موسوعه الامامه فی نصوص اهل السنه المجلد 9

اشارة

سرشناسه:مرعشی، شهاب الدین، 1276 - 1369.

عنوان و نام پديدآور:موسوعه الامامه فی نصوص اهل السنه/ شهاب الدین المرعشی النجفی؛ باهتمام محمود المرعشی النجفی، محمد اسفندیاری.

مشخصات نشر:قم: صحیفه خرد: مکتبه آیه الله العظمی المرعشی النجفی الکبری قدس سره، 13-

مشخصات ظاهری:20 ج.

شابک:دوره : 964-8635-17-X ؛ ج. 1 964-8635-18-8 : ؛ ج. 2، چاپ دوم : 964-8635-19-6 ؛ ج. 3، چاپ دوم : 964-8635-20-X ؛ ج. 4 964-8635-21-8 : ؛ ج.5 964-8635-22-6 : ؛ ج.6: 978-964-8635-71-3 ؛ ج.7: 978-964-8635-72-0 ؛ ج.8 978-964-8635-73-7 : ؛ ج.9 978-964-8635-74-4 : ؛ ج.10 978-964-8635-75-1 : ؛ ج.11: 978-964-8635-76-8 ؛ ج.12 978-964-8635-77-5 : ؛ ج.13: 978-964-8635-78-2 ؛ ج.14: 978-964-8635-79-9 ؛ ج.15: 978-964-8635-80-5 ؛ ج.16: 978-964-8635-81-2 ؛ ج. 17 978-964-8635-82-9 : ؛ ج.18: 978-964-8635-83-6 ؛ ج.19: 978-964-8635-84-3 ؛ ج.20: 978-964-8635-85-0 ؛ ج.26 978-600-161-175-9 : ؛ ج.27 978-600-161-176-6 : ؛ ج.28 978-600-161-177-3 : ؛ ج.29 978-600-161-178-0 : ؛ ج.30 978-600-161-179-7 :

يادداشت:عربی.

يادداشت:فهرستنوسی بر اساس جلد هفدهم، 1430ق.= 2009 م.= 1388.

يادداشت:ج. 1 تا 5 (چاپ اول: 1426 ق. = 2005 م. = 1384).

يادداشت:ج. 1 - 4 (چاپ دوم: 1427ق.= 2006م. = 1385).

يادداشت:ج.6 - 20 (چاپ اول: 1430 ق.= 2009 م.= 1388).

يادداشت:ج. 6- 10، 12- 20 (چاپ دوم: 1432 ق.= 2011 م.= 1390).

يادداشت:ج. 26 - 30 (چاپ اول: 1440 ق. = 2018 م. = 1397).

يادداشت:ناشر جلدهای 26 - 30 مکتبه آیةالله العظمی المرعشی النجفی است.

یادداشت:کتابنامه.

مندرجات:.- ج. 1 و 2. اهل البیت علیهم السلام فی القرآن.- ج. 3 ، 4 و 5 . اهل البیت علیهم السلام فی النصوص و الاثار.- ج.6 و 7. ترجمةالامام علی بن ابی طالب علیه السلام حیاته علیه السلام الشخصیة.- ج. 8. ترجمةالامام علی بن ابی طالب علیه السلام مع النبی صلی الله علیه و آله و سلم.-ج.9. ترجمةالامام علی بن ابی طالب علیه السلام مع النبی صلی الله علیه و آله سلم والخلفاء.ج.10، 11 و 12. ترجمةالامام علی بن ابی طالب علیه السلام امامته و ولایته و خلافته علیه السلام.- ج. 13و 14. ترجمةالامام علی بن ابی طالب علیه السلام اعماله و سیرته علیه السلام.- ج. 15. ترجمةالامام علی بن ابی طالب علیه السلام اعماله و سیرته علیه السلام.- ج. 16، 17، 18، 19 و 20. ترجمةالامام علی بن ابی طالب علیه السلام فضائله و مناقبه علیه السلام.- ج.29. ترجمه سید شباب اهل الجنة الحسن بن علی بم ابی طالب علیهماالسلام

موضوع:امامت -- احادیث اهل سنت

شناسه افزوده:مرعشی،سید محمود، 1320 -، گردآورنده

شناسه افزوده:اسفندیاری، محمد، 1343 - ، گردآورنده

شناسه افزوده:کتابخانه بزرگ حضرت آیت الله العظمی مرعشی نجفی

رده بندی کنگره:BP117/25 /الف8 م4 1300ی

رده بندی دیویی:297/211

شماره کتابشناسی ملی:1041251

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

هوية الكتاب

سماحة آية الله العظمي السيّد شهاب الدين المرعشى النجفى

موسوعة الإمامة فى نصوص أهل السنّة

الطبعة الاُولي: إيران - قم، 1430ق/1388ه/2009م صحيفة خرد بمساعدة مكتبة آية الله العظمي المرعشى النجفى هاتف: 09128512201 و 7832198-0251 ،عدد المطبوع: 2000 نسخة تنضيد الحروف: محمّدرضا فضلى، الإخراج الفنّى: محمّد قاسم أحمدى، مقابلة النصّ : سيّد على اكبر حسينى و وحيد روح الله پور الرقم الدولى للكتاب: 4 - 74 - 8635 - 964 - 978 الرقم الدولى للدورة: 1 - 17 - 8635 - 964 - 978

المرعشى النجفى، السيّد شهاب الدين، 1276 - 1369

موسوعة الإمامة فى نصوص أهل السنّة / المؤلّف السيّد شهاب الدين المرعشى النجفى؛ باهتمام السيّد محمود المرعشى النجفى و محمّد اسفنديارى بالتعاون مع عدّة من المحقّقين . - قم: صحيفة خرد و مكتبة آية الله العظمي المرعشى النجفى، 1388 - .

(دورة) 1 - 17 - 8635 - 964 - 978 : ISBN

المصادر بالهامش.

1. الإمامة - أحاديث. 2. الأئمّة الاثنا عشر. 3. الأئمّة الاثنا عشر - الفضائل. 4. أحاديث أهل السنّة - القرن 14 . ألف. المرعشى النجفى، السيّد محمود، 1320 - . ب . اسفنديارى، محمّد، 1338 - . ج . العنوان.

4 1384م 8 ألف/141/5 BP

ص:4

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

ص:5

ص:6

الفهرس

القسم الثامن عشر: فتح مكّة, وفيه فروع: 11

الأوّل: بعثه عليه السّلام لأخذ كتاب حاطب بن أبى بلتعة قبيل فتح مكّة 11

الثانى: حمله عليه السّلام الراية وقيادته لفرقة من الجيش 30

الثالث: قتله عليه السّلام الحويرث بن نقيذ 33

الرابع: كسره عليه السّلام الأصنام 35

الخامس: تهديد النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم قريشاً بعلى عليه السّلام وأنّه سيضربهم علي الدين 39

السادس: شدّته عليه السّلام علي الكفّار 40

السابع: مبلغ سنّه عليه السّلام عند فتح مكّة 44

القسم التاسع عشر: حضوره عليه السّلام فى فتح الطائف ودوره فيها، وانتجاء رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم له وتهديده صلّى الله عليه و آله و سلّم لقريش بعلى عليه السّلام 45

القسم العشرون: غزوة حنين, وفيه فرعان: 54

الأوّل: حضوره فى غزوة حنين 54

الثانى: كان عليه السّلام من الثابتين مع النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بعد انهزام الناس عنه 58

القسم الحادى والعشرون: حضوره فى سريّة الفُلْس 64

القسم الثانى والعشرون: سريّة اليمن ونجران 72

الباب الرابع والثلاثون: حضوره عليه السّلام فى احتضار النبى ورحلته صلّى الله عليه و آله و سلّم , وفيه فروع: 73

ص:7

الأوّل: أقرب الناس وآخرهم عهداً بالنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم ، ودعوته صلّى الله عليه و آله و سلّم إيّاه فى مرض موته ومناجاته له عليه السّلام 73

الثانى: تجهيزه عليه السّلام لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم 94

الثالث: زيارته عليه السّلام قبر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وبكاؤه عند القبر وما قال فى رثائه صلّى الله عليه و آله و سلّم 124

الفصل الثالث: مع الخلفاء

وفيه أبواب:

الباب الأوّل: قرار السقيفة وتعيين الخليفة 131

الباب الثانى: اعتراضه عليه السّلام علي قرار السقيفة واستنصاره المهاجرين والأنصار 137

الباب الثالث: امتناعه عليه السّلام من البيعة والهجوم علي بيت فاطمة عليها السّلام 145

الباب الرابع: مصالحته عليه السّلام أبابكر بعد وفاة فاطمة عليها السّلام وجمعه للقرآن 154

توضيح 160

الباب الخامس: العلّة فى بيعته عليه السّلام بعد امتناعه 161

الباب السادس: الذرائع والعلل الّتى تشبّث بها قريش لإبعاده عليه السّلام عن الخلافة 173

الباب السابع: مكانته عليه السّلام فى حكومة أبى بكر 195

الباب الثامن: حكومة عمر بن الخطّاب وموقفه عليه السّلام منها, وفيه فروع: 198

الأوّل: قبول حكومة عمر مخافة أن يرجع الناس كفّاراً 198

الثانى: مكانته عليه السّلام فى حكومة عمر بن الخطّاب 202

1. مبدأ التاريخ 203

2. غزو الفُرس 206

3. حُلى الكعبة 221

4. تقسيم سواد الكوفة 223

5. تقسيم الغنائم والفىء، وما يجوز للحاكم صرفه من بيت المال 224

الثالث: موقفه عليه السّلام فى شوري الخلافة وما جري فيه 234

1. تأسيس الشوري بوصيّة عمر بن الخطّاب ورأيه فى من رشّحهم للخلافة، واعترافه بأحقيّة على عليه السّلام بها 235

ص:8

2. ما جري فى شوري الخلافة وندامة أهل الشوري من اختيارهم الخليفة 261

3. موقفه عليه السّلام من الشوري 285

الباب التاسع: حكومة عثمان والثورة عليه وقتله وموقف على عليه السّلام منه, وفيه فروع: 292

الأوّل: حكومة عثمان وموقفه عليه السّلام منه 292

الثانى: الثورة علي عثمان بن عفّان وأسبابها 295

1. الترف 295

2. جعل المال دولة بين الأغنياء واستئثار أقربائه 295

3. ردّ طرداء رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم 298

4. تولية الفسّاق من بني اميّة وأقربائه علي البلاد وتقديمهم علي غيرهم 298

5. الصدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد 299

6. العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبى لؤلؤة 299

7. معاقبة من أنكر عليه أحداثه 300

8. الانحرافات الّتى ظهرت فى حكومته 302

الثالث: عدم إجابة معاوية لاستنصار عثمان 306

الرابع: فتنة أيّام عثمان، وجهوده عليه السّلام لإخمادها 308

الخامس: قتل عثمان بن عفّان 350

ص:9

ص:10

تتمة الفصل الثاني : مع النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و فيه أبواب

تتمة الباب الثالث و الثلاثون حضوره عليه السلام في غزوات النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم و سراياه ، و هو على أقسام

القسم الثامن عشر: فتح مكّة و فيه فروع:

الأوّل: بعثه عليه السّلام لأخذ كتاب حاطب بن أبى بلتعة قبيل فتح مكّة

برواية:

1. سفيان بن عيينة-5. على بن أبى طالب عليه السّلام

2. عبدالرحمان بن حاطب-6. عمر بن الخطّاب

3. عبدالله بن عبّاس-7. يزيد بن رومان

4. عروة بن الزبير-8. ما ورد مرسلاً

1.سفيان بن عيينة

8448. العسكرى : أخبرنى محمّد بن خلف، حدّثنا العبّاس بن يزيد البحرانى:

حدّثنى سفيان بن عيينة بحديث ذكر فيه أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجّه عليّاً والزبير -رضى الله عنهما- إلي روضة خاخ (1)، فضحك على بن المدينى فقال: يا أبامحمّد، إنّ هشيماً

ص:11


1- (1) . قال ياقوت فى معجم البلدان 383/2 (4057) « [1]خاخ»: بعد الألف خاء معجمة أيضاً، موضع بين الحرمين، ويقال له روضة خاخ، بقرب حمراء الأسد ... روى عن على رضي الله عنه أنّه قال: «بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والزبير والمقداد فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه فأتونى به».

يقول: إلي روضة حاج، فضحك سفيان وقال: وجد فى كتابه شيئاً لم يقيّده، فصحّفه. (1)

2.عبدالرحمان بن حاطب

8449. الطبرانى : حدّثنا موسي بن هارون، حدّثنا هاشم بن الحارث، حدّثنا عبيدالله بن عمرو، عن إسحاق بن راشد، عن الزهرى، عن عروة بن الزبير، عن عبدالرحمان بن حاطب بن أبى بلتعة، أنّه حدّث:

أنّ أباه كتب إلي كفّار قريش كتاباً وهو مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قد شهد بدراً، فدعا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً والزبير فقال: انطلقا حتّي تدركا امرأة معها كتاب فائتيانى به. فانطلقا حتّي لقياها فقالا: اعطينا الكتاب الّذى معك. وأخبراها أنّهما غير منصرفين حتّي ينزعا كلّ ثوب عليها! فقالت: أ لستما رجلين مسلمين ؟ قالا: بلي، ولكن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حدّثنا أنّ معك كتاباً، فلمّا أيقنت أنّها غير منفلتة منهما حلّت الكتاب من رأسها فدفعته إليهما، فدعا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حاطباً حتّي قرأ عليه الكتاب فقال: أ تعرف هذا الكتاب ؟ قال: نعم. قال: فما حملك علي ذلك ؟ قال: هناك ولدى وذو قرابتى، وكنت امرء غريباً فيكم معشر قريش.

فقال عمر: ائذن لى فى قتل حاطب. فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : لا، لأنّه قد شهد بدراً، وإنّك لا تدرى لعلّ الله قد اطّلع علي أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم إنّى غافر لكم. (2)

3.عبدالله بن عبّاس

8450. الطبرى : حدّثنى محمّد بن سعد، قال: حدّثنى أبى، قال: حدّثنا عمّى، قال: حدّثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عبّاس:

قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ

ص:12


1- (1) . تصحيفات المحدّثين ص19 ، تصحيفهم: أحص، روضة خاخ.
2- (2) . المعجم الكبير 184/3 - 185 (3066)؛ المعجم الأوسط 106/9 - 107 (8223)، ومثله الحاكم فى المستدرك 301/3 - 302 (5309). [1]

إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ (1) إلي آخر الآية, نزلت فى رجل كان مع النبى صلّى الله عليه و سلّم بالمدينة من قريش، كتب إلي أهله وعشيرته بمكّة يخبرهم وينذرهم أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم سائر إليهم، فأخبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بصحيفته، فبعث إليها على بن أبى طالب رضي الله عنه فأتاه بها. (2)

4.عروة بن الزبير

8451. معمر : عن الزهرى، عن عروة بن الزبير:

فى قوله تعالي: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ , إنّها نزلت فى حاطب بن أبى بلتعة.

قال: كتب إلي كفّار قريش كتاباً ينصح لهم فيه، فأطلع الله نبيّه صلّى الله عليه و سلّم علي ذلك، فأرسل عليّاً والزبير، فقال: اذهبا، فإنّكما ستدركان امرأة فى مكان كذا وكذا، فائتيانى بكتاب معها.

فانطلقا حتّي أدركاها، فقالا: الكتاب الّذى معك ؟ قالت: ما معى كتاب. قالا: والله لا ندع عليك شيئاً الّا فتّشناه أو تخرجينه. قالت: أو لستما مسلمين ؟ قالا: بلي، ولكنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم أخبرنا أنّ معك كتاباً فقد أيقنت أنفسنا أنّه معك.

فلمّا رأت جدّهما أخرجت كتاباً من قرونها، فذهبا إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلي كفّار قريش ... . (3)

8452. ابن إسحاق : حدّثنى محمّد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا، قالوا:

لمّا أجمع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم المسير إلي مكّة كتب حاطب ابن أبى بلتعة كتاباً إلي قريش يخبرهم بالّذى أجمع عليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من الأمر فى السير إليهم، ثمّ أعطاه امرأة - زعم

ص:13


1- (1) . الممتحنة/ 1 . [1]
2- (2) . جامع البيان 14/ الجزء 59/28 ، [2]ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة. [3]
3- (3) . عنه عبدالرزّاق فى تفسيره 230/2 (3198), واللفظ له, والطبرى بإسناده إليه فى جامع البيان 14/ الجزء 60/28 ، [4] ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة.

محمّد بن جعفر أنّها من مزينة، وزعم لى غيره أنّها سارة، مولاة لبعض بنى عبدالمطّلب - ، وجعل لها جعلاً علي أن تبلغه قريشاً، فجعلته فى رأسها، ثمّ فتلت عليه قرونها، ثمّ خرجت به، وأتي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث على بن أبى طالب والزبير بن العوّام -رضى الله عنهما- فقال: أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبى بلتعة بكتاب إلي قريش، يحذّرهم ما قد أجمعنا له فى أمرهم.

فخرجا حتّي أدركاها بالخليقة، خليقة بني ابي احمد، فاستنزلاها، فالتمسا فى رحلها، فلم يجدا شيئاً، فقال لها على بن أبى طالب: إنّى أحلف بالله ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ولا كذبنا، ولتخرجنّ لنا هذا الكتاب أو لنكشفنّك.

فلمّا رأت الجدّ منه قالت: أعرض. فأعرض، فحلّت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليه، فأتي به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

5.على بن أبى طالب عليه السّلام

8453. أبويعلي : حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنى إسحاق بن سليمان الرازى، عن أبى سنان، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البخترى، عن الحارث، عن على، قال:

لمّا أراد رسول الله مكّة أرسل إلي اناس من أصحابه أنّه يريد مكّة، فيهم حاطب بن أبى بلتعة، وفشا فى الناس أنّه يريد حنين (2). قال: فكتب حاطب إلي أهل مكّة أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يريدكم. قال: فاُخبر به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

قال: فبعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا وأبامرثد وليس معنا رجل الّا ومعه فرس، فقال: ائتوا روضة خاخ، فإنّكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذوه منها.

قال: فانطلقنا حتّي رأيناها فى المكان الّذى ذكر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقلنا لها: هات

ص:14


1- (1) . عنه ابن هشام فى السيرة النبويّة 40/4 - 41 ، [1] ذكر الأسباب الموجبة المسير إلي مكّة وذكر فتح مكّة، والطبرى فى تاريخه 48/3 - 49 ، حوادث سنة ثمان من الهجرة، ذكر الخبر عن فتح مكّة, وجامع البيان 14/ الجزء 59/28 ، [2] ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة.
2- (2) . كذا هنا، وفى رواية الطبرى التالية: «خيبر».

الكتاب. فقالت: ما معى كتاب. قال: فوضعنا متاعها ففتّشناها فلم نجده فى متاعها. فقال أبومرثد: فلعلّ أن لا يكون معها كتاب. فقلنا: ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ولا كذبنا.

فقلنا لها: لتخرجنّه أو لنعرينّك، فقالت: أما تتّقون الله ؟ أما أنتم مسلمون ؟ فقلنا: لتخرجنّه أو لنعرينّك.

قال عمرو بن مرّة: فأخرجته من حجزتها،فقال حبيب بن أبى ثابت: وأخرجته من قبلها، فأتينا النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا الكتاب من حاطب بن أبى بلتعة ... . (1)

8454. الطبرى : حدّثنا ابن حميد، قال: حدّثنا مهران، عن أبى سنان سعيد بن سنان، عن عمرو بن مرّة الجملى، عن أبي البخترى الطائى، عن الحارث، عن على رضي الله عنه ، قال:

لمّا أراد النبى صلّى الله عليه و سلّم أن يأتى مكّة أسرّ إلي ناس من أصحابه أنّه يريد مكّة، فيهم حاطب بن أبى بلتعة، وأفشي فى الناس أنه يريد خيبر، فكتب حاطب بن أبى بلتعة إلي أهل مكّة أنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم يريدكم.

قال: فبعثنى النبى صلّى الله عليه و سلّم وأبامرثد وليس منّا رجل الّا وعنده فرس، فقال: ائتوا روضة خاخ، فإنّكم ستلقون بها امرأة ومعها كتاب فخذوه منها.

فانطلقنا حتّي رأيناها بالمكان الّذى ذكر النبى صلّى الله عليه و سلّم فقلنا: هاتى الكتاب، فقالت: ما معى كتاب، فوضعنا متاعها وفتّشنا، فلم نجده فى متاعها، فقال أبومرثد: لعلّه أن لا يكون معها، فقلت: ما كذب النبى صلّى الله عليه و سلّم ولا كذب، فقلنا: أخرجى الكتاب، والّا عريناك.

قال عمرو بن مرّة، فأخرجته من حجزتها، وقال حبيب: أخرجته من قبلها، فأتينا به النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا الكتاب من حاطب بن أبى بلتعة إلي أهل مكّة ... . (2)

8455. محمّد بن فضيل : عن حصين بن عبدالرحمان السلمى، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان السلمى، قال:

ص:15


1- (1) . مسند أبى يعلي 319/1 - 321 (397).
2- (2) . جامع البيان 14/ الجزء 59/28 ، [1] ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة.

سمعت عليّاً وهو يقول: بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير وأبامرثد السلمى وكلّنا فارس، فقال: انطلقوا حتّي تبلغوا روضة خاخ، فإنّ بها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبى بلتعة إلي المشركين فائتونى بها.

فأدركناها وهى تستند علي بعير لها حيث قال لنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقلت: أين الكتاب الّذى معك ؟ فقالت: ما معى كتاب، فأنخنا بعيرها ففتّشنا رحلها، فقال صاحبى: ما نري معها شيئاً. فقلت: لقد علمنا ما كذبنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، والّذى نحلف به لتخرجنّه أو لأجزرنّك -يعنى السيف- . (1)

فلمّا رأت الجدّ أهوت إلي حجزتها - وعليها إزار من صوف - ، فأخرجت الكتاب، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

8456. محمّد بن فضيل : عن حصين بن عبدالرحمان، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان السلمى، قال: سمعت عليّاً يقول:

بعثنى النبى صلّى الله عليه و سلّم وأبامرثد والزبير بن العوّام وكلّنا فارس، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ.

كذا قال ابن أبى شيبة: «خاخ»، وقال ابن نمير فى حديثه: روضة كذا وكذا. (3)

8457. مسلم : حدّثنا أبوبكر بن أبى شيبة، حدّثنا محمّد بن فضيل.

حيلولة: وحدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبدالله بن إدريس.

حيلولة: وحدّثنا رفاعة بن الهيثم الواسطى، حدّثنا خالد -يعنى ابن عبدالله- ، كلّهم عن حصين، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان السلمى، عن على، قال:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأبامرثد الغنوى والزبير بن العوّام، وكلّنا فارس، فقال: انطلقوا حتّي

ص:16


1- (1) . كذا فى الأصل، وفى صحيح ابن حبّان: «لأجزّنّك بالسيف».
2- (2) . عنه أبويعلي بإسناده إليه فى مسنده 318/1 - 319 (396)، ومن طريقه ابن حبّان فى صحيحه 57/16 (7119).
3- (3) . عنه عبدالله بن أحمد بإسناده إليه فى مسند أبيه 130/1 (1083), وأشار إلي اختلاف لفظيهما.

تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب إلي المشركين.

فذكر بمعني حديث عبيدالله بن أبى رافع عن على. (1)

8458. عبدالله بن أحمد : حدّثنا [محمّد بن عبدالله] بن نمير، حدّثنا عفّان، حدّثنا خالد، عن حصين، مثله. (2)

8459. البخارى وابن أبى خيثمة : حدّثنا موسي [بن إسماعيل]، قال: حدّثنا عبدالعزيز [بن مسلم]، قال: حدّثنا حصين، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان السلمى، قال:

سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول: بعثنى النبى صلّى الله عليه و سلّم والزبير بن العوّام وكلانا فارس، فقال: انطلقوا حتّي تبلغوا روضة كذا وكذا، وبها امرأة معها كتاب من حاطب [بن أبى بلتعة] إلي المشركين فائتونى بها.

[فانطلقنا] فوافيناها تسير علي بعير لها حيث وصف لنا النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فقلنا [لها: أين] الكتاب الّذى معك. قالت: ما معى كتاب. فبحثناها وبعيرها [فلم نر كتاباً]، فقال صاحبى: ما أري [معها كتاباً]. فقلت: [لقد علمت] ما كذب النبى صلّى الله عليه و سلّم ، والّذى نفسى بيده لاُجرّدنّك أو لتخرجنّه.

ف - [-لمّا رأت الجدّ] أهوت بيدها إلي حجزتها -وعليها إزار صوف- فأخرجت، فأتينا [به] النبى صلّى الله عليه و سلّم ... . (3)

8460. البخارى : حدّثنى إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبدالله بن إدريس، قال: سمعت حصين بن عبدالرحمان، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان السلمى، عن على رضي الله عنه ، قال:

ص:17


1- (1) . صحيح مسلم 1942/4 ، ذيل الحديث 2494 . وسيأتى حديث عبيدالله بن أبى رافع عن على عليه السّلام .
2- (2) . مسند أحمد 130/1 (1083). [1] قوله: «مثله»، أى مثل حديث محمّد بن فضيل، عن حصين بن عبدالرحمان، وسيأتى.
3- (3) . الأدب المفرد ص 156 - 157 (438)؛ [2]دلائل النبوّة لإسماعيل الأصبهانى ص181 (232), [3] بإسناده إلي ابن أبى خيثمة, مع مغايرات لفظية, وما وضعناه بين المعقوفين منه.

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأبامرثد والزبير وكلّنا فارس، قال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبى بلتعة إلي المشركين.

فأدركناها تسير علي بعير لها حيث قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقلنا: الكتاب ؟ فقالت: ما معنا كتاب. فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتاباً، فقلنا: ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لتخرجنّ الكتاب أو لنجرّدنّك.

فلمّا رأت الجدّ أهوت إلي حجزتها وهى محتجزة بكساء فأخرجته، فانطلقنا بها إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

8461. البخارى وعبد بن حميد : حدّثنا يوسف بن بهلول، حدّثنا [عبدالله] بن إدريس، قال: حدّثنى حصين بن عبدالرحمان، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان السلمى، عن على رضي الله عنه ، قال:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والزبير بن العوّام وأبامرثد الغنوى وكلّنا فارس، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ فإنّ بها امرأة من المشركين معها صحيفة من حاطب بن أبى بلتعة إلي المشركين.

قال: فأدركناها تسير علي جمل لها حيث قال لنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

قال: قلنا: أين الكتاب الّذى معك ؟ قالت: ما معى كتاب. فأنخنا بها فابتغينا فى رحلها فما وجدنا شيئاً، قال صاحباى: ما نري كتاباً.

قال: قلت: لقد علمت ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والّذى يحلف به لتخرجنّ الكتاب أو لاُجرّدنّك.

قال: فلمّا رأت الجدّ منّى أهوت بيدها إلي حجزتها وهى محتجزة بكساء فأخرجت الكتاب. قال: فانطلقنا به إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

8462. الطحاوى : حدّثنا فهد، قال: حدّثنا يوسف بن بهلول، حدّثنا عبدالله بن

ص:18


1- (1) . صحيح البخارى 170/5 - 171 (479).
2- (2) . صحيح البخارى 402/8 - 403 (1133)؛ مسند عبد بن حميد ص56 - 57 (83).

إدريس، حدّثنى الحصين بن عبدالرحمان، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان السلمى، عن على، ثمّ ذكر هذا الحديث. (1)

8463. الطحاوى : حدّثنا أحمد بن داوود، أنبأنا سهل بن بكّار، حدّثنا أبوعوانة، عن الحصين، عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبدالرحمان، قال: سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والزبير بن العوّام وأبامرثد وكلّنا فارس، قال: انطلقوا حتّي تبلغوا روضة كذا وكذا، فإنّ ثمّ امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبى بلتعة إلي المشركين، فأتونى بها.

فانطلقنا علي أفراسنا، فأدركناها حيث قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم تسير علي بعير لها، وكتب معها إلي أهل مكّة فى مسير رسول الله صلّى الله عليه و سلّم إليهم، قلنا: أين الكتاب الّذى معك ؟ قالت: ما معى كتاب، فأنخنا بها بعيرها وابتغينا فى رحلها، فلم نجد شيئاً، فقال صاحباى: ما نري معها شيئاً.

قال: قلت: لقد علمنا ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فقال: بالّذى أحلف به لتخرجنّ الكتاب أو لاُجرّدنّك! فأهوت إلي حجزتها وهى محتجزة بكساء، فأخرجت الكتاب، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقال عمر: يا رسول الله، إنّه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، دعنى أضرب عنقه فقال: ما حملك علي ما صنعت ؟

فقال: ما بى أن لا أكون مؤمناً بالله ورسوله، غير أنّى أردت أن تكون لى يد عند القوم يدفع الله بها عن أهلى ومالى، وليس من أصحابك أحد الّا له من قومه من يدفع الله به عن أهله وماله.

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : صدق، لا تقولوا له الّا خيراً.

فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله، إنّه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، دعنى أضرب عنقه.

فقال: وما يدريك ؟ لعلّ الله تعالي نظر إلي أهل بدر نظرة فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنّة. فاغرورقت عيناه وقال: الله ورسوله أعلم. (2)

ص:19


1- (1) . شرح مشكل الآثار 272/11 (4439). ويعنى بهذا الحديث, الحديث التالى.
2- (2) . شرح مشكل الآثار 270/11 - 272 (4438).

8464. أحمد : حدّثنا عفّان، حدّثنا أبوعوانة، حدّثنا حصين، حدّثنى سعد بن عبيدة، قال:

تنازع أبوعبدالرحمان السلمى وحبّان بن عطيّة، فقال أبوعبدالرحمان لحبّان: قد علمت ما الّذى جرّأ صاحبك -يعنى عليّاً- ، قال: فما هو لا أباً لك ؟ قال: قول سمعته يقوله، قال: بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والزبير وأبامرثد وكلّنا فارس، قال: انطلقوا حتّي تبلغوا روضة خاخ، فإنّ فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبى بلتعة إلي المشركين، فائتونى بها.

فانطلقنا علي أفراسنا حتّي أدركناها حيث قال لنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم تسير علي بعير لها، قال: وكان كتب إلي أهل مكّة بمسير رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقلنا لها: أين الكتاب الّذى معك ؟ قالت: ما معى كتاب. فأنخنا بها بعيرها، فابتغينا فى رحلها، فلم نجد فيه شيئاً، فقال صاحباى: ما نري معها كتاباً. فقلت: لقد علمتما ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ثمّ حلفت: والّذى أحلف به لئن لم تخرجى الكتاب لاُجرّدنّك. فأهوت إلي حجزتها وهى محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة. فأتوا بها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

8465. البخارى : حدّثنا موسي بن إسماعيل، حدّثنا أبوعوانة، عن حصين، عن فلان، قال:

تنازع أبوعبدالرحمان وحبّان بن عطيّة، فقال أبوعبدالرحمان لحبّان: لقد علمت الّذى جرّأ صاحبك علي الدماء - يعنى عليّاً - ، قال: ما هو لا أباً لك ؟ قال: شىء سمعته يقوله. قال: ما هو؟ قال:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والزبير وأبامرثد وكلّنا فارس، قال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة حاج -قال أبوسلمة: هكذا قال أبوعوانة: حاج- فإنّ فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبى بلتعة إلي المشركين فائتونى بها.

فانطلقنا علي أفراسنا حتّي أدركناها حيث قال لنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم تسير علي بعير لها، وكان كتب إلي أهل مكّة بمسير رسول الله صلّى الله عليه و سلّم إليهم، فقلنا: أين الكتاب الّذى معك ؟ قالت: ما معى

ص:20


1- (1) . مسند أحمد 105/1 (827), [1] وص 131 (1090).

كتاب. فأنخنا بها بعيرها فابتغينا فى رحلها فما وجدنا شيئاً. فقال صاحباى: ما نري معها كتاباً.

قال: فقلت: لقد علمنا ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ثمّ حلف على: والّذى يحلف به لتخرجنّ الكتاب أو لاُجرّدنّك. فأهوت إلي حجزتها وهى محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة، فأتوا بها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

8466. البخارى : حدّثنى محمّد بن عبدالله بن حوشب الطائفى، قال: حدّثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن سعد بن عبيدة:

عن أبى عبدالرحمان - وكان عثمانيّاً - فقال لابن عطيّة -وكان علويّاً- : إنّى لأعلم ما الّذى جرّأ صاحبك علي الدماء؟ سمعته يقول: بعثنى النبى صلّى الله عليه و سلّم والزبير، فقال: ائتوا روضة كذا وتجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتاباً.

فأتينا الروضة فقلنا: الكتاب. قالت: لم يعطنى. فقلنا: لتخرجنّ أو لاُجرّدنّك. فأخرجت من حجزتها ... . (2)

8467. الحاكم : أنبأ أبوبكر بن إسحاق، أنبأ إسماعيل بن قتيبة، حدّثنا يحيي بن يحيي، أنبأ هشيم، عن حصين، عن سعد بن عبيدة:

عن أبى عبدالرحمان السلمى وحبّان بن عطية السلمى أنّهما كانا يتنازعان فى على وعثمان - رضى الله عنهما - وكان حيّان يحبّ عليّاً رضي الله عنه وكان أبوعبدالرحمان يحبّ عثمان رضي الله عنه ، فقال أبوعبدالرحمان: سمعته يحدّث - يعنى عليّاً رضي الله عنه - قال:

كتب حاطب بن أبى بلتعة إلي مكّة أنّ محمّداً يريد أن يغزوكم بأصحابه، فخذوا حذركم: ودفع كتابه إلي امرأة يقال لها سازة، فجعلته فى إزارها أو فى ذؤابة من ذوائبها فانطلقت، فأطلع الله رسول الله صلّى الله عليه و سلّم علي ذلك.

ص:21


1- (1) . صحيح البخارى 629/9 - 630 (1775), وقال: قال أبوعبدالله: خاخ أصحّ , ولكن قال أبوعوانة: حاج, وحاج تصحيف وهو موضع, وهشيم يقول: خاخ.
2- (2) . صحيح البخارى 499/4 - 500 (1254).

قال على: فبعثنى ومعى الزبير بن العوّام وأبومرثد الغنوى وكلّنا فارس، قال: انطلقوا، فإنّكم ستلقونها بروضة كذا وكذا، ففتّشوها فإنّ معها كتاباً إلي أهل مكّة من حاطب.

فانطلقنا فوافقناها فقلنا: هاتى الكتاب الّذى معك إلي أهل مكّة. فقالت: ما معى كتاب. قال: قلت: ما كذبت ولا كذبت، لتخرجنّه أو لاُجرّدنّك: فلمّا عرفت أنّى فاعل أخرجت الكتاب، فأخذناه فانطلقنا به إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ففتحه فقرأه، فإذا فيه: من حاطب إلي أهل مكّة، أمّا بعد، فإنّ محمّداً يريدكم فخذوا حذركم وتأهّبوا - أو كما قال- .

فلمّا قرأ الكتاب أرسل إلي حاطب فقال له: أ كتبت هذا الكتاب ؟ قال: نعم. قال فما حملك علي ذلك ؟

قال: يا رسول الله، أما والله ما كفرت منذ أسلمت وإنّى لمؤمن بالله ورسوله، وما حملنى علي ما صنعت من كتابى إلي أهل مكّة الّا أنّه لم يكن أحد من أصحابك الّا وله هناك بمكّة من يدفع عن أهله وماله، ولم يكن لى هناك أحد يدفع عن أهلى ومالى، فأحببت أن أتّخذ عند القوم يداً، وإنّى لأعلم أنّ الله سيظهر رسوله عليهم.

قال: فصدّقه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وقبل قوله.

قال: فقام عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، دعنى فأضرب عنقه، فإنّه قد خان الله والمؤمنين. فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : يا عمر، إنّه من أهل بدر، وما يدريك لعلّ الله اطّلع عليهم فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. (1)

8468. الشافعى وابن أبى شيبة وأحمد والحميدى وابن المدينى وأبوخيثمة وابن راهويه والعدنى ومسدّد : أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمّد، عن عبيدالله بن أبى رافع، قال: سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول:

بعثنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ فإنّ بها ظعينة معها كتاب [فخذوه منها].

ص:22


1- (1) . عنه البيهقى فى السنن الكبري 147/9 ، كتاب السير، باب المسلم يدلّ المشركين علي عورة المسلمين.

فخرجنا تعادي بنا خيلنا [حتّي أتينا الروضة] فإذا نحن بظعينة (1)، فقلنا: أخرجى الكتاب. فقالت: ما معى [من] كتاب. فقلنا لها: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلي ناس من المشركين ممّن بمكّة يخبر ببعض أمر النبى صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

8469. البزّار : حدّثنا أحمد بن أبان القرشى، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمّد، عن عبيدالله بن أبى رافع - وكان كاتباً لعلى - أنّه سمع عليّاً يقول:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، أنا والمقداد والزبير، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها. فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتّي أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا: أخرجى الكتاب. فقالت: ما معى كتاب. فقلت: لتخرجنّ الكتاب أو لتلقينّ الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا فيه: من حاطب بن

ص:23


1- (1) . الظعينة: أصلها الراحلة الّتى يرحل ويظعن عليها, أى يسار، وقيل للمرأة ظعينة؛ لأنّها تظعن مع الزوج حيثما ظعن، أو لأنّها تحمل علي الراحلة إذا ظعنت. وقيل: الظعينة: المرأة فى الهودج، ثمّ قيل للهودج بلا امرأة وللمرأة بلا هودج ظعينة. النهاية 157/3 « [1]ظعن».
2- (2) . مسند الشافعى ص316 ، ومن كتاب الاُساري والغلول وغيره، وعنه الواحدى فى الوسيط 281/4 - 282 ، [2] ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة، وأسباب النزول ص346 - 347 ، [3] ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة، والبيهقى فى السنن الكبري 146/9، كتاب السير، باب المسلم يدلّ المشركين علي عورة المسلمين؛ ورواه أبوالشيخ فى أخلاق النبى ص48 - 49 ، ما روي من عفوه وصفحه، عن ابن أبى عاصم، عن ابن أبى شيبة؛ مسند أحمد 79/10 (600), [4] وما بين المعقوفات منه؛ مسند الحميدى 27/1 (49), وعنه البيهقى فى شعب الإيمان 39/7 (9372)؛ [5] والبخارى فى صحيحه 530/6 (1314) و 475/4 (1189), عن ابن المدينى؛ ورواه أبويعلي فى مسنده 321/1 (398), عن أبى خيثمة، ورواه مسلم عن أبى خيثمة وابن أبى شيبة وابن راهويه والعدنى وغيرهم كما فى الحديث التالى؛ ورواه الترمذى فى الجامع الكبير 333/5 (3305), عن العدنى؛ وأبوداوود فى سننه 64/3 (2650), عن مسدّد. ورواه البيهقى بطرق عديدة فى دلائل النبوّة 14/5 - 18 ، باب ما جاء فى كتاب حاطب بن أبى بلتعة. [6]

أبى بلتعة إلي ناس من المشركين بمكّة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (1)

8470. مسلم : حدّثنا أبوبكر بن أبى شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن أبى عمر -واللفظ لعمرو، قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخرون: - حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن الحسن بن محمّد، أخبرنى عبيدالله بن أبى رافع -وهو كاتب على- , قال: سمعت عليّاً رضي الله عنه وهو يقول:

بعثنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير والمقداد، فقال: ائتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب. فخذوه منها.

فانطلقنا تعادي بنا خيلنا، فإذا نحن بالمرأة، فقلنا: أخرجى الكتاب. فقالت: ما معى كتاب. فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لتلقينّ الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلي ناس من المشركين من أهل مكّة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

8471. أبويعلي : حدّثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقانى، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، أخبرنى الحسن بن محمّد؛ أنّ عبيدالله كاتب على أخبره؛ أنّه سمع عليّاً يقول:

بعثنى رسول الله أنا والزبير والمقداد - قال سفيان: هؤلاء فرسان المؤمنين - ، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فذكر نحوه. (3)

8472. أبويعلي : حدّثنا عبيدالله بن عمر الجشمى وأبوخيثمة، قالا: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمّد، عن عبيدالله بن أبى رافع -كاتب على- ، قال: سمعت عليّاً يقول:

ص:24


1- (1) . البحر الزخّار 162/2 - 163 (530).
2- (2) . صحيح مسلم 1941/4 - 1942 (2494).
3- (3) . مسند أبى يعلي 317/1 (395)، وقوله: «نحوه», راجع إلي الحديث الّذى سيأتى هنا برواية عبيدالله بن عمر وأبى خيثمة عن سفيان.

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها.

فانطلقنا نتعادي حتّي أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجى الكتاب. فقالت: ما معى كتاب. فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنفتّشنّ الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلي أهل مكّة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

8473. البيهقى : أخبرنا السيّد أبوالحسن محمّد بن الحسين العلوى رحمه الله ، أخبرنا عبدالله بن محمّد بن الحسن الشرقى، حدّثنا عبدالله بن هاشم بن حيّان الطوسى، حدّثنا سفيان بن عيينة.

حيلولة: وأخبرنا أبومحمّد عبدالله بن يوسف الأصبهانى، أخبرنا أبوسعيد أحمد بن محمّد بن زياد البصرى، حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصبّاح الزعفرانى، حدّثنا عبدالجبّار، حدّثنا سفيان، سمعناه من عمرو يقول: أخبرنى حسن بن محمّد، أخبرنى عبيدالله بن [أبى]رافع - وهو كاتب على - , قال: سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير والمقداد قال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها.

فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتّي أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا لها: أخرجى الكتاب. فقالت: ما معى من كتاب. فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فإذا فيه من حاطب بن أبى بلتعة إلي ناس من قريش من المشركين من أهل مكّة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

8474. ابن حبّان : أخبرنا عمر بن محمّد الهمدانى، حدّثنا عبدالجبّار بن العلاء، حدّثنا

ص:25


1- (1) . مسند أبى يعلي 316/1 (394).
2- (2) . شعب الإيمان 38/7 - 39 (9371). [1]

سفيان ... مثله، الّا أنّ فيه زيادة: «وطلحة» بعد اسم الزبير. وفيه: «الله لتخرجنّ الكتاب». (1)

8475. الطبرى : حدّثنى عبيد بن إسماعيل الهبارى والفضل بن الصبّاح، قالا: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن حسن بن محمّد بن على، أخبرنى عبيدالله بن أبى رافع، قال: سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير بن العوّام والمقداد -قال الفضل: قال سفيان: نفر من المهاجرين- فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها.

فانطلقنا تتعادي بنا خيلنا حتّي انتهينا إلي الروضة، فوجدنا امرأة، فقلنا: أخرجى الكتاب، قالت: ليس معى كتاب، قلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب. فأخرجته من عقاصها، وأخذنا الكتاب، فانطلقنا به إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلي ناس بمكّة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

8476. الطحاوى : حدّثنا عيسي بن إبراهيم الغافقى، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرنى الحسن بن محمّد بن على، أنّه سمع عبيدالله بن أبى رافع يقول: سمعت عليّاً يقول:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها. فانطلقنا تتعادي بنا خيلنا حتّي أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجى الكتاب. فقالت: ما معى كتاب. فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنقلبنّ الثياب! فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (3)

8477. النسائى : أخبرنا محمّد بن منصور، قال: حدّثنا سفيان، قال: حفظته عن عمرو.

وأخبرنا عبيدالله بن سعيد، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو، قال: أخبرنى الحسن بن

ص:26


1- (1) . صحيح ابن حبّان 424/14 - 425 (6499).
2- (2) . جامع البيان 14/ الجزء 58/28 - 59 ، [1] ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة.
3- (3) . شرح مشكل الآثار 269/11 (4437).

محمّد، قال: أخبرنى عبيدالله بن أبى رافع أنّ عليّاً أخبره، قال:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والمقداد والزبير، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب، فخذوا منها.

فانطلقنا حتّي أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجى الكتاب. فأخرجته من عقاصها، فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلي ناس من أهل مكّة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فأتينا به النبى صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

8478. البخارى : حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرنى الحسن بن محمّد أنّه سمع عبيدالله بن أبى رافع يقول: سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول:

بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتّي تأتوا روضة خاخ، فإنّ [بها] ظعينة معها كتاب فخذوا منها.

قال: فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتّي أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة، قلنا لها: أخرجى الكتاب. قالت: ما معى كتاب. فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب.

قال: فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فإذا فيه: من حاطب بن أبى بلتعة إلي ناس بمكّة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

عمر بن الخطّاب

8479. القزّاز : حدّثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامى، حدّثنا عكرمة بن عمّار، حدّثنا أبوزميل، قال: قال ابن عبّاس: قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه :

كتب حاطب بن أبى بلتعة إلي أهل مكّة، فأطلع الله تعالي عليه نبيّه صلّى الله عليه و سلّم ، فبعث عليّاً

ص:27


1- (1) . السنن الكبري 296/10 - 297 (11521). [1] ورواه عبيدالله بن عمر، عن سفيان، كما تقدّم قريباً عن مسند أبى يعلي.
2- (2) . صحيح البخارى 260/5 (731)، وعنه البغوى فى معالم التنزيل 328/4 ، [2] ذيل الآية 1 من سورة الممتحنة. ورواه محمّد بن منصور، عن سفيان، كما تقدّم قريباً عن النسائى.

والزبير فى أثر الكتاب، فأدركا امرأة علي بعير، فاستخرجاه من قرن من قرونها فأتيا به نبى الله صلّى الله عليه و سلّم فقرئ عليه ... . (1)

8480. الطحاوى : حدّثنا يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق، قالا: حدّثنا عمر بن يونس، حدّثنا عكرمة بن عمّار، حدّثنا أبوزميل، حدّثنى عبدالله بن عبّاس، حدّثنى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، قال:

كتب حاطب بن أبى بلتعة إلي أهل مكّة، فأطلع الله نبيّه صلّى الله عليه و سلّم ، فبعث عليّاً والزبير فى أثر الكتاب، فأدركا امرأة فأخرجاه من قرن من قرونها، فأتيا به النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فقرئ عليه، فأرسل إلي حاطب فقال: يا حاطب، أنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال: نعم يا رسول الله.

قال: فما حملك علي ذلك ؟ قال: يا رسول الله أما والله إنّى لناصح لله ولرسوله، ولكنّى كنت غريباً فى أهل مكّة، وكان أهلى بين ظهرانيّهم فخشيت عليهم، فكتبت كتاباً لا يضرّ الله ورسوله شيئاً، وعسي أن يكون فيه منفعة لأهلى.

قال عمر: فاخترطت سيفى ثمّ قلت: يا رسول الله أمكنّى من حاطب، فإنّه قد كفر، لأضرب عنقه فقال النبى صلّى الله عليه و سلّم : يا ابن الخطّاب، وما يدريك ؟ لعلّ الله اطّلع علي هذه العصابة من أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم. (2)

8481. البزّار : حدّثنا محمّد بن المثنّي، حدّثنا عمر بن يونس، قال: حدّثنا عكرمة بن عمّار، قال: حدّثنا أبوزميل، قال: حدّثنا ابن عبّاس، قال: قال عمر بن الخطّاب:

كتب حاطب بن أبى بلتعة كتاباً إلي أهل مكّة، فأطلع الله عليه نبيّه، فبعث عليّاً والزبير فى أثر الكتاب، فأدركا امرأة علي بعير، فاستخرجا من قرن من قرونها, ما قال لهما (3) نبى الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (4)

ص:28


1- (1) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 77/4 (6966), والباقى مثل الحديث التالى.
2- (2) . شرح مشكل الآثار 268/11 - 269 (4436).
3- (3) . فى الأصل: «لهم», وما أثبتناه من كشف الأستار.
4- (4) . البحر الزخّار 308/1 - 309 (197), [1] وعنه الهيثمى فى كشف الأستار 255/3 (2695).

يزيد بن رومان

8482. الواقدى : حدّثنى المنذر بن سعد، عن يزيد بن رومان، قال:

لمّا أجمع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم المسير إلي قريش وعلم بذلك الناس كتب حاطب بن أبى بلتعة إلي قريش يخبرهم بالّذى أجمع عليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأعطي الكتاب امرأة من مزينة، وجعل لها جعلاً علي أن توصله قريشاً، فجعلته فى رأسها ثمّ فتلت عليه قرونها، فخرجت.

وأتي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث عليّاً والزبير، فقال: أدركا امرأة من مزينة، قد كتب معها حاطب كتاباً يحذر قريشاً. فخرجا فأدركاها بالحليفة (1)، فاستنزلاها فالتمساه فى رحلها فلم يجدا شيئاً، فقالا لها: إنّا نحلف بالله ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ولا كذبنا، ولتخرجنّ هذا الكتاب أو لنكشفنّك!

فلمّا رأت منهما الجدّ قالت: أعرضا عنّى, فأعرضا عنها، فحلّت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب فدفعته إليهما، فجاءا به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (2)

ما ورد مرسلاً

8483. ابن سعد : تجهّز رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأخفي أمره وأخذ بالأنقاب وقال: اللهمّ خذ علي أبصارهم فلا يرونى الّا بغتة، فلمّا أجمع المسير كتب حاطب بن أبى بلتعة إلي قريش يخبرهم بذلك، فبعث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب والمقداد بن عمرو، فأخذا رسوله وكتابه فجاءا به إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (3)

8484. ابن حبّان : كتب حاطب بن أبى بلتعة كتاباً إلي قريش يخبر بالّذى قد أجمع عليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ثمّ أعطاه امرأة من مزينة وجعل لها جعلاً علي أن تبلغه قريشاً، فجعلته فى رأسها ثمّ فتلت عليه قرونها ثمّ خرجت، وأخبر الله رسوله صلّى الله عليه و سلّم بما فعل

ص:29


1- (1) . الظاهر الصحيح ما أثبتناه, وفى الأصل: «الخليفة».
2- (2) . المغازى 797/2 - 798 ، [1] شأن غزوة الفتح.
3- (3) . الطبقات الكبري 102/2 ، [2] غزوة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم عام الفتح.

حاطب، فبعث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب والزبير بن العوّام وقال: أدركا امرأة من مزينة قد كتب معها حاطب بكتاب إلي قريش يحذّرهم ما قدمنا عليه.

فخرجا حتّي أدركاها بالحُلَيفة فاستنزلا والتمسا فى رحلها فلم يجدا شيئاً، فقال لها على: إنّى أحلف بالله أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ما كذب ولا كذبنا، إمّا أن تخرجى الكتاب والّا نكشفنّك!

فلمّا رأت الجدّ قالت: أعرض عنّى، فأعرض عنها على، فحلّت قرون رأسها واستخرجت الكتاب فدفعته إليه، فجاء به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

8485. ابن حزم : كتب حاطب بن أبى بلتعة إلي قريش كتاباً يخبرهم فيه بقصد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فأتي الخبر بذلك إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من عند الله تعالي، فدعا على بن أبى طالب والزبير والمقداد -وهم فرسان- فقال لهم: انطلقوا إلي روضة خاخ، فإنّ بها ظعينة معها كتاب لقريش.

فانطلقوا، فلمّا أتوا المكان الّذى وصف لهم رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجدوا المرأة فأناخوا بها، ففتّشوا رحلها كلّه فلم يجدوا شيئاً، فقالوا: والله ما كذب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فقال على: والله لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثياب. فحلّت قرون رأسها، فأخرجت الكتاب منها، فأتوا به النبى صلّى الله عليه و سلّم . (2)

الثانى: حمله عليه السّلام الراية وقيادته لفرقة من الجيش

برواية:

1. ضرار بن الخطّاب-4. أبى مروان الأسلمى

2. عبدالله بن عبّاس-5. ما ورد مرسلاً

3. عبدالله بن أبى نجيح

1. ضرار بن الخطّاب

8486. الواقدى : حدّثنى ابن أبى سبرة، عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل، عن أهله، قالوا:

ص:30


1- (1) . الثقات 41/2 ، حوادث السنة الثامنة.
2- (2) . جوامع السيرة ص226 ، [1] غزوة فتح مكّة.

دخل والله سعد بلوائه حتّي غرزه بالحجون.

وقال ضرار بن الخطّاب الفهرى: ويقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أمر عليّاً رضي الله عنه فأخذ اللواء، فذهب على عليه السّلام بها حتّي دخل بها مكّة فغرزها عند الركن. (1)

عبدالله بن عبّاس

8487. محمّد بن عثمان بن أبى شيبة : حدّثنا عون بن س -

ص:31


1- (1) . المغازى 822/2 ، [1] شأن غزوة الفتح.

أبومروان الأسلمى

8489. الواقدى : حدّثنى سعيد بن عطاء بن أبى مروان، عن أبيه، عن جدّه، قال:

أرسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أسماء بن حارثة وهند بن حارثة إلي أسلم ... وبعث إلي بنى كعب بن عمرة بشر بن سفيان وبديل بن ورقاء، فلقيه بنوكعب بقُدَيد، وخرج معه من بنى كعب من كان بالمدينة.

وعسكر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ببئر بنى عنبة، وعقد الألوية والرايات، فكان فى المهاجرين ثلاث رايات: راية مع الزبير، وراية مع على عليه السّلام ، وراية مع سعد بن أبى وقّاص ... . (1)

ما ورد مرسلاً

8490. البغوى : [فى حديث يذكر فيه فتح مكّة، وأنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله أعطي الزبير رايته] ... فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لعلى بن أبى طالب: أدركه فخذ الراية منه، فكن أنت الّذى تدخل بها، فلم يكن يا على من قبل الزبير قتال. 2

8491. الواقدى : وكان على ممّن ثبت مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يوم احد حين انهزم الناس، وبايعه علي الموت ... وكان معه إحدي رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكّة ... . 3

8492. ابن الأثير : أخذ رسول الله اللواء من سعد وأعطاه ابنه قيساً، وقيل: أعطي اللواء الزبير بن العوّام، وقيل: أمر عليّاً فأخذ اللواء ودخل به مكّة. 4

8493. ابن حبّان : لمّا بلغ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ذا طوي فرّق جنوده فبعث عليّاً من ثنية

ص:32


1- (1) . المغازى 799/2 - 800 ، [1] شأن غزوة الفتح.

المدنيّين، وبعث الزبير من الثنية الّتى تطلع علي الحَجون ... . (1)

الثالث: قتله عليه السّلام الحويرث بن نقيذ

برواية:

1. سعيد بن يربوع-2. ما ورد مرسلاً

1.سعيد بن يربوع

8494. على بن حرب وابن المدينى : حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنى عمرو (2) بن عثمان بن عبدالرحمان بن سعيد المخزومى، حدّثنى جدّى، عن أبيه سعيد - وكان يسمي الصرم - :

أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال يوم فتح مكّة: أربعة لا اؤمّنهم فى حلّ ولا حرم: الحويرث بن نقيذ (3)، ومقيس بن ضبابة (4)، وهلال بن خطل، وعبدالله بن سعد بن أبى سرح. فأمّا حويرث فقتله على رضي الله عنه ... . (5)

8495. أبوالقاسم البغوى والمحاملى : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيي القطّان، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنى عمر بن عثمان بن عبدالرحمان بن الصرم (6)، حدّثنى جدّى، عن أبيه:

أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال يوم الفتح: أربعة لا اؤمّنهم فى حلّ ولا حرم: الحويرث بن نقيذ بن عبد قصى، وهلال بن خطل، وعبدالله بن أبى سرح، ومقيس بن صبابة، وقينتان كانتا

ص:33


1- (1) . الثقات 48/2 ، حوادث السنة الثامنة من الهجرة.
2- (2) . اختلفت المصادر فى اسمه بين «عمرو» و«عمر».
3- (3) . فى الأصل: «نفيل».
4- (4) . كذا فى الأصل، وفى سائر المصادر: «صبابة».
5- (5) . عنهما الطبرانى بإسناده إليهما فى المعجم الكبير 66/6 (5529), ورواه البيهقى من طريق الدارقطنى فى السنن الكبري 212/9 , كتاب الجزية, باب الحربى إذا لجأ إلي الحرم ... , وابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 32/29 , ترجمة عبدالله بن سعد ( [1]3310), كلاهما بإسنادهما إلي على بن حرب وحده.
6- (6) . الصرم هو سعيد بن يربوع، كان اسمه فى الجاهليّة: الصرم أو أصرم، فلمّا أسلم سمّاه رسول الله صلّى الله عليه و آله سعيداً. انظر: ترجمته فى تهذيب الكمال 111/11 - 112 (2380).

لمقيس بن صبابة. فقتل على عليه السّلام الحويرث ... . (1)

2.ما ورد مرسلاً

8496. ابن إسحاق : وكان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قد عهد إلي امرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكّة الّا يقتلوا أحداً الّا من قاتلهم، الّا أنّه قد عهد فى نفر سمّاهم؛ أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، منهم ... والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد قصى، وكان ممّن يؤذيه بمكّة ... وأمّا الحويرث بن نقيذ فقتله على بن أبى طالب رضي الله عنه . (2)

8497. الواقدى : أمّا الحويرث بن نقيذ من ولد قصى، فإنّه كان يؤذى النبى صلّى الله عليه و سلّم فأهدر دمه، فبينا هو فى منزله يوم الفتح قد أغلق بابه عليه، وأقبل على عليه السّلام يسأل عنه، فقيل: هو فى البادية، فاُخبر الحويرث أنّه يطلب، وتنحّي على عليه السّلام عن بابه، فخرج الحويرث يريد أن يهرب من بيت إلي بيت آخر فتلقّاه على فضرب عنقه. (3)

8498. الواقدى : قتل من المشركين صبراً بالسيف ابن خطل، قتله أبوبرزة، والحويرث بن نقيذ، قتله على بن أبى طالب عليه السّلام . (4)

8499. البلاذرى : قتل على بن أبى طالب رضي الله عنه الحويرث بن نقيذ بن بجير بن عبد بن قصى، وكان النبى صلّى الله عليه و سلّم أمر أن يقتله من وجده. (5)

8500. ابن حبّان : كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أمر بقتل ستّة أنفس من المشركين قبل قدومهم إلي مكّة، وقال: أى موضع رأيتم هؤلاء فاقتلوهم, عبدالله بن سعد بن أبى سرح،

ص:34


1- (1) . عنهما ابن عساكر بإسناده إليهما فى تاريخ مدينة دمشق 31/29 - 32 ، ترجمة عبدالله بن سعد ( [1]3310)، وقال: وفى حديث المحاملى: الحارث بن نقيذ بن عمرو بن قصى، كذا قال: ولم يرد فيه عن أبيه.
2- (2) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 58/3 - 60 ، حوادث سنة ثمان من الهجرة، ذكر الخبر عن فتح مكّة.
3- (3) . المغازى 857/2 ، [2] شأن غزوة الفتح.
4- (4) . المغازى 875/3 ، [3] شأن هدم العزّي.
5- (5) . فتوح البلدان 46/1 (136). [4]

وعبدالله بن خطل - رجل من بنى تميم بن غالب - , والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد [بن] قصى، ومقيس بن صبابة الليثى، [وعكرمة بن أبى جهل] (1) وسارة مولاة كانت لبعض بنى عبدالمطّلب ... .

أمّا الحويرث بن نقيذ فقتله على بن أبى طالب. (2)

8501. ابن الأثير : جبير بن الحويرث بن نقيذ بن عبد بن قصى بن كلاب ... قتل أبوه الحويرث يوم فتح مكّة، قتله على. (3)

8502. ابن الأثير : روي سعيد بن يربوع بن عنكثة قصّة ابن خطل والحويرث بن نقيذ وابن أبى سرح ومقيس بن صبابة، وأنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أمر بقتلهم، فأمّا حويرث فقتله على ... . (4)

8503. ابن حزم : أمّا الحويرث بن نقيذ وكان يؤذى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بمكّة، فقتله على بن أبى طالب يوم الفتح. (5)

الرابع: كسره عليه السّلام الأصنام

برواية:

1. جابر بن عبدالله-3. أبى هريرة

2. عبدالله بن عبّاس

1.جابر بن عبدالله

8504. مسدّد : حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن أبى هريرة، قال:

ص:35


1- (1) . من تاريخ الطبرى 58/3 , حوادث سنة ثمان من الهجرة.
2- (2) . الثقات 52/2 - 53 ، حوادث السنة الثامنة من الهجرة.
3- (3) . اسد الغابة 270/1 ، [1] ترجمة جبير بن الحويرث.
4- (4) . اسد الغابة 317/2 ، ترجمة سعيد بن [2]يربوع.
5- (5) . جوامع السيرة ص233 ، [3] غزوة فتح مكّة.

قال لى جابر بن عبدالله: دخلنا مع النبى صلّى الله عليه و آله مكّة وفى البيت وحوله ثلاثمئة وستّون صنماً يُعبد من دون الله، فأمر بها رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فألقيت كلّها لوجهها، وكان علي البيت صنم طويل يقال له: هبل، فنظر رسول الله إلي أميرالمؤمنين وقال له: يا على، تركب على أو أركب عليك لاُلقى هبل عن ظهر الكعبة ؟

[قال أميرالمؤمنين عليه السّلام :] قلت: يا رسول الله، بل تركبنى. فلمّا جلس علي ظهرى لم أستطع حمله لثقل الرسالة، فقلت: يا رسول الله، [بل] أركبك، فضحك ونزل فطأطأ لى ظهره واستويت عليه، فوالّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أردت أن أمسّ السماء لمسستها بيدى فألقيت هبل عن ظهر الكعبة، فأنزل الله تعالي: قُلْ جاءَ الْحَقُّ يعنى قول: لا إله الّا الله، محمّد رسول الله وَ زَهَقَ الْباطِلُ يعنى وذهب عبادة الأصنام إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (1) يعنى ذاهباً. ثمّ دخل البيت فصلّي فيه ركعتين. (2)

2.عبدالله بن عبّاس

8505. العاصمى : سمعت الاُستاذ أبابكر محمّد بن إسحاق بن محمشاذ يرفعه إلي ميمون بن مهران، أنّه قال:

كنت مع عبدالله بن عبّاس فى الطواف فإذاً هو بشابّ متعلّق بأستار الكعبة وهو يقول: اللهمّ إنّى أبرأ إليك من على بن أبى طالب وممّا أحدث فى الإسلام! فقال لى ابن عبّاس: ادع إلى ذلك الشابّ .

قال: فدعوته إليه، فجاء وجلس عن يمين ابن عبّاس، فقال له ابن عبّاس: من أنت ؟ وما اسمك ؟ قال: أنا زمعة بن خارجة الخارجى. فقال له ابن عبّاس: يا زمعة، وما أحدث على فى الإسلام ؟ قال: إنّه قتل المسلمين يوم الجمل وصفّين!

فقال له ابن عبّاس: إنّك بغى الرأى مخذول الرأس ؟ إنّ على بن أبى طالب شهر سيفه

ص:36


1- (1) . الإسراء/ 81 . [1]
2- (2) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 530/1 - 531 (480). [2]

علي من خرج علي الاُمّة وقابل الأئمّة، [و] لو لم يكن لعلى الّا أربع خصال وسوابق لو قسّمت علي جميع الخلائق لوسعتهم.

قال [الخارجى]: وما هى يا ابن عبّاس ؟ اعددها على لأتوب إليك.

قال: ... والرابعة: لمّا كان فتح مكّة وسكن الناس وسقطت الشمس للمغيب قال النبى -صلّي الله عليه- لعلى: يا على، انطلق بنا حتّي نكسر صنم بنى خزاعة -وكان لبنى خزاعة صنم عند الميزاب- ، فانطلقا فلمّا انتهيا إليه انحني على وقال: ارق يا رسول الله.

فقال له النبى -صلّي الله عليه- : إنّك لا تقدر علي حملى؛ ولا أهل الدنيا كلّهم يقدرون علي أن يحملوا عضواً من أعضاء نبى.

فوضع النبى -صلّي الله عليه- رجله علي كتف على، فكاد على ينكسر فاستغاث بالنبى -صلّي الله عليه- وقال: الأمان يا رسول الله، فقد كادت أعضائى تختلف بعضها فى بعض!

فرفع النبى -صلّي الله عليه- رجله عن كتف على وقال: يا على، ذلك ثقل النبوّة، ثمّ قال: ارق [علي كتفى]، وانحني النبى -صلّي الله عليه- فارتقي على -وكان طول الكعبة أربعين ذراعاً- فقال له النبى -صلّي الله عليه- : يا على، هل وصلت ؟ قال: يا رسول الله، والله لو أردت أن أمسّ السماء لمسستها.

فأخذ الصنم وطرحه علي الأرض، وألقي نفسه [أيضاً] علي الأرض، فسقط سقطة ثمّ وثب وهو يضحك، فقال له النبى -صلّي الله عليه- : ما لك تضحك يا على ؟ قال: إنّما أضحك إذ لم يصبنى نكبة.

فقال له النبى -صلّي الله عليه- : كيف يصبك الألم وحملك محمّد ونزل بك جبرئيل ؟ (1)

8506. الزمخشرى : عن ابن عبّاس - رضى الله عنهما - , [قال]:

كانت [الأصنام] لقبائل العرب يحجّون إليها وينحرون لها، فشكا البيت إلي الله - عزّ وجلّ -

ص:37


1- (1) . زين الفتي 155/1 (58). [1]

فقال: أى ربّ ، حتّي متي تعبد هذه الأصنام حولى دونك ؟! فأوحي الله إلي البيت إنّى سأحدث لك نوبة جديدة فأملأك خدوداً سجّداً يدفّون إليك دفيف النسور، يحنّون إليك حنين الطير إلي بيضها، لهم عجيج حولك بالتلبية.

ولمّا نزلت هذه الآية يوم الفتح قال جبريل عليه السّلام لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم : خذ مخصرتك ثمّ ألقها. فجعل يأتى صنماً صنماً وهو ينكث بالمخصرة فى عينه ويقول: جاء الحقّ وزهق الباطل. فينكب الصنم لوجهه حتّي ألقاها جميعاً، وبقى صنم خزاعة فوق الكعبة - وكان من قوارير صفر - فقال: يا على، ارم به. فحمله رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتّي صعد، فرمي به فكسره، فجعل أهل مكّة يتعجّبون ويقولون: ما رأينا رجلاً أسحر من محمّد صلّى الله عليه و سلّم ! وشكاية البيت والوحى إليه تمثيل وتخييل! (1)

3.أبوهريرة

8507. ابن المغازلى : أخبرنا أبونصر أحمد بن موسي بن [عبدالوهّاب] الطّحان -إجازة - ، عن القاضى أبي الفرج أحمد بن على بن جعفر بن محمّد بن المعلّي الخيوطى، حدّثنا محمّد بن الحسن الحسّانى، حدّثنا محمّد بن غياث، حدّثنا هدبة بن خالد، حدّثنا حمّاد بن زيد، عن على بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيّب، عن أبى هريرة، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله لعلى بن أبى طالب يوم فتح مكّة: أما تري هذا الصنم بأعلي الكعبة ؟ قال: بلي يا رسول الله. قال: فأحملك فتناوله. فقال: بل أنا أحملك يا رسول الله. فقال صلّى الله عليه و آله : والله لو أنّ ربيعة ومضر جهدوا أن يحملوا منّى بضعة وأنا حى ما قدروا، ولكن قف يا على.

فضرب رسول الله صلّى الله عليه و آله بيده إلي ساقى على فوق القرنوس ثمّ اقتلعه من الأرض بيده فرفعه حتّي تبيّن بياض إبطيه ثمّ قال له: ما تري يا على ؟ قال: أري أنّ الله -عزّو جلّ - قد شرّفنى بك حتّي أنّى لو أردت أن أمسّ السماء لمسستها. فقال له: تناول الصنم يا على. فتناوله [على] ثمّ رمي به.

ص:38


1- (1) . الكشّاف 463/2 ، [1] ذيل الآية 81 من سورة الإسراء.

ثمّ خرج رسول الله صلّى الله عليه و آله من تحت على وترك رجليه، فسقط علي الأرض فضحك. فقال له: ما أضحكك يا على ؟ فقال: سقطت من أعلي الكعبة فما أصابنى شىء! فقال رسول الله صلّى الله عليه و آله : كيف يصيبك شىء وإنّما حملك محمّد، وأنزلك جبرئيل عليهما السّلام !؟ (1)

الخامس: تهديد النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم قريشاً بعلى عليه السّلام

وأنّه سيضربهم علي الدين

برواية: على بن أبى طالب عليه السّلام

تنبيه : سياق الروايات هنا يقتضي أنّه كان فى الحديبيّة، وقد مرّت روايات عديدة فى ذلك فى موضعه، لكنّ التصريح فى بدايتها بأنّه كان بعد فتح مكّة صار سبباً لذكرها هنا.

8508. ابن أبى غرزة : حدّثنا أبونعيم وأبوغسّان، قالا: حدّثنا شريك، عن منصور، عن ربعى بن حراش، حدّثنا على بن أبى طالب رضي الله عنه ، قال:

لمّا افتتح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مكّة أتاه ناس من قريش فقالوا: إنّه قد لحق بك ناس من موالينا وأرقّائنا ليس لهم رغبة فى الدين الّا فراراً من مواشينا وزرعنا.

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : والله يا معشر قريش، لتقيمنّ الصلاة ولتؤتنّ الزكاة أو لأبعثنّ عليكم رجلاً فيضرب أعناقكم علي الدين. ثمّ قال: أنا أو خاصف النعل.

قال على: وأنا أخصف نعل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (2)

8509. ابن أبى غرزة : حدّثنا محمّد بن سعيد الأصبهانى، حدّثنا شريك، عن منصور، عن ربعى بن حراش، عن على رضي الله عنه , قال:

لمّا افتتح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مكّة أتاه ناس من قريش فقالوا: يا محمّد، إنّا حلفاؤك وقومك وأنّه لحق بك أرقّاؤنا ليس لهم رغبة فى الإسلام وإنّما فرّوا من العمل فارددهم علينا. فشاور

ص:39


1- (1) . مناقب أهل البيت ص275 - 276 (244).
2- (2) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 298/4 - 299 (7819).

أبابكر فى أمرهم، فقال: صدقوا يا رسول الله. فقال لعمر: ما تري ؟ فقال: مثل قول أبى بكر.

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : يا معشر قريش، ليبعثنّ الله عليكم رجلاً منكم امتحن الله قلبه للإيمان فيضرب رقابكم علي الدين. فقال أبوبكر: أنا هو يا رسول الله ؟ قال: لا. قال عمر: أنا هو يا رسول الله ؟ قال: لا، ولكنّه خاصف النعل فى المسجد. وقد كان ألقي نعله إلي على يخصفها ... . (1)

السادس: شدّته عليه السّلام علي الكفّار

برواية:

1. امّ هانئ-2. ما ورد مرسلاً

1.اُمّ هانئ

8510. ابن إسحاق : حدّثنى سعيد بن أبى هند، عن أبى مرّة -مولي عقيل بن أبى طالب- أنّ امّ هانئ بنت أبى طالب قالت:

لمّا نزل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بأعلي مكّة فرّ إلى رجلان من أحمائى، من بنى مخزوم - وكانت عند هبيرة بن أبى وهب المخزومى - ، قالت: فدخل على على بن أبى طالب أخى، فقال: والله لأقتلنّهما. فأغلقت عليهما باب بيتى، ثمّ جئت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو بأعلي مكّة، فوجدته يغتسل من جفنة إنّ فيها لأثر العجين، وفاطمة ابنته تستره بثوبه، فلمّا اغتسل أخذ ثوبه، فتوشّح به، ثمّ صلّي ثمانى ركعات من الضحي، ثمّ انصرف إلى، فقال: مرحباً وأهلاً يا امّ هانئ، ما جاء بك ؟ فأخبرته خبر الرجلين وخبر على.

فقال: قد أجرنا من أجرت، وأمنّا من أمّنت، فلا يقتلهما. (2)

ص:40


1- (1) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 137/2 - 138 (2614).
2- (2) . عنه ابن هشام فى السيرة النبويّة 53/4 - 54 ، [1] ذكر الأسباب الموجبة المسير إلي مكّة وذكر فتح مكّة, واللفظ له, وابن أبى شيبة فى المصنّف 407/7 (36917)، والطبرانى فى المعجم الكبير 420/24 (1020) و (1021)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار 323/3 ، كتاب الحجّة، فى فتح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مكّة عنوة, بأسانيدهم إليه.

8511. سعيد بن منصور : حدّثنا إسماعيل بن عيّاش، عن عبدالعزيز بن عبدالله، عن سعيد بن أبى هند أنّ أبامرّة -مولي عقيل بن أبى طالب- أخبره أنّ امّ هانئ أخبرته:

أنّها جاءت برجلين من بنى مخزوم يوم فتح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مكّة، فدخل عليها على فقال: ما هذا يا امّ هانئ ؟ لأقتلنّهما!

قالت: فأغلقت عليهما ثمّ ذهبت إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فوجدته يغتسل وابنته فاطمة تستره بثوب، فاغتسل ثمّ أخذ الثوب فالتحفه، ثمّ صلّي الضحي ثمان ركعات، ثمّ قال: ما لك يا امّ هانئ ؟ قلت: إنّى أجرت رجلين من أحمائى، فجاء على يريد أن يقتلهما.

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : قد أمنّا من أمّنت، وأجرنا من أجرت. (1)

8512. ابن راهويه : أخبرنا أبواُسامة، أخبرنا الوليد بن كثير المخزومى، عن سعيد بن أبى هند أنّ أبامرّة - مولي عقيل - حدّثه أنّ امّ هانئ حدّثته:

أنّ عليّاً دخل عليها فى غزوة الفتح بمكّة. قالت: فوجد عندى رجلين من أهل زوجى وقد استجارا بى، فأراد أن يقتلهما، فقلت: قد أجرتهما، فأبي الّا أن يقتلهما، فلمّا رأيت ذلك أغلقت باب بيتى عليهما ثمّ خرجت فأسرعت حتّي أتيت النبى صلّى الله عليه و سلّم وهو بأعلي مكّة، فلمّا رآنى رحّب بى، وقال: ما حاجتك ؟ فقلت: إنّ رجلين من أهل زوجى استجارا بى فدخل على على وهما عندى فأراد قتلهما، فقلت: إنّى قد أجرتهما، فأبي الّا أن يقتلهما، فأغلقت عليهما باب بيتى.

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : قد أجرنا من أجرت، وأمنّا من أمّنت ... . (2)

8513. عثمان بن أبى شيبة : حدّثنا أبواُسامة، عن الوليد بن كثير، عن سعيد بن أبى هند أنّ امّ هانئ بنت أبى طالب حدّثته:

أنّ على بن أبى طالب دخل عليها فى غزوة الفتح بمكّة، فوجد عندى رجلين من أهل

ص:41


1- (1) . عنه الطبرانى بإسناده إليه فى المعجم الكبير 421/24 (1022)، والمعجم الأوسط 37/10 (9086).
2- (2) . مسند ابن راهويه 16/5 - 17 (2113).

زوجى قد فرّا إلى فأراد أن يقتلهما، فلمّا رأيت ذلك أغلقت عليهما بابى، ثمّ ذهبت إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو بأعلي مكّة، فلمّا رأنى رحّب بى وقال: ما جاء بك يا امّ هانئ ؟ قلت: يا رسول الله، رجلين من أهل زوجى احتما بى، فوجدهما على عندى، فزعم أنّه قاتلهما، فجئتك فى ذلك.

فقال: قد أجرنا من أجرت، وأمنّا من أمّنت ... . (1)

8514. الطبرانى : حدّثنا مطّلب بن شعيب الأزدى، حدّثنا عبدالله بن صالح، حدّثنا الليث، حدّثنى يزيد بن أبى حبيب، عن سعيد بن أبى هند أنّ أبامرّة -مولي عقيل- حدّثه أنّ امّ هانئ بنت أبى طالب حدّثته:

أنّه لمّا كان يوم الفتح فرّ إليها رجلان من بنى مخزوم فأجارتهما، دخل على على فقال: لأقتلنّهما. فلمّا سمعته يقول ذلك أتيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو بأعلي مكّة، فلمّا رآنى رحّب بى، فقال: ما جاء بك يا امّ هانئ ؟ قلت: يا نبى الله، كنت قد أمّنت رجلين من أختانى (2) وأراد على قتلهما.

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : قد أجرنا من أجرت ... . (3)

8515. ابن سعد : أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا ليث بن سعد، حدّثنى يزيد بن أبى حبيب، عن سعيد بن أبى هند أنّ أبامرّة -مولي عقيل بن أبى طالب- أخبره أنّ امّ هانئ بنت أبى طالب حدّثته:

أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... (4) لمّا كان عام الفتح فرّ إليها رجلان من بنى مخزوم فأجارتهما، فدخل على عليها فقال: لأقتلنّهما!

قالت: فلمّا سمعته يقول ذلك أتيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو بأعلي مكّة، فلمّا رآنى رسول

ص:42


1- (1) . عنه الطبرانى بإسناده إليه فى المعجم الكبير 431/24 (1056).
2- (2) . كذا فى الأصل، ولعلّ الصواب: «أحمائى»، كما فى سائر الروايات.
3- (3) . المعجم الكبير419/24 - 420 (1019).
4- (4) . كذا فى الأصل.

الله صلّى الله عليه و سلّم رحّب بى وقال: ما جاء بك يا امّ هانئ ؟ قلت: يا نبى الله، كنت قد أمّنت رجلين من أحمائى فأراد على قتلهما.

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : قد أجرنا من أجرت ... . (1)

8516. الواقدى : قالوا: وكانت امّ هانئ بنت أبى طالب تحت هبيرة بن أبى وهب المخزومى، فلمّا كان يوم الفتح دخل عليها حموان لها -عبدالله بن أبى ربيعة المخزومى والحارث بن هشام- فاستجارا بها، وقالا: نحن فى جوارك ؟ فقالت: نعم، أنتما فى جوارى.

قالت امّ هانئ: فهما عندى إذ دخل على فارساً مدجّجاً فى الحديد، ولا أعرفه، فقلت له: أنا بنت عمّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . قالت: فكفّ عنّى وأسفر عن وجهه فإذا على عليه السّلام ، فقلت: أخى! فاعتنقته وسلّمت عليه، ونظر إليهما فشهر السيف عليهما. قلت: أخى من بين الناس يصنع بى هذا! قالت: وألقيت عليهما ثوباً، وقال: تجيرين المشركين!؟ وحلت دونهما، فقلت: والله لتبدأنّ بى قبلهما! قالت: فخرج ولم يكد، فأغلقت عليهما بيتاً، وقلت: لا تخافا.

قال: فحدّثنى ابن أبى ذئب، عن المقبرى، عن أبى مرّة - مولي عقيل - ، عن امّ هانئ، قالت:

فذهبت إلي خباء رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بالبطحاء فلم أجده، ووجدت فيه فاطمة، فقلت: ماذا لقيت من ابن امّى على ؟ أجرت حموين لى من المشركين فتفلّت عليهما ليقتلهما! قالت: فكانت أشدّ على من زوجها وقالت: تجيرين المشركين!؟

قالت: إلي أن طلع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وعليه رهجة الغبار، فقال: مرحباً بفاختة امّ هانئ. وعليه ثوب واحد، فقلت: ماذا لقيت من ابن امّى على ؟ ما كدت أنفلت منه! أجرت حموين لى من المشركين فتفلّت عليهما ليقتلهما!

فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ما كان ذاك، قد أمنّا من أمّنت، وأجرنا من أجرت ... . (2)

ص:43


1- (1) . الطبقات الكبري 110/2 ، [1] غزوة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم عامّ الفتح.
2- (2) . المغازى 829/2 - 830 ، [2] شأن غزوة الفتح.

2.ما ورد مرسلاً

8517. الزمخشرى : أجارت امّ هانئ بنت أبى طالب الحارث بن هشام يوم الفتح، فدخل عليها على فأخذ السيف ليقتله، فوثبت فقبضت علي يده، فلم يقدر أن يرفع قدميه من الأرض، وجعل يتفلّت منها ولا يقدر، فدخل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فنظر إليها فتبسّم، وقال: قد أجرنا من أجرت، ولا تغضبى عليّاً، فإنّ الله يغضب لغضبه ... . (1)

8518. ابن حزم : استتر رجلان من بنى مخزوم عند امّ هانئ بنت أبى طالب فأمّنتهما، فأمضي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أمانها لهما، وكان على -رضوان الله عليه- قد أراد قتلهما.

وقيل: إنّهما الحارث بن هشام، وزهير بن أبي اميّة أخو امّ سلمة، فأسلما وكانا من خيار المسلمين. (2)

السابع: مبلغ سنّه عليه السّلام عند فتح مكّة

برواية: سليمان بن حرب

8519. البسوى : سمعت سليمان بن حرب يقول:

شهد على بدراً وهو ابن عشرين سنة، وشهد الفتح وهو ابن ثمان وعشرين. (3)

ص:44


1- (1) . ربيع الأبرار 869/1 ، باب الخلق وصفاتها. [1]
2- (2) . جوامع السيرة ص233 ، [2] غزوة فتح مكّة.
3- (3) . عنه الخطيب بإسناده إليه فى تاريخ بغداد 145/1 ، [3] ترجمة أميرالمؤمنين على بن أبى طالب (1)، وابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 70/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [4]4933).

القسم التاسع عشر: حضوره عليه السّلام فى فتح الطائف ودوره فيها، وانتجاء رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم له وتهديده صلّى الله عليه و آله و سلّم لقريش بعلى عليه السّلام

برواية:

1. جابر بن عبدالله-3. على بن أبى طالب عليه السّلام

2. عبدالرحمان بن عوف

1.جابر بن عبدالله

8520. ابن عساكر : أخبرنا أبوالبركات [عمر بن إبراهيم بن محمّد] الزيدى (1)، أخبرنا أبوالفرج الشاهد، أخبرنا أبوالحسين النحوى، أخبرنا أبوعبدالله المحاربى، حدّثنا عبّاد بن يعقوب، أخبرنا أبوعبدالرحمان، عن سالم بن أبى حفصة وإبراهيم بن حمّاد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

لمّا أن كان يوم الطائف خلا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بعلى فناجاه طويلاً، وأبوبكر وعمر ينظران والناس.

قال: ثمّ انصرف إلينا، فقال الناس: قد طالت مناجاتك اليوم يا رسول الله ؟! فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (2)

8521. محمّد بن فضيل : عن الأجلح، عن [أبى] الزبير، عن جابر، قال:

ص:45


1- (1) . هذا هو الصواب، وفى الأصل: «الربذى».
2- (2) . تاريخ مدينة دمشق 316/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).

دعا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمّه! فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ما انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (1)

8522. محمّد بن فضيل : حدّثنا الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

لمّا كان يوم الطائف ناجي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً فأطال نجواه، فقال بعض أصحابه: فقد أطال نجوي ابن عمّه! فبلغه ذلك، فقال: ما أنا انتجيته بل الله انتجاه. (2)

8523. الكلابى : حدّثنا إبراهيم بن مروان، قال: حدّثنا عبيدالله بن سعيد بن كثير بن عفير، قال: حدّثنى أبى، قال: حدّثنى بكّار بن زكريّا، عن الأجلح بن عبدالله الكندى، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

دعا رسول الله صلّى الله عليه و آله وهو محاصر للطائف عليّاً عليه السّلام فناجاه، فقال اناس من أصحابه: قد طالت مناجاته منذ اليوم!

قال: فسمعهم رسول الله صلّى الله عليه و آله فقال: ما أنا ناجيته ولكنّ الله انتجاه. (3)

8524. ابن المغازلى : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبدالوهّاب، أخبرنا الحسين بن محمّد بن الحسين العلوى العدل، حدّثنا أبوالأحوص محمّد بن الهيثم القاضى، حدّثنا [سعيد بن كثير] بن عفير، حدّثنا بكّار بن زكريّا الأشجعى، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبى صلّى الله عليه و آله :

أنّه دعا عليّاً وهو محاصر الطائف، فقال ناس من أصحابه: قد طالت مناجاته منذ اليوم! فسمع النبى صلّى الله عليه و آله فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (4)

ص:46


1- (1) . عنه الترمذى بإسناده إليه فى الجامع الكبير 88/6 (3726)، ومن طريقه ابن كثير فى البداية والنهاية 356/7 ، [1] حوادث سنة أربعين، والخوارزمى فى المناقب ص137 - 138 (155).
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 316/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933), من طريق أبى يعلي عن أبى هشام الرفاعى عنه.
3- (3) . مناقب على بن أبى طالب [3]من مسند الكلابى - المطبوع فى آخر مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى - ص432 (12). [4]
4- (4) . مناقب أهل البيت ص197 (168).

8525. سمّويه : حدّثنا محمّد بن خالد بن عبدالله، حدّثنا أبى، عن أجلح، عن أبي الزبير، عن جابر.

حيلولة: وحدّثنا وهب بن بقيّة، حدّثنا خالد، عن أجلح، عن أبي الزبير, [عن جابر]:

أنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم انتجي عليّاً عليه السّلام فى غزوة الطائف يوماً - وقال محمّد بن خالد: إنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم كان يناجى عليّاً فى غزوة الطائف - فقالوا: لقد طالت مناجاتك مع على منذ اليوم ؟! فقال: ما انتجيته ولكنّ الله انتجاه.

وقال محمّد [بن خالد]: ولكنّ الله ناجاه. (1)

8526. ابن أبى عاصم وعبدان الأهوازى ومطيّن والباغندى : حدّثنا وهب بن بقيّة، حدّثنا خالد، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

انتجي النبى صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب، فقال الناس: يا رسول الله، لقد طالت مناجاتك لعلى ؟! قال: ما انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (2)

8527. ابن المغازلى : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبدالوهّاب، أخبرنا أبوعبدالله الحسين بن محمّد العلوى العدل، حدّثنا محمّد بن محمود، حدّثنا أبى، حدّثنا وهب بن بقيّة، حدّثنا خالد [بن عبدالله]، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

انتجي رسول الله صلّى الله عليه و آله عليّاً فى غزوة الطائف يوماً، فقالوا: لقد طالت مناجاتك اليوم عليّاً؟! فقال صلّى الله عليه و آله و سلّم : ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (3)

8528. ابن المغازلى : أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعى رحمه الله

ص:47


1- (1) . فوائد سمّويه ص74 - 75 (24).
2- (2) . السنّة 886/2 (1356)، ورواه ابن عدى فى الكامل 428/1 ، [1] ترجمة الأجلح بن عبدالله (238), عن عبدان الأهوازى، والخطيب فى تاريخ بغداد 414/4 , ترجمة حسن بن فهد ( [2]3945), بإسناده عن مطيّن، والحسكانى فى شواهد التنزيل 381/2 (977), [3] بإسناده عن الباغندى.
3- (3) . مناقب أهل البيت ص198 (169).

- بقراءتى عليه فأقرّ به سنة أربع وثلاثين وأربعمئة - , قلت له: أخبركم أبومحمّد عبدالله بن [محمّد بن] عثمان الملقّب بابن السقّاء الحافظ [الواسطى] رحمه الله ، حدّثنا أبوعبدالله محمود بن محمّد ويعقوب بن إسحاق بن عبّاد بن العوّام الرياحى الواسطيّان، قالا: حدّثنا وهب بن بقيّة، أخبرنا خالد بن عبدالله، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

انتجي رسول الله صلّى الله عليه و آله عليّاً يوم الطائف فطالت مناجاته إيّاه، فقيل له: لقد طالت مناجاتك اليوم عليّاً؟! فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله ناجاه. (1)

8529. ابن عساكر : أخبرنا أبوالقاسم بن السمرقندى، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبوعمر بن مهدى، أخبرنا أبوالعبّاس بن عقدة، حدّثنا أحمد بن يحيي -هو ابن زكريّا الصّوفى- ، حدّثنا عبدالرحمان بن شريك بن عبدالله النخعى، حدّثنا أبى، حدّثنا الأجلح بن عبدالله الكندى، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

قام رسول الله صلّى الله عليه و سلّم [إلي] على بن أبى طالب يوم الطائف وأطال مناجاته، فرأي الكراهيّة فى وجوه رجال، فقالوا: قد أطال مناجاته منذ اليوم! فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (2)

8530. الحسكانى : أخبرنا أبويحيي زكريّا بن أحمد، أخبرنا أبوالطيّب محمّد بن الحسين بن جعفر، حدّثنا الحسين بن على السلولى، حدّثنا محمّد بن الحسن السلولى، حدّثنا صالح بن أبي الأسود، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

ناجي رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم عليّاً فى غزاة الطائف فأطال مناجاته، فقال له أبوبكر وعمر: لقد أطلت مناجاة على ؟! قال: ما أنا ناجيته بل الله ناجاه. (3)

8531. الحسن بن سفيان : حدّثنا محمّد بن على، قال: حدّثنى أبى، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر:

ص:48


1- (1) . مناقب أهل البيت ص195 - 196 (165).
2- (2) . تاريخ مدينة دمشق 315/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
3- (3) . شواهد التنزيل 380/2 - 381 (976). [2]

أنّ رسول الله انتجي عليّاً فى غزوة الطائف يوماً، فقالوا: قد طالت مناجاتك منذ اليوم مع على ؟! فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (1)

8532. محمّد بن فضيل : حدّثنا الأعمش, عن أبي الزبير, عن جابر, قال:

لمّا كان يوم الطائف دعا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً فناجاه طويلاً, فقال بعض أصحابه: لقد أطال نجوي ابن عمّه! قال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (2)

8533. ابن عدى : حدّثنا محمّد بن أحمد بن أبى مقاتل، حدّثنا الفضل بن يوسف القصّابى، حدّثنا على بن ثابت الدهّان، حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدى، عن سالم بن أبى حفصة، عن [أبى] الزبير، عن جابر، قال:

لمّا كان يوم الطائف ناجي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً طويلاً، فلحق أبابكر وعمر فقالا: طالت مناجاتك عليّاً يا رسول الله! قال: ما أنا اناجيه ولكنّ الله انتجاه. (3)

8534. محمّد بن عثمان بن أبى شيبة : حدّثنا يحيي بن الحسن بن فرات القزّاز، حدّثنا محمّد بن أبى حفص العطّار، عن سالم بن أبى حفصة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

لمّا كان يوم غزوة الطائف قام النبى صلّى الله عليه و سلّم مع على رضي الله عنه مُلِّياً (4) من النهار، فقال له أبوبكر رضي الله عنه : يا رسول الله، لقد طالت مناجاتك عليّاً منذ اليوم! فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (5)

ص:49


1- (1) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 379/2 (975). [1]
2- (2) . عنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 316/42 , ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933), وابن الأثير فى اسد الغابة 27/4 , ترجمة على بن أبى طالب, [3] والكنجى فى كفاية الطالب ص 328 , الباب الثانى والتسعون, [4] فى أمر الله نبيّه صلّى الله عليه و سلّم بمناجاة على عليه السّلام خاصّة, من طريق أبى طاهر المخلّص وأبى هشام الرفاعى, وفى الأخير: «ولكنّ الله أمرنى بذلك».
3- (3) . الكامل 247/6 ، ترجمة محمّد بن إسماعيل ( [5]1724).
4- (4) . ملِّى وتملّي حبيبه: تمتّع به طويلاً.
5- (5) . عنه الطبرانى فى المعجم الكبير 186/2 (1756).

8535. ابن المغازلى : أخبرنا أبوبكر أحمد بن محمّد بن عبدالوهّاب بن طاوان السمسار - بقراءتى عليه فأقرّ به - ، قلت له: أخبركم أبوعبدالله الحسين بن محمّد بن الحسين العلوى العدل الواسطى، حدّثنا محمّد بن محمود، حدّثنا أبوعبدالله أحمد بن عمّار بن خالد، حدّثنا مخوّل بن إبراهيم النهدى، حدّثنا عبدالجبّار بن العبّاس، عن عمّار الدهنى، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، قال:

ناجي رسول الله صلّى الله عليه و آله عليّاً يوم الطائف فطال نجواه، فقال أحد الرجلين: لقد أطال نجواه لابن عمّه! فلمّا بلغ ذلك النبى صلّى الله عليه و آله قال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (1)

8536. الباغندى : حدّثنى أحمد بن يحيي الصوفى، حدّثنا مخوّل بن إبراهيم، حدّثنا عبدالجبّار بن العبّاس، عن عمّار الدهنى، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله:

أنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم انتجي عليّاً طويلاً، فقال أصحابه: ما أكثر ما يناجيه! فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (2)

8537. أبوالشيخ : حدّثنا إبراهيم بن جعفر، قال: حدّثنا أحمد بن يحيي الصوفى، قال: حدّثنا مخوّل، قال: حدّثنا عبدالجبّار بن العبّاس، عن عمّار الدهنى، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

ناجي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يوم الطائف عليّاً، فقال أحد الرجلين: لقد طالت نجواه لابن عمّه! فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله ناجاه. (3)

8538. أبونعيم : حدّثنا الحسين بن على، حدّثنا أحمد بن محمّد بن موسي، حدّثنا محمّد بن العبّاس بن أيّوب، حدّثنا أحمد بن يحيي الصوفى، حدّثنا مخوّل بن إبراهيم، حدّثنا عبدالجبّار بن العبّاس الشبامى، [أخبرنى] عمّار الدهنى، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

ص:50


1- (1) . مناقب أهل البيت ص197 (167).
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 315/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
3- (3) . طبقات المحدّثين 125/4 ، ترجمة إبراهيم بن جعفر الأشعرى ( [2]577).

ناجي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً يوم الطائف فطالت نجواه، فقال أحد الرجلين للآخر: لقد طالت نجواه لابن عمّه! فبلغ ذلك النبى صلّى الله عليه و سلّم فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (1)

8539. أبوبكر بن شاذان : [حدّثنا محمّد بن حسين بن حميد اللخمى، حدّثنى جدّى، حدّثنا مخوّل بن إبراهيم]، حدّثنا عبدالجبّار بن العبّاس، حدّثنا عمّار الدهنى، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، قال:

ناجي رسول الله صلّى الله عليه و آله عليّاً يوم الطائف فأطال نجواه، فقال رجل: لقد أطال نجوي ابن عمّه! فبلغ ذلك النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال: ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه. (2)

8540. الحاكم : حدّثنى على بن الحسين الرصافى - ببغداد - ، حدّثنا الحسن بن على الحريرى، حدّثنا الحسين بن إسماعيل الحريرى، حدّثنا جعفر بن على الحريرى، حدّثنا معاوية بن عمّار الدهنى، عن أبي الزبير، عن جابر:

أنّ النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فى غزوة الطائف دعا عليّاً فانتجاه ثمّ قال: أيّها الناس، إنّكم تقولون: إنّى انتجيت عليّاً، ما أنا انتجيته إنّ الله انتجاه وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (3). (4)

2.عبدالرحمان بن عوف

8541. ابن أبى شيبة : حدّثنا عبيدالله بن موسي، عن طلحة بن جبر، عن المطّلب بن عبدالله، عن مصعب بن [عبدالرحمان]، عن عبدالرحمان بن عوف، قال:

لمّا افتتح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مكّة انصرف إلي الطائف، فحاصرهم تسع عشرة - أو ثمان عشرة - فلم يفتتحها، ثمّ ارتحل روحة أو غدوة فنزل، ثمّ قال: أيّها الناس، إنّى فرط لكم

ص:51


1- (1) . أخبار أصبهان 141/1 ، ترجمة أحمد بن محمّد بن موسي السمسار. [1]
2- (2) . عنه ابن المغازلى بإسناده إليه فى مناقب أهل البيت ص196 - 197 (166).
3- (3) . المطفّفين/ 26 . [2]
4- (4) . عنه الحسكانى فى شواهد التنزيل 493/2 (1091)، [3] وقال: و [رواه أيضاً محمّد بن الحسين بن صالح] السبيعى فى تفسيره، بإسناده عن معاوية [بن عمّار]، عن أبى الزبير، عن جابر.

فاُوصيكم بعترتى خيراً، وإنّ موعدكم الحوض، والّذى نفسى بيده ليقيمنّ الصلاة وليؤتنّ الزكاة أو لأبعثنّ إليهم رجلاً منّى - أو كنفسى - فليضربنّ أعناق مقاتلتهم وليسبينّ ذراريّهم.

قال: فرأي الناس أنّه أبوبكر أو عمر، فأخذ بيد على فقال: هذا. (1)

8542. البسوى : حدّثنا عبيدالله بن موسي أبومحمّد، قال: أخبرنا طلحة بن جبر، عن المطّلب بن عبدالله، عن مصعب بن عبدالرحمان، عن عبدالرحمان بن عوف، قال:

لمّا افتتح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مكّة انصرف إلي الطائف، فحاصرهم تسع عشرة ليلة - أو ثمان عشرة - ، فلم يفتحها، ثمّ أوغل غدوة أو روحة، ثمّ نزل، ثمّ هجر، فقال: أيّها الناس، إنّى لكم فَرط ، اوصيكم بعترتى خيراً، فإنّ موعدكم الحوض، والّذى نفسى بيده لتقيمنّ الصلاة ولتؤتنّ الزكاة، أو لأبعثنّ إليكم رجلاً منّى - أو كنفسى - فليضربنّ أعناق مقاتلتكم وليسبينّ ذراريّكم.

قال: فرأي الناس أنّه أبوبكر وعمر، فأخذ بيد على - رضى الله عنهم أجمعين - فقال: هذا. (2)

8543. البزّار : حدّثنا يوسف بن موسي وأحمد بن عثمان بن حكيم، قالا: حدّثنا عبيدالله بن موسي، قال: حدّثنا طلحة بن جبر، عن المطّلب بن عبدالله بن حنطب، عن مصعب بن عبدالرحمان بن عوف، عن أبيه، قال:

لمّا فتح رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مكّة انصرف إلي الطائف، فحاصرها سبع عشرة - أو تسع عشرة - ، ثمّ قام خطيباً، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: اوصيكم بعترتى خيراً، وإنّ موعدكم الحوض، والّذى نفسى بيده لتقيمنّ الصلاة ولتؤتنّ الزكاة، أو لأبعثنّ إليكم

ص:52


1- (1) . المصنّف 411/7 (36942), و 371/6 (32077), وعنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 343/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
2- (2) . المعرفة والتاريخ 282/1 ، [2] ترجمة أبى محمّد عبدالرحمان بن عوف، وعنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 342/42 - 343 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [3]4933).

رجلاً منّى -أو كنفسى - يضرب أعناقكم. ثمّ أخذ بيد على فقال: هذا. (1)

8544. القطيعى : حدّثنا أبوالعبّاس محمّد بن يونس بن موسي القرشى، حدّثنا عبيدالله بن موسي القرشى، أخبرنا طلحة بن جبر، عن المطّلب بن حنطب، عن مصعب بن عبدالرحمان بن عوف، عن أبيه، قال:

أقام رسول الله صلّى الله عليه و سلّم علي الطائف تسع عشرة ليلة - أو سبع عشرة - ليفتتحها، ثمّ قال: يا معشر قريش، لتنتهينّ أو لأبعثنّ عليكم رجلاً منّى - أو كنفسى- فيقتل مقاتلتكم ويسبى ذراريّكم.

قال: ثمّ أخذ بيد على فرفعها، فقال: هو هذا، يا أيّها الناس، إنّ موعدكم الحوض. (2)

3.على بن أبى طالب عليه السّلام

8545. ابن المغازلى : أخبرنا أبوطاهر محمّد بن على بن محمّد البيّع البغدادى، أخبرنا أبوأحمد عبيدالله بن محمّد بن أحمد بن أبى مسلم الفرضى، حدّثنا أبوالعبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة الحافظ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن سعيد الأحمسى، حدثنا نصر -وهو ابن مزاحم- ، حدّثنا الحكم بن مسكين، [حدّثنا زياد بن المنذر] أبوالجارود و [كثير] بن طارق، عن عامر بن واثلة.

و [هشام] أبوساسان وأبوحمزة [الثمالى]، عن أبي اسحاق السبيعى، عن عامر بن واثلة، قال:

كنت مع على عليه السّلام فى البيت يوم الشوري فسمعت عليّاً يقول لهم: لأحتجّنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم [أن] يغيّر ذلك ... فأنشدكم بالله أ تعلمون أنّه ناجانى يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك، فقلتم: ناجاه دوننا. فقال: ما أنا انتجيته بل الله انتجاه؛ غيرى ؟ قالوا: اللهمّ نعم. (3)

ص:53


1- (1) . البحر الزخّار 258/3 - 259 (1050), وعنه الهيثمى فى كشف الأستار 223/3 - 224 (2618).
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 343/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
3- (3) . مناقب أهل البيت ص182 - 189 (158).

القسم العشرون: غزوة حنين و فيه فرعان:

الأوّل: حضوره فى غزوة حنين

برواية:

1. جابر بن عبدالله-4. أبى مالك الأشجعى

2. امّ الخير بنت الحريش البارقيّة-5. ما ورد مرسلاً

3. على بن الحسين عليهما السّلام

1.جابر بن عبدالله

8546. ابن إسحاق : حدّثنى عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبدالرحمان بن جابر، عن أبيه جابر، قال:

كان أمام هوازن رجل جسيم علي جمل أحمر، فى يده راية سوداء، إذا أدرك طعن بها، وإذا فاته شىء [من] بين يديه دفعها من خلفه فأنفذه، فصمد له على بن أبى طالب ورجل من الأنصار كلاهما يريده.

قال: فضربه على علي عرقوبى الجمل، فوقع علي عجزه. قال: وضرب الأنصارى ساقه. قال: فطرح قدمه بنصف ساقه فوقع واقتتل الناس [حتّي كانت الهزيمة]. (1)

ص:54


1- (1) . عنه أبويعلي فى مسنده 388/3 - 389 (1863)، ومن طريقه ابن حبّان فى صحيحه 95/11 - 96 (4774).

8547. ابن إسحاق : حدّثنى عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبدالرحمان بن جابر، عن أبيه جابر بن عبدالله، قال:

بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية علي جمله يصنع ما يصنع، إذ هوي له على بن أبى طالب -رضوان الله عليه- ورجل من الأنصار يريدانه.

قال: فيأتيه على بن أبى طالب من خلفه، فضرب عرقوبى الجمل فوقع علي عجزه، ووثب الأنصارى علي الرجل، فضربه ضربة أطنّ قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله، قال: واجتلد الناس، فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتّي وجدوا الاُساري مكتّفين عند رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (1)

2.اُمّ الخير بنت الحريش البارقيّة

8548. ابن طيفور : ... عن الشعبى ... . (2)

8549. ابن عساكر : ... عن الشعبى ... . (3)

8550. ابن عبد ربّه : ... عن الشعبى ... . (4)

تقدّمت الروايات الثلاثة ذيل غزوة بدر.

3.على بن الحسين عليهما السّلام

8551. الخوارزمى - من كلام على بن الحسين عليهما السّلام فى مجلس يزيد - :

ص:55


1- (1) . عنه ابن هشام فى السيرة النبويّة 87/4 - 88 ، [1] غزوة حنين فى سنة ثمان بعد الفتح، والطبرى فى تاريخه 76/3 ، حوادث سنة ثمان من الهجرة، ذكر الخبر عن غزوة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم هوازن بحنين، وأحمد فى مسنده 376/3 , ذيل الحديث 15027 . [2] ونحوه فى الثقات لابن حبّان 70/2 ، حوادث السنة الثامنة من الهجرة، مرسلاً.
2- (2) . بلاغات النساء ص55 - 58 ، [3] كلام امّ الخير بنت الحريش البارقيّة.
3- (3) . تاريخ مدينة دمشق 233/70 - 236 ، [4] ترجمة امّ الخير بنت الحريش (9465).
4- (4) . العقد الفريد 354/1 - 356 ، كتاب الجمانة فى الوفود، [5] وفود امّ الخير بنت حريش علي معاوية.

أنا ابن محمّد المصطفي، أنا ابن على المرتضي، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتّي قالوا: لا اله الّا الله، أنا ابن من ضرب بين يدى رسول الله بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وصلّي القبلتين، وقاتل ببدر وحنين ... . (1)

4.أبومالك الأشجعى

8552. إبراهيم البيهقى : حدّثنا إبراهيم بن أحمد الغضائرى بإسناد يرفعه إلي أبى مالك الأشجعى رواه أنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم قال:

هبط على جبرئيل عليه السّلام يوم حنين فقال: يا محمّد، إنّ ربّك -تبارك وتعالي- يقرؤك السلام وقال: ادفع هذه الأترجة إلي ابن عمّك ووصيّك على بن أبى طالب رضي الله عنه . فدفعتها إليه، فوضعتها فى كفّه، فانفلقت بنصفين فخرج منها رقّ أبيض مكتوب فيه بالنور: من الطالب الغالب إلي على بن أبى طالب. (2)

5.ما ورد مرسلاً

8553. ابن إسحاق : رائطة بنت حيّان بن عمير بن ثامرة من سبى هوازن، وهبها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لعلى بن أبى طالب فعلّمها شيئاً من القرآن. (3)

8554. ابن إسحاق : حدّثنى يزيد بن عبيد السعدى أبووجزة:

أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم كان أعطي على بن أبى طالب جارية من سبى حنين يقال لها: ريطة بنت هلال بن حيّان بن عميرة بن هلال بن ناصرة بن قصيّة بن نصر بن سعد بن بكر. (4)

8555. ابن سعد : عبدالرحمان بن عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن ربيعة بن الحارث بن

ص:56


1- (1) . مقتل الحسين 70/2 ، الفصل الحادى عشر، [1] فى خروج الحسين من مكّة إلي العراق.
2- (2) . المحاسن والمساوئ ص63 ، [2] محاسن على بن أبى طالب.
3- (3) . عنه ابن الأثير فى اسد الغابة 451/5 ، [3] ترجمة رائطة بنت حيّان.
4- (4) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 87/3 ، حوادث سنة ثمان من الهجرة، أمر أموال هوازن.

حبيب بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف، واُمّه امّ الحكم بنت أبى سفيان بن حرب بن اميّة، وخاله معاوية بن أبى سفيان، وهو الّذى يقال له: ابن امّ الحكم، وكان جدّه عثمان بن عبدالله يحمل لواء المشركين يوم حنين فقتله على بن أبى طالب. (1)

8556. الواقدى : قالوا: وانتهي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم إلي الجِعِرّانة، والسبى والغنائم بها محبوسة، وقد اتّخذ السبى حظائر يستظلّون بها من الشمس، فلمّا نظر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم إلي تلك الحظائر سأل عنها، فقالوا: يا رسول الله، هذا سبى هوازن استظلّوا من الشمس، وكان السبى ستّة آلاف ... وأعطي على بن أبى طالب عليه السّلام جارية يقال لها: ريطة بنت هلال بن حيّان بن عميرة ... . (2)

8557. الواقدى : قالوا: وكان رجل من هوازن علي جمل أحمر، بيده راية سوداء فى رأس رمح له طويل أمام الناس، إذا أدرك طعن، قد أكثر فى المسلمين القتل، فيصمد له أبودجانة فعرقب جمله، فسمع خرخرة جمله واكتسع الجمل، ويشدّ على وأبودجانة عليه، فيقطع على يده اليمني، ويقطع أبودجانة يده الاُخري، وأقبلا يضربانه بسيفيهما جميعاً حتّي تثلّم سيفاهما، فكفّ أحدهما وأجهز الآخر عليه، ثمّ قال أحدهما لصاحبه: امض، لا تعرّج علي سلبه! فمضيا يضربان أمام النبى صلّى الله عليه و سلّم ، ويعترض لهما فارس من هوازن بيده راية حمراء، فضرب أحدهما يد الفرس ووقع لوجهه، ثمّ ضرباه بأسيافهما فمضيا علي سلبه.

ويمرّ أبوطلحة فسلب الأوّل ومرّ بالآخر فسلبه، وكان عثمان بن عفّان، وعلى، وأبودجانة، وأيمن بن عُبيد يقاتلون بين يدى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (3)

8558. الواقدى : قالوا: ولمّا كان من الليل عمد مالك بن عوف إلي أصحابه فعبّأهم فى

ص:57


1- (1) . الطبقات الكبري 54/6 - 55 ، ترجمة عبدالرحمان بن عبدالله ( [1]1699)، وعنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 46/35 ، ترجمة عبدالرحمان بن عبدالله ( [2]3856)، ونحوه فى الإكمال لابن ماكولا 298/2 ، باب حَبيب وحُبيب، ترجمة حبيب بن [3]الحارث.
2- (2) . المغازى 943/3 - 944 ، [4] شأن مسير النبى صلّى الله عليه و سلّم إلي الجعرّانة.
3- (3) . المغازى 902/3 ، [5] غزوة حنين.

وادى حنين -وهو واد أجوف ذو شعاب ومضايق- وفرّق الناس فيه، وأوعز إلي الناس أن يحملوا علي محمّد وأصحابه حملة واحدة، وعبّأ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أصحابه وصفّهم صفوفاً فى السحر، ووضع الألوية والرايات فى أهلها، مع المهاجرين لواء يحمله على عليه السّلام ... . (1)

الثانى: كان عليه السّلام من الثابتين مع النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بعد انهزام الناس عنه

برواية:

1. أنس بن مالك-5. الفضل بن العبّاس

2. جابر بن عبدالله-6. المأمون العبّاسى

3. الحكم بن عتيبة-7. ما ورد مرسلاً

4. الضحّاك بن مزاحم

1.أنس بن مالك

8559. معمر : عن الزهرى، عن أنس، قال:

لمّا كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الّا العبّاس بن عبدالمطّلب وأباسفيان بن الحارث، وأمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن ينادي: يا أصحاب سورة البقرة، يا معشر الأنصار. ثمّ استحرّ النداء فى بني الحارث بن الخزرج، فلمّا سمعوا النداء أقبلوا، فوالله ما شبّهتهم الّا إلي الإبل تجىء إلي أولادها، فلمّا التقوا التحم القتال، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : الآن حمى الوطيس. وأخذ كفّاً من حصي أبيض، فرمي به وقال: هزموا وربّ الكعبة. وكان على بن أبى طالب رضي الله عنه يومئذ أشدّ الناس قتالاً بين يديه. (2)

ص:58


1- (1) . المغازى 895/3 ، [1] غزوة حنين, ومثله فى الطبقات الكبري 114/2 ، [2] غزوة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم إلي حنين.
2- (2) . عنه أبويعلي فى مسنده 289/6 - 290 (3606), والطبرانى فى المعجم الأوسط 363/3 - 364 (2779), وفيه: «استحرّ النداء ... حصي فرمي ... من أشدّ الناس قتالاً يومئذ», كلاهما من طريق المقدّمى. ورواه العسكرى فى الأمثال كما فى كنز العمّال 548/10 (30255).

2. جابر بن عبدالله

8560. ابن إسحاق : عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبدالرحمان بن جابر، عن جابر بن عبدالله، قال:

لمّا استقبلنا وادى حنين، قال: انحدرنا فى واد من أودية تهامة أجوف حطوط ، إنّما ننحدر فيه انحداراً، قال: وفى عماية الصبح، وقد كان القوم كمنوا لنا فى شعابه وفى أحنائه ومضايقه، قد أجمعوا وتهيّأوا وأعدّوا، قال: فوالله ما راعنا ونحن منحطّون الّا الكتائب قد شدّت علينا شدّة رجل واحد، وانهزم الناس راجعين، فاستمرّوا لا يلوى أحد منهم علي أحد.

وانحاز رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ذات اليمين، ثمّ قال: إلى أيّها الناس، هلمّوا إلى، أنا رسول الله، أنا محمّد بن عبدالله. قال: فلا شىء، احتملت الإبل بعضها بعضاً، فانطلق الناس، الّا أنّ مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم رهطاً من المهاجرين والأنصار وأهل بيته غير كثير، ثبت معه صلّى الله عليه و سلّم أبوبكر وعمر، ومن أهل بيته على بن أبى طالب والعبّاس بن عبدالمطّلب ... .

ورجل من هوازن علي جمل له أحمر، فى يده راية له سوداء فى رأس رمح طويل له أمام الناس، وهوازن خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع لمن وراءه فاتّبعوه.

بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية علي جمله ذلك يصنع ما يصنع، إذ هوي له على بن أبى طالب ورجل من الأنصار يريدانه، قال: فيأتيه على من خلفه، فضرب عرقوبى الجمل فوقع علي عجزه، ووثب الأنصارى علي الرجل فضربه ضربة أطنّ قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله واجتلد الناس، فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتّي وجدوا الأسري مكتّفين عند رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (1)

ص:59


1- (1) . عنه أحمد بإسناده إليه فى مسنده 373/3 - 375 (15027)، واللفظ له، وابن هشام فى السيرة النبويّة 85/4 ، [1] غزوة حنين فى سنة ثمان بعد الفتح، والطبرى فى تاريخه 74/3 , حوادث سنة ثمان من الهجرة، ذكر الخبر عن غزوة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم هوازن بحنين، وابن الأثير فى اسد الغابة 214/5 ، ترجمة أبى سفيان بن الحارث.

3. الحكم بن عتيبة

8561. محمّد بن فضيل : عن أشعث، عن الحكم بن عتيبة، قال:

لمّا فرّ الناس عن النبى صلّى الله عليه و سلّم يوم حنين جعل النبى صلّى الله عليه و سلّم يقول:

أنا النبى لا كذب أنا ابن عبدالمطّلب

قال: فلم يبق معه الّا أربعة: ثلاثة من بنى هاشم ورجل من غيرهم: على بن أبى طالب والعبّاس وهما بين يديه، وأبوسفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر.

قال: فليس يقبل نحوه أحد الّا قتل والمشركون حوله صرعي بحساب الإكليل. (1)

8562. أبوعبدالله الترمذى : عن الحسين بن محمّد، عن المسعودى، عن الحكم بن عتيبة، قال:

أربعة لا شكّ فيهم أنّهم ثبتوا يوم حنين, فيهم على بن أبى طالب عليه السّلام . (2)

4. الضحّاك بن مزاحم

8563. الضحّاك بن مزاحم : فى قول الله تعالي: ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) الآية، قال: نزلت فى الّذين ثبتوا مع رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يوم حنين: على والعبّاس وأبوسفيان بن الحارث [بن عبدالمطّلب] فى نفر من بنى هاشم. (4)

5.الفضل بن العبّاس

8564. المقريزى : قال الحارث بن نوفل: فحدّثنى الفضل بن العبّاس، قال:

التفت العبّاس يومئذ [أى يوم حنين] وقد أقشع الناس (5) عن بكرة أبيهم فلم ير عليّاً

ص:60


1- (1) . عنه ابن أبى شيبة فى المصنّف 418/7 (36983).
2- (2) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 395/1 - 396 (343), [1] من طريق أحمد بن حرب.
3- (3) . التوبة/ 26 . [2]
4- (4) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 395/1 (342). [3]
5- (5) . أقشع الناس: تفرّقوا.

فيمن ثبت فقال: شوهة وبوهة (1)! أو فى مثل هذه الحال يرغب ابن أبى طالب بنفسه عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ وهو صاحبه فيما هو صاحبه!؟ [يعنى المواطن المشهورة له]، فقلت: بعض قولك لابن أخيك! أما تراه فى الرهج ؟

قال: أشعره لى يا بنى. قلت: ذو كذا، ذو كذا، ذو البردة.

قال: فما تلك البرقة ؟ قلت: سيفه يرفل به بين الأقران.

فقال: برّ ابن برّ، فداه عمّ وخال.

قال: فضرب على يومئذ أربعين مبارزاً كلّهم يقدّه حتّي يقدّ أنفه وذكره.

قال: وكانت ضرباته منكرة. (2)

6.المأمون العبّاسى

8565. ابن عبد ربّه : إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل، عن حمّاد بن زيد، قال:

بعث إلى يحيي بن أكثم وإلي عدّة من أصحابى -وهو يومئذ قاضى القضاة- فقال: إنّ أميرالمؤمنين [المأمون العبّاسى] أمرنى أن أحضر معى غداً مع الفجر أربعين رجلاً كلّهم فقيه يفقه ما يقال له ويحسن الجواب، فسمّوا من تظنّونه يصلح لما يطلب أميرالمؤمنين، فسمّينا له عدّة وذكر هو عدّة حتّي تمّ العدد الّذى أراد، وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور فى السحر، وبعث إلي من لم يحضر فأمره بذلك، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر، فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالس ينتظرنا، فركب وركبنا معه حتّي صرنا إلي الباب، فإذا بخادم واقف، فلمّا نظر إلينا قال: يا أبامحمّد، أميرالمؤمنين ينتظرك. فأدخلنا فأمرنا بالصلاة، فأخذنا فيها فلم نستتمّ حتّي خرج الرسول فقال: ادخلوا. فدخلنا، فإذا أميرالمؤمنين جالس علي فراشه وعليه سواده وطيلسانه والطويلة وعمامته، فوقفنا وسلّمنا، فردّ السلام وأمر لنا بالجلوس.

ص:61


1- (1) . شوهة وبوهة: يقال فى الذمّ .
2- (2) . إمتاع الأسماع 14/2- 15 ، [1] خبر على وقتاله يوم حنين.

فلمّا استقرّ بنا المجلس انحدر عن فراشه ونزع عمامته وطيلسانه ووضع قلنسوته ثمّ أقبل علينا، فقال: إنّما فعلت ما رأيتم لتفعلوا مثل ذلك، وأمّا الخفّ فمنع من خلعه، علّة من قد عرفها منكم فقد عرفها ومن لم يعرفها فساُعرّفه بها، ومدّ رجله وقال: انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم.

قال: فأمسكنا. فقال لنا يحيي: انتهوا إلي ما أمركم به أميرالمؤمنين.

فتنحّينا فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانسنا ورجعنا.

فلمّا استقرّ بنا المجلس قال: إنّما بعثت إليكم معشر القوم فى المناظرة ... حدّثنى [يا إسحاق] عن قول الله -عزّ وجلّ - : وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ (1) إلي قوله: ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، أ تعلم من المؤمنون الّذين أراد الله فى هذا الموضع ؟ قلت: لا أدرى يا أميرالمؤمنين.

قال: الناس جميعاً انهزموا يوم حنين فلم يبق مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الّا سبعة نفر من بنى هاشم، على يضرب بسيفه بين يدى رسول الله، والعبّاس آخذ بلجام بغلة رسول الله، والخمسة محدقون به خوفاً من أن يناله من جراح القوم شىء حتّي أعطي الله لرسوله الظفر، فالمؤمنون فى هذا الموضع على خاصّة ثمّ من حضره من بنى هاشم ... . (2)

7.ما ورد مرسلاً

8566. الواقدى : قالوا: فلمّا انكشف الناس انحاز رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ذات اليمين، وهو واقف علي دابّته لم ينزل، الّا أنّه قد جرّد سيفه وطرح غمد وبقى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته: العبّاس، وعلى، والفضل بن عبّاس، وأبوسفيان بن الحارث ... . (3)

ص:62


1- (1) . التوبة/ 25 . [1]
2- (2) . العقد الفريد 349/5 ، كتاب اليتيمة الثانية, [2] احتجاج المأمون علي الفقهاء فى فضل على عليه السّلام .
3- (3) . المغازى 900/3 ، [3] غزوة حنين.

8567. ابن سعد : ... خرجت الكتائب من مضيق الوادى وشعبه فحملوا حملة واحدة وانكشفت الخيل خيل بنى سليم مولّية، وتبعهم أهل مكّة وتبعهم الناس منهزمين، فجعل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: يا أنصار الله وأنصار رسوله، أنا عبدالله ورسوله. ورجع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم إلي العسكر وثاب إليه من انهزم، وثبت معه يومئذ العبّاس بن عبدالمطّلب وعلى بن أبى طالب والفضل بن عبّاس وأبوسفيان بن الحارث بن عبدالمطّلب ... . (1)

ص:63


1- (1) . الطبقات الكبري 115/2 ، [1] غزوة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم إلي حنين.

القسم الحادى والعشرون: حضوره فى سريّة الفُلْس

القسم الحادى والعشرون: حضوره فى سريّة الفُلْس (1)

برواية:

1. عبادة الطائى-4. ابن أبى عون

2. عبدالله بن أبى بكر-5. محمّد بن عمر بن على

3. أبى عمير الطائى-6. ما ورد مرسلاً

1.عبادة الطائى

8568. ابن سعد : أخبرنا محمّد بن عمر الأسلمى، قال: حدّثنى أبوبكر بن سبرة، عن أبى عمير الطائى - وكان يتيم الزهرى - .

قال: وأخبرنا هشام بن محمّد بن السائب الكلبى، أخبرنا عبادة الطائى، عن أشياخهم، قالوا:

قدم وفد طىء علي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم خمسة عشر رجلاً، رأسهم وسيّدهم زيد الخير، وهو زيد الخيل بن مهلهل من بنى نبهان ... فدخلوا المدينة ورسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى المسجد، فعقدوا رواحلهم بفناء المسجد، ثمّ دخلوا فدنوا من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فعرض عليهم الإسلام

ص:64


1- (1). قال ياقوت فى معجم البلدان 309/4 - 310 (9242) « [1]الفُلْس»: اسم صنم كان بنجد تعبده طىء وكان قريباً من فيد، وكان سدنَته بنى بولان، قال ابن دريد: الفلس: صنم كان لطىء بعث إليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً رضي الله عنه إلي الفلس ليهدمه سنة تسع، ومعه مئة وخمسون من الأنصار، فهدمه وأصاب فيه السيوف الثلاثة: مِخْذَم ورَسوب واليمانى، وسبي بنت حاتم.

فأسلموا، وجازهم بخمس أواق فضّة كلّ رجل منهم، وأعطي زيد الخيل اثنتى عشرة أوقية ونشّاً. (1)

وقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : ما ذكر لى رجل من العرب الّا رأيته دون ما ذكر لى الّا ما كان من زيد فإنّه لم يبلغ كلّ ما فيه! وسمّاه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم زيد الخير، وقطع له فيد وأرضين، فكتب له بذلك كتاباً، ورجع مع قومه، فلمّا كان بموضع يقال له: «الفردة» مات هناك، فعمدت امرأته إلي كلّ ما كان النبى صلّى الله عليه و سلّم كتب له به فخرقته.

وكان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قد بعث على بن أبى طالب إلي الفلس - صنم طىء - يهدمه ويشنّ الغارات، فخرج فى مئتى فرس فأغار علي حاضر آل حاتم، فأصابوا ابنة حاتم فقدم بها علي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى سبايا من طىء.

وفى حديث هشام بن محمّد: أنّ الّذى أغار عليهم وسبي ابنة حاتم من خيل النبى صلّى الله عليه و سلّم خالد بن الوليد. (2)

2.عبدالله بن أبى بكر

8569. الواقدى : حدّثنا عبدالرحمان بن عبدالعزيز، قال: سمعت عبدالله بن أبى بكر بن حزم يقول لموسي بن عمران بن منّاح -وهما جالسان بالبقيع- : تعرف سريّة الفلس ؟ قال موسي: ما سمعت بهذه السريّة.

قال: فضحك ابن حزم ثمّ قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً عليه السّلام فى خمسين ومئة رجل علي مئة بعير وخمسين فرساً وليس فى السريّة الّا أنصارى، فيها وجوه الأوس والخزرج، فاجتنبوا الخيل واعتقبوا علي الإبل حتّي أغاروا علي أحياء من العرب، وسأل عن محلّة آل حاتم ثمّ نزل عليها، فشنّوا الغارة مع الفجر، فسبوا حتّي ملأوا أيديهم من السبى والنعم والشاء، وهدموا الفلس وخرّبوه - وكان صنماً لطىء - ثمّ انصرف راجعاً إلي المدينة.

ص:65


1- (1) . النشّ : عشرون درهماً وهو نصف أوقية. صحاح اللغة 1021/3 « [1]نشش».
2- (2) . الطبقات الكبري 243/1 - 244 ، [2] وفادات أهل اليمن, وفد طىء.

قال عبدالرحمان بن عبدالعزيز: فذكرت هذه السريّة لمحمّد بن عمر بن على، فقال: ما أري ابن حزم زاد علي أن ينقل من هذه السريّة ولم يأتك بها. قلت: فَأتِ بها أنت!

فقال: بعث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب عليه السّلام إلي الفلس ليهدمه، فى مئة وخمسين من الأنصار، ليس فيها مهاجر واحد، ومعهم خمسون فرساً وظهراً، فامتطوا الإبل وجنبوا الخيل، وأمره أن يشنّ الغارات.

فخرج بأصحابه، معه راية سوداء ولواء أبيض معهم القنا والسلاح الظاهر، وقد دفع رايته إلي سهل بن حنيف، ولواءه إلي جبّار بن صخر السلمى، وخرج بدليل من بني اسد يقال له: حريث، فسلك بهم علي طريق فَيد (1)، فلمّا انتهي بهم إلي موضع قال: بينكم وبين الحى الّذى تريدون يوم تامّ ، وإن سرناه بالنهار وطئنا أطرافهم ورعاءهم فأنذروا الحى فتفرّقوا فلم تصيبوا منهم حاجتكم، ولكن نقيم يومنا هذا فى موضعنا حتّي نمسى، ثمّ نسرى ليلتنا علي متون الخيل فنجعلها غارة حتّي نصبّحهم فى عماية الصبح.

قالوا: هذا الرأى. فعسكروا وسرّحوا الإبل، واصطنعوا، وبعثوا نفراً منهم يتقصّون ما حولهم، فبعثوا أباقتادة والحباب بن المنذر وأبانائلة، فخرجوا علي متون خيل لهم يطوفون حول المعسكر، فأصابوا غلاماً أسود فقالوا: ما أنت ؟ قال: أطلب بغيتى.

فأتوا به عليّاً عليه السّلام فقال: ما أنت ؟ قال: باغ. قال: فشدّوا عليه، فقال: أنا غلام لرجل من طىء من بنى نبهان، أمرونى بهذا الموضع وقالوا: إن رأيت خيل محمّد فطر إلينا فأخبرنا، وأنا لا ادرك أسراً، فلمّا رأيتكم أردت الذهاب إليهم، ثمّ قلت: لا أعجل حتّي آتى أصحابى بخبر بيّن من عددكم وعدد خيلكم وركابكم، ولا أخشي ما أصابنى، فلكأنّى كنت مقيّداً حتّي أخذتنى طلائعكم.

قال على عليه السّلام : اصدقنا ما وراءك ؟ قال: أوائل الحى علي مسيرة ليلة طرّادة، تصبّحهم الخيل ومغارها حين غدوا.

ص:66


1- (1) . فَيد: قريب من أجأ وسلمي، جبلى طىء. معجم البلدان 320/4 (9315).

قال على عليه السّلام لأصحابه: ما ترون ؟ قال جبّار بن صخر: نري أن ننطلق علي متون الخيل ليلتنا حتّي نصبّح القوم وهم غارّون فنغير عليهم؛ ونخرج بالعبد الأسود ليلاً، ونخلّف حريثاً مع العسكر حتّي يلحقوا إن شاء الله.

قال على: هذا الرأى. فخرجوا بالعبد الأسود، والخيل تعادا، وهو رِدف بعضهم عُقْبَة (1)، ثمّ ينزل فيردف آخر عقبة، وهو مكتوف.

فلمّا انهار الليل كذب العبد وقال: قد أخطأت الطريق وتركتها ورائى. قال على عليه السّلام : فارجع إلي حيث أخطأت. فرجع ميلاً أو أكثر، ثمّ قال: أنا علي خطأ. فقال على عليه السّلام : إنّا منك علي خدعة، ما تريد الّا أن تثنينا عن الحى، قدّموه لتصدقنا أو لنضربنّ عنقك.

قال: فقدّم وسلّ السيف علي رأسه، فلمّا رأي الشرّ قال: أ رأيت إن صدقتكم أ ينفعنى ؟ قالوا: نعم. قال: فإنّى صنعت ما رأيتم إنّه أدركنى ما يدرك الناس من الحياء فقلت: أقبلت بالقوم أدلّهم علي الحى من غير محنة ولا حقّ فآمنهم، فلمّا رأيت منكم ما رأيت وخفت أن تقتلونى كان لى عذر، فأنا أحملكم علي الطريق.

قالوا: اصدقنا. قال: الحى منكم قريب. فخرج معهم حتّي انتهي إلي أدني الحى، فسمعوا نباح الكلاب وحركة النعم فى المراح والشاء، فقال: هذه الأصرام (2)، وهى [علي] فرسخ.

فينظر بعضهم إلي بعض، فقالوا: فأين آل حاتم ؟ قال: هم متوسّطو الأصرام.

قال القوم بعضهم لبعض: إن أفزعنا الحى تصايحوا وأفزعوا بعضهم بعضاً فتغيب عنّا أحزابهم فى سواد الليل، ولكن نمهل القوم حتّي يطلع الفجر معترضاً فقد قرب طلوعه فنغير؛ فإن أنذر بعضهم بعضاً لم يخف علينا أين يأخذون، وليس عند القوم خيل يهربون عليها ونحن علي متون الخيل. قالوا: الرأى ما أشرت به.

قال: فلمّا اعترضوا الفجر أغاروا عليها فقتلوا من قتلوا وأسروا من أسروا، واستاقوا الذرّيّة والنساء، وجمعوا النعم والشاء، ولم يخف عليهم أحد تغيّب فملأوا أيديهم.

ص:67


1- (1) . العقبة: النوبة. الصحاح ص185 .
2- (2) . الأصرام: جمع الصرمة، وهى الجماعة. القاموس المحيط 139/4 .

قال: تقول جارية من الحى وهى تري العبد الأسود -وكان اسمه أسلم- وهو موثق: ما له هبل! هذا عمل رسولكم أسلم، لا سلم، وهو جلبهم عليكم، ودلّهم علي عورتكم! قال: يقول الأسود: أقصرى يا ابنة الأكارم، ما دللتهم حتّي قدّمت ليضرب عنقى!

قال: فعسكر القوم، وعزلوا الأسري وهم ناحية نفير، وعزلوا الذرّيّة وأصابوا من آل حاتم اخت عدى ونسيّات معها، فعزلوهنّ علي حدة، فقال أسلم لعلى عليه السّلام : ما تنتظر بإطلاقى ؟ فقال: تشهد أن لا إله الّا الله، وأنّ محمّداً رسول الله. قال: أنا علي دين قومى هؤلاء الأسري، ما صنعوا صنعت.

قال: ألا تراهم موثقين، فنجعلك معهم فى رباطك ؟ قال: نعم، أنا مع هؤلاء موثقاً أحبّ إلى من أن أكون مع غيرهم مطلقاً، يصيبنى ما أصابهم. فضحك أهل السريّة منه، فأوثق وطرح مع الأسري، وقال: أنا معهم حتّي ترون منهم ما أنتم راؤون.

فقائل يقول له من الأسري: لا مرحباً بك، أنت جئتنا بهم! وقائل يقول: مرحباً بك وأهلاً، ما كان عليك أكثر ممّا صنعت! لو أصابنا الّذى أصابك لفعلنا الّذى فعلت وأشدّ منه، ثمّ آسيت بنفسك.

وجاء العسكر واجتمعوا، فقرّبوا الأسري فعرضوا عليهم الإسلام، فمن أسلم ترك ومن أبي ضربت عنقه، حتّي أتوا علي الأسود فعرضوا عليه الإسلام، فقال: والله إنّ الجزع من السيف للؤم، وما من خلود!

قال: يقول رجل من الحى ممّن أسلم: يا عجباً منك، ألا كان هذا حيث أخذت! فلمّا قتل من قتل وسبى من سبى منّا وأسلم منّا من أسلم راغباً فى الإسلام تقول ما تقول! ويحك! أسلم واتّبع دين محمّد! قال: فإنّى اسلم وأتّبع دين محمّد. فأسلم وترك، وكان يعد فلا يفى حتّي كانت الردّة، فشهد مع خالد بن الوليد اليمامة فأبلي بلاء حسناً.

قال: وسار على عليه السّلام إلي الفلس فهدمه وخرّبه؛ ووجد فى بيته ثلاثة أسياف: رسوب، والمخذم، وسيفاً يقال له: اليمانى، وثلاثه أدراع، وكان عليه ثياب يلبسونه إيّاها، وجمعوا السبى، فاستعمل عليهم أبوقتادة، واستعمل عبدالله بن عتيك السلمى علي الماشية

ص:68

والرثّة، ثمّ ساروا حتّي نزلوا ركك (1) فاقتسموا السبى والغنائم، وعزل النبى صلّى الله عليه و سلّم صفيّاً (2) رسوباً والمخذم، ثمّ صار له بعد السيف الآخر، وعزل الخمس، وعزل آل حاتم، فلم يقسمهم حتّي قدم بهم المدينة.

قال الواقدى: فحدّثت هذا الحديث عبدالله بن جعفر الزهرى فقال: حدّثنى ابن أبى عون، قال:

كان فى السبى اخت عدى بن حاتم لم تقسم، فأنزلت دار رملة بنت الحارث، وكان عدى بن حاتم قد هرب حين سمع بحركة على عليه السّلام ، وكان له عين بالمدينة فحذّره فخرج إلي الشام، وكانت اخت عدى إذا مرّ النبى صلّى الله عليه و سلّم تقول: يا رسول الله، هلك الوالد وغاب الوافد، فامنن علينا منّ الله عليك. كلّ ذلك يسألها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : من وافدك ؟ فتقول: عدى بن حاتم. فيقول: الفارّ من الله ورسوله ؟ حتّي يئست.

فلمّا كان يوم الرابع مرّ النبى صلّى الله عليه و سلّم فلم [ت -]-تكلّم، فأشار إليها رجل: قومى فكلّميه. فكلّمته فأذن لها ووصلها، وسألت عن الرجل الّذى أشار إليها، فقيل: على، وهو الّذى سباكم، أما تعرفينه ؟ فقالت: لا والله، ما زلت مدنية طرف ثوبى علي وجهى وطرف ردائى علي برقعى من يوم اسرت حتّي دخلت هذه الدار، ولا رأيت وجهه ولا وجه أحد من أصحابه. (3)

3.أبوعمير الطائى

8570. الواقدى : حدّثنى أبوبكر بن سبرة, عن أبى عمر الطائى ... . (4)

تقدّمت روايته فى رواية عبادة الطائى.

ص:69


1- (1) . ركك: محلّة من محالّ سلمي، أحد جبلى طىء. معجم البلدان 73/3 (5581).
2- (2) . الصفى: ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة. النهاية 40/3 . [1]
3- (3) . المغازى 984/3 - 989 ، [2] سريّة على بن أبى طالب إلي الفلس، وعنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 194/69 - 198 ، [3] ترجمة سفّانة بنت حاتم (9360).
4- (4) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 243/1 - 244 , [4] وفادات أهل اليمن , وفد طىء.

4و 5. ابن أبى عون ومحمّد بن عمر بن على

8571. الواقدى : حدّثنا عبدالرحمان بن عبدالعزيز ... . (1)

مرّت روايتهما فى رواية عبدالله بن أبى بكر.

6.ما ورد مرسلاً

8572. الواقدى : وكان على ممّن ثبت مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يوم احد حين انهزم الناس، وبايعه علي الموت ... وبعثه سرية إلي الفلس إلي طىء ... . (2)

8573. ابن سعد : سريّة على بن أبى طالب رضي الله عنه إلي الفلس - صنم طىء - ليهدمه فى شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

قالوا: بعث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب فى خمسين ومئة رجل من الأنصار علي مئة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض إلي الفلس ليهدمه، فشنّوا الغارة علي محلّة آل حاتم مع الفجر فهدموا الفلس وخرّبوه وملأوا أيديهم من السبى والنعم والشاء، وفى السبى اخت عدى بن حاتم، وهرب عدى إلي الشام، ووجد فى خزانة الفلس ثلاثة أسياف: رسوب والمخذم وسيف يقال له: اليمانى، وثلاثة أدراع.

واستعمل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم علي السبى أباقتادة، واستعمل علي الماشية والرثّة عبدالله بن عتيك، فلمّا نزلوا ركك اقتسموا الغنائم وعزل للنبى صلّى الله عليه و سلّم صفيّاً رسوباً والمخذم ثمّ صار له بعد السيف الآخر، وعزل الخمس، وعزل آل حاتم فلم يقسمهم حتّي قدم بهم المدينة. (3)

8574. ابن إسحاق : وكانت فلس لطىء ومن يليها بجبلى طىء، يعنى سلمي وأجأ.

فحدّثنى بعض أهل العلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بعث إليها على بن أبى طالب فهدمها، فوجد

ص:70


1- (1) . المغازى 984/3 - 989 , [1] سرية على بن أبى طالب إلي الفلس.
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 16/3 ، ترجمة على بن أبى طالب [2] (3)، ذكر إسلام على وصلاته.
3- (3) . الطبقات الكبري 124/2 ، [3] سريّة على بن أبى طالب إلي الفلس صنم طىء ليهدمه.

فيها سيفين، يقال لأحدهما: الرسوب، وللآخر المخذم، فأتي بهما رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فوهبهما له، فهما سيفا على رضي الله عنه . (1)

8575. ابن حبّان : بعث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب سريّة إلي الفلس من بلاد طىء فى ربيع الآخر، فأغار عليهم وسبي منهم نساء فيهنّ اخت عدى بن حاتم. (2)

8576. ابن الأثير : فلس -بضمّ الفاء وسكون اللام- هو صنم طىء، بعث النبى صلّى الله عليه و سلّم عليّاً ليهدمه سنة تسع. (3)

ص:71


1- (1) . عنه ابن هشام فى السيرة النبويّة 89/1 ، [1] قصّة عمرو بن لحي وذكر أصنام العرب.
2- (2) . الثقات 91/2 ، حوادث السنة التاسعة من الهجرة.
3- (3) . النهاية 470/3 . [2]

القسم الثانى والعشرون: سريّة اليمن ونجران

وقد ذكرنا روايات هذا الباب فى باب بعث النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم إيّاه عليه السّلام إلي اليمن ونجران للدعوة والقضاء وغيرهما.

ص:72

الباب الرابع والثلاثون: حضوره عليه السّلام فى احتضار النبى ورحلته صلّى الله عليه و آله و سلّم وفيه فروع:

الأوّل: أقرب الناس وآخرهم عهداً بالنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم ،

ودعوته صلّى الله عليه و آله و سلّم إيّاه فى مرض موته ومناجاته له عليه السّلام

برواية:

1. حذيفة بن اليمان-6. عبدالله بن عبّاس

2. امّ سلمة-7. عبدالله بن عمرو

3. عائشة-8. على بن الحسين عليهما السّلام

4. عامر الشعبى-9. على بن أبى طالب عليه السّلام

5. العبّاس بن عبدالمطّلب-10. الفضل بن العبّاس

1. حذيفة بن اليمان

8577. أبونعيم : حدّثنا الحسن بن على الورّاق، حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن عبدالله بن مالك النفّاط - بالبصرة - ، حدّثنا محمّد بن يحيي القطعى، حدّثنا عمر بن على، عن هشام بن القاسم، عن نعيم بن أبى هند، عن ربعى، عن حذيفة، قال:

دخلت علي النبى صلّى الله عليه و سلّم فى مرضه الّذى قبض فيه، قال: فرأيته يهمّ بالتحامل فلا يقدر عليه، وعلى بعيد عنه. قال: قلت: يا رسول الله، ألا أدنو منك فاُساندك، فإنّ عليّاً قد ساهرك فى ليلتك ؟ قال: هو أولي بذلك.

ص:73

قال: فدنا على فسانده. فسمعته يقول: من ختم له بلا إله الّا الله محتسباً علي الله دخل الجنّة. (1)

2. امّ سلمة

8578. ابن راهويه : أخبرنا جرير، عن المغيرة بن مقسم الضبّى، عن امّ موسي، عن امّ سلمة، أنّها قالت:

والّذى تحلف به امّ سلمة أنّ عليّاً رضي الله عنه كان أقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فلمّا كان غداة قبض أرسل إليه رسولاً وأراه كان بعثه فى حاجة له، قالت: فجعل يقول غداة: أ جاء على ؟ أ جاء على ؟ - ثلاث مرّات - ، فجاء قبل طلوع الشمس، فلمّا جاء عرفنا أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت وكنّا عدنا يومئذ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى بيت عائشة، فكنت من آخر من خرج من البيت، ثمّ جلست أدنا بهنّ من الباب فانكبّ عليه على فجعل يناجيه ويسارّه، فكان أقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم على. (2)

8579. ابن أبى شيبة : حدّثنا جرير بن عبدالحميد، عن مغيرة، عن امّ موسي، عن امّ سلمة، قالت:

والّذى أحلف به إن كان على لأقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم . قالت: عدنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يوم قبض فى بيت عائشة، فجعل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم غداة بعد غداة يقول: جاء على ؟ -مراراً - ، قالت: وأظنّه كان بعثه فى حاجة. قالت: فجاء بعد فظننّا أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت فقعدنا بالباب، فكنت من أدناهم من الباب. قالت: فأكبّ عليه على، فجعل يسارّه ويناجيه، ثمّ قبض من يومه ذلك، فكان أقرب الناس به عهداً. (3)

ص:74


1- (1) . عنه الخطيب فى تلخيص المتشابه 653/2 ، ترجمة هشام بن القاسم (1092).
2- (2) . مسند ابن راهويه 129/4 - 130 (1896).
3- (3) . المصنّف 368/6 (32057)، وعنه أحمد فى مسنده 300/6 (26565)، [1] وفضائل الصحابة 686/2 (1171)، [2] والحاكم فى المستدرك 138/3 - 139 (4671)، وأبونعيم فى أخبار أصبهان 250/1 ، [3] ترجمة جرير بن عبدالحميد، وأبويعلي فى مسنده 364/12 (6934).

8580. أبوخيثمة : حدّثنا جرير بن عبدالحميد، عن مغيرة، عن امّ موسي، قالت: قالت امّ سلمة:

والّذى تحلف به امّ سلمة، إن كان أقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم على. فقالت لها: كانت غداة قبض، فأرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وكان أري فى حاجة بعثه بها. قالت: فجعل غداة بعد غداة يقول: جاء على ؟ - ثلاث مرّات - . قالت: فجاء قبل طلوع الشمس، فلمّا أن جاء عرفنا أنّ له إليه حاجة فخرجنا من البيت، وكنّا عدنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى بيت عائشة. قالت: فكنت آخر من خرج من البيت، ثمّ جلست أدناهنّ من الباب، فأكبّ عليه على وكان آخر الناس به عهداً، وجعل يسارّه ويناجيه. (1)

8581. ابن أبى شيبة وعثمان بن أبى شيبة : حدّثنا جرير، عن مغيرة، عن امّ موسي، عن امّ سلمة، قالت:

والّذى تحلف به امّ سلمة إن كان أقرب الناس من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عليّاً، كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى بيت عائشة. فكنت آخر من خرج من البيت، ثمّ جلسنا أدني من الباب وأكبّ عليه على، فكان آخر الناس به عهداً يسارّه ويناجيه. (2)

8582. النسائى : أخبرنا على بن حجر [المروزى]، قال: أخبرنا جرير [بن عبدالحميد]، عن مغيرة [بن مقسم]، عن امّ موسي، قالت: قالت امّ سلمة:

إنّ أحدث الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم على. (3)

8583. أبونعيم : حدّثنا محمّد بن أحمد بن محمّد، حدّثنا الحسن بن محمّد الداركى، حدّثنا محمّد بن حميد، حدّثنا جرير بن عبدالحميد بن قرط الضبّى.

ص:75


1- (1) . عنه أبويعلي فى مسنده 404/12 (6968).
2- (2) . عنهما الطبرانى بإسناده إليهما فى المعجم الكبير 375/23 (887). ورواه أبونعيم من طريق أبى بكر ابن أبى شيبة كما سيأتى.
3- (3) . السنن الكبري 465/7 (8486). [1]

حيلولة: حدّثنا أبوبكر الطلحى، حدّثنا عبيد بن غنّام، حدّثنا أبوبكر بن أبى شيبة، حدّثنا جرير بن عبدالحميد:

عن مغيرة، عن امّ موسي، عن امّ سلمة، قالت:

والّذى أحلف به إن كان على لأقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم . قالت: عدنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يوم قبض فى بيت عائشة فجعل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم غداة بعد غداة يقول: جاء على ؟ -مراراً - . قالت: وأظنّه كان بعثه فى حاجة، فجاء بعد فظننّا أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب فكنت من أدناهم إلي الباب فأكبّ عليه فجعل يسارّه ويناجيه، ثمّ قبض من يومه ذلك فكان من أقرب الناس به عهداً. (1)

8584. النسائى : أخبرنا محمّد بن قدامة، قال: حدّثنا جرير [بن عبدالحميد]، عن مغيرة [بن مقسم]، عن امّ موسي، قالت: قالت امّ سلمة:

والّذى تحلف به امّ سلمة إن كان أقرب الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم على. قالت: لمّا كان غداة قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فأرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وكان أري فى حاجة أظنّه بعثه، فجعل يقول: جاء على ؟ - ثلاث مرّات - . قالت: فجاء قبل طلوع الشمس، فلمّا أن جاء عرفنا أنّ له إليه حاجة، فخرجنا من البيت، وكنّا عدنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يومئذ فى بيت عائشة، فكنت فى آخر من خرج من البيت ثمّ جلست أدناهن من الباب، فأكبّ عليه على فكان آخر الناس به عهداً، جعل يسارّه ويناجيه. (2)

3. عائشة

8585. الدارقطنى : حدّثنا أبوالقاسم الحسن بن محمّد بن بشر البجلى الكوفى الحرّار، حدّثنا على بن الحسين بن عبيد بن كعب، حدّثنا إسماعيل بن أبان، حدّثنا عبدالله بن مسلم الملائى، عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن عائشة، قالت:

ص:76


1- (1) . أخبار أصبهان 250/1 - 251 ، [1] ترجمة جرير بن عبدالحميد الضبّى.
2- (2) . السنن الكبري 465/7 (8487). [2]

قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم -وهو فى بيتها - لمّا حضره الموت: ادعوا لى حبيبى. [قالت:] فدعوت له أبابكر، فنظر إليه ثمّ وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لى حبيبى. فدعوا له عمر، فلمّا نظر إليه وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لى حبيبى. فقلت: ويلكم، ادعوا له على بن أبى طالب، فوالله ما يريد غيره. فلمّا رآه أفرد الثوب الّذى كان عليه ثمّ أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتّي قبض ويده عليه. (1)

8586. ابن مردويه : حدّثنا عبدالرحمان بن محمّد بن حمّاد، حدّثنا القاسم بن على بن منصور الطائى، حدّثنا إسماعيل بن أبان، حدّثنا عبدالله بن مسلم الملائى، عن أبيه، عن إبراهيم، عن علقمة و (2)الأسود، عن عائشة، قالت:

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله - وهو فى بيتى - لمّا حضره الموت: ادعوا لى حبيبى، فدعوت أبابكر، فنظر إليه رسول الله صلّى الله عليه و آله ثمّ وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لى حبيبى. فقلت: ويلكم، ادعوا له على بن أبى طالب، فوالله ما يريد غيره. فلمّا رآه فرّج الثوب الّذى كان عليه، ثمّ أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتّي قبض ويده عليه. (3)

8587. أبويعلي : حدّثنا عبدالرحمان بن صالح, حدّثنا أبوبكر بن عيّاش، عن صدقة بن سعيد، عن جميع بن عمير:

أنّ امّه وخالته دخلتا علي عائشة فقالتا: يا امّ المؤمنين ... أخبرينا عن على. قالت: أى شىء تسألن عن رجل وضع يده من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم موضعاً فسالت نفسه فى يده، فمسح بها وجهه. واختلفوا فى دفنه فقال: إنّ أحبّ البقاع إلي الله مكان قبض فيه نبيّه.

ص:77


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 393/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933)، وابن الجوزى فى الموضوعات 392/1 ، باب فى فضائل على عليه السّلام ، الحديث الرابع والأربعون، باختلاف يسير فى السند والمتن.
2- (2) . فى الأصل: «عن», والصحيح علي الظاهر «و», كما فى الحديث السابق واللاحق.
3- (3) . عنه الخوارزمى فى المناقب ص68 (41) بسندين إليه، ومقتل الحسين 38/1 - 39 ، الفصل الرابع، [2] فى انموذج من فضائل أميرالمؤمنين على بن أبى طالب.

قالتا: فلِمَ خرجت عليه ؟ قالت: أمر قضى، لوددت أن افديه ما علي الأرض. (1)

8588. العقيلى : حدّثنا أحمد بن القاسم وأحمد بن داوود، قالا: حدّثنا عبدالسلام بن صالح، قال: حدّثنا على بن هاشم، قال: حدّثنى أبى، عن موسي بن القاسم التغلبى، قال: حدّثتنى ليلي الغفاريّة، قالت:

كنت أخرج مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى مغازيه فاُداوى الجرحي وأقوم علي المرضي، فلمّا خرج على بالبصرة خرجت معه، فلمّا رأيت عائشة واقفة دخلنى شكّ ، فأتيتها فقلت: هل سمعت من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فضيلة فى على ؟ قالت: نعم، دخل على علي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو علي فراشى وعليه جرد قطيفة، فجلس على بيننا، قال: فقالت عائشة: أما وجدت مكاناً هو أوسع لك من هذا؟

فقال النبى صلّى الله عليه و سلّم : يا عائشة، دعى أخى، فإنّه أوّل الناس إسلاماً، وآخر الناس بى عهداً عند الموت، وأوّل الناس لى لقياً يوم القيامة. (2)

8589. تمّام : عن عائشة -رضى الله عنها- ، قالت:

قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لمّا حضرته الوفاة: ادعوا لى حبيبى، فدعوا له أبابكر، فنظر إليه ثمّ وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لى حبيبى. فدعوا له عمر، فلمّا نظر إليه وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لى حبيبى. فدعوا له عليّاً رضي الله عنه ، فلمّا رآه أدخله معه فى الثوب الّذى كان عليه فلم يزل يحتضنه حتّي قبض ويده عليه. (3)

ص:78


1- (1) . مسند أبى يعلي 279/8 (4865).
2- (2) . الضعفاء 166/4 ، ترجمة موسي بن القاسم التغلبى (1737)، وعنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 45/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933)، والذهبى فى ميزان الاعتدال 556/6 ، ترجمة موسي بن القاسم التغلبى (8917), واللفظ له، ورواه ابن حجر فى الإصابة 307/8 ، [2] ترجمة ليلي الغفاريّة (11731), عن العقيلى وابن مندة, عن على بن هاشم.
3- (3) . عنه المحبّ الطبرى فى الرياض النضرة 237/2 ، الباب الرابع، الفصل السادس، [3] ذكر اختصاصه بإدخال النبى صلّى الله عليه و سلّم إيّاه معه فى ثوبه يوم توفّى، وذخائر العقبي ص72 ، باب فضائل على عليه السّلام ، [4] ذكر أنّه أدخله النبى صلّى الله عليه و سلّم فى ثوبه يوم توفّى.

وانظر ما سيأتى من أحاديث ابن عبّاس برواية عبيدالله بن عبدالله بن عتبة.

4.عامر الشعبى

8590. الواقدى : حدّثنى أبوالجويرية، عن أبيه، عن الشعبى، قال:

توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ورأسه فى حجر على، وغسّله على، والفضل محتضنه، واُسامة يناول الفضل الماء. (1)

5.العبّاس بن عبدالمطّلب

8591. الخوارزمى : قال العبّاس بن عبدالمطّلب يمدح عليّاً عليه السّلام حين بويع لأبى بكر:

ما كنت أحسب أنّ الأمر منحرف

عن هاشم ثمّ عنها عن أبى حسن

أ ليس أوّل من صلّي لقبلتكم

وأعلم الناس بالآثار والسنن

وأقرب الناس عهداً بالنبى ومن

جبريل عون له فى الغسل والكفن

من فيه ما فى جميع الناس كلّهم وليس فى الناس ما فيه من الحسن

ماذا الّذى ردّكم عنه فنعرفه ها أنّ بيعتكم من أوّل الفتن (2)

6.عبدالله بن عبّاس

8592. مطيّن : حدّثنا محمّد بن الصبّاح الجرجرائى، حدّثنا على بن ثابت الجزرى، عن المختار بن نافع، عن عبدالأعلي التيمى، عن إبراهيم التيمى، عن ابن عبّاس، قال:

جاء ملك الموت إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم فى مرضه الّذى قبض فيه، فاستأذن ورأسه فى حجر على، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال على رضي الله عنه : ارجع فإنّا مشاغيل عنك، فقال النبى صلّى الله عليه و سلّم : أ تدرى من هذا يا أباحسن ؟ هذا ملك الموت ادخل راشداً، فلمّا دخل

ص:79


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 202/2 ، [1] ذكر من قال توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حجر على بن أبى طالب.
2- (2) . المناقب ص40 (8).

قال: إنّ ربّك -عزّ وجلّ - يقرؤك السلام. قال: أين جبريل ؟ قال: ليس هو قريب منّى، الآن يأتى، فخرج ملك الموت حتّي نزل عليه جبريل، فقال له جبريل عليه السّلام وهو قائم بالباب: ما أخرجك يا ملك الموت ؟ قال: التمسك محمّد صلّى الله عليه و سلّم . فلمّا أن جلسا قال جبريل: سلام عليك يا أباالقاسم، هذا وداع منّى ومنك، فبلغنى أنّه لم يسلّم ملك الموت علي أهل بيت قبله ولا يسلّم بعده. (1)

8593. أسد السنّة : حدّثنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن الأرقم بن شرحبيل، قال:

سافرت مع ابن عبّاس من المدينة إلي الشام فسألته: أوصي النبى صلّى الله عليه و سلّم ؟ فقال: إنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم لمّا مرض مرضه الّذى مات فيه كان فى بيت عائشة فقال: ادعوا لى عليّاً، فقالت: ألا ندعو أبابكر يا رسول الله ؟ قال: ادعوه. ثمّ قالت حفصة: ألا ندعو عمر؟ قال: ادعوه. ثمّ قالت أمّ الفضل: ألا ندعو العبّاس عمّك ؟ قال: ادعوه. فلمّا حضروه رفع رأسه فلم ير عليّاً، فسكت ولم يتكلّم، فقال عمر: قوموا عن النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فلو كانت له إلينا حاجة ذكرها، حتّي فعل ذلك ثلاث مرّات ... . (2)

8594. الفريابى : حدّثنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن أرقم بن شرحبيل، قال:

سافرت مع ابن عبّاس -رضى الله عنهما- من المدينة إلي الشام. فقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لمّا مرض مرضه الّذى مات فيه، كان فى بيت عائشة -رضى الله عنها- فقال: ادعوا لى عليّاً رضي الله عنه ... . (3)

8595. وكيع : عن إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن الأرقم بن شرحبيل، عن ابن عبّاس، قال:

ص:80


1- (1) . عنه الطبرانى فى المعجم الكبير 110/12 (12708).
2- (2) . عنه الطبرانى بإسناده إليه فى المعجم الكبير 89/12 (12634)، والطحاوى فى شرح معانى الآثار 405/1 , باختصار.
3- (3) . عنه الطحاوى بإسناده إليه فى شرح معانى الآثار 405/1 ، كتاب الصلاة، باب صلاة الصحيح خلف المريض.

لمّا مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مرضه الّذى مات فيه، كان فى بيت عائشة، فقال: ادعوا لى عليّاً، قالت عائشة: يا رسول الله، ندعو لك أبابكر؟ قال ادعوه. قالت حفصة: يا رسول الله، ندعو لك عمر؟ قال: ادعوه. قالت امّ الفضل: يا رسول الله، ندعو لك العبّاس ؟ قال: نعم. فلمّا اجتمعوا رفع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم رأسه [فلم ير عليّاً]، فنظر فسكت. فقال عمر: قوموا عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... . (1)

8596. ابن بكّار : حدّثنى يحيي بن المقدام، عن عمّه موسي بن يعقوب، عن عبدالرحمان بن إسحاق، عن الزهرى أنّ عروة بن الزبير والقاسم بن محمّد بن أبى بكر وأبابكر بن عبدالرحمان بن الحارث بن هشام وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة كلّهم يخبره عن عائشة زوج النبى صلّى الله عليه و سلّم :

أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بدأه مرضه الّذى مات به فى بيت ميمونة - رضى الله عنها - فخرج عاصباً رأسه فدخل على بين رجلين تخطّ رجلاه الأرض، عن يمينه العبّاس، وعن يساره رجل.

قال عبيدالله: أخبرنى ابن عبّاس أنّ الّذى عن يساره على. (2)

8597. ابن إسحاق : حدّثنى الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله [بن] عتبة، عن عائشة، قالت:

رجع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من البقيع فدخل على فوجدنى وأنا أجد صداعاً فى رأسى وأنا أقول: وا رأساه! قال: بل أنا والله يا عائشة وا رأساه! ثمّ قال: وما يضرّك لو متّ قبلى فقمت عليك فكفّنتك، ثمّ صلّيت عليك ودفنتك ؟

قالت: والله لكأنّى بك لو فعلت ذلك قد رجعت إلي بيتى فأعرست فيه ببعض نسائك.

قال: فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، قال: [قالت:] وتتامّ به وجعه حتّي استعرّ (3) به وهو فى بيت ميمونة، فدعا نساءه فسألهنّ أن يأذنّ له أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، فخرج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم

ص:81


1- (1) . عنه ابن ماجة فى سننه 391/1 (1235)، وأحمد فى مسنده 356/1 (3355), [1] وما بين المعقوفين منه.
2- (2) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 56/3 (89/4385).
3- (3) . كذا فى الأصل, واستعرّ: اشتدّ واستعصي، من العرارة وهى الشدّة والضرر وسوء الخلق.

يمشى بين رجلين من أهله: أحدهما الفضل بن عبّاس ورجل آخر، تخطّ قدماه، عاصباً رأسه حتّي جاء بيتى.

قال عبيدالله: فحدّثت هذا الحديث عبدالله بن عبّاس، قال: تدرى من الرجل الآخر؟ قال: قلت: لا. قال: على. (1)

8598. معمر : عن الزهرى، قال: أخبرنى عبيدالله بن عبدالله، قال: قالت عائشة:

لمّا ثقل النبى صلّى الله عليه و سلّم واشتدّ وجعه استأذن أزواجه أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه الأرض وكان بين العبّاس ورجل آخر.

قال عبيدالله بن عبدالله: فذكرت ذلك لابن عبّاس ما قالت عائشة، فقال لى: وهل تدرى من الرجل الّذى لم تسمّ عائشة ؟ قلت: لا. قال: هو على بن أبى طالب. (2)

8599. معمر : عن الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله، عن عائشة، قالت:

مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى بيت ميمونة، فاستأذن نساءه أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، فخرج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم معتمداً علي العبّاس وعلي رجل آخر، ورجلاه تخطّان فى الأرض.

وقال عبيدالله: فقال ابن عبّاس: أ تدرى من ذلك الرجل ؟ هو على بن أبى طالب، ولكنّ عائشة لا تطيب له نفساً. (3)

8600. معمر : عن الزهرى [قال]: وأخبرنى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنّ عائشة أخبرته، قالت:

أوّل ما اشتكي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى بيت ميمونة، فاستأذن أزواجه أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، قالت: فخرج ويد له علي الفضل بن عبّاس، ويد اخري علي يد رجل آخر، وهو يخطّ برجليه فى الأرض.

ص:82


1- (1) . عنه أبويعلي بإسناده إليه فى مسنده 56/8 - 57 (4579).
2- (2) . عنه البخارى بإسناده إليه فى صحيحه 323/1 (626).
3- (3) . عنه أحمد فى مسنده 34/6 (24061). [1]

فقال عبيدالله: فحدّثت به ابن عبّاس، فقال: أتدرى من الرجل الّذى لم تسمّ عائشة ؟ هو على بن أبى طالب، ولكن عائشة لا تطيب لها نفساً بخير. (1)

8601. ابن ماجة : حدّثنا سهل بن أبى سهل، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله، قال: سألت عائشة فقلت:

أى امّه، أخبرينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . قالت: اشتكي فعلق ينفث، فجعلنا نشبّه نفثه بنفثة آكل الزبيب، وكان يدور علي نسائه، فلمّا ثقل استأذنهنّ أن يكون فى بيت عائشة وأن يدرن عليه.

قالت: فدخل على رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو بين رجلين، ورجلاه تخطّان بالأرض، أحدهما العبّاس.

فحدّثت به ابن عبّاس فقال: أ تدرى من الرجل الّذى لم تسمّه عائشة ؟ هو على بن أبى طالب. (2)

8602. ابن خزيمة : حدّثنا عبدالجبّار بن العلاء، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله، قال: سألت عائشة قلت:

أخبرينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فقالت: اشتكي فعلق ينفث، فجعلنا نشبّه نفثه بنفث آكل الزبيب. قالت: وكان يدور علي نسائه، فلمّا ثقل استأذنهنّ أن يكون عندى ويدرن عليه.

قالت: دخل على رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو بين رجلين تخطّان رجلاه الأرض، أحدهما عبّاس.

قال: فحدّثت به ابن عبّاس فقال لى: ما أخبرتك بالآخر؟ قلت: لا. قال: هو على. (3)

ص:83


1- (1) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 428/5 - 429 , ذيل الحديث 9754 ، ومن طريقه مسلم بسندين إليه فى صحيحه 312/1 ، ذيل الحديث 418 , ورواه ابن المبارك عن معمر ويونس كما سيأتى.
2- (2) . سنن ابن ماجة 517/1 (1618).
3- (3) . عنه ابن حبّان فى صحيحه 553/14 (6588).

8603. النسائى : أخبرنا محمّد بن منصور، قال: حدّثنا سفيان، عن الزهرى، قال: أخبرنى عبيدالله، قال:

سألت عائشة عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، قالت: اشتكي فعلق ينفث، فكنّا نشبّه نفثه بنفث آكل الزبيب، وكان يدور علي نسائه، فلمّا اشتدّ المرض استأذنهنّ أن يمرّض عندى ويدرن عليه، فأذنّ له، فدخل على وهو يتّكئ علي رجلين، تخطّ رجلاه الأرض خطّاً، أحدهما العبّاس.

[قال عبيدالله:] فذكرت ذلك لابن عبّاس، فقال: ألم تخبرك من الآخر؟ قلت: لا. قال: هو على. (1)

8604. البخارى : حدّثنا أبواليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهرى، قال: أخبرنى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنّ عائشة قالت:

لمّا ثقل النبى صلّى الله عليه و سلّم واشتدّ به وجعه استأذن أزواجه فى أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، فخرج النبى صلّى الله عليه و سلّم بين رجلين تخطّ رجلاه فى الأرض بين عبّاس ورجل آخر.

قال عبيدالله فأخبرت عبدالله بن عبّاس، فقال: أتدرى من الرجل الآخر؟ قلت: لا. قال: هو على. (2)

8605. الحاكم : أخبرنى أبوالنضر الفقيه، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارمى، قال: قرأناه علي أبي اليمان، عن شعيب بن أبى حمزة ... مثله. (3)

8606. ابن طهمان : عن عبّاد بن إسحاق، عن محمّد بن مسلم الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن عائشة أنّها قالت:

بدأ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى مرضه الّذى قبضه الله فيه فى بيت ميمونة، فجاءنى يهادى بين

ص:84


1- (1) . السنن الكبري 385/6 (7051). [1]
2- (2) . صحيح البخارى 156/1 (192).
3- (3) . عنه البيهقى فى السنن الكبري 31/1 ، كتاب الطهارة، باب التطهّر فى سائر الأوانى.

رجلين تخّط قدماه فى الأرض، فلمّا دخل قلت: وا رأساه! فقال: لوددت أنّ ذلك كان، فأشهدك واُصلّى عليك. فقلت: إنّى أظنّ ذلك لو كان ما أمسيت من يومك حتّي تعرس ببعض نسائك، ثمّ قال: وا رأساه - مرّتين - ... .

قال عبيدالله: فخرجت فجلست الي ابن عبّاس فقلت: لو رأيت امّك عائشة تقول كذا وكذا، فقال: ومن الرجلين ؟ قلت: أمّا أحدهما فالعبّاس، وأمّا الآخر فلم تسمّه. قال ابن عبّاس: والآخر على بن أبى طالب، ولكن لا تنشرح له بخبر، وقد صدقت. (1)

8607. مسلم : حدّثنى عبدالملك بن شعيب بن الليث، حدّثنى أبى، عن جدّى، قال: حدّثنى عقيل بن خالد، [قال:] قال ابن شهاب: أخبرنى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أنّ عائشة زوج النبى صلّى الله عليه و سلّم قالت:

لمّا ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم واشتدّ به وجعه استأذن أزواجه أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه فى الأرض، بين عبّاس بن عبدالمطّلب وبين رجل آخر.

قال عبيدالله: فأخبرت عبدالله بالّذى قالت عائشة، فقال لى عبدالله بن عبّاس: هل تدرى من الرجل الآخر الّذى لم تسمّ عائشة ؟ قال: قلت: لا. قال ابن عبّاس: هو على. (2)

8608. البيهقى : أخبرنا أبوالحسن على بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار، قال: أخبرنا ابن ملحان، قال: حدّثنا يحيي بن بكير، عن الليث.

حيلولة: وأخبرنا أبوصالح بن أبى طاهر العنبرى، قال: أخبرنا جدّى يحيي بن منصور القاضى، قال: حدّثنا أبوبكر عمر بن حفص السدوسى، قال: حدّثنا عاصم بن على، قال: حدّثنا ليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب [الزهرى]، قال: أخبرنا عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنّ عائشة زوج النبى صلّى الله عليه و سلّم قالت:

لمّا ثقل النبى صلّى الله عليه و سلّم واشتدّ به الوجع استأذن أزواجه فى أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له،

ص:85


1- (1) . مشيخة ابن طهمان ص58 - 59 (5).
2- (2) . صحيح مسلم 312/1 - 313 ، ذيل الحديث 418 .

فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه فى الأرض، بين العبّاس وبين رجل آخر.

قال عبيدالله: فأخبرت عبدالله بن عبّاس بالّذى قالت عائشة، فقال لى: هل تدرى من الرجل الآخر الّذى لم تسمّه عائشة ؟ قلت: لا. قال: على رضي الله عنه ... . (1)

8609. ابن المبارك : أخبرنا معمر ويونس، عن الزهرى، أخبرنى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنّ عائشة زوج النبى صلّى الله عليه و سلّم قالت:

لمّا ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم واشتدّ به وجعه استأذن أزواجه فى أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه فى الأرض بين ابن عبّاس - تعنى الفضل - ، وبين رجل آخر.

قال عبيدالله: فأخبرت ابن عبّاس بما قالت، قال: فهل تدرى من الرجل الآخر الّذى لم تسمّ عائشة ؟ قال: قلت لا. قال ابن عبّاس: هو على، إنّ عائشة لا تطيب له نفساً بخير ... . (2)

8610. ابن المبارك : أخبرنا معمر ويونس، قال الزهرى: أخبرنى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنّ عائشة - رضى الله عنها - زوج النبى صلّى الله عليه و سلّم قالت:

لمّا ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم واشتدّ به وجعه استأذن أزواجه فى أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له، فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه فى الأرض بين عبّاس وآخر، فأخبرت ابن عبّاس فقال: هل تدرى من الرجل الآخر الّذى لم تسمّ عائشة ؟ قلت: لا. قال: هو على ... . (3)

8611. ابن إسحاق : عن يعقوب بن عتبة، عن محمّد بن مسلم بن شهاب الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن عائشة زوج النبى صلّى الله عليه و سلّم ، قالت:

رجع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من البقيع، فوجدنى وأنا أجد صداعاً فى رأسى وأنا أقول: وا رأساه!

ص:86


1- (1) . دلائل النبوّة 173/7 ، باب ما جاء فى استئذانه فى أن يمرّض فى بيت عائشة. [1]
2- (2) . عنه ابن سعد بإسناده إليه فى الطبقات الكبري 179/2 ، [2] ذكر استئذان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم نساءه أن يمرّض فى بيت عائشة.
3- (3) . عنه البخارى بإسناده إليه فى صحيحه 239/7 - 240 (613).

قال: بل أنا والله يا عائشة وا رأساه! ثمّ قال: ما ضرّك لو متّ قبلى فقمت عليك وكفّنتك وصلّيت عليك ودفنتك! فقلت: والله لكأنّى بك لو فعلت ذلك رجعت إلي بيتى فأعرست ببعض نسائك! قالت: فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وتتامّ به وجعه، وهو يدور علي نسائه حتّي استعزّ (1) به وهو فى بيت ميمونة، فدعاه نساءه فاستأذنهنّ أن يمرّض فى بيتى، فأذنّ له.

فخرج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بين رجلين من أهله: أحدهما الفضل بن العبّاس ورجل آخر تخطّ قدماه الأرض، عاصباً رأسه حتّي دخل بيتى.

قال عبيدالله: فحدّثت هذا الحديث عنها عبدالله بن عبّاس، فقال: هل تدرى من الرجل ؟ قلت: لا. قال: على بن أبى طالب، ولكنّها كانت لا تقدر علي أن تذكره بخير وهى تستطيع. (2)

8612. ابن إسحاق : حدّثنا يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، عن الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة، قالت:

دخل على رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو يصدع، وأنا أشتكى رأسى، فقلت: وا رأساه. فقال: بل أنا والله يا عائشة وا رأساه. ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : وما عليك لو متّ قبلى فولّيت أمرك وصلّيت عليك وواريتك! فقلت: والله إنّى لأحسب أنّه لو كان ذلك لقد خلوت ببعض نسائك فى بيتى آخر النهار فأعرست بها! فضحك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ثمّ تمادي برسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجعه فاستقرّ برسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو يدور علي نسائه فى بيت ميمونة، فاجتمع إليه أهله ... .

قال عبيدالله: فحدّثت هذا الحديث ابن عبّاس فقال: تدرى من الرجل الآخر الّذى مع العبّاس لم تسمّه عائشة ؟ قلت: لا. قال: هو على بن أبى طالب رضي الله عنه . (3)

8613. البخارى والدارمى ومسلم : حدّثنا أحمد بن يونس، قال: حدّثنا زائدة، عن موسي بن أبى عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، قال:

ص:87


1- (1) . أى اشتدّ به وجعه وغلبه علي نفسه.
2- (2) . عنه الطبرى فى تاريخه 188/3 - 189 ، [1] حوادث سنة إحدي عشرة.
3- (3) . عنه البيهقى بإسناده إليه فى دلائل النبوّة 168/7 - 170 ، باب ما جاء فى إشارته إلي عائشة - [2] رضى الله عنها - فى ابتداء مرضه بما يشبه النعى.

دخلت علي عائشة فقلت: ألا تحدّثينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ قالت: بلي، ثقل النبى صلّى الله عليه و سلّم ... ثمّ إنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم وجد من نفسه خفّة فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس ... .

قال عبيدالله: فدخلت علي عبدالله بن عبّاس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدّثتنى عائشة عن مرض النبى صلّى الله عليه و سلّم ؟ قال: هات. فعرضت عليه حديثها، فما أنكر منه شيئاً غير أنّه قال: أ سمّت لك الرجل الّذى كان مع العبّاس ؟ قلت: لا. قال: هو على. (1)

8614. الحاكم : أخبرنى أبوجعفر محمّد بن صالح بن هانئ، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو الحرشى، قال: أخبرنا أحمد بن يونس ... مثله. (2)

8615. أبوعوانة : حدّثنا الصغانى، قال:حدّثنا أحمد بن يونس.

حيلولة: وحدّثنا النفيلى على بن عثمان، قال: حدّثنا معاوية بن عمرو.

حيلولة: وحدّثنا الحسن بن عمر بن عبدالحميد بن عبدالحميد بن ميمون بن مهران أبومحمّد، قال: حدّثنا خلف بن تميم.

حيلولة: وحدّثنا أبواُميّة، قال: حدّثنا يحيي بن أبى بكير وأحمد بن يونس ومعاوية بن عمرو الأزدى، قالوا: حدّثنا زائدة بن قدامة ... مثله. (3)

8616. ابن راهويه : أخبرنا أبواُسامة، حدّثنا زائدة بن قدامة، حدّثنى موسي بن أبى عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، قال:

دخلت علي عائشة فقلت لها: ألا تحدّثينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ فقالت: بلي، ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... .

ص:88


1- (1) . صحيح البخارى 333/1 (647)؛ سنن الدارمى 287/1 - 288 ، باب فيمن يصلّى خلف الإمام والإمام جالس؛ [1] صحيح مسلم 311/1 ، ذيل الحديث 418 .
2- (2) . عنه البيهقى فى معرفة السنن والآثار 141/4 - 142 (5696), والسنن الكبري 151/8 , كتاب قتال أهل البغى، باب ما جاء فى تنبيه الإمام علي من يراه أهلاً ... . [2]
3- (3) . مسند أبى عوانة 440/1 (1632).

ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجد فى نفسه خفّة فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس بن عبدالمطّلب ... .

قال عبيدالله بن عبدالله: فدخلت علي ابن عبّاس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدّثتنى عائشة عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ فقال: نعم. فحدّثته حديثها عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فما أنكر منه شيئاً غير أنّه قال: أ سمّت لك الرجل الّذى كان مع العبّاس ؟ فقلت: لا. فقال: هو على. (1)

8617. ابن أبى شيبة : حدّثنا حسين بن على, عن زائدة, عن موسي بن أبى عائشة, قال: حدّثنى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، قال:

أتيت عائشة فقلت: حدّثينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قالت: نعم، مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فثقل فأغمى عليه فأفاق ... ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجد خفة من نفسه، فخرج لصلاة الظهر بين العبّاس ورجل آخر ... .

قال: فأتيت ابن عبّاس فقلت: ألا أعرض عليك ما حدّثتنى عائشة ؟ قال: هات. فعرضت عليه هذا، فلم ينكر منه شيئاً الّا أنّه قال: أخبرتك من الرجل الآخر؟ قال: قلت: لا. فقال: هو على رحمه الله . (2)

8618. أحمد : حدّثنا عبدالرحمان بن مهدى، قال: حدّثنا زائدة، عن موسي بن أبى عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله، قال:

دخلت علي عائشة فقلت: الّا تحدّثينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ فقالت: بلي، ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجد خفّة، فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس ... فدخلت علي ابن عبّاس، فقلت: ألا أعرض عليك ما حدّثتنى عائشة عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ قال: هات. فحدّثته، فما أنكر منه شيئاً، غير أنّه قال: أ سمّت لك الرجل الّذى

ص:89


1- (1) . مسند ابن راهويه 503/2 - 505 (1091)، وعنه ابن حبّان فى صحيحه 567/14 (6602).
2- (2) . المصنّف 430/7 (37028)، [1] وعنه المتّقى فى كنز العمّال 267/7 - 268 (18838).

كان مع العبّاس ؟ قلت: لا. قال: هو على. (1)

8619. النسائى : أخبرنا العبّاس بن عبدالعظيم، قال: حدّثنا عبدالرحمان بن مهدى، قال: حدّثنا زائدة، عن موسي بن أبى عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله، قال:

دخلت علي عائشة، فقلت: ألا تحدّثينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ فقالت: بلي، ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وجد من نفسه خفّة، فجاء يهادي بين رجلين أحدهما العبّاس ... فدخلت علي ابن عبّاس، فقلت: ألا أعرض عليك ما حدّثتنى عائشة عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ قال: نعم. فحدّثته، فما أنكر منه شيئاً، غير أنّه قال: سمّت لك الرجل الّذى كان مع العبّاس ؟ قلت: لا. قال: هو على. (2)

8620. ابن سعد : أخبرنا هشام بن عبدالملك أبوالوليد الطيالسى ومعاوية بن عمرو الأزدى، قالا: أخبرنا زائدة بن قدامة، عن موسي بن أبى عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله، قال:

دخلت علي عائشة فقلت لها: حدّثينى عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، قالت: لمّا ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... ثمّ إنّ النبى صلّى الله عليه و سلّم وجد من نفسه خفّة فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس فصلّي الظهر ... .

قال عبيدالله: فدخلت علي عبدالله بن عبّاس فقلت: ألا أعرض عليك ما حدّثتنى عائشة عن مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ قال: هات. فعرضت عليه، فما أنكر منه شيئاً غير أنّه قال: سمّت لك الرجل الّذى كان مع العبّاس ؟ قال: قلت: لا. قال: على بن أبى طالب. (3)

8621. ابن راهويه : أخبرنا الوليد بن عقبة، حدّثنا زائدة، حدّثنى موسي بن أبى عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله، قال:

دخلت علي عائشة فذكر مثل حديث أبي اسامة ... . (4)

ص:90


1- (1) . مسند أحمد 251/6 (26137). [1]
2- (2) . السنن الكبري 439/1 - 440 (910). [2]
3- (3) . الطبقات الكبري 168/2 - 169 ، [3] ذكر أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
4- (4) . مسند ابن راهويه 505/2 (1092)، وتقدّم حديث أبى اُسامة عن زائدة.

8622. خيثمة : عن عبدالله (1) بن عبدالله، قال: دخلت علي عائشة فقلت لها: ألا تحدّثينى عن مرض رسول الله - صلّي الله عليه - ؟ قالت: بلي. ثقل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ... ثمّ إنّ رسول الله - صلّي الله عليه - وجد من نفسه خفّة فخرج بين رجلين أحدهما العبّاس ... .

قال عبيدالله: فدخلت علي عبدالله بن عبّاس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدّثتنى عائشة عن مرض رسول الله - صلّي الله عليه - ؟ قال: هات. فعرضت حديثها، فما أنكر منه شيئاً غير أنّه قال: سمّت لك هذا الرجل الّذى كان مع العبّاس ؟ قلت: لا. قال: هو على بن أبى طالب. (2)

8623. الواقدى : حدّثنى سليمان بن داوود بن الحصين، عن أبيه، عن أبى غطفان، قال:

سألت ابن عبّاس: أ رأيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم توفّى ورأسه فى حجر أحد؟ قال: توفّى وهو لمستند إلي صدر على. قلت: فإنّ عروة حدّثنى عن عائشة أنّها قالت: توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بين سحرى ونحرى!

فقال ابن عبّاس: أ تعقل ؟ والله لتوفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وإنّه لمستند إلي صدر على، وهو الّذى غسّله وأخى الفضل بن عبّاس، وأبي أبى أن يحضر وقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر. (3)

7.عبدالله بن عمرو

8624. أبويعلي : حدّثنا كامل بن طلحة، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا حيى بن عبدالله [المعافرى]، عن أبى عبدالرحمان الحبلى، عن عبدالله بن عمرو:

أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال فى مرضه: ادعوا إلى أخى. فدعوا له أبابكر فأعرض عنه، ثمّ قال: ادعوا إلى أخى. فدعوا له عمر، فأعرض عنه، ثمّ قال: ادعوا إلى أخى. فدعوا له عثمان

ص:91


1- (1) . كذا فى الأصل, والصحيح: «عبيدالله».
2- (2) . من حديث خيثمة ص137 - 138 ، باب إسلام أبى بكر.
3- (3) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 202/2 ، [1] ذكر من قال توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حجر على بن أبى طالب.

فأعرض عنه، ثمّ قال: ادعوا إلى أخى. فدعى له على بن أبى طالب، فستره بثوبه وانكبّ عليه، فلمّا خرج من عنده قيل له: ما قال ؟ قال: علّمنى ألف باب يفتح كلّ باب ألف باب. (1)

8.على بن الحسين عليهما السّلام

8625. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن محمّد بن عمر بن على، عن أبيه، عن على بن حسين، قال:

قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ورأسه فى حجر على. (2)

9.على بن أبى طالب عليه السّلام

8626. الواقدى : أخبرنا عبدالعزيز بن محمّد، عن حرام بن عثمان، عن أبى حازم، عن جابر بن عبدالله الأنصارى:

أنّ كعب الأحبار قام زمن عمر، فقال - ونحن جلوس عند عمر أميرالمؤمنين - : ما كان آخر ما تكلّم به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ فقال عمر: سل عليّاً. قال: أين هو؟ قال: هو هنا. فسأله فقال على: أسندته إلي صدرى فوضع رأسه علي منكبى فقال: الصلاة الصلاة! فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء، وبه امروا وعليه يبعثون ... . (3)

8627. الدارقطنى : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، حدّثنا يحيي بن زكريّا بن شيبان، حدّثنا يعقوب بن معبد، حدّثنى مثنّي أبوعبدالله، عن سفيان الثورى، عن أبي اسحاق السبيعى، عن عاصم بن ضمرة وهبيرة، وعن العلاء بن صالح، عن المنهال بن عمرو، عن

ص:92


1- (1) . عنه ابن عدى فى الكامل 450/2 ، ترجمة حيى بن عبدالله المصرى (562)، وابن حبّان فى المجروحين 14/2 ، ترجمة عبدالله بن لهيعة الحضرمى، وابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 385/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933)، وابن الجوزى فى العلل المتناهية 221/1 (347)، والذهبى فى ميزان الاعتدال 173/4 - 174 ، ترجمة عبدالله بن لهيعة الحضرمى (4535).
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 202/2 ، [2] ذكر من قال توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حجر على بن أبى طالب.
3- (3) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 201/2 - 202 ، [3] ذكر من قال توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حجر على بن أبى طالب.

عبّاد بن عبدالله الأسدى وعن عمرو (1) بن واثلة، قالوا: قال على بن أبى طالب يوم الشوري:

والله لأحتجنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيّهم، ولا عربيّهم، ولا عجميّهم ردّه، ولا يقول خلافه. ثمّ قال لعثمان بن عفّان ولعبدالرحمان بن عوف، والزبير، ولطلحة، وسعد، وهم أصحاب الشوري وكلّهم من قريش وقد كان قدم طلحة ... .

قال: نشدتكم بالله أ فيكم أحد كان آخر عهده برسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتّي وضعه فى حفرته غيرى ؟ قالوا: اللهمّ لا ... . (2)

8628. العقيلى : حدّثنا جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن حميد، قال: حدّثنا زافر، حدّثنا الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن على، فذكر الحديث نحوه. (3)

8629. الطبرانى : حدّثنى على بن سعيد الرازى، حدّثنى محمّد بن حميد، حدّثنى زافر بن سليمان، عن الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال:

كنت علي الباب يوم الشوري فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً عليه السّلام يقول: ... أ فيكم أحد آخر عهده برسوله صلّى الله عليه و آله حين وضعتُه فى حفرته غيرى ؟ قالوا: لا. (4)

8630. العقيلى : حدّثنا محمّد بن أحمد الورامينى، قال: حدّثنا يحيي بن المغيرة الرازى، قال: حدّثنا زافر، عن رجل، عن الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكنانى، قال أبوالطفيل:

كنت علي الباب يوم الشوري فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً يقول: ... أ فيكم أحد أخذ عهده برسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتّي وضعه فى حفرته غيرى ؟ قالوا: اللهمّ لا ... . (5)

ص:93


1- (1) . هو أبوالطفيل، والمعروف من اسمه عامر.
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 431/42 - 433 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
3- (3) . الضعفاء 212/1 ، [2] ترجمة الحارث بن محمّد (258)، والمراد من «الحديث» الحديث الآتى من العقيلى.
4- (4) . عنه الخوارزمى بإسناده إليه فى المناقب ص313 - 315 (314), من طريق ابن مردويه.
5- (5) . الضعفاء 211/1 - 212 ، [3] ترجمة الحارث بن محمّد (258)، وعنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 433/42 - 435 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [4]4933).

8631. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن محمّد بن عمر بن على بن أبى طالب، عن أبيه، عن جدّه، [عن على عليه السّلام ]، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى مرضه:

ادعوا لى أخى؛ قال: فدعى له على، فقال: ادن منّى. فدنوت منه فاستند إلى، فلم يزل مستنداً إلى إنّه ليكلّمنى حتّي إنّ بعض ريق النبى صلّى الله عليه و سلّم ليصيبنى، ثمّ نزل برسول الله صلّى الله عليه و سلّم وثقل فى حجرى فصحتُ : يا عبّاس، أدركنى، فإنّى هالك! فجاء العبّاس فكان جهدهما جميعاً أن أضجعاه. (1)

10.الفضل بن العبّاس

8632. ابن الأثير : قال الفضل بن العبّاس بن عتبة بن أبى لهب فيه:

ما كنت أحسب أنّ الأمر منصرف

عن هاشم ثمّ منها عن أبى حسن

البرّ أوّل من صلّي لقبلته

وأعلم الناس بالقرآن والسنن

وآخر الناس عهداً بالنبى ومن

جبريل عون له فى الغسل والكفن

من فيه ما فيه لا تمترون به

وليس فى القوم ما فيه من الحسن (2)

الثانى: تجهيزه عليه السّلام لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

برواية:

1. إبراهيم بن يزيد النخعى-6. السائب بن يزيد

2. أنس بن مالك-7. سعيد بن المسيّب

3. أبى بكر بن أبى جهم-8. أبى سعيد الخدرى

4. جابر بن عبدالله-9. عامر الشعبى

5. الحسين بن على عليهما السّلام-10. عبدالله بن أبى بكر بن محمّد

ص:94


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 202/2 ، [1] ذكر من قال توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حجر على بن أبى طالب.
2- (2) . اسد الغابة 40/4 ، ترجمة على بن أبى طالب.

11. عبدالله بن ثعلبة بن صعير-18. على بن أبى طالب عليه السّلام

12. عبدالله بن الحارث-19. عمر بن الخطّاب

13. عبدالله بن عبّاس-20. محمّد بن إبراهيم بن الحارث

14. عبدالواحد بن أبى عون-21. محمّد بن شهاب الزهرى

15. عبيدالله بن عبدالله بن عتبة-22. محمّد بن على الباقر عليهما السّلام

16. عكرمة-23. أبى معشر

17. على بن الحسين عليهما السّلام-24. ما ورد مرسلاً

1. إبراهيم بن يزيد النخعى

8633. ابن سعد : أخبرنا الفضل بن دكين وعبيدالله بن موسي، قالا: أخبرنا إسرائيل، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:

غسّل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم العبّاس وعلى والفضل.

قال الفضل بن دكين فى حديثه: والعبّاس يسترهم. (1)

2.أنس بن مالك

8634. ابن القزوينى : حدّثنا محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبى حمزة الثمالى، عن أبي اسحاق، عن بشير الغفارى، عن أنس بن مالك، قال:

كنت خادماً لرسول الله صلّى الله عليه و آله ، وكانت ليلة أمّ حبيبة بنت أبى سفيان، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه و آله بوضوء، فقال: يا أنس، يدخل عليك من هذا الباب أميرالمؤمنين وخير الوصيّين، أقدم الناس سلماً وأكثر الناس علماً وأرجح الناس حلماً. فقلت: اللهمّ اجعله رجلاً من قومى.

فلم ألبث أن دخل على بن أبى طالب عليه السّلام من الباب ورسول الله صلّى الله عليه و آله يتوضّأ ويردّ الماء علي وجه على عليه السّلام حتّي امتلأت عيناه من الماء.

ص:95


1- (1) . الطبقات الكبري 212/2 - 213 ، [1] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

فقال على عليه السّلام لرسول الله صلّى الله عليه و آله : هل حدث فى حدث ؟ قال رسول الله صلّى الله عليه و آله : ما حدث فيك يا على الّا خير، يا على، أنا منك وأنت منّى، تؤدّى عنّى، وتفى بذمّتى، وتغسلنى، وتوارينى فى لحدى، تسمع الناس عنّى، وتبيّن لهم من بعدى.

فقال له على عليه السّلام : يا رسول الله، أو ما بلّغت ؟ قال: بلي، تبيّن لهم ما يختلفون فيه بعدى. (1)

8635. ابن المظفّر : حدّثنا إسحاق بن محمّد بن مروان، حدّثنا أبى، حدّثنا الحسن بن محبوب، عن أبى حمزة الثمالى، عن أبي اسحاق، عن بشير الغفارى، عن أنس بن مالك، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لعلى: أنت تغسّلنى، وتوارينى فى لحدى، وتبيّن لهم بعدى. (2)

8636. الخوارزمى : عن أبى سعيد الخدرى وأنس بن مالك، قالا:

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله : يا على أنت تبيّن لاُمّتى ما اختلفوا فيه من بعدى. يا على، أنت تغسّل جثّتى، وتؤدّى دينى، وتوارينى فى حفرتى، وتفى بذمّتى، وأنت صاحب لوائى فى الدنيا وفى الآخرة. (3)

أبوبكر بن أبى جهم

8637. الواقدى : حدّثنى الزبير بن موسي، قال: سمعت أبابكر بن أبى جهم يقول:

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل واُسامة بن زيد وشقران، وأسنده على إلي صدره والفضل معه يقلّبونه، وكان اسامة وشقران يصبّان الماء عليه وعليه قميصه، وكان أوس بن خولى قال: يا على، أنشدك الله وحظّنا من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ! فقال له على: ادخل. فدخل فجلس. (4)

ص:96


1- (1) . عنه ابن طاووس فى اليقين ص186 - 187 , الباب 39 .
2- (2) . عنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 386/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933), من طريق الخطيب.
3- (3) . المناقب ص329 (346).
4- (4) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 214/2 ، [2] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

4.جابر بن عبدالله

8638. عبدالغنى الأزدى : حدّثنا على بن عبدالله أنّ عبدالله بن زيدان، قال: حدّثنا هارون بن أبى بردة، حدّثنا أخى حسين بن أبى بردة، عن يحيي بن يعلي، عن عبيدالله بن موسي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم :

لا يحلّ لرجل يري مجرّدى الّا على. (1)

8639. ابن المغازلى : أخبرنا أبوالحسن على بن عبيدالله بن القصّاب البيّع رحمه الله ، حدّثنا أبوبكر محمّد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجرائى، حدّثنا أبوالحسن على بن سلمان بن يحيي، حدّثنا عبدالكريم بن على، حدّثنا جعفر بن محمّد بن ربيعة البجلى، حدّثنا الحسن بن الحسين العرنى، حدّثنا كادح بن جعفر، [عن عبدالله بن لهيعة، عن عبدالرحمان بن زياد]، عن مسلم بن يسار، عن جابر بن عبدالله، قال:

لمّا قدم على بن أبى طالب بفتح خيبر قال له النبى صلّى الله عليه و آله : يا على، لولا أن تقول طائفة من امّتى فيك ما قالت النصاري فى عيسي بن مريم لقلت فيك مقالاً لا تمرّ بملأ من المسلمين الّا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك يستشفون بهما ... وأنت تبرئ ذمّتى، وتستر عورتى ... . (2)

5.الحسين بن على عليهما السّلام

8640. مطيّن : حدّثنا ضرار، أخبرنا على بن هاشم، عن حسين بن على [بن الحسين بن على بن أبى طالب]، عن أبيه، عن جدّه، قال:

أوصي النبى صلّى الله عليه و سلّم عليّاً أن يغسّله فقال على: يا رسول الله، أخشي أن لا أطيق ذلك! فقال: إنّك ستعان.

ص:97


1- (1) . عنه ابن المغازلى بإسناده إليه فى مناقب أهل البيت ص165 (141).
2- (2) . مناقب أهل البيت ص306 - 307 (290).

قال: فقال على: فوالله ما أردت أن اقلّب من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عضواً الّا قلّب [لى]. (1)

6.السائب بن يزيد

8641. عبدالغنى الأزدى : حدّثنا أبوالحسين على بن عبدالله بن الفضل التميمى أنّ عبدالله بن زيدان حدّثهم، قال: حدّثنا هارون بن أبى بردة، حدّثنا أخى حسين، عن يحيي بن يعلي، عن عبيدالله بن موسي، عن الزهرى، عن السائب بن يزيد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم :

لا يحلّ لمسلم يري مجرّدى -أو عورتى- الّا على. (2)

7.سعيد بن المسيّب

8642. معمر : عن الزهرى، عن سعيد بن المسيّب، قال:

التمس على بن أبى طالب رضي الله عنه من النبى صلّى الله عليه و سلّم ما يلتمس من الميّت فلم يجده. فقال: بأبى أنت واُمّى، طبت حيّاً وطبت ميّتاً. (3)

8643. معمر : عن الزهرى، عن سعيد بن المسيّب:

أنّ الّذى ولى دفن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وإجنانه أربعة نفر دون الناس: على وعبّاس والفضل وصالح مولي النبى صلّى الله عليه و سلّم ، فلحدوا له ونصبوا عليه اللبن نصباً. (4)

ص:98


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 129/13 ، ترجمة الحسن بن عبيدالله بن أحمد (1360)، ومثله فى ذخائر العقبي للمحبّ الطبرى ص71 ، باب فضائل على عليه السّلام ، ذكر اختصاصه بالوصاية والإرث، ولم يذكر مصدره، وما بين المعقوفين منه.
2- (2) . عنه ابن المغازلى بإسناده إليه فى مناقب أهل البيت ص163 - 164 (140).
3- (3) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 403/3 (6094), وعنه ابن أبى شيبة بإسناده إليه فى المصنّف 453/2 (10937), وابن الأبّار بإسناده إليه فى معجم أصحاب الصدفى ص231 - 232 ، ترجمة عبدالله بن أحمد بن سعيد العبدرى (207)، والمقدسى فى الأحاديث المختارة 102/2 (476)، وليس فيه: «واُمّى», كلاهما من طريق ابن المبارك.
4- (4) . عنه ابن أبى شيبة بإسناده إليه فى المصنّف 429/7 (37018)، و [1] 15/3 (11644) باختصار، وفيه: «وأكفانه» بدل «وإجنانه».

8644. معمر : عن الزهرى، عن سعيد بن المسيّب، قال:

... وولى دفنه وتكفينه وجنّته دون الناس - يعنى النبى صلّى الله عليه و سلّم - كلّهم أربعة: على والعبّاس والفضل وصالح مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (1)

8645. ابن سعد : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهرى، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، حدّثنى سعيد بن المسيّب.

وأخبرنا محمّد بن حميد العبدى ومحمّد بن عمر، عن معمر، عن الزهرى، عن سعيد بن المسيّب.

وأخبرنا يحيي بن عبّاد، أخبرنا عبدالله بن المبارك، عن معمر، عن الزهرى، عن سعيد بن المسيّب، قال:

التمس على من النبى صلّى الله عليه و سلّم عند غسله ما يلتمس من الميّت فلم يجد شيئاً، فقال: بأبى أنت واُمّى، طبت حيّاً وميّتاً. (2)

8646. الواقدى : حدّثنى محمّد بن عبدالله، عن الزهرى، عن سعيد بن المسيّب، قال:

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم على وكفّنه أربعة: على والعبّاس والفضل وشقران. (3)

8.أبوسعيد الخدرى

8647. القطيعى : حدّثنا محمّد بن هشام بن البخترى، قال: حدّثنا الحسين بن عبيدالله العجلى، قال: حدّثنا الفضيل بن مرزوق، عن عطيّة العوفى، عن أبى سعيد الخدرى، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم :

اعطيت فى على خمساً هنّ أحبّ إلى من الدنيا وما فيها: أمّا واحدة فهو تكأت - [-ى] بين يدى الله -عزّ وجلّ - حتّي يفرغ من الحساب، وأمّا الثانية فلواء الحمد بيده، آدم عليه السّلام

ص:99


1- (1) . عنه ابن أبى عاصم بإسناده إليه فى الآحاد والمثانى 339/1 (463).
2- (2) . الطبقات الكبري 215/2 ، [1] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
3- (3) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 214/2 ، ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

ومن ولد تحته، وأمّا الثالثة فواقف علي عقر حوضى يسقى من عرف من امّتى، وأمّا الرابعة فساتر عورتى ومسلّمى إلي ربّى -عزّ وجلّ - ، وأمّا الخامسة فلست أخشي عليه أن يرجع زانياً بعد إحصان ولا كافراً بعد إيمان. (1)

8648. الخوارزمى : عن أبى سعيد وأنس ... . (2)

تقدّمت روايته فى أحاديث أنس.

9.عامر الشعبى

8649. أبوداوود : حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا زهير [بن معاوية]، حدّثنا إسماعيل بن أبى خالد، عن عامر، قال:

غسّل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على والفضل واُسامة بن زيد، وهم أدخلوه قبره.

قال: وحدّثنى مرحب - أو أبومرحب - , أنّهم أدخلوا معهم عبدالرحمان بن عوف، فلمّا فرغ على قال: إنّما يلى الرجل أهله. (3)

8650. ابن أبى شيبة : حدّثنا [عبدالله] بن إدريس، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن الشعبى، قال:

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل واُسامة ودخلوا قبره وجعل على يقول: بأبى أنت واُمّى، طبت حيّاً وميّتاً.

قال: وحدّثنا ابن أبى مرحب أنّ عبدالرحمان بن عوف دخل معهم القبر. قال: وقال الشعبى: ومن يلى الميّت الّا أهله ؟ (4)

ص:100


1- (1) . فضائل الصحابة لأحمد ص661/2 (1127). [1]
2- (2) . المناقب ص129 (346). [2]
3- (3) . سنن أبى داوود 289/3 (3209)، وعنه البيهقى بإسناده إليه فى السنن الكبري 53/4 ، كتاب الجنائز، باب الميّت يدخله قبره الرجال. [3]
4- (4) . المصنّف 15/3 (11643), [4]و 429/7 (37020)، وابن أبى مرحب اختلف فى صحبته، والكلام الّذى

8651. ابن سعد : أخبرنا وكيع بن الجرّاح وعبدالله بن نمير، قالا: أخبرنا إسماعيل بن أبى خالد، عن عامر، قال:

غسّل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب والفضل بن العبّاس واُسامة بن زيد، وكان على يغسّله ويقول: بأبى أنت واُمّى، طبت ميّتاً وحيّاً. (1)

8652. الزيادى : أخبرنا أبوبكر محمّد بن الحسين القطّان، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف السلمى، قال: حدّثنا عبيدالله بن موسي، قالا 2: أخبرنا إسماعيل - هو ابن أبى خالد - ، عن عامر، قال:

قلت من غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم ؟ قال: غسّله على، واُسامة، والفضل بن العبّاس، قال: وأدخلوه قبره، وكان على يقول، وهو يغسّله: بأبى واُمّى طيّباً حيّاً وميّتاً. 3

8653. ابن سعد : أخبرنا الفضل بن دكين، أخبرنا حفص بن غياث، عن أشعث، عن الشعبى، قال:

غسّل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والعبّاس قاعد والفضل محتضنه وعلى يغسّله وعليه قميص واُسامة يختلف. 4

8654. الواقدى : حدّثنى أبوالجويرية، عن أبيه، عن الشعبى، قال:

توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ورأسه فى حجر على، وغسّله على والفضل محتضنه واُسامة يناول الفضل الماء. 5

ص:101


1- (1) . الطبقات الكبري 212/2 ، ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

8655. ابن سعد : أخبرنا وكيع بن الجرّاح وعبدالله بن نمير والفضل بن دكين، عن زكريّا، عن عامر، قال:

كان على يغسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم والفضل واُسامة يحجبانه. (1)

10.عبدالله بن أبى بكر بن محمّد

8656. الواقدى : حدّثنى عبدالرحمان بن عبدالعزيز، عن عبدالله بن أبى بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم:

أنّ المغيرة بن شعبة ألقي فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم بعد أن خرجوا خاتمه لينزل فيه، فقال على بن أبى طالب: إنّما ألقيت خاتمك لكى تنزل فيه فيقال: نزل فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم ، والّذى نفسى بيده لا تنزل فيه أبداً! ومنعه. (2)

8657. الواقدى : أخبرنا عبدالرحمان بن عبدالعزيز، عن عبدالله بن أبى بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، قال:

غسّل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على والفضل بن عبّاس، وكان يقلّبه وكان رجلاً أيّداً، وكان العبّاس بالباب فقال: لم يمنعنى أن أحضر غسله الّا أنّى كنت أراه يستحيى أن أراه حاسراً. (3)

11.عبدالله بن ثعلبة بن صعير

8658. الواقدى : حدّثنى محمّد بن عبدالله، عن الزهرى، عن عبدالله بن ثعلبة بن صعير، قال:

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل واُسامة بن زيد وشقران، وولى غسل سفلته على والفضل محتضنه، وكان العبّاس واُسامة بن زيد وشقران يصبّون الماء. (4)

ص:102


1- (1) . الطبقات الكبري 212/2 ، [1] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 232/2 ، [2] ذكر قول المغيرة بن شعبة إنّه آخر الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
3- (3) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 214/2 ، [3] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
4- (4) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 313/2 ، [4] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

12.عبدالله بن الحارث

8659. ابن إسحاق : عن أبيه إسحاق بن يسار، عن مقسم أبي القاسم مولي عبدالله بن الحارث بن نوفل، عن مولاه عبدالله بن الحارث، قال:

اعتمرت مع على بن أبى طالب فى زمان عمر - أو زمان عثمان - فنزل علي أخته امّ هانئ بنت أبى طالب، فلمّا فرغ من عمرته رجع وسكبتُ له غسلاً فاغتسل؛ فلمّا فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق؛ فقالوا: يا أباالحسن جئنا نسألك عن أمر نحبّ أن تخبرنا به. فقال: أظنّ المغيرة يحدّثكم أنّه كان أحدث الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم ! قالوا: أجل، عن ذا جئنا نسألك!

قال: كذب، كان أحدث الناس عهداً برسول الله قثم بن العبّاس، [ كان آخرنا خروجاً من قبره]. (1)

8660. محمّد بن فضيل : عن يزيد، عن عبدالله بن الحارث، قال:

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم على وعلي النبى صلّى الله عليه و سلّم قميصه وعلي يد على خرقة يغسله بها يدخل يده تحت القميص فيغسله والقميص عليه. (2)

8661. محمّد بن فضيل : عن يزيد بن أبى زياد، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل:

ص:103


1- (1) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 214/3 ، أورده ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 41/13 [1] عن الطبرى نفسه، شرح الكلام 230 ، وما بين المعقوفين منه، وقال ابن أبى الحديد فى ذيله: قلت: بحقّ ما عاب أصحابنا - رحمهم الله - المغيرة وذمّوه وانتقصوه! فإنّه كان علي طريقة غير محمودة، وأبي الله إلا أن يكون كاذباً علي كلّ حال؛ لأنّه إن لم يكن أحدثهم بالنبى عهداً، فقد كذب فى دعواه أنّه أحدثهم به عهداً، وإن كان أحدثهم به عهداً كما يزعم فقد اعترف بأنّه كذب فى قوله لهم: «سقط خاتم منّى»؛ وإنّما ألقاه عمداً، وأين المغيرة ورسول الله صلّى الله عليه و آله ليدّعي القرب منه، وأنّه أحدث الناس عهداً به! وقد علم الله تعالي والمسلمون أنّه لولا الحدث الّذى أحدث، والقوم الّذين صحبهم فقتلهم غدراً، واتّخذ أموالهم؛ ثمّ التجأ إلي رسول الله صلّى الله عليه و آله ليعصمه لم يسلم، ولا وطئ حصي المدينة.
2- (2) . عنه ابن أبى شيبة فى المصنّف 448/2 (10887)، [2] ومن طريقه البيهقى فى دلائل النبوّة 243/7 ، باب ما جاء فى غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . [3]

أنّ عليّاً رضي الله عنه غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم وعلي النبى صلّى الله عليه و سلّم قميص وبيد على رضي الله عنه خرقة يتبع بها تحت القميص. (1)

8662. ابن سعد : أخبرنا مالك بن إسماعيل أبوغسّان النهدى، عن مسعود بن سعد، عن يزيد بن أبى زياد، عن عبدالله بن الحارث:

أنّ عليّاً لمّا قبض النبى صلّى الله عليه و سلّم قام فأرتجّ الباب. قال: فجاء العبّاس معه بنوعبدالمطّلب فقاموا علي الباب وجعل على يقول: بأبى أنت واُمّى، طبت حيّاً وميّتاً!

قال: وسطعت ريح طيّبة لم يجدوا مثلها قطّ . قال: فقال العبّاس لعلى: دع خنيناً كخنين المرأة وأقبلوا علي صاحبكم! فقال على: أدخلوا على الفضل.

قال: وقالت الأنصار نناشدكم الله فى نصيبنا من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فأدخلوا رجلاً منهم يقال له أوس بن خولّي يحمل جرّة بإحدي يديه.

قال: فغسّله على، يدخل يده تحت القميص، والفضل يمسك الثوب عليه، والأنصارى ينقل الماء وعلي يد على خرقة، تدخل يده وعليه القميص. (2)

عبدالله بن عبّاس

8663. ابن عساكر : أخبرنا أبوغالب أحمد بن الحسن وأبوالعزّ أحمد بن عبيدالله بن كادش، قالا: أخبرنا أبومحمّد الجوهرى، أخبرنا على بن محمّد بن أحمد بن لؤلؤ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم الطلحى، حدّثنا عمرو بن عثمان أبومسعود السوّاق -وقال أبوغالب: أبوسعيد- .

حيلولة: وأخبرنا أبوالقاسم زاهر بن طاهر، أخبرنا أبوسعد محمّد بن عبدالرحمان، أخبرنا الحاكم أبوالقاسم بشر بن محمّد بن محمّد بن ياسين، أخبرنا أبوبكر بن خزيمة، حدّثنا أبوسعيد عمرو بن عثمان بن راشد، حدّثنا عبدالله بن مسعود الشامى، حدّثنا ياسين بن محمّد بن أيمن، عن أبى صالح، عن أبى حازم، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم :

ص:104


1- (1) . عنه البيهقى بإسناده إليه فى السنن الكبري 388/3 ، كتاب الجنائز، باب ما ينهي عنه من النظر إلي عورة الميّت ومسّها بيده.
2- (2) . الطبقات الكبري 214/2 - 215 ، [1] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

أعطانى ربّى -عزّ وجلّ - فى على خصالاً فى الدنيا وخصالاً فى الآخرة، أعطانى به فى الدنيا أنّه صاحب لوائى عند كلّ شديدة وكراهيّة، وأعطانى به فى الدنيا أنّه غامضى وغاسلى ودافنى ... . (1)

8664. أبويعلي : حدّثنى سعيد بن يحيي، قال: حدّثنى أبى، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن الشعبى، قال: أخبرنى ابن عبّاس:

أنّه دخل قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل واُسامة.

قال: وأخبرنى مرحب أنّهم أدخلوا عبدالرحمان بن عوف، فكأنّى أنظر إليهم فى القبر أربعة.

قال الشعبى: ومن يلى الرجل الّا أهله ؟! (2)

8665. عبدالرزّاق : عن ابن جريج، عن صالح مولي التوأمة أنّه سمع ابن عبّاس يقول:

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم فى قميص، ونزل فى حفرته على والفضل بن عبّاس وصالح بن سعدان مولي النبى صلّى الله عليه و سلّم . (3)

8666. الواقدى : ثمّ حدّثنى عمر بن صالح، عن صالح مولي التوأمة، عن ابن عبّاس, قال:

نزل فى حفرة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على والفضل وشقران. (4)

8667. الواقدى : حدّثنى هشام بن عمارة، عن أبي الحويرث، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عبّاس، قال:

ص:105


1- (1) . تاريخ مدينة دمشق 330/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
2- (2) . مسند أبى يعلي 253/4 - 254 (2367), وعنه المقدسى فى الأحاديث المختارة 82/11 (74), وتقدّم مثله فى روايات عامر الشعبى فراجع.
3- (3) . المصنّف 400/3 (6087)، وعنه الطبرانى فى المعجم الكبير 326/10 (10799), إلا أنّ فيه: «شقران» بدلاً من «سعدان».
4- (4) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 230/2 ، [2] ذكر من نزل فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم .

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل، وأمروا العبّاس أن يحضر عند غسله فأبي فقال: أمرنا النبى صلّى الله عليه و سلّم أن نستتر. (1)

8668. معمر : عن الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عبّاس، قال:

... فلمّا فرغ الناس من بيعة أبى بكر - وهو يوم الثلاثاء - أقبلوا علي جهازه صلّى الله عليه و سلّم فاختلفوا فى غسله فقالوا: والله ما ندرى أ نجرّد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من ثيابه كما نجرّد موتانا، أو نغسله وعليه ثيابه، فلمّا اختلفوا ألقي الله عليهم السبات حتّي ما منهم أحد الّا وذقنه فى صدره، ثمّ كلّمهم متكلّم من ناحية البيت -لا يدري من هو- أن اغسلوا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وعليه ثيابه، فقاموا فغسلوه وعليه قميصه، فأسنده على إلي صدره، فكان العبّاس والفضل والقثم يقلّبونه، وكان اسامة بن زيد وشقران مولياه يصبّان عليه الماء وعلى يغسله ويدلكه من ورائه لا يفضي بيده إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو يقول: بأبى أنت واُمّى، ما أطيبك حيّاً وميّتاً! ولم ير من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم شىء ممّا يري من الميّت. (2)

8669. أبوالحسن البغوى : حدّثنا أبونعيم، حدّثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال:

جمع الله هذه الخصال كلّها فى على إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا كان والله أوّل المؤمنين إيماناً، وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ وكان أوّل من صلّي وعبد الله من أهل الأرض مع رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ، وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ يعنى بالقرآن، وتعلّم القرآن من رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وكان من أبناء سبع وعشرين سنة، وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ (3) يعنى وأوصي محمّد عليّاً بالصبر عن الدنيا، وأوصاه بحفظ فاطمة، وبجمع القرآن بعد موته، وبقضاء دينه، وبغسله بعد موته،

ص:106


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 214/2 ، [1] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
2- (2) . عنه ابن حبّان بإسناده إليه من طريق عبدالرزّاق فى الثقات 152/2 - 158 ، استخلاف أبى بكر بن أبى قحافة الصدّيق رضي الله عنه .
3- (3) . العصر/ 3 . [2]

وأن يبنى حول قبره حائطاً لئ -< تؤذيه النساء بجلوسهنّ علي قبره، وأوصاه بحفظ الحسن والحسين، فذلك قوله: وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ . (1)

8670. البزّار : حدّثنا أيّوب بن منصور بن سليم البغدادى، حدّثنا شجاع بن الوليد، حدّثنا زياد بن خيثمة، عن [إسماعيل] السدّى، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

دخل قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم العبّاس وعلى والفضل، وشقّ لحده رجل من الأنصار، وهو الّذى شقّ قبور الشهداء يوم احد. (2)

8671. ابن حبّان : أخبرنا عمران بن موسي بن مجاشع، حدّثنا مجاهد بن موسي، حدّثنا شجاع بن الوليد، حدّثنا زياد بن خيثمة، قال: حدّثنى إسماعيل السدّى، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

دخل قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم العبّاس وعلى والفضل، وسوّي لحده رجل من الأنصار، وهو الّذى سوّي لحود الشهداء يوم بدر. (3)

8672. ابن الجارود : حدّثنا محمّد بن عبدالملك بن زنجويه، قال: حدّثنا أبوبدر شجاع بن الوليد، قال: حدّثنى زياد بن خيثمة، قال: أنبأنى إسماعيل السدّى، عن عكرمة، عن ابن عبّاس - رضى الله عنهما - ، قال:

دخل قبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم العبّاس وعلى والفضل، وشقّ لحده رجل من الأنصار، وهو الّذى يشقّ لحود قبور الشهداء. (4)

8673. ابن إسحاق : حدّثنى حسين بن عبدالله، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لمّا أجمع القوم لغسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وليس فى البيت الّا أهله: عمّه العبّاس بن

ص:107


1- (1) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 560/2 - 561 (1168). [1]
2- (2) . عنه الهيثمى فى كشف الأستار 403/1 - 404 (855).
3- (3) . صحيح ابن حبّان 600/14 - 601 (6633).
4- (4) . المنتقي ص142 (547). [2]

عبدالمطّلب، وعلى بن أبى طالب، والفضل بن العبّاس، وقثم بن العبّاس، واُسامة بن زيد بن حارثة، وصالح مولاه، فلمّا أجمعوا الغسل نادي من وراء الباب أوس بن خولى الأنصارى، ثمّ أحد بنى عوف بن الخزرج - وكان بدريّاً - ، على بن أبى طالب، فقال له: يا على، نشدتك الله وحظّنا من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . قال: فقال له على: ادخل. فدخل فحضر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ولم يل من غسله شيئاً.

قال: فأسنده إلي صدره وعليه قميصه، وكان العبّاس والفضل وقثم يقلّبونه مع على بن أبى طالب، وكان اسامة بن زيد وصالح مولاهما يصبّان الماء، وجعل على يغسله، ولم ير من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم شىء ممّا يراه من الميّت، وهو يقول: بأبى واُمّى، ما أطيبك حيّاً وميّتاً!

حتّي إذا فرغوا من غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وكان يغسل بالماء والسدر، جفّفوه، ثمّ صنع به ما يصنع بالميّت، ثمّ أدرج فى ثلاثة أثواب: ثوبين أبيضين، وبرد حبرة.

ثمّ دعا العبّاس رجلين فقال: ليذهب أحدكما إلي أبى عبيدة بن الجرّاح، وكان أبوعبيدة يضرح لأهل مكّة، وليذهب الآخر إلي أبى طلحة بن سهل الأنصارى، وكان أبوطلحة يلحد لأهل المدينة، قال: ثمّ قال العبّاس لهما حين سرّحهما: اللهمّ خر لرسولك. قال: فذهبا، فلم يجد صاحب أبى عبيدة أباعبيدة، ووجد صاحب أبى طلحة أباطلحة، فجاء به، فلحد لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (1)

8674. ابن إسحاق : حدّثنى حسين بن عبدالله، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

كان الّذين نزلوا فى قبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب والفضل بن العبّاس وقثم بن العبّاس وشقران مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم [و] رضى الله عنهم وقد قال أوس بن خولّي لعلى بن أبى طالب رضي الله عنه : يا على، أنشدك الله وحظّنا من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فقال له: انزل، فنزل مع القوم فكانوا خمسة.

قال الشيخ: وشقران هو صالح مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لقبه شقران. (2)

ص:108


1- (1) . عنه أحمد فى مسنده 260/1 (2357) [1] بواسطتين، ولاحظ الحديث التالى.
2- (2) . عنه البيهقى بإسناده إليه فى السنن الكبري 53/4 ، كتاب الجنائز، باب الميّت يدخله قبره الرجال.

8675. ابن إسحاق : عن عبدالله بن أبى بكر وحسين بن عبدالله وغيرهما من أصحابه، عمّن يحدّثه، عن عبدالله بن عبّاس:

أنّ على بن أبى طالب والعبّاس بن عبدالمطّلب والفضل بن العبّاس وقثم بن العبّاس واُسامة بن زيد وشقران مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم هم الّذين ولوا غسله، وإنّ أوس بن خولّي أحد بنى عوف بن الخزرج؛ قال لعلى بن أبى طالب: أنشدك الله يا على وحظّنا من رسول الله! - وكان أوس من أصحاب بدر - ، وقال: ادخل؛ فدخل فحضر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فأسنده على بن أبى طالب إلي صدره، وكان العبّاس والفضل وقثم هم الّذين يقلّبونه معه، وكان اسامة بن زيد وشقران مولياه هما اللّذان يصبّان الماء، وعلى يغسله قد أسنده إلي صدره، وعليه قميصه يدلكه من ورائه، لا يفضي بيده إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وعلى يقول: بأبى أنت واُمّى، ما أطيبك حيّاً وميّتاً! ولم ير من رسول الله شىء ممّا يري من الميّت. (1)

8676. الطبرى : حدّثنا أحمد بن عبدالله الدقّاق، قال: حدّثنا مفضّل بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لعلى أربع خصال ليست لأحد غيره: هو أوّل عربى وعجمى صلّي مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وهو الّذى كان لواؤه معه فى كلّ زحف، وهو الّذى صبر معه يوم فرّ عنه غيره، وهو الّذى غسله وأدخله قبره. (2)

8677. محمّد بن عثمان بن أبى شيبة : حدّثنا زكريّا بن يحيي المصرى، حدّثنى المفضّل بن فضالة (3)، حدّثنى سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس -رضى الله عنهما- , قال:

لعلى أربع خصال ليست لأحد: هو أوّل عربى وأعجمى صلّي مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ،

ص:109


1- (1) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 211/3 ، حوادث سنة إحدي عشرة، ذكر جهاز رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ودفنه.
2- (2) . عنه ابن عبدالبرّ بإسناده إليه فى الاستيعاب 1090/3 ، ترجمة على بن أبى طالب رضي الله عنه ( [1]1855).
3- (3) . كذا فى الأصل، والصحيح: «المفضّل بن صالح»، كما فى الحديث السابق والأحاديث الآتية.

وهو الّذى كان لواؤه معه فى كلّ زحف، والّذى صبر معه يوم المهراس، وهو الّذى غسله وأدخله قبره. (1)

8678. الزيادى : أخبرنا أبوحامد أحمد بن محمّد البزّاز، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسى، قال: أخبرنا مفضّل بن صالح الأسدى، قال: حدّثنى سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لعلى أربع خصال: هو أوّل عربى وعجمى صلّي مع النبى صلّى الله عليه و آله ، وهو الّذى كان لواؤه معه فى كلّ زحف، وهو الّذى صبر معه يوم المهراس انهزم الناس كلّهم غيره، وهو الّذى غسله، وهو الّذى أدخله قبره. (2)

8679. الحاكم : أخبرنا أبوزكريّا العنبرى، أنبأنا أبوعمرو أحمد بن نصر الخفّاف، أنبأنا [محمّد بن إسماعيل] الأحمسى، أنبأنا مفضّل بن صالح، حدّثنى سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لعلى أربع خصال ليست لأحد من العرب غيره: هو أوّل عربى وعجمى صلّي مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وهو الّذى كان لواء رسول الله معه فى كلّ زحف، وهو الّذى صبر معه يوم المهراس انهزم الناس غيره، وهو الّذى غسله وأدخله قبره. (3)

8680. الواقدى : حدّثنا ابن أبى سبرة، عن عبّاس بن عبدالله بن معبد، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم موضوعاً علي سريره من حين زاغت الشمس من يوم الإثنين إلي

ص:110


1- (1) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 111/3 (4582).
2- (2) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 137/1 - 138 (129)، [1] والخوارزمى فى المناقب ص 58 (26), من طريق البيهقى، وابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 72/42 - 73 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933) بسندين. وفى رواية الخوارزمى وإحدي روايتى ابن عساكر: «غسّله وأدخله قبره».
3- (3) . عنه أبوالخير فى الأربعين ص112 (26).

أن زاغت الشمس يوم الثلاثاء، يصلّى الناس عليه، وسريره علي شفير قبره، فلمّا أرادوا أن يقبروه، نحّوا السرير قبل رجليه فأدخل من هناك، ونزل فى حفرته العبّاس بن عبدالمطّلب وعلى بن أبى طالب وقثم بن العبّاس والفضل بن العبّاس وشقران. (1)

8681. الواقدى : حدّثنى سليمان بن داوود بن الحصين، عن أبيه، عن أبى غطفان، قال:

سألت ابن عبّاس: أ رأيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم توفّى ورأسه فى حجر أحد؟ قال: توفّى وهو لمستند إلي صدر على. قلت: فإنّ عروة حدّثنى عن عائشة أنّها قالت: توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بين سحرى ونحرى! فقال ابن عبّاس: أ تعقل ؟ والله لتوفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وإنّه لمستند إلي صدر على، وهو الّذى غسله وأخى الفضل بن عبّاس، وأبي أبى أن يحضر وقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر. (2)

8682. العقيلى : حدّثنا يحيي بن إسماعيل الحديدى، قال: حدّثنا يزيد بن محمّد أبوخالد الثقفى، قال: حدّثنا عبدالله بن خليد الصيدى، عن أبي الصباح - وهو الكنانى-، عن زرارة بن أعين، عن محمّد بن على، عن ابن عبّاس، قال: قال [رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ]:

يا على، لا يغسلنى أحد غيرك. (3)

8683. أبونعيم : عبدالله بن أحمد بن إبراهيم بن نصر بن جابر أبومحمّد المؤدّب المدينى, عن محمود بن أحمد بن الفرج، حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجلى، حدّثنا أبوكدينة الكوفى، عن يزيد بن أبى زياد، عن مقسم، عن ابن عبّاس، قال:

ص:111


1- (1) . عنه البيهقى بإسناده إليه فى دلائل النبوّة 253/7 - 254 ، باب ما جاء فى دفن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، [1] وابن سعد فى الطبقات الكبري 222/2 ، [2] ذكر الصلاة علي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 202/2 ، [3] ذكر من قال توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حجر على بن أبى طالب.
3- (3) . الضعفاء 96/2 ، ترجمة زرارة بن أعين ( [4]557).

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل بن العبّاس ورجل من الأنصار يقال له أوس بن خولّي، وغسّل وعليه قميص لم ينزع عنه. (1)

14.عبدالواحد بن أبى عون

8684. الواقدى : أخبرنا عبدالله بن جعفر الزهرى، عن عبدالواحد بن أبى عون، قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لعلى بن أبى طالب فى مرضه الّذى توفّى فيه: اغسلنى يا على إذا متّ . فقال: يا رسول الله، ما غسّلت ميّتاً قطّ . فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : إنّك ستهيّأ - أو تيسّر- .

قال على: فغسّلته فما آخذ عضواً الّا تبعنى، والفضل آخذ بحضنه يقول: أعجل يا على انقطع ظهرى! (2)

15.عبيدالله بن عبدالله بن عتبة

8685. الواقدى : حدّثنى عبدالرحمان بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، قال:

ألقي المغيرة بن شعبة خاتمه فى قبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقال على: إنّما ألقيته لتقول نزلت فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم ! فنزل فأعطاه، أو أمر رجلاً فأعطاه. (3)

16.عكرمة

8686. ابن سعد : أخبرنا سريج بن النعمان، أخبرنا هشيم، قال: أخبرنا يونس بن عبيد، عن عكرمة، قال:

دخل قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل واُسامة بن زيد، فقال لهم رجل من الأنصار يقال له

ص:112


1- (1) . أخبار أصبهان 92/2 ، ترجمة عبدالله بن أحمد بن إبراهيم [1]المدينى.
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 215/2 ، [2] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
3- (3) . عنه البيهقى بإسناده إليه فى دلائل النبوّة 258/7 ، باب ما جاء فى من كان آخر الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، [3] وابن كثير فى البداية والنهاية 270/5 ، [4] حوادث سنة إحدي عشرة، ذكر من كان آخر الناس به عهداً - عليه الصلاة والسلام - ، واللفظ له، ومتن الحديث فى دلائل النبوّة [5]مضطرب ومغشوش جدّاً.

خولّي أو ابن خولّي: قد علمتم أنّى كنت أشهد قبور الشهداء، فالنبى صلّى الله عليه و سلّم أفضل الشهداء فأدخلوه معهم. (1)

17.على بن الحسين عليهما السّلام

8687. الصولى : حدّثنا الغ -

ص:113


1- (1) . الطبقات الكبري 230/2 ، [1] ذكر من نزل فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم .

قال: فمن غسّله يا أميرالمؤمنين ؟ قال: سل عليّاً. قال: فسأله فقال: كنت أنا اغسّله، وكان عبّاس جالساً، وكان اسامة وشقران يختلفان إلى بالماء. (1)

8690. ابن الضريس : حدّثنا خلف بن المبارك، قال: حدّثنا شريك، عن أبي اسحاق، عن الحارث، عن على، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول:

اعطيت فى على خمس خصال، لم يعطها ربّى فى أحد قبلى، أمّا خصلة منها فإنّه يقضى دينى، ويوارى عورتى، وأمّا الثانية فإنّه الذائد عن حوضى، وأمّا الثالثة فإنّه متّكأ لى فى طريق الحشر يوم القيامة، وأمّا الرابعة فإنّ لوائى معه يوم القيامة وتحته آدم وما ولد، وأمّا الخامسة فإنّى لا أخشي أن يكون زان - [-ياً] بعد إحصان، ولا كافر[اً] بعد إيمان. (2)

8691. معمر : عن الزهرى، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال على بن أبى طالب:

غسّلت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فذهبت أنظر ما يكون من الميّت فلم أر شيئاً، وكان طيّباً صلّى الله عليه و آله و سلّم حيّاً وميّتاً.

ولى دفنه وإجنانه دون الناس أربعة: على والعبّاس والفضل وصالح مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ولحد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لحداً، ونصب عليه اللبن نصباً. (3)

8692. ابن أبي الحديد : قال نصر (4): وخطب على عليه السّلام أصحابه فيما حدّثنا به عمر بن

ص:114


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 201/2 - 202 ، [1] ذكر من قال توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حجر على بن أبى طالب.
2- (2) . عنه العقيلى بإسناده إليه فى الضعفاء 22/2 ، ترجمة خلف بن المبارك (440).
3- (3) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 362/1 (1339)، من طريق مسدّد, و 59/3 (4397) إلي قوله: «حيّاً وميّتاً», ومن طريقه البيهقى فى دلائل النبوّة 243/7 - 244 ، باب ما جاء فى غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، [2] وص 253 , باب ما جاء فى دفن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، بسند آخر من طريق مسدّد, والسنن الكبري 53/4 ، كتاب الجنائز، باب الميّت يدخله قبره الرجال, و 388/3 ، كتاب الجنائز، باب ما يؤمر به من تعاهد بطنه, بسند آخر.
4- (4) . وقعة صفّين ص223 - 224 . [3]

سعد، عن أبى يحيي، عن محمّد بن طلحة، عن أبى سنان، عن أبيه, قال (1): كأنّى أنظر إليه متوكّئاً علي قوسه، وقد جمع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و آله عنده، فهم يلونه، كأنّه أحبّ أن يعلم الناس أنّ الصحابة متوافرون معه، فحمد الله وأثني عليه، وقال:

... ولقد علمتم أنّى لم اخالف رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قطّ ، ولم أعصه فى أمر، أقيه بنفسى فى المواطن الّتى ينكص فيها الأبطال، وترعد فيها الفرائض، بنجدة أكرمنى الله سبحانه بها، وله الحمد. ولقد قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وإنّ رأسه لفى حجرى، ولقد وليت غسله بيدى وحدى، تقلّبه الملائكة المقرّبون معى، وأيم الله ما اختلفت امّة قطّ بعد نبيّها الّا ظهر أهل باطلها علي أهل حقّها، الّا ما شاء الله. (2)

8693. الدارقطنى : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، حدّثنا يحيي بن زكريّا بن شيبان، حدّثنا يعقوب بن معبد، حدّثنى مثنّي أبوعبدالله، عن سفيان الثورى، عن أبي اسحاق السبيعى، عن عاصم بن ضمرة وهبيرة.

وعن العلاء بن صالح، عن المنهال بن عمرو، عن عبّاد بن عبدالله الأسدى وعن عمرو بن واثلة (3)، قالوا: قال على بن أبى طالب يوم الشوري:

والله لأحتجنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيّهم ولاعربيّهم ولا عجميّهم ردّه، ولا يقول خلافه. ثمّ قال لعثمان بن عفّان ولعبدالرحمان بن عوف والزبير ولطلحة وسعد، وهم أصحاب الشوري وكلّهم من قريش وقد كان قدم طلحة ... .

قال: نشدتكم بالله، أ فيكم أحد ولى غمض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مع الملائكة غيرى ؟ قالوا: اللهمّ لا.

قال: نشدتكم بالله أ فيكم أحد ولى غسل النبى صلّى الله عليه و سلّم مع الملائكة يقلّبونه لى كيف أشاء

ص:115


1- (1) . كذا فى الأصل, وفى المصدر: «عن أبى سنان الأسلمى, قال».
2- (2) . شرح نهج البلاغة 181/5 ، شرح الخطبة 65 .
3- (3) . وهو أبوالطفيل، وهذا أحد الأقوال فى اسمه، والمعروف من اسمه عامر، انظر: ترجمته فى تهذيب الكمال 79/14 (3064).

غيرى ؟ قالوا: اللهمّ لا. (1)

8694. الطبرانى : حدّثنى على بن سعيد الرازى، حدّثنى محمّد بن حميد، حدّثنى زافر بن سليمان، عن الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال:

كنت علي الباب يوم الشوري فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً عليه السّلام يقول: بايع الناس أبابكر وأنا والله أولي بالأمر وأحقّ به، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثمّ بايع أبوبكر لعمر وأنا والله أولي بالأمر منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان! إذاً لا أسمع ولا أطيع، إنّ عمر جعلنى فى خمس نفر أنا سادسهم، لأيم الله لا يعرف لى فضل فى الصلاح ولا يعرفونه لى كما نحن فيه شرع سواء، وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم ثمّ لا يستطيع عربهم ولا عجمهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك أن يردّ خصلة منها.

ثمّ قال: أنشدكم الله أيّها الخمسة ... أ منكم أحد غسّل رسول الله صلّى الله عليه و آله غيرى ؟ قالوا: لا ... .

هل فيكم أحد ولى غمض رسول الله غيرى ؟ قالوا: اللهمّ لا.

قال: أ فيكم أحد آخر عهده برسوله صلّى الله عليه و آله حين وضعته فى حفرته غيرى ؟ قالوا: لا. (2)

8695. العقيلى : حدّثنا محمّد بن أحمد الورامينى، قال: حدّثنا يحيي بن المغيرة الرازى، قال: حدّثنا زافر، عن رجل، عن الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكنانى، قال أبوالطفيل:

كنت علي الباب يوم الشوري فارتفعت الأصوات بينهم فسمعت عليّاً يقول: بايع الناس لأبى بكر وأنا والله أولي بالأمر منه وأحقّ منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثمّ بايع الناس عمر وأنا والله أولي بالأمر منه، وأحقّ منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم

ص:116


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 431/42 - 433 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
2- (2) . عنه الخوارزمى بإسناده إليه فى المناقب ص313 - 315 (314), من طريق ابن مردويه.

رقاب بعض بالسيف، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان! إذا [لا] أسمع و [لا] أطيع، إنّ عمر جعلنى فى خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لى فضلاً عليهم فى الصلاح ولا يعرفوه لى كلّنا فيه شرع سواء، وأيم الله لو أشاء أن أتكلّم ثمّ لايستطيع عربيّهم ولا عجميّهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك ردّ خصلة (1) منها لفعلت.

ثمّ قال: نشدتكم بالله أيّها النفر جميعاً ... أ فيكم أحد تولّي غمض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم غيرى ؟ قالوا: اللهمّ لا.

قال: أ فيكم أحد أخذ عهده برسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتّي وضعه فى حفرته غيرى ؟ قالوا: اللهمّ لا. (2)

8696. ابن أبى داوود : حدّثنا عباد بن يعقوب، حدّثنا حسين بن زيد بن على، عن إسماعيل بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن على رضي الله عنه , قال:

أوصانى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فقال: إذا متّ فاغسلنى من [ماء] بئر غرس بسبع قرب. (3)

8697. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن محمّد بن عمر بن على، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال على رضي الله عنه لمّا ألقي المغيرة بن شعبة خاتمه فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم :

لا يتحدّث الناس أنّك نزلت فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم ، ولا تحدّث أنت الناس أنّ خاتمك فى قبره، فنزل على رضي الله عنه وقد رأي موقعه فتناوله فدفعه إليه. (4)

8698. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن محمّد بن عمر بن على بن أبى طالب، عن أبيه، عن جدّه، عن على بن أبى طالب، قال:

لمّا أخذنا فى جهاز رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أغلقنا الباب دون الناس جميعاً، فنادت الأنصار: نحن

ص:117


1- (1) . هذا هو الصحيح, وفى الأصل: «خطاه», فهو خطأ وتصحيف.
2- (2) . الضعفاء 211/1 - 212 ، [1] ترجمة الحارث بن محمّد (258).
3- (3) . عنه ابن النجّار بإسناده إليه فى ذيل تاريخ بغداد 158/2 ، ترجمة عثمان بن محمّد بن إسحاق (453).
4- (4) . عنه الحاكم فى المستدرك 448/3 (5891)، [2] وابن سعد فى الطبقات الكبري 232/2 ، [3] ذكر قول المغيرة بن شعبة إنّه آخر الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، والطبرى فى المنتخب من ذيل المذيّل - المطبوع فى آخر تاريخ الطبرى - 513/11 ، [4] ذكر من هلك منهم سنة خمسين.

أخواله ومكاننا من الإسلام مكاننا! ونادت قريش: نحن عصبته! فصاح أبوبكر: يا معشر المسلمين، كلّ قوم أحقّ بجنازتهم من غيرهم، فننشدكم الله فإنّكم إن دخلتم أخّرتموهم عنه، والله لا يدخل عليه أحد الّا من دعى. (1)

8699. ابن سعد : أخبرنا عبدالصمد بن النعمان البزّاز، قال: أخبرنا كيسان أبوعمر القصّار، عن مولاه يزيد بن بلال، قال: قال على:

أوصي النبى صلّى الله عليه و سلّم الّا يغسّله أحد غيرى؛ فإنّه لا يري أحد عورتى الّا طمست عيناه.

قال على: فكان الفضل واُسامة يناولانى الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين.

قال على: فما تناولت عضواً الّا كأنّما يقلّبه معى ثلاثون رجلاً حتّي فرغت من غسله. (2)

8700. إبراهيم الجوهرى : حدّثنا عبدالصمد بن النعمان، عن كيسان، عن يزيد بن بلال، عن على رضي الله عنه ، قال:

أوصي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لا يغسّله غيره؛ فإنّ أحداً لا يري عورته الّا طمست عيناه.

وقال على: كان اسامة يناولنى الماء وهو مغمض.

وقد روي فى غسل النبى صلّى الله عليه و سلّم بإسناد أجود من هذا أنّه غسّله على والعبّاس والفضل، وغيرهم، وليس فيه أنّ أحداً منهم غمض عينيه. (3)

8701. البزّار : حدّثنا محمّد بن عبدالرحيم، قال: حدّثنا عبدالصمد بن النعمان، قال: حدّثنا كيسان أبوعمر، عن يزيد بن بلال، قال: قال على:

أوصانى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن لا يغسّله أحد غيرى؛ فإنّه لا يري عورتى [أحد] الّا طمست عيناه.

ص:118


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 213/2 ، [1] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
2- (2) . الطبقات الكبري 213/2 ، [2] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
3- (3) . عنه العقيلى بإسناده إليه فى الضعفاء 13/4 ، ترجمة كيسان أبى عمر (1567).

قال على: فكان العبّاس واُسامة يناولانى الماء من وراء الستر. (1)

8702. الحاكم : حدّثنا أبوبكر بن إسحاق، قال: أخبرنا محمّد بن غالب، قال: حدّثنا عبدالصمد بن النعمان، قال: حدّثنا أبوعمر بن كيسان، عن يزيد بن بلال، قال: سمعت عليّاً يقول:

أوصي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن لا يغسّله أحد غيرى؛ فإنّه لا يري أحد (2) عورتى الّا طمست عيناه.

قال على: فكان العبّاس واُسامة يناولان الماء وراء الستر.

قال على: فما تناولت عضواً الّا كأنّما يقلّبه معى ثلاثون رجلاً حتّي فرغت من غسله. (3)

8703. المبرّد : يروي عن على بن أبى طالب -رحمة الله عليه- من وجوه، سمعنا ذلك وبعضاً يزيد علي بعض أنّه قال:

لمّا توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم تولّي غسله العبّاس وعلى والفضل، فقال على: لم أره يعتاد فاه فى الموت ما كنت أراه فى أفواه الموتي. ثمّ لمّا فرغ على من غسله وأدرجه فى أكفانه، كشف الإزار عن وجهه ثمّ قال: بأبى أنت واُمّى، طبت حيّاً وطبت ميّتاً، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممّن سواك من النبوّة والأنباء، خصّصت حتّي صرت مسلّياً عمّن سواك، وعمّمت حتّي صارت المصيبة فيك سواء، ولولا أنّك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع، لأنفدنا عليك الشؤون، ولكنّ ما لا يدفع كمد وإدبار محالفان وهما داء الأجل، وق< لك. بأبى أنت واُمّى، اذكرنا عند ربّك، واجعلنا من همّك.

قال: ثمّ نظر إلي قذاة فى عينه فلقطها بلسانه، ثمّ ردّ الإزار علي وجهه. (4)

ص:119


1- (1) . البحر الزخّار 135/3 - 136 (925), وعنه الهيثمى فى كشف الأستار 400/1 (848), وما بين المعقوفين منه.
2- (2) . هذا هو الصحيح كما فى كثير من أحاديث هذا الباب، وفى الأصل: «لحد», فهو تصحيف.
3- (3) . عنه البيهقى فى دلائل النبوّة 244/7 ، باب ما جاء فى غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . [1]
4- (4) . التعازى ص2 ، مقدّمة الكتاب.

8704. ابن عبدالبرّ : قال على رضي الله عنه : وتولّي غسله صلّى الله عليه و سلّم العبّاس وأنا والفضل. قال على: ... مثله. (1)

8705. الزمخشرى : عنه رضي الله عنه : لقد قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وإنّ رأسه لعلي صدرى، ولقد سالت كفّه فى كفّى فأمررتها علي وجهى، ولقد وليت غسله والملائكة أعوانى، ملأ يهبط وملأ يعرج، وما فارقت سمعى هنيمة منهم، يصلّون عليه، حتّي واريناه فى ضريحه. (2)

8706. ابن أبي الحديد : وتنازعوا فيمن ينزل معه القبر، فمنع على عليه السّلام الناس أن ينزلوا معه، وقال: لا ينزل قبره غيرى وغير العبّاس، ثمّ أذن فى نزول الفضل واُسامة بن زيد مولاهم، ثمّ ضجّت الأنصار، وسألت أن ينزل منها رجل فى قبره. فأنزلوا أوس بن خولّي - وكان بدريّاً - .

فأمّا الغسل فإنّ عليّاً عليه السّلام تولاه بيده، وكان الفضل بن العبّاس يصبّ عليه الماء.

وروي المحدّثون عن على عليه السّلام أنّه قال: ما قلبت منه عضواً الّا وانقلب، لا أجد له ثقلاً، كأنّ معى من يساعدنى عليه، وما ذلك الّا الملائكة.

وأمّا حديث الهينمة وسماع الصوت، فقد رواه خلق كثير من المحدّثين عن على عليه السّلام . (3)

19.عمر بن الخطّاب

8707. إبراهيم الجوهرى : حدّثنى أميرالمؤمنين المأمون، حدّثنى الرشيد، حدّثنى المهدى، حدّثنى المنصور، حدّثنى أبى، حدّثنى عبدالله بن عبّاس، قال: سمعت عمر بن الخطّاب، يقول:

كفّوا عن ذكر على بن أبى طالب، فقد رأيت من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فيه خصالاً لأن تكون لى واحدة منهنّ فى آل الخطّاب أحبّ إلى ممّا طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبوبكر وأبوعبيدة

ص:120


1- (1) . التمهيد 465/1 , ذيل الحديث 39 .
2- (2) . ربيع الأبرار 197/4 ، باب الموت وما يتّصل به. [1]
3- (3) . شرح نهج البلاغة 185/10 - 186 ، شرح الخطبة 190 .

فى نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فانتهيت إلي باب امّ سلمة وعلى قائم علي الباب فقلنا: أردنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقال: يخرج إليكم ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فسرنا إليه، فاتّكأ علي على بن أبى طالب ثمّ ضرب بيده منكبه ثمّ قال: ... وأنت عاضدى، وغاسلى، ودافنى ... . (1)

20.محمّد بن إبراهيم بن الحارث

8708. الواقدى : حدّثنى موسي بن [محمّد بن] إبراهيم بن الحارث التيمى، عن أبيه، قال:

غسل النبى صلّى الله عليه و سلّم على والفضل والعبّاس واُسامة بن زيد وأوس بن خولّي، ونزلوا فى حفرته. (2)

8709. الواقدى : حدّثنى موسي بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، عن أبيه، قال:

نزل فى حفرة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على والفضل بن العبّاس والعبّاس واُسامة بن زيد وأوس بن خولّي. (3)

21.محمّد بن شهاب الزهرى

8710. معمر : عن الزهرى، قال:

ولى غسل النبى صلّى الله عليه و سلّم وجنّه العبّاس وعلى بن أبى طالب والفضل وصالح مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (4)

8711. ابن سعد : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب:

أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ولى غسله العبّاس بن عبدالمطّلب وعلى بن أبى طالب والفضل بن العبّاس وصالح مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . (5)

ص:121


1- (1) . عنه المتّقى فى كنز العمّال 116/13 - 117 (36378)، وابن الجوزى فى الموضوعات 343/1 ، باب فى فضائل على عليه السّلام ، الحديث الثالث.
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 214/2 ، [1] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
3- (3) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 230/2 ، [2] ذكر من نزل فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم .
4- (4) . عنه ابن سعد بإسناده إليه فى الطبقات الكبري 213/2 ، [3] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
5- (5) . الطبقات الكبري 213/2 ، [4] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

8712. ابن سعد : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهرى، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، قال:

ولى وضع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى قبره هؤلاء الرهط الّذين غسلوه: العبّاس وعلى والفضل وصالح مولاه، وخلّي أصحاب رسول الله بين رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأهله فولوا إجنانه. (1)

22.محمّد بن على الباقر عليهما السّلام

8713. الواقدى : حدّثنى على بن عمر، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، قال:

نزل فى حفرة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على والفضل واُسامة، ويقولون: صالح وشقران وأوس بن خولّي. (2)

8714. ابن عليّة : أخبرنا ابن جريج، عن أبى جعفر محمّد بن على، قال:

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم ثلاث غسلات بماء وسدر، وغسل فى قميص، وغسل من بئر يقال لها الغرس لسعد بن خيثمة بقباء، وكان يشرب منها، وولى على غسلته، والعبّاس يصبّ الماء، والفضل محتضنه يقول: أرحنى أرحنى قطعت وتينى! إنّى أجد شيئاً يتنزّل على -مرّتين - . (3)

8715. ابن سعد : أخبرنا الفضل بن دكين، عن سفيان، عن ابن جريج, قال: سمعت أباجعفر، قال:

ولى سفلة النبى صلّى الله عليه و سلّم على. (4)

8716. ابن أبى شيبة : حدّثنا ابن إدريس، عن [عبدالملك] بن جريج، عن محمّد بن على، قال:

ص:122


1- (1) . الطبقات الكبري 230/2 ، [1] ذكر من نزل فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم .
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 230/2 ، [2] ذكر من نزل فى قبر النبى صلّى الله عليه و سلّم .
3- (3) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 214/2 ، [3] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
4- (4) . الطبقات الكبري 215/2 ، [4] ذكر غسل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

غسّل النبى صلّى الله عليه و سلّم فى قميص، فولى على سفلته، والفضل محتضنه، والعبّاس يصبّ الماء، قال: والفضل يقول: أرحنى قطعت وتينى، إنّى لأجد شيئاً ينزل على.

قال: وغسل من بئر سعد بن خيثمة بقباء، وهى البئر الّتى يقال لها بئر أريس.

قال: وقد والله شربت منها واغتسلت. (1)

23.أبومعشر

8717. أبومعشر : حدّثنى بعض مشيختنا، قال:

لمّا خرج على من القبر ألقي المغيرة خاتمه فى القبر وقال لعلى: خاتمى! فقال على للحسن بن على: ادخل فناوله خاتمه، ففعل. (2)

24.ما ورد مرسلاً

8718. ابن إسحاق : كان الّذين نزلوا فى قبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم على بن أبى طالب والفضل بن عبّاس، وقثم بن عبّاس، وشقران مولي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

وقد قال أوس بن خولّي لعلى بن أبى طالب: يا على، أنشدك الله وحظّنا من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فقال له: انزل. فنزل مع القوم، وقد كان مولاه شقران حين وضع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى حفرته وبني عليه قد أخذ قطيفة، قد كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يلبسها ويفترشها، فدفنها فى القبر وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك أبداً. (3)

ص:123


1- (1) . المصنّف 429/7 (37021). [1]
2- (2) . عنه ابن سعد بإسناده إليه فى الطبقات الكبري 231/2 ، [2] ذكر قول المغيرة بن شعبة إنّه آخر الناس عهداً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
3- (3) . عنه ابن هشام فى السيرة النبويّة 314/4 - 315 ، [3] جهاز رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ودفنه، والطبرى فى تاريخه 213/3 - 214 ، حوادث سنة إحدي عشرة، ذكر جهاز رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ودفنه، وابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 40/13 ، [4] شرح الكلام 230 , عن الطبرى نفسه, وقال فى ذيله: قلت: من تأمّل هذه الأخبار، علم أنّ عليّاً عليه السّلام كان الأصل والجملة والتفصيل فى أمر رسول الله صلّى الله عليه و آله وجهازه، ألا تري أنّ أوس بن خولّي لا يخاطب أحداً من الجماعة غيره، ولا يسأل غيره فى حضور الغسل والنزول

8719. ابن حبيب : تولّي غسل النبى صلّى الله عليه و آله على عليه السّلام والعبّاس رضي الله عنه .

وكان على عليه السّلام يقول بعد ذلك: ما شممت أطيب من ريحه، ولا رأيت أضوأ من وجهه حينئذ، ولم أره يعتاد فاه ما يعتاد أفواه الموتي.

قال محمّد بن حبيب: فلمّا كشف الإزار عن وجهه بعد غسله انحني عليه فقبّله مراراً؛ وبكي طويلاً وقال: بأبى أنت واُمّى، طبت حيّاً وطبت ميّتاً! انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد سواك من النبوّة والأنباء وأخبار السماء! خصّصت حتّي صرت مسلّياً عمّن سواك؛ وعمّمت حتّي صارت المصيبة فيك سواء! ولولا أنّك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون؛ ولكن أتي ما لا يدفع! أشكو إليك كمداً وإدباراً مخالفين وداء الفتنة، فإنّها قد استعرت نارها وداؤها الداء الأعظم! بأبى أنت واُمّى، اذكرنا عند ربّك، واجعلنا من بالك وهمّك!

ثمّ نظر إلي قذاة فى عينه فلفظها بلسانه، ثمّ ردّ الإزار علي وجهه. (1)

الثالث: زيارته عليه السّلام قبر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وبكاؤه عند القبر

وما قال فى رثائه صلّى الله عليه و آله و سلّم

برواية:

1. الذيّال بن حرملة-3. المراسيل والأقوال

2. عامر الشعبى

ص:124


1- (1) . رواه ابن حبيب فى أماليه, كما عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 42/13 ، شرح الكلام 230 .

1. الذيّال بن حرملة

8720. الأصمعى : حدّثنا أبوعمرو بن العلاء المقرئ، قال: حدّثني الذيّال بن حرملة، قال:

كان على بن أبى طالب عليه السّلام يغدو ويروح إلي قبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بعد وفاته ويبكى تفجيعاً، ثمّ يقول: يا رسول الله، ما أحسن الصبر الّا عنك، وأقبح البكاء الّا عليك. ثمّ يقول:

ما غاض دمعى عند نازلة

الّا جعلتك للبكا سببا

وإذا ذكرتك ميّتاً سفحت

منّى الجفون ففاض وانسكبا

ثمّ يمرّغ وجهه فى التراب ويبكى ويندب ويذكر ما حلّ به بعده ويقول فى ذلك:

ماذا علي من شمّ تربة أحمد

الّا يشمّ مدي الزمان غواليا

صبّت على مصائب لو أنّها

صبّت علي الأيّام عدن لياليا (1)

2. عامر الشعبى

8721. سبط ابن الجوزى : قال الشعبى: بلغنى أنّ أميرالمؤمنين عليه السّلام وقف علي قبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وقال: إنّ الجزع ليقبح الّا عليك، وإنّ الصبر ليجمل الّا عنك. ثمّ قال:

ما غاض دمعى عند نازلة

الّا جعلتك للبكا سببا

وإذا ذكرتك سامحتك به

منّى الجفون ففاض وانسكبا

إنّى أجلّ ثري حللت به

أن لا أري بثراه مكتئبا (2)

3. المراسيل والأقوال

8722. القضاعى : وقال عليه السّلام يرثى النبى صلّى الله عليه و سلّم :

ألا طرق الناعى بليل فراعنى

وأرّقنى لمّا استهلّ مناديا

ص:125


1- (1) . عنه القضاعى بإسناده إليه فى دستور معالم الحكم ص198 - 199 ، الباب التاسع، [1] فى المحفوظ من شعره.
2- (2) . تذكرة الخواصّ 606/1 - 607 ، الباب الخامس، [2] فى المختار من كلامه عليه السّلام .

فقلت له لمّا رأيت الذى أتي

أغير رسول الله إن كنت ناعيا

فحقّق ما أشفقت منه ولم يبل

وكان خليلى غرّتى وجماليا

فوالله لا أنساك أحمد ما مشت

بى العيس فى أرض وجاوزت واديا

وكنت متي أهبط من الأرض تلعة

أجد أثراً منه جديداً وعافيا

جواد تشظّي الخيل عنه كأنّما

يرين به ليثاً عليهنّ ضاريا

من الاُسد قد أحمي العرين مهابة

تعادي سباع الاُسد منه تعاديا

شديد جرى النفس نهد مصدّر

هو الموت مغدوّاً عليه وغاديا

لتبك رسول الله خيل مغيرة

تثير غباراً كالضبابة كابيا

ويبكى رسول الله صفّ مقدّم

إذا كان ضرب الهام نقفاً تفانيا (1)

8723. البلاذرى : قال على بن أبى طالب شعراً كتبنا منه أبياتاً وهى:

ألا طرق الناعى بليل فراعنى

وأرّقنى لمّا استقلّ مناديا

فقلت له لمّا رأيت الّذى أتي

لغير رسول الله إن كنت ناعيا

فوالله لا أنساك أحمد ما مشت

بى العيس أو جاوزت فى الأرض واديا

وكنت متي أهبط من الأرض تلعة

أري أثراً منه جديداً وعافيا

جواد تشظّي الخيل عنه كأنّما

يرين به ليثاً عليهنّ ضاريا

ليبك رسول الله خيل كثيرة

تثير غباراً كالضبابة عاليا (2)

8724. الزمخشرى : وقف على عليه السّلام علي منبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فقال: بأبى أنت واُمّى يا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، والله إنّ الجزع لقبيح الّا عليك، وإنّ الصبر لجميل الّا عنك، وإنّ المصيبة بك لأجلّ ، وإنّ ما بعدك وما قبلك جلل. ثمّ قال:

ص:126


1- (1) . دستور معالم الحكم ص194 - 196 ، الباب التاسع، [1] فى المحفوظ من شعره.
2- (2) . أنساب الأشراف 276/2 ، [2] مرثية على بن أبى طالب.

ما غاص دمعى عند نازلة

الّا جعلتك للبكا سبباً

فإذا ذكرتك سامحتك به

منّى الجفون ففاض وانسكبا

إنّى أجلّ ثري حللت به

من أن أري سواه مكتئبا (1)

8725. ابن سيّد الناس : وممّا ينسب لعلى أو فاطمة - رضى الله عنهما - :

ماذا علي من شمّ تربة أحمد

الّا يشمّ مدي الزمان غواليا

صبّت على مصائب لو أنّها

صبّت علي الأيّام عدن لياليا (2)

8726. سبط ابن الجوزى : وقال عليه السّلام فى وفاة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم :

ألا طرق الناعى بليل فراعنى

وأرّقنى لمّا استقلّ مناديا

فقلت له لمّا رأيت الّذى أتي

أ غير رسول الله إن كنت ناعيا

فحقّق ما أشفقت منه ولم يبل

وكان خليلى عدّتى ورجائيا

فوالله ما أنساك أحمد ما حدت

بى العيس فى أرض وجاوزت واديا

ليبك رسول الله جيران طيبة

ويبك علي الإسلام من كان باكيا (3)

8727. النويرى : ووقف على رضي الله عنه علي قبره صلّى الله عليه و سلّم ساعة دفن وقال:

إنّ الصبر لجميل الّا عنك، وإنّ الجزع لقبيح الّا عليك، وإنّ المصاب بك لجليل، وإنّه قبلك وبعدك لجلل. (4)

8728. ابن أبي الحديد : ومن الشعر المنسوب إلي على عليه السّلام ويقال: إنّه قاله يوم مات رسول الله صلّى الله عليه و آله :

ص:127


1- (1) . ربيع الأبرار 192/4 ، باب الموت وما يتّصل به. [1]
2- (2) . عيون الأثر 451/2 ، [2] ذكر مصيبة الأوّلين والآخرين.
3- (3) . تذكرة الخواصّ 606/1 ، الباب الخامس، [3] فى المختار من كلامه عليه السّلام .
4- (4) . نهاية الأرب 167/5 ، [4] ذكر شىء من المراثى والنوادب.

كنت السواد لناظرى

فبكي عليك الناظر

من شاء بعدك فليمت

فعليك كنت أحاذر (1)

ص:128


1- (1) . شرح نهج البلاغة 197/19 ، شرح الكلام 298 .

الفصل الثالث : مع الخلفاء وفيه أبواب:

اشارة

ص:129

ص:130

الباب الأوّل: قرار السقيفة وتعيين الخليفة

لا شكّ فى أنّ النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم نصّ علي أميرالمؤمنين على بن أبى طالب عليه السّلام ، وأمر الناس بمتابعته (1)، فكان للنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم غاية الجهد فى تعيينه، وفى الأيّام الأخيرة من عمره أراد أن يكتب كتاباً فى ذلك، فلمّا طلب ما يكتب به تنازعوا واتّهموه بالهجر لغلبة الوجع عليه! فانصرف عن ذلك وأمرهم بالخروج، وكان ابن عبّاس يذكر ذلك اليوم ويبكى، ويقول: الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه و آله وبين أن يكتب ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

وهذا الخبر مع اختلاف ألفاظه متواتر بالمعني وله مصادر كثيرة, ولكن ورد فى بعضها أنّهم تنازعوا فأمر النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بخروجهم من البيت (2).

وفى بعضها أنّهم قالوا: «إنّ رسول الله قد غلب عليه الوجع» (3).

ص:131


1- (1) . تقدّمت رواياته فى باب النصوص علي إمامته عليه السّلام .
2- (2) . مسند أبى يعلي 298/4 (2409)؛ المعجم الكبير 30/11 (10962), وفيه: «فأبطأوا بالكتف والدواة فقبضه الله», و (10961), وفيه: «وأخذ من عنده من الناس فى لغط », و 55/12 - 56 (12507) إشارة؛ السنن الكبري للبيهقى 207/9 ، كتاب الجزية، باب لا يسكن أرض الحجاز مشرك, وفيه: «فتنازعوا, ولا ينبغى عند نبى تنازع»؛ التمهيد لابن عبدالبرّ 138/1 ، ذيل الحديث 5 .
3- (3) . صحيح مسلم 1259/3 (1637)؛ السنن الكبري للنسائى 366/5 (5821) و 225/7 (574)؛ المصنّف لعبدالرزّاق 438/5 - 439 (9757)، ومن طريقه النسائى فى السنن الكبري 62/7 (7474)، وابن حبّان فى صحيحه 562/14 - 563 (6597)، وابن كثير فى البداية والنهاية 227/5 ، [1] حوادث سنة إحدي عشرة، فى الآيات و الأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، والقاضى عياض فى الشفا 192/2 ، القسم الثالث، الباب الثانى، فصل فإن قلت قد تقرّرت، وابن الجوزى فى الوفا ص794 (1464)؛

وفى بعضها: «أنّ النبى غلبه الوجع» (1).

وفى بعضها: «قد غلبه الوجع» (2).

وفى بعضها: «ما له ؟ أهجر؟» 3.

وفى بعضها: «ما شأنه ؟ أهجر؟» 4.

وفى بعضها: «رسول الله يهجر» 5.

ص:132


1- (1) . صحيح البخارى 119/1 - 120 (112) و 774/9 (2169)؛ ذمّ الك [1]لام لأبى إسماعيل الهروى [2] 138/1 - 141 (120), وفيه: «إنّ رسول الله لوجع»؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 55/2 ، شرح الخطبة 26 , وفيه: «إنّ النبى قد غلب عليه الوجع».
2- (2) . صحيح البخارى 318/6 (872)؛ مسند أحمد 324/1 - 325 (2990)؛ الطبقات الكبري 188/2 [3]، ذكر الكتاب الّذى أراد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن يكتبه لاُمّته.

وفى بعضها: «هجر رسول الله» (1).

وفى بعضها: «نبى الله ليهجر» (2).

وفى بعضها: «يهجر رسول الله» (3).

وفى بعضها أنّهم قالوا لرسول الله صلّى الله عليه و آله بعد ما قالوا: ألا نأتيك بعد؟ فقال صلّى الله عليه و آله : «بعد ما» أو كلام نحو ذلك. (4)

وفى بعضها: «أنّ القوم أقبلوا فى لغطهم». (5)

وقد صرّح فى كثير من الروايات باسم القائل الّذى منع عن كتابة ما أراده رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ، وأنّه عمر بن الخطّاب (6) ، وقد ورد فى بعض النصوص أنّ عمر اعترف بذلك وأنّه لمّا علم أنّ النبى صلّى الله عليه و آله أراد أن يصرّح باسم ولى الأمر بعده فى كتابه منع من ذلك. (7)

ص:133


1- (1) . صحيح البخارى 490/4 - 491 (1229)، وعنه البغوى فى شرح السنّة 180/11 - 181 (2755).
2- (2) . الطبقات الكبري 188/2 ، [1] ذكر الكتاب الّذى أراد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن يكتبه لاُمّته فى مرضه الّذى مات فيه.
3- (3) . الطبقات الكبري 188/2 . [2]
4- (4) . الطبقات الكبري 187/2 ، ذكر الكتاب الّذى أراد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن يكتبه لاُمّته؛ المعجم الكبير 352/11 (12261).
5- (5) . مسند أحمد 293/1 (2671)؛ الطبقات الكبري 187/2 و 188 , ذكر الكتاب الّذى أراد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أن يكتبه لاُمّته.
6- (6) . المصنّف لعبدالرزّاق 438/5 - 439 (9757)؛ صحيح البخارى 119/1 - 120 (112) و 225/7 (574) و 774/9 (2169)؛ صحيح مسلم 1259/3 , ذيل الحديث 1637 ؛ السنن الكبري للنسائى 366/5 (5821) وص 368 (5825) و 62/7 (7474)؛ مسند أحمد 324/1 - 325 (2990) وص 336 (3111)؛ الطبقات الكبري 188/2 ؛ ذمّ الكلام لأبى إسماعيل الهروى ص10 - 13 (124) وص 14 (126)؛ صحيح ابن حبّان 562/14 - 563 (6597)؛ مسند أبى عوانة 476/3 (5757)؛ الوفا لابن الجوزى ص 794 (1464)؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 55/2 ، شرح الخطبة 26 و 51/6 , شرح الكلام 66 ؛ النهاية لابن الأثير 246/5 «هجر»؛ لسان العرب 34/15 «هجر»؛ تاريخ الإسلام للذهبى 552/2 ، باب مرض النبى.
7- (7) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 20/12 - 21 [3] وص 78 - 79 , شرح الخطبة 223 . ولاحظ ما سيأتى فى عنوان: «حكومة عمر بن الخطّاب».

ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أمر بتجهيز جيش وأمّر عليه اسامة بن زيد، وكان فيهم جماعة كثيرة من مشيخة الصحابة كأبى بكر وعمر، وأكّد النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم علي خروجهم (1)، ولمّا رأي تخلّف بعض الناس عنه لعن المتخلّفين عنه (2).

توفّى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يوم الاثنين ودفن ليلة الأربعاء أو يومه (3)، فكان جسده الشريف يومين وليلة علي الأرض، وأنكر عمر بن الخطّاب موته أشدّ الإنكار حتّي جاء أبوبكر من السُنح - خارج المدينة - فلمّا تكلّم أبوبكر ورآه عمر سكت (4).

ص:134


1- (1) . الطبقات الكبري 145/2 - 146 ، [1] سرية اسامة بن زيد؛ السيرة النبويّة لابن هشام 299/4 - 300 , تمريض رسول الله فى بيت عائشة؛ المغازى للواقدى 1117/3 وص1119 - 1120 ، غزوة اسامة بن زيد؛ تاريخ الطبرى 184/3 و 186 ، حوادث سنة إحدي عشرة؛ دلائل النبوّة للبيهقى 200/7 ، باب ما جاء فى تقرير النبى صلّى الله عليه و سلّم أبابكر؛ تاريخ مدينة دمشق 60/8 و ص62 - 63 ، ترجمة اسامة بن زيد (596)؛ أنساب الأشراف 115/2 ، ذكر موالى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وخدمه.
2- (2) . الملل والنحل للشهرستانى 14/1 ، الخلاف الثانى من المقدّمة الرابعة؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 52/6 ، فى آخر شرحه علي الخطبة 66 نقلاً عن الجوهرى؛ شرح المواقف للجرجانى 376/8 ، الموقف السادس فى السمعيّات، المرصد الرابع فى الإمامة؛ مؤتمر علماء بغداد لمقاتل بن عطيّة ص65 ، حوار حول سبّ الصحابة و ص131 ، سرية اسامة بن زيد.
3- (3) . سنن الدارمى 39/1 ، باب فى وفاة النبى؛ [2] الطبقات الكبري 209/2 ، ذكر كَم مرض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم واليوم الّذى توفّى فيه؛ دلائل النبوّة للبيهقى 255/7 - 256 ، باب ما جاء فى دفن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . [3] وفى رواية: «أنّه دفن يوم الثلاثاء», راجع المصادر التالية فى التعليق الآتى.
4- (4) . صحيح البخارى 66/5 (190) و 323/6 - 324 (888)؛ سنن ابن ماجة 520/1 (1627)؛ السيرة النبويّة لابن هشام 305/4 - 306 ، تمريض رسول الله فى بيت عائشة؛ المصنّف لعبدالرزّاق 434/5 (9754) وص436 - 437 (9755)؛ المصنّف لابن أبى شيبة 428/7 (37010) و ص429 - 430 (37025)؛ سنن الدارمى 39/1 ، باب فى وفاة النبى صلّى الله عليه و سلّم ؛ [4]الطبقات الكبري 204/2 - 207 ، [5] ذكر كلام الناس حين شكّوا فى وفاة رسول الله؛ أنساب الأشراف 243/2 ، [6] أمر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين بدئ؛ مسند أحمد 45/10 (25899)؛ تاريخ الطبرى 200/3 - 201 ، [7] حوادث سنة إحدي عشرة، ذكر الأخبار الواردة باليوم الّذى توفّى فيه رسول الله؛ الكامل فى التاريخ 219/2 ، [8] ذكر أحداث سنة إحدي عشرة، ذكر مرض رسول الله؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 40/2 وما بعده ، [9] شرح الخطبة 26 ؛ البداية والنهاية 242/5 - 243 ، حوادث سنة إحدي عشرة، فصل فى كيفيّة احتضاره ووفاته؛ دلائل النبوّة للبيهقى 215/7 - 217 ، باب ما يؤثر عنه صلّى الله عليه و سلّم من ألفاظه فى مرض موته؛ تاريخ الإسلام 5/3 ، حوادث سنة إحدي عشرة.

ولمّا قبض النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم اشتغل على عليه السّلام بتجهيز رسول الله صلّى الله عليه و آله ومعه العبّاس وابناه الفضل وقثم واُسامة بن زيد وشقران مولاه (1)، واجتمعت الأنصار فى سقيفة بنى ساعدة وأرادوا أن يجعلوا الأمر لسعد بن عبادة وتوافقوا علي ذلك، ولمّا سمع أبوبكر الخبر ذهب مع عمر وأبى عبيدة بن الجرّاح إلي السقيفة، وتركوا رسول الله صلّى الله عليه و آله كما هو وهو فى بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله (2) فتكلّم أبوبكر ثمّ تكلّم عمر، وقالت الأنصار: منّا أمير ومنكم أمير، فقال أبوبكر: بل نحن الاُمراء وأنتم الوزراء. ثمّ قال: هذا عمر وهذا أبوعبيدة، فأيّهما شئتم فبايعوا. فأبيا من قبولها، وقدّما أبابكر فبايعاه، فتابعهما الأوس، فانكسر علي سعد بن عبادة وعلي الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم. (3)

وتخلّف عن بيعة أبى بكر جماعة من المهاجرين والأنصار (4), فمن الأنصار سعد بن عبادة، فإنّه لم يبايع أبابكر وخرج إلي الشام, فبعث عمر إليه من يدعوه إلي البيعة، فقدم

ص:135


1- (1) . تاريخ الطبرى 120/3 ، [1] حوادث سنة أحدي عشرة.
2- (2) . السيرة النبويّة لابن هشام 307/4 ، [2] أمر سقيفة بنى ساعدة.
3- (3) . المصنّف لعبدالرزّاق 439/5 - 444 (9758)؛ صحيح البخارى 66/5 (190)؛ مسند أحمد 55/1 - 56 (391)؛ [3]السيرة النبويّة لابن هشام 306/4 - 310 ، [4] أمر سقيفة بنى ساعدة؛ المصنّف لابن أبى شيبة 431/7 - 432 (37032)؛ تاريخ الطبرى 218/3 - 222 ، [5] حوادث سنة إحدي عشرة، ذكر الخبر عمّا جري بين المهاجرين والأنصار فى أمر الإمارة فى سقيفة بنى ساعدة؛ الطبقات الكبري 462/3 - 463 ، ترجمة سعد بن [6]عبادة (332)؛ الإمامة والسياسة 4/1 - 9 ، ذكر السقيفة وما جري فيها من القول؛ الكامل فى التاريخ 220/2 ، [7] ذكر أحداث سنة إحدي عشرة، حديث السقيفة؛ الغرائب لأبى عبيد علي ما فى كنز العمّال 644/5 - 647 (14134)؛ تاريخ مدينة دمشق 283/30 - 285 ، ترجمة عبدالله بن عثمان [8]أبى بكر الصدّيق (3398)؛ البداية والنهاية 246/5 ، [9] حوادث سنة إحدي عشرة، قصّة سقيفة بنى ساعدة؛ العقد الفريد 11/5 - 12 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [10] سقيفة بنى ساعدة؛ صحيح ابن حبّان 145/2 - 158 (413) و (414)؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 23/2 ، [11] شرح الخطبة 26 و 5/6 - 11 ، شرح الخطبة 66 ؛ تاريخ الإسلام 6/3 - 8 ، [12] حوادث سنة إحدي عشرة.
4- (4) . الاستيعاب 973/3 ، ترجمة أبى بكر بن أبى قحافة (1633).

الرجل الشام فامتنع سعد من البيعة، فرماه الرجل بسهم فقتله (1).

ولم يبايع خالد بن سعيد أبابكر الّا بعد ستّة أشهر. (2)

وأنكر جماعة علي بيعة أبى بكر، منهم سلمان. (3)

وامتنع أيضاً من البيعة بنوهاشم واجتمعوا فى بيت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم , ومعهم الزبير. (4)

وجاء أبوسفيان إلي على عليه السّلام يحرّضه علي القتال ووعده النصرة، فأبي على عليه السّلام ، مخافة الفرقة وارتداد الناس. (5)

قال القاضى عبدالجبّار: روى عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، قال:

لمّا استخلف أبوبكر جاء أبوسفيان إلي على عليه السّلام يستأذن، فقال على: ها أنا ذا. فقال له: ابسط يدك بأبى واُمّى أنت ابايعك، فوالله لأملأنّها علي أبى فصيل خيلاً ورجلاً. فانزوي عنه على عليه السّلام ... . (6)

ص:136


1- (1) . أنساب الأشراف 272/2 ، [1] أمر السقيفة. وراجع: 291/1 ، آخر الصحابة موتاً؛ المعيار والموازنة ص232 ، [2] ذكر صفحة من صفحات صبره؛ العقد الفريد 14/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [3] الّذين تخلّفوا عن بيعة أبى بكر؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 111/10 ، شرح الخطبة 183 و 223/17 ، شرح الكتاب 62 .
2- (2) . أنساب الأشراف 270/2 ، [4] أمر السقيفة؛ الاستيعاب 975/3 , ترجمة أبى بكر بن أبى قحافة (1633), وفيه: «شهران».
3- (3) . أنساب الأشراف 274/2 ، أمر السقيفة؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 49/2 ، شرح الخطبة 26 و 43/6 ، شرح الخطبة 66 ؛ المغنى للقاضى عبدالجبّار الجزء المتمّ العشرين، القسم الأوّل ص291 .
4- (4) . الإمامة والسياسة 11/1 ، إباية على - كرّم الله وجهه - بيعة أبى بكر؛ العقد الفريد 13/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [5] الّذين تخلّفوا عن بيعة أبى بكر؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 11/6 ، شرح الخطبة 66 . ولاحظ : المصنّف لعبدالرزّاق 454/5 , ضمن الحديث 9770 .
5- (5) . أنساب الأشراف 271/2 و 69/3 , [6] أمر السقيفة ؛ المستدرك 78/3 (4462).
6- (6) . المغنى الجزء المتمّ العشرين، القسم الأوّل، ص288 - 289 . وسيأتى سائر رواياته فى عنوان: «العلّة فى بيعته عليه السّلام بعد امتناعه».

الباب الثانى: اعتراضه عليه السّلام علي قرار السقيفة واستنصاره المهاجرين والأنصار

برواية:

1. شريح بن هانئ-4. عبدالله بن عبّاس

2. عامر الشعبى-5. عمرو بن ميمون

3. عامر بن واثلة أبي الطفيل-6. ما ورد مرسلاً

1.شريح بن هانئ

8729. ابن أبي الحديد : روي الشعبى، عن شريح بن هانئ، قال: قال على عليه السّلام :

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وأصغوا إنائى، وصغّروا عظيم منزلتى، وأجمعوا علي منازعتى. (1)

2.عامر الشعبى

8730. ابن أبي الحديد : قال الشعبى: واُدخل أهل الشوري داراً, فأقبلوا يتجادلون عليها ... فخرج عثمان علي الناس ووجههه متهلّل, وخرج على وهو كاسف البال مظلم, وهو يقول: يا ابن عوف, ليس هذا بأوّل يوم تظاهرتم علينا من دفعنا عن حقّنا والاستئثار علينا! وإنّها لسنّة علينا, وطريقة تركتموها ... . (2)

ص:137


1- (1) . شرح نهج البلاغة 103/4 - 104 ، شرح الخطبة 57 .
2- (2) . شرح نهج البلاغة 53/9 , شرح الخطبة 139.

3.عامر بن وائلة أبوالطفيل

8731. ابن أبي الحديد : روي جابر، عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليّاً عليه السّلام يقول:

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وغصبونى حقّى، وأجمعوا علي منازعتى أمراً كنت أولي به، ثمّ قالوا: إنّ من الحقّ أن تأخذه، ومن الحقّ أن تتركه! (1)

4.عبدالله بن عبّاس

8732. سبط ابن الجوزى : أخبرنا شيخنا أبوالقاسم ابن النفيس الأنبارى بإسناده إلي عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لمّا بويع أميرالمؤمنين عليه السّلام بالخلافة ناداه رجل من الصفّ - وهو علي المنبر - : ما الّذى أبطأ بك إلي الآن ؟ فقال بديهاً:

والله لقد تقمّصها فلان وهو (2) يعلم أنّ محلّى منها محلّ القطب من الرحي، ينحدر عنّى السيل ولا يرقي إلى الطير، ولكنّى سدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً، وطفقت أمثل بين أن أصول بيد جذّاء ماضية، أو أصبر علي ظلمة طخياء، يوضع منها الكبير ويدبّ فيها الصغير - وفى رواية: وطفقت [أرتئى بين] أن أصول بيد جذّاء، أو أصبر علي طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير - ، ويكدح فيها مؤمن حتّي يلقي ربّه، فرأيت الصبر أجدر، فصبرت وفى العين قذي وفى الحلق شجا، إلي أن حضرت الأوّل الوفاة - وفى رواية: فصبرت إلي أن مضي الأوّل لسبيله - , فأدلي بها إلي فلان بعده - وفى رواية: فأدلي بها إلي الثانى - ، فيا لله العجب! بينا هو يستقيلها فى حال حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، فعقدها فى ناحية خشناء يصعب مسّها, ويغلظ كلمها، ويكثر فيها العثار، ويقيل منها الاعتذار، فمنى الناس بمن عقدها له حتّي مضي لسبيله.

وفى رواية: بينا هو يقتال منها فى حياته إذ عقدها لآخر بعد مماته، لشدّ ما تشطّرا

ص:138


1- (1) . شرح نهج البلاغة 104/4 ، شرح الخطبة 57 .
2- (2) . فى نسخة: «أخوتيم أو فلان وهو» وفى اخري: «أخوتيم وهو».

ضرعها، فصيّرها فى حوزة خشناء، فصاحبها كراكب الصعبة أن أشنق لها خَرم، وأن أسلس لها تقحّم.

وفى رواية: فَمُنى الناس بخبط وشماس وتلوّن واعتراض ... . (1)

8733. ابن طيفور : روي ابن عبّاس رحمه الله , قال:

دخلت علي عمر فى أوّل خلافته وقد القى له صاع من تمر علي خصفة، فدعانى إلي الأكل, فأكلت تمرة واحدة, وأقبل يأكل حتّي أتي عليه، ثمّ شرب من جرّ كانت عنده واستلقي علي مرفقة له وطفق يحمد الله يكرّر ذلك ثمّ قال: من أين جئت يا عبدالله ؟ قلت: من المسجد.

قال: كيف خلّفت ابن عمّك ؟ فظننته يعنى عبدالله بن جعفر، قلت: خلّفته يلعب مع أترابه.

ص:139


1- (1) . تذكرة الخواصّ 494/1 ، الباب الخامس، [1] فى المختار من كلامه. وهذه الخطبة - مع اختلاف النقل فى بعض فقراتها - من مشاهير خطب أميرالمؤمنين عليه السّلام ، معروفة بالمقمّصة والشقشقيّة، وإنّما سمّيت بهما لقوله عليه السّلام : «لقد تقمّصها»، ولقوله عليه السّلام فى آخرها: «تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت»، والشقشقة: لهاة البعير، وقيل شىء يخرجه البعير من فيه إذا هاج، ذكرها السيّد الرضى قدّس سرّه فى باب الخطب من نهج البلاغة تحت الرقم 3 ، وقال ابن أبى الحديد فى شرحه عليها 205/1 : حدّثنى شيخى أبوالخير مصدّق بن شبيب الواسطى, قال: ... قرأت علي الشيخ أبى محمّد عبدالله بن أحمد المعروف بابن الخشّاب هذه الخطبة، فقلت: إنّ كثيراً من الناس يقولون إنّها من كلام الرضى، فقال: أنّي للرضى ولغير الرضى هذا النفس وهذا الاُسلوب ؟! قد وقفنا علي رسائل الرضى وعرفنا طريقه وفنّه فى الكلام المنثور، وما يقع مع هذا الكلام فى خلّ ولا خمر. ثمّ قال: والله لقد وقفت علي هذه الخطبة فى كتب صنّفت قبل أن يخلق الرضى بمأتى سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبوأحمد والد الرضى. ثمّ قال ابن أبى الحديد: وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة فى تصانيف شيخنا أبى القاسم البلخى إمام البغداديّين من المعتزلة، وكان فى دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضى بمدّة طويلة، ووجدت أيضاً كثيراً منها فى كتاب أبى جعفر ابن قبّة - أحد متكلّمى الإماميّة - وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب الإنصاف، وكان أبوجعفر هذا من تلامذة الشيخ أبى القاسم البلخى ومات فى ذلك العصر قبل أن يكون الرضى رحمه الله موجوداً.

قال: لم أعن ذلك، إنّما عنيت عظيمكم أهل البيت. قلت: خلّفته يمتح بالغرب علي نخيلات من فلان ويقرأ القرآن.

قال: يا عبدالله، عليك دماء البدن إن كتمتنيها! هل بقى فى نفسه شىء من أمر الخلافة ؟ قلت: نعم.

قال: أ يزعم أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله نصّ عليه ؟ قلت: نعم، وأزيدك سألت أبى عمّا يدّعيه, فقال: صدق.

فقال عمر: لقد كان من رسول الله صلّى الله عليه و آله فى أمره ذرو (1) من قول لا يثبت حجّة ولا يقطع عذراً، ولقد كان يرتع فى أمره وقتاً ما ولقد أراد فى مرضه أن يصرّح باسمه، فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة علي الإسلام! لا وربّ هذه البنيّة لا تجتمع عليه قريش أبداً، ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله صلّى الله عليه و آله أنّى علمت ما فى نفسه وأبي الله الّا إمضاء ما حتم. (2)

8734. ابن أبي الحديد : روي ابن عبّاس، قال:

خرجت مع عمر إلي الشام فى إحدي خرجاته، فانفرد يوماً يسير علي بعيره فاتّبعته، فقال لى: يا ابن عبّاس، أشكو إليك ابن عمّك، سألته أن يخرج معى فلم يفعل، ولم أزل أراه واجداً، فيم تظنّ موجدته ؟

قلت: يا أميرالمؤمنين، إنّك لتعلم. قال: أظنّه لا يزال كئيباً لفوت الخلافة.

قلت: هو ذاك، إنّه يزعم أنّ رسول الله أراد الأمر له. فقال: يا ابن عبّاس، وأراد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الأمر له, فكان ماذا إذا لم يرد الله تعالي ذلك! إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أراد أمراً وأراد الله غيره! فنفذ مراد الله تعالي ولم ينفذ مراد رسوله ... . (3)

ص:140


1- (1) . ذرو: طرف.
2- (2) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 20/12 - 21 ، [1] شرح الخطبة 223 , ثمّ قال: ذكر هذا الخبر أحمد بن أبى طاهر [ابن طيفور] صاحب تاريخ بغداد فى كتابه مسنداً.
3- (3) . شرح نهج البلاغة 78/12 - 79 ، شرح الخطبة 223 .

5.عمرو بن ميمون

8735. الطبرى : ... عن عمرو بن ميمون [فى حديث طويل يذكر فيه قِصّة شوري عُمر وبيعة عبدالرحمان بن عوف لعثمان]:

فقال على [لعبدالرحمان]: حبوبة حبو دهر, ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا, فصبر جميل والله المستعان علي ما تصفون ... . (1)

6.ما ورد مرسلاً

8736. ابن قتيبة : إنّ عليّاً - كرّم الله وجهه - اتى به إلي أبى بكر وهو يقول: أنا عبدالله وأخو رسوله. فقيل له: بايع أبابكر. فقال: أنا أحقّ بهذا الأمر منكم لا ابايعكم وأنتم أولي بالبيعة لى، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبى صلّى الله عليه و سلّم وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً! أ لستم زعمتم للأنصار أنّكم أولي بهذا الأمر منهم لما كان محمّد منكم ؟ فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به علي الأنصار: نحن أولي برسول الله حيّاً وميّتاً، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، والّا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال له عمر: إنّك لست متروكاً حتّي تبايع.

فقال له على: احلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردّده عليك غداً. ثمّ قال: والله يا عمر، لا أقبل قولك ولا ابايعه.

فقال له أبوبكر: فإن لم تبايع فلا اكرهك. فقال أبوعبيدة بن الجرّاح لعلى - كرّم الله وجهه - : يا ابن عمّ ، إنّك حديث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالاُمور، ولا أري أبابكر الّا أقوي علي هذا الأمر منك وأشدّ احتمالاً واضطلاعاً به، فسلّم لأبى بكر هذا الأمر، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر

ص:141


1- (1) . تاريخ الطبرى 227/4 - 233 , [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين. ويأتى تمامه مسنداً فى عنوان: «ما جري فى شوري الخلافة ...».

خليق وبه حقيق فى فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.

فقال على - كرّم الله وجهه - : الله الله يا معشر المهاجرين! لا تخرجوا سلطان محمّد فى العرب عن داره وقعر بيته إلي دوركم وقعور بيوتكم، ولاتدفعوا أهله عن مقامه فى الناس وحقّه، فوالله يا معشر المهاجرين، لنحن أحقّ الناس به؛ لأنّا أهل البيت، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم، [أ] ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه فى دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعيّة، المدافع عنهم الاُمور السيّئة، القاسم بينهم بالسويّة ؟ والله إنّه لفينا، فلا تتّبعوا الهوي فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقّ بعداً.

فقال بشير بن سعد الأنصارى: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا على قبل بيعتها لأبى بكر ما اختلف عليك اثنان.

قال: وخرج على - كرّم الله وجهه - يحمل فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم علي دابّة ليلاً فى مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله, قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبى بكر ما عدلنا به! فيقول على - كرّم الله وجهه - : أ فكنت أدع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى بيته لم أدفنه وأخرج انازع الناس سلطانه ؟ فقالت فاطمة: ما صنع أبوالحسن الّا ما كان ينبغى له ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم. (1)

8737. أبوبكر الجوهرى - فى حديث طويل يذكر فيه الهجوم علي بيت فاطمة - : فقال على: يا معشر المهاجرين، الله الله! لا تُخرجوا سلطان محمّد عن داره وبيته إلي بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه فى الناس وحقّه، فوالله يا معشر المهاجرين، لنحن أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منكم, أما كان منّا القارئ لكتاب الله، الفقيه فى دين الله، العالم بالسنّة، المضطلع بأمر الرعيّة ؟ والله إنّه لفينا، فلا تتّبعوا الهوي، فتزدادوا من الحقّ بعداً.

ص:142


1- (1) . الإمامة والسياسة 11/1 - 12 ، [1] إباية على - كرّم الله وجهه - بيعة أبى بكر - رضى الله عنهما - .

فقال بشير بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا على قبل بيعتهم لأبى بكر ما اختلف عليك اثنان، ولكنّهم قد بايعوا.

وانصرف على إلي منزله، ولم يبايع، ولزم بيته حتّي ماتت فاطمة فبايع. (1)

8738. ابن أبي الحديد : حدّثنى الحسين بن محمّد السينى، قال:

قرأت علي ظهر كتاب أنّ عمر نزلت به نازلة ... فقال عمر [لعلى]: أما والله لقد أرادك الحقّ ولكن أبي قومك. فقال: يا أباحفص، خفّض عليك من هنا ومن هنا إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (2). فوضع عمر إحدي يديه علي الاُخري وأطرق إلي الأرض، وخرج كأنّما ينظر فى رماد. (3)

8739. ابن أبي الحديد : [عن على عليه السّلام :] ما لنا ولقريش: يخضمون الدنيا باسمنا، ويطئون علي رقابنا، فيالله وللعجب! من اسم جليل لمسمّي ذليل! (4)

8740. ابن قتيبة : ... وإنّ أبابكر رضي الله عنه تفقّد قوماً تخلّفوا بيعته عند على - كرّم الله وجهه- فبعث إليهم عمر ... وبقى عمر ومعه قوم، فأخرجوا عليّاً، فمضوا إلي أبى بكر، فقالوا له: بايع. فقال: إن أنا لم أفعله فمه ؟ قالوا: إذاً والله الّذى لا إله الّا هو نضرب عنقك.

قال: إذاً تقتلون عبدالله وأخا رسوله. قال عمر: أمّا عبدالله فنعم، وأمّا أخو رسوله فلا. وأبوبكر ساكت لا يتكلّم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك. فقال: لا اكرهه علي شىء ما كانت فاطمة إلي جنبه.

ص:143


1- (1) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 12/6 ، [1] شرح الخطبة 66 ، وسيأتى تمامه فى الباب التالى.
2- (2) . النبأ/17 . [2]
3- (3) . شرح نهج البلاغة 79/12 - 80 ، شرح الخطبة 223 ، وسيأتى تمامه فى عنوان: «حكومة عمر بن الخطّاب وموقف الإمام منه».
4- (4) . شرح نهج البلاغة 308/20 ، الحكمة 523.

فلحق على بقبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يصيح ويبكى وينادى: يا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي (1). (2)

8741. ابن قتيبة - فى ما كتب على لأهل العراق - : ... فلمّا احتضر [عمر] قلت فى نفسى: ليس يصرف هذا الأمر عنّى, فجعلها عمر شوري, وجعلنى سادس ستّة, فما كانوا لولاية أحد منهم بأكره منهم لولايتى؛ لأنّهم كانوا يسمعوننى وأنا احاجّ أبابكر فأقول: يا معشر قريش, أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان منّا من يقرأ القرآن ويعرف السنّة, فخشوا إن وليت عليهم أن لا يكون لهم فى هذا الأمر نصيب. (3)

ص:144


1- (1) . الأعراف/ 150 . [1]
2- (2) . الإمامة والسياسة 12/1 - 13 ، [2] كيف كانت بيعة على بن أبى طالب - كرّم الله وجهه - .
3- (3) . الإمامة والسياسة 161/1 , [3] ما كتب على لأهل العراق.

الباب الثالث: امتناعه عليه السّلام من البيعة والهجوم علي بيت فاطمة عليها السّلام

برواية:

1. أسلم-6. أبى عمرو بن حماس

2. أبي الأسود-7. ابن عون

3. سعد بن إبراهيم-8. محمّد بن شهاب الزهرى

4. سليمان التيمى-9. النضر بن شميل

5. عامر الشعبى-10. ما ورد مرسلاً

1. أسلم

8742. البزّار : حدّثنا أحمد بن يحيي [الصوفى]، حدّثنا محمّد بن بشر [بن الفرافصة]، حدّثنا عبدالله بن عمر [بن حفص العمرى]، عن زيد بن أسلم، عن أبيه:

أنّ عليّاً والزبير كانا حين بويع لأبى بكر يدخلان علي فاطمة فيشاورانها ويتراجعان فى أمرهم، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر فقال: يا بنت رسول الله، ما كان من الخلق أحد أحبّ إلينا من أبيك، وما أحد أحبّ إلينا بعده منك، ولقد بلغنى أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغنى لأفعلنّ ولأفعلنّ . ثمّ خرج فجاؤها، فقالت لهم: إنّ عمر قد جاءنى وحلف لئن عدتم ليفعلنّ وأيم الله ليفينّ بها، فانظروا فى أمركم، ولا ترجعوا إلى. فانصرفوا حتّي بايعوا لأبى بكر. (1)

ص:145


1- (1) . عنه ابن عبدالبرّ بإسناده إليه فى الاستيعاب 975/3 ، [1] ترجمة أبى بكر بن أبى قحافة (1633).

2و3. أبوالأسود وسعد بن إبراهيم

8743. ابن وهب : عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، قال:

غضب رجال من المهاجرين فى بيعة أبى بكر بغير مشورة، وغضب على والزبير، فدخلا بيت فاطمة، معهما السلاح، فجاء عمر فى عصابة فيهم أسيد بن حضير، وسلمة بن سلامة بن قريش؛ وهما من بنى عبدالأشهل، فاقتحما الدار، فصاحت فاطمة وناشدتهما الله، فأخذوا سيفيهما، فضربوا بهما الحجر حتّي كسروهما، فأخرجهما عمر يسوقهما حتّي بايعا.

ثمّ قام أبوبكر، فخطب الناس فاعتذر إليهم، وقال: إنّ بيعتى كانت فلتة وقي الله شرّها، وخشيت الفتنة، وأيمُ الله ما حرصت عليها يوماً قطّ ، ولا سألتها الله فى سرّ ولا علانية قطّ ، ولقد قلّدت أمراً عظيماً ما لى به طاقة، ولا يدان، ولقد وددت أنّ أقوي الناس عليه مكانى ... .

وذكر ابن شهاب أنّ ثابت بن قيس بن شماس أخا بني الحارث من الخزرج كان مع الجماعة الّذين دخلوا بيت فاطمة.

قال: وروي سعد بن إبراهيم أنّ عبدالرحمان بن عوف كان مع عمر ذلك اليوم، وأنّ محمّد بن مسلمة كان معهم، وأنّه هو الّذى كسر سيف الزبير. (1)

4. سليمان التيمى

8744. المدائنى : عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التيمى وعن ابن عون:

أنّ أبابكر أرسل إلي على يريد البيعة، فلم يبايع، فجاء عمر ومعه قبس, فتلقّته فاطمة علي الباب، فقالت فاطمة: يا ابن الخطّاب، أ تراك محرقاً على بابى ؟ قال: نعم، وذلك أقوي فى ما جاء به أبوك! وجاء على فبايع. (2)

ص:146


1- (1) . عنه أبوبكر الجوهرى بإسناده إليه من طريق ابن شبّة, كما فى شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 47/6 - 48 ، [1] شرح الكلام 66 .
2- (2) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 268/2 ، [2] أمر السقيفة. [3]

5.عامر الشعبى

8745. أبوبكر الجوهرى : أخبرنى أبوبكر الباهلى، عن إسماعيل بن مجالد، عن الشعبى، قال:

قال أبوبكر: يا عمر، أين خالد بن الوليد؟ قال: هو هذا. فقال: انطلقا إليهما - يعنى عليّاً والزبير - فائتيانى بهما. فانطلقا، فدخل عمر ووقف خالد علي الباب من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف ؟ قال: أعددته لاُبايع عليّاً.

قال: وكان فى البيت ناس كثير؛ منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميّين، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة فى البيت فكسره، ثمّ أخذ بيد الزبير، فأقامه ثمّ دفعه فأخرجه، وقال: يا خالد، دونك هذا. فأمسكه خالد - وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس، أرسلهم أبوبكر ردءاً لهما - ثمّ دخل عمر فقال لعلى: قم فبايع. فتلكّأ واحتبس، فأخذ بيده، وقال: قم. فأبي أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير، ثمّ أمسكهما خالد، وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنيفاً، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، ورأت فاطمة ما صنع عمر، فصرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميّات وغيرهنّ ؛ فخرجت إلي باب حجرتها، ونادت: يا أبابكر، ما أسرع ما أغرتم علي أهل بيت رسول الله! والله لا اكلّم عمر حتّي ألقي الله. (1)

6.أبوعمرو بن حماس

8746. ابن شبّة : عن أبى عمرو بن حماس ... . (2)

ستأتى روايته فى قسم المراسيل برواية ابن شبّة.

7.ابن عون

8747. المدائنى : عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التيمى وعن ابن عون ... . (3)

ص:147


1- (1) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 48/6 - 49 ، [1] شرح الخطبة 66 .
2- (2) . عنه أبوبكر الجوهرى, [2]كما فى شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 47/6 - 48 ، [3] شرح الخطبة 66 .
3- (3) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 268/2 ، [4] أمر السقيفة.

تقدّم حديثه مع حديث سليمان التيمى.

8.محمّد بن شهاب الزهرى

8748. ابن شبّة : عن ابن شهاب أنّ ثابت بن قيس ... . (1)

تقدّمت روايته ذيل رواية أبي الأسود.

9.النضر بن شميل

8749. ابن شبّة : عن النضر بن شميل ... . (2)

ستأتى روايته ضمن المراسيل.

10.ما ورد مرسلاً

8750. ابن شبّة : عن رجاله، قال: جاء عمر إلي بيت فاطمة فى رجال من الأنصار ونفر قليل من المهاجرين، فقال: والّذى نفسى بيده لتخرجنّ إلي البيعة أو لاُحرقنّ البيت عليكم. فخرج إليه الزبير مصلّتاً بالسيف، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصارى ورجل آخر، فندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثمّ أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً، حتّي بايعوا أبابكر.

وروي النضر بن شميل، قال: حمل سيف الزبير لمّا ندر من يده إلي أبى بكر وهو علي المنبر يخطب، فقال: اضربوا به الحجر.

قال أبوعمرو بن حماس: ولقد رأيت الحجر وفيه تلك الضربة، والناس يقولون: هذا أثر ضربة سيف الزبير. (3)

8751. ابن قتيبة : وإنّ أبابكر رضي الله عنه تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند على - كرّم الله

ص:148


1- (1) . عنه أبوبكر الجوهرى, كما فى شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 47/6 - 48 ، [1] شرح الكلام 66 .
2- (2) . عنه أبوبكر الجوهرى, [2]علي ما فى شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 47/6 - 48 ، [3] شرح الخطبة 66 .
3- (3) . عنه أبوبكر الجوهرى, [4]كما فى شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 47/6 - 48 ، [5] شرح الخطبة 66 .

وجهه - فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم فى دار على، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب وقال: والّذى نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لاُحرقنّها علي من فيها! فقيل له: يا أباحفص، إنّ فيها فاطمة ؟ فقال: وإن! فخرجوا فبايعوا الّا عليّاً، فإنّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبى علي عاتقى حتّي أجمع القرآن.

فوقفت فاطمة -رضى الله عنها - علي بابها فقالت: لا عهد لى بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله صلّى الله عليه و سلّم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقّاً!

فأتي عمر أبابكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة ؟ فقال أبوبكر لقنفذ -وهو مولي له - : اذهب فادع لى عليّاً.

قال: فذهب إلي على، فقال له: ما حاجتك ؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله!

فقال على: لسريع ما كذبتم علي رسول الله! فرجع فأبلغ الرسالة. قال: فبكي أبوبكر طويلاً، فقال عمر الثانية: ألا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة ؟! فقال أبوبكر لقنفذ: عد إليه فقل له: أميرالمؤمنين يدعوك لتبايع. فجاءه قنفذ فأدّي ما أمر به، فرفع على صوته فقال: سبحان الله! لقد ادّعي ما ليس له. فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة فبكي أبوبكر طويلاً.

ثمّ قام عمر فمشي معه جماعة حتّي أتوا باب فاطمة فدقّوا الباب، فلمّا سمعت أصواتهم نادت بأعلي صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبى قحافة! فلمّا سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تنفطر! وبقى عمر ومعه قوم، فأخرجوا عليّاً فمضوا به إلي أبى بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا: إذاً والله الّذى لا إله الّا هو نضرب عنقك!

قال: إذاً تقتلون عبدالله وأخا رسوله. قال عمر: أمّا عبدالله فنعم، وأمّا أخو رسوله فلا. وأبوبكر ساكت لا يتكلّم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال: لا اكرهه علي شىء ما كانت فاطمة إلي جنبه. فلحق على بقبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يصيح ويبكى وينادى: يا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي (1).

ص:149


1- (1) . الأعراف/ 150 . [1]

فقال عمر لأبى بكر - رضى الله عنهما - : انطلق بنا إلي فاطمة فإنّا قد أغضبناها. فانطلقا جميعاً فاستأذنا علي فاطمة فلم تأذن لهما، فأتيا عليّاً فكلّماه فأدخلهما عليها، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلي الحائط فسلّما عليها فلم تردّ عليهما السلام، فتكلّم أبوبكر فقال: يا حبيبة رسول الله (1), والله إنّ قرابة رسول الله أحبّ إلى من قرابتى، وإنّك لأحبّ إلى من عائشة ابنتى، ولوددت يوم مات أبوك أنّى متّ ولا أبقي بعده، أفترانى أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقّك وميراثك من رسول الله ؟ الّا أنّى سمعت أباك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: لا نورث، ما تركنا فهو صدقة.

فقالت: أ رأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه و سلّم تعرفانه وتفعلان به ؟ قالا: نعم.

فقالت: نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاى وسخط فاطمة من سخطى، فمن أحبّ فاطمة ابنتى فقد أحبّنى، ومن أرضي فاطمة فقد أرضانى، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطنى ؟ قالا: نعم سمعناه من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

قالت: فإنّى اشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتمانى وما أرضيتمانى، ولئن لقيت النبى لأشكونّكما إليه. فقال أبوبكر: أنا عائذ بالله تعالي من سخطه وسخطك يا فاطمة.

ثمّ انتحب أبوبكر يبكى حتّي كادت نفسه أن تزهق وهى تقول: والله لأدعونّ الله عليك فى كلّ صلاة اصلّيها.

ثمّ خرج باكياً، فاجتمع إليه الناس، فقال لهم: يبيت كلّ رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتمونى وما أنا فيه، لا حاجة لى فى بيعتكم، أقيلونى بيعتى.

قالوا: يا خليفة رسول الله، إنّ هذا الأمر لا يستقيم وأنت أعلمنا بذلك أنّه إن كان هذا لم يقم لله دين.

فقال: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بتّ ليلة ولى فى عنق مسلم بيعة بعد ما سمعت ورأيت من فاطمة.

ص:150


1- (1) . فى هامش الأصل: «ويروي: يا حبيبة رسول الله، أغضبناك فى ميراثك منه وفى زوجك. فقالت: ما بالك يرثك أهلك ولا نرث محمّداً؟! فقال: والله إنّ قرابة إلخ».

قال: فلم يبايع على -كرّم الله وجهه - حتّي ماتت فاطمة - رضى الله عنهما - ولم تمكث بعد أبيها الّا خمساً وسبعين ليلة ... . (1)

8752. أبوبكر الجوهرى : كثر الناس علي أبى بكر، فبايعه معظم المسلمين فى ذلك اليوم، واجتمعت بنوهاشم إلي بيت على بن أبى طالب، ومعهم الزبير، وكان يعدّ نفسه رجلاً من بنى هاشم. كان على يقول: ما زال الزبير منّا أهل البيت، حتّي نشأ بنوه فصرفوه عنّا.

واجتمعت بنواُميّة إلي عثمان بن عفّان، واجتمعت بنوزهرة إلي سعد وعبدالرحمان؛ فأقبل عمر إليهم وأبوعبيدة، فقال: ما لى أراكم ملتاثين ؟ قوموا فبايعوا أبابكر؛ فقد بايع له الناس، وبايعه الأنصار, فقام عثمان ومن معه، وقام سعد وعبدالرحمان ومن معهما، فبايعوا أبابكر.

وذهب عمر ومعه عصابة إلي بيت فاطمة، منهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم، فقال لهم: انطلقوا فبايعوا. فأبوا عليه، وخرج إليهم الزبير بسيفه، فقال عمر: عليكم الكلب! فوثب عليه سلمة بن أسلم، فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار، ثمّ انطلقوا به وبعلى ومعها بنوهاشم، وعلى يقول: أنا عبدالله وأخو رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . حتّي انتهوا به إلي أبى بكر، فقيل له: بايع. فقال: أنا أحقّ بهذا الأمر منكم، لا ابايعكم وأنتم أولي بالبيعة لى، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فأعطوكم المقادة، وسلّموا إليكم الإمارة، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به علي الأنصار, فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم، واعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم، والّا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال عمر: إنّك لست متروكاً حتّي تبايع. فقال له على: احلب يا عمر حلباً لك شطره! اشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غداً! ألا والله لا أقبل قولك ولا ابايعه.

ص:151


1- (1) . الإمامة والسياسة 12/1 - 14 ، [1] كيف كانت بيعة على بن أبى طالب - كرّم الله وجهه - .

فقال له أبوبكر: فإن لم تبايعنى لم اكرهك.

فقال له أبوعبيدة: يا أباالحسن، إنّك حديث السنّ ، وهؤلاء مشيخة قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالاُمور، ولا أري أبابكر الّا أقوي علي هذا الأمر منك، وأشدّ احتمالاً له واضطلاعاً به، فسلّم له هذا الأمر وارض به، فإنّك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق فى فضلك وقرابتك، وسابقتك وجهادك.

فقال على: يا معشر المهاجرين، الله الله! لا تخرجوا سلطان محمّد عن داره وبيته إلي بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه فى الناس وحقّه، فوالله يا معشر المهاجرين، لنحن أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منكم. أما كان منّا القارئ لكتاب الله، الفقيه فى دين الله، العالم بالسنّة، المضطلع بأمر الرعيّة ؟ والله إنّه لفينا، فلا تتّبعوا الهوي، فتزدادوا من الحقّ بعداً.

فقال بشير بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا على قبل بيعتهم لأبى بكر ما اختلف عليك اثنان، ولكنّهم قد بايعوا.

وانصرف على إلي منزله، ولم يبايع، ولزم بيته حتّي ماتت فاطمة فبايع. (1)

8753. ابن عبد ربّه : الّذين تخلّفوا عن بيعة أبى بكر؛ على، والعبّاس، والزبير، وسعد بن عبادة، فأمّا على والعبّاس والزبير فقعدوا فى بيت فاطمة حتّي بعث إليهم أبوبكر عمر بن الخطّاب ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار علي أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطّاب، أ جئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فى ما دخلت فيه الاُمّة! فخرج على حتّي دخل علي أبى بكر فبايعه ... . (2)

8754. ابن أبي الحديد : وعمر هو الّذى شدّ بيعة أبى بكر ووقم المخالفين فيها، فكسر

ص:152


1- (1) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 11/6 - 12 ، [1] شرح الخطبة 66 .
2- (2) . العقد الفريد 13/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [2] الّذين تخلّفوا عن بيعة أبى بكر.

سيف الزبير لمّا جرّده، ودفع فى صدر المقداد، ووطئ فى السقيفة سعد بن عبادة وقال: اقتلوا سعداً، قتل الله سعداً! وحطّم أنف الحباب بن المنذر الّذى قال يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب، وتوعّد من لجأ إلي دار فاطمة عليها السّلام من الهاشميّين وأخرجهم منها، ولولاه لم يثبت لأبى بكر أمر، ولا قامت له قائمة. (1)

ص:153


1- (1) . شرح نهج البلاغة 174/1 ، شرح الخطبة 3 .

الباب الرابع: مصالحته عليه السّلام أبابكر بعد وفاة فاطمة عليها السّلام وجمعه للقرآن

برواية:

1. عائشة-3.محمّد بن سيرين

2. عكرمة-4. ما ورد مرسلاً

1.عائشة

8755. معمر : عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة:

أنّ فاطمة والعبّاس أتيا أبابكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك، وسهمه من خيبر، فقال لهما أبوبكر: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: لا نورث، ما تركنا صدقة، إنّما يأكل آل محمّد صلّى الله عليه و سلّم من هذا المال. وإنّى والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يصنعه الّا صنعته.

قال: فهجرته فاطمة، فلم تكلّمه فى ذلك حتّي ماتت، فدفنها على ليلاً، ولم يؤذن بها أبابكر.

قالت عائشة: وكان لعلى من الناس حياة فاطمة حبوه (1)، فلمّا توفّيت فاطمة، انصرفت وجوه الناس عنه. فمكثت فاطمة ستّة أشهر بعد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ثمّ توفّيت.

فقال رجل للزهرى: فلم يبايعه على ستّة أشهر؟ قال: لا، ولا أحد من بنى هاشم، حتّي

ص:154


1- (1) . كذا فى الأصل, وما ندرى ما هو، ولم يوجد فى سائر المصادر، ولعلّه مصحّف عن «وجهة».

بايعه على، فلمّا رأي على انصراف وجوه الناس عنه، أسرع إلي مصالحة أبى بكر ... . (1)

8756. معمر : عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة، قالت:

لم يبايع على أبابكر حتّي ماتت فاطمة بعد ستّة أشهر، فلمّا ماتت ضرع إلي صلح أبى بكر ... . (2)

8757. أبوزرعة : حدّثنا أبواليمان [الحكم بن نافع]، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهرى، حدّثنى عروة بن الزبير؛ أنّ عائشة أخبرته:

أنّ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أرسلت إلي أبى بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ممّا أفاء الله علي رسوله، وفاطمة حينئذ تطلب صدقة النبى صلّى الله عليه و سلّم الّتى بالمدينة وما بقى من خمس خيبر ... فأبي أبوبكر أن يدفع إلي فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة علي أبى بكر فى ذلك، فهجرته فلم تُكلِّمه حتّي ماتت، وعاشت بعد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها على بن أبى طالب رضي الله عنه ليلاً، ولم يؤذن بها أبابكر، وصلّي عليها على، وكان لعلى من الناس وجه حياة فاطمة كلّها، فلمّا توفّيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن على، ففزع على عند ذلك إلي مصالحة أبى بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر ... . (3)

8758. ابن حبّان : أخبرنا محمّد بن عبيدالله بن الفضل الكلاعى - بحمص - ، قال: حدّثنا عمرو بن عثمان بن سعيد، قال: حدّثنا أبى، عن شعيب بن أبى حمزة، عن الزهرى ... مثله، الّا أنّ فيه: «فلم تكلّمه حتّي توفّيت ... فصلّي عليها على»، وكلمة «كلّها» غير موجودة فيه بعد «حياة فاطمة»، وفيه: «انصرفت وجوه الناس عن على حتّي أنكرهم، فضرع على ...». (4)

ص:155


1- (1) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 472/5 (9774)، ومن طريقه الطبرى فى تاريخه 207/3 - 208 ، [1] حوادث سنة إحدي عشرة، والبيهقى فى السنن الكبري 300/6 ، كتاب قسم الفىء والغنيمة، باب بيان مصرف أربعة أخماس الفىء, ومسند أبى عوانة 251/4 - 252 (6679), وفيه: «كان لعلى من الناس وجه حياة فاطمة».
2- (2) . عنه البلاذرى بإسناده إليه فى أنساب الأشراف 268/2 ، [2] أمر السقيفة, من طريق المدائنى.
3- (3) . عنه الطبرانى فى مسند الشاميّين 198/4 - 199 (3097).
4- (4) . صحيح ابن حبّان 152/11 - 154 (4823).

8759. مسلم : حدّثنى محمّد بن رافع، أخبرنا حجين، حدّثنا ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، أنّها أخبرته:

أنّ فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أرسلت إلي أبى بكر الصدّيق تسأله ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ممّا أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقى من خمس خيبر, فقال أبوبكر: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال: لا نورث، ما تركنا صدقة، إنّما يأكل آل محمّد صلّى الله عليه و سلّم فى هذا المال. وإنّى والله لا اغيّر شيئاً من صدقة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عن حالها الّتى كانت عليها فى عهد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فأبي أبوبكر أن يدفع إلي فاطمة شيئاً، فوجدت فاطمة علي أبى بكر فى ذلك.

قال: فهجرته، فلم تكلّمه حتّي توفّيت, وعاشت بعد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ستّة أشهر, فلمّا توفّيت دفنها زوجها على بن أبى طالب ليلاً، ولم يؤذن بها أبابكر، وصلّي عليها على, وكان لعلى من الناس وجهة حياة فاطمة، فلمّا توفّيت استنكر على وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبى بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر. (1)

8760. البخارى : حدّثنا يحيي بن بكير، حدّثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة:

أنّ فاطمة بنت النبى صلّى الله عليه و سلّم أرسلت إلي أبى بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ممّا أفاء الله عليه بالمدينة، وفدك، وما بقى من خمس خيبر ... فأبي أبوبكر أن يدفع إلي فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة علي أبى بكر فى ذلك، فهجرته فلم تكلّمه حتّي توفّيت، وعاشت بعد النبى صلّى الله عليه و سلّم ستّة أشهر، فلمّا توفّيت دفنها زوجها على ليلاً ولم يؤذن بها أبابكر وصلّي عليها، وكان لعلى من الناس وجه فى حياة فاطمة، فلمّا توفّيت استنكر على وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبى بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر. (2)

ص:156


1- (1) . صحيح مسلم 1380/3 (1759).
2- (2) . صحيح البخارى 252/5 (704).

8761. ابن حبّان : أخبرنا محمّد بن الحسن بن قتيبة، حدّثنا يزيد بن موهب، حدّثنى الليث بن سعد ... مثله. (1)

8762. ابن عبد ربّه : من حديث الزهرى، عن عروة، عن عائشة، قالت:

لم يبايع على أبابكر حتّي ماتت فاطمة، وذلك لستّة أشهر من موت أبيها (2)، فأرسل على إلي أبى بكر فأتاه فى منزله فبايعه. (3)

2.عكرمة

8763. معمر : عن أيّوب، عن عكرمة، قال:

لمّا بويع لأبى بكر تخلّف على فى بيته، فلقيه عمر فقال: تخلّفت عن بيعة أبى بكر؟ فقال: إنّى آليت بيمين حين قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الّا أرتدى برداء الّا إلي الصلاة المكتوبة حتّي أجمع القرآن، فإنّى خشيت أن يتفلّت القرآن. ثمّ خرج فبايعه. (4)

3.محمّد بن سيرين

8764. ابن عليّة : عن أيّوب وابن عون، عن محمّد، قال:

نبّئت أنّ عليّاً أبطأ عن بيعة أبى بكر، فلقيه أبوبكر فقال: أكرهت ؟ فقال: لا، ولكنّى آليت بيمين أن لا أرتدى بردائى الّا إلي الصلاة حتّي أجمع القرآن.

قال: فزعموا أنّه كتبه علي تنزيله.

قال محمّد: فلو اصيب ذلك الكتاب كان فيه علم. (5)

ص:157


1- (1) . صحيح ابن حبّان 573/14 - 574 (6607).
2- (2) . يأتى تحقيق ذلك فى ترجمتها عليها السلام .
3- (3) . العقد الفريد 13/5 - 14 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [1] الّذين تخلّفوا عن بيعة أبى بكر.
4- (4) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 450/5 (9765)، ومن طريقه ابن عبدالبرّ فى الاستيعاب 974/3 ، [2] ترجمة أبى بكر بن أبى قحافة (1633)، والحسكانى فى شواهد التنزيل 44/1 (25), [3] باختلاف طفيف.
5- (5) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 257/2 - 258 ، [4] ذكر من كان يفتى بالمدينة.

8765. ابن عليّة : حدّثنا أيّوب السختيانى، عن محمّد بن سيرين، قال:

لمّا بويع أبوبكر الصدّيق أبطأ على عن بيعته وجلس فى بيته، فبعث إليه أبوبكر: ما أبطأ بك عنّى ؟! أكرهت إمارتى ؟ فقال على: ما كرهت إمارتك، ولكنّى آليت الّا أرتدى ردائى الّا إلي صلاة حتّي أجمع القرآن.

قال ابن سيرين: فبلغنى أنّه كتب علي تنزيله، ولو اصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير. (1)

8766. الحسكانى : أبوالنضر العيّاشى قال: حدّثنا محمّد بن حاتم، قال: حدّثنى أبوبهر محمّد بن نصر، قال: حدّثنى الحسين بن إسحاق، قال: حدّثنى أبومعمر، قال: حدّثنى عبدالوارث، قال: حدّثنى أيوّب، عن محمّد بن سيرين، قال:

لمّا مات النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم جلس على فى بيته فلم يخرج، فقيل لأبى بكر: إنّ عليّاً لا يخرج من البيت كأنّه كره إمارتك. فأرسل إليه، فقال: أكرهت إمارتى ؟ فقال: ما كرهت إمارتك، ولكنّى أري القرآن يزاد فيه، فحلفت أن لا أرتدى برداء الّا للجمعة حتّي أجمعه. (2)

8767. الحسكانى : حدّثنى أبوالقاسم الفارسى، قال: أخبرنا أبى، أخبرنا محمّد بن القاسم [بن زكريّا المحاربى]، قال: حدّثنا هشام بن يونس، قال: حدّثنى أبومعاوية الضرير، عن الحسن بن دينار، عن ابن سيرين:

أنّ أبابكر لمّا بويع جلس على فى بيته، فأتاه رجل فقال: إنّ عليّاً قد كرهك. فأرسل إليه, فقال: أكرهتنى ؟ فقال: والله ما كرهتك، غير أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قبض ولم يجمع القرآن، فكرهت أن يزاد فيه، فآليت بيمين [أن] لا أخرج الّا إلي الصلاة حتّي أجمعه. فقال: نعم ما رأيت. (3)

ص:158


1- (1) . عنه ابن عبدالبرّ بإسناده إليه فى الاستيعاب 973/3 - 974 ، [1] ترجمة أبى بكر بن أبى قحافة (1633).
2- (2) . شواهد التنزيل 45/1 - 46 (28). [2]
3- (3) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 43/1 (23). [3]

8768. ابن عليّة : عن ابن عون، عن محمّد بن سيرين، قال:

نبّئت أنّ أبابكر لقى عليّاً رضي الله عنه ، فقال: أكرهت إمارتى ؟ قال: لا، ولكن آليت علي يمين أن لا أرتدى رداى الّا إلي الصلاة حتّي أجمع القرآن.

قال: فكتبه علي تنزيله، فلو أصبت ذلك الكتاب كان فيه علم كثير. (1)

ما ورد مرسلاً

8769. ابن حبّان : ثمّ ماتت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بعد أبيها بستّة أشهر، فدفنها على ليلاً ولم يؤذن به أبابكر ولا عمر، وكان لعلى وجهة من الناس حياة فاطمة، فلمّا توفّيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن على، فلمّا رأي انصراف الناس ضرع على إلي مصالحة أبى بكر ... . (2)

8770. المقدسى : ... لم يبايع على أبابكر ما لم يدفن فاطمة. (3)

8771. ابن أبي الحديد : وأمّا الّذى يقوله جمهور المحدّثين وأعيانهم فإنّه عليه السّلام امتنع من البيعة ستّة أشهر، ولزم بيته، فلم يبايع حتّي ماتت فاطمة عليها السّلام ... . (4)

8772. ابن قتيبة : ... وإنّ أبابكر رضي الله عنه تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند على - كرّم الله وجهه - فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم فى دار على فأبوا أن يخرجوا، فدعا

ص:159


1- (1) . عنه الحسكانى بإسناده إليه فى شواهد التنزيل 45/1 (27). [1] وتقدّم آنفاً نحوه مقروناً بأيّوب، عن ابن سيرين، برواية ابن سعد عن ابن عليّة.
2- (2) . الثقات 170/2 ، حوادث السنة العاشرة من الهجرة، استخلاف أبى بكر بن أبى قحافة.
3- (3) . البدء والتاريخ 20/5 ، الفصل السابع عشر، [2] فى صفة خلق رسول الله، ذكر أولاد رسول الله.
4- (4) . شرح نهج البلاغة 22/2 ، شرح الخطبة 26 , وحكاه أيضاً فى 12/6 ، شرح الخطبة 66 , عن أبى بكر الجوهرى. وقال ابن أبى الحديد: ثمّ ينبغى للعاقل أن يفكّر فى تأخّر على عليه السّلام عن بيعة أبى بكر ستّة أشهر إلي أن ماتت فاطمة، فإن كان مصيباً فأبوبكر علي الخطأ فى انتصابه فى الخلافة، وإن كان أبوبكر مصيباً فعلى علي الخطأ فى تأخّره عن البيعة [3]وحضور المسجد! شرح نهج البلاغة 24/20 ، شرح الحكمة 413 , نقلاً عن مخطوطة لاُستاذه أبى جعفر النقيب.

بالحطب وقال: والّذى نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لاُحرقنّها علي من فيها. فقيل له: يا أباحفص، إنّ فيها فاطمة ؟ فقال: وإن! فخرجوا فبايعوا الّا عليّاً، فإنّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبى علي عاتقى حتّي أجمع القرآن ... . (1)

توضيح:

تدلّ طائفة من الروايات - كما رأيت - علي مصالحة الإمام عليه السّلام بعد جمعه للقرآن، وقد تقدّم ما يدلّ علي جمعه عليه السّلام للقرآن فى المجلّد الأوّل من الموسوعة فى مقدّمة الآيات النازلة فى أهل البيت عليهم السّلام ، ولا منافاة بين هذه الطائفة وبين ما تدلّ علي مصالحته عليه السّلام بعد وفاة فاطمة عليها السّلام ؛ لأنّه عليه السّلام فى مدّة حياة فاطمة عليها السّلام بعد النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم كان مشتغلاً بجمع القرآن، فوافق إتمامها وفاة فاطمة عليها السّلام ، هذا من جهة المدّة.

وأمّا ما ورد فى هذه الروايات من أنّ العلّة الأصليّة لتأخّر المصالحة والبيعة هو جمع القرآن، وأنّه عليه السّلام لم يكره خلافة أبى بكر، فمعارض بالروايات المتعدّدة الدالّة علي خلاف ذلك، -كما تأتى فى الباب التالى - مع أنّ جميع الروايات الواردة هنا تنتهى إلي عكرمة وابن سيرين، وروايتهما لذلك منقطعة؛ لأنّ عكرمة، إمّا هو البربرى مولي ابن عبّاس، فكان لحصين بن أبي الحرّ العنبرى فوهبه لابن عبّاس حين جاء والياً علي البصرة، (2) وهو متّهم فى مذهبه وصدقه (3)، وإمّا هو ابن خالد المخزومى، وهو لم يدرك ذاك العصر.

وولد ابن سيرين فى خلافة عمر لسنتين بقيتا منها (4)، أو فى خلافة عثمان فى سنتين بقيتا منها، فلم يدرك ذاك الزمان. (5)

ص:160


1- (1) . الإمامة والسياسة 12/1 ، [1] كيف كانت بيعة على بن أبى طالب - كرّم الله وجهه - .
2- (2) . تهذيب الكمال 265/20 ، ترجمة عكرمة القرشى (4009).
3- (3) . تهذيب الكمال 265/20 ، ترجمة عكرمة القرشى (4009)؛ سير أعلام النبلاء 12/5 - 35 ، ترجمة عكرمة (9).
4- (4) . سير أعلام النبلاء 606/4 - 607 ، ترجمة محمّد بن سيرين (246).
5- (5) . تهذيب الكمال 353/25 ،ترجمة محمّد بن سيرين (5280).

الباب الخامس: العلّة فى بيعته عليه السّلام بعد امتناعه

وهى مخافة ارتداد الناس, و عدم الناصر, ومخافة الفرقة, ومخافة هلاك أهل بيته, والإكراه, وإتمام الحجّة.

برواية:

1. جندب بن عبدالله-6. على بن أبى طالب عليه السّلام

2. أبي الطفيل عامر بن واثلة-7. عيسي بن يزيد

3. عبدالرحمان بن سعيد بن حيّان-8. محمّد بن المنكدر

4. عبدالله بن جنادة-9. مرّة الطيّب

5. عبدالله بن عبّاس-10. ما ورد مرسلاً

1.جندب بن عبدالله

8773. ابن أبي الحديد : روي إبراهيم [الثقفى]، عن رجاله، عن عبدالرحمان بن جندب، عن أبيه، قال:

خطب على عليه السّلام بعد فتح مصر وقتل محمّد بن أبى بكر فقال: أمّا بعد، فإنّ الله بعث محمّداً نذيراً للعالمين وأميناً علي التنزيل وشهيداً علي هذه الاُمّة ... فلمّا استكمل مدّته توفّاه الله إليه سعيداً حميداً، فيا لها مصيبة خصّت الأقربين، وعمّت المسلمين! ما اصيبوا قبلها بمثلها، ولَنْ يعاينوا بعدها اختها.

فلمّا مضي لسبيله صلّى الله عليه و سلّم تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يلقي فى روعى، ولا

ص:161

يخطر علي بالى أنّ العرب تعدل هذا الأمر بعد محمّد عن أهل بيته، ولا أنّهم منحّوه عنّى من بعده, فما راعنى الّا انثيال الناس علي أبى بكر، وإجفالهم إليه ليبايعوه، فأمسكت يدى، ورأيت أنّى أحقّ بمقام محمّد صلّى الله عليه و سلّم فى الناس ممّن تولّي الأمر من بعده، فلبثت بذاك ما شاء الله حتّي رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام، يدعون إلي محق دين الله وملّة محمّد - صلّي الله عليه - ، فخشيت - إن لم أنصر الإسلام وأهله - أن أري فيه ثلماً وهدماً يكون المصاب بهما على أعظم من فوات ولاية اموركم، الّتى إنّما هى متاع أيّام قلائل، ثمّ يزول ما كان منها كما يزول السراب وكما يتقشّع السحاب، فمشيت عند ذلك إلي أبى بكر فبايعته، ونهضت فى تلك الأحداث حتّي زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هى العليا ولو كره الكافرون ... .

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وأضاعوا إيّاى، وصغّروا عظيم منزلتى، وأجمعوا علي منازعتى حقّاً كنت أولي به منهم، فسلبونيه ثمّ قالوا: ألا إنّ فى الحقّ أن تأخذه، وفى الحقّ أن تمنعه؛ فاصبر كمداً، أومت أسفاً حنقاً!

فنظرت فإذا ليس معى رافد ولا ذابّ ولا ناصر ولا ساعد الّا أهل بيتى، فضننت بهم عن المنيّة، وأغضيت علي القذي، وتجرّعت ريقى علي الشجي، وصبرت من كظم الغيظ علي أمرّ من العلقم، وآلم للقلب من حزّ الشفار ... . (1)

2.أبوالطفيل عامر بن واثلة

8774. ابن مردويه : حدّثنى سليمان بن محمّد بن أحمد، حدّثنى يعلي بن سعد الرازى، حدّثنى محمّد بن حميد، حدّثنى زافر بن سليمان، عن الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال:

كنت علي الباب يوم الشوري فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً عليه السّلام يقول: بايع

ص:162


1- (1) . شرح نهج البلاغة 94/6 - 96 ، شرح الخطبة 67 ، وأورده ابن قتيبة مع مغايرة, وقال: «إنّه عليه السّلام كتبه لأهل العراق»، وستأتى روايته.

الناس أبابكر وأنا والله أولي بالأمر وأحقّ به منه، فسمعت وأطعت؛ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثمّ بايع أبوبكر لعمر وأنا والله أحقّ بالأمر منه، فسمعت وأطعت؛ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا لعثمان! (1)

8775. العقيلى : حدّثنا محمّد بن أحمد الورامينى، قال: حدّثنا يحيي بن المغيرة الرازى، قال: حدّثنا زافر، عن رجل، عن الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكنانى، قال أبوالطفيل:

كنت علي الباب يوم الشوري فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً يقول: بايع الناس لأبى بكر وأنا والله أولي بالأمر منه وأحقّ منه، فسمعت وأطعت؛ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثمّ بايع الناس عمر وأنا والله أولي بالأمر منه وأحقّ منه، فسمعت وأطعت؛ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان! (2)

3.عبدالرحمان بن سعيد بن حيّان

8776. ابن المبارك : عن مالك بن مغول، عن [عبدالرحمان بن سعيد بن حيّان] بن أبجر، قال:

لمّا بويع لأبى بكر رضي الله عنه جاء أبوسفيان إلي على فقال: غلبكم علي هذا الأمر أذلّ أهل

ص:163


1- (1) . عنه الخوارزمى فى المناقب ص313 - 314 (314)، ومن طريقه الحمّويى فى فرائد السمطين 319/1 - 320 (251)، [1] وأيضاً عنه ابن طاووس فى الطرائف ص411 - 412 ، [2] شكاية على بن أبى طالب عليه السّلام عمّن تقدّمه وحديث الشوري.
2- (2) . الضعفاء 211/1 ، ترجمة الحارث بن محمّد (258)، ومن طريقه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 433/42 - 434 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [3]4933)، وابن الجوزى فى الموضوعات 378/1 - 379 ، باب فى فضائل على عليه السّلام ، الحديث الثلاثون، والذهبى فى ميزان الاعتدال 178/1 ، ترجمة الحارث بن محمّد (1645).

بيت فى قريش، أما والله لأملأنّها خيلاً ورجالاً. قال [على]: فقلت: ما زلت عدوّاً للإسلام وأهله، فما ضرّ ذلك الإسلام وأهله شيئاً ... . (1)

8777. الطبرى : حدّثنى محمّد بن عثمان بن صفوان الثقفى، قال: حدّثنا أبوقتيبة، قال: حدّثنا مالك - يعنى ابن مغوَل - , عن [عبدالرحمان بن سعيد بن حيّان] بن أبجر، قال:

قال أبوسفيان لعلى: ما بال هذا الأمر فى أقلّ حى من قريش, والله لئن شئت لأملأنّها عليه خيلاً ورجالاً. قال: فقال على: يا أباسفيان، طالما عاديت الإسلام وأهله فلم تضرّه بذاك شيئاً ... . (2)

4.عبدالله بن جنادة

8778. المدائنى : عن عبدالله بن جنادة، قال:

قدمت من الحجاز اريد العراق فى أوّل إمارة على عليه السّلام ، فمررت بمكّة فاعتمرت، ثمّ قدمت المدينة فدخلت مسجد رسول الله صلّى الله عليه و آله ، إذ نودى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس، وخرج على عليه السّلام متقلّداً سيفه، فشخصت الأبصار نحوه، فحمد الله وصلّي علي رسوله صلّى الله عليه و آله ثمّ قال:

أمّا بعد، فإنّه لمّا قبض الله نبيّه صلّى الله عليه و آله قلنا: نحن أهله وورثته وعترته، وأولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، ولا يطمع فى حقّنا طامع، إذ انبري لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيّنا، فصارت الإمرة لغيرنا، وصرنا سوقة، يطمع فينا الضعيف، ويتعزّز علينا الذليل، فبكت الأعين منّا لذلك، وخشنت الصدور، وجزعت النفوس, وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين؛ وأن يعود الكفر؛ ويبور الدين؛ لكنّا علي غير ما كنّا لهم عليه ... . (3)

ص:164


1- (1) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 451/5 (9767), ومن طريقه ابن عبدالبرّ فى الاستيعاب 974/3 ، [1] ترجمة أبى بكر بن أبى قحافة (1633) و 1679/4 ، ترجمة أبى سفيان صخر بن حرب (3005). وروي نحوه القاضى عبدالجبّار فى المغنى الجزء المتمّ للعشرين، القسم الأوّل ص288 - 289 , وقد تقدّم فى آخر العنوان الأوّل فلاحظ . ونحوه فى تاريخ مدينة دمشق 464/23 - 465 ، ترجمة صخر بن [2]حرب (2849).
2- (2) . تاريخ الطبرى 209/3 ، [3] حوادث سنة إحدي عشرة، حديث السقيفة.
3- (3) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 307/1 ، [4] شرح الخطبة 22 .

5.عبدالله بن عبّاس

8779. الواقدى : عن ابن عبّاس رحمه الله ، قال:

شهدت عتاب عثمان لعلى عليه السّلام يوماً، فقال له فى بعض ما قاله: نشدتك الله أن تفتح للفرقة باباً! فلعهدى بك وأنت تطيع عتيقاً وابن الخطّاب طاعتك لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ولست بدون واحد منهما، وأنا أمسّ بك رحماً، وأقرب إليك صهراً، فإن كنت تزعم أنّ هذا الأمر جعله رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لك فقد رأيناك حين توفّى نازعت ثمّ أقررت، فإن كانا لم يركبا من الأمر جدداً، فكيف أذعنت لهما بالبيعة، وبخعت بالطاعة ؟ وإن كانا أحسنا فى ما وليا، ولم اقصّر عنهما فى دينى وحسبى وقرابتى، فكن لى كما كنت لهما.

فقال على عليه السّلام : أمّا الفرقة، فمعاذ الله أن أفتح لها باباً وأسهل إليها سبيلاً، ولكنّى أنهاك عمّا ينهاك الله ورسوله عنه، وأهديك إلي رشدك، وأما عتيق وابن الخطّاب فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لى ، فأنت أعلم بذلك والمسلمون، وما لى ولهذا الأمر وقد تركته منذ حين! فإمّا الّا يكون حقّى بل المسلمون فيه شرع فقد أصاب السهم الثغرة (1)، وإمّا أن يكون حقّى دونهم فقد تركته لهم، طبت به نفساً، ونفضت يدى عنه استصلاحاً. وأمّا التسوية بينك وبينهما، فلستَ كأحدهما، إنّهما وليا هذا الأمر فظلفا (2) أنفسهما وأهلهما عنه، وعمتَ فيه وقومك عوم السابح فى اللجّة، فارجع إلي الله أباعمرو، وانظر هل بقى من عمرك الّا كظمء الحمار (3)! فحتّي متي وإلي متي! ألا تنهي سفهاء بني اميّة عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم! والله لو ظلم عامل من عمّالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركاً بينه وبينك.

قال ابن عبّاس: فقال عثمان: لك العتبي، وأفعل وأعزل من عمّالى كلّ من تكرهه

ص:165


1- (1) . الثغرة: نقرة النحر بين الترقوتين.
2- (2) . ظلفا أنفسهما، أى كفّا.
3- (3) . يقال: ما بقي منه من ظمء الحمار، أى لم يبق من عمره إلا اليسير؛ لأنّه ليس شىء أقصر ظمأ من الحمار، والكلام علي المثل.

ويكرهه المسلمون. ثمّ افترقا، فصدّه مروان بن الحكم عن ذلك وقال: يجترئ عليك الناس، فلا تعزل أحداً منهم. (1)

6.على بن أبى طالب عليه السّلام

8780. المدائنى : عن الربيع بن صبيح، عمّن حدّثه، عن الحسين [بن على]، عن أبيه:

أنّ أباسفيان جاء إلي على عليه السّلام فقال: يا على، بايعتم رجلاً من أذلّ قبيلة من قريش, أما والله لئن شئت لأضرمنّها عليه من أقطارها ولأملأنّها عليه خيلاً ورجالاً. فقال له على: إنّك طال ما غششت الله ورسوله والإسلام، فلم ينقصه من ذلك شيئاً. (2)

7.عيسي بن يزيد

8781. أبوبكر الجوهرى : حدّثنى يعقوب, عن محمّد بن جعفر, عن محمّد بن إسماعيل, عن مختار اليمان, عن عيسي بن يزيد [بن داب], قال:

لمّا بويع أبوبكر جاء أبوسفيان إلي على، فقال: أ غلبكم علي هذا الأمر أذلّ بيت من قريش وأقلّها؟! أما والله لئن شئت لأملأنّها علي أبى فصيل خيلاً ورجلاً، ولأسدّنّها عليه من أقطارها!

فقال على: يا أباسفيان، طالما كدت الإسلام وأهله، فما ضرّهم شيئاً؛ أمسك عليك ... . (3)

8.محمّد بن المنكدر

8782. الواقدى : عن يزيد بن عياض، عن ابن جعدبة، عن محمّد بن المنكدر، قال:

جاء أبوسفيان إلي على فقال: أ ترضون أن يلى أمركم ابن أبى قحافة ؟ أما والله لئن شئتم لأملأنّها عليه خيلاً ورجلاً. فقال: لست أشاء ذلك؛ ويحك يا أباسفيان! إنّ

ص:166


1- (1) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 15/9 - 16 ، [1] شرح الخطبة 135 .
2- (2) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 271/2 ، [2] أمر السقيفة. [3]
3- (3) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 40/6 ، [4] شرح الخطبة 66 و 45/2 ، شرح الخطبة 26 , مرسلاً.

المسلمين نصر بعضهم لبعض وإن نأت دارهم وأرحامهم، وإنّ المنافقين غششة بعضهم لبعض وإن قربت ديارهم وأرحامهم ... . (1)

9.مرّة الطيّب

8783. ابن أبي اسامة : حدّثنا محمّد بن سابق، حدّثنا مالك بن مغول، عن أبي الشعثاء الكندى، عن مرّة الطيّب, قال:

جاء أبوسفيان بن حرب إلي على بن أبى طالب رضي الله عنه فقال: ما بال هذا الأمر فى أقلّ قريش قلّة وأذلّها ذلّة ؟ - يعنى أبابكر - ، والله لئن شئت لأملأنّها عليه خيلاً ورجالاً. فقال على: لطال ما عاديت الإسلام وأهله يا أباسفيان فلم يضرّه شيئاً ... . (2)

10.ما ورد مرسلاً

8784. عوانة بن الحكم : لمّا اجتمع الناس علي بيعة أبى بكر أقبل أبوسفيان وهو يقول: والله إنّى لأري عجاجة لايطفئها الّا دم! يا آل عبدمناف، فيم أبوبكر من اموركم ؟! أين المستضعفان ؟! أين الأذلان على والعبّاس ؟! وقال: أباحسن، ابسط يدك حتّي ابايعك. فأبي على عليه، فجعل يتمثّل بشعر المتلمّس:

ولن يقيم علي خسف يراد به الّا الأذلان عير الحى والوتد

هذا علي الخسف معكوس برمّته (3) وذا يشجّ فلا يبكى له أحد

قال: فزجره على، وقال: إنّك والله ما أردت بهذا الّا الفتنة، وإنّك والله طالما بغيت الإسلام شرّاً! لا حاجة لنا فى نصيحتك. (4)

ص:167


1- (1) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 271/2 ، [1] أمر السقيفة, من طريق ابن سعد.
2- (2) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 78/3 (4462).
3- (3) . الرمّة: الحبل، والعكس: شدّ عنق الدابّة إلي إحدي يديها.
4- (4) . عنه الطبرى فى تاريخه 209/3 ، [2] حوادث سنة إحدي عشرة، حديث السقيفة. [3] وانظر: العقد الفريد 11/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، سقيفة بنى ساعدة.

8785. ابن أبي الحديد : روي الكلبى، قال: لمّا أراد على عليه السّلام المسير إلي البصرة قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله وصلّي علي رسوله - صلّي الله عليه - :

إنّ الله لمّا قبض نبيّه، استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حقّ نحن أحقّ به من الناس كافّة، فرأيت أنّ الصبر علي ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثو عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب يفسده أدني وهن، ويعكسه أقلّ خلف ... . (1)

8786. ابن أبي الحديد : لامته فاطمة علي قعوده، وأطالت تعنيفه، وهو ساكت حتّي أذّن المؤذّن، فلمّا بلغ إلي قوله: «أشهد أنّ محمّداً رسول الله»؛ قال لها: أ تحبّين أن تزول هذه الدعوة من الدنيا؟ قالت: لا. قال: فهو ما أقول لك. (2)

8787. البلاذرى - من كتاب على عليه السّلام إلي معاوية - :

وذكرتَ إبطائى عن الخلفاء وحسدى لهم، فأمّا الحسد فمعاذ الله أن أكون أسررته أو أعلنته، وأمّا الإبطاء فما أعتذر إلي الناس منه، ولقد أتانى أبوك حين قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وبايع الناس أبابكر، فقال: أنت أحقّ الناس بهذا الأمر فابسط يدك ابايعك. قد علمت ذلك من قول أبيك، فكنت الّذى أبيت ذلك مخافة الفرقة، لقرب عهد الناس بالكفر والجاهليّة، فإن تعرف من حقّى ما كان أبوك يعرفه تصب رشدك، والّا تفعل فسيغنى الله عنك. (3)

8788. ابن عبد ربّه - من كتاب على عليه السّلام إلي معاوية - :

ص:168


1- (1) . شرح نهج البلاغة 308/1 ، شرح الخطبة 22 .
2- (2) . شرح نهج البلاغة 326/20 ، الحكمة 735 . هذا, وتعنيفها له وملامتها علي قعوده ليس من باب الاختلاف فى اتّجاهاتهما, ولا قصور فهمها عن فهمه، بل من باب «إيّاك أعنى واسمعى يا جارة»، ومن باب التظاهر بشىء أمام الآخرين والتمهيد لبيان بعض أسرار المواقف الّتى اتّخذوها آنذاك إتماماً للحجّة وإيضاحاً للمحجّة.
3- (3) . أنساب الأشراف 69/3 ، [1] أمر صفّين.

... وذكرت إبطائى عن الخلفاء وحسدى إيّاهم والبغى عليهم، فأمّا البغى فمعاذ الله أن يكون، وأمّا الكراهة لهم فوالله ما أعتذر للناس من ذلك، وذكرت بغيى علي عثمان وقطعى رحمه، فقد عمل عثمان بما قد علمت وعمل به الناس ما قد بلغك، وقد علمت أنّى كنت من أمره فى عزلة الّا أن تجنّي فتجنّ ما شئت ... وقد كان أبوك أبوسفيان أتانى حين قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فقال: ابسط يدك ابايعك، فأنت أحقّ الناس بهذا الأمر. فكنت أنا الّذى أبيت عليه، مخافة الفرقة بين المسلمين لقرب عهد الناس بالكفر، فأبوك كان أعلم بحقّى منك، فإن تعرف من حقّى ما كان أبوك يعرفه تصب رشدك، والّا فنستعين الله عليك. (1)

8789. ابن أبي الحديد : ... كان جواب على عليه السّلام : من عبدالله على أميرالمؤمنين إلي معاوية بن أبى سفيان: ... وذكرت حسدى الخلفاء وإبطائى عنهم، وبغيى عليهم؛ فأمّا البغى فمعاذ الله أن يكون، وأمّا الإبطاء عنهم والكراهيّة لأمرهم فلست أعتذر إلي الناس من ذلك، إنّ الله - تعالي ذكره - لمّا قبض نبيّه (2) صلّى الله عليه و سلّم قالت قريش: منّا أمير. وقالت الأنصار: منّا أمير. فقالت قريش: منّا محمّد، نحن أحقّ بالأمر. فعرفت ذلك الأنصار فسلّمت لهم الولاية والسلطان، فإذا استحقّوها بمحمّد صلّى الله عليه و سلّم دون الأنصار فإنّ أولي الناس بمحمّد أحقّ به منهم، والّا فإنّ الأنصار أعظم العرب فيها نصيباً، فلا أدرى أصحابى سلّموا من أن يكونوا حقّى أخذوا، أو الأنصار ظلموا، بل عرفت أنّ حقّى هو المأخوذ، وقد تركته لهم تجاوز الله عنهم.

وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان وقطيعتى رحمه وتأليبى عليه، فإنّ عثمان عمل ما قد بلغك، فصنع الناس به ما رأيت، وإنّك لتعلم أنّى قد كنت فى عزلة عنه الّا أن تتجنّي؛ فتجنّ (3) ما بدا لك ... وقد أتانى أبوك حين ولّي الناس أبابكر، فقال: أنت أحقّ بمقام محمّد وأولي الناس

ص:169


1- (1) . العقد الفريد 84/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [1] أخبار على ومعاوية.
2- (2) . فى الأصل: «نبيّه الله».
3- (3) . تجنّي عليه: ادّعي ذنباً لم يجنه.

بهذا الأمر، وأنا زعيم لك بذلك علي من خالف، ابسط يدك ابايعك. فلم أفعل، وأنت تعلم أنّ أباك قد قال ذلك وأراده حتّي كنت أنا الّذى أبيت؛ لقرب عهد الناس بالكفر مخافة الفرقة بين أهل الإسلام، فأبوك كان أعرف بحقّى منك، فإن تعرف من حقّى ما كان أبوك يعرف تصب رشدك، وإن لم تفعل فسيغنى الله عنك، والسلام. (1)

8790. الخوارزمى - من كتاب على عليه السّلام إلي معاوية - :

وذكرت يا معاوية حسدى الخلفاء وبغيى عليهم، فمعاذ الله من الحسد والبغى، بل أنا المحسود المبغى عليه، فأمّا الإبطاء عنهم والنكرة لأمرهم؛ فإنّى لست أعتذر إلي الناس منه، إنّ الله تعالي لمّا قبض محمّداً رسوله صلّى الله عليه و آله اختلف الناس، فقالت قريش: منّا الأمير. وقالت الأنصار: منّا الأمير. فقالت قريش: إنّ محمّداً منّا ونحن أحقّ بالأمر منكم. فعرفت الأنصار ذلك فسلّموا إليهم الأمر والسلطان، فاستحقّتها قريش بمحمّد صلّى الله عليه و آله ، فإن يكن القرب بمحمّد صلّى الله عليه و آله يستحقّ به الخلافة؛ فأنا أقرب الناس به، ورأيت الأنصار أعظم بهما فى الإسلام، فإن يكن الأحقّ بقرب النبى؛ فأنا المظلوم المأخوذ حقّه منه، وإن يكن بالإسلام فالأنصار أحقّ بها من أجمع الناس، ولكن رأيت حقّى المأخوذ وأنا المقهور، فصبرت ولم أكن بعجلان علي أمر، لعلمى بسرعة زوال مقام ... بردّهم، ومقامى عند ع -

ص:170


1- (1) . شرح نهج البلاغة 78/15 ، آخر شرح الكتاب 9 , نقلاً عن نصر بن مزاحم فى وقعة صفّين ص88 - 91 . [1]

8791. ابن بكّار : لمّا بايع بشير بن سعد أبابكر وازدحم الناس علي أبى بكر فبايعوه مرّ أبوسفيان بن حرب بالبيت الّذى فيه على بن أبى طالب عليه السّلام فوقف وأنشد:

بنى هاشم لا تطمعوا الناس فيكم ولا سيّما تيم بن مرّة أو عدى

فما الأمر الّا فيكم واليكم

وليس لها الّا أبوحسن على

أباحسن فاشدد بها كفّ حازم

فإنّك بالأمر الّذى يرتجي ملى

وأى امرئ يرمى قصيّاً ورأيها

منيع الحمي والناس من غالب قصى

فقال على لأبى سفيان: إنّك تريد أمراً لسنا من أصحابه، وقد عهد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عهداً فأنا له.

فتركه أبوسفيان وعدل إلي العبّاس بن عبدالمطّلب فى منزله فقال: يا أباالفضل، أنت أحقّ بميراث أخيك، امدد يدك لاُبايعك، فلا يختلف عليك الناس بعد بيعتى إيّاك. فضحك العبّاس وقال: يا أباسفيان، يدفعها على ويطلبها العبّاس!

فرجع أبوسفيان خائباً. (1)

8792. ابن حبّان : ... فكتب إليه على: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله على أميرالمؤمنين إلي معاوية بن أبى سفيان ... وقد كان أبوك أتانى حين ولى الناس أبابكر فقال لى: يا على، أنت أحقّ الناس بهذا الأمر بعد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وهات يدك حتّي ابايعك. فلم أفعل مخافة الفرقة فى الإسلام, فأبوك أعرف بحقّى منك, فإن كنت تعرف من حقّى ما كان يعرفه أبوك فقد قصدت رشدك، وإن لم تفعل فسيغنى الله عنك، والسلام. (2)

8793. ابن قتيبة - فى كتاب على إلي بعض أصحابه وأمرهم أن يقرؤها علي شيعته - :

فلمّا استكمل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مدّته من الدنيا توفّاه الله وهو مشكور سعيه، مرضى عمله، مغفور له ذنبه، شريف عند الله نزله، فيا لموته مصيبة خصّت الأقربين، وعمّت

ص:171


1- (1) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 271/2 ، [1] شرح الخطبة 36 .
2- (2) . الثقات 287/2 - 288 ، حوادث السنة السابعة والثلاثون.

المؤمنين! فلمّا مضي تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يلقي فى روعى، ولا يخطر علي بالى أنّ العرب تعدل هذا الأمر عنّى، فما راعنى الّا إقبال الناس علي أبى بكر، وإجفالهم عليه، فأمسكت يدى، ورأيت أنّى أحقّ بمقام محمّد فى الناس ممّن تولّي الاُمور على، فلبثت بذلك ما شاء الله، حتّي رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام، يدعون إلي محو دين محمّد، وملّة إبراهيم عليهما السّلام ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أري فى الإسلام ثلماً وهدماً تكون المصيبة به على أعظم من فوت ولاية أمركم الّتى إنّما هى متاع أيّام قلائل، ثمّ يزول ما كان منها كما يزول السراب، فمشيت عند ذلك إلي أبى بكر، فبايعته ونهضت معه فى تلك الأحداث حتّي زهق الباطل، وكانت كلمة الله هى العليا، وأن يرغم الكافرون ... .

اللهمّ إنّى أستعين بك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وصغّروا عظيم منزلتى وفضلى، واجتمعوا علي منازعتى حقّاً كنت أولي به منهم [فسلبونيه]، ثمّ قالوا: اصبر كمداً، وعش متأسّفاً! فنظرت فإذا ليس معى رفاقة ولا مساعد الّا أهل بيتى، فضننت بهم علي الهلاك، فأغضيت عينى علي القذي، وتجرّعت ريقى علي الشجا، وصبرت من كظم الغيظ علي أمرّ من العلقم طعماً، وآلم للقلب من حزّ الحديد ... . (1)

ص:172


1- (1) . الإمامة والسياسة 162/1 - 163 ، [1] ما كتب على لأهل العراق. وانظر رواية جندب بن عبدالله فى أوّل العنوان.

الباب السادس: الذرائع والعلل الّتى تشبّث بها قريش لإبعاده عليه السّلام عن الخلافة

وهى ادّعاء كراهيّة اجتماع النبوّة والإمامة فى بيت واحد، واستصغار سنّه عليه السّلام ومنزلته، وادّعاء دعابته عليه السّلام ، والحسد والبغى، وبغض قريش له عليه السّلام ، وثارات بدر و حنين، وادّعاء حبّه عليه السّلام لبنى عبدالمطّلب، وحبّهم الدنيا وحرصهم عليها.

برواية:

1. عثمان بن عفّان-4. عمر بن الخطّاب

2. على بن الحسين عليهما السّلام-5. ما ورد مرسلاً

3. على بن أبى طالب عليه السّلام

1.عثمان بن عفّان

8794. ابن إسحاق : عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

قال عثمان لعلى - رضى الله عنهما - : ما ذنبى إن لم تحبّك قريش وقد قتلت منهم سبعين رجلاً كأنّ وجوههم سيوف المذهب. (1)

8795. ابن بكّار : عن عمّى، عن عيسي بن داوود، عن رجاله، عن ابن عبّاس [فى حديث طويل]:

أنّ عثمان قال: إنّى أنشدك يا ابن عبّاس الإسلام والرحم, فقد والله غلبت وابتليت

ص:173


1- (1) . عنه أبونعيم بإسناده إليه فى معرفة الصحابة 103/1 (338). [1]

بكم، والله لوددت أنّ هذا الأمر كان صار إليكم دونى فحملتموه عنّى، وكنت أحد أعوانكم عليه، إذاً والله لوجدتمونى لكم خيراً ممّا وجدتكم لى، ولقد علمت أنّ الأمر لكم، ولكنّ قومكم دفعوكم عنه واختزلوه دونكم، فوالله ما أدرى أدفعوه عنكم أم دفعوكم عنه!

قال ابن عبّاس: مهلاً يا أميرالمؤمنين، فإنّا ننشدك الله والإسلام والرحم، مثل ما نشدتنا، أن تطمع فينا وفيك عدوّاً، وتشمت بنا وبك حسوداً! إنّ أمرك إليك ما كان قولاً، فإذا صار فعلاً فليس إليك ولا فى يديك، وإنّا والله لنخالفنّ إن خولفنا، ولننازعنّ إن نوزعنا، وما تمنّيك أن يكون الأمر صار إلينا دونك الّا أن يقول قائل منّا ما يقوله الناس، ويعيب كما عابوا! فأمّا صرف قومنا عنّا الأمر فعن حسد قد والله عرفته، وبغى قد والله علمته، فالله بيننا وبين قومنا! وأمّا قولك: إنّك لا تدرى أدفعوه عنّا أم دفعونا عنه؛ فلعمرى إنّك لتعرف أنّه لو صار إلينا هذا الأمر ما زدنا به فضلاً إلي فضلنا، ولا قدراً إلي قدرنا، وإنّا لأهل الفضل وأهل القدر، وما فضل فاضل الّا بفضلنا، ولا سبق سابق الّا بسبقنا، ولولا هدينا ما اهتدي أحد، ولا أبصروا من عمي، ولا قصدوا من جور. (1)

2.على بن الحسين عليهما السّلام

8796. ابن الأعرابى : حدّثنا [محمّد بن زكريّا] الغ -

ص:174


1- (1) . الموفقيّات, [1] كما عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 6/9 - 9 ، [2] شرح الخطبة 135 .

جندب، عن أبيه، قال:

خطب على عليه السّلام بعد فتح مصر وقتل محمّد بن أبى بكر، فقال: ... وتولّي عمر الأمر ... حتّي إذا احتضر، فقلت فى نفسى: لن يعدلها عنّى، ليس يدافعها عنّى، فجعلنى سادس ستّة، فما كانوا لولاية أحد منهم أشدّ كراهة لولايتى عليهم، كانوا يسمعون عند وفاة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لجاج أبى بكر، وأقول: يا معشر قريش، إنّا أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن، ويعرف السنّة، ويدين بدين الحقّ , فخشى القوم إن أنا وليت عليهم الّا يكون لهم من الأمر نصيب ما بقوا، فأجمعوا إجماعاً واحداً، فصرفوا الولاية إلي عثمان، وأخرجونى منها، رجاء أن ينالوها، ويتداولوها إذ يئسوا أن ينالوا بها من قبلى، ثمّ قالوا: هلمّ فبايع والّا جاهدناك. فبايعت مستكرهاً، وصبرت محتسباً، فقال قائلهم: يا ابن أبى طالب، إنّك علي هذا الأمر لحريص! فقلت: أنتم أحرص منّى وأبعد، أيّنا أحرص ؟ أنا الّذى طلبت ميراثى وحقّى الّذى جعلنى الله ورسوله أولي به، أم أنتم إذ تضربون وجهى دونه، وتحولون بينى وبينه!؟ فبهتوا، والله لا يهدى القوم الظالمين.

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وأضاعوا إيّاى، وصغّروا عظيم منزلتى، وأجمعوا علي منازعتى حقّاً كنت أولي به منهم، فسلبونيه ثمّ قالوا: ألا إنّ فى الحقّ أن تأخذه، وفى الحقّ أن تمنعه، فاصبر كمداً، أومت أسفاً حنقاً!

فنظرت فإذا ليس معى رافد ولا ذابّ ولا ناصر ولا ساعد الّا أهل بيتى، فضننت بهم عن المنيّة، وأغضيت علي القذي، وتجرّعت ريقى علي الشجا، وصبرت من كظم الغيظ علي أمرّ من العلقم، وآلم للقلب من حزّ الشفار ... . (1)

8798. ابن أبي الحديد : روي الشعبى، عن شريح بن هانئ، قال: قال على عليه السّلام :

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وأصغوا إنائى، وصغّروا عظيم منزلتى، وأجمعوا علي منازعتى. (2)

ص:175


1- (1) . شرح نهج البلاغة 94/6 - 96 ، شرح الخطبة 67 . وسيأتى مثله مرسلاً فى آخر الباب برواية ابن قتيبة.
2- (2) . شرح نهج البلاغة 103/4 - 104 ، شرح الخطبة 56 .

8799. ابن أبي الحديد : روي جابر، عن أبي الطفيل، قال: سمعت عليّاً عليه السّلام يقول:

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وغصبونى حقّى، وأجمعوا علي منازعتى أمراً كنت أولي به، ثمّ قالوا: إنّ من الحقّ أن تأخذه، ومن الحقّ أن تتركه! (1)

8800. ابن أبي الحديد : [قال على عليه السّلام ]:

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم أضمروا لرسولك صلّى الله عليه و آله ضروباً من الشرّ والغدر، فعجزوا عنها، وحُلْتَ بينهم وبينها، فكانت الوجبة بى، والدائرة على، اللهمّ احفظ حسناً وحسيناً، ولا تمكّن فجرة قريش منهما ما دمت حيّاً، فإذا توفّيتنى فأنت الرقيب عليهم، وأنت علي كلّ شىء شهيد. (2)

8801. الزمخشرى : فى حديثه عليه السّلام : زعم ابن النابغة أنّى تلعابة، اعافس واُمارس؛ هيهات يمنع من العفاس والمراس خوف الموت وذكر البعث والحساب، ومن كان له قلب ففى هذا واعظ وزاجر. (3)

8802. الخوارزمى - من كتاب على عليه السّلام إلي معاوية - : وذكرت يا معاوية حسدى الخلفاء وبغيى عليهم، فمعاذ الله من الحسد والبغى، بل أنا المحسود المبغى عليه ... . (4)

8803. ابن أبي الحديد : قال له قائل: يا أميرالمؤمنين، أ رأيت لو كان رسول الله صلّى الله عليه و آله ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم، وآنس منه الرشد، أ كانت العرب تسلّم إليه أمرها؟

قال: لا، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلت، إنّ العرب كرهت أمر محمّد صلّى الله عليه و سلّم وحسدته علي ما آتاه الله من فضله، واستطالت أيّامه حتّي قذفت زوجته، ونفرت به ناقته، مع

ص:176


1- (1) . شرح نهج البلاغة 104/4 ، شرح الخطبة 56 .
2- (2) . شرح نهج البلاغة 298/20 ، الحكمة 413.
3- (3) . الفائق 319/3 « [1]لعب», ثمّ قال: التلعابة: الكثير اللعب، كقولهم: التلقامة, للكثير اللقم. وهذا كقول عمر فيه: فيه دعابة.
4- (4) . المناقب ص253 , ذيل الحديث 240 .

عظيم إحسانه إليها، وجسيم مننه عندها، وأجمعت مذ كان حيّاً علي صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته، ولولا أنّ قريشاً جعلت اسمه ذريعة إلي الرئاسة؛ وسلّماً إلي العزّ والإمرة؛ لما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً، ولارتدّت فى حافرتها، وعاد قارحها جذعاً، وبازلها بكراً، ثمّ فتح الله عليها الفتوح، فأثرت بعد الفاقة، وتموّلت بعد الجهد والمخمصة، فحسن فى عيونها من الإسلام ما كان سمجاً، وثبت فى قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرباً، وقالت: لولا أنّه حقّ لما كان كذا، ثمّ نسبت تلك الفتوح إلي آراء ولاتها، وحسن تدبير الاُمراء القائمين بها، فتأكّد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين، فكنّا نحن ممّن خمل ذكره، وخبت ناره، وانقطع صوته وصيته، حتّي أكل الدهر علينا وشرب، ومضت السنون والأحقاب بما فيها، ومات كثير ممّن يعرف، ونشأ كثير ممّن لا يعرف, وما عسي أن يكون الولد لو كان! إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله لم يقرّبنى بما تعلمونه من القرب للنسب واللُحمة، بل للجهاد والنصيحة، أفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت! وكذاك لم يكن يقرّب ما قرّبت، ثمّ لم يكن عند قريش والعرب سبباً للحظوة والمنزلة، بل للحرمان والجفوة.

اللهمّ إنّك تعلم أنّى لم ارد الإمرة، ولا علوّ الملك والرئاسة، وإنّما أردت القيام بحدودك، والأداء لشرعك، ووضع الاُمور فى مواضعها، وتوفير الحقوق علي أهلها، والمضى علي منهاج نبيّك، وإرشاد الضالّ إلي أنوار هدايتك. (1)

4.عمر بن الخطّاب

8804. الطبرانى : ... عن أبى بحرية الكندى [فى حديث] أنّ عمر قال:

وأمّا أنت يا على، فإنّك صاحب رياء وفيك دعابة! (2)

ص:177


1- (1) . شرح نهج البلاغة 298/20 - 299 ، الحكمة 414 .
2- (2) . مسند الشاميّين 51/3 - 52 (1790)، وعنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 453/45 ، ترجمة عمرو بن [1]الحارث العامرى (5323)، والمثبت من تاريخ مدينة دمشق، وفى مسند الشاميّين: «وفيه دعابة». و سيأتى تمامه مسنداً فى عنوان: «تأسيس الشوري بوصيّة عمر بن الخطّاب ...»، وكذا التالى.

8805. الطبرى : ... عن شهر بن حوشب، عن عمر بن الخطّاب [فى حديث], قال:

وإن ولى على ففيه دعابة، وأحر به أن يحملهم علي طريق الحقّ . (1)

8806. ابن شبّة : حدّثنى عمر بن الحسن الراسبى، حدّثنى ديلم بن غزوان، عن وهب بن أبى دُبِّى الهُنائى، عن أبى حرب بن [أبى] الأسود الديلى، عن ابن عبّاس، قال:

بينا أنا مع عمر بن الخطّاب فى بعض طريق المدينة يده فى يدى، إذ قال: يا ابن عبّاس، ما أحسب صاحبك الّا مظلوماً! فقلت: فردّ إليه ظلامته يا أميرالمؤمنين.

قال: فانتزع يده من يدى ونفر منّى يهمهم، ثمّ وقف حتّي لحقته. فقال لى: يا ابن عبّاس، ما أحسب القوم الّا استصغروا صاحبك.

قال: قلت: والله ما استصغره رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين أرسله وأمره أن يأخذ براءة من أبى بكر فيقرأها علي الناس. فسكت. (2)

8807. الواقدى : عن محمّد بن [مسلم بن] عبيدالله الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عبّاس، قال: قال عمر:

لا أدرى ما أصنع باُمّة محمّد! - وذلك قبل أن يطعن - فقلت: ولم تهتمّ وأنت تجد من تستخلفه عليهم ؟ قال: أ صاحبكم ؟ يعنى عليّاً، قلت: نعم هو أهل لها فى قرابته برسول الله صلّى الله عليه و سلّم وصهره وسابقته وبلائه. فقال عمر: إنّ فيه بطالة وفكاهة ... . (3)

8808. معمر : عن الزهرى، عن عبيدالله، عن ابن عبّاس، قال:

مشيت وعمر بن الخطّاب فى بعض أزقّة المدينة فقال لى: يا ابن عبّاس، أظنّ القوم

ص:178


1- (1) . تاريخ الطبرى 227/4 - 229 ، [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري.
2- (2) . عنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 349/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933), وابن الجوزى فى العلل المتناهية 942/2 (1569), بإسنادهما إليه، وابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 45/6 ، [3] شرح الخطبة 66 ، عن أبى بكر الجوهرى، عن عمر بن شبّة.
3- (3) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 120/6 - 121 ، [4] أمر الشوري وبيعة عثمان، من طريق ابن سعد.

استصغروا صاحبكم إذ لم يولّوه اموركم. فقلت: والله ما استصغره الله إذ اختاره لسورة براءة يقرأها علي أهل المدينة (1). فقال لى: الصواب تقول، والله لسمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول لعلى بن أبى طالب: من أحبّك أحبّنى، ومن أحبّنى أحبّ الله، ومن أحبّ الله أدخله الجنّة مدلا. (2)

8809. ابن شبّة : حدّثنا أحمد بن معاوية بن بكر، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمة، عن عمر بن قيس، عن عطاء، عن ابن عبّاس - رضى الله عنهما - ، عن عمر بن الخطّاب، [فى حديث] أنّه قال:

لعلّك تري صاحبك لها؟ فقلت: أ لقربي فى قرابته وصهره وسابقته أهلها؟ قال: بلي، ولكنّه امرؤ فيه دعابة ... . (3)

8810. ابن إسحاق : عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

بينما عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وبعض أصحابه يتذاكرون الشعر، فقال بعضهم: فلان أشعر، وقال بعضهم: بل فلان أشعر. قال: فأقبلت، فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بها! فقال عمر: من شاعر الشعراء يا ابن عبّاس ؟ قال: فقلت: زهير بن أبى سُلمي. فقال عمر: هلمّ من شعره ما نستدلّ به علي ما ذكرت. فقلت: امتدح قوماً من بنى عبدالله بن غطفان، فقال:

لو كان يقعد فوق الشمس من كرم

قوم بأوّلهم أو مجدهم قعدوا

قوم أبوهم سنان حين تنسبهم

طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا

إنس إذا أمنوا جنّ إذا فزعوا

مرزّؤون بها ليل إذا حشدوا

محسّدون علي ما كان من نعم

لا ينزع الله منهم ما له حسدوا

ص:179


1- (1) . كذا فى الأصل، والصحيح: «أهل مكّة»، ولعلّ المراد منها معناها اللغوى.
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 292/47 ، ترجمة عيسي بن [1]أزهر (5493), من طريق عبدالرزّاق.
3- (3) . تاريخ المدينة 879/3 - 880 ، مقتل عمر بن الخطّاب. وسيأتى تمامه فى عنوان: «تأسيس الشوري بوصيّة عمر بن الخطّاب».

فقال عمر: أحسن، وما أعلم أحداً أولي بهذا الشعر من هذا الحى من بنى هاشم! لفضل رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وقرابتهم منه.

فقلت: وفّقت يا أميرالمؤمنين، ولم تزل موفّقاً.

فقال: يا ابن عبّاس، أ تدرى ما منع قومكم منهم بعد محمّد؟ فكرهت أن اجيبه، فقلت: إن لم أكن أدرى فأميرالمؤمنين يدرينى.

فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة، فتبجحوا علي قومكم بجحاً، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، إن تأذن لى فى الكلام وتمط عنّى الغضب تكلّمت. فقال: تكلّم يا ابن عبّاس.

فقلت: أمّا قولك يا أميرالمؤمنين: اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت، فلو أنّ قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار الله - عزّ وجلّ - لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود. وأمّا قولك: إنّهم كرهوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة، فإنّ الله - عزّ وجلّ - وصف قوماً بالكراهيّة فقال: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (1).

فقال عمر: هيهات والله يا ابن عبّاس! قد كانت تبلغنى عنك أشياء كنت أكره أن افرّك عنها، فتزيل منزلتك منّى. فقلت: وما هى يا أميرالمؤمنين ؟ فإن كانت حقّاً فما ينبغى أن تزيل منزلتى منك، وإن كانت باطلاً فمثلى أماط الباطل عن نفسه.

فقال عمر: بلغنى أنّك تقول: إنّما صرفوها عنّا حسداً وظلماً؟! فقلت: أمّا قولك يا أميرالمؤمنين: ظلماً؛ فقد تبيّن للجاهل والحليم، وأمّا قولك: حسداً؛ فإنّ إبليس حسد آدم؛ فنحن ولده المحسودون.

فقال عمر: هيهات! أبت والله قلوبكم يا بنى هاشم الّا حسداً ما يحول، وضغناً وغشّاً ما يزول.

فقلت: مهلاً يا أميرالمؤمنين، لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم

ص:180


1- (1) . محمّد/9 . [1]

تطهيراً بالحسد والغشّ ، فإنّ قلب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من قلوب بنى هاشم.

فقال عمر: إليك عنّى يا ابن عبّاس. فقلت: أفعل. فلمّا ذهبت لأقوم استحيا منّى فقال: يا ابن عبّاس، مكانك، فوالله إنّى لراع لحقّك، محبّ لما سرّك.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، إنّ لى عليك حقّاً وعلي كلّ مسلم، فمن حفظه فحظّه أصاب، ومن أضاعه فحظّه أخطأ. ثمّ قام فمضي. (1)

8811. ابن شبّة : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن المثنّي بن عبدالله بن أنس بن مالك الأنصارى، قال: حدّثنا عبيدالله بن حميد، قال: حدّثنا أبوالفتح الهذلى، عن ابن عبّاس -رضى الله عنهما - , قال:

دخلت علي عمر رضي الله عنه فتنفّس تنفّساً شديداً , فقلت: يا أميرالمؤمنين ما أخرج هذا منك الّا همّ . قال: نعم، فويل لهذا الأمر لا أدرى فمن له بعدى. ثمّ نظر إليه فقال: لعلّك تري أنّ صاحبك لها - يعنى عليّاً - ؟ قلت: يا أميرالمؤمنين وما يمنعه ؟ أ ليس بمكان ذاك فى قرابته من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وسوابقه فى الإسلام ومناقبه فى الخير؟ قال: إنّه لكذاك ولكن فيه فكاهة ... . (2)

8812. إبراهيم بن المنذر : حدّثنا الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال:

مرّ عمر بعلى وعنده ابن عبّاس بفناء داره، فسلّم فسألاه: أين تريد؟ فقال: مالى بينبع. قال على: أ فلا نصل جناحك ونقوم معك ؟ فقال: بلي. فقال لابن عبّاس: قم معه.

قال: فشبّك أصابعه فى أصابعى، ومضي حتّي إذا خلّفنا البقيع، قال: يا ابن عبّاس، أما والله إن كان صاحبك هذا أولي الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله الّا أنّا خفناه علي اثنين.

قال ابن عبّاس: فجاء بمنطق لم أجد بدّاً معه من مسألته عنه، فقلت: يا أميرالمؤمنين،

ص:181


1- (1) . عنه الطبرى فى تاريخه 223/4 - 224 ، [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين، وأورده ابن الأثير فى الكامل 33/3 - 34 ، [2] حوادث سنة ثلاث وعشرين.
2- (2) . تاريخ المدينة 882/3 - 883 ، مقتل عمر بن الخطّاب، وسيأتى تمامه فى عنوان: «تأسيس الشوري بوصيّة عمر بن الخطّاب ...».

ما هما؟ قال: خشيناه علي حداثة سنّه، وحبّه بنى عبدالمطّلب. (1)

8813. الحمّانى : حدّثنا الحكم بن ظهير، عن عبدالله بن محمّد بن على، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال:

كنت أسير مع عمر بن الخطّاب فى ليلة وعمر علي بغل وأنا علي فرس، فقرأ آية فيها ذكر على بن أبى طالب عليه السّلام فقال: أم والله يا بنى عبدالمطّلب لقد كان صاحبكم (2) أولي بهذا الأمر منّى ومن أبى بكر.

فقلت فى نفسى: لا أقالنى الله إن أقلتك. فقلت: أنت تقول ذلك يا أميرالمؤمنين، وأنت وصاحبك اللّذان وثبتما وانتزعتما منّا الأمر، دون الناس ؟

فقال: إليكم يا بنى عبدالمطّلب، أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطّاب - وتأخّرت وتقدّم هنيئة - فقال: سر لا سرت. فقال: أعد على كلامك.

فقلت: إنّما ذكرت شيئاً فرددت جوابه، ولو سكتّ سكتنا.

فقال: والله إنّا ما فعلنا ما فعلنا عداوة، ولكن استصغرناه وخشينا أن لا تجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها.

فأردت أن أقول: كان رسول الله صلّى الله عليه و آله يبعثه فى الكتيبة فينطح كبشها فلم يستصغره فتستصغره أنت وصاحبك.

فقال: لا جرم فكيف تري ؟ والله ما نقطع أمراً دونه ولا نعمل شيئاً حتّي نستأذنه. (3)

8814. ابن عساكر : ... عن أبي المليح بن اسامة الهذلى، عن ابن عبّاس، عن عمر بن الخطّاب، [فى حديث يذكر فيه الخلافة]، قال:

ص:182


1- (1) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 57/2 ، [1] شرح الخطبة 26 , من طريق ابن شبّة, و 50/6 - 51 ، شرح الخطبة 66 , من طريقه أيضاً بسند آخر عن ابن عبّاس, وفيه: «أين تريد؟ قال: البقيع».
2- (2) . فى محاضرات الاُدباء: « [2]لقد كان على فيكم».
3- (3) . عنه ابن طاووس فى اليقين ص523 ، كلام المصنّف ختاماً لكتاب اليقين، عن طريق ابن مردويه, وأورده الراغب فى المحاضرات 477/4 - 478 ، [3] الحدّ العشرون، وممّا جاء فى فضائل أعيان الصحابة، مع مغايرات طفيفة.

لعلّك تقول إنّ صاحبك لها -يعنى عليّاً - ؟ قال: قلت: يا أميرالمؤمنين، أ ليس هو أهلها فى هجرته، وأهلها فى صحبته، وأهلها فى قرابته ؟ قال: هو كما ذكرت، ولكن رجل فيه دعابة ... . (1)

8815. الساجى : حدّثنا محمّد بن موسي، حدّثنا محمّد بن عبدالله الأنصارى، حدّثنا عبيدالله بن أبى حميد، عن أبي المليح، عن ابن عبّاس, قال:

قال عمر: من لهذا الأمر من بعدى ؟ قال: قلت: وأين أنت من على ؟ قال: فيه فكاهة ... . (2)

8816. ابن أبي الحديد : قد روي ابن عبّاس, قال:

دخلت علي عمر يوماً فقال: يا ابن العبّاس، لقد أجهد الرجل نفسه فى العبادة حتّي نحلته رياء. قلت: من هو؟ قال: هذا ابن عمّك - يعنى عليّاً - .

قلت: وما يقصد بالرياء يا أميرالمؤمنين ؟ قال: يرشّح نفسه بين الناس للخلافة.

قلت: وما يصنع بالترشيح! وقد رشّحه لها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فصرفت عنه. قال: إنّه كان شابّاً حدثاً، فاستصغرت العرب سنّه وقد كمل الآن، أ لم تعلم أنّ الله تعالي لم يبعث نبيّاً الّا بعد الأربعين ؟

قلت: يا أميرالمؤمنين، أمّا أهل الحجي والنهي فإنّهم ما زالوا يعدّونه كاملاً منذ رفع الله منار الإسلام، ولكنّهم يعدّونه محروماً محدوداً ... . (3)

8817. ابن بكّار : عن عبدالله بن عبّاس، قال:

إنّى لاُماشى عمر بن الخطّاب فى سكّة من سكك المدينة إذ قال لى: يا ابن عبّاس، ما أري صاحبك الّا مظلوماً! فقلت فى نفسى: الله لا يسبقنى بها، فقلت: يا أميرالمؤمنين، فاردد إليه ظلامته. فانتزع يده من يدى، ومضي يهمهم ساعة، ثمّ وقف فلحقته، فقال: يا

ص:183


1- (1) . تاريخ مدينة دمشق 438/44 - 439 ، ترجمة عمر بن [1]الخطّاب (5206). وسيأتى تمامه مسنداً فى عنوان: «تأسيس الشوري بوصيّة عمر بن الخطّاب ...».
2- (2) . عنه ابن عدى فى الكامل 326/4 ، ترجمة عبيدالله بن أبى حميد (1158).
3- (3) . شرح نهج البلاغة 80/12 ، شرح الخطبة 223 .

ابن عبّاس, ما أظنّهم منعهم عنه الّا أنّه استصغره قومه! فقلت فى نفسى: هذه شرّ من الاُولي! فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمره أن يأخذ براءة من صاحبك.

فأعرض عنّى وأسرع، فرجعت عنه. (1)

8818. ابن عبدالبرّ : عن ابن عبّاس:

أنّ عمر ذكر له أمر الخلافة واهتمامه بها، فقال له ابن عبّاس: أين أنت عن على ؟ قال: فيه دعابة ... . (2)

8819. ابن أبي الحديد: عن ابن عبّاس - من كلامه لعثمان - :

فأمّا صرف قومنا عنّا الأمر فعن حسد قد والله عرفته، وبغى قد والله علمته، فالله بيننا وبين قومنا. (3)

8820. ابن أبي الحديد : روي عبدالله بن عمر، قال:

كنت عند أبى يوماً، وعنده نفر من الناس، فجري ذكر الشعر، فقال: من أشعر العرب ؟ فقالوا: فلان وفلان. فطلع عبدالله بن عبّاس، فسلّم وجلس، فقال عمر: قد جاءكم الخبير! من أشعر الناس يا عبدالله ؟ قال: زهير بن أبى سلمي. قال: فأنشدنى ممّا تستجيده له.

فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّه مدح قوماً من غطفان، يقال لهم بنوسنان، فقال:

لو كان يقعد فوق الشمس من كرم

قوم بأوّلهم أو مجدهم قعدوا

قوم أبوهم سنان حين تنسبهم

طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا

إنس إذا أمنوا جنّ إذا فزعوا

مرزّؤون بها ليل إذا جهدوا

محسّدون علي ما كان من نعم

لا ينزع الله منهم ما له حسدوا

فقال عمر: والله لقد أحسن، وما أري هذا المدح يصلح الّا لهذا البيت من هاشم،

ص:184


1- (1) . الأخبار الموفّقيات، علي ما رواه عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 46/12 ، [1] شرح الخطبة 223.
2- (2) . الاستيعاب 1120/3 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [2]1855).
3- (3) . شرح نهج البلاغة 9/9 ، شرح الخطبة 135 .

لقرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

فقال ابن عبّاس: وفّقك الله يا أميرالمؤمنين، فلم تزل موفّقاً.

فقال: يا ابن عبّاس، أ تدرى ما منع الناس منكم ؟ قال: لا يا أميرالمؤمنين.

قال: لكنّى أدرى. قال: ما هو يا أميرالمؤمنين ؟

قال: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوّة والخلافة، فيجخفوا جخفاً (1)، فنظرت قريش لنفسها فاختارت ووفّقت فأصابت.

فقال ابن عبّاس: أ يميط أميرالمؤمنين عنّى غضبه فيسمع ؟! قال: قل ما تشاء.

قال: أمّا قول أميرالمؤمنين: إنّ قريشاً كرهت، فإنّ الله تعالي قال لقوم: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (2).

وأمّا قولك: إنّا كنّا نجخف، فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة، ولكنّا قوم أخلاقنا مشتقّة من خلق رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الّذى قال الله تعالي: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (3)، وقال له: وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (4).

وأمّا قولك: فإن قريشاً اختارت، فإنّ الله تعالي يقول: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (5)، وقد علمت يا أميرالمؤمنين، أنّ الله اختار من خلقه لذلك من اختار، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفّقت وأصابت قريش.

فقال عمر: علي رِسلِك يا ابن عبّاس، أبت قلوبكم يا بنى هاشم الّا غشّاً فى أمر قريش لا يزول، وحقداً عليها لا يحول.

فقال ابن عبّاس: مهلاً يا أميرالمؤمنين! لا تنسب هاشماً إلي الغشّ ، فإنّ قلوبهم من

ص:185


1- (1) . جخف: تكبّر.
2- (2) . محمّد/9 . [1]
3- (3) . القلم/4 . [2]
4- (4) . الشعراء/215 . [3]
5- (5) . القصص/68 . [4]

قلب رسول الله الّذى طهّره الله وزكّاه، وهم أهل البيت الّذين قال الله تعالي لهم: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَ أَقِمْنَ الصَّلاةَ وَ آتِينَ الزَّكاةَ وَ أَطِعْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (1)، وأمّا قولك: حقداً؛ فكيف لا يحقد من غصب شيئه، ويراه فى يد غيره!

فقال عمر: أمّا أنت يا ابن عبّاس، فقد بلغنى عنك كلام اكره أن اخبرك به فتزول منزلتك عندى. قال: وما هو يا أميرالمؤمنين ؟ أخبرنى به، فإن يك باطلاً فمثلى أماط الباطل عن نفسه، وإن يك حقّاً فإنّ منزلتى عندك لا تزول به.

قال: بلغنى أنّك لا تزال تقول: اخذ هذا الأمر منك حسداً وظلماً. قال: أمّا قولك يا أميرالمؤمنين: حسداً، فقد حسد إبليس آدم، فأخرجه من الجنّة، فنحن بنو آدم المحسود.

وأمّا قولك: ظلماً، فأميرالمؤمنين يعلم صاحب الحقّ من هو!

ثمّ قال: يا أميرالمؤمنين، أ لم تحتجّ العرب علي العجم بحقّ رسول الله، واحتجّت قريش علي سائر العرب بحقّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ فنحن أحقّ برسول الله من سائر قريش.

فقال له عمر: قم الآن فارجع إلي منزلك. فقام، فلمّا ولّي هتف به عمر: أيّها المنصرف، إنّى علي ما كان منك لراع حقّك!

فالتفت ابن عبّاس فقال: إنّ لى عليك يا أميرالمؤمنين وعلي كلّ المسلمين حقّاً برسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فمن حفظه فحقّ نفسه حفظ ، ومن أضاعه فحقّ نفسه أضاع. ثمّ مضي.

فقال عمر لجلسائه: واهاً لابن عبّاس! ما رأيته لاحي أحداً قطّ الّا خصمه. (2)

8821. الخطيب : عن ابن عبّاس، قال:

إنّى لجالس مع عمر بن الخطّاب ذات يوم إذ تنفّس تنفّساً ظننت أنّ أضلاعه قد تفرّجت، فقلت: يا أميرالمؤمنين, ما أخرج هذا منك الّا شرّ! قال: شرّ والله، إنّى لا أدرى إلي من أجعل هذا الأمر بعدى ؟ ثمّ التفت إلى فقال: لعلّك تري صاحبك لها

ص:186


1- (1) . الأحزاب/33 . [1]
2- (2) . شرح نهج البلاغة 52/12 - 55 ، شرح الخطبة 223 .

أهلاً؟ فقلت: إنّه لأهل ذلك فى سابقته وفضله. قال: إنّه لكما قلتَ ، ولكنّه امرؤ فيه دعابة ... . (1)

8822. ابن شبّة : عن هارون بن عمر، عن أيّوب بن سويد، عن يحيي بن زياد، عن عمر بن عبدالله الليثى، قال: قال عمر بن الخطّاب ليلة فى مسيره إلي الجابية: (2)

أين عبدالله بن عبّاس ؟ فاُتى به، فشكا إليه تخلّف على بن أبى طالب عليه السّلام عنه. قال ابن عبّاس: فقلت له: أو لم يعتذر إليك ؟ قال: بلي. قلت: فهو ما اعتذر به.

قال: ثمّ أنشأ يحدّثنى فقال: إنّ أوّل من راثكم عن هذا الأمر أبوبكر، إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوّة! (3)

8823. ابن شبّة : حدّثنا هارون بن عمر، بإسناد رفعه إلي ابن عبّاس - رحمه الله تعالي - ، قال:

تفرّق الناس ليلة الجابية عن عمر، فسار كلّ واحد مع إلفه، ثمّ صادفت عمر تلك الليلة فى مسيرنا، فحادثته، فشكا إلى تخلّف على عنه. فقلت: أ لم يعتذر إليك ؟ قال: بلي. فقلت: هو ما اعتذر به.

قال: يا ابن عبّاس، إنّ أوّل من ريّثكم عن هذا الأمر أبوبكر, إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة والنبوّة!

قلت: لم ذاك يا أميرالمؤمنين ؟ أ لم ننلهم خيراً؟ قال: بلي، ولكنّهم لو فعلوا لكنتم

ص:187


1- (1) . رواة مالك للخطيب, كما عنه و عن أبى عبيد فى كنز العمّال 737/5 - 738 (14262).
2- (2) . الجابية: أصله فى اللغة الحوض الّذى يجبي فيه الماء للابل ... وهى قرية من أعمال دمشق ثمّ من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصفر فى شمالى حوران، وبالقرب منها تلّ تسمّي تلّ الجابية، وقد نزل عمر الجابية فى سنة 17 ممدّاً لأهل حمص بنفسه، وخطب فيها خطبته المشهورة. معجم البلدان 106/2 (2869) [1] وص 157 «جزيرة أقور» (3109).
3- (3) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 155/20 ، [2] شرح الكلمة 464 و 57/2 - 58 ، شرح الخطبة 26 , من طريق أبى بكر الجوهرى. [3]

عليهم جحفاً جحفاً (1). (2)

8824. أبونعيم : حدّثنا أحمد بن القاسم بن الريّان البصرى - بالبصرة - ، قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط أبوجعفر الأشجعى - بمصر - ، قال: حدّثنى أبى إسحاق، عن أبيه، عن جدّه نبيط بن شريط ، قال:

خرجت مع على بن أبى طالب عليه السّلام ومعنا عبدالله بن عبّاس، فلمّا صرنا إلي بعض حيطان الأنصار وجدنا عمر جالساً ينكت فى الأرض, فقال له على بن أبى طالب عليه السّلام : يا أميرالمؤمنين، ما الّذى أجلسك وحدك هاهنا؟ قال: لأمر همّنى.

قال على عليه السّلام : أفتريد أحدنا؟ قال عمر: إن كان فعبد الله.

فتخلّف معه عبدالله بن العبّاس، [ومضيت مع على عليه السّلام ، وأبطأ علينا ابن عبّاس]، ثمّ لحق بنا, فقال له على عليه السّلام : ما وراؤك ؟

قال: يا أباالحسن, اعجوبة من عجائب أميرالمؤمنين اخبرك بها واكتم على!

قال: فهلمّ . قال: لمّا أن ولّيت قال عمر - وهو ينظر إلي أثرك وأثرمشيتك - : آه، آه، آه.

فقلت: ممّ تتأوّه يا أميرالمؤمنين ؟!

قال: من أجل صاحبك يا ابن عبّاس وقد اعطى ما لم يعطه أحد من آل رسول الله صلّى الله عليه و آله ، ولولا ثلاث هنّ فيه ما كان لهذا الأمر أحد سواه!

قلت: ما هنّ يا أميرالمؤمنين ؟

قال: كثرة دعابته، وبغض قريش له، وصغر سنّه!

قال: فما رددت عليه ؟

قال: داخلنى ما يداخل ابن العمّ لابن عمّه، فقلت: يا أميرالمؤمنين، أمّا كثرة دعابته؛ فقد كان النبى صلّى الله عليه و آله يداعب ولا يقول الّا حقّاً، وأين أنت حيث كان رسول الله صلّى الله عليه و آله يقول - ونحن

ص:188


1- (1) . جحفاً جحفاً: أى فخراً فخراً وشرفاً شرفاً.
2- (2) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 57/2 - 58 ، [1] شرح الخطبة 26 , من طريق أبى بكر الجوهرى. [2]

حوله صبيان وكهول وشيوخ وشباب ويقول - للصبى: «سنائى، سنائى» ولكلّ ما يعلمه [الله] يشتمل علي قلبه!

وأمّا بغض قريش له؛ فوالله ما يبالى ببغضهم له بعد أن جاهدهم فى الله حتّي أظهر الله دينه، فقصم أقرانها، وكسر آلهتها، وأثكل نساءها؛ لامه من لامه.

وأمّا صغر سنّه؛ فقد علمت أنّ الله تعالي حيث أنزل عليه: بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ (1) فوجّه النبى صلّى الله عليه و آله صاحبك رحمه الله ليبلّغ عنه، فأمره الله أن لا يبلّغ عنه الّا رجل من أهله، فوجّهه به، فهل استصغر الله سنّه ؟!

فقال عمر لابن عبّاس: أمسك على واكتم، فإن سمعتها من غيرك لم أنم بين لابتيها! (2)

8825. ابن أبي الحديد : قال [عمر] لابن عبّاس:

يا عبدالله، أنتم أهل رسول الله وآله وبنو عمّه، فما تقول منع قومكم منكم ؟ قال: لا أدرى علّتها، والله ما أضمرنا لهم الّا خيراً.

قال [عمر]: اللهمّ غفراً، إنّ قومكم كرهوا أن يجتمع لكم النبوّة والخلافة، فتذهبوا فى السماء شمخاً وبذخاً، ولعلّكم تقولون: إنّ أبابكر أوّل من أخّركم، أما إنّه لم يقصد ذلك، ولكن حضر أمر لم يكن بحضرته أحزم ممّا فعل، ولولا رأي أبى بكر فى لجعل لكم من الأمر نصيباً، ولو فعل ما هنّأكم مع قومكم إنّهم ينظرون إليكم نظر الثور إلي جازره. (3)

8826. ابن أعثم - فى حديث يذكر فيه مقتل عمر - : ثمّ نزل عمر رضي الله عنه عن المنبر وأخذ بيد عبدالله بن عبّاس فخرج من المسجد وجعل يماشيه ساعة, ثمّ تنفّس وزفر زفرة، فقال له ابن عبّاس: يا أميرالمؤمنين, إنّ ما أخرج هذا النفس والزفير الّا الحزن. فقال: ويحك يا ابن عبّاس! إنّ نفسى لتحدّثنى باقتراب أجلى ولست أحذر الموت لأنّه

ص:189


1- (1) . التوبة/1 . [1]
2- (2) . نسخة نبيط بن شريط (الفوائد 125/1 , ح 368), ومن طريقه الحمّويى فى فرائد السمطين 334/1 - 336 (258), [2] وما بين المعقوفات منه.
3- (3) . شرح نهج البلاغة 9/12 ، شرح الخطبة 223 .

سبيل لابدّ منه، ولكنّى مغموم لهذا الأمر الّذى أنا فيه لا أدرى أقوم فيه أم أقعد؟!

فقال له ابن عبّاس: يا أميرالمؤمنين، فأين أنت عن صاحبنا على بن أبى طالب فى هجرته وقرابته وقدمه وسابقته وفضيلته وشجاعته ؟

فقال عمر: والله يا ابن عبّاس وإنّه لكما تقول، ولو أنّه ولى هذا الأمر من بعدى لحملكم والله علي طريقة من الحقّ تعرفونها، ولكنّه رجل به دعابة. (1)

8827. المقدسى : قالوا: فلمّا أيقن عمر بالموت دعا بعهده وجعل الأمر فيه إلي ستّة نفر وهم: عثمان بن عفّان وعلى بن أبى طالب وسعد بن أبى وقّاص وعبدالرحمان بن عوف والزبير بن العوّام وطلحة بن عبيدالله, ثمّ جعل معهم عبدالله بن عمر وقال: ليس له فى الإمارة نصيب وإنّما له الاختيار والرأى. وجعل أجل اختيارهم ثلاثة أيّام وقال: يصلّى بالناس صهيب حتّي يصطلحوا علي أحدهم. وأمر عدّة من الأنصار أن يستحثّوهم علي ذلك كى لا يتفرّق كلمة المسلمين وقال: إن اجتمع ثلاثة علي واحد وأبي اثنان فخذوا بقول الثلاثة, وان كانوا ثلاثة ثلاثة فخذوا برأى الثلاثة الّذين فيهم عبدالرحمان بن عوف!

وكان قال لعبدالله بن عبّاس: اذكر لى من أعهد إليه ؟ فقال: عثمان. فقال: ذاك كلف بأقاربه يحمل بني ابن أبى معيط علي رقاب الناس ... قال: فعلى، قال: فيه دعابة، وإنّه لأخلقهم أن يحملهم علي المحجّة. (2)

8828. ثعلب : كان عبدالله بن عبّاس عند عمر، فتنفّس عمر نفساً عالياً، قال ابن عبّاس: حتّي ظننت أنّ أضلاعه قد انفرجت، فقلت له: ما أخرج هذا النفس منك يا أميرالمؤمنين الّا همّ شديد!

قال: إى والله يا ابن عبّاس، إنّى فكّرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدى. ثمّ قال: لعلّك تري صاحبك لها أهلاً؟ قلت: وما يمنعه من ذلك مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه.

ص:190


1- (1) . الفتوح 85/2 ، [1] فى ذكر ابتداء مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه .
2- (2) . البدء والتاريخ 189/5 - 190 ، الفصل العشرون، [2] فى مدّة خلافة الصحابة، قصّة الشوري.

قال: صدقت، ولكنّه امرؤ فيه دعابة! 1

ص:191

8829. الجاحظ : ... ثمّ أقبل [عمر] علي على عليه السّلام فقال: لله أنت لولا دعابة فيك! أما والله لئن وليتهم لتحملنّهم علي الحقّ الواضح والمحجّة البيضاء ... . 1

8830. ابن الأنبارى : إنّ عليّاً عليه السّلام جلس إلي عمر فى المسجد وعنده ناس، فلمّا قام عرض واحد بذكره ونسبه إلي التيه والعجب، فقال عمر: حقّ لمثله أن يتيه ؟! والله لولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضي الاُمّة وذو سابقتها وذو شرفها. فقال له ذلك القائل:

ص:192

فما منعكم يا أميرالمؤمنين عنه ؟ قال: كرهناه علي حداثة السنّ وحبّه بنى عبدالمطّلب! (1)

8831. أبوعبيد : فى حديث عمر عند الشوري حين طعن فدخل عليه ابن عبّاس فرآه مغتمّاً بمن يستخلف بعده، فجعل ابن عبّاس يذكر له أصحابه فذكر عثمان، فقال: كلف بأقاربه. قال: فعلى ؟ قال: ذاك رجل فيه دعابة ... . (2)

8832. الزمخشرى : عمر - رضى الله تعالي عنه - دخل عليه ابن عبّاس حين طعن، فرآه مغتمّاً بمن يستخلف بعده، فجعل ابن عبّاس يذكر له أصحابه، فذكر عثمان، فقال: كلف بأقاربه. وروى: أخشي حفده وأثرته. قال: فعلى ؟ قال: ذاك رجل فيه دعابة ... . (3)

8833. الباقلانى - فى حديث يذكر فيه كلام عمر لأصحاب الشوري - : وأمّا أنت يا على, فلئن ولّيتهم لتحملنّهم علي المحجّة البيضاء والطريق المستقيم, وما يقعدك عن هذا الّا دعابة فيك ... . (4)

8834. ابن الأثير : فى حديث عمر، وذكر له على للخلافة: فقال: لولا دعابة فيه. (5)

8835. ابن أبي الحديد : فى حديثه حين طعن، فدخل عليه ابن عبّاس فرآه مغتمّاً بمن يستخلف بعده، فذكر عثمان: فقال كلف بأقاربه. قال: فعلى ؟ قال: فيه دعابة ... . (6)

ما ورد مرسلاً

8836. ابن أبي الحديد : جاء فى تفسير قوله تعالي: أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ

ص:193


1- (1) . أمالى ابن الأنبارى , علي ما فى شرح نهج البلاغة لا بن أبى الحديد 82/12 ، [1] شرح الخطبة 223 .
2- (2) . غريب الحديث 331/3 «كلف», ثم قال : قال الكسائى و اليزيدى و أبوعمرو و غير واحد - دخل كلام بعضهم فى بعض - : قوله : كلف بأقاربه , يعنى شديد الحب لهم . و نحوه فى شرح نهج البلاغة لا بن أبى الحديد 142/12 ، [2] شرح الخطبة 223 ، و النهاية لا بن الأثير 118/2 « [3]دعب ».
3- (3) . الفائق 275/3 - 276 « [4]كلف».
4- (4) . تمهيد الأوائل ص 510 , باب الكلام فى إمامة عثمان .
5- (5) . النهاية 118/2 « [5]دعب ».
6- (6) . شرح نهج البلاغة 142/12 ، شرح الخطبة 223 .

آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ (1)، أنّها نزلت فى على وما خصّ به من العلم. (2)(3)

ص:194


1- (1) . النساء/54 . [1]
2- (2) . شرح نهج البلاغة 220/7 ، شرح الخطبة 108 .
3- (3) خاتمة:قال ابن أبى الحديد: إنّ قريشاً كلّها كانت تبغضه أشدّ البغض، ولو عمّر عمر نوح، وتوصّل إلي الخلافة بجميع أنواع التوصّل كالزهد فيها تارة، والمناشدة بفضائله تارة، وبما فعله فى ابتداء الأمر من إخراج زوجته وأطفاله ليلاً إلي بيوت الأنصار، وبما اعتمده إذ ذاك من تخلّفه فى بيته وإظهار أنّه قد انعكف علي جمع القرآن، وبسائر أنواع الحيل فيها، لم تحصل له إلا بتجريد السيف كما فعل فى آخر الأمر, ولست ألوم العرب، لا سيّما قريشاً فى بغضها له، وانحرافها عنه، فإنّه وترها، وسفك دماءها، وكشف القناع فى منابذتها، ونفوس العرب وأكبادها كما تعلم! وليس الإسلام بمانع من بقاء الأحقاد فى النفوس، كما نشاهده اليوم عياناً، والناس كالناس الاُول، والطبائع واحدة، فأحسب أنّك كنت من سنتين أو ثلاث جاهليّاً أو من بعض الروم، وقد قتل واحد من المسلمين ابنك أو أخاك، ثمّ أسلمت، أ كان إسلامك يذهب عنك ما تجده من بغض ذلك القاتل وشنآنه ؟ ك -

الباب السابع: مكانته عليه السّلام فى حكومة أبى بكر

كان على عليه السّلام فى عصر الحكّام مرجعاً للمسائل العلميّة والقضائيّة ومستشاراً لهم فى ما يرتبط بمصالح المسلمين، وسيأتى ما يرتبط بعلمه وقضائه فى أبواب علم أميرالمؤمنين عليه السّلام ، ونكتفى هنا بما ورد فى مشاورة أبى بكر معه.

برواية:

1. يحيي بن عمر عن جدّه-2. ما ورد مرسلاً

1.يحيي بن عمر عن جدّه

8837. السمّان : عن يحيي بن عمر [بن يحيي بن الحسين بن زيد بن على]، عن أبيه، عن جدّه، قال:

لمّا امتنع من امتنع من دفع الزكاة إلي أبى بكر جمع أبوبكر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فشاورهم فى أمرهم فاختلفوا عليه، فقال لعلى: ما تقول يا أباالحسن ؟ قال: أقول لك: إن تركت شيئاً ممّا أخذه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم منهم فأنت علي خلاف سنّة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . قال: أما لئن قلت ذاك لاُقاتلنّهم وإن منعونى عقالاً. (1)

ص:195


1- (1) . الموافقة، علي ما روي عنه المحبّ الطبرى فى الرياض النضرة 129/1 ، الباب الأوّل، الفصل التاسع، [1] ذكر شدّة بأسه وثبات قلبه، وذخائر العقبي ص97 ، باب فضائل على عليه السّلام ، [2] ذكر اتّباعه لسنّة النبى صلّى الله عليه و آله , والباعونى فى جواهر المطالب 261/1 ، الباب الحادى والأربعون، [3] فى شوق أهل السماء والأنبياء الّذين هم فى السماء إليه.

2.ما ورد مرسلاً

8838. ابن إسحاق [فى حديث طويل يذكر فيه استشارة أبى بكر الصحابة]:

قال أبوبكر: ماذا تري يا أباالحسن ؟ فقال: أري أنّك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت عليهم إن شاء الله. فقال: بشّرك الله بخير، ومن أين علمت ذلك ؟ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: لا يزال هذا الدين ظاهراً علي كلّ من ناوأه حتّي يقوم الدين وأهله ظاهرون.

فقال: سبحان الله! ما أحسن هذا الحديث! لقد سررتنى به سرّك الله. (1)

8839. ابن أعثم - بعد ذكر قصّة ارتداد كندة ومشورة أبى بكر مع الصحابة - :

ثمّ انصرف أبوبكر إلي منزله وأرسل إلي عمر بن الخطّاب - رضى الله عنهما - فدعاه وقال: إنّى عزمت علي أن اوجّه إلي هؤلاء القوم على بن أبى طالب فإنّه عدل رضا عند أكثر الناس لفضله وشجاعته وقرابته وعلمه وفهمه ورفقه بما يحاول من الاُمور.

قال: فقال له عمر بن الخطّاب: صدقت يا خليفة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ! إنّ عليّاً كما ذكرت وفوق ما وصفت، ولكنّى أخاف عليك خصلة منه واحدة.

قال له أبوبكر: وما هذه الخصلة الّتى تخاف على منها منه ؟ فقال عمر: أخاف أن يأبي لقتال القوم فلا يقاتلهم، فإن أبي ذلك فلم تجد أحداً يسير الّا علي المكروه منه، ولكن ذر عليّاً يكون عندك بالمدينة فإنّك لا تستغنى عنه وعن مشورته ... . (2)

ص:196


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 61/2 - 64 ، باب ذكر اهتمام أبى بكر الصدّيق بفتح الشام، [1] ومثله فى الفتوح 96/1 - 97 ، [2] فى بيان تسخير ولايات الشام والروم، والاكتفاء بما تضمّنه من مغازى رسول الله والثلاثة الخلفاء 110/3 - 112 ، ذكر بدء الغزو إلي الشام. ولا يخفي أنّ هذا القسم من الأجزاء المفقودة من الفتوح، [3] لكنّه موجود فى ترجمتها بالفارسيّة، وأدرجه محقّق الكتاب فى موضعه.
2- (2) . الفتوح 71/1 - 72 ، [4] ذكر المشورة الّتى وقعت بالمدينة فى أمر الأشعث بن قيس وأصحابه.

الباب الثامن: حكومة عمر بن الخطّاب وموقفه عليه السّلام منها

اشارة

اشارة

لما اعتلّ أبوبكر العلّة الّتى مات فيها عهد إلي عمر بن الخطّاب وأجاب عن المعترضين بأنّ عمر خيرهم (1)

ص:197


1- (1) . الطبقات الكبري 149/3 ، ترجمة أبى بكر بن أبى قحافة (46)؛ تاريخ المدينة لابن شبّة 668/2 ، أخبار عمر بن الخطّاب، ذكر عهد أبى بكر إلي عمر؛ تاريخ الطبرى 429/3 ، حوادث سنة ثلاث عشرة، ذكر استخلافه عمر بن الخطّاب؛ الإمامة والسياسة 19/1 ، مرض أبى بكر واستخلافه عمر؛ تاريخ الإسلام 116/3 - 117 ، [1] حوادث سنة ثلاث عشرة، ترجمة أبى بكر؛ سنن سعيد بن منصور 132/5 (942)؛ المصنّف لابن أبى شيبة 434/7 (37045)؛ السنّة للخ -

وفى بعض المصادر أنّ أبابكر أمر عثمان أن لا يسمّى أحداً, فاُغمى عليه فأخذ عثمان العهد وكتب فيه اسم عمر، فلمّا أفاق أبوبكر أمضاها (1).

وخرج عمر إلي المسجد ومعه شُدَيد مولي أبى بكر ومعه ما كتبه أبوبكر من العهد، ويقول للناس: أيّها الناس، اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فسكت الناس، فقرئ عليهم عهد أبى بكر فى استخلاف عمر (2)

ص:198


1- (1) . تاريخ المدينة لابن شبّة 667/2 ، أخبار عمر بن الخطّاب، ذكر عهد أبى بكر إلي عمر؛ تاريخ مدينة دمشق 252/44 ، ترجمة عمر بن الخطّاب (5206)؛ شرح اصول الاعتقاد للالكائى 1324/7 - 1325 (2521) و (2522).
2- (2) . تاريخ المدينة لابن شبّة 669/2 ، أخبار عمر بن الخطّاب، ذكر عهد أبى بكر إلي عمر؛ مسند أحمد 37/1 (259)؛ المصنّف لابن أبى شيبة 435/7 (37046)؛ تاريخ الطبرى 429/3 ، [1] حوادث سنة ثلاث عشرة، ذكر استخلافه عمر بن الخطّاب؛ الإمامة والسياسة 20/1 ، ولاية عمر بن الخطّاب؛ الكامل لابن الأثير 292/2 ، حوادث سنة ثلاث عشرة، ذكر استخلافه عمر بن الخطّاب؛ تاريخ مدينة دمشق 257/44 ، ترجمة عمر بن [2]الخطّاب (5206)؛ السنّة للخ -

... ثمّ بايع الناس عمر وأنا والله أولي بالأمر منه وأحقّ منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض ... . (1)

8841. ابن مردويه : ... عن أبي الطفيل، عن على عليه السّلام أنّه قال يوم الشوري:

... ثمّ بايع أبوبكر لعمر وأنا والله أحقّ بالأمر منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفّاراً. (2)

2.عبدالله بن جنادة

8842. المدائنى : عن عبدالله بن جنادة، عن على عليه السّلام - فى خطبة خطبها بالمدينة - :

... وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين؛ وأن يعود الكفر؛ ويبور الدين؛ لكُنّا علي غير ما كنّا لهم عليه، فولى الأمر ولاة لم يألوا الناس خيراً. (3)

3.يحيي بن عروة

8843. أبوأحمد الحاكم : أخبرنا الحسين بن محمّد بن صالح الصيمرى، حدّثنا إبراهيم بن يوسف - يعنى الصيرفى - , حدّثنا أبى، عن امى الصيرفى، عن يحيي بن عروة المرادى، قال: سمعت على بن أبى طالب قال:

ص:199


1- (1) . الضعفاء 211/1 ، [1] ترجمة الحارث بن محمّد (258)، ومن طريقه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 433/42 - 434 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933)، وابن الجوزى فى الموضوعات 378/1 - 379 ، باب فى فضائل على عليه السّلام ، الحديث الثلاثون، والذهبى فى ميزان الاعتدال 178/2 ، ترجمة الحارث بن محمّد (2231).
2- (2) . عنه الخوارزمى بإسناده إليه فى المناقب ص313 - 314 (314)، ومن طريقه الحمّويى فى فرائد السمطين 319/1 - 320 (251)، [3] وابن طاووس فى الطرائف ص411 - 412 ، [4] شكاية على بن أبى طالب عليه السّلام عمّن تقدّمه وحديث الشوري، وروي الكنجى فى كفاية الطالب ص386 ، فصل فى [5]الحديث المروى فى ردّ الشمس بدعاء النبى صلّى الله عليه و آله , من طريق الحاكم بإسناده عن عامر بن واثلة، عن على عليه السّلام أنّه قال يوم الشوري: ... واستخلف عمر وأنا فى نفسى أحقّ بها منه، فسمعت وأطعت.
3- (3) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 307/1 ، [6] شرح الخطبة 22 .

قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأنا أري أنّى أحقّ الناس بهذا الأمر، فاجتمع الناس علي أبى بكر، فسمعت وأطعت, ثمّ إنّ أبابكر حضر فكنت أري أن لا يعدلها عنّى، فولى عمر، فسمعت وأطعت، ثمّ إنّ عمر اصيب فظننت أنّه لا يعدلها عنّى، فجعلها فى ستّة أنا أحدهم، فولاّها عثمان، فسمعت وأطعت، ثمّ إنّ عثمان قتل فجاؤونى فبايعونى طائعين غير مكرهين، فوالله ما وجدت الّا السيف أو الكفر بما انزل علي محمّد صلّى الله عليه و سلّم . (1)

8844. ابن الصوّاف : حدّثنا عبدالله بن محمّد، حدّثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفى، حدّثنا أبى، [حدّثنا امى] الصيرفى، عن يحيي بن عروة المرادى، قال: سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول:

قبض النبى صلّى الله عليه و سلّم وأنا أري أنّى أحقّ بهذا الأمر فاجتمع المسلمون علي أبى بكر، فسمعت وأطعت، ثمّ إنّ أبابكر اصيب فظننت أنّه لا يعدلها عنّى، فجعلها فى عمر, فسمعت وأطعت, ثمّ إنّ عمر اصيب فظننت أنّه لا يعدلها عنّى فجعلها فى ستّة أنا أحدهم فولّوها عثمان، فسمعت وأطعت، ثمّ إنّ عثمان قتل فجاؤوا فبايعونى طائعين غير مكرهين ثمّ خلعوا بيعتى، فوالله ما وجدت الّا السيف أو الكفر بما أنزل الله - عزّ وجلّ - علي محمّد صلّى الله عليه و سلّم . (2)

4.ما ورد مرسلاً

8845. ابن قتيبة - فى حديث يذكر فيه إكراه عمر عليّاً علي بيعة أبى بكر - :

فقال له على: احلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غداً! (3)

8846. ابن قتيبة - فى كتاب على إلي بعض أصحابه - :

... فلمّا احتضر [أبوبكر] بعث إلي عمر فو>ه، فسمعنا وأطعنا، وبايعنا وناصحنا ... . (4)

8847. سبط ابن الجوزى - من كلام له عليه السّلام فى خطبته المعروفة بالشقشقيّة - :

ص:200


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 439/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]4933).
2- (2) . عنه ابن الأثير بإسناده إليه فى اسد الغابة 31/4 ، ترجمة على بن أبى طالب، [2] خلافته, من طريق أبى نعيم.
3- (3) . الإمامة والسياسة 11/1 ، [3] إباية على - كرّم الله وجهه - بيعة أبى بكر - رضى الله عنهما - .
4- (4) . الإمامة والسياسة 163/1 ، [4] ما كتب على لأهل العراق.

... فصبرت وفى العين قذي, وفى الحلق شجا، [أري تراثى نهباً] إلي أن حضرت الأوّل الوفاة - وفى رواية: فصبرت إلي أن مضي الأوّل لسبيله - فأدلي بها إلي فلان بعده - وفى رواية: فأدلي بها إلي الثانى - .

فيا لله العجب! هو يستقيلها فى حال حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، فعقدها فى ناحية خشناء يصعب مسّها ويغلظ كلمها، ويكثر فيها العثار، ويقلّ (1) منها الاعتذار، فَمُنِى الناس بمن عقدها له حتّي مضي لسبيله، - وفى رواية: بينا هو يقتال منها فى حياته إذ عقدها لآخر بعد مماته، لشدّ ما تشطّرا ضرع -[-ي -]-ها، فصيّرها فى حوزة خشناء، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحّم. وفى رواية: فمنى الناس بخبط وشماس وتلوّن واعتراض - ... . (2)

8848. ابن أبي الحديد : وروي ابن عبّاس، قال:

خرجت مع عمر إلي الشام فى إحدي خرجاته، فانفرد يوماً يسير علي بعيره فاتّبعته، فقال لى: يا ابن عبّاس، أشكو إليك ابن عمّك، سألته أن يخرج معى فلم يفعل، ولم أزل أراه واجداً، فيم تظنّ موجدته ؟ قلت: يا أميرالمؤمنين، إنّك لتعلم. قال: أظنّه لا يزال كئيباً لفوت الخلافة.

قلت: هو ذاك، إنّه يزعم أنّ رسول الله أراد الأمر له. فقال: يا ابن عبّاس، وأراد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الأمر له فكان ماذا إذا لم يرد الله تعالي ذلك! إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أراد أمراً وأراد الله غيره، فنفذ مراد الله تعالي ولم ينفذ مراد رسوله ... . (3)

ص:201


1- (1) . هذا هو الظاهر, وفى الأصل: «يقيل».
2- (2) . تذكرة الخواصّ 493/1 - 494 ، الباب الخامس، [1] فى المختار من كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام .
3- (3) . شرح نهج البلاغة 78/12 - 79 ، شرح الخطبة 223 . ولا يخفي أنّ كلامه الأخير مخالف للفهم القرآنى؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله لا يريد خلاف ما أراده الله تعالي؛ لأنّ الله تعالي يقول: وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى (النجم/3 - 4) [2] فكلّ ما أراده الله تعالي أراده رسول الله صلّى الله عليه و آله ، وأمر الله تعالي وأمر رسوله واحد وطاعتهما واحدة، قال الله

وانظرالعنوان التالى.

الثانى: مكانته عليه السّلام فى حكومة عمر بن الخطّاب

اشارة

اعتزل الإمام عليه السّلام فى أيّام حكومة عمر، ولم يشترك بأى عمل من أعمال الحكومة، كما اعتزل فى أيّام حكومة أبى بكر، وحكي ابن أبي الحديد عن جعفر بن مكّى الحاجب، عن محمّد بن سليمان حاجب الحجّاب، أنّه قال: إنّ عليّاً دحضه الأوّلان وأسقطاه، وكسرا ناموسه بين الناس ... (1).

وقال على عليه السّلام لعبدالله بن عمر: ... فوالله لولا أبوك وما ركب منّى قديماً وحديثاً ما نازعنى ابن عفّان ولا ابن عوف (2). وسأله عمر أن يخرج معه إلي الشام فلم يفعل (3).

وكان مع ذلك يرجع إليه فى المسائل العلميّة والمشاكل القضائيّة والسياسيّة، وكان مقدّم الرأى فيها (4).

قال ابن أبي الحديد: حدّثنى الحسين بن محمّد السينى، قال: قرأت علي ظهر كتاب أنّ عمر نزلت به نازلة، فقام لها وقعد، وترنّح لها وتقطّر (5)، وقال لمن عنده: معشر الحاضرين، ما تقولون فى هذا الأمر؟ فقالوا: يا أميرالمؤمنين، أنت المفزع والمنزع. فغضب وقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (6). ثمّ قال: أما والله إنّى وإيّاكم

ص:202


1- (1) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 28/9 ، [1] شرح الخطبة 135 .
2- (2) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 54/9 ، [2]شرح الخطبة 139 .
3- (3) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 78/12 ، شرح الخطبة 223 . وانظر ما تقدّم فى عنوان: «حكومة عمر بن الخطّاب وموقف الإمام عليه السّلام منه».
4- (4) . راجع: أبواب علمه وقضائه عليه السّلام .
5- (5) . تقطّر: شمخ ب [3]رأسه كبراً.
6- (6) . الأحزاب/70 .

لنعلم ابن بجدتها والخبير بها. قالوا: كأنّك أردت ابن أبى طالب! قال: وأنّي يعدل بى عنه، وهل طفحت حرّة مثله ؟! قالوا: فلو دعوت به يا أميرالمؤمنين!

قال: هيهات! إنّ هناك شمخاً من هاشم، وأثرة من علم، ولحمة من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يؤتي ولا يأتى، فامضوا بنا إليه.

فانقصفوا نحوه (1) وأفضوا إليه، فألفوه فى حائط له، عليه تبّان (2)، وهو يتركّل علي مسحاته (3)، ويقرأ: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (4) إلي آخر السورة، ودموعه تهمى علي خدّيه، فأجهش الناس لبكائه فبكوا، ثمّ سكت وسكتوا، فسأله عمر عن تلك الواقعة فأصدر جوابها. فقال عمر: أما والله لقد أرادك الحقّ ، ولكن أبي قومك!

فقال: يا أباحفص، خفّض عليك من هنا ومن هنا إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (5). فوضع عمر إحدي يديه علي الاُخري وأطرق إلي الأرض، وخرج كأنّما ينظر فى رماد. (6)

ونكتفى هنا بما يرتبط بآرائه الاستشاريّة فى ما يرتبط بمصالح الإسلام والمجتمع الإسلامى:

1. مبدأ التاريخ

برواية:

1. سعيد بن المسيّب-3. عبدالرحمان بن المغيرة

2. عامر الشعبى-4. ما ورد مرسلاً

ص:203


1- (1) . انقصفوا نحوه: اجتمعوا.
2- (2) . التبّان: سراويل صغير.
3- (3) . يتركّل علي مسحاته, أى يضربها برجله لتغيب فى الأرض. والمسحاة: ما يسحي به الطين عن الأرض, أى يحرف.
4- (4) . القيامة/ 36 . [1]
5- (5) . النبأ/17 . [2]
6- (6) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 79/12 - 80 ، [3] شرح الخطبة 223 .

1.سعيد بن المسيّب

8849. الواقدى : حدّثنى ابن أبى سبرة، عن عثمان بن عبيدالله بن أبى رافع، عن ابن المسيّب، قال:

أوّل من كتب التاريخ عمر، لسنتين ونصف من خلافته، فكتب لستّ عشرة من الهجرة بمشورة على بن أبى طالب. (1)

8850. نعيم بن حمّاد : حدّثنا عبدالعزيز بن محمّد [الدراوردى]، عن عثمان بن عبيدالله بن أبى رافع، قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول:

جمع عمر الناس فسألهم: من أى يوم يكتب التاريخ ؟ فقال على بن أبى طالب: من يوم هاجر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وترك أرض الشرك. ففعله عمر رضي الله عنه . (2)

8851. خليفة : حدّثنا إسحاق بن إدريس، قال: حدّثنا عبدالعزيز بن محمّد، قال: حدّثنا عثمان بن عبيدالله، عن سعيد بن المسيّب، قال:

جمع عمر المهاجرين والأنصار فقال: من أين أكتب التاريخ ؟ فقال له على: مذ خرج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من أرض الشرك فهو يوم هاجر. فكتب ذلك عمر بن الخطّاب. (3)

8852. البخارى : حدّثنا عبدالله بن عبدالوهّاب الحجبى، قال: حدّثنا عبدالعزيز بن محمّد، عن عثمان بن [عبيدالله بن أبى] رافع، قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول: قال عمر رضي الله عنه :

متي نكتب التاريخ ؟ وجمع المهاجرين، فقال له على رضي الله عنه : من يوم هاجر النبى صلّى الله عليه و سلّم إلي المدينة. فكتب التاريخ. (4)

ص:204


1- (1) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 38/4 ، آخر حوادث سنة ستّ عشرة، ومن طريقه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 44/1 ، باب ذكر اختلاف الصحابة فى التاريخ. [1]
2- (2) . عنه الحاكم بإسناده إليه فى المستدرك 14/3 (4287)، [2] والطبرى فى تاريخه 38/4 - 39 ، حوادث سنة ستّ عشرة، و 391/2 ، ذكر الوقت الّذى عمل فيه التاريخ.
3- (3) . تاريخ خليفة بن خيّاط ص51 ، [3] مقدّمة الكتاب.
4- (4) . التاريخ الكبير 9/1 , ترجمة محمّد رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ؛ التاريخ الصغير 41/1 ، ذيل حديث زينب ابنة

8853. ابن شبّة : حدّثنا هارون بن معروف، قال: حدّثنا عبدالعزيز بن محمّد، قال: أخبرنى عثمان بن عبيدالله، قال: سمعت سعيد بن المسيّب يقول:

جمع عمر رضي الله عنه المهاجرين والأنصار فقال: متي نكتب التاريخ ؟ فقال له على بن أبى طالب رضي الله عنه : منذ خرج رسول الله صلّى الله عليه و سلّم من أرض الشرك - يعنى يوم هاجر - . فكتب ذلك عمر رضي الله عنه . 1

8854. ابن السمّاك : حدّثنا حنبل، حدّثنا هارون بن معروف ... مثله. 2

2.عامر الشعبى

8855. خليفة : عن محمّد بن عبدالله بن الزبير، فقال: حدّثنا حبّان، عن مجالد، عن [عامر] الشعبى، قال:

كتب أبوموسي الأشعرى إلي عمر أنّه تأتينا كتب فما ندرى ما تاريخها؟ فاستشار عمر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال بعضهم: من المبعث. وقال بعضهم: من وفاته. [قال على رضي الله عنه : من يوم هاجر. فكتب عمر ذلك]. 3

3.عبدالرحمان بن المغيرة

8856. ابن بكّار : حدّثنى عبدالرحمان بن المغيرة، قال:

كتب عمر التاريخ فى شهر ربيع الأوّل سنة ستّ عشرة من الهجرة بمشورة على بن أبى طالب. وكان عمر بن الخطّاب استشار فى التاريخ، فقال قائل: [من النبوّة]. وقال قائل: من الهجرة. وقال قائل: من الوفاة. 4

ص:205

4.ما ورد مرسلاً

8857. ابن الأثير - فى حوادث سنة ستّ عشرة - : وفيها كتب عمر التاريخ بمشورة على بن أبى طالب. (1)

8858. ابن كثير : قال الواقدى وفى ربيع الأوّل من هذه السنة - يعنى سنة ستّ عشرة - كتب عمر بن الخطّاب التاريخ، وهو أوّل من كتبه.

قلت: قد ذكرنا سببه فى سيرة عمر، وذلك أنّه رفع إلي عمر صكّ مكتوب لرجل علي آخر بدين يحلّ عليه فى شعبان، فقال: أى شعبان ؟ أ من هذه السنة أم الّتى قبلها؟ أم الّتى بعدها؟ ثمّ جمع الناس فقال: ضعوا للناس شيئاً يعرفون فيه حلول ديونهم ... وأشار على بن أبى طالب وآخرون أن يؤرّخ من هجرته من مكّة إلي المدينة لظهوره لكلّ أحد، فإنّه أظهر من المولد والمبعث، فاستحسن ذلك عمر والصحابة، فأمر عمر أن يؤرّخ من هجرة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأرّخوا من أوّل تلك السنة من محرّمها. (2)

2. غزو الفُرس

8859. الطبرى : قالوا: وكان من حديثهم أنّهم نفروا لكتاب يزدجرد الملك، فتوافوا إلي نهاوند، فتوافي إليها من بين خراسان إلي حلوان، ومن بين الباب إلي حلوان، ومن بين سجستان إلي حلوان، فاجتمعت حلبة فارس والفهلوج أهل الجبال من بين الباب إلي حلوان ثلاثون ألف مقاتل، ومن بين خراسان إلي حلوان ستّون ألف مقاتل، ومن بين سجستان إلي فارس وحلوان ستّون ألف مقاتل، واجتمعوا علي الفيرزان، وإليه كانوا توافوا وشاركهم موسي.

[كتب إلى السرى, عن شعيب, عن سيف] عن حمزة بن المغيرة بن شعبة، عن

ص:206


1- (1) . الكامل 367/2 ، [1] آخر حوادث سنة ستّة عشرة.
2- (2) . البداية والنهاية 73/7 - 74 ، [2] فى أواخر حوادث سنة ستّ عشرة.

أبى طعمة الثقفى - وكان قد أدرك ذلك - , قال:

ثمّ إنّهم قالوا: إنّ محمّداً الّذى جاء العرب بالدين لم يغرض غرضنا، ثمّ ملكهم أبوبكر من بعده فلم يغرض غرض فارس، الّا فى غارة تعرّض لهم فيها، والّا فى ما يلى بلادهم من السواد, ثمّ ملك عمر من بعده، فطال ملكه وعرض، حتّي تناولكم وانتقصكم السواد والأهواز، وأوطأها، ثمّ لم يرض حتّي أتي أهل فارس والمملكة فى عقر دارهم، وهو آتيكم إن لم تأتوه، فقد أخرب بيت مملكتكم، واقتحم بلاد ملككم، وليس بمنته حتّي تخرجوا من فى بلادكم من جنوده، وتقلعوا هذين المصرين، ثمّ تشغلوه فى بلاده وقراره. وتعاهدوا وتعاقدوا، وكتبوا بينهم علي ذلك كتاباً، وتمالؤوا عليه.

وبلغ الخبر سعداً، وقد استخلف عبدالله بن عبدالله بن عتبان, ولمّا شخص لقى عمر بالخبر مشافهة، وقد كان كتب إلي عمر بذلك، وقال: إنّ أهل الكوفة يستأذنونك فى الانسياح قبل أن يبادروهم الشدّة - وقد كان عمر منعهم من الانسياح فى الجبل - .

وكتب إليه أيضاً عبدالله وغيره بأنّه قد تجمّع منهم خمسون ومئة ألف مقاتل، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدّة ازدادوا جرأة وقوّة، وإن نحن عاجلناهم كان لنا ذلكم، وكان الرسول بذلك قريب بن ظفر العبدى.

ثمّ خرج سعد بعده فوافي مشورة عمر، فلمّا قدم الرسول بالكتاب إلي عمر بالخبر فرآه قال: ما اسمك ؟ قال: قريب، قال: ابن من ؟ قال: ابن ظفر. فتفاءل إلي ذلك، وقال: ظفر قريب إن شاء الله، ولا قوّة الّا بالله.

ونودى فى الناس: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس، ووافاه سعد، فتفاءل إلي سعد بن مالك، وقام علي المنبر خطيباً، فأخبر الناس الخبر، واستشارهم، وقال: هذا يوم له ما بعده من الأيّام، ألا وإنّى قد هممت بأمر وإنّى عارضه عليكم فاسمعوه، ثمّ أخبرونى وأوجزوا، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، ولا تكثروا ولا تطيلوا، فتفشغ (1) بكم

ص:207


1- (1) . الفشغ والانفشاغ: اتّساع الشىء وانتشاره.

الاُمور، ويلتوى عليكم الرأى، أفمن الرأى أن أسير فى من قبلى ومن قدرت عليه؛ حتّي أنزل منزلاً واسطاً بين هذين المصرين؛ فأستنفرهم ثمّ أكون لهم ردءاً حتّي يفتح الله عليهم؛ ويقضى ما أحبّ ؛ فإنّ فتح الله عليهم أن أضربهم عليهم فى بلادهم؛ وليتنازعوا ملكهم ؟

فقام عثمان بن عفّان، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوّام، وعبدالرحمان بن عوف، فى رجال من أهل الرأى من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فتكلّموا كلاماً، فقالوا: لا نري ذلك، ولكن لا يغيبنّ عنهم رأيك وأثرك. وقالوا: بإزائهم وجوه العرب وفرسانهم وأعلامهم، ومن قد فضّ جموعهم، وقتل ملوكهم، وباشر من حروبهم ما هو أعظم من هذه، وإنّما استأذنوك ولم يستصرخوك، فأذن لهم، واندب إليهم، وادع لهم. وكان الّذى ينتقد له الرأى إذا عرض عليه العبّاس رضي الله عنه .

كتب إلى السرى، عن شعيب، عن سيف، عن حمزة، عن أبى طعمة، قال:

فقام على بن أبى طالب عليه السّلام فقال: أصاب القوم يا أميرالمؤمنين الرأى، وفهموا ما كتب به إليك، وإنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه لكثرة ولا قلّة، هو دينه الّذى أظهر، وجنده الّذى أعزّ، وأيّده بالملائكة، حتّي بلغ ما بلغ، فنحن علي موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده، ومكانك منهم مكان النظام (1) من الخرز، يجمعه ويمسكه، فإن انحلّ تفرّق ما فيه وذهب، ثمّ لم يجتمع بحذافيره أبداً, والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهى كثير عزيز بالإسلام، فأقم واكتب إلي أهل الكوفة فهم أعلام العرب ورؤساؤهم، ومن لم يحفل بمن هو أجمع وأحدّ وأجدّ من هؤلاء فليأتهم الثلثان وليقم الثلث، واكتب إلي أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم.

فسرّ عمر بحسن رأيهم، وأعجبه ذلك منهم, وقام سعد فقال: يا أميرالمؤمنين خفّض عليك، فإنّهم إنّما جمعوا لنقمة.

كتب إلى السرى، عن شعيب، عن سيف، عن أبى بكر الهذلى، قال:

ص:208


1- (1) . النظام: الخيط الّذى ينظم به الخرز وغيره.

لمّا أخبرهم عمر الخبر واستشارهم، وقال: أوجزوا فى القول، ولا تطيلوا فتفشغ بكم الاُمور، واعلموا أنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، تكلّموا.

فقام طلحة بن عبيدالله - وكان من خطباء أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم - فتشهّد، ثمّ قال: أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فقد أحكمتك الاُمور، وعجمتك البلايا، واحتنكتك التجارب، وأنت وشأنك, وأنت ورأيك، لا ننبو فى يديك، ولا نكلّ عليك، إليك هذا الأمر، فمرنا نطع، وادعنا نجب، واحملنا نركب، ووفّدنا نفد، وقدنا ننقد؛ فإنّك ولى هذا الأمر، وقد بلوت وجرّبت واختبرت، فلم ينكشف شىء من عواقب قضاء الله لك الّا عن خيار. ثمّ جلس.

فعاد عمر فقال: إنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، فتكلّموا . فقام عثمان بن عفّان، فتشهّد، وقال: أري يا أميرالمؤمنين أن تكتب إلي أهل الشام فيسيروا من شأمهم، وتكتب إلي أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، ثم تسير أنت بأهل هذين الحرمين إلي المصرين: الكوفة والبصرة، فتلقي جمع المشركين بجمع المسلمين، فإنّك إذا سرت بمن معك وعندك قلّ فى نفسك ما قد تكاثر من عدد القوم، وكنت أعزّ عزّاً وأكثر، يا أميرالمؤمنين، إنّك لا تستبقى من نفسك بعد العرب باقية، ولا تمتع من الدنيا بعزيز، ولا تلوذ منها بحريز، إنّ هذا اليوم له ما بعده من الأيّام، فاشهده برأيك وأعوانك ولا تغب عنه. ثمّ جلس.

فعاد عمر، فقال: إنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، فتكلّموا. فقام على بن أبى طالب فقال: أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فإنّك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلي ذراريّهم، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلي ذراريّهم، وإنّك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك الأرض من أطرافها وأقطارها، حتّي يكون ما تدع وراءك أهمّ إليك ممّا بين يديك من العورات والعيالات، أقرر هؤلاء فى أمصارهم، واكتب إلي أهل البصرة فليتفرّقوا فيها ثلاث فرق، فلتقم فرقة لهم فى حرمهم وذراريّهم، ولتقم فرقة فى أهل عهدهم؛ لئ -< ينتقضوا عليهم، ولتسر فرقة إلي إخوانهم بالكوفة مدداً لهم، إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً قالوا: هذا أمير العرب، وأصل العرب. فكان ذلك أشدّ لكلبهم، وألّبْتَهم علي نفسك.

ص:209

وأمّا ما ذكرت من مسير القوم, فإنّ الله هو أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر علي تغيير ما يكره، وأمّا ما ذكرت من عددهم، فإنّا لم نكن نقاتل فى ما مضي بالكثرة، ولكنّا كنّا نقاتل بالنصر.

فقال عمر: أجل والله، لئن شخصت من البلدة لتنتقضنّ على الأرض من أطرافها وأكنافها، ولئن نظرت إلَى الأعاجم لا يفارقنّ العرصة، وليمدنّهم من لم يمدّهم، وليقولنّ : هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه اقتطعتم أصل العرب ... . (1)

8860. ابن أعثم - فى حديث طويل يذكر فيه اجتماع جيش فارس بنهاوند، ومشورة عمر الصحابة وعدم قبول آرائهم - : فقال عمر: ... اريد غير هذا الرأى، فسكت الناس، فالتفت عمر رضي الله عنه إلي على رضي الله عنه , فقال: يا أباالحسن، لِمَ لا تشير بشىء كما أشار غيرك ؟

فقال على: يا أميرالمؤمنين! إنّك قد علمت أنّ الله - تبارك وتعالي - بعث نبيّه محمّداً صلّى الله عليه و سلّم وليس معه ثان ولا له فى الأرض من ناصر ولا له من عدوّه مانع، ثمّ لطف - تبارك وتعالي - بحوله وقوّته وطوله فجعل له أعواناً أعزّ بهم دينه، وشدّ أزره، وشيّد بهم أمره، وقصم بهم كلّ جبّار عنيد وشيطان مريد، وأري موازريه وناصريه من الفتوح والظهور علي الأعداء ما دام به سرورهم وقرّت به أعينهم، وقد تكفّل الله - تبارك وتعالي - لأهل هذا الدين بالنصر والظفر والإعزاز، والّذى نصرهم مع نبيّهم وهم قليلون هو الّذى ينصرهم اليوم إذ هم كثيرون، وبعد فإنّك أفضل أصحابك رأياً وأيمنهم نقيبة، وقد حملك الله - عزّ وجلّ - أمر رعيّتك، فهو الّذى يوفّقك للصواب ودين الحقّ ليظهره علي الدين كلّه ولو كره المشركون، فأبشر بنصر الله - عزّ وجلّ - الّذى وعدك, وكن علي ثقة من ربّك, فإنّه لا يخلف الميعاد.

ص:210


1- (1) . تاريخ الطبرى 122/4 - 126 ، [1] حوادث سنة إحدي وعشرين, وأورده ابن الأثير فى الكامل 3/3 ، حوادث سنة إحدي وعشرين، ذكر وقعة نهاوند.

وبعد فقد رأيت قوماً أشاروا عليك بمشورة بعد مشورة فلم تقبل ذلك منهم, ولم يأخذ بقلبك شىء ممّا أشاروا به عليك؛ لأنّ كلّ مشير إنّما يشير بما يدركه عقله، واُعلمك يا أميرالمؤمنين، إن كتبت إلي الشام أن يقبلوا إليك من شامهم لم تأمن من أن يأتى هرقل فى جميع النصرانيّة فيغير علي بلادهم ويهدم مساجدهم ويقتل رجالهم ويأخذ أموالهم ويسبى نساءهم وذرّيّتهم، وإن كتبت إلي أهل اليمن أن يقبلوا من يمنهم أغارت الحبشة أيضاً علي ديارهم ونسائهم وأموالهم وأولادهم، وإن سرت بنفسك مع أهل مكّة والمدينة إلي أهل البصرة والكوفة ثمّ قصدت بهم قصد عدوّك انتقضت عليك الأرض من أقطارها وأطرافها، حتّي إنّك تريد بأن يكون من خلفته وراءك أهمّ إليك ممّا تريد أن تقصده، ولا يكون للمسلمين كانفة تكنفهم ولا كهف يلجؤون إليه، وليس بعدك مرجع ولا موئل إذ كنت أنت الغاية والمفزع والملجأ، فأقم بالمدينة ولا تبرحها فإنّه أهيب لك فى عدوّك وأرعب لقلوبهم، فإنّك متي غزوت الأعاجم بنفسك يقول بعضهم لبعض: إنّ ملك العرب قد غزانا بنفسه لقلّة أتباعه وأنصاره. فيكون ذلك أشدّ لكلبهم عليك وعلي المسلمين، فأقم بمكانك الّذى أنت فيه وابعث من يكفيك هذا الأمر, والسلام.

فقال عمر رضي الله عنه : يا أباالحسن، فما الحيلة فى ذلك وقد اجتمعت الأعاجم عن بكرة أبيها بنهاوند فى خمسين ومئة ألف يريدون استئصال المسلمين ؟

فقال له على بن أبى طالب عليه السّلام : الحيلة أن تبعث إليهم رجلاً محرباً قد عرفته بالبأس والشدّة، فإنّك أبصر بجندك وأعرف برجالك، واستعن بالله وتوكّل عليه واستنصره للمسلمين، فإنّ استنصاره لهم خير من فئة عظيمة تمدّهم بها، فإن أظفر الله المسلمين فذلك الّذى تحبّ وتريد، وإن يكن الاُخري - وأعوذ بالله من ذلك - أن تكون ردءاً للمسلمين وكهفاً لهم يلجؤون إليه وفئة ينحازون إليها.

فقال له عمر: نعم ما قلت يا أباالحسن! ولكنّى أحببت أن يكون أهل البصرة وأهل الكوفة هم الّذين يتولّون حرب هؤلاء الأعاجم فإنّهم قد ذاقوا حربهم وجرّبوهم ومارسوهم فى غير موطن.

ص:211

فقال له على رضي الله عنه : إن أحببت ذلك فاكتب إلي أهل البصرة أن يفترقوا علي ثلاث فرق: فرقة تقيم فى ديارهم فيكونوا حرساً لهم يدفعون عن حريمهم، والفرقة الثانية يقيمون فى المساجد يعمرونها بالأذان والصلاة؛ لكيلا يعطّل الصلاة, ويأخذون الجزية من أهل العهد؛ لكيلا ينتقضوا عليك، والفرقة الثالثة يسيرون إلي إخوانهم من أهل الكوفة، ويصنع أهل الكوفة أيضاً كصنع أهل البصرة، ثمّ يجتمعون ويسيرون إلي عدوّهم فإنّ الله - عزّ وجلّ - ناصرهم عليهم ومظفّرهم بهم، فثق بالله ولا تيأس من روح الله، إنّه لا ييأس من روح الله الّا القوم الكافرون.

فلمّا سمع عمر مقالة على - كرّم الله وجهه - ومشورته أقبل علي الناس وقال: ويحكم! عجزتم كلّكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبوالحسن، والله لقد كان رأيه رأيى الّذى رأيته فى نفسى.

ثمّ أقبل عليه عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال: يا أباالحسن، فأشر على الآن برجل ترتضيه ويرتضيه المسلمون أجعله أميراً وأستكفيه من هؤلاء الفرس. فقال على رضي الله عنه : قد أصبته.

قال عمر: ومن هو؟ قال: النعمان بن مقرّن المزنى.

فقال عمر وجميع المسلمين: أصبت يا أباالحسن، وما لها من سواه. (1)

8861. الدينورى : ثمّ كانت وقعة نهاوند سنة إحدي وعشرين، وذلك أنّ العجم لمّا قتلوا بجلولاء وهرب يزدجرد، فسار بقم، ووجّه رسله فى البلدان يستجيش، فغضب له أهل مملكته، فتحلّبت إليه الأعاجم من أقطار البلاد، فأتاه أهل قومس، وطبرستان، وجرجان، ودنباوند، والرى، وأصبهان، وهمذان، والماهين، واجتمعت عنده جموع عظيمة، فولّي أمرهم مردان شاه بن هرمز، ووجّهم إلي نهاوند.

وكتب عمّار بن ياسر إلي عمر بن الخطّاب بذلك، فخرج عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وبيده الكتاب حتّي صعد المنبر، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: يا معشر العرب، إنّ الله أيّدكم

ص:212


1- (1) . الفتوح 36/2 - 40 ، ذكر مشورة على بن أبى طالب - رضوان الله عليه - .

بالإسلام، وألّف بينكم بعد الفرقة ... وهذا كتاب عمّار بن ياسر يذكر أنّ أهل قومس وطبرستان ودنباوند وجرجان والرى وأصبهان وقم وهمذان والماهين وماسبذان قد أجفلوا (1) إلي ملكهم، ليسيروا إلي إخوانكم بالكوفة والبصرة حتّي يطردوهم من أرضهم، ويغزوكم فى بلادكم، فأشيروا على.

فتكلّم طلحة بن عبيدالله، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّ الاُمور قد حنّكتك، وإنّ الدهور قد جرّبتك، وأنت الوالى، فمرنا نطع، واستنهضنا نهض.

ثمّ تكلّم عثمان بن عفّان، فقال: يا أميرالمؤمنين، اكتب إلي أهل الشام فيسيروا من شامهم، وإلي أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، وإلي أهل البصرة، فيسيروا من بصرتهم، وسر أنت بأهل هذا الحرم حتّي توافى الكوفة، وقد وافاك المسلمون من أقطار أرضهم وآفاق بلادهم، فإنّك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعاً وأعزّ نفراً.

فقال المسلمون من كلّ ناحية: صدق عثمان. فقال عمر لعلى - رضى الله عنهما - : ما تقول أنت يا أباالحسن ؟

فقال على رضي الله عنه : إنّك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلي ذراريّهم، وإن سيّرت أهل اليمن من يمنهم خلّفت الحبشة علي أرضهم، وإن شخصت أنت من هذا الحرم انتقضت عليك الأرض من أقطارها، حتّي يكون ما تدع وراءك من العيالات أهمّ إليك ممّا قدّامك، وإنّ العجم إذا رأوك عياناً قالوا: هذا ملك العرب كلّها. فكان أشدّ لقتالهم، وإنّا لم نقاتل الناس علي عهد نبيّنا صلّى الله عليه و سلّم ولا بعده بالكثرة، بل اكتب إلي أهل الشام أن يقيم منهم بشامهم الثلثان، ويشخص الثلث، وكذلك إلي عمّان، وكذلك سائر الأمصار والكور.

فقال عمر: هو الرأى الّذى كنت رأيته، ولكنّى أحببت أن تتابعونى عليه. فكتب بذلك إلي الأمصار ... . (2)

ص:213


1- (1) . أجفلوا: أسرعوا.
2- (2) . الأخبار الطوال ص133 - 135 ، [1] وقعة نهاوند.

8862. أبوعبيد : حدّثنا محمّد بن عبدالله الأنصارى، عن النهّاس بن قهم، قال: حدّثنى القاسم بن عوف، عن أبيه، عن السائب بن الأقرع - أو عن عمرو بن السائب بن الأقرع - , عن أبيه - شكّ الأنصارى - , قال:

زحف للمسلمين زحف لم يزحف لهم مثله، فجاء الخبر إلي عمر، فجمع المسلمين، فحمد الله وأثني عليه ثمّ أخبرهم به، ثمّ قال: تكلّموا وأوجزوا ولا تطنبوا فتفشّغ بنا الاُمور فلا ندرى بأيّها نأخذ. فقام طلحة، فذكر كلامه، ثمّ قام الزبير، فذكر كلامه، ثمّ قام عثمان فذكر كلامه - فى حديث طويل - ثمّ قام على، فقال:

يا أميرالمؤمنين، إنّ القوم إنّما جاؤوا بعبادة الأوثان، وإنّ الله أشدّ تغييراً لما أنكروا، وإنّى أري أن تكتب إلي أهل الكوفة فيسير ثلثاهم ويبقي ثلث فى ذراريّهم وحفظ جزيتهم، وتبعث إلي أهل البصرة فيورّوا ببعث.

فقال: أشيروا على، من أستعمل عليهم ؟ فقالوا: يا أميرالمؤمنين، أنت أفضلنا رأياً وأعلمنا بأهلك.

فقال: لأستعملنّ عليهم رجلاً يكون لأوّل أسنّة يلقاها، اذهب بكتابى هذا يا سائب بن الأقرع إلي النعمان بن مقرّن.

قال: فأمره بمثل الّذى أشار به على. قال: فإن قتل النعمان بن مقرّن فحذيفة بن اليمان، فإن قتل حذيفة فجرير بن عبدالله، فإن قتل ذلك الجيش فلا ارينّك وأنت علي ما أصابوا من غنيمة, فلا ترفعنّ إلى باطلاً، ولا تحبسنّ حقّاً عن أحد هو له.

قال السائب: فانطلقت بكتاب عمر إلي النعمان فسار بثلثى أهل الكوفة، وبعث إلي أهل البصرة، ثمّ سار بهم، حتّي التقوا بنهاوند ... . (1)

8863. أبوالشيخ : حدّثنا محمّد بن عمر بن حفص، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم

ص:214


1- (1) . الأموال ص 266 - 267 (626)، [1] وعنه ابن زنجويه فى الأموال 580/2 - 582 (956)، [2] والبلاذرى فى فتوح البلدان 373/2 (763), [3] مختصراً.

شاذان، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله الأنصارى، قال: حدّثنى النهّاس بن قهم القيسى، عن القاسم بن عوف، عن أبيه - أو عن رجل - , عن السائب بن الأقرع، قال:

نبّئ عمر بن الخطّاب بزحف لم يزحف بمثله قطّ ، زحف لهم أهل أصبهان، وأهل ماه (1)، وأهل همذان، وأهل الرى، وأهل قومس، وأهل آذربيجان، وأهل نهاوند. قال: فجاء الخبر إلي عمر بن الخطّاب، فجمع الناس، وحمد الله وأثني عليه، وقال: إنّه قد زحف للمسلمين زحف لم يزحف لهم بمثله قطّ ، فقوموا فتكلّموا وأوجزوا ولا تطنبوا، فتفشّغ بنا الاُمور، فلا ندرى بأيّها نأخذ.

قال: فقام طلحة بن عبيدالله، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فهذا يوم له ما بعده من الأيّام، وأنت يا أميرالمؤمنين أفضلنا رأياً، وأعلمنا. ثمّ سكت.

ثمّ قام الزبير بن العوّام، فحمد الله وأثني عليه، وتكلّم بنحو من كلام صاحبه، ثمّ جلس.

ثمّ قام عثمان بن عفّان، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام وإنّى أري من الرأى يا أميرالمؤمنين أن تسير بنفسك وبأهل الحجاز، وبأهل الشام، وأهل العراق، حتّي تلقاهم بنفسك، فإنّك أبعد العرب صوتاً، وأعظمهم منزلة.

ثمّ قام على بن أبى طالب، فحمد الله وأثني عليه، وقال: أمّا بعد، فهذا يوم له ما بعده من الأيّام، وإنّى لا أري يا أميرالمؤمنين ما رأي هؤلاء أن تسير بنفسك، ولا بأهل الحجاز، ولا بأهل الشام، ولا بأهل العراق، فإنّ القوم إنّما جاؤوا بعبادة الشيطان، والله أشدّ تغييراً لما أنكر، ولكن أري أن تبعث إلي أهل الكوفة فتسير ثلثيهم، وتدع فى حفظ ذراريّهم وجمع جزيتهم، وتبعث إلي أهل البصرة فيورّوا ببعث، فإنّ القوم إنّما جاؤوا بعبادة الشيطان، والله أشدّ تغييراً لما أنكر.

فقال: أشيروا على من أستعمل عليهم ؟ قالوا: يا أميرالمؤمنين، أنت أفضلنا رأياً وأعلمنا بأهلك. قال: لأستعملنّ عليهم رجلاً يكون أوّل أسنّة يلقاها، اذهب بكتابى هذا

ص:215


1- (1) . الماه: القصبة، ومنه ماه نهاوند، وماه دينار. وماه دينار: اسم كورة الدينور. وماه: اسم لمجموع بلاد فى جبال ايران كنهاوند وهمذان.

يا سائب بن الأقرع إلي النعمان بن مقرّن، فليسر بثلثى أهل الكوفة ويدع ثلثاً فى حفظ ذراريّهم وجمع جزيتهم، وليبعث إلي أهل البصرة فليورّوا ببعث ... . (1)

8864. أبونعيم : حدّثنا فاروق الخطّابى، حدّثنا أبوخالد عبدالعزيز بن معاوية القرشى، حدّثنا محمّد بن عبدالله الأنصارى، حدّثنى النهّاس بن قهم، عن القاسم بن عوف الشيبانى، عن أبيه، عن السائب بن الأقرع، قال:

زحف للمسلمين علي عهد عمر بن الخطّاب زحف لم يزحف لهم بمثله قطّ , زحف لهم أهل ماه وأهل أصبهان وأهل همذان وأهل الرى وأهل قومس وأهل آذربيجان وأهل نهاوند، فلمّا جاء عمر الخبر جمع الناس فخطبهم فحمد الله وأثني عليه, وقال: إنّه زحف للمسلمين زحف لم يزحف لهم بمثله قطّ , زحف لهم أهل ماه وأهل أصبهان وأهل الرى وقومس وآذربيجان ونهاوند وهمذان، فقوموا فتكلّموا وأوجزوا ولا تطنبوا فتفّشغ بنا الاُمور ولا ندرى بأيّها نأخذ.

قال: فقام طلحة بن عبيدالله - وكان من خطباء قريش - فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فإنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، وأنت أميرالمؤمنين أفضلنا رأياً وأعلمنا. ثمّ جلس.

فقام الزبير بن العوّام فحمد الله وأثني عليه، فقال: أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فهذا يوم له ما بعده من الأيّام، وإنّى أري من الرأى يا أميرالمؤمنين أن تسير بنفسك. وتكلّم بنحو كلام صاحبه، ثمّ جلس.

وقام عثمان بن عفّان فحمد الله وأثني عليه، فقال: أمّا بعد، فهذا يوم له ما بعده من الأيّام، وإنّى أري من الرأى يا أميرالمؤمنين أن تسير بنفسك بأهل الحجاز وبأهل الشام والعراق حتّي تلقاهم بنفسك، فإنّك أبعد العرب صوتاً وأعظمهم منزلة.

ص:216


1- (1) . طبقات المحدّثين 181/1 - 183 ، [1] ذكر فتوح أصبهان ومشاورة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم علي رسوله فيها وأجوبتهم له.

ثمّ قام على بن أبى طالب فحمد الله وأثني عليه, فقال: أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فهذا يوم له ما بعده من الأيّام، وإنّى لا أري يا أميرالمؤمنين ما رأي هؤلاء القوم أن تسير بنفسك وبأهل الحجاز والشام والعراق، فإنّ القوم إنّما جاؤوا لعبادة الشيطان، والله أشدّ تغييراً لما أنكر، ولكنّى أري أن تبعث إلي أهل الكوفة فتسيّر ثلثيهم وتدع ثلثاً فى حفظ ذراريّهم وجمع جزيتهم، وتبعث إلي أهل البصرة فليورّوا ببعث.

قال: فقال عمر: أشيروا على من أستعمل منهم ؟ قالوا: أنت يا أميرالمؤمنين أفضلنا رأياً وأعلمنا بأهلك.

قال: لأستعملنّ عليهم رجلاً يكون لأوّل أسنّة يلقاها, يا السائب بن الأقرع، اذهب بكتابى هذا إلي النعمان بن مقرّن المزنى, فليسر بثلثى أهل الكوفة وليدع ثلثاً فى حفظ ذراريّهم وجمع جزيتهم، وأنت علي ما أصابوا من غنيمة ... . (1)

8865. ابن حبّان : فلمّا دخلت السنة الحادية والعشرون مات خالد بن الوليد بحمص وأوصي إلي عمر بن الخطّاب.

ثمّ كان فتح نهاوند وأميرها النعمان بن مقرّن، وذلك أنّ أهل الرى وأصبهان وهمذان ونهاوند تعاقدوا وتعاهدوا وقالوا: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم - نبى العرب الّذى أقام لها دينها - مات، وإنّ ملكهم من بعده ملك يسيراً - يعنى أبابكر - ثمّ هلك، وإنّ عمر قد طال ملكه ومكثه وتأخّر أمره حتّي جيش إليكم الجيوش فى بلادكم، وليس بمنقطع عنكم حتّي تسيروا إليهم فى بلادهم فتقتلوهم.

فلمّا بلغ الخبر أهل الكوفة من المسلمين كتبوا إلي عمر, فلمّا أخذ عمر الصحيفة مشي بها إلي منبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو باك وجعل ينادى: أين المسلمون ؟! أين المهاجرون والأنصار؟! من هاهنا من المسلمين ؟! فلم يزل ينادى حتّي امتلأ عليه المسجد رجالاً، ثمّ صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه, ثمّ قال:

ص:217


1- (1) . أخبار أصبهان 19/1 - 20 ، [1] ذكر فتح أصبهان.

أمّا بعد أيّها الناس، فإنّ الشيطان قد جمع لكم جموعاً كثيرة وأقبل بها عليكم، ألا وإنّ أهل الرى وأصبهان وأهل همذان وأهل نهاوند امم مختلفة ألوانها وأديانها، ألا وإنّهم تعاقدوا وتعاهدوا علي أن يسيروا إليكم فيقتلوكم، ألا وإنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، ألا فأشيروا على برأيكم.

فقام طلحة بن عبيدالله فحمد الله وأثني عليه, ثمّ قال: أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فقد حنكتك البلايا وعجمتك التجارب، وقد ابتليت يا أميرالمؤمنين واختبرت، فلم ينكشف شىء من عواقب قضاء الله لك الّا عن خيار، وأنت يا أميرالمؤمنين ميمون النقيبة مبارك الأمر، فمرنا نطع، وادعنا نجب، واحملنا نركب. فأثني عمر علي طلحة خيراً ثمّ جلس.

فقام عثمان بن عفّان فحمد الله وأثني عليه, ثمّ قال: يا أميرالمؤمنين، إنّى أري أن تكتب إلي أهل الشام فيسيرون إليك من شامهم، وتكتب إلي أهل اليمن فيسيرون من يمنهم، وتسير أنت بمن معك من أهل هذين الحرمين إلي هذين المصرين، فإنّك لو فعلت ذلك كنت أنت الأعزّ الأكبر، وإنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام. وأثني عليه عمر فجلس.

فقام على بن أبى طالب فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد يا أميرالمؤمنين، فإنّك إن تكتب إلي أهل الشام أن يسيروا إليك من شامهم إذا تسير الروم إلي ذراريّهم فتسبيهم، وإن تكتب إلي أهل اليمن أن يسيروا إليك من يمنهم إذا تسير الحبشة إلي ذراريّهم فتسبيهم، وإن سرت أنت بمن معك من أهل هذين الحرمين إلي هذين المصرين إذاً والله انتقضت عليك الأرض من أقطارها وأكنافها، وكان والله يا أميرالمؤمنين من تخلف وراءك من العورات والعيالات أهمّ إليك ممّا بين يديك من العجم، والله يا أميرالمؤمنين، لو أنّ العجم نظروا إليك عياناً إذاً لقالوا: هذا عمر، هذا إريس (1) العرب! كان والله أشدّ لحربهم وجرأتهم عليك، وأمّا ما كرهت من مسير هؤلاء القوم، فإنّ الله أكره لمسيرهم منك وهو أقدر علي تغيير ما كره، وأمّا ما ذكرت من كثرتهم فإنّا كنّا ما

ص:218


1- (1) . إريس او إرّيس: أمير.

نقاتل مع نبيّنا بالكثرة ولكنّا نقاتل معه بالنصرة من السماء.

وأنا أري يا أميرالمؤمنين رأياً من تلقاء نفسى، رأيى أن تكتب إلي أهل البصرة فيفترقوا علي ثلاث فرق: فرقة تقيم فى أهل عهودهم بأن لا ينتقضوا عليهم، وفرقة تقيم من ورائهم فى ذراريّهم، وفرقة تسير إلي إخوانهم بالكوفة مدداً لهم.

فطبق عمر، ثمّ أهلّ مكبّراً يقول: الله أكبر, الله أكبر! هذا رأى، هذا رأى! كنت احبّ أن اتابع صدق ابن أبى طالب، لو خرجت بنفسى لنقضت على الأرض من أقطارها، ولو أنّ العجم نظروا إلى عياناً ما زالوا عن العرص حتّي يقتلونى أو أقتلهم، أشر على يا على بن أبى طالب برجل اولّيه هذا الأمر.

قال: ما لى ولهم! هم أهل العراق وفدوا عليك ورأوك ورأيتهم وتوسمتهم وأنت أعلمنا بهم.

قال عمر: إن شاء الله لاُولّينّ الراية غداً رجلاً يكون لأوّل أسنّة يلقاها، وهو النعمان بن مقرّن المزنى.

ثمّ دعا عمر السائب بن الأقرع الكندى فقال: يا سائب، أنت حفيظ علي الغنائم بأن تقاسمها، فإن الله أغنم هذا الجيش شيئاً فلا تمنعوا أحداً حقّاً هو له، ثكلتك امّك يا سائب! وإنّ هذا الجيش هلك فاذهب عنّى فى عرض الأرض فلا أنظر إليك بواحدة، فإنّك تجيئنى بذكر هذا الجيش كلّما رأيتك ... . (1)

8866. ابن كثير : والمقصود أنّ أهل فارس اجتمعوا من كلّ فجّ عميق بأرض نهاوند حتّي اجتمع منهم مئة ألف وخمسون ألف مقاتل، وعليهم الفيرزان - ويقال: بندار، ويقال: ذو الحاجب - , وتذامروا فى ما بينهم، وقالوا: إنّ محمّداً الّذى جاء العرب لم يتعرّض لبلادنا، ولا أبوبكر الّذى قام بعده تعرّض لنا فى دار ملكنا، وإنّ عمر بن الخطّاب هذا لمّا طال ملكه انتهك حرمتنا وأخذ بلادنا، ولم يكفه ذلك حتّي أغزانا فى

ص:219


1- (1) . الثقات 224/2 - 227 ، حوادث السنة الحادية والعشرون، فتح نهاوند.

عقر دارنا، وأخذ بيت المملكة وليس بمنته حتّي يخرجكم من بلادكم. فتعاهدوا وتعاقدوا علي أن يقصدوا البصرة والكوفة ثمّ يشغلوا عمر عن بلاده, وتواثقوا من أنفسهم وكتبوا بذلك عليهم كتاباً.

فلمّا كتب سعد بذلك إلي عمر - وكان قد عزل سعداً فى غضون ذلك - شافه سعد عمر بما تمالؤوا عليه وتصدّوا إليه، وأنّه قد اجتمع منهم مئة وخمسون ألفاً.

وجاء كتاب عبدالله بن عبدالله بن عتبان من الكوفة إلي عمر مع قريب بن ظفر العبدى بأنّهم قد اجتمعوا وهم متحرّفون متذامرون علي الإسلام وأهله، وأنّ المصلحة يا أميرالمؤمنين أن نقصدهم فنعاجلهم عمّا همّوا به وعزموا عليه من المسير إلي بلادنا.

فقال عمر لحامل الكتاب: ما اسمك ؟ قال: قريب. قال: ابن من ؟ قال: ابن ظفر. فتفاءل عمر بذلك وقال: ظفر قريب.

ثمّ أمر فنودى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس وكان أوّل من دخل المسجد لذلك سعد بن أبى وقّاص، فتفاءل عمر أيضاً بسعد، فصعد عمر المنبر حتّي اجتمع الناس فقال: إنّ هذا يوم له ما بعده من الأيّام، ألا وإنّى قد هممت بأمر فاسمعوا وأجيبوا وأوجزوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، إنّى قد رأيت أن أسير بمن قبلى حتّي أنزل منزلاً وسطاً بين هذين المصرين فأستنفر الناس، ثمّ أكون لهم ردءاً حتّي يفتح الله عليهم.

فقام عثمان وعلى وطلحة والزبير وعبدالرحمان بن عوف فى رجال من أهل الرأى، فتكلّم كلّ منهم بانفراده فأحسن وأجاد، واتّفق رأيهم علي أن لا يسير من المدينة، ولكن يبعث البعوث ويحصرهم برأيه ودعائه.

وكان من كلام على رضي الله عنه أن قال: يا أميرالمؤمنين، إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولاقلّة، هو دينه الّذى أظهره، وجنده الّذى أعزّه وأمدّه بالملائكة حتّي بلغ ما بلغ، فنحن علي موعود من الله, والله منجز وعده، وناصر جنده، ومكانك منهم يا أميرالمؤمنين مكان النظام من الخرز يجمعه ويمسكه، فإذا انحلّ تفرّق ما فيه وذهب، ثمّ لم يجتمع بحذافيره أبداً، والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهم كثير عزيز بالإسلام، فأقم

ص:220

مكانك واكتب إلي أهل الكوفة فيهم أعلام العرب ورؤساؤهم، فليذهب منهم الثلثان ويقيم الثلث، واكتب إلي أهل البصرة يمدّونهم أيضاً.

وكان عثمان قد أشار فى كلامه أن يمدّهم فى جيوش من أهل اليمن والشام، ووافق عمر علي الذهاب إلي ما بين البصرة والكوفة، فردّ على علي عثمان فى موافقته علي الذهاب إلي ما بين البصرة والكوفة - كما تقدّم - وردّ رأى عثمان فى ما أشار به من استمداد أهل الشام خوفاً علي بلادهم إذا قلّ جيوشها من الروم، ومن أهل اليمن خوفاً علي بلادهم من الحبشة، فأعجب عمر قول على وسرّ به. (1)

8867. ابن أبي الحديد : استشار عمر المسلمين فى أمر القادسيّة، فأشار عليه على بن أبى طالب - فى رواية أبي الحسن على بن محمّد بن سيف المدائنى - الّا يخرج بنفسه، وقال: إنّك إن تخرج لا يكن للعجم همّة الّا استئصالك؛ لعلمهم أنّك قطب رحي العرب، فلا يكون للإسلام بعدها دولة. وأشار عليه غيره من الناس أن يخرج بنفسه، فأخذ برأى على عليه السّلام . (2)

3. حُلى الكعبة

برواية:

1. الحسين بن على عليهما السّلام-3. ما ورد مرسلاً

2. عبدالله بن عبّاس

1.الحسين بن على عليهما السّلام

8868. الأزرقى : حدّثنى جدّى، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن رجل، عن الحسين بن على:

ص:221


1- (1) . البداية والنهاية 106/7 - 107 ، [1] حوادث سنة إحدي وعشرين, ففيها كانت وقعة نهاوند.
2- (2) . شرح نهج البلاغة 97/9 ، شرح الخطبة 146 .

إنّ عمر رضي الله عنه قال لعلى بن أبى طالب رضي الله عنه : لقد هممت أن أقسم هذا المال - يعنى مال الكعبة - ، فقال له على: إن استطعت ذلك. فقال عمر: وما لى لا أستطيع ذلك ؟ أو لا تعيننى علي ذلك ؟ فقال على: إن استطعت ذلك. فردّها عمر ثلاثاً. فقال على رضي الله عنه : ليس ذلك إليك. فقال عمر: صدقت. (1)

2.عبدالله بن عبّاس

8869. الأزرقى : كان ابن عبّاس يقول:

سمعت عمر رضي الله عنه يقول: إنّ تركى هذا المال فى الكعبة لا آخذه فأقسمه فى سبيل الله تعالي وفى سبيل الخير، وعلى بن أبى طالب يسمع ما يقول، فقال: ما تقول يا ابن أبى طالب ؟ أحلف بالله لئن شجّعتنى عليه لأفعلنّ .

قال: فقال له على: أ تجعله فيئاً؟ وأحري صاحبه رجل يأتى فى آخر الزمان ضرب أدم طويل. فمضي عمر. (2)

3.ما ورد مرسلاً

8870. الزمخشرى : قيل لعمر رضي الله عنه : لو أخذت حلى الكعبة فجهّزت به جيوش المسلمين، وما تصنع الكعبة بالحلى ؟ فسأل عليّاً رضي الله عنه ، فقال: إنّ القرآن أنزل علي النبى صلّى الله عليه و سلّم والأموال أربعة: أموال المسلمين، فقسّمها بين الورثة فى الفرائض، والفىء، فقسّمه علي مستحقّيه، والخمس، فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات، فجعلها الله حيث جعلها، وكان حلى الكعبة فيها يومئذ فتركه الله علي حاله، ولم يتركه نسياناً، ولم يخف عليه مكاناً، فأقرّه حيث أقرّه الله ورسوله.

فقال له عمر: لولاك لافتضحنا! وتركه. (3)

ص:222


1- (1) . أخبار مكّة 246/1 ، [1] ذكر الجبّ الّذى كان فى الجاهليّة فى الكعبة.
2- (2) . أخبار مكّة 246/1 ، [2] ذكر الجبّ الّذى كان فى الجاهليّة فى الكعبة.
3- (3) . ربيع الأبرار 26/4 ، باب اللباس والحلى ... . [3]
4. تقسيم سواد الكوفة

برواية:

1. حارثة بن مضرّب-2. ما ورد مرسلاً

1.حارثة بن مضرّب

8871. يحيي بن آدم : حدّثنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن حارثة بن مضرّب:

عن عمر رضي الله عنه أنّه أراد أن يقسّم أهل السواد بين المسلمين، وأمر بهم أن يحصوا، فوجدوا الرجل المسلم يصيبه ثلاثة من الفلاحين - يعنى العلوج - فشاور أصحاب النبى صلّى الله عليه و سلّم فى ذلك، فقال على - رضى الله عنهم - : دعهم يكونوا مادّة للمسلمين. فبعث عثمان بن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين، وأربعة وعشرين، واثني عشر. (1)

8872. أبوعبيد : حدّثنا إسماعيل بن جعفر، عن إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن حارثة بن مضرّب:

عن عمر أنّه أراد أن يقسّم السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا، فوجد الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين، فشاور فى ذلك، فقال له على بن أبى طالب: دعهم يكونوا مادّة للمسلمين. فتركهم وبعث عليهم عثمان بن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين، وأربعة وعشرين، واثني عشر. (2)

8873. ابن زنجويه : أنبأنا عبيدالله بن موسي، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن حارثة:

أنّ عمر أراد أن يقسّم أهل السواد بين المسلمين، فأمر بهم أن يحصوا، فوجد الرجل

ص:223


1- (1) . عنه البيهقى بإسناده إليه فى السنن الكبري 134/9 ، كتاب السير، باب السواد, [1] واللفظ له, والبلاذرى فى فتوح البلدان 326/2 (660). [2]
2- (2) . الأموال ص64 (151)، [3] وعنه الخرائطى فى مكارم الأخلاق 456/2 (884), ومن طريق ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 192/2 - 193 ، باب ذكر حكم الأرضين وما جاء فيه عن السلف الماضية. [4]

يصيبه ثلاثة من الفلاحين، فشاور فيهم، فقال له على: دعهم يكونون مادّة للمسلمين. فبعث عليهم عثمان بن حنيف، فوضع عليهم ثمانية وأربعين, وأربعة وعشرين، واثني عشر. (1)

2.ما ورد مرسلاً

8874. ياقوت : وقيل: أراد عمر قسمة السواد بين المسلمين, فأمر أن يحصوا فوجدوا الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين، فشاور أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فى ذلك، فقال على رضي الله عنه : دعهم يكونوا مادّة للمسلمين. فبعث عثمان بن حنيف الأنصارى فمسح الأرض ووضع الخراج ووضع علي رؤوسهم ما بين ثمانية وأربعين درهماً، وأربعة وعشرين درهماً، واثني عشر درهماً، وشرط عليهم ضيافة المسلمين وشيئاً من بُرّ وعسل، ووجد السواد ستّة وثلاثين ألف ألف جريب، فوضع علي كلّ جريب درهماً وقفيزاً. (2)

5. تقسيم الغنائم والفىء، وما يجوز للحاكم صرفه من بيت المال

برواية:

1. أبي امامة بن سهل بن حنيف-6. عبدالله بن عبّاس

2. أبي البخترى-7. عبدالله بن عمر

3. الربيع بن زياد-8. عبدالملك بن عمير

4. سعيد بن المسيّب-9. على بن أبى طالب عليه السّلام

5. طلحة بن عبيدالله-10. ما ورد مرسلاً

1.أبواُمامة بن سهل بن حنيف

8875. الواقدى : حدّثنى عثمان بن عبدالله بن زياد مولي مصعب بن الزبير، عن أيّوب بن أبي امامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، قال:

ص:224


1- (1) . الأموال 159/1 - 160 (158) [1] وص 195 (230).
2- (2) . معجم البلدان 312/3 « [2]السواد» (6717).

مكث عمر زماناً لا يأكل من المال شيئاً حتّي دخلت عليه فى ذلك خصاصة، وأرسل إلي أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فاستشارهم فقال: قد شغلت نفسى فى هذا الأمر، فما يصلح لى منه ؟ فقال عثمان بن عفّان: كل وأطعم.

قال: وقال ذلك سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.

وقال لعلى: ما تقول أنت فى ذلك ؟ قال: غداء وعشاء. قال فأخذ عمر بذلك. (1)

2.أبوالبخترى

8876. عثمان بن أبى شيبة : حدّثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البخترى، قال:

قال عمر بن الخطّاب: إنّه قد فضل عندنا مال، وقد أعطيت الناس حقوقهم، فكيف ترون فيه ؟ قالوا: يا أميرالمؤمنين, لك حوائج وتنوبك أشياء، فخذه فاقض به حاجتك فإنّ أنفسنا لك به طيّبة.

قال: وعلى ساكت، فقال له: ألا تتكلّم يا أباالحسن ؟ فقال قد أشار عليك القوم. فقال: لتقولنّ .

قال: يا أميرالمؤمنين أ تجعل علمك جهلاً، ويقينك ظنّاً؟! قال: قد قلت قولاً لتخرجنّ منه.

قال: أجل، أما تذكر حين بعثك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ساعياً علي الصدقة فأتيت العبّاس فمنعك الصدقة، فأتيتنى فقلت: إنّ العبّاس قد منعنى الصدقة فانطلق معى إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فانطلقت معك فوجدنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مهموماً، فرجعنا ولم نقل له شيئاً. قال: ثمّ أتيناه بعد ذلك فوجدناه قد طابت نفسه، فقال: إنّه فضل عندى ديناران فكانا يهمّانى حتّي وجّهتهما. فقلت: إنّ العبّاس منع الصدقة. قال: عمّ الرجل صنو أبيه!

قال: لا جرم لأشكرنّ لك فى المرّتين كلتيهما. قال: إنّك تؤخّر الشكر وتعجّل العقوبة.

ص:225


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 233/3 ، ترجمة عمر بن [1]الخطّاب (56)، ذكر استخلاف عمر، ورواه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 220/12 ، [2] شرح الخطبة 223 , عن ابن سعد.

رواه جرير بن حازم عن الأعمش فذكر نحوه وقال فيه: لتخرجنّ ممّا قلت أو لاُعاتبنّك. (1)

3.الربيع بن زياد

8877. ابن أبي الحديد : وروي الربيع بن زياد، قال:

قدمت علي عمر بمال من البحرين، فصلّيت معه العشاء، ثمّ سلّمت عليه، فقال: ما قدمت به ؟ قلت: خمسمئة ألف. قال: ويحك! إنّما قدمت بخمسين ألفاً؟ قلت: بل خمسمئة ألف. قال: كم يكون ذلك ؟ قلت: مئة ألف ومئة ألف ومئة ألف، حتّي عددت خمساً، فقال: إنّك ناعس، ارجع إلي بيتك، ثمّ اغد على.

فعدوت عليه, فقال: ما جئت به ؟ قلت: ما قلته لك. قال: كم هو؟ قلت: خمسمئة ألف. قال: أ طيّب هو؟ قلت: نعم، لا أعلم الّا ذلك. فاستشار الصحابة فيه، فاُشير عليه بنصب الديوان، فنصبه، وقسّم المال بين المسلمين، ففضلت عنده فضلة، فأصبح فجمع المهاجرين والأنصار، وفيهم على بن أبى طالب، وقال للناس: ما ترون فى فضل فضل عندنا من هذا المال ؟ فقال الناس: يا أميرالمؤمنين، إنّا شغلناك بولاية امورنا عن أهلك وتجارتك وصنعتك، فهو لك.

فالتفت إلي على فقال: ما تقول أنت ؟ قال: قد أشاروا عليك. قال: فقل أنت.

فقال له: لِمَ تجعل يقينك ظنّاً؟ فلم يفهم عمر قوله، فقال: لتخرجنّ ممّا قلت.

قال: أجل والله، لأخرجنّ منه، أ تذكر حين بعثك رسول الله صلّى الله عليه و آله ساعياً، فأتيت العبّاس بن عبدالمطّلب فمنعك صدقته، فكان بينكما شىء، فجئتما إلى وقلتما: انطلق معنا إلي رسول الله صلّى الله عليه و آله فجئنا إليه، فوجدناه خاثراً فرجعنا، ثمّ غدونا عليه، فوجدناه طيّب النفس، فأخبرته بالّذى صنع العبّاس، فقال لك: يا عمر، أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه! فذكرنا له ما رأينا من خثوره فى اليوم الأوّل وطيب نفسه فى اليوم الثانى، فقال: إنّكم

ص:226


1- (1) . عنه أبونعيم بإسناده إليه فى حلية الأولياء 382/4 ، ترجمة سعيد بن فيروز أبى البخترى (284).

أتيتم فى اليوم الأوّل وقد بقى عندى من مال الصدقة ديناران، فكان ما رأيتم من خثورى لذلك، وأتيتم فى اليوم الثانى وقد وجّهتهما، فذاك الّذى رأيتم من طيب نفسى. أشير عليك الّا تأخذ من هذا الفضل شيئاً، وأن تفضّه علي فقراء المسلمين.

فقال: صدقت، والله لأشكرنّ لك الاُولي والأخيرة. (1)

4.سعيد بن المسيّب

8878. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن جعفر، عن عبدالواحد بن أبى عون، عن محمّد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيّب:

أنّ عمر استشار أصحاب النبى صلّى الله عليه و سلّم فقال: والله لاُطوّقنّكم من ذلك طوق الحمامة، ما يصلح لى من هذا المال ؟ فقال على: غداء وعشاء. قال: صدقت. (2)

5.طلحة بن عبيدالله

8879. أبويوسف : حدّثنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن موسي بن طلحة، [عن أبيه]، قال:

اتى عمر بن الخطّاب بمال فقسّمه بين المسلمين، فبقى منه بقيّة، فشاور القوم فيه، فقال بعضهم: قد أعطيت كلّ ذى حقّ حقّه فأمسك هذه الباقية لنائبة إن كانت. قال: وعلى فى القوم ساكت. قال: فقال عمر: ما تقول يا أباالحسن ؟ قال: فقال على: قد قال القوم. قال فقال عمر: لتقولنّ .

قال: فقال له على: لِمَ تجعل يقينك شكّاً، وتجعل علمك جهلاً؟ قال: فقال له عمر: لتخرجنّ ممّا قلت.

قال: فقال له على: أما تذكر حين بعثك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ساعياً فأتيت العبّاس فلم يعطك وكان بينك وبينه كلام، فوجد عليك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فاستعنت بى عليه، فصلّينا معه

ص:227


1- (1) . شرح نهج البلاغة 99/12 - 100 ، شرح الخطبة 223 .
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 233/3 ، ترجمة عمر بن [1]الخطّاب (56)، ذكر استخلاف عمر.

الظهر فدخل، ثمّ صلّينا معه العصر فدخل، ثمّ استأذنّا عليه فأذن لنا، فاعتذرت إليه فعذرك، ثمّ قال: أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه، إنّا كنّا احتجنا إلي مال فتسلفنا من العبّاس صدقة سنتين. فقلنا: قد صلّينا معك الظهر والعصر. فقال: مال أتانى فقسّمته فبقيت منه فضلة فمكثت فى ذلك حتّي وجدت لها موضعاً.

فقال عمر: وبذلك وأنا بى لم احاربك بها. فقسّم ذلك المال، فأصاب طلحة ثمانمئة درهم. (1)

8880. البزّار : حدّثنا محمّد بن عمر الكندى، قال: حدّثنا هانئ بن سعيد، قال: حدّثنا الحجّاج بن أرطاة، عن عثمان بن عبدالله بن موهب، عن موسي بن طلحة، عن أبيه، قال:

اتى عمر بمال فقسّمه بين المسلمين ففضلت منه فضلة, فاستشار فيها, فقالوا له: لو تركته لنائبة إن كانت.

قال: وعلى لا يتكلّم، فقال: ما لك يا أباالحسن لا تتكلّم ؟ قال: قد أخبرك القوم، قال عمر: لتكلّمنّ .

فقال: إنّ الله قد فرغ من قسمة هذا المال. وذكّره حديث مال البحرين حين جاء إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم وحال بينه وبين أن يقسّمه الليل، فصلّي الصلوات فى المسجد، فلقد رأيت ذلك فى وجه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حتّي فرغ منه فقال: لا جرم لتقسمنّه. فقسّمه على.

قال طلحة: فأصابنى منه ثمانمئة درهم. (2)

8881. ابن سيّد الكلّ : ومن ذلك ما روى عن موسي بن طلحة، عن أبيه، قال:

اتى عمر بمال فقسّمه وفضل فضلة، فاستشار أصحابه، قالوا: خذ لنفسك. ثمّ التفت [إلي] على فقال: ما تقول يا أباالحسن ؟ فقال: أري أن تقسّمه حتّي لا يبقي منه شىء.

ص:228


1- (1) . عنه الشيبانى فى المبسوط 67/2 - 68 ، كتاب الزكاة، باب صدقة البقر.
2- (2) . البحر الزخّار 100/2 - 101 (450)، وأورده ابن سيّد الكلّ فى الأنباء المستطابة ص152 ، ذكر خلافة أميرالمؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه .

ثمّ التفت إلي على عليه السّلام فقال: ويد لك مع أيادى لم أجزك بها (1)، أما والله لئن بقيت ليأتينّ الراعى نصيبه من هذا المال باليمن ودمه فى وجهه. (2)

6.عبدالله بن عبّاس

8882. سيف بن عمر : عن عطيّة، عن أصحابه والضحّاك، عن ابن عبّاس، قال:

لمّا افتتحت القادسيّة وصالح من صالح من أهل السواد وافتتحت دمشق وصالح أهل دمشق قال عمر للناس: اجتمعوا فأحضرونى علمكم فى ما أفاء الله علي أهل القادسيّة وأهل الشام. فاجتمع رأى عمر وعلى علي أن يأخذوا من قبل القرآن، فقالوا: ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى يعنى من الخمس, فَلِلّهِ وَ لِلرَّسُولِ ، إلي الله وإلي الرسول، من الله الأمر و علي الرسول القسم, وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ الآية، ثمّ فسّروا ذلك بالآية الّتى تليها: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ (3) الآية، فأخذوا الأربعة أخماس علي ما قسّم عليه الخمس فى من بُدئ به وثُنّى وثُلّث، وأربعة أخماس لمن أفاء الله عليه المغنم, ثمّ استشهدوا علي ذلك أيضاً: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ (4)، فقسّم الأخماس علي ذلك، واجتمع علي ذلك عمر وعلى، وعمل به المسلمون بعده، فبدأ بالمهاجرين، ثمّ بالأنصار، ثمّ التابعين الّذين شهدوا معهم وأعانوهم، ثمّ فوّض الأعطية من الجزاء علي من صالح أو دعى إلي الصلح من جزائه، مردود عليهم بالمعروف، وليس فى الجزاء أخماس، والجزاء لمن منع الذمّة، ووفّي لهم ممّن ولى ذلك منهم، ولمن لحق بهم فأعانهم، الّا أن يؤاسوا بفضلة من طيب أنفس منهم من لم ينل مثل الّذى نالوا. (5)

ص:229


1- (1) . يعنى هذه نعمة من نعمك الكثيرة الّتى لا أستطيع أن أجزيك بها و أشكرك عليها.
2- (2) . الأنباء المستطابة ص152 ، ذكر خلافة أميرالمؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه .
3- (3) . الحشر/7 - 8 . [1]
4- (4) . الأنفال/41 . [2]
5- (5) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 617/3 - 618 ، حوادث سنة خمس عشرة، ذكر فرض العطاء وعمل الديوان.

7.عبدالله بن عمر

8883. سيف بن عمر : عن محمّد، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال:

جمع الناس عمر بالمدينة حين انتهي إليه فتح القادسيّة ودمشق، فقال: إنّى كنت امرء تاجراً يغنى الله عيالى بتجارتى، وقد شغلتمونى بأمركم، فماذا ترون أنّه يحلّ لى من هذا المال ؟ فأكثر القوم وعلى عليه السّلام ساكت، فقال: ما تقول يا على ؟ فقال: ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف، ليس لك من هذا المال غيره. فقال القوم: القول قول ابن أبى طالب. (1)

8.عبدالملك بن عمير

8884. سيف بن عمر : عن عبدالملك بن عمير، قال:

أصاب المسلمون يوم المدائن بهار كسري، ثقل عليهم أن يذهبوا به، وكانوا يعدّونه للشتاء إذا ذهبت الرياحين، فكانوا إذا أرادوا الشرب شربوا عليه، فكأنّهم فى رياض بساط ستّين فى ستّين، أرضه بذهب، ووشيه بفصوص، وثمره بجوهر، وورقه بحرير وماء الذهب، وكانت العرب تسمّيه القطف، فلمّا قسّم سعد فيئهم فضل عنهم، ولم يتّفق قسمته، فجمع سعد المسلمين، فقال: إنّ الله قد ملأ أيديكم، وقد عسر قسم هذا البساط ، ولا يقوي علي شرائه أحد، فأري أن تطيبوا به نفساً لأميرالمؤمنين يضعه حيث شاء. ففعلوا.

فلمّا قدم علي عمر المدينة رأي رؤياً فجمع الناس، فحمد الله وأثني عليه، واستشارهم فى البساط ، وأخبرهم خبره، فمن بين مشير بقبضه، وآخر مفوّض إليه، وآخر مرقّق، فقام على حين رأي عمر يأبي حتّي انتهي إليه، فقال: لِمَ تجعل علمك جهلاً ويقينك شكّاً! إنّه ليس لك من الدنيا الّا ما أعطيت فأمضيت، أو لبست فأبليت،

ص:230


1- (1) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 616/3 ، حوادث سنة خمس عشرة, ذكر فرض العطاء وعمل الديوان، وابن الأثير فى الكامل 351/2 ، [1] حوادث سنة خمس عشرة، ذكر فروض العطاء وعمل الديوان. وأورده ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 220/12 ، [2] شرح الكلام 223 ، إلا أنّ فيه: «فقال عمر: ما تقول أنت يا أباالحسن ... فقال: القول ما قاله أبوالحسن».

أو أكلت فأفنيت. قال: صدقتنى. فقطّعه فقسّمه بين الناس، فأصاب عليّاً قطعة منه، فباعها بعشرين ألفاً، وما هى بأجود تلك القطع. (1)

9.على بن أبى طالب عليه السّلام

8885. أحمد : حدّثنا وهب بن جرير, حدّثنا أبى، سمعت الأعمش يحدّث عن عمرو بن مرّة، عن أبي البخترى، عن على، قال:

قال عمر بن الخطّاب للناس: ما ترون فى فضْل فَضَل عندنا من هذا المال ؟ فقال الناس: يا أميرالمؤمنين، قد شغلناك عن أهلك وضيعتك وتجارتك، فهو لك. فقال لى: ما تقول أنت ؟ فقلت: قد أشاروا عليك. فقال: قل.

فقلت: لِمَ تجعل يقينك ظنّاً؟ فقال: لتخرجنّ ممّا قلت.

فقلت: أجل، والله لأخرجنّ منه، أتذكر حين بعثك نبى الله صلّى الله عليه و سلّم ساعياً، فأتيت العبّاس بن عبدالمطّلب، فمنعك صدقته، فكان بينكما شىء، فقلت لى: انطلق معى إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم [فلنخبره بالّذى صنع، فانطلقنا إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم ] فوجدناه خاثراً (2) فرجعنا، ثمّ غدونا عليه فوجدناه طيب النفس، فأخبرته بالّذى صنع [العبّاس]، فقال لك: أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه ؟ وذكرنا له الّذى رأيناه من خثوره فى اليوم الأوّل، والّذى رأينا من طيب نفسه فى اليوم الثانى.

فقال: إنّكما أتيتمانى فى اليوم الأوّل وقد بقى عندى من الصدقة ديناران، فكان الّذى رأيتما من خثورى له، وأتيتمانى اليوم وقد وجّهتهما، فذاك الّذى رأيتما من طيب نفسى.

فقال عمر: صدقت، والله لأشكرنّ لك الاُولي والآخرة. (3)

ص:231


1- (1) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 22/4 ، حوادث سنة ستّ عشرة، ذكر صفة قسم الفىء الّذى اصيب بالمدائن، وأورده أبوالربيع الكلاعى فى الاكتفاء بما تضمّنه [1]من مغازى رسول الله [2]والثلاثة الخلفاء 276/4 ، ذكر فتح المدائن، مرسلاً وباختصار.
2- (2) . خاثر النفس: ثقيلها غير طيب ولا نشيط .
3- (3) . مسند أحمد 94/1 (725)، [3] ورواه الدورقى عن أبى البخترى علي ما فى كنز العمّال 192/7 (18617), وما بين المعقوفات منه، وفيه: «ثمّ غدونا عليه العدّ ... من خثورى لذلك».

8886. المحاملى : حدّثنا أحمد بن محمّد [بن يحيي بن سعيد القطّان]، قال: حدّثنا وهب بن جرير، قال: حدّثنا أبى، قال: سمعت الأعمش يحدّث عن عمرو بن مرّة، عن أبي البخترى، عن على عليه السّلام ، أنّه قال:

استشار عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الناس، فقال: ما ترون فى شىء فضل عندنا من هذا المال ؟ قالوا: يا أميرالمؤمنين, قد أشغلناك عن أهلك و ضيعتك وتجارتك، فهو لك. فقال لى: ما تقول ؟ قلت: قد أشاروا عليك، فقال: قل.

قلت: يا أميرالمؤمنين، لِمَ تجعل يقينك ظنّاً، وعلمك جهلاً؟ قال: لتخرجنّ ممّا قلت.

قلت: أجل، والله لأخرجنّ منه، أما تذكر إذ بعثك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ساعياً، فأتيت العبّاس بن عبدالمطّلب فمنعك صدقته، فأتيتنى فقلت: انطلق معى إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فلنخبره بما صنع العبّاس، فأتيناه فوجدناه خاثراً فرجعنا، ثمّ أتيناه فى اليوم الثانى، فوجدناه طيّب النفس، فأخبرناه بالّذى صنع العبّاس، فقال: أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه ؟ فأخبرناه بالّذى رأينا من خثورة نفسه فى اليوم الأوّل، والّذى رأيناه من طيب نفسه فى اليوم الثانى.

فقال: إنّكما أتيتما فى اليوم الأوّل وقد بقيت من الصدقة ديناران، فخشيت أن يأتينى الموت قبل أن اوجّه بهما، ثمّ أتيتمانى ذا اليوم وقد وجّهتهما، فالّذى رأيتم من طيب نفسى من ذلك.

فقال عمر: صدقت، والله لأشكرنّ لك الاُولي والآخرة.

قال: قلت: يا أميرالمؤمنين، لم تؤخّر الشكر؟ (1)

8887. البسوى : حدّثنا عيسي بن محمّد، قال: حدّثنا وهب بن جرير، قال: حدّثنا أبى، قال: سمعت الأعمش يحدّث عن عمرو بن مرّة، عن أبي البخترى، عن على:

ص:232


1- (1) . أمالى المحاملى ص174 - 175 (145), [1] وأورده مرسلاً ابن سيّد الكلّ فى الأنباء المستطابة ص152 ، ذكر خلافة أميرالمؤمنين على بن أبى طالب.

أنّ عمر استشار الناس فقال: ما تقولون فى فضل عندنا من هذا المال ؟ قالوا: يا أميرالمؤمنين، قد شغلتك - أو شغلناك - عن أهلك وضيعتك وتجارتك، فهو لك. قال لى: ما تقول أنت ؟ فقلت: قد أشاروا عليك. قال: قل.

قال: قلت: يا أميرالمؤمنين، لِمَ تجعل يقينك ظنّاً, وعلمك جهلاً؟! قال: لتخرجنّ ممّا قلت أو لاُعاقبنّك.

قلت: أجل، إذاً والله لأخرجنّ منه، أما تذكر إذ بعثك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ساعياً، فأتيت العبّاس فمنعك صدقته، فكان بينكما فأتيتنى فقلت: انطلق معى إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم حتّي اخبره بما صنع العبّاس، فأتيناه فوجدناه خاثراً فرجعنا، ثمّ أتيناه الغد فوجدناه طيّب النفس، فذكرت له الّذى صنع العبّاس، فقال: أما علمت يا عمر أنّ عمّ الرجل صنو أبيه ؟ وقال: إنّا كنّا احتجنا فاستسلفنا العبّاس صدقة عامين.

قال: وذكّرنا الّذى رأينا من خثوره فى اليوم والّذى رأينا من طيب نفسه فى اليوم الثانى. فقال: إنّكما أتيتمانى فى اليوم الأوّل وقد بقى عندى من الصدقة ديناران، فكان الّذى رأيتما من خثورى لذلك، ثمّ أتيتمانى اليوم وقد وجّهتهما وكان الّذى رأيتما من طيب نفسى لذلك.

فقال عمر: صدقت والله، أما والله لأشكرنّ لك الاُولي والآخرة.

قلت: يا أميرالمؤمنين، فلم تعجّل العقوبة, وتؤخّر الشكر؟ (1)

8888. أبويعلي : حدّثنا أبوموسي، حدّثنا وهب بن جرير، حدّثنا أبى، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البخترى، عن على، قال:

قال عمر بن الخطّاب: ما ترون فى فَضْل فَضَل عندنا من هذا المال ؟ فقال الناس: يا أميرالمؤمنين، قد شغلناك عن أهلك وضيعتك وتجارتك، فهو لك. قال لى: ما تقول أنت ؟ قلت: أشاروا عليك.

ص:233


1- (1) . المعرفة والتاريخ 500/1 - 501 ، [1] أخبار عبدالله بن عبّاس وأخبار أبيه، وعنه البيهقى فى السنن الكبري 111/4 ، كتاب الزكاة، باب تعجيل الصدقة.

قال: قل. فقلت: لِمَ تجعل يقينك ظنّاً، وعلمك جهلاً؟! قال: لتخرجنّ ممّا قلت أو لاُعاقبنّك.

فقلت: أجل، والله لأخرجنّ منه، أما تذكر حيث بعثك نبى الله صلّى الله عليه و سلّم ساعياً، فأتيت العبّاس بن عبدالمطّلب، فمنعك صدقته, فقلت لى: انطلق معى إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم فلنخبرنّه بالّذى صنع العبّاس، فانطلقنا إلي النبى صلّى الله عليه و سلّم فوجدناه خاثراً فرجعنا، ثمّ عدنا عليه الغد فوجدناه طيّب النفس فأخبرته بالّذى صنع العبّاس، فقال: أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه ؟ وذكرنا له الّذى رأينا من خثوره فى اليوم الأوّل، وما رأينا من طيب نفسه فى اليوم الثانى، فقال: إنّكما أتيتمانى فى اليوم الأوّل وقد بقى عندى من الصدقة دينار فكان الّذى رأيتما لذلك، وأتيتمانى اليوم وقد وجّهت فذلك الّذى رأيتما من طيب نفسى.

فقال عمر: صدقت. أما والله لأشكرنّ - يعنى لك - الاُولي والآخرة.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، فلِمَ تعجّل العقوبة، وتؤخّر الشكر؟! (1)

10.ما ورد مرسلاً

8889. السرخسى : روى أنّ عمر رضي الله عنه لمّا شاور الصحابة فى مال فضل عنده للمسلمين فأشاروا إليه بتأخير القسمة والإمساك إلي وقت الحاجة وعلى رضي الله عنه فى القوم ساكت, فقال له: ما تقول يا أباالحسن ؟ فقال: لِمَ تجعل يقينك شكّاً, وعلمك جهلاً؟ أري أن تقسّم ذلك بين المسلمين. وروي فيه حديثاً. (2)

الثالث: موقفه عليه السّلام فى شوري الخلافة وما جري فيه

اشارة

كانت خلافة أبى بكر فلتة حصلت فى السقيفة، وكانت خلافة عمر بوصيّة أبى بكر، وكان عمر يفكّر فى الاستخلاف من بعده وذكر أسماء جماعة وقال: لو أنّهم كانوا أحياء

ص:234


1- (1) . مسند أبى يعلي 414/1 - 415 (545).
2- (2) . اصول السرخسى 303/1 - 304 ، فصل الركن، ركن الإجماع.

لعهدت إليهم أمر الخلافة، منهم معاذ بن جبل (1)، وأبوعبيدة الجرّاح (2)، وسالم مولي أبى حذيفة (3)، ولكنّه جعل الأمر شوري تضمن له تحقيق أهدافه فى الاستخلاف بشكل آخر علي أن لا يتجاهل فيها أمر على عليه السّلام ، وعيّن للشوري ستّة أشخاص - وهم: على عليه السّلام , وعثمان, وطلحة, والزبير, وسعد بن أبى وقّاص, وعبدالرحمان بن عوف - وقد رسم طريقة عملهم وجعلهم فى دار تحت مراقبة خمسين رجلاً من الأنصار حتّي يختاروا رجلاً من بينهم باختيار الأكثر، وعند التساوى أوجب عليهم الرجوع إلي ابنه عبدالله والّا قبول خيار الجهة الّتى فيها عبدالرحمان بن عوف! ونحن نذكر ما ورد فى ذلك فى فروع:

1. تأسيس الشوري بوصيّة عمر بن الخطّاب ورأيه فى من رشّحهم للخلافة، واعترافه بأحقيّة على عليه السّلام بها

برواية:

1. أسلم مولي عمر-6. حميد بن عبدالرحمان

2. أنس بن مالك-7. شهر بن حوشب

3. أبى بحريّة الكندى-8. عبدالجليل القيسى

4. جبير بن محمّد بن جبير-9. عبدالرحمان بن سعيد بن يربوع

5. الحسن البصرى-10. عبدالله بن عبّاس

ص:235


1- (1) . الطبقات الكبري 443/3 ، ترجمة معاذ (302)؛ تاريخ المدينة 881/3 ، مقتل عمر بن الخطّاب؛ الإمامة والسياسة 23/1 ، تولية عمر بن الخطّاب الستّة الشوري.
2- (2) . الطبقات الكبري 261/3 ، ترجمة عمر بن الخطّاب (56)، ذكر استخلاف عمر؛ تاريخ الطبرى 227/4 ، حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري؛ الفتوح 86/2 ، ذكر ابتداء مقتل عمر بن الخطّاب؛ تاريخ المدينة 882/3 ، مقتل عمر بن الخطّاب.
3- (3) . الطبقات الكبري 261/3 ، ترجمة عمر بن الخطّاب (56)، ذكر استخلاف عمر؛ تاريخ الطبرى 227/4 ، [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري؛ الفتوح 86/2 ، ذكر ابتداء مقتل عمر بن الخطّاب؛ تاريخ المدينة 882/3 ، مقتل عمر بن الخطّاب.

11. عبدالله بن عبدالرحمان بن عبدالقارئ-16. قتادة

12. عبدالله بن عمر-17. محمّد بن على الباقر عليهما السّلام

13. عبدالله-18. المسور بن مخرمة

14. عروة بن الزبير-19. المغيرة بن شعبة

15. عمرو بن ميمون-20. ما ورد مرسلاً

1.أسلم مولي عمر

8890. الواقدى : أخبرنا هشام بن سعد وعبدالله بن زيد بن أسلم، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنّ عمر قال:

وإن اجتمع رأى ثلاثة وثلاثة فاتّبعوا صنف عبدالرحمان بن عوف واسمعوا وأطيعوا! (1)

2.أنس بن مالك

8891. الواقدى : حدّثنى محمّد بن موسي، عن إسحاق بن عبدالله بن أبى طلحة، عن أنس بن مالك، قال:

أرسل عمر بن الخطّاب إلي أبى طلحة قبل أن يموت بساعة فقال: يا أباطلحة، كن فى خمسين من قومك من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشوري، فلا تتركهم يمضى اليوم الثالث حتّي يؤمّروا أحدهم ... . (2)

ص:236


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 45/3 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (14)، ذكر الشوري، ومن طريقه البلاذرى فى أنساب الأشراف 124/6 ، [2] أمر الشوري, وابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 190/39 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619)، إلا أنّ البلاذرى لم يذكر عبدالله بن زيد فى إسناده.
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 45/3 ، ترجمة عثمان بن [4]عفّان (14)، ذكر الشوري, وص277 - 278 ، ترجمة عمر بن الخطّاب (56)، ذكر استخلاف عمر, ومن طريقه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 197/39 ، ترجمة عثمان بن [5]عفّان (4619).

3.أبوبحريّة الكندى

8892. الطبرانى : حدّثنا عمرو بن إسحاق، حدّثنا أبى، حدّثنا عمرو بن الحارث، عن عبدالله بن سالم، عن الزبيدى، أخبرنى محمّد بن مسلم، حدّثنى عمرو بن الحارث الفهمى - وكان كاتباً لعبدالله بن الزبير - أنّ عبدالملك بن مروان حدّثه عن أبى بحريّة الكندى، أخبره:

عن عمر أنّه خرج علي مجلس فيه عثمان بن عفّان وعلى بن أبى طالب والزبير بن العوّام وطلحة بن عبيدالله وسعد بن أبى وقّاص، فقال: كلّكم يحدّث نفسه بالإمارة بعدى. فسكتوا، فقال: كلّكم يحدّث نفسه بالإمارة بعدى. فقال الزبير: نعم كلّنا يحدّث نفسه بالإمارة بعدك، ونراه لها أهلاً.

قال: أ فلا احدّثكم عنكم ؟ قال: فسكتوا، ثمّ قال: ألا احدّثكم عنكم ؟ فسكتوا، ثمّ قال: ألا احدّثكم عنكم ؟ قال الزبير: فحدّثنا وإن سكتنا لحدّثتنا.

فقال له: أمّا أنت يا زبير، فإنّك كافر الغضب مؤمن الرضا، يوماً تكون شيطاناً، ويوماً تكون إنساناً، أ فرأيت يوم تكون شيطاناً من يكون الخليفة يومئذ؟

وأمّا أنت يا طلحة، فلقد مات رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وإنّه عليك لعاتب.

وأمّا أنت يا عبدالرحمان بن عوف، فإنّك لما جاءك من خير لأهل.

وأمّا أنت يا على، فإنّك صاحب رأى (1) وفيك (2) دعابة، وإنّ منكم لرجلاً لو قسّم إيمانه بين جند من الأجناد لأوسعهم - يريد عثمان بن عفّان - , وأمّا أنت يا سعد، فإنّك صاحب مال. (3)

4.جبير بن محمّد بن جبير

8893. ابن سعد : حدّثنى شهاب بن عبادة، حدّثنا إبراهيم بن حميد، عن ابن

ص:237


1- (1) . كذا فى كنز العمّال 741/5 - 742 (14267), وفى الأصل: «رياء».
2- (2) . المثبت من تاريخ مدينة دمشق، [1] وفى مسند الشاميّين: «وفيه».
3- (3) . مسند الشاميّين 51/3 - 52 (1790)، وعنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 453/45 ، ترجمة عمرو بن [2]الحارث العامرى (5323).

أبى خالد، عن جبير بن محمّد بن جبير بن مطعم، قال:

اخبرنا أنّ عمر قال لعلى: إن وليت من أمر الناس شيئاً فلا تحملنّ بنى عبدالمطّلب علي رقاب الناس. وقال لعثمان: إن وليت من أمر الناس شيئاً فلا تحملنّ بني ابى معيط علي رقاب الناس. (1)

5.الحسن البصرى

8894. ابن شبّة : حدّثنا أبوبكر العلمى، قال: حدّثنا هشيم، عن داوود بن أبى هند، عن الحسن، قال:

خلا عمر رضي الله عنه يوماً فجعل الناس يقولون: ما الّذى خلا له ؟ فقال المغيرة بن شعبة: أنا آتيكم بعلم ذاك. فأتاه فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّ الناس قد ظنّوا بك فى خلواتك ظنّاً. قال: وما ظنّوا؟ قال: ظنّوا أنّك تنظر من يستخلف بعدك.

قال: ويحك! ومن ظنّوا؟ قال: ومن عسي أن يظنّوا الّا هؤلاء: على، وعثمان، وطلحة، والزبير.

قال: وكيف لى بعثمان ؟ فهو رجل كلف بأقاربه ؟ وكيف لى بطلحة وهو مؤمن الرضا كافر الغضب ؟ وكيف لى بالزبير وهو رجل ضَبِس (2)، وإنّ أخلقهم أن يحملهم علي المحجّة البيضاء الأصلع - يعنى عليّاً رضي الله عنه - . (3)

8895. ابن عبد ربّه : يونس، عن الحسن وهشام بن عروة، عن أبيه، قالا:

لمّا طعن عمر بن الخطّاب قيل له: يا أميرالمؤمنين، لو استخلفت! قال: ... قد كنت أجمعت بعد مقالتى لكم أن اولّى رجلاً أمركم أرجو أن يحملكم علي الحقّ - وأشار إلي

ص:238


1- (1) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 122/6 ، [1] أمر الشوري وبيعة عثمان - رضى الله تعالي عنه - .
2- (2) . الضبس: ككتف، الشكس الشرس الخلق العسر من الرجال كالضبيس، كأمير، وقد ضبس ضباسة. تاج العروس 180/16 . [2]
3- (3) . تاريخ المدينة 883/3 ، مقتل عمر بن الخطّاب.

على - ثمّ رأيت أن لا أتحمّلها حيّاً وميّتاً! ... . (1)

6.حميد بن عبدالرحمان

8896. ابن سعد : حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهرى، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، قال: قال ابن شهاب: حدّثنى حميد بن عبدالرحمان:

أنّ عمر بن الخطّاب كان يناجى رجلاً من الأنصار من بنى حارثة فقال: من تحدّثون أنّه يستخلف من بعدى ؟ فعدّ الأنصارى المهاجرين ولم يذكر عليّاً، فقال عمر: فأين أنتم عن على، فوالله إنّى لأري أنّه إن ولى شيئاً من أمركم سيحملكم علي طريقة الحقّ . (2)

7.شهر بن حوشب

8897. المدائنى : عن وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم ومحمّد بن عبدالله الأنصارى، عن ابن أبى عروبة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب.

و [عن] أبى مخنف، عن يونس بن يزيد، عن عبّاس بن سهل ومبارك بن فضالة، عن عبيدالله بن عمر ويونس بن أبي اسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودى:

أنّ عمر بن الخطّاب لمّا طعن قيل له: يا أميرالمؤمنين، لو استخلفت! فقال: ... كنت أجمعت بعد مقالتى لكم أن أنظر فاُولّى رجلاً أمركم هو أحراكم أن يحملكم علي الحقّ -وأشار إلي على - ورهقنى غشية، فرأيت رجلاً دخل جنّة قد غرسها، فجعل يقطف كلّ غضّة ويانعة فيضمّه إليه ويصيّره تحته، فعلمت أنّ الله غالب أمره ومتوفّ عمر، فما اريد أن أتحمّلها حيّاً وميّتاً ... وما أظنّ أن يلى الّا أحد هذين الرجلين: على أو عثمان، فإن ولى عثمان فرجل فيه لين، وإن ولى على ففيه دعابة وأحرِ به (3) أن يحملهم علي

ص:239


1- (1) . العقد الفريد 27/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [1] أمر الشوري فى خلافة عثمان.
2- (2) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 14/3 - 15 ، [2] بيعة على بن أبى طالب عليه السّلام .
3- (3) . أحرِ به: أجدر به، إعرابه: أحرِ: فعل أمر يراد به التعجّب لا الأمر، مبنى علي حذف حرف العلّة من آخره. به: الباء حرف جرّ زائد والهاء فى محلّ الرفع فاعل أحرِ.

طريق الحقّ ، وإن تولّوا سعداً فأهلها هو، والّا فليستعن به الوالى، فإنّى لم أعزله عن خيانة ولا ضعف، ونعم ذو الرأى عبدالرحمان بن عوف مسدّد رشيد له من الله حافظ ، فاسمعوا منه.

وقال لأبى طلحة الأنصارى: يا أباطلحة، إنّ الله - عزّ وجلّ - طالما أعزّ الإسلام بكم، فاختر خمسين رجلاً من الأنصار، فاستحثّ هؤلاء الرهط حتّي يختاروا رجلاً منهم.

وقال للمقداد بن الأسود: إذا وضعتمونى فى حفرتى فاجمع هؤلاء الرهط فى بيت حتّي يختاروا رجلاً منهم.

وقال لصهيب: صلّ بالناس ثلاثة أيّام، وأدخل عليّاً وعثمان والزبير وسعداً وعبدالرحمان بن عوف وطلحة إن قدم، وأحضر عبدالله بن عمر ولا شىء له من الأمر، وقم علي رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبي واحد فاشدخ رأسه - أو اضرب رأسه بالسيف - وإن اتّفق أربعة فرضوا رجلاً منهم وأبي اثنان فاضرب رؤوسهما، فإن رضى ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم فحكّموا عبدالله بن عمر، فأى الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبدالله بن عمر فكونوا مع الّذين فيهم عبدالرحمان بن عوف، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس. (1)

8.عبدالجليل القيسى

8898. الطيالسى : عن عبدالجليل القيسى، قال:

ذكر عمر من يستخلف بعده ؟ فقال رجل: يا أميرالمؤمنين, على. فقال: أيم الله لا يستخلفونه، ولئن استخلفتموه أقامكم علي الحقّ وإن كرهتموه. (2)

ص:240


1- (1) . عنه الطبرى فى تاريخه 227/4 - 229 ، [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري، من طريق ابن شبّة, وأورده ابن الأثير فى الكامل 34/3 - 35 ، [2] حوادث سنة ثلاث وعشرين، ذكر قصّة الشوري، عن عمرو بن ميمون.
2- (2) . عنه البلاذرى بإسناده إليه فى أنساب الأشراف 15/3 ، [3] بيعة على بن أبى طالب عليه السّلام .

9.عبدالرحمان بن سعيد بن يربوع

8899. الواقدى : حدّثنى الضحّاك بن عثمان بن عبدالملك بن عبيد، عن عبدالرحمان بن سعيد بن يربوع:

أنّ عمر حين طعن قال: ليصلّ لكم صهيب ثلاثاً وتشاوروا فى أمركم والأمر إلي هؤلاء الستّة، فمن بعل أمركم فاضربوا عنقه - يعنى من خالفكم - . (1)

10.عبدالله بن عبّاس

8900. ابن إسحاق : عن الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عبّاس، قال:

بينا أنا أمشى مع عمر يوماً إذ تنفّس نفساً ظننت أنّه قد قُضبت أضلاعه، فقلت: سبحان الله! والله ما أخرج منك هذا يا أميرالمؤمنين الّا أمر عظيم. فقال: ويحك يا ابن عبّاس! ما أدرى ما أصنع باُمّة محمّد صلّى الله عليه و سلّم .

قلت: ولِمَ ، وأنت بحمدالله قادر أن تضع ذلك مكان الثقة ؟ قال: إنّى أراك تقول: إنّ صاحبك أولي الناس بها - يعنى عليّاً رضي الله عنه - .

قلت: أجل، والله إنّى لأقول ذلك فى سابقته وعلمه وقرابته وصهره.

قال: إنّه كما ذكرت، ولكنّه كثير الدعابة.

فقلت: فعثمان ؟ قال: فوالله لو فعلت لجعل بني ابى معيط علي رقاب الناس، يعملون فيهم بمعصية الله، والله لو فعلت لفعل، ولو فعل لفعلوه، فوثب الناس عليه فقتلوه.

فقلت: طلحة بن عبيدالله ؟ قال: الأكيسع! هو أزهي من ذلك، ما كان الله ليرانى اولّيه أمر امّة محمّد صلّى الله عليه و سلّم وهو علي ما هو عليه من الزهو.

قلت: الزبير بن العوّام ؟ قال: إذاً يلاطم الناس فى الصاع والمدّ.

قلت: سعد بن أبى وقّاص ؟ قال: ليس بصاحب ذلك، ذاك صاحب مقنب (2) يقاتل به.

ص:241


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 45/3 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (14)، ذكر الشوري، ومن طريقه البلاذرى فى أنساب الأشراف 122/6 ، [2] أمر الشوري, مع مغايرة طفيفة وتلخيص فى الإسناد.
2- (2) . المقنب: جماعة من الخيل تجتمع للغارة.

قلت: عبدالرحمان بن عوف ؟ قال: نعم الرجل ذكرت، ولكنّه ضعيف عن ذلك، والله، يا ابن عبّاس، ما يصلح لهذا الأمر الّا القوى فى غير عنف، الليّن فى غير ضعف، الجواد فى غير سرف، الممسك فى غير بخل.

قال ابن عبّاس: كان عمر والله كذلك. (1)

8901. الواقدى : عن محمّد [بن مسلم] بن عبيدالله الزهرى، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عبّاس, قال: قال عمر:

لا أدرى ما أصنع باُمّة محمّد؟ - وذلك قبل أن يطعن - فقلت: ولِمَ تهتمّ وأنت تجد من تستخلفه عليهم ؟ قال: أ صاحبكم ؟ - يعنى عليّاً - قلت: نعم هو أهل لها فى قرابته برسول الله صلّى الله عليه و سلّم وصهره وسابقته وبلائه.

فقال عمر: إنّ فيه بطالة وفكاهة.

قلت: فأين أنت عن طلحة ؟ قال: فأين الزهو والنخوة ؟

قلت: عبدالرحمان بن عوف ؟ قال: هو رجل صالح علي ضعف فيه.

قلت: فسعد؟ قال: ذاك صاحب مقنب وقتال لا يقول بقرية لو حمّل أمرها.

قلت: فالزبير؟ قال لقس (2)، مؤمن الرضا، كافر الغضب، شحيح، إنّ هذا الأمر لا يصلح الّا لقوى فى غير عنف، رفيق فى غير ضعف، جواد فى غير سرف.

قلت: فأين أنت عن عثمان ؟ قال: لو وليها لحمل بني ابى معيط علي رقاب الناس، ولو فعلها لقتلوه. (3)

8902. ابن شبّة : حدّثنا أحمد بن معاوية بن بكر، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمة، عن عمر بن قيس، عن عطاء، عن ابن عبّاس - رضى الله عنهما - , قال:

ص:242


1- (1) . عنه ابن عبدالبرّ بإسناده إليه فى الاستيعاب 1119/3 - 1120 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [1]1855).
2- (2) . اللقس: من يلقّب الناس ويسخر منهم ومن لا يستقيم علي وجه.
3- (3) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 120/6 - 121 ، [2] أمر الشوري وبيعة عثمان, من طريق ابن سعد.

كنت عند عمر رضي الله عنه -و كنت له هيوباً، وكان لى مكرماً، وكان يلحقنى بعلية الرجال - فتنفّس تنفّساً ظننت أنّ أضلاعه ستتفصّد، فمنعتنى هيبته من مسألته، فقلت: يا أميرالمؤمنين، قاتل الله النابغة ما كان أشعره! قال: هيه. قال: قلت: خيراً يقول:

وإن يرجع النعمان نفرح ونبتهج

ويأت معدّاً ملكها وربيعها

ويرجع إلي غسّان ملك وسؤدد

وتلك المني لو أنّنا نستطيعها

وإن يهلك النعمان تعر معيّة

ويلق إلي جنب الفناء قطوعها

وتنحط حصان آخر الليل نحطة

تقضقض منها أو تكاد ضلوعها

علي إثر خير الناس إن كان هالكاً

وإن كان فى جنب الفتاة ضجيعها

فقال: لعلّك تري صاحبك لها؟ فقلت: أ لقربي فى قرابته وصهره وسابقته أهلها؟

قال: بلي، ولكنّه امرؤ فيه دعابة.

قلت: فطلحة بن عبيدالله ؟ قال ذو البأو (1) بأصبعه مذ قطعت دون رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .

قلت: فالزبير بن العوّام ؟ قال: وعقة لقس يلاطم فى البقيع فى صاع من تمر.

قلت: فعبدالرحمان بن عوف ؟ فقال: رجل ضعيف لو صار الأمر إليه وضع خاتمه فى يد امرأته!

قلت: فسعد بن أبى وقّاص ؟ قال: صاحب سلاح ورمح وفرس يجاهد فى سبيل الله.

وأخّرت عثمان رضي الله عنه وكان ألزمهم للمسجد وأقومهم فيه, قلت: فعثمان بن عفّان رضي الله عنه ؟ فقال: أوّه - ثلاث مرّات - ، والله لئن كان الأمر إليه ليحملنّ بني ابى معيط علي رقاب الناس، ووالله لئن فعل لينهضنّ إليه فليقتلنّه، والله لئن فعل ليفعلنّ ، والله لئن فعل ليفعلنّ .

ص:243


1- (1) . البأو: الكبر والعجب والفخر.

يا ابن عبّاس، لا ينبغى لهذا الأمر الّا حصيف العقدة، قليل الغرّة، لا تأخذه فى الله لومة لائم، يكون شديداً فى غير عنف، ليّناً فى غير ضعف، جواداً فى غير سرف، بخيلاً فى غير وكف (1).

يا ابن عبّاس، لو كان فيكم مثل أبى عبيدة ابن الجرّاح لم أشكك فى استخلافه؛ لأنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: لكلّ امّة أمين، وأمين هذه الاُمّة أبوعبيدة ابن الجرّاح. لو كان فيكم مثل معاذ بن جبل لم أشكك فى استخلافه؛ لأنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: معاذ بن جبل أعلم الأوّلين والآخرين ما خلا النبيّين والمرسلين، يأتى يوم القيامة بين يدى العلماء برتوة (2). لو كان فيكم مثل سالم مولي أبى حذيفة لم أشكك فى استخلافه؛ لأنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: سالم مولي أبى حذيفة آمن وأحبّ الله فأحبّه، ولو كان ما يخاف الله ما عصاه. (3)

8903. ابن شبّة : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن المثنّي بن عبدالله بن أنس بن مالك الأنصارى، قال: حدّثنا عبيدالله بن حميد، قال: حدّثنا أبوالفتح الهذلى، عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما - , قال:

دخلت علي عمر رضي الله عنه فتنفّس تنفّساً شديداً فقلت: يا أميرالمؤمنين, ما أخرج هذا منك الّا همّ . قال: نعم، فويل لهذا الأمر لا أدرى فمن له بعدى. ثمّ نظر إليه فقال: لعلّك تري أنّ صاحبك لها - يعنى عليّاً - .

قلت: يا أميرالمؤمنين, وما يمنعه ؟ أ ليس بمكان ذاك فى قرابته من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وسوابقه فى الإسلام ومناقبه فى الخير؟ قال: إنّه لكذاك ولكن فيه فكاهة!

قلت: يا أميرالمؤمنين، فأين أنت من طلحة بن عبيدالله ؟ قال: الأكتع (4)! ما كان الله ليعطيها إيّاه، ما زلت أعرف فيه بأواً (5) مذ اصيبت يده.

قلت: يا أميرالمؤمنين، فأين أنت من الزبير؟ قال: وعقة لقس (6).

قلت: يا أميرالمؤمنين، فأين أنت من عبدالرحمان بن عوف ؟ قال: نعم المرء ذكرت،

ص:244


1- (1) . الوكف: الوقوع فى المأثم والعيب.
2- (2) . الرتوة: هى رمية بسهم، وقيل: ميل. وقيل: خطوة. وقيل: مدي البصر.
3- (3) . تاريخ المدينة 879/3 - 882 ، مقتل عمر بن الخطّاب.
4- (4) . الأكتع: الأشل.
5- (5) . البأو: الكبر، والعجب.
6- (6) . الوعقة: الّذى يضجو ويتبرّم. واللقس: السيّئ الخلق.

وهو ضعيف، ولا يقوم بهذا الأمر الّا القوى فى غير عنف والليّن فى غير ضعف، والجواد فى غير سرف.

قلت: يا أميرالمؤمنين، فأين أنت من سعد؟ قال: صاحب فرس وقوس.

قلت: يا أميرالمؤمنين، فأين أنت من عثمان ؟ قال: أوّه - ووضع يده علي رأسه - قال: والله لئن وليها يحمل بني ابى معيط علي رقاب الناس، فكأنّى أنظر إلي العرب قد سارت إليه حتّي يضرب عنقه، والله لئن فعل ليفعلنّ ، ولئن فعل ليفعلنّ ذاك به.

ثمّ أقبل على فقال: أما إنّ أحراهم إن وليها أن يحملهم علي كتاب الله وسنّة نبيّهم صاحبك - يعنى عليّاً - . (1)

8904. ابن الصوّاف : أخبرنا الحسن بن على القطّان، حدّثنا إسماعيل بن عيسي العطّار، قال: قال إسحاق بن بشر: قال أبوعبدالله: عن إياس، عن أبى بكر، عن أبي المليح بن اسامة الهذلى، عن ابن عبّاس، قال:

خدمت عمر بن الخطّاب وكنت له هائباً ومعظماً، فدخلت عليه ذات يوم فى بيته وقد خلا بنفسه، فتنفّس تنفّساً ظننت أنّ نفسه خرجت، ثمّ رفع رأسه إلي السماء فتنفّس الصعداء، قال: فتحاملت، وتشددت وقلت: والله لأسألنّه، فقلت: والله ما أخرج هذا منك الّا همّ يا أميرالمؤمنين. قال: همّ والله، همّ شديد، هذا الأمر لو أجد له موضعاً -يعنى الخلافة - . ثمّ قال: لعلّك تقول: إنّ صاحبك لها - يعنى عليّاً - .

قال: قلت: يا أميرالمؤمنين, أ ليس هو أهلها فى هجرته، وأهلها فى صحبته, وأهلها فى قرابته ؟

قال: هو كما ذكرت، ولكن رجل فيه دعابة!

قال: فقلت: الزبير؟ قال: وعقة لقس يقاتل علي الصاع بالبقيع.

قال: قلت: طلحة ؟ قال: إنّ فيه لبأواً، وما أري الله معطيه خيراً وما برح ذلك فيه منذ اصيبت يده.

ص:245


1- (1) . تاريخ المدينة 882/3 - 883 ، مقتل عمر بن الخطّاب.

قال: فقلت: سعد؟ قال: يحضر الناس ويقاتل، وليس بصاحب هذا الأمر.

قال: وعبدالرحمان بن عوف ؟ قال: نعم المرء ذكرت، ولكنّه ضعيف.

قال: وأخّرت عثمان لكثرة صلاته، وكان أحبّ الناس إلي قريش، قال: فقلت: فعثمان ؟ قال: أوّه أوّه، كلف بأقاربه، كلف أقاربه (1).

ثمّ قال: لو استعملته استعمل بني اميّة أجمعين أكتعين، ويحمل بنى [أبى] معيط علي رقاب الناس، والله لو فعلت لفعل، والله لو فعل ذلك لسارت إليه العرب حتّي تقتله، والله لو فعلت فعل، والله لو فعل لفعلوا، إنّ هذا الأمر لا يحمله الّا الليّن فى غير ضعف، والقوى فى غير عنف، والجواد فى غير سرف، والممسك فى غير بخل ... . (2)

8905. الخطيب : عن ابن عبّاس، قال:

إنّى لجالس مع عمر بن الخطّاب ذات يوم إذ تنفّس تنفّساً ظننت أنّ أضلاعه قد تفرّجت! فقلت يا أميرالمؤمنين ما أخرج هذا منك الّا شرّ. قال: شرّ والله، إنّى لا أدرى إلي من أجعل هذا الأمر بعدى. ثمّ التفت إلى فقال: لعلّك تري صاحبك لها أهلاً؟! فقلت: إنّه لأهل ذلك فى سابقته وفضله.

قال: إنّه لكما قلت، ولكنّه امرؤ فيه دعابة!

قلت: فأين أنت عن طلحة ؟ قال: ذاك امرؤ لم يزل به بأو منذ اصيبت أصبعه.

قلت: فأين أنت عن الزبير؟ قال: وعقة لقس.

قال: يلاطم علي الصاع بالبقيع ولو منع منه صاع من تمر تأبّط عليه بسيفه!

قلت: فأين أنت عن سعد؟ قال: فارس الفرسان.

قلت: فأين أنت عن عبدالرحمان ؟ قال: نعم المرء ذكرت علي الضعف.

قلت: فأين أنت عن عثمان ؟ قال: كلف بأقاربه، والله لو ولّيته لحمل بني ابى معيط

ص:246


1- (1) . كلف بأقاربه: شديد الحبّ لهم.
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 438/44 - 439 ، ترجمة عمر بن [1]الخطّاب (5206).

علي رقاب الناس، والله لو فعلت لفعل ولو فعل لسارت العرب حتّي تقتله، إنّ هذا الأمر لا يصلحه الّا الشديد فى غير عنف، الليّن فى غير ضعف، الجواد فى غير سرف، الممسك فى غير بخل.

فكان ابن عبّاس يقول: ما اجتمعت هذه الخصال الّا فى عمر. (1)

11.عبدالله بن عبدالرحمان بن عبدالقارئ

8906. معمر : أخبرنى محمّد بن عبدالله بن عبدالرحمان [بن عبد] القارئ، عن أبيه:

أنّ عمر بن الخطّاب ورجلاً من الأنصار كانا جالسين، فجاء عبدالرحمان بن عبدالقارئ فجلس إليهما، فقال عمر: إنّا لا نحبّ أن يجالسنا من يرفع حديثنا. فقال له عبدالرحمان: لست اجالس اولئك يا أميرالمؤمنين! فقال عمر: بلي فجالس هؤلاء وهؤلاء، ولا ترفع حديثنا.

ثمّ قال عمر للأنصارى: من تري الناس يقولون يكون الخليفة بعدى ؟ قال: فعدّد رجالاً من المهاجرين، ولم يسمّ عليّاً.

فقال عمر: فما لهم من أبي الحسن ؟ فوالله إنّه لأحراهم إن كان عليهم أن يقيمهم علي طريقة من الحقّ . (2)

12.عبدالله بن عمر

8907. الحاكم : حدّثنا أبوالعبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا محمّد بن خالد الحمصى، حدّثنا بشر بن شعيب بن أبى حمزة، عن أبيه، عن الزهرى، أنبأ سالم بن عبدالله بن عمر، أنّ عبدالله بن عمر قال:

... فوالله لكأنّما أيقظت عمر رضي الله عنه من مرقد، فقال عمر: أمهلوا فإن حدث بى حدث فليصلّ للناس صهيب مولي بنى جدعان ثلاث ليال، ثمّ أجمعوا فى اليوم الثالث أشراف

ص:247


1- (1) . رواة مالك، كما عنه وعن أبى عبيد فى كنز العمّال 737/5 - 738 (14262).
2- (2) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 446/5 - 447 (9761)، ومن طريقه البخارى فى الأدب المفرد ص204 (582). [1]

الناس واُمراء الأجناد فأمّروا أحدكم، فمن تأمّر عن غير مشورة فاضربوا عنقه. (1)

8908. ابن عبدالبرّ : أخبرنا خلف بن قاسم، قال: أخبرنا محمّد بن الصبّاح، حدّثنا عبدالعزيز الدراوردى، عن عمر مولي عفرة، عن محمّد بن كعب، عن عبدالله بن عمر، قال:

قال عمر لأهل الشوري: لله درّهم! إن ولّوها الاُصيلع كيف يحملهم علي الحقّ ، ولو كان السيف علي عنقه. (2)

8909. أبوطاهر : أخبرنا أبوأحمد محمّد بن عبدوس بن كامل، أخبرنا محمّد بن الصبّاح الجرجرائى، أخبرنا عبدالعزيز بن محمّد الدراوردى، عن عمر مولي عفرة، عن محمّد بن كعب القرظى، عن ابن عمر, قال:

قال عمر لأصحاب الشوري: لله درّهم! إن ولّوها الأصلع كيف يحملهم علي الحقّ وإن حملا (3) علي عنقه بالسيف. (4)

8910. الواقدى : عن نافع بن أبى نعيم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال عمر:

ليتبع الأقلّ الأكثر، فمن خالفكم فاضربوا عنقه. (5)

13.عبدالله (6)

8911. الواقدى : عن عبدالله بن جعفر، عن عبدالرحمان بن عبدالله، عن أبيه، قال:

ص:248


1- (1) . عنه البيهقى فى السنن الكبري 151/8 ، كتاب قتال أهل البغى، باب من جعل الأمر شوري بين المستصلحين له.
2- (2) . الاستيعاب 1130/3 , [1] أواخر ترجمة على بن أبى طالب عليه السّلام (1855) , وانظر ص1154 منه، ترجمة عمر بن الخطّاب (1878).
3- (3) . كذا فى الأصل.
4- (4) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 428/42 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933).
5- (5) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 122/6 ، [3] أمر الشوري وبيعة عثمان, من طريق ابن سعد.
6- (6) . عبدالله فى هذا السند مردّد بين عدّة أشخاص، فأبقيناه علي إهماله.

ذكر عمر من يستخلف، فقيل: أين أنت عن عثمان ؟ قال: لو فعلت لحمل بني ابى معيط علي رقاب الناس.

قيل: الزبير؟ قال: مؤمن الرضي كافر الغضب.

قيل: طلحة ؟ قال: أنفه فى السماء وإسته فى الماء.

قيل: سعد؟ قال: صاحب مقنب، قرية له كثير.

قيل: عبدالرحمان ؟ قال: بِحَسبه أن يُجرى أهل بيته. (1)

14.عروة بن الزبير

8912. ابن عبد ربّه : هشام بن عروة، عن أبيه ... . (2)

تقدّمت روايته مع رواية الحسن البصرى.

15.عمرو بن ميمون

8913. معمر : أخبرنى أبوإسحاق, عن عمرو بن ميمون الأودى، قال:

كنت عند عمر بن الخطّاب حين ولّي الستّة الأمر، فلمّا جازوا أتبعهم بصره، ثمّ قال: لئن ولّوها الاُجيلح ليركبنّ بهم الطريق - يريد عليّاً - . (3)

8914. ابن أبى خيثمة : حدّثنا خلف بن الوليد، حدّثنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال:

شهدت عمر بن الخطّاب يوم طعن قال: ادعوا لى عليّاً وعثمان وطلحة والزبير وابن عوف وسعد بن أبى وقّاص. فلم يكلّم أحداً منهم غير على وعثمان، فقال: يا على، لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك حقّك وقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، فإن ولّيت هذا الأمر فاتّق الله فيه.

ثمّ دعا عثمان فقال: يا عثمان، لعلّ هؤلاء القوم أن يعرفوا لك صهرك من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وسنّك وشرفك، فإن ولّيت هذا الأمر فاتّق الله فيه.

ثمّ قال: ادعوا لى صهيباً. فدعى له، فقال: صلّ بالناس ثلاثاً، وليحلّ هؤلاء القوم فى بيت، فإذا اجتمعوا علي رجل فمن خالف فاضربوا رقبته.

فلمّا خرجوا من عنده قال: إن يولّوها الاُجيلح يسلك بهم الطريق. فقال له ابنه: فما يمنعك يا أميرالمؤمنين ؟ قال: أكره أن أتحمّلها حيّاً وميّتاً! (4)

8915. البلاذرى : حدّثنى الحسين بن على بن الأسود، حدّثنا عبيدالله بن موسي، أنبأنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال:

كنت شاهداً لعمر يوم طعن، فذكر حديثاً طويلاً، ثمّ قال: [قال عمر:] ادعوا لى عليّاً وعثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمان بن عوف وسعد بن أبى وقّاص. فلم يكلّم أحداً منهم غير على وعثمان، فقال: يا على، لعلّ هؤلاء سيعرفون لك قرابتك من النبى صلّى الله عليه و سلّم وصهرك, وما أنالك الله من الفقه

ص:249


1- (1) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 121/6 ، [1] أمر الشوري وبيعة عثمان, من طريق ابن سعد.
2- (2) . العقد الفريد 27/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم, أمر الشوري فى خلافة عثمان.
3- (3) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 446/5 - 447 (9761).
4- (4) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 427/42 - 428 ، ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933).

والعلم، فإن ولّيت هذا الأمر فاتّق الله فيه.

ثمّ دعا بعثمان فقال: يا عثمان، لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله وسنّك، فإن ولّيت هذا الأمر فاتّق الله ولا تحمل آل أبى معيط علي رقاب الناس.

ثمّ قال: ادعوا لى صهيباً. فدعى، فقال: صلّ بالناس ثلاثاً وليخل هؤلاء النفر فى بيت، فإذا اجتمعوا علي رجل منهم فمن خالفهم فاضربوا رأسه.

فلمّا خرجوا من عند عمر قال: إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطريق. قال ابن عمر: فما يمنعك منه يا أميرالمؤمنين ؟ قال: أكره أن أتحمّلها حيّاً وميّتاً! (1)

8916. محمّد بن فضيل : أخبرنا حصين بن عبدالرحمان، عن عمرو بن ميمون، قال:

ص:250


1- (1) . أنساب الأشراف 120/6 ، [1] فى أمر الشوري وبيعة عثمان.

... قالوا له - [يعنى عمر] - حين حضره الموت: استخلف. فقال: لا أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الّذين توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو عنهم راض، فأيّهم استخلف فهو الخليفة من بعدى - فسمّي عليّاً وعثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمان وسعداً - ، فإن أصابت سعداً فذاك، والّا فأيّهم استخلف فليستعن به، فإنّى لم أعزله عن عجز ولا خيانة.

قال: وجعل عبدالله معهم يشاورونه وليس له من الأمر شىء ... . (1)

8917. الواقدى : عن الثورى، عن حصين، عن عمرو بن ميمون:

أنّ عمر جعل الشوري إلي ستّة وقال: عبدالله بن عمر معكم وليس معه من الأمر شىء. (2)

8918. البخارى : حدّثنا موسي بن إسماعيل، حدّثنا أبوعوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون، قال:

... قالوا [لعمر بعد ما اصيب]: أوص يا أميرالمؤمنين استخلف. قال: ما أجد أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر - أو الرهط - الّذين توفّى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو عنهم راض. فسمّي عليّاً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبدالرحمان.

وقال: يشهدكم عبدالله بن عمر وليس له من الأمر شىء كهيئة التعزية له، فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، والّا فليستعن به أيّكم ما امّر، فإنّى لم أعزله عن عجز ولا خيانة ... . (3)

8919. الحاكم والسلمى : أنبأنا محمّد بن أحمد بن عبدوس، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارمى، حدّثنا موسي بن إسماعيل ... مثله. (4)

ص:251


1- (1) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 256/3 - 258 ، ترجمة عمر بن [1]الخطّاب (56), وابن أبى شيبة فى المصنّف 435/7 - 436 (37048). [2]
2- (2) . عنه البلاذرى بإسناده إليه فى أنساب الأشراف 121/6 ، [3] أمر الشوري.
3- (3) . صحيح البخارى 77/5 - 78 (219).
4- (4) . عنهما البيهقى فى السنن الكبري 150/8 ، كتاب قتال أهل البغى، باب من جعل الأمر الشوري بين المستصلحين له.

8920. ابن حبّان : أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحى، حدّثنا أبوالوليد الطيالسى، حدّثنا أبوعوانة ... مثله. (1)

8921. ابن شبّة : ... عن أبى مخنف، عن يونس بن يزيد، عن عبّاس بن سهل ومبارك بن فضالة، عن عبيدالله بن عمر ويونس بن أبي اسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودى ... . (2)

تقدّمت روايته مع رواية شهر بن حوشب.

16.قتادة

8922. معمر : عن قتادة، قال: اجتمع نفر فيهم المغيرة بن شعبة، فقالوا:

من ترون أميرالمؤمنين مستخلفاً؟ فقال قائل: على. وقال قائل: عثمان. وقال قائل: عبدالله بن عمر, فإنّ فيه خلفاً! فقال المغيرة: أفلا أعلم لكم ذاك ؟ قالوا: بلي.

قال: وكان عمر يركب كلّ سبت إلي أرض له، فلمّا كان يوم السبت ذكر المغيرة ابنه، فوقف علي الطريق، فمرّ به علي أتان له، تحته كساء قد عطفه عليها، فسلّم عمر، فردّ عليه المغيرة، ثمّ قال: يا أميرالمؤمنين، أ تأذن لى أن أسير معك ؟ قال: نعم. فلمّا أتي عمر ضيعته نزل عن الأتان، وأخذ الكساء فبسطه واتّكأ عليه، وقعد المغيرة بين يديه، فحدّثه، ثمّ قال المغيرة: يا أميرالمؤمنين، إنّك والله ما تدرى ما قدر أجلك، فلمّا حددت لناس حدّاً أو علمت لهم علماً يبهتون إليه.

قال: فاستوي عمر جالساً، ثمّ قال: هيه! اجتمعتم فقلتم: من ترون أميرالمؤمنين مستخلفاً، فقال قائل: عليّاً، وقال قائل: عبدالله بن عمر، فإنّ فيه خلفاً. قال: فلا يأمنوا يسأل عنها رجلان من آل عمر، فقلت: أنا لا أعلم لك ذلك.

قال: قلت: فاستخلف. قال: من ؟ قلت: عثمان ؟ قال: أخشي عقده وأثرته.

قال: قلت: عبدالرحمان بن عوف ؟ قال: مؤمن ضعيف.

ص:252


1- (1) . صحيح ابن حبّان 350/15 - 353 (6917).
2- (2) . عنه الطبرى فى تاريخه 227/4 - 229 ، [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري.

قال: قلت: فالزبير؟ قال: ضرس.

قال: قلت: طلحة بن عبيدالله ؟ قال: رضاؤه رضاء مؤمن وغضبه غضب كافر, أما إنّى لو ولّيتها إيّاه لجعل خاتمه فى يد امرأته.

قال: قلت: فعلى ؟ قال: أما إنّه أحراهم إن كان أن يقيمهم علي سنّة نبيّهم صلّى الله عليه و سلّم ، وقد كنّا نعيب عليه مزاحة كانت فيه. (1)

8923. ابن شبّة : حدّثنا موسي بن إسماعيل، قال: حدّثنا عقبة بن عبدالله العنبرى، قال: سمعت قتادة يقول:

قال المغيرة بن شعبة: هل لكم أن أعلم من يستخلف هذا بعده ؟ - يعنى عمر رضي الله عنه - قال: وكان عمر رضي الله عنه يغدو كلّ غداة إلي أرض له علي أتان (2) له. قال: فانطلق ذات يوم فعرض له المغيرة فقال: يا أميرالمؤمنين، ألا أصحبك ؟ قال: بلي. فسار معه، فلمّا انتهيا إلي أرضه عمد إلي ردائه فجمعه ثمّ رمي به فوضع عليه رأسه، فقال له عند ذلك: يا أميرالمؤمنين (3), الأنفس يغدي عليها ويراح وتكون أحداث، فلو أنّ أميرالمؤمنين أعلم للمسلمين علماً إن كان حدث انتهوا إليه ورضوا به وكانوا معه.

فقال عمر: وما يقولون ؟ قال: يقولون عبدالله بن عمر، وعثمان بن عفّان، وعلى بن أبى طالب، والزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيدالله، وعبدالرحمان بن عوف.

فقال: أمّا عبدالله بن عمر، فلئن يكن خيراً فقد أصاب منه آل عمر، وإن يكن شرّاً فشرّ عمّهم منه.

وأمّا الزبير، فذاك والله الضرس الضبس (4).

وأمّا طلحة، فمؤمن الرضا كافر الغضب.

ص:253


1- (1) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 447/5 - 448 (9762).
2- (2) . الأتان: الحمار.
3- (3) . فى الأصل: «أميرالآمنين».
4- (4) . الضرس الضبس: الشرس الذعر، والصعب السيّئ الخُلق.

[وأمّا عثمان بن عفّان], فكأنّه لو ملك شيئاً جعل بنى أبى معيط علي رقاب الناس.

وأمّا عبدالرحمان بن عوف, فمؤمن ضعيف.

وأمّا على, فهو أحراهم أن يقيم الناس علي الحقّ علي شىء أعيبه فيه ... . (1)

17.محمّد بن على الباقر عليهما السّلام

8924. الواقدى : أخبرنا عبدالله بن جعفر الأزهرى، عن أبى جعفر، قال:

قال عمر بن الخطّاب لأصحاب الشوري: تشاوروا فى أمركم فإن كان اثنتان واثنان فارجعوا فى الشوري، وإن كان أربعة واثنان فخذوا صنف الأكثر. (2)

18.المسور بن مخرمة

8925. الواقدى : حدّثنى شرحبيل بن أبى عون، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، قال:

كان عمر بن الخطّاب وهو صحيح يسأل أن يستخلف فيأبي، فصعد يوماً المنبر فتكلّم بكلمات وقال: إن متّ فأمركم إلي هؤلاء الستّة الّذين فارقوا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو عنهم راض: على بن أبى طالب، ونظيره الزبير بن العوّام، وعبدالرحمان بن عوف، ونظيره عثمان بن عفّان، وطلحة بن عبيدالله، ونظيره سعد بن مالك، ألا وإنّى اوصيكم بتقوي الله فى الحكم والعدل فى القسم. (3)

19.المغيرة بن شعبة

8926. ابن عبد ربّه : قال المغيرة بن شعبة: إنّى لعند عمر بن الخطّاب ليس عنده أحد غيرى إذ أتاه آت فقال: هل لك يا أميرالمؤمنين فى نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يزعمون

ص:254


1- (1) . تاريخ المدينة 884/3 ، مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وأمر الشوري.
2- (2) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 45/3 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (14)، ذكر الشوري.
3- (3) . عنه ابن سعد فى الطبقات الكبري 44/3 - 45 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (14)، ذكر الشوري، ومن طريقه البلاذرى فى أنساب الأشراف 123/6 ، [3] أمر الشوري.

أنّ الّذى فعل أبوبكر فى نفسه وفيك لم يكن له، وأنّه كان بغير مشورة ولا مؤامرة ؟ وقالوا: تعالوا نتعاهد الّا نعود إلي مثلها. قال عمر: وأين هم ؟ قال: فى دار طلحة.

فخرج نحوهم وخرجت معه وما أعلمه يبصرنى من شدّة الغضب، فلمّا رأوه كرهوه وظنّوا الّذى جاء له، فوقف عليهم وقال: أنتم القائلون ما قلتم ؟ والله لن تتحابّوا حتّي يتحابّ الأربعة: الإنسان والشيطان، يغويه وهو يلعنه؛ والنار والماء يطفئها وهى تحرقه، ولم يأن لكم بعد وقد آن ميعادكم ميعاد المسيح متي هو خارج.

قال: فتفرّقوا فسلك كلّ واحد منهم طريقاً.

قال المغيرة: ثمّ قال لى: أدرك ابن أبى طالب فاحبسه على. فقلت: لا يفعل أميرالمؤمنين وهو مغدّ (1). فقال: أدركه والّا قلت لك يا ابن الدبّاغة.

قال: فأدركته فقلت له: قف مكانك لإمامك واحلم، فإنّه سلطان وسيندم وتندم.

قال: فأقبل عمر فقال: والله ما خرج هذا الأمر الّا من تحت يدك. قال على: اتّق أن لا تكون الّذى نعطيك فنفتنك.

قال: وتحبّ أن تكون هو؟ قال: لا، ولكنّنا نذكرك الّذى نسيت.

فالتفت إلى عمر فقال: انصرف فقد سمعت منّا عند الغضب ما كفاك. فتنحّيت قريباً، وما وقفت الّا خشية أن يكون بينهما شىء فأكون قريباً، فتكلّما كلاماً غير غضبانين ولا راضين، ثمّ رأيتهما يضحكان وتفرّقا، وجاءنى عمر، فمشيت معه وقلت: يغفر الله لك، أغضبت ؟ قال: فأشار إلي على وقال: أما والله لولا دعابة فيه ما شككت فى ولايته وإن نزلت علي رغم أنف قريش. (2)

20.ما ورد مرسلاً

8927. الواقدى : ... إنّ عمر بن الخطّاب لما طعن قال: ليصلّ صهيب ثلاثاً وتشاوروا

ص:255


1- (1) . مغدّ: غضبان.
2- (2) . العقد الفريد 34/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [1] أمر الشوري فى خلافة عثمان.

فى أمركم والأمر إلي هؤلاء الستّة، فمن نغل بأمركم فاضربوا عنقه. (1)

8928. البلاذرى : حدّثنى عبّاس بن هشام الكلبى، عن أبيه، عن أبى مخنف فى إسناده:

أنّ عمر بن الخطّاب أمر صهيباً - مولي عبدالله بن جدعان - حين طعن أن يجمع إليه وجوه المهاجرين والأنصار، فلمّا دخلوا عليه قال لهم: إنّى قد جعلت أمركم شوري إلي الستّة نفر: المهاجرين الأوّلين الّذين قبض رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وهو عنهم راض ليختاروا أحدهم لإمامتكم، وسمّاهم، ثمّ قال لأبى طلحة زيد بن سهل الخزرجى: اختر خمسين رجلاً من الأنصار يكونون معك، فإذا توفّيت فاستحثّ هؤلاء النفر حتّي يختاروا لأنفسهم وللاُمّة أحدهم ولا يتأخرنّ عن أمرهم فوق ثلاث. وأمر صهيباً أن يصلّى بالناس إلي أن يتّفقوا علي إمام، وكان طلحة بن عبيدالله غائباً فى ماله بالسراة، فقال عمر: إن قدم طلحة فى الثلاثة الأيّام والّا فلا تنتظروه بعدها وأبرموا الأمر واصرموه وبايعوا من تتّفقون عليه، فمن خالف عليكم فاضربوا عنقه.

قال: فبعثوا إلي طلحة رسولاً يستحثّونه ويستعجلونه بالقدوم فلم يرد المدينة الّا بعد وفاة عمر والبيعة لعثمان، فجلس فى بيته وقال: أعلي مثلى يفتأت ؟ فأتاه عثمان فقال له طلحة: إن رددت الأمر أ تردّه ؟ قال: نعم. قال: فإنّى أمضيته، فبايعه. (2)

8929. البلاذرى : قال أبومخنف: أمر عمر أصحاب الشوري أن يتشاوروا فى أمرهم ثلاثاً فإن اجتمع اثنان علي رجل واثنان علي رجل واثنان علي رجل رجعوا فى الشوري، فإن اجتمعوا أربعة علي واحد وأباه واحد كانوا مع الأربعة، وإن كانوا ثلاثة [وثلاثة] كانوا مع الثلاثة الّذين فيهم ابن عوف؛ إذ كان الثقة فى دينه ورأيه المأمون علي الاختيار للمسلمين! (3)

ص:256


1- (1) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 122/6 ، [1] أمر الشوري, من طريق ابن سعد.
2- (2) . أنساب الأشراف 123/6 ، [2] أمر الشوري وبيعة عثمان.
3- (3) . أنساب الأشراف 124/6 ، [3] أمر الشوري وبيعة عثمان.

8930. ابن قتيبة : ثمّ إنّ المهاجرين دخلوا علي عمر رضي الله عنه وهو فى البيت من جراحه تلك، فقالوا: يا أميرالمؤمنين، استخلف علينا. قال: والله لا أحملكم حيّاً وميّتاً. ثمّ قال: إن استخلفت فقد استخلف من هو خير منّى - يعنى أبابكر - ، وإن أدع فقد ودع من هو خير منّى - يعنى النبى عليه السّلام (1)- . فقالوا: جزاك الله خيراً يا أميرالمؤمنين. فقال: ما شاء الله راغباً، وددت أن أنجو منها لا لى ولا على.

فلمّا أحسّ بالموت قال لابنه: اذهب إلي عائشة وأقرئها منّى السلام، واستأذنها أن اقبر فى بيتها مع رسول الله ومع أبى بكر. فأتاها عبدالله بن عمر فأعلمها، فقالت: نعم وكرامة. ثمّ قالت: يا بنى، أبلغ عمر سلامى وقل له: لا تدع امّة محمّد بلا راع، استخلف عليهم، ولا تدعهم بعدك هملاً، فإنّى أخشي عليهم الفتنة.

فأتي عبدالله فأعلمه، فقال: ومن تأمرنى أن أستخلف ؟ لو أدركت أباعبيدة بن الجرّاح باقياً استخلفته وولّيته، فإذا قدمت علي ربّى فسألنى وقال لى: من ولّيت علي امّة محمّد؟ قلت: أى ربّى، سمعت عبدك ونبيّك يقول: لكلّ امّة أمين، وأمين هذه الاُمّة أبوعبيدة بن الجرّاح.

ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته، فإذا قدمت علي ربّى فسألنى: من ولّيت علي امّة محمّد؟ قلت: أى ربّى، سمعت عبدك ونبيّك يقول: إنّ معاذ بن جبل يأتى بين يدى العلماء يوم القيامة.

ولو أدركت خالد بن الوليد لولّيته، فإذا قدمت علي ربّى فسألنى: من ولّيت علي امّة محمّد؟ قلت: أى ربّى، سمعت عبدك ونبيّك يقول: خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سلّه علي المشركين. ولكنّى سأستخلف النفر الّذين توفّى رسول الله وهو عنهم راض.

فأرسل إليهم فجمعهم، وهم: على بن أبى طالب، وعثمان بن عفّان، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوّام، وسعد بن أبى وقّاص، وعبدالرحمان بن عوف - رضوان الله عليهم - ، وكان طلحة غائباً، فقال: يا معشر المهاجرين الأوّلين، إنّى نظرت فى أمر

ص:257


1- (1) . لم يدع النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم الاُمّة بل عيّن لها الخليفة بعده, فانظر فصل خلافته عليه السّلام , عنوان: «أدلّة خلافته وإمامته».

الناس فلم أجد فيهم شقاقاً ولا نفاقاً، فإن يكن بعدى شقاق ونفاق فهو فيكم، تشاوروا ثلاثة أيّام، فإن جاءكم طلحة إلي ذلك، والّا فأعزم عليكم بالله أن لا تتفرّقوا من اليوم الثالث حتّي تستخلفوا أحدكم، فإن أشرتم بها إلي طلحة فهو لها أهل، وليصلّ بكم صهيب هذه الثلاثة الأيّام الّتى تشاورن فيها، فإنّه رجل من الموالى لا ينازعكم أمركم، أحضروا معكم من شيوخ الأنصار، وليس لهم من أمركم شىء، وأحضروا معكم الحسن بن على وعبدالله بن عبّاس، فإنّ لهما قرابة، وأرجو لكم البركة فى حضورهما، وليس لهما من أمركم شىء، ويحضر ابنى عبدالله مستشاراً، وليس له من الأمر شىء.

قالوا: يا أميرالمؤمنين, إنّ فيه للخلافة موضعاً فاستخلفه، فإنّا راضون به. فقال: حسب آل الخطّاب تحمل رجل منهم الخلافة، ليس له من الأمر شىء.

ثمّ قال: يا عبدالله، إيّاك ثمّ إيّاك لا تتلبّس بها.

ثمّ قال: إن استقام أمر خمسة منكم وخالف واحد فاضربوا عنقه، وإن استقام أربعة واختلف اثنان فاضربوا أعناقهما، وإن استقام ثلاثة واختلف ثلاثة فاحتكموا إلي ابنى عبدالله، فلأى الثلاثة قضي فالخليفة منهم وفيهم، فإن أبي الثلاثة الآخرون ذلك فاضربوا أعناقهم.

فقالوا: قل فينا يا أميرالمؤمنين مقالة نستدلّ فيها برأيك ونقتدى به. فقال: والله ما يمنعنى أن أستخلفك يا سعد الّا شدّتك وغلظتك، مع أنّك رجل حرب.

وما يمنعنى منك يا عبدالرحمان الّا أنّك فرعون هذه الاُمّة.

وما يمنعنى منك يا زبير الّا أنّك مؤمن الرضا كافر الغضب.

وما يمنعنى من طلحة الّا نخوته وكبره، ولو وليها وضع خاتمه فى إصبع امرأته.

وما يمنعنى منك يا عثمان الّا عصبيّتك وحبّك قومك وأهلك.

وما يمنعنى منك يا على الّا حرصك عليها، وإنّك أحري القوم إن ولّيتها أن تقيم علي الحقّ المبين، والصراط المستقيم. (1)

ص:258


1- (1) . الإمامة والسياسة 23/1 - 24 ، [1] تولية عمر بن الخطّاب الستّة الشوري وعهده إليهم.

8931. ابن أعثم - فى حديث يذكر فيه مقتل عمر - : ثمّ نزل عمر رضي الله عنه عن المنبر وأخذ بيد عبدالله بن عبّاس فخرج من المسجد وجعل يماشيه ساعة ثمّ تنفّس وزفر زفرة، فقال له ابن عبّاس: يا أميرالمؤمنين، إن ما أخرج هذا النفس والزفير الّا الحزن! فقال: ويحك يا ابن عبّاس! إنّ نفسى لتحدّثنى باقتراب أجلى ولست أحذر الموت؛ لأنّه سبيل لابدّ منه ولكنّى مغموم لهذا الأمر الّذى أنا فيه، لا أدرى أقوم فيه أم أقعد؟

فقال له ابن عبّاس: يا أميرالمؤمنين، أين أنت عن صاحبنا على بن أبى طالب فى هجرته وقرابته وقدمه وسابقته وفضيلته وشجاعته ؟ فقال عمر: والله يا ابن عبّاس، وإنّه لكما تقول، ولو أنّه ولى هذا الأمر من بعدى لحملكم والله علي طريقة من الحقّ تعرفونها، ولكنّه رجل به دعابة. (1)

8932. ابن أبي الحديد : وقد يروي من غير هذا الطريق أنّ عمر قال لأصحاب الشوري: روحوا إلى. فلمّا نظر إليهم قال: قد جاءنى كلّ واحد منهم يهزّ عفريته يرجو أن يكون خليفة، أمّا أنت يا طلحة، أفلست القائل: إن قبض النبى صلّى الله عليه و آله أنكح أزواجه من بعده ؟ فما جعل الله محمّداً أحقّ ببنات أعمامنا منّا! فأنزل الله تعالي فيك:

وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً (2).

وأمّا أنت يا زبير، فوالله ما لان قلبك يوماً ولا ليلة, وما زلت جلفاً (3) جافياً.

وأمّا أنت يا عثمان، فوالله لروثة (4) خير منك.

وأمّا أنت يا عبدالرحمان، فإنّك رجل عاجز تحبّ قومك جميعاً.

وأمّا أنت يا سعد، فصاحب عصبيّة وفتنة.

وأمّا أنت يا على، فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحهم.

ص:259


1- (1) . الفتوح 85/2 ، [1] ذكر ابتداء مقتل عمر بن الخطّاب.
2- (2) . الأحزاب/53 . [2]
3- (3) . الجلف: الرجل الجافى الغليظ .
4- (4) . الروثة: سرجين الفرس.

فقام على مولّياً يخرج، فقال عمر: والله إنّى لأعلم مكان رجل لو ولّيتموه أمركم لحملكم علي المحجّة البيضاء. قالوا: من هو؟ قال: هذا المولّى من بينكم.

قالوا: فما يمنعك من ذلك ؟ قال: ليس إلي ذلك سبيل! (1)

8933. المقدسى : قالوا: فلمّا أيقن عمر بالموت دعا بعهده وجعل الأمر فيه إلي ستّة نفر، وهم: عثمان بن عفّان، وعلى بن أبى طالب، وسعد بن أبى وقّاص، وعبدالرحمان بن عوف، والزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيدالله، ثمّ جعل معهم عبدالله بن عمر وقال: ليس له فى الإمارة نصيب، وإنّما له الاختيار والرأى، وجعل أجل اختيارهم ثلاثة أيّام وقال: يصلّى بالناس صهيب حتّي يصطلحوا علي أحدهم، وأمر عدّة من الأنصار أن يستحثّوهم علي ذلك كى لا يتفرّق كلمة المسلمين وقال: إن اجتمع ثلاثة علي واحد وأبي اثنان فخذوا بقول الثلاثة، وإن كانوا ثلاثة ثلاثة فخذوا برأى الثلاثة الّذين فيهم عبدالرحمان بن عوف.

وكان قال لعبدالله بن عبّاس: اذكر لى من أعهد إليه ؟ فقال: عثمان ؟ فقال: ذاك كلف بأقاربه يحمل بنى ابن أبى معيط علي رقاب الناس.

قال: فعبدالرحمان بن عوف ؟ قال: مسلم ضعيف وأميرته امرأته.

قال: فسعد؟ قال: ذاك فارس يكون فى مقنب من مقانبكم.

قال: فالزبير؟ قال: مؤمن الرضا كافر الغضب.

قال: فطلحة ؟ قال: فيه بأو (2) وعُجْب.

قال: فعلى ؟ قال: فيه دعابة، وإنّه لأخلقهم أن يحملهم علي المحجّة.

ثمّ جعل الأمر فى هؤلاء الستّة باختيارهم وقال: إنّ بيعة أبى بكر كانت فلتة وقي الله شرّها فمن عاد إلي مثله من غير مشورة فاقتلوه. (3)

ص:260


1- (1) . شرح نهج البلاغة 259/12 - 260 ، شرح الخطبة 223 .
2- (2) . البأو: الكبر والفخر.
3- (3) . البدء والتاريخ 189/5 - 190 ، الفصل العشرون، [1] فى مدّة خلافة الصحابة، قصّة الشوري وموت عمر.

8934. أبوعبيد : فى حديث عمر عند الشوري حين طعن فدخل عليه ابن عبّاس فرآه مغتمّاً بمن يستخلف بعده، فجعل ابن عبّاس يذكر له أصحابه، فذكر عثمان فقال: كلف بأقاربه.

قال: فعلى ؟ قال: ذاك رجل فيه دعابة.

قال: فطلحة ؟ قال: لولا بأو فيه.

قال: فالزبير؟ قال: وعقة لقس.

قال: فعبدالرحمان بن عوف ؟ قال: أوّه! ذكرت رجلاً صالحاً، ولكنّه ضعيف، وهذا الأمر لا يصلح [له] الّا الليّن من غير ضعف, والقوى من غير عنف.

قال: فسعد؟ قال: ذاك يكون فى مقنب من مقانبكم. (1)

8935. الزمخشرى : عمر - رضى الله تعالي عنه - دخل عليه ابن عبّاس حين طعن، فرآه مغتمّاً بمن يستخلف بعده، فجعل ابن عبّاس يذكر له أصحابه، فذكر عثمان، فقال: كلف بأقاربه - وروى: أخشي حفده وأثرته - .

قال: فعلى ؟ قال: ذاك رجل فيه دعابة.

قال: فطلحة ؟ قال: لولا بأو فيه - وروى أنّه قال: الأكتع، إنّ فيه بأواً أو نخوة - .

قال: فالزبير؟ قال: وعقة لقس - وروى: ضرس ضبيس. أو قال: ضميس - .

قال: فعبدالرحمان ؟ قال: أوّه! ذكرت رجلاً صالحاً، لكنّه ضعيف، وهذا الأمر لا يصلح له الّا الليّن من غير ضعف، والقوى من غير عنف ... . (2)

2. ما جري فى شوري الخلافة وندامة أهل الشوري من اختيارهم الخليفة

تقدّمت فى باب إمامة على عليه السّلام وخلافته مناشداته عليه السّلام مع أصحاب الشوري، فلا نطيل

ص:261


1- (1) . غريب الحديث 331/3 «كلف», ثمّ قال: قال الكسائى واليزيدى وأبوعمرو وغير واحد - دخل كلام بعضهم فى بعض - : قوله: كلف بأقاربه, يعنى شديد الحبّ لهم.
2- (2) . الفائق 275/3 - 276 « [1]كلب».

الكلام بإعادتها، ونكتفى هنا بغير ما ذكرناه هناك، برواية:

1. إبراهيم بن عبدالرحمان-5. عمرو بن ميمون

2. شهر بن حوشب-6. المسور بن مخرمة

3. عامر الشعبى-7. أبى وائل

4. عبدالله بن عمر-8. ما ورد مرسلاً

1.إبراهيم بن عبدالرحمان

8936. الواقدى : حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عبدالرحمان بن عبدالله بن أبى ربيعة، عن أبيه، قال:

قال عبدالله بن أبى ربيعة: أدخلونى معكم فى الشوري، فإنّى لا أنفس مع أحد [خيراً] ساقه الله إليه، ولا يعدمكم منّى رأى. قال: فقالوا: لا تدخل معنا.

فقال: اسمعوا منّى. قالوا: قل ما شئت. قال: إن بايعتم لعلى سمعنا وعصينا، وإن بايعتم لعثمان سمعنا وأطعنا، والله ما يتشابهان، فاتّق الله يا ابن عوف. (1)

2.شهر بن حوشب

8937. الطبرى : ... عن شهر بن حوشب ... . (2)

ستأتى روايته فى رواية عمرو بن ميمون.

3.عامر الشعبى

8938. ابن أبي الحديد : قال الشعبى:

ص:262


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 191/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619)، والبلاذرى فى أنساب الأشراف 126/6 ، [2] أمر الشوري, كلاهما من طريق ابن سعد، وسيأتى تمام الكلام فى رواية ابن أبى الحديد قريباً.
2- (2) . تاريخ الطبرى 229/4 - 233 ، [3] حوادث سنة ثلاث وعشرين.

واجتمع أهل الشوري علي أن تكون كلمتهم واحدة علي من لم يبايع، فقاموا إلي على، فقالوا: قم فبايع عثمان، قال: فإن لم أفعل، قالوا: نجاهدك. قال: فمشي إلي عثمان حتّي بايعه وهو يقول: صدق الله ورسوله. فلمّا بايع أتاه عبدالرحمان بن عوف، فاعتذر إليه، وقال: إنّ عثمان أعطانا يده ويمينه، ولم تفعل أنت، فأحببت أن أتوثّق للمسلمين، فجعلتها فيه. فقال: إيهاً عنك! إنّما آثرته بها لتنالها بعده، دقّ الله بينكما عطر منشم (1). (2)

8939. ابن أبي الحديد : قال الشعبى:

واُدخل أهل الشوري داراً، فأقبلوا يتجادلون عليها، وكلّهم بها ضنين وعليها حريص، إمّا لدنيا وإمّا لآخرة، فلمّا طال ذلك قال عبدالرحمان: من رجل منكم يخرج نفسه عن هذا الأمر، ويختار لهذه الاُمّة رجلاً منكم، فإنّى طيّبة نفسى أن أخرج منها وأختار لكم ؟ قالوا: قد رضينا، الّا على بن أبى طالب فإنّه اتّهمه وقال: أنظر وأري. فأقبل أبوطلحة عليه وقال: يا أباالحسن، ارض برأى عبدالرحمان، كان الأمر لك أو لغيرك.

فقال على: أعطنى يا عبدالرحمان موثقاً من الله لتؤثرنّ الحقّ ، ولا تتّبع الهوي، ولا تمل إلي صهر ولا ذى قرابة، ولا تعمل الّا لله، ولا تألو هذه الاُمّة أن تختار لها خيرها.

قال: فحلف له عبدالرحمان بالله الّذى لا إله الّا هو؛ لأجتهدنّ لنفسى ولكم وللاُمّة، ولا أميل إلي هوي ولا إلي صهر ولا ذى قرابة.

قال: فخرج عبدالرحمان، فمكث ثلاثة أيّام يشاور الناس، ثمّ رجع واجتمع الناس، وكثروا علي الباب لا يشكّون أنّه يبايع على بن أبى طالب، وكان هوي قريش كافّة ما عدا بنى هاشم فى عثمان، وهوي طائفة من الأنصار مع على, وهوي طائفة اخري مع عثمان، وهى أقلّ الطائفتين، وطائفة لا يبالون أيّهما بويع.

ص:263


1- (1) . منشم: امرأة عطّارة من خزاعة، فتحالف قوم فأدخلوا أيديهم فى عطرها علي أن يقاتلوا حتّي يموتوا، فضرب ذلك مثلاً لشدّة الأمر.
2- (2) . شرح نهج البلاغة 55/9 ، شرح الخطبة 139 .

قال: فأقبل المقداد بن عمرو والناس مجتمعون، فقال: أيّها الناس، اسمعوا ما أقول، أنا المقداد بن عمرو، إنّكم إن بايعتم عليّاً سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عثمان سمعنا وعصينا. فقام عبدالله بن أبى ربيعة بن المغيرة المخزومى، فنادي: أيّها الناس، إنّكم إن بايعتم عثمان سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عليّاً سمعنا وعصينا. فقال له المقداد: يا عدوّ الله وعدوّ رسوله وعدوّ كتابه، ومتي كان مثلك يسمع له الصالحون! فقال له عبدالله: يا ابن الحليف العسيف (1)، ومتي كان مثلك يجترئ علي الدخول فى أمر قريش!

فقال عبدالله بن سعد بن أبى سرح: أيّها الملأ، إن أردتم الّا تختلف قريش فى ما بينها، فبايعوا عثمان. فقال عمّار بن ياسر: إن أردتم الّا يختلف المسلمون فى ما بينهم فبايعوا عليّاً. ثمّ أقبل علي عبدالله بن سعد بن أبى سرح فقال: يا فاسق، يا ابن الفاسق، أ أنت ممّن يستنصحه المسلمون، أو يستشيرونه فى امورهم!؟

وارتفعت الأصوات، ونادي مناد لا يدري من هو - فقريش تزعم أنّه رجل من بنى مخزوم، والأنصار تزعم أنّه رجل طوال آدم مشرف علي الناس, لا يعرفه أحد منهم - : يا عبدالرحمان، افرغ من أمرك، وامض علي ما فى نفسك فإنّه الصواب.

قال الشعبى: فأقبل عبدالرحمان علي على بن أبى طالب، فقال: عليك عهد الله وميثاقه، وأشدّ ما أخذ الله علي النبيّين من عهد وميثاق: إن بايعتك لتعملنّ بكتاب الله وسنّة رسوله، وسيرة أبى بكر وعمر! فقال على عليه السّلام : طاقتى ومبلغ علمى وجهد رأيى، والناس يسمعون.

فأقبل علي عثمان، فقال له مثل ذلك فقال: نعم لا أزول عنه ولا أدع شيئاً منه.

ثمّ أقبل علي على فقال له ذلك ثلاث مرّات، ولعثمان ثلاث مرّات، فى كلّ ذلك يجيب على مثل ما كان أجاب به، ويجيب عثمان بمثل ما كان أجاب به.

فقال: ابسط يدك يا عثمان. فبسط يده فبايعه، وقام القوم فخرجوا، وقد بايعوا الّا على بن أبى طالب، فإنّه لم يبايع.

ص:264


1- (1) . العسيف: المستهان به.

قال: فخرج عثمان علي الناس ووجهه متهلّل، وخرج على وهو كاسف البال مظلم، وهو يقول: يا ابن عوف، ليس هذا بأوّل يوم تظاهرتم علينا من دفعنا عن حقّنا والاستئثار علينا! وإنّها لسنّة علينا، وطريقة تركتموها.

فقال المغيرة بن شعبة لعثمان: أما والله لو بويع غيرك لما بايعناه. فقال عبدالرحمان بن عوف: كذبت والله لو بويع غيره لبايعته، وما أنت وذاك يا ابن الدبّاغة! والله لو وليها غيره لقلت له مثل ما قلت الآن، تقرّباً إليه وطمعاً فى الدنيا، فاذهب لا أباً لك!

فقال المغيرة: لولا مكان أميرالمؤمنين لأسمعتك ما تكره. ومضيا.

قال الشعبى: فلمّا دخل عثمان رحله دخل إليه بنواُميّة حتّي امتلأت بهم الدار، ثمّ أغلقوها عليهم، فقال أبوسفيان بن حرب: أ عندكم أحد من غيركم ؟ قالوا: لا.

قال: يا بني اميّة، تلقّفوها تلقّف الكرة، فوالّذى يحلف به أبوسفيان ما من عذاب ولا حساب، ولا جنّة ولا نار، ولا بعث ولا قيامة! (1)

4.عبدالله بن عمر

8940. عبدالرزّاق : قال الزهرى: عن سالم، عن ابن عمر:

ثمّ دعا النفر الستّة: عليّاً، وعثمان، وسعداً، وعبدالرحمان، والزبير - ولا أدرى أذكر طلحة أم لا - , فقال: إنّى نظرت فى الناس فلم أر فيهم شقاقاً، فإن يكن شقاق فهو فيكم، قوموا فتشاوروا، ثمّ أمّروا أحدكم. (2)

5.عمرو بن ميمون

8941. محمّد بن فضيل : عن حصين, عن عمرو بن ميمون [فى حديث طويل], قال:

... قال: فلمّا اجتمعوا قال عبدالرحمان بن عوف: اجعلو أمركم إلي ثلاثة نفر. قال:

ص:265


1- (1) . شرح نهج البلاغة 51/9 - 53 ، شرح الخطبة 139 .
2- (2) . المصنّف 477/4 (9775).

فجعل الزبير أمره إلي على, وجعل طلحة أمره إلي عثمان, وجعل سعد أمره إلي عبدالرحمان. قال: فأتمروا اولئك الثلاثة حين جعل الأمر إليهم قال: فقال عبدالرحمان: أيّكم يتبرّأ من الأمر ويجعل الأمر إلى, ولكم الله علي أن لا آلو عن أفضلكم وخيركم للمسلمين ؟ فأسكت الشيخان: على وعثمان.

فقال عبدالرحمان: تجعلانه إلى وأنا أخرج منها, فوالله لا آلو عن أفضلكم وخيركم للمسلمين. قالوا: نعم. فخلا بعلى فقال: إنّ لك من القرابة من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والقدم ولى الله عليك لئن استخلف لتعدلنّ , ولئن استخلف عثمان لتسمعنّ ولتطيعنّ . قال: فقال: نعم. قال: وخلا بعثمان فقال مثل ذلك, فقال له عثمان: نعم. ثمّ قال: يا عثمان ابسط يدك فبسط يده فبايعه وبايعه على والناس ... . (1)

البخارى : حدّثنا موسي بن إسماعيل، حدّثنا أبوعوانة، عن حصين، عن عمرو بن ميمون، قال:

... فلمّا فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبدالرحمان: اجعلوا أمركم إلي ثلاثة منكم. فقال الزبير: قد جعلت أمرى إلي على. فقال طلحة: قد جعلت أمرى إلي عثمان. وقال سعد: قد جعلت أمرى إلي عبدالرحمان بن عوف. فقال عبدالرحمان: أيّكما تبرّأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم فى نفسه. فأسكت الشيخان.

فقال عبدالرحمان: أفتجعلونه إلى والله على أن لا آلو عن أفضلكم ؟ قالا: نعم. فأخذ بيد أحدهما, فقال: لك قرابة من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والقدم فى الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمّرتك لتعدلنّ ولئن أمّرت عثمان لتسمعنّ ولتطيعنّ . ثمّ خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلمّا أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان. فبايعه فبايع له على، وولج أهل الدار فبايعوه. (2)

ص:266


1- (1) . عنه ابن أبى شيبة فى المصنّف 435/7 - 437 (37048), وابن سعد فى الطبقات الكبري 256/3 - 258 , ترجمة عمر بن [1]الخطّاب (56) , ذكر استخلاف عمر, مع مغايرة فى المتن.
2- (2) . صحيح البخارى 79/5 (219)، وعنه ابن الأثير فى اسد الغابة 381/3 - 382 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان، خلافته.

8942. الحاكم والسلمى : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبدوس، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارمى، حدّثنا موسي بن إسماعيل ... مثله. (1)

8943. ابن حبّان : أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحى، حدّثنا أبوالوليد الطيالسى، حدّثنا أبوعوانة ... مثله. (2)

8944. ابن عساكر : أخبرنا أبومحمّد عبدالرحمان بن أبي الحسن بن إبراهيم، أنبأنا سهل بن بشر بن أحمد بن الحسن، أنبأنا محمّد بن أحمد بن عبدالله الذهلى، حدّثنا أبوخليفة الفضل بن الحباب بن محمّد الجمحى ... مثله. (3)

8945. الطبرى : حدّثنى عمر بن شبّة، قال: حدّثنى على بن محمّد، عن وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم ومحمّد بن عبدالله الأنصارى، عن ابن أبى عروبة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب.

و [عن] أبى مخنف، عن يونس بن يزيد، عن عبّاس بن سهل ومبارك بن فضالة، عن عبيدالله بن عمر ويونس بن أبي اسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودى [فى حديث طويل], قال:

قال العبّاس لعلى: لا تدخل معهم. قال: أكره الخلاف. قال: إذاً تري ما تكره ... فخرجوا، فقال على لقوم كانوا معه من بنى هاشم: إن اطيع فيكم قومكم لم تؤمّروا أبداً. وتلقّاه العبّاس، فقال: عدلت عنّا! فقال: وما علمك ؟ قال: قرن بى عثمان، وقال: كونوا مع الأكثر، فإن رضى رجلان رجلاً ورجلان رجلاً فكونوا مع الّذين فيهم عبدالرحمان بن عوف. فسعد لا يخالف ابن عمّه عبدالرحمان، وعبدالرحمان صهر عثمان، لا يختلفون،

ص:267


1- (1) . عنه البيهقى فى السنن الكبري 150/8 ، كتاب قتال أهل البغى، باب من جعل الأمر شوري بين المستصلحين له، والإعتقاد ص241 ، باب استخلاف عثمان بن عفّان، مع مغايرة جزئيّة فى المتن.
2- (2) . صحيح ابن حبّان 350/15 - 355 (6917)، مع مغايرة جزئيّة فى المتن.
3- (3) . تاريخ مدينة دمشق 415/44 - 418 ، ترجمة عمر بن [1]الخطّاب (5206), مع مغايرة جزئيّة فى المتن.

فيولّيها عبدالرحمان عثمان، أو يولّيها عثمان عبدالرحمان، فلو كان الآخران معى لم ينفعانى ... .

فلمّا دفن عمر جمع المقداد أهل الشوري فى بيت المسور بن مخرمة -ويقال فى البيت المال، ويقال فى حجرة عائشة بإذنها - وهم خمسة، معهم ابن عمر، وطلحة غائب. وأمروا أباطلحة أن يحجبهم، وجاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة فجلسا بالباب، فحصبهما سعد وأقامهما، وقال: تريدان أن تقولا: حضرنا وكنّا فى أهل الشوري! فتنافس القوم فى الأمر، وكثر بينهم الكلام، فقال أبوطلحة: أنا كنت لأن تدفعوها أخوف منّى لأن تنافسوها! لا والّذى ذهب بنفس عمر، لا أزيدكم علي الأيّام الثلاثة الّتى أمرتم، ثمّ أجلس فى بيتى، فأنظر ما تصنعون!

فقال عبدالرحمان: أيّكم يخرج منها نفسه ويتقلّدها علي أن يولّيها أفضلكم ؟ فلم يجبه أحد، فقال: فأنا أنخلع منها. فقال عثمان: أنا أوّل من رضى، فإنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: أمين فى الأرض أمين فى السماء. فقال القوم: قد رضينا - وعلى ساكت - فقال: ما تقول يا أباالحسن ؟ قال: أعطنى موثقاً لتؤثرنّ الحقّ , ولا تتّبع الهوي، ولا تخصّ ذا رحم، ولا تألوا الاُمّة! فقال: أعطونى مواثيقكم علي أن تكونوا معى علي من بدّل وغيّر، وأن ترضوا من اخترت لكم، علي ميثاق الله الّا أخصّ ذا رحم لرحمه، ولا آلو المسلمين. فأخذ منهم ميثاقاً وأعطاهم مثله ... .

فلقى على سعداً، فقال: وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1), أسألك برحم ابنى هذا من رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وبرحم عمّى حمزة منك الّا تكون مع عبدالرحمان لعثمان ظهيراً على، فإنّى ادلى بما لا يدلى به عثمان.

ودار عبدالرحمان لياليه يلقي أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ومن وافي المدينة من امراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم، ولا يخلو برجل الّا أمره بعثمان، حتّي إذا كانت الليلة الّتى

ص:268


1- (1) . النساء/1 . [1]

يستكمل فى صبيحتها الأجل أتي منزل المسور بن مخرمة بعد ابهيرار (1) من الليل فأيقظه, فقال: ألا أراك نائماً ولم أذق فى هذه الليلة كثير غمض! انطلق فادع الزبير وسعداً.

فدعاهما، فبدأ بالزبير فى مؤخّر المسجد فى الصُفّة الّتى تلى دار مروان، فقال له: خلّ ابنى عبدمناف وهذا الأمر. قال: نصيبى لعلى. وقال لسعد: أنا وأنت كلالة، فاجعل نصيبك لى فأختار. قال: إن اخترت نفسك فنعم، وإن اخترت عثمان فعلى أحبّ إلى، أيّها الرجل, بايع لنفسك وأرحنا، وارفع رؤوسنا. قال: يا أباإسحاق، إنّى قد خلعت نفسى منها علي أن أختار، ولو لم أفعل وجعل الخيار إلى لم أردها، إنّى أريت كروضة خضراء كثيرة العشب، فدخل فحل فلم أر فحلاً قطّ أكرم منه، فمرّ كأنّه سهم لا يلتفت إلي شىء ممّا فى الروضة حتّي قطعها، لم يعرّج, ودخل بعير يتلوه فاتّبع أثره حتّي خرج من الروضة، ثمّ دخل فحل عبقرى يجرّ خطامه، يلتفت يميناً وشمالاً ويمضى قصد الأوّلين حتّي خرج، ثمّ دخل بعير رابع فرتع فى الروضة؛ ولا والله لا أكون الرابع، ولا يقوم مقام أبى بكر وعمر بعدهما أحد فيرضي الناس عنه.

قال سعد: فإنّى أخاف أن يكون الضعف قد أدركك، فامض لرأيك، فقد عرفت عهد عمر.

وانصرف الزبير وسعد، وأرسل المسور بن مخرمة إلي على، فناجاه طويلاً، وهو لا يشكّ أنّه صاحب الأمر، ثمّ نهض، وأرسل المسور إلي عثمان, فكان فى نجيّهما، حتّي فرّق بينهما أذان الصبح.

فقال عمرو بن ميمون: قال لى عبدالله بن عمر: يا عمرو، من أخبرك أنّه يعلم ما كلّم به عبدالرحمان بن عوف عليّاً وعثمان فقد قال بغير علم، فوقع قضاء ربّك علي عثمان.

فلمّا صلّوا الصبح جمع الرهط ، وبعث إلي من حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار، وإلي امراء الأجناد، فاجتمعوا حتّي التجّ المسجد بأهله، فقال: أيّها الناس، إنّ الناس قد أحبّوا أن يلحق أهل الأمصار بأمصارهم وقد علموا من أميرهم.

ص:269


1- (1) . ابهيرار الليل: طلوع نجومه إذا تنامت واستنارت.

فقال سعيد بن زيد: إنّا نراك لها أهلاً. فقال: أشيروا على بغير هذا.

فقال عمّار: إن أردت الّا يختلف المسلمون فبايع عليّاً. فقال المقداد بن الأسود: صدق عمّار، إن بايعت عليّاً قلنا: سمعنا وأطعنا.

قال ابن أبى سرح: إن أردت الّا تختلف قريش فبايع عثمان. فقال عبدالله بن أبى ربيعة: صدق، إن بايعت عثمان قلنا: سمعنا وأطعنا. فشتم عمّار ابن أبى سرح، وقال: متي كنت تنصح المسلمين!

فتكلّم بنوهاشم وبنواُميّة، فقال عمّار: أيّها الناس، إنّ الله - عزّ وجلّ - أكرمنا بنبيّه، وأعزّنا بدينه، فأنّي تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم ؟! فقال رجل من بنى مخزوم: لقد عدوت طورك يا ابن سميّة، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها!

فقال سعد بن أبى وقّاص: يا عبدالرحمان، افرغ قبل أن يفتتن الناس. فقال عبدالرحمان: إنّى قد نظرت وشاورت، فلا تجعلنّ أيّها الرهط علي أنفسكم سبيلاً. ودعا عليّاً، فقال: عليك عهد الله وميثاقه لتعملنّ بكتاب الله وسنّة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده ؟ قال: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمى وطاقتى. ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلى، قال: نعم. فبايعه.

فقال على: حبوته حبو دهر، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل والله المستعان علي ما تصفون، والله ما ولّيت عثمان الّا ليردّ الأمر إليك، والله كلّ يوم هو فى شأن.

فقال عبدالرحمان: يا على، لا تجعل علي نفسك سبيلاً، فإنّى قد نظرت وشاورت الناس، فإذا هم لا يعدلون بعثمان. فخرج على وهو يقول: سيبلغ الكتاب أجله.

فقال المقداد: يا عبدالرحمان، أما والله لقد تركته من الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون. فقال: يا مقداد، والله لقد اجتهدت للمسلمين. قال: إن كنت أردت بذلك الله فأثابك الله ثواب المحسنين.

فقال المقداد: ما رأيت مثل ما اوتى إلي أهل هذا البيت بعد نبيّهم، إنّى لأعجب من قريش أنّهم تركوا رجلاً ما أقول إنّ أحداً أعلم ولا أقضي منه بالعدل، أما والله لو أجد عليه أعواناً!

ص:270

فقال عبدالرحمان: يا مقداد، اتّق الله، فإنّى خائف عليك الفتنة. فقال رجل للمقداد: رحمك الله من أهل هذا البيت ومن هذا الرجل ؟

قال: أهل البيت بنوعبدالمطّلب، والرجل على بن أبى طالب.

فقال على: إنّ الناس ينظرون إلي قريش، وقريش تنظر إلي بيتها فتقول: إن ولى عليكم بنوهاشم لم تخرج منهم أبداً، وما كانت فى غيرهم من قريش تداولتموها بينكم. (1)

6.المسور بن مخرمة

8946. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن جعفر، عن امّ بكر بنت المسور، عن أبيها، قال:

وطرقنى عبدالرحمان فى صبح الليلة الّتى بويع فيها لعثمان، فقال لى: يا ابن اختى، اكفنى هذه الناحية - يعنى المهاجرين - وأكفيك هذه الناحية - يعنى الأنصار - وادع عليّاً وعثمان. وكنت أحبّ عليّاً، فقلت: بأيّهما أبدأ؟ فقال: بأيّهما شئت. قال: فجئت عليّاً فقلت: إنّ خالى [يدعوك] يقول: وافنى فى دار المال. فقال: أرسلك إلي أحد معى ؟ قلت: عثمان، [فقال:] بأيّهما أمرك أن تبدأ؟ [قلت: قد سألت, فقال:] بأيّهما شئت.

قال: ثمّ ذهبنا إلي عثمان، فقلت: إنّ خالى يدعوك. فقال لى عثمان: أرسلك إلي أحد؟ فقلت: على. فقال: بأيّهما أمرك أن تبدأ؟ فقلت: قد قلت له، فقال: بأيّهما شئت. وقلت له: يقول لك: وافنى فى دار المال.

قال: ووعدهم دار المال إلي من جمع. قال: فدخلت معهم، ووالله ما فى الدار رجل الّا من المهاجرين الأوّلين غيرى.

قال: فذاك حين شاورهم واجتمع علي بيعة عثمان، فبايعوه جميعاً. (2)

ص:271


1- (1) . تاريخ الطبرى 229/4 - 233 ، [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري، وأورده ابن الأثير فى الكامل 36/3 - 37 ، [2] حوادث سنة ثلاث وعشرين، ذكر قصّة الشوري، وابن عبد ربّه فى العقد الفريد 29/5 - 32 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، أمر الشوري، مع مغايرة طفيفة.
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 193/39 - 194 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619).

8947. الطبرى : حدّثنى سلم بن جنادة أبوالسائب، قال: حدّثنا سليمان بن عبدالعزيز بن أبى ثابت بن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالرحمان بن عوف، قال: حدّثنا أبى، عن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، قال:

وخرج عبدالرحمان بن عوف وعليه عمامته الّتى عمّمه بها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، متقلّداً سيفه، حتّي ركب المنبر، فوقف وقوفاً طويلاً، ثمّ دعا بما لم يسمعه الناس، ثمّ تكلّم، فقال: أيّها الناس، إنّى قد سألتكم سرّاً وجهراً عن إمامكم، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين: إمّا على وإمّا عثمان، فقم إلى يا على. فقام إليه على فوقف تحت المنبر، فأخذ عبدالرحمان بيده، فقال: هل أنت مبايعى علي كتاب الله وسنة نبيّه وفعل أبى بكر وعمر؟ قال: اللهمّ لا، ولكن علي جهدى من ذلك وطاقتى.

قال: فأرسل يده ثمّ نادي: قم إلى يا عثمان. فأخذ بيده - وهو فى موقف على الّذى كان فيه- فقال: هل أنت مبايعى علي كتاب الله وسنّة نبيّه وفعل أبى بكر وعمر؟ قال: اللهمّ نعم.

قال: فرفع رأسه إلي سقف المسجد، ويده فى يد عثمان، ثمّ قال: اللهمّ اسمع واشهد، اللهمّ إنّى قد جعلت ما فى رقبتى من ذاك فى رقبة عثمان.

قال: وازدحم الناس يبايعون عثمان حتّي غشوه عند المنبر، فقعد عبدالرحمان مقعد النبى صلّى الله عليه و سلّم من المنبر، وأقعد عثمان علي الدرجة الثانية، فجعل الناس يبايعونه، وتلكّأ على، فقال عبدالرحمان: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (1)، فرجع على يشقّ الناس، حتّي بايع وهو يقول: خدعة وأيّما خدعة! (2)

ص:272


1- (1) . الفتح/10 . [1]
2- (2) . تاريخ الطبرى 238/4 - 239 ، [2] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري، وعنه الذهبى فى تاريخ الإسلام 305/3 ، [3] حوادث سنة أربع وعشرين، وابن كثير فى البداية والنهاية 146/7 ، [4] حوادث سنة أربع وعشرين.

8948. مالك : عن الزهرى؛ أنّ حميد بن عبدالرحمان أخبره؛ أنّ المسور بن مخرمة أخبره:

أنّ الرهط الّذين ولاّهم عمر اجتمعوا فتشاوروا، قال لهم عبدالرحمان: لست بالّذى انافسكم علي هذا الأمر، ولكنّكم إن شئتم اخترت لكم منكم. فجعلوا ذلك إلي عبدالرحمان، فلمّا ولّوا عبدالرحمان أمرهم فمال الناس علي عبدالرحمان حتّي ما أري أحداً من الناس يتبع اولئك الرهط ولا يطأ عقبه رِمال الناس علي عبدالرحمان يشاورونه تلك الليالى حتّي إذا كانت الليلة الّتى أصبحنا منها فبايعنا عثمان.

قال المسور: طرقنى عبدالرحمان بعد هجع من الليل فضرب الباب حتّي استيقظت، فقال: أراك نائماً فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعداً. فدعوتهما له فشاورهما، ثمّ دعانى فقال: ادع لى عليّاً. فدعوته فناجاه حتّي ابهارّ الليل، ثمّ قام على من عنده وهو علي طمع وقد كان عبدالرحمان يخشي من على شيئاً.

ثمّ قال: ادع لى عثمان. فدعوته فناجاه حتّي فرّق بينهما المؤذّن بالصبح، فلمّا صلّي للناس الصبح واجتمع اولئك الرهط عند المنبر فأرسل إلي من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلي امراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجّة مع عمر، فلمّا اجتمعوا تشهّد عبدالرحمان ثمّ قال: أمّا بعد يا على، إنّى قد نظرت فى أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلنّ علي نفسك سبيلاً. فقال [لعثمان]: ابايعك علي سنّة الله ورسوله والخليفتين من بعده. فبايعه عبدالرحمان وبايعه الناس المهاجرون والأنصار، واُمراء الأجناد، والمسلمون. (1)

8949. معمر : قال الزهرى: فأخبرنى حميد بن عبدالرحمان، عن المسور بن مخرمة، قال:

أتانى عبدالرحمان بن عوف ليلة الثالثة من أيّام الشوري بعد ما ذهب من الليل ما شاء الله، فوجدنى نائماً، فقال: أيقظوه. فأيقظونى، فقال: ألا أراك نائماً، والله ما اكتحلت

ص:273


1- (1) . عنه البخارى فى صحيحه 724/9 - 725 (2019), والبيهقى فى السنن الكبري 147/8 ، كتاب قتال أهل البغى، باب كيفيّة البيعة، بإسنادهما إليه.

بكثير نوم منذ هذه الثلاث، اذهب فادع لى فلاناً. وفلاناً، ناساً من أهل السابقة من الأنصار، فدعوتهم، فخلا بهم فى المسجد طويلاً، ثمّ قاموا، ثمّ قال: اذهب فادع لى الزبير، وطلحة، وسعداً. فدعوتهم، فناجاهم طويلاً، ثمّ قاموا من عنده، ثمّ قال: ادع لى عليّاً. فدعوته، فناجاه طويلاً، ثمّ قام من عنده، ثمّ قال: ادع لى عثمان. فدعوته، فجعل يناجيه، فما فرّق بينهما الّا أذان الصبح، ثمّ صلّي صهيب بالناس.

فلمّا فرغ اجتمع الناس إلي عبدالرحمان، فحمد الله وأثني عليه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّى نظرت فى الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعل يا على علي نفسك سبيلاً! ثمّ قال: عليك يا عثمان عهد الله وميثاقه وذمّته وذمّة رسوله صلّى الله عليه و سلّم أن تعمل بكتاب الله، وسنّة نبيّه صلّى الله عليه و سلّم ، وبما عمل به الخليفتان من بعده. قال: نعم. فمسح علي يده فبايعه، ثمّ بايعه الناس، ثمّ بايعه على، ثمّ خرج، فلقيه ابن عبّاس، فقال: خدعت. فقال على: أو خديعة هى ؟

قال: فعمل بعمل صاحبيه ستّاً لا يخرم شيئاً إلي ستّ سنين، ثمّ إنّ الشيخ رقّ ، وضعف، فغلب علي أمره. (1)

8950. الذهلى : حدّثنا يزيد بن عبد ربّه، حدّثنا محمّد بن حرب، عن الزبيدى، [عن] الزهرى، عن حميد بن عبدالرحمان، أنّ المسور بن مخرمة أخبره:

أنّ الرهط الّذين كانوا ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا، فقال لهم عبدالرحمان بن عوف: لست بالّذى انافسكم هذا الأمر ولكنّكم إن شئتم اخترت كلا منكم. فجعلوا ذلك إلي عبدالرحمان بن عوف، قال: فوالله [ما] رأيت رجلاً بذّ قوماً قطّ أشدّ ممّا بذّهم به حين ولّوه أمرهم، حتّي ما من رجل من الناس يبتغى عند أحد من اولئك الرهط رأياً ولا يطأوا عقبه، ومال الناس علي عبدالرحمان بن عوف يشاورونه ويناجونه تلك الليالى لا يخلو به رجل ذو رأى فيعدل بعثمان أحداً، حتّي إذا كان من الليلة الّتى أصبح منها فبايع.

ص:274


1- (1) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 477/5 - 478 (9775).

قال المسور: طرقنى عبدالرحمان بعد هجع (1) من الليل، فضرب الباب حتّي استيقظت، فقال: ألا أراك نائماً، والله ما اكتحلت منذ هذه الثلاث كبير نوم، انطلق وادع لى رجالاً من المهاجرين نشاورهم، ثمّ أرسلنى بها بعد ما إبهارّ الليل، فدعوت له عليّاً، فناجاه طويلاً، ثمّ قام على من عنده، ثمّ جاءنى فقال: ادع لى عثمان. آخر من ناجي وآخر من دعا فانتحي هو وعثمان حتّي فرغ التأذين للفجر بينهما.

فلمّا صلّوا صلاة الفجر جمع عبدالرحمان [الرهط ] ثمّ أرسل إلي من كان حاضراً من المهاجرين من قريش، فدعاهم، وأرسل إلي أهل السابقة من الأنصار، ثمّ أرسل إلي امراء الأجناد، وكانوا قد وفوا تلك الحجّة مع عمر، فلمّا اجتمعوا تشهّد عبدالرحمان بن عوف، ثمّ قال: أمّا بعد، يا على، فإنّى قد نظرت فى الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان بن عفّان، فلا تجعلنّ علي نفسك سبيلاً. ثمّ أخذ عبدالرحمان بن عوف [بيد عثمان] فقال: نبايعك علي [سنّة] الله وسنّة رسوله وسنّة الخليفتين بعده. فبايعه عبدالرحمان، وبايعه الناس المهاجرون والأنصار، واُمراء الأجناد، وبايعه المسلمون. (2)

8951. الذهلى : حدّثنا أبومصعب أحمد بن أبى بكر بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبدالرحمان بن عوف الزهرى، حدّثنا عمران بن عبدالعزيز، عن عمر بن سعيد بن سريج ومحمّد بن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالرحمان بن عوف، عن ابن شهاب [الزهرى]، عن عبدالرحمان بن المسور بن مخرمة، عن المسور بن مخرمة، قال:

كنت أعلم الناس بأمر الشوري؛ لأنّى كنت رسول عبدالرحمان بن عوف. قال: لمّا كانت الليلة الثالثة وعبدالرحمان فى دار القضاء؛ قد جاءت الأنصار من دورها والمسجد كالرمّانة ينتظرون ما كان فى صباح ذلك اليوم، فكلّمه سعد فقال: يا أبامحمّد، ما كان أحقّ بهذا الأمر منك. قال: إنّك يا سعد تحبّ أن يقال: ابن عمّه خليفة، وإنّك يا مسور،

ص:275


1- (1) . يعنى بعد طائفة من الليل.
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 192/39 - 193 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).

تحبّ أن يقال: خاله خليفة، والله لئن تؤخذ مدية - وأشار إلي لبته - فتوضع هاهنا - ومرّ بيده إلي ثنّته (1) - أحبّ إلى من أن ألى أمر الناس شيئاً.

قال: فقام سعد إلي بيته فقال: يا أباإسحاق، واشهد الصبح والبس السيف.

قال: ودعانى عبدالرحمان فقال: اذهب إلي على وعثمان، فائتنى بهما. قال: وكان هواى فى على، فأحببت أن أعلم ما فى نفسه. قال: فقلت: بأيّهما أبدأ؟ قال: بأيّهما شئت. قلت: آتيك بهما فرادي أو جميعاً؟ قال: لا، بل جميعاً.

قال: فبدأت بعلى، وكان هواى فيه. قال: فقلت: أرسلنى إليك خالى. قال: أرسل معى إلي غيرى ؟ قلت: نعم، إلي عثمان. قال: فبأيّنا أمرك أن تبدأ. قال: لا، قد سألته، فقال: بأيّهما شئت، وقد بدأت بك. فقال: جميعاً أو فرادي. فقصد على موضع الجنائز. وقال: أذهب إلي عنقه فى آخر الليل.

[قال: ثمّ ذهبت إلي عثمان] فقلت: إنّ خالى أرسلنى إليك. فقال: هل أرسل معى إلي غيرى ؟ قلت: نعم إلي على. قال: فسألته يعنى بأيّنا يبدأ؟ قال: سألته، قال: بأيّهما شئت. وقد بدأت بعلى، وهو ينتظر علي موضع الجنائز. فخرجت أنا وعثمان حتّي جئنا عليّاً، ثمّ خرجنا ثلاثتنا حتّي جئنا عبدالرحمان فى مجلسه.

قال: وكان عبدالرحمان رجلاً لا يتكلّف للكلام ولا الخطب. قال: فما رأيته خطب مثل تلك الليلة، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال فى قوله: إنّى قد فليت (2) الناس عنكما، فأشيرا على وأعينانى علي أنفسكما، هل أنت يا على مبايعى إن ولّيتك هذا الأمر علي سنّة الله وسنّة رسوله، بعهد الله وميثاقه، وسنّة الماضين قبل ؟ قال: لا، ولكنّى علي طاقتى.

قال: فصمت شيئاً، ثمّ تكلّم كلاماً دون كلامه الأوّل، ثمّ قال فى قوله: إنّى قد فليت الناس عنكما فأشيرا على وأعينانى علي أنفسكما، هل أنت يا على مبايعى إن ولّيتك

ص:276


1- (1) . الثنّة: أسفل البطن.
2- (2) . فليت الأمر: إذا تأمّلت وجوهه ونظرت إلي عاقبته. وفلوت القوم: تخلّلتهم.

هذا الأمر علي سنّة الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه و سلّم بعهد الله وميثاقه، وسنّة الماضين قبل ؟ قال: لا، ولكن علي طاقتى.

قال: ثمّ قال عثمان: أنا يا أبامحمّد ابايعك إن ولّيتنى هذا الأمر علي سنّة الله وسنّة رسوله وميثاقه وسنّة الماضين قبل - قالها عثمان فى الثلاث - .

قال: ثمّ كانت الثالثة، فقال: اسمع أباعبدالله، قد قال ما تري وعسي الله أن يجعل فى ذلك خيراً. قال: فاُحبّ أن يقوما عنه. فقال: ما شئتما, أو إن شئتما. فقاما عنه، فقام عبدالرحمان فاعتمّ [ولبس] السيف ثمّ خرج إلي المسجد، فقعد ولا أشكّ أنّه يبايع لعلى؛ لما رأيت من حرصه علي على.

قال: فلمّا صلّيت الصبح رقي عبدالرحمان علي المنبر، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ أشار إلي عثمان، حجرة من الناس ما هو بقريب، فقال: ادن. فبايعوا علي سنّة الله وسنّة رسوله بعهد الله وميثاقه، فعرفت أنّ خالى كان أصوب، أشكل عليه رجلان، فأعطاه أحدهما وثيقة ومنعه الآخر إيّاها. (1)

8952. ابن المبارك : أخبرنا يونس، عن الزهرى، عن حميد بن عبدالرحمان، عن المسور بن مخرمة، قال:

جاءنى عبدالرحمان بن عوف بعد هجيع من الليل، قال: ما ذاقت عيناى كثير نوم من هذه الثلاث ليال. قال: فقال لى: ادع لى فلاناً - يعنى عثمان - ، وعليّاً، وسعداً، والزبير. فدعوتهم، فجعل يخلو بواحد واحد، فيأخذ عليه، فلمّا أصبح صلّي صهيب بالناس ثمّ جلس عبدالرحمان، وقد احضر هؤلاء النفر، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: إنّى رأيت الناس يأبون الّا عثمان. (2)

ص:277


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 194/39 - 195 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
2- (2) . عنه البخارى بإسناده إليه فى التاريخ الصغير 75/1 ، من مات فى خلافة أبى بكر, ومن طريقه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 191/39 - 192 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619).

7.أبووائل

8953. عبدالله بن أحمد : حدّثنى سفيان بن وكيع، حدّثنى قبيصة، عن أبى بكر بن عيّاش، عن عاصم، عن أبى وائل، قال:

قلت لعبدالرحمان بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليّاً؟ قال: ما ذنبى ؟ قد بدأت بعلى فقلت: ابايعك علي كتاب الله وسنّة رسوله وسيرة أبى بكر وعمر. قال: فقال: فى ما استطعت. قال: ثمّ عرضتها علي عثمان، فقبلها. (1)

8.ما ورد مرسلاً

8954. أبوهلال : أخبرنا أبوالقاسم، عن العقدى، عن أبى جعفر، قال: قال أبويعقوب السروى:

بني عثمان قصره طمار - أو الزوراء - وصنع طعاماً ودعا الناس، فحضروا، فلمّا نظر عبدالرحمان إلي بنائه قال: يا ابن عفّان، قد صدّقنا عليك ما كنّا نكذّب فيك، وإنّى أستغفر الله من بيعتك. (2) فغضب عثمان وقال: أخّر عنّى يا غلام! وأمر الناس الّا يجالسوه، فلم يكن يأتيه أحد الّا عبدالله بن العبّاس، كان يأتيه ويتعلّم منه القرآن والفرائض، فمرض عبدالرحمان فعاده عثمان وكلّمه، فلم يكلّمه حتّي مات. (3)

8955. ابن قتيبة : ثمّ إنّ بعد موت عمر اجتمع القوم فخلوا فى بيت أحدهم، وأحضروا

ص:278


1- (1) . مسند أحمد 75/1 (557)، [1] ومن طريقه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 202/39 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619)، وابن الجوزى فى المنتظم 337/4 ، [3] حوادث سنة أربع وعشرين، والذهبى فى تاريخ الإسلام 304/3 ، [4] حوادث سنة أربع وعشرين، وابن الأثير فى اسد الغابة 32/4 ، ترجمة على بن أبى طالب، [5] خلافته.
2- (2) . وروي ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 316/20, [6] شرح الحكمة 627 , أنّه قال على لعبدالرحمان: «يا ابن عوف، كيف رأيتك صنيعك مع عثمان ؟ رُبّ واثق خجل، ومن لم يتوخّ بعمله وجه الله عاد مادحه من الناس له ذامّاً».
3- (3) . الأوائل 273/1 ، [7] أوّل ما وقع الاختلاف بين الاُمّة فخطّأ بعضهم بعضاً حين نقموا علي عثمان.

عبدالله بن عبّاس والحسن بن على وعبدالله بن عمر، فتشاوروا ثلاثة أيّام، فلم يبرموا فتيلاً، فلمّا كان فى اليوم الثالث قال لهم عبدالرحمان بن عوف: أ تدرون أى يوم هذا؟ هذا يوم عزم عليكم صاحبكم أن لا تتفرّقوا فيه حتّي تستخلفوا أحدكم. قالوا: أجل.

قال: فإنّى عارض عليكم أمراً؟ قالوا: وما تعرض ؟ قال: أن تولّونى أمركم، وأهب لكم نصيبى فيها، وأختار لكم من أنفسكم.

قالوا: قد أعطيناك الّذى سألت.

فلمّا سلّم القوم قال لهم عبدالرحمان: اجعلوا أمركم إلي ثلاثة منكم. فجعل الزبير أمره إلي على، وجعل طلحة أمره إلي عثمان، وجعل سعد أمره إلي عبدالرحمان بن عوف.

قال المسور بن مخرمة: فقال لهم عبدالرحمان: كونوا مكانكم حتّي آتيكم. وخرج يتلقّي الناس فى أنقاب المدينة متلثّماً لا يعرفه أحد، فما ترك أحداً من المهاجرين والأنصار وغيرهم من ضعفاء الناس ورعاعهم الّا سألهم واستشارهم، أمّا أهل الرأى فأتاهم مستشيراً، وتلقّي غيرهم سائلاً، يقول: من تري الخليفة بعد عمر؟ فلم يلق أحداً يستشيره ولا يسأله الّا ويقول: عثمان. فلمّا رأي اتّفاق الناس واجتماعهم علي عثمان قال المسور: جاءنى رضي الله عنه عشاء فوجدنى نائماً، فخرجت إليه فقال: ألا أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت عينى بنوم منذ هذه الثلاثة، ادع لى فلاناً وفلاناً - نفراً من المهاجرين - فدعوتهم له، فناجاهم فى المسجد طويلاً، ثمّ قاموا من عنده، فخرجوا، ثمّ دعا عليّاً فناجاه طويلاً، ثمّ قام من عنده علي طمع، ثمّ قال: ادع لى عثمان. فدعوته، فناجاه طويلاً حتّي فرق بينهما أن آنت صلاة الصبح.

فلمّا صلّوا جمعهم، فأخذ علي كلّ واحد منهم العهد والميثاق: لئن بايعتك لتقيمنّ لنا كتاب الله وسنّة رسوله وسنّة صاحبيك من قبلك. فأعطاه كلّ واحد منهم العهد والميثاق علي ذلك. وأيضاً: لئن بايعت غيرك لترضينّ ولتسلمنّ ، وليكوننّ سيفك معى علي من أبي. فأعطوه ذلك من عهودهم ومواثيقهم، فلمّا تمّ ذلك أخذ بيد عثمان، فقال له: عليك عهد الله وميثاقه لئن بايعتك لتقيمنّ لنا كتاب الله وسنّة رسوله وسنّة صاحبيك، وشرط

ص:279

عمر أن لا تجعل أحداً من بني اميّة علي رقاب الناس. فقال عثمان: نعم.

ثمّ أخذ بيد على فقال له: ابايعك علي شرط عمر أن لا تجعل أحداً من بنى هاشم علي رقاب الناس. فقال على عند ذلك: ما لك ولهذا إذا قطعتها فى عنقى، فإنّ على الاجتهاد لاُمّة محمّد حيث علمت القوّة والأمانة استعنت بها، كان فى بنى هاشم أو غيرهم. قال عبدالرحمان: لا والله حتّي تعطينى هذا الشرط . قال على: والله لا اعطيكه أبداً. فتركه، فقاموا من عنده.

فخرج عبدالرحمان إلي المسجد، فجمع الناس، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: إنّى نظرت فى أمر الناس، فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعل يا على سبيلاً إلي نفسك، فإنّه السيف لا غير! ثمّ أخذ بيد عثمان فبايعه, وبايع الناس جميعاً. (1)

8956. البلاذرى : فى رواية أبى مخنف أنّ عليّاً خاف أن يجتمع أمر عبدالرحمان وعثمان وسعد، فأتي سعداً ومعه الحسن والحسين فقال له: يا أباإسحاق، إنّى لا أسألك أن تدع حقّ ابن عمّك بحقّى أو تؤثرنى عليه فتبايعنى وتدعه، ولكن إن دعاك إلي أن تكون له ولعثمان ثالثاً فأنكر ذلك فإنّى ادلى إليك من القرابة والحقّ بما لا يدلى به عثمان، وناشده بالقرابة بينه وبين الحسن والحسين وبحقّ آمنة امّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم . فقال سعد: لك ما سألت. وأتي سعد عبدالرحمان فقال له عبدالرحمان: هلمّ فلنجتمع. فقال سعد: إن كنت تدعونى والأمر لك وقد فارقك عثمان علي مبايعتك كنت معك، وإن كنت إنّما تريد لعثمان فعلى أحقّ بالأمر وأحبّ إلى من عثمان.

قال: وأتاهم أبوطلحة فاستحثّهم وألحّ عليهم، فقال عبدالرحمان: يا قوم، أراكم تتشاحّون عليها وتؤخّرون إبرام هذا الأمر، أفكلّكم - رحمكم الله - يرجو أن يكون خليفة ؟ ورأي أبوطلحة ما هم فيه فبكي وقال: كنت أظنّ بهم خلاف هذا الحرص، إنّما كنت أخاف أن يتدافعوها. (2)

ص:280


1- (1) . الإمامة والسياسة 25/1 - 27 ، [1] ذكر الشوري وبيعة عثمان بن عفّان رضي الله عنه .
2- (2) . أنساب الأشراف 126/6 ، [2] أمر الشوري وبيعة عثمان.

8957. البلاذرى : حدّثنى عبّاس بن هشام الكلبى، عن أبيه، عن أبى مخنف - فى إسناد له - , قال:

لمّا دفن عمر أمسك أصحاب الشوري وأبوطلحة يومهم فلم يحدّثوا شيئاً، فلمّا أصبحوا جعل أبوطلحة يحوشهم للمناظرة فى دار المال، وكان دفن عمر يوم الأحد وهو اليوم الرابع من يوم طعن وصلّي عليه صهيب بن سنان. قال: فلمّا رأي عبدالرحمان طول تناجى القوم وتناظرهم وأنّ كلّ واحد منهم يدفع صاحبه عنها قال لهم: يا هؤلاء، أنا اخرج نفسى وسعداً من الأمر علي أن اختاروا معشر الأربعة أحدكم، فقد طال التناجى وتطلّع الناس إلي معرفة خليفتهم وإمامهم، واحتاج من أقام لانتظار ذلك من أهل البلدان إلي الرجوع إلي أوطانهم. فأجابوا إلي ما عرض عليهم الّا عليّاً فإنّه قال: أنظر.

وأتاهم أبوطلحة فأخبره عبدالرحمان بما عرض وبإجابة القوم إيّاه الّا عليّاً، فأقبل أبوطلحة علي على فقال: يا أباالحسن، إنّ أبامحمّد ثقة لك وللمسلمين، فما بالك تخالفه وقد عدل الأمر عن نفسه فلن يتحمّل المأثم لغيره ؟ فأحلف على عبدالرحمان بن عوف أن لا يميل إلي هوي، وأن يؤثر الحقّ ويجتهد للاُمّة، وأن لا يحابى ذا قرابة. فحلف له، فقال: اختر مسدّداً. وكان ذلك فى دار المال، ويقال: فى دار المسور بن مخرمة.

ثمّ إنّ عبدالرحمان أحلف رجلاً رجلاً منهم بالأيمان المغلّظة وأخذ عليهم المواثيق والعهود أنّهم لا يخالفون إن بايع منهم رجلاً وأن يكونوا معه علي من يناويه، فحلفوا علي ذلك، ثمّ أخذ بيد على فقال له: عليك عهد الله وميثاقه إن بايعتك أن لا تحمل بنى عبدالمطّلب علي رقاب الناس ولتسيرنّ بسيرة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لا تحول عنها ولا تقصّر فى شىء منها. فقال على: لا أحمل عهد الله وميثاقه علي ما لا أدركه ولا يدركه أحد، من ذا يطيق سيرة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؟ ولكنّى أسير من سيرته بما يبلغه الاجتهاد منّى وبما يمكننى وبقدر علمى، فأرسل عبدالرحمان يده.

ثمّ أحلف عثمان وأخذ عليه العهود والمواثيق أن لا يحمل بني اميّة علي رقاب الناس، وعلي أن يسير بسيرة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأبى بكر وعمر، ولا يخالف شيئاً من ذلك، فحلف

ص:281

له، فقال على: قد أعطاك أبوعبدالله الرضا فشأنك فبايعه.

ثمّ إنّ عبدالرحمان عاد إلي على فأخذ بيده وعرض عليه أن يحلف تلك اليمين أن لا يخالف سيرة رسول الله وأبى بكر وعمر، فقال على: على الاجتهاد. وعثمان يقول: ونعم، على عهد الله وميثاقه وأشدّ ما أخذ علي أنبيائه أن لا اخالف سيرة رسول الله وأبى بكر وعمر فى شىء ولا اقصّر عنها. فبايعه عبدالرحمان وصافقه وبايعه أصحاب الشوري، وكان على قائماً فقعد، فقال له عبدالرحمان: بايع والّا ضربت عنقك. ولم يكن مع أحد يومئذ سيف غيره، فيقال إنّ عليّاً خرج مغضباً فلحقه أصحاب الشوري وقالوا: بايع والّا جاهدناك. فأقبل معهم يمشى حتّي بايع عثمان. (1)

8958. ابن حبّان : لمّا دفن عمر رضي الله عنه تعمّد (2) عثمان بن عفّان وعلى بن أبى طالب وطلحة بن عبيدالله والزبير بن العوّام وعبدالرحمان وسعد يتشاورون، فأشار عثمان علي عبدالرحمان بالدخول فى الأمر، فأبي عبدالرحمان وقال: لست بالّذى انافسكم علي هذا الأمر، وإن شئتم اخترت لكم منكم واحداً. فجعلوا ذلك إلي عبدالرحمان بن عوف، فلمّا ولّي ذلك مال الناس كلّهم إليه وتركوا اولئك الآخرين، فأخذ عبدالرحمان يتشاور فى تلك الليالى الثلاث حتّي [إذا] كان من الليلة الّتى بايع عثمان بن عفّان من غدها جاء إلي باب المسور بن مخرمة بعد هوى من الليل فضرب الباب وقال: ألا أراك نائماً؟ والله [ما] كحلت منذ الليلة بكثير نوم، ادع لى الزبير وسعداً. فدعاهما فشاورهما، ثمّ أرسله إلي عثمان بن عفّان فدعاه فناجاه حتّي فرّق بينهما المؤذّن، فلمّا صلّوا الصبح اجتمعوا، وأرسل عبدالرحمان إلي من حضر من المهاجرين والأنصار واُمراء الأجناد، ثمّ خطبهم فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّى نظرت فى أحوال الناس وشاورتهم فلم أجدهم يعدلون بعثمان. ثمّ قال: يا عثمان، نبايعك علي سنّة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم والخليفتين من بعده. قال: نعم. فبايعه عبدالرحمان، وبايعه المهاجرون

ص:282


1- (1) . أنساب الأشراف 126/6 - 128 ، [1] أمر الشوري وبيعة عثمان - رضى الله تعالي عنه - .
2- (2) . تعمّد الأمر: قصده واتّكأ.

والأنصار، واُمراء الأجناد والمسلمون، وذلك لغرّة المحرّم. (1)

8959. المقدسى : مات عمر رضي الله عنه يوم الجمعة لأربع بقين من ذى الحجّة سنة ثلاث وعشرين، وكان طعن يوم الأربعاء، فمكث بعده ثلاثاً، هذا فى رواية الواقدى، فلمّا أخرجوه ليصلّى عليه الناس قام على عند رأسه وقام عثمان عند رجليه، فقال عبدالرحمان بن عوف: ما أسرع ما اختلفتم! تقدّم يا صهيب. فتقدّم فصلّي عليه، ثمّ دفنوه فى حجرة عائشة مع النبى صلّى الله عليه و سلّم وأبى بكر رضي الله عنه ، فانصرفوا عنه وتنازعوا الأمر واختلفوا فيه، وجاءت الأنصار يستحثّونهم وبنوهاشم وبنواُميّة يخطب كلّ قوم إلي صاحبهم، فقال عبدالله بن سعد بن أبى سرح: إن أردتم أن لا يختلف قريش فولّوها عثمان. فقام عمّار بن ياسر فقال: إن أردتم أن لا يختلف الناس فولّوها عليّاً. ثمّ قال لعبدالله بن سعد بن أبى سرح: يا فاسق بن فاسق، أ أنت ممّن تستنصح المسلمين أو يستشيرونك فى امورهم ؟! واستسبّ بنوهاشم وبنواُميّة وارتفعت الأصوات حتّي تخوّف الاختلاف، فكان فى الشوري ثلاثة أيّام وعلى يناشدهم بالرحم أن يخرجوه من هذا الأمر، فلمّا كان يوم الثالث بايعوا عثمان. (2)

8960. المقدسى : ذكر بيعة عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، قالوا: وأقبل عبدالرحمان بن عوف إلي على بن أبى طالب، فقال: عليك عهد الله وميثاقه وأشدّ ما أخذ الله علي النبيّين من عهد وعقد إن أنا ولّيتك هذا الأمر لتعملنّ بكتاب الله وسنّة نبيّه. فقال: نعم طاقتى وجهدى ومبلغ رأيى.

ثمّ أقبل علي عثمان، فقال له: عليك عهد الله وميثاقه وأشدّ ما أخذ الله علي النبيّين من عهد وعقد إن أنا ولّيتك هذا العمل لتعملنّ فيه بكتاب الله وسنّة نبيّه. قال: نعم لا أزول عنها ولا أدع منها شيئاً. وبسط يده، وكرّر عبدالرحمان هذه الكلمة علي على مراراً وعلي عثمان مراراً كلّ ذلك يجيبانه مثل الأوّل, وبسط عثمان يده - وبنوهاشم

ص:283


1- (1) . الثقات 242/2 - 243 ، حوادث السنة الثالثة والعشرون، استخلاف عثمان بن عفّان.
2- (2) . البدء والتاريخ 190/5 ، الفصل العشرون، [1] فى مدّة خلافة الصحابة، قصّة الشوري وموت عمر.

وبنواُميّة قيام ينتظرون ما يكون - فضرب عبدالرحمان علي يد عثمان وبايعه علي الأمر, ثمّ تتابع الناس علي ذلك، وخرج عثمان ووجهه يتهلّل وعلى كاسف اللون أربد لم يبايعه ودخل منزله، ورفع عمّار عقيرته يقول:

يا ناعى الإسلام قم فانعه قد مات عرف وأتي منكر (1)

8961. ابن أبي الحديد : فلمّا دفن عمر جمعهم أبوطلحة، ووقف علي باب البيت بالسيف فى خمسين من الأنصار حاملى سيوفهم، ثمّ تكلّم القوم وتنازعوا، فأوّل ما عمل طلحة أنّه أشهدهم علي نفسه أنّه قد وهب حقّه من الشوري لعثمان، وذلك لعلمه أنّ الناس لا يعدلون به عليّاً وعثمان، وأنّ الخلافة لا تخلص له وهذان موجودان، فأراد تقوية أمر عثمان وإضعاف جانب على عليه السّلام بهبة أمر لا انتفاع له به، ولا تمكّن له منه.

فقال الزبير فى معارضته: وأنا أشهدكم علي نفسى أنّى قد وهبت حقّى من الشوري لعلى. وإنّما فعل ذلك لأنّه لمّا رأي عليّاً قد ضعف وانخزل بهبة طلحة حقّه لعثمان دخلته حميّة النسب؛ لأنّه ابن عمّة أميرالمؤمنين عليه السّلام ، وهى صفيّة بنت عبدالمطّلب، وأبوطالب خاله. وإنّما مال طلحة إلي عثمان لانحرافه عن على عليه السّلام ؛ باعتبار أنّه تيمى، وابن عمّ أبى بكر الصدّيق، وقد كان حصل فى نفوس بنى هاشم من بنى تيم حنق شديد لأجل الخلافة، وكذلك صار فى صدور تيم علي بنى هاشم, وهذا أمر مركوز فى طبيعة البشر، وخصوصاً طينة العرب وطباعها، والتجربة إلي الآن تحقّق ذلك، فبقى من الستّة أربعة.

فقال سعد بن أبى وقّاص: وأنا قد وهبت حقّى من الشوري لابن عمّى عبدالرحمان - وذلك لأنّهما من بنى زهرة، ولعلم سعد أنّ الأمر لا يتمّ له - فلمّا لم يبق الّا الثلاثة قال عبدالرحمان لعلى وعثمان: أيّكما يخرج نفسه من الخلافة، ويكون إليه الاختيار فى الاثنين الباقيين ؟ فلم يتكلّم منهما أحد، فقال عبدالرحمان: أشهدكم أنّنى قد أخرجت نفسى من الخلافة علي أن أختار أحدهما. فأمسكا, فبدأ بعلى عليه السّلام وقال له: ابايعك علي كتاب الله،

ص:284


1- (1) . البدء والتاريخ 192/5 - 193 ، الفصل العشرون، [1] فى مدّة خلافة الصحابة، ذكر بيعة عثمان بن عفّان.

وسنّة رسول الله، وسيرة الشيخين أبى بكر وعمر. فقال: بل علي كتاب الله وسنّة رسوله واجتهاد رأيى. فعدل عنه إلي عثمان فعرض ذلك عليه، فقال: نعم. فعاد إلي على عليه السّلام ، فأعاد قوله، فعل ذلك عبدالرحمان ثلاثاً، فلمّا رأي أنّ عليّاً غير راجع عمّا قاله؛ وأنّ عثمان ينعم له بالإجابة؛ صفق علي يد عثمان، وقال: السلام عليك يا أميرالمؤمنين!

فيقال: إنّ عليّاً عليه السّلام قال له: والله ما فعلتها الّا لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه، دقّ الله بينكما عطر منشم. (1)

قيل: ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبدالرحمان، فلم يكلّم أحدهما صاحبه حتّي مات عبدالرحمان. (2)

8962. ابن أبي الحديد : روي القطب الراوندى أنّ عمر لمّا قال: كونوا مع الثلاثة الّتى عبدالرحمان فيها، قال ابن عبّاس لعلى عليه السّلام : ذهب الأمر منّا، الرجل يريد أن يكون الأمر فى عثمان. فقال على عليه السّلام : وأنا أعلم ذلك، ولكنّى أدخل معهم فى الشوري؛ لأنّ عمر قد أهّلنى الآن للخلافة، وكان قبل ذلك يقول: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله قال: إنّ النبوّة والإمامة لا يجتمعان فى بيت، فأنا أدخل فى ذلك لأظهر للناس مناقضة فعله لروايته. (3)

3. موقفه عليه السّلام من الشوري

برواية:

1. جندب بن عبدالله-3. المسور بن مخرمة

2. عبدالله بن عبّاس-4. ما ورد مرسلاً

ص:285


1- (1) . منشم - بكسر الشين - : اسم امرأة بمكّة كانت عطّارة، وكان خزاعة, وجرهم إذا أرادوا القتال تطيّبوا من طيبها، وكانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلي فى ما بينهم. فكان يقال: أشأم من عطر منشم. صحاح اللغة. [1]
2- (2) . شرح نهج البلاغة 187/1 - 188 ، شرح الخطبة 3 .
3- (3) . شرح نهج البلاغة 189/1 ، شرح الخطبة 3 .

1.جندب بن عبدالله

8963. ابن أبي الحديد : روي إبراهيم [الثقفى] عن رجاله، عن عبدالرحمان بن جندب، عن أبيه، قال:

خطب على عليه السّلام بعد فتح مصر وقتل محمّد بن أبى بكر، فقال: ... وتولّي عمر الأمر ... حتّي إذا احتضر، فقلت فى نفسى: لن يعدلها عنّى، ليس يدافعها عنّى، فجعلنى سادس ستّة، فما كانوا لولاية أحد منهم أشدّ كراهة لولايتى عليهم، كانوا يسمعون عند وفاة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لجاج أبى بكر، وأقول: يا معشر قريش، إنّا أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن، ويعرف السنّة، ويدين بدين الحقّ . فخشى القوم إن أنا وليت عليهم الّا يكون لهم من الأمر نصيب ما بقوا، فأجمعوا إجماعاً واحداً، فصرفوا الولاية إلي عثمان، وأخرجونى منها، رجاء أن ينالوها ويتداولوها إذ يئسوا أن ينالوا بها من قبلى، ثمّ قالوا: هلمّ فبايع والّا جاهدناك، فبايعت مستكرهاً، وصبرت محتسباً، فقال قائلهم: يا ابن أبى طالب، إنّك علي هذا الأمر لحريص! فقلت: أنتم أحرص منّى وأبعد، أيّنا أحرص ؟ أنا الّذى طلبت ميراثى وحقّى الّذى جعلنى الله ورسوله أولي به، أم أنتم إذ تضربون وجهى دونه، وتحولون بينى وبينه ؟! فبهتوا، والله لا يهدى القوم الظالمين.

اللهمّ إنّى أستعديك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وأضاعوا إيّاى، وصغّروا عظيم منزلتى، وأجمعوا علي منازعتى حقّاً كنت أولي به منهم، فسلبونيه ثمّ قالوا: ألا إنّ فى الحقّ أن تأخذه، وفى الحقّ أن تمنعه، فاصبر كمداً، أو مت أسفاً حنقاً!

فنظرت فإذاً ليس معى رافد ولا ذابّ ولا ناصر ولا ساعد الّا أهل بيتى، فضننت بهم عن المنيّة، وأغضيت علي القذي، وتجرّعت ريقى علي الشجا، وصبرت من كظم الغيظ علي أمرّ من العلقم، وآلم للقلب من حزّ الشفار ... . (1)

ص:286


1- (1) . شرح نهج البلاغة 94/6 - 96 ، شرح الخطبة 67 ، وسيأتى مثله مرسلاً فى آخر الباب برواية ابن قتيبة.

8964. ابن أبي الحديد : قال عوانة: قال إسماعيل: قال الشعبى: فحدّثنى عبدالرحمان بن جندب، عن أبيه جندب بن عبدالله الأزدى، قال:

كنت جالساً بالمدينة حيث بويع عثمان، فجئت فجلست إلي المقداد بن عمرو، فسمعته يقول: والله ما رأيت مثل ما أتي إلي أهل هذا البيت! وكان عبدالرحمان بن عوف جالساً، فقال: وما أنت وذاك يا مقداد؟! قال المقداد: إنّى والله احبّهم لحبّ رسول الله صلّى الله عليه و آله ، وإنّى لأعجب من قريش وتطاولهم علي الناس بفضل رسول الله، ثمّ انتزاعهم سلطانه من أهله.

قال عبدالرحمان: أما والله لقد أجهدت نفسى لكم. قال المقداد: أما والله لقد تركت رجلاً من الّذين يأمرون بالحقّ وبه يعدلون! أما والله لو أنّ لى علي قريش أعواناً لقاتلتهم قتالى إيّاهم ببدر واُحد.

فقال عبدالرحمان: ثكلتك امّك! لا يسمعنّ هذا الكلام الناس، فإنّى أخاف أن تكون صاحب فتنة وفرقة.

قال المقداد: إنّ من دعا إلي الحقّ وأهله وولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة، ولكن من أقحم الناس فى الباطل؛ وآثر الهوي علي الحقّ ؛ فذلك صاحب الفتنة والفرقة.

قال: فتربّد وجه عبدالرحمان، ثمّ قال: لو أعلم أنّك إيّاى تعنى لكان لى ولك شأن.

قال المقداد: إيّاى تهدّد يا ابن امّ عبدالرحمان! ثمّ قام عن عبدالرحمان فانصرف.

قال جندب بن عبدالله: فاتّبعته وقلت له: يا عبدالله، أنا من أعوانك. فقال: رحمك الله، إنّ هذا الأمر لا يغنى فيه الرجلان ولا الثلاثة.

قال: فدخلت من فورى ذلك علي على عليه السّلام ، فلمّا جلست إليه قلت: يا أباالحسن، والله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك. فقال: صبر جميل والله المستعان.

فقلت: والله إنّك لصبور! قال: فإن لم أصبر فماذا أصنع ؟

قلت: إنّى جلست إلي المقداد بن عمرو آنفاً وعبدالرحمان بن عوف، فقالا كذا وكذا، ثمّ قام المقداد فاتّبعته، فقلت له كذا، فقال لى كذا.

ص:287

فقال على عليه السّلام : لقد صدق المقداد، فما أصنع ؟ فقلت: تقوم فى الناس فتدعوهم إلي نفسك، وتخبرهم أنّك أولي بالنبى صلّى الله عليه و سلّم وتسألهم النصر علي هؤلاء المظاهرين عليك، فإن أجابك عشرة من مئة شددت بهم علي الباقين ، فإن دانوا لك فذاك، والّا قاتلتهم وكنت أولي بالعذر، قتلت أو بقيت، وكنت أعلي عند الله حجّة.

فقال: أ ترجو يا جندب أن يبايعنى من كلّ عشرة واحد؟ قلت: أرجو ذلك.

قال: لكنّى لا أرجو ذلك، لا والله ولا من المئة واحد، وساُخبرك! إنّ الناس إنّما ينظرون إلي قريش فيقولون: هم قوم محمّد وقبيله, وأمّا قريش بينها فتقول: إنّ آل محمّد يرون لهم علي الناس بنبوّته فضلاً، ويرون أنّهم أولياء هذا الأمر دون قريش، ودون غيرهم من الناس، وهم إن ولّوه لم يخرج السلطان منهم إلي أحد أبداً، ومتي كان فى غيرهم تداولته قريش بينها، لا والله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبداً!

فقلت: جعلت فداك يا ابن عمّ رسول الله، لقد صدعت قلبى بهذا القول، أفلا أرجع إلي المصر فاُؤذّن الناس بمقالتك، وأدعو الناس إليك ؟ فقال: يا جندب, ليس هذا زمان ذاك.

قال: فانصرفت إلي العراق، فكنت أذكر فضل على علي الناس فلا أعدم رجلاً يقول لى ما أكره، وأحسن ما أسمعه قول من يقول: دع عنك هذا وخذ فى ما ينفعك! فأقول: إنّ هذا ممّا ينفعنى وينفعك، فيقوم عنّى ويدعنى.

وزاد أبوبكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهرى: حتّي رفع ذلك من قولى إلي الوليد بن عقبة أيّام ولينا، فبعث إلى فحبسنى حتّي كُلّم فى، فخلّي سبيلى.

وروي الجوهرى، قال: نادي عمّار بن ياسر ذلك اليوم: يا معشر المسلمين، إنّا قد كنّا وما كنّا نستطيع الكلام قلّة وذلّة، فأعزّنا الله بدينه، وأكرمنا برسوله، فالحمد لله ربّ العالمين.

يا معشر قريش، إلي متي تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم ؟! تحوّلونه هاهنا مرّة، وهاهنا مرّة! ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ويضعه فى غيركم، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه فى غير أهله!

ص:288

فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة: يا ابن سميّة، لقد عدوت طورك وما عرفت قدرك، ما أنت وما رأت قريش لأنفسها! إنّك لست فى شىء من أمرها وإماراتها، فتنحّ عنها.

وتكلّمت قريش بأجمعها، فصاحوا بعمّار وانتهروه، فقال: الحمد لله ربّ العالمين، ما زال أعوان الحقّ أذلاء. ثمّ قام فانصرف. (1)

2.عبدالله بن عبّاس

8965. سبط ابن الجوزى : أخبرنا شيخنا أبوالقاسم [بن] النفيس الأنبارى، بإسناده إلي عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لمّا بويع أميرالمؤمنين عليه السّلام بالخلافة ناداه رجل من الصفّ وهو علي المنبر، ما الّذى أبطأ بك إلي الآن ؟ فقال بديهاً: ... فصبرت [علي طول المدّة وشدّة المحنة] (2) حتّي إذا مضي لسبيله جعلها شوري بين ستّة زعم أنّى أحدهم, فيا لله وللشوري! فيم وممّ وبم ؟ ولم يعرض عنّى، ولكنّى أسففت معهم حين أسفّوا، وطرت معهم حيث طاروا، وصبرت لطول المحنة وانقضاء المدّة إلي أن قام الثالث.

وفى رواية: فيا لله وللشوري! متي اعترض الريب فى حتّي صرت اقرن إلي هذه النظائر, فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هَن وهَن، إلي أن قام الثالث، نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، و [قام معه] بنواُميّة - أو بنو أبيه - يخضمون مال الله خضم الإبل نبت الربيع، حتّي إذا أجهز عليه عمله، وأسلمه إلي الهلاك أجله، وكبت به بطنته ... . (3)

3.المسور بن مخرمة

8966. الطبرى : حدّثنى سلم بن جنادة أبوالسائب، قال: حدّثنا سليمان بن عبدالعزيز بن أبى ثابت بن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالرحمان بن عوف، قال: حدّثنا

ص:289


1- (1) . شرح نهج البلاغة 56/9 - 58 ، شرح الخطبة 139 .
2- (2) . ما بين المعقوفين من نهج البلاغة, الخطبة الشقشقيّة. [1]
3- (3) . تذكرة الخواصّ 493/1 - 495 ، الباب الخامس، [2] فى المختار من كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام .

أبى ثابت بن عبدالعزيز، قال: حدّثنا أبى، عن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة [فى حديث طويل] , قال:

ثمّ تكلّم على بن أبى طالب - رضى الله تعالي عنه - فقال: الحمد لله الّذى بعث محمّداً منّا نبيّاً، وبعثه إلينا رسولاً، فنحن بيت النبوّة، ومعدن الحكمة، وأمان أهل الأرض، ونجاة لمن طلب، لنا حقّ إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ولو طال السُري، لو عهد إلينا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم عهداً لأنفذنا عهده، ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه حتّي نموت، لن يسرع أحد قبلى إلي دعوة حقّ وصلة رحم، ولا حول ولا قوّة الّا بالله، اسمعوا كلامى، وعوا منطقى، عسي أن تروا هذا الأمر من بعد هذا المجمع تُنتضي فيه السيوف، وتُخان فيه العهود، حتّي تكونوا جماعة، ويكون بعضكم أئمّة لأهل الضلالة، وشيعة لأهل الجهالة. ثمّ أنشأ يقول:

فإن تك جاسم هلكت فإنّى بما فعلت بنو عبد بن ضخم

مطيع فى الهواجر كلّ عى بصير بالنوي مع كلّ نجم (1)

4.ما ورد مرسلاً

8967. ابن قتيبة - فى ما كتب على لأهل العراق - : ... فلمّا احتضر [عمر] قلت فى نفسى: ليس يصرف هذا الأمر عنّى، فجعلها عمر شوري، وجعلنى سادس ستّة، فما كانوا لولاية أحد منهم بأكره منهم لولايتى؛ لأنّهم كانوا يسمعوننى وأنا احاجّ أبابكر فأقول: يا معشر قريش، أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان منّا من يقرأ القرآن ويعرف السنّة، فخشوا إن وليت عليهم أن لا يكون لهم فى هذا الأمر نصيب، فبايعوا إجماع رجل واحد، حتّي صرفوا الأمر عنّى لعثمان فأخرجونى منها، رجاء أن يتداولوها حين يئسوا أن ينالوها، ثمّ قالوا لى: هلمّ فبايع عثمان، والّا جاهدناك! فبايعت مستكرهاً، وصبرت

ص:290


1- (1) . تاريخ الطبرى 234/4 - 237 ، [1] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري، وأورده ابن الأثير فى الكامل 39/3 ، [2] حوادث سنة ثلاث وعشرين، ذكر قصّة الشوري.

محتسباً، وقال قائلهم: إنّك يا ابن أبى طالب علي الأمر لحريص! قلت لهم: أنتم أحرص، أمّا أنا إذا طلبت ميراث ابن أبى وحقّه، وأنتم إذ دخلتم بينى وبينه، وتضربون وجهى دونه، اللهمّ إنّى أستعين بك علي قريش، فإنّهم قطعوا رحمى، وصغّروا عظيم منزلتى وفضلى، واجتمعوا علي منازعتى حقّاً كنت أولي به منهم [فسلبونيه]، ثمّ قالوا: اصبر كمداً، وعش متأسّفاً! فنظرت فإذاً ليس معى رفاقة ولا مساعد الّا أهل بيتى، فضننت بهم علي الهلاك، فأغضيت عينى علي القذي، وتجرّعت ريقى علي الشجا، وصبرت من كظم الغيظ علي أمرّ من العلقم طعماً، وآلم للقلب من حزّ الحديد ... . (1)

8968. ابن أبي الحديد : روي أبومخنف أنّ عمّاراً قال هذا البيت ذلك اليوم:

يا ناعى الإسلام قم فانعه

قد مات عرف وأتي منكر

أما والله لو أنّ لى أعواناً لقاتلتهم. وقال لأميرالمؤمنين عليه السّلام (2): لئن قاتلتهم بواحد لأكوننّ ثانياً. فقال [أميرالمؤمنين عليه السّلام ]: والله ما أجد عليه أعواناً، ولا احبّ أن اعرّضكم لما لا تطيقون. (3)

ص:291


1- (1) . الإمامة والسياسة 161/1 - 163 ، [1] ما كتب على لأهل العراق.
2- (2) . هذا هو الصحيح, وفى الأصل: «أميرالمؤمنين».
3- (3) . شرح نهج البلاغة 265/12 - 266 ، شرح الخطبة 223 .

الباب التاسع: حكومة عثمان والثورة عليه وقتله وموقف على عليه السّلام منه وفيه فروع:

الأوّل: حكومة عثمان وموقفه عليه السّلام منه

برواية:

1. عامر الشعبى-3. مروان بن الحكم

2. عبدالله بن عبّاس-4. ما ورد مرسلاً

1.عامر الشعبى

8969. ابن أبي الحديد : قال الشعبى: وخرج المقداد من الغد فلقى عبدالرحمان بن عوف، فأخذ بيده وقال: إن كنت أردت بما صنعت وجه الله فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة، وإن كنت إنّما أردت الدنيا فأكثر الله مالك. فقال عبدالرحمان: اسمع - رحمك الله - . قال: لا أسمع والله. وجذب يده من يده، ومضي حتّي دخل علي على عليه السّلام ، فقال: قم فقاتل حتّي نقاتل معك. قال على: فى من اقاتل - رحمك الله - ؟ وأقبل عمّار بن ياسر ينادى:

يا ناعى الإسلام قم فانعه

قد مات عرف وبدا نُكر

أما والله لو أنّ لى أعواناً لقاتلتهم، والله لئن قاتلهم واحد لأكوننّ له ثانياً.

فقال على: يا أبااليقظان، والله لا أجد عليهم أعواناً ولا احبّ أن اعرّضكم لما لا

ص:292

تطيقون. وبقى عليه السّلام فى داره وعنده نفر من أهل بيته، وليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان.

قال الشعبى: واجتمع أهل الشوري علي أن تكون كلمتهم واحدة علي من لم يبايع، فقاموا إلي على، فقالوا: قم فبايع عثمان. قال: فإن لم أفعل ؟ قالوا: نجاهدك.

قال: فمشي إلي عثمان حتّي بايعه وهو يقول: صدق الله ورسوله. فلمّا بايع أتاه عبدالرحمان بن عوف، فاعتذر إليه وقال: إنّ عثمان أعطانا يده ويمينه، ولم تفعل أنت، فأحببت أن أتوثّق للمسلمين، فجعلتها فيه.

فقال: إيهاً عنك! إنّما آثرته بها لتنالها بعده، دقّ الله بينكما عطر منشم (1). (2)

2.عبدالله بن عبّاس

8970. سبط ابن الجوزى : أخبرنا شيخنا أبوالقاسم [بن] النفيس الأنبارى، بإسناده إلي عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لمّا بويع أميرالمؤمنين عليه السّلام بالخلافة ناداه رجل من الصفّ وهو علي المنبر؛ ما الّذى أبطأ بك إلي الآن ؟ فقال بديهاً: ... فصبرت [علي طول المدّة وشدّة المحنة] (3) حتّي إذا مضي لسبيله جعلها شوري بين ستّة زعم أنّى أحدهم, فيا لله وللشوري! فيم وممّ وبم ؟ ولم يعرض عنّى، ولكنّى أسففت معهم حين أسفّوا, وطرت معهم حيث طاروا، وصبرت لطول المحنة وانقضاء المدّة إلي أن قام الثالث.

وفى رواية: فيا لله وللشوري! متي اعترض الريب فى حتّي صرت اقرن إلي هذه النظائر، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هَن وهَن، إلي أن قام الثالث، نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، و [قام معه] بنواُميّة - أو بنو أبيه - يخضمون مال الله خضم الإبل

ص:293


1- (1) . منشم: امرأة عطّارة من خزاعة، فتحالف قوم فأدخلوا أيديهم فى عطرها علي أن يقاتلوا حتّي يموتوا، فضرب ذلك مثلاً لشدّة الأمر.
2- (2) . شرح نهج البلاغة 55/9 ، شرح الخطبة 139 .
3- (3) . ما بين المعقوفين من نهج البلاغة، الخطبة الشقشقيّة. [1]

نبت الربيع، حتّي إذا أجهز عليه عمله، وأسلمه إلي الهلاك أجله، وكبت به بطنته ... . (1)

مروان بن الحكم

8971. أبويوسف : عن محمّد بن عبدالرحمان بن سلمة، عن مروان بن الحكم، قال:

اشتكي على رضي الله عنه شكوي آدت منه فأتاه عثمان رضي الله عنه عائداً وأنا معه فقال: كيف أنت ؟ كيف تجدك ؟ حتّي إذا فرغ من مسألة العيادة قال: والله ما أدرى أنا دونك اسرّ أم ببقائك ؟ والله لئن متّ لا أجد منك خلفاً، ولئن بقيت لا أعدم طاعناً غائباً يتّخذك عضداً أو يعدّك كهفاً لا يمنعنى منه الّا مكانه منك ومكانك منه، فأنا مثلى كأبى العاقّ إن مات فجعه وإن عاش عقّه، فإمّا سلم فنسالم وإمّا حرب فننابز، ولا تجعلنا بين السماء والماء، إنّك والله لئن قتلتنى لا تجد منّى خلفاً، وإن قتلتك لا أجد منك خلفاً، ولن يلى هذا الأمر بادئ فتنة، وإنّ أعزّ الناس به الرابض مع العنز.

قال: فحمد الله على وأثني عليه وقال: إنّ فى ما تكلّمت به لجواباً، ولكنّى عن جوابك مشغول, ولأقولنّ كما قال العبد الصالح: [بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ ] أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللّهُ الْمُسْتَعانُ (2).

قال: فقلت: إنّا إذاً والله لنكسرنّ رماحنا ولنقطعنّ سيوفنا، ولا نكون فى هذا الأمر حيناً لمن بعدنا.

قال: فقال عثمان رضي الله عنه فى صدرى: اسكت، ما أنت وذاك لا امّ لك! (3)

4.ما ورد مرسلاً

8972. أبوعبيدة : أوّل خطبة خطبها على بن أبى طالب رحمه الله أنّه قال: ... سبق الرجلان وقام

ص:294


1- (1) . تذكرة الخواصّ 493/1 - 495 ، الباب الخامس، [1] فى المختار من كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام .
2- (2) . يوسف/18 . [2]
3- (3) . عنه ابن شبّة بإسناده إليه فى تاريخ المدينة 1044/3 - 1045 ، أخبار عثمان بن عفّان، باب تواضع عثمان. وانظر: أخبار الموفّقيات ص618 (401).

الثالث كالغراب همّته بطنه، يا ويحه! لو قصّ جناحاه وقطع رأسه لكان خيراً له ... . (1)

الثانى: الثورة علي عثمان بن عفّان وأسبابها

اشارة

لمّا ولى عثمان ارتكب اموراً صارت سبباً لثورة المسلمين فى مختلف بقاع العالم الإسلامى، نشير إليها باختصار:

1. الترف

كان عثمان يلبس الغالى من الثياب (2)، ويأكل الليّن من الطعام (3)، ويقسّم بين نسائه وبناته أموالاً كثيرة, وينفق عليهنّ من بيت المال, ويصرفه فى ضياعه ودوره (4)، وكان له عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف درهم, وخمسمئة ألف درهم، وخمسون ومئة ألف دينار، وترك ألف بعير بالربذة (5).

2. جعل المال دولة بين الأغنياء واستئثار أقربائه

آوي عثمان طريد النبى صلّى الله عليه و آله الحكم بن أبي العاص وأعطاه مئة ألف (6)، وولاه صدقات قضاعة ووهبها له حين أتاه بها (7).

ص:295


1- (1) . عنه الجاحظ فى البيان والتبيين 50/2 - 51 ، خطبة لعلى بن أبى طالب، [1] وأورده ابن عبد ربّه فى العقد الفريد 157/4 - 158 ، كتاب الواسطة فى الخطب، [2] خطب على بن أبى طالب.
2- (2) . الطبقات الكبري 42/3 ، ترجمة عثمان بن عفّان (14)، ذكر لباس عثمان؛ أنساب الأشراف 102/6 ، أمر عثمان بن عفّان.
3- (3) . تاريخ الطبرى 401/4 ، [3] حوادث سنة خمس وثلاثين, ذكر بعض سير عثمان.
4- (4) . السيرة الحلبيّة 272/2 ، باب الهجرة إلي المدينة؛ الصواعق المحرقة 332/1 ، الباب السابع، [4] فى فضائل عثمان, تتمّة؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 16/9 ، شرح الكلام 135 .
5- (5) . الطبقات الكبري 56/3 ، ترجمة عثمان بن عفّان (14)، ذكر ما خلّف عثمان.
6- (6) . العقد الفريد 35/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [5] أمر الشوري؛ المعارف لابن قتيبة ص194 ، [6] خلافة عثمان؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 198/1 ، شرح الخطبة 3 .
7- (7) . أنساب الأشراف 137/6 ، [7] ذكر ما أنكروا من سيرة عثمان؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 35/3 ، [8] شرح الخطبة 45 .

وكان يقدّم بني اميّة علي غيرهم حتّي قال: لو أنّ بيدى مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني اميّة حتّي يدخلوا من عند آخرهم (1).

وأعطي عثمان ابن عمّه مروان بن الحكم خُمس غنائم إفريقيّة (2)، وأقطعه فدكاً (3).

وأنكح عثمان ابن عمّه الحارث بن الحكم ابنته عائشة فأعطاه مئة ألف من بيت المال (4)، ووهبها إبل الصدقة (5)، وأقطعه مهزور - وكان للمسلمين - . (6)

وزوّج بنته من عبدالله بن خالد بن اسيد وأعطاه مئة ألف درهم. (7)

ص:296


1- (1) . مسند أحمد 62/1 (439)؛ [1] تاريخ المدينة 1098/3 ، كلام عمرو بن العاص فى عثمان؛ تاريخ الإسلام للذهبى 432/3 ، [2] حوادث سنة خمس وثلاثين؛ تاريخ مدينة دمشق 252/39 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619)؛ البداية والنهاية 178/7 ، [4] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر حصر عثمان.
2- (2) . أنساب الأشراف 133/6 و 136 ، [5] ذكر ما أنكروا من سيرة عثمان؛ تاريخ الطبرى 256/4 ، حوادث سنة سبع وعشرين؛ الأوائل للعسكرى 269/1 ، [6] أوّل ما وقع الاختلاف بين الاُمّة؛ المعارف لابن قتيبة ص195 ، [7] خلافة عثمان؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 37/3 ، شرح الكلام 43 ؛ البداية والنهاية 152/7 ، حوادث سنة سبع وعشرين؛ العقد الفريد 36/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، أمر الشوري؛ الكامل لابن الأثير 46/3 ، [8] حوادث سنة ستّ وعشرين؛ تاريخ الإسلام للذهبى 432/3 ، حوادث سنة خمس وثلاثين.
3- (3) . المعارف لابن قتيبة ص195 ، [9] خلافة عثمان؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 198/1 ، [10] شرح الخطبة 3 ؛ العقد الفريد 36/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، أمر الشوري.
4- (4) . شرح نهج البلاغة 199/1 ، شرح الخطبة الشقشقيّة (3).
5- (5) . أنساب الأشراف 137/6 ، [11] ذكر ما أنكروا من سيرة عثمان؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 35/3 ، [12] شرح الكلام 43 ؛ تاريخ الطبرى 365/4 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان.
6- (6) . المعارف لابن قتيبة ص195 ، [13] خلافة عثمان؛ العقد الفريد 35/5 - 36 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأّيّامهم، أمر الشوري؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 198/1 ، [14] شرح الخطبة 3 .
7- (7) . تاريخ المدينة لابن شبّة 1022/3 ، باب تواضع عثمان؛ أنساب الأشراف 173/6 ، أمر عبدالله بن الأرقم، وفيه: «ثلاثمئة ألف درهم»؛ الأوائل للعسكرى 274/1 ، أوّل ما وقع الاختلاف بين الاُمّة، ولم يذكر رقماً؛ المعارف لابن قتيبة ص195 ، [15] خلافة عثمان، وفيه: «أربعمئة ألف درهم»؛ تاريخ الطبرى 345/4 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، وفيه: «خمسين ألفاً»؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 198/1 ، شرح الخطبة 3 ، وفيه: «أربعمئة ألف»، و 35/3 ، شرح الكلام 43 ، وفيه: «ثلاثمئة ألف»؛ العقد الفريد 35/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، أمر الشوري، وفيه: «أربعمئة ألف».

وأعطي سعيد بن العاص الاُموى مئة ألف درهم (1)، وأباسفيان بن حرب مئة الف من بيت المال (2).

وأعطي عبدالله بن أبى سرح جميع ما أفاء الله عليه من فتح إفريقيّة بالمغرب (3)، وأعطاه خمس الغزوة الاُولي (4).

وأعطي زيد بن ثابت عشرة آلاف دينار وحدائق من نخل (5).

وأعطي طلحة بن عبيدالله مئتى ألف دينار (6)، وأقطعه بالعراق قطائع من صوافى آل كسري (7).

وأعطي الزبير ستّمئة ألف (8).

وترك عبدالرحمان بن عوف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومئة فرس بالبقيع (9)، وكان فى ما تركه من الذهب ما يقطع بالفؤوس حتّي مجلت أيدى الرجال منه، وترك أربع نسوة فاُخرجت امرأة من ثمنها بثمانين ألفاً (10).

ص:297


1- (1) . أنساب الأشراف 137/6 ، ذكر ما أنكروا من سيرة عثمان؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 35/3 ، [1] شرح الخطبة 43 .
2- (2) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 199/1 ، [2] شرح الخطبة 3 .
3- (3) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 199/1 ، [3] شرح الخطبة 3 .
4- (4) . الكامل فى التاريخ لابن الأثير 46/3 ، [4] حوادث سنة ستّ وعشرين.
5- (5) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 8/3 ، [5] شرح الخطبة 43 ؛ أنساب الأشراف 166/6 ، أمر أبى ذرّ , وفيه: «مئة ألف درهم».
6- (6) . أنساب الأشراف 108/6 ، [6] أمر عثمان بن عفّان.
7- (7) . تاريخ المدينة لابن شبّة 1020/3 - 1021 ، باب تواضع عثمان؛ معجم البلدان 330/5 « [7]النشاستج» (12014).
8- (8) . تاريخ المدينة 1021/3 - 1022 ، باب تواضع عثمان؛ الطبقات الكبري 79/3 ، ترجمة الزبير بن العوّام (32)؛ أخبار أصبهان 42/1 ، ذكر النوشجان؛ مكارم الأخلاق لابن أبى الدنيا ص127 (421).
9- (9) . الطبقات الكبري 100/3 - 101 ، ترجمة عبدالرحمان بن عوف ( [8]38)، ذكر وصيّة عبدالرحمان.
10- (10) . الطبقات الكبري 101/3 ، ترجمة عبدالرحمان بن عوف ( [9]38)، ذكر وصيّة عبدالرحمان؛ البداية والنهاية 164/7, [10] حوادث سنة ثنتين وثلاثين.

ولمّا أصرّ علي عطاياه من بيت المال رمي خازنه بالمدينة المفاتيح وقال: أنا خازالمسلمين لا لك! فأخذها عثمان وأعطاها زيد بن ثابت (1)، وكذا فعل ابن مسعود بالكوفة (2).

3. ردّ طرداء رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

كان الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله صلّى الله عليه و آله حيث نفاه إلي الطائف، وأبي أبوبكر وعمر من ردّه إلي المدينة، فلمّا استخلف عثمان ردّه وابنه مروان إلي المدينة وأعطاه مئة ألف (3).

4. تولية الفسّاق من بني اميّة وأقربائه علي البلاد

وتقديمهم علي غيرهم

ارتدّ عبدالله بن أبى سرح وهرب إلي مكّة، فأمر رسول الله صلّى الله عليه و آله بقتله، وكان أخا عثمان من الرضاع، فطلب فيه عثمان أشدّ الطلب حتّي كفّ عنه رسول الله صلّى الله عليه و آله ، فلمّا استخلف عثمان ولاّه مصر. (4)

ص:298


1- (1) . أنساب الأشراف 173/6 ، [1] أمر عبدالله بن الأرقم الزهرى.
2- (2) . أنساب الأشراف 140/6 ، [2] أمر الوليد بن عقبة حين ولاّه عثمان الكوفة؛ الأوائل للعسكرى 272/1 ، [3] أوّل ما وقع الاختلاف بين الاُمّة.
3- (3) . العقد الفريد 35/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [4] أمر الشوري؛ أنساب الأشراف 135/6 - 136 ، [5] ذكر ما أنكروا من سيرة عثمان بن عفّان وأمره؛ الأوائل للعسكرى 268/1 - 269 ، [6] أوّل ما وقع الاختلاف بين الاُمّة.
4- (4) . أنساب الأشراف 454/1 ، [7] ثمّ غزاة فتح مكّة؛ سنن أبى داوود 79/3 - 80 (2683)؛ المغازى للواقدى 855/2 ، شأن غزوة الفتح؛ المستدرك للحاكم 45/3 - 46 (4360) - (4362)؛ المعارف لابن قتيبة ص301 ، ترجمة عبدالله بن سعد بن أبى سرح؛ الاستيعاب 918/3 - 919 ، ترجمة عبدالله بن سعد بن أبى سرح (1553)؛ تاريخ مدينة دمشق 34/29 - 37 ، ترجمة عبدالله بن سعد بن أبى سرح (3310)؛ الرياض النضرة 163/2 ، الباب الثالث، الفصل الحادى عشر، طريق آخر فى مقتله.

وولّي الوليد بن عقبة الفاسق علي الكوفة (1)، وولّي الحارث بن الحكم السوق (2)، وولّي عبدالله بن عامر وهو ابن ستّ عشرة سنة علي العراق (3)، وولاّه علي البصرة وهو ابن أربع وعشرين أو خمس وعشرين سنة (4)، وولّي سعيد بن العاص علي الكوفة مكان الوليد بن عقبة (5).

5. الصدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد

شرب الوليد بن عقبة الخمر - وهو عامله علي الكوفة - وصلّي الصبح أربعاً وتقيّأ الخمر، فاُخذ خاتمه وذهبوا به إلي عثمان وأخبروه بما رأوا، فزجرهم عثمان وضربهم، حتّي ألجؤوا إلي عائشة، وأتوا عليّاً فشكوا ذلك إليه، فأتي عليه السّلام عثمان ولامه علي تعطيل الحدود، فاضطرّ إلي إجرائه (6).

6. العفو عن قاتل الهرمزان وابنة أبى لؤلؤة

لمّا طعن أبولؤلؤة عمر بن الخطّاب وثب عبيدالله بن عمر علي الهرمزان فقتله وعفي

ص:299


1- (1) . أنساب الأشراف 145/6 ، أمر الوليد بن عقبة؛ المعجم الكبير 401/23 (960)؛ الاستيعاب 1553/4 - 1554 ، ترجمة الوليد بن عقبة (2721)؛ البداية والنهاية 214/8 ، حوادث سنة إحدي وستين، ذكر من توفّى فيها من الأعيان؛ تهذيب الكمال 54/31 ، ترجمة الوليد بن عقبة (6723).
2- (2) . أنساب الأشراف 160/6 ، ذكر قول جبلة الأنصارى وجهجاه الغفارى لعثمان.
3- (3) . الاستيعاب 933/3 ، ترجمة عبدالله بن عامر [1]بن كريز (1587) و 693/2 ، ترجمة شبل بن خالد (1155).
4- (4) . تاريخ خليفة بن خيّاط ص161 ، [2] حوادث سنة تسع وعشرين؛ اسد الغابة 191/3 ، ترجمة عبدالله بن عامر بن كريز؛ تاريخ مدينة دمشق 254/29 ، ترجمة عبدالله بن عامر ( [3]3357)؛ الكامل لابن الأثير 95/3 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر أسماء عمّال عثمان؛ الطبقات الكبري 33/5 ، ترجمة عبدالله بن عامر (618).
5- (5) . تاريخ الطبرى 271/4 ، [4] حوادث سنة ثلاثين؛ الكامل لابن الأثير 52/3 - 53 ، [5] حوادث سنة ثلاثين، ذكر عزل الوليد عن الكوفة.
6- (6) . أنساب الأشراف 144/6 - 145 ، [6] أمر الوليد بن عقبة حين ولاّه عثمان الكوفة؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 19/3 - 20 ، [7] شرح الخطبة 43 .

عثمان عنه ولم يقده (1)، وقتل عبيدالله ابنة أبى لؤلؤة بلا ذنب ولم يقده عثمان (2).

7. معاقبة من أنكر عليه أحداثه

1/7. نفى أبى ذرّ

كان أبوذرّ يقع فى عثمان ويذكر ما غيّر وبدّل من سنن رسول الله صلّى الله عليه و آله ، فنفاه عثمان إلي الشام، فكتب معاوية إلي عثمان بأنّ أباذرّ قد أفسد الشام، فحمله - بأمر عثمان - علي بعير بغير وطاء وأرسله إلي المدينة، فنفاه إلي الربذة، فمات بها (3).

2/7. ضرب عمّار بن ياسر

اجتمع ناس من الصحابة - وفيهم عمّار وابن مسعود - وكتب كتاباً إلي عثمان ذكروا فيه مساويه وما خالف فيه من السنّة، وهبته خمس إفريقيّة لمروان، وتطاوله فى البنيان، وما كان من اختصاص الولاية بأهله وبنى عمّه، وما كان من الوليد بالكوفة وغيرها من الاُمور، فلمّا أعطاه عمّار وقرأه عثمان أمر بضربه، فضربه بنفسه مع جماعة من قومه حتّي فتقوا بطنه وغشى عليه وطرحوه علي باب الدار، فاُدخل بيت امّ سلمة حتّي نجا من الموت. (4)

ص:300


1- (1) . السنن الكبري للبيهقى 61/8 ، كتاب الجنايات، باب أحد الأولياء إذا عدا علي رجل فقتله؛ أنساب الأشراف 130/6 ، [1] أمر الشوري؛ تاريخ الطبرى 239/4 ، [2] حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري؛ الكامل لابن الأثير 39/3 و 40 ، حوادث سنة ثلاث وعشرين، قصّة الشوري؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 59/3 ، شرح الخطبة 43 و 54/9 ، شرح الخطبة 139 ؛ الطبقات الكبري 11/5 و 12 ، ترجمة عبيدالله بن عمر ( [3]604).
2- (2) . الطبقات الكبري 10/5 و 11 ، ترجمة عبيدالله بن عمر بن الخطّاب (604).
3- (3) . الفتوح 156/2 - 162 ، [4] ذكر وفاة أبى ذرّ بالربذة؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 54/3 - 55 و 56 - 57 و 57 - 58 ، [5] شرح الخطبة 43 ؛ الرياض النضرة 163/2 ، الباب الثالث، الفصل الحادى عشر، [6] فى مقتل عثمان؛ الكامل لابن الأثير 56/3 - 57 ، حوادث سنة ثلاثين، ذكر تسيير أبى ذرّ إلي الربذة.
4- (4) . الإمامة والسياسة 31/1 - 33 ، [7] ما أنكر الناس علي عثمان رحمه الله ؛ أنساب الأشراف 161/6 و 162 ، أمر عمّار بن ياسر؛ تاريخ المدينة 1099/3 ، كلام عمرو بن العاص فى عثمان؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 49/3 و 50 ، شرح الخطبة 43 و 102/10 ، شرح الخطبة 183 و 36/20 ، شرح

3/7. تسيير عبدالله بن مسعود من الكوفة إلي المدينة وضربه وفرض الإقامة الجبريّة عليه

كان ابن مسعود بالكوفة، فكتب الوليد بن عقبة إلي عثمان يبغّضه علي ابن مسعود، فأمر عثمان بتسييره إلي المدينة، فدخل المسجد بالمدينة وعثمان يخطب، فأمر بإخراجه منه، فضرب حتّي دقّ ضلعه، ومنعه من الخروج عن المدينة، وحرمه من عطائه ثلاث سنين، فأوصي ابن مسعود أن لا يصلّى عليه عثمان، فدفن بالبقيع وعثمان لم يعلم. 1

4/7. نفى عامر بن قيس إلي الشام

كان عامر بالبصرة، وكان ينكر علي عثمان أحداثه، وجاء إلي عثمان وأمره بتقوي الله، فسيّره إلي الشام. 2

5/7. ضرب كعب بن عبدة ونفيه

كتب جماعة من قرّاء الكوفة إلي عثمان يشكون إليه ما فعله عامله سعيد بن العاص ولم يذكروا أسماءهم، وكتب كعب بن عبدة كتاباً آخر صرّح باسمه، فكتب عثمان إلي سعيد أمره بإشخاص كعب إليه، فأمر بتجريده، فضرب عشرين سوطاً، وسيّره إلي دماوند. 3

6/7. نفى جماعة من القرّاء والصلحاء

كتب سعيد بن العاص عامل عثمان علي الكوفة إليه يشكو عدّة من أهلها، فكتب

ص:301

عثمان إليه يأمره بتسييرهم إلي معاوية بالشام، فسيّرهم وفيهم مالك الأشتر، وثابت بن قيس، وكميل بن زياد، وصعصعة بن صوحان، ثمّ كتب إلي معاوية - لمّا شكي إلي عثمان - فسيّرهم إلي حمص. (1)

7/7. استبعاد على عليه السّلام واتّهامه وضربه

كان أميرالمؤمنين على بن أبى طالب عليه السّلام أنصح الناس لعثمان، وكان يحذّره عواقب أفعاله، لكنّ عثمان لم يحبّ النصيحة ولا الناصح، وكان يتّهم عليّاً عليه السّلام فى الثورة عليه (2).

وروي الزبير بن بكّار أنّ عثمان ضرب عليّاً عليه السّلام بالقضيب جزاء لما أمره بالمعروف ونهاه عن المنكر (3).

وروي ابن عبد ربّه عن ابن عبّاس أنّ عثمان أرسله إلي على يأمره بالخروج عن المدينة إلي ينبع، فخرج عليه السّلام إليه. (4)

8. الانحرافات الّتى ظهرت فى حكومته

هذه المسألة من أهمّ المسائل، فإنّ التلاعب بالدين وتحريف الأحكام الإلهيّة وتبديلها من العلل الّتى صارت موجبة للاعتراض علي عثمان، وكثير من الاُمور المتقدّمة ناشئة من هذه العلّة، وقد صرّح به جمع من المعترضين. (5)

ص:302


1- (1) . تاريخ الطبرى 322/4 - 325 ، [1] حوادث سنة ثلاث وثلاثين؛ الفتوح 170/2 - 178 ، خبر الوليد بن عقبة مع أهل الكوفة؛ الكامل لابن الأثير 69/3 - 70 ، [2] حوادث سنة ثلاث وثلاثين، ذكر تسيير من سير من أهل الكوفة إلي الشام؛ أنساب الأشراف 155/6 ، [3] أمر المسيّرين من أهل الكوفة إلي الشام.
2- (2) . الفتوح 208/2 - 212 ، خبر الأشتر وخروجه بالكوفة علي عثمان؛ تاريخ المدينة 1205/4 - 1206 ، ما روى من الاختلاف فى معونة على وسعد وغيرهم علي عثمان؛ الكامل لابن الأثير 75/3 - 76 ، حوادث سنة أربع وثلاثين، ذكر ابتداء قتل عثمان.
3- (3) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 16/9 ، شرح الخطبة 135 .
4- (4) . العقد الفريد 59/5 - 60 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، ما نقم الناس علي عثمان.
5- (5) . راجع: أنساب الأشراف 1 [4]33/6 - 138 ، ذكر ما أنكروا من سيرة عثمان؛ تاريخ الطبرى 367/4 [5] وص376 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان، و 43/5 ، [6] حوادث سنة سبع

والانحرافات الّتى ظهرت من بداية حكومة عثمان صارت سبباً للاعتراضات، ثمّ عدم اعتناء عثمان بها وإصراره علي ذلك، صار سبباً للثورة عليه، بحيث منعوا أهل الكوفة من دخول عامل عثمان إليها، فاضطرّ عثمان إلي عزله وعيّن مكانه أباموسي الأشعرى 1.

وكتب من بالمدينة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و آله إلي من بالآفاق منهم يدعوهم إلي الرجوع إلي المدينة 2.

وكتب طلحة إلي أهل مصر يدعوهم إلي الثورة علي عثمان 3، وكان من أشدّ الناس عليه 4.

ومنع أهل مصر من رجوع عبدالله بن أبى سرح إليه، فأتي فلسطين وأقام بها 5.

وكان عمرو بن العاص والياً لعمر علي مصر, وعزله عثمان 6, فكان يحرّض الناس علي عثمان ويؤلّب عليه، ويسعي فى إفساد أمره. 7

ص:303

وكان عمّار بن ياسر يحرّض الناس عليه ولم يقلع ولم يرجع ولم ينزع (1).

وكان الزبير أيضاً من المحرّضين عليه. (2)

وكما ذكرنا آنفاً كان للكثير من كبار الصحابة دور أساسى فى ذلك حيث يمكن تسمية الثورة علي عثمان باسم «ثورة الصحابة»؛ لأنّهم كتبوا إلي الناس يدعونهم إلي المدينة لإحياء الدين، وكتبوا أنّ دين محمّد قد افسد. (3)

وكان عبدالرحمان بن عوف يحرّض عليه، وقال فى مرضه الّذى مات فيه: عاجلوه قبل أن يتمادي فى ملكه. 4

وكانت عائشة من أشدّ الناس عداوة لعثمان، وكانت تحرّض الناس علي قتله جهدها وطاقتها وتقول: أيّها الناس، هذا قميص رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لم يبل وبليت سنّته، اقتلوا نعثلاً، قتل الله نعثلاً. 5

ص:304


1- (1) . البداية والنهاية 171/7 ، حوادث سنة خمس وثلاثين.
2- (2) . الفتوح 309/2 - 310 ، [1] ذكر ما جري من الكلام بين على والزبير؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 36/9 ، شرح الخطبة 136 . وستأتى رواياته فى الباب الثامن والعاشر من وقعة الجمل.
3- (3) . تاريخ الطبرى 367/4 ، [2]حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان؛ الكامل لابن الأثير 84/3 [3]، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مقتل عثمان.

وكانت حفصة مع عائشة تحرّض الناس علي عثمان وتقع فيه. (1)

ولمّا حوصر عثمان وأشرف علي القتل أرادت عائشة الحجّ ، وقالت لمروان الّذى جاء رسولاً من عثمان إليها يسألها ردّ الناس عنه: والله لوددت أنّ صاحبك الّذى جئت من عنده فى غرارتى هذه، فأوكيت عليها فألقيتها فى البحر. (2)

ورأت ابن عبّاس فقالت له: يا ابن عبّاس، إنّك قد اوتيت عقلاً وبياناً، فإيّاك أن تردّ الناس عن قتل هذا الطاغى، فإنّى أعلم أنّه سيشأم قومه كما شأم أبوسفيان قومه يوم بدر. (3) فنهته عن التشكيك فى قتل عثمان. (4)

8973. الطبرى : كتب إلى على بن أحمد بن الحسن العجلى؛ أنّ الحسين بن نصر العطّار قال: حدّثنى أبى نصر بن مزاحم العطّار، قال: حدّثنا سيف بن عمر، عن محمّد بن نويرة وطلحة بن الأعلم الحنفى.

قال: وحدّثنا عمر بن سعد، عن أسعد بن عبدالله، عمّن أدرك من أهل العلم:

أنّ عائشة - رضى الله عنها - لمّا انتهت إلي سرف راجعة فى طريقها إلي مكّة لقيها عبد بن امّ كلاب - وهو عبد بن أبى سلمة، ينسب إلي امّه - فقالت له: مهيم ؟ قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه ، فمكثوا ثمانياً.

ص:305


1- (1) . المصنّف لعبدالرزّاق 355/11 - 356 (20128)؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 5/9 ، شرح الخطبة 135 .
2- (2) . تاريخ المدينة [1]1172/4 ، ما روى من الاختلاف فيمن أعان عثمان؛ أنساب الأشراف 192/6 - 193 ، أمر عمرو بن العاص وغيره.
3- (3) . الفتوح 226/2 ، خروج [2]عائشة إلي الحجّ لمّا حوصر عثمان.
4- (4) . تاريخ الطبرى 407/4 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن السبب الّذى من أجله أمر عثمان ... ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 6/10 ، شرح الخطبة 175 .

قالت: ثمّ صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع، فجازت بهم الاُمور إلي خير مجاز، اجتمعوا علي على بن أبى طالب.

فقالت: والله ليت أنّ هذه انطبقت علي هذه إن تمّ الأمر لصاحبك! ردّونى ردّونى. فانصرفت إلي مكّة وهى تقول: قتل والله عثمان مظلوماً، والله لأطلبنّ بدمه! فقال لها ابن امّ كلاب: ولِمَ ؟ فوالله إنّ أوّل من أمال حرفه لأنت! ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر! قالت: إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولى الأخير خير من قولى الأوّل! فقال لها ابن امّ كلاب:

فمنك البداء ومنك الغير

ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرت بقتل الإمام

وقلت لنا إنّه قد كفر

فهبنا أطعناك فى قتله

وقاتله عندنا من أمر

ولم يسقط السقف من فوقنا

ولم تنكسف شمسنا والقمر

وقد بايع الناس ذا تدرأ

يزيل الشبا ويقيم الصعر

ويلبس للحرب أثوابها

وما من وفي مثل من قد غدر

فانصرفت إلي مكّة فنزلت علي باب المسجد فقصدت للحجر، فستّرت واجتمع إليها الناس، فقالت: يا أيّها الناس، إنّ عثمان قتل مظلوماً، ووالله لأطلبنّ بدمه! (1)

الثالث: عدم إجابة معاوية لاستنصار عثمان

كتب عثمان بعد ما يئس من رعيّته إلي معاوية بن أبى سفيان - وهو عامله علي الشام - يستنصره، فتربّص معاوية ولم يجبه (2).

ص:306


1- (1) . تاريخ الطبرى 458/4 - 459 ، [1] حوادث سنة ستّ وثلاثين، قول عائشة: والله لأطلبنّ بدم عثمان، ومثله فى الكامل لابن الأثير 105/3 - 106 ، [2] حوادث سنة ستّ وثلاثين، ذكر ابتداء أمر وقعة الجمل، والفتوح لابن أعثم 248/2 - 249 ، [3] ذكر قدوم عائشة من مكّة وما كان من كلامها بعد قتل عثمان، والإمامة والسياسة لابن قتيبة 52/1 - 53 ، خلاف عائشة - رضى الله عنها - علي على.
2- (2) . تاريخ الطبرى 368/4 ، [4] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبرعن قتل عثمان؛ الكامل لابن الأثير 85/3 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مقتل عثمان.

وفى بعض المصادر أنّ معاوية قدم إلي عثمان مع مسلم بن عقبة ومعاوية بن حديج بلا جيش، وقال لعثمان: معى نجائب اخرج معى إلي الشام. فلم يقبل عثمان ذلك منه، فرجع معاوية، وبعث إليه عثمان مرّة اخري المسور بن مخرمة يستنصره، فأبي من إجابته (1).

وصرّح جماعة من الصحابة فى كلامهم لمعاوية بذلك وأنّه لم يجب استمداد عثمان وتربّص به حتّي قتل، منهم المسور بن مخرمة (2)، وأبوأيّوب الأنصارى (3)، وابن عبّاس (4)، وأبوالطفيل عامر بن واثلة (5)، واعترف عمرو بن العاص بأنّه ومعاوية خذلا عثمان (6)، واعترف معاوية أيضاً بذلك (7).

وكتب أميرالمؤمنين عليه السّلام إلي معاوية: فوالله ما قتل ابن عمّك غيرك، وإنّى أرجو أن الحقك به علي مثل ذنبه وأعظم من خطيئته (8).

وكتب إليه أيضاً محمّد بن مسلمة بذلك فى جوابه لكتاب معاوية. (9)

ص:307


1- (1) . تاريخ مدينة دمشق 377/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619)؛ تاريخ الإسلام للذهبى 450/3 ، [2] حوادث سنة خمس وثلاثين؛ الفتوح 217/2 - 218 ، [3] ذكر استنصار عثمان بعمّاله.
2- (2) . تاريخ المدينة لابن شبّة 1289/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
3- (3) . الإمامة والسياسة لابن قتيبة 114/1 ، كتاب معاوية إلي أبى أيّوب الأنصارى؛ شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 44/8 ، شرح الخطبة 24 .
4- (4) . أنساب الأشراف 103/5 ، ترجمة معاوية بن أبى سفيان؛ سير أعلام النبلاء 73/3 ، ترجمة عمرو بن العاص (15)؛ تاريخ الإسلام للذهبى 94/4 ، حوادث سنة خمسين، ترجمة عمرو بن العاص؛ شرح نهج البلاغة 155/16 ، شرح الكتاب 37 .
5- (5) . الاستيعاب 1697/4 ، [4] ترجمة أبى الطفيل عامر بن واثلة (3054)؛ تاريخ الخلفاء للسيوطى ص200 ، [5] ترجمة معاوية بن أبى سفيان؛ اسد الغابة 234/5 ، ترجمة أبى الطفيل.
6- (6) . أنساب الأشراف 73/3 - 74 ، ترجمة على بن أبى طالب عليه السّلام .
7- (7) . الفتوح 265/2 ، خبر الحجّاج بن خزيمة بن نبهان وقدومه علي معاوية.
8- (8) . العقد الفريد 82/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [6] أخبار على ومعاوية، ونحوه فى شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 84/15 ، [7] شرح الكتاب 10 .
9- (9) . شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 115/3 ، شرح الخطبة 43 ؛ الإمامة والسياسة 105/1 ، جواب محمّد بن مسلمة إلي كتاب معاوية.

الرابع: فتنة أيّام عثمان، وجهوده عليه السّلام لإخمادها

برواية:

1. جبير مولي على-13. على بن أبى طالب عليه السّلام

2. جبير بن مطعم-14. عمر بن على بن الحسين

3. جهيم الفهرى-15. عنترة بن عبدالرحمان

4. حكيم بن جابر-16. قتادة

5. سعيد بن المسيّب-17. كنانة مولي صفيّة

6. عامر الشعبى-18. محمّد بن سعد

7. عبّاد بن عبدالله بن الزبير-19. محمّد بن عمر بن على بن أبى طالب

8. عبدالرحمان بن الأسود-20. أبى محمّد الأنصارى

9. عبدالله بن أبى بكر بن محمّد-21. منذر الثورى

10. عبدالله بن الزبير-22. نوفل بن مساحق

11. عبدالله بن عبّاس-23. هشام بن أبى هشام عن شيخ

12. عبيد بن عمرو الخارقى-24. ما ورد مرسلاً

1.جبير مولي على

8974. إبراهيم بن المنذر : حدّثنا محمّد بن معن الغفارى، قال: حدّثنى محمّد بن عبدالله بن جبير مولي على، عن أبيه، عن جدّه، قال:

بينا على رضي الله عنه علي شملة (1) له من دحي (2) يدّقها إذ أتاه كتاب عثمان رضي الله عنه وهو محصور: أمّا بعد، إذا أتاك كتابى هذا فلا تضعه من يدك حتّي تقبل.

ص:308


1- (1) . الشملة: الشقّة من الثياب ذات خمل يتوشّح بها أو يتلفّع.
2- (2) . الدحي: الوشى.

قال: فأخذ الكتاب وقال: يا جبير، ألحقنى بكذا وكذا. فلحقته وهو قائم يصلّى الظهر والكتاب فى يده. (1)

2.جبير بن مطعم

8975. البلاذرى : حدّثنى عبدالله بن صالح، عن عبدالجبّار بن الورد، قال: سمعت ابن أبى مليكة يقول: قال جبير بن مطعم:

حصر عثمان حتّي كان لا يشرب الّا من فقير (2) فى داره، فدخلت علي على فقلت: أ رضيت بهذا أن يحصر ابن عمّتك حتّي والله ما يشرب الّا من فقير فى داره ؟ فقال: سبحان الله! أوقد بلغوا به هذه الحال ؟! قلت: نعم. فعمد إلي روايا ماء فأدخلها إليه فسقاه. (3)

3.جهيم الفهرى

8976. البلاذرى : حدّثنى أحمد بن إبراهيم، حدّثنا بهز، حدّثنا حصين بن نمير، عن جهيم الفهرى، قال:

أنا حاضر أمر عثمان، فذكر كلاماً فى أمر عمّار، فانصرف القوم راضين، ثمّ وجدوا كتاباً إلي عامله علي مصر أن يضرب أعناق رؤساء المصريّين، فرجعوا ودفعوا الكتاب إلي على، فأتاه به، فحلف له أنّه لم يكتبه ولم يعلم به, فقال له على: فمن تتّهم فيه ؟ فقال: أتّهم كاتبى وأتّهمك يا على؛ لأنّك مطاع عند القوم ولم تردّهم عنّى. قال: فحصروه. (4)

8977. ابن أبى شيبة : حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا أبومحصن أخو حمّاد بن نمير - رجل

ص:309


1- (1) . عنه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1201/4 - 1202، ما روى من الاختلاف فى معونة على وسعد وغيرهم علي عثمان.
2- (2) . الفقير: البئر القريب القعر.
3- (3) . أنساب الأشراف 195/6 - 196 ، [1] أمر عمرو بن العاص وغيره.
4- (4) . أنساب الأشراف 217/6 ، [2] مقتل عثمان بن عفّان.

من أهل واسط - ، قال: حدّثنا حصين بن عبدالرحمان، قال: حدّثنى جهيم (1) - رجل من بنى فهر - ، قال:

أنا شاهد هذا الأمر. قال: جاء سعد وعمّار فأرسلوا إلي عثمان أن ائتنا، فإنّا نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها - أو أشياء فعلتها - . قال: فأرسل إليهم أن انصرفوا اليوم، فإنّى مشتغل وميعادكم يوم كذا وكذا حتّي أشرن - قال أبومحصن: أشرن: أستعدّ لخصومتكم- .

قال: فانصرف سعد, وأبي عمّار أن ينصرف. - قالها أبومحصن مرّتين - . قال: فتناوله رسول عثمان فضربه!

قال: فلمّا اجتمعوا للميعاد ومن معهم قال لهم عثمان: ما تنقمون منّى ؟ قالوا: ننقم عليك ضربك عمّاراً. قال: قال عثمان: جاء سعد وعمّار فأرسلت إليهما، فانصرف سعد وأبي عمّار أن ينصرف، فتناوله رسول من غير أمرى، فوالله ما أمرت ولا رضيت، فهذه يدى لعمّار فيصطبر - قال أبومحصن: يعنى يقتصّ - .

قالوا: ننقم عليك أنّك جعلت الحروف حرفاً واحداً. قال: جاءنى حذيفة فقال: ما كنت صانعاً إذا قيل: قراءة فلان وقراءة فلان وقراءة فلان، كما اختلف أهل الكتاب، فإن يك صواباً فمن الله، وإن يك خطأ فمن حذيفة.

قالوا: ننقم عليك أنّك حميت الحمي. قال: جاءتنى قريش فقالت: إنّه ليس من العرب قوم الّا لهم حمي يرعون فيه غيرها. فقلت: ذلك لهم، فإن رضيتم فأقرّوا، وإن كرهتم فغيّروا. - أو قال: لا تقرّوا. شكّ أبومحصن - .

قالوا: وننقم عليك أنّك استعملت السفهاء أقاربك. قال: فليقم أهل كلّ مصر يسألونى صاحبهم الّذى يحبّونه فأستعمله عليهم وأعزل عنهم الّذى يكرهون.

ص:310


1- (1) . هذا هو الظاهر الموافق لرواية البخارى فى التاريخ الصغير 109/1 , ذكر من مات بعد عثمان فى خلافة على, وابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 398/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619)، من طريق البخارى, ولرواية ابن شبّة المتقدّمة آنفاً، وفى الأصل: «جهم».

قال: فقال أهل البصرة: رضينا بعبدالله بن عامر، فأقرّه علينا. وقال أهل الكوفة: اعزل سعيداً - [أ] وقال الوليد, شكّ أبومحصن - واستعمل علينا أباموسي. ففعل.

قال: وقال أهل الشام: قد رضينا بمعاوية فأقرّه علينا. وقال أهل مصر: اعزل عنّا ابن أبى سرح، واستعمل علينا عمرو بن العاص. ففعل.

قال: فما جاؤوا بشىء الّا خرج منه. قال: فانصرفوا راضين، فبينما بعضهم فى بعض الطريق إذ مرّ بهم راكب، فاتّهموه ففتّشوه فأصابوا معه كتاباً فى إداوة إلي عاملهم أن خذ فلاناً وفلاناً فاضرب أعناقهم!

قال: فرجعوا فبدؤوا بعلى، فجاء معهم إلي عثمان، فقالوا: هذا كتابك وهذا خاتمك. فقال عثمان: والله ما كتبت, ولا علمت, ولا أمرت. قال: فما تظنّ ؟ - قال أبومحصن: تتّهم - . قال: أظنّ كاتبى غدر وأظنّك به يا على!

قال: فقال له على: ولِمَ تظنّنى بذاك ؟ قال: لأنّك مطاع عند القوم. قال: ثمّ لم تردّهم عنّى.

قال: فأبي القوم وألحّوا عليه حتّي حصروه ... . (1)

8978. ابن شبّة : حدّثنا عفّان بن مسلم، قال: حدّثنا حصين بن نمير أبومحصن، قال: حدّثنا حصين بن عبدالرحمان [السلمى]، قال: حدّثنى جهيم، قال:

بينا هم فى بعض الطريق إذ مرّ بهم راكب فاتّهموه ففتّشوه فوجدوا معه كتاباً فى إداوة إلي عامله أن خذ فلاناً وفلاناً فاضرب أعناقهم! فرجعوا فبدؤوا بعلى رضي الله عنه فسألوه، فجاء معهم إلي عثمان رضي الله عنه ، فقالوا: هذا كتابك، وهذا خاتمك ؟ قال: والله ما كتبت، ولا أمرت، ولا علمت. قالوا: فمن يكن ؟ - قال أبومحصن: تتّهم - قال: أظنّ كاتبى غدر، أو أظنّك به يا على!

قال على: فلم تظنّنى ؟ قال: لأنّك مطاع فى القوم فلم تردّهم عنّى.

قال: فأتي القوم وألحّوا عليه حتّي حصروه. (2)

ص:311


1- (1) . المصنّف 521/7 - 522 (37680).
2- (2) . تاريخ المدينة 1154/4 ، رجوع أهل مصر بعد شخوصهم.

4.حكيم بن جابر

8979. يحيي بن آدم : حدّثنى سفيان بن عيينة، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبى خالد، عن حكيم بن جابر، قال:

كلّم على طلحة - وعثمان فى الدار محصور - فقال: إنّهم قد حيل بينهم وبين الماء. فقال طلحة: أما حتّي تعطى بنواُميّة الحقّ من أنفسها فلا. (1)

8980. المدائنى : عن عبد ربّه، عن نافع، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن حكيم بن جابر، قال:

قال على لطلحة: أنشدك الله الّا رددت الناس عن عثمان! قال: لا والله، حتّي تعطى بنواُميّة الحقّ من أنفسها. (2)

8981. ابن أبى شيبة : حدّثنا يعلي بن عبيد، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن حكيم بن جابر، قال:

لمّا حصر عثمان أتي على طلحة، وهو مستند إلي وسائد فى بيته، فقال: أنشدك الله ما رددت الناس عن أميرالمؤمنين فإنّه مقتول! فقال طلحة: لا والله حتّي تعطى بنواُميّة الحقّ من أنفسها. (3)

5.سعيد بن المسيّب

8982. هشام بن عمّار : حدّثنا محمّد بن عيسي بن سميع القرشى، عن محمّد بن عبدالرحمان بن أبى ذئب، عن الزهرى، قال:

ص:312


1- (1) . عنه ابن شبّة بإسناده إليه فى تاريخ المدينة 1169/4 ، ما روى من الاختلاف فى من أعان عثمان أو أعان عليه.
2- (2) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 405/4 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر بعض سير عثمان، ومن طريقه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 5/10 ، [1] شرح الخطبة 175 .
3- (3) . المصنّف 518/7 (37666).

قلت لسعيد بن المسيّب: هل أنت مخبرى كيف كان قتل عثمان رضي الله عنه ؟ وما كان شأن الناس وشأنه ؟ ولِمَ خذله أصحاب محمّد صلّى الله عليه و سلّم ؟

قال: ... إنّ عثمان رضي الله عنه لمّا ولى كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ؛ لأنّ عثمان رضي الله عنه كان يحبّ قومه، فولى الناس اثنتى عشرة حجّة، وكان كثيراً ما يولّى بني اميّة ممّن لم يكن له مع رسول الله صلّى الله عليه و سلّم صحبة، فكان يجىء من امرائه ما يكره أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فكان يستعتب منهم فلا يعزلهم، فلمّا كان فى الستّ حجج الأواخر استأثر بنى عمّه فولاّهم، وأشرك معهم وأمرهم بتقوي الله.

ولّي عبدالله بن أبى سرح مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلّمون منه، وقد كان قبل ذلك من عثمان رضي الله عنه هنات إلي عبدالله بن مسعود، وأبى ذرّ، وعمّار بن ياسر، فكانت هذيل وبنوزهرة فى قلوبهم ما فيها لمكان عبدالله بن مسعود، وكانت بنوغفار وأحلافها ومن غضب لأبى ذرّ فى قلوبهم ما فيها، وكانت بنومخزوم قد حنقت علي عثمان لمكان عمّار بن ياسر، وجاء أهل مصر يشكون ابن أبى سرح، فكتب إليه عثمان رضي الله عنه كتاباً يتهدّده فيه، فأبي أن يقبل ما نهاه عنه عثمان، وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل مصر يتظلّم منه فقتله، فخرج من أهل مصر سبعمئة إلي المدينة فنزلوا المسجد، وشكوا إلي أصحاب محمّد صلّى الله عليه و سلّم فى مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبى سرح بهم، فقام طلحة بن عبيدالله فكلّم عثمان بن عفّان بكلام شديد.

وأرسلت إليه عائشة، فقالت: قد تقدّم إليك أصحاب محمّد صلّى الله عليه و سلّم وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت الّا واحدة، فهذا قد قتل منهم رجلاً، فأنصفهم (1) من عاملك.

فدخل عليه على بن أبى طالب رضي الله عنه - وكان متكلّم القوم - فقال: إنّما سألوك رجلاً مكان رجل، وقد ادّعوا قبله دماً، فاعزله عنهم واقض بينهم، وإن وجب عليه حقّ فأنصفهم منه ... . (2)

ص:313


1- (1) . هذا هو الظاهر الموافق لسائر المصادر، وفى الأصل: «فاقضهم».
2- (2) . عنه ابن شبّة بإسناده إليه فى تاريخ المدينة 1157/4 - 1160 ، رجوع أهل مصر بعد شخوصهم.

8983. هشام بن عمّار : حدّثنا محمّد بن سميع، عن محمّد بن أبى ذئب، عن ابن شهاب الزهرى، عن سعيد بن المسيّب [فى حديث طويل] , قال:

فحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء، فأشرف علي الناس فقال: أ فيكم على ؟ فقالوا: لا. قال: أ فيكم سعد؟ فقالوا: لا. فسكت ثمّ قال: ألا أحد يبلّغ فيسقينا ماء؟ فبلغ ذلك عليّاً فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء فما كادت تصل إليه، وجرح بسببها عدّة من موالى بنى هاشم وبني اميّة حتّي وصلت.

وبلغ عليّاً أنّ القوم يريدون قتل عثمان، فقال: إنّما أردنا مروان، فأمّا قتل عثمان فلا. وقال للحسن والحسين: اذهبا بسيفيكما حتّي تقوما علي باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه. وبعث الزبير ابنه عبدالله، وبعث طلحة ابنه علي كره، وبعث عدّة من أصحاب النبى صلّى الله عليه و سلّم أبناءهم ليمنعوا الناس من الدخول علي عثمان ويسألوه إخراج مروان ... وقد رمي الناس عثمان بالسهام حتّي خضب الحسن بالدماء علي بابه، وأصاب مروان سهم وهو فى الدار، وخضب محمّد بن طلحة، وشجّ قنبر مولي على ... . (1)

6.عامر الشعبى

8984. المدائنى : عن جناب بن موسي، عن مجالد، عن الشعبى، قال:

لمّا قدم أهل مصر المرّة الثانية صعد عثمان رضي الله عنه المنبر فحصبوه، وجاء على رضي الله عنه فدخل المسجد، فقال عثمان رضي الله عنه : يا على، قد نصبت القدر علي أثاف (2). قال: ما جئت الّا وأنا اريد أن اصلح أمر الناس، فأمّا إذا اتّهمتنى فسأرجع إلي بيتى. (3)

ص:314


1- (1) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 183/6 - 185 ، [1] مسير أهل الأمصار إلي عثمان واجتماعهم إليه، وابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 415/39 - 419 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619), مثله إلا أنّ فيه: «فبلغ عليّاً أنّ عثمان يراد قتله، فقال: إنّما أردنا منه مروان ... وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه، وبعث عدّة من أصحاب محمّد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا علي عثمان».
2- (2) . أثاف: جمع أثفية، والأثفية: حجر من ثلاثة توضع عليها القدر.
3- (3) . عنه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1167/4 ، ما روى من الاختلاف فى من أعان عثمان أو أعان عليه.

7.عبّاد بن عبدالله بن الزبير

8985. ابن إسحاق : عن يحيي بن عبّاد بن عبدالله بن الزبير، عن أبيه، قال:

وكتب أهل المدينة إلي عثمان يدعونه إلي التوبة، ويحتجّون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبداً حتّي يقتلوه، أو يعطيهم ما يلزمه من حقّ الله.

فلمّا خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته، فقال لهم: قد صنع القوم ما قد رأيتم، فما المخرج ؟ فأشاروا عليه أن يرسل إلي على بن أبى طالب فيطلب إليه أن يردّهم عنه، ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتّي يأتيه أمداد. فقال: إنّ القوم لن يقبلوا التعليل، وهم محمّلى عهداً، وقد كان منّى فى قدمتهم الاُولي ما كان، فمتي اعطهم ذلك يسألونى الوفاء به!

فقال مروان بن الحكم: يا أميرالمؤمنين، مقاربتهم حتّي تقوي أمثل من مكاثرتهم علي القرب، فأعطهم ما سألوك، وطاولهم ما طاولوك، فإنّما هم بغوا عليك، فلا عهد لهم.

فأرسل إلي على فدعاه، فلمّا جاءه قال: يا أباحسن، إنّه قد كان من الناس ما قد رأيت، وكان منّى ما قد علمت، ولست آمنهم علي قتلى، فارددهم عنّى، فإنّ لهم الله -عزّ وجلّ - أن أعتبهم (1) من كلّ ما يكرهون، وأن اعطيهم الحقّ من نفسى ومن غيرى، وإن كان فى ذلك سفك دمى.

فقال له على: الناس إلي عدلك أحوج منهم إلي قتلك، وإنّى لأري قوماً لا يرضون الّا بالرضا، وقد كنت أعطيتهم فى قدمتهم الاُولي عهداً من الله لترجعنّ عن جميع ما نقموا، فرددتهم عنك، ثمّ لم تف لهم بشىء من ذلك، فلا تغرّنى هذه المرّة من شىء فإنّى معطيهم عليك الحقّ .

قال: نعم، فأعطهم، فوالله لأفينّ لهم.

فخرج على إلي الناس، فقال: أيّها الناس، إنّكم إنّما طلبتم الحقّ فقد أعطيتموه، إنّ عثمان قد زعم أنّه منصفكم من نفسه ومن غيره، وراجع عن جميع ما تكرهون، فاقبلوا منه ووكّدوا عليه.

ص:315


1- (1) . أعتبهم: أعطاهم العتبي وأرضاهم وترك ما كانوا يغضبون من أجله.

قال الناس: قد قبلنا فاستوثق منه لنا، فإنّا والله لا نرضي بقول دون فعل. فقال لهم على: ذلك لكم.

ثمّ دخل عليه فأخبره الخبر، فقال عثمان: اضرب بينى وبينهم أجلاً يكون لى فيه مهلة، فإنّى لا أقدر علي ردّ ما كرهوا فى يوم واحد. قال له على: ما حضر بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك. قال: نعم، ولكن أجّلنى فى ما بالمدينة ثلاثة أيّام. قال على: نعم.

فخرج إلي الناس فأخبرهم بذلك، وكتب بينهم وبين عثمان كتاباً أجّله فيه ثلاثاً، علي أن يردّ كلّ مظلمة، ويعزل كلّ عامل كرهوه، ثمّ أخذ عليه فى الكتاب أعظم ما أخذ الله علي أحد من خلقه من عهد وميثاق، وأشهد عليه ناساً من وجوه المهاجرين والأنصار، فكفّ المسلمون عنه ورجعوا إلي أن يفى لهم بما أعطاهم من نفسه، فجعل يتأهّب للقتال، ويستعدّ بالسلاح, وقد كان اتّخذ جنداً عظيماً من رقيق الخمس.

فلمّا مضت الأيّام الثلاثة وهو علي حاله لم يغيّر شيئاً ممّا كرهوه؛ ولم يعزل عاملاً؛ ثار به الناس، وخرج عمرو بن حزم الأنصارى حتّي أتي المصريّين وهم بذى خشب، فأخبرهم الخبر، وسار معهم حتّي قدموا المدينة، فأرسلوا إلي عثمان: أ لم نفارقك علي أنّك زعمت أنّك تائب من إحداثك، وراجع عمّا كرهنا منك، وأعطيتنا علي ذلك عهد الله وميثاقه ؟! قال: بلي، أنا علي ذلك.

قالوا: فما هذا الكتاب الّذى وجدنا مع رسولك، وكتبت به إلي عاملك ؟ قال: ما فعلت ولا لى علم بما تقولون.

قالوا: بريدك علي جملك، وكتاب كاتبك عليه خاتمك. قال: أمّا الجمل فمسروق، وقد يشبه الخطّ الخطّ ، وأمّا الخاتم فانتقش عليه.

قالوا: فإنّا لا نعجّل عليك، وإن كنّا قد اتّهمناك، اعزل عنّا عمّالك الفسّاق, واستعمل علينا من لا يتّهم علي دمائنا وأموالنا، واردد علينا مظالمنا.

قال عثمان: ما أرانى إذاً فى شىء إن كنت أستعمل من هويتم، وأعزل من كرهتم، الأمر إذاً أمركم!

ص:316

قالوا: والله لتفعلنّ ، أو لتعزلنّ ، أو لتقتلنّ ، فانظر لنفسك أو دع.

فأبي عليهم وقال: لم أكن لأخلع سربالاً سربلنيه الله! فحصروه أربعين ليلة، وطلحة يصلّى بالناس. (1)

8.عبدالرحمان بن الأسود

8986. الواقدى : حدّثنى شرحبيل بن أبى عون، عن أبيه، قال: سمعت عبدالرحمان بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم، قال:

قبّح الله مروان! خرج عثمان إلي الناس فأعطاهم الرضا، وبكي علي المنبر وبكي الناس حتّي نظرت إلي لحية عثمان مخضلّة من الدموع، وهو يقول:

اللهمّ إنّى أتوب إليك، اللهمّ إنّى أتوب إليك، اللهمّ إنّى أتوب إليك! والله لئن ردّنى الحقّ إلي أن أكون عبداً قنّاً لأرضينّ به، إذا دخلت منزلى فادخلوا على، فوالله لا أحتجب منكم، ولاُعطينّكم الرضا، ولأزيدنّكم علي الرضا، ولاُنحينّ مروان وذويه.

قال: فلمّا دخل أمر بالباب ففتح، ودخل بيته، ودخل عليه مروان، فلم يزل يفتله فى الذروة والغارب (2) حتّي فتله عن رأيه وأزاله عمّا كان يريد، فلقد مكث عثمان ثلاثة أيّام ما خرج استحياء من الناس، وخرج مروان إلي الناس، فقال: شاهت الوجوه! ألا من اريد! ارجعوا إلي منازلكم، فإن يكن لأميرالمؤمنين حاجة بأحد منكم يرسل إليه، والّا قرّ فى بيته.

قال عبدالرحمان: فجئت إلي على فأجده بين القبر والمنبر، وأجد عنده عمّار بن ياسر ومحمّد بن أبى بكر وهما يقولان: صنع مروان بالناس وصنع. قال: فأقبل على على. فقال:

ص:317


1- (1) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 369/4 - 371 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان، ومن طريقه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 151/2 ، [1] شرح الخطبة 30 ، وراجع: الإمامة والسياسة لابن قتيبة 36/1 - 37 ، تولية محمّد بن أبى بكر علي مصر.
2- (2) . الذروة: أعلي السنام، والغارب: ما تحت الكتفين ممّا يلى السنام، والفتل فيهما: يفعله خاطم الصعب الذلول من الإبل يختله بذلك، وهذا مثل للمخادعة، أى يخادعه حتّي يزيله عن رأى هو عليه. غريب الحديث لابن قتيبة 382/1 «حديث الزبير بن العوّام».

أحضرت خطبة عثمان ؟ قلت: نعم. قال: أفحضرت مقالة مروان للناس ؟ قلت: نعم.

قال على: عياذ الله، يا للمسلمين! إنّى إن قعدت فى بيتى قال لى: تركتنى وقرابتى وحقّى، وإنّى إن تكلّمت فجاء ما يريد يلعب به مروان، فصار سيّقة له يسوقه حيث شاء بعد كبر السنّ وصحبة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم !

قال عبدالرحمان بن الأسود: فلم يزل حتّي جاء رسول عثمان: ائتنى. فقال على بصوت مرتفع عال مغضب: قل له: ما أنا بداخل عليك ولا عائد. قال: فانصرف الرسول.

قال: فلقيت عثمان بعد ذلك بليلتين خائباً، فسألت ناتلاً غلامه: من أين جاء أميرالمؤمنين ؟ فقال: كان عند على. فقال عبدالرحمان بن الأسود: فغدوت فجلست مع على عليه السّلام ، فقال لى: جاءنى عثمان البارحة، فجعل يقول: إنّى غير عائد، وإنّى فاعل. قال: فقلت له: بعد ما تكلّمت به علي منبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وأعطيت من نفسك، ثمّ دخلت بيتك، وخرج مروان إلي الناس فشتمهم علي بابك ويؤذيهم! قال: فرجع وهو يقول: قطعت رحمى وخذلتنى، وجرّأت الناس على. فقلت: والله إنّى لأذبّ الناس عنك ولكنّى كلّما جئتك بهنة أظنّها لك رضاً جاء باُخري، فسمعت قول مروان على، واستدخلت مروان. قال: ثمّ انصرف إلي بيته.

قال عبدالرحمان بن الأسود: فلم أزل أري عليّاً منكباً عنه لا يفعل ما كان يفعل، الّا أنّى أعلم أنّه قد كلّم طلحة حين حصر فى أن يدخل عليه الروايا، وغضب فى ذلك غضباً شديداً، حتّي دخلت الروايا علي عثمان. (1)

9.عبدالله بن أبى بكر بن محمّد

8987. المدائنى : عن أبى جعدبة، عن عبدالله بن أبى بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، قال:

ص:318


1- (1) . عنه الطبرى فى تاريخه 360/4 - 364 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي ذى خشب، والبلاذرى فى أنساب الأشراف 180/6 - 181 , [2] مسير أهل الأمصار إلي عثمان, من طريق ابن سعد مختصراً, وأورده ابن الأثير فى الكامل 82/3 - 83 ، [3] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي حصر عثمان، مع اختصار فى بعض الفقرات.

رجع أهل مصر فنزلوا بذى خشب ليلة الأربعاء فى هلال ذى القعدة فأتوا عليّاً رضي الله عنه فقالوا: كلّمتنا فرجعنا نريد بلادنا، فبينا نحن نسير إذ جاء رجلان منّا غير الطريق, فلحقا راكباً فاستنكراه لجوره عن الطريق، فأتيانا به، فعرفه بعضنا وقالوا: هذا أريس غلام عثمان، وهذا جمل عثمان البخترى. فسألناه فخلط ، ففتشنا إداوته فإذا فيها قصبة صفر فى منحر فوّة الإداوة فيها صحيفة، فإذا كتاب إلي ابن أبى سرح: إذا قدم عليك أهل مصر فاقتل فلاناً وفلاناً - لتسعة منّا - ! فدخل على علي عثمان رضي الله عنه فقال: رددتهم عنك ثمّ أ تبعتهم بهذا الكتاب ؟! فقال: ما كتبت ولا علمت، ولا أنت عندى ببرىء من هذا الأمر.

فخرج على رضي الله عنه فقال: قد اتّهمنى، فأنتم وهو أعلم. فحاصروه, فأدخل معه جرار الماء والطعام إلي داره. (1)

10.عبدالله بن الزبير

8988. المدائنى : عن أبى عمرو الزهرى، عن محمّد بن كعب القرظى، عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه ، قال:

كنت مع أبى فتلقانا على فى بنى غنم فقال لأبى: إنّى أستشيرك فى أمرنا هذا؟ فقلت له: أنا أشير عليك؛ أن تطيع إمامك. فقال أبى: بنى, خلّ عن خالك يقض حاجته، ودعنى وجوابه.

فقال على رضي الله عنه : إنّ ابن الحضرميّة قد قبض المفاتيح واستولي علي الأمر. فقال أبى: دع ابن الحضرميّة فإنّه لو قد فرغ من الأمر لم تكن منه بسبيل، الزم بيتك.

قال: قد قبلت. وانصرف وأتي أبى منزله، فلم ألبث أن جاءنى رسوله فأتيته، فإذا وسادة ملقاة، فقال: أ تدرى من كان علي الوسادة ؟ قلت: لا. قال: على أتانى فقال: قد بدا لك أنّى لا أدع ابن الحضرميّة وما يريد.

ص:319


1- (1) . عنه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1205/4 - 1206 ، ما روى من الاختلاف فى معونة على وسعد وغيرهم علي عثمان.

فلمّا كان يوم العيد صلّي على رضي الله عنه بالناس، فمال الناس إليه وتركوا طلحة، فجاء طلحة إلي عثمان رضي الله عنه يعتذر، فقال عثمان: الآن يا ابن الحضرميّة! ألّبْتَ الناس على حتّي إذا غلبك على علي الأمر و فاتك ما أردت جئت تعتذر، لا قبل الله منك. (1)

11.عبدالله بن عبّاس

8989. الواقدى : حدّثنى اسامة بن زيد, عن داوود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال:

لمّا حصر عثمان الحصر الآخر, قال عكرمة: فقلت لابن عبّاس: أو كانا حصرين ؟ فقال ابن عبّاس: نعم، الحصر الأوّل، حصر اثنتى عشرة, وقدم المصريّون فلقيهم على بذى خشب، فردّهم عنه، وقد كان والله على له صاحب صدق، حتّي أوغر نفس على عليه، جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه علي على فيتحمّل، ويقولون: لو شاء ما كلّمك أحد! وذلك أنّ عليّاً كان يكلّمه وينصحه ويغلظ عليه فى المنطق فى مروان وذويه، فيقولون لعثمان: هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن عمّه وابن عمّته، فما ظنّك بما غاب عنك منه! فلم يزالوا بعلى حتّي أجمع الّا يقوم دونه، فدخلت عليه اليوم الّذى خرجت فيه إلي مكّة، فذكرت له أنّ عثمان دعانى إلي الخروج فقال لى: ما يريد عثمان أن ينصحه أحد، اتّخذ بطانة أهل غشّ ليس منهم أحد الّا قد تسبّب بطائفة من الأرض يأكل خراجها ويستذلّ أهلها. فقلت له: إنّ له رحماً وحقّاً، فإن رأيت أن تقوم دونه فعلت، فإنّك لا تعذر الّا بذلك. (2)

8990. ابن عبد ربّه : قال عبدالله بن العبّاس:

أرسل إلى عثمان فقال لى: اكفنى ابن عمّك! فقلت: إنّ ابن عمّى ليس بالرجل يري له ولكنّه يري لنفسه، فأرسلنى إليه بما أحببت. قال: قل له: فليخرج إلي ماله بينبع، فلا أغتمّ

ص:320


1- (1) . عنه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1197/4 - 1198 ، ما روى من الاختلاف فى معونة على وسعد وغيرهم علي عثمان.
2- (2) . عنه الطبرى فى تاريخه 405/4 - 406 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن السبب الّذى من أجله أمر عثمان ... .

به ولا يغتمّ بى. فأتيت عليّاً فأخبرته، فقال: ما اتّخذنى عثمان الّا ناضحاً. ثمّ أنشد يقول:

فكيف به أنّى اداوى جراحه

فيدوي فلا ملّ الدواء ولا الداء

أما والله إنّه ليختبر القوم. فأتيت عثمان، فحدّثته الحديث كلّه الّا البيت الّذى أنشده وقوله: إنّه ليختبر القوم، فأنشد عثمان:

فكيف به أنّى اداوى جراحه

فيدوي فلا ملّ الدواء ولا الداء

وجعل يقول: يا رحيم انصرنى! يا رحيم انصرنى! يا رحيم انصرنى!

قال: فخرج على إلي ينبع، فكتب إليه عثمان حين اشتدّ الأمر:

أمّا بعد، فقد بلغ السيل الزبي (1), وجاوز الحزام الطبيين، وطمع فى من كان يضعف عن نفسه:

وإنّك لم يفخر عليك كفاخر

ضعيف ولم يغلبك مثل مغلّب

فأقبل إلى علي أى أمريك أحببت، وكن لى أو على، صديقاً كنت أو عدوّاً.

فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل

والّا فأدركنى ولمّا امزّق (2)

8991. الواقدى : عن ابن عبّاس رحمه الله , قال:

شهدت عتاب عثمان لعلى عليه السّلام يوماً، فقال له فى بعض ما قاله: نشدتك الله أن تفتح للفرقة باباً! فلعهدى بك وأنت تطيع عتيقاً وابن الخطّاب طاعتك لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ولست بدون واحد منهما، وأنا أمسّ بك رحماً، وأقرب إليك صهراً، فإن كنت تزعم أنّ هذا الأمر جعله رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لك؛ فقد رأيناك حين توفّى نازعت ثمّ أقررت، فإن كانا لم يركبا من الأمر جدداً؛ فكيف أذعنت لهما بالبيعة، وبخعت بالطاعة! وإن كانا أحسنا فى ما وليا، ولم اقصّر عنهما فى دينى وحسبى وقرابتى، فكن لى كما كنت لهما.

فقال على عليه السّلام : أمّا الفرقة، فمعاذ الله أن أفتح لها باباً، وأسهل إليها سبيلاً، ولكنّى أنهاك

ص:321


1- (1) . الزبي: جمع زبية وهى الرابية لا يعلوها الماء. ويضرب هذا المثل: «بلغ السيل الزبي» للأمر إذا اشتدّ حتّي جاوز الحدّ.
2- (2) . العقد الفريد 59/5 - 60 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [1] ما نقم الناس علي عثمان.

عمّا ينهاك الله ورسوله عنه، وأهديك إلي رشدك، وأمّا عتيق وابن الخطّاب فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله صلّى الله عليه و سلّم لى؛ فأنت أعلم بذلك والمسلمون، وما لى ولهذا الأمر وقد تركته منذ حين! فإمّا الّا يكون حقّى بل المسلمون فيه شرع فقد أصاب السهم الثغرة (1)، وإمّا أن يكون حقّى دونهم فقد تركته لهم، طبت به نفساً، ونفضت يدى عنه استصلاحاً.

وأمّا التسوية بينك وبينهما، فلست كأحدهما، إنّهما وليا هذا الأمر، فظلفا (2) أنفسهما وأهلهما عنه، وعمت فيه وقومك عوم السابح فى اللجّة، فارجع إلي الله أباعمرو، وانظر هل بقى من عمرك الّا كظمء الحمار (3)! فحتّي متي وإلي متي ؟! ألا تنهي سفهاء بني اميّة عن أعراض المسلمين وأبشارهم (4) وأموالهم! والله لو ظلم عامل من عمّالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركاً بينه وبينك.

قال ابن عبّاس: فقال عثمان: لك العتبي، وأفعل وأعزل من عمّالى كلّ من تكرهه ويكرهه المسلمون. ثمّ افترقا، فصدّه مروان بن الحكم عن ذلك وقال: يجترئ عليك الناس، فلا تعزل أحداً منهم! (5)

12.عبيد بن عمرو الخارقى

8992. وكيع : حدّثنا الأعمش، عن أبي اسحاق، عن عبيد بن عمرو الخارقى، قال:

كنت أحد النفر الّذين قدموا فنزلوا بذى المروّة، فأرسلونا إلي نفر من أصحاب محمّد صلّى الله عليه و سلّم وأزواجه نسألهم: أ نقدم أو نرجع ؟ وقيل لنا: اجعلوا عليّاً آخر من تسألون.

ص:322


1- (1) . الثغرة: نقرة النحر بين الترقوتين.
2- (2) . ظلفا أنفسهما، أى كفّا.
3- (3) . يقال: ما بقى منه من ظمء الحمار، أى لم يبق من عمره إلا اليسير؛ لأنّه ليس شىء أقصر ظمأ من الحمار، والكلام علي المثل.
4- (4) . أبشار جمع بشرة, وهى ظاهر الجلد, ومنه الحديث: «لم ابعث عمّالى ليضربوا أبشاركم». النهاية 129/1 « [1]بشر».
5- (5) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 15/9 - 16 ، [2] شرح الخطبة 135 نقلاً عن كتابه «الشوري».

قال: فسألناهم, فكلّهم أمر بالقدوم، فأتينا عليّاً فسألناه، فقال: سألتم أحداً قبلى ؟ قلنا: نعم. قال: فما أمروكم به ؟ قلنا: أمرونا بالقدوم. قال: لكنّى لا آمركم، بيض فليفرخ. (1)

13.على بن أبى طالب عليه السّلام

8993. ابن بكّار : عن رجال أسند بعضهم عن بعض، عن على بن أبى طالب عليه السّلام ، قال:

أرسل إلى عثمان فى الهاجرة (2)، فتقنّعت بثوبى وأتيته، فدخلت عليه وهو علي سريره وفى يده قضيب، وبين يديه مال دثر (3), صبرتان من ورق وذهب، فقال: دونك خذ من هذا حتّي تملأ بطنك، فقد أحرقتنى. فقلت: وصلتك رحم! إن كان هذا المال ورثته أو أعطاكه معط أو اكتسبته من تجارة كنتُ أحد رجلين: إمّا آخذ وأشكر، أو اوفّر وأجهد، وإن كان من مال الله وفيه حقّ المسلمين واليتيم وابن السبيل فوالله ما لك أن تعطينيه ولا لى أن آخذه.

فقال: أبيتُ والله الّا ما أبيتَ . ثمّ قام إلى بالقضيب فضربنى، والله ما أردّ يده حتّي قضي حاجته، فتقنّعت بثوبى ورجعت إلي منزلى، وقلت: الله بينى وبينك إن كنت أمرتك بمعروف أو نهيت عن منكر! (4)

14.عمر بن على بن الحسين

8994. الواقدى : حدّثنى على بن عمر، عن أبيه، قال:

ثمّ إنّ عليّاً جاء عثمان بعد انصراف المصريّين فقال له: تكلّم كلاماً يسمعه الناس منك ويشهدون عليه، ويشهد الله علي ما فى قلبك من النزوع والإنابة، فإنّ البلاد قد تمخّضت عليك، فلا آمن ركباً آخرين يقدمون من الكوفة، فتقول: يا على، اركب إليهم، ولا أقدر أن أركب إليهم، ولا أسمع عذراً, ويقدم ركب آخرون من البصرة، فتقول: يا

ص:323


1- (1) . عنه ابن أبى شيبة فى المصنّف 523/7 - 524 (37690).
2- (2) . الهاجرة: نصف النهار فى القيظ .
3- (3) . المال الدثر: المال الكثير.
4- (4) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 16/9 ، [1] شرح الخطبة 135 .

على اركب إليهم، فإن لم أفعل رأيتنى قد قطعت رحمك، واستخففت بحقّك.

قال: فخرج عثمان فخطب الخطبة الّتى نزع فيها، وأعطي الناس من نفسه التوبة، فقام فحمد الله وأثني عليه بما هو أهله، ثمّ قال: أمّا بعد أيّها الناس، فوالله ما عاب من عاب منكم شيئاً أجهله، وما جئت شيئاً الّا وأنا أعرفه، ولكنّى منّتنى نفسى وكذبتنى، وضلّ عنّى رشدى، ولقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: من زلّ فليتب، ومن أخطأ فليتب، ولا يتماد فى الهلكة، إنّ من تمادي فى الجور كان أبعد من الطريق. فأنا أوّل من اتّعظ ، أستغفر الله ممّا فعلت وأتوب إليه، فمثلى نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتنى أشرافكم فليرونى رأيهم، فوالله لئن ردّنى الحقّ عبداً لأستنّ بسنّة العبد، ولأذلنّ ذلّ العبد، ولأكوننّ كالمرقوق، إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما عن الله مذهب الّا إليه، فلا يعجزنّ عنكم خياركم أن يدنوا إلى، لئن أبت يمينى لتتابعنّى شمالى.

قال: فرقّ الناس له يومئذ، وبكي من بكي منهم، وقام إليه سعيد بن زيد، فقال: يا أميرالمؤمنين, ليس بواصل لك من ليس معك، الله الله فى نفسك! فأتمم علي ما قلت.

فلمّا نزل عثمان وجد فى منزله مروان وسعيداً ونفراً من بني اميّة، ولم يكونوا شهدوا الخطبة، فلمّا جلس قال مروان: يا أميرالمؤمنين، أتكلّم أم أصمت ؟ فقالت نائلة ابنة الفرافصة - امرأة عثمان الكلبيّة - : لا بل اصمت، فإنّهم والله قاتلوه ومؤثّموه، إنّه قد قال مقالة لا ينبغى له أن ينزع عنها.

فأقبل عليها مروان، فقال: ما أنت وذاك! فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضّأ. فقالت له: مهلاً يا مروان عن ذكر الآباء، تخبر عن أبى وهو غائب تكذب عليه! وإنّ أباك لا يستطيع أن يدفع عنه، أما والله لولا أنّه عمّه وأنّه يناله غمّه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه.

قال: فأعرض عنها مروان، ثمّ قال: يا أميرالمؤمنين، أتكلّم أم أصمت ؟ قال: بل تكلّم.

فقال مروان: بأبى أنت واُمّى! والله لوددت أنّ مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع فكنت أوّل من رضى بها وأعان عليها، ولكنّك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين،

ص:324

وخلف السيل الزبي (1)، وحين أعطي الخطّة الذليلة الذليل، والله لإقامة علي خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوّف عليها، وإنّك إن شئت تقرّبت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة، وقد اجتمع إليك علي الباب مثل الجبال من الناس.

فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلّمهم، فإنّى أستحيى أن اكلّمهم.

قال: فخرج مروان إلي الباب والناس يركب بعضهم بعضاً، فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم كأنّكم قد جئتم لنهب! شاهت الوجوه! كلّ إنسان آخذ باُذن صاحبه, ألا من اريد! جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟! اخرجوا عنّا، أما والله لئن رمتمونا ليمرّنّ عليكم منّا أمر (2) لا يسرّكم، ولا تحمدوا غبّ رأيكم, ارجعوا إلي منازلكم، فإنّا والله ما نحن مغلوبين علي ما فى أيدينا.

قال: فرجع الناس وخرج بعضهم حتّي أتي عليّاً فأخبره الخبر، فجاء على عليه السّلام مغضباً حتّي دخل علي عثمان، فقال: أما رضيت من مروان ولا رضى منك الّا بتحرّفك عن دينك وعن عقلك، مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به ؟ والله ما مروان بذى رأى فى دينه ولا نفسه، وأيم الله إنّى لأراه سيوردك ثمّ لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامى هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغلبت علي أمرك.

فلمّا خرج على دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته، فقالت: أتكلّم أو أسكت ؟ فقال: تكلّمى. فقالت: قد سمعت قول على لك، وإنّه ليس يعاودك، وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء.

قال: فما أصنع ؟ قالت: تتّقى الله وحده لا شريك له، وتتّبع سنّة صاحبيك من قبلك، فإنّك

ص:325


1- (1) . الطبي - بالضمّ والكسر - : هى للحافر والسباع كالأخلاف للخفّ والضروع للظلف، من طباه يطبيه إذا دعاه؛ لأنّ اللبن يطبي منه، كناية عن المبالغة فى تجاوز حدّ الشرّ والأذي. الزبي: جمع زبية، وهى حفرة تحفر للأسد إذا أرادوا صيده، لا يعلوها الماء، فإذا بلغها السيل كان جارفا مجحفاً، يضرب لما جاوز الحدّ.
2- (2) . فى البداية والنهاية: « [1]أمير».

متي أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبّة، وإنّما تركك الناس لمكان مروان، فأرسل إلي على فاستصلحه، فإنّ له قرابة منك، وهو لا يعصي.

قال: فأرسل عثمان إلي على، فأبي أن يأتيه، وقال: قد أعلمته أنّى لست بعائد.

قال: فبلغ مروان مقالة نائلة فيه، قال: فجاء إلي عثمان فجلس بين يديه فقال: أتكلّم أو أسكت ؟ فقال: تكلّم. فقال: إنّ بنت الفرافصة ... فقال عثمان: لا تذكرنّها بحرف فاُسوّئ لك وجهك، فهى والله أنصح لى منك.

قال: فكفّ مروان. (1)

15.عنترة بن عبدالرحمان

8995. ابن شبّة : حدّثنا عمرو بن الحباب، قال: حدّثنا عبدالملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جدّه، قال:

لمّا كان من أمر عثمان رضي الله عنه ما كان قدم قوم من مصر معهم صحيفة صغيرة الطى، فأتوا عليّاً رضي الله عنه فقالوا: إنّ هذا الرجل قد غيّر وبدّل، ولم يسر مسيرة صاحبيه، وكتب هذا الكتاب إلي عامله بمصر أن خذ مال فلان، واقتل فلاناً، وسيّر فلاناً. فأخذ على الصحيفة فأدخلها علي عثمان فقال: أ تعرف هذا الكتاب ؟ فقال: إنّى لأعرف الخاتم. فقال: اكسرها. فكسرها, فلمّا قرأها، قال: لعن الله من كتبه ومن أملاه.

فقال له على رضي الله عنه : أ تتّهم أحداً من أهل بيتك ؟ قال: نعم.

قال: من تتّهم ؟ قال: أنت أوّل من أتّهم!

قال: فغضب على رضي الله عنه فقام وقال: والله لا اعينك ولا اعين عليك حتّي ألتقى أنا وأنت

ص:326


1- (1) . عنه الطبرى فى تاريخه 360/4 - 363 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي ذى خشب, وأورده ابن الأثير فى الكامل 82/3 ، [2] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي حصر عثمان، مع اختصار فى بعض الفقرات، وابن كثير فى البداية والنهاية 172/7 - 173 ، [3] حوادث سنة خمس وثلاثين، مقتل عثمان.

عند ربّ العالمين. (1)

16.قتادة

8996. ابن أبى شيبة : حدّثنا أبواُسامة، عن ابن أبى عروبة، عن قتادة، قال:

أخذ على بيد الأشتر ثمّ انطلق به حتّي أتي طلحة، فقال: إنّ هؤلاء - يعنى أهل مصر - يسمعون منك ويطيعونك، فانههم عن قتل عثمان. فقال: ما أستطيع دفع دم أراد الله إهراقه! فأخذ على بيد الأشتر ثمّ انصرف وهو يقول: بئس ما ظنّ ابن الحضرميّة أن يقتل ابن عمّى ويغلبنى علي ملكى، بئس ما أري. (2)

17.كنانة مولي صفيّة

8997. ابن الجعد والأصمعى : حدّثنا زهير بن معاوية، قال، حدّثنا كنانة مولي صفيّة، قال:

كنت فى من يحمل الحسن بن على - رضى الله عنهما - جريحاً من دار عثمان رضي الله عنه . (3)

18.محمّد بن سعد

8998. المدائنى : عن الوقّاص، عن إبراهيم بن محمّد بن سعد، عن أبيه، قال:

رجع أهل المصر إلي المدينة قبل أن يصلوا إلي بلادهم، فنزلوا ذا المروّة فى آخر شوّال، وبعثوا إلي على رضي الله عنه : إنّ عثمان رضي الله عنه كان أعتبنا، ثمّ كتب يأمر بقتلنا! وبعثوا بالكتاب إلي على رضي الله عنه ، فدخل على رضي الله عنه علي عثمان رضي الله عنه بالكتاب فقال: ما هذا يا عثمان ؟ فقال: الخطّ خطّ كاتبى، والخاتم خاتمى، ولا والله ما أمرت ولا علمت.

قال: فمن تتّهم ؟ قال: أتّهمك وكاتبى! فغضب على رضي الله عنه وقال: والله لا أردّ عنك أحداً أبداً. (4)

ص:327


1- (1) . تاريخ المدينة 1154/4 - 1155 ، رجوع أهل مصر بعد شخوصهم.
2- (2) . المصنّف 525/7 (37699).
3- (3) . عنهما ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1275/4 - 1276 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
4- (4) . عنه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1155/4 ، رجوع أهل مصر بعد شخوصهم.

19.محمّد بن عمر بن على بن أبى طالب

8999. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن محمّد، عن أبيه، قال:

لمّا كانت سنة أربع وثلاثين كتب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بعضهم إلي بعض أن أقدموا، فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد. وكثّر الناس علي عثمان، ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد، وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يرون ويسمعون، ليس فيهم أحد ينهي ولا يذبّ الّا نفير، [منهم] زيد بن ثابت، وأبوأسيد الساعدى، وكعب بن مالك، وحسّان بن ثابت.

فاجتمع الناس، وكلّموا على بن أبى طالب، فدخل علي عثمان، فقال: الناس ورائى، وقد كلّمونى فيك، والله ما أدرى ما أقول لك، وما أعرف شيئاً تجهله، ولا أدلّك علي أمر لا تعرفه، إنّك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلي شىء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشىء فنبلغكه، وما خصصنا بأمر دونك، وقد رأيت وسمعت، وصحبت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ونلت صهره، وما ابن أبى قحافة بأولي بعمل الحقّ منك، ولا ابن الخطّاب بأولي بشىء من الخير منك، وإنّك أقرب إلي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم رحماً، ولقد نلت من صهر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ما لم ينالا، ولا سبقاك إلي شىء, فالله الله فى نفسك، فإنّك والله ما تبصّر من عمي، ولا تعلّم من جهل، وإنّ الطريق لواضح بيّن، وإنّ أعلام الدين لقائمة.

تعلم يا عثمان أنّ أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدى وهدي، فأقام سنّة معلومة، وأمات بدعة متروكة، فوالله إنّ ك -

ص:328

فقال عثمان: قد والله علمت ليقولنّ (1) الّذى قلت، أما والله لو كنت مكانى ما عنّفتك، ولا أسلمتك، ولا عبت عليك، ولا جئت منكراً أن وصلت رحماً، وسددت خلّة، وآويت ضائعاً، وولّيت شبيهاً بمن كان عمر يولّى.

أنشدك الله يا على، هل تعلم أنّ المغيرة بن شعبة ليس هناك ؟ قال: نعم. قال: فتعلم أنّ عمر ولاه ؟ قال: نعم. قال: فلم تلومنى أن ولّيت ابن عامر فى رحمه وقرابته!

قال على: ساُخبرك، إنّ عمر بن الخطّاب كان كلّ من ولّي فإنّما يطأ علي صماخه، إن بلغه عنه حرف جلبه ثمّ بلغ به أقصي الغاية، وأنت لا تفعل، ضعفت ورفقت علي أقربائك.

قال عثمان: هم أقرباؤك أيضاً. فقال على: لعمرى إنّ رحمهم منّى لقريبة، ولكنّ الفضل فى غيرهم.

قال عثمان: هل تعلم أنّ عمر ولى معاوية خلافته كلّها؟ فقد ولّيته.

فقال على: أنشدك الله هل تعلم أنّ معاوية كان أخوف من عمر من يرفأ غلام عمر منه ؟ قال: نعم.

قال على: فإنّ معاوية يقتطع الاُمور دونك وأنت تعلمها، فيقول للناس: هذا أمر عثمان، فيبلغك ولا تغيّر علي معاوية.

ثمّ خرج على من عنده، وخرج عثمان علي أثره، فجلس علي المنبر، فقال: أمّا بعد، فإنّ لكلّ شىء آفة، ولكلّ أمر عاهة، وإنّ آفة هذه الاُمّة؛ وعاهة هذه النعمة؛ عيّابون طعّانون، يرونكم ما تحبّون ويسرّون ما تكرهون، يقولون لكم وتقولون، أمثال النعام يتبعون أوّل ناعق، أحبّ مواردها إليها البعيد، لا يشربون الّا نغصاً ولا يردون الّا عكراً، لا يقوم لهم رائد، وقد أعيتهم الاُمور، وتعذّرت عليهم المكاسب، ألا فقد والله عبتم على بما أقررتم لابن الخطّاب بمثله، ولكنّه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنتم له علي ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم، وأوطأت لكم كتفى، وكففت

ص:329


1- (1) . كذا فى الأصل، ولعلّ الصحيح: «لتقولنّ », كما فى شرح نهج البلاغة.

يدى ولسانى عنكم، فاجترأتم على، أما والله لأنا أعزّ نفراً، وأقرب ناصراً, وأكثر عدداً، وأقمن إن قلت هلمّ اتى إلى، ولقد أعددت لكم أقرانكم، وأفضلت عليكم فضولاً، وكشّرت (1) لكم عن نابى، وأخرجتم منّى خلقاً لم أكن أحسنه، ومنطقاً لم أنطق به، فكفّوا عليكم ألسنتكم، وطعنكم وعيبكم علي ولاتكم، فإنّى قد كففت عنكم من لو كان هو الّذى يكلّمكم لرضيتم منه بدون منطقى هذا، ألا فما تفقدون من حقّكم ؟ والله ما قصّرت فى بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلى، ومن لم تكونوا تختلفون عليه, فَضَل فَضْل من مال، فما لى لا أصنع فى الفضل ما اريد؟! فَلِمَ كنتُ إماماً!

فقام مروان بن الحكم، فقال: إن شئتم حكّمنا والله بيننا وبينكم السيف، نحن والله وأنتم كما قال الشاعر:

فرشنا لكم أعراضنا فنبت بكم

معارسكم تبنون فى دمن الثري

فقال عثمان: اسكت لا سكتَّ ، دعنى وأصحابى، ما منطقك فى هذا! أ لم أتقدّم إليك الّا تنطق ؟ فسكت مروان، ونزل عثمان. (2)

9000. الواقدى : حدّثنى عبدالله بن محمّد، عن أبيه، قال:

... فلمّا نزل القوم ذا خشب جاء الخبر أنّ القوم يريدون قتل عثمان إن لم ينزع، وأتي رسولهم إلي على ليلاً، وإلي طلحة، وإلي عمّار بن ياسر, وكتب محمّد بن أبى حذيفة معهم إلي على كتاباً، فجاؤوا بالكتاب إلي على، فلم يظهر على ما فيه، فلمّا رأي عثمان ما رأي جاء عليّاً فدخل عليه بيته، فقال: يا ابن عمّ ، إنّه ليس لى مترك، وإنّ قرابتى

ص:330


1- (1) . الكشر: ظهور الأسنان للضحك.
2- (2) . عنه الطبرى فى تاريخه 336/4 - 339 ، [1] حوادث سنة أربع وثلاثين، ومن طريقه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 264/9 - 265 ، [2] شرح الخطبة 165 ، والبلاذرى فى أنساب الأشراف 174/6 ، مسير أهل الأمصار إلي عثمان، باختصار, وأورده ابن كثير فى البداية والنهاية 168/7 - 169 ، [3] حوادث سنة أربع وثلاثين, وابن الأثير فى الكامل 75/3 - 77 ، [4] حوادث سنة أربع وثلاثين، ذكر ابتداء قتل عثمان، وفى آخره: «ونزل عثمان عن المنبر، فاشتدّ قوله علي الناس وعظم وزاد تألّبهم عليه».

قريبة، ولى حقّ عظيم عليك، وقد جاء ما تري من هؤلاء القوم، وهم مصبّحى، وأنا أعلم أنّ لك عند الناس قدراً، وأنّهم يسمعون منك، فأنا أحبّ أن تركب إليهم فتردّهم عنّى، فإنّى لا احبّ أن يدخلوا على، فإنّ ذلك جرأة منهم على، وليسمع بذلك غيرهم.

فقال على: علام أردّهم ؟ قال: علي أن أصير إلي ما أشرت به على ورأيته لى، ولست أخرج من يديك.

فقال على: إنّى قد كنت كلّمتك مرّة بعد مرّة، فكلّ ذلك نخرج فتكلّم، ونقول وتقول، وذلك كلّه فعل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وابن عامر ومعاوية، أطعتهم وعصيتنى. قال عثمان: فإنّى أعصيهم وأطيعك.

قال: فأمر الناس، فركبوا معه المهاجرون والأنصار. قال: وأرسل عثمان إلي عمّار بن ياسر، يكلّمه أن يركب مع على فأبي، فأرسل عثمان إلي سعد بن أبى وقّاص، فكلّمه أن يأتى عمّاراً فيكلّمه أن يركب مع على. قال: فخرج سعد حتّي دخل علي عمّار، فقال: يا أبااليقظان، ألا تخرج فى من يخرج ؟ وهذا على يخرج فاخرج معه، واردد هؤلاء القوم عن إمامك، فإنّى لأحسب أنّك لم تركب مركباً هو خير لك منه.

قال: وأرسل عثمان إلي كثير بن الصلت الكندى - وكان من أعوان عثمان - فقال: انطلق فى إثر سعد فاسمع ما يقول سعد لعمّار، وما يردّ عمّار علي سعد، ثمّ ائتنى سريعاً.

قال: فخرج كثير حتّي يجد سعداً عند عمّار مخلياً به, فألقم عينه جحر الباب، فقام إليه عمّار ولا يعرفه، وفى يده قضيب، فأدخل القضيب الجحر الّذى ألقمه كثير عينه، فأخرج كثير عينه من الجحر، وولّي مدبراً متقنّعاً. فخرج عمّار فعرف أثره، ونادي: يا قليل ابن امّ قليل! أ على تطّلع وتستمع حديثى!؟ والله لو دريت أنّك هو لفقأت عينك بالقضيب، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قد أحلّ ذلك.

ثمّ رجع عمّار إلي سعد، فكلّمه سعد وجعل يفتله بكلّ وجه، فكان آخر ذلك أن قال عمّار: والله لا أردّهم عنه أبداً.

فرجع سعد إلي عثمان، فأخبره بقول عمّار، فاتّهم عثمان سعداً أن يكون لم يناصحه،

ص:331

فأقسم له سعد بالله لقد حرّض, فقبل منه عثمان.

قال: وركب على عليه السّلام إلي أهل مصر فردّهم عنه، فانصرفوا راجعين. (1)

20.أبومحمّد الأنصارى

9001. ابن شبّة : حدّثنا أبوعاصم، قال: حدّثنا سعدان بن بشر، قال: حدّثنا أبومحمّد الأنصارى، قال:

شهدت عثمان رضي الله عنه وهو يقتل بالدار والحسن بن على - رضى الله عنهما - يضارب عنه حتّي جرح، فرفعه فى من رفعه جريحاً. (2)

21.منذر الثورى

9002. ابن أبى شيبة : حدّثنا أبومعاوية، عن الأعمش، عن منذر بن يعلي، قال:

كان يوم أرادوا قتل عثمان أرسل مروان إلي على: ألا تأتى هذا الرجل فتمنعه، فإنّهم لن يبرموا دونك. فقال على: لنأتينّهم. فأخذ ابن الحنفيّة بكتفيه فاحتضنه، فقال: يا أبت، أين تذهب ؟ والله ما يزيدونك الّا رهبة. فأرسل إليهم على بعمامته ينهاهم عنه. (3)

22.نوفل بن مساحق

9003. المدائنى : عن أبى مخنف، عن عبدالملك بن نوفل بن مساحق، عن أبيه، قال:

دخل على رضي الله عنه علي عثمان رضي الله عنه بالّذى وجده أهل مصر مع غلامه، فحلف عثمان رضي الله عنه ما كتبه، فقال له على رضي الله عنه : فمن تتّهم ؟ قال: أتّهمك وكاتبى! فغضب على رضي الله عنه وخرج، وقال: والله لئن لم يكن كتبه أو كتبه علي لسانه ما له عذر فى تضييع أمر الاُمّة، ولئن كان كتبه

ص:332


1- (1) . عنه الطبرى فى تاريخه 358/4 - 359 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي ذى خشب.
2- (2) . تاريخ المدينة 1275/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
3- (3) . المصنّف 517/7 (37664).

لقد أحلّ نفسه ولا أردّ عنه وقد اتّهمنى. فاعتزل واعتزل ناس كثير. (1)

23.هشام بن أبى هشام عن شيخ

9004. ابن المبارك : عن جرير بن حازم، قال: حدّثنى هشام بن أبى هشام - مولي عثمان بن عفّان - ، عن شيخ من الكوفة, حدّثه عن شيخ آخر، قال:

حصر عثمان رضي الله عنه وعلى رضي الله عنه بخيبر، فلمّا قدم أرسل إليه عثمان رضي الله عنه يدعوه، فانطلق، فقلت: لأنطلقنّ معه [ولأسمعنّ ] مقالتهما. فلمّا دخل عليه كلّمه عثمان رضي الله عنه ، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّ لى عليك حقوقاً، حقّ الإسلام وحقّ الإخاء، قد علمت أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين آخي بين أصحابه آخي بينى وبينك (2)، وحقّ القرابة والصهر، وما جعلت لى فى عنقك من العهد والميثاق، فوالله لئن لم يكن من هذا شىء، أو كنّا إنّما نحن فى جاهليّة لكان مبطّأ علي بنى عبدمناف أن يبتزّهم أخو بنى تيم (3) ملكهم.

فتكلّم على فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فكلّ ما ذكرت من حقّك على علي ما ذكرت، وأمّا قولك: لو كنّا فى جاهليّة لكان مبطّأ علي بنى عبدمناف أن يبتزّهم أخو بنى تيم ملكهم، فصدقت، وسيأتيك الخبر. ثمّ خرج فدخل المسجد فرأي اسامة جالساً فدعاه، فاعتمد علي يده فخرج يمشى إلي طلحة، وتبعته فدخلنا دار طلحة بن عبيدالله - وهى رحاس من الناس (4)- فقام عليه فقال: يا طلحة، ما هذا الأمر الّذى وقعت فيه ؟ قال: يا أباحسن, بعد ما مسّ الحزام الطبيين! فانصرف على ولم يحر إليه شيئاً حتّي أتي بيت المال فقال: افتحوا هذا الباب. فلم يقدر علي المفاتيح، فقال: اكسروه. فكسر،

ص:333


1- (1) . عنه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1168/4 ، ما روى من الاختلاف فيمن أعان عثمان، وأورده ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 22/3 ، شرح الخطبة 43 .
2- (2) . الحديث ضعيف سنداً فلا يؤخذ بما تفرّد به من المؤاخاة بين على وعثمان، فإنّ من القطعى الّذى لا ريب فيه أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله جعل عليّاً أخاً لنفسه, وقد استوفينا رواياته فى موضعه.
3- (3) . يعنى طلحة, فإنّه من بنى تيم.
4- (4) . رحاس من الناس, أى مزدحمة بالناس.

فقال: أخرجوا المال. فجعل يعطى الناس، فجعلوا يتسلّلون إليه حتّي ترك طلحة وحده.

وبلغ الخبر عثمان رضي الله عنه فسرّ بذلك، ثمّ أقبل طلحة [يمشى] عائداً إلي دار عثمان رضي الله عنه ، فقلت: والله لأعلمنّ ما يقول هذا، فتبعته، فاستأذن علي عثمان رضي الله عنه ، فلمّا دخل عليه قال: يا أميرالمؤمنين، أستغفر الله وأتوب إليه، أردت أمراً فحال الله بينى وبينه. قال عثمان: إنّك والله ما جئت تائباً، ولكن جئت مغلوباً، الله حسيبك يا طلحة. (1)

24.ما ورد مرسلاً

9005. أسد السنّة : حدّثنا جامع بن صبيح، عن [محمّد بن السائب] الكلبى، قال:

أرسل عثمان إلي على - رضى الله عنهما - يقرئه السلام ويقول: إنّ فلاناً - يعنى طلحة - قد قتلنى بالعطش، والقتل بالسلاح أجمل من القتل بالعطش.

فخرج على رضي الله عنه يتوكّأ علي يد المسور بن مخرمة حتّي دخل علي ذلك الرجل وهو يترامي بالنبل، عليه قميص هروى، فلمّا رآه تنحّي عن صدر الفراش ورحّب به، فقال له على رضي الله عنه : إنّ عثمان أرسل إلى أنّكم قد قتلتموه بالعطش، وإنّ ذلك ليس يحسن، وأنا احبّ أن تدخل عليه الماء. فقال: لا والله ولا نعمة عين، لا نتركه يأكل ويشرب.

فقال على رضي الله عنه : ما كنت أري أنّى اكلّم أحداً من قريش فى شىء فلا يفعل! فقال: والله لا أفعل، وما أنت من ذلك فى شىء يا على.

فقام على رضي الله عنه غضبان وقال: لتعلمنّ بعد قليل أكون من ذلك فى شىء أم لا. (2)

9006. ابن شبّة : حدّثنا على بن محمّد، عن الشرقى بن قطامى، عن عمّه ابن

ص:334


1- (1) . عنه ابن شبّة بإسناده إليه فى تاريخ المدينة 1198/4 - 1199 ، ما روى من الاختلاف فى معونة على وسعد وغيرهم علي عثمان, والطبرى فى تاريخه 430/4 - 431 ، وما بين المعقوفات منه, وأورده ابن الأثير فى الكامل 83/3 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي حصر عثمان.
2- (2) . عنه ابن شبّة بإسناده إليه فى تاريخ المدينة 1202/4 ، ما روى من الاختلاف فى معونة على وسعد وغيرهم علي عثمان.

السائب بمثله الّا أنّه قال على: ستعلم يا ابن الحضرميّة أكون فى ذلك من شىء أم لا! وخرج على رضي الله عنه متوكّئاً علي المسور، فلمّا انتهي إلي منزله التفت إلي المسور فقال: أما والله ليصلينّ حرّها، وليكون بردها وحرّها لغيره، ولتتركنّ يداه منها صفراً. وبعث [عليّاً] (1) ابنه الحسن إلي عثمان براوية من ماء. (2)

9007. البلاذرى : روي أبومخنف أنّ المصريّين وردوا المدينة فأحاطوا بدار عثمان فى المرّة الاُولي.

... وأتي المغيرة بن شعبة عثمان فقال له: دعنى آت القوم فأنظر ما يريدون، فمضي نحوهم, فلمّا دنا منهم صاحوا به: يا أعور وراءك، يا فاجر وراءك، يا فاسق وراءك. فرجع ودعا عثمان عمرو بن العاص فقال له: ائت القوم فادعهم إلي كتاب الله والعتبي ممّا ساءهم. فلمّا دنا منهم سلّم فقالوا: لا سلّم الله عليك، ارجع يا عدوّ الله، ارجع يا ابن النابغة، فلست عندنا بأمين ولا مأمون. فقال له ابن عمر وغيره: ليس لهم الّا على بن أبى طالب. فبعث عثمان إلي على، فلمّا أتاه قال: يا أباالحسن، ائت هؤلاء القوم فادعهم إلي كتاب الله وسنّة نبيّه.

قال: نعم إن أعطيتنى عهد الله وميثاقه علي أنّك تفى لهم بكلّ ما أضمنه عنك. قال: نعم. فأخذ على عليه عهد الله وميثاقه علي أوكد ما يكون وأغلظ ، وخرج إلي القوم فقالوا: وراءك.

قال: لا بل أمامى تعطون كتاب الله وتعتبون من كلّ ما سخطتم. فعرض عليهم ما بذل عثمان، فقالوا: أ تضمن ذلك عنه ؟ قال: نعم. قالوا: رضينا. وأقبل وجوههم وأشرافهم مع على حتّي دخلوا علي عثمان وعاتبوه فأعتبهم من كلّ شىء، فقالوا: اكتب بهذا كتاباً. فكتب:

ص:335


1- (1) . بياض فى الأصل بمقدار كلمة، والمثبت من سائر المصادر.
2- (2) . تاريخ المدينة 1202/4 - 1203 ، ما روى من الاختلاف فى معونة على وسعد وغيرهم علي عثمان.

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبدالله عثمان أميرالمؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين، إنّ لكم أن أعمل فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه، يعطي المحروم، ويؤمّن الخائف، ويردّ المنفى، ولا تجمّر البعوث، ويوفّر الفىء، وعلى بن أبى طالب ضمين للمؤمنين والمسلمين علي عثمان بالوفاء بما فى هذا الكتاب، شهد الزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن مالك بن أبى وقّاص، وعبدالله بن عمر، وزيد بن ثابت، وسهل بن حنيف، وأبوأيّوب خالد بن زيد، وكتب فى ذي القعدة سنة خمس وثلاثين. فأخذ كلّ قوم كتاباً فانصرفوا.

وقال على بن أبى طالب لعثمان: اخرج فتكلّم كلاماً يسمعه الناس ويحملونه عنك وأشهد الله علي ما فى قلبك، فإنّ البلاد قد تمخّضت عليك، ولا تأمن أن يأتى ركب آخر من الكوفة أو من البصرة أو من مصر فتقول: يا على، اركب إليهم فإن لم أفعل قلت: قطع رحمى واستخفّ بحقّى.

فخرج عثمان فخطب الناس فأقرّ بما فعل واستغفر الله منه وقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: من زلّ فلينب. فأنا أوّل من اتّعظ ، فإذا نزلت فليأتنى أشرافكم فليرونى رأيهم، فوالله لو ردّنى إلي الحقّ عبد لاتّبعته، وما عن الله مذهب الّا إليه.

فسرّ الناس بخطبته واجتمعوا إلي بابه مبتهجين بما كان منه، فخرج إليهم مروان فزبرهم وقال: شاهت وجوهكم، ما اجتماعكم ؟ أميرالمؤمنين مشغول عنكم، فإن احتاج إلي أحد منكم فسيدعوه، فانصرفوا. وبلغ عليّاً الخبر، فأتي عثمان وهو مغضب فقال: أما رضيت من مروان ولا رضى منك الّا بإفساد دينك وخديعتك عن عقلك ؟ وإنّى لأراه سيوردك ثمّ لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامى هذا لمعاتبتك.

وقالت له امرأته نائلة بنت الفرافصة: قد سمعت قول على بن أبى طالب فى مروان وقد أخبرك أنّه غير عائد إليك، وقد أطعت مروان ولا قدر له عند الناس ولا هيبة. فبعث إلي على فلم يأته. (1)

ص:336


1- (1) . أنساب الأشراف 177/6 - 180 ، [1] مسير أهل الأمصار إلي عثمان واجتماعهم إليه.

9008. ابن عبد ربّه : ابن دأب قال:

لمّا أنكر الناس علي عثمان ما أنكروا اجتمعوا إلي على وسألوه أن يلقي لهم عثمان، فأقبل حتّي دخل عليه فقال: إنّ الناس ورائى قد كلّمونى أن اكلّمك، والله ما أدرى ما أقول لك، ما أعرف شيئاً تنكره، ولا اعلمك شيئاً تجهله، وما ابن أبى قحافة بأولي بعمل الحقّ منك، ولا ابن الخطّاب بأولي بشىء من الخير منك، وما نبصّرك من عمي، وما نعلّمك من جهل، وإنّ الطريق لبيّن واضح، تعلم يا عثمان أنّ أفضل الناس عند الله إمام عدل هدى وهدي، فأحيا سنّة معلومة، وأمات بدعة مجهولة؛ وأنّ شرّ الناس عند الله إمام ضلالة ضلّ وأضلّ ، فأحيا بدعة مجهولة، وأمات سنّة معلومة، وإنّى سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: يؤتي بالإمام الجائر يوم القيامة ليس معه ناصر ولا له عاذر، فيلقي فى جهنّم فيدور دور الرحي (1)، يرتطم فى غمرة النار إلي آخر الأبد. وأنا احذّرك أن تكون إمام هذه الاُمّة المقتول، [فإنّه يقال: يقتل فى هذه الاُمّة إمام] يفتح به باب القتل والقتال إلي يوم القيامة يمرج بهم أمرهم ويمرجون.

فخرج عثمان، ثمّ خطب خطبته الّتى أظهر فيها التوبة.

وكان على كلّما اشتكي الناس إليه أمر عثمان أرسل ابنه الحسن إليه، فلمّا أكثر عليه قال له: إنّ أباك يري أنّ أحداً لا يعلم ما يعلم، ونحن أعلم بما نفعل، فكفّ عنّا! فلم يبعث على ابنه فى شىء بعد ذلك.

وذكروا أنّ عثمان صلّي العصر ثمّ خرج إلي على يعوده فى مرضه ومروان معه، فرآه ثقيلاً، فقال: أما والله لولا ما أري منك ما كنت أتكلّم بما اريد أن أتكلّم به، والله ما أدرى أى يوميك أحبّ إلى أو أبغض، أ يوم حياتك أو يوم موتك ؟! أما والله لئن بقيت لا أعدم شامتاً يعدّك كنفاً ويتّخذك عضداً، ولئن متّ لأفجعنّ بك، فحظّى منك حظّ الوالد المشفق من الولد العاقّ ، إن عاش عقّه، وإن مات فجعه, فليتك جعلت لنا من

ص:337


1- (1) . الرحي: حجر الطحن.

أمرك علماً نقف عليه ونعرفه، إمّا صديق مسالم، وإمّا عدوّ معاند، ولم تجعلنى كالمختنق بين السماء والأرض، لا يرقي بيد، ولا يهبط برجل! أما والله لئن قتلتك لا اصيب منك خلفاً، ولئن قتلتنى لا تصيب منّى خلفاً، وما احبّ أن أبقى بعدك!

قال مروان: إى والله، واُخري إنّه لا ينال ما وراء ظهورنا حتّي تكسر رماحنا وتقطع سيوفنا، فما خير العيش بعد هذا؟ فضرب عثمان فى صدره وقال: ما يدخلك فى كلامنا؟

فقال على: إنّى والله فى شغل عن جوابكما، ولكنّى أقول كما قال أبويوسف: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (1). (2)

9009. ابن أعثم : أرسل عثمان إلي على بن أبى طالب رضي الله عنه ، فدعاه فقال: يا أباالحسن، أنت لهؤلاء القوم، فادعوهم إلي كتاب الله - عزّ وجلّ - وسنّة نبيّه، واكفنى ممّا يكرهون.

فقال له على: إن أعطيتنى عهد الله وميثاقه أنّك توفى لهم بكلّ ما اعطيهم فعلت ذلك.

فقال عثمان: نعم يا أباالحسن، اضمن لهم عنّى جميع ما يريدون.

فأخذ على عليه عهداً غليظاً وميثاقاً مؤكّداً، ثمّ خرج من عنده فأقبل نحو القوم، فلمّا دنا منهم قالوا: ما وراءك يا أباالحسن فإنّنا نجلّك ؟

فقال: إنّكم تعطون ما تريدون، وتعافون من كلّ ما أسخطكم، ويولّي عليكم من تحبّون، ويعزل عنكم من تكرهون.

فقالوا: ومن يضمن لنا ذلك ؟ قال على: أنا أضمن لكم ذلك.

فقالوا: رضينا.

فأقبل على إلي عثمان ومعه وجوه القوم وأشرافهم، فلمّا دخلوا عاتبوه فأعتبهم من كلّ ما

ص:338


1- (1) . يوسف/18 . [1]
2- (2) . العقد الفريد 58/5 - 59 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [2] ما نقم الناس علي عثمان، ورواه الباعونى فى جواهر المطالب 180/2 - 181 ، الباب السابع والستّون, [3] فى تبرّئ على رضي الله عنه من دم عثمان.

كرهوا. فقالوا: اكتب لنا بذلك كتاباً، وأدخل لنا فى هذا الضمان عليّاً بالوفاء لنا بما فى كتابنا.

فقال عثمان: اكتبوا ما أحببتم وأدخلوا فى هذا الضمان من أردتم.

فكتبوا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبدالله عثمان بن عفّان أميرالمؤمنين لجميع من نقم عليه من أهل البصرة والكوفة وأهل مصر: إنّ لكم على أن أعمل فيكم بكتاب الله - عزّ وجلّ - وسنّة نبيّه محمّد صلّى الله عليه و آله ، وإنّ المحروم يعطي، والخائف يؤمّن، والمنفى يردّ، وأنّ المال يردّ علي أهل الحقوق، وأن يعزل عبدالله بن سعد بن أبى سرح عن أهل مصر، ويولّي عليهم من يرضون.

فقال أهل مصر: نريد أن تولّى علينا محمّد بن أبى بكر. فقال عثمان: لكم ذلك.

ثمّ أثبتوا فى الكتاب: وأنّ على بن أبى طالب ضمين للمؤمنين بالوفاء لهم بما فى هذا الكتاب. شهد علي ذلك الزبير بن العوّام، وطلحة بن عبيدالله، وسعد بن أبى وقّاص، وعبدالله بن عمر، وزيد بن ثابت، وسهل بن حنيف، وأبوأيّوب خالد بن زيد. وكتب فى ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين.

فأخذ أهل مصر كتابهم وانصرفوا، ومعهم محمّد بن أبى بكر أميراً عليهم، حتّي إذا كانوا علي مسيرة ثلاثة أيّام من المدينة وإذا هم بغلام أسود علي بعير له يخبط خبطاً عنيفاً.

فقالوا: يا هذا، اربع قليلاً ما شأنك ؟ كأنّك هارب أو طالب، من أنت ؟ فقال: أنا غلام أميرالمؤمنين عثمان وجّهنى إلي عامل مصر.

فقال له رجل منهم: يا هذا، فإنّ عامل مصر معنا. فقال: ليس هذا الّذى اريد.

فقال محمّد بن أبى بكر: أنزلوه عن البعير. فحطّوه، فقال له محمّد بن أبى بكر: أصدقنى غلام من أنت ؟ قال: أنا غلام أميرالمؤمنين.

قال: فإلي من ارسلت ؟ قال: إلي عبدالله بن سعد عامل مصر.

قال: وبماذا ارسلت ؟ قال: برسالة.

قال محمّد بن أبى بكر: أفمعك كتاب ؟ قال: لا.

فقال أهل مصر: لو فتّشناه أيّها الأمير، فإنّنا نخاف أن يكون صاحبه قد كتب فينا

ص:339

بشىء. ففتّشوا رحله ومتاعه ونزعوا ثيابه حتّي عرّوه فلم يجدوا معه شيئاً، وكانت علي راحلته إداوة (1) فيها ماء، فحرّكوها فإذا فيها شىء يتقلقل، فحرّكوه ليخرج فلم يخرج.

فقال كنانة بن بشر التجيبى: والله إنّ نفسى لتحدّثنى أنّ فى هذه الإداوة كتاباً.

فقال أصحابه: ويحك! ويكون كتاب فى ماء؟

قال: إنّ الناس لهم حيل. فشقّوا الإداوة فإذا فيها قرورة مختومة بشمع، وفى جوف القارورة كتاب، فكسروا القارورة وأخرجوا الكتاب، فقرأه محمّد بن أبى بكر، فإذا فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله عثمان أميرالمؤمنين إلي عبدالله بن سعد، أمّا بعد، فإذا قدم عليك عمرو بن يزيد بن ورقاء فاضرب عنقه صبراً، وأمّا علقمة بن عديس البلوى وكنانة بن بشر التجيبى وعروة بن سهم الليثى فاقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ودعهم يتشحّطون فى دمائهم حتّي يموتوا، فإذا ماتوا فاصلبهم علي جذوع النخل، وأمّا محمّد بن أبى بكر فلا يقبل منه كتابه وشدّ يدك به، واحتل فى قتله، وقرّ علي عملك حتّي يأتيك أمرى إن شاء الله تعالي.

فلمّا قرأ محمّد بن أبى بكر الكتاب رجع إلي المدينة هو ومن معه، ثمّ جمع أصحاب النبى صلّى الله عليه و آله وقرأ عليهم الكتاب وأخبرهم بقصّة الكتاب.

فلم يبق بالمدينة أحد الّا حنق علي عثمان، واشتدّ حنق بنى هذيل خاصّة عليه لأجل صاحبهم عبدالله بن مسعود، وهاجت بنومخزوم لأجل صاحبهم عمّار بن ياسر، وكذلك غفار لأجل صاحبهم أبى ذرّ.

ثمّ إنّ عليّاً أخذ الكتاب وأقبل حتّي دخل علي عثمان، فقال له: ويحك! لا أدرى علي ماذا أنزل! استعتبك القوم فأعتبتهم بزعمك وضمنتنى ثمّ أحقرتنى، وكتبت فيهم هذا الكتاب!

فنظر عثمان فى الكتاب، ثمّ قال: ما أعرف شيئاً من هذا!

فقال على: الغلام غلامك أم لا؟

ص:340


1- (1) . الإداوة: إناء صغير من جلد يتّخذ للماء. النهاية 33/1 . [1]

قال عثمان: بل هو والله غلامى، والبعير بعيرى، وهذا الخاتم خاتمى، والخطّ خطّ كاتبى.

قال على رضي الله عنه : فيخرج غلامك علي بعيرك بكتاب وأنت لا تعلم به ؟

فقال عثمان: حيّرتك يا أباالحسن! وقد يشبه الخطّ الخطّ وقد تختم علي الخاتم، ولا والله ما كتبت هذا الكتاب، ولا أمرت به، ولا وجّهت هذا الغلام إلي مصر.

فقال على: لا عليك، فمن نتّهم ؟ قال: أتّهمك وأتّهم كاتبى!

قال على: بل هو فعلك وأمرك. ثمّ خرج من عنده مغضباً. (1)

9010. البلاذرى : قال أبومخنف وغيره: حرس القوم عثمان ومنعوا من أن يدخل عليه، وأشار عليه سعيد بن العاص بأن يحرم ويلبّى ويخرج فيأتى مكّة فلا يقدم عليه، فبلغهم قوله فقالوا: والله لئن خرج لا فارقناه حتّي يحكم الله بيننا وبينه، واشتدّ عليه طلحة بن عبيدالله فى الحصار، ومنع من أن يدخل إليه الماء حتّي غضب على بن أبى طالب من ذلك، فأدخلت عليه (2) روايا الماء. (3)

9011. البلاذرى : قال أبومخنف: لمّا شخص المصريّون بعد الكتاب الّذى كتبه عثمان فصاروا بأيلة أو بمنزل قبلها رأوا راكباً خلفهم يريد مصر، فقالوا له: من أنت ؟ فقال: رسول أميرالمؤمنين إلي عبدالله بن سعد وأنا غلام أميرالمؤمنين، وكان أسود.

فقال بعضهم لبعض: لو أنزلناه وفتّشناه لا يكون صاحبه قد كتب فينا بشىء. ففعلوا فلم يجدوا معه شيئاً، فقال بعضهم لبعض: خلّوا سبيله.

فقال كنانة بن بشر: أما والله دون أن أنظر فى إداوته فلا. فقالوا: سبحان الله! أ يكون كتاب فى ماء؟!

فقال: إنّ للناس حيلاً. ثمّ حلّ الإداوة فإذا فيها قارورة مختومة - أو قال: مضمومة

ص:341


1- (1) . الفتوح 208/2 - 212 ، [1] ذكر رجوع أهل مصر إلي محاربة عثمان بعد ما وجدوا الكتاب.
2- (2) . فى الأصل: «علي».
3- (3) . أنساب الأشراف 188/6 ، [2] مسير أهل الأمصار إلي عثمان واجتماعهم إليه.

- فى جوف القارورة كتاب فى أنبوب من رصاص، فأخرجه فقرئ، فإذا فيه: أمّا بعد، فإذا قدم عليك أبوعمرو بن بديل فاضرب عنقه، واقطع يدى ابن عديس، وكنانة، وعروة، ثمّ دعهم يتشحّطون فى دمائهم حتّي يموتوا، ثمّ أوثقهم علي جذوع النخل.

فيقال: إنّ مروان كتب الكتاب بغير علم عثمان! فلمّا عرفوا ما فى الكتاب قالوا: عثمان محلّ . ثمّ رجعوا عودهم علي بدئهم حتّي دخلوا المدينة، فلقوا عليّاً بالكتاب وكان خاتمه من رصاص، فدخل به على علي عثمان, فحلف بالله ما هو كتابه ولا يعرفه، وقال: أمّا الخطّ فخطّ كاتبى، وأمّا الخاتم فعلي خاتمى!

قال على: فمن تتّهم ؟ قال: أتّهمك وأتّهم كاتبى!

فخرج على مغضباً وهو يقول: بل هو أمرك.

قال أبومخنف: وكان خاتم عثمان بدياً (1) فى يد حمران بن أبان، ثمّ أخذه مروان حين شخص حمران إلي البصرة، فكان معه.

وجاء المصريّون إلي دار عثمان فأحدقوا بها وقالوا لعثمان وقد أشرف عليهم: يا عثمان، أ هذا كتابك ؟ فجحد وحلف. فقالوا: هذا شرّ، يكتب عنك بما لا تعلمه، ما مثلك يلى امور المسلمين، فاختلع من الخلافة.

فقال: ما كنت لأنزع قميصاً قمّصنيه الله - أو قال: سربلنيه الله - .

وقالت بنواُميّة: يا على، أفسدت علينا أمرنا ودسست وألّبت!

فقال: يا سفهاء، إنّكم لتعلمون أنّه لا ناقة لى فى هذا ولا جمل، وأنّى رددت أهل مصر عن عثمان ثمّ أصلحت أمره مرّة بعد اخري، فما حيلتى ؟ وانصرف وهو يقول: اللهمّ إنّى برىء ممّا يقولون ومن دمه إن حدث به حدث. (2)

وانظر ما ورد ذيل العنوان التالى.

ص:342


1- (1) . أى أوّلاً.
2- (2) . أنساب الأشراف 181/6 - 182 ، [1] مسير أهل الأمصار إلي عثمان.

9012. الطبرى : وكان لعثمان علي طلحة بن عبيدالله خمسون ألفاً، فقال طلحة له يوماً: قد تهيّأ مالك فاقبضه. فقال: هو لك معونة علي مروءتك! فلمّا حصر عثمان قال على عليه السّلام لطلحة: أنشدك الله الّا كففت عن عثمان! فقال: لا والله حتّي تعطى بنواُميّة الحقّ من أنفسها.

فكان على عليه السّلام يقول: لحا الله ابن الصعبة! أعطاه عثمان ما أعطاه وفعل به ما فعل! (1)

9013. ابن قتيبة : ذكروا أنّ عثمان لمّا منع الماء صعد علي القصر، واستوي فى أعلاه، ثمّ نادي: أين طلحة ؟ فأتاه، فقال: يا طلحة، أما تعلم أنّ بئر رومة كانت لفلان اليهودى، لا يسقى أحداً من الناس منها قطرة الّا بثمن، فاشتريتها بأربعين ألفاً، فجعلت رشائى فيها كرشاء رجل من المسلمين، لم أستأثر عليهم ؟ قال: نعم.

قال: فهل تعلم أنّ أحداً يمنع أن يشرب منها اليوم غيرى ؟ لم ذلك ؟ قال: لأنّك بدّلت وغيّرت.

قال: فهل تعلم أنّ رسول الله قال: من اشتري هذا البيت وزاده فى المسجد فله به الجنّة. فاشتريته بعشرين ألفاً، وأدخلته فى المسجد؟ قال طلحة: نعم.

قال: فهل تعلم اليوم أحداً يمنع فيه من الصلاة غيرى ؟ قال: لا.

قال: لِمَ ؟ قال: لأنّك غيّرت وبدّلت.

ثمّ انصرف عثمان، وبعث إلي على يخبره أنّه منع من الماء، ويستغيث به، فبعث إليه على ثلاث قرب مملوءة ماء ... .

ثمّ دخلوا علي عثمان ومعهم الكتاب والغلام والبعير، فقال على: الغلام غلامك، والبعير بعيرك ؟ فقال: نعم.

ص:343


1- (1) . عنه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 161/2 ، [1] شرح الخطبة 30 ، وصدر الحديث مذكور فى تاريخ الطبرى 405/4 ، [2] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر بعض سير عثمان بن عفّان، ووسطه تقدّم عن تاريخ الطبرى برواية حكيم بن جابر آنفاً إلي قوله: «من أنفسها»، وابن الصعبة هو طلحة، قال الزمخشرى فى الفائق 140/1 : [3] ابن الصعبة طلحة بن عبيدالله اضيف إلي امّه, وهى الصعبة بنت الحضرمى, وكانت قبل عبيدالله تحت أبى سفيان بن حرب.

قال: فأنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال: لا. وحلف بالله ما كتبت، ولا أمرت، ولا علمت.

فقال له: فالخاتم خاتمك ؟ قال: نعم.

قال: فكيف يخرج غلامك ببعيرك وكتاب عليه خاتمك لا تعلم به ؟ فحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب، ولا وجّهت، ولا أمرت.

فشكّ القوم فى أمر عثمان، وعلموا أنّه لا يحلف بباطل، فقال قوم منهم: لا يبرأ عثمان عن قلوبنا الّا أن يدفع إلينا مروان، حتّي نعرف كيف يأمر بقتل رجال من أصحاب رسول الله وقطع أيديهم بغير حقّ ، فإن كان عثمان كتبه عزلناه، وإن كان مروان كتبه نظرنا فى أمره، وما يكون فى أمر مروان.

فانصرف القوم عنه، ولزموا بيوتهم، وأبي عثمان أن يخرج إليهم مروان، وخشى عليه القتل، فبلغ عليّاً أنّ عثمان يراد قتله، فقال: إنّا أردنا مروان، فأمّا قتل عثمان فلا. ثمّ قال للحسن والحسين: اذهبا بسيفيكما حتّي تقوما علي باب عثمان، ولا تدعا أحداً يصل إليه. وبعث الزبير ابنه علي كره، وبعث طلحة ابنه كذلك، وبعث عدّة من أصحاب النبى صلّى الله عليه و سلّم أبناءهم، يمنعون الناس أن يدخلوا علي عثمان، ويسألوه أن يخرج مروان ... . (1)

9014. البلاذرى : قال أبومخنف: صلّي على بالناس يوم النحر وعثمان محصور، فبعث إليه عثمان ببيت الممزّق:

إن كنت مأكولاً فكن أنت آكلى

والّا فأدركنى ولمّا امزّق

وكان رسوله به عبدالله بن الحارث، ففرّق على الناس عن طلحة، فلمّا رأي ذلك طلحة دخل علي عثمان فاعتذر، فقال له عثمان: يا ابن الحضرميّة، ألّبت على الناس ودعوتهم إلي قتلى حتّي إذا فاتك ما تريد جئت معتذراً، لا قبل الله ممّن قبل عذرك. (2)

9015. ابن أعثم : ... علم أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل مصر أنّ عثمان قد كتب

ص:344


1- (1) . الإمامة والسياسة 38/1 - 40 ، [1] مخاطبة عثمان من أعلي القصر طلحة وأهل الكوفة وغيرهم.
2- (2) . أنساب الأشراف 196/6 ، [2] أمر عمرو بن العاص وغيره.

إلي أهل الشام وأهل البصرة يستنجدهم، فكبس عليهم فلجّوا فى حصاره ومنعوه من الماء، فأشرف عليهم من جدار داره ثمّ قال: أيّها الناس، هل فيكم على بن أبى طالب ؟ قالوا: لا. فسكت ونزل.

وبلغ ذلك عليّاً رضي الله عنه وهو فى منزله، فأرسل إليه بغلامه قنبر فقال: انطلق إلي عثمان فسله ماذا يريد؟

فجاء قنبر إلي عثمان فدخل وسلّم، ثمّ قال: إنّ مولاى أرسلنى إليك يقول لك: ما الّذى تريد؟ فقال عثمان: أردته أن يوجّه إلى بشىء من الماء فإنّى قد منعته وقد أضرّ بى العطش وبمن معى فى هذه الدار. فرجع قنبر إلي على فأخبره بذلك، فأرسل إليه على ثلاث قرب من الماء مع نفر من بنى هاشم، فلم يتعرّض لهم أحد حتّي دخلوا علي عثمان فأوصلوا إليه الماء، فشرب وشرب من كان معه فى الدار. (1)

9016. ابن أعثم : قالوا: قد كان طلحة بن عبيدالله قد استولي علي حصار عثمان مع نفر من بنى تيم، وبلغ ذلك عثمان فأرسل إلي على بهذا البيت:

فإن كنت مأكولاً فكن أنت آكلى

والّا فأدركنى ولمّا امزّق

أ ترضي أن يقتل ابن عمّك وابن عمّتك ويسلب نعمتك وأمرك ؟ فقال على رضي الله عنه : صدق والله عثمان! لا والله لا نترك ابن الحضرميّة يأكلها.

ثمّ خرج على إلي الناس، فصلّي بهم الظهر والعصر، وتفرّق الناس عن طلحة ومالوا إلي على، فلمّا رأي طلحة ذلك أقبل حتّي دخل علي عثمان فاعتذر إليه ممّا كان منه، فقال له عثمان: يا ابن الحضرميّة، ولّيت علي الناس ودعوتهم إلي قتلى، حتّي إذا فاتك ما كنت ترجو وعلاك على رضي الله عنه علي الأمر جئتنى معتذراً، لا قبل الله ممّن قبل منك. (2)

ص:345


1- (1) . الفتوح 218/2 - 219 ، [1] ذكر استنصار عثمان بعمّاله لمّا أيس من رعيّته.
2- (2) . الفتوح 229/2 ، [2] ذكر ما كان منهم من حرق الباب والاقتحام علي الدار. وانظر: تاريخ مدينة دمشق 361/39 - 362 ، ترجمة عثمان بن عفّان (4619), وإعجاز القرآن للباقلانى ص142 ، كتاب عثمان بن عفّان - وهو محصور - إلي على بن أبى طالب, وأنساب الأشراف [3]

9017. الواقدى : وكان محمّد بن أبى بكر ومحمّد بن أبى حذيفة لا يفتران من التحريض علي عثمان بمصر، فخرج عبدالرحمان بن عديس البلوى، وسودان بن حمران المرادى، وعمرو بن الحمق الخزاعى، وعروة بن شييم الليثى فى خمسمئة، وأظهروا أنّهم يريدون العمرة، وكان خروجهم فى رجب، ووجّه عبدالله بن سعد بن أبى سرح إلي عثمان بخبرهم رسولاً، سار إحدي عشرة ليلة، وساروا المنازل حتّي نزلوا بذى خشب، فقال عثمان: هؤلاء يظهرون أنّهم يريدون العمرة ووالله ما يريدون الّا الفتنة، لقد طال علي الناس عمرى، ولئن فارقتهم ليتمنّون يوماً من أيّامى.

فأتي عثمان عليّاً فى منزله فقال له: يا ابن عمّ ، إنّ قرابتى قريبة وحقّى عظيم، والقوم فى ما بلغنى علي أن يصبّحونى ليقتلونى، وأنا أعلم أنّ لك عند الناس قدراً وأنّه يسمعون منك، فاُحبّ أن تركب إليهم فتردّهم علي أن أصير إلي ما تشير به وتراه، ولا أخرج عن أمرك ولا اخالفك.

فركب على ومعه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أبوالأعور، وأبوالجهم [بن] حذيفة العدوى، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسعيد بن العاص، وعبدالرحمان بن عتّاب بن أسيد، ومن الأنصار أبوحميد الساعدى، وأبو أسيد الساعدى، وزيد بن ثابت، وحسّان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومحمّد بن مسلمة - وقال بعضهم: إنّ عمّار بن ياسر كان معهم - فكلّمهم على ومحمّد بن مسلمة حتّي انصرفوا راجعين إلي مصر. (1)

ص:346


1- (1) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 176/6 - 177 ، مسير أهل الأمصار إلي عثمان، وأورده ابن الأثير فى الكامل 81/3 - 82 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي حصر عثمان, من قوله: «فلمّا نزل القوم ذا خشب»، وفيه فى الّذين ذهبوا مع على: «مروان ونيار بن مكرز».

9018. ابن قتيبة : ثمّ خرج عثمان إلي المسجد، فإذا هو بعلى، وهو شاك معصوب الرأس، فقال له عثمان: والله يا أباالحسن ما أدرى؛ أشتهى موتك ؟ أم أشتهى حياتك ؟ فوالله لئن متّ ما أحبّ أن أبقى بعدك لغيرك؛ لأنّى لا أجد منك خلفاً، ولئن بقيت لا أعدم طاغياً يتّخذك سلّماً وعضداً، ويعدّك كهفاً وملجأ، لا يمنعنى منه الّا مكانه منك ومكانك منه، فأنا منك كالابن العاقّ من أبيه؛ إن مات فجعه، وإن عاش عقّه، فإمّا سلم فنسالم، وإمّا حرب فنحارب، فلا تجعلنى بين السماء والأرض، فإنّك والله إن قتلتنى لا تجد منّى خلفاً، ولئن قتلتك لا أجد منك خلفاً، ولن يلى أمر هذه الاُمّة بادئ فتنة.

فقال على: إنّ فى ما تكلّمت به لجواباً، ولكنّى عن جوابك مشغول بوجعى، فأنا أقول كما قال العبد الصالح: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (1). (2)

9019. ابن حبّان : خرج جماعة من أهل مصر إلي عثمان يشكون ابن أبى سرح ويتكلّمون منه، فكتب إليه عثمان كتاباً وهدّده فيه، فأبي ابن [أبى] السرح أن يقبل من عثمان وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان متظلّماً وقتل رجلاً من المتظلّمة، فخرج من أهل مصر سبعمئة رجل فيهم أربعة من الرؤساء: عبدالرحمان بن عديس البلوى، وعمرو بن الحمق الخزاعى، وكنانة بن بشر بن عتّاب الكندى، وسودان بن حمران المرادى، فساروا حتّي قدموا المدينة ونزلوا مسجد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، وشكوا إلي أصحاب محمّد صلّى الله عليه و آله [فى] مواقيت الصلاة ما صنع بهم ابن أبى سرح.

فقام طلحة بن عبيدالله إلي عثمان بن عفّان وكلّمه الكلام الشديد، وأرسلت إليه عائشة: قدم عليك أصحاب محمّد وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت ذلك بواحدة، و [هذا قد] قتل منهم رجلاً، فأنصفهم من عاملك. وكان عثمان يحبّ قومه.

ثمّ دخل عليه على بن أبى طالب فقال: سألوك رجلاً مكان رجل وقد ادّعوا قبله

ص:347


1- (1) . يوسف/18 . [1]
2- (2) . الإمامة والسياسة 33/1 ، [2] ما أنكر الناس علي عثمان.

دماً، فاعزله عنهم واقض بينهم، فإن وجب عليه حقّ فأنصفهم [منه].

فقال لهم عثمان: اختاروا رجلاً اوّليه عليكم مكانه. فأشار الناس عليه بمحمّد بن أبى بكر، فقالوا لعثمان: استعمل علينا محمّد بن أبى بكر. فكتب عهده وولاه مصر.

فخرج محمّد بن أبى بكر والياً علي مصر بعهده ومعه عدّة من المهاجرين والأنصار ينظرون فى ما بين أهل مصر وبين ابن أبى سرح، فلمّا بلغوا مسيرة ثلاثة ليال من المدينة إذا هم بغلام أسود علي بعير له، يخبط البعير خبطاً، كأنّه رجل يَطلب أو يُطلب، فقالوا له: ما قصّتك ؟ وما شأنك ؟ كأنّك هارب أو طالب ؟ قال: أنا غلام أميرالمؤمنين، وجّهنى إلي عامل مصر.

قالوا: هذا عامله معنا.

قال: ليس هذا اريد. ومضي.

فاُخبر محمّد بن أبى بكر بأمره، فبعث فى طلبه أقواماً فردّوه، فلمّا جاؤوا به قال له محمّد: غلام من أنت ؟ فأقبل مرّة يقول: أنا غلام أميرالمؤمنين. ومرّة يقول: أنا غلام مروان. فعرفه رجل منهم أنّه لعثمان، فقال له محمّد بن أبى بكر: لمن أرسلت ؟ قال: إلي عامل مصر.

قال: بماذا؟ قال: برسالة.

[قال:] أ معك كتاب ؟ قال: لا. ففتّشوه فلم يجدوا معه كتاباً، وكان معه إداوة قد يبست وفيها شىء يتقلقل، فحرّكوه ليخرج فلم يخرج، فشقّوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلي ابن أبى سرح، فجمع محمّد بن أبى بكر من كان معه من المهاجرين والأنصار وغيرهم، ثمّ فكّ الكتاب بحضرتهم فإذا فيه: إذا أتاك محمّد بن أبى بكر وفلان [وفلان] فاحتل لقتلهم، وأبطل كتابه، وقرّ علي عملك، واحبس من يجىء إلى يتظلّم منك حتّي يأتيك رأيى فى ذلك إن شاء الله.

فلمّا قرأوا الكتاب فزعوا وأزمعوا ورجعوا إلي المدينة، وختم محمّد بن أبى بكر الكتاب بخواتم جماعة من المهاجرين معه، ودفع الكتاب إلي رجل منهم وانصرفوا إلي المدينة، فلمّا قدموها جمع محمّد بن أبى بكر عليّاً وطلحة والزبير وسعداً ومن كان بها من

ص:348

أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، ثمّ فكّ الكتاب بحضرتهم عليه خواتم من معه من المهاجرين، وأخبرهم بقصّة الغلام، فلم يبق أحد من المدينة الّا حنق علي عثمان، وقام أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فلحقوا بمنازلهم، ما منهم أحد الّا هو مغتمّ ، وكانت هذيل وبنوزهرة فى قلوبها ما فيها علي عثمان لحال ابن مسعود، وكانت بنومخزوم قد حنقت علي عثمان لحال عمّار بن ياسر، وكانت بنوغفار وأحلافها ومن غضب لأبى ذرّ فى قلوبهم ما فيها، وأجلب عليه محمّد بن أبى بكر من بنى تيم، وأعانه علي ذلك طلحة بن عبيدالله وعائشة.

فلمّا رأي ذلك على وصحّ عنده الكتاب بعث إلي طلحة والزبير وسعد وعمّار ونفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم كلّهم بدريّون، ثمّ جاء معهم حتّي دخل علي عثمان ومعه الكتاب والغلام والبعير، فقال له: هذا الغلام غلامك ؟ قال: نعم.

قال: والبعير بعيرك ؟ قال: نعم.

قال: فأنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال: لا. وحلف بالله أنّه ما كتب هذا الكتاب ولا أمر به.

فقال له على: فالخاتم خاتمك ؟ قال: نعم.

قال على: فكيف يخرج غلامك علي بعيرك بكتاب عليه خاتمك لا تعلم به ؟فحلف عثمان بالله: ما كتبت [هذا الكتاب] ولا أمرت به، ولا وجّهت هذا الغلام قطّ إلي مصر. وأمّا الخطّ فعرفوا أنّه خطّ مروان، فلمّا شكوا فى أمر عثمان سألوه أن يدفع إليهم مروان فأبي، وكان مروان عنده فى الدار وكان خشى عليه القتل.

فخرج من عنده على وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وعلموا أنّ عثمان لا يحلف باطلاً، ثمّ قالوا: لا نسكت الّا أن يدفع إلينا مروان حتّي نبحث ونتعرّف منه ذلك الكتاب، وكيف يؤمّر بقتل رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بغير حقّ ؟! فإن يك عثمان كتب ذلك عزلناه، وإن يك مروان كتبه علي لسان عثمان نظرنا ما يكون فى أمر مروان ... .

ثمّ أشرف [عثمان] عليهم فقال: أ فيكم على ؟ قالوا: لا.

قال: أ فيكم سعد؟ قالوا: لا.

فقال: اذكّركم بالله هل تعلمون أنّ رومة لم يكن يشرب منها أحد الّا بشىء فابتعتها

ص:349

من مالى وجعلتها للغنى والفقير وابن السبيل ؟ فقالوا: نعم.

قال: فاسقونى منها. ثمّ قال: ألا أحد يبلغ عليّاً فيسقينا ماء؟

فبلغ ذلك عليّاً، فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة، فما كادت تصل إليه حتّي جرح فى سببها عدّة من بنى هاشم وبني اميّة حتّي وصل الماء إليه، ثمّ قال عثمان: والله لو كنت فى أقصي دارى ما طلبوا غيرى، ولو كنت أدناهم ما جازونى إلي غيرى ... . (1)

9020. ابن الأثير : ... أتي عثمان إلي على بمنزله ليلاً وقال له: إنّى غير عائد وإنّى فاعل. فقال له على: بعد ما تكلّمت علي منبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم وأعطيت من نفسك؛ ثمّ دخلت بيتك فخرج مروان إلي الناس يشتمهم علي بابك ويؤذيهم ؟! فخرج عثمان من عنده وهو يقول: [قطعت رحمى و] خذلتنى وجرّأت الناس على! فقال على: والله إنّى لأكثر الناس ذبّاً عنك، ولكنّى كلّما جئت بشىء أظنّه لك رضاً جاء مروان باُخري، فسمعت قوله وتركت قولى.

ولم يعد على يعمل ما كان يعمل إلي أن منع عثمان الماء، فقال على لطلحة: اريد أن تدخل عليه الروايا. وغضب غضباً شديداً حتّي دخلت الروايا علي عثمان. (2)

الخامس: قتل عثمان بن عفّان

كانت البطانة المقرّبة من عثمان بطانة سوء لم تكن علي علاقات طيّبة مع الأنصار، وليس لها مواقف حسنة مع المهاجرين، وقد عمل عثمان بما قاله أبوسفيان شيخ بني اميّة: اجعل الأمر أمر جاهليّة، والملك ملك غاصبيّة، واجعل أوتاد الأرض لبني اميّة. (3)

ولم يلتفت إلي المعترضين بل أخذ بما أشار إليه بطانته ومستشاروه، فلمّا قال له معاوية: إنّك قد بلغت من صلتنا ما يبلغه كريم قوم من صلة قوم، حملتنا علي رقاب

ص:350


1- (1) . الثقات 256/2 - 262 ، حوادث السنة الخامسة والثلاثين.
2- (2) . الكامل 83/3 - 84 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مسير من سار إلي حصر عثمان.
3- (3) . تاريخ مدينة دمشق 471/23 ، ترجمة صخر بن [2]حرب (2849).

الناس وجعلتنا أوتاد الأرض، فخذ كلّ رجل منّا بعمله وما يليه يكفك، أخذ بقوله وردّ عمّاله إلي أمصارهم (1)، ولم يأخذ بقول الناصحين له كأميرالمؤمنين على عليه السّلام ، حتّي قال عليه السّلام : ما يريد عثمان أن ينصحه أحد! اتّخذ بطانة أهل غشّ ، ليس منهم أحد الّا قد تسبّب بطائفة من الأرض، يأكل خراجها ويستذلّ أهلها. (2)

فلمّا رأي الإمام عليه السّلام عدم اعتناء عثمان بنصائحه، بل اتّهمه إيّاه، تركه (3)، وخرج على عليه السّلام من المدينة.

واشتدّ الطعن علي عثمان بعد خروج على عليه السّلام ، ورجا الزبير وطلحة أن تميل إليهما قلوب الناس ويغلبا عليهم، واغتنما غيبة على عليه السّلام . (4)

ولمّا مضت أيّام التشريق أطاف الناس بدار عثمان، وأبي عثمان الّا الإقامة علي أمره، وأرسل عثمان إلي حشمه وخاصّته فجمعهم، فجاء نيار بن عياض - من أصحاب النبى صلّى الله عليه و آله - ونادي: يا عثمان. فأشرف عليه من أعلي داره، فناشده الله وذكّره الله لمّا اعتزلهم، فبينا هو يتكلّم، إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم، فقالوا لعثمان: ادفع إلينا قاتل نيار. فأبي وقال: لم أكن لأقتل رجلاً نصرنى وأنتم تريدون قتلى. فلمّا رأوا ذلك ثاروا إلي بابه فأحرقوه، فوقع بينهم قتال شديد. (5)

ص:351


1- (1) . تاريخ المدينة لابن شبّة 1096/3 ، كلام عمرو بن العاص فى عثمان.
2- (2) . تاريخ الطبرى 406/4 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن السبب الّذى من أجله أمر عثمان رضي الله عنه عبدالله بن عبّاس رضي الله عنه أن يحجّ بالناس.
3- (3) . تاريخ المدينة لابن شبّة 1154/4 و 1155 ، رجوع أهل مصر بعد شخوصهم، و 1167 و 1168 ، ما روى من الاختلاف فيمن أعان عثمان. وقد تقدّمت الروايات فى عنوان: «فتنة أيّام عثمان وجهوده عليه السّلام لإخمادها».
4- (4) . الإمامة والسياسة 34/1 ، [2] حصار عثمان رضي الله عنه .
5- (5) . تاريخ الطبرى 382/4 ، [3] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان؛ الكامل لابن الأثير 88/3 ، [4] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر مقتل عثمان؛ تاريخ المدينة لابن شبّة 1192/4 - 1193 ، كلام عثمان وهو محصور.

فلمّا رأي عثمان إحراق الباب ودخول الناس داره أمر أصحابه بترك القتال، فلم يسمع ذلك منه مروان وقاتل حتّي ضربه الناس ووقع علي الأرض (1)، فهجموا علي عثمان فقتلوه.

وروي الطبرى عن محمّد بن عمر، عن يعقوب بن عبدالله الأشعرى، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن عبدالرحمان بن أبزي، عن أبيه، قال:

رأيت اليوم الّذى دخل فيه علي عثمان، فدخلوا من دار عمرو بن حزم خوخة هناك حتّي دخلوا الدار، فناوشوهم شيئاً من مناوشة ودخلوا، فوالله ما نسينا أن خرج سودان بن حمران، فأسمعه يقول: أين طلحة بن عبيدالله ؟ قد قتلنا ابن عفّان! (2)

ثمّ بعد أن قتل عثمان اتّهمت طائفة عليّاً بقتله، ولم ترض بهذا وأقدمت علي طلب ثار عثمان وأوقدت نيران الحرب ضدّه. بلي ولكن هيهات أن يكون ما قالوا وما صنعوا صادقاً.

وكيف كان، فأنت تري - مضافاً إلي ما مرّ من نصرة على بن أبى طالب عثمان حين حصر - أنّ الروايات تدلّ علي عدم إعانته عليه السّلام علي قتل عثمان، وبل علي عدم رضاه لهذا, وهى برواية:

1. إبراهيم النخعى-8. خالد أبى حفص عن أبيه

2. جابر بن زيد الأزدى-9. أبى خلدة

3. جعدة بن هبيرة-10. خليد بن شريك

4. حابس بن سعد-11. راشد بن كيسان

5. أبى حبيبة-12. أبى زرارة الشيبانى

6. الحسن البصرى-13. زيد بن صوحان

7. حصين الحارثى-14. سُرّية زيد بن أرقم

ص:352


1- (1) . تاريخ الطبرى 380/4 - 381 ، [1] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان.
2- (2) . تاريخ الطبرى 379/4 ، [2] حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان. وانظر: تاريخ المدينة لابن شبّة 1157/4 - 1161 ، رجوع أهل مصر بعد شخوصهم, وأنساب الأشراف للبلاذرى 183/6 - 187 ، مسير أهل الأمصار إلي عثمان, وتاريخ مدينة دمشق 415/39 - 419 , ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619), والمصنّف لابن أبى شيبة 521/7 - 522 (37680).

15. أبي السكن-27. على بن ربيعة الوالبى

16. أبى صالح-28. عمّار بن ياسر

17. عامر الشعبى-29. عمرو بن الأصمّ

18. عبدالله بن أبى سفيان-30. عمرو بن دينار

19. عبدالله بن عبّاس-31. عميرة بن سعد

20. عبدالله بن عمر-32. كليب الجرمى

21. أبى عبدالله الشيبانى-33. محمّد ابن الحنفيّة

22. عبيد الأنصارى-34. محمّد بن سيرين

23. عبيد بن عمير-35. محمّد بن على الباقر عليهما السّلام

24. عبيدة السلمانى-36. مروان بن الحكم

25. عثمان بن عاصم-37. ما ورد مرسلاً

26. عطاء بن مسلم

1.إبراهيم النخعى

9021. ابن شبّة : حدّثنا سعيد بن سليمان، قال: حدّثنا أبوشهاب، عن الحسن بن عمرو، عن فضيل، عن إبراهيم:

أنّ عثمان رضي الله عنه لمّا حصر بعث إلي على رضي الله عنه يردّ عنه الناس، فأقبل نحوه فلحقه محمّد بن على فأخذ بوسطه وقال: والله لا أدعك، إنّما يبغون أن يتّخذوك رهينة. فنزع عمامة له سوداء، فبعث بها إليه فقال: اللهمّ لم آمر، ولم أرض. (1)

2.جابر بن زيد الأزدى

9022. ابن المبارك : عن عمر بن سعيد، عن عبدالكريم أبي اميّة، سمع جابر بن زيد

ص:353


1- (1) . تاريخ المدينة 1219/4 ، استغاثة عثمان بعلى وسعد.

الأزدى، سمع عليّاً رضي الله عنه يقول:

ما أمرت بقتل عثمان، ولا أحببته، ولكن بنو عمّى اتّهمونى، فأرسلت اعتذرت، فأبوا أن يقبلوا (1)، فعندت فصمتّ . (2)

9023. ابن شبّة : حدّثنا محمّد بن حاتم، قال: حدّثنا عن عمر بن سعيد بن أبى حسين، قال: حدّثنى عبدالكريم أبواُميّة، قال: سمعت جابر بن زيد أباالشعثاء يقول: حدّثنى من سمع عليّاً رضي الله عنه يقول:

والله ما أحببت قتل عثمان رضي الله عنه ، ولا أمرت به، ولكن بنى عمّى لامُونى وزعموا أنّى صاحب ذلك، فاعتذرت إليهم، فأبوا أن يقبلوا عذرى، ثمّ اعتذرت، فأبوا أن يقبلوا، فعندت فصمتّ .

قال: فسألته فقال: يقول: أتضرّع إليهم ولا يقبلون، فصمتّ . (3)

3.جعدة بن هبيرة

9024. الحاكم : أخبرنا أبوبكر بن إسحاق، أخبرنا محمّد بن يونس، حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا أبوبكر بن عيّاش، عن أبي اسحاق، عن جعدة بن هبيرة، قال:

قلت لعلى: يا خال، قتلت عثمان ؟ قال: لا والله، ما قتلته، ولا أمرت به، ولكنّى غلبت. (4)

4.حابس بن سعد

9025. ابن أبي الحديد : قال نصر (5) [وفى حديث صالح بن صدقة بإسناده قال]: وقام عدّى بن حاتم الطائى إلي على عليه السّلام فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّ عندى رجلاً لا يوازي به

ص:354


1- (1) . هذه الفقرة كرّرت فى الأصل.
2- (2) . عنه نعيم بن حمّاد فى الفتن 155/1 (395). [1]
3- (3) . تاريخ المدينة 1258/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
4- (4) . المستدرك 191/3 (4872).
5- (5) . وقعة صفّين ص 64 - 65 . [2]

رجل، وهو يريد أن يزور ابن عمّه حابس بن سعد الطائى بالشام، فلو أمرناه أن يلقي معاوية لعلّه أن يكسره ويكسر أهل الشام. فقال على عليه السّلام : نعم. فأمره عدى بذلك - وكان اسم الرجل خفاف بن عبدالله - فقدم علي ابن عمّه حابس بن سعد بالشام - وحابس سيّد طىء بها - فحدّث خفاف حابساً أنّه شهد عثمان بالمدينة، وسار مع على إلي الكوفة، وكان لخفاف لسان وهيئة وشعر، فغدا حابس بخفاف إلي معاوية، فقال: إنّ هذا ابن عمّ لى، قدم الكوفة مع على، وشهد عثمان بالمدينة، وهو ثقة.

فقال له معاوية: هات، حدّثنا عن عثمان.

فقال: نعم، حصره المكشوح، [وحكّم فيه حكيم، ووليه عمّار، وتجرّد فى أمره ثلاثة نفر: عدى بن حاتم]، والأشتر النخعى، وعمرو بن الحمق، وجدّ فى أمره رجلان: طلحة والزبير، وأبرأ الناس منه على. (1)

5.أبوحبيبة

9026. موسي بن عقبة : عن أبى حبيبة، قال:

... فخرج سعد حتّي أتي عليّاً وهو بين القبر والمنبر، فقال: يا أباحسن، قم فداك أبى واُمّى! جئتك والله بخير ما جاء به أحد قطّ إلي أحد، تصل رحم ابن عمّك، وتأخذ بالفضل عليه، وتحقن دمه، ويرجع الأمر علي ما نحبّ ، قد أعطي خليفتك من نفسه الرضا.

فقال على: تقبّل الله منه يا أباإسحاق، والله ما زلت أذبّ عنه حتّي أنّى لأستحيى، ولكن مروان ومعاوية وعبدالله بن عامر وسعيد بن العاص هم صنعوا به ما تري، فإذا

ص:355


1- (1) . شرح نهج البلاغة 110/3 - 111 ، شرح الخطبة 43 ، وما بين المعقوفين من كتاب صفّين لنصر بن مزاحم, وأورده ابن قتيبة فى الإمامة والسياسة 87/1 ، [1] قدوم ابن عمّ عدى بن حاتم الشام، وفيه: «نعم، وليه محمّد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر، وتجرّد فى أمره ثلاثة نفر: عدى بن حاتم والأشتر النخعى وعمرو بن الحصين، ودبّ فى أمره رجلان ...».

نصحته وأمرته أن ينحيّهم استغشّنى حتّي جاء ما تري! (1)

6.الحسن البصرى

9027. اللالكائى : أخبرنا أحمد بن محمّد الفقيه, أخبرنا محمّد بن أحمد بن حمدان, قال: حدّثنا عثمان بن محمّد, قال: حدّثنا نصر بن على, قال: حدّثنا محمّد بن سوار, قال: حدّثنا سعيد بن أبى عروبة عن عامر الأحول, عن الحسن، قال:

شهدت عليّاً بالمدينة وسمع صوتاً فقال: ما هذا؟ قالوا: قتل عثمان. قال: اللهمّ إنّى اشهدك أنّى لم أرض، ولم امالئ - مرّتين أو ثلاثاً - . (2)

9028. ابن شبّة : حدّثنا هارون بن عمر، قال: حدّثنا ضمرة [بن ربيعة]، عن [عبدالله] بن (3) شوذب، عن الحسن, قال:

لمّا بلغ عليّاً رضي الله عنه قتل عثمان استقبل القبلة ثمّ قال: اللهمّ لم أرض، ولم امالئ. (4)

9029. البيهقى : حدّثنا محمّد بن جعفر الزرّاد، حدّثنا عبيدالله بن سعد، حدّثنا الحسن بن موسي، حدّثنا أبوهلال، حدّثنا قتادة أبوالخطّاب، عن الحسن، قال:

قتل عثمان وعلى غائب فى أرض له، فلمّا بلغه قال: اللهمّ إنّى لم أرض، ولم امالئ. (5)

9030. ابن شبّة : حدّثنا موسي بن إسماعيل، قال: حدّثنا أبوهلال، عن قتادة، عن الحسن، قال:

ص:356


1- (1) . عنه الطبرى بإسناده إليه فى تاريخه 377/4 - 378 ، حوادث سنة خمس وثلاثين، ذكر الخبر عن قتل عثمان, من طريق الواقدى.
2- (2) . شرح اصول الاعتقاد 1382/8 (2651), وعنه المتّقى فى كنز العمّال 91/13 (36313). وملأه علي الأمر: ساعده وشايعه.
3- (3) . المثبت هو الظاهر الموافق لترجمة الرجل وضمرة ولسائر موارده فى تاريخ المدينة، وصحّف فيه ب -«أبى».
4- (4) . تاريخ المدينة 1266/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
5- (5) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 449/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).

قتل عثمان رضي الله عنه وعلى رضي الله عنه فى أرض له، فقال: اللهمّ لم أرض، ولم امالئ. (1)

7.حصين الحارثى

9031. الحاكم : حدّثنى أبوالحسن أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن مهران، حدّثنى أبى، حدّثنا هارون بن إسحاق الهمدانى، حدّثنا عبدة بن سليمان، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن حصين الحارثى، قال:

جاء على بن أبى طالب إلي زيد بن أرقم - رضى الله عنهما - يعوده وعنده قوم، فقال على: اسكنوا - أو اسكتوا - فوالله لا تسألونى عن شىء الّا أخبرتكم. فقال زيد: أنشدك الله، أنت قتلت عثمان ؟ فأطرق على ساعة، ثمّ قال: والّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ما قتلته، ولا أمرت بقتله. (2)

9032. أحمد : حدّثنا يحيي بن عبدالملك بن حميد بن أبى غنية، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبى خالد، عن حصين الحارثى، قال:

جاء على إلي زيد بن أرقم يعوده وعنده قوم، قال: فما أدرى أقال على: انصتوا - أو اسكتوا - فوالله لا تسألونى عن شىء حتّي أقوم الّا حدّثتكم به.

قال: فقال له زيد: أنشدك الله، أنت قتلت عثمان ؟

قال: فأطرق على ساعة، ثمّ رفع رأسه، ثمّ قال: لا، والّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ما قتلته، ولا أمرت بقتله. (3)

9033. نعيم بن حمّاد : حدّثنا ابن أبى غنية، عن ابن أبى خالد، عن حصين الحارثى، قال:

قال زيد بن أرقم لعلى رضي الله عنه : نشدتك بالله أنت قتلت عثمان ؟ قال: فأطرق ساعة، ثمّ

ص:357


1- (1) . تاريخ المدينة 1266/4 ، [1] ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
2- (2) . المستدرك 106/3 (4567).
3- (3) . العلل 237/1 - 238 (307)، وعنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 454/39 - 455 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619).

قال: والّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ما قتلت [عثمان]، ولا أمرت بقتله. (1)

8.خالد أبوحفص عن أبيه

9034. ابن شبّة : حدّثنا عارم، قال: حدّثنا ثابت بن يزيد أبوزيد، قال: حدّثنا هلال بن حباب، عن خالد أبى حفص، عن أبيه، قال:

قال على رضي الله عنه فى بعض خطبه: قتل الله عثمان وأنا معه. فأتاه محمّد فقال: يا أميرالمؤمنين، ما تقول ؟ إنّ الناس يرون أنّك شركت فى دم عثمان! قال: اللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها (2) ما شركت فى دمه، ولا مالأت. (3)

9.أبوخلدة

9035. ابن شبّة : حدّثنا سلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا جميل بن عبيد الطائى، قال: سمعت أباخلدة الحنفى يقول: سمعت عليّاً رضي الله عنه - وهو علي المنبر - يقول:

ما أمرت ولا نهيت، ولا سرّنى ولا ساءنى قتل عثمان رضي الله عنه . (4)

9036. أبوطاهر المخلّص : حدّثنا عبيدالله بن عبدالرحمان السكرى، حدّثنا يحيي بن إسحاق بن سافرى، حدّثنا عبيدالله بن موسي، حدّثنا جويرية بن أسماء، حدّثنى أبوخلدة الحنفى، قال:

سمعت عليّاً يخطب، فذكر عثمان فى خطبته، فقال: ألا إنّ الناس يزعمون أنّى قتلت عثمان، ولا والله الّذى لا إله الّا هو ما قتلت، ولا مالأت. (5)

9037. ابن شبّة : حدّثنا أبوعاصم وحبّان بن هلال، قالا: حدّثنا جويرية بن بشير، قال: حدّثنا أبوخلدة - زاد حبّان: حنظلة - ، قال:

ص:358


1- (1) . الفتن 154/1 (392). [1]
2- (2) . الزمر/42 . [2]
3- (3) . تاريخ المدينة 1258/4 - 1259 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
4- (4) . تاريخ المدينة 1263/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
5- (5) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 453/39 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619).

سمعت عليّاً رضي الله عنه يخطب الناس، فعرض بذكر عثمان رضي الله عنه فى خطبته - قالا جميعاً فى حديثهما - قال: إنّ الناس يزعمون أنّى قتلت عثمان، فلا والّذى لا إله الّا هو، ما قتلته, ولا مالأت علي قتله، ولا ساءنى. (1)

9038. ابن سعد : حدّثنا عفّان، حدّثنا جويرية بن بشير، حدّثنى أبوخلدة، أنّه سمع عليّاً - رضى الله تعالي عنه - يقول وهو يخطب، فذكر عثمان فقال:

والله الّذى لا إله الّا هو ما قتلته، ولا مالأت علي قتله، ولا ساءنى. (2)

10.خليد بن شريك

9039. البخارى : قال سعيد بن يحيي: حدّثنا أبى، عن أبيه، عن موسي وسيف ابنى خليد، عن أبيهما خليد، سمع عليّاً:

ما قتلت عثمان. (3)

9040. المحاملى : حدّثنا سعيد بن يحيي بن سعيد الأموى، حدّثنى أبى، عن موسي وسيف ابنى خليد، عن أبيهما خليد بن شريك، قال:

سمعت على بن أبى طالب وهو علي منبر الكوفة يقول: إنّ بني اميّة من شاء نفلت له يمينى بين المقام والركن ما قتلت عثمان، ولا شركت فى دمه. (4)

11.راشد بن كيسان

9041. ابن سعد : أخبرنا كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، قال: حدّثنى راشد بن كيسان أبوفزارة العبسى:

ص:359


1- (1) . تاريخ المدينة 1263/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
2- (2) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 221/6 ، [1] مقتل عثمان بن عفّان، وابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 65/3 - 66 ، [2] شرح الخطبة 43 .
3- (3) . التاريخ الكبير 171/4 ، ترجمة سيف بن خليد (2374).
4- (4) . عنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 452/39 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619).

أنّ عثمان بعث إلي على - وهو محصور فى الدار - أن ائتنى، فقام على ليأتيه، فقام بعض أهل على حتّي حبسه (1) وقال: ألا تري إلي ما بين يديك من الكتائب ؟ لا تخلص إليه. وعلي على عمامة سوداء فنقضها علي رأسه، ثمّ رمي بها إلي رسول عثمان وقال: أخبره بالّذى قد رأيت.

ثمّ خرج على من المسجد حتّي انتهي إلي أحجار الزيت فى سوق المدينة، فأتاه قتله فقال: اللهمّ إنّى أبرأ إليك من دمه أن أكون قتلت أو مالأت علي قتله. (2)

12.أبوزرارة الشيبانى

9042. سعيد بن منصور : حدّثنا إسماعيل بن زكريّا، عن عاصم الأحول، قال: أخبرنى أبوعبدالله وأبوزرارة، قالوا:

نشهد بالله علي على شهادة يسألنا الله عنها، فقد شهدنا معه مشاهد، لسمعنا عليّاً يقول: والله ما قتلت عثمان، ولا اشتركت، ولا أمرت، ولا رضيت. (3)

9043. ابن شبّة : حدّثنا محمّد بن الصبّاح، قال: حدّثنا إسماعيل بن زكريّا، عن عاصم الأحول، عن أبى عبدالله العنزى وعن أبى زرارة الشيبانى، قالا:

نشهد بالله علي على شهادة يسألنا عنها، فقد شهدنا شاهدة، لقد سمعناه يقول: والله ما قتلت عثمان، ولا أمرت، ولا شركت, ولا رضيت. (4)

9044. يحيي بن آدم : حدّثنا أبوشهاب، قال: حدّثنا عاصم الأحول، قال: حدّثنا

ص:360


1- (1) . انظر ما سيأتى برواية ابن عمر.
2- (2) . الطبقات الكبري 50/3 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (14)، وعنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 215/6 ، [2] مقتل عثمان بن عفّان، وابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 370/39 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619)، وانظر: تاريخ مدينة دمشق 294/12 - 295 ، [4] ترجمة حذيفة بن اليمان (1231).
3- (3) . سنن سعيد بن منصور 335/2 (2941).
4- (4) . تاريخ المدينة 1264/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.

شيخان - سنة ستّ وثمانين - أحدهما يكنّي أباعبدالله، والآخر يكنّي أبازرارة، قالا:

نشهد علي على رضي الله عنه أنّه قال: اللهمّ لم أقتل، ولم آمر، ولم أشرك، ولم أرض فى قتل عثمان. (1)

9045. نعيم بن حمّاد : حدّثنا عبدة بن سليمان الكلابى، عن عاصم الأحول، عن [أبى] زرارة وأبى عبدالله، سمعا عليّاً رضي الله عنه يقول:

والله ما أمرت، والله ما شركت، ولا قتلت، ولا رضيت - يعنى قتل عثمان رضي الله عنه - . (2)

9046. ابن أبى شيبة : حدّثنا عبدة بن سليمان، عن عاصم، عن أبى زرارة وأبى عبدالله، قالا: سمعنا عليّاً يقول:

والله ما شاركت, وما قتلت، ولا أمرت, ولا رضيت - يعنى قتل عثمان - . (3)

وسيأتى باسم أبى فزارة فى أحاديث أبى عبدالله الشيبانى.

13.زيد بن صوحان

9047. ابن أبي الحديد : روي أبومخنف عن زيد بن صوحان، قال:

شهدت عليّاً عليه السّلام بذى قار وهو معتمّ بعمامة سوداء، ملتف بساج (4) يخطب، فقال فى خطبته: ... وبايعنى طلحة والزبير وأنا أعرف الغدر فى أوجههما، والنكث فى أعينهما ... وخرجا يوهمان الطغام أنّهما يطلبان بدم عثمان، والله ما أنكرا على منكراً، ولا جعلا بينى وبينهم نصفاً، وإنّ دم عثمان لمعصوب بهما، ومطلوب منهما، يا خيبة الداعى, إلي مَ دعا؟ وبماذا اجيب ؟ ... .

قال أبومخنف: فقام إليه الأشتر فقال: ... لعمرى يا أميرالمؤمنين، ما أمر طلحة والزبير وعائشة علينا بمخيل، ولقد دخل الرجلان فى ما دخلا فيه وفارقا علي غير حدث

ص:361


1- (1) . عنه ابن شبّة بإسناده إليه فى تاريخ المدينة 1264/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
2- (2) . الفتن 172/1 (452). [1]
3- (3) . المصنّف 517/7 (37662). [2]
4- (4) . الساج: ضرب من الطيلسان, ويطلق علي الكساء المربّع مجازاً.

أحدثت ولا جور صنعت، فإن زعما أنّها يطلبان بدم عثمان، فليقيدا من أنفسهما، فإنّهما أوّل من ألّب عليه وأغري الناس بدمه ... . (1)

14.سرّية زيد بن أرقم

9048. الدارقطنى : حدّثنا محمّد بن حمدويه المروزى، حدّثنا أبوالموجّه، حدّثنا عبدان، عن أبى حمزة، عن إسماعيل.

[حيلولة:] وحدّثنا على بن عبدالله بن الفضل - بمصر - , حدّثنا أحمد بن محمّد بن العرّاد أبوعيسي، حدّثنا محمّد بن على الشقيقى، قال: سمعت أبى يقول: أخبرنا أبوحمزة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن حصين الحارثى، قال: أخبرتنى سرّية زيد بن أرقم:

أنّ عليّاً دخل علي زيد بن أرقم يعوده فى مرض له، فوجد عنده قوماً يتحدّثون، فقال لهم: صه - أو أنصتوا - والله لا تسألونى عن شىء حتّي أقوم الّا أخبرتكم به، فقال له زيد بن أرقم عند ذلك: أنشدك بالله، أنت قتلت عثمان ؟

قال: فأطرق على ساعة، ثمّ قال: لا والّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ما قتلته، ولا أمرت بقتله. (2)

9049. ابن أبى شيبة : حدّثنا محمّد بن بشر، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبى خالد، قال: حدّثنى حصين - رجل من بني الحارث - ، قال: أخبرتنى سرّية زيد بن أرقم، قالت:

جاء على يعود زيد بن أرقم وعنده القوم، فقال للقوم: أنصتوا واسكتوا، فوالله لا تسألونى اليوم عن شىء الّا أخبرتكم به. فقال له زيد: أنشدك الله، أنت قتلت عثمان ؟ فأطرق ساعة ثمّ قال: والّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ما قتلته، ولا أمرت بقتله، وما سرّنى. (3)

ص:362


1- (1) . شرح نهج البلاغة 310/1 - 311 ، شرح الخطبة 22 .
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 454/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
3- (3) . المصنّف 517/7 (37663), [2] وأشار إليه البخارى فى التاريخ الكبير 8/3 ، ترجمة حصين بن عبدالرحمان (26).

9050. ابن شبّة : حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا إسماعيل بن أبى خالد، عن حصين بن الحارث، عن سرّية بنت زيد بن أرقم (1)، قالت:

دخل على علي زيد بن أرقم يعوده، فخاضوا فى الحديث، فقال على رضي الله عنه : سلونى عمّا شئتم، فلا تسألون عن شىء الّا أنبأتكم به. فقال له زيد بن أرقم: نشدتك بالله، أنت قتلت عثمان ؟ فنكّس رأسه، ثمّ رفعه فقال: لا والّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ما قتلت عثمان، ولا (أمرت بقتله). (2)

9051. ابن حبّان : حصين بن عبدالرحمان الحارثى، عن سرّية بنت زيد بن أرقم، قال: سمعت عليّاً يقول:

والّذى فلق الحبّة وبرأ النسمة ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله. (3)

15.أبوالسكن

9052. ابن المدينى : عن ابن مهدى، حدّثنا هانئ بن أيّوب، عن طلحة، قال: حدّثنى أبوالسكن - قال هانئ: وقد رأيت أباالسكن - سمع عليّاً نحوه. (4)

16.أبوصالح

9053. القوّاس : حدّثنا على بن يعقوب بن عيسي - إملاء من حفظه - , حدّثنى أبوصالح الهيثم بن خالد - ورّاق الفضل بن دكين - , عن الأعمش، عن أبى صالح، قال:

ص:363


1- (1) . كذا فى الأصل، والظاهر هى: «سرّية زيد بن أرقم», كما فى الحديثين السابقين, وكما فى التاريخ الكبير للبخارى 8/3 ، ترجمة حصين بن عبدالرحمان (26).
2- (2) . تاريخ المدينة 1262/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان، وما بين القوسين من المستدرك 106/3 (4567), عن حصين الحارثى, بإسقاط سرّية.
3- (3) . الثقات 352/4 ، ترجمة سُرّية.
4- (4) . عنه البخارى فى التاريخ الكبير 68/7 ، ترجمة عميرة بن سعد (314). والمراد من قوله: «نحوه», أى نحو حديث عميرة بن سعد، وسيأتى.

رأيت على بن أبى طالب قاعداً فى زرارة تحت السدرة، وانحدرت سفينة فقرأ: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (1) والّذى أجراها مجراها ما قتلت عثمان، ولا شايعت فى قتله، ولا مالأت، ولقد غمّنى. (2)

ص:364


1- (1) . الرحمن/24 . [1]
2- (2) . عنه الخطيب فى تاريخ بغداد 124/12 ، ترجمة على بن يعقوب [2]بن عيسي (6579)، من طريق أبى محمّد الخ -

18.عبدالله بن أبى سفيان

9056. مسدّد : حدّثنا عبدالله بن داوود، عن رمح، عن أبى موسي، عن عبدالله بن أبى سفيان:

أنّ عليّاً قال: إنّ بني اميّة يقاتلونى، يزعمون أنّى قتلت عثمان، وكذبوا، إنّما يلتمس [ون] الملك، فلو أعلم أنّما يذهب ما فى قلوبهم أن أحلف لهم عند المقام والله والله ما قتلت عثمان ولا أمرت بقتله لفعلت، ولكنّ إنّما يريدون الملك ... . (1)

19.عبدالله بن عبّاس

9057. معمر : عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: سمعت ابن عبّاس يقول: سمعت عليّاً يقول:

والله ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله, ولكن غلبت. (2)

9058. الطيالسى : حدّثنا زمعة، عن ابن طاووس، عن طاووس، عن [ابن] عبّاس - رضى الله عنهما - , قال:

قال على رضي الله عنه فى عثمان ثلاثاً: نهيتهم عن قتله، وكنت كارهاً لقتله, ولكن غلبت عليه. (3)

9059. وكيع : عن مسعر، عن عبدالكريم البصرى أبي اميّة، عن طاووس، عن ابن عبّاس، قال:

أشهد علي على بثلاث أنّه قال: ما أمرت، ولا قتلت، ولقد نهيت. (4)

9060. ابن شبّة : حدّثنا [عمرو بن محمّد، عن إسحاق بن يونس الأزرق، عن مسعر

ص:365


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 452/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
2- (2) . عنه عبدالرزّاق فى المصنّف 450/11 (20972)، ومن طريقه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1266/4 - 1267 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان، ونعيم بن حمّاد فى الفتن 166/1 (429), من دون عبارة: «ولكن غلبت».
3- (3) . عنه ابن شبّة فى تاريخ المدينة 1260/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
4- (4) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 451/39 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619).

بن كدام، عن عبدالكريم، عن طاووس، عن ابن عبّاس, قال:

أشهد علي على أنّه قال فى قتل عثمان: لقد نهيت عنه], ولقد كنت له كارهاً, ولكن غلبت. (1)

9061. أبوعروبة : حدّثنا أبوكريب محمّد بن العلاء الهمدانى، حدّثنا ابن أبى زائدة، عن مسعر، عن عبدالكريم، عن طاووس، عن ابن عبّاس، قال:

أشهد [علي] على بثلاث أنّه قال فى عثمان: ما قتلت، ولا أمرت، ولقد كنت [له] كارهاً. (2)

9062. ابن أبى شيبة : حدّثنا ابن إدريس، عن مسعر، عن عبدالملك بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عبّاس، قال:

قال على: ما قتلت، وإن كنت لقتله لكارهاً. (3)

9063. ابن شبّة : حدّثنا عبدالله بن رجاء، قال: أنبأنا إسرائيل، عن ليث، عن طاووس، عن ابن عبّاس - رضى الله عنهما - , قال:

سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول: والله ما قتلت, ولا أمرت, ولكن غلبت. (4)

9064. نعيم بن حمّاد : حدّثنا جرير، عن ليث، عن طاووس، عن ابن عبّاس، قال: قال على - رضى الله عنهم - :

والله ما قتلت، ولا أمرت، ولكنّى غلبت. (5)

9065. ابن شبّة : حدّثنا أحمد بن يونس، قال: حدّثنا زائدة، قال: حدّثنا ليث، عن

ص:366


1- (1) . تاريخ المدينة 1260/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 450/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
3- (3) . المصنّف 517/7 (37661). [2]
4- (4) . تاريخ المدينة 1260/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
5- (5) . الفتن 182/1 (477).

طاووس - أو مجاهد, قال زائدة: هو عن أحدهما - , عن ابن عبّاس - رضى الله عنهما- , قال: قال على رضي الله عنه :

والله ما أمرت، ووالله ما قتلت, ولكن غلبت. (1)

9066. وكيع : حدّثنا سفيان، عن ليث، عن طاووس، عن ابن عبّاس، قال: قال على:

ما امرت، ولا قتلت، ولكنّى غلبت. (2)

9067. ابن أبى شيبة : حدّثنا عبدالله بن إدريس، عن ليث، عن مجاهد وطاووس، عن ابن عبّاس, قال: قال على:

ما قتلت، يعنى عثمان، ولا أمرت - ثلاثاً - ولكنّى غلبت. (3)

9068. ابن سعد : أخبرنا أبومعاوية، عن ليث، عن طاووس، عن ابن عبّاس، قال: سمعت عليّاً يقول حين قتل عثمان:

والله ما قتلت, ولا أمرت, ولكن غلبت. يقول ذلك ثلاث مرّات. (4)

9069. البلاذرى : حدّثنا سريج بن يونس أبوالحارث الزاهد، حدّثنا أبومعاوية الضرير، أنبأنا ليث عن طاووس، عن ابن عبّاس أنّه سمع عليّاً يقول حين قتل عثمان:

والله ما قتلت, ولا أمرت, ولكنّى غلبت. يقولها ثلاثاً. (5)

9070. ابن عساكر : أخبرنا أبوالقاسم بن السمرقندى، أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبوعمر بن مهدى، أخبرنا أبوالعبّاس بن عقدة، حدّثنا أحمد بن يحيي الصوفى،

ص:367


1- (1) . تاريخ المدينة 1260/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
2- (2) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 451/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
3- (3) . المصنّف 517/7 (37660). [2]
4- (4) . الطبقات الكبري 60/3 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (14)، وعنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 451/39 ، ترجمة عثمان بن [4]عفّان (4619).
5- (5) . أنساب الأشراف 224/6 ، [5] مقتل عثمان بن عفّان.

حدّثنا عبدالرحمان بن شريك، حدّثنا أبى، حدّثنا حبيب بن أبي العالية، عن مجاهد، عن عبدالله بن عبّاس، عن على بن أبى طالب، قال:

إن شاء الله قمت لهم خلف مقام إبراهيم فحلفت لهم بالله ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصونى. (1)

20.عبدالله بن عمر

9071. البلاذرى : حدّثنى عبدالله بن صالح، عن إسرائيل، عن عبدالرحمان بن زياد بن أنعم، عن مسلم بن يسار، قال:

سألت ابن عمر: هل شرك على فى دم عثمان ؟ فقال: لا والله, ما علمت ذلك فى سرّ ولا علانية، ولكنّه كان رأساً يفزع إليه فاُلحق به ما لم يكن. (2)

9072. عبّاس الدورى : حدّثنا خلف بن تميم، قال: حدّثنا عطاف بن خالد، قال: حدّثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن عبدالله بن عمر:

أنّ عليّاً أتي عثمان وهو محصور فأرسل إليه أنّى قد جئت لأنصرك. فأرسل إليه بالسلام وقال: لا حاجة لى. فأخذ على عمامته من رأسه فألقاها فى الدار الّتى فيها عثمان وهو يقول: ذلك ليعلم أنّى لم أخنه بالغيب. (3)

9073. نعيم بن حمّاد : حدّثنا عيسي بن يونس، عن الأفريقى، عن ابن يسار، عن ابن عمر - رضى الله عنهما - ، قال:

لا والله ما علمنا عليّاً شرك فى قتل عثمان سرّاً وعلانية، ولكن كان رأساً، ففزع الناس إليه، فولى الأمر، فألحق به مالم يصنع. (4)

ص:368


1- (1) . تاريخ مدينة دمشق 451/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
2- (2) . أنساب الأشراف 222/6 ، [2] مقتل عثمان بن عفّان.
3- (3) . عنه اللالكائى بإسناده إليه فى شرح اصول الاعتقاد 1356/8 - 1357 (2582).
4- (4) . الفتن 186/1 (495). [3]

21.أبوعبدالله الشيبانى - أو العنزى -

9074. ابن المبارك : حدّثنا عاصم الأحول، قال: سمعت أبافزارة العنزى وأباعبدالله الشيبانى - وكانا شيعة لعلى - يقولان:

نشهد شهادة يسألنا الله عنها يوم القيامة أنّا سمعنا عليّاً يقول: ما قتلت، ولا أمرت, ولا شاركت، ولا رضيت. يعنى قتل عثمان. (1)

9075. مسلم : أبوعبدالله السبائى (2) وأبوفزارة الغنوى - وكانا شيعة على - ، سمعا عليّاً يقول:

ما قتلت، ولا أمرت - يريد عثمان - . (3)

وتقدّم باسم أبى عبدالله العنزى فى روايات أبى زرارة الشيبانى.

22.عبيد الأنصارى

9076. البلاذرى : حدّثنى عمرو بن محمّد، عن عبدالله بن جعفر الرقّى، عن عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي انيسة، عن محمّد بن عبيدالأنصارى، عن أبيه، قال:

أتيت عليّاً فى داره يوم قتل عثمان فقال: ما وراءك ؟ قلت: شرّ، قتل أميرالمؤمنين. فاسترجع ثمّ قال: أحبب حبيبك هوناً ما عسي أن يكون بغيضك يوماً ما, وأبغض بغيضك هوناً ما عسي أن يكون حبيبك يوماً ما.

قال: وسمعته يقول مراراً: اللهمّ إنّى أبرأ إليك من قتل عثمان. (4)

23.عبيد بن عمير

9077. وكيع : عن الأعمش، عن عبيد بن عمير، قال: قال على:

ص:369


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 454/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
2- (2) . كذا فى الأصل، وفى سائر المصادر: «الشيبانى».
3- (3) . المنفردات ص175 (710) و(711).
4- (4) . أنساب الأشراف 216/6 - 217 ، [2] مقتل عثمان بن عفّان.

لا آمركم بالإقدام علي عثمان فإن أبيتم فبيض سيفرخ. (1)

24.عبيدة السلمانى

9078. السرخسى : روى عن عبيدة السلمانى رضي الله عنه ، قال:

خطب على رضي الله عنه فقال: والله ما قتلت عثمان، ولا كرهت قتله، وما أمرت، ولا نهيت. (2)

25.عثمان بن عاصم

9079. اللالكائى : أنبأنا عبدالرحمان بن عمر، قال: حدّثنا إسماعيل بن محمّد، قال: حدّثنا الحسن بن الحسين البكرى، قال: حدّثنا أحمد بن الحارث، قال: حدّثنا أبوالحسن، عن قيس بن الربيع، عن أبى حصين [عثمان بن عاصم الأسدى]، أنّ عليّاً قال:

لو أعلم بني اميّة يذهب ما فى نفسها لحلفت خمسين يميناً مردّدة بين الركن والمقام أنّى لم أقتل عثمان ولم امالئ علي قتله. (3)

26.عطاء بن مسلم

9080. ابن شبّة : حدّثنا عبيد بن جناد، قال: حدّثنا عطاء بن مسلم، قال:

رمي على رضي الله عنه إلي عثمان بعمامته وقال: ذلك لتعلم أنّى لم أخنك بالغيب وأنّ الله لا يهدى كيد الخائنين. (4)

27.على بن ربيعة الوالبى

9081. وكيع : حدّثنا محمّد بن قيس الأسدى، عن على بن ربيعة الوالبى، قال: قال على:

ص:370


1- (1) . عنه البلاذرى بإسناده إليه فى أنساب الأشراف 187/6 ، [1] مسير أهل الأمصار إلي عثمان.
2- (2) . المبسوط 212/30 ، كتاب الحيل.
3- (3) . شرح اصول الاعتقاد 1357/8 (2584).
4- (4) . تاريخ المدينة 1222/4 ، استعانة عثمان رضي الله عنه بعلى وسعد - رضى الله عنهما - .

وددت أنّ بني اميّة رضوا منّى بقسامة خمسين رجلاً ما أمرت، ولا قتلت. (1)

9082. ابن شبّة : حدّثنا يحيي وحدّثنا ابن ادريس، عن محمّد بن قيس الأسدى، عن على بن ربيعة الوالبى، قال: قال على رضي الله عنه :

لو أعلم بني اميّة يقبلون منّى لنفّلتهم خمسين يميناً قسامة من بنى هاشم ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله. (2)

9083. ابن وهب : أخبرنى سفيان بن عيينة، عن محمّد بن قيس، عن على بن ربيعة، قال: قال على بن أبى طالب:

لوددت أنّ بني اميّة قبلوا منّى خمسين يميناً قسامة أحلف بها ما أمرت بقتل عثمان، ولا مالأت. (3)

9084. سعيد بن منصور : حدّثنا أبومعاوية، عن محمّد بن قيس، عن على بن ربيعة الوالبى، قال: سمعت عليّاً يقول:

والله لوددت أنّ بني اميّة رضوا لنفّلناهم خمسين رجلاً من بنى هاشم يحلفون ما قتلنا عثمان، ولا نعلم له قاتلاً. (4)

28.عمّار بن ياسر

9085. الواقدى : عن الحكم بن الصلت، عن محمّد بن عمّار بن ياسر، عن أبيه، قال:

رأيت عليّاً علي منبر رسول الله صلّى الله عليه و سلّم حين قتل عثمان وهو يقول: ما أحببت قتله, ولا

ص:371


1- (1) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 451/39 ، ترجمة عثمان بن [1]عفّان (4619).
2- (2) . تاريخ المدينة 1269/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
3- (3) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 451/39 - 452 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619), من طريق الحيرى.
4- (4) . سنن سعيد بن منصور 335/2 - 336 (2942), ونحوه فى النهاية لابن الأثير 100/4 « [3]نفل», وقال: يريد نفّلنا لهم، وهكذا فى الفائق 11/4 ، [4] ولسان العرب 246/14 . [5]

كرهته، ولا أمرت به, ولا نهيت عنه. (1)

29.عمرو بن الأصمّ

9086. ابن شبّة : حدّثنا عبدالله بن رجاء، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن عمرو بن عبدالله [الأصمّ ]:

أنّه وزياداً مرّا علي أهل مصر بذى خشب فقال لهم: أ تريدون أن ابلّغ عنكم أصحاب محمّد صلّى الله عليه و سلّم وأزواجه ؟ فأرسلوهما إلي المدينة إلي أصحاب النبى صلّى الله عليه و سلّم وأزواجه، واستشاروهم فى القدوم علي عثمان رضي الله عنه ، وأمروهما أن يجعلا عليّاً رضي الله عنه من آخر من يأتيانه فيستعتبونه، فإن أعتبهم فهو الّذى يريدون، فأمّا على رضي الله عنه فقال لهما: هل أتيتما أحداً قبلى ؟ قالا: نعم، أزواج النبى صلّى الله عليه و سلّم وأصحابك.

قال: فما أمروهم ؟ قالا: أمروهم بالقدوم.

قال على رضي الله عنه : لكن لا آمرهم بالقدوم، ولكن ليبعثوا إليه من مكانهم فليستعتبوه، فإن أعتبهم فهو الّذى يريدون، وإن أبوا الّا أن يقدموا فبيض فليُفرِخوه، فبيض فليُفرِخوه. (2)

9087. ابن سعد : أخبرنا قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن أبي اسحاق، عن عمرو بن الأصمّ ، قال:

كنت فى من أرسلوا من جيش ذى خشب، قال: فقالوا لنا: سلوا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، واجعلوا آخر من تسألون عليّاً، أ نقدم ؟ قال: فسألناهم، فقالوا: أقدموا. الّا عليّاً قال: لا آمركم، فإن أبيتم فبيض فليفرخ. (3)

ص:372


1- (1) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 224/6 ، [1] مقتل عثمان بن عفّان، وابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة 66/3 ، شرح الخطبة 43 .
2- (2) . تاريخ المدينة 1126/3 ، امراء أهل مصر ومسيرهم إلي عثمان.
3- (3) . الطبقات الكبري 48/3 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (14)، وعنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 187/6 ، [3] مسير أهل الأمصار إلي عثمان, وفيه: «فبيض سيفرخ».

9088. ابن شبّة : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن الزبير، قال: حدّثنا سفيان، [عن أبي اسحاق، عن عمرو بن الأصمّ ]، قال:

أرسلونى بذى خشب وقالوا: اسأل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، واجعل عليّاً فى آخر من تسأل. قال: فسألت فكلّهم يأمرنى بالقدوم. قال: فأتيت عليّاً رضي الله عنه فسألته، فقال: لكنّى لاآمرهم، فإن فعلوا فبيض فليفرخ. (1)

30.عمرو بن دينار

9089. أحمد الدورقى : حدّثنا موسي بن داوود، حدّثنا نافع بن عمر الجمحى، عن عمرو بن دينار، قال:

كلّم أهل المدينة ابن عبّاس فى أن يحجّ بهم وعثمان محصور، فاستأذنه فى ذلك فقال: حجّ بهم، ثمّ رجع وقد قتل عثمان فقال لعلى: إنّك إن قمت بهذا الأمر ألزمك الناس دم عثمان إلي يوم القيامة. (2)

31.عميرة بن سعد

9090. المحاملى : حدّثنا على بن محمّد بن معاوية، حدّثنا عبدالله بن داوود، عن العلاء بن عبدالكريم، عن طلحة بن مصرّف، عن عميرة بن سعد، قال:

كنت - أو كنّا - مع على بن أبى طالب عند شطّ الفرات، فبدت سفينة، فقال: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (3). قال: ثمّ نكس رأسه ونكت فى الأرض بعود معه ثمّ قال: والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله. (4)

ص:373


1- (1) . تاريخ المدينة 1126/3 ، امراء أهل مصر ومسيرهم إلي عثمان.
2- (2) . عنه البلاذرى فى أنساب الأشراف 217/6 ، [1] مقتل عثمان بن عفّان.
3- (3) . الرحمن/24 . [2]
4- (4) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 453/39 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619)، وكان فى الأصل: «فمرّ به سفيان» بدل «فبدت سفينة».

9091. ابن المدينى : حدّثنا مروان بن معاوية، سمع العلاء بن عبدالكريم، عن طلحة، عن عميرة بن سعد، سمع عليّاً نحوه. (1)

9092. ابن شبّة : حدّثنا عبدالله بن رجاء، قال: أنبأنا محمّد بن طلحة [بن مصرّف]، عن أبيه طلحة، عن عميرة [بن سعد], قال:

كنّا جلوساً مع على رضي الله عنه علي شطّ الفرات، فبدت سفينة فقال: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (2)، ثمّ أخذ عوداً فنكت به ساعة ثمّ نكس رأسه، ثمّ رفع رأسه، ثمّ قال: والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله، والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله. (3)

9093. البخارى : قال أبونعيم: حدّثنا معاوية بن عبدالله، سمع طلحة بن مصرّف، عن عميرة [بن سعد] الباهلى:

أنّه سمع عليّاً وطلعت سفينة فقال: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ، فوالّذى أجراك مجراك ما قتلت عثمان، ولا ماليت علي قتله. (4)

9094. الدارقطنى : حدّثنا محمّد بن منصور بن أبي الجهم، حدّثنا السرى بن عاصم، حدّثنا أبوبدر، عن عرار بن عبدالله اليامى، عن عميرة بن سعد، قال:

كنت مع على بن أبى طالب بشطّ الفرات، فأقبلت سفن، فقال على عليه السّلام : وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ، والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت فى قتله. (5)

ص:374


1- (1) . عنه البخارى فى التاريخ الكبير 68/7 ، ترجمة عميرة بن سعد (314). والمراد ب -«نحوه»، نحو روايته عن أبى نعيم، عن معاوية بن عبدالله، عن طلحة بن مصرف، وستأتى.
2- (2) . الرحمن/24 . [1]
3- (3) . تاريخ المدينة 1264/4 - 1265 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان، وأورده ابن السكّيت فى إصلاح المنطق ص150 (223).
4- (4) . التاريخ الكبير 68/7 ، ترجمة عميرة بن سعد (314).
5- (5) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 371/39 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619)، وأورده ابن الأثير فى النهاية 353/4 ، [3] وابن منظور فى لسان العرب 166/13 « [4]ملأ» من قوله:

9095. أحمد : حدّثنى بهز بن أسد، قال: حدّثنا حمّاد - يعنى ابن سلمة - ، قال: حدّثنى العرار بن سويد الكوفى، عن عميرة بن سعد، قال:

كنّا مع على علي شاطئ الفرات، فمرّت سفينة مرفوع شراعها، فقال على: يقول الله -عزّ وجلّ - : وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ 1، والّذى أنشأها فى بحر من بحاره ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله. 2

9096. أبوحاتم الرازى : حدّثنا موسي بن إسماعيل، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا العرار بن سويد، عن عميرة بن سعد، قال:

كنت مع على بن أبى طالب رضي الله عنه علي شاطئ الفرات إذ أقبلت سفينة مرفوع شراعها، فبسط على يديه ثمّ قال: يقول الله - عزّ وجلّ - : وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ، والّذى أنشأها تجرى فى بحوره ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله. 3

9097. ابن المدينى : عن يحيي بن سعيد، سمع حمّاد بن سلمة، قال: حدّثنى عرار بن سويد، قال: حدّثنى عميرة بن سعد، سمع عليّاً نحوه.

وقال موسي: حدّثنا حمّاد، أخبرنا عرار بن سويد، قال: حدّثنى عميرة بن سعد, مثله. وقال بعضهم: عمير، ولا يصحّ . 4

9098. ابن شبّة : حدّثنا محمّد بن حاتم، قال: حدّثنا شجاع بن الورّاق، [عن] عرار بن عبدالله، عن عميرة بن سعد اليامى، قال:

ص:375

كنت مع على رضي الله عنه عند شطّ الفرات، فأقبلت سُفُن، فقال: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (1)، والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت علي قتله. (2)

9099. ابن شبّة : حدّثنا حيّان بن بشر ... (3):

كنّا نمشى مع على رضي الله عنه علي شاطئ الفرات فانقطع شسع نعله، فأخذ خوصة ثمّ قعد يصلح نعله، فنظر إلي السفن فى الفرات فقال: وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ، ووالله ما قتلت، ولا مالأت علي قتله. (4)

أبوفزارة الغنوى أبوزرارة

وتقدّمت بعض رواياته مع روايات أبى عبدالله الشيبانى.

32.كليب الجرمى

9100. الطبرى : أخرج إلى زياد بن أيّوب كتاباً فيه أحاديث ... قال: حدّثنا مصعب بن سلام التميمى، قال: حدّثنا محمّد بن سوقة، عن عاصم بن كليب الجرمى، عن أبيه، قال:

... وانتهينا إلي على فسلّمنا عليه، ثمّ سألناه عن هذا الأمر، فقال: عدا الناس علي هذا الرجل وأنا معتزل، فقتلوه، ثمّ ولّونى وأنا كاره، ولولا خشية علي الدين لم أجبهم. (5)

33.محمّد ابن الحنفيّة

9101. البلاذرى : حدّثنى الحسين بن على العجلى، عن عبيدالله بن موسي، عن

ص:376


1- (1) . الرحمن/24 . [1]
2- (2) . تاريخ المدينة 1265/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان.
3- (3) . بياض فى الأصل بمقدار ثلثى السطر.
4- (4) . تاريخ المدينة 1265/4 ، ما روى عن على رضي الله عنه فى البراءة من قتل عثمان, ونحوه مرسلاً فى الجامع لأحكام القرآن للقرطبى 164/17 ، [2]ذيل الآية 24 من سورة الرحمن. [3]
5- (5) . تاريخ الطبرى 490/4 - 491 ، [4] حوادث سنة ستّ وثلاثين، نزول أميرالمؤمنين ذاقار.

إسرائيل، عن عبدالأعلي [بن عامر]، عن محمّد بن على، قال:

والله لقد قتل عثمان وعلى فى داره ما علم به وبمن قتله. (1)

9102. ابن عساكر : أخبرنا أبوالقاسم إسماعيل بن أحمد وأبوالحسن على بن عبدالملك بن مسعود الهروى، قالا: أخبرنا أبومحمّد الصريفينى، أخبرتنا امّ الفتح أمة السلام بنت أحمد بن كامل القاضى، قالت: حدّثنا أبوبكر محمّد بن إسماعيل بن على البندار، حدّثنا على بن الحسين الدرهمى، حدّثنا ابن داوود، عن فطر، عن منذر الثورى، عن ابن الحنفيّة، قال:

لمّا جاء الركب من مصر بعث عثمان إلي على: ردّهم. قال: وكان قد ردّهم مرّتين، خرج يتوكّأ علَى حتّي انتهي إلي الباب، فإذا الزحام، فرمي بعمامته فى الدار أماناً، وقال: اللهمّ إنّى اشهدك أنّى لم أقتل، ولم امالئ. (2)

9103. ابن شبّة : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن الزبير، قال: حدّثنا فطر (3)، عن منذر الثورى، عن محمّد بن على، قال:

لمّا جاء القوم من مصر إلي عثمان رضي الله عنه ليقتلوه أرسل إلي على رضي الله عنه أن ردّ هؤلاء عنّى ... (4) وأنا معه غلام حينئذ، فلمّا انتهي إلي الدار لم يستطع أن يدخل والتحم القتال، فنزع عمامة له سوداء كانت علي رأسه فألقاها فى الدار وقال: اللهمّ اشهد أنّى لم أقتله، ولم امالئ. (5)

34.محمّد بن سيرين

9104. ابن أبى شيبة : حدّثنا أسود بن عامر، قال حدّثنا جرير بن حازم، عن محمّد بن سيرين، قال:

ص:377


1- (1) . أنساب الأشراف 216/6 ، [1] مقتل عثمان بن عفّان.
2- (2) . تاريخ مدينة دمشق 370/39 - 371 ، ترجمة عثمان بن [2]عفّان (4619).
3- (3) . هذا هو الظاهر, وفى الأصل: «مطهّر».
4- (4) . كذا فى الأصل.
5- (5) . تاريخ المدينة 1219/4 ، استعانة عثمان رضي الله عنه بعلى وسعد - رضى الله عنهما - .

ما علمت أنّ عليّاً اتّهم فى قتل عثمان حتّي بويع، فلمّا بويع اتّهمه الناس. (1)

9105. أبوإسحاق الحربى : حدّثنا داوود بن مهران، حدّثنا الخفّاف، عن عوف، عن ابن سيرين، قال على:

والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت. (2)

9106. البلاذرى : حدّثنا سليمان بن داوود أبوالربيع، حدّثنا حمّاد بن زيد، أنبأنا هشام بن حسّان، عن ابن سيرين، قال:

لقد قتل عثمان يوم قتل وما أحد يتّهم عليّاً فى قتله. (3)

35.محمّد بن على الباقر عليهما السّلام

9107. ابن سعد : أخبرنا محمّد بن يزيد الواسطى ويزيد بن هارون، قالا: أخبرنا العوّام بن حوشب، عن حبيب بن أبى ثابت، عن أبى جعفر محمّد بن على، قال:

بعث عثمان إلي على يدعوه وهو محصور فى الدار فأراد أن يأتيه، فتعلّقوا به ومنعوه. قال: فحلّ عمامة سوداء علي رأسه وقال: - هذا، أو قال: - اللهمّ لا أرضي قتله، ولا آمر به، والله لا أرضي قتله، ولا آمر به. (4)

9108. البلاذرى : حدّثنى عمرو بن محمّد الناقد، حدّثنا يزيد بن هارون ومحمّد بن يزيد الواسطى، عن العوّام بن حوشب، عن حبيب بن أبى ثابت، عن أبى جعفر محمّد بن على، قال:

ص:378


1- (1) . المصنّف 207/6 (30701) و 525/7 (37700)، وأورده ابن عبد ربّه فى العقد الفريد 55/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [1] تبرّؤ على من دم عثمان.
2- (2) . غريب الحديث 332/1 ، الحديث السادس عشر، باب مل.
3- (3) . أنساب الأشراف 223/6 ، [2] مقتل عثمان بن عفّان, ورواه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 390/39 ، ترجمة عثمان بن [3]عفّان (4619).
4- (4) . الطبقات الكبري 50/3 ، ترجمة عثمان بن [4]عفّان (14)، وعنه ابن عساكر فى تاريخ مدينة دمشق 369/39 - 370 ، ترجمة عثمان بن [5]عفّان (4619).

بعث عثمان إلي على يدعوه وهو محصور، فأراد أن يأتيه فتعلّقوا به ومنعوه، فقال: اللهمّ إنّى لا أرضي قتله، ولا آمرت به - مرّات - . (1)

9109. ابن شبّة : حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا العوّام بن حوشب، قال: حدّثنى حبيب بن أبى ثابت، عن محمّد بن على، قال:

لمّا كان يوم الدار أرسل عثمان رضي الله عنه إلي على رضي الله عنه ، فأراد أن يأتيه فتعلّقوا به ومنعوه، فألقي عمامة له سوداء علي رأسه وقال: اللهمّ إنّى لا أرضي قتله, ولا آمر به. (2)

36.مروان بن الحكم

9110. ابن إسحاق : عن عمر بن على بن الحسين, عن على بن الحسين, قال: قال مروان بن الحكم:

ما كان فى القوم أحد أدفع عن صاحبنا من صاحبكم - يعنى علياً عن عثمان - .

قال: قلت: فما بالكم تسبّونه علي المنبر؟! قال: لايستقيم الأمر الّا بذلك. (3)

37.ما ورد مرسلاً

9111. ابن قتيبة - من كتاب على عليه السّلام إلي معاوية - : زعمت أنّك إنّما أفسد عليك بيعتى خطيئتى فى عثمان، ولعمرى ما كنت الّا رجلاً من المهاجرين، أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم علي الضلال، ولا ليضربهم بالعمي، وما أمرت فيلزمنى خطيئة عثمان، ولا قتلت فيلزمنى قصاص القاتل ... . (4)

9112. ابن قتيبة : ... كان عمرو بن العاص بفلسطين يوم قتل عثمان ... فطلع عليه

ص:379


1- (1) . أنساب الأشراف 215/6 ، [1] مقتل عثمان بن عفّان.
2- (2) . تاريخ المدينة 1222/4 ، استعانة عثمان رضي الله عنه بعلى وسعد - رضى الله عنهما - .
3- (3) . عنه ابن عساكر بإسناده إليه فى تاريخ مدينة دمشق 438/42 ترجمة على بن أبى طالب ( [2]4933), من طريق الشاشى وابن أبى خيثمة, ورواه الذهبى فى تاريخ الإسلام 460/4 , [3] عن ابن أبى خيثمة.
4- (4) . الإمامة والسياسة 106/1 ، [4] جواب على إلي معاوية.

راكب آخر، فقال له عمرو: ما الخبر؟ قال: قتل عثمان. قال: فما فعل الناس ؟ فقال: بايعوا عليّاً. قال: فما فعل على فى قتلة عثمان ؟ قال: دخل عليه الوليد بن عقبة فسأله عن قتله، فقال: ما أمرت ولا نهيت، ولا سرّنى ولا ساءنى. (1)

9113. القرطبى : وفى الحديث: إنّ عليّاً رضي الله عنه رأي سفناً مقلعة، فقال: وربّ هذه الجوارى المنشئات ما قتلت عثمان، ولا مالأت فى قتله. (2)

9114. البلاذرى : قال أبومخنف: وكان خاتم عثمان بدياً (3) فى يد حمران بن أبان، ثمّ أخذه مروان حين شخص حمران إلي البصرة فكان معه.

وجاء المصريّون إلي دار عثمان فأحدقوا بها وقالوا لعثمان وقد أشرف عليهم: يا عثمان، أ هذا كتابك ؟ فجحد وحلف، فقالوا: هذا شرّ، ويكتب عنك بما لا تعلمه! ما مثلك يلى امور المسلمين، فاختلع من الخلافة.

فقال: ما كنت لأنزع قميصاً قمّصنيه الله - أو قال: سربلنيه الله - .

وقالت بنواُميّة: يا على، أفسدت علينا أمرنا ودسست وألّبت! فقال: يا سفهاء، إنّكم لتعلمون أنّه لا ناقة لى فى هذا ولا جمل، وأنّى رددت أهل مصر عن عثمان ثمّ أصلحت أمره مرّة بعد اخري فما حيلتى ؟ وانصرف وهو يقول: اللهمّ إنّى برىء ممّا يقولون ومن دمه إن حدث به حدث. (4)

9115. ابن عبد ربّه : كتب على إلي معاوية بعد وقعة الجمل: ... ولعمرى لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدنّنى أبرأ قريش من دم عثمان. (5)

ص:380


1- (1) . الإمامة والسياسة 47/1 - 48 ، [1] بيعة على بن أبى طالب - كرّم الله وجهه - وكيف كانت.
2- (2) . الجامع لأحكام القرآن 164/17 ، [2] ذيل الآية 24 من سورة الرحمن.
3- (3) . أى أوّلاً.
4- (4) . أنساب الأشراف 182/6 ، [3] مسير أهل الأمصار إلي عثمان.
5- (5) . العقد الفريد 80/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [4] أخبار على ومعاوية.

9116. ابن قتيبة - فى كتاب على عليه السّلام إلي معاوية - : ولعمرى لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدنى أبرأ الناس من دم عثمان. (1)

9117. ابن أعثم - فى كتاب على عليه السّلام إلي معاوية - : ولعمرى لئن نظرت بعقلك لعلمت أنّى أبرأ الناس من دم عثمان. (2)

9118. ابن أبي الحديد : روي الكلبى قال:

لمّا أراد على عليه السّلام المسير إلي البصرة، قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله وصلّي علي رسوله: ... فما بال طلحة والزبير؟! وليسا من هذا الأمر بسبيل ... أ دم عثمان زعما؟ والله ما التبعة الّا عندهم وفيهم، وإنّ أعظم حجّتهم لعلي أنفسهم ... . (3)

9119. ابن الأثير وابن منظور والزمخشرى : ومنه حديث على:

لوددت أنّ بني اميّة رضوا ونفّلناهم خمسين رجلاً من بنى هاشم يحلفون ما قتلنا عثمان، ولا نعلم له قاتلاً. يريد: نفّلنا لهم. (4)

9120. المالقى : وكان بنواُميّة وأتباعهم من أهل الشام يتّهمون عليّاً بالرضي بقتل عثمان رضي الله عنه حتّي كتب معاوية إلي على رضي الله عنه يقول له: قتل أميرالمؤمنين عثمان معك فى المحلّة وأنت تسمع الهائعة فلم تنصره ولم تذبّ عنه بيد ولا لسان.

وكتب على رضي الله عنه : أنّى ما قتلت عثمان، ولا ملأت علي قتله، ولا رضيت به. (5)

9121. ابن أبي الحديد : وقيل له: أ رضيت بقتله ؟ فقال: لم أرض.

ص:381


1- (1) . الإمامة والسياسة 97/1 ، كتاب على إلي معاوية مرّة ثانية. [1]
2- (2) . الفتوح 375/2 ، [2] ذكر كتاب على رضي الله عنه إلي معاوية.
3- (3) . شرح نهج البلاغة 308/1 - 309 ، شرح الخطبة 22 .
4- (4) . النهاية 100/5 ؛ [3]لسان العرب 246/14 ؛ [4]الفائق 11/4 « [5]نفل».
5- (5) . التمهيد والبيان ص182 ، ذكر الاختلاف فى قتلة عثمان رضي الله عنه وخاذليه (70)، وانظر: ص193 منه، ذكر الأسباب الّتى نقموها علي عثمان.

فقيل له: أ سخطت قتله ؟ فقال: لم أسخط .

وقوله تارة اخري: ما قتلت عثمان، ولا مالأت فى قتله.

وقوله تارة اخري: كنت رجلاً من المسلمين أوردت إذ أوردوا، وأصدرت إذ أصدروا. (1)

9122. ابن عبد ربّه : قال على بن أبى طالب علي المنبر:

والله لئن لم يدخل الجنّة الّا من قتل عثمان لا دخلتها أبداً, ولئن لم يدخل النار الّا من قتل عثمان لا دخلتها أبداً.

وأشرف على من قصر له بالكوفة، فنظر إلي سفينة فى دجلة فقال: والّذى أرسلها فى بحره مسخّرة بأمره، ما بدأت فى أمر عثمان بشىء، ولئن شاءت بنواُميّة لاُباهلنّهم عند الكعبة خمسين يميناً ما بدأت فى حقّ عثمان بشىء.

فبلغ هذا الحديث عبدالملك بن مروان، فقال: إنّى لأحسبه صادقاً. (2)

9123. البيهقى : وكان أميرالمؤمنين رضي الله عنه بريئاً من قتل عثمان وكان يقول:

والله ما قتلت، ولا أمرت، ولا رضيت، ولا شاركت فى قتل عثمان ولكن غلبت. (3)

9124. الزمخشرى : كان يقول عروة بن الزبير:

كان على أتقي لله من أن يعين فى قتل عثمان ... . (4)

9125. ابن أبي الحديد - نقلاً عن السيّد المرتضي فى جواب القاضى عبدالجبّار - :

فأمّا روايته عن أميرالمؤمنين عليه السّلام تبرّؤه من قتل عثمان، ولعنه قتلته فى البرّ والبحر، والسهل والجبل، فلا شكّ فى أنّه عليه السّلام كان بريئاً من قتله، وقد روى عنه عليه السّلام أنّه قال: والله ما

ص:382


1- (1) . شرح نهج البلاغة 128/2 ، شرح الخطبة 30 .
2- (2) . العقد الفريد 52/5 ، كتاب العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، [1] تبرؤ على من دم عثمان.
3- (3) . الاعتقاد ص247 ، باب استخلاف أبى الحسن على بن أبى طالب.
4- (4) . ربيع الأبرار 355/3 ، باب الغزو والقتل والشهادة، [2] وذكر الحرب والأسلحة.

قتلت عثمان، ولا مالأت فى قتله. والممالأة هى المعاونة والموازرة، وقد صدق عليه السّلام فى أنّه ما قتل ولا وازر علي القتل.

فأمّا لعنه قتلته فضعيف فى الرواية، وإن كان قد روى، فأظهر منه ما رواه الواقدى، عن الحكم بن الصلت، عن محمّد بن عمّار بن ياسر، عن أبيه، قال: رأيت عليّاً عليه السّلام علي منبر رسول الله صلّى الله عليه و آله حين قتل، وهو يقول: ما أحببت قتله، ولا كرهته، ولا أمرت به، ولا نهيت عنه.

وقد روي محمّد بن سعد، عن عفّان، عن جويرية بن بشير (1)، عن أبى خلدة، أنّه سمع عليّاً عليه السّلام يقول وهو يخطب، فذكر عثمان وقال: والله الّذى لا إله الّا هو، ما قتلته, ولا مالأت علي قتله، ولا ساءنى. (2)

ولاحظ ما تقدّم فى عنوان: «فتنة أيّام عثمان، وجهوده عليه السّلام لإخمادها».

ص:383


1- (1) . فى الأصل: «عفّان بن جرير بن بشير»، والتصويب من ترجمة الرجل ومن سائر المصادر، وتقدّم حديث أبى خلدة فى موضعه.
2- (2) . شرح نهج البلاغة 65/3 - 66 ، شرح الخطبة 43 .

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.