحسبها. . .

6-عن عليّ بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اعرفوا منازل

ص:70


1- -الكافي ج 1 ص 37 باب المستأكل بعلمه ح 2
2- الكافي ج 1 ص 39 باب النوادر من العلم ح 6
3- الكافي ج 1 ص 39 ح 7

الناس على قدر روايتهم عنّا. (1)

7-عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لأبي بصير: أما و اللّه لو أنّي أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثا. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: تزاوروا فإنّ في زيارتكم إحياء لقلوبكم و ذكرا لأحاديثنا، و أحاديثنا تعطّف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم و نجوتم و إن تركتموها ضللتم و هلكتم، فخذوا بها و أنا بنجاتكم زعيم. (3)

بيان:

«أنا بنجاتكم زعيم» أي كفيل و ضامن.

9-عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: و اللّه إنّ أحبّ أصحابي إليّ أورعهم و أفقههم و أكتمهم لحديثنا و إنّ أسوأهم عندي حالا و أمقتهم للّذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا و يروى عنّا فلم يقبله إشمأزّ منه و جحده و كفّر من دان به و هو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج و إلينا أسند فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا. (4)

بيان:

«اشمأزّ» : انقبض، و المشمئزّ: النافر الكاره.

10-عن محمّد الخزّاز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقّنا.

ص:71


1- -الكافي ج 1 ص 40 ح 13
2- الكافي ج 2 ص 190 باب قلّة عدد المؤمنين ح 3
3- الكافي ج 2 ص 149 باب تذاكر الإخوان ح 2
4- الكافي ج 2 ص 177 باب الكتمان ح 7

قال: و قال لمعلّى بن الخنيس: المذيع حديثنا كالجاحد له. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الذكر، العلم، الكتمان و التقيّة عن الكافي و غيره.

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة. (2)

بيان:

يأتي شرح الحديث في باب الولد إن شاء اللّه.

«المرجئة» : من الإرجاء بمعنى التأخير، لأنّهم يرون تأخير العمل عن النيّة و القصد و يقولون: لا يضرّ مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، في مقابل من يقول بكفر الإنسان مع معصية كالخوارج، و يمكن جريه على غير الشيعة مطلقا بإلقاء الخصوصيّة.

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللهمّ ارحم خلفائي، قيل: يا رسول اللّه، و من خلفائك؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي و سنّتي. (3)

13-عن عبد السلام الهروي عن الرضا عليه السّلام قال: رحم اللّه عبدا أحيى أمرنا، قلت: كيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلّم علومنا و يعلّمها الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا. . . (4)

14-عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا فضيل، إنّ

ص:72


1- -الكافي ج 2 ص 274 باب الإذاعة ح 2
2- الوسائل ج 27 ص 88 ب 8 من صفات القاضي ح 42
3- الوسائل ج 27 ص 91 ح 50
4- الوسائل ج 27 ص 92 ح 52

حديثنا يحيي القلوب. (1)

15-عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إذا حدّثتني بحديث فأسنده لي، فقال: حدّثني أبي، عن جدّي، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، عن جبرئيل، عن اللّه تبارك و تعالى، و كلّما أحدّثك بهذا الإسناد.

و قال: لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها. (2)

16-قال الصادق عليه السّلام: اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنّا، فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقيها حتّى يكون محدّثا، فقيل له:

أو يكون المؤمن محدّثا؟ قال: يكون مفهما و المفهم المحدّث. (3)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سارعوا في طلب العلم فلحديث صادق خير ممّا طلعت عليه الشمس و القمر. (4)

18-عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله: سيأتيكم أقوام من أقطار الأرض يسألونكم الحديث، فحدّثوهم و لو للّه و لو عرفتم اللّه حقّ معرفته لزالت الجبال بدعائكم. (5)

19-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ حديث آل محمّد صعب مستصعب لا يؤمن به إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان، فما ورد (عرض ف ن) عليكم من حديث آل محمّد فلانت له قلوبكم و عرفتموه فأقبلوه (فخذوه ف ن) و ما اشمأزّت منه قلوبكم و أنكرتموه فردّوه إلى اللّه و إلى الرسول و إلى العالم من آل محمّد، و إنّما الهالك أن يحدّث

ص:73


1- -الوسائل ج 27 ص 93 ح 57
2- الوسائل ج 27 ص 97 ح 67
3- الوسائل ج 27 ص 149 ب 11 ح 38
4- المستدرك ج 17 ص 300 ب 8 من صفات القاضي ح 50
5- المستدرك ج 17 ص 301 ح 54

أحدكم بشيء منه لا يحتمله فيقول: و اللّه ما كان هذا ثلثا. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، فراجع الكافي و البحار ج 2 ب 26 و. . . و في بعضها: فإنّما الشقيّ الهالك الذي يقول: و اللّه ما كان هذا. ثمّ قال: يا جابر، إنّ الإنكار هو الكفر باللّه العظيم.

بيان: «صعب مستصعب» يكون وصفا لصعوبة تحمّل الحديث، فأمرنا عليه السّلام في هذا الحديث بردّ الحديث الذي لا نفهمه إليهم عليهم السّلام، لا ردّه و إنكاره أو تأويله بآرائنا القاصرة، أو نقول مثلا: إنّه حديث ضعيف.

20-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ حديثنا صعب مستصعب، خشن مخشوش، فانبذوا إلى الناس نبذا فمن عرف فزيدوه و من أنكر فأمسكوا، لا يحتمله إلاّ ثلاث: ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان. (2)

بيان:

«خشن مخشوش» في البحار ج 2 ص 193، الخشاش: ما يدخل في عظم أنف البعير من خشب، فالبعير الذي فعل به مخشوش، و هذا الوصف أيضا لبيان صعوبته بأنّه يحتاج في انقياده إلى الخشاش، و لعلّ الأصوب: "مخشوشن"كما في بعض النسخ، فهو تأكيد و مبالغة، قال الجوهري: الخشونة، ضدّ اللين، و اخشوشن الشيء:

اشتدّت خشونته، و هو للمبالغة كقولك: أعشب الأرض و اعشوشب.

«فانبذوا نبذا» : نبذ من مطر أي شيء يسير منه، و نبذت الشيء أنبذه نبذا: إذا رميته و أبعدته (3)، و المعنى قولوا للناس قليلا من أحاديثهم عليهم السّلام فإن قبلوه

ص:74


1- -بصائر الدرجات ص 21 ج 1 ب 11 ح 1
2- بصائر الدرجات ص 21 ح 5
3- راجع النهاية ج 5 ص 6 و 7

فزيدوهم و إلاّ فأمسكوا.

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ أمرنا صعب مستصعب، لا يحمله إلاّ عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، و لا يعي حديثنا إلاّ صدور أمينة، و أحلام رزينة. (1)

بيان:

«لا يعي» وعى الحديث: قبله و تدبّره و حفظه. «أحلام» : عقول. «رزينة» : رجل رزين: وقور، و امرأة رزينة: إذا كانت ذات ثبات و وقار و سكون. و الرزانة في الأصل: الثقل. (راجع النهاية ج 2 ص 220)

22-عن مدرك بن الهزهاز قال: قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام:

يا مدرك، إنّ أمرنا ليس بقبوله فقطّ، و لكن بصيانته و كتمانه عن غير أهله، أقرأ أصحابنا السلام و رحمة اللّه و بركاته، و قل لهم: رحم اللّه امرءا اجترّ مودّة الناس إلينا، فحدّثهم بما يعرفون و ترك ما ينكرون. (2)

أقول:

روت العامّة عن النبيّ (ص) : «لا تحدّثوا أمّتي من أحاديثي إلاّ بما تحمله عقولهم» .

و قال (ص) : «أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم»

و قال (ص) : «من حدّث بحديث لا يعلم تفسيره لا هو و لا الذي حدّثه إلاّ كأنّما هو فتنة عليه و على الذي حدّثه» .

و قال (ص) : «إذا حدّثتم الناس عن ربّهم فلا تحدّثوهم بما يفزعهم و يشقّ عليهم» .

(كنز العمّال ح 29284 و ح 29282 و ح 29283 و ح 5307)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أ تحبّون أن يكذّب اللّه و رسوله؟ ! حدّثوا

ص:75


1- -نهج البلاغة ص 761 في خ 231-صبحي ص 280 في خ 189
2- البحار ج 2 ص 68 ب 13 من العلم ح 15

الناس بما يعرفون و أمسكوا عمّا ينكرون. (1)

24-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سارعوا في طلب العلم، فو الذي نفسي بيده لحديث واحد في حلال و حرام تأخذه عن صادق خير من الدنيا و ما حملت من ذهب و فضّة، و ذلك أنّ اللّه يقول: ما آتاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و أن كان عليّ عليه السّلام ليأمر بقراءة المصحف. (2)

25-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: يا جابر، و اللّه لحديث تصيبه من صادق في حلال و حرام خير لك ممّا طلعت عليه الشمس حتّى تغرب. (3)

26-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ حديثنا يحيي القلوب، و قال: منفعته في الدين أشدّ على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد. (4)

27-عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء و لا يكذب. (5)

28-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: يا بنيّ، اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم و معرفتهم، فإنّ المعرفة هي الدراية للرواية، و بالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إنّي نظرت في كتاب لعليّ عليه السّلام فوجدت في الكتاب: أنّ قيمة كلّ امرء و قدره معرفته، إنّ اللّه تبارك و تعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا. (6)

ص:76


1- -البحار ج 2 ص 77 ح 60
2- البحار ج 2 ص 146 ب 19 ح 14
3- البحار ج 2 ص 146 ح 15
4- البحار ج 2 ص 151 ح 29
5- البحار ج 2 ص 183 ب 26 ح 3
6- البحار ج 2 ص 184 ح 4

29-عن إبراهيم الكرخيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: حديث تدريه خير من ألف ترويه، و لا يكون الرجل منكم فقيها حتّى يعرف معاريض كلامنا، و إنّ الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج. (1)

بيان:

التعريض في الكلام: ما تفهم به السامع مرادك من غير تصريح، و المعراض ج معاريض: التورية بالشيء عن شيء آخر، و من الكلام: فحواه.

30-قال الرضا عليه السّلام: من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم، ثمّ قال عليه السّلام: إنّ في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، و محكما كمحكم القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها، و لا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا. (2)

31-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردّوه إلينا وقفوا عنده، و سلّموا حتّى يتبيّن لكم الحقّ، و لا تكونوا مذاييع عجلي (3)

بيان:

«المذاييع» : واحده المذياع، من أذاع الشيء إذا أفشاه.

32-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من ردّ حديثا بلغه عنّي فأنا مخاصمه يوم القيامة، فإذا بلغكم عنّي حديث لم تعرفوا فقولوا: اللّه أعلم. (4)

33-عن ابن مسعود قال: جاء رجل إلى فاطمة عليها السلام فقال: يا بنت رسول اللّه، هل ترك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عندك شيئا فطوقينيه (تطرفينيه) ؟ فقالت: يا جارية، هات تلك الجريدة (الحريرة) ، فطلبتها، فلم تجدها. فقالت: ويلك (ويحك)

ص:77


1- -البحار ج 2 ص 184 ح 5
2- البحار ج 2 ص 185 ح 9
3- البحار ج 2 ص 189 ح 20
4- البحار ج 2 ص 212 ح 114

اطلبيها، فإنّها تعدل عندي حسنا و حسينا، فطلبتها، فإذا هي قد قممتها في قمامتها، فإذا فيها: قال محمّد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يؤذي جاره، و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت، إنّ اللّه تعالى يحبّ الخيّر، الحليم، المتعفّف، و يبغض الفاحش العينين (الضنين) البذاء السئّال الملحف. إنّ الحياء من الإيمان، و الإيمان في الجنّة. و إنّ الفحش من البذاء و البذاء في النار. (1)

بيان:

«أطرف» : أتى بالطرفة أي الحديث الجديد المستحسن. «طوّقه الطوق» : ألبسه إيّاه. «الجريدة» : الصحيفة يكتب عليها «قمم» : في المقائيس ج 5 ص 4، (قم) القاف و الميم أصل واحد يدلّ على جمع الشيء. من ذلك: قمقم اللّه عصبه: أي جمعه و القمقام: البحر، لأنّه مجتمع للماء. . . و من ذلك قمّ البيت، أي كنس.

«بوائقه» : أي غوائله و شروره.

34-عن جابر الجعفي قال: حدّثني أبو جعفر عليه السّلام سبعين ألف حديثا لم أحدّث بها أحدا قطّ و لا أحدّث بها أبدا.

قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السّلام: جعلت فداك إنّك حملتني وقرا عظيما بما حدّثتني به من سرّكم الذي لا أحدّث به أحدا، و ربما جاش في صدري حتّى يأخذني منه شبيه الجنون، قال: يا جابر، فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان (أي الصحراء) فاحفر حفيرة و دل رأسك فيها ثمّ قل: حدّثني محمّد بن عليّ بكذا و كذا. (2)

ص:78


1- -سفينة البحار ج 1 ص 231- دلائل الإمامة ص 1
2- الاختصاص ص 61

34- الحرص

اشارة

قال اللّه تعالى: إِنَّ اَلْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً- إِذا مَسَّهُ اَلشَّرُّ جَزُوعاً. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القزّ، كلّما ازدادت من القزّ على نفسها لفّا كان أبعد لها من الخروج حتّى تموت غمّا.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أغنى الغنيّ (الغنى ف ن) من لم يكن للحرص أسيرا.

و قال: لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 233، «أغنى الغنى» : أي ليس الغنى و عدم الحاجة بكثرة المال، بل بترك الحرص، فإنّ الحريص كلّما ازداد ماله اشتدّ حرصه فيكون أفقر و أحوج ممّن لا مال له «لا تشعروا قلوبكم» أي لا تلزموه إيّاها و لا تجعلوه شعارها. . .

ص:79


1- -المعارج:19 و 20
2- الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا و الحرص عليها ح 7

«بما قد فات» : أي من أمور الدنيا سواء لم يحصل أو حصل و فات. . . «الحريص» في المصباح: حرص عليه حرصا من باب ضرب: إذا اجتهد و الاسم الحرص، و حرص على الدنيا؛ إذا رغب رغبة مذمومة فهو حريص و جمعه حراص.

و في جامع السعادات ج 2 ص 102: الحرص و هو معنى راتب في النفس، باعث على جمع ما لا يحتاج إليه و لا يفيده من الأموال، من دون أن ينتهي إلى حدّ يكتفي به، و هو أقوى شعب حبّ الدنيا و أشهر أنواعه. و لا ريب في كونه ملكة مهلكة و صفة مضلّة بل بادية مظلمة الأرجاء و الأطراف، و هاوية غير متناهية الأعماق و الأكناف، من وقع فيها ضلّ و باد، و من سقط فيها هلك و ما عاد.

و التجربة و الاعتبار و الأخبار و الآثار متظاهرة على أنّ الحريص لا ينتهي إلى حدّ يقف دونه، بل لا يزال يخوض في غمرات الدنيا إلى أن يغرق، و تطرحه أرض إلى أرض حتّى يهلك.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لو كان لابن آدم و اديان من ذهب، لابتغى وراءهما ثالثا، و لا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب، و يتوب اللّه على من تاب» .

. . . و أيّ خسران أشدّ من أن يسعى الإنسان في طلب به هلاكه؟ و أيّ تأمّل في أنّ كلّما يحرص عليه الإنسان من أموال الدنيا يكون مهلكا له؟ !

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما فتح اللّه على عبد بابا من أمر الدنيا إلاّ فتح اللّه عليه من الحرص مثله. (1)

بيان:

قال في المرآة: يدلّ الحديث على زيادة الحرص بزيادة المال و غيره من مطلوبات الدنيا كما هو المجرّب.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حرم الحريص خصلتين، و لزمته خصلتان: حرم

ص:80


1- -الكافي ج 2 ص 240 ح 12

القناعة فافتقد الراحة، و حرم الرضا فافتقد اليقين. (1)

4-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يهرم ابن آدم و يشبّ منه اثنان: الحرص على المال و الحرص على العمر.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يهلك-أو قال: يهرم-ابن آدم و يبقى منه اثنتان: الحرص و الأمل. (2)

5-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السّلام قال: لا يؤمن رجل فيه الشحّ و الحسد و الجبن، و لا يكون المؤمن جبانا و لا حريصا و لا شحيحا. (3)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام:

يا عليّ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام: الحسد و الحرص و الكذب. . . (4)

7-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من علامات الشقاء جمود العين و قسوة القلب و شدّة الحرص في طلب الرزق (الدنيا ف ن) ، و الإصرار على الذنب. (5)

8-قال الرضا عليه السّلام: لا يجتمع المال إلاّ بخصال خمس: ببخل شديد و أمل طويل و حرص غالب و قطيعة الرحم و إيثار الدنيا على الآخرة. (6)

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و إظهار الحرص يورث الفقر. . .

و قال عليه السّلام: . . . و ترك الحرص يزيد في الرزق. . . (7)

ص:81


1- -الخصال ج 1 ص 69 باب الاثنين ح 104
2- الخصال ج 1 ص 73 ح 112 و 113
3- الخصال ج 1 ص 82 باب الثلاثة ح 8
4- الخصال ج 1 ص 124 ح 121
5- الخصال ج 1 ص 242 باب الأربعة ح 96
6- الخصال ج 1 ص 282 باب الخمسة ح 29
7- الخصال ج 2 ص 504 باب الستّة عشر في ح 2

و قال عليه السّلام: و الحرص مفقرة. (1)

10-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو لا خمس خصال لصار الناس كلّهم صالحين: أوّلها القناعة بالجهل، و الحرص على الدنيا، و الشحّ بالفضل، و الرياء في العمل، و الإعجاب بالرأي. (2)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أغفل الناس من لم يتّعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال و أغنى الناس من لم يكن للحرص أسيرا. (3)

12-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اصول الكفر ثلاثة: الحرص و الاستكبار و الحسد. . . (4)

13-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: . . . و للمعاصي شعبا فأوّل ما عصى اللّه به الكبر. . . ثمّ الحرص ثمّ الحسد. . . (5)

14-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسين عليهما السّلام: أي بنيّ، الحرص مفتاح التعب، و مطيّة النصب، وداع إلى التقحّم في الذنوب، و الشره جامع لمساوئ العيوب. (6)

بيان:

«المطيّة» : الدابّة المركوبة. «النصب» : التعب كما في النهاية، و بالضمّ: الشرّ و البلاء كما في الصحاح.

«التقحّم في الذنوب» : المراد ارتكاب الذنوب كأنّه مأخوذ من اقتحم الفرس النهر:

ص:82


1- -الخصال ج 2 ص 504 في ح 3
2- الاثنى عشرية ص 206 ب 5 ف 4
3- مشكوة الأنوار ص 310 ب 8 ف 2
4- الوسائل ج 15 ص 339 ب 49 من جهاد النفس ح 1-و مثله في ب 55 ح 10 و 12
5- الوسائل ج 16 ص 8 ب 61 ح 2
6- المستدرك ج 12 ص 61 ب 64 من جهاد النفس ح 10

إذا دخل فيه، و في النهاية ج 4 ص 18، يقال: اقتحم الإنسان الأمر العظيم، و تقحّمه: إذا رمى نفسه فيه من غير رويّة و تثبّت. «الشره» : الحرص على الشيء و النشاط له و الرغبة فيه.

15-قال الصادق عليه السّلام: إنّ فيما نزل به الوحي من السماء: لو أنّ لابن آدم واديين يسيلان ذهبا و فضّة لابتغى لهما ثالثا. يا بن آدم، إنّما بطنك بحر من البحور و واد من الأودية، لا يملأه شيء إلاّ التراب. (1)

16-قال الباقر عليه السّلام: ربّ حريص على أمر قد شقى به حين أتاه، و ربّ كاره لأمر قد سعد به حين أتاه. (2)

17-عن ابن عبّاس قال: قال إبليس لنوح عليه السّلام: لك عندي يد، سأعلّمك خصالا، قال نوح: و ما يدي عندك؟ قال: دعوتك على قومك حتّى أهلكهم اللّه جميعا، فإيّاك و الكبر، و إيّاك و الحرص، و إيّاك و الحسد.

فإنّ الكبر هو الذي حملني على أن تركت السجود لآدم فأكفرني و جعلني شيطانا رجيما، و إيّاك و الحرص فإنّ آدم أبيح له الجنّة و نهى عن شجرة واحدة فحمله الحرص على أن أكل منها، و إيّاك و الحسد فإنّ ابن آدم حسد أخاه فقتله.

فقال نوح عليه السّلام: فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم؟ قال: عند الغضب. (3)

18-قال الصادق عليه السّلام (في حديث) : إن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا؟ (4)

19-في خبر الشاميّ، سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ ذلّ أذلّ؟ قال: الحرص

ص:83


1- -جامع السعادات ج 2 ص 103
2- جامع السعادات ج 2 ص 103
3- البحار ج 63 ص 251 باب إبليس ح 113
4- البحار ج 73 ص 160 باب الحرص ح 1

على الدنيا. (1)

20-فيما سأل أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما السّلام أنّه قال له: ما الفقر؟ قال:

الحرص و الشره. (2)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا هبط نوح عليه السّلام من السفينة أتاه إبليس فقال له: ما في الأرض رجل أعظم منّة عليّ منك، دعوت اللّه على هؤلاء الفسّاق فأرحتني منهم، أ لا أعلّمك خصلتين؟ إيّاك و الحسد، فهو الذي عمل بي ما عمل، و إيّاك و الحرص، فهو الذي عمل بآدم ما عمل. (3)

22-. . . سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن الحرص ما هو؟ قال: هو طلب القليل بإضاعة الكثير. (4)

23-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذر، لا يسبق بطيء بحظّه، و لا يدرك حريص ما لم يقدّر له، و من أعطي خيرا فإنّ اللّه أعطاه، و من وقي شرّا فإنّ اللّه وقاه. (5)

بيان:

في الحديث إشارة إلى ردّ الحريص حيث يزعم بأنّ الحرص و الاهتمام يكثر حظّه و رزقه و ماله، كيف و اللّه تعالى هو الرزّاق.

و لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الجبن، القناعة و. . .

24-قال الصادق عليه السّلام: لا تحرص على شيء لو تركته لوصل إليك و كنت عند اللّه مستريحا محمودا بتركه و مذموما باستعجالك في طلبه و ترك التوكّل عليه

ص:84


1- -البحار ج 73 ص 161 ح 4
2- البحار ج 73 ص 162 ح 15
3- البحار ج 73 ص 163 ح 17
4- البحار ج 73 ص 167 ح 31
5- البحار ج 77 ص 78

و الرضا بالقسم، فإنّ الدنيا خلقها اللّه بمنزلة الظلّ (ظلّك ف ن) إن طلبته أتعبك و لا تلحقه أبدا و إن تركته تبعك و أنت مستريح.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الحريص محروم» و هو مع حرمانه مذموم في أيّ [شيء ف] كان و كيف لا يكون محروما و قد فرّ من وثاق اللّه عزّ و جلّ و خالف قول اللّه حيث يقول: اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ. (1)

و الحريص بين سبع آفات صعبة: فكر يضرّ بدنه و لا ينفعه، و همّ لا يتمّ له أقصاه، و تعب لا يستريح منه إلاّ عند الموت و يكون عند الراحة أشدّ تعبا، و خوف لا يورثه إلاّ الوقوع فيه، و حزن قد كدر عليه عيشه بلا فائدة، و حساب لا مخلص له معه من عذاب اللّه تعالى إلاّ أن يعفو اللّه عنه، و عقاب لا مفرّ له منه و لا حيلة، و المتوكّل على اللّه يمسي و يصبح في كنف اللّه و هو منه في عافية و قد عجّل اللّه [له]كفايته و هيّئ له من الدرجات ما اللّه به عليم، و الحرص ما يجري في منافذ غضب اللّه، و ما لم يحرم العبد اليقين لا يكون حريصا، و اليقين أرض الإسلام و سماء الإيمان. (2)

25-عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال:

الحريص محروم. (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 132)

الحريص تعب-الحرص مطيّة التعب. (ص 13 و 14 ح 301 و 333)

الحرص علامة الفقر-الحريص لا يكتفي (ص 16 ح 406 و 419)

الحريص عبد المطامع (ص 24 ح 676)

الحرص علامة الأشقياء. (ح 677)

القناعة عزّ و غناء-الحرص ذلّ و عناء. (ص 25 ح 740 و 741)

ص:85


1- -الروم:40
2- مصباح الشريعة ص 22 ب 30

الحرص يفسد الإيقان (ص 26 ح 774)

الحرص يذلّ و يشقي (ص 30 ح 919)

الحرص عناء مؤبّد. (ص 33 ح 1025)

الحرص يزري بالمروّة. (ص 37 ح 1150)

الحرص موقع في كثير العيوب (في كبير الذنوب ف ن) . (ص 38 ح 1174)

الحريص أسير مهانة لا يفكّ أسره. (ص 50 ح 1412)

الحرص ينقص قدر الرجل، و لا يزيد في رزقه. (ص 59 ح 1586)

الحرص ذلّ و مهانة لمن يستشعره. (ح 1597)

الحرص رأس الفقر و أسّ الشرّ. (ص 60 ح 1610)

الحرص و الشره و البخل نتيجة الجهل. (ص 63 ح 1673)

الحريص فقير و إن ملك الدنيا بحذافيرها. (ص 69 ح 1779)

الجبن و الحرص و البخل غرائز سوء يجمعها سوء الظنّ باللّه.

(ص 74 ح 1845)

المذلّة و المهانة و الشقاء في الطمع و الحرص. (ص 96 ح 2117)

انتقم من حرصك بالقنوع، كما تنتقم من عدوّك بالقصاص.

(ص 114 ف 2 ح 115)

أشقاكم أحرصكم. (ص 174 ف 8 ح 5)

أغنى الأغنياء من لم يكن للحرص أسيرا. (ص 197 ح 377)

ربّ حريص قتله حرصه. (ص 415 ف 35 ح 37)

سلاح الحرص الشره. (ص 432 ف 39 ح 4)

شدّة الحرص من قوّة الشره و ضعف الدين. (ص 450 ف 42 ح 18)

طاعة الحرص تفسد اليقين. (ج 2 ص 469 ف 47 ح 4)

عبد الحرص مخلّد الشقاء. (ص 499 ف 55 ح 18)

ص:86

كلّ حريص فقير. (ص 544 ف 62 ح 8)

من كثر حرصه ذلّ قدره. (ص 620 ف 77 ح 211)

من ادّرع الحرص افتقر. (ص 626 ح 317)

من كثر حرصه قلّ يقينه. (ص 628 ح 351)

من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا. (ص 645 ح 601)

من حرص على الآخرة ملك. (ص 656 ح 782)

من حرص على الدنيا هلك. (ح 783)

من كثر حرصه كثر شقاؤه. (ص 667 ح 939)

ما أذلّ النفس كالحرص، و لا شان العرض كالبخل. (ص 741 ف 79 ح 98)

لا حياء لحريص. (ص 832 ف 86 ح 65)

لا يلقى الحريص مستريحا. (ص 835 ح 127)

ص:87

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735352C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A38382C2253686F77506167654E756D223A223838222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B31353931344730303253315038382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

35- اجتناب المحارم و أداء الفرائض

الآيات

1- أَ فَمَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَ اَللّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اَللّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ اَلْمَصِيرُ (1)

2- . . . وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ ذلِكَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ- وَ مَنْ يَعْصِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَ لَهُ عَذابٌ مُهِينٌ. (2)

3- وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ اَلرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ اَلَّذِينَ أَنْعَمَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلصِّدِّيقِينَ وَ اَلشُّهَداءِ وَ اَلصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. (3)

4- وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ. (4)

5- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ اَلْخَيْراتِ وَ إِقامَ اَلصَّلاةِ

ص:89


1- -آل عمران:162
2- النساء:13 و 14
3- النساء:69
4- الحجر:99

وَ إِيتاءَ اَلزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ. (1)

6- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا وَ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (2)

الأخبار

1-عن داود الرقّي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (3)قال: من علم أنّ اللّه عزّ و جلّ يراه و يسمع ما يقوله و يفعله من خير أو شرّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوى (4)(5)

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: كلّ عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل اللّه، و عين فاضت من خشية اللّه، و عين غضّت عن محارم اللّه. (6)

أقول:

قد مرّ ما بمضمونه مع شرحه في باب البكاء ف 1.

بيان: «في سبيل اللّه» : كالجهاد و السفر إلى الحجّ و الزيارات و السهر للعبادة و. . .

«فاضت» يقال: فاض الماء و الدمع: كثر حتّى سال.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: فيما ناجى اللّه عزّ و جلّ به موسى عليه السّلام: يا موسى، ما تقرّب إليّ المتقرّبون بمثل الورع عن محارمي، فإنّي ابيحهم جنّات عدن

ص:90


1- -الأنبياء:73
2- الحجّ:77
3- الرحمن:46
4- النازعات:40
5- الكافي ج 2 ص 65 باب اجتناب المحارم ح 1
6- الكافي ج 2 ص 65 ح 2

لا أشرك معهم أحدا. (1)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من أشدّ ما فرض اللّه على خلقه ذكر اللّه كثيرا ثمّ قال: لا أعني «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» و إن كان منه و لكن ذكر اللّه عند ما أحلّ و حرّم، فإن كان طاعة عمل بها و إن كان معصية تركها. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «ثلاثة لا يطيقها هذه الامّة» . و في بعضها: «سيّد الأعمال ثلاثة» . و في بعضها: «أشدّ الأعمال ثلاثة» . إلى غير ذلك.

لاحظ الوسائل و البحار و سيأتي بعضها في باب الذكر و غيره.

5-عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (3)قال: أما و اللّه إن كانت أعمالهم أشدّ بياضا من القباطي و لكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه. (4)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 71، «الهباء» : غبار يرى في شعاع الشمس الطالع من الكوّة، من الهبوة و هو الغبار. «القباطي» : جمع القبطيّة بالكسر: ثياب بيض رقاق من كتّان تتّخذ بمصر و قد يضمّ. . .

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ترك معصية للّه مخافة اللّه تبارك و تعالى أرضاه اللّه يوم القيامة. (5)

ص:91


1- -الكافي ج 2 ص 65 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 65 ح 4
3- الفرقان:23
4- الكافي ج 2 ص 66 ح 5
5- الكافي ج 2 ص 66 ح 6

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: اِصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا (1)قال: اصبروا على الفرائض، و صابروا على المصائب، و رابطوا على الأئمّة عليهم السّلام.

و في رواية ابن محبوب عن أبي السفاتج [و زاد فيه]: فاتّقوا اللّه ربّكم فيما افترض عليكم. (2)

بيان:

«رابطوا» : المراد ربط النفس على طاعتهم و انقيادهم و انتظار فرجهم. «صابروا» :

في المرآة ج 8 ص 80، لعلّ صيغة المفاعلة على هذا الوجه للمبالغة، لأنّ ما يكون بين الاثنين يكون الاهتمام فيه أشدّ، أو لأنّ فيه معارضة النفس و الشيطان و كذا قوله: رابطوا، يحتمل الوجهين.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اعمل بفرائض اللّه تكن أتقى الناس. (3)

9-عن محمّد الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال اللّه تبارك و تعالى:

ما تحبّب إليّ عبدي بأحبّ ممّا افترضت عليه. (4)

10-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزال أمّتي بخير ما تحابّوا و تهادوا و أدّوا الأمانة، و اجتنبوا الحرام، و قروا الضيف، و أقاموا الصلوة و آتوا الزكاة، فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط و السنين. (5)

ص:92


1- -آل عمران:200
2- الكافي ج 2 ص 66 باب أداء الفرائض ح 3
3- الكافي ج 2 ص 66 ح 4
4- الكافي ج 2 ص 66 ح 5
5- البحار ج 71 ص 206 باب أداء الفرائض ح 11

بيان:

في مجمع البحرين (هدا) ، «التهادي» : أن يهدي بعضهم إلى بعض، و منه الحديث:

"تهادوا تحابّوا". «قروا الضيف» أي أحسنوا إلى الضيف و أكرموه.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعبد الناس من أقام الفرائض، و أشدّ الناس اجتهادا من ترك الذنوب. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهادا من ترك الذنوب. (2)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال حبيبي جبرئيل: إنّ مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة، الإيمان أصلها و الصلاة عروقها و الزكاة ماؤها و الصوم سعفها، و حسن الخلق ورقها، و الكفّ عن المحارم ثمرها، فلا تكمل شجرة إلاّ بالثمر، كذلك الإيمان لا يكمل إلاّ بالكفّ عن المحارم. (3)

بيان:

«العروق» : واحده العرق، يقال بالفارسيّة: ريشه درخت. «سعفها» : أي أغصانها (شاخه ها) .

14-عن المفضّل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: روي عن المغيرة أنّه قال:

إذا عرف الرجل ربّه ليس عليه وراء ذلك شيء. قال: ما له! لعنه اللّه، أ ليس كلّما ازداد باللّه معرفة فهو أطوع له؟ أ فيطيع اللّه عزّ و جلّ من لا يعرفه؟ إنّ اللّه عزّ و جلّ أمر محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بأمر، و أمر محمّد صلّى اللّه عليه و آله المؤمنين بأمر، فهم عاملون به إلى أن يجيء نهيه، و الأمر و النهي عند المؤمن سواء.

ص:93


1- -البحار ج 71 ص 206 ح 13
2- البحار ج 71 ص 206 ح 14
3- البحار ج 71 ص 207 ح 15

قال: ثمّ قال: لا ينظر اللّه عزّ و جلّ إلى عبد و لا يزكّيه إذا ترك فريضة من فرائض اللّه، أو ارتكب كبيرة من الكبائر، قال: قلت: لا ينظر اللّه إليه؟ قال: نعم قد أشرك باللّه، قال: قلت: أشرك؟ قال: نعم، إنّ اللّه جلّ و عزّ أمره بأمر، و أمره إبليس بأمر، فترك ما أمر اللّه عزّ و جلّ به، و صار إلى ما أمر إبليس، فهذا مع إبليس في الدرك السابع من النار. (1)

15-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من شيء أحبّ إلى اللّه تعالى من الإيمان به و العمل الصالح و ترك ما أمر به أن يتركه. (2)

16-عن عليّ عليه السّلام: . . . و ثلاث من عمل الأبرار: إقامة الفرائض و اجتناب المحارم و احتراس من الغفلة في الدين. . . (3)

17-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، ثلاث لا تطيقها هذه الأمّة: المواساة للأخ في ماله، و إنصاف الناس من نفسه، و ذكر اللّه على كلّ حال، و ليس هو «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» و لكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف اللّه عزّ و جلّ عنده و تركه. (4)

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من قال: «لا إله إلاّ اللّه» مخلصا دخل الجنّة، و إخلاصه أن يحجزه «لا إله إلاّ اللّه» عمّا حرّم اللّه. (5)

19-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من أطاع اللّه فقد ذكر

ص:94


1- -البحار ج 71 ص 207 ح 16
2- البحار ج 71 ص 208 ح 19
3- البحار ج 78 ص 81 باب جوامع كلم عليّ عليه السّلام ح 74
4- الوسائل ج 15 ص 254 ب 23 من جهاد النفس ح 7
5- الوسائل ج 15 ص 256 ح 12

اللّه و إن قلّت صلاته و صيامه و تلاوته للقرآن، و من عصى اللّه فقد نسي اللّه و إن كثرت صلاته و صيامه و تلاوته للقرآن. (1)

20-عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: من عمل بما افترض اللّه عليه فهو من خير الناس، و من اجتنب ما حرّم اللّه عليه فهو من أعبد الناس، و من قنع بما قسم اللّه له فهو من أغنى الناس. (2)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه افترض عليكم فرائض فلا تضيّعوها، و حدّ لكم حدودا فلا تعتدوها، و نهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، و سكت لكم عن أشياء و لم يدعها نسيانا فلا تتكلّفوها. (3)

22-و قال عليه السّلام: و لا زهد كالزهد في الحرام. . . و لا عبادة كأداء الفرائض. (4)

23-و قال عليه السّلام: شتّان ما بين عملين: عمل تذهب لذّته و تبقى تبعته، و عمل تذهب مؤونته و يبقى أجره. (5)

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الشكر للنعم اجتناب المحارم. (6)

25-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

اجتناب السيّئات أولى من اكتساب الحسنات.

(الغرر ج 1 ص 57 ف 1 ح 1559)

الكريم من تجنّب المحارم و تنزّه عن العيوب. (ص 60 ح 1601)

ص:95


1- -الوسائل ج 15 ص 256 ح 13
2- الوسائل ج 15 ص 258 ح 17
3- نهج البلاغة ص 1135 ح 102
4- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
5- نهج البلاغة ص 1143 ح 117
6- المستدرك ج 11 ص 278 ب 23 من جهاد النفس ح 10

المؤمن على الطاعات حريص، و عن المحارم (عفو) (1)عفّ.

(ص 87 ح 2017)

الانقباض عن المحارم من شيم العقلاء و سجيّة الأكارم. (ص 88 ح 2023)

إيّاك و انتهاك المحارم فإنّها شيمة الفسّاق و أولي الفجور و الغواية.

(ص 149 ف 5 ح 29)

أحسن الآداب ما كفّك عن المحارم. (ص 206 ف 8 ح 472)

إنّك إن اجتنبت السيّئات نلت رفيع الدرجات. (ص 287 ف 13 ح 18)

إذا قلّت الطاعات كثرت السيّئات. (ص 312 ف 17 ح 56)

ظرف المؤمن من نزاهته عن المحارم، و مباكرته (مبادرته ف ن) إلى المكارم.

(ج 2 ص 476 ف 48 ح 36)

غضّ الطرف عن محارم اللّه أفضل العبادة. (ص 509 ف 57 ح 47)

لو لم يتوعّد اللّه سبحانه على معصيته لوجب أن لا يعصى شكرا لنعمته-لو لم يرغّب اللّه سبحانه في طاعته لوجب أن يطاع رجاء رحمته-لو لم ينه اللّه سبحانه عن محارمه لوجب أن يجتنبها العاقل. (ص 605 ف 75 ح 26 إلى 28)

لا تقوى كالكفّ عن المحارم. (ص 837 ف 86 ح 175)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب الورع، التقوى، الذنب و. . .

ص:96


1- -عفا عفوا عن الشيء: أمسك عنه.

36- المال الحرام و الغصب

الأخبار

1-عن سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس بوليّ لي من أكل مال مؤمن حراما. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كسب الحرام يبين في الذرّيّة. (2)

بيان:

في المرآة ج 19 ص 89، «يبين» : أي أثره من الفقر و سوء الحال.

3-عن داود الصرمي قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: يا داود، إنّ الحرام لا ينمي و إن نمى لم يبارك له فيه، و ما أنفقه لم يؤجر عليه، و ما خلفه كان زاده إلى النار. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الحجّ.

4-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال

ص:97


1- -الوسائل ج 17 ص 81 ب 1 من ما يكتسب به ح 2
2- الوسائل ج 17 ص 81 ح 3
3- الوسائل ج 17 ص 82 ح 5

أمير المؤمنين عليه السّلام: أعظم الخطايا اقتطاع مال امرء مسلم بغير حقّ. (1)

بيان:

يقال: اقتطع مال فلان أي أخذه لنفسه.

5-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أكل من مال أخيه ظلما و لم يردّه إليه، أكل جذوة من النار يوم القيامة. (2)

بيان:

«الجذوة» : الجمرة الملتهبة (پارۀ از آتش) .

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اقتطع مال مؤمن غصبا بغير حقّه لم يزل اللّه معرضا عنه ماقتا لأعماله التي يعملها من البرّ و الخير لا يثبتها في حسناته حتّى يتوب و يردّ المال الذي أخذه إلى صاحبه. (3)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتّى يفرغ من أكله.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد، لعنه كلّ ملك في السماوات و الأرض، و ما دامت اللقمة في جوفه لا ينظر اللّه إليه، و من أكل اللقمة من الحرام فقد باء بغضب من اللّه، فإن تاب تاب اللّه عليه، و إن مات فالنار أولى به. (4)

بيان:

«باء بغضب من اللّه» : أي رجع و انصرف بذلك. (مجمع البحرين)

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل لقمة حرام لم تقبل له صلاة أربعين ليلة،

ص:98


1- -الوسائل ج 16 ص 50 ب 77 من جهاد النفس ح 14
2- الوسائل ج 16 ص 53 ب 78 ح 4
3- الوسائل ج 16 ص 53 ح 6
4- البحار ج 66 ص 314 باب مدح الطعام الحلال ح 6

و لم تستجب له دعوة أربعين صباحا، و كلّ لحم ينبته الحرام فالنار أولى به، و إنّ اللقمة الواحدة تنبت اللحم. (1)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاث من كنّ فيه زوّجه اللّه من الحور العين كيف شاء: كظم الغيظ، و الصبر على السيوف للّه عزّ و جلّ، و رجل أشرف على مال حرام فتركه للّه عزّ و جلّ. (2)

10-عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كسب مالا من غير حلّ سلّط اللّه عليه البناء و الماء و الطين. (3)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من اكتسب مالا من غير حلّه كان زاده (رادّه م) إلى النار. (4)

12-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ: من لم يبال من أيّ باب اكتسب الدينار و الدرهم، لم أبال يوم القيامة من أيّ أبواب النار أدخلته. (5)

13-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لردّ دانق من حرام يعدل عند اللّه سبعين ألف حجّة مبرورة. (6)

بيان:

«دانق» : معرّب دانگ، السدس من الدرهم.

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أكل الحلال أربعين يوما نوّر اللّه قلبه. (7)

ص:99


1- -البحار ج 66 ص 314 ح 7
2- البحار ج 75 ص 171 باب الخيانة ح 5
3- البحار ج 103 ص 4 باب الحثّ على طلب الحلال ح 12
4- البحار ج 103 ص 10 ح 45
5- البحار ج 103 ص 11 ح 46
6- البحار ج 103 ص 12 ح 51
7- البحار ج 103 ص 16 ح 71

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إنّ للّه ملكا ينادي على بيت المقدس كلّ ليلة: من أكل حراما مّا، لم يقبل اللّه منه صرفا و لا عدلا. و الصرف النافلة و العدل الفريضة. (1)

16-و عنه صلّى اللّه عليه و آله: العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل،

و قيل: على الماء. (2)

17-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من اكتسب مالا حراما، لم يقبل اللّه منه صدقة و لا عتقا و لا حجّا و لا اعتمارا، و كتب اللّه عزّ و جلّ له بعدد أجر ذلك أوزارا، و ما بقي (منه ع) بعد موته كان زاده إلى النار، و من قدر عليها فتركها مخافة اللّه عزّ و جلّ دخل في محبّته و رحمته و يؤمر به إلى الجنّة. (3)

18-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال اللّه عزّ و جلّ من أين أدخله النار. (4)

19-في حديث المناهي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و من خان جاره شبرا من الأرض جعلها اللّه طوقا في عنقه من تخوم الأرضين السابعة حتّى يلقى اللّه يوم القيامة مطوّقا إلاّ أن يتوب و يرجع. (5)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: درهم يردّه العبد إلى الخصماء خير له من عبادة ألف سنة، و خير له من عتق ألف رقبة، و خير له من ألف حجّة و عمرة. (6)

ص:100


1- -البحار ج 103 ص 16 ح 72
2- البحار ج 103 ص 16 ح 73
3- البحار ج 103 ص 17 ح 76- عقاب الأعمال ص 334 في باب يجمع عقوبات الأعمال
4- البحار ج 77 ص 88
5- البحار ج 76 ص 332-و بمضمونه في ص 361(الوسائل ج 25 ص 386 ب 1 من الغصب ح 2)
6- البحار ج 104 ص 295 باب عقاب من أكل أموال الناس ح 11

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحجر الغصب في الدار رهن على خرابها. (1)

قال رحمه اللّه: و يروى هذا الكلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. . .

22-في الحديث القدسيّ: فمنك الدعاء و عليّ الإجابة فلا تحتجب عنّي دعوة إلاّ دعوة آكل الحرام. (2)

أقول:

سيأتي بهذا المعنى في باب الدعاء إن شاء اللّه.

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الجنّة محرّمة على جسد غذّي بالحرام. (3)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس من شيعتي من أكل مال امرء حراما. (4)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يشمّ ريح الجنّة جسد نبت على الحرام. (5)

26-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من كسب مالا من غير حلّه أفقره اللّه تعالى. (6)

27-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ قوما يجيئون يوم القيامة و لهم من الحسنات أمثال الجبال فيجعلها اللّه هباء منثورا، ثمّ يؤمر بهم إلى النار، فقال سلمان: صفهم لنا يا رسول اللّه، فقال: أما إنّهم قد كانوا يصومون و يصلّون، و يأخذون اهبة من الليل و لكنّهم كانوا إذا عرض لهم بشيء من الحرام وثبوا عليه. (7)

ص:101


1- -نهج البلاغة ص 1193 ح 232
2- عدّة الداعي ص 128
3- ارشاد القلوب ص 89 ب 16
4- ارشاد القلوب ص 89
5- ارشاد القلوب ص 89
6- المستدرك ج 13 ص 63 ب 1 من ما يكتسب به ح 1
7- المستدرك ج 13 ص 63 ح 3

بيان:

في أقرب الموارد ج 1 ص 23، أهبّ للأمر و تأهبّ: تهيّأ و استعدّ. . . الأهبة بالضمّ:

العدّة، يقال: أخذ للسفر اهبته أي عدّته.

28-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من اكتسب مالا من غير حلّه أضرّ بآخرته.

و قال عليه السّلام: من اكتسب مالا من غير حلّه، يصرفه في غير حقّه. (1)

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : و لا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه. (2)

30-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربعة يزيد عذابهم على عذاب أهل النار: رجل مات و في عنقه أموال فيكون في تابوت من جمر. . . (3)

31-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، من أكل الحرام سود قلبه و خلف دينه و ضعفت نفسه و حجب اللّه دعوته و قلّت عبادته.

يا عليّ، من أكل الشبهات أشتبه عليه دينه و أظلم قلبه.

يا عليّ، من أكل الحلال صفى دينه و قلبه و دمعت عيناه من خشية اللّه و لم يكن لدعوته حجاب. (4)

ص:102


1- -المستدرك ج 13 ص 68 ب 4 ح 8 و 9
2- المستدرك ج 17 ص 88 ب 1 من الغصب ح 3-و ما بمعناه ح 5 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
3- المستدرك ج 17 ص 89 ح 9
4- لئالي الأخبار ج 1 ص 3

37- الحزم و الحذر و التدبّر في الأمور و ترك العجلة

الآيات

1- وَ يَدْعُ اَلْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَ كانَ اَلْإِنْسانُ عَجُولاً. (1)

2- خُلِقَ اَلْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ. (2)

3- فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ. . . (3)

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السلام قال: قيل لرسول اللّه: ما الحزم؟ قال:

مشاورة ذوي الرأي و اتّباعهم. (4)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 379، الحزم: ضبط الرجل أمره و الحذر من فواته، من قولهم؛

ص:103


1- -الإسراء:11
2- الأنبياء:37
3- الأحقاف:35
4- الوسائل ج 12 ص 39 ب 21 من العشرة ح 1

حزمت الشيء: أي شددته. . . و في المصباح، حزم فلان رأيه: أتقنه.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: فيما أوصى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليّا عليه السّلام قال:

لا مظاهرة أوثق من المشاورة، و لا عقل كالتدبير. (1)

بيان:

«المظاهرة» : المعاونة، يقال: ظاهره أي عاونه.

3-عن أمير المؤمنين عليه السّلام-في وصيّته لمحمّد بن الحنفيّة-قال: من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ، و من تورّط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرّض لمفظعات النوائب، و التدبير قبل العمل يؤمّنك من الندم، و العاقل من وعظه التجارب، و في التجارب علم مستأنف، و في تقلّب الأحوال علم جواهر الرجال. (2)

أقول:

نظيره في المستدرك، و فيه: «أنّه قال لابنه الحسين عليهما السّلام» .

بيان: «مفظعات» فظع الأمر: اشتدّت شناعته و جاوز المقدار في ذلك، و أفظع الأمر: اشتدّت شناعته، و أفظعه: أوقعه في أمر فظيع شديد، فهو المفظع.

«النائبة» : جمع نوائب: النازلة من المهمّات و الحوادث.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس لحاقن رأي، و لا لملول صديق، و لا لحسود غنى، و ليس بحازم من لا ينظر في العواقب، و النظر في العواقب تلقيح للقلوب. (3)

بيان:

«و لا لملول» : في المصدر"و لا لملوك". في الأقرب ج 1 ص 216، «الحاقن» : المجتمع بوله كثيرا و منه المثل «لا رأي لحاقن» . . .

ص:104


1- -الوسائل ج 12 ص 39 ح 2
2- الوسائل ج 15 ص 281 ب 33 من جهاد النفس ح 2
3- الوسائل ج 15 ص 282 ح 6

أقول: في أمالي الصدوق م 64 ح 12 و معاني الأخبار ص 225 باب معنى الحاقن: في حديث الصادق عليه السّلام: الحاقن الذي به البول.

5-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أتى رجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: علّمني يا رسول اللّه، قال: عليك باليأس ممّا في أيدي الناس فإنّه الغنى الحاضر، قال: زدني يا رسول اللّه، قال: إيّاك و الطمع فإنّه الفقر الحاضر، قال:

زدني يا رسول اللّه، قال: إذا هممت بأمر فتدبّر عاقبته، فإن يك خيرا و رشدا فاتّبعه، و إن يك غيّا فاجتنبه (فدعه ف م) . (1)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثمرة التفريط الندامة، و ثمرة الحزم السلامة. (2)

7-و قال عليه السّلام: الظفر بالحزم، و الحزم بإجالة الرأي، و الرأي بتحصين الأسرار. (3)

8-و قال عليه السّلام: من الخرق المعاجلة قبل الإمكان، و الأناة بعد الفرصة. (4)

بيان:

«الخرق» : الحمق و ضدّ الرفق. «الأناة» : التأنّي، يقال: أنّى في الأمر: ترفّق و تمهّل فيه و لم يعجّل، و الاسم الأناة.

9-و قال عليه السّلام: الحلم و الأناة توأمان ينتجهما علوّ الهمّة. (5)

10-عن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عليهم السّلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) : التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم. (6)

ص:105


1- -الوسائل ج 15 ص 282 ح 7
2- نهج البلاغة ص 1171 ح 172
3- نهج البلاغة ص 1110 ح 45
4- نهج البلاغة ص 1255 ح 355
5- نهج البلاغة ص 1297 ح 452
6- البحار ج 71 ص 338 باب التدبير و الحزم ح 1( العيون ج 2 ص 54 ب 31 في ح 204)

11-عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: مع التثبّت تكون السلامة، و مع العجلة تكون الندامة، و من ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه. (1)

12-فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السّلام عند وفاته: أنهاك عن التسرّع بالقول و الفعل. (2)

13-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعلّموا من الغراب خصالا ثلاثا: استتاره بالسفاد، و بكوره في طلب الرزق و حذره. (3)

بيان:

«السفاد» يقال: سفد الذكر انثاه سفادا جامعها. و في مجمع البحرين، «الحذر» : هو امتناع القادر من الشيء لما فيه من الضرر. . . و رجل حاذر و حذر: أي محترز متيقّظ.

14-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: ما الحزم؟ قال: أن تنتظر فرصتك و تعاجل ما أمكنك. (4)

15-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّما أهلك الناس العجلة، و لو أنّ الناس تثبّتوا لم يهلك أحد. (5)

16-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الأناة من اللّه، و العجلة من الشيطان. (6)

ص:106


1- -البحار ج 71 ص 338 ح 3
2- البحار ج 71 ص 339 ح 5
3- البحار ج 71 ص 339 ح 6
4- البحار ج 71 ص 339 ح 9
5- البحار ج 71 ص 340 ح 11
6- البحار ج 71 ص 340 ح 12

17-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . يا أيّها الناس، إنّ أكيسكم أكثركم ذكرا للموت، و إنّ أحزمكم أحسنكم استعدادا له. . . (1)

18-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: من أستطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه أبدا، قيل: و ما هنّ؟ قال: العجلة و اللجاجة و العجب و التواني. (2)

بيان:

يقال: هو خليق به أي جدير به و أهل له «التواني» يقال: توانى في حاجته: فتر و قصّر و لم يهتمّ بها.

19-في مواعظ المجتبى عليه السّلام (في خبر طويل) : و الاحتراس من الناس بسوء الظنّ هو الحزم. (3)

20-في مواعظ الحسن العسكري عليه السّلام: إنّ للسخاء مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف، و للحزم مقدارا فإن زاد عليه فهو جبن، و للاقتصاد مقدارا فإن زاد عليه فهو بخل، و للشجاعة مقدارا فإن زاد عليه فهو تهوّر. . . (4)

21-فيما أوصى آدم ابنه شيث: . . . الثالثة: إذا عزمتم على أمر فانظروا إلى عواقبه فإنّي لو نظرت في عاقبة أمري لم يصبني ما أصابني. (5)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحزم بضاعة. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 15)

الظفر بالحزم-الحزم بالتجارب. (ص 6 ح 61 و 62)

ص:107


1- -البحار ج 77 ص 178
2- البحار ج 78 ص 43
3- البحار ج 78 ص 115
4- البحار ج 78 ص 377
5- البحار ج 78 ص 452

العجلة ندامة-الحازم يقظان. (ص 8 ح 130 و 138)

التأنّي حزم. (ص 11 ح 244)

العجل خطر. (ص 12 ح 271)

التأنّي يوجب الاستظهار. (ص 18 ح 488)

الحزم أسدّ الآراء. (ص 19 ح 526)

العجلة تمنع الإصابة. (ص 32 ح 970)

الحزم حفظ التجربة. (ص 33 ح 1004)

الحزم بإجالة الرأي. (ص 36 ح 1119)

الحزم شدّة الاستظهار. (ص 37 ح 1145)

الرأي كثير و الحزم قليل. (ص 42 ح 1258)

العجول مخطئ و إن ملك. (ص 43 ح 1274)

المتأنّي مصيب و إن هلك. (ح 1275)

الحزم و الفضيلة في الصبر. (ص 44 ح 1296)

الحازم من كفّ أذاه. (ص 45 ح 1310)

التأنّي في الفعل يؤمن الخطل (1). (ص 47 ح 1357)

العجل قبل الإمكان يوجب الغصّة. (ص 48 ح 1381)

الحازم من اطّرح المؤن و الكلف. (ص 51 ح 1433)

التثبّت في القول يؤمن العثار و الزلل. (ص 49 ح 1404)

الحازم من ترك الدنيا للآخرة. (ص 55 ح 1524)

الحزم حفظ ما كلّفت و ترك ما كفيت. (ص 56 ح 1526)

ص:108


1- -خطل في منطقه و رأيه خطلا من باب تعب: أخطأ، الخطل أيضا: الخفّة، و السرعة، و الحمق، و المنطق المضطرب، و الاضطراب في الإنسان.

الحازم من تجنّب التبذير و عاف السرف. (ص 57 ح 1543)

الحازم من دارى زمانه. (ص 61 ح 1626)

الفكر في العواقب يؤمن مكروه النوائب. (ص 60 ح 1609)

الحازم من لا يشغله النعمة عن العمل للعافية. (ص 78 ح 1900)

الحزم النظر في العواقب و مشاورة ذوي العقول. (ص 81 ح 1937)

الحازم من جاد بما في يده و لم يؤخّر عمل يومه إلى غده. (ح 1943)

الحازم من لم يشغله غرور دنياه عن العمل لأخراه. (ص 86 ح 2005)

الحازم من تخيّر لخلّته فإن المرء يوزن بخليله. (ص 89 ح 2048)

الحازم من حنّكته التجارب و هذّبته النوائب. (ص 90 ح 2050)

الحازم من شكر النعمة مقبلة و صبر عنها و سلاها مولّية مدبرة.

(ص 98 ح 2136)

الحازم من يؤخّر العقوبة في سلطان الغضب و يعجلّ مكافاة الإحسان اغتناما لفرصة الإمكان. (ص 104 ح 2203)

العجلة مذمومة في كلّ أمر إلاّ فيما يدفع الشرّ. (ص 84 ح 1971)

التثبّت خير من العجلة إلاّ في فرص الخير. (ح 1970)

أفضل العقل الاعتبار و أفضل الحزم الاستظهار و أكبر الحمق الاغترار.

(ص 203 ف 8 ح 447)

أحزم الناس من استهان بأمر دنياه. (ص 189 ح 266)

أحزم الناس من توهّم العجز لفرط استظهاره. (ص 203 ح 448)

أحزم الناس من كان الصبر و النظر في العواقب شعاره و دثاره.

(ص 204 ح 449)

أعقل الناس أنظرهم في العواقب. (ص 213 ح 542)

إنّ الحازم من شغل نفسه بجهاد نفسه، فأصلحها و حبسها عن أهويتها و لذّاتها

ص:109

فملكها، و إنّ للعاقل بنفسه عن الدنيا و ما فيها و أهلها شغلا. (ص 237 ف 9 ح 192)

إنّ الحازم من قيّد نفسه بالمحاسبة و ملكها بالمبالغة و قتلها بالمجاهدة.

(ص 238 ح 198)

إنّما الحزم طاعة اللّه و معصية النفس. (ص 296 ف 15 ح 2)

إنّما الحازم من كان بنفسه كلّ شغله و لدينه كلّ همّه و لآخرته كلّ جدّه.

(ص 301 ح 38)

روّ قبل العمل تنج من الزلل. (ص 421 ف 36 ح 18)

روّ (1)قبل الفعل كيلا تعاب بما تفعل. (ص 424 ح 59)

من خالف الحزم هلك. (ج 2 ص 623 ف 77 ح 265)

من أخذ بالحزم استظهر-من أضاع الحزم تهوّر. (ح 268 و 269)

من قلّ حزمه ضعف عزمه. (ص 627 ح 336)

من نظر في العواقب أمن من النوائب. (ص 630 ح 384)

من ركب العجل أدرك الزلل. (ص 631 ح 394)

من عجل ندم على العجل. (ح 395)

لا حزم مع غرّة (غرور) . (ص 833 ف 86 ح 94)

لا حزم لمن لا يسع سرّه صدره. (ص 841 ح 239)

لا خير في عزم بغير حزم. (ح 245)

لا يستغني الحازم أبدا عن رأي سديد راجح. (ص 855 ح 441)

لا يكون حازما من لا يجود بما في يده، و لا يدّخر عمل يومه إلى غده.

(ص 852 ح 414)

ص:110


1- -روّأ في الأمر: نظر فيه و تفكّر في ظروفه و عواقبه.

38- الحزن في اللّه

الأخبار

1-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفيّ (في خبر طويل) : و استجلب نور القلب بدوام الحزن. (1)

أقول:

اعلم أنّ الحزن على نوعين: أحدهما مذموم سيأتي بيانه، و ثانيهما محمود و هو الذي يكون من الهجران و البعد عن اللّه و. . . و إنّه مقام من مقامات الموقنين، و لا يسكن إلاّ في قلب سليم و لا يحصل إلاّ بدوام الفكر.

و في ارشاد القلوب ص 151 ب 31: و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان دائم الفكر متواصل الحزن و إنّ الحزن من أوصاف الصالحين، و إنّ اللّه تعالى يحبّ كلّ قلب حزين، و إذا أحبّ اللّه قلبا نصب فيه نائحة من الحزن، و لا يسكن الحزن إلاّ قلبا سليما و قلب ليس فيه الحزن خراب و لو أنّ محزونا كان في أمّة لرحم اللّه تلك الامّة.

فقال مصنّف هذا الكتاب: ليس العجب من أن يكون الإنسان حزينا بل العجب أن يخلو من الحزن ساعة واحدة، و كيف لا يكون كذلك و هو يصبح و يمسي على جناح سفر بعيد أوّل منازله الموت و مورده القبر و مصدره القيامة و موقفه

ص:111


1- -تحف العقول ص 207

بين يدي اللّه تعالى، أعضائه شهوده، و جوارحه جنوده، و ضمائره عيونه و خلواته عيانه يمسي و يصبح بين نعمة يخاف زوالها و منيّة يخاف حلولها و بليّة لا يأمن نزولها، مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل صريع بطنته و عبد شهوته. . .

2-عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: يا بن آدم، لا تزال بخير ما دام لك واعظ من نفسك، و ما كانت المحاسبة من همّك، و ما كان الخوف لك شعارا، و الحزن دثارا. يا بن آدم، إنّك ميّت و مبعوث و موقوف بين يدي اللّه و مسؤول فأعد جوابا. (1)

بيان:

«الشعار» : هو ما يلي شعر الجسد من اللباس. «و الدثار» : هو لباس فوق الشعار، و المراد هنا كناية عن ملازمة العبد للخوف و الحزن.

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه، إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللّه على نفسه، فاستشعر الحزن، و تجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه. . . (2)

بيان:

«تجلبب الخوف» الجلباب: هو ما يكون فوق جميع الثياب.

أقول: و يأتي في خطبة المتّقين عنه عليه السلام: «قلوبهم محزونة و شرورهم مأمونة» .

(نهج البلاغة ص 612 في خ 184)

4-عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و معي رجل من أصحابنا، فقلت له: جعلت فداك، يا بن رسول اللّه، إنّي لأغتمّ و أحزن من غير

ص:112


1- -مشكوة الأنوار ص 70 ب 2 ف 3(أمالي الطوسي ج 1 ص 114)
2- نهج البلاغة ص 210 خ 86

أن أعرف لذلك سببا؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ ذلك الحزن و الفرح يصل إليكم منّا لأنّا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم لأنّا و إيّاكم من نور اللّه عزّ و جلّ فجعلنا و طينتنا و طينتكم واحدة. . . (1)

5-قال الصادق عليه السّلام: الحزن من شعار العارفين لكثرة واردات الغيب على سرائرهم و طول مباهاتهم تحت ستر الكبرياء، و المحزون ظاهره قبض و باطنه بسط، يعيش مع الخلق عيش المرضى، و مع اللّه عيش القربى، و المحزون غير المتفكّر، لأنّ المتفكّر متكلّف و المحزون مطبوع، و الحزن يبدو من الباطن و التفكّر يبدو من رؤية المحدثات و بينهما فرق، قال اللّه تعالى في قصّة يعقوب عليه السّلام:

إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اَللّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اَللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (2)فبسبب ما تحت الحزن علم خصّ به من اللّه دون العالمين.

قيل لربيع بن خثيم: ما لك محزون؟ قال: لأنّي مطلوب، و يمين الحزن الإنكسار و شماله الصمت، و الحزن يختصّ به العارفون للّه و التفكّر يشترك فيه الخاصّ و العامّ، و لو حجب الحزن عن قلوب العارفين ساعة لاستغاثوا و لو وضع في قلوب غيرهم لاستنكروه، فالحزن أوّل، ثانيه الأمن و البشارة، و التفكّر ثان أوّله تصحيح الإيمان باللّه و الإفتقار إلى اللّه عزّ و جلّ بطلب النجاة، و الحزين متفكّر و المتفكّر معتبر و لكلّ واحد منهما حال و علم و طريق و حلم و شرف. (3)

6-عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أوحى اللّه إلى عيسى بن مريم عليه السّلام: يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع، و من قلبك الخشوع، و اكحل عينك بميل الحزن، إذا ضحك البطّالون، و قم على قبور الأموات فنادهم بالصوت الرفيع

ص:113


1- -العلل ج 1 ص 93 ب 84 ح 2
2- يوسف:86
3- مصباح الشريعة ص 62 ب 92

لعلّك تأخذ موعظتك منهم، و قل: إنّي لاحق بهم في اللآحقين. (1)

7-عن رفاعة عن جعفر عليه السّلام قال: قرأت في كتاب عليّ عليه السّلام: إنّ المؤمن يمسي و يصبح حزينا و لا يصلح له إلاّ ذلك. (2)

8-عن جابر قال: دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقال: يا جابر، و اللّه إنّي لمحزون و إنّي لمشغول القلب. قلت: جعلت فداك، و ما شغلك و ما حزن قلبك؟ فقال: يا جابر، إنّه من دخل قلبه صافي خالص دين اللّه، شغل قلبه عمّا سواه. . . (3)

9-قال الصادق عليه السّلام: إن كان الشيطان عدوّا فالغفلة لماذا؟ و إن كان الموت حقّا فالفرح لماذا؟ (4)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . إنّ اللّه يحبّ كلّ قلب حزين.

و سئل أين اللّه؟ فقال: عند المنكسرة قلوبهم.

. . . و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أكتحل أحد بمثل مكحول الحزن. (5)

11-قال في جوابه (يعقوب) ليوسف عليهما السّلام: فإنّ أشدّ الناس حزنا و خوفا أذكرهم للمعاد، و إنّما أسرع الشيب إليّ قبل أوان المشيب لذكر يوم القيامة، و أبكاني و بيّض عيني الحزن على حبيبي يوسف. (6)

12-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر، و ما أصبح فيها مؤمن إلاّ حزينا، فكيف لا يحزن المؤمن و قد أوعده اللّه

ص:114


1- -البحار ج 72 ص 71 باب الحزن ح 2
2- البحار ج 72 ص 71 ح 3
3- البحار ج 73 ص 36 باب حبّ الدنيا ح 17
4- البحار ج 73 ص 157 باب الغفلة ح 1
5- البحار ج 73 ص 157 في ح 3
6- البحار ج 12 ص 258 في قصص يعقوب في ح 23

جلّ ثناؤه أنّه وارد جهنّم و لم يعده أنّه صادر عنها، و ليلقينّ أمراضا و مصيبات، و أمورا تغيظه، و ليظلمنّ فلا ينتصر، يبتغي ثوابا من اللّه تعالى، فما يزال فيها حزينا حتّى يفارقها، فإذا فارقها أفضى إلى الراحة و الكرامة.

يا أبا ذرّ، ما عبد اللّه عزّ و جلّ على مثل طول الحزن. . .

يا أبا ذرّ، من استطاع أن يبكي فليبك، و من لم يستطع فليشعر قلبه الحزن و ليتباك، إنّ القلب القاسي بعيد من اللّه و لكن لا تشعرون. . . (1)

بيان:

«أنّه وارد جهنّم. . .» : أشار إلى قوله تعالى: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا- ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا. . . (2).

13-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحزن شعار المؤمنين. (الغرر ج 1 ص 30 ف 1 ح 904)

العارف وجهه مستبشر متبسّم، و قلبه و جل محزون. (ص 86 ح 2008)

حزن القلوب يمحّص الذنوب. (ص 386 ف 28 ح 74)

سرور المؤمن بطاعة ربّه، و حزنه على ذنبه. (ص 435 ف 39 ح 45)

كم من حزين وفد به حزنه على سرور الأبد. . . (ج 2 ص 552 ف 63 ح 44)

من طال حزنه على نفسه في الدنيا أقرّه اللّه عينه يوم القيامة و أحلّه دار المقامة. (ص 705 ف 77 ح 1365)

ينبغي لمن عرف نفسه أن لا يفارقه الحزن و الحذر.

(ص 860 ف 87 ح 16)

ص:115


1- -البحار ج 77 ص 80
2- مريم:71 و 72

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734302C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3131362C2253686F77506167654E756D223A22313136222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503131362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

39- الحزن و الخوف و الهمّ و الغمّ

الآيات

1- . . . فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

2- . . . مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (2)

3- بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (3)

4- وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ اَلْخَوْفِ وَ اَلْجُوعِ. . . (4)

5- اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ . . . وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (5)

6- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ آتَوُا اَلزَّكاةَ لَهُمْ

ص:117


1- -البقرة:38
2- البقرة:62 و بمدلولها في المائدة:69
3- البقرة:112
4- البقرة:155
5- البقرة:262 و مثلها:274

أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

7- وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ اَلْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (2)

8- . . . فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا ما أَصابَكُمْ وَ اَللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. (3)

9- وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً . . . أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (4)

10- إِنَّما ذلِكُمُ اَلشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (5)

11- وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ اَلْأَمْنِ أَوِ اَلْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ. . . (6)

12- . . . فَمَنْ آمَنَ وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (7)

13- . . . فَمَنِ اِتَّقى وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (8)

14- إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اَللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اِثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي اَلْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اَللّهَ مَعَنا. . . (9)

ص:118


1- -البقرة:277
2- آل عمران:139
3- آل عمران:153
4- آل عمران:169 و 170
5- آل عمران:175
6- النساء:83
7- الأنعام:48
8- الأعراف:35
9- التوبة:40

15- أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اَللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ. (1)

16- . . . فَأَذاقَهَا اَللّهُ لِباسَ اَلْجُوعِ وَ اَلْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ. (2)

17- . . . فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ- فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ اَلْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ. (3)

18- وَعَدَ اَللّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ . . . وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً. . . (4)

19- . . . يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ اَلْمُرْسَلُونَ. (5)

20- إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا. . . (6)

21- فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا اَلْبَيْتِ- اَلَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ. (7)

الأخبار

1-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا كثرت ذنوب العبد و لم يكن له من العمل ما يكفّرها ابتلاه اللّه بالحزن ليكفّرها. (8)

ص:119


1- -يونس:62
2- النحل:112
3- الأنبياء:87 و 88
4- النور:55
5- النمل:10
6- فصّلت:30
7- قريش:3 و 4
8- مشكوة الأنوار ص 281 ب 7 ف 3-و نحوه في الكافي ج 2 ص 322 باب تعجيل عقوبة

بيان:

«الحزن» : هو الهمّ ضدّ الفرح و السرور. في مجمع البحرين، الحزن: أشدّ الهمّ، و في المفردات، و الحزن: خشونة في الأرض و خشونة في النفس لما يحصل فيه من الغمّ و يضادّه الفرح و لا عتبار الخشونة بالغمّ قيل: خشنت بصدره إذا حزنته يقال: حزن يحزن و حزنته و أحزنته.

2-قال الصادق عليه السّلام: من كثرت ذنوبه و لم يجد ما يكفّرها به ابتلاه اللّه عزّ و جلّ بالحزن في الدنيا ليكفّرها به فإن فعل ذلك به و إلاّ عذّبه في قبره، فيلقى اللّه عزّ و جلّ يوم يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه. 1

أقول:

قد مرّ في باب الإيمان ف 4، قال الصادق عليه السّلام: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلاّ عرض له أمر يحزنه، يذكّر به.

3-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاثة تنقص النفس: الفقر و الخوف و الحزن، و ثلاثة تحييها: كلام العلماء و لقاء الأصدقاء و مرّ الأيّام بقلّة البلاء. 2

بيان:

في المفردات، «الخوف» : توقّع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، كما أنّ الرجاء و الطمع توقّع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة، و يضادّ الخوف: الأمن و يستعمل ذلك في الأمور الدنيويّة و الأخرويّة. . .

و في مجمع البحرين، قال في تفسير القاضي: الخوف على المتوقّع و الحزن على الواقع . . . و الخوف من الشيء: الحذر منه. . . و الفرق بين الخوف و الحزن: أنّ الخوف من المتوقّع و الحزن على الواقع.

ص:120

و في جامع السعادات ج 1 ص 209: الخوف هو تألّم القلب و احتراقه بسبب توقّع مكروه في الاستقبال مشكوك الوقوع، فلو علم أو ظنّ حصوله سمّي توقّعه انتظار مكروه، و كان تألّمه أشدّ من الخوف، و كلامنا في كليهما.

و فرقه عن الجبن على ما قرّرناه من حدّهما ظاهر، فإنّ الجبن هو سكون النفس عمّا يستحسن شرعا و عقلا من الحركة إلى الانتقام أو شيء آخر، و هذا السكون قد يتحقّق من غير حدوث التألّم الذي هو الخوف، مثلا من لا يجتريء على الدخول في السفينة أو النوم في البيت وحده. . . فمثله جبان و ليس بخائف، و من كان له ملكة الحركة إلى الانتقام و غيره من الأفعال التي يجوّزها الشرع و العقل ربما حصل له التألّم المذكور من توقّع حدوث بعض المكاره، كما إذا أمر السلطان بقتله، فمثله خائف و ليس بجبان.

ثمّ الخوف على نوعين: أحدهما، مذموم بجميع أقسامه، و هو الذي لم يكن من اللّه و لا من صفاته المقتضية للهيبة و الرعب، و لا من معاصي العبد و جناياته، بل يكون لغير ذلك من الأمور التي يأتي تفصيلها، و هذا النوع من رذائل قوّة الغضب من طرف التفريط، و من نتائج الجبن. و ثانيها، محمود و هو الذي يكون من اللّه و من عظمته و من خطأ العبد و جنايته. . .

أقول: سيأتي الخوف الممدوح في باب الخوف و الرجاء إن شاء اللّه، و لا يخفى أنّ الخوف قد يأتي بمعنى عدم الأمنيّة، كما هو المراد من آية 55 من سورة النور.

4-عن أبي عبد الرحمن قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي ربما حزنت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد، و ربّما فرحت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد. فقال عليه السّلام: إنّه ليس من أحد إلاّ و معه ملك و شيطان، فإذا كان فرحه كان من دنوّ الملك منه، فإذا كان حزنه كان من دنوّ الشيطان منه، و ذلك قول اللّه تبارك و تعالى: اَلشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ اَلْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اَللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ

ص:121

وَ فَضْلاً وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. (1) (2)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الرغبة فيما عند اللّه تورث الروح و الراحة، و الرغبة في الدنيا تورث الهمّ و الحزن. (3)

6-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و الهمّ نصف الهرم. (4)

بيان:

في الصحاح و المصباح، الهمّ: الحزن.

و في المفردات، «الهمّ» : الحزن الذي يذيب الإنسان، و في المقاييس، (همم) : أصل صحيح يدلّ على ذوب و جريان و دبيب و ما أشبه ذلك. . . و أمّا الهمّ الذي هو الحزن فعندنا من هذا القياس لأنّه كأنّه لشدّته يهمّ أي يذيب.

و في مجمع البحرين (همم) ، و في دعاء آخر: «أعوذ بك من الهمّ و الغمّ و الحزن» قيل:

الفرق بين الثلاثة هو أنّ الهمّ قبل نزول الأمر و يطرد النوم، و الغمّ بعد نزول الأمر و يجلب النوم، و الحزن الأسف على ما فات، و خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغمّ.

7-في أخبار داود عليه السّلام: يا داود، ما لأوليائي و الهمّ بالدنيا؟ إنّ الهمّ يذهب حلاوة مناجاتي من قلوبهم، إنّ محبّي من أوليائي إن يكونوا روحانيّين لا يغتمّون. (5)

8-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: ما أصاب المؤمن من نصب و لا وصب

ص:122


1- -البقرة:268
2- العلل ج 1 ص 93 ب 84 ح 1
3- ارشاد القلوب ص 19 ب 2
4- نهج البلاغة ص 1153 في ح 135
5- جامع السعادات ج 3 ص 214( حزن)

و لا حزن حتّى الهمّ يهمّه إلاّ كفّر اللّه به عنه من سيّئاته. (1)

بيان:

«النصب» : التعب. «الوصب» : المرض و الوجع الدائم.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تزال الغموم و الهموم بالمؤمن حتّى لا تدع له ذنبا. (2)

10-عن الحارث بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ العبد المؤمن ليهتمّ في الدنيا حتّى يخرج منها و لا ذنب له. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة، راجع الكافي ج 2 ص 323 باب تعجيل عقوبة الذنب.

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ من الذنوب ذنوبا لا يكفّرها صلاة و لا صدقة.

قيل: يا رسول اللّه، فما يكفّرها؟ قال: الهموم في طلب المعيشة.

و روي أنّ داود عليه السّلام قال: إلهي، أمرتني أن أطهّر وجهي و بدني و رجلي بالماء، فبماذا أطهّر لك قلبي؟ قال: بالهموم و الغموم. . . (4)

12-في مواعظ الصادق عليه السّلام قال (في حديث) : و إن كان كلّ شيء بقضاء و قدر فالحزن لماذا؟ (5)

13-و قال عليه السّلام لسفيان الثوري: . . . يا سفيان، إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره، فأكثر من قول: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» فإنّها مفتاح الفرج، و كنز

ص:123


1- -البحار ج 77 ص 144
2- البحار ج 67 ص 242 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 74
3- البحار ج 67 ص 242 ح 75
4- البحار ج 73 ص 157 باب الغفلة ح 3
5- البحار ج 78 ص 190

من كنوز الجنّة. (1)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اغتمّ أمير المؤمنين عليه السّلام يوما فقال: من أين أتيت؟ فما أعلم أنّي جلست على عتبة باب، و لا شققت بين غنم، و لا لبست سراويلي من قيام و لا مسحت يدي و وجهي بذيلي. (2)

أقول:

قال رحمه اللّه ذيل الحديث: قد روي في بعض الكتب عن الأئمّة عليهم السّلام أنّهم قالوا: إنّ أحد عشر شيئا تورث الغمّ: المشي بين الأغنام، و لبس السراويل قائما، و قصّ شعر اللحية بالأسنان، و المشي على قشر البيض، و اللعب بالخصية، و الاستنجاء باليمين، و القعود على عتبة الباب، و الأكل بالشمال، و مسح الوجه بالأذيال، و المشي فيما بين القبور، و الضحك بين المقابر.

و اعلم أنّه ورد و اشتهر أيضا أنّ المشي بين المرأتين و كذا الاجتياز بينهما و خياطة الثوب على البدن، و التعمّم قاعدا، و البول في الماء راكدا، و البول في الحمّام، و النوم على الوجه منبطحا تورث الغمّ و الهمّ، و لعلّ في بعض هذه المذكورات نوع كلام.

ثمّ إنّ المشهور بين الناس أنّ الجلوس على عتبة الباب تورث وقوع التهمة عليه، كما سبق و قد مرّ أيضا في الرواية أنّه يورث الفقر فلا تغفل انتهى.

بيان: «الغمّ» ج غموم: الحزن و الكرب.

15-عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: أما تحزن؟ أما تهتمّ؟ أما تألم؟ قلت: بلى و اللّه، قال: فإذا كان ذلك منك فاذكر الموت و وحدتك في قبرك، و سيلان عينيك على خدّيك و تقطّع أوصالك، و أكل الدود من لحمك، و بلاك، و انقطاعك عن الدنيا، فإنّ ذلك يحثّك على العمل، و يردعك عن كثير

ص:124


1- -البحار ج 78 ص 201
2- البحار ج 76 ص 321 باب ما يورث الهمّ و الغمّ ح 1

من الحرص على الدنيا. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الأوصال» : المفاصل، و منه: «تقطّعت أوصاله» .

16-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: شكا نبيّ من الأنبياء إلى اللّه الغمّ، فأمره بأكل العنب. (2)

أقول:

في ح 7، أوحى اللّه إلى نوح أن: كل العنب الأسود ليذهب غمّك.

17-كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد اغتمّ فأمره جبرئيل عليه السّلام أن يغسل رأسه بالسدر.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من وجد همّا فلا يدري ما هو فليغسل رأسه.

و قال عليه السّلام: إذا توالت الهموم فعليك بلا حول و لا قوّة إلاّ باللّه. (3)

18-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من حزنه أمر فليقل: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» . (4)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر، راجع البحار ج 93 ص 274 أيضا.

19-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي عليه السّلام إذا أحزنه أمر جمع النساء و الصبيان ثمّ دعا و أمّنوا. (5)

20-عن مسمع قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا مسمع، ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غمّ من غموم الدنيا أن يتوضّأ ثمّ يدخل مسجده و يركع ركعتين

ص:125


1- -البحار ج 76 ص 322 ح 5( أمالي الصدوق ص 345 م 55 ح 2)
2- البحار ج 76 ص 323 ح 6
3- البحار ج 76 ص 323 ح 8
4- البحار ج 93 ص 187 باب الكلمات الأربع ح 10
5- البحار ج 46 ص 297 باب مكارم أخلاق الباقر عليه السّلام ح 28

فيدعو اللّه فيها؟ أما سمعت اللّه يقول: وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ. (1)(2)

21-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الهمّ ينحل البدن. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 421)

الغمّ مرض النفس. (ص 17 ح 428)

الحزن يهدم الجسد. (ص 23 ح 661)

الرضا ينفي الحزن. (ص 18 ح 464)

الأحزان سقم القلوب. (ص 26 ح 754)

الخائف لا عيش له. (ص 34 ح 1054)

الهمّ يذيب الجسد. (ص 35 ح 1081)

نعم طارد الهمّ الرضا بالقضاء. (ج 2 ص 772 ف 81 ح 30)

نعم طارد الهمّ الاتّكال على القدر. (ح 40)

لا تشعر قلبك الهمّ على ما فات فيشغلك عن الاستعداد بما هو آت.

(ص 829 ف 85 ح 282)

من قصّر في العمل ابتلاه اللّه سبحانه بالهمّ، و لا حاجة للّه سبحانه فيمن ليس له في نفسه و ماله نصيب. (ص 705 ف 77 ح 1364)

ص:126


1- -البقرة:45
2- تفسير العياشي ج 1 ص 43 ح 39( البحار ج 69 ص 342 باب جوامع المكارم)

40- الحساب

الآيات

1- . . . وَ اَللّهُ سَرِيعُ اَلْحِسابِ. (1)

2- . . . وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اَللّهُ. . . (2)

3- . . . وَ كَفى بِاللّهِ حَسِيباً (3)

4- ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اَللّهِ مَوْلاهُمُ اَلْحَقِّ أَلا لَهُ اَلْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ اَلْحاسِبِينَ. (4)

5- . . . وَ اَلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ . . . أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ اَلْحِسابِ. . . (5)

6- وَ اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ. (6)

ص:127


1- -البقرة:202( آل عمران:19 و 199- الرعد:41- إبراهيم:51- النور:39- غافر: 17)
2- البقرة:284
3- النساء:6- الأحزاب:39
4- الأنعام:62
5- الرعد:18
6- الرعد:21

7- اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ. (1)

8- وَ نَضَعُ اَلْمَوازِينَ اَلْقِسْطَ لِيَوْمِ اَلْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ. (2)

9- وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ. (3)

10- فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ. (4)

11- وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً. (5)

12- فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ- فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً. (6)

13- إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ- ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ. (7)

14- ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ. (8)

الأخبار

1-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما يداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا. (9)

ص:128


1- -الأنبياء:1
2- الأنبياء:47
3- الصافّات:24
4- الرحمن:39
5- الطلاق:8
6- الانشقاق:7 و 8
7- الغاشية:25 و 26
8- التكاثر:8
9- الكافي ج 1 ص 9 ك العقل ح 7

بيان:

«يداقّ» المداقّة: مفاعلة من الدقّة، و"المداقّة في الحساب": المناقشة فيه، أي يستقصيهم في المحاسبة بما كلّفهم به على قدر عقولهم. (مجمع البحرين)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: عظنا و أوجز. فقال:

الدنيا حلالها حساب و حرامها عقاب، و أنّى لكم بالروح و لمّا تأسّوا بسنّة نبيّكم، تطلبون ما يطغيكم و لا ترضون ما يكفيكم. (1)

أقول:

«حلالها حساب و حرامها عقاب» : بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها العامّة و الخاصّة.

3-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ قال: عن ولاية عليّ عليه السّلام. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الحبّ ف 2: «أوّل ما يسأل عنه العبد حبّنا أهل البيت» و «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: . . . و عن حبّنا أهل البيت» .

4-دخل رجل على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقال أبو عبد اللّه: ما لفلان يشكوك؟ قال: طالبته بحقّي، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و ترى أنّك إذا استقصيت عليه لم تسيء به، أ ترى الذي حكى اللّه عزّ و جلّ في قوله: وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ أي يجور اللّه عليهم؟ و اللّه ما خافوا ذلك، و لكنّهم خافوا الاستقصاء، فسمّاه اللّه سوء الحساب. (3)

ص:129


1- -الكافي ج 2 ص 332 باب محاسبة العمل ح 23
2- العيون ج 2 ص 59 ب 31 ح 222
3- تفسير القميّ ج 1 ص 363( الرعد:21)

بيان:

«الاستقصاء» يقال: استقصى المسألة و فيها: بلغ الغاية في البحث عنها، و المراد هنا المداقّة في الحساب.

5-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: قول اللّه: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ قال: قال: تسأل هذه الأمّة عمّا أنعم اللّه عليهم برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ بأهل بيته المعصومين عليهم السّلام. (1)

أقول:

فسّر النعيم في أخبار كثيرة بالولاية.

6-عن إسحاق بن عمّار عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنّة، فقير في الدنيا و غنيّ في الدنيا، فيقول الفقير: يا ربّ، على ما أوقف؟ فو عزّتك إنّك لتعلم أنّك لم تولّني ولاية فأعدل فيها أو أجور، و لم ترزقني مالا فأؤدّي منه حقّا أو أمنع، و لا كان رزقي يأتيني منها إلاّ كفافا على ما علمت و قدّرت لي. فيقول اللّه جلّ جلاله: صدق عبدي، خلّوا عنه يدخل الجنّة.

و يبقى الآخر حتّى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها، ثمّ يدخل الجنّة، فيقول له الفقير: ما حبسك؟ فيقول: طول الحساب، ما زال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي، ثمّ اسأل عن شيء آخر حتّى تغمّدني اللّه عزّ و جلّ منه برحمته و ألحقني بالتائبين، فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا، فيقول: لقد غيّرك النعيم بعدي. (2)

7-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه عزّ و جلّ

ص:130


1- -تفسير القميّ ج 2 ص 440( التكاثر)
2- أمالي الصدوق ص 360 م 57 ح 11

يحاسب كلّ خلق إلاّ من أشرك باللّه عزّ و جلّ فإنّه لا يحاسب و يؤمر به إلى النار. (1)

8-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ نعيم مسؤول عنه يوم القيامة إلاّ ما كان في سبيل اللّه تعالى. (2)

9-عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة و كلنا اللّه بحساب شيعتنا، فما كان للّه سألنا اللّه أن يهبه لنا فهو لهم، و ما كان لنا فهو لهم، ثمّ قرأ أبو عبد اللّه عليه السّلام: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار أخر.

10-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب العبد المؤمن عليهنّ: طعام يأكله و ثوب يلبسه و زوجة صالحه تعاونه و يحصن بها فرجه. (4)

بيان:

قال رحمه اللّه: تذنيب، اعلم أنّ الحساب حقّ، نطقت به الآيات المتكاثرة و الأحاديث المتواترة فيجب الاعتقاد به، و أمّا ما يحاسب العبد به و يسأل عنه فقد اختلف فيه الأخبار، فمنها: ما يدلّ على عدم السؤال عمّا تصرّف فيه من الحلال، و في بعضها:

«لحلالها حساب و لحرامها عقاب» و يمكن الجمع بينهما بحمل الاولى على المؤمنين، و الاخرى على غيرهم، أو الاولى على الأمور الضروريّة كالمأكل و الملبس و المسكن و المنكح، و الاخرى على ما زاد على الضرورة كجمع الأموال زائدا

ص:131


1- -البحار ج 7 ص 260 باب محاسبة العباد ح 7
2- البحار ج 7 ص 261 ح 10
3- البحار ج 7 ص 264 ح 19
4- البحار ج 7 ص 265 ح 23

على ما يحتاج إليه، أو صرفها فيما لا يدعوه إليه ضرورة و لا يستحسن شرعا، و يؤيّده بعض الأخبار كما عرفت. (البحار ج 7 ص 275)

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ قال:

يحسب عليهم السيّئات، و يحسب لهم الحسنات و هو الاستقصاء. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ قال:

الاستقصاء و المداقّة، و قال: يحسب عليهم السيّئات، و لا يحسب لهم الحسنات. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه: «لا يحسب لهم الحسنات» : لعدم إتيانهم بها على وجهها و لإخلالهم بشرائطها كحسنات المخالفين، فإنّ من شرائط صحّة الأعمال ولاية أهل البيت عليهم السّلام فلذا لا يقبل منهم أعمالهم، و لعلّ ما في الخبر السابق من محاسبة الحسنات لبعض فسّاق الشيعة.

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: إِنَّ اَلسَّمْعَ وَ اَلْبَصَرَ وَ اَلْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (3)قال: يسأل السمع عمّا يسمع، و البصر عمّا يطرف، و الفؤاد عمّا عقد عليه. (4)

14-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تزول قدم عبد حتّى يسأل عن حبّنا أهل البيت، قيل: يا رسول اللّه، ما علامة حبّكم؟ قال: فضرب بيده على منكب عليّ عليه السّلام. (5)

15-عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: أوّل ما يحاسب به

ص:132


1- -البحار ج 7 ص 266 ح 26
2- البحار ج 7 ص 266 ح 27
3- الإسراء:36
4- البحار ج 7 ص 267 ح 30
5- البحار ج 7 ص 267 ح 31

العبد الصلاة فإن قبلت قبل ما سواها. (1)

16-عن معاوية قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ صلة الرحم تهوّن الحساب يوم القيامة، ثمّ قرأ: يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ. (2)

17-عن خالد بن نجيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة دفع إلى الإنسان كتابه، ثمّ قيل له: اقرء.

قلت: فيعرف ما فيه؟ فقال: إنّ اللّه يذكّره فما من لحظة و لا كلمة و لا نقل قدم و لا شيء فعله إلاّ ذكره كأنّه فعله تلك الساعة، فلذلك قالوا: يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا اَلْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها. (3)(4)

18-عن علي (بن أبي حمزة) قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه و حاسبه فيما بينه و بينه، فيقول: عبدي، فعلت كذا و كذا و عملت كذا و كذا؟ فيقول: نعم يا ربّ، قد فعلت ذلك، فيقول: قد غفرتها لك و أبدلتها حسنات، فيقول الناس: سبحان اللّه أما كان لهذا العبد سيّئة واحدة؟ ! و هو قول اللّه عزّ و جلّ: فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً قلت: أيّ أهل؟ قال: أهله في الدنيا هم أهله في الجنّة إن كانوا مؤمنين.

قال: و إذا أراد بعبد شرّا حاسبه على رؤوس الناس و بكته و أعطاه كتابه بشماله و هو قول اللّه عزّ و جلّ: وَ أَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا

ص:133


1- -البحار ج 7 ص 267 ح 33
2- البحار ج 7 ص 273 ح 43
3- الكهف:49
4- البحار ج 7 ص 315 باب تطاير الكتب ح 10

ثُبُوراً. . . . . . (1)

بيان:

«بكته» : أي غلبه بالحجّة.

19-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام لنوف: يا نوف، صل رحمك يزيد اللّه في عمرك، و حسّن خلقك يخفّف اللّه حسابك. (2)

20-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لرجل و هو يوصيه: . . . و اقنع بما اوتيته يخفّ عليك الحساب. . . (3)

أقول:

في البحار ج 77 ص 54، في وصيّته لعليّ عليهما السّلام: يا عليّ، ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدنيا إلاّ قوتا.

و ص 196، في كتاب الصادق عليه السّلام للنجاشي: فإن استطعت أن لا تنال من الدنيا شيئا تسأل عنه غدا فافعل.

و يأتي في باب الموت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «. . . و يكره (ابن آدم) قلّة المال، و قلّة المال أقلّ للحساب» .

و في باب الفقر ما يدلّ على المقام.

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و ذلك يوم يجمع اللّه فيه الأوّلين و الآخرين لنقاش الحساب، و جزاء الأعمال، خضوعا قياما، قد ألجمهم العرق، و رجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، و لنفسه متّسعا. (4)

ص:134


1- -البحار ج 7 ص 324 ح 17
2- البحار ج 71 ص 383 باب حسن الخلق ح 20
3- البحار ج 77 ص 189 في ح 37
4- نهج البلاغة ص 300 خ 101

بيان:

«نقاش الحساب» : المناقشة أي الاستقصاء في الحساب حتّى لا يترك منه شيء، و منه نقش الشوك من الرجل و هو استخراجه منها. «ألجمهم العرق» : أي سال منهم حتّى بلغ موضع اللجام من الدابّة أي الفم. «رجفت بهم» : أي حرّكتهم.

22-و من عهد له عليه السّلام إلى محمّد بن أبي بكر: . . . و لا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم، فإنّ اللّه تعالى يساءلكم-معشر عباده-عن الصغيرة من أعمالكم و الكبيرة، و الظاهرة و المستورة، فإن يعذّب فأنتم أظلم، و إن يعف فهو أكرم. . . (1)

23-و سئل عليه السّلام: كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم؟ فقال: كما يرزقهم على كثرتهم. فقيل: كيف يحاسبهم و لا يرونه؟ فقال: كما يرزقهم و لا يرونه. (2)

أقول:

في مجمع البيان ج 4 ص 313، «و روي؛ أنّه سبحانه يحاسب جميع عباده على مقدار حلب شاة» و هذا يدلّ على أنّه لا يشغله محاسبة أحد عن محاسبة غيره، و يدلّ على أنّه سبحانه يتكلّم بلا لسان و لهوات ليصحّ أن يحاسب الجميع في وقت واحد.

و في ج 1 ص 298، و ورد في الخبر: أنّه تعالى يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر، و روي بقدر حلب شاة.

24-قال الصادق عليه السّلام: لو لم يكن للحساب مهولة إلاّ حياء العرض على اللّه تعالى، و فضيحة هتك الستر على المخفيّات، لحقّ للمرء أن لا يهبط من رؤوس الجبال و لا يأوى إلى عمران و لا يأكل و لا يشرب و لا ينام إلاّ عن اضطرار متّصل بالتلف، و مثل ذلك يفعل من يرى القيامة بأهوالها و شدائدها

ص:135


1- -نهج البلاغة ص 886 ر 27
2- نهج البلاغة ص 1230 ح 292

قائمة في كلّ نفس، و يعاين بالقلب الوقوف بين يدي الجبّار، حينئذ يأخذ نفسه بالمحاسبة، كأنّه إلى عرصاتها مدعوّ و في غمراتها مسئول، قال اللّه تعالى: وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ.

و قال بعض الأئمّة عليهم السّلام: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و زنوا أعمالكم بميزان الحياء قبل أن توزنوا» .

و قال أبو ذرّ رحمه اللّه: «ذكر الجنّة موت، و ذكر النار موت، فوا عجبا لنفس تحيي بين موتين» . و روي عن يحيى بن زكريا عليه السّلام: كان يفكّر في طول الليل في أمر الجنّة و النار فيسهر ليلته و لا يأخذه النوم ثمّ يقول عند الصباح: اللهمّ أين المفرّ و أين المستقرّ اللهمّ إلاّ إليك. (1)

أقول:

سيأتي في الأخبار أنّ الصابرين و الفقراء و. . . يدخلون الجنّة بغير حساب، و جماعة يدخلون النار بغير حساب، كما قد مرّ بعضها. لاحظ أبواب الجنّة، جهنّم، الفقر و. . .

ص:136


1- -مصباح الشريعة ص 58 ب 84

41- محاسبة النفس

الأخبار

1-عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال: ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسنا استزاد اللّه، و إن عمل سيّئا استغفر اللّه منه و تاب إليه. (1)

بيان:

في المرآة ج 11 ص 358: اعلم أنّ أفضل الأعوان على طاعة اللّه و الاجتناب عن معاصيه و التزوّد ليوم المعاد محاسبة النفس، أي يتفكّر عند انتهاء كلّ يوم و ليلة بل كلّ ساعة فيما عمل فيه من خير أو شرّ. . .

و في جامع السعادات ج 3 ص 89، المحاسبة: أن يعيّن في كلّ يوم و ليلة وقتا يحاسب فيه نفسه بموازنة طاعاته و معاصيه، ليعاتب نفسه و يقهرها، لو وجدها في هذا اليوم و الليلة مقصّرة في طاعة واجبة، أو مرتكبة لمعصية، و يشكر اللّه سبحانه لو أتت بجميع الواجبات و لم يصدر منها معصية، و يزيد الشكر لو صدر منها شيء من الخيرات و الطاعات المندوبة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه، فلييأس من الناس كلّهم و لا يكون له رجاء إلاّ من عند اللّه عزّ ذكره، فإذا علم

ص:137


1- -الكافي ج 2 ص 328 باب محاسبة العمل ح 2

اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلاّ أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإنّ للقيامة خمسين موقفا كلّ موقف مقداره ألف سنة، ثمّ تلا:

فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ. (1) (2)

أقول:

في أمالي الطوسيّ رحمه اللّه: تلا هذه الآية: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. (3)

3-عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يكون العبد مؤمنا حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك شريكه، و السيّد عبده. . . (4)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عباد اللّه زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا، و حاسبوها من قبل أن تحاسبوا، و تنفّسوا قبل ضيق الخناق، و انقادوا قبل عنف السياق، و اعلموا أنّه من لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ و زاجر لم يكن له من غيرها زاجر و لا واعظ. (5)

5-و قال عليه السّلام: من حاسب نفسه ربح، و من غفل عنها خسر، و من خاف أمن، و من اعتبر أبصر، و من أبصر فهم، و من فهم علم. (6)

6-في وصيّة النبّي صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، حاسب نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون لحسابك غدا، وزن نفسك قبل أن توزن، و تجهّز للعرض

ص:138


1- -السجدة:5
2- الكافي ج 8 ص 143 ح 108( أمالي الطوسي ج 1 ص 34- البحار ج 7 ص 126)
3- المعارج:4
4- الوسائل ج 16 ص 99 ب 96 من جهاد النفس ح 10
5- نهج البلاغة ص 225 في خ 89
6- نهج البلاغة ص 1180 ح 199

الأكبر يوم تعرض لا تخفى منك على اللّه خافية. . . (1)

يا أبا ذرّ، لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه و من أين مشربه و من أين ملبسه، أمن حلّ أم من حرام. (2)

. . . و على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ثلاث ساعات:

ساعة يناجي فيها ربّه، و ساعة يفكّر فيها في صنع اللّه تعالى، و ساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدّم و أخّر، و ساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال من المطعم و المشرب. (3)

7-فيما أوصى به أمير المؤمنين ابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، و ساعة يحاسب فيها نفسه، و ساعة يخلو فيها بين نفسه و لذّتها فيما يحلّ و يحمد، و ليس للمؤمن بدّ من أن يكون شاخصا في ثلاث:

مرمّة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذّة في غير محرّم. (4)

بيان:

في المصباح: شخص يشخص شخوصا: خرج من موضع إلى غيره. «مرمّة لمعاش» أي إصلاحا لمعاش.

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أنبّئكم بأكيس الكيّسين و أحمق الحمقاء؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أكيس الكيّسين من حاسب نفسه، و عمل لما بعد الموت، و أحمق الحمقاء من اتّبع نفسه هواه، و تمنّى على اللّه الأمانيّ.

ص:139


1- -مكارم الأخلاق ص 465 ب 12 ف 5( البحار ج 77 ص 85)
2- مكارم الأخلاق ص 468( البحار ج 77 ص 88) .
3- مكارم الأخلاق ص 472
4- البحار ج 70 ص 65 باب مراتب النفس ح 6-و نظيره في نهج البلاغة ص 1271 ح 382

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، و كيف يحاسب الرجل نفسه؟ قال: إذا أصبح ثمّ أمسى رجع إلى نفسه و قال: يا نفس، إنّ هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا و اللّه سائلك عنه فيما أفنيته، فما الذي عملت فيه؟ أذكرت اللّه أم حمدتيه؟ أقضيت حقّ أخ مؤمن؟ أ نفّست عنه كربته؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله و ولده؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلّفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أ أعنت مسلما؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه.

فإن ذكر أنّه جرى منه خير حمد اللّه و كبّره على توفيقه، و إن ذكر معصية أو تقصيرا استغفر اللّه عزّ و جلّ و عزم على ترك معاودته و محا ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمّد و آله الطيّبين و عرض بيعة أمير المؤمنين على نفسه و قبولها، و إعادة لعن شانئيه و أعدائه و دافعيه عن حقوقه، فإذا فعل ذلك قال اللّه عزّ و جلّ: لست اناقشك في شيء من الذنوب مع موالاتك أوليائي و معاداتك أعدائي. (1)

9-. . . و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أويت إلى فراشك، فانظر ما سلكت في بطنك، و ما كسبت في يومك، و اذكر أنّك ميّت و أنّ لك معادا. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و مهّدوا لها قبل أن تعذّبوا، و تزوّدوا للرحيل قبل أن تزعجوا، فإنّها موقف عدل، و اقتضاء حقّ، و سؤال عن واجب، و قد أبلغ في الإعذار من تقدّم بالإنذار. (3)

11-في مواعظ عليّ عليه السّلام: و على العاقل أن يحصى على نفسه مساويها في الدين و الرأي و الأخلاق و الأدب، فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب، و يعمل

ص:140


1- -البحار ج 70 ص 69 ح 16-و نظيره في الوسائل ج 16 ص 98 ب 96 من جهاد النفس ح 8 عن الحسن العسكريّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
2- البحار ج 71 ص 267 باب الاستعداد للموت ح 17
3- البحار ج 77 ص 183 في ح 22 اعلام الورى

في إزالتها. (1)

12-في وصيّة الصادق عليه السّلام لابن جندب: . . . يا بن جندب، حقّ على كلّ مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كلّ يوم و ليلة على نفسه، فيكون محاسب نفسه، فإن رأى حسنة استزاد منها، و إن رأى سيّئة استغفر منها لئلاّ يخزي يوم القيامة. . . (2)

13-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام (في العقل) : يا هشام، ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسنا استزاد منه، و إن عمل سيّئا استغفر اللّه منه و تاب إليه. (3)

14-عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: . . . و على الباب السابع (أي من النار) مكتوب ثلاث كلمات: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و وبّخوا نفوسكم قبل أن توبّخوا، و ادعوا اللّه عزّ و جلّ قبل أن تردوا عليه و لا تقدروا على ذلك. (4)

أقول:

مرّ الحديث بطوله في باب الجنّة.

و مرّ في باب الحزن في اللّه: «يا بن آدم، لا تزال بخير ما دام لك واعظ من نفسك، و ما كانت المحاسبة من همّك. . .» .

15-قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ثمرة المحاسبة إصلاح النفس. (الغرر ج 1 ص 362 ف 23 ح 68)

جاهد نفسك و حاسبها محاسبة الشريك شريكه، و طالبها بحقوق اللّه مطالبة الخصم خصمه، فإنّ أسعد الناس من انتدب لمحاسبة نفسه. (ص 371 ف 26 ح 46)

ص:141


1- -البحار ج 78 ص 6 في ح 58
2- البحار ج 78 ص 279( تحف العقول ص 221)
3- البحار ج 78 ص 311( تحف العقول ص 292)
4- المستدرك ج 12 ص 153 ب 95 من جهاد النفس ح 4

حاسب نفسك لنفسك، فإنّ غيرها من الأنفس لها حسيب غيرك.

(ص 384 ف 28 ح 59)

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و وازنوها قبل أن توازنوا-حاسبوا أنفسكم بأعمالها، و طالبوها بأداء المفروض عليها، و الأخذ من فنائها لبقائها، و تزوّدوا و تأهّبوا قبل أن تبعثوا. (ص 385 ح 66 و 67)

من حاسب نفسه ربح (ج 2 ص 618 ف 77 ح 163)

من حاسب نفسه سعد (ص 622 ح 243)

من تعاهد نفسه بالمحاسبة أمن فيها المداهنة. (ص 633 ح 425)

من حاسب نفسه وقف على عيوبه، و أحاط بذنوبه، فاستقال الذنوب، و أصلح العيوب (ص 696 ح 1265)

ما أحقّ الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله عنها شاغل، يحاسب فيها نفسه، فينظر فيما اكتسب لها و عليها، في ليلها و نهارها. (ص 753 ف 79 ح 241)

ما المغبوط إلاّ من كانت همّته نفسه، لا يغنيه (لا يغبّها ف ن) عن محاسبتها و مطالبتها و مجاهدتها. (ح 242)

ص:142

المراقبة و المشارطة

و اعلم أنّ العقل بمنزلة تاجر في طريق الآخرة، و رأس ماله العمر، و قد استعان في تجارته هذه بالنفس، فهي بمنزلة شريكه أو غلامه الذي يتّجر في ماله، و ربح هذه التجارة تحصيل الأخلاق الفاضلة، و الأعمال الصالحة، الموصلة إلى نعيم الأبد، و خسرانها المعاصي و السيّئات، المؤدّية إلى العذاب المقيم في دركات الجحيم، و نقول كما أنّ التاجر يشارط شريكه أوّلا، و يراقبه ثانيا، و يحاسبه ثالثا، كذلك العقل يحتاج في مشاركة النفس إلى أن يرتكب هذه الأعمال، و مجموع هذه الأعمال يسمّى"المحاسبة و المراقبة"تسمية الكلّ باسم بعض أجزائه و قد يسمّى"مرابطة"أيضا.

فأوّل الأعمال في المرابطة «المشارطة» و هي أن يشارط النفس، و يأخذ منها العهد و الميثاق في كلّ يوم و ليلة مرّة ألاّ ترتكب المعاصي، و لا يصدر منها شيء يوجب سخط اللّه، و لا تقصّر في شيء من الطاعات الواجبة، و لا تترك ما تيسّر لها من الخيرات و النوافل، و الأولى أن يكون ذلك بعد الفراغ عن فريضة الصبح.

و ثانيها: «المراقبة» و هو أن يراقب نفسه عند الخوض في الأعمال، فيلاحظها بالعين الكالئة، فإنّها إن تركت طغت و فسدت، ثمّ يراقب اللّه في كلّ حركة و سكون، بأن يعلم أنّ اللّه تعالى مطّلع على الضمائر، عالم بالسرائر، رقيب على أعمال العباد.

و في سفينة البحار ج 1 ص 533: المراقبة مراعاة القلب للرقيب و اشتغاله به، و المثمر لها هو تذكّر أنّ اللّه تعالى مطّلع على كلّ نفس بما كسبت، و أنّه سبحانه عالم بسرائر القلوب و خطراتها، فإذا استقرّ هذا العلم في القلب جذبه إلى مراقبة اللّه سبحانه دائما، و ترك معاصيه خوفا و حياء، و المواظبة على خدمته دائما انتهى.

قال اللّه تعالى: وَ كانَ اَللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (1)و قال: إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ

ص:143


1- -الأحزاب:52.

رَقِيباً (1)و قال: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (2)و قال: أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اَللّهَ يَرى (3)

و في إرشاد القلوب ص 175 ب 39: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لبعض أصحابه: اعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك.

و في جامع السعادات ج 3 ص 96: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «الإحسان أن تعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» ، و في الحديث القدسي: «إنّما يسكن جنّات عدن، الذين إذا همّوا بالمعاصي ذكروا عظمتي فراقبوني، و الذين انحنت أصلابهم من خشيتي، و عزّتي و جلالي، إنّي لأهمّ بعذاب أهل الأرض، فإذا نظرت إلى أهل الجوع و العطش من مخافتي، صرفت عنهم العذاب» .

و في الغرر، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اجعل من نفسك على نفسك رقيبا.

و قال عليه السّلام: ينبغي أن يكون الرجل مهيمنا على نفسه مراقبا قلبه حافظا لسانه.

و قال عليه السّلام: طوبى لمن راقب ربّه و خاف ذنبه.

و قال عليه السّلام: رحم اللّه عبدا راقب ذنبه و خاف ربّه.

و ثالثها: «المحاسبة» بعد العمل، فإنّ العبد كما يختار وقتا في أوّل كلّ يوم ليشارط فيه النفس على سبيل التوصية بالحقّ، ينبغي له أن يختار وقتا في آخر كلّ يوم ليطالب النفس فيه بما أوصى به، و يحاسبها على جميع حركاتها و سكناتها، و قد مرّت الأخبار مع كيفيّتها.

و رابعها: و هو آخر مقامات المرابطة «معاتبة النفس» و معاقبتها على تقصيرها، فإذا حاسب نفسه فوجدها خائنة في الأعمال، مرتكبة للمعاصي، فلا ينبغي أن يهملها، إذ لو أهملها سهل عليها مقارفة المعاصي، و أنست بها، بحيث يعسر بعد ذلك فطامها عنها، فينبغي للعاقل أن يعاقبها و يلزمها على المجاهدة بتكليفها الطاعات الشاقّة و. . .

ص:144


1- -النساء:1
2- الفجر:14
3- العلق:14

42- الحسد

الآيات

1- وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ. . . (1)

2- أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ. . . (2)

3- وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اِبْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ اَلْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اَللّهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ. الآيات (3)

4- قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً. الآيات (4)

5- وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ. (5)

ص:145


1- -البقرة:109
2- النساء:54
3- المائدة:27
4- يوسف:5 إلى 8
5- الفلق:5

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب. (1)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 383، «الحسد» : أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنّى أن تزول عنه و تكون له دونه، و الغبط: أن يتمنّى أن يكون له مثلها و لا يتمنّى زوالها عنه.

و في المفردات: الحسد تمنّى زوال نعمة من مستحقّ لها، و ربما كان مع ذلك سعى في إزالتها، و روي: «المؤمن يغبط و المنافق يحسد» .

و في المرآة ج 10 ص 158 و البحار ج 73 ص 238: اعلم أنّه لا حسد إلاّ على نعمة، فإذا أنعم اللّه على أخيك نعمة فلك فيها حالتان أحدهما: أن تكره تلك النعمة و تحبّ زوالها، سواء أردت وصولها إليك أم لا، فهذه الحالة تسمّى حسدا، و الثانية: أن لا تحبّ زوالها و لا تكره وجودها و دوامها، و لكنّك تشتهي لنفسك مثلها، و هذه تسمّى غبطة، و قد يخصّ باسم المنافسة.

فأمّا الأوّل فهو حرام مطلقا كما هو المشهور، أو إظهارها كما يظهر من بعض الأخبار، إلاّ نعمة أصابها فاجر أو كافر، و هو يستعين بها على تهييج الفتنة، و إفساد ذات البين و إيذاء الخلق، فلا يضرّك كراهتك لها و محبّتك لزوالها، فإنّك لا تحبّ زوالها من حيث إنّها نعمة بل من حيث هي آلة الفساد، و لو أمنت فساده لم تغمّك تنعّمه.

و أمّا الحسد المذموم فمع قطع النظر عن الآيات الكثيرة و الأخبار المتواترة الواردة في ذمّه و النهي عنه، صريح العقل أيضا يحكم بقبحه، فإنّه سخط لقضاء اللّه في تفصيل بعض عباده على بعض، و أيّ معصية تزيد على كراهتك لراحة مسلم،

ص:146


1- -الكافي ج 2 ص 231 باب الحسد ح 2-و مثله ح 1 عن أبي جعفر عليه السّلام مع زيادة في صدره

من غير أن يكون لك فيها مضرّة. . .

و قيل: للحسد أسباب كثيرة، يحصر جملتها سبعة: العداوة، و التعزّز، و الكبر، و التعجّب، و الخوف من فوت المقاصد المحبوبة، و حبّ الرياسة، و خبث النفس و بخلها. . .

و اعلم أنّ الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب، و لا تداوى أمراض القلوب إلاّ بالعلم و العمل، و العلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقا أنّ الحسد ضرر عليك في الدنيا و الدين، و أنّه لا ضرر به على المحسود في الدين و الدنيا، بل ينتفع بها في الدنيا و الدين. . . و لا يزال الشيطان ينازعك في الحسد له، و لكن إن قوي ذلك فيك حتّى يبعثك على إظهار الحسد بقول أو فعل، بحيث يعرف ذلك من ظاهرك بأفعالك الاختياريّة فأنت إذا حسود عاص بحسدك، و إن كففت ظاهرك بالكلّيّة إلاّ أنّك بباطنك تحبّ زوال النعمة، و ليس في نفسك كراهة لهذه الحالة، فأنت أيضا حسود عاص، لأنّ الحسد صفة القلب لا صفة الفعل. . .

أقول: اعلم أنّ الحسد مذموم، و لو لم يظهره و لم يستعمله، و لو لم نقل بحرمته مطلقا، بل قلنا بحرمة إعماله و إظهاره، إذا الأخبار تدلّ على ذمّ الحسد و إن لم يظهره و لم يستعمله، و في الغرر، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من اتّقى قلبه لم يدخله الحسد، و يؤيّد ذلك خلوّ قلب سلمان رحمه اللّه و أمثاله من الحسد، لأنّ قلوبهم خالية من المذمومات، فإذا ليس في القلب السليم حسد.

و أمّا قوله عليه السّلام: «ثلاث لم يعر منها نبيّ فمن دونه: الطيرة و الحسد، و التفكّر في الوسوسة في الخلق» فمع ضعف سنده يكون المعنى كما قال الصدوق رحمه اللّه (في الخصال ج 1 ص 89 باب الثلاثة ح 28) : هو أن يحسدوا، لا أنّهم يحسدون غيرهم، كما قال اللّه: أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ.

و في جامع السعادات ج 2 ص 199: الحسد أشدّ الأمراض و أصعبها، و أسوء الرذائل و أخبثها، و يؤدّي بصاحبه إلى عقوبة الدنيا و عذاب الآخرة، لأنّه في الدنيا

ص:147

لا يخلوا لحظة عن الحزن و الألم، إذ هو يتألّم بكلّ نعمة يرى لغيره، و نعم اللّه تعالى غير متناهية لا تنقطع عن عباده، فيدوم حزنه و تألّمه، فوبال حسده يرجع إلى نفسه، و لا يضرّ المحسود أصلا، بل يوجب ازدياد حسناته و رفع درجاته. . .

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كاد الفقر أن يكون كفرا، و كاد الحسد أن يغلب القدر. (1)

بيان:

«أن يغلب القدر» قال الفيض رحمه اللّه: لعلّ المراد بغلبة القدر منعه ما قدّر للحاسد أو المحسود من الخير. و قال الراوندي: إنّ المعنى أنّ للحسد تأثيرا قويّا في النظر في إزالة النعمة عن المحسود، أو التمنّى لذلك، فإنّه ربّما يحمله حسده على قتل المحسود و إهلاك ماله و إبطال معاشه، فكأنّه سعى في غلبة المقدور.

أقول: قد يكون له تأثيرا في زوال النعمة عن الحاسد أيضا حتّى يأمر المولى عبده أن يقتله لحسده على جاره، و تمام الحكاية في البحار ج 73 ص 259.

3-عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: آفة الدين الحسد و العجب و الفخر. (2)

4-عن داود الرقّيّ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه عزّ و جلّ لموسى بن عمران عليه السّلام: يا بن عمران، لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي، و لا تمدّنّ عينيك إلى ذلك و لا تتبعه نفسك، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي، صادّ لقسمي الذي قسمت بين عبادي، و من يك كذلك فلست منه و ليس منّي. (3)

بيان:

«السخط» : الغضب و هو خلاف الرضى «الصادّ» يقال: صدّ عنه: أعرض عنه

ص:148


1- -الكافي ج 2 ص 232 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 232 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 232 ح 6

و مال فهو صادّ، و صدّه عن كذا: صرفه و منعه.

5-عن فضيل بن عياض عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن يغبط و لا يحسد، و المنافق يحسد و لا يغبط. (1)

6-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة الحاسد فأربعة: الغيبة و التملّق و الشماتة بالمصيبة. (2)

7-عن حمّاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: للحاسد ثلاث علامات: يغتاب إذا غاب، و يتملّق إذا شهد، و يشمت بالمصيبة. (3)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ: من الشكّ و الشرك و الحميّة و الغضب و البغي و الحسد. (4)

9-قال الصادق عليه السّلام: لا يطمعنّ الحسود في راحة القلب. (5)

10-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء و الحسد. (6)

بيان:

«دبّ إليكم» : أي سرى إليكم، يقال: دبّ السقم في الجسم: أي سرى.

11-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الحسد، فإنّ الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. (7)

ص:149


1- -الكافي ج 2 ص 232 ح 7
2- تحف العقول ص 23
3- البحار ج 73 ص 251 باب الحسد ح 11
4- البحار ج 73 ص 252 ح 14
5- البحار ج 73 ص 252 ح 15
6- البحار ج 73 ص 252 ح 16
7- البحار ج 73 ص 255 ح 26

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد، نفس دائم، و قلب هائم، و حزن لازم.

و قال عليه السّلام: الحسد لا يجلب إلاّ مضرّة، و غيظا يوهن قلبك، و يمرض جسمك، و شرّ ما استشعر قلب المرء الحسد.

و قال عليه السّلام: الحسود سريع الوثبة، بطيء العطفة. (1)

بيان:

«قلب هائم» : أي متحيّر

13-في وصيّة الصادق عليه السّلام لأصحابه: إيّاكم أن يحسد بعضكم بعضا، فإنّ الكفر أصله الحسد. (2)

أقول:

كما أنّ الشيطان أوّل من حسد فكفر لحسده و لكبره.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب. (3)

15-و قال عليه السّلام: العجب لغفلة الحسّاد عن سلامة الأجساد. (4)

16-و قال عليه السّلام: صحّة الجسد من قلّة الحسد. (5)

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: بينما موسى بن عمران يناجي ربّه و يكلّمه إذ رأى رجلا تحت ظلّ عرش اللّه، فقال: يا ربّ، من هذا الذي أظلّه عرشك؟

ص:150


1- -البحار ج 73 ص 256 ح 29
2- البحار ج 78 ص 295
3- نهج البلاغة ص 208 في خ 85
4- نهج البلاغة ص 1186 ح 216
5- نهج البلاغة ص 1200 ح 248

فقال: يا موسى، هذا ممّن لم يحسد الناس على ما آتاهم اللّه من فضله. (1)

أقول:

في البحار (ج 73 ص 256 ح 27) مثله، و فيه زيادة: هذا لم يكن يعقّ والديه، و لا يحسد الناس على ما آتاهم اللّه من فضله.

18-عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أقلّ الناس لذّة الحسود. (2)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يجتمع الحسد و الإيمان في قلب امرء.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحسد يميث الإيمان في القلب، كما يميث الماء الثلج. (3)

20-عن هشام بن الحكم عن الكاظم عليه السّلام قال: يا هشام، أفضل ما تقرّب به العبد إلى اللّه بعد المعرفة به، الصلوة، و برّ الوالدين، و ترك الحسد و العجب و الفخر. (4)

21-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام: لا يكون العبد عالما حتّى لا يحسد من فوقه و لا يحقر من هو دونه. (5)

22-قال الصادق عليه السّلام: الحاسد يضرّ بنفسه قبل أن يضرّ بالمحسود كإبليس أورث بحسده لنفسه اللعنة و لآدم عليه السّلام الاجتباء و الهدى و الرفع إلى محلّ حقائق العهد و الاصطفاء، فكن محسودا و لا تكن حاسدا، فإنّ ميزان الحاسد أبدا خفيف بثقل ميزان المحسود، و الرزق مقسوم فما ذا ينفع الحسد الحاسد و ما ذا يضرّ المحسود الحسد.

ص:151


1- -المستدرك ج 12 ص 15 ب 55 من جهاد النفس ح 1
2- المستدرك ج 12 ص 19 ح 9
3- المستدرك ج 12 ص 18 ح 6
4- المستدرك ج 12 ص 19 ح 10
5- المستدرك ج 12 ص 19 ح 13

و الحسد أصله من عمى القلب و الجحود بفضل اللّه تعالى، و هما جناحان للكفر، و بالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد، و هلك مهلكا لا ينجو منه أبدا، و لا توبة للحاسد، لأنّه مستمرّ عليه، معتقد به، مطبوع فيه، يبدو بلا معارض له و لا سبب، و الطبع لا يتغيّر من الأصل و إن عولج. (1)

بيان:

ليس المراد أنّه لا يمكن خروج الحسد من القلب لأنّه، و إن كان مرض صعب العلاج لكن يمكن خروجه من القلب بالتضرّع إلى اللّه تعالى و التعقّل في أخبار الباب و النظر في سوء آثاره و عواقبه و غير ذلك، و على الأقلّ يمكن أن يسعى في عدم إعماله و إظهاره.

23-و في رواية: أنّ فرعون قال لإبليس: أ تعرف على وجه الأرض أشرّ منّي و منك؟ قال إبليس: الحاسد أشرّ منّي و منك، فإنّ الحسد يأكل العمل كما تأكل النار الحطب. (2)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الحسد شرّ الأمراض. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 387)

الحسد حبس الروح. (ص 17 ح 426)

الحسد رأس العيوب. (ص 22 ح 610)

الإيمان بريء من الحسد. (ص 23 ح 660)

الحسود أبدا عليل. (ص 28 ح 832)

الحسد ينكّد العيش. (ص 29 ح 859)

الحسود لا يبرء-الحسود لا خلّة له. (ص 31 ح 934 و 936)

ص:152


1- -مصباح الشريعة ص 33 ب 51
2- لئالي الأخبار ج 2 ص 212

الحسد يفني الجسد-الكريم بريء من الحسد. (ص 32 ح 986 و 987)

الحسد يذيب الجسد. (ص 33 ح 1024)

الحسود لا شفاء له-الحسود لا يسود. (ص 34 ح 1048 و 1060)

الحسد مقنصة (1)إبليس الكبرى. (ص 38 ح 1176)

الحسود غضبان على القدر. (ص 45 ح 1317)

الحسد مرض لا يؤسى. (2)(ص 50 ح 1420)

الحسد دأب السفل، و أعداء الدول. (ص 55 ح 1510)

الحاسد يفرح بالشرور، و يغتمّ بالسرور-الحاسد لا يشفيه إلاّ زوال النعمة.

(ح 1512 و 1515)

الحسود كثير الحسرات، متضاعف السيّئات. (ص 57 ح 1557)

الحاسد يرى أنّ زوال النعمة عمّن يحسده نعمة. (ص 75 ح 1857)

الحسد داء عياء، لا يزول إلاّ بهلك الحاسد أو موت المحسود.

(ص 79 ح 1911)

الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. (ح 1912)

الحسود دائم السقم، و إن كان صحيح الجسم. (ص 85 ح 1984)

الحاسد يظهر ودّه في أقواله و يخفي بغضه في أفعاله، فله اسم الصديق و صفة العدوّ. (ص 97 ح 2127)

الحسد عيب فاضح، و شحّ فادح، لا يشفي صاحبه إلاّ بلوغ آماله فيمن يحسده. (ص 106 ح 2229)

احذروا من الحسد، فإنّه يزري بالنفس. (ص 141 ف 4 ح 8)

ص:153


1- -أي المصيدة
2- في لسان العرب ج 14 ص 34، أسا الجرح: داواه و عالجه.

إيّاك و الحسد، فإنّه شرّ شيمة و أقبح سجيّة و خليقة إبليس.

(ص 148 ف 5 ح 23)

أسوء الناس عيشا الحسود. (ص 178 ف 8 ح 103)

ثمرة الحسد شقاء الدنيا و الآخرة. (ص 360 ف 23 ح 44)

خلوّ الصدر من الغلّ و الحسد، من سعادة العبد (المتعبّد ف ن) .

(ص 399 ف 30 ح 46)

رأس الرذائل الحسد. (ص 412 ف 34 ح 21)

من اتّقى قلبه لم يدخله الحسد. (ج 2 ص 628 ف 77 ح 357)

لا داء كالحسد. (ص 831 ف 86 ح 44)

لا يوجد الحسود مسرورا-لا يكون المؤمن حسودا.

(ص 835 ح 128 و 131)

لا عيش أنكد من عيش الحسود و الحقود. (ص 845 ح 311)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الحرص و البخل، و سيأتي في باب الغضب: أربعة جواهر تزيلها أربعة. . . و أمّا الحسد فيزيل الدين و. . .

ص:154

43- حسرات يوم القيامة

الآيات

1- وَ قالَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اَللّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ اَلنّارِ. (1)

2- قَدْ خَسِرَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اَللّهِ حَتّى إِذا جاءَتْهُمُ اَلسّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَ هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ. (2)

3- وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ اَلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ اَلْأَمْرُ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ وَ هُمْ لا يُؤْمِنُونَ. (3)

4- أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ اَلسّاخِرِينَ. (4)

ص:155


1- -البقرة:167
2- الأنعام:31
3- مريم:39
4- الزمر:56

الأخبار

1-عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يحدّث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في كلام له: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، و عالم تارك لعلمه فهذا هالك، و إنّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه، و إنّ أشدّ أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّه فأدخله اللّه الجنّة، و أدخل الداعي النار بتركه علمه، و اتّباعه الهوى و طول الأمل، أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، و طول الأمل ينسي الآخرة. (1)

2-عن معلّى بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إنّ من أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ عمل بغيره. (2)

3-عن خيثمة قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: أبلغ شيعتنا أنّه لن ينال ما عند اللّه إلاّ بعمل، و أبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ يخالفه إلى غيره. (3)

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: فإنّ العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجّة عليه أعظم، و الحسرة له ألزم، و هو عند اللّه ألوم. (4)

5-و قال عليه السّلام: إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة اللّه، فورثه رجل فأنفقه في طاعة اللّه سبحانه، فدخل به الجنّة،

ص:156


1- -الكافي ج 1 ص 35 باب استعمال العلم ح 1
2- الكافي ج 2 ص 227 باب من وصف عدلا ح 1
3- الكافي ج 2 ص 227 ح 5
4- نهج البلاغة ص 339 في خ 109

و دخل الأوّل به النار. (1)

6-و قال عليه السّلام: إنّ أخسر الناس صفقة و أخيبهم سعيا رجل أخلق بدنه في طلب آماله و لم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدنيا بحسرته، و قدم على الآخرة بتبعته. (2)

بيان:

«الصفقه» : من الصفق أي الضرب الذي له صوت، و كانت العرب إذا وجب البيع ضرب أحدهما يده على يد صاحبه، ثمّ استعملت الصفقة في العقد، و المراد:

أخسرهم بيعا و أشدّهم خيبة في سعيه. «أخلق بدنه» : أي أبلاه و نهكه في طلب آماله و لم يحصّله.

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يفتح للعبد يوم القيامة على كلّ يوم من أيّام عمره أربعة و عشرون خزانة-عدد ساعات الليل و النهار-فخزانة يجدها مملوءة نورا و سرورا، فيناله عند مشاهدتها من الفرح و السرور ما لو وزّع على أهل النار لأدهشهم عن الإحساس بألم النار، و هي ساعة التي أطاع فيها ربّه. ثمّ يفتح له خزانة أخرى فيراها مظلمة منتنة مفزعة فيناله عند مشاهدتها من الفزع و الجزع ما لو قسّم على أهل الجنّة لنغّص عليهم نعيمها، و هي الساعة التي عصى فيها ربّه.

ثمّ يفتح له خزانة أخرى فيراها فارغة ليس فيها ما يسرّه و لا ما يسوؤه، و هي الساعة التي نام فيها أو اشتغل فيها بشيء من مباحات الدنيا، فيناله من الغبن و الأسف على فواتها حيث كان متمكّنا من أن يملاءها حسنات ما لا يوصف، و من هذا قوله تعالى: ذلِكَ يَوْمُ اَلتَّغابُنِ. (3)

ص:157


1- -نهج البلاغة ص 1286 ح 421
2- نهج البلاغة ص 1287 ح 422- صبحي ص 552 ح 430
3- البحار ج 7 ص 262 باب محاسبة العباد ح 15

8-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: من أعظم الناس حسرة؟ قال: من رأى ماله في ميزان غيره، و أدخله اللّه به النار، و أدخل وارثه به الجنّة. (1)

أقول:

قد مرّ بمضمونه في باب البخل، و بهذا المعنى أخبار اخر، راجع البحار ج 92 ص 251 و ج 103 ص 15 أيضا.

و في كنز العمّال خ 14936 قال النبيّ (ص) : إنّ أشدّ الناس ندامة يوم القيامة رجل باع آخرته بدنيا غيره.

9-في الخبر الصحيح عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: أنّ الخلائق إذا عاينوا يوم القيامة و دقّة الحساب و أليم العذاب، أنّ الأب يومئذ يتعلّق بولده فيقول: أي أب (أي بنيّ) ، كنت لك في دار الدنيا، ألم أربّك و أغذّك و أطعمك من كدّي و أكسيك و أعلّمك الحكم و الآداب، و أدرسك آيات الكتاب و أزوّجك كريمة من قومي، و أنفقت عليك و على زوجتك في حياتي و آثرتك على نفسي بمالي بعد وفاتي؟ فيقول: صدقت فيما قلت يا أبي، فما حاجتك؟

فيقول: يا بنيّ، إنّ ميزاني قد خفّت و رجّحت سيّاتي على حسناتي، و قالت الملائكة: تحتاج كفّة حسناتك إلى حسنة واحدة حتّى ترجّح بها و إنّي أريد أن تهب لي حسنة واحدة، أثقل بها ميزاني في هذا اليوم العظيم خطره، قال:

فيقول الولد: لا و اللّه، يا أبت، إنّي أخاف ممّا خفته أنت، و لا أطيق أعطيك من حسناتي شيئا، قال: فيذهب عنه الأب باكيا نادما على ما كان أسدى إليه في دار الدنيا.

و كذلك قيل: إنّ الامّ تلقى ولدها في ذلك اليوم فتقول: يا بنيّ، ألم يكن بطني لك وعاء؟ فيقول: بلى يا أمّاه، فتقول: ألم يك ثديي لك سقاء؟ فيقول: بلى يا أمّاه،

ص:158


1- -البحار ج 73 ص 142 باب حبّ المال ح 21

فتقول له: إنّ ذنوبي قد أثقلتني فأريد أن تحمل عنّي ذنبا واحدا، فيقول: إليك عنّي يا أمّاه، فإنّي مشغول بنفسي، فترجع عنه باكية، و ذلك تأويل قوله تعالى:

فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ. (1)

قال: و يتعلّق الزوج بزوجته، فيقول: يا فلانة، أيّ زوج كنت لك في الدنيا؟ فتثني عليه خيرا و تقول: نعم الزوج كنت لي. فيقول لها: إنّي أطلب منك حسنة واحدة لعلّي أنجو بها ممّا ترين من دقّة الحساب و خفّة الميزان و الجواز على الصراط، فتقول له: لا و اللّه، إنّي لا أطيق ذلك و إنّي لأخاف مثل ما تخافه أنت، فيذهب عنها بقلب حزين حيران. (2)

ص:159


1- -المؤمنون:101
2- أرشار القلوب ص 70 ب 13

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734312C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3136302C2253686F77506167654E756D223A22313630222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503136302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

44- الإحسان و المعروف و الفضل

اشارة

الآيات

1- . . . وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ. (1)

2- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ اَلنّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اَللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً. (2)

3- . . . إِنَّ رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ. (3)

4- . . . سَنَزِيدُ اَلْمُحْسِنِينَ. (4)

5- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُحْسِنِينَ. (5)

6- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى. . . (6)

7- إِنَّ اَللّهَ مَعَ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ اَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ. (7)

ص:161


1- -البقرة:195 و بمضمونها في آل عمران:134
2- النساء:114
3- الأعراف:56
4- الأعراف:161
5- التوبة:120 و مثلها في يوسف:56 و هود:115
6- النحل:90
7- النحل:128

8- . . . وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اَللّهُ إِلَيْكَ. . . (1)

9- هَلْ جَزاءُ اَلْإِحْسانِ إِلاَّ اَلْإِحْسانُ. (2)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ معروف صدقة، و الدالّ على الخير كفاعله، و اللّه يحبّ إغاثة اللهفان. (3)

بيان:

في مجمع البحرين، «المعروف» : اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة اللّه، و التقرّب إليه، و الإحسان إلى الناس، و كلّ ما يندب إليه الشرع من المحسّنات و المقبّحات، و إن شئت قلت: المعروف اسم لكلّ فعل يعرف حسنه بالشرع و العقل من غير أن ينازع فيه الشرع.

«اللهفان» : أي المضطرب يستغيث، و المكروب.

2-عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: إنّ من أحبّ عباد اللّه إلى اللّه لمن حبّب إليه المعروف، و حبّب إليه فعاله. (4)

3-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، و كلّ معروف صدقة، و أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، و أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، و أوّل أهل الجنّة دخولا إلى الجنّة أهل المعروف، و إنّ أوّل أهل النار دخولا إلى النار أهل المنكر. (5)

ص:162


1- -القصص:77
2- الرحمن:60
3- الوسائل ج 16 ص 286 ب 1 من فعل المعروف ح 5
4- الوسائل ج 16 ص 286 ح 4
5- الوسائل ج 16 ص 288 ح 10

بيان:

«مصارع السوء» : صرعه صرعا و مصرعا: طرحه على الأرض. «المنكر» : ضدّ المعروف.

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (1)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) : أنّ اللّه يقول للفقراء يوم القيامة:

انظروا و تصفّحوا وجوه الناس، فمن أتى إليكم معروفا فخذوا بيده و أدخلوه الجنّة. (2)

6-عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اصنع المعروف إلى من هو أهله، و إلى من ليس من أهله، فإن لم يكن هو أهله فكن أنت من أهله. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «فإن كان هو أهله و إلاّ فأنت أهله» .

7-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأس العقل بعد الإيمان التودّد إلى الناس، و اصطناع الخير إلى كلّ برّ و فاجر. (4)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للجنّة بابا يقال له: باب المعروف فلا يدخله إلاّ أهل المعروف. (5)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تصلح الصنيعة إلاّ عند ذي حسب أو

ص:163


1- -الوسائل ج 16 ص 290 ح 15
2- الوسائل ج 16 ص 291 ح 18
3- الوسائل ج 16 ص 294 ب 3 ح 1
4- الوسائل ج 16 ص 295 ح 5
5- الوسائل ج 16 ص 296 ح 8

دين. (1)

أقول:

اختلفت الأخبار الواردة في الإحسان إلى من لا يكون أهلا للمعروف، ففي بعضها؛ نهي عن الإحسان إليه، و في بعضها؛ امر بالإحسان إليه، و لعلّ السرّ في الاختلاف اختلاف المعروف و مراتبه، فيجوز الإحسان في موارد و لو إلى غير الأهل كإطعام الفقير الذي يكون جائعا مثلا مع عدم كونه أهلا، أو اختلاف الأفراد بحسب القابليّة و الأهليّة و عدمها، حيث إنّ بعضهم قابل للتنبّه و الهداية بسبب الإحسان إليهم فيجوز الإحسان إليهم، كما مرّ في باب حسن الجوار حديث أمير المؤمنين عليه السّلام مع اليهوديّ في طيّ الطريق، حيث صار سببا لإسلام اليهوديّ،

نعم إنّ الإحسان و فعل المعروف قد يكون ضروريّا كنجاة الجاهل، و قد لا يجوز كما إذا كان فعل المعروف سببا لزيادة دنائة من لم يكن أهله، و مع ذلك كلّه الإحسان إلى صاحب الدين و الإيمان أفضل من الإحسان إلى غيره.

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أردت أن تعلم أشقيّ الرجل أم سعيد، فانظر سيبه و معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله، فاعلم أنّه إلى خير، و إن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنّه ليس له عند اللّه خير. (2)

بيان:

«السيب» : العطاء.

11-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: يا عليّ، أربعة تذهب ضياعا:

الأكل على الشبع، و السراج في القمر، و الزرع في السبخة، و الصنيعة عند غير

ص:164


1- -الوسائل ج 16 ص 299 ب 4 ح 8
2- الوسائل ج 16 ص 299 ب 5 ح 1

أهلها. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لعن اللّه قاطعي سبيل المعروف، قيل:

و ما قاطعو سبيل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره، فيمتنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره. (2)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أتي إليه معروف فيكافئ به، فإن عجز فليثن عليه، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة. (3)

14-عن عليّ بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام: إنّه كان في بني إسرائيل رجل مؤمن، و كان له جار كافر، و كان يرفق بالمؤمن و يولّيه المعروف في الدنيا، فلمّا أن مات الكافر بنى اللّه له بيتا في النار من طين فكان يقيه حرّها و يأتيه الرزق من غيرها، و قيل له: هذا بما كنت تدخل على جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق و تولّيه من المعروف في الدنيا. (4)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب جهنّم.

15-عن أبي الحسن الداعي قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته، و هم الذين يقضون الحوائج للناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن. (5)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف اللّه له عمله، لكلّ حسنة سبعمائة ضعف، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اَللّهُ يُضاعِفُ

ص:165


1- -الوسائل ج 16 ص 302 ح 4
2- الوسائل ج 16 ص 309 ب 8 ح 1
3- الوسائل ج 16 ص 309 ح 2
4- ثواب الأعمال ص 203 باب ثواب الكافر يصطنع المعروف إلى المؤمن.
5- البحار ج 53 ص 254( جنّة المأوى ح 23) .

لِمَنْ يَشاءُ. (1) (2)

17-عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

استتمام المعروف أفضل من ابتدائه. (3)

18-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: زينة العلم الإحسان. (4)

19-قال الصادق عليه السّلام: أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، يقال لهم: إنّ ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم، و اصطناع المعروف واجب على كلّ أحد بقلبه و لسانه و يده، فمن لم يقدر على اصطناع المعروف بيده فبقلبه و لسانه، فمن لم يقدر عليه بلسانه فلينوه بقلبه. (5)

20-قال المفضّل بن عمر للصادق عليه السّلام: احبّ أن أعرف علامة قبولي عند اللّه، فقال له: علامة قبول العبد عند اللّه أن يصيب بمعروفه مواضعه فإن لم يكن كذلك فليس كذلك. (6)

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه عزّ و جلّ: الخلق عيالي فأحبّهم إلىّ ألطفهم بهم، و أسعاهم في حوائجهم. (7)

أقول:

نظيره في قرب الأسناد ص 56، و فيه: «أحبّهم إلى اللّه أنفعهم لعياله» .

ص:166


1- -البقرة:261
2- البحار ج 74 ص 412 باب فضل الإحسان ح 23
3- البحار ج 74 ص 417 ح 36
4- البحار ج 74 ص 418 ح 40
5- البحار ج 74 ص 418 ح 41
6- البحار ج 74 ص 419 ح 47
7- البحار ج 74 ص 336 باب قضاء حاجة المؤمنين ح 114

بيان: كونهم عياله تعالى لضمانه أرزاقهم.

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: المعروف كنز من أفضل الكنوز، و زرع من أنمى الزرع، فلا تزهدوا فيه و لا تملّوا. (1)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عاتب أخاك بالإحسان إليه، و اردد شرّه بالإنعام عليه. (2)

24-و قال عليه السّلام: لا يزهدنّك في المعروف من لا يشكره لك، فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشيء منه، و قد تدرك من شكر الشاكر أكثر ممّا أضاع الكافر، و اللّه يحبّ المحسنين. (3)

بيان:

«من لا يستمتع» : أي اللّه يشكرك و هو لا يستمتع منه.

25-و قال عليه السّلام لجابر الأنصاريّ: يا جابر، قوام الدين و الدنيا بأربعة: عالم مستعمل علمه، و جاهل لا يستنكف أن يتعلّم، و جواد لا يبخل بمعروفه، و فقير لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا ضيّع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلّم، و إذا بخل الغنيّ بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه.

يا جابر، من كثرت نعم اللّه عليه كثرت حوائج الناس إليه، فمن قام للّه فيها بما يجب عرّضها للدوام و البقاء، و من لم يقم فيها بما يجب عرّضها للزوال و الفناء. (4)

26-و قال عليه السّلام: إنّ للّه عبادا يختصّهم اللّه بالنعم لمنافع العباد فيقرّها

ص:167


1- -المستدرك ج 12 ص 344 ب 1 من فعل المعروف ح 21
2- نهج البلاغة ص 1165 ح 150
3- نهج البلاغة ص 1179 ح 195
4- نهج البلاغة ص 1261 ح 364

في أيديهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم ثمّ حوّلها إلى غيرهم. (1)

27-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه جعل قلوب عباده على حبّ من أحسن إليها و بغض من أساء إليها. (2)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الاخوّة، الإيمان، الصدقة و. . .

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المعروف رقّ. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 76)

المعروف حسب. (ص 8 ح 104)

الإحسان محبّة-المعروف قروض. (ص 9 ح 150 و 177)

الإحسان غنم. (ص 10 ح 203)

الإنسان عبد الإحسان (ص 15 ح 383)

المنّ ينكّد الإحسان. (ص 25 ح 731)

الإحسان رأس الفضل. (ص 27 ح 794)

الإحسان يستعبد الإنسان. (ص 28 ح 833)

المعروف أشرف سيادة. (ص 30 ح 907)

المعروف ذخيرة الأبد. (ص 33 ح 1023)

الجزاء على الإحسان بالإسائة كفران. (ص 43 ح 1282)

المعروف أنمى زرع و أفضل كنز. (ص 48 ح 1377)

الإحسان إلى المسيء أحسن الفضل. (ص 49 ح 1390)

الإحسان إلى المسيء يستصلح العدوّ. (ص 57 ح 1554)

ص:168


1- -نهج البلاغة ص 1285 ح 417
2- تحف العقول ص 43، و مثله في ص 32، و فيه: جبلت القلوب. . .

المحسن حيّ و إن نقل إلى منازل الأموات. (ح 1558)

المعروف كنز فانظر عند من تودعه. (ص 58 ح 1576)

المحسن من عمّ الناس بالإحسان (ص 64 ح 1678)

المعروف غلّ لا يفكّة إلاّ شكر أو مكافاة. (ص 70 ح 1799)

إكمال المعروف أحسن من ابتدائه. (ص 80 ح 1921)

الإحسان غريزة الأخيار و الإسائة غريزة الأشرار. (ص 90 ح 2051)

ابذل معروفك للناس كافّة، فإن فضيلة فعل المعروف لا يعدلها عند اللّه سبحانه شيء. (ص 129 ف 2 ح 244)

افعلوا الخير ما استطعتم، فخير من الخير فاعله. (ص 135 ف 3 ح 55)

أفضل الذخر الصنايع. (ص 177 ح 74)

أربح البضايع اصطناع الصنايع (1). (ص 179 ح 116)

أفضل الذخائر حسن الصنايع. (ح 117)

أحسن الصنايع ما وافق الشرايع. (ح 118)

أفضل البرّ ما أصيب به أهله. (ص 180 ح 129)

أفضل المعروف إغاثة الملهوف. (ح 131)

أفضل الناس أنفعهم للناس. (ص 182 ح 162)

أفضل الشرف بذل الإحسان. (ح 166)

أحسن الإحسان مواساة الإخوان. (ص 184 ح 197)

أشرف الصنايع اصطناع الكرام. (ص 186 ح 219)

ص:169


1- -في النهاية ج 3 ص 56، الاصطناع: افتعال من الصنيعة، و هي العطيّة و الكرامة و الإحسان. الصنائع: جمع الصنيعة.

أحسن الناس عيشا من عاش الناس في فضله. (ح 232)

أنفع الكنوز معروف تودعه الأحرار، و علم يتدارسه الأخيار.

(ص 204 ح 455)

أحقّ الناس بالإحسان من أحسن اللّه إليه و بسط بالقدرة يديه.

(ص 214 ح 544)

أولى الناس بالإنعام من كثرت نعم اللّه عليه. (ح 545)

إنّ المؤمنين محسنون. (ص 232 ف 9 ح 159)

إنّ حوائج الناس إليكم نعمة من اللّه عليكم فاغتنموها و لا تملّوها فتتحوّل نقما. (ص 244 ح 223)

إنّكم إلى جزاء ما أعطيتم أشدّ حاجة من السائل إلى ما أخذ منكم.

(ص 291 ف 14 ح 14)

إنّكم أغبط بما بذلتم من الراغب إليكم فيما وصله منكم. (ح 15)

إنّكم إلى اصطناع الرجال أحوج منكم إلى جمع الأموال. (ح 21)

آفة القدرة منع الإحسان. (ص 308 ف 16 ح 41)

إذا أحسنت إلى اللئيم و ترك بإحسانك إليه. (ص 317 ف 17 ح 115)

بالإحسان يستعبد الإنسان. (ص 329 ف 18 ح 10)

بالمنّ يكدّر الإحسان. (ح 11)

بفعل المعروف يستدام الشكر. (ص 331 ح 36)

بالإحسان تملك القلوب. (ص 335 ح 122)

بإغاثة الملهوف يكون لك من عذاب اللّه حصن. (ص 335 ح 133)

بالإحسان يملك الأحرار. (ص 336 ح 152)

بالإحسان تغمد الذنوب. (ص 337 ح 158)

بالإفضال تستر العيوب. (ح 163)

ص:170

تعجيل المعروف ملاك المعروف. (ص 347 ف 22 ح 8)

تضييع المعروف وضعه في غير معروف. (ح 9)

تمام الإحسان ترك المنّ به. (ح 23)

جمال الخير في اصطناع الحرّ، و الإحسان إلى أهل الخير.

(ص 374 ف 26 ح 81)

جحود الإحسان يحدو على قبح الإمتنان. (ص 375 ح 82)

جحود الإحسان يوجب الحرمان. (ح 83)

خير البرّ ما وصل إلى الأحرار. (ص 387 ف 29 ح 9)

خير البرّ ما وصل إلى المحتاج. (ص 388 ح 28)

خير المعروف ما أصيب به الأبرار. (ص 389 ح 37)

خير الكرم جود بلا طلب مكافاة. (ح 38)

رأس الإيمان الإحسان إلى الناس. (ص 412 ف 34 ح 31)

زكاة الظفر الإحسان. (ص 425 ف 37 ح 6)

زكاة النعم اصطناع المعروف. (ح 13)

شرّ الأفعال ما هدم الصنيعة. (ص 443 ف 41 ح 4)

شرّ المحسنين الممتنّ بإحسانه. (ص 447 ح 73)

صنائع المعروف تدرّ النعماء و تدفع البلاء. (ص 455 ف 44 ح 30)

عليك بالإحسان فإنّه أفضل زراعة و أربح بضاعة.

(ج 2 ص 479 ف 49 ح 32)

عليك بمكارم الخلال (1)و اصطناع الرجال فإنّهما تقيان مصارع السوء و يوجبان الجلال. (ص 480 ح 41)

ص:171


1- -جمع الخلّة أي الخصلة.

عليكم بصنائع المعروف فإنّها نعم الزاد إلى المعاد. (ص 486 ف 50 ح 17)

فضيلة الإنسان بذل الإحسان. (ص 517 ف 59 ح 33)

كثرة اصطناع المعروف يزيد في العمر و ينشر الذكر. (ص 563 ف 66 ح 31)

من بذل معروفه استحقّ الرياسة. (ص 629 ف 77 ح 369)

من وثق بإحسانك أشفق على سلطانك. (ص 632 ح 406)

من فعل الخير فبنفسه بدء. (ص 639 ح 522)

من كتم الإحسان عوقب بالحرمان (ص 649 ح 677)

من منع الإحسان سلب الإمكان. (ح 678)

من اصطنع حرّا استفاد شكرا. (ح 682)

من كثر إحسانه أحبّه إخوانه. (ص 658 ح 814)

من شكر المعروف فقد قضى حقّه. (ص 659 ح 833)

من أسدى معروفا إلى غير أهله ظلم معروفه. (ص 663 ح 885)

من قابل الإحسان بأفضل منه فقد جازاه. (ص 666 ح 925)

من كثر إحسانه كثر خدمه و أعوانه. (ص 668 ح 952)

من لم يربّ معروفه فكأنّه لم يصنعه. (ص 717 ح 1483)

ما من شيء يحصل به الآمال (الأمان ف ن) أبلغ من إيمان و إحسان.

(ص 756 ف 79 ح 257)

نعم زاد المعاد الإحسان إلى العباد. (ص 772 ف 81 ح 33)

ص:172

45- الحقد و البغضاء و العداوة

اشارة

قال اللّه تعالى: . . . وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. (1)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما كاد (ما كان ف ن) جبرئيل عليه السّلام يأتيني إلاّ قال: يا محمّد، اتّق شحناء الرجال و عداوتهم. (2)

بيان:

«الشحناء» : العداوة و البغضاء. في المرآة ج 10 ص 138، «عداوتهم» : تأكيد، أو المراد بالأوّل فعل ما يوجب العداوة أو إظهارها، قال في المصباح، الشحناء:

العداوة و البغضاء، و شحنت عليه شحنا من باب تعب: حقدت و أظهرت العداوة و من باب نفع لغة.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زرع العداوة حصد ما بذر. (3)

ص:173


1- -الحشر:10
2- الكافي ج 2 ص 228 باب المراء و الخصومة ح 5 و 9
3- الكافي ج 2 ص 228 ح 12

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال جبرئيل عليه السّلام للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاك و ملاحاة الرجال. (1)

بيان:

في النهاية ج 4 ص 243(لحا) ، فيه: «نهيت عن ملاحاة الرجال» أي مقاولتهم و مخاصمتهم، يقال: لحيت الرجل ألحاه لحيا، إذا لمته و عذلته، و لا حيته ملاحاة و لحاءا، إذا نازعته.

4-عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كثر همّه سقم بدنه، و من ساء خلقه عذّب نفسه و من لاحى الرجال سقطت مروءته، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لم يزل جبرئيل عليه السّلام ينهاني عن ملاحاة الرجال كما ينهاني عن شرب الخمر و عبادة الأوثان. (2)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: احصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك. (3)

6-عن صالح يرفعه بإسناده قال: أربعة القليل منها كثير: النار القليل منها كثير، و النوم القليل منه كثير، و المرض القليل منه كثير، و العداوة القليل منها كثير. (4)

7-عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حقد المؤمن مقامه، ثمّ يفارق أخاه فلا يجد عليه شيئا، و حقد الكافر دهره. (5)

ص:174


1- -الكافي ج 2 ص 228 ح 6
2- الوسائل ج 12 ص 240 ب 136 من العشرة ح 8
3- نهج البلاغة ص 1170 ح 169- صبحي ص 501 ح 178
4- البحار ج 75 ص 210 باب الحقد و البغضاء ح 2
5- البحار ج 75 ص 211 ح 7

أقول:

و عنه عليه السّلام: المؤمن يحقد ما دام في مجلسه فإذا قام ذهب عنه الحقد.

(تحف العقول ص 228 في وصيّته لابن النعمان)

بيان: في المصباح، «الحقد» : الإنطواء على العداوة و البغضاء. و في المنجد، حقد حقدا و حقدا: أمسك عداوته في قلبه يتربّص فرصة الإيقاع به (كينه) .

8-قال الصادق عليه السّلام: إيّاك و عداوة الرجال فإنّها تورث المعرّة و تبدي العورة. (1)

بيان:

في القاموس، «المعرّة» : الإثم و الأذى و الغرم و الدية و الخيانة.

9-في مواعظ الهادي عليه السّلام: العتاب مفتاح الثقال، و العتاب خير من الحقد. (2)

10-في مواعظ الحسن العسكري عليه السّلام: أقلّ الناس راحة الحقود. (3)

بيان:

«الحقود» : كثير الحقد.

11-في مواعظ الجواد عليه السّلام: لا تعادي أحدا حتّى تعرف الذي بينه و بين اللّه تعالى، فإن كان محسنا فإنّه لا يسلّمه إليك، و إن كان مسيئا فإنّ علمك به يكفيكه فلا تعاده. (4)

12-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) :

أ لا أنبّئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: من أبغض الناس

ص:175


1- -البحار ج 75 ص 211 ح 9
2- البحار ج 78 ص 369
3- البحار ج 78 ص 373
4- البحار ج 78 ص 365

و أبغضوه. (1)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تعرض أعمال الناس كلّ جمعة مرّتين: يوم الاثنين و يوم الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن، إلاّ من كانت بينه و بين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتّى يصطلحا. (2)

14-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحقد يذري. (الغرر ج 1 ص 6 ف 1 ح 48)

الحقد شيمة الحسدة. (ص 18 ح 477)

الحقد مثار الغضب. (ص 21 ح 583)

الحقد ألأم العيوب. (ص 33 ح 1009)

الحقود لا راحة له. (ص 34 ح 1050)

الواحد من الأعداء كثير. (ص 39 ح 1193)

الحقد داء دويّ و مرض موبي. (ص 56 ح 1536)

الحقد خلق دنيّ و عرض مردي. (ح 1537)

الحقود معذّب النفس متضاعف الهمّ. (ص 85 ح 1983)

الحقد من طبايع الأشرار. (ص 106 ح 2226)

الحقد نار كامنة لا تطفى إلاّ بالظفر (لا يطفئها إلاّ موت أو ظفر ف ن) .

(ح 2227)

أشدّ القلوب غلاّ قلب الحقود. (ص 178 ف 8 ح 104)

إنّما اللبيب من استسلّ الأحقاد (ص 297 ف 15 ح 10)

بئس العشير الحقود (ص 341 ف 20 ح 18)

ص:176


1- -المستدرك ج 9 ص 79 ب 118 من العشرة ح 6
2- المستدرك ج 9 ص 80 ح 9

بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد. (ص 342 ح 32)

ثلاث لا يهنأ لصاحبهنّ عيش؛ الحقد و الحسد و سوء الخلق.

(ص 362 ف 24 ح 6)

رأس العيوب الحقد-رأس الجهل معاداة الناس. (ص 412 ف 34 ح 22 و 26)

سبب الفتن الحقد. (ص 430 ف 38 ح 13)

سبب الشحناء كثرة المراء. (ح 15)

سلاح الشرّ الحقد. (ص 432 ف 39 ح 6)

شرّ ما سكن القلب الحقد. (ص 443 ف 41 ح 8)

شدّة الحقد من شدّة الحسد. (ص 448 ف 42 ح 4)

طيّبوا (طهّروا ف ن) قلوبكم من الحقد فإنّه داء مؤبي.

(ج 2 ص 471 ف 47 ح 34)

علّة المعاداة قلّة المبالات. (ص 499 ف 55 ح 17)

عداوة الأقارب أمضّ من لسع العقارب. (ص 500 ح 31)

لكلّ شيء بذر و بذر العداوة المزاح. (ص 580 ف 70 ح 52)

من طال عدوانه زال سلطانه. (ص 630 ف 77 ح 382)

من زرع العدوان حصد الخسران. (ح 388)

من لاحى الرجال كثر أعداءه. (ص 632 ح 419)

من سلّ سيف العدوان قتل به. (ص 658 ح 817)

من أطرح الحقد استراح قلبه و لبّه. (ص 666 ح 921)

من استحلى معاداة الرجال استمرّ على معاناة القتال. (ص 673 ح 1016)

من عادى الناس استثمر الندامة. (ص 678 ح 1071)

من سوء الاختيار مغالبة الأكفاء و معاداة الرجال. (ص 731 ف 78 ح 103)

ما أنكد عيش الحقود. (ص 737 ف 79 ح 28)

ص:177

معاداة الرجال من شيم الجهّال. (ص 761 ف 80 ح 73)

مواقف الشنآن تسخط الرحمن و ترضي الشيطان و تشين الإنسان.

(ص 765 ح 130)

لا مودّة لحقود. (ص 829 ف 86 ح 1)

لا يكون الكريم حقودا. (ص 835 ح 130)

ص:178

46- الحكمة

الآيات

1- رَبَّنا وَ اِبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ. (1)

2- . . . وَ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ عَلَيْكُمْ وَ ما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلْكِتابِ وَ اَلْحِكْمَةِ. . . (2)

3- . . . وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَ آتاهُ اَللّهُ اَلْمُلْكَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ. . . (3)

4- يُؤْتِي اَلْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (4)

5- لَقَدْ مَنَّ اَللّهُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (5)

ص:179


1- -البقرة:129 و بمضمونها في البقرة:151
2- البقرة:231
3- البقرة:251
4- البقرة:269
5- آل عمران:164

6- . . . فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. (1)

7- . . . وَ أَنْزَلَ اَللّهُ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَ كانَ فَضْلُ اَللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً. (2)

8- إِذْ قالَ اَللّهُ يا عِيسَى . . . وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ اَلتَّوْراةَ وَ اَلْإِنْجِيلَ. . . (3)

9- اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ. . . (4)

10- ذلِكَ مِمّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ اَلْحِكْمَةِ. . . (5)

11- وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ اَلْحِكْمَةَ أَنِ اُشْكُرْ لِلّهِ. . . (6)

12- وَ اُذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اَللّهِ وَ اَلْحِكْمَةِ إِنَّ اَللّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً. (7)

13- وَ شَدَدْنا مُلْكَهُ وَ آتَيْناهُ اَلْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ اَلْخِطابِ. (8)

14- وَ لَمّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ. . . (9)

15-هو الذي بعث في الامّيين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته و يزكّيهم

ص:180


1- -النساء:54
2- النساء:113
3- المائدة:110
4- النحل:125
5- الإسراء:39
6- لقمان:12
7- الأحزاب:34
8- ص:20
9- الزخرف:63

وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. (1)

أقول:

من أسماء اللّه تعالى «الحكيم» كما ورد في آيات كثيرة.

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قام عيسى بن مريم عليه السّلام خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدّثوا الجهّال بالحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم. (2)

بيان:

«الحكمة» : ليس المراد بها في الآيات و الأخبار الحكمة المصطلحة أي الفلسفة و قد اختلفوا في معناها. قال في النهاية ج 1 ص 419: الحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، و في المفردات، و الحكمة: إصابة الحقّ بالعلم و العقل. . . و في مجمع البحرين، و الحكمة: العلم الذي يرفع الإنسان عن فعل القبيح، مستعار من حكمة اللجام و هي ما أحاط بحنك الدابّة يمنعها الخروج، و الحكمة؛ فهم المعاني، و سمّيت حكمة لأنّها مانعة من الجهل. . .

و في البحار ج 1 ص 215، قيل: الحكمة تحقيق العلم و إتقان العمل، و قيل: ما يمنع من الجهل، و قيل: هي الإصابة في القول و قيل: هي طاعة اللّه، و قيل: هي الفقه في الدين، و قال ابن دريد: كلّ ما يؤدّي إلى مكرمة، أو يمنع من قبيح، و قيل:

ما يتضمّن صلاح النشأتين، و التفاسير متقاربة، و الظاهر من الأخبار أنّها العلوم الحقّة النافعة مع العمل بمقتضاها، و قد يطلق على العلوم الفائضة من جنابه تعالى

ص:181


1- -الجمعة:2
2- الكافي ج 1 ص 33 باب بذل العلم ح 4

على العبد بعد العمل بما يعلم.

أقول: يستفاد من الأخبار أنّ الحكمة مفاضة من اللّه على قلب العبد، بشرط أن يكون فيه كمال التوحيد و الإخلاص و الولاية لأوليائه و الزهد في الدنيا و الصمت و الجوع، فيفهم الحقائق و يصيب في مقالاته. و أنّ الحكمة تورث الطاعة و الخوف من اللّه و تمنع العبد عن ارتكاب القبائح و المحارم. و إذا أخلص العبد في عمله جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فيصير هاديا للخلق بحكمه.

و أيضا قد تطلق الحكمة في الأخبار تارة على التفقّة في الدين و اخرى على العلوم الحقّة و العمل بمقتضاها. و لا يخفى أنّ ما ذكروه في معنى الحكمة من لوازمها و آثارها و ليس معناها حقيقة.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: بالعقل استخرج غور الحكمة، و بالحكمة استخرج غور العقل، و بحسن السياسة يكون الأدب الصالح. . . (1)

بيان:

غور كلّ شيء؛ عمقه و قعره و غاية خفائه، و غور الحكمة؛ نهايتها.

3-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب، فقالوا: السلام عليك يا رسول اللّه، فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول اللّه، قال: فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء اللّه و التفويض إلى اللّه و التسليم لأمر اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون، و لا تجمعوا ما لا تأكلون، و اتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (2)

ص:182


1- -الكافي ج 1 ص 21 كتاب العقل ح 34
2- الكافي ج 2 ص 43 باب حقيقة الإيمان و اليقين ح 1

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من زهد في الدنيا أثبت اللّه الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه و بصّره عيوب الدنيا، داءها و دواءها و أخرجه من الدنيا سالما إلى دار السلام. (1)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه خلق قلوب المؤمنين مبهمة على الإيمان، فإذا أراد استنارة ما فيها فتحها بالحكمة و زرعها بالعلم، و زرعها و القيّم عليها ربّ العالمين. (2)

بيان:

«فتحها بالحكمة» في ح 3"نضحها بالحكمة"، و سيأتي شرح الحديث في باب القلب.

أقول: يأتي في باب أولياء اللّه عن الكافي: «إنّ أولياء اللّه. . . و نطقوا فكان نطقهم حكمة» .

6-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أخلص عبد اللّه عزّ و جلّ أربعين صباحا إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. (3)

7-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: من زهد في الدنيا و لم يجزع من ذلّها و لم ينافس في عزّها، هداه اللّه بغير هداية من مخلوق و علّمه بغير تعليم، و أثبت الحكمة في صدره و أجراها على لسانه. (4)

بيان:

نافس في الأمر: فاخره و باراه فيه، و نافس في الشيء: بالغ فيه و رغب فيه على وجه المباراة في الكرم.

8-في حديث موسى بن جعفر عليهما السّلام لهشام (في العقل) . . . و قال: وَ لَقَدْ

ص:183


1- -الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 1
2- الكافي ج 2 ص 308 باب سهو القلب ح 7
3- العيون ج 2 ص 68 ب 31 ح 321
4- تحف العقول ص 160

آتَيْنا لُقْمانَ اَلْحِكْمَةَ قال: الفهم و العقل. . . (1)

يا هشام، إنّ العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، و لم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم. . . (2)

يا هشام، إنّ كلّ الناس يبصر النجوم، و لكن لا يهتدي بها إلاّ من يعرف مجاريها و منازلها، و كذلك أنتم تدرسون الحكمة، و لكن لا يهتدي بها منكم إلاّ من عمل بها. . . كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممّن وجدتموها معه و لا يمنعكم منه سوء رغبة فيها. . .

يا عبيد الدنيا، بحقّ أقول لكم: إنّ الناس في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله و صدّقها بفعله و رجل أتقنها بقوله و ضيّعها بسوء فعله، فشتّان بينهما، فطوبى للعلماء بالفعل، و ويل للعلماء بالقول. . . (3)

و اعلموا أنّ الكلمة من الحكمة ضالّة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع، و رفعه غيبة عالمكم بين أظهركم. . . (4)

يا هشام، إنّ الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار. . . (5)

يا هشام، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه، فإنّه يلقى الحكمة، و المؤمن قليل الكلام كثير العمل، و المنافق كثير الكلام قليل العمل. (6)

9-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و إنّما ذلك بمنزلة الحكمة التي هي حياة للقلب

ص:184


1- -تحف العقول ص 284
2- تحف العقول ص 286
3- تحف العقول ص 289
4- تحف العقول ص 290
5- تحف العقول ص 292
6- تحف العقول ص 293

الميّت، و بصر للعين العمياء، و سمع للاذن الصمّاء، و ريّ للظمآن، و فيها الغنى كلّه و السلامة. (1)

10-و قال عليه السّلام: خذ الحكمة أنّى كانت، فإنّ الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتّى تخرج، فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن. (2)

بيان:

تلجلج في صدره شيء: تردّد و تعلّق و لم يستقرّ. «صواحب» : جمع صاحب.

11-و قال عليه السّلام: الحكمة ضالّة المؤمن، فخذ الحكمة و لو من أهل النفاق. (3)

12-قال أبو بصير: سألته عن قول اللّه: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: هي طاعة اللّه و معرفة الإمام. (4)

13-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: المعرفة. (5)

14-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: معرفة الإمام، و اجتناب الكبائر التي أوجب اللّه عليها النار. (6)

15-عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً فقال: إنّ الحكمة المعرفة و التفقّة في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيم، و ما أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من فقيه. (7)

ص:185


1- -نهج البلاغة ص 413 في خ 133
2- نهج البلاغة ص 1122 ح 76
3- نهج البلاغة ص 1122 ح 77
4- البحار ج 1 ص 215 ب 6 من العلم ح 22
5- البحار ج 1 ص 215 ح 23
6- البحار ج 1 ص 215 ح 24
7- البحار ج 1 ص 215 ح 25

بيان:

«الفقيه» : البصير في أمر الدين، و هو صاحب البصيرة، راجع باب العلم أيضا.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار. (1)

17-و قال عليه السّلام: من عرف الحكمة لم يصبر من الإزياد منها. (2)

18-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الكلمة من الحكمة يسمعها الرجل فيقول أو يعمل بها خير من عبادة سنة. (3)

أقول:

في البحار ج 77 ص 174، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كلمة الحكمة يسمعها المؤمن خير من عبادة سنة.

19-عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

سائلوا العلماء، و خالطوا الحكماء، و جالسوا الفقراء. (4)

بيان:

هذا الحديث من غرائب الحكمة، فاسألوا العلماء لتتعلّموا و خالطوا الحكماء لتنتفعوا بحكمتهم، حيث هنا ليس موضع السؤال و التكلّم. و الفقراء هنا هم الفقراء إلى اللّه تعالى.

20-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، جالس العلماء و زاحمهم بركبتيك فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء. (5)

ص:186


1- -البحار ج 1 ص 183 ب 1 ح 86
2- البحار ج 1 ص 183 ح 91
3- البحار ج 1 ص 183 ح 93
4- البحار ج 1 ص 198 ب 3 ح 5
5- البحار ج 1 ص 204 ب 4 ح 22

بيان:

قال رحمه اللّه: «زاحمهم» : أي ضايقهم، و ادخل في زحامهم بركبتيك أي أدخل ركبتيك في زحامهم. «الوابل» : المطر العظيم القطر الشديد.

21-عن حمّاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لقمان و حكمته التي ذكرها اللّه عزّ و جلّ فقال: أما و اللّه ما اوتي لقمان الحكمة بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال، و لكنّه كان رجلا قويّا في أمر اللّه، متورّعا في اللّه، ساكتا سكينا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر، لم ينم نهارا قطّ، و لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال، لشدّة تستّره و عموق نظره و تحفّظه في أمره، و لم يضحك من شيء قطّ مخافة الإثم، و لم يغضب قطّ، و لم يمازح إنسانا قطّ، و لم يفرح لشيء إن أتاه من أمر الدنيا، و لا حزن منها على شيء قطّ.

و قد نكح من النساء و ولد له الأولاد الكثيرة و قدّم أكثرهم إفراطا، فما بكى على موت أحد منهم، و لم يمرّ برجلين يختصمان أو يقتتلان إلاّ أصلح بينهما، و لم يمض عنهما حتّى تحاجزا، و لم يسمع قولا قطّ من أحد استحسنه إلاّ سأل عن تفسيره و عمّن أخذه.

و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء، و كان يغشى القضاة و الملوك و السلاطين فيرثي للقضاء ممّا ابتلوا به، و يرحم الملوك و السلاطين لغرّتهم باللّه و طمأنينتهم في ذلك، و يعتبر و يتعلّم ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان، و كان يداوي قلبه بالتفكّر، و يداري نفسه بالعبر، و كان لا يظعن إلاّ فيما يعنيه، فبذلك اوتي الحكمة، و منح العصمة. . . (1)

ص:187


1- -البحار ج 13 ص 409 باب قصص لقمان ح 2( تفسير القميّ ج 2 ص 162 سورة لقمان)

أقول:

الحديث طويل و فيه طريق وصوله إلى الحكمة.

بيان: «سكينا» السكينة: الوقار و الطمأنينة و المهابة. «قدّم أكثرهم إفراطا» يقال:

أفرط فلان ولدا أي مات له ولد صغير قبل أن يبلغ. «تحاجزا» : تصالحا و تمانعا «يغشى القضاة» : يقصدهم و يباشرهم. «فيرثي» رثى له: أي رقّ له و رحمه «لغرّتهم» : في المصدر"لعزّتهم". «لا يظعن» : أي لا يسافر.

22-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قيل للقمان: ما الذي أجمعت عليه من حكمتك؟ قال: لا أتكلّف ما قد كفيته، و لا اضيّع ما ولّيته. (1)

أقول:

آخر ح 10، قيل للقمان: ما يجمع من حكمتك؟ قال: لا أسأل عمّا كفيته، و لا أتكلّف ما لا يعنيني.

23-في حديث المعراج. . . قال: يا ربّ، و ما ميراث الصوم؟ قال: الصوم يورث الحكمة، و الحكمة تورث المعرفة، و المعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر. . . (2)

يا أحمد، إنّ العبد إذا أجاع بطنه و حفظ لسانه علّمته الحكمة، و إن كان كافرا تكون حكمته حجّة عليه و وبالا، و إن كان مؤمنا تكون حكمته له نورا و برهانا و شفاء و رحمة، فيعلم ما لم يكن يعلم، و يبصر ما لم يكن يبصر، فأوّل ما أبصره عيوب نفسه حتّى يشتغل عن عيوب غيره، و ابصّره دقائق العلم حتّى لا يدخل عليه الشيطان. (3)

24-عن الصادق عليه السّلام: إنّ أشرف الحديث ذكر اللّه، و رأس الحكمة

ص:188


1- -البحار ج 13 ص 415 ح 6
2- البحار ج 77 ص 27
3- البحار ج 77 ص 29

طاعته. (1)

25-في كلمات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فاهدوا إليها طرائف الحكم. (2)

26-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس الحكيم من لم يدار من لا يجد بدّا من مداراته. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 24761 عن النبيّ (ص) : ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا بدّ له من معاشرته حتّى يجعل اللّه له من ذلك مخرجا.

27-و قال عليه السّلام: . . . و من حكمته علمه بنفسه، و من سلامته قلّة حفظه لعيوب غيره، و عنايته بإصلاح عيوبه. (4)

أقول:

سيأتي في باب مكارم الأخلاق عنه عليه السّلام: الفضائل أربعة أجناس: أحدها الحكمة و قوامها في الفكرة. . .

28-في مواعظ الصادق عليه السّلام: ليس لملول صديق، و لا لحسود غنى، و كثرة النظر في الحكمة تلقح العقل. (5)

29-في مواعظ الرضا عليه السّلام: . . . ثمّ قال: إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: إنّ الحكماء ضيّعوا الحكمة لمّا وضعوا عند غير أهلها. (6)

ص:189


1- -البحار ج 77 ص 116 في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في ح 8
2- البحار ج 77 ص 168 آخر حديث الغوالي
3- البحار ج 78 ص 57
4- البحار ج 78 ص 81
5- البحار ج 78 ص 247
6- البحار ج 78 ص 345

30-في مواعظ الهادي عليه السّلام: الحكمة لا تنجع في الطباع الفاسدة. (1)

بيان:

«لا تنجع» : أي لا تنفع و لا تؤثّر، يقال: نجع فيه الكلام: دخل فأثّر فيه.

31-عن عليّ بن الحسين عليه السّلام: . . . و رأس الحكمة مخافة اللّه. (2)

32-قال لقمان لولده: . . . يا بنيّ، تعلّم الحكمة تشرّف بها، فإنّ الحكمة تدلّ على الدين، و تشرّف العبد على الحرّ، و ترفع المسكين على الغنيّ، و تقدّم الصغير على الكبير، و تجلس المسكين مجالس الملوك، و تزيد الشريف شرفا، و السيّد سؤددا، و الغنيّ مجدا، و كيف يظنّ ابن آدم أن يتهيّأ له أمر دينه و معيشته بغير حكمة و لن يهيّىء اللّه عزّ و جلّ أمر الدنيا و الآخرة إلاّ بالحكمة، و مثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بغير نفس و مثل الصعيد بغير ماء، و لا صلاح للجسد بغير نفس و لا للصعيد بغير ماء، و لا للحكمة بغير طاعة. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 44123 عن النبيّ (ص) : كاد الحكيم أن يكون نبيّا.

33-قال الصادق عليه السّلام: الحكمة ضياء المعرفة و ميزان التقوى و ثمرة الصدق، و ما أنعم اللّه على عبده بنعمة أعظم و أنعم و أرفع و أجزل و أبهى من الحكمة للقلب، قال اللّه تعالى: يُؤْتِي اَلْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ أي لا يعلم ما أودعت و هيّأت في الحكمة إلاّ من استخلصته لنفسي و خصصته بها، و الحكمة هي النجاة، و صفة الحكمة الثبات عند أوائل الامور و الوقوف عند عواقبها و هو هادي خلق اللّه إلى اللّه تعالى.

ص:190


1- -البحار ج 78 ص 370.
2- البحار ج 78 ص 453 باب نوادر المواعظ آخر ح 23
3- البحار ج 78 ص 458 ح 27 أعلام الدين

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: لأن يهدي اللّه على يديك عبدا من عباده خير لك ممّا طلعت عليه الشمس من مشارقها إلى مغاربها. (1)

34-عن عليّ عليه السّلام قال:

الحكمة ترشد. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 8)

الحكمة عصمة. (ح 21)

الفكر يفيد الحكمة. (ص 30 ح 928)

الحكم رياض النبلاء. (ص 33 ح 1035)

الفكر في غير الحكمة هوس. (ص 45 ح 1325)

الحكمة روضة العقلاء و نزهة النبلاء. (ص 67 ح 1744)

الحكمة ضالّة كلّ مؤمن فخذوها و لو من أفواه المنافقين.

(ص 75 ح 1854)

الحكمة لا تحلّ قلب المنافق إلاّ و هي على ارتحال. (ص 82 ح 1944)

الحكمة شجرة تنبت في القلب و تثمر على اللسان. (ص 87 ح 2015)

الحكماء أشرف الناس أنفسا و أكثرهم صبرا و أسرعهم عفوا و أوسعهم أخلاقا. (ص 97 ح 2129)

اغلب الشهوة تكمل لك الحكمة. (ص 109 ف 2 ح 49)

أوّل الحكمة ترك اللذّات و آخرها مقت الفانيات. (ص 186 ف 8 ح 226)

أفضل الحكمة معرفة الإنسان نفسه و وقوفه عند قدره. (ص 190 ح 284)

أحكم الناس من فرّ من جهّال الناس. (ح 279)

حدّ الحكمة الإعراض عن دار الفناء و التولّه بدار البقاء.

(ص 382 ف 28 ح 34)

ص:191


1- -مصباح الشريعة ص 65 ب 99

حكمة الدنيّ ترفعه، و جهل الغنيّ يضعه. (ص 384 ح 60)

خذ الحكمة أنّى كانت، فإنّ الحكمة ضالّة كلّ مؤمن.

(ص 394 ف 30 ح 6)

خذ الحكمة ممّن أتاك بها، و انظر إلى ما قال و لا تنظر إلى من قال. (ح 11)

رأس الحكمة لزوم الحقّ (ص 411 ف 34 ح 2)

رأس الحكمة تجنّب الخدع. (ص 412 ح 27)

رأس الحكمة لزوم الحقّ و طاعة المحقّ. (ح 36)

زين الحكمة الزهد في الدنيا. (ص 426 ف 37 ح 26)

ضالّة العاقل الحكمة فهو أحقّ بها. (ص 461 ف 45 ح 5)

ضالّة الحكيم الحكمة فهو يطلبها حيث كانت. (ح 6)

عليك بالحكمة فإنّها الحلية الفاخرة. (ج 2 ص 477 ف 49 ح 2)

قرنت الحكمة بالعصمة. (ص 534 ف 61 ح 1)

كسب الحكمة إجمال النطق و استعمال الرفق. (ص 573 ف 69 ح 4)

كلّما قويت الحكمة ضعفت الشهوة. (ص 571 ف 68 ح 12)

من خزائن الغيب تظهر الحكمة. (ص 725 ف 78 ح 8)

من الحكمة طاعتك لمن فوقك و إجلالك من في طبقتك و إنصافك من دونك.

(ص 733 ح 137)

من الحكمة أن لا تنازع من فوقك و لا تستذلّ لمن دونك و لا تتعاطى ما ليس في قدرتك و لا يخالف لسانك قلبك و لا قولك فعلك و لا تتكلّم فيما لا تعلم و لا تترك الأمر عند الإقبال و تطلبه عند الإدبار. (ص 735 ح 163)

لا تجتمع الشهوة و الحكمة. (ص 836 ف 86 ح 139)

لا تسكن الحكمة قلبا مع حبّ شهوة. (ص 858 ح 479)

لا حكمة إلاّ لعصمة (بعصمة ف ن) . (ح 480)

ص:192

47- الحلم

الآيات

1- إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ. (1)

2-(قال اللّه تعالى في وصف شعيب:) . . . إِنَّكَ لَأَنْتَ اَلْحَلِيمُ اَلرَّشِيدُ. (2)

3- . . . وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. (3)

4- فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ. (4)

أقول:

من أسماء اللّه تعالى «الحليم» كما جاء في آيات كثيرة.

الأخبار

1-عن محمّد بن عبيد اللّه قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: لا يكون الرجل عابدا حتّى يكون حليما، و إنّ الرجل كان إذا تعبّد في بني إسرائيل لم يعدّ عابدا

ص:193


1- -هود:75 و بمضمونها في التوبة:114
2- هود:87
3- الفرقان:63
4- الصافّات:101

حتّى يصمت قبل ذلك عشر سنين. (1)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 434، «الحلم» : الأناة و التثبّت في الأمور.

و في المرآة ج 8 ص 205، قال الراغب: الحلم: ضبط النفس (و الطبع) عن هيجان الغضب.

و قيل: الحلم الأناة و التثبّت في الأمور، و هو يحصل من الاعتدال في القوّة الغضبيّة، و يمنع النفس من الانفعال عن الواردات المكروهة المؤذية، و من آثاره عدم جزع النفس عند الامور الهائلة، و عدم طيشها في المؤاخذة و عدم صدور حركات غير منتظمة منها، و عدم إظهار المزيّة على الغير، و عدم التهاون في حفظ ما يجب حفظه شرعا و عقلا انتهى.

و يدلّ الحديث على اشتراط قبول العبادة و كمالها بالحلم لأنّ السفيه يبادر بأمور قبيحة من الفحش و البذاء و الضرب و الإيذاء بل الجراحة و القتل، و كلّ ذلك يفسد العبادة، فإنّ اللّه إنّما يتقبّلها من المتّقين. و قيل: الحليم هنا العاقل و قد مرّ أنّ عبادة غير العاقل ليس بكامل و لمّا كان الصمت عمّا لا يعني من لوازم الحلم غالبا ذكره بعده، و لذلك قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا غضب أحدكم فليسكت.

أقول: الفرق بين الحلم و كظم الغيظ؛ أنّ الحلم أعمّ من كظم الغيظ إذ يكون الحلم بضبط النفس على ما ورد و إن لم يغضب و لكن يكون كظم الغيظ عند الغضب غالبا، و يكون الحلم قبل الغضب حيث يمنع من حدوث الغضب، و يكون الكظم بعد الغضب و إنّ الكظم تحلّم أي تكلّف الحلم إلاّ أنّه إذا واظب عليه حتّى صار معتادا تحدث بعد ذلك صفة الحلم الطبيعيّ بحيث لا يهيج الغيظ حتّى يحتاج إلى كظمه.

ص:194


1- -الكافي ج 2 ص 91 باب الحلم ح 1

2-عن أبي حمزة قال: المؤمن خلط عمله بالحلم، يجلس ليعلم، و ينطق ليفهم. . . (1)

بيان:

في المرآة، «عمله بالحلم» : في مجالس الصدوق رحمه اللّه"علمه"و هو أظهر و أوفق لسائر الأخبار. . .

3-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أعزّ اللّه بجهل قطّ و لا أذلّ بحلم قطّ. (3)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كفى بالحلم ناصرا. و قال: إذا لم تكن حليما فتحلّم. (4)

بيان:

«فتحلّم» : أي أظهر الحلم تكلّفا، و جاهد نفسك في ذلك حتّى يصير خلقا لك و يسهّل عليك، فمن أسباب الوصول إلى الحلم التحلّم، و (في نهج البلاغة ص 1180 ح 198) قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إن لم تكن حليما فتحلّم فإنّه قلّ من تشبّه بقوم إلاّ أوشك أن يكون منهم.

و في الغرر عنه عليه السّلام قال: خير الحلم التحلّم.

و قال عليه السّلام: من تحلّم حلم.

و قال عليه السّلام: من أحسن أفعال القادر أن يغضب فتحلّم.

ص:195


1- -الكافي ج 2 ص 91 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 91 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 91 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 91 ح 6

و قال عليه السّلام: من لم يتحلّم لم يحلم.

6-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف. (1)

بيان:

«الحييّ» : ذو حياء.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان، فيقولان للسفيه منهما: قلت و قلت و أنت أهل لما قلت، ستجزى بما قلت، و يقولان للحليم منهما: صبرت و حلمت سيغفر اللّه لك إن أتممت ذلك، قال: فإن ردّ الحليم عليه ارتفع الملكان. (2)

بيان:

في المرآة، «فإن ردّ الحليم عليه» : الردّ بعد مبالغة الآخر في الشتم لا ينافي وصفه بالحلم لأنّه قد حلم أوّلا و مراتب الحلم متفاوتة.

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من صبر على ما ورد عليه فهو الحليم.

و قال لقمان: عدوّ حليم خير من صديق سفيه. (3)

9-و قال لقمان: ثلاثة لا يعرفون إلاّ في ثلاثة مواضع: لا يعرف الحليم إلاّ عند الغضب، و لا يعرف الشجاع إلاّ في الحرب، و لا تعرف أخاك إلاّ عند حاجتك إليه. (4)

10-قال أمير المؤمنين للحسين عليهما السّلام: يا بنيّ، ما الحلم؟ قال: كظم الغيظ

ص:196


1- -الكافي ج 2 ص 92 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 92 ح 9
3- الاختصاص ص 239
4- الاختصاص ص 239

و ملك النفس. (1)

11-قال الرضا عليه السّلام لرجل من القمّيين: اتّقوا اللّه و عليكم بالصمت و الصبر و الحلم، فإنّه لا يكون الرجل عابدا حتّى يكون حليما.

و قال عليه السّلام: لا يكون عاقلا حتّى يكون حليما. (2)

12-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ السبل إلى اللّه جرعتان: جرعة غيظ يردّها بحلم، و جرعة حزن يردّها بصبر. (3)

13-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و الذي نفسي بيده ما جمع شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم. (4)

14-في حديث الصادق عليه السّلام لعنوان البصري: و أمّا اللواتي في الحلم، فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا، فقل: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، و من شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول، فأسأل اللّه أن يغفر لي، و إن كنت كاذبا فيما تقول، فاللّه أسأل أن يغفر لك، و من وعدك بالخنى فعده بالنصيحة و الرعاء. (5)

أقول:

لاحظ تمام الحديث في باب العلم ف 4، و «الخنى» : الفحش في الكلام.

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه، عليهم السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث من لم تكن فيه فليس منّي و لا من اللّه عزّ و جلّ، قيل: يا رسول اللّه، و ما هنّ؟ قال:

حلم يردّ به جهل الجاهل، و حسن خلق يعيش به في الناس، و ورع يحجزه

ص:197


1- -مشكوة الأنوار ص 216 ب 4 ف 11
2- مشكوة الأنوار ص 216
3- مشكوة الأنوار ص 217
4- مشكوة الأنوار ص 218
5- البحار ج 1 ص 226 ب 7 من العلم ح 17

عن معاصي اللّه عزّ و جلّ. (1)

16-في وصيّة أمير المؤمنين إلى الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ، العقل خليل المرء و الحلم وزيره، و الرفق والده، و الصبر من خير جنوده. (2)

17-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الخلق أقوى؟ قال: الحليم، و سئل من أحلم الناس؟ قال: الذي لا يغضب. (3)

18-عن جابر قال: سمع أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا يشتم قنبرا و قد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السّلام: مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا، ترضى الرحمن و تسخط الشيطان و تعاقب عدوّك، فو الذي فلق الحبّة و برأ النسمة، ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم، و لا أسخط الشيطان بمثل الصمت، و لا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه. (4)

بيان:

رام الشيء: أراده. «برء النسمة» : أي خلق النفوس.

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحلم سجيّة فاضلة.

و قال عليه السّلام: من حلم من عدوّه ظفر به. (5)

20-و قال عليه السّلام: لا عزّ أنفع من الحلم، و لا حسب أنفع من الأدب، و لا نسب أوضع من الغضب. (6)

ص:198


1- -البحار ج 71 ص 418 باب الحلم ح 46
2- البحار ج 71 ص 419 ح 50
3- البحار ج 71 ص 420 ح 52
4- البحار ج 71 ص 424 ح 64
5- البحار ج 71 ص 428 ح 78
6- البحار ج 71 ص 428 ح 78

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في خبر طويل) : فقد كاد الحليم أن يكون نبيّا. (1)

22-في وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (قال في حديث) : و أحلم الناس من فرّ من جهّال الناس. (2)

23-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أوّل عوض الحليم من حلمه أنّ الناس أنصاره على الجاهل. (3)

24-و قال عليه السّلام: الحلم غطاء ساتر، و العقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك، و قاتل هواك بعقلك. (4)

25-و قال عليه السّلام: الحلم عشيرة. (5)

بيان:

يعني أنّ الناس أنصاره فهو يعتزّ بنصرة الناس لحلمه كما يعتزّ بالعشيرة.

26-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: فأمّا الحلم فمنه ركوب الجميل، و صحبة الأبرار، و رفع من الضعة، و رفع من الخساسة، و تشهّي الخير، و يقرّب صاحبه من معالي الدرجات، و العفو و المهل و المعروف و الصمت، فهذا ما يتشعّب للعاقل بحلمه. (6)

27-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، أ لا أخبركم بأشبهكم بي خلقا؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أحسنكم

ص:199


1- -البحار ج 43 ص 70 باب مناقب فاطمة عليها السّلام في ح 61
2- البحار ج 77 ص 114
3- نهج البلاغة ص 1179 ح 197
4- نهج البلاغة ص 1285 ح 416
5- نهج البلاغة ص 1282 ح 410- الغرر ج 1 ص 10 ف 1 ح 187
6- تحف العقول ص 19

خلقا، و أعظمكم حلما، و أبرّكم بقرابته، و أشدّكم من نفسه إنصافا. (1)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المؤمن ليدرك بالحلم و اللين درجة العابد المتهجّد. (2)

أقول:

في ح 18: ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم.

29-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) قال: و مرارة الحلم أعذب من مرارة (حلاوة م) الانتقام. (3)

30-عن الغلابي قال: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد عليهما السّلام عن الحلم، فقال: هو أن تملك نفسك، و تكظم غيظك، و لا يكون ذلك إلاّ مع القدرة. (4)

31-قال الصادق عليه السّلام: الحلم سراج اللّه يستضييء به صاحبه إلى جواره و لا يكون حليما إلاّ المؤيّد بأنوار المعرفة و التوحيد، و الحلم يدور على خمسة أوجه: أن يكون عزيزا فيذلّ، أو يكون صادقا فيتّهم، أو يدعوا إلى الحقّ فيستخفّ به، أو أن يؤذى بلا جرم، أو أن يطلب بالحقّ و يخالفوه فيه، فإذا أتيت كلاّ منها حقّه فقد أصبت، و قابل السفيه بالإعراض عنه و ترك الجواب، تكن الناس أنصارك لأنّ من جاوب السفيه فكأنّه قد وضع الحطب على النار.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: مثل المؤمن كمثل الأرض منافعهم منها و أذاهم عليها و من لا يصبر على جفاء الخلق لا يصل إلى رضى اللّه تعالى لأنّ رضى اللّه مشوب بجفاء الخلق.

و حكي أنّ رجلا قال لأحنف بن قيس: إيّاك أعني قال: و عنك أحلم.

ص:200


1- -الوسائل ج 15 ص 267 ب 26 من جهاد النفس ح 9
2- المستدرك ج 11 ص 288 ب 26 من جهاد النفس ح 7
3- المستدرك ج 11 ص 290 ح 13
4- المستدرك ج 11 ص 291 ح 16

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بعثت للحلم مركزا، و للعلم معدنا، و للصبر مسكنا، صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و حقيقة الحلم أن تعفو عمّن أساء إليك و خالفك و أنت القادر على الانتقام منه، كما ورد في الدعاء «إلهي أنت أوسع فضلا و أعظم حلما من أن تؤاخذني بعملي و تستذلّني بخطيئتي» . (1)

32-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خمس من سنن المرسلين، و عدّ منها الحلم. (2)

33-و قال صلّى اللّه عليه و آله: ابتغوا الرفعة عند اللّه، قالوا: و ما هي يا رسول اللّه؟ قال:

تصل من قطعك، و تعطي من حرمك، و تحلم عمّن جهل عليك. (3)

34-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك، و لكنّ الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك. (4)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب حسن الخلق، كظم الغيظ و. . .

35-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحلم زين الخلق. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 331)

الحلم عنوان الفضل. (ص 20 ح 553)

الحلم حجاب من الآفات. (ص 26 ح 770)

الحلم رأس الرياسة. (ص 28 ح 821)

الحلم ثمرة العلم. (ص 29 ح 892)

العلم أصل الحلم-الحلم زينة العلم. (ص 34 ح 1046 و 1047)

الحلم تمام العقل. (ص 35 ح 1097)

ص:201


1- -مصباح الشريعة ص 37 ب 57
2- جامع السعادات ج 1 ص 296
3- جامع السعادات ج 1 ص 296
4- جامع السعادات ج 1 ص 296

الحليم من احتمل إخوانه. (ص 37 ح 1154)

الحلم نور جوهره العقل. (ص 40 ح 1229)

الحلم نظام أمر المؤمن. (ص 52 ح 1459)

الحلم احدى المنقبتين. (ص 64 ح 1689)

الحليم يعلي همّته فيما جني عليه من طلب سوء المكافاة. (ص 90 ح 2056)

الحلم يطفئ نار الغضب، و الحدّة تؤجّج إحراقه. (ص 92 ح 2086)

أحياكم أحلمكم. (ص 174 ف 8 ح 4)

أزين الشيم الحلم و العفاف. (ص 183 ح 180)

أفضل الحلم كظم الغيظ، و ملك النفس مع القدرة. (ص 196 ح 359)

أشجع الناس من غلب الجهل بالحلم. (ص 202 ح 431)

إنّ أفضل أخلاق الرجال الحلم. (ص 215 ف 9 ح 11)

إنّما الحلم كظم الغيظ و ملك النفس. (ص 296 ف 15 ح 1)

إنّما الحليم من إذا أوذي صبر و إذا ظلم غفر. (ص 300 ح 33)

آفة الحلم الذلّ. (ص 307 ف 16 ح 26)

إذا أحبّ اللّه عبدا زيّنه بالسكينة و الحلم. (ص 318 ف 17 ح 126)

بالحلم تكثر الأنصار. (ص 329 ف 18 ح 7)

بالكظم يكون الحلم. (ص 331 ح 40)

بالاحتمال و الحلم يكون لك الناس أنصارا و أعوانا. (ص 335 ح 132)

بكثرة الاحتمال يعرف الحليم. (ص 336 ح 151)

حسن الحلم دليل وفور العلم. (ص 377 ف 27 ح 20)

حبّ العلم و حسن الحلم و لزوم الصواب من فضائل أولي الألباب.

(ص 381 ف 28 ح 13)

ص:202

خير الناس من إن غضب حلم، و إن ظلم غفر، و إن أسيء إليه أحسن.

(ص 390 ف 29 ح 54)

رأس العلم الحلم. (ص 411 ف 34 ح 12)

سبب الوقار الحلم. (ص 431 ف 38 ح 25)

كمال العلم الحلم، و كمال الحلم كثرة الاحتمال و الكظم.

(ج 2 ص 573 ف 69 ح 12)

لن يثمر العلم حتّى يقارنه الحلم. (ص 590 ف 72 ح 9)

لن يزان العقل حتّى يوازره الحلم. (ص 592 ح 47)

ليس الحليم من عجز فهجم و إذا قدر انتقم، إنّما الحليم من إذا قدر عفى، و كان الحلم غالبا على أمره. (ص 598 ف 73 ح 78)

من كظم غيظه كمل حلمه. (ص 621 ف 77 ح 227)

من ملك غضبه كان حليما. (ص 646 ح 626)

مع العقل يتوفّر الحلم. (ص 758 ف 80 ح 29)

نعم قرين الحلم الصمت. (ص 771 ف 81 ح 18)

نعم وزير العلم الحلم. (ص 773 ح 49)

وجدت الحلم و الاحتمال أنصر لي من شجعان الرجال. (ص 787 ف 83 ح 80)

لا فضيلة كالحلم. (ص 830 ف 86 ح 25)

لا حلم كالصفح-لا ظهير كالحلم. (ص 831 ح 40 و 51)

لا حلم كالتغافل. (ص 832 ح 68)

لا عزّ أرفع من الحلم. (ص 839 ح 196)

لا شرف أعلى من الحلم. (ص 840 ح 220)

لا خير في خلق لا يزيّنه حلم. (ص 843 ح 272)

لا علم لمن لا حلم له. (ص 847 ح 348)

ص:203

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734332C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3230342C2253686F77506167654E756D223A22323034222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503230342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

48- الحمّام

الأخبار

1-قال الصادق عليه السّلام: بئس البيت الحمّام، يهتك الستر، و يبدي العورة، و نعم البيت الحمّام، يذكّر حرّ النار. (1)

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل الحمّام فغضّ طرفه عن النظر إلى عورة أخيه آمنه اللّه من الحميم يوم القيامة. (2)

3-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: يا عليّ، إيّاك و دخول الحمّام بغير مئزر، (فإنّ من دخل الحمّام بغير مئزر) ملعون الناظر و المنظور إليه. (3)

4-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

و كره اللّه لأمّتي الغسل تحت السماء إلاّ بمئزر، و كره دخول الأنهار إلاّ بمئزر، فإنّ فيها سكّانا من الملائكة. (4)

5-عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث) قال: إيّاك

ص:205


1- -الوسائل ج 2 ص 30 ب 1 من آداب الحمّام ح 6
2- الوسائل ج 2 ص 33 ب 3 ح 4
3- الوسائل ج 2 ص 33 ح 5( تحف العقول ص 18)
4- الوسائل ج 2 ص 41 ب 10 ح 3

و الاضطجاع في الحمّام، فإنّه يذيب شحم الكليتين، و إيّاك و الاستلقاء على القفا في الحمّام، فإنّه يورث داء الدبيلة، و إيّاك و التمشّط في الحمّام فإنّه يورث وباء الشعر، و إيّاك و السواك في الحمّام، فإنّه يورث وباء الأسنان، و إيّاك أن تغسل رأسك بالطين، فإنّه يسمج الوجه، و إيّاك أن تدلك رأسك و وجهك بمئزر، فإنّه يذهب بماء الوجه، و إيّاك أن تدلك تحت قدميك بالخزف، فإنّه يورث البرص، و إيّاك أن تغتسل بغسالة الحمّام. (1)

بيان:

«اضطجع» : نام، و قيل: وضع جنبه بالأرض.

«داء الدبيلة» في مجمع البحرين (دبل) : أي الطاعون و خراج و دمل يظهر في الجوف و يقتل صاحبه غالبا. «وباء الشعر» : مرض الشعر. «يسمج الوجه» : يقبّحه، من قولهم: سمج الشيء سماجة: قبح.

«الخزف» : يقال بالفارسيّة: سفال و آنچه از گل پخته ساخته مى شود.

6-عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، من أطاع امرأته أكبّه اللّه عزّ و جلّ على وجهه في النار، قال عليّ عليه السّلام:

و ما تلك الطاعة؟ قال: يأذن لها في الذهاب إلى الحمّامات و العرسات و النائحات و لبس الثياب الرقاق. (2)

بيان:

«الذهاب إلى الحمّامات» : بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يرسل حليلته إلى الحمّام» قيل: إنّما نهي عن رواح النساء إلى الحمّامات لأنّ بعضهنّ لا يسترن عورتهنّ فيها في زمانهم، و الدخول في الحمّام

ص:206


1- -الوسائل ج 2 ص 45 ب 13 ح 2
2- الوسائل ج 2 ص 50 ب 16 ح 6

يستلزم نظر بعض إلى بعض، مع ما قيل: بوجوب ستر أبدانهنّ عن نساء أهل الكتاب من اليهود و النصارى و كان المتداول دخولهنّ إلى الحمّام مع النساء المسلمات.

أقول: لعلّ كراهة مطلق خروجهنّ تشتدّ في خصوص خروجهنّ إلى الحمّامات و العرسات و النياحات.

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تدخل الحمّام إلاّ و في جوفك شيء يطفئ عنك وهج المعدة و هو أقوى للبدن، و لا تدخله و أنت ممتلي من الطعام. (1)

بيان:

«وهج المعدة» : أي حرّها و اتّقادها، و في ح 2: بل يؤكل شيء قبله يطفي المرار و يسكن حرارة الجوف.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يدخل الرجل مع ابنه الحمّام فينظر إلى عورته، و قال: ليس للوالدين أن ينظرا إلى عورة الولد، و ليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد،

و قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الناظر و المنظور إليه في الحمّام بلا مئزر. (2)

أقول:

في ح 4 عنه صلّى اللّه عليه و آله: حقّ الوالد على ولده. . . و لا يدخل معه الحمّام.

9-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تغسلوا رؤوسكم بطين مصر، فإنّه يذهب بالغيرة، و يورث الدياثة. (3)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: غسل الرأس بالخطميّ أمان من الصداع،

ص:207


1- -الوسائل ج 2 ص 52 ب 17 ح 1
2- الوسائل ج 2 ص 56 ب 21 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 58 ب 23 ح 1

و براءة من الفقر، و طهور للرأس من الحزاز. (1)

بيان:

«الحزاز» : القشرة التي تتساقط من الرأس كالنخالة (شوره سر) .

11-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: غسل الرأس بالخطميّ ينفي الفقر، و يزيد في الرزق، و قال: هو نشرة. (2)

12-قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام: غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلبا. (3)

أقول:

في فضل السدر أخبار اخر، في بعضها: «يذهب الغمّ» و في بعضها: «و من غسل رأسه بورق السدر صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما، من صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص اللّه، و من لم يعص اللّه سبعين يوما دخل الجنّة» .

13-عن عليّ بن يقطين عن أبي الحسن الأوّل عليه السّلام (في حديث) قال: و شعر الجسد إذا طال قطع ماء الصلب، و أرخى المفاصل، و ورث الضعف و السلّ، و إنّ النورة تزيد في ماء الصلب، و تقوي البدن، و تزيد في شحم الكليتين، و تسمن البدن. (4)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنّة في النورة في كلّ خمسة عشر يوما فمن أتت عليه أحد و عشرون يوما و لم يتنوّر فليستدن على اللّه عزّ و جلّ و ليتنوّر،

ص:208


1- -الوسائل ج 2 ص 61 ب 25 ح 4
2- الوسائل ج 2 ص 61 ح 5
3- الوسائل ج 2 ص 63 ب 26 ح 3
4- الوسائل ج 2 ص 65 ب 28 ح 4

و من أتت عليه أربعون يوما و لم يتنوّر فليس بمؤمن و لا مسلم و لا كرامة. (1)

15-قال الصادق عليه السّلام: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ينبغي للرجل أن يتوقّى النورة يوم الأربعاء فإنّه يوم نحس مستمرّ، و تجوز النورة في سائر الأيّام. (2)

16-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحنّاء يذهب بالسهك، و يزيد في ماء الوجه، و يطيب النكهة، و يحسن الولد.

و قال: من أطلى في الحمّام فتدلك بالحنّاء من قرنه إلى قدمه نفي عنه الفقر.

و قال: رأيت أبا جعفر الثاني عليه السّلام قد خرج من الحمّام و هو من قرنه إلى قدمه مثل الورد من أثر الحنّاء. (3)

بيان:

«السهك» : ريح كريهة تجدها ممّن عرق. «النكهة» : ريح الفم.

أقول: الأخبار في هذا الباب كثيرة، راجع المستدرك ج 1 و البحار ج 76 و. . .

أبواب آداب الحمّام.

ص:209


1- -الوسائل ج 2 ص 72 ب 33 ح 4
2- الوسائل ج 2 ص 80 ب 40 ح 1
3- الوسائل ج 2 ص 74 ب 35 ح 9

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734342C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3231302C2253686F77506167654E756D223A22323130222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503231302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

49- الحيوان

الآيات

1- وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ. . . (1)

2- وَ اَلْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ . . . وَ اَلْخَيْلَ وَ اَلْبِغالَ وَ اَلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِينَةً وَ يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ. (2)

3- وَ لِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ. . . (3)

4- أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اَللّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلطَّيْرُ صَافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ وَ اَللّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ. (4)

5- . . . وَ قالَ يا أَيُّهَا اَلنّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ اَلطَّيْرِ. الآيات (5)

6- وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اَللّهُ يَرْزُقُها وَ إِيّاكُمْ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ. (6)

ص:211


1- -الأنعام:38
2- النحل:5 إلى 8
3- النحل:49 و بهذا المعنى في الرعد:15 و الحجّ:18 و. . .
4- النور:41 و بمضمونها في الإسراء:44 و الحشر:24 و الأنبياء:79 و الجمعة:1 و التغابن:1
5- النمل:16 إلى 18
6- العنكبوت:60

7- وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ ما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. (1)

8- وَ إِذَا اَلْوُحُوشُ حُشِرَتْ. (2)

9- أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى اَلْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. (3)

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: للدابّة على صاحبها ستّ خصال: يبدء بعلفها إذا نزل، و يعرض عليها الماء إذا مرّ به، و لا يضرب وجهها، فإنّها تسبّح بحمد ربّها، و لا يقف على ظهرها إلاّ في سبيل اللّه عزّ و جلّ، و لا يحملها فوق طاقتها، و لا يكلّفها من المشي إلاّ ما تطيق. (4)

أقول:

بمضمونه في المحاسن ص 627، و زاد فيه: «و لا يتّخذ ظهرها مجالس يتحدّث عليها و لا يسمّها في وجهها» .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من الجور قول الراكب للراجل؛ الطريق. (5)

3-عن الصادق عليه السّلام قال: قال عليّ بن الحسين لابنه محمّد عليهم السّلام حين حضرته الوفاة: إنّي قد حججت على ناقتي هذه عشرين حجّة فلم أقرعها بسوط قرعة، فإذا نفقت فادفنها لا يأكل لحمها السباع. . . (6)

ص:212


1- -الجاثية:4
2- التكوير:5 و بمضمونها في ص:19
3- الغاشية:17
4- الخصال ج 1 ص 330 باب الستّة ح 28
5- الخصال ج 1 ص 3 باب الواحد ح 3
6- الوسائل ج 11 ص 541 ب 51 من أحكام الدوابّ ح 1

بيان:

«نفقت الدابّة» : هلكت.

4-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تضربوا وجوه الدوابّ، و كلّ شيء فيه الروح فإنّه يسبّح بحمد اللّه. (1)

5-عن أحدهما عليهما السّلام قال: أيّما دابّة استصعبت على صاحبها من لجام و نفار فليقرأ في أذنها أو عليها أَ فَغَيْرَ دِينِ اَللّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (2)(3)

6-عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام: أنّه كره إخصاء الدوابّ و التحريش بينها. (4)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 368، و فيه: «أنّه نهى عن التحريش بين البهائم» هو الإغراء، و تهييج بعضها على بعض، كما يفعل بين الجمال و الكباش و الديوك و غيرها.

7-عن الصادق عليه السّلام قال: أقذر الذنوب ثلاثة: قتل البهيمة، و حبس مهر المرأة، و منع الأجير أجره. (5)

أقول:

في كنز العمّال ج 15 خ 39968 عن النبيّ (ص) قال: ما من دابّة طائر و لا غيره يقتل بغير الحقّ إلاّ ستخاصمه يوم القيامة.

و خ 39981، نهى (ص) عن قتل كلّ ذي روح إلاّ أن يؤذي.

ص:213


1- -الوسائل ج 11 ص 484 ب 10 ح 13
2- آل عمران:83
3- الوسائل ج 11 ص 490 ب 15 ح 1
4- الوسائل ج 11 ص 522 ب 36 ح 3
5- الوسائل ج 11 ص 544 ب 53 ح 2

8-عن عليّ عليه السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى أن تحمّل الدوابّ فوق طاقتها و أن تضيّع حتّى تهلك.

و قال: لا تتّخذوا ظهور الدوابّ كراسيّ، فربّ دابّة مركوبة خير من راكبها، و أطوع للّه منه و أكثر ذكرا. و نظر صلّى اللّه عليه و آله إلى ناقة محمّلة قد ثقلت فقال: أين صاحبها؟ فلم يوجد، فقال: مروه أن يستعدّ لها غدا للخصومة. (1)

أقول:

سيأتي في باب العدل، أنّه لا تقبل شهادة سابق الحاجّ لأنّه قتل راحلته.

9-. . . و عن عليّ عليه السّلام: أنّه يكره سبّ البهائم. (2)

أقول:

في حديث آخر: «و لا تلعنوها (أي الدوابّ) فإنّ اللّه عزّ و جلّ لعن لاعنها» .

(الوسائل ج 11 ص 483 ب 10 ح 6)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث أشراط الساعة) : يا سلمان، و عندها يكتفي الرجال بالرجال و النساء بالنساء، و يغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، و تشبّه الرجال بالنساء و النساء بالرجال، و لتركبّن ذوات الفروج السروج، فعليهنّ من أمّتي لعنة اللّه. (3)

11-و في الحديث: أنّ جبرئيل نزل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فوقف بالباب و استأذن، فأذن له فلم يدخل، فخرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: مالك؟ فقال: إنّا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب، و لا صورة. . . (4)

12-روي أنّ رجلا قال لابن عباس: لي دابّة أخاف عليها العين

ص:214


1- -المستدرك ج 8 ص 260 ب 7 من أحكام الدوابّ ح 5
2- المستدرك ج 8 ص 261 ب 8 ح 2
3- المستدرك ج 8 ص 275 ب 17 ح 1( تفسير القمّي ج 2 ص 303 سورة محمّد صلّى اللّه عليه و آله)
4- المستدرك ج 8 ص 293 ب 35 ح 2

و السرق، قال: اكتب بين اذنيها لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى (1)ثمّ قال: تقرء على وجع الدابّة: ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها. (2)(3)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في باب السفر.

13-في حديث وفاة أمير المؤمنين عليه السّلام. . . قالت أمّ كلثوم: . . . و كان في الدار إوزّ قد أهدي إلى أخي الحسين عليه السّلام، فلمّا نزل خرجن ورائه و رفرفن و صحن في وجهه، و كان قبل تلك الليلة لم يصحن. . . ثمّ قال: يا بنيّة، بحقّي عليك إلاّ ما أطلقتيه فقد حبست ما ليس له لسان و لا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش، فأطعميه و اسقيه و إلاّ خلّي سبيله يأكل من حشائش الأرض. . . (4)

بيان:

«إوزّ» يقال بالفارسيّة: مرغابى.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من طير يصاد في برّ و لا بحر و لا يصاد شيء من الوحوش إلاّ بتضييعه التسبيح. (5)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

15-عن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام أنّه كان يقول:

ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالربّ تبارك و تعالى،

ص:215


1- -طه:77
2- هود:56
3- المستدرك ج 8 ص 307 ب 45 ح 8
4- البحار ج 42 ص 278
5- البحار ج 64 ص 24 باب عموم أحوال الحيوان ح 1

و معرفتها بالموت، و معرفتها بالأنثى من الذكر، و معرفتها بالمرعى الخصب. (1)

أقول:

زاد عليه السّلام في ح 28: «و معرفتها بالموت و الفرار منه» .

16-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث طويل) :

لا يرتدف ثلاثة على دابّة فإنّ أحدهم ملعون و هو المقدّم. (2)

بيان:

قال رحمه اللّه: كأنّه محمول على الكراهة الشديدة، و التخصيص بالمقدّم لأنّه أضرّ، لأنّه يقع على العنق غالبا.

أقول: لعلّ المراد بالمقدّم صاحب الدابّة لأنّه هو المقدّم غالبا و لأنّه السبب في ارتداف الثلاثة.

17-قال عليّ عليه السّلام: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن توسم الدوابّ على وجوهها فإنّها تسبّح بحمد ربّها. (3)

ص:216


1- -البحار ج 64 ص 50 ح 27
2- البحار ج 64 ص 203 باب حقّ الدابّة على صاحبها ح 4
3- البحار ج 64 ص 210 في ح 16

50- الحياء

الآيات

1- فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ. . . (1)

2- . . . وَ اَللّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ اَلْحَقِّ. . . (2)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحياء من الإيمان و الإيمان في الجنّة. (3)

بيان:

في المفردات، «الحياء» : انقباض النفس عن القبائح و تركه لذلك، يقال: حيي فهو حيّ و استحيا فهو مستحي.

و في المرآة ج 8 ص 187، الحياء ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح و انزجارها عن خلاف الآداب خوفا من اللوم.

2-عن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الحياء و العفاف و العيّ

ص:217


1- -القصص:25
2- الأحزاب:53
3- الكافي ج 2 ص 86 باب الحياء ح 1

-أعني عيّ اللسان لا عيّ القلب-من الإيمان. (1)

بيان:

في المرآة، «العفاف» : أي ترك المحرّمات بل الشبهات أيضا و يطلق غالبا على عفّة البطن و الفرج. و قال رحمه اللّه: «العيّ» في القاموس: عيّ بالأمر. . . : لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه و لم يطق أحكامه، و عيي في المنطق كرضي عيّا بالكسر: حصر، و أعيى الماشي: كلّ انتهى.

و المراد بعيّ اللسان: ترك الكلام فيما لا فائدة فيه، و عدم الاجتراء على الفتوى بغير علم، و على إيذاء الناس و أمثاله و هذا ممدوح، و عيّ القلب؛ عجزه عن إدراك دقائق المسائل، و حقايق الامور و هو مذموم. . . في كتاب الزهد عن الصيقل قال:

كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام جالسا فبعث غلاما له أعجميّا في حاجة إلى رجل فانطلق ثمّ رجع فجعل أبو عبد اللّه عليه السّلام يستفهمه الجواب و جعل الغلام لا يفهمه مرارا، قال: فلمّا رأيته لا يتعبّر لسانه و لا يفهمه ظننت أنّ أبا عبد اللّه عليه السّلام سيغضب عليه، قال: و أحدّ أبو عبد اللّه عليه السّلام النظر إليه ثمّ قال: أما و اللّه لئن كنت عيّ اللسان فما أنت بعيّ القلب، ثمّ قال: إنّ الحياء و العيّ، -عيّ اللسان لا عيّ القلب- من الإيمان، و الفحش و البذاء و السلاطة من النفاق.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من رقّ وجهه رقّ علمه. (2)

بيان:

«رقّ وجهه» : المراد الاستحياء عن السؤال و طلب العلم. «رقّ علمه» : كناية عن قلّته.

4-عن أحدهما عليهما السّلام قال: الحياء و الإيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب

ص:218


1- -الكافي ج 2 ص 87 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 87 ح 3

أحدهما تبعه صاحبه. (1)

بيان:

«قرن» : حبل يجمع به البعيران، و الغرض بيان تلازمهما.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا إيمان لمن لا حياء له. (2)

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الحياء حياءان: حياء عقل، و حياء حمق، فحياء العقل هو العلم، و حياء الحمق هو الجهل. (3)

بيان:

«هو العلم» : أي سببه العلم أو موجب لوفور العلم. «هو الجهل» : أي سببه الجهل أو موجب للجهل.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه و كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدّلها اللّه حسنات: الصدق و الحياء و حسن الخلق و الشكر. (4)

بيان:

«القرن» : الجانب الأعلى من الرأس.

أقول: قد مرّ في باب الحلم: إنّ اللّه يحبّ الحييّ الحليم. . .

8-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما ينزع اللّه تعالى من العبد الحياء فيصير ماقتا ممقتا، ثمّ ينزع منه الإيمان، ثمّ ينزع منه الرحمة، ثمّ يخلع دين الإسلام عن عنقه، فيصير شيطانا لعينا. -يعني أنّ ارتكاب القبيحة بعد القبيحة تنتهي

ص:219


1- -الكافي ج 2 ص 87 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 87 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 87 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 87 ح 7

إلى الشيطنة و من تشيطن على اللّه لعنه اللّه-. (1)

9-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا الحياء فيتشعّب منه اللين و الرأفة و المراقبة للّه في السرّ و العلانية و السلامة و اجتناب الشرّ و البشاشة و السماحة و الظفر و حسن الثناء على المرء في الناس، فهذا ما أصاب العاقل بالحياء، فطوبى لمن قبل نصيحة اللّه و خاف فضيحته. (2)

10-في مواعظ الصادق عليه السّلام: الحياء على وجهين: فمنه ضعف و منه قوّة و إسلام و إيمان. (3)

11-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قرنت الهيبة بالخيبة، و الحياء بالحرمان، و الفرصة تمرّ مرّ السحاب، فانتهزوا فرص الخير. (4)

أقول:

في الغرر ف 1 ح 328 عنه عليه السّلام قال: «الحياء يمنع الرزق» و ح 404: «الحياء مقرون بالحرمان» .

بيان: «الحياء مقرون بالحرمان» : أي أنّ حياء الحمق و الضعف يوجب الحرمان.

في مجمع البحرين، «النهزة» : الفرصة، و انتهزتها: اغتنمتها.

12-و قال عليه السّلام: و لا إيمان كالحياء و الصبر. (5)

13-و قال عليه السّلام: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. (6)

14-و قال عليه السّلام: . . . و من كثر كلامه كثر خطؤه، و من كثر خطؤه قلّ

ص:220


1- -معاني الأخبار ص 390 باب النوادر ح 94
2- تحف العقول ص 20
3- تحف العقول ص 265 و مثله في قرب الأسناد، عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله
4- نهج البلاغة ص 1096 ح 20
5- نهج البلاغة ص 1139 في ح 109
6- نهج البلاغة ص 1185 ح 214( الغرر ج 2 ص 660 ف 77 ح 853)

حياءه، و من قلّ حياؤه قلّ ورعه، و من قلّ ورعه مات قلبه، و من مات قلبه دخل النار. . . (1)

15-عن عليّ عليه السّلام قال: الحياء لباس سابغ، و حجاب مانع، و ستر من المساويء واق، و حليف للدين، و موجب للمحبّة، و عين كالئة تذود عن الفساد، و تنهى عن الفحشاء.

و العجلة في الأمور مكسبة للمذلّة، و زمام للندامة، و سلب للمروءة و شين للحجى، و دليل على ضعف العقيدة. (2)

16-عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أشدّ حياء من العذراء في خدرها، و كان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه. (3)

17-عن سلمان رحمه اللّه قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا أراد هلاك عبد نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلاّ خائفا مخوفا، فإذا كان خائفا مخوفا نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلاّ شيطانا ملعونا فلعناه. (4)

18-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. (5)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الإيمان عريان و لباسه الحياء و زينته الوفاء و مروّته العمل الصالح و عماده الورع و لكلّ شيء أساس و أساس الإسلام حبّنا أهل البيت. (6)

20-قال الصادق عليه السّلام: ثلاث من لم تكن فيه فلا يرجى خيره أبدا:

ص:221


1- -نهج البلاغة ص 1249 في ح 341
2- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 272
3- مكارم الأخلاق ص 17 ب 1 ف 2
4- مشكوة الأنوار ص 233 ب 5 ف 5
5- مشكوة الأنوار ص 234
6- مشكوة الأنوار ص 234

من لم يخش اللّه في الغيب و لم يرعو عند الشيب و لم يستحي من العيب. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: ارعوى عن القبيح: رجع.

21-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قلّة الحياء كفر، و قيل له: أوصني، قال: استحي من اللّه كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك. (2)

22-قال الصادق عليه السّلام: الحياء عشرة أجزاء، تسعة في النساء و واحد في الرجال، فإذا حاضت الجارية ذهب جزء من حياها، و إذا تزوّجت ذهب جزء، و إذا افترعت ذهب جزء، و إذا ولدت ذهب جزء و بقي لها خمسة أجزاء، فإن فجرت ذهب حياءها كلّه، و إن عفّت بقي لها خمسة أجزاء. (3)

بيان:

افترع البكر: أزال بكارتها.

23-روي أنّ اللّه تعالى يقول: عبدي إنّك إذا استحيت منّي أنسيت الناس عيوبك و بقاع الأرض ذنوبك، و محوت من الكتاب زلاّتك و لا أناقشك الحساب يوم القيامة.

و روي أنّ اللّه تعالى يقول: عبدي إنّك إذا استحيت منّي و خفتني غفرت لك.

و روي أنّ رجلا رأى رجلا يصلّي على باب المسجد، فقال: لم لا تصلّي فيه فقال: أستحي منه أن أدخل بيته و قد عصيت، و من علامات المستحي أن لا يرى في أمر استحى منه. . . و نهاية الحياء ذوبان القلب للعلم بأنّ اللّه مطّلع عليه و طول المراقبة لمن لا يغيب عن نظره سرّا و علانية، و إذا كان العبد حال عصيانه يعتقد أنّ اللّه يراه فإنّه قليل الحياء جاهل بقدرة اللّه تعالى و إن كان يعتقد أنّه لا يراه

ص:222


1- -مشكوة الأنوار ص 234
2- مشكوة الأنوار ص 235
3- مشكوة الأنوار ص 235

فإنّه كافر. (1)

24-سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جبرئيل عليه السّلام هل تنزل إلي الأرض من بعدي؟ قال: نعم يا رسول اللّه، أنزل إلى الأرض من بعدك عشر مرّات و أرفع عشر جواهر من وجه الأرض. قال صلّى اللّه عليه و آله: ما هذه الجواهر؟ فقال: الأوّل، أنزل إلى الأرض و أرفع البركة منها، و الثاني أرفع منها الرحمة.

و الثالث أرفع منها الحياء من عيون النساء، و الرابع أرفع الحميّة من رؤوس الرجال، و الخامس أرفع العدل من قلوب السلاطين، و السادس أرفع الصدق من قلوب الأصدقاء.

و السابع أرفع السخاوة من قلوب الأغنياء، الثامن أرفع الصبر عن الفقراء، التاسع أرفع الحكمة من قلوب الحكماء، العاشر أرفع الإيمان من قلوب المؤمنين. (2)

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تقوم الساعة حتّى يذهب الحياء من الصبيان و النساء. (3)

26-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما كان [الفحش]في شيء قطّ إلاّ شانه، و لا كان الحياء في شيء قطّ إلاّ زانه. (4)

27-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الحياء خير كلّه. (5)

28-نظر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى رجل يغتسل بحيث يراه الناس، فقال: أيّها الناس، إنّ اللّه يحبّ من عباده الحياء و الستر، فأيّكم اغتسل فليتوار من الناس،

ص:223


1- -إرشاد القلوب ص 150 ب 30
2- الاثنى عشريّة ص 330 ب 10 ف 3
3- سفينة البحار ج 1 ص 362( حياء)
4- الوسائل ج 12 ص 167 ب 110 من العشرة ح 7(أمالي الطوسي ج 1 ص 193)
5- الوسائل ج 12 ص 168 ح 8

فإنّ الحياء زينة الإسلام. (1)

29-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لداود بن سرحان: يا داود، إنّ خصال المكارم بعضها مقيّد ببعض، يقسّمها اللّه حيث شاء يكون في الرجل و لا يكون في ابنه، و يكون في العبد و لا يكون في سيّده: صدق الحديث، و صدق البأس، و إعطاء السائل، و المكافات بالصنايع، و أداء الأمانة، و صلة الرحم، و التودّد إلى الجار و الصاحب، و قرى الضيف، و رأسهنّ الحياء. (2)

أقول:

سيأتي ما بمعناه مع شرحه في باب مكارم الأخلاق.

30-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: لم يبق من أمثال الأنبياء إلاّ قول الناس: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت. (3)

31-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استحيوا من اللّه حقّ الحياء، قالوا: و ما نفعل يا رسول اللّه؟ قال: فإن كنتم فاعلين فلا يبيتنّ أحدكم إلاّ و أجله بين عينيه، و ليحفظ الرأس و ما حوى، و البطن و ما وعى، و ليذكر القبر و البلى، و من أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا. (4)

بيان:

«الرأس و ما حوى» : أي العين و اللسان، أو المراد الآراء و الأهواء الباطلة. «البطن و ما وعى» : أي الفرج، أو المراد حفظ باطنه من الخطورات النفسانيّة.

32-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: خف اللّه تعالى لقدرته عليك، و استحي

ص:224


1- -المستدرك ج 8 ص 463 ب 93 من العشرة ح 12
2- البحار ج 69 ص 375 باب جوامع المكارم ح 23
3- البحار ج 71 ص 333 باب الحياء ح 8
4- البحار ج 71 ص 333 ح 9-و نظيره في ج 77 ص 85 في وصيّته صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه

منه لقربه منك. (1)

33-و قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: من لم يتّق وجوه الناس لم يتّق اللّه. (2)

34-في مواعظ المجتبى عليه السّلام: . . . و لا حياء لمن لا دين له. . . (3)

35-قال الصادق عليه السّلام: الحياء نور جوهره صدر الإيمان، و تفسيره التثبّت عند كلّ شيء ينكره التوحيد و المعرفة.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الحياء من الإيمان» فقيّد الحياء بالإيمان و الإيمان بالحياء، و صاحب الحياء خير كلّه و من حرم الحياء فهو شرّ كلّه و إن تعبّد و تورّع و إنّ خطوة يتخطّاه في ساحات هيبة اللّه بالحياء منه إليه خير له من عبادة سبعين سنة، و الوقاحة صدر النفاق و الشقاق و الكفر.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا لم تستح فاعمل ما شئت، أي إذا فارقت الحياء فكلّ ما عملت من خير و شرّ فأنت به معاقب. و قوّة الحياء من الحزن و الخوف، و الحياء مسكن الخشية، و الحياء أوّله الهيبة و آخره الرؤية، و صاحب الحياء مشتغل بشأنه معتزل من الناس مزدجر عمّا هم فيه و لو تركوا صاحب الحياء ما جالس أحدا.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهاه عن محاسنه و جعل مساويه بين عينيه و كرّهه مجالسة المعرضين عن ذكر اللّه.

و الحياء خمسة أنواع: حياء ذنب، و حياء تقصير، و حياء كرامة، و حياء حبّ، و حياء هيبة، و لكلّ واحد من ذلك أهل، و لأهله مرتبة على حدة. (4)

ص:225


1- -البحار ج 71 ص 336 ح 22
2- البحار ج 71 ص 336 ح 22
3- البحار ج 78 ص 111
4- مصباح الشريعة ص 63 ب 93

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الحياء مفتاح كلّ الخير. (الغرر ج 1 ص 16 ف 1 ح 395)

الحياء غضّ الطرف-الحياء تمام الكرم. (ص 19 ح 517 و 524)

الحياء قرين العفاف. (ص 22 ح 621)

الحياء تمام الكرم و أحسن الشيم. (ص 49 ح 1388)

الحياء يصدّ عن فعل القبيح. (ص 51 ح 1435)

الحياء من اللّه يمحو كثيرا من الخطايا. (ص 59 ح 1584)

الحياء من اللّه سبحانه يقي عذاب النار. (ص 99 ح 2144)

الحياء خلق مرضيّ. (ص 35 ح 1077)

أعقل الناس أحياهم. (ص 177 ف 8 ح 72)

أحسن ملابس الدين الحياء. (ص 183 ح 171)

أصل المروءة الحياء و ثمرتها العفّة. (ص 190 ح 280)

أحسن الحياء استحياؤك من نفسك. (ص 191 ح 293)

إنّ الحياء و العفّة من خلائق الإيمان، و إنّهما لسجيّة الأحرار و شيمة الأبرار.

(ص 245 ف 9 ح 229)

حياء الرجل من نفسه ثمرة الإيمان. (ص 386 ف 28 ح 78)

على قدر الحياء تكون العفّة. (ج 2 ص 487 ف 51 ح 10)

كثرة حياء الرجل دليل إيمانه. (ص 562 ف 66 ح 16)

لا إيمان كالحياء و السخاء. (ص 845 ف 86 ح 317)

من استحيى من قول الحقّ فهو الأحمق. (ص 671 ف 77 ح 985)

من صحبه الحياء في قوله زايله الخناء في فعله. (ص 676 ح 1051)

من لم يستحي من الناس لم يستحي من اللّه سبحانه. (ص 711 ح 1419)

من قلّ حياؤه قلّ ورعه. (ص 647 ح 645)

ص:226

حرف الخاء

51- الخدمة

الأخبار

1-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيّما مسلم خدم قوما من المسلمين إلاّ أعطاه اللّه مثل عددهم خدّاما في الجنّة. (1)

2-عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: و كيف يكونون خدما بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضا. . . (2)

أقول:

قد مرّ في حديث حقوق المؤمن عنه عليه السّلام: «و الحقّ السادس؛ إن يكون لك امرأة و خادم و ليس لأخيك امرأة و لا خادم أن تبعث خادمك، فتغسل ثيابه و تصنع طعامه و تمهّد فراشه» .

3-. . . قال الصادق عليه السّلام: أخدم أخاك فإن استخدمك فلا، و لا كرامة. . . (3)

ص:227


1- -الكافي ج 2 ص 166 باب خدمة المؤمن
2- الكافي ج 2 ص 134 باب اخوّة المؤمنين ح 9
3- الاختصاص ص 236

4-عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة و إن لم تظلمهم ظلموك: السفلة و زوجتك و خادمك. (1)

5-عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: ثلاثة يستظلّون بظلّ عرش اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: رجل زوّج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرّا. (2)

6-عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أربع من كنّ فيه بنى اللّه له بيتا في الجنّة: من آوى اليتيم، و رحم الضعيف، و أشفق على والديه، و رفق بمملوكه. (3)

7-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع من كنّ فيه نشر اللّه عليه كنفه و أدخله الجنّة في رحمته: حسن خلق يعيش به في الناس، و رفق بالمكروب، و شفقة على الوالدين، و إحسان إلى المملوك. (4)

8-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و اجعل لكلّ إنسان من خدمك عملا تأخذه به، فإنّه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك. (5)

بيان:

«لا يتواكلوا» : أي لا يتكلّ بعضهم على بعض (كارها را به دوش يكديگر نياندازند) .

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خدمة المؤمن لأخيه المؤمن درجة لا يدرك

ص:228


1- -الخصال ج 1 ص 86 باب الثلاثة ح 15
2- الخصال ج 1 ص 141 ح 162
3- الخصال ج 1 ص 223 باب الأربعة ح 53
4- الخصال ص 225 ح 57
5- نهج البلاغة ص 939 في ر 31

فضلها إلاّ بمثلها. (1)

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أنبّئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، فقال: من سافر وحده، و منع رفده، و ضرب عبده. (2)

أقول:

في الغرر (ج 1 ص 115 ف 2 ح 126) : اضرب خادمك إذا عصى اللّه و اعف عنه إذا عصاك.

11-قال المعذور بن سويد: دخلنا على أبي ذرّ بالربذة، فإذا عليه برد و على غلامه مثله. فقلنا: لو أخذت برد غلامك إلى بردك كانت حلّة و كسوته ثوبا غيره، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إخوانكم جعلهم اللّه تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه ممّا يأكل، و ليكسه ممّا يلبس، و لا يكلّفه ما يغلبه، فإن كلّفه ما يغلبه فليعنه. . . (3)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: عاتبوا أرقّاكم على قدر عقولهم. (4)

13-عن ابن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال في كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«إذا استعملتم ما ملكت أيمانكم في شيء يشقّ عليهم فاعملوا معهم فيه» قال: و إن كان أبي ليأمرهم فيقول كما أنتم، فيأتي فينظر فإن كان ثقيلا قال: بسم اللّه، ثم عمل معهم و إن كان خفيفا تنحّى عنهم. (5)

14-عن مختار التّمار قال: أتى أمير المؤمنين عليه السّلام سوق الكرابيس فاشترى

ص:229


1- -المستدرك ج 12 ص 428 ب 34 من فعل المعروف ح 8
2- البحار ج 74 ص 141 باب العشرة مع المماليك ح 7
3- البحار ج 74 ص 141 ح 11
4- البحار ج 74 ص 142 في ح 11
5- البحار ج 74 ص 142 ح 13

ثوبين: أحدهما بثلاثة دراهم، و الآخر بدرهمين، فقال: يا قنبر، خذ الذي بثلاثة قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين، تصعد المنبر و تخطب الناس، قال: يا قنبر، أنت شابّ و لك شره الشباب، و أنا أستحيي من ربّي أن أتفضّل عليك، لأنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: ألبسوهم ممّا تلبسون و أطعموهم ممّا تأكلون. (1)

أقول:

يأتي في زماننا هذا بعض هذه التكاليف في الأجير و التلميذ بدل المملوك.

15-في مواعظ الصادق عليه السّلام: إذا لم تكن في المملوك خصلة من ثلاث فليس لمولاه في إمساكه راحة: دين يرشده، أو أدب يسوسه، أو خوف يردعه. (2)

أقول:

قد مرّ في باب الحيوان: أقذر الذنوب ثلاثة: . . . و منع الأجير أجره.

و لاحظ في البحار (ج 71 ص 405 و 413 باب الحلم ح 17 و 30) حديث الصادق عليه السّلام مع جاريته و السجّاد عليه السّلام مع غلامه.

ص:230


1- -البحار ج 74 ص 143 ح 19
2- البحار ج 78 ص 235

52- الخشوع

الآيات

1- وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى اَلْخاشِعِينَ. (1)

2- وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً. (2)

3- . . . وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ. (3)

4- قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ- اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. (4)

5- أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اَللّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ اَلْحَقِّ. . . (5)

6- لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ. . . (6)

ص:231


1- -البقرة:45
2- الإسراء:109
3- الأنبياء:90
4- المؤمنون:1 و 2
5- الحديد:16
6- الحشر:21

الأخبار

1-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

تكتب الصلاة على أربعة أسهم: سهم منها إسباغ الوضوء، و سهم منها الركوع، و سهم منها السجود، و سهم منها الخشوع. قيل: يا رسول اللّه، و ما الخشوع؟ قال:

التواضع في الصلاة، و أن يقبل العبد بقلبه كلّه على ربّه عزّ و جلّ. (1)

بيان:

في المصباح: «خشع» خشوعا إذا خضع، و خشع في صلاته و دعائه: أقبل بقلبه على ذلك، و هو مأخوذ من خشعت الأرض إذا سكنت و اطمأنّت.

أقول: يكون الخشوع في القلب و تظهر آثاره في البدن و الجوارح، و يكون الخضوع في البدن كما يدلّ على ذلك أخبار الباب.

و في مجمع البيان ج 7 ص 99(المؤمنون:2) : «و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته، فقال: أما أنّه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه» و في هذا دلالة على أنّ الخشوع في الصلاة يكون بالقلب و بالجوارح، فأمّا بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجمع الهمّة لها و الإعراض عمّا سواها فلا يكون فيه غير العبادة و المعبود، و أمّا بالجوارح فهو غصّ البصر و الإقبال عليها و ترك الالتفات و العبث.

2-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الخشوع في القلب، و ان تلين جانبك للمسلم، و لا تلتفت يمينا و لا شمالا في الصلاة. (2)

3-عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع و الإقبال على صلاتك، فإنّ اللّه تعالى يقول: اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ

ص:232


1- -المستدرك ج 1 ص 98 ب 8 من مقدّمة العبادات ح 1
2- المستدرك ج 4 ص 105 ب 2 من أفعال الصلاة ح 36

خاشِعُونَ. (1)

4-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة الخاشع فأربعة: مراقبة اللّه في السرّ و العلانية، و ركوب الجميل، و التفكّر ليوم القيامة، و المناجاة للّه. (2)

5-و في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و تخشّع النفاق و هو أن يرى الجسد خاشعا و القلب ليس بخاشع. (3)

أقول:

يأتي في باب النفاق عنه صلّى اللّه عليه و آله: ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق.

6-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليخشع الرجل في صلاته، فإنّه من خشع قلبه للّه عزّ و جلّ خشعت جوارحه فلا يعبث بشيء. . . (4)

7-في حديث المعراج: يا أحمد، ما عرفني عبد و خشع لي إلاّ و خشعت له. (5)

8-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، إنّ أوّل شيء يرفع من هذه الأمّة الأمانة و الخشوع حتّى لا تكاد ترى خاشعا. (6)

9-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

ليخشع للّه سبحانه قلبك فمن خشع قلبه خشعت جميع جوارحه.

(الغرر ج 2 ص 584 ف 71 ح 52)

ص:233


1- -الوسائل ج 5 ص 473 ب 2 من أفعال الصلاة ح 1
2- تحف العقول ص 22
3- تحف العقول ص 48
4- البحار ج 84 ص 239 باب آداب الصلاة ح 21
5- البحار ج 77 ص 27
6- البحار ج 77 ص 81

نعم عون الدعاء الخشوع. (ص 773 ف 81 ح 66)

من خشع قلبه خشعت جوارحه. (ص 639 ف 77 ح 517)

من خشع لعظمة اللّه سبحانه ذلّت له الرقاب و من توكّل على اللّه تسهّلت له الصعاب. (ص 695 ح 1258)

أقول:

الأخبار في كثرة خشوع النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام كثيرة، راجع البحار أبواب تاريخهم عليهم السّلام و الوسائل ج 5 و المستدرك ج 4 ب 2 من أبواب أفعال الصلاة.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصف المؤمنين: «و هيئتهم الخشوع» و في وصف الشيعة:

«و خشوعا في عبادة» . (البحار ج 78 ص 23 و ص 30)

و في مصباح الشيخ رحمه اللّه ص 66 و الكفعمي و المفاتيح في تعقيب صلاة العصر: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من نفس لا تشبع و من قلب لا يخشع و من علم لا ينفع و من صلاة لا ترفع و من دعاء لا يسمع. . .»

و قد مرّ في باب الحزن في اللّه، «أوحى اللّه إلى عيسى بن مريم عليه السّلام: يا عيسى، هب لي من عينيك الدموع، و من قلبك الخشوع. . .» .

ص:234

53- الإخلاص

الآيات

1- . . . فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (1)

2- . . . فَاعْبُدِ اَللّهَ مُخْلِصاً لَهُ اَلدِّينَ- أَلا لِلّهِ اَلدِّينُ اَلْخالِصُ. . . (2)

3- قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ- إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ. (3)

4- وَ ما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا اَلصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا اَلزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ اَلْقَيِّمَةِ. (4)

أقول:

إنّ في كثير من الآيات مدح اللّه أنبيائه عليهم السّلام بالإخلاص.

ص:235


1- -الكهف:110
2- الزمر:2 و 3
3- ص:82 و 83
4- البيّنة:5

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (1)قال: ليس يعني أكثر عملا و لكن أصوبكم عملا، و إنّما الإصابة خشية اللّه و النيّة الصادقة و الحسنة، ثمّ قال: الإبقاء على العمل حتّى يخلص أشدّ من العمل، و العمل الخالص: الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلاّ اللّه عزّ و جلّ، و النيّة أفضل من العمل، ألا و إنّ النيّة هي العمل، ثمّ تلا قوله عزّ و جلّ: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ (2)يعني على نيّته. (3)

بيان:

في المرآة ج 7 ص 81: قال الشيخ البهائيّ رحمه اللّه: الخالص في اللغة كلّما صفا و تخلّص و لم يمتزج بغيره، سواء كان ذلك الغير أدون منه أو لا، فمن تصدّق لمحض الرياء فصدقته خالصة لغة، كمن تصدّق لمحض الثواب، و قد خصّ العمل الخالص في العرف بما تجرّد قصد التقرّب فيه عن جميع الشوائب، و هذا التجريد يسمّى إخلاصا.

و قد عرّفه أصحاب القلوب بتعريفات اخر، فقيل: هو تنزيه العمل عن أن يكون لغير اللّه فيه نصيب، و قيل: إخراج الخلق عن معاملة الحقّ، و قيل: ستر العمل عن الخلائق و تصفيته عن العلائق، و قيل: أن لا يريد عامله عليه عوضا في الدارين، و هذه درجة عليّة عزيزة المنال، و قد أشار إليها أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله: «ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنّتك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» .

ص:236


1- -الملك:2
2- الإسراء:84
3- الكافي ج 2 ص 13 باب الإخلاص ح 4

و في جامع السعادات ج 2 ص 413: ضدّ الرياء: الإخلاص، و هو تجريد القصد عن الشوائب كلّها، فمن عمل طاعة رياء فهو مراء مطلق، و من عملها و انضمّ إلى قصد القربة قصد غرض دنيويّ انضماما غير مستقلّ فعمله مشوب غير خالص، كقصد الانتفاع بالحمية من الصوم. . . فالإخلاص تخليص العمل عن هذه الشوائب كلّها كثيرها و قليلها، و المخلص: من يكون عمله لمحض التقرّب إلى اللّه سبحانه، من دون قصد شيء آخر أصلا.

ثمّ أعلى مراتب الإخلاص-و هو الإخلاص المطلق و إخلاص الصدّيقين-إرادة محض وجه اللّه سبحانه من العمل، دون توقّع غرض في الدارين و لا يتحقّق إلاّ لمحبّ للّه تعالى مستهترا به، مستغرق الهمّ بعظمته و جلاله بحيث لم يكن ملتفتا إلى الدنيا مطلقا. و أدناها-و هو الإخلاص الإضافي-قصد الثواب و الاستخلاص من العذاب.

و قد أشار سيّد الرسل صلّى اللّه عليه و آله إلى حقيقة الإخلاص بقوله: «هو أن تقول: ربّي اللّه ثمّ تستقيم كما امرت تعمل للّه، لا تحبّ أن تحمد عليه، أي لا تعبد هواك و نفسك، و لا تعبد إلاّ ربّك، و تستقيم في عبادتك كما أمرت» . و هذا اشارة إلى قطع ما سوى اللّه سبحانه عن مجرى النظر، و هو الإخلاص حقّا، و يتوقّف تحصيله على كسر حظوظ النفس و قطع الطمع عن الدنيا و التجرّد في الآخرة، بحيث ما يغلب ذلك على القلب، و التفكّر في صفات اللّه تعالى و أفعاله و الاشتغال بمناجاته حتّى يغلب على قلبه نور جلاله و عظمته و يستولي عليه حبّه و انسه. . .

و قال في ص 415: الإخلاص منزل من منازل الدين، و مقام من مقامات الموقنين، و هو الكبريت الأحمر، و توفيق الوصول إليه من اللّه الأكبر، و لذا ورد في فضيلته ما ورد من الآيات و الأخبار. . .

و قال في ص 418: و من تأمّل في هذه الأخبار و في غيرها ممّا لم يذكر، يعلم أنّ الإخلاص رأس الفضائل و رئيسها، و هو المناط في قبول الأعمال و صحّتها،

ص:237

و لا عبرة بعمل لا إخلاص معه، و لا خلاص من الشيطان إلاّ بالإخلاص، لقوله:

إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ و ما ورد في الإسرائيليات من حكاية العابد و الشيطان و الشجرة مشهور و في الكتب مسطور.

2-عن سفيان بن عيينة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ: إِلاّ مَنْ أَتَى اَللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (1)قال: القلب السليم الذي يلقى ربّه و ليس فيه أحد سواه، قال: و كلّ قلب فيه شرك أو شكّ فهو ساقط، و إنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة. (2)

بيان:

«أرادوا» : أي الأنبياء و الأوصياء، و في بعض النسخ: "أراد بالزهد"أي أراد اللّه، و الباء زائدة.

3-عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: طوبى لمن أخلص للّه العبادة و الدعاء و لم يشغل قلبه بما ترى عيناه و لم ينس ذكر اللّه بما تسمع اذناه و لم يحزن صدره بما أعطي غيره. (3)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: ما أخلص العبد الإيمان باللّه عزّ و جلّ أربعين يوما -أو قال: ما أجمل عبد ذكر اللّه عزّ و جلّ أربعين يوما-إلاّ زهّده اللّه عزّ و جلّ في الدنيا و بصّره داءها و دواءها فأثبت الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه. . . (4)

أقول:

قد مرّ في باب الحكمة عن الرضا عليه السّلام: ما أخلص عبد للّه أربعين صباحا إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.

ص:238


1- -الشعراء:89
2- الكافي ج 2 ص 13 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 13 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 14 ح 6

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء، و يهابه كلّ شيء، ثمّ قال: إذا كان مخلصا للّه أخاف اللّه منه كلّ شيء حتّى هوامّ الأرض و سباعها و طير السماء. (1)

6-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم و أعمالكم و إنّما ينظر إلى قلوبكم و نيّاتكم. (2)

7-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ لكلّ حقّ حقيقة، و ما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من عمل اللّه. (3)

8-عن سيّدة النساء الزهراء عليها السّلام: من أصعد إلى اللّه خالص عبادته أهبط اللّه عزّ و جلّ إليه أفضل مصلحته. (4)

9-قال الباقر عليه السّلام: لا يكون العبد عابدا للّه حقّ عبادته حتّى ينقطع عن الخلق كلّهم إليه فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه. (5)

10-و قال الصادق عليه السّلام: ما أنعم اللّه عزّ و جلّ على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع اللّه عزّ و جلّ غيره. (6)

11-و عن أبي جعفر الجواد عليه السّلام قال: أفضل العبادة الإخلاص. (7)

12-و عن العسكري عليه السّلام: لو جعلت الدنيا كلّها لقمة واحدة لقّمتها من يعبد اللّه مخلصا [خالصا]لرأيت أنّي مقصّر في حقّه، و لو منعت الكافر منها حتّى

ص:239


1- -جامع الأخبار ص 100 ف 56
2- جامع الأخبار ص 100
3- عدّة الداعي ص 203 في ب 4
4- عدّة الداعي ص 218
5- عدّة الداعي ص 219
6- عدّة الداعي ص 219
7- عدّة الداعي ص 219

يموت جوعا و عطشا ثمّ أذقته شربة من الماء لرأيت أنّي قد أسرفت. (1)

13-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: جاء جبرئيل عليه السّلام إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، إنّ اللّه تبارك و تعالى أرسلني إليك بهديّة لم يعطها أحدا قبلك، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قلت: و ما هي؟ قال: الصبر و أحسن منه، قلت: و ما هو؟ قال: الرضا و أحسن منه، قلت: و ما هو؟ قال: الزهد و أحسن منه، قلت: و ما هو؟ قال الإخلاص. . .

قلت: يا جبرئيل، فما تفسير الإخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتّى يجد، و إذا وجد رضي، و إذا بقي عنده شيء أعطاه في اللّه، فإنّ من لم يسأل المخلوق فقد أقرّ للّه عزّ و جلّ بالعبوديّة و إذا وجد فرضي فهو عن اللّه راض و اللّه تبارك و تعالى عنه راض، و إذا أعطى للّه عزّ و جلّ فهو على حدّ الثقة بربّه عزّ و جلّ. . . (2)

14-في خبر شمعون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا علامة المخلص فأربعة: يسلم قلبه و تسلم جوارحه و بذل خيره و كفّ شرّه. (3)

15-في حكم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أوصاني ربّي بتسع: أوصاني بالإخلاص في السرّ و العلانية، و العدل في الرضا و الغضب، و القصد في الفقر و الغنى، و أن أعفو عمّن ظلمني، و أعطي من حرمني، و أصل من قطعني، و أن يكون صمتي فكرا، و منطقي ذكرا، و نظري عبرا. (4)

16-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا كان يوم القيامة نادى مناد يسمع أهل الجمع:

أين الذين كانوا يعبدون الناس؟ ! قوموا خذوا أجوركم ممّن عملتم له، فإنّي

ص:240


1- -عدّة الداعي ص 219
2- معاني الأخبار ص 247 باب معنى التوكّل. . .
3- تحف العقول ص 22
4- تحف العقول ص 31

لا أقبل عملا خالطه شيء من الدنيا و أهلها. (1)

17-فيما كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى بعض عمّاله: و آمره أن لا يعمل بشيء من طاعة اللّه فيما ظهر فيخالف إلى غيره فيما أسرّ، و من لم يختلف سرّه و علانيته و فعله و مقالته فقد أدّى الأمانة و أخلص العبادة. (2)

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في حديث) :

و بالإخلاص يكون الخلاص. (3)

أقول:

سيأتيك ما عن الغرر من «غاية الإخلاص الخلاص» .

19-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه: حَنِيفاً مُسْلِماً قال: خالصا مخلصا لا يشوبه شيء. (4)

20-عن إسماعيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ ربّكم لرحيم، يشكر القليل، إنّ العبد ليصلّي ركعتين يريد بهما وجه اللّه عزّ و جلّ، فيدخله اللّه بهما الجنّة. . . (5)

21-عن عليّ بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال اللّه عزّ و جلّ: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصا. (6)

22-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ما بين الحقّ و الباطل إلاّ قلّة العقل، قيل:

ص:241


1- -مشكوة الأنوار ص 312 ب 8 ف 3
2- نهج البلاغة ص 884 في ر 26
3- الوسائل ج 1 ص 59 ب 8 من مقدّمة العبادات ح 2
4- الوسائل ج 1 ص 60 ح 7
5- الوسائل ج 1 ص 61 ح 8
6- الوسائل ج 1 ص 61 ح 9

و كيف ذلك يا بن رسول اللّه؟ قال: إنّ العبد ليعمل العمل الذي هو للّه رضا فيريد به غير اللّه، فلو أنّه أخلص للّه لجاءه الذي يريد في أسرع من ذلك. (1)

23-عن عقبة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اجعلوا أمركم هذا للّه، و لا تجعلوه للناس، فإنّه ما كان للّه فهو للّه، و ما كان للناس فلا يصعد إلى اللّه. (2)

بيان:

في المرآة: «أمركم هذا» أي التشيّع.

أقول: أي اجعلوا ولايتكم و محبّتكم و أعمالكم الحسنة جميعا للّه تعالى.

24-عن حذيفة بن اليمان قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الإخلاص فقال: سألته عن جبرئيل فقال: سألته عن اللّه تعالى، فقال: الإخلاص سرّ من سرّي أودعه في قلب من أحببته. (3)

25-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدنيا كلّها جهل إلاّ مواضع العلم، و العلم كلّه حجّة إلاّ ما عمل به، و العمل كلّه رياء إلاّ ما كان مخلصا، و الإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له. (4)

26-عن رجل عن معاذ بن جبل قال: قلت: حدّثني بحديث سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حفظته و ذكرته في كلّ يوم من دقّة ما حدّثك به، قال: نعم و بكى معاذ، فقلت: اسكت، فسكت ثمّ نادى: بأبي و أمّي حدّثني و أنا رديفه قال:

فبينا نسير إذ يرفع بصره إلى السماء فقال: «الحمد للّه الذي يقضي في خلقه ما أحبّ» قال: يا معاذ، قلت: لبّيك يا رسول اللّه، إمام الخير و نبيّ الرحمة، فقال:

أحدّثك ما حدّث نبيّ أمّته، إن حفظته نفعك عيشك، و إن سمعته و لم تحفظه انقطعت

ص:242


1- -الوسائل ج 1 ص 61 ح 11
2- الوسائل ج 1 ص 71 ب 12 ح 5
3- المستدرك ج 1 ص 101 ب 8 من مقدّمة العبادات ح 9
4- البحار ج 70 ص 242 باب الإخلاص ح 9

حجّتك عند اللّه.

ثمّ قال: إنّ اللّه خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات، فجعل في كلّ سماء ملكا قد جلّلها بعظمته، و جعل على كلّ باب منها ملكا بوّابا، فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح إلى حين يمسي، ثمّ ترتفع الحفظة بعمله، له نور كنور الشمس حتّى إذا بلغ سماء الدنيا، فيزكّيه و يكثره فيقول له: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الغيبة فمن اغتاب لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري أمرني بذلك ربّي.

قال: ثمّ يجييء من الغد معه عمل صالح فيمرّ به و يزكّيه و يكثره حتّى يبلغ السماء الثانية فيقول الملك الذي في السماء الثانية: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه، إنّما أراد بهذا العمل غرض الدنيا أنا صاحب الدنيا لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري.

قال: ثمّ يصعد بعمل العبد مبتهجا بصدقة و صلاة فتعجب الحفظة و يجاوزه إلى السماء الثالثة فيقول الملك: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و ظهره، أنا ملك صاحب الكبر، فيقول: إنّه عمل تكبّر فيه على الناس في مجالسهم، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري.

قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كالكوكب الدريّ في السماء، له دويّ بالتسبيح و الصوم و الحجّ فيمرّ به إلى ملك السماء الرابعة فيقول له: قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه و بطنه، أنا ملك العجب فإنّه كان يعجب بنفسه و إنّه عمل و أدخل نفسه العجب أمرني ربّي لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري و أضرب به وجه صاحبه.

قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوفة إلى أهلها فيمرّ به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد و الصلاة ما بين الصلاتين، و لذلك رنين كرنين الإبل عليه ضوء كضوء الشمس، فيقول الملك: قف أنا ملك الحسد، فاضرب بهذا العمل

ص:243

وجه صاحبه و تحمّله على عاتقه [إنّه كان يحسد من يتعلّم و يعمل للّه بطاعته، فإذا رأى لأحد فضلا في العمل و العبادة حسده و وقع فيه فيحمله على عاتقه]و يلعنه عمله.

قال: و تصعد الحفظة فيمرّ بهم إلى ملك السماء السادسة فيقول الملك: قف أنا صاحب الرحمة، اضرب بهذا العمل وجه صاحبه، و اطمس عينيه لأنّ صاحبه لم يرحم شيئا إذا أصاب عبدا من عباد اللّه ذنبا للآخرة أو ضرّا في الدنيا يشمت به، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري.

و قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد أعمالا بفقه و اجتهاد و ورع، له صوت كالرعد وضوء كضوء البرق، و معه ثلاثة آلاف ملك فيمرّ بهم إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك: قف و اضرب بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الحجاب أحجب كلّ عمل ليس للّه، إنّه أراد رفعة عند القوّاد، و ذكرا في المجالس و صوتا في المدائن، أمرني ربّي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن خالصا.

قال: و تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من خلق حسن، و صمت و ذكر كثير، تشيّعه ملائكة السماوات السبعة بجماعتهم، فيطؤون الحجب كلّها حتّى يقوموا بين يديه فيشهدوا له بعمل صالح و دعاء، فيقول اللّه: أنتم حفظة، عمل عبدي و أنا رقيب على ما نفسه عليه، لم يردني بهذا العمل، عليه لعنتي، فيقول الملائكة: عليه لعنتك و لعنتنا.

قال: ثمّ بكى معاذ و قال: قلت: يا رسول اللّه، ما أعمل؟ قال: اقتد بنبيّك- يا معاذ-في اليقين، قال: قلت: إنّك أنت رسول اللّه و أنا معاذ بن جبل قال: و إن كان في عملك تقصير يا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك، و عن حملة القرآن، و لتكن ذنوبك عليك لا تحملها على إخوانك، و لا تزكّ نفسك بتذميم إخوانك، و لا ترفع نفسك بوضع إخوانك، و لا تراء بعملك، و لا تدخل من الدنيا في الآخرة، و لا تفحّش في مجلسك لكي يحذروك بسوء خلقك، و لا تناج مع رجل و عندك

ص:244

آخر، و لا تتعظّم على الناس فيقطع عنك خيرات الدنيا، و لا تمزّق الناس فتمزّقك كلاب أهل النار، قال اللّه: وَ اَلنّاشِطاتِ نَشْطاً أ تدري ما الناشطات؟ كلاب أهل النار، تنشط اللحم و العظم.

قلت: من يطيق هذه الخصال؟ قال: يا معاذ، أما إنّه يسير على من يسّر اللّه عليه.

قال: و ما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث. (1)

27-و قد ورد في طريق العامّة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أخلص قلبك يكفك القليل من العمل. (2)

أقول:

و عنه صلّى اللّه عليه و آله: أخلص دينك يكفيك القليل من العمل.

28-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه: يا أبا ذرّ، لا يفقه الرجل كلّ الفقه حتّى يرى الناس في جنب اللّه تبارك و تعالى أمثال الأباعر، ثمّ يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها. (3)

29-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: يا بن مسعود، إذا عملت عملا فاعمل للّه خالصا، لأنّه لا يقبل من عباده الأعمال إلاّ ما كان خالصا، فإنّه يقول:

وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى- إِلاَّ اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ اَلْأَعْلى- وَ لَسَوْفَ يَرْضى. (4) (5)

30-في خطبة الوسيلة عن عليّ عليه السّلام: تصفية العمل أشدّ من العمل،

ص:245


1- -البحار ج 70 ص 246 ح 20
2- البحار ج 73 ص 175
3- البحار ج 77 ص 85
4- الليل:19 إلى 21
5- البحار ج 77 ص 105

و تخليص النيّة عن الفساد أشدّ على العاملين من طول الجهاد. (1)

و قال عليه السّلام: طوبى لمن أخلص للّه عمله و عمله و حبّه و بغضه و أخذه و تركه و كلامه و صمته و فعله و قوله. لا يكون المسلم مسلما حتّى يكون ورعا، و لن يكون ورعا حتّى يكون زاهدا، و لن يكون زاهدا حتّى يكون حازما، و لن يكون حازما حتّى يكون عاقلا، و ما العاقل إلاّ من عقل عن اللّه و عمل للدار الآخرة. و صلّى اللّه على محمّد النبيّ و على أهل بيته الطاهرين. (2)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في بابي الرياء و النيّة.

و في الحديث القدسيّ س 33: يا بن آدم، تريد و أريد و لا يكون إلاّ ما أريد فمن قصدني عرفني و من عرفني أرادني و من أرادني طلبني و من طلبني وجدني و من وجدني خدمني و من خدمني ذكرني و من ذكرني ذكرته برحمتي.

يا بن آدم، لا يخلص عملك حتّى تذوق أربع موتات: الموت الأحمر و الموت الأصفر و الموت الأسود و الموت الأبيض.

الموت الأحمر؛ احتمال الجفاء و كفّ الأذى، و الموت الأصفر؛ الجوع و الإعسار، و الموت الأسود؛ مخالفة النفس و الهوى، فلا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه، و الموت الأبيض؛ العزلة.

31-قال الصادق عليه السّلام: الإخلاص يجمع فواضل الأعمال و هو معنى مفتاحه القبول و توقيعه الرضا، فمن تقبّل اللّه منه و يرضى عنه فهو المخلص و إن قلّ عمله و من لا يتقبّل اللّه منه فليس بمخلص و إن كثر عمله، اعتبارا بآدم عليه السّلام و إبليس. . . و أدنى حدّ الإخلاص بذل العبد طاقته ثمّ لا يجعل لعمله عند اللّه

ص:246


1- -البحار ج 77 ص 290
2- البحار ج 77 ص 291

قدرا فيوجب به على ربّه مكافاة بعمله، لعلمه أنّه لو طالبه بوفاء حقّ العبوديّة لعجز، و أدنى مقام المخلص في الدنيا السلامة من جميع الآثام و في الآخرة النجاة من النار و الفوز بالجنّة. (1)

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الإخلاص غاية. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 96)

الإخلاص خير العمل. (ص 14 ح 357)

الإخلاص شيمة أفاضل الناس. (ص 23 ح 649)

الإخلاص أعلى فوز. (ح 672)

الإخلاص عبادة المقرّبين. (ص 25 ح 718)

الإخلاص غاية الدين. (ص 26 ح 777)

الإخلاص أشرف النهاية. (ص 30 ح 901)

الإخلاص ثمرة اليقين-الإخلاص ملاك العبادة. (ح 903 و 909)

الإخلاص أعلى الإيمان. (ح 910)

الإيمان إخلاص العمل. (ح 923)

أمارات السعادة إخلاص العمل. (ص 43 ح 1276)

إخلاص العمل من قوّة اليقين و صلاح النيّة. (ص 47 ح 1348)

العمل كلّه هباء إلاّ ما أخلص فيه. (ص 51 ح 1442)

الإخلاص خطر عظيم حتّى ينظر بما يختم له. (ص 59 ح 1596)

الزهد تقصير الآمال و إخلاص الأعمال. (ص 76 ح 1867)

العبادة الخالصة أن لا يرجو الرجل إلاّ ربّه، و لا يخاف إلاّ ذنبه.

(ص 99 ح 2150)

ص:247


1- -مصباح الشريعة ص 52 ب 76

أين الذين أخلصوا أعمالهم للّه و طهّروا قلوبهم لمواضع نظر اللّه تعالى؟ (ص 172 ف 7 ح 30)

أصل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 188 ف 8 ح 262)

أوّل الإخلاص اليأس عمّا في أيدي الناس. (ص 205 ح 465)

إنّك لن يتقبّل من عملك إلاّ ما أخلصت فيه و لم تشبه بالهوى و أسباب الدنيا. (ص 285 ف 13 ح 2)

آفة العمل ترك الإخلاص فيه. (ص 307 ف 16 ح 36)

بالإخلاص ترفع الأفعال. (ص 332 ف 18 ح 64)

بالإخلاص يتفاضل العمّال. (ص 333 ح 81)

تصفية العمل أشدّ من العمل. (ص 347 ف 22 ح 11)

خير العمل ما صحبه الإخلاص. (ص 388 ف 29 ح 25)

سادة أهل الجنّة المخلصون. (ص 434 ف 39 ح 42)

صفتان لا يقبل اللّه سبحانه الأعمال إلاّ بها: التقى و الإخلاص.

(ص 460 ف 44 ح 77)

طوبى لمن أخلص للّه عمله و علمه و حبّه و بغضه و أخذه و تركه و كلامه و صمته. (ج 2 ص 467 ف 46 ح 28)

عليك بالإخلاص فإنّه سبب قبول الأعمال و شرف الطاعة.

(ص 479 ف 49 ح 33)

عليكم بصدق الإخلاص و حسن اليقين، فإنّهما أفضل عبادة المقرّبين.

(ص 485 ف 50 ح 10)

عند تحقّق الإخلاص تستنير الضمائر. (ص 490 ف 52 ح 12)

غاية اليقين الإخلاص. (ص 503 ف 56 ح 2)

غاية الإخلاص الخلاص. (ح 3)

ص:248

في الإخلاص تنافس أولي النهى و الألباب. (ص 513 ف 58 ح 52)

فاز بالسعادة من أخلص العبادة. (ص 519 ف 59 ح 57)

كيف يستطيع الإخلاص من بقلبه الهوى؟ ! (ص 553 ف 64 ح 4)

من أخلص بلغ الآمال. (ص 612 ف 77 ح 37)

من رغب فيما عند اللّه أخلص عمله. (ص 625 ح 300)

من أخلص النيّة تنزّه عن الدنيّة. (ص 656 ح 788)

من لم يصحب الإخلاص عمله لم يقبل. (ص 703 ح 1341)

من كمال العمل حسن الإخلاص فيه. (ص 725 ف 78 ح 12)

ملاك العمل الإخلاص فيه. (ص 758 ف 80 ح 13)

مع الإخلاص ترفع الأعمال. (ح 25)

ملوك الجنّة الأتقياء [و]المخلصون. (ص 763 ح 106)

لا يدرك أحد رفعة الآخرة إلاّ بإخلاص العمل، و تقصير الأمل، و لزوم التقوى. (ص 854 ف 86 ح 427)

ص:249

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734352C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3235302C2253686F77506167654E756D223A22323530222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503235302E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

54- حسن الخلق و سوءه

الآيات

1- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اَللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلْمُتَوَكِّلِينَ. (1)

2- وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. (2)

الأخبار

1-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا. (3)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 166: الخلق بالضمّ يطلق على الملكات و الصفات الراسخة في النفس حسنة كانت أم قبيحة و هي في مقابلة الأعمال، و يطلق حسن الخلق

ص:251


1- -آل عمران:159
2- القلم:4
3- الكافي ج 2 ص 81 باب حسن الخلق ح 1

غالبا على ما يوجب حسن المعاشرة و مخالطة الناس بالجميل. . .

2-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق. (1)

3-عن عنبسة العابد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يقدم المؤمن على اللّه عزّ و جلّ بعمل بعد الفرائض أحبّ إلى اللّه تعالى من أن يسع الناس بخلقه. (2)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر ما تلج به أمّتي الجنّة تقوى اللّه و حسن الخلق. (4)

بيان:

«الولوج» : الدخول.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد. (5)

بيان:

«يميث» : أي يذيب. «الجليد» : الماء الجامد من البرد.

7-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: البرّ و حسن الخلق يعمران الديار و يزيدان في الأعمار. (6)

ص:252


1- -الكافي ج 2 ص 81 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 82 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 82 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 82 ح 6
5- الكافي ج 2 ص 82 ح 7-و بمضمونه ح 9
6- الكافي ج 2 ص 82 ح 8

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تبارك و تعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل اللّه، يغدو عليه و يروح. (1)

بيان:

«يغدو. . .» : حال عن المجاهد و كناية عن استمراره في الجهاد في أوّل النهار و آخره، فإنّ الغدوّ أوّل النهار و الرواح آخره.

9-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل. (2)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 260: سوء الخلق وصف للنفس يوجب فسادها و انقباضها و تغيّرها على أهل الخلطة و المعاشرة، و إيذائهم بسبب ضعيف أو بلا سبب، و رفض حقوق المعاشرة و عدم احتمال ما لا يوافق طبعه منهم، و قيل: هو كما يكون مع الخلق يكون مع الخالق أيضا، بعدم تحمّل ما لا يوافق طبعه من النوائب، و الاعتراض عليه.

و مفاسده و آفاته في الدنيا و الدين كثيرة منها: أنّه يفسد العمل بحيث لا يترتّب عليه ثمرته المطلوبة منه «كما يفسد الخلّ العسل» و هو تشبيه المعقول بالمحسوس، و إذا أفسد العمل أفسد الإيمان كما سيأتي.

10-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبى اللّه عزّ و جلّ لصاحب الخلق السيّء بالتوبة، قيل: و كيف ذاك يا رسول اللّه؟ قال: لأنّه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه. (3)

ص:253


1- -الكافي ج 2 ص 83 ح 12
2- الكافي ج 2 ص 242 باب سوء الخلق ح 1
3- الكافي ج 2 ص 242 ح 2

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ساء خلقه عذّب نفسه. (1)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ سوء الخلق ليفسد الإيمان كما يفسد الخلّ العسل. (2)

13-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سوء الخلق شوم. (3)

14-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أفضلكم إيمانا أحسنكم أخلاقا. (4)

15-و قال صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق يثبت المودّة. (5)

16-و قال صلّى اللّه عليه و آله: خياركم أحسنكم أخلاقا الذين يألفون و يؤلفون. (6)

17-و قال صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم الصائم، فقيل له:

ما أفضل ما أعطي العبد؟ قال: حسن الخلق. (7)

18-و قال صلّى اللّه عليه و آله: أقربكم منّي غدا في الموقف أصدقكم للحديث، و آداكم للأمانة، و أوفاكم بالعهد، و أحسنكم خلقا، و أقربكم من الناس. (8)

19-في مواعظ أمير المؤمنين عليه السّلام: حسن الخلق خير قرين، و عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه. (9)

20-في مواعظ الصادق عليه السّلام: حسن الخلق من الدين، و هو يزيد

ص:254


1- -الكافي ج 2 ص 242 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 242 ح 3
3- تحف العقول ص 37
4- تحف العقول ص 37
5- تحف العقول ص 38
6- تحف العقول ص 38
7- تحف العقول ص 38
8- تحف العقول ص 38
9- تحف العقول ص 141

في الرزق. (1)

21-في مواعظ موسى بن جعفر عليهما السّلام: السخيّ الحسن الخلق في كنف اللّه، لا يتخلّى اللّه عنه حتّى يدخله الجنّة، و ما بعث اللّه نبيّا إلاّ سخيّا، و ما زال أبي يوصيني بالسخاء و حسن الخلق حتّى مضى. (2)

22-عن الرضا، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بحسن الخلق فإنّ حسن الخلق في الجنّة لا محالة، و إيّاكم و سوء الخلق فإنّ سوء الخلق في النار لا محالة. (3)

23-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق نصف الدين. (4)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اللحم ينبت اللحم، و من تركه أربعين يوما ساء خلقه، و من ساء خلقه فأذّنوا في اذنه. (5)

أقول:

في البحار ج 62 ص 277: روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: من ساء خلقه فأذّنوا في أذنه.

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخلق، و إنّ العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصالحين. (6)

26-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يلقى اللّه عبد بمثل خصلتين: طول الصمت و حسن

ص:255


1- -تحف العقول ص 275
2- تحف العقول ص 304
3- الوسائل ج 12 ص 152 ب 104 من العشرة ح 17
4- الوسائل ج 12 ص 154 ح 27
5- الوسائل ج 24 ص 395 ب 88 من آداب المائدة
6- المستدرك ج 8 ص 447 ب 87 من العشرة ح 20

الخلق. (1)

27-و قال صلّى اللّه عليه و آله: من سعادة المرء حسن الخلق، و من شقاوته سوء الخلق. (2)

28-عن أمير المؤمنين عليه السّلام، أنّه سئل عن أدوم الناس غمّا؟ قال: أسوؤهم خلقا. (3)

29-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و سوء الخلق زمام من عذاب اللّه في أنف صاحبه، و الزمام بيد الشيطان يجرّه إلى الشرّ، و الشرّ يجرّه إلى النار. (4)

30-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم. (5)

31-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الناس إيمانا أحسنهم خلقا.

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام لنوف: يا نوف، صل رحمك يزيد اللّه في عمرك، و حسّن خلقك يخفّف اللّه حسابك. (6)

32-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أحبّكم إليّ و أقربكم منّي يوم القيامة مجلسا أحسنكم خلقا و أشدّكم تواضعا و إنّ أبعدكم منّي يوم القيامة الثرثارون و هم المستكبرون.

قال: و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن

ص:256


1- -المستدرك ج 8 ص 447 ح 22
2- المستدرك ج 8 ص 447 ح 24
3- المستدرك ج 12 ص 76 ب 69 من جهاد النفس ح 12(جامع الأخبار ص 107 ف 64)
4- المستدرك ج ص 76 ح 11
5- البحار ج 71 ص 383 باب حسن الخلق ح 19
6- البحار ج 71 ص 383 ح 20

خلقه. (1)

33-عن ابن محبوب عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ما حدّ حسن الخلق؟ قال: تليّن جانبك و تطيّب كلامك، و تلقى أخاك ببشر حسن. (2)

34-. . . قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ فلانة تصوم النهار و تقوم الليل و هي سيّئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها، فقال: لا خير فيها هي من أهل النار. (3)

35-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: حسن الخلق في ثلاث: اجتناب المحارم، و طلب الحلال، و التوسّع على العيال.

و قال بعضهم: أن لا يكون لك همّة إلاّ اللّه. (4)

36-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بأهل بيت خيرا رزقهم الرفق في المعيشة و حسن الخلق. (5)

37-ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رجل فقال: إنّ فلانا مات فحفرنا له فامتنعت الأرض، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

إنّه كان سيّئ الخلق. (6)

38-. . . قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ربّ عزيز أذلّه خلقه، و ذليل أعزّه خلقه. (7)

ص:257


1- -البحار ج 71 ص 385 ح 26
2- البحار ج 71 ص 389 ح 42
3- البحار ج 71 ص 394 ح 63
4- البحار ج 71 ص 394 ح 63
5- البحار ج 71 ص 394 ح 67
6- البحار ج 71 ص 395 ح 75
7- البحار ج 71 ص 396 ح 79

39-عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خصلتان لا تجتمعان في مسلم: البخل و سوء الخلق. (1)

أقول:

يأتي في باب النفاق عن الصادق عليه السّلام: لا يجمع اللّه لمنافق و لا فاسق حسن السمت و الفقه و حسن الخلق أبدا.

40-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق. (2)

41-عن ابن عبّاس قال: قال موسى عليه السّلام: يا ربّ، إنّك أمهلت فرعون أربعمأة سنة و هو يقول: أنا ربّكم الأعلى، و يجحد رسلك و يكذّب بآياتك، فأوحى اللّه تعالى إليه: إنّه كان حسن الخلق، سهل الحجاب، فأحببت أن أكافيه. (3)

42-قال الصادق عليه السّلام: الخلق الحسن جمال في الدنيا و نزهة في الآخرة، و به كمال الدين، و القربة إلى اللّه تعالى، و لا يكون حسن الخلق إلاّ في كلّ نبيّ و وليّ و وصيّ (و صفيّ ف ن) لأنّ اللّه تعالى أبى أن يترك ألطافه و حسن الخلق إلاّ في مطايا نوره الأعلى و جماله الأزكى لأنّها خصلة يختصّ بها الأعرفين به، و لا يعلم ما في حقيقة حسن الخلق إلاّ اللّه عزّ و جلّ.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حاتم زماننا حسن الخلق، و الخلق الحسن ألطف شيء في الدين و أثقل شيء في الميزان، و سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل، و إن ارتقى في الدرجات فمصيره إلى الهوان.

قال (رسول اللّه) صلّى اللّه عليه و آله: حسن الخلق شجرة في الجنّة و صاحبه متعلّق بغصنها

ص:258


1- -البحار ج 73 ص 297 باب سوء الخلق ح 5
2- البحار ج 78 ص 53- الغرر ج 2 ص 514 ف 58 ح 71
3- مجمع البيان: ج 10 ص 432

يجذبه إليها، و سوء الخلق شجرة في النار و صاحبه متعلّق بغصنها يجذبه إليها. (1)

43-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

أطهر الناس أعراقا أحسنهم أخلاقا. (الغرر ج 1 ص 185 ف 8 ح 206)

أرضى الناس من كانت أخلاقه رضيّة. (ص 187 ح 246)

حسن الخلق للنفس و حسن الخلق للبدن. (ص 376 ف 27 ح 6)

حسن الخلق أفضل الدين. (ح 7)

حسن الخلق خير قرين و العجب داء دفين. (ص 378 ح 37)

حسن الخلق من أفضل القسم و أحسن الشيم. (ح 39)

حسن الخلق أحد العطائين. (ص 379 ح 48)

حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق. (ح 52)

حسن الأخلاق يدرّ الأرزاق و يونس الرفاق. (ح 53)

حسن الخلق رأس كلّ برّ. (ح 54)

حسن الخلق يورث المحبّة و يؤكّد المودّة. (ص 380 ح 61)

سوء الخلق شؤم و الإسائة إلى المحسن لؤم. (ص 433 ف 39 ح 17)

سوء الخلق شرّ قرين. (ح 18)

سوء الخلق يوحش القريب و ينفّر البعيد. (ص 435 ح 44)

سوء الخلق نكد العيش و عذاب النفس. (ص 439 ح 89)

سوء الخلق يوحش النفس و يرفع الانس. (ح 90)

كلّ داء يداوى إلاّ سوء الخلق. (ج 2 ص 546 ف 62 ح 54)

كم من وضيع رفعه حسن خلقه. (ص 552 ف 63 ح 52)

من ساء خلقه عذّب نفسه. (ص 617 ف 77 ح 156)

ص:259


1- -مصباح الشريعة ص 40 ب 61)

من ساء خلقه ملّه أهله. (ص 625 ح 307)

من ساء خلقه ضاق رزقه. (ص 629 ح 378)

ما أعطى اللّه سبحانه العبد شيئا من خير الدنيا و الآخرة إلاّ بحسن خلقه و حسن نيّته. (ص 750 ف 79 ح 217)

نعم الإيمان جميل الخلق. (ص 774 ف 81 ح 67)

و اللّه لا يعذّب اللّه سبحانه مؤمنا إلاّ بسوء ظنّه و سوء خلقه.

(ص 787 ف 83 ح 81)

لا عيش لسيّئ الخلق. (ص 833 ف 86 ح 81)

لا قرين كحسن الخلق. (ص 834 ح 113)

لا سؤدد لسيّئ الخلق. (ص 837 ح 161)

لا عيش أهنأ من حسن الخلق. (ص 846 ح 329)

لا وحشة أوحش من سوء الخلق. (ح 330)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في أبواب الحلم، الحياء و. . . ، و مرّ خبر سعد في باب البرزخ و يأتي في باب الغيرة: إنّه أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله باسارى و أمر بقتلهم خلا رجلا لما فيه خصال، منها حسن الخلق.

ص:260

55- مكارم الأخلاق

اشارة

قال اللّه تعالى: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. (1)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المكارم عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنّها تكون في الرجل و لا تكون في ولده، و تكون في الولد و لا تكون في أبيه، و تكون في العبد و لا تكون في الحرّ، قيل: و ما هنّ؟ قال: صدق البأس، و صدق اللسان، و أداء الأمانة، و صلة الرحم، و إقراء الضيف، و إطعام السائل، و المكافاة على الصنايع، و التذمّم للجار، و التذمّم للصاحب، و رأسهنّ الحياء. (2)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه في باب الحياء.

بيان: في المرآة ج 7 ص 343: المكارم جمع المكرمة أي الأخلاق و الأعمال الكريمة الشريفة التي توجب كرم المرء و شرافته. «فإن استطعت» : يدلّ على أنّ تحصيل تلك الصفات أو كمالها لا يتيسّر لكلّ أحد، فإنّها من العنايات الربانيّة و المواهب

ص:261


1- -القلم:4
2- الكافي ج 2 ص 46 باب المكارم ح 1

السبحانيّة التابعة للطينات الحسنة الطيّبة، و بيّن عليه السّلام ذلك بقوله: «فإنّها تكون في الرجل و لا تكون في ولده» مع شدّة المناسبة و الخلطة و المعاشرة بينهما و كذا العكس. . .

أقول: سيأتي أنّ طريق تحصيل تلك الصفات يكون بالتضرّع إلى اللّه تعالى.

«صدق البأس» و المراد الشجاعة و الشدّة في الحرب و غيره، أي الشجاعة الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل اللّه، و إظهار الحقّ و النهي عن المنكر، و قيل: من البؤس و الفقر؛ أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره و إخباته لخشوع باطنه و إخباته لا يرى التخشّع في الظاهر أكثر ممّا في باطنه، و هو بعيد عن اللفظ.

و في بعض نسخ الكتاب و أمالي الشيخ و غيره بالياء، و المعنى: اليأس عمّا في أيدي الناس و قصر النظر على فضله تعالى و لطفه، و المراد بصدقه هو أن لا يكون صرف الادّعاء دون الحقيقة التي تعرف بالآثار «المكافاة على الصنايع» أي المجازات على الإحسان «التذمّم للجار» في المرآة: في النهاية: التذمّم للصاحب، هو أن يحفظ ذمامه و يطرح عن نفسه ذمّ الناس له إن لم يحفظه. و في القاموس، تذمّم: استنكف، يقال: لو لم أترك الكذب تأثّما لتركته تذمّما، و الحاصل أن يدفع الضرر عمّن يصاحبه سفرا أو حضرا و عمّن يجاوره في البيت أو في المجلس أيضا، أو من أجاره و آمنه خوفا من اللوم و الذمّ، لكنّه مقيّد بما إذا لم ينته إلى الحميّة و العصبيّة بأن يرتكب المعاصي لإعانته. «رأسهنّ الحياء» لأنّ جميع ما ذكر إنّما يحصل و يتمّ بالحياء من اللّه و من الخلق.

2-عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ رسله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا اللّه و اعلموا أنّ ذلك من خير و إن لا تكن فيكم فاسألوا اللّه و ارغبوا إليه فيها، قال:

فذكر [ها]عشرة: اليقين و القناعة و الصبر و الشكر و الحلم و حسن الخلق و السخاء و الغيرة و الشجاعة و المروءة.

ص:262

قال: و روى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة و زاد فيها: الصدق، و أداء الأمانة. (1)

بيان:

في المرآة، «المروءة» : هي الإنسانيّة، و هي صفات إذا كانت في الإنسان يحقّ أن يسمّى إنسانا. . . في المصباح (المرئ) ، المروّة: آداب نفسانيّة تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات انتهى.

و قريب منه معنى الفتوّة و يعبّر عنهما بالفارسيّة: مردى و جوانمردى.

أقول: سيأتي معنى خصال العشرة في أبوابها إن شاء اللّه، و مرّ في باب حسن الخلق؛ أنّ الخلق يطلق على الملكات و الصفات الراسخة في النفس.

3-عن عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّا لنحبّ من كان عاقلا فهما، فقيها، حليما، مداريا، صبورا، صدوقا، وفيّا. إنّ اللّه عزّ و جلّ خصّ الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد اللّه على ذلك و من لم تكن فيه فليتضرّع إلى اللّه عزّ و جلّ و ليسأله إيّاها. قال: قلت: جعلت فداك و ما هنّ؟ قال:

هنّ الورع و القناعة و الصبر و الشكر و الحلم و الحياء و السخاء و الشجاعة و الغيرة و البرّ و صدق الحديث و أداء الأمانة. (2)

4-عن جرّاح المدائني قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ لا أحدّثك بمكارم الأخلاق، الصفح عن الناس، و مواساة الرجل أخاه في ماله، و ذكر اللّه كثيرا. (3)

5-عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّها، و إيّاكم و مذامّ الأفعال فإنّ اللّه عزّ و جلّ

ص:263


1- -الكافي ج 2 ص 46 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 46 ح 3
3- الوسائل ج 15 ص 199 ب 6 من جهاد النفس ح 7

يبغضها. . . (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للّه عزّ و جلّ وجوها خلقهم من خلقه و أرضه لقضاء حوائج إخوانهم يرون الحمد مجدا، و اللّه سبحانه يحبّ مكارم الأخلاق، و كان فيما خاطب اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله: إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قال: السخاء و حسن الخلق. (2)

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّما بعثت لاتمّم مكارم الأخلاق. (3)

أقول:

في كنز العمّال خ 5218 قال (ص) : إنّما بعثت لاتمّم حسن الأخلاق.

8-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ذلّلوا أخلاقكم بالمحاسن، و قودوها إلى المكارم، و عوّدوها الحلم، و اصبروا على الإيثار على أنفسكم فيما تحمدون عنه قليلا من كثير. . . (4)

9-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الصبر و البرّ و الحلم و حسن الخلق من أخلاق الأنبياء. (5)

10-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عليكم بمكارم الأخلاق، فإنّ اللّه عزّ و جلّ بعثني بها، و إنّ من مكارم الأخلاق أن يعفو الرجل عمّن ظلمه، و يعطي من حرمه، و يصل من قطعه، و أن يعود من لا يعوده. (6)

ص:264


1- -الوسائل ج 15 ص 199 ح 8
2- الوسائل ج 15 ص 200 ح 9
3- المستدرك ج 11 ص 187 ب 6 من جهاد النفس ح 1(مجمع البيان ج 10 ص 333 سورة القلم) -و مثله في كنز العمّال خ 5217
4- المستدرك ج 11 ص 188 ح 6
5- المستدرك ج 11 ص 190 ح 14
6- المستدرك ج 11 ص 191 ح 15

11-عن أمير المؤمنين عليه السّلام، أنّه قال لولده: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل محاسن الأخلاق وصلة بينه و بين عباده، فنحبّ (فيجب م) أحدكم أن يمسك (يتمسّك م) بخلق متّصل باللّه تعالى. (1)

12-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الأخلاق منائح من اللّه عزّ و جلّ، فإذا أحبّ عبدا منحه خلقا حسنا، و إذا أبغض عبدا منحه خلقا سيّئا. (2)

بيان:

«المنح» : العطاء.

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لو كنّا لا نرجو جنّة و لا نخشى نارا و لا ثوابا و لا عقابا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنّها ممّا تدلّ على سبيل النجاح، فقال رجل: فداك أبي و أمّي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ قال: نعم و ما هو خير منه، لمّا أتانا سبايا طيّ، فإذا فيها جارية. . . فقالت: . . .

أنا ابنة حاتم طيّ، فقال صلّى اللّه عليه و آله: خلّوا عنها فإنّ أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق.

فقام أبو بردة فقال: يا رسول اللّه، اللّه يحبّ مكارم الأخلاق؟ فقال: يا أبا بردة، لا يدخل الجنّة أحد إلاّ بحسن الخلق. (3)

أقول:

في الغرر (ج 2 ص 496 ف 54 ح 30) عنه عليه السّلام قال: عجبت لرجل يأتيه أخوه المسلم في حاجة فيمتنع عن قضاءها و لا يرى نفسه للخير أهلا، فهب أنّه لا ثواب يرجى و لا عقاب يتّقى أ فتزهدون في مكارم الأخلاق!

14-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الشريعة أقوالي، و الطريقة [أفعالي]، و الحقيقة أحوالي، و المعرفة رأس مالي، و العقل أصل ديني، و الحبّ أساسي، و الشوق

ص:265


1- -المستدرك ج 11 ص 192 ح 19
2- المستدرك ج 11 ص 193 ح 20
3- المستدرك ج 11 ص 193 ح 21

مركبي، و الخوف رفيقي، و العلم سلاحي، و الحلم صاحبي، و التوكّل زادي (ردائي ف ن) ، و القناعة كنزي، و الصدق منزلي، و اليقين مأواي، و الفقر فخري، و به أفتخر على سائر الأنبياء و المرسلين. (1)

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : روّضوا أنفسكم على الأخلاق الحسنة، فإنّ العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم. (2)

بيان:

«روّضوا» : من الرياضة، يقال: رضت الدابة: ذلّلتها، و رياضة النفس مأخوذة من رياضة البهيمة، و هي منعها عن الإقدام على حركات غير صالحة لصاحبها.

16-عن حمّاد بن عثمان قال: جاء رجل إلى الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام فقال له: يا بن رسول اللّه، أخبرني بمكارم الأخلاق، فقال: العفو عمّن ظلمك، وصلة من قطعك، و إعطاء من حرمك، و قول الحقّ و لو على نفسك. (3)

17-عن إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: سمعت أبي جعفر بن محمّد عليهما السّلام يقول: أحسن من الصدق قائله، و خير من الخير فاعله، ثمّ قال: حدّثني أبي. . . عن أبيه عليّ عليهم السّلام قال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: بعثت بمكارم الأخلاق و محاسنها و سمعته صلّى اللّه عليه و آله يقول: استتمام المعروف أفضل من ابتدائه. (4)

18-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الخلق منيحة يمنحها اللّه عزّ و جلّ خلقه، فمنه سجيّة و منه نيّة، فقلت: فأيّتهما أفضل؟ فقال:

صاحب السجيّة هو مجبول لا يستطيع غيره، و صاحب النيّة يصبر على الطاعة

ص:266


1- -المستدرك ج 11 ص 173 ب 4 ح 8
2- البحار ج 10 ص 99
3- البحار ج 69 ص 368 باب جوامع المكارم ح 6
4- البحار ج 69 ص 404 ح 109

تصبّرا فهو أفضلهما. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «فمنه سجيّة» أي جبلّة و طبيعة خلق عليها. «و منه نيّة» : أي يحصل عن قصد و اكتساب و تعمّل. . . «تصبّرا» : تحمّل الصبر بتكلّف و مشقّة لكونه غير خلق.

19-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و عوّد نفسك السماح، و تخيّر لها من كلّ خلق أحسنه، فإنّ الخير عادة. (2)

بيان:

«عوّد نفسك السماح» : أي صيّر نفسك معتادة بالسماحة و الجود.

20-في كلم أمير المؤمنين عليه السّلام قال: . . . و عليكم بمكارم الأخلاق فإنّها رفعة. و إيّاكم و الأخلاق الدنيّة فإنّها تضع الشريف و تهدم المجد. (3)

21-و قال عليه السّلام: الفضائل أربعة أجناس: أحدها، الحكمة و قوامها في الفكرة، و الثاني العفّة و قوامها في الشهوة، و الثالث القوّة و قوامها في الغضب، و الرابع العدل و قوامه في اعتدال قوى النفس. (4)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الخلق المحمود من ثمار العقل. (الغرر ج 1 ص 45 ف 1 ح 1327)

الخلق المذموم من ثمار الجهل. (ص 46 ح 1328)

أحسن شيء الخلق. (ص 175 ف 8 ح 18)

أكبر الحسب الخلق. (ح 38)

ص:267


1- -البحار ج 71 ص 377 باب حسن الخلق ح 9
2- البحار ج 77 ص 215
3- البحار ج 78 ص 53
4- البحار ج 78 ص 81

أقوى الوسائل حسن الفضائل. (ص 181 ح 153)

أسوء الخلائق التحلّي بالرذائل. (ص 182 ح 154)

أحسن السناء الخلق السجيح. (ص 197 ح 379)

أحسن الأخلاق ما حملك على المكارم. (ص 206 ح 473)

إن كنتم لا محالة متنافسين فتنافسوا في الخصال الرغيبة و خلال المجد.

(ص 277 ف 10 ح 35)

إذا رأيت المكارم فاجتنب المحارم. (ص 315 ف 17 ح 95)

إذا كانت محاسن الرجل أكثر من مساويه فذلك الكامل، و إذا كان متساوي المحاسن و المساوي فذلك المتماسك، و إذا زادت مساويه على محاسنه فذلك الهالك. (ص 328 ح 202)

تنافسوا في الأخلاق الرغيبة و الأحلام العظيمة و الأخطار الجليلة يعظم لكم الجزاء. (ص 355 ف 22 ح 94)

حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق. (ص 379 ف 27 ح 52)

حسن الأخلاق يدرّ الأرزاق و يونس الرفاق. (ح 53)

رأس العلم التمييز بين الأخلاق و إظهار محمودها و قمع مذمومها.

(ص 413 ف 34 ح 44)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام و هو حديث معاذ بن جبل في باب الإخلاص ح 26.

و يأتي في باب الصدق ح 8 في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها، عليك بمساوي الأخلاق فاجتنبها، فإن لم تفعل فلا تلو منّ إلاّ نفسك.

ص:268

56- آداب الخلاء

الأخبار

1-عن السكونيّ عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: سألته عن الغائط فقال: تصغيرا لابن آدم لكيلا يتكبّر و هو يحمل غائطه معه. (1)

2-سأل عمرو بن عبيد أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: ما بال الرجل إذا أراد أن يقضي حاجة إنّما ينظر إلى سفله و ما يخرج منه (من ف ن) ثمّ؟ فقال عليه السّلام: إنّه ليس أحد يريد ذلك إلاّ وكّل اللّه عزّ و جلّ به ملكا يأخذ بعنقه ليريه ما يخرج منه، أ حلال أو حرام؟ (2)

3-عن أبي اسامة قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام: فسأله رجل من المغيريّة عن شيء من السنن، فقال: ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلاّ و قد جرت فيه من اللّه و من رسوله سنّة، عرفها من عرفها و أنكرها من أنكرها، قال: فما السنّة في دخول الخلاء؟ قال: تذكر اللّه و تتعوّذ من الشيطان، و إذا فرغت قلت: «الحمد للّه على ما أخرج منّي من الأذى في يسر منه و عافية» .

قال الرجل: فالإنسان يكون على تلك الحال و لا يصبر حتّى ينظر

ص:269


1- -العلل ج 1 ص 275 ب 183 ح 1
2- العلل ج 1 ص 275 ب 184 ح 1

إلى ما يخرج منه؟ فقال: إنّه ليس في الأرض آدميّ إلاّ و معه ملكان موكّلان به، فإذا كان على تلك الحال ثنّيا رقبته ثمّ قالا: يا بن آدم، انظر إلى ما كنت تكدح له في الدنيا إلى ما هو صائر؟ ! (1)

بيان:

«ثنّيا» الثني: العطف و الإمالة. «تكدح» كدح في العمل: جهد نفسه فيه.

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أشدّ الناس توقّيا عن البول. . . (2)

5-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: طول الجلوس على الخلاء يورث البواسير. (3)

6-عن زيد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليهم السّلام قال: عذاب القبر يكون من النميمة، و البول، و عزب الرجل عن أهله. (4)

أقول:

قد مرّ ما يدلّ على ذلك في باب البرزخ.

7-عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تشرب و أنت قائم و لا تطف بقبر و لا تبل في ماء نقيع، فإنّه من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلاّ نفسه و من فعل شيئا من ذلك لم يكن يفارقه إلاّ ما شاء اللّه. (5)

بيان:

«لا تطف» : أي لا تتغوّط، قال الفيروزآبادي: طاف: ذهب ليتغوّط. «في ماء نقيع» :

ص:270


1- -العلل ج 1 ص 276 ح 4- صحّحنا الخبر على ما في البحار ج 80 ص 164
2- العلل ج 1 ص 278 ب 186
3- العلل ج 1 ص 278 باب 187
4- العلل ج 1 ص 309 ب 262 ح 2
5- العلل ج 1 ص 283 ب 200

في رواية اخرى"في ماء قائم". «فأصابه شيء» في رواية الكافي"أصابه شيء من الشيطان".

8-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تتكلّم على الخلاء فإنّ من تكلّم على الخلاء لم تقض له حاجة. (1)

9-عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن سمعت الأذان و أنت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذّن، و لا تدع ذكر اللّه عزّ و جلّ في تلك الحال لأنّ ذكر اللّه حسن على كلّ حال.

ثمّ قال عليه السّلام: لمّا ناجى اللّه تعالى موسى بن عمران عليه السّلام قال موسى: يا ربّ، أ بعيد أنت منّي فأناديك أم قريب فأناجيك؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: يا ربّ، إنّي أكون في حال اجلّك أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى، اذكرني على كلّ حال. (2)

10-خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد اللّه عليه السّلام و أبو الحسن موسى عليه السّلام قائم، و هو غلام، فقال له أبو حنيفة: يا غلام، أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال:

اجتنب أفنية المساجد، و شطوط الأنهار، و مساقط الثمار، و منازل النزّال، و لا تستقبل القبلة بغائط و لا بول، و ارفع ثوبك، وضع حيث شئت. (3)

بيان:

«أفنية المساجد» : الساحة عند باب المسجد، و يحتمل ما امتدّ من جوانبها أي حريم المسجد من كلّ جانب. (راجع المرآة)

11-سئل أبو الحسن عليه السّلام: ما حدّ الغائط؟ قال: لا تستقبل القبلة،

ص:271


1- -العلل ج 1 ص 283 ب 201 ح 1
2- العلل ج 1 ص 284 ب 202 ح 1
3- الوسائل ج 1 ص 301 ب 2 من أحكام الخلوة ح 1

و لا تستدبرها، و لا تستقبل الريح، و لا تستدبرها. (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه (كان يعمله) إذا دخل الكنيف يقنّع رأسه، و يقول سرّا في نفسه: بسم اللّه و باللّه. . . (2)

13-روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه لم ير على بول و لا غائط. (3)

14-قال الصادق عليه السّلام: من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء: «بسم اللّه و باللّه، أعوذ باللّه من الرجس النجس، الخبيث المخبث، الشيطان الرجيم» . (4)

15-قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام: إذا انكشف أحدكم لبول، أو لغير ذلك، فليقل: «بسم اللّه» ، فإنّ الشيطان يغضّ بصره عنه حتّى يفرغ. (5)

16-عن صفوان، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يجيب الرجل آخر و هو على الغائط، أو يكلّمه، حتّى يفرغ. (6)

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رجل لعليّ بن الحسين عليه السّلام: أين يتوضّأ الغرباء؟ قال: يتّقي شطوط الأنهار، و الطرق النافذة، و تحت الأشجار المثمرة، و مواضع اللعن، فقيل له: و أين مواضع اللعن؟ قال: أبواب الدور. (7)

بيان:

في المرآة ج 13 ص 50، «أبواب الدور» : يمكن أن يكون ذكر هذا على سبيل المثال

ص:272


1- -الوسائل ج 1 ص 301 ح 2
2- الوسائل ج 1 ص 304 ب 3 ح 2
3- الوسائل ج 1 ص 305 ب 4 ح 3
4- الوسائل ج 1 ص 308 ب 5 ح 8
5- الوسائل ج 1 ص 308 ح 9
6- الوسائل ج 1 ص 309 ب 6 ح 1
7- الوسائل ج 1 ص 324 ب 15 ح 1

و يكون عامّا في كلّ ما يتأذّى به الناس.

18-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّه نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري إلاّ من ضرورة، و قال: إنّ للماء أهلا. (1)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: البول في الحمّام يورث الفقر. (2)

20-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: البول قائما من غير علّة من الجفاء، و الاستنجاء باليمين من الجفاء. (3)

21-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في وصف لقمان عليه السّلام قال: لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال لشدّة تستّره و تحفّظه في أمره.

ثمّ قال رحمه اللّه: و قيل: إنّ مولاه دخل المخرج فأطال الجلوس فناداه لقمان: إنّ طول الجلوس على الحاجة يفجع الكبد، و يورث منه الباسور، و يصعد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هونا، و قم هونا. قال: فكتب حكمته على باب الحشّ. (4)

بيان:

«يفجع الكبد» : أي يوجع الكبد.

«هونا» في النهاية، الهون: الرفق و اللين و التثبّت، . . . و منه الحديث: «أحبب حبيبك هونا ما» أي حبّا مقتصدا لا إفراط فيه. و في القاموس، هان هونا: سهل.

في مجمع البحرين، «الحشّ» بالفتح أكثر من الضمّ و الكسر: المخرج و موضع الحاجة، و أصله من الحشّ: البستان، لأنّهم كانوا كثيرا ما يتغوّطون في البساتين.

أقول: قد مرّ في باب الأكل: أربع خصال تستغني بها عن الطبّ، منها؛ إذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء.

ص:273


1- -الوسائل ج 1 ص 341 ب 24 ح 3
2- البحار ج 80 ص 170 باب آداب الخلاء ح 9
3- البحار ج 80 ص 174 ح 15
4- البحار ج 80 ص 184 ح 35( مجمع البيان ج 8 ص 317)

22-قال الصادق عليه السّلام: إنّما سمّي المستراح مستراحا لاستراحة الأنفس من أثقال النجاسات و استفراغ الكثافات و القذر فيها، و المؤمن يعتبر عندها أنّ الخالص من حطام الدنيا كذلك يصير عاقبته، فيستريح بالعدول عنها و بتركها و يفرغ نفسه و قلبه من شغلها و يستنكف عن جمعها و أخذها استنكافه عن النجاسة و الغائط و القذر.

و يتفكّر في نفسه المكرّمة في حال كيف تصير ذليلة في حال، و يعلم أنّ التمسّك بالقناعة و التقوى يورث له راحة الدارين فإنّ الراحة في هوان الدنيا و الفراغ (الفرار ف ن) من التمتّع بها و في إزالة النجاسة من الحرام و الشبهة فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته إيّاها و يفرّ من الذنوب و يفتح باب التواضع و الندم و الحياء. . . (1)

ص:274


1- -مصباح الشريعة ص 8 ب 9

57- الخمر

الآيات

1- يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما. . . (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا اَلصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى. . . (2)

3- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ وَ اَلْأَنْصابُ وَ اَلْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ- إِنَّما يُرِيدُ اَلشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ اَلْعَداوَةَ وَ اَلْبَغْضاءَ فِي اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ عَنِ اَلصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. (3)

الأخبار

1-عن الريّان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: ما بعث اللّه نبيّا

ص:275


1- -البقرة:219
2- النساء:43
3- المائدة:90 و 91

قطّ إلاّ بتحريم الخمر و أن يقرّ للّه بالبداء. (1)

2-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل للشرّ أقفالا و جعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، و الكذب شرّ من الشراب. (2)

بيان:

لأنّ شرب الخمر و الكذب يستلزم معاصي كثيرة، و الشارب يرتكب ذنوبا مختلفة.

أقول: في بعض الأخبار: «مفتاح المعصية الخمر» ، «و الخمر أمّ الفواحش و الكبائر» ، «و الخمر جماع الإثم و أمّ الإثم و أمّ الخبائث و مفتاح الشرّ» ، «إنّ الخمر رأس الإثم» .

3-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شارب الخمر لا تصدّقوه إذا حدث، و لا تزوّجوه إذا خطب، و لا تعودوه إذا مرض، و لا تحضروه إذا مات، و لا تأتمنوه على أمانة فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها فليس على اللّه أن يخلف عليه و لا أن يأجره عليها، لأنّ اللّه يقول: وَ لا تُؤْتُوا اَلسُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ و أيّ سفيه أسفه من شارب الخمر. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «من تزوّج ابنته شارب الخمر فكأنّما أقادها إلى النار و قطع رحمها» .

4-عن محمّد بن سنان قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى عليه السّلام يقول:

حرّم اللّه عزّ و جلّ الخمر لما فيها من الفساد و من تغييرها عقول شاربيها و حملها إيّاهم على إنكار اللّه عزّ و جلّ و الفرية عليه و على رسله، و سائر ما يكون منهم

ص:276


1- -الكافي ج 1 ص 115 باب البداء ح 15 و بمضمونه في العيون ج 2 ص 14 ب 30 ح 33
2- الكافي ج 2 ص 254 باب الكذب ح 3
3- تفسير القمّي ج 1 ص 131( النساء:5)

من الفساد و القتل و القذف و الزنا و قلّة الاحتجاز عن شيء من المحارم، فبذلك قضينا على كلّ مسكر من الأشربة أنّه حرام محرّم، لأنّه يأتي من عاقبته ما يأتي من عاقبة الخمر، فليجتنب من يؤمن باللّه و اليوم الآخر و يتولاّنا و ينتحل مودّتنا كلّ شارب مسكر، فإنّه لا عصمة بيننا و بين شاربه. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، «الفرية» : الكذبة العظيمة التي يتعجّب منها. «الاحتجاز» : أي الامتناع. «ينتحل» : أي ينتسب.

5-عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لم حرّم اللّه الخمر؟ قال: حرّم اللّه الخمر لفعلها و فسادها، لأنّ مدمن الخمر تورثه الارتعاش، و تذهب بنوره، و تهدم مروّته، و تحمله على أن يجترء على ارتكاب المحارم و سفك الدماء و ركوب الزنا، و لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه و لا يعقل ذلك، و لا يزيد شاربها إلاّ كلّ شرّ. (2)

6-عن أحدهما عليهما السّلام قال: الغناء عشّ النفاق، و الشرب مفتاح كلّ شرّ، و مدمن الخمر كعابد الوثن مكذّب بكتاب اللّه، لو صدّق كتاب اللّه لحرّم حرام اللّه. (3)

7-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شرب الخمر، أشرّ أم ترك الصلاة؟ فقال: شرب الخمر أشرّ من ترك الصلاة، و تدري لم ذاك؟ قال: لا، قال: يصير في حال لا يعرف اللّه تعالى و لا يعرف من خالقه. (4)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: يأتي شارب الخمر يوم القيامة مسودّا وجهه،

ص:277


1- -العلل ج 2 ص 475 ب 224 ح 1
2- العلل ج 2 ص 476 ح 2
3- العلل ج 2 ص 476 ح 3
4- العلل ج 2 ص 476 ب 225 ح 1

مدلعا لسانه، يسيل لعابه على صدره، و حقّ على اللّه أن يسقيه من بئر خبال، قال: قلت: و ما بئر خبال؟ قال: بئر يسيل فيها صديد الزناة. (1)

بيان:

«دلع لسانه» : أخرجه كأدلعه. «الصديد» : القيح و الدم.

9-عن ابن أبي عمير عن بعض رجاله، قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:

من ترك الخمر لغير اللّه سقاه اللّه من الرحيق المختوم، قال: فقلت: فيتركه لغير اللّه؟ قال: نعم، صيانة لنفسه. (2)

10-عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن ترك الصلاة في هذه الأيّام ضوعف عليه العذاب لترك الصلاة.

و في خبر آخر: أنّ صلاته توقف بين السماء و الأرض، فإن تاب ردّت عليه و قبلت منه. (3)

أقول:

«لم تقبل له صلاة أربعين يوما» : بهذا المعنى أخبار كثيرة.

11-قال عليّ عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من سقى صبيّا مسكرا و هو لا يعقل حبسه اللّه عزّ و جلّ في طينة خبال، حتّى يأتي ممّا صنع بمخرج. (4)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من شرب الخمر سقاه اللّه من سمّ الأساود و من سمّ العقارب. . . و من سقاها يهوديّا أو نصرانيّا أو صابئا أو

ص:278


1- -الوسائل ج 25 ص 296 ب 9 من الأشربة المحرّمة ح 2
2- الوسائل ج 25 ص 298 ح 9
3- الوسائل ج 25 ص 303 ح 17
4- الوسائل ج 25 ص 309 ب 10 ح 6

من كان من الناس فعليه كوزر من شربها. (1)

13-عن أحدهما عليهما السّلام قال: إنّ اللّه جعل للمعصية بيتا، ثمّ جعل للبيت بابا، ثمّ جعل للباب غلقا، ثمّ جعل للغلق مفتاحا، فمفتاح المعصية الخمر. (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث؛ أنّ زنديقا قال له: فلم حرّم اللّه الخمر و لا لذّة أفضل منها؟ قال: حرّمها لأنّها امّ الخبائث، و رأس كلّ شرّ، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبّه، فلا يعرف ربّه، و لا يترك معصية إلاّ ركبها و لا يترك حرمة إلاّ انتهكها، و لا رحما ماسّة إلاّ قطعها، و لا فاحشة إلاّ أتاها، و السكران زمامه بيد الشيطان، إن أمره أن يسجد للأوثان سجد، و ينقاد حيثما قاده. (3)

15-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، شارب الخمر كعابد الوثن.

يا عليّ، شارب الخمر لا يقبل اللّه صلاته أربعين يوما، فإن مات في الأربعين مات كافرا. (4)

16-عن عمر بن اذينة، قال: كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن الرجل ينعت له الدواء من ريح البواسير، فيشربه بقدر اسكرّجة من نبيذ، ليس يريد به اللذّة، إنّما يريد به الدواء؟ فقال: لا، و لا جرعة، ثمّ قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ لم يجعل في شيء ممّا حرّم دواء و لا شفاء. (5)

بيان:

«اسكرّجه» : وعاء صغير يستوعب مقدار خمسة مثاقيل من المياه.

ص:279


1- -الوسائل ج 25 ص 309 ح 7
2- الوسائل ج 25 ص 314 ب 12 ح 3
3- الوسائل ج 25 ص 317 ح 11
4- الوسائل ج 25 ص 320 ب 13 ح 12
5- الوسائل ج 25 ص 343 ب 20 ح 1

17-سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخمر (عن دواء عجن بالخمر م) ، يكتحل منها؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما جعل اللّه في محرّم شفاء. (1)

18-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الخمر عشرة: غارسها و حارسها و عاصرها و شاربها و ساقيها و حاملها و المحمولة إليه و بايعها و مشتريها و آكل ثمنها. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة روتها الخاصّة و العامّة.

19-عن حنّان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ مسكر حرام، و ما أسكر كثيره فقليله حرام. (3)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: العبد إذا شرب شربة من الخمر ابتلاه اللّه بخمسة أشياء: الأوّل قساوة قلبه، و الثاني تبرّأ منه جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و جميع الملائكة، و الثالث تبرّأ منه جميع الأنبياء و الأئمّة عليهم السّلام، و الرابع تبرّأ منه الجبّار جلّ جلاله، و الخامس قوله عزّ و جلّ: وَ أَمَّا اَلَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ اَلنّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَ قِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ اَلنّارِ اَلَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. . (4)(5)

21-. . . و قال صلّى اللّه عليه و آله: شارب الخمر يعذّبه اللّه تعالى بستّين و ثلاثمائة نوع من العذاب. (6)

ص:280


1- -الوسائل ج 25 ص 349 ب 21 ح 1
2- الوسائل ج 25 ص 375 ب 34 ح 1
3- الوسائل ج 25 ص 339 ب 17 ح 8
4- السجدة:20
5- المستدرك ج 17 ص 47 ب 5 من الأشربة المحرّمة ح 15
6- المستدرك ج 17 ص 48 ح 18

أقول:

لعلّ ذلك لأجل أنّ شرب الخمر يستلزم معاصي كثيرة و لكلّ معصية نوع من العذاب.

22-قال عليّ عليه السّلام: لو أنّ قطرة من الخمر قطرت في بئر، و نزح ماء ذلك البئر، و سقي به أرض، فانبتت حشيشا و يبس ذلك الحشيش، ثمّ إنّ شاة رعت من ذلك الحشيش، فاختلطت في قطيع غنم و اشتبهت، ثمّ ذبحت تلك الشياة كلّها، لم آكل من لحومها شيئا. (1)

23-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع لا تدخل بيتا واحدة منهنّ إلاّ خرّب، و لم يعمر بالبركة: الخيانة، و السرقة، و شرب الخمر، و الزنا. (2)

24-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من سلّم على شارب الخمر أو عانقه أو صافحه أحبط اللّه عليه عمل أربعين سنة.

. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: سلّموا على اليهود و النصارى و لا تسلّموا على شارب الخمر و إن سلّم عليكم فلا تردّوا جوابه. (3)

25-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تجمع الخمر و الإيمان في جوف أو قلب رجل أبدا. (4)

ص:281


1- -مجموعة الأخبار ص 228 ب 136
2- البحار ج 79 ص 125 باب حرمة شرب الخمر ح 2
3- البحار ج 79 ص 151 في ح 58
4- البحار ج 79 ص 152 ح 58

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734362C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3238322C2253686F77506167654E756D223A22323832222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503238322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

58- الخوف و الرجاء و الخشية

الآيات

1- . . . وَ إِيّايَ فَارْهَبُونِ. (1)

2- إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَلَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اَللّهِ وَ اَللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. (2)

3- . . . فَلا تَخْشَوُا اَلنّاسَ وَ اِخْشَوْنِ. . . (3)

4- . . . أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. (4)

5- . . . وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ اَلْحِسابِ. (5)

6- . . . ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ. (6)

7- . . . وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. (7)

ص:283


1- -البقرة:40
2- البقرة:218
3- المائدة:44
4- التوبة:13
5- الرعد:21
6- إبراهيم:14
7- الأنبياء:28

8- وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَ هارُونَ اَلْفُرْقانَ وَ ضِياءً وَ ذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ هُمْ مِنَ اَلسّاعَةِ مُشْفِقُونَ. (1)

9- . . . وَ بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِينَ- اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . . (2)

10- إِنَّ اَلَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ . . . وَ اَلَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ. (3)

11- . . . يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ اَلْقُلُوبُ وَ اَلْأَبْصارُ. (4)

12- وَ مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اَللّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْفائِزُونَ. (5)

13- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اِخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً. . . (6)

14- . . . وَ تَخْشَى اَلنّاسَ وَ اَللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ. . . (7)

15- . . . إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ إِنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. (8)

16- أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اَللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ اَلْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ. (9)

ص:284


1- -الأنبياء:47 و 48
2- الحجّ:34 و 35
3- المؤمنون:57 إلى 60
4- النور:37
5- النور:52
6- لقمان:33
7- الأحزاب:37
8- فاطر:28
9- الزمر:9

17- مَنْ خَشِيَ اَلرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. (1)

18- وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. (2)

19- وَ أَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوى- فَإِنَّ اَلْجَنَّةَ هِيَ اَلْمَأْوى. (3)

20- . . . رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ. (4)

الأخبار

1-عن الحارث بن المغيرة أو عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له:

ما كان في وصيّة لقمان؟ قال: كان فيها الأعاجيب، و كان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف اللّه عزّ و جلّ خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك، و ارج اللّه رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أبي يقول: إنّه ليس من عبد مؤمن إلاّ و في قلبه نوران: نور خيفة و نور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا، و لو وزن هذا لم يزد على هذا. (5)

بيان:

قد مرّ معنى الخوف في باب الحزن، و لا يخفى أنّ الخوف و الرجاء محمودان لكن يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان تأثير الخوف في بعثه على العمل أكثر من تأثير الرجاء فيه فالخوف له أصلح، مثل من غلب عليه مرض الأمن من مكر اللّه

ص:285


1- -ق:33
2- الرحمن:46
3- النازعات:40 و 41
4- البيّنة:8
5- الكافي ج 2 ص 55 باب الخوف و الرجاء ح 1

و الاغترار به و من يجرى على المعاصي و غير ذلك. و من كان تأثير الرجاء فيه أبلغ فالرجاء أصلح، مثل من غلب عليه اليأس و القنوط و غير ذلك، و معلوم أنّ الخوف الممدوح إلى حدّ، فإن جاوزه كان مذموما، فالخوف يسوق به العباد إلى المواظبة على العمل ليناول رتبة القرب إليه تعالى و لذّة المحبّة و الأنس و لو تجاوز عن حدّه فيكون مذموما، و كذا في الرجاء فإن جاوز عن حدّه يؤدّي إلى الغرور و الرجاء الكاذب، كما يدلّ على ذلك أخبار الباب.

ثمّ إنّ الخوف إمّا عن نفس المؤلم أو عن سببه. الأوّل؛ كالنار و ساير أنواع ما يعذّب به الإنسان، سواء كان في الدنيا أو الآخرة. و الثاني؛ كالكفر و المعاصي، و يختلف خوف الخائفين في كلا القسمين، أمّا الأوّل: فقد يكون خوف المؤمن من تعجيل العقوبة في الدنيا، و قد يكون من الموت و سكراته، و قد يكون من القبر و وحشته و ظلمته و ضيقه و ضنكه، و قد يكون من السؤال، و قد يكون من هول المطّلع، و قد يكون من أهوال القيامة، و قد يكون من الحساب و الصراط، و قد يكون من حياء العرض على اللّه، و قد يكون من فضيحة هتك الستور على رؤوس الأشهاد، و قد يكون من نار جهنّم، و قد يكون من حرمان الجنّة، و قد يكون من نقص الدرجة و. . .

و أمّا الثاني: فقد يكون خوف أحدهم من الكبائر التي قارفها، و قد يكون من ملكاته السيّئة؛ من شدّة شهوته و غضبه، و قد يكون من حقوق الناس، و قد يكون من البطر بكثرة النعم أو خوف الاستدراج بها، و قد يكون من الوقوع في معصيته، أو الموت قبل التوبة أو نقص التوبة، أو من القساوة أو من الإعواج و الميل عن الاستقامة، أو خوف اطّلاع اللّه على سريرته في حال معصية أو غفلة، أو من عدم قبول عباداته أو من سوء الخاتمة و. . .

(راجع أسرار الصلاة للميرزا جواد الملكي رحمه اللّه ص 128)

2-عن إسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا إسحاق، خف اللّه

ص:286

كأنّك تراه و إن كنت لا تراه فإنّه يراك، فإن كنت ترى أنّه لا يراك فقد كفرت، و إن كنت تعلم أنّه يراك ثمّ برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك. (1)

بيان:

«برزت له» : أي أظهرت له، أو من البراز للمقاتلة كأنّك عاديته و حاربته.

3-عن الهيثم بن واقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من خاف اللّه أخاف اللّه منه كلّ شيء، و من لم يخف اللّه أخافه اللّه من كلّ شيء. (2)

4-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من عرف اللّه خاف اللّه، و من خاف اللّه سخت نفسه عن الدنيا. (3)

بيان:

سخى عن الشيء: ترك.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: قوم يعملون بالمعاصي و يقولون:

نرجوا، فلا يزالون كذلك حتّى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجّحون في الأمانيّ، كذبوا، ليسوا براجين، إنّ من رجا شيئا طلبه و من خاف من شيء هرب منه. (4)

بيان:

«الترجّح» : تذبذب الشيء المعلّق في الهواء و الميل من جانب إلى جانب، و المراد أنّهم يميلون بسب الأمانيّ من الخوف إلى الرجاء بأدنى و هم، و قيل: يعني مالت بهم عن الاستقامة أمانيّهم الكاذبة.

ص:287


1- -الكافي ج 2 ص 55 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 55 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 55 ح 4
4- الكافي ج 2 ص 55 ص 5

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من العبادة شدّة الخوف من اللّه عزّ و جلّ، يقول اللّه: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ و قال جلّ ثناؤه: فَلا تَخْشَوُا اَلنّاسَ وَ اِخْشَوْنِ و قال تبارك و تعالى: وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ حبّ الشرف و الذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 36، قال المحقّق الطوسي رحمه اللّه في أوصاف الأشراف ما حاصله: إنّ الخوف و الخشية و إن كانا بمعنى واحد في اللغة إلاّ أنّ بينهما فرقا بين أرباب القلوب، و هو أنّ الخوف تألّم النفس من المكروه المنتظر، و العقاب المتوقّع بسبب احتمال فعل المنهيّات و ترك الطاعات، و هو يحصل لأكثر الخلق و إن كانت مراتبه متفاوتة جدّا، و المرتبة العليا منه لا تحصل إلاّ للقليل.

و الخشية حالة نفسانيّة تنشأ عن الشعور بعظمة الربّ و هيبته، و خوف الحجب عنه، و هذه الحالة لا تحصل إلاّ لمن اطّلع على جلال الكبرياء و ذاق لذّة القرب، و لذلك قال سبحانه: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ و الخشية خوف خاصّ و قد يطلقون عليها الخوف أيضا.

و في المفردات، «الخشية» : خوف يشوبه تعظيم و أكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، و لذلك خصّ العلماء بها.

7-عن الحسن بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون خائفا راجيا، و لا يكون خائفا راجيا حتّى يكون عاملا لما يخاف و يرجو. (2)

ص:288


1- -الكافي ج 2 ص 56 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 57 ح 11

بيان:

في المرآة: يدلّ على أنّ كمال الإيمان منوط بالخوف و الرجاء، و الخوف و الرجاء لا يصدقان إلاّ بالعمل.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدري ما صنع اللّه فيه و عمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إلاّ خائفا و لا يصلحه إلاّ الخوف. (1)

أقول:

قد مرّ في باب اجتناب المحارم معنى قوله تعالى: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ. . .

عن الكافي.

9-عن أبي حمزة الثمالي قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام: ارج اللّه رجاء لا يجرئك على معصيته (معاصيه ف ن) و خف اللّه خوفا لا يؤيسك من رحمته. (2)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: رأس الحكمة مخافة اللّه عزّ و جلّ. (3)

11-قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام: و ليس الخوف من بكى و جرت دموعه ما لم يكن له ورع يحجزه عن معاصي اللّه، و إنّما ذلك خوف كاذب. (4)

12-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و أعلى الناس منزلة عند اللّه أخوفهم منه. (5)

13-في خطبة عن أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و استعينوا على بعد المسافة بطول

ص:289


1- -الكافي ج 2 ص 57 ح 12
2- الوسائل ج 15 ص 217 ب 13 من جهاد النفس ح 7
3- الوسائل ج 15 ص 221 ب 14 ح 9
4- عدّة الداعي ص 163
5- البحار ج 77 ص 182 في ح 15 إعلام الورى

المخافة. . . (1)

14-في حديث موسى بن جعفر عليه السّلام لهشام: . . . إنّه لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه، و من لم يعقل عن اللّه لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها و يجد حقيقتها في قلبه، و لا يكون أحد كذلك إلاّ من كان قوله لفعله مصدّقا، و سرّه لعلانيته موافقا. . . (2)

يا هشام، من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه. . . (3)

15-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ الناس خير عند اللّه عزّ و جلّ؟ قال:

أخوفهم للّه، و أعملهم بالتقوى، و أزهدهم في الدنيا. (4)

16-في خبر مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة اللّه عزّ و جلّ حرّم اللّه عليه النار، و آمنه من الفزع الأكبر، و أنجز له ما وعده في كتابه في قوله: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. (5)

17-قال الصادق عليه السّلام: كفى بخشية اللّه علما و كفى بالاغترار باللّه جهلا. (6)

18-عن عبد اللّه بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

الخائف من لم يدع له الرهبة لسانا ينطق به. (7)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من كان باللّه أعرف كان من اللّه أخوف.

ص:290


1- -البحار ج 77 ص 442
2- البحار ج 78 ص 302
3- البحار ج 78 ص 315
4- البحار ج 70 ص 378 باب الخوف و الرجاء ح 24
5- البحار ج 70 ص 378 ح 25
6- البحار ج 70 ص 379 ح 26
7- البحار ج 70 ص 384 ح 41

و قال صلّى اللّه عليه و آله: يا بن مسعود، اخش اللّه بالغيب كأنّك تراه، فإن لم تره فإنّه يراك، يقول اللّه تعالى: مَنْ خَشِيَ اَلرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ- اُدْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ اَلْخُلُودِ.

و روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي و قلبه كالمرجل يغلي من خشية اللّه تعالى. (1)

20-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يا بنيّ، خف اللّه خوفا أنّك لو أتيته بحسنات أهل الأرض لم يقبلها منك. و ارج اللّه رجاء أنّك لو أتيته بسيّئات أهل الأرض غفرها لك. (2)

21-و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا اقشعرّ قلب المؤمن من خشية اللّه تحاتّت عنه خطاياه كما تتحاتّ من الشجر ورقها. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ترك معصية من مخافة اللّه عزّ و جلّ أرضاه اللّه يوم القيامة. (4)

23-. . . و كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا أخذ في الوضوء يتغيّر وجهه من خيفة اللّه تعالى، و كانت فاطمة عليها السّلام تنهج في الصلاة من خيفة اللّه تعالى، و كان الحسن عليه السّلام إذا فرغ من وضوئه تتغيّر لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حقّ على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن تتغيّر لونه.

و يروى مثل هذا عن زين العابدين عليه السّلام. (5)

أقول:

الأخبار في خوف النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام و خشيتهم كثيرة، راجع البحار و غيره أبواب

ص:291


1- -البحار ج 70 ص 393 ح 64
2- البحار ج 70 ص 394 في ح 64
3- البحار ج 70 ص 394 في ح 64
4- البحار ج 70 ص 398 ح 67
5- البحار ج 70 ص 400 في ح 72

تاريخهم.

بيان: «تنهج» نهج الرجل: انبهر و تتابع نفسه.

24-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من عرف اللّه خافه، و من خاف اللّه حثّه الخوف من اللّه على العمل بطاعته، و الأخذ بتأديبه، فبشّر المطيعين المتأدّبين بأدب اللّه، و الآخذين عن اللّه، إنّه حقّ على اللّه أن ينجيه من مضلاّت الفتن، و ما رأيت شيئا هو أضرّ لدين المسلم من الشحّ. (1)

25-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يدّعي بزعمه أنّه يرجو اللّه، كذب و العظيم! ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله؟ فكلّ من رجا عرف رجاؤه في عمله إلاّ رجاء اللّه فإنّه مدخول، و كلّ خوف محقّق إلاّ خوف اللّه فإنّه معلول، يرجو اللّه في الكبير و يرجو العباد في الصغير، فيعطى العبد ما لا يعطى الربّ! فما بال اللّه جلّ ثناؤه يقصّر به عمّا يصنع لعباده؟ ! أ تخاف أن تكون في رجائك له كاذبا، أو تكون لا تراه للرجاء موضعا؟ (2)

بيان:

«المدخول» : أي المغشوش غير الخالص، من الدخل أي العيب و الغشّ، أو هو المعيب الناقص لا يترتّب عليه عمل. «الخوف المحقّق» : هو الثابت الذي يرى أثره، يبعث على البعد عن الخوف و الهرب منه. «الخوف المعلول» : خلاف المحقّق فهو كالأوهام لا قرار لها. و قال ابن ميثم: المدخول الذي فيه شبهة و ريبة و المعلول الغير الخالص. «في الكبير» : المراد خير الدنيا و نعيم الآخرة. «في الصغير» : أي متاع الدنيا.

أقول: يأتي في باب التقوى عن نهج البلاغة (ص 192 في خ 82) فاتّقوا اللّه عباد اللّه

ص:292


1- -البحار ج 70 ص 400 ح 73
2- نهج البلاغة ص 505 في خ 159-صبحي ص 225 في خ 160

تقيّة ذي لبّ شغل التفكّر قلبه، و أنصب الخوف بدنه، و أسهر التهجّد غرار نومه، و أظما الرجاء هواجر يومه.

26-. . . أنواع الخوف خمسة: خوف و خشية و وجل و رهبة و هيبة، فالخوف للعاصين، و الخشية للعالمين، و الوجل للمخبتين (للمحبّين ف ن) ، و الرهبة للعابدين، و الهيبة للعارفين.

أمّا الخوف فلأجل الذنوب، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ.

و الخشية لأجل رؤية التقصير، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّما يَخْشَى اَللّهَ مِنْ عِبادِهِ اَلْعُلَماءُ.

و أما الوجل فلأجل ترك الخدمة، قال اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.

و الرهبة لرؤية التقصير، قال اللّه عزّ و جلّ: يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً.

و الهيبة لأجل شهادة الحقّ عند كشف الأسرار-أسرار العارفين-، قال اللّه عزّ و جلّ: وَ يُحَذِّرُكُمُ اَللّهُ نَفْسَهُ يشير إلى هذا المعنى.

و روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه كان إذا صلّى سمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من الهيبة. حدّثنا بذلك أبو (محمّد) عبد اللّه بن حامد رفعه إلى بعض الصالحين عليهم السّلام. (1)

بيان:

«المرجل» : القدر (ديك) . «الأزيز» كأمير: صوت القدر إذا غلى.

27-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال: . . . و أمّا المنجيات؛ فخوف اللّه

ص:293


1- -الخصال ج 1 ص 281 باب الخمسة ح 27

في السرّ و العلانية، و القصد في الغنا و الفقر، و كلمة العدل في الرضا و السخط. (1)

28-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، يقول اللّه تعالى لا أجمع على عبدي خوفين، و لا أجمع له أمنين، فإذا أمنني أخفته يوم القيامة، و إذا خافني آمنته يوم القيامة.

يا أبا ذرّ، لو أنّ رجلا كان له مثل عمل سبعين نبيّا لاحتقره، و خشي أن لا ينجو من شرّ يوم القيامة. . .

قال: يا أبا ذرّ، إنّ للّه ملائكة قياما في خيفته، ما يرفعون رؤوسهم حتّى ينفخ في الصور النفخة الأخيرة، فيقولون جميعا: «سبحانك و بحمدك، ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد» فلو كان لرجل عمل سبعين صدّيقا (نبيّا م) لا ستقلّ عمله من شدّة ما يرى يومئذ. (2)

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه إذا جمع الناس يوم القيامة، نادى فيهم مناد: أيّها الناس، إنّ أقربكم اليوم من اللّه أشدّكم منه خوفا، و إنّ أحبّكم إلى اللّه أحسنكم عملا، و إنّ أفضلكم عنده منصبا أعملكم فيما عنده رغبة، و إنّ أكرمكم عليه أتقاكم. (3)

30-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أعلم الناس باللّه أشدّهم خشية له.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يأمن العبد حتّى يخلّف جسر جهنّم ورائه. (4)

31-قال الصادق عليه السّلام: الخوف رقيب القلب، و الرجاء شفيع النفس، و من كان باللّه عارفا كان من اللّه خائفا و إليه راجيا، و هما جناحا الإيمان يطير بهما العبد المحقّق إلى رضوان اللّه، و عينا عقله يبصر بهما إلى وعد اللّه تعالى و وعيده

ص:294


1- -الخصال ج 1 ص 85 باب الثلاثة في ح 12
2- المستدرك ج 11 ص 228 ب 14 ح 2
3- المستدرك ج 11 ص 229 ح 9
4- المستدرك ج 11 ص 231 في ح 14

و الخوف طالع عدل اللّه باتقاء وعيده، و الرجاء داعي فضل اللّه و هو يحيي القلب و الخوف يميت النفس.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: المؤمن بين خوفين: خوف ما مضى، و خوف ما بقي، و بموت النفس يكون حيوة القلب، و بحيوة القلب البلوغ إلى الاستقامة، و من عبد اللّه على ميزان الخوف و الرجاء لا يضلّ و يصل إلى مأموله، و كيف لا يخاف العبد و هو غير عالم بما يختم صحيفته و لا له عمل يتوسّل به استحقاقا، و لا قدرة له على شيء و لا مفرّ، و كيف لا يرجو و هو يعرف نفسه بالعجز و هو غريق في بحر آلاء اللّه و نعمائه من حيث لا تحصى و لا تعدّ.

و المحبّ يعبد ربّه على الرجاء بمشاهدة أحواله بعين سهر (بغير سهو ف ن) و الزاهد يعبد على الخوف.

قال اويس لهرم بن حيّان: قد عمل الناس على الرجاء، فقال: بل نعمل على الخوف، و الخوف خوفان: ثابت و عارض، فالثابت من الخوف يورث الرجاء، و العارض منه يورث خوفا ثابتا، و الرجاء رجاءان: عاكف و باد، فالعاكف منه يورث خوفا ثابتا يقوّي نسبة المحبّة، و البادي منه يصحّح أهل العجز و التقصير و الحياء. (1)

بيان:

«العاكف» : المقيم. «البادي» : الطاري.

32-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الخوف أمان. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 97)

الخوف استظهار. (ص 11 ح 222)

الخشية شيمة السعداء. (ص 23 ح 643)

ص:295


1- -مصباح الشريعة ص 60 ب 88

الخوف جلباب العارفين-الوجل شعار المؤمنين. (ص 25 ح 715 و 719)

الرجاء لرحمة اللّه أنجح. (ص 48 ح 1368)

الخشية من عذاب اللّه شيمة المتّقين. (ص 70 ح 1783)

البكاء من خيفة اللّه للبعد عن اللّه عبادة العارفين. (ص 72 ح 1816)

العارف وجهه مستبشر متبسّم، و قلبه و جل محزون. (ص 86 ح 2008)

الخوف سجن النفس عن الذنوب، و رادعها عن المعاصي.

(ص 87 ح 2010)

البكاء من خشية اللّه ينير القلب و يعصم من معاودة الذنب.

(ص 89 ح 2027)

البكاء من خشية اللّه مفتاح الرحمة. (ص 91 ح 2073)

العبادة الخالصة أن لا يرجو الرجل إلاّ ربّه و لا يخاف إلاّ ذنبه.

(ص 99 ح 2150)

الخوف من اللّه في الدنيا يؤمن الخوف في الآخرة منه. (ص 103 ح 2178)

أعلمكم أخوفكم-أخوفكم أعرفكم. (ص 174 ف 8 ح 2 و 13)

أعظم البلاء انقطاع الرجاء. (ص 175 ح 31)

أعقل الناس محسن خائف. (ص 179 ح 109)

أعلم الناس باللّه سبحانه أخوفهم منه. (ص 191 ح 300)

أكثر الناس معرفة أخوفهم لربّه. (ص 192 ح 304)

أعظم الناس علما أشدّهم خوفا للّه سبحانه. (ص 193 ح 326)

أعلم الناس باللّه أكثرهم خشية له. (ص 194 ح 335)

أفضل المسلمين إسلاما من كان همّه لاخراه و اعتدل خوفه و رجاه.

(ص 204 ح 451)

إنّما السعيد من خاف العقاب فأمن، و رجا الثواب فأحسن، و اشتاق إلى الجنّة

ص:296

فأدلج. (1)(ص 302 ف 15 ح 47)

إذا خفت الخالق فررت إليه [إذا خفت المخلوق فررت منه].

(ص 312 ف 17 ح 55)

بكاء العبد من خشية اللّه يمحّص ذنوبه. (ص 343 ف 21 ح 11)

ثمرة الخوف الأمن. (ص 358 ف 23 ح 6)

خف ربّك و ارج رحمته يؤمنك ممّا تخاف و ينلك ما رجوت-خف تأمن و لا تأمن فتخف. (ص 395 ف 30 ح 15 و 17)

خف ربّك خوفا يشغلك عن رجائه، و أرجه رجاء من لا يؤمن (لا يأمن ف ن) خوفه. (ح 19)

خف اللّه خوف من شغل بالفكر قلبه، فإنّ الخوف مطيّة الأمن و سجن النفس عن المعاصي. (ح 21)

خشية اللّه جناح الإيمان-خوف اللّه يجلب لمستشعره الأمان-خف اللّه يؤمنك و لا تأمنه فيعذّبك. (ص 400 ح 54 إلى 56)

غاية المعرفة الخشية. (ج 2 ص 504 ف 56 ح 14)

غاية العلم الخوف من اللّه سبحانه. (ص 505 ح 32)

من حسن يقينه يرجو. (ص 614 ف 77 ح 79)

من خشي اللّه كثر علمه. (ص 621 ح 226)

من خاف اللّه قلّت مخافته. (ص 628 ح 355)

من كثرت مخافته قلّت آفته. (ص 630 ح 381)

من خاف اللّه لم يشف غيظه. (ص 638 ح 503)

ص:297


1- -في مجمع البحرين، « الدلجة» : هي سير الليل. . . و ربما أطلق الإدلاج على العبادة في الليل توسّعا، لأنّ العبادة سير إلى اللّه تعالى.

من خاف ربّه كفّ عن ظلمه. (ص 649 ح 674)

من خاف العقاب انصرف عن السيّئات. (ص 669 ح 966)

من خاف اللّه سبحانه آمنه اللّه من كلّ شيء-من خاف الناس أخافه اللّه سبحانه من كلّ شيء. (ص 704 ح 1352 و 1353)

نعم العبادة الخشية. (ص 770 ف 81 ح 6)

نعم الحاجز عن المعاصي الخوف. (ص 772 ح 34)

لا تخف إلاّ ذنبك. (ص 800 ف 85 ح 12)

لا ترج إلاّ ربّك. (ح 13)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي البكاء ف 1 و الحزن في اللّه.

ص:298

59- الاستخارة

اشارة

فيه فصلان:

الفصل الأوّل: فضل طلب الخير من اللّه تعالى في كلّ أمر

الأخبار

1-عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال و لا يستخير بي. (1)

بيان:

«لا يستخير بي» في النهاية ج 2 ص 91، الخير: ضدّ الشرّ. . . و الخيرة بسكون الياء: الاسم منه. . . و الاستخارة: طلب الخيرة في الشيء، و هو استفعال منه، يقال:

استخر اللّه يخر لك، و منه دعاء الاستخارة: «اللهمّ خر لي» أي اختر لي أصلح الأمرين، و اجعل لي الخيرة فيه.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي

ص:299


1- -البحار ج 91 ص 222 ب 1 من الاستخارات ح 1

لم يؤجر. (1)

3-عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: من أكرم الخلق على اللّه؟ قال: أكثرهم ذكرا للّه، و أعملهم بطاعته، قلت: فمن أبغض الخلق إلى اللّه؟ قال: من يتّهم اللّه، قلت: و أحد يتّهم اللّه؟ ! قال: نعم من استخار اللّه فجاءته الخيرة بما يكره، فسخط فذلك يتّهم اللّه. (2)

4-. . . عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أبالي إذا استخرت اللّه على أيّ طرفيّ وقعت. و كان أبي يعلّمني الاستخارة كما يعلّمني السّور من القرآن. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر.

بيان: «على أيّ طرفيّ» : أي طرفي الراحة و البلاء، أو المراد الأمر الذي أتردّد فيه، و لعلّ الخبر يرتبط بالفصل الثانيّ.

5-عن المفضل قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما استخار اللّه عزّ و جلّ عبد مؤمن إلاّ خار له، و إن وقع ما يكره. (4)

6-عن عبد العظيم الحسنيّ عن محمّد بن عليّ بن موسى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى اليمن فقال لي و هو يوصيني:

يا عليّ، ما حار من استخار، و لا ندم من استشار. . . (5)

7-عن الصادق عليه السّلام قال: إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاور فيه أحدا حتّى يبدأ فيشاور اللّه عزّ و جلّ، فقيل له: ما مشاورة اللّه عزّ و جلّ؟ قال: يستخير اللّه

ص:300


1- -البحار ج 91 ص 223 ح 2
2- البحار ج 91 ص 223 ح 2
3- البحار ج 91 ص 223 ح 3
4- البحار ج 91 ص 224 ح 4
5- البحار ج 91 ص 225 ح 5

فيه أوّلا ثمّ يشاور فيه، فإنّه إذا بدأ باللّه أجرى اللّه له الخير على لسان من شاء من الخلق. (1)

أقول:

«ما مشاورة اللّه؟» في الخبر 4: "قلت: و كيف أشاور ربّي؟ قال: تقول: أستخير اللّه مائة مرّة، ثمّ تشاور الناس فإنّ اللّه يجري لك الخيرة على لسان من أحبّ".

8-عن أبي الحسن العسكري عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: إذا عرضت لأحدكم حاجة فليستشر اللّه ربّه، فإن أشار عليه اتّبع، و إن لم يشر عليه توقّف، قال: فقال: يا سيّدي، و كيف أعلم ذلك؟ قال: تسجد عقيب المكتوبة و تقول: «اللهمّ خر لي» مائة مرّة، ثمّ تتوسّل بنا و تصلّي علينا و تستشفع بنا، ثمّ تنظر ما يلهمك تفعله و هو الذي أشار عليك به. (2)

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلّ ركعتين و استخر اللّه، فو اللّه ما استخار اللّه مسلم إلاّ خار له ألبتّة. (3)

10-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في الاستخارة:

تعظّم اللّه و تمجّده و تحمده و تصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ تقول: «اللهمّ إنّي أسألك بأنّك عالم الغيب و الشهادة، الرحمن الرحيم، و أنت عالم للغيوب، أستخير اللّه برحمته» ثمّ قال: إن كان الأمر شديدا تخاف فيه قلت مائة مرّة، و إن كان غير ذلك قلته ثلاث مرّات. (4)

11-عن صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما استخار اللّه عزّ و جلّ عبد في أمر قطّ مأة مرّة، يقف عند رأس (قبر ف ن) الحسين عليه السّلام، فيحمد اللّه و يهلّله

ص:301


1- -البحار ج 91 ص 252 ب 6 ح 1
2- البحار ج 91 ص 261 ب 7 ح 11
3- الوسائل ج 8 ص 63 ب 1 من صلاة الاستخارة ح 1
4- الوسائل ج 8 ص 68 ح 13

و يسبّحه و يمجّده و يثني عليه بما هو أهله، إلاّ رماه اللّه تبارك و تعالى بأخير الأمرين. (1)

أقول:

لاحظ الدعاء الثالث و الثلاثون من الصحيفة السجاديّة في الاستخارة.

ص:302


1- -قرب الاسناد ص 28- البحار ج 91 ص 260 باب الاستخارة بالدعاء في ح 9

الفصل الثانيّ: الاستخارة بالمعنى المصطلح أعني الاستخارة بالمصحف و الرقاع و السبحة

1-عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت أمرا فخذ ستّ رقاع فاكتب في ثلاث منها: «بسم اللّه الرحمن الرحيم، خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعل» و في ثلاث منها: «بسم اللّه الرحمن الرحيم خيرة من اللّه العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل» ثمّ ضعها تحت مصلاّك، ثمّ صلّ ركعتين، فإذا فرغت فاسجد سجدة و قل فيها مائة مرّة: «أستخير اللّه برحمته خيرة في عافية» ثمّ استو جالسا و قل: «اللهمّ خر لي و اختر لي في جميع أموري في يسر منك و عافية» .

ثمّ اضرب بيدك إلى الرقاع فشوّشها و أخرج واحدة واحدة، فإن خرج ثلاث متواليات افعل، فافعل الأمر الذي تريده، و إن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله، و إن خرجت واحدة افعل و (واحدة) الاخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس، فانظر أكثرها فاعمل به، ودع السادسة لا تحتاج إليها. (1)

ص:303


1- -الوسائل ج 8 ص 68 ب 2 من صلاة الاستخارة ح 1(الكافي ج 3 ص 470- مصباح الشيخ رحمه اللّه ص 480(ص 372) التهذيب ج 3 ص 470-المقنعة للمفيد رحمه اللّه ص 36- فتح الأبواب للسيّد بن طاووس رحمه اللّه ص 286-البحار ج 91 ص 230)

أقول:

قال في البحار (بعد ذكر الحديث عن غير واحد) : هذا أشهر طرق هذه الاستخارة و أوثقها، و عليه عمل أصحابنا و ليس فيه ذكر الغسل الخ.

فلا يصغى إلى قول من يقول: إنّ هذه الرواية شاذّة.

2-عن الحميري عن صاحب الزمان عليه السّلام، أنّه كتب إليه يسأله عن الرجل تعرض له الحاجة ممّا لا يدري أن يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين. . .

فأجاب عليه السّلام: الذي سنّه العالم عليه السّلام في هذه، الاستخارة بالرقاع و الصلاة. (1)

3-عن أبي عليّ اليسع القمّي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اريد الشيء فأستخير اللّه فيه فلا يوفّق فيه الرأي، أفعله أو أدعه؟ فقال: انظر إذا قمت إلى الصلاة، فإنّ الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلى الصلاة، [فانظر إلى] أيّ شيء يقع في قلبك فخذ به، و افتتح المصحف فانظر إلى أوّل ما ترى فيه فخذ به، إن شاء اللّه. (2)

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تتفأّل بالقرآن. (3)

5-ذكر الشيخ الإمام الخطيب المستغفريّ بسمرقند في دعواته: إذا أردت أن تتفأّل بكتاب اللّه عزّ و جلّ، فاقرأ سورة الإخلاص ثلاث مرّات، ثمّ صلّ على النبيّ و آله ثلاثا، ثمّ قل: «اللهمّ (إنّي) تفأّلت بكتابك و توكّلت عليك فأرني من كتابك ما هو مكتوم من سرّك المكنون في غيبك» ثمّ افتح الجامع و خذ الفال من الخطّ الأوّل في الجانب الأوّل من غير أن تعدّ الأوراق و الخطوط.

كذا أورد مسندا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. (4)

ص:304


1- -الوسائل ج 8 ص 73 ب 3
2- الوسائل ج 8 ص 78 ب 6
3- الوسائل ج 6 ص 233 ب 38 من قراءة القرآن ح 2
4- البحار ج 91 ص 241 باب الاستخارة بالقرآن ح 1- فتح الأبواب ص 156

بيان:

«الجامع» : القرآن التامّ لجميع السور و الآيات.

6-. . . وجدت بخطّ جدّ شيخنا البهائي رحمه اللّه نقلا من خطّ الشهيد رحمه اللّه. . .

عن المفضّل بن عمر قال: بينما نحن عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ تذاكرنا أمّ الكتاب، فقال رجل من القوم: جعلني اللّه فداك، إنّا ربّما هممنا بالحاجة، فنتناول المصحف فنتفكّر في الحاجة التي نريدها، ثمّ نفتح في أوّل الوقت فنستدلّ بذلك على حاجتنا فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و تحسنون؟ و اللّه ما تحسنون.

قلت: جعلت فداك و كيف نصنع؟ قال: إذا كان لأحدكم حاجة و همّ بها فليصلّ صلاة جعفر، و ليدع بدعائها، فإذا فرغ من ذلك فليأخذ المصحف ثمّ ينو فرج آل محمّد بدءا و عودا، ثمّ يقول:

«اللهمّ إن كان في قضائك و قدرك أن تفرّج عن وليّك و حجّتك في خلقك في عامنا هذا أو في شهرنا هذا، فأخرج لنا آية من كتابك نستدلّ بها على ذلك» ثمّ يعدّ سبع ورقات و يعدّ عشرة أسطر من خلف الورقة السابعة و ينظر ما يأتيه في الأحد عشر من السطور، فإنّه يبيّن لك حاجتك، ثمّ تعيد الفعل ثانية لنفسك. (1)

7-. . . من خطّ العلاّمة جمال الدين الحسن بن المطهّر الحلّي رحمه اللّه: روي عن الصادق عليه السّلام قال: إذا أردت الاستخارة من الكتاب العزيز فقل بعد البسملة:

«إن كان في قضائك و قدرك أن تمنّ على شيعة آل محمّد بفرج وليّك و حجّتك على خلقك فأخرج إلينا آية من كتابك نستدلّ بها على ذلك» ثمّ تفتح المصحف و تعدّ ستّ ورقات و من السابعة ستّة أسطر و تنظر ما فيه. (2)

ص:305


1- -البحار ج 91 ص 245 ح 5
2- البحار ج 91 ص 245 و 246

أقول:

الظاهر أنّه سقط منه: «ثمّ تعيد الفعل لنفسك» .

و هذه طريقتنا في الاستخارة بالمصحف، و هي مشهورة بين بعض صلحاء عصرنا، و عند بعضهم أنّها كالوحي و ذكروا منها عجائب.

8-قال رحمه اللّه: سمعت والدي رحمه اللّه يروي عن شيخه البهائي رحمه اللّه أنّه كان يقول:

سمعنا مذاكرة عن مشايخنا عن القائم صلوات اللّه عليه في الاستخارة بالسبحة؛ أنّه يأخذها و يصلّي على النبيّ و آله، ثلاث مرّات، و يقبض على السبحة و يعدّ اثنتين اثنتين، فإن بقيت واحدة فهو افعل، و إن بقيت اثنتان فهو لا تفعل. (1)

9-الشيخ الفقيه في الجواهر: و هناك استخارة اخرى مستعملة عند بعض أهل زماننا، و ربما نسبت إلى مولينا القائم عليه السّلام، و هي أن يقبض على السبحة بعد قرائة و دعاء، و يسقط ثمانية ثمانية، فإن بقي واحد فحسنة في الجملة، و إن بقي اثنان فنهى واحد، و إن بقي ثلاثة فصاحبها بالخيار، لتساوي الأمرين، و إن بقي أربعة فنهيان، و إن بقي خمسة فعند بعض أنّها يكون فيها تعب، و عند بعض أنّ فيها ملامة، و إن بقي ستّة فهي الحسنة الكاملة التي تجب العجلة، و إن بقي سبعة فالحال فيها كما ذكر في الخمسة من اختلاف الرأيين أو الروايتين، و إن بقي ثمانية فقد نهي عن ذلك أربع مرّات. . .

و يخطر بالبال أنّي عثرت في غير واحد من المجاميع على فأل لمعرفة قضاء الحاجة و عدمها ينسب إلى أمير المؤمنين عليه السّلام يقبض قبضة من حنطة أو غيرها ثمّ يسقط ثمانية ثمانية، و يحتمل أنّه على التفصيل المزبور، و لعلّه هو المستند في ذلك. . . (2)

ص:306


1- -البحار ج 91 ص 250 باب الاستخارة بالسبحة ح 4
2- جواهر الكلام ج 12 ص 172- المستدرك ج 6 ص 268 ب 10 من صلاة الاستخارة ح 2

أقول:

مختارنا في الاستخارة بالسبحة احدى طريقتين المذكورتين في الخبرين على السواء.

و قال السيّد بن طاووس: و ممّا وجدت من عجائب الاستخارات: أنّني قد بلغت من العمر نحو ثلاث و خمسين سنة و لم أزل أستخير مذ عرفت حقيقة الاستخارات، و ما وقع أبدا فيها خلل، و لا ما أكره، و لا ما يخالف السعادات و العنايات. . .

(راجع البحار ج 91 ص 233 و فتح الأبواب ص 224)

ص:307

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734372C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3330382C2253686F77506167654E756D223A22333038222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503330382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف الدال

60- الدعاء

اشارة

فيه فصول:

الفصل الأوّل: فضله

الآيات

1- وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ. . . (1)

2- اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُعْتَدِينَ- وَ لا تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ اُدْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ. (2)

3- . . . إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ اَلدُّعاءِ. (3)

4- . . . وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ. (4)

ص:309


1- -البقرة:186
2- الأعراف:55 و 56
3- إبراهيم:39
4- الأنبياء:90

5- قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ. . . (1)

6- أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ يَكْشِفُ اَلسُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ اَلْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اَللّهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ. (2)

7- . . . يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً. . . (3)

8- فَادْعُوا اَللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ -. . . فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ. . . (4)

9- وَ قالَ رَبُّكُمُ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ. (5)

الأخبار

1-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ قال: هو الدعاء و أفضل العبادة الدعاء، قلت: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوّاهٌ حَلِيمٌ (6)قال: الأوّاه هو الدعّاء. (7)

بيان:

«الدعاء» في المصباح، دعوت اللّه أدعوه دعاء: ابتهلت إليه بالسؤال و رغبت فيما عنده من الخير، و دعوت زيدا: ناديته و طلبت إقباله.

ص:310


1- -الفرقان:77
2- النمل:62
3- السجدة:16
4- المؤمن:14 و 65
5- المؤمن:60
6- التوبة:114
7- الكافي ج 2 ص 338 باب فضل الدعاء ح 1

و في المرآة ج 12 ص 1: قد يطلق الدعاء على الذكر أيضا، كما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:

أفضل الدعاء الحمد للّه. قال الطيّبي: لأنّه سؤال لطيف يدقّ مسلكه. . .

و في النهاية: في حديث عرفة، أكثر دعائي و دعاء الأنبياء قبلي بعرفات: «لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كلّ شيء قدير» إنّما سمّي التهليل و التحميد و التمجيد دعاء، لأنّه بمنزلته في استيجاب ثواب اللّه و جزائه كالحديث الآخر: إذا شغل عبدي ثناؤه عليّ عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلون.

2-عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أيّ العبادة أفضل؟ فقال:

ما من شيء أفضل عند اللّه عزّ و جلّ من أن يسأل و يطلب ممّا عنده، و ما أحد أبغض إلى اللّه عزّ و جلّ ممّن يستكبر عن عبادته و لا يسأل ما عنده. (1)

3-عن ميسر بن عبد العزيز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: يا ميسر، ادع و لا تقل: إنّ الأمر قد فرغ منه، إنّ عند اللّه عزّ و جلّ منزلة لا تنال إلاّ بمسألة، و لو أنّ عبدا سدّ فاه و لم يسأل لم يعط شيئا، فسل تعط، يا ميسر، إنّه ليس من باب يقرع إلاّ يوشك أن يفتح لصاحبه. (2)

بيان:

«الأمر» : حدوث الحوادث و تدبيره. «قد فرغ» : لعلّ المراد أن لا تقول: إنّ القدر و القضاء مانع من الدعاء. و زاد في ح 7: قال زرارة: إنّما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء و القدر أن تبالغ بالدعاء و تجتهد فيه.

4-قال أبو عبد اللّه 7: من لم يسأل اللّه عزّ و جلّ من فضله [فقد]افتقر. (3)

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أحبّ الأعمال إلى اللّه

ص:311


1- -الكافي ج 2 ص 338 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 338 ح 3
3- الكافي ج 2 ص 339 ح 4

عزّ و جلّ في الأرض الدعاء، و أفضل العبادة العفاف، قال: و كان أمير المؤمنين عليه السّلام رجلا دعّاء. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء سلاح المؤمن و عمود الدين و نور السماوات و الأرض. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدعاء مفاتيح النجاح و مقاليد الفلاح، و خير الدعاء ما صدر عن صدر نقيّ و قلب تقيّ، و في المناجاة سبب النجاة، و بالإخلاص يكون الخلاص، فإذا اشتدّ الفزع فإلى اللّه المفزع. (3)

بيان:

في المصباح: أنجحت الحاجة إنجاحا و أنجح الرجل أيضا: إذا قضيت له الحاجة، و الاسم النجاح بالفتح. «المقلاد» : ج مقاليد، المفتاح و الخزانة. «اشتدّ الفزع» : أي الخوف من البلايا و الأعداء و شدائد الدنيا و الآخرة. «المفزع» : مصدر ميمي بمعنى الاستغاثة و الاستعانة.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم و يدرّ أرزاقكم؟ قالوا: بلى، قال: تدعون ربّكم بالليل و النهار، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء. (4)

بيان:

«الإدرار» : الإكثار.

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدعاء ترس المؤمن

ص:312


1- -الكافي ج 2 ص 339 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 339 باب أنّ الدعاء سلاح المؤمن ح 1
3- الكافي ج 2 ص 340 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 340 ح 3

و متى تكثر قرع الباب يفتح لك. (1)

بيان:

«ترس» : يقال بالفارسيّة: سپر.

10-عن الرضا عليه السّلام أنّه كان يقول لأصحابه: عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: و ما سلاح الأنبياء؟ قال: الدعاء. (2)

11-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الدعاء أنفذ من السنان الحديد. (3)

بيان:

«الحديد» : أي الحادّ النافذ.

12-عن حمّاد بن عثمان قال: سمعته يقول: إنّ الدعاء يردّ القضاء، ينقضه كما ينقض السلك و قد ابرم إبراما. (4)

بيان:

في المصباح، نقضت البناء: . . . إذا هدم. . . و نقضت الحبل نقضا أيضا: حللت برمه، و منه يقال: نقضت ما أبرمه إذا أبطلته، و انتقض هو بنفسه. . . «السلك» : الخيط.

«أبرم» في المصباح: . . . أبرمت العقد إبراما: أحكمته. . .

13-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول: الدعاء يدفع البلاء النازل و ما لم ينزل. (5)

14-عن علاء بن كامل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: عليك بالدعاء فإنّه

ص:313


1- -الكافي ج 2 ص 340 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 340 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 340 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 340 باب أنّ الدعاء يردّ البلاء و القضاء ح 1
5- الكافي ج 2 ص 341 ح 5

شفاء من كلّ داء. (1)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الدعاء كهف الإجابة، كما أنّ السحاب كهف المطر. (2)

بيان:

في المرآة، «كهف الإجابة» : أي مخزن الإجابة و محلّها و مظنّها كما أنّ السحاب محلّ المطر و مظنّته.

16-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا: لا، قال: إذا الهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أنّ البلاء قصير. (3)

17-عن سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من سرّه أن يستجاب له في الشدّة فليكثر الدعاء في الرخاء. (4)

18-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان جدّي يقول:

تقدّموا في الدعاء، فإنّ العبد إذا كان دعّاء فنزل به البلاء فدعا، قيل: صوت معروف، و إذا لم يكن دعّاء فنزل به بلاء فدعا، قيل: أين كنت قبل اليوم. (5)

أقول:

«قيل صوت معروف» : في ح 1 بدلها: "قالت الملائكة: صوت معروف و لم يحجب عن السماء. . . "

19-قال الباقر عليه السّلام لبريد بن معاوية، و قد سأله كثرة القرائة أفضل أم

ص:314


1- -الكافي ج 2 ص 341 باب أنّ الدعاء شفاء من كلّ داء
2- الكافي ج 2 ص 342 باب أنّ من دعاء استجيب له ح 1
3- الكافي ج 2 ص 342 باب إلهام الدعاء ح 1
4- الكافي ج 2 ص 343 باب التقدّم في الدعاء ح 4
5- الكافي ج 2 ص 343 ح 5

كثرة الدعاء، فقال عليه السّلام: كثرة الدعاء أفضل ثمّ قرء: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ. (1)

20-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء مخّ العبادة. (2)

بيان:

في مجمع البحرين، مخّ كلّ شيء: خالصه، و في الحديث: «الدعاء مخّ العبادة» لأنّه أصلها و خالصها لما فيه من امتثال أمر اللّه و لما فيه من قطع الأمل عمّا سواه، و لأنّه إذا رأى نجاح الامور من اللّه قطع نظره عمّن سواه و دعاه لحاجته، و هذا هو أصل العبادة، و لأنّ الغرض من العبادة الثواب عليها و هو المطلوب بالدعاء.

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: افزعوا إلى اللّه في حوائجكم، و الجئوا إليه في ملمّاتكم، و تضرّعوا إليه و ادعوه، فإنّ الدعاء مخّ العبادة، و ما من مؤمن يدعوا اللّه إلاّ استجاب له، فإمّا أن يعجّل له في الدنيا أو يؤجّل له في الآخرة، و إمّا أن يكفّر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بمأثم. (3)

بيان:

«الملمّات» : الشدائد. «مأثم» : الأمر الذي يأثم به الإنسان.

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أعجز الناس من عجز عن الدعاء، و أبخل الناس من بخل بالسلام. (4)

23-عن سيف التّمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: عليكم بالدعاء، فإنّكم لا تقربون بمثله. . . (5)

ص:315


1- -عدّة الداعي ص 14
2- عدّة الداعي ص 24
3- عدّة الداعي ص 34
4- عدّة الداعي ص 34-و صدره في الغرر (ج 1 ص 188 ح 254) عن أمير المؤمنين عليه السّلام
5- الوسائل ج 7 ص 30 ب 3 من الدعاء ح 3

24-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أفضل العبادة الدعاء، و إذا أذن اللّه لعبد في الدعاء فتح له أبواب الرحمة، إنّه لن يهلك مع الدعاء أحد. (1)

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء سلاح المؤمن و عمود الدين. (2)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسأله و أحبّ ذلك لنفسه، إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ أن يسأل و يطلب ما عنده. (3)

27-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: دعوة العبد سرّا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.

قال الكليني رحمه اللّه: و في رواية اخرى: دعوة تخفيها أفضل عند اللّه من سبعين دعوة تظهرها. (4)

28-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أدّى للّه مكتوبة فله في إثرها دعوة مستجابة. (5)

29-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: و اعلم أنّ الذي بيده خزائن السموات و الأرض قد أذن لك في الدعاء و تكفّل لك بالإجابة، و أمرك أن تسأله ليعطيك و تسترحمه ليرحمك، و لم يجعل بينك و بينه من يحجبه عنك، و لم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، و لم يمنعك إن أسأت من التوبة، و لم يعاجلك بالنقمة. . .

ثمّ جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت

ص:316


1- -الوسائل ج 7 ص 31 ح 7
2- الوسائل ج 7 ص 39 ب 8 ح 8
3- الوسائل ج 7 ص 58 ب 20 ح 2
4- الوسائل ج 7 ص 63 ب 22 ح 1 و 2
5- الوسائل ج 6 ص 431 ب 1 من التعقيب ح 9

استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، و استمطرت شآبيب رحمته، فلا يقنطنّك إبطاء إجابته، فإنّ العطيّة على قدر النيّة، و ربّما أخّرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، و أجزل لعطاء الآمل، و ربّما سألت الشيء فلا تؤتاه و أوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، و ينفى عنك و باله، فالمال لا يبقى لك و لا تبقى له. . . (1)

أقول:

قد مرّ في باب التوبة؛ عنه عليه السّلام: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة.

(نهج البلاغة ص 1151 في ح 130)

بيان: «استمطرت شآبيب رحمته» الشآبيب: جمع الشؤبوب: و هو الدفعة من المطر (بارانهاى رحمتش را درخواست نمائى) .

30-و قال عليه السّلام: سوسو إيمانكم بالصدقة و حصّنوا أموالكم بالزكاة، و ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء. (2)

أقول:

نظيره في قرب الاسناد ص 55: عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و زاد في آخره: فإنّه ما يصاد ما تصيد من الطير إلاّ بتضييعهم التسبيح.

31-و قال عليه السّلام: ما المبتلى الذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء. (3)

32-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يردّ القضاء إلاّ الدعاء. (4)

ص:317


1- -نهج البلاغة ص 923 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 1154 ح 138
3- نهج البلاغة ص 1231 ح 294
4- مكارم الأخلاق ص 268 ب 10 ف 1

33-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : ادفعوا أمواج البلاء عنكم بالدعاء قبل ورود البلاء، فو الذي فلق الحبّة و برأ النسمة، للبلاء أسرع إلى المؤمن من انحدار السيل من أعلى التلعة إلى أسفلها، و من ركض البراذين. . .

و قال عليه السّلام: الدعاء يردّ القضاء المبرم، فاتّخذوه عدّة. (1)

بيان:

«التلعة» : ما ارتفع من الأرض، و الجمع تلاع مثل كلبة كلاب.

«البرذون» : جمع براذين، يقال بالفارسيّة: قاطر و اسب تركى.

34-عن عليّ بن السريّ قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا و ذلك أنّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه. (2)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من مسلم دعا اللّه تعالى بدعوة ليست فيها قطيعة رحم، و لا استجلاب إثم، إلاّ أعطاه اللّه تعالى بها إحدى خصال ثلاث: إمّا أن يعجّل له الدعوة، و إمّا أن يدّخرها في الآخرة، و إمّا أن يرفع عنه مثلها من السوء. (3)

36-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تستحقروا دعوة أحد، فإنّه يستجاب لليهوديّ فيكم، و لا يستجاب له في نفسه. (4)

37-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: البلاء معلّق بين السماء و الأرض مثل القنديل، فإذا سأل العبد ربّه العافية، صرف اللّه عنه البلاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: سلوا اللّه عزّ و جلّ ما بدا لكم من حوائجكم حتّى شسع النعل، فإنّه

ص:318


1- -البحار ج 93 ص 289 باب فضل الدعاء ح 5
2- البحار ج 93 ص 289 ح 7
3- البحار ج 93 ص 294 في ح 23
4- البحار ج 93 ص 294 في ح 23

إن لم ييسّره لم يتيسّر.

و قال: ليسأل أحدكم ربّه حاجته كلّها، حتّى يسأله شسع نعله إذا انقطع. (1)

38-. . . و في الحديث القدسي: يا موسى، سلني كلّ ما تحتاج إليه حتّى علف شاتك، و ملح عجينك. (2)

39-و عن الصادق عليه السّلام: عليكم بالدعاء فإنّكم لا تقربون إلى اللّه بمثله، و لا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، فإنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار. (3)

40-و في الدعوات، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد لتكون له الحاجة إلى اللّه، فيبدأ بالثناء على اللّه، و الصلاة على محمّد و آله، حتّى ينسى حاجته، فيقضيها من غير أن يسأله إيّاها. و قول «لا إله إلاّ اللّه» سيّد الأذكار. (4)

41-قال الحسن بن عليّ عليهما السّلام: من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة، إمّا معجّلة و إمّا مؤجّلة. (5)

أقول:

سيأتي في باب الصوم؛ أنّ للصائم عند إفطاره دعوة لا تردّ.

42-عن سلمان رحمه اللّه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ اللّه ليستحي من العبد أن يرفع إليه يديه فيردّهما خائبتين. (6)

43-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من شغلته عبادة اللّه عن مسألته أعطاه اللّه أفضل

ص:319


1- -البحار ج 93 ص 295 في ح 23-و بمضمونه في كنز العمّال خ 3142 و خ 3139
2- البحار ج 93 ص 303 في ح 39
3- البحار ج 93 ص 303 في ح 39
4- البحار ج 93 ص 313 باب آداب الدعاء و الذكر في ح 17
5- البحار ج 93 ص 313 في ح 17
6- البحار ج 93 ص 365 باب أنّ من دعا استجيب له ح 11

ما يعطي السائلين. (1)

أقول:

في مصباح الشريعة ص 15 ب 19، قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.

و بمضمونه في كنز العمّال خ 1873 و 1874 و 1875

44-عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

الدعاء سلاح الأولياء. (الغرر ج 1 ص 28 ف 1 ح 828)

أنفذ السهام دعوة المظلوم. (ص 181 ف 8 ح 152)

أعلم الناس باللّه سبحانه أكثرهم له مسألة. (ص 202 ح 434)

إنّ للّه سبحانه سطوات و نقمات فإذا نزلت بكم فادفعوها بالدعاء، فإنّه لا يدفع البلاء إلاّ الدعاء. (ص 229 ف 9 ح 136)

سلاح المؤمن الدعاء. (ص 432 ف 39 ح 10)

من سأل غير اللّه استحقّ الحرمان. (ج 2 ص 628 ف 77 ح 348)

من سأل اللّه أعطاه. (ص 632 ح 418)

من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة. (ص 637 ح 488)

من قرع باب اللّه سبحانه فتح له. (ص 647 ح 636)

من دعا اللّه أجابه. (ص 713 ح 1437)

من استدام قرع الباب و لجّ ولج. (ص 718 ح 1458)

ما من شيء أحبّ إلى اللّه سبحانه من أن يسأل. (ص 745 ف 79 ح 152)

نعم السلاح الدعاء. (ص 773 ف 81 ح 59)

ص:320


1- -البحار ج 93 ص 342 باب الرغبة و الرهبة في ح 11

الفصل الثانيّ: آداب الدعاء و شرائط استجابته

و هي كثيرة، و تنقسم إلى أقسام لأنّها إمّا راجع إلى حالات الداعي و إمّا إلى نفس الدعاء أو إلى زمان الدعاء و مكانه إلى غير ذلك و إنّا نذكر بعضها اختصارا مع بعض الأخبار:

1-معرفة الربّ

عن موسى بن جعفر عليهما السّلام قال: قال قوم للصادق عليه السّلام: ندعوا فلا يستجاب لنا؟ قال: لأنّكم تدعون من لا تعرفونه. (1)

و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يقول اللّه عزّ و جلّ: من سألني و هو يعلم أنّي أضرّ و أنفع استجيب له. (2)

2-حسن الظنّ باللّه تعالى في الإجابة.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا دعوت فظنّ أنّ حاجتك بالباب. (3)

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ادعوا اللّه و أنتم موقنون بالإجابة. (4)

ص:321


1- -التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 288 ب 41 ح 7
2- عدّة الداعي ص 131
3- الكافي ج 2 ص 343 باب اليقين في الدعاء
4- عدّة الداعي ص 132

3-اليأس من الناس كلّهم.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربّه شيئا إلاّ أعطاه، فلييأس من الناس كلّهم و لا يكون له رجاء إلاّ عند اللّه، فإذا علم اللّه عزّ و جلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه. (1)

4-الإقبال بالقلب عند الدعاء.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ استيقن بالإجابة. (2)

بيان:

«ساه» : من سها يسهو فهو ساه: الغافل.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس. (3)

5-التضرّع و الرغبة و البكاء

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رقّ أحدكم فليدع، فإنّ القلب لا يرقّ حتّى يخلص. (4)

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اقشعرّ جلدك و دمعت عيناك، فدونك دونك، فقد قصد قصدك. (5)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اغتنموا الدعاء عند الرقّة، فإنّها رحمة. (6)

و فيما أوحى اللّه إلى موسى عليه السّلام: يا موسى، كن إذا دعوتني خائفا مشفقا و وجلا

ص:322


1- -الكافي ج 2 ص 119 باب الاستغناء عن الناس ح 2- البحار ج 93 ص 314
2- الكافي ج 2 ص 343 باب الإقبال على الدعاء ح 1
3- الكافي ج 2 ص 344 ح 4
4- الكافي ج 2 ص 346 باب الأوقات و الحالات. . . ح 5
5- الكافي ج 2 ص 347 ح 8
6- البحار ج 93 ص 347 ب 21 في ح 14

و عفّر وجهك في التراب، و اسجد لي بمكارم بدنك، و اقنت بين يدي في القيام، و ناجني حيث ناجيتني بخشية من قلب وجل. . . (1)

و قد مرّ ما يدلّ على المقام في باب البكاء ف 1.

6-الثناء و التمجيد قبل الدعاء

يدلّ على ذلك الأدعيّة المرويّة عنهم عليهم السّلام، خصوصا أدعية الصحيفة السجاديّة على منشئها السلام.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربّه شيئا من حوائج الدنيا و الآخرة حتّى يبدأ بالثناء على اللّه عزّ و جلّ و المدح له، و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ يسأل اللّه حوائجه. (2)

7-الصلاة على النبيّ و آله قبل الدعاء و بعده.

سيأتي الأخبار في باب الصلاة على النبيّ و آله إن شاء اللّه.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا حتّى يصلّى على محمّد و آل محمّد. (3)

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من كانت له إلى اللّه عزّ و جلّ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد و آله، ثمّ يسأل حاجته ثمّ يختم بالصلاة على محمّد و آل محمّد، فإنّ اللّه عزّ و جلّ أكرم من أن يقبل الطرفين و يدع الوسط إذ كانت الصلاة على محمّد و آل محمّد لا تحجب عنه. (4)

8-التوسّل بمحمّد و آله عليهم السّلام و جعلهم شفعاء إلى اللّه تعالى.

الأخبار في المقام كثيرة جدّا، روتها العامّة و الخاصّة نذكر بعضها:

ص:323


1- -عدّة الداعي ص 155
2- الكافي ج 2 ص 351 باب الثناء قبل الدعاء ح 1
3- الكافي ج 2 ص 356 باب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ح 1
4- الكافي ج 2 ص 358 ح 16 و نظيره في نهج البلاغة ص 1255 ح 353

عن داود الرقّي قال: إنّي كنت أسمع أبا عبد اللّه عليه السّلام أكثر ما يلحّ به في الدعاء على اللّه بحقّ الخمسة، يعني؛ رسول اللّه، و أمير المؤمنين، و فاطمة، و الحسن، و الحسين عليهم السّلام. (1)

و عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السّلام، في قوله تعالى: وَ إِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ (2)قال: هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، و هو أنّه قال:

«يا ربّ، أسألك بحقّ محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين إلاّ تبت عليّ، فتاب عليه» . . . (3)

و عن سلمان الفارسي قال: سمعت محمّدا صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:

يا عبادي، أ و ليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلاّ أن يتحمّل عليكم بأحبّ الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم؟ ألا فاعلموا أنّ أكرم الخلق عليّ و أفضلهم لديّ، محمّد و أخوه عليّ، و من بعده الأئمّة الذين هم الوسائل إلى اللّه، فليدعني من همّته حاجة يريد نفعها أو دهمته داهية يريد كشف ضرّها بمحمّد و آله الطيّبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها من تستشفعون له بأعزّ الخلق إليه. (4)

و عن الرضا عليه السّلام قال: إذا نزلت بكم شدّة، فاستعينوا بنا على اللّه، و هو قول اللّه:

وَ لِلّهِ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها (5)قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: نحن و اللّه الأسماء الحسنى، الذي لا يقبل من أحد إلاّ بمعرفتنا، قال: فَادْعُوهُ بِها. (6)

و قد مرّت أخبار كثيرة في باب الإمامة ف 5، و تدلّ على ذلك الأدعيّة المأثورة عنهم عليهم السّلام.

ص:324


1- -الوسائل ج 7 ص 97 ب 37 من أبواب الدعاء ح 1
2- البقرة:124
3- الوسائل ج 7 ص 99 ح 4
4- الوسائل ج 7 ص 101 ح 8
5- الأعراف:180
6- المستدرك ج 5 ص 229 ب 35 من الدعاء ح 4

9-أنّه ينتخب الأدعية المأثورة عنهم عليهم السّلام،

في المراقبات للميرزا جواد التبريزي رحمه اللّه ص 105: و ليتأمّل في أخبار الباب ثمّ يتفكّر في عمل الأئمّة عليهم السّلام في هذا الأمر و ما أنشأوا من الدعوات الجليلة و المضامين اللطيفة، فإنّه يجد في ذلك فوق حدود البشر من فنون العلم بأسماء اللّه و صفاته، و ما يقتضيه جماله و جلاله، و حقّ أدب العبوديّة مع كلّ فيما يناسبه مقامه و أوصافه و أحواله، و كيفيّة الاستعطاف و الاسترحام، و لطيف الاستدلالات في استيجاب عفوه و كرمه و فضله، و عرض مذلّة الاعتراف بمقدّس أبواب رأفته و رحمته، و لعمري لو كان للأنسان فكرة أو فطنة لكفاه ما صدر في ذلك من أئمّة الحقّ عن كلّ معجز في إثبات الرسالة و الإمامة.

و من أراد من أهل العلم أن يفهم شيئا من عظمة هذا الأمر فليعمل دعاء أو ينشئ مناجاة و لكن بغير ما تعلّم من أدعيتهم و مناجاتهم، و يعرضها على ما صدر عنهم فحينئذ يعلم قدر ما صنعوا في ذلك، و من كان له ذرّة من معرفة النفس ثمّ غاص في بحار ما أوردوها من الدعاء و المناجاة يصدّق كثرة ما أودعوا فيها من فنون المعارف و حدّ إعجازها، و هذا العبد المسكين الجاهل، لا أجد عشر عشير ما بيّنوها من ذلك في الأدعية و المناجاة في غيرها من الأخبار المفصّلات، بل و الخطب أيضا إلاّ ما كان منها من مخاطبة الربّ تعالى في مقام توحيده و تسبيحه و حمده.

و قد تخيّلت لهذا المطلب أيضا سرّا و حكمة، و هو أنّ الأخبار إنّما هي تكلّم مع الناس، و الأدعية و المناجاة تكلّم مع اللّه جلّ جلاله، و الذي يظهر من العلم عند التكلّم مع العالم لا يظهر عند التكلّم مع الجاهل.

و بالجملة هذه الأدعية الواردة عنهم عليهم السّلام كأنّها جواب ما ورد في القرآن المبين، و بعبارة أخرى قرآن مرفوع في جواب القرآن النازل، و القرآن كلام الربّ تعالى و مناجاته مع عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله، و الأدعية كلام و مناجاة من رسوله صلّى اللّه عليه و آله و أولياءه مع الربّ تعالى، و لا يعرف حقيقة ذلك إلاّ الأقلّون، و لأئمّة الدين في هذه الأدعية الواردة منّة و نعمة عظيمة علينا يعجز عنه شكر الشاكرين و من واجب شكر هذه النعمة أن لا يضيّعوها بل يجتهدوا

ص:325

في أعمالها و تصحيحها و تكميل شرائطها.

10-أن يدعو اللّه باسمه الأعظم و أسمائه الحسنى، و يقال قبل الدعاء: «يا اللّه» عشرا، و «ربّ» عشرا، و «أي ربّ» ثلاثا، و «يا أرحم الراحمين» سبعا، و يقال بعد الدعاء: «ما شاء اللّه لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» .

و الأخبار في المقام كثيرة فراجع الوسائل و غيره.

11-الإقرار بالذنب و الاستغفار منه قبل الدعاء.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما هي المدحة، ثمّ الثناء، ثمّ الإقرار بالذنب، ثمّ المسألة، إنّه و اللّه ما خرج عبد من ذنب إلاّ بالإقرار. (1)

12-طيب المأكل و الملبس و المكسب.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سرّه أن يستجاب له دعوته فليطب مكسبه. (2)

و في الحديث القدسيّ: فمنك الدعاء و عليّ الإجابة فلا تحتجب عنّي دعوة إلاّ دعوة آكل الحرام.

و عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ أن يستجاب دعائه فليطيب مطعمه و كسبه.

و قال عليه السّلام لمن قال له: أحبّ أن يستجاب دعائي، قال له: طهّر مأكلك و لا تدخل بطنك الحرام. (3)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أطب كسبك تستجاب دعوتك، فإنّ الرجل يرفع اللقمة إلى فيه حراما فما تستجاب له أربعين يوما. (4)

و قد مرّ ما يناسب المقام في باب المال الحرام.

ص:326


1- -الكافي ج 2 ص 351 باب الثناء قبل الدعاء ح 3
2- الكافي ج 2 ص 353 ح 9
3- عدّة الداعي ص 128
4- البحار ج 93 ص 358 ب 22 في ح 16

13-ترك التعجيل

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه قال: لا يزال المؤمن بخير و رجاء، رحمة من اللّه عزّ و جلّ، ما لم يستعجل فيقنط و يترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول:

قد دعوت منذ كذا و كذا و ما أرى الإجابة. (1)

14-ذكر الحوائج

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعا و لكن يحبّ أن يبثّ إليه الحوائج. (2)

15-استحباب الاجتماع في الدعاء من الأربعة إلى أربعين.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا اللّه عزّ و جلّ في أمر إلاّ استجاب اللّه لهم، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون اللّه عزّ و جلّ عشر مرّات إلاّ استجاب اللّه لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو اللّه أربعين مرّة فيستجيب اللّه العزيز الجبّار له. (3)

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام إذا حزنه أمر جمع النساء و الصبيان ثمّ دعا و أمّنوا. (4)

16-التعميم في الدعاء.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا دعا أحدكم فليعمّ، فإنّه أوجب للدعاء. (5)

و روي أنّه إذا دعا العبد و لم يضمّ المسلمين إلى نفسه، قال اللّه تعالى: ملائكتي،

ص:327


1- -الكافي ج 2 ص 355 باب من أبطأت عليه الإجابة ح 8
2- مكارم الأخلاق ص 270 ب 10 ف 1
3- الكافي ج 2 ص 353 باب الاجتماع في الدعاء ح 1
4- الكافي ج 2 ص 353 ح 3
5- الكافي ج 2 ص 354 باب العموم في الدعاء.

يحسب عبدي أنّه يسأل عن بخيل، و إذا أعرض عن حاجته و دعا لهم، قالت الملائكة: بدأ اللّه بك. . . (1)

17-تختّم الداعي الفيروزج و العقيق، و استقبال القبلة، و رفع اليدين و إعطاء الصدقة، و شمّ الطيب، و غير ذلك.

قال اللّه تعالى: فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً (2)و الأخبار في المقام كثيرة، راجع الوسائل و غيره، و سيأتي بعضها في أبواب الصدقة، اللبس، و. . .

18-ترك الداعي فعل الحرام و تركه الظلم و قطع الرحم و ردّه المظالم و. . .

قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : يا صاحب الدعاء، لا تسأل عمّا لا يكون و لا يحلّ. (3)

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال الله عزّ و جلّ: و عزّتي و جلالي، لا أجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها و لأحد عنده مثل تلك المظلمة. (4)

و يأتي ما يناسب المقام في ف 4.

19-انتخاب الأوقات و الأمكنة الشريفة و المقدّسة.

سيأتي الأخبار في ف 5.

20-ترك المسأله في الامور الدنيويّة غير الضروريّة.

قال أبو محمّد العسكريّ عليه السّلام: ادفع المسأله ما وجدت التحمّل يمكنك، فإنّ لكلّ يوم رزقا جديدا و اعلم أنّ الإلحاح في المطالب يسلب البهاء، و يورث التعب و العناء، فاصبر حتّى يفتح اللّه بابا يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنع من الملهوف، و الأمن من الهارب

ص:328


1- -المستدرك ج 5 ص 241 ب 38 من الدعاء ح 2
2- المجادلة:12
3- الخصال ج 2 ص 635
4- الوسائل ج 7 ص 146 ب 68 من الدعاء ح 1

الخوف. . . و لو عقل أهل الدنيا خربت. (1)

21-ترك الدعاء إذا كان خلاف السنّة الإلهيّة، أو كان محالا عادة، مثل دعاء الشيخ أن يشبّ فلا يستجاب.

في خبر الشاميّ؛ أنّه سأل أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّ دعوة أضلّ؟ قال: الداعي بما لا يكون. (2)

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من سأل فوق قدره استحقّ الحرمان. (3)

و قد مرّ عنه عليه السّلام: يا صاحب الدعاء، لا تسأل عمّا لا يكون و لا يحلّ.

22-الدعاء مع العمل

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر. (4)

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، يكفي من الدعاء مع البرّ ما يكفي الطعام من الملح.

يا أبا ذرّ، مثل الذين يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه يصلح بصلاح العبد ولده و ولد ولده، و يحفظه في دويرته و الدور حوله ما دام فيهم. (5)

ص:329


1- -عدّة الداعي ص 124- البحار ج 103 ص 26
2- البحار ج 93 ص 324 ب 18 ح 2
3- البحار ج 93 ص 327 ح 11
4- نهج البلاغة ص 1245 ح 330- صبحي ح 337
5- الوسائل ج 7 ص 84 ب 32 من الدعاء ح 3

الفصل الثالث: فيمن تستجاب دعوته

الأخبار

1-عن عيسى بن عبد اللّه القمّي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاجّ فانظروا كيف تخلفونه، و الغازي في سبيل اللّه فانظروا كيف تخلفونه، و المريض فلا تغيظوه و لا تضجروه. (1)

بيان:

«الغازي» : المراد به المجاهد.

في المرآة ج 12 ص 171: «تخلفونه» أي أحسنوا خلافتكم في أهلهم و ما لهم و دارهم و عقارهم، ليدعوا لكم فإنّ دعائهم مستجاب.

«فلا تغيظوه» : أي لا تغيظوهم ليدعوا عليكم.

2-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام يقول:

خمس دعوات لا يحجبن عن الربّ تبارك و تعالى: دعوة الإمام المقسط، و دعوة المظلوم، يقول اللّه عزّ و جلّ: لأنتقمنّ لك و لو بعد حين، و دعوة الولد الصالح لوالديه و دعوة الوالد الصالح لولده، و دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب، فيقول:

و لك مثله. (2)

ص:330


1- -الكافي ج 2 ص 369 باب من تستجاب دعوته ح 1
2- الكافي ج 2 ص 369 ح 2

أقول:

في ح 3: . . . و إيّاكم و دعوة الوالد فإنّها أحدّ من السيف.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربعة لا تردّ لهم دعوة حتّى تفتح لهم أبواب السماء و تصير إلى العرش: الوالد لولده، و المظلوم على من ظلمه، و المعتمر حتّى يرجع، و الصائم حتّى يفطر. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب. (2)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة لا تستجاب لهم دعوة: رجل جالس في بيته يقول: اللهمّ ارزقني، فيقال له: ألم آمرك بالطلب؟ و رجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقال له: ألم أجعل أمرها إليك؟ و رجل كان له مال فأفسده فيقول: اللهمّ ارزقني، فيقال له: أ لم آمرك بالإقتصاد، ألم آمرك بالإصلاح؟ ثمّ قال: وَ اَلَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (3)و رجل كان له مال فأدانه بغير بيّنة، فيقال له: ألم آمرك بالشهادة. (4)

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ دعاء الأخ المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب، و يدرّ الرزق، و يدفع المكروه. (5)

7-عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من دعا لأخيه في ظهر الغيب ناداه ملك من السماء الدنيا: يا عبد اللّه، و لك مائة ألف ضعف ممّا دعوت، (إلى أن قال بعد أن ينادي كلّ ملك من السموات السبعة هكذا و لكن بزيادة مائة

ص:331


1- -الكافي ج 2 ص 370 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 370 ح 7
3- الفرقان:67
4- الكافي ج 2 ص 370 باب من لا تستجاب دعوته ح 2
5- الوسائل ج 7 ص 109 ب 41 من الدعاء ح 11

ألف من ذي قبل) ثمّ يناديه اللّه تعالى: أنا الغنيّ الذي لا أفتقر، لك يا عبد اللّه، ألف ألف ضعف ممّا دعوت. (1)

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: مرّ موسى برجل من أصحابه و هو ساجد و انصرف من حاجته و هو ساجد فقال عليه السّلام: لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبلته أو يتحوّل عمّا أكره إلى ما أحبّ.

و من طريق آخر: أنّ موسى مرّ برجل و هو يبكي ثمّ رجع و هو يبكي فقال:

الهي عبدك يبكي من مخافتك، قال اللّه تعالى: يا موسى، لو بكى حتّى نزل دماغه مع دموع عينيه لم أغفر له و هو يحبّ الدنيا. (2)

9-عنهم عليهم السّلام: ستّة لا يحجب لهم عن اللّه دعوة: الإمام المقسط، و الوالد البارّ لولده، و الولد الصالح لوالده، و المؤمن لأخيه بظهر الغيب، و المظلوم، يقول اللّه: لأنتقمنّ لك و لو بعد حين، و الفقير المنعم عليه إذا كان مؤمنا. (3)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من زوّج كريمته بفاسق نزل عليه كلّ يوم ألف لعنة، و لا يصعد له عمل إلى السماء، و لا يستجاب له دعاؤه، و لا يقبل منه صرف و لا عدل. (4)

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تدخل الملائكة بيتا فيه خمر أو دفّ أو طنبور أو نرد، و لا يستجاب دعاؤهم، و يرفع اللّه عنهم البركة. (5)

12-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه سبحانه: إنّي

ص:332


1- -الوسائل ج 7 ص 112 ب 42 ح 5
2- عدّة الداعي ص 164
3- المستدرك ج 5 ص 256 ب 49 من الدعاء ح 3
4- المستدرك ج 5 ص 279 ب 62 ح 6
5- المستدرك ج 5 ص 279 ح 7

لأستحيي من عبد يرفع يده و فيها خاتم فيروزج فأردّها خائبة. (1)

13-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: دعاء أطفال أمّتي مستجاب ما لم يقارفوا الذنوب. (2)

أقول:

قد مرّ أنّ دعاء آكل الحرام لا يستجاب.

و سيأتي في باب الرضا عن اللّه، عن الحسن بن عليّ عليهما السّلام. . . و أنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلاّ الرضا، أن يدعو اللّه فيستجاب له.

و في باب الأمر بالمعروف؛ أنّه لا يستجاب دعاء تارك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ص:333


1- -البحار ج 93 ص 321 باب آداب الدعاء في ح 31
2- البحار ج 93 ص 357 باب من يستجاب دعاؤه ح 14

الفصل الرابع: علّة تأخير الإجابة

الأخبار

1-عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (الرضا) عليه السّلام:

جعلت فداك إنّي قد سألت اللّه حاجة منذ كذا و كذا سنة و قد دخل قلبي من إبطائها شيء، فقال: يا أحمد، إيّاك و الشيطان أن يكون له عليك سبيل حتّى يقنّطك.

إنّ أبا جعفر عليه السّلام كان يقول: إنّ المؤمن يسأل اللّه عزّ و جلّ حاجة فيؤخّر عنه تعجيل إجابته حبّا لصوته و استماع نحيبه، ثمّ قال: و اللّه ما أخّر اللّه عزّ و جلّ عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم ممّا عجّل لهم فيها و أيّ شيء الدنيا.

إنّ أبا جعفر عليه السّلام كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدّة، ليس إذا أعطي فتر، فلا تملّ الدعاء فإنّه من اللّه عزّ و جلّ بمكان و عليك بالصبر و طلب الحلال و صلة الرحم. . . (1)

بيان:

نحب الرجل: رفع صوته بالبكاء، و النحيب: أشدّ البكاء.

ص:334


1- -الكافي ج 2 ص 354 باب من أبطأت عليه الإجابة ح 1

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العبد ليدعو، فيقول اللّه عزّ و جلّ للملكين:

قد استجبت له و لكن احبسوه بحاجته، فإنّي أحبّ أن أسمع صوته، و إنّ العبد ليدعو فيقول اللّه تبارك و تعالى: عجّلوا له حاجته فإنّي أبغض صوته. (1)

3-عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يستجاب للرجل الدعاء ثمّ يؤخّر؟ قال: نعم عشرين سنة. (2)

4-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان بين قول اللّه عزّ و جلّ: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما (3)و بين أخذ فرعون أربعين عاما. (4)

5-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن ليدعو اللّه عزّ و جلّ في حاجته، فيقول اللّه عزّ و جلّ: أخّروا إجابته، شوقا إلى صوته و دعائه، فإذا كان يوم القيامة قال اللّه عزّ و جلّ: عبدي، دعوتني فأخّرت إجابتك و ثوابك كذا و كذا، و دعوتني في كذا و كذا فأخّرت إجابتك و ثوابك كذا و كذا؛ قال: فيتمنّى المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في الدنيا ممّا يرى من حسن الثواب. (5)

أقول:

قد مرّ في ف 2: قال قوم للصادق عليه السّلام: ندعوا فلا يستجاب لنا؟ قال: لأنّكم تدعون من لا تعرفونه.

و مرّ في ف 1، قول أمير المؤمنين عليه السّلام (عن الغرر) : من استدام قرع الباب و لجّ ولج.

6-في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام للحسنين عليهما السّلام: لا تتركوا الأمر بالمعروف

ص:335


1- -الكافي ج 2 ص 355 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 355 ح 4
3- يونس:89
4- الكافي ج 2 ص 355 ح 5
5- الكافي ج 2 ص 356 ح 9

و النهي عن المنكر، فيولّى عليكم أشراركم، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم. (1)

7-قال الصادق عليه السّلام: كان رجل من بني إسرائيل يدعو اللّه تعالى أن يرزقه غلاما ثلاث سنين فلمّا رأى أنّ اللّه لا يجيبه قال: يا ربّ، أ بعيد أنا منك فلا تسمعني أم قريب فلا تجيبني؟ فأتاه آت في منامه قال: إنّك تدعو اللّه منذ ثلاث سنين بلسان بذيّ، و قلب عات غير نقيّ، و نيّة غير صافية [صادقة]، فاقلع عن بذائك، و ليتّق اللّه قلبك و لتحسن نيّتك، ففعل الرجل ذلك عاما فولد له غلام. (2)

8-عن أبي حمزة قال: أوحى اللّه تعالى إلى داود: يا داود، إنّه ليس عبد من عبادي يطيعني فيما آمره إلاّ أعطيته قبل أن يسألني، و أستجيب له قبل أن يدعوني. (3)

9-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ العبد ليسأل اللّه تعالى حاجة من حوائج الدنيا فيكون من شأن اللّه تعالى قضائها إلى أجل قريب أو بطيء، فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا، فيقول للملك الموكّل بحاجته: لا تنجزها فإنّه قد تعرّض لسخطي و قد استوجب الحرمان منّي. (4)

10-جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: إنّي دعوت اللّه فلم أر الإجابة، فقال: لقد وصفت اللّه بغير صفاته، و إنّ للدعاء أربع خصال: إخلاص السريرة، و إحضار النيّة، و معرفة الوسيلة، و الإنصاف في المسألة، فهل دعوت و أنت عارف بهذه الأربعة؟ قال: لا، قال: فاعرفهنّ. (5)

ص:336


1- -نهج البلاغة ص 978 في ر 47
2- عدّة الداعي ص 127
3- عدّة الداعي ص 292
4- عدّة الداعي ص 198
5- تنبيه الخواطر ص 310 في صفة المسائلة

11-في حديث عليّ بن الحسين عليه السّلام: . . . و الذنوب التي تردّ الدعاء: سوء النيّة، و خبث السريرة، و النفاق مع الإخوان، و ترك التصديق بالإجابة، و تأخير الصلوات المفروضات حتّى تذهب أوقاتها، و ترك التقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ بالبرّ و الصدقة، و استعمال البذاء و الفحش في القول. . . (1)

12-عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قلت له: آيتان في كتاب اللّه لا أدري ما تأويلهما، فقال: و ما هما؟ قال: قلت: قوله تعالى: اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ثمّ أدعو فلا أرى الإجابة، قال: فقال لي: أ فترى اللّه تعالى أخلف وعده؟ قال: قلت: لا، [قال: فمه؟ قلت: لا أدري ظ]فقال: الآية الأخرى قال: قلت: قوله تعالى: وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ اَلرّازِقِينَ فأنفق فلا أرى خلفا.

قال: أ فترى اللّه أخلف وعده؟ قال: قلت: لا، قال: فمه؟ قلت: لا أدري، قال:

لكنّي أخبرك إن شاء اللّه تعالى أما إنّكم لو أطعتموه فيما أمركم به، ثمّ دعوتموه لأجابكم، و لكن تخالفونه و تعصونه فلا يجيبكم.

و أمّا قولك تنفقون فلا ترون خلفا أمّا إنّكم لو كسبتم المال من حلّه ثمّ أنفقتموه في حقّه، لم ينفق رجل درهما إلاّ أخلفه اللّه عليه، و لو دعوتموه من جهة الدعاء لأجابكم، و إن كنتم عاصين.

قال: قلت: و ما جهة الدعاء؟ قال: إذا أدّيت الفريضة مجّدت اللّه و عظّمته و تمدحه بكلّ ما تقدر عليه، و تصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تجتهد في الصلاة عليه و تشهد له بتبليغ الرسالة، و تصلّي على أئمّة الهدى عليهم السّلام، ثمّ تذكر بعد التحميد للّه و الثناء عليه و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما أبلاك و أولاك، و تذكر نعمه عندك و عليك، و ما صنع بك فتحمده و تشكره على ذلك.

ص:337


1- -البحار ج 73 ص 376 باب علل المصائب ح 12

ثمّ تعترف بذنوبك ذنب ذنب و تقرّ بها أو بما ذكرت منها، و تجمل ما خفي عليك منها، فتتوب إلى اللّه من جميع معاصيك و أنت تنوي ألاّ تعود، و تستغفر اللّه منها بندامة و صدق نيّة و خوف و رجاء، و يكون من قولك: «اللهمّ إنّي أعتذر إليك من ذنوبي و أستغفرك و أتوب إليك فأعنّي على طاعتك و وفّقني لما أوجبت عليّ من كلّ ما يرضيك فإنّي لم أر أحدا بلغ شيئا من طاعتك إلاّ بنعمتك عليه قبل طاعتك، فأنعم عليّ بنعمة أنال بها رضوانك و الجنّة» ثمّ تسأل بعد ذلك حاجتك فإنّي أرجو أن لا يخيّبك إن شاء اللّه تعالى. (1)

بيان:

في النهاية ج 1 ص 155، «الإبلاء» : الإنعام و الإحسان.

«أولاك» : أي أنعمك و أحسن إليك، فالمعنى؛ تذكر ما أنعمك و أحسن إليك من النعم.

13-سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما لنا ندعو اللّه فلا يستجيب دعاؤنا و قال تعالى:

اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ؟ فأجاب صلّى اللّه عليه و آله و قال: إنّ قلوبكم ماتت بعشرة أشياء:

أوّلها؛ أنّكم عرفتم اللّه فلم تؤدّوا طاعته، و الثاني؛ أنّكم قرأتم القرآن فلم تعملوا به، و الثالثة؛ ادّعيتم محبّة لرسوله و أبغضتم أولاده، و الرابعة؛ ادّعيتم عداوة الشيطان و وافقتموه، و الخامسة؛ ادّعيتم محبّة الجنّة فلم تعملوا لها، و السادسة؛ ادّعيتم مخافة النار و رميتم أبدانكم فيها، و السابعة؛ اشتغلتم بعيوب الناس عن عيوب أنفسكم، و الثامنة؛ ادّعيتم بغض الدنيا و جمعتموها، و التاسعة؛ اقررتم بالموت فلا تستعدّوا له و العاشرة، دفنتم موتاكم فلم تعتبروا بهم، فلهذا لا يستجاب دعاؤكم. (2)

ص:338


1- -البحار ج 93 ص 319 باب آداب الدعاء ح 28
2- الاثنى عشريّة ص 330 ب 10 ف 3-و بمضمونه في البحار ج 93 ص 376 عن أمير المؤمنين عليه السّلام

14-قال الصادق عليه السّلام: احفظ آداب الدعاء و انظر من تدعو و كيف تدعو و لماذا تدعو؟ و حقّق عظمة اللّه و كبريائه، و عاين بقلبك علمه بما في ضميرك و اطّلاعه على سرّك و ما تكون فيه من الحقّ و الباطل و اعرف طرق نجاتك و هلاكك كيلا تدعو اللّه بشيء عسى فيه هلاكك و أنت تظنّ أنّ فيه نجاتك. قال اللّه تعالى: وَ يَدْعُ اَلْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَ كانَ اَلْإِنْسانُ عَجُولاً. (1)

و تفكّر ما ذا تسأل و كم تسأل و لما ذا تسأل؟ و الدعاء استجابة الكلّ منك للحقّ و تذويب المهجة في مشاهدة الربّ، و ترك الاختيار جميعا و تسليم الامور كلّها ظاهرا و باطنا إلى اللّه تعالى، فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة، فإنّه يعلم السرّ و أخفى، فلعلّك تدعوه بشيء قد علم من سرّك خلاف ذلك.

قال بعض الصحابة لبعضهم: أنتم تنتظرون المطر بالدعاء و أنا أنتظر الحجر.

و اعلم أنّه لو لم يكن اللّه أمرنا بالدعاء لكان إذا أخلصنا الدعاء تفضّل علينا بالإجابة فكيف و قد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء.

و سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن اسم اللّه الأعظم؟ فقال: «كلّ اسم من أسماء اللّه أعظم» ففرّغ قلبك عن كلّ ما سواه و ادعه بأيّ اسم شئت، فليس في الحقيقة للّه اسم دون اسم، بل هو اللّه الواحد القهّار.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه لا يستجيب الدعاء من قلب لاه. . .

فإذا أتيت بما ذكرت لك من شرائط الدعاء و أخلصت سرّك لوجهه، فأبشر باحدى الثلاث: إمّا أن يعجّل لك ما سألت، و إمّا أن يدّخر لك ما هو أفضل منه، و إمّا أن يصرف عنك من البلاء ما لو أرسله عليك لهلكت.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي للسائلين.

ص:339


1- -الإسراء:11

قال الصادق عليه السّلام: لقد دعوت اللّه مرّة فاستجاب لي و نسيت الحاجة، لأنّ استجابته بإقباله على عبده عند دعوته أعظم و أجلّ ممّا يريد منه العبد و لو كانت الجنّة و نعيمها الأبديّ، و ليس يعقل ذلك إلاّ العاملون المحبّون العارفون صفوة اللّه و خواصّه. (1)

15-عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

المعصية تمنع الإجابة. (الغرر ج 1 ص 28 ف 1 ح 842)

الداعي بلا عمل كالقوس بلاوتر. (ص 74 ح 1838)

إنّ كرم اللّه سبحانه لا ينقض حكمته فلذلك لا يقع الإجابة في كلّ دعوة.

(ص 224 ف 9 ح 102)

إنّ دعوة المظلوم مجابة عند اللّه سبحانه، لأنّه يطلب حقّه، و اللّه تعالى أعدل من أن يمنع ذا حقّ حقّه. (ص 227 ح 122)

ربّما سألت الشيء فلم تعطه و أعطيت خيرا منه. (ص 419 ف 35 ح 104)

عليك بإخلاص الدعاء فإنّه أخلق بالإجابة. (ج 2 ص 478 ف 49 ح 11)

نعم عون الدعاء الخشوع. (ص 773 ف 81 ح 66)

لا يستنبط إجابة دعائك و قد سددت طريقه بالذنوب.

(ص 813 ف 85 ح 178)

لا يقنطنّك تأخّر إجابة الدعاء، فإنّ العطيّة على قدر النيّة، و ربّما تأخّرت الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل و أجزل لعطاء النائل. (ص 816 ح 204)

لا تسألوا إلاّ اللّه سبحانه، فإنّه إن أعطاكم أكرمكم، و إن منعكم حاز لكم.

(ص 827 ح 273)

ص:340


1- -مصباح الشريعة ص 14 ب 19

الفصل الخامس: الأوقات و الأمكنة التي يرجى فيها الإجابة

اشارة

قال اللّه تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ. (1)

الأخبار

1-عن زيد الشحّام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اطلبوا الدعاء في أربع ساعات: عند هبوب الرياح، و زوال الأفياء، و نزول القطر، و أوّل قطرة من دم القتيل المؤمن، فإنّ أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء. (2)

بيان:

«الأفياء» : جمع فيء و هو الظلّ، و في المرآة: المراد بزوال الأفياء؛ أوّل وقت الزوال، كما تدلّ عليه الأخبار الآتية. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: في الوتر، و بعد الفجر، و بعد الظهر، و بعد المغرب. (3)

ص:341


1- -النور:36
2- الكافي ج 2 ص 346 باب الاوقات و. . . ح 1
3- الكافي ج 2 ص 346 ح 2

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن، و عند الأذان، و عند نزول الغيث، و عند التقاء الصفّين للشهادة. (1)

4-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خير وقت دعوتم اللّه عزّ و جلّ فيه الأسحار، و تلا هذه الآية في قول يعقوب عليه السّلام: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي و قال: أخّرهم إلى السحر. (2)

5-عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس، فإذا أراد ذلك قدّم شيئا فتصدّق به، و شمّ شيئا من طيب، و راح إلى المسجد، و دعا في حاجته بما شاء اللّه. (3)

6-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه عزّ و جلّ يحبّ من عباده المؤمنين كلّ عبد دعّاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، و تقسم فيها الأرزاق، و تقضى فيها الحوائج العظام. (4)

7-عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت أنا و محمّد بن حمزة على أبي الحسن عليه السّلام نعوده و هو عليل، فقال لنا: وجّهوا قوما إلى الحائر من مالي فلمّا خرجنا من عنده قال لي محمّد بن حمزة المشير: يوجّهنا إلى الحائر و هو بمنزلة من في الحائر.

قال: فعدت إليه فاخبرته، فقال لي: ليس هو هكذا، إنّ للّه مواضع يحبّ أن يعبد فيها و حائر الحسين عليه السّلام من تلك المواضع. (5)

ص:342


1- -الكافي ج 2 ص 346 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 346 ح 6
3- الكافي ج 2 ص 347 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 347 ح 9
5- كامل الزيارات ص 273 ب 90 ح 2-و بمضمونه ح 1

أقول:

الأخبار في فضل بقاع الأئمّة عليهم السّلام خصوصا حائر الحسين عليه السّلام و أنّ الدعاء في بقائهم مستجابة كثيرة، راجع كامل الزيارات و. . .

8-عن الهادي عن آبائه عن الصادق عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من أدّى للّه مكتوبة فله في إثرها دعوة مستجابة. (1)

أقول:

في عدّة الداعي ص 58 بعد ذكر الحديث، قال ابن الفحّام: رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام في النوم فسألته عن الخبر، فقال: صحيح إذا فرغت من المكتوبة فقل و أنت ساجد:

«اللهمّ إنّي أسألك بحقّ من رواه و بحقّ من روي عنه صلّ على جماعتهم، و افعل بي كيت و كيت» .

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدعاء بين الأذان و الإقامة لا يردّ. (2)

أقول:

و من الأوقات التي يرجى فيها الإجابة؛ ليلة الجمعة و يومها، و ليلة القدر، و ليلة العرفة و يومها، و ليلة النصف من شعبان، و الشهور الثلاثة: رجب و شعبان و رمضان، و عند غروب الشمس في كلّ يوم و. . .

و من الأمكنة فالمسجد مطلقا و العرفات في مكّة، و الحرم و الكعبة و بقاع الأئمّة عليهم السّلام و. . . و الأخبار في ذلك كثيرة راجع كتب الأخبار و الأدعية.

ص:343


1- -الوسائل ج 7 ص 66 ب 23 من الدعاء ح 10
2- البحار ج 93 ص 348 ب 21 في ح 14

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734382C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3334342C2253686F77506167654E756D223A22333434222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503334342E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

61- حبّ الدنيا

الآيات

1- زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ اَلشَّهَواتِ مِنَ اَلنِّساءِ وَ اَلْبَنِينَ وَ اَلْقَناطِيرِ اَلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ وَ اَلْخَيْلِ اَلْمُسَوَّمَةِ وَ اَلْأَنْعامِ وَ اَلْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ اَلْمَآبِ. (1)

2- . . . وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ اَلْغُرُورِ. (2)

3- وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ لَلدّارُ اَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ. (3)

4- . . . أَ رَضِيتُمْ بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا مِنَ اَلْآخِرَةِ فَما مَتاعُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا فِي اَلْآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ. (4)

5- إِنَّ اَلَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اِطْمَأَنُّوا بِها وَ اَلَّذِينَ هُمْ

ص:345


1- -آل عمران:14
2- آل عمران:185
3- الأنعام:32 و بمدلولها في محمّد صلّى اللّه عليه و آله:36
4- التوبة:38

عَنْ آياتِنا غافِلُونَ- أُولئِكَ مَأْواهُمُ اَلنّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. (1)

6- . . . وَ فَرِحُوا بِالْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا فِي اَلْآخِرَةِ إِلاّ مَتاعٌ. (2)

7- اَلْمالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ اَلْباقِياتُ اَلصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً. (3)

8- وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى. (4)

9- وَ ما هذِهِ اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ اَلدّارَ اَلْآخِرَةَ لَهِيَ اَلْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. (5)

10- يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ هُمْ عَنِ اَلْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ. (6)

11- يا أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنَّ وَعْدَ اَللّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّهِ اَلْغَرُورُ. (7)

12- يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا مَتاعٌ وَ إِنَّ اَلْآخِرَةَ هِيَ دارُ اَلْقَرارِ. (8)

13- مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ اَلْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ اَلدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَ ما لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ. (9)

ص:346


1- -يونس:7 و 8
2- الرعد:26
3- الكهف:46
4- طه:131 و نظيرها في الحجر:88
5- العنكبوت:64
6- الروم:7
7- فاطر:5
8- المؤمن:39
9- الشورى:20

14- اِعْلَمُوا أَنَّمَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي اَلْأَمْوالِ وَ اَلْأَوْلادِ وَ مَا اَلْحَياةُ اَلدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ اَلْغُرُورِ. (1)

15- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (2)

16- فَأَمّا مَنْ طَغى- وَ آثَرَ اَلْحَياةَ اَلدُّنْيا- فَإِنَّ اَلْجَحِيمَ هِيَ اَلْمَأْوى. (3)

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رأس كلّ خطيئة حبّ الدنيا. (4)

بيان:

في المرآة ج 10 ص 228: لأنّ خصال الشرّ مطويّة في حبّ الدنيا و كلّ ذمائم القوّة الشهويّة و الغضبيّة مندرجة في الميل إليها.

2-عن الزهري قال: سئل عليّ بن الحسين عليهما السّلام: أيّ الأعمال أفضل عند اللّه؟ قال: ما من عمل بعد معرفة اللّه عزّ و جلّ و معرفة رسوله صلّى اللّه عليه و آله أفضل من بغض الدنيا، فإنّ لذلك لشعبا كثيرة و للمعاصي شعب، فأوّل ما عصي اللّه به الكبر، معصية إبليس حين أبى و استكبر و كان من الكافرين، ثمّ الحرص، و هي معصية آدم و حوّاء. . .

ثمّ الحسد و هي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعّب من ذلك حبّ النساء و حبّ الدنيا و حبّ الرئاسة و حبّ الراحة و حبّ الكلام و حبّ العلوّ و الثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلّهنّ في حبّ الدنيا. فقال الأنبياء

ص:347


1- -الحديد:20
2- المنافقون:9
3- النازعات:37 إلى 39
4- الكافي ج 2 ص 238 باب حبّ الدنيا ح 1

و العلماء بعد معرفة ذلك: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، و الدنيا دنياءان: دنيا بلاغ و دنيا ملعونة. (1)

بيان:

«دنيا بلاغ» : أي كفاف و كفاية أو ما تبلغ بها إلى الآخرة.

«دنيا ملعونة» : الزائد على الكفاف، و ما يكون سببا لغفلة الإنسان عن الآخرة.

3-عن عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أصبح و أمسى و الدنيا أكبر همّه جعل اللّه تعالى الفقر بين عينيه، و شتّت أمره، و لم ينل من الدنيا إلاّ ما قسم اللّه له، و من أصبح و أمسى و الآخرة أكبر همّه جعل اللّه الغنى في قلبه و جمع له أمره. (2)

4-عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصال: همّ لا يفنى، و أمل لا يدرك، و رجاء لا ينال. (3)

بيان:

في المرآة: الفرق بين الأمل و الرجاء أنّ متعلّق الأمل العمر، و البقاء في الدنيا، و متعلّق الرجاء ما سواه، أو متعلّق الأمل بعيد الحصول و متعلّق الرجاء قريب الوصول.

5-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو محزون فأتاه ملك و معه مفاتيح خزائن الأرض، فقال: يا محمّد، هذه مفاتيح خزائن الأرض يقول لك ربّك: افتح و خذ منها ما شئت من غير أن تنقص شيئا عندي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا دار من لا دار له و لها يجمع من لا عقل له.

فقال الملك: و الذي بعثك بالحقّ نبيّا لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقوله في السماء

ص:348


1- -الكافي ج 2 ص 239 ح 8
2- الكافي ج 2 ص 241 ح 15
3- الكافي ج 2 ص 241 ح 17

الرابعة، حين أعطيت المفاتيح. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر رواها أصحابنا رحمهم اللّه.

6-عن جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بجدي أسكّ ملقى على مزبلة ميّتا، فقال لأصحابه: كم يساوي هذا؟ فقالوا: لعلّه لو كان حيّا لم يساو درهما، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و الذي نفسي بيده للدنيا أهون على اللّه من هذا الجدي على أهله. (2)

بيان:

«الجدي» : ولد المعز في السنة الأولى. و في مجمع البحرين، «أسكّ» : الذي لا أذن له.

7-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في طلب الدنيا إضرارا بالآخرة و في طلب الآخرة إضرارا بالدنيا، فأضرّوا بالدنيا فإنّها أولى بالإضرار. (3)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ في كتاب عليّ صلوات اللّه عليه: إنّما مثل الدنيا كمثل الحيّة ما ألين مسّها و في جوفها السمّ الناقع، يحذرها الرجل العاقل، و يهوي إليها الصبيّ الجاهل. (4)

بيان:

«الناقع» : أي القاتل.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كتب أمير المؤمنين عليه السّلام إلى بعض أصحابه يعظه:

أوصيك و نفسي بتقوى من لا تحلّ معصيته و لا يرجى غيره، و لا الغنى إلاّ به، فإنّ

ص:349


1- -الكافي ج 2 ص 105 باب ذمّ الدنيا ح 8
2- الكافي ج 2 ص 105 ح 9-و نحوه في صحيح مسلم عنه صلّى اللّه عليه و آله
3- الكافي ج 2 ص 106 ح 12
4- الكافي ج 2 ص 110 ح 22-و نظيره في نهج البلاغة ص 1141 ح 115

من اتّقى اللّه عزّ و قوي و شبع و روي، و رفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا و قلبه و عقله معاين الآخرة، فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حبّ الدنيا.

فقذّر حرامها و جانب شبهاتها، و أضرّ و اللّه بالحلال الصافي إلاّ ما لا بدّ له من كسرة [منه]يشدّ بها صلبه و ثوب يواري به عورته، من أغلظ ما يجد و أخشنه، و لم يكن له فيما لا بدّ له منه ثقة و لا رجاء، فوقعت ثقته و رجاؤه على خالق الأشياء، فجدّ و اجتهد و أتعب بدنه حتّى بدت الأضلاع و غارت العينان فأبدل اللّه له من ذلك قوّة في بدنه و شدّة في عقله و ما ذخر له في الآخرة أكثر، فارفض الدنيا فإنّ حبّ الدنيا يعمي و يصمّ و يبكم و يذلّ الرقاب. . . (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلّما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتّى يقتله. (2)

بيان:

في المرآة، «ماء البحر» : أي المالح، و هذا من أحسن التمثيلات للدنيا. . .

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مرّ عيسى بن مريم عليه السّلام على قرية قد مات أهلها و طيرها و دوابّها، فقال: أما إنّهم لم يموتوا إلاّ بسخطة، و لو ماتوا متفرّقين لتدافنوا، فقال الحواريّون: يا روح اللّه و كلمته، ادع اللّه أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها، فدعا عيسى عليه السّلام ربّه، فنودي من الجوّ: أن نادهم، فقام عيسى عليه السّلام بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل هذه القرية، فأجابه منهم مجيب، لبّيك يا روح اللّه و كلمته، فقال: و يحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت و حبّ الدنيا مع خوف قليل و أمل بعيد و غفلة في لهو و لعب، فقال: كيف

ص:350


1- -الكافي ج 2 ص 110 ح 23
2- الكافي ج 2 ص 110 ح 24

كان حبّكم للدنيا؟ قال: كحبّ الصبيّ لامّه، إذا أقبلت علينا فرحنا و سررنا و إذا أدبرت عنّا بكينا و حزّنا، قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي.

قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية و أصبحنا في الهاوية، فقال: و ما الهاوية؟ فقال: سجّين، قال: و ما سجّين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة، قال: فما قلتم و ما قيل لكم؟ قال: قلنا ردّنا إلى الدنيا فنزهد فيها قيل لنا: كذبتم.

قال: ويحك كيف لم يكلّمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح اللّه، إنّهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد، و إنّي كنت فيهم و لم أكن منهم، فلمّا نزل العذاب عمّني معهم فأنا معلّق بشعرة على شفير جهنّم لا أدري اكبكب فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى عليه السّلام إلى الحواريّين فقال: يا أولياء اللّه، أكل الخبز اليابس بالملح الجريش و النوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا و الآخرة. (1)

بيان:

«الطاغوت» من الطغيان: و هو تجاوز الحدّ، و المراد كلّ رئيس في الضلال و الحاكم الجائر. «فلمّا نزل العذاب عمّني معهم» : هذا يدلّ على أنّ العذاب إذا نزل عمّ، و فيه إشعار بوجوب اعتزال أهل المعاصي تجنّبا لذلك، و قد وردت روايات في ذلك. «اكبكب فيها» : أطرح فيها على وجهي.

12-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرّ بنا ذات يوم و نحن في نادينا و هو على ناقته، و ذلك حين رجع من حجّة الوداع، فوقف علينا فسلّم، فرددنا عليه السلام، ثمّ قال:

ص:351


1- -الكافي ج 2 ص 239 باب حبّ الدنيا ح 11

ما لي أرى حبّ الدنيا قد غلب على كثير من الناس حتّى كأنّ الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، و كأنّ الحقّ في هذه الدنيا على غيرهم وجب، و حتّى كأن لم يسمعوا و يروا من خبر الأموات قبلهم، سبيلهم سبيل قوم سفر عمّا قليل إليهم راجعون، بيوتهم أجداثهم، و يأكلون تراثهم، فيظنون أنّهم مخلّدون بعدهم، هيهات هيهات (أ) ما يتعظ آخرهم بأوّلهم، لقد جهلوا و نسوا كلّ واعظ في كتاب اللّه، و آمنوا شرّ كلّ عاقبة سوء، و لم يخافوا نزول فادحة و بوائق حادثة.

طوبى لمن شغل خوف اللّه عزّ و جلّ عن خوف الناس. . . (1)

بيان:

«الأجداث» : جمع الجدث و هو القبر. «البوائق» : واحدها البائقة و هي الداهية و الشرّ الشديد.

13-عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا حفص، ما منزلة الدنيا من نفسي إلاّ بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها. . . (2)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما عصي اللّه تبارك و تعالى به ستّ خصال: حبّ الدنيا، و حبّ الرئاسة، و حبّ الطعام، و حبّ النساء، و حبّ النوم، و حبّ الراحة. (3)

15-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: جعل الشرّ كلّه في بيت و جعل مفتاحه حبّ الدنيا، و جعل الخير كلّه في بيت و جعل مفتاحه الزهد في الدنيا. (4)

16-قال الصادق عليه السّلام: من ازداد في اللّه علما و ازداد للدنيا حبّا ازداد

ص:352


1- -الكافي ج 8 ص 168 ح 190
2- تفسير القميّ ج 2 ص 146( القصص:83)
3- الخصال ج 1 ص 330 باب الستّة ح 27
4- مشكوة الأنوار ص 264 ب 6 ف 7

من اللّه بعدا و ازداد اللّه عليه غضبا. (1)

17-و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو عدلت الدنيا عند اللّه عزّ و جلّ جناح بعوضة لما سقي الكافر منها شربة. (2)

18-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال في آخر خطبة خطبها: و من عرضت له دنيا و آخرة فاختار الدنيا و ترك الآخرة لقى اللّه و ليست له حسنة يتّقي بها النار، و من أخذ الآخرة و ترك الدنيا لقى اللّه يوم القيامة و هو عنه راض. (3)

19-عن مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام: أنّ اللّه تبارك و تعالى أنزل كتابا من كتبه على نبيّ من أنبيائه و فيه: أنّه سيكون خلق من خلقي يلحسون الدنيا بالدين، يلبسون مسوك الضأن على قلوب كقلوب الذئاب، أشدّ مرارة من الصبر، و ألسنتهم أحلى من العسل، و أعمالهم الباطنة أنتن من الجيف، أبي يغترّون؟ ! أم إيّاي يخادعون؟ ! أم عليّ يجترون؟ ! فبعزّتي حلفت لأتيحنّ (لأبعثنّ) لهم فتنة تطأ في خطامها حتّى تبلغ أطراف الأرض تترك الحليم منهم حيرانا. (4)

بيان:

«يلحسون الدنيا» يقال: لحس القصعة: لعقها و أخذ ما علّق بجوانبها بلسانه أو بإصبعه، و المراد: أنّ الدين لعقة على ألسنتهم و يكونون من أبناء الدنيا و الدين وسيلة لدنياهم و معيشتهم.

«المسك» : ج مسوك و هو الجلد. «الصبر» : الدواء المرّ المعروف.

ص:353


1- -الاختصاص ص 236
2- الاختصاص ص 236
3- الوسائل ج 15 ص 356 ب 52 من جهاد النفس ح 2
4- الوسائل ج 15 ص 357 ح 3

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أحبّ دنياه أضرّ بآخرته. (1)

21-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام قال:

يا عليّ، إنّ الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر، يا عليّ، أوحى اللّه إلى الدنيا: أخدمي من خدمني، و أتعبي من خدمك.

يا عليّ، إنّ الدنيا لو عدلت عند اللّه جناح بعوضة لما سقى الكافر منها شربة من ماء، يا عليّ، ما أحد من الأوّلين و الآخرين إلاّ و هو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدنيا إلاّ قوتا. (2)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و الدنيا دار مني لها الفناء، و لأهلها منها الجلاء، و هي حلوة خضراء، و قد عجلت للطالب، و التبست بقلب الناظر، فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، و لا تسألوا فيها فوق الكفاف، و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ. (3)

بيان:

«مني لها الفناء» : أي قدّر لها الفناء. «الجلاء» : الخروج من الأوطان.

23-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ الدنيا قد تصرّمت، و آذنت بانقضاء، و تنكّر معروفها، و أدبرت حذّاء، فهي تحفز بالفناء سكّانها، و تحدو بالموت جيرانها، و قد أمرّ منها ما كان حلوا، و كدر منها ما كان صفوا، فلم يبق إلاّ سملة كسملة الإداوة، أو جرعة كجرعة المقلة، لو تمزّزها الصديان لم ينقع، فأزمعوا عباد اللّه الرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها الزوال، و لا يغلبنّكم فيها الأمل، و لا يطولنّ عليكم فيها الأمد. . . (4)

ص:354


1- -الوسائل ج 16 ص 9 ب 61 ح 5
2- الوسائل ج 16 ص 17 ب 63 ح 4
3- نهج البلاغة ص 132 آخر خ 45
4- نهج البلاغة ص 139 خ 52

بيان:

«قد تصرّمت» في النهاية: الصرم: القطع، و منه: "الدنيا آذنت بصرم"أي بانقطاع و انقضاء. «الحذّاء» : الماضية، السريعة. «تحفزهم» : تسوقهم و تدفعهم. «تحدو» :

تسوقهم بالموت إلى الهلاك. «السملة» : الماء القليل يبقى في أسفل الإناء. «الإداوة» :

إناء صغير من الجلد، و المطهرة.

«المقلة» : حصاة يضعها المسافر في إناء، ثمّ يصبّون الماء ليغمرها، فيتناول كلّ منهم مقدار ما غمره، يفعلون ذلك إذا قلّ الماء و أرادوا قسمته بالتسوية. «الصديان» :

العطشان. «أزمعوا الرحيل» : أي أعزموا عليه.

24-و قال عليه السّلام: ألا و إنّ الدنيا دار لا يسلم منها إلاّ فيها، و لا ينجى بشيء كان لها، ابتلي الناس بها فتنة فما أخذوه منها لها اخرجوا منه و حوسبوا عليه، و ما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه و أقاموا فيه، فإنّها عند ذوي العقول كفيء الظلّ، بينا تراه سابغا حتّى قلص، و زائدا حتّى نقص. (1)

بيان:

«فيء الظلّ» : رجوعه. «سابغا» : ممتدّا ساترا للأرض. «قلص» : انقبض.

25-و قال عليه السّلام: ما أصف من دار أوّلها عناء و آخرها فناء، في حلالها حساب و في حرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، و من افتقر فيها حزن، و من ساعاها فاتته، و من قعد عنها واتته، و من أبصر بها بصّرته، و من أبصر إليها أعمته. (2)

بيان:

«العناء» : التعب. «واتته» : طاوعته و أقبلت إليه.

ص:355


1- -نهج البلاغة ص 151 خ 62
2- نهج البلاغة ص 181 خ 81

26-و قال عليه السّلام: نحمده على ما كان، و نستعينه من أمرنا على ما يكون، و نسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان.

عباد اللّه، أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم و إن لم تحبّوا تركها، و المبلية لأجسامكم و إن كنتم تحبّون تجديدها، فإنّما مثلكم و مثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنّهم قد قطعوه، و أمّوا علما فكأنّهم قد بلغوه، و كم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتّى يبلغها، و ما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه، و طالب حثيث يحدوه في الدنيا حتّى يفارقها.

فلا تنافسوا في عزّ الدنيا و فخرها، و لا تعجبوا بزينتها و نعيمها، و لا تجزعوا من ضرّائها و بؤسها، فإنّ عزّها و فخرها إلى انقطاع، و إنّ زينتها و نعيمها إلى زوال، و ضرّاءها و بؤسها إلى نفاد، و كلّ مدّة فيها إلى انتهاء، و كلّ حيّ فيها إلى فناء.

أو ليس لكم في آثار الأوّلين مزدجر؟ و في آبائكم الماضين تبصرة و معتبر إن كنتم تعقلون؟ ! أو لم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون؟ و إلى الخلف الباقين لا يبقون؟ أ و لستم ترون أهل الدنيا يمسون و يصبحون على أحوال شتّى: فميّت يبكى و آخر يعزّى، و صريع مبتلى، و عائد يعود، و آخر بنفسه يجود، و طالب للدنيا و الموت يطلبه، و غافل و ليس بمغفول عنه، و على أثر الماضي ما يمضي الباقي؟ !

ألا فاذكروا هادم اللذّات، و منغّص الشهوات، و قاطع الامنيّات، عند المساورة للأعمال القبيحة، و استعينوا اللّه على أداء واجب حقّه، و ما لا يحصى من أعداد نعمه و إحسانه. (1)

بيان:

«السفر» : جماعة المسافرين. «أمّوا» : قصدوا. «المجري إلى الغاية» : يريد الذي

ص:356


1- -نهج البلاغة ص 291 خ 98

يجري فرسه إلى غاية معلومة.

في مجمع البحرين، «يطلبه حثيثا» : أي سريعا، فهو فعيل من الحثّ أي يتعقّبه سريعا، كأنّ أحدهما يطلب آخر بسرعة. «يحدوه» : أي يسوقه. «نفاد» : فناء.

«مزدجر» : مصدر ميمي من ازدجر، و معناه الارتداع و الانزجار. «بنفسه يجود» :

أي قارب موته كأنّه يسخو بها و يسلمها إلى ربّها. «المساورة» : المواثبة.

و يأتي آخر الحديث مع شرحه في باب الموت ف 2.

27-و قال عليه السّلام: انظروا إلى الدنيا نظر الزاهدين فيها، الصادفين عنها، فإنّها و اللّه عمّا قليل تزيل الثاوي الساكن، و تفجّع المترف الآمن، لا يرجع ما تولّى منها فأدبر، و لا يدرى ما هو آت منها فينتظر، سرورها مشوب بالحزن، و جلد الرجال فيها إلى الضعف و الوهن، فلا تغرّنّكم كثرة ما يعجبكم فيها، لقلّة ما يصحبكم منها. . . (1)

بيان:

«الصادفين» : المعرضين. «الثاوي» : المقيم. «الجلد» : الصلابة و القوّة.

28-و قال عليه السّلام: أمّا بعد، فإنّي احذّركم الدنيا، فإنّها حلوة خضرة، حفّت بالشهوات، و تحبّبت بالعاجلة، و راقت بالقليل، و تحلّت بالآمال، و تزيّنت بالغرور، لا تدوم حبرتها، و لا تؤمن فجعتها، غرّارة ضرّارة، حائلة زائلة، نافدة بائدة، أكّالة غوّالة، لا تعدو إذا تناهت إلى امنيّة أهل الرغبة فيها و الرضاء بها. . . (2)(تكون الخطبة كلّها في ذمّ الدنيا)

بيان:

«راقت بالقليل» راق الشيء: أعجبه و سرّه، و المراد بالقليل متاع الدنيا كقوله

ص:357


1- -نهج البلاغة ص 302 خ 102
2- نهج البلاغة ص 341 خ 110

تعالى: قُلْ مَتاعُ اَلدُّنْيا قَلِيلٌ. «الحبرة» : السرور و النعمة. «حائلة» : متغيّرة «نافدة» : فانية. «بائدة» : هالكة. «غوّالة» : مهلكة.

29-و قال عليه السّلام: و احذّركم الدنيا فإنّها منزل قلعة، و ليست بدار نجعة، و قد تزيّنت بغرورها، و غرّت بزينتها، دار هانت على ربّها، فخلط حلالها بحرامها، و خيرها بشرّها، و حياتها بموتها، و حلوها بمرّها، لم يصفّها اللّه تعالى لأوليائه، و لم يضنّ بها على أعدائه، خيرها زهيد و شرّها عتيد، و جمعها ينفد، و ملكها يسلب، و عامرها يخرب، فما خير دار تنقض نقض البناء؟ ! و عمر يفنى فيها فناء الزاد؟ ! و مدّة تنقطع انقطاع السير! . . . (1)

بيان:

«القلعة» : ليست بمستوطنة. «النجعة» : طلب الكلأ في موضعه، أي ليست الدنيا محطّ الرحال و لا مبلغ الآمال. «لم يضنّ بها» : لم يبخل بها. «عتيد» : حاضر.

30-و قال عليه السّلام: و لقد كان في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كاف لك في الاسوة، و دليل لك على ذمّ الدنيا و عيبها، و كثرة مخازيها و مساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، و وطّئت لغيره أكنافها، و فطم عن رضاعها، و زوي عن زخارفها.

و إن شئت ثنّيت بموسى كليم اللّه عليه السّلام حيث يقول: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (2)و اللّه ما سأله إلاّ خبزا يأكله، لأنّه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله و تشذّب لحمه.

و إن شئت ثلّثت بداود عليه السّلام صاحب المزامير، و قارئ أهل الجنّة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، و يقول لجلسائه: أيّكم يكفيني بيعها؟ و يأكل قرص الشعير من ثمنها.

ص:358


1- -نهج البلاغة ص 349 خ 112
2- القصص:24

و إن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السّلام، فلقد كان يتوسّد الحجر، و يلبس الخشن، و يأكل الجشب، و كان إدامه الجوع، و سراجه بالليل القمر، و ظلاله في الشتاء مشارق الأرض و مغاربها، و فاكهته و ريحانه ما تنبت الأرض للبهائم، و لم تكن له زوجة تفتنه، و لا ولد يحزنه، و لا مال يلفته، و لا طمع يذلّه، دابّته رجلاه، و خادمه يداه. . . (1)

بيان:

«مخازيها» : المخزية على صيغة اسم الفاعل: الخصلة القبيحة، و الجمع المخزيات و المخازي، و قد يكون الخزي بمعنى الفضيحة، و لعلّه المراد هنا. «وطّئت» وطّأ الأمر:

مهّده. «أكنافها» : جوانبها. «زوى» الشيء: منعه «شفيف» : رقيق، يستشفّ ما وراءه.

«الصفاق» : الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن. «تشذّب اللحم» :

تفرّقه. «سفائف الخوص» : أي منسوجات الخوص، و الخوص ورق النخل.

«الجشب» : طعام الغليظ و الخشن و قد يقال للذي ليس معه إدام. «الظلال» : جمع الظلّ، بمعنى الكنّ و المأوى، و ما يستظلّ به من الحرّ أو البرد (سايه بان) و من كان ظلاله المشرق و المغرب فلا كنّ له و لا مأوى.

31-و قال عليه السّلام في ذمّ الدنيا: دار بالبلاء محفوفة، و بالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، و لا تسلم نزّالها، أحوال مختلفة، و تارات متصرّفة، العيش فيها مذموم، و الأمان منها معدوم، و إنّما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، و تفنيهم بحمامها.

و اعلموا عباد اللّه، أنّكم و ما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى قبلكم، ممّن كان أطول منكم أعمارا، و أعمر ديارا و أبعد آثارا، أصبحت

ص:359


1- -نهج البلاغة ص 507 في خ 159

أصواتهم هامدة، و رياحهم راكدة، و أجسادهم بالية، و ديارهم خالية، و آثارهم عافية، فاستبدلوا بالقصور المشيّدة، و النمارق الممهّدة الصخور و الأحجار المسنّدة، و القبور اللاطئة الملحدة التي قد بني بالخراب فناؤها. . . (1)

بيان:

«التارة» جمع تارات: الجين و المرّة. «متصرّفة» : متنقّلة متحوّلة. «مستهدفة» :

مهيّأة للرمي. «الحمام» : الموت. «أصواتهم هامدة» : أي ساكتة. «راكدة» : ساكنة، و ركود الريح كناية عن انقطاع العمل و بطلان الحركة.

«آثارهم عافية» : أي مندرسة. «النمارق» جمع نمرقة: و هي الوسادة و تطلق على الطنفسة أي البساط و لعلّه المراد هنا. «اللاطئة» يقال: لطأ بالأرض: لصق بها «الملحدة» : من ألحد القبر: جعل له لحدا.

32-و من كتابه عليه السّلام إلى سلمان رحمه اللّه قبل أيّام خلافته: أمّا بعد، فإنّما مثل الدنيا مثل الحيّة، ليّن مسّها قاتل سمّها، فأعرض عمّا يعجبك فيها لقلّة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها، و تصرّف حالاتها، و كن آنس ما تكون بها أحذر ما تكون منها، فإنّ صاحبها كلّما اطمأنّ فيها إلى سرور أشخصته عنه إلى محذور، أو إلى إيناس أزالته عنه إلى إيحاش، و السلام. (2)

بيان:

«كن آنس ما تكون بها أحذر» : أي فليكن أشدّ حذرك من الدنيا في حال شدّة أنسك بها. «أشخصته» : أذهبته. «إيحاش» يقال: أوحش يوحش إيحاشا.

33-و قال عليه السّلام: أهل الدنيا كركب يساربهم و هم نيام. (3)

34-و من خبر ضرار بن ضمرة عند دخوله على معاوية و مسألته له

ص:360


1- -نهج البلاغة ص 716 خ 217- صبحي ص 348 خ 226
2- نهج البلاغة ص 1065 ر 68
3- نهج البلاغة ص 1115 ح 61

عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله و هو قائم في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، و يبكى بكاء الحزين، و يقول:

يا دنيا يا دنيا، إليك عنّي أبي تعرّضت! أم إليّ تشوّقت! لا حان حينك، هيهات! غرّي غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، و خطرك يسير، و أملك حقير. آه من قلّة الزاد و طول الطريق، و بعد السفر، و عظيم المورد. (1)

بيان:

«أرخى الليل سدوله» جمع سديل: و هو ما أسدل على الهودج، و المراد: حجب الليل ظلامه. «يتململ» يقال بالفارسيّة: بخود مى پيچيد.

«السليم» : الملدوغ من حيّة و نحوها (مارگزيده) . «لا حان حينك» : لا جاء وقتك، و المراد لا جاء وقت وصولك لقلبي و تمكّن حبّك منه. «المورد» : موقف الورود على اللّه.

أقول: في البحار ج 73 ص 84 باب حبّ الدنيا ح 47: من مكاشفات أمير المؤمنين عليه السّلام ما رواه الصادق عن آبائه عليهم السّلام، أنّه قال: إنّي كنت بفدك في بعض حيطانها، و قد صارت لفاطمة عليها السّلام إذا أنا بامرأة قد هجمت عليّ و في يدي مسحاة و أنا أعمل بها، فلمّا نظرت إليها طار قلبي ممّا تداخلني من جمالها، فشبّهتها ببثينة بنت عامر الجمحيّ، و كانت من أجمل نساء قريش.

فقالت لي: يا بن أبي طالب، هل لك أن تزوّجني و أغنيك عن هذه المسحاة، و أدلّك على خزائن الأرض، و يكون لك الملك ما بقيت؟

فقلت لها: من أنت حتّى أخطبك من أهلك؟ فقالت: أنا الدنيا، فقلت لها: ارجعي فاطلبي زوجا غيري، فلست من شأني، و أقبلت على مسحاتي و أنشأت أقول:

ص:361


1- -نهج البلاغة ص 1118 ح 74

لقد خاب من غرّته دنيا دنيّة و ما هي إن غرّت قرونا بطايل

إلى آخر الأبيات

35-و قال عليه السّلام: إنّ الدنيا و الآخرة عدوّان متفاوتان، و سبيلان مختلفان، فمن أحبّ الدنيا و تولاّها أبغض الآخرة و عاداها، و هما بمنزلة المشرق و المغرب، و ماش بينهما كلّما قرب من واحد بعد من الآخر، و هما بعد ضرّتان. (1)

بيان:

«ضرّتان» : هما المرأتان اللتان لرجل واحد، لأنّ كل واحدة تضرّ بالاخرى بالغيرة و القسم.

36-و قال عليه السّلام (و قد سمع رجلا يذمّ الدنيا) : أيّها الذامّ للدنيا المغترّ بغرورها المنخدع بأباطيلها! أ تغترّ بالدنيا ثمّ تذمّها. . . إنّ الدنيا دار صدق لمن صدقها، و دار عافية لمن فهم عنها، و دار غنى لمن تزوّد منها، و دار موعظة لمن اتّعظ بها، مسجد أحبّاء اللّه، و مصلّى ملائكة اللّه، و مهبط وحي اللّه، و متجر أولياء اللّه، اكتسبوا فيها الرحمة و ربحوا فيها الجنّة.

فمن ذا يذمّها و قد آذنت بينها، و نادت بفراقها، و نعت نفسها و أهلها، فمثّلت لهم ببلائها البلاء، و شوّقتهم بسرورها إلى السرور؟ ! راحت بعافية، و ابتكرت بفجيعة ترغيبا و ترهيبا و تخويفا و تحذيرا، فذمّها رجال غداة الندامة، و حمدها آخرون يوم القيامة، ذكّرتهم الدنيا فتذكّروا، و حدّثتهم فصدّقوا، و وعظتهم فاتّعظوا. (2)

بيان:

«آذنت» : أعلمت أهلها. «بينها» : المراد بعدها و زوالها عنهم. «نعت نفسها» : أي

ص:362


1- -نهج البلاغة ص 1133 ح 100
2- نهج البلاغة ص 1148 ح 126

أخبرت بفقد نفسها. «راحت» : أي أمست. «و ابتكرت» : أي أصبحت. «فجيعة» :

مصيبة فاجعة. «غداة الندامة» : المراد يوم القيامة.

أقول: فيه دلالة على أنّ الدنيا المذمومة هي حظّ نفسك الذي لا حاجة إليه لأمر الآخرة، و يعبّر عنه بالهوى و حبّ رياستها و جمع أموالها و زخرفها و غير ذلك، لا من حيث إنّ الدنيا مزرعة الآخرة، فحينئذ تكون الدنيا متجر أولياء اللّه و دار موعظة و دار اكتساب الآخرة.

37-و قال عليه السّلام: الدنيا دار ممرّ لا دار مقرّ، و الناس فيها رجلان: رجل باع نفسه فأوبقها، و رجل ابتاع نفسه فأعتقها. (1)

بيان:

«أوبقها» : أهلكها. «ابتاع نفسه» : أي اتّجر في الدنيا للآخرة و خلّص نفسه من شهواتها.

38-و قال عليه السّلام: و اللّه لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم. (2)

بيان:

«العراق» بضمّ العين: العظم الذي أكل لحمه، و بالكسر: هو من الحشا ما فوق السرّة معترضا البطن.

39-و قال عليه السّلام: مرارة الدنيا حلاوة الآخرة، و حلاوة الدنيا مرارة الآخرة. (3)

40-و قال عليه السّلام: الناس أبناء الدنيا، و لا يلام الرجل على حبّ أمّه. (4)

ص:363


1- -نهج البلاغة ص 1150 ح 128
2- نهج البلاغة ص 1192 ح 228
3- نهج البلاغة ص 1196 ح 243
4- نهج البلاغة ص 1231 ح 295

41-و روي أنّه عليه السّلام قلّما اعتدل به المنبر إلاّ قال أمام الخطبة: أيّها الناس، اتّقوا اللّه فما خلق امرء عبثا فيلهو، و لا ترك سدى فيلغو، و ما دنياه التي تحسّنت له بخلف من الآخرة التي قبّحها سوء النظر عنده، و ما المغرور الذي ظفر من الدنيا بأعلى همّته كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته. (1)

42-و قال عليه السّلام: الدنيا تغرّ و تضرّ و تمرّ، إنّ اللّه سبحانه لم يرضها ثوابا لأوليائه، و لا عقابا لأعدائه، و إنّ أهل الدنيا كركب بينا هم حلّوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا. (2)

43-و قال عليه السّلام: منهومان لا يشبعان: طالب علم و طالب دنيا. (3)

بيان:

«المنهوم» : المولع بالشيء.

44-و قال عليه السّلام: الدنيا خلقت لغيرها و لم تخلق لنفسها. (4)

بيان:

«لغيرها» : أي خلقت للآخرة، أو للإنسان.

أقول: في مستدرك نهج البلاغة قال عليه السّلام: الدنيا جيفة فمن أرادها فليصبر على مخالطة الكلاب.

يكفيك هذه المواعظ من مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام و من أراد المزيد فليراجع نهج البلاغة.

45-قال عيسى عليه السّلام: بحقّ أقول لكم: كما نظر (ينظر م) المريض إلى الطعام فلا يلتذّ به من شدّة الوجع، كذلك صاحب الدنيا لا يلتذّ بالعبادة

ص:364


1- -نهج البلاغة ص 1259 ح 362
2- نهج البلاغة ص 1279 ح 407
3- نهج البلاغة ص 1296 ح 449
4- نهج البلاغة ص 1298 ح 455

و لا يجد حلاوتها مع ما يجده من حلاوة الدنيا.

بحقّ أقول لكم: كما أنّ الدابّة إذا لم تركب و تمتهن تصعّب و تغيّر خلقها كذلك القلوب إذا لم ترقّق بذكر الموت و بنصب العبادة تقسو و تغلظ.

و بحقّ أقول لكم: إنّ الزقّ إذا لم ينخرق يوشك أن يكون وعاء العسل، كذلك القلوب إذا لم تخرقها الشهوات أو يدنّسها الطمع أو يقسها النعيم فسوف تكون أوعية الحكمة. (1)

بيان:

«امتهن الرجل» : استعمله للخدمة. «الزقّ» : جلد يجزّ و لا ينتف و يستعمل لحمل الماء.

46-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الفقر أزين على المؤمن من العذار على خدّ الفرس، و إنّ آخر الأنبياء دخولا إلى الجنّة سليمان، و ذلك لما اعطي من الدنيا. (2)

47-روي أنّ سعد بن أبي وقّاص دخل على سلمان الفارسي يعوده، فبكى سلمان فقال له سعد: ما يبكيك يا أبا عبد اللّه؟ توفّي رسول اللّه و هو عنك راض و ترد عليه الحوض، فقال سلمان: أما إنّي لا أبكي جزعا من الموت، و لا حرصا على الدنيا، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عهد إلينا فقال: ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب، و حولي هذه الأساود، و إنّما حوله إجّانة و جفنة و مطهرة. (3)

بيان:

قال في النهاية ج 2 ص 418 بعد ذكر الحديث: يريد (بالأساود) الشخوص من المتاع الذي كان عنده، و كلّ شخص من إنسان أو متاع أو غيره سواد، و يجوز

ص:365


1- -البحار ج 14 ص 325 باب مواعظ عيسى (ع) ح 39
2- البحار ج 72 ص 52 باب الفقر ح 76( البحار ج 14 ص 74 باب قصص سليمان ح 16 و 18)
3- البحار ج 22 ص 381 باب كيفيّة إسلام سلمان ح 14

أن يريد بالأساود الحيّات، جمع أسود، شبّهها بها لاستضراره بمكانها. «الإجّانة» إناء تغسل فيه الثياب، جرّة كبيرة (تغار، خم) . «الجفنة» : القصعة (كاسه)

48-عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أغفل الناس من لم يتّعظ بتغيّر الدنيا من حال إلى حال، و أعظم الناس في الدنيا خطرا من لم يجعل للدنيا عنده خطرا. (1)

49-عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

الرغبة في الدنيا تكثر الهمّ و الحزن، و الزهد في الدنيا يريح القلب و البدن. (2)

50-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من عبد الدنيا و آثرها على الآخرة، استوخم العاقبة. (3)

51-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مالي و الدنيا إنّما مثلي و مثل الدنيا كمثل راكب مرّ للقيلولة في ظلّ شجرة في يوم صيف، ثمّ راح و تركها.

. . . و قال المسيح عليه السّلام للحواريّين: إنّما الدنيا قنطرة فاعبروها و لا تعمروها. (4)

52-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تمثّلت الدنيا لعيسى عليه السّلام في صورة امرأة زرقاء، فقال لها: كم تزوّجت؟ قالت: كثيرا، قال: فكلّ طلّقك؟ قالت: بل كلاّ قتلت، قال: فويح أزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين!

قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مثل الدنيا كمثل البحر المالح، كلّما شرب العطشان منه ازداد عطشا حتّى يقتله. (5)

53-في مواعظ عليّ عليه السّلام: أنّه رأى جابر بن عبد اللّه رحمه اللّه و قد تنفّس

ص:366


1- -البحار ج 73 ص 88 باب حبّ الدنيا ح 55
2- البحار ج 73 ص 91 ح 65
3- البحار ج 73 ص 104 ح 95
4- البحار ج 73 ص 119 ح 110
5- البحار ج 73 ص 125 ح 120

الصعداء، فقال عليه السّلام: يا جابر، على م تنفّسك أ على الدنيا؟ فقال جابر: نعم، فقال له: يا جابر، ملاذّ الدنيا سبعة: المأكول و المشروب و الملبوس و المنكوح و المركوب و المشموم و المسموع.

فألذّ المأكولات العسل و هو بصق من ذبابة، و أحلى المشروبات الماء؛ و كفى بإباحته و سباحته على وجه الأرض، و أعلى الملبوسات الديباج و هو من لعاب دودة، و أعلى المنكوحات النساء و هو مبال في مبال، و مثال لمثال، و إنّما يراد أحسن ما في المرأة لأقبح ما فيها، و أعلى المركوبات الخيل و هو قواتل، و أجلّ المشمومات المسك و هو دم من سرّة دابّة، و أجلّ المسموعات الغناء و الترنّم و هو إثم، فما هذه صفته لم يتنفّس عليه عاقل.

قال جابر بن عبد اللّه: فو اللّه ما خطرت الدنيا بعدها على قلبي. (1)

بيان:

«الصعداء» : التنفّس الطويل من همّ أو تعب. «الملاذّ» : الشهوات (و اللذّات) ، الواحدة ملذّة، و في اللسان: الملاذّ جمع ملذّ و هو موضع اللذّة. (أقرب الموارد)

54-في مواعظ عليّ بن الحسين عليهما السّلام و قيل له: من أعظم الناس خطرا؟ فقال عليه السّلام: من لم ير الدنيا خطرا لنفسه. (2)

بيان:

«الخطر» : القدر و المنزلة.

55-عن جنادة قال: دخلت على الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام في مرضه الذي توفّي فيه. . . قال: فقلت له: عظني يا بن رسول اللّه، قال: نعم استعدّ لسفرك، و حصّل زادك قبل حلول أجلك، و اعلم أنّك تطلب الدنيا و الموت

ص:367


1- -البحار ج 78 ص 11 ح 69
2- البحار ج 78 ص 135-و نحوه في البحار ج 78 ص 188 عن الباقر عليه السّلام، و في ص 303 في حديث الكاظم عليه السّلام لهشام، و في ج 77 ص 114 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله

يطلبك، و لا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه، و اعلم أنّك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازنا لغيرك.

و اعلم أنّ في حلالها حساب، و في حرامها عقاب، و في الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها، و إن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة، و إن كان العتاب فإنّ العتاب يسير، و اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا، و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا. . . (1)

56-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود: . . . يا بن مسعود، من تعلّم العلم يريد به الدنيا و آثر عليه حبّ الدنيا و زينتها استوجب سخط اللّه عليه و كان في الدرك الأسفل من النار مع اليهود و النصارى الذين نبذوا كتاب اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلْكافِرِينَ. (2).

يا بن مسعود، من تعلّم القرآن للدنيا و زينتها حرّم اللّه عليه الجنّة. (3)

يا بن مسعود، الدنيا ملعونة، ملعون من فيها، ملعون من طلبها و أحبّها و نصب لها، و تصديق ذلك في كتاب اللّه تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ- وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (4)و قوله: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ (5). . .

يا بن مسعود، دع نعيم الدنيا و أكلها و حلاوتها، و حارّها و باردها، و لينها و طيبها، و ألزم نفسك الصبر عنها فإنّك مسؤول عن ذلك كلّه قال اللّه تعالى:

ص:368


1- -البحار ج 44 ص 138 تاريخ المجتبى عليه السّلام ح 6
2- البقرة:89
3- البحار ج 77 ص 101
4- الرحمن:26 و 27
5- القصص:88

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ (1).

يا بن مسعود، فلا تلهينّك الدنيا و شهواتها فإنّ اللّه تعالى يقول: أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ. (2)(3)

57-في حديث المعراج، قال اللّه عزّ و جلّ: . . . يا أحمد، فاحذر أن تكون مثل الصبيّ إذا نظر إلى الأخضر و الأصفر أحبّه، و إذا أعطي شيء من الحلو و الحامض اغترّ به. . . (4)

يا أحمد، أبغض الدنيا و أهلها و أحبّ الآخرة و أهلها قال: يا ربّ، و من أهل الدنيا و من أهل الآخرة؟ قال: أهل الدنيا من كثر أكله و ضحكه و نومه و غضبه، قليل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه، و لا يقبل معذرة من اعتذر إليه، كسلان عند الطاعة، شجاع عند المعصية، أمله بعيد و أجله قريب، لا يحاسب نفسه، قليل المنفعة، كثير الكلام، قليل الخوف، كثير الفرح عند الطعام.

و إنّ أهل الدنيا لا يشكرون عند الرخاء، و لا يصبرون عند البلاء، كثير الناس عندهم قليل، يحمدون أنفسهم بما لا يفعلون، و يدّعون بما ليس لهم، و يتكلّمون بما يتمنّون، و يذكرون مساوي الناس، و يخفون حسناتهم.

قال: يا ربّ، هل يكون سوى هذا العيب في أهل الدنيا؟ قال: يا أحمد، إنّ عيب أهل الدنيا كثير؛ فيهم الجهل و الحمق، لا يتواضعون لمن يتعلّمون منه، و هم عند أنفسهم عقلاء و عند العارفين حمقاء. . . (5)

يا أحمد، لو صلّى العبد صلاة أهل السماء و الأرض، و يصوم صيام أهل السماء

ص:369


1- -التكاثر:8
2- المؤمنون:115
3- البحار ج 77 ص 105
4- البحار ج 77 ص 22
5- البحار ج 77 ص 23

و الأرض، و يطوي من الطعام مثل الملائكة و لبس لباس العاري، ثمّ أرى في قلبه من حبّ الدنيا ذرّة، أو سمعتها، أو رئاستها، أو حليّها أو زينتها، لا يجاورني في داري، و لأنزعنّ من قلبه محبّتي، و عليك سلامي و رحمتي و الحمد للّه ربّ العالمين. (1)

58-عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: إنّ داود عليه السّلام خرج ذات يوم يقرء الزبور، و كان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل و لا حجر و لا طائر و لا سبع إلاّ جاوبه، فما زال يمرّ حتّى انتهى إلى جبل، فإذا على ذلك الجبل نبيّ عابد، يقال له حزقيل، فلمّا سمع دويّ الجبال و أصوات السباع و الطير علم أنّه داود عليه السّلام، فقال داود: يا حزقيل، أ تاذن لي فأصعد إليك؟ قال: لا، فبكى داود عليه السّلام فأوحى اللّه جلّ جلاله إليه: يا حزقيل، لا تعيّر داود و سلني العافية، فقام حزقيل فأخذ بيد داود فرفعه إليه.

فقال داود: يا حزقيل، هل هممت بخطيئة قطّ؟ قال: لا، قال: فهل دخلك العجب ممّا أنت فيه من عبادة اللّه عزّ و جلّ؟ قال: لا، قال: فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهوتها و لذّتها؟ قال: بلى ربّما عرض بقلبي، قال: فما ذا تصنع إذا كان ذلك؟ قال: أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه، قال: فدخل داود النبيّ عليه السّلام الشعب فإذا سرير من حديد عليه جمجمة بالية و عظام فانية، و إذا لوح من حديد فيه كتابة فقرأها داود فإذا هي: أنا أروى [بن]شلم ملكت ألف سنة، و بنيت ألف مدينة، و افتضضت ألف بكر، فكان آخر أمري أن صار التراب فراشي، و الحجارة وسادتي، و الديدان و الحيّات جيراني، فمن رأني فلا يغترّ بالدنيا. (2)

ص:370


1- -البحار ج 77 ص 30
2- البحار ج 14 ص 25 باب قصّة داود ح 3( أمالي الصدوق م 21 ح 8)

أقول:

إذا عرض على قلب حزقيل النبيّ حبّ الدنيا و هو يعتكف على جبل بعبادة ربّه و طيلة عمره، فكيف الأمر بالنسبة إلينا في هذا الزمان؟ !

59-روي أنّ عيسى عليه السّلام صعد جبلا فرأى شخصا يعبد اللّه تعالى في حرّ الشمس، فقال له: لم لا تستظلّ؟ فقال: يا نبيّ اللّه، إنّي سمعت من الأنبياء أنّي لا أعيش أكثر من سبعمائة سنة فلم أجد من عقلي أن أشتغل بالبناء، فقال عليه السّلام:

إنّي لأخبرك بما يعجبك، قال: فما ذا؟ قال: يكون في آخر الزمان قوم لا تنتهي عمر أحدهم إلى أكثر من مائة سنة و هم يبنون الدور و القصور و يتّخذون الحدائق و البساتين و يأملون أمل عمر ألف سنة.

قال الشيخ: فو اللّه إنّي لو أدركت زمانهم لجعلت عمري في سجدة واحدة، ثمّ قال لعيسى عليه السّلام: ادخل هذا الكهف حتّى ترى عجبا، فدخل فرأى سريرا من حجر و عليه ميّت و على رأسه لوح من حجر مكتوب عليه: أنا فلان الملك، أنا الذي عمّرت ألف سنة، و بنيت ألف مدينة، و تزوّجت بألف بكر، و هزمت ألف عسكر، ثمّ كان مصيري إلى هذا، فاعتبروا يا أولي الألباب. (1)

و قال: و في الروايات أنّ عيسى عليه السّلام لمّا رفعه اللّه إلى السماء الرابعة، زارته الملائكة فوجدوا عليه قميصا مرقّعا برقع كثيرة، فضجّوا و قالوا: إلهنا ليس يساوي عبدك عيسى عندك ثوبا صحيحا؟ فنودوا أن فتّشوا عيسى، ففتّشوه فوجدوا في قميصه أبرة يرقّع بها ما يخترق منه، فقال تعالى: فو عزّتي و جلالي لو لا أبرته لرفعته إلى السماء السابعة. (2)

60-عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا أبا ذرّ، الدنيا ملعونة، ملعون

ص:371


1- -الأنوار النعمانيّة ج 3 ص 105
2- الأنوار النعمانيّة ج 3 ص 99

ما فيها، إلاّ من ابتغى به وجه اللّه، و ما من شيء أبغض إلى اللّه تعالى من الدنيا، خلقها ثمّ أعرض عنها، فلم ينظر إليها و لا ينظر إليها حتّى تقوم الساعة، و ما من شيء أحبّ إلى اللّه تعالى من الإيمان به، و ترك ما أمر بتركه.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تعالى أوحى إلى أخي عيسى: يا عيسى، لا تحبّ الدنيا، فإنّي لست أحبّها، و أحبّ الآخرة فإنّما هي دار المعاد. (1)

61-قال عيسى بن مريم عليه السّلام: قسوة القلوب من جفوة العيون، و جفوة العيون من كثرة الذنوب، و كثرة الذنوب من حبّ الدنيا، و حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة.

و أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السّلام: إن كنت تحبّني فأخرج حبّ الدنيا من قلبك، فإنّ حبّي و حبّها لا يجتمعان في قلب. (2)

62-قال الصادق عليه السّلام: الدنيا بمنزلة صورة رأسها الكبر، و عينها الحرص، و أذنها الطمع، و لسانها الرياء، و يدها الشهوة، و رجلها العجب، و قلبها الغفلة، و كونها (لونها ف ن) الفناء و حاصلها الزوال، فمن أحبّها أورثته الكبر، و من استحسنها أورثته الحرص، و من طلبها أورثته الطمع، و من مدحها ألبسته الرياء، و من أرادها مكّنته من العجب، و من ركن إليها أولته الغفلة، و من أعجبه متاعها أفتنته، و لا تبقى له، و من جمعها و بخل بها ردّته إلى مستقرّها و هي النار. (3)

أقول:

في الكشكول للشيخ البهائي رحمه اللّه ج 2 ص 290: من التوراة؛ من لم يرض بقضائي و لم يصبر على بلائي و لم يشكر نعمائي، فليتّخذ ربّا سوائي. من أصبح حزينا على الدنيا فكأنّما أصبح ساخطا عليّ. من تواضع لغنيّ لأجل غناه ذهب ثلثا دينه.

ص:372


1- -المستدرك ج 12 ص 39 ب 61 من جهاد النفس ح 11
2- المستدرك ج 12 ص 39 ح 13
3- مصباح الشريعة ص 23 ب 32

يا بن آدم، ما من يوم جديد إلاّ و يأتي إليك من عندي رزقك، و ما من ليلة جديدة إلاّ و تأتي إليّ الملائكة من عندك بعمل قبيح، خيري إليك نازل و شرّك إليّ صاعد.

يا بني آدم، أطيعوني بقدر حاجتكم إليّ، و اعصوني بقدر صبركم على النار، و اعملوا للدنيا بقدر لبثكم فيها، و تزوّدوا للآخرة بقدر مكثكم فيها.

يا بني آدم، زارعوني و عاملوني و أسلفوني، أربحكم عندي ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر. يا بن آدم، أخرج حبّ الدنيا من قلبك، فإنّه لا يجتمع حبّي و حبّ الدنيا في قلب واحد أبدا.

يا بن آدم، اعمل بما أمرتك و انته عمّا نهيتك، أجعلك حيّا لا تموت أبدا. . .

63-أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الدنيا تسلم. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 2)

الدنيا تذلّ-الدنيا أمد. (ح 4 و 5)

الدنيا تضرّ. (ص 10 ح 191)

الدنيا خسران. (ص 11 ح 254)

الدنيا ظلّ زائل. (ص 15 ح 370)

الدنيا سوق الخسران-الدنيا مزرعة الشرّ. (ص 17 ح 450 و 455)

الدنيا دار المحن-الدنيا دار الأشقياء. (ص 18 ح 463 و 492)

الدنيا معبرة الآخرة. (ص 18 ح 494)

الدنيا مطلّقة الأكياس. (ح 496)

الدنيا تغرّ و تضرّ و تمرّ. (ص 21 ح 566)

الدنيا محلّ الآفات. (ص 22 ح 627)

الدنيا مصرع العقول. (ص 32 ح 964)

الدنيا محلّ الغير. (ص 34 ح 1070)

الدنيا غنيمة الحمقى. (ص 37 ح 1153)

ص:373

الرغبة في الدنيا توجب المقت. (ص 41 ح 1246)

الدنيا كيوم مضى و شهر انقضى-الدنيا دار الغرباء و موطن الأشقياء.

(ح 1250 و 1251)

الوله بالدنيا أعظم فتنة. (ص 42 ح 1255)

الدنيا حلم و الاغترار بها ندام. (ص 51 ح 1425)

الدنيا سمّ يأكله من لا يعرفه (ص 52 ح 1452)

الدنيا معدن الشرّ، و محلّ الغرور. (ص 55 ح 1511)

الناس أبناء الدنيا و الولد مطبوع على حبّ أمّه. (ص 76 ح 1873)

الدنيا سجن المؤمن و الموت تحفته و الجنّة مأواه-الدنيا جنّة الكافر و الموت مشخصه و النار مثواه. (ص 77 ح 1883 و 1884)

الدنيا ظلّ الغمام و حلم المنام. (ص 85 ح 1981)

الدنيا مليئة بالمصائب، طارقة بالفجائع و النوائب (ص 89 ح 2049)

الدنيا مصائب مفجعة، و منايا موجعة، و عبر مقطّعة. (ص 91 ح 2064)

الدنيا غرور حائل و سراب زائل، و سناد مائل. (ح 2075)

أوقات الدنيا و إن طالت قصيرة، و المتعة بها و إن كثرت يسيرة.

(ص 105 ح 2212)

احذر الدنيا فإنّها شبكة الشيطان و مفسدة الإيمان. (ص 143 ف 4 ح 31)

إيّاك و الوله بالدنيا فإنّها تورثك الشقاء و البلاء و تحدوك على بيع البقاء بالفناء. (ص 154 ف 5 ح 76)

ألا و قد أمرتم بالظعن و دللتم على الزاد، فتزوّدوا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا. (ص 165 ف 6 ح 31)

أعظم الخطايا حبّ الدنيا. (ص 183 ف 8 ح 173)

أكيس الناس من رفض دنياه-أربح الناس من اشترى بالدنيا الآخرة-

ص:374

أخسر الناس من رضي الدنيا عوضا عن الآخرة. (ص 188 ح 249 إلى 251)

أعظم المصائب و الشقاء الوله بالدنيا. (ح 255)

إنّ الدنيا دار خبال و وبال و زوال و انتقال، لا تساوي لذّاتها تنغيصها، و لا يفي سعودها بنحوسها، و لا يقوم صعودها بهبوطها. (ص 224 ف 9 ح 104)

إنّ الدنيا لمفسدة الدين، و مسلبة اليقين، و إنّها لرأس الفتن و أصل المحن.

(ص 229 ح 142)

إنّ مثل الدنيا و الآخرة كرجل له امرأتان إذا أرضى إحداهما أسخط الاخرى -إنّ من غرّته الدنيا بمحال الآمال و خدعته بزور الأماني، أورثته كمها و ألبسته عمى و قطعته عن الاخرى و أوردته موارد الردى. (ص 232 ح 155 و 156)

إنّ الدنيا دار عناء و فناء و غير و عبر و محلّ فتنة و محنة. (ص 257 ح 282)

إنّ الدنيا معكوسة منكوسة، لذّاتها تنغيص، و مواهبها تغصيص، و عيشها عناء، و بقاءها فناء، تجمح بطالبها، و تردي راكبها، و تخون الواثق بها، و تزعج المطمئنّ إليها، و إنّ جمعها إلى انصداع و وصلها إلى انقطاع. (ص 258 ح 285)

إنّ من هوان الدنيا على اللّه أن لا يعصى إلاّ فيها، و لا ينال ما عنده إلاّ بتركها.

(ح 286)

إنّ الدنيا كالغول تغوي من أطاعها و تهلك من أجابها، و إنّها لسريعة الزوال و شيكة الانتقال. (ص 259 ح 289)

أقول:

بهذا المعنى أخبار عديدة و من أراد المزيد فليلاحظ ف 9 من المصدر بتمامه.

إن كنتم في البقاء راغبين فازهدوا في عالم الفناء-إن رغبتم في الفوز و كرامة الآخرة فخذوا من الفناء للبقاء. (ص 277 ف 10 ح 38 و 40)

إن كنتم تحبّون اللّه، فأخرجوا من قلوبكم حبّ الدنيا. (ص 278 ح 41)

إنّك إن أقبلت على الدنيا أدبرت. (ص 287 ف 13 ح 13)

ص:375

إنّك إن أدبرت عن الدنيا أقبلت. (ح 14)

إنّك إن عملت للدنيا خسرت صفقتك-إنّك لن تلقى اللّه سبحانه بعمل أضرّ عليك من حبّ الدنيا. (ص 288 ح 31 و 32)

إنّكم إن رغبتم في الدنيا أفنيتم أعماركم فيما لا تبقون له و لا يبقى لكم.

(ص 292 ف 14 ح 29)

إنّما الدنيا شرك (1)وقع فيه من لا يعرفه. (ص 297 ف 15 ح 7)

إنّما الدنيا جيفة و المتواخون عليها أشباه الكلاب فلا تمنعهم أخوّتهم لها من التهارش (2)عليها-إنّما أهل الدنيا كلاب عاوية و سباع ضارية يهزّ بعضها بعضا، و يأكل عزيزها ذليلها، و يقهر كبيرها صغيرها، نعم معقّلة و أخرى مهملة، قد أضلّت عقولها و ركبت مجهولها. (ص 299 ح 23 و 24)

ثمرة الوله بالدنيا عظيم المحنة. (ص 359 ف 23 ح 25)

ثروة الدنيا فقد الآخرة. (ص 367 ف 25 ح 20)

حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة. (ص 380 ف 28 ح 1)

حبّ الدنيا رأس الفتن و أصل المحن. (ح 3)

حبّ الدنيا يفسد العقل، و يصمّ القلب عن سماع الحكمة، و يوجب أليم العقاب.

(ص 381 ح 12)

حلاوة الدنيا توجب مرارة الآخرة و سوء العقبى-حلو الدنيا صبر، و غذاؤها (3)سمام، و أسبابها رمام. (ح 15 و 20)

حرام على كلّ قلب متولّه بالدنيا أن يسكنه التقوى. (ص 383 ح 38)

ذكر الدنيا أدوء الأدواء. (ص 405 ف 32 ح 18)

ص:376


1- -الشرك: حبائل الصيد.
2- تهارشت الكلاب: تحرّش بعضها على بعض و تواثبت
3- الغذاء جمع أغذية: ما يغتذى به من الطعام و الشراب

رأس الآفات التولّه بالدنيا. (ص 413 ف 34 ح 41)

ردع النفس عن زخارف الدنيا ثمرة العقل. (ص 421 ف 36 ح 16)

سبب الشقاء حبّ الدنيا. (ص 430 ف 38 ح 7)

سبب فساد العقل حبّ الدنيا. (ص 431 ح 33)

كيف يدّعي حبّ اللّه من سكن قلبه حبّ الدنيا! (ج 2 ص 555 ف 64 ح 29)

كثرة الدنيا قلّة، و عزّها ذلّة، و زخارفها مضلّة، و مواهبها فتنة.

(ص 563 ف 66 ح 42)

كلّما فاتك من الدنيا شيء فهو غنيمة. (ص 571 ف 68 ح 13)

كما أنّ الشمس و الليل لا يجتمعان كذلك حبّ اللّه و حبّ الدنيا لا يجتمعان.

(ص 572 ح 25)

من رضي بالدنيا فاتته الآخرة. (ص 652 ف 77 ح 717)

من أحبّ لقاء اللّه سبحانه و تعالى سلا عن الدنيا. (ص 655 ح 766)

من غلبت الدنيا عليه عمي عمّا بين يديه-من عمّر دنياه أفسد دينه و أخرب أخراه. (ص 689 ح 1195 و 1197)

من طلب من الدنيا شيئا فاته من الآخرة أكثر ممّا طلب.

(ص 693 ح 1234)

من سخت نفسه عن مواهب الدنيا فقد استكمل العقل-من ملك من الدنيا شيئا فاته من الآخرة أكثر ما ملك. (ص 694 ح 1243 1247)

من اعتمد على الدنيا فهو الشقيّ المحروم. (ص 712 ح 1421)

مثل الدنيا كظلّك إن وقفت وقف، و إن طلبته بعد. (ص 763 ف 80 ح 107)

يسير الدنيا يفسد الدين. (ص 866 ف 89 ح 5)

أقول:

قد مرّ في باب الحزن في اللّه، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الدنيا سجن المؤمن و جنّة الكافر.

ص:377

و الأخبار و الآثار في ذمّ الدنيا و ذمّ حبّها و زوالها، و عدم الاعتبار بها، و تضادّها للآخرة و. . . أكثر من أن تحصى، و ما ورد من كلام أئمّتنا سيّما عن مولانا عليّ عليهم السّلام بلاغ و موعظة للقوم الزاهدين، و سيأتي بعضها في باب الزهد و غيره.

و ليس المراد بالأخبار أن تترك الكسب و التجارة، و أن تكون كلاّ على الناس، كما مرّ في باب التجارة أيضا، و في البحار ج 73 ص 124، قال لقمان لابنه: يا بنيّ، لا تدخل في الدنيا دخولا يضرّ بآخرتك، و لا تتركها تركا تكون كلاّ على الناس.

و لحبّ الدنيا شعب كثيرة؛ كالحرص و حبّ الرياسة و حبّ الراحة و حبّ الكلام و حبّ العلوّ و حبّ المال و حبّ الطعام و غير ذلك و لذا ورد حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة إذ كلّ خطيئة منشأها حبّ الدنيا.

و اعلم أنّ الزهد في الدنيا صعب على أكثر الناس، خصوصا المراتب العالية منه، و يحتاج إلى مجاهدات شاقّة، و الاستعانة من اللّه تعالى، و التضرّع إليه و التمسّك بالوسيلة من ذوي الأنفاس القدسيّة، و الأئمّة الأطهار عليهم السّلام، و التوسّل بهم و التضرّع إليهم، و أنّ لحبّ الدنيا مراتب كما أنّ للزهد فيها مراتب و درجات عديدة، حتّى يبلغ درجة يكفي من الدنيا حدّ الضرورة و يكون أكله كأكل المضطرّ إلى الميتة، كما ورد في الأخبار، و سيأتي توضيح ذلك في باب الزهد، كما يأتي أنّ ذكر الموت يوجب الزهد في الدنيا.

و لا يخفى أن حبّ الدنيا يكون في القلب، و تظهر آثاره في الأعمال و الجوارح فلا تغفل من حيل أرباب التصوّف و غيرهم. و لعلماء الأخلاق أبحاث و أمثلة في ذمّ حبّ الدنيا لا تسع المقام ذكرها و يكون البحث عن ذمّ الدنيا من أهمّ مسائل علم الأخلاق.

و من أحسن القصص في هذا الباب قصّة بلوهر و يوذاسف، ذكرها العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في البحار ج 78 ص 383 ب 32.

ص:378

62- أهل الدين

الأخبار

1-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من كان عاقلا كان له دين، و من كان له دين دخل الجنّة. (1)

2-عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، هل تعرف مودّتي لكم و انقطاعي إليكم و موالاتي إيّاكم؟ قال: فقال: نعم قال:

فقلت: فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها فإنّي مكفوف البصر قليل المشي و لا أستطيع زيارتكم كلّ حين.

قال: هات حاجتك، قلت: أخبرني بدينك الذي تدين اللّه عزّ و جلّ به أنت و أهل بيتك لأدين اللّه عزّ و جلّ به.

قال: إن كنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة، و اللّه لاعطينّك ديني و دين آبائي الذي ندين اللّه عزّ و جلّ به: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الإقرار بما جاء به من عند اللّه، و الولاية لوليّنا، و البراءة من عدوّنا، و التسليم لأمرنا، و انتظار قائمنا، و الاجتهاد و الورع. (2)

ص:379


1- -الكافي ج 1 ص 9 كتاب العقل ح 6
2- الكافي ج 2 ص 18 باب دعائم الإسلام ح 10

بيان:

«اقصرت الخطبة. . .» : أي جئت بالخطبة قصيرة و بالمسألة عظيمة يعني قلّلت الخطبة و أعظمت المسألة.

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا. (1)

4-عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كلّ من لم يحبّ على الدين و لم يبغض على الدين فلا دين له. (2)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الحبّ ف 3 و مرّ عنه عليه السّلام: «هل الدين إلاّ الحبّ و البغض» .

5-عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان في وصيّة أمير المؤمنين عليه السّلام لأصحابه: اعلموا أنّ القرآن هدى الليل و النهار، و نور الليل المظلم على ما كان من جهد و فاقة، فإذا حضرت بليّة فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم، و إذا نزلت نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم، و اعلموا أنّ الهالك من هلك دينه، و الحريب من حرب دينه، ألا و إنّه لا فقر بعد الجنّة، ألا و إنّه لا غنى بعد النار، لا يفكّ أسيرها و لا يبرء ضريرها. (3)

بيان:

في المصباح، حرب حربا من باب تعب: أخذ جميع ماله فهو حريب.

و في القاموس، «الضرير» : الذاهب البصر، و المريض المهزول، و كلّ ما خالطه ضرّ.

6-عن مالك بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: يا مالك، إنّ اللّه

ص:380


1- -الكافي ج 2 ص 104 باب ذمّ الدنيا و الزهد فيها ح 3
2- الكافي ج 2 ص 104 باب الحبّ في اللّه ح 16
3- الكافي ج 2 ص 171 باب سلامة الدين ح 2

يعطي الدنيا من يحبّ و يبغض، و لا يعطي دينه إلاّ من يحبّ. (1)

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث، و أداء الأمانة، و وفاء بالعهد، و صلة الأرحام، و رحمة الضعفاء، و قلّة المراقبة للنساء-أو قال: قلّة المؤاتاة للنساء-و بذل المعروف، و حسن الخلق، و سعة الخلق، و اتّباع العلم و ما يقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ زلفى، طوبى لهم و حسن مآب. . . (2)

بيان:

في الوافي، «المؤاتاة» : المطاوعة. «الزلفى» : القرب.

أقول: يأتي في باب التقيّة: «أنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة، و لا دين لمن لا تقيّة له» .

و في باب الفقر قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «الفقر الموت الأحمر، فقلت له: الفقر من الدينار و الدرهم؟ فقال: لا، و لكن من الدين» .

و في باب العلم ف 1: عن أبي جعفر عليه السّلام: «الكمال كلّ الكمال التفقّه في الدين، و الصبر على النائبة، و تقدير المعيشة» .

و في ف 5: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا رأيتم العالم محبّا لدنياه فاتّهموه على دينكم» .

و مرّ في باب حسن الخلق، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «حسن الخلق نصف الدين» .

و في باب المجالسة، عنه صلّى اللّه عليه و آله: «مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة» .

8-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه: يا بنيّ، لكلّ شيء علامة يعرف بها و يشهد عليها، و إنّ للدين ثلاث علامات: العلم و الإيمان و العمل به. و للإيمان ثلاث علامات: الإيمان باللّه و كتبه و رسله، و للعالم

ص:381


1- -الكافي ج 2 ص 170 باب أنّ اللّه يعطي الدين من يحبّه ح 2
2- الكافي ج 2 ص 187 باب المؤمن و علاماته ح 30( صفات الشيعة للصدوق رحمه اللّه ح 66)

ثلاث علامات: العلم باللّه و بما يحبّ و بما يكره، و للعامل ثلاث علامات: الصلاة و الصيام و الزكاة. . . (1)

9-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي و لا ينسبه أحد بعدي:

الإسلام هو التسليم، و التسليم هو التصديق، و التصديق هو اليقين، و اليقين هو الأداء، و الأداء هو العمل. إنّ المؤمن أخذ دينه عن ربّه و لم يأخذه عن رأيه.

أيّها الناس دينكم دينكم، تمسّكوا به لا يزيلكم أحد عنه، لأنّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره، لأنّ السيّئة فيه تغفر و الحسنة في غيره لا تقبل. (2)

10-في حديث أمير المؤمنين عليه السّلام للحارث الهمداني: إنّ دين اللّه لا يعرف بالرجال، بل بآية الحقّ، فاعرف الحقّ تعرف أهله. (3)

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه، و من دخل فيه بالكتاب و السنّة زالت الجبال قبل أن يزول. (4)

12-عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

لا إيمان لمن لا أمانة له، و لا دين لمن لا عهد له، و لا صلاة لمن لا يتمّ ركوعها و سجودها. (5)

13-في وصيّة الباقر عليه السّلام لجابر الجعفي: و حبّنا أهل البيت نظام الدين. (6)

ص:382


1- -الخصال ج 1 ص 121 باب الثلاثة ح 113
2- أمالي الصدوق ص 351 م 56 ح 4
3- أمالي المفيد ص 3 م 1 في ح 3
4- البحار ج 2 ص 105 ب 14 من العلم ح 67
5- البحار ج 72 ص 198 باب جوامع مساوي الأخلاق ح 26
6- البحار ج 78 ص 183

14-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا دين لمن دان بطاعة من عصى اللّه، و لا دين لمن دان بفرية باطل على اللّه، و لا دين لمن دان بجحود شيء من آيات اللّه. (1)

بيان:

قال رحمه اللّه: «من عصى اللّه» أي غير المعصوم، فإنّه لا يجوز طاعة غير المعصوم في جميع الأمور. «لمن دان. . .» : اعتقد، أي عبد اللّه بافتراء الباطل على اللّه، أي جعل هذا الافتراء عبادة أو جعل عبادته مبنيّة على الافتراء.

15-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا دين لمن دان بطاعة المخلوق في معصية الخالق. (2)

16-عن عبد العظيم الحسني قال: دخلت على سيّدي عليّ بن محمّد عليهما السّلام فلمّا بصر بي قال لي: مرحبا بك يا أبا القاسم، أنت وليّنا حقّا، قال: فقلت له: يا بن رسول اللّه، إنّي أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضيّا ثبتّ عليه حتّى ألقى اللّه عزّ و جلّ، فقال: هات يا أبا القاسم،

فقلت: إنّي أقول: إنّ اللّه تبارك و تعالى واحد ليس كمثله شيء، خارج من الحدّين: حدّ الإبطال و حدّ التشبيه، و إنّه ليس بجسم و لا صورة و لا عرض و لا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام و مصوّر الصور، و خالق الأعراض و الجواهر، و ربّ كلّ شيء و مالكه و جاعله و محدثه، و إنّ محمّدا عبده و رسوله خاتم النبيّين، فلا نبيّ بعده إلى يوم القيامة، و إنّ شريعته خاتمة الشرايع، فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، و أقول: إنّ الإمام و الخليفة و وليّ الأمر بعده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثمّ عليّ بن الحسين ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ جعفر

ص:383


1- -البحار ج 73 ص 392 باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق ح 4
2- البحار ج 73 ص 393 ح 6

بن محمّد ثمّ موسى بن جعفر ثمّ عليّ بن موسى ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ أنت يا مولاي.

فقال عليه السّلام: و من بعد، الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده، قال: فقلت:

و كيف ذاك يا مولاي؟ قال: لأنّه لا يرى شخصه و لا يحلّ ذكره باسمه حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، قال: فقلت: أقررت و أقول:

إنّ وليّهم وليّ اللّه، و عدوّهم عدوّ اللّه، و طاعتهم طاعة اللّه، و معصيتهم معصية اللّه، و أقول: إنّ المعراج حقّ و المسائلة في القبر حقّ، و إنّ الجنّة حقّ و النار حقّ، و الصراط حقّ و الميزان حقّ وَ أَنَّ اَلسّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ (1)و أقول: إنّ الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة و الزكوة و الصوم و الحجّ و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

فقال عليّ بن محمّد عليهما السّلام: يا أبا القاسم، هذا و اللّه دين اللّه الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبّتك اللّه بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة. (2)

بيان:

و قال رحمه اللّه: «حدّ الابطال» : هو أن لا تثبت له صفة. «حدّ التشبيه» : أن تثبت له على وجه يتضمّن التشبيه بالمخلوقين.

17-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ صاحب الدين فكّر فعلته السكينة، و استكان فتواضع، و قنع فاستغنى، و رضي بما أعطي، و انفرد فكفي الأحزان، و رفض الشهوات فصار حرّا، و خلع الدنيا فتحامى الشرور، و طرح الحسد فظهرت المحبّة، و لم يخف الناس فلم يخفهم و لم يذنب إليهم فسلم منهم، و سخط نفسه عن كلّ شيء ففاز و استكمل الفضل، و أبصر العافية فأمن الندامة. (3)

ص:384


1- -الحجّ:7
2- البحار ج 69 ص 1 باب الدين الذي لا يقبل اللّه أعمال العباد إلاّ به ح 1
3- البحار ج 69 ص 277 باب صفات خيار العباد ح 12

بيان:

قال رحمه اللّه: «و انفرد» : أي عن الناس و اعتزل عنهم. «فتحامى الشرور» : أي احترز عن الشرور، و منع نفسه عنها، فإنّ الشرور كلّها تابعة لحبّ الدنيا.

«أبصر العافية» : أي عرف أنّ العافية في أيّ شيء، و اختارها فلم يندم على شيء.

18-قال الصادق عليه السّلام: خمس من لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع، قيل: و ما هنّ يا بن رسول اللّه؟ قال: الدين، و العقل، و الحياء، و حسن الخلق، و حسن الأدب. و خمس من لم تكن له فيه لم يتهنّ بالعيش: الصحّة، و الأمن، و الغنى، و القناعة، و الأنيس الموافق. (1)

19-عن أبي ولاّد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: إنّ المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه، و قلة المراء و حلمه و صبره و حسن خلقه. (2)

20-عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: ويل لمن لا يدين اللّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال: و من قال: لا إله إلاّ اللّه فلن يلج ملكوت السماء حتّى يتمّ قوله بعمل صالح. و لا دين لمن دان اللّه بغير إمام عادل، و لا دين لمن دان اللّه بطاعة ظالم. . . (3)

بيان:

«الولوج» : الدخول.

21-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى، و لا إمام هدى، لا ينجو منها إلاّ من دعا بدعاء الغريق، قلت: و كيف دعاء الغريق؟ قال:

ص:385


1- -البحار ج 69 ص 369 باب جوامع المكارم ح 8
2- البحار ج 69 ص 378 ح 34( الخصال ج 1 ص 290 باب الخمسة ح 50)
3- البحار ج 69 ص 402 ح 102

تقول: «يا اللّه يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك» . . . (1)

22-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلاّ فتح اللّه عليهم ما هو أضرّ منه. (2)

أقول:

سيأتي في باب التوقّف عند الشبهات: قال أمير المؤمنين عليه السّلام لكميل: أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت.

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الدين يعصم. (الغرر ج 1 ص 5 ف 1 ح 1)

الدين يجلّ. (ح 3)

الدين نور. (ص 12 ح 268)

الدين أفضل مطلوب. (ص 15 ح 375)

الصدق لباس الدين. (ص 19 ح 513)

الزهد أصل الدين-الدين أقوى عماد. (ص 20 ح 542 و 544)

الصدق رأس الدين. (ص 21 ح 570)

الشكّ يفسد الدين-الإخلاص غاية الدين. (ص 26 ح 748 و 777)

اليقين رأس الدين. (ص 30 ح 902)

الدين ذخر و العلم دليل. (ص 42 ح 1269)

الدين شجرة أصلها التسليم و الرضا. (ص 44 ح 1302)

المغبون من فسد دينه-الدين يصدّ عن المحارم. (ص 46 ح 1333 و 1342)

الدين لا يصلحه إلاّ العقل. (ص 49 ح 1389)

ص:386


1- -البحار ج 95 ص 326 ب 115 من الذكر ح 1
2- نهج البلاغة ص 1135 ح 103-( الغرر ج 2 ص 851 ف 86 ح 395)

المصيبة بالدين أعظم المصائب. (ص 51 ح 1426)

الدين أشرف النسبين. (ص 62 ح 1653)

الأدب و الدين نتيجة العقل. (ص 63 ح 1672)

التيقّظ في الدين نعمة على من رزقه. (ص 92 ح 2081)

اعلم أنّ أوّل الدين التسليم و آخره الإخلاص. (ص 114 ف 2 ح 114)

اجعل الدين كهفك و العدل سيفك تنج من كلّ سوء و تظفر على كلّ عدوّ.

(ص 124 ح 207)

ألا و إنّ شرائع الدين واحدة و سبله قاصده فمن أخذ بها لحق و غنم، و من وقف عنها ضلّ و ندم. (ص 165 ف 6 ح 33)

أفضل السعادة استقامة الدين. (ص 175 ف 8 ح 41)

أشقى الناس من باع دينه بدنيا غيره. (ص 194 ح 334)

أدين الناس من لم تفسد الشهوة دينه. (ص 197 ح 383)

أفضل الدين قصر الأمل. (ص 208 ح 488)

إنّ اللّه سبحانه يعطي الدنيا من يحبّ و من لا يحبّ و لا يعطي الدين إلاّ من يحبّ. (ص 230 ف 9 ح 145)

إنّ اللّه تعالى لا يعطي الدين إلاّ لخاصّته و صفوته من خلقه. (ح 147)

إنّ أفضل الدين الحبّ في اللّه و البغض في اللّه و الأخذ في اللّه و العطاء في اللّه سبحانه. (ص 233 ح 164)

إنّ الدين لشجرة أصلها الإيمان باللّه، و ثمرها الموالاة في اللّه و المعاداة في اللّه سبحانه. (ح 165)

إن جعلت دينك تبعا لدنياك أهلكت دينك و دنياك و كنت في الآخرة من الخاسرين. (ص 278 ف 10 ح 44)

ص:387

إن جعلت دنياك تبعا لدينك أحرزت دينك و دنياك و كنت في الآخرة من الفائزين. (ح 45)

إنّي إذا استحكمت في الرجل خصلة من خصال الخير احتملته لها و اغتفرت له فقد ما سواها، و لا أغتفر له فقد عقل و لا عدم دين، لأنّ مفارقة الدين مفارقة الأمن و لا تهنأ حياة مع مخافة، و عدم العقل عدم الحياة و لا تعاشر الأموات.

(ص 284 ف 12 ح 14)

إذا استخلص اللّه عبدا ألهمه الديانة. (ص 315 ف 17 ح 98)

ثمرة الدين الأمانة. (ص 358 ف 23 ح 8)

ثمرة الدين قوّة اليقين. (ص 360 ح 48)

ثلاثة هنّ جماع الدين: العفّة و الورع و الحياء. (ص 365 ف 24 ح 22)

ثلاث هنّ كمال الدين: الإخلاص و اليقين و التقنّع. (ح 28)

حسن الدين من قوّة اليقين. (ص 376 ف 27 ح 12)

حفظ الدين ثمرة المعرفة و رأس الحكمة. (ص 383 ف 28 ح 37)

حصّنوا الدين بالدنيا و لا تحصّنوا الدنيا بالدين. (ح 43)

خفض الصوت و غضّ البصر و مشي القصد من أمارة الإيمان و حسن التديّن. (ص 397 ف 30 ح 36)

رأس الدين صدق اليقين. (ص 411 ف 34 ح 7)

رأس الدين اكتساب الحسنات. (ص 412 ح 24)

رأس الدين مخالفة الهوى. (ح 35)

سبب الورع قوّة الدين. (ص 431 ف 38 ح 30)

سبب فساد الدين الهوى. (ح 32)

ستّة يختبر بها دين الرجل: قوّة الدين، و صدق اليقين، و شدّة التقوى، و مغالبة الهوى، و قلّة الرغب، و الإجمال في الطلب. (ص 438 ف 39 ح 82)

ص:388

سنام الدين؛ الصبر و اليقين و مجاهدة الهوى. (ح 83)

ستّ من قواعد الدين: إخلاص اليقين و نصح المسلمين و إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و حجّ البيت و الزهد في الدنيا. (ص 439 ح 88)

شيئان هما ملاك الدين: الصدق و اليقين. (ص 449 ف 42 ح 16)

صلاح الدين بحسن اليقين. (ص 453 ف 43 ح 19)

صيّر الدين جنّة حياتك و التقوى عدّة وفاتك. (ص 457 ف 44 ح 48)

صيانة المرء على قدر ديانته. (ح 50)

صن دينك بدنياك و لا تصن دنياك بدينك فتخسرهما. (ح 51)

صن الدين بالدنيا ينجك، و لا تصن الدنيا بالدين فترديك. (ح 53)

عليكم بلزوم الدين و التقوى و اليقين، فهنّ أحسن الحسنات و بهنّ تنال رفيع الدرجات. (ج 2 ص 484 ف 50 ح 6)

على قدر العقل يكون الدين. (ص 487 ف 51 ح 12)

على قدر الدين يكون قوّة اليقين. (ح 14)

على قدر قوّة الدين يكون خلوص النيّة. (ص 488 ح 21)

غاية الدين الإيمان. (ص 503 ف 56 ح 1)

غاية الدين الرضا. (ص 504 ح 6)

غاية الدين الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود.

(ص 505 ح 28)

فاقد الدين متردّد في الكفر و الضلال. (ص 517 ف 59 ح 23)

فساد الدين الطمع. (ح 24)

فساد الدين الدنيا. (ح 26)

كيف يستقيم قلب من لم يستقم دينه. (ص 554 ف 64 ح 21)

من بخل بدينه جلّ. (ص 624 ف 77 ح 277)

ص:389

من لا دين له لا مروّة له. (ح 285)

من تفقّه في الدين كثر. (ص 626 ح 316)

من كثر شكّه فسد دينه. (ص 628 ح 352)

من صحّت ديانته قويت أمانته. (ص 629 ح 376)

من انفرد عن الناس صان دينه. (ص 645 ح 608)

من فسد دينه فسد معاده. (ص 649 ح 671)

من رزق الدين فقد رزق خير الدنيا و الآخرة. (ص 661 ح 860)

من كرم دينه عنده هانت الدنيا عليه. (ص 667 ح 942)

من قوي دينه أيقن بالجزاء و رضي مواقع القضاء. (ص 674 ح 1029)

من لا دين له لا نجاة له. (ص 680 ح 1099)

من دقّ في الدين نظره جلّ يوم القيامة خطره. (ص 684 ح 1144)

من غشّ الناس في دينهم فإنّه معاند للّه سبحانه و لرسوله. (ص 692 ح 1230)

من لم يستغن باللّه عن الدنيا فلا دين له. (ص 699 ح 1300)

من اتّخذ دين اللّه لهوا و لعبا أدخله اللّه سبحانه النار مخلّدا فيها.

(ص 706 ح 1367)

ما أصلح الدين كالتقوى. (ص 737 ف 79 ح 22)

ما أفسد الدين كالدنيا. (ح 24)

ما أصلح الدين بمثل الورع. (ص 738 ح 46)

ما أهلك الدين كالهوى. (ص 742 ح 112)

ما أوهن الدين كترك إقامة دين اللّه سبحانه و تضييع الفرائض.

(ص 755 ح 254)

ملاك الدين الورع. (ص 757 ف 80 ح 7)

ملاك الدين مخالفة الهوى. (ح 10)

ص:390

مروّة الرجل دينه، و حسبه أدبه. (ص 760 ح 67)

نعم القرين الدين. (ص 771 ف 81 ح 14)

نظام الدين مخالفة الهوى و التنزّه عن الدنيا. (ص 776 ف 82 ح 32)

نظام الدين خصلتان: إنصافك من نفسك و مواساة إخوانك. (ص 777 ح 34)

وفور الدين و العرض موهبة سنيّة. (ص 781 ف 83 ح 20)

وقوا دينكم بالاستعانة باللّه سبحانه. (ص 784 ح 48)

لا دين لسيّء الظنّ. (ص 832 ف 86 ح 78)

لا دين مع هوى. (ص 833 ح 98)

لا يفسد الدين كالطمع. (ص 835 ح 123)

لا يصلح الدين كالورع. (ح 124)

يستدلّ على دين الرجل بحسن تقواه و صدق ورعه. (ص 863 ف 88 ح 6)

يسير من الدين خير من كثير من الدنيا. (ص 866 ف 89 ح 8)

أقول:

في كنز العمّال: خ 272 و 115 عن النبيّ (ص) قال: . . . إنّ اللّه ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر.

و خ 28954 عنه (ص) قال: آفة الدين ثلاثة: فقيه فاجر، و إمام جائر، و مجتهد جاهل.

و خ 28956 عنه (ص) قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى يؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم.

ص:391

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393734392C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3339322C2253686F77506167654E756D223A22333932222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503339322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

حرف الذال

63- الذكر

اشارة

فيه فصلان

الفصل الأوّل: ذكر اللّه عزّ و جلّ

الآيات

1- فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اُشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ. (1)

2- . . . وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ اَلْإِبْكارِ. (2)

3- إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ- اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ. (3)

ص:393


1- -البقرة:152
2- آل عمران:41
3- آل عمران:190 و 191

4- إِنَّ اَلْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اَللّهَ . . . وَ لا يَذْكُرُونَ اَللّهَ إِلاّ قَلِيلاً. (1)

5- إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. (2)

6- وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ اَلْجَهْرِ مِنَ اَلْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ وَ لا تَكُنْ مِنَ اَلْغافِلِينَ. (3)

7- إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ اَلَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . . (4)

8- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اَللّهِ أَلا بِذِكْرِ اَللّهِ تَطْمَئِنُّ اَلْقُلُوبُ. (5)

9- . . . وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اِتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً. (6)

10- وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ أَعْمى. (7)

11- فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ اَلْآصالِ- رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ. . . (8)

12- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا اَللّهَ ذِكْراً كَثِيراً- وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً. (9)

13- وَ إِذا ذُكِرَ اَللّهُ وَحْدَهُ اِشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ اَلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ

ص:394


1- -النساء:142
2- الأعراف:201
3- الأعراف:205
4- الأنفال:2 و بمعناها في الحجّ:35
5- الرعد:28
6- الكهف:28
7- طه:124
8- النور:36 و 37
9- الأحزاب:41 و 42

اَلَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. (1)

14- وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ اَلرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. (2)

15- فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْ إِلاَّ اَلْحَياةَ اَلدُّنْيا. (3)

16- . . . وَ اُذْكُرُوا اَللّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (4)

17- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْخاسِرُونَ. (5)

18- . . . وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً. (6)

الأخبار

1-عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من مجلس يجتمع فيه أبرار و فجّار، فيقومون على غير ذكر اللّه عزّ و جلّ إلاّ كان حسرة عليهم يوم القيامة. (7)

بيان:

«ذكر اللّه تعالى» : ربما يراد بالذكر في الكتاب و السنّة التوجّه إلى اللّه عزّ و جلّ، حيث إنّ للّه تعالى أوامر و نواهي، فإذا دنى العبد نحو معصية يتذكّره و يحول اللّه بينه و بين المعصية، فيترك العبد تلك المعصية، و للذكر بهذا المعنى فضل كثير.

ص:395


1- -الزمر:45
2- الزخرف:36
3- النجم:29
4- الجمعة:10 و بهذا المعنى في آل عمران:14 و الشعراء:227 و الأحزاب:21 و 35 و 41
5- المنافقون:9
6- الجنّ:17
7- الكافي ج 2 ص 359 باب ما يجب من ذكر اللّه في كلّ مجلس ح 1

و تارة يراد به التوجّه القلبي و عدم غفلة النفس و القلب في جميع الحالات حتّى في الكسب و التعلّم و التعليم و. . . بحيث يكون للإنسان بالذكر انس باللّه و ضدّه الغفلة و هذا أفضل الذكر و لا يحصل عليه إلاّ الكمّلين من المؤمنين.

كما ربما يراد بالذكر ذكر اللّه باللسان، و في فضله أخبار كثيرة: منها الأخبار الواردة في فضل التهليل و التسبيح و التحميد و التكبير و الحوقلة و تسبيح الزهراء عليها السّلام و سائر الأذكار الواردة عنهم عليهم السّلام.

و الأنفع من هذا القسم هو الذكر الذي يدوم صاحبه عليه أو يذكر اللّه في أغلب الأوقات مع حضور القلب و فراغ البال و التوجّه إلى اللّه.

و يجب على العبد في بداية الأمر أن يطهّر قلبه و لسانه من الوسوسة و الكلام الباطل و اللغو، و يشتغل بذكر اللّه حتّى ينغرس في قلبه حبّ المذكور و يصير من الذاكرين، و لا يجوز الإصغاء إلى ما اخترعته المتصوّفة في الأذكار بل يجب علينا الاقتداء بالأئمّة عليهم السّلام.

ثمّ لا يخفى أنّ المستفاد من الأخبار؛ أنّ لبعض الأوقات فضيلة للذكر على غيرها كبين الطلوعين، و بعد العصر إلى غروب الشمس، و قبل الطلوع و الغروب، و الأسحار و. . .

و من أسماء القرآن"الذكر"، سمّي به لأنّه لا يزال يذكر به المنزل عليه و المؤمن به و العامل و التالي، فيفيده و كذا قد يوصف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالذكر.

و سيأتي أيضا أنّ ذكر الرسول و الأئمّة عليهم السّلام من ذكر اللّه تعالى.

2-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مكتوب في التوراة التي لم تغيّر أنّ موسى عليه السّلام سأل ربّه فقال: يا ربّ، أ قريب أنت منّي فاناجيك أم بعيد فاناديك، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا موسى، أنا جليس من ذكرني، فقال موسى:

فمن في سترك يوم لا ستر إلاّ سترك؟ فقال: الذين يذكرونني فأذكرهم و يتحابّون فيّ فأحبّهم فأولئك الذين إذا أردت أن أصيب أهل الأرض بسوء ذكرتهم

ص:396

فدفعت عنهم بهم. (1)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم اللّه عزّ و جلّ و لم يصلّوا على نبيّهم إلاّ كان ذلك المجلس حسرة و وبالا عليهم. (2)

بيان:

في القاموس، «الوبال» : الشدّة و الثقل، و في مجمع البحرين، الوبال: الوخامة و سوء العاقبة.

4-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا بأس بذكر اللّه و أنت تبول، فإنّ ذكر اللّه عزّ و جلّ حسن على كلّ حال، فلا تسأم من ذكر اللّه. (3)

أقول:

قد مرّ بهذا المعنى في باب آداب الخلاء.

بيان: «فلا تسأم» : أي فلا تملّ.

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى عليه السّلام: يا موسى، لا تفرح بكثرة المال و لا تدع ذكري على كلّ حال، فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب و إنّ ترك ذكري يقسي القلوب. (4)

أقول:

في ح 11، قال عليه السّلام: فيما ناجى اللّه به موسى عليه السّلام قال: يا موسى، لا تنسني على كلّ حال، فإنّ نسياني يميت القلب.

6-عن ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما من شيء إلاّ و له حدّ

ص:397


1- -الكافي ج 2 ص 360 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 360 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 360 ح 6
4- الكافي ج 2 ص 360 ح 7

ينتهي إليه إلاّ الذكر، فليس له حدّ ينتهي إليه، فرض اللّه عزّ و جلّ الفرائض فمن أدّاهنّ فهو حدّهنّ، و شهر رمضان فمن صامه فهو حدّه، و الحجّ فمن حجّ فهو حدّه إلاّ الذكر فإنّ اللّه عزّ و جلّ لم يرض منه بالقليل و لم يجعل له حدّا ينتهي إليه، ثمّ تلا هذه الآية: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا اَللّهَ ذِكْراً كَثِيراً- وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً (1)فقال: لم يجعل اللّه عزّ و جلّ له حدّا ينتهي إليه.

قال: و كان أبي عليه السّلام كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و إنّه ليذكر اللّه، و آكل معه الطعام و إنّه ليذكر اللّه، و لقد كان يحدّث القوم [و]ما يشغله ذلك عن ذكر اللّه، و كنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: «لا إله إلاّ اللّه» و كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس و يأمر بالقراءة من كان يقرء منّا و من كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر.

و البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر اللّه عزّ و جلّ فيه تكثر بركته و تحضره الملائكة و تهجره الشياطين و يضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدرّيّ لأهل الأرض و البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر اللّه فيه تقلّ بركته و تهجره الملائكة و تحضره الشياطين.

و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا أخبركم بخير أعمالكم لكم أرفعها في درجاتكم و أزكاها عند مليككم، و خير لكم من الدينار و الدرهم، و خير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتقتلوهم و يقتلوكم؟ فقالوا: بلى فقال: ذكر اللّه عزّ و جلّ كثيرا.

ثمّ قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم للّه ذكرا.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أعطي لسانا ذاكرا فقد أعطي خير الدنيا و الآخرة،

ص:398


1- -الأحزاب:41 و 42

و قال في قوله تعالى: وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ 1 قال: لا تستكثر ما عملت من خير للّه. (1)

بيان:

«الكوكب الدرّي» : كأنّه نسب إلى الدرّ تشبيها بصفائه، أي الشديد الإنارة «الأصيل» : العشيّ. «لا تمنن تستكثر. . .» لعلّه اشارة إلى أنّه إذا أكثرت ذكر اللّه لا تستكثر و لا تمنن بل هو أيضا من فضل اللّه عليك و توفيقه لك.

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا اللّه كثيرا. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أكثر ذكر اللّه عزّ و جلّ أحبّه اللّه، و من ذكر اللّه كثيرا كتبت له براءتان: براءة من النار و براءة من النفاق. (3)

9-عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تسبيح فاطمة الزهراء عليها السّلام من الذكر الكثير الذي قال اللّه عزّ و جلّ: اُذْكُرُوا اَللّهَ ذِكْراً كَثِيراً. (4)

10-عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ميتة المؤمن، قال:

يموت المؤمن بكلّ ميتة، يموت غرقا و يموت بالهدم و يبتلى بالسبع و يموت بالصاعقة و لا تصيب ذاكرا للّه عزّ و جلّ. (5)

ص:399


1- الكافي ج 2 ص 361 باب ذكر اللّه كثيرا ح 1
2- الكافي ج 2 ص 362 ح 2
3- الكافي ج 2 ص 362 ح 3
4- الكافي ج 2 ص 362 ح 4
5- الكافي ج 2 ص 363 باب أنّ الصاعقة لا تصيب ذاكرا ح 3

أقول:

الأخبار في أنّ الصاعقة و البلايا لا تصيب ذاكرا للّه عزّ و جلّ كثيرة، و قد مرّ في باب الحيوان و سيأتي في باب الزكاة: «لا يصاد طيرا إلاّ بتضييع التسبيح» .

بيان: «الصاعقة» : كلّ عذاب مهلك، و في المصباح، و الصاعقة: النازلة من الرعد، و الجمع الصواعق، و لا تصيب شيئا إلاّ دكّته و أحرقته.

11-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الذاكر للّه عزّ و جلّ في الغافلين كالمقاتل في المحاربين. (1)

بيان:

في المرآة ج 12 ص 143، «في المحاربين» : أي الهاربين أو الحاضرين في الحرب الذين لم يحاربوا و في بعض النسخ: "في الهاربين".

12-قال لقمان لابنه: يا بنيّ، اختر المجالس على عينك فإن رأيت قوما يذكرون اللّه جلّ و عزّ فاجلس معهم، فإن تكن عالما نفعك علمك، و إن تكن جاهلا علّموك، و لعلّ اللّه أن يظلّهم برحمته فيعمّك معهم، و إذا رأيت قوما لا يذكرون اللّه فلا تجلس معهم، فإن تكن عالما لم ينفعك علمك، و إن كنت جاهلا يزيدوك جهلا، و لعلّ اللّه أن يظلّهم بعقوبة فيعمّك معهم. (2)

أقول:

قد مرّ في باب المجالسة، «قالت الحواريّون لعيسى: يا روح اللّه، من نجالس؟ قال:

من يذكّركم اللّه رؤيته، و يزيد في علمكم منطقه، و يرغّبكم في الآخرة عمله» .

13-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جمع الخير كلّه في ثلاث خصال: النظر و السكوت و الكلام، فكلّ نظر ليس فيه اعتبار

ص:400


1- -الكافي ج 2 ص 364 باب ذكر اللّه عزّ و جلّ في الغافلين ح 1
2- الكافي ج 1 ص 30 باب مجالسة العلماء ح 1

فهو سهو، و كلّ سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة، و كلّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبرة (عبرا ف ن) و سكوته فكرا، و كلامه ذكرا، و بكى على خطيئته، و أمن الناس شرّه. (1)

14-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام: . . . يا عليّ، ثلاث لا تطيقها هذه الامّة:

المواساة للأخ في ماله، و إنصاف الناس من نفسه، و ذكر اللّه على كلّ حال، و ليس هو «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر» و لكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف اللّه عزّ و جلّ عنده و تركه. . . (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في بعضها: «سيّد الأعمال ثلاثة. . .» و في بعضها: «من أشدّ الأعمال. . .» و في بعضها: «أشدّ ما فرض اللّه على خلقه. . .» ، فراجع الوسائل و البحار و الكافي.

بيان: واسى الرجل مواساة: عاونه، و مواساة الأخ: مشاركته و معاونته في الرزق و المعاش و. . .

15-الذكر مقسوم على سبعة أعضاء: اللسان و الروح و النفس و العقل و المعرفة و السرّ و القلب، و كلّ واحد منها يحتاج إلى الاستقامة، فأمّا استقامة اللسان فصدق الإقرار، و استقامة الروح صدق الاستغفار، و استقامة النفس صدق الاعتذار، و استقامة العقل صدق الاعتبار، و استقامة المعرفة صدق الافتخار، و استقامة السرّ السرور بعالم الأسرار، و استقامة القلب صدق اليقين و معرفة الجبّار، فذكر اللسان الحمد و الثناء، و ذكر النفس الجهد و العناء، و ذكر الروح الخوف و الرجاء، و ذكر القلب الصدق و الصفاء، و ذكر العقل التعظيم

ص:401


1- -الخصال ج 1 ص 98 باب الثلاثة ح 47
2- الخصال ج 1 ص 125 ح 122

و الحياء، و ذكر المعرفة التسليم و الرضاء، و ذكر السرّ على رؤية اللقاء.

حدّثنا بذلك أبو محمّد عبد اللّه بن حامد، رفعه إلى بعض الصالحين عليهم السّلام. (1)

16-عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من أشدّ ما عمل العباد إنصاف المرء من نفسه و مواساة المرء أخاه و ذكر اللّه على كلّ حال. قال: قلت: أصلحك اللّه، و ما وجه ذكر اللّه على كلّ حال؟ قال: يذكر اللّه عند المعصية يهمّ بها فيحول ذكر اللّه بينه و بين تلك المعصية، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ اَلشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. (2)

17-عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

بادروا إلى رياض الجنّة، فقالوا: و ما رياض الجنّة؟ قال: حلق الذكر. (3)

أقول:

روته العامّة أيضا عنه صلّى اللّه عليه و آله، راجع كنز العمّال ج 1 ص 437 و غيره.

18-عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:

من أطاع اللّه فقد ذكر اللّه، و إن قلّت صلاته و صيامه و تلاوته [للقرآن]، و من عصى اللّه فقد نسي اللّه، و إن كثرت صلاته و صيامه و تلاوته للقرآن. (4)

19-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أربع لا يصيبهنّ إلاّ مؤمن: الصمت و هو أوّل العبادة، و التواضع للّه سبحانه و تعالى، و ذكر اللّه على كلّ حال، و قلّة الشيء يعني قلّة المال. (5)

20-في بعض الأحاديث القدسيّة: أيّما عبد اطّلعت على قلبه فرأيت

ص:402


1- -الخصال ج 2 ص 404 باب السبعة ح 114
2- معاني الأخبار ص 185 باب معنى ذكر اللّه كثيرا ح 2
3- معاني الأخبار ص 305 باب معنى بادروا إلى رياض الجنّة
4- معاني الأخبار ص 378 باب نوادر المعاني ح 56
5- عدّة الداعي ص 234 في ب 5

الغالب عليه التمسّك بذكري تولّيت سياسته، و كنت جليسه و محادثه و أنيسه. (1)

21-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه سبحانه: إذا علمت أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي و مناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حلت بينه و بين أن يسهو، أولئك أوليائي حقّا، أولئك الأبطال حقّا، أولئك الذين إذا أردت أن أهلك الأرض عقوبة زويتها عنهم من أجل أولئك الأبطال. (2)

أقول:

في كنز العمّال خ 1872: عن النبيّ (ص) يقول اللّه عزّ و جلّ: إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي جعلت بغيته و لذّته في ذكري، فإذا جعلت بغيته و لذّته في ذكري عشقني و عشقته، فإذا عشقني و عشقته رفعت الحجاب فيما بيني و بينه، و صيّرت ذلك تغالبا عليه، لا يسهو إذا سها الناس، أولئك كلامهم كلام الأنبياء، أولئك الأبطال حقّا، أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض عقوبة أو عذابا ذكرتهم فصرفت ذلك عنهم.

22-عن وهب بن منية (منبه) قال: أوحى اللّه تعالى إلى داود: يا داود، من أحبّ حبيبا صدّق قوله، و من رضي بحبيب رضى بفعله، و من وثق بحبيب اعتمد عليه، و من اشتاق إلى حبيب جدّ في السير إليه.

يا داود، ذكري للذاكرين، و جنّتي للمطيعين، و حبّي للمشتاقين، و أنا خاصّة للمحبّين.

و قال سبحانه: أهل طاعتي في ضيافتي، و أهل شكري في زيادتي، و أهل ذكري في نعمتي، و أهل معصيتي لا آيسهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، و إن دعوا

ص:403


1- -عدّة الداعي ص 235
2- عدّة الداعي ص 235

فأنا مجيبهم، و إن مرضوا فأنا طبيبهم، أداويهم بالمحن و المصائب، و لأطهّرهم من الذنوب و المعايب. (1)

23-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما جلس قوم يذكرون اللّه إلاّ ناداهم مناد من السماء: قوموا فقد بدّلت سيّئاتكم حسنات و غفرت لكم جميعا، و ما قعد عدّة من أهل الأرض يذكرون اللّه إلاّ قعد معهم عدّة من الملائكة. (2)

24-روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج على أصحابه فقال: ارتعوا في رياض الجنّة، قالوا: يا رسول اللّه، و ما رياض الجنّة؟ قال: مجالس الذكر، اغدوا و روحوا و اذكروا، و من كان يحبّ أن يعلم منزلته عند اللّه فلينظر كيف منزلة اللّه عنده، فإنّ اللّه تعالى ينزل العبد حيث أنزل العبد اللّه من نفسه، و اعلموا أنّ خير أعمالكم و أزكاها و أرفعها في درجاتكم و خير ما طلعت عليه الشمس ذكر اللّه سبحانه، فإنّه أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني، و قال سبحانه:

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ بنعمتي، و اذكروني بالطاعة و العبادة أذكركم بالنعم و الإحسان و الرحمة و الرضوان. (3)

بيان:

«اغدوا و روحوا» أي أصبحوا و أمسوا ذاكرين، أريد بها الدوام.

25-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: قال: إنّ الملائكة يمرّون على حلق الذكر، فيقومون على رؤوسهم و يبكون لبكائهم و يؤمّنون لدعائهم، فإذا صعدوا السماء يقول اللّه تعالى: يا ملائكتي، أين كنتم؟ -و هو أعلم-فيقولون: يا ربّنا إنّا حضرنا مجلسا من مجالس الذكر فرأينا أقواما يسبّحونك و يمجّدونك و يقدّسونك و يخافون نارك، فيقول اللّه سبحانه: يا ملائكتي، أزووها عنهم و أشهدكم أنّي قد غفرت لهم،

ص:404


1- -عدّة الداعي ص 237( البحار ج 77 ص 42)
2- عدّة الداعي ص 238
3- عدّة الداعي ص 238

و آمنتهم ممّا يخافون، فيقولون: ربّنا، إنّ فيهم فلانا و إنّه لم يذكرك، فيقول:

قد غفرت له بمجالسته لهم، فإنّ الذاكرين من لا يشقى بهم جليسهم. (1)

26-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من ذكر اللّه في السوق مخلصا عند غفلة الناس و شغلهم بما [هم]فيه كتب اللّه له ألف حسنة، و يغفر اللّه له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر. (2)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، في بعضها: «كالمجاهد في سبيل اللّه» راجع الوسائل و غيره أبواب التجارة.

27-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: قال اللّه تعالى: يا بن آدم، اذكرني بعد الصبح ساعة، و بعد العصر ساعة، أكفك ما أهمّك. (3)

28-قال الباقر عليه السّلام: إنّ إبليس لعنه اللّه يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس و حين تطلع، فأكثروا ذكر اللّه حين هاتين الساعتين، و تعوّذوا باللّه من شرّ إبليس و جنوده و عوّذوا صغاركم في تلك الساعتين فإنّهما ساعتا غفلة. (4)

بيان:

«يبثّ» : أي يفرّق و ينشر.

29-عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام قال: لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر اللّه عزّ و جلّ، قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ. . . . (5)

ص:405


1- -عدّة الداعي ص 241
2- عدّة الداعي ص 242
3- عدّة الداعي ص 242
4- عدّة الداعي ص 242
5- الوسائل ج 7 ص 150 ب 1 من الذكر ح 5(أمالي المفيد ص 183 م 37 ح 1)

30-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا الراعي؛ راعي الأنام، أ فترى الراعي لا يعرف غنمه، فقيل له: من غنمك يا أمير المؤمنين؟ فقال: صفر الوجوه، ذبل الشفاه من ذكر اللّه. (1)

أقول:

سيأتي ما بمضمونه في باب الشيعة.

31-من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام عند تلاوته؛ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّهِ: إنّ اللّه سبحانه و تعالى جعل الذكر جلاء للقلوب. . . و إنّ للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارة و لا بيع عنه، يقطعون به أيّام الحياة، و يهتفون بالزواجر عن محارم اللّه في أسماع الغافلين، و يأمرون بالقسط و يأتمرون به، و ينهون عن المنكر و يتناهون عنه. (2)

(الخطبة الشريفة تكون في فضل الذاكرين)

32-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أكثروا ذكر اللّه حتّى يقولوا: مجنون. (3)

33-. . . قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: علامة حبّ اللّه حبّ ذكره، و علامة بغض اللّه بغض ذكره.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: ذكر الناس داء، و ذكر اللّه دواء و شفاء. (4)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: كلام ابن آدم كلّه عليه لا له، إلاّ أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، أو ذكرا للّه تعالى.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: أمرني ربّي أن يكون نطقي ذكرا، و صمتي فكرا، و نظري عبرة. (5)

ص:406


1- -الوسائل ج 7 ص 157 ب 5 ح 13
2- نهج البلاغة ص 703 خ 213- صبحي ص 242 خ 222
3- مكارم الأخلاق ص 311 ب 10 ف 3
4- المستدرك ج 5 ص 286 ب 1 من الذكر ح 10
5- المستدرك ج 5 ص 292 ب 5 ح 9

35-عن عليّ عليه السّلام (في خطبة الديباج) : و أفيضوا في ذكر اللّه جلّ ذكره، فإنّه أحسن الذكر، و هو أمان من النفاق و براءة من النار، و تذكير لصاحبه عند كلّ خير يقسمه اللّه جلّ و عزّ و له دويّ تحت العرش. (1)

36-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : اذكروا اللّه في كلّ مكان فإنّه معكم. . .

و قال عليه السّلام: أكثروا ذكر اللّه على الطعام و لا تطغوا فإنّها نعمة من نعم اللّه و رزق من رزقه، يجب عليكم فيه شكره و حمده. . . (2)

37-عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: من أكرم الخلق على اللّه؟ قال: أكثرهم ذكرا للّه، و أعملهم بطاعته.

. . . و من كتاب مجمع البيان ج 1 ص 139 في قوله عزّ و جلّ: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً. . . (3)عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه، فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر اللّه تقسي القلب، و إنّ أبعد الناس من اللّه القاسي القلب. (4)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الدعاء، الصمت و. . .

38-قال الصادق عليه السّلام: من كان ذاكرا للّه على الحقيقة فهو مطيع و من كان غافلا عنه فهو عاص، و الطاعة علامة الهداية و المعصية علامة الضلالة و أصلهما من الذكر و الغفلة، فاجعل قلبك قبلة للسانك لا تحرّكه إلاّ باشارة القلب و موافقة العقل و رضى الإيمان، فإنّ اللّه تعالى عالم بسرّك و جهرك، و كن كالنازع روحه أو

ص:407


1- -البحار ج 77 ص 292
2- البحار ج 93 ص 154 باب الذكر ح 16
3- البقرة:74
4- البحار ج 93 ص 164 في ح 43

كالواقف في العرض الأكبر غير شاغل نفسك عمّا عنّاك بما كلّفك به ربّك في أمره و نهيه و وعده و وعيده، و لا تشغلها بدون ما كلّف به ربّك.

و اغسل قلبك بماء الحزن و الخوف، و اجعل ذكر اللّه تعالى من أجل ذكره تعالى إيّاك فإنّه ذكرك و هو غنيّ عنك، فذكره لك أجلّ و أشهى و أثنى و أتمّ من ذكرك له و أسبق، و معرفتك بذكره لك تورثك الخضوع و الاستحياء و الانكسار، و يتولّد من ذلك رؤية كرمه و فضله السابق، و تصغر عند ذلك طاعتك و إن كثرت في جنب منّته و تخلص لوجهه، و رؤيتك ذكرك له تورثك الرياء و العجب و السفه و الغلظة في خلقه و استكثار الطاعة و نسيان فضله و كرمه، و لا تزداد بذلك من اللّه إلاّ بعدا و لا تستجلب به على مضيّ الأيّام إلاّ وحشة.

و الذكر ذكران: ذكر خالص بموافقة القلب، و ذكر صارف لك ينفي ذكر غيره كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «أنا لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يجعل لذكر اللّه عزّ و جلّ مقدارا عند علمه بحقيقة سابقة ذكر اللّه عزّ و جلّ له من قبل ذكره له و من دونه أولى فمن أراد أن يذكر اللّه تعالى فليعلم أنّه ما لم يذكر اللّه العبد بالتوفيق لذكره لا يقدر العبد على ذكره. (1)

39-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أهل الجنّة لا يندمون على شيء من أمور الدنيا إلاّ على ساعة مرّت بهم في الدنيا لم يذكروا اللّه فيها. (2)

40-قال الصادق عليه السّلام: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى على سعد بن معاذ و قال:

لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك و فيهم جبرئيل يصلّون عليه، فقلت: يا جبرئيل، بما استحقّ صلواتكم؟ قال: يقرء قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ قائما و قاعدا و راكبا و ماشيا و ذاهبا و جائيا. (3)

ص:408


1- -مصباح الشريعة ص 5 ب 5
2- لئالى الأخبار ج 1 ص 14
3- ارشاد القلوب ص 110 ب 21

41-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الذكر مجالسة المحبوب. (الغرر ج 1 ص 15 ف 1 ح 374)

الذكر مفتاح الانس. (ص 21 ح 594)

الذكر نور و رشد. (ص 23 ح 654)

الذكر لذّة المحبّين. (ص 25 ح 721)

الذكر يشرح الصدر. (ص 29 ح 885)

الذكر جلاء البصائر و نور السرائر. (ص 50 ح 1419)

الذكر هداية العقول و تبصرة النفوس-الغفلة ضلال النفوس و عنوان النحوس. (ص 51 ح 1444 و 1445)

أهل الذكر أهل اللّه و حامّته. (ص 54 ح 1505)

الذكر أفضل الغنيمتين. (ص 65 ح 1712)

الذكر يؤنس اللبّ و ينير القلب و يستنزل الرحمة. (ص 77 ح 1881)

المؤمن دائم الذكر كثير الفكر، على النعماء شاكر، و في البلاء صابر.

(ص 83 ح 1955)

الذكر نور العقل و حياة النفوس و جلاء الصدور. (ص 87 ح 2021)

الذكر ليس من مراسم اللسان و لا من مناسم الفكر و لكنّه أوّل من المذكور و ثان من الذاكر. (ص 96 ح 2113)

الجلوس في المسجد من بعد طلوع الفجر إلى حين طلوع الشمس للاشتغال بذكر اللّه سبحانه أسرع في تيسير الرزق من الضرب في أقطار الأرض.

(ص 99 ح 2149)

استديموا الذكر فإنّه ينير القلب و هو أفضل العبادة. (ص 135 ف 3 ح 59)

أصل صلاح القلب اشتغاله بذكر اللّه. (ص 188 ف 8 ح 257)

أفضل العبادة سهر العيون بذكر اللّه سبحانه. (ص 193 ح 327)

ص:409

إنّ اللّه سبحانه جعل الذكر جلاء القلوب تبصر به بعد العشوة (1)و تسمع به بعد الوقرة (2)و تنقاد به بعد المعاندة. (ص 238 ف 9 ح 197)

إنّ للذكر أهلا أخذوه من الدنيا بدلا فلم تشغلهم تجارة و لا بيع عنه يقطعون به أيّام الحياة و يهتفون به في آذان الغافلين. (ص 239 ح 199)

إذا رأيت اللّه سبحانه يؤنسك بذكره فقد أحبّك. (ص 313 ف 17 ح 67)

بذكر اللّه تستنزل النعمة (الرحمة ف ن) . (ص 330 ف 18 ح 31)

بدوام ذكر اللّه تنجاب الغفلة. (ص 333 ح 91)

ثمرة الذكر استنارة القلوب. (ص 360 ف 23 ح 43)

خير ما استنجحت به الامور ذكر اللّه سبحانه. (ص 389 ف 29 ح 41)

ذاكر اللّه سبحانه مجالسه. (ص 404 ف 32 ح 1)

ذاكر اللّه مؤانسه-ذكر اللّه نور الإيمان. (ح 2 و 3)

ذكر اللّه مطردة الشيطان-ذكر اللّه شيمة المتّقين. (ح 4 و 5)

ذاكر اللّه من الفائزين. (ح 6)

ذكر اللّه جلاء الصدور و طمأنينة القلوب. (ح 7)

ذكر اللّه قوت النفوس و مجالسة المحبوب. (ح 8)

ذكر اللّه ينير البصائر و يونس الضمائر. (ح 9)

ذكر اللّه تستنجح به الامور و تستنير به السرائر. (ح 10)

ذكر اللّه دواء أعلال النفوس-ذكر اللّه طارد الأدواء و البؤس. (ح 11 و 12)

ذكر اللّه رأس مال كلّ مؤمن، و ربحه السلامة من الشيطان. (ح 13)

ذكر اللّه دعامة الإيمان و عصمة من الشيطان. (ح 14)

ص:410


1- -أي الظلمة.
2- هي المرّة من الوقر أي ثقل السمع

ذكر اللّه سجيّة كلّ محسن و شيمة كلّ مؤمن. (ص 405 ح 15)

ذكر اللّه مسرّة كلّ متّق و لذّة كلّ موقن. (ح 16)

ذكر الآخرة دواء و شفاء-ذكر الدنيا أدوء الأدواء. (ح 17 و 18)

ذكر الموت يهوّن أسباب الدنيا. (ح 19)

عليك بذكر اللّه فإنّه نور القلب. (ج 2 ص 479 ف 49 ح 23)

في الذكر حياة القلوب. (ص 511 ف 58 ح 1)

ليس في المعاصي أشدّ من اتباع الشهوة فلا تطيعوها فشغلكم عن ذكر اللّه.

(ص 597 ف 73 ح 69)

من ذكر اللّه ذكره. (ص 615 ف 77 ح 116)

من نسي اللّه أنساه نفسه. (ص 617 ح 155)

من ذكر اللّه استبصر. (ح 158)

من اشتغل بذكر اللّه طيّب اللّه ذكره. (ص 643 ح 579)

من اشتغل بذكر الناس قطعه اللّه سبحانه عن ذكره. (ح 580)

من نسي اللّه سبحانه أنساه اللّه نفسه و أعمى قلبه. (ص 690 ح 1214)

من ذكر اللّه سبحانه أحيى اللّه قلبه و نوّر عقله. (ح 1215)

من كثر ذكره استنار لبّه. (ص 715 ح 1460)

مداومة الذكر خلصان الأولياء. (ص 759 ف 80 ح 45)

مداومة الذكر قوت الأرواح و مفتاح الصلاح. (ص 764 ح 121)

لا تذكر اللّه سبحانه ساهيا و لا تنسه لا هيا، و اذكره ذكرا كاملا يوافق فيه قلبك لسانك و يطابق إضمارك إعلانك، و لن تذكره حقيقة الذكر حتّى تنسى نفسك في ذكرك و تفقدها في أمرك. (ص 817 ف 85 ح 207)

لا هداية كالذكر. (ص 830 ف 86 ح 26)

ص:411

الفصل الثانيّ: ذكر الأئمّة عليهم السّلام

الأخبار

1-عن عليّ بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: شيعتنا الرحماء بينهم، الذين إذا خلوا ذكروا اللّه، إنّ ذكرنا من ذكر اللّه، إنّا إذا ذكرنا ذكر اللّه و إذا ذكر عدوّنا ذكر الشيطان. (1)

2-عن عبّاد بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي مررت بقاصّ يقصّ و هو يقول: هذا المجلس [الذي]لا يشقى به جليس. قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هيهات هيهات، أخطأت أستاههم الحفرة، إنّ اللّه ملائكة سيّاحين سوى الكرام الكاتبين، فإذا مرّوا بقوم يذكرون محمّدا و آل محمّد قالوا: قفوا فقد أصبتم حاجتكم فيجلسون، فيتفقّهون معهم، فإذا قاموا عادوا مرضاهم و شهدوا جنائزهم و تعاهدوا غائبهم، فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس. (2)

بيان:

«أستاهم الحفرة» : في المرآة ج 9 ص 85، الأستاه بفتح الهمزة: جمع الإست بالكسر، و هي حلقة الدبر. . . و المراد بالحفرة، الكنيف الذي يتغوّط فيه،

ص:412


1- -الكافي ج 2 ص 149 باب تذاكر الإخوان ح 1
2- الكافي ج 2 ص 149 ح 3

و كأنّ هذا كان مثلا سائرا يضرب لمن استعمل كاملا في غير موضعه، أو أخطأ خطأ فاحشا، و قد يقال: شبّهت أفواههم بالأستاه، تفضيحا لهم.

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ من الملائكة الذين في السماء ليطّلعون إلى الواحد و الاثنين و الثلاثة و هم يذكرون فضل آل محمّد قال: فتقول: أما ترون إلى هؤلاء في قلّتهم و كثرة عدوّهم يصفون فضل آل محمّد قال: فتقول الطائفة الاخرى من الملائكة: ذلِكَ فَضْلُ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ. (1)(2)

4-عن أبي المغرا قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: ليس شيء أنكى لإبليس و جنوده من زيارة الإخوان في اللّه بعضهم لبعض، قال: و إنّ المؤمنين يلتقيان فيذكران اللّه ثمّ يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلاّ تخدّد، حتّى أنّ روحه لتستغيث من شدّة ما يجد من الألم، فتحسّ ملائكة السماء و خزّان الجنان فيلعنونه حتّى لا يبقى ملك مقرّب إلاّ لعنه، فيقع خاسئا حسيرا مدحورا. (3)

أقول:

قد مرّ بيان مفرداته في باب الاخوّة ف 4.

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما اجتمع في مجلس قوم لم يذكروا اللّه عزّ و جلّ و لم يذكرونا إلاّ كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة، ثمّ قال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ ذكرنا من ذكر اللّه و ذكر عدوّنا من ذكر الشيطان. (4)

ص:413


1- -الحديد:21 و الجمعة:4
2- الكافي ج 2 ص 149 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 150 ح 7
4- الكافي ج 2 ص 360 باب ما يجب من ذكر اللّه في كلّ مجلس ح 2

بيان:

في المرآة ج 12 ص 120، قيل: الواو في قوله: «و لم يذكرونا» حالية، إشارة إلى أنّ ذكر اللّه لا يتصوّر بدون ذكرنا. . . و الحاصل أنّ من لم يعرفهم لم يعرف اللّه تعالى.

أقول: و يمكن أن يكون الواو بمعنى"أو".

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تجلسون و تحدّثون؟ قلت: نعم، قال: تلك المجالس أحبّها، فأحيوا أمرنا، رحم اللّه من أحيى أمرنا.

يا فضيل، من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج عن عينيه مثل جناح الذباب، غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت أكثر من زبد البحر. (1)

بيان:

«الزبد» : ما يعلو الماء و نحوه من الرغوة (كف روى آب) .

7-قال أبو جعفر عليه السّلام: رحم اللّه عبدا أحيى ذكرنا، قلت: ما إحياء ذكركم؟ قال: التلاقي و التذاكر عند أهل الثبات. (2)

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: اجتمعوا و تذاكروا تحفّ بكم الملائكة، رحم اللّه من أحيى أمرنا. (3)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ذكر عليّ عليه السّلام عبادة. (4)

10-عن معتب مولى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: يا داود، أبلغ مواليّ عنّي السلام، و أنّي أقول: رحم اللّه عبدا اجتمع مع آخر فتذاكرا أمرنا فإنّ ثالثهما ملك يستغفر لهما، و ما اجتمع اثنان على ذكرنا إلاّ باهى اللّه تعالى بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإنّ في اجتماعكم

ص:414


1- -الوسائل ج 12 ص 20 ب 10 من العشرة ح 1(قرب الاسناد ص 18)
2- الوسائل ج 12 ص 21 ح 3
3- الوسائل ج 12 ص 22 ح 9
4- الوسائل ج 16 ص 348 ب 23 من فعل المعروف ح 9

و مذاكرتكم إحياءنا، و خير الناس بعدنا من ذاكر بأمرنا و دعا إلى ذكرنا. (1)

11-عن ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

ذكرنا أهل البيت شفاء من الوعك و الأسقام، و وسواس الريب، و حبّنا رضى الربّ تبارك و تعالى. (2)

بيان:

«الوعك» : المراد به الألم.

12-عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال: كتب الصادق عليه السّلام إلى بعض الناس: إن أردت أن يختم بخير عملك حتّى تقبض و أنت في أفضل الأعمال فعظّم للّه حقّه، أن لا تبذل نعمه في معاصيه، و أن تغترّ بحلمه عنك، و أكرم كلّ من وجدته يذكر منّا أو ينتحل مودّتنا، ثمّ ليس عليك صادقا كان أو كاذبا، إنّما لك نيّتك و عليه كذبه. (3)

13-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: و أمّا نفثاته-أي الشيطان-فإنّه يري أحدكم أنّ شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت، و من الصلاة علينا، فإنّ اللّه عزّ و جلّ جعل ذكرنا أهل البيت شفاء للصدور، و جعل الصلوة [علينا]ماحية للأوزار و الذنوب، و مطهّرة من العيوب، و مضاعفة للحسنات. (4)

14-عن امّ سلمة-رض-أنّها قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

ما اجتمع قوم يذكرون فضل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام إلاّ هبطت عليهم ملائكة السماء حتّى تحفّ بهم، فإذا تفرّقوا عرجت الملائكة إلى السماء، فيقول لهم الملائكة:

إنّا نشمّ من رائحتكم ما لا نشمّه من الملائكة، فلم نر رائحة أطيب منها، فيقولون:

ص:415


1- -الوسائل ج 16 ص 348 ح 10( أمالي الطوسي ج 1 ص 228)
2- الوسائل ج 16 ص 348 ح 11
3- العيون ج 2 ص 4 ب 30 ح 8
4- المستدرك ج 12 ص 392 ب 23 من فعل المعروف ح 1

كنّا عند قوم يذكرون محمّدا و أهل بيته عليهم السّلام، فعلق علينا من ريحهم فتعطّرنا، فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرّقوا و مضى كلّ واحد منهم إلى منزله، فيقولون: اهبطوا بنا حتّى نتعطّر بذلك المكان. (1)

15-عن جابر بن عبد اللّه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: زيّنوا مجالسكم بذكر عليّ بن أبي طالب عليه السّلام. (2)

16-عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام أنّه قال: اجتمعوا و تذاكروا تحفّ بكم الملائكة، رحم اللّه من أحيى أمرنا. (3)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في بابي الأخوّة و الحديث.

ص:416


1- -المستدرك ج 12 ص 392 ح 3
2- المستدرك ج 12 ص 393 ح 4
3- المستدرك ج 12 ص 393 ح 7

64- الذنب

اشارة

فيه فصول:

الفصل الأوّل: ذمّه

الآيات

1- بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ اَلنّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. (1)

2- وَ مَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَ كانَ اَللّهُ عَلِيماً حَكِيماً. (2)

3- وَ ذَرُوا ظاهِرَ اَلْإِثْمِ وَ باطِنَهُ إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْسِبُونَ اَلْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ. (3)

ص:417


1- -البقرة:81
2- النساء:111
3- الأنعام:120

4- . . . وَ لا تَقْرَبُوا اَلْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ. . . (1)

5- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. (2)

6- . . . فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ. (3)

7- وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي اَلنّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. (4)

8- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ اَلَّذِينَ أَساؤُا اَلسُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اَللّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ. (5)

9- . . . وَ اَلَّذِينَ يَمْكُرُونَ اَلسَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ. (6)

10- . . . وَ مَنْ يَعْصِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً. (7)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام يقول: ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتّى تغلب عليه فيصيّر أعلاه

ص:418


1- -الأنعام:151
2- النحل:90
3- النور:63
4- النمل:90
5- الروم:10
6- فاطر:10
7- الجنّ:23

أسفله. (1)

بيان:

«فيصيّر أعلاه أسفله» : أي يصير منكوسا كالإناء المقلوب المكبوب، لا يستقرّ فيه شيء من الحقّ و لا يؤثّر فيه شيء من المواعظ.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: لا تبدينّ عن واضحة، و قد عملت الأعمال الفاضحة، و لا يأمن البيات من عمل السيّئات. (2)

بيان:

«لا تبدينّ» الإبداء: الإظهار. «الواضحة» : الأسنان تبدوا عند الضحك. «البيات» :

نزول الحوادث عليه ليلا أو غفلة.

3-عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت و إن زاد زادت حتّى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا. (3)

4-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من همّ بسيّئة فلا يعملها، فإنّه ربما عمل العبد السيّئة فيراه الربّ تبارك و تعالى فيقول: و عزّتي و جلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبدا. (4)

5-قال أبو الحسن عليه السّلام: حقّ على اللّه أن لا يعصى في دار إلاّ أضحاها للشمس حتّى تطهّرها. (5)

ص:419


1- -الكافي ج 2 ص 206 باب الذنوب ح 1
2- الكافي ج 2 ص 207 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 208 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 209 ح 17
5- الكافي ج 2 ص 209 ح 18

بيان:

«أضحاها» : أي أظهرها، هي كناية عن تخريب الدار و هدمها بالذنوب.

6-قال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ للّه عزّ و جلّ في كلّ يوم و ليلة مناديا ينادي:

مهلا مهلا عباد اللّه عن معاصي اللّه، فلو لا بهائم رتّع، و صبية رضّع، و شيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّا، ترضّون به رضّا. (1)

بيان:

«مهلا» : أي تأنّ في المعاصي و لا تقربها. «رتعّ» : جمع راتع. «رضّع» : جمع راضع «ركّع» : جمع راكع. «الرضّ» : يقال بالفارسيّة: كوفتن و خرد و ريزه كردن.

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يقول اللّه عزّ و جلّ: إذا عصاني من عرفني سلّطت عليه من لا يعرفني. (2)

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه: ائتوا بحطب، فقالوا: يا رسول اللّه، نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب قال: فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هكذا تجتمع الذنوب.

ثمّ قال: إيّاكم و المحقّرات من الذنوب، فإنّ لكلّ شيء طالبا، ألا و إنّ طالبها يكتب ما قَدَّمُوا وَ آثارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ. (3)(4)

بيان:

«أرض قرعاء» : أي لانبات و لا شجر فيها، تشبيها بالرأس الأقرع.

9-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى اللّه فيه

ص:420


1- -الكافي ج 2 ص 211 ح 31
2- الكافي ج 2 ص 211 ح 30
3- يس:12
4- الكافي ج 2 ص 218 باب استصغار الذنب ح 3

و لا يقدر على تغييره. (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه إذا أراد بعبد خيرا فأذنب ذنبا أتبعه بنقمة و يذكره الاستغفار، و إذا أراد بعبد شرّا فأذنب ذنبا أتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار، و يتمادى بها، و هو قول اللّه عزّ و جلّ: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (2)بالنعم عند المعاصي. (3)

بيان:

في المصباح: استدرجته أخذته قليلا قليلا، و في القاموس و مجمع البحرين:

استدراج اللّه العبد: أنّه كلّما جدّد خطيئة جدّد له نعمة و أنساه الاستغفار فيأخذه قليلا قليلا و لا يباغته (من"البغتة"و هي الفجأة) .

11-عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل: يا ليتني لا أؤاخذ إلاّ بهذا. (4)

12-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أربع يمتن القلب: الذنب على الذنب، و كثرة مناقشة النساء-يعني محادثتهنّ-و مماراة الأحمق تقول و يقول و لا يرجع إلى خير أبدا، و مجالسة الموتى، فقيل له: يا رسول اللّه و ما الموتى؟ قال: كلّ غنيّ مترف. (5)

13-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من علامات الشقاء جمود العين، و قسوة القلب، و شدّة الحرص في طلب

ص:421


1- -الكافي ج 2 ص 278 باب مجالسة أهل المعاصي ح 1
2- الأعراف:182
3- الكافي ج 2 ص 327 باب الاستدراج ح 1
4- الخصال ج 1 ص 24 باب الواحد ح 83
5- الخصال ج 1 ص 228 باب الأربعة ح 65

الرزق، و الإصرار على الذنب. (1)

بيان:

«جمود العين» : أي قلّة الدمع، و إنّما كان مذموما لأنّه يدلّ على قسوة القلب و عدم الخشية منه تعالى.

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الحذر الحذر فو اللّه لقد ستر حتّى كأنّه قد غفر. (2)

15-و قال عليه السّلام: لو لم يتوعّد اللّه على معصيته لكان يجب أن لا يعصى شكرا لنعمه. (3)

أقول:

زاد في الغرر (ج 2 ص 605 ف 75 ح 27) : لو لم يرغّب اللّه سبحانه في طاعته لوجب أن يطاع، رجاء رحمته.

16-و قال عليه السّلام: اتّقوا معاصي اللّه في الخلوات، فإنّ الشاهد هو الحاكم. (4)

17-و قال عليه السّلام: أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه. (5)

18-و قال عليه السّلام: أشدّ الذنوب ما استخفّ به صاحبه. (6)

19-و قال عليه السّلام: احذر أن يراك اللّه عند معصيته و يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، و إذا قويت فاقو على طاعة اللّه، و إذا ضعفت فاضعف

ص:422


1- -الخصال ج 1 ص 243 ح 96
2- نهج البلاغة ص 1099 ح 29
3- نهج البلاغة ص 1227 ح 282
4- نهج البلاغة ص 1240 ح 316- الغرر ج 1 ص 134 ف 3 ح 47
5- نهج البلاغة ص 1249 ح 340-و نظيره في الغرر ج 1 ص 192 ف 8 ح 318
6- نهج البلاغة ص 1304 ح 469

عن معصية اللّه. (1)

20-عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه جلّ جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي و فيها ثلاثة نفر من المؤمنين، ناداهم جلّ جلاله و تقدّست أسماؤه: يا أهل معصيتي، لو لا ما فيكم من المؤمنين، المتحابّين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي و مساجدي، المستغفرين بالأسحار، خوفا منّي لأنزلت بكم عذابي ثمّ لا أبالي. (2)

أقول:

و في ح 2: فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، و الولدان يتعلّمون القرآن، رحمهم، و أخرّ عنهم ذلك.

21-عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام أنّه جاء رجل و قال: أنا رجل عاص و لا أصبر عن المعصية فعظني بموعظة. فقال عليه السّلام: افعل خمسة أشياء و اذنب ما شئت، فأوّل ذلك: لا تأكل رزق اللّه و اذنب ما شئت، و الثاني: اخرج من ولاية اللّه و اذنب ما شئت، و الثالث: اطلب موضعا لا يراك اللّه و اذنب ما شئت، و الرابع:

إذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك و اذنب ما شئت، و الخامس: إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار و اذنب ما شئت. (3)

22-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه جلّ جلاله: أيّما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري، و أيّما عبد عصاني وكلته إلى نفسه ثمّ لم ابال في أيّ واد هلك. (4)

ص:423


1- -نهج البلاغة ص 1268 ح 375
2- العلل ج 2 ص 522 ب 298 ح 3
3- جامع الأخبار ص 130 ف 89، و جدير بالذكر أنّ المجلسي رحمه اللّه نقل هذا الخبر (في البحار ج 78 ص 126) عن الحسين بن عليّ عليه السّلام مع أنّ مصدره هذا الكتاب.
4- الوسائل ج 15 ص 307 ب 41 من جهاد النفس ح 7-و مثله في ص 235 ب 18 ح 6 عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله.

23-من كلامه صلّى اللّه عليه و آله: لا تنظروا إلى صغير الذنب و لكن انظروا إلى من اجترأتم. (1)

24-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من أذنب ذنبا و هو ضاحك دخل النار. (2)

25-في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: عجبت لمن يحتمي من الطعام لأذيّته و لا يحمتي الذنب لأليم عقوبته. (3)

26-عن نوف البكاليّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث أنّه قال: كذب من زعم أنّه يعرف اللّه، و هو مجترئ على معاصي اللّه كلّ يوم و ليلة. (4)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الموت غنيمة، و المعصية مصيبة، و الفقر راحة، و الغنى عقوبة. . . (5)

28-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار. (6)

29-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ اللّه أخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرنّ شيئا من معصيته، فربّما وافق سخطه و أنت لا تعلم. (7)

أقول:

لاحظ تمام الخبر في باب أولياء اللّه.

ص:424


1- -الوسائل ج 15 ص 313 ب 43 ح 13
2- المستدرك ج 11 ص 332 ب 40 من جهاد النفس ح 23
3- المستدرك ج 11 ص 333 ح 30( في المصدر: كيف لا يحتمي من الذنب لعقوبته)
4- المستدرك ج 11 ص 337 ب 41 ح 9
5- المستدرك ج 11 ص 338 ح 13
6- البحار ج 73 ص 347 باب الذنوب ح 34
7- البحار ج 73 ص 349 ح 43

30-عن ابن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ما جفّت الدموع إلاّ لقسوة القلوب، و ما قست القلوب إلاّ لكثرة الذنوب. (1)

31-عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السّلام قال: ما من عبد إلاّ و عليه أربعون جنّة، حتّى يعمل أربعين كبيرة، فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن، فتقول الملائكة من الحفظة الذين معه: يا ربّنا، هذا عبدك قد انكشفت عنه الجنن، فيوحي اللّه عزّ و جلّ إليهم: ان استروا عبدي بأجنحتكم، فتستره الملائكة بأجنحتها.

فما يدع شيئا من القبيح إلاّ قارفه حتّى يتمدّح إلى الناس بفعله القبيح، فتقول الملائكة: يا ربّ، هذا عبدك ما يدع شيئا إلاّ ركبه، و إنّا لنستحيي ممّا يصنع، فيوحي اللّه إليهم: أن ارفعوا أجنحتكم عنه، فإذا فعل ذلك أخذ في بغضنا أهل البيت، فعند ذلك يهتك اللّه ستره في السماء و يستره في الأرض، فتقول الملائكة:

هذا عبدك قد بقي مهتوك الستر، فيوحي اللّه إليهم: لو كان لي فيه حاجة ما أمرتكم أن ترفعوا أجنحتكم عنه. (2)

أقول:

بمعناه ح 93 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: و فيه؛ للمؤمن اثنان و سبعون سترا فإذا أذنب ذنبا انهتكت عنه ستر، فإن تاب ردّه اللّه إليه. . . كفّوا عنه أجنحتكم، فلو عمل الخطيئة في سواد الليل أو في ضوء النهار أو في مفازة (أي فلاة لا ماء فيها) أو قعر بحر لأجراها اللّه على ألسنة الناس، فاسألوا اللّه أن لا يهتك أستاركم.

32-في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبي ذرّ رحمه اللّه قال: يا أبا ذرّ، المتّقون سادة، و الفقهاء قادة، و مجالستهم زيادة، إنّ المؤمن ليرى ذنبه كأنّه تحت صخرة يخاف أن يقع

ص:425


1- -البحار ج 73 ص 354 ح 60
2- البحار ج 73 ص 354 ح 61

عليه، و إنّ الكافر ليرى ذنبه كأنّه ذباب مرّ على أنفه.

يا أبا ذرّ، إنّ اللّه تبارك و تعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثّلة و الإثم عليه ثقيلا و بيلا و إذا أراد بعبد شرّا أنساه ذنوبه.

يا أبا ذرّ، لا تنظر إلى صغر الخطيئة و لكن انظر إلى من عصيت.

يا أبا ذرّ، إنّ نفس المؤمن أشدّ ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه. . .

يا أبا ذرّ، إنّ الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه. (1)

بيان:

«الوبيل» : الوخيم وزنا و معنا. «الارتكاض» : الاضطراب. «الشرك» : حبالة الصيد.

33-في وصيّته صلّى اللّه عليه و آله لابن مسعود قال: يا بن مسعود، لا تحقرنّ ذنبا و لا تصغرنّه و اجتنب الكبائر فإنّ العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه قيحا و دما، يقول اللّه تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً. (2). . . (3)

يا بن مسعود، احذر سكر الخطيئة فإنّ للخطيئة سكرا كسكر الشراب بل هي أشدّ سكرا منه، يقول اللّه تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (4). . . (5)

يا بن مسعود، انظر أن تدع الذنب (إيّاك و الذنب ف ن) سرّا و علانية، صغيرا و كبيرا، فإنّ اللّه تعالى حيث ما كنت يراك و هو معك فاجتنبها.

ص:426


1- -البحار ج 77 ص 79
2- آل عمران:30
3- البحار ج 77 ص 103
4- البقرة:18
5- البحار ج 77 ص 104

يا بن مسعود، اتّق اللّه في السرّ و العلانية، و البرّ و البحر، و الليل و النهار، فإنّه يقول: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا. (1)(2)

34-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من يوم طلع فجره و لا ليلة غاب شفقها إلاّ و ملكان يناديان بأربعة أصوات؛ يقول أحدهما: يا ليت هذا الخلق لم يخلقوا، و يقول الآخر: يا ليتهم إذ خلقوا علموا لماذا خلقوا، فيقول الآخر: فيا ليتهم إذ لم يعلموا لما ذا خلقوا عملوا بما علموا، فيقول الآخر: و يا ليتهم إذ لم يعملوا بما علموا تابوا ممّا عملوا.

و اعلموا أنّ العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مأة عام، و أنّه لينظر إلى أزواجه في الجنّة يتنعمنّ. (3)

35-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من قارف ذنبا فارقه عقل لا يرجع إليه أبدا. (4)

36-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

المعصية حين (5). (الغرر ج 1 ص 8 ف 1 ح 137)

الفجور يذلّ. (ص 9 ح 160)

الإصرار شيمة الفجّار. (ص 16 ح 398)

الإصرار يوجب النار. (ص 18 ح 489)

المعصية همّة الأرجاس (6)-المعصية تفريط الفجرة. (ص 23 ح 668 و 673)

ص:427


1- -المجادلة:7
2- البحار ج 77 ص 106
3- جامع السعادات ج 3 ص 47
4- المحجّة البيضاء ج 8 ص 160
5- الحين: الهلاك، المحنة
6- من الرجس بمعنى العمل القبيح، القذر، و المقصود هنا الأراذل

المعصية تمنع الإجابة. (ص 28 ح 842)

الإصرار سجيّة الهلكى. (ص 31 ح 948)

الإصرار يجلب النقمة-المعصية تجلب العقوبة. (ص 36 ح 1112 و 1114)

المعاودة إلى الذنب إصرار. (ص 42 ح 1257)

المغبون من باع جنّة عليّة بمعصية دنيّة. (ص 49 ح 1397)

الإصرار أعظم حوبة و أسرع عقوبة. (ص 56 ح 1532)

المذنب على بصيرة غير مستحقّ للعفو. (ص 57 ح 1553)

اجتناب السيّئات أولى من اكتساب الحسنات. (ح 1559)

التنزّه عن المعاصي عبادة التوّابين. (ص 70 ح 1784)

التبجّح (1)بالمعاصي أقبح من ركوبها. (ص 91 ح 2067)

التهجّم على المعاصي يوجب عذاب النار. (ص 99 ح 2146)

اذكروا عند المعاصي ذهاب اللذّات و بقاء التبعات. (ص 132 ف 3 ح 27)

اهجروا الشهوات فإنّها تقودكم إلى ارتكاب الذنوب و التهجّم على السيّئات.

(ح 28)

إيّاك و انتهاك المحارم فإنّها شيمة الفسّاق و أولي الفجور و الغواية.

(ص 149 ف 5 ح 29)

إيّاك و الإصرار فإنّه من أكبر الكبائر و أعظم الجرائم. (ص 151 ح 48)

إياك و المجاهرة بالفجور فإنّه من أشدّ المآثم. (ح 49)

إيّاك أن يفقدك ربّك عند طاعته فلا يجدك أو يراك عند معصيته فيمقتك.

(ص 152 ح 63)

ص:428


1- -أي الفرح

إيّاك و المعصية فإنّ اللئيم (الشقيّ ف ن) من باع جنّة المأوى بمعصية دنيّة من معاصي الدنيا. (ص 154 ح 75)

إيّاك أن تستسهل ركوب المعاصي فإنّها تكسوك في الدنيا ذلّة و تكسبك في الآخرة سخط اللّه. (ص 156 ح 93)

أفضل من طلب التوبة ترك الذنب. (ص 175 ف 8 ح 27)

أفضل من اكتساب الحسنات اجتناب السيّئات. (ص 186 ح 225)

أعظم الذنوب عند اللّه ذنب أصرّ عليه عامله. (ص 192 ح 309)

أعظم الذنوب عند اللّه ذنب صغر عند صاحبه. (ص 193 ح 319)

أقلّ ما يلزمكم للّه تعالى أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه.

(ص 209 ح 505)

إنّ من النعمة تعذّر المعاصي. (ص 216 ف 9 ح 20)

إن كنتم لا محالة متنزّهين فتنزّهوا عن معاصي القلوب. (ص 277 ف 10 ح 32)

إن كنتم لا محالة متطهّرين فتطهّروا من دنس العيوب و الذنوب. (ح 37)

إن تنزّهوا عن المعاصي يحببكم اللّه. (ص 279 ح 51)

إنّك إن اجتنبت السيّئات نلت رفيع الدجات. (ص 287 ف 13 ح 18)

آفة الطاعة العصيان. (ص 304 ف 16 ح 4)

إذا قلّت الطاعات كثرت السيّئات. (ص 312 ف 17 ح 56)

إذا ضعفت فاضعف عن معاصي اللّه سبحانه. (ص 316 ح 101)

إذا أخذت نفسك بطاعة اللّه أكرمتها و إن بذلتها في معاصي اللّه ابتذلتها (أهنتها ف ن) (ح 111)

بالمعصية تكون الشقاء. (ص 332 ف 18 ح 73)

بئست القلادة قلادة الآثام. (ص 341 ف 20 ح 9)

بئس العمل المعصية. (ح 19)

ص:429

توقّ معاصي اللّه تفلح. (ص 346 ف 22 ح 4)

تهوين الذنب أعظم من ركوبه. (ص 348 ح 30)

توقّوا المعاصي و احبسوا أنفسكم عنها فإنّ الشقيّ من أطلق فيها عنانه.

(ح 39)

ترك الذنوب شديد، و أشدّ منه ترك الجنّة. (ص 350 ح 59)

حلاوة المعصية يفسدها أليم العقوبة. (ص 381 ف 28 ح 18)

حاصل المعاصي التلف. (ص 383 ح 46)

راكب المعصية مثواه النار. (ص 420 ف 36 ح 3)

ظلم نفسه من عصى اللّه و أطاع الشيطان. (ج 2 ص 475 ف 48 ح 21)

من عصى اللّه ذلّ قدره. (ص 619 ف 77 ح 179)

من عفى عن الجرائم فقد أخذ بجوامع الفضل. (ص 659 ح 838)

من كثر فكره في المعاصي دعته إليها. (ص 664 ح 898)

من فسد مع اللّه لم يصلح مع أحد. (ص 669 ح 959)

من خاف العقاب انصرف عن السيّئات. (ح 966)

من أصرّ على ذنبه اجترى على سخط ربّه. (ص 681 ح 1102)

من تلذّذ بمعاصي اللّه أكسبه ذلاّ (ص 686 ح 1161)

من سلم من المعاصي عمله بلغ من الآخرة أمله. (ح 1172)

ما ظفر من ظفر الإثم به. (ص 739 ف 79 ح 59)

مداومة المعاصي تقطع الرزق. (ص 760 ف 80 ح 59)

مجاهرة اللّه سبحانه بالمعاصي تعجّل النقم. (ص 762 ح 100)

مقارق السيّئات موقن بالتبعات. (ص 765 ح 133)

لا تحقرنّ صغائر الآثام فإنّها الموبقات، و من أحاطت به موبقاته أهلكته.

(ص 825 ف 85 ح 257)

ص:430

لا مروّة كالتنزّه عن المآثم. (ص 837 ف 86 ح 176)

لا وزر أعظم من الإصرار. (ص 840 ح 222)

لا تفي لذّة المعصية بعذاب النار. (ص 847 ح 358)

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. (ص 851 ح 402)

أقول:

في الحديث القدسيّ س 4: يا بن آدم، كلّ يوم ينقص من عمرك و أنت لا تدري، و يأتي كلّ يوم رزقك من عندي و أنت لا تحمده، فلا بالقليل تقنع و لا بالكثير تشبع. يا بن آدم، ما من يوم جديد إلاّ و يأتيك من عندي رزق جديد، و ما من ليلة إلاّ و يأتيني ملائكتي من عندك بعمل قبيح، تأكل رزقي و تعصيني! و أنت تدعوني فأستجيب لك، خيري إليك نازل و شرّك إليّ صاعد، فنعم المولى أنا و بئس العبد أنت، تسألني فأعطيتك و أستر إليك سوء بعد سوء و قبيحا بعد قبيح، أنا أستحيي منك و أنت لا تستحيي منّي و تنساني و تذكر غيري و تخاف الناس و تأمن غضبي.

و في الصحيفة السجّادية في الدعاء 16: يا الهي، لو بكيت إليك حتّى تسقط أشفار عينيّ، و انتحبت حتّى ينقطع صوتي، و قمت لك حتّى تتنشّر قدماي، و ركعت لك حتّى ينخلع صلبي، و سجدت لك حتّى تتفقّأ حدقتاي، و أكلت تراب الأرض طول عمري، و شربت ماء الرماد آخر دهري، و ذكرتك في خلال ذلك حتّى يكلّ لساني، ثمّ لم أرفع طرفي إلى آفاق السماء استحياء منك ما أستوجبت بذلك محو سيّئة واحدة من سيّئاتي.

و في سفينة البحار ج 1 ص 488(ذنب) : و يناسب هنا ما حكاه شيخنا البهائي رحمه اللّه قال: كان توبة ابن الصمة محاسبا لنفسه في أكثر أوقات ليله و نهاره، فحسب يوما ما مضى من عمره فإذا هو ستّون سنة فحسب أيّامها فكانت أحدى و عشرين ألف يوم و خمسمأة يوما، فقال: يا ويلتى، ألقى مالك بأحد و عشرين ألف ذنب؟ ! ثمّ

ص:431

صعق صعقة كانت فيها نفسه انتهى.

و يدلّ على ذمّ الذنوب ما ورد من العقوبات على آحاد الذنوب كالخمر و الزنا و السرقة و القتل و الكبر و الحسد و الكذب و الغيبة و غير ذلك من المعاصي على كثرتها، لاحظ أبوابها.

و لاحظ ما يناسب المقام في أبواب التوبة، البكاء، الحرص، اجتناب المحارم، المال الحرام، الورع، الاستغفار، و. . .

ص:432

الفصل الثانيّ: آثار الذنوب

الآيات

1- فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ. . . (1)

2- أَ لَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي اَلْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَ أَرْسَلْنَا اَلسَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَ جَعَلْنَا اَلْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ. (2)

3- وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ اَلْقُرى آمَنُوا وَ اِتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ- أَ فَأَمِنَ أَهْلُ اَلْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَ هُمْ نائِمُونَ. الآيات. (3)

4- كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اَللّهِ فَأَخَذَهُمُ اَللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اَللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ اَلْعِقابِ- ذلِكَ بِأَنَّ اَللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّ اَللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. (4)

ص:433


1- -النساء:62
2- الأنعام:6
3- الأعراف:96 إلى 100
4- الأنفال:52 و 53

5- . . . إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اَللّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ. (1)

6- وَ لَوْ يُؤاخِذُ اَللّهُ اَلنّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى. . . (2)

7- وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها الآيات. (3)

8- وَ رَبُّكَ اَلْغَفُورُ ذُو اَلرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ اَلْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً- وَ تِلْكَ اَلْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً. (4)

9- أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي اَلْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ أَثارُوا اَلْأَرْضَ وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اَللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ اَلَّذِينَ أَساؤُا اَلسُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اَللّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ. (5)

10- ظَهَرَ اَلْفَسادُ فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي اَلنّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ اَلَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (6)

11- لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَ شِمالٍ. الآيات (7)

ص:434


1- -الرعد:11
2- النحل:61
3- الإسراء:16 و 17
4- الكهف:58 و 59
5- الروم:9 و 10
6- الروم:41
7- سبأ:15 إلى 17

12- وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ. الآيات (1)

الأخبار

1-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أما إنّه ليس من عرق يضرب و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلاّ بذنب، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ في كتابه:

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قال: ثمّ قال:

و ما يعفو اللّه أكثر ممّا يؤاخذ به. (2)

بيان:

في المرآة ج 9 ص 399، «النكبة» : وقوع الرجل على الحجارة عند المشي أو المصيبة، و الأوّل أظهر، و قد وقع التصريح في بعض الأخبار التي وردت في هذا المعنى بنكبة قدم «الصداع» : وجع الرأس.

2-عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّ الذنب يحرم العبد الرزق. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، و في ح 8: «. . . فيزوى عنه الرزق» و في ح 12: «. . . فيدرء عنه الرزق» .

3-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ العبد يسأل اللّه الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنبا فيقول اللّه تبارك و تعالى للملك: لا تقض حاجته و احرمه إيّاها، فإنّه تعرّض

ص:435


1- -الشورى:30 إلى 34
2- الكافي ج 2 ص 207 باب الذنوب ح 3-و بمعناه ح 4
3- الكافي ج 2 ص 208 ح 11

لسخطي و استوجب الحرمان منّي. (1)

4-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: إنّه ما من سنة أقلّ مطرا من سنة و لكن اللّه يضعه حيث يشاء، إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم، و إلى الفيافي و البحار و الجبال و إنّ اللّه ليعذّب الجعل في حجرها بحبس المطر عن الأرض التي هي بمحلّها بخطايا من بحضرتها و قد جعل اللّه لها السبيل في مسلك سوى محلّة أهل المعاصي.

قال: ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: فاعتبروا يا أولي الأبصار. (2)

بيان:

في النهاية، «الفيافي» : جمع فيفاء و هي البراري الواسعة. «الجعل» . دويبة كالخنفساء أكبر منها شديدة السواد في بطنه لون حمرة، و الناس يسمّونه أبا جعران.

5-عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل، و إنّ العمل السيّيء أسرع في صاحبه من السكّين في اللحم. (3)

6-عن أبي عمرو المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: كان أبي عليه السّلام يقول: إنّ اللّه قضى قضاء حتما ألاّ ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتّى يحدث العبد ذنبا يستحقّ بذلك النقمة. (4)

7-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما أنعم اللّه على عبد نعمة فسلبها إيّاه حتّى يذنب ذنبا يستحقّ بذلك السلب. (5)

ص:436


1- -الكافي ج 2 ص 208 ح 14
2- الكافي ج 2 ص 208 ح 15
3- الكافي ج 2 ص 209 ح 16
4- الكافي ج 2 ص 209 ح 22
5- الكافي ج 2 ص 210 ح 24

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان و ما ذلك إلاّ بالذنوب فتوقّوها ما استطعتم و لا تمادوا فيها. (1)

بيان:

«لا تمادوا» في المصباح (مدى) : تمادى فلان في غيّه: إذا لجّ و دام على فعله.

9-قال الرضا عليه السّلام: كلّما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث اللّه لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون. (2)

10-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: وجدنا في كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة، و إذا طفّف المكيال و الميزان أخذهم اللّه بالسنين و النقص، و إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع و الثمار و المعادن كلّها، و إذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم و العدوان، و إذا نقضوا العهد سلّط اللّه عليهم عدوّهم.

و إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار، و إذا لم يأمروا بالمعروف و لم ينهوا عن المنكر و لم يتّبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط اللّه عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم. (3)

11-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ إذا كان من أمره أن يكرم عبدا و له ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل به ذلك شدّد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب.

قال: و إذا كان من أمره أن يهين عبدا و له عنده حسنة صحّح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسّع عليه في رزقه، فإن هو لم يفعل ذلك به هوّن عليه الموت

ص:437


1- -الكافي ج 2 ص 211 ح 27
2- الكافي ج 2 ص 211 ح 29
3- الكافي ج 2 ص 277 باب عقوبات المعاصي ح 2

ليكافيه بتلك الحسنة. (1)

12-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الذنوب التي تغيّر النعم البغي، و الذنوب التي تورث الندم القتل، و التي تنزل النقم الظلم، و التي تهتك الستر شرب الخمر، و التي تحبس الرزق الزنى، و التي تعجّل الفناء قطيعة الرحم، و التي تردّ الدعاء و تظلم الهواء عقوق الوالدين. (2)

13-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: كان أبي عليه السّلام يقول: نعوذ باللّه من الذنوب التي تعجّل الفناء و تقرّب الآجال و تخلي الديار و هي قطيعة الرحم و العقوق و ترك البرّ. (3)

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنى ظهرت الزلزلة، و إذا فشا الجور في الحكم احتبس القطر، و إذا خفرت الذمّة اديل لأهل الشرك من أهل الإسلام، و إذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة. (4)

بيان:

في المرآة، الخفر و الإخفار: الغدر و نقض العهد. «الإدالة» : الغلبة.

15-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ للقلب اذنين فإذا همّ العبد بذنب، قال له روح الإيمان: لا تفعل، و قال له الشيطان: افعل، و إذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان. (5)

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و أيم اللّه ما كان قوم قطّ في غضّ نعمة من عيش فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها، لأنّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد، و لو أنّ

ص:438


1- -الكافي ج 2 ص 322 باب تعجيل عقوبة الذنب ح 1-و بهذا المعنى ح 3 و 4 و 5 و 10
2- الكافي ج 2 ص 324 باب تفسير الذنوب ح 1
3- الكافي ج 2 ص 324 ح 2
4- الكافي ج 2 ص 325 ح 3
5- الكافي ج 2 ص 205 باب أنّ للقلب اذنين ح 2

الناس-حين تنزل بهم النقم و تزول عنهم النعم-فزعوا إلى ربّهم بصدق من نيّاتهم و وله من قلوبهم لردّ عليهم كلّ شارد، و أصلح لهم كلّ فاسد. (1)

17-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: في كتاب عليّ عليه السّلام: ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ أبدا حتّى يرى و بالهنّ: البغي و قطيعة الرحم و اليمين الكاذبة يبارز اللّه بها، و إنّ أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، و إنّ القوم ليكونون فجّارا فيتواصلون فتنمى أموالهم، و يبرّون فتزداد أعمارهم، و إنّ اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها و يثقّلان الرحم، و إنّ تثقّل الرحم انقطاع النسل. (2)

بيان:

البلقع و البلقعة: ج بلاقع، الأرض القفر التي لا شيء فيها، و المراد أنّ ديارهم تخلو منهم إمّا بموتهم و انقراضهم أو بجلائهم عنها و تفرّقهم أيدي سبا (أي تفرّقوا تفرّقا لا اجتماع بعده) . (المرآة ج 10 ص 367 باب قطيعة الرحم)

18-قال أبو جعفر عليه السّلام: أربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه و يكافيك بالإحسان إليه إساءة، و رجل لا تبغي عليه و هو يبغي عليك، و رجل عاهدته على أمر، فمن أمرك الوفاء له و من أمره الغدر بك، و رجل يصل قرابته و يقطعونه. (3)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بعبد سوء أمسك عليه ذنوبه، حتّى يوافى بها يوم القيامة، و إذا أراد بعبد خيرا، عجّل عقوبته في الدنيا. (4)

ص:439


1- -نهج البلاغة ص 579 في خ 177
2- الخصال ج 1 ص 124 باب الثلاثة ح 119
3- الخصال ج 1 ص 230 باب الأربعة ح 71-و بمضمونه ح 72 عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام في وصيّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام
4- المستدرك ج 11 ص 334 ب 40 من جهاد النفس ح 32

20-عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه عزّ و جلّ:

فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ (1)فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متّصلة ينظر بعضهم إلى بعض، و أنهار جارية، و أموال ظاهرة، فكفروا بأنعم اللّه و غيّروا ما بأنفسهم فأرسل اللّه عليهم سيل العرم، فغرّق قراهم، و أخرب ديارهم، و ذهب بأموالهم، و أبدلهم مكان جنّاتهم جنّتين ذواتي اكل خمط و أثل و شيء من سدر قليل. ثمّ قال اللّه عزّ و جلّ: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلاَّ اَلْكَفُورَ. (2)(3)

أقول:

الأخبار كثيرة في عذاب الأقوام السالفة لكثرة ذنوبهم، راجع البحار و غيره.

بيان: «سيل العرم» : أي سيل الأمر العرم، أي الصعب، من عرم الرجل: إذا شرس خلقه و صعب، أو المطر الشديد، أو الجرذ و في تفسير القميّ رحمه اللّه: أي العظيم الشديد.

«الخمط» قيل: الأراك، و قيل: كلّ شجر لا شوك له، و قيل: بشع أي كريه الطعم يأخذ بالحلق.

21-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه تعالى لم يجعل للمؤمن أجلا في الموت يبقيه ما أحبّ البقاء، فإذا علم أنّه سيأتي بما فيه بوار دينه قبضه إليه مكرها.

. . . عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من يموت بالذنوب أكثر ممّن يموت بالآجال، و من يعيش بالإحسان أكثر ممّن يعيش بالأعمار. (4)

22-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : توقّوا الذنوب، فما من بليّة

ص:440


1- -سبأ:19
2- سبأ:17
3- البحار ج 14 ص 144 باب قصّة قوم سبأ ح 3
4- البحار ج 73 ص 363 باب الذنوب ح 95

و لا نقص رزق إلاّ بذنب حتّى الخدش و الكبوة و المصيبة، قال اللّه عزّ و جلّ:

وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ . . . فما زالت نعمة و لا نضارة عيش إلاّ بذنوب اجترحوا، إنّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد، و لو أنّهم استقبلوا ذلك بالدعاء و الإنابة، لم تنزل، و لو أنّهم إذا نزلت بهم النقم و زالت عنهم النعم فزعوا إلى اللّه عزّ و جلّ بصدق من نيّاتهم و لم يهنوا و لم يسرفوا لأصلح اللّه لهم كلّ فاسد و لردّ عليهم كلّ صالح.

و قال عليه السّلام: ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتّى يبتلي ببليّة تمحّص بها ذنوبه، إمّا في مال و إمّا في ولد و إمّا في نفسه حتّى يلقى اللّه عزّ و جلّ و ما له ذنب، و إنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد به عليه عند موته.

و قال عليه السّلام: لا تستصغروا قليل الآثام، فإنّ الصغير يحصى و يرجع إلى الكبير.

و قال عليه السّلام: احذروا الذنوب فإنّ العبد ليذنب فيحبس عنه الرزق. (1)

23-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها و لا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، و البغي على الناس، و كفر الإحسان. (2)

24-قال الرضا عليه السّلام: إذا كذب الولاة حبس المطر، و إذا جار السلطان هانت الدولة، و إذا حبست الزكاة ماتت المواشي. (3)

بيان:

«هانت» : أي ضعفت و ذلّت.

25-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: اتّقوا الذنوب فإنّها ممحقة للخيرات، إنّ العبد ليذنب الذنب فينسى به العلم الذي كان قد علمه، و إنّ العبد ليذنب الذنب فيمنع به

ص:441


1- -البحار ج 73 ص 350 ح 47
2- البحار ج 73 ص 373 باب علل المصائب ح 7
3- البحار ج 73 ص 373 ح 8

من قيام الليل، و إنّ العبد ليذنب الذنب فيحرم به الرزق، و قد كان هنيئا له، ثمّ تلا: إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ اَلْجَنَّةِ الآيات (1). (2)

26-عن أبي خالد الكابلي قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول:

الذنوب التي تغيّر النعم البغي على الناس، و الزوال عن العادة في الخير و اصطناع المعروف، و كفران النعم، و ترك الشكر، قال اللّه عزّ و جلّ: إِنَّ اَللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.

و الذنوب التي تورث الندم قتل النفس التي حرّم اللّه، قال اللّه تعالى:

[ وَ لا تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّهُ (3)و قال عزّ و جلّ]في قصّة قابيل حين قتل أخاه هابيل فعجز عن دفنه: فَأَصْبَحَ مِنَ اَلنّادِمِينَ (4)و ترك صلة القرابة حتّى يستغنوا، و ترك الصلاة حتّى يخرج وقتها، و ترك الوصيّة، و ردّ المظالم، و منع الزكاة حتّى يحضر الموت، و ينغلق اللسان.

و الذنوب التي تنزل النقم عصيان العارف بالبغي، و التطاول على الناس و الاستهزاء بهم، و السخريّة منهم.

و الذنوب التي تدفع القسم إظهار الافتقار، و النوم عن العتمة، و عن صلاة الغداة، و استحقار النعم، و شكوى المعبود عزّ و جلّ.

و الذنوب التي تهتك العصم شرب الخمر، و اللعب بالقمار، و تعاطي ما يضحك الناس من اللغو و المزاح، و ذكر عيوب الناس، و مجالسة أهل الريب.

و الذنوب التي تنزل البلاء ترك إغاثة الملهوف، و ترك معاونة المظلوم، و تضييع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

ص:442


1- -القلم:17 إلى 19
2- البحار ج 73 ص 377 ح 14
3- الأنعام:151
4- المائدة:34

و الذنوب التي تديل الأعداء المجاهرة بالظلم، و إعلان الفجور، و إباحة المحظور، و عصيان الأخيار، و الانطياع للأشرار.

و الذنوب التي تعجّل الفناء قطيعة الرحم و اليمين الفاجرة، و الأقوال الكاذبة، و الزنا، و سدّ طريق المسلمين، و إدّعاء الإمامة بغير حقّ.

و الذنوب التي تقطع الرجاء اليأس من روح اللّه، و القنوط من رحمة اللّه، و الثقة بغير اللّه، و التكذيب بوعد اللّه عزّ و جلّ.

و الذنوب التي تظلم الهواء السحر، و الكهانة، و الإيمان بالنجوم، و التكذيب بالقدر، و عقوق الوالدين.

و الذنوب التي تكشف الغطاء الاستدانة بغير نيّة الأداء و الإسراف في النفقة على الباطل، و البخل على الأهل و الولد و ذوي الأرحام، و سوء الخلق، و قلّة الصبر، و استعمال الضجر و الكسل، و الاستهانة بأهل الدين.

و الذنوب التي تردّ الدعاء سوء النيّة، و خبث السريرة، و النفاق مع الإخوان، و ترك التصديق بالإجابة، و تأخير الصلوات المفروضات حتّى تذهب أوقاتها، و ترك التقرّب إلى اللّه عزّ و جلّ بالبرّ و الصدقة، و استعمال البذاء و الفحش في القول.

و الذنوب التي تحبس غيث السماء جور الحكّام في القضاء، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و منع الزكاة و القرض و الماعون، و قساوة القلب على أهل الفقر و الفاقة و ظلم اليتيم و الأرملة، و انتهار السائل و ردّه بالليل. (1)

بيان:

«ينغلق» : يسدّ. «التطاول على الناس» : التكبّر. و الترفعّ (گردن كشى كردن) .

«العتمة» : أي صلوة العشاء أو وقتها. «المحظور» : الممنوع و هو خلاف الإباحة.

ص:443


1- -البحار ج 73 ص 375 ح 12( معاني الأخبار ص 256 باب معنى الذنوب ح 2)

«الانطياع» : الانقياد.

في مجمع البحرين، «الماعون» : اسم جامع لمنافع البيت كالقدر و الدلو و الملح و الماء و نحو ذلك ممّا جرت العادة بعاريته. «انتهار السائل» : نهر و انتهر السائل: زجره.

27-في توحيد المفضّل قال الصادق عليه السّلام: فإن قال قائل: فلم صارت هذه الأرض تزلزل؟ قيل له: إنّ الزلزلة و ما أشبهها موعظة و ترهيب يرهّب بها الناس ليرعوا و ينزعوا عن المعاصي. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، قد مرّ بعضها في باب الإيمان ف 4.

و هذه العقوبات المذكورة إنّما تكون لأهل الولاء و الإيمان، لا الكفّار و المشركين و المستدرجين و المنافقين، و ذلك قوله تعالى: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (2)و قوله تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَ يَتَمَتَّعُوا وَ يُلْهِهِمُ اَلْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. (3)

ص:444


1- -البحار ج 60 ص 130 ب 32 ح 27
2- الأنعام:44
3- الحجر:3

الفصل الثالث: الكبائر و الصغائر

الآيات

1- إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً. (1)

2- اَلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ اَلْإِثْمِ وَ اَلْفَواحِشَ إِلاَّ اَللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ اَلْمَغْفِرَةِ. . . (2)

الأخبار

1-عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ. . . قال: الكبائر، التي أوجب اللّه عزّ و جلّ عليها النار. (3)

بيان:

«الكبائر» : للعلماء في تفسيرها اختلاف شديد، فقال قوم: هي كلّ ذنب أوعد اللّه عليه النار في القرآن، و لعلّه المعروف بين أصحابنا و يدلّ عليه أخبار كثيرة.

ص:445


1- -النساء:31
2- النجم:32
3- الكافي ج 2 ص 211 باب الكبائر ح 1

و قال بعضهم: هي كلّ ذنب رتّب عليه الشارع حدّا أو صرّح فيه بالوعيد.

و قال طائفة منهم: هي كلّ معصية توعّد عليه توعّدا شديدا في الكتاب أو السنّة و غير ذلك من الأقوال.

و في مجمع البيان ج 3 ص 38: . . . قيل: كلّ ما نهى اللّه عنه فهو كبيرة عن ابن عباس، و إلى هذا ذهب أصحابنا، فإنّهم قالوا: المعاصي كلّها كبيرة من حيث كانت قبائح لكنّ بعضها أكبر من بعض و ليس في الذنوب صغيرة و إنّما يكون صغيرا بالإضافة إلى ما هو أكبر منه، و يستحقّ العقاب عليه أكثر. . .

أقول: الحقّ هو ما نطق به الأخبار، و هو القول الأوّل، و أمّا قول الطبرسي رحمه اللّه بأنّ الذنوب كلّها كبيرة، غرضه المنع من تحقير الذنوب و الاستهانة بها، لا إنكار انقسامها بالصغيرة و الكبيرة.

و أمّا اختلاف الأخبار في تعداد الكبائر ليس بقادح حيث ذكر بعضها في رواية و ذكر بعضها في الاخرى، و أمّا ما في بعضها؛ من أنّ الكبائر سبع، لعلّ المراد منه أنّ هذه السبعة من أكبر الكبائر، كما صرّح به في بعض الأخبار.

فالقاعدة الكلّيّة في الكبائر هي كلّ ما أوعد اللّه تعالى عليه النار، و لا يجب أن يصرّح في الخبر بأنّ هذه المعصية مثلا كبيرة، بل إذا توعّد بالنار على ذنب نفهم أنّ تلك المعصية كبيرة.

2-عن ابن محبوب قال: كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السّلام يسأله عن الكبائر، كم هي و ما هي؟ فكتب عليه السّلام: الكبائر: من اجتنب ما وعد اللّه عليه النار كفّر عنه سيّئاته إذا كان مؤمنا، و السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، و عقوق الوالدين، و أكل الربا، و التعرّب بعد الهجرة، و قذف المحصنات، و أكل مال اليتيم، و الفرار من الزحف. (1)

ص:446


1- -الكافي ج 2 ص 211 ح 2

بيان:

«السبع الموجبات» : أي الموجبات للنار. «التعرّب بعد الهجرة» في النهاية: هو أن يعود إلى البادية و يقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا. . .

و في الوافي: و لا يبعد تعميمه لكلّ من تعلّم آداب الشرع و سننه ثمّ تركها و أعرض عنها و لم يعمل بها.

و في معاني الأخبار عن الصادق عليه السّلام: المتعرّب بعد الهجرة، التارك لهذا الأمر بعد معرفته.

3-عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ من الكبائر عقوق الوالدين، و اليأس من روح اللّه، و الأمن لمكر اللّه. و قد روي أنّ أكبر الكبائر الشرك باللّه. (1)

4-عن محمّد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: الكبائر تخرج من الإيمان؟ فقال: نعم و ما دون الكبائر. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يزني الزاني و هو مؤمن و لا يسرق السارق و هو مؤمن. (2)

أقول:

الأخبار كثيرة في أنّ الكبائر مخرجة روح الإيمان من العبد خصوصا الزنا. منها؛ خبر محمّد بن عبده قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: لا يزني الزاني و هو مؤمن؟ قال: لا، إذا كان على بطنها سلب الإيمان، فإذا قام ردّ إليه فإذا عاد سلب، قلت: فإنّه يريد أن يعود؟ فقال: ما أكثر من يريد أن يعود فلا يعود إليه أبدا.

(الكافي ج 2 ص 212 باب الكبائر ح 6)

5-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتّقوا المحقّرات من الذنوب فإنّها لا تغفر، قلت:

ص:447


1- -الكافي ج 2 ص 212 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 216 ح 21

و ما المحقّرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك. (1)

6-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا صغيرة مع الإصرار و لا كبيرة مع الاستغفار. (2)

7-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: وَ مَنْ يُؤْتَ اَلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال: معرفة الإمام، و اجتناب الكبائر التي أوجب اللّه عليها النار. (3)

8-عن عبّاد بن كثير قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الكبائر؟ فقال: كلّ ما أوعد اللّه عليه النار. (4)

9-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكذب على اللّه و على رسوله و على الأوصياء عليهم السّلام من الكبائر. (5)

10-في ما كتبه الرضا عليه السّلام للمأمون (في ذيله) : و اجتناب الكبائر و هي قتل النفس التي حرّم اللّه تعالى، و الزنا، و السرقة، و شرب الخمر، و عقوق الوالدين، و الفرار من الزحف، و أكل مال اليتيم ظلما، و أكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهلّ لغير اللّه به من غير ضرورة، و أكل الربا بعد البيّنة، و السحت و الميسر [و هو]القمار، و البخس في المكيال و الميزان.

و قذف المحصنات، و اللواط و شهادة الزور و اليأس من روح اللّه و الأمن من مكر اللّه و القنوط من رحمة اللّه و معونة الظالمين، و الركون إليهم، و اليمين

ص:448


1- -الكافي ج 2 ص 218 باب استصغار الذنوب ح 1
2- الكافي ج 2 ص 219 باب الإصرار على الذنب ح 1
3- الوسائل ج 15 ص 315 ب 45 من جهاد النفس ح 1
4- الوسائل ج 15 ص 327 ب 46 ح 24
5- الوسائل ج 15 ص 327 ح 25

الغموس، و حبس الحقوق من غير العسرة، و الكذب و الكبر و الإسراف و التبذير و الخيانة، و الاستخفاف بالحجّ و المحاربة لأولياء اللّه تعالى، و الاشتغال بالملاهي و الإصرار على الذنوب. (1)

بيان:

في مجمع البحرين، اليمين الغموس: هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه أنّ الأمر بخلافه، و ليس فيها كفّارة لشدّة الذنب فيها، سمّيت بذلك لأنّها تغمس صاحبها في الإثم ثمّ في النار، فهي فعول للمبالغة و فيه «اليمين الغموس هي التي عقوبتها دخول النار» و هي أن يحلف لرجل على مال امرء مسلم أو على حقّه ظلما.

أقول: الأخبار في تعداد الكبائر كثيرة، و قال العلاّمة المجلسيّ رحمه اللّه في المرآة ج 10 ص 64: قد أحصى والدي رحمه اللّه في بعض مؤلّفاته ما يستنبط من الأخبار المختلفة أنّها من الكبائر؛ فمنها: الشرك، و اليأس من روح اللّه، و الأمن من مكر اللّه، و قتل النفس، و عقوق الوالدين، و القذف، و أكل مال اليتيم بغير حقّ، و الفرار من الزحف، و الربا، و السحر، و الكهانة، و الزنا، و اللواط، و السرقة لا سيّما من الغنيمة، و الحلف كاذبا، و ترك الفرائض: الصلاة، و الزكاة، و صوم شهر رمضان، و تأخير الحجّ عن سنة الاستطاعة بغير عذر، و شهادة الزور، و كتمان الشهادة، و شرب الخمر بل كلّ مسكر، و نكث الصفقة، و نقض العهد مع اللّه و مع الخلق، و قطع الرحم، و التعرّب بعد الهجرة، و الكذب على اللّه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام، و الغيبة و البهتان.

و قيل: ترك جميع السنن و منع الزيادة من الماء السابلة مع حاجتهم و عدم حاجته، و عدم الاحتراز عن البول، و التسبّب إلى سبّ الوالدين، و الإضرار في الوصيّة،

ص:449


1- -العيون ج 2 ص 125 ب 35 ح 1

و سخط قضاء اللّه و الاعتراض على قدره على قول فيهما، و التكبّر و الحسد و عداوة المؤمنين، و الإلحاد في الحرم و في المدينة، و النمّ، و قطع عضو مؤمن بغير حقّ، و أكل الميتة و ساير النجاسات، و القيادة.

و الإصرار على الصغيرة، و الأمر بالمنكر و النهي عن المعروف، على احتمال و كذا الكذب، و خلف الوعد و الخيانة، و لعن المؤمنين و سبّهم و إيذائهم بغير سبب، و ضرب الخادم زائدا على ما يستحقّه و مانع الماء المباح عن مستحقّه، و سادّ الطريق المسلوك، و تضييع العيال و التعصّب، و الظلم و الغدر، و كونه ذا السانين، و تحقير المؤمنين و تجسّس عيوبهم و تعييرهم و الافتراء عليهم و سبّهم و سوء الظنّ بهم و تخويفهم، و بخس المكيال و الميزان، و ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و الجلوس في مجالس الفسّاق لا سيّما شرب الخمر بغير ضرورة، و البدعة في الدين، و الجلوس مع أهلها، و تحقير السيّئة و القمار و أكل الحرام.

ص:450

حرف الراء

65- الرئاسة

اشارة

قال اللّه تعالى: تِلْكَ اَلدّارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ اَلْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. (1)

الأخبار

1-عن معمّر بن خلاّد عن أبي الحسن عليه السّلام أنّه ذكر رجلا فقال: إنّه يحبّ الرئاسة، فقال: ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرّق رعاؤها بأضرّ في دين المسلم من الرئاسة. (2)

بيان:

«الضاري» : السبع الذي اعتاد بالصيد و إهلاكه. «الرعاء» بالكسر: جمع راع، و بالضمّ: اسم جمع.

في المرآة ج 10 ص 118، «الرئاسة» : الشرف و العلوّ على الناس، رأس الرجل يرأس رئاسة: شرف و علا قدره، فهو رئيس. . . و فيه تحذير عن طلب الرئاسة، و للرئاسة أنواع شتّى، منها ممدوحة و منها مذمومة. فالممدوحة منها الرئاسة التي

ص:451


1- -القصص:83
2- الكافي ج 2 ص 225 باب طلب الرئاسة ح 1

أعطاها اللّه تعالى خواصّ خلقه من الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام، لهداية الخلق و إرشادهم، و رفع الفساد عنهم، و لمّا كانوا معصومين مؤيّدين بالعنايات الربّانيّة فهم مأمونون من أن يكون غرضهم من ذلك تحصيل الأغراض الدنيّة و الأغراض الدنيويّة. . . و أمّا سائر الخلق فلهم رياسات حقّة و رياسات باطلة و هي مشتبهة بحسب نيّاتهم و اختلاف حالاتهم، فمنها: القضاء و الحكم بين الناس، و هذا أمر خطير و للشيطان فيه تسويلات، و لذا وقع التحذير عنه في كثير من الأخبار.

. . . و لو كان غرضه كسب المال الحرام و جلب قلوب الخواصّ و العوامّ و أمثال ذلك فهي الرئاسة الباطلة التي حذّر عنها، و أشدّ منها من ادّعى ما ليس له بحقّ كالإمامة و الخلافة و معارضة أئمّة الحقّ فإنّه على حدّ الشرك باللّه، و قريب منه ما فعله الكذّابون المتصنّعون الذين كانوا في أعصار الأئمّة عليهم السّلام و كانوا يصدّون الناس عن الرجوع إليهم كالحسن البصري و سفيان الثوري و أضرابهم. . .

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من طلب الرئاسة هلك. (1)

أقول:

ح 7 عنه عليه السّلام: من أراد الرئاسة هلك.

3-عن عبد اللّه بن مسكان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إيّاكم و هؤلاء الرؤساء الذين يترأّسون، فو اللّه ما خفقت النعال خلف رجل إلاّ هلك و أهلك. (2)

بيان:

«خفقت النعال» الخفق: صوت النعل، و المراد المشي خلف الرجل و اتّباعه في أفعاله.

ص:452


1- -الكافي ج 2 ص 225 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 225 ح 3

4-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ملعون من ترأّس، ملعون من همّ بها، ملعون من حدّث بها نفسه. (1)

بيان:

«ترأّس» : أي طلب الرئاسة، و في المرآة: أي ادّعى الرئاسة بغير حقّ، فإنّ التفعّل غالبا يكون للتكلّف.

5-عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: إيّاك و الرئاسة، و إيّاك أن تطأ أعقاب الرجال، قال: قلت: جعلت فداك أمّا الرئاسة فقد عرفتها، و أمّا أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلاّ ممّا وطئت أعقاب الرجال، فقال لي: ليس حيث تذهب، إيّاك أن تنصب رجلا دون الحجّة، فتصدّقه في كلّ ما قال. (2)

6-عن أبي الربيع الشامي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال لي: ويحك يا أبا الربيع، لا تطلبنّ الرئاسة، و لا تكن ذئبا، و لا تأكل بنا الناس فيفقرك اللّه، و لا تقل فينا ما لا نقول في أنفسنا، فإنّك موقوف و مسؤول لا محالة، فإن كنت صادقا صدّقناك و إن كنت كاذبا كذّبناك. (3)

بيان:

«ذئبا» : يكون تأكيدا للفقرة السابقة، فإنّ رؤساء الباطل ذئاب يفترسون الناس و يهلكونهم من حيث لا يعلمون و في بعض النسخ: "ذنبا"أي لا تكن تابعا للجهّال و المترأّسين و علماء السوء. و في النهاية، الأذناب: الأتباع.

«لا تأكل بنا» : أي لا تجعل انتسابك إلينا وسيلة لأخذ الأموال و كسب الدنيا.

7-عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أ ترى لا أعرف

ص:453


1- -الكافي ج 2 ص 225 ح 4
2- الكافي ج 2 ص 225 ح 5
3- الكافي ج 2 ص 226 ح 6

خياركم من شراركم؟ ! بلى و اللّه و إنّ شراركم من أحبّ أن يوطّأ عقبه، إنّه لا بدّ من كذّاب أو عاجز الرأي. (1)

بيان:

«لا بدّ من كذّاب. . .» قيل: إنّ من أحبّ أن يوطأ عقبه لا بدّ أن يكون كذّابا أو عاجز الرأي، لأنّه لا يعلم جميع ما يسأل عنه، فإن أجاب أن كلّ ما يسأل فلا بدّ من الكذب، و إن لم يجب عمّا لا يعلم فهو عاجز الرأي.

أقول: لعلّ المراد أنّه لا بدّ في الأرض من كذّاب يطلب الرياسة بحيث يتوصّل إلى نيلها بكلّ ممكن، أو أنّ الباعث على طلبه الرياسة ضعف عقله، فكلّ من كمل عقله كان متوحّشا من الرياسة.

8-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في حديث: ما لكم و للرئاسات؟ إنّما المسلمون رأس واحد، إيّاكم و الرجال، فإنّ الرجال للرجال مهلكة. (2)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يؤمّر أحد على عشرة فما فوقهم إلاّ جيء به يوم القيامة مغلولة يداه، فإن كان محسنا [فكّ عنه]، و إن كان مسيئا يزيد غلاّ على غلّه. (3)

10-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث المناهي) قال: ألا و من تولّى عرافة قوم أتى يوم القيامة و يداه مغلولتان إلى عنقه، فإن قام فيهم بأمر اللّه أطلقه اللّه و إن كان ظالما هوي به في نار جهنّم و بئس المصير. (4)

بيان:

عرف على قوم عرافة: دبّر أمرهم و قام بسياستهم، و عرف عرافة: صار عريفا

ص:454


1- -الكافي ج 2 ص 226 ح 8
2- الوسائل ج 15 ص 352 ب 50 من جهاد النفس ح 12
3- الوسائل ج 15 ص 353 ح 13
4- الوسائل ج 15 ص 353 ح 14

«هوي به. . .» : أي ألقي به في النار.

11-قال الصادق عليه السّلام: من دعا إلى نفسه و فيهم من هو أعلم منه، فهو ضالّ متكلّف. (1)

12-و عنه عليه السّلام قال: إنّ شراركم المترأّسون الذين يجمعون الناس إليهم و يحبّون أن توطأ أعناقكم و يشهرون أنفسهم و يشتهرون أو نتّخذهم ولائج، لا بدّ من كذّاب أو عاجز الرأي. (2)

بيان:

«ولائج» وليجة الرجل: بطانته و خاصّته و من يتّخذه معتمدا عليه.

13-عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في حديث طويل) قال:

يا حفص، كن ذنبا و لا تكن رأسا. (3)

بيان:

في مجمع البحرين (ذنب) بعد ذكر الحديث: كنّى بالرأس عن العلوّ و الرفعة و بالذنب عن التأخّر عن ذلك، و المعنى أنّ المتقدّم محلّ الخطر و الهلاك كالرأس الذي يخشى عليه القطع، بخلاف المتأخّر فإنّه كالذنب.

14-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إلى نفسه، و يقول: أنا رئيسكم، فليتوّء مقعده من النار، إنّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها. (4)

15-في مواعظ الصادق عليه السّلام: من طلب ثلاثة بغير حقّ حرم ثلاثة بحقّ:

من طلب الدنيا بغير حقّ حرم الآخرة بحقّ، و من طلب الرئاسة بغير حقّ حرم

ص:455


1- -مشكوة الأنوار ص 333 ب 10
2- مشكوة الأنوار ص 334
3- المستدرك ج 11 ص 382 ب 50 من جهاد النفس ح 5
4- المستدرك ج 11 ص 382 ح 7

الطاعة له بحقّ، و من طلب المال بغير حقّ حرم بقاؤه له بحقّ. (1)

16-قال الرضا عليه السّلام: من طلب الرئاسة لنفسه هلك، فإنّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها. (2)

17-قال عليّ عليه السّلام: حبّ الرياسة شاغل عن حبّ اللّه سبحانه. (3)

أقول:

و في شرح نهج البلاغة أيضا (ج 2 ص 181) ؛ من كلام بعض الصالحين: آخر ما يخرج من رؤوس الصدّيقين حبّ الرياسة.

18-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الرياسة عطب. (الغرر ج 1 ص 12 ف 1 ح 280)

آلة الرياسة سعة الصدر. (ص 44 ح 1303)

آفة العلماء حبّ الرياسة. (ص 305 ف 16 ح 16)

حبّ الرئاسة رأس المحن. (ص 380 ف 28 ح 5)

من أحبّ رفعة الدنيا و الآخرة فليمقت في الدنيا الرفعة.

(ج 2 ص 690 ف 77 ح 1207)

أقول:

قد مرّ في باب حبّ الدنيا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أوّل ما عصى اللّه تبارك و تعالى به ستّ خصال: حبّ الدنيا و حبّ الرئاسة. . .

ص:456


1- -تحف العقول ص 237
2- البحار ج 73 ص 154 باب الرئاسة ح 12
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 307

66- الرؤيا

الآيات

1- اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ- لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ فِي اَلْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اَللّهِ ذلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ. (1)

2- إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ- قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ اَلشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ- وَ كَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَ يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ. . . (2)

3- . . . وَ كَذلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي اَلْأَرْضِ وَ لِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ. . . (3)

4- وَ دَخَلَ مَعَهُ اَلسِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً. الآيات. (4)

5- وَ قالَ اَلْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ. الآيات. (5)

ص:457


1- -يونس:63 و 64
2- يوسف:4 إلى 6
3- يوسف:21
4- يوسف:36 إلى 41
5- يوسف:43 إلى 49

6- وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى اَلْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَ قالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا. . . (1)

7- . . . وَ ما جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ وَ اَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ. . . (2)

8- فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ اَلسَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي اَلْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ. . . (3)

9- لَقَدْ صَدَقَ اَللّهُ رَسُولَهُ اَلرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرامَ إِنْ شاءَ اَللّهُ. . . (4)

الأخبار

1-عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إنّ الأحلام لم تكن فيما مضى في أوّل الخلق و إنّما حدثت، فقلت: و ما العلّة في ذلك؟ فقال: إنّ اللّه عزّ ذكره بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة اللّه و طاعته، فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا، فو اللّه ما أنت بأكثرنا مالا و لا بأعزّنا عشيرة، فقال: إن أطعتموني أدخلكم اللّه الجنّة و إن عصيتموني أدخلكم اللّه النار، فقالوا: و ما الجنّة و النار؟ فوصف لهم ذلك، فقالوا:

متى نصير إلى ذلك؟ فقال: إذا متّم، فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما و رفاتا، فازدادوا له تكذيبا و به استخفافا.

فأحدث اللّه عزّ و جلّ فيهم الأحلام، فأتوه فأخبروه بما رأوا و ما أنكروا من ذلك، فقال: إنّ اللّه عزّ و جلّ أراد أن يحتجّ عليكم بهذا، هكذا تكون أرواحكم إذا

ص:458


1- -يوسف:100
2- الإسراء:60
3- الصافّات:102
4- الفتح:27

متّم، و إن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتّى تبعث الأبدان. (1)

بيان:

«الحلم» ج أحلام: ما يراه النائم في نومه من الرؤيا. «الرفات» : كلّ ما دقّ و كسّر.

في البحار ج 61 ص 190، «ما انكروا من ذلك» : أي استغرابهم من ذلك، أو ما أصابوا من المنكر و العذاب في النوم، أو ما أنكروا أوّلا من عذاب البرزخ، و الأوّل أظهر.

2-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: رأي المؤمن و رؤياه في آخر الزمان على سبعين جزءا من أجزاء النبوّة. (2)

أقول:

لما غيّب اللّه تعالى في آخر الزمان عن الناس حجّتهم، و آمنوا بسواد على بياض تفضّل عليهم و أعطاهم الرؤيا الصادقة ليظهر لهم الحقائق في منامهم.

3-عن معمر بن خلاّد عن الرضا عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشّرات؟ يعني به الرؤيا. (3)

أقول:

في البحار ج 61 ص 177: روت العامّة أيضا هذه الرواية، بإسنادهم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: لم يبق من النبوّة إلاّ المبشّرات، قالوا:

و ما المبشّرات؟ قال: الرؤيا الصالحة.

و في الغرر ج 1 ص 62 ف 1 ح 1642، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: الرؤيا الصالحة احدى البشارتين.

4-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رجل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في قول

ص:459


1- -الكافي ج 8 ص 90 ح 57
2- الكافي ج 8 ص 90 ح 58
3- الكافي ج 8 ص 90 ح 59

اللّه عزّ و جلّ: لَهُمُ اَلْبُشْرى فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا قال: هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيبشّر بها في دنياه. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، روتها الخاصّة و العامّة، راجع البحار و الدرّ المنثور.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الرؤيا على ثلاثة وجوه: بشارة من اللّه للمؤمن، و تحذير من الشيطان، و أضغاث أحلام. (2)

بيان:

«تحذير من الشيطان» : لعلّ المراد به الأحلام الهائلة المخوفة. و الظاهر أنّه تصحيف و الصحيح"تحزين"كما في البحار. «أضغاث أحلام» أي أحلام مختلطة ملتبسة التي لا يتبيّن حقائقها لاختلاطها.

6-عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، الرؤيا الصادقة و الكاذبة مخرجهما من موضع واحد؟ قال: صدقت، أمّا الكاذبة المختلفة فإنّ الرجل يراها في أوّل ليلة في سلطان المردة الفسقة، و إنّما هي شيء يخيّل إلى الرجل، و هي كاذبة مخالفة لا خير فيها، و أمّا الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة، و ذلك قبل السحر فهي صادقة، لا تخلف إن شاء اللّه، إلاّ أن يكون جنبا أو ينام على غير طهور، و لم يذكر اللّه عزّ و جلّ حقيقة ذكره، فإنّها تختلف و تبطيء على صاحبها. (3)

بيان:

«أمّا الكاذبة المختلفة. . .» : حيث يستولي على الإنسان عادة شهوات ما قد رآه في النهار في أوّل نومه، و كثرت في ذهنه الصور الخياليّة، فيرى في المنام ما يعايشه

ص:460


1- -الكافي ج 8 ص 90 ح 60
2- الكافي ج 8 ص 90 ح 61
3- الكافي ج 8 ص 91 ح 62

في النهار و اختلط بعضها ببعض، و أمّا وقت السحر فزال عنه ما اعتراه من الخيالات الشهوانيّة و الأمور الباطلة مع حلول الملائكة، فما يراه في هذه الحالة فهو من الإفاضات الرحمانيّة بتوسّط الملائكة الروحانيّة.

ثمّ ذكر عليه السّلام علّة تخلّف بعض الرؤيا مع كونها في السحر، فقال: إنّه إمّا بسبب جنابة أو حدث أو غفلة عن ذكر اللّه تعالى. (البحار ج 61 ص 194)

7-عن معمّر بن خلاّد قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: ربّما رأيت الرؤيا فاعبّرها، و الرؤيا على ما تعبّر. (1)

8-عن الحسن بن جهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: الرؤيا على ما تعبّر، فقلت له: إنّ بعض أصحابنا روى: أنّ رؤيا الملك كانت أصغاث أحلام، فقال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ امرأة رأت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّ جذع بيتها قد انكسر، فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: يقدم زوجك و يأتي و هو صالح، و قد كان زوجها غائبا، فقدم كما قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ غاب عنها زوجها غيبة اخرى، فرأت في المنام كأنّ جذع بيتها قد انكسر، فأتت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها: يقدم زوجك و يأتي صالحا فقدم على ما قال.

ثمّ غاب زوجها ثالثة، فرأت في منامها أن جذع بيتها قد انكسر، فلقيت رجلا أعسر، فقصّت عليه الرؤيا، فقال لها الرجل السوء: يموت زوجك، قال: فبلغ ذلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: ألاّ كان عبّر لها خيرا. (2)

بيان:

«الجذع» : ساق النخلة، و المراد به الاسطوانة أو الخشبة التي توضع في سقف البيت.

ص:461


1- -الكافي ج 8 ص 335 ح 527
2- الكافي ج 8 ص 335 ح 528

«رجل أعسر» : المراد رجل شوم، كما في القاموس: يوم عسر و عسير و أعسر: أي شديد أو شوم، و يظهر من أخبار العامّة أنّ هذا الأعسر كان أبا بكر.

(البحار ج 61 ص 165)

9-عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقول:

إنّ رؤيا المؤمن ترفّ بين السماء و الأرض على رأس صاحبها حتّى يعبّرها لنفسه، أو يعبّرها له مثله، فإذا عبّرت لزمت الأرض، فلا تقصّوا رؤياكم إلاّ على من يعقل. (1)

بيان:

«ترفّ» في القاموس: رفّ الطائر أي بسط جناحيه كرفرف، و الرفرفة: تحريك الظليم (شتر مرغ) جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه.

10-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرؤيا لا تقصّ إلاّ على مؤمن خلا من الحسد و البغي. (2)

بيان:

في البحار ج 61 ص 174: إنّما اشترط عليه السّلام ذلك لئلاّ يتعمّد المعبّر تعبيرها بالسوء حسدا و بغيا، ثمّ ذكر رحمه اللّه أخبارا روتها العامّة في ذلك.

11-عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام أنّه قال له رجل من أهل خراسان: يا بن رسول اللّه، رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المنام، كأنّه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي و استحفظتم وديعتي و غيّب في ثراكم نجمي! فقال له الرضا عليه السّلام: أنا المدفون في أرضكم و أنا بضعة نبيّكم، فأنا الوديعة و النجم، ألا و من زارني و هو يعرف ما أوجب اللّه تبارك و تعالى من حقّي و طاعتي فأنا

ص:462


1- -الكافي ج 8 ص 336 ح 529
2- الكافي ج 8 ص 336 ح 530

و آبائي شفعاؤه يوم القيامة، و من كنّا شفعاؤه نجى و لو كان عليه مثل وزر الثقلين؛ الجنّ و الإنس.

و لقد حدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:

من زارني في منامه فقد زارني، لأنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي، و لا في صورة أحد من أوصيائي، و لا في صورة أحد من شيعتهم، و إنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوّة. (1)

أقول:

رواه في أماليه ص 64 م 15 ح 10، و فيه: «من رآني في منامه فقد رآني» .

و بهذا المعنى أخبار، روتها العامّة بأسانيد مختلفة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، منها: «من رآني في المنام فكأنّما رآني في اليقظة و لا يتمثّل الشيطان بي» و منها: «من رآني في المنام فقد رآني، فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي» إلى غير ذلك.

12-عن عليّ بن موسى عن أبيه عن جدّه عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال:

رؤيا الأنبياء وحي. (2)

13-عن أبي المغرا عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: سمعته يقول: من كانت له إلى اللّه حاجة، و أراد أن يرانا و أن يعرف موضعه من اللّه، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا، فإنّه يرانا و يغفر له بنا و لا يخفى عليه موضعه، قلت: سيّدي، فإنّ رجلا رآك في منامه و هو يشرب النبيذ! قال: ليس النبيذ يفسد عليه دينه إنّما يفسد عليه تركنا و تخلّفه عنّا. . . (3)

14-قال الصادق عليه السّلام: إذا كان العبد على معصية اللّه عزّ و جلّ و أراد اللّه به خيرا أراه في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية، و إنّ الرؤيا

ص:463


1- -العيون ج 2 ص 260 ب 66 ح 11
2- أمالي الطوسي ج 1 ص 348
3- الاختصاص للمفيد رحمه اللّه ص 87

الصادقة جزءا من سبعين جزءا من النبوّة. (1)

15-سأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السّلام: الرجل النائم هنا و المرأة النائمة يريان الرؤيا أنّهما بمكة أو مصر من الأمصار أ روحهما خارج (خارجة ف ن) من أبدانهما؟ قال: لا يا أبا بصير، فإنّ الروح إذا فارقت البدن لم تعد إليه غير أنّها بمنزلة عين الشمس مركوزة في السماء في كبدها و شعاعها في الدنيا. (2)

16-قال أبو الحسن عليه السّلام: إنّ المرء إذا خرج (خرجت ف ن) روحه فإنّ روح الحيوان باقية في البدن، فالذى يخرج منه روح العقل و كذلك هو في المنام أيضا. (3)

17-في كتاب التعبير عن الأئمّة عليهم السّلام: أنّ رؤيا المؤمن صحيحة، لأنّ نفسه طيّبة و يقينه صحيح و يخرج روحه فتتلقّى مع الملائكة فهي وحي من اللّه العزيز الجبّار.

و قال عليه السّلام: انقطع الوحي و بقي المبشّرات و هي نوم الصالحين و الصالحات. (4)

18-عن معاوية بن عمّار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ العباد إذا ناموا خرجت أرواحهم إلى السماء، فما رأت الروح في السماء فهو الحقّ، و ما رأت في الهواء فهو الأضغاث. . . (5)

19-عن عليّ عليه السّلام قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الرجل ينام فيرى الرؤيا، فربما كانت حقّا و ربما كانت باطلا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يا عليّ، ما من عبد ينام إلاّ عرج بروحه إلى ربّ العالمين، فما رأى عند ربّ العالمين فهو

ص:464


1- -الاختصاص، ص 234
2- جامع الأخبار ص 171 ف 136( في الروح) -(البحار ج 61 ص 43)
3- جامع الأخبار ص 171
4- جامع الأخبار ص 172
5- أمالي الصدوق ص 145 م 29 ح 16

حقّ، ثمّ إذا أمر اللّه العزيز الجبّار بردّ روحه إلى جسده فصارت الروح بين السماء و الأرض فما رأته فهو أضغاث أحلام. (1)

20-في مواعظ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: لا يحزن أحدكم أن ترفع عنه الرؤيا، فإنّه إذا رسخ في العلم رفعت عنه الرؤيا. (2)

21-عن محمّد بن الرافعي قال: كان لي ابن عمّ يقال له: الحسن بن عبد اللّه، و كان زاهدا، و كان من أعبد أهل زمانه. . . و كان من قبل ذلك يرى الرؤيا الحسنة، و يرى له، ثمّ انقطعت عنه الرؤيا فرأى ليلة أبا عبد اللّه عليه السّلام فيما يرى النائم فشكى إليه انقطاع الرؤيا، فقال: لا تغتمّ فإنّ المؤمن إذا رسخ في الإيمان رفع عنه الرؤيا. (3)

22-عن سدير و محمّد بن النعمان و ابن أذينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّهم حضروه فقال: يا عمر بن أذينة، ما ترى (تروى ف ك) هذه الناصبة في أذانهم و صلاتهم؟ فقلت: جعلت فداك إنّهم يقولون إنّ ابيّ بن كعب الأنصاري رآه في النوم. فقال عليه السّلام: كذبوا و اللّه إنّ دين اللّه تبارك و تعالى أعزّ من أن يرى في النوم. . . (4)

23-كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثير الرؤيا، و لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح. (5)

24-قال أبو محمّد العسكري عليه السّلام: من أكثر المنام رأى الأحلام. (6)

ص:465


1- -أمالي الصدوق ص 146 ح 17
2- تحف العقول ص 42
3- البحار ج 48 ص 52 باب معجزاة موسى بن جعفر عليه السّلام ح 48
4- البحار ج 82 ص 237 باب علل الصلاة ح 1
5- البحار ج 61 ص 182 باب حقيقة الرؤيا ح 45
6- البحار ج 61 ص 190 ح 56

25-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خياركم أولوا النهى، قيل: يا رسول اللّه، و من أولوا النهى؟ فقال: أولوا النهى أولوا الأحلام الصادقة. (1)

26-عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرؤيا ثلاثة: بشرى من اللّه، و تحزين من الشيطان، و الذي يحدّث به الإنسان نفسه فيراه في منامه.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: الرؤيا من اللّه و الحلم من الشيطان. (2)

27-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ألا إنّه لم يبق من مبشّرات النبوّة إلاّ الرؤيا الصالحة، يراها المسلم أو ترى له. (3)

28-قال الصادق عليه السّلام: أسرعها تأويلا رؤيا القيلولة. (4)

أقول:

الأخبار في الرؤيا و تعبيرها و طريقة رؤية النبيّ و الأئمّة عليهم السّلام في المنام كثيرة، راجع البحار و دار السلام للنوريّ رحمه اللّه.

ص:466


1- -البحار ج 61 ص 190 ح 57
2- البحار ج 61 ص 191 ح 58
3- البحار ج 61 ص 192 ح 64
4- البحار ج 61 ص 195

67- الرياء و السمعة

الآيات

1- وَ اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ اَلنّاسِ وَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ مَنْ يَكُنِ اَلشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً. (1)

2- إِنَّ اَلْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ وَ إِذا قامُوا إِلَى اَلصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ اَلنّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اَللّهَ إِلاّ قَلِيلاً. (2)

3- وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ اَلنّاسِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّهِ وَ اَللّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. (3)

4- . . . فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (4)

5- اَلَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ- وَ يَمْنَعُونَ اَلْماعُونَ. (5)

ص:467


1- -النساء:38
2- النساء:142
3- الأنفال:47
4- الكهف:110
5- الماعون:6 و 7

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال لعبّاد بن كثير البصري في المسجد: ويلك يا عبّاد، إيّاك و الرياء فإنّه من عمل لغير اللّه و كله اللّه إلى من عمل له. (1)

بيان:

«الرياء» في المصباح (روى) : . . . رأيت الشيء رؤية: أبصرته بحاسّة البصر، و منه الرياء و هو إظهار العمل للناس ليروه، و يظنّوا به خيرا، فالعمل لغير اللّه نعوذ باللّه منه.

و في المرآة ج 10 ص 87، قال بعض المحقّقين: اعلم أنّ الرياء مشتقّ من الرؤية، و السمعة مشتقّة من السماع، و إنّما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإرائتهم خصال الخير، إلاّ أنّ الجاه و المنزلة يطلب في القلب بأعمال سوى العبادات و يطلب بالعبادات، و اسم الرياء مخصوص بحكم العادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادات و إظهارها. فحدّ الرياء هو إرادة المنزلة بطاعة اللّه تعالى، فالمرائي هو العابد، و المرائى هو الناس المطلوب رؤيتهم لطلب المنزلة في قلوبهم، و المرائى به هي الخصال التي قصد المرائي إظهارها، و الرياء هو قصده إظهار ذلك.

و المرائى به كثيرة و يجمعها خمسة أقسام، و هي مجامع ما يتزيّن العبد به للناس، فهو البدن و الزيّ و القول و العمل و الأتباع و الأشياء الخارجة. . . و الرياء في الدين من جهة البدن، و ذلك بإظهار النحول و الصفار ليوهم بذلك شدّة الاجتهاد و عظم الحزن على أمر الدين، و غلبة خوف الآخرة. . . و أمّا أهل الدنيا فيراؤن بإظهار السمن و صفاء اللون و اعتدال القامة و حسن الوجه و نظافة البدن و قوّة الأعضاء.

ص:468


1- -الكافي ج 2 ص 222 باب الرياء ح 1

و ثانيها: الرياء بالزيّ و الهيئة، أمّا الهيئة فتشعّث شعر الرأس و حلق الشارب و إطراق الرأس في المشي و الهدؤ في الحركة و إيقاء أثر السجود على الوجه و غلظ الثياب و لبس الصوف. . . و أمّا أهل الدنيا فمراآتهم بالثياب النفيسة و المراكب الرفيعة و أنواع التوسّع و التجمّل.

الثالث: الرياء بالقول، و رياء أهل الدين بالوعظ و التذكير و النطق بالحكمة. . .

و تحريك الشفتين بالذكر. . . و إظهار الغضب للمنكرات. . . و أمّا أهل الدنيا فمراآتهم بالقول بحفظ الأشعار و الأمثال. . . و إظهار التودّد إلى الناس لاستمالة القلوب.

الرابع: الرياء بالعمل كمراآة المصلّي بطول القيام و مدّه و تطويل الركوع و السجود و إطراق الرأس و ترك الالتفات. . . و كذلك بالصوم و الحجّ و بالصدقة و بإطعام الطعام. . . و أمّا أهل الدنيا فمراآتهم بالتبختر و الاختيال و تحريك اليدين. . . ليدلّوا بذلك على الجاه و الحشمة.

الخامس: المراآة بالأصحاب و الزائرين و المخالطين كالذي يتكلّف أن يزور عالما من العلماء ليقال: أن فلانا قد زار فلانا أو عابدا من العبّاد لذلك. . . و كالذي يكثر ذكر الشيوخ ليرى أنّه لقي شيوخا كثيرة و استفاد منهم فيباهي بشيوخه. . .

(البحار ج 72 ص 266)

و اعلم أنّ الرياء من الكبائر الموبقة و المعاصي المهلكة، و قد تعاضدت الآيات و الأخبار على ذمّه، و يوجب بطلان العبادة إجماعا، فتجب الإعادة و القضاء إذا كان الرياء داعي المكلّف على العمل، أو كان جزءا من الداعي، نعم إذا كان الداعي على العمل هو اللّه تعالى و أنّه يفرح إذا اطّلع عليه الناس، من غير أن يكون داخلا في قصده، فلا يكون حينئذ باطلا و إن كان مذموما و لكن حكي عن السيّد المرتضى رحمه اللّه أنّه قال: إنّ الرياء سبب لعدم قبول الطاعات و لكن لا يبطلها.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّ رياء شرك، إنّه من عمل للناس كان ثوابه

ص:469

على الناس، و من عمل للّه كان ثوابه على اللّه. (1)

بيان:

في المرآة، «كلّ رياء شرك» : أي هذا هو الشرك الخفيّ فإنّه لمّا أشرك في قصد العبادة غيره تعالى فهو بمنزلة من أثبت معبودا غيره سبحانه كالصنم.

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ. . . قال الرجل: يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه اللّه إنّما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربّه. ثمّ قال:

ما من عبد أسرّ خيرا فذهبت الأيّام أبدا حتّى يظهر اللّه له خيرا، و ما من عبد يسرّ شرّا فذهبت الأيّام أبدا حتّى يظهر اللّه له شرّا. (2)

4-عن محمّد بن عرفة قال: قال لي الرضا عليه السّلام: ويحك يا بن عرفة، اعملوا لغير رياء و لا سمعة، فإنّه من عمل لغير اللّه و كله اللّه إلى ما عمل، ويحك! ما عمل أحد عملا إلاّ ردّاه اللّه، إن خيرا فخير، و إن شرّا فشرّ. (3)

بيان:

في الوافي، «ردّاه اللّه» : أي جعله اللّه في عنقه كالرداء.

في المرآة ج 10 ص 107، «السمعة» بالضمّ و قد يفتح، يكون على وجهين:

أحدهما أن يعمل عملا و يكون غرضه عند العمل سماع الناس له، كما أنّ الرياء هو أن يعمل ليراه الناس فهو قريب من الرياء بل نوع منه، و ثانيهما: أن يسمع عمله الناس بعد الفعل، و المشهور أنّه (أي القسم الثاني) لا يبطل عمله بل ينقص ثوابه أو يزيله، و كأنّ المراد هنا الأوّل.

أقول: قيل في القسم الأوّل: إنّ نسبة السمعة بالرياء العموم المطلق و تكون

ص:470


1- -الكافي ج 2 ص 222 ح 3
2- الكافي ج 2 ص 222 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 223 ح 5-و روى رحمه اللّه صدره في ح 17 عن أمير المؤمنين عليه السّلام

السمعة نوعا من الرياء، و يكون حكمها حكم الرياء، فيبطل العمل إذا كانت داعي المكلّف على العمل أو كانت جزءا من الداعي.

5-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به، فإذا صعد بحسناته يقول اللّه عزّ و جلّ: اجعلوها في سجّين، إنّه ليس إيّاي أراد بها. (1)

بيان:

«سجّين» : من السجن و هو الحبس، و المراد به موضع فيه كتاب الفجّار، و واد في جهنّم، قال تعالى: إِنَّ كِتابَ اَلفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ قيل: لا يكون ذلك العمل رياء و إلاّ لا يصعده الملائكة، بل يسرّ العبد بعمله و يبتهج به، فلا يكون عمله خالصا فلم يقبل منه، و يأتي في باب العجب حديث يدلّ على ذلك.

6-و عنه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ثلاث علامات للمرائي: ينشط إذا رأى الناس، و يكسل إذا كان وحده، و يحبّ أن يحمد في جميع أموره. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم و تحسن فيه علانيتهم، طمعا في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربّهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف، يعمّهم اللّه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم. (3)

بيان:

«دعاء الغريق» : أي كدعاء من أشرف على الغرق، فإنّ الإخلاص و الخضوع فيه أكثر، لانقطاع الرجاء من غيره تعالى، مع ذلك لا يستجاب دعاءهم.

8-قال أبو جعفر عليه السّلام: الإبقاء على العمل أشدّ من العمل، قال:

ص:471


1- -الكافي ج 2 ص 223 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 223 ح 8-و نحوه في الخصال باب الثلاثة عن لقمان أنّه قال لابنه
3- الكافي ج 2 ص 224 ح 14

و ما الإبقاع على العمل؟ قال: يصل الرجل بصلة و ينفق نفقة للّه وحده لا شريك له فكتب له سرّا، ثمّ يذكّرها فتحمى فتكتب له علانية، ثمّ يذكّرها فتحمى و تكتب له رياء. (1)

بيان:

في المرآة، «الإبقاء على العمل» : أي حفظه و رعايته و الشفقة عليه من ضياعه.

9-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسرّه ذلك؟ فقال: لا بأس، ما من أحد إلاّ و هو يحبّ أن يظهر له في الناس الخير، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك. (2)

بيان:

قيل: هذا ينافي ما روي في باب الإخلاص «ما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من عمل للّه» و غيره من الأخبار.

قلنا: إنّ درجات الناس و مراتبهم مختلفة، فإنّ تكليف مثل ذلك بالنظر إلى أكثر الخلق تكليف بما لا يطاق، و إنّ هذه المرتبة من الإخلاص لا ينالها إلاّ الأوحدي من المؤمنين الكاملين.

10-عن عليّ بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال اللّه عزّ و جلّ: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلاّ ما كان لي خالصا. (3)

11-في حديث النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لشمعون: و أمّا علامة المرائي فأربعة: يحرص في العمل للّه إذا كان عنده أحد و يكسل إذا كان وحده، و يحرص في كلّ أمره

ص:472


1- -الكافي ج 2 ص 224 ح 16
2- الكافي ج 2 ص 225 ح 18
3- الكافي ج 2 ص 223 ح 9

على المحمدة، و يحسن سمته بجهده. (1)

12-في مواعظ الحسن العسكريّ عليه السّلام: من الذنوب التي لا تغفر؛ ليتني لا أآخذ إلاّ بهذا.

ثمّ قال عليه السّلام: الإشراك في الناس أخفى من دبيب النمل على المسح الأسود في الليلة المظلمة. (2)

بيان:

«دبيب النمل» : أي مشيه. «المسح» : البلاس.

13-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و اعملوا في غير رئاء و لا سمعة، فإنّه من يعمل لغير اللّه يكله اللّه لمن عمل له. (3)

14-في مجمع البيان فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ. . . جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: إنّي أتصدّق و أصل الرحم و لا أصنع ذلك إلاّ للّه، فيذكر ذلك منّي و أحمد عليه، فيسرّني ذلك و أعجب به؟ فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يقل شيئا فنزلت الآية. (4)

15-عن زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا: لو أنّ عبدا عمل عملا يطلب به رحمة اللّه و الدار الآخرة، ثمّ أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا. (5)

16-قال زيد بن صوحان: يا أمير المؤمنين، . . . فأيّ الخلق أعمى؟

ص:473


1- -تحف العقول ص 23
2- تحف العقول ص 361
3- نهج البلاغة ص 84 في خ 23-الغرر ج 1 ص 135 ف 3 ح 57
4- نور الثقلين ج 3 ص 316( الكهف) ح 269
5- نور الثقلين ج 3 ص 317 ح 278

قال عليه السّلام: الذي عمل لغير اللّه، يطلب بعمله الثواب من عند اللّه عزّ و جلّ. . . (1)

17-عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سئل في ما النجاة غدا؟ فقال: إنّما النجاة في أن لا تخادعوا اللّه فيخدعكم، فإنّه من يخادع اللّه يخدعه و يخلع منه الإيمان، و نفسه يخدع لو يشعر، فقيل له: و كيف يخادع اللّه؟ قال: يعمل بما أمر اللّه به ثمّ يريد به غيره.

فاتّقوا اللّه و اجتنبوا الرياء فإنّه شرك باللّه، إنّ المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر! يا فاجر! يا غادر! يا خاسر! حبط عملك، و بطل أجرك، و لا خلاق لك اليوم فالتمس أجرك ممّن كنت تعمل له. (2)

بيان:

«يدعى بأربعة أسماء» : إنّما يدعى بهذه الأسماء لأنّ فعله يستلزم ذلك.

«الخلاق» : النصيب و الحظّ.

18-عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يؤمر برجال إلى النار، فيقول اللّه جلّ جلاله لمالك: قل للنار: لا تحرق لهم أقداما، فقد كانوا يمشون إلى المساجد، و لا تحرق لهم وجها فقد كانوا يسبغون الوضوء، و لا تحرق لهم أيديا فقد كانوا يرفعونها بالدعاء، و لا تحرق لهم ألسنا فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن، قال: فيقول لهم خازن النار: يا أشقيا، ما كان حالكم؟ قالوا: كنّا نعمل لغير اللّه عزّ و جلّ، فقيل لنا: خذوا ثوابكم ممّن عملتم له. (3)

19-سئل أمير المؤمنين عليه السّلام عن عظيم الشقاء؟ قال: رجل ترك الدنيا للدنيا ففاتته الدنيا و خسر الآخرة، و رجل تعبّد و اجتهد و صام رئاء الناس،

ص:474


1- -البحار ج 77 ص 380
2- البحار ج 72 ص 295 باب الرياء ح 19
3- البحار ج 72 ص 296 ح 21

فذلك الذي حرم لذّات الدنيا، و لحقه التعب الذى لو كان به مخلصا لاستحقّ ثوابه، فورد الآخرة و هو يظنّ أنّه قد عمل ما يثقل به ميزانه، فيجده هباء منثورا. (1)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: و ما الشرك الأصغر يا رسول اللّه؟ قال: هو الرياء، يقول اللّه تعالى يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء.

و قال صلّى اللّه عليه و آله: استعيذوا باللّه من جبّ الخزي، قيل: و ما هو يا رسول اللّه؟ قال:

واد في جهنّم أعدّ للمرائين. (2)

21-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه تعالى لا يقبل عملا فيه مثقال ذرّة من رئاء. (3)

22-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الجنّة تكلّمت و قالت: إنّي حرام على كلّ بخيل و مراء.

و عنه صلّى اللّه عليه و آله قال: إنّ النار و أهلها يعجّون من أهل الرئاء، فقيل: يا رسول اللّه، كيف تعجّ النار؟ قال: من حرّ النار التي يعذّبون بها. . . (4)

بيان:

يقال: عجّ عجّا أي صاح و رفع صوته.

23-عن شداد بن أوس قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرأيت في وجهه ما سائني فقلت: ما الذي أرى بك؟ فقال: أخاف على أمّتي الشرك،

ص:475


1- -البحار ج 72 ص 300 ح 38( عدّة الداعي ص 93 في ب 2)
2- البحار ج 72 ص 303 ح 50
3- البحار ج 72 ص 304 في ح 51
4- البحار ج 72 ص 305 ح 52

فقلت: أ يشركون من بعدك؟ ! فقال: أما إنّهم لا يعبدون شمسا و لا قمرا و لا وثنا و لا حجرا، و لكنّهم يراؤون بأعمالهم، و الرياء هو الشرك (كلاّ) فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً. (1)

أقول:

بمضمونه في جامع السعادات ج 2 ص 387: و فيه كان صلّى اللّه عليه و آله يبكي.

24-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنّه سئل، ما القلب السليم؟ فقال: دين بلا شكّ و هوى، و عمل بلا سمعة و رياء. (2)

25-و قال صلّى اللّه عليه و آله: الشرك أخفى في أمّتي من دبيب النمل على الصفا. (3)

26-قال الصادق عليه السّلام: لا تراء بعملك من لا يحيي و لا يميت و لا يغني عنك شيئا، و الرياء شجرة لا تثمر إلاّ الشرك الخفيّ، و أصلها النفاق، يقال للمرائى عند الميزان: خذ [ثوابا تعدل]ثواب عملك ممّن عملت له، ممّن أشركته معي، فانظر من تعبد و (من) تدعو و من ترجو و من تخاف، و اعلم أنّك لا تقدر على إخفاء شيء من باطنك عليه تعالى و تصير مخدوعا بنفسك، قال اللّه عزّ و جلّ:

يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ. (4)

و أكثر ما يقع الرياء في البصر و الكلام و الأكل و الشرب و المجيء و المجالسة و اللباس و الضحك و الصلاة و الحجّ و الجهاد و قرائة القرآن و ساير العبادات الظاهرة، فمن أخلص باطنه للّه تعالى و خشع له بقلبه و رأى نفسه مقصّرا بعد بذل كلّ مجهود، وجد الشكر عليه حاصلا و يكون ممّن يرجى له الخلاص من الرياء

ص:476


1- -المستدرك ج 1 ص 109 ب 11 من مقدّمة العبادات ح 17
2- المستدرك ج 1 ص 113 ب 12 ح 11
3- المستدرك ج 1 ص 113 ح 13
4- البقرة:9

و النفاق إذا استقام على ذلك في كلّ حال. (1)

أقول:

قد مرّ ما يناسب المقام في باب الإخلاص.

27-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

المرائي ظاهره جميل و باطنه عليل. (الغرر ج 1 ص 60 ف 1 ح 1613)

أيسر الرياء الشرك. (ص 176 ف 8 ح 47)

إنّ أدنى الرياء شرك. (ص 215 ف 9 ح 14)

آفة العبادة الرياء. (ص 304 ف 16 ح 7)

كلّ حسنة لا يراد بها وجه اللّه تعالى فعليها قبح الرياء و ثمرتها قبح الجزاء.

(ج 2 ص 549 ف 62 ح 92)

لا تعمل شيئا من الخير رياء و لا تتركه حياء. (ص 805 ف 85 ح 92)

يسير الرياء شرك. (ص 866 ف 89 ح 1)

ص:477


1- -مصباح الشريعة ص 33 ب 50

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735302C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3437382C2253686F77506167654E756D223A22343738222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503437382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

68- الربا

الآيات

1- اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ اَلرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَما يَقُومُ اَلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ اَلشَّيْطانُ مِنَ اَلْمَسِّ . . . يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اَللّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ اَلرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اَللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا اَلرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَ اِتَّقُوا اَللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. (2)

3-(قال تعالى في ذمّ اليهود:) وَ أَخْذِهِمُ اَلرِّبَوا وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ. . . (3)

4- وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ اَلنّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اَللّهِ وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اَللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْمُضْعِفُونَ. (4)

ص:479


1- -البقرة:275 إلى 279
2- آل عمران:130
3- النساء:161
4- الروم:39

الأخبار

1-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: درهم ربا (عند اللّه) أشدّ من سبعين زنية كلّها بذات محرم. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة، في ح 5: «درهم ربا أشدّ عند اللّه من ثلاثين زنية. . .» و في ح 6: «درهم واحد ربا أعظم من عشرين زنية. . .» و في ح 12: «يا عليّ، درهم ربا أعظم عند اللّه من سبعين زنية كلّها بذات محرم في بيت اللّه الحرام» و في بعضها: «من أربعين زنية» و لعلّ الاختلاف لاختلاف الأشخاص أو لقلّة الربا و كثرته.

2-قال أبو جعفر عليه السّلام: أخبث المكاسب كسب الربا. (2)

3-عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّما حرّم اللّه عزّ و جلّ الربا لكيلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف. (3)

4-عن هشام بن الحكم أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن علّة تحريم الربا؟ فقال: إنّه لو كان الربا حلالا لترك الناس التجارات و ما يحتاجون إليه، فحرّم اللّه الربا لتنفر الناس من الحرام إلى الحلال و إلى التجارات؛ من البيع و الشراء، فيبقى ذلك بينهم في القرض. (4)

5-عن محمّد بن سنان أنّ عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام كتب إليه في جواب مسائله: و علّة تحريم الربا لما نهى اللّه عزّ و جلّ عنه، و لما فيه من فساد الأموال،

ص:480


1- -الوسائل ج 18 ص 117 ب 1 من الربا ح 1
2- الوسائل ج 18 ص 118 ح 2
3- الوسائل ج 18 ص 118 ح 4
4- الوسائل ج 18 ص 120 ح 8

لأنّ الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين، كان ثمن الدرهم درهما و ثمن الآخر باطلا، فبيع الربا و شراؤه و كس على كلّ حال، على المشتري و على البائع، . .

و الاستخفاف بذلك دخول في الكفر، و علّة تحريم الربا بالنسيئة لعلّة ذهاب المعروف، و تلف الأموال، و رغبة الناس في الربح، و تركهم القرض، و القرض صنائع المعروف، و لما في ذلك من الفساد و الظلم و فناء الأموال. (1)

بيان:

و كس الشيء و كسا: نقصه، و وكس التاجر في تجارته: خسر.

6-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (في حديث) : و من أكل الربا ملأ اللّه بطنه من نار جهنّم بقدر ما أكل، و إن اكتسب منه مالا لم يقبل اللّه منه شيئا من عمله، و لم يزل في لعنة اللّه و الملائكة ما كان عنده قيراط. (2)

7-و عنه عليه السّلام: إذا أراد اللّه بقوم هلاكا ظهر فيهم الربا. (3)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: آكل الربا و مؤكله و كاتبه و شاهداه فيه (في الوزر م) سواء. (4)

بيان:

في مجمع البحرين (أكل) ، «لعن اللّه آكل الربا و مؤكله» : يريد البايع و المشتري و الآخذ و المعطي.

9-عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الربا و آكله و بائعه و مشتريه و كاتبه و شاهديه. (5)

ص:481


1- -الوسائل ج 18 ص 121 ح 11
2- الوسائل ج 18 ص 122 ح 15
3- الوسائل ج 18 ص 123 ح 17
4- الوسائل ج 18 ص 126 ب 4 ح 1
5- الوسائل ج 18 ص 127 ح 2

10-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا ظهر الزنا و الربا في قرية، أذن في هلاكها. (1)

11-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لا يقبل اللّه صلاة خمسة نفر: الآبق من سيّده، و امرأة لا يرضى عنها زوجها، و مدمن الخمر، و العاقّ، و آكل الربا. (2)

12-و قال صلّى اللّه عليه و آله: يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلاّ أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من غباره. (3)

13-و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا أكلت امّتي الربا كانت الزلزلة و الخسف. (4)

14-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: معاشر الناس، الفقه ثمّ المتجر، و اللّه للربا في هذه الامّة أخفى من دبيب النمل على الصفا. (5)

15-و قال عليه السّلام: من لم يتفقّه في دينه ثمّ اتّجر ارتطم في الربا ثمّ ارتطم. (6)

أقول:

قد مرّ ما بمعناه مع بيان مفردات الحديث في باب التجارة ح 6 و 19.

و مرّ في باب الذنب أنّ الربا من الكبائر.

ص:482


1- -المستدرك ج 13 ص 332 ب 1 من الربا ح 11
2- المستدرك ج 13 ص 332 ح 17
3- المستدرك ج 13 ص 333 ح 18
4- المستدرك ج 13 ص 333 ح 20
5- البحار ج 103 ص 117 باب الربا ح 16
6- البحار ج 103 ص 118 ح 17

69- الرجعة

اشارة

و فيه فصلان:

الفصل الأوّل: إثباتها

الآيات

1- وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ. (1)

. . . فقال الرجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العامّة تزعم أنّ قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً عنى يوم القيامة. فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ فيحشر اللّه من كلّ أمّة فوجا و يدع الباقين؟ ! لا، و لكنّه في الرجعة، و أمّا آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (2)(3)

ص:483


1- -النمل:83.
2- الكهف:47
3- تفسير القمّي ج 2 ص 130

2- وَ إِذا وَقَعَ اَلْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ اَلْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ اَلنّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ. (1)

الأخبار كثيرة في أنّ المراد بالدابّة أمير المؤمنين عليه السّلام، و أنّه يخرج قبل القيامة في الرجعة.

3- قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اِثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اِثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ. (2)

قال الصادق عليه السّلام: ذلك في الرجعة. (3)

4- إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ اَلْأَشْهادُ. (4)

عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت: قول اللّه تبارك و تعالى: إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا. . . قال: ذلك و اللّه في الرجعة، أما علمت أنّ أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا و قتلوا و الأئمّة بعدهم قتلوا و لم ينصروا، ذلك في الرجعة. (5)

5- وَ حَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ. (6)

عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السّلام قالا: «كلّ قرية أهلك اللّه أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة» فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرجعة، لأنّ أحدا من أهل

ص:484


1- -النمل:82
2- المؤمن:11
3- تفسير القمّي ج 2 ص 256
4- المؤمن:51
5- تفسير القمّي ج 2 ص 258
6- الأنبياء:95

الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلّهم يرجعون إلى القيامة من هلك و من لم يهلك. (1)

أقول:

قد مرّ عنه عليه السّلام: و أمّا آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً

6- وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ اَلْعَذابِ اَلْأَدْنى دُونَ اَلْعَذابِ اَلْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (2)

في تفسير القمّي ج 2 ص 170، قال: العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف و معنى قوله:

لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني فإنّهم يرجعون في الرجعة حتّى يعذّبوا.

7- وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ أَعْمى. (3)

عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال: هي و اللّه النصّاب، قلت: جعلت فداك قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا. قال: ذلك و اللّه في الرجعة يأكلون العذرة. (4)

8- وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اَللّهِ تُحْشَرُونَ. (5)

ورد في الأخبار أنّ مفاد الآية يحصل في الرجعة.

أقول: الأخبار في تفسير الآيات بالرجعة كثيرة، سيأتي بعضها إن شاء اللّه.

و قد استدلّوا لإثبات الرجعة بآيات اخر، مثل: وَ إِذْ أَخَذَ اَللّهُ مِيثاقَ اَلنَّبِيِّينَ

ص:485


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 75
2- السجدة:21
3- طه:124
4- تفسير القمّي ج 2 ص 65
5- آل عمران:158

لَما آتَيْتُكُمْ. . . (1)و إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً (2)و وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ. . . (3)و إِنَّ اَلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (4)و غيرها من الآيات و سيأتي بعض الأخبار الدالّة على ذلك.

الأخبار

1-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: انتهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو نائم في المسجد قد جمع رملا و وضع رأسه عليه، فحرّكه برجله، ثمّ قال له: قم يا دابّة اللّه، فقال رجل من أصحابه: يا رسول اللّه، أ يسمّى بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا و اللّه ما هو إلاّ له خاصّة و هو الدابّة التي ذكر اللّه في كتابه وَ إِذا وَقَعَ اَلْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ اَلْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ اَلنّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ.

ثم قال: يا عليّ، إذا كان آخر الزمان أخرجك اللّه في أحسن صورة و معك ميسم تسم به أعدائك.

فقال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الناس يقولون: هذه الدابّة إنّما تكلّمهم؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كلّمهم اللّه في نار جهنّم، إنّما هو يكلّمهم من الكلام، و الدليل على أنّ هذا في الرجعة قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ- حَتّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قال: الآيات أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السّلام.

ص:486


1- -آل عمران:81
2- المائدة:20
3- النساء:159
4- القصص:85

فقال الرجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ العامّة تزعم أنّ قوله: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً عنى يوم القيامة، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ فيحشر اللّه من كلّ امّة فوجا و يدع الباقين؟ ! لا، و لكنّه في الرجعة، و أمّا آية القيامة فهي: وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً. (1)

بيان:

«الميسم» : الحديدة أو الآلة التي يوسم بها أثر الوسم. «إنّ الناس يقولون هذه الدابّة إنّما تكلّمهم» : يريد أنّها من الكلم بمعنى الجرح أي تجرحهم فردّ عليه السّلام فقال: إنّما هو يكلّمهم من الكلام.

في مجمع البحرين، الرجعة: هي المرّة في الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهديّ عليه السّلام، و هي من ضروريّات مذهب الإماميّة، و عليها من الشواهد القرآنيّة و أحاديث أهل البيت عليهم السّلام ما هو أشهر من أن يذكر، حتّى أنّه ورد عنهم عليهم السّلام «من لم يؤمن برجعتنا و لم يقرّ بمتعتنا فليس منّا» و قد أنكرها الجمهور. . .

قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في البحار ج 53 ص 122 بعد نقل أخبار الباب: اعلم يا أخي، أنّي لا أظنّك ترتاب بعد ما مهّدت و أوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار، و اشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار، حتّى نظموها في أشعارهم، و احتجّوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم و شنع المخالفون عليهم في ذلك، و أثبتوه في كتبهم و أسفارهم، منهم الرازيّ و النيسابوريّ و غيرهما، و قد مرّ كلام ابن أبي الحديد حيث أوضح مذهب الإماميّة في ذلك، و لو لا مخالفة التطويل من غير طائل لأوردت كثيرا من كلماتهم في ذلك.

و كيف يشكّ مؤمن بحقّيّة الأئمّة الأطهار عليهم السّلام فيما تواتر عنهم في قريب من مأتي حديث صريح، رواها نيّف و أربعون من الثقات العظام، و العلماء الأعلام، في أزيد

ص:487


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 130( النمل:85)

من خمسين من مؤلّفاتهم كثقة الإسلام الكليني، و الصدوق محمّد بن بابويه، و الشيخ الطوسيّ و السيّد المرتضى رحمهم اللّه. . .

و إذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أيّ شيء يمكن دعوى التواتر، مع ما روته كافّة الشيعة خلفا عن سلف؟ !

و ظنّي أنّ من يشكّ في أمثالها فهو شاكّ في أئمّة الدين، و لا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين، فيحتال في تخريب الملّة القويمة، بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين، و تشكيكات الملحدين يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اَللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اَللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكافِرُونَ.

و لنذكر لمزيد التشييد و التأكيد أسماء بعض من تعرّض لتأسيس هذا المدّعى و صنّف فيه أو احتجّ على المنكرين، أو خاصم المخالفين، سوى ما ظهر ممّا قدّمنا في ضمن الأخبار، و اللّه الموفّق. منهم أحمد بن داود بن سعيد الجرجاني قال: الشيخ في الفهرست له كتاب المتعة و الرجعة. . .

و في ص 137(فصل) : الرجعة عندنا يختصّ بمن محض الإيمان و محض الكفر، دون من سوى هذين الفريقين، فإذا أراد اللّه تعالى على ما ذكرناه أوهم الشياطين أعداء اللّه عزّ و جلّ أنّهم إنّما ردّوا إلى الدنيا لطغيانهم على اللّه، فيزدادوا عتوّا فينتقم اللّه تعالى منهم بأوليائه المؤمنين، و يجعل لهم الكرّة عليهم، فلا يبقى منهم إلاّ من هو مغموم بالعذاب و النقمة و العقاب، و تصفو الأرض من الطغاة، و يكون الدين للّه تعالى. و الرجعة إنّما هي لممحّضي الإيمان من أهل الملّة، و ممحّضي النفاق منهم دون من سلف من الأمم الخالية. . .

و قال شبر رحمه اللّه في حقّ اليقين ج 2 ص 2: اعلم أنّ ثبوت الرجعة ممّا اجتمعت عليه الشيعة الحقّة، و الفرقة المحقّة، بل هي من ضروريّات مذهبهم. . .

و قال رحمه اللّه في ص 35: قد عرفت من الآيات المتظافرة و الأخبار المتواترة و كلام جملة من المتقدّمين و المتأخّرين من شيعة الأئمّة الطاهرين، أنّ أصل الرجعة حقّ

ص:488

لا ريب فيه و لا شبهة تعتريه، و منكرها خارج عن ربقة المؤمنين، فإنّها من ضروريّات مذهب الأئمّة الطاهرين، و ليست الأخبار الواردة في الصراط و الميزان و نحوها ممّا يجب الإذعان به أكثر عددا و أوضح سندا و أصرح دلالة و أفصح مقالة من أخبار الرجعة. . .

و الأحاديث في رجعة أمير المؤمنين و الحسين عليهما السّلام متواترة معنى، و في باقي الأئمّة قريبة من التواتر، و كيفيّة رجوعهم هل هو على الترتيب أو غيره؟ فكل علمها إلى اللّه سبحانه و إلى أوليائه.

2-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً قال: ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ يرجع حتّى يموت و لا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضا و من محض الكفر محضا. (1)

3-عن حريز عن أبي جعفر عليه السّلام قال: [أنّه]سئل عن جابر فقال: رحم اللّه جابرا بلغ من فقهه أنّه كان يعرف تأويل هذه الآية إِنَّ اَلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ يعني الرجعة. (2)

4-و عن أبي خالد الكابلي عن عليّ بن الحسين عليهما السّلام في قوله: إِنَّ اَلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال: يرجع إليكم نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و الأئمّة عليهم السّلام. (3)

5-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ اَلْأُولى قال: يعني الكرّة هي الآخرة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله، قلت: قوله: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى قال: يعطيك من الجنّة فترضى. (4)

ص:489


1- -تفسير القمّي ج 2 ص 131 ذيل هذه الآية
2- تفسير القمّي ج 2 ص 147( القصص:85)
3- تفسير القمّي ج 2 ص 147
4- تفسير القمّي ج 2 ص 427( الضحى)

بيان:

«الكرّة» : أي الرجعة.

6-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما بعث اللّه نبيّا من لدن آدم فهلّم جرّا، إلاّ و يرجع إلى الدنيا و ينصر أمير المؤمنين عليه السّلام و هو قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني أمير المؤمنين عليه السّلام. (1)

7-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: فضل أمير المؤمنين عليه السّلام ما جاء أخذ به و ما نهى عنه انتهى عنه. . . و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا قسيم الجنّة و النار. . . و إنّي لصاحب الكرّات و دولة الدول و إنّي لصاحب العصا و الميسم و الدابّة التي تكلّم الناس. (2)

8-عن سلمان الفارسي رحمه اللّه عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: سمعته يقول: عندي علم المنايا، و البلايا، و الوصايا، و الأنساب، و الأسباب، و فصل الخطاب، و مولد الإسلام، و موارد الكفر، و أنا صاحب الميسم، و أنا الفاروق الأكبر، و أنا صاحب الكرّات، و دولة الدول، فاسألوني عمّا يكون إلى يوم القيامة، و عمّا كان على عهد كلّ نبيّ بعثه اللّه. (3)

أقول:

بهذا المعنى أخبار اخر، راجع الكافي ج 1 و البحار، و قد مرّ بعضها في باب الإمامة.

9-عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سئل عن قول اللّه:

وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَوْ مُتُّمْ قال: أ تدري يا جابر، ما سبيل اللّه؟ فقلت:

لا و اللّه إلاّ أن أسمعه منك، قال: سبيل اللّه عليّ و ذرّيّته، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل اللّه، و من مات في ولايته مات في سبيل اللّه، ليس من يؤمن من هذه الامّة

ص:490


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 106( آل عمران:81)
2- بصائر الدرجات ص 199 الجزء 4 ب 9 ح 1
3- بصائر الدرجات ص 202 ح 5

إلاّ و له قتلة و ميتة، قال: إنّه من قتل ينشر حتّى يموت، و من مات ينشر حتّى يقتل. (1)

10-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أوّل من تنشقّ الأرض عنه يرجع إلى الدنيا الحسين بن عليّ عليهما السّلام، و إنّ الرجعة ليست بعامّة، و هي خاصّة لا يرجع إلاّ من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا. (2)

11-عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هذه الامور العظام من الرجعة و أشباهها، فقال: إنّ هذا الذي تسألون عنه لم يجئ أوانه، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَ لَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ (3). (4)

أقول:

في تفسير القمّي: نزلت هذه الآية في الرجعة.

12-عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت: نعم، قال: أما يقرؤون القرآن: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً. (5)

13-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً فقال: ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ سيرجع حتّى يموت و لا أحد من المؤمنين مات إلاّ سيرجع حتّى يقتل. (6)

14-عن فيض بن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام تلا هذه الآية:

ص:491


1- -نور الثقلين ج 1 ص 403( آل عمران:157) ح 405
2- البحار ج 53 ص 39 باب الرجعة ح 1
3- يونس:39
4- البحار ج 53 ص 40 ح 4
5- البحار ج 53 ص 40 ح 6
6- البحار ج 53 ص 40 ح 5

وَ إِذْ أَخَذَ اَللّهُ مِيثاقَ اَلنَّبِيِّينَ. . . (1)و قال: ليؤمننّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لينصرنّ عليّا أمير المؤمنين عليه السّلام، قلت: و لينصرنّ أمير المؤمنين؟ قال عليه السّلام: نعم و اللّه، من لدن آدم فهلمّ جرّا، فلم يبعث اللّه نبيّا و لا رسولا إلاّ ردّ جميعهم إلى الدنيا حتّى يقاتلوا بين يديّ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السّلام. (2)

15-قال المأمون (لعنه اللّه) للرضا عليه السّلام: يا أبا الحسن، ما تقول في الرجعة؟ فقال عليه السّلام: إنّها الحقّ قد كانت في الأمم السالفة و نطق بها القرآن، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يكون في هذه الامّة كلّ ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل، و القذّة بالقذّة، و قال صلّى اللّه عليه و آله: إذا خرج المهديّ من ولدي نزل عيسى بن مريم عليهما السّلام فصلّى خلفه. . . (3)

بيان:

«حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة» : ضرب بها مثلا للشيئين يستويان و لا يتفاوتان.

16-عن موسى الحنّاط قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أيّام اللّه ثلاثة:

يوم يقوم القائم عليه السّلام، و يوم الكرّة، و يوم القيامة. (4)

أقول:

بمعناه أخبار اخر.

17-عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي اَلْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلاً (5)قال: في الرجعة. 6

ص:492


1- -آل عمران:81
2- البحار ج 53 ص 41 ح 9
3- البحار ج 53 ص 59 ح 45
4- البحار ج 53 ص 63 ح 53
5- الإسراء:72

18-عن سدير قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجعة؟ فقال: القدريّة تنكرها-ثلاثا-. (1)

19-قال الصادق عليه السّلام: ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا و لم يستحلّ متعتنا. (2)

20-عن عبد اللّه بن نجيح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قوله عزّ و جلّ:

كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ- ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)قال: يعني مرّة في الكرّة و مرّة اخرى يوم القيامة. (4)

21-قال الصادق عليه السّلام: من أقرّ بسبعة أشياء فهو مؤمن، و ذكر منها؛ الإيمان بالرجعة. (5)

22-عن المفضل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قام قائم آل محمّد استخرج من ظهر الكعبة سبعة و عشرين رجلا، خمسة و عشرين من قوم موسى الذين يقضون بالحقّ و به يعدلون، و سبعة من أصحاب الكهف، و يوشع وصيّ موسى، و مؤمن آل فرعون و سلمان الفارسيّ و أبا دجانة الأنصاريّ و مالك الأشتر. (6)

أقول:

الأخبار في الباب كثيرة جدّا تبلغ قرب مائتي حديث.

في زيارة آل يس لإمام العصر عجّل اللّه تعالى فرجه: «و أنّ رجعتكم حقّ لا ريب

ص:493


1- البحار ج 53 ص 67 ح 63
2- البحار ج 53 ص 92 ح 101
3- التكاثر:3 و 4
4- البحار ج 53 ص 120 ح 156
5- البحار ج 53 ص 121 ح 161
6- البحار ج 52 ص 346 باب سيره و أخلاقه ح 92

فيها» .

و في زيارة الجامعة الكبيرة: «مؤمن بإيابكم، مصدّق برجعتكم» و «يردّكم في أيّامه، و يظهركم لعدله، و يمكّنكم في أرضه» و «و يكرّ في رجعتكم» .

و في زيارة الأربعين و الوارث «و بإيابكم موقن بشرايع ديني» .

ص:494

الفصل الثانيّ: وقوع الرجعة في الأمم السالفة

اشارة

ممّا يستدلّ على ثبوت الرجعة في هذه الامّة وقوعها في الامم السالفة لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «يكون في هذه الامّة كلّ ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة» فيجب على هذا الأصل أن تكون الرجعة في هذه الامّة.

الآيات

1- أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ اَلْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اَللّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ. . . (1)

قال الصدوق رحمه اللّه في رسالة العقائد: اعتقادنا في الرجعة أنّها حقّ، و قد قال اللّه عزّ و جلّ: أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ. . . كان هؤلاء سبعين ألف بيت، و كان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة، فيخرج الأغنياء لقوّتهم، و يبقى الفقراء لضعفهم فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون، و يكثر في الذين يقيمون، فيقول الذين يقيمون: لو خرجنا لما أصابنا الطاعون، و يقول الذين خرجوا: لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.

فأجمعوا على أن يخرجوا جميعا من ديارهم، إذا كان وقت الطاعون فخرجوا

ص:495


1- -البقرة:243

بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم اللّه: موتوا، فماتوا جميعا فكنستهم المارّة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء اللّه تعالى.

ثمّ مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له إرميا، فقال: لو شئت يا ربّ، لأحييتهم فيعمروا بلادك، و يلدوا عبادك، و عبدوك مع من يعبدك، فأوحى اللّه تعالى إليه: أ فتحبّ أن احييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم اللّه له، و بعثهم معه، فهؤلاء ماتوا و رجعوا إلى الدنيا ثمّ ماتوا بآجالهم. . . (البحار ج 53 ص 128)

أقول: «إرميا» في رواية روضة الكافي"حزقيل". (نور الثقلين ج 1 ص 242)

2- أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اَللّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ. . . (1)

أقول:

المارّ هو عزير كما في بعض الروايات و في بعضها هو إرميا (راجع نور الثقلين ج 1 ص 269 و غيره) و القرية التي مرّ عليها هي بيت المقدس لمّا خرّبه بخت نصر و هي خالية عن أهلها و خرابة قالَ أَنّى يُحْيِي هذِهِ اَللّهُ بَعْدَ مَوْتِها و لم يقل إنكارا و لا ارتيابا لكنّه أحبّ أن يريه اللّه إحياءها فأماته اللّه مائة عام ثمّ بعثه حيّا.

في تفسير القمّي (في حديث طويل عن الباقر عليه السّلام في جواب عالم النصارى، فكان فيما سأله) قال النصرانيّ: أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت منه بابنين، حملتهما جميعا في ساعة واحدة، و وضعتهما في ساعة واحدة، و ماتا في ساعة واحدة، و دفنا في ساعة واحدة في قبر واحد، عاش أحدهما خمسين و مائة سنة و عاش الآخر خمسين سنة، من هما؟

قال أبو جعفر عليه السّلام: هما عزير و عزرة كانت حملت امّهما على ما وصفت، و وضعتهما

ص:496


1- -البقرة:259

على ما وصفت، و عاش عزرة و عزير ثلاثين سنة، ثمّ أمات اللّه عزيرا مأة سنة و بقي عزرة يحيى. ثمّ بعث اللّه عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة و ماتا جميعا في ساعة واحدة فدفنا في قبر واحد. . . (1)

و في مجمع البيان: روى عن عليّ عليه السّلام أنّ عزيرا خرج من أهله و امرأته حامل و له خمسون سنة، فأماته اللّه مأة سنة ثمّ بعثه فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة و لها ابن له مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه فذلك من آيات اللّه.

(نور الثقلين ج 1 ص 269)

3- وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ اَلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اِجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اِعْلَمْ أَنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (2)

هذه الرجعة وقعت في الحيوانات حيث أمر إبراهيم عليه السّلام بأخذ أربعة من الطير و تقطيعهنّ ثمّ أحياهنّ اللّه بقدرته.

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ إبراهيم عليه السّلام نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكله سباع البرّ و سباع البحر ثمّ تحمل السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا، فتعجّب إبراهيم عليه السّلام فقال رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى. . . .

فأخذ إبراهيم عليه السّلام الطاووس و الديك و الحمام و الغراب فقال اللّه عزّ و جلّ:

فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ أي قطّعهنّ ثمّ اخلط لحمهنّ و فرّقهنّ على عشرة جبال، ثمّ خذ مناقيرهنّ، و ادعهنّ يأتينك سعيا، ففعل إبراهيم ذلك و فرّقهنّ على عشرة جبال ثمّ دعاهنّ، فقال: أجيبيني بإذن اللّه تعالى، فكانت تجتمع و يتألّف لحم كلّ

ص:497


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 99( آل عمران:16)
2- البقرة:260

واحد و عظمه إلى رأسه و طارت إلى إبراهيم، فعند ذلك قال إبراهيم: أَنَّ اَللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. (1)

4- ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (2)

في تفسير القمّي ج 1 ص 47 ذيل الآية: فهم السبعون الذين اختارهم موسى ليسمعوا كلام اللّه فلمّا سمعوا الكلام قالوا لن نؤمن لك يا موسى، حتّى نرى اللّه جهرة فبعث اللّه عليهم صاعقة فاحترقوا ثمّ أحياهم اللّه بعد ذلك و بعثهم أنبياء، فهذا دليل على الرجعة في أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فإنّه قال صلّى اللّه عليه و آله: لم يكن في بني إسرائيل شيء إلاّ و في امّتي مثله.

5- . . . وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ اَلْكِتابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ اَلتَّوْراةَ وَ اَلْإِنْجِيلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ اَلطِّينِ كَهَيْئَةِ اَلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَ تُبْرِئُ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَ إِذْ تُخْرِجُ اَلْمَوْتى بِإِذْنِي. . . (3)

فإنّ الذين أحياهم عيسى عليه السّلام بإذن اللّه رجعوا إلى الدنيا و بقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم. راجع البحار ج 14 باب فضل عيسى عليه السّلام و غيره

ص:498


1- -تفسير القمّي ج 1 ص 91 ذيل الآية
2- البقرة:56
3- المائدة:110

70- الرحم

الآيات

1- وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي اَلْقُرْبى. . . (1)

2- لَيْسَ اَلْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ . . . وَ آتَى اَلْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبى وَ اَلْيَتامى. . . (2)

3- . . . وَ اِتَّقُوا اَللّهَ اَلَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ اَلْأَرْحامَ إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. (3)

4- . . . إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبابِ . . . -وَ اَلَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ . . . -وَ اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اَللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اَللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي اَلْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ اَلدّارِ. (4)

5- إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى. . . (5)

ص:499


1- -البقرة:83
2- البقرة:177
3- النساء:1
4- الرعد:19 و 20 و 25
5- النحل:90

6- وَ آتِ ذَا اَلْقُرْبى حَقَّهُ وَ اَلْمِسْكِينَ وَ اِبْنَ اَلسَّبِيلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً. (1)

7- فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ- أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اَللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ. (2)

الأخبار

1-قال أبو الحسن الرضا عليه السّلام: يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيّرها اللّه ثلاثين سنة و يفعل اللّه ما يشاء. (3)

بيان:

في المفردات: «الرحم» رحم المرأة. . . و منه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة، يقال: رحم و رحم.

قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه: اعلم أنّ العلماء اختلفوا في الرحم التي يلزم صلتها، فقيل:

الرحم و القرابة نسبة و اتّصال بين المنتسبين يجمعها رحم واحدة، و قيل: الرحم عبارة عن قرابة الرجل من جهة طرفيه، آبائه و إن علوا، و أولاده و إن سفلوا، و ما يتّصل بالطرفين من الإخوة و الأخوات و أولادهم و الأعمام و العمّات، و قيل:

الرحم التي تجب صلتها كلّ رحم بين اثنين لو كان ذكرا لم يتناكحا، فلا يدخل فيهم أولاد الأعمام و الأخوال.

و قيل: هي عامّ في كلّ ذي رحم من ذوي الأرحام المعروفين بالنسب محرّمات أو غير محرّمات و إن بعدوا، و هذا أقرب إلى الصواب بشرط أن يكونوا في العرف من الأقارب، و إلاّ فجميع الناس يجمعهم آدم و حواء. . .

و قال الشهيد الثاني رحمه اللّه: اختلف الأصحاب في أنّ القرابة من هم؟ لعدم النصّ

ص:500


1- -الإسراء:26 و بمدلولها في الروم:38
2- محمّد صلّى اللّه عليه و آله:22 و 23
3- الكافي ج 2 ص 121 باب صلة الرحم ح 3

الوارد في تحقيقه، فالأكثر أحالوه على العرف و هم المعروفون بنسبه عادة، سواء في ذلك الوارث و غيره. . . (المرآة ج 8 ص 360)

أقول: المراد بصلة الرحم الإحسان إليهم و التعطّف عليهم و الرفق بهم و الرعاية لأحوالهم و الإنفاق إليهم، و قطع الرحم ضدّ ذلك كلّه، و لصلة الرحم درجات متفاوتة أدناها الكلام و السلام و ترك المهاجرة، و يختلف ذلك أيضا باختلاف القدرة عليها و الحاجة إليها، فمن الصلة ما يجب و هو ما يخرج به عن القطيعة، فإنّ قطيعة الرحم معصية بل هي من الكبائر، و منها ما يستحبّ و هو ما زاد على ذلك.

2-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه، أهل بيتي أبوا إلاّ توثّبا عليّ، و قطيعة لي و شتيمة، فأرفضهم؟ قال: إذا يرفضكم اللّه جميعا، قال: فكيف أصنع؟ قال: تصل من قطعك، و تعطي من حرمك، و تعفو عمّن ظلمك، فإنّك إذا فعلت ذلك كان لك من اللّه عليهم ظهير. (1)

بيان:

«توثّبا عليّ» الوثب: الطفر (جستن) و واثبه بادره و انقضّ عليه و توثّب عليه في أرضه استولى عليها ظلما. «الشتيمة» : اسم من شتم أي الفحش. «رفضه» : أي تركه، و المراد برفض اللّه سلب رحمته و نصرته و إنزال عقوبته.

3-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: صلة الأرحام تزكّي الأعمال، و تنمي الأموال، و تدفع البلوى، و تيسّر الحساب، و تنسيء في الأجل. (2)

بيان:

«تزكّي الأعمال» : أي تنميها في الثواب أو تطهّرها من النقائص أو تصيّرها مقبولة

ص:501


1- -الكافي ج 2 ص 120 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 121 ح 4

«تنسيء في الأجل» : أي تؤخّر فيه من النسأ أي التأخير.

أقول: في ح 9: «منساة في الأجل» و المعنى واحد.

4-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أوصي الشاهد من امّتي و الغائب منهم، و من في أصلاب الرجال و أرحام النساء إلى يوم القيامة؛ أن يصل الرحم و إن كانت منه على مسيرة سنة، فإنّ ذلك من الدين. (1)

5-عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: صلة الأرحام تحسّن الخلق، و تسمّح الكفّ، و تطيّب النفس، و تزيد في الرزق، و تنسيء في الأجل. (2)

6-عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

صل رحمك و لو بشربة من ماء، و أفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، و صلة الرحم منسأة في الأجل، محببة في الأهل. (3)

بيان:

في المرآة، «محببة» : في بعض النسخ على صيغة اسم الفاعل من باب التفعيل، و في بعضها بفتح الميم على بناء المجرد، إمّا على المصدر على المبالغة أي سبب لمحبّة الأهل أو اسم المكان أي مظنّة كثرة المحبّة لأنّ الإنسان عبيد الإحسان.

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلة الرحم و حسن الجوار، يعمران الديار و يزيدان في الأعمار. (4)

8-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ أعجل الخير ثوابا صلة الرحم. (5)

ص:502


1- -الكافي ج 2 ص 121 ح 5
2- الكافي ج 2 ص 121 ح 6-و مثله ح 12 عن أبي جعفر عليه السّلام
3- الكافي ج 2 ص 121 ح 9
4- الكافي ج 2 ص 122 ح 14
5- الكافي ج 2 ص 122 ح 15

9-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: صلوا أرحامكم و لو بالتسليم، يقول اللّه تبارك و تعالى: وَ اِتَّقُوا اَللّهَ اَلَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ اَلْأَرْحامَ إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً. (1)

10-عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ صلة الرحم و البرّ ليهوّنان الحساب و يعصمان من الذنوب، فصلوا أرحامكم، و برّوا بإخوانكم و لو بحسن السلام و ردّ الجواب. (2)

11-عن الجهم بن حميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: تكون لي القرابة على غير أمري، أ لهم عليّ حقّ؟ قال: نعم حقّ الرحم لا يقطعه شيء، و إذا كانوا على أمرك كان لهم حقّان: حقّ الرحم و حقّ الإسلام. (3)

12-عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار. (4)

13-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كفر باللّه من تبرّأ من نسب و إن دقّ. (5)

بيان:

«و إن دقّ» : يعني و إن بعد، أو و إن كان خسيسا دنيّا. (المرآة ج 10 ص 376)

14-عن الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا ظهر العلم و احترز العمل و ائتلفت الألسن و اختلفت القلوب و تقاطعت

ص:503


1- -الكافي ج 2 ص 124 ح 22
2- الكافي ج 2 ص 125 ح 31
3- الكافي ج 2 ص 125 ح 30
4- الكافي ج 2 ص 260 باب قطيعة الرحم ح 8
5- الكافي ج 2 ص 261 باب الانتفاء ح 1 و 2

الأرحام هنالك لعنهم اللّه فأصمّهم و أعمى أبصارهم. (1)

15-عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في كلام له: إيّاكم و عقوق الوالدين فإنّ ريح الجنّة يوجد من مسيرة ألف عام، و لا يجدها عاقّ و لا قاطع، و لا شيخ زان و لا جارّ إزاره خيلاء إنّما الكبرياء للّه ربّ العالمين. (2)

16-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قطيعة الرحم تحجب الدعاء. (3)

17-في حديث مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من مشى إلى ذي قرابة بنفسه و ماله ليصل رحمه، أعطاه اللّه عزّ و جلّ أجر مائة شهيد، و له بكلّ خطوة أربعون ألف حسنة و يمحى عنه أربعون ألف سيّئة، و يرفع له من الدرجات مثل ذلك، و كأنّما عبد اللّه مائة سنة صابرا محتسبا. (4)

18-عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في الجنّة درجة لا يبلغها إلاّ إمام عادل، أو ذو رحم وصول، أو ذو عيال صبور. (5)

19-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قطيعة الرحم تورث الفقر. (6)

20-عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ المرء ليصل رحمه و ما بقي من عمره إلاّ ثلاث سنين فيمدّها اللّه إلى ثلاث و ثلاثين سنة، و إنّ المرء ليقطع رحمه و قد بقي من عمره ثلاث و ثلاثون سنة، فيقصّرها اللّه إلى ثلاث سنين أو أدنى.

قال الحسين: و كان جعفر يتلو هذه الآية: يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ

ص:504


1- -الوسائل ج 21 ص 494 ب 95 من أحكام الأولاد ح 7
2- الوسائل ج 21 ص 501 ب 104 ح 6
3- المستدرك ج 15 ص 185 ب 71 من أحكام الأولاد ح 14
4- البحار ج 74 ص 89 باب صلة الرحم ح 6
5- البحار ج 74 ص 90 ح 9
6- البحار ج 74 ص 91 ح 12

اَلْكِتابِ (1). (2)

21-في نهج البلاغة قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و أكرم عشيرتك، فإنّهم جناحك الذي به تطير، و أصلك الذي إليه تصير، و يدك التي بها تصول. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب جهنّم، الذنب، الصدقة، عرض الأعمال، الوالدين و. . .

ص:505


1- -الرعد:39
2- البحار ج 74 ص 99 ح 42
3- البحار ج 74 ص 105 ح 67

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735312C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3530362C2253686F77506167654E756D223A22353036222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503530362E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

71- الرزق

الآيات

1- . . . هُدىً لِلْمُتَّقِينَ- اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ اَلصَّلاةَ وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. (1)

2- يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ. . . (2)

3- . . . إِنَّ اَللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ. (3)

4- . . . كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اَللّهُ وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ اَلشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. (4)

5- . . . فَآواكُمْ وَ أَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَ رَزَقَكُمْ مِنَ اَلطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. (5)

ص:507


1- -البقرة:2 و 3 و بمدلولها في الأنفال:3
2- البقرة:254
3- آل عمران:37 و بهذا المعنى آيات كثيرة.
4- الأنعام:142
5- الأنفال:26

6- . . . وَ أَقامُوا اَلصَّلاةَ وَ أَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً. . . (1)

7- اَللّهُ يَبْسُطُ اَلرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ. . . (2)

8- وَ اَللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي اَلرِّزْقِ. . . (3)

9- فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اَللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَ اُشْكُرُوا نِعْمَتَ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ. (4)

10- كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي. . . (5)

11- وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا، اَللّهُ يَرْزُقُها وَ إِيّاكُمْ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ. (6)

12- . . . هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اَللّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ. . . (7)

13- وَ لَوْ بَسَطَ اَللّهُ اَلرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي اَلْأَرْضِ وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ. (8)

14- وَ فِي اَلسَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ- فَوَ رَبِّ اَلسَّماءِ وَ اَلْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ. (9)

ص:508


1- -الرعد:22
2- الرعد:26
3- النحل:71
4- النحل:114 و بمضمونها في البقرة:172
5- طه:81
6- العنكبوت:60
7- فاطر:3 و بمعناها آيات كثيرة
8- الشورى:27
9- الذاريات:22 و 23

15- وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ. . . (1)

16- . . . وَ مَنْ يَتَّقِ اَللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً- وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ. . . (2)

الأخبار

1-عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه جاء إليه رجل، فقال له: بأبي أنت و أمّي يا بن رسول اللّه، علّمني موعظة، فقال عليه السّلام: إن كان اللّه تبارك و تعالى قد تكفّل بالرزق فاهتمامك لماذا، و إن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا، و إن كان الحساب حقّا فالجمع لماذا. . . (3)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 219، الأرزاق نوعان: ظاهرة للأبدان كالأقوات، و باطنة للقلوب و النفوس كالمعارف و العلوم. و في المصباح، و الرزق بالكسر اسم للمرزوق و الجمع الأرزاق. . . و في المفردات: الرزق، يقال للعطاء الجاري تارة دنيويّا كان أم اخرويّا، و للنصيب تارة، و لما يصل إلى الجوف و يتغذّى به تارة، يقال: أعطى السلطان رزق الجند، و رزقت علما. . .

2-عن حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له: يا بنيّ، ليعتبر من قصر يقينه و ضعفت نيّته في طلب الرزق، إنّ اللّه تبارك و تعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره، و آتاه رزقه، و لم يكن له في واحدة منها كسب و لا حيلة، إنّ اللّه تبارك و تعالى سيرزقه في الحال الرابعة.

أمّا أوّل ذلك فإنّه كان في رحم امّه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه

ص:509


1- -المنافقون:10
2- الطلاق:2 و 3
3- أمالي الصدوق ص 7 م 2 ح 5

حرّ و لا برد، ثمّ أخرجه من ذلك و أجرى له رزقا من لبن امّه يكفيه به و يربّيه و ينعشه من غير حول به و لا قوّة، ثمّ فطم من ذلك فأجرى له رزقا من كسب أبويه برأفة و رحمة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك، حتّى أنّهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة، حتّى إذا كبر و عقل و اكتسب لنفسه ضاق به أمره و ظنّ الظنون بربّه و جحد الحقوق في ماله و قتر على نفسه و عياله مخافة إقتار رزق و سوء يقين (ظنّ و يقين ف ن) بالخلف من اللّه تبارك و تعالى في العاجل و الآجل، فبئس العبد هذا يا بنيّ. (1)

بيان:

«ينعشه» : أي يتداركه من الهلكة. «فطم الولد» : فصله عن الرضاع. «الخلف» :

البدل و العوض.

3-عن الأصبغ قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: قال اللّه تبارك و تعالى لموسى عليه السّلام: يا موسى، احفظ وصيّتي لك بأربعة أشياء: أوّلهنّ ما دمت لا ترى ذنوبك تغفر فلا تشغل بعيوب غيرك، و الثانية ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتمّ بسبب رزقك، و الثالثة ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري، و الرابعة ما دمت لا ترى الشيطان ميّتا فلا تأمن مكره. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرزق يطلب العبد أشدّ طلبا من أجله. (3)

5-و قال صلّى اللّه عليه و آله: لأبي ذرّ: يا أبا ذرّ، لو أنّ ابن آدم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت. (4)

ص:510


1- -الخصال ج 1 ص 122 باب الثلاثة ح 114
2- الخصال ج 1 ص 217 باب الأربعة ح 41(التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 372 باب القضاء و القدر ح 14)
3- جامع الأخبار ص 108 ف 65
4- جامع الأخبار ص 108

6-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الرزق لينزل من السماء إلى الأرض على عدد قطر المطر إلى كلّ نفس بما قدّر لها، و لكن للّه فضول فأسألوا اللّه من فضله. (1)

7-لمّا نزلت هذه الآية: وَ سْئَلُوا اَللّهَ مِنْ فَضْلِهِ فقال أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما هذا الفضل؟ أيّكم يسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك؟ فقال عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: أنا أسأله فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه خلق خلقه و قسّم لهم أرزاقهم من حلّها و عرض لهم بالحرام فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام و حوسب به. (2)

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه تبارك و تعالى: وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاّ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ قال: هو قول الرجل: لو لا فلان لهلكت، و لو لا فلان لما أصبت كذا و كذا، و لو لا فلان لضاع عيالي، أ لا ترى أنّه قد جعل للّه شريكا في ملكه يرزقه و يدفع عنه؟ قلت: فنقول: لو لا أنّ اللّه منّ عليّ بفلان لهلكت، قال:

نعم لا بأس بهذا و نحوه. (3)

9-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو أنّكم تتوكّلون على اللّه حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصا و تروح بطانا. (4)

10-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لم يعلم فضل نعم اللّه عزّ و جلّ عليه إلاّ في مطعمه و مشربه فقد قصر علمه و دنا عذابه. (5)

11-في خبر مناهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: من لم يرض بما قسم اللّه له من الرزق،

ص:511


1- -البحار ج 5 ص 145 باب الأرزاق ح 1
2- البحار ج 5 ص 146 ح 3
3- البحار ج 5 ص 148 ح 12
4- البحار ج 71 ص 151 باب التوكّل ح 51
5- البحار ج 71 ص 49 باب الشكر ح 64

و بثّ شكواه، و لم يصبر و لم يحتسب، لم ترفع له حسنة، و يلقى اللّه و هو عليه غضبان إلاّ أن يتوب. (1)

12-عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه تبارك و تعالى:

يا ابن آدم، يؤتى كلّ يوم برزقك و أنت تحزن، و ينقص كلّ يوم من عمرك و أنت تفرح، أنت فيما يكفيك و تطلب ما يطغيك، لا بقليل تقنع و لا من كثير تشبع. (2)

13-قال سيّدنا الصادق عليه السّلام: من اهتمّ لرزقه كتب عليه خطيئة، إنّ دانيال كان في زمن ملك جبّار عات أخذه فطرحه في جبّ و طرح معه السباع فلم تدنوا منه و لم تجرحه، فأوحى اللّه إلى نبيّ من أنبيائه: أن ائت دانيال بطعام، قال: يا ربّ، و أين دانيال؟ قال: تخرج من القرية فيستقبلك ضبع، فاتّبعه فإنّه يدلّك، فأتت به الضبع إلى ذلك الجبّ، فإذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام.

فقال دانيال: «الحمد للّه الذي لا ينسى من ذكره، الحمد للّه الذي لا يخيب من دعاه، الحمد للّه الذي من توكّل عليه كفاه، الحمد للّه الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، الحمد للّه الذي يجزي بالإحسان إحسانا و بالصبر نجاتا» .

ثمّ قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه أبى إلاّ (أن) يجعل أرزاق المتّقين من حيث لا يحتسبون، و أن لا يقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين. (3)

بيان:

«عات» يقال بالفارسيّة: سركش. «ضبع» يقال بالفارسيّة: كفتار.

14-عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عزّ و جلّ أوسع في أرزاق الحمقى لتعتبر العقلاء، و يعلموا أنّ الدنيا لا تنال بالعقل

ص:512


1- -البحار ج 72 ص 326 باب ذمّ الشكاية ح 6
2- البحار ج 103 ص 27 باب الإجمال في الطلب ح 39
3- البحار ج 103 ص 28 ح 45

و لا بالحيلة. (1)

15-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أبى اللّه أن يرزق عبده إلاّ من حيث لا يعلم، فإنّ العبد إذا لم يعلم وجه رزقه كثر دعاؤه. (2)

16-عن الحسين عليه السّلام أنّه قال لرجل: يا هذا، لا تجاهد في الرزق جهاد الغالب، و لا تتّكل على القدر اتّكال مستسلم، فإنّ اتّباع الرزق من السنّة، و الإجمال في الطلب من العفّة، و ليس العفّة بمانعة رزقا.

قال عليه السّلام: و لا الحرص بجالب فضلا و إنّ الرزق مقسوم، و الأجل مخترم، و استعمال الحرص طلب المأثم. (3)

بيان:

اخترمه: أهلكه و استأصله، و اخترمه الموت: أخذه و «المخترم» : المهلك.

17-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو كان العبد في حجر لأتاه رزقه فأجملوا في الطلب. (4)

18-إنّ سليمان عليه السّلام كان جالسا على شاطىء بحر فبصر بنملة تحمل حبّة قمح تذهب بها نحو البحر، فجعل سليمان ينظر إليها حتّى بلغت الماء فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء و فتحت فاها، فدخلت النملة فاها و غاصت الضفدعة في البحر ساعة طويلة، و سليمان يتفكّر في ذلك متعجّبا، ثمّ إنّها خرجت من الماء و فتحت فاها فخرجت النملة من فيها، و لم تكن معها الحبّة فدعاها سليمان و سألها عن حالها و شأنها و أين كانت.

فقالت: يا نبيّ اللّه، في قعر هذا البحر الذي تراه صخرة مجوفّة و في جوفها دودة

ص:513


1- -البحار ج 103 ص 28 ح 47
2- البحار ج 103 ص 30 ح 55
3- البحار ج 103 ص 27 ح 41 و 42-و بمضمونه ح 66 عن المجتبى عليه السّلام
4- البحار ج 103 ص 35 ح 71( التمحيص ص 53 ح 103)

عمياء، و قد خلقها اللّه تعالى هنالك فلا تقدر أن تخرج منها لطلب معاشها و قد وكّلني اللّه برزقها، فأنا أحمل رزقها و سخّر اللّه هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرّني الماء في فيها، و تضع فاها على ثقب الصخرة و أدخلها، ثمّ إذا أوصلت رزقها إليها خرجت من ثقب الصخرة إلى فيها فتخرجني من البحر.

قال سليمان: و هل سمعت لها من تسبيحة؟ قالت: نعم، تقول: يا من لا تنساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجّة برزقك، لا تنس عبادك المؤمنين برحمتك. (1)

بيان:

«القمح» : البرّ (گندم) . «الضفدعة» : يقال بالفارسيّة: قورباغه.

19-عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل قال: لأقعدنّ في بيتي، و لأصلّينّ و لأصومنّ و لأعبدنّ ربّي، فأمّا رزقي فسيأتيني، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم. (2)

20-إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ خلق الخلق، و خلق معهم أرزاقهم حلالا، فمن تناول شيئا منها حراما قصّ به من ذلك الحلال. (3)

21-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و قدّر الأرزاق فكثّرها و قلّلها و قسّمها على الضيق و السعة، فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها و معسورها، و ليختبر بذلك الشكر و الصبر من غنيّها و فقيرها، ثمّ قرن بسعتها عقابيل فاقتها، و بسلامتها طوارق آفاتها، و بفرج أفراحها غصص أتراحها. . . (4)

ص:514


1- -البحار ج 103 ص 36 ح 76
2- الوسائل ج 17 ص 25 ب 5 من مقدّمات التجارات ح 2
3- الوسائل ج 17 ص 46 ب 12 ح 6
4- نهج البلاغة ص 262 في خ 90-صبحي ص 134 في خ 91

بيان:

«العقابيل» : الشدائد، جمع عقبول و عقبولة، و أصل العقابيل: قروح صغار تخرج بالشفة من آثار المرض (تب خال) . «الفرج» : جمع فرجة، و هي التفصّي من الهمّ «الغصّة» : جمع غصص و هي الشجى في الحلق، و هنا كناية عن الهمّ و الحزن و الاضطراب. «الترح» : جمع أتراح، و هو الغمّ و الهلاك.

22-في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: . . . و اعلم يا بنيّ، أنّ الرزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك، فإن أنت لم تأته أتاك، ما أقبح الخضوع عند الحاجة، و الجفاء عند الغنى، إنّما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك. . . (1)

23-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الرزق رزقان: رزق تطلبه و رزق يطلبك فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل همّ سنتك على همّ يومك، كفاك كلّ يوم ما فيه، فإن تكن السنة من عمرك فإن اللّه تعالى سيؤتيك في كلّ غد جديد ما قسم لك، و إن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهمّ لما ليس لك، و لن يسبقك إلى رزقك طالب، و لن يغلبك عليه غالب، و لن يبطئ عنك ما قد قدر لك. (2)

24-و قال عليه السّلام: يا بن آدم، لا تحمل همّ يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك، فإنّه إن يك من عمرك يأت اللّه فيه برزقك. (3)

أقول:

لاحظ ما يناسب المقام في أبواب الحرص، الحرام، الذنب، الفقر و. . .

ص:515


1- -نهج البلاغة ص 935 في ر 31
2- نهج البلاغة ص 1266 ح 371
3- نهج البلاغة ص 1216 ح 259

أسباب ازدياد الرزق

1-عن سعيد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: . . . ثمّ قال عليه السّلام: أ لا أنبّئكم بعد ذلك بما يزيد في الرزق؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال:

الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق، و التعقيب بعد الغداة و بعد العصر يزيد في الرزق، و صلة الرحم يزيد في الرزق، و كسح الفنا يزيد في الرزق، و مواساة الأخ في اللّه عزّ و جلّ يزيد في الرزق، و البكور في طلب الرزق يزيد في الرزق، و الاستغفار يزيد في الرزق.

و استعمال الأمانة يزيد في الرزق، و قول الحقّ يزيد في الرزق، و إجابة المؤذّن يزيد في الرزق، و ترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق، و ترك الحرص يزيد في الرزق، و شكر المنعم يزيد في الرزق، و اجتناب اليمين الكاذبة يزيد في الرزق، و الوضوء قبل الطعام يزيد في الرزق، و أكل ما يسقط من الخوان يزيد في الرزق، و من سبّح اللّه كلّ يوم ثلاثين مرّة دفع اللّه عزّ و جلّ عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الفقر. (1)

بيان:

«الفناء» : الساحة أمام البيت.

2-عن زيد الشحّام عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ادع في طلب الرزق في المكتوبة و أنت ساجد: «يا خير المسؤولين و يا خير المعطين ارزقني و ارزق

ص:516


1- -الخصال ج 2 ص 504 باب الستّة عشر ح 2

عيالي من فضلك الواسع فإنّك ذو الفضل العظيم» . (1)

3-عن الحسين بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: جعلت فداك إنّهم يقولون: إنّ النوم بعد الفجر مكروه لأنّ الأرزاق تقسّم في ذلك الوقت، فقال:

الأرزاق موظوفة مقسومة، و للّه فضل يقسّمه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و ذلك قوله: وَ سْئَلُوا اَللّهَ مِنْ فَضْلِهِ ثمّ قال: و ذكر اللّه بعد طلوع الفجر أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض. (2)

4-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يزيد في الرزق و لا يردّ القدر إلاّ الدعاء و لا يزيد [في]العمر إلاّ البرّ.

. . . و أقوى الأسباب الجالبة للرزق، إقامة الصلاة بالتعظيم و الخشوع، و قراءة سورة «الواقعة» خصوصا بالليل و وقت العشاء، و سورة «يس» و «تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ» وقت الصبح، و حضور المسجد قبل الأذان و المداومة على الطهارة و أداء سنّة الفجر و الوتر في البيت، و أن لا يتكلّم بكلام اللغو. . . (3)

أقول:

نذكر موجبات ازدياد الرزق على الاختصار:

منها: الاستغفار و يدلّ على ذلك أخبار كثيرة، مرّ بعضها في باب الاستغفار.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الاستغفار يزيد في الرزق. (4)

و قال عليه السّلام لكميل: و إذا أبطأت الأرزاق عليك، فاستغفر اللّه يوسّع عليك فيها. (5)

ص:517


1- -الكافي ج 2 ص 401 باب الدعاء للرزق ح 4
2- البحار ج 5 ص 147 باب الأرزاق ح 7
3- آداب المتعلّمين ف 12 فيما يجلب الرزق. . .
4- البحار ج 93 ص 277 باب الاستغفار ح 4
5- البحار ج 77 ص 272

في مواعظ الصادق عليه السّلام، قال عليه السّلام لسفيان الثوريّ: . . . و إذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، فإنّ اللّه عزّ و جلّ قال في كتابه: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً- يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً- وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ (1). . . (2)

و منها: قراءة القرآن في البيت. لاحظ باب القرآن.

و منها: الشكر (راجع بابه) .

قال اللّه تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. . . (3).

و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شكر المنعم يزيد في الرزق. (4)

و منها: الإنفاق و الصدقة، و يدلّ على ذلك آيات و أخبار كثيرة، لاحظ أبواب الزكوة، الصدقة، الطعام و. . .

و عن الرضا عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: التوحيد نصف الدين، و استنزلوا الرزق [من عند اللّه]بالصدقة. (5)

و منها: صلاة الليل راجع بابها.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: صلاة الليل تحسّن الوجه، و تحسّن الخلق، و تطيّب الريح، و تدرّ الرزق، و تقضي الدين، و تذهب بالهمّ و تجلو البصر. (6)

و منها: صلة الرحم خصوصا الأبوين، و قد مرّت الأخبار في بابها.

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من سرّه أن يمدّ له في عمره و يبسط في رزقه فليصل أبويه،

ص:518


1- -نوح:10 إلى 12
2- البحار ج 78 ص 201
3- إبراهيم:7
4- البحار ج 71 ص 44
5- التوحيد للصدوق رحمه اللّه ص 68 ب 2 ح 24-البحار ج 76 ص 316
6- البحار ج 87 ص 153

فإنّ صلتهما طاعة اللّه، و ليصل ذا رحمه. (1)

و منها: القول الحسن.

عن علي بن الحسين عليه السّلام قال: القول الحسن يثري المال، و ينمي الرزق، و ينسي في الأجل، و يحبّب إلى الأهل، و يدخل الجنّة. (2)

و منها: حسن النيّة.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من صدق لسانه زكى عمله، و من حسنت نيّته زيد في رزقه، و من حسن برّه بأهل بيته زيد في عمره. (3)

و منها: حسن الجوار.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسن الجوار يزيد في الرزق. (4)

و منها: الدعاء لأخ المؤمن.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ دعاء الأخ المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب، و يدرّ الرزق، و يدفع المكروه. (5)

و منها: الصلوات الموجبة للسعة و الرزق كركعتين بعد العشاء الآخرة كما في المستدرك، و صلاة الاستغفار و صلاة الرزق كما في مكارم الأخلاق، و الصلاة المعروفة بالكاملة كما في جمال الأسبوع و. . .

و منها: الأدعية و الأذكار الواردة لسعة الرزق، و هي كثيرة، و من أراد فليلاحظ كتب الأدعية.

ص:519


1- -البحار ج 74 ص 85 ح 96
2- البحار ج 71 ص 310 باب قول الخير و القول الحسن ح 1
3- البحار ج 70 ص 205 باب النيّة ح 15
4- البحار ج 74 ص 153 باب حقّ الجار ح 14
5- الوسائل ج 7 ص 109 ب 41 من الدعاء ح 11

و منها: إطالة الوقوف على الصفا و المروة.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا و المروة. (1)

و منها: الاستغناء.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من استغنى أغناه اللّه، و من استعفّ أعفّه اللّه. . . (2)

و منها: الرجوع من غير الطريق الذي أخذ فيه

عن ابن بزيع قال: قلت للرضا عليه السّلام: إنّ الناس رووا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فهكذا كان يفعل؟ قال: فقال: نعم، فأنا أفعله كثيرا فافعله، ثمّ قال لي: أما إنّه أرزق لك. (3)

و منها: إطعام الطعام، راجع بابه و باب الضيافة.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: . . . إنّهم إذا دخلوا عليك دخلوا برزق من اللّه عزّ و جلّ كثير، و إذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك. (4)

و منها: التزويج

عن اسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الحديث الذي يرويه الناس حقّ أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج ففعل، ثمّ أتاه فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج، حتّى أمره ثلاث مرّات؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: [نعم]هو حقّ، ثمّ قال: الرزق مع النساء و العيال. (5)

و منها: التجارة، لاحظ بابها.

ص:520


1- -الوسائل ج 13 ص 479 ب 5 من السعي ح 2
2- البحار ج 96 ص 158 باب ذمّ السؤال في ح 37
3- الكافي ج 8 ص 147 ح 124
4- البحار ج 74 ص 375 باب إطعام المؤمن ح 71
5- الكافي ج 5 ص 330 باب أنّ التزويج يزيد في الرزق ح 4

و منها: إعطاء الزكاة، راجع باب الزكاة.

و منها: التوكّل على اللّه، راجع باب التوكّل و الاعتصام باللّه تعالى.

و منها: حسن التدبير

قال عليّ عليه السّلام: حسن التدبير ينمي قليل المال، و سوء التدبير يفني كثيره. (1)

و منها: حسن الخلق و السخاء.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: عليكم بالسخاء و حسن الخلق، فإنّهما يزيدان الرزق و يوجبان المحبّة. (2)

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: حسن الخلق يزيد في الرزق. (3)

و منها: الرفق

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّما أهل بيت أعطوا حظّهم من الرفق فقد وسّع اللّه عليهم في الرزق، و الرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال، و الرفق لا يعجز عنه شيء، و التبذير لا يبقى معه شيء، إنّ اللّه عزّ و جلّ رفيق يحبّ الرفق. (4)

و منها: زيارة الحسين عليه السّلام، لاحظ بابها.

و عن أبي جعفر عليه السّلام قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السّلام فإنّ اتيانه يزيد في الرزق، و يمدّ في العمر، و يدفع مدافع السوء، و اتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ له بالإمامة من اللّه. (5)

ص:521


1- -الغرر ج 1 ص 377 ف 27 ح 30
2- الغرر ج 2 ص 485 ف 50 ح 12
3- البحار ج 71 ص 396 باب حسن الخلق ح 77
4- البحار ج 75 ص 60 باب الرفق و اللين ح 28
5- البحار ج 101 ص 48 ب 23 ح 17

و منها: البرّ بالأهل.

قال الصادق عليه السّلام: . . . من حسن برّه بأهل بيته زيد في رزقه. (1)

و منها: صوم أربعة أيّام من شعبان.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (في حديث طويل) : و من صام أربعة أيّام من شعبان وسّع عليه في الرزق. (2)

و منها: دوام الطهارة

عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه شكا إليه رجل قلّة الرزق، فقال صلّى اللّه عليه و آله: «أدم الطهارة يدم عليك الرزق» ففعل الرجل ذلك فوسع عليه الرزق. (3)

و عن عبد اللّه بن سلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من توضّأ لكلّ حدث، و لم يكن دخّالا على النساء في البيوتات، و لم يكن يكتسب مالا بغير حقّ، رزق من الدنيا بغير حساب. (4)

و منها: قضاء حوائج المؤمنين

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لحسين الصحّاف: يا حسين، ما ظاهر اللّه على عبد النعم حتّى ظاهر عليه مؤونة الناس، فمن صبر لهم و قام بشأنهم زاده اللّه في نعمه عليه عندهم، و من لم يصبر لهم و لم يقم بشأنهم أزال اللّه عزّ و جلّ عنه تلك النعمة. (5)

و منها: غسل الرأس بالخطمي، راجع باب الحمّام و البحار ج 76.

ص:522


1- -البحار ج 74 ص 104 باب صلة الرحم في ح 64
2- البحار ج 97 ص 69 باب فضائل شهر شعبان في ح 7
3- المستدرك ج 13 ص 41 باب 12 من مقدّمات التجارة ح 8
4- المستدرك ج 13 ص 41 ح 9
5- الكافي ج 4 ص 37 باب مؤونة النعم ح 3

و منها: تسريح الرأس

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: تسريح الرأس يذهب بالوباء و يجلب الرزق و يزيد في الجماع. (1)

و منها: تقليم الأظفار في يوم الخميس أو الجمعة و أخذ الشارب.

عن أبي كهمش قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: علّمني دعاء أستنزل به الرزق، فقال لي: خذ من شاربك و أظفارك، و ليكن ذلك في يوم الجمعة. (2)

و منها: افتتاح الطعام بالملح

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من ذرّ الملح على أوّل لقمة يأكلها استقبل الغنى. (3)

و منها: غسل اليدين قبل الطعام و بعده، راجع الوسائل و البحار ج 66

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الوضوء قبل الطعام و بعده يزيد في الرزق. (4)

و منها: لعق القصعة

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من لعق قصعة صلّت عليه الملائكة، و دعت له بالسعة في الرزق، و يكتب له حسنات مضاعفة. (5)

و منها: التخلّل

عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجعفر عليه السّلام: تخلّل، فإنّ الخلال يجلب الرزق. (6)

ص:523


1- -البحار ج 76 ص 118 باب التمشّط و آدابه ح 7
2- البحار ج 76 ص 110 باب اللحية ح 5
3- الوسائل ج 24 ص 407 باب 95 من آداب المائدة ح 15
4- الخصال ج 1 ص 23 باب الواحد ح 82
5- البحار ج 66 ص 406 باب لعق الأصابع في ح 9
6- الوسائل ج 24 ص 422 باب 104 من آداب المائدة ح 9

و منها: حسن الخطّ

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: استنزلوا الرزق بالصدقة، و البكور مبارك يزيد في جميع النعم، خصوصا في الرزق، و حسن الخطّ من مفاتيح الرزق، و طيب الكلام يزيد في الرزق. (1)

ص:524


1- -البحار ج 76 ص 318 باب ما يورث الفقر و الغنى في ح 6

72- الرشوة

الأخبار

1-عن عمّار بن مروان قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الغلول، فقال:

كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت، و أكل مال اليتيم و شبهه سحت، و السحت أنواع كثيرة منها: أجور الفواجر و ثمن الخمر و النبيذ و المسكر و الربا بعد البيّنة، فأمّا الرشا في الحكم فإنّ ذلك الكفر باللّه العظيم جلّ اسمه و برسوله صلّى اللّه عليه و آله. (1)

أقول:

بهذا المعنى أخبار كثيرة.

بيان: «الغلول» : السرقة من الغنيمة، ثمّ استعمل في كلّ من خان في شيء، يقال:

غلّ غلولا أي خان.

في المرآة ج 19 ص 92، «السحت» : إمّا بمعنى مطلق الحرام أو الحرام الشديد الذي يسحت و يهلك، و هو أظهر. و في مجمع البحرين، السحت: كلّ ما لا يحلّ كسبه، و اشتقاقه من السحت و هو الاستيصال، يقال: سحته و أسحته أي استأصله، و يسمّى الحرام به لأنّه يعقّب عذاب الاستيصال. و قيل: لأنّه لا بركة فيه، و قيل: إنّه يسحت مرؤة الإنسان.

ص:525


1- -الوسائل ج 17 ص 92 ب 5 من ما يكتسب به ح 1

في مجمع البحرين، «الرشوة» بالكسر: ما يعطيه الشخص الحاكم و غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، و الجمع رشى مثل سدرة و سدر، و الضمّ لغة، و أصلها من الرشا: الحبل الذي يتوصّل به إلى الماء. . . و قيل: من «رشا الفرخ» إذا مدّ عنقه إلى امّه لتزقّه. . .

و قال الشهيد رحمه اللّه في كتاب القضاء من الروضة: تحرم الرشوة؛ بضمّ الراء و كسرها، و هو أخذه مالا من أحدهما أو منهما أو من غيرهما، على الحكم أو الهداية إلى شيء من وجوهه، سواء حكم لباذلها بحقّ أم باطل، و على تحريمها إجماع المسلمين، و عن الباقر عليه السّلام أنّه الكفر باللّه و برسوله صلّى اللّه عليه و آله.

و كما تحرم على المرتشي تحرم على المعطي لإعانته على الإثم و العدوان إلاّ أنّ يتوقّف عليها تحصيل حقّه فتحرم على المرتشي خاصّة. فتجب إعادتها مع وجودها و مع تلفها المثل أو القيمة.

2-عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: أيّما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب اللّه عنه يوم القيامة و عن حوائجه، و إن أخذ هديّة كان غلولا، و إن أخذ الرشوة فهو مشرك. (1)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ السحت أنواع كثيرة، فأمّا الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه. (2)

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من نظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له، و رجلا خان أخاه في امرأته، و رجلا احتاج الناس إليه لتفقّهه فسألهم الرشوة. (3)

5-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: . . . و قد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي. . .

ص:526


1- -الوسائل ج 17 ص 94 ح 10
2- الوسائل ج 17 ص 96 ح 16
3- الوسائل ج 27 ص 223 ب 8 من آداب القاضي ح 5

و لا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، و يقف بها دون المقاطع، و لا المعطّل للسنّة فيهلك الامّة. . . (1)

بيان:

المراد بالمقاطع؛ الحدود التي عيّنها اللّه.

6-عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الرشا في الحكم هو الكفر باللّه. (2)

7-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: الراشي و المرتشي و الماشي بينهما ملعونون. (3)

بيان:

«الراشي» : أي المعطي للرشوة. «المرتشي» : أي الآخذ للرشوة.

8-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إيّاكم و الرشوة فإنّها محض الكفر و لا يشمّ صاحب الرشوة ريح الجنّة. (4)

ص:527


1- -نهج البلاغة ص 407 في خ 131
2- البحار ج 104 ص 274 باب الرشا في الحكم ح 8
3- البحار ج 104 ص 274 ح 9 و 10
4- البحار ج 104 ص 274 ح 12

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735322C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3532382C2253686F77506167654E756D223A22353238222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503532382E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

73- الرضاع و اللبن

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما من لبن رضع به الصبيّ أعظم بركة عليه من لبن امّه. (1)

2-عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا وقع الولد في بطن امّه. . . و جعل اللّه تعالى رزقه في ثديي امّه في أحدهما شرابه و في الآخر طعامه. . . (2)

3-عن عليّ بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام قال: سألته عن امرأة ولدت من الزنى، هل يصلح أن يسترضع بلبنها؟ قال: لا يصلح و لا لبن ابنتها التي ولدت من الزنى. (3)

4-عن سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تسترضع الصبيّ المجوسيّة و تسترضع له اليهوديّة و النصرانيّة و لا يشربن الخمر، يمنعن من ذلك. (4)

ص:529


1- -الوسائل ج 21 ص 452 ب 68 من أحكام الأولاد ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 453 ب 69 ح 2
3- الوسائل ج 21 ص 462 ب 75 ح 1
4- الوسائل ج 21 ص 464 ب 76 ح 1

بيان:

«تسترضع له اليهوديّة و النصرانيّة» : إذا لم يجد غيرها و إلاّ لا يجوز لأخبار اخر.

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لبن اليهوديّة و النصرانيّة و المجوسيّة أحبّ إليّ من ولد الزنا. . . (1)

6-عن الفضيل بن يسار قال: قال لي جعفر بن محمّد عليه السّلام: رضاع اليهوديّة و النصرانيّة خير من رضاع الناصبيّة. (2)

7-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: انظروا من يرضع أولادكم، فإنّ الولد يشبّ عليه. (3)

بيان:

«يشبّ عليه» : أي ينمو عليه.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا تسترضعوا الحمقاء فإنّ اللبن يغلب الطباع. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا تسترضعوا الحمقاء، فإنّ اللبن يشبّ عليه. (4)

9-عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: أنّ عليّا عليه السّلام كان يقول: تخيّروا للرضاع كما تخيّرون للنكاح، فإنّ الرضاع يغيّر الطباع. (5)

10-عن محمّد بن مروان قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: استرضع لولدك بلبن الحسان و إيّاك و القباح، فإنّ اللبن قد يعدي. (6)

ص:530


1- -الوسائل ج 21 ص 464 ح 2
2- الوسائل ج 21 ص 466 ب 77 ح 1
3- الوسائل ج 21 ص 466 ب 78 ح 1
4- الوسائل ج 21 ص 467 ح 3
5- الوسائل ج 21 ص 468 ح 6
6- الوسائل ج 21 ص 468 ب 79 ح 1

بيان:

«يعدي» أي يسري.

11-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ليس للصبيّ لبن خير من لبن امّه. (1)

12-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : توقّوا على أولادكم لبن البغيّ من النساء و المجنونة، فإنّ اللبن يعدي. (2)

أقول:

الآيات و الأخبار في باب اللبن كثيرة، لكن ذكرنا بعض الأخبار في أهميّة الرضاع.

ص:531


1- -المستدرك ج 15 ص 156 ب 48 من أحكام الأولاد ح 1
2- البحار ج 103 ص 323 باب الرضاع ح 9

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735332C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3533322C2253686F77506167654E756D223A22353332222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503533322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

74- الرضا عن اللّه و بقضائه

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رأس طاعة اللّه الصبر و الرضا عن اللّه فيما أحبّ العبد أو كره، و لا يرضى عبد عن اللّه فيما أحبّ أو كره إلاّ كان خيرا له فيما أحبّ أو كره. (1)

بيان:

«الرضا» : هو إطمينان النفس بقضاء اللّه تعالى عند البلاء و الرخاء، و عدم الاعتراض عليه سبحانه قولا و فعلا و قلبا في شيء من الأشياء. و سيأتي فرقه مع التسليم في باب التسليم.

2-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أعلم الناس باللّه أرضاهم بقضاء اللّه عزّ و جلّ. (2)

3-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قال اللّه عزّ و جلّ: عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء إلاّ جعلته خيرا له، فليرض بقضائي، و ليصبر على بلائي، و ليشكر نعمائي،

ص:533


1- -الكافي ج 2 ص 49 باب الرضا بالقضاء ح 1-و نظيره ح 3
2- الكافي ج 2 ص 49 ح 2

أكتبه يا محمّد، من الصدّيقين عندي. (1)

4-عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ فيما أوحى اللّه عزّ و جلّ إلى موسى بن عمران عليه السّلام: يا موسى بن عمران، ما خلقت خلقا أحبّ إليّ من عبدي المؤمن فإنّي إنّما أبتليه لما هو خير له، و أعافيه لما هو خير له، و أزوي عنه ما هو شرّ له لما هو خير له و أنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، و ليشكر نعمائي، و ليرض بقضائي، أكتبه في الصدّيقين عندي إذا عمل برضائي و أطاع أمري. (2)

بيان:

«زوى عنه الشرّ» : أي صرفه عنه.

5-عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عجبت للمرء المسلم لا يقضي اللّه عزّ و جلّ له قضاء إلاّ كان خيرا له و إن قرض بالمقاريض كان خيرا له، و إن ملك مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له. (3)

6-قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: الزهد عشرة أجزاء، أعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع، و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين، و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضا. (4)

7-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لقى الحسن بن عليّ عليهما السّلام عبد اللّه بن جعفر فقال:

يا عبد اللّه، كيف يكون المؤمن مؤمنا و هو يسخط قسمه، و يحقّر منزلته، و الحاكم عليه اللّه، و أنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلاّ الرضا أن يدعو اللّه فيستجاب

ص:534


1- -الكافي ج 2 ص 50 ح 6
2- الكافي ج 2 ص 51 ح 7
3- الكافي ج 2 ص 51 ح 8
4- الكافي ج 2 ص 51 ح 10

له. (1)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 15، في القاموس: هجس الشيء في صدره يهجس: خطر بباله أو هو أن يحدّث نفسه في صدره، مثل الوسواس.

و يدلّ على أنّ الرضا بالقضاء موجب لاستجابة الدعاء.

8-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: بأيّ شيء يعلم المؤمن بأنّه مؤمن؟ قال: بالتسليم للّه، و الرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط. (2)

9-عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الإيمان له أركان أربعة: التوكّل على اللّه، و تفويض الأمر إلى اللّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التسليم لأمر اللّه عزّ و جلّ. (3)

10-عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الإيمان و الإسلام، فقال: قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّما هو الإسلام، و الإيمان فوقه بدرجة، و التقوى فوق الإيمان بدرجة، و اليقين فوق التقوى بدرجة، و لم يقسم بين الناس شيء أقلّ من اليقين.

قال: قلت: فأيّ شيء اليقين؟ قال: التوكّل على اللّه، و التسليم للّه، و الرضا بقضاء اللّه، و التفويض إلى اللّه، قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر عليه السّلام. (4)

بيان:

«إنّما هو الإسلام» : لعلّ الضمير راجع إلى الدين، لقوله تعالى: إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ

ص:535


1- -الكافي ج 2 ص 51 ح 11
2- الكافي ج 2 ص 52 ح 12
3- الكافي ج 2 ص 39 باب خصال المؤمن ح 2
4- الكافي ج 2 ص 43 باب فضل الإيمان على الاسلام ح 5

اَللّهِ اَلْإِسْلامُ

11-عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: جاء جبرئيل، فقال: يا رسول اللّه، إنّ اللّه أرسلني إليك بهديّة لم يعطها أحدا قبلك. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما هي؟ قال: الصبر و أحسن منه، قال: و ما هو؟ قال: الرضا. . . قلت: فما تفسير الرضا؟ قال: الراضي لا يسخط على سيّده أصاب من الدنيا أم لا يصيب منها، و لا يرضى لنفسه باليسير من العمل. . . (1)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء، فإذا أحبّ اللّه عبدا ابتلاه بعظيم البلاء، فمن رضي فله عند اللّه الرضا، و من سخط البلاء فله عند اللّه السخط. (2)

13-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الروح و الراحة في الرضا و اليقين، و الهمّ و الحزن في الشكّ و السخط. (3)

14-و قال عليه السّلام: أجرى القلم في محبّة اللّه، فمن أصفاه اللّه بالرضا فقد أكرمه، و من ابتلاه بالسخط فقد أهانه، و الرضا و السخط خلقان من خلق اللّه، و اللّه يزيد في الخلق ما يشاء. (4)

15-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: رفع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قوم في بعض غزواته فقال: من القوم؟ فقالوا: مؤمنون يا رسول اللّه، قال: و ما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء، و الشكر عند الرخاء، و الرضا بالقضاء. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: حلماء علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون فلا تبنوا

ص:536


1- -الوسائل ج 15 ص 194 ب 4 من جهاد النفس ح 31
2- الوسائل ج 3 ص 252 ب 75 من الدفن ح 10(الكافي ج 2 ص 197 باب شدّة ابتلاء المؤمن ح 8)
3- مشكوة الأنوار ص 34 ب 1 ف 7
4- مشكوة الأنوار ص 34

ما لا تسكنون، و لا تجمعوا ما لا تأكلون، و اتّقوا اللّه الذي إليه ترجعون. (1)

أقول:

سيأتي نحوه في باب التسليم.

16-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: نعم القرين الرضا. . . (2)

أقول:

في الغرر (ص 771 ف 81 ح 22) قال عليه السّلام: نعم قرين الإيمان الرضا.

17-و قال عليه السّلام في ذكر خبّاب ابن الأرتّ: يرحم اللّه خبّاب ابن الأرتّ فلقد أسلم راغبا، و هاجر طائعا و قنع بالكفاف، و رضي عن اللّه و عاش مجاهدا، طوبى لمن ذكر المعاد، و عمل للحساب، و قنع بالكفاف، و رضي عن اللّه. (3)

18-عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: ثلاث من رزقهنّ فقد رزق خير الدارين: الرضا بالقضاء، و الصبر على البلاء، و الدعاء في الرخاء. (4)

19-روي أنّ موسى عليه السّلام قال: يا ربّ، دلّني على أمر فيه رضاك عنّي أعمله، فأوحى اللّه إليه: أنّ رضاي في كرهك و أنت ما تصبر على ما تكره، قال:

يا ربّ، دلّني عليه، قال: فإنّ رضاي في رضاك بقضائي. (5)

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اعطوا اللّه الرضا من قلوبكم، تظفروا بثواب اللّه تعالى يوم فقركم و الإفلاس. (6)

21-قال الصادق عليه السّلام: ثق باللّه تكن مؤمنا، و ارض بما قسم اللّه لك تكن

ص:537


1- -مشكوة الأنوار ص 34( الكافي ج 2 ص 40 باب خصال المؤمن ح 4)
2- نهج البلاغة ص 1089 ح 4
3- نهج البلاغة ص 1108 ح 41
4- المستدرك ج 2 ص 411 ب 63 من الدفن ح 11
5- المستدرك ج 2 ص 412 ح 12
6- المستدرك ج 2 ص 412 ح 13

غنيّا. (1)

22-عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قال اللّه جلّ جلاله: من لم يرض بقضائي و لم يؤمن بقدري فليلتمس إلها غيري.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: في كلّ قضاء اللّه عزّ و جلّ خيرة للمؤمن. (2)

23-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من رضي القضاء أتى عليه القضاء و هو مأجور، و من سخط القضاء أتى عليه القضاء و أحبط اللّه أجره. (3)

24-قال أمير المؤمنين عليه السّلام (في ح الأربعمائة) : من رضي من اللّه بما قسم له استراح بدنه. (4)

25-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: رأس طاعة اللّه الرضا بما صنع اللّه فيما أحبّ العبد و فيما كره و لم يصنع اللّه بعبد شيئا إلاّ و هو خير له. (5)

26-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين. (6)

27-في وصيّة الصادق لولده موسى عليهما السّلام: . . . و من لم يرض بما قسم اللّه عزّ و جلّ اتّهم اللّه تعالى في قضائه. . . (7)

28-قال الصادق عليه السّلام: صفة الرضا أن يرضى المحبوب و المكروه، و الرضا شعاع نور المعرفة، و الراضي فان عن جميع اختياره، و الراضي حقيقة هو المرضيّ

ص:538


1- -البحار ج 71 ص 135 باب التوكّل و. . . ح 15
2- البحار ج 71 ص 138 ح 25
3- البحار ج 71 ص 139 ح 26
4- البحار ج 71 ص 139 ح 27
5- البحار ج 71 ص 139 ح 28
6- البحار ج 71 ص 152 ح 60
7- البحار ج 78 ص 202

عنه، و الرضا اسم يجتمع فيه معاني العبوديّة، و تفسير الرضا سرور القلب.

سمعت أبي، محمّد الباقر عليه السّلام يقول: تعلّق القلب بالموجود شرك و بالمفقود كفر، و هما خارجان من سنّة الرضا و أعجب بمن يدّعي العبوديّة للّه كيف ينازعه في مقدوراته، حاشا الراضين العارفين عن ذلك. (1)

أقول:

سيأتي ما يناسب المقام في أبواب التسليم، التفويض، التوكّل، اليقين، و الصبر.

29-عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

الرضا غناء. (الغرر ج 1 ص 7 ف 1 ح 92)

الرضا ينفي الحزن. (ص 18 ح 464)

الرضا ثمرة اليقين. (ص 26 ح 778)

الدين شجرة أصلها التسليم و الرضا. (ص 44 ح 1302)

الاتّكال على القضاء أروح. (ص 47 ح 1365)

الرضا بقضاء اللّه يهوّن عظيم الرزايا. (ص 59 ح 1585)

الأمور بالتقدير لا بالتدبير. (ص 84 ح 1969)

المقادير تجري بخلاف التقدير و التدبير. (ص 105 ح 2216)

ارض تسترح. (ص 109 ف 2 ح 19)

ارض بما قسم لك تكن مؤمنا. (ص 113 ح 105)

أصل الرضا حسن الثقة باللّه. (ص 188 ف 8 ح 259)

أعلم الناس باللّه أرضاهم بقضائه. (ص 192 ح 308)

أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المتسخّط لقضاء اللّه. (ص 199 ح 401)

أجدر الأشياء بصدق الإيمان الرضا و التسليم. (ص 201 ح 422)

ص:539


1- -مصباح الشريعة ص 61 ب 89

إنّ أهنأ الناس عيشا من كان بما قسم اللّه له راضيا. (ص 216 ف 9 ح 22)

إنّ اللّه سبحانه يجري الأمور على ما يقتضيه لا على ما ترتضيه.

(ص 219 ح 56)

إن عقدت أيمانك فارض بالمقضيّ عليك و لك و لا ترج أحدا إلاّ اللّه سبحانه و انتظر ما آتاك به القدر. (ص 273 ف 10 ح 18)

إنّكم إن رضيتم بالقضاء طابت عيشتكم و فزتم بالغناء. (ص 292 ف 14 ح 25)

بالرضا بقضاء اللّه يستدلّ على حسن اليقين. (ص 334 ف 18 ح 106)

تحرّ رضا اللّه برضاك بقدره. (ص 349 ف 22 ح 42)

ثمرة الرضا الغناء. (ص 359 ب 23 ح 22)

رأس الطاعة الرضا. (ص 412 ف 34 ح 34)

رزانة العقل تختبر في الرضا و الحزن. (ص 424 ف 36 ح 56)

شرّ الامور السخط (لتسخّط ف ن) للقضاء. (ص 447 ف 41 ح 74)

علامة رضا اللّه سبحانه عن العبد رضاه بما قضى به سبحانه له و عليه.

(ج 2 ص 503 ف 55 ح 60)

غاية الدين الرضا. (ص 504 ف 56 ح 6)

كلّ راض مستريح. (ص 545 ف 62 ح 14)

كلّ شيء فيه حيلة إلاّ القضاء. (ص 546 ح 47)

كلّ الغنا في القناعة و الرضا. (ح 48)

كيف يرضى بالقضاء من لم يصدق يقينه. (ص 554 ف 64 ح 20)

كن راضيا تكن مرضيّا. (ص 564 ف 67 ح 2)

من رضي بالقضاء استراح. (ص 614 ف 77 ح 96)

من رضي بالقضاء طاب عيشه. (ص 629 ح 366)

من رضي بالقدر استخفّ بالغير. (ص 656 ح 795)

ص:540

من رضي بالمقدور قوي يقينه. (ص 657 ح 808)

من قوي دينه أيقن بالجزاء و رضي مواقع القضاء. (ص 674 ح 1029)

من رضي بالقدر لم يكترثه الحذر. (ص 697 ح 1274)

من لم يرض بالقضاء دخل الكفر دينه. (ص 699 ح 1298)

من أفضل الإيمان الرضا بما يأتي به القدر. (ص 725 ف 78 ح 16)

ما دفع اللّه سبحانه عن العبد المؤمن شيئا من بلاء الدنيا و عذاب الآخرة إلاّ برضاه بقضائه و حسن صبره على بلائه. (ص 750 ف 79 ح 218)

نعم طارد الهمّ الرضا بالقضاء. (ص 772 ف 81 ح 30)

نال الغنى من رضي بالقضاء. (ص 774 ف 82 ح 1)

نال الغنى من رزق اليأس عمّا في أيدي الناس، و القناعة بما أوتي، و الرضا بالقضاء. (ص 777 ح 44)

لا إسلام كالرضا. (ص 831 ف 86 ح 53)

يجري القضاء بالمقادير على خلاف الاختيار و التدبير.

(ص 875 ف 91 ح 24)

ص:541

7B22426F6F6B506167654944223A32303534393735342C22426F6F6B4944223A31363731392C2253656374696F6E4E756D223A312C22506167654E756D223A3534322C2253686F77506167654E756D223A22353432222C22436F6E74656E7454797065223A322C22486173496D616765223A747275652C2248617354657874223A66616C73652C22496E7465726E616C4964223A6E756C6C2C22496D616765436F6E74656E7455726C223A222F424F4F4B494D41474553312F424B31353931342F424B3135393134473030322F424B31353931344730303253312F424B3135393134473030325331503534322E676966222C22536F6C72426F6F6B506167654964223A307D

ص:

75- الراضي بفعل قوم كان شريكهم فيه

الأخبار

1-قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم. (1)

2-قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّما يجمع الناس الرضا و السخط، فمن رضي أمرا فقد دخل فيه، و من سخطه فقد خرج منه. (2)

3-عن محمّد بن الأرقط عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لي: تنزل الكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: ترون قتلة الحسين عليه السّلام بين أظهركم؟ قال: قلت: جعلت فداك ما بقي منهم أحد، قال: فأنت إذا لا ترى القاتل إلاّ من قتل، أو من ولي القتل؟ ! ألم تسمع إلى قول اللّه: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (3)فأيّ رسول قتل الذين كان محمّد صلّى اللّه عليه و آله بين أظهرهم، و لم يكن بينه و بين عيسى رسول، و إنّما رضوا قتل أولئك فسمّوا

ص:543


1- -الكافي ج 2 ص 250 باب الظلم ح 16
2- الوسائل ج 16 ص 140 ب 5 من الأمر و النهي ح 9
3- آل عمران:183

قاتلين. (1)

4-عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في قول اللّه: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: و قد علم أنّ هؤلاء لم يقتلوا، و لكن كان هواهم مع الذين قتلوا، فسمّاهم اللّه قاتلين لمتابعة هواهم و رضاهم بذلك الفعل. (2)

5-عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان عليّ عليه السّلام يقول: إنّما هو الرضا و السخط، و إنّما عقر الناقة رجل واحد ف(لمّا رضوا م) أصابهم العذاب، فإذا ظهر إمام عدل، فمن رضي بحكمه و أعانه على عدله فهو وليّه، و إذا ظهر إمام جور، فمن رضي بحكمه و أعانه على جوره فهو وليّه. (3)

6-و من كلام له (أمير المؤمنين عليه السّلام) لمّا أظفره اللّه بأصحاب الجمل و قد قال له بعض أصحابه: وددت أنّ أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك اللّه به على أعدائك.

فقال عليه السّلام: أهوى أخيك معنا؟ فقال: نعم، قال: فقد شهدنا، و لقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال و أرحام النساء، سيرعف بهم الزمان، و يقوى بهم الإيمان. (4)

بيان:

«يرعف» : أي يجود على غير انتظار، كما يجود الأنف بالرعاف.

7-و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيّها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله، فإنّ الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، و جوعها طويل!

أيّها الناس، إنّما يجمع الناس الرضا و السخط، و إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد،

ص:544


1- -الوسائل ج 16 ص 141 ح 14
2- الوسائل ج 16 ص 268 ب 39 ح 5
3- المستدرك ج 12 ص 108 ب 80 من جهاد النفس ح 4
4- نهج البلاغة ص 63 خ 12

فعمّهم اللّه بالعذاب لمّا عمّوه بالرضا، فقال سبحانه: فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (1). . . (2)

8-و قال عليه السّلام: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، و على كلّ داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، و إثم الرضا به. (3)

9-عن الهروي عن الرضا عليه السّلام قال: قلت له: لأيّ علّة أغرق اللّه عزّ و جلّ الدنيا كلّها في زمن نوح عليه السّلام و فيهم الأطفال، و فيهم من لا ذنب له؟ فقال عليه السّلام: ما كان فيهم الأطفال، لأنّ اللّه عزّ و جلّ أعقم أصلاب قوم نوح عليه السّلام و أرحام نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا و لا طفل فيهم، و ما كان اللّه عزّ و جلّ ليهلك بعذابه من لا ذنب له، و أمّا الباقون من قوم نوح عليه السّلام فاغرقوا لتكذيبهم لنبيّ اللّه نوح عليه السّلام و سائرهم اغرقوا برضاهم بتكذيب المكذّبين، و من غاب عن أمر فرضي به كان كمن شهده و أتاه. (4)

10-عن الهرويّ قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: يا بن رسول اللّه، ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السّلام بفعال آبائها؟ فقال عليه السّلام: هو كذلك، فقلت: و قول اللّه عزّ و جلّ:

وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (5)ما معناه؟ قال: صدق اللّه في جميع أقواله، و لكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم، و يفتخرون بها، و من رضي شيئا كان كمن أتاه.

ص:545


1- -الشعراء:157
2- نهج البلاغة ص 649 خ 192- صبحي ص 319 خ 201
3- نهج البلاغة ص 1163 ح 146
4- البحار ج 11 ص 320 باب بعثت نوح (ع) ح 25( العلل ج 1 ص 30 ب 23- العيون ج 2 ص 74 ب 32 ح 2)
5- الأنعام:164

و لو أنّ رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند اللّه عزّ و جلّ شريك القاتل، و إنّما يقتلهم القائم عليه السّلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.

قال: قلت له: بأيّ شيء يبدء القائم منكم (فيهم ع) إذا قام؟ قال: يبدء ببني شيبة، فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت اللّه عزّ و جلّ. (1)

11-في جوامع كلم أمير المؤمنين عليه السّلام: من استحسن قبيحا كان شريكا فيه. (2)

12-قال أبو جعفر الثاني عليه السّلام: من شهد أمرا فكرهه كان كمن غاب عنه، و من غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده. (3)

ص:546


1- -البحار ج 45 ص 295 ب 45 ح 1( العلل ج 1 ص 229 ب 164- العيون ج 1 ص 212 ب 28 ح 5)
2- البحار ج 78 ص 82
3- البحار ج 100 ص 81 ح 38

76- الرفق و اللين

الآيات

1- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اَللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ. . . (1)

2- . . . وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ. (2)

3- وَ عِبادُ اَلرَّحْمنِ اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ اَلْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً. (3)

4- وَ اِخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ. (4)

الأخبار

1-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ثلاث من لم يكن فيه

ص:547


1- -آل عمران:159
2- الحجر:88
3- الفرقان:63
4- الشعراء:215

لم يتمّ له عمل: ورع يحجزه عن معاصي اللّه، و خلق يداري به الناس، و حلم يردّ به جهل الجاهل. (1)

بيان:

«لم يتمّ له عمل» : أي لم يكمل و لم يقبل منه عمل.

«يداري به الناس» في الوافي و النهاية ج 2 ص 115: المداراة غير مهموز: ملاينة الناس و حسن صحبتهم و احتمال (أذاهم) لئلاّ ينفروا عنك، و قد يهمز.

2-عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

أمرني ربّي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض. (2)

3-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: مداراة الناس نصف الإيمان، و الرفق بهم نصف العيش. . . (3)

بيان:

في النهاية ج 2 ص 246، الرفق: لين الجانب، و هو خلاف العنف، يقال: منه رفق يرفق و يرفق، و منه الحديث «ما كان الرفق في شيء إلاّ زانه» أي اللطف.

و الحديث الآخر، «أنت رفيق و اللّه الطبيب» أي أنت ترفق بالمريض و تتلطّفه، و اللّه الذي يبرئه و يعافيه انتهى.

فالمعنى لين الجانب و الرأفة و ترك العنف و الغلظة في الأفعال و الأقوال على الخلق.

4-قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّ لكلّ شيء قفلا و قفل الإيمان الرفق. (4)

بيان:

في المرآة ج 8 ص 233: «إنّ لكلّ شيء قفلا» أي حافظا له من ورود أمر فاسد

ص:548


1- -الكافي ج 2 ص 95 باب المداراة ح 1
2- الكافي ج 2 ص 96 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 96 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 96 باب الرفق ح 1

عليه، و خروج أمر صالح منه على الاستعارة و تشبيه المعقول بالمحسوس. . . ففيه تشبيه الإيمان بالجوهر النفيس الذي يعتنى بحفظه، و القلب بخزانته و الرفق بالقفل، لأنّه يحفظه عن خروجه و طريان المفاسد عليه، فإنّ الشيطان سارق الإيمان و مع فتح القفل و ترك الرفق يبعث الإنسان على أمور من الخشونة و الفحش و القهر و الضرب، و أنواع الفساد و غيرها من الأمور التي توجب نقص الإيمان أو زواله.

5-قال أبو جعفر عليه السّلام: من قسم له الرفق قسم له الإيمان. (1)

6-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرفق يمن و الخرق شوم. (2)

بيان:

«اليمن» : البركة. «الخرق» ضدّ الرفق و أن لا يحسن الرجل العمل و التصرّف في الامور.

7-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ رفيق يحبّ الرفق و يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. (3)

بيان:

«العنف» ضدّ الرفق و الشدّة و المشقّة.

8-عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ الرفق لم يوضع على شيء إلاّ زانه، و لا نزع من شيء إلاّ شانه. (4)

9-قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إنّ في الرفق الزيادة و البركة، و من يحرم الرفق يحرم

ص:549


1- -الكافي ج 2 ص 96 ح 2
2- الكافي ج 2 ص 97 ح 4
3- الكافي ج 2 ص 97 ح 5
4- الكافي ج 2 ص 97 ح 6

الخير. (1)

10-عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: الرفق نصف العيش. (2)

11-عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لو كان الرفق خلقا يرى ما كان ممّا خلق اللّه شيء أحسن منه. (3)

12-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما اصطحب اثنان إلاّ كان أعظمهما أجرا و أحبّهما إلى اللّه عزّ و جلّ، أرفقهما بصاحبه. (4)

13-عن فضيل بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من كان رفيقا في أمره نال ما يريد من الناس. (5)

14-عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه يحبّ الرفق و يعين عليه، فإذا ركبتم الدوابّ العجف فأنزلوها منازلها، فإن كانت الأرض مجدبة فانجوا عنها و إن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها. (6)

بيان:

يدلّ الحديث على أنّ الرفق مطلوب حتّى مع الحيوانات «العجف» : الهزال و الأعجف: المهزول.

«مجدبة» في المصباح: الجدب هو المحل وزنا و معنى، و هو انقطاع المطر و يبس الأرض. . . و أجدبت إجدابا و جدبت تجدب من باب تعب مثله فهي مجدبة «فانجوا عنها» قال الجوهري: نجوت أي أسرعت و سبقت. . .

ص:550


1- -الكافي ج 2 ص 97 ح 7
2- الكافي ج 2 ص 98 ح 11
3- الكافي ج 2 ص 98 ح 13
4- الكافي ج 2 ص 98 ح 15
5- الكافي ج 2 ص 98 ح 16
6- الكافي ج 2 ص 98 ح 12

«مخصبة» خصب المكان: كثر فيه العشب و الخير خلاف الجدب.

15-عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن عليّ عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا أراد اللّه بأهل بيت خيرا فقّههم في الدين، و رزقهم الرفق في معايشهم، و القصد في شأنهم. . . (1)

16-بهذا الإسناد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إنّ اللّه ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا رفق له. (2)

17-في حديث الكاظم عليه السّلام لهشام قال: يا هشام، عليك بالرفق، فإنّ الرفق خير (يمن م) ، و الخرق شوم، إنّ الرفق و البرّ و حسن الخلق يعمر الديار، و يزيد في الرزق. (3)

18-قال أمير المؤمنين لولده الحسين عليهما السلام: يا بنيّ، رأس العلم الرفق، و آفته الخرق. (4)

19-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الرفق رأس الحكمة. اللهمّ من ولي شيئا من أمور أمّتي فرفق بهم فارفق به، و من شقّ عليهم فاشقق عليه. (5)

بيان:

«الشقّ» : المشقّة، و شقّ عليك أي حملك من الأمر ما يشتدّ عليك.

20-قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس، و أذلّ الناس من أهان الناس. (6)

ص:551


1- -المستدرك ج 11 ص 292 ب 27 من جهاد النفس ح 2
2- المستدرك ج 11 ص 292 ح 3
3- المستدرك ج 11 ص 294 ح 10
4- المستدرك ج 11 ص 294 ح 11
5- المستدرك ج 11 ص 295 ح 14
6- البحار ج 75 ص 52 باب الرفق ح 5

21-. . . عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ما من عمل أحبّ إلى اللّه تعالى و إلى رسوله من الإيمان باللّه و الرفق بعباده، و ما من عمل أبغض إلى اللّه تعالى من الإشراك باللّه تعالى و العنف على عباده. (1)

22-. . . و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من مات مداريا مات شهيدا. (2)

23-عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أ لا اخبركم بمن تحرم عليه النار غدا؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: الهيّن القريب الليّن السهل. (3)

24-عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:

الرفق مفتاح النجاح. (الغرر ج 1 ص 14 ف 1 ح 347)

الرفق مفتاح الصواب. (ح 364)

الرفق عنوان النبل. (ص 27 ح 793)

الرفق عنوان سداد-اليمن مع الرفق. (ص 28 ح 847 و 848)

السلم ثمرة الحلم-الرفق يؤدّي إلى السلم. (ص 31 ح 951 و 952)

الرفق أخو المؤمن. (ص 33 ح 1017)

المداراة أحمد الخلال. (ص 47 ح 1360)

السلم علّة السلامة و علامة الاستقامة. (ص 48 ح 1383)

الرفق بالأتباع من كرم الطباع. (ص 56 ح 1534)

الرفق مفتاح الصواب و شيمه ذوي الألباب. (ص 69 ح 1774)

الرفق ييسّر الصعاب و يسهّل شديد الأسباب. (ص 71 ح 1804)

الرفق لقاح الصلاح و عنوان النجاح. (ص 105 ح 2211)

ص:552


1- -البحار ج 75 ص 54 ح 19
2- البحار ج 75 ص 55 ح 19
3- البحار ج 75 ص 51 ح 4

ارفق توفّق. (ص 108 ف 2 ح 7)

أفضل شيء الرفق-أكبر البرّ الرفق (ص 175 ف 8 ح 22 و 39)

أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس. (ص 189 ح 276)

بالرفق تتمّ المروءة. (ص 330 ف 18 ح 23)

بالرفق تدرك المقاصد. (ص 332 ح 58)

بلين الجانب تأنس النفوس. (ص 333 ح 83)

بالرفق تهون الصعاب. (ص 335 ح 130)

ثمرة العقل مداراة الناس. (ص 360 ف 23 ح 41)

ثمرة الحلم الرفق. (ص 361 ح 59)

خير الأعمال ما زانه الرفق. (ص 389 ف 29 ح 46)

خير المكارم الرفق. (ص 390 ح 49)

رأس العلم الرفق. (ص 411 ف 34 ح 3)

رأس السياسة استعمال الرفق. (ص 413 ح 43)

سلامة العيش في المداراة. (ص 436 ف 39 ح 58)

عليك بالرفق فإنّه مفتاح الصواب و سجيّة أولي الألباب.

(ج 2 ص 479 ف 49 ح 34)

عليك بالرفق فمن رفق (في أفعاله) تمّ أمره. (ص 482 ح 60)

عنوان العقل مداراة الناس. (ص 501 ف 55 ح 37)

لكلّ دين خلق و خلق الإيمان الرفق. (ص 578 ف 70 ح 32)

من عامل بالرفق غنم. (ص 614 ف 77 ح 99)

من عامل بالرفق وفّق. (ص 620 ح 200)

من دارى الناس سلم. (ص 623 ح 258)

من لم يصلحه حسن المداراة (أصلحه سوء) المكافاة. (ص 640 ح 547)

ص:553

من سالم الناس ستر عيوبه. (ص 647 ح 638)

من استعمل الرفق لان له الشديد. (ص 653 ح 741)

من دارى الناس أمن مكرهم. (ص 657 ح 806)

من استعمل الرفق استدرّ الرزق. (ص 671 ح 984)

ما كان الرفق في شيء إلاّ زانه. (ص 739 ف 79 ح 65)

ما استجلبت المحبّة بمثل السخاء و الرفق و حسن الخلق. (ص 742 ح 109)

لا ندم لكثير الرفق. (ص 833 ف 86 ح 80)

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين سيّما مولانا المهديّ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف.

اللهمّ عجّل فرجه و سهّل مخرجه و أيّده بالنصر و انصر ناصريه و ارزقنا رؤيته و أدركنا أيّامه.

ص:554

حرف الحاء

31-الحبّ

الفصل 1: حبّ اللّه تعالى 3

الفصل 2: حبّ النبيّ و آله (ع) و البرائة من أعدائهم 16

الفصل 3: الحبّ في اللّه و البغض في اللّه 45

32-الحجّ 53

33-الحديث 69

34-الحرص 79

35-اجتناب المحارم و أداء الفرائض 89

36-المال الحرام و الغصب 97

37-الحزم و الحذر و التدبّر في الأمور و ترك العجلة 103

38-الحزن في اللّه 111

39-الحزن و الخوف و الهمّ و الغمّ 117

40-الحساب 127

41-محاسبة النفس 137

المراقبة و المشارطة 143

42-الحسد 145

43-حسرات يوم القيامة 155

44-الإحسان و المعروف و الفضل 161

ص:555

45-الحقد و البغضاء و العداوة 173

46-الحكمة 179

47-الحلم 193

48-الحمّام 205

49-الحيوان 211

50-الحياء 217

حرف الخاء

51-الخدمة 227

52-الخشوع 231

53-الإخلاص 235

54-حسن الخلق و سوءه 251

55-مكارم الأخلاق 261

56-آداب الخلاء 269

57-الخمر 275

58-الخوف و الرجاء و الخشية 283

59-الاستخارة

الفصل 1: فضل طلب الخير من اللّه تعالى في كلّ أمر 299

الفصل 2: الاستخارة بالمعنى المصطلح 303

ص:556

حرف الدّال

60-الدعاء

الفصل 1: فضله 309

الفصل 2: آداب الدعاء و شرائط استجابته 321

الفصل 3: فيمن تستجاب دعوته 330

الفصل 4: علّة تأخير الإجابة 334

الفصل 5: الأوقات و الأمكنة التي يرجى فيها الإجابة 341

61-حبّ الدنيا 345

62-أهل الدين 379

حرف الذال

63-الذكر

الفصل 1: ذكر اللّه عزّ و جلّ 393

الفصل 2: ذكر الأئمّة (ع)412

64-الذنب

الفصل 1: ذمّه 417

الفصل 2: آثار الذنوب 433

الفصل 3: الكبائر و الصغائر 445

ص:557

حرف الراء

65-الرئاسة 451

66-الرؤيا 457

67-الرياء و السمعة 467

68-الربا 479

69-الرجعة

الفصل 1: اثباتها 483

الفصل 2: وقوع الرجعة في الأمم السالفة 495

70-الرحم 499

71-الرزق 507

أسباب ازدياد الرزق 516

72-الرشوة 525

73-الرضاع و اللبن 529

74-الرضا عن اللّه و بقضائه 533

75-الراضي بفعل قوم كان شريكهم فيه 543

76-الرفق و اللين 547

ص:558

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.