بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا الْمُرْتَضَی الْإِمَامِ التَّقِیِّ النَّقِیِ وَ حُجَّتِکَ عَلَی مَنْ فَوْقَ الْأَرْضِ وَ مَنْ تَحْتَ الثَّرَی الصِّدِّیقِ الشَّهِیدِ صَلاَةً کَثِیرَةً تَامَّةً زَاکِیَةً مُتَوَاصِلَةً مُتَوَاتِرَةً مُتَرَادِفَةً کَأَفْضَلِ مَا صَلَّیْتَ عَلَی أَحَدٍ مِنْ أَوْلِیَائِکَ.

ص: 3

التوسّل

بحث تحلیلیّ فی عقائد الوهّابیّة

آیة الله السیّد جعفر السیّدان دام ظله

المترجم: السیّد فاضل الرضویّ

ص: 4

بسم اللّه الرحمن الرحیم

«اُدعُ إلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالحِکمَةِ وَال-مَوعِظَةِ ال-حَسَنَة»

یُعدّ العلم والمعرفة أفضل وأکبر النِّعم الإلهیّة المهداة لعباد اللّه الصالحین لأنّه بالعلم یُعینهم اللّه علی عبودیّته وبه یخضعون له، وهو من أکبر النعم التی بها یفتخرون فی حیاتهم الدنیا.

والعلماء الربانیّون والعرفاء الإلهیّون هم من یستضیئون بهدی الأنبیاء والأئمّة علیهم السلام ولا یشعرون بالتَّعب أو الملل أبداً فی سلوک هذا الطریق. طریق العلم والعمل، ویتجنّبون الطُرُق الأُخری التی لا تنتهی بهم إلی نیل معارف الأئمّة علیهم السلام .

تهدف هذه المؤسّسة _ التی تأسّست بدافع إحیاء آثار هذه الثلَّة المخلصة التی تحمّلت علی عاتقها مهمّة الدفاع عن معارف الوحی والعلوم الإلهیّة الأصیلة _ إلی نشر هذا الفکر عبر الوسائل العصریّة المتاحة ومن اللّه التوفیق.

ص: 5

اَللّهُمَّ کُنْ لِوَلِیِّکَ الْحُجَّهِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُکَ عَلَیْهِ وَعَلی آبائِهِ فی هذِهِ السّاعَهِ وَفی کُلِّ ساعَهٍ وَلِیّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَلیلاً وَعَیْناً حَتّی تُسْکِنَهُ أَرْضَکَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فیها طَویلاً.

ص: 6

ص: 8

بحوث وحید عصره آیة الله المیرزا مهدیّ الغرویّ الإصفهانیّ رضوان الله علیه رائد المدرسة المعارفیّة فی خراسان الّذی انبری لبیان بطلان المنهج الفلسفیّ والعرفانیّ فی المجال المعارف الإلهیّة والدینیّة وتضادّهما مع ما جاء به أنبیاء الله العظام ونزل به الوحی؛ وأکثر اساتذته تأثیراً علیه وفی هذا المجال کان آیة الله الشیخ مجتبی القزوینیّ قدس سره.

وکان برفقتنا ذلک الیوم أحد الإخوة المستبصرین من أهل الیمن، البلد الذی قال عنه رسول الله صلی الله علیه و آله «أَفضَلُ الإِیمَانُ یَمَانِیٌّ وَالحِکمَةُ یَمَانِیَّةٌ وَلَولَا الهِجرَةُ لَکُنتُ اَمرَأً مِن أَهلِ الیَمَن»(1)

وجری الحدیث حول معاناة الشیعة فی الیمن وأنهم یعانون صعوبةَ فی ممارسة شعائرهم الدینیّة، وضغوطات من المدّ الوهابیّ الذی ما أن یدخل فی فرقة من فرقَ المسلمین إلّا أفسدها وأبعدها عن منهج ومعارف اهل البیت علیهم السلام .

دار الحدیث فی الجلسة عن ضرورة إیصال صوت أهل البیت علیهم السلام إلی أهل الیمن عبر جمیع الوسائل المتاحة _ ففیهم من یطلب الحقّ ویخضع له إذا وصل إلیه، فقد اهتدی الکثیرون إلی مذهب أهل البیت علیهم السلام فی الآونة الاخیرة _ و من أهمّها الکتب التی تبیّن منهج القرآن والعترة الطاهرة من دون أیّ تأویل أو خلط بأفکارٍ

ص: 10

دخیلة، فأبدی سماحته تفاعلاً وإهتماماً بالغین بالموضوع وأوکل لبعض المعنیّین بإرسال بعض الکتب إلی هذا البلد ترویجاً لثقافة القرآن ونهج العترة الطاهرة.

ثمّ إنّه ذکر لنا قصّة حدثت له مع رجل وهابیّ فی المدینة المنوّرة وفی مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله فی إحدی السنوات حینما کان ذاهبا لأداء فریضة الحجّ العظیمة، ذلک المسجد الذی کان یخطب فیه النبیّ صلی الله علیه و آله فکانت تنفجر منه علوم الأوّلین والآخرین ویستنیر المسلمون من نوره ویزدادون معرفة وإیماناً وهدایة وقرباً من الله تبارک وتعالی. إلّا أنّه للأسف الشدید انقلب الناس بعده کما قال الله تعالی فی کتابه الکریم:

«وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَی أَعقابِکُم وَمَن یَنقَلِب عَلی عَقِبَیهِ فَلَن یَضُرَّ اللَّهَ شَیئاً وَسَیَجزِی اللَّهُ الشَّاکِرینَ».(1)

فترکوا عِدل القرآن وهو أمیرُالمؤمنین علیه السلام ومن بعده أولاده المعصومین علیهم السلام واکتفوا _ حسب زعمهم _ بمقولة القائل: (حَسبُنَا کِتابُ اللهِ)،(2) الذی تحتجّ به کل فرقة من فِرَق المسلمین وهم نیفٌ وسبعون فرقة ومع ذلک تراهم مختلفین فی شتّی المجالات ومنها

ص: 11

کتابُ الله، وکلّ واحدة منها تفسّره حسب رأیه واجتهاده.

بید أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله نادی بأعلی صوته فی یوم الغدیر، وسمعه المسلمون:

مَعَاشِرَ النَّاسِ تَدَبَّرُوا القُرآنَ وَافهَمُوا آیَاتِهِ وَانظُرُوا إلَی مُحکَمَاتِهِ وَلَا تَتَّبِعُوا مُتَشَابِهَهُ فَوَ اللَّهِ لَن یُبَیِّن لَکُم زَوَاجِرَهُ، وَلَا یُوَضِّحُ لَکُم تَفسِیرَهُ إِلَّا الَّذِی أَنَا آخِذٌ بِیَدِهِ وَمُصعِدُهُ إِلَیَّ وَشَائِلٌ بِعَضُدِهِ، وَمُعلِمُکُم أَنَّ مَن کُنتُ مَولَاهُ فَهَذَا عَلِیٌّ مَولَاهُ وَهُوَ عَلِیُّ بنُ أَبِی طَالِبٍ أَخِی وَوَصِیِّی وَمُوَالاتُهُ مِنَ اللَّهِ عزّ وَجَلَّ... .(1)

إلی غیر ذلک من الروایات الکثیرة والدالّة علی انحصار فهم القرآن وتفسیره وتأویله وفهم ناسخه من منسوخه وظاهره من باطنه بأهل البیت علیهم السلام .

حقّاً لقد انحرفت الأمّة بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وترکوا باب مدینة علمه؛ أوّل الناس إسلاماً، وأقدمهم إیماناً، وأعلمهم بدین الله، وأقضاهم بکتابه، زوج البتول، أبا السبطین أمیرالمؤمنین علیه السلام ، فجنحوا إلی الماء الآجن وترکوا الماء المعیّن والصراط المستقیم.

والقصّة کما یرویها سماحته: بینما کنت فی المسجد وإذا بی أری

ص: 12

داعیة وهابی یخطب فی الناس رافعاً صوته متهجماً علی المسلمین الذین یرون التوسّل بأولیاء الله، ویصفهم بالشرک ویتلوا قوله تعالی:

«وَالَّذینَ تَدعُونَ مِن دُونِهِ مَا یَملِکُونَ مِن قِطمیر * إِن تَدعُوهُم لَا یَسمَعُوا دُعاءَکُم وَلَو سَمِعُوا مَا استَجابُوا لَکُم وَیَومَ القِیَامَةِ یَکفُرُونَ بِشِرکِکُم وَلَا یُنَبِّئُکَ مِثلُ خَبِیرٍ».(1)

فذهبت إلیه وبدأت أناظره فیما یدّعی، وأجیب عن شبهاته بما لم یحر جواباً، وإذا ببلبلةٍ وهمهمةٍ بین القوم، ثمّ حان وقت الصلاة فانصرفنا وتفرّق الجمع وذهب کلٌّ إلی صلاته.

فی یوم الثانی لقیت بعض من حضر المناظرة فأنبأنی أنّ ذلک الداعیة جاء بعد أداء الصلاة وسأل عنی، قائلاً: أین الرجل؟ یستتاب وإلّا یُقتل.

قال السیّد بعد ذکر القصّة: رجعت إلی بلدی وفکرت فی کتابة کرّاس یتناول أهمّ شبهات الوهّابیّة فی بحث التوسّل والردّ علی تخرصاتهم، فوفقت لذلک ولله الحمد.

ثمّ قال: حبّذا لو یترجم هذا الکرّاس باللغة العربیّة وانتهی اللقاء.

کان یراود فکری مدّة أن أترجم هذا الکراس لکونه جامعاً مانعاً، وحینما وفقت لزیارة سیّد الشهداء علیه السلام سنحت لی الفرصة بالبدء فی ترجمته، وعند عودتی إلی مدینة مشهد المقدسة أتتمته ببرکة

ص: 13

الإمام علیّ بن موسی الرضا علیه السلام (روحی له الفداء).

یبقی هذا العمل کسائر الأعمال لا یخلو من إشکال أو خلل، أرجو من القارئ أن ینبّهنی علیه. وفی الختام أشکر کلّ من ساهم فی تنظیم وتصحیح وتنظید هذا الکرّاس من أعضاء مؤسّسة عالم آل محمّد علیهم السلام المعارفیّة التی تسعی لتحقیق الکتب العقائدیّة الصحیحة وترجمتها ونشرها، وأسأل الله سبحانه وتعالی أن یتقبّل هذا القلیل بکرمه وبشافعة ولیّه الإمام الثامن الضامن بأحسن القبول، ویجعله ذخراً لی یوم لا ینفع مال ولا بنون إلّا من أتی الله بقلب سلیم إنّه خیر معین.

فاضل حسین الرضویّ

ذکری میلاد الإمام المهدیّ(عجل الله تعالی فرجه الشریف)، شعبان عام 1436

مشهد المقدّسة

ص: 14

إلی اللّه» والتبرّک بقبورهم والصلاة والدعاء عندها وتعظیمهم والنذر والذبح لهم وتزیین القبور وبنائها وتشیید القبّة علیها، کلّ ذلک شرک وکفر وعبادة للأصنام والأوثان؛ یستلزم حلّ المال والدم.(1)

ج) یقولون إنّ الأنبیاء والصلحاء أموات ولیس لهم أدنی إحترام کان یقول بعض أتباعه والمقربین منه(2):

«عصای هذه خیر من محمّد» لأنّه ینتفع بها فی قتل الحیّة ونحوها ومحمّد قد مات ولایرجی منه شیء ولا یصدر منه أیّ عمل.(3)

د) قسّموا التوحید إلی قسمین: التوحید فی الربوبیّة، وهو الإعتقاد بأنّ الخالق الرازق المدبّر للأمر هو اللّه، والتوحید فی العبادة، وهو صرف العبادة، کلّها إلی اللّه ویرون إنّ القسم الأوّل من التوحید لا قیمة ولانفع له دون القسم الثانی منه لأنّ مشرکی قریش کانوا یعتقدون بالأوّل فلم ینفعهم لعدم إقرارهم بالثانی؛ کذلک المسلمون لا ینفعهم الإقرار بتوحید الربوبیّة لعبادتهم الأنبیاء والصالحین وقبورهم بنفس الأشیاء التی مرّ ذکرها التی کان المشرکون یعبدون أصنامهم بها.(4)

ه-) ویقولون الکفر نوعان: مطلق ومقید، فالمطلق أن ینکر جمیع

ص: 16

ما جاء به الرسول صلی الله علیه و آله و المقیّد أن ینکر بعضه حتّی أنّ بعضهم یقول من أنکر فرعاً من الفروع الإجمالیّة فهو کافر! فکفر المسلمین المعاصرین من مسلّماتهم.(1)

و) قسّموا الشرک إلی قسمین أکبر و أصغر، وعدّوا التوسّل وطلب الشفاعة وتعظیم غیر الله من الشرک الأکبر.(2)

لکن فی التعابیر الدینیّة (الکتاب و السنة) لیست بمعنی مطلق التذلّل والخضوع بل المراد منها التذلّل والخضوع الخاصّ ویعبّر عنها بالفارسیّة ب- (پَرَستِش) و فی استعمالات العرب ب- (التألّه) بمناسبة تلک المعانی اللغویّة.

فهی کالصلاة والزکاة والصوم والحجّ الذی وردت هذه الألفاظ بمعنی الدعاء والطهارة والإمساک والقصد فی اللغة، واستعملت فی النصوص الدینیّة بمناسبة معناها اللغویّ فی الدعاء المخصوص والطهارة المخصوصة والإمساک المخصوص والقصد المخصوص، فلهذه العبارات معانٍ خاصّة لا یبقی إجمال فیها مع وجود القرینة لکلّ واحد منها فی موارد الإستعمال وإذا لم توجد أصبح الکلام مجملا.

ص: 18

٢. الشرک فی تدبیر العالم: وهو الإعتقاد بمبدئین مستقلّین للعالَم کالنور والظلمة.

٣. الشرک فی العبادة: وهو عبادة غیر الله کعبادة الصنم، الشمس، الإنسان أو ما شابه... وتسمّی هذه الأقسام الثلاثة بالشرک الجلیّ.

٤. الشرک الخفیّ: وهو أن یلاحظ «الإنسان» فی أعماله غیر الله، أو أن یکون له داع غیر الله فی عمله الشرعیّ العبادیّ.

الأستاذ وأمثالهم واحترام العقلاء بعضهم بعضا شرکا، والحال أنّ هذه الأمور قد حثّ علیها القرآن والسنة الشریفة وهی حسنة لدی العظماء. فلیس کلّ تواضع واحترام عبادة؛ بل التواضع والتذلّل لشخص لألوهیّته وأنّه المؤثّر فی الأمور بالإستقلال عبادة وهذا العبادة منحصرة بالله تعالی. وفیما یلی نورد بعض الآیات کشاهد علی ما ذکرنا:

١. وقوله تعالی:

«یَا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا مَن یَرتَدَّ مِنکُم عَن دینِهِ فَسَوفَ یَأتِی اللَّهُ بِقَومٍ یُحِبُّهُم وَیُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَی المُؤمِنینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الکَافِرینَ».(1)

٢. قوله تعالی:

«وَاخفِض لَهُمَا جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما کَمَا رَبَّیَانی صَغیرَاً».(2)

وکذلک نذکر شاهداً من السنّة الشریفة:

٣. وفی رسالة الحقوق للإمام السجّاد علیه السلام :

وَأَمَّا حَقُّ الکَبِیرِ فَإِنَّ حَقَّهُ تَوقِیرُ سِنِّهِ وَإِجلَالُ إِسلَامِهِ إِذَا کَانَ مِن أَهلِ الفَضلِ فِی الإِسلَامِ بِتَقدِیمِهِ فِیهِ وَتَرکُ مُقَابَلَتِهِ عِندَ الخِصَامِ وَلَاتَسبِقهُ إِلَی طَرِیقٍ وَلَا تَؤُمَّهُ فِی

ص: 21

طَرِیقٍ وَلَاتَستَجهِلهُ وَإِن جَهِلَ عَلَیکَ تَحَمَّلتَ وَأَکرَمتَهُ بِحَقِّ إِسلَامِهِ مَعَ سِنِّهِ فَإِنَّمَا حَقُّ السِّنِّ بِقَدرِ الإِسلَامِ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.(1)

ما ذکرناه إشکال کلّیّ وإجمالیّ یرتبط بجمیع المباحث المذکورة وجواب کلّیّ لها والآن نشرع فی تحقیق کلّ واحد بالتفصیل.

من المباحث التی تسترعی التوجه موضوع التوسّل وبما أنّه یکثر الإبتلاء به نقدّمه علی المباحث الأخری.

ص: 22

لهم فی إعطاء حوائج المؤمنین (وکلّ کمال وقدرة لهم من جانب الله وبإذنه) فی حیاتهم أو بعد مماتهم.

أَولِیاءَ»، «وَلَا یَشفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارتَضَی وَهُم مِن خَشیَتِهِ مُشفِقُونَ».(1) وإذا کان کذلک، فحقیقة الشفاعة کلّها لله فلا تسأل فی هذه الدار إلّا منه سبحانه وتعالی وأن یشفع فیه نبیّه(ص) فجمیع الأنبیاء والأولیاء لا یجعلون وسائل ولا وسائط بین الله وبین الخلق فی جلب الخیر أو دفع الشرّ ولا یجعل لهم من حقّه شیء، لأنّ حقّه تعالی وتقدّس غیر جنس حقّهم، فإنّ حقّه عبادته بأنواعها بما شرع فی کتابه وعلی لسان رسوله، وحقّ انبیائه علیهم السلام الأیمان بهم وبما جاؤوا به وموالاتهم وتوقیرهم واتباع النور الذی أنزل معهم... وکذلک حقّ أولیائه محبّتهم والترضی عنهم والایمان بکراماتهم لا دعاؤهم لیجلبوا لمن دعاهم خیرا.(2)

وکذلک ورد فی الکتاب المذکور (المنسوب لعبد العزیز بن محمّد بن مسعود):

وأمّا الإقسام علی الله بمخلوق فهو منهیّ عنه باتفاق العلماء وهل هو منهیّ عنه نهی تنزیه أو تحریم علی قولین، أصحّهما أنّه کراهة تحریم واختاره العزیز بن عبدالسلام فی فتاویه قال بشر بن الولید سمعت أبا یوسف یقول: قال

ص: 25

أبوحنیفه: لا ینبغی لأحد أن یدعو الله إلّا به وأکره أن تقول بمعقد العزّ من عرشک، أو بحقّ خلقک، وهو قول لأبی یوسف، قال أبو یوسف: بمعاقد العزّ من عرشک: هو الله، فلا أکره هذا وأکره بحقّ فلان أو بحقّ أنبیائک ورسلک... وبحقّ المخلوق لا تجوز لهذا فلایقول: اسألک بفلان وبملائکتک وأنبیائک ونحو ذلک، لأنّه لا حقّ للمخلوق علی الخالق إنتهی.(1)

الجواب عن هذا الإستدلال

إنّ بعض الآیات المذکورة ضمن إستدلال الکتاب(2)

ترتبط بمبحث الشفاعة والذی سنبحث عنه بالتفصیل، وما یرتبط ببحث (الحقّ) فإنّ المذکور فی الإستدلال تقسیم معناه، والجواب عنه کما یلی:

الف) الدلیل العقلی

المقصود من حقّ أولیاء الله فی قولنا: «أَللّهُمَّ إنِّی أَسأَلُکَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله» لیس حقّ الألوهیّة حتّی یقال: إنّ جنس حقّ الله غیر حقّ أولیائه، بل المقصود المقامات التی أعطاهم الله تعالی لعبودیّتهم؛ وأنّ الطلب من الله بتلک المقامات التی منحهم إیّاها

ص: 26

أمر معقول ولم یرد نهی علیه من قِبَل الله تعالی، والآیات المذکورة کقوله تعالی: «أَ فَحَسِبَ الَّذینَ کَفَرُوا أَن یَتَّخِذُوا عِبَادی مِن دُونی أَولِیاء»(1)،«مَن ذَا الَّذی یَشفَعُ عِندَهُ إلَّا بِإِذنِه»،(2) لا ترتبط بهذا البحث. ألا ومن العجب مع الأسف أنّ الطلب من الله بالعمل الصالح _ کما صُرِّح بذلک فی کتب الوهّابیّة (ویتمثّلون له بحدیث الغار) _ صحیح لکنّ الطلب من الله بحقّ مَن عملوا أحسن الأعمال الصالحة وعلّموا جمیع الأعمال الصالحة، غیر جائز وشرک؟!

ینقل السمهودی الشافعی عن السُّبکی أنّه قال:

وإذا جاز السؤال بالأعمال کما فی حدیث الغار (الذی نقله البخاریّ فی صحیحه)(3)

الصحیح وهی مخلوقة فالسؤال بالنبی صلی الله علیه و آله أولی... .(4)

نتیجة الدلیل العقلی

قد تبیّن ممّا سبق أنّه یجوز عقلاً قول (اللّهمّ إنّی أسألک بحقّ محمّد صلی الله علیه و آله) ونظیره، ولم یرد نهی عن شریعة الإسلام المقدّسة؛ والتوسّل بهذا المعنی لیس شرکاً بل هو أمر راجح وجائز، وتبیّن أیضاً

ص: 27

الجواب عمّا نقل عن کتاب (الهدیّة السنیّة)(1)

وهو أنّه لیس المقصود من (الحقّ) الطلب ولا یکون کذلک حتّی یقال: (لا حقّ للمخلوق علی الخالق) بل المراد منه أنّ الله تعالی جعل فی أولیائه و عباده الصالحین شرافة وکرامة والطلب من الله بتلک الشرافة امر معقول.

ب) الدلیل النقلیّ

مضافاً إلی ما ذکرنا قد ورد التوسّل بهذا المعنی فی الأدعیة المنقولة عن أهل السنّة، فقد نقل صاحب کتاب (الهدیّة السنیّة) ضمن بحثه حول التوسّل عن الترمذیّ والحاکم وابن ماجة، هذا الدعاء؛(2)

اللّهمّ إنّی أسألک وأتوجّه إلیک بنبیّک محمّد صلی الله علیه و آله نبیّ الرحمة یا محمّد یا رسولَ الله أتوجّه (أتوسّل) بک إلی ربّی فی حاجتی لیقضیها (لتُقضی ) لی اللّهمّ فشفّعه فیّ.

ص: 28

ینبغی الإلتفات إلی أنّ عثمان بن حنیف یقول: جاء رجل أعمی إلی رسول الله صلی الله علیه و آله و شکی عنده العمی، فعلّمه رسول الله هذه الدعاء.

ثمّ یقول فی توضیح ذلک: یظهر من الدعاء الطلب من الله بشفاعة النبیّ صلی الله علیه و آله لا أن یطلب من النبیّ ویسأله.

أقول: إلّا أنّه یثبت بوضوح ما یرتبط ببحثنا من هذا الدعاء، لأنّ فی کلمة (بنبیّک) إشعار بمقام رسول الله صلی الله علیه و آله العظیم والحقّ الذی جعله الله له.

فلا یوجد إشکال ومانع من الطلب من الله بحقّ النبیّ صلی الله علیه و آله و أمّا ما یرتبط ببحث الشفاعة فیبحث عنه فی محلّه إن شاء الله تعالی.

وممّا یبین جواز هذا القسم من التوسّل هو أنّ الطلب من الله بالنحو المذکور (أی القسم بحقّ الأولیاء) هو کونه مصداقاً للدعاء وعمومات أدلّة الدعاء کقوله تعالی «ادعُونی أَستَجِب

لَکُم»(1) تشمل العبادات المذکورة.

نتیجة الدلیل النقلی

التوسّل بالمعنی الأوّل والثانیّ (بأن نقسم علی الله بحقّ أولیائه وأنبیائه فی زمن الحیوة وبعد الوفات) لا إشکال فیه، بل حسن عقلاً ونقلاً وتبیّن أنّ المراد من الحقّ (ما ثبت لهم من الکرامة عند الله کما جعله الله لهم) ویظهر من قوله تعالی «وَکانَ حَقًّا عَلَینَا نَصرُ

ص: 29

المُؤمِنِیِنَ َ»(1) ویوجد فی کتب العامّة والخاصّة مثل هذه العبارات بوفور، نذکر نماذج من هذه الأحادیث من کتبهم:

عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله لمّا اقترف آدم الخطیئة، قال: یا ربّ أسألک بحقّ محمّد صلی الله علیه و آله لمّا غفرت لی فقال الله:... صدقت یا آدم إنّه لأحبّ الخلق إلیّ أدعنی بحقّه فقد غفرت لک ولولا

1. محمّد ما خلقتک.(2)

2. روی الحاکم فی الکبیر والأوسط من قول رسول الله صلی الله علیه و آله: إغفر لی لأمی فاطمة بنت أسد... ووسّع علیها مدخلها بحقّ نبیّک والأنبیاء الّذین من قبلی.(3)

3. ما رواه ابن ماجة بإسناده عن أبی سعید الخدّری(رض) قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله من خرج من بیته إلی الصلاة فقال: « أللّهمّ إنّی أسألک بحقّ السّائلین علیک وأسألک بحقّ ممشای هذا. فإنّی لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا ریاءً ولا سمعة. وخرجت إتقاء سخطک وإبتغاء مرضاتک فأسألک أن تعیذنی من النار وأن تغفر لی ذنوبی. إنّه لا یغفر الذنوب إلّا أنت. أقبل الله علیه

ص: 30

بوجهه، واستغفر له سبعون الف ملک.(1)

1. عن أنس: أنّ عمر بن الخطاب کان إذا قحطوا استسقی بالعباس بن عبد المطلب فقال: أللّهمّ إنّا کنّا نتوسّل إلیک بنبیّنا(صلی الله و علیه وآله) فتسقینا وإنّا نتوسّل إلیک بعمّ نبیّنا فاسقنا قال: فیسقون.(2)

سَوفَ أَستَغفِرُ لَکُم رَبِّی إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِیمُ».(1)

ج) عن أنس قال: قالت (أمّی): یا رسول الله خادمک أنس اُدعُ الله له، قال أللّهمّ أکثر ماله وولده وبارک له فیما أعطیته.(2)

نعم إنّ سیرة المسلمین من الصدر إلی الآن علی سلوک هذه الطریقة، فالقسم الثالث من التوسّل لا اختلاف فیه ولا یحتاج إلی أکثر ممّا ذکرنا من الإستدلال.

الأرواح بعد الإنتقال من هذه الدنیا لیس محالاً ذاتاً، بل لایوجد دلیل علی محالیته.

الأمر الثانی: إثبات حیاة الأرواح بعد الموت، فمع أنّ الفلاسفة ذکروا إستدلالاً عقلیّاً علی لزوم حیاة الأرواح بعد الموت، إلّا أنّه لکفایة الأدلّة النقلیّة_ بعد الإمکان العقلیّ _ نکتفی بذکر الأدلّة النقلیّة، ومع الإلتفات إلی ما ذکرنا من قبول الوهّابیّة لهذا الأمر فإنّ ذکر الأدلّة من الکتاب والسنّة لا یخلو عن الفائدة.

الآیات

الف) قوله تعالی: «اللَّهُ یَتَوَفَّی الأَنفُسَ حینَ مَوتِها وَالَّتی لَم تَمُت فی مَنامِها فَیُمسِکُ الَّتی قَضی عَلَیهَا المَوتَ وَیُرسِلُ الأُخری إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی إِنَّ فی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَومٍ یَتَفَکَّرُونَ».(1)

ب) قوله تعالی: «حَتَّی إِذا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ * لَعَلِّی أَعمَلُ صالِحاً فِیمَا تَرَکتُ کَلَّا إِنَّها کَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِن وَرائِهِم بَرزَخٌ إِلی یَومِ یُبعَثُونَ».(2)

وجه الإستدلال: یظهر من الآیتین أنّ الأرواح تُقبض حین الموت علی ما کانت علیه وتوضع فی النشأة الأخری، فلها حیاة بعد الموت.

ج) قوله تعالی: «وَلا تَقُولُوا لِمَن یُقتَلُ فی سَبیلِ اللَّهِ أَمواتٌ بَل أَحیاءٌ

ص: 33

وَلکِن لا تَشعُرُونَ».(1)

د) قوله تعالی: «وَلا تَحسَبَنَّ الَّذینَ قُتِلُوا فی سَبیلِ اللَّهِ أَمواتاً بَل أَحیاءٌ عِندَ رَبِّهِم یُرزَقُونَ».(2)

وجه الإستدلال بهاتین الآیتین واضح، ومع الإلتفات إلی أنّ مقام الأولیاء والأنبیاء والشهداء مقام خاصٌّ؛ لا مجال أن یکون الشهداء أحیاء ولا یکون النبیّ الخاتم صلی الله علیه و آله حیّاً، فالحیاة لا تختصّ بالشهداء وذکر (الشهید) إنّما هو لعنایة خاصّة به.

ه-) قوله تعالی: «النَّارُ یُعرَضُونَ عَلَیها غُدُوًّا وَعَشِیًّا وَیَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذابِ».(3)

وجه الإستدلال واضح، لأنّ الآیة تثبت العذاب لآل فرعون بعد الهلاک وقبل القیامة فی الصباح والمساء، وإثبات العذاب فرع الحیاة.

الأحادیث

أمّا الأخبار الدالّة علی حیاة الأرواح بعد الموت فهی متواترة وبما أنّ «الوهّابیّة» یعتقدون بحیاة الأرواح بعد الممات_کما أسلفنا_ فإنّنا لا نحتاج إلی نقل الاحادیث هنا، ویثبت الأمر الثانیّ بالأدلّة النقلیّة فی الأمر الرابع الّذی سنذکرها، لأنّ بعد إثبات ارتباط الأرواح بهذه

ص: 34

النشأة الدنیویّة یکون حیاتها أمراً قطعیّا.

الأمر الثالث: أنّ إمکان ارتباط الأرواح وتوجّهها إلی هذه النشأة واضح أیضاً، لأنّ هذا الأمر لیس بمحال ذاتاً ولا دلیل علی محالیته عقلاً، فإمکان الإرتباط بعد فرض الحیاة ثابت لا إشکال فیه؛ والمهمّ فی المقام الذی وقع النزاع فیه ویبتنی علیه إشکال الوهابیّة هو الأمر الرابع.

الأمر الرابع: تکفی الأخبار الکثیرة الموجودة فی کتب الفریقین لاثبات ارتباط الأرواح وتوجّههم إلی هذه النشأة.

الف) أحادیث أهل العامّة

1. عن قتادة، قال ذکر لنا أنس بن مالک عن أبی طلحة أنّ نبیّ الله(ص) أمَرَ یَومَ بَدرٍ بِأربعَةِ وَعِشرینَ رَجُلاً مِن صَنَادِید قُرَیشٍ فَقُذِفُوا فِی طَوِیٍّ مِن أطوَاءِ بَدر خَبیثٍ مُخبِثٍ وکَانَ إذَا ظَهَرَ عَلَی قُومٍ أقام بالعَرصَة ثَلاثَ لَیَالٍ فَلَمَّا کَانَ بِبَدرٍ الیَومِ الثَالِثَ أمر بِراحِلَتِهِ فشُدَّ عَلَیهَا رَحلهَا ثمَّ مَشَی وتبَعَهُ أصحَابُهُ وَقَالُوا مَا نَری یَنطَلِقُ إلّا لِبَعضِ حَاجَتِهِ حَتَّی قَامَ عَلَی شَفَة الرَّکیِّ فَجَعَلَ یُنادیهِم بِأسمَائِهِم وأسماء آبائِهِم یا فُلَانَ بنِ فُلَان وَیَا فُلَانَ ابنِ فُلَان أیسرُّکُم أنَّکُم أطَعتُمُ الله وَرَسُولَهُ فإنّا قد وَجَدنَا مَا وَعَدنَا رَبُّنا حَقّاً فَهَل وَجَدتُم مَا وَعَدَ رَبُّکُم حَقّاً قَالَ فَقَالَ عُمَر: یَا رَسُولَ اللهِ مَا تُکَلِّمُ مِن

ص: 35

أجسَادٍ لَا أروَاحَ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ(ص) وَالّذِی نَفسُ مُحَمّدٍ بِیَدِهِ مَا أنتُم بِأسمَعَ لِمَا أقُولُ مِنهُم.(1)

2. عن أنس عن النبیّ(ص) قال: العَبدُ إذَا وُضِعَ فِی قَبِرهِ وتَوَلَّی وذَهَبَ أصحابُهُ حتّی إنه لَیَسمَعُ قَرعَ نِعالِهِم أتاهُ مَلَکان.(2)

3. عن سعید المقبری عن أبیه أنّه سمع أبا سعید الخُدریّ أنّ رسول الله (ص) قال: إذَا وُضِعَتِ الجِنَازَة وَاحتَمَلَهَا الرِّجال عَلَی أعنَاقِهِم فَإن کَانَت صَالِحَةً قالت: قَدِّمُونی وإن کَانَت غَیر صَالِحَةٍ قَالَت: یَا وَیلَها أین یَذهَبُون بِهَا یَسمَعُ صَوتَها کُلَّ شئٍ إلّا الإنسَان وَلَو سَمِعَه لَصَعِقَ.(3)

4. أنّ ابن عمر أخبَرَهُ قال: إطَّلَعَ النَّبِیُّ(ص) عَلَی أهلِ القَلِیبِ فَقالَ وَجَدتُم مَا وَعَدَ رَبُّکُم حَقّاً فَقِیلَ لَهُ أتدعُوا أمواتاً فَقَالَ مَا أنتُم بأسمَع مِنهُم وَلَکِن لَایُجِیبُونَ.(4)

5. عن عبد الله بن عمر قال: اشتَکَی سَعدُ بن عِبَادَة شَکوَی لَهُ فَأتَاهُ النَّبِیّ(ص) یَعوده مَعَ عَبدِالرَّحمَن بنِ عُوف وَسَعدِ بنِ أبِی وَقَّاص وَعَبدُ الله بنِ مَسعُود فَلَمَّا دَخَلَ

ص: 36

عَلیهِ فَوَجَدَهُ فِی غَاشِیَةِ أهلِهِ فَقَالَ قَد قَضَی قَالُوا: لَا یَا رَسُولَ اللهِ فَبَکَی النَّبیّ(ص) فَلَمَّا رَأَی القُومُ بَکاءَ النَّبیِّ(ص) بَکَوا فَقَالَ: ألَا تَسمَعُونَ إنَّ اللهَ لَا یُعَذّبُ بِدَمعِ العِینِ وَلَا بِحُزنِ القَلبِ وَلَکِن یُعَذَّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إلَی لِسَانِه أو یَرحَمُ وَإنّ المَیّتَ یُعَذَّبُ بِبُکَاءِ أهلِهِ عَلَیهِ.(1)

ب) أحادیث الخاصّة

1. الکافی بإسناده عن أبی عبد اللَّه علیه السلام فی زیارة القبور قال: إِنَّهُم یَأنَسُونَ بِکُم فَإِذَا غِبتُم عَنهُمُ استَوحَشُوا.(2)

2. وفیه عن إسحاق بن عمّار عن أبی الحسن علیه السلام قال: قُلتُ لَهُ المُؤمِنُ یَعلَمُ بِمَن یَزُورُ قَبرَهُ قَالَ: نَعَم وَلَا یَزَالُ مُستَأنِساً بِهِ مَا دَامَ عِندَ قَبرِهِ فَإِذَا قَامَ وَانصَرَفَ مِن قَبرِهِ دَخَلَهُ مِنِ انصِرَافِهِ عَن قَبرِهِ وَحشَةٌ.(3)

3. وفیه عن أبی عبد اللَّه علیه السلام قال: قال أمیرالمؤمنین علیه السلام : زُورُوا مَوتَاکُم فَإِنَّهُم یَفرَحُونَ بِزِیَارَتِکُم وَلیَطلُب أَحَدُکُم حَاجَتَهُ عِندَ قَبرِ أَبِیهِ وَعِندَ قَبرِ أُمِّهِ بِمَا یَدعُو لَهُمَا.(4)

ص: 37

الحاصل

یستفاد من الأحادیث المذکورة فی کتب العامّة والخاصّة أنّ الأرواح یلتفتون بعد الموت إلی الدنیا والحیاة فی هذا العالم، وعلیه لا إشکال فی مخاطبتهم وطلب الدعاء منهم، وبالأخصّ أرواح الأنبیاء والأولیاء الذین هم أکثر تقرّباً ومنزلةً من غیرهم عند الله حتّی أنّه تعرض أعمال العباد علیهم.(1)

ومن جملة المؤیّدات المنامات الّتی صدقها معها، فقد نقل الثقاة إنّهم رأوا الأموات فی المنام و ... .(2)

ص: 38

یکون بالقدرة التی وهبها الله لهم، وتحقیق هذا الأمر فی مقامین:

1. الإمکان العقلیّ

2. التحقّق الخارجیّ

الف) الإمکان العقلیّ، لا مانع بضرورة العقل علی قدرة ولیّ من أولیاء الله علی فعل أمور الله باذن الله وعنایته وإن کانت عظیمة، لأنّ تعلّق إرادة الله بهذا الأمر لیس بتعلّق الإرادة علی المحال الذاتیّ، فإمکانه ذاتاً قطعیّ.

ب) التحقّق الخارجیّ، یستفاد من الایات و الروایات بنحو واضح مثل هذه القدرة التی تُعطی لهم بإذن الله تعالی.

الآیات

قوله تعالی: «قَالَ یَا أَیُّهَا المَلَؤُا أَیُّکُم یَأتِینِی بِعَرشِها قَبلَ أَن یَأتُونِی مُسلِمینَ * قَالَ عِفریتٌ مِنَ الجِنِّ أَنَا آتیکَ بِهِ قَبلَ أَن تَقُومَ مِن مَقامِکَ وَإِنِّی عَلَیهِ لَقَوِیٌّ أَمینٌ * قَالَ الَّذی عِندَهُ عِلمٌ مِنَ الکِتابِ أَنَا آتیکَ بِهِ قَبلَ أَن یَرتَدَّ إِلَیکَ طَرفُکَ فَلَمَّا رَآهُ مُستَقِرًّا عِندَهُ قالَ هذا مِن فَضلِ رَبِّی».(1)

قوله تعالی: «وَلَقَد آتَینا داوُدَ وَسُلَیمانَ عِلماً وَقالَا الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنا عَلی کَثیرٍ مِن عِبادِهِ المُؤمِنینَ * وَوَرِثَ سُلَیمانُ داوُدَ وَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمنا مَنطِقَ الطَّیرِ وَ أُوتینا مِن کُلِّ شَی ءٍ

ص: 40

إِنَّ هذا لَهُوَ الفَضلُ المُبینُ».(1)

وجه الإستدلال: تستفاد من الآیات الثلاثة بنحو واضح القدرة علی الأمور غیر العادیّة الفائقة لما یصدر من نوع البشر، وعبارة «أُوتِینَا مِن کُلِّ شَی ءٍ» تُثبت القدرة فی التصرّف فی الأمور.

ویظهر ارتباطها بالتوسّل عند التأمّل والتدقیق فی تعبیر «یَأتِینِی بِعَرشِها» «وأُوتِینَا مِن کُلِّ شَی ءٍ».

الروایات

1. أخرج ابن أبی حاتم عن قتادة قال: کَانَ دَاوُدُ أعطی ثَلاثَاً سَخَّرَت لَهُ الجِبَالُ یُسَبِّحنَ مَعَهُ وَألین لَهُ الحَدیدُ وَعُلِّمَ «مَنطِق الطِّیر» وأعطی سُلَیمَانُ مَنطِقَ الطِّیرِ وَسُخِّرَت لَهُ الجِنّ وَکَانَ ذَلِکَ مِمَّا وَرَثَ عَنهُ.(2)

2. عن أبی عبد اللَّه علیه السلام قال: «قَالَ الَّذِی عِندَهُ عِلمٌ مِنَ الکِتابِ أَنَا آتِیکَ بِهِ قَبلَ أَن یَرتَدَّ إِلَیکَ طَرفُکَ» قَالَ: فَفَرَّجَ أَبُو عَبدِاللَّهِ علیه السلام بَینَ أَصَابِعِهِ فَوَضَعَهَا فِی صَدرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَعِندَنَا وَاللَّهِ عِلمُ الکِتَابِ کُلُّهُ.(3)

ص: 41

3. عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام قال: إِنَّ اسمَ اللَّهِ الأَعظَمَ عَلَی ثَلَاثَةٍ وَسَبعِینَ حَرفاً وَإِنَّمَا کَانَ عِندَ آصَفَ مِنهَا حَرفٌ وَاحِدٌ فَتَکَلَّمَ بِهِ فَخُسِفَ بِالأَرضِ مَا بَینَهُ وَبَینَ سَرِیرِ بِلقِیسَ حَتَّی تَنَاوَلَ السَّرِیرَ بِیَدِهِ ثُمَّ عَادَتِ الأَرضُ کَمَا کَانَت أَسرَعَ مِن طَرفَةِ عَینٍ وَنَحنُ عِندَنَا مِنَ الِاسمِ الأَعظَمِ اثنَانِ وَسَبعُونَ حَرفاً وَحَرفٌ وَاحِدٌ عِندَ اللَّهِ تَعَالَی استَأثَرَ بِهِ فِی عِلمِ الغَیبِ عِندَهُ وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِیِّ العَظِیمِ.(1)

4. سمعت أبا عبد اللَّه علیه السلام یقول: إِنَّ عِیسَی ابنَ مَریَمَ(علیهما السلام) أُعطِیَ حَرفَینِ کَانَ یَعمَلُ بِهِمَا وَأُعطِیَ مُوسَی أَربَعَةَ أَحرُفٍ وَأُعطِیَ إِبرَاهِیمُ ثَمَانِیَةَ أَحرُفٍ وَأُعطِیَ نُوحٌ خَمسَةَ عَشَرَ حَرفاً وَأُعطِیَ آدَمُ خَمسَةً وَعِشرِینَ حَرفاً وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَمَعَ ذَلِکَ کُلَّهُ لِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله وَإِنَّ اسمَ اللَّهِ الأَعظَمَ ثَلَاثَةٌ وَسَبعُونَ حَرفاً أُعطِیَ مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله اثنَینِ وسَبعِینَ حَرفاً وَحُجِبَ عَنهُ حَرفٌ وَاحِدٌ.(2)

روایات الإمامیّة فی إثبات قدرة تصرف المعصومین علیهم السلام فی

ص: 42

الکائنات کثیرة أشرنا إلی بعض منها.

تظهر هذه الروایات أنّ أولیاء الله استفادوا من القدرة التی وهبهم الله، طبعاً أنّهم فی موارد أیضاً یدعون (الله ویطلبون منه) وذلک لمصالح.

یستفاد من هذه الروایة أنّ النّبیّ آدم علیه السلام توسّل بالنّبیّ وأهل بیته علیهم السلام بعد ترکه للأولی والأکل من الشجرة الممنوعة فغفر الله له وعفی عنه، مع أنّ النّبیّ صلی الله علیه و آله وأهل بیته علیهم السلام لم یکونوا فی الدنیا بعد، فانحصار جواز التوسّل بأولیاء الله بزمن حیاتهم یخالف ظاهر هذه الروایات.

2. عن جابر، عن أبی جعفر علیه السلام :... فَقَالَ لِی: یَا جَابِرُ مَا سَتَرنَا عَنکُم أَکثَرُ مِمَّا أَظهَرنَا لَکُم فَقَامَ فَأَخَذَ بِیَدِی وَأَدخَلَنِی البَیتَ ثُمَّ قَالَ وَضَرَبَ بِرِجلِهِ الأَرضَ فَإِذَا شَبِیهٌ بِعُنُقِ البَعِیرِ قَد خَرَجَت مِن ذَهَبٍ ثُمَّ قَالَ لِی یَا جَابِرُ انظُر إِلَی هَذَا وَلَاتُخبِر بِهِ أَحَداً إِلَّا مَن تَثِقُ بِهِ مِن إِخوَانِکَ إِنَّ اللَّهَ أَقدَرَنَا عَلَی مَا نُرِیدُ وَلَو شِئنَا أَن نَسُوقَ الأَرضَ بِأَزِمَّتِهَا لَسُقنَاهَا.(1)

یستفاد من صریح الروایات الکثیرة، إثبات مثل هذه القدرة والمنزلة للأولیاء بعد الإنتقال من هذا العالَم کما نقرء فی زیارة الجامعة (وَذَلَّ کُلُّ شئٍ لَکُم) (لَمَّا استُوهَبتُم ذُنُوبِی) و(مَن اعتَصَمَ بِکُم فَقَد اعتَصَمَ بِاللهِ) و(لَائِذٌ عَائِذٌ بِقُبُورِکُم).

ص: 44

نقرء فی آخر زیارة أمیرالمؤمنین علیه السلام عن لسان الإمام الصادق علیه السلام :

کُن لِی إِلَی اللَّهِ شَفِیعاً، وَ مِنَ النَّارِ مُجِیراً، وَ عَلَی الدَّهرِ ظَهِیراً.(1)

تمّ هنا التحقیق فی الأقسام الثمانیة.

ص: 45

ص: 46

الحاصل: الطلب من غیر الله شرک بحکم هذه الآیة.

الجواب: إن کان المراد من الآیة ذوی العقول کالملائکة والأنبیاء والجنّ، یجب أن یقال:

إنّ المراد من عدم مالکیّتهم لشئ عدم مالکیّتهم بالذات وإلّا فانّهم یملکون بالعرض عقلاً ونقلا.

وکذا المراد من (لا یَسمَعُوا) یجب أن یراد به بالذات، لأنّهم لا أقلّ یسمعون فی حال حیاتهم، وإن کان المراد المالک بالذّات والسمیع بالذّات والمجیب بالذّات أی إنّ من یدعونهم غیر مالکین وسامعین بالذّات، یُعلم أنّ کیفیّة الدعوة فی الآیة المالکیّة بالذّات والطلب من غیر الله بعنوان أنّه مالک بالذات و سمیع بالذّات شرک وکفر، إلّا أنّه واضح أنّنا لا ندعوا أولیاء الله

بعنوان أنّهم مالکون بالذّات، بل بعنوان أنّ لطف الله شملهم، وأعطاهم قدرات، ویفعلون أموراً بإذن الله.

کما یستفاد من تفاسیر العامّة والخاصّة أنّ مصداق الآیة فی الصنم وعبادته، فتبقی علی ظاهرها ولا یرتبط بالطلب من أولیاء الله وأنبیائه.

سؤال: إن قیل فی هذا الحال فلم استعمل لفظ (الذین) وهو لذوی العقول، وأنّ آخر الآیة یخالف هذا المعنی لأنّه یقول «وَیَومَ القِیامَةِ یَکفُرُونَ بِشِرکِکُم».

الجواب: لأنّ المشرکین کانوا یتعاملون مع الاصنام معاملة ذوی

ص: 48

العقول وکانوا یصنعونها شبیهة بالإنسان فإنّ القرآن استعمل لفظ (الذین ) علی حسب معاملتهم.

وأمّا آخر الآیة الشریفة فإنّ المفسّرین فسّروها هکذا:

یتبرؤون عن عبادتکم ینطقهم الله یو م القیامة لتوبیخ عابدیها.

وقال البعض:

یجوز أن یکون المراد به الأصنام ویکون ما یظهر من بطلان ما ظنوه کفراً بشرکهم وجحوداً له.(1)

یؤیّد ما ذکرنا الآیات الأخیرة من سورة الأعراف ( 197و 198) لأنّ الآیات المذکورة تتکلّم عن الصنم وعبّاد الصنم إلّا أنّه استخدم لفظ (الذین) فالتفت قوله تعالی: «وَالَّذِینَ تَدعُونَ مِن دُونِهِ لَا یَستَطیعُونَ نَصرَکُم وَلَا أَنفُسَهُم یَنصُرُونَ * وَإِن تَدعُوهُم إِلَی الهُدی لَایَسمَعُوا وَتَراهُم یَنظُرُونَ إِلَیکَ وَهُم لَا یُبصِرُونَ».(2)

الآیة الثانیة التی نحقّق عنها فی الخاتمة هی من سورة الإسراء، قوله تعالی: «قُلِ ادعُوا الَّذِینَ زَعَمتُم مِن دُونِهِ فَلَا یَملِکُونَ کَشفَ الضُّرِّ عَنکُم وَلَا تَحویلاً * أُولئِکَ الَّذِینَ یَدعُونَ یَبتَغُونَ إِلَی رَبِّهِمُ الوَسِیلَةَ أَیُّهُم أَقرَبُ وَیَرجُونَ رَحمَتَهُ وَیَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّکَ کَانَ مَحذُوراً».(3)

ص: 49

وجه الإستدلال: ورد الذمّ فی هذه الآیة الشریفة للّذین یطلبون من غیر الله، مع الإلتفات إلی الجملة الشریفة: «أُولئِکَپ الَّذینَ یَدعُونَ یَبتَغُونَ إِلَی رَبِّهِمُ الوَسِیلَةِ» واضح أنّ المراد لیس الاصنام فحسب، بل کما قال مفسّروا العامّة والخاصّة أنّ المراد الملائکة والنّبیّ عیسی وعُزیر والجنّ، فالطلب من غیر الله شرک وممنوع.

الجواب: مع الإلتفات إلی أنّ مطلق دعوة الغیر وطلب شخص من آخر، لیس بشرک بل الطلب بعنوان الألوهیّة شرک وإلّا لزم أن یکون الطلب والإستمداد بعضنا بعضاً شرکاً، واضح أنّ هذا الطلب الدعوة بعنوان الإله والمعبود. (کما فی الکشّاف والمجمع وسائر التفاسیر)(1) والطلب بعنوان الإله والمعبود شرک البتّة.

حاصل الآیة أنّ الملائکة ومن یُدعی بعنوان الألوهیّة هم محتاجون مع کونهم فی حال الخوف والرجاء، یخافون عذاب الله ویرجون رحمته.

فعبادة هؤلاء کفر وباطل، ومطلق طلب شخصٍ من آخر بغیر عنوان الألوهیّة کما بیّنا سابقاً طبیعیّ ومجاز.

سؤال: إن قیل طلب البعض من الآخر فی الأمور العادیّة لیس بشرک ولکنّه شرک فی الأمور غیر العادیّة؟

الجواب: لا فرق فی الأمور العادیّة وغیر العادیّة بل بمقدار ما

ص: 50

اعطی الله سبحانه وتعالی لشخص القدرة وکان مأذوناً من الله باستعمالها فإنّ الإستمداد منه بلا إشکال، ولذا نری أنّ النبیّ سلیمان علی نبیّنا وآله وعلیه السلام یرید ممّن حوله أن یأتونه بعرش بِلقَیس فی مدّة قلیلة وما کان طلبه أمرا غیر عادی. یقول القرآن الکریم عن لسان النبیّ سلیمان قال: «یَا أَیُّهَا المَلَؤُا أَیُّکُم یَأتِینِی بِعَرشِها قَبلَ أَن یَأتُونِی مُسلِمِینَ».(1)

والحاصل: مع الإلتفات إلی الجملة الشریفة: «فَلَا یَملِکُونَ کَشفَ الضُّرِّ عَنکُم وَلَا تَحوِیلَاً» ومع الإلتفات إلی آخر الآیة الشریفة وأنّهم یخافون ویرجون، یُعلم أنّ الطلب من الملائکة والنبیّ عیسی وأمثالهما کان بنحو الطلب من الله، أی کانوا یطلبون منهم علی أنّهم إله ومعبود لهم، ومعلوم أنّ مثل هذا الطلب شرک. ولذا القرآن الکریم یُعلن بأنّه شرک.

3) قوله تعالی: «قُلِ ادعُوا الَّذینَ زَعَمتُم مِن دُونِ اللَّهِ لَا یَملِکُونَ مِثقالَ ذَرَّةٍ فِی السَّماواتِ وَلَا فِی الأَرضِ وَمَا لَهُم فِیهِمَا مِن شِرکٍ وَمَا لَهُ مِنهُم مِن ظَهِیرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَن أَذِنَ لَهُ».(2)

وجه الإستدلال: هذه الآیة کآیة سورة الفاطر المبارکة تردّ الطلب من غیر الله وتعلن بأنّه ممنوع.

ص: 51

الجواب: یُعلم الجواب ممّا ذکرنا فی سورة فاطر، لأنّه لو کان المراد من کلمة (الَّذِینَ) ذوی العقول یلزم أن یکون الطلب علی نحو المالکیّة بالذات وإلّا لما صحّ «لَا یَملِکُونَ مِثقالَ ذَرَّةٍ» والطلب من غیر الله بعنوان أنّه مالک بالذّات باطل وشرک وکفر، وإن کان المراد غیر ذوی العقول بل کان المراد الأصنام تبقی الجملة الشریفة «لَا یَملِکُونَ مِثقالَ ذَرَّةٍ فِی السَّماواتِ وَلَا فِی الأَرضِ» علی ظاهرها وتنفی المالکیّة المطلقة بالذّات وبالعرض، فلا ترتبط الآیة بالتوسل بأولیاء الله. و الطلب من الأصنام شرک البتة.

الحاصل: الطلب من ذوی العقول والأصنام بعنوان (الإله) شرک والآیة الشریفة تمنع مثل هذا الطلب، وفی الکشّاف أنّ المفعول الثانی ل- (زَعَمتُم ) محذوف والمناسب لأن یکون مفعولاً ثانیاً وهو کلمة (آلهة) ومعلوم أنّ إتخاذ الآلهة بأیّ صورة یکون شرکاً وکفرا.

4) قوله تعالی: «أَلَا لِلَّهِ الدِّینُ الخَالِصُ وَالَّذینَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِیاءَ مَا نَعبُدُهُم إِلَّا لِیُقَرِّبُونا إِلَی اللَّهِ زُلفی إِنَّ اللَّهَ یَحکُمُ بَینَهُم فِی مَا هُم فِیهِ یَختَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا یَهدی مَن هُوَ کاذِبٌ کَفَّارٌ».(1)

وجه الإستدلال: إتّخاذ الأولیاء وإن کان لأجل التقرّب إلی الله فهو منهیّ عنه، فالتوسّل بأولیاء الله للتقرّب إلی الله منهیّ وباطل.

الجواب: لم یُنه عن مطلق اتّخاذ الولیّ، والقرآن الکریم یُعلن بأنّ

ص: 52

بعض المؤمنین أولیاء بعضٍ، ویجب أن نلتزم ونأخذ بما أوصی به القرآن المجید.

یقول الله تعالی: «وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِیاءُ بَعض»،(1)

«إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذینَ آمَنُوا الَّذینَ یُقیمُونَ الصَّلاةَ وَیُؤتُونَ الزَّکاةَ وَهُم رَاکِعُونَ»(2) بل ما هو منهیّ عنه اتّخاذ الولیّ بعنوان أنّه معبود وإله والقرینة علی هذا المعنی جملة (ما نَعبُدُهُم).

الحاصل: المنهیّ عنه اتّخاذ ولیٍّ ومعبودٍ غیر الله، ولا یجوز عبادة غیر الله وإن کان لأجل التقرّب إلی الله، والطلب من الأولیاء من دون عبادتهم لا إشکال فیه، واتّضح ممّا ذکرنا أنّ مطلق الطلب وأمثاله (الإحترام والتواضع فی مقابل الأستاذ والعظماء والوالدین) لیس بعبادة بل العبادة هی التذلّل الخاصّ وهو «پرستش» بالفارسیّة و«الألوهیّة» بالعربیّة.

5) قوله تعالی: «وَأَنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا».(3)

وجه الإستدلال: الطلب من الآخرین مع الطلب من الله منهیّ عنه، فالسؤال والطلب من غیر الله ممنوع.

الجواب: مع الإلتفات إلی الجملة الأولی من الآیة الشریفة: «أَنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ» تخرج الآیة عن نطاق البحث لأنّ المراد من

ص: 53

«المَساجِدَ» إحدی هذه الإحتمالات:

1) الأعضاء السبعة

2) مطلق الأرض

3) الأماکن المخصوصة للعبادة

4) مطلق العبادة

فمعنی الآیة الشریفة یکون هکذا: الأعضاء السبعة لله لا تدعوا مع الله أحداً أی: لا تسجُدوا لغیر الله، أو أنّ مطلق الأرض أو المساجد لله ولا تدعوا مع الله أحداً أی: لا تدعوا غیر الله فی حال العبادة فی الأرض أو فی المساجد، والسجود لله ولا تدعوا مع الله أحداً أی: إنّ السجود لله فقط.

واضح أنّ الآیة فی جمیع الصّور لاترتبط ببحثنا، والمراد من الدعاء الدعاء المخصوص ولیس کلّ دعاء، والدعاء بغیر عنوان الألوهیّة فی القرآن والحدیث جائز وکذا یجوز بحکم العقل کما اتّضح من المباحث السابقة.

6) قوله تعالی: «وَمَن أَضَلُّ مِمَّن یَدعُوا مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَا یَستَجیبُ لَهُ إِلَی یَومِ القِیامَةِ وَهُم عَن دُعائِهِم غافِلُونَ».(1)

وجه الإستدلال: وهو کالآیات السابقة بتقریر أنّ الله سبحانه وتعالی نهی من یدعوا غیر الله وأعدّه من أهل الضلالة، ومع الإلتفات

ص: 54

إلی کلمة (مَن) المستعملة فی ذوی العقول نستنتج أنّ الطلب من غیر الله بأیّ عنوان ضلال وشرک.

الجواب: واضح أنّ الآیة ترتبط بالأصنام ولذا قال المفسّرون بعد أن أشاروا إلی أنّ مصداق هذه الدعوة دعوة الأصنام؛ وأمّا إستعمال کلمة (مَن) إنّما هو لأنّ عبّاد الأصنام کانوا یتعاملون مع الأصنام معاملة ذوی العقول والشاهد علی هذا المدّعی الجملة الأخیرة من نفس الآیة «وَهُم عَن دُعائِهِم غافِلُونَ» لأنّه لو کان المراد النبیّ عیسی علیه السلام والملائکة وأمثالهما، فإنّهم لیسوا بغافلین عن الطلب منهم ودعائهم بل أنّهم یسمعون.

وإن أصرّ علی أنّ المراد ذووا العقول فنقول:

إنّ المقصود من الدعوة الدعوة بنحو العبودیّة، وإن لم یکن کذلک فإنّه لا یتوافق مع ما ذکرنا من أنّ مطلق الطلب من العقلاء لا إشکال فیه عقلاً ونقلاً.

7) قوله تعالی: «وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ کانُوا لَهُم أَعداءً وَکانُوا بِعِبادَتِهِم کافِرینَ».(1)

8) قوله تعالی: «فَلَا تَدعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَکُونَ مِنَ المُعَذَّبِینَ».(2)

9) قوله تعالی: «لَهُ دَعوَةُ الحَقِّ وَالَّذینَ یَدعُونَ مِن دُونِهِ لَا یَستَجِیبُونَ لَهُم بِشَی ءٍ».(3)

ص: 55

10) قوله تعالی: «وَلَا تَدعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا یَنفَعُکَ وَلَا یَضُرُّکَ فَإِن فَعَلتَ فَإِنَّکَ إِذاً مِنَ الظَّالِمینَ».(1)

11) قوله تعالی: «وَیَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا یَضُرُّهُم وَلَا یَنفَعُهُم وَیَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللَّهِ قُل أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا یَعلَمُ فِی السَّماواتِ وَلَا فِی الأَرضِ سُبحانَهُ وَتَعالی عَمَّا یُشرِکُونَ».(2)

وجه الإستدلال نظیر الإستدلال بالآیات السابقة والجواب عنه أیضاً کما ذکرناه.

الجواب: فی الإجابة علی نظیر هذه الآیات بنحو کلّی نقول:

إن کان المراد من المدعوّین الأصنام فإنّه لا یرتبط ببحث التوسّل المبحوث عنه، وإن کان المراد الملائکة وأولیاء الله وأمثالهما فإنّه مع الإلتفات إلی أنّهم واجدون لما نفی عنه فی الآیات کالمال والإستماع وأمثالهما بالعرض فیتّضح أنّ المنفیّ هو المالکیّة والإستماع بالذّات، وأیضاً یتّضح أنّ المنفیّ هو الدعاء والطلب منهم لأنّه یوجب الشرک وهذا ما إذا کان الدعاء بعنوان أنّه مالک بالذّات، وهذا الوجه من الدعاء والطلب شرک ومذموم البتّة، وإلّا فإنّ مطلق الدعاء غیر ممنوع بحکم العقل مضافاً إلی أنّه ورد التصریح به فی کثیر

من الآیات، إنّ المحذور الذی وقع فیه

ص: 56

المشرکون وورد فیه النهی لکونه شرکاً إنّما هو عبادتهم لمن کانوا یدعونه، وعلیه لا یرتبط ببحثنا أی الدعاء والطلب من أولیاء الله مع الإلتفات إلی أنّ القدرة التی یمتلکها العبد هی بعنایة الله وما یفعله بإذنه تعالی.

تنبیه: مع الإلتفات إلی الآیات والروایات الکثیرة التی تثبت العلم والقدرة غیر العادیین للنبیّ والإمام، فإنّ الآیات التی تنفی العلم والقدرة عنهما تُحمل علی العلم والقدرة الذاتیان، وإلّا لزم ترک جمیع الآیات والروایات التی ذکرنا بعضها مع قطعیّة سندهما ودلالتهما.

نعم، کما أنّه بالنسبة إلی الله تعالی فی بعض الآیات القرآنیّة _ ولأنّ الدلیل قطعی_ نضطر للّجوء إلی المعنی الکنائی مثل نفی العلم عن الله فی آیات متعدّدة کقوله تعالی «أَ تُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا یَعلَمُ»(1) کذلک الحال فی الموارد التی یمکن حمل معنی بعض الآیات علی ما لا ینافی سائر الآیات والروایات القطعیّة الظاهرة، فإنّه یجب ذلک، أی نفی العلم والقدرة بالذّات عن غیر الله تعالی، فإنّ العلم والقدرة بالذات مختصّ بالله تعالی فقط.

فبعض الآیات کقوله تعالی: «مَا کُنتَ تَدرِی مَا الکِتابُ وَلَا الإیمانُ وَلکِن جَعَلناهُ نُوراً»(2) وقوله تعالی: «فَذَکِّر إِنَّما أَنتَ مُذَکِّرٌ *

ص: 57

لَستَ عَلَیهِم بِمُصَیطِرٍ»(1) لا ینافی ما ذکرنا والنبیّ وأولیاء الله لا یعلمون شیئاً من عند أنفسهم وما یعلمونه إنّما هو بتعلیم الله.

الأمر الثانی:

ممّا ینبغی أن یُعلم أنّ التوسّل بالأئمّة المعصومین علیهم السلام کالدعاء والطلب من الله، له شرائط. وکما أنّ الدعاء لا یستجاب مع عدم وجود الشرائط أو وجود المانع أو أنّه

یذخر للإنسان ولا یعطی حاجته،(2) فإنّ التوسّل أیضاً لا یصل إلی النتیجة مع عدم وجود الشرائط أو وجود الموانع، ولذا فإنّ کثیراً من التوسّلات لا نتیجة لها ککثیر من الأدعیة و فی بعض الموارد تکون ذخیرةً للإنسان، وفی بعض الموارد فإنّ التوسّل کالدعاء تحصل منه النتیجة وتظهر آثاره، وممّا ینبغی أن یُعلم أیضاً أنّه یجب الإستفادة من سنّة الخلقة والأسباب العادیّة فی الحیاة فی کثیر من الموارد للشؤون المختلفة ولا یمکن الإکتفاء بالدعاء فقط، فإنّه فی کثیر من الموارد یجب استخدام الأسباب والوسائل العادیّة، وإن کان الوصول إلی النتیجة بالتوسّل أسرع.

ص: 58

الجواب: مع الإلتفات إلی أنّ عموم المسلمین من بدو الإسلام إلی یومنا هذا یخضع بعضهم لبعضٍ ویطلب کلّ منهم من الآخر طلبات مختلفة کانت ولا زالت، وقد ورد التأکید فی موارد کثیرة من القرآن علی خضوع بعض لبعض آخر کما قال تعالی: «وَاخفِض لَهُمَا جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ»(1) و «أَذِلَّةٍ عَلَی المُؤمِنینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الکَافِرینَ»،(2)

یظهر أنّ مطلق الخضوع والخشوع والتذلّل والدعاء والطلب، لیس بشرک ومنهیّ عنه. بل الخضوع والخشوع الّذی یُعدّ شرکاً وعبادة لغیر الله وقد حاربه القرآن، هو الخضوع والتذلّل الخاصّ.

بعبارة أخری: الخضوع والخشوع والطلب الّذی کان من المشرکین للأصنام أو لبعض أولیاء الله یتفاوت بنحو کلّیّ مع خضوع وخشوع وطلب المسلمین من أولیاء الله، لأنّه مضافاً إلی أنّ أصل الخضوع والخشوع والطلب من الأصنام غیر معقول ومضادّ للعقل، لأنّ الأصنام لا یقدرون علی فعل شئ وعاجزون بنحو مطلق ولا یستطیعون الشفاعة؛ فان حقیقة طلب المشرکین وتذلّلهم لما یعبدونه (من دون الله) یختلف مع خضوع وتذلّل عموم المسلمین بالنسبة إلی أولیاء الله من جهات:

الف) إنّ عمل المشرکین فی الموارد المذکورة کان من عند

ص: 60

أنفسهم غیر مستند إلی إذن الله وأمره، أمّا خضوع عموم المسلمین وخشوعهم أمام مَن یدعونهم ویطلبون منهم مستند إلی إذن الله وأمره، فمثلاً الطلب من رسول الله صلی الله علیه و آله أو إحترامه مستند إلی إذن الله أو أمره، کما قال تعالی: «وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم جَاؤُکَ فَاستَغفَرُوا اللَّهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِیماً»،(1) «وَلَا تَجعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَینَکُم کَدُعَاءِ بَعضِکُم بَعضاً».(2)

ب) تذلّل المشرکین وخضوعهم فی قبال مَن یعبودنه یکون مع نوع من الإستقلالیّة، فمع أنّهم یقبلون أنّهم لم یخلقوا الموجودات إلّا إنّهم یرون لهم مکانة خاصّة لأجل إرتباطهم بالله أو إفاضة الفیض علیهم، لا بمعنی أنّ الله جعلهم واسطة فیما بینه و بین عباده بل أنّه لا یمکن الإرتباط بالله أو إفاضة فیضه علیهم إلّا عن طریق عبادتهم ووساطتهم، کما أنّ استدامة الحیاة غیر ممکنة إلّا بالإستفادة من الشمس التی هی سبب فیض الله علینا.

ج) مع غضّ النظر عن أنّ المشرکین غیر مأذونین فی دعوتهم وعبادتهم وتذلّلهم للأصنام ویرون الإستقلالیّة لها فی التأثیر، فإنّهم عبدوهم مستقلّاً، ومع الإلتفات إلی ما هو موجود فی فطرتهم _ من أنّ خالق المخلوقات هو الله سبحانه وتعالی وهو رازق الجمیع _ إلّا أنّهم

ص: 61

مع ذلک یخضعون ویخشعون بنحو مطلق لتلک الأصنام ویدعونها «مِن دُونِ اللَّهِ»، وطلب عامّة المسلمین من أولیاء الله واحترامهم والتذلّل لهم إنّما هو من دون الإستقلالیّة لهم فی الطلب.

وفی الختام یجب الإلتفات إلی هذه الأمور فی البحث المذکور:

الأمر الأوّل: لا مدخلیّة للحیاة والممات فی ماهیّة الشرک، فلو کان عمل شرکاً بالنسبة إلی شخص فهو شرک فی کلّ حال، نعم یمکن أن تکون بعض الأعمال لغواً فی حال الممات دون الحیاة.

الأمر الثانی: لا مدخلیّة فی حجم الطلب وعظمته أو صغره أو کونه أمراً عادیّاً أو غیر عادیّ فی ماهیّة الشرک.

الأمر الثالث: علی فرض عدم ثبوت القدرة لأولیاء الله بعد الممات فی التصرّف فی عالم الدنیا إلّا أنّ الطلب منهم _ مع الإلتفات إلی عدم استقلالیّتهم _ لغو ولیس بشرک، الفرق بین اللّغو والشرک واضح.

الحمد لله الذی جعلنا من المتمسّکین بولایة أمیرالمؤمنین والائمّة علیهم السلام

ص: 62

7. تفصیل وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة. الحرّ العاملیّ، محمّد بن حسن(ت1104ق). قم: مؤسّسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث. الطبعة الأولی: 1409ق.

8. التوحید وبیان العقیدة السلفیّة النقیّة. عبدالرحمن بن حسین بن حمید(ت1402ق). التحقیق: أشرف بن عبدالمقصود. ریاض: مکتبة طبریة. الطبعة الأولی: 1412ق.

الدر المنثور فی تفسیر المأثور. سیوطی، جلال الدین

9. (ت911ق). قم: منشورات مکتبة آیة الله المرعشیّ النجفیّ قدس سره. الطبعة: 1404ق.

10. سنن ابن ماجة. القزوینیّ، محمّد بن یزید (ت275ق). بیروت: منشورات دار الکتب العلمیة.

11. سنن الترمذی. الترمذیّ، محمّد بن عیسی بن سوره (ت279ق). التحقیق: عبدالوهّاب عبداللطیف. بیروت: دارالفکر. الطبعة الثانیة: 1403ق.

12. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربیّة. الجوهریّ، إسماعیل بن حمّاد(ت393ق). التحقیق: أحمد عبدالغفور العطّار. بیروت: دارالعلم للملایین. الطبعة الرابعة: 1407ق.

13. صحیح البخاری. البخاری، محمّد بن اسماعیل (ت256ق). بیروت: دارالفکر. الطبعة: 1401 ق.

ص: 64

14. فتح المجید شرح کتاب التوحید. آل الشیخ، عبد الرحمن بن حسن (ت1285ق). التحقیق: أشرف بن عبدالمقصود. مصر: مؤسّسة قرطبة. 1391ق.

15. قاموس قرآن. القرشیّ، علی اکبر (ت1307ق). طهران: دار الکتب الإسلامیّة. الطبعة السادسة: 1412ق.

16. الکافی. الکلینیّ، محمّد بن یعقوب(ت329ق). التحقیق: علی اکبر الغفاریّ. طهران: دارالکتب الإسلامیّة. الطبعة الرابعة: 1407ق.

17. کشف الإرتیاب فی أتباع محمّد بن عبد الوهّاب. الأمین، السیّد محسن (ت1371ق). قم: مکتبة الحرمین. الطبعة الثانیة: 1382ق.

18. کتاب التوحید. النجدیّ، محمّد بن عبدالوهّاب (ت1206ق). التحقیق: ابومالک الریاشی. مصر: مکتبة عبادالرحمن. الطبعة الأولی: 1429ق.

19. الکشاف عن حقائق غوامض التنزیل. الزمخشریّ، محمود (ت538ق). بیروت: دارالکتاب العربیّ. الطبعة الثالثة: 1407ق.

مجمع البحرین. الطریحیّ، فخر الدین بن محمّد

20. (ت1087ق). التحقیق: احمد الحسینیّ الأشکوریّ. طهران: منشورات مرتضوی.الطبعة الثالثة: 1375 ش.

21. مجمع البیان فی تقسیر القرآن. الطبرسیّ، فضل بن حسن (ت548ق). طهران: منشورات ناصر خسرو. الطبعة الثالثة: 1372ش.

22. مجموعة التوحید. مجموعة من العلماء. التحقیق: بشیر محمّد عیون. بیروت: مکتبة دارالبذرة. الطبعة: 1407ق.

ص: 65

23. المزار الکبیر. ابن مشهدی، محمّد بن جعفر (ت610ق). التحقیق: جواد القیّومیّ الإصفهانیّ. قم: مؤسّسة النشر الإسلامیّ. الطبعة الأولی: 1419ق.

24. المستدرک علی الصحیحین. الحاکم النیشابوریّ، أبو عبدالله (ت405ق). التحقیق: یوسف عبدالرحمن المرعشلی. بیروت: دار المعرفة.

25. مسند أحمد بن حنبل. احمد بن حنبل (ت241ق). بیروت: دار صادر.

26. المعجم الأوسط. الطبرانیّ، سلیمان بن أحمد (ت360ق). بیروت: دار الحرمین. الطبعة: 1415ق.

27. المعجم العربی الحدیث «لاروس».

28. المعجم الکبیر. الطبرانیّ، سلیمان بن أحمد (ت360ق). التحقیق: عدی عبدالمجید السلفی. بیروت: دار إحیاء التراث العربیّ. الطبعة الثانیة.

29. مفردات ألفاظ القرآن. الراغب الأصفهانیّ، حسین بن محمّد (ت502 ق). التحقیق: صفوان عدنان داودیّ. بیروت: دار القلم. الطبعة الأولی: 1412 ق.

30. الهدیّة السنیّة والتحفة الوهّابیّة النجدیّة. النجدیّ، سلیمان بن سحمان (ت1349ق). مصر: مطبعة المنار. الطبعة الأولی: 1342ق.

31. وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفی. الحسنیّ الشافعیّ، نورالدین (ت911ق). بیروت: دار الکتب العلمیّة. الطبعة الأولی: 1419ق.

ص: 66

بحثی تحلیلی در عقائد وهابیت

آیة الله سید جعفر سیّدان دام ظله

ترجمه: سید فاضل رضوی

دار الولایة للنشر

1395_ 1438

ص: 67

Intercession

Ayatollah Seyyedan

Translated by:

Sayed Fadhel Razavi

Velayat Publishers

2017 - 1395

ص: 70

بسم اللّه الرحمن الرحیم

«اُدعُ إلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالحِکمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَة»

یُعدّ العلم والمعرفة أفضل وأکبر النِّعم الإلهیّة المهداة لعباد اللّه الصالحین لأنّه بالعلم یُعینهم اللّه علی عبودیّته وبه یخضعون له، وهو من أکبر النّعم التی بها یفتخرون فی حیاتهم الدنیا.

والعلماء الربانیّون والعرفاء الإلهیّون هم من یستضیئون بهدی الأنبیاء والأئمّة علیهم السلام ولا یشعرون بالتَّعب أو الملل أبداً فی سلوک هذا الطریق. طریق العلم والعمل، ویتجنّبون الطُرُق الأُخری التی لا تنتهی بهم إلی نیل معارف الأئمّة علیهم السلام .

تهدف هذه المؤسّسة _ التی تأسّست بدافع إحیاء آثار هذه الثلَّة المخلصة التی تحملت علی عاتقها مهمّة الدفاع عن معارف الوحی والعلوم الإلهیّة الأصیلة _ إلی نشر هذا الفکر عبر الوسائل العصریّة المتاحة ومن اللّه التوفیق.

ص: 71

بسم اللّه الرحمن الرحیم

«اُدعُ إلی سَبِیلِ رَبِّکَ بِالحِکمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَة»

Call on to the way of your lord with wisdom and good preaching

Knowledge is arguably God's most precious blessing given to humanity, with which they can understand, worship, and submit to the Almighty's commandments. It is indeed the greatest of His gifts for both in this life and the afterlife.

And those with divine understanding are the true inheritors of the prophets and their successors. Those are the people of wisdom who stop at nithing in carrying on their endeavor in seeking knowledge from its one and only source; the messengers of Allah.

This institution, was founded on the revival and republishing the canons and original works of the scholars who gave their life in supporting the foundations of the religion and the teachings of the holy prophet and his immaculate household. We ask Allah to guide us in this holy path.

ص: 72