موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 48

اشارة

سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهري : 60ج.

شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.

يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).

يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .

يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف

رده بندي ديويي : 297/9553

شماره كتابشناسي ملي : 2105726

ص: 1

هوية الكتاب :

الكتاب : موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) الجزء الثامن والأربعون

تأليف : المرحوم آية الله العلاّمة السيّد محمّد كاظم القزويني (قدّس سرّه)

إعداد وتنظيم : ابناء المرحوم المؤلّف

الناشر : مؤسسة الرافد للمطبوعات

المطبعة : عترت

التنضيد والإخراج : دار المجتبى (عليه السّلام) للطباعة الكومبيوتريّة

الطبعة : الاولى عام 1437 هجري

العدد : 1000 نسخة

1 - 24 - 6593 - 600 - 978 ISBN

------------

مراكز التوزيع

مكتبة فدك - قم - صفائية - مجمع الإمام المهدي (عليه السّلام) - الرقم 116 - تليفون : 37833624

مؤسسة الرافد للمطبوعات - قم شارع معلّم - الفرع 12 - الرقم 3 arrafed_pub@yahoo.com

تليفون : 989125514426+ www.arrafed.com

مكتبة ابن فهد الحلي - كربلاء المقدّسة - شارع قبلة الإمام الحسين (عليه السّلام) - 07801558942

ص: 2

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً)((1)) .

(وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْء وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)((2)) .

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلا بَعِيداً)((3)) .

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِير قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)((4)) .

ص: 3


1- - النساء 4 : 105 .
2- - النساء 4 : 113 .
3- - النساء 4 : 136 .
4- - المائدة 5 : 15 .

(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)((1)) .

(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ)((2)) .

(أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)((3)) .

ص: 4


1- - المائدة 5 : 48 .
2- - الانعام 6 : 92 .
3- - الانعام 6 : 114 .

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

« الحمد لله المُستحمَد بالآلاء وتتابع النَّعماء ، وصارفِ الشدائد والبلاء ... »((1)) .

والصلاة والسلام على سادات الأولياء سيّدنا محمّد وآله الأصفياء الأتقياء .

ولعنة الله على أعدائهم الأشقياء .

وبعد : فهذا هو الجزء الثامن والأربعون من موسوعة الامام الصادق (عليه السّلام) المباركة ، ويحتوي على الأحاديث المرويَّة عنه (عليه السّلام) في تفسير سورة الأنعام والأَعراف والأَنفال .

وقد تحدَّثنا - بالمناسبة - عن بعض النقاط المهمَّة مثل :

1 - من هو والد النبي ابراهيم (عليه السّلام) .

2 - أقسام الناس - بالنسبة الى الايمان - .

ص: 5


1- - من خطبة للإمام الحسن المجتبى (عليه السّلام) . الأمالي للطوسي ص561 .

3 - البراءة من أعداء الله .

4 - مسألة اباحة بعض الائمة الطاهرين الخُمس لشيعتهم .

وهذه النقاط مهمَّة جداً ولابدَّ من معرفتها على ضوء الدليل ، لئلاّ يلتبس الأمر على الانسان ويذهب ضحيَّة الشبهات والأباطيل التي ينشرها أعداء الحق وأنصار الباطل .

نسأل الله تعالى البصيرة في الدين والتوفيق لما يحبّ ويرضى انّه سميع مجيب .

محمّد كاظم الق-زويني

قم المقدَّسة - ايران

ص: 6

سورة الأنعام

باب (1)فضل سورة الأنعام

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن حسّان ، عن إسماعيل ابن مهران ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، رفعه قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنَّ سورة الأنعام نزلت جُملَةً شيَّعها سبعون ألف مَلك حتى اُنزلت على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فعظِّموها وَبَجِّلوها فإنّ اسم الله (عزّوجلّ) فيها في سبعين موضعاً ولو يعلم النّاس ما في قراءتها ما تركوها((1)) .

ثواب الأعمال : قال ابو عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((2)) .

تفسير العياشي : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((3)) .

باب (2)صلاة ودعاء للحاجة

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه

ص: 7


1- - الكافي : ج2 ص622 ح12 .
2- - ثواب الأعمال : ص132 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص90 ح1398 الطبعة الحديثة .

السّلام) يقول : إنَّ سورة الأنعام نزلت جملة واحدة ، وشيَّعها سبعون ألف ملك حين أُنزلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فعظِّموها وبجِّلوها ، فإنَّ اسم الله (تبارك وتعالى) فيها في سبعين موضعاً ، ولو يعلم الناس بما في قراءتها من الفضل ما تركوها .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : مَن كان له إلى الله حاجة يريد قضائها فليُصلّ أربع ركعات بفاتحة الكتاب والأنعام ، فليقل في صلاته إذا فرغ من القراءة : « يا كريم ، يا كريم ، يا كريم ، يا عظيم ، يا عظيم ، يا عظيم ، يا أعظم من كلِّ عظيم ، يا سميع الدُّعاء ، يا مَن لا تُغيّره الأيّام والليالي ، صلّ على محمّد وآل محمّد ، وارحم ضَعفي وفقري ، وفاقتي ومَسكنتي ، فإنَّك أعلم بها منّي ، وأنت أعلم بحاجتي ، يا مَنرَحِم الشيخ يعقوب حين ردّ عليه يوسف قرَّة عينه ، يا مَن رحم أيّوب بعد حُلول بلائه ، يا مَن رحم محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومِن اليُتم آواه ، ونصَره على جبابرةِ قريش وطواغيتها وأمكنه منهم ، يا مغيث يا مغيث » يقوله مراراً .

فوالذي نفسي بيده ، لو دَعَوت ]الله[ بها بعد ما تُصلّي هذه الصلاة في دبر هذه السورة ، ثمَّ سألت الله جميع حوائجك ما بَخِل عليك ، ولأعطاك ذلك إن شاء الله((1)) .

باب (3)الاستشفاء بسورة الأنعام

طب الأئمة (عليهم السّلام) : عن سلامة بن عمرو الهمداني قال :

ص: 8


1- - تفسير العياشي : ج2 ص89 ح1396 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص521 .

دخلت المدينة فأتيت أبا عبدالله (عليه السّلام) فقلت : يابن رسول الله اعتللت على أهل بيتي بالحج ، وأتيتك مستجيراً ]مستسرّاً[ من أهل بيتي من علَّة أصابتني ، وهي الدّاء الخبيثة .

قال : أقم في جوار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفي حرمه وأمنه ، واكتب سورة الأنعام بالعسل واشربه ، فإنَّه يذهب عنك((1)) .

تفسير البرهان : روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : من كتبها بمسك وزعفران وشربها ستة أيام متوالية يرزق خيراً كثيراً ولم تُصبه سوداء وعوفي من الأوجاع والألم بإذن الله تعالى((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) (1).

باب (4)القرآن يردُّ على ثلاثة أصناف

الإحتجاج : بإسناده عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري

ص: 9


1- - طب الأئمة : ص105 . منه بحار الأنوار : ج92 ص275 .
2- - تفسير البرهان : ج3 ص523 ح8 .

(عليه السّلام) قال : قال الصادق (عليه السّلام) : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : أنزل الله (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) وكان في هذه الآية ردّ على ثلاثة أصناف منهم ، لمّا قال : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) فكان ردّاً على الدهريَّة الذين قالوا : إنَّ الأشياء لا بَدْوَ لها وهي دائمة ، ثم قال : (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) فكان ردّاً على الثنويَّة الذين قالوا إنَّ النور والظلمة هما مدبِّران ، ثم قال : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) فكان ردّاً على مشركي العرب الذين قالوا : إنَّ أوثاننا آلهة ... الى آخر الحديث((1)) .

باب (5)استحباب قول : كَذِبَ العادلون بالله

التهذيب : محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسين ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدَّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : إذا قرأ - الرجل - : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) أن يقول : كذب العادلون بالله ... الى آخر

ص: 10


1- - الاحتجاج : ص28 .

الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِين ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ) (2) .

باب (6)الأَجَل قسمان

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن الحلبي ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الأجل المقضيّ : هو المحتوم الذي قضاهالله وحَتّمه ، والمسمّى : هو الذي فيه البَداء يُقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير((2)) .

تفسير العياشي : عن حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله تعالى : (ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ) ؟

قال : المسمّى ما سُمّي لملك الموت في تلك الليلة ، وهو الذي قال الله تعالى : (إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)((3)) وهو الذي سُمّي لملك الموت في ليلة القدر ، والآخر له فيه المشيّة ، إن شاء

ص: 11


1- - التهذيب : ج2 ص297 ح1195 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص194 . منه تفسير البرهان : ج3 ص528 .
3- - يونس 10 : 49 .

قدّمه وإن شاء أخّره((1)) .

تفسير العياشي : في رواية حمران عنه (عليه السّلام) : أمّا الأجل الذي غير مُسمّى عنده فهو أجل موقوف ، يُقدَّم فيه ما يشاء ويؤخّر فيه ما يشاء ، وأمّا الأجل المسمّى فهو الذي يسمّى في ليلة القدر((2)) .

تفسير العياشي : عن حمران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ) ؟

قال : فقال : هما أجلان : أجل موقوف يصنَع الله ما يشاء ، وأجل محتوم((3)) .

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (ثُمَّ قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ) .

قال : الأجل الذي غير مُسمّى موقوف ، يُقدّم منه ما شاء ويؤخر منه ما شاء ، وأمّا الأجل المسمّى فهو الذي ينزل ممّا يريد أن يكون من ليلة القدر إلى مثلها من قابل ، فذلك قول الله : (إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)((4)) .

ص: 12


1- - تفسير العياشي : ج2 ص91 ح1401 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص529 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص91 ح1403 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص530 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص91 ح1402 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص530 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص90 ح1400 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص529 .

تفسير العياشي : حُصين ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (قَضَى أَجَلا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ) .

قال : الأجل الأول هو ما نبذه إلى الملائكة والرُّسل والأنبياء ، والأجل المسمّى عنده هو الذي ستره الله عن الخلائق((1)) .

أقول : إختلفت الأحاديث في تعيين الأجل المحتوم وتمييزه عن الموقوف الذي يقع فيه البداء ويخضع للتقديم والتأخير ، ومادلّ على أن المحتوم هو الذي قضاه الله وحتمه والمسمّى هو الذي فيه البداء تام من حيث السَّند والدلالة وما دلّ على خلافه غير تام من حيث السند والله العالِم .

باب (7)الناس مخلوقون من ثلاث طينات

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن النّضر بن شعيب ، عن عبد الغفَّار الجازي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنَّ الله (عزّوجلّ) خلق المؤمن من طينة الجنّة وخلق الكافر من طينة النار .

وقال : إذا أراد الله (عزّوجلّ) بعبد خيراً طيّب روحه وجسده فلا يسمع شيئاً من الخير إلاّ عرفه ، ولا يسمع شيئاً من المنكر إلاّ أنكره .

ص: 13


1- - تفسير العياشي : ج2 ص91 ح1404 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص530 .

قال : وسمعته يقول : الطَّينات ثلاث : طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة ، إلاّ أنّ الأنبياء هم مِن صفوتها ، هم الأصل ولهم فضلهم ، والمؤمنون الفرع من طين لازب ، كذلك لا يفرِّق الله (عزّوجلّ) بينهم وبين شيعتهم .

وقال : طينة الناصب من حمأ مسنون ، وامّا المستضعفون فمن تراب ، لا يتحوَّل مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ، ولله المشيئة فيهم((1)) .الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : جُعلتُ فداك من أيّ شيء خلق الله (عزّوجلّ) طينة المؤمن ؟

فقال : من طينة الأنبياء ، فلم تنجّس أبداً((2)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن صالح بن سهل قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : المؤمنون من طينة الأنبياء ؟

قال : نعم((3)) .

* * * * *

ص: 14


1- - الكافي : ج2 ص3 ح2 .
2- - الكافي : ج2 ص3 ح3 .
3- - الكافي : ج2 ص5 ح6 .

قوله تعالى : (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) (3) .

باب (8)الله سبحانه في كلِّ مكان

التوحيد : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي الخزّاز ، عن مثنّى الحنّاط ، عن أبي جعفر - أظُنّه محمد بن نعمان - قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ) ؟

قال : كذلك هو في كلِّ مكان .

قلت : بذاته ؟

قال : وَيْحك إنَّ الأماكن أقدار ، فإذا قُلت : في مكان بذاته لَزِمَك أن تقول : في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو بائن من خلقه ، مُحيطٌ بما خَلق عِلماً وقدرة وإحاطةوسلطاناً وملكاً ، وليس عِلمه بما في الأرض بأقلَّ ممّا في السَّماء ، لا يبعد منه شيء ، والأشياء له سواء عِلماً وقدرة وسلطاناً وملكاً وإحاطة((1)) .

* * * * *

ص: 15


1- - التوحيد : ص132 ح15 . منه تفسير البرهان : ج3 ص530 .

قوله تعالى : (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ) (9) .

باب (9)لا يكون الرسول بصورة المَلَك

تفسير العياشي : عن عبدالله بن أبي يعفور قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لبسوا عليهم لبس الله عليهم ، فإنَّ الله يقول : (وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ)((1)) .

أقول : قال الكفّار : لو لا أُنزل علينا مَلَك من الملائكة مكان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى نشاهده فنصدّقه ونطمئن به ، فأخبر الله (سبحانه) أَنّا لو أنزلنا مَلَكاً - كما أرادوا - لما آمنوا به فحينئذ يأتيهم العذاب ولا يُمهلون ، ولو جعلنا المَلَك رسولاً لجعلناه رجلاً على صورتكم ، لأنّ الناس ليس باستطاعتهم أن ينظروا الى المَلَك بصورته الواقعية الاّ بعد تجسّمه وصيرورته بصورة البشر ، كما كان جبرئيل يأتي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على صورة دحية الكلبي - وهو أحد الصحابة - ولو شاهدوا المَلَك على صورة البشر لقالوا مثل ما قالوه حول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

* * * * *

ص: 16


1- - تفسير العياشي : ج2 ص91 ح1405 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص533 .

قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْم عَظِيم) (15) .

باب (10)الخوف من عذاب الله

تفسير العياشي : عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لم يزل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْم عَظِيم) حتّى نزلت سورة الفتح ، فلم يَعُد إلى ذلك الكلام((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْء أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لاُِنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) (19) .

باب (11)الامام ينوب النبي في الإنذار

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن

ص: 17


1- - تفسير العياشي : ج2 ص275 ح1947 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج5 ص20 .

أحمد بن عائذ ، عن ابن اُذينة ، عن مالك الجهني قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قوله (عزّوجلّ) : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ) .

قال : مَن بَلَغ أن يكون إماماً من آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهو يُنذر بالقرآن كما أنذر به رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((1)) .

الكافي : أحمد ، عن عبد العظيم ، عن ابن اُذينة ، عن مالك الجهني قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لاُِنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ) .

قال : مَن بَلَغ أن يكون إماماً من آل محمد ينذر بالقرآن كما ينذر به رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((2)) .مجمع البيان : في تفسير العياشي قال أبو جعفر و أبو عبدالله (عليهما السّلام) : (مَن بَلَغَ) معناه : من بلغ أن يكون إماماً من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((3)) .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر ، وأبي عبدالله

ص: 18


1- - الكافي : ج1 ص416 ح21 .
2- - الكافي : ج1 ص424 ح61 .
3- - مجمع البيان : ج2 ص282 .

(عليهما السّلام) في قوله : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ) يعني الأئمة من بعده ، وهم يُنذِرون به الناس((1)) .

علل الشرايع : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا عبدالله بن عامر ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سُئل عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ) ؟

قال : بكلِّ لسان((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (20 - 22) .

باب (12)أوصاف رسول الإسلام في التوراة والانجيل

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن

ص: 19


1- - تفسير العياشي : ج2 ص92 ح1407 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص536 .
2- - علل الشرايع : ص125 ح3 . منه تفسير البرهان : ج3 ص537 .

حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : هذه الآية نزلت في اليهود والنَّصارى يقولالله (تبارك وتعالى) : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) يعني التوراة والإنجيل (يَعْرِفُونَهُ) يعني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ) لأنَّ الله (تبارك وتعالى) قد أنزل عليهم في التوراة والزبور والإنجيل صفة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصفة أصحابه ومبعثه وهجرته وهو قوله : (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الاِْنجِيلِ)((1)) ... الى آخر الحديث((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) (23) .

باب (13)الرحمة الالهيَّة الواسعة

تفسير العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 20


1- - الفتح 48 : 29 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص33 . منه تفسير البرهان : ج3 ص538 .

قال : إنَّ الله يعفو يوم القيامة عفواً لا يخطِرُ على بال أحد ، حتى يقول أهل الشّرك : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)((1)) .

تفسير القمي : أخبرنا الحسين بن محمد ، عن المعلَّى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) بولاية علي (عليه السّلام)((2)) .

مجمع البيان : قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ) إنّ المراد لم يكن معذرتهم (إِلاَّ أَن قَالُواْ) وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (27 و28) .

باب (14)ندامة العاصين يوم القيامة

تفسير العياشي : عن محمد بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن

ص: 21


1- - تفسير العياشي : ج2 ص93 ح1410 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص539 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص199 . منه تفسير البرهان : ج3 ص539 .
3- - مجمع البيان : ج2 ص284 . منه تفسير البرهان : ج3 ص542 .

أبيه ، عن جده (عليهم السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في خُطبته : فلمّا وقفوا عليها قالوا : (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) إلى قوله : (وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)((1)) .

باب (15)الماء والتراب أصل خلق الانسان

تفسير العياشي : عن عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عنه (عليه السّلام) قال : إنَّ الله تعالى قال للماء : كُن عَذْباً فُراتاً أخلُق منك جنَّتي وأهل طاعتي ، وقال للماء : كن مِلحاً أجاجاً أخلق منك ناري وأهل معصيتي ، فأجرى المائين على الطين ، ثمَّ قبض قبضة بهذه - وهي يمين - فخلقهم خلقاً كالذر ، ثم أشهدهم على أنفسهم : ألست بربّكم وعليكم طاعتي ؟

قالوا : بلى .

فقال للنار : كوني ناراً ، فإذا نار تأجّج ، وقال لهم : قَعوا فيها ، فمنهم من أسرع ومنهم من أبطأ في السعي ، ومنهم من لم يرم مجلسه ، فلما وجدوا حرّها رجعوا ، فلم يدخُلها منهم أحد ، ثمَّ قبض قبضة بهذه ، فخلقهم خلقاً مثل الذَّر ، مثل أُولئك ، ثمَّ أشهدهم على أنفسهم مثلَ ما

ص: 22


1- - تفسير العياشي : ج2 ص95 ح1412 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص543 .

أشهد الآخرين ، ثم قال لهم : قعوا في هذه النار ، فمنهم من أبطأ ]ومنهم من أسرع[ ، ومنهم من مرّ بطرف العين ، فوقعوا فيها كُلّهم فقال : أخرجوا منها سالمين ، فخرَجوا لم يُصبهم شيء ، وقال الآخرون : يا ربّنا : أقِلْنا نفعل كما فعلوا ، قال : قد أقلتكم ، فمنهم من أسرع في السَّعي ، ومنهم من أبطأ ، ومنهم من لم يرم مجلسه ، مثل ما صنعوا في المرَّة الاُولى ، فذلك قوله : (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)((1)) .

تفسير العياشي : عن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) أنَّهم ملعونون في الأصل((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ) (33 و34) .

باب (16)الحق يدحض الباطل

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن

ص: 23


1- - تفسير العياشي : ج2 ص96 ح1413 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص544 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص97 ح1414 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص544 .

سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن يعقوب بن شعيب ، عن عمران بن ميثم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قرأ رجل على أمير المؤمنين (عليه السّلام) : (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) .

فقال : بلى والله لقد كذَّبوه أشدّ التكذيب ولكنَّها مخففة : لا يَكْذِبُونَكَ ، لا يأتون بباطل يكذّبون به حقّك((1)) .تفسير العياشي : عن عمَّار بن ميثم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قرأ رجل عند أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ... وذكر مثله((2)) .

تفسير القمي : إنّها قُرأت على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : بلى والله لقد كذّبوه أشدّ التكذيب وإنَّما نزل (لاَ يَأْتُونَكَ)((3)) أي لا يأتون بحقّ يُبطلون حقّك((4)) .

تفسير العياشي : عن الحسين بن المنذر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ) .

قال : لا يستطيعون إبطال قولك((5)) .

ص: 24


1- - الكافي : ج8 ص200 ح241 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص97 ح1415 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص547 .
3- - الفرقان 25 : 33 . وفي تفسير البرهان : وإنّما نزلت : (لاَ يُكَذِّبُونَكَ)
4- - تفسير القمي : ج1 ص196 . منه تفسير البرهان : ج3 ص548 .
5- - تفسير العياشي : ج2 ص97 ح1416 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص547 .

مجمع البيان : قراءة علي (عليه السّلام) والمروي عن جعفر الصادق (عليه السّلام) : لا يَكْذِبُونَكَ((1)) .

الكافي : محمد بن الحسين وغيره ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعاً ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال الله (جلَّ ذكره) : يا محمد ! (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ)((2)) (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) ولكنَّهم يجحدون بغير حجَّة لهم((3)) .

باب (17)استحباب الصَّبر في جميع الاُمور

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمد الإصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا حفص إنَّ من صبر صبر قليلاً وإنَّ من جزع جزع قليلاً ، ثم قال : عليك بالصبر في جميع

ص: 25


1- - مجمع البيان : ج2 ص293 .
2- - الحجر 15 : 97 .
3- - الكافي : ج1 ص293 ح3 .

أُمورك فإنّ الله (عزّوجلّ) بعث محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأمره بالصبر والرّفق .

- الى أن قال : - ثم كذّبوه ورموه فحزن لذلك ، فأنزل الله (عزّوجلّ) : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) فألزم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نفسه الصَّبر ، فتعدّوا فذكروا الله (تبارك وتعالى)((1)) وكذَّبوه ، فقال : قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي ، فأنزل الله (عزّوجلّ) : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوب * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ)((2)) فصبر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في جميع أحواله ... الى آخر الحديث((3)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا حفص ... وذكر نحوه((4)) .

ص: 26


1- - أي نسبوا الى الله تعالى ما لا يليق بقدسيَّته وجلاله .
2- - سورة ق 50 : 38 و39 .
3- - الكافي : ج2 ص88 ح3 .
4- - تفسير القمي : ج1 ص196 .

باب (18)المقياس في قبول الشهادة

أمالي الصدوق : حدثنا أبي قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح ، عن علقمة قال : قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) - وقد قلت له : يابن رسول الله أخبرني عمَّن تُقبل شهادته ومن لا تُقبل - .

فقال : يا علقمة كلُّ مَن كان على فطرة الإسلام جازت شهادته .

قال : فقلت له : تُقبل شهادة مقترف للذنوب ؟

فقال : يا علقمة لو لم تُقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قُبلت إلاّ شهادات الأنبياء والأوصياء لأنَّهم هم المعصومون دون سائر الخلق ، فمَن لم تره بعينك يرتكب ذنباً أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادتُه مقبولة ، وإن كان في نفسه مذنباً ، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله (عزّوجلّ) داخل في ولاية الشيطان ، ولقد حدَّثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : من اغتاب مؤمناً بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنَّة أبداً ، ومن اغتاب مؤمناً بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما ، وكان المغتاب في النار خالداً فيها وبئس المصير ... الى آخر الحديث((1)) .

ص: 27


1- - أمالي الصدوق : ص91 ح3 . منه بحار الانوار : ج70 ص2 .

باب (19)الأعداء يتّهمون الأنبياء والأوصياء بما ليس فيهم

أمالي الصدوق : وبنفس الاسناد قال علقمة : فقلت للصادق (عليه السّلام) : يابن رسول الله إنَّ الناس ينسبوننا إلى عظائم الأمور وقد ضاقت بذلك صدورنا .

فقال (عليه السّلام) : يا علقمة إنَّ رضا الناس لا يُملك وألسنتهم لا تُضبط ، وكيف تَسلمون ممّا لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله (عليهم السّلام) ؟!!

ألم ينسبوا يوسف (عليه السّلام) إلى أنّه همّ بالزّنا ؟

ألم ينسبوا أيّوب (عليه السّلام) إلى أنه ابتُلي بذنوبه ؟ !ألم ينسبوا داود إلى أنّه تبع الطير حتى نَظر إلى امرأة اورياء فهواها وأنّه قدَّم زوجَها أمام التابوت حتى قُتل ثم تزوَّج بها ؟ !

ألم ينسبوا موسى إلى أنّه عِنِّين وآذوه حتى برَّأه الله ممّا قالوا وكان عندالله وجيهاً ؟ !

ألم ينسبوا جميع أنبياء الله إلى أنّهم سَحَرة طلبة الدُّنيا ؟ !

ألم ينسبوا مريم بنت عمران (عليها السّلام) إلى أنّها حَملت بعيسى من رجل نجّار اسمه يوسف ؟ !

ألم ينسبوا نبيّنا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى أنّه شاعر

ص: 28

مجنون ؟ !

ألم ينسبوه إلى أنّه هوى امرأةَ زيد بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه ؟ !

ألم ينسبوه يوم بدر إلى أنه أخذ لنفسه من المغنم قطيفةً حمراء حتى أظهره الله (عزّوجلّ) على القطيفة وبرَّأ نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الخيانة وأنزل بذلك في كتابه : (وَمَا كَانَ لِنَبِيّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)((1)) ؟!

ألم ينسبوه إلى أنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ينطق عن الهوى في ابن عمّه علي (عليه السّلام) حتى كذّبهم الله (عزّوجلّ) فقال سبحانه : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)((2)) ؟ !

ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله : انّه رسول من الله عليهم حتى أنزل الله (عزّوجلّ) عليه (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) ؟!

ولقد قال يوماً : عُرج بي البارحة إلى السّماء فقيل : والله ما فارق فراشه طول ليلته .وما قالوا في الأوصياء أكثر من ذلك .

ص: 29


1- - آل عمران 3 : 161 .
2- - النجم 53 : 3 و 4 .

ألم ينسبوا سيّد الأوصياء (عليه السّلام) إلى أنّه كان يطلب الدُّنيا والمُلك وأنّه كان يؤثر الفتنة على السُّكون وأنّه يسفك دماء المسلمين بغير حِلّها وأنّه لو كان فيه خير ما أُمر خالد بن الوليد بضرب عنقه ؟ !

ألم ينسبوه إلى أنّه (عليه السّلام) أراد أن يتزوّج ابنة أبي جهل على فاطمة (عليها السّلام) ، وانّ رسول الله شكاه على المنبر إلى المسلمين فقال : انّ علياً يريد أن يتزوَّج ابنة عدوّ الله على ابنة نبيّ الله ، ألا أنّ فاطمة بضعة منّي فمَن آذاها فقد آذاني ومَن سرَّها فقد سرّني ومن غاظها فقد غاظني ؟!

ثم قال الصادق (عليه السّلام) : يا علقمة ما أعجبَ أقاويل الناس في علي (عليه السّلام) كم بَين من يقول : إنّه ربّ معبود وبين من يقول : إنّه عبدٌ عاص للمعبود ؟!! ولقد كان قول مَن يَنسبه إلى العصيان أهون عليه من قول مَن ينسبه إلى الرُّبوبيَّة .

يا علقمة ألم يقولوا : الله (عزّوجلّ)((1)) إنَّه ثالث ثلاثة ؟!!

ألم يشبّهوه بخلقه ؟!

ألم يقولوا : إنه الدَّهر ؟!

ألم يقولوا : إنّه لفلك((2)) ؟!

ص: 30


1- - في بحار الانوار : ألم يقولوا ]في ا[ لله عزّوجلّ .
2- - في بحار الانوار : انّه الفلك .

ألم يقولوا : إنه جسم ؟ !

ألم يقولوا : إنّه صورة ؟! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .

يا علقمة إنَّ الألسنة التي تتناول ذات الله (تعالى ذكره) بما لا يليق بذاته كيف تُحبس عن تناولكم بما تكرهونه ؟!! فاستعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها منيشاء من عباده والعاقبة للمتقين ، فإنّ بني إسرائيل قالوا لموسى (عليه السّلام) : (أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) .

فقال الله (عزّوجلّ) : قل لهم يا موسى : (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)((1)) .

باب (20)ما يلاقيه الشيعة مِن اعدائهم

الكافي : محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثني علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن حفص المؤذّن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وعن محمد بن إسماعيل بن بزيغ ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ...

ص: 31


1- - أمالي الصدوق : ص91 ح3 . منه بحار الأنوار : ج70 ص2 . والآية الاخيرة في سورة الاعراف 7 : 129 .

قال : وحدثني الحسن بن محمد ، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن القاسم بن الرَّبيع الصَّحاف ، عن إسماعيل بن مخلد السَّراج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنه قال - في رسالة طويلة إلى أصحابه - : فإنّه لا يتمّ الأمر حتى يدخل عليكم مِثلُ الذي دَخل على الصَّالحين قبلكم وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم وحتَّى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيراً فتصبروا وتعركوا بجنوبكم((1))

وحتى يستذلّوكم ويبغضوكم وحتى يُحمِّلوا ]عليكم[ الضيم ، فتحملوا منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة ، وحتى تكظموا((2)) الغيظ الشديد في الأذى في الله (عزّوجلّ) يجترمونه((3))

إليكم ، وحتى يكذِّبوكم بالحق ويعادوكم فيه ويُبغضُوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم ، ومصداق ذلك كلّه في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل على نبيّكم (صلى الله عليه وآلهوسلّم) سمعتم قول الله (عزّوجلّ) لنبيّكم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ)((4)) ثمَّ قال : وإن يكذِّبوك

ص: 32


1- - يقال : عَرَك البعير جنبه بمرفقه : إذا دلكه فأثر فيه ، وكأنه كناية عن التذلل للأعداء وتحمل الأذى من جهتهم (مجمع البحرين) .
2- - كظم غيظه : ردّه وحبسه وأمسك على ما في نفسه منه على صفح أو غيظ (أقرب الموارد) .
3- - الجريمة : الجناية والذنب . واجترم زيد : اذنب (أقرب الموارد) .
4- - الاحقاف 46 : 35 .

فقد (كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ) ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ * قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) (44 - 47) .

باب (21)الانتقام الالهي من الظالمين

تفسير العياشي : عن منصور بن يونس ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ) إلى قوله : (فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) قال : أخَذَ بني اُميَّة بغتةً ، ويؤخذ بنو العباس جهرة((2)) .

دلائل الإمامة : أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ،

ص: 33


1- - الكافي : ج8 ص4 ح1 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص98 ح1419 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص556 .

عن أبيه قال : حدثنا أبو علي الحسن بن محمد النهاوندي قال : حدثنا محمد بن أحمد القاشاني قال : حدثنا علي بن سيف قال : حدثني أبي ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نزلت في بني فلان ثلاث آيات قوله (عزّوجلّ) : (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَاراً)يعني القائم بالسيف (فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ)((1)) وقوله (عزّوجلّ) : (فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : بالسيف ، وقوله (عزّوجلّ) : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ)((2)) يعني القائم (عليه السّلام) يسأل بني فلان عن كنوز بني أمية((3)) .

باب (22)بين الفقر والغنى

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن

ص: 34


1- - يونس 10 : 24 .
2- - الأنبياء 21 : 12 و13 .
3- - دلائل الإمامة : ص250 . منه تفسير البرهان : ج3 ص555 .

داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كانت مناجاة الله لموسى (عليه السّلام) : يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل : مرحباً بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل : ذَنبٌ عُجِّلتْ عقوبته ، فما فتح الله على أحد هذه الدُّنيا إلا بذنب ليُنسيه ذلك((1)) فلا يتوب ، فيكون إقبال الدّنيا عليه عقوبة لذنوبه((2)) .

باب (23)الاستعداد للآخرة

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي جميلة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كتب أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى بعض أصحابه يعظه : أوصيك ونفسي بتقوى من لا تحل معصيته ولا يرجى غيره (إلى أن قال :) فارفض الدُّنيا فإن حبَّ الدُّنيا يُعمي ويُصم ويُبكم ويُذلُّ الرِّقاب ، فتدارك ما بقيمن عُمرك ولا تقل غداً ]أ[ وبعد غد ، فإنَّما هَلك مَن كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون ، فنُقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيِّقة ... الى آخر الحديث((3)) .

ص: 35


1- - في تفسير البرهان : يُنسيه ذلك الذنب .
2- - تفسير القمي : ج1 ص200 . منه تفسير البرهان : ج3 ص553 .
3- - الكافي : ج2 ص136 ح23 .

باب (24)الورع والتبرّي من الظالمين

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد القاساني ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن فضيل بن عياض قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن أشياء من المكاسب فنهاني عنها فقال : يا فضيل والله لضرر هؤلاء على هذه الأمة أشدّ من ضرر التُرك والدَّيلم .

قال : وسألته عن الورع من الناس ؟

قال : الذي يتورّع عن محارم الله (عزّوجلّ) ويجتنب هؤلاء ، وإذا لم يتَّق الشُّبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه ، وإذا رأى المنكر فلم((1))ينكره وهو يقدر عليه فقد أحبّ أن يُعصى الله (عزّوجلّ) ، ومن أحبّ أن يعصى الله فقد بارز الله (عزّوجلّ) بالعداوة ، ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يُعصى الله ، إنّ الله تعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين فقال((2)) : (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)((3)) .

تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن القاسم بن محمد بهذا الإسناد ، عن

ص: 36


1- - في تفسير القمي : ولم .
2- - في تفسير القمي : قال .
3- - الكافي : ج5 ص108 ح11 .

أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الورع ؟فقال : الذي يتورّع عن محارم الله ويجتنب الشُّبهات وإذا لم يتَّق الشبهات ... وذكر مثله((1)) .

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدَّثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد الإصبهاني بهذا الإسناد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : من الورع من الناس ... وذكر نحوه((2)) .

تفسير العياشي : عن الفضيل بن عياض قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الورع من الناس ... وذكر نحوه((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (51) .

باب (25)القرآن كتاب إنذار

مجمع البيان : قال الصادق (عليه السّلام) : أَنذر بالقرآن من يرجون

ص: 37


1- - تفسير القمي : ج1 ص200 .
2- - معاني الأخبار : ص252 ح1 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص98 ح1420 الطبعة الحديثة .

الوصول إلى ربّهم تُرغِّبهم((1)) فيما عنده ، فإنَّ القرآن شافِعٌ مشفَّع((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَة ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (54) .

باب (26)التوبة قبل الموت

تفسير العياشي : عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : رحم الله عبداً تاب إلى الله قبل الموت ، فإنّ التوبة مطهِّرة من دنس الخطيئة ، ومنقِذَة من شفا الهلكة ، فرض الله بها على نفسه لعباده الصالحين فقال : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَة ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

(وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً)((3)) و((4)) .

ص: 38


1- - في تفسير البرهان : برغبتهم .
2- - مجمع البيان : ج2 ص304 . منه تفسير البرهان : ج3 ص558 .
3- - النساء 4 : 110 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص99 ح1422 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص560 .

مجمع البيان : قيل : نزلت في التائبين ، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَة إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّة فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْب وَلاَ يَابِس إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين) (59) .

باب (27)إحاطة علم الله بكلّ شيء

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد جميعاً ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبدالله بن مسكان ، عن زيد بن الوليد الخثعمي ، عن أبي الرَّبيع الشامي - في حديث - قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَة إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّة فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْب وَلاَ يَابِس إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين) ؟قال : فقال : الورقة : السِّقط ، والحبَّة : الولد ، وظلمات الأرض : الأرحام ، والرَّطب : ما يحيى من الناس ، واليابس : ما يقبض ، وكلُّ ذلك

ص: 39


1- - مجمع البيان : ج2 ص307 . منه تفسير البرهان : ج3 ص560 .

في إمام مبين((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي الرَّبيع الشامي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((2)) .

باب (28)الامام علي اعلم من أُولي العزم

الإحتجاج : عن محمد بن أبي عمير الكوفي : عن عبدالله بن الوليد السَّمان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما يقول الناس في اُولي العزم وصاحبكم أمير المؤمنين (عليه السّلام) ؟

قال : قلت : ما يقدّمون على اُولي العزم أحداً .

قال : فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنَّ الله (تبارك وتعالى) قال لموسى (عليه السّلام) : (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْء مَّوْعِظَةً)((3))ولم يقل كلّ شيء موعظة ، وقال لعيسى (عليه السّلام) : (وَلاُِبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ)((4)) ولم يقل كل شيء ، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين (عليه السّلام) : (قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ

ص: 40


1- - الكافي : ج8 ص248 ح349 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص99 ح1423 الطبعة الحديثة .
3- - الاعراف 7 : 145 .
4- - الزخرف 43 : 63 .

عِلْمُ الْكِتَابِ)((1)) وقال الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ رَطْب وَلاَ يَابِس إِلاَّ فِي كِتَاب مُّبِين) وعلم هذا الكتاب عنده((2)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) (61) .

باب (29)مَلَك الموت وأعوانه يقبضون الأرواح

من لا يحضره الفقيه : سئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الاَْنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)((3)) وعن قول الله (عزّوجلّ) : (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ)((4)) وعن قول الله (عزّوجلّ) : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ)((5)) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ)((6)) وعن قول الله (عزّوجلّ) : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا)

ص: 41


1- - الرعد 13 : 43 .
2- - الاحتجاج : ص375 .
3- - الزمر 39 : 42 .
4- - السجدة 32 : 11 .
5- - النحل 16 : 32 .
6- - النحل 16 : 28 .

وعن قوله (عزّوجلّ) : (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ)((1)) وقد يموت في السَّاعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلا الله (عزّوجلّ) فكيف هذا ؟

فقال : إنَّ الله (تبارك وتعالى) جعل لملك الموت أعواناً من الملائكة يقبضون الأرواح ، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الإنس يبعثهم في حوائجه ، فَتتوفاهم الملائكة ويتوفّاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ويتوفاهم الله (عزّوجلّ) من مَلكِ الموت((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) (62) .

باب (30)الامام الحسين وأصحابه في الجنة واعداؤه في النار

تفسير العياشي : عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : دخل مروان بن الحكم المدينة ، قال : فاستلقى على السرير ، وثَمَّ مولى للحسين (عليه السّلام) فقال : (رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُالْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) .

ص: 42


1- - الانفال 8 : 50 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص136 ح368 .

قال : فقال الحسين (عليه السّلام) لمولاه : ماذا قال هذا حين دخل ؟

قال : استلقى على السرير فقرأ : (رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ) إلى قوله : (الْحَاسِبِينَ) .

قال : فقال الحسين (عليه السّلام) : نعم والله ، رُدِدتُ أنا وأصحابي إلى الجنة ، ورُدّ هو وأصحابُه إلى النار((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْب ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْض انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (63 - 65) .

باب (31)قدرة الله على العذاب

مجمع البيان : (مِّن فَوْقِكُمْ) السلاطين الظلمة ، و (مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) العبيد السوء ومن لا خير فيه . وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) .

(أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) أي يخلطكم فرقاً مختلفي الأهواء لا تكونون

ص: 43


1- - تفسير العياشي : ج2 ص100 ح1425 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص565 .

شيعة واحدة ، وقيل : هو أن يكِلَهُم إلى أنفسهم فلا يلطف لهم اللطف الذي يُؤمنون عنده ويخلّيهم من ألطافه بذنوبهم السَّالفة ، وقيل : عنى به يضرب بعضكم ببعض بما يلقيه بينكم من العداوة والعصبية . وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) .

(وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْض) قيل : هو سوء الجوار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .تفسير البرهان : نحوه في (نهج البيان) عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيث غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (68) .

باب (32)النهي عن الجلوس مع المنحرفين ومسؤولية السَّمع واللَّسان

علل الشرايع : حدثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله

ص: 44


1- - مجمع البيان : ج2 ص315 . منه تفسير البرهان : ج3 ص566 .
2- - تفسير البرهان : ج3 ص566 .

البرقي ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال : حدثني علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهم السّلام) قال : قال علي بن الحسين (عليه السّلام) : ليس لك أن تقعد مع من شئت لأنَّ الله (تبارك وتعالى) يقول : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيث غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وليس لك أن تتكلَّم بما شئت لأنَّ الله (عزّوجل) قال : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ولأنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : رَحِمَ الله عبداً قال خيراً فغَنِم ، أو صمت فسَلِم ، وليس لك أن تسمع ما شئت لأنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا)((1)) و((2)) .

باب (33)مَجالس المؤمنين ومجالس الجاحدين

الكافي : الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى جميعاً ، عن علي بن محمد بن سعد ، عن محمد بن مسلم ، عن أحمد بن زكريا ، عن محمد ابن خالد بن ميمون ، عن عبدالله بن سنان ، عن غياث بن إبراهيم ، عن

ص: 45


1- - الاسراء 17 : 36 .
2- - علل الشرايع : ص605 ح80 . منه تفسير البرهان : ج3 ص568 .

أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعداً إلاّ حضر من الملائكة مثلهم ، فإن دعوا بخير أمَّنوا وإن استعاذوا من شرّ دعوا الله ليصرفه عنهم وإن سألوا حاجة تشفَّعوا إلى الله وسألوه قضاها ، وما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلاّ حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين ، فإن تكلَّموا تكلَّم الشيطان بنحو كلامهم وإذا ضحكوا ضحكوا معهم وإذا نالوا((1)) من أولياء الله نالوا معهم ، فمن ابتلي من المؤمنين بهم فإذا خاضوا((2))فى ذلك فليقم ولا يكن شرك شيطان ولا جليسه ، فإنَّ غضب الله (عزّوجلّ) لا يقوم له شيء ولعنته لا يردُّها شيء .

ثم قال (صلوات الله عليه) : فإن لم يستطع فلينكر بقلبه وليقم ، ولو حلب شاة أو فواق ناقة((3)) .

باب (34)ما فَرضَه الله على السَّمع

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - أنَّه قال في حديث طويل - : إنَّ الله فرض الإيمان على جوارح ابن آدم

ص: 46


1- - نال مطلوبه : أصابه الأمر منه ، ونال من عِرض فلان : سبَّه (أقرب الموارد) .
2- - يقال : خاض الناس في الحديث وتخاوَضوا : أي تفاوضوا فيه وتكلموا حوله (مجمع البحرين) .
3- - الكافي : ج2 ص187 ح6 .

وقسَّمه عليها . - إلى أن قال : - وفرض على السَّمع أن يتنزَّه على الإستماع إلى ما حرّم الله وأن يعرض عمَّا لا يحل له ممَّا نهى الله (عزّوجلّ) عنه والإصغاء إلى ما أسخط الله (عزّوجلّ) فقال في ذلك : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيث غَيْرِهِ)((1)) ثم استثنى الله (عزّوجلّ) موضع النسيان (وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)((2)) .

باب (35)النهي عن الجلوس في مجلس يُعصى الله فيه

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي زياد النهدي ، عن عبدالله بن صالح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلساً يُعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره((3)) .

باب (36)النهي عن مصاحبة أهلِ البدَع

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 47


1- - النساء 4 : 140 .
2- - الكافي : ج2 ص35 ح1 .
3- - الكافي : ج2 ص374 ح1 .

أنّه قال : لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم ، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : المرء على دين خليله وقرينه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْء وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (69) .

باب (37)عقاب مَن لم يُغيِّر المنكر

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر قال : حدثنا هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : أيُّها الناس إنّ الله (تعالى) لا يعذِّب العامَّة بذنب الخاصَّة إذا عملت الخاصّة بالمنكر سرّاً من غير أن تعلم العامّة ، فإذا عملت الخاصّة بالمنكر جهاراً فلم تغيّر ذلك العامّة استوجب الفريقان العقوبة من الله تعالى((2)) .

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدّثني سعد بن عبدالله ، عن

ص: 48


1- - الكافي : ج2 ص375 ح3 .
2- - علل الشرايع : ص522 ح6 .

أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما أقرَّ قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يعيّرونه إلاّ أوشك أن يعمَّهم الله (عزّوجلّ) بعقاب من عنده((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْل لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيم وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) (70) .

باب (38)عقاب من كانت الدنيا اكبر همِّه

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان و عبد العزيز العبدي ، عن عبدالله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من أصبح وأمسى والدنيا أكبر همّه جعل الله (تعالى) الفقر بين عينيه وشتَّت أمره ولم ينل من الدنيا إلاّ ما قَسَم الله له ، ومن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همّه جعل الله الغنى في قلبه وجَمع له أمره((2)) .

ص: 49


1- - ثواب الأعمال : ص310 ح1 .
2- - الكافي : ج2 ص319 ح15 .

باب (39)الدنيا كالحيَّة

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنَّ في كتاب علي (صلوات الله عليه) : إنّما مَثَل الدنيا كمثَل الحيَّة ما ألينَ مسّها وفي جوفها السّم الناقع((1)) ، يحذرها الرجل العاقل ، ويهوي إليها الصبيُّ الجاهل((2)) .

باب (40)الزهد مفتاح كلِّ خير

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص ابن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : جُعل الخير كلّه في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا .

ثم قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتى لا يبالي مَن أكل الدنيا .

ثم قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : حرام على قلوبكم أن تعرف

ص: 50


1- - سمّ ناقِع : أي بالغ قاتل ثابت (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج2 ص136 ح22 .

حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدُّنيا((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (73) .

باب (41)ما هو الغيب والشهادة ؟

معاني الأخبار : حدثنا أبي - رحمه الله - قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) .

فقال : الغيب : ما لم يكن ، والشهادة : ما قد كان((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَِبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَل مُّبِين) (74) .

ص: 51


1- - الكافي : ج2 ص128 ح2 .
2- - معاني الأخبار : ص146 ح1 . منه تفسير البرهان : ج3 ص570 .

باب (42)مَن هو آزر ؟

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ) ؟

قال : كان اسم أبيه آزر((1)) .

أقول : كان آزر عمّ إبراهيم أو جدّه لأمه ، لإطلاق الأب على العمّ والجدّ عند العرب ، وقد قام الاجماع ودلّت الأحاديث على أن آباء النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى آدم (عليه السّلام) كانوا موحِّدين وأنّ الله نقل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهَّرات ولم يدنِّسه بدنس الكفر والجاهلية .

وروي عن الامام الصادق (عليه السّلام) قال : كان آزر عمّ ابراهيم (عليه السّلام) منجّماً لنمرود وكان لا يصدر إلاّ عن رأيه ، فقال : لقد رأيت في ليلتي عجباً ، فقال : ما هو ؟ فقال : ان مولوداً يولد في أرضنا هذه يكون هلاكنا على يديه فحجبت الرجال عن النساء ، كان تارخ وقع على اُمّ ابراهيم (عليه السّلام) فحملت ... الى آخر الحديث((2)) .

وقد ذكرنا كلمة توضيحيّة حول هذا الموضوع في الجزء الخامس

ص: 52


1- - تفسير العياشي : ج2 ص101 ح1427 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص580 .
2- - قصص الانبياء للراوندي : ص103 ح95 .

من هذه الموسوعة ص171 فراجع .

* * * * *

قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (75) .

باب (43)الكشف عن ملكوت السماوات لبعض الأولياء

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عبدالله بن مسكان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) .

قال : كُشط((1)) لإبراهيم السماوات السبع حتى نظر إلى مافوق العرش ، وكُشط له الأرض حتى رأى ما في الهواء وفعل بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مثل ذلك وإنّي لأرى صاحبكم والأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك((2)) .

الخرائج والجرائح : عن أحمد وعبدالله إبني محمد بن عيسى ، عن

ص: 53


1- - كشط الغطاء عن الشيء : كشفه عنه (أقرب الموارد) .
2- - بصائر الدرجات : ص127 ح2 . منه تفسير البرهان : ج3 ص571 .

أبيهما ، عن عبدالله بن المغيرة بهذا الإسناد نحوه((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن إسماعيل بن ضرار((2)) ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كُشط له عن الأرض ومَن عليها ، وعن السَّماء ومن فيها ، والملك الذي يحملها والعرش ومن عليه ، وفُعل ذلك برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السّلام)((3)) .

تفسير العياشي : عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) وأبي عبدالله (عليه السّلام) ، في قول الله : (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) .

فقال أبو جعفر (عليه السّلام) : كُشِط له عن السماوات حتى نظر إلى العرش وما عليه .

قال : والسماوات والأرض والعرش والكرسي ؟فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كُشط له عن الأرض حتّى رآها ، وعن السَّماء وما فيها ، والملك الذي يحملُها ، والكرسي وما عليه((4)) .

ص: 54


1- - الخرائج والجرائح : ج2 ص866 ح81 .
2- - في تفسير البرهان : اسماعيل بن مرار .
3- - تفسير القمي : ج1 ص205 . منه تفسير البرهان : ج3 ص573 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص101 ح1430 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص581 .

تفسير العياشي : عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (سبحانه وتعالى) : (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) ؟

قال : كُشط له عن الأرض حتى رآها وما فيها ، والسَّماء وما فيها ، والملك الذي يحملها ، والعرش وما عليه((1)) .

بصائر الدرجات : محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : هل رأى محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ملكوت السماوات والأرض كما رأى إبراهيم ؟

قال : نعم وصاحبكم((2)) .

باب (44)إحياء الموتى للنبي ابراهيم

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وعلي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا رأى إبراهيم (عليه السّلام)

ص: 55


1- - تفسير العياشي : ج2 ص101 ح1428 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص580 .
2- - بصائر الدرجات : ص127 ح4 . منه تفسير البرهان : ج3 ص572 .

ملكوت السماوات والأرض التفت فرأى رجُلاً يزني فدعا عليه فمات ، ثم رأى آخر فدعا عليه فمات حتى رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا ، فأوحى الله (عزّ ذكره) إليه : يا إبراهيم إنّ دعوتك مُجابة فلا تدعُ على عِبادي فإنّي لو شِئتُ لم أخلقهم ، إنّي خلقتُ خَلقي على ثلاثة أصناف : عبداً يعبدني لا يشرك بي شيئاً فاُثيبه ، وعبداً يعبد غيريفلن يفوتني ، وعبداً عبد غيري فاُخرج مِن صُلبه مَنْ يعبُدني ، ثم التفت فرأى جيفة على ساحل البحر نصفها في الماء ونصفها في البرّ تجيء سباع البحر فتأكل ما في الماء ، ثم ترجع فيشدّ بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضاً وتجيء سباع البرّ فتأكل منها فيشدُّ بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضاً ، فعند ذلك تعجّب إبراهيم (عليه السّلام) ممَّا رأى وقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) .

قال : كيف تخرج ما تناسل التي أكل بعضها بعضاً ؟

(قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) يعني حتى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلّها .

(قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَل مِّنْهُنَّ جُزْءاً) فَقطّعهنَّ واخلطهنَّ كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضاً ، فخلط (ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَل مِّنْهُنَّ

ص: 56

جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً)((1)) فَلَمَّا دَعاهُنَّ أجبْنَهُ وكانت الجبال عشرة((2)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا رأى إبراهيم (عليه السّلام) ... وذكر مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((4)) .

باب (45)الناس على ثلاثة أصناف

مجمع البيان : روى أبو بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض رأى رجلاً يزني فدعا عليه فمات ثم رأى آخرفدعا عليه فمات ثم رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا ، فأوحى الله تعالى : يا إبراهيم إنّ دعوتك مستجابة فلا تدعُ على عبادي فإنّي لو شئت ان اميتهم بدعائك ما خلقتُهم ، إنّي خلقتُ خَلقي على ثلاثة

ص: 57


1- - البقرة 2 : 260 .
2- - الكافي : ج8 ص305 ح473 .
3- - تفسير القمي : ج1 ص205 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص102 ح1432 الطبعة الحديثة .

أصناف : صنفٌ يعبدني لا يشرك بي شيئاً فأُثيبه ، وصنف يعبد غيري فليس يفوتني ، وصنف يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لاََكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً

وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْء عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)(76 - 81) .

باب (46)قصَّة النبي ابراهيم

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن صفوان ، عن ابن مسكان قال : قال

ص: 58


1- - مجمع البيان : ج2 ص322 .

أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ آزر أبا ابراهيم((1)) كان منجِّماً لنمرود بن كنعان فقال له : إنّي أرى في حساب النّجوم أنّ في هذا الزّمان يُحْدِث رجلاً فينسخ هذا الدين ويدعو الى دين آخر .فقال نمرود : في أي بلاد يكون ؟

قال : في هذه البلاد ، وكان منزل نمرود بكوثي ربا (كوثى ريا - خ ل) .

فقال له نمرود : قد خرج إلى الدُّنيا ؟

قال آزر : لا .

قال : فينبغي أن يُفرّق بين الرّجال والنّساء ، ففُرِّق بين الرّجال والنّساء ، وحملتْ أُمّ ابراهيم (عليه السّلام) ولم تُبيّن حملها ، فلمّا حان ولادتها قالت : يا آزر إنّي قد اعتللت وأريد أن أعتزل عنك ، وكان في ذلك الزّمان المرأة إذا اعتلّت اعتزلت عن زوجها ، فخرجت واعتزلت عن زوجها واعتزلت في غار ، ووضعت بابراهيم فهيّأته وقمّطته ورجعت إلى منزلها وسدّت باب الغار بالحجارة ، فأجرى الله لإبراهيم (عليه السّلام) لبناً من ابهامه ، وكانت أُمّه تأتيه ، ووكّل نمرود بكل امرأة حامل فكان يذبح كلَّ وَلَد ذَكَر ، فهربت أُمّ إبراهيم بابراهيم من الذبح ، وكان يشبّ إبراهيم في الغار يوماً كما يشبُّ غيره في الشهر ، حتى أتى له في الغار

ص: 59


1- - أقول : قد ذكرنا أَنّ آزر كان عمّ نبي الله ابراهيم (عليه السّلام) .

ثلاث عشرة سنة ، فلمّا كان بعد ذلك زارته اُمّه ، فلمّا أرادت أن تُفارقه تشبَّث بها ، فقال : يا اُمّي أخرجيني .

فقالت له : يا بُنيّ إنَّ الملك إن عَلِمَ انّك وُلدتَ في هذا الزمان قتلك ، فلمّا خرجت أُمُّه وخرج من الغار وقد غابت الشمس نظر إلى الزّهرة في السماء ، فقال : هذا ربّي ، فلمّا أفلت قال : لو كان هذا ربّي ما تحرّك ولا برِح ، ثمّ قال : لا اُحبّ الآفلين - والآفل الغائب - فلمّا نظر الى المشرق رأى وقد طلع القمر ، قال : هذا ربّي هذا أكبر وأحسن ، فلمّا تحرك وزال قال : (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) فلمّا أصبح وطلعت الشمس ورأى ضوءها وقد أضاءت الدُّنيا لطلوعها قال : هذا ربّي هذا أكبر وأحسن ، فلمّا تحرَّكت وزالت كشف الله له عن السماوات حتى رأى العرش ومن عليه وأراه الله ملكوت السماوات والأرض فعند ذلك قال : (يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ *إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)فجاء إلى اُمّه وأدخلته دارها وجعلته بين أولادها .

وسُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن قول إبراهيم : « هذا ربّي » أشرَكَ في قوله : هذا ربّي ؟

فقال : لا ، بل مَن قال هذا اليوم فهو مشرك ، ولم يكن من ابراهيم شرك وإنّما كان في طلب ربّه وهو من غيره شرك ، فلمّا دخلت أُمّ ابراهيم بابراهيم دارها نظر إليه آزر فقال : من هذا الذي قد بقي في سلطان

ص: 60

الملك ، والملك يقتل أولاد الناس ؟

فقالت : هذا ابنك ولدته في وقت كذا وكذا حين اعتزلت عنك .

فقال : ويحَكِ إن عَلِم الملك بهذا زالت منزلتُنا عنده وكان آزر صاحب أمر نمرود ووزيره وكان يتّخذ الأصنام له وللناس ويدفعها إلى ولده ويبيعونها .

فقالت اُمّ ابراهيم لآزر : لا عليك ، إن لم يشعر الملك به بقي لنا ولدنا وإن شَعَر به كفيتُك الاحتجاج عنه ، وكان آزر كلّما نظر إلى ابراهيم أحبَّهُ حبّاً شديداً وكان يدفع إليه الأصنام ليبيعها كما يبيعُ إخوَتُه ، فكان يعلِّق في أعناقها الخيوط ويجرّها على الأرض ويقول : من يشتري ما (لا - ط) يضرّه ولا ينفعه ؟ ! ويغرقها في الماء والحمأة ، ويقول لها : كلي واشربي وتكلّمي ، فذكر إخوتُه ذلك لأبيه فنهاه فلم ينته فحبسه في منزله ولم يدعه يخرج ، وحاجّه قومه فقال ابراهيم : (أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ) أي بيَّن لي (وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْء عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ) ثم قال لهم : (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) أي أنا أحقّ بالأمن حيث أعبدُ الله أو أنتم الذين تعبدون الأصنام((1)) .

ص: 61


1- - تفسير القمي : ج1 ص206 . منه تفسير البرهان : ج3 ص576 .

باب (47)وقت المغرب والعشاء

التهذيب - الاستبصار : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الصلت ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سأله سائل عن وقت المغرب ؟

قال((1)) : إنّ الله تعالى يقول في كتابه لابراهيم (عليه السّلام) : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً) فهذا أوّل الوقت وآخر ذلك غيبوبة الشفق ، وأول((2)) وقت العشاء ]الآخرة[ ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها إلى غسق الليل يعنى نصف الليل((3)) .

من لا يحضره الفقيه : روى بكر بن محمد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنَّه سأله سائل ... وذكر مثله((4)) .

باب (48)تأويل رؤية الشمس في المنام

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن

ص: 62


1- - في الفقيه : فقال .
2- - في الفقيه : فأوّل .
3- - التهذيب : ج2 ص30 ح88 - الاستبصار : ج1 ص264 ح953 .
4- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص219 ح657 .

أُذينة ، أنَّ رجلاً دخل على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : رأيت كأنّ الشمس طالعة على رأسي دون جسدي .

فقال : تنال أمراً جسيماً ونوراً ساطعاً وديناً شاملاً ، فلو غطّتك لانغمستَ فيه ولكنّها غطّت رأسك ، أما قرأتَ : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ) تبرّأ منها ابراهيم (عليه السّلام) .

قال : قلت : جعلت فداك إنّهم يقولون : إنّ الشمس خليفة أو ملك ؟

فقال : ما أراك تنال الخلافة ولم يكن في آبائك وأجدادك ملك ، وأيّ خلافة وملوكيّة أكبر من الدِّين والنور ترجو به دخول الجنّة ؟!! إنّهم يغلطون .

قلت : صدقت جعلت فداك((1)) .

باب (49)من طلب ربَّه لم يكن مشركاً

تفسير العياشي : عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال في ابراهيم (عليه السّلام) إذا رأى كوكباً قال : إنّما كان طالباً لربّه ولم يبلغ كفراً ، وإنّه من فكّر من الناس في مثل ذلك فإنّه بمنزلته((2)) .

ص: 63


1- - الكافي : ج8 ص291 ح445 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص102 ح1433 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص582 .

تفسير العياشي : عن حجر قال : أرسل العلاء بن سيابة يسأل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول ابراهيم (عليه السّلام) : (هَذَا رَبِّي)وقال : إنّه من قال هذا اليوم فهو عندنا مشرك ؟

فقال (عليه السّلام) : لم يكن من إبراهيم شرك ، إنّما كان في طلب ربّه وهو من غيره شرك((1)) .

تفسير العياشي : عن محمد بن حمران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله فيما أخبر عن ابراهيم (عليه السّلام) : (هَذَا رَبِّي) ؟

قال : لم يبلغ به شيئاً ، أراد غير الذي قال((2)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « أراد غير الذي قال » أي أنه لم يكن استفهاماً حقيقيّاً ، بل كان على وجه الاستنكار ، والمعنى : هل هذا ربّي ؟

ويؤيد هذا المعنى : الحديث القادم .

الخصال : حدثنا علي بن أحمد بن موسى (رضي الله عنه) قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال : حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال : حدثنا محمد بن زياد الأزدي ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) - وذكر حديث ما ابتلى الله (عزّوجلّ)

ص: 64


1- - تفسير العياشي : ج2 ص103 ح1436 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص583 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص104 ح1437 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص583 .

به ابراهيم - فقال (عليه السّلام) : منها اليقين وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) ومنها المعرفة بقدم بارئه وتوحيده وتنزيهه عن التشبيه حين نظر إلى الكوكب والقمر والشمس ، فاستدلَّ بأُفول كلِّ واحد منها على حدثه وبحدثه على محدثه((1)) ... الى آخر الحديث((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) (82) .

باب (50)الايمان الخالص من الظلم والشكّ

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثني الحسين بن سعيد معنعناً ، عن أبي حريم قال : سألت جعفر بن محمد (عليه السّلام) عن قول الله : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) ؟

قال : يا أبا مريم هذه والله في علي بن أبي طالب (عليه السّلام)

ص: 65


1- - في تفسير البرهان : على حدوثه ، وبحدوثه على محدثه .
2- - الخصال : ص304 ح84 . منه تفسير البرهان : ج3 ص579 .

خاصّة ما ألبس إيمانه بشرك ولا ظلم ولا كذب ولا سرقة ولا خيانة((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير قال : سألت ابا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) ؟

قال : بشك((2)) .تفسير العياشي : يعقوب بن شعيب ، عنه (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) .

قال : الضلال فما فوقه .

أبو بصير عنه (عليه السّلام) : (بِظُلْم) قال : بشك((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أخبرني عن الدُّعاء إلى الله والجهاد في سبيله - إلى أن قال - : ولَم يلبس إيمانه بظلم وهو الشّرك((4)) .

ص: 66


1- - تفسير فرات الكوفي : ص134 ح159 .
2- - الكافي : ج2 ص399 ح4 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص105 ح1442 و 1443 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص590 .
4- - الكافي : ج5 ص13 ح1 .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : ]و[ (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) قال : بما جاء به محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الولاية ولم يَخلِطوها بولاية فلان وفلان ، فهو الملبس بالظلم((1)) .

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) .

قال : آمنوا بما جاء به محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الولاية ، ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان ، فهو اللبس بظلم .

وقال : أما الايمان فليس يتبعض كلّه ، ولكن يتبعض قليلاً قليلاً .

قلت : بين الضلال والكفر منزلة ؟قال : ما أكثر عُرى الايمان((2)) .

ص: 67


1- - الكافي : ج1 ص413 ح3 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص105 ح1444 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص590 . وعُرى الإيمان - كما في الحديث الشريف - الصلاة والزكاة والحجّ والعمرة وأوثق عُرى الإيمان الحبُّ في الله (مجمع البحرين) .

تفسير العياشي : عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) منه وما أحدث زرارة وأصحابه .

عن أبي بصير قال : قلت له : إنّه قد ألحّ عليَّ الشيطان عند كِبَر سِنّي يُقنِّطُني ؟

قال : قل : كذبتَ يا كافر يا مشرك ، إنّي أُؤمِن بربّي ، وأُصلّي له ، وأصوم ، وأُثني عليه ، ولا أُلبس إيماني بظلم((1)) .

قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (عليه السّلام) : « منه وما أحدث ... » أي من الظلم المذكور في الآية القول الباطل الذي أحدثه وابتدعه زرارة ، وكأنّه قال بمذهب باطل ثم رجع عنه) .

أقول : ما جاء في ذمّ زرارة - وهو الصحابي الجليل للامام الباقر والامام الصادق (عليهما السّلام) - انما هو من باب التقيَّة والمحافظة عليه من أعدائه الذين كانوا يتربَّصون به ، وقد وردت في مدحه وجلالته أقوال كثيرة من الائمة الطاهرين والأصحاب .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) الزنا منه ؟

ص: 68


1- - تفسير العياشي : ج2 ص104 ح1438 و1439 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص589 .

قال : أعوذ بالله من اُولئك ، لا ولكنّه ذنب ، إذا تاب تاب الله عليه ، وقال : مُدمن الزنا والسرقة وشارب الخمر كعابد الوثن((1)) .تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سألته (عليه السّلام) عن قول الله : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْم) ؟

قال : نعوذ بالله يا أبا بصير أن تكون ممّن لبس إيمانه بظُلم ، ثمّ قال : اُولئك الخوارج وأصحابهم((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْم-ُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ) (84 و85) .

باب (51)إلحاق عيسى بابراهيم من طرف الاُمّ

تفسير العياشي : عن بشير الدهان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : والله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم (عليه السّلام) من قِبَل النِّساء ، ثم تلا (عليه السّلام) : (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ

ص: 69


1- - تفسير العياشي : ج2 ص105 ح1441 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص590 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص106 ح1445 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص590 .

وَسُلَيْمَانَ) إلى آخر الآيتين وذكر عيسى (عليه السّلام)((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن ابن فضّال ، عن أبي اسحاق ثعلبة بن ميمون ، عن بشير الدّهان قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - : والله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن إلى إبراهيم من قبل النساء ، ثمّ قال : (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ) الى قوله : (وَيَحْيَى وَعِيسَى)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ) (89) .

باب (52)أصحاب الامام المهدي

غيبة النعماني : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضّال قال : حدثنا محمد بن حمزة ومحمد بن سعيد((3)) قالا : حدثنا حمّاد بن عثمان ، عن سليمان بن هارون العجلي قال : قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ صاحب هذا الأمر محفوظة له أصحابه لو ذهب الناس جميعاً أتى الله له بأصحابه ، وهُمُ

ص: 70


1- - تفسير العياشي : ج2 ص106 ح1447 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص594 .
2- - المحاسن : ج1 ص255 ح485 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص593 .
3- - في تفسير البرهان : محمّد بن عمر ومحمّد بن الوليد .

الذين قال الله (عزّوجلّ) : (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ) وهم الذين قال الله فيهم : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ)((1)) .

باب (53)استبدال الكافر بالمؤمن

تفسير العياشي : عن محمد بن حمران قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فجاءه رجل وقال له : يا أبا عبدالله ما يُتعجَّب من عيسى بن زيد بن علي ، يزعم أنه ما يتولّى علياً (عليه السّلام) الاّ على الظاهر وما يدري لعلّه كان يعبد سبعين إلهاً من دون الله !

قال : فقال : وما أصنع ؟ قال الله تعالى : (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاَءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ) - وأومأ بيده الينا - .

فقلت : نَعقلُها والله((2)) .

باب (54)عاقبة كفران النعمة

المحاسن : أبي ، عن محمد بن سنان ، عن أبي عيينة ، عن أبي

ص: 71


1- - غيبة النعماني : ص316 ح12 . منه تفسير البرهان : ج3 ص594 . والآية الاخيرة في سورة المائدة 5 : 54 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص107 ح1449 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص595 .

عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : انّ قوماً وسّع عليهم في ارزاقهم حتى طغوا ، فاستخشنوا الحجارة فعمدوا إلى النقي((1)) فصنعوا منه كهيئة الأفهار((2)) فجعلوه في مذاهبهم ، فأخذهم الله بالسنين فعمدوا الى أطعمتهم ، فجعلوها في الخزائن ، فبعث الله على ما في خزائنهم ما أفسده ، حتى احتاجوا إلى ما كان يستنظفون به في مذاهبهم ، فجعلوا يغسلونه ويأكلونه .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ولقد دخلتُ على أبي العباس وقد أخذ القوم المجلس ، فمدّ يده إليَّ والسّفرة بين يديه موضوعة ، فأخذ بيدي فذهبت لأخطو إليه فوقعت رجلي على طرف السفرة فدخلني من ذلك ما شاء أن يدخلني ، إنّ الله تعالى يقول : (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ) قوماً والله يقيمون الصلاة ،ويؤتون الزكاة ، ويذكرون الله كثيراً((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (90) .

ص: 72


1- - النقي : الدقيق المنخول (مجمع البحرين) .
2- - الفُهْر : الحجر ملأ الكف (مجمع البحرين) .
3- - المحاسن : ج2 ص418 ح2466 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج66 ص409 .

باب (55)الاقتداء بهدى آل محمّد

تفسير العياشي : عن العباس بن هلال ، عن الرضا (عليه السّلام) أنّ رجلاً أتى عبدالله بن الحسن وهو بالسبالة((1)) فسأله عن الحج ، فقال له : هذاك جعفر بن محمد قد نصب نفسه لهذا فاسأله ، فأقبل الرجل الى جعفر (عليه السّلام) فسأله ، فقال له : لقد رأيتك واقفاً على عبدالله بن الحسن فما قال لك ؟

قال : سألته فأمرني أن آتيك ، وقال : هذاك جعفر بن محمد ، قد نصب نفسه لهذا .فقال جعفر (عليه السّلام) : نعم ، أنا من الذين قال الله تعالى في كتابه : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) سل عمّا شئت ، فسأله الرجل فأنبأه عن جميع ما سأله((2)) .

مختصر بصائر الدرجات : محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن النّضر بن شعيب ، عن عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ الله (عزّوجلّ) قال لنبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ولقد وصّيناك بما وصّينا به آدم ونوحاً وابراهيم والنبيّين من قبلك (أَنْ أَقِيمُوا

ص: 73


1- - بنو سبالة : قبيلة . والسِّبال : موضع بين البصرة والمدينة (القاموس) .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص107 ح1450 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص595 .

الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ)((1)) من تولية علي بن أبي طالب (عليه السّلام) .

قال (عليه السّلام) : إنّ الله (عزّوجلّ) قد أخذ ميثاق كلِّ نبي وكلِّ مؤمن ليُؤمنن بمحمد وعلي وبكلِّ نبي وبالولاية ، ثمّ قال لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) يعني آدم ونوحاً وكلّ نبي بعده((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَر مِّن شَيْء قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (91) .

باب (56)تعالى الله عن الوصف

الكافي : محمد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبدالله ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا

ص: 74


1- - الشورى 42 : 13 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص63 . منه تفسير البرهان : ج8 ص494 .

عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله لا يوصف ، وكيف يوصف وقد قال في كتابه : (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ؟ فلا يوصف بقدر الاّ كان أعظم من ذلك((1)) .

باب (57)خيانة أهل الكتاب

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا) ؟

قال : كانوا يكتمون ما شاءوا ويُبدون ما شاءوا .

وفي رواية اُخرى : عنه (عليه السّلام) قال : كانوا يكتبونه في القراطيس ، ثمّ يبدون ما شاءوا ويخفون ما شاءوا .

وقال : كل كتاب اُنزل فهو عند أهل العلم((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ

ص: 75


1- - الكافي : ج1 ص103 ح11 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص109 ح1453 و1454 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص10 .

عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (92) .

باب (58)القرآن كتاب هداية ونجاة

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - في حديث - : فاذا التبستْ عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآنفانّه شافع مشفّع وماحِل((1)) مصدّق ومن جعله أمامه قاده الى الجنة ومن جعله خلفه ساقه الى النار وهو الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره أنيق((2)) وباطنه عميق ، له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تُحصى عجائبه ولا تَبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة ... الى آخر الحديث((3)) .

* * * * *

ص: 76


1- - ماحِل مصدَّق : أي خصمٌ مجادَل مصدَّق ، يعني أنَّ من اتَّبعه وعمل بما فيه فانّه شافع له مقبول الشفاعة ، ومصدَّق عليه فيما يُرفع من مساويه اذا ترك العمل به (النهاية لابن الاثير) .
2- - الشيء الأنيق : المعجب (مجمع البحرين) .
3- - الكافي : ج2 ص598 ح2 .

قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (93) .

باب (59)الخيانة في كتابة القرآن

الكافي : أبو عليّ الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) ؟

قال : نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر وهو ممّن كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم فتح مكة هدر دمه ، وكان يكتب لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاذا أنزل الله (عزّوجلّ) (إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

كتب : انّ اللهعليم حكيم ، فيقول له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : دعها فانّ الله عزيز حكيم .

وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين : إنّي لأقول من نفسي مثل ما

ص: 77

يجيء به فما يُغيّر عليَّ فأنزل الله (تبارك وتعالى) فيه الذي أنزل((1)) .

تفسير العياشي : عن الحسين بن سعيد ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قول الله ... وذكر قريباً من ذلك((2)) .

أقول : قال العلامة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « دعها » أي اتركها كما نزلت ، ولا تغيّرها وانّ ما كتبت وان كان حقّاً لكن لا يجوز تغيير ما نزل من القرآن ، فقوله : « فما يغيّر عليّ » إما افتراء منه على الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو هو اشارة الى ما جرى على لسانه ونزل الوحي مطابقاً له)((3)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ عبدالله بن سعد بن أبي سرح أخا عثمان بن عفان من الرّضاعة قدم المدينة وأسلم وكان له خط حسن وكان إذا نزل الوحي على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعاه فيكتب ما يمليه عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الوحي وكان إذا قال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (سَمِيعٌ بَصِيرٌ) يكتب : « سميع عليم » واذا قال : (وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

ص: 78


1- - الكافي : ج8 ص200 ح242 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص109 ح1455 الطبعة الحديثة .
3- - مرآة العقول : ج26 ص110 .

يكتب : « بصير » ، ويُفرِّق بين التاء والياء وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : هو واحد ، فارتدَّ كافراً ورجع الى مكة وقال لقريش : والله ما يدريمحمد ما يقول ، أنا اقول مثل ما يقول فلا يُنكر عليَّ ذلك فأنا أُنزلُ مثل ما أنزل الله ، فأنزل الله على نبيّه في ذلك (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً ...) إلى آخر الآية .

فلمّا فتح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مكة أمر بقتله ، فجاء به عثمان قد أخذ بيده ورسول الله في المسجد فقال : يا رسول الله اعفُ عنه فسكت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ أعاد فسكت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم اعاد فقال : هو لك ، فلمّا مرّ قال رسول الله لأصحابه : ألم أقل : من رآه فليقتُله ؟

فقال رجل : كانت عيني إليك يا رسول الله أن تُشير إليَّ فاقتله .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ الأنبياء لا يقتُلون باشارة ، فكان من الطّلقاء((1)) .

باب (60)ما هو عذاب الهُون

تفسير العياشي : عن الفضيل قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ) قال :

ص: 79


1- - تفسير القمي : ج1 ص210 . منه تفسير البرهان : ج4 ص11 .

العَطش((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّة وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (94) .

باب (61)خيبة الظالمين وأتباعهم

تفسير القمي : حدثني أبي ، ]عن أبيه ،[ عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : نزلت هذه الآية في معاوية وبني اُميّة وشركائهم وأئمتهم((2)) .* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (95) .

باب (62)طينة المؤمن والكافر

الكافي : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن الحسين بن

ص: 80


1- - تفسير العياشي : ج2 ص110 ح1458 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص13 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص211 . منه تفسير البرهان : ج4 ص13 .

يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن إبراهيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (عزّوجلّ) لمّا أراد أن يخلق آدم بعث جبرئيل في أوّل ساعة من يوم الجمعة ، فقبض بيمينه قبضة ، بلغت قبضته من السّماء السّابعة إلى السّماء الدُّنيا ، وأخذ من كل سماء تربة وقبض قبضة اُخرى من الأرض السّابعة العُليا إلى الأرض السّابعة القصوى فأمر الله (عزّوجلّ) كلمته فأمسك القبضة الاُولى بيمينه والقبضة الاُخرى بشماله ، ففلق((1)) الطين فِلقَتين فَذَرَأ((2)) من الأرض ذرواً ومن السماوات ذرواً فقال للذي بيمينه : منك الرُّسل والأنبياء والأوصياء والصديقون والمؤمنون والسُّعداء ومن اُريد كرامته فوجب لهم ما قال كما قال . وقال للذي بشماله : منك الجبّارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن اُريد هوانه وشقوته ، فوجب لهم ما قال كما قال ، ثمّ إنّ الطينتين خلطتا جميعاً ، وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) فالحب : طينَة المؤمنين التي ألقى الله عليها محبّته ، والنوى : طينَة الكافرين الذين نأوا عن كل خير وإنّما سمّي النوى من أجل أنّه نأى عن كل خير وتباعد عنه وقال الله (عزّوجلّ) : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) فالحيُّ : المؤمن الذي تخرج طينتُه من طينة الكافر ، والميت الذي يخرج من الحي : هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن ، فالحي :

ص: 81


1- - فلق الشيء فلقاً : شقَّهُ (أقرب الموارد) .
2- - ذرأ الله الخلق : خلقهم (أقرب الموارد) .

المؤمن ، والميت : الكافر وذلك قوله (عزّوجلّ) : (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ)((1)) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر ، وكان حياته حين فرّق الله (عزّوجلّ) بينهما بكلمته كذلك يخرج الله (عزّوجلّ) المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها الى النور ، ويخرج الكافر من النور الى الظلمة بعد دخوله إلى النور ، وذلك قوله (عزّوجلّ) : (لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ)((2)) و((3)) .

تفسير العياشي : عن صالح بن سهل ، رفعه الى أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) الحبُّ : ما أحبَّه ، والنَّوى : ما نأى عن الحق فلم يقبله((4)) .

تفسير العياشي : عن المفضّل قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قوله : (فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى) ؟

قال : الحَبُّ : المؤمن ، وذلك قوله : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي)((5))والنَّوى : هو الكافر الذي نأى عن الحق فلم يقبله((6)) .

ص: 82


1- - الأنعام 6 : 122 .
2- - يس 36 : 70 .
3- - الكافي : ج2 ص5 ح7 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص110 ح1459 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص16 .
5- - طه 20 : 39 .
6- - تفسير العياشي : ج2 ص110 ح1460 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص16 .

تفسير البرهان : وفي (نهج البيان) في معنى الآية ، عن أبي جعفر ، وأبي عبدالله (عليهما السّلام) : يُخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (96) .

باب (63)النهي عن طلب الحوائج ليلاً

تفسير العياشي : عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : تزوَّجوا بالليل ، فإنّ الله جعله سكناً ، ولا تطلُبوا الحوايج بالليل ، فإنّه مظلم((2)) .

باب (64)النهي عن ذبح الحيوان ليلاً

التهذيب : محمد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن عمرو ، عن جميل بن درّاج ،

ص: 83


1- - تفسير البرهان : ج4 ص17 ح6 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص111 ح1463 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص17 .

عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان علي بن الحسين (عليهما السّلام) يأمر غلمانه أن لا يذبحوا حتى يطلع الفجر ويقول : إنّ الله تعالى جعل اللّيل سكناً لكلّ شيء .

قال : قلت : جعلت فداك فإن خفنا ؟

قال : إن كنت تخاف الموت فاذبح((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْس وَاحِدَة فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْم يَفْقَهُونَ) (98) .

باب (65)المستقَرُّ والمستودَع من الايمان

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سمعته يقول : انّ الله (عزّوجلّ) خَلق خلقاً للإيمان لا زوال له ، وخَلق خَلقاً للكفر لا زوال له ، وخلق خلقاً بين ذلك واستودع بعضَهم الايمان ، فان يشأ أن يتمَّه لهم أتمّه ، وإن يشأ أن يَسلبَهم إياه سلبهم ، وكان فلان منهم معاراً((2)) .

ص: 84


1- - التهذيب : ج9 ص60 ح254 .
2- - الكافي : ج2 ص417 ح1 .

أقول : الناس - بالنسبة الى الايمان - ينقسمون الى ثلاثة أقسام :

الأول : المؤمن الثابت في ايمانه والراسخ في عقيدته الى نهاية حياته ، وهم الأنبياء والأوصياء والتابعون لهم من المؤمنين والمؤمنات .

الثاني : الكافر الباقي على كفره وضلالته الى نهاية حياته ، وهم الكفار والمشركون ومن يُشاركهم في الانحراف والباطل .

الثالث : الضعفاء ، وهم الذين يعيشون بين الايمان والكفر ، فليسوا مؤمنين بالكمال والتمام وليسوا كافرين كذلك ، بل هم مؤمنون ضعفاء في الايمان والعقيدة ، فان أراد الله لهم الخير أتمَّ لهم الايمان وزيَّنه في قلوبهم فاستقاموا واستقرُّوا على الايمان فكانت خاتمة حياتهم خاتمة سعيدة طيّبة ، وإنْ رآهم يميلون الى الباطل ويرتكبون المنكرات والمعاصي تركهم على حالهم ولم يوفّقهم للهداية والصلاح ، فانسلخوا من الايمان واختاروا الباطل ، وهؤلاءهم المعارون والمستودَعون .

قال تعالى : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) .

فقول الامام (عليه السّلام) : « إن الله خَلق خلقاً للايمان ... وخلق خَلقاً للكفر ... وخلق خلقاً بين ذلك ... » اشارة الى هذه الأقسام الثلاثة .. والمعنى أنه تعالى كان يعلم - بعلمه الأزليّ المحيط بكلّ شيء - ما سيؤول اليه أمر هذه الاقسام الثلاثة من الناس .

وكان أبو الخطّاب من القسم الثالث - المعارين والمستودَعين - فقد

ص: 85

كان من أصحاب الامام الصادق (عليه السّلام) ثم انحرف عنه وادّعى اُلوهيّة الامام الصادق وادّعى النبوَّة من قبل الامام ، فلعنه الامام الصادق وتبرّأ منه .

ولعلّ عدم التصريح باسمه كان من باب التقيّة ولظروف معيَّنة ، والله العالِم .

تفسير العياشي : عن سعيد بن أبي الأصبغ قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) وهو يُسأل عن مستقرّ ومستودع ، قال : مستقر في الرّحم ، ومستودع في الصُّلب ، وقد يكون مستودع الايمان ثمّ ينزع منه ، ولقد مشى الزبير في ضوء الايمان ونوره حينقُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى مشى بالسّيف وهو يقول : لا نُبايع إلاّ علياً((1)) .

تفسير العياشي : عن صفوان قال : سألني أبو الحسن (عليه السّلام) ومحمد بن الخلف جالس فقال لي : مات يحيى بن القاسم الحذّاء ؟

فقلت له : نعم ، ومات زرعة .

فقال : كان جعفر (عليه السّلام) يقول : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)فالمستقرّ : قوم يعطون الايمان ويستقرّ في قلوبهم ، والمستودع : قوم يُعطون الإيمان ثمّ يُسلبونه((2)) .

ص: 86


1- - تفسير العياشي : ج2 ص111 ح1466 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص19 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص112 ح1468 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص19 .

تفسير العياشي : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : المستقرّ : الثابت ، والمستودع : المُعار((1)) .

باب (66)دعاء لاستقرار الايمان

التهذيب : محمد بن علي بن محبوب ، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي ، عن أبي عاصم يوسف ، عن محمد بن سليمان الديلمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) فقلت له : جعلت فداك إنّ شيعتك تقول : انّ الايمان مستقرٌّ ومستودع فعلّمني شيئاً إذا أنا قلته استكملت الإيمان ؟

قال : قل في دُبر كلِّ صلاة فريضة : « رضيتُ بالله ربّاً وبمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نبيّاً ، وبالاسلام ديناً وبالقرآن كتاباً وبالكعبة قبلة ، وبعلي وليّاً وإماماً وبالحسن والحسين والائمّة (صلوات الله عليهم) اللهمّ إنّي رضيتُ بهم أئمَّة فارضني لهم إنّك على كل شيء قدير »((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْرِ عِلْم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء

ص: 87


1- - تفسير العياشي : ج2 ص112 ضمن حديث 1470 الطبعة الحديثة .
2- - التهذيب : ج2 ص109 ح412 .

عَلِيمٌ * ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْء فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء وَكِيلٌ) (100 - 102) .

باب (67) توحيد الله سبحانه

التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال : حدثنا علي بن العباس قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن حمّاد بن عمرو النصيبيّ قال : سألت جعفر بن محمد (عليهما السّلام) عن التوحيد ؟

فقال : واحد ، صمد ، أزلي ، صمدي لا ظلّ له يمسكه ، وهو يمسك الأشياء بأظلّتها ، عارف بالمجهول ، معروف عند كلّ جاهل ، فردانيّ ، لا خَلقُه فيه ولا هو في خَلقه ، غير محسوس ولا مجسوس ولا تُدركه الأبصار ، علا فَقرُب ، ودنا فبعُد ، وعُصي فَغفر ، واُطيع فشَكر ، لا تحويه أرضه ، ولا تقلّه سماواته ، وإنّه حامل الأشياء بقدرته ، ديموميّ ، أزلي ، لا ينسى ولا يلهو ولا يغلط ولا يلعب ، ولا لإرادته فصل ، وفصلُه جزاء ، وأمره واقع ، لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارَك ، ولم يكن له كفواً أحد((1)) .

* * * * *

ص: 88


1- - التوحيد : ص57 ح15 .

قوله تعالى : (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ * قَدْ جَاءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظ * وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْم يَعْلَمُونَ) (103 - 105) .

باب (68)معنى « لا تدركه الأبصار »

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ) .

قال : إحاطة الوهم ، ألا ترى الى قوله : (قَدْ جَاءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ)ليس يعني بصر العيون (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ)ليس يعني من البصر بعينه (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا) ليس يعني((1)) عمى العيون إنّما عنى إحاطة الوهم كما يقال : فلان بصير بالشِّعر ، وفلان بصير بالفقه ، وفلان بصير بالدراهم ، وفلان بصير بالثياب ، الله أعظم من أن يُرى بالعين((2)) .

التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن احمد بن محمد بن عيسى مثله((3)) .

ص: 89


1- - في التوحيد : لم يعن .
2- - الكافي : ج1 ص98 ح9 .
3- - التوحيد : ص112 ح10 .

الكافي : عليّ بن محمد ، عن سهل بن زياد ، وعن غيره ، عن محمد ابن سليمان ، عن علي بن ابراهيم ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله عظيم رفيع لا يقدر العباد على صفته ولا يبلغون كنه عظمته ، لا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير ولا يوصف بكيف ولا أين وحيث ، وكيف أصفه بالكيف ؟ ! وهو الذي كيّف الكيف حتى صار كيفاً فعرفتُ الكيف بما كيّف لنا من الكيف ، أم كيف أصفه بأين ؟! وهو الذي أيّن الأين حتى صار أيناً فعرفتُ الأين بما أيّن لنا من الأين ، أم كيف أصفه بحيث ؟! وهو الذي حيّث الحيث حتى صار حيثاً فعرفتُ الحيث بما حيّث لنا من الحيث ، فالله (تبارك وتعالى) داخل في كلِّ مكان وخارج من كلّ شيء ، لا تُدرِكه الأبصار وهو يدرك الأبصار ؟ لا إله إلاّ هو العليّ العظيم وهو اللّطيف الخبير((1)) .أمالي الصدوق : حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد مولى بني هاشم قال : حدثنا المنذر بن محمد قال : حدثنا علي بن اسماعيل الميثمي قال : حدثنا اسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) عن الله (تبارك وتعالى) هل يُرى في المعاد ؟

فقال : سبحان الله وتعالى علوّاً كبيراً ، يابن الفضل : إنّ الأبصار لا تدرك إلاّ ما لَه لون وكيفية والله خالق الألوان والكيفية((2)) .

ص: 90


1- - الكافي : ج1 ص103 ح12 .
2- - أمالي الصدوق : ص334 ح3 . منه تفسير البرهان : ج4 ص28 .

أمالي الصدوق : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار قال : حدثني أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال : حدثني أبي ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي اليسع ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إيّاكم والتفكّر في الله فانّ التفكر في الله لا يزيد إلاّ تيهاً ، إنّ الله (عزّوجلّ) لا يُدرِكه الأبصار ولا يوصف بمقدار((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * وَلَوْ شَاءَ اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيل) (106 و107) .

باب (69)جزاء مَن مات ولم يُشرِك بالله شيئاً

التوحيد : حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ابراهيم بن زياد الكرخي ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من مات ولا يشرك بالله شيئاً أحسن أو أساء دخل الجنة((2)) .

ص: 91


1- - أمالي الصدوق : ص340 ح3 .
2- - التوحيد : ص19 ح5 .

باب (70)مَن شبّه الله بخَلقه فهو مشرك

التوحيد : حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن عبدالله بن جعفر بن جامع الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من شبّه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن أنكر قدرته فهو كافر((1)) .

باب (71)التوحيد الخالص

الكافي : أحمد بن ادريس ، عن الحسين بن عبدالله ، عن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن بكر بن صالح ، عن علي بن صالح ، عن الحسن بن محمد بن خالد بن يزيد ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اسم الله وغيره ، وكلّ شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله ، فأمّا ما عبّرته الألسن أو عملت الأيدي فهو مخلوق ، والله غايةٌ من غاياته والمغيّى غير الغاية ، والغاية موصوفة وكلُّ موصوف مصنوع ، وصانع الأشياء غير موصوف بحدّ مسمّى ، لم يتكوّن فيُعرف كينونيته بصنع غيره ، ولم يتناه الى غاية إلاّ

ص: 92


1- - التوحيد : ص76 ح31 .

كانت غيره ، لا يزلّ مَن فهم هذا الحكم أبداً ، وهو التوحيد الخالص ، فارعوه وصدّقوه وتفهموه باذن الله ، مَن زعم أنّه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك لأنّ حجابه ومثاله وصورته غيره وإنّما هو واحد متوحِّد فكيف يوحِّده مَن زعم أنّه عرفه بغيره ؟! وإنّما عَرف الله من عَرفه بالله ، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه ، إنّما يعرف غيره ، ليس بين الخالق والمخلوق شيء ، والله خالق الأشياء لا من شيء كان ، والله يسمّى بأسمائه وهو غير اسمائه والأسماء غيره((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّة عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (108) .

باب (72)ثلاثة مجالس يمقتها الله

الكافي : الحسين بن محمد ، عن علي بن محمد بن سعد ، عن محمد بن مسلم ، عن اسحاق بن موسى قال : حدثني أخي وعمّي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ثلاثة مجالس يمقتها((2)) الله ويُرسل نقمته

ص: 93


1- - الكافي : ج1 ص113 ح4 .
2- - المَقْت : البغض . يقال مقته مقتاً : أبغضه أشدّ البغض عن أمر قبيح (مجمع البحرين) .

على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم : مجلساً فيه من يصف لسانُه كذباً في فُتياه ، ومجلساً ذِكر أعدائنا فيه جديدٌ وذِكرنا فيه رَثّ ، ومجلساً فيه من يَصُدّ عنّا وأنت تعلم .

قال : ثمّ تلا أبو عبدالله (عليه السّلام) ثلاث آيات من كتاب الله كأنّما كنَّ في فيه - أو قال ]في[ كفّه : - (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم) (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيث غَيْرِهِ)((1)) (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ)((2)) و((3)) .

باب (73)النهي عن سبِّ آلهة المشركين

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنه سئل عن قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة((4)) سوداء في ليلة ظلماء ؟

فقال : كان المؤمنون يسبّون ما يعبُد المشركون من دون الله وكان

ص: 94


1- - الانعام 6 : 68 .
2- - النحل 16 : 116 .
3- - الكافي : ج2 ص378 ح12 .
4- - الصفاة : الحجر الصلد الضخم لا يُنبت ، والصخرة (أقرب الموارد) .

المشركون يسبّون ما يعبد المؤمنون ، فنهى الله المؤمنين عن سبّ آلهتهم لكي لا يسبّ الكفّار إله المُؤمنين فيكونوا المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعلمون فقال : (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم)((1)) ؟

مجمع البيان : سئل ابو عبدالله (عليه السّلام) عن قول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : انّ الشرك اخفى من دبيب النمل ... وذكر مثله الى قوله : حيث لا يعلمون((2)) .

أَقول : قد استدلّ البعض بهذه الآية الكريمة على النهي عن سبّ المنحرفين والغاصبين والظالمين والطغاة ولعنهم ، بذريعة أن أَتباعهم يسبّون أئمة الدين وقادة المؤمنين .

ولأجل كشف الحقيقة - لطلاّب الحقيقة - فانّنا نتناول هذا الموضوع بشيء من التوضيح - فنقول :

أَولاً : إنّ القرآن الكريم بنفسه قد استعمل بعض الكلمات الجارحة ضد أتباع بعض الأديان .

مثلاً : قال تعالى : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ ..)((3)) .

ص: 95


1- - تفسير القمي : ج1 ص213 . منه تفسير البرهان : ج4 ص30 .
2- - مجمع البيان : ج2 ص347 .
3- - المائدة 5 : 64 .

فهنا تجد اللَّعن الالهي لليهود والدعاء عليهم ، مع العلم أنّ لعنهم قد يؤدّي بهم الى المقابلة باللعن أيضاً .

والآن أسألك : هل يجوز لعن اليهود ؟

إنْ قلتَ : لا يجوز ، فقد خالفتَ القرآن الكريم الذي لعن اليهود علانية وصراحة .

وانْ قلتَ : يجوز ..

قلنا : ألا تتوقَّع أن يلعنك ويلعن دينك ومَن على دينك ؟!!وتسأل : فما هو الحلّ ؟

الجواب : أن تلعنهم ، تبعاً للقرآن الكريم ، حتى لو أدّى ذلك الى المقابلة منهم بالمثل .

إذن : قوله تعالى : (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ ...) خاص بآلهة المشركين وأصنامهم ، ولا يتعدّى الحكم الى مجال آخر .

وقال تعالى : (أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)((1)) فهل يجوز أن تلعن الظالمين ؟!

فان قلتَ : هناك فرق بين السبّ واللعن ، وقد ورد النهي عن السبّ لا اللّعن .

قلنا : إذا كان المحذور هو المقابلة بالمثل من الطرف الآخر فلا فرق بين السبّ واللعن - من هذه الجهة - .

ص: 96


1- - هود 11 : 18 .

ثانياً : لقد ورد بعض كلمات السبّ في القرآن الكريم أيضاً ..

مثل قوله تعالى : (عُتُلّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيم)((1)) .

قال الامام الصادق (عليه السّلام) : العُتُلّ : الكافر العظيم الكفر . والزنيم : ولد الزنا((2)) .

وقال الشيخ الطبرسي - في مجمع البيان - :

أي هو عتل مع كونه منّاعاً للخير معتدياً أثيماً وهو الفاحش السيّءالخُلُق . وقيل : هو القويُّ في كفره ، والجافي الشديد الخصومة بالباطل . والهجين المعروف بالشر ، والذي لا أصل له .

وروي أنه سُئل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن العُتُلّ الزنيم ؟ فقال : هو الشديد الخلق الشحيح الاكول الشروب الواجد للطعام والشراب الظلوم للناس الرحيب الجوف((3)) .

ثالثاً : لقد شبَّه القرآن الكريم بعض المنحرفين ببعض الحيوانات ... قال تعالى :(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ)((4)) .

ص: 97


1- - القلم 68 : 13 .
2- - تفسير البرهان : ج10 ص16 .
3- - مجمع البيان : ج5 ص334 .
4- - الاعراف 7 : 176 .

(كَمَثَلِ الْحِمَارِ)((1)) .

(كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ)((2)) .

النعيق : صوت الغراب ، يقال : الغراب الناعق ، والنعيق : صوت الراعي بغنمه((3)) .

أيّها القارئ الكريم : لقد تلخّص ممّا ذكرنا أن الاستدلال بقوله تعالى : (وَلاَ تَسُبُّواْ ...) في النهي عن سب الظالمين والغاصبين والطواغيت ولعنهم والبراءة منهم .. في غير محلّه ، لأنّ القرآن الكريم لعَن طائفةً وسبَّ بعضاً وشبَّه بعضاً بالحيوانات .

بالاضافة الى كلِّ ما سبق - فانّ سيرة أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) كانت قائمة على الأمر بالبراءة من الظالمين والغاصبين ولعنهم وعدم التعاون معهم وعدم الرضا بأفعالهم وحتى ببقائهم .. واليك بعض النماذج :

قال الامام الصادق (عليه السّلام) : « حبّ أولياء الله واجب ، والولاية لهم واجبة ، والبراءة من أعدائهم واجبة ومن الذين ظلموا آل محمّد وهتكوا حجابه وأخذوا من فاطمة فدكاً ومنعوها ميراثها وغصبوها وزوجَها حقوقهما ، وهمُّوا باحراق بيتها ، وأسَّسوا الظلم وغيَّروا سُنَّة

ص: 98


1- - الجمعة 62 : 5 .
2- - البقرة 2 : 171 .
3- - مجمع البحرين : ج5 ص240 .

رسول الله . والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة ، والبراءة من الأنصاب والأزلام : أئمة الضلال وقادة الجور كلِّهم - أوَّلهم وآخرهم - واجبة ، والبراءة من أشقى الأوَّلين والآخرين شقيقِ عاقرِ ناقةِ ثمود ، قاتل أمير المؤمنين واجبة ، والبراءة من جميع قتلة أهل البيت واجبة ... »((1)) .وقال (عليه السّلام) : « نحن - معاشر بني هاشم - نأمر كبارنا وصغارنا بسبِّهما والبراءة منهما »((2)) .

وأحاديث اخرى بهذا المضمون .

نعم .. هنا نقطتان :

الاولى : عدم التجاهر بالبراءة أمام الأعداء .. قال الامام الصادق (عليه السّلام) - في حديث قادم - :

« .. وإيّاكم وسبَّ أعداء الله حيث يسمعونكم »((3)) .

فقوله (عليه السّلام) : « حيث يسمعونكم » يدلّ على النهي عن التجاهر بسبّهم أمام أتباعهم ، لا مطلقاً .

الثانية : انّ التقية تقضي بالحذر من الظالمين ، والتقيَّة شخصيّة لا نوعيّة - كما يقول الفقهاء - فكلّ مؤمن عليه أن يرى ظروفه التي يعيش فيها فان كانت تقتضي التقيّة وجب العمل بها وإلاّ فلا .

ص: 99


1- - بحار الأنوار : ج27 ص52 .
2- - اختيار معرفة الرجال : ج2 ص180 .
3- - الكافي : ج8 ص7 ح1 .

هذا ... والبحث طويل .. ونحن نكتفي بهذا المقدار .

تفسير العياشي : عن عمر الطيالسي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله : (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم) ؟

قال : فقال : يا عمر ، هل رأيت أحداً يسبّ الله ؟

قال : فقلت : جعلني الله فداك فكيف ؟

قال : من سبَّ وليَّ الله فقد سَبَّ الله((1)) .

الكافي : محمد بن يعقوب الكليني باسناده المتقدم في تفسير آية 34 من هذه السورة عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في رسالته إلى أصحابه : وجاملوا النّاس ولا تحملوهم على رقابكم ، تجمعوا مع ذلك طاعة ربكم ، وإيّاكم وسبَّ أعداء الله حيث يسمعونكم فيسبّوا الله عَدْواً بغير علم ، وقد ينبغي لكم أن تعلموا حدَّ سبّهم لله كيف هو ؟إنّه من سبّ أولياء الله فقد أنتهك سبّ الله ، ومن أظلمُ عند الله ممّن استسبّ لله ولأولياء الله ، فمهلاً مهلاً فاتّبعوا أمر الله ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ *

ص: 100


1- - تفسير العياشي : ج2 ص114 ح1475 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص31 .
2- - الكافي : ج8 ص7 ح1 .

وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّة وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْء قُبُلا مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (109 - 111) .

باب (74)جماعة الحق وجماعة الباطل

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن أذينة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (عزّوجلّ) خلق قوماً للحق فاذا مرّ بهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مرّ بهم الباب من الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه ، وخلق قوماً لغير ذلك فاذا مرّ بهم الباب من الحقّ أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مرّ بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه((1)) .

باب (75)عالَم الميثاق

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) عن قول الله تعالى : (وَنُقَلِّبُ

ص: 101


1- - الكافي : ج2 ص214 ح5 .

أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ) الى آخر الآية ، أمّا قوله : (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّة) فإنّه حين أخذ عليهم الميثاق((1)) .

باب (76)إرادة الله الخير والسوء لعباده

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد ابن حمران ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (عزّوجلّ) إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكّل به ملكاً يسدّده ، وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسدّ مسامع قلبه ووكّل به شيطاناً يضلّه((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ * أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن

ص: 102


1- - تفسير العياشي : ج2 ص114 ح1476 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص32 .
2- - الكافي : ج2 ص214 ح7 .

رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (112 - 114) .

باب (77)لكلّ نبي شيطانان يؤذيانه

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما بعث الله نبيّاً إلاّ وفي أُمّته شيطانان يؤذيانه ويُضلاّن الناس بعده ، فأمّا صاحبا نوح فقنطيفوص (فغنطيغوص - خ ل) وخرام ، وأمّا صاحبا إبراهيم فمكثل (مكيل - خ ل) ورزام ، وأمّا صاحبا موسى فالسامري ومرعقيبا(مرعتيبا - خ ل) وأمّا صاحبا عيسى فبولس (يرليس - يرليش - خ ل) ومريتون (مريبون - خ ل) وأمّا صاحبا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فحبتر وزريق (زلام - خ ل)((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما بعث الله رسولاً إلاّ وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويفتنانه ويُضلاّن الناس بعده ، ]فأمّا الخمسة أولو العزم من الرسل : نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأما صاحبا نوح فطنطينوس وخرام ، وأمّا صاحبا ابراهيم

ص: 103


1- - تفسير القمي : ج1 ص214 . منه تفسير البرهان : ج4 ص32 .

فمكيل ورذام ، وأمّا صاحبا موسى فالسامريّ ومرعقيبا ، وأمّا صاحبا عيسى فينواس ومريسون ، وأمّا صاحبا محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فحبتر وزُريق[((1)) و((2)) .

باب (78)شياطين الأنس والجن

الكافي : محمّد بن يعقوب الكليني قال : حدثني علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن حفص المؤذّن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وعن محمّد بن اسماعيل بن بزيع ، عن محمّد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه كتب بهذه الرسالة الى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم فاذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها .

قال : وحدثني الحسن بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، عن القاسم بن الربيع الصحاف ، عن اسماعيل بن مخلّد السرّاج ، عن أبي عبدالله (عليهالسّلام) قال : خرجت هذه الرسالة من أبي عبدالله (عليه السّلام) الى أصحابه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد

ص: 104


1- - مابين المعقوفتين من تفسير البرهان .
2- - تفسير القمي : ج2 ص63 . منه تفسير البرهان : ج6 ص421 .

فاسألوا ربّكم العافية - الى أن قال - :

فإنّ من لم يجعل الله من أهل صفة الحقّ فأولئك هم شياطين الإنس والجنّ وإن لشياطين الإنس حيلة ومكراً وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم الله به من النظر في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الإنس من أهله ... الى آخر الحديث((1)) .

الخصال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الجنّ على ثلاثة أجزاء : فجزء مع الملائكة ، وجزء يطيرون في الهواء ، وجزء كلاب وحيّات ، والإنس على ثلاثة أجزاء : فجزء تحت ظلّ العرش يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، وجزء عليهم الحساب والعذاب ، وجزء وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (115) .

ص: 105


1- - الكافي : ج8 ص11 ضمن حديث 1 .
2- - الخصال : ص154 ح192 .

باب (79)من علامات الامام المعصوم

الكافي : علي بن محمد ، عن عبدالله بن اسحاق العلوي ، عن محمد بن زيد الرزامي ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : حججنا مع أبي عبدالله (عليه السّلام) في السَّنة التي وُلد فيها ابنه موسى (عليهالسّلام) ، فلمّا نزلنا الابواء وضع لنا الغداء ، وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر وأطاب ، قال : فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حُمَيدَة فقال له : إنّ حُمَيدة تقول : قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضَرت ولادتي ، وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا ، فقام أبو عبدالله (عليه السّلام) فانطلق مع الرّسول ، فلمّا انصرف قال له أصحابه : سرّك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حُميدَة ؟

قال : سلّمها الله ، وقد وهب لي غلاماً وهو خير من برأ الله في خلقه ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنّت أنّي لا أعرفُه ولقد كنت أعلَمُ به منها .

فقلت : جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه ؟

قال : ذكرت أنّه سقط من بطنها حين سقط واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السّماء ، فأخبرتها أنّ ذلك أمارة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمارة الوصيّ من بعده .

ص: 106

فقلت : جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمارة الوصيّ من بعده ؟

فقال لي : إنّه لما كانت الليلة التي علِق فيها بجدي أتى آت جدّ أبي بكأس فيه شربة أرقّ من الماء ، وألين من الزبد ، وأحلَى من الشهد وأبرد من الثلج ، وأبيض من اللبن ، فسقاه إيّاه وأمره بالجماع ، فقام فجامَع فعلِق بجدّي ، ولمّا أن كانت الليلة التي علِق فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقى جد أبي ، وأمره بمثل الذي أمرَه فقام فجامع فعلق بأبي ، ولمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلِق بي ، ولمّا أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آتِ كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم فقمتُ بعلم الله وإنّي مسرورٌ بما يهب الله لي ، فجامعت فعلق بابني هذا المولود ، فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي .

انّ نطفة الامام ممّا أخبرتُك ، وإذا سكنت النطفة في الرّحم أربعة أشهر واُنشيء فيها الرّوح بعث الله (تبارك وتعالى) ملكاً يقال له : حيوان ، فكتب على عضده الأيمن :(وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وإذا وقع من بطن أُمه وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السّماء ، فأمّا وضعه يديه على الأرض فإنّه يقبض كلّ علم لله أنزله من السّماء إلى الأرض ، وأمّا رفعه رأسه إلى

ص: 107

السّماء فإنّ منادياً ينادي به من بطنان العرش من قِبَل ربِّ العزّة من الافق الأعلى باسمه وإسم أبيه يقول : يا فلان بن فلان أثبت تثبت ، فلعظيم ما خلقتك ، أنت صفوتي من خَلقي وموضع سرّي وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي ، لك ولمن تولاّك أوجبتُ رحمتي ، ومنحتُ جِناني وأحللتُ جِواري ، ثمّ وعِزّتي وجلالي لأصلين من عاداك أشدّ عذابي ، وان وسّعتُ عليه في دنياي من سعة رزقي ، فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعاً يديه رافعاً رأسه إلى السّماء يقول : (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)((1)) .

قال : فاذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأوّل والعلم الآخر واستحق زيارة الرُّوح في ليلة القدر .

قلت : جعلت فداك الرُّوح ليس هو جبرئيل ؟

قال : الرُّوح هو أعظم من جبرئيل ، إنّ جبرئيل من الملائكة وانّ الرُّوح هو خلق أعظم من الملائكة أليس يقول الله (تبارك وتعالى) : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ) .

محمد بن يحيى وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن ، عن المختار بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن

ص: 108


1- - آل عمران 3 : 18 .

أبيه ، عن أبي بصير مثله((1)) .الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن مروان قال : تلا أبو عبدالله (عليه السّلام) : وتمَّت كلمت ربّك الحسنى صدقاً وعدلاً .

فقلت : جعلت فداك إنّما نقرؤها (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا) .

فقال : إنّ فيها الحسنى((2)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الربيع بن محمد المسلّي ، عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الامام ليسمع في بطن أمّه فاذا ولد خطّ بين كتفيه (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فاذا صار الأمر إليه جعل الله له عموداً من نور ، يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة((3)) .

باب (80)بداية خَلق الامام

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن

ص: 109


1- - الكافي : ج1 ص385 ح1 ، والآية الأخيرة في سورة القدر 97 : 4 .
2- - الكافي : ج8 ص205 ح249 .
3- - الكافي : ج1 ص387 ح4 .

سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن الحسن بن راشد قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله (تبارك وتعالى) إذا أحبّ أن يخلق الإمام أمر ملكاً فأخذ شربة من ماء تحت العرش ، فيسقيها أباه فمن ذلك يخلق الامام ، فيمكث أربعين يوماً وليلة في بطن اُمِّه لا يسمع الصوت ثمّ يسمع بعد ذلك الكلام ، فإذا وُلد بعث ذلك الملك فيكتب بين عينيه : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)فإذا مضى الإمام الذي كان قبله ، رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى أعمال الخلائق ، فبهذا يحتج الله على خلقه((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن حميد بن شعيب ، عن الحسن بن راشد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله إذا أحبّ أن يخلق الامام أخذ شربة من تحت العرشمن ماء المزن أعطاها ملكاً فسقاها أباه فمن ذلك يخلق الامام ، فإذا ولد بعث الله ذلك الملك إلى الامام ان يكتب بين عينيه : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فاذا مضى ذلك الامام الذي قبله رُفع له مناراً يبصر به أعمال العباد ، فلذلك يحتج به على خلقه((2)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن

ص: 110


1- - الكافي : ج1 ص387 ح2 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص215 . منه تفسير البرهان : ج4 ص37 .

حديد ، عن منصور بن يونس ، عن يونس بن ظبيان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله (عزّوجلّ) إذا أراد أن يخلق الإمام من الإمام بعث ملكاً فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثمّ أوقعها - أو دفعها - إلى الإمام فشربها ، فيمكث في الرَّحم أربعين يوماً لا يسمع الكلام ، ثمّ يسمع الكلام بعد ذلك ، فإذا وضعته اُمّه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة ، فكتب على عضده الأيمن (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) فإذا قام بهذا الأمر رفع الله له في كلّ بلدة مناراً ينظر به إلى أعمال العباد((1)) .

تفسير العياشي : عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا أراد الله أن يقبض روح امام ويخلق بعده إماماً ، أنزل قطرة من تحت العرش إلى الأرض ، يلقيها على ثمرة أو بقلة ، قال : فيأكل تلك الثمرة أو تلك البقلة الامام الذي يخلق الله منه نطفة الامام الذي يقوم من بعده ، قال : فيخلق الله من تلك القطرة نطفة في الصلب ، ثمّ يصير إلى الرّحم ، فيمكث فيه أربعين يوماً ، فاذا مضى له أربعون يوماً سمع الصوت ، فإذا مضى له أربعة أشهُر كُتب على عضُده الأيمن : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فاذا خرج إلى الأرض أوتي الحكمة ، وزيّن بالحلم والوقار ، وأُلبِسَ الهيبة ،

ص: 111


1- - الكافي : ج1 ص387 ح3 .

وجعل له مصباح من نور ، فعرف به الضمير ، ويرى به أعمال العباد((1)) .

باب (81)كتابة الآية على عضد الامام في بطن اُمّه

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا خلق الله الامام في بطن اُمّه يكتب على عضده الأيمن (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)((2)) .

تفسير العياشي : عن يونس بن ظبيان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الامام إذا أراد الله أن يحمل له بإمام ، أُتيَ بسبع ورقات من الجنّة ، فأكلهن قبل أن يواقع ، قال : فإذا وقع في الرّحم سمع الكلام في بطن اُمّه ، فإذا وضعته رُفع له عمود من نور ما بين السماء والأرض ، يرى ما بين المشرق والمغرب ، وكُتِب على عَضُده : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلا) .

قال أبو عبدالله((3)) : قال الوشاء حين مرّ هذا الحديث : لا أروي لكم هذا ، لا تُحدِّثوا عنّي((4)) .

ص: 112


1- - تفسير العياشي : ج2 ص115 ح1478 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص38 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص214 . منه تفسير البرهان : ج4 ص37 .
3- - المراد بأبي عبدالله هو أحمد بن محمّد السياري .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص114 ح1477 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص38 .

باب (82)من بركات الليلة التي يولَد فيها الامام

أمالي الطوسي : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن موسى بن طلحة ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد (عليه السّلام) يقول : إنّ في الليلة التي يُولد فيها الإمام لا يولد مولود إلاّ كان مؤمناً ، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله إلى الإيمان ببركة الإمام((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (116 و 117) .

باب (83)جزاء مَن أقام على الشكّ والظن

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله قال : في وصية المفضّل قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : من شك أو ظنّ فأقام على أحدهما أحبط الله عمله إنّ حجّة الله هي الحجّة الواضحة((2)) .

* * * * *

ص: 113


1- - أمالي الطوسي : ص412 ح925 .
2- - الكافي : ج2 ص400 ح8 .

قوله تعالى : (فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) (118) .

باب (84)حكم ذبائح أهل الكتاب والنواصب

تفسير العياشي : عن حمران قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول في ذبيحة الناصب واليهودي - قال : - لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله ، أما سمعت قول الله : (وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ)((1)) .

أقول : هذا الحديث ضعيف السَّند ومتروك العمل به ، وقد ثبت في محلِّه أن من شروط حلّية الذبيحة أن يكون الذابح مسلماً ، فلا تحلّ ذبيحة اليهودي ولا ناصب العداوة لأهل البيت (عليهم السّلام) وهذا الأمر من المسلّمات .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير قال : دخلنا على أبي عبدالله (عليه السّلام) أنا وأبي فقلنا له : جعلنا الله فداك ، إنّ لنا خلطاء من النصارى وإنا نأتيهم فيذبحون لنا الدَّجاج والفراخ والجداء أفنأكلها ؟

قال : فقال : لا تأكلوها ولا تقربوها فإنّهم يقولون على ذبائحهم ما لا

ص: 114


1- - تفسير العياشي : ج2 ص116 ح1482 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص39 .

أُحبُّ لكم أكلها ؟قال : فلمّا قدمنا الكوفة دعانا بعضهم فأبينا أن نذهب فقال : ما بالكم كنتم تأتونا ثم تركتموه اليوم ؟

قال : فقلنا : إنّ عالماً لنا نهانا وزعم أنّكم تقولون على ذبائحكم شيئاً لا يحبُّ لنا أكلها .

فقال : من هذا العالِم ؟ هذا والله أعلم الناس وأعلم مَن خَلق الله ، صَدَق والله ، إنّا لنقول : بسم المسيح((1)) .

التهذيب : محمد بن أحمد بن يحيى ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن بشير ، عن ابن أبي غفيلة الحسن بن أيوب ، عن داود بن كثير الرّقي ، عن بشر بن أبي غيلان الشيباني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن ذبائح اليهود والنصارى والنّصاب ؟

قال : فلوى شدقه وقال : كلها إلى يوم ما((2)) .

أقول : الحديث ضعيف من حيث السند . وقوله : (فلوى شدقه) أي أماله وأعرض به . والشدق : جانب الفم - كما في مجمع البحرين - .

وقال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (ويدل على أنّ الضرورة مجوِّزة لأكل ذبائح أهل الكتاب والمخالفين)((3)) .

وحمل الفيض الكاشاني هذا الحديث على التقيّة .

ص: 115


1- - الكافي : ج6 ص241 ح15 .
2- - التهذيب : ج9 ص70 ح299 .
3- - ملاذ الاخيار : ج14 ص261 .

ولعلّه أراد (عليه السّلام) ب- « يوم ما » يوم رفع التقيّة وظهور دولة الحق((1)) .

باب (85)حكم ذبيحة المرأة والغلام

تفسير العياشي : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن ذبيحة المرأة والغلام هل تؤكل ؟قال : نعم إذا كانت المرأة مسلمة ، وذكرت اسم الله حلّت ذبيحتُها ، وإذا كان الغلام قويّاً على الذبح وذكر اسم الله حلّت ذبيحته ، وإذا كان الرّجل مُسلماً فنسي أن يُسمّي فلا بأس بأكله ، إذا لم تتَّهمه((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ) (120) .

باب (86)الخير في طاعة الله واجتناب محارمه

الكافي : محمّد بن يعقوب الكليني قال : حدثني علي بن ابراهيم ،

ص: 116


1- - الوافي : ج19 ص260 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص116 ح1481 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج3 ص39 .

عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن حفص المؤذّن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وعن محمّد بن اسماعيل بن بزيع ، عن محمّد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ...

قال : وحدثني الحسن بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، عن القاسم بن الربيع الصحاف ، عن اسماعيل بن مخلّد السرّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في رسالة طويلة الى أصحابه - قال : واعلموا أنّ الله لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلاّ ذكره بخير فأعطوا الله من أنفسكم الاجتهاد في طاعته فإنّ الله لا يُدرَك شيء من الخير عنده إلاّ بطاعته واجتناب محارمه التي حرّم الله في ظاهر القرآن وباطنه فانّ الله (تبارك وتعالى) قال في كتابه وقوله الحقّ : (وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (... وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (121) .

باب (87)مؤمن يردُّ على منحرف

تفسير العياشي : عن داود بن فرقد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه

ص: 117


1- - الكافي : ج8 ص7 ح1 .

السّلام) : جعلت فداك كنتُ أُصلّي عند القبر ، وإذا رجلٌ خلفي يقول : (أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ) (وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ)((1)) قال : فالتفتُّ إليه - وقد تأوّل عَليَّ هذه الآية وما أدري مَن هو - وأنا أقول : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) فإذا هو هارون بن سعد .

قال : فَضَحِك أبو عبدالله (عليه السّلام) ثم قال : إذاً أصبت الجواب - أو قال : الكلام((2)) - بِإذنِ الله((3)) .

إختيار معرفة الرجال : محمد بن مسعود قال : حدثني عبدالله بن محمد قال : حدثني الوشّاء ، عن علي بن عقبة ، عن داود بن فرقد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((4)) .

إختيار معرفة الرجال : حمدويه قال : حدثنا أيوب قال : حدثني صفوان ، عن داود بن فرقد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ رجلاً خلفي حين صلّيت المغرب في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه

ص: 118


1- - هذا اقتباس من قوله سبحانه : (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ) النساء 4 : 88 .
2- - في اختيار معرفة الرجال وبحار الانوار : إذا أصبت الجواب قلّ الكلام . وفي رجال الكشي : ص294 رقم 190 : قبل الكلام .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص116 ح1483 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج47 ص346 .
4- - إختيار معرفة الرجال : ج2 ص635 ح640 .

وآله وسلّم) فقال : (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ) .فعلمت أنّه يعنيني ، فالتفت إليه فقلت : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ) ... وذكر مثله سواء إلى آخر الحديث وقال في آخره : قلت : جعلت فداك لا جرم والله ما تكلّم بكلمة .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما أحد أجهل منهم ، إنّ في المرجئة فتياً وعلماً وفي الخوارج فتياً وعلماً وما أحد أجهل منهم((1)) .

أقول : كان هارون بن سعد من المنحرفين عن أهل البيت (عليهم السّلام) فلمّا رأى داودَ بن فرقد (وهو من الشيعة) يصلّي عند قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أراد أن يطعن فيه بقراءة تلك الآية ، فردَّ عليه داود بن فرقد بآية اُخرى جاءت على رأسه كالصاعقة .

وهذا الحديث يدلّ على أنّ الصلاة عند القبور كانت سيرة المؤمنين منذ عصر الأئمة الطاهرين (عليهم السّلام) خلافاً لما يذهب اليه الوهّابيّون الضالّون المضلّون من حرمة الصلاة عند القبور ، فانتبه جيّداً .

* * * * *

قوله تعالى : (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِج مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ

ص: 119


1- - إختيار معرفة الرجال : ج2 ص636 ح641 .

مَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ) (122) .

باب (88)الهداية حياة

تفسير نور الثقلين : في كتاب (المناقب) لإبن شهرآشوب قال الصادق (عليه السّلام) : (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ) كان ميتاً عنّا فأحييناه بنا((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَة أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِي-َمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ) (123 و 124) .

باب (89)عقاب مَن غدر بامام أو نكث بيعته

الكافي : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :

ص: 120


1- - تفسير نور الثقلين : ج1 ص764 ح273 .

يجيء كلّ غادر - يوم القيامة - بامام ، مائل شدقه حتى يدخل النار ويجيء كلّ ناكث بيعة إمام أجذم حتى يدخل النار((1)) .

أقول : الغدر : ترك الوفاء ونقض العهد . والشدق : جانب الفم - كما في مجمع البحرين - ومعنى الحديث أنّ تارك الوفاء والناقض للعهد يأتي مع إمامه الضالّ المُضلّ حال كونه مائلا شدقه ، وهذه الحالة تحصل للانسان عند الخوف والفزع والاضطراب ، فكأنّ اعصاب فمه ترتخي وكأنّ فمه معوج ، أو يأتي كلُّ مَن غَدَر بامام من أئمة الحق المعصومين الاثني عشر (عليهم السّلام) هكذا حاله ، نعوذ بالله من كلّ ضلالة ونسأله الهداية ، انّه وليُّ ذلك .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عمرو بن الأشعث ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، عن يحيى بن عبدالله بن الحسن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يجيء كلّ غادر بامام - يوم القيامة - مائلاً شدقه حتى يدخل النار((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن

ص: 121


1- - الكافي : ج2 ص337 ح2 . والأجذم : مقطوع اليد (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج2 ص337 ح5 .

يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْم يَذَّكَّرُونَ * لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْض وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ) (125 - 128) .

باب (90)مَن أراد الله له الخير ومَن أراد له السوء

الكافي : علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال : إنّ الله (عزّوجلّ) إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة من نور((1)) وفتح مسامع قلبه ووكّل به ملكاً يسدّده ، وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسدَّ مسامع قلبه ، ووكّل به شيطاناً يُضلّه ، ثمّ تلا هذه الآية : (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن

ص: 122


1- - في تفسير العياشي : نكتة بيضاء .

يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)((1)) .

التوحيد : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه مثله((2)) .

تفسير العياشي : عن سليمان بن خالد قال : قد سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : انّ الله اذا أراد ... وذكر مثله((3)) .الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ الله (عزّوجلّ) إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه وقلبه حتى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم ، وإذا أراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء ، فأظلم لها سمعه وقلبه ، ثم تلا هذه الآية (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)((4)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 123


1- - الكافي : ج1 ص166 ح2 .
2- - التوحيد : ص415 ح14 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص118 ح1489 الطبعة الحديثة .
4- - الكافي : ج2 ص214 ح6 .

السّلام) قال : إنّ القلب ليَتَجلجل((1)) في الجوف يطلب الحقّ فإذا أصابه اطمأنّ وقرَّ ، ثمّ تلا أبو عبدالله (عليه السّلام) هذه الآية : (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ) إلى قوله : (كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)((2)) .

معاني الأخبار : حدثنا أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة ابن ميمون ، عن زرارة ، عن عبد الخالق بن عبد ربّه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) .

فقال : قد يكون ضيّقاً وله منفذ يسمع منه ويبصر ، والحرج : هو الملتئم الذي لا منفذ له يسمع ]به[ ولا يبصر منه((3)) .

الاختصاص : محمد بن عيسى بن عبيد ، عن النضر بن سويد ، عن علي بن صامت ، عن أديم بن الحرّ قال : سأل موسى بن أشيم أبا عبدالله (عليه السّلام) وأنا حاضر عن آية من كتاب الله فخبّره بها ، فلم يبرح حتى دخل رجل فسأله عن تلك الآيةبعينها فخبّره بخلاف ما خبّر به موسى ابن أشيم ، ثمّ قال ابن أشيم : فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأنّ قلبي

ص: 124


1- - الجلجلة : شدّة الصوت وحدّته (لسان العرب) .
2- - الكافي : ج2 ص421 ح5 .
3- - معاني الأخبار : ص145 ح1 . منه تفسير البرهان : ج4 ص44 .

يُشرَّح بالسكاكين ، وقلت : تركنا أبا قتادة بالشام لا يُخطىء في الحرف الواحد ، الواو وشبهها ، وجئت لمن يُخطئ هذا الخطأ كلّه !! فبينا أنا في ذلك إذ دخل عليه رجلٌ آخر فسأله عن تلك الآية بعينها فخبَّره بخلاف ما خبّرني به ، وخلاف الذي خبَّر به الذي سأله بعدي ، فتجلّى عنّي وعلمت أنّ ذلك تعمّداً ، فحدّثتُ نفسي بشيء ، فالتفت إليَّ أبو عبدالله (عليه السّلام) فقال : يابن أشيم لا تفعل كذا وكذا - فبان حديثي عن الأمر الذي حدّثتُ به نفسي - ثمّ قال : يابن أشيم إن الله فوَّض إلى سليمان بن داود فقال : (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب)((1)) وفوّض إلى نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)((2)) فما فوَّض إلى نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقد فوّضه إلينا ، يابن أشيم (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) أتدري ما الحرج ؟

قلت : لا .

فقال بيده وضمَّ أصابعه كالشيء المصمت الذي لا يخرج منه شيء ولا يدخل فيه شيء((3)) .

ص: 125


1- - سورة ص 38 : 39 .
2- - الحشر 59 : 7 .
3- - الإختصاص : ص330 . منه تفسير البرهان : ج4 ص45 .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن خيثمة قال : سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول : إنّ القلب ينقلب من لدن موضعه إلى حنجرته ما لم يصِب الحقّ ، فإذا أصاب الحقّ قرّ ، ثمّ ضمّ أصابعه ثمّ قرأ هذه الآية : (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) .

قال : وقال أبو عبدالله (عليه السّلام) لموسى بن أشيم : أتدري ما الحرج ؟قال : قلت : لا .

فقال بيده وضمّ أصابعه كالشيء المصمت لا يدخل فيه شيء ، ولا يخرج منه شيء((1)) .

الكافي : محمّد بن يعقوب الكليني قال : حدثني علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن حفص المؤذّن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وعن محمّد بن اسماعيل بن بزيع ، عن محمّد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ...

قال : وحدثني الحسن بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفيّ ، عن القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن اسماعيل بن مخلّد السرّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال - في رسالة طويلة الى أصحابه- :

ص: 126


1- - تفسير العياشي : ج2 ص119 ح1490 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص45 .

قال : واعلموا أنّ الله اذا أراد بعبد خيراً شرح صدره للاسلام ، فاذا أعطاه ذلك أنطق لسانه بالحقّ وعقد قلبه عليه فعمل به فإذا جمع الله له ذلك تمّ له إسلامه وكان عندالله إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقّاً .

وإذا لم يرد الله بعبد خيراً وكّله إلى نفسه وكان صدره ضيّقاً حرجاً ، فان جرى على لسانه حقّ لم يعقد قلبه عليه وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه الله العمل به ، فإذا اجتمع ذلك عليه حتى يموت وهو على تلك الحال كان عندالله من المنافقين وصار ما جرى على لسانه من الحق الذي لم يعطه الله أن يعقد قلبه عليه ولم يعطه العمل به حجَّة عليه يوم القيامة .

فاتّقوا الله وسلوه أن يشرح صدوركم للاسلام وان يجعل ألسنتكم تنطق بالحق ، حتى يتوفّاكم وأنتم على ذلك ، وان يجعل منقلبكم منقلب الصالحين قبلكم ، ولا قوَّة إلاّ بالله والحمد لله رب العالمين((1)) .تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) .

قال : هو الشك((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّات مَّعْرُوشَات وَغَيْرَ مَعْرُوشَات

ص: 127


1- - الكافي : ج8 ص13 و14 ضمن حديث 1 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص119 ح1491 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص45 .

وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِه كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (141) .

باب (91)النخلة مخلوقة من فضل طينة آدم

علل الشرائع : حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ الله تعالى لمّا خلق آدم من طينة فضلت من تلك الطينة فضلة ، فخلق منها النخلة فمن أجل ذلك إذا قطعت رأسها لم تنبت وهي تحتاج إلى اللقاح((1)) .

باب (92)النهي عن الاسراف في الإنفاق

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن المثنّى قال : سأل رجل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ؟

ص: 128


1- - علل الشرائع : ص575 ح1 .

فقال : كان فلان بن فلان الأنصاري - سمّاه - وكان له حرث وكان إذا أخذ يتصدّق به ويبقى هو وعياله بغير شيء فجعل الله (عزّوجلّ) ذلك سرفاً((1)) .

باب (93)النهي عن الصرم والحصد بالليل

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن عبدالله بن مُسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا تَصرِم((2)) باللّيل ولا تَحصُد بالليل ، ولا تضحِّ بالليل ، ولا تَبذُر بالليل ، فإنّك إن تَفعل لم يأتِكَ القانع والمُعترّ .

فقلت : ما القانِع والمعترّ ؟

قال : القانع : الذي يقنَع بما أعطيته ، والمعتر : الذي يمرُّ بك فيسألك ، وإن حصَدتَ بالليل لم يأتِك السُّؤّال ، وهو قول الله تعالى : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) عند الحصاد يعني القبضة بعد القبضة إذا حصدتَه وإذا خرج فالحفنة بعد الحفنة وكذلك عند الصرام وكذلك عند البذر ، ولا تبذر بالليل لانّك تعطي من البذر كما تُعطي من الحصاد((3)) .

ص: 129


1- - الكافي : ج4 ص55 ح5 .
2- - صرمه صرماً : قطعه بائناً ، وصرم النخل والشجر : جزَّه (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج3 ص565 ح3 .

تفسير العياشي : عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله ، عن أبي جعفر ، عن علي بن الحسين (صلوات الله عليهم) أنَّه قال (عليه السّلام) لقهرمانه((1)) ووجده قد جَذّ نخلاً له من آخر الليل ، فقال له : لا تفعل ، ألم تعلم أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نهى عن الجِذاذ والحصاد بالليل ، وكان يقول : الضغث تعطيه من يسأل فذلك حقّه يوم حصاده((2)) .تفسير العياشي : عن سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) .

قال : حقّه يوم حَصاده عليك واجب ، وليس من الزكاة تقبض منه القبضة ، والضغث من السنبل لمن يحضرك من السُّؤّال ، لا يحصد بالليل ، ولا يجذُّ بالليل ، إنّ الله يقول : (يَوْمَ حَصَادِهِ) فإذا أنت حصدته بالليل لم يحضرك سؤّال ولا يضحّى بالليل((3)) .

تفسير العياشي : عن سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه كان يكرهُ أن يُصرم النخل بالليل ، وأن يحصد الزرع بالليل ، لأنّ الله تعالى يقول : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ

ص: 130


1- - القهرمان : كالخازن والوكيل الحافظ لما تحت يده ، والقائم بأمور الرجل بلغة الفرس (لسان العرب) .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص122 ح1506 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص56 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص121 ح1502 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص55 .

حَصَادِهِ) .

قيل : يا نبي الله وما حَقّه ؟

قال : ناوِل منه المسكين والسائل((1)) .

باب (94)النهي عن ردِّ السائل الى ثلاثة أَشخاص

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن مرازم ، عن مصادف قال : كنت مع أبي عبدالله (عليه السّلام) في أرض له وهم يَصرمون فجاء سائل يسأل فقلت : الله يرزقك .

فقال : مه ليس ذلك لكم حتى تعطوا ثلاثة ، فاذا أعطيتُم ثلاثة ، فإن أعطيتم فلكم وان أمسَكتم فلكم((2)) .

باب (95)الانفاق يوم الحصاد

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن أبي مريم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) .

ص: 131


1- - تفسير العياشي : ج2 ص122 ح1503 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص56 .
2- - الكافي : ج3 ص566 ح5 .

قال : تُعطي المسكين يوم حَصادِك الضغث((1)) ، ثمّ إذا وقع في البيدر ، ثمّ إذا وقع في الصّاع العُشر ونصف العُشر((2)) .

تفسير القمي : أخبرنا أحمد بن ادريس قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن شعيب العقرقوفي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قوله : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) ؟

قال : الضغث من السنبل والكفّ من التمر إذا خُرِص .

قال : سألت هل يستقيم اعطاؤه اذا أدخله بيته ؟

قال : لا هو أسخى لنفسه قبل أن يدخله بيتَه((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية ابن شريح قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : في الزرع حقان : حق يؤخذ به وحق تُعطيه .

قلت : وما الذي اُوخذ به ؟ وما الذي اعطيه ؟

قال : أمّا الذي تؤخَذ به فالعُشر ونصف العُشر ، وأمّا الذي تُعطيه فقول الله (عزّوجلّ) : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) يعني من حصدك

ص: 132


1- - الضِغْث : قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج3 ص565 ح4 .
3- - تفسير القمي : ج1 ص218 . منه تفسير البرهان : ج4 ص54 .

الشيء بعد الشيء - ولا أعلمه إلاّ قال : - الضغث ثمّ الضغث حتى تفرغ((1)) .تفسير العياشي : عن معاوية بن ميسرة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ]ان[ في الزرع حقَّين : حقّ تُؤخَذ به ، وحقّ تُعطيه ، فأمّا الذي تؤخذ به فالعُشر ونصف العُشر ، وأمّا الحق الذي تُعطيه فإنّه يقول : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) فالضغث تُعطيه ، ثم الضغث حتى تفرغ((2)) .

تفسير العياشي : عن الجرّاح المدائني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) .

قال : تعطي منه المساكين الذين يحضرونك ، تأخذ بيدك القبضة والقبضة حتى تفرغ((3)) .

تفسير العياشي : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله تعالى : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) كيف يعطى ؟

قال : تَقبِض بيدك الضغث ، فتعطيه المسكين ، ثمّ المسكين حتى تفرغ ، وعند الصرام((4)) الحفنة ثمّ الحفنة حتى تفرغ منه((5)) .

ص: 133


1- - الكافي : ج3 ص564 ح1 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص120 ح1496 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص54 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص122 ح1504 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص56 .
4- - الصرام : جذاذ النخل أي : أوان ادراكه (أقرب الموارد) .
5- - تفسير العياشي : ج2 ص123 ح1508 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص57 .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) كيف يُعطى ؟

قال : تقبِض بيدك الضغث فسمّاه الله حقاً .

قال : قلت : وما حقّه يوم حصاده ؟

قال : الضغث تناوله من حضرك من أهل الخاصّة((1)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قوله : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) ؟قال : اعط من حضرك من المسلمين ، وإن لم يحضرك إلاّ مشرِك فأعطه((2)) .

تفسير العياشي : عن هاشم بن المثنّى قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قوله : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) .

قال : أعط من حضرك من مشرك أو غيره((3)) .

تفسير العياشي : في رواية عبدالله بن سنان ، عنه (عليه السّلام) قال : تُعطي منه المساكين الذين يحضُرونَك ، ولو لم يحضُرك إلا مُشرك((4)) .

ص: 134


1- - تفسير العياشي : ج2 ص123 ح1507 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص56 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص119 ح1495 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص54 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص119 ح1494 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص54 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص120 ح1497 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص54 .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران بن أعين ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) .

قالا : تُعطي منه الضِّغث ، تقبض من السُّنبل قبضة والقبضة((1)) و((2)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) أنّه ما تيسر ممّا يعطى المساكين ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام)((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْم إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْم إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (143 و144) .

ص: 135


1- - في تفسير البرهان : قالا : تُعطي منه الضِّغْث بعد الضِّغْث ، ومن السُّنبل القبضة بعد القبضة .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص120 ح1498 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص54 .
3- - مجمع البيان : ج2 ص375 .

باب (96)الحيوانات المحمولة في سفينة النبي نوح

الكافي : محمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد ابن سنان ، عن اسماعيل الجعفي ، وعبدالكريم بن عمرو ، وعبد الحميد ابن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : حَمل نوح (عليه السّلام) في السفينة الأزواج الثمانية التي قال الله (عزّوجلّ) : (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) ، (وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) فكان من الضأن اثنين : زوج داجنة((1)) يُربيها الناس والزوج الآخر الضأن التي تكون في الجبال الوحشِية أحلّ لهم صيدها ، ومن المعز اثنين : زوج داجنة يربيها الناسُ والزوج الآخر الظبي التي تكون في المفاوِز ، ومن الإبل اثنين : البَخاتي والعِراب ، ومن البقر اثنين : زوج داجنة للناس والزوج الاخر البقر الوحشية ، وكل طير طيب وحشي ]أ[ وانسي ثمّ غرقت الأرض((2)) .

باب (97)الحلال والمكروه من الضأن والمعز والابل والبقر

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابراهيم بن محمد ، عن

ص: 136


1- - دجنت الشاة : ألفت البيوت واستأنست (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج8 ص283 ح427 .

السلمي ، عن داود الرقي قال : سألني بعض الخوارج عن هذه الآية : (مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ) ، (وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) ما الذي أحلَّ الله من ذلك ؟ وما الذي حرَّم ؟ فلم يكن عندي ]فيه[ شيء فدخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) وأنا حاج فأخبرته بما كان ، فقال : إنّ الله (عزّوجلّ) أحلَّ في الأُضحية بمنى الضأن والمعز الأهليَّة وحرّم أن يضحّي بالجبليَّة ، وأمّا قوله : (وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) فإنّ الله (تبارك وتعالى) أحلَّ في الأُضحية ]بمنى[ الإبل العِراب((1)) وحرّم منها البَخاتي((2)) وأحلَّ البقر الأهليَّة أن يُضحّى بها وحرّم الجبليَّة ،فانصرفتُ إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب ، فقال : هذا شيء حملتْه الإبل من الحجاز((3)) .

من لا يحضره الفقيه : روي عن داود الرقي قال : ... وذكر مثله((4)) .

الاختصاص : محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفّار ، والحسن بن متّيل ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن ابراهيم بن محمد

ص: 137


1- - الابل العراب : هي العربيّة (كتاب العين) وهي خلاف البخاتي .
2- - في الفقيه : وحرّم فيها البخاتي . والبخاتي : هي الابل الخراسانيَّة (أقرب الموارد) . ولم يقل أحد من الفقهاء بحرمته . وقال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (وأمّا تحريم البخاتي فلم أر قائلاً به ، ولعله محمول على الكراهة) .
3- - الكافي : ج4 ص492 ح17 .
4- - من لا يحضره الفقيه : ج2 ص490 ح3049 .

الهمداني ، عن السلمي ، عن داود الرّقي نحوه((1)) .

تفسير العياشي : عن داود الرّقي قال : سألني بعض الخوارج عن هذه الآية في كتاب الله : (مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ) (وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) ما الذي أحلَّ الله من ذلك ؟ وما الذي حرّم الله ؟ فلم يكن عندي فيه شيء ، فدخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) وأنا حاج ، فأخبرته بما كان .

فقال : إنّ الله (تبارك وتعالى) أحلَّ في الأضحية بمنى الإبل العراب وحرّم فيها البَخَاتي ، وأحلّ البقرة الأهليّة أن يُضحّى بها وحرّم الجبليَّة ، فانصرفتُ إلى الرّجل ، فأخبرته بهذا الجواب ، فقال لي : هذا شيء حملتْه الإبل من الحجاز((2)) .

تفسير العياشي : عن صفوان الجمّال قال : كان متجَري الى مصر وكان لي بها صديق من الخوارج ، فأتاني وقت خُروجي الى الحج ، فقال لي : هل سمعتَ من جعفر بن محمد في قول الله (عزّوجلّ) : (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْم إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) أيّاً أحلّ وأيّاً حرّم ؟

ص: 138


1- - الاختصاص : ص54 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص124 ح1511 الطبعة الحديثة .

قلت : ما سمِعت منه في هذا شيئاً .فقال لي : أنت على الخروج ، فأُحِبُّ أن تسأله عن ذلك .

قال : فحجَجت ، فدخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) فسألتُه عن مسألة الخارجي .

فقال (عليه السّلام) لي : حرّم من الضأن ومن المعزِ الجبلية ، وأحلَّ الأهلية - يعني في الأضاحي - وأَحلّ من الإبل العِراب ، ومن البقر الأهليَّة ، وحرّم من البقر الجبليّة ، ومن الإبل البَخاتي - يعني في الأضاحي - .

قال : فلمّا انصرفت أخبَرته ، فقال : أمّا إنّه لو لا ما أهرَق جدُّه من الدِّماء ما اتّخذت إماماً غيرَه((1)) .

أقول : لم يُهرق الامام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلاّ دماء الذين خرجوا عليه وسلّوا السيف في وجهه وتمرَّدوا على حكومته الشرعيَّة الالهيَّة ، وهم الناكثون والقاسطون والمارقون الذين عاثوا في الارض فساداً وأهلكوا الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ، وقد كان جزاؤهم القتل والإبادة ، وخسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين .

وأما بالنسبة الى الضأن والمعز الجبلية وهكذا البقر والأبل البخاتي فلم نر من قال بحرمتها من الفقهاء في الكتب التي بأيدينا ، وهناك مجال

ص: 139


1- - تفسير العياشي : ج2 ص124 ح1512 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص60 .

للقول بالكراهة للنهي عن التضحية بها . والله العالم بحقائق الأُمور .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) (وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) قيل : انّ المراد بالاثنين الأهلي والوحشي من الضأن والمعز والبقر ، والمراد بالاثنين من الابل العراب والبخاتي . وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِم يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِير فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(145) .

باب (98)حكم بعض انواع السمك

التهذيب - الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الجِرّي والمارماهي والزّمير وما ]ليس[ له قِشر من السمك ]أ[ حرام هو ؟

ص: 140


1- - مجمع البيان : ج2 ص377 .

فقال لي : يا محمد إقرأ هذه الآية التي في الأنعام : (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِم يَطْعَمُهُ) قال : فقرأتُها حتى فرغتُ منها .

فقال : إنما الحرام ما حرّم الله ورسوله في كتابه ولكنّهم قد كانوا يعافون أشياء فنحن نَعافُها((1)) .

أقول : المشهور بين الفقهاء قديماً وحديثاً - بل يمكن القول أنه المتَّفق عليه بينهم الاّ النادر منهم - حرمة أكْل ما ليس له فَلس من السمك ، والروايات في ذلك مستفيضة ان لم تكن متواترة ، وقد ذكرت في كتب الحديث المعتبرة .

وورد بعضها في خصوص الجرّي وبعضها في النهي عن أكل المسوخ من السمك كالزمير والمار ماهي وغيرهما ، والتفصيل في الكتب الفقهية المفصّلة . والله العالم .

باب (99)حكم سباع الطير والوحش وغيره

تفسير العياشي : عن حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سُئل عن سباع الطير والوحش ، حتى ذُكر له القَنافِذ والوَطواط ، والحمير

ص: 141


1- - التهذيب : ج9 ص6 ح16 - الاستبصار : ج4 ص60 ح208 . وعفا عن الشيء : أمسك عنه وتنزَّه عن طلبه ، وعفا الشيء : تركه (أقرب الموارد) .

والبغال والخيل ؟

فقال (عليه السّلام) : ليس الحرام إلاّ ما حرّم الله في كتابه ، وقد نَهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم خيبر عن أكل لحوم الحمير ، وإنّما نهاهُم من أجل ظَهرهم أن يُفنوه ، وليس الحمير بحرام وقال : قرأ هذه الآيات : (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِم يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِير فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ)((1)) .

أَقول : يحرم السباع من الوحش والطير وهكذا القنافذ والوطواط للاحاديث الكثيرة الواردة في هذا الشأن ، وأمّا الخيل والبغال والحمير فيكره أَكل لحومها ، ولعلّ الحكمة في ذلك الحفاظ عليها من الإنقراض ، والإِستفادة منها للركوب عليها والاستفادة من ظهورها للنقل والانتقال ، ولا زال البشر يستفيد منها - في كثير من القرى والارياف - في حمل الاثقال من هنا وهناك كما قال تعالى : (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَد لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُر وَمِنَ الْبَقَرِ

ص: 142


1- - تفسير العياشي : ج2 ص125 ح1513 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص62 .
2- - النحل 16 : 7 .

وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْم ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) (146) .

باب (100)ما حرَّمه الله على بني اسرائيل من أجزاء الحيوان

تفسير العياشي : عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : حُرّم على بني إسرائيل كلُّ ذي ظفر والشحوم (إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْم)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) (149) .

باب (101)الحجَّة البالغة لله سبحانه

أمالي الطوسي : حدثنا أبو عبدالله محمد بن محمد قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد قال : حدثني محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد قال : سمعت جعفر بن محمد (عليهما السّلام) وقد سُئل عن قوله تعالى :

ص: 143


1- - تفسير العياشي : ج2 ص126 ح1516 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص63 .

(فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ) ؟

فقال : إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنتَ عالماً ؟ فإن قال : نعم . قال له : أفلا عَمِلتَ بما عَلِمت ؟ وان قال : كنتُ جاهلاً ، قال له : أفلا تعلّمتَ حتى تعمَل ؟ فيخصِمه ، فتلك الحجّة البالغة((1)) .

أمالي المفيد : حدثني الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بهذا الاسناد مثله((2)) .

باب (102)الأئمة الطاهرون حُجج الله على الخَلق

تفسير العياشي : الحسين قال : سمِعت أبا طالب القمّي يروي عن سدير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نحن الحجّة البالغة على من دون السّماء وفوق الأرض((3)) .

الكافي : أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعاً ، عن محمد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : كان أمير المؤمنين

ص: 144


1- - أمالي الطوسي : ص9 ح10 . منه تفسير البرهان : ج4 ص64 .
2- - أمالي المفيد : ص227 ح6 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص126 ح1517 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص64 .

(عليه السّلام) باب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وسبيله الّذي من سلك بغيره هلك ، وكذلك يجري لأئمّة الهدى واحداً بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها وحجّته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى ... الى آخر الحديث((1)) .

الكافي : عليّ بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي قال : حدثنا سعيد الأعرج قال : دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبدالله (عليه السّلام) فابتدأنا فقال : يا سليمان ما جاء عن امير المؤمنين (عليه السّلام) يؤخذ به (إلى أن قال :) كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) باب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وبذلك جرت الأئمة (عليهم السّلام) واحد بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم ، والحجّة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى((2)) .

باب (103)الامام علي حجة الله وخليفة رسول الله

تفسير البرهان : العلاّمة الحلي في (الكشكول) : عن أحمد بن عبد

ص: 145


1- - الكافي : ج1 ص196 ح1 .
2- - الكافي : ج1 ص197 ح2 .

الرحمن الناوردي ، يوم الجمعة في شهر رمضان ، سنة عشرين وثلاثمائة قال : قال الحسين بن العباس ، عن المفضّل الكرماني قال : حدثني محمد ابن صدقة قال : قال محمد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر الجعفي قال : سألتُ مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليهما السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) ؟

فقال جعفر بن محمد (عليهما السّلام) : الحُجّة البالغة : التي تبلُغ الجاهلَ من أهل الكتاب فيَعلَمها بجَهله كما يعلمها العالم بعلمه ، لأنّ الله تعالى أكرم وأعدلُ من أن يُعذب أحداً الا بحُجّة ، ثمّ تلا جعفر بن محمد : (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ)((1)) .

ثمَّ أنشأ جعفر بن محمد (عليه السّلام) مُحَدِّثاً يقول : ما مضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاّ بعد إكمال الدين وإتمام النعمة ورِضا الرّبّ ، أنزل الله على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بكراع الغميم : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)((2)) لأنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاف الارتدادَ من المنافقين الذين كانوا يُسِرّون عداوةَ علي (عليه السّلام) ويعلنون موالاته خَوفاً من القتل ، فلمّا صار النبي (صلّى الله

ص: 146


1- - التوبة 9 : 115 .
2- - المائدة 5 : 67 .

عليه وآله وسلّم) بغدير خم بعد انصرافِه من حِجّة الوَداع ، انتصب للمُهاجرين والأنصار قائماً يخاطبُهم فقال بعدما حمدالله وأثنى عليه : معاشر المهاجرين والأنصار ألست أولى بكم من أنفُسكم ؟

فقالوا : اللهم نعم .فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اللهم اشهد (ثلاثاً) . ثمّ قال : يا عليّ .

فقال : لبّيك يا رسول الله .

فقال له : قمْ فإنَّ الله أمرَني أن ابلِّغ فيك رسالاته ، أنزل : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) فقام إليه علي (عليه السّلام) فأخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بضبعه((1)) فشاله حتى رأى الناس بياض إبطَيهما ثمّ قال : « من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصُر مَن نصره ، واخذل من خذله » - فأول قائم قام من المهاجرين والأنصار عمر بن الخطّاب ، فقال : بَخ بَخ لك يا علي ، أصبحتَ مولاي ومَولى كلِّ مؤمن ومؤمنة ، فنزل جبرئيل بقول الله (عزّوجلّ) : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

ص: 147


1- - الضبع : العضد كلّها ، أو وسطها بلحمها ، أو الإبط ، أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها (القاموس) .

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)((1)) - فبعلي أمير المؤمنين (عليه السّلام) في هذا اليوم أكمل الله لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم وأتمَّ عليكم نعمتَه ورضيَ لكم الإسلامَ ديناً فاسمَعوا له وأطيعوا له تفوزوا ، واعلموا أنَ مَثَل علي فيكم كمثل سفينة نوح مَن ركِبَها نجا ومن تخلف عنها غرق ومن تقدمها مَرَق ، ومَثَل علي فيكم كمَثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله كان آمناً ونجا ومن تخلّف عنه هلك وغوى ، فما مرَّ على المنافقين يوم كان أشدّ عليهم منه .

وقد كان المنافقون يُعرفون على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ببغض علي (عليه السّلام) فأنزل على نبيِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لاََرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)((2)) (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إسْرَارَهُمْ)((3)) والسرّ بغض علي(عليه السّلام) فماجَ الناس في ذلك القول من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في علي (عليه السّلام) وقالوا فاكثروا القول .

فلمّا انصرف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خطب

ص: 148


1- - المائدة 5 : 3 .
2- - سورة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) 47 : 29 و 30 .
3- - سورة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) 47 : 26 .

أصحابه ، وقال : إنّ الله تعالى اختصّ علياً بثلاث خصال لم يُعطِها أحداً من الأوّلين والآخِرين ، فاعرِفوها فإنّه الصدِّيق الأكبر والفاروق الأعظم ، أيَّدالله به الدِّين وأعزّ به الاسلام ، ونَصَر به نبيّكم .

فقام إليه عمر بن الخطّاب وقال : ما هذه الخصال الثلاث التي أعطاها الله علياً ولم يعطها أحداً من الأوّلين والآخِرين ؟

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ]إن الله[ اختصّ علياً باخ مثل نبيّكم محمد خاتم النبيّين ليس لأحد أخ مثلي ، واختصّه بزوجة مثل فاطمة ولم يختصّ أحداً بزوجة مثلها ، واختصَّه بابنين مثل الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة وليس لأحد ابنان مثلهما ، فهل تعلمون له نظيراً ؟ أو تعرفون له شبيهاً ؟

إنّ جبرئيل نزل عليَّ يوم أُحد فقال : يا محمد اسمع : لا سيف إلاّ ذوالفقار ولا فتى إلاّ علي ، يُعْلمني انّه لا سيف كسيف علي ، ولا فتى هو كعلي ، وقد نادى قبل ذلك - يوم بدر - مَلَك يقال له : رضوان ، من السّماء الدُّنيا : لا سيف إلاّ ذوالفقار ولا فتى الاّ علي .

إنّ علياً سيّد المتّقين وإمام المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، لا يبغضه من قريش إلاّ دَعِيّ ، ولا من العرب إلاّ سفحيّ((1)) ولا من سائر

ص: 149


1- - السِّفاح : الزنا (مجمع البحرين) . والمراد به هنا هو ولد الزنا .

الناس إلاّ شقي ، ولا من سائر النّساء إلاّ سلقلقية((1)) ،

إنّ الله (عزّوجلّ) جعل علياً ]عَلَماً[ للناس بين المهاجرين والانصار وبين خلقه فمن عرفه ووالاه كان مؤمناً ، ومنجهله ولم يواله ولم يعاد من عاداه كان ضالاَّ ، افآمنتم يا معاشر المسلمين ؟ (يقولها ثلاثاً) .

قالوا : آمنّا وسلّمنا يا رسول الله ، فآمنوا بعلي بألسنتهم وكفروا بقلوبهم ، فأنزل الله على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ)((2)) .

فقال لهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك بمشهد من أصحابه : لم يحبُّك - يا علي - من أصحابي إلاّ مؤمن تقيّ ، ولا يبغضك إلاّ منافق شقيّ ، وأنت - يا علي - وشيعتك الفائزون يوم القيامة ، إنّ شيعتك يردون عليَّ الحوض بِيض وجوههم ]وشيعة عدوّك من اُمتي يردون عليَّ الحوض سود الوجوه[ فتَسقي أنت شيعتَك وتمنع عدوّك فأنزل الله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) بموالاة علي ومعاداة علي (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا

ص: 150


1- - السلقلقية : المرأة التي تحيض من دبرها (لسان العرب) .
2- - المائدة 5 : 41 .

خَالِدُونَ)((1)) فلمّا نادى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال المنافقون : ألا إنَّ محمداً لا يزال يرفع بضبع علي ويتلو علينا آية من القرآن بعد آية ]غواية[ وترجيحاً له علينا ، ثمّ اجتمعوا ليلاً فقالوا : إنّ محمداً خدعنا عن ديننا الذي كُنَّا عليه ]في الجاهليّة[ فقال : من قال لا إله إلاّ الله فله مالنا وعليه ما علينا والآن قد خالف هذا القول إلى غيره فقام خطيباً فقال : « أنا سيّد ولد آدم ولا فخر » فحملناها ، ثمّ قال : علي سيّد العرب ، ثمَّ فضّله على جميع العالمين من الأوّلين والآخرين . فقال : عليّ خير البشر ومن أبى فقد كفر ، ثم قال : فاطمة سيدة نساء العالمين ، ثمّ قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم قال : حمزة سيّد الشهداء وجعفر ذوالجناحين يطير بهما مع الملائكة حيثُ يشاء ، والعباس - عمّه - جِلدة بين عينيه وصنو أبيه ، وله السقاية في دار الدُّنيا]وبني شيبة لهم السِّدانة ، فجَمَع خِصال الخير ومنازل الفضل والشرف في الدنيا[ والآخرة له ولأهل بيته خاصَّة ، وجعلنا من أتباعه وأتباع أهل بيته .

فقال النضر بنُ الحارث الفهري : إذا كان غداً اجتَمِعوا عند رسول الله حتى أُقبِلُ أنا وأتقاضاه ما وعدنا به في بدء الاسلام وانظر ما يقول ، ثمّ نحتجّ ، فلمّا أصبحوا فعلوا ذلك فأقبل النضر بن الحارث فسلّم على

ص: 151


1- - آل عمران 3 : 106 و107 .

رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال : يا رسول الله إذا كنت أنت سيّد وُلد آدم ، وأخوك سيّد العرب ، وابنتكَ فاطمة سيّدة نساء العالمين ، وابناك الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة وعمّك حمزة سيّد الشهداء وابن عمّك ذوالجناحين يطير مع الملائكة حيث يشاء وعمّك جِلدة بين عينيك وصِنوَ أبيك وبنو شيبة لهم السِّدانة فما لسائر قريش والعرب ؟ فقد اعلَمتنا في بدء الإسلام أنّا إذا كنّا آمنّا بما تقول كان لنا مالك وعلينا ما عليك .

فأطرق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طويلاً ثمّ رفع رأسه ، فقال : ما أنا والله فعلت بهم هذا بل الله فعل بهم هذا فما ذنبي ؟! فولّى النضر بن الحارث وهو يقول : اللَّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فأنزل الله مقالة النضر بن الحارث ونزلت هذه الآية (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ) إلى قوله : (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)((1)) فبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى النضر بن الحارث الفهري فأحضره وتلا عليه هذه الآية ، فقال : يا رسول الله إنّي قد أسررتُ ذلك جمِيعه أنا ومَن لم تجعَل له ما جعلته لك ولأهل بيتك من الشرف والفضل في الدُّنيا والآخرة فقد أظهر الله ما أسررنا به ، أمّا أنا فإنّي أسألك أن تأذن لي فأخرج من المدينة فإنّي لا أُطيق المقام

ص: 152


1- - الانفال 8 : 33 .

]بها[ ، فوعظه النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ]وقال[ : إنّ ربّك كريم فإن أنت صبرت وتصابَرت لم يُخلك من مواهبه فارضَ وسلِّم ، فإنّ الله يمتحِن خلقه بضروب من المكاره ويخفف عمَّن يشاء ، وله الخلق والأمر ، مواهبه عظيمة ، واحسانه واسع ، فأبى النضر بن الحارث وسأله الاذن فأذن له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأقبل إلى بيته وشدَّ على راحلته ثم ركبها مغضباً وهو يقول : اللَّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فلمّا صار بظهر المدينة وإذا بطير في مِخْلبه جَنْدَلة((1)) فأرسلها عليه فوقعت على هامته ثمّ دخلت في دماغه وخرجت من جوفه ووقعت على ظهر راحلته وخرجت من بطنها ، فاضطربت الراحلة وسقطت وسقط النضر بن الحارث من عليها ميتين ، فأنزل الله تعالى : (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَاب وَاقِع * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ)((2)) .

فبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد ذلك إلى المنافقين الذين اجتمعوا ليلاً مع النضر بن الحارث فتلا عليهم الآية ، وقال : اخرجوا إلى صاحبكم الفهري حتى تنظروا إليه ، فلمّا رأوه انتحبوا وبكوا وقالوا : من أبغض علياً وأظهر بغضه قتله عليٌّ بسيفه ، ومن خرج

ص: 153


1- - المِخْلب : ظفر كل سَبُع من الماشي والطائر . والجندل : الحجارة (أقرب الموارد) .
2- - المعارج 70 : 1 - 3 .

من المدينة بغضاً لعلي أنزل الله عليه ما نرى ، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ من شيعة علي ، مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمّار وأشباههم من ضعفاء الشيعة .

فأوحى الله الى نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما قالوا ، فلمّا انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فحلفوا بالله كاذبين أنّهم لم يقولوا ، فأنزل الله فيهم : (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَإِسْلاَمِهِمْ) بِظَاهر القول لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّا قد آمنا وأسلَمنا لله وللرسول فيما أمرنا به من طاعة علي (وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ) من قتل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة العقبة ، واخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضاً لعلي وتغيّضاً عليه (وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ) بسيف علي في حروب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفتوحه (فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِير)((1)) فلمّا تلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قالوا : تُبنا يا رسول الله ، بألسنتهم دون قلوبهم .

فلمّا اجتمعوا أيضاً قالوا : إنَّا لا نُسِرُّ في أمر علي وأهل بيته وأتباعه شيئاً إلاّ أظهره الله على محمّد فتلاه علينا ، فقد خطبنا محمد فقال في

ص: 154


1- - التوبة 9 : 74 .

كلمته : أيُّها النّاس لم تكن نبوّة الأنبياء إلاَّ نُسخت بعد نَبيّها مُلكاً وجبروتاً . فليت لنا في هذا المُلك نصيباً اذا لم يكن لنا في الآخرة ملك ، ولا نحن من شيعة علي ، وإنّما نُظهِرُ موالاتَه والإيمان به ليكون لنا في الأرض وليّاً ونصيراً ، وأمّا في السّماء فلا حاجة لنا به لا إلى علي ولا إلى غير علي ، وانّ محمداً يخبرنا انّ الملك من بعده لا يستتم ]لأحد[ من اُمّته حتّى يوالي علياً وينصره ويعينه ، فأنزل الله على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ) أي علي وشيعته (نَقِيراً * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً) كما آتينا محمّداً وآل محمّد في الدُّنيا والآخرة (فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً)((1)) فخطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عند ذلك أصحابه فقال لهم : معاشر المهاجرين والأنصار ما بال أصحابي إذا ذكر لهم إبراهيم ]وآل ابراهيم[ تهَلّلت وجوههم واستبشرت قلوبهم ، وإذا ذكر محمد وآل محمد تغيّرت وجوههم وضاقت صدورهم ؟ إنَّ الله لم يُعطِ ابراهيم وآل ابراهيم شيئاً إلاّ أعطى محمداً وآل محمد مثله ، ونحن في الحقيقة آل إبراهيم ، إنّ الله ما اصطفى نبيّاًإلاّ اصطفى آل ]ذلك [النبي ، فجعل منهم الصديقين والشّهداء والصالحين ، هذا جبرئيل (عليه السّلام) يتلو عليَّ من ربّي ما توهّمتم وطويتم و

ص: 155


1- - النساء 4 : 53 - 55 .

أسررتم وأعلنتم فيما بينكم من أمر آل محمد ، ثمّ تلا عليهم (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) فحلفوا بالله كاذبين أنّهم لم يُسرّوا ولم يُعلِنوا فيما بينهم ، فأنزل الله : (قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)((1)) أي لو كنت عندهم يا رسول الله ما حلفوا بالله كاذبين (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ)((2)) و((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَق نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (151) .

باب (104)الحاج لا يفتقر أبداً

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 156


1- - المنافقون 63 : 1 .
2- - المنافقون 63 : 2 و3 .
3- - تفسير البرهان : ج4 ص64 ح5 .

السّلام) قال : الحاج لا يملق أبداً .

قال : قلت : وما الإملاق ؟

قال : الإفلاس ، ثمّ قال : (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَق نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)((1)) .

باب (105)غيرة الله

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) غيور يحبّ كلّ غيور ولغيرته حرّم الفواحش ظاهرها وباطنها((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (152) .

ص: 157


1- - تفسير العياشي : ج3 ص49 ح2507 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص83 .
2- - الكافي : ج5 ص535 ح1 .

باب (106)البلوغ الشرعي في الصبيّ

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الوشّاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا بلغ أشدّه ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة وجب عليه ما وجب على المحتلمين ، إحتلم أو لم يحتلم ، كُتبت عليه السيّئات وكُتبت له الحسنات وجاز له كلّ شيء إلاّ أن يكون ضعيفاً أو سفيهاً((1)) .

التهذيب : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن بنت إلياس ، عن عبدالله بن سنان مثله وفيه : إلاّ أن يكون سفيهاً وضعيفاً((2)) .

من لا يحضره الفقيه : روى الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا بلغ الغلام أشدّه ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة سنة ... وذكر مثله((3)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّاء بهذا

ص: 158


1- - الكافي : ج7 ص69 ح7 .
2- - التهذيب : ج9 ص183 ح739 .
3- - من لا يحضره الفقيه : ج4 ص221 ح5519 .

الإسناد نحوه((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ]عن محمد بن عيسى[ ، عن منصور ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنقطاع يتم اليتيم بالإحتلام((2)) وهو أشدّه وإن إحتلم ولم يؤنس منه رشد ]ه[ وكان سفيهاً أو ضعيفاً فليمسك عنه وليّه ماله((3)) .

التهذيب : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن عيسى مثله((4)) .

من لا يحضره الفقيه : روى منصور بن حازم ، عن هشام مثله((5)) .

الخصال : أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسين الخادم بيّاع اللؤلؤ ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سأله أبي وأنا حاضر عن اليتيم متى يجوز أمره ؟

قال : حتّى يبلغ أشدّه .

قال : وما أشدّه ؟

قال : الإحتلام .

ص: 159


1- - الخصال : ص495 ح4 .
2- - في التهذيب والفقيه : الاحتلام .
3- - الكافي : ج7 ص68 ح2 .
4- - التهذيب : ج9 ص183 ح737 .
5- - من لا يحضره الفقيه : ج4 ص220 ح5517 .

قال : قلت : قد يكون الغلام إبن ثمان عشرة سنة أو أقلّ أو أكثر ولا يحتلم ؟

قال : إذا بلغ وكتب عليه الشيء جاز أمره إلاّ أن يكون سفيهاً أو ضعيفاً((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (153) .

باب (107)الامام علي الميزان والصراط

بصائر الدرجات : حدثنا عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن اسباط ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (تبارك وتعالى) : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) ؟

قال : هو والله عَليٌّ الميزان والصراط((2)) .

* * * * *

ص: 160


1- - الخصال : ص495 ح3 .
2- - بصائر الدرجات : ص99 ح9 . منه تفسير البرهان : ج4 ص73 .

قوله تعالى : ( أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ) (157) .

باب (108)أتباع محمّد بن الحنفيّة

كمال الدين : حدثنا محمد بن عصام (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثنا القاسم بن العلاء قال : حدثني إسماعيل بن عليّ القزويني قال : حدثني علي بن اسماعيل ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار قال : دخل حيّان السرّاج على الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) فقال له : يا حيّان ما يقول أصحابك في محمد بن الحنفية ؟

قال : يقولون : إنه حيّ يرزق .

فقال الصادق (عليه السّلام) : حدَّثني أبي (عليه السّلام) أنّه كان فيمن عاده في مرضه وفيمن غمّضه وادخله حفرته وزوّج نساءه وقسَّم ميراثه فقال ]أي الامام الباقر لولده الامام الصادق[ : يا أبا عبدالله إنّما مَثَل محمد بن الحنفيّة في هذه الأُمّة كمثلعيسى بن مريم شبّه أمره للناس . فقال الصادق (عليه السّلام) : شُبّه أمره على أوليائه أو على أعدائه ؟

قال : بل على أعدائه .

ص: 161

فقال ]الامام الصادق للراوي[ : أتزعم أنّ أبا جعفر محمد بن عليّ الباقر (عليهما السّلام) عدوّ عمّه محمد بن الحنفية ؟

فقال : لا .

فقال الصادق (عليه السّلام) : يا حيّان إنّكم صدفتم عن آيات الله وقد قال الله (تبارك وتعالى) : (سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ) .

وقال الصادق (عليه السّلام) : ما مات محمد بن الحنفية حتى أقرّ لعلي بن الحسين (عليهما السّلام)((1)) .

أقول : الفرقة التي اتبعت محمّد بن الحنفية حينذاك كانت تسمّى بالكيسانية وقد انقرضوا ولم يبق لهم أثر .

* * * * *

قوله تعالى : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ) (158) .

باب (109)اليوم الذي لا ينفع فيه الايمان

الكافي : محمد بن يحيى ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبدالله بن

ص: 162


1- - كمال الدين : ص36 .

محمد اليماني ، عن منيع بن الحجّاج ، عن يونس ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنقَبْلُ) يعني في الميثاق (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) قال : الإقرار بالأنبياء والأوصياء وأمير المؤمنين (عليه السّلام) خاصَّة ، قال : لا ينفع ايمانها لأنّها سُلِبَت((1)) .

أقول : معنى الآية أنّ الله (عزّوجلّ) يتوعّد الكفّار والمشركين ويقول لهم لماذا لا تؤمنون ؟

هل تنتظرون أن تأتيكم الملائكة لقبض أرواحكم وتفوت فرصتكم الأَخيرة في الحياة الدنيا وتنتقلون إلى العذاب الأَليم ولا ينفعكم إيمانكم حينئذ بعد أن ترون العذاب ؟

أو يأتي أَمر ربكم بهلاككم بمختلف أَنواع الهلاك من الخسف في الدنيا وعذاب القبر في الآخرة ، وفي القيامة ؟

ثم يخاطبهم بقوله (عزّ وجلّ) : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ)عندها ينسدّ باب التوبة بالموت وظهور آيات القيامة ولا ينفعكم الندم .

كمال الدين : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال في

ص: 163


1- - الكافي : ج1 ص428 ح81 .

قول الله (عزّوجلّ) : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ) .

فقال (عليه السّلام) : الآيات : هم الأئمة ، والآية المنتظرة : القائم (عليه السّلام) فيومئذ لا ينفَعُ نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسَّيف ، وإن آمنت بمن تقدَّمه من آبائه (عليه السّلام)((1)) .

كمال الدين : حدثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، وحيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي جميعاً ، عن محمد بن مسعود العياشي قال : حدثني علي بن محمد بن شجاع ، عنمحمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) يعني خروج القائم المنتظر منّا .

ثمَّ قال (عليه السّلام) : يا أبا بصير طُوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعينَ له في ظهوره ، أُولئك أولياءُ الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون((2)) .

ص: 164


1- - كمال الدين : ص336 ح8 . منه تفسير البرهان : ج4 ص76 .
2- - كمال الدين : ص357 ح54 . منه تفسير البرهان : ج4 ص77 .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا) .

قال : طلوع الشمس من المغرب ، وخروج الدّابة والدّجال((1)) ، والرجل يكون مصرّاً ولم يعمل على الايمان ، ثمَّ تجيُ الآيات فلا ينفعه إيمانه((2)) .

باب (110)انقطاع الحجَّة أربعين يوماً قبل القيامة

المحاسن : البرقي ، عن علي بن الحكم ، عن الربيع بن محمد المسلي ، عن عبدالله بن سليمان العامري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما زالت الأرض إلاّ ولله فيها حجّة يعرف الحلال والحرام ، ويدعو إلى سبيل الله ، ولا تنقطع الحجّة من الأرض إلاّ أربعين يوماً قبل يوم القيامة ، فإذا رفعت الحجّة أُغلق باب التوبة ولم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجّة ، وأولئك شرار مَن خلق الله ، وهم الذين تقوم عليهم القيامة((3)) .

ص: 165


1- - في تفسير البرهان : الدخان .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص128 ح1523 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص78 .
3- - المحاسن : ج1 ص368 ح802 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص77 .

تفسير البرهان : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب (مناقب فاطمة) ، قال : أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن همام ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أيوب بن نوح ، عن الربيع بن محمد المسلي ، عن عبدالله بن سليمان العامري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما تزال الأرض الاّ ولله فيها حجّة يعرِف الحلال والحرام ويَدعو الناس إلى سبيل الله ... وذكر مثله((1)) .

باب (111)بَعث الله رسوله بخمسة أسياف

الكافي : عليّ بن ابراهيم ، عن أبيه ، وعليّ بن محمد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص ابن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سأل رجل أبي (صلوات الله عليه) عن حروب أمير المؤمنين (عليه السّلام) وكان السائل من محبّينا فقال له أبو جعفر (عليه السّلام) : بعث الله محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها ، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن النّاس كلّهم في ذلك اليوم

ص: 166


1- - تفسير البرهان : ج4 ص78 ح6 .

فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً ، وسيف منها مكفوف وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا وحكمه إلينا ... الى آخر الحديث((1)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثني القاسم بن محمد الإصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سأل رجل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن حروبأمير المؤمنين (عليه السّلام) وكان السائل من محبّينا فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله (عزّوجلّ) بعث محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ... وذكر نحوه((2)) .

تفسير العياشي : عن حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد (عليه السّلام) قال : سأل رجل أبي (عليه السّلام) عن حُروب أمير المؤمنين (عليه السّلام) وكان السائل من مُحبّينا ، قال : فقال أبو جعفر (عليه السّلام) : إنّ الله بعث محمداً بخمسة أسياف : ثلاثة منها شاهرة لا تُغمد إلاّ أن تضع الحرب أوزارها ، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمَن الناس كلّهم في ذلك اليوم ، فيومئذ (لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي

ص: 167


1- - الكافي : ج5 ص10 ح2 .
2- - الخصال : ص274 ح18 .

إِيمَانِهَا خَيْراً)((1)) .

باب (112)الذي لم يكسب من ايمانه خيراً

تفسير العياشي : عن عمرو بن شمر((2)) ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قوله تعالى : (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) .

قال : المؤمن ، حالت المعاصي بينه وبين إيمانه ، كثرت ذنوبه وقلَّت حَسَناته ، فلم يكسب في إيمانه خيراً((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) (159) .

باب (113)الذين فارقوا دينهم

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله :

ص: 168


1- - تفسير العياشي : ج2 ص128 ح1524 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص79 .
2- - في تفسير البرهان : عن أبي بصير .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص128 ح1525 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص79 .

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً) .

قال : فارقوا((1)) القوم والله دينَهم((2)) .

تفسير العياشي : عن كليب الصيداوي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً) ثم قال : كان عليّ (عليه السّلام) يقرأها : فارقوا دينهم ، ثم قال : فارق - والله - القومُ دينهم((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (160) .

باب (114)الناس حين صلاة الجمعة ثلاثة

أمالي الطوسي : أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن عبيدالله الغضائري قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال : حدثنا أحمد بن هارون القاضي قال : حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال : حدثنا أحمد بن اسحاق بن سعد ، عن بكر بن محمد ، عن الصادق جعفر

ص: 169


1- - في تفسير البرهان : فارق .
2- - تفسير القمي : ج1 ص222 . منه تفسير البرهان : ج4 ص80 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص129 ح1526 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص80 .

ابن محمد ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : النّاس في الجمعة على ثلاث منازل : رجل شهدها بإنصات وسكون قبل الإمام وذلك كفّارة لذُنوبه من الجمعة إلى الجمعة الثانية وزيادة ثلاثة أيّام لقول الله تعالى : (مَن جَاءَبِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)ورجل شهدها بلغط((1)) وقلق فذلك حظّه ، ورجل شهدها والإمام يخطب وقام يصلّي فقد اخطأ السنّة ، وذلك ممّن إذا سأل الله إن شاء أعطاه وإن شاء حرمه((2)) .

باب (115)الحسنة والسيّئة

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدّثني الحسين بن سعيد معنعناً ، عن اسحاق بن عمّار الصيرفي قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا) فما الحسنة وما السيّئة ؟

قال : قلت : أخبرني يابن رسول الله ؟

قال : الحسنة : الستر ، والسّيّئة : إذاعة حديثنا((3)) .

ص: 170


1- - اللَّغْط : الصوت والجلبة ، وأصوات مبهمة لا تفهم (مجمع البحرين) .
2- - أمالي الطوسي : ص430 ح962 . منه تفسير البرهان : ج4 ص81 .
3- - تفسير فرات الكوفي : ص139 ح167 .

أقول : ما ذكره (عليه السّلام) من مصاديق الحسنة والسيئة وليس منحصراً فيهما ، كما هو واضح .

تفسير القمي : حدثنا محمد بن سلمة قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا يحيى بن زكريا اللؤلؤي ، عن علي بن حسان (حنان - خ ل) عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) .

قال : هي للمسلمين عامّة ، والحسنة : الولاية ، فمن عمل من حَسنة كُتبت له عشراً ، فإن لم تكن له ولاية رفع عنه بما عمل من حسنة في الدُّنيا ، وماله في الآخرة من خَلاق((1)) .

باب (116)استحباب صوم ثلاثة أيام في كلِّ شهر

تفسير العياشي : عن عبدالله الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : صيام شهر الصبر ، وثلاثة أيّام في الشهر يذهب بلابِل الصدور ، وصيام ثلاثة أيام في الشهر صوم الدَّهر ، إن الله يقول : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)((2)) .

ص: 171


1- - تفسير القمي : ج2 ص131 . منه تفسير البرهان : ج7 ص300 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص131 ح1536 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص84 .

تفسير العياشي : عن علي بن عمّار قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) من ذلك صيام ثلاثة أيّام في كلّ شهر((1)) .

تفسير العياشي : عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من صام ثلاثة أيّام في الشهر ، فقيل له : أنت صائم الشهر كلّه ؟ فقال : نعم ، فقد صدق لأنّه تعالى قال : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه سُئل عن الصوم في الحضر ؟

فقال : ثلاثة أيّام في كلِّ شهر : الخميس من جمعة والأربعاء من جمعة والخميس من جمعة أُخرى .

وقال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : صيام شهر الصبر وثلاثة أيَّام في كل شهر يذهبن ببلابل الصدور((3)) وصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر صيام الدهر ، إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ

ص: 172


1- - تفسير العياشي : ج2 ص130 ح1531 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص83 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص129 ح1527 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص82 .
3- - بلبلة الصدر : وسوسته . والبلابل هي الهموم والأحزان (مجمع البحرين) .

أَمْثَالِهَا)((1)) .الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : صام رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى قيل : ما يُفطِر ، ثمّ أفطر حتى قيل : ما يصوم ، ثمّ صام صوم داود (عليه السّلام) يوماً ويوماً لا ، ثمّ قُبض على صيام ثلاثة أيّام في الشهر قال : إنّهن يعدلن صوم الشهر((2)) ويذهبن بوحر الصدر - والوحر : الوسوسة - .

قال حمّاد : فقلت : وأيّ الأيّام هي ؟

قال : أوّل خميس في الشهر وأول أربعاء بعد العشر منه وآخر خميس فيه .

فقلت : كيف صارت هذه الأيّام التي تصام ؟

فقال : إن من قَبلنا من الاُمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيّام ، فصام رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذه الأيّام المخوفة((3)) .

تفسير العياشي : علي بن الحسن قال : وجدت في كتاب اسحاق بن

ص: 173


1- - الكافي : ج4 ص92 ح6 .
2- - في تفسير البرهان : صوم الدّهر .
3- - الكافي : ج4 ص89 ح1 .

عمر ]أو[ في كتاب أبي - وما أدري - سَمِعه عن ابن يسار ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : يا يسار تدري ما صيام ثلاثة أيّام ؟

قال : قلت : جعلت فداك ما أدري .

قال : أتي بها الى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين قبض ،أوّل خميس من أول الشهر ، وأربعاء في أوسطه ، وخميس في آخره ، ذلك قول الله : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) هو الدّهر صائم لا يُفطر .

ثمّ قال : ما أغبط عندي الصائم يظلّ في طاعة الله ويُمسي يشتهي الطعام والشراب ، إنّ الصوم ناصِرٌ للجسد ، حافظ وراع له((1)) .

باب (117)الحسنة مضاعفة والسيّئة واحدة

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالوا : سألناهما عن قوله : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) أهي لضعفاء المسلمين ؟

قال : لا ، ولكنّها للمؤمنين ، وإنّه لحق على الله تعالى أن يرحمهُم((2)) .

ص: 174


1- - تفسير العياشي : ج2 ص131 ح1537 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص84 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص129 ح1528 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص82 .

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان علي بن الحسين (عليه السّلام) يقول : ويل لمن غلبت آحاده أعشَارَه .

فقلت له : وكيف هذا ؟

فقال : أما سمعت الله (عزّوجلّ) يقول : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا) ؟ فالحسنة الواحدة إذا عملها كتبت له عشراً ، والسيّئة الواحدة إذا عملها كتبت له واحدة فنعوذ بالله ممن يرتكب في يوم واحد عشر سيئات ولا تكون له حسنة واحدة فتغلب حسناته سيئاته((1)) .

تفسير العياشي : عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) جعل لآدم (عليه السّلام) ثلاث خصال في ذرّيته : جعل لهم انّ من همَّ منهم بحسنة ولم يعملها كتب له حسنة ، ومن همّ بحسنة فعملها كتب له بها عشر حسنات ، ومن همّ بالسيئة ولم يعملها لا تكتب عليه ، ومن عملها كتبت عليه سيئة واحدة ، وجعل لهم التوبة حتى تبلغ النفس (الروح - ظ) حنجرة الرجل .

فقال ابليس : يا ربّ جعلت لآدم ثلاث خصال ، فاجعل لي مثل ما

ص: 175


1- - معاني الأخبار : ص248 ح1 . منه تفسير البرهان : ج4 ص81 .

جعلت له .فقال : قد جعلتُ لك لا يولد له مولود الاّ ولد لك مثله ، وجعلتُ لك أن تجري منهم مجرَى الدّم في العروق ، وجعلتُ لك أن جعلتُ صدورهم أوطاناً ومساكن لك .

فقال ابليس : يا ربّ حسبي((1)) .

تفسير العياشي : عن زرارة ، عنه (عليه السّلام) (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) قال : من ذكرهما فلعنهما كل غداة ، كتب الله له سبعينَ حسنة ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات((2)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن النّضر ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) وأنا جالس عن قول الله (تبارك وتعالى) : (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) يَجري لهؤلاء ممّن لا يُعرف منهم هذا الأمر ؟

فقال : لا إنّما هذه للمؤمنين خاصّة .

قلت له : أصلحك الله أرأيت من صام وصلّى واجتنب المحارم وحَسُن ورعُه ممّن لا يعرف ولا ينصب ؟

ص: 176


1- - تفسير العياشي : ج2 ص131 ح1534 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص83 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص131 ح1535 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص84 .

فقال : إنّ الله يُدخل أُولئك الجنّة برحمته((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (161) .

باب (118)الدِّين الحنيف

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (حَنِيفاً مُّسْلِماً)((2)) .قال : خالصاً مخلصاً ليس فيه شيء من عبادة الأوثان((3)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (حَنِيفاً مُّسْلِماً) .

قال : خالصاً مخلصاً لا يشوبه شيء((4)) .

ص: 177


1- - المحاسن : ج1 ص257 ح491 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص81 .
2- - آل عمران 3 : 67 .
3- - الكافي : ج2 ص15 ح1 .
4- - المحاسن : ج1 ص391 ح873 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص86 .

باب (119)حنيفيّة النبي ابراهيم

تفسير العياشي : عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ الله (عزّوجلّ) بعث خليله بالحنيفيّة ، وأمره بأخذ الشارب ، وقصّ الأظفار ، ونَتْف الإبط ، وحلق العانة ، والخِتان((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(162 و163) .

باب (120)الاخلاص شرط القبول

كتاب الزهد : عثمان بن عيسى ، عن علي بن سالم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : قال الله (تبارك وتعالى) : أنا اغنى الأغنياء عن الشريك فمن أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله ولا أقبل إلاّ ما كان لي خالصاً((2)) .

ص: 178


1- - تفسير العياشي : ج2 ص132 ح1540 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص86 .
2- - كتاب الزهد : ص63 ح167 .

باب (121)عقاب المرائي

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : سيأتي على الناس زمان تخبُثُ فيه سرائرهم وتَحسُن فيه علانيتهم ، طمعاً في الدنيا ، لا يريدون به ما عند ربّهم ، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف ، يعمّهم الله بعقاب ، فَيدْعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْء وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْس إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (164) .

باب (122)عدالة الله تعالى

الخصال : حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي وأحمد بن الحسن القطّان ومحمد بن احمد السناني والحسين بن ابراهيم بن أحمد ابن هشام المكتّب وعبدالله بن محمد الصائغ ، وعلي بن عبدالله الورّاق

ص: 179


1- - الكافي : ج2 ص296 ح14 .

(رضي الله عنهم) قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال : حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : هذه شرايع الدين لمن أراد أن يتمسك بها وأراد الله هداه - وذكر الحديث الى أن قال - : والله (عزّوجلّ) لا يكلّف نفساً الاّ وسعها ولا يكلّفها فوق طاقتها ، وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير ، لا خلق تكوين والله خالق كلّ شيء ولا يقول بالجبر ولا بالتفويض ولا يأخذ الله (عزّوجلّ) البرىء بالسّقيم ، ولا يعذّب الله (عزّوجلّ) الأطفال بذنوب الآباء فإنّه قال في مُحكم كتابه : (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وقال (عزّوجلّ) : (وَأَن لَّيْسَ لِلاِْنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى)((1))ولله (عزّوجلّ) أن يعفو ويتفضّل ، وليس له (عزّوجلّ) أن يظلم ، ولا يفرض الله (عزّوجلّ) على عباده طاعة من يعلم أنّه يُغويهم ويُضلُّهم ، ولا يختارلرسالته ولا يصطفي من عباده من يَعلم أنّه يكفُر به ويعبُد الشيطان دونَه ، ولا يتّخذُ على خلقه حجّة إلاّ معصوماً((2)) .

باب (123)الانتقام من ذراري قَتلة الامام الحسين

علل الشرايع : حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله)

ص: 180


1- - النجم 53 : 39 و40 .
2- - الخصال : ص603 ح9 . منه تفسير البرهان : ج4 ص86 .

قال : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) : يابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السّلام) بفعال آبائها ؟

فقال (عليه السّلام) : هو كذلك .

فقلت : فقول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ما معناه ؟

فقال : صدق الله في جميع أقواله لكنّ ذراري قتلة الحسين (عليه السّلام) يرضون أفعال آبائهم ويفتخرون بها ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه ، ولو أنّ رجلاً قُتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الرَّاضي عندالله شريك القاتل ، وإنّما يقتلهم القائم (عليه السّلام) إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم .

قال : فقلت له : بأي شيء يبدء القائم فيهم اذا قام ؟

قال : يبدأ ببني شيبة ويقطع أيديهم لأنّهم سُرَّاق بيت الله (عزّوجلّ)((1)) .

عيون أخبار الرضا : حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني بهذا الاسناد نحوه((2)) .

* * * * *

ص: 181


1- - علل الشرايع : ص229 ح1 .
2- - عيون أخبار الرضا : ج1 ص273 ح5 . منهما تفسير البرهان : ج4 ص87 .

قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْض دَرَجَات لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) (165) .

باب (124)الناس يتفاضلون بالأعمال

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا نقول درجة واحدة ، إنَّ الله يقول : دَرجاتٌ بعضُها فوق بعض ، إنّما تفاضل القوم بالأعمال((1)) .

ص: 182


1- - تفسير العياشي : ج2 ص133 ح1542 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص88 .

سورة الأعراف

باب (1)ثواب قراءة سورة الأعراف

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدثني محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة الأعراف في كلّ شهر كان يوم القيامة من الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فانْ قرأها في كلّ جمعة كان ممّن لا يحاسب يوم القيامة ، أما إنّ فيها محكماً فلا تَدَعوا قراءتها فإنّها تشهد يوم القيامة لكلِّ من قرأها((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((2)) .

ص: 183


1- - ثواب الأعمال : ص132 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص135 ح1543 الطبعة الحديثة . منهما تفسير البرهان : ج4 ص91 .

مستدرك الوسائل : القطب الراوندي في (لب اللباب) - قال جعفر الصادق (عليه السّلام) : إنّ من قرأ هذه السورة في كلّ شهر ، كان يوم القيامة من الآمنين ، ومن قرأها في كلّ جمعة ، لا يُحاسَب يوم القيامة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ) (3) .

باب (2)الفوز العظيم

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في خطبته : قال الله : (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ) ففي اتّباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم ، وفي تركه الخطأ المبين((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ

ص: 184


1- - مستدرك الوسائل : ج4 ص339 ح37 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص137 ح1546 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص96 .

الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ) (8 و9) .

باب (3)ميزان الأعمال

الاحتجاج : عن الصادق (عليه السّلام) - حيث سئل - : أو ليس تُوزَن الأعمال ؟

قال : لا ، إنّ الأعمال ليست بأجسام وإنّما هي صفة ما عملوا ، وإنّما يحتاج إلى وزن الشيء مَن جَهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها أو خفّتها ، وإنّ الله لا يخفى عليه شيء .

قال : فما معنى الميزان ؟

قال (عليه السّلام) : العدل .

قال : فما معناه في كتابه (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) ؟

قال (عليه السّلام) : فمن رجح عمله ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين) (12) .

ص: 185


1- - الاحتجاج : ص351 .

باب (4)قياس إبليس

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن الحسين بن ميّاح ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ إبليس قاس نفسه بآدم فقال : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين) ولو((1)) قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم بالنار ، كان ذلك أكثر نوراً وضياءً من النار((2)) .

المحاسن : البرقي ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن الحسين ابن ميّاح مثله((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن عبدالله العقيلي ، عن عيسى بن عبدالله القرشي قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال له : يا أبا حنيفة بلغني أنّك تقيس ؟

قال : نعم .

قال : لا تقس فإنّ أوّل من قاس ابليس حين قال : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين) فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نوريّة آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر((4)) .

ص: 186


1- - في المحاسن : فلو .
2- - الكافي : ج1 ص58 ح18 .
3- - المحاسن : ج1 ص334 ح679 الطبعة الحديثة .
4- - الكافي : ج1 ص58 ح20 .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن بعض أصحابه قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) لأبي حنيفة : ويحك إنّ أوّل من قاس إبليس لمّا أمره بالسجود لآدم قال : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين)((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن إسحاق ابن حريز قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أي شيء يقول أصحابك في قول إبليس : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين) ؟قلت : جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه .

قال : كذب إبليس (لعنه الله) يا إسحاق ما خلقه الله إلاّ من طين ، ثمّ قال : قال الله : (الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاَْخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ)((2)) خلقه الله من تلك النار والنار من تلك الشجرة والشجرة أصلها من طين((3)) .

باب (5)كان ابليس من الجنّ

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ

ص: 187


1- - المحاسن : ج1 ص334 ح678 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص98 .
2- - يس 36 : 80 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص244 . منه تفسير البرهان : ج8 ص339 .

الملائكة كانوا يحسبون انّ ابليس منهم وكان في علم الله أنّه ليس منهم ، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة والغضب ، فقال : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين)((1)) .

تفسير العياشي : عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((2)) .

باب (6)بطلان القياس في الدين

علل الشرايع : حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : حدثنا أبو زرعة قال : حدثنا هشام بن عمّار قال : حدثنا محمد بن عبدالله القرشي ، عن ابن شبرمة قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد (عليه السّلام) فقال لأبي حنيفة : اتّق الله ولا تقس الدين برأيك فإنّ أوّل من قاس إبليس ، أمره الله (عزّوجلّ) بالسجود لآدم (عليه السّلام) فقال : (أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين) ثم قال : اتحسن أن تقيس رأسك من بدنك ؟

قال : لا .

ص: 188


1- - الكافي : ج2 ص308 ح6 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص137 ح1547 الطبعة الحديثة .

قال جعفر (عليه السّلام) : فأخبرني لأيِّ شيء جعل الله الملوحة في العينين والمرارة في الاُذنين والماء المنتن في المنخرين والعذوبة في الشفتين ؟

قال : لا أدري .

قال جعفر (عليه السّلام) : لأنّ الله (تبارك وتعالى) خلق العينين فجعلهما شحمتين وجعل الملوحة فيهما منّاً منه على ابن آدم ، ولو لا ذلك لذابتا ، وجعل الأذنين مُرتين ولو لا ذلك لهجمت الدّواب واكلت دماغه ، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل ، ويجد منه الريح الطيبة من الخبيثة ، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة مطعمه ومشربه .

ثمّ قال جعفر (عليه السّلام) لأبي حنيفة : أخبرني عن كلمة أوّلها شرك وآخرها إيمان ؟

قال : لا أدري .

قال : هي كلمة « لا إله إلاّ الله » لو قال : لا إله كان شرك ولو قال : الاّ الله كان ايمان .

ثم قال جعفر (عليه السّلام) : ويحك أيّهما أعظم قتل النفس أو الزّنا ؟

قال : قتل النفس .

ص: 189

قال : فإنّ الله (عزّوجلّ) قد قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلاّ أربعة .

ثمّ قال (عليه السّلام) : أيّهما أعظم الصّلاة أم الصوم ؟

قال : الصّلاة .

قال : فما بال الحايض تقضي الصيام ولا تقضي الصّلاة ؟ فكيف يقوم لك القياس ؟ فاتق الله ولا تقس((1)) .أقول : وبهذا المضمون عدَّة روايات في نفس المصدر لم نذكرها رعاية للإختصار .

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن أحمد بن ابراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن عبدالله العقيلي القرشي ، عن عيسى بن عبدالله القرشي رفع الحديث قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال له : يا أبا حنيفة بلغني أنّك تقيس ؟

قال : نعم أنا أقيس .

قال : لا تقس فإنّ أوّل من قاس إبليس حين قال : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين) فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نوريَّة آدم بنوريَّة النار عرف الفضل ما بين النورين وصفاء أحدهما على الآخر ، ولكن قس

ص: 190


1- - علل الشرايع : ص86 ح2 .

لي رأسك ، أخبرني عن اُذنيك مالهما مُرَّتان ؟

قال : لا أدري .

قال : فأنت لا تُحسِن ان تقيس رأسك ، فكيف تقيس الحلال والحرام ؟

قال : يابن رسول الله أخبرني ما هو ؟

قال : إنَّ الله (عزّوجلّ) جعل الأذنين مُرَّتين لئلا يدخلهما شيء الاّ مات ، ولو لا ذلك لقتل ابن آدم الهوام ، وجعل الشفتين عذبتين ليجد ابن آدم طعم الحلو والمُرّ ، وجعل العينين مالحتين لأنهما شحمتان ، ولو لا ملوحتهما لذابتا ، وجعل الأنف بارداً سائلاً لئلا يدع في الرأس داءٌ إلاّ أخرجه ولو لا ذلك لثقل الدماغ وتدوّد((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) (13) .

باب (7)التواضع وسيلة الرفعة

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن

ص: 191


1- - علل الشرايع : ص86 ح1 .

عبدالرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أفطر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عشيّة خميس في مسجد قبا((1)) ، فقال : هل من شراب ؟ فأتاه أوس بن خولي الأنصار بعُسّ مخيض((2)) بعسل فلمّا وضعه على فيه نحّاه ، ثم قال : شرابان يُكتفى بأحدهما من صاحبه ، لا أشربه ولا أُحرّمه ، ولكن أتواضع لله فإنّ من تواضع لله رفعه الله ، ومن تكبّر خفضه الله ، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله ، ومن بذَّر حرمه الله ، ومن أكثر ذكر الموت أحبّه الله((3)) .

باب (8)حال المتكبّرين يوم القيامة

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن داود بن فرقد ، عن أخيه قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ المتكبّرين يُجعلون في صورة الذرّ يتوطّأهم النّاس حتى يفرغ الله من الحساب((4)) .

* * * * *

ص: 192


1- - مسجد قبا : موضع بقرب المدينة المشرّفة (مجمع البحرين) .
2- - العُسّ : القدح الكبير ، والرفد اكبر منه . ومخض اللبن : استخرج زبده بوضع الماء فيه وتحريكه (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج2 ص122 ح3 .
4- - ثواب الأعمال : ص265 ح10 .

قوله تعالى : (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لاََقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لاَتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (16 و17) .

باب (9)إغواء ابليس الناس عن الولاية

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الصراط الذي قال إبليس : (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) الآية ، وهو علي (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُور فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي

ص: 193


1- - تفسير العياشي : ج2 ص137 ح1548 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص100 .

الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين) (20 - 24) .

باب (10)إغواء ابليس للنبي آدم

تفسير القمي : حدثني أبي رفعه قال : سئل الصادق (عليه السّلام) عن جنة آدم أَمِنْ جنان الدُّنيا كانت أم من جنان الآخرة ؟

فقال : كانت من جنان الدُّنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الآخرة ما أخرج منها أبداً آدم ولم يدخلها إبليس .

قال : اسكنه الله الجنّة وأتى جهالة الى الشجرة فأخرجه لأنّه خُلق خلقةً لا تبقى إلاّ بالأمر والنهي واللباس والاكنان والنكاح ولا يدرك ما ينفعه مما يضره الا بالتوقيف فجاءه ابليس فقال : أنّكما ان اكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين وبقيتما في الجنّة أبداً وان لم تأكلا منها اخرجكما الله من الجنة وحلف لهما انَّه لهما ناصح كما قال الله تعالى حكاية عنه : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَامَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) فقبل آدم قوله ، فأكلا من الشجرة فكان كما حكى الله (بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا)وسقط عنهما ما ألبسهما الله من لباس الجنّة وأقبلا يستتران بورق الجنّة (وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ) فقالا - كما حكى الله (عزّوجلّ) عنهما - : (رَبَّنَا ظَلَمْنَا

ص: 194

أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فقال الله لهما : (اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين)قال : إلى يوم القيامة .

قوله : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين)((1)) فهبط آدم على الصَّفا ، وإنّما سمّيت الصفا لأنّ صفوة الله نزل عليها ، ونزلت حواء على المروة ، وإنّما سمّيت المروة لأنّ المرأة نزلت عليها ، فبقي آدم أربعين صباحاً ساجداً يبكي على الجنّة فنزل عليه جبرئيل (عليه السّلام) فقال : ياآدم الم يخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ؟

قال : بلى .

قال : وأمرك أن لا تأكل من الشجرة فَلِمَ عَصيتَه ؟

قال : يا جبرئيل إنّ إبليس حلف لي بالله إنّه لي ناصح وما ظننت انّ خلقاً يخلقه الله أن يحلف بالله كاذباً((2)) .

تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته كيف أخذ الله آدم (عليه السّلام)

ص: 195


1- - البقرة 2 : 36 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص43 . منه تفسير البرهان : ج4 ص101 .

بالنسيان ؟فقال : إنّه لم ينس ، وكيف ينسى وهو يذكِّره ، ويقول له إبليس : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)((1)) .

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، رفعه إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أنَّ موسى (عليه السّلام) سأل ربّه أن يجمع بينه وبين أبيه آدم حيث عرج الى السّماء في أمرِ الصلاة ففعل ، فقال له موسى : يا آدم ، أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجَد لك ملائكته ، وأباح لك جنّته ، وأسكنك جواره ، وكلّمك قبلا ، ثمّ نهاك عن شجرة واحدة ، فلم تصبر عنها ، حتى اهبطت الى الأرض بسببها ، فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها ، حتى أغراك ابليس فاطعته ، فأنت الذي أخرجتنا من الجنّة بمعصيتك ؟

فقال له آدم : إرفق بأبيك - أي بني - محنةَ ما لقي في أمر هذه الشجرة ، يا بُني إنّ عدوّي أتاني من وجه المكر والخديعة ، فحلف لي بالله إنّه في مشورته عليّ لَمِن الناصِحين ، وذلك أنّه قال لي مُستنصحاً : اني لشأنك - يا آدم - لمغموم ؟

قلت : وكيف ؟

ص: 196


1- - تفسير العياشي : ج2 ص138 ح1551 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص103 .

قال : قد كنتُ أنستُ بك وبقربك منّي ، وأنت تخرج ممّا أنت فيه إلى ما ستكرهه .

فقلت له : وما الحيلة ؟

فقال : إنّ الحيلة هو ذا هو معك ، أفلا أدلُّك على شجرة الخلد ومُلك لا يَبلَى ؟ فكُلا منها أنت وزوجُك فتصيرا معي في الجنّة أبداً من الخالدين ، وحلف لي بالله كاذباً إنّه لَمِنَ الناصحين ، ولم اظن - يا موسى - أنّ أحداً يحلف بالله كاذباً فوَثِقت بيمينه ، فهذا عذري ، فأخبرني يا بُني هل تجد فيما أنزل الله إليك أن خطيئتي كائنة من قبل أن أُخلق ؟

قال له موسى : بدَهر طويل .قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فحجّ((1)) آدم موسى - قال ذلك ثلاثاً -((2)) .

تفسير القمي : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أُخرج آدم من الجنّة نزل جبرئيل فقال : يا آدم أليس الله خلقك بيده ، فنفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وزوّجك حوّاء أمته ، وأسكنك الجنّة وأباحها لك ونهاك مشافهة أن لا تأكل من هذه الشجرة فأكلت منها وعصيت الله ؟

ص: 197


1- - حجَّ زيدٌ عمراً : غلبه بالحجَّة (أقرب الموارد) .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص138 ح1552 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص104 .

فقال آدم : يا جبرئيل إنّ إبليس حلف لي بالله أنّه لي ناصح ، فما ظننت أنّ أحداً من خلق الله يحلف بالله كاذباً((1)) .

باب (11)ظهور العورة بسبب المعصية

تفسير القمي : حدثنا أحمد بن ادريس أخبرنا أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا) .

قال : كانت سوءاتهما لا تبدو لهما ، يعني كانت داخلة((2)) .

تفسير العياشي : عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا) .

قال : كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت ، يعني كانت من داخل((3)) .

باب (12)المدّة التي لبث فيها آدم في الجنة

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان قال : سُئل أبو عبدالله (عليه

ص: 198


1- - تفسير القمي : ج1 ص225 . منه تفسير البرهان : ج4 ص102 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص225 . منه تفسير البرهان : ج4 ص103 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص140 ح1554 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص105 .

السّلام) - وأنا حاضر - : كم لبث آدم وزوجه في الجنّة حتى أخرجتهما منها خطيئتهما ؟

فقال : إنّ الله (تبارك وتعالى) نفخ في آدم روحه بعد زوال الشمس((1))من يوم الجمعة ، ثمّ برأ زوجته من أسفل أضلاعه ، ثمّ أسجد له ملائكته ، وأسكنه جنّته من يومه ذلك ، فوالله ما استقرّ فيها إلاّ ستّ ساعات في يومه ذلك حتى عصى الله ، فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس ، وما باتا فيها وصُيّرا بفناء الجنّة حتى أصبحا ، فبدَت لهما سوءاتهُما وناداهما ربّهما : ألم أنهكُما عن تلكما الشجرة ؟ ! فاستحيا آدم من ربّه وخضع وقال : ربّنا ظلمنا أنفُسنا واعترفنا بذُنوبنا فاغفر لنا ، قال الله لهما : اهبِطا من سماواتي إلى الارض ، فإنّه لا يُجاورُني في جنّتي عاص ، ولا في سماواتي .

ثمَّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنَّ آدم لمّا أكل من الشجرة ذكر ما نهاه الله عنها فندم ، فذهب ليتنَحّى من الشجرة ، فأخذت الشجرة برأسه فجرّتهُ إليها ، وقالت له : أفلا كان فِرارُك من قبل أن تأكل منّي ؟((2))

* * * * *

قوله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ

ص: 199


1- - في تفسير البرهان : عند زوال الشمس .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص139 ح1553 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص104 .

وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (26) .

باب (13)الخطاب عام لبني آدم

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) عن قوله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ) .

قالا : هي عامّة((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (28) .

باب (14)لا جبر ولا تفويض

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) من زعم أنّ الله أمر بالسُّوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أنّ الخير والشرّ بغير مشيَّة منه فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم

ص: 200


1- - تفسير العياشي : ج2 ص140 ح 1555 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص106 .

أنّ المعاصي عُمِلت بغير قوّة الله فقد كذَبَ على الله ، ومن كذب على الله أدخَلَه الله النار((1)) .

أقول : لا شكّ أن الله تعالى لا يأمر بالسوء والفحشاء بل يكرههما وينهى عنهما ، وقد جعل الله تعالى الانسان مخيَّراً - في أعماله - بين الخير والشرّ ، ليمتحنه بهما ، وبذلك يستحقّ الثواب أو العقاب . وقوله (عليه السّلام) : « ومن زعم أن المعاصي عُملت بغير قوّة الله » معناه أن الله تعالى زوَّد الانسان بالقوَّة والقدرة والنشاط وترك له حريّة العمل ... فمن أطاع الله فبقوّة الله - التي أعطاها ايّاه - اطاعه ، ومن عصاه فبقوّة الله - التي منحها ايّاه - عصاه . وعلى هذا من الصحيح أن نقول بأن الطاعة والمعصية وهكذا الهداية والضلال ... من الله سبحانه .

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الحسين بن علي الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من زعم أنّ الله يأمر بالفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أنّ الخير والشر إليه فقد كذب على الله((2)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال :

ص: 201


1- - تفسير العياشي : ج2 ص140 ح1556 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص107 .
2- - الكافي : ج1 ص156 ح2 .

سمعته يقول : من زعم أنّ الله يأمُر ... وذكر مثله((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (29) .

باب (15)التوجُّه نحو القبلة

التهذيب : محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

قال : مساجد محدثة فأُمروا أن يُقيموا وجوهَهُم شطرَ المسجد الحرام((2)) .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) عن قوله ... وذكر مثله((3)) .

أَقول : المقصود من قوله (عليه السّلام) : « مساجد محدثة » أي

ص: 202


1- - تفسير العياشي : ج2 ص140 ح1558 الطبعة الحديثة .
2- - التهذيب : ج2 ص43 ح136 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص141 ح1561 الطبعة الحديثة .

المساجد المحدثة والتي لم تكن ثم كانت ، فإِنّ على المصلّي فيها أَن يتوجّه الى الكعبة في صلاته ، وهكذا في الأُمور التي يُشترط فيها التوجه الى القبلة كحالة الاحتضار وحالة الذبح ، وحالة وضْع الميت في القبر .

التهذيب : علي بن الحسن الطاطري ، عن ابن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألت عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) ؟

قال : هذه القبلة أيضاً((1)) .تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله تعالى : (وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

قال : هو إلى القبلة((2)) .

تفسير العياشي : أبو بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : هو الى القبلة ليس فيها عبادة الأوثان ، خالصاً مخلصاً((3)) .

تفسير العياشي : عن الحسين بن مهران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

ص: 203


1- - التهذيب : ج2 ص43 ح134 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص141 ح1559 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص109 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص141 ح1562 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص109 .

قال : يعني الأئمة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (31) .

باب (16)استحباب الزينة عند دخول المسجد

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

قال : في العيدين والجمعة((2)) .

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابن سنان مثله((3)) .التهذيب : علي بن حاتم ، عن الحسين بن علي((4)) ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من لم

ص: 204


1- - تفسير العياشي : ج2 ص141 ح1560 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص109 .
2- - الكافي : ج3 ص424 ح8 .
3- - التهذيب : ج3 ص241 ح647 .
4- - الصحيح هو : الحسن بن علي - كما في الاستبصار ووسائل الشيعة - .

يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل ويتطيّب بما وجد وليصلِّ((1))وحده كما يصلّي في الجماعة ، وقال : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد)قال : العيدان والجمعة((2)) .

الاستبصار : روى علي بن حاتم ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه مثله إلى قوله : في الجماعة((3)) .

التهذيب : روى محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله وزاد : وقال : في يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الامصار يدعون الله (عزّوجلّ)((4)) .

من لا يحضره الفقيه : روى جعفر بن بشير ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيّب بما وجد ، ويصلّي في بيته وحده كما يصلّي في جماعة((5)) .

تفسير العياشي : عن المحاملي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي

ص: 205


1- - في الاستبصار : وليتطيب بما وجد ويصلّي .
2- - التهذيب : ج3 ص136 ح297 .
3- - الاستبصار : ج1 ص444 ح1716 .
4- - التهذيب : ج3 ص136 ح298 .
5- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص507 ح1459 .

عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

قال : الاردية في العيدين والجمعة((1)) .

باب (17)لا إسراف فيما أصلح البَدن

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، وعدّة من أصحابنا ، عن أحمد ابن محمد جميعاً ، عن عثمان بن عيسى ، عن اسحاق بن عبد العزيز ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال له : إنّا نكون في طريق مكة فنريد الاحرام فنُطلي ولا تكون معنا نخالة نتدلّكُ بها من النّورة فنتدلك بالدقيق وقد دخلني من ذلك ما الله أعلم به .

فقال : أمخافةَ الإسْراف ؟

قلت : نعم .

فقال : ليس فيما أصلح البدن اسراف ، إنّي ربّما أمرت بالنقي فيُلَتُّ((2))بالزَّيت فاتدلَّك به ، إنّما الاسراف فيما أفسد المال وأضرّ بالبدن .

قلت : فما الاقتَار ؟

قال : أكل الخبز والملح وأنت تقدِرُ على غيره .

ص: 206


1- - تفسير العياشي : ج2 ص143 ح1569 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص113 .
2- - النِقي : الدقيق المنخول . واللَّت : خلط بعض الشيء في بعض (مجمع البحرين) .

قلت : فما القصد ؟

قال : الخبز واللَّحم واللَّبن والخلّ والسّمن مرّة هذا ومرّة هذا((1)) .

التهذيب : محمد بن علي بن محبوب ، عن أبي اسحاق النهاوندي ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن إسحاق بن عبد العزيز ، عن رجل ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : إنّا نكون في طريق مكّة نُريد الإحرام ولا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة فنتدلك بالدقيق فيدخلني بذلك ما الله به عليم .

قال : مخافة الاسراف به ؟

فقلت : نعم .

فقال : ليس فيما يصلح البدن إسراف أنا ربما أمرت بالنقي يلتُّ بالزيت فأتدلّك به ، وإنّما الإسراف فيما أتلف المال وأضرّ بالبدن((2)) .الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن اسحاق بن عبد العزيز قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن التدلّك بالدّقيق بعد النورة ؟

فقال : لا بأس .

قلت : يزعمون انّه إسراف .

فقال : ليس فيما أصلح البدن إسراف ، إنّي ربما أمرت بالنّقي فيُلت

ص: 207


1- - الكافي : ج4 ص53 ح10 .
2- - التهذيب : ج1 ص376 ح1160 .

لي بالزّيت فأتدلّك به ، إنّما الإسراف فيما أتلف المال وأضرّ بالبدن((1)) .

باب (18)استحباب الغُسل عند لقاء الإمام

التهذيب : محمد بن أحمد بن داود ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن رجل ، عن الزبير ابن عقبة ، عن فضّال بن موسى النهدي ، عن العلا بن سيابة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

قال : الغسل عند لقاء كل إمام((2)) .

تفسير العياشي : عن الحسين بن مهران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

قال : يعني الائمة((3)) .

باب (19)استحباب استعمال المشط للصلاة

الخصال : حدثنا اسماعيل بن منصور بن أحمد القصّار بفرغانة ، قال : حدثنا أبو عبدالله محمد بن القاسم بن محمد بن عبدالله بن الحسن

ص: 208


1- - الكافي : ج6 ص499 ح14 .
2- - التهذيب : ج6 ص110 ح197 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص142 ح1564 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص113 .

ابن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال : حدثنا أحمد بن علي الانصاري أبو علي قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي قال : حدثنا الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة ابن ميمون ، عن عبد الرحمن بن حجّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) .

قال : المشط ]فانّ المشط[ يجلب الرزق ، ويحسن الشعر ، وينجِز الحاجة ، ويزيد في ماء الصلب ، ويقطع البلغم ، وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يسرِّح تحت لحيته أربعين مرّة ، ومن فوقِها سبع مرّات ، ويقول : إنّه يزيد في الذهن ، ويقطع البلغم((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد) ؟

قال : هو المشط عند كل صلاة فريضة ونافلة((2)) .

تفسير العياشي : عن عمّار النوفلي ، عن أبيه قال : سمعت أبا الحسن (عليه السّلام) يقول : المشط يذهب بالوباء ، قال : وكان لأبي عبدالله (عليه السّلام) مشط في المسجد يتمشَّط به إذا فرغ من صلاته((3)) .

ص: 209


1- - الخصال : ص268 ح3 . منه تفسير البرهان : ج4 ص112 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص142 ح1567 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص113 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص143 ح1568 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص113 .

باب (20)النهي عن الاسراف

تفسير العياشي : عن هارون بن خارجة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : مَن سأل الناس شيئاً وعنده ما يقوته يومه فهو من المسرفين((1)) .

تفسير العياشي : عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أترى الله أعطى مَن أعطى مِن كرامته عليه ، ومَنع من منع من هوان به عليه ؟! لا ، ولكنالمال مال الله يضعه عند الرّجل ودائع ، وجوَّز لهم أن يأكلوا قصداً ، ويشربوا قصداً ، ويلبَسوا قصداً ، وينكِحوا قصداً ، ويركبوا قصداً ، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ويلمّوا به شعثهم ، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالاً ويشرب حلالاً ، ويركب وينكح حلالاً ، ومَن عدا ذلك كان عليه حراماً .

ثم قال : (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أترى الله ائتمنَ رجلاً على مال خوَّل له((2)) أن يشتري فرساً بعشرة آلاف درهم ، ويجزيه فرس بعشرين درهماً ؟! ويشتري جارية بألف دينار ، ويجزيه جارية بعشرين ديناراً ؟! وقال : (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)((3)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن اسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن سليمان بن صالح قال : قلت لأبي

ص: 210


1- - تفسير العياشي : ج2 ص143 ح1570 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص115 .
2- - خوّله الله مالاً : اعطاه اياه متفضلاً وملّكه ايّاه (أقرب الموارد) .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص142 ح1565 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص115 .

عبدالله (عليه السّلام) : ما أدنى ما يجيء من الإسراف ؟

قال : ابتذالك ثوب صونك((1)) وإهراقك فضل إنائك وأكلك التمر ورميك بالنوى هاهنا وهاهنا((2)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن سيف بن عميرة ، عن اسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : يكون للمؤمن عشرة اقمصة ؟

قال : نعم .

قلت : عشرون ؟

قال : نعم .

قلت : ثلاثون ؟

قال : نعم ، ليس هذا من السرف إنّما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك((3)) و((4)) .* * * * *

ص: 211


1- - صان الثوب : وقاه ممّا يعيبه (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج6 ص460 ح2 .
3- - البِذلة من الثياب : ما يُستعمل كل يوم . وبَذَل الثوب : لبسه في أوقات الخدمة والامتهان (أقرب الموارد) . والمعنى : أن يكون للانسان ثوب لداخل المنزل يلبسه حين الاكل والشرب والنوم وغيره من الاعمال المنزلية ويكون له ثوب نظيف وجميل يلبسه حين الخروج من المنزل أمام الناس .
4- - الكافي : ج6 ص441 ح4 .

قوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْم يَعْلَمُونَ) (32) .

باب (21)جواز التجمُّل والتزيُّن

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن يوسف بن ابراهيم قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) وعليّ جبّة خزّ وطيلسان خزّ فنظر إليّ فقلت : جُعلت فداك ، عليّ جبة خزّ وطيلسَان خز فما تقول فيه ؟

قال : وما بأس بالخز ؟!

قلت : وسداه((1)) إبريسَم .

قال : وما بأس بإبريسَم ؟! فقد اُصيب الحسين (عليه السّلام) وعليه جُبّة خزّ .

ثمَّ قال : إنَّ عبدالله بن عباس لمّا بعثه أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى الخوارج فواقفهم((2)) لبِسَ أفضل ثيابه وتطيّب بأفضل طيبه وركِب أفضَل مراكبه فخرج فَواقَفهم فقالوا : يابن عباس بينا أنت أفضل الناس إذا

ص: 212


1- - السَدَى : خلاف لحمة الثوب . وقيل : أسفله . وقيل : ما مدَّ منه (لسان العرب) .
2- - الوِقَافُ والمُواقَفة هو أن تقف معه ويقف معك في حرب أو خصومة (مجمع البحرين) .

أتيتَنا في لباس الجبابرة ومراكبهم فتلا عليهم هذه الآية : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) فالبَس وتجمّلْ ، فإنّ الله جميل يُحبُّ الجمال وليكن من حلال((1)) .تفسير العياشي : عن يوسف بن إبراهيم قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((2)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : بعثَ أمير المؤمنين (عليه السّلام) عبدالله بن العباس إلى ابن الكوّاء وأصحابه وعليه قميص رقيق وحُلّة فلمّا نظروا إليه قالوا : يابن عباس أنت خيرُنا في أنفُسنا ، وأنت تلبس هذا اللباس ؟

فقال : وهذا أول ما اُخَاصِمُكم فيه (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) وقال : (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد)((3)) و((4)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القدّاح قال : كان أبو عبدالله (عليه السّلام) متّكئاً عليّ -

ص: 213


1- - الكافي : ج6 ص442 ح7 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص144 ح1574 الطبعة الحديثة .
3- - الاعراف 7 : 31 .
4- - الكافي : ج6 ص441 ح6 .

أو قال : على أبي - فلقيه عبَّاد بن كثير البصري وعليه ثياب مرويّة((1)) حسان ، فقال : يا أبا عبدالله ، إنّك من أهل بيت النبوّة وكان أبوك وكان((2)) فما هذه الثياب المرويّة عليك فلو لبِستَ دون هذه الثياب ؟

فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : ويلك يا عبّاد (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) ؟ إنّ الله (عزّوجلّ) إذا أنعم على عبده نعمةً أحبّ أن يراها عليه ، ليس بها بأس .

ويلك يا عبّاد إنّما أنا بضعة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلا تؤذني ، وكان عبّاد يلبس ثوبين قطريّين((3)) و((4)) .

باب (22)بين الامام الصادق وأحد الصوفيَّة الدجّالين

الكافي : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن علي رفعه قال : مر سفيان الثّوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبدالله (عليه السّلام) وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان فقال : والله لآتينّه

ص: 214


1- - مرو : بلدة من بلاد خراسان (مجمع البحرين) .
2- - قوله : « وكان أبوك » أي أطرى في مدحه ، أو ذكر قناعته (عليه السّلام) ولبسه الخشن من الثياب (مرآة العقول) .
3- - ثوب قِطْري : هو ضرب من البرود فيه حمرة ، ولها اعلام فيها بعض الخشونة ، وقيل : قرية يقال لها : قطر ينسب إليها الثياب القطرية فكسروا القاف للنسبة (النهاية) .
4- - الكافي : ج6 ص443 ح13 .

ولاُوبّخنَّه ، فدنا منه فقال : يابن رسول الله ما لبس رسول الله مثل هذا اللباس ، ولا عليٌّ ولا أحدٌ من آبائك .

فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في زمان قتر مقتّر((1)) وكان يأخذ لقترِه واقتداره وإنّ الدنيا بعد ذلك أرخت عزَاليها((2)) فأحق أهلها بها ابرارها ، ثم تلا : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) ونحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله غير أنّي يا ثوري ما ترى عليّ من ثوب إنّما ألبسه للناس ثمّ اجتذب يد سفيان فجرَّها إليه ، ثمّ رفع الثوب الأعلى واخرج ثوباً تحت ذلك على جلده غليظاً فقال : هذا ألبسه لنفسي وما رأيتَه للناس ، ثمّ جذَب ثوباً على سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل ذلك ثوب ليّن فقال : لبِسْتَ هذا الأعلى للناس ، ولَبِستَ هذا لنفسك تسُرّها((3)) .

باب (23)أهل البيت لهم ثمانية أنهار

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن

ص: 215


1- - القَتْر : الرُمقة من العيش . والرماق من العيش : الضيّق (أقرب الموارد) . والمعنى انّه كان في زمان فقر وفاقة .
2- - أرخى الشيء : أرسله . وأرخت عزاليها : يريد شدّة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه المزادة . (مجمع البحرين) .
3- - الكافي : ج6 ص442 ح8 .

عبدالله بن أحمد ، عن عليّ بن النعمان ، عن صالح بن حمزة ، عن أبان بن مُصعب ، عن يونس بن ظبيان ، أو المعلّى بن خنيس قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : مالكم من هذه الأرض ؟ فتبسّم ثم قال : انّ الله (تبارك وتعالى) بعث جبرئيل (عليه السّلام) وأمره أن يَخرُق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض ، منها سيحَان وجيحَان وهو نهر بلخ والخشوع : وهو نهر الشاش((1)) ، ومهران : وهو نهر الهند ، ونيل مصر ، ودجلة والفرات ،فما سقت أو استقت فهو لنا ، وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدوّنا منه شيء إلاّ ما غصب عليه ، وإنّ وليّنا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه - يعني بين السّماء والأرض - ثمّ تلا هذه الآية : (قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) المغصوبين عليها (خَالِصَةً) لهم (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) بلا غصب((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (33) .

باب (24)تحريم الفواحش الظاهرة والباطنة

تفسير العياشي : عن علي بن أبي حمزة قال : سمعت ابا عبدالله

ص: 216


1- - بلد بما وراء النهر (القاموس) .
2- - الكافي : ج1 ص409 ح5 .

(عليه السّلام) يقول : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما من أحد أغير من الله (تبارك وتعالى) ، ومن أغير ممّن حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بَطَن ؟ !((1))

باب (25)المشرك في النار

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : باسناده((2)) عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ الله(عزّوجلّ) يحاسب كلّ خلق إلاّ من أشرك بالله فإنّه لا يحاسَب يوم القيامة ويُؤمر به إلى النار((3)) .

باب (26)النهي عن خصلتين

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : إيّاك وخصلتين ففيهما هلك من هلك : إيّاك أن

ص: 217


1- - تفسير العياشي : ج2 ص146 ح1579 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص125 .
2- - المذكورة في العيون : ج2 ص24 ح4 .
3- - عيون أخبار الرضا : ج2 ص34 ح66 .

تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم((1)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم مثله((2)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن مفضّل بن يزيد قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : أنهاك أن تدين الله بالباطل ، وتفتي الناس بما لا تعلم((3)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن مفضّل بن مزيد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال أن تدين الله ... وذكر مثله((4)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّة أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً

ص: 218


1- - الكافي : ج1 ص42 ح2 .
2- - الخصال : ص52 ح66 .
3- - الكافي : ج1 ص42 ح1 .
4- - الخصال : ص52 ح65 .

وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (34) .

باب (27)الأَجل المحتوم

تفسير العياشي : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) .

قال : هو الذي يُسمّى لملك الموت (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَم قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لاُِولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لاُِخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْل فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ) (38 و39) .

باب (28)ائمة الجَور

مجمع البيان : قال الصادق (عليه السّلام) : يعني أئمّة الجور (فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ) قال الله تعالى : (لِكُلّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ

ص: 219


1- - تفسير العياشي : ج2 ص147 ح1581 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص126 .

تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْل فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ) ]قال : قال : شماتة بهم[((1)) و((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْم-ُجْرِمِينَ * لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاش وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (40 و41) .

باب (29)عاقبة طلحة والزبير

تفسير العياشي : عن منصور بن يونس ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) نزلت في طلحة والزبير ، والجمل جَمَلُهم((3)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « نزلتْ في طلحة والزبير » فيه احتمالان :

ص: 220


1- - ما بين المعقوفتين من تفسير البرهان .
2- - مجمع البيان : ج2 ص417 . منه تفسير البرهان : ج4 ص127 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص147 ح1582 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص128 .

الأول : أنهما من باب المصداق لهذه الآية .

الثاني : انّ الآية نزلت فيهما تخبر عمّا سيصدر منهما تجاه مولانا الامام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) والله العالم .

باب (30)كيفية قبض روح المؤمن

الاختصاص : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى قال : حدثني سعيد بن جَنَاح ، عن عوف بن عبدالله الأزدي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إذا أراد الله (تبارك وتعالى) قبضَ روحِ المؤمن قال : يا ملك الموت إنطلق أنت وأعوانك إلى عبدي ، فطال ما نَصَبَ نفسه من اَجْلي ، فأتني بروحه لاُريحه عندي ، فيأتيه ملك الموت بوجه حسن ، وثياب طاهرة ، وريح طيّبة ، فيقوم بالباب فلا يستأذن بوّاباً ، ولا يهتك حجاباً ، ولا يكسر باباً ، معه خمسمائة ملك أعوان معهم طِنان((1))

الرّيحان ، والحرير الأبيض ،والمسك الاذفر فيقولون : السّلام عليك يا ولي الله أبْشر فإنّ الرّب يقرئك السّلام ، أما إنّه عنك راض غير غضبان ، وأبشِر بروح وريحان وجنّة نعيم .

ص: 221


1- - الطُن - بضم الطاء - : حزمة من حطب أو قصب (مجمع البحرين) .

قال : أمّا الرّوح فراحة من الدُّنيا وبلائها ، والرّيحان من كلّ طيب في الجنّة ، فيوضع على ذقنه فيصِل ريحه إلى روحه ، فلا يزال في راحة حتى يخرج نفسه ، ثمّ يأتيه رضوان خازن الجنّة فيسقيه شربة من الجنّة لا يعطَش في قبره ولا في القيامة حتى يدخل الجنّة رياناً ، فيقول : يا ملك الموت رُدّ رُوحي حتى يثني على جسدي وجسدي على روحي .

قال : فيقول ملك الموت : ليثن كل واحد منكما على صاحبه .

فيقول الرُّوح : جزاك الله من جسد خير الجزاء ، لقد كُنتَ في طاعته مسرعاً ، وعن معاصيه مبطئاً ، فجزاك الله عنّي من جسد خير الجزاء ، فعليك السّلام الى يوم القيامة ، ويقول الجسد للروح مثل ذلك .

قال : فيصيح ملك الموت بالروح : أيّتها الرُّوح الطيّبة اخرُجي من الدُّنيا مؤمِنة مرحومة مغتبطة ، قال : فرقّت به الملائكة ، وفرّجت عنه الشدائد ، وسهّلت له الموارد ، وصار لحيَوان الخلد .

قال : ثم يبعث الله له صفين من الملائكة غير القابضين لرُوحه ، فيقومون سِمَاطين((1)) ما بين منزله إلى قبره ، يستَغفرون له ، ويشفعون له ، قال : فيُعلّله مَلَك الموت ويُمنّيه ويُبشّره عن الله بالكرامة والخير كما تخادع الصبي اُمّه ، تُمرخه بالدّهن والرّيحان وبقاء النفس ، وتفديه بالنفس والوالدين .

ص: 222


1- - السماطان من النحل والناس : الجانبان (لسان العرب) .

قال : فإذا بلغت الحلقوم قال الحافظان اللذان معه : يا ملك الموت اُرؤف بصاحبنا وأرفق ، فنعم الأخ كان ونعم الجليس ، لم يمل علينا ما يسخِط الله قطّ ، فإذا خرجت روحه خرجت كنخلة بيضاء وضعت في مسكة بيضاء ، ومن كل ريحان في الجنّة ،فأدرجت إدراجاً ، وعرج بها القابضون إلى السماء الدُّنيا ، قال : فيفتح له أبواب السّماء ويقول لها البوابون : حيّاها الله من جسد كانت فيه ، لقد كان يمرّ له علينا عمل صالح ونسمع حلاوة صوتِه بالقرآن .

قال : فبكى له أبواب السماء والبوابون لفقدها ويقول : يا ربّ قد كان لعبدك هذا عمل صالح وكنّا نسمع حلاوة صوته بالذكر للقرآن ، ويقولون : اللهمّ ابعث لنا مكانه عبداً يسمعنا ما كان يُسمِعُنا ، ويصنع الله ما يشاء فيصعد به إلى عيش ، رحّبت به ملائكة السماء كلّهم أجمعون ، ويشفعون له ويستغفِرون له ، ويقول الله (تبارك وتعالى) : رحمتي عليه من روح ، ويتلقاه أرواح المؤمنين كما يتلقى الغائب غائبه ، فيقول بعضهم لبعض : ذروا هذه الروح حتى تفيق فقد خرجت من كرب عظيم ،وإذا هو استراح اقبلوا عليه يسألونه ويقولون : ما فعل فلان وفلان ؟ فان كان قد مات بكوا واستَرجعوا ويقولون : ذهبت به اُمّه الهاوية ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، قال : فيقول الله : ردوها عليه ، فمنها خلقتهم وفيها أعيدهم ،

ص: 223

ومنها أخرجهم تارة اُخرى ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (42 و43) .

باب (31)الشيعة يحمدون الله على الهداية والولاية

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن هلال ، عن أبيه ، عن أبي السّفاتج ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (جلّ وعزّ) : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ) .

فقال : إذا كان يوم القيامة دُعي بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبأمير المؤمنين والأئمّة من ولده (عليهم السّلام) فيُنصَبُون للنّاس ، فإذا رأتهم شيعتهم قالوا : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ

ص: 224


1- - الاختصاص : ص345 . منه تفسير البرهان : ج4 ص129 .

هَدَانَا اللّهُ) يعني : هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين والأئمّة من ولده (عليهم السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ * وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيم-َاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ)(44 - 48) .

باب (32)نداء اصحاب الاعراف

مجمع البيان : روي أنّ في قراءة عبدالله بن مسعود وسالم : وإذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا عائذاً بك ان تجعلنا مع القوم الظالمين . وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .

ص: 225


1- - الكافي : ج1 ص418 ح33 .
2- - مجمع البيان : ج2 ص424 .

باب (33)آل محمّد هم أصحاب الأعراف

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن الهيثم بن واقد ، عن مُقرّن ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال : يا أمير المؤمنين (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ) ؟

فقال : نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذي لا يُعرف الله (عزّوجلّ) إلاّ بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يعرّفنا الله (عزّوجلّ) يوم القيامة على الصراط ، فلا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النّار إلاّ من أنكرنا وأنكرناه .

إنّ الله (تبارك وتعالى) لو شاء لعرّف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا ، فإنّهم عن الصراط لناكبون ، فلا سواء من اعتصم الناس به ولا سواء حيث ذهب النّاس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربّها ، لا نفاد لها ولا انقِطاع((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : المعلّى بن محمد البصري بهذا الاسناد

ص: 226


1- - الكافي : ج1 ص184 ح9 .

نحوه((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن الحسين الكناني قال : حدثنا عاصم بن محمد المحاربي قال : حدثنا يزيد بن عبدالله الخيبري قال : حدثنا محمد بن الحسين بن مسلم البجلي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيم-َاهُمْ) .قال : نحن أصحاب الأعراف ، من عرفنا فإلى الجنّة ومن أنكرنا فإلى النار((2)) .

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن الفضيل الصيرفي ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) واسحاق ابن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيم-َاهُمْ) .

قال : هم الائمة (عليهم السّلام)((3)) .

مختصر بصائر الدرجات : علي بن محمد بن علي بن سعد الأشعري ، عن حَمدان بن يحيى ، عن بشر بن حبيب ، عن أبي عبدالله

ص: 227


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص55 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص55 . منه تفسير البرهان : ج4 ص141 .
3- - مختصر بصائر الدرجات : ص52 . منه تفسير البرهان : ج4 ص137 .

(عليه السّلام) أنَّه سأل عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ) ؟

قال : سور بين الجنّة والنار قائم عليه محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعلي والحسن والحسين وفاطمة وخديجة (عليهم السّلام) فينادون : أين محبّونا ؟ وأين شيعتنا ؟ فيُقبِلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيم-َاهُمْ)فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم الصراط ويُدخلونهم الجنّة((1)) .

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي (عليهم السّلام) قال : أنا يعسوب المؤمنين ، وأنا أوَّلُ السابقين ، وخليفة رسول ربّ العالمين ، وأنا قسيم الجنّة والنار ، وأنا صاحب الأعراف((2)) .

باب (34)الناس يوم القيامة ستة أصناف

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن سليم مولى طربال قال : حدثني هشام ، عن حمزة بن الطيّار قال : قال

ص: 228


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص53 . منه تفسير البرهان : ج4 ص138 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص147 ح1584 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص144 .

لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : الناس على ستة أصناف .

قال : قلت : أتأذن لي أن أكتُبها ؟

قال : نعم .

قلت : ما أكتُب ؟

قال : أكتب أهل الوعيد من أهل الجنّة وأهل النّار ، واكتب (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلا صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً)((1)) .

قال : قلت : من هؤلاء ؟

قال : وحشيُّ منهم((2)) .

قال : واكتب (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لاَِمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ)((3)) .

قال : واكتب (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلا)((4)) لا يستطيعون حيلة إلى الكفر ، ولا يهتدون سبيلاً إلى الإيمان (فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ)((5)) .

ص: 229


1- - التوبة 9 : 102 .
2- - الوحشي : هو قاتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان عبداً لهند زوجة أبي سفيان .
3- - التوبة 9 : 106 .
4- - النساء 4 : 98 .
5- - النساء 4 : 99 .

قال : واكتب أصحاب الأعراف .

قال : قلت : وما أصحاب الأعراف ؟قال : قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، فان أدخلهم النّار فبذنوبهم وإن أدخلهم الجنّة فبرحمته((1)) .

تفسير العياشي : عن الطيّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أي شيء أصحاب الأعراف ؟

قال : استوت الحسنات والسيئات ، فإن أدخلهُم الجنّة فبرحمته ، وإن عذّبهم لم يظلِمهم((2)) .

باب (35)سبع قباب يوم القيامة

تفسير العياشي : عن كرام قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إذا كان يوم القيامة أقبل سبع قِباب من نور يواقيت خضر وبيض ، في كلِّ قبة إمام دهره ، قد احتفّ به أهل دهره بَرُّها وفاجِرها حتى يقفوا بباب الجنّة ، فيطلع أوّلها صاحب قبة اطلاعة فيميز أهل ولايته وعدوّه ، ثمّ يُقبِل على عدوّه فيقول : أنتم الذين أقسمتم لا ينالَهم الله برحمة ؟!

ص: 230


1- - الكافي : ج2 ص381 ح1 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص148 ح1588 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص144 .

ادخُلوا الجنّة ، لا خوف عليكم اليوم يقول لأصحابه ، فتسوَدّ وجوه الظالمين فيميز أصحابه إلى الجنّة ، وهم يقولون : (رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فإذا نظر أهل القبة الثانية إلى قلّةِ من يدخل الجنّة وكثرة من يدخُل النار ، خافوا أن لا يدخُلوها ، وذلك قوله تعالى : (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)((1)) .

باب (36)كُثبان بين الجنة والنار

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد (يزيد - ط) ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الأعراف : كُثبان((2)) بين الجنّة والنار ، والرّجال : الائمة (عليهم السّلام) يقفون على الأعراف مع شيعتهم ، وقد سيق المؤمنون إلى الجنّة بلا حساب ، فيقول الأئمة لشيعتهم من أصحاب الذنوب : اُنظروا إلى إخوانكم في الجنّة قد سبقوا (سيقوا - ط) إليها بلا حساب ، وهو قوله (تبارك وتعالى) : (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) ثمّ يقال لهم : انظروا إلى أعدائكم في النّار وهو قوله : (وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ

ص: 231


1- - تفسير العياشي : ج2 ص148 ح1589 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص145 .
2- - الكثيب : التلّ من الرّمل سمّي به لأنه إنكثب أي إنصبّ في مكان فاجتمع فيه وجمعه : كثبان (أقرب الموارد) .

تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيم-َاهُمْ) في النار ف- (قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ) في الدُّنيا (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) ثمّ يقولون لمن في النار من أعدائهم : أهؤلاء شيعتي وإخواني الَّذين كنتم أنتم تحلِفون في الدُّنيا أن لا ينالُهم الله برحمة ؟ ثمّ يقول الأئمة لشيعتهم : (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)((1)) ثمّ : (نَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ)((2)) و((3)) .

مجمع البيان : قال أبو عبدالله جعفر بن محمد (عليه السّلام) : الأعراف كثبان بين الجنّة والنار ، فيقف((4)) عليها كل نبي وكل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه ، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده ، وقد سيق المحسنون إلى الجنّة ، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه : انظروا إلى اخوانكم المحسنين قد سيقوا الى الجنّة ، فيُسلِّم المذنبون عليهم ، وذلك قوله : (وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ) ، ثمّ اخبرسُبحانه أنّهم (لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ) يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنّة وهم يطمَعون أن يُدخلهم الله إيّاها

ص: 232


1- و2- الأعراف 7 : 49 و50 .
2-
3- - تفسير القمّي : ج1 ص231 . منه تفسير البرهان : ج4 ص142 .
4- - في تفسير البرهان : يقف .

بشفاعة النّبي والإمام ، وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار فيقولون : (رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ثمّ يُنادي أصحاب الأعراف وهم الأنبياء والخلفاء ]رجالاً من[((1)) أهل النار مقرّعين لهم : (مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) يعني : أهؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقِّرونهم وتستطيلون بدنياكم عليهم ، ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك : (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَاب فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْم هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ) (50 - 52) .

باب (37)مِن اسماء يوم القيامة

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن

ص: 233


1- - ما بين المعقوفتين ليس في المصدر وما أثبتناه من تفسير البرهان .
2- - مجمع البيان : ج2 ص423 . منه تفسير البرهان : ج4 ص143 .

القاسم بن محمد الاصبهاني ، عن سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : يوم التلاق : يوم يلتقي أهل السّماء وأهل الأرض ، ويوم التناد : يوم ينادي أهل النّار أهل الجنّة : (أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ) ويوم التغابن : يوم يغبن أهلَ الجنّة أهلُ النّار ، ويوم الحسرة : يوم يؤتى بالموت فيُذبح((1)) .

باب (38)أهل النار في عطش دائم

تفسير العياشي : عن ابراهيم بن عبد الحميد ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : إنّ أهل النّار يموتون عطاشى ، ويدخلون قبورهم عطاشى ويُحشَرون عطاشى ويدخلون جهنم عطاشى ، فترفع لهم قراباتهم من الجنّة ، فيقولون : (أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ)((2)) .

تفسير العياشي : عن الزهري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) يقول : « يوم التناد » يوم ينادي أهل النار أهل الجنة : أن أفيضوا علينا من الماء((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ

ص: 234


1- - معاني الأخبار : ص156 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص336 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص149 ح1591 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص149 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص150 ح1592 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص150 .

أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَات بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (54) .

باب (39)خلْق السماوات والأرض في ستة ايام

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله خلق الخير يوم الأحد وما كان ليخلق الشرّ قبل الخير وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس وخلق أقواتها يوم الجمعة وذلك قوله (عزّوجلّ) : (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام)((1)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه بزيادة قوله : فلذلك أمسكت اليهود يوم السبت((2)) .من لا يحضره الفقيه : في رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن يعقوب بن شعيب ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 235


1- - الكافي : ج8 ص145 ح117 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص300 ح1990 الطبعة الحديثة .

- في حديث - قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) خلق السنة ثلاثمائة وستّين يوماً وخلق السماوات والأرض في ستة أيّام فحجزها من ثلاثمائة وستّين يوماً فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً ... الى آخر الحديث((1)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علي بن يقطين ، عن بكر بن علي بن عبد العزيز ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن السنة كم يوماً هي ؟

قال : ثلاثمائة وستون يوماً ، منها ستّة أيّام خلق الله (عزّوجلّ) فيها الدُّنيا فطرحت من أصل السنة فصارت السنة ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوماً ... الى آخر الحديث((2)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن اسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) خلق الدُّنيا في ستّة أيّام ثمّ اختزلها عن أيّام السنة والسنة ثلاثمائة وأربع وخمسون يوماً ... الى آخر الحديث((3)) .

تفسير العياشي : عن أبي جعفر ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 236


1- - من لا يحضره الفقيه : ج2 ص170 ح2042 .
2- - الخصال : ص602 ح7 .
3- - الكافي : ج4 ص78 ح2 .

السّلام) قال : إنَّ الله خلق السماوات والأرض في ستة أيّام ، فالسنة تنقص ستة أيام((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْم-ُحْسِنِينَ) (55 و56) .

باب (40)مِن آداب الدُّعاء

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم وزرارة قالا : قلنا لأبي عبدالله (عليه السّلام) : كيف المسألة إلى الله (تبارك وتعالى) ؟

قال : تبسط كفّيك .

قلنا : كيف الاستعاذة ؟

قال : تفضي بكفّيك ، والتبتّل الايماء بالإصبع ، والتضرّع تحريك الإصبع ، والابتهال أن تمدّ يديك جميعاً((2)) .

ص: 237


1- - تفسير العياشي : ج2 ص274 ح1941 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج5 ص10 .
2- - الكافي : ج2 ص481 ح7 .

أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (عليه السّلام) : « تفضي بكفّيك » أي تجعل باطنهما نحو الفضاء ، كما يفضي الرجل باطن كفّيه الى الجدار ، والحاصل تجعل باطن كفّيك مقابل القبلة)((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه أو غيره ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الدّعاء ورفع اليدين ؟

فقال : على أربعة أوجه : أمّا التعوّذ فتستقبل القبلة بباطن كفّيك ، وأمّا الدّعاء في الرزق فتبسط كفّيك وتفضي بباطنهما الى السماء ، وأمّا التبتل فايماء باصبعك السبّابة ، وأمّا الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك ، ودعاء التضرّع أن تحرّك اصبعك السبّابة ممّا يلي وجهك وهو دعاء الخيفة((2)) .الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : مرّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري فقال : يا أبا عبدالله بيمينك ؟

فقلت : يا عبدالله إنّ لله (تبارك وتعالى) حقّاً على هذه كحقّه على

ص: 238


1- - مرآة العقول : ج12 ص48 .
2- - الكافي : ج2 ص480 ح5 .

هذه .

وقال : الرّغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرّهبة تبسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتضرّع تحرّك السّبابة اليمنى يميناً وشمالاً ، والتّبتل تحرّك السّبابة اليسرى ترفعها في السّماء رِسْلاً((1)) وتضعها ، والابتهال تبسط يديك وذراعيك الى السماء ، والابتهال حين ترى أسباب البكاء((2)) .

الجعفريات : أخبرنا محمد ، حدثني موسى قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) أنّه كان يقول : إيّاكم وسقط الكلام وفصل بني آدم كتب فعليكم بالدعاء ما يعرف ، وإيّاكم والدّعاء باللَّعن والخزي فإنّ الله (عزّوجلّ) قد أحكم في كتابه فقال (عزّوجلّ) : (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) فمن تعدّى بدعائه بلعن أو خزي فهو من المعتدين((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليم الفرّاء ، عمّن حدثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا دعوت فظنّ

ص: 239


1- - الرِسْل : الرفق والتؤدة (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج2 ص480 ح4 .
3- - الجعفريات : ص226 .

أنّ حاجتك بالباب((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالا سُقْنَاهُ لِبَلَد مَّيِّت فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْم يَشْكُرُونَ) (57 و58) .

باب (41)فائدة الريح الجنوب

من لا يحضره الفقيه : قال الصادق (عليه السّلام) : نعم الرّيح الجنوب تكسر البرد عن المساكين وتُلقِح الشَّجر وتُسيل الاودية((2)) .

أقول : ريح الجنوب تخالف الشمال وقد قيل إذا جاءت الجنوب جاء معها خير وتلقيح واذا جاءت ريح الشمال نشّفت ، وريح الجنوب تكون حارّة عادةً ، وجاء هذا الحديث ليُثبت ذلك فانّها تأتي بالأَمطار الغزيرة وتُلقّح الاشجار وتكسر شدة البرد بهبوبها - كما جاء ذلك في

ص: 240


1- - الكافي : ج2 ص473 ح1 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص547 ح1523 .

لسان العرب - .

نوادر الراوندي : باسناده عن الصادق ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : نُصرت بالصّبا((1)) ، وأُهلكت عاد بالدّبور((2)) ، وما هاجت الجنوب إلاّ سقى الله بها غيثاً وأسال بها وادياً((3)) .

باب (42)النهي عن سبّ خمسة اشياء

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن اسماعيل بن مسلم السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لاتسبّوا الرّياح فإنّها مأمورة ، ولا تسبّوا الجبال ولا الساعات ولا الأيّام ولا الليالي فتأثموا وترجع عليكم((4)) .

* * * * *

ص: 241


1- - الصبا : ريح تهبّ من مطلع الشمس ، وهي أحد الارياح الأربعة (مجمع البحرين) .
2- - الدَبُور : الريح التي تقابل الصبا تهبّ من ناحية المغرب (مجمع البحرين) .
3- - نوادر الراوندي : ص9 . منه بحار الانوار : ج60 ص15 .
4- - علل الشرايع : ص577 ح1 .

قوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَه غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْم عَظِيم * قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَل مُّبِين * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُل مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ) (59 - 64) .

باب (43)مِن أسماء النبي نوح

علل الشرايع : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن أحمد بن الحسن الميثميّ ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : كان اسم نوح (عليه السّلام) : عبد الغفّار وإنّما سمّي نوحاً لأنّه كان ينوح على قومه((1)) .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن سعيد بن جناح ، عن بعض

ص: 242


1- - علل الشرايع : ص28 ح1 .

أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان اسم نوح : عبد الملك وإنما سمّي نوحاً لأنه بكى خمسمائة سنة((1)) .علل الشرايع : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة عمّن ذكره ، عن سعيد بن جناح ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان اسم نوح : عبد الأعلى وإنّما سمّي نوحاً لانّه بكى خمسمائة عام((2)) .

قصص الأنبياء : باسناده عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : كان اسم نوح عبد الجبّار وإنّما سمّي نوحاً لأنّه كان ينوح على نفسه((3)) .

أَقول : لا منافاة في تعدد اسم النبي نوح (عليه السّلام) في هذه الأحاديث ، فكلّها تحمل معنى العبوديَّة للواحد الأحد سبحانه ، وسُمّي نوحاً لأنه كان ينوح على نفسه أو على قومه .

باب (44)من قصص النبي نوح

مجمع البيان : روى الشيخ أبو جعفر ابن بابويه باسناده في (كتاب

ص: 243


1- - علل الشرايع : ص28 ح2 .
2- - علل الشرايع : ص28 ح3 .
3- - قصص الأنبياء : ص84 ح75 .

النبوّة) مرفوعاً الى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أن بعث الله نوحاً دعا قومه علانية ، فلمّا سمع عقب هبة الله بن آدم تصديق ما في أيديهم من العلم وعرفوا انّ العلم الذي في أيديهم هو العلم الذي جاء به نوح صدّقوه وسلّموا له ، فأمّا ولد قابيل فانّهم كذّبوه وقالوا : إنّ الجنّ كانوا قبلنا فبعث الله إليهم ملكاً فلو أراد أن يبعث الينا لبعث إلينا ملكاً من الملائكة((1)) .

مجمع البيان : حنان بن سدير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : آمن مع نوح من قومه ثمانية نفر((2)) .

مجمع البيان : روى ابراهيم بن هاشم ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : عاش نوح ألفي سنة وخمسمائة سنة ، منها ثمانمائةوخمسين قبل أن يبعث ، وألف سنة إلاّ خمسين عاماً وهو في قومه يدعوهم ، ومأتي عام في عمل السفينة وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء ، فمصَّر الأمصار واسكن ولده البلدان ، ثم انّ ملك الموت جاءه وهو في الشمس فقال : السلام عليك ، فردَّ عليه نوح ، وقال له : ما جاء بك يا ملك الموت ؟

فقال : جئتك لأقبض روحك .

فقال له : تَدعُني أتحوّل من الشمس الى الظّل ؟

فقال له : نعم .

ص: 244


1- - مجمع البيان : ج2 ص434 .
2- - مجمع البيان : ج2 ص434 .

قال : فتحوّل نوح ، ثم قال له : يا ملك الموت كأنّ ما مرَّ بي من الدنيا مثل تحوُّلي من الشمس الى الظلّ فامض لما أُمرت به .

قال : فقَبض روحه (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : ( وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَه غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَة وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ * أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُل مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوح وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاَءَ اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَان فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ) (65 - 71) .

باب (45)من قصص النبي هود

كمال الدين : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا :

ص: 245


1- - مجمع البيان : ج2 ص435 .

حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر وكرام بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن الصادق أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليه السّلام) قال : لمّا بعث الله (تعالى) هوداً أسلم له العقب من ولد سام وأمّا الآخرون فقالوا : مَن أشدّ منّا قوّة ؟! فأُهلكوا بالرّيح العقيم ، وأوصاهم هود وبشّرهم بصالح (عليه السّلام)((1)) .

الاحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) - في حديث : انّ يهوديّاً من يهود الشام وأحبارهم قال لعلي (عليه السّلام) - : فإنّ هذا هود قد انتصر الله له من أعدائه بالرّيح فهل فعل لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شيئاً من هذا ؟

قال له عليّ (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أُعطي ما هو أفضل من هذا إنّ الله (عزّوجلّ) قد انتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذ أرسل عليهم ريحاً تذرو الحصى((2)) وجنوداً لم يروها ... الى آخر الحديث((3)) .

ص: 246


1- - كمال الدين : ص136 ح5 . منه بحار الأنوار : ج11 ص359 .
2- - ذرت الريح التراب وغيره تذروه ذروا : فرّقته وأطارته (أقرب الموارد) .
3- - الاحتجاج : ص212 .

باب (46)أعظم نِعم الله على خَلقه

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن الهيثم بن واقد ، عن أبي يوسف البزّاز قال : تلا أبو عبدالله (عليه السّلام) هذه الآية : (فَاذْكُرُواْ آلاَءَ اللّهِ) قال : أتدري ما آلاء الله ؟

قلت : لا .

قال : هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا((1)) .بصائر الدرجات : بهذا الاسناد نحوه((2)) .

باب (47)إطلاق الأَخ على الباغي

تفسير العياشي : عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ علي بن الحسين (صلوات الله عليه) كان في المسجد الحرام جالساً ، فقال له رجل من أهل الكوفة : قال علي (عليه السّلام) : إنّ إخواننا بغَوا علينا ؟

ص: 247


1- - الكافي : ج1 ص217 ح3 .
2- - بصائر الدرجات : ص101 ح3 .

فقال له علي بن الحسين (عليهما السّلام) : يا عبدالله أما تقرأ كتاب الله : (وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً) فأهلك الله عاداً وأنجى هوداً (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً)((1)) فأهلك الله ثموداً وأنجى صالحاً((2)) .

أقول : معنى كلام الامام زين العابدين (عليه السّلام) أن التعبير عن البغاة بالأخ انّما هو من باب ما ذُكر في آية قوم عاد وثمود ، لا بمعنى الاخوَّة الدينية التي لها حقوقها ومزاياها بين المؤمنين .

* * * * *

قوله تعالى : (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَة مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ) (72) .

أقول : تقدم في تفسير آية 57 من هذه السورة في رواية الراوندي قوله (عليه السّلام) : وأهلكت عاد بالدّبور .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَه غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءفَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَاد وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا

ص: 248


1- - الاعراف 7 : 73 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص312 ح2030 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج5 ص150 .

قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاَءَ اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قَالَ الْمَلاَُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) (73 - 76) .

باب (48)من قصص النبي صالح

كمال الدين : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، وسعد بن عبدالله ، وعبدالله بن جعفر الحميري قالوا : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ صالحاً (عليه السّلام) غاب عن قومه زماناً ، وكان يوم غاب عنهم كهلاً مُبدّح((1)) البطن ، حَسَن الجسم ، وافر اللَّحية ، خميص البطن((2)) خفيف العارضين مجتمعاً ، ربعة((3)) من الرّجال ، فلمّا رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته ، فرجع إليهم وهم على ثلاث طبقات : طبقة جاحدة لا ترجع أبداً ، وأخرى شاكَّة فيه ، واُخرى على

ص: 249


1- - المبدوح : كل ما توسّع (لسان العرب) .
2- - خميص الحشى : ضامر البطن ، والضامر : القليل اللحم الدقيق (أقرب الموارد) .
3- - الرَبْع : الرجل بين الطول والقصر (أقرب الموارد) .

يقين ، فبدأ (عليه السّلام) حيث رجع بالطبقة الشاكَّة فقال لهم : أنا صالح فكذّبوه وشتموه وزجروه ، وقالوا : برأ الله منك ، انّ صالحاً كان في غير صورتك ، قال : فأتى الجُحّادَ فلم يسمعوا منه القول ونَفروا منه أشدّ النفور ، ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة ، وهم أهل اليقين فقال لهم : أنا صالح .فقالوا : أخبرنا خبراً لا نشكّ فيك معه أنّك صالح ، فإنّا لا نمتَري أنّ الله (تبارك وتعالى) الخالق ينقل ويحوِّل في أيِّ صورة شاء ، وقد أُخبِرنا وتدارَسنا فيما بينَنا بعلامات القائم إذا جاء ، وانّما يصح عندنا إذا أتى الخبر من السماء .

فقال لهم صالح : أنا صالح الذي اتيتكم بالناقة .

فقالوا : صدقت ، وهي التي نتدارس فما علامتها ؟

فقال : لها شِرب ولكم شرب يوم معلوم .

قالوا : آمنا بالله وبما جئتنا به ، فعند ذلك قال الله (تبارك وتعالى) : (أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ) فقال أهل اليقين : (إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ) وهم الشُّكّاك والجُحّاد (إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) .

قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به ؟

قال : الله أعدل من ان يترك الأرض بلا عالم يدلُّ على الله (عزّوجلّ) ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيام على فترة

ص: 250

لا يعرفون إماماً ، غير انّهم على ما في أيديهم من دين الله (عزّوجلّ) ، كلمتهم واحدة ، فلمّا ظهر صالح (عليه السّلام) اجتمَعوا عليه . وإنّما مثل القائم (عليه السّلام) مثل صالح((1)) .

باب (49)مِن معجزات رسول الله

الاحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) - في حديث : إنّ يهوديّاً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) - : فهذا صالح أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة .

قال علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أعطي ما هو أفضل من ذلك ، إنّ ناقة صالح لم تكلّم صالحاً ولم تناطقه ولم تشهد له بالنبوة ،ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بينما نحن معه في بعض غزواته إذ هو ببعير قد دنا ثم رغا فأنطقه الله (عزّوجلّ) فقال : يا رسول الله فلان استعملني حتى كبرت ويريد نحري فأنا أستعيذ بك منه ، فأرسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى

ص: 251


1- - كمال الدين : ص136 ح6 . منه تفسير البرهان : ج4 ص155 .

صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلاّه ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) (77 - 79) .

باب (50)نزول العذاب على قوم النبي صالح

الكافي : علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : فأوحى الله (تبارك وتعالى) إلى صالح (عليه السّلام) أنّ قومك قد طغوا وبغوا وقتلوا ناقة بعثتها إليهم حجّة عليهم ولم يكن فيها ضرر وكان لهم منها أعظم المنفعة فقل لهم : إنّي مرسل عليكم عذابي إلى ثلاثة أيّام فإن هم تابوا ورجعوا قبلت توبتهم وصددت عنهم وإن هم لم يتوبوا ولم يرجعوا بعثت عليهم عذابي في اليوم الثالث ، فأتاهم صالح (عليه السّلام) فقال لهم : يا قوم إنّي رسول ربكم إليكم وهو

ص: 252


1- - الاحتجاج : ص213 .

يقول لكم : إن انتم تبتم ورجعتم واستغفرتم غفرت لكم وتبت عليكم ، فلمّا قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا واخبث (وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) قال : يا قوم انّكم تصبحون غداً ووجوهكم مصفرَّة واليوم الثاني وجوهكم محمرّة واليومالثالث وجوهكم مسودّة فلمّا أن كان أوّل يوم أصبحوا ووجوههم مصفرّة فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا : قد جاءكم ما قال لكم صالح .

فقال العتاة منهم : لا نسمع قول صالح ولا نقبل قوله وإن كان عظيماً ، فلمّا كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرّة فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا : يا قوم قد جاءكم ما قال لكم صالح .

فقال العتاة منهم : لو أهلكنا جميعاً ما سمعنا قول صالح ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ، ولم يتوبوا ولم يرجعوا ، فلمّا كان اليوم الثالث اصبحت وجوههم مسودّة فمشى بعضهم الى بعض وقالوا : يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح .

فقال العتاة منهم : قد أتانا ما قال لنا صالح ، فلمّا كان نصف الليل أتاهم جبرئيل (عليه السّلام) فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أَسماعهم وفلقت قلوبهم وصدعت اكبادهم ، وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيّام قد تحنَّطوا وتكفَّنوا وعلموا أنّ العذاب نازل بهم ، فماتوا أجمعون

ص: 253

في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية((1)) ولا شيء الاّ أهلكه الله ، فأصبحوا في ديارهم ومضاجعهم موتى أجمعين ، ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النّار من السماء فاحرقتهم أجمعين ، وكانت هذه قصتهم((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَد مِّنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْم-ُجْرِمِينَ) (80 - 84) .

باب (51)ابليس اوَّل المفعولين

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قوم لوط : (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَد مِّنَ

ص: 254


1- - ولا راغية : أي ماله شاة ولا ناقة (لسان العرب) .
2- - الكافي : ج8 ص187 ح214 .

الْعَالَمِينَ) فقال : إنّ إبليس أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث عليه ثياب حسنة فجاء الى شباب منهم فأمرهم أن يقَعوا به ، فلو طلب إليهم أن يقَع بهم لأبَوا عليه ، ولكن طلب إليهم أن يقَعوا به فلمّا وقعوا به التّذُّوه ، ثمّ ذهب عنهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض((1)) .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل قال : حدثنا عبدالله بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر مثله((2)) .

قصص الانبياء (باسناده) ، عن ابن بابويه ، عن ابيه حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عمر الجرجاني ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (صلوات الله عليهما) نحوه((3)) .

باب (52)حكم اتيان النساء من الخلف

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) ذكر عنده إتيان النساء في أدبارهنّ . فقال : ما أعلم

ص: 255


1- - الكافي : ج5 ص544 ح4 .
2- - علل الشرايع : ص547 ح3 .
3- - قصص الانبياء : ص119 ح119 .

آية في القرآن أحلّت ذلك إلاّ واحدة : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ)((1)) .

أقول : قال العلاّمة الحلّي (طاب ثراه) : (المشهور كراهة الوطيء في الدُّبر من غير تحريم ، اختاره الشيخ (الطوسي) والسيّد المرتضى واكثر علمائنا)((2)) .وذهب بعض علماء العامّة الى جواز ذلك وأَنّهم كانوا يعملون بذلك .

* * * * *

قوله تعالى : (وَقَالَ الْمَلاَُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)(90 و91) .

باب (53)هلاك قوم النبي شعيب

مجمع البيان : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) بعث الله عليهم صيحةً واحدةً فماتوا((3)) .

* * * * *

ص: 256


1- - تفسير العياشي : ج2 ص153 ح1598 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص159 .
2- - مختلف الشيعة : ج7 ص111 .
3- - مجمع البيان : ج2 ص450 .

قوله تعالى : (ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) (95) .

باب (54)حرمة حلق اللّحية

معاني الأخبار : حدثنا الحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المكتب (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد قال : حدثني علي ابن غراب قال : حدّثني خير الجعافر جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : حِفّوا الشوارب وأعفوا اللّحى ولا تتشبَّهوا بالمجوس((1)) .

أقول : الظاهر أنّه لا خلاف بين الفقهاء في حرمة حلق اللحية واستحباب حلق الشارب ، والظاهر أنّ المجوس كانوا يحلقون اللّحية ويُطلقون الشارب فجاء النهي عن التشبُّه بهم ، ومن المؤسف حقاً أن نرى هذه العادة المجوسيّة قد انتشرت بين كثير منالمسلمين فصاروا يحلقون لحاهم ويطلقون شواربهم ، وصار اطلاق اللحية قليلاً عند المسلمين - وخاصَّة الشباب - مع العلم أن اللّحية جمال وزينة للرجل

ص: 257


1- - معاني الأخبار : ص291 ح1 . منه تفسير البرهان : ج4 ص255 .

وبها يتميّز عن المرأة . نعم لا شك في كراهة اطلاق اللّحية بصورة قبيحة كما يفعله الوهّابيون الضالّون المضلّون ، حيث صارت اللحية الطويلة شعاراً لهم ، وترى بعضهم يُطلق لحيته الى قريب السرَّة ويتركها مبعثرة من غير اصلاح وتعديل ، ممّا يوجب الاشمئزاز والكراهة للناظرين . وساعد الله زوجاتهم اللاّتي يعشن مع هؤلاء الشواذ ، وخاصة في الحالات الخاصة !

* * * * *

قوله تعالى : (أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (99) .

باب (55)الخوف من مكر الله تعالى

تفسير العياشي : عن صفوان الجمّال قال : صلّيت خلف أبي عبدالله (عليه السّلام) فأطرق ، ثمّ قال : « اللهم لا تُؤمنّي مكرك » ثمّ جهر فقال : (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال : حدثني أبو جعفر (صلوات الله عليه)

ص: 258


1- - تفسير العياشي : ج2 ص154 ح1600 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص160 .

قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبي موسى بن جعفر (عليهم السلام) يقول : دخل عمرو بن عبيد على أبي عبدالله (عليه السّلام) فلمّا سلّم وجلس تلا هذه الآية (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ)((1)) ثمّ أمسك فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما أسكتك ؟

قال : أُحبّ أن أعرف الكبائر من كتاب الله (عزّوجلّ) .فقال : نعم يا عمرو أكبر الكبائر الإشراك بالله - إلى أن قال - : ثمّ الأمن لمكر الله ، لأنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (128) .

باب (56)ما كان للنبي فهو للامام

تفسير العياشي : عن عمّار الساباطي قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : (إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) قال : فما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسول الله فهو للإمام بعد رسول الله (صلّى الله

ص: 259


1- - النجم 53 : 32 .
2- - الكافي : ج2 ص285 ح24 .

عليه وآله وسلّم)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَات مُّفَصَّلاَت فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ * وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ) (133 و134) .

باب (57)نزول العذاب على بني اسرائيل

تفسير العياشي : عن محمد بن قيس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت : ما الطُّوفان ؟

قال : هو طوفان الماء والطاعون((2)) .مجمع البيان : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه أصابهم ثلج أحمر ولم يروه قبل ذلك فماتوا فيه وجَزِعوا ، وأصابهم ما لم يعهَدوه قبله((3)) .

* * * * *

ص: 260


1- - تفسير العياشي : ج2 ص156 ح1607 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص168 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص157 ح1609 الطبعة الحديثة .
3- - مجمع البيان : ج2 ص469 . منه تفسير البرهان : ج4 ص171 .

قوله تعالى : (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْر فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لاَِخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (142) .

باب (58)عدَّة أيام الشهور الهجريَّة

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن اسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) خلق الدُّنيا في ستة أيّام ثمَّ اختزلها((1)) عن أيّام السنة والسنة ثلاثمائة وأربع وخمسون يوماً ، شعبان لا يتم أبداً ، رمضان لا ينقُص والله أبداً ، ولا تكون فريضة ناقصة إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ)((2)) وشوال تسعة وعشرون يوماً ، وذو القعدة ثلاثون يوماً ، لقول الله (عزّوجلّ) : (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْر فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) وذوالحِجَّة تسعة وعشرون يوماً ، والمحرم ثلاثون يوماً ، ثمّ الشهور بعد ذلك شَهر تامٌّ وشهرٌ ناقِص((3)) .

أقول : تقدم هذا الحديث في تفسير سورة البقرة آية (185) وذكرنا

ص: 261


1- - الاختزال : الاقتطاع (مجمع البحرين) .
2- - البقرة 2 : 185 .
3- - الكافي : ج4 ص78 ح2 .

توضيحاً مختصراً هناك فمن أراد فليراجع .تفسير العياشي : عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْر) .

قال : بعشر ذي الحِجّة ناقصة حتى انتهى إلى شعبان فقال : ناقص ولا يتمّ((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (143) .

باب (59)نور الله يتجلّى للنبي موسى

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قال : لمّا سأل موسى (عليه السّلام) ربّه (تبارك وتعالى) : (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي) قال : فلمّا صعد موسى (عليه السّلام) على الجبل ، فُتِحت

ص: 262


1- - تفسير العياشي : ج2 ص158 ح1611 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص180 .

أبواب السّماء ، وأقبلت الملائكة أفواجاً في أيديهم العمد ، وفي رأسها النور يمرون به فوجاً بعد فوج ، يقولون : يابنَ عمران أثبت فقد سألت عظيماً ، قال : فلم يزَل موسى (عليه السّلام) واقفاً حتى تجلّى ربّنا (جلّ جلاله) ، فجعل الجبل دكّاً ، وخرّ موسى صعقا ، فلمّا أن ردّ الله إليه روحه أفاق (قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)((1)) .

مجمع البيان : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : معناه أنا أوّل من آمن وصدّق بأنّك لا تُرى((2)) .

التوحيد : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد الاصفهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النَّخعيالقاضي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً) ؟

قال : ساخ الجبل في البحر فهو يَهوي حتى الساعة((3)) .

تفسير العياشي : عن حفص بن غياث قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول في قوله ... وذكر مثله((4)) .

ص: 263


1- - تفسير العياشي : ج2 ص158 ح1614 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص187 .
2- - مجمع البيان : ج2 ص476 .
3- - التوحيد : ص120 ح23 . منه تفسير البرهان : ج4 ص183 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص159 ح1617 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص188 .

بصائر الدرجات : روى بعض أصحابنا ، عن أحمد بن محمد السيّاري قال : وقد سمعت أنا من أحمد بن محمد قال : حدثني أبو محمد عبيد بن أبي عبدالله الفارسي وغيره رفعوه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الكروبيِّين قوم من شيعتنا من الخَلق الأوّل ، جعلهم الله خلفَ العَرش لو قُسِّم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم .

ثمّ قال : إنّ موسى لمّا سأل ربّه ما سأل أمرَ واحداً من الكروبيين فتجلّى للجبل فجعله دكّا((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ موسى بن عمران (عليه السّلام) لمّا سأل ربّه النّظر إليه وعده الله أن يقعد في موضع ، ثمّ أمر الملائكة أن تمرّ عليه موكباً موكباً بالبرق والرّعد والرِّيح والصواعق ، فكلّما مرّ به موكب من المواكب ارتعدَت فرائصُه((2)) ، فيرفَع رأسه فيسأل : أفيكم ربّي ؟ فيجاب : هو آت وقد سألت عظيماً يابن عمران((3)) .

أقول : الحديث ضعيف السَّند ، فلا يُستدلّ به على إِمكان رؤية الله

ص: 264


1- - بصائر الدرجات : ص89 ح2 . منه تفسير البرهان : ج4 ص187 .
2- - الفريصة : اللحمة بين الجنب والكتف التي لا تزال ترعد من الدّابة . وقيل : لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع (أقرب الموارد) .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص159 ح1616 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص188 .

سبحانه .

وقد ثبت - في اصول الدين - أن الله تعالى ليس بجسم ولا تدركه الأبصار ، وقال سبحانه للنبي موسى : (لَن تَرَانِي) و « لن » لنفي الأَبد واستحالة الرؤية لأن الأبصار ترى الأجسام ، والله تعالى منزَّه عن الجسميَّة والتركيب .

وقد تجلَّت قدرة الله تعالى في مخلوقاته - من الملائكة والبرق والرَّعد والرّيح والصواعق وغيرها - وقد أراها الله تعالى لموسى (عليه السّلام) لينظر الى جانب من عظمته وقدرته .

باب (60)درسٌ رائع في التوحيد والنبوَّة والإمامة

كفاية الأثر : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا هارون بن موسى قال : حدثنا محمد بن الحسن قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام قال : كنت عند الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين ، فقال له معاوية بن وهب : يابن رسول الله ما تقول في الخبر الذي روي أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رأى ربّه على أيّ صورة رآه ؟ وعن الحديث الذي رَوَوه أنّ المؤمنين يرَون ربّهم في الجنّة ، على أيّ صورة يرونه ؟

ص: 265

فتبسّم (عليه السّلام) ثمّ قال : يا معاوية ما أقبح بالرّجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمه ، ثمّ لا يعرف الله حقّ معرفته ؟!

ثمَّ قال : يا معاوية إنّ محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم ير الربّ (تبارك وتعالى) بمشاهدة العيان ، وإنّ الرؤية على وجهين : رؤية القلب ورؤية البصر ، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب ، ومن عنى برُؤية البصر فقد ]كذب[ وكفر بالله وبآياته ، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « مَن شَبّه الله بخَلقه فقد كفر » ولقدحدَّثني أبي عن أبيه عن الحسين بن علي (عليهما السّلام) قال : سُئل أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقيل له : يا أخا رسول الله هل رأيت ربّك ؟

فقال : « وكيف أعبد من لم أره ؟ لم تَره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقايق الايمان » .

وإذا كان المؤمن يرى ربّه بمشاهدة البصر فإنّ كل من حاز عليه البصر والرّؤية فهو مخلوق ، ولابُدَّ للمخلوق من خالق فقد جعلته - إذن - مُحْدَثاً مخلوقاً ، ومَن شبَّهه بخَلقه فقد اتّخذ مع الله شريكاً .

ويلَهُم أو لم يسمعوا قول الله تعالى : (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) ؟!((1))

ص: 266


1- - الانعام 6 : 103 .

وقوله لموسى : (لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً) وإنّما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكَت الأرض وصعِقَت الجبال وخرّ موسى صعقاً - أي ميتاً - فلمّا أفاق وردّ عليه روحه قال : سبحانك تبت إليك من قول من زعم أنّك تُرى ، ورجعتُ إلى معرفتي بك أنَّ الأبصار لا تدركك ، وأنا أوَّل المؤمنين وأوّل المقرّين بأنّك تَرى ولا تُرى وأنت بالمنظر الأعلى .

ثمّ قال (عليه السّلام) : إنّ أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الربّ والإقرار له بالعبوديَّة ، وحدّ المعرفة ]أن يعرف الله[ أنّه لا إله غيره ولا شبيه له ولا نظير له ، وأن يعرف أنّه قديم مثبت موجود غير فقيد ، موصوف من غير شبيه ]له ، ولا نظير له[ ولا مبطل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وبعده معرفة الرِّسول والشهادة له بالنبوّة ، وأدنى معرفة الرّسول الإقرار بنبوّته وأن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك عن الله (عزّوجلّ) وبعده معرفة الإمام الذي به يُؤتمّ بنَعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر ، وأدنى معرفة الإمام أنّه عِدل النبي إلاّ درجة النبوّةووارثه وأنّ طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والتسليم له في كلّ أمر والردّ إليه والأخذ بقوله .

ويعلم أنّ الإمام بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : علي ابن أبي طالب ثم الحسن ثمّ الحسين ثمّ علي بن الحسين ثمّ محمد بن

ص: 267

علي ثم أنا ثمّ من بعدي موسى ابني ثمّ من بعده ولده علي ]بن موسى [وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجّة من ولد الحسن .

ثم قال : يا معاوية جَعلتُ لك في هذا أصلاً فاعمل عليه ، فلو كنتَ تموت على ما كنتَ عليه لكان حالك أسوء الأحوال ، فلا يغرّنك قول من زعم أنّ الله تعالى يُرى بالبصر .

قال : وقد قالوا أعجب من هذا ، أو لم ينسِبوا آدم الى المكروه ؟ أو لم ينسبوا إبراهيم إلى ما نسبوه ؟ أو لَم ينسبوا داود إلى ما نسبوه من القتل من حديث الطير ؟ أو لَم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبُوه من حديث زليخا ؟ أو لَم ينسبوا موسى إلى ما نَسبوه ؟ أو لَم ينسبوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من حديث زيد ؟ أو لَم ينسبوا علي بن أبي طالب إلى ما نسبوه من حديث القطيفة ؟

إنّهم أرادوا بذلك توبيخ الاسلام ليرجعوا على أعقابهم ، أعمى الله أبصارهم كما أعمى قلوبهم ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً((1)) .

باب (61)كلام في التوحيد

علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن قال : حدثنا محمد بن

ص: 268


1- - كفاية الأثر : ص260 . منه تفسير البرهان : ج4 ص183 .

الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن عليّ ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن إسحاق بن غالب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في كلام يقول فيه : الحمد لله المتحجِّب بالنور دون خَلقه ، في الأفق الطامح والعزّ الشامخ والملك الباذخ ، فوق كلِّ شيء عَلا ومن كلِّ شيء دنا ، فتجلّى لخَلقه من غير ان يكون يُرى ، وهويَرى وهو بالمنظر الأعلى ، فأحبَّ الاختصاص بالتوحيد إذ احتجب بنوره وسما في علوّه ، واستتر عن خَلقه ليكون له الحجّة البالغة ، وابتعث فيهم النبيِّين مبشِّرين ومُنذرين ليهلك مَن هَلك عن بيّنة ويَحيى مَن حَيّ عن بيّنة ، وليعقل العباد عن ربّهم ما جهلوا وعرفوه بربوبيّته بعد ما أنكروا ، ويوحّدوه بالإلهيّة بعد ما عندوا((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ * وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْء مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِّكُلِّ شَيْء فَخُذْهَا بِقُوَّة وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُورِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) (144 و145) .

باب (62)العِلم عند آل محمّد والجهل عند مُخالفيهم

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 269


1- - علل الشرايع : ص119 ح1 .

السّلام) قال : إنّما مثل عليّ (عليه السّلام) ومثلنا من بعده من هذه الاُمّة ، كمثل موسى النبي (عليه السّلام) والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة ، فكان من أمرهما ما اقتصّه الله لنبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في كتابه ، وذلك أنَّ الله قال لموسى (عليه السّلام) : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) ثم قال : (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْء مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِّكُلِّ شَيْء) وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى (عليه السّلام) في الألواح ، وكان موسى (عليه السّلام) يظن أنَّ جميع الأشياء التي يحتاج إليها في تابوته ، وجميع العلم قد كتب له في الألواح ، كما يظن هؤلاء الذين يدَّعون انّهم فقهاء وعلماء وأنّهم قد أثبتوا جميع العلم والفقه في الدين ممّا تحتاج هذه الاُمَّة إليه ، وصحّ لهم عن رسول الله وعلِموه وحفظوه ، وليس كلّ عِلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علموه ولا صار إليهم عن رسول الله ولا عرفوه ، وذلك أنّ الشيء من الحلال والحرام والأحكام يَرِد عليهم فيُسألون عنه ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل ، ويكرهون أن يُسألوا فلا يجيبوا فيطلبوا الناس العلم من معدنه ،فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله ، وتركوا الآثار ودانُوا الله بالبدع ، وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « كل بدعة ضلالة » فلو أنّهم إذا سُئلوا عن شيء من دين الله ، فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله ردّوه إلى الله وإلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم ، لعَلمه الذين يستنبطونه منهم

ص: 270

من آل محمد (عليهم السّلام) ، والذي منعهم من طلب العلم منّا العداوة والحسد لنا ، ولا والله ما حَسد موسى العالم - وموسى نبي الله يُوحى إليه - حيث لقيه واستنطقَه وعرفه بالعلم ، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الاُمّة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على ما عَلِمنا وما ورثنا عن رسول الله ، ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رَغب موسى إلى العالم وسأله الصُّحبة ليتعلّم منه العلم ويُرشِده . فلمّا أن سأل العالمَ ذلك عَلم العالِمُ أنّ موسى لا يستطيع صحبته ، ولا يحتمل عليه ولا يصبر معه فعند ذلك قال العالم : (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)((1)) .

فقال له موسى - وهو خاضع له يستعطفه على نفسه كي يقبله - : (سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً)((2)) وقد كان العالم يعلم أنّ موسى لا يصبر على علمه ، فكذلك - والله يا إسحاق بن عمّار - حال قُضاة هؤلاء وفُقهائهم وجَماعتهم اليوم ، لا يحتملون - والله - علمنا ولا يقبلونه ولا يُطيقونه ، ولا يأخذون به ، ولا يصبرون عليه ، كما لم يَصبر موسى على عِلم العالم حين صَحِبه ، ورأى ما رأى من علمه ، وكان ذلك عند موسى مكروهاً ، وكان عند الله رضاً وهو الحقّ ، وكذلك عِلمُنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ وهو عند الله الحقّ((3)) .

الاختصاص : اسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله

ص: 271


1- و 2- الكهف 18 : 68 و69 .
2-
3- - تفسير العياشي : ج3 ص99 ح2670 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص252 .

باختلاف يسير((1)) .

باب (63)السجود على الأرض تواضعٌ لله تعالى

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن يقطين ، عمّن رواه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أوحى الله (عزّوجلّ) إلى موسى (عليه السّلام) : أن يا موسى أتدري لِمَ اصطفيتك بكلامي دون خلقي ؟

قال : يا ربّ ولم ذاك ؟

قال : فأوحى الله (تبارك وتعالى) إليه : أن يا موسى إنّي قلّبت عبادي ظهراً لبطن ، فلم أجد فيهم أحداً أذلّ لي نفساً منك ، يا موسى إنّك إذا صلّيت وضعت خدّك على التراب - أو قال : على الأرض((2)) - .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمد بن سنان ، عن اسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ موسى أحتبس عنه الوحيّ أربعين أو ثلاثين صباحاً ،

ص: 272


1- - الاختصاص : ص258 . منه تفسير البرهان : ج3 ص179 .
2- - الكافي : ج2 ص123 ح7 .

قال : فصعد على جبل بالشام يقال له : أريحا ، فقال : يا ربّ إن كنتَ حبستَ عنّي وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل ، فغفرانك القديم .

قال : فأوحى الله (عزّوجلّ) إليه : يا موسى بن عمران أتدري لم اصطفيتك لوحيي وكلامي دون خلقي ؟

فقال : لا علم لي يا ربّ .

فقال : يا موسى إنّي اطّلعتُ إلى خَلقي إطّلاعة فلم أجد في خلقي أشدّ تواضعاً لي منك ، فمن ثَمّ خصصتُك بوحيي وكلامي من بين خلقي .

قال : وكان موسى إذا صلّى لم ينفتل حتى يلصق خدّه الأيمن بالأرض والأيسر((1)) .

باب (64)الواح موسى عند آل محمد

تفسير العياشي : عن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : في الجفر إنّ الله (تبارك وتعالى) لمّا انزل الألواح على موسى أنزلها عليه وفيها تبيان كلِّ شيء كان أو هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، فلمّا انقضت ايّام موسى أوحى الله إليه : أنِ استودع الألواح - وهي زبرجدة من الجنّة - جبلاً يقال له : زينة ، فأتى موسى الجبل ، فانشقّ له الجبل فجعل فيه

ص: 273


1- - علل الشرايع : ص56 ح2 .

الألواح ملفوفة ، فلمّا جعلها فيه انطبق الجبل عليها ، فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيّه محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فأقبل ركبٌ من اليمن يريدون الرسول ، فلمّا انتهوا إلى الجبل انفرج الجبل وخرجت الألواح ملفوفة كما وضعها موسى ، فأخذها القوم ، فلمّا وقعت في أيديهم ألقى الله في قلوبهم ]الرّعب[ أن لا ينظروا إليها ، وهابوها حتى يأتوا بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وأنزل الله جبرئيل (عليه السّلام) على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره بأمر القوم ، وبالذي أصابوه ، فلمّا قدموا على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسلّموا عليه ابتدأهم ، فسألهم عمّا وجدوا فقالوا : وما عِلمُك بما وجَدنا ؟

قال : أخبرني به ربّي وهي الألواح قالوا : نشهدُ أنَّك لرسول الله ، فأخرجوها فَوضعوها((1)) إليه فنظر إليها ، وقولها وكَتْبها بالعبراني((2)) ، ثمّ دعا أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال : دونك هذه ففيها علمُ الأولين وعلم الآخرين ، وهي ألواح موسى (عليه السّلام) وقد أمرني ربّي أن أدفعها إليك .

فقال : لست أُحسن قراءتها .

قال : إنّ جبرئيل أمرَني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه

ص: 274


1- - في تفسير البرهان : فدفعوها .
2- - في تفسير البرهان : وقرأها ، وكانت بالعبراني .

فإنّك تصبح وقد علمت قراءتها .قال : فجعلها تحت رأسه ، فأصبح وقد علّمه الله كلّ شيء فيها ، فأمره رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بنسخها ، فنسَخها في جِلد وهو الجفر ، وفيه علم الأولين والآخرين ، وهو عندنا والألواح عندنا ، وعصا موسى عندنا ، ونحن ورثنا النبيين صلّى الله عليهم أجمعين((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ) (148) .

باب (65)الإختبار الالهي

تفسير العياشي : عن محمد بن أبي حمزة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ) فقال موسى : يا ربّ ومن اخار((2)) الصّنم (العجل - خ ل) ؟

ص: 275


1- - تفسير العياشي : ج2 ص160 ح1619 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص189 .
2- - خار الثور : صاح . والخُوار : صوت شديد كصوت البقر ، يقال : كانت الريح تدخل به فيسمع له صوت كصوت البقر (مجمع البحرين) .

فقال الله : أنا يا موسى أخَرتُه .

فقال موسى : (إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَمَّا سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (149) .

باب (66)النَدم على الذنب

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حمّاد ، عن ربعي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : إنّ الندم على الشرّ يدعو إلى تركه((2)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن علي بن الحسين الدقّاق ، عن عبدالله ابن محمد ، عن أحمد بن عمر ، عن زيد القتّات ، عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ما من عبد أذنب ذنباً فندم عليه إلاّ غفر الله له قبل أن يستغفر وما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف أنّها من

ص: 276


1- - تفسير العياشي : ج2 ص161 ح1621 الطبعة الحديثة ، والآية الأخيرة في سورة الأعراف 7 : 155 . منه تفسير البرهان : ج4 ص199 .
2- - الكافي : ج2 ص427 ح7 .

عندالله إلاّ غفر الله له قبل أن يحمده((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (150) .

باب (67)غضب النبي موسى

تفسير العياشي : عن محمد بن أبي حمزة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) لمّا أخبر موسى (عليه السّلام) أنّ قومه اتخذوا عِجلاً له خوار ، فلم يقع منه موقع العيان ، فلمّا رآهم اشتدَّ غضبه ، فألقى الألواح من يده ، فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : وللرؤية فضل على الخبرِ((2)) .

باب (68)ما جرى بين موسى وهارون بعد انحراف بني اسرائيل

علل الشرائع : حدثنا علي بن أحمد بن محمد ، ومحمد بن أحمد

ص: 277


1- - الكافي : ج2 ص427 ح8 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص162 ح1624 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص194 .

الشيباني ، والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام (رضي الله عنه) قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي الأسدي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أخبرني عن هارون ، لِمَ قال لموسى (عليه السّلام) : يابن اُمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ، ولم يقل يابن أبي ؟

فقال : انّ العداوات بين الاخوة اكثرها تكون إذا كانوا بني علاّت ، ومتى كانوا بني اُمّ قلّت العداوة بينهم ، إلاّ أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه ، فقال هارون لأخيه موسى : يا أخي الذي ولدته اُمي ولم تلدني غير اُمّه لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ، ولم يقل يابن أبي لأنّ بني الأب اذا كانت اُمّهاتهم شتّى لم تستبدع((1)) العداوة بينهم إلاّ من عصمه الله منهم ، وإنّما تستبدع العداوة بين بني اُمّ واحدة .

قال : قلت له : فَلِمَ أخذ برأسه يجرّه إليه وبلحيته ولم يكن له في اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب ؟

فقال : إنّما فعل ذلك به لأنّه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى ، وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب ، ألا ترى أنّه قال له موسى : يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا ألا تتبعن أفعصيت أمري ؟

ص: 278


1- - في بحار الانوار : تستبعد . وكذا في المورد الآتي .

قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرّقوا وإنّي خشيت أن تقول لي : فرّقت بين بني اسرائيل ، ولم ترقب قولي((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (152) .

باب (69)غضبُ الله على المنحرفين

تفسير العياشي : عن داود بن فرقد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : عرَضَت لي إلى ربي حاجة ، فهجّرت((2)) فيها الى المسجد ، وكذلك أفعلُ إذا عرَضت لي الحاجة ، فبينا أنا أُصلّي في الروضة إذا رجل على رأسي .

قال : فقلت : ممّن الرجل ؟

فقال : من أهل الكوفة .

قال : قلت : ممّن الرجل ؟

قال : من أسلم .

ص: 279


1- - علل الشرايع : ص68 ح1 . منه بحار الانوار : ج13 ص219 .
2- - هجّر القوم : ساروا في الهاجرة وهي شدّة الحرّ (أقرب الموارد) .

قال : فقلت : ممّن الرجل ؟

قال : من الزيدية .

قال : قلت : يا أخا أسلم ، مَن تعرِف منهم ؟

قال : أعرِف خيّرهم وسيّدَهم ورشيدَهم وأفضلَهم : هارون بن سعد .

قلت : يا أخا أسلم ، ذاك رأس العجليَّة أما سَمِعت الله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)وإنّما الزيديّ حقّاً محمد بن سالم بيّاع القَصب((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) (153) .

باب (70)تأخير كتابة الذنب للاستغفار

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من عمل سيّئة أُجّل فيها سبع ساعات من النهار ، فإن قال :

ص: 280


1- - تفسير العياشي : ج2 ص162 ح1625 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص195 .

« استغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه » ثلاث مرّات لم تكتب عليه((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن علي بن عقبة بياع الأكسية ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ المؤمن ليذنب الذنب فيذكر بعد عشرين سنة فيستغفر الله منه فيغفر له وانّما يذكّره ليغفر له ، وإنّ الكافر ليذنب الذّنب فينساه من ساعته((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) (155) .

باب (71)الرَّجفة لأصحاب النبي موسى

تفسير العياشي : عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : إنَّ عبدالله بن عجلان قال في مرضه الذي مات

ص: 281


1- - الكافي : ج2 ص438 ح5 .
2- - الكافي : ج2 ص438 ح6 .

فيه : إنّه لا يموت فمات ؟فقال : لا عرّفه الله شيئاً من ذنوبه ، أين ذهب ؟ إنّ موسى اختار سبعين رجلاً من قومه ، فلمّا أخذتهم الرّجفة قال : ربّ أصحابي أصحابي ، قال : إنّي أُبدِّلك بهم مَنْ هو خير لكم منهم .

فقال : إنّي عرفتُهم ووجدت ريحَهم .

قال : فبعثهم الله له أنبياء((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (157) .

باب (72)نور آل محمّد

الكافي : علي بن ابراهيم باسناده ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ

ص: 282


1- - تفسير العياشي : ج2 ص163 ح1626 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص196 .

مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) الى قوله : (وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .

قال : النّور في هذا الموضع ]عليّ[ أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السّلام)((1)) .

باب (73)كان النبي يقرأ ولا يكتب

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدثني معاوية بن حكيم ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال : كان ممّا منّ الله (عزّوجلّ) على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه كان يقرأ ولا يكتب فلمّا توجّه أبو سفيان إلى أحد كتب العباس إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة فقرأه ولم يخبر أصحابه وأمرهم أن يدخلوا المدينة فلمّا دخلوا المدينة أخبرهم((2)) .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) قال : حدثنا

ص: 283


1- - الكافي : ج1 ص194 ح2 .
2- - علل الشرايع : ص125 ح5 .

سعد بن عبدالله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقرأ الكتاب ولا يكتب((1)) .

علل الشرايع : أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن زياد الصيّقل قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كان ممّا منّ الله (عزّوجلّ) به على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه كان أُمّياً لا يكتب ويقرأ الكتاب((2)) .

باب (74)التوسعة الالهيَّة في أمر الطهارة

التهذيب : محمد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كانوا بنو اسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحُومَهُم بالمقاريض وقد وسَّع الله عليكم بأوسع ما بين السّماء والأرض وجعل

ص: 284


1- - علل الشرايع : ص126 ح6 .
2- - علل الشرايع : ص126 ح7 .

لكم الماء طهوراً فانظروا كيف تكونون ؟((1))من لا يحضره الفقيه : قال الصادق (عليه السّلام) : كان بنو اسرائيل إذا أصاب أحدهم ... وذكر مثله((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (159) .

باب (75)الإسلام دين الأنبياء

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) .

فقال : قوم موسى هم أهل الاسلام((3)) .

باب (76)بعض أصحاب موسى وأصحاب الكهف مع الامام المهدي

دلائل الإمامة : حدثني أبو عبدالله الحسين بن عبدالله الخرقي قال :

ص: 285


1- - التهذيب : ج1 ص356 ح1064 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص10 ح13 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص165 ح1632 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص204 .

حدثنا أبو محمد هارون بن موسى قال : حدثني أبو علي محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال : حدثنا اسحاق بن محمد الصيرفي ، عن محمد بن ابراهيم الغزالي قال : حدثني عمران الزعفراني ، عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : اذا ظهر القائم (عليه السّلام) من ظهر هذا البيت بعث الله معه سبعة وعشرين رجلاً منهم أربعة عشر رجلاً من قوم موسى وهم الذين قال الله تعالى : (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) وأصحاب الكهف ثمانية ، والمقداد وجابر الأنصاري ومؤمن آل فرعون ويوشع بن نون وصيّ موسى((1)) .

أقول : الظاهر انّ في هذا الحديث سقطاً ، والصحيح ما جاء في الحديثين التاليين فيكتمل العدد حينئذ وهو سبع وعشرون رجلاً .روضة الواعظين : قال الصادق (عليه السّلام) : يخرج القائم (عليه السّلام) من ظهر الكعبة مع سبعة وعشرين رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السّلام) الّذين كانوا يهدونَ بِالْحَقِّ وبه يَعدلُون ، وسبعة من أهل الكهف ، ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر فيكونون بين يديه أنصاراً أو حكّاماً((2)) .

ص: 286


1- - دلائل الإمامة : ص247 .
2- - روضة الواعظين : ص266 .

تفسير العياشي : عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا قام قائم آل محمد استخرج من ظهر الكعبة((1)) سبعة وعشرين رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى (عليه السّلام) الذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع وصي موسى ، ومؤمن آل فرعون ، وسلمان الفارسي ، وابا دجانة الأنصاري ، ومالك الأشتر((2)) .

باب (77)من شروط وجوب الأمر بالمعروف

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأمّة جميعاً ؟

فقال : لا .

فقيل له : ولِمَ ؟

قال : إنّما هو على القويّ المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلاً إلى أيّ من أيّ يقول من الحقّ الى

ص: 287


1- - في تفسير البرهان : الكوفة .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص165 ح1633 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص204 .

الباطل والدليل على ذلك كتاب الله (عزّوجلّ) قوله : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)((1)) فهذا خاصّ غير عامّ ، كما قال الله (عزّوجلّ) (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ولم يقل : على أمّة موسى ولا على كلّ قومه وهم يومئذ أمم مختلفة والأمّة واحدة فصاعداً كما قال الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ)((2)) يقول : مطيعاً لله (عزّوجلّ) وليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوّة له ولا عذر ولا طاعة .

قال مسعدة : وسمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : وسئل عن الحديث الذي جاء عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند امام جائر ما معناه ؟

قال : هذا على أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلاّ فلا((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا

ص: 288


1- - آل عمران 3 : 104 .
2- - النحل 16 : 120 .
3- - الكافي : ج5 ص59 ح16 .

عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاس مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (160) .

باب (78)من معجزات الامام المهدي بعد الظهور

الخرائج والجرائح : عن أبي سعيد الخراساني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : إذا قام القائم بمكّة وأراد أن يتوجّه الى الكوفة نادى مناد : ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً ، ويحمل معه حجر موسى بن عمران (عليه السّلام)الّذي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً فلا ينزل منزلاً إلاّ نَصَبه فانبعثتْ منه العيون فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظمآناً روي ، فيكون زادهم حتّى ينزلوا النّجف من ظاهر الكوفة ، فإذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللّبن دائماً فمن كان جائعاً شبع ومن كان عطشاناً روي((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن أبي سعيد الخراساني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أبو جعفر (عليه السّلام) : إنّ القائم (عليه

ص: 289


1- - الخرائج والجرائح : ج2 ص690 ح1 .

السّلام) إذا قام بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر((1))بعير ، فلا ينزل منزلاً إلاّ انبعث عين منه ، فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظامئاً روي فهو زادهم حتّى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا محمد بن الحسين بهذا الاسناد نحوه((3)) .

باب (79)من معجزات الرسول الأعظم

الاحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) ، عن الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) قال : إنّ يهودياً من يهود الشّام وأحبارهم كان قد قرأ التوراة والإنجيل والزّبور وصحف الأنبياء (عليهم السّلام) وعرف دلائلهم - قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) في حديث طويل - : فإنّ موسى (عليه السّلام) قد أعطي الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً .

قال عليّ (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا نزل الحديبيّة وحاصره أهل مكّة ، قد اُعطي ما هو أفضل

ص: 290


1- - الوقر : الحمل الثقيل (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج1 ص231 ح3 .
3- - بصائر الدرجات : ص188 ح54 .

من ذلك ، وذلك أنّ أصحابه شكوا إليه الظّمأ وأصابهم ذلك حتى التقت خواصر الخيل فذكروا له (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فدعا بركوة يمانية ثم نصب يده المباركة فيها فتفجّرت من بين أصابعه عيون الماء فصدرنا وصدرت الخيل رواءً وملأنا كلّ مزادة وسقاء .

ولقد كنّا معه بالحديبيّة وإذا ثمّ قليب جافّة فأخرج (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سهماً من كنانته فناوله براء بن عازب فقال له : اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافّة فاغرسه فيها ففعل ذلك فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً من تحت السّهم((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (163 و 164) .

باب (80)علَّة تحريم صيد السمك على اليهود يوم السبت

علل الشرايع : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن

ص: 291


1- - الاحتجاج : ص218 .

عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن محمد الحجّال ، عن علي بن عقبة ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ اليهود أمروا بالإمساك يوم الجمعة فتركوا يوم الجمعة وأمسكوا يوم السبت فحرّم عليهم الصّيد يوم السبت((1)) .

تفسير العياشي : عن عليّ بن عقبة مثله الى قوله : فأمسكوا يوم السبت((2)) .

قصص الأنبياء : (باسناده) عن ابن بابويه حدثنا أبي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبيعبيدة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : إنّ اليهود أمروا بالامساك يوم الجمعة ، فتركوا وأمسكوا يوم السبت ، فحرّم عليهم الصيد يوم السبت ، فعمد رجال من سفهاء القرية فأخذوا من الحيتان ليلة السبت وباعوا ، ولم تنزل بهم عقوبة فاستبشروا وفعلوا ذلك سنين ، فوعظهم طوائف ، فلم يسمعوا وقالوا : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ) فاصبحوا (قِرَدَةً خَاسِئِينَ)((3)) .

* * * * *

ص: 292


1- - علل الشرايع : ص69 ح1 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص168 ح1637 الطبعة الحديثة .
3- - قصص الأنبياء : ص206 ح269 .

قوله تعالى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَاب بَئِيس بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (165 و166) .

باب (81)أصحاب السبت كانوا ثلاثة أصْناف

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) .

قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف ائتمروا وأمروا فنجوا ، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمُسخوا ذرّاً ، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا((1)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَاب بَئِيس بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) إنّه هلكت الفرقتان ونجت الفرقة الناهية . روي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .

تفسير العياشي : عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله : (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا)((3)) (أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ

ص: 293


1- - الكافي : ج8 ص158 ح151 .
2- - مجمع البيان : ج2 ص493 . منه تفسير البرهان : ج4 ص210 .
3- - هود 11 : 66 و82 .

عَنِ السُّوءِ) .

قال : افترق القوم ثلاث فرق : فرقة انتهت واعتزلت ، وفرقة أقامت ولم تُقارف الذنوب ، وفرقة اقترفت الذّنوب ، فلم تنجُ من العذاب إلاّ مَنِ انتهت .

قال جعفر (عليه السّلام) : قلت لأبي جعفر (عليه السّلام) : ما صُنِع بالذي((1)) أقاموا ولم يُقارِفوا الذنوب ؟

قال أبو جعفر (عليه السّلام) : بلغَني أنّهم صاروا ذرّاً((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (169) .

باب (82)النهي عن أمرين

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن يونس ]بن عبد الرحمن[ ، عن أبي يعقوب اسحاق بن عبدالله ، عن أبي عبدالله

ص: 294


1- - في تفسير البرهان : بالذين .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص169 ح1640 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص213 . والذرّ : الهباء المنبث في الهواء (أقرب الموارد) .

(عليه السّلام) قال : إنّ الله خص عباده بآيتين من كتابه : أن لا يقولوا حتى يعلموا ، ولا يرُدّوا ما لَم يعلموا وقال (عزّوجلّ) : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ) وقال : (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)((1)) و((2)) .

تفسير العياشي : عن اسحاق قال أبو عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((3)) .تفسير العياشي : عن اسحاق بن عبد العزيز قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله خصّ هذه الاُمّة بآيتين من كتابه : ألاّ يقولوا ما لا يعلمون ، وألاّ يرُدّوا ما لا يعلمون ، ثم قرأ (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ) الآية ، وقوله : (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) الى قوله : (الْظَّالِمِينَ)((4)) .

تفسير العياشي : عن أبي السفاتج قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : آيتان في كتاب الله حصر (خصّ - خ ل) الله الناس ألاّ يقولوا ما لا يعلمون ، قول الله : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يَقُولُواْ عَلَى

ص: 295


1- - يونس 10 : 39 .
2- - الكافي : ج1 ص43 ح8 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص169 ح1642 الطبعة الحديثة .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص278 ح1957 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج5 ص37 .

اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ) ، وقوله : (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّة وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (171) .

باب (83)التهديد الالهي لبني اسرائيل

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : لمّا انزل الله التوراة على بني اسرائيل لم يقبلوه فرفع الله عليهم جبل طور سيناء ، فقال لهم موسى (عليه السّلام) : إن لَم تقبلوه وقَع عليكم الجبل ، فقبلوه وطأطؤا رؤوسهم((2)) .

باب (84)التواضع في الصلاة

تفسير العياشي : عن محمد بن حمزة ، عمّن أخبره((3)) ، عن أبي

ص: 296


1- - تفسير العياشي : ج2 ص277 ح1956 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج5 ص36 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص246 . منه تفسير البرهان : ج4 ص215 .
3- - في تفسير البرهان : عن محمد بن أبي حمزة ، عن بعض أصحابنا .

عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّة) .قال : السجود ووضع اليدين على الرّكبتين في الصّلاة((1)) .

تفسير العياشي : في رواية اسحاق بن عمّار ، عنه (عليه السّلام) في قول الله : (خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّة) أقوة في الأبدان ، أم قوة في القلوب ؟

قال : فيهما جميعاً((2)) .

باب (85)الصلاة مع النشاط والإخلاص

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار((3)) ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أيضع الرّجل يده على ذراعه في الصّلاة ؟

قال : لا بأس ، إنّ بني اسرائيل كانوا إذا دخلوا في الصلاة دخلوا متماوتين((4)) كأنّهم موتى ، فأنزل الله على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :

ص: 297


1- - تفسير العياشي : ج2 ص170 ح1645 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص216 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص170 ح1644 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص216 .
3- - في تفسير البرهان : معاوية بن عمّار .
4- - المتماوت : الناسك المرائي أي الذي يُظهر الزهد في الدُّنيا ، يقال : تماوت الرّجل : إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم (أقرب الموارد) . والمقصود من التماوت هنا ظهور حالة الضعف والتكاسل على المصلّي في بعض الأَحيان ولعلّ التكتف يُظهر هذه الحالة بصورة واضحة .

خُذ ما آتيتك بقوة ، فاذا دخلت الصلاة فادخل فيها بجَلَد((1)) وقوّة ، ثمّ ذكرها في طلب الرّزق ، فإذا طلبت الرّزق((2)) فاطلبه بقوّة((3)) .

أَقول : يحرم التكتّف في الصلاة عند الشيعة الإمامية وهو وضع إحدى اليدين على الأُخرى حال الصلاة ، وهي من البدَع التي دخلت في الصلاة في عهد عمر بن الخطاب ، والأحاديث المجوِّزة إمّا ضعيفة السَّند أو صدرت من باب التقيّة ودفع شرِّ المخالفين .أمّا وضع اليد على الذراع فلا مانع منه لكن يدل على ضعف صاحبه وانّه من الكسالى والمطلوب من المُصلّي أن تكون صلاته مع النشاط والصلابة ، والقوة مع الخشوع كالجندي أَمام القائد .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (172 - 174) .

ص: 298


1- - الجلد : الشديد القوي (أقرب الموارد) .
2- - في تفسير البرهان : سلبت الرزق .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص170 ح1643 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص216 .

باب (86)الرسول الاعظم أوَّل المؤمنين

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ بعض قريش قال لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : بأيِّ شيء سبقت الأنبياء وأنت بُعثت آخرهم وخاتمهم ؟

قال : إنّي كنت أول من آمن بربّي وأول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى) فكنتُ أنا أوَّل نبي قال : بلى ، فسبَقتُهم بالإقرار بالله (عزّوجلّ)((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد مثله((2)) .

مختصر بصائر الدرجات : بالاسناد عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((4)) .

ص: 299


1- - الكافي : ج1 ص441 ح6 .
2- - الكافي : ج2 ص10 ح1 .
3- - مختصر بصائر الدرجات : ص156 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص172 ح1650 الطبعة الحديثة .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن اسماعيل ، عن محمد بن اسماعيل ، عن سعدان بن مسلم ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سُئل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأيّ شيء سبقت وُلدَ آدم ؟

قال : إنّي أول من أقرّ بربّي ، إنّ الله أخذ ميثاق النبيين (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى) فكنتُ أوَّل من أجاب((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : بهذا الاسناد عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى نحوه((2)) .

باب (87)حكم عزْل النطفة عن الزوجة

الكافي : أبو عليّ الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن الحذّاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان علي بن الحسين (عليه السّلام) لا يرى بالعزل بأساً ، فقرأ هذه الآية : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى) فكُلُّ شيء أخذ الله منه

ص: 300


1- - الكافي : ج2 ص12 ح3 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص158 .

الميثاق فهو خارج وإن كان على صخرة صمّاء((1)) .

أَقول : الظاهر من « العزل » - هنا - : عزْل النطفة عن الزوجة .

يقال : عَزَل عن المرأة أي : لم يُرد ولدها - كما في أقرب الموارد - .

وقد أفتى الفقهاء بكراهة العزل عن المرأة الحرَّة الاّ مع موافقتها ، فترتفع الكراهة ، أو يشترط الزوج - حين العقد - العزل فتوافق الزوجة . والله العالم .

باب (88)أخذ الميثاق في عالَم الذَّر

المحاسن : البرقي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن رفاعة النخّاس بن موسى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى) .

قال : نعم ، لله الحجّة على جميع خلقه ، أخذَهم يوم أخذ الميثاق هكذا وقبض يده((2)) .

تفسير العياشي : عن رفاعة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام)

ص: 301


1- - الكافي : ج5 ص504 ح4 .
2- - المحاسن : ج1 ص377 ح830 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص223 .

عن قول الله ... وذكر نحوه((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تبارك وتعالى) : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى) قالوا بألسنتهم ؟

قال : نعم ، وقالوا بقلوبهم .

فقلت : وأيّ شيء كانوا يومئذ ؟

قال : صنع منهم((2)) ما اكتفى به((3)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى)قلت : مُعاينَة كان هذا ؟

قال : نعم فثَبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولو لا ذلك لم يدر أحد مَن خالقه ورازقه ، فمنهم من اقرَّ بلسانه في الذرَّ ولم يؤمن بقلبه ، فقال الله : (فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ)((4)) .تفسير العياشي : عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن

ص: 302


1- - تفسير العياشي : ج2 ص170 ح1646 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص225 .
2- - في بحار الانوار : صنع فيهم .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص173 ح1653 الطبعة الحديثة . منه بحار الانوار : ج67 ص102 .
4- - تفسير القمي : ج1 ص248 ، والآية في سورة يونس 10 : 74 . منه تفسير البرهان : ج4 ص222 .

قول الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ) الى : (قَالُواْ بَلَى) ؟

قال : كان محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أول من قال : بلى .

قلت : كانت رؤية مُعاينة ؟

قال : أثبت المعرفة في قلوبهم ، وأنسوا ذلك الميثاق ، وسيذكرونه بعد ، ولو لا ذلك لم يدرِ أحد مَن خَالِقُه ، ولا مَن يرزقُه((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى) ؟

قال : ثبتَتِ المعرفةُ في قلوبهم ، ونَسوا الموقِف ، وسيذكرونه يوماً مّا ، ولولا ذلك لم يدر أحد مَن خالِقُه ولا مَن رازِقُه((2)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن جميل بن درّاج ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ) .

قال : كان ذلك معاينة لله فأنساهم المعاينة وأثبت الإقرار في

ص: 303


1- - تفسير العياشي : ج2 ص173 ح1651 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص227 .
2- - المحاسن : ج1 ص376 ح826 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص222 .

صدورهم ، ولو لا ذلك ما عرف أحد خالقه ولا رازقه ، وهو قول الله : (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)((1)) .

أَقول : المقصود من المعاينة تجلّي عظمة الله وجلاله وجبروته لهم لا غير ، لأنّ الله منزّه عن الجسميَّة والرؤية ، كما ثبت ذلك في علم اصول الدين . وقد ذكرنا ذلك مراراً .علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير ، عن الحسين بن أبي العلا ، عن حبيب قال : حدثني الثقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) أخذ ميثاق العباد وهم أظلّة قبل الميلاد فما تعارف من الأرواح ائتلف وما تناكر منها اختلف((2)) .

علل الشرايع : بهذا الاسناد ، عن حبيب ، عمن رواه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما تقول في الارواح انّها جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ؟

قال : فقلت : إنّا نقول ذلك فانّه كذلك إنّ الله (عزّوجلّ) أخذ من العباد ميثاقهم وهم أظلّة قبل الميلاد وهو قوله (عزّوجلّ) : (وَإِذْ أَخَذَ

ص: 304


1- - المحاسن : ج1 ص438 ح1015 الطبعة الحديثة ، والآية الأخيرة في سورة الزخرف 43 : 87 .
2- - علل الشرايع : ص84 ح1 .

رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ) الى آخر الآية قال : فمن أقرّ له يومئذ جاءت الإلفة هاهنا ومن أنكره يومئذ جاء خلافه هاهنا((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)((2)) ما تلك الفطرة ؟

قال : هي الاسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقَهُم على التوحيد ، قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وفيه المؤمن والكافر((3)) .

مختصر بصائر الدرجات : بالاسناد عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن ابراهيم مثله((4)) .الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : كيف أجابوا((5)) وهُم ذَرّ ؟

ص: 305


1- - علل الشرايع : ص84 ح2 .
2- - الروم 30 : 30 .
3- - الكافي : ج2 ص12 ح2 .
4- - مختصر بصائر الدرجات : ص158 .
5- - في تفسير العياشي : أجابوه .

قال((1)) : جعل فيهم ما إذا سألَهُم أجابوه يعني في الميثاق((2)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر مثله((3)) .

مختصر بصائر الدرجات : بالاسناد عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن ابراهيم مثله((4)) .

تفسير العياشي : قال أبو بصير : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أخبرني عن الذرّ حيث أشهدهم على أنفسهم ألستُ بربّكم ؟ قالوا : بلى ، وأسرّ بعضُهم خلاف ما أظهر ، قلت : كيف عَلِموا القول حيث قيل لهم : ألستُ بربّكم ؟

قال : إنّ الله جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه((5)) .

باب (89)الصلاة على محمّد وآله علامة قبول الميثاق

مختصر بصائر الدرجات : بالاسناد عن الصدوق محمد بن علي بن

ص: 306


1- - في مختصر بصائر الدرجات : فقال .
2- - الكافي : ج2 ص12 ح1 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص170 ح1647 الطبعة الحديثة .
4- - مختصر بصائر الدرجات : ص158 .
5- - تفسير العياشي : ج2 ص175 ح1660 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص230 .

بابويه (رحمه الله) قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المنقري قال : حدثنا أبو عمر محمد بن جعفر المقرىء الجرجاني قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الموصلي قال : حدثني محمد بن عاصم الطريفي قال : حدثنا أبو زيد عياش بن زيد بن الحسن بن علي الكحّال مولى زيد ابن علي قال : حدثنا أبي زيد بن الحسن قال : حدثنيموسى بن جعفر (عليهما السّلام) قال : قال الصادق (عليه السّلام) : من صلّى على النبي وآله فمعناه أنّي أنا على الميثاق والوفاء الذي قبلتُ حين قوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى)((1)) .

باب (90)الميثاق على الشهادات الثلاث

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن موسى ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) إلى آخر الآية .

قال : أخرج الله مِن ظهر آدم ذُريّته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذرّ فعرّفهم نفسَه ، ولو لا ذلك لم يَعرِف أحدٌ ربّه ، ثم قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ

ص: 307


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص159 .

قَالُواْ بَلَى) وإنّ هذا محمد رسولي وعليٌّ أمير المؤمنين خليفتي وأميني((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن سنان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أوَّل من سبق من الرسل الى « بلى » : محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وذلك انّه كان أقربَ الخلق الى الله (تبارك وتعالى) وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل - لمّا أُسري به إلى السّماء - : تقدّم - يا محمد - فقد وطأتَ موطئاً لم يطأه مَلك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولو لا أنّ روحه ونفسَه كانت من ذلك المكان لمّا قَدر أن يَبلُغَه ، فكان من الله (عزّوجلّ) كما قال الله : (قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)((2)) أي بَل أدنى ، فلمّا خرج الأمر من الله وقع إلى أوليائه (عليهم السّلام) .

فقال الصادق (عليه السّلام) : كان الميثاق مأخوذاً عليهم لله بالرّبوبية ولرسوله بالنبوّة ولأمير المؤمنين والأئمّة بالامامة ، فقال : ألست بربّكم ومحمد نبيّكم وعليّ إمامكم ، والأئمّة الهادون أئمّتكم ؟فقالوا : (بَلَى شَهِدْنَا) فقال الله : (أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أي لئلاّ تقولوا يوم القيامة (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) فأوّل ما أخذ الله (عزّوجلّ)

ص: 308


1- - بصائر الدرجات : ص91 ح6 . منه تفسير البرهان : ج4 ص223 .
2- - النجم 53 : 9 .

الميثاق على الأنبياء له بالرّبوبية وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ) فذكر جُملة الأنبياء ، ثمَّ أبرز أفضَلهم بالأسامي فقال : (وَمِنكَ) يا محمد ، فقدَّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، لأنّه أفضلهم (وَمِن نُّوح وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)((1)) فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء ورسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أفضلهم ، ثمّ أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الأنبياء بالإيمان به وعلى أن ينصروا أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال : (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَاب وَحِكْمَة ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ)((2)) يعني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ) يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأخبِروا اُممكُم بخَبره وخَبر وليِّه من الأئمة (عليهم السّلام)((3)) .

باب (91)الانبياء والرجعة

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وعن أبي بصير ، عن أبي جعفر

ص: 309


1- - الاحزاب 33 : 7 .
2- - آل عمران 3 : 81 .
3- - تفسير القمي : ج1 ص246 . منه تفسير البرهان : ج4 ص221 .

(عليه السّلام) في قوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ)((1)) .

قال : قال : ما بعث الله نبيّاً من لَدُن آدم فَهلُمَّ جرّاً إلاَّ ويرجعُ الى الدُّنيا فيُقاتل وينصر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السّلام) ثمَّ أخذ أيضاً ميثاق الأنبياء على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : قل يا محمّد :آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما اُوتي موسى وعيسى والنبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون((2)) .

باب (92)الاختبار الالهي في عالَم الذَّرّ

تفسير العياشي : عن زرارة أنّ رجلاً سأل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) ؟

فقال (عليه السّلام) - وأبوه يسمع - : حدثني أبي انّ الله تعالى قبض قبضة من تُراب التربة التي خلق منها آدم (عليه السّلام) ، فصبّ عليها الماء العذب الفرات ، فتركها أربعين صباحاً ، ثمّ صبّ عليها الماء المالح الاجاج((3)) ، فتركها أربعين صباحاً ، فلمّا اختمرت الطينة أخذها (تبارك

ص: 310


1- - آل عمران : 3 : 81 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص247 . منه تفسير البرهان : ج4 ص222 .
3- - الاجاج : المالح المرّ الشديد الملوحة ، يقال : أج الماء اجوجاً إذا ملح واشتدّت ملوحته (مجمع البحرين) .

وتعالى) فعركها عركاً((1)) شديداً ، ثمَّ هكذا - حكى بسط كفيه - فخرجوا كالذرّ من يمينه وشماله ، فأمرهم جميعاً أن يقعوا (يدخلوا - خ ل) في النار ، فدخل أصحاب اليمين ، فصارت عليهم برداً وسلاماً ، وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها((2)) .

باب (93)حوار بين أمير المؤمنين وعمر بن الخطاب

تفسير العياشي : عن عبيدالله الحلبي ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالا : حجّ عُمَر أوّل سنة حج وهو خليفة ، فحجّ تلك السنة المهاجرون والأنصار ، وكان عليّ (عليه السّلام) قد حجّ في تلك السنة بالحسن والحسين (عليهما السّلام) وبعبدالله بن جعفر ، قال : فلمّا أحرم عبدالله لبس إزاراً ورداء مُمشّقين - مَصبوغين بطين المشق - ثمّ أتى فنظر إليه عمر وهو يلبّي وعليه الإزار والرداء ، وهو يسير الى جنب عليّ (عليه السّلام) .فقال عمر من خلفهم : ما هذه البدعة التي في الحرم ؟

فالتفت إليه عليّ (عليه السّلام) فقال له : يا عمر لا ينبغي لأحد أن يعلمنا السُنة .

ص: 311


1- - عرك الأَديم : دلكه . وعرك الشيء : حكَّه حتى عفَّاه (أقرب الموارد) .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص173 ح1652 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص227 .

فقال عمر : صدقت يا أبا الحسن ، لا والله ما علِمت أنّكم هم .

قال : فكانت تلك واحدة في سفرتهم تلك ، فلمّا دخلوا مكة طافوا بالبيت فاستلم عمر الحَجر ، وقال : أما والله إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع ، ولو لا أنّ رسول الله استلمك ما استلمتُك .

فقال له علي (عليه السّلام) : ]مه[ يا أبا حفص ، لا تفعل فانّ رسول الله لم يستلم إلاّ لأمر قد عَلِمَه ، ولو قرأتَ القرآن فعلمتَ مِن تأويله ما علِم غيرك لعَلِمت أنَّه يَضرّ وينفع ، له عينان وشفتَان ولسان ذلق يشهد لمن وافاه بالموافاة .

قال : فقال له عمر : فأوجِدْني ذلك من كتاب الله يا أبا الحسن .

فقال علي (صلوات الله عليه) : قوله (تبارك وتعالى) : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا) فلمّا أقرُّوا بالطاعة بأنّه الربّ وهم العباد ، أخذ عليهم الميثاق بالحجّ إلى بيته الحرام ، ثمّ خَلق الله رَقّاً((1)) أرقَّ من الماء ، وقال للقلم : اكتب موافاة خَلقي ببيتي الحرام ، فكتب القلم موافاة بني آدم في الرّق ، ثمّ قيل للحجر : افتح فاك ، قال : ففتحه ، فالقمه الرَّق ، ثم قال للحجر : احفظ واشهد لعبادي بالموافاة ، فهبط الحجر مطيعاً لله .

يا عمر أو ليس اذا استلمت الحَجر قلت : أمانتي أدّيتها ، وميثاقي

ص: 312


1- - الرَقّ : جلد رقيق يكتب فيه (أقرب الموارد) .

تعاهدتُه ، لتشهد لي بالموافاة ؟

فقال عمر : اللهم نعم .

فقال له عليّ (عليه السّلام) : من ذلك((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (175) .

باب (94)من جرائم خالد بن الوليد

تفسير البرهان : في (نهج البيان) عن الصادق (عليه السّلام) قال : إنّ خالد بن الوليد ، فعل في الجاهلية ما فعل في أُحُد وغيرها ، فلمّا أسلم ونافق بذلك وارتدَّ عن الاسلام سَبى بني حنيفة في أيّام أبي بكر وأخذ أموالهم وقتل مالك بن نويرة واستحلَّ زوجته بعد قتله وأنكر عليه عمر ابن الخطّاب وتهدَّده وتوعَّده فقال له : إن عشتَ إلى أيامي لاُقيّدنَّك به ولم يأخذ من سبْي بني حنيفة وقال : إنّهم مسلمون((2)) .

أَقول : الآية تتحدَّث عن رجل كان في بني اسرائيل واسمه : بلعم

ص: 313


1- - تفسير العياشي : ج2 ص171 ح1648 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص226 .
2- - تفسير البرهان : ج4 ص232 ح4 .

بن باعورا - كما في الحديث المروي عن الامام الرضا (عليه السّلام) الذي أورده علي بن ابراهيم القمي في تفسيره((1)) - وكان قد اُوتي الاسم الاعظم فأراد أن يدعو الله به على النبي موسى (عليه السّلام) فأنساه الله ذلك الاسم وساءت عاقبة الرجل وصار كمثل الكلب العقور الذي يتعرض لمن يريده أو لا يريده .

وذكر الشيخ الطبرسي في مجمع البيان عن الامام الباقر (عليه السّلام) قال : الأصل في ذلك بلعم ثم ضربه الله مثلاً لكلّ مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة((2)) .

وأورد صاحب تفسير البرهان هذا الخبر في هذا المقام لعلّه من باب وجه الشبه بين بلعم بن باعورا وخالد بن الوليد اللّذين خانا في أمرهما ، فبلعم غدر بموسى (عليهالسّلام) وبقومه وخالد غدر بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبقومه في اليمن في قصة مشهورة .

فبالاضافة الى جرائم خالد بن الوليد التي صدرت منه بحق المسلمين في يوم اُحد وبالاضافة الى مشاركته في جمع الحطب على دار النبوّة والامامة وهجومه مع العصابة الارهابيّة على سيدة نساء العالمين واعتدائه على آل رسول الله الطاهرين ، فانه لمّا اسلم - ظاهراً -

ص: 314


1- - تفسير القمي : ج1 ص248 .
2- - مجمع البيان : ج2 ص500 .

صدرت منه جرائم اخرى بحق الصحابي الجليل مالك بن نويرة واصحابه ، حيث قَتَل خالدُ مالكَ بن نويرةَ وأصحابه غدراً ، وزنى بزوجة مالك في تلك الليلة ضارباً بالحكم الالهي - وهي عدَّة الوفاة - عرض الجدار .

فكان خالد كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث .

رضوان الله تعالى على مالك بن نويرة وأصحابه الشهداء المظلومين ولعنة الله على بلعم بن باعورا وخالد بن الوليد وغيرهما من المجرمين والظالمين والسفّاكين .

* * * * *

قوله تعالى : (وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (180) .

باب (95)آل محمّد مصاديق الأسماء الحسنى

الكافي : الحسين بن محمد الأشعري ، ومحمد بن يحيى جميعاً ، عن أحمد بن اسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) .

قال : نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبلُ الله من العباد عملاً إلاّ

ص: 315

بمعرفَتنا((1)) .

تفسير العياشي : عن محمد بن أبي زيد الرازي ، عمّن ذكره ، عن الرضا (عليه السّلام) قال : إذا نزَلت بكم شدّة ، فاستَعينوا بنا على الله ، وهو قول الله تعالى : (وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : نحن والله الاسماء الحسنى الذي لا يُقبَل من أحد إلاّ بمعرفتنا ، قال : فادعوه بها((2)) .

باب (96)بركات آل محمّد على الخَلق

الكافي : محمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن اسماعيل ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسين بن سعيد ، عن الهيثم بن عبدالله ، عن مروان بن صباح قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله خَلَقنا فأحسن خَلْقنا وصوَّرنا فأحسن صُوَرنا ، وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرّأفة والرّحمة ووجهه الّذي يؤتى منه وبابه الذي يدل عليه وخزانه((3)) في سمائه

ص: 316


1- - الكافي : ج1 ص143 ح4 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص176 ح1662 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص233 .
3- - في التوحيد : وخزائنه .

وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار ، وبنا ينزل((1))غيث السّماء وينبت((2)) عشب الأرض ، وبعبادتنا عُبد الله ولو لا نحن ما عُبدالله((3)) .

التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدّقاق (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : حدثنا بكر ، عن الحسن بن سعيد مثله((4)) .

باب (97)لله الاسماءُ الحسنى

التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدّقاق (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكيّ قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : حدثني أبي ، عن حنّان بن سدير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : وله الأسماء الحسنى الّتي لا يسمّى بها غيره وهي الّتي وصفها في الكتاب

ص: 317


1- - في التوحيد : نزل .
2- - في التوحيد : ونبت .
3- - الكافي : ج1 ص144 ح5 .
4- - التوحيد : ص151 ح8 .

فقال : (فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ) جهلاً بغير علم فالّذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظُنّ أنّه يُحسِن فلذلك قال : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ)((1))فهم الّذين يُلحِدون في أسمائه بغير علم فيضَعونها غير مواضعها((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (181) .

باب (98)أئمة اهل البيت هُداة الحق

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ؟

قال : هم الائمة((3)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) روى العياشي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)

ص: 318


1- - يوسف 12 : 106 .
2- - التوحيد : ص321 ح1 . منه تفسير البرهان : ج4 ص234 .
3- - الكافي : ج1 ص414 ح13 .

أنّهما قالا : نحن هم((1)) .

مناقب آل أبي طالب : زاذان ، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) : والذي نفسي بيده لتفترقنّ هذه الاُمّة على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنّة وهم الّذين قال الله : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) ، وهم أنا وشيعتي . وروي عن الباقرين (عليهما السّلام) أنّهما قالا : نحن هم((2)) .

باب (99)وجوب التمسك بالثقلين

أمالي الصدوق : حدثنا أبي قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام) : مَن آل محمد ؟

قال : ذرّيته .

فقلت : مَن أهل بيته ؟

قال : الأئمّة الأوصياء .

ص: 319


1- - مجمع البيان : ج2 ص503 . منه تفسير البرهان : ج4 ص236 .
2- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص72 .

فقلت : مَن عترته ؟

قال : أصحاب العباء .

فقلت : من اُمَّته ؟

قال : المؤمنون الذين صَدّقوا بما جاء من عندالله (عزّوجلّ) المتمسِكون (المستمسكون) بالثقلين الذين اُمِروا بالتمسك بهما : كتاب الله ، وعترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا وهما الخليفتان على الاُمة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ) (182) .

باب (100)الاستدراج عقوبة الهيَّة

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن جندب ، عن سفيان بن السمط قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله إذا أراد بعبد خيراً فأذنب ذنباً أتبعَه بنقمة ويذكّره الاستغفار ، وإذا أراد بعبد شراً فأذنب ذنباً أتبعه بنعمة لينسِيَه

ص: 320


1- - أمالي الصدوق : ص200 ح10 . منه تفسير البرهان : ج4 ص237 .

الاستغفار ، ويتمادى بها ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ) بالنّعم عند المعاصي((1)) و((2)) .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد قال : حدثنا علي بن الحكم بهذا الاسناد نحوه((3)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ) ؟

قال : هو العبد يُذنب الذنب فتجدَّد له النعمة معه ، تلهيه تلك النّعمة عن الاستغفار من ذلك الذنب((4)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعلي بن ابراهيم ،

ص: 321


1- - أي سنأخذهم قليلاً قليلاً ولا نباغتهم ، كما يرتقي الراقي الدرجة فيتدرّج شيئاً بعد شيء ، حتى يصل الى العلو . وفي (القاموس) استدرجه : خدعه واستدراج الله العبد : انه كلما جدّد خطيئة جدّد له نعمةً وأنساه الاستغفار فيأخذه قليلاً قليلاً ولا يباغته - يعني يفاجئه - من « البغتة » وهي الفجأة (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج2 ص452 ح1 .
3- - علل الشرايع : ص561 ح1 .
4- - الكافي : ج2 ص452 ح3 .

عن أبيه جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن بعض أصحابه قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن الاستدراج ؟

فقال : هو العبد يذنب الذنب فيملي((1)) له ، ويجدِّد له عندها النِّعم فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب فهو مُستدرَج من حيث لا يعلم((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان ]بن داود[ المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه ، وكم من مُستدرج بستر الله عليه ، وكم من مفتون بثَناء الناس عليه((3)) .

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن ابن عطيّة ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّي سألت الله (عزّوجلّ) أن يرزقني مالاً فرزقني وإنّي سألت الله أن يرزقني ولداً فرزقني ولداً وسألته أن يرزقني داراً فرزقني وقد خِفت أن يكون ذلك استدراجاً .

فقال : أما - والله - مع الحمد فلا((4)) .

ص: 322


1- - أملى الله له : أمهله وطوله (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج2 ص452 ح2 .
3- - الكافي : ج2 ص452 ح4 .
4- - الكافي : ج2 ص97 ح17 .

مجمع البيان : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : إذا أحدث العبد ذنباً جدّد له نعمة فيدع الاستغفار فهو الاستدراج((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ * أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّة إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْء وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيث بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (183 - 185) .

باب (101)التفكّر طريق العبادة

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول : نبّه بالتفكّر قلبك ، وجافِ عن الليل جنبك ، واتَّق الله ربّك((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن الحسن الصيقل قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عمّا يروي الناس أنّ تفكّر ساعة خير من قيام ليلة ؟

ص: 323


1- - مجمع البيان : ج5 ص340 .
2- - الكافي : ج2 ص54 ح1 .

قلت : كيف يتفكّر ؟

قال : يمرّ بالخربة أو بالدار فيقول : أين ساكنوكِ ؟! أين بانوكِ ؟! ما ]با[ لكِ لا تتكلّمين ؟!((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن اسماعيل بن سهل ، عن حمّاد ، عن ربعيّ قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ]إنّ[ التفكُّر يَدعو الى البرّ والعمل به((2)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أفضل العبادة إدمَانُ التفكُّر في الله وفي قدرته((3)) .* * * * *

قوله تعالى : (مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (186) .

باب (102)الهداية والضلالة

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن

ص: 324


1- - الكافي : ج2 ص54 ح2 .
2- - الكافي : ج2 ص55 ح5 .
3- - الكافي : ج2 ص55 ح3 .

محمد بن اسماعيل ، عن اسماعيل السرّاج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت ابن سعيد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - : فوالله لو أنّ أهل السماوات وأهل الأرض اجتمعوا على أن يهدوا عبداً يريد الله ضلالته ما استطاعوا على أن يهدوه ، ولو أنّ أهل السماوات واهل الأرضين اجتمعوا على أن يضلّوا عبداً يريد الله هدايته ما استطاعوا ان يضلّوه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (187) .

باب (103)لا يعلم الساعة إلاّ الله

قصص الأنبياء : ابن بابويه بإسناده((2)) ، عن ابن سنان قال : قال

ص: 325


1- - الكافي : ج1 ص165 ح1 .
2- - في بحار الأنوار هكذا ذكر السند باسناده عن الصدوق عن ماجيلويه ، عن الكوفي ، عن أبي عبدالله الخيّاط ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عبدالله بن سنان ، عن الصادق (عليه السّلام) .

الصّادق (عليه السّلام) : قال عيسى بن مريم لجبرئيل : متى قيام السّاعة ؟ فانتفض جبرئيل انتفاضة أُغمي عليه منها ، فلمّا أفاق قال : يا روح الله ما المسؤول أعلم بها من السائل ، وله من في السماوات والأرض لا تأتيكم إلاّ بغتة((1)) .* * * * *

قوله تعالى : (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ) (188) .

باب (104)دعاء الحجامة

معاني الأخبار : أبي - رحمه الله - قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن سنان ، عن خلف بن حمّاد ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال لرجل من أصحابه : إذا أردت الحجامة وخرج الدّم من محاجمك فقل قبل أن تفرغ والدّم يسيل : « بسم الله الرحمن الرحيم اعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدّم ومن كلِّ سوء » .

ص: 326


1- - قصص الأنبياء : ص271 ح319 . منه بحار الأنوار : ج7 ص61 .

ثمّ قال : وما علمتَ - يا فلان - انّك إذا قلت هذا فقد جمعت الأشياء كلّها ، إنّ الله تعالى يقول : (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) يعني الفقر . وقال (عزّوجلّ) : (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ)((1)) يعني ان يدخل في الزّنا ، وقال لموسى (عليه السّلام) : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوء)((2)) قال : من غير برص((3)) .

باب (105)الفقر سوء

تفسير العياشي : عن خلف بن حمّاد ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله يقول في كتابه : (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) يعني الفقر((4)) .* * * * *

قوله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (199) .

ص: 327


1- - يوسف 12 : 24 .
2- - النمل 27 : 12 .
3- - معاني الأخبار : ص172 ح1 . منه تفسير البرهان : ج4 ص241 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص177 ح1667 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص242 .

باب (106)مكارم الأخلاق

أمالي الطوسي : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) قال : أخبرنا الحسين بن عبيدالله ، عن أبي محمد هارون بن موسى قال : حدثنا محمد بن علي بن معمّر قال : حدثني حمدان بن المعافى ، عن حمويه بن أحمد قال : حدثني أحمد بن عيسى العلوي قال : قال لي جعفر بن محمد (عليهما السّلام) : إنَّه ليَعرِض لي صاحب الحاجة فأُبادر إلى قضائها مخافة أن يستغني عنها صاحبها ، الا وإنَّ مكارم الدُّنيا والآخرة في ثلاثة أحرف من كتاب الله (عزّوجلّ) : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) ، وتفسيره أن تَصِلَ مَن قَطعَك ، وتعفو عمّن ظلمَك ، وتُعطيَ من حرَمك((1)) .

تفسير العياشي : عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن أبيه ، عمّن سمع أبا عبدالله (عليه السّلام) وهو يقول : إنّ الله أدّب رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يا محمد (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) قال : خذ منهم ما ظهر وما تيسَّر ، والعفو : الوسَط((2)) .

باب (107)الأمر بالولاية

تفسير العياشي : عن عبد الأعلى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في

ص: 328


1- - أمالي الطوسي : ص644 ح1337 . منه تفسير البرهان : ج4 ص244 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص178 ح1669 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص244 .

قول الله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) .

قال : بالولاية (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) قال : عنها يعني الولاية((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) (201) .

باب (108)استحباب ذِكر الله عند الذنب

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) ؟

قال : هو العبد يهمُّ بالذنب ثم يتذكر فيمسك ، فذلك قوله : (تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)((2)) .

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن أبي الصّباح الكناني ، عن

ص: 329


1- - تفسير العياشي : ج2 ص178 ح1670 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص245 .
2- - الكافي : ج2 ص434 ح7 .

أبي بصير ، عن أبي جعفر((1)) (عليه السّلام) قال : مِن أشدِّ ما عمل العباد إنصافُ المرء من نفسه ، ومؤاساة المرء أخاه ، وذكر الله على كل حال .

قال : قلت : أصلحك الله وما وجه ذكر الله على كل حال ؟

قال : يذكر الله عند المعصية يهمُّ بها فيحول ذكر الله بينه وبين تلك المعصية ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)((2)) .

تفسير العياشي : أبو بصير ، عنه (عليه السّلام) قال : هو الرجل يهُمُّ بالذنب ثمَّ يتذكَّر فيدَعه((3)) .تفسير العياشي : عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته في قول الله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ

ص: 330


1- - في تفسير البرهان : عن أبي عبدالله .
2- - معاني الأخبار : ص192 ح2 . منه تفسير البرهان : ج4 ص246 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص178 ح1673 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص246 .

الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) ما ذلك الطائف ؟

فقال : هو السيّىء يهمّ العبد به ، ثم يذكر الله فيُبصِر ويُقصِر((1)) .

تفسير العياشي : عن زيد بن أبي اسامة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) ؟

قال : هو الذنب يهمّ به العبد فيتذكر فيدعه((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (204) .

باب (109)استحباب الانصات الى قراءة القرآن

مجمع البيان : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وغيرها .

وعن عبدالله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : الرّجل يقرأ القرآن أيجِب على من سمعه الإنصاتُ ]له [والاستماعُ ؟

قال : نعم إذا قرِيء ]عندك[ القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع((3)) .

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية بن

ص: 331


1- - تفسير العياشي : ج2 ص178 ح1672 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص246 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص178 ح1671 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص246 .
3- - مجمع البيان : ج2 ص515 . منه تفسير البرهان : ج4 ص248 .

وهب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الرجل يؤمّ القوم وأنت لا ترضى به في صلاة يجهر((1)) فيها بالقراءة ؟فقال : إذا سمعت كتاب الله يُتلى فأنصت له .

قلت : فإنّه يشهد عليّ بالشرك ؟

قال : إن عصى الله فاطِع الله ، فرددتُ عليه فأبى أن يرخصَ لي .

قال : فقلت له : اصلّي اذاً ]انا[ في بيتي ، ثمّ اخرج إليه ؟

فقال : أنت وذاك .

وقال : إنّ علياً (عليه السّلام) كان في صلاةِ الصبح فقرأ ابن الكوّا وهو خلفه : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)((2)) فأنصت علي (عليه السّلام) تعظيماً للقرآن حتى فرغ من الآية ، ثم عاد في قراءته ثم اعاد ابن الكوا الآية ، فانصت علي (عليه السّلام) أيضاً ، ثمَّ قرأ فأعاد ابن الكوا فانصت علي (عليه السّلام) ثمَّ قال : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ)((3)) ثم اتمَّ السورة ، ثم ركع((4)) .

ص: 332


1- - في الاستبصار : تجهر .
2- - الزمر 39 : 65 .
3- - الروم 30 : 60 .
4- - التهذيب : ج3 ص35 ح127 .

الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن معاوية ابن وهب مثله إلى قوله : فقال : انت وذاك((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي كهمس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قرأ ابن الكواء خلف أمير المؤمنين (عليه السّلام) : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فأنصت له أمير المؤمنين (عليه السّلام)((2)) .تفسير العياشي : عن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وفي غيرها ، وإذا قُرِىء عندك القرآن وجَب عليك الانصات والاستماع((3)) .

أَقول : المشهور بين الفقهاء وجوب انصات المأموم للقرآن في الصلوات الجهريَّة ، فعليه أن يستمع الى قراءة الامام للحمد والسورة ، أمّا في غير الصلاة فيستحب الإنصات والاستماع الى القراءة ، وذلك جمعاً بين الاحاديث المختلفة ، والله العالم .

* * * * *

قوله تعالى : (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ

ص: 333


1- - الاستبصار : ج1 ص430 ح1661 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص179 ح1676 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص248 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص179 ح1675 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص248 .

مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) (205) .

باب (110)استحباب ذكر الله صباحاً ومساءً

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن الحسين بن المختار ، عن العلا بن كامل قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : واذكر ربّك في نفسك تضرّعاً وخيفة ودون الجهر من القول عند المساء : « لا إله الاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو على كل شيء قدير » .

قال : قلت : بيده الخير ؟

قال : إنّ بيَدِه الخير ، ولكن قل كما أقول ]لك[ عشر مرَّات .

« وأعوذ بالله السميع العليم » حين تطلع الشمس وحين تغرب عشر مرَّات((1)) .

تفسير العياشي : عن الحسين بن المختار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) .قال : تقول عند المساء : « لا إله إلاّ الله ، وحده لا شريك له ، له الملك

ص: 334


1- - الكافي : ج2 ص527 ح17 .

وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي ، وهو على كل شيء قدير » .

قلت : بيده الخير ؟

قال : ]إن[ بيده الخير ، ولكن قل كما أقول لك عشر مرات .

« وأعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين ، وأعوذ بك رب أن يَحضرون ، إنّ الله هو السميع العليم » عشر مرّات حين تطلع الشمس ، وعشر مرّات حين تغرب((1)) .

الكافي : عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قل : « أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله أن يحضُرون ، انّ الله هو السميع العليم » وقل : « لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير » .

قال : فقال له رجل : مفروض هو ؟

قال : نعم مفروض محدود تقوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشر مرّات فان فاتك شيء فاقضه من الليل والنهار((2)) .

تفسير العياشي : عن محمد بن مروان ، عن بعض أصحابه ، قال : قال جعفر بن محمد (عليهما السّلام) : « استعيذ بالله السميع العليم من

ص: 335


1- - تفسير العياشي : ج2 ص180 ح1679 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص250 .
2- - الكافي : ج2 ص532 ح32 .

الشيطان الرّجيم ، وأعوذ بالله أن يحضرون ، إنّ الله هو السميع العليم » وقل : « لا إله إلاّ الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، ويميت ويحيي وهو على كلّ شيء قدير » .فقال له رجل : مفروض هو ؟

قال : نعم مفروض ، هو محدود ، تقولُه قبل طُلوع الشمس وقبل الغُروب عشر مرّات ، فإن فاتك شيء منها فاقضه من الليل والنَّهار((1)) .

أقول : الحديث ضعيف السند فلا يُعتمد عليه والمفروض هو الواجب ، وقد يُطلق على المستحب اذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك ، ولم نجد أحداً من الفقهاء قال بوجوب هذه الاستعاذة فيُقتصر على القول بالاستحباب . والله العالم .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : لا يكتب المَلَك إلاّ ما سمع وقال الله (عزّوجلّ) : (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) فلا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس الرجل غير الله (عزّوجلّ) لعظمته((2)) .

كتاب الزهد : حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : لا يكتب المَلَك إلاّ ما يسمَع ، قال الله (عزّوجلّ) : (وَاذْكُر

ص: 336


1- - تفسير العياشي : ج2 ص180 ح1680 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص251 .
2- - الكافي : ج2 ص502 ح4 .

رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) قال : لا يعلمُ ثواب ذلك الذكر في نفس العبد غير الله (تعالى)((1)) .

تفسير العياشي : عن زرارة ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : لا يكتبُ المَلَك الاّ ما أسمَع نفسه ، وقال الله : (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) قال : لا يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس العبد لعظمته إلاّ الله ، وقال : إذا كُنتَ خَلفَ إمام تأتم به ، فأنصت وسبّح في نفسك((2)) .مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ) روى زرارة ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : معناه : إذا كنت خلفَ الامام تأتم به فأنصِت وسبح في نفسك يعني فيما لا يجهر الإمام فيه بالقراءة((3)) .

ص: 337


1- - كتاب الزهد : ص53 ح144 . منه تفسير البرهان : ج4 ص250 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص179 ح1677 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص250 .
3- - مجمع البيان : ج2 ص515 . منه تفسير البرهان : ج4 ص251 .

سورة الأَنفال

باب (1)استحباب تلاوة سورة الانفال والتوبة

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدثني محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن عليّ ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة الأنفال وسورة براءة في كلِّ شهر لم يدخله نفاق أبداً ، وكان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام)((1)) .

بحار الأنوار - الدروع الواقية : عن الصادق (عليه السّلام) من قرأ سورة الأنفال وبراءة في كلِّ شهر لم يدخله نفاق أبداً ، وكان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) حقّاً ، ويأكل((2)) يوم القيامة من موائد الجنّة معهم((3))حتّى يفرغ الناس من الحساب((4)) .

ص: 338


1- - ثواب الأعمال : ص132 ح1 . منه تفسير البرهان : ج4 ص259 .
2- - في تفسير العياشي : وأكل .
3- - في تفسير العياشي : مع شيعته .
4- - بحار الأنوار : ج97 ص133 ح2 .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : من قرأ سورة براءة والانفال في كل شهر ... وذكر مثله((1)) .

مستدرك الوسائل : لبّ اللباب - عن جعفر الصادق (عليه السّلام) : إنّ من قرأ هاتين السورتين((2)) في كلّ شهر ، لم ينافق أبداً ، ويشفع في أهل الكبائر((3)) .

تفسير العياشي : عن أبي العباس ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : الانفال وسورة براءة واحدة((4)) .* * * * *

قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (1) .

باب (2)ما هي الانفال ؟

التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة قال : وحدثني محمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن أبي جميلة ، عن

ص: 339


1- - تفسير العياشي : ج2 ص181 ح1681 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص259 .
2- - أي : سورتي الأنفال وبراءة .
3- - مستدرك الوسائل : ج4 ص340 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص213 ح1770 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص381 .

محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الأنفال ؟

فقال : ما كان من الأرضين باد أهلها وفي غير ذلك الانفال هو لنا .

وقال : سورة الانفال فيها جدع الأنف ، وقال : (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلاَ رِكَاب وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ)((1)) .

وقال : الفيء ما كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل ، والأنفال مثل ذلك هو بمنزلته((2)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن اسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الانفال ؟

فقال : هي القُرى التي قد خربت وانجلى أهلُها ، فهي لله وللرّسول ، وما كان للملوك فهو للإمام ، وما كان من أرض الجزية لم يوجف((3)) عليها بخيل ولا ركاب ، وكل أرض لاربَّ لها ، والمعادِن منها ، ومن مات وليس له مولى فماله من الانفال .

ص: 340


1- - الحشر 59 : 6 .
2- - التهذيب : ج4 ص133 ح371 .
3- - في تفسير البرهان : أرض خربة وما لم يُوجَف .

وقال : نزلت يوم بدر لمّا انهزم الناس ، كان أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على ثلاث فرق : فصنف كانوا عند خيمة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)وصنف أغاروا على النهب ، وفرقة طلبت العدوّ وأَسَروا وغَنموا ، فلمّا جمعوا الغنائم والاُسارى تكلّمت الأنصار في الاُسارى ، فأنزل الله (تبارك وتعالى) : (مَا كَانَ لِنَبِيّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ)((1)) فلمّا أباح الله لهم الاُسارى والغنائم تكلّم سعد بن معاذ وكان ممّن أقام عند خيمة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فقال : يا رسول الله ما منعنا أن نطلب العدوّ زهادة في الجهاد ولا جبناً عن العدوّ ولكنّا خِفنا أن نَعدو موضِعَك فتميل عليك خيل المشركين ، وقد أقام عند الخيمة وجوه المهاجرين والأنصار ولم يشك أحد منهم ، والناس كثير - يا رسول الله - والغنائم قليلة ، ومتى يعطى هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء ، وخاف أن يقسّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الغنائم وأسلاب القتلى بين مَن قاتل ولا يُعطي مَن تخلَّف عليه عند خيمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شيئاً ، فاختلفوا فيما بينَهم حتى سألوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا : لمن هذه الغنائم ؟ فأنزل الله (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) فرجع الناسُ وليس لهم في الغنيمة شيء .

ص: 341


1- - الانفال 8 : 67 .

ثم أنزل بعد ذلك : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)((1)) فقسَّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بينهم .

قال سعد بن أبي وقاص : يا رسول الله أتعطي فارِسَ القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف ؟

فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ثكلتكَ اُمّك ، وهل تُنصرون إلاّ بضعفائِكم ؟

قال : فلم يخمِّس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ببدر وقسّمه بين أصحابه ، ثمّ استقبل يأخذ الخمس بعد بدر ، ونزل قوله : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ) بعد انقضاء حرببدر ، فقد كُتب ذلك في أول السورة وكُتب بعده خروج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الحرب((2)) .

التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : ما يقول الله : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) ؟

قال : الانفال لله وللرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهي كل

ص: 342


1- - الانفال 8 : 41 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص254 . منه تفسير البرهان : ج4 ص266 .

أرض جلا أهلُها من غير أن يُحمل عليها بخيل ولا رجال ولا ركاب ، فهي نفل لله وللرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((1)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الانفال ؟

قال : هي القرى التي قد جَلا أهلُها وهَلَكوا فخرِبت ، فهي لله وللرَسول((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الانفال : ما لم يُوجَف((3)) عليه بخيل ولا ركاب ، أو قوم صالَحوا ، أو قوم أعطوا بأيديهم ، وكل أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء((4)) .

التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن حمّاد بن عيسى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه سمِعَه يقول : إنّ الانفال ما كان من أرض لم يكُن فيه هراقَة دم أو قوم

ص: 343


1- - التهذيب : ج4 ص132 ح368 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص182 ح1686 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص268 .
3- - الايجاف من الوجيف وهو سرعة السير (مجمع البحرين) .
4- - الكافي : ج1 ص539 ح3 .

صولِحوا وأعطوا بأيديهم فما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كلّه من الفَيء ، والأنفال لله وللرّسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فما كان لله فهو للرَّسول يضَعُه حيثُ يُحبّ((1)) .

تفسير العياشي : عن داود بن فرقد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : بلَغَنا أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اقطَع علياً (عليه السّلام) ما سقى الفُرات ؟

قال : نعم وما سَقى الفرات ؟! الأنفال أكثَر ممّا سقى الفرات .

قلت : وما الانفال ؟

قال : بطون الأودية ورُؤوس الجِبال والآجام والمعادن ، وكلُّ أرض لم يُوجف عليها خَيلٌ ولا رِكاب ، وكلُّ أرض ميتة قد جَلا أهلُها وقطائع الملوك((2)) .

تفسير العياشي : عن أبي أسامة زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الانفال ؟

فقال : هو كل أرض خربة ، وكلُّ أرض لم يُوجَف عليها بخيْل ولا ركاب .

وزاد في رواية اُخرى عنه : غلَبها رسول الله (صلّى الله عليه وآله

ص: 344


1- - التهذيب : ج4 ص133 ح370 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص185 ح1701 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص270 .

وسلّم)((1)) .

مجمع البيان : قرأ ابن مسعود وعلي بن الحسين وأبو جعفر محمد ابن علي الباقر وزيد بن علي وجعفر بن محمد الصادق (عليهم السّلام) : يسألونك الأنفال((2)) .

باب (3)حكم أموال من يموت ولا وارث له

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن رفاعة ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في الرجل يموت ]و[ لا وارث له ولا مولى((3)) .

قال((4)) : هو من أهل هذه الآية : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ)((5)) .

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن رفاعة بن موسى ، عن أبان بن تغلب مثله((6)) .

ص: 345


1- - تفسير العياشي : ج2 ص183 ح1690 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص268 .
2- - مجمع البيان : ج2 ص516 .
3- - في الفقيه : ولا مولى له .
4- - في التهذيب والفقيه : فقال .
5- - الكافي : ج1 ص546 ح18 .
6- - التهذيب : ج4 ص134 ح374 .

من لا يحضره الفقيه : روى أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .

التهذيب : الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن رفاعة ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من مات لا مَولى له ولا ورثة ، فهو مِن أهل هذه الآية : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ)((2)) .

الاستبصار : الحسن بن محمد ، عن محمد بن زياد ، عن رفاعة ، عن أبان بن تغلب مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كلُّ من مات ... وذكر مثله((4)) .الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ومحمد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تبارك وتعالى) : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ) .

ص: 346


1- - من لا يحضره الفقيه : ج2 ص44 ح1661 .
2- - التهذيب : ج9 ص386 ح1380 .
3- - الاستبصار : ج4 ص195 ح733 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص183 ح1692 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص269 .

قال : من مات وليس له مولى فما له من الأنفال((1)) .

التهذيب - الاستبصار : الحسن بن محمد بن سماعة ، عن الحسين ابن هاشم ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ) قال : قال : ... وذكر مثله((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من مات وترك دَيناً فعلَينا دَينه وإلينا عِياله ، ومَن مَات وترك مالاً فلوَرثَتِه ، ومن مات وليس له موالي فمالُه من الأنفال((3)) .

باب (4)من خصائص آل محمّد

الكافي : أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : نحن قوم فرض الله (عزّوجلّ) طاعتنا ، لنا الانفال ، ولنا صفو المال((4)) ونحن الرّاسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله (تعالى) : (أَمْ

ص: 347


1- - الكافي : ج7 ص169 ح4 .
2- - التهذيب : ج9 ص386 ح1379 - الاستبصار : ج4 ص195 ح732 .
3- - الكافي : ج7 ص168 ح1 .
4- - في التهذيب : صفو الأموال .

يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ)((1)) .التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر مثله((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا أبا الصباح ... وذكر مثله((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن شعيب ، عن أبي الصباح قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الانفال ولنا صفو المال((4)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بشير الدّهان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من مات وهو لا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة ، فعليكم بالطاعة ، قد رأيتم أصحاب علي (عليه السّلام) وأنتم تأتّمون بمن لا يعذر النّاس بجهالته ، لنا كرائم القرآن ونحن أقوام افترض

ص: 348


1- - الكافي : ج1 ص186 ح6 ، والآية في سورة النساء 4 : 54 .
2- - التهذيب : ج4 ص132 ح367 .
3- - بصائر الدرجات : ص222 ح1 .
4- - الكافي : ج1 ص546 ح17 .

الله طاعتنا ، ولنا الأنفال ولنا صفو المال((1)) .

تفسير العياشي : عن بشير الدّهان قال : كنا عند أبي عبدالله (عليه السّلام) والبيت غاصّ بأهله ، فقال لنا : أحببتم وأبغَض الناس ، ووصلتم وقطع الناس ، وعرفتم وأنكر الناس وهو الحقّ ، وإنّ الله اتّخَذ محمداً عبداً قبل أن يتّخذه رسولاً ، وإنّ علياً عبدٌ نصَحَ لله فنصحه ، وأحبَّ الله فأحبَّه وحقُّنا بيّن في كتاب الله ، لناصَفُو المال ، ولنا الأنفال ، ونحن قوم فَرض الله طاعتنا ، وإنّكم لتأتمُّون بمن لا يُعذَر الناس بجهالته ، وقد قالرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « من مات وليس له إمام يأتمّ به ، فميتته جاهلية » فعليكم بالطاعة ، فقد رأيتم أصحاب علي (عليه السّلام)((2)) .

تفسير العياشي : عن بشير الدّهان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله فرض طاعتنا في كتابه ، فلا يسَعُ الناس جهلُنا ، لنا صفو المال ، ولنا الأنفال ، ولنا قرائن القرآن((3)) .

باب (5)لمن تكون الأنفال ؟

التهذيب : سعد بن عبدالله ، عن أبي جعفر ، عن محمد بن خالد

ص: 349


1- - المحاسن : ج1 ص251 ح474 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج23 ص76 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص184 ح1699 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص270 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص182 ح1688 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص268 . وفيه : ولنا كرائم القرآن .

البرقي ، عن اسماعيل بن سهل ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبدالله ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول ، وسُئل عن الانفال ؟

فقال : كلُّ قرية يهلك أهلُها أو يَجلُونَ عنها فهي نفل لله (عزّوجلّ) نصفُها يقسَّم بين الناس ، ونصفها لرّسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فما كان لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهو للإمام((1)) .

تفسير العياشي : عن حريز((2)) ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته أو سئل عن الانفال ؟

فقال : كلُّ قرية يهلِكُ أهلُها أو يَجلُونَ عنها فهي نَفل ، نصفها يُقسَّم بين الناس ، ونصفها للرسول((3)) .

تفسير العياشي : عن أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قوله : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) ؟قال : سَهمٌ لله ، وسَهمٌ للرسول .

قال : قلت : فلِمَن سَهمُ الله ؟

ص: 350


1- - التهذيب : ج4 ص133 ح372 .
2- - في تفسير البرهان : عن أبي بصير .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص181 ح1684 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص268 .

فقال : للمسلمين((1)) .

أَقول : يُعطى سهم الله (عزّوجلّ) للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حال حياته ويصرفه في مصالح المسلمين وشؤُونهم من إِعطاء فقرائهم وأَداء ديونهم ، وهكذا الأمر بالنسبة إِلى خلفائه الشرعيّين (عليهم السلام) فإِنّ لهم ذلك .

التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمد بن سالم ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في الغنيمة ، قال : يُخرج منها الخُمس ويُقسّم ما بقي بين مَن قاتل عليه ووَلي ذلك ، فأمّا الفَيء والانفال فهو خالص لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((2)) .

باب (6)الاصلاح بين اثنين صدقة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حمّاد بن أبي طلحة ، عن حبيب الأحول قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : صدقة يُحبّها الله إصلاحٌ بين الناس إذا تفاسَدوا وتقارُبٌ بينهم إذا تباعدوا عنه .

عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 351


1- - تفسير العياشي : ج2 ص185 ح1702 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص271 .
2- - التهذيب : ج4 ص132 ح369 .

السّلام) مثله((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لأن اُصلِحُ بينَ اثنين أحبُّ إليَّ من أن أتصدَّق بدينارين((2)) .الكافي : ابن سنان ، عن أبي حنيفة سابق الحاجّ قال : مرّ بنا المفضّل وأنا وختَني نتشاجر((3)) في ميراث ، فوقف علينا ساعة ثمّ قال لنا : تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كلّ واحد منّا من صاحبه ، قال : أما إنّها ليست من مالي ولكن أبو عبدالله (عليه السّلام) أمرني إذا تنازع رجُلان من أصحابنا في شيء أن اُصلح بينَهُما وأفتديها من ماله ، فهذا من مال أبي عبدالله (عليه السّلام)((4)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن مفضّل قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي((5)) .

* * * * *

ص: 352


1- - الكافي : ج2 ص209 ح1 .
2- - الكافي : ج2 ص209 ح2 .
3- - الخَتَن : كلّ من كان من قبل المرأة ، مثل الأب والأخ ، وزوج ابنة الرجل . والمشاجرة : المنازعة (مجمع البحرين) .
4- - الكافي : ج2 ص209 ح4 .
5- - الكافي : ج2 ص209 ح3 .

قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (2 - 4) .

باب (7)المؤمنون يتفاضلون بالدرجات

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزّبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنّة وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدّرجات عندالله وبالنقصان دخل المفرّطون النار((1)) .

باب (8)المؤمن بين الخوف والرّجاء

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن أبي سارة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون خائفاً راجياً ، ولا يكون

ص: 353


1- - الكافي : ج2 ص33 ح1 .

خائفاً راجياً حتى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : المؤمن بين مخافتين : ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه ، وعُمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من

المهالك ، فهو لا يصبح إلاّ خائفاً ولا يصلحه إلاّ الخوف((2)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبدالله الجعفري ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي حمزة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من عرف الله خاف الله ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا((3)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنَّ ممّا حُفظ من خطب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال : يا أيّها الناس إنّ لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، ألا إنّ المؤمن يعمل بين مخافتين : بين أَجَل قد مضى لا

ص: 354


1- - الكافي : ج2 ص71 ح11 .
2- - الكافي : ج2 ص71 ح12 .
3- - الكافي : ج2 ص68 ح4 .

يدري ما الله صانع فيه ، وبين أَجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه ، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته وفي الشيبة قبل الكبر وفي الحياة قبلالممات ، فوالذي نفس محمد بيده ما بعد الدّنيا من مستعتب وما بعدها من دار إلاّ الجنة أو النار((1)) .

باب (9)مِن بركات التوكل على الله

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الغنى والعزّ يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا .

عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن عليّ ، عن عليّ بن حسّان مثله((2)) .

باب (10)الصلاة ميزان

الكافي : محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 355


1- - الكافي : ج2 ص70 ح9 .
2- - الكافي : ج2 ص64 ح3 .

السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : الصلاة ميزان ، من وفّى استوفى((1)) .

باب (11)الصلاة وسيلة لنزول الرحمة

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن يزيد بن خليفة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إذا قام المصلّي إلى الصلاة نزلت عليهالرحمة من أعنان السماء((2)) إلى أعنان الأرض وحفّت به الملائكة وناداه ملك : لو يعلم هذا المصلّي ما في الصلاة ما انفتل((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْم-ُجْرِمُونَ * إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْف مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ

ص: 356


1- - الكافي : ج3 ص266 ح13 .
2- - أعنان السَّماء : نواحيها وصفائحها وما اعترض من أقطارها . (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج3 ص265 ح4 . وانفتل من الصلاة : انصرف عنها (مجمع البحرين) .

اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ) (7 - 11) .

باب (12)معنى « ذات الشوكة »

تفسير العياشي : عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) .

فقال (عليه السّلام) : الشوكة التي فيها القِتال((1)) .

باب (13)الملائكة سلَّموا على الامام علي ليلة بدر

قرب الاسناد : الحسن بن ظريف ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) ، عن ابن عباس قال : انتدب((2))

رسول الله (صلّى الله عليه وآلهوسلّم) النّاس ليلة بدر الى الماء فانتدب علي (عليه السّلام) فخرج وكانت ليلة باردة ذات ريح وظلمة ، فخرج بقربته فلمّا

ص: 357


1- - تفسير العياشي : ج2 ص186 ح1703 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص288 .
2- - انتدبه لأمر فانتدب هو له أي : دعاه له فأجاب (أقرب الموارد) .

كان إلى القليب لم يجد دلواً ، فنزل في الجبّ تلك الساعة فملأ قربته ثم أقبل فاستقبلته ريح شديدة فجلس حتى مضت ثمّ قام ، ثمّ مرّت به أخرى فجلس حتى مضت ثمّ قام ، ثمّ مرّت به أخرى فجلس حتى مضت ثم قام ، فلمّا جاء قال له النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما حبسك يا أبا الحسن ؟

قال : لقيت ريحاً ثمّ ريحاً ثمّ ريحاً شديدة فأصابتني قشعريرة فقال : أتدري ما كان ذلك يا علي ؟

فقال : لا .

فقال : ذلك جبرئيل في ألف من الملائكة وقد سلّم عليك وسلّموا ، ثمّ مرّ ميكائيل في ألف من الملائكة فسلّم عليك وسلّموا ، ثمّ مرّ إسرافيل في ألف من الملائكة فسلّم عليك وسلّموا((1)) .

باب (14)استحباب شرب ماء السماء

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : اشربوا ماء السّماء فإنّه

ص: 358


1- - قرب الاسناد : ص111 ح387 الطبعة الحديثة . منه بحار الأنوار : ج19 ص305 .

يُطهّر البدن ويدفع الأسقام ، قال الله (عزّوجلّ) : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)((1)) .المحاسن : البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : حدثني أبي ، عن جدّه (عليهما السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ... وذكر مثله((2)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

الخصال : أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : حدثني أبي ، عن جدّي ، عن آبائه (عليهم السّلام) انّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال - في حديث الأربعمائة - : اشربوا ماء السماء ... وذكر نحوه((4)) .

ص: 359


1- - الكافي : ج6 ص387 ح2 .
2- - المحاسن : ج2 ص401 ح2402 الطبعة الحديثة .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص187 ح1708 الطبعة الحديثة .
4- - الخصال : ص636 ح10 .

باب (15)من بركات ولاية أمير المؤمنين

تفسير العياشي : عن جابر ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليه السّلام) قال : سألته عن هذه الآية في البَطن (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ) ؟

قال : السّماء في الباطن : رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، والماء : عليٌّ (عليه السّلام) جعل الله علياً من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فذلك قوله : (مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ) فذلك عليٌّ يطهّر الله به قلب من والاه ، وأمّا قوله : (وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) من والى علياً (عليه السّلام) يذهب الرّجز عنه ويُقوّي قلبَه (وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ) فإنّه يعني علياً (عليه السّلام) ، من والى عليّاً يربط الله على قلبه بعليّ ، فيثبت على ولايته((1)) .

باب (16)طهارة أهل البيت من الشكّ

تفسير العياشي : عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) .

ص: 360


1- - تفسير العياشي : ج2 ص186 ح1705 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص290 .

قال : لا يدخلنا ما يدخل الناس من الشك((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَال أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَة فَقَدْ بَاءَ بِغَضَب مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (15 و16) .

باب (17)النهي عن الفرار من الزَّحف

الكافي : أحمد بن محمد الكوفي ، عن إبن جمهور ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وعن عبدالله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لأصحابه : إذا لقيتم عدوّكم في الحرب فأقلّوا الكلام واذكروا الله (عزّوجلّ) ولا تولّوهم الأدبار فتسخطوا الله (تبارك وتعالى) وتستوجبوا غضبه ، وإذا رأيتم من إخوانكم المجروح ومن قد نكل به أو من قد طمع عدوّكم فيه فقوه بأنفسكم((2)) .

ص: 361


1- - تفسير العياشي : ج2 ص186 ح1707 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص290 .
2- - الكافي : ج5 ص42 ح5 .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال : حدثني أبو جعفر (صلوات الله عليه) قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبي موسى بن جعفر (عليهم السّلام) يقول : دخل عمرو بن عبيد على أبيعبدالله (عليه السّلام) فلمّا سلّم وجلس تلا هذه الآية (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ)((1)) ثمّ أمسك ، فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما اسكتك ؟

قال : أحبّ أن أعرف الكبائر من كتاب الله (عزّوجلّ) .

فقال : نعم يا عمرو اكبر الكبائر الاشراك بالله - إلى أن قال - : والفرار من الزحف لأنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَال أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَة فَقَدْ بَاءَ بِغَضَب مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)((2)) .

تفسير العياشي : عن زرارة ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : قلت : الزبير شهد بدراً ؟

قال : نعم ، ولكنّه فرّ يوم الجمل ، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك بقتاله إيّاهم ، وإن كان قاتل كفّاراً فقد باء بغضب من الله حين ولاهُم دُبُره((3)) .

ص: 362


1- - النجم 53 : 32 .
2- - الكافي : ج2 ص285 ح24 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص187 ح1709 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص292 .

باب (18)متى يجوز الفرار من الزّحف ؟

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان يقول : مَن فرّ من رجلين في القتال من الزّحف فقد فرّ ، ومَن فرّ من ثلاثة في القتال من الزّحف فلم يفرّ((1)) .

التهذيب : أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسن ابن صالح مثله((2)) .

تفسير العياشي : عن حسين بن صالح قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كان علي (عليه السّلام) يقول : من فرّ من رجلين في القتال من الزحف فقد فرّ من الزحف ، ومَن فرّ من ثَلاثة رجال في القتال من الزحف فلم يفرّ((3)) .* * * * *

قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاَءً حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (17) .

ص: 363


1- - الكافي : ج5 ص34 ح1 .
2- - التهذيب : ج6 ص174 ح342 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص207 ح1758 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص360 .

باب (19)نُصرة الله للمؤمنين

تفسير العياشي : عن محمد بن كليب الأسدي ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى) ؟

قال : عليٌّ (عليه السّلام) ناول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) القبضة التي رمى بها((1)) .

تفسير العياشي : في خبر آخر عنه : أنّ علياً (عليه السّلام) ناوله قبضة من تراب ، فرمى بها((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (24) .

باب (20)وجوب الاستجابة لله وللرسول

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن

ص: 364


1- - تفسير العياشي : ج2 ص188 ح1712 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص293 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص188 ح1713 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص293 .

محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد جميعاً ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبدالله بن مسكان ، عن زيد بن الوليد الخثعمي ، عن أبي الربيع الشامي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) ؟

قال : نزلت في ولاية عليّ (عليه السّلام)((1)) .

باب (21)الانسان مخيَّر بين الحق والباطل

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب الأزدي ، عن أبان الأحمر ، وحدثنا به أحمد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمزة بن الطيّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ)((2)) .

قال : حتّى يعرّفهم ما يرضيه وما يسخطه ، وقال : (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)((3)) قال : بيّن لها ما تأتي وما تترك ، وقال : (إِنَّا هَدَيْنَاهُ

ص: 365


1- - الكافي : ج8 ص248 ح349 .
2- - التوبة 9 : 115 .
3- - الشمس 91 : 8 .

السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)((1)) قال : عرّفناه فأمّا آخذ ، وإمّا تارك .

وسألته عن قول الله : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) ؟

قال : يشتهي سمعه((2)) وبصره ولسانه ويده وقلبه ، أما إنّه هو غشى شيئاً ممّا يشتَهي ، فإنّه لا يأتيه إلاّ وقلبه منكر ، لا يقبل الذي يأتي ، يعرِف أنّ الحقّ غيره .

وعن قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى)((3)) ؟

قال : نهاهم عن فعلهم ، فاستحبّوا العمى على الهدى وهم يعرفون((4)) .

تفسير العياشي : عن حمزة بن الطيّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) .قال : هو أن يشتهي الشيء بسمعه وببصره ولسانه ويده ، أما إن هو غشي شيئاً ممّا يشتهي ، فإنّه لا يأتيه إلاّ وقلبه منكر ، لا يقبل الذي يأتي ، يعرِفُ أنّ الحقّ ليس فيه((5)) .

ص: 366


1- - الانسان 76 : 3 .
2- - في تفسير البرهان : بسمعه .
3- - فصّلت 41 : 17 .
4- - المحاسن : ج1 ص430 ح993 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص296 .
5- - تفسير العياشي : ج2 ص189 ح1715 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص296 .

تفسير العياشي : عن حمزة بن الطيّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) قال : هو أن يشتهي الشيء بسمعه وبصره ولسانه ويده ، أما إنّه لا يغشى شيئاً منها ، وإن كان يشتَهيه ، فإنّه لا يأتيه إلاّ وقلبه منكر ، لا يقبل الذي يأتي ، يعرف أنّ الحقّ ليس فيه((1)) .

تفسير العياشي : في خبر يونس بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا يستَيقِنُ القَلبُ أنَّ الحقّ باطِل أبداً ، ولا يستيقنُ أنّ الباطل حقّ أبداً((2)) .

التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبدالله جميعاً ، قالا : حدثنا أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) .

قال((3)) : يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ((4)) .

ص: 367


1- - تفسير العياشي : ج2 ص189 ح1717 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص297 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص190 ح1719 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص297 .
3- - في المحاسن : فقال .
4- - التوحيد : ص358 ح6 .

المحاسن : البرقي ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم مثله((1)) .

تفسير العياشي : في خبر هشام ، عنه (عليه السّلام) قال : يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ((2)) .* * * * *

قوله تعالى : (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (25) .

باب (22)الاختبار الالهي للصَّحابة

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن بن سالم ، عنه (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً) .

قال : أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى تركوا علياً (عليه السّلام) وبايعوا غيره ، وهي الفتنة التي فتِنوا بها ، وقد أمرهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) باتّباع عليّ والأوصياء من آل محمد (عليهم السّلام)((3)) .

الكافي : محمد بن أبي عبدالله ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن

ص: 368


1- - المحاسن : ج1 ص370 ح805 الطبعة الحديثة . منهما تفسير البرهان : ج4 ص296 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص189 ح1716 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص297 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص190 ح1720 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص297 .

زياد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعاً ، عن الحسن بن العباس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني (عليه السّلام) ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان عليّ بن الحسين (صلوات الله عليه) يقول : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) صدق الله (عزّوجلّ) أنزل الله القرآن في ليلة القدر .

(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) .

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لا أدري .

قال الله (عزّوجلّ) : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر) ليس فيها ليلة القدر .

قال لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وهل تدري لم هي خير من ألف شهر ؟

قال : لا .قال : لأنّها تنزلُ فيها الملائكة والرّوح بإذن ربّهم من كلّ أمر ، وإذا أذن الله (عزّوجلّ) بشيء فقد رضيه (سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)((1))يقول : تسلّم عليك يا محمّد ملائكتي وروحي سلامي من أوّل ما يهبطون إلى مطلع الفجر .

ثمَّ قال في بعض كتابه : (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ

ص: 369


1- - القدر 97 : 1 - 5 .

خَآصَّةً) في (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وقال في بعض كتابه : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)((1)) يقول في الآية الاُولى : إنَّ محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين يموت ، يقول أهل الخلاف لأمر الله (عزّوجلّ) : مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهذه فتنة أصابتهم خاصّة ، وبها ارتدّوا على أعقابهم ، لأنّهم إن قالوا : لم تذهب ، فلابدّ أن يكون لله (عزّوجلّ) فيها أمر ، وإذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحب بدّ((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) (27) .

باب (23)خيانة أحد الصحابة وتوبتُه

مجمع البيان : قال الكلبي والزهري : نزلت في أبي لبابة بن عبد

ص: 370


1- - آل عمران 3 : 144 .
2- - الكافي : ج1 ص248 ح4 .

المنذر الأنصاري وذلك أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة فسألوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يَسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات وأريحاء من أرض الشام فأبى أن يُعطِيَهم ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلاَّ أن ينزِلُوا على حُكم سعد بن معاذ .

فقالوا : أرسل إلينا أبا لُبابَة وكان مناصحاً لهم ، لأنَّ عياله وماله ووُلده كانت عندَهم ، فبعثه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأتاهم فقالوا : ما ترى - يا أبا لُبابة - أننزل على حكم سعد بن معاذ ؟

فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه : أنّه الذّبح فلا تفعلوا ، فأتاه جبرئيل (عليه السّلام) فأخبره بذلك .

قال أبو لبابة : فوالله ما زالت قدماي عن مكانِهما حتى عرفت أنّي قد خنت الله ورسوله فنزلت الآية فيه فلمّا نزلت شدَّ نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : والله لا أذوقُ طعاماً ولا شراباً حتّى أموت أو يتوب الله عليَّ فمكث سبعة أيّام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً حتى خرّ مغشياً عليه ، ثمّ تاب الله عليه .

فقيل له : يا أبا لُبابة قد تيبَ عليك .

فقال : لا والله لا أحلُّ نفسي حتّى يكون رسول الله (صلّى الله عليه

ص: 371

وآله وسلّم) هو الذي يحلّني فجاءه فحلَّه بيده ثمّ قال أبو لبابة : إنَّ من تَمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذّنب وأن أنخلع من مالي .

فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يُجزيك الثلث ان تصدَّق به . وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((1)) .

باب (24)النهي عن الخيانة

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني((2)) عليه وحلف ثمّ وقع له عندي مال فآخذه مكان مالي الذي أخذه وأجحده وأحلف عليه كما صنع ؟

فقال : إن خانك فلا تخنه ولا تدخل فيما عبته عليه((3)) .

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ابراهيم بن عبد الحميد ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : الرّجل يكون لي

ص: 372


1- - مجمع البيان : ج2 ص535 . منه تفسير البرهان : ج4 ص300 .
2- - كابره : غالبه مغالبة وعانده (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج5 ص98 ح1 .

عليه الحقّ فيجحدنيه ثم يستودعني مالاً ألي أن آخذ مالي عنده ؟

قال : لا هذه خيانة((1)) .

أقول : النهي محمول على الكراهة ، جمعاً بين الأحاديث المجوِّزة والناهية ، وقد أفتى بعض الفقهاء بلزوم الاستئذان من الفقيه لجواز التقاصّ من مال الغريم الممتنع من الأداء ، وقال بعض الفقهاء بحرمة التصرُّف في مال الغريم مع الحلف ، وقال بعضهم : ان أودعه مالاً بنفسه فلا يحق له أخذه تقاصاً ، وان حصل على ماله من طريق آخر فله التقاص . وتفصيله في الكتب الفقهيَّة المفصّلة . والله العالم .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : رجل كان له على رجل مال فجحده إيّاه وذهب به ثمّ صار بعد ذلك للرجل الّذي ذهب بماله مال قبله أيأخذه منه مكان ماله الّذي ذهب به منه ذلك الرّجل ؟قال : نعم ولكن لهذا كلام يقول : « اللهمّ إنّي آخذ هذا المال مكان مالي الّذي أخذه منّي وإنّي لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلماً »((2)) .

* * * * *

ص: 373


1- - الكافي : ج5 ص98 ح2 .
2- - الكافي : ج5 ص98 ح3 .

قوله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (30) .

باب (25)مؤامرة المشركين على النبي الكريم

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) أنّ قريشاً اجتمعت فخرج من كلّ بطن اناس ، ثمّ انطلقوا إلى دار الندوة((1)) ليشاوروا فيما يصنعون برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فإذا هم بشيخ قائم على الباب ، فإذا ذهبوا إليه ليدخلوا قال : ادخِلوني معكم .

قالوا : ومن أنت يا شيخ ؟

قال : أنا شيخ من بني مضرّ ، ولي رأي اُشير به عليكم .

فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس ، وأجمعوا أمرهم على أن يُخرجوه .

فقال : ليس هذا لكم برأي ، إن أخرجتموه أجلب عليكم الناس فقاتلوكم .

ص: 374


1- - الندوة : الاجتماع للمشورة ، ومنه دار الندوة بمكة التي بناها قصي لأنّهم يندون فيها ، أي يجتمعون ، والنادي : المجلس وجمعه أندية (مجمع البحرين) .

قالوا : صدقت ما هذا برأي .

ثمَّ تشاوَروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه .

قال : هذا ليس بالرّأي ، إن فعلتم هذا - ومحمد رجل حلو اللسان - أفسد عليكم أبناءكم وخدمكم ، وما ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه أو امرأته .ثمّ تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه ، يخرجون من كلّ بطن منهم بشاب فيضربونه بأسيافهم جميعاً عند الكعبة ، ثم قرأ الآية((1)) : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ)الى آخر الآية((2)) .

باب (26)مالاقاه النبي والوصيّ من البلاء

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله : (وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) .

قال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد كان لقي من قومه بلاءً شديداً ، حتى أتوه ذات يوم وهو ساجد ، حتّى طرحوا عليه رحم شاة ، فأتته ابنته وهو ساجد لم يرفع رأسه ، فرفعته عنه ومسحته ، ثمّ أراه

ص: 375


1- - في تفسير البرهان : فيضربوه بأسيافهم ، فأنزل الله تعالى .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص190 ح1722 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص316 .

الله بعد ذلك الذي يحبّ إنّه كان ببدر وليس معه غير فارس واحد ، ثمّ كان معه يوم الفتح إثنا عشر ألفاً ، حتى جعل أبو سفيان والمشركون يستغيثون ، ثمّ لقي أمير المؤمنين (عليه السّلام) من الشدّة والبلاء والتظاهر عليه ، ولم يكن معه أحد من قومه بمنزلته ، أمّا حمزة فقُتل يوم أُحد ، وأمّا جعفر فقُتل يوم مؤتة((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَاب أَلِيم) (32) .

باب (27)نزول العذاب على منكر الولاية

مجمع البيان : أخبرنا السيد ابو الحمد قال : حدثنا الحاكم ابو القاسم الحسكاني قال : حدثنا أبو عبدالله الشيرازي قال : حدثنا ابو بكر الجرجاني قال : حدثنا أبو أحمدالبصري قال : حدثنا محمد بن سهل قال : حدثنا زيد بن اسماعيل مولى الأنصار قال : حدثنا محمد بن أيوب الواسطي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : لمّا نصب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علياً (عليه السّلام) يوم غدير خم وقال : من كنت مولاه فعليّ

ص: 376


1- - تفسير العياشي : ج2 ص191 ح1723 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص317 .

مولاه طار ذلك في البلاد .

فقدم على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) النعمان بن الحرث الفهري ، فقال : أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وانّك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحجّ والصّوم والصلاة والزكاة فقبلناها ، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، فهذا شيء منك أو أمر من عند الله ؟

فقال : والله الذي لا إله إلا هو ، إنّ هذا من الله .

فولّى النعمان بن الحرث وهو يقول : (اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ) فرماه الله بحجر على رأسه فقتله ...((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (33) .

باب (28)مِن بركات رسول الله

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد ابن أبي حمزة ، وغير واحد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال

ص: 377


1- - مجمع البيان : ج5 ص352 .

رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ لكم في حياتي خيراً وفي مماتي خيراً .

قال : فقيل : يا رسول الله أمّا حياتُك فقد علمنا فمالنا في وفاتك ؟فقال : أمّا في حَياتي فإنّ الله (عزّوجلّ) قال : (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ) ، وأمّا في مماتي فتُعرض عليَّ أعمالكم فأستغفرُ لكُم((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) (34 و35) .

باب (29)المتّقون أولياء المسجد الحرام

تفسير العياشي : عن ابراهيم بن عمر اليماني ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءَهُ) يعني أولياء البيت ، يعني المشركين (إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ) حيث ما كانوا هم أولى به من المشركين (وَمَا كَانَ

ص: 378


1- - الكافي : ج8 ص254 ح361 .

صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) قال : التصفير والتصفيق((1)) .

باب (30)معنى المكاء والتصدية

معاني الأخبار : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ابراهيم بن عمر اليماني ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) .

قال : التصفير والتصفيق((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (39) .

باب (31)الحكومة العالميَّة للامام المهدي

تفسير العياشي : عن زرارة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : سئل

ص: 379


1- - تفسير العياشي : ج2 ص192 ح1726 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص323 .
2- - معاني الاخبار : ص297 ح1 . منه تفسير البرهان : ج4 ص324 .

أبي (عليه السّلام) عن قول الله : (قَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً)((1)) حتى لا يكون مشرك (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) ؟

فقال : إنّه لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمُنا - بعد - سيرى مَن يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله((2)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه) روى زرارة ، وغيره عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : لم يَجِىء تأويلُ هذه الآية ، ولو قام قائمنا - بعد - سيرى مَنْ يُدرِكه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما بلغ الليل حتى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى : (يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ

ص: 380


1- - التوبة 9 : 36 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص193 ح1728 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص326 .
3- - مجمع البيان : ج2 ص543 ، والآية الأخيرة في سورة النور 24 : 55 . منه تفسير البرهان : ج4 ص331 .

وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ) (41) .

باب (32)وجوب دفع الخُمس في الأرباح الماليَّة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن حكيم مؤذن ]ا[ بن عيسى((1)) قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) بمرفقيه على ركبتيه ثمّ أشار بيده ، ثمّ قال : هي والله الافادة((2)) يوماً بيوم ، إلاّ أنّ أبي جعل شيعته في حِلّ ليَزكوا((3)) .

أقول : أيها القاري الكريم : يدلّ هذا الحديث وأمثاله على تحليل بعض الأئمة الطاهرين (عليهم السّلام) الخُمس لشيعتهم ...

وتسأل : ما هو حكم هذه الأحاديث ؟

ص: 381


1- - في تفسير البرهان : بني عبس .
2- - افاد فلاناً المال : اعطاه اياه (أقرب الموارد) . والمقصود الفائدة والربح الذي يحصل عليه الانسان .
3- - الكافي : ج1 ص544 ح10 .

وهل يصحّ الاستدلال بها على عدم وجوب الخُمس ؟

الجواب :

أولاً : إن هذه الأحاديث معارَضة بطائفة اُخرى من الأحاديث الصحيحة الدالَّة على وجوب الخُمس بقول مطلق ودون قيد أو شرط .

وهذه الأحاديث كثيرة الى درجة انه قال صاحب الجواهر : « .. ولقد أجاد بعض مشايخنا في دعوى تواترها .. »((1)) .

وقد ذكرنا بعض ما روي منها عن الامام الصادق (عليه السّلام) كما ذكرنا بعض ما روي عن غيره من أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) حول ثبوت وجوب الخُمس مطلقاً وأهميّته القصوى ، في مقدَّمة كتاب الخُمس في الجزء الثامن والعشرين من هذه الموسوعة .ثانياً : إن بعض أحاديث التحليل ضعيفة السَّند ، وبعضها قاصرة الدلالة ، فلا يمكن الاستدلال بها على التحليل ، وقد تناول الفقهاء البحث عن ذلك في كتبهم الفقهيَّة المستوعبة .

ثالثاً : لقد أعرض الفقهاء - قديماً وحديثاً - عن العمل بأحاديث التحليل ، لرجحان الطائفة الاخرى من الأحاديث الدالّة على وجوب الخُمس مطلقاً .

رابعاً : إن أكثر أحاديث التحليل تدلّ على اباحة الامام (عليه

ص: 382


1- - جواهر الكلام : ج16 ص163 .

السّلام) حقَّه فقط من الخُمس دون حقوق الأصناف الأخرى المستحقَّة للخمس .

ولهذا قال العلاّمة السيّد علي الطباطبائي في رياض المسائل :

« .. ليس في شيء منها تصريح باباحة الأخماس كلِّها ، بل ولا ممّا يتعلَّق بالائمة (عليهم السّلام) جميعاً ، وانما غايتها إفادة اباحة بعضهم (عليهم السّلام) شيئاً منها ... »((1)) .

خامساً : إن أحاديث اباحة الخُمس تتنافى مع حكمة مشروعيّة الخُمس ، حيث روي أن الله تعالى إنما شرَع الخمس لرسول الله وذريَّته الطاهرة ليكون بَدلاً عن الزكاة المحرَّمة عليهم .

ولهذا قال صاحب الجواهر : « ..إنها تخالف حكمة مشروعيَّة الخُمس للذريَّة ، وأنه عوضٌ عن الزكاة ، صيانةً لهم من الأوساخ ، وكفّاً لماء وجوههم ... »((2)) .

سادساً : لقد ثبت ان وكلاء الأئمة الطاهرين (عليهم السّلام) كانوا يقبضون الخُمس من المؤمنين الشيعة ويسلّمونه الى الامام (عليه السّلام) .

وحتى في عصر الغيبة الصغرى كان النوّاب الأربعة ووكلاؤهم

ص: 383


1- - رياض المسائل : ج5 ص276 .
2- - جواهر الكلام : ج16 ص163 .

يقومون بهذا الدَّور ، ممّا يدل على أن وجوب الخمس كان أمراً ثابتاً عند الشيعة في تلك العصور .من هنا .. فان إباحة الخُمس - على فرض ثبوتها - كانت لبرهة خاصَّة ولحقِّ ذلك الامام فقط .

هذا .. وللبحث مجال آخر ، ومن أراد التفصيل فليراجع الكتب الفقهيّة الواسعة .

التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن حكيم مؤذن بني عبس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) ؟

قال : هي - والله - الإفادة يوماً بيوم ، الاّ ان أبي (عليه السّلام) جعل شيعَتنا من ذلك في حلّ ليزكوا((1)) .

الاستبصار : أخبرني أحمد بن عبدون ، عن أبي الحسن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن حكيم مؤذّن بني عبس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ضُريس

ص: 384


1- - التهذيب : ج4 ص121 ح344 .
2- - الاستبصار : ج2 ص54 ح179 .

الكُناسي قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : مِن أين دخل على الناس الزنا ؟

قلت : لا أدري جعلت فداك .

قال : من قِبل خُمسنا أهل البيت ، إلاّ شيعتنا الأطيبين ، فإنّه مُحلّل لهم ، لميلادِهم((1)) .

التهذيب - الاستبصار : محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالله بن القاسم((2))

الحضرمي ، عن عبدالله بن سنان ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : على كلّ امرىء غنِم أو اكتسب : الخُمس ممّا أصاب ، لفاطمة (عليها السّلام)ولمن يلي أمرها من بعدِها من ذرّيتها((3)) الحُجج على الناس ، فذاك لهم خاصّة يضعونه حيث شاؤا ، إذ حُرّم((4)) عليهم الصدقة ، حتى الخياط ليخيط قميصاً بخمسة دوانيق فلنا منها دانق((5)) ، الاّ من أحللنا((6)) من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة ، إنّه ليس من شيء عندالله يوم القيامة أعظم من الزنا ، إنّه ليقوم((7)) صاحب الخمس

ص: 385


1- - الكافي : ج1 ص546 ح16 .
2- - في الاستبصار : عبيدالله بن القاسم .
3- - في الاستبصار : من ورثتها .
4- - في الاستبصار : شاءوا وحرم .
5- - في الاستبصار : منه دانق .
6- - في الاستبصار : احللناه .
7- - في الاستبصار : يقوم .

فيقول : يا ربّ سل هؤلاء بما اُبيحوا((1)) و((2)) .

باب (33)سوء حال مانع الخُمس يوم القيامة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن صباح الازرق ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : إنّ أشدّ ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول : يا ربّ خُمسي ، وقد طيَّبنا ذلك لشيعتنا لتَطيب ولادتهم ولِتزكو ولادتهم((3)) .

تفسير العياشي : عن فيض بن أبي شيبة ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ أشدّ ما يكون الناس حالاً يوم القيامة ، إذا قام صاحب الخمس فقال : يا ربّ خمسي ، وإن شيعتنا من ذلك لفي حلّ((4)) .

باب (34)وجوب الخُمس في الغنيمة

التهذيب : سعد بن عبدالله ، عن علي بن اسماعيل ، عن صفوان بن

ص: 386


1- - في الاستبصار : هؤلاء بمَ نكحوا .
2- - التهذيب : ج4 ص122 ح348 - الاستبصار : ج2 ص55 ح180 .
3- - الكافي : ج1 ص546 ح20 .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص200 ح1739 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص345 .

يحيى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في الرجل من أصحابنا ]يكون[ في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة .

قال : يؤدّي خُمسها((1)) ويطيب له((2)) .

تفسير العياشي : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن ابن الطيّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : يُخرَج خمس الغنيمة ، ثمَّ يقسّم أربعة أخماس على من قاتل على ذلك أو وَليهُ((4)) .

التهذيب - الاستبصار - من لا يحضره الفقيه : روى الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ليس الخمس الاّ في الغنائم خاصّة((5)) .

تفسير العياشي : عن سماعة ، عن أبي عبدالله وأبي الحسن (عليهما السّلام) قال : سألت أحدهما عن الخمس ؟

ص: 387


1- - في تفسير العياشي : خمسنا .
2- - التهذيب : ج4 ص124 ح357 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص202 ح1746 الطبعة الحديثة .
4- - تفسير العياشي : ج2 ص200 ح1738 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص345 .
5- - التهذيب : ج4 ص124 ح359 - الاستبصار : ج2 ص56 ح184 - من لا يحضره الفقيه : ج2 ص40 ح1646 .

فقال : ليس الخمس إلاّ في الغنائم((1)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « ليس الخمس إلاّ في الغنائم » فيه احتمالان :

الاول : انّ الخمس المنصوص عليه في القرآن الكريم هو في الغنائم فقط ، وماعداها نصَّت عليه الاحاديث الشريفة الصحيحة .

الثاني : انّ كلمة الغنائم عامة تشمل كلَّ الفوائد والأرباح الماليَّة التي يكتسبها الانسان ويحصل عليها ، من غير فرق بين غنائم دار الحرب أو غيرها ، كما دلّت على ذلك الاحاديث وكتب اللغة ، وثبت في الكتب الفقهية ايضاً .تفسير العياشي : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول في الغنيمة : يُخرَج منها الخمس ، ويُقسّم ما بقي فيمن قاتل عليه وَولي ذلك ، فأمّا الفَيء والأنفال فهو خالص لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((2)) .

باب (35)حقّ ذي القربى في الخُمس

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن

ص: 388


1- - تفسير العياشي : ج2 ص200 ح1734 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص344 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص199 ح1731 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص344 .

اورمة ، ومحمد بن عبدالله ، عن علي بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) .

قال : أمير المؤمنين والائمة (عليهم السّلام)((1)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته ]يقول :[ إنَّ نجدةَ الحروري كتب إلى ابن عباس يسألُه عن موضِع الخمس لمن هو ؟

فكتب إليه : أمّا الخمس فإنّا نزعم انّه لنا ، ويزعم قومنا أنّه ليس لنا فصبَرنا((2)) .

تفسير العياشي : عن عيسى بن عبدالله العلوي ، عن أبيه ، عن جعفر ابن محمد (عليهما السّلام) ]قال :[ قال : إنّ الله لا إله إلاّ هو ، لمّا حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس ، والصدقة علينا حرام ، والخمس لنا فريضة ، والكرامة أمرٌ لنا حلال((3)) .

تفسير العياشي : عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قول الله تعالى : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء

ص: 389


1- - الكافي : ج1 ص414 ح12 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص199 ح1732 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص344 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص202 ح1745 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص346 .

فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) ؟

قال : هُم أهل قرابة رسول الله (عليه وآله السّلام) .

فسألته : منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل ؟

قال : نعم((1)) .

باب (36)وجوب الخمس في الكنوز والمعادن وغيرها

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) عن الكنز ، كم فيه ؟

قال : الخمس .

وعن المعادن كم فيها ؟

قال : الخمس ، وكذلك الرِّصاص والصفر والحديد ، وكلّما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من الذهب والفضّة((2)) .

من لا يحضره الفقيه : سأل عبيدالله بن علي الحلبي أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الكنز كم فيه ؟

فقال : الخمس .

وعن المعادن كم فيها ؟

فقال : الخمس .

وعن الرّصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن كم فيها ؟

ص: 390


1- - تفسير العياشي : ج2 ص199 ح1730 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص343 .
2- - الكافي : ج1 ص546 ح19 .

فقال : يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذّهب والفضّة((1)) .

التهذيب : علي بن مهزيار ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن العنبر وغوص اللؤلؤ ؟

فقال : عليه الخمس .

قال : وسألته عن الكنز كم فيه ؟

فقال : الخمس .وعن المعادن كم فيها ؟

قال : الخمس .

وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان بالمعادن كم فيها ؟

قال : يؤخذ منها كما يؤخذ مِنْ معادن الذهب والفضّة((2)) .

الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن العنبر وغوص اللؤلؤ ؟

فقال (عليه السّلام) : عليه الخمس((3)) .

باب (37)الموارد التي يُصرَف فيها الخُمس

التهذيب : سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان

ص: 391


1- - من لا يحضره الفقيه : ج2 ص40 ح1645 .
2- - التهذيب : ج4 ص121 ح346 .
3- - الكافي : ج1 ص548 ح28 .

ابن يحيى ، عن عبدالله بن مسكان قال : حدثنا زكريا بن مالك الجعفي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه سأله عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ؟

فقال : أمّا((1)) خمس الله (عزّوجلّ) فللرسول يضَعه في سبيل الله ، وأمّا خمس الرسول فلأقاربه ، وخمس ذوي القربى فهم اقرباؤه ، واليتامى يتامى أهل بيته ، فجعل هذه الأربعة أربعة أسهم((2)) فيهم ، وامّا المساكين وابنُ السبيل((3)) فقد عرفت انّا لا نأكل الصدقة ولا تحِلّ لنا ، فهي للمساكين وأبناء السبيل((4)) .

من لا يحضره الفقيه : سأل زكريا بن مالك الجعفي أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((5)) .تفسير العياشي : عن زكريا بن مالك الجعفي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله ... وذكر نحوه((6)) .

ص: 392


1- - في الفقيه : قال : أما .
2- - في الفقيه : الأربعة الأسهم .
3- - في الفقيه : وابناء السبيل .
4- - التهذيب : ج4 ص125 ح360 .
5- - من لا يحضره الفقيه : ج2 ص42 ح1651 .
6- - تفسير العياشي : ج2 ص202 ح1744 الطبعة الحديثة .

التهذيب : سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبيه ، عن عبدالله بن بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله تعالى : (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) .

قال : خمس الله وخمس الرسول للإمام ، وخمس ذي القربى لقرابة الرّسول والإمام ، واليتامى يتامى آل الرّسول ، والمساكين منهم وأبناء السَّبيل منهم ، فلا يخرج منهم إلى غيرهم((1)) .

التهذيب : سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبدالله بن الجارود ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ، ثم يقسِّم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ((2)) خمسه ثمّ يُقسِّم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتَلوا عليه ، ثمّ قسم((3)) الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله (عزّوجلّ) لنفسه ، ثم يقسِّم أربعة الأخماس((4)) بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل((5)) يعطي كل واحد منهم جميعاً ، وكذلك الامام يأخذ كما

ص: 393


1- - التهذيب : ج4 ص125 ح361 .
2- - في الاستبصار : ثم يأخذ .
3- - في الاستبصار : بين الناس ثم يقسم .
4- - في الاستبصار : الأربعة أخماس .
5- - في الاستبصار : وابن السبيل .

أخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((1)) .الاستبصار : روى الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبدالله بن الجارود مثله الى قوله : والمساكين وابن السبيل((2)) .

تفسير العياشي : عن اسحاق ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن سهم الصفوة ؟

فقال : كان لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأربعة أخماس للمجاهدين والقوّام ، وخُمس يقسَّم بين مقسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ونحن نقول : هو لنا ، والناس يقولون : ليس لكم ، وسهم لذي القربى وهو لنا ، وثلاثة أسهام لليتامى والمساكين وأبناء السبيل ، يُقسّمه الامام بينهم ، فإن أصابهم درهم درهم لكلّ فرقة منهم نظر الامام بعد ، فجعلها في ذي القربى ، قال : يرُدها إلينا((3)) .

باب (38)حكم أخذ مال الناصب

التهذيب : أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : خذ

ص: 394


1- - التهذيب : ج4 ص128 ح365 .
2- - الاستبصار : ج2 ص56 ح186 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص201 ح1742 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص345 . وفيه : قال : يردّونها إلينا .

مال الناصب حيث ما وجدته وادفع إلينا الخمس((1)) .

أقول : الناصبي هو الذي ينصب العداء والبغضاء لأهل البيت (عليهم السّلام) .

وقال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : « ... بل يظهر من الأخبار أنّ من نصب العداوة للشيعة أيضاً كذلك » .

فالناصبي لا حرمة لماله ويجوز أخذه ويحلُّ للآخذ بعد اخراج الخمس . والله العالم .

باب (39)حكم المال الحلال المختلط بالحرام

التهذيب : سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن علي بن جعفر ، عن الحكم بن بهلول ، عن أبي همام ، عن الحسن بن زياد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنَّ رجلاً أتى أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه ؟

فقال : أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنَّ الله (تعالى) قد رضي من المال بالخمس واجتنب ما كان صاحبه يعمل((2)) .

ص: 395


1- - التهذيب : ج4 ص122 ح350 .
2- - التهذيب : ج4 ص124 ح358 .

من لا يحضره الفقيه : روى السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : أتى رجل علياً (عليه السّلام) فقال : إنّي كسبت مالاً أغمضت في طلبه حلالاً وحراماً فقد أردتُ التوبة ولا أدري الحلال منه ولا الحرام فقد اختلط عليَّ ؟

فقال علي (عليه السّلام) : أخرج خُمس مالك فإنَّ الله (عزّوجلّ) قد رضي من الإنسان بالخمس وسائر المال كلّه لك حلال((1)) .

باب (40)عدم جواز التصرف في المال الاّ بعد دفع الخُمس

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار قال : سمعته يقول : لا يُعذر عبد اشترى من الخمس شيئاً أن يقول : يا ربّ اشتريتُه بمالي ، حتى يأذن له أهل الخمس((2)) .

باب (41)بعض الأغسال الواجبة والمستحبة

التهذيب : أخبرني الشيخ (أيده الله) ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ،

ص: 396


1- - من لا يحضره الفقيه : ج3 ص189 ح3713 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص201 ح1740 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص345 .

عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : الغُسل في سبعة عشر موطناً : ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان ، وليلة تسع عشرة وفيها يكتب الوفد وفد السنة ، وليلة احدى وعشرين وهي الليلة التي أُصيب فيها أوصياء الأنبياء وفيها رُفع عيسى بن مريم (عليه السّلام) وقُبض موسى (عليه السّلام) وليلة ثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر ، ويومي العيدين ، وإذا دخلت الحرمين ، ويوم تُحرِم ، ويوم الزّيارة ، ويوم تدخل البيت ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، وإذا غسّلت ميتاً أو كفّنته أو مسسته بعدما يبرد ، ويوم الجمعة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كلّه فاغتسل((1)) .

باب (42)ليلة القدر

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان .

قلت : ما معنى قوله : « يلتقي الجمعان » ؟

قال : يجمعُ فيها ما يريد من تقديمه وتأخيره وإرادته وقضائه((2)) .

ص: 397


1- - التهذيب : ج1 ص114 ح302 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص202 ح1747 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص346 .

تفسير العياشي : عن عمرو بن سعيد قال : خاصمني رجل من أهل المدينة في ليلة الفرقان حين التقى الجمعان ، فقال المدني : هي ليلة سبع عشرة من رمضان .

قال : فدخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقلت له وأخبرته .

فقال لي : جَحد المدني ، أنت تريد مصاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) إنّه أُصيب ليلة تسع عشرة من رمضان ، وهي الليلة التي رُفع فيها عيسى بن مريم (عليه السّلام)((1)) .

* * * * *قوله تعالى : (إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَة وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَة وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (42) .

باب (43)الركب الأَسفل يوم بدر

تفسير العياشي : عن محمد بن يحيى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ) .

ص: 398


1- - تفسير العياشي : ج2 ص203 ح1748 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص346 .

قال : أبو سفيان وأصحابه((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (48) .

باب (44)دَور إبليس يوم بدر

مجمع البيان : في قوله : (إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) قيل : انّه لما التقوا ، كان إبليس في صفِّ المشركين آخذاً بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه ، فقال له الحارث : يا سراقة أين ؟ أتخذلنا على هذه الحالة ؟((2))

فقال له : (إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ) .

فقال : والله ما نرى الاّ جعاسيس((3)) يثرب فدفع في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس ، فلمّا قدموا مكة قالوا : هزم الناس سراقة ، فبلغ ذلك سراقة .

ص: 399


1- - تفسير العياشي : ج2 ص203 ح1749 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص347 .
2- - في تفسير البرهان : يا سراقة الى أين أتخذُلُنا على هذه الحالة ؟
3- - الجعاسيس - جمع جُعسوس - : اللئيم في الخِلْقة والخُلُق (لسان العرب) .

فقال : والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم .فقالوا : إنَّك أتيتنا يوم كذا ، فحلف لهم ، فلمّا أسلموا علموا أنَّ ذلك كان الشيطان ، روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((1)) .

مناقب آل أبي طالب : الكلبي وأبو جعفر وأبو عبدالله (عليه السّلام) كان إبليس ... وذكر نحوه((2)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّم لِّلْعَبِيدِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْم حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ) (49 - 54) .

باب (45)فائدة الاعتصام بالله

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن

ص: 400


1- - مجمع البيان : ج2 ص549 . منه تفسير البرهان : ج4 ص349 .
2- - مناقب آل أبي طالب : ج1 ص188 .

سنان ، عن مفضّل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أوحى الله (عزّوجلّ) إلى داود (عليه السّلام) : ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثم تكيده((1)) السماوات والأرض ومَن فيهنّ إلاّ جعلتُ له المخرج من بينهنّ ، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته إلاّ قطعت أسباب السماوات والأرض من يديه وأسخت الأرض من تحته ولم اُبال بأيّ واد هلك((2)) .

باب (46)مِن وصايا الامام أمير المؤمنين

الكافي : عليّ ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول : لا تُبدين عن واضحة وقد عملتَ الأعمال الفاضحة ، ولا يأمن البيات من عمل السيئات((3)) .

باب (47)لزوم الخوف من سطوات الله

الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابراهيم بن عبد

ص: 401


1- - كاد فلاناً : أراده بسوء (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج2 ص63 ح1 .
3- - الكافي : ج2 ص269 ح5 . والبيات : الايقاع بالليل ، والأخذ بالمعاصي (مجمع البحرين) والمقصود هو نزول الحوادث على صاحب المعصية ليلا أو غفلة وان كان بالنهار .

الحميد ، عن أبي اُسامة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : تعوّذوا بالله من سطوات الله بالليل والنهار .

قال : قلت له : وما سطوات الله ؟

قال : الاخذ على المعاصي((1)) .

باب (48)نصائح الهيَّة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن الهيثم بن واقد الجزري قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله (عزّوجلّ) بعث نبيّاً من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك : إنّه ليس من أهل قرية ولا ]ا[ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سرّاء((2)) فتحوّلوا عمّا أحِبّ إلى ما أكره إلاّ تحوّلت لهم عمّا يحبّون إلى ما يكرهون ، وليس من اهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضرّاء فتحوّلوا عمّا أكره إلى ما أحبّ إلاّ تحوّلت لهم عمّا يكرهون إلى ما يحبّون ، وقل لهم : إنّ رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي فإنّه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره وقل لهم : لا يتعرّضوا معاندين لسخطي ولا يستخفّوا بأوليائي فإنّ لي

ص: 402


1- - الكافي : ج2 ص269 ح6 .
2- - السَرَّاء : المسرّة والرّخاء نقيض الضَرّاء (أقرب الموارد) .

سطوات عند غضبي ، لا يقوم لها شيء من خلقي((1)) .

باب (49)الذنب يوجب زوال النعمة

الكافي : محمد بن يحيى وأبو عليّ الأشعري ، عن الحسين بن إسحاق ، عن عليّ بن مهزيار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عمرو المدائني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : كان أبي (عليه السّلام) يقول : إنّ الله قضى قضاءً حتماً الاّ ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتى يحدث العبد ذنباً يستحقّ بذلك النقمة((2)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن سماعة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إيّاه حتى يذنب ذنباً يستحقّ بذلك السّلب((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّة وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ *

ص: 403


1- - الكافي : ج2 ص274 ح25 .
2- - الكافي : ج2 ص273 ح22 . والنقمة : اسم من الانتقام وهي المكافأة بالعقوبة (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج2 ص274 ح24 .

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْم خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ) (55 - 58) .

باب (50)اُصول الكفر ثلاثة

الكافي : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن اسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : اصول الكفر ثلاثة : الحرص ، والاستكبار ، والحسد ، فأما الحرص فإنّ آدم (عليه السّلام) حين نُهي عن الشجرة ،حمله الحرص على ان أكل منها ، واما الاستكبار فابليس حيث أمر بالسجود لآدم فأبى ، وأما الحسد فابنا آدم حيث قتل احدهما صاحبه((1)) .

باب (51)ادنى المنازل من الكفر

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسن ابن عطيّة ، عن يزيد الصائغ قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : رجل على هذا الأمر إن حدّث كذب وان وعد أخلف وان ائتُمن خان ، ما

ص: 404


1- - الكافي : ج2 ص289 ح1 .

منزلته ؟

قال : هي أدنى المنازل من الكفر وليس بكافر((1)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « أدنى المنازل » أي أقربها الى الكفر بإعتبار أَنّ من يُخلف الوعد ويخون الأَمانة ويكذب في حديثه يوشك أن يكفر بالله سبحانه ، قال تعالى : (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون)((2)) .

باب (52)النهي عن الغدر والتعاون مع الغادر

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قريتين من أهل الحرب لكل واحدة منهما ملك على حدة ، اقتتلوا ثمّ اصطلحوا ، ثمّ إنّ أحد الملكين غدر بصاحبه فجاء إلى المسلمين فصالحهم على أن يغزو معهم تلك المدينة ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لا ينبغي للمسلمين أن يغدروا ولا يأمروا بالغدر ولا يقاتلوا مع الّذين غدروا ولكنّهم يقاتلون المشركين

ص: 405


1- - الكافي : ج2 ص290 ح5 .
2- - الروم : 30 : 10 .

حيث وجدوهم ولا يجوز عليهم ما عاهد عليه الكفّار((1)) .

باب (53)من علامات المنافق

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابه ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ثلاث من كنّ فيه كان مُنافقاً وإن صام وصلّى وزعم انّه مسلم : من إذا ائتمِن خان ، واذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، إنّ الله (عزّوجلّ) قال في كتابه : (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ) وقال : (أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)((2)) وفي قوله (عزّوجلّ) : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً)((3)) و((4)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْء فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) (60) .

ص: 406


1- - الكافي : ج2 ص337 ح4 .
2- - النور 24 : 7 .
3- - مريم 19 : 54 .
4- - الكافي : ج2 ص290 ح8 .

باب (54)استحباب الخضاب بالسَّواد

من لا يحضره الفقيه : قال الصادق (عليه السّلام) : في قول الله تعالى : (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة) .

قال : منه الخضاب بالسواد ، وإنَّ رجلاً دخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقد صفّر لحيته فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما أحسن هذا ، ثمَّ دخل عليه بعد هذا وقد أقنى بالحناء فتبسّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)وقال : هذا أحسن من ذاك ، ثمّ دخل عليه بعد ذلك وقد خضب بالسّواد فضحك إليه فقال : هذا أحسن من ذاك وذاك((1)) .

من لا يحضره الفقيه : قال الصادق (عليه السّلام) : الخضاب بالسّواد اُنس للنساء ، ومهابة للعدوِّ((2)) .

باب (55)استحباب الاستعداد لمواجهة الأعداء

تفسير العياشي : عن محمد بن عيسى ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله

ص: 407


1- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص123 ح282 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص122 ح281 .

(عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة) .

قال : سيف وتُرس((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (61 - 64) .

باب (56)السَّلْم : ولاية آل محمّد

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) .

قال : قلت : ما السلم ؟

قال : الدّخول في أمرنا((2)) .

ص: 408


1- - تفسير العياشي : ج2 ص204 ح1753 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص354 .
2- - الكافي : ج1 ص415 ح16 .

تفسير العياشي : عن محمّد الحلبيّ ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((1)) .

باب (57)مِن صفات المؤمن وغيره

أمالي الطوسي : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثنا أبو عبدالله جعفر بن محمد العلوي الحسني (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال : حدثنا حسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : المؤمن غِرّ كريم ، والفاجر خَبّ لئيم((2)) ، وخير المؤمنين من كان مألفة للمؤمنين ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلَف .

قال : وسمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : أشرار

ص: 409


1- - تفسير العياشي : ج2 ص204 ح1755 الطبعة الحديثة .
2- - الغِرّ : الشاب الذي لا تجربة له . وقوله (عليه السّلام) : « المؤمن غِرّ كريم ... » معناه أنه ليس بذي نكراء ، فالغِرّ الذي لا يَفْطن للشرّ ويغفل عنه ، والخبّ ضد الغِرّ ، وهو الخدّاع المفسد . (لسان العرب) . والمعنى انّ المؤمن ليّن سمِح فكثير ما ينخدع لفطرته وقلّة شرّه ، وليس ذلك جهلاً منه ، ولكنه كريم وذات خُلُق حسن ; بعكس الفاجر الذي يخدع الناس ويسعى للفساد بينهم .

الناس من يبغض المؤمنين وتبغضه قلوبهم ، المشّاءون بالنميمة ، المفرّقون بين الأحبّة ، الباغون للناس العيب ، اُولئك لا ينظر الله إليهم ولا يزكّيهم يوم القيامة ، ثم تلا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ* الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (65 و66) .

باب (58)التخفيف الالهي عن المؤمنين

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : أما علمتم أنّ الله (عزّوجلّ) قد فرض على المؤمنين في أوّل الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولّي وجهه عنهم ومن ولاّهم يومئذ دبره فقد تبوّء مقعده من النّار ؟! ثمَّ حوّلهم عن حالهم رحمة منه

ص: 410


1- - أمالي الطوسي : ص462 ح1030 . منه تفسير البرهان : ج4 ص356 .

لهم فصار الرّجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفاً من الله (عزّوجلّ) للمؤمنين ، فنسخ الرجلان العشرة ... الى آخر الحديث((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (مَا كَانَ لِنَبِيّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .

أقول : تقدم في تفسير الآية الأُولى من هذه السورة ما يرتبط بالاية ضمن حديث في تفسير القمي .

* * * * *

قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (70) .

باب (59)مِن أخبار حرب بدر

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية ابن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول في هذه الآية : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَنفِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) قال : نزلت في العباس

ص: 411


1- - الكافي : ج5 ص69 ح1 .

وعقيل ونوفل ، وقال : انَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نهى يوم بدر أن يُقتَلَ أحد من بني هاشم وأبو البختري ، فأُسِروا ، فأرسل علياً (عليه السّلام) فقال : انظر من هاهنا من بني هاشم ؟ قال : فمرَّ علي (عليه السّلام) على عقيل بن أبي طالب فحادَ عنه((1)) ، فقال له عقيل : يابن أُمِّ عليَّ((2)) ، أما والله لقد رأيت مكاني .

قال : فرجع الى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال : هذا ابو الفضل في يَد فلان ، وهذا عقيل في يد فلان ، وهذا نوفل بن الحارث في يد فلان .

فقام رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى انتهى الى عقيل فقال له : يا أبا يزيد قُتِل أبو جهل .

فقال : اذاً لا تنازعون في تهامة .

فقال : ان كنتم اثخنتم القوم ، والاّ فاركَبوا أكتافهم .

قال : فجيئ بالعباس فقيل له : افْدِ نفسَك وافْدِ ابن اخيك .

فقال : يا محمّد تتركني أسأل قريشاً في كفّي ؟

فقال : اعط ما خلّفت عند ام الفضل وقلت لها : ان اصابني في وجهي هذا شيء فانفقيه على ولدك ونفسك .

ص: 412


1- - حاد عنه : مال عنه (أقرب الموارد) .
2- - أي ارحم عليَّ أو أقبل عليَّ .

فقال له : يابن أخي من اخبرك بهذا ؟

فقال : أتاني به جبرئيل من عند الله (عزّوجلّ) .

فقال : ومحلوفه((1)) ما علم بهذا أحد إلاّ أنا وهي ، اشهد انّك رسول الله .قال : فرجع الاسرى كلُّهم مشركين الاّ العباس وعقيل ونوفل وفيهم نزلت هذه الآية (قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً)((2)) .

تفسير العياشي : عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

باب (60)الرسول الأعظم والكرم

قرب الاسناد : محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن ميمون ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : أُتي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمال دراهم فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للعباس : يا عباس ابسط رداءك وخذ من هذا المال طرفاً ، فبسط رداءه فأخذ منه

ص: 413


1- - أي بالذي حلف به .
2- - الكافي : ج8 ص202 ح244 .
3- - تفسير العياشي : ج2 ص207 ح1759 الطبعة الحديثة .

طائفة ، ثمَّ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للعبّاس : يا عباس ، هذا مِنَ الذي قال الله (تبارك وتعالى) : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)((1)) .

تفسير العياشي : عن علي بن أسباط : أنّه سَمع أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) يقول : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أُتي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمال فقال للعباس : ابسط رداءك فخذ من هذا المال طرفاً ، قال : فبسط رداءه فأخذ طرفاً من ذلك المال ، قال : ثمّ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : هذا ممّا قال الله : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْء حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم

ص: 414


1- - قرب الاسناد : ص21 ح73 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص362 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص208 ح1760 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص363 .

مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (72) .

باب (61)آل محمّد أولى بالناس من غيرهم

مناقب آل أبي طالب : موسى بن عبدالله بن حسن بن حسن ، ومعتب ومصادف موليا الصادق (عليه السّلام) في خبر : أنّه لمّا دخل هشام بن الوليد المدينة أتاه بنو العباس وشكوا من الصادق (عليه السّلام) أنّه أخذ تركات ماهر الخصيّ دوننا ، فخطب أبو عبدالله (عليه السّلام) فكان ممّا قال : إنّ الله تعالى لمّا بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه والناصر له ، وأبوكم العباس وأبو لهب يكذِّبانه ويوليان عليه شياطين الكفر ، وأبوكم يبغي له الغوائل((1)) ، ويقود إليه القبائل في بدر ، وكان في أوَّل رعيلها وصاحبَ خيلها ورَجلها ، المطعم يومئذ ، والناصب الحرب له .

ثمّ قال : فكان أبوكم طليقنا وعتيقنا ، وأسلم كارهاً تحت سيوفنا ، لم يهاجر إلى الله ورسوله هجرة قط ، فقطع الله ولايته منّا بقوله : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْء) في كلام له .

ص: 415


1- - الغوائل جمع الغائلة : الداهية والشرّ . الغوائل - جمع غائلة - وهي الحقد (مجمع البحرين) .

ثمّ قال : هذا مولى لنا مات فحُزْنا تراثه ، إذ كان مولانا ، ولأنّا ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأُمّنا فاطمة أحرزتْ ميراثه((1)) .

باب (62)أَهل مكة لا يرثون أهل المدينة

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالوا : سألناهما عن قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْء حَتَّى يُهَاجِرُواْ) ؟

قال : إنَّ أهل مكة لا يرثون أهل المدينة((2)) .

أَقول : الكافر لا يرث من المسلم ، والمسلم يرث من الكافر ، ولهذا فإِنّ أهل مكة الذين بقوا على كفرهم وشركهم ولم يدخلوا في الإسلام لا يرثون من أَقر بائهم الذين أسلموا وهاجروا الى المدينة المنوّرة .

* * * * *

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ) (75) .

ص: 416


1- - مناقب آل أبي طالب : ج1 ص261 . منه تفسير البرهان : ج4 ص372 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص208 ح1861 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص373 .

باب (63)الوصيَّة بالامامة

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس وعلي ابن محمد ، عن سهل بن زياد أبي سعيد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : فلمّا قبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان علي (عليه السّلام) أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واقامته للناس وأخذه بيده ، فلمّا مضى علي (عليه السّلام) لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل ان يُدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده إذاً لقال الحسن والحسين (عليهما السّلام) : إنّ الله (تبارك وتعالى) أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلّغ فينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كما بلّغ فيك وأذهب عنّا الرّجس كما أذهبه عنك ، فلمّا مضى علي (عليه السّلام) كان الحسن (عليه السّلام) أولى بها لكبره ، فلمّا توفي لميستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله (عزّوجلّ) يقول : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) فيجعلها في ولده إذاً لقال الحسين (عليه السّلام) : أمر الله (تبارك وتعالى) بطاعتي كما أمر بطاعتك

ص: 417

وطاعة أبيك وبلّغ فيَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كما بلَّغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عنّي الرّجس كما أذهب عنك وعن أبيك ، فلمّا صارت إلى الحسين (عليه السّلام) لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدَّعي على أخيه وعلى أبيه لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا ثمَّ صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السّلام) فجرى تأويل هذه الآية : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) ثمّ صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين (عليه السّلام) ثمّ صارت من بعد علي بن الحسين (عليه السّلام) الى محمد بن علي (عليه السّلام) وقال : الرّجس هو الشك والله لا نشك في ربّنا أبداً .

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أيّوب بن الحرّ وعمران بن علي الحلبي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثل ذلك((1)) .

أَقول : لا شك أن الامامة منصب كالنبوَّة فهي تثبت بالانتخاب الالهي وتنتقل من امام الى امام بأمر من الله تعالى ، وما ذكره الامام الصادق (عليه السّلام) - في هذا الحديث وأن الامامة بالاولويَّة - انما هو لإفحام الخَصم وإقامة الحجة عليه .

ص: 418


1- - الكافي : ج1 ص286 ح1 .

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن عمه عبدالرحمن بن كثير قال :قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما عنى الله (عزّوجلّ) بقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)((1)) ؟

قال : نزلت في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السّلام) فلمّا قبض الله (عزّوجلّ) نبيّه كان أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين (عليهم السّلام) ثم وقع تأويل هذه الآية : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) وكان علي بن الحسين (عليهما السّلام) إماماً ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء (عليهم السّلام) فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله (عزّوجلّ)((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا تعود الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السّلام) أبداً إنّما جرت من علي بن الحسين (عليه السّلام) كما قال الله (تبارك وتعالى) : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) فلا تكون بعد

ص: 419


1- - الأحزاب 33 : 33 .
2- - علل الشرايع : ص205 ح2 .

علي بن الحسين (عليه السّلام) إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي عمرو الزّبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أخبرني عن خروج الامامة من ولد الحسن إلى ولد الحسين كيف ذلك وما الحجّة فيه ؟

قال : لمّا حضر الحسين (عليه السّلام) ما حضَره من أمر الله ، لم يَجُز أن يردّها إلى ولد أخيه ، ولا يوصي بها فيهم لقول الله : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) فكان ولده أقرب رحماً إليه من ولد أخيه ، وكانوا أولى بالإمامة ، فأخرجتهذه الآية ولد الحسن (عليه السّلام) منها ، فصارت الامامة الى ولد الحسين (عليه السّلام) ، وحكمت بها الآية لهم ، فهي فيهم إلى يوم القيامة((2)) .

علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عبد العلي بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ الله (عزّوجلّ) خصّ علياً (عليه السّلام) بوصيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وما يصيبه له ، فأقر الحسن والحسين (عليهما السّلام) له بذلك ، ثم وصيّته للحسن وتسليم الحسين للحسن (عليهما السّلام) ذلك حتى أفضى الأمر إلى

ص: 420


1- - الكافي : ج1 ص285 ح1 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص211 ح1767 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص376 .

الحسين (عليه السّلام) لاينازعه فيه أحد له من السابقة مثل ماله واستحقها علي بن الحسين (عليه السّلام) لقول الله (عزّوجلّ) : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) فلا تكون بعد علي بن الحسين (عليه السّلام) الا في الاعقاب ، واعقاب الأعقاب((1)) .

باب (64)اولوا الأرحام بعضُهم أولى ببعض

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اختلف علي (عليه السّلام) وعثمان في الرجل يموت وليس له عصبة يرثونه وله ذو قرابة ولا يرثونه .

فقال علي (عليه السّلام) : ميراثه لهم يقول الله (عزّوجلّ) : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) وكان عثمان يقول : يجعل في بيت مال المسلمين((2)) .التهذيب : علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمد بن عبيدالله الحلبي ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اختلف أمير المؤمنين (عليه السّلام) وعثمان بن عفان في الرجل يموت وليس له

ص: 421


1- - علل الشرايع : ص207 ح5 . منه تفسير البرهان : ج7 ص525 .
2- - التهذيب : ج9 ص396 ح1416 .

عصبة يرثونه وله ذو قرابة لا يرثون .

فقال علي (عليه السّلام) : ميراثه لهم يقول الله تعالى : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض) وكان عثمان يقول : يجعل في بيت مال المسلمين((1)) .

تفسير العياشي : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لما اختلف علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وعثمان بن عفان ... وذكر نحوه((2)) .

الكافي - التهذيب - الاستبصار : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كان علي (عليه السّلام) إذا مات مولى له وترك ]ذا[ قرابة لم يأخذ من ميراثه شيئاً ويقول : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض)((3)) .

تفسير العياشي : عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان علي (عليه السّلام) لا يعطي الموالي شيئاً مع ذي رحم ،

ص: 422


1- - التهذيب : ج9 ص327 ح1175 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص210 ح1764 الطبعة الحديثة .
3- - الكافي : ج7 ص135 ح5 - التهذيب : ج9 ص328 ح1181 - الاستبصار : ج4 ص171 ح647 .

سميت له فريضة ام لم تسمّ له فريضة ، وكان يقول : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ) قد علم مكانهم ، فلم يجعل لهم مع أولي الأرحام حيث قال : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ)((1)) .

باب (65)ردُّ الشمس بدعاء الرسول الاعظم

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : دخل علي (عليه السّلام) على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مرضه ، وقد اُغمي عليه ورأسه في حجر جبرئيل ، وجبرئيل في صورة دحية الكلبي ، فلمّا دخل علي (عليه السّلام) قال له جبرئيل : دونك رأس ابن عمّك فأنت أحقّ به منّي ، لأنّ الله يقول في كتابه : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ) .

فجلس علي وأخذ رأس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فوضعه في حجره ، فلم يزل رأس رسول الله في حجره حتى غابت الشمس ، وانَّ رسول الله أفاق فرفع رأسه فنظر إلى علي وقال : يا علي أين

ص: 423


1- - تفسير العياشي : ج2 ص210 ح1765 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص375 .

جبرئيل ؟

فقال : يا رسول الله ، ما رأيت إلاّ دحية الكلبي دفع إليّ رأسك وقال : يا علي دونك رأس ابن عمّك ، فأنت أحقُّ به منّي ، لأنّ الله يقول في كتابه : (وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ)فجلست وأخذت رأسك ، فلم يزل في حجري حتى غابت الشمس .

فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أفصلَّيتَ العصر ؟

فقال : لا .

قال : فما منعك أن تصلّي ؟

فقال : قد اُغمي عليك ، وكان رأسك في حجري ، فكرِهت أن أشقَّ عليك يا رسول الله ، وكرهت أن أقوم واُصلّي وأضَع رأسك .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اللهم انّ علياً كان في طاعتك وطاعة رسولك حتى فاتته صلاة العصر ، اللهمّ فردّ عليه الشمس حتى يُصلّي العصر في وقتها .قال : فطلعت الشمس ، فصارت في وقت العصر بيضاء نقية ، ونظر إليها أهل المدينة وانّ علياً قام وصلّى ، فلمّا انصرف غابت الشمس وصلّوا المغرب((1)) .

أقول : لقد رُدَّت الشمس للامام أمير المؤمنين (عليه السّلام)

ص: 424


1- - تفسير العياشي : ج2 ص209 ح1762 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج4 ص374 .

مرتين :

الأولى : في عصر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبدعائه ، كما قرأت في الحديث السابق .

والثانية : في أيام حكومته (عليه السّلام) :

روي عن جويرية بن مسهر قال : ... رأيتُ شفتيه تتحركان ، وسمعتُ كلاماً كأنه كلام العبرانيّة ، فارتفعت الشمس حتى صارت في مثل وقتها في العصر ، فصلّى الامام ، فلمّا انصرفنا هوت الى مكانها واشتبكت النجوم .

فقلت : أنا أشهد أنك وصيُّ رسول الله .

فقال : يا جويريَّة أما سمعتَ الله عزّوجلّ يقول : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) ؟

قلت : بلى .

قال : فانّي سألتُ الله باسمه العظيم فردَّها عليَّ ...

أيُّها القاري الكريم : الموضع الأول الذي رُدَّت الشمس للامام بدعاء رسول الله كان مسجداً يقصده الناس في المدينة المنورة ويصلّون فيه لله رب العالمين ، ولكن الوهّابيين - أعداء آل رسول الله الطاهرين - هَدموه وقضَوا على معالمه وآثاره .

والموضع الثاني الذي رُدّت فيه الشمس للامام كان في العراق - في

ص: 425

طريقه (عليه السّلام) الى صفّين - ولا زال المسجد موجوداً ويُعرف ب- : مسجد ردّ الشمس ، ويقصده المؤمنون للصلاة والعبادة فيه تقرُّباً الى الله ربّ العالمين ، والمسجديذكّرهم بتلك المعجزة الخالدة لخليفة رسول الله ووصيِّه وخير الخلق بعده : الامام علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) .

هذا .. واعلم أن المؤرّخين - من الشيعة وغيرهم - قد ذكروا هذه المعجزة الباهرة للامام أمير المؤمنين (عليه السّلام) في كتبهم التاريخية ، وقد ذكر الشيخ الأميني في موسوعة الغدير القيّمة - ج3 - أسماء اثنين وخمسين مصدراً من كتب العامَّة التي سجّلت هذه المعجزة الخالدة للامام (عليه السّلام) .

وقد أشار اليها ابن أبي الحديد المعتزلي السُّنّي ، في قصيدته العينية .. فقال :

يا من له رُدّتْ ذُكاءُ ولم يَفُزْ *** في ردِّها من قبلُ إلاّ يوشعُ

و « ذُكاء » اسم من أسماء الشمس ، و « يوشع » هو يوشع بن نون وصيُّ النبي موسى (عليه السّلام) .

وأمّا كُتب الشيعة فهي زاهرة وزاخرة بذكر هذه المعجزة لشبل أبي طالب (عليهما السّلام) وقد وردت الاشارة اليها في الزيارات المأثورة عن الأئمة الطاهرين (عليهم السّلام) .

ص: 426

كلمة الختام

أيُّها القارئ الكريم : لقد وصلنا - والحمد لله - الى نهاية الجزء الثامن والأربعين من موسوعة الامام الصادق (عليه السّلام) وذكرنا فيه الأحاديث المرويَّة عنه (عليه السّلام) في تفسير سورة الأنعام والأَعراف والأَنفال .

والى اللقاء في الجزء التاسع والأربعين إن شاء الله تعالى ، ونواصل فيه ذكر الأحاديث المروية عن الامام الصادق (عليه السّلام) في تفسير سورة التوبة وغيرها .

نسأل الله تعالى القبول والتوفيق بلطفه وكرمه انه سميع الدعاء وهو المستعان .وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله المعصومين .

محمّد كاظم الق-زويني

قم المقدَّسة - ايران

ص: 427

فهرس الكتاب

ديباجة الكتاب 3

المقدّمة 5

سورة الأنعام

باب (1) فضل سورة الأنعام 7

باب (2) صلاة ودعاء للحاجة 7

باب (3) الاستشفاء بسورة الأنعام 8

باب (4) القرآن يردُّ على ثلاثة أصناف 9

باب (5) استحباب قول : كَذِبَ العادلون بالله 10

باب (6) الأَجَل قسمان 11

باب (7) الناس مخلوقون من ثلاث طينات 13

باب (8) الله سبحانه في كلِّ مكان 15

باب (9) لا يكون الرسول بصورة المَلَك 16

باب (10) الخوف من عذاب الله 17باب (11) الامام ينوب النبي في الإنذار 17

ص: 428

باب (12) أوصاف رسول الإسلام في التوراة والانجيل 19

باب (13) الرحمة الالهيَّة الواسعة 20

باب (14) ندامة العاصين يوم القيامة 21

باب (15) الماء والتراب أصل خلق الانسان 22

باب (16) الحق يدحض الباطل 23

باب (17) استحباب الصَّبر في جميع الاُمور 25

باب (18) المقياس في قبول الشهادة 27

باب (19) الأعداء يتّهمون الأنبياء والأوصياء بما ليس فيهم 28

باب (20) ما يلاقيه الشيعة مِن اعدائهم 31

باب (21) الانتقام الالهي من الظالمين 33

باب (22) بين الفقر والغنى 34

باب (23) الاستعداد للآخرة 35

باب (24) الورع والتبرّي من الظالمين 36

باب (25) القرآن كتاب إنذار 37

باب (26) التوبة قبل الموت 38

باب (27) إحاطة علم الله بكلّ شيء 39

باب (28) الامام علي اعلم من أُولي العزم 40

باب (29) مَلَك الموت وأعوانه يقبضون الأرواح 41

ص: 429

باب (30) الامام الحسين وأصحابه في الجنة واعداؤه في النار 42

باب (31) قدرة الله على العذاب 43باب (32) النهي عن الجلوس مع المنحرفين ومسؤولية السَّمع

واللَّسان 44

باب (33) مَجالس المؤمنين ومجالس الجاحدين 45

باب (34) ما فَرضَه الله على السَّمع 46

باب (35) النهي عن الجلوس في مجلس يُعصى الله فيه 47

باب (36) النهي عن مصاحبة أهلِ البدَع 47

باب (37) عقاب مَن لم يُغيِّر المنكر 48

باب (38) عقاب من كانت الدنيا اكبر همِّه 49

باب (39) الدنيا كالحيَّة 50

باب (40) الزهد مفتاح كلِّ خير 50

باب (41) ما هو الغيب والشهادة ؟ 51

باب (42) مَن هو آزر ؟ 52

باب (43) الكشف عن ملكوت السماوات لبعض الأولياء 53

باب (44) إحياء الموتى للنبي ابراهيم 55

باب (45) الناس على ثلاثة أصناف 57

باب (46) قصَّة النبي ابراهيم 58

ص: 430

باب (47) وقت المغرب والعشاء 62

باب (48) تأويل رؤية الشمس في المنام 62

باب (49) من طلب ربَّه لم يكن مشركاً 63

باب (50) الايمان الخالص من الظلم والشكّ 65

باب (51) إلحاق عيسى بابراهيم من طرف الاُمّ 69

باب (52) أصحاب الامام المهدي 70

باب (53) استبدال الكافر بالمؤمن 71باب (54) عاقبة كفران النعمة 71

باب (55) الاقتداء بهدى آل محمّد 73

باب (56) تعالى الله عن الوصف 74

باب (57) خيانة أهل الكتاب 75

باب (58) القرآن كتاب هداية ونجاة 76

باب (59) الخيانة في كتابة القرآن 77

باب (60) ما هو عذاب الهُون 79

باب (61) خيبة الظالمين وأتباعهم 80

باب (62) طينة المؤمن والكافر 80

باب (63) النهي عن طلب الحوائج ليلاً 83

باب (64) النهي عن ذبح الحيوان ليلاً 83

ص: 431

باب (65) المستقَرُّ والمستودَع من الايمان 84

باب (66) دعاء لاستقرار الايمان 87

باب (67) توحيد الله سبحانه 88

باب (68) معنى « لا تدركه الأبصار » 89

باب (69) جزاء مَن مات ولم يُشرِك بالله شيئاً 91

باب (70) مَن شبّه الله بخَلقه فهو مشرك 92

باب (71) التوحيد الخالص 92

باب (72) ثلاثة مجالس يمقتها الله 93

باب (73) النهي عن سبِّ آلهة المشركين 94

باب (74) جماعة الحق وجماعة الباطل 101

باب (75) عالَم الميثاق 101

باب (76) إرادة الله الخير والسوء لعباده 102باب (77) لكلّ نبي شيطانان يؤذيانه 103

باب (78) شياطين الأنس والجن 104

باب (79) من علامات الامام المعصوم 106

باب (80) بداية خَلق الامام 109

باب (81) كتابة الآية على عضد الامام في بطن اُمّه 112

باب (82) من بركات الليلة التي يولَد فيها الامام 113

ص: 432

باب (83) جزاء مَن أقام على الشكّ والظن 113

باب (84) حكم ذبائح أهل الكتاب والنواصب 114

باب (85) حكم ذبيحة المرأة والغلام 116

باب (86) الخير في طاعة الله واجتناب محارمه 116

باب (87) مؤمن يردُّ على منحرف 117

باب (88) الهداية حياة 120

باب (89) عقاب مَن غدر بامام أو نكث بيعته 120

باب (90) مَن أراد الله له الخير ومَن أراد له السوء 122

باب (91) النخلة مخلوقة من فضل طينة آدم 128

باب (92) النهي عن الاسراف في الإنفاق 128

باب (93) النهي عن الصرم والحصد بالليل 129

باب (94) النهي عن ردِّ السائل الى ثلاثة أَشخاص 131

باب (95) الانفاق يوم الحصاد 131

باب (96) الحيوانات المحمولة في سفينة النبي نوح 136

باب (97) الحلال والمكروه من الضأن والمعز والابل والبقر 136

باب (98) حكم بعض انواع السمك 140

باب (99) حكم سباع الطير والوحش وغيره 141باب (100) ما حرَّمه الله على بني اسرائيل من أجزاء الحيوان 143

ص: 433

باب (101) الحجَّة البالغة لله سبحانه 143

باب (102) الأئمة الطاهرون حُجج الله على الخَلق 144

باب (103) الامام علي حجة الله وخليفة رسول الله 145

باب (104) الحاج لا يفتقر أبداً 156

باب (105) غيرة الله 157

باب (106) البلوغ الشرعي في الصبيّ 158

باب (107) الامام علي الميزان والصراط 160

باب (108) أتباع محمّد بن الحنفيّة 161

باب (109) اليوم الذي لا ينفع فيه الايمان 162

باب (110) انقطاع الحجَّة أربعين يوماً قبل القيامة 165

باب (111) بَعث الله رسوله بخمسة أسياف 166

باب (112) الذي لم يكسب من ايمانه خيراً 168

باب (113) الذين فارقوا دينهم 168

باب (114) الناس حين صلاة الجمعة ثلاثة 169

باب (115) الحسنة والسيّئة 170

باب (116) استحباب صوم ثلاثة أيام في كلِّ شهر 171

باب (117) الحسنة مضاعفة والسيّئة واحدة 174

باب (118) الدِّين الحنيف 177

ص: 434

باب (119) حنيفيّة النبي ابراهيم 178

باب (120) الاخلاص شرط القبول 178

باب (121) عقاب المرائي 179باب (122) عدالة الله تعالى 179

باب (123) الانتقام من ذراري قَتلة الامام الحسين 180

باب (124) الناس يتفاضلون بالأعمال 182

سورة الأعراف

باب (1) ثواب قراءة سورة الأعراف 183

باب (2) الفوز العظيم 184

باب (3) ميزان الأعمال 185

باب (4) قياس إبليس 186

باب (5) كان ابليس من الجنّ 187

باب (6) بطلان القياس في الدين 188

باب (7) التواضع وسيلة الرفعة 191

باب (8) حال المتكبّرين يوم القيامة 192

باب (9) إغواء ابليس الناس عن الولاية 193

باب (10) إغواء ابليس للنبي آدم 194

ص: 435

باب (11) ظهور العورة بسبب المعصية 198

باب (12) المدّة التي لبث فيها آدم في الجنة 198

باب (13) الخطاب عام لبني آدم 200

باب (14) لا جبر ولا تفويض 200

باب (15) التوجُّه نحو القبلة 202

باب (16) استحباب الزينة عند دخول المسجد 204

باب (17) لا إسراف فيما أصلح البَدن 206

باب (18) استحباب الغُسل عند لقاء الإمام 208

باب (19) استحباب استعمال المشط للصلاة 208باب (20) النهي عن الاسراف 210

باب (21) جواز التجمُّل والتزيُّن 212

باب (22) بين الامام الصادق وأحد الصوفيَّة الدجّالين 214

باب (23) أهل البيت لهم ثمانية أنهار 215

باب (24) تحريم الفواحش الظاهرة والباطنة 216

باب (25) المشرك في النار 217

باب (26) النهي عن خصلتين 217

باب (27) الأَجل المحتوم 219

باب (28) ائمة الجَور 219

ص: 436

باب (29) عاقبة طلحة والزبير 220

باب (30) كيفية قبض روح المؤمن 221

باب (31) الشيعة يحمدون الله على الهداية والولاية 224

باب (32) نداء اصحاب الاعراف 225

باب (33) آل محمّد هم أصحاب الأعراف 226

باب (34) الناس يوم القيامة ستة أصناف 228

باب (35) سبع قباب يوم القيامة 230

باب (36) كُثبان بين الجنة والنار 231

باب (37) مِن اسماء يوم القيامة 233

باب (38) أهل النار في عطش دائم 234

باب (39) خلْق السماوات والأرض في ستة ايام 235

باب (40) مِن آداب الدُّعاء 237

باب (41) فائدة الريح الجنوب 240

باب (42) النهي عن سبّ خمسة اشياء 241باب (43) مِن أسماء النبي نوح 242

باب (44) من قصص النبي نوح 243

باب (45) من قصص النبي هود 245

باب (46) أعظم نِعم الله على خَلقه 247

ص: 437

باب (47) إطلاق الأَخ على الباغي 247

باب (48) من قصص النبي صالح 249

باب (49) مِن معجزات رسول الله 251

باب (50) نزول العذاب على قوم النبي صالح 252

باب (51) ابليس اوَّل المفعولين 254

باب (52) حكم اتيان النساء من الخلف 255

باب (53) هلاك قوم النبي شعيب 256

باب (54) حرمة حلق اللّحية 257

باب (55) الخوف من مكر الله تعالى 258

باب (56) ما كان للنبي فهو للامام 259

باب (57) نزول العذاب على بني اسرائيل 260

باب (58) عدَّة أيام الشهور الهجريَّة 261

باب (59) نور الله يتجلّى للنبي موسى 262

باب (60) درسٌ رائع في التوحيد والنبوَّة والإمامة 265

باب (61) كلام في التوحيد 268

باب (62) العِلم عند آل محمّد والجهل عند مُخالفيهم 269

باب (63) السجود على الأرض تواضعٌ لله تعالى 272

باب (64) الواح موسى عند آل محمد 273

ص: 438

باب (65) الإختبار الالهي 275

باب (66) النَدم على الذنب 276

باب (67) غضب النبي موسى 277

باب (68) ما جرى بين موسى وهارون بعد انحراف بني اسرائيل 277

باب (69) غضبُ الله على المنحرفين 279

باب (70) تأخير كتابة الذنب للاستغفار 280

باب (71) الرَّجفة لأصحاب النبي موسى 281

باب (72) نور آل محمّد 282

باب (73) كان النبي يقرأ ولا يكتب 283

باب (74) التوسعة الالهيَّة في أمر الطهارة 284

باب (75) الإسلام دين الأنبياء 285

باب (76) بعض أصحاب موسى وأصحاب الكهف مع الامام

المهدي 285

باب (77) من شروط وجوب الأمر بالمعروف 287

باب (78) من معجزات الامام المهدي بعد الظهور 289

باب (79) من معجزات الرسول الأعظم 290

باب (80) علَّة تحريم صيد السمك على اليهود يوم السبت 291

باب (81) أصحاب السبت كانوا ثلاثة أصْناف 293

ص: 439

باب (82) النهي عن أمرين 294

باب (83) التهديد الالهي لبني اسرائيل 296

باب (84) التواضع في الصلاة 296

باب (85) الصلاة مع النشاط والإخلاص 297

باب (86) الرسول الاعظم أوَّل المؤمنين 299باب (87) حكم عزْل النطفة عن الزوجة 300

باب (88) أخذ الميثاق في عالَم الذَّر 301

باب (89) الصلاة على محمّد وآله علامة قبول الميثاق 306

باب (90) الميثاق على الشهادات الثلاث 307

باب (91) الانبياء والرجعة 309

باب (92) الاختبار الالهي في عالَم الذَّرّ 310

باب (93) حوار بين أمير المؤمنين وعمر بن الخطاب 311

باب (94) من جرائم خالد بن الوليد 313

باب (95) آل محمّد مصاديق الأسماء الحسنى 315

باب (96) بركات آل محمّد على الخَلق 316

باب (97) لله الاسماءُ الحسنى 317

باب (98) أئمة اهل البيت هُداة الحق 318

باب (99) وجوب التمسك بالثقلين 319

ص: 440

باب (100) الاستدراج عقوبة الهيَّة 320

باب (101) التفكّر طريق العبادة 323

باب (102) الهداية والضلالة 324

باب (103) لا يعلم الساعة إلاّ الله 325

باب (104) دعاء الحجامة 326

باب (105) الفقر سوء 327

باب (106) مكارم الأخلاق 328

باب (107) الأمر بالولاية 328

باب (108) استحباب ذِكر الله عند الذنب 329

باب (109) استحباب الانصات الى قراءة القرآن 331باب (110) استحباب ذكر الله صباحاً ومساءً 334

سورة الأَنفال

باب (1) استحباب تلاوة سورة الانفال والتوبة 338

باب (2) ما هي الانفال ؟ 339

باب (3) حكم أموال من يموت ولا وارث له 345

باب (4) من خصائص آل محمّد 347

باب (5) لمن تكون الأنفال ؟ 349

ص: 441

باب (6) الاصلاح بين اثنين صدقة 351

باب (7) المؤمنون يتفاضلون بالدرجات 353

باب (8) المؤمن بين الخوف والرّجاء 353

باب (9) مِن بركات التوكل على الله 355

باب (10) الصلاة ميزان 355

باب (11) الصلاة وسيلة لنزول الرحمة 356

باب (12) معنى « ذات الشوكة » 357

باب (13) الملائكة سلَّموا على الامام علي ليلة بدر 357

باب (14) استحباب شرب ماء السماء 358

باب (15) من بركات ولاية أمير المؤمنين 360

باب (16) طهارة أهل البيت من الشكّ 360

باب (17) النهي عن الفرار من الزَّحف 361

باب (18) متى يجوز الفرار من الزّحف ؟ 363

باب (19) نُصرة الله للمؤمنين 364

باب (20) وجوب الاستجابة لله وللرسول 364

باب (21) الانسان مخيَّر بين الحق والباطل 365باب (22) الاختبار الالهي للصَّحابة 368

باب (23) خيانة أحد الصحابة وتوبتُه 370

ص: 442

باب (24) النهي عن الخيانة 372

باب (25) مؤامرة المشركين على النبي الكريم 374

باب (26) مالاقاه النبي والوصيّ من البلاء 375

باب (27) نزول العذاب على منكر الولاية 376

باب (28) مِن بركات رسول الله 377

باب (29) المتّقون أولياء المسجد الحرام 378

باب (30) معنى المكاء والتصدية 379

باب (31) الحكومة العالميَّة للامام المهدي 379

باب (32) وجوب دفع الخُمس في الأرباح الماليَّة 381

باب (33) سوء حال مانع الخُمس يوم القيامة 386

باب (34) وجوب الخُمس في الغنيمة 386

باب (35) حقّ ذي القربى في الخُمس 388

باب (36) وجوب الخمس في الكنوز والمعادن وغيرها 390

باب (37) الموارد التي يُصرَف فيها الخُمس 391

باب (38) حكم أخذ مال الناصب 394

باب (39) حكم المال الحلال المختلط بالحرام 395

باب (40) عدم جواز التصرف في المال الاّ بعد دفع الخُمس 396

باب (41) بعض الأغسال الواجبة والمستحبة 396

ص: 443

باب (42) ليلة القدر 397

باب (43) الركب الأَسفل يوم بدر 398باب (44) دَور إبليس يوم بدر 399

باب (45) فائدة الاعتصام بالله 400

باب (46) مِن وصايا الامام أمير المؤمنين 401

باب (47) لزوم الخوف من سطوات الله 401

باب (48) نصائح الهيَّة 402

باب (49) الذنب يوجب زوال النعمة 403

باب (50) اُصول الكفر ثلاثة 404

باب (51) ادنى المنازل من الكفر 404

باب (52) النهي عن الغدر والتعاون مع الغادر 405

باب (53) من علامات المنافق 406

باب (54) استحباب الخضاب بالسَّواد 407

باب (55) استحباب الاستعداد لمواجهة الأعداء 407

باب (56) السَّلْم : ولاية آل محمّد 408

باب (57) مِن صفات المؤمن وغيره 409

باب (58) التخفيف الالهي عن المؤمنين 410

باب (59) مِن أخبار حرب بدر 411

ص: 444

باب (60) الرسول الأعظم والكرم 413

باب (61) آل محمّد أولى بالناس من غيرهم 415

باب (62) أَهل مكة لا يرثون أهل المدينة 416

باب (63) الوصيَّة بالامامة 417

باب (64) اولوا الأرحام بعضُهم أولى ببعض 421

باب (65) ردُّ الشمس بدعاء الرسول الاعظم 423

كلمة الختام 427

ص: 445

كتب مطبوعة للمؤلّف

1 - الإمام علي (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .

2 - فاطمة الزهراء (عليها السّلام) من المهد إلى اللَّحد .

3 - الإمام الصادق (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .

4 - الإمام الجواد (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .

5 - الإمام الهادي (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .

6 - الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .

7 - الإمام المهدي (عليه السّلام) من المهد إلى الظهور .

8 - زينب الكبرى (عليها السّلام) من المهد إلى اللَّحد .

9 - الإسلام والتعاليم التربويَّة .

10 - فاجعة الطف أو مقتل الإمام الحسين (عليه السّلام) .

11 - شرح نهج البلاغة - صدرت منه ثلاثة أجزاء - .

12 - موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) :

(1) الجزء الأوّل - الى - الجزء الثالث - حياة الإمام الصادق (عليه السّلام) .

(2) الجزء الرابع - كتاب العقل والجهل . العلم . التوحيد . العدل .

(3) الجزء الخامس - كتاب النبوَّة والأنبياء .

(4) الجزء السادس - تاريخ الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

ص: 446

(5) الجزء السابع والثامن - الإمامة .

(6) الجزء التاسع - تاريخ الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) .

(7) الجزء العاشر - تاريخ فاطمة الزهراء والأئمّة الطاهرين(عليهم السّلام).

(8) الجزء الحادي عشر - كتاب المعاد .

(9) الجزء الثاني عشر - كتاب الإيمان والمؤمنين .(10) الجزء الثالث عشر - كتاب مكارم الأخلاق .

(11) الجزء الرابع عشر - كتاب الكفر ومساوئ الأخلاق ، كتاب العشرة.

(12) الجزء الخامس عشر - كتاب العشرة .

(13) الجزء السادس عشر - كتاب الآداب والسنن الإسلاميّة .

(14) الجزء السابع عشر - كتاب السماء والعالم .

(15) الجزء الثامن عشر - كتاب الطب .

(16) الجزء التاسع عشر - كتاب الزيارات .

(17) الجزء العشرون - كتاب الدعاء .

(18) الجزء الحادي والعشرون والثاني والعشرون - كتاب الطهارة .

(19) الجزء الثالث والعشرون - الى - السادس والعشرين - كتاب الصلاة .

(20) الجزء السابع والعشرون - كتاب الصوم .

(21) الجزء الثامن والعشرون - كتاب الزكاة والخمس .

(22) الجزء التاسع والعشرون - الى - الحادي والثلاثين - كتاب الحج .

ص: 447

(23) الجزء الثاني والثلاثون - كتاب الحج والجهاد .

(24) الجزء الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون - كتاب التجارة .

(25) الجزء الخامس والثلاثون - كتاب الرهن - الى - اللُّقَطة .

(26) الجزء السادس والثلاثون والسابع والثلاثون - كتاب النكاح .

(27) الجزء الثامن والثلاثون - كتاب الطلاق - الى - الايلاء .

(28) الجزء التاسع والثلاثون - كتاب الأيمان - الى - الصيد والذباحة .

(29) الجزء الأربعون - كتاب الأطعمة والأشربة .

(30) الجزء الحادي والأربعون - كتاب الإرث والقضاء .

(31) الجزء الثاني والأربعون - كتاب الشهادات والحدود والتعزيرات .

(32) الجزء الثالث والأربعون - كتاب القصاص والديّات .(33) الجزء الرابع والأربعون - كتاب تفسير القرآن (فاتحة الكتاب -

البقرة) .

(34) الجزء الخامس والأربعون - كتاب تفسير القرآن (سورة البقرة) .

(35) الجزء السادس والأربعون - كتاب تفسير القرآن (آل عمران -

النساء) .

(36) الجزء السابع والأربعون - كتاب تفسير القرآن (النساء - المائدة) .

ص: 448

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.