نسائم الولاء فی شرح تسبیحه الزهراء علیها السلام

اشارة

سرشناسه:موید، علی حیدر

عنوان و نام پديدآور:نسائم الولاء فی شرح تسبیحه الزهراء علیها السلام/ تالیف علی حیدر لموید.

مشخصات نشر:قم: باقیات، 1431 ق.= 1389.

مشخصات ظاهری:272 ص.

شابک:978-600-5126-85-3

يادداشت:عربی.

یادداشت:کتابنامه: ص. [257]- 265؛ همچنین به صورت زیرنویس.

یادداشت:نمایه.

موضوع:فاطمه زهرا (س)، 8؟ قبل از هجرت - 11ق.

موضوع:تسبیح حضرت زهرا (س) -- نقد و تفسیر

موضوع: زندگینامه و القاب و کنیه حضرت زهراء علیها السلام

موضوع: شرح تسبیحات حضرت فاطمه زهراء علیها السلام

رده بندی کنگره:BP27/2/م855ن5 1389

رده بندی دیویی:297/973

شماره کتابشناسی ملی:2062140

ص: 1

اشارة

ص: 2

نسائم الولاء فی شرح تسبیحه الزهراء علیها السلام

تالیف علی حیدر لموید

ص: 3

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 4

الإهداء :

إلى سيّدتي ومولاتي بضعة الرسول صلى الله عليه وآله ، الزهراء البتول ، زوجة فحل الفحول ، الحوراء الإنسيّة فاطمة المرضية ، أُمّ السبطين الحسن والحسين .. عليهما السلام

أُقدّم هذا الجهد الضئيل بحقّها كنقطة في بحر وكيف لا وقد يعجز القلم في الكتابة عن معرفتها ولا يعرفها إلّا اللَّه ورسوله وأمير المؤمنين عليه السلام .

فياسيّدتي أرفع لك هذا الجهد القليل راجياً من اللَّه سبحانه القبول والغفران لي ولوالدي ولمن ينتفع بهذا الكتاب

«يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»

سورة الشعراء الآية : 88 - 89

ص: 5

ص: 6

المقدّمة

أوّل الكلام :

لكلّ حديث بداية ونهاية ... إلّا الحديث عن الصدّيقة الزهراء « سلام اللَّه عليها » وذرّيتها الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، فإنّ الحديث عنهم لا نهاية له ، وكلّما حاول المتحدّث أن يلمّ بجوانب الكلام حتّى يصل إلى خاتمة في المطاف فإنّه لا يصل يوماً إلى ساحل ... إذ كلّما يتصوّر - المتحدّث - عنهم أنّه وصل إلى نهايته يجد أنّه لا زال في البداية .

فمثلنا عندما نتحدّث عن الصدّيقة الزهراء « سلام اللَّه عليها » كمثل من وقف يتأمّل في الفضاء الواسع الرحيب ليعرف جوهره أو ليكتشف ما به من أسرار وخفايا ... فإنّه كلّما أمعن النظر وحدّق طويلاً واستنفد كلّ ما بعينه من قدرة على الرؤية والإبصار فإنّه لا يصل إلى حدود أو سدود سوى تموّجات النور المتوهّج في عيون الكواكب ... .

ففي الخبر أنّ الإمام الصادق عليه السلام سئل : (لِمَ سمّيت فاطمة الزهراء زهراء ؟ فقال : لأنّ اللَّه « عزّوجلّ » خلقها من نور عظمته ، فلمّا أشرقت أضاءت السموات والأرض بنورها وغشيت أبصار الملائكة وخرّتْ الملائكة للَّه ساجدين ، وقالوا :

إلهنا وسيّدنا ما هذا النور ؟ فأوحى اللَّه إليهم : هذا نور من نوري وأسكنته في سمائي خلقته من عظمتي أخرجه من صلب نبي من أنبيائي أُفضّله على جميع الأنبياء

ص: 7

وأخرج من ذلك النور أئمّة يقومون بأمري يهدون إلى حقّي وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي)(1).

هذا نور الزهراء عليها السلام وعظمته ، فلا غرابة إذا اعترفنا بعجزنا عن إدراكه ، ليس لنقص فيه بل لنقصٍ فينا ، وعجز في مداركنا وحواسنا عن الوصول وإدراك الماورائيات ... .

ونبقى هكذا نولد على حبّها « سلام اللَّه عليها » ونقتفي خطاها ونموت على ذكرها دون أن نفهمها كما ينبغي أو نعرفها كما يحقّ ... .

وذلك لأنّها « سلام اللَّه عليها » قطب من أقطاب دائرة الإمكان ولا يمكن أن يستوعبها غير المعصوم عليه السلام ، لأنّ الضيّق المحدود لا يمكن أن يحيط بالواسع كما قالوا في عجز مدارك الإنسان عن الوصول إلى حقيقة الخالق سبحانه لأنّ اللّامتناهي الوجود يستحيل أن يحيط به المتناهي أو يدرك كنهه(2).

بل هي أيضاً : أفضل من سائر الأنبياء السابقين على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ودرجتها المعنوية أسمى وأرفع كما دلّت على ذلك الأدلّة الخاصّة .

وهي أيضاً أفضل من أولادها عليهم السلام كما قال مولانا الحسين عليه السلام : (أُمّي خير منّي)(3).

ص: 8


1- بحار الأنوار ج 43 ص 12 ح 5 .
2- من الواضح : أنّ المعصومين عليهم السلام ليسوا كالباري تعالى في اللّاتناهي واللّامحدودية بل هم مهما بلغوا من السعة في السمات والقدرات فهم بالنتيجة ضمن عالم الإمكان المفصول عن عالم الواجب بدرجات لا حدّ لها ولا حصر . وإنّما المقصود سعتهم الوجودية في قبال سائر المخلوقات .
3- الإرشاد المفيد ص 232 .

بل هي حجّة على كلّ أولادها الطاهرين كما قال مولانا الإمام الحسن العسكري عليه السلام : وجدّتنا فاطمة حجّة اللَّه علينا(1).

ومن هنا ... فإنّها « سلام اللَّه عليها » تملك الولاية كالنبي صلى الله عليه وآله والأئمّة الطاهرين عليهم السلام بتفويض من اللَّه « سبحانه » ومنحه .

على كل فالحديث حول الصدّيقة الزهراء عليها السلام شيّق وصعب ، ولا يمكن اختزاله بهذه السهولة ، ولكن بما أنّنا عقدنا هذا الكتاب الذي بين يديك - عزيزي القارئ - وخصّصناه حول تسبيحة الزهراء عليها السلام التي صارت بركة لجميع المسلمين بل لكافّة البشر نقتصر على ذكر بعض مقامات الصدّيقة الزهراء عليها السلام ثمّ نعرّج على أصل البحث سائلين اللَّه تعالى أن لا يحرمنا شفاعة سيّدة نساء العالمين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى اللَّه بقلب سليم .

وفي الختام أُقدّم شكري وامتناني لكلّ من ساهم بإنجاز هذا السفر المبارك وأخصّ بالذكر فضيلة الأُستاذ المحامي طارق العبادي فجزاه اللَّه خيراً .

وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين .

المؤلّف

الشيخ علي حيدر المؤيّد

ص: 9


1- تفسير أطيب البيان ج 13 ص 226 .

ص: 10

الفصل الأوّل: معالم عن حياة الزهراء « عليها سلام اللَّه »

اشارة

ص: 11

ص: 12

الولادة المباركة

اتّفق العامّة والخاصّة على أنّ نور الرسول صلى الله عليه وآله كان في أوّل الإيجاد ، والصادر الأوّل ، ولم يسبقه سابق أو يتقدّمه متقدّم . وقد روى الفريقان حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيث قال : « أوّل ما خلق اللَّه نوري »(1) ومن نوره المقدّس انسلّت بقيّة الأنوار الطاهرة للأئمّة الأطهار عليهم السلام وظهرت في عرصة الوجود ، فهو صلى الله عليه وآله أصل الأنوار . بل إنّ كلّ الموجودات معلولة لوجوده المبارك فإنّ ذاته المقدّسة علّة لها والعلّة أسبق وأشرف من المعلول ، ففي الحديث الشريف : « أوّل ما خلق اللَّه نوري » إشارة إلى أنّ وجوده من الحقّ تعالى .

وهو مشتقّ من مبدأ الربوبية ، وله خالق ألبسه خلعة الوجود وأفاض عليه الحياة . وقد تبيّن من الأخبار المتواترة والآثار المتكاثرة أنّ عالم الأنوار يختلف عن العوالم الأُخرى ، فهو أفضل وأعلى رتبة . كما أنّ اختلاف مراتب الأنوار أيضاً مطلب في غاية الوضوح ، ولا ضير في اختلاف الأخبار في ابتداء الخلقة في ذكر الأعوام والسنين مثل الأربعة آلاف سنة ، ومائة وأربعة وعشرين ، وألف ألف دهر ، وأربعين ألف ، وألفي عام وغيرها . لإمكان الجمع بينها ، ونبدأ في إثبات المراد وصحّة المقصود بحديث أمير المؤمنين عليه السلام .

ص: 13


1- بحار الأنوار ج 1 ص 97 .

قال أمير المؤمنين عليه السلام : « كان اللَّه ولا شي ء معه ، فأوّل ما خلق اللَّه نور حبيبه محمّد قبل خلق العرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنّة والنار والملائكة وآدم وحوّاء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام » وكانت له تسبيحات الخاصّة(1) فأوّل ما خلق وأوّل ما صدر ، وأوّل ما ظهر نور نبيّنا صلى الله عليه وآله . وفي حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لجابر : « أوّل شي ء خلق اللَّه نور نبيّك ياجابر ثمّ خلق منه كلّ خير »(2).

وعن الإمام الباقر عليه السلام : « كان اللَّه ولا شي ء غيره ، ولا معلوم ولا مجهول ، فأوّل ما ابتدأ من خلقه أن خلق محمّداً صلى الله عليه وآله وخلفاءه من أهل بيته معه من نوره وعظمته »(3).

وأمّا نور فاطمة الزهراء عليها السلام فالمستفاد من بعض الأخبار والآثار أنّ نورها مخلوق بالاستقلال ، ومن بعضها أنّها خُلقت من نور النبي صلى الله عليه وآله ونور أمير المؤمنين عليه السلام ، فعن معاذ بن جبل أنّ نور النبي صلى الله عليه وآله والأمير عليه السلام والحسنين عليهما السلام خلق جميعاً(4) قبل سبعة آلاف سنة ، وليس فيه ترتّب بين أنوارهم عليهم السلام .

وروي اتّحاد نور النبوّة والولاية بمفاد قوله صلى الله عليه وآله: «أنا وعلي من نور واحد»(5) ثمّ انقسم هذا النور إلى جزئين وخلق النور الفاطمي من نور النبوّة ، ونور

ص: 14


1- بحار الأنوار ج 16 ص 406 .
2- بحار الأنوار ج 15 ص 24 .
3- بحار الأنوار ج 15 ص 23 وفيه « وخلقنا أهل البيت معه » .
4- بحار الأنوار ج 15 ص 7 ح 1 باب 1 .
5- بحار الأنوار ج 33 ص 480 .

الحسنين عليهما السلام من نور فاطمة أو من نور الولاية .

ويستفاد من بعض الأحاديث أنّ نور فاطمة خُلق في أوّل الإيجاد والإبداع بالإنفراد دون الاشتراك ، فعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال :

« ثمّ إنّ اللَّه خلق الظلمة بالقدرة فأرسلها في سحائب البصر ، فقالت الملائكة : سبّوح قدّوس ربّنا مذ عرفنا هذه الأشباح ما رأينا سوءاً فبحرمتهم إلّا كشفت ما نزل بنا ، فهنالك خلق اللَّه تعالى قناديل الرحمة وعلّقها على سرادق العرش ، فقالت الملائكة : إلهنا لمن هذه الفضيلة وهذه الأنوار ؟! فقال : هذا نور أَمَتي فاطمة الزهراء عليها السلام فلذلك سمّيت أَمَتي الزهراء لأنّ السماوات والأرضين بنورها زهرت ، وهي آنية نبيّي وزوجة وصيّه »(1).

وعن سلمان ، عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل : « خلقني اللَّه من صفوة نوره . ودعاني فأطعت . وخلق من نوري علياً فدعاه فأطاعه وخلق من نوري ونور علي فاطمة فدعاها فأطاعته . وخلق منّي ومن علي وفاطمة الحسن والحسين . فدعاهما فأطاعاه . فسمّانا بالخمسة الأسماء من أسمائه : اللَّه المحمود وأنا محمّد صلى الله عليه وآله واللَّه العلي وهذا علي ، واللَّه الفاطر وهذه فاطمة . واللَّه ذو الإحسان وهذا الحسن . واللَّه المحسن وهذا الحسين . ثمّ خلق منّا من صلب الحسين تسعة أئمّة . فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق اللَّه سماء مبنية وأرضاً مدحية أو هواء أو ماء أو مَلَكاً أو بشراً . وكنّا بعلمه نوراً نسبّحه ونسمع ونطيع .. »(2) الخبر ... .

فنور النبي ونور الأمير عليهما السلام كان واحداً وفي درجةٍ واحدة ، ونور

ص: 15


1- بحار الأنوار ج 25 ص 16 .
2- بحار الأنوار ج 15 ص 9 .

الحسنين عليهما السلام أدنى منهما ، ونور فاطمة عليها السلام منفرداً بين الدرجة الأُولى والأُخرى .

وبعبارة أُخرى : إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام بمنزلة القلب من الأركان الأربعة لعالم الإمكان ، فإذا كان الأربعة في مقامهم يمثّلون الأركان العظمى في هذا العالم ، ففاطمة الزهراء عليها السلام بمثابة القلب والفؤاد والروح لهم وذاتها المقدّسة مجهولة .

إنعقاد النطفة المباركة

اشارة

أمّا الخصيصة الثانية التي يجب البحث حولها هي من أيّ شي ء خُلقت النطفة الطاهرة الطيّبة لفاطمة الزكية عليها السلام ؟

قد وردت روايات معتبرة تنصّ على أنّ أرواح الأنبياء والأئمّة الأبرار عليهم السلام تختلف عن الآخرين من الرعايا بنوريّتها وطهارتها ، وهي خارجة عن حدّنا ووصفنا نحن الجهلة ، وكيف نعرف حقيقة أرواحهم ونحن عاجزون عن معرفة حقيقة أرواحنا مع أنّ روح القدس روح من أرواحهم ؟!

ففي الحديث أنّ أرواح أئمّة الهدى عليهم السلام خلقت من فوق العرش وأبدانهم خُلقت من العرش(1).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام:«خلقنا اللَّه من نورعظمته. ثمّ صوّرخلقنامن طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش ، فأسكن ذلك النور فيه ، فكنّا نحن خلقنا نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً . وخلق أرواح شيعتنا من أبداننا ، وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة . ولم يجعل اللَّه لأحد في مثل ذلك الذي خلقهم منه نصيباً إلّا الأنبياء والمرسلين فلذلك صرنا نحن وهم الناس . وصار سائر

ص: 16


1- بحار الأنوار : ج 25 ص 13 وج 61 ص 43 .

الناس همجاً في النار وإلى النار »(1).

إستنتاج وتعليق

والخلاصة إنّ من يتأمّل في أخبار الطينة وما يتعلّق بعلّيين وسجّين والأبرار والفجّار علم أنّ الأرواح المقدّسة والأبدان المطهّرة للأنبياء والمعصومين والأئمّة الطاهرين عليهم السلام تختلف تماماً عن غيرهم ، وأنّ قوالبهم الجسمانية أسفل من نورهم ، وأنّ أرواحهم أعلى من عالي الجسمانيات ، وأبدانهم أفضل وأعلى من كلّ الأبدان .

فعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : أنزل اللَّه قطرة من ماء تحت العرش إلى الأرض فيلقيها على ثمرة أو على بقلة فيأكل الإمام عليه السلام تلك الثمرة أو تلك البقلة ، ويخلق اللَّه منه نطفة الإمام الذي يقوم من بعده ، قال : فيخلق اللَّه من تلك القطرة نطفة في الصلب ، ثمّ يصير إلى الرحم فيمكث فيها أربعين ليلة ...(2).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام : إذا أراد اللَّه أن يحبل بإمامٍ ، أُوتي بسبع ورقات من الجنّة فأكلهنّ قبل أن يقع فإذا وقع في الرحم سمع الكلام في بطن أُمّه(3).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : إنّه لمّا كان في الليلة التي علق بجدي فيها أتى آتٍ جدّ أبي وهو راقد ، فأتاه بكأس فيها شربة أرق من الماء ، وأبيض من اللبن ، وألين من الزبد ، وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج ، فسقاه إيّاه وأمره بالجماع ، فقام فرحاً مسروراً ...(4) والأخبار في إنعقاد نطفة الأئمّة الأطهار عليهم السلام متواترة . ولا يجوز

ص: 17


1- بصائر الدرجات ص 40 .
2- بصائر الدرجات ص 431 .
3- بصائر الدرجات ص 438 .
4- بحار الأنوار ج 25 ص 43 ح 17 .

إنكارها مع صحّة أسانيدها .

عود على بدء

والآن نعود إلى المقصود في بيان النطفة الطاهرة الزكيّة المطهّرة لأُمّ الأئمّة البررة فاطمة الزهراء صلوات اللَّه عليها وعليهم أجمعين ،

فهل هي قطرة ماء من تحت العرش ؟

أو شربة شربها الرسول صلى الله عليه وآله من أعالي الجنان ؟

أو فاكهة تناولها من فاكهة الجنّة ؟

في جواب هذه الأسئلة وردت في الأخبار أُمورٌ تصلح للجواب :

الأوّل : روي بطريق معتبر أنّ نطفتها الطاهرة خلقت من تفّاح الجنّة وهذه الأخبار تنقسم إلى طائفتين :

الأُولى : الأحاديث التي دلّت على أنّ النبي صلى الله عليه وآله أكل التفاحة في السماء كما في حديث المعراج المروي في المناقب(1).

الثانية : الأحاديث التي دلّت على أنّ جبرئيل هبط على النبي وأهدى إليه تفاحة فأكلها النبي صلى الله عليه وآله وهو في الأرض ، فعن أبي عبداللَّه عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن يخلق الأرض والسماء ، فقال بعض الناس : يانبي اللَّه ! فليست هي إنسية ؟ فقال : فاطمة حوراء إنسية .

قالوا : يانبي اللَّه ! وكيف هي حوراء إنسية ؟

قال : خلقها اللَّه - عزّوجلّ - من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح .

ص: 18


1- مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 334 .

فلمّا خلق اللَّه عزّوجلّ آدم عرضت على آدم .

قيل : يانبي اللَّه ! وأين كانت فاطمة ؟

قال : كانت في حقّة تحت ساق العرش ؟

قالوا : يانبي اللَّه فما كان طعامها ؟

قال : التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد . فلمّا خلق اللَّه عزّوجلّ آدم وأخرجني من صلبه وأحبّ اللَّه - عزّوجلّ - أن يخرجها من صلبي . جعلها تفاحة في الجنّة وأتاني بها جبرائيل عليه السلام فقال لي : السلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته يامحمّد ! ... .

قلت : وعليك السلام ورحمة اللَّه حبيبي جبرئيل .

فقال : يامحمّد ! إنّ ربّك يقرئك السلام .

قلت : منه السلام وإليه يعود السلام .

قال : يامحمّد ! إنّ هذه تفاحة أهداها اللَّه عزّوجلّ إليك من الجنّة ، فأخذتها وضممتها إلى صدري .

قال : يامحمّد ! يقول اللَّه جلّ جلاله : كُلها . ففلقتها فرأيت نوراً ساطعاً وفزعت منه .

فقال : يامحمّد ! مالك ولا تأكل ؟ كُلها ولا تخف . فإنّ ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة .

قلت : حبيبي جبرئيل ولِمَ سمّيت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة ؟

قال : سمّيت في الأرض فاطمة لأنّها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبّها . وهي في السماء المنصورة : وذلك قول اللَّه عزّوجلّ : «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ

ص: 19

الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ»(1) يعني نصر فاطمة لمحبّيها ...(2).

الثاني : ورد عن الإمام الصادق عليه السلام « قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : معاشر الناس ! تدرون ممّا خُلقت فاطمة ؟ قالوا : اللَّه ورسوله أعلم ... .

قال : خلقت فاطمة حوراء إنسيّة لا إنسيّة . وقال : خلقت من عرق جبرئيل ومن زغبه ... .

قالوا : يارسول اللَّه ! استشكل ذلك علينا ، تقول : حوراء إنسية لا إنسية ثمّ تقول : من عرق جبرئيل ومن زغبه ؟ قال : إذاً أونبئكم : أهدى إليَّ ربّي تفاحة من الجنّة آتاني بها جبرئيل عليه السلام فضمّها إلى صدره ، فعرق جبرئيل عليه السلام وعرقت التفاحة ، فصار عرقهما شيئاً واحداً ثمّ قال : السلام عليك يارسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته . قلت : وعليك السلام ياجبرئيل . فقال : إنّ اللَّه أهدى إليك تفاحة من الجنّة . فأخذتها وقبّلتها ووضعتها على عيني وضممتها إلى صدري . ثمّ قال : يامحمّد ! كُلها . قلت : ياحبيبي ياجبرئيل ! هديّة ربّي تؤكل ؟ قال : نعم قد أُمرت بأكلها فأفلقتها فرأيت منها نوراً ساطعاً ففزعت من ذلك النور ... قال : كل فإنّ ذلك نور المنصورة فاطمة . قلت : ياجبرئيل ! ومن المنصورة ؟ قال : جارية تخرج من صلبك . واسمها في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة ... إلى آخر الحديث »(3) وفي بيان معنى الحديث قال العلّامة المجلسي رحمه الله : الزغب : الشعيرات الصغرى على ريش الفرخ وكونها من زغب جبرئيل عليه السلام إمّا لكون التفاحة فيها وعرقت من بينها . أو

ص: 20


1- سورة الروم الآية : 4 و5 .
2- معاني الأخبار ص 396 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 18 .

لأنّه التصق بها بعض ذلك الزغب فأكله النبي صلى الله عليه وآله(1)... .

الثالث : عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : « كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يُكثر تقبيل فاطمة عليها السلام فأنكرت ذلك عائشة ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : ياعائشة ! إنّي لمّا أُسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها . فأكلته فحوّل اللَّه ذلك ماءً في ظهري . فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبّلتها قطّ إلّا وجدت رائحة شجرة طوبى منها »(2).

وعن عمر بن الخطّاب قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : لمّا أن مات ولدي من خديجة . أوحى اللَّه إليّ أن أمسك عن خديجة وكنت لها عاشقاً . فسألت اللَّه أن يجمع بيني وبينها . فأتاني جبرئيل في شهر رمضان ليلة جمعة لأربع وعشرين ومعه طبق من رطب الجنّة فقال لي : يامحمّد ! كُل هذا وواقع خديجة الليلة ففعلت فحملت بفاطمة . فما لثمت فاطمة إلّا وجدت ريح ذلك الرطب . وهو في عترتها إلى يوم القيامة(3). وهذه منقبة عظيمة لفاطمة الطاهرة وذرّيتها المعصومين عليهم السلام .

وقد ورد في الحديث تعيين ليلة انعقاد نطفتها وهي ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان المبارك ، ولهذه الليلة شرف عظيم . وعليه تكون ولادتها في جمادى الآخرة ولم أجد هذه الإشارة في حديث آخر .

الرابع : روى المرحوم المجلسي(4) حديثاً شريفاً ذا أسرار أنقله بعينه ليؤجر

ص: 21


1- بحار الأنوار ج 43 ص 18 ح 17 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 6 ح 6 .
3- مقتل الحسين ج 1 ص 68 .
4- هو المولى الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي الأصفهاني ، محي شريعة سيّد المرسلين ، جامع كتاب (بحار الأنوار) ، وجلالة قدره أعظم من أن تذكر ، فقد وصل من ترويجه للمذهب إلى حدّ أنّ عبدالعزيز الدهلوي الناصبي قال فيه : إذا سمّي دين الشيعة بدين المجلسي كان ذلك في محلّه ، لأنّه كان ظهوره ولمعانه منه ، ولد سنة 1037 وتوفّي سنة 1110هجري .

عليه القارئ المحبّ ويُثاب قال :

بينا النبي صلى الله عليه وآله جالس بالأبطح ومعه عمّار بن ياسر . والمنذر بن الضحضاح وأبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب والعبّاس بن عبدالمطّلب وحمزة بن عبدالمطّلب - إذ هبط عليه جبرئيل عليه السلام في صورته العظمى قد نشر أجنحته حتّى أخذت من المشرق إلى المغرب - فناداه : يامحمّد ! العلي الأعلى يقرأ عليك السلام وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحاً . فشقّ ذلك على النبي صلى الله عليه وآله وكان لها محبّاً وبها وامقاً . قال : فأقام النبي صلى الله عليه وآله أربعين يوماً يصوم النهار ويقوم الليل . حتّى إذا كان في آخر أيّامه تلك بعث إلى خديجة بعمّار بن ياسر وقال : قل لها : ياخديجة ! لا تظنّي أنّ انقطاعي عنك هجرة ولا قلى . ولكن ربّي عزّوجلّ أمرني بذلك لتنفذ أمره . فلا تظنّي ياخديجة إلّا خيراً فإنّ اللَّه عزّوجلّ ليباهي بك كرام ملائكته كلّ يوم مراراً لفقد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فلمّا كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل عليه السلام فقال : يامحمّد ! العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهّب لتحيّته وتحفته . قال النبي صلى الله عليه وآله ياجبرئيل ! وما تحفة ربّ العالمين ؟ وما تحيته ؟ قال : لا علم لي ... .

قال : فبينا النبي صلى الله عليه وآله كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطّى بمنديل سندس . أو قال : استبرق . فوضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله . وأقبل جبرئيل عليه السلام وقال : يامحمّد ! يأمرك ربّك أن تجعل الليلة افطارك على هذا الطعام ... .

ص: 22

فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : كان النبي صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد الأفطار . فلمّا كان في تلك الليلة أقعدني النبي صلى الله عليه وآله على باب المنزل وقال : يابن أبي طالب . إنّه طعام محرّم إلّا عليَّ . قال علي عليه السلام فجلست على الباب وخلا النبي صلى الله عليه وآله بالطعام وكشف الطبق فإذا عذق من رطب وعنقود من عنب . فأكل النبي صلى الله عليه وآله منه شبعاً . وشرب من الماء ريّاً . ومدّ يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل وغسل يده ميكائيل وتمندله إسرافيل . وارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء . ثمّ قام النبي صلى الله عليه وآله ليصلّي فأقبل عليه جبرئيل وقال : الصلاة محرّمة عليك في وقتك حتّى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها . فإنّ اللَّه عزّوجلّ آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرّية طيّبة فوثب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلى منزل خديجة ... .

قالت خديجة (رضوان اللَّه عليها) : وكنت قد ألفت الوحدة . فكان إذا جنّني الليل غطّيت رأسي . وأسجفت ستري . وغلقت بابي وصلّيت وردي . وأطفأت مصباحي . وآويت إلى فراشي . فلمّا كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة . إذ جاء النبي صلى الله عليه وآله فقرع الباب . فناديت : من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلّا محمّد صلى الله عليه وآله ؟

قالت خديجة : فنادى النبي صلى الله عليه وآله بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه : إفتحي ياخديجة فإنّي محمّد صلى الله عليه وآله ؟

قالت خديجة : فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله وفتحت الباب ودخل النبي صلى الله عليه وآله المنزل وكان صلى الله عليه وآله إذا دخل المنزل دعا بالاناء فتطهّر للصلاة ثمّ يقوم فيصلّي ركعتين يوجز فيهما ثمّ يأوي إلى فراشه . فلمّا كان في تلك الليلة لم يدع بالاناء ولم يتأهّب للصلاة . غير أنّه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه وداعبني ومازحني وكان

ص: 23

بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها . فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء ما تباعد عنّي النبي صلى الله عليه وآله حتّى حسست بثقل فاطمة في بطني »(1).

بيان :

والآن ؛ لا بأس أن نعرف معنى أكل الرسول صلى الله عليه وآله عرق جبرئيل وزغبه فنقول :

إنّ أحداً لم ير جبرئيل بالعين الظاهرة في زمن النبي صلى الله عليه وآله سواه ، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يراه بعينه النبوية لتجانسهما وتناسخهما وعدم مغايرتهما في صفاء الجسمانية ومقتضى النورانية ، ولأنّها من مبدأ واحد ومشتقّان من مادّة واحدة ، ولا خلاف في اتّصال نورهما وارتباط وجودهما . كما أنّ نور فاطمة عليها السلام الذي تجسّد في صورة التفاحة من الجنّة كان متّحداً مع الذات النبوية المقدّسة ، وكان الحامل والمحمول والآكل والمأكول في غاية التلاؤم والتناسب .

وكان جبريل الأمين عليه السلام إذا توجّه إلى الدنيا أحياناً يتجسّم بصورة الآدميين والنبي صلى الله عليه وآله يراه بهذه الكيفية ، فإذا أبلغ الوحي ورجع إلى مقرّه الأصلي عاد على ما كان عليه .. .

والسؤال هنا : من أين كان عرق جبرئيل ؟ هل كان من بدنه الأصلي أم من بدنه المستعار ؟

من المعلوم أنّ التعرّق من لوازم العالم الدنيوي وهذا البدن العنصري ، فلا يبعد أن يقال : إنّ عرق جبرئيل كان من بدنه الدنيوي علماً أنّ بدنه غير الأبدان

ص: 24


1- بحار الأنوار ج 16 ص 78 .

العادية .

من جانب آخر التعرّق من مقتضيات الحركة والحرارة حيث ضمّ جبرئيل التفاحة حتّى امتزج بها عرقه وزغبه اللطيف وناولها النبي صلى الله عليه وآله فوضعها على عينه وضمّها إلى صدره إعظاماً لهدية اللَّه ومحبّة لكرامته - ثمّ استئذن جبرئيل وتناولها . ولا يقدر أحد قطّ على تصوّر حالة السرور والانبساط التي عاشها النبي صلى الله عليه وآله وجبرئيل في تلك اللحظة .

أمّا جبرئيل فلأنّه كان حاملاً لذلك النور الموفور السرور ، وإنّه ردّ الوديعة الإلهية وأدّى الأمانة .

وأمّا النبي صلى الله عليه وآله فقد سرّ لهذا العطاء والكوثر الكثير لما أمتنّ به اللَّه عليه وأراه ثمرة شجرة وجوده وحاصل عمره واستردّ وديعته المنيفة حيث تناولها من يد الحقّ ، فعاد النور إلى النور ورجعت تلك اللطيفة الإلهية إلى مقرّها الأصلي وصار صلب النبي الأطهر صلى الله عليه وآله مقرّاً لذلك النور المطهّر .

وأمّا زغب جبرئيل ربما كان تعويذاً وحرزاً لحفظ روح قدوة آل الخليل عليه السلام وقد ورد نظيره في الأخبار حيث عوّذت فاطمة عليها السلام الحسنين عليهما السلام بزغب جبرئيل الذي جمعته وشدّته بساعديهما(1). وفي أحوال الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه كان يجمع بيده المباركة من حجرته الشريفة ما يتناثر فيها من زغب الملائكة(2).

ص: 25


1- بحار الأنوار ج 43 ص 263 ح 9 .
2- أُنظر البحار ج 26 ص 353 ح 8 باب 9 وفيه : عن الثمالي قال : دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبس في الدار ساعة . ثمّ دخلت عليه البيت وهو يلتقط شيئاً وأدخل يده في وراء الستر فناوله من كان في البيت : فقلت : جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أي شي ء ؟ فقال : فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا جاؤونا ... .

وأمّا إذا قلنا : إنّ زغب جبرئيل كان من جسده الأصلي فلا يسعنا إلّا أن نقول : إنّها الافاضات والبركات الخاصّة ، كما أنّ تنزل الملائكة إلى الأرض رحمة وبركة للعالمين سيّما إذا كان النازل جبرئيل الأمين إمام الملائكة وحامل الوحي شديد القوى ، الذي كان ينزل على النبي صلى الله عليه وآله بآلاف الفيوضات المعنوية والفواضل الروحانية البهيجة يغتنم رحمة قدومه ويتلطّف إليه تلطّفاً خاصّاً .

وبعبارة أُخرى إنّ قسماً من أقسام نور وجود جبرئيل عليه السلام أُلحق - حينئذ - بأمر الملك العلّام بتلك النطفة الزكية فأشرق فيها وصار جزء متمّماً ومكمّلاً لها في هذا العالم العنصري .

بالطبع إذا ذهبنا إلى أنّ العرق والزغب كان من البدن الحسّي المستعار لجبرئيل ، فلا يعدو ذلك أن يكون خصيصة من خصائص فاطمة عليها السلام التي امتزجت صورتها الحسّية ونورها الملكي بذاك العرق والزغب . وليس في رجال الأبرار ولا نساء العالمين الأطهار من فاز بمثل هذا الفخر والمنزلة ، وليس من النطف الزكية للأنبياء والأولياء نطفة واحدة كان جبرئيل وسيطاً في إقرارها في مستقرّها وهذا خير دليل على حرمتها وشرفها الذاتي ، وهو إكرام وإعظام لسيّد الأنام « عليه الصلاة والسلام » .

ص: 26

من خصائص ولادة الصدّيقة الزهراء عليها السلام

الخصيصة الأُولى

اشارة

في تعيين اليوم والشهر والسنة التي ولدت فيها فاطمة الزهراء عليها السلام

إعلم أنّ هناك اختلافاً بين الإمامية وبعض العامّة في تعيين اليوم والشهر والسنة التي ولدت فيها السيّدة فاطمة عليها السلام .

سنة ولادتها :

أمّا سنة ولادتها فبعض علماء العامّة قالوا : إنّها ولدت لخمس سنوات قبل البعثة ، وقال بعضهم : ولدت بعد سنة من البعثة ... .

وروى الدياربكري(1) صاحب تاريخ الخميس عن ابن إسحاق(2) أنّه قال : « فولدت له - أي خديجة - قبل أن ينزل عليه الوحي ولده كلّهم ... »(3) إلّا إبراهيم من مارية القبطية ولد بعد النبوّة ... .

وقال أبو الفرج الأصفهاني(4) في مقاتل الطالبيين : كان مولد فاطمة عليها السلام قبل

ص: 27


1- الحسين بن محمّد بن الحسن القاضي بمكّة ، صاحب (تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس) في السيرة النبوية مع استطرادات ، توفّي بمكّة المعظّمة سنة 982 .
2- أبو بكر محمّد بن إسحاق بن يسار المدني صاحب المغازي والسير ، عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، ووردت في مدحه كلمات علماء العامّة ، فعن مختصر الذهبي : إنّه كان صدوقاً من بحور العلم . توفّي ببغداد سنة 151ق ودفن في مقبرة الخيزران أُمّ هارون العبّاسي بالجانب الشرقي .
3- سيرة ابن إسحاق ص 82 في حديث خديجة .
4- أبو الفرج عبدالرحمان بن علي بن محمّد البكري الحنبلي ، له مؤلّفات عديدة منها : (الردّ على المتعصّب العنيد المانع عن لعن يزيد) ردّ فيه على عبدالمغيث بن زهير الحنبلي الذي صنّف كتاباً في فضائل يزيد . توفّي ببغداد سنة 597 ، وله أشعار جميلة منها : أقسمت باللَّه وآلائه إليه ألقى بها ربّي إنّ عليّ بن أبي طالب إمام أهل الشرق والغرب من لم يكن مذهبه مذهبي فإنّه أنجس من كلب نقلاً عن كتاب الكنى والألقاب ج 1 ص 247 .

النبوّة وقريش حينئذ تبني الكعبة(1).

وهذا القول ضعيف لعدّة وجوه ، فلا يعتنى به ولا يعتمد عليه . وروى الدياربكري أخبار انعقاد نطفة فاطمة عليها السلام عن « ذخائر العقبى » ثمّ قال : وهذه الروايات تقتضي كون ولادة - فاطمة عليها السلام بعد البعثة . لأنّ الإسراء كان بعد البعثة ثمّ رجّح قول أبي عمرو(2).

فتبيّن أنّ علماء العامّة مختلفون أيضاً في سنة ولادتها ولهم أقوال متعارضة تعارضاً ظاهراً ، ولكنّهم جعلوا تحديد سنة ولادتها دليلاً على طول عمرها كما سيأتي بيانه في محلّه .

وأمّا الإمامية فذهبوا إلى أنّ ولادتها كانت بعد البعثة بخمس سنين ، كما في الكافي حيث ورد : ولدت فاطمة بعد مبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بخمس سنين(3) أو أنّ ولادتها كانت بعد الإسراء بثلاث سنين .

فقد روى الطبري في « دلائل الإمامة » عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ولدت

ص: 28


1- مقاتل الطالبيين 59 ، ترجمة الإمام الحسن بن علي عليهما السلام .
2- تاريخ الخميس ج 1 ص 277 .
3- دلائل الإمامة ص 10 .

فاطمة .. سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآله(1) وكذا قال صاحب « المناقب » محمّد بن شهر آشوب .

قال في المصباح : ولدت سنة اثنتين من البعثة ، وفي رواية أُخرى . سنة خمس من المبعث ، والعامّة تروي أنّ مولدها قبل المبعث بخمس سنين(2).

وقال الشيخ المفيد(3) في الحدائق : كان مولد السيّدة فاطمة الزهراء سنة اثنتين من المبعث(4).. .

وقد ذهب إلى هذا القول هذين العلمين من الإمامية وكذا روي في كشف

ص: 29


1- كشف الغمّة ج 2 ص 75 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 9 ح 15 .
3- هو أبو عبداللَّه محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبدالسلام العكبري الملقّب بالشيخ المفيد . من أجلّ مشايخ الشيعة ورئيسهم وأُستادهم وفضله أشهر من أن يوصف انتهت رئاسة الإمامة إليه في وقته . ولد رحمه الله سنة (336ه) وتوفّي رحمه الله (413ه) دفن في داره ونقل إلى مقابر قريش بالقرب من جانب رجلي الإمام الجواد عليه السلام . له تصانيف عديدة منها : الرسالة المقنعة ، والأركان في دعائم الدين ، والإيضاح في الإمامة ، والإرشاد ، والإفصاح ، والعيون والمحاسن . يقول عنه الشيخ الطوسي رحمه الله : وكان يوم وفاته يوماً لم يُر أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف له ومن المؤالف . راجع روضات الجنّات : ج 6 ص 153 بالرقم 576 .
4- بحار الأنوار ج 43 ص 8 ح 12 .

الغمّة .. .

وعلى أيّة حال فإنّ أغلب علماء أهل الخلاف ذهبوا إلى أنّ مولد فاطمة عليها السلام كان قبل البعثة بخمس سنين ، ولكنّهم تورّطوا بأخبار المعراج التي لا يمكن العدول عنها . لذا مال المتأخّرون منهم إلى قول الإمامية وقالوا : إنّ عمرها كان أكثر من ستّة عشر عاماً بقليل .

شهر ولادتها :

أمّا شهر ولادتها عليها السلام فقد وقع أيضاً الخلاف فيه بين شهر رمضان ورجب وربيع الأوّل وجمادى الأُولى وجمادى الآخرة .

وأمّا الإمامية المحقّة - خاصّة قدماؤهم فقد اتّفقوا على شهر ولادتها بلا خلاف - أي جمادى الآخرة - ومنهم صاحب الكافي والدلائل والحدائق والمناقب والمصباح وغيرهم من المتأخّرين . حيث أجمعوا على هذا اليوم ، وعليه عمل العلماء والمعاصرين في هذا الزمان .

واختاره أيضاً المرحوم الشيخ الحرّ العاملي(1) صاحب الوسائل . كما ذكره في منظومته حيث قال :

قد وُلِدَت فاطمةُ الزهراء * البَضعَةُ الزكيّة الحوراء

بمكّة الغَراء يومَ الجمعة * في مُلك يزدجرد مُبدي السُّمعة

ص: 30


1- هو الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي الجبعي المشهور بالحرّ العاملي ، ولد سنة 1023ه وتوفّي سنة 1104ه ودفن في إيوان المشهد الرضوي . خلّف ثمانية وعشرين مؤلّفاً كبيراً وسبعة وعشرين منظومة وحاشية ، ومن مؤلّفاته وسائل الشيعة ، إثبات الهداة ، أمل الآمل .

وذاك قبلَ رَجبٍ بعشرِ * وقيلَ قبله بنصفِ شهرِ

لِخمسةٍ من مبعث النبيّ * المصطفى المكرّم الزكيّ

وقد روى مخالفٌ ما قَبْله * بخمسةٍ ومَن رواه أبله

أمّا يوم الولادة :

أمّا يوم ولادتها عليها السلام ففيه اختلاف أيضاً .

ففي كشف الغمّة والمصباح : إنّه يوم الجمعة(1). وذهب بعض العامّة والخاصّة إلى أنّه يوم الثلاثاء .

وأغلب الأخبار لم تعيّن يوم الولادة لأنّ المناط والمهمّ تعيين سنة ولادتها لا اليوم والشهر .. .

الجدير بالذكر أنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام والسلسلة المتّصلة بفاطمة الزهراء عليها السلام أكّدوا ما ذكرناه وأخبروا مراراً أنّ عمر فاطمة ثمانية عشر عاماً وبضعة أشهر ، ولو خالف أحد علماء الشيعة في ذلك فلأسباب . ويبقى إجماع أهل البيت عليهم السلام دليلاً متيناً على سنة ولادتها .

الخصيصة الثانية

اشارة

قال اللَّه تعالى : «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ»(2) بعد أنّ اليوم السعيد لولادة السيّدة الزهراء « سلام اللَّه عليها » هو العشرين من جمادى الآخرة حتّى صار هذا القول ثابتاً تحقيقاً بل متواتراً ، وعليه عمل علماء الإمامية - كما ذكرنا - وهم يعظّمون هذا اليوم ويبجّلونه .

ص: 31


1- بحار الأنوار ج 43 ص 9 ح 15 .
2- سورة الروم الآية : 4 - 5 .

ولا شكّ أنّ فرح الشيعة وسرورهم في هذا اليوم وإحياءهم لذكرى ولادة سيّدة النساء عليها السلام يُدخل السرور على خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله ويرضي ربّ العالمين ويوجب دخول الجنّة .

بل إنّ فرح وسعادة الشيعة في هذا اليوم العظيم وهي « المنصورة » في قوله تعالى : «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ»(1) هو نصر لهذه السيّدة المظلومة التي ستنصر شيعتها ومناصريها يوم الفزع الأكبر حيث لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى اللَّه بقلب سليم .

نشأتها وتربيتها

قال اللَّه تعالى : «وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا»(2).

والكفالة في الآية بمعنى الضمان في المؤونة والقيام بالأمر ؛ يقال : كفلتهُ كفلاً وكفولاً فأنا كافل : إذا تكفّلت مؤونته والمكفول عنه في الفقه من كان في ذمّته دَين . والمكفول له والمكفول به الدَين ، والكفيل من ثبت الدَين في ذمّته - وذو الكفل بكسر الكاف نبي من الأنبياء بعد سليمان عليه السلام ، قال البعض : إنّه إلياس ، وقال آخرون : إنّه اليسع ، وسمّي ذا الكفل لأنّه كفل مؤونة الفقراء أو لأنّه كفل سبعين نبيّاً في زمن عيسى عليه السلام وأنجاهم من العذاب وتحمّل عنهم أذى الظالمين .. .

وقال بعض المفسّرين : إنّ اللَّه كفّل زكريا بمريم ، أو أنّ زكريا ضمّ مريم إليه

ص: 32


1- بحار الأنوار ج 61 ص 40 ح 73 .
2- سورة آل عمران الآية : 37 .

لجهة القرابة التي كانت بينهما ..(1).

قال الشيخ الجليل الصدوق رحمه الله(2) في مقارنته بين مريم وفاطمة الزهراء عليهما السلام . قال اللَّه تعالى : «وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا»(3) وكفّل فاطمة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ورسول اللَّه أفضل من زكريا وفاطمة أفضل من مريم عليها السلام(4)... .

وقالت خديجة عليها السلام : إنّي أفضل من حنّة أُمّ مريم وبعلي أفضل من بعلها(5).

وقد كفل زكريا مريم القوت والخبز والحماية الكاملة حتّى نشأت وبلغت . وكفل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة الزهراء عليها السلام حتّى بلغت ... .

أقول : ولو أنّ الخالة بمنزلة الأُمّ إلّا أنّها لا تصير أُمّاً ، وزوج الخالة قد يحلّ محلّ الأب إلّا أنّه لا يكون أباً ، وعليه فإنّ كفالة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخديجة عليها السلام أفضل وأقوى من كفالة حنّة وزكريا ... .

وقد ربّى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام على النعم الظاهرة والحضانة الصورية

ص: 33


1- راجع تفسير البحر المحيط ج 2 ص 460 .
2- الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، المعروف بالشيخ الصدوق قدس سره (305 - 381ه) ولد سنة 305ه في مدينة قم في أُسرة علمية من أهل التقوى . يذكر الشيخ الطوسي في شأن ولادته : إنّ علي بن بابويه كان قد تزوّج من ابنة عمّه . ولكنّه لم يخلف منها . وقد طلب في رسالة للشيخ أبي القاسم الحسين بن روح أن يسأل الإمام صاحب الزمان (عجّل اللَّه تعالى فرجه) أن يدعو له ليرزقه اللَّه أولاداً صالحين فقهاء فدعا له الإمام بذلك .
3- سورة آل عمران الآية : 37 .
4- بحار الأنوار ج 43 ص 48 .
5- الخصائص الفاطمية ج 1 ص 429 .

التكليفية وغذّاها في تلك المدّة القليلة بالخصال الحسنة والصفات الممدوحة من النعم المعنوية والأغذية الروحانية . واصطفاها على نساء العالمين ، وزقّها الملكات الكاملة كما يزقّ الطائر فرخه ، فقوّى نبي الرحمة قوى الوجود المقدّس لفاطمة عليها السلام بالأنوار الإلهية والفيوضات الغيبية القوية ، ولمّا بلغت وفرغ عن كفالتها وجد فاطمة الزهراء عليها السلام كاملة جامعة مبرّءة من كلّ نقص ، ولذا كانت فاطمة أشبه الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وآله خُلقاً ، وهو معنى قوله تعالى : «وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً»(1).

ولهذا أشارت أسماء بنت عميس إلى عظم أدب الصدّيقة الزهراء عليها السلام التي كانت في الثامنة من عمرها : « ما رأيت امرأة أأدب منها » ... .

وقال الراوي متعجّباً من اجتهادها في العبادة : «ما رأيت امرأة أعبد منها »(2) حيث تورّمت قدماها من العبادة ، ولمّا دخلت في كفالة أمير المؤمنين عليه السلام واستترت في حجلة العصمة كشفت الذخائر العلوية المكتومة والخزائن المكنونة ، فلم يخف عنها شي ء ولم يبق دونها سرّ ، فكان أمير المؤمنين عليه السلام يخبرها بما يسمعه عن سيّد الأنبياء فكانت تستفيض من كلام أبيها صلى الله عليه وآله .

ومع هذا هل يمكن أن تقاس هذه المرأة بنساء الأوّلين والآخرين أو بمريم وغيرها من نساء العالمين ؟!

الصدّيقة المحدّثة

وأمّا تكلّمها في رحم أُمّها خديجة فقد تكرّر عدّة مرّات فضلاً عن تكلّمها بعد الولادة مباشرة ، ولم نعثر على رواية تدلّ على تكرّر ذلك فبعد أن شهدت

ص: 34


1- سورة آل عمران الآية : 37 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 75 ح 62 .

الشهادتين وأقرّت بإمامة الأئمّة المعصومين عليهم السلام بعد الولادة مباشرة وفي حضور النسوة الأربعة والحوريات انقطع كلامها ولم تتكرّر الحادثة مرّة أُخرى ، وإذا كانت قد تكرّرت لم تصلنا لأنّنا لم نجد رواية تنقل ذلك ، كما أنّنا لم نجد روايات تدلّ على استمرار عيسى أو بعض الأئمّة المعصومين عليهم السلام في التكلّم أيّام الرضاع سوى ما ثبت من كلامهم في بدو التولّد : وكأنّ الدوام ينافي الحال الطبيعي لعموم العبيد .. .

وأمّا ما سمعته خديجة عليها السلام فهي الوحيدة التي سمعته ثمّ أخبرت النبي صلى الله عليه وآله به ولم يكن في ذلك الزمان مستمع قابل من الآخرين يمكن أن يسمع حديث فاطمة عليها السلام ويروي لنا ما سمع ، وليس في الأخبار شي ء من ذلك ... .

وروي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لأُمّه فاطمة بنت أسد : « ياأُمّاه لا تقمطيني إنّي أُريد أن أتضرّع إلى اللَّه وأبتهل وأتبصبص »(1) وإنّه تكلّم مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وتلى الكتب السماوية وقرأ القرآن الكريم .

وأمّا إقرارها بنبوّة أبيها وإمامة بعلها وبنيها فربما كان للبرّ بالوالدين وأداء الشكر لنعمة التربية كما هو الحقّ ، وللإعلان بأنّها على دين أبيها وبعلها ، وبأنّ ولدها المعصومين عليهم السلام هم خلفاء اللَّه في الأرضين إلى يوم الدين ، قال اللَّه تعالى حكاية عن عيسى بن مريم : «وَبَرّاً بِوَالِدَتِي»(2) ولعمري إنّها البارّة بالوالدين والمشفقة عليهما بما لا إذن سمعت ولا عين رأت .

فاطمة عليها السلام قطب البيت

في بيت محمّد صلى الله عليه وآله وعلي سلام اللَّه عليه ... لا توجد امرأة أشرف ولا أعظم من

ص: 35


1- الخصائص الفاطمية ج 1 ص 433 .
2- سورة مريم الآية : 32 .

فاطمة بعد أن جعلها اللَّه « سبحانه » أُمّاً لأبيها واختار لها علياً زوجاً واختارها له زوجة ... .

فعن الإمام الصادق عليه السلام : (لولا أنّ اللَّه « تعالى » خلق أمير المؤمنين علياً عليه السلام ما كان لها كفو على ظهر الأرض من آدم ، فما دونه)(1).

وفي خبر ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال : (إنّ اللَّه « تبارك وتعالى » أمرني أن أُزوّج فاطمة من علي)(2).

وقد ورد العديد من كلمات رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بحقّ هذا البيت الطاهر ، ففي حديث المباهلة لا نجد تصويراً أكبر لسموّ فضلهم ورفيع مكانتهم وعظيم منزلتهم في هذا القول الشريف حيث قال صلى الله عليه وآله : (لو علم اللَّه أنّ في الأرض أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أُباهل بهم)(3).

وهذا التعبير بدلالاته القوية ينشئ في نفوسنا صوراً شتّى للقيم والفضائل تكشف عن مقاماتهم الرفيعة في العالم الروحاني ... وهذا هو الشرف العظيم الذي تخشع له القلوب والضمائر .

وبهذا يتوصّل الإنسان مهما أُوتي من فهم ... أنّ عقله لا يتصوّر مثالية ولا عبقرية أرفع من مثاليتهم وعبقريتهم .

« ففي حياة علي عليه السلام وفاطمة عليها السلام وفي حياة ولديهما عليهما السلام التقت وشائج الفضائل والمثل العليا مذ تفتّحت أكمام حياتهم وعرفوا هذا الوجود .

ص: 36


1- راجع ينابيع المودّة ص 176 .
2- الصواعق المحرقة ص 107 .
3- راجع تفسير العياشي ومجمع البيان والبرهان والصافي في تفسير آية المباهلة .

وإذا نظرنا إليهم من البداية إلى النهاية لرأيناهم يتقلّبون بين أحضان الفضيلة وقد أسدلت عليهم بُرَدَها تلفّهم من الفرع إلى القدم فلا يساويهم في سموّهم أحد ولا يدانيهم مخلوق .

ولا جرم إن كانوا كذلك وقد تربّوا في البيت الذي خرجت منه الدعوة إلى الإسلام وكفلهم صاحب الدعوة الإسلامية ... ربيب الوحي ومختار اللَّه وحبيبه صلى الله عليه وآله .

وليس عجباً بعد هذا إن كان في كلّ ناحية من نواحي حياتهم ملتقى للفضائل ... فإنّ لهذه التربية أثراً فعّالاً في صبغهم بالصبغة المثالية وتوجيههم إلى الفضيلة والكمال .

حقّاً ... لقد كان كلّ واحد منهم بحكم التربية وبحكم الوراثة معجزة خالدة انفصلت من جسم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لتكون معجزة في صميم الحياة .

فهم الأكملون في مقاييس الفضل والسبق ومعايير الشرف والإيمان بل من أي النواحي أتيتهم تجدهم المكمّلين المقرّبين ... .

والحقّ ... أنّهم المعجزة الخالدة التي كشف الزمن عنها فجاءوا في وسط المعترك الهائج وليسوا منه وجاءوا بين طرفي الزمن وليسوا من الزمن وإنّما هم إشعاعة من نور اللَّه « سبحانه » أفاضه على هذا الوجود وعلى هذه الإنسانية المعذّبة يشقّ الطريق ليهديها في كلّ أجيالها إلى الخير والسعادة وإلى المثل العليا من الكمالات النفسية ... ومن هنا جعلهم قدوة لنا وللبشرية أجمع »(1).

ص: 37


1- المباهلة لعبداللَّه السبتي ص 1 - 2 بتصرّف .

وبهذا يتجلّى لنا الإنسان الذي يسمو في كفّة الميزان في معادلات التقييم ... فالراجح هو الذي تحفّ بشخصه أعلى القيم وأقدسها وذلك باكتساب أمثل الصفات وأزكاها والتي هي الأُخرى تجعله فريداً وحيداً في السمات والخصوصيات ، وبالتالي ينال مقام القرب من اللَّه « سبحانه » فتكون إنسانيته أكمل ومنزلته أعلى وأرفع وبذا ينال درجات الولاية ويرقى عن مستوى السنن والقوانين الطبيعية للكون والحياة . فيصبح حبّه حبّ اللَّه « سبحانه » وبغضه بغض اللَّه أيضاً ... وهذا ما تجده ... في بيت علي وفاطمة عليهما السلام ... .

فعلي عليه السلام : في كلّ ناحية من نواحي الإنسانية ملتقى بسيرته(1).

وقد ورث بحكم مولده ومربّاه مناقب النبوّة ومواهب الرسالة وبلاغة الوحي وصراحة المؤمن(2).

وقد تجمّعت فيه أخلاق محمّد صلى الله عليه وآله ومحمّد إنسان تجمّعت في إنسانيته صفات روحية جعلته أفضل مخلوق وأشرف مخلوق وفوق كلّ مخلوق(3).

من سمات علي عليه السلام :

فعلي عليه السلام تالي محمّد صلى الله عليه وآله ... وفرعان لشجرة واحدة هذا للنبوّة وهذا للإمامة لم يعرف الإسلام قطّ أصدق إسلاماً ولا أشدّ إيماناً منه .

ولم يملأ الإيمان أعماق قلب مسلم قطّ كما ملأ قلبه عليه السلام فكان يؤثر الآخرة على الأُولى ويعمل لإرضاء ربّه وإرضاء نبيّه وإرضاء شعبه ... .

ص: 38


1- عبقرية الإمام علي للعقّاد نقلاً عن المباهلة للسبتي ص 72 .
2- تاريخ الآداب العربية للزيّات نقلاً عن المصدر نفسه .
3- المباهلة للسبتي ص 72 - 73 .

وقد وصفه ضرار أمام معاوية - ألدّ أعدائه - فأجاد الوصف وأذعن معاوية إلى الحقّ الدامغ فقال :

كان واللَّه بعيد المدى شديد القوى ، يقول فصلاً ويحكم عدلاً ، يتفجّر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من لسانه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ووحشته ، وكان غزير الدمعة طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب ، وكان فينا كأحدنا يجيبنا إن سألناه ، ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن واللَّه مع قربنا منه وقربه منّا لا نكاد نكلّمه هيبةً له ، يعظّم أهل الدين ويحبّ المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله ، وأشهد باللَّه يامعاوية لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضاً على لحيته الشريفة ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين وهو يقول : إليك عنّي يادنيا غرّي غيري ألي تعرّضت أم إليّ تشوّقت ، هيهات هيهات فإنّي قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وخطرك كبير وعيشك حقير ... ثمّ قال عليه السلام آهٍ آهٍ من قلّة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ثمّ بكى ضرار وبكى معاوية وقال : رحم اللَّه أبا الحسن كان واللَّه كذلك ثمّ قال : فكيف حزنك عليه ياضرار ؟ قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فهي لا ترقى لها دمعة ولا تسكن لها زفرة(1).

هذا هو علي في كفّة الميزان ... فهل يرجّح عليه أحد أم هل يساويه أحد في صحبه أو صحب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ؟

ص: 39


1- المجالس السنية ج 3 ص 104 .

وحسبه فضلاً ... أن يكون مع القرآن والقرآن معه ... وأن يكون مع الحقّ والحقّ معه يدور معه حيثما دار هذا في الدنيا ، وفي الآخرة فهو عنوان صحيفة المؤمن(1).

وأمّا فاطمة عليها السلام :

كفؤ علي ... ولولاها « سلام اللَّه عليها » ، لما كان كفؤٌ له « سلام اللَّه عليه » ولولاه عليه السلام لما كان كفؤ لها ... وحسبنا دلالة على سموّ الشرف وعظم المنزلة أنّها كفؤ علي عليه السلام ... .

قال الشاعر :

لمصطفاه أصطفاه اللَّه بارئها * وما ارتضاه لغير المرتضى الارب

لو لم يكن لم يك كفواً لها أحد * وتلك كفو له في الفضل والحسب(2)

« وحسبها أن تكون مختارة اللَّه سبحانه ليباهل بها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله نصارى نجران ... ومن أجل هذا الاختيار نفهم التفضيل المطلق على سائر النساء بدون مشاركة لأنّ العقل لا يفهم الاختيار مع التساوي في الفضيلة والمشاركة في الكمال ، وإلّا لزم الترجيح بلا مرجّح وهو مستحيل على الحكيم ... فلابدّ إذن من أفضلية وأكملية ليقع الاختيار صحيحاً طبق العقل .

وحيث تجمّعت القوى الروحية والنواميس القدسية في هذا الملاك النسوي

ص: 40


1- في كلّ هذه المعاني جاءت الروايات وقد ذكرها العلّامة المجلسي في البحار فراجع ج 22 ص 223 و ج 10 ص 432 و ج 27 ص 142 على الترتيب المذكور .
2- الكوكب الدرّي ج 1 ص 153 طبعة النجف .

الطاهر فقد تهيّأت النفس للمثل العليا وخرقت المألوف والمعتاد في اطّرادها البشري حتّى تستحيل إلى معجزة في كمال الوجود وكمال الفضيلة »(1).

ولهذا كانت فاطمة « سلام اللَّه عليها » ... أُمّ النبوّة والإمامة بعد أن تجمّعت في كيانها النسوي فضائل روحية وكمالات نفسية رفعتها في الإنسانية إلى أرقى الدرجات التي يمكن أن ترتفع إليها امرأة ... فكانت صورة فريدة للكمال الإنساني في جانبه النسوي ومدرسة إنسانية كاملة تجمّعت في شخصها كلّ معاني العظمة والفضيلة والشرف والكمال بل سمت في كلّ مجال ... .

فكانت خير بنت لأبيها ... .

وخير زوجة لزوجها ... .

وخير أُمّ لبنيها ... .

وخير قدوة لأمثالها ... .

ومن أجل ذلك كلّه ... وأكثر ... كانت جديرة بأن تمثّل القمّة في مستوى الكمال البشري في بُعده النسوي ... ومن أجل ذلك أيضاً صارت سيّدة نساء العالمين كما وصفها المتحدّث بلسان الغيب صلى الله عليه وآله(2).

في مدرسة علي وفاطمة عليهما السلام :

تمّ الزواج المبارك بين أعظم غصنين لأعظم رسالة هبطت على الأرض ... .

ص: 41


1- المباهلة للسبتي ص 76 بتصرّف .
2- روى ابن سعد في الطبقات الكبرى ج 8 ، ص 28 طبعة بيروت : حديثاً عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وقال : « أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأُمّة أو نساء العالمين » ... وقد روى الحديث طائفة أُخرى من أعلام العامّة أيضاً .

فماذا كان الصداق ؟ هل الكثير من الأموال ... وأنواع الملابس ... والأطعمة والأشربة ؟ ... كلّا ... ولا القصر العاجي ولا هذا ولا ذاك ... أبداً ... وحقّ له أن يكون هكذا ... لأنّ الذي سمت فيه الروحانية ... وتجلّى فيه القدس والطهارة وعذوبة القيم ... يأبى أن يعيش في حضيض المادّة ودناءتها التي تخدع ولا تخصب ، يأبى أن تصفّده الدنيا التي تغرّ وتضرّ وتمرّ بأصفادها فتحدّ من سموّه ورفعته ... الذي سمى فيه المعنى يأبى إلّا أن يعيش المعنى أيضاً ويتعامل مع الحياة هكذا أيضاً .

أعود وأسأل ماذا كان الصداق ؟ كان الصداق درعاً حطمية ... شاركت الإمام في جهاده في سبيل اللَّه « سبحانه » وصدّت عنه سيوف الأعداء ورماحهم المغموسة بالكفر والنفاق والعداوة للدين ... هذه الدرع التي حمت الإمام في أشدّ المواقف وأصعبها لتحفظه من المكاره والآلام هي الأُخرى ... صارت مهراً لفاطمة .

هذه الدرع باعها الإمام علي عليه السلام بأربعمائة وثمانين درهماً وأتى بالمبلغ ووضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله ... وزّع النبي المال على النحو التالي :

160 درهماً لشراء العطور . وكلّف بلالاً بشرائها .

160 درهماً لشراء الثياب .

66 درهماً لمتاع البيت .

96 درهماً دفعها إلى أُمّ سلمة لتبقيه لديها .

وقد اختار هيئة من الصحابة لشراء الثياب والمتاع كان منهم أبو بكر وعمّار ابن ياسر فاشتروا جهاز العرس وهو كالتالي(1):

ص: 42


1- أخذنا التفاصيل عن كتاب فاطمة أُمّ أبيها للسيّد فاضل الميلاني ص 55 - 57 .

1 - قميص بسبعة دراهم !

2 - خمار بأربعة دراهم !

3 - قطيفة سوداء خيبرية !

4 - سرير ملفوف بشريط من الخوص !

5 - فراشان من خيش مصر ، حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من صوف الغنم !

6 - أربع مرافق (مُتكَآت) من أدم الطائف حشوها « إذخر » وهو نبات طيّب الرائحة .

7 - ستر رقيق من الصوف !

8 - حصير هجري !

9 - رحى يد .

10 - مخضب من نحاس لغسل الثياب !

11 - قربة صغيرة !

12 - قدح من خشب !

13 - قربة صغيرة لتبريد الماء !

14 - مطهّرة « إناء مزفّت » !

15 - جرّة خضراء !

16 - أكواز من خزف !

17 - بساط من الجلد !

18 - عباءة قطوانية !

ص: 43

هذا هو الجهاز ... فحملته الهيئة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ووضعته أمامه فجعل صلى الله عليه وآله يقلّبه بيده ويقول : (بارك اللَّه لأهل البيت)(1) (اللهمّ بارك لقوم جلّ آنيتهم الخزف)(2).

أمّا الإمام عليه السلام فماذا كان إعداده لبيت الزوجية ؟ كان كما يلي :

- فرش حجرة النوم بالرمل الناعم .

- نصبَ خشبة من حائط إلى حائط .

- إهاب كبش ومخدّة ليف وضعها على الأرض .

- منشفة علّقها على الحائط .

- وضع على الأرض قربة ماء ومنخلاً لنخل الدقيق(3).

هذا هو جهاز الزوجية لأطهر بيت عرفته الإنسانية على طول التاريخ أنجب لها طاهراً بعد طاهر يربّون أجيالها على القدس والطهارة .

وهذه هي الصورة المثلى لواقعية الإسلام ... فأين مجتمعنا الإسلامي اليوم من هذا ؟

فاطمة عليها السلام في بيتها :

وبعد ذلك كلّه ... فهي عليها السلام على عظمتها وعلوّ منزلتها وسموّ درجتها عاشت في بيتها مع زوجها وأولادها كأيّ امرأة أُخرى ... لتكون أُسوة وقدوة لأجيال النساء ... تعال لنسمع ما يقوله علي عليه السلام عنها وهو الأعرف بها في البيت ... .

ص: 44


1- بيت الأحزان ص 17 .
2- الإمام علي رجل الإسلام المخلّد . عبدالمجيد لطفي ص 60 .
3- المصدر نفسه .

قال علي عليه السلام لرجل من بني سعد : ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة ؟

إنّها كانت عندي وكانت من أحبّ أهل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ... .

- وإنّها استقت بالقِربة حتّى أثّر في صدرها .

- وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها - ثخن جلدها - .

- وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها .

- وأوقدت النار تحت القِدر حتّى دكنت - اغبرّت واتّسخت - ثيابها .

فأصابها من ذلك ضرر شديد ... فقلت لها :

لو أتيتِ أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنتِ فيه من هذا العمل .

فأتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده حُدّاثاً - جماعة يتحدّثون - فاستحت فانصرفت .

قال : فعلم النبي صلى الله عليه وآله أنّها جاءت لحاجة ... .

قال : فغدا علينا ونحن في لفاعنا - لحاف - .

فقال : السلام عليكم ، فسكتنا(1) واستحيينا لمكاننا ، ثمّ قال : السلام عليكم فسكتنا . ثمّ قال : السلام عليكم ... فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك ثلاثاً فإن أُذن له وإلّا انصرف ... .

فقلت : وعليك السلام يارسول اللَّه أُدخل .

فلم يعدُ أن جلس عند رؤوسنا !

فقال : يافاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمّد ؟

ص: 45


1- الظاهر أنّ السلام إذا كان للاستئذان لا يجب ردّه واللَّه العالم . راجع فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد للقزويني ص 261 .

قال : فخشيت إن لم تجبه أن يقوم ... .

قال : فأخرجت رأسي فقلت : أنا - واللَّه - أُخبرك يارسول اللَّه !

إنّها استقت بالقِربة حتّى أثّر في صدرها ، وجرّت بالرحى حتّى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت النار تحت القِدر حتّى دكنت ثيابها ، فقلت لها :

لو أتيتِ أباكِ فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنتِ فيه من العمل .

فقال صلى الله عليه وآله : أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟

إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين ... واحمدا ثلاثاً وثلاثين ... وكبّرا أربعاً وثلاثين .

قال : فأخرجت عليها السلام رأسها فقالت :

رضيت عن اللَّه ورسوله ... رضيت عن اللَّه ورسوله ... رضيت عن اللَّه ورسوله(1).

فلزمت « صلوات اللَّه عليها » هذا التسبيح بعد كلّ صلاة ونسب إليها هذا التسبيح فيقال : تسبيح فاطمة .

وعن قرب الإسناد عن مولانا الصادق عليه السلام أنّه قال :

ياأبا هارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقى(2).

ص: 46


1- فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد ص 260 - 265 وقد نقلنا الرواية مع بعض التوضيح .
2- المصدر نفسه .

وفي مجمع البيان عن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام قال :

« من سبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقد ذكر اللَّه ذكراً كثيراً »(1).

والروايات في فضل تسبيح فاطمة « سلام اللَّه عليها » كثيرة ومختلفة في كيفيتها وفي بعضها ... التكبير ثمّ التحميد ثمّ التسبيح ... وهو الأشهر والأقوى عند فقهائنا الأعاظم .

عطاء وإيثار :

وقد اتّضح ممّا تقدّم ... أنّ مولاتنا الصدّيقة « سلام اللَّه عليها » مع جلالة قدرها وعظم شأنها وشرف نسبها كانت تقوم بأعمال البيت وتدير أُموره بنفسها وكان مولانا أمير المؤمنين وهو الصدّيق الأكبر سلام اللَّه عليه يعينها على ذلك أيضاً ففي كتاب جامع أحاديث الشيعة عن جامع الأخبار عن علي عليه السلام قال :

« دخل علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وفاطمة جالسة عند القِدر وأنا أُنقّي العدس قال : ياأبا الحسن ، قلت : لبّيك يارسول اللَّه قال : اسمع وما أقول إلّا ما أمر ربّي : ما من رجل يعين امرأته في بيتها إلّا كان له بكلّ شعرة على بدنه عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها ... » إلى آخر الحديث(2).

وهكذا ... نرى في بيت فاطمة ، أروع صور التعاون والمحبّة والمواساة ، والبساطة في العيش ، كما نرى البيت ، المدرسة ... .

فمع أنّها بنت النبي صلى الله عليه وآله ووعاء رضا اللَّه « سبحانه » وغضبه ، فقد بدأت تمارس وظائف البيت من أول يوم حلّت زوجة فيه ودأبت على ذلك أيّاماً طوالاً

ص: 47


1- تفسير مجمع البيان ج 8 ص 167 .
2- جامع أحاديث الشيعة ج 17 ص 139 .

حتّى وهبها اللَّه الحسن والحسين عليهما السلام .

فأنفذ لها جارية للخدمة سمّاها « فضّة » ... ولمّا حصلت على خادمة لم تخلد إلى الراحة أبداً بل وزّعت الوظيفة وجعلت يوماً لها ويوماً لخادمتها في إدارة شؤون البيت . فيالروعة الإسلام وعظمة الإنسانية فيه ... .

إبنة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ... المرأة الأُولى في الإسلام ، والزوج القمّة ... تأبى أن تترك العمل إلى الخادمة ... وتأبى أن تكون السيّدة التي لا تهمّها شؤون الزوج والأولاد ... دون أن تسهر عليها ... وتتفانى في سبيلها ... .

وفي تفسير العياشي عن مولانا الباقر عليه السلام :

(إنّ فاطمة عليها السلام ضمنت لعلي عليه السلام عمل البيت والعجين والخبز وقمَّ البيت وضمن لها علي عليه السلام ما كان خلف الباب : ثقل الحطب وأن يجي ء بالطعام)(1).

وفي هذه القصّة التي رواها الإربلي(2) في « كشف الغمّة » من الدلالات ما

ص: 48


1- راجع المصدر ص 212 - 213 .
2- بهاءالدين أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي من كبار الإمامية ، العالم الفاضل الشاعر الأديب المنشئ النحرير والمحدّث الخبير الثقة الجليل أبو الفضائل والمحاسن الجمّة صاحب كتاب كشف الغمّة في معرفة الأئمّة عليهم السلام فرغ من تصنيفه سنة 687 ، وله رسالة الطيف وديوان شعر وعدّة رسائل ، وله شعر كثير في مدح الأئمّة عليه السلام ذكر جملة منه في كشف الغمّة ، وكتابه كشف الغمّة كتاب نفيس جامع حسن ، ولصاحبه بيان في تأويل ما نسب الأئمّة عليهم السلام إلى أنفسهم المقدّسة من الذنب والخطايا والعصيان مع عصمتهم عليهم السلام يروي عن السيّد رضي الدين بن طاووس والسيّد جلال الدين بن عبدالحميد بن فخار الموسوي والأربلي نصبة إلى إربل ، كدعبل بلد بقرب الموصل من جهتها الشرقية ، ولا يخفى عليك أنّه غير الوزير الكبير أبي الحسن علي بن عيسى بن داود البغدادي الكاتب وزير المقتدر والقاهر قال في (ضافي) ترجمته كان غنياً شاكراً صدوقاً ديّناً خيّراً صالحاً عالماً من خيار الوزراء ، وهو كثير البرّ والمعروف والصلاة والصيام ومجالسة العلماء ، توفّي سنة 334 .

يغنينا عن مزيدٍ من البيان لأخلاق فاطمة وأُسلوبها في التعامل داخل البيت ... ومن هذا نعرف مستوى السمو في المرأة وكيف تصبح المرأة مدرسة . قال : أصبح علي عليه السلام ذات يوم .

فقال : يافاطمة عندك شي ء تغذينيه ؟

قالت : لا والذي أكرم أبي بالنبوّة وأكرمك بالوصية ما أصبح اليوم عندي شي ء أُغذّيكه وما كان عندي شي ء منذ يومين إلّا شي ء كنت أُؤثرك به على نفسي وعلى ابني هذين حسن وحسين .

فقال علي عليه السلام : يافاطمة ألا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئاً ؟

فقالت : ياأبا الحسن إنّي لأستحي من إلهي أن تكلّف نفسك ما لا تقدر عليه(1).

وفي هذا خير عبرة ... ونموذج لنسائنا اليوم !!

فاطمة عليها السلام محور الكمال

في حديث الكساء جعلها ربّها « سبحانه وتعالى » محوراً للمعصومين عليهم السلام تدور عليه أفلاك النبوّة والإمامة ... وذلك عندما قال الأمين جبرئيل : ياربّ ومن تحت الكساء ؟ فقال « عزّوجلّ » : هم أهل بيت النبوّة وموضع الرسالة ... هم فاطمة

ص: 49


1- كشف الغمّة ج 2 ص 95 ، والحديث طويل اكتفينا بنقل محلّ الشاهد .

وأبوها وبعلها وبنوها(1).

فقد جعلها « سبحانه » المحور في تعريفهم والإشارة إليهم ، فهي مركزهم وقطب رحاهم أجمعين « عليهم الصلاة والسلام » .

ولعلّ السرّ في ذلك يكمن في وجوه منها :

أوّلاً : إنّ الملائكة كانوا قد عرفوا فاطمة حين كانوا في الظلمة ثمّ ببركة نور فاطمة رأوا النور .

ولعلّ في حديث جابر الذي نقله عن مولانا الصادق عليه السلام المتقدّم إشارة إلى هذا المعنى .

ثانياً : أو لعلّ السرّ هو نفس مفاد الحديث القدسي المتقدّم :

« لولاك لما خلقت الأفلاك ... ولولا فاطمة لما خلقتكما »(2).

بلحاظ أنّها عليها السلام غاية الغايات كما تقدّم .

ثالثاً : وربما يكون السرّ ما ورد في الحديث الشريف عن مولانا الصادق عليه السلام : « هي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى »(3).

وفي الخبر : « فاطمة صدّيقة ولم يكن بعلها إلّا صدّيقاً ومريم كانت صدّيقة في قوله تعالى : «وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ»(4) إلّا أنّ فاطمة هي الصدّيقة الكبرى »(5).

وقد قرّر اللَّه « سبحانه » لنظام الكون محاور وأقطاباً وسيّر المخلوقات بحركة

ص: 50


1- عوالم فاطمة الزهراء ج 2 ص 927 ، منتخب الطريحي ج 2 ص 259 ، ملحقات إحقاق الحقّ ج 2 ص 558 .
2- عوالم العلوم ج 11 باب 3 ح 1 ص 26 .
3- أمالي الطوسي ج 2 ص 280 . وراجع بحار الأنوار ج 43 ص 105 ح 19 .
4- سورة المائدة الآية : 75 .
5- الكوكب الدرّي ص 127 .

دورانية حول القطب فكلّ مجموعة منها تدور حول قطبها ومحورها بمعنى أنّها ترجع إلى حيث ابتدأت في مسيرها الأوّل ... .

وقد أشار القرآن الحكيم إلى هذه الحقيقة في الخلق فقال : «وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ نَبَاتاً»(1).

فالإنسان نبات ينبت في الأرض القريبة بلحاظ نطفة الأب التي تنشأ من الأرض وثمارها .

أو الأرض الأبعد بلحاظ رحم الأُمّ . لأنّ النطفة تنبت في رحم الأُمّ وبمجاز الأوّل ترجع إلى الأرض لأنّ رحم الأُمّ خلق هو الآخر من الأرض .

وعلى أي حال ... ينبت الإنسان نباتاً في الأرض فإذا مات عاد ثانية إلى الأرض : «مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ»(2).

وهكذا الأمر في المعنويات أيضاً ، فعندما نقول إنّهم عليهم السلام محور الكون بمعنى أنّهم سبب إضافته .

ولذلك صاروا قطب رحى الوجود وعليهم تدور القرون وفاطمة عليها السلام هي محور هذا القطب العظيم ، « وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى »(3).

هذا بالنسبة للكون بشكل مطلق ، وأمّا بالنسبة للبشر بشكل خاصّ فإنّهم ليسوا فقط محور خلقه ووجوده بل هم أيضاً محور هداه وكماله ... .

فكلّ مجالات البشر للوصول إلى الكمال ، لتدور حول قطب كمالهم عليهم

ص: 51


1- سورة نوح الآية : 17 .
2- سورة طه الآية : 55 .
3- تقدّم مصدره في الصفحة السابقة .

الصلاة والسلام وتقتبس منه ما تقدر .

وهذا ليس بالأمر المستحيل لأنّ اللَّه « سبحانه » جعل للمادّيات مخازن يستمدّ من خزينها الآخرون ... .

فالشمس مخزن النور والحرارة والدف ء يستمدّ العالم منها هذه العناصر الأساسية للحياة .

«وَللَّهِ ِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ»(1).

فكذلك جعل اللَّه « سبحانه » المعنويات هكذا . فالأُمّ مخزن العاطفة والحبّ والرحمة . والأب مخزن الشفقة وهكذا .

ولعلّه من هنا أيضاً صارت فاطمة الزهراء - أُمّ أبيها - لأنّه كان يلمس فيها الحنان والدف ء والعطوفة التي تحنو بها الأُمّ على ولدها .

فهي بضعة منه جسداً وفلذة منه تكويناً إلّا أنّه منها سكناً وعطفاً وحناناً ولهذا تواترت الأخبار بأنّه كان إذا أراد السفر كان آخر عهده بفاطمة وإذا رجع كان أوّل عهده بها .

لأنّها « سلام اللَّه عليها » خزانة العاطفة والحبّ والرحمة .

وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام خزانة علم اللَّه « سبحانه » وأخلاقه وآدابه ... وكلّ البشرية تستمدّ منهم مختلف العلوم والمعارف والكمالات الإنسانية .

إذ كلّ علم ومعرفة يعود إليهم وكلّ كمال هم مصدره ومنبعه كما في الروايات المتظافرة ولهذا صاروا قدوة للبشر . لأنّهم قطب رحى الكمال المعنوي في الكون .

ص: 52


1- سورة المنافقون الآية : 7 .
ماذا تعني فاطمة عليها السلام ؟

وبعد كلّ ما تقدّم من مقامات لا يبقى مجال للاستغراب إذا قلنا بأنّنا لا ندرك من فاطمة « سلام اللَّه عليها » سوى أنوارها القاهرة التي تخرق حجب النفس فتبهرنا كمالاتها السامية .

كيف ؟ وقد سمّاها ربّها فاطمة لما فطم الناس عن معرفتها(1).

وفي الآخرة تفطم شيعتها ومحبّيها من نار جهنّم(2).

وهي بين الدنيا والآخرة منفطمة عن الطمث والشرّ وكلّ منقصة بشرية ... .

بل وقد فطمها « سبحانه » بالعلم بالميثاق(3).

وأيضاً شقّ اللَّه « سبحانه » لها اسماً من أسمائه الحسنى فهو الفاطر وهي الفاطمة(4).

وبهذا كلّه وبغيره صارت « سلام اللَّه عليها » قطب رحى الوجود الذي دارت عليه سنن التكوين ... وعليها دارت القرون الأُولى .

كنيتها ، وألقابها

اشارة

إعلم أنّ الكنية من « الكناية »(5) وهي تقوم مقام الاسم فيعرف صاحبها بها

ص: 53


1- تفسير فرات الكوفي ص 218 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 12 ح 3 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 12 ح 9 .
4- المصدر السابق ص 15 .
5- قال الفيروزآبادي في القاموس : كنّى به كذا يكنّى ويكنو كناية تكلّم بما يستدلّ عليه أو تتكلّم بشي ء وأنت تريد غيره أو بلفظ يجاذبه جانباً حقيقة ومجاز وكنّى زيداً أبا عمرو ويكنّى به كنية بالكسر وأنّهم سمّاه به كأكناه وكنّاه وأبو فلان : كنية وكنوته ويكسران وهو كنيته وتكنّى بالضم امرأة .

كما يعرف باسمه ، والكنية من مفاخر العرب وعاداتهم ولم تكن معروفة عند غيرهم من الأُمم ، وهم يستعملونها توقيراً وتعظيماً وتكريماً للمكنّى ثمّ صارت متداولة عند العجم حيث صاروا يكنّون بعبارات وإشارات خاصّة عندهم ، بل إنّ العرب يفضّلون الكنية على اللقب ... .

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام : « إنّ الأطفال كانوا يكنّون منذ الولادة في صدر الإسلام »(1).

وقال العلّامة المجلسي : الكنية للمولود في المهد علامة الشرف - بل هي مستحبّة ... .

وفي الحديث عن : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كنّى سيّد الشهداء عليه السلام يوم ولادته بأبي عبداللَّه(2).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

نحن الكرام بنو الكرا * م على وطفلنا في المهد يكنّى

إنّا إذا قعد اللئا * م على بساط العزّ قُمنا(3)

وكان العرب يكنّون الرجل باسم ابنته توهيناً له ، فيقال : أبو كريمة وأبو رقيّة

ص: 54


1- بحار الأنوار ج 43 ص 195 .
2- المشهور أنّ كنيته « أبو عبداللَّه » . ولم أعثر على تكنية النبي صلى الله عليه وآله له أُنظر مطالب السؤول (70) والفصول المهمّة 170 ف 3 .
3- ديوان الإمام علي ج 2 ص 146 .

وأبو عائشة وأبو أُمامة وأبو أُسامة » وكان يكنّى عثمان ب « أبي ليلى » وكذا معاوية ابن يزيد بن معاوية ، وكان المخالفون يكنّون أمير المؤمنين عليه السلام ب « أبي زينب » .

قال أحد المفسّرين في تفسير قوله تعالى : «فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً»(1) المراد : من القول الليّن مخاطبة فرعون بالكنية(2).

وخاطب موسى عليه السلام البحر قائلاً : « ياأبا خالد انفلق »(3) ودعيت الحمى ب (أُمّ ملوم)(4) وفي ذلك أسرار وقد وضع العرب للحيوانات كنى تجدها كثيراً في (حياة الحيوان) للدميري .

خلاصة القول : يجب تعظيم الأُسرة المحترمة وإكرام الآل العظماء وذوي البيوتات ، ومن أقسام الاحترام والتكريم الشائعة الدعوة بالكنية .. .

وروي ذلك في حقّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله المكنّى بقاسم « يعني أبو القاسم » ونظيره ما ورد في كتاب الغيبة في حقّ إمام العصر - أرواحنا له الفداء - حيث روي أنّه كنّى

ص: 55


1- سورة طه الآية : 44 .
2- قال الطبرسي في مجمع البيان ج 7 ص 23 في تفسير الآية الكريمة .. « وقيل معناه كنّياه عن السندي وعكرمة وكنيته أبو الوليد وقيل : أبو العبّاس وقيل أبو مرّة .. » .
3- روى العلّامة المجلسي في البحار ج 13 ص 153 في حديث طويل « فأوحى اللَّه سبحانه إلى موسى : «أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ» فضرب فلم يطعه فأوحى اللَّه إليه : أن كنّه فضرب موسى بعصاه ثانياً وقال : انفلق أبا خالد (وهي كنية للبحر) «فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» .
4- قال الفيروزآبادي في القاموس : أُمّ مِلُوم : الحمى وقال ابن منظور في لسان العرب ج 12 ص 265 مادّة « لوم » أُمّ ملوم : كنية الحمّى والحرب تقول : قالت الحمّى : أمّا أُمّ ملوم آكل اللحم وأمص الدم .

بجعفر والمراد « أبو جعفر » . وكنّى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام بمقتضى الحال لا الماضي ولا الاستقبال - لمّا رآه نائماً على التراب ب « أبي تراب » وقال : « قم ياأبا تراب »(1) وكانت أحبّ الكنى إليه عليه السلام وكان يفتخر بها . ولنعم ما قاله الصاحب بن عبّاد(2):

أنا وجميع من فوق التراب * فداء تراب نعل أبي تراب(3)

كنى سيّدة النساء عليها السلام :

اشارة

بعد هذه المقدّمة الموجزة لا بأس أن نعرف أنّ للصدّيقة الطاهرة (صلوات اللَّه عليها) عدّة كنى . بعضها في كتب الأخبار مذكور مشهور ، وبعضها قد يتّحد مع بعض في المعنى وإن اختلفت لفظاً ومادّة ، ومنها :

أُمّ أسماء :

وهي كنية قليلة الاستعمال بين أهل الحديث إلّا أنّ المرحوم المجلسي روى عن كتاب معرفة الصحابة قال : « ... وكانت فيما قبل تكنّى أُمّ أسماء »(4). ويستفاد منه أنّها كانت تكنّى بذلك أوائل أيّام ولادتها وقبل الهجرة .

ص: 56


1- بحار الأنوار ج 43 ص 202 ح 31 .
2- هو أبو القاسم ، إسماعيل بن عبّاد بن العبّاس الملقّب بالصاحب (الأصفهاني) ولد سنة 326ه ، سمّاه بالصاحب الأمير أبو منصور بويه ركن الدولة لمّا صاحبه إلى بغداد عام 347ه ، ولمّا تولّى أبو منصور الحكومة استدعى الصاحب من أصفهان وولّاه الوزارة . تميّز الصاحب بالأدب الرفيع حتّى صار أحد أقطاب الأدب العربي ، وقد عدّ بعضهم له سبعاً وثلاثين مؤلّفاً طبع منها اثني عشر كتاباً .
3- روضة الواعظين ج 1 ص 131 .
4- بحار الأنوار ج 43 ص 8 ح 12 .

ويحتمل أنّها كُنيت بهذه الكنية باعتبار أنّ الأئمّة الطاهرين عليهم السلام هم أسماء اللَّه الحسنى كما قالوا « نحن أسماء اللَّه الحسنى »(1) والصدّيقة الطاهرة والدتهم فلذا قيل لها : « أُمّ أسماء » ، وهذا الاحتمال وإن كان يبدو خلاف الظاهر إلّا أنّه وارد بلحاظ التأويل .

أُمّ الهناء :

وهي كنية غير مشهورة ولا استحضر مصدرها من الروايات المعتبرة إلّا ما قاله المرحوم الشيخ الحرّ العاملي في منظومته حيث قال :

وقد رووا كنيتها أُمّ الهناء * أُمّ الأئمّة الهداة الأُمناء

أُم الحسين المجتبى أُمّ الحسن * فاسمع إلى جمع ومقدادٍ حسن(2)

والهناء بفتح الهاء والنون من الهنى والعيش الهنيئ والحياة الطيّبة الهنيئة ومنه التهنأة بالأعياد والمسرّات والأفراح ، ومنه ما يقال لمن شرب الماء : « هنيئاً »(3).

وهي أُمّ الهناء لأبيها إذ أنّ الحظّ الأوفر والنفع الأكبر للإنسان في دار الدنيا إنّما هو الولد الصالح ، وكانت له ابنته الطيّبة وقد قال لها النبي صلى الله عليه وآله : « لك حلاوة الولد »(4). وقال لها أيضاً صلى الله عليه وآله : « قولي ياأبة »(5) فإنّي أفتخر بها وقال صلى الله عليه وآله : « وإنّها

ص: 57


1- بحار الأنوار ج 25 ص 4 ح 7 .
2- الخصائص الفاطمية ج 1 ص 117 .
3- لسان العرب مادّة « هنأ » .
4- المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 379 .
5- المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 367 في مناقب فاطمةعليها السلام وفيه عن الصادق عليه السلام قالت فاطمة : لمّا نزلت : «لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً» هبت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن أقول له ياأبة فكنت أقوله : يارسول . فأعرض عنّي مرّة واثنتين أو ثلاثاً ثمّ أقبل عليَّ فقال : « يافاطمة إنّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك . أنت منّي وأنا منك . إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر : قولي ياأبة فإنّها أحيا للقلب وأرضى للربّ » .

أحيى للقلب وأرضى للربّ »(1) ويشهد لذلك تقبيل النبي صلى الله عليه وآله لها وشمّها ، حيث كان يجدّد الروح بذلك ، ولذا كنّاها ب « أُمّ الهناء » .

وهي أُمّ الهناء لزوجها أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال عليه السلام : ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً(2).

أُمّ العلوم(3):

وهذه الكنية تحكي كثرة علومها عليها السلام ، ولا شكّ أنّ استفاضة العلوم إنّما تقصد لمعرفة حقيقة الربوبية والتوصّل إلى ذلّة العبودية وهما أمران حازت عليهما الصدّيقة الزهراء عليها السلام في غاية الكمال . وهذه الكنية تدلّ على أنّ تلك المخدّرة لها إحاطة كاملة وتبحّراً تامّاً في جميع العلوم ، وهذه الاحاطة خاصّة بها دون نساء العالمين جميعاً ، وقد اغترف الجميع من منبع علومها ومعين معارفها الحقّة .

أُمّ الفضائل

*أُمّ الفضائل(4):

كنّيت عليها السلام أيضاً ب « أُمّ الفضائل » وهي أعمّ من الكنية السابقة ، حيث إنّ العلم والمعرفة أحد الفضائل النفسانية لفاطمة الطاهرة المرضية ، وأمّا فضائلها الأُخرى فلا يحصيها محصٍ ولا يعدّها عادّ .

ص: 58


1- مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 102 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 134 .
3- و4) مستدرك العوالم ج 1 ص 95 .
4- مستدرك العوالم ج 1 ص 95 .

والفضائل جمع فضيلة وضدّها النقيصة(1)، قال تعالى : «وَفَضَّلَ اللَّهُ الُْمجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ»(2) وقال تعالى : «يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ»(3) ويقال : « امرأة مفاضلة على قومها إذا كانت لها فضائل زائدة » .. .

أُمّ الكتاب

أُمّ الكتاب(4):

وقد ذكر هذه الكنية الكريمة المحدّثون في كتبهم ، وهي عند المفسّرين العامّة والشيعة من الأسماء المباركة لسورة الفاتحة ، والوجه في تسمية الفاتحة بذلك لأنّها أصل القرآن الكريم ، بل هي أصل جميع الكتب السماوية ، وقال البيضاوي(5): إنّها

ص: 59


1- قال الفيروزآبادي في القاموس « مادّة الفضل » الفضل ضدّ النقص .. والفضيلة : الدرجة الرفيعة في الفضل .. .
2- سورة النساء الآية : 95 .
3- سورة المؤمنون الآية : 24 .
4- مستدرك العوالم ج 1 ص 95 .
5- القاضي ناصر الدين عبداللَّه بن عمر بن محمّد بن علي الفارسي الأشعري الشافعي المفسّر المتكلّم الأُصولي صاحب التفسير المسمّى بأنوار التنزيل الذي هو في الحقيقة تهذيب الكشّاف وتنقيحه . حكي أنّ هذا الكتاب صار منشأ ترقّياته وسبب تقرّبه عند سلطان ذاك العصر واختصاصه بمنصب القضاء وذلك أنّه كان قد بعث إليه بكتاب تفسيره المذكور فاستحسنه منه وأشار إليه بأن يطلب منه شيئاً بإزاء هذا العمل فقال أُريد قضاء البيضاء لكي أترفّع به بين أهل دياري الذين كانوا ينظرون إليّ بعين التحقير ، وقيل : إنّه قد استند في إنجاح هذا المقصد بذيل همّة الشيخ العارف الأوحد الخواجة محمّد الكنجائي الذي كان الملك من مريديه ، ويزوره في ليالي الجمعات فقبل الشيخ ذلك ولمّا اجتمع بالملك قال : إنّ استدعائي من حضرة الملك في هذه الليلة أن يقطع قطعة من رباع جهنّم لشخص يتوقّعها من جنابك فاستكشف الملك عن مراد الشيخ فقال : إنّ فلاناً أراد أن تمنحه منشور قضاء مملكة فارس فأجابه الملك إلى مسؤوله الحكاية . وله أيضاً لبب اللباب والطوالع ، والمنهاج ، وشرح المصابيح وغير ذلك توفّي بتبريز . أُنظر تفسير البيضاوي ج 1 ص 7 و8 .

تتضمّن التوحيد والمبدأ والمعاد والقضاء والقدر والنبوّات والثناء والاشتغال بالخدمة والطاعة وطلب المكاشفات والمشاهدات .

أو أنّها سمّيت بأُمّ الكتاب لأنّ هذه السورة هي أشرف السور القرآنية كما سمّيت مكّة « أُمّ القرى » لأنّها أشرف البلدان وكلا المعنيين يصدقان في حقّ الصدّيقة الطاهرة - سلام اللَّه عليها - حيث إنّها أفضل وأشرف كلّ من سواها وإنّها جامعة شاملة لكلّ العلوم والمعارف ... .

وسمّيت هذه السورة « الأساس » لما روي عن ابن عبّاس : « وأساس القرآن الفاتحة وأساس الفاتحة بسم اللَّه الرحمن الرحيم »(1) فإن أصابتك علّة اقرأ أساس القرآن لتشفى بإذن اللَّه .

وكذا هي فاطمة الزهراء عليها السلام ، فهي أساس الدين وبولاءها تشفى الأمراض الباطنية والأوجاع - وخبرها معروف في باب الأذكار - والأدعية الخاصّة بفاطمة الزهراء عليها السلام(2).

ص: 60


1- مجمع البيان ج 1 ص 47 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 67 - 68 .

اختصاص الكنية بالزهراء عليها السلام

اشارة

لم أجد في كتب التأريخ والسير امرأة تسمّت بهذه الكنية الشريفة ، أو ادّعت أنّها تليق بها احتراماً للقرآن الكريم وإعظاماً لهذا الاسم ، فلم يجرؤ عليها أحد ، ولم تتجاسر امرأة على انتحالها .

ولعلّ اللَّه صرف قلوبهنّ عنها لتبقى خاصّة بموردها الحقيقي وتصدق على مصداقها الواقعي .

قال اللَّه تعالى : «وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ»(1) والمنصف البصير يذعن لتأويلها بأمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة الزهراء(2) ويستنبط وجوه العلاقة والارتباط فيها بأدنى تأمّل وإمعان .

ولا يخفى أنّ سائر كناها الأُخرى تعود إلى أحد أبناءها أو إلى ابنيها الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام معاً من قبيل :

« أُمّ المحسن » و « أُمّ الحسن » و « أُمّ الحسين » و « أُمّ السبطين » و « أُمّ الريحانتين » و « أُمّ الخيرة » و « أُمّ البررة » و « أُمّ الأزهار » و « أُمّ الأخيار » و « أُمّ النجباء » و « أُمّ الأئمّة المعصومين » .

ووجه استعمالها جميعاً وتناسبها مع الخارج في غاية الوضوح ، وهي مستعملة شائعة ذائعة ، وقد تداول استعمالها في الزيارات والأدعية وفي السنّة والشيعة الاثنى عشرية .

ص: 61


1- سورة الزخرف الآية : 4 .
2- أُنظر تفسير البرهان ج 7 ص 106 ح 1 وما بعده .
أُمّ أبيها :

إعلم إنّ من الكنى الخاصّة المأثورة لفاطمة الزهراء صلوات اللَّه عليها هي « أُمّ أبيها » .

ففي مقاتل الطالبيين عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « إنّ فاطمة تكنّى بأُمّ أبيها »(1) وفي كشف الغمّة : « إنّ النبي كان يحبّها ويكنّيها بأُمّ أبيها »(2).

وفي هذا اللفظ أمران : أحدهما : حبّ النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام .

ومن الواضح أنّ المراد من هذا اللفظ هو الاستعمال المجازي وليس المعنى الحقيقي ، ولذا ينبغي أن نجد المعنى المجازي المناسب دون الابتلاء بمعارض .

والاستعمال في كنية « أُمّ أبيها » استعمالاً مجازياً لا حقيقياً وهو عبارة عن أُسلوب للتعبير المتداول بين الآباء والأبناء للإعراب عن المحبّة والعطف ، وبذلك أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يخاطب ابنته العزيزة فاطمة الزهراء عليها السلام ، وكأنّه قال : (ياأُمّي) ليحكي عن شدّة حبّه لابنته ويشهد له قوله في الحديث : « يحبّها ويكنّيها بأُمّ أبيها » .. والحقّ أنّه جواب يستقرّ في القلب ومعنى مليح صحيح .

وقد ذكرت الصدّيقة الطاهرة عليها السلام على لسان اللَّه وملائكته والأئمّة المعصومين عليهم السلام في موارد عديدة بأسماء مباركة وألقاب شريفة تحكي شرف صفاتها الخاصّة التي اتّصفت بها ذاتها المقدّسة ، وقد عبّر - أحياناً - عن معنى واحد بألفاظ عديدة وعبارات شتّى و « كثرة الأسماء تدلّ على شرف المسمّى » .

ص: 62


1- مقاتل الطالبيين 57 ترجمة الإمام الحسن بن علي عليهما السلام .
2- كشف الغمّة ج 2 ص 88 . قال .. « ... كان النبي صلى الله عليه وآله يعظّم شأنها ويرفع مكانها كان يكنّيها بأُمّ أبيها ويحلّها من محبّته محلّاً لا يقاربها فيه أحداً ولا يوازيها ... » .

ففي كتاب المناقب : « وأسماؤها على ما ذكره أبو جعفر القمي : - فاطمة ، البتول ، الحَصان ، الحرّة ، السيّدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء ، المباركة ، الطاهرة ، الزكيّة ، الراضية المرضيّة ، المحدّثة ، مريم الكبرى ، الصدّيقة الكبرى ، ... .

ويقال لها في السماء : النورية ، السماوية ، الحانية ... »(1).

ولها أسماء أُخرى غير الألقاب المذكورة ذكرها ابن شهر آشوب(2) في مناقبه حيث قال :

الصدّيقة بالأقوال* والحَصان بالمكان

والمباركة بالأحوال* والبتولة في الزمان

والطاهرة بالأفعال* والزهراء بالإحسان

الزكيّة بالعدالة* مريم الكبرى في الستر

والرضيّة بالمقالة* وفاطم بالسرّ

والمرضية بالدلالة* وفاطمة بالسبر

والمحدّثة بالشفقة *النورية بالشهادة

والحرّة بالنفقة *السماوية بالعبادة

والسيّدة بالصدقة* والحانية بالزهادة

والعذراء بالولادة *ستّ النساء

ص: 63


1- المناقب ج 3 ص 406 .
2- رشيد الدين أبو جعفر محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني ، صاحب كتاب المناقب والمعالم وغيرها ، وكفى في فضله إذعان أعلام العامّة بجلالة قدره وعلوّ مقامه ، قبره خارج حلب على جبل جوشن عند مشهد السقط .

والزاهدة* وارثة سيّد الأنبياء

الصفيّة* وقرينة سيّد الأوصياء

العابدة *فاطمة الزهراء

الرضية *الصدّيقة الكبرى

الراضية *راحة روح المصطفى

المتهجّدة *حاملة البلوى من غير فزع ولا شكوى

الشريفة* ومن أنزل في شأنها وشأن زوجها سورة (هل أتى)

القانتة* ابنة النبي

العفيفة *وصاحبة الوصي

الكريمة* وأُمّ السبطين

المظلومة* وجدّة الأئمّة

الشهيدة* وسيّدة نساء الدنيا والآخرة

سيّدة النسوان* زوجة المرتضى

وحبيبة حبيب الرحمن* والدة المجتبى

المنتجبة عن خزائن الجنان* وابنة المصطفى

وحفيّة الرحمن* السيّدة المفقودة

ابنة خير المرسلين* السيّدة الرشيدة

وقرّة عين سيّد الخلائق أجمعين* شقيقة مريم

وواسطة العقد بين سيّدات نساء العالمين* وابنة محمّد الأكرم

والمتظلّمة بين يدي العرش يوم الدين* المفطومة من كلّ شرّ

ص: 64

ثمرة النبوّة* المعلومة بكلّ خير

وأُمّ الأئمّة* المنعوتة في الإنجيل

وزهرة فؤاد شفيع الأُمّة *الموصوفة بالبرّ والتبجيل

والزهراء المحترمة* درّة صاحب الوحي والتنزيل

والغرّاء المحتشمة* جدّها الخليل

والمكرّمة ما تحت القبّة الخضراء* وخاطبها المرتضى بأمر المولى جبرئيل

والإنسية الحوراء*

والبتول العذراء*

والآن لا بأس أن نشرح معاني الألقاب والخصائص العشرين المشهورة لفاطمة الزهراء عليها السلام وهي :

البتول :

وهو من الألقاب الباهرة للصدّيقة الطاهرة عليها السلام وهي من ألقاب مريم بنت عمران عليها السلام أيضاً .

والبتل(1) القطع والإبانة ، يقال طلّقتها بتة بتلة ، والبتول جمعها بتائل وهي المرأة المنقطعة عن النساء ، والبتول الفسيلة التي انفردت واستغنت عن أُمّها .

ص: 65


1- قال الفيروزآبادي في القاموس مادّة « بتل . بتلة : قطعة . وبتل الشي ء منيره ... عن غيره . والبتول المنقطعة عن الرجال ومريم العذراء كالتبيل وفاطمة بنت سيّد المرسلين عليها الصلاة والسلام لانقطاعها من نساء زمانها ونساء الأُمّة فضلاً وديناً وحسباً والمنقطعة عن الدنيا إلى اللَّه تعالى والفسيلة من النخلة المنقطعة عن أُمّها المستغنية بنفسها .. والمبتلة الجميلة كأنّها بتل حسنها على أعضائها الأقطع . والتي لم يركب بعض لحمها بعضاً أو في أعضائها استرسال ... .

والبتيلة : التي لم يركب بعض لحمها بعضاً ، والمبتّلة بتشديد التاء المرأة الجميلة تامّة الخلق ، وفي قوله تعالى : «وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً»(1) أي الانقطاع عن الدنيا إلى اللَّه عزّوجلّ .

وعن الإمام علي عليه السلام : أنّ النبي صلى الله عليه وآله سئل ما البتول فإنّا سمعناك يارسول اللَّه تقول : إنّ مريم بتول وفاطمة عليها السلام بتول ؟ فقال صلى الله عليه وآله : البتول التي لم تر حمرة قط - أي لم تحض - فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء(2).

وقال العلّامة المجلسي رحمه الله : إنّها منقطعة عن نساء زمانها بعدم رؤية الدم(3) كما روى علماء العامّة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال : ياحميرا ! إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميين ، لا تغتسل كما تغتسلين(4).

إذن يكون معنى « فاطمة البتول » أي :

المنقطعة عن الدم .

أو منقطعة عن النساء فضلاً وديناً وحسباً .

أو منقطعة عن الرجال شهوة .

أو منقطعة عن الدنيا .

أو منقطعة عن النظير .

ص: 66


1- سورة المزمل الآية : 8 .
2- معاني الأخبار ص 64 ح 17 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 15 ذيل ح 13 باب 2 .
4- بحار الأنوار ج 43 ص 16 وفيه « لا تعتلّ كما تعتلّين » بدل « لا تغتسل كما تغتسلين » .

وقد أنصف أحد العامّة وكتب عن فاطمة عليها السلام قائلاً : إنّ فاطمة الزهراء عليها السلام مطهّرة من الرجس والدنس والأقذار الدنيوية ولم تر حمرة كما تراها سائر النساء وذلك لأنّ الرسول صلى الله عليه وآله قال لأصحابه : « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة » . ومعلوم أنّ الحور العين ونساء أهل الجنّة لا يطمثن ولا يرين دماً وهنّ مطهّرات من القذر الدنيوي ، فكيف تكون نساء الجنّة مطهّرات من عادة نساء الدنيا وتبتلى بها سيّدتهنّ ؟! ومعلوم أنّ دخول الجنّة فرع صفاء الروح والجسد ، فمتى ما صفا الروح والجسد استحقّ مجاورة الواحد الأحد - جلّ سلطانه - ومجاورة الأنبياء العظام . وفاطمة الزهراء دخلت بصفاء وعاشت فيها بصفاء وأقبلت على دار الصفاء وجنّة الخلد بصفاء والتحقت بالطاهرين من عباد اللَّه الصالحين(1).

الطاهرة :

من الألقاب الشريفة للصدّيقة فاطمة الزهراءعليها السلام«الطاهرة»، وهذا اللقب من الأوصاف الذاتية للزهراءعليها السلام وهومشتق من « الطهر » بالضمّ وهو النزاهة والنظافة كما في مجمع البحرين : والمطهّر المنزّه ، الطهورين الماء والتراب . وجمعه طهارى من دون قياس وأهل اللغة يقولون : امرأة طاهر من الحيض وطاهرة من النجاسة والعيوب ، والطهور : المطهّر ، قال تعالى : «وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً»(2)... .

وفي حديث المناقب المذكور عدّ الطاهرة من ألقاب الزهراء الخاصّة(3)، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « إنّا أهل البيت أذهب اللَّه عنّا الفواحش ما ظهر منها وما

ص: 67


1- نقلاً عن كتاب الخصائص الفاطمية ج 1 ص 158 .
2- سورة الفرقان الآية : 48 .
3- المناقب ج 3 ص 409 .

بطن »(1).

السيّدة :

ومن الألقاب المباركة للصدّيقة الكبرى عليها السلام هو لقب السيّدة ، وهو جامع للمكارم والمحامد الحميدة والمعاني العديدة .

والسيّد يعني الربّ والمالك والشريف والقاضي والكريم - الحليم - الرئيس المقدّم ، المطاع ، الصابر ، المتحمّل أذيّة القوم وهي مشتقّة من ساد يسود سيادة وأساد وسيايد من غير قياس(2).

ذكر صاحب مجمع البيان في معنى السيّد ووجوب إطاعته أمرين : الأوّل : إنّ السيّد من كان مطاعاً في قومه ، الثاني : أن يعتقد القوم وجوب طاعته . والسيّد هو من جعل اللَّه وجوب طاعته واتّباع أمره وحكمه على الخلق أجمعين ، وأوجب عليهم الاعتقاد بوجوب طاعته ، وهذا هو معنى الولاية والإمامة ، فالأمر الأوّل متحقّق في فاطمة بلا نقاش كما قال لها أبو بكر : أنت سيّدة أُمّة أبيك والشجرة الطيّبة لبنيك(3). ولكن كلامي في الأمر الثاني يعني وجوب طاعة أمرها عموماً دون منصب الإمامة ، فلو أمرت فاطمة عليها السلام أمراً أو حكمت حكماً فعلى جميع الأفراد والآحاد أن يطيعوها ويعتقدوا فرض طاعتها .

وليست سيادتها ومطاعيّتها راشحة من نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وآله. وحرمة بيته، وإنّما هي ثابتة لها شخصاً دون ملاحظة الانتساب إلى الرسول صلى الله عليه وآله ، فلها سيادتها الخاصّة التي توجب على الجميع إطاعتهاكماهوثابت لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله والمعصومين عليهم السلام.

ص: 68


1- بحار الأنوار ج 23 ص 116 .
2- أُنظر لسان العرب ج 6 ص 422 مادّة سود .
3- الاحتجاج ج 1 ص 143 .
سيّدة النسوان :

اعلم إنّ هذا اللقب العظيم مأخوذ من الحديث الشريف المتّفق عليه بين الفريقين : « فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين »(1) وهو حديث لا ينكره العامّة ، فهم يستندون عليه في تفضيل السيّدة الزهراء عليها السلام على جميع النساء ، وقد ورد في أغلب الأخبار بلفظ « سيّدة النساء » ، وورد في بعضها بلفظ « سيّدة النسوان »(2) والمعنى واحد .

والسيّدة من ألقاب فاطمة الزهراء عليها السلام ، وقد تبيّن معناها فيما مضى ، والفرق بين « السيّدة » و « سيّدة النسوان » في العموم والخصوص ، فلفظ « السيّدة » مطلق لا قيد فيه ، والظاهر أنّ سيادتها حينئذ لا تختصّ بالنسوان ، بل تعمّ الرجال فهي أفضل منهم ، بينما « سيّدة النساء » لقب يختصّ بالنساء .

ومن تتبّع أخبار الأئمّة الأطهار عليهم السلام وجد أنّ الغالب استعمال هذا اللقب لفاطمة عليها السلام خاصّة إلّا أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أطلق هذا اللقب الشريف على خديجة الكبرى عليها السلام أيضاً في مرثيته :

أعَيْنَيَّ جوادا بارك اللَّه منها * هالكين لا تُرى لهما مثلا

على سيّد البطحاء وابن زعيمها * وسيّدة النسوان أوّل من صلّى

مهذّبة قد طيّب اللَّه خِيمها(3) * مباركة واللَّه ساق لها فضلا(4)

ص: 69


1- بحار الأنوار ج 43 ص 24 ح 20 .
2- ورد هذا اللفظ في أحاديث عديدة منها ما ورد في البحار ج 36 ص 328 ح 184 باب 41 .
3- الخيم : الطبع والشيمة والخلق .
4- بحار الأنوار ج 35 ص 143 ح 85 .

عن ابن عمر : خير رجالكم علي بن أبي طالب ، وخير شبّانكم الحسن والحسين ، وخير نساءكم فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله(1).

وفي خصائص النسائي ، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : يافاطمة أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأُمّة وسيّدة نساء العالمين فضحكت(2)، وفيه أيضاً : إنّ فاطمة بنتي سيّدة نساء أُمّتي ، وإنّ حسناً وحسيناً سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأبوهما خير منهما(3).

ولمّا كانت فاطمة عليها السلام سيّدة نساء أهل الجنّة صارت أفضل نساء الأوّلين والآخرين ، ولمّا كانت هذه الأُمّة خير الأُمم بمفاد قوله تعالى : «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ»(4) وكانت الزهراء الصدّيقة خير نساء هذه الأُمّة - فهي - بطريق أولى - خير نساء الأُمم جميعاً .

تعليق :

إلى هنا لا بأس بذكر مراتب فضل نساء العالمين بعد السيّدة عليها السلام وبيانه لا يخلو من فائدة إن شاء اللَّه تعالى .

فلا يخفى أنّ المعصومات من نساء العالمين من الأوّلين والآخرين هما امرأتان فقط :

ص: 70


1- ينابيع المودّة ج 2 ص 275 ح 788 عن مودّة القربى - المودّة الثالثة .
2- الخصائص للنسائي 119 .
3- الخصائص للنسائي 118 وفيه « ونساء المؤمنين » .
4- سورة آل عمران الآية : 110 .

الأُولى : مريم بنت عمران عليها السلام بصريح الآية الكريمة : «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ»(1).

والأُخرى : فاطمة الزهراء عليها السلام بظاهر آية التطهير .

ولم يكن في سائر النساء معصومة سواهنّ ، فلا تصل إليهنّ امرأة لعصمتهنّ وإن وصلت إلى الكمال في مرتبة الأُنوثة ، ويشهد لذلك الحديث الشريف : ما كمل من النساء إلّا أربعة(2).

نعم ذهب جماعة إلى تفضيل خديجة على مريم وقالوا : إنّ فضائل خديجة لا تقلّ عن فضائل مريم واستشهدوا لذلك بحديث فُضلّت خديجة على نساء أُمّتي ، كما فضّلت مريم على نساء العالمين(3) ونظائره واستدلّوا أيضاً بأدلّة قويّة أُخرى .

ولكنّنا نقول : هذا الحديث يفيد المثلية والتساوي ، ولا يفيد الأفضلية ، ثمّ إنّ قول النبي صلى الله عليه وآله كان في وقت لم تكن فيه فاطمة عليها السلام ، ولمّا ولدت عليها السلام خصّها به النبي صلى الله عليه وآله ، وإن كانت خديجة أفضل فهي أفضل نساء زمانها كمريم بنت عمران ، ولكنّها نالت شرف التلقيب ب (أُمّ المؤمنين) حتّى بعد وجود فاطمة الزهراء عليها السلام .

الحوراء :

الحوراء : من ألقاب الطيّبة فاطمة الزكيّة ، وجمعه « الحور » بالضمّ ، وحَوَر حوران ، والحور - كما في المجمع : جمع « حوراء » بالفتح والمد - وهي الشديدة بياض العين في شدّة سوادها ، قال تعالى : «حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ»(4)، وقال تعالى :

ص: 71


1- سورة آل عمران الآية : 42 .
2- كنز العمّال ج 17 ح 34408 .
3- مجمع الزوائد ج 9 ص 223 .
4- سورة الرحمن الآية : 72 .

«حُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»(1).

والعين : جمع عيناء ، وهي الواسعة الحسنة العين ، وأنّهنّ خُلقن من تسبيح الملائكة .

ويلاحظ في صفة هذه المخدّرة غالباً تعبير ب « الحوراء الإنسية » ، يعني إنّ فاطمة عليها السلام حورية بصورة الإنس كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله : « فاطمة حوراء إنسية » أو : « حوراء آدمية لم تطمث ولم تحض »(2).

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل : ففاطمة بضعة منّي وهي نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبي وهي الحوراء الإنسية(3).

وعن أسماء بنت عميس عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « إنّ فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية »(4).

وفي كتاب الاحتجاج : « إنّ الحوراء خلقت من الطيّب لا تعتريها عاهة ولا يخالط جسمها آفة »(5).

العذراء :

العذراء : لقب شريف من الألقاب الكريمة لفاطمة عليها السلام .. .

وفي مجمع البحرين : عذراء مثل حمراء : البكر ، لأنّ عذرتها - وهي جلدة

ص: 72


1- سورة الواقعة الآية : 22 - 24 .
2- بحار الأنوار : ج 43 ص 394 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 172 ح 13 .
4- بحار الأنوار ج 43 ص 394 .
5- بحار الأنوار ج 8 ص 136 ح 48 .

البكارة - باقية ، وجمعها عذاري بفتح الراء وكسرها ، يقال : أبو عذرتها أي هو الذي افتضّها .

وقال في معنى البكر : والبكارة أيضاً عذرة المرأة ، وفي تفسير قوله تعالى : «فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً»(1) قال : وهي العذراء من النساء التي لم تمسّ . والبكر هي العذراء من النساء ، والبكارة عذرة المرأة ، فإن كان المراد أنّ فاطمة كانت باكراً في وقت ما ، فليس في ذلك فضيلة وصفة خاصّة : فالأغلب على ذلك بل المراد دوام البكارة مع الزوجية والإيلاد ، فتكون كرامة لفاطمة وفضيلة خاصّة من خصائص الزهراء عليها السلام ، وهو من معاني البتول كما في قول النبي صلى الله عليه وآله «فاطمة بتول لأنّها ترجع بكراً في كلّ ليلة، ومريم بتول لأنّها ولدت عيسى بكراً»(2).

وبعبارة أُخرى من صفات الحور العين عدم الحيض ودوام البكارة وكلتيهما في الصدّيقة الزهراء عليها السلام .

ففي حديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « ... قال : أعطاني علياً واعطاه العذراء البتول ، ترجع كلّ ليلة بكراً لم يعط ذلك أحداً من النبيّين ، والحسن والحسين ولم يعط أحداً مثلهما ، وأعطاه صهراً مثلي وليس لأحدٍ مثلي صهراً ، وأعطاه الحوض وجعل إليه قسمة الجنّة والنار ولم يعط ذلك الملائكة ، وجعل شيعته في الجنّة وأعطاه أخاً مثلي وليس لأحد أخ مثلي ، ... »(3).

التقيّة

* التقيّة(4):

التقية : وهو أشرف ألقاب أُمّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، وهو مشتقّ من وقى يقي وتقوى وتقاة وتقيّة ، والمعنى وقاية .

ص: 73


1- سورة الواقعة الآية : 36 .
2- و3) مضمون الحديث راجع كتاب : شرح إحقاق الحقّ ج 10 ص 25 و ج 5 ص 44 .
3- مضمون الحديث راجع كتاب : شرح إحقاق الحقّ ج 10 ص 25 و ج 5 ص 44 .
4- تهذيب الأحكام ج 6 ص 9 .

والوقاية بالكسر التي للنساء ، والوقاء بالفتح ما وقيت به شيئاً ، والإتقاء بمعنى الخوف والحذر ، وقوله تعالى : «اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ»(1).

وبالطبع إنّ الزهراء عليها السلام لم تُلقّب بالتقية لمجرّد التلقيب والاشتهار بهذا اللقب ، وإنّما كانت هي إذ ليس آية في التقوى في نساء العالمين من الأوّلين والآخرين امرأة مثلها في الخوف والخشية والطاعة والامتثال وأهل الحقّ والأولياء يزورونها بهذه الصفة ويعرفون أنّها حقيقة التقوى وتمامها .

الحرّة :

الحرّة هو من الألقاب النبيلة لفاطمة الزهراء عليها السلام ، يقال للمرأة : « حرّة » خلاف الأمة وللرجل : « حر » وخلافه « العبد » ، قال في المجمع : « الحرّة خلاف الأمة »(2).

والحرّة جمعها حرائر على غير قياس ، لأنّ القياس حرر ، كغرفة وغرف و «تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ»(3) أي عتق رقبة .

وفاطمة الزهراء عليها السلام سيّدة الحرائر وكريمة الأطياب والأنساب ، ومعنى هذا الوصف أنّها خلصت من العبودية وصارت أمة خالصة للحقّ تعالى ، وبه سادت على نساء العالمين وتشرّفت عليهنّ .

وفي الحديث عن عبادة فاطمة عليها السلام أنّ اللَّه تعالى قال : « فاطمة سيّدة

ص: 74


1- سورة آل عمران الآية : 102 .
2- مجمع البحرين ج 3 ص 264 .
3- سورة النساء الآية : 92 .

إمائي »(1) أي إنّ كلّ النساء إماء وهذه سيّدتهنّ ، فهي الحرّة من بينهنّ ولها اختيار من تشاء منهنّ لتكون أمة ولها الحكم عليهنّ .

وإنّما خلصت فاطمة هذا المقام بعبوديتها للَّه وكمال فخرها في كونها أمة اللَّه فلها الشرف في هذه النسبة ، كما سأل النبي صلى الله عليه وآله من ربّه الواحد أن يجعله « عبداً للَّه » .

وفي الخبر بأنّ الزهراء عليها السلام حينما كانت في علّة وفاتها عادها عمر وأبو بكر ، فجلسا بالباب ودخل علي عليه السلام عليها ، فقال لها : « أيّتها الحرّة فلان وفلان بالباب يريدان أن يسلّما عليك فما ترين ؟

قالت عليها السلام : البيت بيتك والحرّة زوجتك ، فافعل ما تشاء »(2).

الحَصان :

الحَصان : هو لقب من ألقابها الشريفة عليها السلام ، والإحصان : طلب الرجل الزوجة : فهو محصن بالفتح ، والمحصنة المرأة المتزوّجة .

والحَصان بالفتح والحصناء : المتعفّفة الظاهرة بالتقوى ، الكريمة الحرّة .. .

والحِصان النجيب من الخيل لأنّ ظهره كالحصن لراكبه .

وروى الشيخ المجلسي رحمه الله بيتين عن حسّان بن ثابت في مدح الصدّيقة الكبرى فاطمة عليها السلام وقد اقتبسها من كلام الملك العلّام وهما :

وإنّ مريم أحصنت فرجها * فجاءت بعيسى كبدر الدجى

فقد أحصنت فاطم بعدها * فجاءت بسبطي نبيّ الهدى(3)

ص: 75


1- بحار الأنوار ج 38 ص 340 ح 14 .
2- بحار الأنوار ج 28 ص 303 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 50 ح 46 .

وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « إنّ فاطمة أحصنت فرجها ، فحرّم اللَّه ذرّيتها على النار »(1).

وقد تبيّن ممّا مرّ أنّ تحصّن سيّدة نساء العالمين عاد عليها بعدّة أُمور :

أحدهما : أنّ اللَّه وهبها هذين الإمامين الهمامين عليهما السلام ، وجعل لكلّ واحد منهما نسلاً كثيراً وذرّية مباركة ، بحيث إنّ عيسى بن مريم عليهما السلام سيتبع ويلازم أحد أولادهما في آخر الزمان ، وكفى بذلك شرفاً وفخراً .

والآخر : أنّ النار حرّمت على ذرّيتها الطاهرة ، كما في في كثير من الأخبار .

وقد فُسّر الإحصان في القرآن الكريم بأربعة معانٍ :

الأوّل : العصمة كقوله تعالى : «أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا»(2).

الثاني : الأزواج كقوله تعالى : «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ»(3).

الثالث : الحرّية كقوله تعالى : «مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ»(4).

الرابع : الإسلام كقوله تعالى : «فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ»(5) وهذه المراتب كلّها موجودة بمستوى الكمال في الصدّيقة الزهراء عليها السلام إذ أنّ نفسها القدسية اتّصفت من بين نساء العالمين جميعاً بهذه الأُمور واختصّت بأعلى درجات الفضائل

ص: 76


1- بحار الأنوار ج 43 ص 232 ح 7 .
2- سورة الأنبياء الآية : 91 .
3- سورة النساء الآية : 24 .
4- سورة النساء الآية : 25 .
5- سورة النساء الآية : 25 .

والكمالات ، وكذلك بنوها المطهّرون وبناتها الطاهرات .. .

الحانية :

وهو لقب مبارك من ألقاب الصدّيقة الطاهرة عليها السلام ذكره العلّامة المجلسي في بحار الأنوار .

والحانية : من حنّى يحنو بمعنى العطف والشفقة : يقال : حنّت المرأة على ولدها أي عطفت وأشفقت فلم تتزوّج بعد أبيهم .

قال في المجمع : ومنه المرأة الحانية(1)، وكذا قال المجلسي عن الجزري روي في مدح نساء قريش : أحناه على ولد وأرعاه على زوج(2).

وسنتحدّث في هذه الخصيصة حول مطلبين :

أحدهما : عطف فاطمة الزهراء عليها السلام ورأفتها بزوجها أمير المؤمنين عليه السلام وهو ما يعجز البنان والبيان عن وصفه ، ويقصر الإنسان عن شرحه ، وهو ما يحتاج إلى خصيصة مستقلّة بذاتها ومقدّمة خاصّة بها .

والآخر : رأفتها ومحبّتها لأبنائها الكرام(3) علاوة على المحبّة الفطرية والمودّة الذاتية التي تكون بين كلّ أُمّ وأبنائها .

الزهراء :
اشارة

وهو من الألقاب المشهورة للسيّدة فاطمة عليها السلام ، وقد شاع وذاع على ألسنة الشيعة الإمامية ، واشتهر في كتب الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، وهو لقب

ص: 77


1- مجمع البحرين ج 1 ص 111 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 17 ح 15 .
3- فروع الكافي ج 5 ص 327 باب فضل نساء قريش .

ممدوح ، حتّى عدّ في أسمائها عليها السلام .

وأصله من زهر وزهور : اتّقاد النار واشتعالها والزهرة بتحريك الوسط نجم ، والزهرة بضمّ وفتح الأوّل والثاني : نور كلّ بنات . وبالسكون بمعنى البياض ، ومنه رجل أزهر أي أبيض مشرق الوجه . وأُمّ الأزهار كنية الزهراء عليها السلام والمراد من الأزهار الأئمّة الأطهار « صلوات اللَّه عليهم » .

والزهرة بفتح الزاي وسكون الهاء بمعنى الزينة والبهجة ... قال تعالى : «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا»(1).

وبالجملة فهذا اللقب النبيل غالباً ما يلازم اسم الصدّيقة الزهراء عليها السلام حتّى في الدعوات والزيارات ، ممّا يدلّ على أنّ أئمّة الهدى عليهم السلام كانوا يحبّون أن تسمّى أُمّهم المخدّرة باسم فاطمة الزهراء من بين كلّ ألقابها وأوصافها الكثيرة الأُخرى ، وذلك لأنّ هذا الاسم الشريف قارن الكثير من الوقائع والأحداث ، وله أسباب وعلل كثيرة نذكر شمّة منها :

العلّة الأُولى :

روى جابر عن الإمام الصادق عليه السلام قال : قلت له : لِمَ سمّيت فاطمة الزهراء زهراء ؟

فقال : لأنّ اللَّه عزّوجلّ خلقها من نور عظمته ، فلمّا أشرقت أضاءت السماوات والأرض بنورها ، وغشيت أبصار الملائكة ، وخرّت الملائكة للَّه ساجدين .. وقالوا : إلهنا وسيّدنا ما هذا النور ؟ فأوحى اللَّه إليهم هذا نور من نوري أسكنته في

ص: 78


1- سورة طه الآية : 131 .

سمائي ، خلقته من عظمتي ، أُخرجه من صلب نبي من أنبيائي ، أُفضّله على جميع الأنبياء ، وأُخرج من ذلك النور أئمّة يقومون بأمري يهدون إلى حقّي ، وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي(1).

العلّة الثانية :

عن ابن عمارة عن أبيه سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن فاطمة لِمَ سمّيت الزهراء ؟

فقال : لأنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما تزهر نور الكواكب لأهل الأرض(2).

العلّة الثالثة :

عن أبي هاشم العسكري : سألت صاحب العسكر عليه السلام : لِمَ سمّيت فاطمة الزهراء ؟

فقال : كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه السلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي(3).

العلّة الرابعة :

عن الحسن بن يزيد قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام لِمَ سمّيت فاطمة الزهراء عليها السلام ؟

قال : لأنّ لها في الجنّة قبّة من ياقوت حمراء ، ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة ، معلّقة بقدرة الجبّار ، لا علاقة لها من فوقها فتمسكها ، ولا دعامة لها من تحتها فتلزمها ، لها مائة ألف باب ، على كلّ باب ألف من الملائكة ، يراها أهل الجنّة كما

ص: 79


1- علل الشرائع ج 1 ص 213 ح 1 .
2- المصدر السابق ح 2 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 16 ح 15 .

يرى أحدكم الكوكب الدرّي الزاهر في أُفق السماء ، فيقولون : هذه الزهراء لفاطمة عليها السلام(1).

العلّة الخامسة :

عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : يابن رسول اللَّه لِمَ سمّيت الزهراء عليها السلام زهراء ؟ ... .

فقال : لأنّها كانت تزهر لأمير المؤمنين عليه السلام في النهار ثلاث مرّات بالنور :

كان يزهر نور وجهها صلاة الغداة والناس في فرشهم ، فيدخل بياض ذلك النور إلى حجراتهم بالمدينة ، فتبيض حيطانهم فيعجبون من ذلك فيأتون النبي صلى الله عليه وآله فيسألونه عمّا رأوا ، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام . فيأتون منزلها فيرونها قاعدة في محرابها تصلّي والنور يسطع من محرابها ومن وجهها فيعلمون إنّ الذي رأوه كان من نور فاطمة .. .

فإذا نصف النهار وترتّبت للصلاة ، زهر وجهها عليها السلام بالصفرة ، فتدخل الصفرة حجرات الناس فتصفرّ ثيابهم وألوانهم ، فيأتون النبي صلى الله عليه وآله ... فيسألونه عمّا رأوا ، فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام ، فيرونها قائمة في محرابها وقد زهر نور وجهها عليها السلام بالصفرة ، فيعلمون إنّ الذي رأوا كان نور وجهها .

فإذا كان آخر النهار وغربت الشمس ، احمرّ وجه فاطمة عليها السلام فأشرق وجهها بالحمرة فرحاً وشكراً للَّه عزّوجلّ ، فكان يدخل حمرة وجهها حجرات القوم وتحمرّ حيطانهم ، فيعجبون من ذلك ويأتون النبي صلى الله عليه وآله ... ويسألونه عن ذلك فيرسلهم إلى

ص: 80


1- بحار الأنوار ج 43 ص 16 ح 15 .

منزل فاطمة عليها السلام فيرونها جالسة تسبّح اللَّه وتمجّده ونور وجهها يزهر بالحمرة ، فيعلمون أنّ الذي رأوا كان من نور وجه فاطمة عليها السلام ... .

فلم يزل ذلك النور في وجهها حتّى ولد الحسين عليه السلام فهو يتقلّب في وجوهنا إلى يوم القيامة في الأئمّة منّا أهل البيت إمام بعد إمام(1).

توفيق بين الأخبار :

لا يخفى أنّه لا تعارض بين العلل المذكورة في الأحاديث في تسمية فاطمة عليها السلام بالزهراء ، بل كلّها صحيحة ويمكن الجمع بينها بأن فيقال :

إنّما كانت في بدو إيجاد نورها المبارك تزهر لأهل السماوات والأرضين وما بينهما ، وخلق من نورها المشرق الموفور بالسرور القبّة الزهرائية بتلك الأوصاف ، وهذا لا يمنع أن تسطع أنوارها الوجودية في عالم الملك صبحاً وظهراً وغروباً على أهل المدينة عموماً ، وتزهر لأمير المؤمنين عليه السلام على وجه الخصوص شمساً وقمراً وكوكباً درّياً .. .

ومن البديهي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يراها بعين الولاية والمحبّة ، وينظر إليها بعين الباطن والظاهر ، فهو يرى ما لا يراه غيره فتتجلّى له على وجه الخصوص بشكل يختلف عمّا تتجلّى به إلى أهل المدينة عامّة .

المنصورة :

المنصورة : هو لقب تدعى به فاطمة الزهراء عليها السلام في السماء كما ورد في الأحاديث الشريفة ، والنصر يعني الاعانة ، يقال : نصره على عدوّه أي أعانه .

ص: 81


1- علل الشرائع ج 1 ص 214 ح 2 .

والانتصار يعني الانتقام والأخذ بالثار .

والنصر : المنع والغلبة .

والمنصورة : المعانة ، وناصرها ومعينها هو اللَّه تبارك وتعالى .

والمنصورة : الممنوعة حقّها أيضاً ، ولكن القرائن تدلّ على أنّ المراد هو المعنى الأوّل أي « المعانة » .

وفي معاني الأخبار عن الإمام الصادق عليه السلام عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في حديث المعراج : ... قال جبرائيل عليه السلام : .. يامحمّد ! إنّ هذه تفاحة أهداها اللَّه - عزّوجلّ - إليك من الجنّة فأخذتها وضممتها إلى صدري . قال يامحمّد ! يقول جلّ جلاله : كلها ، ففلقتها فرأيت نوراً ساطعاً ، ففزعت منه ، فقال : يامحمّد ! مالك لا تأكل ؟ كلها ولا تخف ، فإنّ ذلك النور - المنصورة في السماء ، وهي في الأرض فاطمة : قلت حبيبي جبرئيل ولِمَ سمّيت في السماء « المنصورة » وفي الأرض « فاطمة » ؟ قال : سمّيت في الأرض فاطمة لأنّها فطمت شيعتها من النار ، وفطم أعداؤها عن حبّها ، وهي في السماء « المنصورة » وذلك قول اللَّه - عزّوجلّ «يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ»(1) يعني نصر فاطمة لمحبّيها(2)... .

وأمّا إخبار جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله في الجنّة : أنّ اسم فاطمة الزهراء في السماء « المنصورة » ففيه بشارة روحانية وتكريم رحمانيّ ، وإظهار لجلالة قدرها ، وتسلية لها بالانتقام من أعداءها وشانئيها .

ص: 82


1- سورة الروم الآية : 4 و 5 .
2- معاني الأخبار ص 396 ح 53 باب نوادر المعاني .. .
الصدّيقة الكبرى :

الصدّيقة الكبرى هو لقب شريف عظيم مدح اللَّه تبارك وتعالى به مريم العذراء عليهما السلام في القرآن المجيد ، قال تعالى : «مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»(1).

ولقب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة الطاهرة ب « الصدّيقة الكبرى » حيث قال صلى الله عليه وآله : « وهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى »(2).

والصدّيق على وزن فعّيل من أبنية المبالغة كما يقال : وهو كثير الصدق ، والصدق نقيض الكذب . ومنه - قوله تعالى : - «وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ»(3).

وسمّيت ومدحت مريم عليها السلام ب « الصدّيقة » لصدقها في دعواها أنّ عيسى منها ولم يمسسها بشر ، فشهد اللَّه لها بالصدق فصارت صدّيقة لأنّ اللَّه صدّقها .

وسمّيت فاطمة الزهراء عليها السلام « الصدّيقة الكبرى » لأنّها صدّقت بوحدانية الحقّ تعالى ونبوّة أبيها وإمامة بعلها وإمامة أبناءها المعصومين عليهم السلام واحداً بعد واحد وهي في رحم أُمّها وعند ولادتها .

وشهدت بذلك - أيضاً - عائشة على ما رواه المشاهير من العلماء حيث قالت

ص: 83


1- سورة المائدة الآية : 75 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 105 ح 19 .
3- سورة الشعراء الآية : 84 .

مراراً : « ما رأيت أصدق منها إلّا أباها »(1).

وقد اتّفق المخالف والمؤالف على أنّ فاطمة الزهراء هي الصدّيقة الكبرى قولاً وقلباً وفعلاً ، لم تكذب قطّ كذبة واحدة وكانت تفعل ما تقول ، ولم تتخلّف قط في أداء أي تكليف أو امتثال أي أمر ، وكان لها في ذلك صدق نيّة وعزم وثبات ومداومة ومراقبة تامّة .

الزكيّة :

هذا اللقب المبارك يدلّ على طهارة الذات المباركة لفاطمة الزهراء (صلوات اللَّه عليها) وهي من صفات المعصومين عليهم السلام .. .

وفي بعض النسخ « زاكية » بدل « زكية » .

قال تعالى في القرآن المجيد في قصّة مريم عليها السلام : «لِاَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً»(2) أي تصدر منه أعمال البرّ وأفعال الخير دون تقصير في إتيانها وأدائها ... .

والتزكية في اللغة بمعنى التطهير ، وإنّما سمّيت الزكاة زكاة لأنّها تطهّر الأموال ، قال المفسّرون في قوله تعالى : «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا»(3): التزكية التطهير من الأخلاق الذميمة الناشئة من الغضب والحسد والبخل وحبّ الجاه وحبّ الدنيا والكبر والعجب : فمن عالج هذه الأمراض بالأعمال الصالحة صارت نفسه مطهّرة مزكّاة(4).

ص: 84


1- بحار الأنوار ج 43 ص 53 ح 48 .
2- سورة مريم الآية : 19 .
3- سورة الشمس الآية : 9 .
4- أُنظر مجمع البيان ج 10 ص 370 .

وبعبارة أُخرى : إنّ نتيجة التزكية الطهارة ، والطاهرة هي نفس الطهارة فتكون الطاهرة أوفى وأقوى ... .

فيكون معنى تسمية الزهراء عليها السلام بالزكية أنّها فازت وأفلحت بالزكاة والطهارة الفطرية الذاتية ، وكانت بعيدة عن الأخلاق الدنيّة الرديّة ، وفازت بكلّ موجبات النجاة يوم القيامة .

الراضية والمرضية :

أمّا الراضية فهو لقب شريف يحكي عن رضا السيّدة الزهراء عليها السلام ، وأمّا المرضية فهو لقب مبارك ذكر في القرآن الحكيم والروايات ضمن أوصاف النفس المطمئنّة ، ويذكر أيضاً لقب بعد الراضية إلّا أنّه أشرف وأقوى منه لما قاله النيسابوري في تفسيره : إنّ الراضية هي النفس الراضية والمسلّمة لكلّ المقدّرات الكائنة والأحكام الجارية التي تصلها من اللَّه . أمّا المرضية : فهي التي رضي اللَّه عنها فصارت مرضية للحقّ تعالى ، ففي الأُولى الرضا من العبد . وفي الثانية الرضا من اللَّه .. والمناط رضا الحقّ عن العبد ، لأنّ العبد إذا رضي عن اللَّه رضي اللَّه عنه كما يقال : « رضي اللَّه عنه ورضي عنه » ... .

وفي مجمع البحرين : الراضية وهي التي رضيت بما أُوتيت . والمرضية هي التي رضى عنها(1).

المباركة :

إنّ السيّدة الزهراء عليها السلام هي ذات البركة في العلوم الربّانية والفضائل النفسانية

ص: 85


1- مجمع البحرين ج 1 ص 185 مادّة « رضا » .. .

والكمالات الشريفة والكرامات المنيفة .. .

وقد أخبر اللَّه عيسى بن مريم عليهما السلام في الإنجيل عن السيّدة المخدّرة فاطمة الزهراء ووصفها بهذا الوصف .

فعن عبداللَّه بن سليمان ، قال : قرأت الإنجيل في وصف النبي صلى الله عليه وآله نكّاح النساء ذو النسل القليل ، إنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنّة لا صخب فيه ولا نصب ، يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا أُمّك ، لها فرخان مستشهدان(1).

ففاطمة الزهراء عليها السلام أُمّ البركات ، والأصل الأصيل للخيرات ، وكلّ بركات عالم الامكان من حسّيات وعقليات وجودها وذاتها المباركة .

وقد ورد في تفسير أهل البيت عليهم السلام في معنى « الكوثر » أنّه الذرّية الطيّبة والنسل الكثير . وأنّها كرامة لخاتم النبيين « عليه وعليهم صلوات اللَّه وسلامه وبركاته » ... .

وفي قوله تعالى : «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ»(2).

ورد أنّ الليلة المباركة هي الذات المقدّسة لأُمّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام فاطمة الزهراء عليها السلام(3).

فالسيّدة الصدّيقة الطاهرة سادت في هذا اللقب والوصف على عيسى

ص: 86


1- بحار الأنوار ج 43 ص 22 ح 14 .
2- سورة الدخان الآية : 3 .
3- تأويل الآيات الظاهرة ص 556 ، بحار الأنوار ج 48 ص 87 .

فهو مبارك وهي عليها السلام مباركة .

النورية :

هذا اللقب الشريف معروف مشهور بين الملائكة وسكّان السماوات مثل « المنصورة » كما ذكرنا سالفاً .

وقد عدّه العلّامة المجلسي رحمه الله في ألقابها المكرّمة ، فقال : « ويقال لها في السماء النورية السماوية »(1).

وعلّة تسمية السيّدة الزهراء عليها السلام بالنورية السماوية لهذا السبب ، فنورانية الزهراء عليها السلام كانت بأنحاء متعدّدة ، فهي لأهل السماوات بنحو ، ولأهل الأرض بنحو يختلف باختلاف الأوقات ، ولأمير المؤمنين عليه السلام بنحو آخر ... .

أمّا لأهل السماوات كانت تزهر في محراب عبادتها كالكوكب الدرّي وكالنجم الساطع و... .

وقد ورد في تفسير أهل البيت عليهم السلام في قوله تعالى : «كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ»(2) أنّها نزلت في فاطمة(3) ولهذا سمّيت عند الملائكة بالنورية ، ويشهد لذلك الأخبار ... .

وقد روى الفريقان حديث تزويج فاطمة عليها السلام أنّ جبرئيل هبط إلى خاتم المرسلين ، وقال : زوّج النور من النور ، قال : من ممّن ؟ قال : بنتك فاطمة من ابن

ص: 87


1- بحار الأنوار ج 43 ص 16 ح 15 .
2- سورة النور آية : 35 .
3- تفسير البرهان ج 5 ص 386 ح 2 .

عمّك علي بن أبي طالب عليه السلام(1).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال في قول اللَّه تعالى «اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ»(2) المشكاة فاطمة عليها السلام «فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ» الحسن والحسين «فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» كأنّ فاطمة عليها السلام كوكب درّي بين نساء أهل الأرض «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» يوقد من إبراهيم عليه السلام «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» يعني لا يهودية ولا نصرانية «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ» يكاد العلم يتفجّر منها «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ» إمام منها بعد إمام «يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ» يهدي اللَّه للأئمّة من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم مخلصاً «وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ»(3).

وفي تفسير فرات عنه عليه السلام قال : «كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ» فاطمة من نساء العالمين «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» قال : لا يهودية ولا نصرانية «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ» يكاد العلم ينبع منها سلام اللَّه عليها(4).

ففاطمة الزهراء مشكاة علوم آل محمّد عليهم السلام ، فكما يستفيد الناس من ضوء

ص: 88


1- بحار الأنوار ج 43 ص 111 ح 23 و123 ح 3 .
2- سورة النور الآية : 35 .
3- النور - 35 - قال تعالى «اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ» .
4- تفسير القمي ج 2 ص 78 .

النجوم «وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ»(1) فكذلك بعلوم فاطمة يهتدون .

مريم الكبرى :

لقد أقسم النبي صلى الله عليه وآله مراراً إيماناً مغلّظة وقال في فاطمة الزهراء عليها السلام : « واللَّه هي مريم الكبرى »(2)، علماً أنّ النساء العابدات المطيعات الزاهدات كثيرات في الأُمم السابقة . وقد ذكر القرآن الكريم جملة منهنّ ومدحهنّ وأثنى عليهنّ ؛ إلّا أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لم يجعل الزهراء عليها السلام قرينة لواحدة منهنّ إلّا ما كان من مريم عليها السلام لأنّها منتجبة مصطفاة من نساء العالمين . ثمّ إنّها موصوفة بالعصمة ، وأنّها سيّدة نساء العالمين وأفضلهنّ ، وقد أثنى عليها اللَّه بعفّة النفس والصفاء والاصطفاء ، وجعلها فرداً كاملاً في النوع النسواني في العالمين ... .

وقد جعل النبي الخاتم صلى الله عليه وآله فاطمة أكبر وأكرم من مريم ولم يكتفي أنّهامريم بل إنّ قوله صلى الله عليه وآله يفيد إنّها مريم وزيادة، فهي أكبروأشرف وأفضل من مريم، وهذه الأفضلية والأشرفية لجامعيّتها، ولأنّها أكمل في الملكات المحمودة والملكات المسعودة .

ولا يخفى أيضاً أنّ قول النبي صلى الله عليه وآله : « فاطمة مريم الكبرى » مدح واضح لمريم عليها السلام حيث جعل الفضل محصوراً عليها ، وكأنّه قال : إن كان شرف أُمّة عيسى عليه السلام في مريم ، فإنّ لهذه الأُمّة المرحومة مريم أيضاً إلّا أنّها أشرف وأفضل .

فكلام سيّد الأنام يتضمّن أمرين :

أحدهما : شرف مريم وفضيلتها وتفرّدها .

والآخر : تميّز السيّدة الزهراء عليها السلام عليها .

ص: 89


1- سورة النحل الآية : 16 .
2- بحار الأنوار ج 22 ص 484 ح 31 .

وكأنّه صلى الله عليه وآله قال : إنّ ابنتي فاطمة الزهراء عليها السلام أفضل وأشرف من مريم الموصوفة بالصفات الخاصّة والمفضّلة على من سواها من النساء وقد صدق الرسول الأمين صلى الله عليه وآله .

المحدَّثة :

وهو من أعظم وأفضل الألقاب الطيّبة لأُمّ الأئمّة النجباء فاطمة الزهراء « صلوات اللَّه عليها » .

وهذه الدرجة السامية التي تلي مقام النبوّة والإمامة خاصّة بالزهراء عليها السلام ، وهي تعني أنّ صاحب هذا اللقب والمقام يكون مُلهماً ومؤيّداً بالإفاضات الغيبية والعنايات الربّانية حيث تحدّثه الملائكة فيسمع أصواتها .

والمحدّثة : اسم مفعول أي التي حدّثت ، ولابدّ للمحدّثة من محدّث ، وكان جبرئيل وغيره من الملائكة يحدّثون النبي والوصي وفاطمة الزكية عليها السلام ، وكانت لفاطمة الزهراء عليها السلام لقاءات لا تحصى مع الملائكة ، ففي حديث مصحف جبرئيل كانت فاطمة تلتقي جبرئيل خمسة وسبعين يوماً أوقات الصلاة المفروضة وتشاهده عياناً بالحاسّة الباصرة الظاهرية والرؤية البشرية وتسمع منه الأحاديث والأخبار في ما كان وما هو كائن ، وكانت تلتقيه من قبل في زمان أبيها كما جاء في مرثيتها :

وكان جبرئيل بالآيات يؤنسنا

فقد فُقِدتَ فكلّ الخير محتجب(1)

وقد ورد في أوصافها : « المحدّثة العليمة » .

والواضح من هذه الأخبار أنّ تحديث الملك فيض خاصّ وعلم مخصوص

ص: 90


1- بحار الأنوار ج 43 ص 196 ح 27 .

للمحدَّث دون سواه ، وهذه الافاضة - أي النكت بالسمع والقذف في القلب - تكون للاستعداد والقابلية الكاملة الموجودة في المحدّث خاصّة وهذا الاستعداد والقابلية موهبة رحمانية ومكرمة ربّانية .

ففي الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام : ... فأرسل إليها ملكاً يسلّي غمّها ويحدّثها . فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال لها : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك ، فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يكتب كلّما سمع ، أثبت من ذلك مصحفاً . قال : ثمّ قال : أما إنّه ليس فيه شي ء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون(1).. .

وروى الصدوق رحمه الله في علل الشرائع قال : مريم لم تكن نبيّة وكانت محدّثة ، وأُمّ موسى بن عمران كانت محدّثة ولم تكن نبيّة وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشّروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبيّة ، وفاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كانت محدّثة ولم تكن نبتة .. .

ثمّ قال الصدوق رحمه الله : قد أخبر اللَّه عزّوجلّ في كتابه : بأنّه ما أرسل من النساء أحداً إلى الناس في قوله تبارك وتعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ»(2)-(3).

وعن الإمام الصادق عليه السلام : إنّما سمّيت فاطمة عليها السلام محدّثة لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران ، فتقول : يافاطمة إنّ اللَّه اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين ، يافاطمة اقنتي لربّك واسجدي

ص: 91


1- الكافي ج 1 ص 240 ح 2 .
2- سورة الأنبياء الآية : 7 .
3- علل الشرائع ج 1 ص 217 ح 2 .

واركعي مع الراكعين فتحدّثهم ويحدّثونها ... .

فقالت لهم ذات ليلة : ألست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا : إنّ مريم سيّدة نساء عالمها ، وإنّ اللَّه - عزّوجلّ - جعلك سيّدة نساء عالمك وعالمها وسيّد نساء الأوّلين والآخرين(1) وروى مثله في دلائل الإمامة عن محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري وقد روي هذا التعليل في كتب الإمامية كثيراً .. .

فلمّا حملت خديجة بفاطمة كانت تحدّثها من بطنها وتحدّثها وتؤنسها في وحدتها ، وكانت تكتم ذلك عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، فدخل النبي صلى الله عليه وآله يوماً فسمع خديجة تحدّث ، فقال صلى الله عليه وآله : ياخديجة ! لمن تحدّثين ؟ قالت : أُحدّث الجنين الذي في بطني فإنّه يحدّثني ويؤنسني . قال صلى الله عليه وآله : ياخديجة ! إبشري فإنّها أُنثى ، وإنّها النسلة الطاهرة الميمونة ، فإنّ اللَّه جعلها من نسلي ، وسيجعل من نسلها خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه(2) فما برح ذلك النور يعلو وأشعّته في الآفاق ينمو حتّى جاء الملك ، فقال : يامحمّد صلى الله عليه وآله أنا محمود إنّ اللَّه بعثني أن أُزوّج النور من النور(3).. إلى آخر الخبر ... .

فاطمة الزهراء عليها السلام

اشارة

كنّا قد تحدّثنا عن معنى « الكنية ، واللقب » ؛ واقتضى الأمر أن نتحدّث الآن عن معنى « الاسم » واشتقاقاته ، فنقول :

ص: 92


1- علل الشرائع ج 1 ص 182 ح 1 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 2 ح 1 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 111 ح 23 .

الاسم جمعه أسماء ، وتصغيره سمي وهو مشتق من سموت لأنّه تنويه ورفعة أو من وسم بمعنى العلامة ، ومنه سمات جمع سمة ، والمتوسّمين ذووا العلامات ، كذا في المجمع(1)؛ والاسم علامة لمعرفة المسمّى كذا قيل في تعريفه ، وهو غير الكنية واللقب .

وكلّ ما ذكرناه سابقاً كان من ألقاب السيّدة الزهراء عليها السلام ، أمّا اسمها ففي الأخبار المعتبرة أنّها سمّيت منذ بدو الإيجاد ب « النورية السماوية » و « المنصورة في السماوات » وسمّيت « بفاطمة » في الأرض .

أمّا « فاطمة » فهو الاسم السامي الجامع للمعاني والألقاب الأُخرى ، وقد لحظ في معناه ما يعود على نفس السيّدة ، أو ما يعود على الآخرين ومبدأه ومصدره منها عليها السلام وعلى كلا الاحتمالين يكون معنى « فاطمة » موهبة إلهية خاصّة وصفها اللَّه تعالى بها ... .

ولا يقال : إنّ بعض ما سنذكره في معنى فاطمة لا يدخل تحت هذا الاسم أو أنّه غير ملحوظ فيه ، فإنّه ينطبق على كلّ واحد من المعاني التي سيذكرها الإمام عليه السلام كلّ حسب المورد والخاصّ به فيكون الاستعمال صحيحاً في الجميع .. .

ولا يقال أيضاً : إنّ هذا اللفظ لم يوضع - منذ البداية - لمعنى خاصّ معقود من هذه المعاني ، لأنّها كانت معروفة به قبل ولادتها بآلاف السنين ، وكان الأنبياء العظام يعرفون اسم « فاطمة »(2) ويدعون اللَّه به في الشدائد ويتوسّلون إليه

ص: 93


1- مجمع البحرين ج 1 ص 230 مادّة « سما » .
2- وإن كان الأنبياء العظام عليهم السلام يدعوها ببعض ألقابها الخاصّة ولكنّهم كانوا يعرفون اسم فاطمة عليها السلام .

به(1).. .

ص: 94


1- ولنذكر لتوسّل الأنبياء عليهم السلام بالصدّيقة الكبرى في الشدائد نموذجين : الأوّل : اللوحية السليمانية : في الحرب العالمية الأُولى (1916م) عندما كان بعض الجنود البريطانيين يحفرون مواقع لهم للحرب في قرية (اونرّة) الصغيرة التي تبعد بضعة كيلومترات عن مدينة القدس عثروا على لوحة فضّية مرصّعة حواشيها بالمجوهرات الثمينة قد رسمت في وسطها حروف مذهّبة فأخذ الجنود تلك اللوحة إلى قائدهم (ميجراي - اين - حيرنيدل) ، وكلّما حاول هذا القائد فهم تلك الخطوط لم يتمكّن ولكنّه أدرك بأنّ اللوحة كتبت بلغة قديمة جدّاً .. . ثمّ تناقلت هذه اللوحة أيد كثيرة إلى أن وصلت بيد قائد الجيش البريطاني (اليفتونات) و (جلوستون) ثمّ أوصل هذه اللوحة إلى علماء الآثار في بريطانيا ، وبعد انتهاء الحرب العالمية (سنة 1918م) أخذ البريطانيون في تحقيق الأمر وحاولوا فهم تلك الخطوط ، ولكنّهم حينما لم يتمكّنوا من ذلك شكّلوا لجنة تضمّ علماء في اللغات من بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبقيّة الدول الأوربية . وبعد مضي أشهر من المطالعة والتحقيق وفي اليوم الثالث من شهر كانون الثاني بالتحديد انكشف لديهم بأنّ هذه اللوحة هي لوحة مقدّسة تسمّى « اللوحة السليمانية » وما رسم فيها فهو كلام للنبي سليمان عليه السلام ، وقد كتبت باللغة العبرية القديمة ونحن الآن نضع ترجمة اللوحة المذكورة للقارئ الكريم : ياه أحمد : مقذا = ياأحمد أغثني . ياه ايلي : انعطاه = ياعلي أعنّي . ياه باهتول : اكاشني = يابتول اعطفي عليَّ . ياه حاسن : اخو مظع = ياحسن أكرمني . ياحاسين : بارقو = ياحسين سرّني . امو سليمان صوه عشخب زا لهلاد افتا = هذا سليمان يستغيث : لأنّ بهذه العظماء الخمسة . بذت اللَّه كم ايلي = وعلي هو قدرة اللَّه . ثمّ إنّ أعضاء هذه اللجنة لمّا اطّعلوا على مضمون هذه اللوحة المقدّسة نظر كلّ منهم إلى صاحبه بتعجّب له معناه وعضّوا على أنامل الحيرة ثمّ بعد تبادل وجهات النظر قرّروا إرسال هذه اللوحة إلى المتحف الملكي البريطاني ، ولكن حينما بلغ الخبر كبير أساقفة بريطانيا Lord Rishoys أصدر أمراً إلى تلك اللجنة هذه خلاصته : (إذا وضعت هذه اللوحة في المتحف وصارت أمام أنظار الناس فسوف يتضعضع أساس المسيحية ، وبالنتيجة سوف يشيّع المسيحيون أنفسهم جنازة المسيحية ويدفنونها في مقبرة النسيان ، فالأولى أن توضع هذه اللوحة في مخزن أسرار الكنيسة البريطانية ولا يطّلع عليها إلّا الأسقف وبعض الأفراد المعنيين) . وللمزيد من الاطّلاع في هذا الأمر رجع إلى كتاب Lordrishop طبعة لندن ص 249 : وعلى أثر هذه اللوحة قد أسلم العالمان (وليم) و (تامس) . الثاني : لوحة سفينة نوح عليه السلام : في شهر حزيران عام 1951 عثر مجموعة من خبراء المناجم الروس على لوحة قديمة من الخشب غير العادي ولم تؤثّر فيها الأرض وهذه القطعة من سفينة نوح عليه السلام قد كتب عليه السلام عليها بعض الأشياء للاستنجاد والتيمّن وكان قد علّقها على صدر السفينة وهو التوسّل بمحمّد وأهل بيته (سلام اللَّه عليهم أجمعين) .. .
في بيان معنى الاسم المبارك

لا يخفى أنّ تسعة من أُمّهات النبي صلى الله عليه وآله وجدّاته سمّين بفاطمة ، وتسع سمّين بعاتكة ، وفي اصطلاح أهل الحديث والسير « الفواطم التسع » و « العواتك التسع » ، وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله قال : أنا ابن العواتك من سليم(1).

وقال الشاعر :

ص: 95


1- بحار الأنوار ج 19 ص 171 ح 16 .

يابن الطواهر والزواكي * يابن الفواطم والعواتك(1)

ولا يخفى أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام كانت أوّل امرأة ولدت في الإسلام ، وأوّل امرأة سمّيت بفاطمة في الإسلام ، وأوّل امرأة هاجرت وهي صغيرة إلى المدينة بصحبة أمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة بنت أسد وفاطمة بنت الزبير .

والحمد للَّه الذي جعل اسم هذه المكرّمة المعظّمة زينة وشرفاً لأسماء ومسمّيات العواتك والفواطم السابقات ، وبثبوت عصمتها أثبتت عفاف أُمّهاتها .

والحمد للَّه الذي جعل اسم فاطمة في كلّ بيت من بيوت هذه الأُمّة سبباً للبركة ونزول الرحمة ، وستبعث الفواطم - غداً يوم القيامة - رافعات الرؤوس فخراً ومباهاة : لأنّهنّ أُمّهات السيّد المختار صلى الله عليه وآله وسميّات فاطمة الزهراء عليها السلام ، فيقلن : فاطمة أفضل منّا ونحن أفضل من باقي النساء لشبه اسمنا باسمها ، وفي هذا الاشتراك الاسمي مزيّة فوق المزايا ورتبة فوق الرتب .

في معاني الاسم الشريف « فاطمة » ...

قبل أن أن نحرز معنى الاسم المبارك « فاطمة » وعلّة التسمية ونستكشف بذلك علوم ومطالب عالية لا بأس أن نبدأ بمقدّمة وهي : أنّ اسم فاطمة مشتقّ من الفطم ، قال صاحب مجمع البحرين : الفطيم ككريم هو الذي انتهت مدّة رضاعه ، يقال : فطمت الرضيع فصلته عن الرضاع ، ويجمع الفطيم على فُطُم - بضمّتين - وهو قليل الاستعمال في العربية .

قال البويصري(2):

ص: 96


1- صحاح الجوهري ج 2 ص 140 « عتك » ط مصر 1992ه .
2- شرف الدين أبو عبداللَّه محمّد بن سعيد البويصري المصري صاحب القصيدة الموسومة بالكواكب الدرّية (البردة) ، ولد سنة 608ه وتوفّي بالاسكندرية سنة 696ه . الكنى والألقاب ج 2 ص 97 .

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على * حبّ الرضاع وإن تفطمه ينفطم

لماذا سمّيت بفاطمة ؟
اشارة

هناك عشرة وجوه لتسمية السيّدة الزهراء عليها السلام بفاطمة :

الوجه الأوّل :

روى العلّامة المجلسي رحمه الله عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « سمّيت فاطمة لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً وديناً وحسباً ، وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى اللَّه »(1).

الوجه الثاني :

نسب إلى المجلسي أنّه روى في البحار : « سمّيت فاطمة لانقطاعها عن الفواطم التسعة »(2).

إذ أنّهنّ ولدن في الكفر ، وولدت فاطمة في الإسلام ، ولها بذلك الفخر .. .

الوجه الثالث :

روي عن الإمام الباقر عليه السلام ، قال : لمّا ولدت فاطمة عليها السلام أوحى اللَّه عزّوجلّ إلى مَلَك فانطلق به لسان محمّد صلى الله عليه وآله فسمّاها فاطمة ، ثمّ قال : إنّي فطمتك عن الطمث ... .

ص: 97


1- بحار الأنوار ج 43 ص 10 ح 13 .
2- الخصائص الفاطمية ج 1 ص 290 .

ثمّ قال أبو جعفر عليه السلام واللَّه لقد فطمها اللَّه تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث بالميثاق(1).

الوجه الرابع :

روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال : أتدري أي شي ء تفسير فاطمة ؟ قال : فطمت من الشرّ(2). ويقال : إنّما سمّيت فاطمة لأنّها فطمت عن الطمث(3).

وعن عبدالعظيم الحسني عليه السلام قال : حدّثني الحسن بن عبداللَّه بن يونس بن ظبيان قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : لفاطمة عليها السلام تسعة أسماء عند اللَّه عزّوجلّ - وذكر الأسماء - ثمّ قال : أتدري أي شي ء تفسير فاطمة عليها السلام ؟ قلت : أخبرني ياسيّدي . قال : فُطمت من الشرّ .. »(4).

الوجه الخامس :

نقل في الخصائص الفاطمية عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « سمّيت فاطمة فاطمة لفطمها عن الدنيا ولذّاتها وشهواتها » ، فلمّا نزل المَلك وأجرى اسمها على لسان النبي صلى الله عليه وآله كانت فاطمة عازفة عن الدنيا ، معرضة عمّا سوى اللَّه موجّهة قلبها من المهد إلى اللحد نحو الآخرة ونحو اللَّه ؛ لأنّ حبّ الدنيا قطع عنها قطعاً واستغرقت في محبّة الحقّ تعالى ، ولهذا عاشت في هذه الدنيا فترة قصيرة وكابدت فيها المصائب مكابدة وهي في غاية القدرة وكمال الكرامة ، ومن يقرأ سيرتها في الزهد علم أنّها ليست

ص: 98


1- علل الشرائع ج 1 ص 212 ح 4 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 10 ح 1 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 16 ح 14 .
4- علل الشرائع ج 1 ص 212 ح 3 .

كالآدميين(1).

فتكون التسمية بيان لما ستأول إليها عليها السلام كما قاله المجلسي طاب ثراه .

الوجه السادس :

عن عبداللَّه المحض بن الحسن المثنّى عن أبي الحسن السجّاد عليه السلام قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : لِمَ سمّيت فاطمة فاطمة ؟ قلت : فرقاً بينه وبين الأسماء ، قال : « إنّ ذلك لمن الأسماء ، ولكن الاسم الذي سمّيت به إنّ اللَّه تبارك وتعالى علم ما كان قبل كونه ، فعلم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يتزوّج في الأحياء وإنّهم يطمعون في وراثة هذا الأمر فيهم من قبله ، فلمّا ولدت فاطمة سمّاها اللَّه تبارك وتعالى فاطمة لما أخرج منها وجعل في ولدها ... فقطعهم عمّا طمعوا ، فبهذا سمّيت فاطمة لأنّها فطمت طمعهم ، ومعنى فطمت : قطعت »(2).

الوجه السابع :

عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال : « مَن عرفها حقّ معرفتها أدرك ليلة القدر ، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن كنه معرفتها »(3).

وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وآله : إنّما سمّيت فاطمة لأنّ أعدائها فطموا عن حبّها .

ويظهر من الحديث الأوّل أمران :

الأوّل : إنّ معرفة فاطمة حقّ المعرفة يعني إدراك ليلة القدر .

ص: 99


1- الخصائص الفاطمية ج 1 ص 297 .
2- علل الشرائع ج 1 ص 212 ح 2 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 16 ح 14 . وفيه عن الصادق عليه السلام : تدري أي شي ء تفسير فاطمة ؟ قال : فطمت من الشرّ .

الثاني : انقطاع الناس عن حقيقة معرفتها .

فالأوّل تعليق ، والثاني إخبار عن المحال لاستحالة معرفة فاطمة .

الوجه الثامن :

عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام قال : إنّما سمّيت فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله الطاهرة لطهارتها عن كلّ دنس وطهارتها من كلّ رفث ، وما رأت يوماً قط حمرة ولا نفاساً(1).

الوجه التاسع :

عن محمّد بن مسلم الثقفي قال : سمعت أبا جعفرعليه السلام يقول : لفاطمة وقفة على باب جهنّم ، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كلّ رجل مؤمن أو كافر ، فيؤمر بمحبّ قد كثرت ذنوبه إلى النار ، فتقرأ بين عينيه محبّاً فتقول : إلهي وسيّدي سمّيتني فاطمة وفطمت بي من تولّاني وتولّى ذرّيتي من النار ، ووعدك الحقّ وأنت لا تخلف الميعاد ، فيقول اللَّه عزّوجلّ : صدقتِ يافاطمة إنّي سمّيتك فاطمة وفطمت بك من أحبّك وتولّاك وأحبّ ذرّيتك وتولّاهم من النار ، ووعدي الحقّ وأنا لا أُخلف الميعاد ، وإنّما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه ، ليتبيّن لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك منّي ومكانتك عندي . فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فجذبت بيده وأدخلته الجنّة(2)... .

الوجه العاشر :

في البحار وغيره في معنى فاطمة والبتول : « لأنّها فطمت وبُتلت عن

ص: 100


1- بحار الأنوار ج 43 ص 19 ح 20 .
2- بحار الأنوار ج 8 ص 50 ح 58 .

النظير »(1) يعني أنّ فاطمة الزهراء عليها السلام مفطومة منقطعة عن المثيل ، أي لا ندّ لها ولا نظير في الدنيا . وإنّ كلّ هذه الأخبار والآثار المتظافرة الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام في أوصاف المخدّرة الكبرى وفي إثبات عصمتها وطهارتها تدلّ جميعاً على أنّها لا نظير لها .. .

في بيان عدد أولادها عليها السلام

أولاد السيّدة الزهراء عليها السلام هم : الحسن والحسين وزينب وأُمّ كلثوم والمحسن أُسقط « سلام اللَّه عليهم أجمعين » .

قال صاحب المناقب : ولدت فاطمة عليها السلام الحسن ولها اثنتا عشرة سنة(2). وممّا شرّف اللَّه به فاطمة الطاهرة عليها السلام أن جعل نسب أولادها إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله .

قال المجلسي رحمه الله : وجدت في بعض كتب المناقب أخبرنا علي بن أحمد القاضي ، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي ، عن أبيه أحمد بن الحسين عن أبي عبداللَّه الحافظ ، عن أبي محمّد الخراساني ، عن أبي بكر بن أبي العوّام عن أبيه ، عن جرير بن عبدالحميد ، عن شيبة بن نعامة عن فاطمة بنت الحسين عليهما السلام ، عن فاطمة الكبرى ، .. قالت : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « كلّ بني أُمٍّ ينتمون إلى عصبتهم إلّا ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم وعصبتهم »(3).

ص: 101


1- بحار الأنوار ج 43 ص 16 ح 14 .
2- المناقب ج 3 ص 357 .
3- بحار الأنوار ج 43 ص 228 ح 1 .

وقال عبدالحميد(1) بن أبي الحديد في شرح قول حجّة اللَّه الأكبر أمير المؤمنين عليه السلام في بعض أيّام صفّين حين رأى ابنه الحسن عليه السلام يتسرّع إلى الحرب : « أمسكوا(2) عنّي هذا الغلام فإنّي أنفس بهذين - يعني الحسن والحسين - عن الموت لئلّا ينقطع بهما نسل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله » فإن قلت : أيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما ابنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وولد رسول اللَّه وذرّية رسول اللَّه ونسل رسول اللَّه ؟ قلت : نعم ، لأنّ اللَّه سمّاهم أبناءه في قوله تعالى : «نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ»(3) وإنّما عنى الحسن والحسين ولو أوصى لولد فلان بمال دخل فيه أولاد البنات ، وسمّى اللَّه تعالى عيسى ذرّية إبراهيم عليه السلام ، ولم يختلف أهل اللغة في أنّ ولد البنات من نسل الرجل(4).

وما أجود استدلال ابن أبي الحديد حيث استدلّ بحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله والنصّ الإلهي على أنّ الحسن والحسين أولاد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .

عن أسماء بنت عميس (رضوان اللَّه عليها) قالت : لمّا ولد الحسن عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : ياأسماء هاتي ابني فدفعته إليه بخرقة صفراء ، فرمى بها النبي صلى الله عليه وآله

ص: 102


1- عزّ الدين عبدالحميد بن محمّد بن محمّد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني ، شارح نهج البلاغة ، وصاحب القصائد السبع المشهور ، كان مذهبه الاعتزال كما شهد لنفسه في إحدى قصائده في مدح أمير المؤمنين عليه السلام بقوله : ورأيت دين الاعتزال وإنّني أهوى لأجلك كلّ من يتشيّع كان مولده غرّة ذي الحجّة سنة 586 ، وتوفّي ببغداد سنة 655 .
2- في البحار « املكوا » .
3- سورة آل عمران الآية : 61 .
4- بحار الأنوار ج 43 ص 234 ذيل ح 10 .

وقال : ياأسماء ألم أعهد إليكم أن لا تلفّوا المولود بخرقة صفراء ، فلففته في خرقة بيضاء ودفعته إليه ، فأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، ثمّ قال لعلي عليه السلام : بأي شي ء سمّيت ابني ؟ قال : ما كنت أسبقك باسمه يارسول اللَّه قد كنت أُحبّ أن أُسمّيه حرباً !! فقال النبي صلى الله عليه وآله : ولا أسبق أنا باسمه ربّي .. .

ثمّ هبط جبرئيل عليه السلام فقال : يامحمّد ! العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول : علي منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبي بعدك ، سم ابنك هذا باسم ابن هارون .. .

قال النبي صلى الله عليه وآله : وما اسم ابن هارون ؟ قال : شبّر : قال النبي صلى الله عليه وآله : لساني عربي . قال جبرئيل عليه السلام : سمّه الحسن .

قالت أسماء : فسمّاه الحسن ، فلمّا كان يوم سابعه عقّ النبي صلى الله عليه وآله عنه بكبشين أملحين ، وأعطى القابلة فخذاً وديناراً وحلق رأسه وتصدّق بوزن الشعر ورقاً وطلى رأسه بالخلوق - وهو مركّب من العطور -(1)... .

مظلومية الزهراء

اشارة

قبل أن نبحث ظلامة الزهراء عليها السلام لا بأس أن نذكر للشاعر الشيخ حبيب شعبان(2)... :

ص: 103


1- بحار الأنوار ج 43 ص 238 ح 4 .
2- الشيخ حبيب شعبان من شعراء أهل البيت يمتاز شعره بالمتانة والسلاسة . ولد في النجف الأشرف سنة 1290ه تقريباً . أمّا وفاته فقد سافر إلى الهند في سنة 1325 وانقطعت أخباره إلى سنة 1326ه وردت أخبار وفاته هناك . ترجمة السيّد جواد شبّر في أدب الطف وعلي الخاقاني في شعراء الغري .

أيا منزل الأحباب مالك موحشاً * بزهرتك الأرياح أودت بما تسفي

تعفّيت ياربع الأحبّة بعد هم * فذكّرتني قبر البتولة إذ عفي

رمتها سهام الدهر وهي صوائب * بشجو إلى أن جُرّعت غصص الحتف

شجاها فراق المصطفى واحتقارها * لدى كلّ رجس من صحابته الجلفِ

لقد بالغوا في هضمها وتحالفوا * عليها وخانوا اللَّه في ذلك الحلف

فآبت وزند الغيظ يقدح في الحشا * تعثر بالأذيال مثنية العطف

وجاءت إلى الكرّار تشكو اهتضامها * ومدّت إليه الطرف خاشعة الطرفِ

أبا حسن ياراسخ الحلم والحجى(1) * إذا فرّت الأبطال رعباً من الزحف

وياواحداً أفنى الجموع ولم يزل * بصيحته في الرّوع يأتي على الألف

ص: 104


1- الحجى : العقل والفطنة ... .

ويلطم وجهي نصبَ عينيك ناصبُ * العداوة لي بالضرب منّي يستشفي

فتُغضي ولا تنضي حسامك آخذاً * بحقّي ومنه اليوم قد صفرت كفّي

لمن أشتكي إلّا إليك ومن به * ألوذ وهل لي بعد بيتك من كهف

وقد أضرموا النيران فيه وأسقطوا * جنيني فوا ويلاه منهم ويالهفي

وما برحت مهضومةً ذات علّة * تأرّقها البلوى وظالمها مغفِ

إلى أن قضت مكسورة الضلع مسقطاً * جنينٌ لها بالضرب مسودّة الكتف(1)

لماذا بحث ظلامة الزهراء ؟

قال المفضّل للإمام الصادق عليه السلام : يامولاي ما في الدموع من ثواب ؟ قال : ما لا يحصى إذا كان من محقٍّ ، فبكى المفضّل (بكاءً) طويلاً ، ويقول : ياابن رسول اللَّه إنّ يومكم في القصاص لأعظم من يوم محنتكم ، فقال له الصادق عليه السلام : ولا كيوم محنتنا بكربلاء ، وإن كان يوم السقيفة وإحراق النار على باب أمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة وزينب وأُمّ كلثوم وفضّة وقتل محسن بالرفسة أعظم وأدهى

ص: 105


1- الفاطميات ج 4 ص 11 .

وأمرّ ، لأنّه أصل يوم العذاب(1).

من منطلق هذه الرواية واستناداً إلى كلام الإمام المعصوم عليهم السلام جاء عنوان هذا البحث مظلومية فاطمة الزهراء (سلام اللَّه عليها) ليقف الباحث عن الحقيقة والعقيدة الصحيحة عند هذا الخبر كثيراً ويدقّق فيه طويلاً ليرى لماذا عبّر الإمام عليه السلام عن هذا اليوم بهذا القول العظيم بأنّه (أصل يوم العذاب) ؟

ما معنى أصل يوم العذاب ؟

أصل الشي ء الأساس الذي يبنى عليه ، وقد يكون أصل الشي ء المنطلق له أو أسفله ، ومن هنا نقف مع رواية المفضّل التي رواها عن الإمام الصادق عليه السلام لكي نفهم كيف يجري الحال مع هذه الرواية ... .

فالسؤال المطروح فيما نحن فيه يقتضي أن نفهم أنّ أصل يوم العذاب هل يقصد به الأساس الذي بني عليه ظلم أهل البيت عليهم السلام من ذلك الحين ، أو أنّه يقتضي الأصل - معناه يوم القيامة الذي سوف يكون فيه الأساس لعذاب الذين ظلموا أهل البيت عليهم السلام - فيكون الجزاء جهنّم خالدين فيها أبداً ؟ .. .

أمّا الشقّ الأوّل الذي دلّ على أنّ أصل يوم العذاب هو اليوم الذي سُلبت فيه الخلافة من أمير المؤمنين عليه السلام واضرمت النار في باب بيته وقتل المحسن الشهيد بالرفسة ، حيث أسّس الظلم والعذاب على أهل البيت عليهم السلام ولم يرو الراحة والاطمئنان من يوم ظلم فاطمة إلى ظهور الإمام المهدي « عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف » فهو بعيد عن المتفاهم العرفي ولا يساعد عليه الحال ، لأنّ هناك فرق بين

ص: 106


1- نوائب الدهور ج 3 ص 194 .

القول يوم الظلم ويوم العذاب ، إذ أنّ الظلم وارد في الحياة الدنيا ، أمّا العذاب فيكون له يوم خاصّ كما عبّر عنه القرآن الكريم يوم التغابن ويوم القيامة .

أمّا المعنى الثاني لأصل يوم العذاب فهو أنّ يوم القيامة سوف يكون فيه العذاب والخزي للذين أخذوا الخلافة من أصحابها الحقيقيين وظلموا الزهراء عليها السلام وأضرموا النار على بيت أمير المؤمنين عليه السلام ، وقتلوا المحسن بن علي عليه السلام بالرفسة - فتكون هذه الظلامات هي الأساس والأصل ليوم العذاب في نار جهنّم للذين فعلوا ذلك الظلم العظيم ، وكما عبّر القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى : «إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(1).

وقد ورد في الأخبار أنّ الأصل ليوم العذاب بمعنى أنّه أساس يوم العذاب في القيامة سوف يكون بسبب هذه الظلامات والأدلّة والشواهد تثبت هذه المسألة ، بل هناك قرينة في الرواية نفسها حيث سأل المفضّل الإمام عليه السلام وقال : إنّ يومكم في القصاص لأعظم من يوم محنتكم ... فعبّر عن يوم القيامة بيوم القصاص الذي سوف تكون فيه جهنّم عذاباً للظالمين . وإضافة إلى ذلك قول المفضّل في تكملة الرواية الشريفة : « ويأتي محسن مخضّباً محمولاً تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت أسد أُمّ أمير المؤمنين عليه السلام وهماجدّتاه ... وفاطمة تبكي وتصيح وتقول : هذا يومكم الذي كنتم توعدون » فيأخذ رسول اللَّه محسناً على يديه رافعاً له إلى السماء وهو يقول : « إلهي وسيّدي صبرنا في الدنيا احتساباً وهذا اليوم الذي تجد كلّ نفس ما عملت من خيراً محضراً ، وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً »(2).

ص: 107


1- سورة إبراهيم الآية : 22 .
2- الأسرار الفاطمية ص 94 .

فمن هاتين القرينتين يحتمل أنّ أصل يوم العذاب هو يوم القيامة الذي سوف يكون فيه نار جهنّم للظالمين أشدّ عذاباً وأكبر تنكيلاً .. .

وأنّ أصل يوم العذاب في ظلامة الصدّيقة الطاهرة فاطمة عليها السلام التي كانت مفروضة الطاعة على جميع من خلق اللَّه تعالى من الجنّ والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة(1)... .

من مقامات الصدّيقة الزهراء عليها السلام

اشارة

إنّ للزهراء عليها السلام مقاماً عظيماً عند اللَّه تعالى ، فهي مظهر رضاه تعالى وغضبه.

ومقامها عند الملائكة لا يخفى ، فهي صاحبت النور الزاهر عندهم يعرفونها في السماء به ولأجل ذلك سمّيت بالزهراء .. .

أمّا مقامها عند الأنبياء عامّة والنبي محمّد صلى الله عليه وآله بشكل خاص فيكفيها فضلاً أنّه : ما تكاملت نبوّة نبي من الأنبياء حتّى أقرّ بفضلها ومحبّتها(2)، وهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى »(3) حيث يظهر من هذا الحديث أنّ لها مقاماً سامياً عند الأنبياء عليهم السلام .

وأمّا مقامها عند رسول اللَّه محمّد صلى الله عليه وآله فيعرف من الأحاديث الكثيرة التي قالها بحقّها ومنها : قال صلى الله عليه وآله : « من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمّد وهي بضعة منّي وهي قلبي الذي بين جنبي ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن

ص: 108


1- دلائل الإمامة ص 28 .
2- و 3) مضمون الحديث : بحار الأنوار ج 26 ص 281 و ج 43 ص 105 الباب 5 ح 19 .
3-

آذاني فقد آذى اللَّه »(1).

وقال صلى الله عليه وآله : « ومن أنصفك فقد أنصفني ، ومن ظلمك فقد ظلمني ، لأنّك منّي وأنا منك ، وأنت بضعة منّي وروحي التي بين جنبي ثمّ قال صلى الله عليه وآله : « إلى اللَّه أشكو ظالميك من أُمّتي »(2).

مقام الصدّيقة الزهراء عليها السلام عند الأئمّة الأطهار عليهم السلام

أمّا مقامها عليها السلام عند الأئمّة عليهم السلام فقد ورد عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال : « نحن حجج اللَّه على خلقه وجدّتنا فاطمة حجّة اللَّه علينا »(3).

مقامات الصدّيقة يوم القيامة

إنّ أفضل مقام لفاطمة الزهراء عليها السلام يوم القيامة هو مقام الشفاعة الكبرى ، فعن الإمام الباقر عليه السلام : « ... فإذا صارت عند باب الجنّة تلتفت ، فيقول اللَّه عزّوجلّ : يابنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنّتي ؟

فتقول : ياربّ ! أحببت أن يُعرف قدري في مثل هذا اليوم ، فيقول اللَّه تعالى : يابنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذرّيتك خذي بيده فأدخليه الجنّة .

قال أبو جعفر عليه السلام : - واللَّه - ياجابر إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الردي ء ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة يلقي اللَّه في قلوبهم أن يلتفتوا ، فيقول اللَّه عزّوجلّ : « ياأحبّائي ما التفاتكم وقد

ص: 109


1- كشف الغمّة : 1 / 467 .
2- كشف الغمّة : 1 / 498 .
3- تفسير أطيب البيان ج 3 ص 226 .

شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟

فيقولون : ياربّ أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم ، فيقول اللَّه تعالى : ياأحبّائي ارجعوا وانظروا من أحبّكم لحبّ فاطمة ، انظروا من أطعمكم لحبّ فاطمة ، انظروا من كساكم لحبّ فاطمة ، انظروا من سقاكم شربة في حبّ فاطمة ، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حبّ فاطمة خذوا بيده وأدخلوه الجنّة .. .

قال أبو جعفر عليه السلام : - واللَّه - لا يبقى في الناس إلّا شاكّ أو كافر أو منافق ، فإذا صاروا بين الطبقات ، نادوا كما قال اللَّه تعالى : «فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ»(1) فيقولون : «فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ»(2).

قال أبو جعفر عليه السلام : هيهات هيهات منعوا ما طلبوا «وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»(3)»(4).

من ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام

اشارة

جاء الدين الإسلامي الحنيف وقدّم النظام الأشمل للحياة في كافة المستويات ، وهذا ما نراه واضحاً جليّاً في أدنى تأمّل للنظرية الإسلامية المتمثّلة في طرفي العقيدة والشريعة . ومن جملة ما أكّدت عليه الرسالة السماوية هو حرمة الظلم ومعاونة الظالمين ، وقد حرّم اللَّه تبارك وتعالى على نفسه الظلم ، ففي الحديث القدسي : « ياعبادي إنّي حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً فلا

ص: 110


1- سورة الشعراء الآية : 101 و 102 .
2- سورة الشعراء الآية : 102 .
3- سورة الأنعام الآية : 28 .
4- بحار الأنوار ج 8 ص 52 .

تظالموا »(1).

ومن خلال آيات القرآن الكريم نجدها تنصّ على حرمة الظلم سواء كان ذلك بذكر لفظة بصورة مباشرة أو عن طريق ذكر نقيضه الذي هو العدل .

فقد قال تعالى : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ»(2) ليؤكّد على حقيقة اختصّت بها الشيعة مع بعض الفرق الدينية الأُخرى ألا وهي مسألة العدل إذ أنّ من معتقدات الشيعة أنّ العدل من أُصول الدين وأنّ اللَّه تعالى لا يظلم أحداً .

وقال تعالى : «مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ»(3) ليؤكّد على مسألة أُخرى بالغة في الأهميّة وهي أنّ الظالمين ليس لهم نصير ولا تنصرهم السماء .

بل إنّ الظلم من الأُمور الفطرية والعقلية والناس جميعاً يدركون قبحه ومبغوضيته .

الظلم في اللغة والاصطلاح

أمّا لغة فقد جاء في لسان العرب(4) أنّ الظلم وضع الشي ء في غير موضعه - وأصل الظلم الجور ومجاوزة الحدّ ، ويقال ظلمه يظلمه ظلماً ومظلمة ، فالظلم مصدر حقيقي وهو ظالم وظلوم والظَلَمة هم المانعون أهل الحقوق حقوقهم .

وأمّا شرعاً : فهو وضع الشي ء في غير موضعه الشرعي(5). والظلم أصله

ص: 111


1- صحيح مسلم ج 8 ص 17 .
2- سورة النساء الآية : 40 .
3- سورة الحجّ الآية : 71 .
4- لسان العرب ج 15 ص 226 .
5- صحيح البخاري بشرح العسقلاني ج 5 ص 95 .

الجور ومجاوزة الحدّ ومعناه الشرعي وضع الشي ء في غير موضعه الشرعي(1).

وبعد أن اتّضح الحال في قبح الظلم وحرمته نقف في هذا الفصل عند الحدث التأريخي الذي لا يزال يأكل بنفوس المسلمين إلى وقتنا الحاضر ألا وهو حدث ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام بضعة النبي الهادي المختار صلى الله عليه وآله التي لم يترك في المسلمين آنذاك من أهله ومن ذريته سواها .

فتعال معي أيّها القارئ العزيز لنروي لك تلك الظلامات ونغوص في أعماق التاريخ لنجد ما يطالعنا به القوم من الظلامات التي أطبقت عليها الخاصّة والعامّة على ثبوتها وصدورها .

فلنقف بدقّة متناهية مع هذه الظلامات ونعرض جميع الأسئلة الواردة في المقام على كتاب اللَّه العزيز وسنّة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الذي «مَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى»(2).

وقبل كلّ شي ء ينقدح سؤال مهم ألا وهو هل أخبر الرسول صلى الله عليه وآله بما سيجري على أهل بيته عليهم السلام من بعده أم لا ؟

الجواب تجده واضحاً من خلال مطالعة كتب التاريخ والحديث ، فعن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال في قضية الإسراء والمعراج لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « إنّ اللَّه يختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك : قال : أسلم لأمرك ياربّ ولا قوّة لي على الصبر إلّا بك ، فما هنّ ؟

... وأمّا الثالثة : فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل : أمّا أخوك علي فيلقى

ص: 112


1- عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري ج 12 ص 238 .
2- سورة النجم الآية : 3 .

من أُمّتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمات والجحد والظلم وآخر ذلك القتل .

فقال : ياربّ ، قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر ، وأمّا ابنتك فتظلم ، وتحرم ويؤخذ حقّها غصباً الذي تجعله لها ، وتضرب وهي حامل ، ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ، ثمّ يمسّها هوان وذلّ لا تجد مانعاً وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب ، قلت : إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون ، قبلت ياربّ وسلّمت ومنك التوفيق للصبر(1).

إذن الرسول صلى الله عليه وآله يعلم ما سيجري على بضعته الطاهرة وما يكون مآل الأُمور من بعده ، ويعلم من الذي سوف يكون الظالم لها ولبعلها ولذلك نجده في أكثر من مرّة يوصي الزهراء وأمير المؤمنين عليهما السلام بالصبر بما سيجري عليهم من بعده . وفي الأخبار أنّه طالما أخبرهم بذلك وخصوصاً عند قرب وفاته حيث أخبر الصدّيقة الشهيدة عليها السلام بأنّها ستظلم من بعده وأنّها أوّل الناس لحوقاً به من أهل بيته عليهم السلام بعد أربعين يوماً من وفاته وقيل باثنين وسبعين يوماً . أمّا من الذي يظلمها حقّها ؟ فهذا ما ترويه قصّة سقيفة بني ساعدة التي كانت مفتاح الظلم الذي سنّه الخليفة الأوّل والثاني على أهل البيت عليهم السلام .

يوم السقيفة

عن عبداللَّه بن عبدالرحمن قال : ثمّ إنّ عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي : ألا إنّ أبا بكر قد بويع له فهلمّوا إلى البيعة ، فينثال الناس يبايعون فعرف أنّ جماعة في بيوت مستّرون ، فكان يقصدهم في جمع كثير ويكسبهم

ص: 113


1- كامل الزيارات ص 548 .

ويحضرهم المسجد فيبايعون حتّى إذا مضت أيّام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي عليه السلام ، فطالبه بالخروج فأبى ، فدعا عمر بحطب ونار وقال : والذي نفس عمر بيده ليخرجنّ . أو لأُحرقنّه على ما فيه .

فقيل له : إنّ فاطمة بنت رسول اللَّه وولد رسول اللَّه ، وآثار رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فيه : وأنكر الناس ذلك من قوله ، فلمّا عرف إنكارهم قال : ما بالكم أتروني فعلت ذلك ؟!

إنّما أردت التهويل : قال : وخرجت فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إليهم فوقفت خلف الباب ثمّ قالت : « لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم - تركتم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله جنازةً بين أيدينا وقطعتم أمركم فيما بينكم ، ولم تؤمّرونا ، ولم تروا لنا حقّاً ، كأنّكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم : واللَّه لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنّكم قطعتم الأسباب بينكم وبين نبيّكم ، واللَّه حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والآخرة(1).. .

ظلامات الزهراء في مصادر العامّة

أمّا مصادر ما جرى على الصدّيقة فاطمة عليها السلام من الظلامات فهي :

1 - تاريخ اليعقوبي : 2 / 116 .

2 - الإمامة والسياسة : 1 / 19 و20 .

3 - الملل والنحل للشهرستاني : 1 / 57 .

4 - الوافي بالوفيّات : 5 / 347 .

ص: 114


1- الاحتجاج ج 1 ص 105 ، الإمامة والسياسة ص 12 ، بلاغات النساء ج 4 ص 114 .

5 - تاريخ أبو الفداء : 1 / 164 .

6 - قرّة العين للدهلوي : 78 .

7 - صحيح البخاري : 4 / 96 ، 5 / 177 .

8 - شرح نهج البلاغة : 2 / 45 ، 46 ، 50 ، 56 . 6 / 10 ، 11 / 113 ، 14 / 193 .

9 - العقد الفريد : 4 / 259 ، 5 / 13 .

10 - لسان الميزان : 1 / 268 ، 4 / 189 .

11 - أنساب الأشراف : 1 / 586 .

12 - تاريخ الطبري : 3 / 202 .

13 - إثبات الوصيّة : 123 .

14 - السيرة الحلبية : 3 / 362 .

ظلامة الزهراء عليها السلام على لسان الشعراء

لقد تفجّرت قرائح شعراء أهل البيت عليهم السلام من خبر المسمار وآلمهم المصاب الجلل وظلّ هذا المسمار الدامي الذي نبت في صدر الزهراء البتول عليها السلام تتذاكره الشيعة جيلاً بعد جيل ، فبقيت ناراً في قلوبهم لا ينطفئ أوارها إلى يوم القيامة ، ومن الفقهاء العظام الذين ذكروا خبر المسمار :

السيّد صدرالدين الصدررحمه الله(1) المتوفّى سنة1882م حيث قال ضمن قصيدته:

ص: 115


1- صدر الدين بن إسماعيل الصدر العاملي ، الموسوي ، الكاظمي ، نزيل قم . فقيه ، أُصولي ، مجتهد ، شاعر ، مؤرّخ . من آثاره : منظومات في الحجّ والصوم ، خلاصة الفصول في الأُصول ، مختصر تاريخ الإسلام ، ديوان شعر ، وكتاب في الأخبار في اثني عشر مجلّد ولد (1299 - 1373ه) وتوفّي سنة (1882 - 1954م) .

من سعى في ظلمها من راعها * من علا فاطمة الزهراء جارا

من غدا ظلماً على الدار التي * اتخذتها الإنس والجنّ مزارا

طالما الأملاك فيها أصبحت * تلثمُ الأعتاب فيها والجدارا

ومن النار بها ينجو الورى * مَن على أعتابها أضرم نارا

والنبي المصطفى كم جاءها * يطلب الإذن من الزهراء مرارا

وعليها هجم القوم ولم * تك لاثت لا وعُلْياها الخمارا

لستُ أنساها ويالهفي لها * إذ وراء الباب لاذت كي توارا

فتك الرجس على الباب ولا * تسألنّ عمّا جرى ثمّ وصارا

لا تسلني كيف رضّوا ضلعها * واسألنّ الباب عنها والجدارا

وسألن لؤلؤ قرطيها لِمَ * انتثرت والعينَ لِمْ تشكو احمرارا

وهل المسمار موتور لها * فغدا في صدرها يُدركُ ثارا(1)

كيفية الشهادة الأليمة

اشارة

أمّا كيفية شهادتها عليها السلام فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام في سبب وفاتها عليها السلام قال : ... إنّ قنفذ مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً ، ومرضت من ذلك مرضاً شديداً»(2) وكان أمير المؤمنين عليه السلام يمرضها بنفسه ، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس ، وفي يوم دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة بنت

ص: 116


1- الفاطميات ج 3 ص 125 .
2- دلائل الإمامة ص 134 .

رسول اللَّه يعدنها فقلن :

السلام عليك يابنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كيف أصبحت ؟ فقالت : « أصبحت واللَّه عائفة لدنياكنّ قالية لرجالكنّ ، لفظتهم بعد إذ عجمتهم ، وسئمتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحاً لأُفون الرأي ، وخطل القول ، وخور القناة ، و (لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط اللَّه عليهم وفي العذاب هم خالدون) ، لا جرم واللَّه لقد قلّدتهم ربقتها وشننت عليهم عارها فجدعاً ورغماً للقوم الظالمين »(1).

تأريخ شهادة الزهراء عليها السلام

لا شكّ أنّ شهادتها عليها السلام كانت في السنة الحادية عشر من الهجرة ، لأنّ النبي صلى الله عليه وآله حجّ حجّة الوداع في السنة العاشرة وتوفّي في أوائل السنة الحادية عشر ، واتّفق المؤرخّون والكتاب على أنّ فاطمة عليها السلام عاشت بعد أبيها أقلّ من سنة ، إلّا أنّهم اختلفوا في يوم وشهر وفاتها اختلافاً شديداً ، فعن أبي بصير عن الصادق الإمام عليه السلام قال : قبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشر من الهجرة ، وبه صرّح المفيد في المسار(2). وفي المصباح(3) ونسبه الإقبال(4) إلى جماعة ، فقال : روينا عن جماعة من أصحابنا ذكرناهم في كتاب التعريف للمولد الشريف أنّ وفاة فاطمة عليها السلام كانت يوم ثالث جمادى الآخرة ، وعن ابن همام ، قال : روى لعشر بقين منه . وعن الكشف(5) قيل : لثلاث ليال من شهر رمضان .

ص: 117


1- الأمالي للطوسي ص 375 .
2- مسار الشيعة : 31 .
3- مصباح المتهجّد : 733 .
4- الإقبال : 133 .
5- كشف الغمّة ج 1 ص 503 .

ونقل عن العاصمي(1) باسناده عن محمّد بن عمر .

ونقل المصباح(2) عن ابن عياش : أنّه في اليوم الحادي والعشرين من رجب ، وبعضهم لم يعيّن يومه ، ولكن قالوا : بعيشها بعد النبي صلى الله عليه وآله بمدّة واختلفوا .

وقال في الكشف عن الإمام الباقر عليه السلام خمس وتسعين ليلة ، وروى الاحتجاج عن كتاب سليم : أربعين يوماً ، وقال الكليني(3): خمس وسبعون يوماً ، ورواه ابن الخشّاب عن شيوخه عن الإمام الباقر عليه السلام ، وبه قال في علوم المعجزات ، ورواه الكليني صحيحاً في خبرين عن الإمام الصادق عليه السلام .

ويمكن تأويل خمسة وسبعين في الثلاثة بكونه محرّف خمسة وتسعين ، حتّى ينطبق على الخبر الدالّ على كونه في ثالث جمادى الآخرة مع كون وفاة النبي صلى الله عليه وآله في الثامن والعشرين من صفر ، وينطبق على خبر ثلاثة أشهر بحمله على التسامح في الكمّية الزائدة .

حقيقة العصمة

العصمة : من اللطف الإلهي الخاصّ ، وهي : قوّة ملكوتية راسخة في نفس المعصوم عليه السلام ، تعصمه من كلّ شين وتزيّنه بكلّ زين ، فيُعصَم من الذنوب والمعاصي

ص: 118


1- ونقل البحار عن العاصمي : 43 / 213 ح 44 .
2- مصباح المتهجّد : 748 .
3- أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، الملقّب بثقة الإسلام ، ألّف الكافي الذي هو من أجلّ الكتب الإسلامية وقد صنّفه في عشرين سنة ، توفّي ببغداد سنة 329 سنة تناثر النجوم ، وصلّى عليه محمّد بن جعفر الحسني أبو قيراط ، ودفن بباب الكوفة . الكنى والألقاب ج 2 ص 593 - 594 .

والآثام والسهو والنسيان والغفلة ، وما شابه ذلك ، ومن كان معصوماً في دهره لا يصدر منه الشين مطلقاً .. .

وفاطمة الزهراء عليها السلام معصومة بعصمة اللَّه سبحانه كما عصم أولادها الأئمّة الأطهار عليهم السلام ، فإنّ عصمتهم كعصمة القرآن الكريم ، فهما الثقلان بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لن يفترقا في كلّ شي ء من البداية وحتّى النهاية ، ومنها العصمة .. .

وممّا يدلّ على مقامها الشامخ وعصمتها الذاتية الكلّية أنّ اللَّه يغضب لغضبها ويرضى لرضاها - كما ورد مستفيضاً عند الفريقين العامّة والشيعة - فإنّ اللَّه سبحانه لم يغضب لنبي من أنبيائه ولكن يغضب لغضب فاطمة عليها السلام ... .

ما هو السرّ في قدسيّتها ؟

(اللهمّ إنّي أسألك بحقّ فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها ...) .

ورد هذا الدعاء في كتاب « فاطمة بهجة قلب المصطفى » تحت عنوان : دعاء التوسّل بها عليها السلام حيث قال : سمعت شيخي ومعتمدي آية اللَّه المرحوم ملّا علي المعصومي يقول في التوسّل بالزهراء عليها السلام :

« الهي بحقّ فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها ... »(1).

ولا يخفى أنّ الامتحان يكون للمرء إمّا لزيادة منزلة ومقام أو لأجل شي ء آخر ، ولكن الزهراء عليها السلام امتحنها اللَّه تعالى لتكون حاملة للأسرار الإلهية وذلك ما اقتضته المشيئة الربّانية فيها ، لذا كانت ناجحة في الامتحان الربّاني قبل خلقها حيث استحقّت لقب الصابرة . أمّا ماهية هذا الامتحان وفي أي موضوع كان ، وكيف

ص: 119


1- فاطمة بهجة قلب المصطفى : ص 252 .

أجراه اللَّه تعالى عليها ؟ فهذا ما أشارت إليه بعض الروايات ومنها أنّها امتحنت في حمل العلم والأمانة الربّانية فوجدها الباري عزّوجلّ صابرة على حملهما ، لذا استحقّت حمل الأسرار الربّانية ، والسؤال المهمّ في المقام هو : ما هو حقيقة هذا السرّ المستودع في فاطمة ؟

فيظهر لنا من خلال عدّة احتمالات نحتملها في كونها هي مفاد السرّ المستودع في فاطمة عليها السلام وهي :

1 - الإمام المهدي (عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف) : فربما يكون السرّ هو صاحب الزمان (عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف) الذي سيظهر اللَّه الدين كلّه على يديه في آخر الزمان لكون الزهراء (سلام اللَّه عليها) جدّته .

2 - ولاية اللَّه : وقد يكون السرّ المستودع في الزهراء عليها السلام إشارة إلى أنّ ولاية اللَّه تعالى ستكون في ولدها وأنّ الأئمّة المعصومين عليها السلام منها ، وكما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل قال : « إنّ اللَّه عزّوجلّ نظر إلى الأرض ثالثة فاختار منها أحد عشر إماماً ... وأُمّهم فاطمة ابنتي(1)... .

3 - العلوم الربّانية المودعة في فاطمة عليها السلام : وهذا ما نستطيع فهمه من خلال الأحاديث المروية في شأنها عليها السلام ، حيث كانت المحدّثة من قبل الملائكة ، وكان لها مصحف يتوارثه الأئمّة عليهم السلام واحداً بعد واحد فيه كلّ ما يحتاجونه من الذي يجري على البشر . ولذا نحتمل أن يكون المصحف هو السرّ المودع في فاطمة عليها السلام .

4 - اسم اللَّه الأعظم : عندما نراجع الروايات الواردة في شأن أهل البيت عليهم السلام

ص: 120


1- إحقاق الحقّ ج 5 ص 40 .

نجد أنّ ممّا حظي به الأئمّة عليهم السلام دون غيرهم هو أنّهم يحملون اسم اللَّه الأعظم ، وهذا ما صرّحت به الأحاديث المأثورة عنهم ، حيث خصّهم الباري عزّوجلّ بهذه الكرامة العظيمة . وممّا يدلّ على أنّهم عندهم اسم اللَّه الأعظم جملة من الروايات الواردة في المقام ، منها ما ورد عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إنّ اسم اللَّه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً ، وإنّما كان عند آصف بن برخيا منها حرف واحد ، فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السرير بيده ، ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الاسم الأعظم إثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند اللَّه استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العلي العظيم(1).

فاطمة العالمة باللَّه عزّوجلّ

الزهراء عليها السلام العالمة المعلّمة ، تلقّت العلم منذ طفولتها عن أبيها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، وما كانت تأتيه لبعض شؤونها إلّا وأتحفها بشي ء من العلم أو الدعاء أو الصلوات والأذكار ... .

وممّا يدلّ على كمال فهمها وفطنتها ، أنّها كانت تجيب عن بعض المشكلات التي يعجز عن حلّها علماء الصحابة في زمانها .. .

فقد روي عن الإمام علي عليه السلام أنّه كان عند رسول اللَّه صلى الله عليه وآله .. فقال : أي شي ء خير للمرأة ؟ فسكتوا ، فلمّا رجع ، قال لفاطمة : أي شي ء خير للنساء ؟ قالت : لا يراهنّ الرجال ، فذكر ذلك للمصطفى صلى الله عليه وآله ، فقال : « إنّما فاطمة بضعة منّي » .

ص: 121


1- الكافي ج 1 ص 286 ح 1 .

قال المنّاوي : رواه البزار ، وفيه دليل على فرط ذكائها ، وكمال فطنتها وقوّة فهمها ، وعجيب إدراكها(1).

وروى السيّد الراوندي في النوادر مسنداً عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أصحابه عن المرأة ما هي ؟ قالوا : عورة . قال : فمتى تكون أدنى من ربّها ؟ فلم يدروا ، فلمّا سمعت فاطمة عليها السلام ذلك قالت : أدنى ما تكون من ربّها أن تلزم قعر بيتها ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : « إنّ فاطمة بضعة منّي »(2).

وللزهراء عليها السلام دور في حفظ السُنّة النبوية ، على الرغم من تقدّم وفاتها حيث ودّعت الدنيا وهي في ريعان شبابها ، فقد روى عنها الكثير منهم أمير المؤمنين عليه السلام ، والإمام الحسين عليه السلام ، وعبداللَّه بن مسعود ، وعبداللَّه بن عباس ، وأنس بن مالك ، وعائشة ، وأُمّ سلمة ، وأسماء بنت عميس ، وزينب بنت أبي رافع وغيرهم ... .

وأخرج الطبراني(3) والحافظ ابن كثير(4) أحاديثهم مسندة عن

ص: 122


1- إتحاف السائل ص 30 ، ونحوه في المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 341 وفيه « أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل » . فضمّها إليه وقال « ذرّية بعضها من بعض » .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 92 .
3- أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخمي أحد الحفّاظ المعروفين من أهل العامّة ، وصاحب مؤلّفات جمّة ، منها كتاب (المعجم) في أسامي الصحابة . يروي عنه أبو نعيم الأصفهاني ، وقد يعبّرون عن الطبراني بمسند الدنيا ، وحكي أنّه سئل عن كثرة حديثه ، فقال : كنت أنام على البواري ثلاثين سنة . توفّي بأصبهان سنة 360 ، والطبراني نسبه إلى طبرية بالاتّفاق ، وطبرية من أعمال الأردن ، وهي بليدة بقرب دمشق ، بينها ثلاثة أيّام .
4- يطلق على جماعة : أحدهم عبداللَّه بن كثير أحد القرّاء السبعة ، توفّي بمكّة سنة 120 ، وكان شيخاً كبيراً أبيض الرأس واللحية طويلاً جسيماً . والآخر إسماعيل بن عمر القرشي ، صاحب كتاب مختصر علوم الحديث وتفسير القرآن توفّي سنة 774 .

الزهراء عليها السلام ، فبلغت تسعة عشر حديثاً(1)، وأخرج أبو جعفر الطبري(2) الإمامي في أوّل الدلائل ثمانية عشر حديثاً مسنداً عنها ، غير الأحاديث المتقدّمة .. .

وجمع الشيخ عزيز اللَّه العطاردي في (مسند فاطمة الزهراء) 112 حديثاً مروياً عنها من مصادر الشيعة وبعض مصادر العامّة . موزّعة على 16 باباً من أبواب القرآن ، والفقه ، والدعاء ، والعقائد ، والاحتجاج ، والحكم ، والمواعظ وغيرها(3)، وعدّ في آخر المسند تسعة وعشرين صحابياً ممّن روى عنها عليها السلام .. .

ص: 123


1- دلائل الإمامة ص 65 - 79 .
2- الشيخ محمّد بن جرير الطبري الشيعي ، لم تحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ، إلّا أنّه ولد في القرن الرابع الهجري ، بمدينة آمل في ايران . تتلمّذ على كلّ من : 1 - الشيخ محمّد بن هارون التلعكبري . 2 - إبراهيم بن أحمد الطبري . 3 - أبو الفضل الشيباني . 4 - حسن بن أحمد العلوي . 5 - الشيخ الحسين بن عبيداللَّه الغضائري . 6 - حسن بن أحمد المحمّدي . 7 - حسين بن إبراهيم ، المشهور بابن خيّاط القمّي . وله مؤلّفات قيّمة منها : 1 - دلائل الإمامة . 2 - الإيضاح . 3 - الآداب الحميدة . 4 - كتاب الرواة عن أهل البيت عليهم السلام . 5 - غريب القرآن . 6 - مناقب فاطمة الزهراء وولدها عليهم السلام . 7 - نور المعجزات . أمّا وفاته فلم تحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ، إلّا أنّه كان حيّاً بعد سنة 411ه .
3- مسند فاطمة عليها السلام ص 471 - 586 .

وفي آخر عوالم الزهراء عليها السلام للشيخ عبداللَّه البحراني(1)، جمع محقّقوا الكتاب مسند الزهراءعليها السلام من كتب الفريقين في أواخر الجزء الثاني منه تحت عنوان الأحاديث الغرّاء من مسند فاطمة الزهراء عليها السلام فبلغ 219 حديثاً في عناوين مختلفة(2).

عبادة الصدّيقة الزهراء عليها السلام

روى الإمام الصادق عليه السلام بسنده إلى الإمام الحسن بن علي عليهما السلام أنّه قال : (رأيت أُمّي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعة ، فلم تزل راكعة وساجدة حتّى انفجر عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشي ء ، فقلت لها : ياأُمّاه لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يابني الجار ثمّ الدار)(3). وعن الحسن البصري : ما كان في هذه الأُمّة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتّى تورّم قدماها(4).

ختاماً : لقد استفيد في هذا الفصل من كتاب الخصائص الفاطمية للمرحوم الشيخ الكجوري ، حشره اللَّه وإيّانا من جملة شيعتها عليها السلام يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلّا من أتى اللَّه بقلب سليم .

ص: 124


1- عبداللَّه بن نور اللَّه البحراني فاضل محدّث متتبّع خبير نقّاد ، له تنسيق جيّد في ترتيب الأحاديث وتبويبها ، من تلامذة العلّامة المجلسي ، قرأ عليه عشرون سنة وله منه إجازة الحديث . له (عوالم العلوم والمعارف) مقسّم على مائة كتاب في مائة وتسعة وعشرين جزءاً ، مأخوذ من كتاب أُستاذه (بحار الأنوار) مع تنظيم دقيق .
2- عوالم الزهراء عليها السلام ج 2 ص 855 - 934 .
3- كشف الغمّة ج 2 ص 468 .
4- بحار الأنوار ج 43 ص 84 .

الفصل الثاني: في شرح تسبيحة الزهراء « عليها سلام اللَّه »

اشارة

ص: 125

ص: 126

تسبيح فاطمة عليها السلام في القرآن الكريم

في حديث زرارة بن أعين عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ تسبيح فاطمة عليها السلام من تأويلات الذكر الكثير الذي ذكره اللَّه تعالى في القرآن الكريم : تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(1).

والذكر هو مفتاح الصلاح لكلّ إنسان مؤمن كما ورد في الحديث القدسي : أيّما عبد اطّلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسّك بذكري تولّيت سياسته وكنت جليسه ومحادثه وأنيسه(2).

وجاء عن الإمام علي عليه السلام : « مداومة الذكر قوت الأرواح ، ومفتاح الصلاح »(3).

وذكر اللَّه هو جلاء الصدور وطمأنينة القلوب كما قال اللَّه عزّوجلّ في محكم كتابه : «أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»(4).

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « ليس عمل أحبّ إلى اللَّه ولا أنجى لعبد من كلّ سيئة في الدنيا والآخرة من ذكر اللَّه . قيل : ولا القتال في سبيل اللَّه ؟ قال : لولا

ص: 127


1- الكافي : ج 2 ص 500 ح 4 ، والآية 41 من سورة الأحزاب .
2- بحار الأنوار : ج 93 ص 162 .
3- عيون الحكم والمواعظ الباب 24 الفصل 4 ص 487 .
4- سورة الرعد الآية : 28 .

ذكر اللَّه لم يؤمر بالقتال(1).

وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وآله : ألا أُخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من الدينار والدرهم ، وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتقتلونه ويقتلونكم ؟ قالوا : بلى يارسول اللَّه . قال : ذكر اللَّه عزّوجلّ كثيراً(2).

وقد وردت في الأحاديث المعتبرة أنّ الذكر الكثير المأمور به في الكتاب العزيز هو تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، فمن واظب عليه فقد ذكر اللَّه ذكراً كثيراً وعمل بهذه الآية الكريمة : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(3).

وكما روي عن الإمام الصادق عليه السلام في مجمع البيان للطبرسي أنّه قال : « مَنْ باتَ على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من الذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات »(4).

وعنه عليه السلام قال : ما من شي ء إلّا وله حدّ ينتهي إليه إلّا الذكر فليس له حدّ ينتهي إليه ، فرض اللَّه عزّوجلّ الفرائض فمن أدّاهنّ فهو حدّهنّ - إلى أن قال - إلّا الذكر فإنّ اللَّه عزّوجلّ لم يرضَ منه بالقليل ، ولم يجعل له حدّاً ينتهي إليه ، ثمّ تلا هذه الآية : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(5).

ولمّا كانت عوامل الغفلة في الحياة المادّية كثيرة جدّاً وسهام وسوسة

ص: 128


1- كنز العمّال : ح 3931 .
2- بحار الأنوار ج 93 ص 157 ، ح 29 .
3- سورة الأحزاب الآية : 41 .
4- مجمع البيان : ج 8 ، ص 159 ، ووسائل الشيعة ج 6 ص 447 ، ح 4 ، باب 11 .
5- الكافي ج 2 ص 498 ، ح 1 ، باب ذكر اللَّه عزّوجلّ كثيراً .

الشياطين ترمى من كلّ جانب صوب الإنسان فلا طريق لمحاربتها إلّا بذكر اللَّه الكثير .

وهذا ما أشار إليه الإمام الصادق عليه السلام في رواية معتبرة فقال عليه السلام : « إذا آوى أحدكم إلى فراشه ابتدره ملك كريم وشيطان مريد ، فيقول له الملك : اختم يومك بخير وافتح ليلك بخير ، ويقول له الشيطان : اختم يومك باثم وافتح ليلك باثم . قال : فإن أطاع الملك الكريم وختم يومه بذكر اللَّه وفتح ليله بذكر اللَّه إذا أخذ مضجعه وكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين مرّة ، وحمد اللَّه ثلاثاً وثلاثين مرّة ، وسبّح اللَّه ثلاثاً وثلاثين مرّة زجر الملك الشيطان ، فتنحّى وكلاه الملك حتّى ينتبه من رقدته ، فإذا انتبه ابتدره شيطانه ، فقال له مثل مقالته قبل أن يرقد ويقول له الملك مثل ما قال له قبل أن يرقد ، فإن ذكر اللَّه عزّوجلّ العبد بمثل ما ذكره أوّلاً طرد الملك شيطانه فتنحّى وكتب اللَّه عزّوجلّ له بذلك قنوت ليلة »(1).

ولا يخفى أنّ (الذكر الكثير) بالمعنى الواقعي للكلمة يعني التوجّه إلى اللَّه سبحانه وتعالى بكلّ الوجود لا بلقلقة اللسان وحسب ، (والذكر الكثير) هو الذي يقذف النور في كلّ أعمال الإنسان ويغمرها بالضياء ، ولهذا فإنّ القرآن الكريم أمر كلّ المؤمنين في هذه الآية : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(2) أن يذكروا اللَّه على كلّ حال .

فاذكروه أثناء العبادة ، فاحضروا قلوبكم وأخلصوا فيها ، واذكروه عند إقدامكم على المعصية وتجنّبوها ، وإذا ما بدرت منكم عثرة وهفوة بادروا إلى التوبة وارجعوا إلى طريق الحقّ ، واذكروه عند النعم واشكروه عليها ، واذكروه عند البلايا

ص: 129


1- بحار الأنوار ج 76 ص 209 ح 23 .
2- سورة الأحزاب الآية : 41 .

والمصائب واصبروا عليها وتحمّلوها .

ومن هنا يعلم أنّ للذكر الكثير معنى واسعاً ، وإذا ما فسّر في بعض الروايات بتسبيح فاطمة عليها السلام وهو (34) مرّة اللَّه أكبر و (33) مرّة الحمد للَّه و (33) مرّة سبحان اللَّه ، وفي كلمات بعض المفسّرين بذكر الصفات العليا والأسماء الحسنى وتنزيه اللَّه سبحانه عمّا لا يليق به فإنّ كلّ ذلك من باب ذكر المصداق الواضح لا تحديد المعنى بخصوص هذه المصاديق وكما يظهر بوضوح من سياق الآيات .

وفي مجمع البيان روي عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من عجز عن الليل أن يكابده ، وجبن عن العدو أن يجاهده ، وبخل بالمال أن ينفقه ، فليكثر ذكر اللَّه عزّوجلّ(1).

وعن زرارة عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : « مَن سبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فقد ذكر اللَّه ذكراً كثيراً »(2).

وعن الإمام الصادق عليه السلام : إنّه سئل عن قول اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(3) ما هذا الذكر الكثير ؟؟

قال : من سبّح تسبيح فاطمة فقد ذكر اللَّه الذكر الكثير(4).

وروى العياشي في تفسيره عن محمّد بن مسلم، مثله، وقال في آخره:« تسبيح

ص: 130


1- راجع تفسير مجمع البيان ج 8 ص 166 .
2- المصدر نفسه ، ص 167 .
3- سورة الأحزاب الآية : 41 .
4- معاني الأخبار ص 162 ح 5 .

فاطمة عليها السلام من ذكر اللَّه الكثير الذي قال : «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ» »(1).

وكذلك ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قال :

« تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً» »(2).

وعنه عليه السلام أنّه قال : من بات على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من الذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات(3).

ومن الروايات الواردة لبيان فضل الذكر وأجره الجزيل ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إنّ الملك ينزل بصحيفة أوّل النهار وأوّل الليل ، فيكتب فيها عمل ابن آدم ، فاملوا في أوّلها خيراً وفي آخرها خيراً ، فإنّ اللَّه يغفر لكم فيما بين ذلك إن شاء اللَّه(4).

ولو رجعنا إلى رواية الإمام الصادق عليه السلام حيث قال : من بات على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من الذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات(5).

الجزء الأخير من الآية 35 من سورة الأحزاب «أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً» وهذا بمثابة علّة للذكر وما يترتّب عليه من الثواب الجزيل والغفران العظيم

ص: 131


1- تفسير العياشي : ج 1 ص 68 .
2- الكافي ج 2 ص 500 ، ح 4 .
3- وسائل الشيعة ج 6 ص 447 ، ح 4 .
4- مجمع البيان ج 8 ص 159 ، وسائل الشيعة ج 6 ص 447 ، الأمالي ؛ للصدوق : ص 675 ، ح 15 ، المجلس 85 ، ومستدرك الوسائل ؛ للنوري :ج 5 ، ص 203 ، ح 2 .
5- الآية 35 من سورة الأحزاب وقوله تعالى : «وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً» .

في كلتا الدارين للمؤمنين الذاكرين .

وأفضل الأذكار هو تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام . ويستحبّ تقديمه على سائر التعقيبات وتعليمه للصبيان(1).

وفي تفسير قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(2).

وقال محمّد بن العباس رحمه الله : بإسناده عن إسماعيل بن عمّار قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام :

قوله عزّوجلّ «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً» ما حدّه ؟ قال : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله علّم فاطمة عليها السلام أن تكبّر أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وتسبّح ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، وتحمد ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، فإذا فعلت ذلك بالليل مرّة وبالنهار مرّة ، فقد ذكرت اللَّه كثيراً(3).

وعن زرارة وحمران ابني أعين ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : من سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام فقد ذكر اللَّه كثيراً(4).

وعن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : تسبيح فاطمة عليها السلام من ذكر اللَّه الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(5).

وعن الوشاء ، عن داود الحمّار ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : من أكثر ذكر اللَّه

ص: 132


1- فلاح السائل : ص 165 .
2- سورة الأحزاب الآية : 41 .
3- تأويل الآيات الظاهرة ج 2 ص 454 ح 16 .
4- مجمع البيان ج 8 ص 167 .
5- تأويل الآيات ج 2 ص 454 ح 15 .

عزّوجلّ أظلّه اللَّه في جنّته(1).

وعن أبي بصير ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا اللَّه ذكراً كثيراً(2).

وقد جاء في تفسير قوله تعالى : «الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ» أي هم الذين يكثرون من ذكر اللَّه بلسانهم وجنانهم(3).

والتسبيح هو التنزيه وهو مثل الذكر لا يتوقّف على اللفظ وإن كان التلفّظ بمثل سبحان اللَّه بعض مصاديق التسبيح .

وسمّيت الصلاة تسبيحاً لما فيها من التسبيح والتنزيه(4)، ويستفاد من بعض الروايات أنّ الذاكر بمنزلة المصلّي في الثواب ، فعن الإمام الباقر عليه السلام : لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر اللَّه قائماً كان أو جالساً أو مضطجعاً ، إنّ اللَّه تعالى يقول : «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً ...»(5)، والذكر هو الخروج عن ذكر ما سوى اللَّه بالنسيان عن غيره .

وينبغي أن يعلم أنّه ليس لذكر اللَّه حدّ ، فكلّما انشغل الإنسان بالذكر أكثر .. كلّما كانت فائدته أكثر .

فعن النبي صلى الله عليه وآله قال : ارتعوا في رياض الجنّة ، فقالوا : وما رياض الجنّة ؟

ص: 133


1- الكافي ج 2 ص 500 ح 5 .
2- الكافي ج 2 ص 499 ح 2 .
3- سورة الأحزاب الآية 35 ، راجع تفسير الميزان ج 16 ص 314 .
4- مجمع البيان ج 8 ص 126 .
5- بحار الأنوار ج 90 ح 10 .

فقال : الذكر غدواً ورواحاً فاذكروا ، ومن كان يحبّ أن يعلم منزلته عند اللَّه ، فلينظر كيف منزلة اللَّه عنده ، فإنّ اللَّه تعالى ينزل العبد حيث أنزل اللَّه العبد من نفسه ، ألا أخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها عند ربّكم في درجاتكم وخير ما طلعت عليه الشمس . ذكر اللَّه سبحانه وتعالى أخبر عن نفسه ، فقال : أنا جليس من ذكرني ، وأي منزلة أرفع من منزلة جليس اللَّه تعالى(1).

وفي الكافي : فيما ناجى اللَّه تعالى به موسى عليه السلام قال : ياموسى لا تنسني على كلّ حال فإنّ نسياني يميت القلب(2).

وعن أبي عبداللَّه الصادق عليه السلام قال :

كان المسيح يقول : لا تكثروا الكلام في غير ذكر اللَّه(3).

وسئل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أي الأعمال أفضل ؟ فقال :

أن تموت ولسانك رطب بذكر اللَّه(4).

وتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي أمرت الروايات بأدائه بعد كلّ صلاة ، كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسيره للآية الكريمة الآنفة الذكر : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(5).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

ص: 134


1- إرشاد القلوب ج 1 ص 60 .
2- الكافي ج 2 361 .
3- تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج 2 ص 189 .
4- المحجّة البيضاء ج 2 ص 267 .
5- الكافي ج 2 ص 500 ح 4 .

تسبيح فاطمة من ذكر اللَّه الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»(1).

وعنه عليه السلام أنّه قال : من بات على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من الذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات(2).

وقد ورد في المناجاة الشعبانية : إلهي وألهمني ولهاً بذكر إلى ذكرك(3).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام في دعاء كميل :

أسألك بحقّك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك أن تجعل أوقاتي من الليل والنهار بذكرك معمورة .

الذكر حسن على كلّ حال

ثمّ إنّ الذكر حسن على كلّ حال كما أفتى بذلك الفقهاء ، وقد قال تعالى في القرآن الكريم : «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ»(4).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام في وصاياه لابنه الحسن عليه السلام : وكن للَّه ذاكراً على كلّ حال(5).

وقال عليه السلام : لا تدعنّ ذكر اللَّه عزّوجلّ على كلّ حال(6).

وللذكر ثمرات وفوائد كثيرة ، فهو يقوّي السريرة والنفس ويساعد على

ص: 135


1- معاني الأخبار ص 194 .
2- وسائل الشيعة ج 6 ص 447 .
3- بحار الأنوار ج 91 ص 98 .
4- سورة آل عمران الآية : 191 .
5- بحار الأنوار ج 9 ص 152 ح 7 .
6- علل الشرائع ص 284 .

الصلاح والتقوى والمنع من الإنجراف نحو الشهوات والأهواء ، كما أنّ الذكر إحياء للقلب والروح من الغفلة والنسيان ، وهو النور في العقول والضمائر والتقوى كما صرّحت بذلك الكثير من الروايات المروية عن أهل البيت عليهم السلام .

فعن أمير المؤمنين عليه السلام : مداومة الذكر قوت الأرواح ومفتاح الصلاح(1).

وعنه عليه السلام قال : من ذكر اللَّه سبحانه أحيى اللَّه قلبه ونوّر عقله ولبّه(2).

وعنه عليه السلام : من عمّر قلبه بدوام الذكر حسنت أفعاله في السرّ والجهر(3).

وقال صلى الله عليه وآله : عليك بتلاوة القرآن وذكر اللَّه كثيراً فإنّه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض(4). وفي الحديث : إنّ أشرف الحديث ذكر اللَّه(5).

وهنالك آثار كبيرة للذكر تنعكس على الإنسان منها ما ورد في الحديث الشريف : إنّ في الجنّة قيعاناً ، فإذا أخذ الذاكر في الذكر أخذت الملائكة في غرس الأشجار ، فربما وقفت بعض الملائكة فيقال له : لِمَ وقفت ؟ فيقول : إنّ صاحبي قد فتر ، يعني عن الذكر(6).

ومن الآثار أيضاً أنّ الذاكر لا يموت ميتة سوء ، كما ورد في بعض الروايات ، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :

يموت المؤمن بكلّ ميتة ، يموت غرقاً ويموت بالهدم ، ويبتلى بالسبع ، ويموت

ص: 136


1- عيون الحكم والمواعظ الباب 24 الفصل 4 ص 487 .
2- غرر الحكم ح 1223 .
3- غرر الحكم ح 1219 .
4- الخصال ج 2 ص 525 ح 13 .
5- الأمالي للصدوق ص 487 ح 1 .
6- بحار الأنوار ج 9 ص 163 ح 42 .

بالصاعقة ، ولا تصيب ذاكر اللَّه(1).

وفي حديث آخر : إنّ الصواعق لا تصيب ذاكراً(2).

وقال صلى الله عليه وآله : من أحبّ أن يرتع في رياض الجنّة ، فليكثر ذكر اللَّه(3).

فينبغي أن نعلم إنّ الفلاح الدائم والسعادة الحقيقية يتحقّقان عن طريق زيادة الذكر ، وقد قال تعالى :

«وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»(4) لهذا لابدّ من مواصلة الذكر في كلّ الأحوال والأوقات لننعم بالطمأنينة واللطف الإلهي العظيم .

الإعراض عن الذكر :

بعد أن عرفنا أهميّة الذكر وعظمة آثاره على الإنسان ينبغي أن نعرف أنّ الشيطان يسعى دائماً أن يمنع العبد من ذكر اللَّه تعالى ويغفله وينسيه ، إلّا أنّه ينبغي للإنسان أن يعرف الإضرار في ذلك ، فقد ورد في الأخبار العديدة والآيات الكريمة أنّ للإعراض عن ذكر اللَّه آثار كبيرة وخطيرة على العبد ، قال تعالى : «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى»(5).

وقال تعالى : «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ»(6).

ص: 137


1- الكافي ج 2 ص 500 ح 3 .
2- المحجّة البيضاء ج 2 ص 269 .
3- المصدر نفسه ج 2 ص 267 .
4- سورة الجمعة الآية : 10 .
5- سورة طه الآية : 124 .
6- سورة الزخرف الآية : 36 .

سبب تشريع تسبيح فاطمة عليها السلام :

إنّ النبي صلى الله عليه وآله علّم إبنته فاطمة عليها السلام أذكاراً تقولها عند النوم وفي دبر كلّ صلاة واشتهرت بتسبيح فاطمة عليها السلام ، قال العلّامة المجلسي رحمه الله :

كان السبب في تشريع هذا التسبيح ما رواه الإمامية وغيرهم من أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال :

لمّا رأيت ما أصاب فاطمة الزهراء عليها السلام من العناء في خدمة البيت ، وقد جاء سبيٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله ، قلت لها : هلّا أتيت أباك تسألينه خادماً يكفيك مشقّة خدمة البيت ؟ فأتت النبي صلى الله عليه وآله وإذا عنده جماعة فانصرفت ، وعلم أبوها أنّها جاءت لأمر أهمّها ، فغدا إلى دارها صباحاً وسألها عمّا جاءت له فاستحت أن تذكر له ، فقلت له : أنت تعلم ما تلاقيه فاطمة من القيام بشؤون البيت من الاستقاء والطحن والكنس وقد أثّر ذلك عليها ، فقلت لها : لو سألت أباك يخدمك من يكفيك مشقّة ما أنت فيه من العمل ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أفلا أدلّك يافاطمة على ما هو خير لك من الخادم في الدنيا(1)؟ قالت : بلى يارسول اللَّه .

فعلّمها هذا التسبيح المعروف عند النوم وبعد كلّ صلاة . وقد استفاضت أخبار آل الرسول صلى الله عليه وآله في الحثّ على الاتيان به حتّى قال الإمام الباقر عليه السلام : ما عبد اللَّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة كلّ يوم دبر كلّ صلاة ، ولو كان شي ء

ص: 138


1- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج 6 ص 117 : قال ابن تيمية فيه : إنّ من واظب على هذا الذكر عند النوم لم يصبه اعياء لأنّ فاطمة رضي اللَّه عنها شكت التعب من العمل فأحالها صلى الله عليه وآله على ذلك وقال عياض : معنى الخيرية [ وهو خير لكما من الخادم ] أنّ عمل الآخرة أفضل من أُمور الدنيا .

أفضل منه لنحله رسول اللَّه فاطمة(1).

وعن الإمام الصادق عليه السلام : تسبيح فاطمة في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إليَّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم(2).

وقال العلّامة المقرّم(3)-(4):

ورد في التعبير عن بلوغ التسبيح مرتبة عالية من الفضل بحيث يصحّ للمولى مع تركه ردّ العبادة على صاحبها وإن كانت تامّة الأجزاء والشرائط .

فقالوا : إنّ الصلاة الخالية منه تردّ على صاحبها .

ص: 139


1- الكافي ج 3 ص 343 ح 14 .
2- مرآة العقول : ج 15 ص 176 .
3- العلّامة السيّد عبدالرزّاق المقرّم الموسوي النجفي يصل نسبه الكريم بثلاثة وعشرين ظهراً إلى الإمام موسى بن جعفر عليه السلام . ولد في سنة 1316ه في النجف الأشرف في بيت علم وتقوى وسيادة ، درس المغفور له على جدّه السيّد حسين وعلى علماء عظام مثل : الشيخ محمّد رضا آل كاشف الغطاء ، والسيّد محسن الحكيم ، وآقا ضياء الدين العراقي ، والسيّد أبو الحسن الأصفهاني ، والشيخ محمّد حسين النائيني ، والشيخ محمّد جواد البلاغي ، والشيخ محمّد حسين الأصفهاني ، والشيخ عبدالرسول الجواهري ، والشيخ حسين الحلّي والسيّد أبو القاسم الخوئي . كان المرحوم المقرّم يكنّ حبّاً عميقاً لآل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام ، ولقد انعكس هذا الحب الشديد في آثاره العلمية التي خلّفها الفقيد . وفي 17 محرّم الحرام من سنة 1391ه وافى الأجل العلّامة السيّد عبدالرزّاق المقرّم فانتقل إلى دار البقاء عن عمر قضاه في خدمة أهل البيت عليهم السلام .
4- راجع [ وفاة الصدّيقة الزهراء ] للعلّامة المقرّم : ص 41 .

لكون العبادة المقرونة بتسبيح الزهراء كالحلّة الموشاة التي لا تماثلها الحلّة الخالية من الوشي والتطريز ، وهذه الأخبار المتكثّرة لا يضرّ اختلافها في بيان كيفيته بعد الصلاة وعند النوم بعد أن صادق على كونه أربع وثلاثون تكبيرة ثمّ ثلاث وثلاثون تحميدة ثمّ ثلاث وثلاثون تسبيحة .

المشهور من علمائنا الأعلام بل عليه فتاوى الأصحاب كما في (الجواهر)(1) وهو الأشهر ، وكما في [ المنتهى(2) ] للعلّامة الحلّي وعليها عمل الطائفة .

عن محمّد بن عذافر قال : دخلت مع أبي على أبي عبداللَّه عليه السلام فسأله أبي عن تسبيح فاطمة صلّى اللَّه عليها ، فقال : (اللَّه أكبر) حتّى أحصاها أربعاً وثلاثين مرّة ، ثمّ قال : (الحمد للَّه) حتّى بلغ سبعاً وستّين ، ثمّ قال (سبحان اللَّه) حتّى بلغ مائة ، يحصيها بيده جملة واحدة(3).

قال العلّامة المجلسي رحمه الله : قوله عليه السلام (جملة واحدة) كأنّ المراد أنّه عليه السلام بعد احصاء عدد كلّ واحد من الثلاثة لم يستأنف العدد الآخر بل أضاف إلى السابق حتّى وصل إلى المائة(4).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : في تسبيح فاطمة عليها السلام يبدأ بالتكبير أربعاً وثلاثين ، ثمّ التحميد ثلاثاً وثلاثين ، ثمّ التسبيح ثلاثاً وثلاثين(5).

ص: 140


1- جواهر الكلام ج 10 ص 399 .
2- منتهى المطلب (ط . ق) ج 1 ص 302 .
3- الكافي بهامش مرآة العقول ج 15 ص 173 .
4- بحار الأنوار ج 82 ص 333 .
5- الكافي ج 3 ص 342 ح 9 .

وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لرجل من بني سعد : ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة الزهراء سلام اللَّه عليها ... إلى آخر الرواية .. قال الرسول صلى الله عليه وآله :

أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وسبّحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، وأحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة .

فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها وقالت :

رضيت عن اللَّه وعن رسوله ، رضيت عن اللَّه وعن رسوله(1).

وعليه إنّما أراد النبي صلى الله عليه وآله أن تكون فلذة كبده وقرّة عينه وبضعته الطاهرة مثالاً كاملاً لنفسه الشريفة في الزهد عن الدنيا وتحمّل مشاقها ورفض لذائذها كما يقتضيه قوله صلى الله عليه وآله فاطمة بضعة منّي أو أنتِ منّي .

فمن المعلوم أنّه لم يرد بذلك تولّدها منه لوضوحه وانتفاء الحكمة في بيانه ، بل أراد أنّ ابنتي فاطمة عليها السلام روحها روحي ، ونفسها نفسي ، وطينتها طينتي ، وقد جاء نظير هذه القضية في شأن جعفر بن أبي طالب عليهما السلام .

فروي عن الإمام علي عليه السلام : أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا جاءه جعفر بن أبي طالب من الحبشة قام إليه واستقبله اثنتي عشرة خطوة ، وقبّل ما بين عينيه وبكى ، وقال : لا أدري بأيّهما أنا أشدّ سروراً ؟ بقدومك ياجعفر أم بفتح اللَّه على أخيك في خيبر ؟ فعلّمه صلاة تسمّى باسمه جعفر(2).

ص: 141


1- من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 320 ح 947 .
2- بحار الأنوار ج 21 ص 24 .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لجعفر : ياجعفر ألا أمنحك ؟ ألا أعطيك ؟ ألا أحبوك ؟ فقال له جعفر : بلى يارسول اللَّه ، قال : فظنّ الناس أنّه يعطيه ذهباً أو فضّة فتشوّق الناس لذلك ، فقال له : إنّي أعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كلّ يوم كان خيراً لك من الدنيا وما فيها ، ثمّ علّمه صلى الله عليه وآله صلاة جعفر(1).

وأمّا ما هو معروف من أنّه كانت لفاطمة سلام اللَّه عليها خادمة اسمها فضّة ، فهذا إنّما كان أخيراً بعد ما كثرت أولادها وزادت كلفتها وكثرت الفتوح والغنائم من خيبر وبني القريضة وبني النضير ، وارتفع الفقر والعناء والتعب عن المسلمين ، فأرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فضّة إليها ووسّع على ابنته عليها السلام .

ألا أُعلّمك ؟

جرت سيرة أهل البيت عليهم السلام على تعليم الناس الأُمور المهمّة وصرفهم عن القضايا المفضولة ، ويظهر ذلك في كثير من أخبار منها :

1 - ما ورد عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول لابنه الحسن عليه السلام : يابني ألا أُعلّمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب ؟ فقال : بلى ياأبت . قال عليه السلام : لا تجلس على الطعام إلّا وأنت جائع ، ولا تقم عن الطعام إلّا وأنت تشتهيه ، وجوّد المضغ ، وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء ، وإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب(2).

2 - عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ياعقبة ألا أُعلّمك سورتين هما

ص: 142


1- بحار الأنوار ج 21 ص 24 .
2- وسائل الشيعة ج 24 ص 245 ح 30451 .

أفضل القرآن أو من أفضل القرآن ؟ قلت : بلى يارسول اللَّه ، فعلّمني المعوّذتين ثمّ قرأ بهما في صلاة الغداة وقال لي اقرأهما كلّما قمت ونمت(1).

3 - عن أبي محمّد الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وقد حمل إليه رجل هدية ، فقال له : أيّما أحبّ إليك أن أردّ عليك بدلها عشرين ضعفاً عشرين ألف درهم أو أفتح لك باباً من العلم تقهر فلاناً الناصبي في قريتك تنقذ به ضعفاء أهل قريتك ؟ إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين ، وإن أسأت الاختيار خيرتك لتأخذ أيّهما شئت . فقال : يابن رسول اللَّه فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لأُولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم ؟ قال : بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة . قال : يابن رسول اللَّه فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل ، الكلمة التي أقهر بها عدو اللَّه وأذوده عن أوليائه . فقال الحسن ابن علي عليهما السلام : قد أحسنت الاختيار ، وعلّمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم ، فذهب فأفحم الرجل ، فاتّصل خبره به فقال له حين حضر معه : ياعبداللَّه ما ربح أحد مثل ربحك ولا اكتسب أحد من الأوداء مثل ما اكتسبت مودّة اللَّه أوّلاً ومودّة محمّد وعلي ثانياً ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثاً ومودّة ملائكة اللَّه تعالى المقرّبين رابعاً ومودّة إخوانك المؤمنين خامساً ، واكتسبت بعدد كلّ مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة ، فهنيئاً لك هنيئاً(2).

4 - في وصيّة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لأبي ذرّ الغفاري ، قال : ياأبا ذرّ ألا أُعلّمك كلمات ينفعك اللَّه عزّوجلّ بهنّ ؟

ص: 143


1- مستدرك الوسائل ج 4 ص 206 ح 4502 .
2- بحار الأنوار ج 2 ص 8 ح 16 .

قلت : بلى يارسول اللَّه .

قال : احفظ اللَّه يحفظك ، احفظ اللَّه تجده أمامك ... الخ(1).

5 - عن سويد بن غفلة قال : أصابت علياً شدّة ، فأتت فاطمة عليها السلام ليلاً رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فدقّت الباب ، فقال : أسمع حسّ حبيبتي بالباب ، ياأُمّ أيمن قومي وانظري ، ففتحت لها الباب فدخلت ، فقال صلى الله عليه وآله : لقد جئتنا في وقت ما كنت تأتينا في مثله ، فقالت فاطمة : يارسول اللَّه ، ما طعام الملائكة عند ربّنا ؟ فقال : التحميد .

فقالت : ما طعامنا ؟

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : والذي نفسي بيده ما اقتبس في آل محمّد شهراً ناراً ، اختاري آمر لك أمراً أو أُعلّمك خمس كلمات علّمنيهنّ جبرئيل عليه السلام .

قالت : يارسول اللَّه ، ما الخمس كلمات ؟

قال : ياربّ الأوّلين والآخرين ، ياذا القوّة المتين ، وياأرحم الراحمين ، ورجعت ، فلمّا أبصرها علي عليه السلام قال : بأبي وأُمّي ما وراك يافاطمة ؟

قالت : ذهبت للدنيا وجئت بالآخرة ، قال علي عليه السلام : خير أمامك خير أمامك(2).

ولذا فإنّ الصدّيقة الزهراء عليها السلام لمّا سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله خادمة عرض عليها ما هو خير لها منه وعلّمها هذا التسبيح العظيم الذي صار مستحبّاً مؤكّداً بعد كلّ فريضة .

ص: 144


1- بحار الأنوار ج 90 ص 314 .
2- بحار الأنوار ج 43 ص 152 ح 10 .

تسبيح الزهراء عليها السلام في أحاديث الخاصّة

نقل حديث تسبيحة السيّدة الزهراء عليها السلام في كثير من مصادر الإمامية وتلقّاه كثير من علمائهم بالقبول ، بل واستدلّ به كثير منهم على استحباب التعقيب بالتسبيحة بعد كلّ صلاة .

فقد نقل الخبر كلّ من :

1 - شيخ المحدّثين الصدوق في فقيهه حيث روى بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لرجل من بني سعد : ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة الزهراء أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها ، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرّ شديد ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، فأتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده حداثاً فاستحيت فانصرفت ، فعلم صلى الله عليه وآله أنّها قد جاءت لحاجة فغدا علينا ونحن في لحافنا فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثمّ قال : السلام عليكم فسكتنا ، ثمّ قال : السلام عليكم فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك فيسلّم ثلاثاً فإن أُذن له وإلّا انصرف ، فقلنا : وعليك السلام يارسول اللَّه أُدخل ، فدخل وجلس عند رؤوسنا ثمّ قال : يافاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمّد ؟ فخشيت إن لم نجبه أن يقوم ، فأخرجت رأسي فقلت : أنا واللَّه أُخبرك يارسول اللَّه إنّها استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها ، وجرّت بالرحى حتّى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، قال : أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من

ص: 145

الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وسبّحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها وقالت : « رضيت عن اللَّه وعن رسوله رضيت عن اللَّه وعن رسوله »(1).

2 - القاضي النعمان(2) في الدعائم عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام قبل أن يثني رجله من صلاة الفريضة غفر له . وتسبيح فاطمة عليها السلام فيما رويناه عن علي صلوات اللَّه عليه أنّه قال : أهدى بعض ملوك الأعاجم إلى رسول

ص: 146


1- من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 320 ح 947 .
2- الشيخ أبو حنيفة ، النعمان بن محمّد بن منصور بن حيون ، تميمي الأصل ينحدر من أُسرة مغربية من القيروان ، ولد الشيخ المغربي عام 292ه بمدينة القيروان في تونس . عاصر الشيخ المغربي أربع من خلفاء الدولة الفاطمية ، وتولّى القضاء على مدينة طرابلس ، ثمّ على مدينة المنصورية - التي بناها المنصور الفاطمي - والمهدية والقيروان وسائر مدن شمال إفريقية ، وأقام صلاة الجمعة في مسجد القيروان . قضى الشيخ المغربي عمره في سبيل الدفاع عن حريم التشيّع ، ونشر علوم أهل البيت عليهم السلام ، بعد اعتناقه لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، كما أشار إلى ذلك علماؤنا (رضوان اللَّه عليهم) . وقد كانت له مؤلّفات قيّمة منها : 1 - شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار 2 - اختلاف أُصول المذاهب 3 - الأُرجوزة المختارة 4 - أساس التأويل 5 - افتتاح الدعوة وإنشاء الدولة 6 - الاقتصار 7 - الإيضاح 8 - تأويل الشريعة 9 - تربية المؤمنين بالتوقيف على حدود باطن الدين 10 - تقويم الأحكام 11 - التوحيد 12 - دعائم الإسلام في مسائل الحلال والحرام والقضايا والأحكام 13 - المناقب والمثالب 14 - المجالس والمسايرات 15 - مفاتيح النعمة . توفّي الشيخ المغربي قدس سره في التاسع والعشرين من جمادى الثانية 363ه بمدينة القاهرة ، ودفن في دار بالقاهرة ، وصلّى عليه المعزّ لدين اللَّه الفاطمي .

اللَّه صلى الله عليه وآله رقيقاً ، فقلت لفاطمة : استخدمي من رسول اللَّه خادماً ، فأتته . فسألته ذلك ، وذكر الحديث بطوله اختصرناه نحن هاهنا . فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : يافاطمة ، أعطيك ما هو خير من ذلك . تكبّرين اللَّه بعد كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين تكبيرة ، وتحمدين اللَّه ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، وتسبّحين اللَّه ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، ثمّ تختمين ذلك بلا إله إلّا اللَّه ، فذلك خير من الدنيا وما فيها ، ومن الذي أردت ، فلزمت صلوات اللَّه عليها هذا التسبيح بعقب كلّ صلاة ، ونسب إليها ، وهو أن تقول بعد كلّ صلاة : اللَّه أكبر والحمد للَّه وسبحان اللَّه ، ثلاثاً وثلاثين مرّة ، ثمّ تقول : لا إله إلّا اللَّه مرّة واحدة ، فذلك لقائله مائة حسنة ، والحسنة عشر أمثالها عند اللَّه ، فيكتب له بعد كلّ صلاة ألف حسنة(1).

3 - ابن شهر آشوب في مناقبه حيث نقل بأنّ علياً عليه السلام قال : اشتكي ممّا أندأ بالقرب ، فقالت فاطمة عليها السلام : واللَّه إنّي أشتكي يدي ممّا طحن بالرحى . وكان عند النبي صلى الله عليه وآله أُسارى فأمرها أن تطلب من النبي خادماً ، فدخلت على النبي وسلّمت عليه ورجعت ، فقال أمير المؤمنين : مالك ؟ قالت : واللَّه ما استطعت أن أُكلّم رسول اللَّه من هيبته ، فانطلق علي معها إلى النبي فقال لهما : جاءت بكما حاجة ؟ فقال علي : مجاراتهما فقال : لا ولكنّي أبيعهم وأنفق أثمانهم على أهل الصفة ، وعلّمها تسبيح الزهراء(2).

4 - الطبرسي(3) في مكارم الأخلاق حيث أورد الحديث عن أمير

ص: 147


1- دعائم الإسلام ج 1 ص 168 .
2- المناقب ج 3 ص 341 .
3- هو الحسن الملقّب برضي الدين والمكنّى بأبي نصر نجل الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي ، من أعلام القرن السادس هجري . كان من أكابر علماء الإمامية ، وأجلّاء الطائفة وثقاتهم ، روى عن والده أمين الدين الفضل الطبرسي ، وهو من أُسرة علمية تسلّل فيها العلم والفضل . كلّ الذين تحدّثوا عنه لم يذكروا لا مكان ولادته وتاريخها ، ولا مكان وفاته ولا تاريخها ، رغم كونه من العلماء البارزين ، واكتفوا بالقول بأنّه من أعلام القرن السادس هجري ، نعم ذكر السيّد الأمين أنّه توفّي في سبزوار سنة 548ه ونقلت جنازته إلى المشهد الرضوي ، ودفن هناك في موضع يعرف بقتلگاه ، وكان قبل انتقاله إلى سبزوار يسكن مشهد ، ثمّ انتقل إلى سبزوار سنة 523 ، وعلى هذا يكون قد أقام في سبزوار خمساً وعشرين سنة .

المؤمنين عليه السلام أنّه قال لرجل من بني سعد : ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة عليها السلام ، أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتّى تدخّنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، فأتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده صلى الله عليه وآله حداثاً فاستحيت فانصرفت ، فعلم صلى الله عليه وآله أنّها جاءت لحاجة فغدا علينا ونحن في لفاعنا فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثمّ قال : السلام عليكم ، فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلّم ثلاثاً فإن أُذن له وإلّا انصرف ، فقلت : وعليك السلام يارسول اللَّه أُدخل ، فدخل وجلس عند رؤوسنا فقال : يافاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمّد ؟ فخشيت إن لم تجبه أن يقوم فأخرجت رأسي فقلت : أما واللَّه أُخبرك يارسول اللَّه ، أنّها استقت بالقربة حتّى أثّرت في صدرها وجرّت بالرحى حتّى مجلت يداها وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها وأوقدت

ص: 148

تحت القدر حتّى دخنت ثيابها ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادماً يقيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، فقال صلى الله عليه وآله : ألا أدلّكما على ما هو خير لكما من الخادم إذا أخذتما منامكما ، فكبّرا أربعاً وثلاثين تكبيرة وسبّحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة وأحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها فقالت : رضيت عن اللَّه ورسوله ثلاث مرّات(1).

وقد نقل الحديث كوكبة من علماء الإمامية في مصنّفاتهم وتلقّوه بالقبول واستدلّوا به على استحباب التسبيح عقيب كلّ صلاة .

تسبيح الزهراء عليها السلام في أحاديث العامّة

لا يخفى أنّ الطوائف الإسلامية اليوم على اختلاف مذاهبها تعمل بهذه السنّة الحسنة التي عمل بها الإمام علي عليه السلام وفاطمة عليها السلام ، لكونها السنّة النبويّة ونبراسها الشاهق ، وقد عرف تسبيح فاطمة عليها السلام حتّى عند غير المسلمين .

وسنتعرّض - فيما يلي - إلى أخبار الصحابة والتابعين لحديث تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام في مصادر مختلفة من الكتب الإسلامية .

ففي مسند فاطمة للسيوطي ، عن ابن شهاب قال : قال سالم : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : كلّ أُمّتي معافى إلّا المجاهدين ، فإنّ من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملاً ثمّ يصبح وقد ستره ربّه ، فيقول : يافلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربّه فيبيت يستره ويكشف ستر اللَّه عنه ... .

وكان صلى الله عليه وآله يأمر عند الرقاد ، وخلف الصلاة بأربع وثلاثين تكبيرة ، وثلاث

ص: 149


1- مكارم الأخلاق ص 280 .

وثلاثين تسبيحة ، وثلاث وثلاثين تحميدة ، فتلك مائة ... أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال ذلك لابنته فاطمة عليها السلام(1).

وفي الذرّية الطاهرة المطهّرة : باسناده عن أبي هريرة ، عن فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وآله : أنّها انطلقت إلى النبي تسأله خادماً ، قال صلى الله عليه وآله : ألا أدلّك على ما هو خير لك من ذلك ؟

إذا أدّيت إلى فراشك فسبّحي ثلاثاً وثلاثين ، واحمدي ثلاثاً وثلاثين ، وكبّري أربعاً وثلاثين ، فهو خير لك من ذلك ، أرضيت يابنية !! قالت : قد رضيت(2).

وفي شرح السنّة : (باسناده) عن أبي هريرة قال : جاءت فاطمة عليها السلام إلى النبي تسأله خادماً ، فقال صلى الله عليه وآله : ألا أدلّك ما هو خير لك من خادم ؟

تسبّحين اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، وتحمدين اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، وتكبّرين اللَّه أربعاً وثلاثين عند كلّ صلاة وعند منامك(3).

وفي مسند أحمد بن حنبل : (باسناده) عن شهر قال : سمعت أُمّ سلمة تحدّث : زعمت أنّ فاطمة عليها السلام جاءت إلى نبي اللَّه صلى الله عليه وآله تشتكي إليه الخدمة ، فقالت : يارسول اللَّه لقد مجلت يدي من الرحى ، أطحن مرّة وأعجن مرّة ، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أن يرزقك اللَّه شيئاً يأتك وسأدلّك على خير من ذلك .

ص: 150


1- مسند فاطمة للسيوطي ج 8 ح 12 .
2- الذرّية الطاهرة المطهّرة ص 102 .
3- شرح السنّة ج 5 ص 107 .

إذا لزمت مضجعك فسبّحي اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، وكبّري ثلاثاً وثلاثين واحمدي أربعاً وثلاثين ، فذلك مائة فهو خير لك من الخادم .

وإذا صلّيت الصبح فقولي لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ، بيده الخير وهو على كلّ شي ء قدير عشرة مرّات بعد صلاة الصبح ، وعشر مرّات بعد صلاة المغرب ، فإنّ كلّ واحد منهنّ تكتب عشر حسنات وتحطّ عشر سيّئات ، وكلّ واحد منهنّ كعتق رقبة من ولد إسماعيل ولا يحلّ لذنب كسب ذلك أن يدركه إلّا أن يكون الشرك .

لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له ، وهو حرسك ما بين أن تقوليه غدوة إلى أن تقوليه عشيّة من كلّ شيطان ومن كلّ سوء(1).

وفي مسند أحمد : (بإسناده) عن علي عليه السلام : أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا زوّجه فاطمة بعث معه بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ورحائين وسقاء وجرّتين - إلى آخر الحديث - ثمّ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : ألا أُخبركما بخير ممّا سألتماني ؟ قالا : بلى ، فقال :

كلمات علّمنيهنّ جبرائيل ، فقال :

تسبّحان في دبر كلّ صلاة عشراً ، وتحمدان عشراً ، وتكبّران عشراً ، وإذا أُوتيتما إلى فراشكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين ، وكبّرا أربعاً وثلاثين .

قال عليه السلام : فواللَّه ما تركتهنّ منذ علّمنيهنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال : فقال ابن الكوّاء : ولا ليلة صفّين ؟ فقال : قاتلكم اللَّه ياأهل العراق ، نعم ولا ليلة صفّين(2).

ص: 151


1- مسند فاطمة للسيوطي ص 100 ح 240 .
2- مسند أحمد ج 1 ص 106 .

وفي صحيح البخاري : (بإسناده) عن علي عليه السلام قال : إنّ فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى ممّا تطحن - إلى أن قال : - فأتانا ودخلنا مضاجعنا ، فذهبنا لنقوم فقال : على مكانكما حتّى وجدت برد قدميه على صدري ، فقال : ألا أدلّكما على خير ممّا سألتماه ؟

إذا أخذتما مضاجعكما فكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين ، واحمدا اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، وسبّحا اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، فإنّ ذلك خير لكما ممّا سألتماه(1).

وفي حلية الأولياء : (بأسناده) عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال : قدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بسبي ، فقال علي لفاطمة عليها السلام : ائتي أباك فسليه خادماً تقي به العمل ، فأتت أباها حين أمست ، فقال لها : ما لك يابنية ؟

قالت : لا شي ء . جئت لأُسلّم عليك واستحيت أن تسأل شيئاً - إلى أن قال : - ما أتى بكما ؟ فقال علي عليه السلام : يارسول اللَّه شقّ علينا العمل ، فأردنا أن تعطينا خادماً نتّقي به العمل ؟ فقال لهما رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : هل أدلّكما على خير لكما من حمر النعم ؟ قال علي عليه السلام : يارسول اللَّه نعم ، قال : تكبيرات وتسبيحات وتحميدات مائة حين تريدا أن تناما فتبيتا على ألف حسنة ومثلها حين تصبحان فتقومان على ألف حسنة ، فقال علي عليه السلام : فما فاتني منذ سمعتها من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إلّا ليلة صفّين(2)

ص: 152


1- صحيح البخاري ج 4 ص 102 .
2- وفي صفوة الصفوة لابن الجوزي : فورد فيه قول الإمام علي عليه السلام : [ ما تركته منذ سمعته من النبي صلى الله عليه وآله فقال له ابن الكواء : ولا ليلة صفّين ، قال علي عليه السلام : قاتلكم اللَّه ياأهل العراق . نعم ولا ليلة صفّين ] .

فإنّي نسيتها حتّى ذكرتها من آخر الليل فقلتها(1).

قال القسطلاني في إرشاد الساري(2): قال ابن تيمية فيه :

إنّ من واظب على هذا الذكر عند النوم لم يصبه اعياء ، لأنّ فاطمة رضي اللَّه عنها شكت التعب من العمل فأحالها صلى الله عليه وآله على ذلك . وقال عياض : معنى الخيرية [ وهو قوله : (خير لكما من الخادم) أنّ عمل الآخرة أفضل من أُمور الدنيا (3)].

ولمن أراد مزيد الإطّلاع على مصادر العامّة التي ذكرت حديث تسبيح الزهراء عليها السلام فليراجع كتاب إحقاق الحقّ وملحقاته ج 25 ص 318 .

شرح الأذكار في تسبيح الزهراء عليها السلام :

اشارة

- اللَّه أكبر .

- الحمد للَّه .

ص: 153


1- حلية الأولياء ج 1 ص 69 ، نظم درر السمطين ص 192 ، كنز العمّال ج 15 ص 502 ح 41977 .
2- إرشاد الساري ج 6 ص 117 .
3- ونكتفي بذكر أسماء بعض الكتب التي نقلت الحديث بطرق وألفاظ مختلفة : الشرف المؤبّد ص 55 ، أعلام النساء ج 3 ص 102 ، الفتح الكبير ج 1 ص 36 ، الأنوار المحمّدية ص 237 ، حسن الأُسوة ص 233 ، وتيسير الوصول إلى جامع الأُصول ج 2 ص 9 ، النهاية ج 1 ص 247 ، عمدة القارئ في شرح البخاري ج 15 ص 36 ، وج 22 ص 288 ، فتح الباري في شرح البخاري ج 11 ص 102 ، أرجح المطالب ص 147 و148 و149 ، مطالب السؤول ص 9 ، كشف الغمّة ج 2 ص 58 ، تاج العروس ج 3 ص 137 ، شرح السنّة ج 5 ص 107 ، النزاع والتخاصم ص 58 ، الثغور الباسمة في مناقب سيّدتنا فاطمة ص 2 ، السيرة النبوية المطبوع بهامش السيرة الحلبية ج 2 ص 10 .

- سبحان اللَّه .

اللَّه أكبر :

يقول الراغب الأصفهاني في مفرداته(1):

الكبير في صفة اللَّه تعالى ، العظيم الجليل ، والمتكبّر الذي تكبّر عن ظلم عباده ، والكبرياء : عظمة اللَّه .

والتكبير : التعظيم ، وقيل : اللَّه أكبر من كلّ شي ء أي أعظم .

قال ابن الأثير :

في أسماء اللَّه تعالى المتكبّر والكبير أي العظيم ذو الكبرياء ، وقيل : المتعالي عن صفات الخلق ، والكبرياء : العظمة والملك . وقيل : هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلّا اللَّه تعالى .

« اللَّه أكبر » يعني أنّه أكبر وأجلّ من أن يدرك وصفه ، فعندما يسأل أحد ماذا يعني (اللَّه أكبر) يقول : أي أنّ اللَّه أكبر من كلّ شي ء ، ولكن هذا الجواب خاطئ ، فقد روي عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

قال رجل عنده : « اللَّه أكبر » .

فقال : اللَّه أكبر من أي شي ء ؟

فقال : من كلّ شي ء !!

فقال أبو عبداللَّه عليه السلام : حدّدته .

فقال الرجل : وكيف أقول ؟

ص: 154


1- لسان العرب ج 5 ص 150 ، مادّة (كبر) .

فقال : اللَّه أكبر من أن يوصف(1).

وعندما نكبّر من أعماق قلوبنا ، أي عندما ينطبق اللسان والقلب في التكبير ، تحسّ بالقدرة والثبات والاطمئنان لأنّنا نعلم أنّ جميع الجبابرة والطواغيت ذرّة ليس لها شأن أمام اللَّه الكبير المتعال .

نعم ، فهو واضع السنن والقوانين التكوينية على وجه الأرض ، فلم يتحقّق النصر النهائي إلّا في ظلّ تلك القوانين والسنن «وَللَّهِ ِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ»(2).

لكن ينبغي للمكبّر أن يكبّر من أعماق قلبه وإيمانه ، إذا كبّر الشخص وفي قلبه تعظيم وتكريم لغير اللَّه لم يكن في تكبيره إلّا كذّاباً ومحتالاً ، قال الإمام الصادق عليه السلام :

فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السموات العلى والثرى دون كبريائه ، فإنّ اللَّه تعالى إذا اطّلع على قلب العبد وهو يكبّر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره ، فقال :

ياكذّاب أتخدعني ، وعزّتي وجلالي لأُحرمنّك حلاوة ذكري ، ولأحجبنّك عن قربي والمسرّة بمناجاتي(3).

فهو أكبر من أن يوصف لامتناع محدوديته واضمحلال كلّ محدود في جنب

ص: 155


1- معاني الأخبار ص 11 .
2- سورة المنافقون الآية : 8 .
3- مصباح الشريعة (المنسوب إلى الإمام الصادق عليه السلام) ص 87 .

عظمته وكبريائه .

الحمد للَّه :

عن محمّد بن مروان ، قال :

قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام :

أي الأعمال أحبّ إلى اللَّه عزّوجلّ ، فقال : أن تحمده(1).

وعنه عليه السلام قال :

التسبيح نصف الميزان ، والحمد للَّه يملأ الميزان ، واللَّه أكبر يملأ ما بين السماء والأرض(2).

وفي التنزيل العزيز : «الْحَمْدُ للَّهِ ِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(3)، والتحميد : حمدك اللَّه عزّوجلّ بعد مرّة ، وهو كثرة حمد اللَّه سبحانه بالمحامدة الحسنة ، والتحميد أبلغ من الحمد قوله تعالى : «الْحَمْدُ للَّهِ ِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(4).

وقوله سبحانه : «وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ للَّهِ ِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(5).

وعن ابن صدقة قال : كان من محامدة الصادق عليه السلام : الحمد للَّه بمحامده كلّها على نعمه كلّها حتّى ينتهي الحمد إلى ما يحبّ ربّي ويرضى(6).

ص: 156


1- المحجّة البيضاء ج 2 ص 276 .
2- المصدر نفسه ج 2 ص 275 .
3- سورة الحمد الآية : 2 .
4- سورة الحمد الآية : 2 .
5- سورة يونس الآية : 10 .
6- بحار الأنوار ج 37 ص 392 ح 4 .

وعن علي بن الحسين عليهما السلام أنّه قال :

من قال الحمد للَّه فقد أدّى شكر كلّ نعمة للَّه عزّوجلّ عليه(1).

وفي وصية الإمام الصادق عليه السلام إلى سفيان الثوري : إذا أنعم اللَّه على أحد منكم بنعمة فليحمد اللَّه عزّوجلّ(2).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

إذا أحسنتم فاحمدوا اللَّه ، وإذا أسأتم فاستغفروا اللَّه(3).

والحمد للَّه تثبت أنّ كلّ كمال وكلّ قدرة وكلّ حكمة هي من عند اللَّه .

والحمد للَّه يعني الشكر والمدح والثناء ، يقول الراغب الأصفهاني في مفرداته :

الحمد للَّه تعالى بمنزلة الثناء عليه أمام الفضيلة ، وهو أخصّ من المدح وأعمّ من الشكر ، فيمدح الشخص أمام أفعاله وصفاته الاختيارية وغير الاختيارية ، ولكن الحمد يؤتى به أمام الاختيارية فقط ، والشكر يستعمل أمام بذل النعم فقط ، فكلّ شكر هو حمد وليس كلّ حمد شكر ، والحمد أيضاً مدح ، ولكن ليس كلّ مدح حمد(4).

والحمد للَّه : نحمده على ما أنعم اللَّه به علينا ، والحمد والشكر متقاربة المعنى ، فالحمد قد يكون من غير نعمة والشكر يختصّ بالنعمة .

وعندما نقول في الصلاة : « الحمد للَّه ربّ العالمين » يعني جميع الحمد والثناء

ص: 157


1- المصدر نفسه .
2- أمالي الطوسي ص 480 ح 1048 .
3- مشكاة الأنوار ص 27 .
4- مفردات الراغب الأصفهاني (مادّة الحمد) ج 3 ص 192 .

خاصّ للَّه ولا يستحقّ شي ء أو تخص غيره ، جميع الحمد للَّه سواء حمد الناس غيره أو حمدوا اللَّه سبحانه ، فيجوز مدح الآخرين وشكرهم ولكن الحمد مخصوص للَّه تعالى لأنّ العبادة تخصّه سبحانه .

يقول الشيخ الميرزا جواد الملكي في شرح الحمد للَّه أي جنس الحمد :

وهو الثناء باللسان على الجميل الاختياري للَّه ، لأنّ كلّ جمال يوجد فهو أثر من آثار جماله ، وكلّ خير في العالم فهو من آثار فيضه ، وذكر اسم اللَّه في المقام كأنّه إشارة إلى علّة اختصاص الحمد للَّه تعالى ، لأنّ اللَّه اسم للذات المستجمع لجميع صفات الكمالات ، ومن جملتها انحصار الجمال والخير فيه ، فهو في قوّة أن يقال : كلّ الحمد لمن هو مستجمع لجميع الكمالات والخيرات ، لأنّ كلّ الكمال والخير منه وله ، والظاهر أنّ المراد منه إنشاء الثناء بهذا اللفظ ، فيكون معناه أثني على اللَّه بجميع الثنايا ، وأحمده بجميع المحامد كلّها ، والأخبار بمحموديته تعالى واقعاً في جميع المحامد ، وإن لم يشعر الحامد به ، لأنّ قصد حامد زيد مثلاً في قبال إحسانه حمده ، من جهة أنّه منعم عليه ، والمنعم الحقيقي في جميع النعم هو اللَّه ، كما في دعاء الصحيفة : « وأنت من دونهم ولي الإعطاء » فيرجع الحمد كلّه إلى اللَّه(1).

سبحان اللَّه :

التسبيح يعني تنزيه اللَّه سبحانه من كلّ صفة غير محمودة ، والتسبيح : التنزيه ، وسبحان اللَّه . معناه تنزيهاً للَّه من الصاحبة والولد ، وقيل : تنزيه اللَّه تعالى من كلّ ما لا ينبغي له أن يوصف ، ونصبه أنّه في موضع فعل على معنى تسبيحاً له ،

ص: 158


1- أسرار الصلاة ص 229 - 230 .

تقول سبّحت اللَّه تسبيحاً له ، أي نزّهته تنزيهاً(1).

وفي التنزيل العزيز : (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ...»(2).

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله قال :

التسبيح نصف الميزان ، والحمد يملؤه ، والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض(3).

وعن هشام بن الحكم سألت أبي عبداللَّه عليه السلام عن سبحان اللَّه ، قال : أنفة(4) اللَّه عزّوجلّ(5).

وعن زيد الشحّام ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : سألته عن التسبيح ، فقال : هو اسم من أسماء اللَّه ودعوى أهل الجنّة(6).

وعن هشام بن الحكم قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام : ما من كلمة أخفّ على اللسان ولا أبلغ من سبحان اللَّه(7).

والسبحان يعني التنزيه والتطهير من كلّ عيب ونقص أي أنّه لا يوجد في عالم خلق اللَّه تعالى أي نقص .

ص: 159


1- أُنظر لسان العرب ج 1 ص 553 مادّة (سبح) .
2- سورة يونس الآية : 10 .
3- بحار الأنوار ج 27 ص 268 ح 21 .
4- الأنفة بالفتحات مصدر بمعنى التنزّه والاستنكاف والمراد أنّ من قال سبحان اللَّه ، قال : باستنكافه وتنزّهه وتعاليه تعالى عن شبه المخلوق .
5- التوحيد ص 312 ح 2 .
6- تفسير العياشي ج 2 ص 120 .
7- السرائر ج 3 ص 602 .

وروي عن طلحة بن عبيداللَّه قال : سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن تفسير سبحان اللَّه ، قال : هو تنزيه اللَّه من كلّ سوء(1).

وسئل أمير المؤمنين عليه السلام ما تفسير سبحان اللَّه ؟ قال : هو تعظيم جلال اللَّه عزّوجلّ وتنزيه عمّا قال فيه كلّ مشرك ، فإذا قاله العبد صلّى عليه كلّ ملك(2).

وفي رواية : فإذا قاله العبد صلّى اللَّه كلّ ملك(3).

يقول الراغب الأصفهاني في مفرداته :

السبح : المرئ السريع في الماء وفي الهواء ، يقال : سبّح سبحاً وسباحة ، والتسبيح تنزيه اللَّه تعالى ، وأصله المرئ السريع في عبادة اللَّه تعالى وجعل ذلك في جعل الخير كما جعل ، الإبعاد في الشرّ ، فقيل : أبعده اللَّه(4).

إذن يشمل التسبيح جميع الأذكار والعبادات كما يسمّى (اللَّه أكبر) و (الحمد للَّه) و (لا إله إلّا اللَّه) تسبيحاً ، مثل تسبيح فاطمة عليها السلام والتسبيحات الأربعة .

نعم ، كيف لا نسبّح اللَّه سبحانه وتعالى وهو يسبّحه جميع من في السموات والأرض .

«يُسَبِّحُ للَّهِ ِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ»(5).

ص: 160


1- الدرّ المنثور ج 1 ص 110 .
2- بحار الأنوار ج 93 ص 177 .
3- معاني الأخبار ص 9 .
4- مفردات الراغب الأصفهاني : مادّة (سبح) ص 226 .
5- سورة الجمعة الآية : 1 .

«وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»(1).

فسبحان اللَّه ، يعني تنزيه الربّ من النقص والعيب والظلم والشرك والأعمال الباطلة وكلّ رجس يوجد عند الموجودات .

قيل في أحوال الشيخ ملّا محمّد الكاشاني أُستاذ الشيخ نجفي القوچاني وغيرهم من المشايخ أنّه في كلّ ليلة عندما كان يصلّ صلاة الليل كان يتغيّر حاله ويسمع منه أنين ويرتجف بدنه حتّى يسمع صوته من خارج الغرفة .

فأتاه يوماً بعد الدرس أحد طلّابه ، وقال : هذا الشيخ يقول إنّه سمع البارحة من جميع أبواب وجدران المدرسة صوتاً يقول : سبّوح قدّوس ، ربّنا وربّ الملائكة والروح .

فقال الشيخ الكاشاني : ليس عجباً أن تردّد الأبواب والجدران الذكر معي ، لكن كيف استطاع هذا الشخص معرفة هذا السرّ .

أقول : هناك روايات متواترة عن الأئمّة الطاهرين عليهم السلام تدلّ على ذلك منها :

عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال : أما سمعت خشب البيت تنقض ؟ وذلك تسبيحه ، فسبحان اللَّه على كلّ حال(2).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : كان داود عليه السلام إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر إلّا جاوبه(3).

وفي تفسير للإمام الصادق عليه السلام لقوله تعالى : «وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ

ص: 161


1- سورة الإسراء الآية : 44 .
2- بحار الأنوار ج 60 ص 177 .
3- تفسير نور الثقلين ج 3 ص 444 .

بِحَمْدِهِ» هو نقض الجدر تسبيحها(1).

وقوله تعالى : «وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً»(2) فإنّ المراد من تسبيح اللَّه في كلّ غداة وعشي هو استمرار التسبيح ، وذكر هذين الوقتين بالخصوص باعتبار بداية اليوم ونهايته ، لهذا فإنّ ذكر اللَّه الكثير وتسبيحه بكرةً وأصيلا لا يحصل إلّا باستمرار التوجّه إلى اللَّه وتنزيهه عن كلّ عيب ونقص وتقديسه المتّصل .

والآية التالية بمثابة نتيجة وعلّة غائية للتسبيح في الواقع فهي ربما تشير : «هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»(3) أي من ظلمات الشرك والكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم والتقوى . وهذه بشارة عظيمة للمؤمنين الذاكرين اللَّه على الدوام .

هل التسبيح مختصّ بالإنسان ؟

التسبيح والتحميد ومطلق الذكر للَّه سبحانه يكون ممّن له الإرادة والاختيار تجاوباً مع إرادة اللَّه سبحانه وتعالى وامتثالاً لأمره ، والمقصود منه في هذا المجال الذكر الصادر عن المكلّف الشرعي باعتبار كونه من مصاديق العبادة التي خلق اللَّه الجنّ والإنس من أجلها كما يفهم ذلك من صريح قوله تعالى : «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(4).

ويعبّر عنها بالعبادة التشريعية لحصولها من المكلّف العابد بإرادته واختياره

ص: 162


1- بحار الأنوار ج 60 ص 177 .
2- و 3) سورة الأحزاب الآية : 42 و 43 .
3-
4- سورة الذاريات الآية : 56 .

وفق إرادة اللَّه التشريعية ، ويقابلها ما يصدر من أي كائن من الكائنات من الحركة القسرية الصادرة وفق إرادة اللَّه التكوينية ، فتشمل الحركة الصادرة من الجزء المادّي البدني من كيان الإنسان مثل نبض قلبه وتنفّس رئتيه وهضم معدته وجريان دمه في الشرايين ونحو ذلك من الحركات القهرية التي تصدر بدون إرادة واختيار ، على غرر حركة الكواكب والنجوم في آفاقها ، والأنهار في مجاريها ، والأمواج في بحارها ، وهكذا ... .

وهذه العبادة التكوينية القسرية هي المعبّر عنها بالتسبيح ، كما تشير إليها الآيات القرآنية ، كقوله تعالى : «سَبَّحَ للَّهِ ِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»(1).

وقوله تعالى : «تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً»(2).

وقوله تعالى : «يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ»(3).

وقوله سبحانه : «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ»(4).

وتتناول آية (سبّح) السالفة أحد أهمّ موضوعات القرآن المجيد ، ألا وهو التسبيح والحمد عند عالم الوجود ، فقد أنبأ طلّاب المعرفة بهذه الحكمة العالية في عدّة

ص: 163


1- سورة الحديد الآية : 1 .
2- سورة الإسراء الآية : 44 .
3- سورة الرعد الآية : 13 .
4- سورة النور الآية : 41 .

مواضيع من القرآن الكريم بما مفاده :

لا تظنّ أنّك الوحيد الذي يقول : سبحان اللَّه .

فقد «سَبَّحَ للَّهِ ِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ»(1) و «يُسَبِّحُ للَّهِ ِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ»(2) و «وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ»(3) بحالاته الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل ، والسؤال هنا : لماذا يكون التسبيح بالأشكال تلك ؟

الجواب : لديمومة التسبيح وتواصله ، لأنّ كلّ عالم الوجود وبجميع ذرّاته يسبّح للذات السرمدية الأبدية لربّ العالمين ، وفي قوله «يُسَبِّحُ للَّهِ ِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» الفعل المضارع هنا يدلّ على الاستمرار .

وأنت أيّها المؤمن عندما تقول : (سبحان اللَّه) فإنّ عالم الوجود بأسره يواصل ترديد سبحان اللَّه ويستمرّ جهاز الكون في حمده تعالى .

فإضافة هذه المفردات العبادية إلى غير العاقل أو إليه مع العاقل على وجه التغليب تدلّ على أنّ المراد منها هو الانقياد التكويني للنظام الإلهي التكويني المسيّر بالإرادة الإلهية التكوينية .

ويراد من التسبيح المضاف إلى غير العاقل هو تنزيه اللَّه سبحانه بلسان خلقته وتكوينه عن صدور خلقه من قبل اللَّه سبحانه وتعالى ، بدون غاية حكيمة مبرّرة لإيجاده وخصوصاً بعد ورود التصريح في العديد من الآيات القرآنية بأن خلق الجنّ والإنس كان من أجل عبادته تعالى بالعبادة الاختيارية الصادرة من

ص: 164


1- سورة الحديد الآية : 1 .
2- سورة الجمعة الآية : 1 .
3- سورة الإسراء الآية : 44 .

المكلّف العابد باختياره وإرادته ، وفق إرادة اللَّه التشريعية بأن خلق الكون وما فيه كان من أجل خدمة الإنسان .

فضل تسبيح الزهراء عليها السلام

تسبيح فاطمة الزهراء سلام اللَّه عليها من المستحبّات المؤكّدة التي أكّدت عليها الشريعة المقدّسة ، وهو ذو أهميّة خاصّة من قبل الأئمّة عليهم السلام وفقهاء الشيعة(1)، ومع أنّ هذا التسبيح يعتبر من العبادات السهلة والبسيطة ، إلّا أنّ له آثاراً وبركات وفضائل عديدة ، حتّى أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لمّا أراد تعليم هذا التسبيح لفاطمة الزهراء سلام اللَّه عليها قال :

« يافاطمة أعطيك ما هو خير لك من خادم ، ومن الدنيا بما فيها »(2).

وقال الإمام الباقر عليه السلام :

« ما عبد اللَّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة ، ولو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام »(3).

وإنّ الأحاديث المأثورة في فضل هذا التسبيح تفوق حدّ الإحصاء ، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : ياأبا هارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما

ص: 165


1- ذكر وصف هذا التسبيح في العديد من كتب أهل السنّة مثل صحيح مسلم وصحيح البخاري وسنن ابن ماجة وإحياء علوم الدين وغيرها ولكن لم يذكروا اسم فاطمة الزهراء عليها السلام عند ذكر هذا التسبيح .
2- مستدرك الوسائل ج 5 ص 35 ح 5302 .
3- وسائل الشيعة ج 4 ص 1024 .

نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقى(1).

وقد ورد في الروايات المعتبرة أنّ الذكر الكثير المأمور به في الكتاب العزيز هو هذا التسبيح .

ومن واظب عليه بعد الصلوات فقد ذكر اللَّه ذكراً كثيراً وعمل بهذه الآية : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(2).

فعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال : من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام ثمّ استغفر اللَّه غفر اللَّه له ، وهو مئة على اللسان ، وألف في الميزان ، ويطرد الشيطان ، ويرضي الرحمن(3).

ويعتبر تسبيح الزهراء عليها السلام من أفضل تعقيبات الصلاة ، ويستحسن المداومة عليه بعد الصلاة الواجبة ، وقبيل النوم ، وقبيل زيارة الأئمّة المعصومين عليهم السلام ، وكذا يستحسن الاجتناب عن تركه والمسامحة فيه وعدم المداومة عليه ، ولا شكّ في لزوم الخشوع عند إتيانه ، لأنّ الأحاديث متواترة في فضيلته وعلوّ شأنه .

فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : من سبّح بتسبيح فاطمة سلام اللَّه عليها قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر اللَّه له ووجبت له الجنّة(4).

ص: 166


1- الكافي ج 3 ص 343 .
2- سورة الأحزاب الآية : 41 .
3- وسائل الشيعة ج 4 ص 1023 ح 3 .
4- التهذيب ج 2 ص 105 .

وفي رواية معتبرة عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ما عبد اللَّه بشي ء من التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام ، ولو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام(1).

اختلفت الروايات في تسبيحة الزهراء عليها السلام وعلى الأشهر والأظهر أنّه : أربع وثلاثون مرّة اللَّه أكبر ، وثلاث وثلاثون مرّة الحمد للَّه ، وثلاث وثلاثون مرّة سبحان اللَّه ، وذكر سبحان اللَّه قد أتى في بعض الروايات والأحاديث مقدّماً على الحمد للَّه .

وقد جمع بين هذه الروايات بعض العلماء فرأى أنّ الإتيان بالتسبيحات على الطريقة الأُولى المشهورة هو الأولى سواء عند النوم أو عقيب الصلاة(2).

وبالجملة فإنّ تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام يتكوّن من التكبير والتحميد والتسبيح وله درجات عليا من الأجر والثواب .

فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام في فضيلة تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام قبل النوم قال : من بات على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من الذاكرين للَّه كثيراً والذاكرات(3).

وعن أبي خالد القمّاط قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول :

تسبيح فاطمة عليها السلام في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إليَّ من صلاة ألف ركعة

ص: 167


1- بحار الأنوار ج 43 ص 64 ح 56 .
2- مفاتيح الجنان للقمي .
3- وسائل الشيعة ج 6 ص 447 ح 4 .

في كلّ يوم(1).

ومن خلال جملة من الأحاديث والروايات يترتّب على تسبيح فاطمة الزهراء صلوات اللَّه عليها درجات عليا من الأجر والثواب :

(1) يوجب ثقل الميزان لأعمال الإنسان :

فقد روي عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : التسبيح نصف الميزان ، والحمد للَّه يملأ الميزان ، واللَّه أكبر يملأ ما بين السماء والأرض(2).

(2) يرضي الرحمان :

قال الإمام أبو جعفر عليه السلام : من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام ثمّ استغفر غفر له وهي مائة باللسان وألف في الميزان ، ويطرد الشيطان ويرضي الرحمن(3).

(3) تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام سبيل إلى الجنّة :

روى عبداللَّه بن سنان ، عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال : من سبّح تسبيح فاطمة في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه(4) أوجب اللَّه له الجنّة(5).

وعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال : من قال سبحان اللَّه غرس اللَّه له شجرة في الجنّة ، ومن قال الحمد للَّه غرس اللَّه له بها شجرة في الجنّة ، ومن قال اللَّه أكبر غرس اللَّه له بها شجرة في الجنّة ، فقال رجل من قريش : يارسول اللَّه إنّ شجرنا في الجنّة لكثير ؟

ص: 168


1- الكافي ج 3 ص 343 ح 15 .
2- الكافي ج 2 ص 506 ح 3 .
3- وسائل الشيعة ج 4 ص 1023 ح 3 .
4- أي بعد الفراغ من التسليم .
5- فلاح السائل ص 165 .

قال : بلى ، ولكن إيّاكم أن ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها وذلك أنّ اللَّه عزّوجلّ يقول : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ»(1)-(2).

بل روي أنّها أفضل من ألف ركعة لا تسبيح عقبها(3).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : التسبيح هو اسم من أسماء اللَّه ودعوى أهل الجنّة(4).

قوله تعالى : «دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ..»(5).

وهكذا فإنّ تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام أفضل من الجارية لما قاله الرسول صلى الله عليه وآله للسيّدة الزهراء ولأمير المؤمنين عليهما السلام : ألا أُخبركما بخير ممّا سألتماني(6)؟

فاللَّه تعالى إذا أراد أن يعطي أعطى عطاءً باقياً لا يلحق به الفناء والانتهاء ومن الباقيات الصالحات لأنّها حين ما يقولها القائل المؤمن يصير أُصولاً مفروشة في عين الحياة باقية له لما بعد الممات ، ولأنّها تدلّ على بقاء اللَّه في جميع المراتب وهلاك كلّ الأرواح والقوالب .

بل وجه تسمية الصلاة (سُبحة) بالضمّ هو الدلالة على التوحيد الذي هو تسبيح في الحقيقة .

ص: 169


1- سورة محمّد الآية : 33 .
2- الأنوار النعمانية ج 4 ص 95 .
3- الروضة البهية ج 1 ص 285 .
4- تفسير العياشي ج 2 ص 120 .
5- سورة يونس الآية : 10 .
6- إحقاق الحقّ ج 10 ص 279 .

تسبيحة الزهراء عليها السلام أفضل التعقيبات

عندما نتأمّل في كلمات الفقهاء العظام والعلماء الأعلام نجدهم يؤكّدون على تسبيحة الزهراء عليها السلام بعد كلّ صلاة ويعتبرونها أفضل التعقيبات وهذا إن دلّ فإنّما هو على أهميّتها وعظمتها .

فقد قال المحقّق الحلّي(1) في المختصر النافع : (الخامس) : التعقيب ، ولا حصر له ، وأفضله : تسبيح الزهراء عليها السلام .

وقال العلّامة(2) في التحرير : التاسع : التعقيب مستحبّ عقيب الصلاة كلّها ، وأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام ، ثمّ ما نقل عن أهل البيت عليهم السلام بعد التكبير عقيب التسليم ثلاث مرّات ، يرفع فيها يديه إلى شحمتي أُذنيه ، ويضعهما على فخذيه .

وقال ابن فهد الحلّي(3) في الرسائل العشر : الأوّل : أفضل التعقيب تسبيح

ص: 170


1- أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلّي ، ومقامه في العلم والفضل والفقه أشهر من يذكر ، له مصنّفات عديدة منها : كتاب شرائع الإسلام ، مختصر النافع ، المعتبر ، توفّي قدس سره سنة 676 وقبره بالحلّة مزار عامّة الناس .
2- هو الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي فقيه أُصولي متكلّم ولد سنة (648ه) وتوفّي سنة (726ه) من آثاره : نهج المسترشد في أُصول الدين ، وجامع الفوائد في الفقه ، والكافية في علم الكلام ، وغاية البادي في شرح المبادي وغيره . أُنظر روضات الجنّات : ج 6 ص 330 بالرقم (591) .
3- هو أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الأسدي الحلّي (757 - 841ه) ولد في الحلّة قبره في كربلاء ، كان رحمه الله متبحّراً في البحث وبارعاً في المناظرة . وقد حاور بعض أتباع فقه أهل السنّة وخصوصاً في مسألة الإمامة والقيادة ، وقد تغلّب على كثير من علماء أهل السنّة ، حتّى أنّ حاكم العراق غيّر مذهبه بعد أن أذعن لأدلّة ابن فهد وصار في عداد شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، له المهذّب البارع إلى شرح النافع والموجز الحاوي المحرّر كلّها في الفقه وعدّة الداعي . له رحمه الله ترجمة وافية في مقدّمة كتابه (عدّة الداعي) .

الزهراء فاطمة عليها السلام . قال الصادق عليه السلام : من سبّح تسبيح الزهراء فاطمة عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له . وقال الباقر عليه السلام ما عبد اللَّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام ولو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام وكان يقول : تسبيح فاطمة عليها السلام في كلّ يوم دبر كلّ صلاة أحبّ إليّ من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم وهو أربع وثلاثون تكبيرة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، وثلاث وثلاثون تسبيحة .

وقال المحقّق الكركي(1) في جامع المقاصد : وأفضل الأذكار في التعقيب

ص: 171


1- الشيخ أبو الحسن ، علي بن الحسين بن عبدالعالي الكركي العاملي ، المعروف بالمحقّق الثاني . ولد الشيخ الكركي عام 868ه بمنطقة كرك نوح في لبنان ، ودرس الفقه على المذهب الشيعي في بلده ، ثمّ سافر إلى مصر لدراسة فقه المذاهب الأربعة ، وحصّل الإجازات من شيوخها بالرواية . ثمّ قصد النجف الأشرف حوالي سنة 909ه لإكمال دراسته الحوزوية ، ثمّ سافر إلى ايران في أوّل نشوء الدولة الصفوية ، ونجاح الشاه إسماعيل في الاستيلاء على مقاليد الحكم ، فولّاه الشاه منصب شيخ الإسلام في أصفهان . ولمّا تولّى الشاه طهماسب عام 930ه ، قرّب المحقّق الكركي ، ومنحه لقب نائب الإمام ، ولعب الشيخ دوراً فعّالاً في تنظيم الحياة العلمية والثقافية والاقتصادية والعمرانية في ايران ، إذ فتح المدارس ، وصرف على الطلّاب ، ونظّم الخراج والقضاء ، وضبط اتّجاه القبلة في مدن كثيرة ، وهندس المساجد والمآذن والقباب ، وحثّ الناس على الالتزام بالدين ، وألّف الكتب في الدفاع عن مذهبه ، وردّ على علماء السنّة وجادلهم ، وردّ على رهبان النصارى . له مؤلّفات قيّمة منها : 1 - نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت . 2 - قاطعة اللجاج في تحقيق حلّ الخراج . 3 - جامع المقاصد في شرح القواعد . 4 - حواشي كتاب شرائع الإسلام . 5 - حواشي إرشاد الأذهان . 6 - حواشي مختلف الشيعة . 7 - الرسالة الرضاعية. 8 - الرسالة الجعفرية. 9 - رسالة في الغيبة . 10 - رسالة الجمعة. 11 - شرح الألفية. استشهد الشيخ الكركي قدس سره في الثامن عشر من ذي الحجّة 940ه .

تسبيح الزهراء عليها السلام ، فعن صالح بن عقبة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : (ما عبد اللَّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، ولو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام) وإنما نسب إليها لأنّها سبب في تشريعه(1).

وقال الشهيد الثاني(2) في روض الجنان : السادس : التعقيب وهو تفعيل من العقب قال الجوهري : التعقيب في الصلاة الجلوس بعد أن يقضيها لدعاء أو مسألة وفضله عظيم ورد في تفسير قوله تعالى : «فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ»(3) إذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربّك في الدعاء وأرغب إليه في المسألة يعطك وعن النبي صلى الله عليه وآله من عقّب في صلاة فهو في صلاة وعن الباقر عليه السلام في رواية زرارة الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفّلاً وعن الصادق عليه السلام التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد ويتأدّى بمطلق الدعاء المحلّل للدين والدنيا لكن المنقول عن أهل البيت عليهم السلام أفضل لأنّهم أبصر بمواقع الشرع وأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام(4).

ص: 172


1- جامع المقاصد ج 2 ص 338 .
2- زين الدين علي بن أحمد العاملي الجبعي ، أمره في الوثاقة والجلالة والعلم والفضل وجميع الفضائل أشهر من أن يذكر ، خلّف ألفي كتاب منها مائتا كتاب بخطّه الشريف من مؤلّفاته وغيرها ، تولّد 13 شوال سنة 911 ، وقتله العامّة سنة 966 .
3- سورة شرح الآية : 7 .
4- روض الجنان ط حجرية ص 282 .

وقال السيّد محمّد العاملي(1) في المدارك : وأفضل الأذكار في التعقيب تسبيح الزهراء عليها السلام ، فروى صالح بن عقبة ، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال : « ما عبد اللَّه بشي ء من التمجيد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام ، ولو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام »(2).

شروط تسبيح الزهراء عليها السلام

ينبغي لمن يلتزم بتسبيحة الزهراء عليها السلام أن يلتزم بأُمور وهي :

أوّلاً : الخشوع في التسبيح : سئل النبي صلى الله عليه وآله فقيل له : ما الخشوع ؟ قال : التواضع في الصلاة وأن يقبل العبد بقلبه كلّه على ربّه عزّوجلّ(3).

وفي حديث له صلى الله عليه وآله : إيّاكم وخشوع النفاق ، وهو أن يرى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع(4).

وعن الإمام علي عليه السلام قال : من خشع قلبه خشعت جوارحه(5).

ص: 173


1- السيّد محمّد الجواد بن محمّد الحسيني العاملي ، ولد عام (1164ه) في قرية شقراء من قرى جبل عامل في لبنان ، وتوفّي بالنجف ، أواخر سنة (1226ه) ، تلميذ الشيخ جعفر والمعاصر والراوي عن الوحيد البهبهاني وبحر العلوم والميرزا القمّي وصاحب (الرياض) . وهو كتاب جليل ، وقيل فيه : للَّه آية معجز ظهرت له فغدت لكلّ كرامة مفتاحا
2- مدارك الأحكام ص 452 .
3- مستدرك الوسائل ج 1 ص 10 .
4- بحار الأنوار ج 77 ص 164 .
5- غرر الحكم ص 190 ح 3691 .

وعنه عليه السلام : نعم عون الدعاء الخشوع(1).

وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : لا إيمان إلّا بعمل ، ولا عمل إلّا بيقين ، ولا يقين إلّا بالخشوع(2).

وقد صرّح علماء الأخلاق أنّ إرادة الإنسان والسعي هما الشرط في حصول الخشوع والتوجّه في الأعمال ، وإذا كان هم الإنسان العبادة فقلبه يتوجّه للعبادة ، أمّا إذا كان همّه شيئاً آخر فالقلب يغفل عن العبادة ويكون عند ذلك الشي ء «مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ»(3).

فالخشوع هو شرط مهم في جميع العبادات سواء الواجبة منها أو المستحبّة ، وفي تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام خصوصاً هو شرط مؤكّد .

فالتوجّه والخشوع والطمأنينة والعلم بما يقول من شرائط تسبيح فاطمة الزهراء صلوات اللَّه عليها ، وبدون هذه الشرائط يكون الذكر لقلقة لسان لا يستفيد الشخص منه شي ء ، ولا يحصل على بركاته ، لأنّ قلبه إذا لم يتوجّه إلى اللَّه سبحانه وتوجّه إلى غيره لا يصعد كلامه إلى السماء ، ولا يحصل على الكمال ما دام قلبه مشغولاً عن ذكر اللَّه .

فإذا قال الشخص : (اللَّه أكبر) وقلبه خاضع وخاشع يرتفع بهذا الذكر درجة ويقترب من اللَّه ، وكذا إذا قال : (الحمد للَّه) و (سبحان اللَّه) وكرّر هذه الأذكار الشريفة فإنّه يقترب إلى الكمال . فالقلب عندما يكون متوجّهاً إلى اللَّه ومنقطعاً عن

ص: 174


1- غرر الحكم ص 193 ح 3759 .
2- بحار الأنوار ج 78 ص 30 .
3- سورة الأحزاب الآية : 4 .

غيره يبدأ بالتكبير والتحميد والتسبيح ويصعد إلى درجات الرقي والكمال ، ولكن إذا كان القلب مشتّتاً لم يكبر ولم يحمد ولم يسبّح اللَّه بل انغمس في ظلمات نفسه وشياطينه ، وبدلاً من الاقتراب إلى اللَّه ابتعد عنه وما كان نتيجة عمله إلّا جهد أجهد به لسانه ونفسه .

وبما أنّ الأذكار الشريفة وردت تعقيباً للصلاة فحري بالعبد السالك أن يفكّر مليّاً بعد الصلاة في نواقصه وعجزه عن العبادة وغفلته عن التوجّه إلى المعبود الخالق ، فجدير بالعبد التفكّر في حرمانه وعدم الحصول على المواهب الجسمية التي يدركها الإنسان عند حضور القلب وشعوره بالتقرّب إلى اللَّه تعالى شأنه .

وبما أنّ التسبيح يكون بعد الصلاة ، فالتفكير هنا يكون إذعان من الشخص على قصوره في العبادة ، وتنزيه للخالق عن احتياجه إلى عبادتنا ودعائنا وصلاتنا ، وهو أيضاً إقرار بالعجز عن المعرفة التي هي غاية العبادة . إذن ينبغي للعبد التفكير بعد الصلاة بنواقصه ، وعجزه في العبادة ، وغفلته عن التوجّه إلى الخالق ، واقترافه هذا الذنب الكبير في حضور ربّه خسارته في الحصول على المواهب الجسمية والنعم الكثيرة بين يدي ربّه . ويجب أن يعوّض عن ذلك في تعقيبات الصلاة التي هي باب فتحه اللَّه لعباده ليعوّضوا عن قصورهم في الصلاة وغفلتهم عنه .

إذن عند قراءة هذه الأذكار الشريفة يجب الخضوع والتوجّه وإيصال الذكر إلى القلب وعدم الاكتفاء بلقلقة اللسان عسى أن تكون خاتمة عاقبته الخير والسعادة .

وعند التحميد في تسبيحات الصدّيقة الطاهرة سلام اللَّه عليها ينبغي للعبد

ص: 175

إعطاء الحمد هوية إلهية ، فيثبت ذلك الحمد للَّه وحده ، ويعتبر هذا توفيقاً وتأييداً من اللَّه ، وإقرار بأن لا حول ولا قوّة إلّا منه سبحانه وتعالى ، وينبغي تفهيم واقع القلب حقائق هذه الأُمور ، ليستسيغ القلب حلاوة تلك اللطائف ، ويحيى بذكر الحقّ ويحصل على الحياة الأبدية حقّاً .

ثانياً : المباشرة بتسبيح فاطمة عليها السلام بعد الصلاة : فمن شروط التسبيح أيضاً الاتيان به مباشرة بعد الفراغ من الصلاة ، أي قبل الخروج من هيئة الصلاة وجلسته بعد التشهّد والتسليم ، وقبل أن يقوم بعمل آخر يبدأ بالتسبيح . وعليه يظهر أنّ للمباشرة بالتسبيح بعد الصلاة أسراراً وفوائد لا يحصل عليها الشخص في غير ذلك .

والدليل على هذا قول الإمام الصادق عليه السلام : من سبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر له ، ويبدأ بالتكبير(1).

وقال الشيخ البهائي(2) في هذا الشأن : (وليكن جلوسك في التعقيب متّصلاً

ص: 176


1- التهذيب ج 2 ص 105 .
2- الشيخ محمّد بن الحسين بن عبدالصمد بن محمّد الجبعي العاملي ، المشهور بالشيخ البهائي أو بهاء الدين العاملي ، ولد في بعلبك اللبنانية في شهر ذي الحجّة من سنة 953ه (1547م) وتوفّي في أصفهان في شهر شوال من سنة 1030ه (1621م) ودفن في مشهد الإمام الرضا عليه السلام ، عالم وشاعر ومفكّر وفقيه وسياسي وفيلسوف ورياضي وفلكي ، وقد كتب في الرياضيات والفلك وغيرها ، وأضحت كتبه مرجعاً للعلماء والمحقّقين . وبلغت الخمسين ، منها : خلاصة الحساب ، كشكول البهائي ، مشرق الشمسين ، الحبل المتين ، الوجيزة ، الزبدة ، الفوائد الصمدية ، تهذيب البيان ، رسالة الهلالية ، تشريح الأفلاك ، توضيح المقاصد .

بجلوسك في التشهّد ، وعلى تلك الهيئة من الاستقبال ، والتورّك ، واترك في أثنائه الكلام والتلفّت ونحوها ، فقد روي : (أنّ ما يضرّ بالصلاة ، يضرّ بالتعقيب)(1)-(2).

وقد صرّح جماعة كثيرة من العلماء بأنّه يستحبّ للمصلّي إذا فرغ من صلاته وسلّم يقول ثلاث مرّات اللَّه أكبر ، رافعاً اليدين إلى شحمتي أُذنيه ، وهذه التكبيرات أوّل التعقيب .

ثمّ يسبّح تسبيح الزهراء صلوات اللَّه عليها مقدّماً على غيره من التعقيب لأنّه أفضل التعقيب .

وحكي عن العلّامة في المنتهى دعوى إجماع أهل العلم على استحبابه .

بل يستحبّ تقديمه على سائر التعقيبات وتعليمه الصبيان ، والاتيان به قبل تغيّر هيئة جلوس التشهّد والموالاة فيه وعدم قطعه وإعادته عند الشكّ(3).

فعن الإمام الصادق عليه السلام قال :

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه أوجب اللَّه له الجنّة(4).

ص: 177


1- وسائل الشيعة ج 6 ص 458 ح 4 .
2- مفتاح الفلاح ص 178 .
3- راجع المنتهى للعلّامة (ط . ق) ج 1 ص 301 .
4- فلاح السائل ص 165 .

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(1).

وروى السيّد ابن طاوس(2) حديثاً عن الإمام الصادق عليه السلام في ترتيب تعقيبات الصلاة قال عليه السلام : « سبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام وهو اللَّه أكبر أربعاً وثلاثين ، وسبحان اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، والحمد للَّه ثلاثاً وثلاثين ، ثمّ تقول : لا إله إلّا اللَّه ، وتقول : «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»(3).

لبّيك ربّنا وسعديك ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وعلى أهل بيت محمّد ، وعلى ذرّية محمّد ، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللَّه وبركاته ، وأشهد أنّ التسليم منّا لهم ، والإيمان بهم ، والتصديق لهم ، ربّنا آمنّا وصدّقنا واتّبعنا الرسول وآل الرسول فاكتبنا مع الشاهدين »(4).

ومن المسنون أن يهلّل بعد التسبيحات قائلاً : لا إله إلّا اللَّه ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : من سبّح اللَّه في دبر الفريضة تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام مائة مرّة

ص: 178


1- الكافي ج 2 ص 238 .
2- رضي الدين أبو القاسم علي بن سعد الدين إبراهيم ويكنّى ابن طاوس ، نسبة إلى جدّه الأعلى أبي عبداللَّه ينتهي نسبه إلى الإمام المجتبى بن الإمام أمير المؤمنين عليهم السلام . ولد في محرّم سنة 589ه وتوفّى في الخامس من ذي القعدة سنة 664ه ودفن في النجف الأشرف وكان من العلماء الأجلّاء والمشهورين في زمانه . ترك عدّة مؤلّفات منها : ملاحم الفتن ، فلاح السائل ، سعد السعود ، فرج المهموم .
3- سورة الأحزاب الآية : 56 .
4- فلاح السائل ص 135 .

وأتبعها بلا إله إلّا اللَّه غفر اللَّه له(1).

وعن مصباح المتهجّد : إذا سلّم سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ، ثمّ يقول ثلاث مرّات : سبحان ربّي الملك القدّوس ، العزيز الحكيم ، ياحي ياقيّوم ، يابرّ يارحيم ، ياغني ياكريم ، ارزقني من التجارة أعظمها فضلاً وأوسعها رزقاً وخيرها لي عاقبة ، فإنّه لا خير فيما لا عاقبة له(2).

وقد ورد في فقه الرضا(3): قال : إذا فرغت من صلاتك فارفع يديك - وأنت جالس - فكبّر ثلاثاً وقل :

لا إله إلّا اللَّه وحده وحده (لا شريك له) أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، وأعزّ جنده وحده ، فله الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، ويميت ويحيي ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي ء قدير .

وتسبّح بتسبيح فاطمة عليها السلام وهو أربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة ثمّ قل :

اللهمّ أنت السلام ، ومنك السلام ، ولك السلام ، وإليك يعود السلام ، سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين والحمد للَّه ربّ العالمين وتقول :

السلام عليك أيّها النبي ورحمة اللَّه وبركاته السلام على الأئمّة الراشدين المهديين من آل طه وياسين .

ثالثاً : النشاط في التسبيح :

ص: 179


1- الكافي ج 3 ص 342 ح 7 .
2- مصباح المتهجّد ص 163 .
3- فقه الرضا عليه السلام ص 113 .

النشاط من شروط العبادة ، وعبادة اللَّه سبحانه وتعالى من أهمّ تعليمات وأوامر الأنبياء والرسل عليهم السلام ، فهي الطريق المعبّد للوصول إلى اللَّه ، والجسر الذي يربط بين الخالق والمخلوق ، والعبد والمولى ، والعاشق والمعشوق . فالعبادة هي تجلّي الحمد والشكر للخالق ذو الكمال المطلق والغني عن كلّ شي ء ، وتعتبر من أروع آيات الشكر والامتنان للخالق المتعال صاحب كلّ الخيرات والنعم . قال اللَّه سبحانه وتعالى : «وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ»(1).

رابعاً : الموالاة في تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام :

فقد روى الشيخ الكليني في الكافي ، عن الإمام الصادق عليه السلام إنّه كان يسبّح تسبيح فاطمة صلّى اللَّه عليها فيصله ولا يقطعه(2).

وقد صرّح جماعة كثيرة من العلماء بأنّه يجب على المصلّي أن يراعي الموالاة في الأذكار التي يقرؤها كما يراعي الموالاة في الصلاة ، يعني أن يأتي بأفعال الصلاة كالركوع والسجود والتشهّد تباعاً وبلا فصل ، ولو فصل بين هذه الأُمور بحيث يقال إنّه لا يصلّي بطلت صلاته .

ومن شروط التسبيح أيضاً تكرار الأذكار بدون انقطاع أو وقفة بين الأذكار والامتناع عن الحديث والكلام الذي يضرّ بالجميع ويوجب وقوع الفاصلة بين الأذكار .

وفي هذا رمز لا يخفى على أصحاب القلوب ، فعن مكارم الأخلاق أنّ تسبيح الزهراء عليها السلام إحدى العلامات الخمس للمؤمن(3).

ص: 180


1- سورة النحل الآية : 53 .
2- الكافي ج 3 ص 342 ح 12 .
3- جواهر الكلام ج 10 ص 397 .

الشكّ في التسبيح :

إذا شكّ شخص في عدد التسبيح ، يبني على الأقل إن لم يتجاوز المحل ، فلو سها فزاد على عدد التكبير أو غيره رفع اليد عن الزائد وبنى على الأربع وثلاثين أو الثلاث وثلاثين .

والأولى على نقص واحدة ثمّ يكمل العدد .

وقد ورد في الاحتجاج :

حيث سُئِل الإمام الحجّة عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف عن تسبيح فاطمة ، من سها فجاز التكبير أكثر من أربع وثلاثين هل يرجع إلى أربع وثلاثين أو يستأنف ؟

فأجاب عليه السلام :

إذا سها في التكبير حتّى تجاوز أربعاً وثلاثين عاد إلى ثلاث وثلاثين ويبني عليها .

وإذا سها في التسبيح فتجاوز سبعاً وستّين تسبيحة عاد إلى ست وستين وبنى عليها .

فإذا جاوز التحميد مائة فلا شي ء عليه(1).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : إذا شككت في تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام فأعده(2).

ولا يخفى أنّ العبادة وظيفة يؤدّيها الإنسان تجاه الخالق ويتقرّب بها إلى اللَّه

ص: 181


1- الوسائل ج 4 ص 1039 ح 4 .
2- الكافي ج 3 ص 344 ح 11 .

سبحانه وتعالى ، لكن الناس يختلفون بأداء هذه العبادة ولهم آراء وعقائد مختلفة تجاه هذه الطاعة ، فيعتقد بعضهم أنّها تجارة ومعاوضة وعمل يتلقّى الإنسان قباله الأجر والثواب ، كما أنّ العامل يصرف وقته وقدرته من أجل رئيسه ويتلقّى قباله الأجر ، فالعابد أيضاً يتعب نفسه من أجل اللَّه ويتعبّد من أجل الأجر والثواب ، وهذا الأجر يصل إليه في الآخرة .

العبادة في عين هؤلاء هي الركوع والسجود ولقلقة اللسان وحركة الجسم ، وهذه النظرة - نظرة الجهّال والعوام إلى العبادة - يقول عنها ابن سينا(1) في النمط التاسع من الإشارات :

[ هذه العبادة ليس فيها معرفة اللَّه تعالى ولا تقبل إلّا من العامي والقاصر ] .

وهناك نظرة أُخرى إلى العبادة ، ألا وهي نظرة العارفين فهي وسيلة للرقي والكمال والسهو ، فالعبادة ليست عمل عامل يأخذ أجره من رئيسه بل وسيلة للرقي ومعراج الإنسان نحو الكمال وتطهير للروح وسموها من أجل كمالها ووصولها إلى معدن العظمة حيث تحرق أبصار القلوب حجب النور .

فالعبادة عند العارفين هي انتصار الروح على الجسد ، وانتصار الفطرة السليمة على الغريزة ، وهي أعلى مظاهر الشكر الإنساني للخالق المتعال والمعبود الكامل والمعشوق المطلق والجميل على الاطلاق ، والكبير المتعال . وبعبارة أُخرى هي : السلوك والسير إلى اللَّه .

يقول أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ قوماً عبدوا اللَّه رغبة فتلك عبادة التجّار ، وإنّ

ص: 182


1- راجع كتاب الاشارات .

قوماً عبدوا اللَّه رهبةً فتلك عبادة العبيد ، وإنّ قوماً عبدوا اللَّه شكراً فتلك عبادة الأحرار(1).

قال الإمام الصادق عليه السلام :

إنّما فاطمة (سلام اللَّه عليها) كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض(2).

ونقل عن الحسن البصري :

ما كان في هذه الأُمّة أعبد من فاطمة عليها السلام ، كانت تقوم حتّى تورّم قدماها(3).

فالنشاط مطلوب من قبل الإنسان المؤمن ، وهو دليل على حبّه للعبادة ، لأنّ العبد إذا أقدم على عبادة مولاه بإكراه أو بدون نشاط فهذه العبادة لا تؤثّر في قلبه ولا يحصل على آثاره .

ومن علائم المنافقين قال تعالى : «وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى»(4).

استحباب النشاط عند التسبيح

تسبيح فاطمة الزهراء سلام اللَّه عليها من المستحبّات المؤكّدة التي أكّدت

ص: 183


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 19 ص 28 .
2- بيت الأحزان ص 23 .
3- المحجّة البيضاء ج 4 ص 208 .
4- سورة النساء الآية : 142 .

عليها الشريعة المقدّسة ، وقد حاز هذا التسبيح على أهميّة خاصّة من قبل الأئمّة عليهم السلام وفقهاء الشيعة ، ومع أنّ هذا التسبيح يعتبر من العبادات السهلة والبسيطة إلّا أنّه له آثار وبركات وفضائل عديدة ، حتّى أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لمّا أراد تعليمه لفاطمة الزهراء سلام اللَّه عليها قال : « يافاطمة أعطيك ما هو خير لك من خادم ومن الدنيا بما فيها »(1)، لذا يستحسن بنا - مع ما نعلمه من فضائل وآثار هذا التسبيح وأهميّته - المداومة عليه بأن نقرأه بنشاط واشتياق ، ولكن للأسف كثيراً ما نرى الناس يسرعون في التسبيح ولا يتوجّهون لما يقولون ولا يملكون النشاط والخشوع أثناء الذكر ولذلك لا يحصلون على آثاره .

بالطبع إنّ النشاط في الأذكار المندوبة في الصلاة وفي التعقيبات وحتّى في الاستعداد للصلاة دليل على حبّ الإنسان للصلاة والتقرّب إلى اللَّه .

آثار تسبيح الزهراء عليها السلام

أوّلاً : السعادة :

يترتّب على تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام آثار وفوائد كثيرة من جملتها الابتعاد عن الشقاوة والوصول إلى السعادة .

والبحث عن السعادة هو هم جميع الناس من جميع الفئات والشعوب ، فكلّ إنسان يبحث عن السعادة لكن بطريقته الخاصّة ووفقاً لمعاييره .

لكن بما أنّ الإنسان خلق مختاراً يجب عليه أن يختار طريق السعادة ، بعد أن يعلم طريق الخطأ والصواب ، فإمّا يختار سبيل الهداية والصراط المستقيم أو طريق

ص: 184


1- بحار الأنوار ج 82 ص 336 .

الشقاوة والسقوط في الهاوية : «إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً»(1).

والمداومة على تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام يوجب للإنسان السعادة وحسن العاقبة .

لذا من الجدير بنا حفظه والمداومة عليه وعدم تضييعه .

قال الإمام الصادق عليه السلام :

« ياأبا هارون ، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام ، كما نأمرهم بالصلاة ، فألزمه ، فإنّه لم يلزمه عبد فشقى »(2).

ويستفاد من الحديث أنّه يجب على الوالدين تعويد أولادهم منذ الصغر على تسبيح فاطمة عليها السلام كما يعوّدونهم على الصلاة .

ولو دقّقنا في كلمة (كما) التي تدلّ على المثلية ، لتجلّى لنا واضحاً أنّ أمر الصبيان لم يكن كما هو في بقيّة المستحبّات .

وإنّما هو كما في الأوامر الوجوبية ، بل كما هو في أهمّ الأوامر الوجوبية وهو الأمر بالصلاة .

ومن هنا ولأفضلية هذه الأذكار العظيمة يجب على جميع الآباء الاقتداء بأهل البيت عليهم السلام .

وتلقين أولادهم ومنذ الصغر على تسبيحات فاطمة الزهراء عليها السلام للمداومة عليها في جميع الأوقات ولكي يعوّدونهم عليها كباقي العبادات .

ص: 185


1- سورة الدهر الآية : 3 .
2- الكافي ج 3 ص 343 ح 13 .

ثانياً : طرد الشيطان ورضى الرحمان :

من ألدّ أعداء الإنسان هو الشيطان الذي أقسم أن يغوي العباد فقال : «فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ»(1) ولا ينجو منه الإنسان إلّا بالإخلاص والعمل الصالح .

ومن والأذكار التي تساعد الإنسان على طرد الشيطان هي المداومة على تسبيح فاطمة عليها السلام ، قال الإمام الباقر عليه السلام :

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام ، ثمّ استغفر ، غفر له وهي مائة باللسان ، وألف في الميزان ، ويطرد الشيطان ويرضي الرحمن(2).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : إذا آوى أحدكم إلى فراشه ابتدره ملك كريم وشيطان مريد ، فيقول له الملك : اختم يومك بخير وافتح ليلك بخير ، ويقول له الشيطان : اختم يومك باثم وافتح ليلك باثم . قال : فإن أطاع الملك الكريم وختم يومه بذكر اللَّه وفتح ليله بذكر اللَّه إذا أخذ مضجعه وكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين مرّة وحمد اللَّه ثلاثاً وثلاثين مرّة ، وسبّح اللَّه ثلاثاً وثلاثين مرّة زجر الملك الشيطان ، فتنحّى عنه وكلاه الملك حتّى ينتبه من رقدته ، فإذا انتبه ابتدره شيطانه فقال له مثل مقالته قبل أن يرقد ويقول له الملك مثل ما قال له قبل أن يرقد فإن ذكر اللَّه عزّوجلّ العبد بمثل ما ذكره أوّلاً طرد الملك شيطانه فتنحّى وكتب اللَّه عزّوجلّ له بذلك قنوت ليلة(3).

ص: 186


1- سورة ص الآية : 82 و 83 .
2- وسائل الشيعة ج 4 ص 1023 ح 3 .
3- بحار الأنوار ج 76 ص 209 ح 23 .

ثالثاً : الشفاء من الأمراض :

تسبيح فاطمة عليها السلام كما ورد في الأحاديث والروايات شفاء من بعض الأمراض البدنية وإليك بعض الروايات :

أتى أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، وشكى من ضعف في سمعه ، فقال له الإمام عليه السلام : عليك بتسبيح فاطمة عليها السلام ، ما يمنعك ولماذا أنت ساه عن تسبيح فاطمة عليها السلام ؟

فقال له الرجل : جعلت فداك ، وما هو تسبيح فاطمة عليها السلام وكيف هو ؟

قال الإمام عليه السلام (34) مرّة اللَّه أكبر و (33) مرّة الحمد للَّه و (33) مرّة سبحان اللَّه ، فتلك مائة مرّة .

قال ذلك الرجل : فما فعلت ذلك إلّا يسيراً حتّى أذهب عنّي ما كنت أجده(1).

رابعاً : البراءة من النار والنفاق :

كما ذكرنا سابقاً في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ تسبيح فاطمة عليها السلام من تأويلات الذكر الكثير الذي ذكره اللَّه تعالى في القرآن الكريم :

تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(2)-(3).

وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله :

من أكثر ذكر اللَّه عزّوجلّ أحبّه اللَّه . ومن ذكر اللَّه كثيراً كتبت له براءتان :

ص: 187


1- بحار الأنوار ج 85 ص 334 ح 20 .
2- سورة الأحزاب الآية : 41 .
3- الكافي ج 2 ص 500 ح 4 .

براءة من النار ، وبراءة من النفاق(1).

وعلى هذا فمن داوم على تسبيح فاطمة عليها السلام (بشرطها وشروطها) كتب اللَّه له البراءة من النار والنفاق .

خامساً : المغفرة :

ومن آثار تسبيح فاطمة عليها السلام المغفرة ، لكن وللأسف قليلون يعرفون معنى المغفرة وآثارها ؟ وكيفية الحصول عليها ، وكيف أنّها تحلّ جميع المشاكل وترفع الحجب بين العبد وربّه ؟

والسؤال هنا ما الفرق بين العفو والمغفرة ؟

قيل في الجواب على هذا السؤال :

إنّ العفو الإلهي يعني غضّ النظر عن الأخطاء والعيوب والنقائض ومحو آثارها ، والغفران الإلهي يعني ما أفاض اللَّه من الرحمة على الشخص الخاطئ والمذنب بعد غض النظر عن أخطاءه ، فالغفران فضل من اللَّه لتتميم نقائص العبد ، وإيصاله إلى الكمال المطلوب .

والغفران يأتي بعد العفو ، فالعفو ليس إلّا محواً للسيّئات ، ولكن الغفران تطهير لسالك الحقّ من السيّئات وتبديلها بالحسنات والدرجات .

والعفو الإلهي ينجي الإنسان من السقوط والهلاك ، وغفران اللَّه يرفعه إلى منازل المقرّبين .

وعلى كل فلولا أنّ اللَّه عزّوجلّ منّ على السالكين سبيل الرشد بالعفو

ص: 188


1- الكافي ج 2 ص 499 ح 3 .

والإغماض لغُلبوا هناك ، وانقلبوا صاغرين ، ولولا غفرانه تعالى لم يتيسّر لهم البقاء والوصول إلى الكمال والقرب الإلهي .

قال الإمام الصادق عليه السلام :

من سبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة ، غفر اللَّه له(1).

وربما يعجب البعض من كثرة هذه الآثار المترتّبة على عمل بسيط في الظاهر ، لكنّه ينطوي على معانٍ عظيمة وأسرار التوحيد التي لا تخفى على أهل القلوب والعارفين الخلّص .

وإذا داوم عليه شخص بشرطها وشروطها سوف يدرك آثارها وفوائدها إن شاء اللَّه .

سادساً : دفع اللصوص :

روي عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : أُتي أخوان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقالا : إنّا نريد الشام في تجارة فعلّمنا ما نقول ؟ فقال : نعم إذا آويتما إلى المنزل فصلّيا العشاء الآخرة ، فإذا وضع أحدكما جنبه على فراشه بعد الصلاة فليسبّح تسبيح فاطمة الزهراء ثمّ ليقرأ آية الكرسي فإنّه محفوظ من كلّ شي ء حتّى يصبح ، وأنّ لصوصاً تبعوهما حتّى إذا نزلا بعثوا غلاماً لهم ينظر كيف حالهما ، ناما ؟ - أم مستيقظين ؟ فانتهى الغلام إليهما وقد وضع أحدهما جنبه على فراشه وقرأ آية الكرسي وسبّح تسبيح فاطمة الزهراء قال : فإذا عليهما حائطان مبنيان ، فجاء الغلام فطاف بهما ، فما

ص: 189


1- الكافي ج 3 ص 343 ح 6 .

دار لم ير إلّا الحائطين مبنيين ، فقالوا له : أخزاك اللَّه لقد كذبت ، بل ضعفت وجبنت فقاموا فنظروا ، فلم يجدوا إلّا حائطين ، فداروا بالحائطين فلم يسمعوا ولم يروا إنساناً فانصرفوا إلى منازلهم ، فما كان من الغد جاؤوا إليهما فقالوا : أين كنتم ؟ فقالا : ما كنّا إلّا ههنا وما برحنا ، فقالوا : واللَّه لقد جئنا وما رأينا إلّا حائطين مبنيين فحدّثونا ما قصّتكم ؟ قالا : أتينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فسألناه أن يعلّمنا ، فعلّمنا آية الكرسي وتسبيح فاطمة الزهراء ، فقلنا ، فقالوا ، انطلقوا ، لا واللَّه ما نتبعكم أبداً ، ولا يقدر عليكم لص أبداً بعد هذا الكلام(1).

سابعاً : دفع الأحلام المزعجة :

ورد عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام إذا أخذت مضجعك فكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين واحمده ثلاثاً وثلاثين وسبّحه ثلاثاً وثلاثين وتقرأ آية الكرسي والمعوّذتين وعشر آيات من أوّل الصافات وعشراً من آخرها(2).

وعن داود بن فرقد ، عن أخيه ، أنّ شهاب بن عبد ربّه سأله أن يسأل أبا عبداللَّه عليه السلام وقال : قل له : إنّ امرأة تفزعني في المنام بالليل ، فقال : قل له : اجعل مسباحاً وكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين تكبيرة وسبّح اللَّه ثلاثاً وثلاثين تسبيحة واحمد اللَّه ثلاثاً وثلاثين وقل :

لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي ، بيده الخير وله اختلاف الليل والنهار وهو على كلّ شي ء قدير(3).

ص: 190


1- المحاسن للبرقي ج 2 ص 368 .
2- الكافي ج 2 ص 536 .
3- الكافي ج 2 ص 536 .

ثامناً : مؤثّر في بعض أنواع السمع :

دخل رجل على أبي عبداللَّه عليه السلام وكلّمه فلم يسمع كلام أبي عبداللَّه عليه السلام ، وشكا إليه ثقلاً في أُذنيه ، فقال له : ما يمنعك وأين أنت من تسبيح فاطمة عليها السلام فقال له : جعلت فداك ، وما تسبيح فاطمة عليها السلام ؟ فقال : تكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين وتحمد اللَّه ثلاثاً وثلاثين وتسبّح اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، تمام المائة قال فما فعلت ذلك إلّا يسيراً ، حتّى ذهب عنّي ما كنت أجده(1).

تاسعاً : رفع ضعف البدن والقلب :

عن الإمام الصادق عليه السلام قال : من أصابه ضعف في قلبه أو بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن فإنّه يخرج من أوصاله كلّ داء وغائلة ويقوّي جسمه ويشدّ متنه ويقول :

لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت يردّدها عشر مرّات قبل نومه ويسبّح تسبيح فاطمة عليها السلام ويقرأ آية الكرسي وقل هو اللَّه أحد(2).

وبالجملة : فإنّ تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام كما ورد في الأحاديث والروايات شفاء من كلّ داء . والأذكار الموجودة في هذا التسبيح وهي (اللَّه أكبر والحمد للَّه وسبحان اللَّه) هنّ الباقيات الصالحات في القرآن الكريم ، قال اللَّه عزّوجلّ : «وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً»(3)، فإنّ أصلهنّ في الأرض

ص: 191


1- مستدرك الوسائل ج 5 ص 37 .
2- راجع بحار الأنوار ج 37 ص 194 .
3- سورة الكهف الآية : 46 .

وفرعهنّ في السماء ، وهنّ يدفعن الحرق والغرق والهدم والتردّي في البئر وافتراس السباع وميتة السوء وما ينزل في ذلك اليوم من السماء . كما ورد في الأحاديث والروايات .

ولذلك نختم بحديث قصير عميق المعنى عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول :

« من أكثر ذكر اللَّه عزّوجلّ أظلّه اللَّه في جنّته »(1).

وأنّ الآفات والبلايا والمصائب لا تحيط بمن يذكرون اللَّه .

بركة تسبيح الزهراء عليها السلام

عن مصباح المتهجّد : إذا سلّم سبّح تسبيح الزهراء ثمّ يقول : ثلاث مرّات سبحان ربّي الملك القدّوس العزيز الحكيم ، ياحي ياقيّوم ، يابرّ ، يارحيم ، ارزقني من التجارة أعظمها فضلاً وأوسعها رزقاً ، وخيرها لي عاقبة فإنّه لا خير فيما لا عاقبة له(2).

بالطبع إنّ فضل هذا التسبيح أمر مفروغ عنه بشهادة النبي صلى الله عليه وآله عندما علّمه للزهراء عليها السلام قال لها :

« يافاطمة أعطيك ما هو خير لك من خادم ومن الدنيا بما فيها » .

لكن أودّ أن أُشير في هذا المجال فضل تسبيح الزهراء عليها السلام من زاوية الدعاء وفضل ذلك في الإسلام .

فإنّ الدعاء في الإسلام يحتلّ مرتبة كبيرة الأهمية ، إذ أنّ اللَّه سبحانه وتعالى

ص: 192


1- الكافي ج 2 ص 500 .
2- مصباح المتهجّد ص 163 .

يدعونا ويحثّنا كي ندعوه ، فقال تعالى مخاطباً النبي الأكرم صلى الله عليه وآله :

«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»(1).

ويقول اللَّه سبحانه وتعالى : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»(2).

لذلك عندما انتقل الرسول صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى ، قال الإمام علي عليه السلام : كان لكم أمانان ، ارتفع أمان وبقي أمان ، أمّا الأمان الذي ارتفع فهو رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وأمّا الأمان الباقي فهو الاستغفار(3).

لذلك أكّد القرآن الكريم على تعليمنا كيف ندعو اللَّه سبحانه وتعالى ، فما أرحمه وما أكرمه ناهيك عن دور أهل بيت النبوّة عليهم السلام لا سيّما الإمام السجّاد سلام اللَّه عليه في تربية الناس على آداب الدعاء وطلب الغفران .

ولعلّ الرسول صلى الله عليه وآله عندما علّم الزهراء عليها السلام تسبيحها المشهور قائلاً لها :

هو خير لك من خادم ومن الدنيا بما فيها(4).

إنّما قال لها ذلك ليبرز منزلة التسبيح من جهة وليدلّنا على أقصر الطرق إلى التقرّب من اللَّه سبحانه وطلب الغفران بهذا التسبيح العظيم .

ص: 193


1- سورة البقرة الآية : 186 .
2- سورة الأنفال الآية : 33 .
3- روضة الواعظين ج 2 ص 478 .
4- بحار الأنوار ج 82 ص 336 .

وما شاهده الرسول صلى الله عليه وآله في حديث المعراج هو خير دليل على فضل وبركة التسبيح ، قال صلى الله عليه وآله : لمّا أُسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فرأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، وربما أمسكوا ، فقلت لهم : ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم ؟ فقالوا : حتّى تجيئنا النفقة ، فقلت لهم : وما نفقتكم ؟ فقالوا : قول المؤمن في الدنيا : سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلّا اللَّه واللَّه أكبر ، فإذا قال بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا(1).

والتسبيح الرباعي هو سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلّا اللَّه واللَّه أكبر .

وقد ورد في الوسائل من أبواب التعقيب في أفضلية تسبيح الزهراء عليها السلام منها :

الذي ما عبد اللَّه بشي ء من التحميد أفضل منه .

ولو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام وهو في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إلى الصادق عليه السلام من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم .

ولم يلزمه عبد فشقى . ولذا يؤمر بالصبيان به كما يؤمرون بالصلاة ، إذ هو وإن كان مائة باللسان إلّا أنّه ألف في الميزان ، وطارد للشيطان ، ومرضي الرحمن ، ويدفع الثقل الذي في الآذان ، وما قاله عبد قبل أن يثني رجليه من المكتوبة إلّا غفر له اللَّه واستغفر بعده ، وبه يندرج العبد في الذاكرين للَّه كثيراً ، ويستحقّ ذكر اللَّه تعالى له كما وعد بقوله تعالى : «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»(2)-(3).

وحكي عن مكارم الأخلاق ، أنّه روي فيه كون تسبيح الزهراء عليها السلام إحدى

ص: 194


1- بحار الأنوار ج 8 ص 123 ح 19 .
2- سورة البقرة الآية : 152 .
3- وسائل الشيعة الباب 9 من أبواب التعقيب .

العلامات الخمس للمؤمن(1):

وعن البهائي : إنّ ذلك (أفضلية التسبيح) يوجب تخصيص حديث (أفضل الأعمال أحمزها) .

اللهمّ أن يفسّر بأنّ أفضل كلّ نوع من أنواع الأعمال أحمز ذلك النوع(2).

استحباب اتّخاذ السبحة من تربة الحسين عليه السلام

الأفضل أن يحصي عدد التسبيحات بسبحة مصنوعة من تربة الحسين عليه السلام ، وهو سنّة في جميع الأذكار ، ويستحبّ للمرء أن يحمل معه سبحة من تراب الحسين عليه السلام ، وهي حرز من البلايا ومورثة لمثوبات غير متناهية .

قال إبراهيم بن محمّد الثقفي :

إنّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كانت سبحتها من خيوط الصوف مفتل ، معقود عليه عدد التكبيرات ، فكانت عليها السلام تديرها بيدها ، تكبّر وتسبّح إلى أن قتل حمزة بن عبدالمطّلب عليها السلام سيّد الشهداء فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس ، فلمّا قتل الحسين عليه السلام عُدل إليه بالأمر فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية(3).

وروى أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج ، عن محمّد بن عبداللَّه بن جعفر الحميري ، أنّه كتب إلى صاحب الزمان عليه السلام يسأله : هل يجوز أن

ص: 195


1- جواهر الكلام ج 10 ص 397 .
2- الحبل المتين : ص 260 (ط ق) .
3- مكارم الأخلاق ج 2 ص 30 ح 2065 .

يسبّح الرجل بطين القبر ؟ وهل فيه فضل ؟

فأجاب عليه السلام :

يجوز أن يسبّح به ، فما من شي ء من السبح أفضل منه ، ومن فضله أنّ المسح ينشئ التسبيح ويدير السبحة فيكتب له التسبيح(1).

وعنه عليه السلام قال :

من نسي الذكر وفي يده سبحة من تربة الحسين عليه السلام كتب له أجره(2).

وقال الإمام الصادق عليه السلام :

من أدار سبحة من تربة الحسين عليه السلام مرّة واحدة بالاستغفار أو غيره كتب له سبعين مرّة(3).

وعنه عليه السلام أنّه قال :

السبحة التي من قبر الحسين عليه السلام تسبّح بيد الرجل من غير أن يسبّح(4).

وروي عن أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام قوله :

لا يخلو المؤمن من خمسة : سواك ومشط وسجّادة وسبحة فيها أربع وثلاثون حبّة ، وخاتم عقيق(5).

وذكر في الكتب الفقهية أنّه يستحبّ أن تكون السبحة من طين قبر

ص: 196


1- وسائل الشيعة ج 4 ص 1032 ح 7 .
2- المصدر السابق .
3- وسائل الشيعة ج 4 ص 1032 ح 8 .
4- مفاتيح الجنان ص 180 .
5- مكارم الأخلاق ج 2 ص 29 ح 2064 .

الحسين عليه السلام ، ولا فرق بين المطبوخ - المفخور - وغيره لاطلاق الأخبار وظهور بعضها في ذلك ، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :

من أدار الحجر من تربة الحسين عليه السلام فاستغفر به مرّة واحدة كتب له سبعين مرّة وإن أمسك السبحة بيده ولم يسبّح بها ففي كلّ حبّة منها سبع مرّات(1).

وروي أنّ الحور العين إذا أبصرن بواحد من الأملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما ، يستهدين منه السبح والتربة من طين قبر الحسين عليه السلام(2).

وقال المجلسي رحمه الله : وجدت بخط الشيخ محمّد بن علي الجباعي جدّ الشيخ البهائي (قدّس اللَّه روحهما) نقلاً من خط الشيخ رفع اللَّه درجته نقلاً من مزار بخط محمّد بن محمّد بن الحسين بن معية قال : روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : من اتّخذ سبحة من تربة الإمام الحسين عليه السلام إن سبّح بها وإلّا سبّحت في كفّه وإذا حرّكها وهو ساه كتب له تسبيحة وإذا حرّكها وهو ذاكراً للَّه تعالى كتب له أربعين تسبيحة(3).

والظاهر أنّ للسبحة من الخزف أيضاً فضل ولكنّها من الطين الذي لا يمسّه النار أحسن .

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : من سبّح بسبحة من طين قبر الحسين عليه السلام تسبيحة كتب اللَّه له أربعمائة حسنة ومحا عنه أربعمائة

ص: 197


1- مصباح المتهجّد : ص 735 .
2- مستدرك الوسائل ج 10 ص 343 الباب 58 ح 4 .
3- بحار الأنوار ج 76 ص 212 .

سيّئة وقضيت له أربعمائة حاجة ورفع له أربعمائة درجة(1).

وروي استحباب أن يكون لون خيطها أزرقاً .

ويستفاد من بعض الروايات أنّ الأفضل للنساء أن يعقدن بالأنامل بعد تربة الحسين عليه السلام أولى من سائر التسبيحات لما جاء في النبوي لبعض نسائه : (اعتقدن بالأنامل فإنّهنّ مسؤولات ومستنطقات)(2) لكن الأحاديث الدالّة على استحباب العقد بالتربة مطلقاً هي الأكثر والأقوى .

أسرار الأعداد والترتيب في الأدعية والأذكار

كلّ من يمعن النظر في الأحاديث والأدعية والأذكار التي تحظى بالعدد والترتيب يلاحظ أنّ هناك حكمة خاصّة ، فهذا الترتيب والعدد لهما رمز وأسرار لا تخفى عن أهل المعرفة ولكنّها مستورة عن المحجوبين بالحجاب المادّي(3). فمثلاً - ومن أجل ظهور الحكمة من القلب إلى اللسان - نجد الحديث الآتي المروي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله قال : ما أخلص عبد للَّه عزّوجلّ أربعين صباحاً إلّا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه(4).

وكذلك في قنوت صلاة الوتر يستحبّ الدعاء ل (40) مؤمن وقول (300)

ص: 198


1- بحار الأنوار ج 85 ص 341 ح 32 .
2- بحار الأنوار ج 85 ص 341 ح 33 .
3- يقول الشاعر الفارسي : إنّ صاحب القلب البصير يدرك سبيل الحقّ ... كيف يسلكه وأينما الهدف المقصود ... فهو من ذوي الألباب .
4- بحار الأنوار ج 70 ص 242 .

مرّة العفو ، أو (70) مرّة أستغفر اللَّه ربّي وأتوب إليه . وغير هذا في صلاة الإمام الحجّة عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف يستحبّ قراءة «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ»(1) (100) مرّة ، أو في تسبيح فاطمة عليها السلام نقول : (34) مرّة اللَّه أكبر و (33) مرّة الحمد للَّه و (33) مرّة سبحان اللَّه بالترتيب المذكور في الأحاديث الواردة عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام .

وسرّ ذلك مجهول عنّا ، نحن الذين تغشى قلوبنا الحجب ، ولكن العارفين وأصحاب القلوب الحيّة (لهم معرفة على قدر درجاتهم في السلوك والسير إلى اللَّه) في هذه الأُمور .

ومن هؤلاء الأشخاص الذين وصلوا إلى مراتب في الكشف والشهود وحلّ الرموز والطلاسم بقدرة إيمانهم هو العلّامة السيّد بحر العلوم رحمه الله(2) الذي كتب عن خواصّ الأربعين في رسالة السير والسلوك المنسوب إليه قال :

رأينا بالعين وعلمنا بالعيان أنّ لهذا العدد الشريف خواصّ خاصّة ولها تأثير مخصوص في ظهور الاستعدادات والوصول إلى أقصى الكمالات عند الصعود في الدرجات والمنازل .

لهذا يجب المحافظة على عدد الأذكار مع أنّها مستحبّة ، وعدم الزيادة

ص: 199


1- سورة الفاتحة الآية : 5 .
2- علّامة دهره وزمانه محمّد مهدي بن المرتضى بن محمّد الطباطبائي البروجردي الغروي ، كان الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء على قدر جلالته يمسح حذاء بحر العلوم بحنك عمامته ، وقد ثبت بالتواتر أنّه تشرّف بلقاء مولانا صاحب العصر والزمان (صلوات اللَّه عليه) ، ولد في كربلاء المقدّسة عام 1155 ، وتوفّي بالنجف الأشرف عام 1212 ، وقبره في مسجد الطوسي ، على مقربة من قبر الشيخ الطوسي .

والنقصان فيها ، والعمل بالأذكار والأدعية كما أمرنا به المعصومون عليهم السلام ، وعدم التقدّم أو التأخّر عن أوامرهم في العمل بالأدعية نوعاً وعدداً ، أي يجب على أتباعهم وشيعتهم العمل حرفياً بأوامرهم ، وربما كان الأمر بالاهتمام بالأعداد والترتيب تعويداً للنفس وتأديباً لها .

يقول في هذا الشأن العالم الجليل محمود بن محمّد الدهدار المعروف بالعياني مؤلّف (مفاتيح المغاليق) في أوّل رسالته [ خلاصة جواهر الأسرار ] :

اعلموا أنّ أسماء اللَّه كنوز والأعداد ذراعها إذا قصر الذراع لم يصل إلى الأرض ، وإذا طال الذراع دخل في الأرض .

وقال الشيخ الشوشتري(1) في كتابه الشريف [ وفق المراد في علم الآفاق والأعداد ] :

يقول مشايخ أهل العلم أنّ العدد في الأذكار بمقام البركة التي يغتسل الناس فيها الغسل الارتماسي ، إذا كان الماء عميقاً يغرق المغتسل وإذا كان قليلاً لا يمكنه الغسل فيه .

ويقال إنّ العدد مثل أسنان المفتاح إذا نقصت أو زادت لا يفتح الباب ، والزيادة على العدد إسراف والنقص منه إخلال .

وروى أحد المشايخ أنّه يوجد في سورة يس اسم يشفى ببركته الأعمى والأبرص ، فسأله أحد الأشخاص : هل ينتفع أحد من قراءة سورة (يس)

ص: 200


1- هو المولى فتح اللَّه بن المولى حسن بن المولى رحيم التستري ، صاحب الديوان المشهور بالوفائي وسراج المحتاج في السير والسلوك ، والشهاب الثاقب في ردّ الصوفية قيل : كتبه بأمر الشيخ جعفر التستري سنة 1294 ، توفّي سنة 1304 .

بأجمعها ؟ قال الشيخ :

إذا وصف لك الطبيب دواءً خاصاً لمعالجتك هل تذهب وتأكل جميع الأدوية الموجودة عنده ، وهل تنتفع بذلك ؟ فالأعداد والأذكار والأدعية أيضاً كذلك .

ونكتفي في هذا المقال بذكر حديثين شريفين :

الأوّل : ذكر ثقة الإسلام الكليني في (أُصول الكافي)(1) حديثاً رواه العلاء بن كامل قال : سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول :

«وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنْ الْقَوْلِ»(2). عند المساء : لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو على كلّ شي ء قدير .

قال : قلت : بيده الخير .

قال : إنّ بيده الخير ، ولكن قل كما أقول [ لك ] عشر مرّات ، وقل مرّتين عند غروب الشمس : وأعوذ باللَّه السميع العليم حين تطلع الشمس ، وحين تغرب عشر مرّات(3).

وعند التأمّل في هذا الحديث نجد أنّ العلاء بن كامل أراد زيادة هذه العبارة (بيده الخير) ، أو سأل الإمام عليه السلام في أن يضيف هذه العبارة إلى الدعاء ، لكن الإمام عليه السلام أمره أن يعمل كما قال له .

ص: 201


1- الكافي ج 2 ص 383 ح 17 .
2- سورة الأعراف الآية : 205 .
3- الكافي ج 2 ص 527 ح 17 .

الثاني : في دعاء الغريق الذي ذكره الشيخ الصدوق رحمه الله في إكمال الدين بإسناده عن عبداللَّه بن سنان قال : قال أبو عبداللَّه عليه السلام :

ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ، ولا إمام هدى ، ولا ينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق .

قلت : كيف دعاء الغريق ؟

قال : يقول : يااللَّه ، يارحمن ، يارحيم ، يامقلّب القلوب ، ثبّت قلبي على دينك .

فقلت : يااللَّه ، يارحمن ، يارحيم ، يامقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك .

قال : إنّ اللَّه عزّوجلّ مقلّب القلوب والأبصار ولكن قل كما أقول لك : يامقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك .

إذن في ترتيب الأذكار وعددهم رموز لا يجب إهمالها وإغفالها ويجب العمل بالأحاديث كما جاءت على لسان الأئمّة المعصومين عليهم السلام لنستفيد منها الاستفادة المطلوبة .

وكذلك ترتيب الأعداد في القرآن الكريم منها قوله تعالى : «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ...»(1) وقوله تعالى : «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...»(2). وقد جاء التعبير بلفظ أربعين ليلة في القرآن الكريم ، فالظاهر أنّه لأجل أنّ مناجاة

ص: 202


1- سورة التوبة الآية : 80 .
2- سورة الأعراف الآية : 142 .

موسى عليه السلام لربّه كانت تتمّ غالباً في الليالي .

وكذلك وردت هذه الأعداد في موارد التسليم واللعن في نصوص الزيارات المشهورة كزيارة الأربعين المروية عن الإمام الصادق عليه السلام ، وزيارة عاشوراء للإمام الحسين عليه السلام تقول بها مائة مرّة : اللهمّ العن أوّل ظالم ظلم حقّ محمّد وآل محمّد وآخر تابع له ... .

وتقول مائة مرّة السلام عليك ياأبا عبداللَّه وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك ... .

لهذا يجب الالتزام بالترتيب المذكور في جميع الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام وعدم الزيادة والنقصان فيها وعدم التقدّم أو التأخّر بالأوامر الصادرة عنهم عليهم السلام لما فيها من أسرار ورموز .

كيف تُعطى الآثار الكبيرة لعملٍ صغير ؟

في نظرة واعية نلقيها على هذا الترتيب في تسبيح الزهراء عليها السلام ، وهو : اللَّه أكبر ... سبحان اللَّه ... الحمد للَّه .

نجد أنّ التسبيح يبدأ باسم اللَّه وينتهي باسم اللَّه ، فهو لم يبدأ ب (الحمد للَّه) ولا بدأ ب (سبحان اللَّه) ، وإنّما بدأ ب (اللَّه أكبر) وختم ب (سبحان اللَّه) وذلك حتّى تكون أوّل كلمة في التسبيح هي كلمة اللَّه وآخر كلمة في التسبيح هي كلمة اللَّه . فالتكبير الشهادة بعظمة اللَّه ، والتسبيح الشهادة بتنزيه اللَّه ، والتحميد حمد اللَّه والثناء عليه .

أُنظروا إلى الكلمتين اللتين أحاطتا بالتسبيح كما يحيط الهلال بحفّة النجوم في صدره .

ص: 203

ومن هنا فإنّ هذا التسبيح أو الذكر يعتبر بمثابة الدعاء الذي يبدأ باسم اللَّه وينتهي ب (الحمد للَّه) وهو خاتمة دعاء المؤمنين في كلّ مقام ومقال ولسان حالهم كما جاء في القرآن الكريم :

«وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ للَّهِ ِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(1).

وهنا يطرح السؤال التالي :

كيف تُعطى الآثار الكبيرة لعمل صغير ؟

الجواب :

1 - الأمر متعلّق بأمر وإرادة اللَّه عزّوجلّ ، فما أراد تحقّق وهذا ما جاء على لسان فاطمة الزهراء عليها السلام في رواية أمير المؤمنين عليه السلام عندما قال لهما رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟ قالت : رضيت عن اللَّه وعن رسوله ، رضيت عن اللَّه وعن رسوله(2).

ص: 204


1- سورة يونس الآية : 10 .
2- راجع من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج 1 ص 320 روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لرجل من بني سعد : ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة الزهراء أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها ، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرّ شديد ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، فأتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده حدّاثاً فاستحيت فانصرفت ، فعلم صلى الله عليه وآله أنّها قد جاءت لحاجة فغدا علينا ونحن في لحافنا فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثمّ قال : السلام عليكم فسكتنا ، ثمّ قال : السلام عليكم فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك فيسلّم ثلاثاً فإن أُذن له وإلّا انصرف ، فقلنا : وعليك السلام يارسول اللَّه أُدخل ، فدخل وجلس عند رؤوسنا ثمّ قال : يافاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمّد ؟ فخشيت إن لم تجبه أن يقوم ، فأخرجت رأسي فقلت : أنا واللَّه أُخبرك يارسول اللَّه . إنّها استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها ، وجرّت بالرحى حتّى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتّى دكنت ثيابها فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل . قال : أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما فكبّر أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وسبّحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها وقالت : رضيت عن اللَّه ورسوله رضيت عن اللَّه ورسوله .

2 - العمل يصبح عظيماً إذا انتسب إلى عظماء ، فكتاب صغير إذا كتبه عظيم يصبح عظيماً ، وإذا كتبه المؤلّف عن شخصية عظيمة يصبح جليلاً ، وتسبيح فاطمة عليها السلام انتسب إلى اللَّه عزّوجلّ باعتباره أنّه ذكر اللَّه عزّوجلّ ، وانتسب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لأنّه هو المعلّم لهذا التسبيح ، وانتسب إلى سيّدة نساء العالمين عليها الصلاة والسلام ، فحقيق لها أن تكون تسبيحة عظيمة .

3 - الحال في المعنويات كالمادّيات ، فكما أنّ زر صغير يكون محرّكاً لمصنع كبير فكذلك في المعنويات ، عمل صغير يكون مفتاحاً لآثار كبيرة .

وممّا يؤيّد ذلك ما ورد :

ما عن أبي جعفر عليه السلام قال : من سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ثمّ استغفر غفر له وهي مائة باللسان وألف في الميزان وتطرد الشيطان وترضي الرحمان(1).

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام في دبر المكتوبة ، من قبل أن يبسط رجليه ،

ص: 205


1- ثواب الأعمال ص 163 .

أوجب اللَّه له الجنّة(1).

4 - لو كان شي ء أفضل من تلك التسبيحة لعلّمها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لفاطمة ، وهذا ما ورد عن أبي جعفر عليه السلام قال : ما عبد اللَّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام ولو كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام(2).

وهي مائة ذكر ، فلقائله مائة حسنة ، والحسنة عشر أمثالها عند اللَّه ، فيكتب له بعد كلّ صلاة ألف حسنة ، ويكتسب في كلّ يوم خمسة آلاف ، وهذا ما لا يدفعه إلّا جاهل بثواب اللَّه عزّوجلّ وهو يقول تبارك وتعالى : «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»(3) فمن ذكر اللَّه عزّوجلّ ذكره ، كما قال تبارك وتعالى ، وإذا ذكر اللَّه عند الطاعة ، لم يذكره إلّا برحمة منه ورضوان ولكن الناس لا يعلمون .

وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(4). وقوله سبحانه وتعالى : «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»(5).

فالمراد بالذكر الذي مدح اللَّه سبحانه به عباده المؤمنين وبيّن أنّ السبب في اطمئنان قلوبهم وتعلّقها بربّهم هو التذكّر لعظمة اللَّه سبحانه وجلاله واستحضار هذه العظمة في الذهن والإحساس الشعوري الباطني ليظلّ الذاكر له بهذا المعنى على

ص: 206


1- مستدرك الوسائل ج 5 ص 34 .
2- الكافي ج 3 ص 343 .
3- سورة البقرة آية : 152 .
4- الكافي ج 2 ص 500 .
5- سورة الرعد الآية : 28 .

ارتباط به وإقبال عليه في كلّ أحواله وأوضاعه وهذا ما يوصي به قوله تعالى :

«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِاُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ»(1).

ومن الواضح أنّ الوصول إلى هذه النتيجة لا يكون بمجرّد الذكر اللساني الخالي من الفكر القلبي والتدبّر العقلي .

وعلى أيّة حال ، فإنّ هذه الآية تتضمّن بشارة عظيمة للمؤمنين الذاكرين اللَّه على الدوام حيث تقول :

«يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي»(2).

ومن هنا ورد عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال :

من بات على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من الذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات(3).

استحباب ذكر الأدعية بعد التسبيحات لقضاء الحوائج

روي عن الإمام الصادق عليه السلام ملخّصه : من قرأ هذا الدعاء بعد تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام غفر اللَّه ذنوبه ، وعافاه إلى سنته من الفقر والفاقة والجنون والجذام

ص: 207


1- سورة آل عمران الآية : 190 و191 .
2- سورة الفجر الآية : 27 - 30 .
3- وسائل الشيعة ج 6 ص 447 .

والبرص ومن ميتة السوء ومن كلّ بلية تنزل من السماء إلى الأرض ، وهو : لا إله إلّا اللَّه وملائكته يصلّون على النبي ياأيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً . لبّيك وسعديك اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعلى أهل بيت محمّد وعلى ذرّية محمّد والسلام عليه وعليهم ورحمة اللَّه وبركاته وأشهد أنّ التسليم منّا لهم والتصديق لهم . ربّنا آمنا وصدّقنا واتّبعنا الرسول وآل الرسول فاكتبنا مع الشاهدين . اللهمّ صُبّ الرزق علينا صبّاً صبّاً بلاغاً للآخرة والدنيا من غير كدّ ولا نكد ولا منّ من خلقك إلّا سعة من رزقك وطيباً من وسعك من يدك الملئى عفافاً لا من أيدي لئام خلقك إنّك على كلّ شي ء قدير .

اللهمّ اجعل النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والسعة في رزقي وذكرك بالليل والنهار على لساني والشكر لك أبداً ما أبقيتني . اللهمّ لا تجدني حيث نهيتني وبارك لي فيما أعطيتني وارحمني إذا توفّيتني إنّك على كلّ شي ء قدير)(1).

وروى السيّد ابن طاووس حديثاً عن الإمام الصادق عليه السلام في ترتيب تعقيبات الصلاة فقال عليه السلام :

« سبّح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام . وهو اللَّه أكبر أربعاً وثلاثين وسبحان اللَّه ثلاثاً وثلاثين ، والحمد للَّه ثلاثاً وثلاثين ، ثمّ تقول : لا إله إلّا اللَّه ، وتقول :

«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً»(2).

ص: 208


1- مستدرك الوسائل ج 4 ص 148 ح 4350 .
2- سورة الأحزاب الآية : 56 .

لبّيك ربّنا وسعديك ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وعلى أهل بيت محمّد وعلى ذرّية محمّد ، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللَّه وبركاته ، وأشهد أنّ التسليم منّا لهم والإيمان بهم والتصديق لهم ، ربّنا آمنا وصدّقنا واتّبعنا الرسول وآل الرسول فاكتبنا مع الشاهدين(1).

ويستحبّ للمصلّي التهليل بعد التسبيحات أي أن يقول بعد الفراغ من تسبيح فاطمة عليها السلام مع خشوع وتوجّه : لا إله إلّا اللَّه . فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : من سبّح اللَّه في دبر الفريضة تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام مائة مرّة وأتبعها ب (لا إله إلّا اللَّه) غفر اللَّه له(2).

تسبيح فاطمة عليها السلام في الصلاة المستحبّة والزيارات

إنّ تسبيح فاطمة عليها السلام من المستحبّات المؤكّدة بعد الفرائض لكنّها وردت أيضاً في بعض الصلوات المستحبّة والزيارات نذكر هنا بعضاً منها :

1 - صلاة الاستغاثة بفاطمة الزهراء عليها السلام :

ورد في مفاتيح الجنان صلاة الاستغاثة بفاطمة الزهراء عليها السلام لمن كانت له حاجة ، وهي ركعتان مثل صلاة الصبح وبعد الفراغ من الصلاة تكبّر ثلاث مرّات ثمّ تقرأ تسبيح فاطمة عليها السلام ثمّ تسجد وتقول مائة مرّة : (يامولاتي يافاطمة أغيثيني) ثمّ تجعل خدّك الأيمن على الأرض وتكرّرها مائة مرّة ، ثمّ تجعل خدّك الأيسر على الأرض وتكرّرها مائّة مرّة ، ثمّ ترجع إلى السجدة وتكرّر الذكر مائة مرّة ، ثمّ

ص: 209


1- فلاح السائل ص 135 .
2- الكافي ج 3 ص 342 ح 7 .

تطلب حاجتك فتقضى بإذن اللَّه .

2 - صلاة الحجّة عليه السلام في جمكران :

تصلّي أربع ركعات ، تنوي في الركعتين الأوّليتين صلاة تحية المسجد ، وفي كلّ ركعة تقرأ سورة الفاتحة مرّة وسورة التوحيد سبع مرّات ، وتكرّر أذكار السجود والركوع سبع مرّات .

وتنوي في الركعتين الآخرتين صلاة الحجّة عليه السلام ، حيث تقرأ في الركعة الأُولى سورة الفاتحة ، وعندما تصل إلى «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» تكرّرها مائة مرّة ، ثمّ تكمل بقيّة السورة ، ثمّ تقرأ سورة التوحيد مرّة واحدة ، وتكرّر أذكار السجود والركوع سبع مرّات ، والركعة الثانية أيضاً كذلك وعندما تفرغ من الصلاة تقول [ لا إله إلّا اللَّه ] ثمّ تقرأ تسبيح فاطمة عليها السلام ثمّ تسجد وتصلّي على محمّد وآل محمّد مائة مرّة .

3 - صلاة زيارة الرسول صلى الله عليه وآله من بعيد :

بعد إتمام الزيارة تصلّي أربع ركعات بسلامين مع أي سورة تشاء وبعد الفراغ من الصلاة تبدأ بتسبيح فاطمة عليها السلام هذا الدعاء بعده : [اللهمّ إنّك قلت لنبيّك ... ] .

4 - صلاة أمير المؤمنين عليه السلام :

تصلّي ست ركعات ، تهدي الركعتان الأُولى لأمير المؤمنين عليه السلام في الركعة الأُولى بعد الحمد تقرأ سورة الرحمن وفي الركعة الثانية تقرأ سورة (يس) وبعد الفراغ من الصلاة تقرأ تسبيح فاطمة عليها السلام وتطلب المغفرة من اللَّه وتدعو لنفسك ، والركعات الباقية تهديها للنبيينِ آدم ونوح عليهما السلام ، ثمّ تسجد سجدة الشكر .

5 - قبل زيارة السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام :

ص: 210

روى العلّامة المجلسي قدس سره عن بعض كتب الزيارات عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن سعد الأشعري القمي ، عن الرضا (صلوات اللَّه عليه) قال : قال ياسعد عندكم لنا قبر ، قلت : جعلت فداك قبر فاطمة عليها السلام بنت موسى بن جعفر عليه السلام قال : بلى ، من زارها عارفاً بحقّها ، فله الجنّة فإذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة وقل : أربع وثلاثين مرّة اللَّه أكبر وثلاثاً وثلاثين مرّة سبحان اللَّه وثلاثاً وثلاثين مرّة الحمد للَّه ثمّ ابدأ بزيارتها ... .

6 - صلاة فاطمة الزهراء عليها السلام :

تصلّي ركعتين ، تقرأ في الركعة الأُولى بعد الفاتحة مائة مرّة سورة القدر ، وفي الركعة الثانية بعد الحمد مائة مرّة سورة التوحيد وبعد الفراغ من الصلاة تقرأ تسبيح فاطمة عليها السلام وقد روي أنّ هذه الصلاة من أفضل الصلوات المستحبّة . ويستحبّ قراءتها في أوّل يوم من ذي الحجّة .

ومثل هذه الصلوات والزيارات كثيرة في كتب الأدعية والزيارات .

وهناك أوقات أُخرى أيضاً ، بل في كلّ وقت لأنّها من الذكر الكثير كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال اللَّه عزّوجلّ : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»(1)-(2).

ص: 211


1- سورة الأحزاب الآية : 41 .
2- الكافي ج 2 ص 500 .

أدعية الأيّام لفاطمة الزهراء عليها السلام

دعاء يوم السبت :

« اللهمّ افتح لنا خزائن رحمتك ، وهب لنا اللهمّ رحمة لا تعذّبنا بعدها في الدنيا والآخرة ، وارزقنا من فضلك الواسع رزقاً حلالاً طيّباً ، ولا تحوجنا ولا تفقرنا إلى أحد سواك ، وزدنا لك شكراً ، وإليك فقراً وفاقة ، وبك عمّن سواك غناً وتعفّفاً . اللهمّ وسّع علينا في الدنيا ، اللهمّ إنّا نعوذ بك أن تزوي وجهك عنّا في حال ونحن نرغب إليك فيه . اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، واعطنا ما تحبّ واجعله لنا قوّة فيما تحبّ ياأرحم الراحمين »(1).

دعاء يوم الأحد

« اللهمّ اجعل أوّل يومي هذا فلاحاً ، وآخره نجاحاً ، وأوسطه صلاحاً ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، واجعلنا ممّن أناب إليك فقبلته ، وتوكّل عليك فكفيته ، وتضرّع إليك فرحمته »(2).

دعاء يوم الاثنين :

« اللهمّ إنّي أسألك قوّة في عبادتك ، وتبصّراً في كتابك ، وفهماً في حكمك ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، ولا تجعل القرآن بنا ماحلاً ، والصراط زائلاً ومحمّداً صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم مولياً »(3).

ص: 212


1- مصباح الكفعمي ص 604 .
2- بحار الأنوار ج 87 ص 338 .
3- بحار الأنوار ج 87 ص 338 .

دعاء يوم الثلاثاء :

«اللهمّ اجعل غفلةالناس لناذكراً،واجعل ذكرهم لناشكراً، واجعل صالح مانقول بألسنتنانيّة في قلوبنا.اللهمّ أنّ مغفرتك أوسع من ذنوبنا،ورحمتك أرجى عندنامن أعمالنا. اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، ووفّقنا لصالح الأعمال والصواب من الأفعال »(1).

دعاء يوم الأربعاء :

« اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام ، واكنفني بركنك الذي لا يرام ، وبأسمائك العظام، وصلّ على محمّد وآله، واحفظ علينا مالو حفظه غيرك ضاع، واستر علينا ما لو ستره غيرك شاع، واجعل كلّ ذلك لنا مطواعاً، إنّك سميع الدعاء قريب مجيب»(2).

دعاء يوم الخميس :

« اللهمّ إنّي أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى والعمل بما تحبّ وترضى . اللهمّ إنّي أسألك من قوّتك لضعفنا ، ومن غناك لفقرنا وفاقتنا ، ومن حلمك وعلمك لجهلنا . اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وأعنّا على شكرك وذكرك وطاعتك وعبادتك برحمتك ياأرحم الراحمين »(3).

دعاء يوم الجمعة :

«اللهمّ اجعلنا من أقرب من تقرّب إليك ، وأوجه من توجّه إليك ، وأنجح من سألك وتضرّع إليك ، اللهمّ اجعلنا ممّن كأنّه يراك إلى يوم القيامة ، الذي فيه يلقاك ، ولا تمتنا إلّا على رضاك ، اللهمّ واجعلنا ممّن أخلص لك بعمله ، وأحبّك في جميع خلقك ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لنا مغفرة جزماً حتماً لا نقترف بعدها ذنباً ، ولا نكتسب خطيئة ولا إثماً ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد صلاةً نامية دائمة زاكية متتابعة متواصلة مترادفة برحمتك ياأرحم الراحمين(4).

ص: 213


1- 4) بحار الأنوار ج 87 ص 338 .
2- بحار الأنوار ج 87 ص 338 .
3- بحار الأنوار ج 87 ص 338 .
4- بحار الأنوار ج 87 ص 338 .

أربعون حديثاً في فضائل فاطمة الزهراء عليها السلام

1 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : ياأهل الجمع ، نكّسوا رؤوسكم ، وغضّوا أبصاركم ، حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمرّ البرق(1).

2 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : كنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رقبة فاطمة(2).

3 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لفاطمة : فداك أبي وأُمّي(3).

4 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : ياعلي هذا جبريل يخبرني أنّ اللَّه زوّجك فاطمة(4).

5 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : ما رضيت حتّى رضيت فاطمة(5).

ص: 214


1- المستدرك على الصحيحين ج 1 ص 152 ، مجمع الزوائد ج 9 ص 215 ، مسند فاطمة الزهراء ص 129 ح 92 ، كنز العمّال ج 12 ص 91 و92 وج 12 ص 105 ح 34209 ، منتخب كنز العمّال بهامش المسند ج 5 ص 96 ، الصواعق المحرقة ص 190 ، أُسد الغابة ج 5 ص 523 ، تذكرة الخواص ص 279 ، ذخائر العقبى ص 48 ، مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 356 ، نور الأبصار ص 51 و52 ، ينابيع المودّة ج 2 باب 56 ص 136 .
2- منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97 ، نور الأبصار ص 51 ، مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 360 .
3- المستدرك على الصحيحين ج 1 ص 489 وج 3 ص 156 ، فضائل فاطمة الزهراء عليها السلام ص 53 .
4- الرياض النضرة ج 2 ص 184 .
5- مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 342 .

6 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : ياعلي إنّ اللَّه أمرني أن أُزوّجك فاطمة(1).

7 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إنّ اللَّه زوّج علياً من فاطمة(2).

8 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : لكلّ بني آدم عصبة ينتمون إليهم إلّا ابني فاطمة فأنا وليّهما وعصبتهما(3).

9 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : كلّ بني أُنثى عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة(4).

10 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أحبّ أهلي إليّ فاطمة(5).

11 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : خير نساء العالمين أربع : مريم وآسية وخديجة وفاطمة(6).

12 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : سيّدة نساء أهل الجنّة فاطمة(7).

ص: 215


1- الصواعق المحرقة باب 11 ص 142 ، ذخائر العقبى ص 30 و31 ، تذكرة الخواص ص 276 ، مجمع الزوائد ج 9 ص 207 ، نور الأبصار ص 53 .
2- الصواعق المحرقة ص 173 .
3- كنز العمّال ج 12 ص 101 ، إسعاف الراغبين بذيل نور الأبصار ص 144 ، الصواعق المحرقة ص 156 و187 .
4- كنز العمّال ج 12 ص 101 ، الصواعق المحرقة ص 187 و188 ، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 144 .
5- الجامع الصغير ج 1 ص 37 ح 203 ، ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 479 ، كنز العمّال ج 13 ص 93 ، الصواعق المحرقة ص 191 .
6- الاصابة في تمييز الصحابة ج 4 ص 378 ، البداية والنهاية ج 2 ص 60 ، ذخائر العقبى ص 44 ، الجامع الصغير ج 1 ص 469 ح 4112 .
7- صحيح البخاري كتاب الفضائل باب مناقب فاطمة ، البداية والنهاية ج 2 ص 61 .

13 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : إذا اشتقت إلى ثمار الجنّة قبّلت فاطمة(1).

14 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلّا أربع : مريم وآسية وخديجة وفاطمة(2).

15 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أوّل من يدخل الجنّة : علي وفاطمة(3).

16 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أُنزلت آية التطهير في خمسة ، فيَّ ، وفي علي وحسن وحسين وفاطمة(4).

17 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : أفضل نساء أهل الجنّة : مريم وآسية وخديجة وفاطمة(5).

18 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : يافاطمة إذا كنتما بمنزلكما فسبّحا اللَّه ثلاثاً وثلاثين وأحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبّرا أربعاً وثلاثين(6).

19 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : المهدي من عترتي من ولد فاطمة(7).

20 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله إنّ اللَّه عزّوجلّ فطم ابنتي فاطمة وولدها ومن

ص: 216


1- نور الأبصار ص 51 .
2- نور الأبصار ص 51 .
3- نور الأبصار ص 52 ، قريب من لفظه في كنز العمّال ج 13 ص 95 .
4- إسعاف الراغبين ص 116 ، صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة .
5- سير أعلام النبلاء ج 2 ص 126 ، ذخائر العقبى ص 44 .
6- سنن الترمذي ج 5 ص 477 ح 3408 ، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 152 ، حلية الأولياء ج 2 ص 41 .
7- الصواعق المحرقة ص 237 ، المستدرك على الصحيحين ج 4 ص 601 ، سنن أبي داود ج 2 ص 107 ح 4284 و8672 ، ميزان الاعتدال ج 3 ص 160 رقم 5959 .

أحبّهم من النار ، فلذلك سمّيت فاطمة(1).

21 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة أنتِ أوّل أهل بيتي لحوقاً بي(2).

22 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة بضعة منّي ، يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها(3).

23 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة بضعة منّي يسرّني ما يسرّها(4).

24 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة(5).

25 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني(6).

26 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية(7).

ص: 217


1- كنز العمّال ج 6 ص 219 .
2- حلية الأولياء ج 2 ص 40 ، صحيح البخاري ، كتاب الفضائل ، كنز العمّال ج 2 ص 93 ، منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97 .
3- صحيح مسلم ج 5 ص 54 ، خصائص الإمام علي للنسائي ص 121 - 122 ، مصابيح السنّة ج 4 ص 185 ، الاصابة ج 4 ص 378 ، سير أعلام النبلاء ج 2 ص 119 ، كنز العمّال ج 13 ص 97 حلية الأولياء ج 2 ص 40 ، تذكرة الخواص ص 179 .
4- الصواعق المحرقة ص 180 و232 ، مستدرك الحاكم معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحقّ على من عداهم ص 73 ، ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 468 .
5- سنن الترمذي ج 3 ص 226 ، سير أعلام النبلاء ج 2 ص 123 ، الصواعق المحرقة ص 187 و191 ، الجوهرة في نسب علي وآله ص 17 ، البداية والنهاية ج 2 ص 60 مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطمة ص 164 .
6- الجامع الصغير ج 2 ص 653 ح 5858 ، كنز العمّال ج 3 ص 93 - 97 ، مصابيح السنّة ج 4 ص 185 .
7- مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 296 .

27 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث(1).

28 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها(2).

29 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة بضعة منّي يغضبني ما يغضبها ويبسطني ما يبسطها(3).

30 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة أحبّ إليَّ منك ياعلي وأنت أعزّ عليَّ منها(4).

31 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة بضعة منّي وهي قلبي ، وهي روحي التي بين جنبي(5).

32 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة سيّدة نساء أُمّتي(6).

33 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة شجنة منّي يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما

ص: 218


1- الصواعق المحرقة ص 160 ، إسعاف الراغبين ص 188 ، كنز العمّال ج 13 ص 94 ، منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97 .
2- مستدرك الصحيحين ج 3 ص 173 ، سنن الترمذي ج 3 باب فضل فاطمة ص 240 ، الصواعق المحرقة الفصل الثالث ص 190 ، كنز العمّال ج 13 ص 93 .
3- الصواعق المحرقة ص 188 ، الجامع الصغير ج 2 ص 653 ح 5859 .
4- مجمع الزوائد ج 9 ص 202 ، الجامع الصغير ج 2 ص 654 ح 5761 ، أُسد الغابة ج 5 ص 522 ، الصواعق المحرقة الفصل الثالث ص 191 .
5- نور الأبصار ص 52 .
6- سير أعلام النبلاء ج 2 ص 127 ، صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب مناقب فاطمة ، مجمع الزوائد ج 2 ص 201 ، إسعاف الراغبين ص 187 .

يقبضها(1).

34 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة بضعة منّي يؤلمها ما يؤلمني ويسرّني ما يسرّها(2).

35 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني(3).

36 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فاطمة بهجة قلبي وابناها ثمرة فؤادي(4).

37 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة ليست كنساء الآدميين(5).

38 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة مضغة منّي يقبضني ما قبضها ويبسطني ما بسطها(6).

39 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة إنّ اللَّه يغضب لغضبك(7).

40 - قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله : فاطمة إنّ اللَّه غير معذّبك ولا أحد من ولدك(8).

ص: 219


1- مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطمة ص 168 ، كنز العمّال ج 13 ص 96 ، سير أعلام النبلاء ج 2 ص 132 .
2- مناقب الخوارزمي ص 353 .
3- السنن الكبرى ج 10 باب من قال لا تجوز شهادة الوالد لولده ص 201 ، كنز العمّال ج 13 ص 96 ، نور الأبصار ص 52 ، ينابيع المودّة ج 2 ص 322 .
4- ينابيع المودّة ج 1 باب 15 ص 243 .
5- مجمع الزوائد ج 9 ص 202 .
6- السنن الكبرى ج 7 ص 64 باب الأنساب كلّها منقطعة يوم القيامة .
7- الصواعق المحرقة ص 175 ، مستدرك الحاكم باب مناقب فاطمة .
8- كنز العمّال ج 13 ص 96 ، إسعاف الراغبين ص 118 .

ص: 220

الفهارس

اشاره

1 - فهرس الآيات

2 - فهرس الأحاديث

3 - فهرس الأعلام

4 - فهرس الأماكن والبلدان

5 - فهرس الأشعار

6 - فهرس المصادر

7 - فهرس المطالب

ص: 221

ص: 222

فهرس الآيات

رقم الآية الصفحة

سورة الفاتحة (1)

(2) الحمد للَّه ربّ العالمين 156 ، 157

(5) إيّاك نعبد وإيّاك نستعين 199 ، 210

سورة البقرة (2)

(152) فاذكروني أذكركم 131 ، 194 ، 206

(186) وإذا سألك عبادي عنّى ... 193

سورة آل عمران (3)

(37) وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا 32 ، 33 ، 34

(42) إنّ اللَّه اصطفاك 71

(61) ندع أبناءنا وأبناءكم 102

102) اتّقوا اللَّه حقّ تقاته 74

(110) كنتم خير أُمّة أُخرجت للناس 70

(190) انّ في خلق السماوات ... 207

(191) الذين يذكرون اللَّه قياماً وقعوداً ... 133 ، 135 ، 207

سورة النساء (4)

(24) والمحيضات من النساء 76

(25) من لم يستطع منكم ... فإذا أحصنّ ... 76

(40) انّ اللَّه لا يظلم مثقال ذرّة 111

(92) تحرير رقبة 74

(95) وفضّل اللَّه المجاهدين على القاعدين 95

ص: 223

(142) وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى 183

سورة المائدة (5)

(75) ما المسيح ابن مريم إلّا رسول ... وأُمّه صدّيقة 50 ، 83

سورة الأنعام (6)

(28) ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وأنّهم لكاذبون 110

سورة الأعراف (7)

(142) وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ... 202

(205) واذكر ربّك في نفسك تضرّعاً وخيفة ... 201

سورة الأنفال (8)

(33) وما كان اللَّه يعذّبهم وأنت فيهم و... 193

سورة التوبة (9)

(80) استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... 202

سورة يونس (10)

(10) دعواهم فيها سبحانك اللهمّ ... وآخر دعواهم 156 ، 159 ، 169 ، 204

سورة الرعد (13)

(13) يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته 13

(28) الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم ... ألا بذكر اللَّه ... 127 ، 206

سورة إبراهيم (14)

(22) انّ الظالمين لهم عذاب أليم 107

سورة النحل (16)

(16) وبالنجم هم يهتدون 89

(53) وما بكم من نعمة فمن اللَّه 180

سورة الإسراء (17)

(44) تسبّح له السماوات ... وان من شي ء إلّا يسبّح ... 161 ، 163 ، 164

سورة الكهف (18)

ص: 224

(46) والباقيات الصالحات خير عند ربّك ثواباً ... 191

سورة مريم (19)

(19) لأهب لك غلام 84

(32) وبرّاً بوالدتي 35

سورة طه (20)

(44) فقولا له قولاً ليّنا 55

(55) منها خلقناكم وفيها نعيدكم 51

(124) ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ... 137

(131) ولا تمدنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً ... 78

سورة الأنبياء (21)

(7) وما أرسلنا قبلك إلّا رجالاً نوحي إليهم 91

(91) أحصنت فرجها 76

سورة الحجّ (22)

(71) ما للظالمين من نصير 111

سورة المؤمنون (23)

(24) يتفضّل عليكم 59

سورة النور (24)

(35) اللَّه نور السماوات والأرض ... كأنّها كوكب درّي ... 87 ، 88

(41) الم تر أنّ اللَّه يسبّح له من في السماوات ... 163

(63) لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً 57

سورة الفرقان (25)

(48) وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً 67

سورة الشعراء (26)

(63) ان ضرب بعصاك ... 55

(84) واجعل لي لسان صدق في الآخرين 83

ص: 225

(88 و 89) يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلّا من أتى اللَّه بقلب

سليم 5

(100 - 102) فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم * فلو

أنّ ... 110

سورة الروم (30)

(4 و 5) ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر اللَّه ينصر من يشاء 19 ، 20 ، 82

سورة الأحزاب (33)

(4) ما جعل اللَّه لرجل من قلبين في جوفه 174

(35) والذاكرين اللَّه كثيراً و... أعدّ اللَّه لهم ... 131 ، 133

(41) ياأيّها الذين آمنوا اذكروا اللَّه ذكراً كثيراً 127 - 132 ، 134 ، 166 ،

178 ، 187 ، 211

(42) وسبّحوه بكرة وأصيلا 162

(43) هو الذي يصلّي عليكم وملائكته ... 162

(56) انّ اللَّه وملائكته يصلّون على النبي ... 178 ، 208

سورة ص (38)

(82 و 83) فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلّا عبادك منهم

المخلصين 186

سورة الزخرف (43)

(4) وانّه في أُمّ الكتاب لدينا لعلي حكيم 61

(36) ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً ... 137

سورة الدخّان (44)

(3) انّا أنزلنا في ليلة مباركة 86

سورة محمّد (47)

(33) ياأيّها الذين آمنوا أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرسول ... 169

سورة الذاريات (51)

ص: 226

(56) وما خلقت الجنّ والإنس إلّا ليعبدون 162

سورة النجم (53)

(3) ما ينطق عن الهوى 112

سورة الرحمن (55)

(72) حور مقصورات في الخيام 71

سورة الواقعة (56)

(22 - 24) حور عين * كأمثال اللؤلؤ المكنون * جزاء بما كانوا

يعملون 72

(36) فجعلناهنّ أبكارا 73

سورة الحديد (57)

(1) سبّح للَّه ما في السماوات والأرض وهو العزيز

الحكيم 163 ، 164

سورة الجمعة (62)

(1) يسبّح للَّه ما في السماوات والأرض الملك

القدّوس ... 160 ، 164

(10) واذكروا اللَّه كثيراً لعلّكم تفلحون 137

سورة المنافقون (63)

(7) وللَّه خزائن السماوات والأرض 52

(8) وللَّه العزّة ولرسوله وللمؤمنين 155

سورة نوح (71)

(17) واللَّه أنبتكم من الأرض نباتاً (51)

سورة المزمّل (73)

(8) وتبتّل إليه تبتيلا (66)

سورة الدهر (76)

ص: 227

(3) إنّا هديناه السبيل امّا شاكراً وامّا كفورا 185

سورة الفجر (89)

(27 - 30) ياأيّتها النفس المطمئنّة * ارجعي إلى ... 207

سورة الشمس (91)

(9) قد أفلح من زكّاها 84

سورة الشرح (94)

(7) فإذا فرغت فانصب (172)

ص: 228

فهرس الأحاديث

- الف -

الأحاديث المعصوم الصفحة

أتدري أي شي ء تفسير فاطمة الصادق 98

أُتي أخوان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الصادق 189

اجعل مسباحاً وكبّر اللَّه أربعاً وثلاثين الصادق 190

أحبّ أهلي إليّ فاطمة النبي 215

إذا آوى أحدكم إلى فراشه الصادق 129 ، 186

إذا أحسنتم فاحمدوا اللَّه الصادق 157

إذا أراد اللَّه أن يحبل بإمام الصادق 17

إذا اشتقت إلى ثمار الجنّة قبلت فاطمة النبي 216

إذا أنعم اللَّه على أحد منكم الصادق 157

إذا سلّم سبّح تسبيح الزهراء 179 ، 192

إذا سهى في التكبير حتّى تجاوز أربعاً الحجّة 181

إذا شككت في تسبيح فاطمة الزهراء فأعده الصادق 181

إذا فرغت من صلاتك فارفع يديك الرضا 179

إذا كان يوم القيامة نادى مناد النبي 214

ارتعوا في رياض الجنّة النبي 133

أسألك بحقّك وقدسك وأعظم صفاتك علي 135

أسمع حسن حبيبي بالباب النبي 144

أشتكي ممّا أندأ بالقرب علي 147

اعتقدن بالأنامل فإنّهنّ مسؤولات النبي 198

ص: 229

أعطاني عليّاً وأعطاه العذراء البتول النبي 73

اعلموا أنّ أسماء اللَّه كنوز والأعداد ذراعها الصادق 200

أفضل الأعمال أحمزها 195

أفضل نساء أهل الجنّة مريم وآسية وخديجة

وفاطمة النبي 216

ألا أُحدّثك عنّي وعن فاطمة علي 45 ، 141 ، 145 ، 148 ،

204

ألا أُخبركما بخير ممّا سألتماني النبي 151 ، 169

ألا أُخبركم بخير أعمالكم وأزكاها النبي 128

ألا أدلّك على ما هو خير لك من ذلك النبي 150

ألا أدلّك ما هو خير لك من خام النبي 150

اللَّه أكبر حتّى أحصاها أربعاً وثلاثين مرّة الصادق 140

اللَّه أكبر من أي شي ء الصادق 154

اللهمّ اجعل أوّل يومي هذا فلاحاً فاطمة 212

اللهمّ اجعل غفلة الناس لنا ذكراً فاطمة 213

اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام فاطمة 213

اللهمّ افتح لنا خزائن رحمتك فاطمة 212

اللهمّ العن أوّل ظالم ظلم حقّ محمّد وآل محمّد 203

اللهمّ إنّي أسألك قوّة في عبادتك فاطمة 212

اللهمّ إنّي أسألك الهدى والتقى فاطمة 213

اللهمّ بارك لقوم جلّ آنيتهم الخزف النبي 44

الهي وألهمني ولهاً بذكر إلى ذكرك 135

أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء النبي 41

أما سمعت خشب البيت تنقض الباقر 161

أمسكوا عنّي هذا الغلام علي 102

ص: 230

أُمّي خير منّي الحسين 8

إنّا أهل البيت أذهب اللَّه عنّا الفواحش النبي 67

انّ أرواح أئمّة الهدى عليهم السلام خلقت من فوق

العرش 16

إنّ اسم اللَّه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً الباقر 121

إنّ أشرف الحديث ذكر اللَّه 136

إنّ الأطفال كانوا يكنّون منذ الولادة علي 54

إنّ اللَّه تبارك وتعالى أمرني أن أُزوّج فاطمة من

علي النبي 36

إنّ اللَّه زوّج علياً من فاطمة النبي 215

إنّ اللَّه عزّوجلّ فطم ابنتي فاطمة النبي 216

إنّ اللَّه عزّوجلّ نظر إلى الأرض ثالثة فاختار النبي 120

إنّ اللَّه يختبرك في ثلاث الصادق 112

إنّ اللَّه يغضب لغضبها ويرضى لرضاها 119

أنا ابن العواتك من سليم النبي 95

أنا وعلي من نور واحد النبي 14

أن تحمده الصادق 156

أن تموت ولسانك رطب بذكر اللَّه النبي 134

أنّ جبرئيل هبط إلى خاتم المرسلين 87

إنّ الحوراء خلقت من الطيّب لا تعتريها 72

أنّ حور العين إذا أبصرن بواحد 197

انّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله علم فاطمة عليها السلام أن تكبّر النبي 132

انّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كنّى سيّد الشهداء 54

انّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله لمّا جاءه جعفر بن أبي

طالب علي 141

ص: 231

أنزل اللَّه قطرة من ماء تحت العرش الصادق 17

أُنزلت آية التطهير في خمسة ، فيَّ ، وفي علي النبي 216

إنّ الصلاة الخالية منه تردّ على صاحبها 139

إنّ الصواعق لا تصيب ذاكراً 137

إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللَّه النبي 76

إنّ فاطمة إشتكت ما تلقى من الرحى علي 152

إنّ فاطمة بنتي سيّدة نساء أُمّتي النبي 70

إنّ فاطمة تكنّى بأُمّ أبيها الصادق 62

إنّ فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية النبي 72

انّ فاطمة ضمنت لعلي عليه السلام عمل البيت الباقر 48

أنفة اللَّه عزّوجلّ الصادق 159

إنّ في الجنّة قيعاناً فإذا أخذ الذاكر 136

إنّ قنفذ مولى عمر لكزها بنعل السيف الصادق 116

إنّ قوماً عبدوا اللَّه رغبة فتلك عبادة التجّار علي 182

إنّما سمّيت فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله الباقر 100

إنّما سمّيت فاطمة لأنّ أعدائها فطموا عن حبّها النبي 99

إنّما سمّيت فاطمة لأنّها فطمت عن الطمث 98

إنّما سمّيت فاطمة محدّثة لأنّ الملائكة الصادق 91

إنّما فاطمة عليها السلام كانت إذا قامت الصادق 183

إنّ ما يضرّ بالصلاة يضرّ بالتعقيب 177

إنّ الملك ينزل بصحيفة أوّل النهار النبي 131

إنّ النبي سئل ما البتول فإنّا سمعناك علي 66

إنّ نور النبي صلى الله عليه وآله والأمير عليه السلام والحسنين 14

إنّها أفضل من ألف ركعة لا تسبّح عقبها 169

إنّه عليه السلام كان يسبّح تسبيح فاطمة الباقر 180

ص: 232

إنّه لمّا كان في الليلة التي علق بجدي الصادق 17

أهدى بعض ملوك الأعاجم إلى رسول اللَّه علي 146

إيّاكم وخشوع النفاق وهو أن يرى الجسد النبي 173

أيّتها الحرّة فلان وفلان بالباب يريدان علي 75

أيّما أحبّ إليك أن أردّ عليك بدلها الحسن 143

أيّما عبد اطّلعت على قلبه فرأيت قدسي 127

أي شي ء خير للمرأة ؟ فسكتوا فلمّا رجع علي 121

- ب -

بارك اللَّه لأهل البيت النبي 44

بينا النبي صلى الله عليه وآله جالس بالأبطح ومعه 22

- ت -

تدري أي شي ء تفسير فاطمة الصادق 99

تسبيح فاطمة في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة

أحب الصادق 94 ، 139 ، 167 ، 171

تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام إذا أخذت الصادق 190

تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الصادق 127 ، 131 ، 178 ، 187 ، 206

211

تسبيح فاطمة من ذكر اللَّه الكثير الذي قال الباقر 132

تسبيح فاطمة من ذكر اللَّه الكثير الذي قال الصادق 130 ، 135

التسبيح نصف الميزان والحمد للَّه يملأ الصادق 156 ، 168

التسبيح نصف الميزان والحمد يملؤه النبي 159

التسبيح هو اسم من أسماء اللَّه ودعوى أهل

الجنّة الصادق 169

التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في

البلاد الصادق 172

ص: 233

التواضع في الصلاة وأن يقبل العبد بقلبه النبي 173

- ث -

ثمّ إنّ اللَّه خلق الظلمة بالقدرة النبي 15

- ح ، خ -

الحمد للَّه بمحامده كلّها على نعمه كلّها الصادق 156

خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن يخلق الأرض النبي 18

خلقنا اللَّه من نور عظمته ثمّ صوّر 16

خلقني اللَّه من صفوة نوره النبي 15

خير نساء العالمين أربع : مريم وآسية النبي 215

- د -

دخل علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وفاطمة جالسة علي 47

الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفّلاً 172

- ر -

رأيت أُمّي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها الحسن 124

- س -

سأل رسول اللَّه أصحابه عن المرأة ما هي الصادق 122

سبّح تسبيح فاطمة الزهراء وهو اللَّه اكبر الصادق 178 ، 208

السبحة التي من قبر الحسين عليه السلام تسبّح بيد

الرجل الصادق 196

ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى الصادق 202

سمّيت فاطمة فاطمة لفطمها عن الدنيا النبي 98

سمّيت فاطمة لانقطاعها عن الفواطم 97

سمّيت فاطمة لانقطاعها عن نساء الصادق 97

سيّدة نساء أهل الجنّة فاطمة النبي 215

ص: 234

- ش -

شيعتنا الذين إذا خلو ذكروا اللَّه ذكراً كثيراً الصادق 133

شقّ اللَّه (سبحانه) لها اسماً من أسمائه الحسنى 53

- ع -

عليك بتسبيح فاطمة عليها السلام ما يمنعك الصادق 187

عليك بتلاوة القرآن وذكر اللَّه كثيراً علي 136

عند المساء لا إله إلّا اللَّه الصادق 201

- ف -

فإذا كبرت فاستصغر ما بين السماوات العلى الصادق 155

فأرسل إليها ملكاً يسلّي غمّها ويحدثها الصادق 91

فاطمة أحبّ إليّ منك ياعلي وأنت أعزّ النبي 218

فاطمة إنّ اللَّه غير معذّبك ولا أحد من ولدك النبي 219

فاطمة إنّ اللَّه يغضب لغضبك النبي 219

فاطمة أنت أوّل أهل بيتي لحوقاً بي النبي 217

فاطمة بتول لأنّها ترجع بكراً في كلّ ليلة النبي 73

فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني النبي 217

فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني النبي 219

فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها النبي 218

فاطمة بضعة منّي يؤلمها ما يؤلمني النبي 219

فاطمة بضعة منّي يريبني ما رابها النبي 217

فاطمة بضعة منّي يسرّني ما يسرّها النبي 217

فاطمة بضعة منّي يغضبني ما يغضبها النبي 218

فاطمة بضعة منّي وهي قلبي وهي روحي النبي 218

فاطمة بهجة قلبي وابناها ثمرة فؤادي النبي 219

فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث النبي 72 ، 218

ص: 235

فاطمة حوراء انسية النبي 72

فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية النبي 72

فاطمة سيّدة إمائي قدسي 74

فاطمة سيّدة نساء أُمّتي النبي 218

فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة النبي 67 ، 217

فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين

والآخرين 69

فاطمة شجنة منّي يبسطني ما يبسطها النبي 218

فاطمة صدّيقة ولم يكن بعلها إلّا صدّيقاً 50

فاطمة ليست كنساء الآدميين النبي 219

فاطمة مضغة منّي يقبضني ما قبضها النبي 219

فأوحى اللَّه سبحانه إلى موسى 55

فداك أبي وأُمّي النبي 214

فضلت خديجة على نساء أُمّتي كما فضلت 71

فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا السجّاد 26

ففاطمة بضعة منّي وهي نور عيني وثمرة

فؤادي النبي 72

فلمّا حملت خديجة بفاطمة كانت تحدّثها من

بطنها 92

في تسبيح فاطمة عليها السلام يبد بالتكبير الصادق 140

فيها ناجى اللَّه تعالى به موسى عليه السلام قال :

ياموسى 134

- ق -

قبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء الصادق 117

قدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بسبي فقال علي علي 152

ص: 236

قم ياأبا تراب النبي 56

قولي ياأمة النبي 57

- ك -

كان اللَّه ولا شي ء معه علي 14

كان اللَّه ولا شي ء غيره ولا معلوم ولا مجهول الباقر 14

كان داود عليه السلام إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل الصادق 161

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام الصادق 21

كان بكم أمانان ارتفع أمان وبقي أمان علي 193

كان المسيح يقول لا تكثروا الكلام في غير ذكر

اللَّه الصادق 134

كان النبي صلى الله عليه وآله يعظّم شأنها ويرفع مكانها 62

كأنّها كوكب درّي فاطمة من نساء العالمين الصادق 88

كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين عليه السلام العسكري 79

كلّ أُمّتي معافى إلّا المجاهدين النبي 149

كلّ بني أُم ينتمون إلى عصبتهم النبي 101

كلّ بني أُنثى عصبة ينتمون إليهم النبي 215

كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء النبي 216

كنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنّة النبي 214

- ل -

لا إيمان إلّا بعمل ولا عمل إلّا بيقين الصادق 174

لا تدعنّ ذكر اللَّه عزّوجلّ على كلّ حال علي 135

لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منكم فاطمة 114

لأنّ اللَّه عزّوجلّ خلقها من نور عظمته الصادق 7 ، 78

لأنّ لها في الجنّة قبّة من ياقوت حمران الصادق 79

لأنّها فطمت وبتلت عن النظير 100

ص: 237

لأنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر الصادق 79

لأنّها كانت تزهر لأمير المؤمنين عليه السلام في النهار الصادق 80

لا يخلو المؤمن من خمسة سواك ومشط

وسجّادة الكاظم 196

لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر اللَّه الباقر 133

لفاطمة عليها السلام تسعة أسماء عند اللَّه عزّوجلّ الصادق 98

لفاطمة وقفة على باب جهنّم فإذا كان الباقر 100

لك حلاوة الولد 57

لكلّ بني آدم عصبة ينتمون إليهم إلّا ابني

فاطمة النبي 215

لمّا أُسري بي إلى السماء دخلت الجنّة النبي 194

لمّا أن مات ولدي من خديجة أوحى النبي 21

لمّا رأيت ما أصاب فاطمة الزهراء علي 138

لمّا ولدت فاطمة عليها السلام أوحى اللَّه عزّوجلّ الباقر 97

لِمَ سمّيت فاطمة فاطمة ؟ قلت فرقاً السجّاد 99

لو علم اللَّه أنّ في الأرض أكرم من علي

وفاطمة النبي 36

لولا أنّ اللَّه تعالى خلق أمير المؤمنين علياً النبي 36

لولاك لما خلقت الأفلاك ... ولولا فاطمة قدسي 50

ليس عمل أحبّ إلى اللَّه ولا أنجى لعبد من كلّ النبي 127

- م -

ما أخلص عبد للَّه عزّوجلّ أربعين النبي 198

ما تكاملت نبوّة نبي من الأنبياء حتّى أقرّ 108

ما رضيت حتّى رضيت فاطمة النبي 214

ما عبد اللَّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح

ص: 238

فاطمة الباقر 138 ، 165 ، 167 ، 171 ،

172 ، 173 ، 194 ، 206

ما كمل من النساء إلّا أربعة 71

ما لا يحصى إذا كان من محقٍّ الصادق 105

ما من شي ء إلّا وله حدّ ينتهي إليه إلّا الذكر الصادق 128

ما من كلمة أخفّ على اللسان ولا أبلغ من

سبحان اللَّه الصادق 128

ما يمنعك وأين أنت من تسبيح فاطمة الصادق 191

مداومة الذكر قوت الأرواح ومفتاح الصلاح علي 127 ، 136

مشغولة عن الدنيا بذكر اللَّه ودعائه 183

المشكاة فاطمة فيها مصباح المصباح الحسن

والحسين الصادق 88

معاشر الناس تدرون ممّا خلقت فاطمة النبي 20

من اتّخذ سبحة من تربة الإمام الحسين الصادق 197

من أحبّ أن يرتع في رياض الجنّة ، فليكثر النبي 137

من أدار الحجر من تربة الحسين عليه السلام فاستغفر الصادق 197

من أدار سبحة من تربة الحسين عليه السلام مرّة

واحدة الصادق 196

من أصابه ضعف في قلبه أو بدنه فليأكل الصادق 191

من أكثر ذكر اللَّه عزّوجلّ أحبّه اللَّه ومن ذكر النبي 187

من أكثر ذكر اللَّه عزّوجلّ أظلّه اللَّه في جنّته الصادق 132

من بات على تسبيح فاطمة عليها السلام كان من

الذاكرين الصادق 128 ، 131 ، 135 ، 167 ، 207

من خشع قلبه خشعت جوارحه علي 173

من ذكر اللَّه سبحانه أحيى اللَّه قلبه ونوّر عقله

ص: 239

ولبّه علي 136

من سبّح اللَّه في دبر الفريضة تسبيح فاطمة الصادق 178 ، 209

من سبّح بسبحة من طين قبر الحسين عليه السلام

تسبيحة الصادق 197

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام ثمّ استغفر اللَّه غفر الباقر 166

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام ثمّ استغفر غفر له الباقر 168 ، 186 ، 205

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام فقد ذكر اللَّه الصادق 47 ، 130 ، 132

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام فقد ذكر اللَّه الذكر

الكثير الصادق 130

من سبّح تسبيح فاطمة عليها السلام في دبر المكتوبة الصادق 168 ، 177 ، 205

من سبّح تسبيح فاطمة قبل أن يثني رجليه الصادق 146 ، 166 ، 171 ، 189

من سبّح تسبيح فاطمة الزهراء قبل أن يثني الصادق 176

من عجز عن الليل أن يكابده وجبن عن العدو النبي 130

من عرفها حقّ معرفتها أدرك ليلة القدر النبي 99

من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي النبي 108

من عقّب في صلاة فهو في صلاة النبي 172

من عمّر قلبه بدوام الذكر حسنت أفعاله علي 136

من قال الحمد للَّه فقد أدّى شكر كلّ نعمة السجّاد 157

من قال سبحان اللَّه غرس اللَّه له شجرة في

الجنّة النبي 168

من قرأ هذا الدعاء بعد تسبيح فاطمة الصادق 207

من نسي الذكر وفي يده سبحة من تربة

الحسين المهدي 196

المهدي من عترتي من ولد فاطمة النبي 216

ص: 240

- ن -

نحن أسماء اللَّه الحسنى 57

نحن حجج اللَّه على خلقه وجدّتنا فاطمة حجّة

اللَّه علينا العسكري 9 ، 109

نعم عون الدعاء الخشوع علي 174

- ه -

هو اسم من أسماء اللَّه ودعوى أهل الجنّة الصادق 159

هو تعظيم جلال اللَّه عزّوجلّ وتنزيه عمّا علي 160

هو تنزيه اللَّه من كلّ سوء النبي 160

هو نقض الجور تسبيحها الصادق 162

هي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت الصادق 50 ، 51 ، 83 ، 108

- و -

واللَّه هي مريم الكبرى النبي 89

واللَّه ياجابر إنّها ذلك اليوم لتلتقط الباقر 109

وأنت من دونهم ولي الاعطاء السجّاد 158

وكن للَّه ذاكراً على كلّ حال علي 135

ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً علي 58

ولدت فاطمة .. سنة خمس وأربعين الصادق 28

ومن أنصفك فقد أنصفني ومن ظلمك النبي 109

- ي -

ياأبا ذرّ ألا أُعلّمك كلمات ينفعك اللَّه النبي 143

ياأبا هارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة الصادق 46 ، 165 ، 185

ياأسماء هاتي ابني فدفعته بخرقة صفراء النبي 102

ياأُمّاه لا تفطميني إنّي أُريد أن أتضرّع علي 35

يابنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى

ص: 241

الجنّة 109

يابني ألا أُعلّمك أربع كلمات تستغني بها علي 142

ياجعفر ألا أمنحك ألا أعطيك ألا أحبوك النبي 142

ياحميرا إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميين النبي 66

يارسول اللَّه لقد مجلت يدي من الرحى فاطمة 150

ياسعد عنكم لنا قبر قلت جعلت فداك الرضا 211

ياعبادي إنّي حرّمت الظلم على نفسي قدسي 110

ياعقبة ألا أُعلّمك سورتين هما أفضل القرآن النبي 142

ياعلي إنّ اللَّه أمرني أن أُزوّجك فاطمة النبي 215

ياعلي هذا جبريل يخبرني أنّ اللَّه زوّجك

فاطمة النبي 214

يافاطمة إذا كنتما بمنزلكما فسبّحا اللَّه النبي 216

يافاطمة أُعطيك ما هو خير لك من خادم ومن

الدنيا النبي 184 ، 192 ، 193

يافاطمة أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء النبي 70

يافاطمة عندك شي ء تغذّينيه ؟ قالت لا علي 49

يجوز أن يسبّح به فما من شي ء من السبح المهدي 196

يموت المؤمن بكلّ ميتة يموت غرقاً ويموت

بالهدم الصادق 136

قال الأمين جبرئيل : ياربّ ومن تحت الكساء فاطمة 49

قال جبرائيل : يامحمّد انّ هذه تفاحة أهداها النبي 82

ص: 242

فهرس الأعلام

أسماء المعصومين

رسول اللَّه (النبي المصطفى ، خاتم الأنبياء ، أحمد ، المختار) : 5 ، 8 ، 9 ، 13 - 15 ، 18 - 29 ، 31 - 42 ، 44 - 48 ، 54 - 58 ، 62 ، 64 ، 66 - 68 ، 70 - 73 ، 75 ، 76 ، 80 ، 82 ، 83 ، 86 ، 87 ، 89 ، 90 ، 92 ، 94 - 104 ، 107 ، 108 ، 112 - 114 ، 116 - 122 ، 127 ، 128 ، 130 - 134 ، 138 ، 152 ، 159 ، 160 ، 165 ، 167 - 169 ، 171 - 173 ، 178 ، 179 ، 184 ، 187 ، 190 ، 192 - 195 ، 198 ، 203 ، 204 ، 206 ، 208 - 210 ، 212 - 219 .

أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب ، المرتضى ، الكرّار) : 5 ، 13 - 15 ، 22 ، 23 ، 28 ، 34 - 36 ، 38 - 42 ، 44 ، 45 ، 47 - 49 ، 54 - 56 ، 58 ، 61 ، 64 ، 65 ، 66 ، 69 ، 70 ، 75 ، 77 ، 79 - 81 ، 87 ، 88 ، 91 ، 94 ، 96 ، 102 - 107 ، 112 - 114 ، 116 ، 120 - 122 ، 127 ، 129 ، 136 ، 138 ، 141 ، 144 - 149 ، 151 ، 152 ، 160 ، 168 ، 169 ، 173 ، 178 ، 182 ، 193 ، 204 ، 210 ، 214 - 216 ، 218 .

فاطمة الزهراء (سيّدة النساء ، الصدّيقة الطاهرة ، البتولة) : 5 ، 7 - 9 ، 14 - 16 ، 18 - 21 ، 24 - 36 ، 38 ، 40 - 42 ، 44 - 53 ، 56 - 58 ، 60 - 94 ، 96 - 101 ، 103 - 110 ، 112 - 117 ، 119 - 125 ، 127 ، 128 ، 130 - 132 ، 134 ، 135 ، 138 - 142 ، 144 - 153 ، 160 ، 165 - 181 ، 183 - 195 ، 199 ، 203 - 211 ، 214 - 219 .

الإمام الحسن بن علي عليهما السلام (المجتبى ، السبطين ، الحسنين) : 5 ، 14 ، 15 ، 16 ، 25 ، 28 ، 36 ، 48 ، 49 ، 57 ، 61 ، 62 ، 64 ، 70 ، 73 ، 94 ، 101 - 103 ، 105 ، 124 ، 135 ، 142 ،

ص: 243

143 ، 178 ، 216 .

الإمام الحسين عليه السلام (سيّد الشهداء ، السبطين ، الحسين) : 5 ، 8 ، 14 - 16 ، 21 ، 25 ، 36 ، 48 ، 49 ، 54 ، 57 ، 61 ، 64 ، 70 ، 73 ، 75 ، 81 ، 94 ، 101 ، 102 ، 105 ، 122 ، 195 - 198 ، 203 ، 216 .

الإمام علي بن الحسين عليهما السلام (السجّاد) : 25 ، 99 ، 157 ، 193 .

الإمام الباقر عليه السلام (أبو جعفر) : 14 ، 48 ، 97 ، 98 ، 100 ، 109 ، 110 ، 118 ، 121 ، 131 - 133 ، 138 ، 161 ، 166 - 168 ، 171 - 173 ، 180 ، 186 ، 205 ، 206 .

الإمام الصادق عليه السلام (أبو عبداللَّه) : 7 ، 17 ، 18 ، 20 ، 21 ، 27 ، 28 ، 36 ، 46 ، 47 ، 50 ، 57 ، 62 ، 78 ، 79 ، 80 ، 82 ، 88 ، 91 ، 97 - 99 ، 105 ، 106 ، 112 ، 116 ، 117 ، 118 ، 122 ، 124 ، 127 - 134 ، 136 ، 139 ، 140 ، 142 ، 146 ، 154 - 159 ، 161 ، 165 - 169 ، 171 ، 172 ، 174 ، 176 - 178 ، 181 ، 183 ، 185 - 187 ، 189 - 192 ، 194 ، 196 ، 197 ، 203 ، 205 - 209 ، 211 .

الإمام الكاظم (موسى بن جعفر) : 196 ، 211 .

الإمام الرضا عليه السلام : 176 ، 179 ، 211 .

الإمام الجواد عليه السلام : 29 .

الإمام الهادي : 55 .

الإمام العسكري عليه السلام (صاحب العسكر) : 9 ، 79 ، 109 .

الإمام المهدي (الحجّة ، صاحب الزمان) : 33 ، 106 ، 120 ، 181 ، 195 ، 199 ، 210 ، 216 .

- آ -

آدم : 14 ، 18 ، 19 ، 210 .

آسية : 215 ، 216 .

آصف بن برخيا : 121 .

- الف -

ابان بن تغلب : 80 .

ابراهيم (بن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله) : 27 .

ابراهيم (الخليل) عليه السلام : 65 ، 88 ، 91 ، 102 .

ص: 244

ابراهيم بن أحمد الطبري : 123 .

ابراهيم بن محمّد الثقفي : 195 .

ابن أبي الحديد : 102 .

ابن الأثير : 154 .

ابن إسحاق : 27 .

ابن تيمية : 138 ، 153 .

ابن الجوزي : 152 .

ابن حجر العسقلاني : 138 ، 153 .

ابن الخشّاب : 118 .

ابن خيّاط القمي : 123 .

ابن سعد : 41 .

ابن سينا : 182 .

ابن شهاب : 149 .

ابن صدقة : 156 .

السيّد ابن طاووس : 48 ، 178 ، 208

ابن عبّاس : 72 ، 130 .

ابن عمارة : 79 .

ابن عمر : 70 .

ابن عيّاش : 118 .

سيّد ابن فخار الموسوي : 48 .

ابن فهد الحلّي : 170 .

ابن الكوّاء : 151 ، 152 .

ابن مسعود : 36 .

ابن المغازلي : 214 ، 217 .

ابن منظور : 55 .

ابن همام : 117 .

أبو بصير : 117 ، 133 .

أبو بكر : 22 ، 42 ، 68 ، 75 ، 113 .

أبو بكر بن أبي العوّام : 101 .

أبو جعفر القمي : 63 .

السيّد أبو الحسن الأصفهاني : 139 .

أبو خالد القماط : 167 .

أبو ذرّ الغفاري : 143 .

أبو عبداللَّه الحافظ : 101 .

أبو عمر : 28 .

أبو الفرج الأصفهاني : 27 .

أبو الفضل الشيباني : 123 .

سيّد أبو القاسم الخوئي : 139 .

أبو محمّد الخراساني : 101 .

أبو منصور بويه ركن الدولة : 56 .

ص: 245

أبو نعيم الأصفهاني : 122 .

أبو هارون : 46 ، 185 .

أبو هاشم العسكري : 79 .

أبو هريرة : 149 ، 150 .

أحمد بن الحسين : 101 .

أحمد بن حنبل : 150 ، 151 .

الإربلي : 48 .

إسحاق عليه السلام : 91 .

اسرافيل : 23 .

أسماء بنت عميس : 34 ، 72 ، 102 ، 103 ، 116 ، 122 .

إسماعيل بن أحمد البيهقي : 101 .

اسماعيل بن عمّار : 132 .

إسماعيل بن عمر القرشي : 123 .

أصبغ بن نباتة : 142 .

الياس عليه السلام : 32 .

اليسع عليه السلام : 32 .

اليفتونات : 94 .

أُمّ أيمن : 144 .

أُمّ سلمة : 42 ، 122 ، 150 .

أُمّ كلثوم : 101 ، 105 .

أُمّ موسى : 91 .

سيّد الأمين : 148 .

أنس بن مالك : 122 .

- ب -

السيّد بحر العلوم : 173 ، 199 .

البزار : 122 .

الشيخ البلاغي : 139 .

بلال : 42 .

بلقيس : 121 .

الشيخ البهائي : 176 ، 195 ، 197 .

البويصري : 96 .

البيضاوي : 59 .

- ت -

تامس : 95 .

- ث -

الثمالي : 25 .

- ج -

جابر : 14 ، 50 ، 78 ، 109 ، 121 .

جبرئيل : 18 - 26 ، 49 ، 65 ، 82 ، 87 ، 90 ،

ص: 246

103 ، 144 ، 151 ، 214 .

جرير بن عبدالحميد : 101 .

الجزري : 77 .

جعفر بن أبي طالب : 141 ، 142 .

الشيخ جعفر التستري : 200 .

الشيخ جعفر كاشف الغطاء : 199 .

شيخ جعفر : 173 .

جلوستون : 94 .

السيّد جواد شبّر : 103 .

الجوهري : 172 .

- ح -

الحافظ ابن كثير : 122 .

حبيب شعبان : 103 .

الشيخ حرّ العاملي : 30 ، 57 .

حسّان بن ثابت : 75 .

حسن البصري : 124 .

حسن بن أحمد العلوي : 123 .

حسن بن أحمد المحمّدي : 123 .

حسن بن عبداللَّه بن يونس بن ضبيان : 98 .

حسن بن يزيد : 79 .

السيّد حسين (جدّ المقرّم) : 139 .

الحسين بن روح : 33 .

الشيخ حسين بن عبيداللَّه الغضائري : 123 .

شيخ حسين الحلّي : 139 .

حمران بن أعين : 132 .

حمزة بن عبدالمطّلب : 22 ، 195 .

حنّة (أُمّ مريم) : 33 .

حوّاء : 14 .

- خ -

خديجة عليها السلام : 21 ، 22 ، 23 ، 27 ، 33 ، 34 ، 69 ، 71 ، 92 ، 107 ، 215 ، 216 .

الخواجة محمّد الكنجائي : 59 .

خيزران : 27 .

- د -

داود عليه السلام : 161 .

داود بن فرقد : 190 .

داود الحمّار : 132 .

الدياربكري : 27 ، 28 .

- ذ -

ذو الكفل : 32 .

ص: 247

- ر -

الراغب الأصفهاني : 154 ، 157 ، 160 .

السيّد الراوندي : 122 .

روح القدس : 16 .

- ز -

زرارة بن أعين : 127 ، 130 ، 132 ، 172 .

زكريا عليه السلام : 32 ، 33 ، 86 .

زيات : 38 .

زيد الشحّام : 159 .

زينب عليها السلام : 101 ، 105 .

زينب بنت أبي رافع : 122 .

- س -

سارة : 91 .

سالم : 149 .

سعد الأشعري : 211 .

سفيان الثوري : 157 .

سلمان : 15 .

سليمان عليه السلام : 32 ، 94 .

السندي : 55 .

سويد بن غفلة : 144 .

سيّد البطحاء : 69 .

السيوطي : 149 .

- ش -

الشاه إسماعيل : 171 .

الشاه طهماسب : 171 .

شهاب بن عبد ربّه : 190 .

شهر : 150 .

الشهيد الثاني : 172 .

الشيخ الشوشتري : 200 .

شيبة بن نعامة : 101 .

الشيطان : 129 ، 186 .

- ص -

صاحب بن عبّاد : 56 .

صالح بن عقبة : 172 ، 173 .

سيّد صدر الدين الصدر : 115 .

الشيخ الصدوق : 33 ، 91 ، 131 ، 145 .

صاحب الرياض : 202 ، 204 .

- ض -

ضرار : 39 .

ص: 248

آقا ضياء الدين العراقي : 139 .

- ط -

طارق العبادي : 9 .

الطبراني : 122

الطبرسي (صاحب الاحتجاج) : 195 .

الطبرسي (صاحب مكارم الأخلاق) : 147 .

الطبرسي (صاحب مجمع البيان) : 55 ، 128 .

الطبري (محمّد بن جرير) : 28 ، 123 .

طلحة بن عبيداللَّه : 160 .

الشيخ الطوسي : 29 ، 33 ، 50 ، 199 .

- ع -

عائشة : 21 ، 63 ، 83 ، 122 .

العاصمي : 118 .

عبّاس بن عبدالمطّلب : 22 .

شيخ عبدالرسول الجواهري : 139 .

عبدالعزيز الدهلوي : 22 .

عبدالعظيم الحسني : 98 .

شيخ عبداللَّه البحراني : 124 .

عبداللَّه بن سليمان : 86 .

عبداللَّه بن سنان : 168 ، 202 .

عبداللَّه بن عبّاس : 122 .

عبداللَّه بن عبدالرحمن : 113 .

عبداللَّه بن مسعود : 122 .

عبداللَّه السبتي : 37 ، 38 ، 41 .

عبداللَّه المحض بن الحسن المثنّى : 99 .

عبدالمجيد لطفي : 44 .

عبدالمغيث بن زهير الحنبلي : 28 .

عثمان : 55 .

شيخ عزيز اللَّه العطاردي : 123 .

عقبة بن عامر : 142 .

العقّاد : 38 .

عكرمة : 55 .

علاء بن كامل : 201 .

العلّامة الحلّي : 140 ، 170 ، 177 .

علي بن إبراهيم : 211 .

علي بن أحمد القاضي : 101 .

علي بن عيسى بن داود البغدادي : 48 .

الشيخ علي حيدر المؤيّد : 9 .

علي الخاقاني : 103 .

عمّار بن ياسر : 22 ، 42 .

ص: 249

عمر بن الخطّاب : 21 ، 22 ، 75 ، 113 ، 114 .

العيّاشي : 130 .

عيسى بن مريم (المسيح) : 32 ، 35 ، 73 ، 75 ، 76 ، 83 ، 86 ، 89 ، 102 ، 134 .

- ف -

سيّد فاضل الميلاني : 42 .

فاطمة بنت أسد : 35 ، 96 ، 107 .

فاطمة بنت الحسين : 101 .

فاطمة بنت الزبير : 96 .

فاطمة المعصومة : 210 .

فرعون : 55 .

فضّة : 48 ، 105 ، 142 .

فيروزآبادي : 53 ، 55 ، 59 ، 65 .

- ق -

قاسم : 55 .

القاضي نعمان : 146 .

القاهر : 49 .

القزويني : 45 .

قنفذ : 116 .

- ك -

الشيخ الكجوري : 124

الشيخ الكليني : 118 ، 180 ، 210 .

الكوفي : 53 .

- م -

مارية القبطية : 27 .

العلّامة المجلسي : 20 ، 21 ، 40 ، 54 ، 55 ، 56 ، 66 ، 75 ، 77 ، 87 ، 97 ، 99 ، 101 ، 124 ، 138 ، 140 ، 197 ، 211 .

محسن عليه السلام : 101 ، 105 ، 106 ، 107 ، 116 .

سيّد محسن الحكيم : 139 .

المحقّق الحلّي : 170 .

المحقّق الكركي : 171 .

محمّد بن جعفر الحسني (أبو قيراط) : 118 .

محمّد بن شهرآشوب (صاحب المناقب) : 29 ، 57 ، 63 ، 101 ، 147 .

محمّد بن العبّاس : 132 .

محمّد بن عبداللَّه بن جعفر الحميري : 195 .

محمّد بن عذافر : 140 .

ص: 250

محمّد بن علي الجباعي : 197 .

محمّد بن عمر : 118 .

محمّد بن محمّد بن الحسين بن معية : 197 .

محمّد بن مروان : 156 .

محمّد بن مسلم الثقفي : 100 ، 130 ، 132 .

محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري : 92 ، 123 .

محمّد تقي الأصفهاني : 21 .

شيخ محمّد حسين الأصفهاني : 139 .

شيخ محمّد حسين النائيني : 139 .

شيخ محمّد رضا آل كاشف الغطاء : 139 .

شيخ محمّد العاملي : 173 .

محمّد بن محمّد الدهدار : 200 .

مريم بنت عمران عليها السلام : 32 ، 33 ، 34 ، 50 ، 64 ، 65 ، 66 ، 71 ، 73 ، 75 ، 83 ، 84 ، 89 ، 90 ، 91 ، 92 ، 215 ، 216 .

مسلم بن أُميّة بسطام : 150 .

معاذ بن جبل : 14 .

معاوية : 39 .

معاوية بن يزيد بن معاوية : 55 .

المعزّ لدين اللَّه الفاطمي : 146 .

المفضّل : 105 ، 107 .

الشيخ المفيد : 29 ، 117 .

المقتدر : 49 .

العلّامة المقرّم : 139 .

ملّا علي المعصومي : 119 .

شيخ ملّا محمّد الكاشاني : 161 .

المناوي : 122 .

منذر بن الضحضاح : 22 .

المنصور الفاطمي : 146 .

موسى عليه السلام : 55 ، 103 ، 134 ، 203 .

ميجراي بن حيرنيدل : 94 .

الميرزا جواد الملكي : 158 .

الميرزا القمي : 173 .

ميكائيل : 22 ، 23 .

- ن -

الشيخ نجفي القوچاني : 161 .

النسائي : 217 .

نوح عليه السلام : 95 ، 210 .

النيسابوري : 85 .

ص: 251

النوري : 131 .

- ه -

هارون عليه السلام : 103 .

هارون العبّاسي : 27 .

هشام بن الحكم : 159 .

- و -

الوحيد البهبهاني : 173 .

الوشاء : 132 .

وليم : 95 .

- ي -

يزدجرد : 30 .

يزيد : 28 .

يعقوب عليه السلام : 91 .

ص: 252

فهرس الأماكن والبلدان

- آ -

آلمانيا : 64

آمل : 123

- الف -

الأبطح : 22 .

اربل : 48 .

الأردن : 122 .

الاسكندرية : 97 .

أصفهان (أصبهان) : 56 ، 122 ، 171 ، 176 .

امريكا : 84 .

اونّرة : 94 .

ايران : 123 ، 171 .

ايوان المشهد الرضوي : 30 .

- ب -

باب الكوفة : 118 .

بعلبك : 176 .

بغداد : 27 ، 28 ، 56 ، 102 ، 118 .

بريطانيا : 94 .

بيروت : 50 .

البيضاء : 59 .

- ت -

تبريز : 60 .

تونس : 146 .

- ج -

جبل جوشن : 63 .

جبل عامل : 173 .

جمكران : 210 .

- ح -

حبشة : 141 .

حلب : 29 .

حلّة : 170 .

ص: 253

- خ -

خيبر : 141 ، 142 .

- د -

دمشق : 122 .

- س -

سبزوار : 148 .

- ش -

شقراء : 173 .

- ط -

طبرية : 122 .

طرابلس : 146 .

- ع -

العراق : 170 .

- ف -

فرنسا : 94 .

- ق -

القاهرة : 146 .

قبر الحسين عليه السلام : 196 ، 197 .

قبر الشيخ الصدوق : 29 .

قبر الشيخ الطوسي : 199

قبر فاطمة بنت موسى بن جعفر : 211 .

القدسي : 94 .

قم : 33 ، 115 .

القيروان : 146 .

- ك -

كربلاء : 105 ، 170 ، 199 .

كرك نوح : 171 .

الكعبة : 28 .

- ل -

لبنان : 171 ، 173 .

- م -

مدينة : 80 ، 81 ، 96 ، 113 .

مسجد الطوسي : 199 .

مسجد القيروان : 146 .

مشهد إمام الرضا (المشهد الرضوي) : 148 ، 176 .

مشهد السقط : 63 .

مصر : 171 .

مقابر قريش : 29 .

مكّة : 27 ، 30 ، 122 .

ص: 254

مملكة فارس : 6 .

منزل خديجة : 23 .

منزل فاطمة عليها السلام : 80 ، 81 .

المنصورية : 146 .

المهدية : 146 .

موصل : 48 .

- ن -

النجف : 53 ، 103 ، 139 ، 171 ، 173 ، 178 ، 199 .

- ه -

الهند : 10 ، 103 .

ص: 255

فهرس الأشعار

أعيني جواداً بارك اللَّه منها 69

أفضله بمستفيض النقل 181

أنا وجميع من فوق التراب 56

أيا منزل الأحباب مالك موحشاً 104

قد ولدت فاطمة الزهراء 30

للَّه آية معجز ظهرت له 173

لمصطفاه اصطفاه اللَّه بارئها 40

من سعى في ظلمها من راعها 116

فمن الكرام بنو الكرام 54

وإنّ مريم أحصنت فرجها 75

ورأيت دين الاعتزال وانّني 102

وقد رووا كنيتها أُمّ الهناء 57

وكان جبرئيل بالآيات يؤنسنا 90

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على 97

يابن الطواهر والزواكي 96

ص: 256

فهرس المصادر

1 - القرآن الكريم .

2 - اتحاف السائل بما لفاطمة عليها السلام من الفضائل - لمحمّد عبدالرؤف المناوي (ت 1031ه) .

3 - إثبات الوصيّة - لعلي بن الحسين بن علي المسعودي (ت 346ه) .

4 - إحقاق الحقّ - للشهيد السيّد نور اللَّه الحسين التستري (ت 1091ه) .

5 - إرشاد الساري - لأحمد بن محمّد القسطلاني (ت 923ه) .

6 - إرشاد القلوب - للشيخ حسن الديلمي (ت 841ه) .

7 - اسعاف الراغبين - لمحمّد بن صبّان المصري (ت 1206ه) .

8 - إقبال الأعمال - للسيّد رضي الدين علي بن طاووس (ت 664ه) .

9 - الاحتجاج - للشيخ أحمد بن علي الطبرسي (ت 346ه) .

10 - الإرشاد - للشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد (ت 413ه) .

11 - الأسرار الفاطمية - لمحمّد فاضل المسعودي (معاصر) .

12 - الإشارات - لأبي علي الحسين بن عبداللَّه بن سينا (ت 427ه) .

13 - الإصابة في تمييز الصحابة - لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852ه) .

14 - الأمالي - للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460ه) .

15 - الأمالي - للشيخ محمّد بن علي بن الحسين الصدوق (ت 381ه) .

16 - الإمام علي عليه السلام رجل الإسلام المخلّد لعبدالمجيد لطفي .

ص: 257

17 - الإمام والسياسة - لعبداللَّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت 276ه) .

18 - الأنوار المحمّدية - ليوسف بن إسماعيل النبهاني الشافعي (ت 1350ه) .

19 - الأنوار النعمانية - للسيّد نعمة اللَّه بن عبداللَّه الموسوي الجزائري (ت 1112ه) .

20 - البداية والنهاية - لابن كثير الدمشقي (ت 774ه) .

21 - التحرير - للعلّامة حسن بن يوسف بن علي الحلّي (ت 726ه) .

22 - التوحيد - للشيخ محمّد بن علي بن الحسين الصدوق (ت 381ه) .

23 - التهذيب - للشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460ه) .

24 - الثغور الباسمة في مناقب سيّدتنا فاطمة عليها السلام لعبدالرحمن جلال الدين السيوطي (ت 911ه) .

25 - الجامع الصغير - لعبدالرحمن جلال الدين السيوطي (ت 911ه) .

26 - الجوهرة في نسب علي وآله - لمحمّد بن أبي بكر البري (من أعلام القرن السابع الهجري) .

27 - الحبل المتين - للشيخ محمّد بن الحسين بن عبدالصمد ، بهاء الدين العاملي (ت 1030ه) .

28 - الخصائص الفاطمية - لمحمّد باقر الكجوري (ت 1255ه) .

29 - الخصال - للشيخ محمّد بن علي حسين الصدوق (ت 381ه) .

30 - الدرّ المنثور - لعبدالرحمن جلال الدين السيوطي (ت 911ه) .

31 - الذرّية الطاهرة المطهّرة - لمحمّد بن أحمد بن حمّاد الدولابي (ت 320ه) .

32 - الرسائل العشر - لأحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (ت 841ه) .

33 - الروضة البهيّة - لزين الدين علي بن أحمد العاملي الشهيد الثاني (ت 966ه) .

34 - الرياض النضرة - لأحمد بن عبداللَّه المحبّ الطبري (ت 694ه) .

35 - السرائر - للشيخ محمّد بن منصور بن إدريس الحلّي (ت 598ه) .

36 - السنن الكبرى - لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت 458ه) .

ص: 258

37 - السيرة الحلبية - للحلبي الشافعي (ت 1044ه) .

38 - السيرة النبوية المطبوع بهامش السيرة الحلبية - لأحمد زيني دحلان الشافعي (ت 1304ه) .

39 - الشرف المؤبّد - ليوسف بن إسماعيل النبهاني الشافعي (ت 1350ه) .

40 - الصحاح - لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (من أعلام القرن الخامس الهجري) .

41 - الصواعق المحرقة - لأحمد بن حجر الهيتمي المكّي (ت 974ه) .

42 - الطبقات الكبرى - لمحمّد بن سعد (ت 230ه) .

43 - العقد الفريد - لأحمد بن محمّد بن عبد ربّه الأندلسي (ت 327ه) .

44 - الفاطميات - للشيخ علي بن حيدر المؤيّد (معاصر) .

45 - الفتح الكبير - ليوسف بن إسماعيل النبهاني الشافعي (ت 1350ه) .

46 - الفصول المهمّة - لابن الصبّاغ علي بن محمّد المالكي (ت 855ه) .

47 - القاموس المحيط - لمحمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817ه) .

48 - الكافي - لثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني (ت 329ه) .

49 - الكنى والألقاب - للشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمي (ت 1359ه) .

50 - الكوكب الدرّي - للشيخ مهدي المازندراني .

51 - المباهلة - لعبداللَّه السبتي (معاصر) .

52 - المجالس السنيّة - للسيّد محسن الأمين العاملي (ت 1371ه) .

53 - المحاسن - للشيخ أحمد بن محمّد البرقي (ت 274ه) .

54 - المحجّة البيضاء - للفيض الكاشاني (ت 1091ه) .

55 - المختصر النافع - للمحقّق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي (ت 676ه) .

56 - المستدرك على الصحيحين - لأبي عبداللَّه الحاكم النيسابوري (ت 405ه) .

ص: 259

57 - المصباح - للشيخ إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي (ت 905ه) .

58 - المفردات - لحسين بن محمّد الراغب الأصفهاني (ت 502ه) .

59 - الملل والنحل - لمحمّد بن عبدالكريم الشهرستاني (ت 548ه) .

60 - المناقب - للموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي (ت 568ه) .

61 - النزاع والتخاصم - لأحمد بن علي المقريزي (ت 845ه) .

62 - النهاية - لابن الأثير (ت 606ه) .

63 - الوافي بالوفيّات - للصفدي (ت 764ه) .

64 - أرجح المطالب - لعبيداللَّه الحنفي الآمر تسري (معاصر) .

65 - أُسد الغابة - لابن الأثير الجزري (ت 630ه) .

66 - أسرار الصلاة - للميرزا جواد الملكي التبريزي (ت 1338ه) .

67 - أنساب الأشراف - لأحمد بن يحيى البلاذري (من أعلام القرن الثالث الهجري) .

68 - بحار الأنوار - للشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت 1110ه) .

69 - بصائر الدرجات - لمحمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار (ت 290ه) .

70 - بلاغات النساء - لابن طيفور (ت 380ه) .

71 - بيت الأحزان - للشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمي (ت 1359ه) .

72 - تاج العروس - لمحمّد مرتضى الزبيدي الحنفي (ت 1205ه) .

73 - تاريخ الآداب العربية - للزيّات .

74 - تاريخ الخميس - لأبي الحسن الديار بكري (ت 966ه) .

75 - تاريخ الطبري - لمحمّد بن جرير الطبري (ت 310ه) .

76 - تاريخ اليعقوبي - لأحمد بن أبي يعقوب العبّاسي (ت 284ه) .

ص: 260

77 - تاريخ أبو الفداء - لإسماعيل بن علي أبي الفداء (ت 732ه) .

78 - تأويل الآيات الظاهرة - للسيّد شرف الدين علي الحسين الاسترآبادي (ت 965ه) .

79 - تذكرة الخواص - لسبط ابن الجوزي (ت 654ه) .

80 - تفسير البحر المحيط - لأبي حيّان الأندلسي (ت 745ه) .

81 - تفسير البرهان - لهاشم بن سليمان بن عبدالجواد البحراني (من أعلام القرن الحادي عشر الهجري) .

82 - تفسير البيضاوي - لناصر الدين عبداللَّه الفارسي الأشعري الشافعي (ت 685ه) .

83 - تفسير الصافي - للفيض الكاشاني (ت 1091ه) .

84 - تفسير العياشي - لمحمّد بن مسعود بن عيّاش (ت 320ه) .

85 - تفسير القمي - لعلي بن إبراهيم القمي (ت 307ه) .

86 - تفسير الميزان - لمحمّد حسين الطباطبائي (ت 1412ه) .

87 - تفسير أطيب البيان - للسيّد عبدالحسين طيّب (ت 1411ه) .

88 - تفسير فرات الكوفي - لفرات بن إبراهيم الكوفي (ت 352ه) .

89 - تفسير مجمع البيان - للفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548ه) .

90 - تفسير نور الثقلين - للشيخ عبد علي بن جمعة الحويزي (ت 1112ه) .

91 - تنبيه الخواطر ونزهة النواظر - لورّام بن أبي الفراس (ت 605ه) .

92 - تيسير الوصول إلى جامع الأُصول - لعبدالرحمن بن علي الشيباني (ت 944ه) .

93 - ثواب الأعمال - للشيخ محمّد بن علي بن الحسين الصدوق (ت 381ه) .

94 - جامع المقاصد - لعلي بن الحسين الكركي العاملي ، المحقّق الثاني (ت 940ه) .

95 - جامع أحاديث الشيعة - بإشراف السيّد البروجردي (ت 1383ه) .

ص: 261

96 - جواهر الكلام - للشيخ محمّد حسن النجفي (ت 1266ه) .

97 - حُسن الأُسوة - لمحمّد صديق خان الهندي البهوبايي (ت 1305ه) .

98 - حلية الأولياء - لأحمد بن عبداللَّه الأصبهاني (ت 430ه) .

99 - خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - لأحمد بن شعيب النسائي (ت 303ه)

100 - دعائم الإسلام - لأبي حنيفة النعمان بن محمّد بن حيون المغربي (ت 363ه) .

101 - دلائل الإمامة - لمحمّد بن جرير الطبري الشيعي (ت 400ه) .

102 - ديوان الإمام علي عليه السلام .

103 - ذخائر العقبى - لأحمد بن عبداللَّه الطبري (ت 694ه) .

104 - ذخائر العقبى - لأحمد بن عبداللَّه المحبّ الطبري (ت 694ه) .

105 - روض الجنان - لزين الدين علي بن أحمد العاملي ، الشهيد الثاني (ت 966ه) .

106 - روضة الواعظين - لمحمّد بن الحسن بن علي الفتّال النيسابوري (ت 508ه) .

107 - سنن الترمذي - لمحمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279ه) .

108 - سنن أبي داود - لسليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275ه) .

109 - سير أعلام النبلاء - لشمس الدين محمّد بن عثمان الذهبي (ت 748ه) .

110 - سيرة بن إسحاق - أبو بكر محمّد بن إسحاق بن يسار المدني (ت 151ه) .

111 - شرح إحقاق الحقّ - للسيّد شهاب الدين المرعشي النجفي (ت 1411ه) .

112 - شرح السنّة - لحسين بن مسعود الفرّاء البغوي (ت 516ه) .

113 - شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد المعتزلي (ت 656ه) .

114 - صحيح البخاري - لمحمّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي (ت 256ه) .

115 - صحيح مسلم - لمسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري (ت 261ه) .

ص: 262

116 - صفوة الصفوة - لعبدالرحمن بن علي بن حمد الجوزي (ت 597ه) .

117 - عبقرية الإمام علي عليه السلام - لعبّاس محمود العقّاد .

118 - علل الشرائع - للشيخ محمّد بن علي الصدوق (ت 381ه) .

119 - عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري - لمحمود بن أحمد العيني (ت 855ه) .

120 - عوالم العلوم - للشيخ عبداللَّه بن نور اللَّه البحراني .

121 - عيون الحكم والمواعظ - لعلي بن محمّد الليثي الواسطي (من أعلام القرن السادس الهجري) .

122 - غرر الحكم - للشيخ عبدالواحد بن محمّد الآمدي الإمامي (ت 510ه) .

123 - فاطمة الزهراء عليها السلام من المهد إلى اللحد - للسيّد محمّد كاظم بن محمّد إبراهيم القزويني (ت 1415ه) .

124 - فاطمة عليها السلام أُمّ أبيها - لفاضل الميلاني (معاصر) .

125 - فاطمة عليها السلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه وآله - للرحمان الهمداني .

126 - فتح الباري في شرح البخاري - لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852ه) .

127 - فضائل الصحابة - لأحمد بن شعيب النسائي (ت 303ه) .

128 - فقه الرضا عليه السلام - المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام .

129 - فلاح السائل - للسيّد رضي الدين علي بن طاووس (ت 664ه) .

130 - قرّة العين - لولي اللَّه بن عبدالرحيم الدهلوي (ت 1176ه) .

131 - كامل الزيارات - للشيخ جعفر بن محمّد بن قولويه (ت 367ه) .

132 - كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - لأبي الحسن علي بن عيسى الإربلي (ت 693ه) .

133 - كنز العمّال - لعلي بن حسام الدين الهندي (ت 975ه) .

134 - لسان العرب - لابن منظور محمّد بن مكرم (ت 711ه) .

ص: 263

135 - لسان الميزان - لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852ه) .

136 - مجمع البحرين - لفخر الدين بن محمّد علي الطريحي (ت 1085ه) .

137 - مجمع الزوائد - لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807ه) .

138 - مجمع الزوائد - لعلي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807ه) .

139 - مدارك الأحكام - للسيّد محمّد الجواد بن محمّد الحسيني العاملي (ت 1226ه) .

140 - مرآة العقول - للشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت 1110ه) .

141 - مسار الشيعة - للشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد (ت 413ه) .

142 - مستدرك الوسائل - للميرزا حسين النوري الطبرسي (ت 1320ه) .

143 - مسند أحمد - لأحمد بن حنبل (ت 241ه) .

144 - مسند فاطمة عليها السلام - لعبدالرحمن جلال الدين السيوطي (ت 911ه) .

145 - مسند فاطمة عليها السلام للشيخ عزيز اللَّه العطاردي (معاصر) .

146 - مشكاة الأنوار - للشيخ أبي الفضل علي الطبرسي (من أعلام القرن السابع الهجري) .

147 - مصابيح السنّة - لحسين بن مسعود الفرّاء البغوي (ت 516ه) .

148 - مصباح الشريعة - المنسوب إلى الإمام الصادق عليه السلام .

149 - مصباح المتهجّد - لأبي جعفر محمّد بن الحسن ، الشيخ الطوسي (ت 460ه) .

150 - مطالب السؤول - لمحمّد بن طلحة الشافعي (ت 652ه) .

151 - معاني الأخبار - للشيخ محمّد بن علي بن الحسين الصدوق (ت 381ه) .

152 - مفاتيح الجنان - للشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمي (ت 1359ه) .

153 - مفتاح الفلاح - للشيخ محمّد بن الحسين بن عبدالصمد ، بهاء الدين العاملي (ت 1030ه) .

154 - مقاتل الطالبيين - لأبي الفرج الأصفهاني (ت 356ه) .

ص: 264

155 - مقتل الحسين عليه السلام - للموفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي (ت 568ه) .

156 - مكارم الأخلاق - الحسن بن الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548ه) .

157 - مناقب آل أبي طالب - لمحمّد بن شهر آشوب المازندراني (ت 588ه) .

158 - مناقب الإمام علي عليه السلام - لابن المغازلي (ت 483ه) .

159 - منتهى المطلب - للعلّامة حسن بن يوسف بن علي الحلّي (ت 726ه) .

160 - من لا يحضره الفقيه - للشيخ محمّد بن علي بن حسين الصدوق (ت 381ه) .

161 - ميزان الاعتدال - لشمس الدين محمّد بن عثمان الذهبي (ت 748ه) .

162 - نظم درر السمطين - لمحمّد بن يوسف الزرندي الحنفي المدني (ت 750ه) .

163 - نوائب الدهور - للسيّد المير جهاني الأصفهاني .

164 - نور الأبصار - لمؤمن بن حسن الشبلنجي (من أعلام القرن الرابع عشر الهجري) .

165 - وسائل الشيعة - لمحمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104ه) .

166 - وفاة الصدّيقة الزهراء عليها السلام - للسيّد عبدالرزّاق المقرّم الموسوي (ت 1391ه) .

167 - وفق المراد في علم الآفاق والأعداد - للشيخ فتح اللَّه بن المولى حسن التستري (ت 1304ه) .

168 - ينابيع المودّة لذوي القربى - لسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت 1294ه) .

ص: 265

فهرس المطالب

الاهداء 5

المقدّمة 7

الفصل الأوّل

معالم عن حياة الزهراء

11 - 124

الولادة المباركة 13

انعقاد النطفة المباركة 16

من خصائص ولادة الصدّيقة الزهراء عليها السلام 27

الخصيصة الأُولى 27

سنة ولادتها 27

شهر ولادتها 30

أمّا يوم الولادة 31

الخصيصة الثانية 31

نشأتها وتربيتها 32

الصدّيقة المحدّثة 34

فاطمة عليها السلام قطب البيت 35

ص: 266

من سمات علي عليه السلام 38

وأمّا فاطمة عليها السلام 40

في مدرسة علي وفاطمة عليهما السلام 41

فاطمة عليها السلام في بيتها 44

عطاء وإيثار 47

فاطمة عليها السلام محور الكمال 49

ماذا تعني فاطمة عليها السلام 53

كنيتها وألقابها 53

كنى سيّدة النساء عليها السلام 56

أُمّ أسماء 56

أُمّ الهناء 57

أُمّ العلوم 58

أُمّ الفضائل 58

أُمّ الكتاب 59

اختصاص الكنية بالزهراء عليها السلام 61

أُمّ أبيها 62

البتول 65

الطاهرة 67

السيّدة 68

سيّدة النسوان 69

ص: 267

الحوراء 71

العذراء 72

التقيّة 73

الحرّة 74

الحَصان 75

الحانية 77

الزهراء 77

المنصورة 81

الصدّيقة الكبرى 83

الزكيّة 84

الراضية والمرضية 85

المباركة 85

النورية 87

مريم الكبرى 89

المحدَّثة 90

فاطمة الزهراء عليها السلام 92

في بيان معنى الاسم المبارك 95

في معاني الاسم الشريف « فاطمة » 96

لماذا سمّيت بفاطمة 97

في بيان عدد أولادها عليها السلام 101

ص: 268

مظلومية الزهراء 103

لماذا بحث ظلامة الزهراء 105

ما معنى أصل يوم العذاب 106

من مقامات الصدّيقة الزهراء عليها السلام 108

مقام الصدّيقة الزهراء عليها السلام عند الأئمّة الأطهار عليهم السلام 109

مقامات الصدّيقة يوم القيامة 109

من ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام 110

الظلم في اللغة والاصطلاح 111

يوم السقيفة 113

ظلامات الزهراء في مصادر العامّة 114

ظلامة الزهراء عليها السلام على لسان الشعراء 115

كيفية الشهادة الأليمة 116

تأريخ شهادة الزهراء عليها السلام 117

حقيقة العصمة 118

ما هو السرّ في قدسيّتها 119

فاطمة العالمة باللَّه عزّوجلّ 121

عبادة الصدّيقة الزهراء عليها السلام 124

ص: 269

الفصل الثاني

في شرح تسبيحة الزهراء عليها السلام

125 - 220

تسبيح فاطمة عليها السلام في القرآن الكريم 127

الذكر حسن على كلّ حال 135

الإعراض عن الذكر 137

سبب تشريع تسبيح فاطمة عليها السلام 138

ألا أُعلّمك 142

تسبيح الزهراء عليها السلام في أحاديث الخاصّة 145

تسبيح الزهراء عليها السلام في أحاديث العامّة 149

شرح الأذكار في تسبيح الزهراء عليها السلام 153

اللَّه أكبر 154

الحمد للَّه 156

سبحان اللَّه 158

هل التسبيح مختصّ بالإنسان 162

فضل تسبيح الزهراء عليها السلام 165

تسبيحة الزهراء عليها السلام أفضل التعقيبات 170

شروط تسبيح الزهراء عليها السلام 173

الشكّ في التسبيح 181

استحباب النشاط عند التسبيح 183

ص: 270

آثار تسبيح الزهراء عليها السلام 184

أوّلاً : السعادة 184

ثانياً : طرد الشيطان ورضى الرحمان 186

ثالثاً : الشفاء من الأمراض 187

رابعاً : المغفرة من النار والنفاق 187

خامساً : المغفرة 188

سادساً : دفع اللصوص 189

سابعاً : دفع الأحلام المزعجة 190

ثامناً : مؤثّر في بعض أنواع السمع 191

تاسعاً : رفع ضعف البدن والقلب 191

بركة تسبيح الزهراء عليها السلام 192

استحباب اتّخاذ السبحة من تربة الحسين عليه السلام 195

أسرار الأعداد والترتيب في الأدعية والأذكار 198

كيف تُعطى الآثار الكبيرة لعملٍ صغير 203

استحباب ذكر الأدعية بعد التسبيحة لقضاء الحوائج 207

تسبيح فاطمة عليها السلام في الصلاة المستحبّة والزيارات 209

أدعية الأيّام لفاطمة الزهراء عليها السلام 212

دعاء يوم السبت 212

دعاء يوم الأحد 212

دعاء يوم الاثنين 212

ص: 271

دعاء يوم الثلاثاء 213

دعاء يوم الأربعاء 213

دعاء يوم الخميس 213

دعاء يوم الجمعة 213

أربعون حديثاً في فضائل فاطمة الزهراء عليها السلام 214

الفهارس 221

ص: 272

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.