موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 12

اشارة

سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهري : 60ج.

شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.

يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).

يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .

يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف

رده بندي ديويي : 297/9553

شماره كتابشناسي ملي : 2105726

ص :1

اشارة

موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 12

تاليف محمدكاظم القزويني

ص:2

بسم الله الرحمن الرحيم

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (1).

(وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ...) (2).

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (3).

(وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى) (4).

(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ يُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللّهِ فَوْزاً عَظِيماً) (5).

(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (6).

(وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (7).

ص:3


1- المؤمنون 23:1 و 2.
2- التوبة 9:105.
3- الانفال 8:2.
4- طه 20:75.
5- الفتح 48:5.
6- النحل 16:97.
7- الاحزاب 33:36.

(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (1).

(... وَ يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) (2).

(وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (3).

(وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ...) (4).

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (5).

(وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ...) (6).

(وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً) (7).

ص:4


1- الحديد 57:12.
2- الكهف 18:2.
3- آل عمران 3:139.
4- الاسراء 17:82.
5- البينة 98:7.
6- البقرة 2:25.
7- النساء 4:57.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

المقدّمة

اشارة

الحمد للّه رب العالمين، وأفضل الصّلاة وأتمّ السّلام على المبعوث رحمة للعالمين: سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله المعصومين المظلومين الغرّ الميامين الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى يوم الدين.

وبعد: فهذا هو الجزء الثاني عشر من موسوعة الإمام الصّادق (عليه السّلام) ويحتوي على المواضيع التالية:

الاوّل:

ما روي عنه (عليه السّلام) حول الإيمان والمؤمن وما يرتبط به من العلامات والمواصفات وأصناف المؤمنين... وغيرها من الابواب.

الثاني:

ما روي عنه (عليه السّلام) حول البلاء ومعناه وأنواعه وأسبابه وآثاره ونتائجه...

الثالث:

ماروي عنه (عليه السّلام) حول الشّيعة وفضلهم وكرامتهم عند الله تعالى، والآيات المأوّلة بهم في القرآن الكريم، وما

ص:5

أعدّه الله لهم في الآخرة من الدّرجات العالية والمنازل الرّفيعة.

وعلى ضوء هذه الأحاديث الشّريفة يظهر لنا - بكلّ وضوح - أن الفرقة النّاجية هم الشّيعة الإماميّة الإثنا عشريّة، وأنّ الإسلام الصّحيح يتجلّى في مذهب أهل البيت عليهم السّلام وأنّ المذهب الشّيعي هو المذهب الأصيل الذي تمتدّ جذوره وعروقه إلى رسول اللّه وآله المطهّرين (صلوات الله عليهم أجمعين).

كما أنّ هذه الأحاديث الشّريفة - وأمثالها - تتمّ الحجّة على أولئك المغفّلين الذين تركوا الصراط المستقيم وسلكوا الطرق الملتوية والمذاهب المخترعة التي لا تملك الشّرعيّة من الله ولا من رسوله..

فالحقّ مع محمّد وآل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

والقرآن مع محمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

والفوز والنّجاة مع محمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

والضّلال والخسران مع أعدائهم ومخالفيهم..

قال تعالى: (إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَ إِمّا كَفُوراً) (1).

نسال الله سبحانه الثبات على الولاية، والتوفيق لمواصلة السّير على الصّراط المستقيم والتمسّك بالنبأ العظيم.. إنّه قريب مجيب.

محمد كاظم القزويني قم المقدسة - ايران

ص:6


1- الإنسان 76:3.

* كتاب الإيمان والمؤمنين

أبواب الإيمان

باب (1) علّة تسمية المؤمن مؤمنا

6801 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن مروك بن عبيد، عن رفاعة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال:

أتدري - يا رفاعة - لم سمّي المؤمن مؤمنا؟

قال: قلت: لا أدري.

قال: لأنّه يؤمن على اللّه (عزّوجلّ) فيجيز [اللّه] له أمانه(1) و(2).

6802 - علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن

ص:7


1- - قوله (عليه السّلام): «يؤمن على الله» أي يشفع لمن استحق عقابه تعالى فلا يردّ شفاعته، أو يضمن لاحد الجنّة فينجز ضمانه. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 8 ص 160 ح 161.

عبداللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن علي بن فضال، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّما سمّي المؤمن مؤمنا لانّه يؤمن على اللّه فيجيز أمانه(1).

6803 - المحاسن: البرقى، عن يعقوب بن يزيد، عن مروك بن عبيد، عن سنان بن طريف، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

لم سمّي المؤمن مؤمنا؟

فقلت: لا أدري إلاّ أنّه أراه يؤمن بما جاء من عند اللّه.

فقال: صدقت، وليس لذلك سمّي المؤمن مؤمنا.

فقلت: لم سمّي المؤمن مؤمنا؟

قال: إنّه يؤمن على اللّه يوم القيامة فيجيز أمانه(2).

6804 - مشكاة الانوار: عن المفضّل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يقال للمؤمن يوم القيامة: تصفّح وجوه الناس، فمن كان سقاك شربة أو أطعمك أكلة، أو فعل بك كذا وكذا فخذ بيده فأدخله الجنّة، قال: فانّه ليمرّ على الصراط ومعه بشر كثير، فتقول الملائكة: الى أين يا وليّ اللّه؟ إلى أين يا عبداللّه؟

فيقول اللّه (جلّ ثناؤه): أجيزوا لعبدي(3)، فأجازوه، وإنّما سمّي المؤمن مؤمنا لأنّه يؤمن على اللّه فيجيز أمانه(4).

ص:8


1- - علل الشرايع: ص 523 ح 1. منه البحار: ج 67 ص 60.
2- المحاسن: ص 329 ح 88. منه البحار: ج 67 ص 60.
3- اجاز فلانا: أعطاه الاجازة اي الاذن. (أقرب الموارد).
4- مشكاة الانوار: ص 98. منه البحار: ج 67 ص 70.

6805 - قضاء حقوق المؤمنين: قيل لابي عبداللّه (عليه السّلام):

لم سمّي المؤمن مؤمنا؟

قال: لانّه اشتقّ للمؤمن [اسما] من أسمائه تعالى، فسمّاه مؤمنا، وإنما سمّي المؤمن لأنّه يؤمن [من] عذاب اللّه تعالى، ويؤمن على اللّه يوم القيامة فيجيز له ذلك وانه [لو أكل أو] شرب أو قام أو قعد أو نام أو نكح أو مرّ بموضع قذر حوّله اللّه له من سبع أرضين طهرا لايصل إليه من قذرها شيء، وإنّ المؤمن ليكون يوم القيامة بالموقف مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيمرّ بالمسخوط عليه المغضوب غير الناصب ولا المؤمن، وقد ارتكب الكبائر فيرى منزلة شريفة عظيمة له عند اللّه (عزّوجلّ)، وقد عرف المؤمن في الدّنيا وقضى له الحوائج.

فيقوم المؤمن اتّكالا على اللّه (عزّوجلّ) فيعرّفه بفضل اللّه فيقول: اللهمّ هب لي عبدك [فلان] ابن فلان، قال: فيجيبه اللّه تعالى إلى ذلك كلّه.

قال: وقد حكى اللّه (عزّوجلّ) عنهم يوم القيامة قولهم:

(فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) 1 من النبيّين (وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) 2 من الجيران والمعارف، فإذا أيسوا من الشفاعة قالوا: يعني من ليس بمؤمن (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) 3 و(1).

ص:9


1- قضاء حقوق المؤمنين: ص 33 ح 47. منه البحار: ج 67 ص 63.

باب (2) المؤمن ينظر بنور اللّه، واللّه خلقه من نوره

6806 - بصائر الدرجات: حدثنا الحسن بن علي بن معاوية، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عيسى بن أسلم، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك هذا الحديث الّذي سمعته منك ما تفسيره؟

قال: وما هو؟

قلت: «إنّ المؤمن ينظر بنور اللّه».

فقال: يا معاوية، إنّ اللّه خلق المؤمنين من نوره، وصبغهم في رحمته، وأخذ(1) ميثاقهم لنا بالولاية على معرفته، يوم عرّفهم نفسه، فالمؤمن أخو المؤمن لأبيه وامّه، أبوه النور وامّه الرحمة، وإنّما ينظر بذلك النور الّذي خلق منه(2).

فضائل الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه، عن سليمان بن عنتمة بن اسلمة، عن معاوية الدهني مثله(3) و(4).

6807 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن

ص:10


1- - وصنعهم من رحمته واتخذ - فضائل الشيعة.
2- بصائر الدرجات: ص 100 ح 2.
3- في البحار السند هكذا: الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عيسى بن اسلم، عن معاوية بن عمار.
4- فضائل الشيعة: ص 26 ح 21. منهما البحار: ج 67 ص 74.

عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (قال: حدثني أبي جعفر بن محمد) قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن علي، عن النبي (صلوات اللّه عليهما) انه قال: المؤمن ينظر بنور اللّه(1).

6808 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إيّاكم وفراسة المؤمن، فإنّه ينظر بنور اللّه تعالى(2).

6809 - أمالي الطوسي: أبو محمد الفحّام السامري قال:

حدثني المنصوري قال: حدثني عمّ أبي أبو موسى عيسى بن أحمد قال: حدثني الامام علي بن محمد قال: حدثني أبي، عن أبيه علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن الصادق (عليهم السّلام) قال: قال الباقر (عليه السّلام): اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور اللّه، ثمّ تلا هذه الآية: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (3) و(4).

ص:11


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 61 ح 250. منه البحار: ج 67 ص 75.
2- نوادر الراوندي: ص 8. منه البحار: ج 67 ص 75.
3- الحجر 15:75.
4- أمالي الطوسي: ص 294 ح 574. منه البحار: ج 24 ص 128.

باب (3) فيما يدفع اللّه بالمؤمن

6810 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبداللّه بن القاسم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه [ل -] - يدفع بمن يصلّي من شيعتنا عمّن لايصلّي من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الصلاة لهلكوا، وإن اللّه ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمّن لا يزكي ولو أجمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإنّ اللّه ليدفع بمن يحجّ من شيعتنا عمّن لايحجّ ولو أجمعوا على ترك الحجّ لهلكوا وهو قول اللّه (عزّوجلّ): (وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (1) فواللّه ما نزلت إلاّ فيكم ولا عنى بها غيركم(2) و(3).

تفسير القمي: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال:

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ان اللّه يدفع بمن يصلّي... وذكر نحوه إلى قوله: على العالمين(4).

6811 - أمالي الصدوق: حدثنا أحمد بن هارون الفامي، قال:

حدثنا محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، قال: حدثني أبي، عن

ص:12


1- - البقرة 2:251.
2- «فواللّه ما نزلت» أي الآية، ودفع اللّه العذاب عن بعضهم بسبب بعض مخصوصة بالشيعة لايشركهم غيرهم. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 451 ح 1.
4- تفسير القمي: ج 1 ص 83.

هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي، وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين ناداهم (جلّ جلاله وتقدّست أسماؤه): يا أهل معصيتي لولا من فيكم من المؤمنين المتحابّين بجلالي العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي، [و] المستغفرين بالاسحار خوفا منّي لانزلت بكم عذابي ثمّ لا ابالي(1).

علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: قال أبي (عليه السّلام): قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):.... وذكر مثله(2).

6812 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قيل له في العذاب إذا نزل بقوم يصيب المؤمنين؟

قال: نعم ولكن يخلصون بعده(3).

باب (4) ما ضمن اللّه تعالى للمؤمن

6813 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن

ص:13


1- - أمالي الصدوق: ص 166 ح 8.
2- علل الشرايع: ص 522 ح 3. منهما البحار: ج 74 ص 390.
3- الكافي: ج 2 ص 247 ح 3.

ابن أبي نجران، عن محمّد بن القاسم، عن عليّ بن المغيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إذا بلغ المؤمن(1) أربعين سنة آمنه اللّه من الادواء الثلاثة: البرص والجذام والجنون، فإذا بلغ الخمسين خفّف اللّه (عزّوجلّ) حسابه، فإذا بلغ ستّين سنة رزقه اللّه الإنابة، فإذا بلغ السبعين أحبّه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين أمر اللّه (عزّوجلّ) بإثبات حسناته وإلقاء سيّئاته، فاذا بلغ التسعين غفر اللّه (تبارك وتعالى) له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر وكتب أسير اللّه في أرضه.

وفي رواية اخرى: فإذا بلغ المائة فذلك أرذل العمر(2).

6814 - أمالي الطوسي: أخبرني محمد بن محمد [الشيخ المفيد] قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه اللّه)، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن جعفر الاسدي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): إنّ اللّه تعالى ضمن للمؤمن ضمانا.

قال: قلت: وما هو؟

قال: ضمن له إن أقرّ للّه بالربوبيّة(3) ولمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) بالنبوّة، ولعليّ (عليه السّلام) بالامامة، وأدّى ما افترض عليه، أن

ص:14


1- - محمول على الغالب أو مخصوص بالمؤمن الكامل. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 8 ص 107 ح 83.
3- إن أقرّ هو له بالربوبية - ثواب الاعمال.

يسكنه في جواره(1).

قال: فقلت: هذه واللّه هي الكرامة الّتي لاتشبهها كرامة الآدميين.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): اعملوا قليلا تنعّموا كثيرا(2).

ثواب الاعمال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) بهذا الاسناد مثله(3).

حال المؤمن عند اللّه 6815 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثنا ابو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقّه، فالتفت إليّ أبو عبداللّه (عليه السّلام) فقال لي: يا أبا الفضل ألا احدّثك بحال المؤمن عند اللّه؟

فقلت: بلى فحدثني جعلت فداك.

فقال: إذا قبض اللّه روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا:

يا ربّ عبدك ونعم العبد كان سريعا إلى طاعتك بطيئا عن معصيتك، وقد قبضته إليك فما تأمرنا من بعده؟ فيقول الجليل الجبّار: اهبطا إلى

ص:15


1- - وأدّى ما افترض [اللّه] عليه أن يسكنه في جواره ولم يحتجب عنه - ثواب الاعمال.
2- أمالي الطوسي: ص 158 ح 266.
3- ثواب الاعمال: ص 30 ح 1. منهما البحار: ج 67 ص 146.

الدّنيا وكونا عند قبر عبدي وسبّحاني ومجّداني وهلّلاني وكبّراني واكتبا ذلك لعبدي حتّى أبعثه من قبره.

ثمّ قال لي: ألا أزيدك؟

قلت: بلى.

فقال: إذا بعث اللّه المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه، فكلّما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لاتجزع ولا تحزن، وأبشر بالسرور والكرامة من اللّه (عزّوجلّ) قال: فما يزال يبشّره بالسرور والكرامة من اللّه سبحانه حتّى يقف بين يدي اللّه (عزّوجلّ) ويحاسبه حسابا يسيرا ويأمر به إلى الجنّة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: يرحمك اللّه نعم الخارج معي من قبري ما زلت تبشّرني بالسرور والكرامة من اللّه (عزّوجلّ) حتّى كان ذلك، فمن أنت؟

فيقول له المثال: أنا السرور الّذي أدخلته على أخيك [المؤمن](1)في الدّنيا خلقني اللّه منه لابشّرك(2).

أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (رحمه اللّه) بهذا الاسناد نحوه(3).

ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بهذا الاسناد، عن سدير الصيرفي

ص:16


1- - مابين المعقوفتين من أمالي المفيد وثواب الاعمال.
2- أمالي الطوسي: ص 195 ح 333.
3- أمالي المفيد: ص 177 ح 8.

نحوه(1).

ثواب الاعمال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثني عبداللّه بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن سدير الصيرفي - في حديث طويل - قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا بعث اللّه المؤمن.... وذكر نحوه(2).

نعم اللّه. على) المؤمن 6816 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ اللّه (عزّوجلّ) خلق خلقا ضنّ (3)بهم عن البلاء خلقهم في عافية، وأحياهم في عافية، وأماتهم في عافية، وأدخلهم الجنّة في عافية(4).

6817 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعدّة من اصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدّاح،

ص:17


1- - ثواب الاعمال: ص 238 ح 1.
2- ثواب الاعمال: ص 180 ح 1. منها البحار: ج 74 ص 283.
3- الضّن: هو ما يختصّه ويضنّ به، أي يبخل به لمكانه منه وموقعه عنده. (مجمع البحرين). والمعنى أنّ اللّه (سبحانه وتعالى) لايقدّر لهؤلاء البلاء.
4- الكافي: ج 2 ص 462 ح 2.

عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ للّه (عزّوجلّ) ضنائن من خلقه يغذوهم بنعمته(1)، ويحبوهم(2) بعافيته، ويدخلهم الجنّة برحمته، تمرّ بهم البلايا والفتن(3) لاتضرّهم شيئا(4).

6818 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أخذ اللّه ميثاق المؤمن على أن لاتصدّق مقالته ولا ينتصف من عدوّه(5) وما من مؤمن يشفي نفسه إلاّ بفضيحتها لانّ كلّ مؤمن ملجم(6) و(7).

6819 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): الاغلب من غلب بالخير، والمغلوب من غلب بالشرّ، والمؤمن ملجم(8).

ص:18


1- - الغذاء: ما يتغذّى به، وقيل ما يكون به نماء الجسم وقوامه من الطعام والشراب واللبن، ويقال: غذوت الصبي باللّبن فاغتذى أي ربيّته به. السان العرب).
2- في الحديث: «إنّ أوّل حبائك الجنة» أي عطاؤك، يقال: «حبوت الرجل حباء» - بالكسر والمدّ - أي أعطيته الشيء بغير عوض. (مجمع البحرين).
3- الفتنة في كلام العرب: الابتلاء والامتحان والإختبار، وأصله من فتنت الفضة إذا أدخلتها في النار لتتميّز. (مجمع البحرين).
4- الكافي: ج 2 ص 462 ح 3.
5- انتصف: انتقم منه لطلب العدل. (أقرب الموارد).
6- يعني إذا أراد المؤمن أن يشفي غيظه بالانتقام من عدوه افتضح، وذلك لانه ليس بمطلق العنان خليع العذار، يقول ما يشاء ويفعل ما يريد، اذ هو مأمور بالتقية والكتمان... وقيل: أي ممنوع من الكلام. (مرآة العقول).
7- الكافي: ج 2 ص 249 ح 1.
8- معاني الاخبار: ص 170 ح 1. منه البحار: ج 75 ص 275.

6820 - قرب الاسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، قال: حدثني جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: مرّ بعض الصحابة براهب فكلّمه بشيء فقال له الراهب: يا عبداللّه إنّ دينك جديد وديني خلق، فلو قد خلق دينك لم يكن شيء أحبّ إليك من مثلها(1).

باب (7) الولاية أعظم نعم اللّه على المؤمن

6821 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان وسيف بن عميرة، عن فضيل بن يسار قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) في مرضة مرضها لم يبق منه إلاّ رأسه(2) فقال: يا فضيل إنّني كثيرا ما أقول: ما على رجل عرّفه اللّه هذا الامر لو كان في رأس جبل حتى يأتيه الموت.

يا فضيل بن يسار: إنّ الناس أخذوا يمينا وشمالا وإنا وشيعتنا هدينا الصراط المستقيم.

يا فضيل بن يسار: إنّ المؤمن لو أصبح له ما بين المشرق والمغرب كان ذلك خيرا له، ولو أصبح مقطّعا اعضاؤه كان ذلك خيرا له.

يا فضيل بن يسار: إنّ اللّه لايفعل بالمؤمن إلاّ ما هو خير له.

ص:19


1- - قرب الاسناد: ص 40. منه البحار: ج 9 ص 344، هكذا في المصدر والظاهر أنّ الصحيح: من مثله.
2- أي من أعضائه...، والمعنى أنه نحف جميع أعضائه وهزلت حتى كأنه لم يبق منها شيء إلاّ رأسه. (مرآة العقول).

يا فضيل بن يسار: لو عدلت الدنيا عند الله (عزّوجلّ) جناح بعوضة ما سقى عدوّه منها شربة ماء.

يا فضيل بن يسار: إنّه من كان همّه همّا واحدا كفاه اللّه همّه، ومن كان همّه في كلّ واد لم يبال اللّه بأيّ واد هلك(1) و(2).

6822 - أمالي الطوسي: أبو محمّد الفحّام السامري قال: حدثنا المنصوري قال: حدثني عمّ أبي قال: حدثني الامام علي بن محمّد (عليهما السّلام) قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهم السّلام) قال: إنّ رجلا جاء إلى سيّدنا الصادق (عليه السّلام) فشكا إليه الفقر.

فقال: ليس الامر كما ذكرت، وما أعرفك فقيرا.

قال: واللّه يا سيّدي ما استبيت(3) وذكر من الفقر قطعة، والصادق (عليه السّلام) يكذّبه، إلى أن قال له: خبّرني لو اعطيت بالبراءة منّا مائة دينار، كنت تأخذ؟

قال: لا. إلى أن ذكر الوف دنانير، والرجل يحلف أنّه لايفعل.

فقال له: من معه سلعة يعطى بها هذا المال لا يبيعها، هو فقير؟(4).

البحار - بيان: «ما استبنت» أي ما حققت حالي وما استوضحتها، حيث لم تعرفني فقيرا.

ص:20


1- - «في كل واد» أي من أودية الضلالة والجهالة. قوله: «لم يبال اللّه بأي واد هلك». أي صرف الله تعالى لطفه وتوفيقه عنه، وتركه مع نفسه وأهوائها... (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 246 ح 5.
3- ما استبنت - البحار.
4- أمالي الطوسي: ص 297 ح 584. منه البحار: ج 67 ص 147.

6823 - بصائر الدرجات: حدثنا الحسين بن محمّد، عن معلّى ابن محمّد، ومحمّد بن جمهور، عن عبداللّه بن عبدالرحمان، عن الهيثم بن واقد، عن أبي يوسف البزّاز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: تلا علينا أبو عبداللّه (عليه السّلام) هذه الآية (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللّهِ) (1) قال: أتدري ما آلاء اللّه؟

قلت: لا.

قال: هي أعظم نعم اللّه على خلقه، وهي ولايتنا(2).

باب (8) قلّة عدد المؤمنين

6824 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن قتيبة الاعشى قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: المؤمنة أعزّ من المؤمن والمؤمن أعزّ من الكبريت الاحمر(3)، فمن رأى منكم الكبريت الاحمر(4)؟.

ص:21


1- - الاعراف 7:69.
2- بصائر الدرجات: ص 101 ح 3. منه البحار: ج 67 ص 147.
3- والمشهور أن الكبريت الأحمر هو الجوهر الذي يطلبه أصحاب الكيمياء وهو الاكسير، وحاصل الحديث أن المرأة المتصفة بصفات الايمان أقل وجودا من الرجل المتصف بها والرجل المتصف بها أعز وجودا من الاكسير الذي لايكاد يوجد، ثم أكد قلّة وجود الكبريت بقوله: «فمن رأى منكم» هو استفهام إنكاري، أي إذا لم تروا الكبريت الاحمر فكيف تطمعون في رؤية المؤمن الكامل - الذي هو أعزّ وجودا منه - أو في كثرته؟! (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 2 ص 242 ح 1.

6825 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن كليب بن معاوية، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

سمعته يقول: ما ينبغي للمؤمن أن يستوحش إلى أخيه فمن دونه(1)، المؤمن عزيز في دينه(2).

6826 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول لابي بصير: أما واللّه لو أنّي أجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت أن أكتمهم حديثا(3).

6827 - الكافي: محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبداللّه بن حمّاد الأنصاريّ، عن سدير الصيرفي قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت له: واللّه ما يسعك القعود.

فقال: ولم يا سدير؟

قلت: لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك، واللّه لو كان لامير

ص:22


1- - الظاهر: أنّ المؤمن لاينبغي أن يجد الوحشة من قلّة احبائه وموافقيه، وكثرة اعدائه ومخالفيه، فيأنس لذلك ويميل إلى أخيه الديني أو النسبي، فمن دونه من الأعادي أو الأجانب. وقوله: «المؤمن عزيز في دينه» جملة استينافية، فكأنه يقول قائل: لم لايستوحش؟ فيجيب: بأنّه منيع رفيع القدر بسبب دينه فلايحتاج في عزّه وكرامته وغلبته إلى أن يميل إلى أحد ويأنس به، والحاصل أن عرته بالدين لا بالعشاير والتابعين، فكلمة «في» سببية. وأقول: في بعض النسخ: «عمّن دونه» وفي بعضها «عن دونه». (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 245 ح 4.
3- الكافي: ج 2 ص 242 ح 3.

المؤمنين (عليه السّلام) مالك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عديّ.

فقال: يا سدير وكم عسى أن يكونوا؟

قلت: مائة ألف.

قال: مائة ألف؟

قلت: نعم، ومائتيّ ألف.

قال: مائتي ألف؟

قلت: نعم ونصف الدّنيا.

قال: فسكت عنّي ثمّ قال: يخفّ عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع(1)؟

قلت: نعم فأمر بحمار وبغل أن يسرّجا، فبادرت فركبت الحمار.

فقال: يا سدير أترى أن تؤثرني بالحمار؟

قلت: البغل أزين وأنبل(2) قال: الحمار أرفق بي، فنزلت فركب الحمار وركبت البغل فمضينا فحانت الصلاة فقال: يا سدير انزل بنا نصلّي، ثمّ قال: هذه أرض سبخة لاتجوز الصلاة فيها فسرنا حتى

ص:23


1- - «يخف عليك» - بكسر الخاء -: أي يسهل ولا يثقل، وفي القاموس: خف القوم: ارتحلوا مسرعين، وقال: ينبع: حصن له عيون ونخيل وزروع بطريق حاج مصر، وفي النهاية: على سبع مراحل من المدينة من جهة البحر، وقيل: على أربع مراحل وهو من أوقاف أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وهو (عليه السّلام) أجرى عينه كما يظهر من الاخبار. (مرآة العقول).
2- «ازين»: أي الزينة. «أنبل» في القاموس: النبل - بالضم - الذكاء والنجابة. (مرآة العقول).

صرنا إلى أرض حمراء ونظر إلى غلام يرعى جداء(1) فقال: واللّه يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود، ونزلنا وصلّينا فلمّا فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها فإذا هي سبع عشر(2).

6828 - صفات الشيعة: باسناده عن المفضل بن قيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كم شيعتنا بالكوفة؟

قال: قلت: خمسون ألفا قال: فما زال يقول حتى قال: أترجو أن يكونوا عشرين، ثمّ قال (عليه السّلام): واللّه لوددت أن يكون بالكوفة خمسة وعشرون رجلا يعرفون أمرنا الذي نحن عليه، ولا يقولون علينا الاّ الحقّ (3).

6829 - المحاسن: البرقي، عن الحسن بن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي اميّة يوسف بن ثابت بن أبي سعيد، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إن تكونوا وحدانيّين فقد كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وحدانيا يدعو الناس، فلا يستجيبون له، وقد كان أوّل من استجاب له: عليّ بن أبي طالب (صلوات اللّه عليه) وقد قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي(4).

ص:24


1- - الجدي: من اولاد المعز وهو ما بلغ ستة أشهر أو سبعة أشهر والجمع جداء. (مجمع البحرين).
2- الكافي: ج 2 ص 242 ح 4.
3- صفات الشيعة: ص 56 ح 26. منه البحار: ج 67 ص 158.
4- المحاسن: ص 159 ح 97. منه البحار: ج 67 ص. 147

المؤمن يأنس بايمانه 6830 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): قال اللّه (تبارك وتعالى): لو لم يكن في الارض إلاّ مؤمن واحد لاستغنيت به(1)عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه انسا لايحتاج إلى أحد(2).

6831 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن منصور الصيقل والمعلّى بن خنيس قالا: سمعنا أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): قال اللّه (عزّوجلّ): ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في موت عبدي المؤمن(3)، إنّني لاحبّ لقاءه ويكره الموت فأصرفه عنه، وإنّه ليدعوني فاجيبه وإنّه ليسألني فاعطيه، ولو لم يكن في الدنيا إلاّ واحد من عبيدي مؤمن لاستغنيت به عن جميع

ص:25


1- - أي لاقمت نظام العالم وأنزلت الماء من السماء ولدفعت العذاب وأنواع البلاء بسبب هذا المؤمن، لانّ هذا يكفي لمصلحة بقاء النظام، ويحتمل أن يكون هذا المؤمن الواحد الامام (عليه السّلام). (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 245 ح 2.
3- قوله: «ما ترددت في شيء» هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بين الفريقين، ومن المعلوم انه سبحانه لم يرد التردد المعهود من الخلق في الامور التي يقصدونها فيترددون في إمضائها لجهلهم بعواقبها أو لقلة ثقتهم بالتمكن منها لمانع ونحوه. (مرآة العقول).

خلقي ولجعلت له من إيمانه انسا لا يستوحش إلى أحد(1).

مصادقة الاخوان: عن منصور الصيقل والمعلى بن خنيس قالا:

سمعنا أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): قال اللّه تعالى: اني لحرب لمن استذلّ عبدي المؤمن وإنّي أسرع إلى نصرة أوليائي فما ترددت في شيء أنا فاعله....

وذكر مثله(2).

كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يقول اللّه (عزّوجلّ): من أهان لي وليّا فقد ارصد لمحاربتي وأنا أسرع شيء في نصرة اوليائي وما ترددت... وذكر نحوه(3).

6832 - عدة الداعي: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): قال اللّه (تبارك وتعالى): ليأذن بحرب منّي من آذي عبدي المؤمن، وليأمن من غضبي من أكرم عبدي المؤمن، ولو لم يكن في خلقي في الارض [فيما](4) بين المشرق والمغرب إلاّ مؤمن واحد مع إمام عادل، لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي، ولقامت سبع أرضين وسبع سماوات بهما، ولجعلت لهما من إيمانهما انسا لا يحتاجان إلى انس سواهما(5).

6833 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن عليّ بن شجرة،

ص:26


1- - الكافي: ج 2 ص 246 ح 6.
2- مصادقة الاخوان: ص 74.
3- كتاب المؤمن: ص 33 ح 63.
4- ما بين المعقوفتين من البحار.
5- عدّة الداعي: ص 182. منه البحار: ج 67 ص 149.

عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ما من مؤمن إلاّ وقد جعل اللّه له من إيمانه انسا يسكن إليه، حتّى لو كان على قلّة جبل [لم] يستوحش إلى من خالفه(1).

6834 - عدة الداعي: روي عبيد بن زرارة، عن الصادق (عليه السّلام) [قال:] ما من مؤمن إلاّ وقد جعل اللّه له من إيمانه انسا يسكن عليه(2) حتّى لو كان على قلّة جبل لم يستوحش(3).

6835 - عدة الداعي: روي الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خالط الناس تخبرهم ومتى تخبرهم تقلهم(4) و(5).

6836 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن يحيي الحلبي، عن أيّوب بن الحرّ أخي أديم، قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما يضرّ أحدكم لو كان(6) على قلّة جبل يجوع يوما ويشبع يوما، إذا كان على دين اللّه(7).

6837 - الجعفريات: باسناده عن جعفر بن محمّد، عن آبائه

ص:27


1- - المحاسن: ص 159 ح 98. منه البحار: ج 67 ص 148.
2- يسكن إليه - البحار.
3- عدة الداعي: ص 218. منه البحار: ج 70 ص 111.
4- الخبر: العلم بالشيء، والتجربة والاختبار. واختبر الشيء: جرّبه وامتحنه. وقلا فلانا: ابغضه وكرهه. (أقرب الموارد). أي عندما تخالط الناس تعرفهم حقّ المعرفة، فتبغض وتكره المسيء والقبيح منهم.
5- عدّة الداعي: ص 218. منه البحار: ج 70 ص 111.
6- أن يكون - البحار.
7- المحاسن: ص 160 ح 101. منه البحار: ج 67 ص 149.

(عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى االلّه عليه وآله): إنّ المؤمن ليسكن إلى المؤمن، كما يسكن قلب الظّمآن إلى الماء البارد(1).

باب (10) أصناف النّاس في الإيمان

6838 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ ابن أسباط، عن سليم مولى طربال قال: حدثني هشام، عن حمزة بن الطيّار، قال: قال لي ابو عبداللّه (عليه السّلام): الناس على ستّة أصناف.

قال: قلت: أتأذن لي أن أكتبها؟

قال: نعم.

قلت: ما أكتب؟

قال: اكتب: أهل الوعيد من أهل الجنّة وأهل النار(2) واكتب:

(وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً) (3).

ص:28


1- - الجعفريات: ص 197. منه المستدرك: ج 9 ص 106.
2- قوله: «من أهل الجنّة وأهل النار» بيان لاهل الوعيد، أي جزما، وهم الذين قال اللّه (تبارك وتعالى) فيهم في سورة التوبة آية 72 (وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). وقال في تلك السورة أيضا آية 68 (وَعَدَ اللّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْكُفّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَ لَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) فهاتان الفرقتان أهل الوعدين. (مرآة العقول).
3- التوبة 9:102.

قال: قلت: من هؤلاء؟

قال: وحشي(1) منهم.

قال: واكتب: (وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) (2).

قال: واكتب: (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) لايستطيعون حيلة إلى الكفر، ولا يهتدون سبيلا إلى الايمان (فَأُولئِكَ عَسَى اللّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) (3).

قال: واكتب أصحاب الاعراف(4).

قال: قلت: وما أصحاب الأعراف؟

قال: قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم، فان أدخلهم النار فبذنوبهم وإن أدخلهم الجنّة فبرحمته(5).

6839 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حمّاد، عن حمزة بن الطيّار قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): الناس على ستّ فرق، يؤولون(6) كلّهم إلى

ص:29


1- - قال في القاموس: وحشيّ بن حرب صحابي، وهوقاتل حمزة بن عبدالمطلب (رضوان الله تعالى عليه) في الجاهلية، وقاتل مسيلمة الكذاب في الاسلام. (مرآة العقول).
2- التوبة 9:106، (وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ) أي مؤخرون موقوفون لما يرد من أمر اللّه تعالى فيهم. (مرآة لعقول).
3- النساء 4:99.
4- أعراف الحجاب: وهو السور المضروب بين الجنة والنار وهي أعاليه، جمع عرف، مستعار من عرف الفرس والديك. (مجمع البحرين).
5- الكافي: ج 2 ص 381 ح 1.
6- الاول: الرجوع. (مجمع البحرين).

ثلاث فرق: الايمان والكفر والضلال، وهم أهل الوعدين الّذين وعدهم الله الجنّة والنار: المؤمنون والكافرون والمستضعفون(1) والمرجون لامر اللّه(2) إما يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا وأهل الاعراف(3).

الموالي المعتقين 6840 - معاني الاخبار: حدثنا محمد بن علي [ماجيلويه]، قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار، عن محمد بن أحمد [الاشعري]، عن محمّد بن هارون، عن أبي يحيي الواسطيّ، عمّن ذكره، قال: قال رجل لأبي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس يقولون من لم يكن عربيّا صلبا أو مولى صريحا، فهو سفلي.

فقال: وأيّ شيء المولى الصريح؟

فقال له الرّجل: من ملك أبواه.

ص:30


1- - المستضعفون: وهم الذين لايهتدون إلى الايمان سبيلا، لعدم استطاعتهم، كالصبيان والمجانين والبله، ومن لم تصل الدعوة إليه. (مرآة العقول).
2- وهم المؤخر حكمهم إلى يوم القيامة، من الإرجاء بمعنى التأخير، يعني لم يأت لهم وعد ولا وعيد في الدنيا، وإنما أخّر أمرهم إلى مشيئة الله فيهم إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم، وهم الذين تابوا من الكفر ودخلوا في الإسلام الاّ أن الاسلام لم يتقرر في قلوبهم ولم يطمئنّوا إليه بعد، ومنهم المؤلّفة قلوبهم ومن يعبد اللّه على حرف، قبل أن يستقر على الايمان أو الكفر، وهذا التفسير للمرجين بحسب هذا التقسيم الذي في هذا الحديث. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 381 ح 2.

قال: ولم قالوا هذا؟

قال: قالوا: لقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): «مولى القوم من أنفسهم».

فقال: سبحان اللّه!! أما بلغك أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: «أنا مولى من لا مولى له، أنا مولى كلّ مسلم، عربيّها وعجميّها» فمن والى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أليس يكون من نفس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟.

ثمّ قال: أيّهما أشرف؟ من كان من نفس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أو من كان من نفس أعرابيّ جلف بائل على عقبيه(1)؟

ثمّ قال (عليه السّلام): من دخل في الإسلام رغبة خير ممّن دخل رهبة، ودخل المنافقون رهبة، والموالي دخلوا رغبة(2).

6841 - تفسير القمي: حدثني محمد بن عبداللّه [الحميري]، عن أبيه عبداللّه بن جعفر، عن السندي بن محمّد، عن يونس بن يعقوب، عن يعقوب بن قيس، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

يابن قيس (وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) (3)عنى أبناء الموالي المعتقين(4).

ص:31


1- - البائل: اسم فاعل، من بال يبول بولا، وفي نسخة: [بائل على عقبه]. «هامش المصدر».
2- معاني الاخبار: ص 405 ح 78. منه البحار: ج 67 ص 168. والموالي جمع مولى. والمولى: المحبّ، التابع، العبد، المعتق (أقرب الموارد). ولعلّ المراد - هنا - من الموالى هم العبيد والمعتقون منهم من غير العرب.
3- سورة محمد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:38.
4- تفسير القمي: ج 2 ص 309. منه البحار: ج 67 ص 174.

6842 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: لو كان العلم منوطا بالثريّا(1) لتناولته رجال من فارس(2).

6843 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السّلام) قال في فارس: ضربتموهم على تنزيله ولا تنقضي الدنيا حتى يضربوكم على تأويله3.

6844 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن الحسن [ابن الوليد]، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن عاصم، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

سالته عن الرجل يفتري على الرجل من جاهليّة العرب؟

قال: يضرب حدا.

قلت: حدا؟

قال: نعم، إنّه يدخل(3) على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(4).

البحار - بيان: كأنّه محمول على ما إذا سرى شينه إليه (صلّى اللّه عليه وآله) كأجداده وجدّاته أو أقاربه القريبة، كما يوميء إليه

ص:32


1- - الثريا: النجم المعروف. ويقال: ان خلال أنجم الثريا الظاهرة كواكب خفية كثيرة العدد (لسان العرب).
2- (2و3) - قرب الاسناد: ص 52. منه البحار: ج 67 ص 174.
3- إن يدخل - البحار.
4- علل الشرايع: ص 393 ح 6. منه البحار: ج 67 ص 174.

قوله: «إنّه يدخل» أي عيبه وعاره، أو هو من الدّخل بمعنى العيب، ولو كان «إن يدخل» كما في بعض النسخ، كان ما ذكرنا أظهر.

6845 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن موسى المتوكل (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني، عن حرب، عن شيخ من بني أسد يقال له: عمرو، عن ذريح، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أصاب بعيرا لنا علّة، ونحن في ماء لبني سليم، فقال الغلام: يا مولاي أنحره؟

قال: لا، تريّث(1) فلمّا سرنا أربعة أميال، قال: يا غلام انزل فانحره، ولان تأكله السباع أحبّ إليّ من أن تأكله الاعراب(2).

6846 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن داود بن الحصين، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما يزال الرّجل ممّن ينتحل أمرنا، يقول لمن منّ عليه بالاسلام: يا نبطيّ.

قال: فقال (عليه السّلام): نحن أهل البيت والنبطي(3) من ذرّية إبراهيم، إنّما هما نبطان من النبط الماء والطين، وليس بضارّه في ذريّته شيء، فقوم استنبطوا العلم فنحن هم(4).

ص:33


1- - الرّيث: مقدار المهلة من الرمان. وراث الرّجل: أبطأ. (أقرب الموارد). والمعنى: إصبر. وفي البحار: تلبّث.
2- علل الشرايع: ص 599 ح 48. منه البحار: ج 67 ص 175.
3- والنبط - البحار.
4- معاني الاخبار: ص 404 ح 73. منه البحار: ج 67 ص 176.

6847 - معاني الأخبار: روي أنّ الصادق (عليه السّلام) قال:

من ولد في الإسلام فهو عربيّ، ومن دخل فيه بعدما كبر فهو مهاجر، ومن سبي واعتق فهو مولى ومولى القوم من أنفسهم(1).

6848 - المحاسن: البرقي، عن إسماعيل بن مهران، قال: اخبرني أبي، عن اسحاق بن جرير البجليّ قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): جاءني ابن عمّك، كأنّه أعرابيّ مجنون، عليه إزار وطيلسان ونعلان في يده، فقال لي: إنّ قوما يقولون فيك.

فقلت له: ألست عربيّا.

قال: بلى.

فقلت: إنّ العرب لاتبغض عليّا (عليه السّلام) ثمّ قلت له:

لعلّك ممّن يكذّب بالحوض؟! أمّا واللّه لئن أبغضته ثمّ وردت عليه الحوض، لتموتنّ عطشا(2).

6849 - تفسير العياشي: عن بعض اصحابه، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سالته عن هذه الآية: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) ؟(3).

قال: المولى(4).

6850 - البحار: كتاب الاستدراك - باسناده، عن ابن عقدة،

ص:34


1- - معاني الاخبار: ص 239 ح 3. منه البحار: ج 67 ص 180.
2- المحاسن: ص 89 ح 37. منه البحار: ج 67 ص 180.
3- المائدة 5:54.
4- تفسير العياشي: ج 1 ص 327 ح 136. منه البحار: ج 67 ص 180. وفي البحار: الموالي.

باسناده، عن يحيي بن زكريّا بن شيبان، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: نحن العرب، وشيعتنا الموالي وسائر الناس همج(1).

6851 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن يوسف، عن عثمان ابن جبلة، عن ضريس بن عبدالملك، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: نحن قريش، وشيعتنا العرب، وعدوّنا العجم(2).

البحار - بيان: «وشيعتنا العرب» أي العرب الممدوح من كان من شيعتنا، وان كان عجما، والعجم المذموم من كان عدونا، وان كان عربا.

باب (12) المؤمن صنفان

6852 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن نصير أبي الحكم الخثعميّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: المؤمن مؤمنان:

فمؤمن صدق بعهداللّه ووفى بشرطه وذلك قول اللّه (عزّوجلّ):

(رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ) (3) فذلك الذي لاتصيبه أهوال الدّنيا ولا أهوال الآخرة وذلك ممّن يشفع ولا يشفع له.

ص:35


1- - البحار: ج 67 ص 181 ح 21.
2- معاني الأخبار: ص 403 ح 71. منه البحار: ج 67 ص 176.
3- الاحزاب 33:23.

ومؤمن كخامة الزرع(1)، تعوجّ أحيانا وتقوم أحيانا، فذلك ممّن تصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة وذلك ممّن يشفع له ولا يشفع(2).

6853 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبداللّه، عن خالد العمّي، عن خضر بن عمرو، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان: مؤمن وفّى للّه بشروطه الّتي شرطها عليه، فذلك مع النبيّين والصدّيقين والشّهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وذلك من يشفع ولا يشفع له وذلك ممّن لاتصيبه أهوال الدّنيا ولا أهوال الآخرة، ومؤمن زلّت به قدم فذلك كخامة الزرع كيفما كفاته الريح انكفأ، وذلك ممّن تصيبه أهوال الدّنيا والآخرة ويشفع له وهو على خير(3).

باب (13) كرامة المؤمن عند اللّه تعالى

6854 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالعزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قال اللّه (عزّوجلّ): إنّ العبد من عبيدي المؤمنين ليذنب الذنب العظيم ممّا يستوجب به عقوبتي في الدّنيا والآخرة فانظر له فيما فيه صلاحه في اخرته فاعجّل له العقوبة عليه في الدّنيا لاجازيه بذلك الذّنب واقدّر

ص:36


1- - الخامة من الزرع: أوّل ما ينبت على ساق، أو اللّطافة الغضّة منه أو الشجرة الغضّة منه. (اقرب الموارد).
2- الكافي: ج 2 ص 248 ح 1.
3- الكافي: ج 2 ص 248 ح 2.

عقوبة ذلك الذنب وأقضيه وأتركه عليه موقوفا غير ممضى ولي في إمضائه المشيئة وما يعلم عبدي به فأتردّد في ذلك مرارا على إمضائه ثمّ امسك عنه فلا امضيه كراهة لمساءته وحيدا(1) عن إدخال المكروه عليه فأتطوّل عليه(2) بالعفو عنه والصفح، محبة لمكافاته لكثير نوافله الّتي يتقرّب بها إليّ في ليله ونهاره فأصرف ذلك البلاء عنه وقد قدّرته وقضيته وتركته موقوفا ولي في إمضائه المشيئة، ثمّ أكتب له عظيم أجر نزول ذلك البلاء وأدّخره واوقّر له أجره ولم يشعر به ولم يصل إليه أذاه وأنا اللّه الكريم الرؤف الرحيم(3).

6855 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(4)قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ من كرامة المؤمن على اللّه أنّه لم يجعل لاجله وقتا حتّى يهمّ ببائقة(5) فاذا همّ ببائقة قبضه إليه.

قال: وقال جعفر بن محمّد (عليه السّلام): تجنّبوا البوائق يمدّ لكم في الاعمار(6).

باب (14) بكاء الملائكة على المؤمن الذي مات في غربة

6856 - نوادر الراوندي: باسناده، عن جعفر بن محمّد، عن

ص:37


1- - حاد عنه: عدل عنه ومال عنه وجانبه. (مجمع البحرين).
2- الطول - بفتح الطاء -: الفضل. (مجمع البحرين).
3- الكافي: ج 2 ص 449 ح 1.
4- المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
5- البائقة: الداهية والشر. (أقرب الموارد).
6- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 36 ح 90. منه البحار: ج 68 ص 19.

آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء.

قيل: ومن هم يا رسول اللّه؟

قال: الّذين يصلحون إذا فسد الناس، إنّه لا وحشة ولا غربة على مؤمن، وما من مؤمن يموت في غربة إلاّ بكت عليه الملائكة رحمة له، حيث قلّت بواكيه، وفسح له في قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه(1).

6857 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما من مؤمن يموت في غربة [من] الارض فيغيب عنه بواكيه، إلاّ بكته بقاع الارض الّتي كان يعبد اللّه عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء الّتي كان يصعد بها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به(2).

صفات المؤمن وعلاماته 6858 - الكافي: محمّد بن جعفر، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبداللّه بن داهر، عن الحسن بن يحيي، عن قثم أبي قتادة الحرّانيّ، عن عبداللّه بن يونس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قام رجل يقال له: همّام - كان عابدا ناسكا مجتهدا - إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأنّنا ننظر إليه؟

ص:38


1- - نوادر الراوندي: ص 9. منه البحار: ج 67 ص 200.
2- كتاب المؤمن: ص 36 ح 81. منه البحار: ج 67 ص 66.

فقال: يا همّام المؤمن هو الكيّس الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدرا، وأذلّ شيء نفسا، زاجر عن كلّ فان(1)، حاض(2) على كلّ حسن، لا حقود ولا حسود، ولا وثّاب(3)، ولا سبّاب، ولا عيّاب، ولا مغتاب، يكره الرفعة ويشنأ السمعة(4) طويل الغمّ، بعيد الهمّ كثير الصمت وقور(5)، ذكور(6)، صبور، شكور، مغموم بفكره(7)، مسرور بفقره، سهل الخليقة، ليّن العريكة(8)، رصين الوفاء، قليل الأذى، لا متأفّك(9) ولا متهتّك.

إن ضحك لم يخرق، وإن غضب لم ينزق(10) ضحكه تبسّم، واستفهامه تعلّم، ومراجعته تفهّم، كثير علمه، عظيم حلمه، كثير الرّحمة، لا يبخل، ولا يعجل، ولا يضجر، ولا يبطر(11)، ولا يحيف(12)

ص:39


1- - «زاجر» أي نفسه أو غيره أو الاعم منهما. «عن كل فان» أي من جميع الامور الدنيوية فانها في معرض الفناء (مرآة العقول).
2- الحضّ: الترغيب والتحريص. (مرآة العقول).
3- أي لا يثب في وجوه الناس بالمنازعة والمعارضة. (مرآة العقول).
4- شنأه: ابغضه. (أقرب الموارد).
5- أي ذو وقار ورزانة لا يستعجل في الأمور ولا يبادر في الغضب ولا تجرّه الشّهوات الى ما لا ينبغي فعله. (مرآة العقول).
6- أي كثير الذكر للّه. (مرآة العقول).
7- أي بسبب فكره في امور الآخرة. (مرآة العقول).
8- العريكة كسفينة: النفس، ورجل لين العريكة: سلس الخلق منكسر النخوة (مرآة العقول).
9- الرّصين: المحكم الثابت (مجمع البحرين). «لا متأفّك» كانه مبالغة في الافك بمعنى الكذب أي لا يكذب كثيرا. (مرآة العقول).
10- نزق الرجل: طاش وخف عند الغضب. (أقرب الموارد).
11- البطر: الطغيان عند النعمة وطول الغنى (النهاية).
12- الحيف: الجور والظلم. (النهاية).

في حكمه، ولا يجور في علمه، نفسه أصلب من الصلد(1)، ومكادحته أحلى من الشهد(2)، لاجشع ولا هلع(3) ولا عنف ولا صلف ولا متكلّف ولا متعمّق(4) جميل المنازعة، كريم المراجعة. عدل إن غضب، رفيق إن طلب، لايتهوّر ولا يتهتّك ولا يتجبّر(5)، خالص الودّ، وثيق العهد، وفي العقد، شفيق، وصول حليم، خمول(6)، قليل الفضول، راض عن اللّه (عزّوجلّ)، مخالف لهواه، لايغلظ على من دونه ولا يخوض فيما لا يعنيه، ناصر للدين، محام عن المؤمنين كهف للمسلمين، لا يخرق الثناء سمعه(7) ولا ينكي الطمع قلبه، ولا يصرف اللّعب حكمه، ولا يطلع الجاهل علمه، قوّال، عمّال، عالم حازم، لا بفحّاش ولا بطيّاش، وصول في غير عنف، بذول في غير سرف، لا بختّال(8)

ص:40


1- - اي من الحجر الصلب، كناية عن شدة تحمّله للمشاق أو عن عدم عدوله عن الحق وتزلزله فيه بالشبهات، وعدم ميله الى الدّنيا بالشهوات. (مرآة العقول).
2- الكدح: جهد النفس في العمل والكد فيه حتى يؤثر فيها. (أقرب الموارد).
3- جشع جشعا: حرص أشدّ الحرص. والهلوع: من يجزع ومن يفزع من الشرّ ويحرص ويشح على المال وقيل: الضجور لايصبر على المصائب. (أقرب الموارد).
4- العنف: ضد الرفق، الشدّة والقساوة. وصلف صلفا: تمدح بما ليس فيه أو عنده وادعى فوق ذلك إعجابا وتكبّرا، وأصلف فلان: قل خيره. والمتكلّف: الوقّاع فيما لا يعنيه. وتعمّق في الامر: بالغ فيه وتشدّد طالبا أقصى غاياته. (المنجد).
5- أي لا يتكبّر على الغير أو لا يعدّ نفسه كبيرا. (مرآة العقول).
6- أي خامل الذكر غير مشهور بين الناس ومحمول على أنه لا يحبّ الشّهرة ولا يسعى فيها. (مرآة العقول).
7- كان المراد بالخرق الشقّ وعدمه كناية عن عدم التأثير فيه كانه لم يسمعه. (مرآة العقول).
8- ختله: خدعه. (أقرب الموارد).

ولا بغدّار، ولا يقتفي أثرا(1)، ولا يحيف بشرا، رفيق بالخلق، ساع في الارض، عون للضعيف غوث للملهوف، لايهتك سترا ولا يكشف سرا، كثير البلوى، قليل الشكوى، إن رأى خيرا ذكره، وإن عاين شرا ستره، يستر العيب، ويحفظ الغيب، ويقيل العثرة ويغفر الزلّة.

لا يطّلع على نصح فيذره(2)، ولا يدع جنح حيف فيصلحه(3)، أمين رصين تقيّ، نقي، زكي، رضي، يقبل العذر ويجمل الذكر ويحسن بالناس الظن، ويتّهم على الغيب نفسه، يحبّ في اللّه بفقه وعلم، ويقطع في اللّه بحزم وعزم لا يخرق به فرح، ولا يطيش به مرج، مذكر للعالم، معلّم للجاهل، لايتوقّع له بائقة، ولا يخاف له غائلة(4) كلّ سعي أخلص عنده من سعيه، وكلّ نفس أصلح عنده من نفسه، عالم بعيبه شاغل بغمّه، لا يثق بغير ربّه، غريب وحيا جريد [حزين]، يحبّ في اللّه ويجاهد في اللّه ليتّبع رضاه ولا ينتقم لنفسه بنفسه ولا يوالي في سخط ربّه، مجالس لاهل الفقر، مصادق لاهل الصدق مؤازر لاهل الحق، عون للقريب، أب لليتيم، بعل للارملة، حفي بأهل المسكنة، مرجوّ لكلّ كريهة، مأمول لكلّ شدّة(5)، هشاش،

ص:41


1- - أي لا يتبع عيوب الناس. (مرآة العقول).
2- أي إذا اطلع على نصح لأخيه لا يتركه بل يذكره له. (مرآة العقول).
3- في القاموس: الجنح - بالكسر -: الجانب، والكتف، والناحية. وقال: الحيف: الجور والظلم، والحاصل أنّه لا يدع شيئا من الظلم يقع منه أو من غيره على أحد بل يصلحه، أو لايصدر منه شيء من الظلم فيحتاج إلى أن يصلحه. (مرآة العقول).
4- فلان قليل الغائلة: أي الشر. (مرآة العقول).
5- الحفي: البر اللطيف. وقوله: «مرجوّ لكل كريهة» أي يرجى لرفع كل كريهة ويأمله الناس لدفع كل شدة ولو بالدعاء إن لم تمكنه الاعانة الظاهرة. (مرآة العقول).

بشّاش، لابعبّاس ولا بجسّاس، صليب(1)، كظّام، بسّام دقيقا النظر عظيم الحذر [لايجهل وإن جهل عليه يحلم] لا يبخل وإن بخل عليه صبر، عقل فاستحيي، وقنع فاستغنى، حياؤه يعلو شهوته، وودّه يعلو حسده، وعفوه يعلو حقده، لاينطق بغير صواب، ولا يلبس إلاّ الإقتصاد، مشيه التواضع، خاضع لربّه بطاعته، راض عنه في كلّ حالاته، نيّته خالصة، أعماله ليس فيها غشّ ولا خديعة، نظره عبرة، سكوته فكرة، وكلامه حكمة، مناصحا متباذلا متواخيا، ناصح في السرّ والعلانية، لايهجر أخاه، ولا يغتابه، ولا يمكر به، ولا يأسف على ما فاته، ولا يحزن على ما أصابه، ولا يرجو ما لايجوز له الرجاء، ولا يفشل في الشدّة، ولا يبطر في الرّخاء يمزج الحلم بالعلم، والعقل بالصبر، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقّعا لاجله(2)، خاشعا قلبه، ذاكرا ربّه، قانعة نفسه، منفيّا جهله، سهلا أمره حزينا لذنبه، ميتة شهوته، كظوما غيظه، صافيا خلقه، امنا منه جاره، ضعيفا كبره، قانعا بالّذي قدّر له، متينا صبره، محكما أمره، كثيرا ذكره، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتّجر ليغنم، لاينصت للخبر ليفجر به، ولا يتكلّم ليتجبّر به على من سواه، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته فاراح الناس من نفسه، إن بغي عليه صبر حتّى يكون اللّه الّذي

ص:42


1- - الصليب: الشديد، يقال: «هو صلب في دينه» أي شديد فيه. وقيل: الصليب: الخالص النّسب. (المنجد).
2- أي منتظرا له يعدّه قريبا منه. (مرآة العقول).

ينتصر له، بعده ممّن تباعد منه بغض ونزاهة(1)، ودنوّه ممّن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تكبّرا ولا عظمة، ولا دنوّه خديعة ولا خلابة(2)، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير فهو إمام لمن بعده من أهل البرّ.

قال: فصاح همّام صيحة، ثمّ وقع مغشيّا عليه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أما واللّه لقد كنت أخافها عليه وقال: هكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها.

فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين؟

فقال: إنّ لكل أجلا لا يعدوه وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فإنّما نفث على لسانك شيطان(3).

6859 - أمالي الصدوق: حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، عن عمّه عبدالرحمان بن كثير الهاشميّ، عن جعفر ابن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقال له: همّام وكان عابدا فقال له: يا أمير المؤمنين صف لي المتّقين حتّى كأنّي أنظر إليهم؟

فتثاقل أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) عن جوابه ثمّ قال له:

ويحك يا همّام اتّق اللّه وأحسن، فانّ اللّه مع الّذين اتّقوا والّذين هم محسنون.

فقال همّام: يا أمير المؤمنين أسالك بالّذي أكرمك بما خصّك به،

ص:43


1- - أي إنّما يبعد عن الكفار والفسّاق للبغض في اللّه تعالى والبعد عن أعمالهم وأفعالهم. والنزاهة - بالفتح -: التباعد عن كلّ قذر ومكروه. (مرآة العقول).
2- الخلابة - بالكسر -: الخديعة باللسان. (أقرب الموارد).
3- الكافي: ج 2 ص 226 ح 1.

وحباك وفضّلك بما اتاك وأعطاك، لمّا وصفتهم لي.

فقام أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) قائما على قدميه فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ وآله ثمّ قال:

أمّا بعد فانّ اللّه (عزّوجلّ) خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا لمعصيتهم، لأنّه لاتضرّه معصية من عصاه منهم، ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم، وقسّم بينهم معايشهم، ووضعهم في الدّنيا مواضعهم، وإنّما أهبط اللّه آدم وحوّا (عليهما السّلام) من الجنّة عقوبة لما صنعا حيث نهاهما فخالفاه وأمرهما فعصياه.

فالمتّقون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، خشعوا للّه (عزّوجلّ) بالطاعة فتهيّبوا (فبهتوا - خ ل) فهم غاضّون أبصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم واقفين أسماعهم على العلم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالّتي نزلت منهم في الرخاء، رضا منهم عن اللّه بالقضاء، ولولا الآجال الّتي كتبت عليهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب، عظم الخالق في أنفسهم ووضع ما دونه(1) في أعينهم.

فهم والجنة كمن رآها فهم فيها متّكئون، وهم والنار كمن رآها فهم فيها معذّبون، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة، ومؤنتهم من الدنيا عظيمة.

ص:44


1- - وصغر ما دونه - خ ل.

صبروا أيّاما قصارا أعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة، يسّرها لهم ربّ كريم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وطلبتهم فأعجزوها.

أمّا اللّيل فصافّون أقدامهم، تالين لاجزاء القران، يرتّلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم ويستترون (يستنيرون) به ويهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم، ووجع على كلوم جراحهم، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرّت منها جلودهم، ووجلت منها قلوبهم، فظنّوا أنّ صهيل جهنّم وزفيرها وشهيقها في اصول آذانهم.

وإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلّعت أنفسهم إليها شوقا وظنّوا أنها نصب أعينهم جاثين على أوساطهم يمجّدون جبّارا عظيما، مفترشين جباههم وأكفّهم وركبهم، وأطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى اللّه في فكاك رقابهم.

أمّا النّهار فحلماء علماء، بررة أتقياء، قد براهم الخوف فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم، إذا فكروا في عظمة اللّه وشدّة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة، فزعّ ذلك قلوبهم، فطاشت حلومهم، وذهلت عقولهم، فاذا استقاموا (استفاقوا - خ ل) بادروا إلى اللّه (عزّوجل) با بالأعمال الزكيّة.

لايرضون للّه بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لانفسهم متّهمون، ومن أعمالهم مشفقون، إن زكي أحدهم خاف ممّا يقولون، ويستغفر اللّه ممّا لايعلمون وقال: أنا أعلم بنفسي من غيري وربّي أعلم منّي بنفسي اللهمّ لاتؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرا ممّا يظنّون،

ص:45

واغفر لي ما لايعلمون، فانّك علاّم الغيوب وساتر العيوب.

ومن علامة أحدهم أنّك تري له قوّة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا على العلم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وكسبا في رفق، وشفقة في نفقة، وقصدا في غنى، وخشوعا في عبادة، وتجمّلا في فاقة، وصبرا في شدّة، ورحمة للمجهود، وإعطاء في حقّ، ورفقا في كسب، وطلبا للحلال، ونشاطا في الهدى، وتحرّجا عن الطمع، وبرا في استقامة، وإغماضا عند شهوة.

لا يغرّه ثناء من جهله، ولا يدع إحصاء ما عمله(1)، مستبطئا لنفسه في العمل، يعمل الاعمال الصالحة وهو على وجل، يمسي وهمّه الشكر، ويصبح وشغله الذكر، يبيت حذرا، ويصبح فرحا: حذرا لما حذّر من الغفلة، فرحا لما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه لم يعطها سؤلها فيما فيه مضرّته، ففرحه فيما يخلد ويدوم، وقرّة عينه فيما لايزول، ورغبته فيما يبقى، وزهادته فيما يفنى.

يمزج العلم بالحلم، ويمزج الحلم بالعقل، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقّعا أجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ربّه، خائفا ذنبه، قانعة نفسه، متغيّبا جهله، سهلا أمره، حريزا لدينه، ميّتة شهوته، كاظما غيظه صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، متينا صبره، كثيرا ذكره، محكما أمره.

لا يحدّث بما يؤمن عليه الاصدقاء، ولا يكتم شهادته الاعداء، ولا يعمل شيئا من الحقّ رئاء، ولا يتركه حياء، الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون، إن كان من الغافلين كتب من الذّاكرين وإن كان من

ص:46


1- - احصاء عمله - خ ل.

الذّاكرين لم يكتب من الغافلين.

يعفو عمّن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، ولا يعزب حلمه، ولا يعجل فيما يريبه، ويصفح عمّا قد تبيّن له، بعيدا جهله، ليّنا قوله، غائبا مكره قريبا معروفه، صادقا قوله، حسنا فعله، مقبلا خيره، مدبرا شرّه، فهو في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، [و] لايحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحبّ، ولا يدّعي ما ليس له، ولا يجحد حقّا هو عليه، يعترف بالحقّ قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ، ولا يتنابز بالالقاب، لا يبغي على أحد، ولا يهمّ بالحسد، ولا يضرّ بالجار، ولا يشمت بالمصائب، سريع للصواب، مؤدّ للامانات، بطيء عن المنكرات، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، لايدخل في الأمور بجهل، ولا يخرج عن الحقّ بعجز.

إن صمت لم يغمّه الصمت، وإن نطق لم يقل خطأ، وإن ضحك لم يعل(1) صوته سمعه، قانعا بالّذي قدّر له، لا يجمح به الغيظ، ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشحّ ولا يطمع فيما ليس له، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويبحث ليعلم، لا ينصت للخير ليفخر به، ولا يتكلّم به ليتجبّر على من سواه، إن بغي عليه صبر، حتّى يكون اللّه هو الّذي ينتقم له.

نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه، بعد من تباعد عنه بغض ونزاهة، ودنوّ من دنا منه لين ورحمة(2)، فليس تباعده بكبر ولا عظمة، ولا دنوّه لخديعة ولا

ص:47


1- - لم يعد - خ ل.
2- بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة - خ ل.

خلابة، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، فهو إمام لمن خلفه من أهل البرّ.

قال: فصعق همّام صعقة كانت نفسه فيها.

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أما واللّه لقد كنت أخافها عليه، وأمر به فجهّز وصلّى عليه، وقال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها.

فقال قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟! فقال: ويلك إنّ لكلّ أجلا لن يعدوه، وسببا لا يجاوزه، فمهلا لاتعد فإنّه إنّما نفث هذا القول على لسانك الشيطان(1).

6860 - علل الشرايع: حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال:

حدثنا الحسن بن علي السكوني(2)، قال: حدّثنا محمد بن زكريّا الجوهري، عن جعفر بن محمّد بن محمّد بن عمارة، عن أبيه قال:

سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: المؤمن علويّ، لأنّه علا في المعرفة، والمؤمن هاشميّ لأنّه هشم الضلالة، والمؤمن قرشيّ، لأنّه أقرّ بالشيء المأخوذ عنّا، والمؤمن عجميّ، لانّه استعجم عليه أبواب الشرّ، والمؤمن عربيّ لانّ نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) عربيّ، وكتابه المنزل بلسان عربيّ مبين، والمؤمن نبطيّ، لأنّه استنبط العلم، والمؤمن مهاجريّ، لأنّه هجر السيّئات، والمؤمن أنصاريّ، لانّه نصر اللّه ورسوله وأهل بيت رسول اللّه، والمؤمن مجاهد، لأنّه يجاهد أعداء اللّه (عزّوجلّ) في دولة الباطل بالتقيّة،

ص:48


1- - أمالي الصدوق: ص 457 ح 2. منه البحار: ج 67 ص 341.
2- عن السكري - البحار.

وفي دولة الحقّ بالسيف(1).

6861 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن عبدالملك بن غالب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقورا عند الهزاهز(2)، صبورا عند البلاء، شكورا عند الرّخاء، قانعا بما رزقه اللّه، لا يظلم الاعداء، ولا يتحامل للاصدقاء، بدنه منه في تعب، والناس منه في راحة، إنّ العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل أمير جنوده، والرّفق أخوه، والبرّ والده(3).

6862 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض من رواه، رفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

المؤمن له قوّة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبرّ في استقامة، وعلم في حلم، وكيس في رفق، وسخاء في حق، وقصد في غني، وتجمّل في فاقة، وعفو في قدرة، وطاعة للّه في نصيحة، وانتهاء في شهوة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد وصلاة في شغل، وصبر في شدّة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، ولا يغتاب، ولا يتكبّر، ولا يقطع الرحم، وليس بواهن، ولا فظّ ولا غليظ، ولا يسبقه بصره، ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه، ولا يحسد الناس، يعيّر ولا يعيّر،

ص:49


1- - علل الشرايع: ص 467 ح 22. منه البحار: ج 67 ص 171.
2- الهزاهز: الفتن التي يفتتن الناس بها. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 47 ح 1.

ولا يسرف، ينصر المظلوم، ويرحم المسكين، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لايرغب في عزّ الدّنيا، ولا يجزع من ذلّها، للناس هم قد أقبلوا عليه وله همّ قد شغله، لا يرى في حكمه نقص، ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع(1)، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده، ويكيع عن الخنا(2) والجهل(3).

6863 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد ابن يحيي العطار، وأحمد بن ادريس جميعا قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري، عن الحسن بن عليّ، عن أبي سليمان الحلواني، أو عن رجل عنه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: صفة المؤمن قوّة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبرّ في استقامة، وإغماض عند شهوة، وعلم في حلم، وشكر في رفق، وسخاء في حقّ، وقصد في غنى، وتجمّل في فاقة، وعفو في قدرة، وطاعة في نصيحة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدّة.

وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لايغتاب ولا يتكبّر، ولا يبغي، وإن بغي عليه صبر، ولا يقطع الرحم، وليس بواهن، ولا فظّ، ولا غليظ، ولا يسبقه بصره، ولا يفضحه بطنه، ولا يغلبه فرجه، ولا يحسد الناس، ولا يقتر، ولا يبذّر، ولا يسرف، بل

ص:50


1- - أي دينه قويّ متين لا يضيع بالشكوك والشبهات ولا بارتكاب السيئات. (مرآة العقول).
2- كاع عنه كيعا: هابه وجبن عنه. والخنى: الفحش في الكلام. (أقرب الموارد).
3- الكافي: ج 2 ص 231 ح 4.

يقتصد، ينصر المظلوم، ويرحم المساكين.

نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، لايرغب في عزّ الدّنيا، ولا يجزع من ألمها(1)، للناس همّ قد أقبلوا عليه، وله همّ قد شغله، لا يرى في حلمه نقص ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع، يرشد من استشاره، ويساعد من ساعده ويكيع عن الباطل والخنا والجهل، فهذه صفة المؤمن(2).

6864 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال:

مرّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) بمجلس من قريش، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم، صافية ألوانهم، كثير ضحكهم، يشيرون بأصابعهم إلى من يمرّ بهم(3)، ثمّ مرّ بمجلس للأوس والخزرج فإذا قوم بليت منهم الابدان، ودقّت منهم الرقاب واصفرّت منهم الالوان، وقد تواضعوا بالكلام، فتعجّب عليّ (عليه السّلام) من ذلك ودخل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال: بأبي أنت وامّي إنّي مررت بمجلس لآل فلان - ثمّ وصفهم - ومررت بمجلس للأوس والخزرج - فوصفهم - ثمّ قال: وجميع مؤمنون؟ فأخبرني يا رسول اللّه بصفة المؤمن؟

فنكس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثمّ رفع رأسه فقال: عشرون خصلة في المؤمن فإن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه، إنّ

ص:51


1- - ولا يجزع من المهانة - البحار. والظاهر هو الصحيح، لانّه في مقابل العر في قوله (عليه السّلام): «لايرغب في عر الدّنيا».
2- الخصال: ص 571 ح 2. منه البحار: ج 67 ص 294.
3- استهزاء وإشارة إلى عيوبهم. (مرآة العقول).

من أخلاق المؤمنين يا على: الحاضرون الصلاة، والمسارعون إلى الزكاة، والمطعمون المسكين، الماسحون رأس اليتيم، المطهّرون أطمارهم(1)، المتّزرون على أوساطهم(2)، الّذين إن حدّثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا تكلّموا صدقوا، رهبان باللّيل، اسد بالنهار(3) صائمون النّهار، قائمون اللّيل(4)، لايؤذون جارا، ولا يتأذّى بهم جار، الّذين مشيهم على الارض هون، وخطاهم إلى بيوت الارامل وعلى أثر الجنائز، جعلنا اللّه وإيّاكم من المتّقين(5).

6865 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبداللّه بن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): إنّ لاهل الدّين علامات يعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الامانة، ووفاء بالعهد، وصلة الارحام، ورحمة الضعفاء، وقلّة المراقبة للنساء - أو قال:(6) قلّة المواتاة للنساء(7) وبذل المعروف، وحسن الخلق، وسعة

ص:52


1- - أي ثيابهم البالية بالغسل أو بالتشمير. (مرآة العقول).
2- أي يشدّون المئزر على وسطهم احتياطا لكشف العورة فإنهم كانوا لايلبسون السراويل، أو المراد: شدّ الوسط بالازار كالمنطقة ليجمع الثياب، وقيل: هو كناية عن الاهتمام بالعبادة. (مرآة العقول).
3- أي شجعان في الجهاد كالأسد. (مرآة العقول).
4- «قائمون الليل» الفرق بينه وبين «رهبان بالليل» انّ الرهبان اشارة الى التضرع والرهبة أو التخلّي والترهّب، وقيام الليل للصّلاة لايستلزم شيئا من ذلك. (مرآة العقول).
5- الكافي: ج 2 ص 232 ح 5.
6- الترديد من أبي بصير. (مرآة العقول).
7- المؤاتاة: الموافقة والمطاوعة. (مرآة العقول).

الخلق، واتّباع العلم، وما يقرّب إلى اللّه (عزّوجلّ) زلفى، طوبى لهم وحسن مآب، وطوبى شجرة في الجنّة أصلها في دار النبيّ محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وليس من مؤمن إلاّ وفي داره غصن منها، لايخطر على قلبه شهوة شيء إلاّ أتاه به ذلك، ولو أنّ راكبا مجدا سار في ظلّها مائة عام ما خرج منه، ولو طار من أسفلها غراب(1) ما بلغ أعلاها حتّى يسقط هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، إنّ المؤمن من نفسه في شغل، والناس منه في راحة، إذا جنّ عليه اللّيل افترش وجهه وسجد للّه (عزّوجلّ) بمكارم بدنه، يناجي الّذي خلقه في فكاك رقبته، ألا فهكذا كونوا(2).

أمالي الصدوق: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن عبداللّه بن القاسم، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): ان لاهل الدين علامات.... وذكر نحوه(3).

البحار: تفسير العياشي - عن أبي بصير مثل الأمالي، وفيه:

حتّى يبياض هرما(4).

6866 - الجعفريات: باسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): المؤمن مرآة

ص:53


1- - إنما خصّ الغراب بالذكر لانه أطول الطيور عمرا. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 239 ح 30.
3- أمالي الصدوق: ص 183 ح 7.
4- البحار: ج 8 ص 118.

لاخيه المؤمن، ينصحه إذا غاب عنه، ويميط عنه ما يكره إذا شهد، ويوسع له في المجلس(1).

6867 - أمالي المفيد: حدّثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (رحمه اللّه) عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي سعيد القمّاط، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: لايكمل إيمان العبد حتّى يكون فيه أربع خصال: يحسن خلقه، ويسخي نفسه(2)، ويمسك الفضل من قوله، ويخرج الفضل من ماله(3).

أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد مثله(4).

المحاسن: عن أبي سعيد القماط بهذا الاسناد نحوه(5).

6868 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (رحمه اللّه) قال: حدثني أبي قال: حدثني سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط، عن أبي عبداللّه جعفر بن

ص:54


1- - الجعفريات: ص 197. منه المستدرك: ج 8 ص 320.
2- وتسخو نفسه - أمالي الطوسي.
3- أمالي المفيد: ص 354 ح 8.
4- أمالي الطوسي: ص 125 ح 196.
5- المحاسن: ص 8 ح 20. منها البحار: ج 67 ص 298.

محمّد (عليهما السّلام) قال: أربع من كنّ فيه كمل إيمانه، وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك، وهي: الصدق، وأداء الامانة، والحياء، وحسن الخلق(1).

6869 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد [الشيخ المفيد]، قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد [بن عقدة] قال: حدثنا الحسن بن جعفر، قال: حدثني عمّي طاهر بن مدرك(2)، قال: حدثني رزين بن أنس، قال: سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: لايكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون كامل العقل، ولا يكون كامل العقل حتّى تكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشرّ منه مأمون، يستقلّ كثير الخير من نفسه، ويستكثر قليل الخير من غيره، ويستكثر قليل الشرّ من نفسه، ويستقلّ كثير الشرّ من غيره.

ولا يتبرّم بطلب الحوائج قبله، ولا يسأم من طلب العلم عمره، الذلّ أحبّ إليه من العزّ، والفقر أحبّ إليه من الغنى، حسبه من الدّنيا قوت، والعاشرة وما العاشرة: لايلقى أحدا إلاّ قال: هو خير منّي وأتقى.

إنّما الناس رجلان: رجل خير منه وأتقى، وآخر شرّ منه وأدنى، فإذا لقي الّذي هو خير منه [وأتقى] تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الّذي هو شرّ منه وأدنى قال: لعلّ شرّ هذا ظاهر وخيره باطن، فإذا

ص:55


1- - أمالي الطوسي: ص 44 ح 51. منه البحار: ج 67 ص 295.
2- طاهر بن مدرار - البحار.

فعل ذلك علا وساد أهل زمانه(1).

6870 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن عبداللّه بن غالب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقور عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه اللّه، لا يظلم الاعداء، ولا يتحامل للأصدقاء(2)، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إنّ العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والصبر أمير جنوده، والرفق أخوه، واللّين والده(3).

6871 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): من سرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن(4).

6872 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن إسحاق بن يزيد، عن مهران، عن أبان بن تغلب وعدّة قالوا: كنّا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) جلوسا فقال (عليه السّلام): لا يستحقّ عبد حقيقة الإيمان حتّى يكون الموت أحبّ إليه من الحياة، ويكون المرض أحبّ إليه من الصحّة، ويكون الفقر أحبّ إليه من الغنى، فأنتم كذا؟

فقالوا: لا واللّه جعلنا اللّه فداك، وسقط في أيديهم ووقع اليأس

ص:56


1- - أمالي الطوسي: ص 153 ح 253. منه البحار: ج 67 ص 296.
2- أي لايحمل الوزر لاجلهم، أو لايتحمل عنهم ما لايطيق الاتيان به من الأمور الشّاقة فيعجز عنها، وفي (النهاية) تحاملت الشيء: تكلّفته على مشقة. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 230 ح 2.
4- الكافي: ج 2 ص 232 ح 6.

في قلوبهم، فلمّا رأي ما داخلهم من ذلك.

قال: أيسرّ أحدكم أنّه عمّر ما عمّر ثم يموت على غير هذا الامر أو يموت على ما هو عليه؟

قالوا: بل يموت على ما هو عليه الساعة.

قال: فأرى الموت أحبّ إليكم من الحياة.

ثمّ قال: أيسرّ أحدكم أن بقي ما بقي لايصيبه شيء من هذه الامراض والأوجاع حتى يموت على غير هذا الامر؟

قالوا: لا يابن رسول اللّه.

قال: فأرى المرض فأحبّ إليكم من الصحّة.

ثمّ قال: أيسرّ أحدكم أنّ له ما طلعت عليه الشمس وهو على غير هذا الامر؟

قالوا: لا يابن رسول اللّه.

قال: فأرى الفقر أحبّ إليكم من الغنى(1).

6873 - الكافي: محمّد بن أحمد، عن عبداللّه بن الصلت، عن يونس، عن سنان بن طريف قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ينبغي للمؤمن أن يخاف اللّه (تبارك وتعالى) خوفا كأنّه مشرف على النار، ويرجوه رجاء كأنّه من أهل الجنّة، ثمّ قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) عند ظنّ عبده إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا(2).

الكافي: عليّ بن إبراهيم رفعه قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) لرجل: ما الفتى عندكم؟

ص:57


1- - الكافي: ج 8 ص 253 ح 357.
2- الكافي: ج 8 ص 302 ح 462.

فقال له: الشابّ.

فقال: لا، الفتى: المؤمن، إنّ أصحاب الكهف كانوا شيوخا فسمّاهم اللّه (عزّوجلّ) فتية بإيمانهم(1).

6874 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن ابن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: الحكمة ضالّة المؤمن، فحيثما وجد أحدكم ضالّته فليأخذها(2).

6875 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن عرفة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ألا اخبركم باشبهكم بي؟

قالوا: بلى يا رسول اللّه.

قال: أحسنكم خلقا، وألينكم كنفا(3)، وأبرّكم بقرابته، وأشدّكم حبّا لإخوانه في دينه، وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفوا، وأشدّكم من نفسه إنصافا في الرّضا والغضب(4).

6876 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: المؤمن حسن المعونة، خفيف المؤونة، جيّد التدبير لمعيشته، لايلسع من جحر مرّتين(5).

ص:58


1- - الكافي: ج 8 ص 395 ح 595.
2- الكافي: ج 8 ص 167 ح 186.
3- الكنف - بالتحريك -: الجانب والناحية. (مجمع البحرين).
4- الكافي: ج 2 ص 240 ح 35.
5- الكافي: ج 2 ص 241 ح 38.

6877 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكوني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ثلاثة من علامات المؤمن: العلم باللّه، ومن يحبّ، ومن يكره(1) و(2).

6878 - الكافي: بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): المؤمن كمثل شجرة لا يتحاتّ ورقها في شتاء ولا صيف(3).

قالوا:(4) يا رسول اللّه وما هي؟

قال: النخلة(5) و(6).

نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(7).

6879 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن اورمة، عن [أبي] إبراهيم الاعجميّ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: المؤمن حليم لايجهل، وإن جهل

ص:59


1- - أي يحبّه اللّه من النبي والائمّة (عليهم الصلاة والسّلام) وأتباعهم فيواليهم ويتابعهم، «ومن يكره» أي يكرهه الله فيبغضه ولا يواليه. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 235 ح 15.
3- لايتحات ورقها شتاء ولا قيضا - النوادر.
4- قيل - النوادر.
5- لعل التشبيه لبيان أنه ينبغي أن يكون المؤمن كثير المنافع مستقيم الاحوال ينتفع منه دائما، وقيل: إنما شبّه المؤمن بالنخلة لكثرة خيرها ودوام ظلّها، وطيب ثمرها،.... (مرآة العقول).
6- الكافي: ج 2 ص 235 ح 16.
7- نوادر الراوندي: ص 11.

عليه يحلم، ولا يظلم وإن ظلم غفر، ولا يبخل وإن بخل عليه صبر(1).

6880 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن مندر بن جيفر، عن آدم أبي الحسين اللّؤلؤيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: المؤمن من طاب مكسبه، وحسنت خليقته، وصحّت سريرته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من كلامه، وكفى الناس شرّه، وأنصف الناس من نفسه2.

6881 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر إلى من اشتدّ ورعه، وخاف خالقه، ورجا ثوابه، وإذا رأيت هؤلاء فهؤلاء أصحابي(2).

6882 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن سنان، عن عيسى النهريري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من عرف اللّه وعظّمه منع فاه من الكلام، وبطنه من الطعام، وعفى نفسه بالصيام والقيام.

قالوا: بآبائنا وامّهاتنا يا رسول اللّه هؤلاء أولياء اللّه؟

قال: إنّ أولياء اللّه سكتوا فكان سكوتهم ذكرا، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الآجال الّتي قد كتبت عليهم لم تقرّ أرواحهم في

ص:60


1- (1و2) - الكافي: ج 2 ص 235 ح 17 و 18.
2- الكافي: ج 2 ص 236 ح 23.

أجسادهم خوفا من العذاب، وشوقا إلى الثواب(1).

6883 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال:

حدثنا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد العلوي الحسني قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: المؤمن غرّ كريم(2)، والفاجر خبّ لئيم(3)، وخير المؤمنين من كان مألفة للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

قال: وسمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: اشرار الناس من يبغض المؤمنين وتبغضه قلوبهم، المشّاءون بالنميمة، المفرّقون بين الاحبّة، الباغون للبراء العنت(4)، اولئك لا ينظر اللّه إليهم ولا يزكيهم يوم القيامة، ثمّ تلا (صلّى اللّه عليه وآله): (هُوَ الَّذِي)

ص:61


1- - الكافي: ج 2 ص 237 ح 25.
2- أي ليس بذي مكر، فهو ينخدع، لانقياده ولينه، وهو ضدّ الخبّ، وفي النهاية: إن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلّة الفطنة للشر وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلا ولكنه كرم وحسن خلق. (مجمع البحرين).
3- الخبّ - بالفتح والتشديد غير مهموز -: الخدّاع، ومعناه: الذي يفسد الناس بالخداع، ويمكر ويحتال في الامر، يقال: «فلان خبّ ضبّ»: إذا كان فاسدا مفسدا مراوغا، و «رجل خبّ وامرأة خبة»، وقد تكسر خاؤه، وأمّا المصدر فبالكسر لا غير - قاله في النهاية - وفي المصباح: «الخبّ» - بالكسر -: الخدّاع. (مجمع البحرين).
4- العنت: المشقة، والفساد. والبراء: جمع بريء (النهاية). وفي نسخة البحار: الباغون للبراء العيب.

(أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) (1).

البحار - بيان: قوله (صلّى اللّه عليه وآله): «الباغون» أي الطالبون «للبراء» من العيوب «العيب» «لا ينظر اللّه إليهم» كناية من عدم اللطف، أو المعنى لاينظر اللّه إليهم نظر رحمة «ولا يزكيهم» أي لايثني عليهم ولا يقبل أعمالهم، أو لا ينمي أعمالهم، والاستشهاد بالآية لدلالتها على حسن التأليف بين قلوب المؤمنين، والتزاما على قبح التفريق بينهم.

6884 - علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة الربعي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قيل له: ما بال المؤمن أحدّ شيء؟

قال: لأنّ عزّ القرآن في قلبه، ومحض الإيمان في صدره، وهو لعبد مطيع(2) للّه، ولرسوله مصدّق.

قيل: فما بال المؤمن قد يكون أشحّ شيء؟

قال: لانّه يكسب الرّزق من حلّه ومطلب الحلال عزيز، فلا يحبّ أن يفارقه شيئه لما(3) يعلم من عسر مطلبه، وإن هو سخت نفسه لم يضعه إلاّ في موضعه.

قيل له: فما بال المؤمن قد يكون أنكح شيء؟

ص:62


1- - أمالي الطوسي: ص 462 ح 1030. والآيتان في سورة الأنفال 8:62 و 63. منه البحار: ج 67 ص 298.
2- وهو بعد مطيع - البحار.
3- لشدّة ما - البحار.

قال: لحفظه فرجه من فروج ما لا يحلّ له، ولكن لا تميل به شهوته هكذا ولا هكذا، فاذا ظفر بالحلال اكتفى به واستغنى به عن غيره.

قال (عليه السّلام): إنّ قوّة المؤمن في قلبه ألا ترون أنّه قد تجدونه ضعيف البدن، نحيف الجسم، وهو يقوم اللّيل ويصوم النهار.

وقال: المؤمن أشدّ في دينه من الجبال الرّاسية، وذلك أنّ الجبل قد ينحت منه، والمؤمن لايقدر أحد على أن ينحت من دينه شيئا وذلك لضنّه بدينه(1)، وشحّه عليه(2).

6885 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) كان يقول: لايذوق المرء من حقيقة الايمان حتّى يكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين، والصبر على المصائب، وحسن التقدير في المعاش(3).

6886 - المحاسن: البرقي، [عن أبيه](4)، عن الحسن بن سيف، عن أخيه علي، عن سليمان بن عمر، عن أبي عبداللّه، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لايستكمل عبد حقيقة الايمان حتّى يكون فيه خصال ثلاث: التفقّه في الدّين، وحسن التّقدير في المعيشة، والصّبر على الرّزايا(5).

6887 - كتاب الحسين بن عثمان: عمّن ذكره وغير واحد، عن

ص:63


1- - الضنين: البخيل الشحيح. (مجمع البحرين) أي لبخله بدينه وحفظه له.
2- علل الشرايع: ص 557 ح 1. منه البحار: ج 67 ص 299.
3- قرب الاسناد: ص 46. منه البحار: ج 71 ص 85.
4- ما بين المعقوفتين من البحار.
5- المحاسن: ص 5 ح 11. منه البحار: ج 67 ص 300.

أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لايصلح المرء إلاّ على ثلاث خصال:

التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة(1) و(2).

كتاب التمحيص: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لايصلح المؤمن... وذكر مثله(3).

6888 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الحسين بن ابراهيم القزويني قال: حدثنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي قال: حدثنا ابو الفضل العباس بن محمد ابن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا صفوان بن يحيي، عن الحسين ابن أبي غندر، عن عبداللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كمال المؤمن في ثلاث خصال: الفقه في دينه، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة(4).

6889 - صفات الشيعة: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمّه عبداللّه ابن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنّه قال: لا دين لمن لاتقيّة له، ولا إيمان لمن لاورع له(5).

ص:64


1- - النائبة - ماينوب الانسان أي تنزل به من المهمات والحوادث. (مجمع البحرين).
2- الاصول الستة عشر: ص 108. منه البحار: ج 1 ص 221.
3- التمحيص: ص 68 ح 164. منه المستدرك: ج 11 ص 189.
4- امالي الطوسي: ص 666 ح 1394. منه البحار: ج 1 ص 182.
5- صفات الشيعة: ص 45 ح 3. منه البحار: ج 67 ص 303.

6890 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن صفوان بن مهران قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

إنّما المؤمن الّذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حقّ، والّذي إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، والّذي إذا قدر لم يأخذ أكثر من ماله(1).

6891 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من ساءته سيّئة وسرّته حسنة فهو مؤمن(2).

6892 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن حباب الواسطي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه3.

6893 - صفات الشيعة: بهذا الاسناد، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن حصين بن عمر(3)، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

إنّ المؤمن أشدّ من زبر الحديد، إنّ الحديد إذا ادخل النار تغيّر، وإنّ المؤمن لو قتل ثمّ نشر، ثمّ قتل لم يتغيّر قلبه(4).

6894 - صفات الشيعة: حدثنا الحسن بن أحمد (رحمه اللّه)، عن المفضّل قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ اللّه (تبارك

ص:65


1- - صفات الشيعة: ص 68 ح 36. منه البحار: ج 67 ص 303.
2- (2و3) - صفات الشيعة: ص 74 ح 44 و 45. منهما البحار: ج 67 ص 303.
3- حسين بن عمرو - البحار.
4- صفات الشيعة: ص 74 ح 47. منه البحار: ج 67 ص 303.

وتعالى) خلق المؤمنين من أصل واحد، لايدخل فيهم داخل، ولا يخرج منهم خارج، مثلهم واللّه مثل الرّأس في الجسد، ومثل الاصابع في الكفّ، فمن رأيتم يخالف ذلك فاشهدوا عليه بتاتا أنّه منافق(1).

6895 - صفات الشيعة: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه اللّه) عن محمّد بن سليمان الدّيلميّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: الشتاء ربيع المؤمن يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه(2).

6896 - صفات الشيعة: بهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد، عن سعيد بن غزوان قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): المؤمن لايكون محارفا (مجازفا - خ ل)3.

6897 - صفات الشيعة: بهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد، عن صالح بن هيثم (ميثم - ظ) عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ثلاث من كنّ فيه استكمل خصال الايمان: من صبر على الظلم، وكظم غيظه، واحتسب وعفى، كان ممّن يدخله اللّه الجنّة، وشفّع في مثل ربيعة ومضر4.

6898 - صفات الشيعة: بهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد، عن زيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لن تكونوا مؤمنين حتّى تكونوا مؤتمنين، وحتّى تعدّوا نعمة الرّخاء مصيبة، وذلك انّ الصبر على البلاء أفضل من العافية عند الرّخاء5.

ص:66


1- - صفات الشيعة: ص 74 ح 48. منه البحار: ج 67 ص 304.
2- صفات الشيعة: ص 75 ح 49. منه البحار: ج 67 ص 304.

6899 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عمّن ذكره، عن محمّد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّكم لاتكونون صالحين حتّى تعرفوا، ولا تعرفون حتّى تصدّقوا، ولا تصدّقون حتّى تسلّموا أبوابا أربعة لايصلح أوّلها إلاّ بآخرها، ضلّ اصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا، إنّ اللّه (تبارك وتعالى) لايقبل إلاّ العمل الصالح، ولا يتقبّل اللّه إلاّ بالوفاء بالشروط والعهود، ومن وفى اللّه بشروطه واستكمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل وعده، إنّ اللّه (عزّوجلّ) أخبر العباد بطرق الهدى، وشرع لهم فيها المنار، وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: (وَ إِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (1)وقال: (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (2) فمن اتّقى اللّه (عزّوجلّ) فيما أمره لقي اللّه (عزّوجلّ) مؤمنا بما جاء به محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنّوا أنّهم آمنوا، وأشركوا من حيث لايعلمون، أنّه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى، وصل اللّه طاعة وليّ أمره بطاعة رسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وطاعة رسوله بطاعته فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع اللّه ولا رسوله وهو الإقرار بما نزل من عند اللّه، خذوا زينتكم عند كلّ مسجد والتمسوا البيوت الّتي أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنّه قد خبّركم أنّهم (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ) تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يوما

ص:67


1- - طه 20:82.
2- المائدة 5:27.

(تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ) (1) إنّ اللّه قد استخلص الرسل لامره، ثمّ استخلصهم مصدّقين لذلك في نذره، فقال: (وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ) (2).

تاه من جهل، واهتدى من أبصر وعقل، إنّ اللّه (عزّوجلّ) يقول: (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (3)وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم ينذر؟ إتّبعوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأقرّوا بما نزل من عند اللّه واتّبعوا آثار الهدى، فإنّهم علامات الامانة والتّقى، واعلموا أنّه لو أنكر رجل عيسى بن مريم (عليهما السّلام) وأقرّ بمن سواه من الرّسل لم يؤمن، اقتصّوا الطريق بالتماس المنار، والتمسوا من وراء الحجب الآثار، تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا باللّه ربّكم(4).

6900 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمّد الوابشيّ، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف اللّه عمله بكلّ حسنة سبع مائة ضعف، وذلك قوله (عزّوجلّ):

ص:68


1- - النور 24:37.
2- فاطر 35:24.
3- الحج 22:46.
4- الكافي: ج 2 ص 47 ح 3.

(وَ اللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (1).

كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

6901 - كتاب التمحيص: عن سليمان بن جعفر الجعفريّ، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) انه قال: رفع إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قوم في بعض غزواته فقال: من القوم؟

قالوا: مؤمنون يا رسول اللّه.

قال: ما بلغ من إيمانكم؟

قالوا: الصبر عند البلاء والشكر عند الرّخاء، والرّضا بالقضاء.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): حلماء علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تقولون فلا تبنوا ما لاتسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتّقوا اللّه الّذي إليه ترجعون(3).

6902 - البحار: دعوات الراوندي - قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): المؤمن صبور في الشدائد، وقور في الزلازل، قنوع بما اوتي، لايعظم عليه المصائب، ولا يحيف على مبغض، ولا يأثم في محبّ، الناس منه في راحة، والنفس منه في شدّة(4).

ص:69


1- - أمالي الطوسي: ص 223 ح 388، والآية في سورة البقرة 2:261. منه البحار: ج 68 ص 24.
2- كتاب المؤمن: ص 29 ح 53.
3- كتاب التمحيص: ص 61 ح 137. منه البحار: ج 71 ص 153.
4- البحار: ج 67 ص 314 ح 48.

المؤمن يخاف (منه كل شيء 6903 - صفات الشيعة: بهذا الاسناد، عن محمد بن أحمد، عن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ المؤمن من يخافه كلّ شيء، وذلك أنّه عزيز في دين اللّه، ولا يخاف من شيء، وهو علامة كلّ مؤمن(1).

6904 - صفات الشيعة: بهذا الاسناد، عن محمّد بن أحمد، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء. ثمّ قال (عليه السّلام): إذا كان مخلصا قلبه للّه، أخاف اللّه منه كلّ شيء حتّى هوامّ الارض، وسباعها وطير السّماء2.

6905 - البحار: مشكاة الانوار - عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء حتى هوام الارض وسباعها وطير السماء(2).

باب (17) قوّة المؤمن في قلبه

6906 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق (عليه السّلام)

ص:70


1- (1و2) - صفات الشيعة: ص 77 و 78 ح 55 و 56. منهما البحار: ج 67 ص 305.
2- البحار: ج 67 ص 71 ضمن حديث 33.

قال: انّ قوّة المؤمن في قلبه الا ترون انّكم تجدونه ضعيف البدن، نحيف الجسم، وهو يقوم الليل ويصوم النهار؟!(1).

باب (18) الثواب للمؤمنين

6907 - كتاب المؤمن: عن زرارة قال: سئل أبو عبداللّه (عليه السّلام) - وأنا جالس - عن قول اللّه (عزّوجلّ): (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (2) أيجري لهؤلاء ممّن [لا] يعرف منهم هذا الأمر؟

قال: إنّما هي للمؤمنين خاصّة(3).

6908 - كتاب المؤمن: عن يعقوب بن شعيب قال: سمعته يقول: ليس لاحد على اللّه ثواب على عمل إلاّ للمؤمنين4.

6909 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ عمل المؤمن يذهب فيمهّد له في الجنّة كما يرسل الرجل غلامه فيفرش له ثمّ تلا: (وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (4).

ص:71


1- - صفات الشيعة: ص 73 ح 42. منه الوسائل: ج 7 ص 295.
2- الانعام 6:160.
3- (3و4) - كتاب المؤمن: ص 29 ح 51 و 52. والآية في سورة البقرة 2:261. منهما البحار: ج 67 ص 64.
4- كتاب المؤمن: ص 35 ح 76، والآية في سورة الروم 30:44. منه البحار: ج 67 ص 66.

باب (19) عندما يلتقي المؤمنان

6910 - كتاب المؤمن: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ المؤمنين ليلتقيان فيتصافحان، فلا يزال اللّه (عزّوجلّ) مقبلا عليهما بوجهه، والذنوب تتحاتّ عن وجوههما حتّى يفترقا (يتفرّقا - خ)(1).

باب (20) كنه صفة المؤمن

6911 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

[كما] لاتقدر الخلائق على كنه صفة اللّه (عزّوجلّ)، فكذلك لاتقدر على كنه صفة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وكما لاتقدر على كنه صفة الرّسول (صلّى اللّه عليه وآله) كذلك لاتقدر على كنه صفة الامام (عليه السّلام)، وكما لاتقدر على كنه صفة الامام (عليه السّلام) كذلك لايقدرون على كنه صفة المؤمن(2).

باب (21) دعاء المؤمن مستجاب

6912 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ

ص:72


1- - كتاب المؤمن: ص 30 ضمن حديث 54. منه البحار: ج 67 ص 64.
2- كتاب المؤمن: ص 31 ح 59. منه البحار: ج 67 ص 65.

المؤمن إذا دعا اللّه (عزّوجلّ) أجابه - فشخص بصري نحوه إعجابا بها -.

قال:(1) فقال: إنّ اللّه واسع لخلقه(2).

باب (22) فضل الايمان

6913 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) يذود المؤمن عماّ يكره كما يذود الرجل البعير الغريب ليس من أبله(3).

6914 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

كما لاينفع مع الشرك شيء، فلا يضرّ مع الإيمان شيء(4).

باب (23) المؤمن مغفور له

6915 - كتاب المؤمن: عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: إنّ ذنوب المؤمن مغفورة، فيعمل المؤمن لما يستأنف، أما إنّها ليست إلاّ لاهل الايمان(5).

6916 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

ص:73


1- - إعجابا بما قال - البحار. والظاهر انه الانسب.
2- كتاب المؤمن: ص 34 ح 69. منه البحار: ج 67 ص 65.
3- كتاب المؤمن: ص 36 ح 77. منه البحار: ج 67 ص 66. وفيه: ليس من أهله.
4- كتاب المؤمن: ص 36 ح 79. منه البحار: ج 67 ص 66.
5- كتاب المؤمن: ص 36 ح 82. منه البحار: ج 67 ص 67.

يتوفّى المؤمن مغفورا له ذنوبه - واللّه - جميعا(1).

باب (24) شاب ينال حقيقة الايمان

6917 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبداللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: استقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك؟

فقال: يا رسول اللّه مؤمن حقّا.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لكلّ شيء حقيقة فما حقيقة قولك؟

فقال: يا رسول اللّه عزفت نفسي عن الدّنيا فأسهرت ليلي، وأظمأت هو اجري، وكأنّي أنظر إلى عرش ربّي [و] قد وضع للحساب، وكأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتزاورون في الجنّة، وكأنّي أسمع عواء(2) أهل النار في النار.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): عبد نوّر اللّه قلبه، أبصرت فاثبت.

فقال: يا رسول اللّه ادع اللّه لي أن يرزقني الشهادة معك؟

فقال: اللّهم ارزق حارثة الشهادة، فلم يلبث إلاّ أيّاما حتّى بعث

ص:74


1- - كتاب المؤمن: ص 33 ح 65. منه البحار: ج 67 ص 65.
2- العواء: صوت السباع وهو بالكلب والذئب اخصّ. (مجمع البحرين).

رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) سريّة فبعثه فيها، فقاتل فقتل تسعة(1) أو ثمانية - ثمّ قتل.

وفي رواية القاسم بن بريد، عن أبي بصير قال: استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر(2).

المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن ابن سنان بهذا الاسناد نحوه إلى قوله: ثم قتل(3).

6918 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا احمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي(4)، عن صفوان بن يحيى، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لقي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوما حارثة ابن النعمان الأنصاري فقال له: كيف أصبحت يا حارثة؟

قال: أصبحت يارسول اللّه مؤمنا حقّا.

قال: إنّ لكلّ إيمان حقيقة فما حقيقة إيمانك؟

قال: عزفت نفسي عن الدّنيا، وأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، فكأنّي بعرش ربّي وقد قرب للحساب، وكأنّي بأهل الجنّة فيها يتراودون، وأهل النار فيها يعذّبون.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنت مؤمن، نوّر اللّه الايمان في قلبك، فاثبت ثبّتك اللّه.

ص:75


1- - سبعة - المحاسن.
2- الكافي: ج 2 ص 54 ح 3.
3- المحاسن: ص 246 ح 147.
4- العجلي - البحار.

فقال له: يا رسول اللّه ما أنا على نفسي من شيء أخوف منّي عليها من بصري فدعا له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فذهب بصره(1).

6919 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي محمّد الوابشيّ وإبراهيم بن مهزم، عن إسحاق بن عمّار قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) صلّى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه(2)، مصفرّ لونه، قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم):

كيف أصبحت يا فلان؟

قال: أصبحت يا رسول اللّه موقنا. فعجب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من قوله وقال: إنّ لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟

فقال: إنّ يقيني يا رسول اللّه هو الّذي أحزنني، وأسهر ليلي، وأظمأ هواجري، فعزفت نفسي عن الدّنيا وما فيها، حتّى كأنّي أنظر إلى عرش ربّي وقد نصب للحساب، وحشر الخلائق لذلك وأنا فيهم، وكأنّي أنظر إلى أهل الجنّة يتنعّمون في الجنّة ويتعارفون وعلى الارائك متّكئون، وكأنّي أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذّبون مصطرخون

ص:76


1- - معاني الاخبار: ص 187 ح 5. منه البحار: ج 67 ص 299.
2- الخفوق: هو الاضطراب، يقال: خفق برأسه خفقة: اذا أخذته سنة من النعاس، فمال برأسه دون سائر جسده. (مجمع البحرين).

وكأنّي الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لاصحابه: هذا عبد نوّر اللّه قلبه بالإيمان، ثمّ قال له: الزم ما أنت عليه.

فقال الشابّ: ادع اللّه لي يا رسول اللّه أن ارزق الشهادة معك، فدعا له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر(1).

المحاسن: البرقي، عن الحسن بن محبوب بهذا الاسناد نحوه(2).

6920 - نوادر الراوندي: [بإسناده الى موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السّلام)] قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لحارث بن مالك (رضي اللّه عنه): كيف أصبحت؟

فقال: أصبحت واللّه - يا رسول اللّه - من المؤمنين.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لكلّ مؤمن حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟

قال: أسهرت ليلي، وأنفقت مالي، وعزفت عن الدنيا، وكأنّي أنظر إلى عرش ربّي (جلّ جلاله) وقد أبرز للحساب، وكأنّي أنظر إلى أهل الجنّة في الجنّة ليتزاورون، وكأنّي أنظر إلى أهل النار في النار يتعاوون.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): هذا عبد قد نوّر اللّه قلبه، [قد] أبصرت فالزم.

ص:77


1- - الكافي: ج 2 ص 53 ح 2.
2- المحاسن: ص 250 ح 265.

فقال: يا رسول اللّه ادع اللّه لي بالشهادة، فدعا له واستشهد يوم الثامن(1).

أقول: لعلّ المراد أنّ إستشهاده كان بعد مضي ثمانية أيّام من دعاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم). واللّه العالم.

باب (25) شفاعة المؤمن في الآخرة

6921 - مشكاة الانوار: عن ميسر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إن المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ به الرجل، وقد امر به إلى النار، فيقول: يا فلان أغثني فانّي كنت أصنع إليك المعروف في دار الدنيا فيقول للملك: خلّ سبيله، فيأمر اللّه به الملك فيخلّي سبيله(2).

6922 - مشكاة الانوار: عن محمّد بن حمران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يؤتى بعبد يوم القيامة ليست له حسنة فيقال له:

اذكر وتذكر هل لك حسنة؟

فيقول: مالي حسنة غير أنّ فلانا عبدك المؤمن مرّ بي فسألني ماء ليتوضّأ به فيصلّي، فأعطيته.

فيدعى بذلك العبد المؤمن فيقول: نعم يا ربّ.

فيقول الربّ (جلّ ثناؤه): قد غفرت لك، أدخلوا عبدي جنتي3.

ص:78


1- - نوادر الراوندي: ص 20. منه البحار: ج 67 ص 313.
2- (2و3) - مشكاة الأنوار: ص 98. منه البحار: ج 67 ص 70.

6923 - مشكاة الانوار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

المؤمن زعيم أهل بيته، شاهد عليهم ولايتهم(1).

باب (26) حرمة أذى المؤمن

6924 - مشكاة الانوار: من كتاب (المحاسن)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): قال اللّه (تبارك وتعالى): ليأذن بحرب منّي من آذى عبدي المؤمن، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن، ولو لم يكن من خلقي في الارض ما بين المشرق والمغرب إلاّ مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بهما عن جميع ما خلقت في أرضي، ولقامت سبع سماوات و [سبع] أرضين بهما، وجعلت لهما من إيمانهما انسا لايحتاجان إلى انس سواهما(2).

باب (27) عزّة المؤمن

6925 - البحار: مشكاة الانوار - عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه فوّض إلى المؤمن أمره كلّه ولم يفوض إليه أن يكون ذليلا، أما تسمع اللّه (عزّوجلّ) يقول: (وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (3) فا لمؤمن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا، وقال: إنّ المؤمن

ص:79


1- - مشكاة الانوار: ص 99. منه البحار: ج 67 ص 71.
2- مشكاة الانوار: ص 284. منه البحار: ج 67 ص 71.
3- المنافقون 63:8.

أعزّ من الجبل، يستقلّ منه بالمعاول والمؤمن لا يستقلّ من دينه(1).

باب (28) عظمة المؤمن

6926 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن محمّد، عن أبي حمزة الثماليّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:

لو كشف الغطاء عن الناس، فنظروا إلى وصل ما بين اللّه وبين المؤمن، خضعت للمؤمن رقابهم وتسهّلت له امورهم، ولانت طاعتهم، ولو نظروا إلى مردود الاعمال من السماء، لقالوا: ما يقبل اللّه من أحد عملا(2).

باب (29) نور المؤمن

6927 - الخصال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن عليّ بن عبداللّه بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبداللّه جعفر ابن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: المؤمن يتقلّب في خمسة من النور: مدخله نور، ومخرجه نور، وعلمه نور، وكلامه نور، ومنظره يوم القيامة إلى النور(3).

ص:80


1- - البحار: ج 67 ص 72 ح 42.
2- المحاسن: ص 132 ح 4. منه البحار: ج 67 ص 73.
3- الخصال: ص 277 ح 20. منه البحار: ج 68 ص 17.

6928 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجاني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد ابن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر (عليهم السّلام) قال:

كان قوم من خواص الصادق (عليه السّلام) جلوسا بحضرته فى ليلة مقمرة مضحية(1)، فقالوا: يابن رسول اللّه ما أحسن أديم هذه السّماء، وأنوار(2) هذه النجوم والكواكب؟! فقال الصادق (عليه السّلام): إنّكم لتقولون هذا وإنّ المدبّرات الأربعة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت (عليهم السّلام) ينظرون إلى الارض فيرونكم وإخوانكم في أقطار الارض، ونوركم إلى السماوات وإليهم أحسن من أنوار(3) هذه الكواكب، وإنّهم ليقولون كما تقولون: ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنين؟(4).

6929 - كتاب المؤمن: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)(5) قال: إنّ المؤمن ليزهر نوره لاهل السماء كما تزهر نجوم السماء لاهل الارض.

وقال (عليه السّلام): إنّ المؤمن ولي اللّه يعينه ويصنع له، ولا يقول على اللّه إلاّ الحقّ، ولا يخاف غيره(6).

ص:81


1- - مصحية - البحار.
2- وأنور - البحار.
3- من نور - البحار.
4- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 2 ح 2. منه البحار: ج 68 ص 18.
5- عن أحدهما (عليهما السّلام) - البحار.
6- كتاب المؤمن: ص 29 ح 54. منه البحار: ج 67 ص 64.

6930 - تفسير القمي: حدثنا حميد بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) في هذه الآية (اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ) .

قال: بدأ بنور نفسه تعالى (مَثَلُ نُورِهِ) مثل هداه في قلب المؤمن، قوله: (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) المشكاة: جوف المؤمن، والقنديل: قلبه، والمصباح: النور الّذي جعله اللّه في قلبه (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال: الشجرة: المؤمن. (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ) قال: على سواء الجبل لا غربيّة أي لاشرق لها، ولا شرقيّة أي لاغرب لها، إذا طلعت الشمس طلعت عليها وإذا غربت الشمس غربت عليها. (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) يكاد النور الّذي جعله اللّه في قلبه (يُضِيءُ) وإن لم يتكلّم (نُورٌ عَلى نُورٍ) فريضة على فريضة، وسنّة على سنّة (يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدي اللّه لفرائضه وسننه من يشاء (وَ يَضْرِبُ اللّهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ) (1) فهذا مثل ضربه اللّه للمؤمن.

[ثمّ] قال: فالمؤمن يتقلّب في خمسة من النور: مدخله نور، ومخرجه نور، وعلمه نور، وكلامه نور، ومصيره يوم القيامة إلى الجنّة نور.

قلت لجعفر بن محمّد (عليهما السّلام): جعلت فداك يا سيّدي إنّهم يقولون: مثل نور الربّ؟! قال: سبحان اللّه! ليس للّه مثل، قال اللّه: (فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ)

ص:82


1- - النور 24:35.

(الْأَمْثالَ) (1).

أقول: تفسير الإمام (عليه السّلام) لآية النّور وجه من الوجوه وبطن من البطون وهو على التأويل، كما هو واضح.

باب (30) المؤمن في الجنّة

6931 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(2)قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أتاني جبرئيل عن ربّي (تبارك وتعالى) وهو يقول: انّ ربك يقرئك السلام ويقول: يا محمّد بشّر المؤمنين الّذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنّة، فان لهم عندي جزاء الحسنى، وسيدخلون الجنّة(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(4).

باب (31) المؤمن معروف عند أهل السّماء

6932 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة،

ص:83


1- - تفسير القمي: ج 2 ص 103، والآية الآخيرة في سورة النحل 16:74. منه البحار: ج 4 ص 17.
2- المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 33 ح 64.
4- صحيفة الامام الرضا: ص 99 ح 38. منهما البحار: ج 68 ص 19.

عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ المؤمن يعرف في السّماء كما يعرف الرّجل أهله وولده، وإنّه لاكرم على اللّه (عزّوجلّ) من ملك مقرّب(1).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا (عليه السّلام)، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(2).

6933 - صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ المؤمن يعرف في السماء كما يعرف الرجل في أهله وولده، وإنّه أكرم عند اللّه (عزّوجلّ) من ملك مقرّب(3).

باب (32) المؤمن أعظم حرمة من الكعبة

6934 - الخصال: حدّثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدّثنا سعد ابن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن حماّد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: المؤمن أعظم حرمة من الكعبة(4).

البحار: مشكاة الانوار - عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(5).

ص:84


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 33 ح 62.
2- صحيفة الامام الرضا: ص 99 ح 36. منهما البحار: ج 68 ص 18.
3- صحيفة الامام الرضا: ص 99 ح 36. منه البحار: ج 60 ص 299.
4- الخصال: ص 27 ح 95. منه البحار: ج 68 ص 16.
5- البحار: ج 67 ص 71 ح 35.

باب (33) الخصال التي لا تكون في المؤمن

6925 - الخصال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيي العطار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النضريّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول:

ستّة لاتكون في المؤمن: العسر، والنكد، واللجاجة، والكذب، والحسد والبغي(1).

مستطرفات السرائر: نقلا عن (جامع البزنطي)، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(2).

المحاسن: البرقي، روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ستة لاتكون في مؤمن. قيل: وما هي؟ قال:... وذكر مثله بزيادة قوله (عليه السّلام): وقال: لايكون المؤمن مجازفا(3).

البحار - بيان: العسر: الشدّة في المعاملات، وعدم السهولة، والنّكد: العسر والخشونة في المعاشرات وقلّة العطاء والبخل وهو أظهر «واللّجاجة»: الخصومة.

6936 - كتاب الزهد: محمّد بن سنان، عن عمّار بن مروان

ص:85


1- - الخصال: ص 325 ح 15. منه البحار: ج 72 ص 193.
2- مستطرفات السرائر: ص 62 ح 40. منه البحار: ج 72 ص 209.
3- المحاسن: ص 158 ح 96. منه البحار: ج 67 ص 301.

والحسين بن الختار، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إيّاكم وما يعتذر منه، فانّ المؤمن لايسيء ولا يعتذر، والمنافق يسيء كلّ يوم ويعتذر منه(1).

6937 - كتاب التمحيص: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

المؤمن لا يغلبه فرجه، ولا يفضحه بطنه(2).

6938 - الخصال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن الحارثيّ (3)، عن أبي عبداللّه، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لايؤمن رجل فيه الشحّ، والحسد، والجبن، ولا يكون المؤمن جبانا، ولا حريصا ولا شحيحا(4).

صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن الحارثي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:.... وذكر مثله(5).

6939 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحلبي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ المؤمن لاتكون سجيّته(6) الكذب، والبخل،

ص:86


1- - كتاب الزهد: ص 5 ح 7. منه البحار: ج 67 ص 310.
2- كتاب التمحيص: ص 68 ح 165. منه البحار: ج 67 ص 310.
3- الجازي - البحار.
4- الخصال: ص 82 ح 8.
5- صفات الشيعة: ص 79 ح 59. منهما البحار: ج 67 ص 364.
6- السجية: الخلق والطبيعة. (أقرب الموارد).

والفجور، ولكن ربّما ألم(1) بشيء من هذا لا يدوم عليه.

فقيل له: أفيزني؟

قال: نعم، هو مفتّن توّاب، ولكن لا يولد له [ابن] من تلك النطفة(2).

أقول: قوله (عليه السّلام): «.. ولكن لايولد له ابن من تلك النطفة..» لعلّ معناه: انّ اللّه تعالى لايقدّر انعقاد هذه النّطفة، كرامة لعبده المؤمن الذي زلّت به قدمه.. فالمؤمن - عادة - يطيع اللّه تعالى في أوامره ونواهيه، ولكنّه غير معصوم فمن الممكن أن تغلبه النّفس الامّارة بالسّوء فيرتكب المعصية.. ثمّ يؤوب ويتوب ويندم ولا يعود.. فاللّه سبحانه يمنع تلك النّطفة من الإنعقاد، إذ أن الخلق بيده سبحانه....

واللّه العالم.

6940 - الخصال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال:

حدثنا محمد بن يحيي العطار، عن أحمد بن محمّد قال: حدثني أبو عبداللّه الرازيّ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أربع خصال لاتكون في مؤمن: لا يكون مجنونا، ولا يسأل على أبواب الناس، ولا يولد من الزنا، ولا ينكح في دبره(3).

ص:87


1- - المّ: باشر اللمم أي صغار الذّنوب. (أقرب الموارد).
2- الخصال: ص 129 ح 134. منه البحار: ج 69 ص 67.
3- الخصال: ص 229 ح 68. منه البحار: ج 27 ص 148.

باب (34) المؤمن ملجم

6941 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أيّوب بن الحرّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): (فَوَقاهُ اللّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) (1).

فقال: أما لقد بسطوا عليه(2) وقتلوه ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه(3).

6942 - الخصال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان يرفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

أخذ اللّه (عزّوجلّ) ميثاق المؤمن على أن لا يقبل قوله، ولا يصدّق حديثه، ولا ينتصف من عدوّه، ولا يشفي غيظه إلاّ بفضيحة نفسه، لانّ كلّ مؤمن ملجم(4).

ص:88


1- - المؤمن 40:45، والضمير في «وقاه» راجع الى مؤمن آل فرعون حيث توكل على اللّه وفوّض أمره إليه حين أراد فرعون قتله بعد أن أظهر إيمانه بموسى (عليه السّلام) ووعظهم ودعاهم الى الايمان. (مرآة العقول).
2- «لقد بسطوا عليه» أي أيديهم. وفي القاموس: بسط يده: مدّها. (وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) أي مسلطون عليهم. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 215 ح 1.
4- الخصال: ص 229 ح 69. منه البحار: ج 68 ص 224.

باب (35) الغنى في الدّين

6943 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أبي جميلة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كان في وصيّة أمير المؤمنين (عليه السّلام) لاصحابه: اعلموا أنّ القرآن هدى اللّيل والنّهار، ونور اللّيل المظلم على ما كان من جهد وفاقة، فإذا حضرت بليّة فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم، وإذا نزلت نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم، واعلموا أنّ الهالك من هلك دينه والحريب من حرب دينه(1)، ألا وإنّه لا فقر بعد الجنّة، ألا وإنّه لاغنى بعد النّار، لايفك أسيرها ولا يبرء ضريرها(2) و(3).

6944 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن بعض أصحابه قال: كان رجل يدخل على أبي عبداللّه (عليه السّلام) من أصحابه فغبر زمانا(4) لا يحجّ فدخل عليه بعض معارفه، فقال له: فلان ما

ص:89


1- - الحريب: السليب أي المسلوب المال، وحربه حربا: أخذ ماله وتركه بلا شيء (أقرب الموارد). ولعلّ معنى الحديث ان الذي يسلب منه دينه هو الحريب إذ انه بفقده دينه يفقد كل شيء.
2- «ولا يبرء ضريرها» أي من عميت عينه فيها، أو من ابتلي فيها بالضر، وفي القاموس: الضرير: الذاهب البصر والمريض المهزول وكل ما خالطه ضر. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 216 ح 2.
4- غبر غبورا: مكث وبقي. (أقرب الموارد).

فعل(1)؟

قال: فجعل يضجّع الكلام(2) يظنّ أنّه أنّما يعني الميسرة والدّنيا.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كيف دينه؟

فقال: كما تحبّ.

فقال: هو واللّه الغنى(3).

باب (36) نعيم الدّنيا والآخرة

6945 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن صفوان بن الحكم الحنّاط قال: حدثني زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: النّعيم في الدّنيا: الامن وصحّة الجسم، وتمام النّعمة في الآخرة دخول الجنّة، وما تمّت النّعمة على عبد قطّ لم يدخل الجنّة(4).

باب (37) الفرق بين الإيمان والإسلام

6946 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

ص:90


1- - أي كيف حاله، ولم تأخّر عن الحج. (مرآة العقول).
2- «يضجع الكلام» أي يخفضه أو يقصر ولا يصرح بالمقصود ويشير إلى سوء حاله لئلّا يغتمّ الإمام (عليه السّلام) بذلك كما هو الشايع في مثل هذا المقام (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 216 ح 4.
4- معاني الاخبار: ص 408 ح 87. منه البحار: ج 95 ص 135.

الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سماعة قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أخبرني عن الإسلام والايمان أهما مختلفان؟

فقال: إنّ الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لايشارك الإيمان.

فقلت: فصفهما لي؟

فقال: الإسلام: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه والتّصديق برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، به حقنت الدّماء، وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة النّاس.

والإيمان: الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام، وما ظهر من العمل به، والايمان أرفع من الإسلام بدرجة، إنّ الايمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لايشارك الايمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصفة(1).

6947 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن موسى بن بكر، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: الايمان يشارك الإسلام والإسلام لايشارك الإيمان2.

6948 - الكافي: عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل ابن درّاج، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ الايمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام، إنّ الايمان ما وقر في القلوب(2)، والإسلام ما عليه المناكح، والمواريث، وحقن

ص:91


1- (1و2) - الكافي: ج 2 ص 25 ح 1 و 2.
2- وقر في القلب: أي سكن فيه وثبت. (مجمع البحرين).

الدّماء، والايمان يشرك الإسلام، والإسلام لايشرك الإيمان(1).

6949 - من لايحضره الفقيه: سأل العلاء بن رزين أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن جمهور الناس؟

فقال: هم اليوم أهل هدنة تردّ ضالّتهم، وتؤدي أمانتهم، وتحقن دماؤهم وتجوز مناكحتهم، وموارثتهم في هذا الحال(2).

6950 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (3)؟

فقال لي: ألا تري أنّ الايمان غير الإسلام(4).

6951 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سفيان بن السّمط قال: سأل رجل أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن الإسلام والإيمان، ما الفرق بينهما؟ فلم يجبه ثمّ سأله فلم يجبه ثمّ التقيا في الطريق وقد أزف(5) من الرّجل الرّحيل.

فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): كأنّه قد أزف منك رحيل؟

فقال: نعم.

فقال: فالقني في البيت، فلقيه فسأله عن الإسلام والايمان ما

ص:92


1- - الكافي: ج 2 ص 26 ح 3.
2- من لايحضره الفقيه: ج 3 ص 472 ح 4646.
3- الحجرات 49:14.
4- الكافي: ج 2 ص 24 ح 3.
5- أي قرب ودنا. (مجمع البحرين).

الفرق بينهما؟

فقال: الإسلام هو الظاهر الّذي عليه النّاس: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله وإقام الصّلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصيام شهر رمضان فهذا الإسلام.

وقال: الايمان معرفة هذا الامر مع هذا، فإن أقرّ بها ولم يعرف هذا الامر كان مسلما وكان ضالا(1).

6952 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن القاسم الصيرفي شريك المفضّل قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: الاسلام يحقن به الدم، وتؤدّي به الامانة، وتستحلّ به الفروج، والثواب على الإيمان(2).

الكافي: الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمّد، وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حكم بن أيمن، عن قاسم شريك المفضّل قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر مثله(3).

6953 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أيّها النّاس إنّي امرت أن اقاتلكم حتّى تشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّي محمّد رسول اللّه، فإذا فعلتم ذلك حقنتم بها أموالكم ودماءكم إلاّ بحقّها، وكان حسابكم

ص:93


1- - الكافي: ج 2 ص 24 ح 4.
2- الكافي: ج 2 ص 24 ح 1.
3- الكافي: ج 2 ص 25 ح 6.

على اللّه(1).

6954 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الصباح الكناني قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أيّهما أفضل، الايمان أو الإسلام؟ فإنّ من قبلنا يقولون: إنّ الإسلام أفضل من الإيمان؟

فقال: الايمان أرفع من الإسلام.

قلت: فأوجدني ذلك(2).

قال: ما تقول فيمن أحدث(3) في المسجد الحرام متعمّدا؟

قال: قلت: يضرب ضربا شديدا.

قال: أصبت.

قال: فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمّدا؟

قلت: يقتل م قال: أصبت ألا ترى أنّ الكعبة أفضل من المسجد وأنّ الكعبة تشرك المسجد، والمسجد لايشرك الكعبة وكذلك الايمان يشرك الإسلام والإسلام لايشرك الايمان(4).

6955 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالرحيم القصير قال: كتبت مع عبدالملك بن أعين إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) أسأله عن الايمان ما هو؟

ص:94


1- - المحاسن: ص 284 ح 421. منه البحار: ج 68 ص 282.
2- أي اجعلني أجده وافهمه. (مرآة العقول).
3- أحدث فلان: تغوّط (أقرب الموارد).
4- الكافي: ج 2 ص 26 ح 4.

فكتب إليّ مع عبدالملك بن أعين: سألت رحمك اللّه عن الإيمان، والايمان هو الإقرار باللّسان، وعقد في القلب، وعمل بالاركان، والإيمان بعضه من بعض، وهو دار، وكذلك الإسلام دار، والكفر دار، فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ولا يكون مؤمنا حتّى يكون مسلما، فالإسلام قبل الايمان وهو يشارك الايمان، فاذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي، أو صغيرة من صغائر المعاصي الّتي نهى اللّه (عزّوجلّ) عنها كان خارجا من الايمان، ساقطا عنه اسم الايمان وثابتا عليه اسم الإسلام، فإن تاب واستغفر عاد إلى دار الايمان ولا يخرجه إلى الكفر إلاّ الجحود والإستحلال، أن يقول للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك(1)، فعندها يكون خارجا من الإسلام والايمان، داخلا في الكفر، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثا، فاخرج عن الكعبة وعن الحرم فضربت عنقه وصار إلى النار(2).

6956 - الكافي: عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الايمان والاسلام قلت له: أفرق بين الإسلام والايمان؟

قال: فأضرب لك مثله؟

قال: قلت: أورد ذلك؟

قال: مثل الايمان والإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم قديكون في الحرم ولا يكون في الكعبة، ولا يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم، وقد يكون مسلما ولا يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتّى يكون مسلما.

ص:95


1- - دان فلان بالاسلام: تعبّد به وتديّن به (مجمع البحرين).
2- الكافي: ج 2 ص 27 ح 1.

قال: قلت: فيخرج من الايمان شيء؟

قال: نعم.

قلت: فيصيّره إلى ماذا؟

قال: إلى الإسلام أو الكفر.

وقال: لو أنّ رجلا دخل الكعبة فأفلت منه بوله، أخرج من الكعبة ولم يخرج من الحرم، فغسل ثوبه وتطهّر، ثمّ لم يمنع أن يدخل الكعبة، ولو أنّ رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة ومن الحرم وضربت عنقه(1).

معاني الاخبار: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران نحوه(2).

6957 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبداللّه بن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما الإسلام؟

فقال: دين اللّه اسمه الإسلام وهو دين اللّه(3) قبل أن تكونوا حيث كنتم وبعد أن تكونوا، فمن أقرّ بدين اللّه فهو مسلم ومن عمل

ص:96


1- - الكافي: ج 2 ص 28 ح 2.
2- معاني الاخبار: ص 186 ح 1.
3- أي انّ الدّين المعترف به، المقبول عند الله هو الدّين الاسلامي، وهو دين الانبياء كما تشهد بذلك الآيات في ابراهيم الخليل (عليه السّلام) (وَ لكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً) آل عمران 3:67. وهكذا يعقوب وغيرهما من الأنبياء، وهذا الدين سيكون في الاجيال القادمة أيضا دين الله الذي لايقبل غيره.

بما أمر اللّه (عزّوجلّ) به فهو مؤمن(1).

6958 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): امرت أن اقاتل الناس حتّى يقولوا: لا إله إلاّ اللّه، فاذا قالوها فقد حرم عليّ دماؤهم وأموالهم(2).

6959 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم أو غيره، عن عمر بن أبان الكلبيّ، عن عبدالحميد الواسطيّ، عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا محمّد الإسلام درجة؟

قال: قلت: نعم.

قال: والايمان على الإسلام درجة.

قال: قلت: نعم.

قال: والتقوي على الإيمان درجة.

قال: قلت: نعم.

قال: واليقين على التقوى درجة.

ص:97


1- - الكافي: ج 2 ص 38 ح 4.
2- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 64 ح 280. منه البحار: ج 68 ص 242.

قال: قلت: نعم.

قال: فما اوتي الناس أقلّ من اليقين، وإنما تمسّكتم بأدنى الإسلام فإيّاكم أن ينفلت(1) من أيديكم(2).

6960 - الكافي: أبو عليّ الاشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أخا جعفر إن الايمان أفضل من الإسلام، وإنّ اليقين أفضل من الايمان، وما من شيء أعزّ من اليقين(3).

6961 - قرب الاسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّه قال له: إنّ الايمان قد يجوز بالقلب دون اللّسان؟

فقال [له]: إن كان ذلك كما تقول فقد حرم علينا قتال المشركين، وذلك إنّا لاندري بزعمك لعلّ ضميره الايمان فهذا القول نقض لامتحان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) من كان يجيئه يريد الاسلام، وأخذه ايّاه بالبيعة عليه وشروطه وشدّة التأكيد.

قال مسعدة بن صدقة: ومن قال بهذا فقد كفر البتّة من حيث لايعلم(4)البحار - توضيح: حاصل الجواب أنه لو كان الاسلام محض الاعتقاد القلبي ولم يكن مشروطا بعدم الانكار الظاهري أو بوجود الاذعان والانقياد الظاهري، لم يجز قتال المشركين، إذ يحتمل إيمانهم باطنا.

ص:98


1- - ينفلت: يخرج من قلوبكم فجأة. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 52 ح 4.
3- الكافي: ج 2 ص 51 ح 1.
4- قرب الاسناد: ص 23. منه البحار: ج 68 ص 241.

6962 - بصائر الدرجات: حدثنا عبداللّه بن محمّد - يعني ابن عيسى - عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن عبداللّه، عن يونس، عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام):

أرأيت من لم يقرّ بما يأتيكم في ليلة القدر كما ذكر ولم يجحده؟

قال: أمّا إذا قامت عليه الحجّة ممّن يثق به في علمنا فلم يثق به فهو كافر، وأما من لا يسمع(1) ذلك فهو في عذر حتّى يسمع.

ثم قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين(2).

6963 - تفسير العياشي: عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فسمّاهم مؤمنين، [وليسوا بمؤمنين] ولا كرامة، قال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) إلى قوله: (فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) (3) ولو أنّ أهل السّماء والأرض قالوا: قد أنعم اللّه عليّ إذ لم أكن مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لكانوا بذلك مشركين، وإذا أصابهم فضل من اللّه قال ياليتني كنت معهم فاقاتل في سبيل اللّه(4).

6964 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعدان ابن مسلم، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) ما الايمان؟

ص:99


1- - وأمّا من لم يسمع - الوسائل.
2- بصائر الدرجات: ص 244 ح 15. منه الوسائل: ج 1 ص 26 ح 19.
3- النساء 4:71-73.
4- تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 191. منه البحار: ج 68 ص 260.

فجمع لي الجواب في كلمتين فقال: الايمان باللّه أن لاتعصي اللّه.

قلت: فما الاسلام؟

فجمعه في كلمتين فقال: من شهد شهادتنا، ونسك نسكنا، وذبح ذبيحتنا(1).

6965 - نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن ابائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه تعالى جعل الاسلام دينه، وجعل كلمة الاخلاص حصنا(2)، فمن استقبل قبلتنا، وشهد شهادتنا، وأحلّ ذبيحتنا فهو المسلم، له مالنا وعليه ما علينا(3).

6966 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن ابن سنان، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لو أنّ العباد وصفوا الحقّ وعملوا به، ولم تعقد قلوبهم على أنّه الحقّ ما انتفعوا(4).

باب (38) معنى الإيمان

6967 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن سلام الجعفيّ قال: سالت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن الايمان؟

ص:100


1- - أمالي الطوسي: ص 139 ح 225. منه البحار: ج 68 ص 271.
2- حسنا له - البحار.
3- نوادر الراوندي: ص 21. منه البحار: ج 68 ص 288.
4- المحاسن: ص 248 ح 255. منه البحار: ج 68 ص 281.

فقال: الايمان أن يطاع اللّه فلا يعصى(1).

6968 - الكافي: عليّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال:

الايمان إقرار وعمل، والإسلام إقرار بلا عمل(2).

6969 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أحمد بن محمّد بن عبدالرحمن القرشي الحاكم قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خالد بن الحسن المطوعي البخاري قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا علي بن حرب الملائي قال: حدثنا أبو الصلت الهروي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (صلوات اللّه عليهم) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الايمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل با لاركان(3).

الخصال - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): أخبرني سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي قال: حدثنا علي بن عبدالعزيز ومعاذ بن المثنى قالا: حدثنا عبدالسلام بن صالح الهروي مثله(4).

الخصال - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر بن محمد البندار قال: حدثنا أبو العباس محمّد بن

ص:101


1- - الكافي: ج 2 ص 33 ح 3.
2- الكافي: ج 2 ص 24 ح 2.
3- عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 226 ح 1.
4- الخصال: ص 179 ح 241 - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 227 ح 4.

محمّد بن جمهور الحمادي قال: حدثنا محمد بن عمر بن منصور البلخي قال: حدثنا أبو يونس أحمد بن محمّد بن يزيد بن عبداللّه الجمحي قال: حدثنا عبدالسلام بن صالح الهروي مثله(1).

أمالي الصدوق - الخصال - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام):

حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد العلوي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمّد البزاز قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازي قال: حدثني علي بن موسى الرضا وذكر مثله بتقديم وتأخير وزاد بعده: قال حمزة بن محمّد العلوي: وسمعت عبدالرحمن بن أبي حاتم يقول: سمعت أبي يقول: وقد روي هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبدالسلام بن صالح، عن علي بن موسى الرضا (عليهم السّلام) باسناده مثله، قال أبو حاتم: لو قرأ هذا الاسناد على مجنون لبرأ(2).

6970 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(3) عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الايمان إقرار باللّسان، ومعرفة بالقلب، وعمل بالأركان(4).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن

ص:102


1- - الخصال: ص 178 ح 239 - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 226 ح 2. منهما البحار: ج 69 ص 64 و 65.
2- أمالي الصدوق: ص 221 ح 15 - الخصال: ص 179 ح 242 - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 227 ح 5. منها البحار: ج 69 ص 63.
3- المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
4- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 28 ح 17.

آبائه (عليهم السّلام) مثله(1).

6971 - أمالي الطوسي: أبو محمّد الفحام قال: حدثني المنصوري قال: حدثني عمّ أبي قال: حدثني علي بن محمّد العسكري قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين بن علي قال: حدثني أبي الحسين (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): سالت النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عن الايمان؟

فقال: تصديق با لقلب، وإقرار با للسان، وعمل با لاركان(2).

6972 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان بن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء اخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيّدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن امير المؤمنين (عليهم السّلام) انه قال: الإيمان إقرار با للسان، ومعرفة با لقلب، وعمل بالجوارح(3).

6973 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة قالوا: أخبرنا أبو المفضل

ص:103


1- - صحيفة الامام الرضا: ص 81 ح 3. منهما البحار: ج 69 ص 67.
2- أمالي الطوسي: ص 284 ح 551. منه البحار: ج 69 ص 68.
3- أمالي الطوسي: ص 369 ح 789. منه البحار: ج 69 ص 68.

قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه الصامغاني، وجعفر ابن ادريس القزويني قالا: حدّثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثني أبي وحدّثني أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة بن هشام بن غالب الرقي قال: حدثنا أبي، قالوا: حدثنا علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: حدّثني أبي محمّد بن علي (عليه السّلام) قال: حدّثني أبي علي بن الحسين (عليه السّلام) قال:

حدثني أبي الحسين (عليه السّلام) قال: حدثني علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: سمعت النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: الايمان إقرار باللّسان، ومعرفة بالقلب، وعمل با لاركان. ولفظ الحديث لداود ابن سليمان، عن الرضا (عليه السّلام).

قال أبو المفضل: وحدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب الحريري الطبري، قال: حدثنا أبو ياسر عمار بن رجاء الاسترآبادي وأبو بكر محمّد بن عطيّة الرازيّ وأبو حاتم محمّد بن إدريس الحنظليّ وغيرهم قالوا: حدثنا عبدالسلام بن صالح أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام)، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول:

الايمان قول باللّسان، ومعرفة بالقلب، وعمل بالاركان.

قال أبو حاتم: قال أبو الصلت: لو قرأ هذا الاسناد على مجنون لبريء باذن اللّه تعالى.

قال أبو المفضّل: وهذا حديث لم يحدّث به عن النبيّ (صلّى اللّه

ص:104

عليه وآله) إلاّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) من رواية الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) وأجمع على هذا القول أئمّة أصحاب الحديث فيما أعلم واحتجّوا بهذا الحديث على المرجئة، ولم يحدّث به فيما أعلم إلاّ موسى بن جعفر، عن أبيه (صلوات اللّه عليهما) وكنت لا أعلم أنّ أحدا رواه عن موسى بن جعفر (عليهما السّلام) إلاّ ابنه الرّضا (عليه السّلام) حتّى حدّثناه محمّد بن عليّ بن معمر الكوفيّ وما كتبته إلاّ عنه، قال: حدثنا عبداللّه بن سعيد البصري العابد، قال:

حدّثنا محمّد بن صدقة ومحمد بن تميم، قالا: حدثنا موسى بن جعفر، عن أبيه باسناده مثله سواء(1).

6974 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد [الشيخ المفيد] قال: أخبرنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدّثنا أبو عبداللّه الحسين بن علي المالكي قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (صلوات اللّه عليهم) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الايمان قول مقول، وعمل معمول، وعرفان العقول.

قال أبو الصلت: فحدّثت بهذا الحديث في مجلس أحمد بن حنبل فقال لي أحمد: يا أبا الصلت لو قرأ بهذا الاسناد على المجانين لأفاقوا(2).

ص:105


1- - أمالي الطوسي: ص 448 ح 1001-1003. منه البحار: ج 69 ص 68.
2- أمالي الطوسي: ص 36 ح 39.

أمالي المفيد: حدثنا الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمّد بن محمد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي مثله وفيه: لو قرأ هذا الاسناد(1).

6975 - الخصال - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسيني، عن محمّد بن عبداللّه بن طاهر قال: كنت واقفا على [رأس] أبي وعنده أبو الصلت الهرويّ وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن محمّد بن حنبل فقال أبي: ليحدّثني كلّ رجل منكم بحديث، فقال أبو الصلت الهروي:

حدّثني عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) - وكان واللّه رضا كما سمّي - عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ [بن أبي طالب] (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الايمان قول وعمل.

فلمّا خرجنا قال أحمد بن محمّد بن حنبل: ما هذا الاسناد؟

فقال له أبي: هذا سعوط(2) المجانين إذا سعط به المجنون أفاق(3).

6976 - قرب الاسناد: محمد بن عيسى، عن عبداللّه بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليه السّلام) قال: قال النبيّ (4)

ص:106


1- - أمالي المفيد: ص 275 ح 2. منهما البحار: ج 69 ص 67.
2- السعوط - بفتح السين -: الدّواء الذي يستعط وما يدخل في الانف. (أقرب الموارد).
3- الخصال: ص 53 ح 68 - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 228 ح 6. منهما البحار: ج 69 ص 65.
4- قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) - معاني الأخبار.

(صلّى اللّه عليه وآله): الايمان قول وعمل، أخوان شريكان(1).

معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عبداللّه بن ميمون مثله(2).

6977 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص ابن البختريّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ليس الايمان بالتحلّي ولا بالتمنّي، ولكنّ الايمان ما خلص في القلب، وصدّقه الاعمال(3).

6978 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار، قال: حدثنا أبو سعيد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن الحسن بن زياد العطّار، قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّهم يقولون لنا: أمؤمنون أنتم؟

فنقول: نعم إن شاء اللّه تعالى.

فيقولون: أليس المؤمنون في الجنّة؟!! فنقول: بلى.

فيقولون: أفأنتم في الجنّة؟!! فاذا نظرنا إلى أنفسنا ضعفنا وانكسرنا عن الجواب.

قال: فقال (عليه السّلام): إذا قالوا لكم: أمؤمنون أنتم؟

فقولوا: نعم إن شاء اللّه.

ص:107


1- - قرب الاسناد: ص 13.
2- معاني الاخبار: ص 187 ح 4. منهما البحار: ج 69 ص 66.
3- معاني الاخبار: ص 187 ح 3. منه البحار: ج 69 ص 72.

قال: قلت: فانّهم يقولون إنّما استثنيتم لانّكم شكاك؟

قال: فقولوا [لهم]: واللّه ما نحن بشكاّك، ولكنّا استثنينا كما قال اللّه (عزّوجلّ) (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ) (1) وهو يعلم أنّهم يدخلونه أوّلا، وقد سمّى اللّه (عزّوجلّ) المؤمنين بالعمل الصالح «مؤمنين» ولم يسم من ركب الكبائر وما وعد اللّه (عزّوجلّ) عليه النّار في قرآن ولا أثر، ولا تسمّهم بالايمان بعد ذلك الفعل(2).

6979 - تفسير القمي: عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: الكلم الطيّب قول المؤمن: «لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ وليّ اللّه، وخليفة رسول اللّه». وقال: «والعمل الصالح» الاعتقاد بالقلب أنّ هذا هو الحقّ من عند اللّه لا شك فيه من ربّ العالمين(3).

باب (39) حقيقة الإيمان

6980 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن أبي الجهم(4)، عن حسين ابن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي خديجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أتى رجل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا رسول اللّه إنّي جئتك ابايعك على الاسلام.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ابايعك على أن تقتل

ص:108


1- - الفتح 48:27.
2- معاني الاخبار: ص 413 ح 105. منه البحار: ج 69 ص 72.
3- تفسير القمي: ج 2 ص 208. منه البحار: ج 69 ص 64.
4- ابن الجهم - البحار.

أباك. فقبض الرجل يده فانصرف. ثم عاد فقال: يا رسول اللّه إنّي جئت على أن ابايعك على الاسلام.

فقال له: على أن تقتل أباك.

قال: نعم.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّا واللّه لا نأمركم بقتل آبائكم، ولكنّ الآن علمت منك حقيقة الايمان، وأنّك لن تتّخذ من دون اللّه وليجة(1)، أطيعوا آباءكم فيما أمروكم، ولا تطيعوهم في معاصي اللّه.

ورواه أبي، عن فضالة، عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أتى أعرابي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا رسول اللّه بايعني على الاسلام.

فقال: على أن تقتل أباك. فكفّ الأعرابيّ يده وأقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على القوم يحدّثهم.

فقال الأعرابيّ: يا رسول اللّه بايعني على الاسلام.

فقال: على أن تقتل أباك. فكفّ الأعرابي يده وأقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على القوم يحدّثهم.

فقال الاعرابي: بايعني يا رسول اللّه على الاسلام.

فقال: على أن تقتل أباك.

قال: نعم، فبايعه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ قال رسول اللّه: الآن لم تتّخذ من دون اللّه ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة، إنّي لا آمرك بعقوق الوالدين، ولكن صاحبهما في الدّنيا معروفا(2).

ص:109


1- - وليجة الرجل: بطانته ودخلاؤه وخاصته وما يتخذه معتمدا عليه (مجمع البحرين).
2- المحاسن: ص 248 ح 253. منه البحار: ج 70 ص 177.

6981 - مشكاة الانوار: نقلا من كتاب (المحاسن)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أتى رجل إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا رسول اللّه إنّي جئت ابايعك على الاسلام.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): على أن تقتل أباك، فقبض الرجل يده وانصرف، ثمّ عاد وقال: يا رسول اللّه إنّي جئت لأبايعك على الاسلام.

فقال له: على أن تقتل أباك؟

قال: نعم.

فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ المؤمن يري يقينه في عمله، والكافر يري إنكاره في عمله، فوالّذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم، فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة(1).

باب (40) الإيمان والكفر

6982 - تفسير العياشي: عن أبي عمرو الزبيريّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، في قوله: (وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (2).

قال: في هذه الآية تكفير أهل القبلة بالمعاصي، لانّه من لم يكن يدعو إلى الخيرات ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر من المسلمين، فليس من الامّة الّتي وصفها [اللّه] لانكم تزعمون أنّ جميع المسلمين

ص:110


1- - مشكاة الانوار: ص 38. منه البحار: ج 68 ص 291.
2- آل عمران 3:104.

من امّة محمّد، وقد بدت هذه الآية وقد وصفت امّة محمّد بالدّعاء إلى الخير، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومن لم يوجد فيه الصفة الّتي وصفت بها، فكيف يكون من الأمّة، وهو على خلاف ما شرطه اللّه على الأمّة ووصفها به؟!!(1).

6983 - تفسير العياشي: عن أبي العباس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه: (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) (2).

قال: هي سنّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ومن كان قبله من الرّسل وهو الاسلام(3).

6984 - الكافي: محمّد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن الاشعث بن محمّد، عن محمّد بن حفص بن خارجة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: - وسأله رجل عن قول المرجئة في الكفر والايمان وقال: إنّهم يحتجّون علينا ويقولون: كما أنّ الكافر عندنا هو الكافر عند اللّه فكذلك نجد المؤمن إذا أقرّ بإيمانه أنّه عند اللّه مؤمن.

فقال: سبحان اللّه وكيف يستوي هذان؟! والكفر إقرار من العبد فلا يكلّف بعد إقراره ببيّنة، والايمان دعوى لاتجوز إلاّ ببيّنة، وبيّنته عمله ونيّته، فاذا اتّفقا فالعبد عند اللّه مؤمن، والكفر موجود بكلّ جهة من هذه الجهات الثلاث من نيّة أو قول أو عمل، والأحكام تجري علي القول والعمل، فما أكثر من يشهد له المؤمنون بالايمان ويجري عليه أحكام المؤمنين وهو عند اللّه كافر؟!! وقد أصاب من أجرى عليه

ص:111


1- - تفسير العياشي: ج 1 ص 195 ح 127. منه البحار: ج 68 ص 284.
2- الاسراء 17:77.
3- تفسير العياشي: ج 2 ص 308 ح 135. منه البحار: ج 68 ص 287.

أحكام المؤمنين بظاهر قوله وعمله(1).

6985 - الكافي: أبو علي الاشعري، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صفوان أو غيره، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سالته عن الايمان؟

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه [وأنّ محمّدا رسول اللّه] والإقرار بما جاء من عند اللّه وما استقرّ في القلوب من التصديق بذلك.

قال: قلت: الشهادة أليست عملا؟

قال: بلى.

قلت: العمل من الايمان؟

قال: نعم الايمان لايكون إلاّ بعمل والعمل منه، ولا يثبت الايمان إلّابعمل(2).

6986 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن الايمان؟

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمدا رسول اللّه.

قال: قلت: أليس هذا عمل(3)؟

قال: بلى.

قلت: فالعمل من الايمان؟

قال: لايثبت له(4) الايمان إلاّ بالعمل والعمل منه(5).

ص:112


1- - الكافي: ج 2 ص 39 ح 8.
2- الكافي: ج 2 ص 38 ح 3.
3- هكذا في المصدر والظاهر انّ الصحيح: أليس هذا عملا.
4- الضمير راجع الى المؤمن المدلول عليه بالايمان. (مرآة العقول).
5- الكافي: ج 2 ص 38 ح 6.

باب (41) وصايا عامّة

6987 - كنز الفوائد: وممّا حدّثنا به الشيخ الفقيه أبو الحسن ابن شاذان (رحمه اللّه) قال: حدّثني أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدّثنا ابن الوليد محمد بن الحسن، قال: حدثنا الصفار محمّد بن الحسن قال:

حدثنا محمد بن زياد، عن مفضل بن عمر، عن يونس بن يعقوب (رضي اللّه عنه) قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: «ملعون ملعون كل بدن لا يصاب في كلّ أربعين يوما».

فقلت: ملعون؟

قال: ملعون.

فلمّا رأي عظم ذلك عليّ قال: يا يونس، إنّ من البليّة الخدشة، واللّطمة، والعثرة، والنكبة، والفقر، وانقطاع الشسع، واشباه ذلك.

يا يونس: إنّ المؤمن اكرم على اللّه تعالى من أن يمرّ عليه أربعون يوما لا يمحّص فيها من ذنوبه ولو بغمّ يصيبه لايدري ما وجهه، وإنّ أحدكم ليضع الدراهم بين يديه فيراها، فيجدها ناقصة فيغتمّ بذلك، فيجدها سواء فيكون ذلك حطّا لبعض ذنوبه.

يا يونس: ملعون ملعون من آذي جاره.

ملعون ملعون رجل يبدأه أخوه بالصلح فلم يصالحه.

ملعون ملعون حامل القران مصرّ على شرب الخمر.

ملعون ملعون عالم يؤمّ سلطانا جائرا معينا له على جوره.

ملعون ملعون مبغض علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فإنّه ما

ص:113

أبغضه حتى أبغض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ومن أبغض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعنه اللّه في الدّنيا والآخرة.

ملعون ملعون من رمى مؤمنا بكفر، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله.

ملعونة ملعونة إمرأة تؤذي زوجها وتغمّه، وسعيدة سعيدة امرأة تكرم زوجها ولا تؤذيه وتطيعه في جميع أحواله.

يا يونس: قال جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ملعون ملعون من يظلم بعدي فاطمة ابنتي ويغصبها حقّها ويقتله!.

ثمّ قال: يا فاطمة: البشرى، فلك عند اللّه مقام محمود تشفعين فيه لمحبّيك وشيعتك فتشفّعين.

يا فاطمة: لو أنّ كل نبي بعثه اللّه، وكلّ ملك قرّبه، شفعوا في كلّ مبغض لك، غاصب لك، ما أخرجه اللّه من النار أبدا.

ملعون ملعون قاطع رحمه.

ملعون ملعون مصدّق بسحر.

ملعون ملعون من قال: الايمان قول بلا عمل.

ملعون ملعون من وهب اللّه له مالا فلم يتصدّق به.

أما سمعت أنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله) قال: صدقة درهم أفضل من صلاة عشر ليال.

ملعون ملعون من ضرب والده أو والدته.

ملعون ملعون من عقّ والديه.

ملعون ملعون من لم يوقّر المسجد.

أتدري يا يونس لم عظّم اللّه تعالى حقّ المسجد، وأنزل هذه

ص:114

الآية: (وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً) (1)؟! كانت اليهود والنصاري إذا دخلوا كنائسهم أشركوا باللّه تعالى فأمر اللّه سبحانه نبيّه أن يوحّد اللّه فيها ويعبده(2).

باب (42) درجات الإيمان

6988 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: أيّها العالم أخبرني أيّ الاعمال أفضل عنداللّه؟

قال: ما لايقبل اللّه شيئا إلاّ به.

قلت: وما هو؟

قال: الايمان باللّه الّذي لا إله إلاّ هو أعلى الاعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظّا.

قال: قلت: ألا تخبرني عن الايمان، أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟

فقال: الايمان عمل كلّه والقول بعض ذلك العمل، بفرض من اللّه بيّن في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجّته، يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه.

قال: قلت: صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه؟

ص:115


1- - الجن 72:18.
2- كنز الفوائد: ج 1 ص 149. منه البحار: ج 69 ص 19.

قال: الايمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل. فمنه التام المنتهى تمامه، ومنه الناقص البيّن نقصانه، ومنه الراجح الزائد رجحانه.

قلت: إنّ الايمان ليتمّ وينقص ويزيد؟

قال: نعم.

قلت: كيف ذلك؟

قال: لانّ اللّه (تبارك وتعالى) فرض الايمان على جوارح ابن ادم وقسّمه عليها وفرقه فيها فليس من جوارحه جارحة إلاّ وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به اختها، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الّذي لاترد الجوارح ولا تصدر إلاّ عن رأيه وأمره، ومنها عيناه اللّتان يبصر بهما واذناه اللّتان يسمع بهما، ويداه اللّتان يبطش بهما، ورجلاه اللّتان يمشي بهما، وفرجه الّذي الباه من قبله، ولسانه الّذي ينطق به، ورأسه الّذي فيه وجهه، فليس من هذه جارحة إلاّ وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به اختها بفرض من اللّه (تبارك اسمه)، ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها.

ففرض على القلب غير ما فرض على السّمع، وفرض على السّمع غير ما فرض على العينين، وفرض على العينين غير ما فرض على اللّسان، وفرض على اللّسان غير ما فرض على اليدين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأمّا ما فرض على القلب من الايمان فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم بأن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، إلها واحدا، لم يتّخذ صاحبة ولا ولدا وأنّ محمدا عبده ورسوله (صلوات اللّه عليه وآله)

ص:116

والإقرار بما جاء من عند اللّه من نبيّ أو كتاب، فذلك ما فرض اللّه على القلب من الإقرار والمعرفة وهو عمله وهو قول اللّه (عزّوجلّ):

(إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَ لكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) (1)وقال: (أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (2) وقال: (مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (3) وقال: (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) (4) فذلك ما فرض اللّه (عزّوجلّ) على القلب من الإقرار والمعرفة، وهو عمله وهو رأس الايمان، وفرض اللّه على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقرّ به قال اللّه (تبارك وتعالى): (وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً) (5)وقال: (وَ قُولُوا آمَنّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (6) فهذا ما فرض اللّه على اللّسان وهو عمله، وفرض على السّمع أن ينزّه عن الإستماع إلى ما حرّم اللّه، وأن يعرض عمّا لا يحلّ له ممّا نهى اللّه (عزّوجلّ) عنه، والإصغاء إلى ما أسخط اللّه (عزّوجلّ)، فقال في ذلك: (وَ قَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللّهِ يُكْفَرُ بِها وَ يُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتّى)

ص:117


1- - النحل 16:106.
2- الرعد 13:28.
3- المائدة 5:41.
4- البقرة 2:284.
5- البقرة 2:83.
6- العنكبوت 29:46.

(يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (1)، ثم استثنى اللّه (عزّوجلّ) موضع النسيان فقال: (وَ إِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ) (2) وقال (فَبَشِّرْ عِبادِ * اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) (3) وقال (عزّوجلّ):

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ * وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (4) وقال: (وَ إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَ قالُوا لَنا أَعْمالُنا وَ لَكُمْ أَعْمالُكُمْ) (5) وقال:

(وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (6) فهذا ما فرض على السّمع من الايمان أن لا يصغي الى ما لايحل له وهو عمله وهو من الايمان، وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم اللّه عليه وأن يعرض عمّا نهى اللّه عنه ممّا لايحل له، وهو عمله وهو من الايمان، فقال (تبارك وتعالى): (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (7) فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه، ويحفظ فرجه أن ينظر إليه. وقال: (وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ

ص:118


1- - النساء 4:140.
2- الانعام 6:68
3- الزمر 39:18.
4- المؤمنون 23:1-4.
5- القصص 28:55.
6- الفرقان 25:72.
7- النور 24:30.

فُرُوجَهُنَّ) (1) من أن تنظر إحداهنّ إلى فرج اختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها وقال: كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزّنا إلّا هذه الآية فإنّها من النظر، ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية اخري فقال: (وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ) (2) يعني بالجلود: الفروج والأفخاذ وقال: (وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (3) فهذا ما فرض اللّه على العينين من غضّ البصر عمّا حرم اللّه (عزّوجلّ) وهو عملهما وهو من الايمان، وفرض اللّه على اليدين أن لايبطش بهما إلى ما حرّم اللّه وأن يبطش بهما إلى ما أمر اللّه (عزّوجلّ) وفرض عليهما من الصّدقة وصلة الرّحم والجهاد في سبيل اللّه والطهور للصّلاة، فقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (4) وقال: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) (5) فهذا ما فرض اللّه على اليدين لأنّ الضّرب من علاجهما(6) وفرض على الرّجلين أن

ص:119


1- - النور 24:31.
2- فصّلت 41:22.
3- الاسراء 17:36.
4- المائدة 5:6.
5- محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:4.
6- عالجه معالجة وعلاجا: زاوله (أقرب الموارد). والمعنى: ان الضرب من أعمال اليدين.

لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي اللّه وفرض عليها المشي إلى ما يرضي اللّه (عزّوجلّ) فقال: (وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) (1) وقال: (وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (2) وقال فيما شهدت الايدي والارجل على أنفسهما وعلى أربابهما من تضييعهما لما أمر اللّه (عزّوجلّ) به وفرضه عليهما: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (3) فهذا أيضا ممّا فرض اللّه على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الايمان، وفرض على الوجه السّجود له بالليل والنهار في مواقيت الصّلاة فقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (4) فهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين وقال في موضع آخر: (وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللّهِ أَحَداً) (5) وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصّلاة بها وذلك أن اللّه (عزّوجلّ) لمّا صرف نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى الكعبة عن البيت المقدّس فأنزل اللّه (عزّوجلّ) (وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ)

ص:120


1- - الاسراء 17:37.
2- لقمان 31:19.
3- يس 36:65.
4- الحج 22:77.
5- الجنّ 72:18.

(إِيمانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (1) فسمّى الصّلاة إيمانا فمن لقي اللّه (عزّوجلّ) حافظا لجوارحه موفيا كلّ جارحة من جوارحه ما فرض اللّه (عزّوجلّ) عليها لقي اللّه (عزّوجلّ) مستكملا لإيمانه وهو من أهل الجنّة ومن خان في شيء منها أو تعدّى ما أمر اللّه (عزّوجلّ) فيها لقي اللّه (عزّوجلّ) ناقص الايمان.

قلت: قد فهمت نقصان الايمان وتمامه، فمن أين جاءت زيادته؟

فقال: قول اللّه (عزّوجلّ): (وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَ هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) (2) وقال: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً) (3) ولو كان كلّه واحدا لازيادة فيه ولا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على الاخر، ولاستوت النّعم فيه، ولاستوي النّاس وبطل التفضيل، ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنّة وبالزّيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند اللّه وبالنقصان دخل المفرّطون النار(4).

6989 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن الحسن بن محبوب، عن عمّار بن أبي الأحوص، عن أبي

ص:121


1- - البقرة 2:143.
2- التوبة 9:124 و 125.
3- الكهف 18:13.
4- الكافي: ج 2 ص 33 ح 1.

عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) وضع الايمان على سبعة أسهم: على البرّ والصدق واليقين والرّضا والوفاء والعلم والحلم، ثمّ قسم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه هذه السبعة الاسهم فهو كامل محتمل، وقسّم لبعض الناس السهم ولبعض السهمين ولبعض الثلاثة حتى انتهوا إلى [ال -] - سبعة، ثمّ قال: لاتحملوا على صاحب السّهم سهمين ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهضوهم(1).

ثمّ قال كذلك حتّى ينتهى إلى [ال -] - سبعة(2).

6990 - الخصال: حدّثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمّار بن أبي الاحوص قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ عندنا أقواما يقولون بأمير المؤمنين (عليه السّلام) ويفضّلونه على الناس كلّهم، وليس يصفون ما نصف من فضلكم أنتولاّهم؟

فقال لي: نعم، في الجملة، أليس عند اللّه ما لم يكن عند رسول اللّه، ولرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): [من](3) عند اللّه ما ليس لنا، وعندنا ما ليس عندكم، وعندكم ما ليس عند غيركم؟ إنّ اللّه (تبارك وتعالى) وضع الاسلام على سبعة أسهم: على الصبر والصدق، واليقين، والرضا، والوفاء، والعلم، والحلم، ثمّ قسم ذلك بين الناس فمن جعل فيه هذه السبعة الاسهم، فهو كامل الإيمان محتمل، ثمّ قسم لبعض الناس السهم، ولبعض السهمين، ولبعض

ص:122


1- - بهضه الامر بهضا: فدحه وثقل عليه (أقرب الموارد).
2- الكافي: ج 2 ص 42 ح 1.
3- ما بين المعقوفتين من البحار.

الثلاثة الاسهم، ولبعض الاربعة الاسهم، ولبعض الخمسة الاسهم، ولبعض الستّة الاسهم، ولبعض السبعة الأسهم.

فلا تحملوا على صاحب السهم سهمين، ولا على صاحب السهمين ثلاثة أسهم ولا على صاحب الثلاثة أربعة أسهم، ولا على صاحب الاربعة خمسة أسهم، ولا على صاحب الخمسة ستّة أسهم، ولا على صاحب السّتة سبعة أسهم، فتثقلوهم وتنفّروهم، ولكن ترفّقوا بهم وسهّلوا لهم المدخل.

وسأضرب لك مثلا تعتبر به: إنّه كان رجل مسلم وكان له جار كافر، وكان الكافر يرافق المؤمن فأحب المؤمن للكافر الاسلام، ولم يزل يزيّن الاسلام ويحبّبه إلى الكافر حتّى أسلم، فغدا عليه المؤمن فاستخرجه من منزله فذهب به إلى المسجد ليصلّي معه الفجر في جماعة، فلمّا صلّى قال له: لو قعدنا نذكر اللّه (عزّوجلّ) حتّى تطلع الشمس، فقعد معه، فقال له: لو تعلّمت القرآن إلى أن تزول الشمس وصمت اليوم كان أفضل، فقعد معه وصام حتّى صلّى الظهر والعصر، فقال: لو صبرت حتّى تصلّي المغرب والعشاء الآخرة كان أفضل، فقعد معه حتّى صلّى المغرب والعشاء الآخرة، ثمّ نهضا وقد بلغ مجهوده، وحمل عليه ما لايطيق، فلمّا كان من الغد غدا عليه وهو يريد به مثل ما صنع بالأمس، فدقّ عليه بابه، ثمّ قال له: اخرج حتّى نذهب إلى المسجد، فأجابه أن انصرف عنّي فانّ هذا دين شديد لا اطيقه.

فلا تخرقوابهم(1)، أماعلمت أنّ إمارة بني اميّة كانت بالسّيف والعسف والجور، وأنّ إمارتنا بالرّفق، والتألّف، والوقار، والتقيّة، وحسن

ص:123


1- - خرق خرقا: إذا عمل شيئا فلم يرفق به. (مجمع البحرين).

الخلطة والورع، والاجتهاد؟! فرغّبوا الناس في دينكم وفيما أنتم فيه(1).

6991 - الكافي: أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبدالجبّار، ومحمد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن يعقوب بن الضحّاك، عن رجل من أصحابنا سرّاج - وكان خادما لأبي عبداللّه (عليه السّلام) - قال: بعثني أبو عبداللّه (عليه السّلام) في حاجة وهو بالحيرة أنا وجماعة من مواليه، قال: فانطلقنا فيها ثمّ رجعنا مغتمّين(2)، قال: وكان فراشي في الحائر(3) الّذي كنّا فيه نزولا، فجئت وأنا بحال فرميت بنفسي فبينا أنا كذلك إذا أنا بأبي عبداللّه (عليه السّلام) قد أقبل قال: فقال: قد أتيناك أو قال: جئناك، فاستويت جالسا وجلس على صدر فراشي فسألني عمّا بعثني له فأخبرته، فحمد اللّه. ثمّ جري ذكر قوم فقلت: جعلت فداك إنّا نبرأ منهم، إنّهم لايقولون ما نقول.

قال: فقال: يتولّونا ولا يقولون ما تقولون، تبرؤن منهم؟

قال: قلت: نعم.

قال: فهو ذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا أن نبرأ منكم؟

قال: قلت: لا - جعلت فداك -.

قال: وهو ذا عند اللّه ما ليس عندنا أفتراه أطرحنا؟

قال: قلت: لا واللّه، جعلت فداك ما نفعل؟

ص:124


1- - الخصال: ص 354 ح 35. منه البحار: ج 69 ص 169.
2- في بعض النسخ: معتمين. والعتمة: ثلث الليل الاول بعد غيبوبة الشفق وقيل وقت صلاة العشاء الاخرة (أقرب الموارد). والمعنى: انا رجعنا الى محل نزولنا وقت العتمة.
3- الحائر: المكان المطمئن السان العرب).

قال: فتولّوهم ولا تبرّؤا منهم، إنّ من المسلمين من له سهم ومنهم من له سهمان ومنهم من له ثلاثة أسهم، ومنهم من له أربعة أسهم، ومنهم من له خمسة أسهم، ومنهم من له ستّة أسهم، ومنهم من له سبعة أسهم.

فليس ينبغي أن يحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين، ولا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة، ولا صاحب الثلاثة على ما عليه صاحب الاربعة، ولا صاحب الاربعة على ما عليه صاحب الخمسة، ولا صاحب الخمسة على ما عليه صاحب الستّة، ولا صاحب الستّة على ما عليه صاحب السبعة، وسأضرب لك مثلا: إنّ رجلا كان له جار وكان نصرانيّا فدعاه إلى الإسلام وزيّنه له فأجابه فأتاه سحيرا(1) فقرع عليه الباب فقال له: من هذا؟

قال: أنا فلان.

قال: وما حاجتك؟

فقال: توضّأ والبس ثوبيك ومرّ بنا إلى الصّلاة.

قال: فتوضّأ ولبس ثوبيه وخرج معه.

قال: فصلّيا ما شاءاللّه ثمّ صلّيا الفجر ثمّ مكثا حتّى أصبحا، فقام الّذي كان نصرانيا يريد منزله، فقال له الرجل: أين تذهب؟ النّهار قصير والّذي بينك وبين الظهر قليل؟

قال: فجلس معه إلى أن صلّى الظهر، ثمّ قال: وما بين الظهر

ص:125


1- - «فأتاه سحيرا» هو تصغير السّحر وهو سدس آخر الليل أو ساعة آخر الليل. وقيل: قبيل الصبح، والتصغير لبيان انه كان قريبا من الصّبح أو بعيدا منه. (مرآة العقول).

والعصر قليل فاحتبسه حتّى صلّى العصر، قال: ثمّ قام وأراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: إنّ هذا اخر النهار وأقل من أوّله فاحتبسه حتّى صلّى المغرب، ثمّ أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: إنّما بقيت صلاة واحدة.

قال: فمكث حتى صلّى العشاء الآخرة ثمّ تفرّقا فلمّا كان سحيرا غدا عليه فضرب عليه الباب فقال: من هذا؟

قال: أنا فلان.

قال: وما حاجتك؟

قال: توضّأ والبس ثوبيك واخرج بنا فصل.

قال: اطلب لهذا الدّين من هو أفرغ منّي وأنا إنسان مسكين وعليّ عيال.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أدخله في شيء أخرجه منه. أو قال: أدخله من مثل ذه وأخرجه من مثل هذا(1).

6992 - الكافي: أحمد بن محمّد، عن الحسن بن موسى، عن أحمد بن عمر، عن يحيى بن أبان، عن شهاب قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لو علم الناس كيف خلق اللّه (تبارك وتعالى) هذا الخلق لم يلم أحد أحدا.

فقلت: أصلحك اللّه فكيف ذاك؟

فقال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزء، ثمّ جعل الاجزاء أعشارا فجعل الجزء عشرة أعشار، ثمّ قسّمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشري جزء حتّى بلغ به

ص:126


1- - الكافي: ج 2 ص 42 ح 2.

جزء تامّا، وفي آخر جزء وعشر جزء، وآخر جزء وعشري جزء، وآخر جزء وثلاثة أعشار جزء حتّى بلغ به جزئين تامّين، ثمّ بحساب ذلك حتى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزء، فمن لم يجعل فيه الاّ عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين، وكذلك صاحب العشرين لايكون مثل صاحب الثلاثة الاعشار، وكذلك من تمّ له جزء لايقدر على أن يكون مثل صاحب الجزئين، ولو علم الناس أن اللّه (عزّوجلّ) خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا(1).

6993 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن محمّد بن عثمان، عن محمّد بن حماد الخزاز، عن عبدالعزيز القراطيسيّ قال:

قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا عبدالعزيز إنّ الايمان عشر درجات بمنزلة السلّم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولنّ صاحب الإثنين لصاحب الواحد: لست على شيء، حتّى ينتهي إلى العاشرة، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملنّ عليه ما لايطيق فتكسّره، فانّ من كسّر مؤمنا فعليه جبره(2).

الخصال: حدّثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد بن ادريس، عن محمّد بن أحمد، عن أبي عبداللّه الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن محمّد بن حمّاد الخزاز، عن عبدالعزيز القراطيسي قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام):...

ص:127


1- - الكافي: ج 2 ص 44 ح 1.
2- الكافي: ج 2 ص 44 ح 2.

وذكر نحوه وزاد في آخره: وكان المقداد في الثامنة، وأبو ذرّ في التاسعة، وسلمان في العاشرة(1).

6994 - الخصال: حدثنا محمد بن الحسن [ابن الوليد] (رضي اللّه عنه)، قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن معاوية(2)، عن محمّد بن حمّاد أخي يوسف بن حمّاد الخزاز، عن عبدالعزيز القراطيسي، قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام):

فذكرت له شيئا من أمر الشيعة ومن أقاويلهم.

فقال: يا عبدالعزيز الايمان عشر درجات بمنزلة السّلّم، له عشر مراقي، وترتقى منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولنّ صاحب الواحدة لصاحب الثانية: لست على شيء، ولا يقولنّ صاحب الثانية لصاحب الثالثة: لست على شيء - حتّى انتهى إلى العاشرة - قال: وكان سلمان في العاشرة وأبو ذرّ في التاسعة والمقداد في الثامنة.

يا عبدالعزيز لاتسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، إذا رأيت الّذي هو دونك فقدرت أن ترفعه إلى درجتك رفعا رفيقا فافعل، ولا تحملنّ عليه ما لايطيقه فتكسره، فانّه من كسر مؤمنا فعليه جبره، لأنك إذا ذهبت تحمّل الفصيل حمل البازل فسخته(3).

6995 - الخصال: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس (رضي اللّه

ص:128


1- - الخصال: ص 447 ح 48.
2- اسقط في البحار: الحسن بن معاوية.
3- الخصال: ص 448 ح 49. منه البحار: ج 69 ص 168. والفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن امّه، والبازل من الابل الذي تم له ثمان سنين ودخل في التاسعة، والفسخ: أي ضعف وعجز ولم يطقه. (مجمع البحرين - أقرب الموارد).

عنه)، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد [الاشعري] عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن أبيه يرفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

المؤمنون على سبع درجات: صاحب درجة منهم في مزيد من اللّه (عزّوجلّ) لايخرجه ذلك المزيد من درجته إلى درجة غيره، ومنهم شهداء اللّه على خلقه، ومنهم النجباء، ومنهم الممتحنة، ومنهم النجداء، ومنهم أهل الصبر، ومنهم أهل التقوى، ومنهم اهل المغفرة(1).

6996 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لانقول درجة واحدة، إنّ اللّه يقول: (وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) (2) إنّما تفاضل القوم بالاعمال(3).

6997 - تفسير العياشي: عن عمّار بن مروان قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام): عن قول اللّه: (أَ فَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ) ؟(4).

فقال: «هم» الائمّة واللّه يا عمّار (دَرَجاتٍ) للمؤمنين «عند اللّه» وبموالاتهم وبمعرفتهم إيّانا، فيضاعف اللّه للمؤمنين حسناتهم، ويرفع لهم الدرجات العلى، وأمّا قوله: يا عمّار (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ) فهم واللّه الّذين جحدوا حقّ عليّ بن

ص:129


1- - الخصال: ص 352 ح 31. منه البحار: ج 69 ص 169.
2- الزخرف 43:32.
3- تفسير العياشي: ج 1 ص 388 ح 147. منه البحار: ج 69 ص 172.
4- آل عمران 3:162.

أبي طالب (عليه السّلام) وحقّ الائمّة منّا أهل البيت، فباؤا لذلك بسخط من اللّه(1).

6998 - تفسير العياشي: عن عبدالرحمن بن كثير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا عبدالرحمن شيعتنا واللّه لا يتيحهم(2)الذنوب والخطايا، هم صفوة اللّه الّذين اختارهم لدينه، وهو قول اللّه (عزّوجلّ): (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (3).

6999 - تفسير العياشي: عن داود بن الحصين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سالته عن قوله تعالى: (وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ) (4) أيثيبهم عليه؟

قال: نعم.

وفي رواية أخرى عنه: يثابون عليه؟

قال: نعم(5).

7000 - تفسير العياشي: عن أبي بكر الحضرميّ قال: قال محمّد ابن سعيد إسأل أبا عبداللّه (عليه السّلام) فاعرض عليه كلامي وقل له: إنّي أتولاّكم، وأبرأ من عدوّكم، وأقول بالقدر أقولي فيه قولك؟

قال: فعرضت كلامه على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فحرّك يده

ص:130


1- - تفسير العياشي: ج 1 ص 205 ح 149. منه البحار: ج 69 ص 171.
2- تاح له الشيء: قدّر له ويسّر. (مجمع البحرين).
3- تفسير العياشي: ج 2 ص 105 ح 101، والآية في سورة التوبة 9:91. منه البحار: ج 69 ص 172.
4- التوبة 9:99.
5- تفسير العياشي: ج 2 ص 105 ح 102 و 103. منه البحار: ج 69 ص 172.

ثمّ قال (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (1) قال: ثمّ قال: ما أعرفه من موالي أمير المؤمنين.

قلت [يزعم ابن عمر] أنّ سلطان هشام ليس من اللّه؟

فقال: ويله [ماله ويله أ](2) ما علم أنّ اللّه جعل لادم دولة ولإبليس دولة(3).

7001 - إختيار معرفة الرجال: محمد بن مسعود قال: حدثنا محمّد بن نصير قال: حدثني محمّد بن عيسى. وحمدويه قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا القاسم الصيقل رفع الحديث إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كنّا جلوسا عنده، فتذاكرنا رجلا من أصحابنا، فقال بعضنا: ذلك ضعيف.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إن كان لايقبل ممّن دونكم حتّى يكون مثلكم لم يقبل منكم حتّى تكونوا مثلنا.

قال أبو جعفر العبيدي: قال الحسن بن علي بن يقطين: أظنّ الرجل عليّ بن السري الكرخي(4).

باب (43) إيمان جوارح الإنسان

7002 - تفسير العياشي: عن أبي عمرو الزّبيري، عن أبي

ص:131


1- - التوبة 9:102.
2- ما بين المعقوفتين من البحار.
3- تفسير العياشي: ج 2 ص 106 ح 108. منه البحار: ج 69 ص 173.
4- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 662 ح 683. منه البحار: ج 69 ص 174.

عبداللّه (صلوات اللّه عليه)، قال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) فرض الإيمان على جوارح بني آدم وقسّمه عليها، فليس من جوارحه جارحة إلاّ وقد وكلت به من الإيمان بغير ما وكلت به اختها، ومنها عيناه اللّتان ينظر بهما، ورجلاه اللّتان يمشي [بهما] ففرض على العين ألاّ تنظر إلى ما حرّم اللّه عليه، وأن تغض عمّا نهاه اللّه عنه ممّا لا يحلّ له وهو عمله، وهو من الإيمان، قال اللّه (تبارك وتعالى): (وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) فهذا ما فرض اللّه من غضّ البصر عمّا حرّم اللّه وهو عملها، وهو من الإيمان، وفرض اللّه على الرجلين ان لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي اللّه، وفرض عليهما المشي فيما فرض اللّه فقال: (وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) وقال: (وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (1).

7003 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعا، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبيّ، عن عبيداللّه بن [الحسن عن الحسن بن] هارون قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): (إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) قال: يسأل السّمع عمّا سمع، والبصر عمّا نظر إليه، والفؤاد عمّا عقد عليه(2).

ص:132


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 293 ح 77. منه المستدرك: ج 11 ص 142.
2- الكافي: ج 2 ص 37 ح 2.

باب (44) دعائم الإسلام

7004 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن عجلان أبي صالح قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أوقفني على حدود الإيمان.

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمدا رسول اللّه، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، وصلوات الخمس، وأداء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت، وولاية وليّنا، وعداوة عدوّنا، والدخول مع الصادقين(1).

7005 - الخصال: حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي قال: حدثنا صهيب بن عبّاد، قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: عشر من لقي اللّه (عزّوجلّ) بهنّ دخل الجنّة: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، والاقرار بما جاء به من عند اللّه (عزّوجلّ)، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية لاولياء اللّه، والبراءة من أعداء اللّه، واجتناب كل مسكر(2).

7006 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل،

ص:133


1- - الكافي: ج 2 ص 18 ح 2.
2- الخصال: ص 432 ح 16. منه البحار: ج 68 ص 377.

قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: بني الإسلام على خمس دعائم: على الصّلاة، والزّكاة، والصّوم، والحجّ وولاية أمير المؤمنين والأئمة من ولده (صلوات اللّه عليهم)(1).

7007 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن العرزميّ، عن أبيه، عن الصادق (عليه السّلام) قال: قال أثافي(2) الاسلام ثلاثة: الصّلاة والزكاة والولاية، لاتصح واحدة منهنّ إلاّ بصاحبتيها(3).

7008 - المحاسن: البرقي، عن [أبيه] محمّد بن خالد، عن النضر، عن يحيي الحلبيّ، عن عبداللّه بن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك أخبرني عن الفرائض الّتي افترض اللّه على العباد ما هي؟

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وإقام الصّلاة، والخمس، والزكاة، وحجّ البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية فمن أقامهنّ وسدّد وقارب، واجتنب كلّ منكر دخل الجنّة(4).

ص:134


1- - أمالي الصدوق: ص 221 ح 14. منه البحار: ج 68 ص 376.
2- الأثفيّة: الحجر يوضع عليه القدر، جمع أثافي. (اقرب الموارد).
3- الكافي: ج 2 ص 18 ح 4.
4- المحاسن: ص 290 ح 437. منه البحار: ج 68 ص 386.

7009 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ أبو عبداللّه محمد بن أحمد بن شهريار الخازن قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن عامر بن علان المعدّل قال: حدثنا أبو الحسن محمّد بن جعفر ابن محمّد بن هارون التميمي الاشناني قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن الحسين الاشناني قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي قال: أخبرنا حسين بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين بن علي(1)(عليهم السّلام) قال: إنّ اللّه افترض خمسا ولم يفترض الاّ حسنا جميلا: الصّلاة، والزّكاة، والحج، والصّيام، وولايتنا أهل البيت، فعمل الناس بأربع واستخفوا بالخامسة، واللّه لا يستكملوا الاربع حتى يستكملوها بالخامسة(2).

7010 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان بن يحيي، عن عيسى بن السريّ أبي اليسع قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أخبرني بدعائم الاسلام التي لايسع أحدا التقصير عن معرفة شيء منها، الّذي من قصّر عن معرفة شيء منها فسد [عليه] دينه ولم يقبل [اللّه] منه عمله، ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ولم يضق به ممّا هو فيه لجهل شيء من الامور جهله؟

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه والايمان بانّ محمدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، وحقّ في الاموال الزكاة، والولاية الّتي أمر اللّه (عزّوجلّ) بها: ولاية آل

ص:135


1- - عن جعفر، عن أبيه، عن علي أو الحسن بن علي (عليهم السّلام) - المستدرك.
2- بثارة المصطفى: ص 108. منه المستدرك: ج 1 ص 74.

محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

قال: فقلت له: هل في الولاية شيء دون شيء فضل(1) يعرف لمن أخذ به؟

قال: نعم قال اللّه (عزّوجلّ): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (2) وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة. وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وكان عليّا (عليه السّلام).

وقال الآخرون: كان معاوية، ثمّ كان الحسن (عليه السّلام) ثمّ كان الحسين (عليه السّلام) وقال الآخرون: يزيد بن معاوية وحسين بن عليّ ولا سواء ولا سواء(3).

ص:136


1- - لعلّ المراد هل في الولاية شيء يدل عليها من الكتاب أو السّنة وهل فيها دون ذلك الشّيء وغيره فضل ظاهر وكمال مخصوص تعرف الولاية لمن أخذ بذلك الفضل واتصف به؟ فأجاب (عليه السّلام) بنعم وأشار أولا إلى ما يدلّ عليها من الكتاب والسّنة، وأومأ أخيرا إلى ذلك الفضل الدّال عليها البيان الشّافي والعلم الوافي في بيان الشّرائع والأحكام من مأخذها، وهذا من أعظم فضائل الولاية وصفاتها، واللّه أعلم (شرح الكافي لملا صالح المازندراني).
2- النساء 4:59.
3- أي انّ ذلك الرجل أولا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) ثم كان عليّا، وقال الآخرون: بل كان معاوية في زمن علي (عليه السّلام) إماما دون عليّ (عليه السّلام)، ثم كان الحسن (عليه السّلام) إماما بعد علي (عليه السّلام)، ثم كان الحسين (عليه السّلام) بعد الحسن (عليه السّلام) إماما، وقال الآخرون: بل كان يزيد بن معاوية بعد معاوية إماما مع الحسين بن علي (عليه السّلام)، «ولا سواء» أي لا سواء عليّ (عليه السّلام) ومعاوية ولا الحسين (عليه السّلام) ويزيد حتى لايعرف الفضل ويلتبس الامر. (الوافي).

قال: ثمّ سكت ثمّ قال: أزيدك؟

فقال له حكم الأعور: نعم جعلت فداك.

قال: ثم كان عليّ بن الحسين، ثم كان محمّد بن علي أبا جعفر، وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لايعرفون مناسك حجّهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبيّن لهم مناسك حجّهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس، وهكذا يكون الامر والارض لاتكون إلاّ بإمام ومن مات لايعرف إمامه مات ميتة جاهليّة، وأحوج ما تكون إلى ما أنت عليه إذا بلغت نفسك هذه - وأهوى بيده إلى حلقه - وانقطعت عنك الدّنيا تقول: لقد كنت على أمر حسن(1).

أبو عليّ الاشعريّ، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صفوان، عن عيسى بن السريّ أبي اليسع، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(2).

7011 - إختيار معرفة الرجال: جعفر بن أحمد، عن صفوان، عن أبي اليسع قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): حدّثني عن دعائم الاسلام الّتي بني عليها، ولا يسع أحدا من الناس تقصير عن شيء منها التي من قصر عن معرفة شيء منهاكبت عليه دينه(3)، ولم يقبل منه عمله، ومن عرفها وعمل بها صلح دينه، وقبل منه عمله، ولم يضق(4) به ما فيه بجهل شيء من الأمور جهله؟

ص:137


1- - وهو الاقرار بالولاية ومتابعة وليّ الامر. (شرح الكافي لملّا صالح المازندراني).
2- الكافي: ج 2 ص 19 ح 6.
3- كتب عليه ذنبه - البحار.
4- ولم يضرّ - البحار.

قال: فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، والايمان برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، والاقرار بما جاء به من عند اللّه، ثمّ قال: الزكاة والولاية شيء دون شيء فضل يعرف لمن أخذ به، قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): «من مات لايعرف إمامه(1) مات ميتة جاهليّة».

وقال اللّه (عزّوجلّ): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وكان عليّ (عليه السّلام)، وقال الآخرون: لا بل معاوية، وكان حسن، ثمّ كان حسين، وقال الآخرون: هو يزيد بن معاوية لاسواء.

ثمّ قال: أزيدك؟

قال بعض القوم: زده جعلت فداك.

قال: ثمّ كان عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، ثمّ كان أبو جعفر وكانت الشيعة قبله لايعرفون ما يحتاجون إليه من حلال ولا حرام إلاّ ما تعلّموا من الناس، حتّى كان أبو جعفر (عليه السّلام) ففتح لهم وبيّن لهم وعلمهم فصاروا يعلّمون الناس بعد ما كانوا يتعلّمون منهم، والأمر هكذا يكون، والارض لا تصلح إلاّ بإمام، ومن مات [و] لايعرف إمامه مات ميتة جاهليّة، وأحوج ما تكون إلى هذا إذا بلغت نفسك هذا المكان - وأشار بيده إلى حلقه - وانقطعت من الدّنيا تقول:

لقد كنت على رأي حسن.

قال أبو اليسع عيسى بن السريّ: وكان أبو حمزة حاضر المجلس إنّه قال لك فما تقول(2) [قال:] كان أبو جعفر (عليه السّلام) إماما حقّ

ص:138


1- - في نسخة رجال الكشي - ولم يعرف إمام زمانه. وفي البحار - لايعرف امام زمانه.
2- أنه قال فيما يقول - البحار.

الامام(1).

7012 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد بن عثمان، عن عيسى بن السريّ قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): حدّثني عمّا بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أنا أخذت بها زكى عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده؟

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، والإقرار بما جاء به من عند اللّه، وحقّ في الاموال من الزكاة، والولاية الّتي أمر اللّه (عزّوجلّ) بها ولاية آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، فإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة، قال اللّه (عزّوجلّ): (أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فكان علي (عليه السّلام)، ثمّ صار من بعده الحسن، ثم من بعده الحسين، ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده محمّد بن عليّ، ثمّ هكذا يكون الامر، إن الارض لاتصلح إلاّ بإمام ومن مات لايعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا - قال: وأهوى بيده إلى صدره - يقول حينئذ: لقدكنت على أمر حسن(2).

7013 - تفسير العياشي: عن يحيى بن السري(3) قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أخبرني عن دعائم الاسلام التي بني عليها

ص:139


1- - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 723 ح 799. منه البحار: ج 23 ص 89.
2- الكافي: ج 2 ص 21 ح 9.
3- هكذا في المصدر، ونسخة البرهان، وفي نسخة البحار: «عيسى بن السري» ولعلّه الصحيح.

الدّين لايسع أحد التقصير في شيء منها، الّتي من قصّر عن معرفة شيء منها فسد عليه دينه، ولم يقبل منه عمله، ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه، وقبل منه عمله، ولم يضرّه ما هو فيه بجهل شيء من الأمور إن جهله؟

فقال: نعم شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، والايمان برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، والاقرار بما جاء من عند اللّه، وحقّ من الأموال الزكاة، والولاية الّتي أمر اللّه بها ولاية آل محمّد.

قال: وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة، فكان الامام عليّ، ثمّ كان الحسن بن عليّ، ثمّ كان الحسين بن عليّ، ثمّ كان عليّ بن الحسين، ثمّ كان محمّد بن علي أبو جعفر، وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لايعرفون مناسك حجّهم، ولا حلالهم ولا حرامهم، حتى كان أبو جعفر فحجّ لهم(1) وبيّن مناسك حجّهم، وحلالهم وحرامهم، حتّى استغنوا عن الناس، وصار الناس يتعلّمون منهم، بعد ما كانوا يتعلّمون من الناس، وهكذا يكون الامر، والارض لاتكون إلاّ بإمام(2).

7014 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعته يسأل أبا عبداللّه (عليه السّلام) فقال له: جعلت فداك أخبرني عن الدين الذي افترض اللّه (عزّوجلّ) على العباد، ما لايسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره، ما هو؟

ص:140


1- - فنهج لهم - البحار.
2- تفسير العياشي: ج 1 ص 252 ح 175. منه البحار: ج 68 ص 387.

فقال: أعد عليّ فأعاد عليه.

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، و إقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا، وصوم شهر رمضان، ثمّ سكت قليلا، ثمّ قال: والولاية - مرّتين - ثمّ قال: هذا الّذي فرض اللّه على العباد، ولا يسأل الربّ العباد يوم القيامة فيقول: ألا زدتني على ما افترضت عليك؟(1) ولكن من زاد زاده اللّه، إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) سن سننا حسنة جميلة ينبغي للناس الاخذ بها(2).

7015 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، عن أبي زيد الحلال، عن عبدالحميد بن أبي العلاء الازديّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ اللّه (عزّوجلّ) فرض على خلقه خمسا فرخّص في أربع ولم يرخّص في واحدة(3) و(4).

ص:141


1- (*) أي لايقول اللّه تعالى يوم القيامة لعبده: لماذا لم تزد على الواجبات التي فرضتها عليك، أي لماذا لم تأت بالاعمال المستحبّة (غير الواجبة) ولكن من جاء بالاعمال المستحبّة زاده اللّه أجرا وثوابا.
2- الكافي: ج 2 ص 22 ح 11.
3- قوله (عليه السّلام): «فرخّص في أربع» كالتقصير في الصّلاة في السفر وتأخيرها عن وقت الفضيلة مع العذر، أو سقوط الصّلاة عن الحائض والنفساء، والزكاة عمّن لم يبلغ ماله النصاب أو لم يحل عليه الحول، والحج عمّن لم يستطع أو لم يخل سربه وأشباه ذلك، والصّوم عن المسافر أو الشيخ الكبير أو ذي العطاش وأمثالهم، بخلاف الولاية فانّها مع بقاء التكليف لايسقط وجوبها في حال من الاحوال وان تركها كفر. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 2 ص 22 ح 12.

7016 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار جميعا، عن صفوان، عن عمرو ابن حريث قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وهو في منزل أخيه عبداللّه بن محمّد فقلت له: جعلت فداك ما حوّلك إلى هذا المنزل؟

قال: طلب النزهة(1).

فقلت: جعلت فداك ألا أقصّ عليك ديني؟

فقال: بلى.

قلت: أدين اللّه بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، وأنّ الساعة آتية لاريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحجّ البيت، والولاية لعليّ أمير المؤمنين بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، والولاية للحسن والحسين، والولاية لعليّ بن الحسين، والولاية لمحمّد بن عليّ ولك من بعده، (صلوات اللّه عليهم أجمعين) وأنّكم أئمّتي، عليه أحيا وعليه أموت وأدين اللّه به.

فقال: يا عمرو هذا واللّه دين اللّه ودين آبائي الّذي أدين اللّه به في السرّ والعلانية، فاتّق اللّه وكفّ لسانك إلاّ من خير ولا تقلّ إنّي هديت نفسي بل اللّه هداك فأدّ شكر ما أنعم اللّه (عزّوجلّ) به عليك ولا تكن ممّن إذا أقبل طعن في عينه وإذا أدبر طعن في قفاه(2)، ولا تحمل

ص:142


1- - تنزّه الإنسان: خرج إلى الارض النزهة. (لسان العرب). ولعلّه (عليه السّلام) خرج ليكون بعيدا عن النّاس وليستريح بعض الوقت.
2- أي كن من الأخيار ليمدحك النّاس في وجهك وقفاك ولا تكن من الاشرار الذين يذمّهم الناس في حضورهم وغيبتهم، أو أمر بالتقية من المخالفين، أو حسن المعاشرة مطلقا. (مرآة العقول).

الناس على كاهلك فإنّك أوشك - إن حملت الناس على كاهلك - أن يصدّعوا شعب كاهلك(1) و(2).

7017 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد ابن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد، عن سهل بن زياد الآدمي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن ظبيان قال:

قال [لي] أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا يونس اتقوا اللّه وآمنوا برسوله.

قال: قلت: آمنّا باللّه وبرسوله.

فقال: المحمّديّة السمحة إقام الصّلاة، وايتاء الزّكاة، وصيام شهر رمضان، وحجّ البيت الحرام والطاعة للامام وأداء حقوق المؤمن فانّ من حبس حقّ المؤمن أقامه اللّه يوم القيامة خمسمائة عام على رجليه، حتّى يسيل من عرقه أودية، ثمّ ينادي مناد من عند اللّه (جلّ جلاله):

هذا الظالم الذي حبس عن اللّه حقّه، قال. فيوبّخ أربعين عاما ثمّ يؤمر به إلى نار جهنّم(3).

7018 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال:

حدثنا أبو محمد الفضل بن محمّد بن المسيب الشعراني قال: حدثنا هارون بن عمرو بن عبدالعزيز بن محمّد أبو موسى المجاشعي قال:

ص:143


1- - أي لاتسلط الناس على نفسك بترك التقيّة، أو لاتحملهم على نفسك بكثرة المداهنة والمداراة معهم بحيث تتضرر بذلك كأن يضمن لهم ويتحمل عنهم ما لا يطيق أو يطمعهم في أن يحكم بخلاف الحق، أو يوافقهم فيما لايحل، وهذا افيد وإن كان الاوّل أظهر. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 23 ح 14.
3- الخصال: ص 328 ح 20. منه البحار: ج 68 ص 377.

حدثنا محمد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه أبي عبداللّه (عليه السّلام).

قال المجاشعيّ: وحدثناه الرضا علي بن موسى (عليه السّلام) عن أبيه موسى (عليه السّلام) عن أبيه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) وقالا جميعا عن آبائهما عن [عليّ] أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال:

سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: بني الاسلام على خمس خصال: على الشهادتين والقرينتين.

قيل له: أمّا الشهادتان فقد عرفناهما، فما القرينتان؟

قال: الصّلاة والزكاة، فإنّه لا يقبل أحدهما إلاّ بالأخري، والصيام وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا، وختم ذلك بالولاية، فأنزل اللّه (عزّوجلّ) (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (1).

7019 - المحاسن: البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عليّ بن عبدالعزيز قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ألا اخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته وسنامه؟

قال: قلت: بلى جعلت فداك.

قال: أصله الصّلاة، وفرعه الزكاة، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل اللّه، ألا اخبرك بأبواب الخير؟

قلت: نعم جعلت فداك.

قال: الصوم جنّة من النار، والصدقة تحطّ الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يناجي ربّه ثمّ تلا (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ)

ص:144


1- - أمالي الطوسي: ص 518 ح 1134، والآية في سورة المائدة 5:3. منه البحار: ج 68 ص 379.

(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (1).

البحار: أمالي الطوسي - عن الغضائري، عن أحمد العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال مثله الى قوله:

الصوم جنّة من النار(2).

باب (45) خمس صور مع المؤمن في القبر

7020 - مستدرك الوسائل: جعفر بن أحمد القميّ في كتاب (الغايات)، عن أبي حمزة قال: قال الصادق (عليه السّلام): خمس صور يدخلن القبر مع المؤمن، كأحسن ما يكون من الصور، امامهن صورة أحسن منهن، فإن أتى عن يمينه منعته الصّلاة، وان أتى عن يساره منعته الزكاة، وان أتى عند رأسه منعه الحج، وان أتى عند رجليه منعه الصوم.

قال: فتقول الصورة التي هي أحسن منهن: من أنتنّ جزيتنّ عن اللّه خيرا؟

قال: فتقول واحدة: أنا الصلاة، وتقول الاخري: أنا الزكاة، وتقول الاخرى: أنا الحج، وتقول الأخرى: أنا الصوم.

قال: فتقول الاربع الصور: فمن أنت فإنّك أحسن منّا صورة؟

ص:145


1- - المحاسن: ص 289 ح 434، والآية في سورة السجدة 32:16. منه البحار: ج 68 ص 386.
2- البحار: ج 68 ص 386.

قال: فتقول: أنا الولاية لآل محمّد (صلوات اللّه عليهم)(1).

باب (46) اللّه يحافظ على أهل الإسلام

7021 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما التقت فئتان قطّ من أهل الباطل إلاّ كان النصر مع أحسنهما(2) بقيّة على [أهل] الإسلام(3).

باب (47) الإسلام نعمة

7022 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من أصبح وأمسى وعنده ثلاث فقد تمّت عليه النّعمة في الدّنيا: من أصبح وأمسى معافي في بدنه، امنا في سربه(4)

ص:146


1- - مستدرك الوسائل: ج 3 ص 89.
2- أي أحسنهما رعاية وحفظا للاسلام. من قولك: «أبقيت على فلان» إذا رعيت عليه ورحمته. ومنه قوله تعالى في سورة هود 11:106: (أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) والحاصل: أن رعاية الدين والاسلام سبب للنصرة والغلبة. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 8 ص 152 ح 139.
4- في سربه: أي في نفسه. (أقرب الموارد).

عنده قوت يومه، فإن كانت عنده الرّابعة فقد تمّت عليه النّعمة في الدّنيا والآخرة وهو الإسلام(1).

باب (48) اساس الإسلام حبّ أهل البيت

7023 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن عبداللّه بن القاسم، عن مدرك بن عبدالرحمن، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): الإسلام عريان، فلباسه الحياء وزينته الوقار(2) ومروءته العمل الصّالح وعماده الورع ولكلّ شيء أساس، وأساس الإسلام حبّنا أهل البيت.

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبداللّه بن القاسم، عن مدرك بن عبدالرحمن، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(3).

المحاسن: البرقي، عن أبيه مثله(4).

ص:147


1- - الكافي: ج 8 ص 148 ح 127.
2- وزينته الوفاء - المحاسن.
3- الكافي: ج 2 ص 46 ح 2.
4- المحاسن: ص 286 ح 427.

باب (49) نسبة الإسلام

7024 - معاني الاخبار - أمالي الصدوق: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنه)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، [عن أخيه]، عن أحمد بن محمّد بن خالد [البرقي]، عن أبيه، عن محمد بن يحيى [الخزاز](1)، عن غياث بن ابراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لانسبنّ الاسلام نسبة لم ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي: الاسلام هو التسليم، والتسليم هو التصديق، والتصديق هو اليقين، واليقين هو الاداء، والأداء هو العمل، إنّ المؤمن أخذ دينه من ربّه(2) ولم يأخذه عن رأيه.

أيّها الناس: دينكم دينكم، تمسّكوا به ولا يزيلنّكم ولا يردّنّكم أحد عنه(3) لانّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره، لانّ السيئة فيه تغفر، والحسنة في غيره لاتقبل(4).

7025 - أمالي الطوسي: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال:

حدثنا الفضل بن محمّد بن المسيب أبو محمّد البيهقي الشعراني قال:

ص:148


1- - عن احمد بن محمّد بن يحيى الخزاز - أمالي الصدوق.
2- عن ربّه - أمالي الصدوق.
3- لايزيلكم أحد عنه - أمالي الصدوق.
4- معاني الاخبار: ص 185 ح 1 - أمالي الصدوق: ص 287 ح 4. منهما البحار: ج 68 ص 309.

حدثنا هارون بن عمرو بن عبدالعزيز بن محمّد أبو موسى المجاشعي قال: حدثنا محمّد بن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: حدثنا أبي أبو عبداللّه (عليه السّلام).

قال المجاشعي: وحدّثناه الرضا علي بن موسى (عليه السّلام) عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، عن آبائه (عليهم السّلام)، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: الاسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الاقرار، والاقرار هو الاداء، والاداء هو العلم(1).

باب (50) شرائع (الدين

7026 - الخصال: حدثنا أحمد بن محمّد بن الهيثم العجليّ، وأحمد بن الحسن القطّان، ومحمّد بن أحمد السنانيّ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتّب، وعبداللّه بن محمّد الصائغ، وعليّ بن عبداللّه الورّاق (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيي بن زكريّا القطّان قال: حدّثنا بكر بن عبداللّه بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا أبو معاوية، عن الاعمش، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: هذه شرائع الدّين لمن أراد أن يتمسّك بها وأراد اللّه هداه: إسباغ الوضوء كما أمر اللّه (عزّوجلّ) في

ص:149


1- - أمالي الطوسي: ص 524 ح 1160. منه البحار: ج 68 ص 310. وفيه: والاداء هو العمل.

كتابه الناطق: غسل الوجه واليدين إلى المرفقين(1) ومسح الرّأس والقدمين إلى الكعبين مرّة مرّة ومرّتان جائز، ولا ينقض الوضوء إلاّ البول والرّيح والنوم، والغائط والجنابة، ومن مسح على الخفّين فقد خالف اللّه ورسوله وكتابه، ووضوؤه لم يتمّ وصلاته غير مجزية، والأغسال منها: غسل الجنابة، والحيض، وغسل الميّت وغسل من مسّ الميّت بعد ما يبرد، وغسل من غسّل الميّت، وغسل يوم الجمعة، وغسل العيدين، وغسل دخول مكة، وغسل دخول المدينة، وغسل الزّيارة، وغسل الاحرام، وغسل يوم عرفة، وغسل ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، وغسل ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، وغسل ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين منه.

أمّا الفرض فغسل الجنابة، وغسل الجنابة والحيض واحد.

وصلاة الفريضة: الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء الآخرة أربع ركعات، والفجر ركعتان، فجملة الصلاة المفروضة سبع عشرة ركعة.

والسنّة أربع وثلاثون ركعة، منها: أربع ركعات بعد المغرب لا تقصير فيها في السفر والحضر، وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدّان بركعة، وثمان ركعات في السحر وهي صلاة اللّيل

ص:150


1- - اتّفقت كلمة الشّيعة الإمامية - تبعا للنصوص الصحيحة - على أنّ غسل اليدين يجب أن يكون من المرفقين ابتداء، وإلى أصابع اليدين انتهاء، وأنّ «إلى المرافق» - في الآية الكريمة - إنّما هو بيان لحدّ الغسل لا لانتهائه، وأنّ «الى» لا ينحصر معناه في الغاية والانتهاء، بل له معان اخري، كما في قوله تعالى: (وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) حيث ذكر المفسّرون أن «الى» بمعنى: مع، هذا.. والتفصيل مذكور في الكتب الفقهيّة الاستدلاليّة.

والشفع ركعتان والوتر ركعة، وركعتا الفجر بعد الوتر، وثمان ركعات قبل الظهر وثمان ركعات قبل العصر، والصّلاة يستحبّ في أوّل الاوقات، وفضل الجماعة على الفرد بأربعة وعشرين، ولا صلاة خلف الفاجر، ولا يقتدي إلاّ بأهل الولاية، ولا يصلّى في جلود الميتة وإن دبغت سبعين مرّة، ولا في جلود السبّاع، ولا يسجد إلاّ على الارض أو ما أنبتت الارض إلاّ المأكول والقطن والكتّان، ويقال في افتتاح الصلاة: «تعالى عرشك»، ولا يقال: «تعالى جدّك» ولا يقال في التشهّد الاوّل: «السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين» لانّ تحليل الصلاة هو التسليم، وإذا قلت هذا فقد سلّمت.

والتقصير في ثمانية فراسخ، وهو بريدان، وإذا قصّرت أفطرت، ومن لم يقصّر في السّفر لم تجزء صلاته لأنّه قد زاد في فرض اللّه (عزّوجلّ)، والقنوت في جميع الصلوات سنّة واجبة في الرّكعة الثانية قبل الرّكوع وبعد القراءة(1).

والصّلاة على الميّت خمس تكبيرات فمن نقص منها فقد خالف السنّة، والميت يسلّ من قبل رجليه سلاّ(2)، والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللّحد، والقبور تربّع ولا تسنّم(3).

ص:151


1- - لا يخفى أنّ هذا الحديث الشّريف قد ذكر الواجبات والمستحبات في سياق واحد، فترى أنّ الإمام (عليه السّلام) قد ذكر القنوت - مثلا - في عداد أحكام الصّلاة، مع العلم أنّه من المستحبّات، ولهذا فقد بذل الفقهاء (رضوان اللّه عليهم) جهودا مشكورة من أجل تمييز الواجبات من المستحبّات بعد جمع الأدلّة والاحاديث، واستنباط الأحكام منها، وهي مذكورة في الكتب الفقهيّة.
2- سلّ الشيء من الشيء: انتزعه وأخرجه برفق. (أقرب الموارد).
3- سنمت القبر تسنيما: إذا رفعته عن الارض وهوخلاف التسطيح. (مجمع البحرين).

والإجهار ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الصلاة واجب، وفرائض الصلاة سبع: الوقت، والطهور، والتوجّه، والقبلة، والرّكوع، والسّجود، والدّعاء.

والزّكاة فريضة واجبة على كلّ مائتي درهم خمسة دراهم، ولا تجب فيما دون ذلك من الفضّة، ولا تجب على مال زكاة حتّى يحول عليه الحول من يوم ملكه صاحبه، ولا يحلّ أن تدفع الزّكاة إلاّ إلى أهل الولاية والمعرفة.

ويجب على الذّهب الزّكاة إذا بلغ عشرين مثقالا، فيكون فيه نصف دينار، وتجب على الحنطة والشعير والتمر والزّبيب - إذا بلغ خمسة أوساق - العشر إن كان سقي سيحا(1)، وإن سقي بالدوالي فعليه نصف العشر، والوسق ستّون صاعا، والصاع أربعة أمداد.

وتجب على الغنم الزّكاة إذا بلغت أربعين شاة وتزيد واحدة فتكون فيها شاة إلى عشرين ومائة، فان زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، وبعد ذلك يكون في كلّ مائة شاة شاة.

وتجب على البقر الزّكاة إذا بلغت ثلاثين بقرة تبيعة حوليّة(2) فيكون فيها تبيع حوليّ إلى أن تبلغ أربعين بقرة، ثمّ يكون فيها مسنّة إلى ستّين(3) [فاذا بلغت ستّين ففيها تبيعتان إلى سبعين، ثمّ فيها تبيعة ومسنّة إلى ثمانين وإذا بلغت ثمانين] فتكون فيها مسنّتان إلى تسعين ثمّ يكون

ص:152


1- - السيح: الماء الجاري الظاهر. (أقرب الموارد).
2- التبيع: ولد البقر أول سنة، وبقرة تبيع: ولدها معها. (مجمع البحرين).
3- البقرة والشاة يقع عليهما اسم المسن إذا أثنيا، وتثنيان في السنة الثالثة. (النهاية).

فيها ثلاث تبايع، ثمّ بعد ذلك يكون في كلّ ثلاثين بقرة تبيع، وفي كلّ أربعين مسنّة.

وتجب على الإبل الزّكاة إذا بلغت خمسا فيكون فيها شاة، فاذا بلغت عشرة فشاتان، فاذا بلغت خمس عشرة فثلاث شياه، فإذا بلغت عشرين فأربع شياه، فاذا بلغت خمسا وعشرين فخمس شياه، فاذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض، فإذا بلغت خمسا وثلاثين وزادت واحدة ففيها ابنة لبون، فاذا بلغت خمسا وأربعين وزادت واحدة ففيها حقّة، فاذا بلغت ستّين وزادت واحدة ففيها جذعة إلى ثمانين، فان زادت واحدة ففيها ثنيّ إلى تسعين(1)، فاذا بلغت تسعين ففيها ابنتا لبون، فان زادت واحدة إلى عشرين ومائة ففيها حقّتان طروقتا الفحل فإذا كثرت الابل ففي كلّ أربعين بنت لبون، وفي كلّ خمسين حقّة، ويسقط الغنم بعد ذلك ويرجع إلى أسنان الإبل.

وزكاة الفطرة واجبة على كلّ رأس صغير أو كبير، حرّ أو عبد، ذكر أو انثى، أربعة أمداد من الحنطة، والشعير والتمر والزّبيب وهو صاع تامّ، ولا يجوز دفع ذلك أجمع إلاّ إلى أهل الولاية والمعرفة.

وأكثر أيّام الحيض عشرة أيّام وأقلّها ثلاثة أيّام، والمستحاضة تغتسل وتحتشي وتصلّي، والحائض تترك الصّلاة ولا تقضيها، وتترك

ص:153


1- - قيل للفصيل إذا استكمل الحول ودخل في الثانية: «ابن مخاض» لانّ أمّه لحقت بالمخض أي الحوامل وإن لم تكن حاملا. وابن اللبون: ولد النّاقة، استكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة، سمّي بذلك لانّ امه ولدت غيره فصار لها لبن. والحق - بالكسر -: ما كان من الابل ابن ثلاث سنين ودخل في الرّابعة والأنثى حقة. والجذع من الابل ما دخل في السنة الخامسة. والثني: الجمل الذي يدخل في السنة السادسة. (مجمع البحرين).

الصوم وتقضيه.

وصيام شهر رمضان فريضة يصام لرؤيته ويفطر لرؤيته.

ولا يصلّى التطوعّ في جماعة لأنّ ذلك بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار، وصوم ثلاثة أيّام في كلّ شهر سنّة وهو صوم خميسين بينهما أربعاء، الخميس الاوّل في العشر الاول والاربعاء من العشر الاوسط والخميس من العشر الأخير، وصوم شعبان حسن لمن صامه لأنّ الصالحين قد صاموه، أو رغّبوا فيه، وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يصل شعبان بشهر رمضان، والفائت من شهر رمضان إن قضي متفرّقا جاز وإن قضي متتابعا فهو أفضل.

وحجّ البيت واجب لمن استطاع إليه سبيلا وهو الزّاد والرّاحلة مع صحّة البدن وأن يكون للإنسان ما يخلفه على عياله وما يرجع إليه بعد حجّه، ولا يجوز الحجّ إلاّ تمتّعا، ولا يجوز القران والافراد إلاّ لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام، ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلاّ لمرض أو تقيّة، وقد قال اللّه (عزّوجلّ): (وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ) (1) وتمامها اجتناب الرّفث والفسوق والجدال في الحجّ، ولا يجزي في النسك الخصيّ لأنّه ناقص، ويجوز الموجوء إذا لم يوجد غيره(2).

وفرائض الحجّ: الاحرام والتلبية الاربع وهي: «لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك».

ص:154


1- - البقرة 2:196.
2- الوجاء: رضّ عروق البيضتين. (مجمع البحرين).

والطواف بالبيت للعمرة فريضة، وركعتاه عند مقام إبراهيم (عليه السّلام) فريضة.

والسّعي بين الصّفا والمروة فريضة، وطواف الحجّ فريضة، وركعتاه عند المقام فريضة، وبعده السّعي بين الصفا والمروة فريضة.

وطواف النساء فريضة، وركعتاه عند المقام فريضة، ولا يسعى بعده بين الصفا والمروة.

والوقوف بالمشعر فريضة، والهدي للمتمتّع فريضة، فأمّا الوقوف بعرفة فهو [سنّة] واجبة، والحلق سنّة، ورمي الجمار سنّة.

والجهاد واجب مع إمام عادل، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ولا يحلّ قتل أحد من الكفّار والنصّاب في دار التقيّة إلاّ قاتل أو ساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك ولا على أصحابك.

واستعمال التقيّة في دار التقيّة واجب، ولا حنث ولا كفّارة على من حلف تقيّة، يدفع بذلك ظلما عن نفسه.

والطلاق للسنّة على ما ذكره اللّه (عزّوجلّ) في كتابه وسنّة نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولا يجوز طلاق لغير السنّة، وكلّ طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق كما أنّ كلّ نكاح يخالف الكتاب فليس بنكاح، ولا يجمع بين أكثر من أربع حرائر، وإذا طلّقت المرأة للعدّة ثلاث مرّات لم تحلّ للزوج حتّى تنكح زوجا غيره، وقد قال (عليه السّلام)(1): «اتّقوا تزويج المطلّقات ثلاثا في موضع واحد، فانّهنّ ذوات أزواج».

والصّلاة على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) واجبة في كلّ المواطن

ص:155


1- - يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام) كما في البحار: ج 10 ص 356.

وعند العطاس والرّياح وغير ذلك.

وحبّ أولياء اللّه والولاية لهم واجبة، والبراءة من أعدائهم واجبة ومن الّذين ظلموا آل محمّد (عليهم السّلام) وهتكوا حجابه فأخذوا من فاطمة (عليها السّلام) فدك، ومنعوها ميراثها وغصبوها وزوجها حقوقهما، وهمّوا باحراق بيتها(1)، وأسسّوا الظلم وغيّروا سنّة رسول اللّه، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة، والبراءة من الانصاب والازلام أئمّة الضلال وقادة الجور كلّهم - أوّلهم وآخرهم - واجبة، والبراءة من أشقى الأوّلين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود قاتل أمير المؤمنين (عليه السّلام) واجبة، والبراءة من جميع قتلة أهل البيت (عليهم السّلام) واجبة، والولاية للمؤمنين الّذين لم يغيّروا ولم يبدّلوا بعد نبيّهم (صلّى اللّه عليه وآله) واجبة مثل سلمان الفارسي، وأبي ذرّ الغفاريّ، والمقداد بن الاسود الكندي، وعمّار بن ياسر، وجابر بن عبداللّه الأنصاري، وحذيفة بن اليمان، وأبي الهيثم بن التيّهان، وسهل بن حنيف، وأبي أيّوب الانصاريّ وعبداللّه بن الصامت، وعبادة بن الصامت، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وأبي سعيد الخدريّ، ومن نحا نحوهم، وفعل مثل فعلهم، والولاية لاتباعهم والمقتدين بهم وبهداهم واجبة.

ص:156


1- - هذه إشارة إلى ما حدث بعد وفاة رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من الهجوم على دار السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) عندما جاء عمر بن الخطاب في عصابة من رجاله ومعه الحطب وأحرق باب بيت الإمامة... ويظهر من هذا الحديث الشّريف أنّهم كانوا يريدون إحراق البيت كلّه لولا إرادة اللّه سبحانه.. وقد تحدّثنا عن هذه الفاجعة الاليمة في كتابنا: فاطمة الزّهراء (عليها السّلام) من المهد إلى اللّحد.

وبرّ الوالدين واجب، فإن كانا مشركين فلا تطعهما ولا غيرهما في المعصية، فإنّه لاطاعة لخلوق في معصية الخالق.

والانبياء والاوصياء لا ذنوب لهم لانّهم معصومون مطهّرون.

وتحليل المتعتين واجب كما أنزلهما اللّه (عزّوجلّ) في كتابه وسنّهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): متعة الحجّ ومتعة النساء.

والفرائض على ما أنزل اللّه (تبارك وتعالى).

والعقيقة للولد الذكر والأنثى يوم السابع، ويسمّى الولد يوم السابع، ويحلق رأسه ويصدّق بوزن شعره ذهبا أو فضّة.

واللّه (عزّوجلّ) لا يكلّف نفسا الاّ وسعها ولا يكلّفها فوق طاقتها، وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير، لا خلق تكوين، واللّه خالق كلّ شيء، ولا يقول بالجبر ولا بالتفويض، ولا يأخذ اللّه (عزّوجلّ) البريء بالسقيم، ولا يعذّب اللّه (عزّوجلّ) الأطفال بذنوب الآباء فإنّه قال في محكم كتابه: (وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (1) وقال (عزّوجلّ): (وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى * وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (2)وللّه (عزّوجلّ) أن يعفو ويتفضّل، وليس له (عزّوجلّ) أن يظلم، ولا يفرض اللّه (عزّوجلّ) على عباده طاعة من يعلم أنّه يغويهم ويضلّهم، ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم أنّه يكفر به ويعبد الشيطان دونه، ولا يتّخذ على خلقه حجّة إلاّ معصوما.

والاسلام غير الإيمان وكلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمن، ولا يسرق السارق - حين يسرق - وهو مؤمن، ولا يزني الزّاني

ص:157


1- - فاطر 35:18.
2- النجم 53:39 و 40.

- حين يزني - وهو مؤمن، وأصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون ولا كافرون، فإنّ اللّه (تبارك وتعالى) لايدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنّة، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وأصحاب الحدود فسّاق لامؤمنون ولا كافرون ولا يخلدون في النار، ويخرجون منها يوما، والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى اللّه (عزّوجلّ) دينهم.

والقرآن كلام اللّه ليس بخالق ولا مخلوق. والدّار اليوم دار تقيّة وهي دار إسلام لا دار كفر ولا دار إيمان.

والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه.

والايمان هو أداء الفرائض، واجتناب الكبائر، والايمان هو معرفة بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل با لاركان، والإقرار بعذاب القبر، ومنكر ونكير، والبعث بعد الموت، والحساب، والصراط، والميزان، ولا إيمان باللّه إلّا بالبراءة من أعداء اللّه (عزّوجلّ).

والتكبير في العيدين واجب، أمّا في الفطر ففي خمس صلوات يبتدأ به من صلاة المغرب ليلة الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر، وهو أن يقال: «اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر، وللّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا، والحمد للّه على ما أبلانا» لقوله (عزّوجلّ): (وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداكُمْ) (1) وفي الاضحى بالامصار في دبر عشر صلوات يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث، وبمنى في دبر خمس عشرة صلاة

ص:158


1- - البقرة 2:185.

يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرّابع، ويزاد في هذا التكبير «واللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام».

والنّفساء لاتقعد أكثر من عشرين يوما(1) إلاّ أن تطهر قبل ذلك وإن لم تطهر بعد العشرين اغتسلت واحتشت وعملت عمل المستحاضة.

والشراب فكلّ ما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام.

وكلّ ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير فأكله حرام، والطحال حرام لانّه دم، والجرّيّ (2) والمارماهي والطافي(3) والزّمّير حرام(4)، وكلّ سمك لايكون له فلوس فأكله حرام، ويؤكل من البيض ما اختلف طرفاه ولا يؤكل ما استوى طرفاه، ويؤكل من الجراد ما استقلّ بالطيران ولا يؤكل منه الدّبى(5) لانّه لا يستقلّ بالطيران وذكاة السّمك والجراد أخذه.

والكبائر محرّمة وهي: الشرك باللّه (عزّوجلّ) وقتل النفس الّتي حرّم اللّه، وعقوق الوالدين، والفرار من الزّحف، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الرّبا بعد البيّنة، وقذف المحصنات، وبعد ذلك: الزّنا، واللّواط، والسّرقة، وأكل الميتة، والدّم، ولحم الخنزير، وما اهلّ لغير اللّه به من غير ضرورة، وأكل السّحت، والبخس من المكيال والميزان،

ص:159


1- - هكذا في المصدر، ولكنّ هناك أحاديث أخرى تحدّد فترة النّفاس بعشرة أيّام، وعلى هذا فتوي الفقهاء أيضا.
2- الجرّي: صنف من السمك في ظهره طول وفي فمه سعة وليس له عظم الاّ عظم اللحيين. (أقرب الموارد).
3- الطافي: السمك الذي يموت في الماء فيعلو ويظهر. (أقرب الموارد).
4- الزمّير - بالكسر -: نوع من السمك. (أقرب الموارد).
5- استقل الطائر في طيرانه: ارتفع. والدبى: اصغر الجراد. (أقرب الموارد).

والميسر، وشهادة الزّور، واليأس من روح اللّه، والأمن من مكر اللّه، والقنوط من رحمة اللّه، وترك معاونة المظلومين والرّكون إلى الظالمين، واليمين الغموس(1) وحبس الحقوق من غير عسر، واستعمال الكبر والتجبّر والكذب والاسراف والتبذير، والخيانة، والاستخفاف بالحجّ، والمحاربة لاولياء اللّه (عزّوجلّ)، والملاهي الّتي تصدّ عن ذكر اللّه (تبارك وتعالى) مكروهة كالغناء وضرب الاوتار(2)، والإصرار على صغائر الذّنوب. ثمّ قال (عليه السّلام): إنّ في هذا لبلاغا لقوم عابدين.

قال الصدوق (رضي اللّه عنه): الكبائر هي سبع وبعدها فكلّ ذنب كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه، وصغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه. وهذا معنى ما ذكره الصادق (عليه السّلام) في هذا الحديث

باب (51) من ذكر الكبائر الزّائدة على السّبع ولا قوّة إلاّ باللّه

* باب (51) من ذكر الكبائر الزّائدة على السّبع ولا قوّة إلاّ باللّه(3) [1].

كتاب الإمام الصادق عليه السّلام في العقائد والأحكام 7027 - بصائر الدرجات: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال:

حدثنا القاسم بن الربيع الوراق، عن محمّد بن سنان، عن صباح

ص:160


1- - أي اليمين الكاذبة الفاجرة، التي يتعمّدها صاحبها عالما بأنّ الأمر بخلافه. (أقرب الموارد).
2- المقصود من الكراهة - هنا - الحرمة، إذ من الثابت - عند المسلمين جميعا - حرمة الغناء.
3- الخصال: ص 603 ح 9. منه البحار: ج 10 ص 222.

المدايني، عن المفضّل انّه كتب الى أبي عبداللّه (عليه السّلام) فجاءه هذا الجواب من أبي عبداللّه (عليه السّلام):

«اما بعد: فانّي أوصيك ونفسي بتقوى اللّه وطاعته فإنّ من التّقوى الطّاعة والورع والتواضع للّه والطمأنينة والاجتهاد والاخذ بأمره والنّصيحة لرسله والمسارعة في مرضاته واجتناب ما نهى عنه فإنّه من يتّق اللّه فقد أحرز نفسه من النّار بإذن اللّه وأصاب الخير كلّه في الدّنيا والآخرة، ومن أمر بالتقوى فقد أفلح الموعظة(1) جعلنا اللّه من المتّقين برحمته، جاءني كتابك فقرأته وفهمت الّذي فيه فحمدت اللّه على سلامتك وعافية اللّه إيّاك، البسنا اللّه وإيّاك عافيته في الدّنيا والآخرة.

كتبت تذكر أنّ قوما أنا أعرفهم كان اعجبك نحوهم وشأنهم وانّك ابلغت عنهم امورا تروى عنهم كرهتها لهم ولم تر بهم إلاّ طريقا حسنا، وورعا وتخشّعا، وبلغك انّهم يزعمون انّ الدين انّما هو معرفة الرجال ثمّ بعد ذلك اذا عرفتهم فاعمل ما شئت، وذكرت أنّك قد عرفت انّ اصل الدين معرفة الرجال فوفّقك اللّه وذكرت انّه بلغك انّهم يزعمون انّ الصّلاة والزّكاة وصوم شهر رمضان والحج والعمرة والمسجد الحرام والبيت الحرام والمشعر الحرام والشّهر الحرام هو رجل، وانّ الطهر والاغتسال من الجنابة هو رجل، وكلّ فريضة افترضها اللّه على عباده هو رجل وانّهم ذكروا ذلك بزعمهم انّ من عرف ذلك الرّجل فقد اكتفى بعلمه به من غير عمل وقد صلّى وأتى الزّكاة وصام وحجّ واعتمر واغتسل من الجنابة وتطهّر وعظّم حرمات اللّه والشهر الحرام والمسجد الحرام، وانّهم ذكروا أن من عرف هذا بعينه وبحدّه

ص:161


1- - فقد أبلغ الموعظة - البحار.

وثبت في قلبه جاز له ان يتهاون فليس له ان يجتهد في العمل، وزعموا أنّهم اذا عرفوا ذلك الرّجل فقد قبلت منهم هذه الحدود لوقتها، وان لم يعملوا بها، وانّه بلغك انّهم يزعمون انّ الفواحش الّتي نهى اللّه عنها - الخمر والميسر والربا والدم والميتة ولحم الخنزير - هو رجل، وذكروا انّ ما حرّم اللّه - من نكاح الامّهات والبنات والعمّات والخالات وبنات الاخ وبنات الأخت وما حرّم على المؤمنين من النساء ممّا حرّم اللّه - انّما عنى بدلك نكاح نساء النبيّ، وما سوى ذلك مباح كلّه، وذكرت انّه بلغك انّهم يترادفون المرأة الواحدة، ويشهدون بعضهم لبعض بالزّور ويزعمون انّ لهذا ظهرا وبطنا يعرفونه فالظّاهر ما يتناهون عنه يأخذون به مدافعة عنهم والباطل هو الّذي يطلبون وبه أمروا بزعمهم.

وكتبت تذكر الّذي عظم من ذلك عليك حين بلغك، وكتبت تسألني عن قولهم في ذلك أحلال هو أم حرام؟ وكتبت تسألني عن تفسير ذلك؟ وأنا ابيّنه حتّى لاتكون من ذلك في عمى ولا في شبهة، وقد كتبت اليك في كتابي هذا تفسير ما سألت عنه فاحفظه كلّه كما قال اللّه في كتابه: (وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (1) وأصفه لك بحلاله وانفي عنك حرامه ان شاء اللّه كما وصفت، ومعرّ فكه حتى تعرفه ان شاء اللّه فلا تنكره ان شاء اللّه ولا قوّة الاّ باللّه، والقوّة للّه جميعا.

اخبرك انّه من كان يدين بهذه الصفة الّتي كتبت تسألني عنها فهو عندي مشرك باللّه (تبارك وتعالى) بيّن الشّرك لا شك فيه، واخبرك انّ هذا القول كان من قوم سمعوا ما لم يعقلوه عن أهله، ولم يعطوا فهم

ص:162


1- - الحاقة 69:12.

ذلك ولم يعرفوا حدّ ما سمعوا فوضعوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم ومنتهى عقولهم ولم يضعوها على حدود ما امروا، كذبا وافتراء على اللّه ورسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وجرأة على المعاصي، فكفى بهذا لهم جهلا، ولو انّهم وضعوها على حدودها الّتي حدّت لهم وقبلوها لم يكن به بأس ولكنّهم حرّفوها وتعدّوا وكذّبوا وتهاونوا بأمر اللّه وطاعته، ولكنّي أخبرك ان اللّه حدّها بحدودها لان لايتعدّى حدوده احد، ولو كان الامر كما ذكروا لعذر الناس بجهلهم ما لم يعرفوا حدّ ما حدّ لهم، ولكان المقصّر والمتعدّي حدود اللّه معذورا، ولكن جعلها حدودا محدودة لايتعدّاها الاّ مشرك كافر، ثمّ قال:

(تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ) (1) فاخبرك حقايق انّ اللّه (تبارك وتعالى) اختار الاسلام لنفسه دينا ورضي من خلقه فلم يقبل من أحد الاّ به، وبه بعث انبياءه ورسله، ثمّ قال: (وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ) (2) فعليه وبه بعث انبياءه ورسله ونبيّه محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) فأفضل الدين معرفة الرسل وولايتهم، وأخبرك أن اللّه احلّ حلالا وحرّم حراما يوم القيامة، فمعرفة الرّسل وولايتهم وطاعتهم هو الحلال، فالمحلّل ما احلّوا والمحرّم ما حرّموا وهم أصله ومنهم الفروع الحلال وذلك سعيهم، ومن فروعهم: أمرهم شيعتهم وأهل ولايتهم بالحلال من إقام الصّلاة وايتاء الزّكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت والعمرة وتعظيم حرمات اللّه

ص:163


1- - البقرة 2:229.
2- الاسراء 17:105.

ومشاعره وتعظيم البيت الحرام والمسجد الحرام والشّهر الحرام والطهور والاغتسال من الجنابة ومكارم الاخلاق ومحاسنها وجميع البرّ، ثمّ ذكر بعد ذلك فقال في كتابه: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (1) فعدوّهم هم الحرام الحرّم وأولياؤهم الداخلون في امرهم الى يوم القيامة فهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن والخمر والميسر والزنا والرّبا والّدم والميتة ولحم الخنزير فهم الحرام المحرّم واصل كلّ حرام، وهم الشرّ واصل كلّ شرّ ومنهم فروع الشرّ كلّه، ومن ذلك الفروع الحرام واستحلالهم ايّاها ومن فروعهم تكذيب الأنبياء وجحود الاوصياء وركوب الفواحش: الزنا والسرقة وشرب الخمر والمسكر واكل مال اليتيم واكل الرّبا والخدعة والخيانة وركوب الحرام كلّها وانتهاك المعاصي، وانّما يأمر اللّه بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى يعني مودّة ذي القربى وابتغاء طاعتهم، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وهم اعداء الانبياء وأوصياء الانبياء وهم المنهيّ عن مودّتهم وطاعتهم، يعظكم بهذه لعلّكم تذكرون.

واخبرك أنّي لو قلت لك: إنّ الفاحشة والخمر والميسر والزّنا والميتة والدم ولحم الخنزير هو رجل وأنا أعلم انّ اللّه قد حرّم هذا الاصل وحرّم فرعه ونهى عنه وجعل ولايته كمن عبد من دون اللّه وثنا وشركا ومن دعا الى عبادة نفسه فهو كفرعون إذ قال: «أنا ربّكم الأعلى» فهذا كلّه على وجه ان شئت قلت هو رجل وهو الى جهنّم ومن شايعه على ذلك فانّهم مثل قول اللّه: (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ)

ص:164


1- - النحل 16:90.

(وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ) * (1)لصدقت ثمّ لو انّي قلت انّه فلان ذلك كلّه لصدقت انّ فلانا هو المعبود المتعدّي حدود اللّه الّتي نهى عنها ان يتعدّي.

ثمّ انّي اخبرك انّ الدين وأصل الدين هو رجل وذلك الرجل هو اليقين وهو الايمان وهو امام امّته واهل زمانه فمن عرفه عرف اللّه ودينه، ومن أنكره انكر اللّه ودينه، ومن جهله جهل اللّه ودينه ولا يعرف اللّه ودينه وحدوده وشرايعه بغير ذلك الامام كذلك جري بأنّ معرفة الرجال دين اللّه.

والمعرفة على وجهين: معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين اللّه ويوصل بها الى معرفة اللّه، فهذه المعرفة الباطنة الثابتة بعينها الموجبة حقّها المستوجب أهلها عليها الشّكر للّه الّتي منّ عليهم بها، منّ من اللّه يمنّ به على من يشاء مع المعرفة الظاهرة، ومعرفة في الظاهر، فأهل المعرفة في الظاهر - الذين علموا أمرنا بالحقّ على غير علم - لاتلحق بأهل المعرفة في الباطن على بصيرتهم ولا يصلون بتلك المعرفة المقصّرة الى حقّ معرفة اللّه كما قال في كتابه: (وَ لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ) (2) فمن شهد شهادة الحقّ لا يعقد عليه قلبه ولا يبصر ما يتكلم به لا يثاب عليه مثل ثواب من عقد عليه قلبه على بصيرة فيه، كذلك من تكلّم بجور لايعقد عليه قلبه لايعاقب عليه عقوبة من عقد عليه قلبه وثبت على بصيرة.

فقد عرفت كيف كان حال رجال أهل المعرفة في الظاهر والإقرار

ص:165


1- - البقرة 2:173، النحل 16:115.
2- الزخرف 43:86.

بالحقّ على غير علم في قديم الدهر وحديثه، إلى - أن - انتهى الامر الى نبيّ اللّه وبعده إلى من صاروا الى من انتهت اليه معرفتهم، وانّما عرفوا بمعرفة أعمالهم ودينهم الّذي دان اللّه به المحسن باحسانه والمسيء باساءته، وقد يقال انّه من دخل في هذا الامر بغير يقين ولا بصيرة:

خرج منه كما دخل فيه. رزقنا اللّه وايّاك معرفة ثابتة على بصيرة.

واخبرك أنّي لو قلت انّ الصّلاة والزّكاة وصوم شهر رمضان والحجّ والعمرة والمسجد الحرام والبيت الحرام والمشعر الحرام والطهور والاغتسال من الجنابة وكلّ فريضة، كان ذلك هو النبيّ الّذي جاء به من عند ربّه لصدقت انّ ذلك كلّه انّما يعرف بالنبيّ، ولولا معرفة ذلك النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) والايمان به والتسليم له ما عرف ذلك فذلك، منّ من اللّه على من يمنّ عليه، ولولا ذلك لم يعرف شيئا من هذا، فهذا كلّه ذلك النبيّ وأصله وهو فرعه وهو دعاني اليه ودلّني عليه وعرّفنيه وأمرني به واوجب عليّ له الطّاعة فيما أمرني به، لايسعني جهله، وكيف يسعني جهل من هو فيما بيني وبين اللّه؟! وكيف يستقيم لي لولا انّي اصف انّ ديني هو الّذي أتاني به ذلك النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ان اصف انّ الدين غيره؟! وكيف لايكون ذلك معرفة الرجل وانّما هو الذي جاء به عن اللّه؟! وانّما أنكر الدين من انكره بأن قالوا: (أَ بَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَسُولاً) (1) ثمّ قالوا: (أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا) (2) فكفروا بذلك الرّجل وكذّبوا به وقالوا (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ)

ص:166


1- - الاسراء 17:94.
2- التغابن 64:6.

(مُلْكِ) * (1)فقال اللّه: (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنّاسِ) (2) ثمّ قال في آية اخرى: (وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ * وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) (3).

انّ اللّه (تبارك وتعالى) انّما احبّ ان يعرف بالرّجال وان يطاع بطاعتهم، فجعلهم سبيله ووجهه الّذي يؤتى منه، لايقبل اللّه من العباد غير ذلك، لا يسئل عمّا يفعل وهم يسئلون فقال - فيما اوجب ذلك من محبّته لذلك -: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ وَ مَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (4) فمن قال لك انّ هذه الفريضة كلّها انّما هي رجل وهو يعرف حدّ ما يتكلّم به فقد صدق، ومن قال على الصفة الّتي ذكرت بغير الطاعة فلا يغني التمسّك في الاصل بترك الفروع، كما لاتغني شهادة ان لا إله إلاّ اللّه بترك شهادة انّ محمّدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ولم يبعث اللّه نبيّا قطّ الاّ بالبرّ والعدل والمكارم ومحاسن الاخلاق، ومحاسن الاعمال والنهي عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فالباطن منه ولاية أهل الباطن والظاهر منه فروعهم.

ولم يبعث اللّه نبيّا قطّ يدعو الى معرفة ليس معها طاعة في أمر ونهي، فإنّما يقبل اللّه من العباد العمل بالفرائض التي افترضها اللّه

ص:167


1- - الانعام 6:8.
2- الانعام 6:91.
3- الانعام 6:8 و 9.
4- النساء 4:80.

على حدودها مع معرفة من جاءهم به من عنده ودعاهم اليه، فاوّل ذلك معرفة من دعا اليه، ثمّ طاعته فيما يقرّبه بمن الطاعة له، وانّه من عرف اطاع ومن أطاع حرّم الحرام - ظاهره وباطنه - ولا يكون تحريم الباطن واستحلال الظاهر، انّما حرّم الظاهر بالباطن والباطن بالظّاهر معا جميعا، ولا يكون الاصل والفروع وباطن الحرام حرام وظاهره حلال، ولا يحرّم الباطن ويستحلّ الظاهر، وكذلك لايستقيم ان يعرف صلاة الباطن ولا يعرف صلاة الظاهر، ولا الزّكاة ولا الصوم ولا الحجّ ولا العمرة والمسجد الحرام وجميع حرمات اللّه وشعائره، وان يترك معرفة الباطن لانّ باطنه ظهره ولا يستقيم ان ترك واحدة منها، اذا كان الباطن حراما خبيثا فالظاهر منه إنّما يشبه الباطن، فمن زعم انّ ذلك انّما هي المعرفة وانّه اذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب واشرك، ذاك لم يعرف ولم يطع، وانّما قيل: اعرف واعمل ما شئت من الخير فانّه لايقبل ذلك منك بغير معرفة، فاذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة قلّ أو كثر فانّه مقبول منك.

أخبرك انّ من عرف اطاع اذا عرف وصلّى وصام واعتمر وعظّم حرمات اللّه كلّها ولم يدع منها شيئا وعمل بالبرّ كلّه ومكارم الاخلاق كلّها ويتجنب سيّئها، وكلّ ذلك هو النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) والنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أصله، وهوأصل هذا كلّه، لانه جاء به ودلّ عليه وأمر به ولا يقبل من أحد شيئا منه الاّ به، ومن عرف اجتنب الكبائر وحرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وحرّم المحارم كلّها لانّ بمعرفة النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وبطاعته دخل فيما دخل فيه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وخرج ممّا خرج منه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله).

ص:168

من زعم انّه يحلّل الحلال ويحرّم الحرام بغير معرفة النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لم يحلّل للّه حلالا ولم يحرّم له حراما وانّه من صلّى وزكى وحجّ واعتمر وفعل ذلك كلّه بغير معرفة من افترض اللّه عليه طاعته لم يقبل منه شيئا من ذلك ولم يصلّ ولم يصم ولم يزّك ولم يحجّ ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهّر ولم يحرّم للّه حراما ولم يحلّل للّه حلالا وليس له صلاة وان ركع وسجد ولا له زكاة وان اخرج لكلّ أربعين درهما درهما، ومن عرفه وأخذ عنه اطاع اللّه.

وامّا ما ذكرت انّهم يستحلّون نكاح ذوات الارحام - الّتي حرّم اللّه في كتابه فانّهم زعموا انّه انّما حرّم علينا بذلك نكاح نساء النبي (صلّى اللّه عليه وآله) - فانّ احقّ ما بدأ به تعظيم حقّ اللّه وكرامة رسوله وتعظيم شأنه وما حرّم اللّه على تابعيه ونكاح نسائه من بعد قوله: (وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللّهِ عَظِيماً) (1) وقال اللّه (تبارك وتعالى):

(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (2) وهو اب لهم ثمّ قال: (وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ مَقْتاً وَ ساءَ سَبِيلاً) (3) فمن حرّم نساء النبيّ لتحريم اللّه ذلك فقد حرّم ما حرّم اللّه في كتابه من الأمهات والبنات والاخوات والعمّات والخالات وبنات الاخ وبنات الاخت وما حرّم اللّه من الرّضاعة لانّ

ص:169


1- - الاحزاب 33:53.
2- الاحزاب 33:6.
3- النساء 4:22.

تحريم ذلك كتحريم نساء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فمن حرّم ما حرّم اللّه من الامّهات والبنات والأخوات والعمّات من نكاح نساء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) واستحلّ ما حرّم اللّه من نكاح سائر ما حرّم اللّه فقد اشرك اذا اتّخذ ذلك دينا.

وامّا ما ذكرت انّ الشيعة يترادفون المرأة الواحدة فاعوذ باللّه ان يكون ذلك من دين اللّه ورسوله، انّما دينه ان يحلّ ما أحلّ اللّه ويحرّم ما حرّم اللّه سواء، وإنّ مما احلّ اللّه المتعة من النساء في كتابه، والمتعة في الحجّ، احلّهما ثمّ لم يحرّمهما فاذا اراد الرجل المسلم ان يتمتّع من المرأة فعلى كتاب اللّه وسنّته نكاح غير سفاح تراضيا على ما احبّا من الاجر والاجل كما قال اللّه: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) (1) ان هما احبّا ان يمدّا في الاجل - على ذلك الاجر فاخر يوم من أجلها قبل أن ينقضي الاجل قبل غروب الشمس - مدّا فيه وزادا في الاجل ما احبّا فان مضى آخر يوم منه لم يصلح الاّ بأمر مستقبل وليس بينهما عدّة إلّا من سواه، فان أرادت سواه اعتدّت خمسة وأربعين يوما وليس بينهما ميراث، ثمّ ان شاءت تمتّعت من آخر فهذا حلال لهما إلى يوم القيامة ان هي شاءت من سبعة وان هي شاءت من عشرين ما بقيت في الدّنيا، كلّ هذا حلال لهما على حدود اللّه ومن يتعدّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه. واذا أردت المتعة في الحجّ فاحرم من العقيق واجعلها متعة فمتى ما قدمت طفت بالبيت واستلمت الحجر الاسود وفتحت به وختمت سبعة أشواط ثمّ تصلّي ركعتين عند مقام ابراهيم ثمّ اخرج من البيت

ص:170


1- - النساء 4:24.

فاسع بين الصّفا والمروة سبعة اشواط تفتح بالصّفا وتختم بالمروة، فاذا فعلت ذلك قصّرت، حتّى اذا كان يوم التروية صنعت ما صنعت بالعقيق، ثمّ احرم بين الرّكن والمقام بالحجّ فلم تزل محرما حتّى تقف بالموقف ثمّ ترمي الجمرات وتذبح وتحلق وتحلّ وتغتسل ثمّ تزور البيت فاذا أنت فعلت ذلك فقد أحللت وهو قول اللّه: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (1) ان تذبح.

وامّا ما ذكرت انّهم يستحلّون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم فانّ ذلك ليس هو الاّ قول اللّه: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) اذا كان مسافرا وحضره الموت اثنان ذوا عدل من دينه فان لم يجدوا فآخران ممّن يقرأ القرآن من غير أهل ولايته (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) قليلا (وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللّهِ إِنّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) من أهل ولايته (فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَيْنا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ * ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ اسْمَعُوا) (2)وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقضي بشهادة رجل واحد مع

ص:171


1- - البقرة 2:196.
2- المائدة 5:106-108.

يمين المدّعي ولا يبطل حقّ مسلم ولايردّ شهادة مؤمن، فإذا أخذ يمين المدّعي وشهادة الرجل قضى له بحقّه وليس يعمل بهذا، فإذا كان لرجل مسلم قبل آخر حقّ يجحده ولم يكن له شاهد غير واحد فانّه إذا رفعه إلى ولاة الجور أبطلوا حقّه ولم يقضوا فيها بقضاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان الحقّ في الجور أن لايبطل حقّ رجل فيستخرج اللّه على يديه حقّ رجل مسلم ويأجره اللّه ويحيي عدلا كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يعمل به.

وامّا ما ذكرت في آخر كتابك انّهم يزعمون انّ اللّه ربّ العالمين هو النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وانّك شبّهت قولهم بقول الّذين قالوا في عيسى ما قالوا فقد عرفت انّ السنن والأمثال كاينة، لم يكن شيء فيما مضى الاّ سيكون مثله حتّى لو كانت شاة برشاء(1) كان هاهنا مثله.

واعلم انّه سيضلّ قوم على ضلالة من كان قبلهم، كتبت فتسألني عن مثل ذلك ما هو؟ وما أرادوا به؟ اخبرك انّ اللّه (تبارك وتعالى) هو خلق(2) الخلق لاشريك له، له الخلق والامر والدّنيا والآخرة وهو ربّ كلّ شيء وخالقه، خلق الخلق واحبّ ان يعرفوه بانبيائه واحتجّ عليهم بهم، فالنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) هو الدليل على اللّه عبد مخلوق مربوب، اصطفاه لنفسه برسالته واكرمه بها فجعله خليفته في خلقه ولسانه فيهم وأمينه عليهم وخازنه في السّماوات والأرضين، قوله قول اللّه لايقول على اللّه الاّ الحقّ، من أطاعه أطاع اللّه ومن عصاه عصا اللّه، وهو مولى من كان اللّه ربّه ووليّه، من أبى أن يقرّ له بالطاعة فقد

ص:172


1- - شاة برشاء: في لونها نقط مختلفة. السان العرب).
2- الظاهر انّه خالق.

أبى أن يقرّ لربّه بالطاعة وبالعبوديّة، ومن أقرّ بطاعته أطاع اللّه وهداه، فالنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مولى الخلق جميعا، عرفوا ذلك أو انكروه، وهو الوالد المبرور فمن احبّه وأطاعه فهو الولد البارّ ومجانب للكبائر، وقد بيّنت ما سألتني عنه، وقد علمت انّ قوما سمعوا صفتنا هذه فلم يعقلوها بل حرّفوها ووضعوها على غير حدودها على نحوما قد بلغك، وقد بريء اللّه ورسوله من قوم يستحلّون بنا أعمالهم الخبيثة، وقد رمانا الناس بها واللّه يحكم بيننا وبينهم فإنّه يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ) أعمالهم السيّئة (وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (1).

وامّا ما كتبت به ونحوه وتخوّفت ان يكون صفتهم من صفته فقد اكرمه اللّه عن ذلك، تعالى ربنا عمّا يقولون علوا كبيرا، صفتي هذه صفة صاحبنا التي وصفنا له وعنه أخذنا، فجزاه اللّه عنّا أفضل الجزاء فإنّ جزاءه على اللّه، فتفهّم كتابي هذا والقوة للّه»(2).

مختصر بصائر الدرجات: القاسم بن الربيع الوراق ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن صباح المدائني، عن المفضل بن عمر انه كتب إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) كتابا فجاءه هذا الجواب... وذكر نحوه(3).

ص:173


1- - النور 24:23-25.
2- بصائر الدرجات: ص 546 ح 1. منه البحار: ج 24 ص 286.
3- مختصر بصائر الدرجات: ص 78.

البحار - بيان: قال الفيروز آبادي: ردفت النجوم: توالت.

وترادفا: تعاونا وتناكحا وتتابعا، قوله: «هو الحلال فالمحلّل ما أحلّوا»، أي عرفانهم حلال يصير سببا لتحليل كلّ حلال وتحريم كلّ حرام، قوله: «وذلك سعيهم» أي الفروع الحلال يحصل من سعيهم ويعرف ببيانهم، ولعلّه كان: من شعبهم.

قوله: «فهم الفواحش»، أي هم والخمر والميسر وغير ذلك الفواحش ما ظهر وما بطن فهم ما بطن، والخمر والميسر وغيرها ما ظهر. قوله (عليه السّلام): «وأنا أعلم» الجملة حالية، وقوله:

«لصدقت» جزاء الشرط، وبعض الجمل معترضة، وفي بعض النسخ «ولصدقت». قوله: «فهذا كلّه» جزاء الشرط. قوله: «وإنّما عرفوا»، أي أهل المعرفة ويحتمل الأوصياء. قوله (عليه السّلام): «وكيف يستقيم لي»، أي لايستقيم لي أن أقول: إنّ الدّين غير النبيّ إلاّ بأن أقول: إنّ ديني هو الّذي أتاني به النبيّ فما لم أنسب ديني إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لايصحّ ديني، فعلى هذا الوجه يصحّ أن يقال:

الدّين وأصله ذلك الرّجل كما أنّ كلّ من أنكر الدين فقد أنكر أوّلا النبيّ ثمّ أنكر دينه. قوله: «وهو يعرف»، الضمير راجع إلى الموصول أي يقول هذا الكلام على الوجه الّذي قلنا. قوله: «وباطن الحرام حرام» الجملة حاليّة، أي لايكون الاصل والفروع مع هذا القول، وكذا قوله: «ويستحلّ الظّاهر»، حاليّة. قوله (عليه السّلام): «فمن حرّم نساء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)»، أي يستلزم تحريم نسآء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لتحريم اللّه لها تحريم سائر النّساء المحرّمات، لانّ اللّه كما حرّم في القران نساء النبي حرّم سائر المحرمات أيضا، فمن اقتصر على

ص:174

تحريم نسائه (صلّى اللّه عليه وآله) فقد أشرك وأنكر القرآن...، والخبر لايخلو من تشويش، والنسخ التي عندنا كانت سقيمة فأوردناه كما وجدناه والمقصود منه ظاهر لمن تأمل فيه.

أقول: لقد وجدنا هذا الحديث في المصدر وفيه الكثير من التصحيف والأخطاء، ومن هنا فإنا اعتمدنا في النقل على نسخة بحار الانوار لسلامتها من الكثير من الاخطاء وكونها هي الانسب والأصح.

باب (52) طبقات المحبّين ومعنى الإيمان والكفر

اشارة

7028 - تحف العقول: دخل عليه رجل فقال (عليه السّلام) له:

ممن الرجل؟

فقال: من محبّيكم ومواليكم.

فقال له جعفر (عليه السّلام): لايحبّ اللّه عبد حتّى يتولاّه، ولا يتولاّه حتى يوجب له الجنّة.

ثمّ قال له: من أي محبّينا أنت؟

فسكت الرجل، فقال له سدير: وكم محبوكم يابن رسول اللّه؟

فقال: على ثلاث طبقات: طبقة أحبّونا في العلانيّة ولم يحبّونا في السرّ، وطبقة يحبّونا في السرّ ولم يحبّونا في العلانيّة، وطبقة يحبّونا في السرّ والعلانية، هم النمط الأعلى(1) وشربوا من العذب الفرات، وعلموا بأوائل الكتاب وفصل الخطاب وسبب الاسباب، فهم النمط الاعلى، الفقر والفاقة وأنواع البلاء أسرع إليهم من ركض

ص:175


1- - النّمط: الجماعة من النّاص أمرهم واحد. (مجمع البحرين).

الخيل، مسّتهم الباساء والضرّاء وزلزلوا وفتنوا، فمن بين مجروح ومذبوح، متفرّقين في كلّ بلاد قاصية، بهم يشفى اللّه السقيم ويغني العديم وبهم تنصرون وبهم تمطرون وبهم ترزقون وهم الاقلّون عددا، الأعظمون عند اللّه قدرا وخطرا.

والطبقة الثانية: النمط الاسفل أحبّونا في العلانيّة وساروا بسيرة الملوك. فألسنتهم معنا وسيوفهم علينا.

والطبقة الثالثة: النمط الاوسط أحبّونا في السرّ ولم يحبّونا في العلانية، ولعمري لئن كانوا أحبونا في السرّ دون العلانية فهم الصوّامون بالنّهار القوامون بالليل، ترى اثر الرّهبانية في وجوههم، أهل سلم وانقياد.

قال الرجل: فأنا من محبّيكم في السرّ والعلانية.

قال جعفر (عليه السّلام): إنّ لمحبّينا في السرّ والعلانية علامات يعرفون بها.

قال الرجل: وما تلك العلامات؟

قال (عليه السّلام): تلك خلال أوّلها أنّهم عرفوا التوحيد حقّ معرفته وأحكموا علم توحيده، والإيمان بعد ذلك بما هو وما صفته، ثم علموا حدود الايمان وحقائقه وشروطه وتأويله.

قال سدير: يابن رسول اللّه ما سمعتك تصف الايمان بهذه الصفة؟

قال: نعم يا سدير ليس للسائل أن يسأل عن الايمان ما هو حتى يعلم الايمان بمن.

قال سدير: يابن رسول اللّه ان رأيت أن تفسّر ما قلت؟

ص:176

قال الصادق (عليه السّلام): من زعم أنّه يعرف اللّه بتوهّم القلوب فهو مشرك، ومن زعم أنه يعرف اللّه بالاسم دون المعنى فقد أقرّ بالطعن، لأنّ الاسم محدث، ومن زعم أنه يعبد الاسم والمعنى فقد جعل مع اللّه شريكا، ومن زعم أنه يعبد (المعنى) بالصفة لا بالادراك فقد أحال على غايب، ومن زعم أنه يعبد الصفة والموصوف فقد أبطل التوحيد لانّ الصفة غير الموصوف.

ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغّر بالكبير وما قدّروا اللّه حقّ قدره(1).

ص:177


1- - أقول: المستفاد من هذه الرّواية الشّريفة - وغيرها من الادلّة - لزوم التوحيد من حيث العبادة بأن يكون المعبود في مقام العبادة هو الذّات الواجب الوجود المستجمع لجميع الكمالات فقط، دون الإسم أو الصّفة ولو مع الذات، وعليه فمن عبد الإسم والمعنى (أي الذات) فقد أشرك في العبادة حيث إنّ الإسم أمر حادث غير الذات، ومن عبد المعنى بالصّفة - بأن يصفه بشيء لا يدرك معناه - فقد أحال على شيء غاب عن ذهنه ولم يعرفه بوجه، ومن عبد الصّفة والموصوف معا - بأن عبد ذاتا موصوفة بصفات زائدة ويعبدهما معا - فقد أبطل التوحيد حيث إنّ الصّفات الزائدة الحادثة غير ذاته سبحانه، ومن عبد ذاتا مضافة إلى الصّفة - بأن يعبد ذاتا محتاجة في كمالها إلى صفات زائدة - فقد صغر الكبير حيث جعل الذات الواجب الوجود المستجمع لجميع الكمالات محتاجة في كمالها إلى أمر حادث ممكن، وعليه فمن اللازم أن يعبد الإنسان ذاته سبحانه فقط من دون نظر الى إسمه أو الصّفات الزائدة، وهو التوحيد في مقام العبادة. وقد تقدم في (ج 4 ص 376) في بحث التوحيد من هذه الموسوعة في صحيحة ابن رئاب عن غير واحد عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) (أنه) قال: من عبد الله بالتوهّم فقد كفر ومن عبد الإسم دون المعنى فقد كفر ومن عبد الإسم والمعنى فقد أشرك ومن عبد المعنى بايقاع الاسماء عليه بصفاته الّتي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سرائره وعلانيّته فأولئك أصحاب أميرالمؤمنين (عليه السّلام) حقا.

قيل له: فكيف سبيل التوحيد؟

قال (عليه السّلام): باب البحث ممكن وطلب الخرج موجود، إن معرفة عين الشاهد قبل صفته ومعرفة صفة الغائب قبل عينه.

قيل: وكيف تعرف عين الشاهد قبل صفته؟

قال (عليه السّلام): تعرفه وتعلم علمه وتعرف نفسك به ولا تعرف نفسك بنفسك من نفسك، وتعلم أن ما فيه له وبه، كما قالوا ليوسف: (أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي) (1) فعرفوه به ولم يعرفوه بغيره ولا أثبتوه من أنفسهم بتوهّم القلوب، أما تري اللّه يقول: (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) (2) يقول: ليس لكم أن تنصبوا إماما من قبل أنفسكم تمسونه محقا بهوى أنفسكم وإرادتكم.

ثم قال الصادق (عليه السّلام): ثلاثة لايكلمهم اللّه ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من أنبت شجرة لم ينبته اللّه، يعني: من نصب إماما لم ينصبه اللّه، أو جحد من نصبه اللّه، ومن زعم أن لهذين سهما في الاسلام، وقد قال اللّه: (وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (3).

(صفة الايمان)

قال (عليه السّلام): معنى صفة الايمان: الاقرار والخضوع للّه بذلّ الاقرار والتقرّب اليه به والاداء له بعلم كلّ مفروض من صغير أو

ص:178


1- - يوسف 12:90.
2- النمل 27:60.
3- القصص 28:68.

كبير، من حدّ التوحيد فما دونه الى آخر باب من أبواب الطاعة أولا فأولا، مقرون ذلك كلّه بعضه الى بعض موصول بعضه ببعض، فإذا أدي العبد ما فرض عليه ممّا وصل إليه على صفة ما وصفناه فهو مؤمن مستحق لصفة الايمان مستوجب للثواب، وذلك أن معنى جملة الايمان: الاقرار، ومعنى الاقرار التصديق بالطاعة، فلذلك ثبت أن الطاعة كلها صغيرها وكبيرها مقرونة بعضها الى بعض، فلا يخرج المؤمن من صفة الايمان إلاّ بترك ما استحق أن يكون به مؤمنا، وإنما استوجب واستحق اسم الايمان ومعناه بأداء كبار الفرائض موصولة، وترك كبار المعاصي واجتنابها، وإن ترك صغار الطاعة وارتكاب صغار المعاصي فليس بخارج من الايمان ولا تارك له ما لم يترك شيئا من كبار الطاعة ولم يرتكب شيئا من كبار المعاصي، فما لم يفعل ذلك فهو مؤمن لقول اللّه: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (1) يعني المغفرة ما دون الكبائر، فإن هو ارتكب كبيرة من كبائر المعاصي كان مأخوذا بجميع المعاصي صغارها وكبارها معاقبا عليها معذبا بها فهذه صفة الايمان وصفة المؤمن المستوجب للثواب.

(صفة الاسلام)

وأما معنى صفة الاسلام فهو الاقرار بجميع الطاعة الظاهر الحكم والاداء له، فإذا أقرّ المقرّ بجميع الطاعة في الظاهر من غير العقد عليه بالقلوب فقد استحق اسم الاسلام ومعناه واستوجب الولاية الظاهرة

ص:179


1- - النساء 4:31.

واجازة شهادته والمواريث، وصار له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، فهذه صفة الاسلام، وفرق ما بين المسلم والمؤمن ان المسلم إنما يكون مؤمنا أن يكون مطيعا في الباطن مع ما هو عليه في الظاهر، فإذا فعل ذلك بالظاهر كان مسلما. واذا فعل ذلك بالظاهر والباطن - بخضوع وتقرّب بعلم - كان مؤمنا، فقد يكون العبد مسلما، ولا يكون مؤمنا إلاّ وهو مسلم.

(صفة الخروج من الايمان)

وقد يخرج من الايمان بخمس جهات من الفعل - كلّها متشابهات معروفات -: الكفر، والشرك، والضلال، والفسق، وركوب الكبائر.

فمعنى الكفر: كل معصية عصى اللّه بها بجهة الجحد والإنكار والاستخفاف والتهاون في كلّ ما دقّ وجل، وفاعله كافر ومعناه معنى الكفر؛ من أي ملة كان ومن أي فرقة كان بعد أن تكون منه معصية بهذه الصفات، فهو كافر.

ومعنى الشرك: كلّ معصية عصى اللّه بها بالتدين، فهو مشرك، صغيرة كانت المعصية أو كبيرة، ففاعلها مشرك.

ومعنى الضلال: الجهل بالمفروض وهو أن يترك كبيرة من كبائر الطاعة التي لايستحق العبد الايمان إلاّ بها بعد ورود البيان فيها والاحتجاج بها، فيكون التارك لها تاركا بغير جهة الانكار والتديّن لإنكارها وجحودها ولكن يكون تاركا على جهة التواني والاغفال والاشتغال بغيرها، فهو ضال متنكب طريق الايمان، جاهل به خارج منه، مستوجب لاسم الضلالة ومعناها ما دام بالصفة التي وصفناه

ص:180

بها. فان كان هو الذي مال بهواه إلى وجه من وجوه المعصية بجهة الجحود والاستخفاف والتهاون كفر، وإن هو مال بهواه الى التديّن بجهة التأويل والتقليد والتسليم والرّضا بقول الآباء والاسلاف فقد أشرك. وقلّ ما يلبث الانسان على ضلالة حتى يميل بهواه الى بعض ما وصفناه من صفته.

ومعنى الفسق فكلّ معصية من المعاصي الكبار فعلها فاعل، أو دخل فيها داخل بجهة اللذة والشهوة والشوق الغالب فهو فسق، وفاعله فاسق خارج من الايمان بجهة الفسق، فإن دام في ذلك حتّى يدخل في حدّ التهاون والاستخفاف فقد وجب أن يكون بتهاونه واستخفافه كافرا.

ومعنى راكب الكبائر التي بها يكون فساد إيمانه فهو أن يكون منهمكا على كبائر المعاصي بغير جحود ولا تديّن ولا لذّة ولا شهوة ولكن من جهة الحميّة والغضب، يكثر القذف والسب والقتل وأخذ الاموال وحبس الحقوق وغير ذلك من المعاصي الكبائر التي يأتيها صاحبها بغير جهة اللذّة. ومن ذلك الأيمان الكاذبة وأخذ الربا وغير ذلك التي يأتيها من أتاها بغير استلذاذ (و) الخمر والزنا واللّهو، ففاعل هذه الافعال كلّها مفسد للإيمان خارج منه من جهة ركوبه الكبيرة على هذه الجهة، غير مشرك ولا كافر ولا ضال، جاهل على ما وصفناه من جهة الجهالة. فإن هو مال بهواه الى أنواع ما وصفناه من حدّ الفاعلين كان من صفاته.

ص:181

جوابه عليه السّلام عن جهات معائش العباد ووجوه اخراج الاموال

سأله سائل فقال: كم جهات معائش العباد التي فيها الاكتساب [أ] و التعامل بينهم ووجوه النفقات؟

فقال (عليه السّلام): جميع المعايش كلّها - من وجوه المعاملات فيما بينهم ممّا يكون لهم فيه المكاسب - أربع جهات من المعاملات.

فقال له: أكل هؤلاء الاربعة الاجناس حلال، أو كلّها حرام، أو بعضها حلال وبعضها حرام؟

فقال (عليه السّلام): قد يكون في هؤلاء الاجناس الأربعة حلال من جهة وحرام من جهة، وهذه الاجناس مسمّيات معروفات الجهات، فأول هذه الجهات الاربعة: الولاية وتولية بعضهم على بعض فأول ولاية - الولاة - وولاة الولاة الى أدناهم بابا من أبواب الولاية على من هو وال عليه، ثمّ التجارة في جميع البيع والشراء بعضهم من بعض، ثمّ الصناعات في جميع صنوفها، ثمّ الاجارات في كلّ ما يحتاج إليه من الاجارات، وكلّ هذه الصنوف تكون حلالا من جهة وحراما من جهة، والفرض من اللّه على العباد في هذه المعاملات الدخول في جهات الحلال منها والعمل بذلك الحلال واجتناب جهات الحرام منها.

تفسير معنى الولايات

وهي جهتان: فإحدى الجهتين من الولاية: ولاية ولاة العدل الذين أمر اللّه بولايتهم وتوليتهم على الناس، وولاية ولاته وولاة

ص:182

ولاته، الى أدناهم بابا من أبواب الولاية على من هو وال عليه.

والجهة الأخرى من الولاية: ولاية ولاة الجور وولاة ولاته الى أدناهم بابا من الابواب التي هو وال عليه.

فوجه الحلال من الولاية: ولاية الوالي العادل الذي أمر اللّه بمعرفته وولايته والعمل له في ولايته، وولاية ولاته وولاة ولاته بجهة ما أمر اللّه به الوالي العادل بلازيادة فيما أنزل اللّه به ولا نقصان منه ولا تحريف لقوله ولاتعدّ لامره الى غيره، فإذا صار الوالي والي عدل بهذه الجهة فالولاية له والعمل معه ومعونته في ولايته وتقويته حلال محلّل، وحلال الكسب معهم، وذلك أن في ولاية والي العدل وولاته إحياء كلّ حقّ وكلّ عدل وإماتة كل ظلم وكل جور وفساد، فلذلك كان الساعي في تقوية سلطانه والمعين له على ولايته ساعيا إلى طاعة اللّه مقويّا لدينه.

وأمّا وجه الحرام من الولاية: فولاية الوالي الجائر وولاية ولاته، الرئيس منهم وأتباع الوالي فمن دونه من ولاة الولاة إلى أدناهم بابا من أبواب الولاية على من هو وال عليه. والعمل لهم والكسب معهم بجهة الولاية لهم حرام محرّم معذّب من فعل ذلك على قليل من فعله أو كثير. لانّ كلّ شيء من جهة المعونة معصية كبيرة من الكبائر، وذلك أن في ولاية الوالي الجائر دوس الحقّ كلّه وإحياء الباطل كلّه، واظهار الظلم والجور والفساد وابطال الكتب وقتل الأنبياء والمؤمنين وهدم المساجد وتبديل سنّة اللّه وشرائعه، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم إلّا بجهة الضرورة، نظير الضرورة الى الدم والميتة.

ص:183

(وأما تفسير التجارات)

في جميع البيوع ووجوه الحلال من وجه التجارات التي يجوز للبائع أن يبيع مما لايجوز له، وكذلك المشتري الذي يجوز له شراؤه ممّا لايجوز له فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد وقوامهم به في امورهم في وجوه الصلاح الذي لا يقيم غيره ممّا يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون من جهة ملكهم ويجوز لهم الاستعمال له من جميع جهات المنافع التي لا يقيمهم غيرها من كل شيء يكون لهم فيه الصّلاح من جهة من الجهات فهذا كلّه حلال بيعه وشراؤه وإمساكه واستعماله وهبته وعاريته.

وأمّا وجوه الحرام من البيع والشراء وكلّ أمر يكون فيه الفساد ممّا هو منهى عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو امساكه أو هبته أو عاريته أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربا، لما في ذلك من الفساد، أو البيع للميتة، أو الدم، أو لحم الخنزير، أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش، أو الطير، أو جلودها، أو الخمر، أو شيء من وجوه النجس؛ فهذا كلّه حرام ومحرّم، لان ذلك كلّه منهى عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه بوجه من الوجوه لما فيه من الفساد، فجميع تقلّبه في ذلك حرام وكذلك كل بيع ملبوسه وكلّ منهى عنه ممّا يتقرّب به لغير اللّه، أو يقوى به الكفر والشرك من جميع وجوه المعاصي، أو باب من الابواب يقوى به باب من أبواب الضلالة، أو باب من أبواب الباطل، أو باب يوهن به الحقّ فهو حرام محرّم، حرام بيعه وشراؤه وامساكه وملكه

ص:184

وهبته وعاريته وجميع التقلّب فيه الّا في حال تدعو الضرورة فيه إلى ذلك.

(وأما تفسير الاجارات)

فإجارة الإنسان نفسه أو ما يملك أو ولي أمره من قرابته أو دابته أو ثوبه بوجه الحلال من جهات الإجارات أن يؤجر نفسه أو داره أو أرضه أو شيئا يملكه فيما ينتفع به من وجوه المنافع، أو العمل بنفسه وولده ومملوكه، أو أجيره من غير أن يكون وكيلا للوالي، أو واليا للوالي فلا بأس أن يكون أجيرا يؤجر نفسه أو ولده أو قرابته أو ملكه أو وكيلا في إجارته، لانهم وكلاء الاجير من عنده ليس هم ولاة الوالي نظير الحمال الذي يحمل شيئا بشيء معلوم إلى موضع معلوم، فيجعل ذلك الشيء الذي يجوز له حمله بنفسه أو بملكه أو دابته، أو يؤاجر نفسه في عمل يعمل ذلك العمل بنفسه أو بمملوكه أو قرابته أو تأجير من قبله، فهذه وجوه من وجوه الاجارات، حلال لمن كان من الناس ملكا أو سوقة أو كافرا أو مؤمنا، فحلال إجارته وحلال كسبه من هذه الوجوه.

فأمّا وجوه الحرام من وجوه الاجارة نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم عليه أكله أو شربه أو لبسه، أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء أو حفظه أو لبسه، أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضرارا أو قتل النفس بغير حلّ أو حمل التصاوير والاصنام والمزامير والبرابط والخمر والخنازير والميتة والدم أو شيء من وجوه الفساد الذي كان محرّما عليه من غير جهة الاجارة فيه، وكل أمر منهي عنه من جهة من الجهات فمحرّم على الانسان اجارة نفسه فيه أو له أو شيء منه أو له الا

ص:185

لمنفعة من استأجرته كالذي يستأجر الأجير يحمل له الميتة ينحيها عن أذاه أو أذى غيره وما أشبه ذلك، والفرق بين معنى الولاية والاجارة وان كان كلاهما يعملان بأجر: أن معنى الولاية أن يلي الانسان لوالي الولاة أو لولاة الولاة فيلي أمر غيره في التولية عليه وتسليطه وحراز أمره(1) ونهيه وقيامه مقام الولي إلى الرئيس، أو مقام وكلائه في أمره وتوكيده في معونته وتسديد ولايته وان كان أدناهم ولاية، فهو وال على من هو وال عليه يجري مجرى الولاة الكبار الذين يلون من ولاية الناس في قتلهم من قتلوا وإظهار الجور والفساد.

وأمّا معنى الإجارة فعلى ما فسّرنا من إجارة الإنسان نفسه أو ما يملكه من قبل أن يؤاجر لشيء من غيره فهو يملك يمينه لانه لايلي أمر نفسه وأمر ما يملك قبل أن يؤاجره ممّن هو أجره. والوالي لا يملك من امور الناس شيئا إلّا بعد ما يلي أمورهم ويملك توليتهم. وكل من آجر نفسه، أو آجر ما يملك نفسه، أو يلي أمره من كافر أو مؤمن أو ملك أو سوقة على ما فسّرنا ممّا تجوز الاجارة فيه فحلال محلّل فعله وكسبه.

(وأمّا تفسير الصناعات)

فكل ما يتعلّم العباد أو يعلّمون غيرهم من صنوف الصناعات مثل الكتابة والحساب والتجارة والصياغة والسراجة والبناء والحياكة والقصارة والخياطة وصنعة صنوف التصاوير - ما لم يكن مثل الروحاني - وأنواع صنوف الآلات التي يحتاج إليها العباد - التي منها منافعهم وبها قوامهم وفيها بلغة جميع حوائجهم - فحلال فعله

ص:186


1- - حرزه حرزا: حفظه. (أقرب الموارد).

وتعليمه والعمل به وفيه لنفسه أو لغيره، وإن كانت تلك الصناعة وتلك الآلة قد يستعان بها على وجوه الفساد ووجوه المعاصي ويكون معونة على الحق والباطل فلا بأس بصناعته وتعليمه نظير الكتابة التي هي على وجه من وجوه الفساد من تقوية معونة ولاة ولاة الجور، وكذلك السكين والسّيف والرّمح والقوس وغير ذلك من وجوه الآلة - التي قد تصرف الى جهات الصلاح وجهات الفساد وتكون آلة ومعونة عليهما - فلا بأس بتعليمه وتعلّمه وأخذ الاجر عليه وفيه والعمل به وفيه لمن كان له فيه جهات الصلاح من جميع الخلائق، ومحرّم عليهم فيه تصريفه الى جهات الفساد والمضارّ، فليس على العالم والمتعلّم إثم ولا وزر، لما فيه من الرجحان في منافع جهات صلاحهم وقوامهم به وبقائهم. وإنما الإثم والوزر على المتصرّف بها في وجوه الفساد والحرام، وذلك إنما حرم اللّه الصناعة التي حرام هي كلها التي يجيء منها الفساد محضا نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكل ملهوّ به والصلبان والأصنام، وما أشبه ذلك من صناعات الاشربة الحرام.

وما يكون منه وفيه الفساد محضا ولا يكون فيه ولا منه شيء من وجوه الصلاح فحرام تعليمه وتعلّمه والعمل به وأخذ الأجر عليه وجميع التقلّب فيه من جميع وجوه الحركات كلّها، إلاّ أن تكون صناعة قد تنصرف الى جهات الصنائع، وان كان قد يتصرف بها ويتناول بها وجه من وجوه المعاصي، فلعله لما فيه من الصلاح حلّ تعلّمه وتعليمه والعمل به ويحرم على من صرفه إلى غير وجه الحقّ والصلاح، فهذا تفسير بيان وجه اكتساب معائش العباد وتعليمهم في جميع وجوه اكتسابهم.

ص:187

وجوه إخراج الأموال وانفاقها

أمّا الوجوه التي فيها إخراج الاموال في جميع وجوه الحلال المفترض عليهم وجوه النوافل كلّها، فأربعة وعشرون وجها، منها سبعة وجوه على خاصة نفسه، وخمسة وجوه على من تلزمه نفسه، وثلاثة وجوه مما تلزمه فيها من وجوه الدين، وخمسة وجوه مما تلزمه فيها من وجوه الصلات، وأربعة أوجه مما تلزمه فيها النفقة من وجوه اصطناع المعروف.

فأمّا الوجوه التي تلزمه فيها النفقة على خاصة نفسه فهي مطعمه ومشربه وملبسه ومنكحه ومخدمه وعطاؤه فيما يحتاج اليه من الاجراء على مرمّة متاعه أو حمله أو حفظه ومعنى يحتاج اليه من نحو منزله أو آلة من الآلات يستعين بها على حوائجه.

وأمّا الوجوه الخمس التي تجب عليه النفقة لمن تلزمه نفسه فعلى ولده ووالديه وامرأته ومملوكه، لازم له ذلك في حال العسر واليسر.

وأمّا الوجوه الثلاثة المفروضة من وجوه الدين فالزكاة المفروضة الواجبة في كلّ عام والحج المفروض والجهاد في إبّانه وزمانه.

وأمّا الوجوه الخمس من وجوه الصّلات النوافل فصلة من فوقه، وصلة القرابة، وصلة المؤمنين، والتنفّل في وجوه الصدقة والبرّ والعتق.

وأمّا الوجوه الاربع فقضاء الدّين، والعارية، والقرض، وإقراء الضيف واجبات في السنة.

ص:188

ما يحلّ للإنسان أكله

فأمّا ما يحلّ ويجوز للانسان أكله ممّا أخرجت الارض فثلاثة صنوف من الأغذية: صنف منها جميع الحب كلّه من الحنطة والشعير والارز والحمص وغير ذلك من صنوف الحب وصنوف السماسم وغيرها. كلّ شيء من الحب مما يكون فيه غذاء الإنسان في بدنه وقوّته فحلال أكله، وكلّ شيء تكون فيه المضرّة على الانسان في بدنه فحرام أكله إلاّ في حال الضرورة.

والصنف الثاني: ممّا أخرجت الارض من جميع صنوف الثمار كلّها مما يكون فيه غذاء الانسان ومنفعة له وقوته به فحلال أكله، وما كان فيه المضرّة على الانسان في أكله فحرام أكله.

والصنف الثالث: جميع صنوف البقول والنبات وكلّ شيء تنبت الارض من البقول كلّها ممّا فيه منافع الانسان وغذاء له فحلال أكله.

وما كان من صنوف البقول ممّا فيه المضرّة على الإنسان في أكله - نظير بقول السموم القاتلة ونظير الدفلى(1) وغير ذلك من صنوف السّم القاتل - فحرام أكله.

وأما ما يحل أكله من لحوم الحيوان فلحوم البقر والغنم والابل وما يحلّ من لحوم الوحش وكلّ ما ليس فيه ناب ولا له مخلب. وما يحلّ من أكل لحوم الطير كلّها ما كانت له قانصة(2) فحلال أكله وما لم

ص:189


1- - الدفلى: نبت مرّ زهره كالورد الاحمر. (أقرب الموارد).
2- القانصة: هي للطير بمنزلة الكرش والمصارين لغيره (مجمع البحرين). والقانصة للطير كالحوصلة للانسان (أقرب الموارد).

يكن له قانصة فحرام أكله، ولا بأس بأكل صنوف الجراد.

وأما ما يجوز أكله من البيض فكلّما اختلف طرفاه فحلال أكله، وما استوى طرفاه فحرام أكله.

وما يجوز أكله من صيد البحر من صنوف السمك ما كان له قشور فحلال أكله وما لم يكن له قشور فحرام أكله.

وما يجوز من الاشربة من جميع صنوفها فما لا يغيّر العقل كثيره فلا بأس بشربه، وكلّ شيء منها يغيّر العقل كثيره فالقليل منه حرام.

وما يجوز من اللباس فكلّ ما أنبتت الارض فلا بأس بلبسه والصّلاة فيه وكلّ شيء يحلّ لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكي منه وصوفه وشعره ووبره، وإن كان الصوف والشعر والريش والوبر من الميتة وغير الميتة ذكيا فلا بأس بلبس ذلك والصّلاة فيه، وكلّ شيء يكون غذاء الإنسان في مطعمه ومشربه أو ملبسه فلا تجوز الصّلاة عليه ولا السّجود الاّ ما كان من نبات الارض من غير ثمر قبل أن يصير مغزولا، فإذا صار غزلا فلا تجوز الصّلاة عليه إلاّ في حال ضرورة.

أمّا ما يجوز من المناكح فأربعة وجوه: نكاح بميراث ونكاح بغير ميراث ونكاح اليمين ونكاح بتحليل من المحلّل له من ملك من يملك.

وأما ما يجوز من الملك والخدمة فستة وجوه: ملك الغنيمة وملك الشراء وملك الميراث وملك الهبة وملك العارية وملك الأجر.

فهذه وجوه ما يحلّ وما يجوز للإنسان إنفاق ماله وإخراجه بجهة الحلال في وجوهه وما يجوز فيه التصرّف والتقلّب من وجوه الفريضة والنافلة(1).

ص:190


1- - تحف العقول: ص 241.

باب (53) النبي صلّى الله عليه و آله يأخذ البيعة من عليّ وخديجة عليهما السّلام

7029 - البحار: كتاب (الطرف) - للسيّد عليّ بن طاووس (رضي اللّه عنه) باسناده إلى عيسى بن المستفاد ممّا رواه في كتاب (الوصيّة) قال: حدثني موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال: سألت أبي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن بدء الاسلام كيف أسلم عليّ؟ وكيف أسلمت خديجة؟

فقال لي أبي: إنّهما لمّا دعاهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا عليّ ويا خديجة إنّ جبرئيل عندي يدعو كما إلى بيعة الاسلام فأسلما تسلما، وأطيعا تهديا.

فقالا: فعلنا وأطعنا يا رسول اللّه.

فقال: إنّ جبرئيل عندي يقول لكما: إنّ للاسلام شروطا وعهودا ومواثيق فابتدياه بما شرط اللّه عليكما لنفسه ولرسوله أن تقولا: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له في ملكه، ولم يلده والد ولم يتّخذ صاحبة، إلها واحدا مخلصا، وأنّ محمدا عبده ورسوله أرسله إلى الناس كافّة بين يدي الساعة، ونشهد أنّ اللّه يحيي ويميت، ويرفع ويضع، ويغني ويفقر، ويفعل ما يشاء، ويبعث من في القبور.

قالا: شهدنا.

قال: وإسباغ الوضوء على المكاره: غسل الوجه واليدين والذراعين ومسح الرّأس والرجلين إلى الكعبين، وغسل الجنابة في الحرّ والبرد، وإقام الصّلاة وأخذ الزّكاة من حلّها، ووضعها في أهلها،

ص:191

وحجّ البيت، وصوم شهر رمضان، والجهاد في سبيل اللّه وبرّ الوالدين، وصلة الرّحم، والعدل في الرّعيّة، والقسم بالسويّة، والوقوف عند الشبهة إلى الوصول إلى الامام فإنه لاشبهة عنده، وطاعة وليّ الامر بعدي، ومعرفته في حياتي وبعد موتي، والائمّة من بعده واحدا واحدا، وموالاة أولياء اللّه، ومعاداة أعداء اللّه، والبراءة من الشّيطان الرّجيم، وحزبه وأشياعه، والبراءة من الاحزاب تيم وعدي واميّة، وأشياعهم وأتباعهم، والحياة على ديني وسنّتي، ودين وصيي وسنّته إلى يوم القيامة، والموت على مثل ذلك وترك شرب الخمر، وملاحاة الناس، يا خديجة فهمت ما شرط ربّك عليك؟

قالت: نعم، وآمنت وصدّقت، ورضيت وسلّمت.

قال عليّ (عليه السّلام): وأنا على ذلك.

فقال: ياعليّ تبايعني على ما شرطت عليك؟

قال: نعم.

قال: فبسط رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كفّه فوضع كفّ عليّ (عليه السّلام) في كفّه فقال: بايعني يا عليّ على ما شرطت عليك، وأن تمنعني ممّا تمنع منه نفسك.

فبكى عليّ (عليه السّلام) فقال: بأبي وامّي لاحول ولا قوّة إلّا باللّه.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): اهتديت وربّ الكعبة، ورشدت ووفّقت، وأرشدك اللّه.

ص:192

يا خديجة، ضعي يدك فوق يد عليّ (1) فبايعي له. فبايعت على مثل ما بايع عليه عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) على أنّه لاجهاد عليها.

ثمّ قال: يا خديجة هذا عليّ مولاك ومولى المؤمنين، وإمامهم بعدي.

قالت: صدقت يا رسول اللّه قد بايعته على ما قلت، اشهد اللّه واشهدك وكفى باللّه شهيدا عليما(2).

باب (54) النبي صلّى الله عليه و آله يأخذ البيعة من أبي ذرّ وسلمان والمقداد

7030 - البحار: كتاب (الطرف) للسيد علي بن طاووس (رضي اللّه عنه) بإسناده إلى عيسى بن المستفاد ممّا رواه في كتاب (الوصيّة) عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أبا ذرّ وسلمان والمقداد فقال لهم: تعرفون شرايع الإسلام وشروطه؟

قالوا: نعرف ما عرّفنا اللّه ورسوله.

ص:193


1- - لايجوز للرّجل أن يمسّ المرأة التي لاتحل له حتّى بالمصافحة، كما دلّت على ذلك الاحاديث الشّريفة، أمّا في هذا المقام فمن الواضح أنّه كان في بداية الإسلام في مكة، حيث لم تنزل الاحكام الشرعية بعد من السّماء، فلم يكن المسّ حراما. هذا ويحتمل أن وضع اليد لم يكن على اليد الأخرى مباشرة، بل كان بينهما حائل ومانع. واللّه العالم.
2- البحار: ج 68 ص 392 ح 41.

فقال: هي واللّه أكثر من أن تحصى، أشهدوني على أنفسكم - وكفى باللّه شهيدا وملائكته عليكم - بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه مخلصا لا شريك له في سلطانه ولا نظير له في ملكه وأنّي رسول اللّه، بعثني بالحقّ، وأنّ القران إمام من اللّه، وحكم عدل، وأنّ القبلة قبلتي شطر المسجد الحرام لكم قبلة.

وأنّ عليّ بن أبي طالب - وصيّ محمّد - أمير المؤمنين ومولاهم وأنّ حقّه من اللّه مفروض واجب، وطاعته طاعة اللّه ورسوله والأئمة من ولده، وأنّ مودّة أهل بيته مفروضة واجبة على كلّ مؤمن ومؤمنة، مع إقامة الصّلاة لوقتها، وإخراج الزكاة من حلّها، ووضعها في أهلها.

وإخراج الخمس من كلّ ما يملكه أحد من الناس حتّى يرفعه إلى وليّ المؤمنين وأميرهم وبعده ولده، فمن عجز ولم يقدر إلاّ على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعيفين من أهل بيتي من ولد الأئمّة، فان لم يقدر فلشيعتهم ممّن لا يأكل بهم الناس ولا يريد بهم إلاّ اللّه، وما وجب عليهم من حقّي، والعدل في الرّعيّة والقسم بالسويّة، والقول بالحقّ، وأنّ حكم الكتاب على ما عمل عليه أمير المؤمنين، والفرائض على كتاب اللّه وأحكامه، وإطعام الطعام على حبّه، وحجّ البيت، والجهاد في سبيل اللّه، وصوم شهر رمضان، وغسل الجنابة، والوضوء الكامل على الوجه واليدين والذراعين إلى المرافق(1) والمسح على الرأس والقدمين إلى الكعبين، لاعلى خفّ ولا على خمار، ولا على عمامة، والحبّ لاهل بيتي في اللّه، وحبّ شيعتهم لهم، والبغض لاعدائهم،

ص:194


1- - مرّ التعليق على هذه الجملة.

وبغض من والاهم، والعداوة في اللّه وله، والايمان بالقدر: خيره وشرّه وحلوه ومرّه.

وعلى أن تحلّلوا حلال القران وتحرّموا حرامه، وتعملوا بالاحكام، وتردّوا المتشابه إلى أهله، فمن عمي عليه من عمله شيء لم يكن علمه منّي ولا سمعه فعليه بعليّ بن أبي طالب فإنّه قد علم كما قد علّمته، ظاهره وباطنه، ومحكمه ومتشابهه، وهو يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله، وموالاة أولياء اللّه: محمّد وذرّيّته والأئمّة خاصّة، موالاة من والاهم وشايعهم، والبراءة والعداوة لمن عاداهم وشاقّهم، كعداوة الشّيطان الرّجيم، والبراءة ممّن شايعهم وتابعهم، والاستقامة على طريق الامام.

واعلموا أنّي لا اقدّم على عليّ أحدا، فمن تقدّمه فهو ظالم، والبيعة بعدي لغيره ضلالة، وفلتة وزلّة: الاوّل ثمّ الثاني ثمّ الثالث، وويل للرّابع، ثمّ الويل له، ويل له ولابيه، مع ويل لمن كان قبله، ويل لهما ولصاحبيهما، لاغفر اللّه لهم.

فهذه شروط الاسلام، وما بقي أكثر.

قالوا: سمعنا وأطعنا وقبلنا وصدّقنا ونقول مثل ذلك، ونشهد لك على أنفسنا بالرضا به أبدا حتّى نقدم عليك، آمنّا بسرهم وعلانيتهم، ورضينا بهم أئمّة وهداة ومواليّ.

قال: وأنا معكم شهيد.

ثمّ قال: نعم، وتشهدون أنّ الجنّة حقّ وهي محرّمة على الخلائق حتّى أدخلها.

قالوا: نعم.

ص:195

قال: تشهدون أنّ النار حقّ وهي محرّمة على الكافرين حتّى يدخلها أعداء أهل بيتي، والناصبون لهم حربا وعداوة، ولاعنهم ومبغضهم وقاتلهم كمن لعنني أو أبغضني أو قاتلني هم في النار.

قالوا: شهدنا وعلى ذلك أقررنا.

قال: وتشهدون أنّ عليا صاحب حوضي، والذائد عنه، وهو قسيم النار، يقول: ذلك لك فاقبضيه ذميما، وهذا لي فلا تقربيه، فينجو سليما.

قالوا: شهدنا على ذلك، ونؤمن به.

قال: وأنا على ذلك شهيد(1).

باب (55) النبي صلّى الله عليه و آله يأخذ البيعة من عمّه حمزة

7031 - البحار: وبهذا الاسناد، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لمّا هاجر النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) إلى المدينة وحضر خروجه إلى بدر دعا الناس إلى البيعة فبايع كلّهم على السمع والطاعة، وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذا خلا دعا عليا فأخبره بمن يفي منهم ومن لايفي ويسأله كتمان ذلك، ثمّ دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليا وحمزة وفاطمة (عليهم السّلام) فقال لهم: بايعوني بيعة الرضا.

فقال حمزة: بأبي أنت وامّي على ما نبايع؟ أليس قد بايعنا؟

فقال: يا أسد اللّه وأسد رسوله تبايع للّه ولرسوله بالوفاء والاستقامة لابن أخيك، إذن تستكمل الايمان.

ص:196


1- - البحار: ج 68 ص 393.

قال: نعم سمعا وطاعة، وبسط يده.

فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لهم: «يد اللّه فوق أيديهم»، عليّ أمير المؤمنين، وحمزة سيّد الشّهداء، وجعفر الطيّار في الجنّة، وفاطمة سيّدة نساء العالمين، والسبطان الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة. هذا شرط من اللّه على جميع المسلمين من الجنّ والانس أجمعين. فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللّه فسيؤتيه أجرا عظيما ثمّ قرأ: (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّهَ) (1).

قال: ولمّا كانت الليلة الّتي اصيب حمزة في يومها، دعاه رسول اللّه فقال: يا حمزة يا عمّ رسول اللّه يوشك أن تغيب غيبة بعيدة فما تقول لو وردت على اللّه (تبارك وتعالى) وسألك عن شرائع الاسلام وشروط الايمان؟

فبكى حمزة فقال: بأبي أنت وامّي أرشدني وفهّمني؟

فقال: يا حمزة تشهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصا وأنّي رسول اللّه بعثني بالحقّ.

قال حمزة شهدت.

قال: وأنّ الجنّة حقّ وأنّ النار حقّ وأنّ الساعة آتية لاريب فيها وأنّ الصّراط حقّ والميزان حقّ، ومن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شرا يره، وفريق في الجنّة وفريق في السعير(2). وانّ عليّا أمير المؤمنين.

ص:197


1- - الفتح 48:10.
2- اقتباس من قوله تعالى في سورة الزلزلة 99:7 و 8 وقوله تعالى في سورة الشورى 42:7.

قال حمزة: شهدت وأقررت وآمنت وصدّقت.

وقال (صلّى اللّه عليه وآله): الائمّة من ذرّيته الحسن والحسين، والإمامة في ذرّيته.

قال حمزة: آمنت وصدّقت.

وقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): وفاطمة سيّدة نساء العالمين.

قال: نعم صدّقت.

قال: وحمزة سيّد الشهداء وأسد اللّه وأسد رسوله وعمّ نبيّه.

فبكى حمزة حتّى سقط على وجهه، وجعل يقبّل عيني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

وقال (صلّى اللّه عليه وآله): جعفر ابن أخيك طيّار في الجنّة مع الملائكة وأنّ محمّدا وآله خير البريّة تؤمن يا حمزة بسرّهم وعلانيتهم، وظاهرهم وباطنهم، وتحيي على ذلك وتموت، وتوالي من والاهم، وتعادي من عاداهم.

قال: نعم يا رسول اللّه، اشهد اللّه واشهدك، وكفى باللّه شهيدا.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): سدّدك اللّه ووفّقك(1).

باب (56) الدّين المقبول عند اللّه تعالى

7032 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو عبداللّه الحسين بن أحمد بن المغيرة قال: حدّثنا أبو أحمد حيدر بن

ص:198


1- - البحار: ج 68 ص 395.

محمّد، قال: حدثنا أبو عمرو محمّد بن عمر الكشي قال: حدثنا جعفر بن أحمد، عن أيّوب بن نوح، عن نوح بن درّاج، عن ابراهيم المخارقي قال: وصفت لابي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) ديني فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، وأنّ محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) رسول اللّه، وأنّ عليا إمام عدل بعده، ثمّ الحسن والحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ أنت.

فقال: رحمك اللّه، ثمّ قال: اتّقوا اللّه! اتّقوا اللّه! اتّقوا اللّه! عليكم بالورع، وصدق الحديث، وأداء الامانة، وعفّة البطن والفرج، تكونوا معنا بالرّفيق الاعلى(1).

7033 - شرح الاخبار: عن خالد الكناسي، قال: قال رجل لابي عبداللّه (عليه السّلام): ألا أصف لك ديني، يابن رسول اللّه؟

قال: بلى.

قال: فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا بعد رسول اللّه الامام الذي افترض اللّه طاعته، ثمّ الحسن ثمّ الحسين، ثم علي بن الحسين، ثمّ محمد بن علي، ثمّ أنت تلك المنزلة.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يرحمك اللّه، واللّه لايلقى اللّه عبد هذا دينه الّا بعثه اللّه تعالى مع محمّد وعلي وابراهيم (عليهم السّلام)(2).

7034 - اختيار معرفة الرجال: جعفر بن أحمد، عن جعفر بن

ص:199


1- - أمالي الطوسي: ص 222 ح 384. منه البحار: ج 69 ص 3.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 462 ح 1354.

بشير، عن أبي سلمة الجماّل قال: دخل خالد البجليّ على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وأنا عنده فقال له: جعلت فداك إنّي اريد أن أصف لك ديني الّذي أدين اللّه به، وقد قال له قبل ذلك: إنّي اريد أن أسألك.

فقال له: سلني، فواللّه لا تسألني عن شيء إلاّ حدّثتك به على حدّه لاأكتمه.

قال: إنّ أوّل ما أبدء(1) أنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده(2)، ليس إله غيره.

قال: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كذلك ربّنا ليس معه إله غيره.

ثمّ قال: وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله.

قال: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كذلك محمّد عبداللّه مقرّ له بالعبوديّة ورسوله إلى خلقه.

ثمّ قال: وأشهد أنّ عليا (عليه السّلام) كان له من الطاعة المفروضة على العباد مثل ما كان لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) على الناس.

قال: كذلك كان [عليّ] (عليه السّلام).

قال: وأشهد أنّه كان للحسن بن علي بعد علي (عليه السّلام) من الطاعة الواجبة على الخلق مثل ماكان لمحمّد وعليّ (صلوات اللّه عليهما).

فقال: كذلك كان الحسن.

قال: وأشهد أنّه كان للحسين من الطاعة الواجبة على الخلق بعد

ص:200


1- - ابدي - البحار.
2- وحده لا شريك له - البحار.

الحسن ما كان لمحمّد وعليّ والحسن (عليهم السّلام).

قال: فكذلك كان الحسين.

قال: وأشهد أنّ عليّ بن الحسين كان له من الطاعة الواجبة على جميع الخلق كما كان للحسين (عليه السّلام).

قال: فقال: كذلك كان عليّ بن الحسين.

قال: وأشهد أنّ محمد بن علي (عليه السّلام) كان له من الطاعة الواجبة على الخلق مثل ما كان لعليّ بن الحسين.

قال: فقال: كذلك كان محمّد بن عليّ.

قال: وأشهد أنّك أورثك اللّه ذلك كلّه.

قال: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): حسبك، اسكت الان، فقد قلت حقّا، فسكتّ. فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: ما بعث اللّه نبيّا له عقب وذرّيّة إلّا أجري لآخرهم مثل ما أجرى لأوّلهم، وإنّا لحق(1) ذرّيّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أجرى لآخرنا مثل ما أجرى لأوّلنا، ونحن على منهاج نبيّنا (صلّى اللّه عليه وآله) لنا مثل ماله من الطاعة الواجبة(2).

7035 - اختيار معرفة الرجال: جعفر بن أحمد بن الحسن(3)، عن داود، عن يوسف قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أصف لك ديني الّذي أدين اللّه به، فان أكن على حقّ فثبّتني وإن أكن على غير الحق فردني إلى الحق؟

ص:201


1- - لنحن - البحار. وانّا نحن - رجال الكشي: ص 360.
2- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 719 ح 796. منه البحار: ج 69 ص 7.
3- جعفر بن أحمد بن الحسين - البحار.

قال: هات.

قال: قلت: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، وأنّ عليا كان إمامي وأنّ الحسن كان إمامي، وأنّ الحسين كان إمامي، وأنّ عليّ بن الحسين كان إمامي، وأنّ محمد ابن عليّ كان إمامي، وأنت - جعلت فداك - على منهاج آبائك.

قال: فقال عند ذلك مرارا: رحمك اللّه، ثمّ قال: هذا واللّه دين اللّه ودين ملائكته وديني ودين آبائي لايقبل اللّه غيره(1).

7036 - اختيار معرفة الرجال: عن جعفر وفضالة، عن أبان، عن الحسن بن زياد العطّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

قلت: إنّي اريد أن أعرض عليك ديني وإن كنت في حسباني ممّن قد فرغ من هذا.

قال: فاته.

قال: قلت: فإنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه [وحده لا شريك له](2)، وأنّ محمّدا عبده ورسوله (صلّى اللّه عليه وآله) واقرّ بما جاء به من عند اللّه. فقال لي مثل ما قلت، وأنّ عليا إمام فرض اللّه طاعته، من عرفه كان مؤمنا ومن جهله كان ضالا، ومن ردّ عليه كان كافرا. ثمّ وصفت الائمّة (عليهم السّلام) حتّى انتهيت إليه.

فقال: ما الّذي تريد؟ أتريد أن أتولاّك على هذا؟ فانّى أتولاّك على هذا(3).

ص:202


1- - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 720 ح 797. منه البحار: ج 69 ص 8.
2- ما بين المعقوفتين من البحار.
3- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 722 ح 798. منه البحار: ج 69 ص 9.

7037 - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن حميد ابن شعيب، عن جابر بن يزيد، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، قال: سمعته يقول: إن عليا وابني علي (عليهم السّلام) باب من أبواب الامن، فمن دخل في باب علي (عليه السّلام) كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا، ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه، كان في الطائفة التي للّه فيها المشيئة(1).

7038 - تفسير العياشي: عن هشام بن عجلان قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): أسالك عن شيء لا أسال عنه أحدا بعدك:

أسألك عن الايمان الّذي لايسع الناس جهله؟

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، والاقرار بما جاء من عند اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية لنا، والبراءة من عدونا، وتكون مع الصديقين(2).

7039 - كتاب التمحيص: عن المفضّل(3)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال اللّه (عزّوجلّ): افترضت على عبادي عشرة فرائض(4) إذا عرفوها أسكنتهم ملكوتي، وأبحتهم جناني.

أوّلها: معرفتي.

والثانية: معرفة رسولي إلى خلقي والاقرار به والتصديق.

ص:203


1- - الاصول الستة عشر: ص 64. منه المستدرك: ج 18 ص 173.
2- تفسير العياشي: ج 2 ص 117 ح 157. منه البحار: ج 69 ص 5.
3- الفضل - خ ل.
4- الظاهر أنّ الصحيح: عشر فرائض.

والثالثة: معرفة أوليائي وأنّهم الحجج على خلقي، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني، وهم العلم فيما بيني وبين خلقي، ومن أنكرهم أصليته(1) ناري، وضاعفت عليه عذابي.

والرابعة: معرفة الاشخاص الّذين اقيموا من ضياء قدسي، وهم قوّام قسطي.

والخامسة: معرفة القوام بفضلهم والتصديق لهم.

والسادسة: معرفة عدوّي إبليس وما كان من ذاته وأعوانه.

والسابعة: قبول أمري والتصديق لرسلي.

والثامنة: كتمان سرّي وسرّ أوليائي.

والتاسعة: تعظيم أهل صفوتي والقبول عنهم، والردّ إليهم فيما اختلفتم فيه، حتّى يخرج الشرح(2) منهم.

والعاشرة: أن يكون هو وأخوه في الدين [والدنيا] شرعا سواء، فاذا كانوا كذلك أدخلتهم ملكوتي، وآمنتهم من الفزع الاكبر وكانوا عندي(3) في علّيّين(4).

7040 - المحاسن: البرقي، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن سيف الكندي، عن معاذ بن مسلم، قال: أدخلت عمر أخي على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت له: هذا عمر أخي، وهو يريد أن يسمع منك شيئا.

ص:204


1- - وفي نسخة: أدخلته.
2- وفي نسخة: الشرع.
3- وفي نسخة: عبيدي.
4- كتاب التمحيص: ص 69 ح 167. منه البحار: ج 69 ص 13.

فقال له: سل عماّ شئت.

فقال: أسالك عن الّذي لايقبل اللّه من العباد غيره، ولا يعذرهم على جهله.

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأن محمّدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، والصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان، والغسل من الجنابة، وحجّ البيت، والاقرار بما جاء من عند اللّه جملة، والايتمام بأئمّة الحقّ من آل محمّد.

فقال عمر: سمّهم لي أصلحك اللّه؟

فقال: عليّ أمير المؤمنين، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن علي، والخير يعطيه اللّه من يشاء.

فقال له: فأنت جعلت فداك؟

قال: هذا الامر يجري لآخرنا كما يجري لأوّلنا، ولمحمد وعليّ فضلهما.

قال: فأنت جعلت فداك؟

فقال: هذا الامر يجري كما يجري اللّيل والنهار.

قال: فأنت جعلت فداك؟

قال: هذا الامر يجري كما يجري حدّ الزاني والسارق.

قال: أفأنت جعلت فداك؟

قال: القران نزل في أقوام وهي تجري في النّاس إلى يوم القيامة.

قال: قلت: جعلت فداك أنت لتزيدني على أمر(1).

7041 - شرح الاخبار: معاذ بن مسلم، قال: دخلت مع أخي

ص:205


1- - المحاسن: ص 288 ح 433. منه البحار: ج 69 ص 4.

عمرو على أبي عبداللّه (جعفر بن محمّد عليه السّلام)، فقلت له:

جعلت فداك هذا أخي يريد أن يسمع منك.

فقال له: سل عمّا شئت.

فقال: أسألك عن الذي لايقبل اللّه (عزّوجلّ) من العباد غيره، ولا يعذرهم على جهله؟

قال (عليه السّلام): شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمدا رسول اللّه، والطهارة، والصّلاة، والزّكاة، وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، والجهاد لمن قدر عليه، والائتمار مع ذلك بائمة الحقّ من آل محمّد (عليه وعليهم أفضل الصلاة).

قال له عمرو: سمّهم لي جعلت فداك.

قال (عليه السّلام): علي أمير المؤمنين، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، ويعطي اللّه الخير من يشاء.

قال له: فأنت جعلت فداك؟

قال: يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا، ومحمّد وعلي أفضلنا(1).

7042 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن معاوية بن وهب، عن أبي برحة الريّاح، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال:

الناس سواد وأنتم حاج(2).

7043 - معاني الاخبار: حدّثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، قال: حدثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن حمزة ومحمّد إبني حمران، قالا: إجتمعنا عند

ص:206


1- - شرح الاخبار: ج 1 ص 224 ح 209.
2- المحاسن: ص 167 ح 125.

أبي عبداللّه (عليه السّلام) في جماعة من أجلّة مواليه وفينا حمران بن أعين، فخضنا في المناظرة وحمران ساكت، فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): مالك لاتتكلّم يا حمران؟

فقال: يا سيّدي آليت على نفسي أنّي لا أتكلّم في مجلس تكون فيه.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّي قد أذنت لك في الكلام فتكلّم.

فقال حمران: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لاشريك له، لم يتّخذ صاحبة ولا ولدا، خارج من الحدّين حدّ التعطيل وحدّ التشبيه، وأنّ الحقّ: القول بين القولين، لاجبر ولا تفويض.

وأن محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون.

وأشهد أنّ الجنّة حقّ، وأنّ النار حق، وأن البعث بعد الموت حق.

وأشهد أنّ عليا حجّة اللّه على خلقه، لايسع الناس جهله.

وأنّ حسنا بعده، وأنّ الحسين من بعده، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن علي، ثمّ أنت يا سيّدي من بعدهم.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): الترّ ترّ حمران(1).

ثمّ قال: يا حمران مدّ المطمر2 بينك وبين العالم.

قلت: يا سيّدي وما المطمر؟

ص:207


1- (1و2) - الترّ: الخيط الذي يمدّ على البناء فيبنى عليه. والمطمر: خيط للبنّاء يقدر به (أقرب الموارد).

فقال: أنتم تسمّونه خيط البناء، فمن خالفك على هذا الامر فهو زنديق.

فقال حمران: و إن كان علويّا فاطميّا؟! فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): وإن كان محمّديا علويّا فاطميّا(1).

باب (57) أدنى ما يكون به العبد مؤمنا

7044 - معاني الاخبار: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفّار، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن حفص الكناسيّ (2) قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا؟

قال: يشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، ويقرّ بالطّاعة، ويعرف إمام زمانه، فإذا فعل ذلك فهو مؤمن(3).

باب (58) أدنى ما يكون به العبد كافرا أو مشركا

7045 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن

ص:208


1- - معاني الاخبار: ص 212 ح 1. منه البحار: ج 46 ص 179.
2- جعفر الكناسي - البحار.
3- معاني الاخبار: ص 393 ح 41. منه البحار: ج 69 ص 16.

محمّد، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ بني اميّة أطلقوا للناس تعليم الايمان ولم يطلقوا تعليم الشرك لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه(1) و(2).

7046 - معاني الاخبار: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ما أدنى ما يكون به العبد كافرا؟

قال: أن يبتدع شيئا فيتولّى عليه ويتبرأ ممّن خالفه(3).

7047 - معاني الاخبار: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد العجليّ قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): ما أدنى ما يصير به العبد كافرا؟

قال: فأخذ حصاة من الارض فقال: أن يقول لهذه الحصاة: إنّها نواة، ويبرء ممّن خالفه على ذلك، ويدين اللّه بالبراءة ممّن قال بغير قوله، فهذا ناصب قد أشرك باللّه وكفر من حيث لايعلم(4).

ص:209


1- - يعني أنّهم لحرصهم على إطاعة النّاس إيّاهم اقتصروا لهم على تعريف الايمان، ولا يعرّفوهم معنى الشّرك لكي إذا حملوهم على إطاعتهم إيّاهم لم يعرفوا أنّها من الشرك، فإنهم إذا عرفوا أن إطاعتهم شرك لم يطيعوهم. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 415 ح 1.
3- معاني الاخبار: ص 393 ح 43. منه البحار: ج 72 ص 220.
4- معاني الاخبار: ص 393 ح 44. منه البحار: ج 72 ص 220.

7048 - تفسير العياشي: عن أبان بن عبدالرحمن قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أدنى ما يخرج به الرجل من الاسلام ان يري الرأي بخلاف الحقّ فيقيم عليه، قال: (وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (1) وقال: الذي يكفر بالايمان الذي لايعمل بما أمر اللّه به ولا يرضى به(2).

7049 - وسائل الشيعة: محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره، عن أبي العبّاس قال: سالت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن أدنى ما يكون به الانسان مشركا؟

فقال: من ابتدع رأيا فأحبّ عليه وأبغض(3).

باب (59) النّهي عن لبس الإيمان بالظلم

7050 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيي بن عمران الحلبيّ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): (الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) ؟(4).

ص:210


1- - المائدة 5:5.
2- تفسير العياشي: ج 1 ص 297 ح 42. منه المستدرك: ج 18 ص 276.
3- وسائل الشيعة: ج 18 ص 39 ح 46.
4- الانعام 6:82.

قال: بشك(1).

7051 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: (الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) الزنا منه؟

قال: أعوذ باللّه من اولئك، لا ولكنّه ذنب إذا تاب تاب اللّه عليه.

وقال: مدمن الزنا والسرقة وشارب الخمر كعابد الوثن2.

7052 - تفسير العياشي: يعقوب بن شعيب، عنه (عليه السّلام) في قوله: (وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) .

قال: الضّلال فما فوقه3.

7053 - تفسير العياشي: أبو بصير عنه (عليه السّلام) (بِظُلْمٍ) قال: بشك4.

7054 - تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: سألته عن قول اللّه (عزّوجلّ): (الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) ؟

قال: نعوذ باللّه يا أبا بصير أن تكون ممّن لبس إيمانه بظلم، ثمّ قال: أولئك الخوارج وأصحابهم(2).

أقول: هكذا وجدنا الحديث في المصدر والبحار والأصح ان يكون إمّا هكذا: قال: نعوذ باللّه يا أبا بصير أن نكون... أو: تعوّذ باللّه يا أبا بصير ان تكون... واللّه العالم.

ص:211


1- - الكافي: ج 2 ص 399 ح 4.
2- تفسير العياشي: ج 1 ص 367 ح 50. منه البحار: ج 69 ص 153.

7055 - تفسير العياشي: عن عبدالرحمن بن كثير الهاشميّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) .

قال: آمنوا بما جاء به محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) من الولاية، ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو اللّبس بظلم.

وقال: أمّا الايمان فليس يتبعض(1) كلّه ولكن يتبعض2 قليلا قليلا.

قلت: بين الضّلال والكفر منزلة؟

قال: ما أكثر عري الإيمان(2) و(3).

باب (60) النمرقة الوسطى

7056 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الحسين بن عبيداللّه، عن هارون، عن أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا يعقوب بن يوسف قال: حدّثنا الحصين بن مخارق، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ عليّا (عليه السّلام) وفد إليه رجل من أشراف العرب فقال له عليّ (عليه السّلام): هل في بلادك قوم قد

ص:212


1- (1و2) - ينتفض - البحار.
2- العرى جمع عروة. وقوله: «ذلك أوثق عرى الايمان» على التشبيه بالعروة التي يستمسك بها ويستوثق. وفيه: «عرى الايمان الصّلاة والزّكاة والحج والعمرة وأوثق عرى الإيمان الحب في اللّه». (مجمع البحرين).
3- تفسير العياشي: ج 1 ص 366 ح 49. منه البحار: ج 69 ص 153.

شهروا أنفسهم بالخير لايعرفون إلاّ به؟

قال: نعم.

قال: فهل في بلادك قوم قد شهروا أنفسهم بالشرّ لايعرفون إلاّ قال: نعم.

قال: فهل في بلادك قوم يجترحون السيّئات ويكتسبون الحسنات؟

قال: نعم.

قال: تلك خيار امّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) تلك النمرقة الوسطى يرجع إليهم الغالي، وينتهي إليهم المقصّر(1) و(2).

7057 - الجعفريات: باسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، أنّه قال لرجل: هل في بلدك قوم شهروا أنفسهم بالخير فلا يعرفون إلاّ به؟

قال: نعم.

قال: فهل في بلدك قوم شهروا أنفسهم بالشر فلا يعرفون إلاّ به؟

ص:213


1- - النمارق: هي الوسائد - جمع نمرقة - استعار (عليه السّلام) لفظ النمرقة بصفة الوسطى له ولأهل بيته باعتبار كونهم أئمّة العدل يستند الخلق إليهم في تدبير معاشهم ومعادهم، ومن حقّ الإمام العادل أن يلحق به التالي المفرط المقصر في الدين ويرجع إليه الغالي المفرط المتجاوز في طلبه حدّ العدل، كما يستند إلى النّمرقة المتوسطة من على جانبيها ومثله في حديث الشيعة «كونوا النمرقة الوسطى» (مجمع البحرين).
2- أمالي الطوسي: ص 648 ح 1345. منه البحار: ج 69 ص 175.

قال: نعم.

قال: ففيها بين ذلك قوم يجترحون السيئات ويعملون الحسنات يخلطون ذا بذا؟

قال: نعم.

قال (عليه السّلام): تلك خيار امّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، تلك النمرقة الوسطى، يرجع اليهم الغالي وينتهى اليهم المقصر(1).

باب (61) أركان الإيمان أربعة

7058 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبداللّه، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): الايمان له أركان أربعة: التوكل على اللّه، وتفويض الأمر إلى اللّه، والرضا بقضاء اللّه، والتسليم لأمراللّه (عزّوجلّ)(2)7059 - فلاح السائل: روي الحسين بن سيف صاحب الصادق (عليه السّلام) في كتاب أصله الّذي أسنده إليه قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لا يمحض رجل الايمان باللّه حتّى يكون اللّه أحبّ إليه من نفسه وأبيه وامبه وولده وأهله وماله ومن الناس كلّهم(3).

7060 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن

ص:214


1- - الجعفريات: ص 232. منه المستدرك: ج 1 ص 117.
2- الكافي: ج 2 ص 47 ح 2.
3- فلاح السائل: ص 100. منه البحار: ج 70 ص 24.

السكوني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): الايمان أربعة أركان: الرضا بقضاء اللّه، والتوكل على اللّه، وتفويض الامر إلى اللّه، والتسليم لامر اللّه(1).

7061 - الجعفريات: باسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، قال: الإيمان له أركان أربعة: التوكل على اللّه تعالى، والتّفويض إليه، والتسليم لامر اللّه تعالى، والرّضى بقضاء اللّه تعالى، وأركان الكفر أربعة: الرّغبة والرّهبة والغضب والشهوة(2).

باب (62) السكينة

7062 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد، عن صفوان، عن أبان، عن فضيل قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) (3) هل لهم فيما كتب في قلوبهم صنع؟

قال: لا(4).

7063 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، وهشام بن سالم وغيرهما، عن أبي عبداللّه

ص:215


1- - الكافي: ج 2 ص 56 ح 5.
2- الجعفريات: ص 232. منه المستدرك: ج 11 ص 215. وسيأتي شرح اركان الكفر في الجزء الثالث عشر (باب اصول الكفر وأركانه).
3- المجادلة 58:22.
4- الكافي: ج 2 ص 15 ح 2.

(عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ): (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) (1).

قال. هو الايمان(2).

7064 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن جميل قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قوله (عزّوجلّ): (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) ؟

قال: هو الايمان.

قال: قلت: (وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) .

قال: هو الايمان.

وعن قوله: (وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) (3).

قال: هو الايمان(4).

باب (63) الخروج من الإيمان

7065 - الكافي: علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حمّاد، عن نعمان الرازي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: من زنى خرج من الايمان، ومن شرب الخمر خرج من الايمان، ومن أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا خرج من الايمان(5).

ص:216


1- - الفتح 48:4.
2- الكافي: ج 2 ص 15 ح 4.
3- الفتح 48:26.
4- الكافي: ج 2 ص 15 ح 5.
5- الكافي: ج 2 ص 278 ح 5.

باب (64) روح الإيمان

7066 - الاختصاص: عن أبان بن تغلب الكندي، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ روح الايمان واحدة خرجت من عند واحد وتتفرّق في أبدان شتّى فعليه ائتلفت وبه تحابّت وستخرج من شتّى ويعود واحدا ويرجع عند واحد(1).

باب (65) الإيمان مستقرّ ومستودع

7067 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ اللّه (عزّوجلّ) خلق خلقا للايمان(2) لازوال له، وخلق خلقا للكفر لا زوال له، وخلق

ص:217


1- - الاختصاص: ص 249. منه البحار: ج 69 ص 193.
2- «خلق خلقا للايمان» قيل: اللاّم لام العاقبة، أي خلق خلقا عاقبتهم الايمان، في العلم الازلي، لازوال لإيمانهم وهم الأنبياء والاوصياء والتابعون لهم من المؤمنين الثابتين على الايمان، وخلق خلقا عاقبتهم الكفر في علمه (عزّوجلّ)، وخلق خلقا متردّدين بين الايمان والكفر مستضعفين، في علمه، فمن آمن منهم كان ايمانه مستودعا، فإن يشأ اللّه أن يتمّ لهم بحسن إستعدادهم وإقبالهم الى اللّه (عزّوجلّ) أتمّه بفضله وتوفيقه، وجعله ثابتا مستقرا فيهم، وإن يشأ أن يسلبهم إيّاه لزوال استعدادهم الفطري وفساد استعدادهم الكسبي سلبهم ورفع عنهم توفيقهم. (مرآة العقول).

خلقا بين ذلك، واستودع بعضهم الايمان، فان يشأ أن يتمّه لهم أتمّه، وإن يشأ أن يسلبهم إيّاه سلبهم وكان فلان(1) منهم معارا(2).

7068 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب والقاسم بن محمد الجوهري، عن كليب بن معاوية الأسدي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ العبد يصبح مؤمنا ويمسي كافرا، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا، وقوم يعارون الايمان ثمّ يسلبونه ويسمّون المعارين، ثمّ قال: فلان منهم(3).

7069 - الكافي: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وغيره، عن عيسى شلقان قال: كنت قاعدا فمر أبو الحسن موسى (عليه السّلام) ومعه بهمة(4) قال: قلت: يا غلام ما تري ما يصنع أبوك؟!! يأمرنا بالشيء ثمّ ينهانا عنه، أمرنا أن نتولّى أبا الخطاب ثمّ أمرنا أن نلعنه ونتبرّأ منه؟!! فقال أبو الحسن (عليه السّلام) وهو غلام: إنّ اللّه خلق خلقا للايمان لازوال له وخلق خلقا للكفر لا زوال له، وخلق خلقا بين ذلك

ص:218


1- - الظاهر انّ المراد بفلان: أبو الخطاب وكنّى عنه بفلان لمصلحة، فإن اصحابه كانوا جماعة كثيرة كان يحتمل ترتّب مفسدة على التصريح باسمه. وأبو الخطاب هو محمد بن مقلاص الاسدي الكوفي وكان في أوّل الحال ظاهرا من أجلّاء أصحاب الصادق (عليه السّلام) ثمّ ارتدّ وابتدع مذاهب باطلة، ولعنه الامام الصادق (عليه السّلام) وتبرّأ منه (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 417 ح 1.
3- الكافي: ج 2 ص 418 ح 2.
4- البهم جمع بهمة وهي أولاد الضّان. والبهمة: اسم للمذكر والمؤنث. (لسان العرب).

أعارهم الايمان يسمّون المعارين، إذا شاء سلبهم، وكان أبو الخطاب ممن أعير الايمان.

قال: فدخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فأخبرته ما قلت لابي الحسن (عليه السّلام) وما قال لي، فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنه نبعة نبوة(1) و(2).

7070 - اختيار معرفة الرجال: حمدويه قال: حدّثني محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن ابن مسكان، عن عيسى شلقان قال: قلت لابي الحسن (عليه السّلام) وهو يومئذ غلام قبل أوان بلوغه: جعلت فداك ما هذا الّذي يسمع من أبيك؟ إنّه أمرنا بولاية أبي الخطّاب ثمّ امرنا بالبراءة منه؟

قال: فقال أبو الحسن (عليه السّلام) من تلقاء نفسه: إنّ اللّه خلق الانبياء على النبوّة فلا يكونون إلاّ أنبياء، وخلق المؤمنين على الايمان فلا يكونون إلاّ مؤمنين، واستودع قوما إيمانا فان شاء أتمّه لهم، وإن شاء سلبهم إيّاه، وإنّ أبا الخطاب كان ممّن أعاره اللّه الايمان فلمّا كذب على أبي، سلبه اللّه الايمان.

قال: فعرضت هذا الكلام على أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

فقال: لو سألتنا عن ذلك ما كان ليكون عندنا غير ما قال(3).

7071 - قرب الاسناد: معاوية بن حكيم، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر [البزنطي] قال: وعدنا أبو الحسن الرضا (عليه السّلام)

ص:219


1- - أي عمله من ينبوع النبوّة أو هو غصن من شجرة النبوّة والرّسالة. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 418 ح 3.
3- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 584 ح 523. منه البحار: ج 69 ص 222.

ليلة الى المسجد دار معاوية، فجاء (عليه السّلام) فسلّم فقال (عليه السّلام): إنّ الناس قد جهدوا على إطفاء نور اللّه، حين قبض اللّه (تبارك وتعالى) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأبى اللّه الاّ أن يتمّ نوره، وقد جهد عليّ بن أبي حمزة على إطفاء نور اللّه حين مضى أبو الحسن الأوّل (عليه السّلام)، فأبى اللّه إلاّ أن يتم نوره، وقد هداكم اللّه لامر جهله الناس فاحمدوا اللّه على ما منّ عليكم به، إنّ جعفرا كان يقول: (فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ) (1) فالمستقر: ما ثبت من الايمان، والمستودع: المعار، وقد هداكم اللّه لأمر جهله الناس، فاحمدوا اللّه على ما منّ به عليكم(2).

7072 - قرب الاسناد: محمد بن الحسين بن أبى الخطّاب، قال:

أخبرنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر [البزنطي] قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) عن مسألة الرؤيا، فأمسك، ثم قال: إنّا إن أعطيناكم ما تريدون لكان شرا لكم، وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر.

قال: وقال: وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل لهم، فعليكم بتقوي اللّه، ولا تغرّنّكم الدّنيا، ولا تغترّوا بمن أمهل له، وكان الامر قد وصل إليكم.

فقلت له: جعلت فداك أدع اللّه (تبارك وتعالى) أن يرزقني حلالا.

قال: تدري ما الحلال؟!!

ص:220


1- - الانعام 6:98.
2- قرب الاسناد: ص 151. منه البحار: ج 69 ص 222.

قلت له: جعلت فداك أمّا الذي عندنا فالكسب الطيب.

قال: كان علي بن الحسين (عليهما السّلام) يقول: الحلال: هو قوت المصطفين، ولكن قل: أسألك من رزقك الواسع.

فقلت له: جعلت فداك إنّ أصحابنا رووا عن شهاب عن جدّك (عليه السّلام) انّه قال: أبى اللّه (تبارك وتعالى) أن يملّك أحدا ما ملّك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثلاث وعشرين سنة.

قال: إن كان أبو عبداللّه (عليه السّلام) قال(1) جاء كما قال.

فقلت له: جعلت فداك فأيّ شيء تقول أنت؟

فقال: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول العبد الصالح: فارتقبوا اني معكم رقيب وانتظروا إنّي معكم من المنتظرين؟! فعليكم بالصبر فإنّه انّما يجيء الفرج على اليأس وقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم، وقد قال أبو جعفر (عليه السّلام): هي واللّه السنن، القذّة(2) بالقذة، ومشكاة بمشكاة، ولابدّ أن يكون فيكم ما كان في الذين من قبلكم، ولو كنتم على أمر واحد كنتم على غير سنّة الذين من قبلكم، ولو أنّ العلماء وجدوا من يحدّثونهم ويكتم سرّهم لحدّثوا ولبيّنوا الحكمة، ولكن قد ابتلاكم اللّه (عزّوجلّ) بالإذاعة، وأنتم قوم تحبّونا بقلوبكم، ويخالف ذلك فعلكم، واللّه ما يستوي اختلاف اصحابك، ولهذا أسرّ على صاحبكم ليقال مختلفين، مالكم

ص:221


1- - قاله - البحار.
2- القذّة: ريش السهم، أي كما تقدّر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع. يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان (النهاية).

لا تملكون أنفسكم وتصبرون(1) حتّى يجيء اللّه (تبارك وتعالى) بالذي تريدون؟!! إنّ هذا الامر ليس يجيء على ما يريد الناس، انّما هو أمر اللّه (تبارك وتعالى) وقضاؤه، والصبر، وانّما يعجل من يخاف الفوت، إنّ أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) عاد صعصعة بن صوحان فقال له: «يا صعصعة لاتفخر على إخوانك بعيادتي إيّاك وانظر لنفسك فكأنّ الامر قد وصل إليك، ولا يلهينّك الامل» وقد رأيت ما كان من مولى آل يقطين، وما وقع من الفراعنة من أمركم؟!! ولولا دفاع اللّه عن صاحبكم وحسن تقديره له ولكم(2)، هو واللّه من اللّه ودفاعه عن أوليائه، أما كان لكم في أبي الحسن (صلوات اللّه عليه) عظة، ما تري حال هشام؟ هو الذي صنع بأبي الحسن (عليه السّلام) ما صنع، وقال لهم وأخبرهم، أترى اللّه يغفر له ما ركب منّا؟!! وقال: لو أعطيناكم ما تريدون لكان شرا لكم، ولكنّ العالم يعمل بما يعلم.

فقلت له: جعلت فداك، كيف تصنع بالحج؟

فقال: أمّا نحن فنخرج في وقت ضيق يذهب فيه الأيام فافرد له الحج.

قلت له: جعلت فداك أرأيت إن أراد المتعة كيف يصنع؟

قال: ينوي المتعة ويحرم بالحج.

وقلت له: كيف الصّلاة على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في دبر المكتوبة وكيف السلام عليه؟

ص:222


1- - اصبروا - خ ل.
2- الجواب هنا محذوف والتقدير: لرأيتم ما يسوؤكم.

فقال (عليه السّلام): تقول: «السلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته، السلام عليك يا محمّد بن عبداللّه، السلام عليك يا خيرة اللّه، السلام عليك يا حبيب اللّه، السلام عليك يا صفوة اللّه، السلام عليك يا أمين اللّه، اشهد أنّك رسول اللّه، وأشهد أنّك محمد ابن عبداللّه، وأشهد أنّك قد نصحت لأمّتك وجاهدت في سبيل ربّك وعبدته حتى أتاك اليقين، فجزاك اللّه يا رسول اللّه أفضل ما جزى نبيّا عن امّته، اللهمّ فصلّ على محمّد وآله أفضل ما صلّيت على ابراهيم وال إبراهيم إنّك حميد مجيد».

وقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) قد هداكم ونوّر لكم، وقد كان أبو عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّما هو(1) مستقر ومستودع، فالمستقر:

الثابت، والمستودع: المستعار، تستطيع أن تهدي من أضلّ اللّه؟(2).

7073 - تفسير العياشي: عن أحمد بن محمّد قال: وقف عليّ أبو الحسن الثاني [الرضا] (عليه السّلام) في بني زريق(3) فقال لي وهو رافع صوته: يا أحمد! قلت: لبّيك.

قال: إنّه لمّا قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) جهد الناس على إطفاء(4) نور اللّه فأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره بأمير المؤمنين (عليه

ص:223


1- - أي الايمان.
2- قرب الاسناد: ص 168. منه البحار: ج 52 ص 110.
3- قال ابو العباس القلقشندي: بنو زريق بطن من الخزرج من القحطانية وهم بنو زريق ابن عامر بن زريق. «هامش تفسير العياشي».
4- في اطفاء - اختيار معرفة الرجال.

السّلام) فلمّا توفّي أبو الحسن [الكاظم] (عليه السّلام) جهد [عليّ] بن أبي حمزة وأصحابه على إطفاء(1) نور اللّه فأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره، وإنّ أهل الحقّ إذا دخل فيهم داخل سرّوا به، وإذا خرج منهم خارج لم يجزعوا عليه، وذلك أنّهم على يقين من أمرهم، وإن أهل الباطل إذا دخل فيهم داخل سرّوا به، وإذا خرج عنهم خارج جزعوا عليه، وذلك أنّهم على شك من أمرهم، إنّ اللّه يقول: (فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ) .

قال: ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): المستقرّ: الثابت، والمستودع: المعار(2).

اختيار معرفة الرجال: قال: حدثني حمدويه قال: حدثني الحسن بن موسى، عن داود بن محمد، عن أحمد بن محمّد قال:

وقف عليّ ابو الحسن (عليه السّلام).... وذكر مثله(3).

7074 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن حبيب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه جبل(4) النبيّين على نبوّتهم، فلا يرتدّون أبدا، وجبل الأوصياء على وصاياهم فلا يرتدّون أبدا، وجبل بعض المؤمنين على الايمان فلا يرتدّون أبدا، ومنهم من

ص:224


1- - في اطفاء - اختيار معرفة الرجال.
2- تفسير العياشي: ج 1 ص 372 ح 75.
3- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 743 ح 837. منهما البحار: ج 69 ص 223 و 224.
4- جبل اللّه الخلق يجبلهم ويجبلهم: خلقهم، وجبله على الشيء: طبعه. وجبل الانسان على هذا الامر: أي طبع عليه. وجبلة الشيء: طبيعته وأصله وما بني عليه. (لسان العرب).

اعير الايمان عارية، فاذا هو دعا(1) وألح في الدّعاء مات على الايمان(2).

7075 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل الجعفيّ قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الحسرة والنّدامة والويل كلّه لمن لم ينتفع بما أبصره(3) ولم

ص:225


1- - «فإذا هو دعا» فيه حثّ على الدّعاء لحسن العاقبة وعدم الزيغ، كما كان دأب الصّالحين قبلنا، وفيه دلالة أيضا على أن الايمان والسلب مسبّبان عن فعل الانسان، لانّه يصير بذلك مستحقا للتوفيق والخذلان. وجملة القول في ذلك أنّ كل واحد من الايمان والكفر قد يكون ثابتا وقد يكون متزلزلا يزول بحدوث ضدّه، لانّ القلب إذا اشتدّ ضياؤه وكمل صفاؤه استقرّ فيه الايمان وكلّ ما هو حق، وإذا اشتدّت ظلمته وكملت كدورته استقرّ فيه الكفر وكل ما هو باطل، وإذا كان بين ذلك باختلاط الضياء والظلمة فيه، كان متردّدا بين الاقبال والادبار، ومذبذبا بين الايمان والكفر، فإن غلب الاوّل دخل الايمان فيه من غير استقرار وإن غلب الثاني دخل الكفر فيه كذلك..... ولابدّ للعبد من مراعاة قلبه، فإن رآه مقبلا الى اللّه (عزّوجل) شكره وبذل جهده وطلب منه الزيادة لئلاّ يستدبر وينقلب ويزيغ عن الحق كما ذكره سبحانه عن قوم صالحين: (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ). آل عمران 3:8. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 419 ح 5.
3- «إن الحسرة والندامة والويل» الحسرة اسم من حسرت الشيء حسرا من باب تعب، وهي التلهّف والتأسف على فوات أمر مرغوب. والندامة: الحزن على شيء مكروه. والويل: العذاب، وواد في جهنم. يعني هذا كلّه لمن لم ينتفع بما أبصره وعلمه من العقائد والاحكام والاعمال والاخلاق والآداب. (مرآة العقول).

يدر ما الامر الذي هو عليه مقيم، أنفع له أم ضرّ(1).

قلت له: فبم يعرف الناجي من هؤلاء(2) جعلت فداك؟

قال: من كان فعله لقوله موافقا فأثبت له الشهادة بالنّجاة(3) ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فانّما ذلك مستودع(4).

المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن مفضل بن صالح، عن جابر الجعفي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(5).

7076 - أمالي الصدوق: حدّثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال: حدّثنا أبي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان، عن

ص:226


1- - فيه حثّ على مراقبة النفس في جميع الحالات ومحاسبتها في جميع الحركات والسكنات. (مرآة العقول).
2- أي من يكون أمره آئلا الى النّجاة من المهالك وعقوبات الآخرة؟ فقال: «من كان فعله لقوله موافقا» أي لقوله الحقّ وهو ما يأمر النّاس به من الخيرات والطّاعات وترك المنكرات، أو لما يدّعيه من الايمان باللّه واليوم الآخر والأنبياء والاوصياء (عليهم الصّلاة والسّلام)، فإن مقتضى ذلك العمل بما يأمره اللّه تعالى، ويوجب الوصول الى مثوباته والنّجاة من عقوباته ومتابعة أئمة الدين في أقوالهم وأفعالهم، أو لما يدّعي لنفسه من الكمالات وما نصب نفسه له من الحالات والدرجات، أو الجميع. (مرآة العقول).
3- في نسخة مرآة العقول: «فاثبتت له الشّهادة» على صيغة المجهول، أي يشهد اللّه تعالى وملائكته وحججه (عليهم الصّلاة والسّلام) وكل المؤمنين بأنه من الناجين. وفي بعض النسخ [فأتت]. «ومن لم يكن فعله لقوله موافقا» أي بأن يكون قوله حقّا وفعله باطلا «فإنما ذلك مستودع» أي ايمانه غير ثابت فيه. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 2 ص 419 ح 1.
5- المحاسن: ص 252 ح 274.

المفضل بن عمر قال: قلت لابي عبداللّه الصادق (عليه السّلام): بم يعرف الناجي؟

فقال: من كان فعله لقوله موافقا فهو ناج، ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنّما ذلك مستودع(1).

7077 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن الهيثم، عن زيد أبي الحسن قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: من كانت له حقيقة ثابتة(2) لم يقم على شبهة هامدة حتّى يعلم منتهى الغاية ويطلب الحادث من الناطق عن الوارث وبأيّ شيء جهلتم ما أنكرتم(3) وبأيّ شيء عرفتم

ص:227


1- - أمالي الصدوق: ص 293 ح 7. منه الوسائل: ج 11 ص 419.
2- أي حقيقة ثابتة من الايمان وهي خالصه ومحضه وما يحقّ أن يقال: أنّه إيمان ثابت لايتغير من الفتن والشّبهات. وقوله: «لم يقم على شبهة هامدة» أي على أمر مشتبه باطل ثمّ في دينه لم يعلم حقيقته بل يطلب اليقين حتى يصل الى غاية ذلك الامر أو غاية امتداد ذلك الامر. (مرآة العقول).
3- قوله (عليه السّلام): «ويطلب الحادث» أي الحكم الذي حدث وظهر من الناطق أي الراوي الذي ينطق ويخبر عن الامام (عليه السّلام) الذي هو وارث علم النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ويحتمل أن يكون المراد بالناطق الامام (عليه السّلام) الذي ينطق ويخبر عن امام اخر هو وارث علم النبي (صلّى اللّه عليه وآله). قوله (عليه السّلام): «وبأي شيء جهلتم ما انكرتم» يحتمل أن يكون المراد بالانكار عدم المعرفة، أي فارجعوا إلى أنفسكم وتفكروا في أن ما جهلتموه لأي شيء جهلتموه، ليس جهلكم إلا من تقصيركم في الرّجوع إلى ائمّتكم، وفي أن ما عرفتموه لأي شيء عرفتموه 5 لم تعرفوه إلاّ بما وصل إليكم من علومهم إن كنتم مؤمنين بهم عرفتم ذلك. --

ما أبصرتم إن كنتم مؤمنين(1).

باب (66) الحبّ في اللّه والبغض في اللّه

7078 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن محمّد بن خالد، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وسهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: من أحبّ للّه وأبغض للّه وأعطى للّه فهو ممّن كمل إيمانه(2).

المحاسن: البرقي، عن الحسن بن محبوب مثله وفيه: وأعطى للّه ومنع للّه(3).

كتاب الزهد: الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(4).

ص:228


1- الكافي: ج 8 ص 242 ح 333.
2- الكافي: ج 2 ص 124 ح 1.
3- المحاسن: ص 263 ح 330.
4- كتاب الزهد: ص 17 ح 34.

7079 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن محمّد بن عيسى، عن أبي الحسن عليّ بن يحيى - فيما اعلم - عن عمرو بن مدرك الطائي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لأصحابه: أيّ عرى الايمان أوثق؟

فقالوا: اللّه ورسوله أعلم.

وقال بعضهم: الصّلاة.

وقال بعضهم: الزّكاة.

وقال بعضهم: الصّيام.

وقال بعضهم: الحجّ والعمرة.

وقال بعضهم: الجهاد.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لكلّ ما قلتم فضل وليس به، ولكن أوثق عرى الايمان: الحبّ في اللّه والبغض في اللّه وتوالي أولياء اللّه والتبرّي من أعداء اللّه(1).

المحاسن: البرقي، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن أبي الحسن علي بن يحيى (فيما اعلم)، عن عمرو بن مدرك الطائي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله وفيه: «الصوم» بدل «الصيام»(2).

معاني الاخبار: حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن أبي الحسن علي بن يحيي، عن علي بن

ص:229


1- - الكافي: ج 2 ص 125 ح 6.
2- المحاسن: ص 264 ح 335.

مروك الطائي، عن أبي عبداللّه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).... وذكر مثل المحاسن(1).

7080 - علل الشرايع - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) - أمالي الصدوق - معاني الاخبار: حدثنا محمد بن القاسم الاسترآبادي قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لبعض أصحابه(2) ذات يوم: يا عبداللّه أحبب في اللّه، وأبغض في اللّه، ووال في اللّه، وعاد في اللّه، فإنّه لا تنال ولاية اللّه إلاّ بذلك، ولا يجد رجل طعم الايمان، وإن كثرت صلاته وصيامه حتّى يكون كذلك، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدّنيا عليها يتوادّون، وعليها يتباغضون وذلك لا يغني عنهم من اللّه شيئا.

فقال له: وكيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في اللّه (عزّوجلّ)؟ ومن وليّ اللّه (عزّوجلّ) حتّى اواليه، ومن عدوّه حتّى اعاديه؟

فأشار [له] رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى عليّ (عليه السّلام) فقال: أترى هذا؟

ص:230


1- - معاني الاخبار: ص 398 ح 55. ولعلّ ما في سند الحديث «علي بن مروك الطائي» تصحيف «عمرو بن مدرك الطائي».
2- لاصحابه - عيون أخبار الرضا.

فقال: بلى.

قال: وليّ هذا وليّ اللّه فواله، وعدوّ هذا عدوّ اللّه فعاده، [ثمّ قال] وال وليّ هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك، وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك(1).

7081 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد وعلي بن ابراهيم، عن أبيه وسهل ابن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن سعيد الاعرج، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: [ان] من أوثق عرى الايمان أن تحبّ في اللّه وتبغض في اللّه، وتعطي في اللّه وتمنع في اللّه(2).

ثواب الاعمال - أمالي الصدوق: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب مثله(3).

المحاسن: البرقي، عن ابن محبوب مثله(4).

أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن

ص:231


1- - علل الشرايع: ص 140 ح 1 - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 291 ح 41 - أمالي الصدوق: ص 19 ح 7. منها البحار: ج 69 ص 236 - معاني الاخبار: ص 399 ح 58.
2- الكافي: ج 2 ص 125 ح 2.
3- ثواب الاعمال: ص 202 - أمالي الصدوق: ص 463 ح 13.
4- المحاسن: ص 263 ح 328.

محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو الحسن احمد بن محمد بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب مثله(1).

كتاب الزهد: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

7082 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن الحبّ والبغض، أمن الايمان هو؟

فقال:(3) وهل الايمان إلاّ الحبّ والبغض؟ ثمّ تلا هذه الآية:

(حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ) (4) و(5).

المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى مثله(6).

7083 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي ابن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن سعيد بن يسار قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام):

هل الدين إلاّ الحبّ؟ إنّ اللّه (عزّوجلّ) يقول: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ)

ص:232


1- - أمالي المفيد: ص 151 ح 1.
2- كتاب الزهد: ص 17 ح 35.
3- قال - المحاسن.
4- الحجرات 49:7.
5- الكافي: ج 2 ص 125 ح 5.
6- المحاسن: ص 262 ح 326.

(اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) (1).

7084 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ المتحابين في اللّه يوم القيامة على منابر من نور، قد أضاء نور وجوههم ونور أجسادهم ونور منابرهم كلّ شيء حتّى يعرفوا به، فيقال: هؤلاء المتحابّون في اللّه(2).

7085 - مصادقة الاخوان: عن حمران بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال له: يا حمران إنّ للّه عمودا من زبرجد أعلاه معقود بالعرش، وأسفله في تخوم الأرضين السّابعة، عليه سبعون ألف قصر، على كلّ قصر سبعون ألف مقصورة، في كلّ مقصورة سبعون ألف حوراء، قد أعدّ اللّه ذلك للمتحابّين في اللّه والمبغضين في اللّه(3) و(4).

7086 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الرجل ليحبّكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله اللّه الجنّة بحبّكم، وإنّ الرجل ليبغضكم وما يعرف ما أنتم عليه فيدخله اللّه

ص:233


1- - الخصال: ص 21 ح 74، والآية في سورة آل عمران 3:31. منه البحار: ج 69 ص 237.
2- الكافي: ج 2 ص 125 ح 4.
3- والمتباغضين في اللّه - وسائل الشيعة.
4- مصادقة الاخوان: ص 50 ح 5. منه الوسائل: ج 11 ص 433.

ببغضكم النار(1) و(2).

7087 - المحاسن: البرقي، عن بعض أصحابنا، عن صالح بن بشير الدهّان قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): انّ الرجل ليحبّ وليّ اللّه وما يعلم ما يقول فيدخله اللّه الجنّة وان الرجل ليبغض وليّ اللّه وما يعلم ما يقول فيموت فيدخل النار(3).

7088 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن علي بن حسان، عمّن ذكره، عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه

ص:234


1- - قوله (عليه السّلام): «إنّ الرّجل ليحبّكم»، أقول: يحتمل وجوها: الأوّل: أن يكون المراد بهم المستضعفين من المخالفين فإنّهم يحبّون الشيعة ولا يعرفون مذهبهم، ويحتمل دخولهم الجنّة بذلك. الثاني: أن يكون المراد بهم المستضعفين من الشيعة فإنّهم يحبّون علماء الشيعة وصلحاءهم ولكن لم يصلوا إلى ما هم عليه من العقائد الحقة والأعمال الصالحة فيدخلون بذلك الجنّة، ومنهم من يبغض العلماء والصّلحاء فيدخلون بذلك النّار، فإن كان بغضهم للعلم والصّلاح فهم كفرة وإلاّ فهم فسقة كما ورد: كن عالما أو متعلّما أو محبّا للعلماء ولاتكن رابعا فتهلك. الثالث: أن يكون المراد بما أنتم عليه، الصّلاح والورع دون التشيع كما ذكره بعض المحققين. الرّابع: أن يكون المراد بما أنتم عليه المعصية كما روي أن حفصا - الراوي لهذا الحديث - كان يلعب بالشطرنج، فالمراد أن من أحبّكم لظاهر إيمانكم وتشيعكم مع عدم علمه بالمعاصي التي أنتم عليه فبذلك يدخل الجنّة، ومن أبغضكم لكونكم مؤمنين ولم يعلم فسقكم ليبغضكم لذلك فهو من أهل النار لانّ بغض المؤمن لإيمانه كفر. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 126 ح 10.
3- المحاسن: ص 265 ح 343.

(عليه السّلام) قال: ثلاث من علامات المؤمن: علمه باللّه ومن يحبّ ومن يبغض(1).

7089 - أمالي الصدوق: حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا أحمد بن ادريس قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري، عن الحسين بن زيد(2)، عن محمّد بن سنان، عن العلاء ابن الفضيل، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: من أحبّ كافرا فقد أبغض اللّه ومن أبغض كافرا فقد أحبّ اللّه، ثمّ قال (عليه السّلام): صديق عدوّ اللّه عدوّ اللّه(3).

7090 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن بشير الكناسيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قد يكون حب في اللّه ورسوله وحب في الدّنيا، فما كان في اللّه ورسوله فثوابه على اللّه وما كان في الدّنيا فليس بشيء(4).

7091 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن محمّد بن عمران السبيعيّ، عن عبداللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كلّ من لم يحبّ على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له(5).

ص:235


1- - الكافي: ج 2 ص 126 ح 9.
2- عن محمد بن الحسين بن زيد - البحار.
3- أمالي الصدوق: ص 484 ح 8. منه البحار: ج 69 ص 237.
4- الكافي: ج 2 ص 127 ح 13.
5- الكافي: ج 2 ص 127 ح 16.

7092 - تفسير القمي: قوله تعالى: (الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) قال الصادق (عليه السّلام): ألا كل خلّة كانت في الدنيا في غير اللّه فإنّها تصير عداوة يوم القيامة(1).

7093 - المحاسن: البرقي، عن علي بن محمد القاساني، عمن ذكره، عن عبداللّه بن القاسم الجعفريّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: حبّ الابرار للابرار ثواب للأبرار وحبّ الفجّار للابرار فضيلة للابرار، وبغض الفجّار للابرار زين للأبرار وبغض الأبرار للفجّار خزي على الفجّار(2).

مصادقة الاخوان: عن عبداللّه بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:.... وذكر نحوه(3).

7094 - المحاسن: عن محمّد بن خالد الأشعريّ، عن إبراهيم بن محمّد الأشعري، عن حسين بن مصعب قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: من أحبّ اللّه، وأبغض عدوّه - لم يبغضه لوتر وتره(4)في الدّنيا - ثمّ جاء يوم القيامة بمثل زبد البحر(5) ذنوبا كفّرها اللّه له(6).

ص:236


1- - تفسير القمي: ج 2 ص 287، والآية في سورة الزخرف 43:67. منه البحار: ج 69 ص 237.
2- المحاسن: ص 266 ح 345.
3- مصادقة الاخوان: ص 50 ح 4. منهما الوسائل: ج 11 ص 436.
4- وتره وترا: أصابه بذحل أو ظلم فيه، وفي الاساس: وترت الرجل: قتلت حميمه فأفردته منه. (أقرب الموارد).
5- الزبد: ما يعلو الماء وغيره من الرغوة. (أقرب الموارد).
6- المحاسن: ص 265 ح 341. منه البحار: ج 69 ص 238.

باب (67) صفات الصّالحين

7095 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الهيثم النهديّ، عن عبدالعزيز بن عمر، عن بعض أصحابه، عن يحيي بن عمران الحلبيّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أيّ الخصال بالمرء أجمل؟

فقال:(1) وقار بلا مهابة، وسماح(2) بلاطلب مكافأة، وتشاغل بغير متاع الدّنيا(3).

أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن عبدالعزيز بن عمر، عن أحمد بن عمر الحلبي قال: قلت.... وذكر مثله(4).

الخصال: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن عبدالعزيز بن عمر، عن أحمد بن الحلبي قال:

قلت.... وذكر مثله(5).

ص:237


1- - قال - أمالي الصدوق - الخصال.
2- وسماحة - التمحيص.
3- الكافي: ج 2 ص 240 ح 33.
4- أمالي الصدوق: ص 238 ح 8.
5- الخصال: ص 92 ح 36.

كتاب التمحيص: عن الحلبي قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): أيّ الخصال بالبرّ اكمل؟ قال:.... وذكر مثله(1).

7096 - مجمع البيان: (وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) (2) عن الصادق (عليه السّلام) هو الرجل يمشي بسجيّته الّتي جبل عليها لايتكلّف ولا يتبختر(3).

7097 - معاني الاخبار: حدثنا محمد بن موسى المتوكل قال:

حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن الحسن ابن محبوب، عن عبداللّه بن سنان، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): طوبى لعبد نومة(4) عرف الناس فصاحبهم ببدنه، ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه، فعرفوه في الظاهر، وعرفهم في الباطن(5).

7098 - قرب الاسناد: حدثنا أحمد بن اسحاق بن مسعدة (سعد - خ ل) قال: حدثنا بكر بن محمد الازدي قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ من أغبط أوليائي عندي عبد مؤمن ذو حظّ من صلاح، وأحسن عبادة ربّه، وعبداللّه في السريرة، وكان غامضا في الناس، فلم يشر إليه بالاصابع، وكان رزقه كفافا فصبر عليه، فتعجّلت به المنيّة فقلّ تراثه وقلّت بواكيه، ثلاثا(6).

ص:238


1- - كتاب التمحيص: ص 68 ح 166.
2- الفرقان 25:63.
3- مجمع البيان: ج 4 ص 179. منه البحار: ج 69 ص 260.
4- النومة: الرّجل الضعيف. وقيل: الخامل الذكر الغامض في النّاس الذي لايعرف الشر وأهله. (مجمع البحرين).
5- معاني الاخبار: ص 380 ح 8. منه البحار: ج 69 ص 272.
6- قرب الاسناد: ص 20. منه البحار: ج 69 ص 274.

7099 - أمالي المفيد: أخبرنا الشيخ الجليل المفيد محمد بن محمد ابن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد [ابن عقدة]، قال: حدّثني محمد بن أحمد بن خاقان النهدي، قال:

حدثني سليم الخادم، عن ابراهيم بن عقبة بن جعفر، عن محمّد بن نضر بن قرواش النهدي الجماّل الكوفي، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: إنّ صاحب الدّين فكر فعلته السكينة، واستكان فتواضع، وقنع فاستغنى ورضي بما اعطي، وانفرد فكفي الاخوان(1) ورفض الشهوات فصار حرا، وخلع الدّنيا فتحامى الشّرور، واطرح(2) الحسد فظهرت المحبّة، ولم يخف الناس فلم يخفهم، ولم يذنب إليهم فسلم منهم، وسخط نفسه عن كلّ شيء ففاز واستكمل الفضل، وأبصر العافية فأمن الندامة(3).

البحار - بيان: «وأبصر العافية» أي عرف ان العافية في أي شيء واختارها فلم يندم على شيء.

أقول: لعلّ الصحيح: وأبصر العاقبة. واللّه العالم.

7100 - أمان الاخطار: إنّ المؤمن إذا كان للّه مخلصا أخاف اللّه منه كلّ شيء، روينا ذلك باسنادنا إلى البرقي من كتابه كتاب (المحاسن) عن صفوان الجمّال قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ المؤمن يخشع له كلّ شيء، ويهابه كلّ شيء، ثمّ قال: إذا كان مخلصا للّه

ص:239


1- - فكفى الاحزان - البحار.
2- وطرح - البحار.
3- أمالي المفيد: ص 52 ح 14. منه البحار: ج 69 ص 277.

أخاف اللّه منه كلّ شيء حتّى هوامّ الارض وسباعها، وطير السّماء وحيتان البحر(1).

7101 - المحاسن: البرقي، عن أبي القاسم عبدالرحمن بن حمّاد الكوفي، عن ميسّر بن سعيد القصير الجوهري، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يعرف من يصف الحقّ بثلاث خصال:

ينظر إلى أصحابه من هم؟ وإلى صلاته كيف هي؟ وفي أيّ وقت يصلّيها، فان كان ذامال نظر أين يضع ماله(2).

ص:240


1- - أمان الاخطار: ص 127. منه البحار: ج 69 ص 285.
2- المحاسن: ص 254 ح 281. منه البحار: ج 67 ص 202.

أبواب البلاء

باب (1) الذنب يوجب البلاء

7102 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحكم بن عتيبة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ العبد إذا كثرت ذنوبه، ولم يكن عنده ما يكفّرها ابتلاه اللّه تعالى بالحزن فيكفّر عنه ذنوبه(1).

كتاب التمحيص: عن الحكم قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):... وذكر نحوه(2).

7103 - البحار: روضة الواعظين - قال الصادق (عليه السّلام):

ص:241


1- - أمالي المفيد: ص 23 ح 7.
2- كتاب التمحيص: ص 44 ح 56. منهما البحار: ج 67 ص 234.

إنّ العبد إذا كثرت ذنوبه، ولم يجد ما يكفّرها به، ابتلاه اللّه (عزّوجلّ) بالحزن في الدنيا ليكفّرها به، فإن فعل ذلك به، وإلاّ فعذّبه في قبره، ليلقاه اللّه (عزّوجلّ) يوم يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه(1).

7104 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلّا عرض له أمر يحزنه، يذكر به(2).

7105 - كتاب التمحيص: عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما من مؤمن إلاّ وبه وجع في شيء من بدنه لايفارقه حتّى يموت يكون ذلك كفّارة لذنوبه(3).

7106 - كتاب التمحيص: عن الأحمسيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لاتزال الغموم والهموم بالمؤمن حتّى لاتدع له ذنبا(4).

7107 - كتاب التمحيص: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

لا يمضي على المؤمن أربعون ليلة إلاّ عرض له امر يحزنه يذكره ربّه5.

7108 - كتاب التمحيص: عن الحارث بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ العبد المؤمن ليهتمّ (5) في الدنيا حتّى

ص:242


1- - البحار: ج 67 ص 235 ح 53.
2- الكافي: ج 2 ص 254 ح 11.
3- كتاب التمحيص: ص 42 ح 44.
4- (4و5) - كتاب التمحيص: ص 44 ح 53 و 54. منها البحار: ج 67 ص 242.
5- اهتم الرّجل: اغتم، يقال: همّه الامر فاهتم: أي حزنه فاغتم. (أقرب الموارد).

يخرج منها ولا ذنب له(1).

7109 - علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيي، عن معاوية بن عمّار، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): الصاعقة لاتصيب المؤمن.

فقال له رجل: فإنّا قد رأينا فلانا يصلّي في المسجد الحرام فأصابته؟! فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّه كان يرمي حمام الحرم(2).

7110 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثنا عليّ بن الحكم، عن عبداللّه بن جندب، عن سفيان ابن السمط، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): اذا أراد اللّه بعبد خيرا فأذنب ذنبا تبعه بنقمة، ويذكره الاستغفار، وإذا أراد اللّه بعبد شرا فأذنب ذنبا، تبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ويتمادى به(3)، وهو قول اللّه تعالى: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) * (4)بالنعم عند المعاصي(5).

ص:243


1- - كتاب التمحيص: ص 44 ح 57. منه البحار: ج 67 ص 242.
2- علل الشرايع: ص 462 ح 6. منه البحار: ج 67 ص 228.
3- تمادى في الذنوب: إذا لج وداوم وتوسع فيها. (مجمع البحرين).
4- الأعراف 7:182. والقلم 68:44.
5- علل الشرايع: ص 561 ح 1. منه البحار: ج 67 ص 229.

باب (2) أمان المؤمن في الآخرة

7111 - الكافي: عليّ، عن أبيه، عن عبداللّه بن المغيرة، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ، عن محمّد بن بهلول العبدي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لم يؤمن اللّه المؤمن من هزاهز الدّنيا(1)ولكنّه آمنه من العمى فيها والشقاء في الآخرة(2).

7112 - صفات الشيعة: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه اللّه)، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن محمد بن أحمد، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إن اللّه لم يؤمن المؤمن من بلايا الدّنيا، ولكن آمنه من العمى في الآخرة ومن الشقاء...(3).

باب (3) البلاء يرفع الدّرجات

7113 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبداللّه

ص:244


1- - «هزاهز الدّنيا» أي الفتن والبلايا التي يهتزّ فيها الناس. والعمى: عمى القلب الموجب للجهل باللّه، والتنفّر عن الحق، والبعد عن لوازم الايمان، وكل ذلك يوجب الشقاء والتعب في الآخرة. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 255 ح 18.
3- صفات الشيعة: ص 75 ح 50. منه البحار: ج 67 ص 200.

(عليه السّلام) قال: إنّ في الجنّة منزلة لايبلغها عبد إلاّ بالإبتلاء في جسده(1).

7114 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عليّ بن عقبة، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّه ليكون للعبد منزلة عند اللّه فما ينالها إلاّ بإحدى خصلتين إمّا بذهاب ماله، أو ببليّة في جسده(2).

7115 - جامع الاخبار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إن اللّه (تبارك وتعالى) ليتعاهد المؤمن بالبلاء، (ما تمرّ عليه الاّ تعاهده)(3)إمّا بمرض في جسده، أو بمصيبة في أهل، أو مال، أو مصيبة من مصائب الدنيا ليأجره عليها(4).

7116 - جامع الاخبار: قال (عليه السّلام): ما من مؤمن إلاّ وهو يذكر في كل أربعين يوما يصيبه ببلاء: إمّا في ماله، أو في ولده، أو في نفسه، فيؤجر عليه، أو همّ لايدري من أين هو5.

7117 - جامع الاخبار: قال (عليه السّلام): ليكون للعبد منزلة عند اللّه فما ينالها أبدا إلاّ باحدي خصلتين: أما بذهاب ماله أو بليّة في جسده6.

7118 - جامع الاخبار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ في الجنة لمنزلة لا يبلغها العبد الاّ ببلاء في جسده7.

ص:245


1- - الكافي: ج 2 ص 255 ح 14.
2- الكافي: ج 2 ص 257 ح 23.
3- ما بين الهلالين ليس في البحار.
4- جامع الاخبار: ص 114. منه البحار: ج 67 ص 236.

7119 - كتاب التمحيص: عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ما من مؤمن الاّ وهو يذكر، البلاء يصيبه في كلّ أربعين يوما، أو بشيء من ماله وولده ليأجره اللّه عليه، أو بهمّ لايدري من اين هو؟(1).

7120 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمّد الاشعري، عن أبي يحيي الحنّاط، عن عبداللّه بن أبي يعفور قال: شكوت إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) ما ألقى من الاوجاع - وكان مسقاما -(2) فقال لي: يا عبداللّه لو يعلم المؤمن ماله من الأجر في المصائب لتمنّى أنّه قرض بالمقاريض(3).

كتاب التمحيص: عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لو يعلم المؤمن.... وذكر نحوه(4).

7121 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن رباط قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أهل الحقّ لم يزالوا منذ كانوا في شدّة، أما إنّ ذلك إلى مدّة قليلة وعافية طويلة(5).

ص:246


1- - كتاب التمحيص: ص 33 ح 16. منه البحار: ج 67 ص 241.
2- هذا من كلام أبي يحيى، وضمير كان عائد الى عبداللّه، والمسقام؟؟؟ - بالكسر -: الكثير السقم والمرض. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 255 ح 15.
4- كتاب التمحيص: ص 32 ح 13.
5- الكافي: ج 2 ص 255 ح 16.

باب (4) البلاء يمحو الذّنوب

7122 - البحار: كتاب الامامة والتبصرة - عن أحمد بن عليّ، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):

السقم يمحو الذّنوب.

وقال (صلّى اللّه عليه وآله): ساعات الوجع يذهبن ساعات الخطايا.

وقال (صلّى اللّه عليه وآله): ساعات الهموم ساعات الكفّارات، ولا يزال الهمّ بالمؤمن حتّى يدعه وماله من ذنب(1).

باب (5) المؤمن والأمراض الصّعبة

7123 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن حباب الواسطي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

البرص شبه اللعنة، لايكون فينا، ولا في ذرّيتنا، ولا في شيعتنا(2).

7124 - الكافي: أبو عليّ الاشعري، عن محمّد بن عبدالجبّار،

ص:247


1- - البحار: ج 67 ص 244 ح 83.
2- صفات الشيعة: ص 74 ح 46. منه البحار: ج 67 ص 200.

عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) أيبتلى المؤمن بالجذام والبرص وأشباه هذا؟

قال: فقال: وهل كتب البلاء إلاّ على المؤمن(1).

قرب الاسناد: محمّد بن الوليد، عن عبداللّه بن بكير مثله(2).

أقول: الحديث الاوّل ضعيف السّند فلا يعتمد عليه، وعلى فرض صدوره عن الإمام (عليه السّلام) ينبغي القول - جمعا بينه وبين هذا الحديث - أنّ اللّه لا يبتلي أولياءه من الأنبياء والأئمة المعصومين (عليهم السّلام) بأمراض مستعصية تسبب شماتة الاعداء بهم وبعد الناس عنهم وكذا الحال بالنّسبة إلى الكمّلين من شيعتهم، أمّا غير هؤلاء من سائر المؤمنين فإنّ اللّه يبتليهم بمختلف الامراض ليكفّر عنهم سيّئاتهم أو يرفع درجاتهم عنده، واللّه العالم.

7125 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطيّة، عن يونس بن عمّار قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ هذا الّذي ظهر بوجهي(3)يزعم الناس أنّ اللّه لم يبتل به عبدا له فيه حاجة.

قال: فقال لي: لقد كان مؤمن آل فرعون مكنّع الاصابع(4) فكان يقول هكذا - ويمدّ يديه - ويقول: (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) (5) ثم قال

ص:248


1- - الكافي: ج 2 ص 258 ح 27.
2- قرب الاسناد: ص 81.
3- إن الآثار التي ظهرت في وجهه كانت برصا ويحتمل الجذام. (مرآة العقول).
4- المكنّع: الذي قطعت يداه، والاكنع: من رجعت أصابعه الى كفه وظهرت دواجيه، وهي مفاصل أصول الاصابع. (مجمع البحرين).
5- يس 36:20.

لي: إذا كان الثلث الأخير من اللّيل في أوّله فتوضأ وقم إلى صلاتك الّتي تصلّيها فإذا كنت في السجدة الاخيرة من الرّكعتين الاوليين فقل وأنت ساجد: «ياعليّ يا عظيم يا رحمن يا رحيم يا سامع الدعوات يا معطي الخيرات صلى على محمّد وآل محمّد وأعطني من خير الدنيا والآخرة ما أنت أهله واصرف عنّي من شرّ الدّنيا والآخرة ما أنت أهله وأذهب عنّي بهذا الوجع - وتسمّيه - فإنّه قد غاظني وأحزنني» وألحّ في الدعاء. قال: فما وصلت إلى الكوفة حتّى أذهب اللّه به عنّي كلّه(1).

باب (6) أمان المؤمن من الجنون

7126 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عثمان النوّاء، عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) يبتلي المؤمن بكلّ بليّة ويميته بكلّ ميتة ولا يبتليه بذهاب عقله، أما تري أيّوب كيف سلّط إبليس على ماله وعلى ولده وعلى أهله وعلى كلّ شيء منه ولم يسلّط على عقله، ترك له ليوحّد اللّه به(2).

ص:249


1- - الكافي: ج 2 ص 259 ح 30.
2- الكافي: ج 2 ص 256 ح 22.

باب (7) لا خير فيمن لا يبتلى

7127 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن نعيم الصحّاف، عن ذريح المحاربيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) يقول: إنّي لاكره للرجل أن يعافى في الدّنيا فلا يصيبه شيء من المصائب(1).

7128 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن نوح بن شعيب، عن أبي داود المسترقّ رفعه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): دعي النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى طعام فلمّا دخل منزل الرّجل نظر إلى دجاجة فوق حائط قد باضت فتقع البيضة على وتد في حائط فثبتت عليه ولم تسقط ولم تنكسر فتعجّب النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) منها فقال له الرجل: أعجبت من هذه البيضة؟ فوالّذي بعثك بالحقّ ما رزئت(2) شيئا قطّ.

[قال:] فنهض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ولم يأكل من طعامه شيئا وقال: من لم يرزأ فما للّه فيه من حاجة(3).

7129 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمن، عن أبي

ص:250


1- - الكافي: ج 2 ص 256 ح 19.
2- رزأه ماله: نقصه. (اقرب الموارد).
3- الكافي: ج 2 ص 256 ح 20.

عبداللّه (عليه السّلام) وأبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لا حاجة للّه فيمن ليس له في ماله وبدنه نصيب(1).

7130 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عثمان، عن عبداللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): مثل المؤمن كمثل خامة الزرع تكفئها الرّياح(2) كذا وكذا وكذلك المؤمن تكفئه الاوجاع والأمراض، ومثل المنافق كمثل الإرزبّة المستقيمة(3) التي لايصيبها شيء حتّى يأتيه الموت فيقصفه قصفا(4) و(5).

7131 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يوما لأصحابه: ملعون كلّ مال لا يزكى، ملعون كلّ جسد لا يزكي ولو في كلّ أربعين يوما مرّة.

فقيل: يا رسول اللّه أمّا زكاة المال فقد عرفناها فما زكاة الاجساد؟

فقال لهم: أن تصاب بافة.

قال: فتغيّرت وجوه الذين سمعوا ذلك منه، فلمّا رآهم قد

ص:251


1- - الكافي: ج 2 ص 256 ح 21.
2- الخامة من الزرع: أول ما ينبت على ساق، وقيل: الطاقة الغضّة منه. وكفأه: قلبه (أقرب الموارد).
3- الإرزبّة: عصية من حديد. (المنجد).
4- القصف: الكسر. قصف الشيء: كسره. (أقرب الموارد).
5- الكافي: ج 2 ص 257 ح 25.

تغيّرت ألوانهم قال لهم: أتدرون ما عنيت بقولي؟

قالوا: لا يا رسول اللّه.

قال: بلى، الرجل يخدش الخدشة وينكب النكبة(1) ويعثر العثرة ويمرض المرضة ويشاك الشوكة(2) وما أشبه هذا حتّى ذكر في حديثه اختلاج العين(3) و(4).

باب (8) المؤمن والبلاء

7132 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن رواه، عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ المؤمن ليكرم على اللّه حتّى لو سأله الجنّة بما فيها أعطاه، ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئا، وإنّ الكافر ليهون على اللّه حتّى لو سأله الدّنيا بما فيها أعطاه ذلك من غير أن ينتقص من ملكه شيئا، وإنّ اللّه ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الغائب أهله بالطرف(5) وإنّه ليحميه(6)الدّنيا كما يحمي الطبيب المريض(7).

7133 - كتاب التمحيص: عن أبي الحسن الأحمسيّ، عن أبي

ص:252


1- - النكبة: ما يصيب الانسان من الحوادث. (مجمع البحرين).
2- شاكته الشوكة: أصابته، ودخلت في جسمه. (اقرب الموارد).
3- اختلجت العين: انتفضت أجفانها بحركة اضطرارية. (اقرب الموارد).
4- الكافي: ج 2 ص 258 ح 26.
5- اطرفته كذا: اتحفته به (أقرب الموارد).
6- يحميه: أي يمنعه. (اقرب الموارد).
7- الكافي: ج 2 ص 258 ح 28.

عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه ليتعهّد عبده المؤمن بأنواع البلاء، كما يتعهّد أهل البيت سيّدهم بطرف الطعام. ثم قال: (ويقول اللّه جلّ جلاله) وعزّتي وجلالي وعظمتي وبهائي إنّي لاحمي وليّ أن أعطيه في دار الدّنيا شيئا يشغله عن ذكري حتى يدعوني فاسمع صوته، وإنّي لأعطي الكافر منيته حتى لايدعوني فاسمع صوته، بغضا له(1).

7134 - كتاب التمحيص: عن عبداللّه بن المبارك قال: سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: إذا اضيف البلاء إلى البلاء كان من البلاء عافية(2).

7135 - كتاب التمحيص: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

إن أصابكم تمحيص فاصبروا، فإنّ اللّه يبتلي المؤمنين، ولم يزل إخوانكم قليلا، ألا وإنّ أقل أهل المحشر المؤمنون(3).

7136 - كتاب التمحيص: عن عمّار بن مروان، عن بعض ولد أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: لن تكونوا مؤمنين، حتى تعدّوا البلاء نعمة، والرخاء مصيبة(4).

ص:253


1- - كتاب التمحيص: ص 33 ح 17. منه البحار: ج 67 ص 241.
2- كتاب التمحيص: ص 32 ح 14. منه البحار: ج 67 ص 240.
3- كتاب التمحيص: ص 33 ح 15. منه البحار: ج 67 ص 240.
4- كتاب التمحيص: ص 34 ح 24. منه المستدرك: ج 2 ص 435.

باب (9) البلاء بقدر الايمان

7137 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أشدّ الناس بلاء(1) الأنبياء ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الامثل فالامثل(2) و(3).

أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن ابراهيم القزويني قال: أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان الهنائي البصري قال: حدثني أحمد بن ابراهيم بن أحمد قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن علي بن عبدالكريم الزعفراني قال: حدثني أحمد ابن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر قال: حدثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير مثله(4).

قصص الانبياء: باسناده عن ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير مثله(5).

مسكن الفؤاد: عن الصادق (عليه السّلام) مثله(6).

ص:254


1- - البلاء: الاختبار يكون بالخير والشرّ. (اقرب الموارد).
2- أي الاشرف فالاشرف والأعلى فالاعلى في الرتبة والمنزلة. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 252 ح 1.
4- أمالي الطوسي: ص 659 ح 1363.
5- قصص الأنبياء: ص 278 ح 339.
6- مسكن الفؤاد: ص 52.

7138 - كتاب التمحيص: عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أشدّ الناس بلاء الأنبياء، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم(1).

7139 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال:

ذكر عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) البلاء وما يخصّ اللّه (عزّوجلّ) به المؤمن، فقال: سئل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من أشدّ الناس بلاء في الدنيا؟

فقال: النبيّون ثمّ الامثل فالامثل، ويبتلى المؤمن - بعد - على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمن صحّ إيمانه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، ومن سخف إيمانه(2) وضعف عمله قل بلاؤه(3).

7140 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن سماعة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ في كتاب عليّ (عليه السّلام): أنّ أشدّ الناس بلاء النبيّون، ثمّ الوصيّون، ثم الأمثل فالامثل، وإنّما يبتلى المؤمن على قدر أعماله الحسنة، فمن صحّ دينه وحسن عمله(4) اشتدّ بلاؤه، وذلك أنّ اللّه (عزّوجلّ) لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن ولا عقوبة لكافر، ومن سخف دينه وضعف عمله قلّ

ص:255


1- - كتاب التمحيص: ص 35 ح 30.
2- من سخف ايمانه: أي من نقص ايمانه. (مجمع البحرين).
3- الكافي: ج 2 ص 252 ح 2.
4- وصح عمله - علل الشرايع.

بلاؤه، وإنّ البلاء(1) أسرع إلى المؤمن التقيّ (2) من المطر إلى قرار الارض(3).

علل الشرايع: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن الحسن بن محبوب مثله(4).

مستدرك الوسائل: صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام) - باسناده عنه، عن آبائه (عليهم السّلام) ان في كتاب علي (عليه السّلام)...

وذكر مثله بتقديم وتأخير(5).

7141 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي (رحمه اللّه) قال: حدثني أحمد ابن محمد عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، [عن الحسن بن علي بن فضال]، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال: قلت لابي عبداللّه (صلوات اللّه عليه):

أوصني؟

قال: اوصيك بتقوى اللّه، والورع والاجتهاد، وأعلم أنّه لاينفع اجتهاد لاورع فيه، وانظر إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فلكثيرا ما قال اللّه تعالى لرسوله (صلّى اللّه عليه وآله):

ص:256


1- - والبلاء - علل الشرايع.
2- المتقي - علل الشرايع.
3- الكافي: ج 2 ص 259 ح 29.
4- علل الشرايع: ص 44 ح 1.
5- مستدرك الوسائل: ج 2 ص 440.

(فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ) (1) وقال: (وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (2)، وإن نازعتك نفسك إلى شيء من ذلك فاعلم أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان قوته الشّعير، وحلواه التّمر إذا وجده، ووقوده السّعف، وإذا اصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فإنّ الناس لن يصابوا بمثله أبدا(3).

7142 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن المثنّى الحضرميّ، عن محمّد بن بهلول بن مسلم العبديّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّما المؤمن بمنزلة كفّة الميزان، كلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه(4).

7143 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمّد الاشعريّ، عن عبيد بن زرارة قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ المؤمن من اللّه (عزّوجلّ) لبأفضل مكان - ثلاثا -(5) إنّه ليبتليه بالبلاء ثمّ ينزع نفسه عضوا عضوا من جسده وهو يحمد اللّه على ذلك(6).

ص:257


1- - التوبة 9:55.
2- طه 20:131.
3- أمالي المفيد: ص 194 ح 25. منه المستدرك: ج 2 ص 443.
4- الكافي: ج 2 ص 253 ح 10.
5- يعني قالها ثلاث مرّات. (مرآة العقول).
6- الكافي: ج 2 ص 254 ح 13.

باب (10) من أحبّه اللّه ابتلاه

7144 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمّار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ عظيم الاجر لمع عظيم البلاء وما أحبّ اللّه قوما إلاّ ابتلاهم(1).

7145 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن عبيد، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال - وعنده سدير -: إنّ اللّه إذا أحبّ عبدا غتّه - بالبلاء غتّا(2) وإنّا وإيّاكم - يا سدير - لنصبح به ونمسي(3).

7146 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ للّه (عزّوجلّ) عبادا في الارض من خالص عباده ما ينزل من السماء تحفة إلى الارض إلاّ صرفها عنهم إلى غيرهم ولا بليّة إلاّ صرفها إليهم(4).

7147 - كتاب التمحيص: عن زيد الشحام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، وإنّ عظيم

ص:258


1- - الكافي: ج 2 ص 252 ح 3.
2- غتّه: أي غمسه، والباء بمعنى: في، ويحتمل القهر والغم. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 253 ح 6.
4- الكافي: ج 2 ص 253 ح 5.

الاجر مع عظيم البلاء، وما أحبّ اللّه قوما إلاّ ابتلاهم(1).

7148 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن زيد الزراد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّ عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء، فإذا أحبّ اللّه عبدا ابتلاه بعظيم البلاء فمن رضي فله عند اللّه الرضا ومن سخط البلاء فله عند اللّه السخط(2).

باب (11) المؤمن والشياطين

7149 - كتاب المؤمن: عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ الشياطين أكثر على المؤمن من الزّنابير على اللّحم(3).

7150 - الاختصاص: عن ربعيّ، عن الفضيل قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ الشياطين على المؤمنين أكثر من الزّنابير على اللّحم، ثمّ قال هكذا بيده إلاّ ما دفع اللّه(4).

البحار - بيان: كأنه (عليه السّلام) أشار إلى جهة السّماء.

7151 - كتاب التمحيص: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قال اللّه تعالى: لولا أن يجد عبدي المؤمن في

ص:259


1- - كتاب التمحيص: ص 31 ح 6.
2- الكافي: ج 2 ص 253 ح 8.
3- كتاب المؤمن: ص 16 ح 6. منه البحار: ج 67 ص 246.
4- الاختصاصى: ص 30. منه البحار: ج 67 ص 239.

نفسه، لعصّبت المنافق عصابة لايجد ألما حتّى يموت(1).

باب (12) ليست الدّنيا للمؤمن

7152 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي اسامة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال اللّه (عزّوجلّ): لولا أن يجد عبدي المؤمن في قلبه(2) لعصبت رأس الكافر بعصابة حديد، لايصدع رأسه أبدا(3).

7153 - كتاب التمحيص: عن عيسى بن أبي منصور قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ اللّه يذود(4) المؤمن عمّا يشتهيه، كما يذود أحدكم الغريب عن إبله ليس منها(5).

ص:260


1- - كتاب التمحيص: ص 48 ح 74. منه البحار: ج 67 ص 242.
2- كأنّ مفعول الوجدان محذوف أي شكا أو حزنا شديدا، أو يكون الوجد بمعنى الغضب أو بمعنى الحزن، فقوله: «في قلبه» للتأكيد أي وجدا مؤثرا في قلبه باقيا فيه، والعصابة - بالكسر -: ما يشدّ على الرّأس. (مرآة العقول).
3- الكافي: ج 2 ص 257 ح 24.
4- ذاد الراعي ابله عن الماء: منعها (المصباح المنير).
5- كتاب التمحيص: ص 55 ح 110. منه البحار: ج 67 ص 243.

باب (13) المؤمن يبتلى بمن يؤذيه

7154 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمّد ابن يحيي، عن أحمد بن محمّد جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثماليّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّ اللّه أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع أيسرها عليه: مؤمن يقول بقوله يحسده، أو منافق يقفو أثره، أو شيطان يغويه، أو كافر يري جهاده، فما بقاء المؤمن بعد هذا(1).

7155 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أربع لايخلو منهنّ المؤمن أو واحدة منهنّ: مؤمن يحسده وهو أشدّهنّ عليه، ومنافق يقفو أثره، أو عدو يجاهده، أو شيطان يغويه(2).

7156 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما من مؤمن الّا وقد وكل اللّه به أربعة: شيطانا يغويه يريد أن يضلّه، وكافرا يغتاله، ومؤمنا يحسده - وهو أشدّهم عليه - ومنافقا يتتبّع عثراته(3).

7157 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد

ص:261


1- - الكافي: ج 2 ص 249 ح 2.
2- الكافي: ج 2 ص 250 ح 4.
3- الكافي: ج 2 ص 251 ح 9.

ابن عبداللّه قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي ابن أسباط، عن مالك، عن مسمع بن مالك، عن سماعة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: يا سماعة لا ينفك المؤمن من خصال أربع: من جار يؤذيه، وشيطان يغويه، ومنافق يقفو أثره، ومؤمن يحسده. ثمّ قال: يا سماعة أما إنّه أشدهم عليه.

قلت: كيف ذاك؟

قال: إنّه يقول فيه القول فيصدّق عليه(1).

7158 - كتاب التمحيص: عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا حمزة ما كان ولن يكون مؤمن إلاّ وله بلايا أربع: إمّا أن يكون [له] جار يؤذيه، أو منافق يقفو أثره، أو مخالف يري قتاله جهارا، أو من (مؤمن - خ) يحسده، ثمّ قال: أما إنّه أشد الاربعة عليه، لانّه يقول فيصدّق عليه ويقال: هذا رجل من إخوانه، فما بقاء المؤمن بعد هذا؟!!(2).

7159 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما أفلت المؤمن(3) من واحدة من ثلاث، ولربّما اجتمعت الثلاث عليه: إماّ بغض من يكون معه في الدار، يغلق عليه بابه يؤذيه، أو جار يؤذيه، أو من في طريقه إلى حوائجه يؤذيه، ولو أنّ مؤمنا على قلّة جبل لبعث اللّه (عزّوجلّ) إليه شيطانا يؤذيه ويجعل اللّه له من

ص:262


1- - الخصال: ص 229 ح. 7. منه البحار: ج 68 ص 224.
2- كتاب التمحيص: ص 32 ح 10. منه البحار: ج 67 ص 240.
3- التفلّت والافلات: التخلّص، يقال أفلت الطائر وغيره: تخلّص (مجمع البحرين).

إيمانه انسا لا يستوحش معه إلى أحد(1).

كتاب التمحيص: عن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما أفلت المؤمن من واحدة... وذكر نحوه(2).

7160 - علل الشرايع: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد ابن خالد، عن أبي عبداللّه الجاموراني، عن الحسن [بن عليّ] بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لو أنّ مؤمنا كان في قلّة جبل، لبعث اللّه (عزّوجلّ) إليه من يؤذيه ليأجره على ذلك(3).

7161 - كتاب التمحيص: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لو أنّ مؤمنا على لوح [في البحر](4) لقيّض اللّه له منافقا يؤذيه(5).

البحار: جامع الاخبار - عنه (عليه السّلام) مثله(6).

7162 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبداللّه بن جبلة، عن إسحاق بن عماّر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما كان ولا يكون وليس بكائن مؤمن إلاّ وله جار يؤذيه، ولو أنّ مؤمنا في جزيرة من جزائر البحر لابتعث

ص:263


1- - الكافي: ج 2 ص 249 ح 3.
2- كتاب التمحيص: ص 35 ح 28.
3- علل الشرايع: ص 44 ح 2. منه البحار: ج 67 ص 228.
4- مابين المعقوفتين من البحار.
5- كتاب التمحيص: ص 30 ح 3. منه البحار: ج 67 ص 240.
6- البحار: ج 67 ص 240.

اللّه له من يؤذيه(1).

7163 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما كان فيما مضى ولا فيما بقي ولا فيما أنتم فيه مؤمن إلاّ وله جاز يؤذيه(2).

7164 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: ما كان ولا يكون الى أن تقوم الساعة مؤمن إلاّ وله جار يؤذيه(3).

7165 - أمالي الطوسي: الفحّام قال: حدثني المنصوري قال:

حدثني عم أبي قال: حدثني الامام علي بن محمد، عن آبائه أب أب، عن الصادق (عليهم السّلام) قال: ما كان ولا يكون الى يوم القيامة رجل مؤمن الّا وله جار يؤذيه(4).

7166 - أمالي الطوسي: بهذا الاسناد قال: قال الصادق (صلوات اللّه عليه): من صفت له دنياه فاتهمه في دينه5.

7167 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(5)، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه

ص:264


1- - الكافي: ج 2 ص 251 ح 11.
2- الكافي: ج 2 ص 251 ح 12.
3- الكافي: ج 2 ص 252 ح 13.
4- (4و5) - أمالي الطوسي: ص 280 ح 539 و 540. منه الوسائل: ج 8 ص 486.
5- المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.

عليه وآله وسلّم): ما كان وما يكون الى يوم القيامة مؤمن إلاّ وله جار يؤذيه(1).

البحار: صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام) - باسناده عنه (عليه السّلام) مثله(2).

7168 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن سنان، عن عماّر بن مروان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) جعل وليّه في الدّنيا غرضا(3) لعدوّه(4).

7169 - كتاب التمحيص: عن طلحة بن زيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ اللّه جعل المؤمنين في دار الدّنيا غرضا لعدوّهم(5).

باب (14) الدّنيا سجن المؤمن

7170 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن عجلان قال: كنت عند

ص:265


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 33 ح 59. منه البحار: ج 67 ص 226.
2- البحار: ج 67 ص 226.
3- الغرض - بالتحريك -: هدف يرمى فيه، أي جعل محبّه في الدّنيا هدفا لسهام عداوة عدوّه وحيله وشروره. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 2 ص 250 ح 5.
5- كتاب التمحيص: ص 32 ح 9. منه البحار: ج 67 ص 240.

أبي عبداللّه (عليه السّلام) فشكا إليه رجل الحاجة فقال له: اصبر فإن اللّه سيجعل لك فرجا.

قال: ثمّ سكت ساعة.

ثمّ أقبل على الرجل فقال: أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو؟

فقال: أصلحك اللّه - ضيّق منتن وأهله بأسوء حال.

قال: فإنّما أنت في السجن فتريد أن تكون فيه في سعة، أما علمت أنّ الدنيا سجن المؤمن؟!!(1).

7171 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن إبراهيم الحذّاء، عن محمّد بن صغير، عن جدّه شعيب قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: الدّنيا سجن المؤمن، فأيّ سجن جاء منه خير؟!!(2).

ص:266


1- - الكافي: ج 2 ص 250 ح 6.
2- الكافي: ج 2 ص 250 ح 7

أبواب فضائل الشّيعة

باب (1) الشّيعة أهل الزّهد والعبادة

7172 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسن بن [ز] علان، عن أبي اسحاق الخراسانيّ، عن عمرو بن جميع العبدي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: شيعتنا هم الشاحبون(1) الذابلون، الناحلون، الّذين إذا جنّهم اللّيل استقبلوه بحزن(2).

7173 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: شيعتنا أهل الهدى وأهل التقى وأهل الخير وأهل الايمان وأهل الفتح والظفر3.

.

ص:267


1- - في النهاية: الشاحب: المتغيّر اللّون والجسم، وفي بعض النسخ [السائحون] أي هم الملازمون للمساجد، وذبلت بشرته: أي قل ماء جلده وذهبت نضارته، وناحل: أي مهزول. (مرآة العقول).
2- (2و3) - الكافي: ج 2 ص 233 ح 7 و 8

7174 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن اسماعيل، عن منصور بزرج، عن مفضل قال:

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إيّاك والسفلة، فإنّما شيعة عليّ من عفّ بطنه وفرجه، واشتدّ جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر(1).

7175 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ شيعة عليّ كانوا خمص البطون(2)، ذبل الشفاه(3)، أهل رأفة وعلم وحلم، يعرفون بالرهبانية فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والإجتهاد(4).

7176 - أمالي الصدوق: حدثنا الحسين بن علي بن شعيب الجوهري قال: حدثنا عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا الحسين ابن الحسن الحميري (الحيري) بالكوفة قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني، عن عمرو بن جميع، عن أبي المقدام قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): نزلت هاتان الايتان في أهل ولايتنا وأهل عداوتنا (فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ) يعني في قبره

ص:268


1- - الكافي: ج 2 ص 233 ح 9.
2- يقال: رجل خمصان وخميص إذا كان ضامر البطن. ومنه الحديث: «خماص البطون خفاف الطهور» أي انهم أعفّة عن أموال النّاس، فهم ضامروا البطون من أكلها، خفاف الظّهور من ثقل وزرها. (النهاية).
3- ذبل لسانه أو شفته: جفّ. (المنجد).
4- الكافي: ج 2 ص 233 ح 10.

(وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ) (1) يعني في الآخرة (وَ أَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) يعني في قبره (وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) 2 يعني في الآخرة(2).

7177 - فضائل الشيعة: باسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أنا الراعي راعي الانام، أفترى الراعي لايعرف غنمه؟!! قال: فقام إليه جويرية وقال: يا أمير المؤمنين فمن غنمك؟

قال: صفر الوجوه، ذبل الشفاه من ذكر اللّه(3).

باب (2) الشيعة في الجنّة

7178 - اعلام الدين: من كتاب (فرج الكرب) - عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللّه يوم القيامة، وقال: أنتم أهل تحيّة اللّه بالسلام، وأهل أثرة(4)اللّه برحمته، وأهل توفيق اللّه بعصمته، وأهل دعوته بطاعته، ولا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، أسماؤكم عندنا الصالحون المصلحون، وأنتم أهل الرضا لرضاه عنكم، والملائكة إخوانكم في الخير، فاذا اجتهدتم دعوا، وإذا أذنبتم استغفروا، وأنتم خير البريّة بعدنا، دياركم لكم جنّة وقبوركم لكم جنّة، للجنّة خلقتم وفي الجنّة

ص:269


1- (1و2) - الواقعة 56:88-89 و 92-94.
2- أمالي الصدوق: ص 383 ح 11. منه البحار: ج 68 ص 9.
3- فضائل الشيعة: ص 25 ح 20. منه البحار: ج 68 ص 176.
4- الأثرة كعقدة: المكرمة المتوارثة. (أقرب الموارد).

نعيمكم وإلى الجنّة تصيرون(1).

7179 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن محمّد بن فضيل، عن أبي حمزة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللّه يوم القيامة بعدنا(2).

7180 - فضائل الشيعة: باسناده عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دياركم لكم جنّة، وقبوركم لكم جنّة، للجنّة خلقتم، والى الجنّة تصيرون(3).

7181 - فضائل الشيعة: باسناده عن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: انتم للجنّة والجنة لكم أسماؤكم [عندنا] الصالحون والمصلحون، وأنتم أهل الرّضا عن اللّه برضاه عنكم، والملائكة اخوانكم في الخير اذا اجتهدوا(4).

أقول: لعل الاصح: اذا اجتهدتم.

7182 - تفسير القمي: في قوله تعالى: (وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) (5)، حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي

ص:270


1- - أعلام الدين: ص 457. منه البحار: ج 27 ص 126.
2- المحاسن: ص 182 ح 177. منه البحار: ج 7 ص 185.
3- فضائل الشيعة: ص 35 ح 34. منه البحار: ج 8 ص 360.
4- فضائل الشيعة: ص 35 ح 33. منه البحار: ج 68 ص 144.
5- آل عمران 3:169.

بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: هم واللّه شيعتنا، إذا دخلوا الجنّة واستقبلوا الكرامة من اللّه استبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من المؤمنين في الدنيا (أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ) (1)وهو ردّ على من يبطل الثواب والعقاب بعد الموت(2).

7183 - شرح الاخبار: أبو عبداللّه، عن [أبي] جعفر (عليه السّلام) انه قال: ان اللّه تعالى بعث شيعتنا يوم القيامة - على ما فيهم من ذنوب وعيوب - مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، امنة روعاتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من نواقيب(3) يدورون خلال الجنة، يوضع لهم الموائد، فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب، وهو قول اللّه تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (4) و(5).

7184 - أمالي الطوسي: أخبرني محمد بن محمد قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا الحسن بن عتبة قال: حدثنا أحمد بن النضر

ص:271


1- - آل عمران 3:170.
2- تفسير القمي: ج 1 ص 127. منه البحار: ج 6 ص 214.
3- النقيبة: الناقة العظيمة الضرع. (أقرب الموارد).
4- الأنبياء 21:101-103.
5- شرح الاخبار: ج 3 ص 442 ح 1305.

قال: حدثنا محمد بن الصامت الجعفي قال: كنا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعنده قوم من البصريّين فحدّثهم بحديث أبيه، عن جابر بن عبداللّه في الحجّ أملاه عليهم فلمّا قاموا قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الناس أخذوا يمينا وشمالا وإنّكم لزمتم صاحبكم فإلى أين ترون يرد بكم؟ إلى الجنّة واللّه، إلى الجنّة واللّه، إلى الجنّة واللّه(1).

7185 - شرح الاخبار: عبداللّه بن مسكان، عن زيد بن الوليد، عن يحيي بن سابق، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، قال يحيي:

دخلت عليه لأودعه مع قوم من أصحابه، فلمّا ودّعناه قال لنا: أما واللّه إنّكم لعلى دين اللّه وان من خالفكم لعلى غير الحقّ، واللّه - ما أشدّه - إنّكم في الجنّة وانّي لارجو أن يقرّ اللّه أعينكم من قريب(2).

7186 - المحاسن: البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن زيد الشحّام قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ وليّ عليّ (عليه السّلام) إن تزلّ به قدم تثبت اخرى(3).

7187 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيّدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن

ص:272


1- - أمالي الطوسي: ص 157 ح 264. منه البحار: ج 68 ص 21.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 483 ح 1393.
3- المحاسن: ص 158 ح 93. منه البحار: ج 68 ص 200.

محمّد قال: حدثنا أبي محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال:

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يقول اللّه (عزّوجلّ): من آمن بي وبنبيّي وتولّى عليّا أدخلته الجنّة، على ما كان من عمله(1).

أمالي الطوسي: أخبرنا الحفار قال: حدثنا اسماعيل الدعبلي قال: حدثنا أبي علي بن علي، عن أبيه قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله وفيه: وبنبيّي وبوليي(2).

7188 - شرح الاخبار: أبو ولاّد الحناط، قال: كنت عند أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) فدخل عليه من أصحابنا، فقال له: يابن رسول اللّه ماذا نلقى فيكم من الناس إذا علموا [انا] نحبكم أبغضونا وكرهونا واستثقلوا مجالسنا ونلقي منهم.

وكان أبو عبداللّه (عليه السّلام) متكئا، فاستوى جالسا فقال:

وما عليكم واللّه ما في النار واحد منكم، محسنكم واللّه سيد مسود في الجنّة، ومسيئكم مغفور له أي واللّه. إذا كان يوم القيامة فزع نبينا الى اللّه، وفزعنا الى نبيّنا، وفزع محبّونا إلينا.

ثمّ نظر فقال: يا أبا ولاّد، فإلى أين تري أنه يراد بنا وبكم؟

قلت: إلى الجنّة ان شاء اللّه.

قال: إلى الجنّة واللّه، إلى الجنّة واللّه(3).

ص:273


1- - أمالي الطوسي: ص 366 ح 778. منه البحار: ج 39 ص 247.
2- أمالي الطوسي: ص 380 ح 816. منه البحار: ج 68 ص 102.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 454 ح 1331.

7189 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (1).

قال: واللّه ما عنى غيركم(2).

باب (3) بشارة النبي صلّى الله عليه و آله للشيعة

7190 - شرح الاخبار: ابو بصير، عن أبي عبداللّه، عن آبائه (عليهم السّلام)، عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السّلام): بشّر شيعتك ان اللّه قد رضي عنهم إذ رضيك لهم إماما، ورضوا بك وليا.

يا علي: أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.

يا علي: شيعتك المنتجبون(3)، لولا أنت وشيعتك ما قام للّه دين، ولولا من في الأرض منكم ما أنزلت السماء قطرها.

يا علي: شيعتك القائمون بالقسط، وخيرة اللّه من خلقه.

يا علي: أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم، وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الاكبر في ظلّ العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزون، أنت وشيعتك بالموقف تطلبون، وأنتم في الجنان تتنعمون.

يا علي: إن الملائكة وخزان الجنّة يشتاقون إليكم، ويفرحون بمن

ص:274


1- - الحجر 15:47.
2- تفسير العياشي: ج 2 ص 244 ح 22. منه البحار: ج 68 ص 36.
3- المنتجب: الختار، وانتجبه: اختاره واصطفاه. (مجمع البحرين).

قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.

يا عليّ: شيعتك يخافون اللّه في السرّ والاعلان.

يا عليّ: شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لانّهم يلقون اللّه تعالى وما عليهم ذنوب.

يا عليّ: إن أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة، فافرح بصالح ما بلغني من أعمالهم، وأستغفر لسيئاتهم.

يا علي: ذكرك في التوراة، وذكر شيعتك - قبل أن يخلقوا - بكل خير، وكذلك في الانجيل، فاسأل أهل التوراة والانجيل فانهم إن صدقوك أخبروك، فانهم ليعظّمون عليا وشيعته.

يا عليّ: اخبر شيعتك ان ذكرهم في السماء في رقادهم وعند وفاتهم، فينظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم، ولما يرون من منزلتهم عند اللّه.

يا على: قل لاصحابك العارفين بك يتنزهون عن أعمال السوء التي لايفارقها عدوّهم، فما من يوم وليلة الّا ورحمة اللّه تغشاهم، فليجتنبوا الدنس.

يا عليّ: اشتدّ غضب اللّه على من قلاهم(1) وبريء منك ومنهم، واستبدل بك وبهم ومال الى غيرك، وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت، وأبغض من تولانا، وعظمت محبّة اللّه لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا عليّ: أقرئهم منّي السّلام من لم أر منهم ولم يرني، وأعلمهم

ص:275


1- - قلى فلانا: أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه، وقيل: هجره. (أقرب الموارد).

انّهم إخواني الذين اشتاق إليهم، وكذلك من جاء من بعدهم منهم، فليتمسّكوا بحبل اللّه وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل، فإنّى لا اخرجهم من هدي الى ضلال أبدا، وأخبرهم إنّ اللّه تعالى راض عنهم وأنّه يباهي بهم ملائكته، وينظر إليهم في جمعه(1) برحمة، ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.

يا علي: لا ترغب عن نصرة قوم بلغهم انّي احبّك، فأحبّوك لحبيّ إيّاك، ودانوا اللّه بمودّتك واعطوك [صفوة] المودّة في قلوبهم، واختاروك على الآباء والإخوة والأولاد، وسلكوا طريقك وقد حملوا على المكاره فينا مع الأذى وسوء القول، وما يستقبلون به من مضاضة(2)، وكن بهم رحيما، واقنع بهم، فانّ اللّه اختارهم بعلمه لنا من الخلق، خلقهم من طينتنا، واستودعهم سرّنا، وألزم قلوبهم معرفته حبّنا(3) وشرح صدورهم، وجعلهم مستمسكين بحبلنا لايؤثرون علينا من خالفنا مع ما يرون من الدّنيا عندهم، ليس الرياء منهم وليسوا [منه] اولئك مصابيح الدنيا(4).

7191 - بشارة المصطفى: أخبرني الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن الحسن بن الحسين، عن عمّه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي قال: حدثنا أبي (رحمه اللّه)،

ص:276


1- - لعلّ الأصح: في جمعهم أو في كل جمعة كما في رواية بشارة المصطفى الآتية.
2- المضض: وجع المصيبة. (أقرب الموارد).
3- الطاهر ان الاصح معرفة حبنا، أو معرفة حقنا كما في رواية بشارة المصطفى
4- شرح الاخبار: ج 3 ص 443 ح 1307.

قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليه وعلى آله السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على منبره: يا عليّ إنّ اللّه (عزّوجلّ) وهب لك حبّ المساكين والمستضعفين في الارض فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما، فطوبى لمن أحبّك وصدق بك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك.

يا عليّ: أنت العلم لهذه الامّة من أحبّك فاز، ومن أبغضك هلك.

يا عليّ: أنا المدينة وأنت بابها، «وهل تؤتى المدينة إلاّ من بابها».

يا عليّ: أهل مودّتك كلّ أوّاب حفيظ، وكلّ ذي طمر لو أقسم على اللّه لأبرّ قسمه(1).

يا عليّ: إخوانك كلّ طاهر زاك مجتهد عند الخلق، عظيم المنزلة عند اللّه (عزّوجلّ).

يا عليّ: محبّوك جيران اللّه في دار الفردوس، لايأسفون على ما فاتهم من الدّنيا.

يا عليّ: أنا وليّ لمن واليت، وأنا عدو لمن عاديت.

يا عليّ: من أحبّك فقد أحبّني، ومن أبغضك فقد أبغضني.

يا عليّ: إخوانك الذّبل الشفاه، تعرف الرهبانية في وجوههم.

ص:277


1- - الطمر: الثوب الخلق، وقيل: الكساء البالي من غير الصوف. وابرّ اليمين: أمضاها على الصدق. (أقرب الموارد).

يا عليّ: إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن(1): عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت، وعند المساءلة في قبورهم، وعند العرض، وعند الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا.

يا عليّ: حربك حربي، وسلمك سلمي، وحربي حرب اللّه وسلمي سلم اللّه، ومن سالمك فقد سالمني، ومن سالمني فقد سالم اللّه (عزوجل).

يا عليّ: بشّر إخوانك فانّ اللّه (عزّوجلّ) قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك وليّا.

يا عليّ: أنت أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجّلين.

يا عليّ: شيعتك المنتجبون، ولولا أنت وشيعتك ما قام للّه (عزّوجلّ) دين، ولولا من في الارض منكم لما أنزلت السماء قطرها.

يا عليّ: لك كنز في الجنّة وأنت ذو قرنيها، شيعتك تعرف بحزب اللّه (عزّوجلّ).

يا عليّ: أنت وشيعتك القائمون بالقسط، وخيرة اللّه من خلقه.

يا عليّ: أنا أوّل من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ثمّ سائر الخلق.

يا عليّ: أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم، وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الاكبر في ظلّ العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (2) وفيكم نزلت

ص:278


1- - هكذا في المصدر والبحار، ولعل الصحيح: ثلاثة مواطن.
2- الانبياء 21:101.

(لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (1).

يا عليّ: أنت وشيعتك تطلبون في الموقف، وأنتم في الجنان تتنعّمون.

يا عليّ: إنّ الملائكة والخزّان يشتاقون إليكم، وإنّ حملة العرش والملائكة المقرّبين ليخصّونكم بالدعاء، ويسألون اللّه لمحبّيكم، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم، كما يفرح الاهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة.

يا عليّ: شيعتك الّذين يخافون اللّه في السرّ وينصحونه في العلانية.

يا عليّ: شيعتك الّذين يتنافسون في الدرجات، لانّهم يلقون اللّه (عزّوجلّ) وما عليهم ذنب.

يا عليّ: إنّ أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل يوم جمعة فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم، وأستغفر لسيّئاتهم.

يا عليّ: ذكرك في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكلّ خير، وكذلك في الانجيل فسل أهل الانجيل وأهل الكتاب يخبرونك عن أليا، مع علمك بالتوراة والانجيل وما أعطاك اللّه (عزّوجلّ) من علم الكتاب، وإنّ أهل الانجيل ليتعاظمون أليا وما يعرفونه وما يعرفون شيعته، وإنّما يعرفونهم بما يحدثونهم في كتبهم.

يا عليّ: إنّ أصحابك ذكرهم في السّماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الارض لهم بالخير، فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهادا.

ص:279


1- - الانبياء 21:103.

يا عليّ: إنّ أرواح شيعتك لتصعد إلى السّماء في رقادهم ووفاتهم، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم، ولما يرون من منزلتهم عند اللّه (عزّوجلّ).

يا عليّ: قل لاصحابك - العارفين بك - يتنزّهون عن الاعمال الّتي يقارفها(1) عدوّهم فما من يوم ولا ليلة إلاّ ورحمة اللّه (تبارك وتعالى) تغشاهم فليجتنبوا الدّنس.

يا عليّ: اشتدّ غضب اللّه (عزّوجلّ) على من قلاهم وبريء منك ومنهم، واستبدل بك وبهم، ومال إلى عدوّك، وتركك وشيعتك، واختار الضلال، ونصب [الحرب](2) لك ولشيعتك، وأبغضنا أهل البيت، وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا عليّ: أقرئهم منّي السلام من رآني منهم ومن لم يرني، وأعلمهم أنّهم إخواني الّذين أشتاق إليهم، فليلقوا عملي إلى من [لم] يبلغ [قرني من أهل](3) القرون [من]4 بعدي وليتمسّكوا بحبل اللّه وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل فانّا لا نخرجهم من هدي إلى ضلالة، وأخبرهم أنّ اللّه (عزّوجلّ) راض عنهم، وأنّه يباهي بهم ملائكته، وينظر إليهم في كلّ جمعة برحمته، ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم.

يا عليّ: لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أنّي احبّك فأحبّوك لحبّي إيّاك، ودانوا اللّه (عزّوجلّ) بذلك، وأعطوك صفو المودّة

ص:280


1- - الاقتراف: الاكتساب. (مجمع البحرين).
2- ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3و4) - ما بين المعقوفتين من البحار.

من قلوبهم، واختاروك على الآباء والاخوة والاولاد، وسلكوا طريقك، وقد حملوا على المكاره فينا فأبوا إلاّ نصرنا، وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول، وما يقاسونه من مضاضة ذلك.

فكن بهم رحيما واقنع بهم، فإنّ اللّه (عزّوجلّ) اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق، وخلقهم من طينتنا، واستودعهم سرّنا، وألزم قلوبهم معرفة حقّنا، وشرح صدورهم، متمسّكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يزول من الدّنيا عنهم أيّدهم اللّه وسلك بهم طريق الهدي فاعتصموا به، فالناس في عمه الضلال(1)، متحيّرون في الاهواء، عموا عن الحجّة، وما جاء من عند اللّه (عزّوجلّ) فهم يصبحون ويمسون في سخط اللّه، وشيعتك على منهاج الحقّ والاستقامة، لا يستأنسون إلى من خالفهم وليست الدّنيا منهم وليسوا منها [اولئك مصابيح الدّجى](2) اولئك مصابيح الدّجى(3).

7192 - البحار: رياض الجنان - لفضل اللّه بن محمود الفارسيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لعليّ (عليه السّلام): يا عليّ: إنّ اللّه وهب لك حبّ المساكين والفقراء في الارض فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما فطوبى لمن أحبّك، وويل لمن أبغضك.

يا عليّ: أهل مودّتك كلّ أوّاب حفيظ، وكلّ ذي طمرين لو

ص:281


1- - عمه الرّجل: تردد في الضلال وتحير. وقيل العمه: أن لايعرف الحجّة وهو خاصّ بالبصيرة. (أقرب الموارد).
2- ما بين المعقوفتين من البحار.
3- بشارة المصطفى: ص 180. منه البحار: ج 68 ص 45.

أقسم على اللّه لأبرّه.

يا عليّ: أحبّاؤك كلّ محتقر عند الخلق عظيم عند الحقّ.

يا عليّ: محبّوك في الفردوس الاعلى، جيران اللّه لا يأسفون على ما فاتهم من الدّنيا.

يا عليّ: إخوانك ذبل الشفاه، تعرف الرهبانيّة في وجوههم، يفرحون في ثلاث مواطن: عند الموت، وأنا شاهدهم، وعند المساءلة في قبورهم وأنت هناك تلقّنهم، وعند العرض الاكبر إذا دعي كلّ اناس بامامهم.

يا عليّ: بشّر إخوانك أنّ اللّه قد رضي عنهم.

يا عليّ: أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين، وأنت وشيعتك الصافّون المسبّحون، ولولا أنت وشيعتك ما قام للّه دين، ولولا من في الارض منكم ما نزل من السماء قطر.

يا عليّ: لك في الجنّة كنز وأنت ذو قرنيها وشيعتك حزب اللّه، وحزب اللّه هم الغالبون.

يا عليّ: أنت وشيعتك القائمون بالقسط، وأنتم على الحوض تسقون من أحبّكم، وتمنعون من أخلّ بفضلكم وأنتم الآمنون يوم الفزع الاكبر.

يا عليّ: أنت وشيعتك تظلّلون في الموقف، وتنعّمون في الجنان.

يا عليّ: إنّ الجنّة مشتاقة إليك وإلى شيعتك وإنّ ملائكة العرش المقرّبين يفرحون بقدومهم والملائكة تستغفر لهم.

يا عليّ: شيعتك الّذين يخافون اللّه في السرّ والعلانية.

ص:282

يا عليّ: شيعتك الّذين يتنافسون في الدرجات، ويلقون اللّه ولا حساب عليهم.

يا عليّ: أعمال شيعتك تعرض عليّ في كلّ جمعة فأفرح بصالح أعمالهم وأستغفر لسيّئآتهم.

يا عليّ: ذكرك وذكر شيعتك في التوراة بكلّ خير، قبل أن يخلقوا وكذلك في الانجيل فانّهم يعظّمون أليّا وشيعته.

ياعليّ: ذكر شيعتك في السماء أكثر من ذكرهم في الأرض فبشّرهم بذلك.

يا عليّ: قل لشيعتك وأحبّائك يتنزّهون من الاعمال الّتي يعملها عدوّهم.

يا عليّ: اشتدّ غضب اللّه على من أبغضك وأبغض شيعتك(1).

7193 - الخصال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان واحمد بن محمد بن الهيثم العجليّ وعلي بن أحمد بن موسى ومحمد بن احمد السناني والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلي بن عبداللّه الورّاق (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدثنا أبو العباس احمد بن يحيي بن زكريّا القطّان، عن بكر بن عبداللّه بن حبيب قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا عبداللّه بن الضحّاك قال: حدثنا زيد بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) وحدثنا بكر بن عبداللّه ابن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا سعد بن عبدالرحمن المخزومي قال: حدثنا الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه

ص:283


1- - البحار: ج 68 ص 40 ح 85.

محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعلي بشّر شيعتك وانصارك بخصال عشر:

أوّلها: طيب المولد.

وثانيها: حسن ايمانهم باللّه.

وثالثها: حبّ اللّه (عزّوجلّ) لهم.

ورابعها: الفسحة في قبورهم.

وخامسها: النّور على الصّراط بين أعينهم.

وسادسها: نزع الفقر من بين أعينهم وغنى قلوبهم.

وسابعها: المقت من اللّه (عزّوجلّ) لاعدائهم.

وثامنها: الأمن من الجذام والبرص والجنون(1).

ياعلي وتاسعها: انحطاط الذّنوب والسّيئات عنهم.

وعاشرها: هم معي في الجنّة وأنا معهم(2).

أعلام الدين: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) يرويه عن آبائه، عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نحوه(3).

ص:284


1- - أقول: هذا الحديث - مضافا إلى ضعف سنده لجهالة بعض رواته - يخالف بعض الأحاديث التي تقول: انّ المؤمن يبتلى بكلّ بلية ويموت بكلّ ميتة إلاّ أنّه لا يقتل نفسه، وعلى فرض صدوره عن المعصوم ينبغي حمله على الافراد الكمّلين من الشيعة والّذين هم في أعلى درجات الإيمان فهؤلاء لا يبتليهم اللّه بأمراض تسبّب شماتة الأعداء بهم، واللّه العالم بحقائق الأمور.
2- الخصال: ص 430 ح 10.
3- اعلام الدين: ص 450. منه البحار: ج 27 ص 162.

باب (4) نور الشيعة في القيامة

7194 - فضائل الشيعة: باسناده عن معاوية بن عمّار، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إذا كان يوم القيامة يؤتى بأقوام على منابر من نور تتلألأ وجوههم كالقمر ليلة البدر يغبطهم الاوّلون والآخرون، ثمّ سكت ثمّ أعاد الكلام ثلاثا فقال عمر بن الخطّاب: بأبي أنت وامّي هم الشهداء؟

قال: هم الشهداء وليس هم الشهداء الّذين تظنّون.

قال: [هم الانبياء؟

قال: هم الأنبياء وليس هم الانبياء الّذين تظنون.

قال:](1) هم الأوصياء؟

قال: هم الاوصياء وليس هم الاوصياء الّذين تظنّون.

قال: فمن أهل السماء أو من أهل الارض؟

قال: هم من أهل الارض.

قال: فأخبرني من هم؟

قال: فاومأ بيده إلى عليّ (عليه السّلام) فقال: هذا وشيعته، ما يبغضه من قريش إلاّ سفاحيّ (2)، ولا من الانصار إلاّ يهودي ولا من العرب إلاّ دعي3 ولا من سائر الناس إلاّ شقيّ.

ص:285


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2و3) - السفاح: الزنا والفجور. والدعيّ: المنسوب الى غير أبيه (لسان العرب).

يا عمر كذب من زعم أنّه يحبّني ويبغض عليّا(1).

7195 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن ابن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يبعث اللّه عبادا يوم القيامة تهلّل وجوههم نورا، عليهم ثياب من نور، فوق منابر من نور، بأيديهم قضبان من نور، عن يمين العرش وعن يساره بمنزلة الأنبياء، وليسوا بأنبياء، وبمنزلة الشهداء، وليسوا بشهداء، فقام رجل وقال: يا رسول اللّه أنا منهم؟

فقال: لا.

فقام آخر فقال: يا رسول اللّه أنا منهم؟

فقال: لا.

فقال: من هم يا رسول اللّه؟

قال: فوضع يده على منكب عليّ (عليه السّلام) فقال: هذا وشيعته(2).

7196 - قرب الاسناد: بهذا الاسناد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: إذا حمل أهل ولايتنا على الصراط يوم القيامة نادى مناد: يا نار اخمدي! فتقول النار: عجّلوا جوزوا بي فقد أطفأ نوركم لهبي3.

7197 - قرب الاسناد: السنديّ بن محمّد، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:286


1- - فضائل الشيعة: ص 29 ح 25. منه البحار: ج 68 ص 68.
2- (2و3) - قرب الاسناد: ص 49. منه البحار: ج 68 ص 15 و 16.

وآله) عن يمين العرش وكلتا يديه يمينان:(1) عن يمين العرش قوم على وجوههم نور، لباسهم من نور، على كراسيّ من نور.

فقال له عليّ (عليه السّلام): يا رسول اللّه من هؤلاء؟

فقال له: شيعتنا وأنت إمامهم(2).

7198 - العمدة لابن بطريق: باسناده قال: اخبرنا ابو الحسن احمد بن المظفر العطار الفقيه الشافعي قال: اخبرنا عبداللّه بن أحمد ابن عثمان المزني الملقب بابن السقّاء الحافظ (قال:) حدثنا عبداللّه بن زيدان قال: حدثنا علي بن يونس العطّار قال: حدثني محمد بن علي الكندي قال: حدثنا محمد بن مسلم قال: حدثني جعفر بن محمّد قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثني علي بن الحسين قال:

حدثني الحسين بن علي قال: حدثني عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: يا عليّ إنّ شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة - على ما بهم من العيوب والذّنوب - [و] وجوههم كالقمر في ليلة البدر وقد فرّجت(3) عنهم الشدائد وسهّلت لهم الموارد وأعطوا الامن والامان وارتفعت عنهم الاحزان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، شرك نعالهم تتلألأ نورا، على نوق بيض لها أجنحة قد ذلّلت من غير مهانة، ونجبت من غير رياضة، أعناقها من ذهب أحمر ألين من الحرير،

ص:287


1- - عن يمين اللّه وكلتا يديه يمين - البحار.
2- قرب الاسناد: ص 29. منه البحار: ج 68 ص 14.
3- فرصت - البحار. فرّض الخشبة: حززها. وحزّ الشيء: قطعه. (أقرب الموارد).

لكرامتهم على اللّه (عزّوجلّ)(1).

شرح الاخبار: جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام)، عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نحوه(2).

7199 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: يخرج أهل ولايتنا يوم القيامة من قبورهم مشرقة وجوههم مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد فرّجت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، وقد أعطوا الامن والأمان(3) وانقطعت عنهم الأحزان، حتّى يحملوا على نوق بيض لها أجنحة، عليهم نعال من ذهب شركها النور حتّى يقعدون في ظلّ عرش الرحمن، على منابر من نور، بين أيديهم مائدة يأكلون عليها حتّى يفرغ الناس من الحساب(4).

باب (5) الشّيعة ينظرون إلى وجه رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

7200 - شرح الاخبار: هاشم الصداني، قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا هاشم حدثني أبي، وأبي هو خير مني، عن جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) انّه قال: ما من رجل من

ص:288


1- - العمدة: ص 371 ح 730. منه البحار: ج 27 ص 142.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 468 ح 1360.
3- والايمان - البحار.
4- قرب الاسناد: ص 49. منه البحار: ج 68 ص 15.

شيعتنا يموت الاّ خرج من قبره يوم القيامة مثل القمر ليلة البدر، فيقال له: سل.

فيقول: أسأل في النّظر إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله).

قال: فيأذن اللّه تعالى لشيعتنا في زيارة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في الجنّة، وينصب لمحمّد منبر فيصعد عليه هو وعليّ (عليه السّلام) ويحف بذلك المنبر شيعة آل محمّد ويلقى عليهم النّور، حتى أن أحدهم إذا رجع إلى منزله لم تقدر الحور أن تملا أبصارها منه.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فلمثل هذا فليعمل العاملون(1).

باب (6) الشيعة آمنون من الفزع

7201 - شرح الاخبار: [سماعة] بن مهران، قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا سماعة، كيف حبّك لإخوانك؟

قلت: جعلت فداك، واللّه إنّي احبّهم وأودّهم.

قال: يا سماعة: إذا رأيت الرجل شديد الحبّ لاخوانه فهكذا هو في دينه.

يا سماعة: إنّ اللّه يبعث شيعتنا يوم القيامة - على ما فيهم من عيوب، ولهم من ذنوب - مبيضّة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد سهلت مواردهم وذهبت عنهم الشدائد، يحزن الناس ولا يحزنون، يفزع الناس ولا يفزعون، وذلك قوله تعالى: (مِنْ فَزَعٍ)

ص:289


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 498 ح 1428.

(يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (1) و(2).

باب (7) بهذه الخصال نالوا الدّرجات

7202 - تأويل الآيات الظاهرة: ما ذكره الكراجكي (رحمه اللّه) في كنز الفوائد، بإسناده عن رجاله، مرفوعا إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اذا كان يوم القيامة، يقبل قوم على نجائب من نور، ينادون بأعلى أصواتهم: الحمد للّه الّذي صدقنا وعده وأورثنا أرضه نتبوأ من الجنة حيث نشاء.

قال: فتقول الخلائق: هذه زمرة الأنبياء، فاذا النداء من قبل اللّه (عزّوجلّ): هؤلاء شيعة علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، فهم صفوتي من عبادي، وخيرتي من بريتي.

فتقول الخلائق: الهنا وسيّدنا، بما نالوا هذه الدّرجة؟

فاذا النداء من اللّه: بتختّمهم في اليمين، وصلاتهم احدى وخمسين، واطعامهم المسكين، وتعفيرهم الجبين(3) وجهرهم ببسم اللّه الرحمن الرحيم(4).

ص:290


1- - النمل 27:89.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 436 ح 1293.
3- لعله إشارة إلى السّجود على التّراب، حيث يختصّ الشّيعة بذلك، عملا بقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): «جعلت لي الارض مسجدا وطهورا» أمّا غير الشيعة فيسجدون على غير الارض من المفروشات وغيرها، وبهذا تبطل صلواتهم، وترفض عبادتهم.
4- تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 524 ح 38.

اعلام الدين: من كتاب (المؤمن) للحسين بن سعيد، عن صفوان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال: اذا كان يوم القيامة يقبل قوم على نجائب.... وذكر نحوه(1).

البحار: كتاب (المحتضر) للشيخ حسن بن سليمان من كتاب السيّد حسن بن كبش باسناده، عن الصادق (عليه السّلام) قال: اذا كان يوم القيامة.... وذكر نحوه(2).

باب (8) النبي ابراهيم وأنوار محمّد وآل محمّد عليهم السّلام

7203 - تأويل الآيات الظاهرة: روي الشيخ محمّد بن العباس (رحمه اللّه)، عن محمد بن وهبان، عن ابي جعفر محمّد بن علي بن رحيم، عن العباس بن محمّد قال: حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة قال: حدثني أبي، عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم قال: سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) عن تفسير هذه الآية: (وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (3).

فقال (عليه السّلام): إنّ اللّه سبحانه لمّا خلق إبراهيم (عليه السّلام) كشف له عن بصره، فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش فقال:

إلهي ما هذا النور؟

فقيل له: هذا نور محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) صفوتي من خلقي.

ص:291


1- - اعلام الدين: ص 447. منهما البحار: ج 85 ص 79 و 80.
2- البحار: ج 85 ص 81 ح 21.
3- الصافات 37:83.

ورأى نورا إلى جنبه فقال: إلهي وما هذا النور؟

فقيل له: هذا نور علي بن أبي طالب ناصر ديني.

ورأى إلى جنبهم ثلاثة أنوار فقال: إلهي ما هذه الأنوار؟

فقيل له: هذا نور فاطمة فطمت محبّيها من النار، ونور ولديها الحسن والحسين.

ورأى تسعة أنوار قد حفّوا(1) بهم فقال: إلهي وما هذه الانوار التسعة؟

قيل: يا إبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولد علي وفاطمة.

فقال إبراهيم: إلهي بحقّ هؤلاء الخمسة إلاّ عرّفتني من التسعة؟

قيل: يا إبراهيم: أوّلهم علي بن الحسين وابنه محمّد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّد وابنه علي وابنه الحسن والحجة القائم ابنه.

فقال إبراهيم: إلهي وسيّدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لايحصي عددهم إلاّ أنت.

قيل: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم، شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

فقال إبراهيم: وبم تعرف شيعته؟

قال: بصلاة إحدى وخمسين. والجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم. والقنوت قبل الركوع. والتختّم في اليمين.

فعند ذلك قال إبراهيم: اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين.

قال: فاخبر اللّه في كتابه فقال (وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) .

ص:292


1- - قد أحدقوا - البحار.

تنبيه: فإذا كان إبراهيم (عليه السّلام) من شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) فيكون [علي] أفضل منه لانّ المتبوع أفضل من التابع وهذا لايحتاج إلى بيان ولا إلى دليل وبرهان(1).

باب (9) الشّيعة هم الفائزون

7204 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه: أنا وهذا - يعني عليّا - كهاتين، وضم بين أصبعيه وشيعتنا معنا ومن أعان مظلوما كذلك(2).

7205 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد قال:

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): توضع يوم القيامة منابر حول العرش لشيعتي وشيعة أهل بيتي المخلصين في ولايتنا ويقول اللّه (عزّوجلّ): هلمّ يا عبادي إليّ لانشر عليكم كرامتي، فقد اوذيتم في

ص:293


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 496 ح 9. منه البحار: ج 36 ص 151.
2- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 58 ح 215. منه البحار: ج 68 ص 19.

الدّنيا(1).

7206 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد، عن عليّ (عليه السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ترد شيعتك يوم القيامة رواء غير عطاش، ويرد عدوّك عطاشا يستسقون فلا يسقون(2).

7207 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) - أمالي الصدوق:

حدثنا الحسين بن ابراهيم بن تاتانة(3)، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريّان بن الصلت، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة(4).

7208 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال قال:

حدثنا العباس بن عامر قال: حدثنا أحمد بن رزق، عن مهزم بن أبي بردة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إذا أنت أحصيت ما على الارض من شيعة عليّ (عليه السّلام) فلست تلاقي إلاّ من هو حطب جهنّم، إنّه لينعم على أهل خلافكم بجواركم إيّاهم، ولولا ما

ص:294


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 60 ح 232. منه البحار: ج 68 ص 19.
2- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 60 ح 238. منه البحار: ج 68 ص 19.
3- ناتانة - أمالي الصدوق.
4- عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 52 ح 201 - امالي الصدوق: ص 295 ح 13. منهما البحار: ج 68 ص 9.

على الارض من شيعة عليّ (عليه السّلام) ما نظرت إلى غيث أبدا، إنّ أحدكم ليخرج وما في صحيفته حسنة فيملأها اللّه له حسنات قبل أن ينصرف وذلك أنّه يمرّ بالمجلس وهم يشتموننا، فيقال: اسكتوا هذا من الفلانيّة، فاذا مضى عنهم شتموه فينا(1).

أقول: الظاهر من هذا الحديث أنّك إذا أحصيت شيعة علي (عليه السّلام) ووضعتهم في جانب فإنّك لا تجد غيرهم إلاّ من هو حطب لجهنم.

7209 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو النجم محمّد ابن عبدالوهاب بن عيسى الرازي قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيشابوري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن المقري قال: حدثنا السيد أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون العلوي الحسني، قال: حدثنا أبو أحمد بن محمّد بن علي العبدي قال: حدثنا محمد بن جعفر القمي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبداللّه البرقي قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن صفوان بن يحيي قال: قال جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): من اعتصم باللّه (عزّوجلّ) هدي، ومن توكلى على اللّه (عزّوجلّ) كفي، ومن قنع بما رزقه اللّه (عزّوجلّ) غنى، ومن اتّقى اللّه (عزّوجلّ) نجا، فاتّقوا اللّه عباد اللّه ما استطعتم، وأطيعوا اللّه وسلّموا الامر لاهله تفلحوا، واصبروا فإنّ اللّه مع الصّابرين (وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) الآية(2)(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ)

ص:295


1- - أمالي الطوسي: ص 674 ح 1422. منه البحار: ج 68 ص 75.
2- الحشر 59:19.

(الْفائِزُونَ) (1) وهم شيعة علي (عليه السّلام).

حدثني بذلك أبي، عن أبيه، عن ام سلمة زوج النبي قالت:

أقرأني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) والظاهر سقوط قولها وقال (صلّى اللّه عليه وآله): وهم شيعة علي (عليه السّلام)(2).

7210 - التهذيب: علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن أبي شبل قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): من أحبّكم على ما أنتم عليه دخل الجنّة وان لم يقل كما تقولون(3).

7211 - شرح الاخبار: أبو بكر الحضرمي قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): قول أبيك: لو أدركت عكرمة(4) قبل أن يموت

ص:296


1- - الحشر 59:20.
2- بشارة المصطفى: ص 96. منه البحار: ج 69 ص 399.
3- التهذيب: ج 1 ص 468 ح 1536.
4- عكرمة: فقيه تابعي كان غلاما لابن عباس مات سنة سبع ومائة، وذكر في الكافي: ج 3 ص 123 ح 5 رواية اخرى عن الامام الباقر (عليه السّلام) نذكرها توضيحا لهذا الحديث وإتماما للفائدة: محمدبن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: كنّا عنده وعنده حمران إذ دخل عليه مولى له فقال: جعلت فداك هذا عكرمة في الموت وكان يرى رأي الخوارج وكان منقطعا إلى أبي جعفر (عليه السّلام). فقال لنا أبو جعفر (عليه السّلام): أنظروني حتى أرجع إليكم. فقلنا: نعم، فما لبث أن رجع فقال: أما إنّي لو أدركت عكرمة قبل أن تقع النّفس موقعها لعلّمته كلمات ينتفع بها ولكنّي ادركته وقد وقعت النّفس موقعها. قلت: جعلت فداك وما ذاك الكلام؟ قال: هو والله ما انتم عليه فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلّا اللّه والولاية.

لعلّمته كلمات لا تطعمه النار.

قال: نعم.

قلت: جعلت فداك وما هنّ؟

قال: ما أنتم عليه.

ثمّ قال: من تولى محمدا لم تطعمه النار(1).

باب (10) الشّيعة نوبا اللّه في الظّلمات

7212 - الكافي: ابو علي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن روج، عن فضيل الصايغ قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أنتم واللّه نور في ظلمات الارض، واللّه إنّ أهل السّماء لينظرون إليكم في ظلمات الارض كما تنظرون أنتم إلى الكوكب الدّريّ في السماء، وإنّ بعضهم ليقول لبعض: يا فلان عجبا لفلان كيف أصاب هذا الأمر؟!! وهو قول أبي (عليه السّلام): واللّه ما أعجب ممّن هلك كيف هلك ولكن أعجب ممّن نجا كيف نجا(2).

7213 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أنتم واللّه نور في ظلمات الارض(3).

ص:297


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 482 ح 1389.
2- الكافي: ج 8 ص 275 ح 415.
3- المحاسن: ص 162 ح 112. منه البحار: ج 68 ص 28.

7214 - شرح الاخبار: عبدالعلي بن أعين، قال: سمعت أبا عبداللّه - يعني: جعفر بن محمّد (عليه السّلام) - يقول: إنّا واتباعنا، ليكون منّا الرجل في البيت يتلو القران، فيزهر لاهل السّماء كما يزهر الكوكب الدرّي لأهل الارض(1).

باب (11) عبادات الشيعة مقبولة

7215 - الكافي: أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن ابن فضّال، عن إبراهيم بن أخي أبي شبل، عن أبي شبل قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام) ابتداء منه: أحببتمونا وأبغضنا الناس وصدّقتمونا وكذّبنا الناس ووصلتمونا وجفانا الناس فجعل اللّه محياكم محيانا ومماتكم مماتنا(2) أما واللّه ما بين الرّجل وبين أن يقرّ اللّه عينه(3) إلاّ أن تبلغ نفسه هذا المكان - وأومأ بيده إلى حلقه - فمدّ الجلدة(4).

ثمّ أعاد ذلك فواللّه ما رضي حتّى حلف لي فقال: واللّه الّذي لا إله إلاّ هو لحدّثني أبي محمّد بن عليّ (عليهما السّلام) بذلك.

ص:298


1- - شرح الأخبار: ج 3 ص 471 ح 1366.
2- أي كمحيانا في التوفيق والهداية والرّحمة «ومماتكم كمماتنا» في الوصول الى السعادة الأبدية. (مرآة العقول).
3- أي يسرّه برؤية مكانه في الجنّة ومشاهدة النبي والائمة (صلوات الله عليهم) وسماع البشارات منهم رزقنا اللّه وسائر المؤمنين ذلك. (مرآة العقول).
4- قوله: «فمد الجلدة» أي جلدة الحلق. (مرآة العقول).

يا أبا شبل أما ترضون أن تصلّوا ويصلّوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم؟! أما ترضون أن تزكوا ويزكوا فيقبل منكم ولا يقبل منهم؟! أما ترضون أن تحجّوا ويحجّوا فيقبل اللّه (جلّ ذكره) منكم ولا يقبل منهم؟! واللّه ما تقبل الصّلاة إلاّ منكم ولا الزكاة إلاّ منكم ولا الحجّ إلاّ منكم فاتّقوا اللّه (عزّوجلّ) فإنّكم في هدنة(1) وأدّوا الامانة، فإذا تميّز الناس فعند ذلك ذهب كلّ قوم بهواهم وذهبتم بالحقّ ما أطعتمونا(2) أليس القضاة والامراء وأصحاب المسائل منهم؟

قلت: بلى.

قال (عليه السّلام): فاتّقوا اللّه (عزّوجلّ) فإنّكم لاتطيقون الناس كلّهم إنّ الناس أخذوا هاهنا وهاهنا وإنّكم أخذتم حيث أخذ اللّه (عزّوجلّ)، إنّ اللّه (عزّوجلّ) اختار من عباده محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) فاخترتم خيرة اللّه، فاتّقوا اللّه وأدّوا الأمانات إلى الاسود والأبيض وإن كان حروريّا وإن كان شاميّا(3).

عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن إبراهيم بن أخي أبي شبل، عن أبي شبل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(4).

ص:299


1- - «فإنكم في هدنة» أي مصالحة مع المخالفين والمنافقين، لايجوز لكم الآن منازعتهم. (مرآة العقول).
2- أي ما دمتم مطيعين لنا. (مرآة العقول).
3- «وان كان حروريا» أي من خوارج العراق. «وان كان شاميا» أي من نواصب الشام. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 8 ص 236 ح 316 و 317.

7216 - اعلام الدين: من كتاب (فرج الكرب): قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) لاصحابه ابتداء منه: أحببتمونا وأبغضنا الناس، وصدّقتمونا وكذّبنا الناس، ووصلتمونا وجفانا الناس، فجعل اللّه محياكم محيانا ومماتكم مماتنا.

أما واللّه ما بين الرجل منكم وبين أن يقرّ اللّه عينه إلاّ أن تبلغ نفسه هذا المكان - وأومأ إلى حلقه فمدّ الجلدة، ثمّ أعاد ذلك فواللّه ما رضي حتّى حلف - فقال: واللّه الّذي لا إله إلاّ هو، لحدّثني أبي محمّد بن علي بذلك، إنّ الناس أخذوا هاهنا وهاهنا وإنّكم أخذتم حيث أخذ اللّه، إنّ اللّه اختار من عباده محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله)، واخترتم خيرة اللّه فاتّقوا اللّه وأدّوا الامانات إلى الاسود والأبيض إن كان حروريّا وإن كان شاميّا(1).

7217 - شرح الاخبار: ابراهيم بن أبي السبيل، قال: قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) - ونحن جماعة من أوليائه جلوسا بين يديه، ابتدأ من قبل نفسه -: احببتمونا وابغضنا الناس وصدّقتمونا وكذّبنا الناس، فجعل اللّه محياكم [ومماتكم] محيانا ومماتنا، واللّه ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينه الاّ أن تبلغ نفسه الى هذا المكان - وأومى بيده إلى حلقه، ومدّ جلده -.

ثمّ أعاد ذلك، واللّه ما رضي بذلك حتى حلف لنا، فقال: واللّه الذي لا إله إلاّ هو يحدّثني ابن عمّي - ابن علي - بذلك، أما ترضون أن تصلّوا ويصلّو [ن] فيقبل منكم ولا يقبل منهم، واللّه لا تقبل الصّلاة الّا منكم، ولا الزكاة إلّا منكم، ولا الحج إلاّ منكم، فاتقوا اللّه فانكم

ص:300


1- - اعلام الدين: ص 457. منه البحار: ج 27 ص 163.

في هدنة، وأدوا الامانة، فاذا تميز الناس فعند ذلك يذهب كل قوم إلى جهة أهوائهم، وتذهبون حيث ذهب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعلي (عليه السّلام).

إنّ النّاس أخذوا من ها هنا وها هنا وأنتم أخذتم حيث أخذ اللّه، إن اللّه اختار لكم من عباده محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) واخترتم خيرة اللّه، فمحمّد خيرة اللّه، ونحن خيرة اللّه، فاتقوا اللّه وأدوا الامانات إلى الاسود والأبيض، وان كان حروريا، وان كان شاميا(1).

7218 - دعائم الاسلام: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال يوما لبعض شيعته: أحببتمونا وأبغضنا الناس، وواليتمونا وعادانا الناس، وصدّقتمونا وكذّبنا الناس، ووصلتمونا وقطعنا الناس، فجعل اللّه محياكم محيانا، ومماتكم مماتنا، أما واللّه، ما بين الرجل منكم وبين أن يري ما تقرّ به عينه إلاّ أن تبلغ نفسه هذا المكان - وأومى بيده إلى حلقه - أما ترضون أن تصلّوا ويصلّون فيقبل منكم ولا يقبل منهم؟!! وتصوموا ويصومون فيقبل منكم ولا يقبل منهم؟!! وتحجّوا ويحجّون فيقبل منكم ولا يقبل منهم؟!! واللّه ما تقبل الصّلاة والزّكاة والصوم والحجّ وأعمال البرّ كلّها إلاّ منكم.

إنّ الناس أخذوا يمينا وشمالا هاهنا وهاهنا وأخذتم حيث أخذ نبيّ اللّه وأولياء اللّه، وإنّ اللّه اختار من عباده محمدا وآله، فاخترتم ما اختار اللّه، فاتقوا اللّه وأدّوا الامانة الى الاسود والأبيض وإن كان

ص:301


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 480 ح 1385.

حروريّا وإن كان شاميا وإن كان أمويّا(1).

7219 - البحار: كتاب (المحتضر) للحسن بن سليمان ممّا رواه من كتاب السيّد حسن بن كبش باسناده إلى أبي حمزة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول لرجل من الشيعة: أنتم الطيّبون ونساؤكم الطيبات وكلّ مؤمن صدّيق، وقال: سمعته يقول: شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللّه (عزّوجلّ) يوم القيامة بعدنا، وما من شيعتنا أحد يقوم إلى الصّلاة إلاّ اكتنفته فيها عدد من خالفه(2) من الملائكة يصلّون عليه جماعة حتّى يفرغ من صلاته، وإن الصائم منكم ليرتع في رياض الجنّة، تدعو له الملائكة حتّى يفطر(3).

7220 - شرح الاخبار: علي بن النعمان، عن يزيد بن خليفة الحلواني، قال: قال لنا أبو عبداللّه (عليه السّلام): واللّه ما على أحدكم لو قد كان على قلّة جبل حتى ينتهي إليه أجله. انه من عمل للّه كان ثوابه على اللّه، وان كل رياء فهو شرك(4).

7221 - بصائر الدرجات: حدثنا الحسن بن عليّ، عن إبراهيم، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

إنّ اللّه جعل لنا شيعة فجعلهم من نوره، وصبغهم في رحمته، وأخذ ميثاقهم لنا بالولاية على معرفته يوم عرّفهم نفسه، فهو المتقبّل من محسنهم، المتجاوز عن مسيئهم، من لم يلق اللّه بما هو عليه لم يتقبّل

ص:302


1- - دعائم الاسلام: ج 1 ص 74. منه المستدرك: ج 1 ص 173.
2- عدد من خلفه - خ ل.
3- البحار: ج 27 ص 131 ح 123.
4- شرح الأحبار: ج 3 ص 484 ح 1401.

منه حسنة ولم يتجاوز عنه سيّئة(1).

7222 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، ومحمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيي، عن إسحاق بن عمّار، عن عبّاد بن زياد قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا عبّاد ما على ملّة إبراهيم أحد غيركم وما يقبل اللّه إلاّ منكم، ولا يغفر الذنوب إلاّ لكم(2).

7223 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عمّن ذكره، عن عبيد بن زرارة، عن محمّد بن مارد قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): حديث روي لنا أنّك قلت:

إذا عرفت فاعمل ما شئت؟

فقال: قد قلت ذلك.

قال: قلت: وإن زنوا أو سرقوا أو شربوا الخمر؟

فقال لي: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون(3)، واللّه ما أنصفونا أن نكون اخذنا بالعمل ووضع عنهم، إنّما قلت: إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره فانّه يقبل منك(4).

ص:303


1- - بصائر الدرجات: ص 100 ح 3. منه البحار: ج 67 ص 74.
2- المحاسن: ص 147 ح 56. منه البحار: ج 68 ص 89.
3- «إنا للّه» إشارة إلى أنّ هذا الافتراء علينا بفهم هذا المعنى، مصيبة عظيمة. «أن نكون اخذنا بالعمل» الحاصل أنّ التكليف لم يوضع عنّا، فكيف وضع عنهم بسببنا؟! أو إنّا نخاف العقاب ونتوب ونتضرع إلى اللّه تعالى، وهم آملون بسبب ولايتنا؟! انّ هذا ليس بانصاف، ثم أفاد (عليه السّلام) انّ غرضي من هذا الكلام اشتراط قبول العمل بالولاية، لاسقوط التكليف أو العقاب رأسا عنهم. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 2 ص 464 ح 5.

باب (12) هداية اللّه للشيعة

7224 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال: اخبرنا ابو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن عبداللّه بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فسلّمنا عليه وجلسنا بين يديه فسألنا: من أنتم؟

قلنا: من أهل الكوفة.

فقال: أما إنّه ليس من بلد من البلدان أكثر محبّا لنا من أهل الكوفة، ثمّ هذه العصابة خاصّة، إنّ اللّه هداكم لامر جهله الناس، أحببتمونا وأبغضنا الناس، وصدّقتمونا وكذّبنا الناس واتّبعتمونا وخالفنا الناس، فجعل اللّه محياكم محيانا، ومماتكم مماتنا، فأشهد على أبي أنّه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينه ويغتبط(1) إلاّ أن تبلغ نفسه هاهنا - ثمّ أهوى بيده إلى حلقه - ثمّ قال:

وقد قال اللّه في كتابه: (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً) فنحن ذرّيّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

7225 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني

ص:304


1- - أو يغتبط - البحار.
2- أمالي الطوسي: ص 678 ح 1440، والآية في سورة الرعد 13:38. منه البحار: ج 27 ص 165.

أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه اللّه) قال:

حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن عبداللّه بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبداللّه (عليه السّلام) في زمن بني مروان فقال:

ممن أنتم؟

قلنا: من أهل الكوفة.

قال: ما من البلدان أكثر محبّا لنا من أهل الكوفة، لاسيّما هذه العصابة، إنّ اللّه هداكم لأمر جهله الناس فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وبايعتمونا(1) وخالفنا الناس، وصدّقتمونا وكذّبنا الناس، فأحياكم اللّه محيانا، وأماتكم مماتنا فأشهد على أبي [أنّه] كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يري ما تقرّ به عينه أو يغتبط إلاّ أن تبلغ نفسه هكذا - وأهوي بيده إلى حلقه - وقد قال اللّه (عزّوجلّ) في كتابه: (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً) فنحن ذريّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو علي الحسن بن الشيخ الفقيه السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قال: أخبرنا الشيخ السعيد الوالد قال: أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد (رحمهم اللّه) قال: حدثني أبي، عن

ص:305


1- - وتابعتمونا - البحار.
2- أمالي الطوسي: ص 144 ح 234. منه البحار: ج 68 ص 20.

عبداللّه بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبداللّه (عليه السّلام)....

وذكر نحوه(1).

شرح الاخبار: عبداللّه بن الوليد السمّان قال: دخلنا على أبي عبداللّه (عليه السّلام) [في زمن بني مروان] وأربعون شابّا من أهل الكوفة [فقال (عليه السّلام): ممن أنتم؟ قلنا: من أهل الكوفة] فقال:

ما من بلد من البلدان أكثر محبّا.... وذكر نحوه(2).

7226 - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن أبي الصباح، عن بشير الدهان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

سمعته يقول: وصلتم وقطع الناس، وأحببتم وأبغض الناس، وعرفتم وانكر الناس، وهو الحق، ان اللّه اتّخذ محمدا عبدا قبل أن يتّخذه رسولا، وان عليا (عليه السّلام) كان عبدا لله، ناصح اللّه فنصحه وأحبّ اللّه فأحبّه، ان حقنا في كتاب اللّه بيّن، لنا صفو المال، وإنّا قوم فرض اللّه طاعتنا في كتابه وأنتم تأتمّون بمن لا يعذر الناس بجهالته وقد قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): «من مات وليس عليه امام فميتته جاهلية» عليكم بتقوي اللّه فقد رأيتم أصحاب علي (عليه السّلام)(3).

7227 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبيه(4)، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن

ص:306


1- - بشارة المصطفى: ص 81. منه البحار: ج 68 ص 131.
2- شرح الأخبار: ج 3 ص 459 ح 1345.
3- الأصول الستة عثر: ص 78. منه المستدرك: ج 18 ص 174 مختصرا.
4- (عن أبيه) ليس في البحار.

المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: إنّ في السّماء الرّابعة ملائكة يقولون في تسبيحهم:

«سبحان من دلّ هذا الخلق القليل من هذا الخلق الكثير على هذا الدين العزيز»(1).

7228 - شرح الاخبار: ابن مسكان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال: إنّ اللّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا وكل به ملكا حتّى يأخذ بعنقه - وأشار باصبعه - فيدخله في هذا الامر شاء أو أبى(2).

باب (13) «شيعتنا حواريونا))

7229 - الكافي: محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا (قالوا:) حدّثنا ابن محبوب، عن أبي يحيي كوكب الدّم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ حواري عيسى (عليه السّلام) كانوا شيعته وإنّ شيعتنا حواريّونا، وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا، وإنّما قال عيسى (عليه السّلام) للحواريّين: (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللّهِ) (3) فلا واللّه ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا واللّه لم يزالوا - منذ قبض اللّه (عزّ ذكره) رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) -

ص:307


1- - أمالي الطوسي: ص 144 ح 235. منه البحار: ج 68 ص 21.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 485 ح 1403.
3- الصف 61:14. و «إلى اللّه» أي متوجّها إليه.

ينصرونا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذّبون ويشرّدون فى البلدان، جزاهم اللّه عنّا خيرا.

وقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): واللّه لو ضربت خيشوم محبّينا بالسيف ما أبغضونا، وواللّه لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم(1) من المال ما أحبّونا(2).

باب (14) ذكر آل محمّد عليهم السّلام عبادة

7230 - شرح الاخبار: ابن الكيسان الصنعاني، قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) يقول: إن للّه ملائكة سياحين في الارض ليس لهم عمل الاّ السياحة، فإذا مرّوا بملأ يذكرون آل محمّد (صلوات اللّه عليهم أجمعين) ينادون: ها هنا، إلى ذكر أولياء اللّه، ويشهدونهم في مجلسهم، ويسمعون حديثهم، ثم يعرجون إلى السماء، فيكتبون ذلك فيها ويقولون: ذكر محمّد وآل محمّد في مجلس كذا وكذا(3).

7231 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد، عن علي بن المستورد النخعي، عمّن رواه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ من الملائكة الّذين في سماء الدّنيا ليطلعون على الواحد والاثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمّد (عليهم السّلام) فيقولون: أما

ص:308


1- - كناية عن كثرة العطاء. في القاموس: حثوت له: أي أعطيته كثيرا.
2- الكافي: ج 8 ص 268 ح 396.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 458 ح 1342.

ترون هؤلاء في قلّتهم وكثرة عدوّهم يصفون فضل آل محمّد؟! فتقول الطائفة الأخرى من الملائكة: ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم(1).

باب (15) الشيعة أهل المعرفة

7232 - شرح الاخبار: ابن زياد قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ) ؟(2).

قال: هو واللّه ما أنتم عليه من المعرفة(3).

7233 - شرح الاخبار: عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، عن أبيه: أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال [لعلي]: إنّ في السّماء حرسا، وهم الملائكة، وفي الارض حرسا، وهم شيعتك يا علي(4).

باب (16) الشياطين تفرّق مجالس الذكر

7234 - شرح الاخبار: علي بن حمزة، قال: قال أبو عبداللّه

ص:309


1- - الكافي: ج 8 ص 334 ح 521.
2- البقرة 2:269.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 460 ح 1347.
4- شرح الاخبار: ج 3 ص 456 ح 1339.

جعفر بن محمّد (عليه السّلام): ما اجتمع من أصحابنا جماعة في ذكر اللّه أو في شيء من ذكرنا الّا بعث إبليس شيطانا في عنقه شريط ليفرق جماعتهم.

ثمّ قال علي بن حمزة: جاءني قوم من أصحابنا ليستمعوا منّي شيئا، فتجللت بهم موضعا حتى جئنا الى مسجد بني كاهل فدخلنا المسجد، فلمّا أخذنا في الحديث، فلم نلبث أن جاء صبيان يرموننا بالاجر، فذكرت الحديث(1).

باب (17) الشّيعة مغفور لهم

7235 - شرح الاخبار: جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لعلي (عليه السّلام): إنّ اللّه قد غفر لك ولولدك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبّي محبّي شيعتك(2).

7236 - كتاب التمحيص: عن فرات بن أحنف قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه رجل من هؤلاء الملاعين فقال: واللّه لاسوءنّه في شيعته، فقال: يا أبا عبداللّه أقبل إليّ فلم يقبل إليه فأعاد فلم يقبل إليه، ثمّ أعاد الثالثة.

فقال: ها أنا ذا مقبل فقل، ولن تقول خيرا.

فقال: إنّ شيعتك يشربون النبيذ!!

ص:310


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 459 ح 1344.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 460 ح 1348.

فقال: وما بأس النبيذ؟! أخبرني أبي عن جابر بن عبداللّه أنّ أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كانوا يشربون النبيذ.

فقال: ليس اعنيك النبيذ إنّما اعنيك المسكر.

فقال: شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم (1)رسيس، وإن فعل ذلك الخذول منهم فيجد ربا رؤفا ونبيّا بالاستغفار له عطوفا، ووليّا له عند الحوض ولوفا(2)، وتكون [أنت] وأصحابك ببرهوت(3) ملهوفا.

قال: فافحم الرجل وسكت، ثمّ قال: ليس أعنيك المسكر إنّما أعنيك الخمر.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): سلبك اللّه لسانك، مالك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم؟! أخبرني أبي، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب، عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، عن جبرئيل، عن اللّه (عزّوجلّ) أنّه قال: يا محمّد إنّي حظرت(4)

ص:311


1- - الرّسيس: أوّل ما يجد الانسان مسّ الحمى قبل أن تأخذه وتظهر السان العرب) وقيل: الرّسيس: الشيء الثابت، والرّس: إبتداء الشيء. (أقرب الموارد). أقول: المعنى انّ الشيعي التابع لاهل البيت لايكون خمّارا، وإذا كان منه شيء فلا يدوم عليه ويتوب منه - واللّه العالم.
2- ذكر في كتب اللغة انّ الولوف له معان متعددة ولعلّ المعنى الأنسب هنا ما جاء في لسان العرب: الولاف: المؤالفة.
3- برهوت: بئر بحضرموت، يقال فيها أرواح الكفّار، وهو شرّ بئر في الارض (لسان العرب). أقول: برهوت إسم واد في اليمن بقرب حضرموت، سمّي الوادي بإسمها وفيها بئر تعذّب فيها أرواح الكفّار والمنافقين كما ورد في الخبر.
4- الحظر: المنع. (مجمع البحرين).

الفردوس على جميع النبيّين حتّى تدخلها أنت وعليّ وشيعتكما إلاّ من اقترف منهم كبيرة فإنّي أبلوه في ماله أو بخوف من سلطانه، حتّى تلقاه الملائكة بالرّوح والرّيحان، وأنا عليه غير غضبان، فيكون ذلك حلّا لما كان منه، فهل عند أصحابك هؤلاء شيء من هذا؟ فلم أودع(1).

البحار: رياض الجنان - عن فرات بن أحنف قال:... وذكر مثله(2).

7237 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، عن سليمان بن خالد قال: كنت في محمل أقرأ، إذ ناداني أبو عبداللّه (عليه السّلام): اقرأ يا سليمان - وأنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك -: (وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً * يُضاعَفْ) .

فقال: هذه فينا، أما واللّه لقد وعظنا وهو يعلم أنّا لانزني، اقرأ يا سليمان، فقرأت حتّى انتهيت إلى قوله: (إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) .

قال: قف هذه فيكم، إنّه يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتّى يوقف بين يدي اللّه (عزّوجلّ) فيكون هو الّذي يلي حسابه فيوقفه على سيئاته شيئا فشيئا فيقول: عملت كذا في يوم كذا في ساعة كذا، فيقول: أعرف يا ربّ، قال: حتّى يوقفه على سيّئاته كلّها، كلّ ذلك

ص:312


1- - كتاب التمحيص: ص 39 ح 40. منه البحار: ج 68 ص 144.
2- البحار: ج 68 ص 144 ح 92.

يقول: أعرف، فيقول: سترتها عليك في الدّنيا وأغفرها لك اليوم، ابدلوها لعبدي حسنات.

قال: فترفع صحيفته للنّاس فيقولون: سبحان اللّه، أما كانت لهذا العبد ولا سيّئة واحدة؟!! فهو قول اللّه (عزّوجلّ): (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) .

قال: ثمّ قرأت حتّى انتهيت إلى قوله: (وَ الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) .

فقال (عليه السّلام): هذه فينا، ثمّ قرأت: (وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً) .

فقال: هذه فيكم إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا، ثمّ قرأت:

(وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) (1) إلى آخر السورة.

فقال: هذه فينا(2).

شرح الاخبار: سليمان بن خالد قال: كنت في طريق الحجّ اسير ليلا في محملي وأنا أقرأ في اخر (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) (3) اذ خامرني النوم فاذا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) في محمله إلى جانبي يقول: اقرأ يا سليمان فقرأت (وَ الَّذِينَ)

ص:313


1- - الفرقان 25:68-74.
2- المحاسن: ص 170 ح 136. منه البحار: ج 24 ص 387.
3- الفرقان 25:1.

(لا يَدْعُونَ) .... وذكر نحوه(1).

7238 - شرح الاخبار: الفضل بن بشار، قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): تري اننا ننزل بذنوبنا منزلة المستضعفين؟

قال: فقال: لا واللّه لا يفعل اللّه ذلك بكم أبدا(2).

باب (18) النّار محرّمة على الشيعة

7239 - شرح الاخبار: جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، أنّه قال: إذا كان يوم القيامة أوحى اللّه تعالى الى جهنم أن اخمدي، فإنّه يريد أن يمرّ عليك شيعة علي (عليه السّلام).

قال: فيمرّون عليها ولا يحسّون بها، فتناديهم من تحت أقدامهم:

عجّلوا، عجّلوا، فقد أطفأ نوركم لهيبي(3).

باب (19) ثواب من مات على التشيّع

7240 - شرح الاخبار: حماد بن أعين، قال: قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام): أما ترضون - يعني الشيعة - ان تقيموا الصّلاة وتؤتوا الزّكاة وتكفوا ألسنتكم، فتدخلوا الجنّة؟!! أما ترضون بأن يأتي قوم يلعن بعضهم بعضا إلّا أنتم ومن قال

ص:314


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 474 ح 1375.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 482 ح 1388.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 467 ح 1358.

مثل قولكم؟! من مات منكم على أمرنا هذا كان بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(1).

7241 - شرح الاخبار: موسى بن عباس، باسناده، انه قال لي أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام): من مات منكم على أمرنا كمن ضرب فسطاطه الى روات القائم(2)، بل بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(3).

باب (20) وفاء الشّيعة لأهل البيت عليهم السّلام

7242 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبيّ، عن بشير الكناسيّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: وصلتم وقطع الناس، وأحببتم وأبغض الناس، وعرفتم وأنكر الناس وهو الحقّ (4).

7243 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: عرفتمونا وأنكرنا

ص:315


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 438 ح 1296.
2- أقول: معنى الحديث: أن من مات على ولاية أهل البيت (عليهم السّلام) كان كمن ضرب فسطاطه - خيمته - في عسكر الامام المهدي القائم المنتظر (عليه السّلام). وكلمة «رواة» مأخوذة من روي، والراوي: الذي يقوم على الخيل كما في (أقرب الموارد) وهو يحتمل معنيين: 1) الذي يركب خيله ويلتحق بالامام المهدي (عليه السّلام) ليكون في جيشه يحارب أعداء اللّه. 2) الذي يتحمل مسؤولية عسكرية وتكون تحت لوائه مجموعة من الجنود والمقاتلين.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 438 ح 1295.
4- المحاسن: ص 162 ح 108. منه البحار: ج 68 ص 92.

الناس، وأحببتمونا وأبغضنا الناس، ووصلتمونا وقطعنا الناس، رزقكم اللّه مرافقة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وسقاكم من حوضه(1).

7244 - شرح الاخبار: جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال لقوم من أصحابه: عرفتمونا وأنكرنا الناس، وأحببتمونا وأبغضنا الناس، فرزقكم اللّه موافقة محمّد وسقاكم من حوضه(2).

7245 - شرح الاخبار: ابن الهيثم، عن بشيرالدهان، قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا بشير أقررتم وأنكر الناس، وتوليتم وعادى الناس، وعرفتم وجهل الناس، وأحببتم وأبغض الناس، فهنيئا لكم(3).

باب (21) الشّيعة على المحجّة البيضاء

7246 - بشارة المصطفى: أخبرني الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن الحسن بن الحسين، عن عمّه أبي جعفر محمّد بن علي بن بابويه الفقيه القمي قال: حدثني محمد بن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبدالرحمن، عن يحيي الحلبي، عن أبي المعزا، عن يزيد بن خليفة قال: قال لنا أبو عبداللّه (عليه السّلام) ونحن عنده: [نظرتم حيث](4)نظر اللّه واخترتم من اختار اللّه، أخذ الناس يمينا وشمالا وقصدتم

ص:316


1- - المحاسن: ص 161 ح 107. منه البحار: ج 68 ص 92.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 471 ح 1368.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 441 ح 1300.
4- ما بين المعقوفتين من البحار.

محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) أما إنّكم لعلى المحجّة البيضاء(1)، فأعينونا على ذلك بورع، ثمّ قال - حيث أردنا أن نخرج -: وما على أحدكم إذا عرّفه اللّه هذا الأمر أن لايعرفه الناس، إنّه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل للّه كان ثوابه على اللّه(2).

7247 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن أبي المغرا، عن يزيد بن خليفة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال لنا ونحن عنده: نظرتم واللّه حيث نظر اللّه، واخترتم من اختار اللّه، وأخذ الناس يمينا وشمالا وقصدتم قصد محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) [أما] واللّه إنّكم لعلى المحجّة البيضاء(3).

باب (22) شيعتنا جزء منّا

7248 - أمالي الطوسي: أبو محمد الفحام قال: حدثني عمّي قال: حدثني ابراهيم بن عبداللّه الكتنجي(4)، عن أبي عاصم، عن الصادق (عليه السّلام) قال: شيعتنا جزء منّا، خلقوا من فضل طينتنا، يسوؤهم ما يسوؤنا ويسرّهم ما يسرّنا، فاذا أرادنا أحد فليقصدهم فانّهم الذين(5) يوصل منه إلينا(6).

ص:317


1- - المحجّة: جادّة الطريق ووسطه (أقرب الموارد).
2- بشارة المصطفى: ص 143. منه البحار: ج 68 ص 167.
3- المحاسن: ص 148 ح 59. منه البحار: ج 68 ص 89.
4- الكنجي - البحار.
5- الذي - البحار.
6- أمالي الطوسي: ص 299 ح 588. منه البحار: ج 68 ص 24.

7249 - أمالي الطوسي: أخبرنا الشيخ أبو عبداللّه الحسين بن عبيداللّه الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال:

حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني قال:

حدثنا أبو عبداللّه محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انّه قال: حقوق شيعتنا علينا أوجب من حقوقنا عليهم.

قيل له: وكيف ذلك يابن رسول اللّه؟

فقال: لانّهم يصابون فينا ولا نصاب فيهم(1).

7250 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن سدير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أنتم آل محمّد، أنتم آل محمّد(2)7251 - شرح الاخبار: محمد الحلبي قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) يقول: من اتقى اللّه [منكم] وأصلح، فهو منا أهل البيت(3).

7252 - المحاسن: البرقي، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن ابن راشد، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): واللّه ما بعدنا غيركم، وإنكم معنا في السنام الاعلى، فتنافسوا في الدرجات(4).

7253 - الكافي: علي بن ابراهيم، عن أبيه وعدّة من أصحابنا، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن حنان، عن زرارة قال: قال

ص:318


1- - أمالي الطوسي: ص 304 ح 609. منه البحار: ج 68 ص 24.
2- المحاسن: ص 143 ح 40. منه البحار: ج 68 ص 28.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 477 ح 1378.
4- المحاسن: ص 142 ح 38. منه البحار: ج 68 ص 28.

أبو عبداللّه (عليه السّلام): نحن قريش وشيعتنا العرب وسائر الناس علوج(1) الرّوم(2).

7254 - الكافي: علي بن ابراهيم، عن أبيه وعدّة من أصحابنا، عن سهل، عن يحيى بن المبارك، عن عبداللّه بن جبلة، عن اسحاق ابن عماّر أو غيره قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): نحن بنو هاشم وشيعتنا العرب وسائر الناس الاعراب(3) و(4).

باب (23) جوهر بني آدم

7255 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن سعدان بن مسلم، عن الحسين بن أبي العلا قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ لكلّ شيء جوهرا وجوهر ولد آدم محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ونحن

ص:319


1- - العلج: الرجل من كفّار العجم، والاعلاج جمعه ويجمع على علوج أيضا. (النهاية). أي الخالفون هم من كفّار العجم، ويحشرون بلسانهم وان ماتوا بلسان العرب، كما ورد في الاخبار (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 8 ص 166 ح 184.
3- ماورد في مدح العرب فالمراد به جميع الشّيعة، وإن كانوا من العجم، لانهم يحشرون بلسان العرب، وسائر النّاس من المخالفين هم الاعراب الذين قال اللّه فيهم (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً) سورة التوبة 9:97، والاعراب سكان البادية وإنّما ذمّهم اللّه لبعدهم عن شرايع الدّين، وعدم هجرتهم إلى نصرة سيّد النبيين، والمخالفون مشاركون لهم في تلك الأمور (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 8 ص 166 ح 183.

وشيعتنا(1).

باب (24) الشّيعة هم أولوا الألباب

7256 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي عليّ حسّان العجليّ قال: سأل رجل أبا عبداللّه (عليه السّلام) وأنا جالس عن قول اللّه (عزّوجلّ) (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) ؟(2).

قال: نحن الّذين يعلمون وعدوّنا الّذين لايعلمون، وشيعتنا اولوا الالباب(3).

مشكاة الانوار: عن محمد بن مروان قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(4).

7257 - تفسير العياشي: عن عقبة بن خالد قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فأذن لي وليس هو في مجلسه فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه، وليس عليه جلباب فلمّا نظر إلينا قال: احب لقاءكم، ثم جلس(5) ثمّ قال: أنتم اولوا الالباب في كتاب

ص:320


1- - المحاسن: ص 143 ح 39. منه البحار: ج 68 ص 28.
2- الزمر 39:9.
3- المحاسن: ص 169 ح 134.
4- مشكاة الانوار: ص 95. منهما البحار: ج 68 ص 29.
5- فلمّا نظر إلينا رحّب بنا ثم جلس - البحار.

اللّه، قال اللّه: (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (1).

باب (25) الشّيعة عرى الاسلام

7258 - تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) وهو يقول: نحن أهل بيت الرحمة، وبيت النعمة، وبيت البركة، ونحن في الارض بنيان وشيعتنا عرى الاسلام، وما كانت دعوة إبراهيم إلاّ لنا ولشيعتنا، ولقد استثنى اللّه إلى يوم القيامة إلى إبليس فقال: (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (2).

باب (26) الشيعة أهل البصيرة

7259 - تفسير العياشي: عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال: سمعته يقول: أنتم واللّه الّذين قال اللّه (وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) إنّما شيعتنا أصحاب الاربعة الاعين: عينين في الرأس وعينين في القلب، ألا والخلايق كلّهم كذلك، إلاّ أنّ اللّه فتح أبصاركم، وأعمى

ص:321


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 207 ح 25، والآية في سورة الرعد 13:19. منه البحار: ج 68 ص 35.
2- تفسير العياشي: ج 2 ص 243 ح 18، والآية في سورة الحجر 15:42. منه البحار: ج 68 ص 35.

أبصارهم(1).

7260 - تفسير العياشي: عن محمّد بن مروان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ليس منكم رجل ولا امراة إلاّ وملائكة اللّه يأتونه بالسلام، وأنتم الّذين قال اللّه (وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (2).

باب (27) النبيّ صلّى الله عليه و آله يستغفر للشيعة

7261 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقري قال: حدثنا أبو عبداللّه الأسدي قال: حدثنا جعفر بن عبداللّه بن جعفر العلوي المحمدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني قال: حدثنا غياث بن ابراهيم قال: حدثنا جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): علّمت سبعا من المثاني ومثّلت لي امّتي في الطين حتّى نظرت إلى صغيرها وكبيرها، ونظرت في السّماوات كلّها فلمّا رأيت رأيتك يا عليّ: فاستغفرت لك ولشيعتك إلى يوم القيامة(3).

7262 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن عبداللّه

ص:322


1- - تفسير العياشي: ج 2 ص 244 ح 23. منه البحار: ج 68 ص 36.
2- تفسير العياشي: ج 2 ص 244 ح 24. منه البحار: ج 68 ص 36.
3- أمالي المفيد: ص 89 ح 5. منه البحار: ج 68 ص 38.

بن جبلة، عن معاوية بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا عليّ لقد مثّلت لي امّتي في الطين حتّى رأيت صغيرهم وكبيرهم أرواحا قبل أن يخلق الأجساد وإنّي مررت بك وبشيعتك فاستغفرت لكم.

فقال عليّ: يا نبيّ اللّه زدني فيهم؟

قال: نعم يا عليّ: تخرج أنت وشيعتك من قبوركم ووجوهكم كالقمر ليلة البدر، وقد فرجت عنكم الشدائد، وذهبت عنكم الاحزان، تستظلّون تحت العرش، يخاف الناس ولا تخافون، ويحزن الناس ولا تحزنون، وتوضع لكم مائدة والناس في الحساب(1).

7263 - شرح الأخبار: الحلبي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم):... وان ربي مثل لي امتي في الطين، وعلّمني الاسماء كلها كما علّمها آدم، فمرّ بي أصحاب الرّايات، فاستغفرت لعلي وشيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة.

قيل: وما هي يا رسول اللّه؟

قال: المغفرة لمن آمن منهم واتقى [وان اللّه] لايغادر صغيرة ولا كبيرة، ولهم تبدل السيئات حسنات(2).

ص:323


1- - بصائر الدرجات: ص 104 ح 5. منه البحار: ج 68 ص 27.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 481 ح 1387.

باب (28) ولاية آل محمّد عليهم السّلام ضمان دخول الجنّة

7264 - الاختصاص: حدثني سهل بن زياد الآدمي قال: حدثني عروة بن يحيي، عن أبي سعيد المدائنيّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ما معنى قول اللّه (عزّوجلّ) في محكم كتابه: (وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) ؟(1).

فقال (عليه السّلام): كتاب لنا كتبه اللّه - يا أبا سعيد - في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام، صيّره معه في عرشه أو تحت عرشه، فيه: يا شيعة آل محمّد أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، من أتاني منكم بولاية آل محمّد أسكنته جنّتي برحمتي(2).

7265 - تفسير فرات الكوفي: [فرات] قال: حدثنا جعفر بن محمّد الفزاري [قال: حدثنا الحسين بن علي بن مروان، عن ظاهر بن مدار، عن أخيه]، عن أبي سعيد المدائنيّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ما معنى قوله تعالى: (وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) ؟

قال: كتاب كتبه اللّه - يا أبا سعيد - في ورقة آس قبل أن يخلق الخلق بألفي عام، ثمّ صيّرها معه في عرشه - أو تحت عرشه - فيها: يا

ص:324


1- - القصص 28:46.
2- الاختصاص: ص 111. منه البحار: ج 68 ص 64.

شيعة آل محمّد قد أعطيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، ومن أتاني منكم بولاية محمّد وآل محمّد أسكنته جنّتي برحمتي(1).

تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن الحسن بن علي بن مروان، عن ظاهر بن مدرار(2)، عن أخيه، عن أبي سعيد المدائني قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ).... وذكر نحوه(3).

7266 - تأويل الايات الظاهرة: روي الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه اللّه) باسناده عن الفضل بن شاذان يرفعه الى سليمان الديلمي، عن مولانا جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: قلت لسيّدي أبي عبداللّه (عليه السّلام): ما معنى قول اللّه (عزّوجلّ): (وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) ؟

قال: كتاب كتبه اللّه (عزّوجلّ) قبل أن يخلق الخلق بألفي عام في ورقة آس فوضعها على العرش.

قلت: يا سيّدي وما في ذلك الكتاب؟

قال: في الكتاب مكتوب:

يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تعصوني وعفوت عنكم قبل أن تذنبوا، من جاءني منكم بالولاية

ص:325


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 316 ح 426.
2- طاهر بن مدرار - البحار.
3- تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 417 ح 10. منهما البحار: ج 24 ص 266.

أسكنته جنتي برحمتي(1).

7267 - تأويل الآيات الظاهرة: روي باسناد متصل، عن علي بن سليمان، عمّن أخبره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ): (وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) (2).

قال: كتاب كتبه اللّه (عزّوجلّ) في ورقة آس ووضعه على عرشه قبل خلق الخلق بألفي عام: يا شيعة آل محمّد إنّي أنا اللّه أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني(3).

باب (29) شيعتنا خيرة اللّه

7268 - بشارة المصطفى: أخبرني الشيخ السعيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا السعيد الوالد، قال: أخبرنا الشيخ أبو عبداللّه محمد بن محمد الحارثي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن سليمان أبو الفضل، قال: حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا محمد بن اسحاق الثعلبي الموصلي أبو نوفل، قال: سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: نحن خيرة اللّه من خلقه، وشيعتنا خيرة اللّه

ص:326


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 417 ح 11. منه البحار: ج 24 ص 266.
2- الطور 52:2 و 3.
3- تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 616 ح 1. منه البحار: ج 27 ص 138.

من امّة نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله)(1).

باب (30) أئمّة أهل البيت يحبّون الشيعة

7269 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: خرجت أنا وأبي حتّى إذا كنّا بين القبر والمنبر إذا هو باناس من الشيعة فسلّم عليهم ثمّ قال: إنّي واللّه لاحبّ رياحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد واعلموا أنّ ولايتنا لاتنال إلاّ بالورع والاجتهاد ومن ائتمّ منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة اللّه، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السابقون الاوّلون، والسابقون الآخرون، والسابقون في الدّنيا، والسابقون في الآخرة إلى الجنّة، قد ضمنّا لكم الجنّة بضمان اللّه (عزّوجلّ) وضمان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) واللّه ما على درجة الجنّة أكثر أزواجا منكم فتنافسوا في فضايل الدّرجات، أنتم الطيّبون ونساؤكم الطيّبات كلّ مؤمنة حوراء عيناء وكلّ مؤمن صديق ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لقنبر: يا قنبر ابشر وبشّر واستبشر فواللّه لقد مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو على امّته ساخط إلاّ الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء عزا وعزّ الاسلام: الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء دعامة ودعامة الاسلام: الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء ذروة وذروة الاسلام: الشيعة.

ص:327


1- - بشارة المصطفى: ص 11. منه البحار: ج 68 ص 43.

ألا وإنّ لكلّ شيء شرفا وشرف الاسلام: الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء سيّدا وسيّد المجالس: مجالس الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء إماما وإمام الارض أرض تسكنها الشيعة، واللّه لولا ما في الارض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا.

واللّه لولا ما في الارض منكم ما أنعم اللّه على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيّبات، ما لهم في الدّنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب.

كلّ ناصب - وإن تعبّد واجتهد - منسوب إلى هذه الآية (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً) (1) فكلّ ناصب مجتهد فعمله هباء.

شيعتنا ينطقون بنور اللّه (عزّوجلّ) ومن يخالفهم ينطقون بتفلّت(2).

واللّه ما من عبد من شيعتنا ينام إلاّ أصعد اللّه (عزّوجلّ) روحه إلى السّماء فيبارك عليها فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته وفي رياض جنّة(3) وفي ظلّ عرشه وإن كان أجلها متأخّرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردّوها إلى الجسد الّذي خرجت منه لتسكن فيه، واللّه إنّ حاجّكم وعمّاركم لخاصّة اللّه (عزّوجلّ) وإنّ فقراءكم لاهل الغنى، وإنّ أغنياءكم لاهل القناعة وإنّكم كلّكم لاهل دعوته وأهل إجابته(4).

7270 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن

ص:328


1- - الغاشية 88:3 و 4.
2- أي من غير فكر ولا تدبّر. (مجمع البحرين).
3- هكذا في المصدر ولعلّ الصحيح: وفي رياض جنّته.
4- الكافي: ج 8 ص 212 ح 259.

محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبداللّه بن عبدالرحمن، عن عبداللّه ابن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله وزاد فيه: ألا وإنّ لكلّ شيء جوهرا وجوهر ولد آدم محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ونحن(1) وشيعتنا بعدنا، حبّذا شيعتنا، ما أقربهم من عرش اللّه (عزّوجلّ)!! وأحسن صنع اللّه إليهم يوم القيامة، واللّه لولا أن يتعاظم الناس ذلك(2) أو يدخلهم زهو(3) لسلّمت عليهم الملائكة قبلا(4).

واللّه ما من عبد من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائما إلاّ وله بكلّ حرف مائة حسنة ولا قرأ في صلاته جالسا إلاّ وله بكلّ حرف خمسون حسنة، ولا في غير صلاة إلاّ وله بكلّ حرف عشر حسنات، وإنّ للصامت من شيعتنا لأجر من قرأ القرآن ممّن خالفه(5).

أنتم واللّه على فراشكم نيام لكم أجر المجاهدين(6).

وأنتم واللّه في صلاتكم لكم أجر الصافّين في سبيله.

أنتم واللّه الّذين قال اللّه (عزّوجلّ): (وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) إنّما شيعتنا أصحاب الاربعة

ص:329


1- - أي كما أن الجواهر ممتازة من سائر أجزاء الارض بالحسن والبهاء والنفاسة والندرة فكذا هم بالنسبة إلى سائر ولد آدم (عليه السّلام). (مرآة العقول).
2- أي لولا أن يعدّوه عظيما ويصير سببا لغلوّهم فيهم. (مرآة العقول).
3- الزهو: الكبر والتّيه والفخر. (أقرب الموارد).
4- رأيته قبلا: أي عيانا ومقابلة. (أقرب الموارد).
5- اي اجره التقديري أي لو كان له أجر مع قطع النظر عما يتفضّل به على الشيعة كانّ له أجر واحد فهذا ثابت للساكت من الشيعة. (مرآة العقول).
6- أي في سائر أحوالهم غير حالة المصافّة مع العدوّ. (مرآة العقول).

الاعين: عينان في الرّأس وعينان في القلب ألا والخلائق كلّهم كذلك، إلاّ انّ اللّه (عزّوجلّ) فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم(1).

7271 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) قال: خرجت أنا وأبي (عليهما السّلام) حتى إذا كنّا بين القبر والمنبر إذا هو باناس من الشيعة فسلّم عليهم فردّوا عليه السّلام، ثمّ قال: إنّي واللّه لأحبّ ريحكم وأرواحكم فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد واعلموا إنّ ولايتنا لاتنال إلا بالعمل والاجتهاد من أئتمّ منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة اللّه، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السّابقون الاوّلون والسّابقون الآخرون في الدّنيا إلى ولايتنا السّابقون في الآخرة الى الجنّة، وقد ضمنّا لكم الجنّة يضمان اللّه وضمان رسوله ما على درجات الجنّة أحد أكثر أزواجا منكم فتنافسوا في فضائل الدّرجات أنتم الطيّبون ونسائكم الطيّبات، كل مؤمنة حوراء عيناء وكلّ مؤمن صدّيق.

ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) لقنبر: يا قنبر ابشر وبشّر واستبشر فلقد مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو على امّته ساخط إلاّ الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء عروة وعروة الاسلام الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء دعامة ودعامة الاسلام الشيعة.

ألا وإنّ لكل شيء شرفا وشرف الاسلام الشيعة.

ص:330


1- - الكافي: ج 8 ص 214 ح 260.

ألا وإنّ لكل شيء سيدا وسيّد المجالس الشيعة.

ألا وإنّ لكل شيء إماما وإمام الارض أرض يسكنها الشيعة.

واللّه لولا ما في الأرض منكم لما انعم اللّه على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات ما لهم في الدّنيا والآخرة من نصيب.

كل ناصب وان تعبد واجتهد، فمنسوب إلى هذه الآية (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً * تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاّ مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (1) كل ناصب مجتهد فعمله هباء.

شيعتنا ينظرون بنور اللّه (عزّوجلّ) ومن خالفهم يتقلب (ينقلب) بسخط اللّه، واللّه ما من عبد من شيعتنا ينام الا أصعد اللّه (عزّوجلّ) بروحه الى السّماء، فان كان قد أتى عليه أجله جعله في كنوز رحمته وفي رياض جنّته وفي ظل عرشه وإن كان أجله متأخرا عنه بعث به مع أمينه من الملائكة ليؤدّيه إلى الجسد الذي خرج منه ليسكن فيه. واللّه ان حجّاجكم وعمّاركم لخاصة اللّه وان فقراءكم لاهل الغناء وان أغنياءكم لاهل القنوع وانّكم كلكم لأهل دعوة اللّه وأهل إجابته(2).

7272 - تفسير فرات الكوفي: [فرات] قال: حدثني جعفر بن أحمد معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرجت أنا وأبي ذات يوم فإذا هو باناس من أصحابنا بين المنبر والقبر فسلّم عليهم ثمّ قال: أما واللّه إنّي لاحبّ ريحكم وأرواحكم، فأعينوني على ذلك

ص:331


1- - الغاشية 88:3-7.
2- أمالي الصدوق: ص 500 ح 4.

بورع واجتهاد، من ائتمّ بعبد فليعمل بعمله [و] أنتم شيعة آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، وأنتم شرط اللّه(1)، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السّابقون الاوّلون، والسّابقون الآخرون في الدّنيا، والسّابقون في الآخرة إلى الجنّة، قد ضمنّا لكم الجنّة بضمان اللّه (تبارك وتعالى) وضمان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأهل بيته، أنتم الطيّبون ونساؤكم الطيّبات، كلّ مؤمنة حوراء، وكلّ مؤمن صدّيق، كم مرّة قد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (صلوات اللّه عليه) لقنبر: يا قنبر أبشر وبشّر واستبشر، واللّه لقد قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو ساخط على جميع امّته إلاّ الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء شرفا وإنّ شرف الدين الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء عروة وإنّ عروة الدين الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء إماما وإمام الارض أرض يسكن فيها الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء سيّدا وسيّد المجالس مجالس الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء شهوة وإنّ شهوة الدّنيا سكنى شيعتنا فيها.

واللّه لولا ما في الارض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيّبات مالهم ومالهم في الآخرة من نصيب، كلّ ناصب وإن تعبّد [واجتهد] منسوب إلى هذه الآية: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ * عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ومن دعى من مخالف لكم فإجابة دعائه لكم، ومن طلب منكم إلى اللّه حاجة فلزمته(2)، ومن سأل مسألة

ص:332


1- - الشرط: العلامة (أقرب الموارد).
2- فله مائة - البحار. وكذا في بقية الفقرات. أقول: لعلّ المعنى: انّ الدّعاء يستجاب في حقه ولا يتعدّاه الى غيره كما في دعاء الخالف.

فلزمته، ومن دعا بدعوة فلزمته، ومن عمل منكم حسنة فلا يحصى تضاعيفها، ومن أساء [منكم] سيّئة فمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) حجيجه - يعني يحاجّ عنه، قال أبو جعفر (عليه السّلام): حجيجه من تبعتها - واللّه إنّ صائمكم ليرعى في رياض الجنّة، تدعو له الملائكة بالعون (بالفوز - خ ل)(1) حتّى يفطر، وإنّ حاجّكم ومعتمركم لخاص اللّه (تبارك وتعالى)، وإنّكم جميعا لاهل دعوة اللّه وأهل إجابته وأهل ولايته، لاخوف عليكم ولا حزن، كلّكم في الجنّة فتنافسوا في فضائل الدّرجات، واللّه ما من أحد أقرب من عرش اللّه (تبارك وتعالى) تقرّبا [بعدنا] يوم القيامة من شيعتنا، ما أحسن صنع اللّه إليكم! و [اللّه] لولا أن تفتنوا فيشمت بكم عدوّكم ويعلم الناس ذلك لسلّمت عليكم الملائكة قبلا، وقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): يخرج(2) يعني أهل ولايتنا - من قبورهم يوم القيامة مشرقة وجوههم، قرّت أعينهم، قد اعطوا الامان، يخاف النّاس ولا يخافون، ويحزن النّاس ولا يحزنون، واللّه ما من عبد منكم يقوم إلى صلاته إلّا وقد اكتنفته الملائكة (ملائكة) من خلفه يصلّون عليه ويدعون له حتّى يفرغ من صلاته، ألا وإنّ لكلّ شيء جوهرا وجوهر ولد آدم (عليه السّلام) محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ونحن وشيعتنا.

قال سعدان بن مسلم: وزاد في الحديث عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: واللّه لولاكم ما زخرفت الجنّة، واللّه لولاكم ما خلقت حوراء، واللّه لولاكم ما نزلت

ص:333


1- - ما بين الهلالين من البحار.
2- يخرجون - البحار.

قطر، واللّه لولاكم ما نبتت حبّة، واللّه لولاكم ما قرّت عين، واللّه للّه أشدّ حبّا لكم منّي، فأعينونا على ذلك بالورع والاجتهاد والعمل بطاعته [واللّه لولاكم ما رحم اللّه طفلا ولا رتعت بهيمة](1).

أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد ابن محمّد بن الصلت الأهوازي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن عبداللّه العلوي قال:

حدثنا عمّي القاسم بن جعفر بن عبداللّه بن جعفر بن محمد بن علي ابن أبي طالب أبو محمد قال: حدثني عبداللّه بن محمد بن عبداللّه بن علي بن الحسين قال: حدثني أبي، عن ابراهيم بن صالح، عن سلام الحناط، عن هاشم بن سعيد وسليمان الديلمي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قريب من ذلك مع اختلاف في جملة من الالفاظ(2).

7273 - فضائل الشيعة:(3) حدثنا عبداللّه بن محمد بن عبدالوهاب قال: حدثنا محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام)، قال: خرجت أنا وأبي ذات يوم إلى المسجد فإذا هو باناس من أصحابه بين القبر والمنبر، قال: فدنا

ص:334


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 549 ح 705. منه البحار: ج 7 ص 203.
2- أمالي الطوسي: ص 722 ح 1522. منه البحار: ج 68 ص 146.
3- أورد المرحوم العلامة المجلسي في البحار: ج 68 ص 65. هذا الحديث من «كتاب صفات الشيعة» للشيخ الصدوق باسناده عن محمد بن عمران، عن ابيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، ولكنا لم نعثر عليه في النسخة التي عندنا بل نقلناه من «كتاب فضائل الشيعة» بهذا الاسناد.

منهم وسلّم عليهم، وقال: إنّي واللّه لأحبّ ريحكم وأرواحكم فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد.

واعلموا أنّ ولايتنا لاتنال إلاّ بالورع والاجتهاد، من ائتمّ منكم بقوم فليعمل بعملهم أنتم شيعة اللّه، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السابقون الاوّلون، والسّابقون الآخرون، والسابقون في الدّنيا إلى محبّتنا، والسابقون في الآخرة إلى الجنّة، ضمنت لكم الجنّة بضمان اللّه (عزّوجلّ) وضمان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وأنتم الطيّبون، ونساؤكم الطيّبات، كلّ مؤمنة حوراء، وكلّ مؤمن صديق.

كم من مرّة قال أمير المؤمنين لقنبر: أبشروا وبشروا فواللّه لقد مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو ساخط على امّته إلاّ الشيعة.

[ألا وإنّ لكلّ شيء عروة وعروة الدين الشيعة](1).

ألا وإنّ لكل شيء شرفا وشرف الدين الشيعة.

ألا وإنّ لكل شيء سيّدا وسيّد المجالس مجالس الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء إماما وإمام الارض أرض تسكنها الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء شهوة وانّ شهوة الدّنيا سكنى شيعتنا فيها.

واللّه لولا ما في الارض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيّبات وما لهم في الأخرة من نصيب، كلّ ناصب وإن تعبّد واجتهد منسوب إلى هذه الآية (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً) من دعا لكم مخالفا فاجابة دعائه لكم، ومن طلب منكم إلى اللّه (تبارك وتعالى اسمه) حاجة فله مائة [ومن سال منكم مسألة فله مائة]2 ومن دعا دعوة فله مائة، ومن عمل حسنة فلا يحصى تضاعفا، ومن أساء سيّئة فمحمّد

ص:335


1- (1و2) - ما بين المعقوفتين من البحار.

(صلّى اللّه عليه وآله) حجته على تبعتها.

واللّه إنّ صائمكم ليرتع في رياض الجنّة تدعو له الملائكة بالفوز حتّى يفطر وإنّ حاجّكم ومعتمركم لخاصّة اللّه (عزّوجلّ) وإنّكم جميعا لأهل دعوة اللّه وأهل ولايته لاخوف عليكم ولا حزن، كلّكم في الجنّة فتنافسوا [في](1) الصالحات، واللّه ما أحد أقرب من عرش اللّه (عزّوجلّ) بعدنا [يوم القيامة]2 من شيعتنا، ما أحسن صنع اللّه إليهم لولا أن تفشلوا(2) ويشمت بكم عدوّكم، ويعظّم الناس ذلك، لسلّمت عليكم الملائكة قبلا.

قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): يخرج أهل ولايتنا من قبورهم يخاف الناس وهم لا يخافون ويحزن الناس وهم لا يحزنون.

قال: وقد حدّثني محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه اللّه) بهذا الحديث، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله إلّا أنّ حديثه لم يكن بهذا الطول وفي هذه زيادة ليست في ذلك والمعاني متقاربة(3).

مشكاة الانوار: عن عليّ بن حمران، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(4).

7274 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ أبو البقاء البصري ابراهيم ابن الحسن بن ابراهيم الوفا(5) قال: حدثنا أبو طالب محمد بن الحسين

ص:336


1- (1و2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- أن تفتنوا - البحار.
3- فضائل الشيعة: ص 8 ح 8.
4- مشكاة الانوار: ص 92. منه البحار: ج 68 ص 65.
5- ابراهيم بن الحسين الرفاء - البحار.

ابن عتبة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين الفقيه قال: أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان قال: أخبرني علي بن حبشي ابن القوني الكاتب قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبدالرحمن قال: حدثنا يحيى ابن زكريا بن شيبان، قال: حدثني نصر بن مزاحم، قال: حدثني محمد بن عمان(1) بن عبدالكريم، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: دخل أبي المسجد فإذا هو باناس من شيعتنا فدنا منهم فسلّم عليهم ثمّ قال لهم: واللّه إنّي لاحبّ ريحكم وأرواحكم، وإنكم لعلى دين اللّه، وما بين أحدكم وبين أن يغتبط بما هو فيه إلاّ أن تبلغ نفسه ههنا - وأشار بيده إلى حنجرته - فأعينونا بورع واجتهاد ومن يأتمّ منكم بامام فليعمل بعمله.

أنتم شرط اللّه، وأنتم أعوان اللّه، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السّابقون الاوّلون والسّابقون الآخرون، وأنتم السابقون إلى الجنّة، قد ضمنّا لكم الجنان بأمر اللّه(2) ورسوله، كأنّكم في الجنّة تتنافسون في فضائل الدرجات.

كلّ مؤمن منكم صدّيق، وكل مؤمنة منكم حوراء، قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): يا قنبر قم فاستبشر فاللّه ساخط على الامّة ما خلا شيعتنا.

ألا وإنّ لكلّ شيء شرفا وشرف الدّين الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء عمادا وعماد الدين الشيعة.

ألا وإنّ لكلّ شيء سيّدا وسيّد المجالس مجلس شيعتنا.

ص:337


1- - عمران - البحار.
2- بضمان اللّه - البحار.

ألا وإنّ لكلّ شيء شهودا وشهود الارض [أرض](1) سكان شيعتنا فيها.

ألا وإنّ من خالفكم منسوب إلى هذه الآية (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ * عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً) (2).

ألا وان من دعا منكم فدعاؤه مستجاب.

ألا وإنّ من سأل منكم حاجة فله بها مائة [حاجة](3) يا حبّذا حسن صنع اللّه إليكم، تخرج شيعتنا من قبورهم يوم القيامة مشرقة ألوانهم ووجوههم قد اعطوا الامان، لاخوف عليهم ولا هم يحزنون، واللّه أشدّ حبّا لشيعتنا منّا لهم(4).

7275 - شرح الاخبار: عمران بن مقدم، قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، يقول: خرجت مع أبي الى مسجد النبي (صلّى اللّه عليه وآله) حتى اذا كنا بين القبر والمنبر نظر الى ناس من أصحابه، فدنا منهم وسلّم عليهم.

ثمّ قال لهم: إني واللّه احبّ ريحكم وأرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد. [واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلّا بالعمل والاجتهاد] أنتم واللّه شيعتنا، فأنتم شرطة اللّه، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السّابقون الاوّلون [والسابقون] الآخرون، السابقون في الدّنيا إلى الخير، والسابقون في الآخرة إلى الجنّة. ضمنّا لكم الجنّة بضمان

ص:338


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- الغاشية 88:42
3- ما بين المعقوفتين من البحار.
4- بشارة المصطفى: ص 13. منه البحار: ج 68 ص 43.

اللّه، وضمان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

واللّه ما على درج الجنّة اكثر أرواحا(1) منكم، وانكم لفي الجنة فتنافسوا في الدرجات، أنتم الطيّبون، ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عينا، وكل مؤمن صديقكم.

ولقد قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): أبشروا فواللّه لقد مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو راض عنكم أيّها الشيعة.

ألا إن لكلّ شيء ذروة، وذروة الاسلام الشيعة.

ألا لكلّ شيء دعامة، ودعامة الاسلام الشيعة.

ألا إن لكلّ شيء شرفا، وشرف الاسلام الشيعة.

ألا إن لكلّ شيء سيّدا، وسيّد المجالس الشيعة.

ألا إنّ لكلّ شيء أمانا، وأمان الارض الشيعة. واللّه لولا من في الارض منكم ما استكمل أهل خلافكم [ولا أصابوا] الطيّبات، مالهم في الدّنيا وما في الآخرة نصيب، كل ناصب وان تعبّد واجتهد منسوب إلى هذه الآية (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً) (2).

7276 - الكافي: أحمد بن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن الحسن التيمي، عن محمّد بن عبداللّه، عن زرارة، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إذا قال المؤمن لاخيه: افّ، خرج من ولايته(3) وإذا قال: أنت عدوّي، كفر

ص:339


1- - هكذا في المصدر ولعلّ الأصح: أكثر أزواجا - واللّه العالم.
2- شرح الأخبار: ج 3 ص 436 ح 1294.
3- أي انقطع بينهما الولاية التي جعلها اللّه بينهما بقوله تعالى: (وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ويحتمل إرجاع الضمير إلى اللّه أي عن ولاية اللّه حيث قال: (وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) والاول أظهر. (مرآة العقول).

أحدهما(1) لانّه لايقبل اللّه (عزّوجلّ) من أحد عملا في تثريب على مؤمن نصيحة(2) ولا يقبل من مؤمن عملا وهو يضمر في قلبه على المؤمن سوء، لو كشف الغطاء عن الناس فنظروا إلى وصل ما بين اللّه (عزّوجلّ) وبين المؤمن خضعت للمؤمنين رقابهم وتسهّلت لهم امورهم ولانت لهم طاعتهم، ولو نظروا إلى مردود الاعمال من اللّه (عزّوجلّ) لقالوا: ما يتقبّل اللّه (عزّوجلّ) من أحد عملا.

وسمعته يقول لرجل من الشيعة: أنتم الطيّبون ونساؤكم الطيّبات، كلّ مؤمنة حوراء عيناء وكلّ مؤمن صديق.

قال: وسمعته يقول: شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللّه (عزّوجلّ) يوم القيامة بعدنا، وما من شيعتنا أحد يقوم إلى الصلاة إلاّ اكتنفته فيها عدد من خالفه من الملائكة يصلّون عليه جماعة(3) حتّى يفرغ من صلاته، وإنّ الصائم منكم ليرتع(4) في رياض الجنّة، تدعو له

ص:340


1- - قوله (عليه السّلام): «كفر أحدهما» أي إن كان صادقا فقد كفر أخوه بعداوته، وإن كان كاذبا فقد كفر بالإفتراء على أخيه بذلك. (مرآة العقول).
2- التثريب: التعيير والاستقصاء في اللوم. وقوله: «نصيحة» اما بدل أو بيان لقوله: «عملا» أي لا يقبل من أحد نصيحة لمؤمن يشتمل على تعيير، أو مفعول لاجله للتثريب أي لايقبل عملا من أعماله إذا عيره على وجه النصيحة فكيف بدونها. (مرآة العقول).
3- قوله (عليه السّلام): «عدد من خالفه» أي من فرق المسلمين أو كل من يخالفه في الدين من أي الفرق كان. وقوله: «يصلون عليه» أي يدعون ويستغفرون له. وقوله: «جماعة» أي مجتمعين. (مرآة العقول).
4- أي يستوجب بذلك دخولها حتى كأنه فيها. (مرآة العقول). والرتع: التنعم. (أقرب الموارد).

الملائكة حتّى يفطر.

وسمعته يقول: أنتم أهل تحيّة اللّه بسلامه وأهل اثرة اللّه برحمته(1)وأهل توفيق اللّه بعصمته وأهل دعوة اللّه بطاعته، لا حساب عليكم ولا خوف ولا حزن، أنتم للجنّة والجنّة لكم، أسماؤكم عندنا الصالحون والمصلحون، وأنتم أهل الرّضا عن اللّه (عزّوجلّ) برضاه عنكم والملائكة إخوانكم في الخير فإذا جهدتم(2) ادعوا وإذا غفلتم اجهدوا وأنتم خير البريّة، دياركم لكم جنّة(3) وقبوركم لكم جنّة، للجنّة خلقتم وفي الجنّة نعيمكم وإلى الجنّة تصيرون(4).

7277 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبيّ، عن عبداللّه بن مسكان، عن حبيب قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أما واللّه ما أحد من الناس أحبّ إليّ منكم، وإنّ الناس سلكوا سبلا شتّى، فمنهم من أخذ برأيه، ومنهم من اتّبع هواه، ومنهم من اتّبع الرّواية، وإنّكم أخذتم بأمر له أصل، فعليكم با لورع والاجتهاد، واشهدوا الجنائز، وعودوا المرضى،

ص:341


1- - الاثرة - بالضم -: المكرمة المتوارثة. (أقرب الموارد).
2- أي اذا وقعتم في الجهد والمشقة أدعوا اللّه لكشفها. وفي بعض النسخ [اجتهدتم] أي إذا بالغتم في طاعة ربّكم فاسألوه التوفيق للمزيد. (مرآة العقول).
3- قوله (عليه السّلام): «دياركم لكم جنة» أي أنتم في دوركم تكسبون الجنّة فكأنّكم فيها، ويحتمل أن يكون المراد الجنة المعنوية، ويحتمل أيضا أن يراد ان داركم التي خلقتم لها هي الجنّة لا الدّنيا ولا يخلو من بعد. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 8 ص 365 ح 556.

واحضروا مع قومكم في مساجدهم للصلاة(1) أما يستحيى الرّجل منكم أن يعرف جاره حقّه ولا يعرف حقّ جاره؟!!(2).

7278 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن حمزة بن عبداللّه، عن إسحاق بن عمّار، عن عليّ بن عبدالعزيز قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: واللّه إنّي لأحبّ ريحكم وأرواحكم ورؤيتكم وزيارتكم وإنّي لعلى دين اللّه، ودين ملائكته، فأعينوا على ذلك بورع، أنا في المدينة بمنزلة الشعيرة(3) أتقلقل حتّى أرى الرجل منكم فأستريح إليه(4).

ص:342


1- - أقول: لا شك أن هذا الامر إنما صدر منه (عليه السّلام) للتقيّة، ولدفع شرّهم واذاهم، وإلاّ فالصّلاة خلف المنحرفين عن أهل البيت - من غير ضرورة - باطلة، كما صرّحت بذلك أحاديث اخرى، وعليه فتوى فقهاء الدّين أيضا.
2- الكافي: ج 8 ص 146 ح 121.
3- الشعيرة: جمعها الشعائر، وقد ورد في القران الكريم التعبير بالشعائر عن الاضاحي في قوله تعالى: (وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ) الحج 22:36. وعن الصفا والمروة بالشعائر، في قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ) البقرة 2:8 وقوله تعالى: (وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج وفي (أقرب الموارد): الشعيرة: واحدة شعائر الحج وهي مناسكه وعلاماته وأعماله، وكل ما جعل علما لطاعة اللّه، وقيل: معالمه التي ندب الشرع إليها وأمر بالقيام بها. اذا عرفت هذا: فالمقصود من قوله (عليه السّلام): «أنا في المدينة بمنزلة الشعيرة» أي المكان أو الانسان الذي جعل علما لطاعة اللّه تعالى، وهي الامامة التي أمر اللّه سبحانه الناس بالاعتقاد بها، والاقتداء بالائمة الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين).
4- المحاسن: ص 163 ح 113. منه البحار: ج 68 ص 28.

7279 - المحاسن: البرقي، عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن عبداللّه بن الوليد قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول ونحن جماعة: [واللّه](1) إنّي لأحبّ رؤيتكم وأشتاق إلى حديثكم(2).

باب (31) شفاعة السيدة فاطمة الزهراء عليها السّلام للشيعة والمحبّين

7280 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني الحسين بن سعيد معنعنا، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ بنت حبيب اللّه إلى قصرها، فتمرّ ابنتي فاطمة (عليها السّلام) وعليها ريطتان(3) خضراوان حواليها سبعون ألف حوراء، فاذا بلغت إلى باب قصرها وجدت الحسن قائما والحسين نائما مقطوع الرأس فتقول للحسن: من هذا؟

فيقول: هذا أخي إنّ امّة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه. فيأتيها النداء من عند اللّه: يا بنت حبيب اللّه إنّي إنّما أريتك ما فعلت به امّة أبيك أنّي ادّخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه وإنّي جعلت تعزيتك اليوم أنّي لا أنظر في محاسبة العباد حتّى تدخلي الجنّة أنت وذرّيّتك

ص:343


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- المحاسن: ص 163 ح 114. منه البحار: ج 68 ص 29.
3- الرّيطة - بالفتح -: كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة وليست لفتين أي قطعتين. (مجمع البحرين).

وشيعتك ومن أولاكم معروفا ممّن ليس هو من شيعتك قبل أن أنظر في محاسبة العباد، فتدخل فاطمة (عليها السّلام) ابنتي الجنّة وذرّيتها وشيعتها ومن أولاها معروفا ممّن ليس من شيعتها فهو قول اللّه (عزّوجلّ): (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (1) قال: هول يوم القيامة (وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) (2) هي واللّه فاطمة وذريّتها وشيعتها ومن أولاهم معروفا وليس هو من شيعتها(3).

باب (32) الشيعة وحلاوة الإيمان

7281 - صفات الشيعة: حدثنا محمد بن على ماجيلويه (رحمه اللّه) باسناده عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال له الدّوانيقي بالحيرة أيّام أبي العبّاس: يا أبا عبداللّه ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد حتّى يعرف مذهبه؟

فقال (عليه السّلام): ذلك لحلاوة الايمان في صدورهم، من حلاوته يبدونه تبدّيا(4).

ص:344


1- - الانبياء 21:103.
2- الانبياء 21:102.
3- تفسير فرات الكوفي: ص 269 ح 362. منه البحار: ج 68 ص 59.
4- صفات الشيعة: ص 57 ح 27. منه البحار: ج 68 ص 64.

باب (33) من مات على الولاية مات شهيدا

7282 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن عبداللّه بن مسكان، عن أبي بصير قال: قلت:

جعلت فداك أرأيت الرادّ عليّ هذا الامر فهو كالرادّ عليكم؟

فقال: يا أبا محمّد من ردّ عليك هذا الامر فهو كالرّادّ على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعلى اللّه (تبارك وتعالى).

يا أبا محمّد إنّ الميّت [منكم] على هذا الامر شهيد.

قال: قلت: وإن مات على فراشه؟

قال: إي واللّه وإن مات على فراشه حيّ عند ربّه يرزق(1).

7283 - تأويل الآيات الظاهرة: روي صاحب كتاب البشارات، عن أبي بصير قال: قال لي الصادق (عليه السّلام): يا أبا محمّد إنّ الميّت [منكم] على هذا الامر شهيد.

قال: قلت: جعلت فداك وإن مات على فراشه؟

قال: وإن مات على فراشه، فانّه حيّ يرزق(2).

7284 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن ابن مسكان، عن مالك الجهنيّ قال: قال لي أبو

ص:345


1- - الكافي: ج 8 ص 146 ح 120.
2- تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 666 ح 22. منه البحار: ج 68 ص 142.

- عبداللّه (عليه السّلام): يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزّكاة وتكفّوا(1) وتدخلوا الجنّة؟! يا مالك: إنّه ليس من قوم ائتمّوا بإمام في الدّنيا إلاّ جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم ومن كان على مثل حالكم.

يا مالك: إنّ الميّت واللّه منكم على هذا الامر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه(2).

7285 - فضائل الشيعة: باسناده عن مالك بن الجهني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصّلاة، وتؤدّوا الزّكاة، وتكفّوا أيديكم، وتدخلوا الجنّة؟!! ثمّ قال: يا مالك إنّه ليس من قوم ائتمّوا بامام في دار الدّنيا إلّا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم، ومن كان بمثل حالكم.

ثمّ قال: يا مالك إنّ الميّت منكم على هذا الامر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه.

قال: وقال مالك: بينما أنا عنده ذات يوم جالس وأنا احدّث نفسي بشيء من فضلهم، فقال لي: أنتم واللّه شيعتنا، لا تظنّنّ أنّك مفرط في أمرنا.

يا مالك إنّه لايقدر على صفة اللّه أحد، فكما لايقدر على صفة اللّه كذلك لايقدر على صفة الرّسول (صلّى اللّه عليه وآله) وكما لايقدر على صفة الرسول فكذلك لا يقدر على صفتنا [وكما لايقدر

ص:346


1- - أي عن المعاصي أو عن الناس بالتقية. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 8 ص 146 ح 122.

على صفتنا](1) كذلك لايقدر على صفة المؤمن.

يا مالك إنّ المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه فلا يزال اللّه ينظر إليهما والذّنوب تتحاتّ عن وجوههما حتّى يتفرّقا وإنّه لا يقدر على صفة من هو هكذا.

وقال: إنّ أبي (عليه السّلام) كان يقول: لن تطعم النار من يصف هذا الامر(2).

باب (34) الشيعة أهل الورع

7286 - شرح الاخبار: عن جابر، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) انه قال: ليس من شيعتنا من ظلم الناس، ولن ينال ولايتنا الاّ بالورع(3).

7287 - شرح الاخبار: الكلبي قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر من اشتدّ ورعه، وخاف خالقه، ورجا ثوابه، فإذا رأيت هؤلاء فهم أصحابي(4).

ص:347


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- فضائل الشيعة: ص 37 ح 37. منه البحار: ج 68 ص 68.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 456 ح 1336.
4- شرح الاخبار: ج 3 ص 503 ح 1445.

باب (35) الشّيعة مع الأئمّة الطّاهرين في الآخرة

7288 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني محمد بن أحمد بن عليّ الكسائيّ معنعنا، عن حنان بن سدير الصيرفيّ قال:

دخلت على أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) وعلى كتفه مطرف(1) من خزّ فقلت له: يا بن رسول اللّه ما يثبت اللّه شيعتكم على محبّتكم أهل البيت؟

فقال: أولم يؤمن قلبك؟

قلت: بلى إلاّ أنّ في قلبي قرحة، ثمّ قال لخادم له: ائتني ببيضة فأتاه ببيضة بيضاء فوضعها على النار حتّى نضجت ثمّ أهوى بالقشر في النار وقال: أخبرني أبي، عن جدّي أنّه إذا كان يوم القيامة هوي مبغضونا في النار هكذا ثمّ أخرج صفرتها فأخذها [فوضعها] على كفّه اليمنى ثمّ قال: واللّه إنّا لصفوة اللّه كما هذه الصفرة صفوة هذه البيضة! ثمّ دعا بخاتم فضّة فخالط الصفرة مع البياض والبياض مع الصفرة ثمّ قال: أخبرني أبي، عن آبائي، عن جدّي، عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال: إذا كان يوم القيامة كان شيعتنا هكذا بنا مختلطين وشبّك بين أصابعه ثمّ قال: (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (2).

7289 - شرح الاخبار: عن أبي كهمس قال: دخلنا على أبي

ص:348


1- - المطرف: رداء من خز مربع ذو أعلام. (أقرب الموارد).
2- تفسير فرات الكوفي: ص 227 ح 305. منه البحار: ج 68 ص 56.

عبداللّه نعزيه بابنه إسماعيل، فقال: رحمكم اللّه تفزعون لفزعنا، وتفرحون لفرحنا، أما يحسبكم اذا نادى منادي عدل من ربكم أن يكون كل قوم مع من تولّوا في دنياهم، فنفزع الى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وتفزعون إلينا؟(1).

7290 - شرح الاخبار: الرازي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم بني نبيّكم فأبشروا.

قال: قلت: جعلت فداك إنّي لارجو أن لايجعلنا اللّه وإياهم سواء.

فقال: لا واللّه ولا كرامة(2).

7291 - اختيار معرفة الرجال: حدثني محمد بن اسماعيل قال:

حدثنا الفضل، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة [البطائني]، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: ما فعل أبو حمزة الثماليّ؟

قلت: خلّفته عليلا.

قال: إذا رجعت إليه فأقرئه منّي السلام وأعلمه أنّه يموت في شهر كذا في يوم كذا.

قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك واللّه لقد كان [لكم] فيه انس وكان لكم شيعة.

قال: صدقت، ما عندنا خير لكم من شيعتكم معكم؟(3).

قال: إن هو خاف اللّه وراقب نبيّه، وتوقّى الذنوب، فإذا هو

ص:349


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 484 ح 1398.
2- شرح الأخبار: ج 3 ص 472 ح 1372.
3- قال: صدقت ما عندنا خير لكم. قلت: شيعتكم معكم؟ - البحار.

فعل كان معنا في درجاتنا.

قال عليّ: فرجعنا تلك السنة فما لبث أبو حمزة إلاّ يسيرا حتّى توفّي(1).

باب (36) «حبّبونا إلى الناس»

7292 - الكافي: حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: رحم اللّه عبدا حبّبنا إلى الناس ولم يبغّضنا إليهم، أما واللّه لو يروون(2) محاسن كلامنا لكانوا به أعزّ وما استطاع أحد أن يتعلّق عليهم بشيء ولكن أحدهم يسمع الكلمة فيحطّ إليها عشرا(3) و(4).

ص:350


1- - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 458 ح 356. منه البحار: ج 68 ص 113.
2- «لو يروون» هذا على مذهب من لايجزم ب - «لو» وإن دخلت على المضارع لغلبة دخولها على الماضي أي لو لم يغيّروا كلامنا ولم يزيدوا فيها لكانوا بذلك أعزّ عند الناس إما لانهم كانوا يؤدّون الكلام على وجه لا يترتب عليه فساد أو لان كلامهم لبلاغته يوجب حبّ النّاس لهم وعلم النّاس بفضلهم اذا لم يغيّر فيكون قوله: «وما استطاع» بيان فائدة اخرى لعدم التغيير يرجع الى المعنى الأوّل، وعلى الاول يكون تفسيرا للسّابق. (مرآة العقول).
3- أي ينزل عليها ويضم بعضها معها عثرا من عند نفسه فيفسد كلامنا ويصير ذلك سببا لاضرار الناس لهم. وفي بعض النسخ [لها عثرا]. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 8 ص 229 ح 293.

باب (37) الولاية خير من المال

7293 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبدالحميد العطار، عن يونس بن يعقوب، عن عمر أخي عذافر قال: دفع إليّ إنسان ستّمائة درهم أو سبعمائة درهم لابي عبداللّه (عليه السّلام) فكانت في جوالقي فلمّا انتهيت إلى الحفيرة(1)شقّ جوالقي وذهب بجميع ما فيه ووافقت(2) عامل المدينة بها فقال:

أنت الذي شقّت زاملتك(3) وذهب بمتاعك؟

فقلت: نعم.

فقال: إذا قدمنا المدينة فأتنا حتّى اعوضك.

قال: فلمّا انتهيت إلى المدينة دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: يا عمر شقّت زاملتك وذهب بمتاعك؟

فقلت: نعم.

فقال: ما أعطاك اللّه(4) خير ممّا اخذ منك، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ضلّت ناقته(5) فقال الناس فيها: يخبرنا عن السماء ولا يخبرنا عن ناقته فهبط عليه جبرئيل فقال: يا محمّد ناقتك في وادي كذا وكذا ملفوف خطامها بشجرة كذا وكذا قال: فصعد المنبر فحمد

ص:351


1- - الحفيرة: موضع بالعراق. (القاموس).
2- وافقه موافقة ووفاقا: صادفه. (أقرب الموارد).
3- الزّميل: الرّفيق في السفر، والزّاملة: بعير يستظهر به الرجل، يحمل متاعه وطعامه عليه. (لسان العرب).
4- أي من دين الحقّ وولاية أهل البيت (عليهم السّلام). (مرآة العقول).
5- هذه المعجزة من المعجزات المشهورة رواها الخاصّة والعامّة بطرق كثيرة (مرآة العقول).

اللّه وأثنى عليه وقال: يا أيّها الناس أكثرتم عليّ في ناقتي، ألا وما أعطاني اللّه(1) خير ممّا أخذ منّي، ألا وإنّ ناقتي في وادي كذا وكذا ملفوف خطامها بشجرة كذا وكذا، فابتدرها الناس(2) فوجدوها كما قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

قال: ثمّ قال: ائت عامل المدينة فتنجز منه ما وعدك فإنّما هو شيء دعاك اللّه إليه لم تطلبه منه(3) و(4).

باب (38) الرّفق بالشّيعة

7294 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يا عمر لاتحملوا على شيعتنا وارفقوا بهم فإنّ الناس لايحتملون ما تحملونه(5) و(6).

باب (39) الشّيعة هم الصّالحون

7295 - تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه

ص:352


1- - أي من النبوّة والقرب والكمال. (مرآة العقول).
2- بدر إلى الشيء: أسرع. (أقرب الموارد).
3- أي يسّره اللّه لك من غير طلب. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 8 ص 221 ح 278.
5- أي لاتكلفوا أوساط الشيعة بالتكاليف الشاقة في العلم والعمل بل علموهم وادعوهم الى العمل برفق ليكملوا فانهم لا يحتملون من العلوم والاسرار وتحمل المشاق في الطاعات ما تحتملون. (مرآة العقول).
6- الكافي: ج 8 ص 334 ح 522.

(عليه السّلام): يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ) الآية(1) فرسول اللّه في هذا الموضع النبيّ ونحن الصدّيقون والشّهداء وأنتم الصالحون، فتسمّوا بالصّلاح كما سمّاكم اللّه(2).

مجمع البيان: روي أبو بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال:.... وذكر نحوه(3).

باب (40) الشيعة في القرآن

7296 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه أبو بصير وقد خفره النفس(4) فلماّ أخذ مجلسه قال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا محمّد ما هذا النفس العالي؟

فقال: جعلت فداك يابن رسول اللّه كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي مع أنّني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا محمّد وإنّك لتقول هذا؟! قال: جعلت فداك وكيف لا أقول هذا؟! فقال: يا أبا محمّد أما علمت أنّ اللّه تعالى يكرم الشباب منكم

ص:353


1- - النساء 4:69.
2- تفسير العياشي: ج 1 ص 256 ح 190.
3- مجمع البيان: ج 2 ص 72. منهما البحار: ج 68 ص 32.
4- وقد حفزه - مرآة العقول. حفزه حفزا: ازعجه. (أقرب الموارد).

ويستحيي من الكهول؟

قال: قلت: جعلت فداك فكيف يكرم الشباب ويستحيي من الكهول؟

فقال: يكرم اللّه الشباب أن يعذّبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم.

قال: قلت: جعلت فداك هذا لنا خاصّة أم لاهل التوحيد؟

قال: فقال: لا واللّه إلّا لكم خاصّة دون العالم.

قال: قلت: جعلت فداك فإنّا قد نبزنا نبزا(1) انكسرت له ظهورنا وماتت له أفئدتنا واستحلّت له الولاة دماء نافي حديث رواه لهم فقهاؤهم قال: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): الرّافضة؟

قال: قلت: نعم.

قال: لا واللّه ما هم سمّوكم ولكن اللّه سمّاكم به، أما علمت - يا أبا محمّد - أنّ سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لمّا استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى (عليه السّلام) لمّا استبان لهم هداه، فسمّوا في عسكر موسى: الرّافضة لانّهم رفضوا فرعون؟!! وكانوا أشدّ أهل ذلك العسكر عبادة وأشدّهم حبّا لموسى وهارون وذرّيّتهما (عليهما السّلام) فأوحى اللّه (عزّوجلّ) إلى موسى (عليه السّلام) أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإنّي قد سمّيتهم به ونحلتهم إيّاه، فأثبت موسى (عليه السّلام) الاسم لهم، ثمّ ذخر اللّه (عزّوجلّ) لكم هذا الاسم حتّى نحلكموه.

ص:354


1- - تنابزوا بالالقاب: أي لقّب بعضهم بعضا وتعايروا وتداعوا بالألقاب (أقرب الموارد).

يا أبا محمّد: رفضوا الخير ورفضتم الشرّ، افترق الناس كلّ فرقة وتشعّبوا كلّ شعبة فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم (صلّى اللّه عليه وآله) وذهبتم حيث ذهبوا واخترتم من اختار اللّه لكم وأردتم من أراد اللّه فأبشروا ثمّ ابشروا، فأنتم واللّه المرحومون المتقبّل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يأت اللّه (عزّوجلّ) بما أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبّل منه حسنة ولم يتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد إنّ للّه (عزّوجلّ) ملائكة يسقطون الذّنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الرّيح الورق في أوان سقوطه وذلك قوله (عزّوجلّ): (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) الى قوله: (وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (1) استغفارهم واللّه لكم دون هذا الخلق، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

قال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (2) إنّكم وفيتم بما أخذ اللّه عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنّكم لم تبدّلوا بنا غيرنا ولو لم تفعلوا لعيّركم اللّه كما عيّرهم حيث يقول (جلّ ذكره): (وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا)

ص:355


1- - غافر 40:7.
2- الاحزاب 33:23.

(أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) (1) يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (2) واللّه ما أراد بهذا غيركم، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد (الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) (3) واللّه ما أراد بهذا غيركم، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد لقد ذكرنا اللّه (عزّوجلّ) وشيعتنا وعدوّنا في آية من كتابه فقال (عزّوجلّ): (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (4) فنحن الّذين يعلمون وعدوّنا الّذين لايعلمون وشيعتنا هم اولوا الالباب، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد واللّه ما استثنى اللّه (عزّوجلّ) بأحد من أوصياء الانبياء ولا أتباعهم ما خلا امير المؤمنين (عليه السّلام) وشيعته فقال في كتابه وقوله الحقّ: (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ)

ص:356


1- - الأعراف 7:102.
2- الحجر 15:47.
3- الزخرف 43:67.
4- الزمر 39:9.

(يُنْصَرُونَ * إِلاّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ) (1) يعني بذلك عليّا (عليه السّلام) وشيعته، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

قال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه تعالى في كتابه إذ يقول: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (2) واللّه ما أراد بهذا غيركم، فهل سررتك يا أبا محمّد؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (3) واللّه ما أراد بهذا إلاّ الائمّة (عليهم السّلام) وشيعتهم، فهل سررتك يا أبا محمّد؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (4) فرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في الآية النبيّون ونحن في هذا الموضع الصدّيقون والشهداء وأنتم الصاّلحون فتسمّوا بالصّلاح كماسمّاكم اللّه (عزّوجلّ)، يا أبا محمد فهل سررتك؟

ص:357


1- - الدخان 44:41 و 42.
2- الزمر 39:53.
3- الحجر 15:42.
4- النساء 4:69.

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

قال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه إذ حكى عن عدوّكم في النار بقوله: (وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ * أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (1) واللّه ما عنى ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس وأنتم واللّه في الجنّة تحبرون(2)وفي النارتطلبون، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

قال: يا أبا محمّد ما من آية نزلت تقود إلى الجنّة ولا تذكر أهلها بخير إلّا وهي فينا وفي شيعتنا وما من آية نزلت تذكر أهلها بشرّ ولا تسوق إلى النار إلاّ وهي في عدونا ومن خالفنا، فهل سررتك يا أبا محمّد؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: يا أبا محمّد ليس على ملّة إبراهيم إلاّ نحن وشيعتنا، وسائر الناس من ذلك براء(3) يا أبا محمّد فهل سررتك؟

وفي رواية أخرى فقال: حسبي(4).

فضائل الشيعة: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار قال: حدثني عباد

ص:358


1- - ص 38:62 و 63.
2- قوله تعالى: (فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) أي ينعمون ويكرمون ويسرّون، من الحبور وهو السرور. (مجمع البحرين).
3- بريء فلان من فلان: اذا تبرأ منه (مجمع البحرين). والمعنى: أنهم بريئون بعيدون عن ملة ابراهيم.
4- الكافي: ج 8 ص 33 ح 6.

ابن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلمي قال:

كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(1).

دعائم الاسلام: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال يوما لابي بصير وقد دخل عليه وقد كبرت سنّه وذهب بصره وحفزه النفس فقال له: ما هذا النفس يا أبا بصير.... وذكر قريبا من ذلك(2).

الاختصاص: محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن الحسن ابن متيل، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي سليم الديلمي، عن أبي بصير قال: أتيت أبا عبداللّه (عليه السّلام) بعد ان كبرت سنّي وقد اجهدني النفس فقال: يا أبا محمّد ما هذا النفس... وذكر قريبا من ذلك(3).

شرح الاخبار: ابو بصير قال: دخلت على أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) وقد كبر سنّي وذهب بصري وقرب أجلي مع اني لست أدري.... وذكر ما يقرب من ذلك(4).

7297 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن سليمان الديلمي قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه أبو بصير وقد أخذه نفسه، فلمّا أن أخذ مجلسه قال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا محمّد ما هذا النفس العالي؟

ص:359


1- - فضائل الشيعة: ص 20 ح 18.
2- دعائم الاسلام: ج 1 ص 76.
3- الاختصاص: ص 104.
4- شرح الاخبار: ج 3 ص 464 ح 1356.

قال: جعلت فداك يابن رسول اللّه كبرت سنّي ودقّ عظمي ولست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي؟

فقال أبو عبداللّه: يا أبا محمّد إنّك لتقول هذا؟

فقال: جعلت فداك وكيف لا أقول هذا؟ فذكر كلاما.

فقال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) واللّه ما أراد بها غيركم، يا أبا محمّد فهل سررتك؟

قال: قلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال: (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) * واللّه ما أراد بها إلاّ الائمّة وشيعتهم فهل سررتك(1).

7298 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن سليمان الديلمي، قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه أبو بصير وقد أخذه النفس، فلمّا ان أخذ مجلسه قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا محمّد ما هذا النفس العالي [العالية]؟

قال: جعلت فداك يابن رسول اللّه كبر سني، ودق عظمي واقترب أجلي ولست أدري ما أرد عليه من آمر اخرتي؟

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا محمّد وانك لتقول هذا؟! فقال: وكيف لا أقول هذا؟

فذكر كلاما ثمّ قال: يا أبا محمّد لقد ذكركم اللّه في كتابه المبين بقوله: (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ)

ص:360


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 225 ح 303. منه البحار: ج 68 ص 56.

(وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) . فرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في الآية النبيّين ونحن في هذا الموضع الصدّيقين والشهداء، وأنتم الصالحون فسموا بالصلاح كما سماكم اللّه يا أبا محمّد(1).

7299 - اعلام الدين: من كتاب (فرج الكرب) عن أبي بصير قال: قال الصادق (عليه السّلام): يا أبا محمّد تفرّق الناس شعبا ورجعتم - أنتم - إلى أهل بيت نبيّكم فأردتم ما أراد اللّه وأحببتم من أحبّ اللّه واخترتم من اختاره اللّه، فابشروا واستبشروا فانتم واللّه المرحومون المتقبّل منكم حسناتكم، المتجاوز عن سيّئاتكم، فهل سررتك؟

فقلت: نعم.

فقال: يا أبا محمّد إنّ الذنوب تساقط عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق من الشجر، وذلك قوله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (2) واللّه يا أبا محمّد ما أراد اللّه بهذا غيركم، فهل سررتك؟

قلت: نعم زدني؟

فقال: قد ذكركم اللّه في كتابه (عزّ من قائل): (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ) يريد أنّكم وفيتم بما أخذ عليكم ميثاقه من ولايتنا، وإنّكم لم تستبدلوا بنا غيرنا، وقال: (الْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ)

ص:361


1- - تفسير فرات الكوفي: ص 113 ح 115. منه البحار: ج 16 ص 354.
2- المؤمن 40:7.

(لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) واللّه ما عنى بهذا غيركم، فهل سررتك يا أبا محمّد؟

فقلت: زدني؟

قال: لقد ذكركم اللّه في كتابه حيث يقول: (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) واللّه ما أراد اللّه بهذا غيركم، هل سررتك؟

فقلت: نعم زدني؟

قال: وقد ذكركم اللّه تعالى بقوله: (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ) فرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في هذا الموضع النبيّون، ونحن الصدّيقون والشهداء، وأنتم الصالحون، وأنتم واللّه شيعتنا، فهل سررتك؟

فقلت: نعم زدني؟

فقال: لقد استثناكم اللّه تعالى على الشيطان فقال: (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) * واللّه ما عنى بهذا غيركم، فهل سررتك؟

فقلت: نعم زدني؟

فقال: قال اللّه: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) واللّه ما عنى بهذا غيركم، هل سررتك يا أبا محمّد؟

قلت: زدني؟

فقال: يا أبا محمّد ما استثنى اللّه تعالى به لاحد من الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا شيعتنا، فقال (عزّ من قائل): (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ * إِلاّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ) وهم شيعتنا يا أبا محمّد

ص:362

هل سررتك؟

قلت: زدني يابن رسول اللّه؟

قال: لقد ذكركم اللّه تعالى في كتابه حيث قال: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) فنحن الّذين نعلم وأعداؤنا الّذين لايعلمون وشيعتنا اولو الالباب.

قلت: زدني يابن رسول اللّه؟

قال: يا أبا محمّد ما يحصى تضاعف ثوابكم، يا أبا محمّد ما من آية تقود إلى الجنّة وتذكر أهلها بخير إلاّ وهي فينا وفيكم، وما من آية تسوق إلى النار إلّا وهي في عدوّنا ومن خالفنا، واللّه ما على دين محمّد وملّة إبراهيم (عليه السّلام) غيرنا وغيركم، وإنّ سائر الناس منكم براء، يا أبا محمّد هل سررتك؟

قلت: نعم يابن رسول اللّه (صلّى اللّه عليك) وجعلت فداك، ثمّ انصرفت فرحا(1).

7300 - تأويل الايات الظاهرة: روى الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه (رحمه اللّه) في حديث قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه قال:

كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه أبو بصير فقال له الامام: يا أبا بصير لقد ذكركم اللّه في كتابه إذ يقول: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) واللّه ما أراد بذلك غيركم يا أبا محمّد

ص:363


1- - اعلام الدين: ص 452. منه البحار: ج 27 ص 123.

فهل سررتك؟

قال: نعم(1).

7301 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال قال:

حدثنا العباس بن عامر قال: حدثنا أحمد بن رزق، عن يحيي بن العلاء الرازي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دخل علي (عليه السّلام) على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهو في بيت ام سلمة فلمّا رآه قال: كيف أنت يا عليّ إذا جمعت الامم، ووضعت الموازين، وبرز لعرض خلقه، ودعي الناس إلى ما لابدّ منه؟

قال: فدمعت عين أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما يبكيك يا عليّ؟!! تدعى واللّه أنت وشيعتك غرّا محجّلين رواء مرويّين، مبيضّة وجوهكم، ويدعى بعدوّك مسودّة وجوههم أشقياء معذّبين أما سمعت إلى قول اللّه تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (2) أنت وشيعتك، و (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا.... أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (3) عدوّك يا عليّ (4).

7302 - شرح الاخبار: عبداللّه بن مسكان، عن أبي بصير،

ص:364


1- - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 518 ح 22. منه البحار: ج 24 ص 260.
2- البيّنة 98:7.
3- البينة 98:6.
4- أمالي الطوسي: ص 671 ح 1414. منه البحار: ج 68 ص 70.

قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (1) أخاصة هي أم عامة؟

قال: بل هي لك ولأصحابك(2).

7303 - شرح الاخبار: أبو بصير، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، أنّه قال في قول اللّه تعالى: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (3) قال: هم شيعة علي (عليه السّلام)(4).

7304 - شرح الاخبار: أبو بصير قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن قول اللّه تعالى: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (5).

قال: نحن نعلم وعدوّنا الذين لايعلمون وشيعتنا اولوا الالباب(6).

7305 - شرح الاخبار: عقبة بن خالد قال: دخلت أنا والمعلّى [بن خنيس] على أبي عبداللّه (عليه السّلام) في مجلسه وليس هو فيه، ثمّ خرج علينا من جانب البيت من عند سارية، فجلس، ثم قال: أنتم اولو الالباب في كتاب اللّه، قال تعالى: (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) فأبشروا، فأنتم على إحدى الحسنيين من اللّه، إن ابقيتم حتى ترون ما

ص:365


1- - الزمر 39:53.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 484 ح 1399.
3- الزمر 39:21.
4- شرح الأخبار: ج 3 ص 500 ح 1434.
5- الزمر 39:9.
6- شرح الاخبار: ج 3 ص 500 ح 1435.

تمدّون إليه رقابكم، شفى اللّه صدوركم، وأذهب غيض قلوبكم، وأحاد لكم(1) على عدوّكم وهو قول اللّه (عزّوجلّ): (وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) (2) وان مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين اللّه تعالى الذي رضيه لنبيّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وبعثتم على ذلك.

ثمّ أقبل عليّ فقال: يا عقبة، ان اللّه تعالى لايقبل من العباد - يوم القيامة - الا ما أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يقرّ به عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذه - وأهوى بيده الى حلقه -(3).

7306 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة بن خالد، [عن أبيه](4) قال: دخلت أنا ومعلّى بن خنيس على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فأذن لنا وليس هو في مجلسه فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه وليس عليه جلباب، فلمّا نظر إلينا رحّب فقال:

مرحبا بكما وأهلا، ثمّ جلس وقال: أنتم اولو الألباب في كتاب اللّه، قال اللّه (تبارك وتعالى): (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (5) فأبشروا، فأنتم على إحدى الحسنيين من اللّه، أما إنّكم إن بقيتم حتّى تروا ما تمدّون إليه رقابكم، شفى اللّه صدوركم وأذهب غيظ قلوبكم،

ص:366


1- - هكذا في المصدر ولعل الصحيح: وأحال لكم، من الحول. ومعنى الحول: القوة والقدرة على التصرف (اقرب الموارد).
2- التوبة 9:14 و 15.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 473 ح 1373.
4- ما بين المعقوفتين من البحار.
5- الرعد 13:19.

وأدالكم على عدوّكم(1)، وهو قول اللّه (تبارك وتعالى): (وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) وإن مضيتم قبل أن تروا ذلك، مضيتم على دين اللّه الّذي رضيه لنبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) وبعثه عليه(2).

7307 - تفسير العياشي: عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، قال:

دخلت أنا والمعلّى على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: أبشروا إنّكم على إحدى الحسنيين [من اللّه أما إنّكم إن بقيتم حتّى تروا ما تمدّون إليه رقابكم](3) شفى اللّه صدوركم وأذهب غيظ قلوبكم، وأنا لكم(4)على عدوّكم، وهو قول اللّه: (وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَ يُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) وإن مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين اللّه الّذي ارتضاه (رضيه - خ) لنبيّه عليه وآله السّلام ولعليّ (عليه السّلام)(5).

باب (41) شجرة النبوّة وأغصان الإمامة

7308 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (قدس اللّه روحه) قال: أخبرنا جماعة،

ص:367


1- - الإدالة: النصرة والغلبة. (مجمع البحرين).
2- المحاسن: ص 169 ح 135. منه البحار: ج 68 ص 93.
3- ما بين المعقوفتين من البحار.
4- ادالكم - البحار.
5- تفسير العياشي: ج 2 ص 79 ح 29. منه البحار: ج 68 ص 85.

عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال:

حدثنا صهيب بن عباد بن صهيب قال: حدثنا أبي، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعليّ لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، وأغصان الشجرة ذاهبة على ساقها، فأيّ رجل تعلّق بغصن من أغصانها أدخله اللّه الجنّة برحمته.

قيل: يا رسول اللّه قد عرفنا الشجرة وفرعها، فمن أغصانها؟

قال: عترتي، فما من عبد أحبّنا أهل البيت، وعمل بأعمالنا، وحاسب نفسه قبل أن يحاسب إلاّ ادخله اللّه (عزّوجلّ) الجنّة(1).

باب (42) التبرّي من أعداء اللّه

7309 - الكافي: الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال: كنت جالسا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخلت عليه امّ خالد الّتي كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أيسرّك أن تسمع كلامها؟

فقلت: نعم.

فقال: أمّا الآن فاذن لها قال: وأجلسني معه على الطنفسة(2) ثمّ

ص:368


1- - أمالي الطوسي: ص 611 ح 1264. منه البحار: ج 68 ص 69.
2- الطنفسة: البساط، والحصير من سعف عرضه ذراع. (اقرب الموارد).

دخلت فتكلّمت فإذا أمرأة بليغة فسألته عنهما؟

فقال لها: تولّيهما؟

قالت: فأقول لربّي إذا لقيته انّك أمرتني بولايتهما؟

قال: نعم.

قالت: فإنّ هذا الّذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النّوا يأمرني بولايتهما، فأيّهما خير وأحبّ إليك؟

قال: هذا واللّه أحبّ إليّ من كثير النّوا وأصحابه(1)، إنّ هذا

ص:369


1- - قوله (عليه السّلام): «هذا واللّه أحبّ اليّ» أمرها أوّلا بولاية أبي بكر وعمر تقية ثمّ لمّا بلغت في السّؤال أثبت (عليه السّلام) لعنهما كناية بأن لم يتعرّض لقول الرّجلين الّذين سألت عنهما، بل قال: هذا - أي أبو بصير - أحبّ إليّ من كثير النوا، لانّ كلامه موجّه، يقول إنّ كثير النوا يفتي ويحكم بين النّاس بغير الحق، ويثبت بالآيات كفره وظلمه وفسقه، فاشار (عليه السّلام) في كلامه هذا ضمنا إلى كفر الملعونين ووجوب البرآءة منهما بوجهين: الاوّل: إنّ محبوبية أبي بصير يستلزم صدقه في أمره بالبرآءة منهما. والثاني: إنّ العلّة التي بها أثبت كفر كثير النوا مشترك بينه وبينهما، فبها تثبت أيضا كفرهما وظلمهما وفسقهما، وهذا نوع من معاريض الكلام. ويحتمل أن يكون مراده (عليه السّلام) أنّ قول هذا أحبّ إليّ لانّه يستدلّ على كفر أبي بكر وعمر بهذه الآيات ويخاصم في ذلك كثير النوا ويغلب عليه ويخصمه، لكنّه (عليه السّلام) أدّى ذلك بعبارة يكون له منها الخرج بالحمل على المعنى الاولى عند الضرورة. وقال الفاضل الاسترآبادي: معناه أنّ أبا بصير يخاصم علماء العامّة من جهتنا بهذه الآيات الشريفة، وملخص خصومته أنّ هذه الآيات صريحة في أنّ من أفتى في واقعة بغير ما أنزل اللّه فيها كافر ظالم فاسق، فعلم من ذلك أنّ للّه تعالى في الارض دائما رجلا عالما بما أنزله اللّه في كلّ واقعة، ومن المعلوم أنّ أرباب الإجتهادات الظنّية غير عالمين بما أنزله اللّه في كلّ واقعة، ومن ثمّ تقع بينهم

يخاصم فيقول: (وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (1)(وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ) 2(وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (2) و(3).

7310 - الكافي: الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن ابان بن عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي عبداللّه قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ اللّه (عزّوجلّ) منّ علينا بأن عرّفنا توحيده، ثمّ منّ علينا بان أقررنا بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) بالرّسالة ثمّ اختصنا بحبّكم أهل البيت نتولّاكم ونتبرّأ من عدوّكم وإنّما نريد بذلك خلاص أنفسنا من النار، قال: ورققت فبكيت.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): سلني فواللّه لا تسألني عن شيء إلّا أخبرتك به.

قال: فقال له عبدالملك بن أعين: ما سمعته قالها لخلوق قبلك.

قال: قلت: خبّرني عن الرّجلين؟

قال: ظلمانا حقّنا في كتاب اللّه (عزّوجلّ) ومنعا فاطمة

ص:370


1- (1و2) - المائدة 5:44 وه 4.
2- المائدة 5:47.
3- الكافي: ج 8 ص 237 ح 319.

(صلوات اللّه عليها) ميراثها من أبيها وجري ظلمهما إلى اليوم، قال - وأشار إلى خلفه - ونبذا كتاب اللّه وراء ظهورهما(1).

7311 - الكافي: حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكندي، عن احمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل البصري قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: تقعدون في المكان فتحدّثون وتقولون ما شئتم وتتبرّؤون ممّن شئتم وتولّون من شئتم؟

قلت: نعم.

قال: وهل العيش إلاّ هكذا(2).

باب (43) رسالة الإمام الصادق عليه السّلام إلى الشيعة

7312 - الكافي: محمّد بن يعقوب الكليني(3) قال: حدثني عليّ ابن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن حفص المؤذّن، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، وعن محمد بن إسماعيل بن بزيع(4)، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه كتب بهذه الرّسالة - الآتية - إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم

ص:371


1- - الكافي: ج 8 ص 102 ح 74.
2- الكافي: ج 8 ص 229 ح 292.
3- هذا كلام أحد رواة الكليني، النعماني أو الصفواني أو غيرهما. (مرآة العقول).
4- معطوف على ابن فضال لانّ إبراهيم بن هاشم من رواته. (مرآة العقول).

فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها.

قال: وحدّثني الحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفيّ، عن القاسم بن الربيع الصحّاف، عن إسماعيل بن مخلّد السرّاج، قال: خرجت هذه الرسالة من أبي عبداللّه (عليه السّلام) إلى أصحابه:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم: أمّا بعد فاسألوا ربّكم العافية، وعليكم بالدّعة(1) والوقار والسكينة وعليكم بالحياء والتنزّه عما تنزّه عنه الصالحون قبلكم.

وعليكم بمجاملة أهل الباطل، تحمّلوا الضيم منهم وإيّاكم ومماظّتهم(2).

دينوا فيما بينكم وبينهم - إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام، فانّه لابدّ لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام - بالتقيّة(3) الّتي أمركم اللّه أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم، فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنّهم سيؤذونكم وتعرفون في وجوههم المنكر، ولولا أنّ اللّه تعالى يدفعهم عنكم لسطوا بكم(4) وما

ص:372


1- - الدعة: الخفض والسكون والراحة أي ترك الحركات والافعال التي توجب الضرر في دولة الباطل. (مرآة العقول).
2- المجاملة: حسن الصنيعة مع الناس والمعاملة بالجميل. والضيم: الظلم. والمماظّة: المنازعة (مجمع البحرين).
3- قوله (عليه السّلام): «بالتقية» متعلق بقوله: «دينوا» أي اعملوا بالتقية، واعبدوا اللّه بعبادة التقيّة إذا أنتم جالستموهم وخالفتموهم، فإنه لا يمكنكم ترك مخالطتهم. (مرآة العقول).
4- سطا عليه: قهره وأذله. (مجمع البحرين). أي وثبوا عليكم وقهروكم.

في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر ممّا يبدون لكم، مجالسكم ومجا لسهم واحدة وأرواحكم وأرواحهم مختلفة لا تأتلف، لا تحبّونهم أبدا ولا يحبّونكم غير أنّ اللّه تعالى أكرمكم بالحقّ وبصّركموه ولم يجعلهم من أهله، فتجاملونهم وتصبرون عليهم وهم لا مجاملة لهم ولا صبر لهم على شيء، وحيلهم وسواس بعضهم إلى بعض فإنّ أعداء اللّه - إن استطاعوا - صدّوكم عن الحقّ، فيعصمكم اللّه من ذلك، فاتّقوا اللّه وكفّوا ألسنتكم إلاّ من خير.

وإيّاكم أن تزلقوا ألسنتكم(1) بقول الزّور والبهتان والإثم والعدوان فإنّكم إن كففتم ألسنتكم عمّا يكرهه اللّه - ممّا نهاكم عنه - كان خيرا لكم عند ربّكم من أن تزلقوا ألسنتكم به، فإنّ زلق اللّسان - فيما يكره اللّه وما [ي -] - نهى عنه - مرادة(2) للعبد عند اللّه ومقت من اللّه وصم وعمى وبكم يورثه اللّه إيّاه يوم القيامة فتصيروا كما قال اللّه: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (3) يعني لاينطقون (وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (4).

وإيّاكم وما نهاكم اللّه عنه أن تركبوه.

وعليكم بالصمت إلاّ فيما ينفعكم اللّه به من أمر آخرتكم ويأجركم عليه.

ص:373


1- - الزّلق: الزلل. (لسان العرب).
2- في الدعاء: «أعوذ بك من مرديات سخطك» أي ما يوجب الردي، أي الهلاك من سخطك (مجمع البحرين).
3- البقرة 2:18.
4- المرسلات 77:36.

وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء على اللّه والتضرّع إليه والرّغبة فيما عنده من الخير الّذي لايقدر قدره ولا يبلغ كنهه أحد، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عمّا نهى اللّه عنه من أقاويل الباطل الّتي تعقب أهلها خلودا في النار من مات عليها ولم يتب إلى اللّه ولم ينزع عنها.

وعليكم وبالدّعاء فإنّ المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربّهم بأفضل من الدّعاء والرّغبة إليه والتضرّع إلى اللّه والمسالة [له] فارغبوا فيما رغّبكم اللّه فيه وأجيبوا اللّه إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا وتنجوا من عذاب اللّه.

وإيّاكم أن تشره أنفسكم(1) إلى شيء ممّا حرّم اللّه عليكم فإنّه من انتهك ما حرّم اللّه عليه هاهنا في الدّنيا حال اللّه بينه وبين الجنّة ونعيمها ولذّتها وكرامتها القائمة الدّائمة لاهل الجنّة أبد الآبدين.

واعلموا أنه بئس الحظّ الخطر لمن خاطر اللّه بترك طاعة اللّه وركوب معصيته فاختار أن ينتهك محارم اللّه في لذّات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم في الجنّة ولذّاتها وكرامة أهلها، ويل لأولئك، ما اخيب حظّهم وأخسر كرّتهم وأسوء حالهم عند ربّهم يوم القيامة!! استجيروا اللّه أن يجيركم في مثالهم أبدا(2) وأن يبتليكم بما

ص:374


1- - شره على الطعام: اشتد حرصه عليه. (اقرب الموارد).
2- أي استعيذوا باللّه من أن يكون إجارته تعالى إيّاكم على مثال إجارته لهم فإنه لا يجيرهم عن عذابه في الآخرة وإنّما أجارهم في الدّنيا. وفي بعض النسخ «من مثالهم» فالمراد استجيروا باللّه لان يجيركم من مثالهم أي من أن تكونوا مثلهم. (مرآة العقول).

ابتلاهم به، ولا قوّة لنا ولكم إلاّ به.

فاتّقوا اللّه - أيّتها العصابة الناجية - إن أتمّ اللّه لكم ما أعطاكم به(1)فإنّه لا يتمّ الامر حتّى يدخل عليكم مثل الّذي دخل على الصالحين قبلكم وحتّى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم وحتّى تسمعوا من أعداء اللّه أذي كثيرا فتصبروا وتعركوا(2) بجنوبكم وحتّى يستذلّوكم ويبغضوكم وحتّى يحمّلوا [عليكم] الضيم فتحملوا منهم تلتمسون بذلك وجه اللّه والدّار الآخرة وحتّى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في اللّه (عزّوجلّ) يجترمونه(3) إليكم وحتّى يكذّبوكم بالحقّ ويعادوكم فيه ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم، ومصداق ذلك كلّه في كتاب اللّه الّذي أنزله جبرئيل على نبيّكم (صلّى اللّه عليه وآله) سمعتم قول اللّه (عزّوجلّ) لنبيّكم (صلّى اللّه عليه وآله): (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) (4) ثمّ قال: (وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ. رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) (5)(فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا) (6) فقد كذّب

ص:375


1- - لعلّ المراد: اتقوا اللّه ولا تتركوا التقوى عن الشرك والمعاصي عند إرادة اللّه إتمام ما أعطاكم من دين الحقّ، ثمّ بيّن (عليه السّلام) الاتمام بأنّه إنّما يكون بالابتلاء والافتتان وتسليط من يؤذيكم عليكم. فالمراد الامر بالتقوى عند الابتلاء بالفتن وذكر فائدة الابتلاء بأنّه سبب لتمام الايمان فلذا يبتليكم. (مرآة العقول).
2- يقال: عرك البعير جنبه بمرفقه: إذا دلكه فأثر فيه، وكأنّه كناية عن التذلل للاعداء وتحمل الأذى من جهتهم. (مجمع البحرين).
3- اجرم عليهم واليهم جريمة: جنى جناية (القاموس).
4- الاحقاف 46:35.
5- فاطر 35:4.
6- الانعام 6:34.

نبيّ اللّه والرّسل من قبله وأوذوا مع التكذيب بالحقّ، فإن سرّكم أمر اللّه(1) فيهم - الّذي خلقهم له في الاصل - أصل الخلق - من الكفر الّذي سبق في علم اللّه أن يخلقهم له في الاصل ومن الّذين سمّاهم اللّه في كتابه في قوله: (وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ) (2) فتدبّروا هذا واعقلوه ولا تجهلوه فإنّه من يجهل هذا وأشباهه - مما افترض اللّه عليه في كتابه ممّا أمر اللّه به ونهى عنه - ترك دين اللّه وركب معاصيه فاستوجب سخط اللّه فأكبّه اللّه على وجهه في النار.

وقال: أيّتها العصابة المرحومة المفلحة إنّ اللّه أتمّ لكم ما آتاكم من الخير، واعلموا أنّه ليس من علم اللّه ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق اللّه في دينه بهوى ولا رأي ولا مقائيس.

قد أنزل اللّه القرآن وجعل فيه تبيان كلّ شيء وجعل للقرآن - ولتعلّم القران - أهلا، لايسع أهل علم القران الّذين آتاهم اللّه علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقائيس، أغناهم اللّه عن ذلك بما آتاهم من علمه وخصّهم به ووضعه عندهم، كرامة من اللّه أكرمهم بها وهم أهل الذكر الّذين أمر اللّه هذه الأمّة بسؤالهم وهم الّذين من سألهم - وقد سبق في علم اللّه أن يصدّقهم ويتّبع أثرهم - أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى اللّه بإذنه وإلى جميع سبل الحقّ وهم الّذين لايرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم - الذي أكرمهم اللّه به

ص:376


1- - في النسخة المصحّحة التي أومأنا إليها قوله (عليه السّلام): «فإن سركم» متصل بما سيأتي في آخر الرسالة: «أن تكونوا مع نبي الله محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)» إلى آخر الرسالة وهو الاصوب. (مرآة العقول).
2- القصص 28:41. وفيها (وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ....) إلى آخره.

وجعله عندهم - إلاّ من سبق عليه في علم اللّه الشقاء في أصل الخلق تحت الاظلّة(1) فاولئك الّذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين اتاهم اللّه علم القران ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم واولئك الّذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقائيسهم حتّى دخلهم الشيطان لانّهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند اللّه كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند اللّه مؤمنين، وحتّى جعلوا ما أحلّ اللّه في كثير من الامر حراما، وجعلوا ما حرّم اللّه في كثير من الامر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم، وقد عهد إليهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قبل موته فقالوا: نحن بعد ما قبض اللّه (عزّوجلّ) رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد ما قبض اللّه (عزّوجلّ) رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وبعد عهده الّذي عهده إلينا وأمرنا به مخالفا للّه ولرسوله (صلّى اللّه عليه وآله) فما أحد أجرأ على اللّه ولا أبين ضلالة ممّن أخذ بذلك وزعم أنّ ذلك يسعه.

واللّه إنّ - للّه على خلقه أن يطيعوه ويتّبعوا أمره في حياة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وبعد موته.

هل يستطيع اولئك أعداء اللّه أن يزعموا أنّ أحدا ممّن أسلم مع محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أخذ بقوله ورأيه ومقائيسه؟!! فإن قال:

نعم، فقد كذب على اللّه وضلّ ضلالا بعيدا وإن قال: لا، لم يكن لاحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقائيسه فقد أقرّ بالحجّة على نفسه وهو ممّن يزعم أنّ اللّه يطاع ويتّبع أمر بعد قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقد قال اللّه وقوله الحقّ: (وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ)

ص:377


1- - أي عالم الأرواح. (مرآة العقول).

(قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ) (1) وذلك لتعلموا أنّ اللّه يطاع ويتّبع أمره في حياة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وبعد قبض اللّه محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقائيسه خلافا لامر محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فكذلك لم يكن لاحد من الناس بعد محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقائيسه.

وقال: دعوا رفع أيديكم في الصّلاة(2) إلاّ مرّة واحدة حين تفتتح الصّلاة فإنّ الناس قد شهروكم بذلك، واللّه المستعان ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.

وقال: أكثروا من أن تدعوا اللّه فإنّ اللّه يحبّ من عباده المؤمنين أن يدعوه، وقد وعد اللّه عباده المؤمنين بالاستجابة واللّه مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملا يزيدهم به في الجنّة، فأكثروا ذكر اللّه ما استطعتم في كلّ ساعة من ساعات اللّيل والنهار فإنّ اللّه أمر بكثرة

ص:378


1- - آل عمران 3:144.
2- اعلم أن رفع اليدين في تكبير الافتتاح لا خلاف في أنه مطلوب للشارع بين العامة والخاصة، والمشهور بين الاصحاب الاستحباب، وذهب السيد (رحمه اللّه) من علمائنا إلى الوجوب، وأما الرفع في سائر التكبيرات فالمشهور بين الفريقين أيضا استحبابه، وقال الثوري وأبو حنيفة وابراهيم النخعي: لايرفع يديه إلاّ عند الافتتاح، وذهب السيد (رحمه اللّه) إلى الوجوب في جميع التكبيرات، ولمّا كان في زمانه (عليه السّلام) عدم استحباب الرفع أشهر بين العامة فلذا منع الشيعة عن ذلك لئلا يشتهروا بذلك فيعرفوهم به. (مرآة العقول).

الذّكر له واللّه ذاكر لمن ذكره من المؤمنين، واعلموا أنّ اللّه لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلاّ ذكره بخير، فأعطوا اللّه من أنفسكم الاجتهاد في طاعته فإنّ اللّه لايدرك شيء من الخير عنده إلاّ بطاعته واجتناب محارمه الّتي حرّم اللّه في ظاهر القرآن وباطنه فإنّ اللّه (تبارك وتعالى) قال في كتابه وقوله الحقّ: (وَ ذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَ باطِنَهُ) (1)واعلموا أنّ ما أمر اللّه به أن تجتنبوه فقد حرّمه، واتّبعوا آثار رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وسنّته فخذوا بها ولا تتّبعوا أهواءكم وآراءكم فتضلّوا فإنّ أضلّ الناس عند اللّه من اتّبع هواه ورأيه بغير هدى من اللّه.

وأحسنوا إلى أنفسكم ما استطعتم فإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها.

وجاملوا الناس ولا تحملوهم على رقابكم، تجمعوا(2) مع ذلك طاعة ربّكم.

وإيّاكم وسبّ أعداء اللّه حيث يسمعونكم، فيسبّوا اللّه عدوا بغير علم، وقد ينبغي لكم أن تعلموا حدّ سبّهم للّه كيف هو؟ إنّه من سب أولياء اللّه فقد انتهك سبّ اللّه، ومن أظلم عند اللّه ممّن استسبّ للّه

ص:379


1- - الانعام 6:120.
2- جواب للأمر أي إنكم اذا جاملتم الناس جمعتم مع الامن، وعدم حمل الناس على رقابكم بالعمل بطاعة ربّكم فيما أمركم به من التقيّة. وفي بعض النسخ [تجمعون فيكون حالا عن ضميري الخطاب أي أن اجمعوا طاعة اللّه مع المجاملة، لا بأن تتابعوهم في المعاصي وتشاركوهم في دينهم بل بالعمل بالتقية فيما أمركم اللّه فيه بالتقية. (مرآة العقول).

ولأولياء اللّه؟!! فمهلا مهلا فاتّبعوا أمر اللّه ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه.

وقال: أيّتها العصابة - الحافظ اللّه لهم أمرهم -: عليكم بآثار رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وسنّته وآثار الائمّة الهداة من أهل بيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من بعده وسنّتهم، فإنّه من أخذ بذلك فقد اهتدى، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضلّ لانّهم هم الّذين أمر اللّه بطاعتهم وولايتهم وقد قال أبونا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): المداومة على العمل في اتّباع الآثار والسّنن وإن قلّ أرضى للّه وأنفع عنده في العاقبة من الاجتهاد في البدع واتّباع الاهواء، ألا إنّ اتّباع الاهواء واتّباع البدع بغير هدى من اللّه ضلال وكلّ ضلالة بدعة وكلّ بدعة في النار، ولن ينال شيء من الخير عند اللّه إلّا بطاعته والصبر والرّضا، لانّ الصبر والرّضا من طاعة اللّه، واعلموا أنّه لن يؤمن عبد من عبيده حتّى يرضى عن اللّه فيما صنع اللّه إليه وصنع به على ما أحبّ وكره، ولن يصنع اللّه بمن صبر ورضي عن اللّه إلاّ ما هو أهله وهو خير له ممّا أحبّ وكره.

وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا للّه قانتين كما أمر اللّه به المؤمنين في كتابه من قبلكم وإيّاكم.

وعليكم بحبّ المساكين المسلمين فإنّه من حقّرهم وتكبّر عليهم فقد زلّ عن دين اللّه، واللّه له حاقر ماقت، وقد قال أبونا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أمرني ربّي بحبّ المساكين المسلمين [منهم].

واعلموا أنّ من حقّر أحدا من المسلمين ألقى اللّه عليه المقت منه والمحقرة حتّى يمقته الناس، واللّه له أشدّ مقتا، فاتّقوا اللّه في إخوانكم

ص:380

المسلمين المساكين فإنّ لهم عليكم حقّا أن تحبّوهم، فإنّ اللّه أمر رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) بحبّهم فمن لم يحبّ من أمر اللّه بحبّه فقد عصى اللّه ورسوله ومن عصى اللّه ورسوله ومات على ذلك مات وهو من الغاوين.

وإيّاكم والعظمة والكبر فإنّ الكبر رداء اللّه (عزّوجلّ) فمن نازع اللّه رداءه قصمه اللّه وأذلّه يوم القيامة.

وإيّاكم أن يبغي بعضكم على بعض فإنّها ليست من خصال الصالحين، فإنّه من بغى صيّر اللّه بغيه على نفسه وصارت نصرة اللّه لمن بغي عليه، ومن نصره اللّه غلب وأصاب الظفر من اللّه.

وإيّاكم أن يحسد بعضكم بعضا فإنّ الكفر أصله الحسد.

وإيّاكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو اللّه عليكم ويستجاب له فيكم، فإنّ أبانا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يقول: إنّ دعوة المسلم المظلوم مستجابة.

وليعن بعضكم بعضا، فإنّ أبانا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يقول: إنّ معونة المسلم خير وأعظم أجرا من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام.

وإيّاكم وإعسار أحد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه(1) بالشيء يكون لكم قبله وهو معسر، فإنّ أبانا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يقول: «ليس لمسلم أن يعسر مسلما ومن أنظر معسرا أظلّه اللّه

ص:381


1- - عسر الغريم عسرا: طلب منه الدين على عسرة. (أقرب الموارد). والمعنى: اياكم أن تطالبوا من لكم عليه دين وهو معسر لا يستطيع الأداء، فعليكم أن تمهلوه حتى القدرة والاستطاعة، كما قال تعالى: (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ).

بظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه».

وإيّاكم - أيّتها العصابة المرحومة المفضّلة على من سواها - وحبس حقوق اللّه قبلكم يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة فإنّه من عجّل حقوق اللّه قبله كان اللّه أقدر على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل والآجل، وإنّه من أخّر حقوق اللّه قبله كان اللّه أقدر على تأخير رزقه، ومن حبس اللّه رزقه لم يقدر أن يرزق نفسه، فأدّوا إلى اللّه حقّ ما رزقكم يطيّب اللّه لكم بقيّته وينجز لكم ما وعدكم من مضاعفته لكم الاضعاف الكثيرة الّتي لا يعلم عددها ولاكنه فضلها إلّا اللّه ربّ العالمين.

وقال: اتّقوا اللّه - أيّتها العصابة - وإن استطعتم أن لايكون منكم محرج الإمام فإنّ محرج الإمام هو الّذي يسعى بأهل الصلاح من أتباع الإمام، المسلّمين لفضله، الصابرين على أداء حقّه، العارفين لحرمته، واعلموا أنّه من نزل بذلك المنزل عند الإمام فهو محرج الإمام، فإذا فعل ذلك عند الإمام أحرج الإمام إلى أن يلعن أهل الصلاح من أتباعه، المسلّمين لفضله، الصابرين على أداء حقّه، العارفين بحرمته، فاذا لعنهم - لإحراج أعداء اللّه - الإمام صارت لعنته رحمة من اللّه عليهم، وصارت اللّعنة من اللّه ومن الملائكة ورسله على اولئك(1).

ص:382


1- - «محرج الامام» في الصحاح: أحرجه إليه: الجاه. وفيه: سعى به إلى الوالي إذا وشى به، يعنى نمّه وذمّه عنده. أقول: الظاهر أن المراد لاتكونوا محرجي الامام إي بأن تجعلوه مضطرا إلى شيء لا يرضى به، ثمّ بين (عليه السّلام) بأن المحرج هو الذي يذم أهل الصلاح عند الامام ويشهد عليهم بفساد وهو كاذب في ذلك، فيثبت ذلك بظاهر حكم الشريعة عند

واعلموا - أيّتها العصابة - أنّ السنّة من اللّه قد جرت في الصالحين قبل.

وقال: من سرّه أن يلقى اللّه وهو مؤمن حقّا حقّا فليتولّ اللّه ورسوله والّذين آمنوا وليبرّأ إلى اللّه من عدوهم ويسلّم لما انتهى إليه من فضلهم، لإنّ فضلهم لايبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا من دون ذلك، ألم تسمعوا ما ذكر اللّه من فضل أتباع الائمّة الهداة وهم المؤمنون قال: (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (1)؟!! فهذا وجه من وجوه فضل أتباع الائمّة، فكيف بهم وفضلهم؟!! ومن سرّه أن يتمّ اللّه له إيمانه حتّى يكون مؤمنا حقّا حقّا فليف للّه بشروطه الّتي اشترطها على المؤمنين، فإنّه قد اشترط - مع ولايته

ص:383


1- النساء 4:69.

وولاية رسوله وولاية أئمّة المؤمنين - إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وإقراض اللّه قرضا حسنا واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن. فلم يبق شيء ممّا فسّر مما حرّم اللّه إلاّ وقد دخل في جملة قوله، فمن دان اللّه فيما بينه وبين اللّه مخلصا للّه ولم يرخّص لنفسه في ترك شيء من هذا فهو عند اللّه في حزبه الغالبين وهو من المؤمنين حقّا.

وإيّاكم والإصرار على شيء ممّا حرّم اللّه في ظهر القران وبطنه وقد قال اللّه تعالى: (وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ) (1)(إلى هنا رواية القاسم بن الربيع)(2) يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئا ممّا اشترط اللّه في كتابه عرفوا أنّهم قد عصوا اللّه في تركهم ذلك الشيء فاستغفروا ولم يعودوا إلى تركه فذلك معنى قول اللّه: (وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ) .

واعلموا أنّه إنّما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به ولينتهى عما نهى عنه، فمن اتّبع أمره فقد أطاعه وقد أدرك كلّ شيء من الخير عنده، ومن لم ينته عمّا نهى اللّه عنه فقد عصاه فإن مات على معصيته أكبّه اللّه على وجهه في النار.

واعلموا أنّه ليس بين اللّه وبين أحد من خلقه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا من دون ذلك من خلقه كلّهم إلاّ طاعتهم له، فاجتهدوا في طاعة اللّه، إن سرّكم أن تكونوا مؤمنين حقّا حقّا، ولا قوّة إلاّ باللّه.

وقال: وعليكم بطاعة ربّكم ما استطعتم فإنّ اللّه ربّكم.

ص:384


1- - آل عمران 3:135.
2- أي ما يذكر بعده لم يكن في رواية القاسم بل كان في رواية حفص واسماعيل. (مرآة العقول).

واعلموا أنّ الإسلام هو التسليم والتسليم هو الإسلام فمن سلّم فقد أسلم ومن لم يسلّم فلا إسلام له، ومن سرّه أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان فليطع اللّه فإنّه من أطاع اللّه فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان.

وإيّاكم ومعاصي اللّه أن تركبوها فإنّه من انتهك معاصي اللّه فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه، وليس بين الإحسان والإساءة منزلة، فلاهل الإحسان عند ربّهم الجنّة ولأهل الإساءة عند ربّهم النار، فاعملوا بطاعة اللّه واجتنبوا معاصيه.

واعلموا أنّه ليس يغني عنكم من اللّه أحد من خلقه شيئا لا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا من دون ذلك، فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند اللّه فليطلب إلى اللّه أن يرضى عنه، واعلموا أنّ أحدا من خلق اللّه لم يصب رضا اللّه إلّا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة أمره من آل محمّد (صلوات اللّه عليهم) ومعصيتهم من معصية اللّه ولم ينكر لهم فضلا، عظم أو صغر.

واعلموا أنّ المنكرين هم المكذّبون وأنّ المكذّبين هم المنافقون وأنّ اللّه (عزّوجلّ) قال للمنافقين وقوله الحقّ: (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) (1) ولا يفرقنّ (2) أحد منكم - ألزم اللّه قلبه طاعته وخشيته - من أحد من الناس ممّن أخرجه اللّه من صفة الحقّ ولم يجعله من أهلها، فإنّ من لم يجعل اللّه من أهل صفة الحقّ

ص:385


1- - النساء 4:145.
2- الفرق: الفزع. (أقرب الموارد).

فاولئك هم شياطين الإنس والجنّ، وإنّ لشياطين الإنس حيلة ومكرا وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم اللّه به من النظر في دين اللّه الّذي لم يجعل اللّه شياطين الإنس من أهله، إرادة أن يستوي أعداء اللّه وأهل الحق في الشك والإنكار والتكذيب فيكونون سواء كما وصف اللّه تعالى في كتابه من قوله: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً) (1) ثمّ نهى اللّه أهل النصر بالحقّ أن يتّخذوا من أعداء اللّه وليّا ولا نصيرا، فلا يهولنّكم ولا يردّنكم عن النصر بالحقّ الّذي خصّكم اللّه به من حيلة شياطين الإنس ومكرهم من اموركم تدفعون أنتم السيّئة بالّتي هي أحسن فيما بينكم وبينهم، تلتمسون بذلك وجه ربّكم بطاعته وهم لا خير عندهم، لا يحلّ لكم أن تظهروهم على اصول دين اللّه فإنّهم إن سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه ورفعوه عليكم وجهدوا على هلاككم واستقبلوكم بما تكرهون ولم يكن لكم النصفة منهم في دول الفجّار، فاعرفوا منزلتكم فيما بينكم وبين أهل الباطل فإنّه لا ينبغي لاهل الحقّ أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل، لانّ اللّه لم يجعل أهل الحقّ عنده بمنزلة أهل الباطل، ألم يعرفوا وجه قول اللّه في كتابه إذ يقول: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ) (2)؟!! اكرموا أنفسكم عن أهل الباطل ولا تجعلوا اللّه (تبارك وتعالى) -

ص:386


1- - النساء 4:89.
2- ص 38:28.

وله المثل الاعلى - وإمامكم ودينكم الّذي تدينون به عرضة لاهل الباطل فتغضبوا اللّه عليكم فتهلكوا.

فمهلا مهلا يا أهل الصّلاح لاتتركوا أمر اللّه وأمر من أمركم بطاعته فيغيّر اللّه ما بكم من نعمة.

أحبّوا في اللّه من وصف صفتكم وأبغضوا في اللّه من خالفكم وابذلوا مودّتكم ونصيحتكم [لمن وصف صفتكم] ولا تبتذلوها لمن رغب عن صفتكم وعاداكم عليها وبغا [ل -] - كم الغوائل.

هذا أدبنا أدب اللّه فخذوا به وتفهّموه واعقلوه ولا تنبذوه وراء ظهوركم، ما وافق هداكم أخذتم به وما وافق هواكم طرحتموه ولم تأخذوا به.

وإيّاكم والتجبّر على اللّه، واعلموا أنّ عبدا لم يبتل بالتجبّر على اللّه إلاّ تجبّر على دين اللّه، فاستقيموا للّه ولا ترتدّوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين، أجارنا اللّه وإيّاكم من التجبّر على اللّه، ولا قوّة لنا ولكم إلاّ باللّه.

وقال (عليه السّلام): إنّ العبد إذا كان خلقه اللّه في الاصل - أصل الخلق - مؤمنا لم يمت حتّى يكرّه اللّه إليه الشرّ ويباعده عنه، ومن كرّه اللّه إليه الشرّ وباعده عنه عافاه اللّه من الكبر أن يدخله والجبريّة، فلانت عريكته(1) وحسن خلقه وطلق وجهه وصار عليه وقار

ص:387


1- - العريكة: الطّبيعة. (أقرب الموارد) والمعنى: عافاه اللّه من الكبر والتكبّر، وليس معنى هذا انّ اللّه يجبر الإنسان على الخير أو الشر بل اللّه يهييء الاسباب كما جاء في قوله تعالى: (إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَ إِمّا كَفُوراً) الدهر 76:3 وقوله تعالى: (وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) - البلد 90:10 - فالشجر الطيب يخرج نباته بإذن ربّه والذي خبث لايخرج إلاّ نكدا. وتفصيل الكلام في الكتب المفصّلة في العقائد.

الإسلام وسكينته وتخشّعه وورع عن محارم اللّه واجتنب مساخطه ورزقه اللّه مودّة الناس ومجاملتهم وترك مقاطعة الناس والخصومات ولم يكن منها ولا من اهلها في شيء.

وإنّ العبد إذا كان اللّه خلقه في الأصل - أصل الخلق - كافرا لم يمت حتّى يحبّب إليه الشرّ ويقرّبه منه، فإذا حبّب إليه الشرّ وقرّبه منه ابتلى بالكبر والجبريّة فقسا قلبه وساء خلقه وغلظ وجهه وظهر فحشه وقلّ حياؤه وكشف اللّه ستره وركب المحارم فلم ينزع عنها وركب معاصي اللّه وأبغض طاعته وأهلها، فبعد ما بين حال المؤمن وحال الكافر.

سلوا اللّه العافية واطلبوها إليه ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.

صبّروا النفس على البلاء في الدّنيا، فإنّ تتابع البلاء فيها والشدّة في طاعة اللّه وولايته وولاية من أمر بولايته خير عاقبة عند اللّه في الآخرة من ملك الدّنيا وإن طال تتابع نعيمها وزهرتها وغضارة عيشها في معصية اللّه وولاية من نهى اللّه عن ولايته وطاعته، فإنّ اللّه امر بولاية الائمّة الّذين سمّاهم اللّه في كتابه في قوله: (وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (1) وهم الّذين أمر اللّه بولايتهم وطاعتهم، والذين نهى اللّه عن ولايتهم وطاعتهم - وهم أئمّة الضلالة الّذين قضى اللّه أن يكون لهم دول في الدّنيا على أولياء اللّه الائمّة من آل محمّد - يعملون في دولتهم بمعصية اللّه ومعصية رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) ليحقّ عليهم كلمة العذاب وليتمّ أن تكونوا مع نبيّ اللّه محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) والرّسل من قبله، فتدبّروا ما قصّ اللّه عليكم في كتابه ممّا

ص:388


1- - الانبياء 21:73.

ابتلى به أنبياءه وأتباعهم المؤمنين، ثمّ سلوا اللّه أن يعطيكم الصبر على البلاء في السرّاء والضّراء والشدّة والرّخاء مثل الّذي أعطاهم.

وإيّاكم ومماظّة أهل الباطل، وعليكم بهدي الصالحين ووقارهم وسكينتهم وحلمهم وتخشّعهم وورعهم عن محارم اللّه وصدقهم ووفائهم واجتهادهم للّه في العمل بطاعته، فإنّكم إن لم تفعلوا ذلك لم تنزلوا عند ربّكم منزلة الصالحين قبلكم.

واعلموا أنّ اللّه إذا أراد بعبد خيرا شرح صدره للإسلام، فإذا أعطاه ذلك أنطق لسانه بالحقّ وعقد قلبه عليه فعمل به، فإذا جمع اللّه له ذلك تمّ له إسلامه وكان عند اللّه - إن مات على ذلك الحال - من المسلمين حقّا، وإذا لم يرد اللّه بعبد خيرا وكله إلى نفسه وكان صدره ضيّقا حرجا، فإن جري على لسانه حقّ لم يعقد قلبه عليه وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه اللّه العمل به فإذا اجتمع ذلك عليه حتّى يموت وهو على تلك الحال كان عند اللّه من المنافقين وصار ما جري على لسانه من الحقّ - الّذي لم يعطه اللّه أن يعقد قلبه عليه ولم يعطه العمل به - حجّة عليه يوم القيامة، فاتّقوا اللّه وسلوه أن يشرح صدوركم للإسلام وأن يجعل ألسنتكم تنطق بالحقّ حتّى يتوفّاكم وأنتم على ذلك، وأن يجعل منقلبكم منقلب الصّالحين قبلكم، ولا قوّة إلاّ باللّه والحمد للّه ربّ العالمين.

ومن سرّه أن يعلم أنّ اللّه يحبّه فليعمل بطاعة اللّه وليتّبعنا، ألم يسمع قول اللّه (عزّوجلّ) لنبيّه (صلّى اللّه عليه وآله): (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (1)؟!!

ص:389


1- - آل عمران 3:31.

واللّه لا يطيع اللّه عبد أبدا إلاّ أدخل اللّه عليه في طاعته اتّباعنا، ولا واللّه لايتّبعنا عبد أبدا إلاّ أحبّه اللّه، ولا واللّه لا يدع أحد اتّباعنا أبدا إلاّ ابغضنا، ولا واللّه لايبغضنا أحد أبدا إلاّ عصى اللّه، ومن مات عاصيا للّه أخزاه اللّه وأكبّه على وجهه في النار، والحمد للّه ربّ العالمين(1).

باب (44) وجوب الأخذ من أهل البيت لا من النّاس

7313 - شرح الاخبار: عقبة، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبداللّه - يعني: جعفر بن محمّد (عليه السّلام) - يقول: اجعلوا أمركم هذا للّه ولا تجعلوا للناس، فانه ما كان للّه فهو للّه، وما كان للناس فلا يصعد الى اللّه، ولا تخاصموا الناس بدينكم، فان الخصومة عرضة القلب، إن اللّه قال لنبيّه محمّد (صلّى اللّه عليه وآله): (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (2) وقال: (أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (3) ذروا الناس، فإن الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وإني سمعت أبي يقول: إن اللّه (عزّوجلّ) اذا كتب لعبد أن يدخل هذا الامر كان أسرع إليه من الطير الى وكره(4).

ص:390


1- - الكافي: ج 8 ص 2 ح 1.
2- القصص 28:56.
3- يونس 10:99.
4- شرح الاخبار: ج 3 ص 476 ح 1377.

باب (45) خصّ اللّه الشّيعة بأربع

7314 - شرح الاخبار: حماد بن عيسى، عن ابراهيم قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ اللّه تعالى خصّكم بأربع، الولاية: وهي خير ما طلعت عليه الشمس، وعفا عنكم عن ثلاث:

الخطأ، والنسيان، وما أكرهتم عليه(1).

باب (46) الانحراف عن أهل البيت جاهلية

7315 - شرح الاخبار: ابن جعفر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان الناس بعد نبيّهم أهل جاهلية إلا من عصم اللّه تعالى من أهل البيت(2).

باب (47) كلمة اللّه الى فقراء الشّيعة يوم القيامة

7316 - شرح الاخبار: الحسين بن محمد الطيالسي قال: حدثنا اسحاق - مولى جعفر بن محمّد - قال: سمعت مولاي جعفر (عليه السّلام) يقول: ان اللّه تعالى إذا جمع الخلق يوم القيامة لم يعتذر إلى

ص:391


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 486 ح 1407.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 487 ح 1411.

أحد من خلقه إلاّ الى فقراء شيعتنا، فيقول لهم: وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدّنيا لهوانكم عليّ ولكني ذخرت لكم ما عندي، فتصفّحوا وجوه الخلق، فمن كان صنع إلى أحد منكم معروفا في الدّنيا فلياخذ بيده، فليدخله الجنّة فانهم يومئذ ليتعلّقون بفقراء شيعتنا فيقول كلّ واحد منهم: ألم أفعل بك في الدّنيا كذا؟ فمن عرّفوه ممّن كان فعل ذلك لهم أدخلوه الجنّة(1).

باب (48) ولاية آل محمّد: عين الحياة والجنّة

7317 - شرح الاخبار: عبدالحميد بن سعيد، قال: سمعني أبو عبداللّه (عليه السّلام) وأنا اقول: أسأل [اللّه] الجنّة.

فقال لي: يا أبا محمّد أنت واللّه في الجنّة، فاسأل اللّه أن لا يخرجك منها.

قلت: وكيف ذلك - جعلت فداك -.

فقال: من كان في ولايتنا فهو في الجنة(2).

7318 - شرح الاخبار: الفضل، قال: تحدثنا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فذكرنا عين الحياة فقال (عليه السّلام): أتدرون ما عين الحياة؟

قلنا: اللّه وابن رسوله أعلم.

قال: نحن عين الحياة، فمن عرفنا وتولّانا فقد شرب عين الحياة،

ص:392


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 490 ح 1418.
2- شرح الأخبار: ج 3 ص 494 ح 1423.

وأحياه اللّه الحياة الدائمة في الجنّة وأنجاه من النّار(1).

باب (49) الشّيعة من عليّين وأعداؤهم من سجّين

7319 - شرح الاخبار: فضل بن الزبير قال: قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام): ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: إنا أهل بيت خلقنا من علّيين وخلقت قلوبنا من الذي خلقنا، وخلقت شيعتنا من أسفل ذلك، وخلقت قلوب شيعتنا [من] الذي خلقوا منه. وان عدوّنا خلقوا من سجّين، وخلقت قلوبهم من الذي خلقوا منه، فهل يستطيع أهل علّيين أن يكونوا أهل سجّين؟!!(2).

باب (50) الشيعة من آل محمد

7320 - تفسير القمي: قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمر بن يزيد [قال:] قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أنتم واللّه من آل محمّد.

فقلت: من أنفسهم جعلت فداك؟

قال: نعم واللّه من أنفسهم - ثلاثا - ثمّ نظر إليّ ونظرت إليه، فقال: يا عمر إنّ اللّه (تبارك وتعالى) يقول في كتابه: (إِنَّ أَوْلَى النّاسِ)

ص:393


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 494 ح 1424.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 467 ح 1359.

(بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (1) و(2)تفسير العياشي: عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

مجمع البيان: روي عمر بن يزيد قال: قال ابو عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(4).

7321 - أمالي الطوسي: أخبرني محمد بن محمد، قال:

أخبرني أبو عبداللّه الحسين بن أحمد بن المغيرة، قال: أخبرني حيدر بن محمد السمرقندي قال: حدثني محمد بن عمر الكشي، قال:

حدثني محمد بن مسعود العياشي، قال: حدثني جعفر بن معروف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يابن يزيد أنت واللّه منّا أهل البيت.

قلت: جعلت فداك من آل محمّد؟

قال: إي واللّه من أنفسهم.

قلت: من أنفسهم جعلت فداك؟

قال: إي واللّه من أنفسهم، يا عمر أما تقرا كتاب اللّه (عزّوجلّ): (إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) وما تقرأ قول اللّه (عزّ اسمه): (فَمَنْ تَبِعَنِي)

ص:394


1- - آل عمران 3:68.
2- تفسير القمي: ج 1 ص 105.
3- تفسير العياشي: ج 1 ص 177 ح 61.
4- مجمع البيان: ج 1 ص 458. منها البحار: ج 68 ص 84.

(فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (1) و(2).

7322 - تفسير العياشي: عن أبي عمرو الزبيريّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: من تولّى آل محمّد وقدّمهم على جميع الناس بما قدّمهم من قرابة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فهو من آل محمّد لتولّيه آل محمّد(3)، لا أنّه من القوم بأعيانهم، وإنّما هو منهم بتولّيه إليهم واتّباعه إيّاهم، وكذلك حكم اللّه في كتابه (وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (4) وقول إبراهيم (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (5).

7323 - تفسير العياشي: عن عليّ بن النعمان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) .

قال: هم الائمّة وأتباعهم(6).

7324 - تفسير العياشي: عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول في قول اللّه: (إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ثمّ

ص:395


1- - ابراهيم 14:36.
2- أمالي الطوسي: ص 45 ح 53. منه البحار: ج 68 ص 20.
3- لمنزلته عند آل محمد - البحار.
4- المائدة 5:51.
5- تفسير العياشي: ج 2 ص 231 ح 34. منه البحار: ج 68 ص 35.
6- تفسير العياشي: ج 1 ص 177 ح 62. منه البحار: ج 68 ص 84.

قال: عليّ واللّه على دين إبراهيم ومنهاجه، وأنتم أولى الناس به(1)

باب (51) الشّيعة رفضوا طاعة الشّيطان

7325 - الكافي: أبو عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): من أشدّ الناس عليكم؟

قال: قلت: جعلت فداك كلّ.

قال: أتدري ممّ ذاك يا يعقوب؟

قال: قلت: لا أدري جعلت فداك.

قال: إنّ إبليس دعاهم فأجابوه وأمرهم فأطاعوه، ودعاكم فلم تجيبوه وأمركم فلم تطيعوه فاغري(2) بكم الناس(3).

باب (52) الشيعة أهل دين اللّه

7326 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن الحسين بن بابويه قال: حدثنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي الطوسي قال: أخبرني الشيخ أبو عبداللّه محمد بن محمد بن

ص:396


1- - تفسير العياشي: ج 1 ص 178 ح 63. منه البحار: ج 68 ص 84.
2- غرى به: أي أولع به. وولع فلان بفلان يولع به اذا لجّ في أمره وحرص على إيذائه. (أقرب الموارد) والمعنى: انّ الشيطان أغرى بكم أعدائكم.
3- الكافي: ج 8 ص 141 ح 105.

النعمان البغدادي (رحمهم اللّه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه قال: حدثني أبي قال: حدثني سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن كليب بن معاوية الاسدي قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) يقول: أما واللّه إنّكم لعلى دين اللّه وملائكته، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، عليكم بالصّلاة والعبادة، عليكم بالورع(1).

7327 - اختيار معرفة الرجال: أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن كليب بن معاوية الأسديّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: واللّه إنّكم لعلى دين اللّه ودين ملائكته فأعينوني بورع واجتهاد، فواللّه ما يتقبّل [اللّه] إلاّ منكم، فاتّقوا اللّه وكفّوا ألسنتكم وصلّوا في مساجدهم، فإذا تميّز القوم فتميّزوا(2).

7328 - شرح الاخبار: كليب الصنداني قال: قال لنا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام): أما واللّه إنّكم على دين اللّه، وعلى دين ملائكته، فأعينونا على ذلك بالورع والاجتهاد، أما واللّه ما يتقبل إلاّ منكم، فاتقوا اللّه، وكفّوا ألسنتكم، وصلّوا في مساجدكم، وعودوا مرضاكم، فإذا تميّز الناس، فتميّزوا(3).

7329 - أعلام الدين: من كتاب (فرج الكرب)، عن صفوان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أما واللّه إنّكم لعلى دين اللّه ودين ملائكته، وإنّكم واللّه لعلى الحقّ، فاتّقوا اللّه وكفّوا ألسنتكم وصلّوا

ص:397


1- - بشارة المصطفى: ص 46. منه البحار: ج 68 ص 87.
2- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 631 ح 628. منه البحار: ج 68 ص 87.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 483 ح 1397.

في مساجدكم وعودوا مرضاكم، فاذا تميّز الناس فتميّزوا، فإنّ ثوابكم لعلى اللّه، وإنّ أغبط ما تكونون إذا بلغت نفس أحدكم إلى هذه - وأومأ إلى حلقه - قرّت عينه(1).

7330 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن الريّان بن الصلت، رفعه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) كثيرا ما يقول في خطبته: يا أيّها الناس دينكم دينكم(2) فانّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره، والسيّئة فيه تغفر والحسنة في غيره لاتقبل(3) و(4).

باب (53) الفرقة النّاجية

7331 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن يحيى

ص:398


1- - اعلام الدين: ص 458. منه البحار: ج 27 ص 164.
2- أي ألزموا دينكم واحفظوه أو أكملوه. (مرآة العقول).
3- لعلّ الخيريّة باعتبار أنّ في السيئة إلتذاذا دنيويّا مع الغفران، وفي الحسنة تعبا دنيويا مع الخسران، أو باعتبار أنّ الحسنة التي لاتقبل يعاقب عليها، كالصّلاة بغير وضوء، وقيل: كلمة «في» في قوله «فيه» و «في غيره» بمعنى مع، أي المركب من السيّئة ودين الحقّ خير من المركب من الحسنة ودين أهل الضلال. وقوله: «والسيّئة فيه تغفر» للترقي وللإشارة الى أنّ السّيئة في دين الحق لو لم تكن مغفورة وكانت الحسنة في دين الباطل مقبولة لكان المركب من السيّئة والدين الصحيح أفضل من المركب من الحسنة والدين الباطل، لانّه لاسيّئة مثل الدين الباطل في العقاب، ولا حسنة مثل الدين الحق في الثواب. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 2 ص 464 ح 6.

الحلبيّ، عن أيّوب بن حرّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أنتم واللّه على دين اللّه ودين رسوله ودين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وما هي إلاّ آثار عندنا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نكنزها(1).

7332 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن داود بن سليمان الحمّار، عن سعيد بن يسار قال:

استأذنّا على أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنا والحارث بن المغيرة النصريّ ومنصور الصيقل فواعدنا دار طاهر مولاه فصلّينا العصر ثمّ رحنا إليه فوجدناه متكئا على سرير قريب من الارض فجلسنا حوله، ثمّ استوى جالسا، ثمّ أرسل رجليه حتّى وضع قدميه على الارض ثمّ قال: الحمد للّه الّذي ذهب الناس يمينا وشمالا، فرقة مرجئة وفرقة خوارج وفرقة قدريّة وسمّيتم أنتم الترابيّة، ثمّ قال بيمين منه: أما واللّه ما هو إلاّ اللّه وحده لا شريك له ورسوله وآل رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وشيعتهم كرّم اللّه وجوههم وما كان سوي ذلك فلا، كان عليّ واللّه أولى الناس بالناس بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) - يقولها ثلاثا -(2).

7333 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن حمزة بن عبداللّه، عن جميل بن درّاج، عن سعيد بن يسار قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وهو على سرير فقال: يا سعيد إنّ طائفة سمّيت المرجئة وطائفة سمّيت الخوارج، وسمّيتم الترابيّة(3).

ص:399


1- - المحاسن: ص 146 ح 51. منه البحار: ج 68 ص 90.
2- الكافي: ج 8 ص 333 ح 520.
3- المحاسن: ص 156 ح 86. منه البحار: ج 68 ص 90.

7334 - المحاسن: البرقي، عن أبيه (رحمه اللّه)، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن حبيب الخثعميّ والنضر بن سويد، عن يحيي الحلبيّ، عن ابن مسكان، عن حبيب قال: قال لنا أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما أحد أحبّ إليّ منكم، إنّ الناس سلكوا سبلا شتّى، منهم من أخذ بهواه، ومنهم من أخذ برأيه، وإنّكم أخذتم بامر له أصل.

وفي حديث آخر لحبيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الناس أخذوا هكذا وهكذا فطائفة أخذوا بأهوائهم، وطائفة قالوا بآرائهم، وطائفة قالوا بالرواية، و [إنّ] اللّه لهداكم لحبّه وحبّ من ينفعكم حبّه عنده(1).

7335 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضال، عن أبي اسحاق ثعلبة ابن ميمون، عن بشير الدهّان قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام):

إنّ هذه المرجئة وهذه القدريّة، وهذه الخوارج ليس منهم أحد إلاّ وهو يري أنّه على الحقّ، وإنّكم إنّما أجبتمونا في اللّه ثمّ تلا (أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (2)(وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (3)(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ) (4)(إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (5).

ثمّ قال: واللّه لقد نسب اللّه عيسى بن مريم في القران إلى

ص:400


1- - المحاسن: ص 156 ح 87. منه البحار: ج 68 ص 90.
2- النساء 4:59.
3- الحشر 59:7.
4- النساء 4:80.
5- آل عمران 3:31.

إبراهيم من قبل النساء ثمّ قال: (وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ) إلى قوله: (وَ يَحْيى وَ عِيسى) (1).

7336 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن [يحيي] الحلبيّ، عن بشير في حديث سليمان مولى طربال قال: ذكرت هذه الاهواء عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لا واللّه ما هم على شيء ممّا جاء به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلاّ استقبال الكعبة فقطّ(2).

7337 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضاّل، عن أبي كهمس قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم أهل بيت نبيكم فابشروا.

قال: قلت: جعلت فداك أرجو أن لا يجعلنا اللّه وإيّاهم سواء.

فقال: لا واللّه لا واللّه ثلاثا(3).

7338 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضاّل، عن ثعلبة بن ميمون، عن بشير الدهّان قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): عرفتم في منكرين كثيرا وأحببتم في مبغضين كثيرا، وقد يكون حبّ في اللّه ورسوله وحبّ في الدّنيا، فما كان في اللّه ورسوله فثوابه على اللّه، وما كان في الدّنيا فليس بشيء، ثمّ نفض يده(4).

ص:401


1- - المحاسن: ص 156 ح 88. والآية الاخيرة في سورة الانعام 6:84 و 85. منه البحار: ج 68 ص 90.
2- المحاسن: ص 156 ح 89. منه البحار: ج 68 ص 91.
3- المحاسن: ص 160 ح 103. منه البحار: ج 68 ص 91.
4- المحاسن: ص 162 ح 109. منه البحار: ج 68 ص 92.

7239 - المحاسن: البرقي، عن أحمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ) (1).

قال: من أتى اللّه بما أمر به من طاعته وطاعة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فهو الوجه الّذي لا يهلك، ولذلك قال: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ) (2).

7340 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن صفوان، عن أبي سعيد المكاريّ، عن أبي بصير، عن الحارث بن المغيرة النضري قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ): (كُلُّ شَيْ ءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ) ؟

فقال: كلّ شيء هالك إلاّ من أخذ الطريق الّذي أنتم عليه(3).

7341 - شرح الأخبار: صفوان، عن عبداللّه بن مسكان، عن سليمان بن هارون العجلي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انّه قال لقوم كانوا عنده من الشيعة: أما واللّه انكم على دين اللّه، قال اللّه تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (4) و(5).

ص:402


1- - القصص 28:88.
2- المحاسن: ص 219 ح 118. منه البحار: ج 68 ص 93.
3- المحاسن: ص 199 ح 30. منه البحار: ج 68 ص 95.
4- النساء 4:31.
5- شرح الاخبار: ج 3 ص 482 ح 1392.

باب (54) «الرّافضة» لقب إلهي للشيعة

7342 - المحاسن: البرقي، عن عليّ بن أسباط، عن عيينة(1) بيّاع القصب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: واللّه لنعم الاسم الّذي منحكم اللّه، ما دمتم تأخذون بقولنا، ولا تكذبون علينا، قال: وقال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام) هذا القول، أنّي كنت خبّرته أنّ رجلا قال لي: إيّاك أن تكون رافضيّا(2).

7343 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد، قال: حدثنا الحسن بن جعفر [قال: حدثنا الحسين الشوا، قال: حدثنا محمد - يعني ابن عبداللّه الحنظلي - قال: حدثنا وكيع] قال: حدثنا سليمان الاعمش، قال: دخلت على أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) وقلت له: جعلت فداك إنّ الناس يسمّونا: روافض، فما الروافض؟

فقال: واللّه ما هم سمّوكموه، ولكن اللّه سماّكم به في التوراة والانجيل على لسان موسى ولسان عيسى (عليهما السّلام) وذلك أنّ سبعين رجلا من قوم فرعون رفضوا فرعون ودخلوا في دين موسى فسمّاهم اللّه تعالى الرافضة، وأوحى إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة حتّى يملكوه على لسان محمّد (صلّى اللّه عليه وآله).

ص:403


1- - عتيبة - البحار.
2- المحاسن: ص 157 ح 90. منه البحار: ج 68 ص 96.

ففرّقهم اللّه فرقا كثيرة وتشعّبوا شعبا كثيرة، فرفضوا الخير، ورفضتم الشرّ واستقمتم مع أهل بيت نبيّكم (عليه وعليهم الصّلاة والسّلام) فذهبتم حيث ذهب نبيّكم، واخترتم من اختار اللّه ورسوله، فأبشروا ثمّ أبشروا [ثم ابشروا] فأنتم المرحومون، المتقبّل من محسنهم والمتجاوز عن مسيئهم، ومن لم يلق اللّه بمثل ما لقيتم لم تقبل حسنته ولم يتجاوز عن سيّئته.

يا سليمان هل سررتك؟

فقلت: جعلت فداك زدني؟

فقال: إنّ للّه (عزّوجلّ) ملائكة يستغفرون لكم، حتّى يتساقط ذنوبكم، كما يتساقط ورق الشجر في يوم ريح، وذلك قول اللّه (تبارك وتعالى): (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (1) هم شيعتنا وهي - واللّه - لهم يا سليمان، هل سررتك؟

فقلت: زدني جعلت فداك! قال: ما على ملّة إبراهيم (عليه السّلام) إلاّ نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها براء(2).

أقول: قد مرّ - في باب الشّيعة في القران - حديث حول هذا اللقب عن أبي بصير فراجع.

ص:404


1- - غافر 40:7.
2- تفسير فرات الكوفي: ص 376 ح 506. منه البحار: ج 68 ص 97.

باب (55) الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام يراه محبّه وعدوه

7344 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثنا علي بن محمد بن مسعدة، قال: حدثني جدّي مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: واللّه لا يهلك هالك على حبّ علي (عليه السّلام) الاّ رآه في أحبّ المواطن إليه، واللّه لايهلك هالك على بغض علي (عليه السّلام) إلاّ رآه في أبغض المواطن إليه(1).

باب (56) الولاية هي الجنّة في الدّنيا

7345 - المحاسن: البرقي، عن عمر بن عبدالعزيز، عن أبي داود الحدّاد، عن موسى بن بكر قال: كنّا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال رجل في المجلس: أسال اللّه الجنّة.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أنتم في الجنة فاسألوا اللّه أن لا يخرجكم منها.

فقالوا: جعلنا فداك نحن في الدنيا؟

فقال: ألستم تقرّون بامامتنا؟

ص:405


1- - أمالي الطوسي: ص 164 ح 273. منه البحار: ج 68 ص 100.

قالوا: نعم.

فقال: هذا معنى الجنّة الّذي من أقرّ به كان في الجنّة فاسألوا اللّه أن لا يسلبكم(1).

باب (57) الولاية أمان من النّار

7346 - المحاسن: البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن مالك بن أعين الجهنيّ، وعن ابن فضّال، عن أبي جميلة النخّاس، عن مالك بن أعين الجهني قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا ألسنتكم وتدخلوا الجنّة؟

قال: ورواه أبي، عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان(2).

7347 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عمّن حدّثه، عن أبي سلاّم النخّاس، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

واللّه لايصف عبد هذا الامر(3) فتطمه(4) النار.

قلت: إنّ فيهم من يفعل ويفعل(5)

ص:406


1- - المحاسن: ص 161 ح 105. منه البحار: ج 68 ص 102.
2- المحاسن: ص 166 ح 122. منه البحار: ج 68 ص 102.
3- وصف الشيء: نعته بما فيه وحلّاه (أقرب الموارد). والمعنى: أن الذي يعرف التشيع ويوصف به ويقتدي بالائمة المعصومين لايدخل النار.
4- فتطعمه - البحار.
5- أي يرتكب المحرمات.

فقال: إنّه إذا كان ذلك ابتلى اللّه (تبارك وتعالى) أحدهم في جسده، فان كان ذلك كفّارة لذنوبه، وإلّا ضيّق اللّه عليه في رزقه، فإن كان [ذلك] كفّارة لذنوبه، وإلاّ شدّد اللّه عليه [عند] موته حتّى يأتي اللّه ولا ذنب له ثمّ يدخله الجنّة(1).

7348 - شرح الاخبار: ابن العلي قال: كنت عند أبي عبداللّه وزرارة ومحمد بن مسلم، فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لاتطعم النار من كان على هذا الامر.

فقال له زرارة: يابن رسول اللّه إن في من ينتحل هذا الامر من يربي(2) ويشرب الخمر.

قال: إذا كان، ضيّق اللّه عليه في معيشته وابتلاه في الدنيا وعاقبه فيها حتى يخرج منها وليس له ذنب(3).

7349 - كتاب التمحيص: عن أبي الصباح الكنانيّ قال: كنت أنا وزرارة عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: لاتطعم النار أحدا وصف هذا الامر.

فقال زرارة: إنّ ممّن يصف هذا الامر يعمل بالكبائر؟

فقال: أوماتدري ما كان أبي يقول في ذلك؟ إنّه كان يقول: إذا ما أصاب المؤمن من تلك الموبقات شيئا ابتلاه اللّه ببليّة في جسده أو بخوف يدخله اللّه عليه حتّى يخرج من الدّنيا وقد خرج من ذنوبه(4).

ص:407


1- - المحاسن: ص 172 ح 141. منه البحار: ج 68 ص 104.
2- أربى ارباءا: أخذ أكثر ممّا أعطى. والرّبا: الفائدة أو الرّبح الذي يتناوله المرابي من مدينه. (المنجد). والمعنى: انّه يتعاطى الرّبا أخذا أو اعطاءا.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 486 ح 1406.
4- كتاب التمحيص: ص 40 ح 41. منه البحار: ج 68 ص 146.

7250 - المحاسن: البرقي، عن ابن محبوب، عن محمّد بن القاسم، عن داود بن فرقد، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): رجل يعمل بكذا وكذا - فلم أدع شيئا إلّا قلته - وهو يعرف هذا الأمر؟

فقال: هذا يرجى له، والناصب لا يرجى له، وإن كان كما تقول لم يخرج من الدّنيا حتّى يسلّط اللّه عليه شيئا يكفّر اللّه عنه به إمّا فقرا وإمّا مرضا(1).

7351 - تفسير العياشي: عن مصقلة الطحّان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما يمنعكم [من] أن تشهدوا على من مات منكم على هذا الامر أنّه من أهل الجنّة؟ إنّ اللّه يقول: (كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (2).

7352 - اختيار معرفة الرجال: محمد بن مسعود قال: حدثنا عبداللّه بن محمّد قال: حدثني أبو داود المسترقّ، عن عبداللّه بن راشد، عن عبيد بن زرارة قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعنده البقباق(3) فقلت له: جعلت فداك رجل أحبّ بني اميّة أهو معهم؟

ص:408


1- - المحاسن: ص 172 ح 142. منه البحار: ج 68 ص 104.
2- تفسير العياشي: ج 2 ص 138 ح 51، والآية في سورة يونس 10:103. منه البحار: ج 68 ص 110.
3- هو أبو العباس فضل بن عبدالملك البقباق مولى كوفي ثقة، ولعلّه كان مذياعا للحديث فأخفى أبو عبداللّه (عليه السّلام) حديثه ذلك عنه لئلا يذيعه فى جهلة الشيعة. «هامش البحار».

قال: نعم.

قلت: رجل أحبّكم أهو معكم؟

قال: نعم.

قلت: وإن زنى وإن سرق؟

قال: فنظر إلى البقباق فوجد منه غفلة ثمّ أومأ برأسه نعم(1).

7353 - رجال النجاشي: الحسن بن علي بن زياد الوشّا، بجلي، كوفي، قال أبو عمرو: ويكنّى بأبي محمّد الوشّاء، وهو ابن بنت الياس الصيرفي، خزاز(2)، من أصحاب الرضا (عليه السّلام) وكان من وجوه هذه الطائفة، روي عن جدّه إلياس قال: لمّا حضرته الوفاة قال لنا: اشهدوا عليّ وليست ساعة الكذب هذه الساعة، لسمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: واللّه لا يموت عبد يحبّ اللّه ورسوله ويتولّى الأئمّة فتمسّه النار. ثمّ أعاد الثانية والثالثة من غير أن أساله(3).

7354 - شرح الأخبار: الحضرمي قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): واللّه لا يموت عبد يحب اللّه ورسوله، وولايتنا أهل البيت فتمسه [النار] أبدا، قال ذلك ثلاثا(4).

7355 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن علي بن بابويه (رحمه اللّه)،

ص:409


1- - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 627 ح 617. منه البحار: ج 68 ص 113.
2- الخزاز: بائع الخز، وهو الحرير كما هو المشهور وقيل: ما نسج من الصوف والحرير. (أقرب الموارد).
3- رجال النجاشي: ص 28. منه البحار: ج 68 ص 115.
4- شرح الاخبار: ج 3 ص 463 ح 1355.

عن عمّه محمّد بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين، عن عمّه الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن علي (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد ابن خالد، عن العباس بن معروف، عن محمّد بن يحيى الخزاز، عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أتاني جبرئيل من قبل ربّي (جلّ جلاله) فقال: يا محمّد إنّ اللّه (عزّوجلّ) يقرئك السلام، ويقول لك: بشّر أخاك عليّا بأنّي لا اعذّب من تولاّه، ولا أرحم من عاداه(1).

7356 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد، عن محمد بن همام، عن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن موسى بن عبداللّه بن مهران، عن محمّد بن سنان، عن أبي بكر الحضرميّ قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لو أنّ كافرا وصف ما تصفون عند خروج نفسه، ما طعمت النار من جسده شيئا(2).

7357 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن الحسين، عن عبداللّه ابن جبلة، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: حججت مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) فلمّا كنا في الطواف، قلت له: جعلت فداك يابن رسول اللّه يغفر اللّه لهذا الخلق؟

فقال: يا أبا بصير إنّ أكثر من تري قردة وخنازير.

ص:410


1- - بشارة المصطفى: ص 16. منه البحار: ج 68 ص 116.
2- أمالي الطوسي: ص 419 ح 943. منه البحار: ج 68 ص 116.

قلت له: أرنيهم.

قال: فتكلّم بكلمات ثمّ أمرّ يده على بصري فرأيتهم قردة وخنازير، فهالني ذلك، ثمّ أمرّ يده على بصري فرأيتهم كما كانوا في المرّة الأولى، ثمّ قال: يا أبا محمّد أنتم في الجنّة تحبرون، وبين أطباق النار تطلبون، فلا توجدون، واللّه لايجتمع في النار منكم ثلاثة، لا واللّه ولا اثنان لا واللّه ولا واحد(1).

7358 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيي بن عمران الحلبيّ، عن عبداللّه بن مسكان، عن بدر بن الوليد الخثعميّ قال: دخل يحيي بن سابور على أبي عبداللّه (عليه السّلام) ليودّعه فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): أما واللّه إنّكم لعلى الحق، وإنّ من خالفكم لعلى غير الحقّ، واللّه ما أشك لكم في الجنّة وإنّي لارجو أن يقرّ اللّه لأعينكم عن قريب(2).

المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد بهذا الاسناد نحوه(3).

7359 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الامين أبو عبداللّه محمّد ابن أحمد بن شهريار الخازن (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الشيخ أبو عبداللّه محمد بن محمّد بن الحسين المعروف بابن البرسي قال: أخبرنا الشريف الزاهد أبو هاشم محمد بن حمزة بن الحسين بن محمّد بن

ص:411


1- - بصائر الدرجات: ص 290 ح 4. منه البحار: ج 68 ص 118.
2- الكافي: ج 8 ص 145 ح 119.
3- المحاسن: ص 146 ح 52.

محمّد بن ابراهيم بن محمّد بن موسى الكاظم (عليه السّلام) قال:

أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه قال:

حدثنا أبو جعفر محمّد بن الحسين النحوي قال: حدثني أبو القاسم سعد بن عبداللّه الاشعري قال: حدثنا عبداللّه بن احمد بن طيب قال:

حدثنا جعفر بن خالد، عن صفوان بن يحيى، عن حذيفة بن منصور قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه رجل فقال:

جعلت فداك إنّ لي أخا لا يؤلي(1) من محبّتكم وإجلالكم وتعظيمكم غير أنّه يشرب الخمر.

فقال الصادق (عليه السّلام): أما إنّه لعظيم أن يكون محبّنا بهذه الحالة، ولكن ألا انبّئكم بشرّ من هذا؟ الناصب لنا شرّ منه.

وإنّ أدنى المؤمنين - وليس فيهم دنيّ - ليشفع في مائتي إنسان، ولو أنّ أهل السّماوات السبع والارضين السبع، والبحار السبع، تشفعوا في ناصبيّ ما شفعوا فيه، ألا إنّ هذا لا يخرج من الدّنيا حتّى يتوب أو يبتليه اللّه ببلاء في جسده، فيكون تحبيطا لخطاياه حتّى يلقى اللّه (عزّوجلّ) ولا ذنب عليه، إنّ شيعتنا على السبيل الأقوم [إنّ شيعتنا لفي خير].

ثمّ قال (عليه السّلام): إنّ أبي كان كثيرا ما يقول: احبب حبيب آل محمّد وإن كان مرهقا ذيّالا(2) وابغض بغيض آل محمّد وإن كان صوّاما قوّاما(3).

ص:412


1- - الا في الامر: قصّر فيه وابطأ. (أقرب الموارد). وفي البحار: لا يؤتى.
2- موقفا زبالا - المصدر. وما أثبتناه من نسخة البحار، والظاهر أنه الصحيح.
3- بشارة المصطفى: ص 38. منه البحار: ج 68 ص 126.

البحار - بيان: «لايؤتى من محبّتكم» أي لا يأتيه الشيطان من جهة محبّتكم أو لايهلك بسبب ترك المحبّة، في القاموس أتيته: جئته، وأتى عليه الدهر: أهلكه، واتي فلان كعني: أشرف عليه العدوّ، وفي النهاية: يقال رجل فيه رهق إذا كان يخفّ إلى الشرّ ويغشاه، والرهق:

السفه وغشيان المحارم، ومنه حديث أبي وائل أنّه صلّى على امرأة كانت ترهّق أي تتّهم بشرّ، ومنه الحديث الآخر فلان مرهّق أي متّهم بسوء وسفه، وكأنّ المراد بالذيال من يجرّ ذيله للخيلاء. قال في النهاية: في حديث مصعب بن عمير: كان مترفا في الجاهليّة يدهن بالعبير، ويذيّل يمنة اليمن أي يطيل ذيلها، وفي القاموس: ذال فلان: تبختر فجرّ ذيله، والذيّال: الطويل القدّ، الطويل الذيل، المتبختر في مشيه.

باب (58) السّجدات الخمس لرسول اللّه صلّى الله عليه و آله

7360 - أمالي المفيد: حدّثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (رحمه اللّه) قال: حدثنا الحسين بن محمّد ابن عامر، عن أحمد بن علوية، عن ابراهيم بن محمّد الثقفي قال:

أخبرنا توبة بن الخليل قال: أخبرنا عثمان بن عيسى قال: حدثنا ابو عبدالرحمن، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في سفر إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلمّا ركب قال له بعض أصحابه: رأيناك يا رسول اللّه صنعت ما لم تكن تصنعه؟

ص:413

قال: نعم، أتاني جبرئيل فبشّرني أنّ عليّا في الجنّة، فسجدت شكرا للّه، فلمّا رفعت رأسي قال: وفاطمة في الجنة فسجدت شكرا للّه تعالى، فلمّا رفعت رأسي قال: والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة فسجدت شكرا للّه تعالى، فلمّا رفعت رأسي قال: ومن يحبّهم في الجنّة، فسجدت شكرا للّه تعالى، فلمّا رفعت رأسي قال: ومن يحبّ من يحبّهم في الجنّة [فسجدت شكرا للّه تعالى](1).

باب (59) الشّيعة هم الشّهداء عند اللّه نعالى

7361 - مجمع البيان: روي العياشي بالاسناد، عن منهال القصّاب قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ادع اللّه أن يرزقني الشهادة.

فقال: انّ المؤمن شهيد وقرأ هذه الآية: [(وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ) ](2).

7362 - فضائل الشيعة: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثنا المفضل، عن أبي حمزة [الثمالي] قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أنتم أهل تحيّة اللّه وسلامه، وأنتم أهل اثرة اللّه برحمته، وأهل توفيق اللّه وعصمته،

ص:414


1- - أمالي المفيد: ص 21 ح 2. منه البحار: ج 68 ص 111.
2- مجمع البيان: ج 5 ص 238، والآية في سورة الحديد 57:19. منه البحار: ج 68 ص 141.

وأهل دعوة اللّه وطاعته، لا حساب عليكم ولا خوف ولا حزن.

قال أبو حمزة: وسمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) يقول: رفع القلم عن الشيعة بعصمة اللّه وولايته.

قال أبو حمزة: وسمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّي لاعلم قوما قد غفر اللّه لهم ورضي عنهم، وعصمهم ورحمهم وحفظهم من كلّ سوء، وأيّدهم وهداهم إلى كلّ رشد، وبلغ بهم غاية الامكان.

قيل: من هم يا أبا عبداللّه؟

قال: أولئك شيعتنا الابرار، شيعة عليّ (عليه السّلام)(1).

باب (60) الشّيعة والبلاء

7363 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا السعيد الوالد قال:

أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان (رحمه اللّه) قال:

حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: أخبرنا جعفر بن عبداللّه قال: حدثنا سعدان بن سعيد قال: حدثنا سفيان بن ابراهيم القايدي الفامي(2) قال:

سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: بنا يبدأ البلاء، ثمّ

ص:415


1- - فضائل الشيعة: ص 12 ح 13-15. منه البحار: ج 68 ص 142.
2- سفيان بن ابراهيم الغامدي القاضي - أمالي المفيد.

بكم، وبنا يبدأ الرّجاء(1) ثمّ بكم، والذي يحلف به لينتصرن اللّه بكم كما انتصر بالحجارة(2).

أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان [رحمه اللّه] قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي مثله(3).

7364 - كتاب التمحيص: حدثني أبو علي محمد بن همام قال:

حدثني عبداللّه بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد وعبداللّه ابنا محمّد (بن عيسى)، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب وكرّام، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان علي (عليه السّلام) يقول: إنّ البلاء أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى قرار الوادي(4).

7365 - كتاب التمحيص: عن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: الجوع والخوف أسرع إلى شيعتنا من ركض البراذين(5) و(6).

7366 - كتاب المؤمن: عن محمّد بن عجلان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إن للّه (عزّوجلّ) من خلقه عبادا ما من

ص:416


1- - الرخاء - أمالي المفيد.
2- بشارة المصطفى: ص 8.
3- أمالي المفيد: ص 301 ح 2. منهما البحار: ج 68 ص 43. والمراد بالحجارة ما في قصة الفيل (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ).
4- كتاب التمحيص: ص 30 ح 1. منه البحار: ج 67 ص 239.
5- الركض: ضرب الفرس بالرجل استحثاثا له، وركض ركضا: حرّك رجله. والبرذون: ضرب من الدواب دون الخيل وأقدر من الحمر (أقرب الموارد).
6- كتاب التمحيص: ص 30 ح 2. منه البحار: ج 67 ص 239.

بلية تنزل من السماء أو تقتير في الرزق، الّا ساق إليهم، ولا عافية أو سعة في الرزق الّا صرف عنهم، (و) لو أن نور أحدهم قسّم بين أهل الارض جميعا، لاكتفوا به(1).

كتاب التمحيص: عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:.... وذكر نحوه(2).

7367 - شرح الأخبار: قال أبو بصير: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ما يضرّ من اكرمه اللّه بأن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدّنيا ولو لم يكن يقدر على شيء يأكله إلاّ الحشيش؟!!(3).

7368 - كتاب التمحيص: عن عمر صاحب السابريّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّي لأرى من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة.

فقال لي: يا عمر لا تشنع على أولياء اللّه، إنّ وليّنا ليرتكب ذنوبا يستحقّ بها من اللّه العذاب، فيبتليه اللّه في بدنه بالسقم حتّى يمحّص عنه الذنوب، فان عافاه في بدنه ابتلاه في ماله، فان عافاه في ماله ابتلاه في ولده، فإن عافاه في ولده ابتلاه في أهله، فإن عافاه في أهله ابتلاه بجار سوء يؤذيه، فان عافاه من بوائق الدّهور شدّد عليه خروج نفسه، حتّى يلقى اللّه حين يلقاه وهو عنه راض، قد أوجب له الجنّة(4).

البحار: رياض الجنان - باسناده، عن عمر السابري مثله(5).

ص:417


1- - المؤمن: ص 22 ح 23. منه المستدرك: ج 2 ص 432.
2- كتاب التمحيص: ص 35 ح 27.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 462 ح 1351.
4- كتاب التمحيص: ص 39 ح 38. منه البحار: ج 68 ص 200.
5- البحار: ج 68 ص 200.

باب (61) النّبي وأهل بيته عليهم السّلام يشفعون للشّيعة

7369 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن عمر ابن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي، قال: حدثني أبو محمد الحسن ابن عبداللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ: بشّر شيعتك أنّي الشفيع لهم يوم القيامة يوم لاينفع فيه إلاّ شفاعتي(1).

7370 - اعلام الدين: من كتاب (فرج الكرب)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (2) فقال: من انتحل ولايتنا فقد جاز العقبة، فنحن تلك العقبة الّتي من اقتحمها نجا، ثمّ مهلا افيدك حرفا هو خير لك من الدّنيا وما فيها: قوله تعالى: (فَكُّ رَقَبَةٍ) 3 إنّ اللّه تعالى فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت، وأنتم صفوة اللّه، ولو أنّ الرجل منكم يأتي بذنوب مثل رمل عالج(3) لشفعنا

ص:418


1- - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 68 ح 313. منه البحار: ج 68 ص 98.
2- (2و3) - البلد 90:11 و 13.
3- هو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض، ونقل أنّ رمل عالج: جبال متواصلة، يتصل اعلاها بالدهناء، - والدهناء بقرب يمامه - وأسفلها بنجد، وفي كلام البعض رمل عالج محيط بأكثر أرض العرب. (مجمع البحرين).

فيه عند اللّه تعالى، فلكم البشرى في الحياة الدّنيا وفي الآخرة، لاتبديل لكلمات اللّه ذلك هو الفوز العظيم(1).

7371 - فضائل الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه قال: حدثني عباد بن سليمان [عن محمّد بن سليمان، عن أبيه](2) عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت:

جعلت فداك (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ؟

قال: فقال من أكرمه اللّه بولايتنا فقد جاز العقبة، ونحن تلك العقبة من اقتحمها نجا.

قال: فسكت ثمّ قال: هلاّ افيدك حرفا خيرا من الدّنيا وما فيها؟

قال: قلت: بلى جعلت فداك.

قال: قوله تعالى: (فَكُّ رَقَبَةٍ) الناس كلّهم عبيد النار غيرك وأصحابك، فانّ اللّه (عزّوجلّ) فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت(3).

باب (62) النّاس ثلاث طبقات

7372 - الكافي: الحسين بن محمّد الاشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن مثنّى، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: [إنّ] الناس طبقات ثلاث: طبقة هم

ص:419


1- - اعلام الدين: ص 455. منه البحار: ج 27 ص 125.
2- ما بين المعقوفتين من نسخة البحار.
3- فضائل الشيعة: ص 25 ح 19. منه البحار: ج 68 ص 143.

منّا ونحن منهم، وطبقة يتزيّنون بنا، وطبقة يأكل بعضهم بعضا [بنا](1).

باب (63) هؤلاء ليسوا من شيعتنا

7373 - مستطرفات السرائر: من كتاب أبي القاسم بن قولويه، عن محمّد بن عمر بن حنظلة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه، وقلبه، واتّبع آثارنا وعمل بأعمالنا، اولئك من شيعتنا(2).

7374 - مستطرفات السرائر: عن أبي زيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): قال: ليس من شيعتنا من يكون في مصر يكون فيه مائة ألف ويكون في المصر أورع منه3.

7375 - شرح الاخبار: علي بن زيد، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام)، إذ دخل عليه عيسى بن عبداللّه القمي، فرحّب به، وقرّب مجلسه ثمّ قال له: يا عيسى بن عبداللّه ليس منّا ولا كرامة من كان في مصر فيه ألف أو يزيدون فكان [في] ذلك المصر أورع منه(3).

ص:420


1- - الكافي: ج 8 ص 220 ح 275.
2- (2و3) - مستطرفات السرائر: ص 146 و 147 ح 20 و 21. منه البحار: ج 68 ص 164.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 501 ح 1437.

باب (64) هذه الخصال ليست في الشيعة

7376 - الكافى: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما كان في شيعتنا فلم يكن فيهم ثلاثة أشياء: من يسأل في كفّه، ولم يكن فيهم أزرق أخضر، ولم يكن فيهم من يؤتى في دبره(1).

7377 - شرح الاخبار: أبو حمزة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال: أربع خصال لاتكون في شيعتنا المؤمنين: لايكون من شيعتنا مجبوبا، ولا يسأل على الابواب، ولايولد له من الزنى، ولا ينكح في دبره(2).

7378 - شرح الاخبار: علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال: ما ابتلى اللّه به شيعتنا فلن يبتليهم بأربع، بأن يكونوا لغير رشدهم، أو يمنوا في أكفّهم، أو يبتلوا في أدبارهم، أو يكون منهم خصي(3).

7379 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقيّ، عن عدّة من أصحابنا، عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما ابتلى اللّه به شيعتنا فلن يبتليهم بأربع: بأن يكونوا

ص:421


1- - الكافي: ج 5 ص 551 ح 9.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 499 ح 1432.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 499 ح 1431.

لغير رشدة(1)، أو أن يسالوا بأكفّهم، أو أن يؤتوا في أدبارهم، أو أن يكون فيه أخضر أزرق(2).

أقول: هذه الأحاديث ضعيفة السند لانها مرسلة ولم تذكر فيها أسماء الرّواة بصورة متسلسلة، ولهذا فليست حجّة شرعا، ونحن لانتكلّف عناء التعليق على كلّ ما ورد فيها، بل نحاول توضيح بعض النّقاط... ومن اللّه التوفيق:

أوّلا وقبل كلّ شيء.. نحن نعلم انّ المؤمن الكامل هو الشيعي الملتزم بكلّ ما أمر اللّه ورسوله به، ومن أهمّ تلك الاوامر هي مسألة الإمامة والخلافة بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فبالرغم من عشرات النّصوص والأحاديث المرويّة حول خلافة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ترى الكثير من المسلمين يتجاهلون هذه الحقيقة ويزعمون أنّ رسول اللّه مات بلا وصيّة وترك المسلمين يتنازعون على الخلافة ويضرب بعضهم وجه بعض!!! وهؤلاء حسابهم على اللّه يوم فصل القضاء وسوف يذوبون خجلا إذا حبس عليهم رسول اللّه الطّريق وخاصمهم على ما افتروه عليه.

إذا: الشّيعة هم المؤمنون حقّا، فهم الّذين آمنوا بحديث الغدير وحديث السّفينة وحديث المنزلة وغيرها... وقد مرّت عليك - في هذه الموسوعة - عشرات بل مئات الاحاديث التي تؤكد على هذه الحقيقة.

ص:422


1- - الرّشدة: ضد الزنية. (أقرب الموارد).
2- الخصال: ص 224 ح 56. منه البحار: ج 27 ص 147.

بعد هذا نقول: بما أنّ الإنسان - بطبيعته - غير معصوم ويميل إلى الشّهوات، لهذا عليه ان يجاهد نفسه على تجنّب المعاصي مهما أمكن.

وخاصة بالنّسبة الى الشّيعي المؤمن، عليه أن يكون النموذج الاعلى في هذا المجال.. وان لايكون فيه ما يشينه وينقص قدره، فالشيعي المؤمن:

«لا يسأل النّاس بكفّه» أي: لا يستعطي منهم بيده، فانّ عليه أن لا يبيع ماء وجهه، وعليه أن يجهد نفسه في تحصيل المال وإدارة المعاش.

«لايؤتا في دبره» فاللّواط - الشذوذ الجنسي - من الذنوب الكبيرة التي يستحق فاعله ومفعوله القتل والعذاب الاليم.

«لايكون فيهم أخضر أزرق» لعلّه كناية عن مجهول النّسب، وهو الذي لايعرف لنفسه أبا ولا أصلا ولا أهلا.

هذا.... واللّه العالم.

7380 - ثواب الاعمال: حدثني محمد بن الحسن (بن الوليد)، عن محمد بن الحسن (الصفار) عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) لم يبتل شيعتنا بأربع: أن يسألوا الناس في أكفّهم، وأن يؤتوا في أنفسهم. وأن يبتليهم بولاية سوء، ولا يولد لهم أزرق أخضر(1).

المحاسن: البرقي، عن علي بن أسباط مثله(2).

ص:423


1- - ثواب الاعمال: ص 317 ح 9.
2- المحاسن: ص 113 ح 111. منهما البحار: ج 79 ص 68.

7381 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد ابن يحيي العطّار قال: حدثنا أبو سعيد الادمي، عن أحمد بن محمّد السيّاري، عن محمّد بن يحيي الخزاز، عمّن أخبره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) اعفى شيعتنا من ست خصال:

من الجنون، والجذام، والبرص، والابنة، وان يولد له من زنى، وان يسأل الناس بكفه(1).

7382 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن زرعة بن محمّد الحضرمي، ومحمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ألا ان شيعتنا قد أعاذهم اللّه (عزّوجلّ) من ست: [من] أن يطمعوا طمع الغراب، أو يهرّوا هرير الكلاب، أو ينكحوا في أدبارهم، أو يلدوا من الزنا، أو يولد لهم من الزّنا، أو يتصدّقوا على الابواب(2).

باب (65) وصايا إلى الشيعة

7383 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن عبيداللّه الغضائري قال: أخبرنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال: حدثنا الحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب قال:

حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطان قال: حدّثنا بكر بن

ص:424


1- - الخصال: ص 336 ح 37. منه البحار: ج 79 ص 29.
2- الخصال: ص 336 ح 38. منه البحار: ج 96 ص 151.

عبداللّه بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا جعفر بن عثمان الاحول قال: حدثنا سليمان بن مهران قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) وعنده نفر من الشيعة وهو يقول: معاشر الشّيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا لنا شينا(1)، قولوا للنّاس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، وكفّوها عن الفضول، وقبيح القول(2).

7384 - الخصال: حدثنا حمزة بن محمّد بن أحمد العلوي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرني علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد البرقي، عن خلف بن حماّد، عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): الشّيعة ثلاث: محبّ وادّ فهو منّا، ومتزيّن بنا، ونحن زين لمن تزيّن بنا، ومستأكل بنا النّاس، ومن استأكل بنا افتقر(3).

7385 - شرح الاخبار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، أنّه أوصى بعض شيعته فقال لهم: كونوا لنا دعاة صامتين.

قالوا: وكيف ذلك يابن رسول اللّه؟

قال: تعملون بما أمرناكم به من طاعة اللّه وتنتهون عماّ نهيناكم عنه ومعاصيه(4)، فاذا رأى الناس ما أنتم عليه علموا فضل ما عندنا فسارعوا إليه.

أشهد لقد سمعت أبي (عليه السّلام) يقول: شيعتنا فيما مضى

ص:425


1- - ولا تكونوا علينا شينا - البحار.
2- أمالي الطوسي: ص 440 ح 987. منه البحار: ج 68 ص 151.
3- الخصال: ص 103 ح 61. منه البحار: ج 68 ص 153.
4- هكذا في المصدر، ولعلّ الاصح: من معاصيه.

خير من كان، إن كان امام مسجد في الحي كان منهم، وان كان مؤذّن في القبيلة كان منهم، وان كان موضع وديعة وأمانة كان منهم، وان كان عالم يقصد اليه الناس لدينهم ومصالح أمورهم كان منهم، فكونوا أنتم كذلك، حبّبونا إلى النّاس، ولا تبغضونا إليهم(1).

7386 - شرح الأخبار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، أنّه قال للمفضل: أي مفضل قل لشيعتنا: كونوا دعاة إلينا بالكفّ عن محارم اللّه، واجتناب معاصيه واتّباع رضوانه، فإنّهم إذا كانوا كذلك كان النّاس إلينا مسارعين(2).

7387 - المحاسن: البرقي، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن أسلم، عن الخطّاب الكوفي ومصعب بن عبداللّه الكوفي قالا: دخل سدير الصيرفي على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعنده جماعة من أصحابه فقال له: يا سدير لاتزال شيعتنا مرعيّين محفوظين مستورين معصومين، ما أحسنوا النّظر لأنفسهم فيما بينهم وبين خالقهم، وصحّت نيّاتهم لائمّتهم، وبرّوا إخوانهم فعطفوا على ضعيفهم، وتصدّقوا على ذوي الفاقة منهم، إنّا لا نأمر بظلم، ولكنّا نأمركم بالورع، الورع، الورع، والمواساة، المواساة، المواساة لاخوانكم، فإنّ أولياء اللّه لم يزالوا مستضعفين قليلين منذ خلق اللّه آدم (عليه السّلام)(3).

7388 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن

ص:426


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 506 ح 1452.
2- شرح الاخبار: ج 3 ص 506 ح 1452.
3- المحاسن: ص 158 ح 95. منه البحار: ج 68 ص 153.

جعفر الحفار قال: أخبرنا ابو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد، عن أبي جعفر (عليهم السّلام) أنّه قال لخيثمة: أبلغ شيعتنا أنّا لا نغني من اللّه(1) شيئا.

وأبلغ شيعتنا أنّه لاينال ما عند اللّه إلاّ بالعمل.

وأبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ خالفه إلى غيره.

وأبلغ شيعتنا أنّهم إذا قاموا بما امروا أنّهم هم الفائزون يوم القيامة(2).

7389 - شرح الاخبار: المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): من عفّ فرجه وبطنه، واشتدّ اجتهاده، وعمل لخالقه،

ص:427


1- - عن اللّه - البحار. أقول: هذا الحديث فيه تحذير لأولئك الّذين يتركون الواجبات ويرتكبون المحرّمات ويأتون بالموبقات ويعدون ويمنون أنفسهم بشفاعة النبي وأهل بيته (عليهم الصّلاة والسّلام) لهم يوم القيامة، ونقول لهم بأن المعصومين لايشفعون إلاّ لمن ارتضى اللّه الشّفاعة له، كما جاء في قوله تعالى: (وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) - الانبياء 21:28 - فربّما لايرتضى اللّه لهم الشّفاعة لمثل هؤلاء وتكون النّتيجة أنّهم لايغنون عن اللّه شيئا بالنّسبة إلى هكذا أفراد.
2- أمالي الطوسي: ص 370 ح 796. منه البحار: ج 71 ص 179.

ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فهم شيعة جعفر(1).

7290 - شرح الاخبار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال لبعض شيعته - يوصيهم -: اتقوا اللّه وأحسنوا صحبة من تصاحبونه، وجوار من تجاورونه، وأدوا الامانات إلى أهلها، ولا تسموا الناس خنازير - ان كنتم من شيعتنا - فقولوا ما نقول، واعملوا ما أمرناكم، فكونوا لنا شيعة ولا تقولوا فينا ما لانقول في أنفسنا فلا تكونوا لنا شيعة.

إن أبي حدثني، أن الرجل من شيعتنا كان فى الحى فيكون ودائعهم عنده ووصاياهم إليه، فكذلك أنتم فكونوا(2).

7391 - شرح الاخبار: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) لرجل قدم عليه من الكوفة فسأله عن شيعته، فأخبره بحالهم.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ليس اجتماع أمرنا بالتصديق والقبول فقط، ان احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله، فأقرئهم السلام وقل لهم: رحم اللّه عبدا اجترّ مودّة النّاس إلينا وإلى نفسه، فحدّثهم بما يعرفون وستر عنهم ما ينكرون ويجهلون.

واللّه، ما الناصب لنا حربا بأشدّ علينا مؤونة من الناطق علينا بما ذكر، ولو كانوا يقولون عنّي ما أقول ما عبأت بقولهم ولكانوا أصحابي حقّا(3).

ص:428


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 504 ح 1447.
2- شرح الأخبار: ج 3 ص 507 ح 1457.
3- شرح الأخبار: ج 3 ص 507 ح 1456.

باب (66) اللّه زيّن الشّيعة

7392 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن سلمة بن الخطاب، عن عبداللّه، عن محمّد بن سنان، عن عبداللّه بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ اللّه (تبارك وتعالى) زيّن شيعتنا بالحلم وغشاهم بالعلم لعلمه بهم قبل أن يخلق آدم (عليه السّلام)(1).

باب (67) صفات الشّيعة

7393 - مشكاة الانوار: روي محمّد بن نبيك قال: حدثني أبو عبداللّه جعفر بن أحمد(2) بن مقبل القمي قال: حدثني أبو الحسن علي ابن محمّد الزايدي البصري قال: حدثنا الحسن بن أسد قال: حدثنا الهيثم بن واقد الجزري قال: حدثني مهزم قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فذكرت الشيعة، فقال: يا مهزم إنّما الشّيعة من لايعدو سمعه صوته، ولا شحنه بدنه(3) ولا يحبّ لنا مبغضا، ولا يبغض لنا محبّا، ولا يجالس لنا غاليا، ولا يهرّ هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس وإن مات جوعا، المتنحّي عن الناس، الخفيّ

ص:429


1- - الكافي: ج 8 ص 315 ح 494.
2- جعفر بن محمد - البحار.
3- الشّحناء: العداوة والبغضاء (مجمع البحرين). والمراد انّه لا يوذي أحدا.

عليهم، وإن اختلفت بهم الدار لم تختلف أقاويلهم، إن غابوا لم يفقدوا، وإن حضروا لم يؤبه بهم(1) وإن خطبوا لم يزوّجوا، يخرجون من الدّنيا وحوائجهم في صدورهم، إن لقوا مؤمنا أكرموه، وإن لقوا كافرا هجروه، وإن أتاهم ذو حاجة رحموه، وفي أموالهم يتواسون.

ثمّ قال: يا مهزم قال جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (رضوان اللّه عليه): يا عليّ كذب من زعم أنّه يحبّني ولا يحبّك، أنا المدينة وأنت الباب، ومن أين تؤتى المدينة إلاّ من بابها.

وروى أيضا مهزم هذا الحديث إلى قوله: وإن مات جوعا، قال:

قلت: جعلت فداك أين أطلب هؤلاء؟

قال: هؤلاءاطلبهم في أطراف الارض، اولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة ديارهم، القليلة منازعتهم، إن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، وإن خاطبهم جاهل سلّموا، وعند الموت لايجزعون، وفي أموالهم متواسون إن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه، لم تختلف قلوبهم، وإن اختلفت بهم البلدان، ثمّ قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): كذب يا عليّ من زعم أنّه يحبّني ويبغضك(2).

7394 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت:

جعلت فداك صف لي شيعتك؟

قال (عليه السّلام): شيعتنا من لايعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يطرح كلّه على غيره، ولا يسأل غير إخوانه ولو مات جوعا،

ص:430


1- - لايؤبه له: لايلتفت إليه (أقرب الموارد).
2- مشكاة الانوار: ص 61. منه البحار: ج 68 ص 179.

شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، شيعتنا الخفيفة عيشهم، المنتقلة ديارهم، شيعتنا الّذين في أموالهم حقّ معلوم ويتواسون وعند الموت لايجزعون، وفي قبورهم يتزاورون.

قال: قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء؟

قال: في أطراف الارض، وبين الاسواق كما قال اللّه (عزّوجلّ) في كتابه (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) (1).

7395 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد الانصاري، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه دخل عليه بعض أصحابه فقال له: جعلت فداك إنّي واللّه احبّك واحبّ من يحبّك، يا سيّدي ما أكثر شيعتكم!!! فقال له: اذكرهم.

فقال: كثير.

فقال: تحصيهم؟

فقال: هم أكثر من ذلك.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أما لو كملت العدّة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الّذي تريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه ولا يمدح بنا معلنا(2) ولا يخاصم بنا قاليا(3)، ولا يجالس لنا عائبا ولا يحدّث لنا ثالبا(4) ولا يحبّ لنا مبغضا،

ص:431


1- - صفات الشيعة: ص 59 ح 34، والآية في سورة المائدة 5:54. منه البحار: ج 69 ص 401.
2- غاليا - البحار.
3- أي مبغضا، والقلاء: البغض. (أقرب الموارد).
4- الثالب - فاعل من الثلب -، وثلبه ثلبا: أي عابه وتنقصه. (أقرب الموارد).

ولا يبغض لنا محبّا.

فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الّذين يقولون إنّهم يتشيّعون؟

فقال: فيهم التميز وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم وسيف يقتلهم، واختلاف يبدّدهم، إنّما شيعتنا من لايهرّ هرير الكلب(1)، ولا يطمع طمع الغراب ولا يسأل الناس بكفّه وإن مات جوعا.

قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟

فقال: اطلبهم في أطراف الارض، اولئك الخفيض عيشهم(2)، المنتقلة دارهم، الّذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، اولئك الذين في أموالهم يتواسون، وفي قبورهم يتزاورون، ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان(3).

غيبة النعماني: حدثنا محمّد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثمي، عن عليّ بن منصور، عن إبراهيم بن مهزم الاسدي، عن أبيه مهزم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): بمثله إلاّ أنه زاد فيه:

وإن رأوا مؤمنا أكرموه، وإن رأوا منافقا هجروه، وعند الموت لا يجزعون، وفي قبورهم يتزاورون، ثم (ذكر) تمام الحديث4.

ص:432


1- - هرير الكلب: صوته دون نباحه من قلة صبره على البرد. (مجمع البحرين).
2- أي سهل المؤونة. (أقرب الموارد).
3- (3و4) - غيبة النعماني: ص 203 و 204 ح 4 و 5. منه البحار: ج 68 ص 164.

7396 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مهزم، وبعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد ابن إسحاق الكاهليّ، وأبو عليّ الاشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن العباس بن عامر، عن ربيع بن محمّد، جميعا، عن مهزم الاسديّ قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا مهزم شيعتنا من لايعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمتدح بنا معلنا، ولا يجالس لنا عائبا، ولا يخاصم لنا قاليا، إن لقي مؤمنا أكرمه وإن لقي جاهلا هجره.

قلت: جعلت فداك فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعة؟

قال: فيهم التمييز وفيهم التبديل وفيهم التمحيص، تأتي عليهم سنون تفنيهم وطاعون يقتلهم واختلاف يبددهم، شيعتنا من لايهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل عدوّنا وإن مات جوعا.

قلت: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء؟

قال: في أطراف الارض، اولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة ديارهم، إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا، ومن الموت لايجزعون، وفي القبور يتزاورون وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموه، لن تختلف قلوبهم وإن اختلف بهم الدار.

ثم قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أنا المدينة وعليّ الباب، وكذب من زعم أنّه يدخل المدينة لامن قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبّني ويبغض عليّا (صلوات اللّه عليه)(1).

ص:433


1- - الكافي: ج 2 ص 238 ح 27.

7397 - كتاب التمحيص: عن مهزم الأسديّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ من شيعتنا من لايعدو صوته سمعه ولا شحمة اذنه ولا يمتدح بنا معلنا ولا يواصل لنا مبغضا، ولا يخاصم لنا وليّا، ولا يجالس لنا عائبا.

قال: قلت: فكيف أصنع بهؤلاء المتشيّعة؟

قال: فيهم التمحيص، وفيهم التمييز، وفيهم التبديل، تأني عليهم سنون تفنيهم، وطاعون يقتلهم واختلاف يبددّهم، شيعتنا من لا يهرّ هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل وإن مات جوعا.

قلت: فأين أطلب هؤلاء؟

قال: اطلبهم في اطراف الارض، أولئك الخفيض عيشهم، المنتقل دارهم(1)، إذا شهدوا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوّجوا، وإن رأوا منكرا ينكروا، وإن يخاطبهم الجاهل سلّموا، وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموا، وعند الموت هم لا يحزنون، وفي القبور يتزاورون، لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلف بهم البلدان(2).

7398 - شرح الاخبار: عن الفضل، أنه قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّما شيعة جعفر من كفّ لسانه، وعمل لخالقه حتى يكون كالحنيّة من كثرة الصّلاة(3)، وكالصافي من الصيام، وكالأخرس

ص:434


1- - المنتقلة ديارهم، الّذين - البحار.
2- كتاب التمحيص: ص 70 ح 169. منه البحار: ج 69 ص 402.
3- الحنو: كلّ ما فيه اعوجاج من البدن، والحنيّة: القوس. (أقرب الموارد). والمعنى: انّه يحصل لهم من كثرة العبادة والصّلاة إنحناء في الظهر.

من طول السكوت، هل في من يدعي أنه من شيعتنا من قد أدأب ليله طول القيام وأدأب نهاره من الصيام أو منع نفسه لذّات الدّنيا ونعيمها خوفا من اللّه وشوقا إلينا أهل البيت؟!! أنّى يكونون لنا شيعة وهم يخاصمون عدوّنا فينا حتى يزيدوه عداوة ويهرّون هرير الكلب ويطمعون طمع الغراب؟!(1).

7399 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبداللّه بن جبلة، عن أبي خالد المكفوف، عن بعض أصحابه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ينبغي لمن ادّعى هذا الامر في السرّ أن يأتي عليه ببرهان في العلانية.

قلت: وما هذا البرهان الّذي يأتي به في العلانية؟

قال: يحلّ حلال اللّه ويحرّم حرام اللّه، ويكون له ظاهر يصدّق باطنه(2).

7400 - اختيار معرفة الرجال: حمدويه بن نصير قال: حدثنا أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيي، عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أصحابي اولوا النهى(3) والتّقى، فمن لم يكن من أهل النهى والتقى فليس من أصحابي(4).

7401 - شرح الاخبار: الفضل قال: قال رجل لابي

ص:435


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 506 ح 1454.
2- غيبة النعماني: ص 113 ح 7. منه البحار: ج 68 ص 164.
3- النهى: العقل سمي به لانه ينهى عن القبيح وعن كل ما ينافيه. (أقرب الموارد).
4- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 525 ح 473. منه البحار: ج 68 ص 166.

عبداللّه (عليه السّلام): إنّ أصحابك يقولون كذا وكذا - كلاما قبيحا - فغضب أبو عبداللّه (عليه السّلام) وقال: ما هؤلاء أصحابي إنما أصحابي - واللّه - الاتقياء الابرار(1).

7402 - شرح الاخبار: ابراهيم بن عمر اليماني، عن رجل حدثه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: شيعتنا أهل الهدى والتقوى، وأهل الخير والإيمان وأهل الفلاح والظفر(2).

7403 - اختيار معرفة الرجال: ابن مسعود قال: حدثني عبداللّه ابن محمّد بن خالد الطيالسيّ، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن محمّد ابن حمران، عن أبي الصباح الكنانيّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّا نعيّر بالكوفة فيقال لنا: جعفريّة.

قال: فغضب أبو عبداللّه (عليه السّلام) ثمّ قال: إنّ أصحاب جعفر منكم لقليل، إنّما أصحاب جعفر من اشتدّ ورعه، وعمل لخالقه(3).

7404 - اختيار معرفة الرجال: حمدويه قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخيّ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): قال: إنّ ممّن ينتحل هذا الامر لمن هو شرّ من اليهود والنصارى والمجوس والّذين أشركوا(4).

7405 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،

ص:436


1- - شرح الاخبار: ج 3 ص 503 ح 1446.
2- شرح الأخبار: ج 3 ص 504 ح 1448.
3- إختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 525 ح 474. منه البحار: ج 68 ص 166.
4- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 587 ح 528. منه البحار: ج 68 ص 166.

عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ ممّن ينتحل هذا الامر(1) ليكذب حتّى انّ الشيطان ليحتاج إلى كذبه(2).

7406 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ الامام أبو محمّد الحسن ابن الحسين بن بابويه قال: أخبرني عمّي أبو جعفر محمّد بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين، عن عمّه الشيخ أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه الشيخ أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه (رحمهم اللّه) قال: حدثني علي بن ابراهيم، عن صالح، عن السري(3)، عن يونس بن عبدالرحمن، عن يحيى الحلبيّ، عن عبدالحميد بن عوّاض الطائي، عن عمر بن يحيى بن بسّام قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أحقّ الناس بالورع آل محمّد وشيعتهم كي تقتدي الرعيّة بهم(4).

7407 - صفات الشيعة: قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار الكوفي، عن أبيه، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن زيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قال الصادق (عليه السّلام): شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة،

ص:437


1- - أي التشبع أي يدعيه من غير أن يتصف به واقعا، أو من يدعى الإمامة بغير حقّ. قوله (عليه السّلام): «ليحتاج إلى كذبه» أي هم أعوان الشّيطان، بل هم أشدّ إضلالا منه. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 8 ص 254 ح 362.
3- علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي - البحار.
4- بشارة المصطفى: ص 140. منه البحار: ج 68 ص 166.

القائمون باللّيل، الصائمون بالنّهار، يزكون أموالهم ويحجّون البيت ويجتنبون كلّ محرّم(1).

7408 - صفات الشيعة: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه اللّه) قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن المفضل قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): انما شيعة جعفر من عفّ بطنه وفرجه واشتدّ جهاده وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر(2).

7409 - صفات الشيعة: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه اللّه)، عن أحمد بن عبداللّه(3)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) يقول: واللّه ما شيعة عليّ (صلوات اللّه عليه) إلاّ من عفّ بطنه وفرجه، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه وخاف عقابه(4).

7410 - اختيار معرفة الرجال: إبراهيم بن عليّ الكوفيّ قال:

حدثنا إبراهيم بن إسحاق الموصلي، عن يونس بن عبدالرحمن، عن العلاء بن رزين، عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إيّاك والسفلة، إنّما شيعة جعفر من عفّ بطنه وفرجه، واشتدّ جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه(5).

ص:438


1- - صفات الشيعة: ص 44 ح 1. منه البحار: ج 68 ص 167.
2- صفات الشيعة: ص 53 ح 21. منه الوسائل: ج 11 ص 199.
3- عن البرقي، رفعه عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) - البحار: وأريد به أحمد بن أبي عبداللّه والظاهر انه هو الصحيح.
4- صفات الشيعة: ص 49 ح 12. منه البحار: ج 68 ص 168.
5- اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 594 ح 552. منه البحار: ج 68 ص 187.

7411 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني محمد بن أحمد، عن علي بن الصلت [عن أبيه بإسناده](1)، عن محمّد بن عجلان قال: كنت مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) فدخل رجل فسلّم فسأله: كيف من خلّفت من إخوانك؟ فأحسن الثناء وزكى وأطرى، فقال له: كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم؟

قال: قليلة.

قال: كيف مواصلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟

فقال: إنّك تذكر أخلاقا ما هي فيمن عندنا.

قال: فكيف يزعم هؤلاء أنّهم لنا شيعة؟!(2).

شرح الاخبار: محمد بن عجلان قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(3).

7412 - صفات الشيعة: حدثني محمد بن علي ماجيلويه قال:

حدثني عمّي محمد بن أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة قال: سئل أبو عبداللّه (عليه السّلام) عن شيعتهم، فقال:

شيعتنا من قدّم ما استحسن وأمسك ما استقبح، وأظهر الجميل، وسارع بالامر الجليل، رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منّا وإلينا ومعنا حيثما كنّا(4).

7413 - صفات الشيعة: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن

ص:439


1- - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- صفات الشيعة: ص 50 ح 13. منه البحار: ج 68 ص 168.
3- شرح الاخبار: ج 3 ص 504 ح 1450.
4- صفات الشيعة: ص 59 ح 32. منه البحار: ج 68 ص 169.

ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن حمران بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليه السّلام) قاعدا في بيته إذ قرع قوم عليهم الباب فقال: يا جارية انظري من بالباب؟

فقالوا: قوم من شيعتك.

فوثب عجلان(1) حتّى كاد أن يقع فلمّا فتح الباب ونظر إليهم رجع وقال: كذبوا فأين السمت في الوجوه؟ أين أثر العبادة؟ أين سيماء السجود؟ إنّما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم، قد قرحت العبادة منهم الاناف، ودثرت الجباه والمساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هبّجت(2) العبادة وجوههم، وأخلق سهر اللّيالي وقطع الهواجر جثثهم، المسبّحون إذا سكت الناس، والمصلّون إذا نام الناس، والمحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزّهد، كلامهم الرّحمة، وتشاغلهم بالجنّة(3).

7414 - مشكاة الانوار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أصحاب عليّ (عليه السّلام) كانوا المنظور إليهم في القبائل وكانوا أصحاب الودايع مرضيّين عند الناس، سهّار اللّيل، مصابيح النّهار(4).

ص:440


1- - فوثب عجلا - البحار.
2- هبجه: ورّمه. (أقرب الموارد). وفي البحار: هيّجت.
3- صفات الشيعة: ص 70 ح 40. منه البحار: ج 68 ص 169.
4- مشكاة الانوار: ص 63. منه البحار: ج 68 ص 180.

باب (68) الشّيعة صفوة اللّه سبحانه

7415 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي سليمان، عن ميسر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الدّنيا يعطيها اللّه (عزّوجلّ) من أحبّ ومن أبغض، وإنّ الإيمان لايعطيه إلاّ من أحبّه(1).

أقول: المقصود من الإيمان هو التشيع وولاية آل محمّد (صلوات اللّه عليهم أجمعين) كما سيأتي التصريح به في حديث قادم.

المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن أبي سليمان، عن ميسر قال: قال... وذكر نحوه(2).

7416 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران، عن عمر بن حنظلة قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أباالصخر إنّ اللّه يعطي الدّنيا من يحبّ ويبغض، ولا يعطي هذا الامر إلاّ صفوته من خلقه(3)، أنتم واللّه على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل، لا أعني عليّ بن الحسين ولا محمّد بن عليّ وإن كان هؤلاء على دين هؤلاء(4).

ص:441


1- - الكافي: ج 2 ص 215 ح 4.
2- المحاسن: ص 216 ح 108.
3- «من يحب ومن يبغض» أي من يحبه اللّه ومن يبغضه اللّه، «ولا يعطي هذا الامر» أي الاعتقاد بالولاية واختيار مذهب الامامية، «الّا صفوته من خلقه» أي من اصطفاه واختاره وفضّله من جميع خلقه. (مرآة العقول).
4- الكافي: ج 2 ص 214 ح 1.

7417 - اعلام الدين: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) لعمر بن حنظلة: يا أبا صخر إنّ اللّه يعطي الدّنيا لمن يحبّه ويبغض، ولا يعطي هذا الامر إلاّ أهل صفوته، أنتم واللّه على ديني ودين آبائي(1).

7418 - المحاسن: البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبداللّه بن بكير، عن حمزة بن حمران، عن عمر بن حنظلة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ اللّه يعطي الدّنيا من يحبّ ويبغض ولا يعطي الايمان إلاّ أهل صفوته من خلقه(2).

7419 - المحاسن: البرقي، عن محمّد بن خالد الأشعري، عن ابراهيم بن محمّد الاشعري، عن حمزة بن حمران، عن عمر بن حنظلة قال: بينا أنا أمشي مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) في بعض طرق المدينة إذ التفت إليّ فقال: إنّ اللّه يعطي البرّ والفاجر الدنيا، ولا يعطي الدين إلاّ أهل صفوته من خلقه(3).

7420 - المحاسن: البرقي، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه يعطي المال البرّ والفاجر، ولا يعطي الايمان إلاّ من أحبّ (4).

كتاب التمحيص: عن فضيل بن يسار مثله(5).

7421 - كتاب التمحيص: عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إن الفقر مخزون عند اللّه لايبتلي به إلّا من أحبّ

ص:442


1- - اعلام الدين: ص 449. منه البحار: ج 27 ص 122.
2- المحاسن: ص 217 ح 110. منه البحار: ج 68 ص 204.
3- المحاسن: ص 217 ح 111. منه البحار: ج 68 ص 204.
4- المحاسن: ص 217 ح 112. منه البحار: ج 68 ص 204.
5- كتاب التمحيص: ص 51 ح 93. منه البحار: ج 72 ص 67.

من المؤمنين، ثمّ قال: إنّ اللّه يعطي الدّنيا من أحبّ ومن أبغض ولا يعطي دينه إلاّ من أحبّ (1).

باب (69) الاختلاف بين الشّيعة

7422 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد، عن يونس، عن عبد الأعلى قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ شيعتك قد تباغضوا وشنيء بعضهم بعضا فلو نظرت - جعلت فداك - في أمرهم؟

فقال: لقد هممت أن أكتب كتابا لايختلف عليّ منهم إثنان.

قال: فقلت: ما كنّا قطّ أحوج إلى ذلك منّا اليوم.

قال: ثمّ قال: أنّى هذا ومروان وابن ذرّ؟!(2).

ص:443


1- - كتاب التمحيص: ص 51 ح 96. منه البحار: ج 72 ص 52.
2- قوله (عليه السّلام): «أنّى هذا ومروان وابن ذرّ» أي لاينفع هذا في رفع منازعة مروان، والمراد به أحد أصحابه (عليه السّلام) وابن ذرّ رجل آخر فن أصحابه، ولعلّه كان بينهما منازعة شديدة لتفاوت درجتهما، واختلاف فهمهما، فأفاد (عليه السّلام) أن الكتاب لايرفع النزاع الذي منشؤه سوء الفهم، واختلاف مراتب الفضل. ويحتمل أن يكون المراد بابن ذرّ عمر بن ذر القاضي العامي، وقد روي انّه دخل على الصادق (عليه السّلام) وناظره، فالمراد أنّ هذا لايرفع النزاع بين الاصحاب والمخالفين، بل يصير النزاع بذلك أشدّ ويصير سببا لتضرر الشيعة بذلك، كما ورد في كثير من الاخبار ذلك لبيان سبب اختلاف الاخبار، فظن عبدالاعلى عند سماع هذا الكلام انه (عليه السّلام) لايجيبه إلى كتابة هذا الكتاب، فأيس وقام ودخل على إسماعيل ابنه وذكر ما جرى بينه وبين أبيه (عليه السّلام).. (مرآة العقول)

قال: فظننت أنّه قد منعني ذلك، قال: فقمت من عنده فدخلت على إسماعيل فقلت: يا أبا محمّد إنّى ذكرت لأبيك اختلاف شيعته وتباغضهم فقال: لقد هممت أن أكتب كتابا لا يختلف عليّ منهم إثنان.

قال: فقال ما قال مروان وابن ذرّ؟

قلت: بلى.

قال: يا عبدالأعلى إنّ لكم علينا لحقّا كحقّنا عليكم، واللّه ما أنتم إلينا بحقوقنا أسرع منّا إليكم، ثمّ قال: سأنظر، ثمّ قال: يا عبدالأعلى ما على قوم إذا كان أمرهم أمرا واحدا متوجّهين إلى رجل واحد يأخذون عنه ألّا يختلفوا عليه ويسندوا أمرهم إليه؟! يا عبدالأعلى إنّه ليس ينبغي للمؤمن وقد سبقه أخوه إلى درجة من درجات الجنّة أن يجذبه عن مكانه الّذي هو به، ولا ينبغي لهذا الآخر الّذي لم يبلغ أن يدفع في صدر الّذي لم يلحق به ولكن يستلحق إليه ويستغفر اللّه(1).

باب (70) الهداية من اللّه تعالى

7423 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كليب بن معوية الصيداويّ قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إيّاكم والناس(2)، إنّ اللّه (عزّوجلّ) إذا أراد بعبد خيرا نكت

ص:444


1- - الكافي: ج 8 ص 223 ح 282.
2- أي إحذروا دعوتهم في زمن شدّة التقيّة، وعلّل ذلك بأنّ من كان قابلا للهداية وأراد اللّه ذلك به «نكت في قلبه نكتة» من نور، وهو كناية عن انه يلقي في قلبه ما يصير به طالبا للحقّ متهيّئا لقبوله. (مرآة العقول).

في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه، ثمّ قال: لو أنّكم إذا كلمتم الناس قلتم: ذهبنا حيث ذهب اللّه(1) واخترنا من اختار اللّه، واختار اللّه محمدا واخترنا آل محمّد صلّى اللّه عليه وعليهم(2).

7424 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن ابن مسكان، عن ثابت أبي سعيد قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام):

يا ثابت مالكم وللناس، كفّوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فواللّه لو أنّ أهل السّماء وأهل الارض اجتمعوا على أن يضلّوا عبدا يريد اللّه هداه ما استطاعوا، كفّوا عن الناس ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمّي وجاري، فإنّ اللّه (عزّوجلّ) إذا أراد بعبد خيرا طيّب روحه فلا يسمع بمعروف إلاّ عرفه ولا بمنكر إلاّ أنكره ثمّ يقذف اللّه في قلبه كلمة يجمع بها أمره(3).

7425 - الكافي: أبو عليّ الاشعري، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صفوان بن يحيي، عن محمّد بن مروان، عن الفضيل قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ندعوا الناس إلى هذا الامر؟

فقال: يا فضيل إنّ اللّه إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه

ص:445


1- - أي حيث أمر اللّه بالذّهاب إليه «واخترنا من اختار اللّه» أي اخترنا الائمة من أهل بيت اختارهم اللّه تعالى، فإنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مختار اللّه، والعقل يحكم بأن أهل بيت الختار إذا كانوا قابلين للإمامة أولى من غيرهم. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 212 ح 1.
3- الكافي: ج 2 ص 213 ح 2.

حتّى أدخله في هذا الامر طائعا أو كارها(1).

7426 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): اجعلوا أمركم هذا للّه ولا تجعلوه للناس، فإنّه ما كان للّه فهو للّه وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء، ولا تخاصموا بدينكم الناس فانّ المخاصمة ممرضة للقلب(2) إنّ اللّه (عزّوجلّ) قال لنبيّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (3) وقال: (أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (4)ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنّكم أخذتم عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وعليّ (عليه السّلام) ولا سواء، وإنّني سمعت أبي يقول: إذا كتب اللّه على عبد أن يدخله في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره(5) و(6).

7427 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن

ص:446


1- - الكافي: ج 2 ص 213 ح 3.
2- أي لا تجادلوا مجادلة يكون غرضكم فيها المغالبة والمعاندة بإلقاء الشّبهات الفاسدة - لا ظهور الحق - فإنّ المخاصمة على هذا الوجه يمرض القلب بالشّك والشّبهة والاغراض الباطلة، وإن كان غرضكم إجبارهم على الهداية فانها ليست بيدكم كما قال اللّه تعالى لنبيه: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) وقال: (أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ). (مرآة العقول).
3- القصص 28:56.
4- يونس 10:99.
5- وكر الطائر: عشّه. (أقرب الموارد).
6- الكافي: ج 2 ص 213 ح 4.

عيسى، عن ابن اذينة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) خلق قوما للحقّ (1) فإذا مرّ بهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه، وإذا مرّ بهم الباب من الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لايعرفونه، وخلق قوما لغير ذلك فإذا مرّ بهم الباب من الحقّ أنكرته قلوبهم وإن كانوا لايعرفونه، وإذا مرّ بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لايعرفونه(2).

7428 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالحميد بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه وقلبه حتّى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم، وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء، فأظلم لها سمعه وقلبه، ثمّ تلا هذه الآية: (فَمَنْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (3).

7429 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ) إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدّده، وإذا أراد بعبد سوء

ص:447


1- - كأن اللام للعاقبة، أي عالما بأنهم يختارون الحق أو يختارون خلافه وان كانوا لايعرفونه. (مرآة العقول).
2- الكافي: ج 2 ص 214 ح 5.
3- الكافي: ج 2 ص 214 ح 6، والآية في سورة الانعام 6:125.

نكت في قلبه نكتة سوداء وسدّ مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضلّه(1)7430 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان وسماعة جميعا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لم تتواخوا على هذا الامر [و] إنّما تعارفتم عليه(2).

باب (71) الدّعوة إلى الحقّ

7431 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن عبداللّه بن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ لي أهل بيت وهم يسمعون منّي أفادعوهم إلى هذا الامر؟

فقال: نعم إنّ اللّه (عزّوجلّ) يقول في كتابه: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ) (3).

ص:448


1- - الكافي: ج 2 ص 214 ح 7.
2- الكافي: ج 2 ص 169 ح 2.
3- الكافي: ج 2 ص 211 ح 1، والآية في سورة التحريم 66:6.

كلمة الختام

أيها القاريء الكريم: لقد وصلنا - والحمد للّه - إلى نهاية الجزء الثاني عشر من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام)، وقد ضمّ بين دفتيه ما روي عن الامام الصّادق (عليه السّلام) حول الإيمان والمؤمنين وصفاتهم وعلاماتهم وحول الشّيعة وما خصّهم الله به من كرامة الولاية لمحمّد وآل محمّد (صلوات اللّه عليهم أجمعين).

وسوف نلتقي بك - ان شاء الله تعالى - في الجزء الثالث عشر ويكون الحديث فيه عن مكارم الأخلاق ومحاسنها ومزاياها.

ونسأل الله تعالى أن يتفضّل علينا بالمزيد من التوفيق لمواصلة هذا المجهود المتواضع وأن يتقبّل منّا بواسع فضله وكرمه انّه سميع الدّعاء.

وصلّى الله على سيدنا ونبيّنا محمّد واله الطيبين الطاهرين، وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين.

محمد كاظم القزويني قم المقدّسة - ايران

ص:449

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.