عنوان و نام پدیدآور:الحدیقه الهلالیه شرح دعاء الهلال من صحیفه السجادیه/الشیخ البهائی ؛ تحقیق علی الموسوی الخراسانی
مشخصات نشر:[قم]: الموتمر العالمی لتکریم الشیخ بهاء الدین العاملی : موسسه آل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث، 1429ق=1387.
مشخصات ظاهری:200ص.
فروست:مجموعه آثار علامه بهاء الدین العاملی (شیخ بهائی)؛ 8
وضعیت فهرست نویسی:در انتظار فهرستنویسی (اطلاعات ثبت)
شماره کتابشناسی ملی:1738544
المؤلف: محمد بن حسین بن عبدالصمد حارثی، معروف به شیخ بهایی
المحقق: السید علی الموسوی الخراسانی
الناشر: مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث - قم
الطبعة: ١
الموضوع : العرفان والأدعیة والزیارات
تاریخ النشر : ١٤١٠ ه-.ق
الصفحات: ٢٠٤
نسخة غیر مصححة
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله رب العالمین ، والصلاة والسلام علی أفضل بریّته محمد ، وآله الطیّبین المعصومین ، واللعن علی أعدائهم أجمعین.
وبعد :
لایختلف اثنان أنّ من أقسام المناجاة بین العبید وخالقهم - وهی المناجاة الحقّة - الدعاء ، وقد أثبت علماء الأخلاق والعرفان له مراتب.
منها : أن یصدر من اللّسان ، ویکون القلب ساهیاً غیر ملتفت إلی ما یصدرمن کلام.
ومعه ، فإن الله لایستجیب الدعاء من قلب لاه (1)
ومنها : أن یصدر من القلب واللسان معاً ، ومعه تنصهر الروح فی حالة لا یعلمها إلآ من کابد الشوق ، کما قیل ، فیکون هناک شعور بحالة من الطمأنینة ، ویری الداعی نفسه عزیزاً ، یطلب من خالقه الکریم ما یشاء.
نعم ، عزیزٌ ، ولِمَ لا؟ وخالقه کریم ، رحیم ، عطوف.
نعم ، هو قریب ، ولکن بشرط ( فَلْیَسْتَجِیبُواْ لِی ) .
إذن ، إذا دعا الله تبارک وتعالی بنیّة صادقة ، وقلب مخلص ، استجیب له ، ولکن بعد وفائه بعهد الله عزّوجلّ.
ولکن ، إذا دعا الله عزّوجلّ لغیر نیة وإخلاص لم یستجب له ... ألیس یقول الله تعالی : ( أَوْفُواْ بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِکُمْ ) ؟!
نعم ، أوفوا ، یوفّ إلیکم (1)
ومن أصدق من الله عهداً ووعداً.
فالعبودیة المطلقة لله موجبة للقرب منه ، والقرب منه موجب لاجابته ، وقد أطلق الإجابة والدعاء.
فکلّ دعاء مستجاب للمتقرّب مع توفّر الموجب والمصلحة.
نعم ( اُجِیبُ ) ، ولکن إذا دعانی مؤمناً بی ، ولم یشرک بی ، وأخلص فی الدعاء.
والشرک أنواع ، وفی الدعاء أشدّه وأخفاه ، ومنها الشرک فی الأسباب ، والبحث طویل.
هذا ،
وللدعاء شروط - ولسنا فی مقام التفصیل - منها أن یکون باُسلوب لائق بعظمة الخالق البارئ المنعم لفظاً وحالةً.
أما الثانی : کالتذلّل والتصاغر ، والاعتراف بالتقصیر ، وعدم الاستحقاق لشیء ، وإنّما هو فی حالة طلب استنزال رحمته تعالی واستدرار عطفه ظاناً أن حاجته بالباب.
وبعد کل هذا وذاک ، فلا یقنطک إبطاء إجابته ، فإنّ العطیّة علی قدر النیّة ، وربّما اُخّرت عنک الإجابة لیکون ذلک أعظم لأجر السائل وأجزل لعطاء
ص: 12
الآمل(1)
وأمّا الأول - فمن أوْلی من أولیاء الله فی الأخذ منهم ألفاظه وجواهره.
وسابقاً قیل : إذا خرجت الموعظة من القلب دخلت القلب ، وإذاخرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان.
إذن :
ألیس من الحَریّ بنا أن نأخذه ممن أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهیراً!!
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذه ممّن کلامهم نور وأمرهم رشد ووصیّتهم التقوی.
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذ الدعاء ممّن :
......... قولهم وحدیثهم
روی جدّنا عن جبرئیل عن الباری
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذ الدعاء من أهل بیت یتّصفون بالصفات قبل الأمر بها!!
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذ الدعاء ممّن جعلهم الله الوسیلة إلیه!!
نعم.
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذ المناجاة ممن لقّبه أعداؤه قبل محبّیه ب- - « زین العابدین » و « سیّد الساجدین »!!
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذ اُصول الدعاء وفروعه وآدابه وألفاظه منالذی یجمع المؤرّخون علی أنّه کان أعبد أهل زمانه ، وأشخصهم ، ومن کان له قصب السبق فی هذا المضمار لایجاریه أحد!!!
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذه ممن لم یُنقل عن أحد ما نقل عنه ، من عبادة وزهد حقیقیّین!!
ألیس من الحریّ بنا أن نأخذه ممّن لم یُنقل عن أحد ما نقل عنه من
ص: 13
خلق رفیع!! ولم ینقل ... ولم ... ولم ... ولم ... وهلمّ جرّاً!!
کیف لا ، وهو إلامام زین العابدین علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب ، الرابع من أئمة أهل البیت علیه السلام وخلفاء النبی فی إمامة المسلمین.
إلیک بعض أقوال معاصریه مثل ابن عیینة ، ومصعب الزبیری ، والزهری ، وموسی بن طریف ، وهشام بن عروة ، والأعرج ، وابن المسیّب ، ویحیی بن سعید ، ملخصاً :
« ما رأیت أحداً کان أفقه من علی بن الحسین ، لکنّه قلیل الحدیث ، وکان من أفضل أهل بیته ، وأحسنهم طاعة » (1)
« ما رأیت هاشمیاً أفضل منه » (2)
« ما رأیت أورع منه »(3)
« کان أفضل هاشمی أدرکته » (4)
« کان أقصد أهل بیته ، وأحسنهم طاعة » (5)
« کان من أورع الناس وأعبدهم ، وأتقاهم لله عزَّ وجلَّ » (6)
وأمَّا ما ینقل من مکارم سیرته فلا یحصی ، وإلیک منها نماذج :
یقول ابن عیینة : « حجَّ علی بن الحسین ، فلمَّا أحرم واستوت به راحلته ، اصفَّر لونه ، وانتفض ، ووقع علیه الرعدة ، ولم یستطع أن یلبّی.
فقیل له : ما لک لا تلبّی؟!
فقال : ( أخشی أن أقول : لبّیک ، فیقال لی : لا لبیک!! ).
فقیل له : لابُدّ من هذا.
ص: 14
فلما لبّی غشی علیه ، وسقط عن راحلته ، فلم یزل یعتریه ذلک حتی قضی حجّه » ، (1)
وموسی بن طریف یحکی : « استطال رجل علی علی بن الحسین ، فأغضی عنه ، فقال له : إیّاک أعنی. فقال : ( وعنک أُغضی ) » (2)
وهذا هشام بن عروة ینقل : « کان علی بن الحسین یخرج علی راحلته إلی مکّة ، ویرجع ، لا یقرعها » (3)
وأمّا عبادته :
فیحکی الحنبلی ما لفظه : سمی زین العابدین لفرط عبادته(4)
ویصف مالک عبادته بقوله : « بلغنی أنّه کان یصلّی فی الیوم واللیلة ألف رکعة إلی أن مات ، وکان یسمی زین العابدین »(5)
وهذا عبدالله بن أبی سلیمان یقول : « کان علی بن الحسین إذا مشی لا تجاوز یده فخذه ، ولا یخط بیده ، قال : وکان إذا قام إلی الصلاة أخذته رعدة ، فقیل له : مالک؟
فقال : ( ما تدرون بین یدی من أقوم ، ومن اناجی!! ) » (6)
وروی ابن العماد الحنبلی عن الإمام السجاد هذه الروایة ، التی تدل علی عظمة عبادته ورفعتها وهی : ( إنّ لله عباداً عبدوه رهبة ، فتلک عبادة العبید؟ وآخرین عبدوه رغبة ، فتلک عبادة التجار؟ واخرین عبدوه شکراً ، فتلک عبادة الأحرار ) (7)
هذا أبو نعیم صاحب الحلیة یصف الإمام بقوله : « ... زین العابدین ،
ص: 15
ومنار المتقین ، کان عابدا وفیاً ، وجواداً حفیاً ، ... کان إذا فرغ من وضوئه للصلاة ، وصار بین وضوئه وصلاته ، أخذته رعدة ، ونفضته ، فقیل له فی ذلک.
فقال : ( ویحکم ، أتدرون إلی من أقوم؟ ومن اُرید اُناجی؟!! ) »(1)
وهذا قول ابن الجوزی فی کتابه : « کان - علی بن الحسین - لایحب أن یعینه أحد علی طهوره ، وکان یستقی الماء لطهوره ، ویخمِّره قبل أن ینام ، فإذا قام من اللیل بدأ - بالسواک ، ثم یتوضأ ، ثم یأخذ فی صلاته ... » (2)
وکان الزهری إذا ذکر الإمام یبکی ویقول : « زین العابدین!! » (3)
هذا غیض من فیض ، ومن هنا نعلم سر ما فی هذه الأدعیة التی رویت عنه علیه السلام من التأثیر فی النفوس ، والنفوذ إلی العقول ، والسموّ بالروح البشریة إلی العلا.
إنَّها الواقعیة ، إنَّها الترجمة اللفظیة الحقیقیة لما یریده الباری عزَّ وجلَّ من الإنسان فی سیره التکاملی ، هذا دعاء مکارم الأخلاق ، هذا دعاؤه لأبویه ، هذا دعاؤه ، هذا دعاؤه ، هذا ... ، هذا ... ، هذا ...
ومن هنا نعلم سر تسمیتها بإنجیل أهل البیت ، وبزبور آل محمد (4)علیهم السلام .
من نُقل عنه ما نقل عن الإمام من الدعاء - من معاصریه من الزهّاد والفقهاء وغیرهم - بلاغة ، ومعنویة ، وتأثیراً فی النفوس؟.
ما ذاک إلَّا للزهد الواقعی ، والطهارة الواقعیة ، والتقوی لله فی السر والعلن واقعاً ، ... و ... و ... و.
والحاصل : أنه کان أفضل أهل زمانه وأعلمهم ، وأفقههم ، وأورعهم ، وأعبدهم ، وأکرمهم ، وأحلمهم ، وأصبرهم ، وأفصحهم ، وأحسنهم أخلاقاً ،
ص: 16
وأکثرهم صدقة ، وأرأفهم بالفقراء ، وأنصحهم للمسلمین (1) وغیر ذلک مما لا یحیط به قلم ، ولا تصور ، هذا عملاً وسیرة.
أما قولاً فالیک الصحیفة ، زبور آل محمد وإنجیلهم ، وکفی بها.
یقول سیّد الأعیان فی وصفها :
الصحیفة الکاملة فی الأدعیة ، تحتوی علی واحد وستین دعاءاً ، فی فنون الخیر ، وأنواع العبادة ، وطلب السعادة ، وتعالیم العباد ، کیف یلجؤون إلی ربهم فی الشدائد والمهمات ، ویطلبون منه حوائجهم ، ویعملون بقوله تعالی : ( ادعونی أستجب لکم ) (2)، من التحمید لله تعالی ، والثناء علیه ، والشکر له ، والتذلل بین یدیه ، واللجوء إلیه ، والتضرع والاستکانة له ، والإلحاح علیه ، وغیر ذلک من فنون الدعاء ، وأفانین المناجاة.
وبلاغة ألفاظها ، وفصاحتها التی لا تباری ، وعلوّ مضامینها ، وما فیها من أنواع التذلل لله تعالی ، والثناء علیه ، والأسالیب العجیبة فی طلب عفوه ، وکرمه ، والتوسل إلیه ، أقوی شاهد علی صحة نسبتها ، وأنَّ هذا الدّر من ذلک البحر ، وهذا الجوهر من ذلک المعدن ، وهذا الثمر من ذلک الشجر ، مضافاً إلی اشتهارها شهرة لاتقبل الریب ، وتعدد أسانیدها المتصلة إلی منشئها صلوات الله علیه وعلی آبائه وأبنائه الطاهرین ، فقد رواها الثقات بأسانیدهم المتعدّدة المتصلة إلی الامام زین العابدین علیه السلام .
وقد کانت منها نسخة عند زید الشهید رحمه الله ، ثم انتقلت إلی أولاده ، وإلی أولاد عبدالله بن الحسین المثنی ، کما هو مذکور فی أولها مضافاً إلی ما کان عند الامام الباقر علیه السلام من نسختها (3)
هذا وقد اعتنی بها العلماء خاصة ، والناس عامة ، أتم اعتناء ، روایةً وضبطاً لألفاظها ، ونسخها ، وواظبوا علی الدعاء بأدعیتها لیل نهار ، وبالعشی
ص: 17
والأبکار ، والغدوات والأسحار ، والتضرع إلیه تعالی ، وطلب الحوائج منه ، والمغفرة ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار (1)
أما شروحها فقد بلغت عنایة العلماء بها حداً کبیراً حتی عدّ شیخ الذریعة قدس سره ما یقرب من الخمسین (2) شرحاً باللغتین العربیة والفارسیة ، منها المختصر والذی هو بنحو التعلیق ، ومنها المطول والموسّع.
ومنها ماهو مختصّ بجانب واحد ، مثل : الجانب العرفانی الأخلاقی ، أو الجانب الأخلاقی ، أو الجانب اللغوی ألبلاغی ، أو الجانب العلمی.
ومنها ماهو جامع بین الاختصار والکمال ، لاحتوائه علی أغلب الفنون المتعلّقة بالدعاء المشروح ، مثل « ریاض السالکین » للسیّد علی خان المدنی.
ومنها شرحنا هذا الذی نقدّمه إلیک عزیزی القارئ ، ألا وهو :
ص: 18
من الشروح الموسعة علی الصحیفة المقدسة شرح الشیخ البهائی المسمی بحدائق الصالحین إسماً للمجموع وسمی کلّ دعاء بأسم ، فهناک الحدیقة الأخلاقیة ، والحدیقة الصومیة ، والتحمدیة ...
والحدیقة الهلالیة ، وهی ما نقدمه الآن ، والتی عثرنا علیها من مجموع هذا الشرح.
یذهب بعض أصحاب الفنّ إلی أن الشیخ البهائی لم یتم شرحه هذا لجمیع أدعیة الصحیفة ، وإنَّما الذی خرج إلی البیاض وأتمه هو فقط الحدیقة الهلالیة.
والظاهر أنَّ الأمر لیس کذلک ، إذ هو قدس سره یحیل إلی شروح الأدعیة المتقدمة بما یدلّ علی أنَّه أتمّها ، حتی أنَّه ینقل عبارات تامة من تلکم الشروح فمثلاً قوله ص 19 :
وقد قدَّمنا فی فواتح هذا الشرح ... کلاماً مبسوطاً فی هذا الباب وذکرنا ما قیل فیه من الجانبین.
وقوله ص 47 :
والمباحث المتعلّقة بالصلاة علی النبی ... وإیراد ما یرد علی أنَّ آل النبی صلی الله علیه و آله حقیقة هم الأئمة المعصومون سلام الله علیهم قد مرَّ الکلام فیها فی الفواتح ، فلا معنی لإعادته.
وقوله ص 50 ، وهوأصرح من جمیع ما تقدم :
وقد قدمنا فی الحدیقة الأخلاقیة ، من شرحنا هذا ، وهی الحدیقة العشرون ، فی شرح دعائه علیه السلام فی مکارم الأخلاق ، کلاماً ... ، وقلنا هناک : إنَّه لایحصل إلَّا من التام منها إلّا بإخراج ... إلی آخره.
ص: 19
فهذا إن دلَّ علی شیء فإنَّه یدل علی أنَّه لا أقلَّ کتب شروح بعض الأدعیة ولکن لم تصل إلینا ، وإلّا فما معنی نقله لما قدمه هناک.
نرجو العلی القدیر أن یوفقنا للعثورعلی بقیة هذا الشرح القیّم انه سمیع مجیب.
وأمَّا الشرح فهو غنی عن التعریف لما سوف تلمسه فیه مما أبدع فیه المؤلف من تطعیمه بشتی البحوث الفلسفیة والطبیعیة ، والکلامیة ، وبحوث الهیئةوالنجوم ، وغیرها.
ولا غرابة فالمؤلف هو من عکف علی آرائه الریاضیة والنجومیة علماء الشرق والغرب ، ولا زالوا ولم یتمکنوا من الوصول إلی حل قسم من مسائله.
ونظرا لأهمّیّة الکتاب فقد اعتمده جمع ممّن تأخر عنه ، منهم صاحب الریاض فی شرحه للدعاء الثالث والأربعین من ریاضه المتقدم.
ومنهم شیخ الإسلام العلّامة المجلسی کأحد مصادر کتابه « بحار الأنوار » وأورد أغلبه فیه ، اُنظر بحار الأنوار 58 / 178 - 199 و 291 - 293.
* * *
ص: 20
ترْجَمة المؤَلّف
هو : الفقیه المحقق ، والحکیم المتألّه ، والعارف البارع ، والمؤلف المبدع ، والبحاثة المکثر المُجید ، والأدیب الشاعر ، والضلّیع فی الفنون بأَسرها ، نابغة الامة الاسلامیة فی عصره :
الشیخ أبو الفضائل محمد بن الحسین بن عبد الصمد بن محمّد بن علی بن الحسن بن محمد بن صالح بن إسماعیل الحارثی الهَمْدانی العاملی الجبعی.
نعم ، هوحارثی هَمْدانی ، إذن هو من بیت المجد والشرف والولاء للعترة الطاهرة ، منذ عهد جدّه الأعلی الحارث بن عبد الله الأعور الهَمْدانی (1)، الذی بشّره أمیرالمؤمنین علیه السلام عند وفاته بنتیجة عقیدته الصحیحة به ، وولائه المخلص له.
وصحة هذا النسب الطاهر مما تسالم علیه جمیع من ترجم له ، أو لوالده ،
ص: 21
وکما صرّح به جمع من أعلام الاُمة وأساطین الطائفة ممن عاصرها ، ومن تأخر عنهما فی إجازاتهم (1) وقد عد منهم صاحب الغدیر قدس سره عشرین علماً (2)
وأشاد به نظماً جمع ، منهم الشیخ جعفر الخطّی البحرانی (3)فی قصیدة منها :
فیابن الاُولی أثنی الوصیّ علیهم
بمالیس تثنی وجهه ید إنکار (4)
یلتقی نسبه الشریف مع نسب علم من أعلام القرن الجامع بین ، العلم والأدب ، والناشر لألویة الحدیث ، الشیخ تقی الدین إبراهیم بن الشیخ علی الکفعمی ، مؤلف المصباح ، والبلد الأمین ، وشرح الصحیفة ، ومحاسبة النفس ، الی غیرها.
وذلک أن الشیخ البهائی حفید أخ الشیخ الکفعمی والیک مخططاً یوضح هذا :
ص: 22
ص: 23
إذن فالشیخ البهائی محمد بن الحسین بن عبد الصمد بن محمد أخ الشیخ إبراهیم الکفعمی.
هذا نسبه یصفه هوبنفسه قائلا : « إنّ آباءنا وأَجدادنا فی جبل عامل کانوا دائماً مشتغلین بالعلم والعبادة والزهد ، وهم أصحاب کرامات ومقامات ».
فی هذه البیئة ، ومن هذا البیت العلمی ورث المجد والسؤدد ، ومن هکذا محیط خرج الی الدنیا ، ولیس بمنکرما للمحیط من أثر.
ولادته
تاریخها ومکانها
تاریخها :
اختلف المؤرخون فیها :
فمن ذاهب الی أنّها کانت عند المغرب یوم الخمیس لثلاث عشر بقین من المحرم سنة 953 ، والیه مال الشیخ البحرانی وجمع (1)
ومن ذاهب الی أنها کانت عند غروب شمس یوم الأربعاء لثلاث بقین من ذی الحجة (2)
ومن ذاهب - کالافندی وجمع - الی أنّها کانت « .. عند غروب الشمس یوم الاربعاء 17 ذی الحجة سنة 953 »(3)سلافة العصر : 290 / خلاصة الأثر 3 : 440 / الحدائق الندیّة : 3 ، 45. (4) وذلک استناداً الی نص وجده بخط الشیخ البهائی علی نسخة من إرشاد العلّامة الحلی حکاه عن خط والده حیث سجل فیه موالید ووفیات جمع من الاُسرة.
وهناک من مال الی أَنها کانت سنة 951 ولم أجد من أیّده علی ذلک ولعلها تصحیف 953 (5)
ص: 24
ولهذا فقد ضبطها الشیخ القمی فی هدیته وکناه بقوله : ظنج.
وبناءً علی نقل الشیخ المجلسی الاول فیکون مولده اما سنة 948 أو 949 (1)
وأما محلّها :
فالذی یستفاد من بعض سوانحه (2) ، وبعض النصوص أَنّها کانت فیموطنه الأَصلّی بعلبک من جبل عامل.
وهو الحق فی المقام.
وما ذهب الیه الطالوی فی سانحاته من أنّها فی قزوین (3)
والصنعائی من أنّها فی أصفهان(4)
وأحمد رفعت (5) وسامی باشا (6) وقدری طوقان (7) من أنها فی آمل المازندرانیة أو الخراسانیة الی غیر ذلک.
فهو مما لا شاهد له ولا دلیل علیه ، اللهم إلّا التشابه اللفظی بین آمل وعامل.
ص: 25
أساتذته ومشایخه
« إنّ رحلات شیخنا البهائیّ لاقتناء العلوم ردحا من عمره ، وأسفاره البعیدة الی حواضر العالم الاسلامی حینذاک دون ضالّته المنشودة ، وتجوله دهراً فی المدن والأمصار وراء اُمنیته الوحیدة ، واجتماعه فی تلکم الحواضر مع أساطین الدین ، وعباقرة المذهب ، وأعلام الاُمّة ، وأساتذة کل علم وفنّ ، ونوابع الفواضل والفضائل.
تستدعی کثرة مشایخه فی الأخذ والقراءة والروایة غیر أنّ المذکور منهم فی غضون المعاجم »(1)قلة لاتناسب ما سنعرف عن سیاحته وتنقلاته وهم :
1 - والده المقدّس الشیخ حسین بن عبد الصمد بن محمّد ، صاحب النفس الطاهرة الزکیة ، والهمّة الباهرة العلیّة ، کان عالماً ماهراً ، محققاً متبحراً ، جامعاً أدیباً منشأ شاعراً ، عظیم الشأن ، جلیل القدر ، ثقةً ، من فضلاء تلامذة الشهید الثانی قدس سره .
توفی قدس سره سنة 984 ثامن ربیع الأول ، فی المصلّی من قری هجر من بلاد البحرین ، عن عمربلغ 66 سنه ، حیث کانت ولادته سنة 918 فی غرة محرم الحرا م (2)
وقد قرأ علیه ابنه - الشیخ البهائی - العلوم العربیة والحدیث والتفسیر ، وروی عنه قراءةً وسماعاً واجازة لجمیع ما للإجازة فیه مدخل من سائر العلوم العقلیة والنقلیة ... ، بحق روایته عن شیخنا الإمام قدوة المحققین الشهید الثانی
ص: 26
طاب ثراه(1)
2 - الفقیه المحقق ، والمحدّث المتکلم ، الشیخ عبد العالی بن الشیخ علی بن عبد العالی العاملی الکرکی ، نجل صاحب جامع المقاصد ، المولود سنة 926 ، والمتوفی 993 باصفهان ، ونقل منها بعد ثلاثین سنة ودفن فی المشهد الرضوی علی من حلّ فیه آلاف التحیة والثناء (2)
3 - محمّد بن محمّد بن محمّد بن أبی اللطف بن علی بن منصور المقدسی الشافعی الأشعری العلوی ، المولود سنة 940 ، برع وهوشاب حتی فُضّل وقدم علی من هو أسنّ منه حتی علی أخویه ، وصار مفتیاً للقدس الشریف علی المذهب الشافعی ، مات سنة 993 (3)
وقد أَجاز الشیخ البهائی بإجازة مؤرخة سنة 992 فی شهرجمادی الأُولی منه (4)
ومن لطیف الأسانید والطرق طریق الشیخ البهائی لروایة صحیح البخاری عن مؤلفه ، وهم ثلاثة عشر شیخاً جمیعهم من المسمین بمحمّد ، إلیک السند - مع حذف الألقاب والاقتصار علی الإسم فقط - مع تتمته للشیخ البحرانی :
.. الشیخ محمّد بن یوسف بن کنبار ، عن الشیخ محمّد بن ماجد البحرانی ، عن الشیخ محمّد باقر المجلسی صاحب البحار ، عن أبیه الشیخ محمّد تقی المجلسی ، عن الشیخ محمّد بن الحسین البهائی ، عن محمّد بن محمّد بن محمّد أبی اللطف المقدسی ، عن أبیه محمّد بن محمّد ، عن شیخه محمّد بن ابی الشریف المقدسی ، عن محمّد بن أبی بکر ، عن محمّد المراغی ، عن محمّد بن إسماعیل القرشیدی ، عن السیّد محمّد بن سیف الدین قلیج بن کیکذی العلائی ، عن محمّد ابن مسلم بن محمّد بن مالک الحنبلی ، عن أبی محمّد بن عبد الرحیم بن عبد الواحد
ص: 27
المقدسی ، عن محمّد بن عبد الواحد البزاز ، عن محمد بن أحمد حمدان ، عن محمّد ابن الیتیم ، عن محمّد بن یوسف الفریری ، عن محمّد بن إسماعیل البخاری بکتابهالمذکور ، وجمیع مصنفاته.
4 - الشیخ الفاضل الکامل المنطقی المولی عبدالله بن الحسین الیزدی الشهابادی المتوفی سنة 981 (1)فی اصفهان ، کان علّامة زمانه ، جلیل القدر ، عالی المنزلة ، له مؤلفات منها : الحاشیة علی تهذیب المنطق للتفتازانی ، وحاشیة علی الأستبصار.
تلّمذ علیه جمع منهم صاحب المعالم ، والمدارک ، وشیخنا المؤلّف ، حیث أخذ عنه الحکمة والکلام وبعض المنقول.
5 - المولی علی المذهب المدرس ، تلمّذ علیه فی الریاضیات (2)
6 - القاضی المولی أفضل القاینی (3)
7 - الشیخ أحمد الکجائی الکَهدمی الکَیلانی النُهْمَنی (4) المعروف بپیر أحمد ، قرأ علیه فی قزوین (5) الریاضیات والحکمة .
8 - النطاسی المحنّک عماد الدین محمد بن مسعود الشیرازی ، قرأ علیه
ص: 28
الطب
9 - الشیخ عمر العرضی ، أفاد منه فی حلب(1)
10 - الشیخ محمد بن محمد بن أبی الحسن علی بن محمد البکری ، اجتمع معه فی مصر ، وحضر دروسه فی الأزهر. المتوفی سنة 993 ه-(2)
خلاصة الأثر 3 : 215 / ریحانة الألبا 1 : 279 رقم 41 / کشف الظنون : 1054 / هدیة العارفین 1 : 796 / معجم المؤلفین 7 : 296 وغیرها. (3)، له : شرح مختصرأبی شجاع ، ودیوان شعر (4)
11 - محمد باقر بن زین العابدین الیزدی المتوفی حدود 1056 ، کان من أعاظم الریاضیین ، له : عیون الحساب ، مطالع الأنوارفی الهیئة ، وغیرها(5)
ومما لاشک فیه أنّ هذا العدد المذکور من أساتذته وشیوخه لایلائم تلک السیاحة التی أخذت من عمره أکثر من الثلث ، بل ومشابهته لفنون عدّة حتی الف فی أغلبها الکتب.
ولکن ما الحیلة وهذا هو المحفوظ والذی عثرنا علیه منهم.
ص: 29
إنّ التأریخ حفظ لنا أسماء جمّ غفیر ممن أخذ عن الشیخ المصنف علوم الدین ، والفلسفة والأدب من العلماء الأفذاذ ، ومن استجاز عنه للروایة.
وقد تجمع لدینا منهم عدد کبیر ، أرجأنا تعدادهم الی موعد قریب. إن شاء الله(1).
کانت رحلته الاُولی مع والده من مسقط رأسه إلی إیران ، وفیها تعلم الفارسیة واتقنها حتی کأنّه ابن بجدتها ، درس وتعلم فی حاضرتی العلم قزوین واصفهان علی أبیه وغیره ممن مرّ من أساتذته ، وارتقی الی أوج الکمال ، وفی هذه الأثناء اقترن بزوجة صالحة فاضلة هی کریمة الشیخ العالم العامل شیخ الإسلام فی الدیار الإیرانیة فی حینه الشیخ زین الدین علی منشار العاملی (2)
ولمّا کانت وحیدة أبیها ، اذ لم یعقب غیرها ، فقد آلت الیها - والیه لا محالة - ترکة أبیها ، ومنها مکتبته العامرة.
حیث کانت للشیخ المنشار مکتبة عظیمة کبیرة تربو علی أربعة آلاف کتاب ، جلب أغلبها من الدیار الهندیة ، إذ کان قاطناً فیها فترة من الزمن (3)
فکانا ینتفعان منها وینهلان منها نمیراً صافیاً.
وعلی أیة حال فقد حاز لدی سلطان وقته - الشاه عباس الکبیر - أعلی المراتب وهی مشیخة الاسلام ، وله ألف الجامع العباسی فی الفقه.
ص: 30
ولکن الذی یظهر جلّیاً لمن یسبر أحوال الشیخ قدس سره یری وبوضوح أنه لم یکن یری لتلک المناصب الدنیویة قیمة ، بل کان یجعلها وراء ظهره ، وهذا واضح لحبه للوحدة والعزلة وللسیر علی طریقة أهل السلوک والعرفان والسیاحة مختاراً للفقر الذی کان به یفخر فخر الکائنات صلی الله علیه و آله ومرجحاً له علی تمام المناصب والرتب.
هذا وبعد أن ولی فی حاضرة العلم وعاصمة الحکومة مشیخة الاسلام ؛بعد والد زوجته الشیخ علی المنشار حیث کان فیها شیخ الاسلام أیام الشاه طهماسب الصفوی ؛ « رغب فی الفقر والسیاحة ، واستهب من مهاب التوفیق ریاحه ، فترک تلک المناصب ، ومال لما هو لحاله مناسب » (1)
وقد بدأ سیاحته بحج بیت الله الحرام ، ومن ثم زیارة المدینة المنورة علی من حلّ فیها الآف الثناء ، ومن ثم شهرعصا الترحال وساح فی أرض الله الواسعة ردحاً من عمره (2) کان خلالها متخفیاً مستتراً کما یظهر من الحوادث والمجریات ، مع أنّ شهرته کانت مطبقة فی الآفاق.
فقد زار خلالها کلاً من الأعتاب المقدسة فی العراق ، والإمام الرضا علیه السلام فی خراسان ، ومن ثمّ قصد هرات وعاد منها الی مشهد الامام الرضا ، ومنها آذربایجان وزار خلالها مصر ، والقدس الشریف ، ودمشق الشام ، وحلب ، وغیرها من البلاد.
توقف فی کلّ بلد مدة ، صاحب جمعاً کثیراً من أهل الکمال والمعرفةوالفضل مما لم یکن میسورا لکلّ أحد ، وکان خلالها مورد احترام الآخرین ، واستفاد وأفاد کثیراً.
هذا ، وقد وقعت له مباحثات علمیة ومذهبیة کثیرة مع علماء المذاهب الاخری أذعن فیها الجمیع له.
ص: 31
ومن المؤسف حقاً عدم تدوین الشیخ البهائی لاخبار سیاحته التی استمرت هذه المدة الطویلة ، مع فضله وکثرة علومه واطلاعه ، اذ مما لاشک فیه وقوع امور لطیفه وقضایا عجیبة تظهر من ثناء بعض من تعرض لسیاحته ، فلودونت لکانت من أنفس الکتب.
إلیک شطراً منها :
.. کان یجتمع مدة إقامته بمصر بالاستاذ محمد بن أبی الحسن البکری (1)وکان یبالغ فی تعظیمه.
فقال له الشیخ البهائی مرة : یا مولانا أنا درویش فقیر فکیف تعظمنی هذا التعظیم؟!
قال : شممت منک رائحة الفضل.
فامتدح استاذه بقصیدته التی مطلعها :
یا مصر سقیاً لک من جنة
قطوفها یانعة دانیة
ویصف الرضی المقدسی (2) الشیخ - عند لقائه له فی القدس الشریف - ومحاولته القراءة علیه قائلاً :
« ورد علینا من مصر رجل من مهابته محترم ، فنزل فی بیت المقدس بفناء الحرم ، علیه سیماء الصلاح ، وقد اتسم بلباس السیاح ، وقد تجنب الناس ، وأنس بالوحشة دون الایناس ، وکان یألف من الحرم فناء المسجد الاقصی ، ولم یسند أحد مدة الإقامة إلیه نقصاً ، فاُلقی فی روعی أنّه من کبار العلماء الأعاظم ، فما زلت لخاطره أتقرب ، ولما لا یرضیه أتجنب ، فاذا هو ممن یرحل الیه للأخذ منه ، وتشدّ له الرحال للروایة عنه ، یسمی بهاء الدین محمد الهمدانی الحارثی ، فسألته عند ذلک القراءة علیه ... » (3)
ص: 32
وهذه نادرة تدلّنا علی مدی ما للمظاهر من تأثیر فی النفوس ، وهی حادثة جرت للشیخ فی دمشق الشام مع الشیخ البورینی الصفوری (1)یحکیها لناالمحبی (2)وخلاصتها :
أنّ الشیخ البهائی لما ورد دمشق نزل عند بعض التجار الکبار فی محله الخراب ، واجتمع مع صاحب الروضات فی مزارات تبریز الحافظ حسین الکربلائی القزوینی التبریزی (3)
ثم إنّ الشیخ طلب من مضیفه الاجتماع بالشیخ البورینی ، فأعد التاجر دعوة تأنق فیها ، ودعا غالب أهل الفضل من محلته ومنهم البورینی.
دخل البورینی المجلس ، والبهائی بهیئة السیاح متصدراً له ، والجمع محدق به بأدب.
عجب البورینی من ذلک ، لعدم معرفته وسماعه بقدوم الشیخ ، فلم یعبأبه ، ونحاه عن مجلسه ، وجلس فیه غیر ملتفت إلیه ، شارعاً فی بث معارفه الی أن حانت صلاة العشاء.
ص: 33
ثم جلسوا ، فابتدر الشیخ البهائی فی نقل بعض القضایا والأبحاث ، وهکذا الی أن أورد بحثاً فی التفسیر عویصاً ، فتکلم علیه بعبارة سهلة فهمها الجمیع ، ثم دقّق العبارة حتی لم یفهم ما یقوله إلّا البورینی ، ثم أغمض فی العبارة فلم یفهم حتی البورینی.
هذا والجمع صموت جمود ، لا یدرون ما یقولون ، غیر أنّهم یسمعون تراکیب واعتراضات وأجوبة تأخذ بالألباب.
عندها نهض البورینی واقفاً علی قدمیه فقال : إن کان ولابد فأنت البهائیّ الحارثیّ ، إذ لا أحد الیوم بهذه المثابة إلّا هو.
فاعتنقا ، وأخذا فی إیراد أنفس ما یحفظان.
وسأله الشیخ البهائی کتمان أمره ، وافترقا ، ولم یقم بعدها ، بل رحل الی حلب (1)
ویذکر العرضی (2) فی ترجمته قال : قدم ( حلب ) مستخفیاً فی زمن السلطان مراد بن سلیم(3) مغیراً صورته بصورة رجل درویش ، فحضردرس الوالد الشیخ عمر (4) وهولایظهر أنّه طالب عالم ، حتی فرغ من الدرس.
فسأل الوالد عن أدلة تفضیل الصدّیق علی المرتضی ، فذکر أحادیث منها حدیث « ما طلعت الشمس » وغیرها.
فردّ علیه ، ثم ذکرأشیاء کثیرة تقتضی التفضیل للمرتضی ، فشتمه الوالد!!! وقال له : رافضی شیعی ، وسبّه وسکت!!
ص: 34
ثم إنّ الشیخ البهائی أمر بعض التجار أن یصنع ولیمة یجمع فیها بین الشیخ عمر وبینه.
امتثل التاجر ذلک ، ودعاهما وأخبر الشیخ الوالد أنّ هذا هو الملّا بهاء الدین عالم بلاد العجم.
وعندما استقر المقام بهما.
قال الشیخ البهائی للوالد : شتمتمونا.
فقال : ما علمت أنّک الملا بهاء الدین!!! ولکن إیراد مثل هذا الکلام بحضور العوامّ لا یلیق!
بعد هذه الفترة الطویلة عاد الی محطته الاُولی أصفهان ، فتوجهت الیه أنظار الأعاظم ، منتهلة من نمیره الصافی العذب ، مستفیدة من أنوار أفکاره البکر ، حتی اختصه الشاه عباس الصوفی حضراً وسفراً حتی صحبه معه فی سفره الی التربة المقدسة ، حیث مرقد الإمام الثامن سیراً علی الأقدام وفاءاً لنذر کانه نذره.
وقد اشتهرت عنه حکایات فی سیاحته کثیرة ، منها ممکنة ، ومنهامستبعدت أو ملحقة بالخرافات.
ص: 35
آیات المدح وجمل الثناء
اعترف عامة من ترجم للمصنف قدس سره بل وجمیع من تأخّرعنه ، بعظم شخصیته العلمیة العملاقة فی افق العلم ، وسماء المعرفة ، تقدم الیک نبذاً یسیرة :
قال شیخ الحفاظ والمحدثین العلّامة الأمینی :
.. بهاء الملّة والدین ، واستاذ الأساتذة والمجتهدین ، وفی شهرته الطائلة وصیته الطائر فی التضلّع من العلوم ، ومکانته الراسیة من الفضل والدین ، غنی عن تسطیر ألفاظ الثناء علیه ، وسرد جمل الإطراء له.
فقد عرفه من عرفه ، ذلک الفقیه المحقق ، والحکیم المتأله ، والعارف البارع ، والمؤلّف المبدع ، والبحاثة المکثر المجید ، والأدیب الشاعر ، والضلّیع من الفنون بأسرها ، فهو أحد نوابع الامة الإسلامیة ، والأوحدی من عباقرتها الأماثل (1)
ویصفه المحبّی بقوله :
.. بطل العلم والدین الفذ ، صاحب التصانیف والتحقیقات ، وهوأحق من کلّ حقیق بذکر أخباره ، ونشر مزایاه ، وإتحاف العالم بفضائله وبدائعه.
وکان اُمة مستقلة فی الأخذ بأطراف العلوم ، والتضلع بدقائق الفنون ، وما أظن الزمان سمح بمثله ، ولا جاد بندّه ، وبالجملة فلم تتشنف الأسماع بأعجب من أخباره (2) وقال شیخ الأمل فی ترجمته :
حاله فی الفقه والعلم والفضل والتحقیق والتدقیق وجلالة القدر وعظم الشأن وحسن التصنیف ورشاقة العبارة وجمع المحاسن أظهر من أن یذکر ، وفضائله أکثر من أن تحصر ، وکان ماهراً متبحراً جامعاً کاملاً شاعراً أدیباً منشئاً
ص: 36
ثقةً ، عدیم النظیر فی زمانه فی الفقه والحدیث والمعانی والبیان والریاضی وغیرها (1)
ویطریه السید التفرشی بقوله :
جلیل القدر ، عظیم المنزلة ، رفیع الشأن ، کثیر الحفظ ، ما رأیت بکثرة علومه ووفور فضله وعلوّ رتبته فی کل فنون الاسلام کمن له فن واحد ، له کتب نفیسة جیدة (2)
وأمّا الأردبیلی فیطریه قائلاً :
جلیل القدر ، عظیم المنزلة ، رفیع الشأن ، کثیر الحفظ ، ما رأیت بکثرة علومه ووفورفضله ، وعلوّمرتبته أحداً فی کلّ فنون الإسلام کمن کان له فن واحد ، له کتب نفیسة جیده منها (3)
ویصفه المجلسی الأول قائلاً :
الشیخ الاعظم ، والوالد المعظم ، الامام العلّامة ، ملک الفضلاء والاُدباء والمحدثین ، بهاء الملة والحق والدین .. (4)
وفی مورد آخر یقول :
شیخنا واستاذنا ومن استفدنا منه ، بل کان الوالد المعظم ، کان شیخ الطائفة فی زمانه ، جلیل القدر ، عظیم الشأن ، کثیر الحفظ ، ما رأیت بکثرة علومه ، ووفورة فضله ، وعلو مرتبته أحداً … (5)
ووصفه السید المدنی فی سلافته قائلاً :
« علم الائمة الأعلام ، وسید علماء الاسلام ، وبحر العلم المتلاطمة بالفضائل أمواجه ، وفحل الفضل الناتجة لدیه أفراده وأزواجه ، وطود المعارفالراسخ ، وقضاؤها الذی لاتحدّ له فراسخ ، وجوادها الذی لایؤمل له لحاق ،
ص: 37
وبدرها الذی لا یعتریه محاق ، الرُحَلَة الذی ضربت الیها أکباد الإبل ، والقبلة التی فطرکل قلب علی حبها وجبل.
فهو علّامة البشر ، ومجدّد دین الأئمة علی رأس القرن الحادی عشر ، الیه انتهت ریاسة المذهب والملّة ، وبه قامت قواطع البراهین والأدلة ، جمع فنون العلم وانعقد علیه الإجماع ، وتفرد بصنوف الفضل فبهر النواظر والأسماع ، فما من فنّ إلاوله فیه القدح المعلّی والمورد العذب المحلّی ، إن قال لم یدع قولاً لقائل ، أو طال لم یأت غیره بطائل ، وما مثله ومن تقدّمه من الأفاضل والأعیان إلّا کالملة المحمدیة المتأخّرة عن الملل والادیان ، جاءت اخر ففاقت مفاخراً وکل وصف قلته فی غیره فإنه فی تجربة الخواطر » (1)
ویطریه صاحب نسمة السحر قائلاً :
« ... رجل الدهر ، وجامع الفخر ، ورب الشوارد ، وقید الأوابد ، فهو وارث علم الرئیس ابن سینا فی تلک الفنون والحال لاهل الطریقة حقیقة نورطور سیناء فیه یهتدون ، لم یلحق فی طریق ، ولم یرفع فی فریق ، فهوحیناً وزیر السیف والعلم ، وإذ به وزیر الدفتر والنون والقلم » (2)
ویطریه شیخ الخزانة الشیرازی بقوله :
« بهاء الحق وضیاؤه ، وعزّالدین وعلاؤه ، واُفق المجد وسماؤه ، ونجم الشرف وسناؤه ، وشمس الکمال وبدره ، وروض الجمال وزهره ، وبحر الفیض وساحله ، وبر اِلبر ومراحله ، وواحد الدهر ووحیده وعماد العصر وعمیده ، وعلم العلم وعلامته ، ورایة الفضل وعلامته ، ومنشأ الفصاحة ومولدها ، ومصدر البلاغة وموردها ، وجامع الفضائل ومجمعها ، ومنبع الفواضل ومرجعها ، ومشرق الافادة ومشرعها ، وسلطان العلماء وتاج قمتهم ، وبرهان الفقهاء وتتمة أئمتهم ، وخاتم المجتهدین وزبدتهم ، وقدوة المحدثین وعمدتهم ، وصدر المدرسین واُسوتهم ، وکعبة الطالبین وقبلتهم ، مشهورجمیع الآفاق ، وشیخ الشیوخ علی الاطلاق ، کهف
ص: 38
الإسلام والمسلمین ، مروج أحکام الدین ، العالم العامل الکامل الأوحد بهاء الملّة والحق والدین » (1)
ویطریه الخفاجی قائلاً :
« ... زین بمآثره العلوم النقلیة والعقلیة ، وملک بنقد ذهنه جواهرها السنیة ، لاسیما الریاضیات ... وهو فی میدان الفصاحة فارس وأیَّ فارس ، وإن غصنه أینع وربا بربوة فارس فإنّ شجرته نبتت عروقها بنواحی الشام الزاهیة المغارس ، والعرق نزّاع وإنْ أثّر الجوار فی الطباع »(2)
وهذا الحنفی فی شرحه علی رائیة المصنف والمسماة « وسیلة الفوزوالامان » یقول فی حقه :
« ... صاحب التصانیف والتحقیقات ، وهوم أَحقّ من کل حقیق بذکرأَخباره ونشر مزایاه ، وإتحاف العالم بفضائله وبدائعه ، وکان اُمّة مستقلة فی الأَخذ بأطراف العلوم والتضلّع من دقائق الفنون ، وما أَظن أَنّ الزمان سمح بمثله ولا جاد بنده ، وبالجملة فلم تتشنّف الأسماع بأَعجب من أَخباره » (3)
وقد ذکره الشهاب فی کتابیه وبالغ فی الثناء علیه (4)وقد أطال أَبوالمعالی الطالوی فی الثناء علیه وکذلک البدیعی (5)
هذا غیض من فیض مما قیل أَویمکن أن یقال فی حقّ شیخنا المصنف ، علم الأعلام ومن عُرِفت مکانته السامیة فی دنیا الفضل والفضیلة والدین ، حتی قیل فی حقه : « ... لایدرک بحر وصفه الاغراق ، ولا تلحقه حرکات الأَفکار ،
ص: 39
ولو کان فی مضمار الدهر لها السباق »(1)
نعم هناک من اجترأ الوقیعة فیه ، وما ذاک إلّا لقلة دین ، وإلّا فلم؟!!!!
هذا یوسف المغربیّ(2) له هجاء للشیخ البهائی ، ولیس ذلک لسبب ظاهر سوی الغیرة والحسد من علمه ومعرفته وشهرته ، أو لغلبته له فی میادین العلمحیث یقول :
إنّ الیهودیّ غدا عاملاً
فی الناس بالحور بالباطل
یعمل فی الدین کما یشتهی
فلعنة الله علی العاملی (3)
هذا ، ولون اخرمن الوقیعة فیه ، هو للمحبی مع اعترافه بفضله وعلمه ، ومع هذا ینسبه الی الغلوّ فی الحب! حب من؟ حب آل البیت علیهم السلام ، وینسب الزندقة الی موال آخر ، ویعتذر للشیخ حیث یقول : « ... إلا أنّه لم یکن علی مذهب الشاه فی زندقته!!! - والسبب فی ذلک - انتشار صیته - البهائی - فی سداد دینه إلا أنّه غالی فی حب آل البیت » (4)
نعم ، ما أجرأه علی الوقیعة فی مؤمن یقول : ربی الله.
لکنّ الرجل مندفع بدافع البغضاء ، فیقذف ولا یکترث ، ویقول ولایبالی.
ولیت شعری أیّ غلو وقف علیه فی حب الشیخ الأجل - البهائی - لآل بیت نبیه الأطهر؟!
نعم ، لم یجد شیئاً من الغلوّ ، لکنّه یحسب کل فضیلة رابیة جعلها اللّه سبحانه لآل الرسول صلی الله علیه و آله ، وکل عظمة اختصهم بها غلواً ، وهذا من
ص: 40
عادة القوم سلفا وخلفا ، والی الله المشتکی (1)
نعم ، إنّها وکما قیل :
............................
شنشنة أَعرفها من أخزم(2)
ولعل بهذا أمکن القارئ من تکوین صورة واضحة عن الشیخ البهائی قدس سره .
ثم إنّ بعض الحوادث والقصص فیها من الدلالة علی سمّو الخلق وصفاء الباطن الشیء الکثیر ، بالخصوص سمّوخلق العلماء ، فانه فوق کل اعتبار.
والقصة هی :
أن الشاه عباس رکب یوماً إلی بعض متنزهاته ، وکان الشیخ البهائی وألمیر الداماد فی موکبه ، إذ کان لایفارقهما غالباً ، وکان الداماد عظیم الجثة ، والبهائی نحیفها.
فأراد الشاه أن فی خبر صفاء الخواطر بینهما.
فقال للداماد وهو راکب فرسه فی مؤخرة الجمع ، وقد ظهرت علیه آثار الإعیاء والتعب ، والبهائی فی مقدمة الجمع :
یا سیدنا ، ألا تنظر الی هذا الشیخ کیف تقدّم بفرسه ، ولم یمش علی وقارکما تمشی أنت؟
فقال الداماد : أیها الملک ، إنّ جواد الشیخ قد استخفه الطرب بمن رکبه ، فهو لا یستطیع التأنّی ، ألا تعلم مَنْ الذی رکبه؟
ثم قال الملک للبهائی : یا شیخنا ألا تنظر الی هذا السیّد کیف أتعب مرکبه بجثمانه الثقیل؟ والعالم ینبغی أن یکون مرتاضاً مثلک خفیف المؤنة.
فقال البهائی : أیها الملک إنّ جواد الشیخ أعیی بما حمل من علمه الذی لا یستطیع حمله الجبال.
فعند ذلک نزل الشاه عن جواده وسجدلله شکراً علی ان یکون علماء دولته بهذا الصفاء.
ص: 41
فأکرم به من ملک کامل وسلطان عادل! وأکرم بهما من عالمین مخلصین!
لکن هناک من یدّعی وجود نفرة بینما ، وهی بعیدة کلّ البعد ، ویدلّنا علی ذلک صورة رسالة عثرنا علیها(1)موجهة من الشیخ البهائی الی السید الداماد قدس سرهما الیک هی :
طوبی لک أیّها المکتوب ، حیث تتشرف بملامسة سیدنا ومخدومنا ، بل مخدوم العالمین ، سمّی خامس أجداده الأئمة الطاهرین سلام الله علیهم اجمعین (2)
سلام الله علیکم.
لاحاجة الی ما استقرعلیه العرف العام ، واستمربه الرسم بین الأنام ، من توشیح الخطاب ، وترشیح مبتدأ الکتاب ، بذکر المزایا والألقاب ، ونشر معالی المآثر فی کل باب ، إذ هو فیما نحن فیه کفت شهرته مؤنة التصدی لتحریره ، وأغنی ارتکازه فی الخواطر عن التعرض لشرحه وتقریره ، ولوأنّا أطلقنا عنان القلم فی هذا المضمار ، وأجرینا فلک البیان فی ذا البحر الزخّار لکنّا بمنزلة من یصف الشمس بالضیاء ، أوینعت حاتم بالسخاء ، ولنا دنیا المقام بأفصح لسان ، إنّ العیان یغنی عن البیان.
وأمّا شرح شدة التعطش الی رشف راح الوصال ، وحدة التحرق والتلهف الی شرف الإتصال فأعظم من ان یحویه نطاق الکلام ، أو تنبئ عنه ألسنة الأقلام ، فلذلک طوینا کشحاً عن مدّ أطناب الاطناب فی ذلک ، فضربنا صفحاً عن إنارة شهاب الاسهاب فی تلک المسالک ، واقتصرنا علی إهداء طرائف صحائف تسلیمات تنهل عن ریاض الوداد هواطلها ، وشرائف لطائف تحیات تتبختر فی مسالک الاتحاد قوافلها وخوالص خصائص دعوات تتهادی فی جادة
ص: 42
الاخلاص رواحلها وتصدح فی حدائق المودة والاخلاص بلابلها.
هذا وإنّ مجاری أحوال المحب القدیم ، الذی هو خالص بالوداد ، مقیم علی ما یوجب مزید الحمد ویستدر أخلاف الشکر ، والأوقات! - بتوفیق الله سبحانه - مصروفة فی تدارک ما فات ، والاستعداد لما هوعن قریب آت.
والمأمول من الألطاف القدسیة الاجراء علی صفحة الخاطر الأنور ، والضمیر الأطهر بما یسنح من صوالح الدعوات المعطرة مشامّ الاجابات ، وفتح أبواب المکاتبات والمراسلات الجالیة عن القلب صدأ الآلام والکربات ، الجالبة الی النفس أعظم الأفراح والمسرات.
والسلام علیکم وعلی العاکفین ببابکم ، واللائذین بأعتابکم ورحمة الله وبرکاته.
مخلصکم حقا وصدقاً
بهاء الدین
أمّا جواب السید الداماد قدس سره فهو آیة من آیات الود والصفاء والمحبة والاخلاص الیک هو وإنک خیرحکم :
یالیتنی کنت شیئا من هذه الأرقام ، حیث یلحظها بعین عنایته شیخنا الأفخم الأعظم ، ومخدومنا الأعلم الأکرم ، نطاق الایمان ، وعروة الدین ، قدوة أهل الحق واسوة أهل الیقین ، لازال مجده وبهاؤه ممدوداً بالتظلیل علی رؤوس المؤمنین وعلی مفارق العالمین (1)
بسم الله الرحمن الرحیم
لقد هبت ریح الانس من سمت القد س ، فاتتنی بصحیفة منیفة کأنها بفیوضها بروق العقل بوِمُوضها ، وکأنها بمطاویها أطباق الأفلاک بدواریها ، وکأنّ أرقامها باحکامها طبقات الملک والملکوت بنظامها ، وکأن ألفاظها برطوباتها أنهار العلوم بعذوباتها ، وکأن معانیها بأفواجها بحار الحقائق بأمواجها. وأیم الله إن
ص: 43
طباعها من تنعیم ، ومزاجها من تسنیم ، وإنّ نسیمها من جنان الوَمَضوت ، وإنّ رحیقها لِمَنْ دنان الملکوت.
فاستقبلتها القوی الروحیة ، وبرزت الیها القوی العقلیة ، ومدت لها قَطَنَة سوامع الشعر أعناقها من کوی الحواس ، وروازن المدارک وشبابیک المشاعر ، وکادت حمامة النفس الناطقه تطیر من وکرهاً شغفاً وهزازا ، وتستطار الی عالمهاشوقا واهتزازا ، فلعمری لقد تروّیت ولکنی لفرط ظمئی ما ارتویت.
شربت الحبّ کأساً بعد کاس
فما رویت وقد نفد الشراب
فلازالت مراحمکم الجبلّیلة مدرکة للتائقین بأضواء الألطاف الخفیة والجلیة.
ثم إنّ صورة مراتب الشوق والإخلاص ، التی هی ما وراء ما یتناهی بما لایتناهی ، أظنّها لهی المنطبعة کما هی علیها فی خاطرکم الأقدس الأنور ، الذی هولاستجرار الوجوه کمرآة مجلوة ، ولغوامض أفانین العلوم ومعضلاتها کمصفاة مسطرة.
وإنکم لأنم بمزید فضلکم المؤملون لامرار المخلص علی حواشی الضمیر المقدس المستنیر عند صوالح الدعوات السانحات فی مئنة الاستجابة ومظنّة الاجابة ، بسط الله ظلالکم وخلد مخدمکم وخلانکم.
والسلام علی جنابکم الأرفع الأبهی ، وعلی من یلوذ ببابکم الألمع الأسمی ، ویعکف بفنائکم الأوسع الأسطع الاسنی ، ورحمة الله وبرکاته أبداً سرمدا.
مخلصکم الملتاع
محمد باقر الداماد الحسینی
وحکایات ما وقع بینهما من المصافاة والمصادقة کثیرة ، وهکذا یسعد الزمان وأهله بامثال هؤلاء العلماء وهؤلاء الملوک.
ص: 44
ویؤکد ذلک السمو والصفاء أیضاً ما نقله السید الأمین عن المنشئ فی عالِمه حیث یقول :
تقلّد الشیخ منصب شیخ الإسلام فی اصفهان ، زمن الشاه عباس الکبیرخلفاً للشیخ علی المنشار ، وتبوأ مکانته المعروفة فی عهد الشاه المذکور ، ولم یکن لأحد من کبار الرجال الصفویین مرکز یدانی مرکزه ، ولذلک کثر حسّاده ومناوئوه وکثر الدسّ حوله ، حتی تمنّی أَنّ والده لم یخرج به من جبل عامل الی الشرق ، فی کلمة قویة عبّر بها عن تبّرمه من فساد الأَخلاق فی کثیرمن أَبناء زمانه ومعاصریه.
فقال طیّب الله ثراه : لولم یأت والدی قدّس الله روحه من بلاد العرب ، ولولم یختلط بالملوک ، لکنت من اتقی الناس وأَعبدهم وأَزهدهم ، لکنه طاب ثراه أخرجنی من تلک البلاد وأقام فی هذه الدیار ، فاختلطت بأَهل الدنیا ، واکتسبت أخلاقهم الردیئة ، واتصفت بصفاتهم ، ثم لم یحصل لی من الاختلاط بأهل الدنیا إلّا القیل والقال ، والنزاع والجدال ، وآل الأمر أنْ تصدی لمعارضتی کلّ جاهل ، وجسرعلی مباراتی کل خامل (1)
هذا نصّ عبارة الشیخ ، وهی نفثة مصدور ، عبّربها - کما قلنا - عن آلامه وامتعاضه وتکاثر حسّاده ومنافسیه وما کان أکثر هؤلاء الحساد والمنافسین بلاشک إلّا من ذوی الأطماع وعباد المصالح الشخصیة والجاه الزائف ، ولکنهم معذلک لم ینالوا منه منالاً ولا استطاعوا أَن یزعزعوا من مرکزه الکبیر.
اُنظره یقول :
قد جری ذکری یوماً فی بعض المجالس العالیة ، والمحافل السامیة ، فبلغنی أنّ بعض الحضّار - ممن یدعی الوفاق وعادته النفاق ، ویظهر الوداد ودأبه العناد - جری فی میدان البغی والعدوان ، وأطلق لسانه فی الغیبة والبهتان ، ونسب إلیّ من العیوب ما لم تزل فیه ، ونسی قوله تعالی : ( أیحب أحَدکم أن یأکل لحم
ص: 45
أخیه ) (1)
فلما علم أنی علمت بذلک ، ووقفت علی سلوکه فی تلک المسائل ، کتب إلیّ رقعة طویلة الذیل ، مشحونة بالندم والویل ، یطلب فیها الرضا ، ویلتمس الإغماض عمّا مضی.
فکتبت الیه فی الجواب : جزاک الله خیراً فیما أهدیت إلیّ من الثواب ، وثَقّلت به میزان حسناتی یوم الحساب ، فقد روینا عن سید البشر ، والشفیع المشفع فی المحشر أنه قال :
( یجاء بالعبد یوم القیامة ، فتوضع حسناته فی کفة ، وسیاته فی کفة ، فترجح السیئات فتجیء بطاقة فتقع فی کفة الحسنات فترجح بها. فیقول : یارب ماهذه البطاقة؟!! فیقول عزّوجل : هذا ما قیل فیک وأنت منه بریء ).
فهذا الحدیث قد أوجب بمنطوقه علیّ أن أشکر ما أسدیته من النعم إلیّ ، فکثّر الله خیرک وأجزل مبرک.
مع أنی لو فرض أنّک شافهتنی بالسفاهة والبهتان ، وواجهتنی بالوقاحة والعدوان ، ولم تزل مصراً علی شناعتک لیلاً ونهاراً ، مقیماً علی سوء صناعت کسراً وجهاراً ، ما کنت اُقابلک إلا بالصفح والصفا ، ولا اُعاملک إلا بالمودة والوفاء ، فإنّ ذلک من أحسن العادات ، وأتم السعادات ، وإن بقیت مدة الحیاة اعز من أن تصرف فی غیرتدارک ما فات ، وتتمة هذا العمر القصیر لاتسمع مؤاخذة احد علی التقصیر(2)
نعم هذه أخلاق لومزجت بها البحر لعذب ماؤه طعماً.
وکان ذلک من بواعث تنغیص عیشه ، وتکدیر صفو حیاته أحیاناً ، وطالما نفّس عن کربه بالعزلة أو بالسیاحة والرحلة.
ص: 46
أدبه
إن شیخنا المصنف قدس سره علی توغله فی العلوم عامة ، وتسنّمه المناصب العالیة ، لم یکن تارکاً لحلبة الأدب نظماً ونثراً. یصف أدبه المدنی قائلاً :
« ... وأما أدبه فالروض المتأرج أنفاسه ، المتضوّع بنثره ونظمه ورده وآسه ، المستعذب قطافه وجناه ، والمستظرف لفظه ومعناه .. » (1)
لِمَ لایکون کذلک وهو « تسجیل حی لخواطر یعیشها الأدیب وتثیرها أمانی مضطرمة ، والام محمومة ، فینظمها لیؤدی بها خدمة انسانیة ، وواجباً أخلاقیاً إصلاحیاً بطریقة النقد البناء » (2)
نعم إن « شعره الحسن النائب مناب سلامة الرحیق ، فیه ماشئت من رقة الألفاظ ولطافة معان تتعلم منها السحر غمزات وألحاظ وتفنن » (3)
هذا وقد نظم الشیخ قدس سره باللغتین الفارسیة والعربیة فأجاد فیها وأفاد.
وأمّا نثره ، فهوکما قال المحبی :
« ... إذا طلعت أغصان أقلامه فی ریاض أدبه الجنیّة الغروس ، سجدتلها ، الأقلام سجدة الشکرفی محاریب الطروس ، فأقلام إفاداته لانسب باعیاء قط ، وصحائف فجره لم تسنن من حسود بنقط ... » (4)
مع کل هذا لم نجد لم دیوان شعرمجموع ، غیر أن شعره مبثوث فی کشکوله وغیره من مؤلفاته ، نعم جمع شعره بالعربیة الشیخ محمد رضا بن الشیخ الحر العاملی فی دیوان(5) ، ولم نعثر علیه.
ص: 47
وقد تجمع لدینا مجموع لابأس به ، نرجو التوفیق لجمع أکثر منه ونشره مع شرح قصیدته - التی هی من غررشعره - رائیته الشهیرة التی یمدح فیها الامام الحجة المنتظر صلوات الله علیه وعجل فرجه تناهز الخمسین بیتاً.
وهی :
سری البرق کل من نجد فجدد تذکاری
عهوداً بحزوی والعذیب وذی قار
وهیج من أشواقنا کل کامن
واجج فی احشائنا لاهب النار
ألا یا لییلات الغویر وحاجر
سقیت بهام من بنی المزن مدرار
ویا جیرة بالمأزمین خیامهم
علیکم سلام الله من نازح الدار
خلیلی مالی والزمان کأنما
یطالبنی فی کل وقت بأوتار
فابعد أحبابی واخلی مرابعی
وابدلنی من کل صفو بأکدار
وعادل بی من کان اقصی مرامه
من المجد أن یسمو إلی عشر معشاری
ألم یدر أنی لا اذل لخطبه
وإن سامنی بخسًا وارخص اسعاری
مقامی بفرق الفرقدین فما الذی
یؤثره مسعاه فی خفض مقداری
وانی امرؤ لا یدرک الدهر غایتی
ولا تصل الأیدی الی سر أغواری
اُخالط أبناء الزمل بمقتضی
عقولهم کی لا یفوهوا بانکار
واظهر انی مثلهم تستفزنی
صروف اللیالی باحتلاء وامرار
وانی ضاوی القلب مستوفز النهی
اسر بیسر أو امل باعسار
ویضجرنی الخطب المهول لقاؤه
ویطربنی الشادی بعود ومزمار
ویصمی فؤادی ناهد الثدی کاعب
باسمر خطار واحور سحار
وانی سخی بالدموع لوقفة
علی طلل بال ودارس احجار
وما علموا انی امرؤ لا یروعنی
توالی الرزایا فی عشی وابکار
إذ دک طور الصبر من وقع حادث
فطوراصطباری شامخ غیر منهار
وخطب یزیل الروع ایسر وقعه
کؤود کوخز بالأسنة سعار
تلقیته والحتف دون لقائه
بقلب وقور فی الهزاهز صبار
ووجه طلیق لا یمل لقاؤه
وصدر رحیب من ورود واصدار
ولم اُبده کی لا یساء لوقعه
صدیقی ویأسی من تعسره جاری
ص: 48
ومعضلة دهماء لا یهتدی لها
طریق ولایهتدی الی ضوئها الساری
تشیب النواصی دون حل رموزها
ویحجم عن اغوارها کل مغوار
اجلت جیاد الفکر فی حلباتها
ووجهت تلقاها صوائب انظاری
فابرزت من مستورها کل غامض
وثقفت منها کل قسور سوار
أأضرع للبلوی واغضی علی القذی
وارضی بما یرضی به کل مخوار
وافرح من دهری بلذة ساعة
واقنع من عیشی بقرص واطمار
إذ لا وری زندی ولا عز جانبی
ولا بزغت فی قمة المجد اقماری
ولا بل کفی بالسماح ولا سرت
بطیب احادیثی الرکاب واخباری
ولا انتشرت فی الخافقین فضائلی
ولاکان فی المهدی رائق اشعاری
خلیفة رب العالمین وظله
علی ساکنی الغبراء من کل دیار
هو العروة الوثقی الذی من بذیله
تمسک لا یخشی عظائم اوزار
امام هدی لاذ الزمان بظله
والقی الیه الدهر مقود خوار
ومقتدر لو کلف الصم نطقها
بأجذارها فاهت إلیه بأجذار
علوم الوری فی جنب ابحر علمه
کغرفة کف أو کغمسة منقار
فلو زار افلاطون اعتاب قدسه
ولم یعشه عنها سواطع انوار
رأی حکمة قدسیة لا یشوبها
شوائب انظار وادناس افکار
بإشراقها کل العوامل اشرف
لما لاح فی الکونین من نورها الساری
امام الوری طود النهی منبع الهدی
وصاحب سر الله فی هذه الدار
به العالم السفلی یسمو ویعتلی
علی العالم العلوی من غیر انکار
ومنه العقول العشر تبغی کمالها
ولیس علیها فی التعلم من عار
همام لو السبع الطباق تطابقت
علی نقض ما یقضیه من حکمه الجاری
لنکس من ابراجها کل شامخ
وسکن من افلاکها کل دوار
ولانتثرت منها الثوابت خیفة
وعاف السری فی سورها کل سیار
أیا حجة الله الذی لیس جاریاً
بغیر الذی یرضاه سابق اقدار
ویا من مقالید الزمان بکفه
وناهیک من مجد به خصه الباری
اغث حوزة الایمان واعمر ربوعه
فلم یبق منها غیر دارس آثار
ص: 49
وانقذ کتاب الله من ید عصبة
عصوا وتمادوا فی عتو واصرار
یحیدون عن آیاته لروایة
رواها أبو شعیون عن کعب الأحبار
وفی الدین قد قاسوا وعاثوا وخبطوا
بآرائهم تخبیط عشواء معسار
وانعش قلوباً فی انتظارک قرحت
واضجرها الأعداء أیة اضجار
وخلص عباد الله من کل غاشم
وطهر بلاد الله من کل کفار
وعجل فداک العالمون بأسرهم
وبادرعلی اسم الله من غیر انظار
تجد من جنود الله خیرکتائب
واکرم اعوان وأشرف انصار
بهم من بنی همدان اخلص فتیة
یخوضون اغمار الوغی غیر فکار
بکل شدید الباس عبل شمردل
الی الحتف مقدام علی الهول صبار
تحاذره الأبطال فی کل موقف
وترهبه الفرسان فی کل مضمار
أیا صفوة الرحمن دونک مدحة
کدر عقود فی ترائب ابکار
یهنا ابن هانی ان اتی بنظیرها
ویعنو لها الطائی من بعد بشار
الیک البهائی الحقیر یزفها
کغانیة میاسة القد معطار
تغار إذا قیست لطافة نظمها
بنفحة ازهار ونسمة اسحار
إذا رددت زادت قبولاً کانها
أحادیث تجد لا تمل بتکرار
وقد جاراها جمع وشرحها آخرون فممن جاراها :
العلّامة الأمیر السید علی بن خلف المشعشعی الحویزی (1)بقصیدة مطلعها :
هی الدار ما بین العذیب وذی قار
عنت غیر سحم ما ثلات وأحجار
ص: 50
والعلّآمة الشیخ جعفر بن محمد الخطی المعاصرللشیخ البهائی إجتمع معه فی اصفهان فانشده الشیخ رائیته طالباً منه مجاراتها ، فطلب الشیخ الخطی تاجیله ثلاثة أیام ثم لم یرتض ذلک لنفسه فقام فی المجلس مرتجلاً قصیدته العصماء التیأولها :
هی الدار تستسقیک مدمعک الجاری
فسقیاً فخیر الدمع ما کان للدارِ
ومنهم الشاعر الفذ الفاضل علی بن زیدان العاملی المتوفی 1260 بمعرکة ( جنوب لبنان ) جاری قصیدة الشیخ بعصماء أولها :
حنانیک هل من وقفة أیها الساری
علی الدار فی حکم الصبابة من عارِ؟
وممن شرحها :
الشیخ أحمد بن علی المنینی الدمشقی وطبع الشرح آخر الکشکول فی الطبعة المحرفة المصریة.
ومنهم العلّامة الجلیل حجة البحث والتأریخ الشیخ جعفر النقدی قدس سره وبکتابه الذی أسماه منن الرحمان.
یقع بجزءین طبع فی النجف الأشرف سنة 1344 فی المطبعة المرتضویة ، والان قید التحقیق نأمل من العلی القدیر التوفیق لإ تمامه.
ص: 51
مؤلفاته وآثاره
ممّا لاشک فیه أن تأریخ العلم ومعاجم التراجم تحفل بذکر عدد کبیر من علماء المسلمین ، منهم من نراه قد اقتصرعلی فنّ من فنون المعرفة ، أوعالم من علوم الشریعة ؛ ومنهم من انقطع لعلوم الدنیا لاغیر ، وکل منهم عاش إطارفنه وعلمهوما کتبه فیه.
ولکن نری الشیخ البهائی قدس سره جمع من العلوم أکثرها ، واختص بکتابة المختصرات الحاویة لعصارة مجلدات وتفوق فیها.
فنراه فقیهاً مع الفقهاء ، محدّثاً مع أهل الحدیث ، مفسّراً مع المفسرین ، أدیبا مع الاُدباء ، وریاضیاً وفیلسوفاً مع أصحاب التعالیم ، وو وو ... وإنّ قسماً من آثاره فی الریاضیات والفلک لازالت مرجعاً لکثیرین من علماء المشرق والمغرب ومعیناً یرتشف منه طلاب المدارس والجامعات وعلوم الدین.
وما ذاک إلا لأنه « زین بمآثره العلوم العقلیة والنقلیة ، وملک بذهنه جواهرها السنیة ، لا سیّما الریاضیات فانّه راضها وغرس فی حدائق الألباب ریاضها » (1)
إذن هو بحق مشارک عجیب فی جمیع ألوان الصرفة والعلوم من عقلیة ونقلیة ، وقد وفق فی أغلب ما کتبه ، بدلیل ما نراه من اهتمام العلماء فی شرحکتبه وآثاره ، وفعالیتها مع مرور الزمن ، وبقاؤها جدیدة طریفة.
عزیزی القارئ کنا قد هیّئنا سرداً لما عثرنا علیه من أسماء مؤلفات الشیخ وشروحها وما علق علیها ، وحیث اقترح علینا بعض الفضلاء إلحاقها بأمکنة وجود المخطوط منها وبیان المطبوع ، ارتأینا إرجاء نشرها حیث لنا موعد مع الشیخ المصنف فی شرح قصیدته ( سری البرق ) فإلی هناک آملین منها الدعاء بالتوفیق للوصول للمأمول.
ص: 52
وفاته
کما اختلف المؤرخون فی ولادته ومحلها ، فقد اختلفوا فی سنة وفاته ، ویومها دون محلها.
اذ من الثابت أنها کانت فی أصفهان ، فی الثانی عشر او الثامن عشر من شهر شوال.
أما السنة فهناک أقوال خمسة هی :
1 - أنها کانت سنة 1029 ، ومستنده التاریخ الذی صنعه الشیخ صالح البحرانی ، المعاصر للسید الجزائری وهو :
بدر العراقین خبا ضوؤه
ونیّر الشام وبدر الحجاز
أردت تاریخاً فلم أهتد
له فاُلهمت قل : ( الشیخ فاز ) (1)
ویدفعه وجود نسخة من الإثنی عشریات الخمس بخط تلمیذه محمد هاشم الاتکانی فرغ منها فی شوال 1029 ، وعلیها إجازة للشیخ البهائی فی العشر الأوسط من أول ربیعی1030 ، وفی آخر الصلاتیة بلاغ مؤرخ فی العشر الأول من شهر رجب من عام 1030 (2)
2 - کونها سنة 1030 ، وهو المنقول عن جمع ، منهم تلمیذه ومصاحبه السیدحسین بن السید حیدر بن الحسینی الکرکی حیث یقول علی ما حکی عنه : « وتوفی قدس الله روحه - الشیخ البهائی - فی أصفهان فی شهر شوال سنة ألف وثلاثین وقعت رجوعنا من زیارة بیت الله الحرام » (3)
وقد تساءل المحقق الحجة السید المهدی من آل الخرسان فی مقدمته عن هذه الزیارة وماهیتها قائلاً :
ص: 53
« أهی عمرة رمضانیة؟ أم هی حج؟ ولا یکون الرجوع منه فی شوال. أم أنّها کانت فی سنة 1029 ولم یصرح به أحد »؟ (1)
والذی یبعد احتمال سفر الشیخ أساساً هو ما عثرعلیه من کتب کان أوقفها علی الروضة المقدسة الرضویة ، وإجازات أجازها لتلامذته وغیرهم فی هذه الفترة وهی آواخرسنة 1029 وأوائل 1030.
نعم عود الضمیر فی قول السید الکرکی « رجوعنا » کان سبباً فی عدم وضوح الکلام إذ اخذ متکلماً مع الغیر.
ولکن أخذه للمتکلم لوحده بقصد التعظیم - ولا مانع منه إذا عُرف مقام المتکلم - یصیّر الزیارة زیارته هو ، ولا بد أنّها کانت سنة 1029 فیصح ما نقل عنه.
ویؤیده ما ذکره الخونساری فی روضاته : من أنه رای فی بعض التعلیقات القدیمة علی کتاب توضیح المقاصد للشیخ البهائی أنّه توفی ثانی عشر شوال سنة 1030 وتاریخه بالفارسیة :
بی سر وپا گشت شرع
وأفسر فضل اُوفتاد (2)
وممن ذهب إلی أنّها فی سنة 1030 تلمیذه المولی المجلسیّ الأول حیث یقول : ومات سنة 1030 فی اصفهان ونقل جثمانه إلی مشهد الامام الرضا (3)
والشیخ القمی فی هدیته وضبطه بقوله : « تلخ » (4)
والنصر آبادی فی تذکرته (5)
ص: 54
وبه جزم جمع منهم محمد قاسم بن مظفر المنجم المعاصرللشیخ البهائی فی کتابه التنبیهات (1)
والمنشئ فی کتابه تاریخ عالم آرا ، حیث ضبط الوفاة فی حوادث عام 1030 وقال ما ترجمته : ( توفی یوم الثلاثاء 12 شوال سنة 1030 ) ، ولکنه بُعید ذلک ینقل تاریخین :
أحدهما ، بعد حسابه یکون 1030 ، وهو التاریخ الذی صنعه محمد صالح ابن اخ المنشئ وهو : ( أفسوس زمقتدای دوران ) - والثانی : 1031 (2) وهوإمّا غفلة أو لیظهر التردید ، ومنه بعید.
والتفرشی فی نقده (3)
3 - أنّها کانت سنة1031. والیه مال جمع منهم المحبّی فی خلاصته (4) والسید المدنی فی سلافته وحدائقه (5) واقدم منهما معاصر الشیخ وتلمیذه نظام الدین الساوجی متمّم الجامع العباسی (6)ومن هنا یتصف هذا القول بنحومن القوة والشیخ یوسف البحرانی فی لؤلؤته (7)وآخرون.
ص: 55
ویؤیده التاریخ الذی وضعه اعتماد الدولة میرزا ابوطالب حیث یقول : فیه : ( شیخ بهاء الدین وای ) (1)، وبحسابه الأبجدی یکون 1031. وهو الظاهر من زبدة المقال وشرحها حیث جاء فیها :
وابن الحسین سبط عبد الصمد
بهاء دیننا جلیل أوحدی
حاز العلوم کلها واستکملا
وعمره : ملح ، توفی فی : غلا(2)
والیه مال القمی فی کناه (3)والشیخ الطهرانی فی مصفی المقال (4)
4 - أنها کانت سنة 1032 والیه ذهب صاحب ریاض العارفین (5)
5 - کونها سنة1035 وقد نسبه فی الأمل الی مشایخه (6)، وهو بعید. وقد نقل فی الروضات عن الأمل أنه سمع من المشایخ أنّها کانت سنة ثلاثین بعد الألف (7)، ولعله فی الأمل من تصحیفات النسخة ومنه سرت الی الباقین (8)
الرأی المختار
وعلی أیة حال فان المعتمد المشهور هو القول الثانی ، أی أنّ وفاة الشیخ قدس سره کانت سنة 1030 ، لقوة القرائن والمصادر الذاهبة إلیه المعاصرة له.
عمره الشریف :
وأمّا سنی عمره الشریف فهی بعد ذلک معلومة ، اذ هی علی المختار 77سنة.
بناء علی أنّ ولادته کانت سنة 953 کما هو الحق المشهور.
وأمّا بناء علی أنّها سنة 951 فیکون عمره الشریف : 79 سنة.
ص: 56
ومهما یکن من أمر - کما عرفت - فإن الشیخ لبّی نداء ربه الکریم فی مدینة أصفهان .. یصف الشیخُ المولی المجلسی الأول الصلاة علیه قائلاً : « تشرّفت بالصلاة علیه فی جمیع الطلبة والفضلاء وکثیر من الناس ، یقربون من خمسین ألف » (1)
ونقل جثمانه الشریف الطاهر إلی مرقده الأخیر فی مشهد الإمام الرضا علیه آلاف التحیّة والثناء ، لیدفن فی داره المجاورة للحرم الشریف وتصبح فیما بعد جزءاً منه کما هو المشاهد الیوم ، حیث یمرّمن عنده آلاف الزائرین مترحّمین علی ذلک الذی کان اُمّة لوحده .. اُمّة فی کل شیء.
فسلام علیه یوم ولد ، ویوم مات ، ویوم یبعث حیّاً.
ولیکن هذا آخرما نورده فی هذه المقدّمة ، والحمد لله رب العالمین أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً ، وصلّی الله علی سیدنا محمد النبی واله الطیّبین الطاهرین.
ص: 57
منهج التحقیق
اعتمدت فی عملی علی نسخة الأصل ، التی هی بخطّ المصنّف قدس سره ، والتی أرشدنی إلیها سماحة العلامة المتتبّع السید عبدالعزیز الطباطبائی دام مجده مشکوراً ، بعد أن کدت أتیه فی بحر اختلافات أربع نسخ - محفوظة فی خزانة المکتبة الرضویة العامرة - لما فی الرسالة من بحوث فی الهیئة ، وغیرها ، ممّا تحتاج إلی مقدّمات لاتعزب عن القارئ المطلع ، ولما فیها من أخطاء.
والنسخة المعتمدة محفوظة فی خزانة المکتبة المرکزیة لجامعة طهران العامرة برقم «1» ، فاعتمدتها أصلاً للعمل ، کما هو المتّبع مع نسخة المصنّف لدی العثور علیها عادة.
والنسخة هی بطول 31 سنتمتر ، وعرض 5 / 20 سنتمتر ، وتحوی کل صفحة 21 سطراً ، و 15 کلمة فی کل سطرتقریباً. ومجموعها 33 ورقة.
وخطّها نسخ وتاریخها سنة 1003.
وهی السنة الی تشرف فیها لزیارة العتبات المقدّسة فی العراق وکان فی هذا التأریخ فی مدینة الکاظمیة المقدسه لزیارة مرقد الإمامین الکاظمین علیهاالسلام .
وکان عملی فیها کالآتی :
1 - توزیع النصّ وضبطه بصورة صحیحة کما یراه القارئ العزیز.
2 - توزیع الأعلام الواردة فی الرسالة.
3 - شرح ما لعله بحاجة إلی شرح.
4 - إثبات جمیع ما علی النسخة من هوامش فی محلّها.
5 - إرجاع الأقوال إلی المصادر المنقولة عنها.
6 - إرجاع الأحادیث إلی المصادر الحدیثة الاُمّ.
7 - الاشارة إلی موارد الآیات الکریمة.
8 - عمل الفهارس الفنّیة اللازمة للرسالة.
ص: 58
شکر وتقدیر
وأنا أختم مقدّمتی هذه أری لزاماً علیَّ أن أشکر الذوات الّذین ساعدونیفی عملی هذا ، ومنهم :
سماحة آیة الله الشیخ حسن حسن زاده الآملی ، علی مراجعته الکتاب ونقده له.
فضیلة الأخ الکبیر الاُستاذ أسد مولوی ، لما لمست لدیه من طیبة ومحبّة ، حیث کان لی خیرِمعین ومرشد فی مراحل العمل.
ولما تبذله مؤسسة آل البیت علیهم السلام لإحیاء التراث من جهودمشکورة فی مجال عملها الذی لایعلم بما تتحمّله فی سبیل أداء رسالتها إلآ الله العلی القدیر.
ولما بَذَلَتْه لکی تری هذه الرسالة النور.
فلها منّی ومن کل المعنیین بتراث أهل البیت علیهم السلام جمیل الشکروالتقدیر.
قم
9 / ربیع الأول / 1410
ص: 59
تصویر
ص: 60
تصویر
ص: 61
ص: 62
تصویر
ص: 63
ص: 64
بسم الله الرحمن الرحیم
وبه الاستعانة
نحمدک یا من أَطلع فی فلک الهدایة شمس النبوة ، وقمر الولایة ، ونصلی علی قطب مداره وآله ، أهلّة سماء الإهتداء ، ونسلّم تسلیماً کثیراً. وبعد :
فیقول أقل الخلائق محمد المشتهر بهاء الدین العاملی عامله الله بإحسانه : هذه الحدیقة الثالثة والأربعون من کتابنا الموسوم بحدائق الصالحین فی شرح صحیفة مولانا وإمامنا قبلة أهل الحق والیقین علی بن الحسین زین العابدین سلام الله علیه وعلی آبائه الطاهرین ، تتضمن شرح الدعاء الثالث والأربعین ، وهودعاؤه علیه السلام عند الاستهلال أملیتها مع وفور الملال ، لتوزع البال ، واختلال الحال ، راجیاً من الله تعالی أن یوفقنی لإِکمال بقیة الحدائق ، إنَّه مفیض الخیر وملهم الحقائق. وکان من دعائه علیه السلام إذا نظر إلی الهلال :
سمّی هلالاً لجریان عادتهم برفع الأصوات عند رؤیته ، مأخوذ من الإهلال ، وهو رفع الصوت ، ومنه قولهم : أَهلّ المعتمر ، إذا رفع صوته بالتلبیة ، واستهل الصبی إذا صاح عند الولادة.
وقد اضطربوا فی تحدید الوقت الذی یسمّی فیه بهذا الاسم ، فقال فی
ص: 65
« الصحاح » : الهلال أول لیلة ، والثانیة والثالثة ، ثمّ هو قمر (1)
وزاد صاحب القاموس فقال [4 / أ] : الهلال غرة القمر ، أو إلی لیلتین ، أوإلی ثلاث ، أو إلی سبع ، وللیلتین من آخر الشهر ستّ وعشرین وسبع وعشرین ، وفی غیرذلک قمر (2)إنتهی.
قال الشیخ الجلیل أبو علی الطبرسی (3) نور الله مرقده - فی تفسیره الموسوم بمجمع البیان عند قوله تعالی : ( یَسْأَلُونَکَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِیَ مَوَاقِیتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ )(4) : اختلفوا فی أنه إلی کم یسمّی هلالاً ، وإلی کم یسمی قمراً؟.
فقال بعضهم : یسمّی هلالاً للیلتین من الشهر ، ثمّ لا یسمّی هلالاً إلی ان یعود فی الشهر الثانی.
وقال آخرون : یسمّی هلالاً ثلاث لیال ، ثمّ یسمّی قمراً.
وقال آخرون : یسمّی هلالاً حتی یحجّر ، وتحجیره أن یستدیر بخیط دقیق ؛ وهذا قول الأصمعی (5)
ص: 66
وقال بعضهم : یسمّی هلالاً حتی یبهر ضوؤه سواد اللیل ، ثم یقال قمراً ، وهذا یکون فی اللیلة السابعة (1)إنتهی کلامه زید إکرامه.
ولا یخفی أن قوله - وهذا یکون إلی آخره - یخالف بظاهره (2) قول صاحب القاموس « أو إلی سبع » ، ووجه التوفیق بینهما غیرخفّی(3)
قالوا : وإنّما یسمی بعد الهلال قمراً لبیاضه ، فإن الأقمر هو الأبیض (4)
وقیل : لأنَّه یقمر الکواکب ، أی یغلبها بزیادة النور.
ویسمّی فی اللیلة الرابعة عشرة بدراً ، قال فی الصحاح : سمّی بذلک لمبادرته الشمس فی الطلوع کأنه یعجلها المغیب (5)
وقال بعضهم : سمی بدراً لکماله ، تشبیهاً له بالبدرة الکاملة وهی عشرة آلاف درهم(6)
البصری ، عالم لغوی ، راویة لشعر ألعرب ، لقب بشیطان الشعر ، یحفظ عشرة آلاف ارجوزة ، روی عن سلیمان التمیمی ، وأبی عمرو بن العلا ، ومسعر بن کدام ، وسلمة بن بلال ، وکثیرغیرهم ؛ وعنه حدث أبو عبید ، ویحیی بن معین ، وإسحاق الموصلی ، وسلمة بن عاصم ، وأبوحاتم السجستانی ، وأبو العیناء ، وخلق کثیر. کان قلیل الروایة للحدیث ، مکثر التألیف ، له : الإبل ، الأضداد ، خلق الانسان ، المترادف ، الفرق ، الشاء ، الوحوش وغیرها. مات سنة 216 ه- = 831 م.
انظر : تاریخ بغداد 10 : 410 ت 5576 / الأنساب : 42 ، أ / وفیات الأعیان 3 : 170 ت379 / میزان الاعتدال 2 : 662 ت 5240 / مرآة الجنان 2 : 64 / طبقات القراء 1 : 470 ت 1965 / تهذیب التهدیب 6 : 368 ت 771 / بغیة الوعاة 2 : 112 ت 1573 / سیرأعلام النبلاء 10 : 175ت 32 / أخبارأصفهان 2 : 130.
ص: 67
مقدمة :
لا ریب فی استحباب الدعاء عند رؤیة الهلال ، تأسیاً بالنبی صلی الله علیه و آله ، وقد فعله أمیر المؤمنین علیه السلام ، والأئمة من ولده سلام الله علیهم (1) [4 / ب]
وذهب ابن أبی عقیل (2) رحمه الله إلی وجوب الدعاء عند رؤیة هلال شهررمضان(3)
وهو قول نادر لا نعلم له فیه موافقاً ، وربما حمل قوله بالوجوب علی إرادة تأکید الاستحباب صوناً له عن مخالفة الجمهور.
والدعاء الذی أوجبه هو هذا :
« الحمد لله الذی خلقتی وخلقک ، وقدَّر منازلک ، وجعلک مواقیت للناس ؛ اللّهمّ أهلّه علینا إهلالاً مبارکاً ؛ اللهم أدخله علینابالسلامة والإسلام ، والیقین والإیمان ، والبر والتقوی ، والتوفیق لما
ص: 68
تحبّ وترضی ».
وکأنَّه - قدّس الله روحه - وجد الأمر بهذا الدعاء فی بعض الروایات فحمله علی الوجوب ، کما هو مقرر فی الأُصول ، ولم یلتفت إلی تفرده بین الأصحاب رضوان الله علیهم بهذا الحکم.
وهذا کحکمه - رحمه الله - بعدم انفعال الماء القلیل بملاقاة النجاسة ما لم یتغیر(1) ولا یعرف به قائل ، من أصحابنا رضی الله عنهم ، سواه.
وحسن الظن به - أعلی الله قدره - یعطی أنه لم ینعقد فی عصره إجماع علی ما یخالف مذهبه فی المسألتین ، أو أنَّه انعقد ولم یصل إلیه ، والله أعلم بحقیقة الحال. تتمّة :
یمتد وقت الدعاء بامتداد وقت التسمیة هلالاً ، والأولی عدم تاخیره عن الاُولی ، عملاً بالمتیقن المتفق علیه لغة وعرفاً. فإن لم یتیسَّر فعن الثانیة؟ لقول أکثر أهل اللغة بالامتداد إلیها ؛ فإن فاتت فعن الثالثة ؛ لقول کثیر منهم بانّها آخرلیالیه.
وأما ما ذکره صاحب القاموس ، وشیخنا الشیخ أبو علی رحمه الله - من إطلاق الهلال علیه إلی السابعة - (2) فهو خلاف المشهور لغة وعرفاً ، وکأنَّه مجاز ، من قبیل إطلاقه علیه فی اللیلتین الأخیرتین ، والله أعلم.
ص: 69
تبصرة :
حکم العلّامة(1)أعلی الله مقامه - باستحباب الترائی للهلال لیلتی الثلاثین من شعبان وشهررمضان علی الأعیان ، وبوجوبه فیهما علی الکفایة.
واستدلَّ - طاب ثراه علی الوجوب - بأن الصوم [5 / ] واجب فی أول شهررمضان ، وکذا الإفطار فی العید ، فیجب التوصل إلی معرفة وقتهما ، لأنَّ ما لایتم الواجب إلَّا به فهو واجب (2)هذا کلامه زید إکرامه.
وأقول : للبحث فیه مجال ، لأنَّه إنَّما یجب صوم ما یعلم أو یظنّ أنّه من شهر رمضان ، لا ما یشک فی کونه منه ، وهکذا إنما یجب إفطار ما یعلم أو یظنّ أنَّه العید ، لا ما یشکّ فی أنه هو(3)، کیف والأغلب فی الشهر أن یکون تامّاً(4)کما یشهد به التتبع؟!.
ص: 70
هدایة :
الأدعیة المأثورة عند النظر إلی الهلال کثیرة ، فبعضها یعمّ کلّ الشهور ، وبعضها یختص بشهر رمضان.
فمن القسم الأول :
ما رواه الشیخ الصدوق ، عماد الإسلام ، محمد بن علی بن بابویه (1)رحمه الله فی کتاب من لا یحضره الفقیه ؛ ورواه أیضا شیخ الطائفة ، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسی(2) عطر الله تربته ، فی کتاب تهذیب الأخبار ، ومصباح المتهجد ، عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قال : « إذا رأیت الهلال فلا تبرح ، وقل :
( اللهم إنی أسألک خیر هذا الشهر ، وفتحه ونوره ، ونصره ، وبرکته ، وطهوره ورزقه ؛ وأسألک خیر ما فیه وخیر ما بعده ، وأعوذ
ص: 71
بک من شر ما فیه وشر ما بعده ؛ اللهم أدخله علینا بالأمن والإیمان ، والسلامة والإسلام والبرکة ، والتوفیق لما تحب وترضی ) »(1)
ومنه ما رواه الشیخ الصدوق أیضاً ، فی کتاب عیون أخبار الرضا علیه السلام ، عن أمیر المؤمنین علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا رأی الهلال قال : « أیها الخلق المطیع ، الدائب السریع ، المتصرف فی ملکوت الجبروت بالتقدیر ، ربی وربک الله. أللهم أهلّه علینا بالأمن والإیمان ، والسلامة والإسلام والإحسان ، وکما بلَّغتنا أوله فبلّغنا آخره ، واجعله شهراً مبارکاً ، تمحو فیه السیئات ، وتثبت لنا فیه الحسنات ، وترفع لنا فیه الدرجات ، یا عظیم الخیرات ) »(2)
ومنه ما أورده السید الجلیل الطاهر ، ذو المناقب والمفاخر ، رضی الدین علی بن طاووس (3) قدس الله نفسه ، ونوّر رمسه ، فی کتاب الزوائد
________________________
جمع منهم ولده ، وابن شهر آشوب ، وابن البراج ، وحسکا ، وأبو الصلاح ، والطبری ، والآبی ، والطرابلسی ، توفی سنة 460 ه- = 1067 م ودفن بداره فی النجف الأشرف.
انظر : البدایة والنهایة 12 : 97 / لسان المیزان 5 : 135 رقم 452 / الکامل 10 : 24 / المنتظم 8 : 173 / جامع الرواة 2 : 92 / مقابیس الأنوار : 4 / معالم العلماء : 114 رقم 766 / تنقیح المقال 3 : 104 رقم 80563 / الخلاصة : 148 رقم 46 / رجال النجاشی : 403 رقم 1068 / الفهرست للطوسی : 159 رقم 699.
ص: 72
والفوائد (1)وهو أن یقول عند رؤیته [ 6 / ] : « ربی وربک الله رب العالمین. اللهمَّ صلّ علی محمد وآل محمد ، وأهله علینا وعلی أهل بیوتاتنا ، وأشیاعنا بأمن وإیمان ، وسلامة وإسلام ، وبرّ وتقوی ، وعافیة مجللة ، ورزق واسع حسن ، وفراغ من الشغل ، واکفنا بالقلیل من النوم ، ووفقنا للمسارعة فیما تحب وترضی وثبتنا علیه ؛ اللهم بارک لنا فی شهرناهذا ، وارزقنا برکته وخیره ، وعونه وغُنمه ، ونُوره ویُمنه ، ورحمته ومغفرته ، واصرف عنَّا شره وضره ، وبلاءه وفتنته ؛ اللهمّ ما قسمت فیه من رزق أو خیر أو عافیة أو فضل ، أو مغفرة أو رحمة فأجعل نصیبنا منه الاکثر ، وحظّنا فیه الأوفر » (2)
ومنه ما أورده أیضاً فی الکتاب المذکور وهو أن یقول عند رؤیته :
« الله أکبر - ثلاثا - ربی وربک الله لا إله إلَّا هو رب العالمین ،
________________________
12 : 188 / الأعلام 5 : 26 / معجم المؤلفین 7 : 248 وغیرها.
ص: 73
الحمد لله الذی خلقنی وخلقک ، وقدّرک منازل ، وجعلک ایة للعالمین ، یباهی الله بک الملائکة ؛ الّلهم أهله علینا بالأمن والإیمان ، والسلامة والإسلام ، والغبطة والسرور ، والبهجة والحبور ، وثبتنا علی طاعتک ، والمسلارعة فیما یرضیک ؛ اللهم بارک لنا فی شهرناهذا ، وارزقنا خیره وبرکته ، ویمنه وعونه وقوته ، واصرف عناشره وبلاءه وفتنته ، برحمتک یا أرحم الراحمین » (1)
ومن القسم الثانی :
ما رواه رکن الملة ، ثقة الإسلام ، محمد بن یعقوب الکلینی (2)سقی الله ضریحه صوب الرضوان - فی کتاب الکافی ؛ ورواه آیة الله العلَّآمة طاب ثراه فی التذکرة ، ومنتهی المطلب ؛ عن الإمام أبی جعفر محمد بن علی الباقر علیه السلام قال : « کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذا أهل شهررمضاناستقبل القبلة ورفع یدیه فقال : ( الّلهمّ أهلّه علینا بالأمن والإیمان ، والسلامة والإسلام والعافیة المجللة ، والرّزق الواسع ، ودفع الأسقام ؛ اللهمّ ارزقنا صیامه وقیامه وتلاوة القرآن فیه ، وسلّمه لنا ،
ص: 74
وتسلّمه منّا ، وسلّمنا فیه ) (1).
ومنه ما أورده الشیخ الصدوق طاب ثراه فی کتاب من لا یحضره الفقیه أیضاً ، نقلا عن أبیه رضی الله عنه فی الرسالة - وذکر السید الجلیل الطاهر المشار إلیه [7 / ] أنّه مروی عن الصادق علیه السلام - قال : إذا رأیت هلال شهر رمضان فلا تشر إلیه ، ولکن استقبل القبلة وارفع یدیک إلی الله عزّ وجلّ وخاطب الهلال ، وقل : « ربی وربک الله رب العالمین ؛ اللّهمّ أهلّه علینا بالأمن والإیمان ، والسلامة والإسلام ، والمسارعة إلی ما تحب وترضی ؛اللّهمَّ بارک لنا فی شهرنا هذا ، وارزقنا عونه وخیره ، واصرف عنّاضرّه وشرّه ، وبلاءه وفتنته » (2). تنبیه :
یستفاد من هذه الروایات بعض الآداب التی ینبغی مراعاتها حال قراءة الدعاء عند رؤیة الهلال :
فمنها : أن تکون قراءة الدعاء قبل الانتقال من المکان الذی رأی فیه الهلال ، کما تضمنته الروایة الأول ، فإن قوله علیه السلام « لا تبرح » أی لا تَزُل عن مکانک الذی رأیته فیه (3).
ومنها : استقبال القبلة حال الدعاء ، کما تضمنه الحدیث المروی عن رسول الله صلی الله علیه و آله من أنَّه کان یفعل ذلک (4).
ومنها : رفع الیدین إلی الله عزَّ وجلَّ وقت قراءة الدعاء ، کما تضمنه الحدیثان الأخیران (5).
ص: 75
ولا خصوصیة لهذین الأمرین بهلال شهر رمضان ، وإن تضمن الخبران انّ فعل النبی صلی الله علیه و آله ذلک کان فی هلاله ، وکذلک أمر الصادق علیه السلام بذلک ، بل لا خصوصیة لهما بدعاء الهلال ، فانهما یعمّان کلدعاء [ 8 / ].
ومنها : أن لا یشیر إلی الهلال بیده ولا برأسه ، ولا بشیء من جوارحه ، کما تضمنته الروایة الأخیرة(1) ولعلّ هذا أیضا غیرمختص بهلال شهر رمضان.
ومنها : أن یخاطب الهلال بالدعاء ، ولعل المراد خطابه بما یتعلق به من الألفاظ ، نحو « ربی وربک الله رب العالمین » وکأوَّل الدعاء الذی أوجبه ابن أبی عقیل رحمه الله (2) وکاکثر ألفاظ هذا الدعاء الذی نحن بصدد شرحه.
وقد یُظنّ التنافی بین مخاطبة الهلال واستقبال القبلة فی البلاد التی قبلتها علی سمت المشرق.
ولیس بشیء ، لأنَّ الخطاب لیس إلَّا توجیه الکلام نحو الغیر للإفهام ، وهو لا یستلزم مواجهة المخاطب واستقباله ، إذ قد یخاطب الإنسان من هو وراءه.
ویمکن أن یقال : استقبال الداعی الهلال وقت قراءة ما یتعلق بمخاطبته من فصول الدعاء ، واستقبال القبلة فی الفصول الاُخر.
وأما رفع الیدین فالظاهر أنَّه فی جمیع الفصول ، وإن کان تخصیصه بما عدا الفصول المخاطب بها الهلال غیر بعید ، والله أعلم. تذکرة فیها تبصرة :
قد عرفت أنَّه یمتد وقت الدعاء بامتداد وقت التسمیة هلالاً ، ولو قیل بامتداد ذلک إلی ثلاث لیال لم یکن بعیدا ، فلو نذر قراءة دعاء الهلال عند
ص: 76
رؤیته ، وقلنا بالمجازیة فیما فوق الثلاث [9 / أ] ، لم تجب علیه القراءة برؤیته فیما فوقها ، حملاً للمطلق علی الحقیقة ؛ وهل تشرع؟ ألظاهر نعم إن رآه فی تتمة السبع ، رعایة لجانب الاحتیاط ، أما فیما فوقها فلا ، لأنه تشریع.
ولو رآه یوم الثلاثین فلا وجوب علی الظاهر لعدم تسمیته حینئذٍ هلالاً.
وما فی حسنة حماد بن عثمان (1)عن الصادق علیه السلام من إطلاق إسالهلال علیه قبل الغروب (2)لعله مجاز ، إذ الأصل عدم النقل.
ولو لم یره حتی مضت الثلاث فاتفق وصوله إلی بقعة شرقیة هو فیها هلال فرآه هناک لم یبعد القود بوجوبه علیه حینئذٍ ، کما لا یبعد القول بوجوب الصوم علی من رأی هلال شهر رمضان فصام ثلاثین ثم سافر إلی بلد مضی فیه من شهررمضان تسعة وعشرون ولم یُر فیه الهلال لیلة الثلاثین ، وهو مختار العلامة طاب ثراه فی القواعد(3)
وقد استدلَّ علیه - ولده فخر المحققین (4) رحمه الله فی الإیضاح بأنَّ
ص: 77
الاعتبار فی الأهلَّة بالموضع الذی فیه الشخص ألآن لا بموضع کان یسکنه ، وإلاَّ لوجب علی الغائب عن بلده الصوم برؤیة الهلال فی بلده ، وهو باطل إجماعاً(1)، هذا ملخص کلامه.
وأقول : فیه بحث ، فإنَّ من اعتبر موضعاً کان یسکنه لم یعتبره من حیث سبق سکناه فیه ، بل من حیث رؤیته الهلال فیه سابقأ ، فکلّفه العمل بمقتضی تلک الرؤیة ، فمن أین یلزمه وجوب الصوم علی الغائب عن بلده برؤیة غیره الهلال فیه؟! فتأمل. بسط کلام لإبراز مرام :
تحقق أمثال هذه المسائل المبنیة علی تخالف الآفاق فی تقدم طلوع الأهلّة وتأخرها ظاهر ، بناء علی ما ثبت من کرویة الأرض ، والذین أنکروا کرویتها فقدأنکروا تحققها ، ولم نطلع لهم علی شبهة فی ذلک فضلا عن دلیل.
والدلائل الآتیة المذکورة فی المجسطی (2)- وغیره - شاهدة بکرویتها ، وان کانت شهادة الدلیل الّلمِّی المذکور فی الطبیعی مجروحة [9 / ب].
وقد یتوهم أن القول بکرویّتها خلاف ما علیه أهل الشرع ، وربّما استند ببعض الآیات الکریمة کقوله تعالی : ( الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ
ص: 78
فِرَاشاً ) (1)وقوله سبحانه : ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ) (2)وقوله جلَّ شأنه : ( وَإِلَی الْأَرْضِ کَیْفَ سُطِحَتْ ) (3) ، وأمثال ذلک ، ولا دلالة فی شیء منها علی ما ینافی الکرویة.
قال فی الکشّاف عند تفسیر الایة الاُولی ، فإن قلت : هل فیه دلیل علی أنّ الأرض مسَّطحة ولیست بکرّیة؟.
قلت : لیس فیه إلَّا أنَّ الناس یفتر شونها کما یفعلون بالمفارش ، وسواءکانت علی شکل السطح أو شکل الکرة فالافتراش غیر مستنکر ولا مدفوع؛ لعظم حجمها ، واتساع جرمها ، وتباعد أطرافها. وإذا کان متسهّلاً فی الجبل وهو وتد من أوتاد الأرض ، فهو فی الأرض ذات الطول والعرض أسهل (4)إنتهی کلامه.
وقال (5)فی التفسیر الکبیر : من الناس من یزعم أنَّ الشرط فی کون الأرض فراشاً أن لا تکون کرة ، فاستدلَّ بهذه الایة علی أن الأرض لیست کرة ، وهذا بعید جدا ، لأنَّ الکرة إذا عظمت جداً کان کل قطعة منها کالسطح (6)انتهی.
وکیف یتوهم متوهم أن القول بکرویة الأرض خلاف ما علیه أهل الشرع!! وقد ذهب إلیه کثیرمن علماء الإسلام ، وممن قال به صریحاً من فقهائنا - رضوان الله علیهم - العلّامة آیة الله ، وولده فخر المحققین قدس سرهما.
ص: 79
قال العلامة فی التذکرة : إنَّ الأرض کرة ، فجاز أن یری الهلال فی بلد ولا یظهر فی آخر ؛ لأنَّ حدبة الأرض مانعة لرؤیته ، وقد رصد ذلک أهل المعرفة ، وشوهد بالعیان خفاء بعض الکواکب الغربیّة لمن جد فی السیرنحو المشرقوبالعکس (1) إنتهی کلامه زید إکرامه [10 / أ].
وقال فخر المحقّقین فی الإیضاح : الأقرب أنَّ الأرض کرویة؟لأنَّ الکواکب تطلع فی المساکن الشرقیة قبل طلوعها فی المساکن الغربیة ، وکذا فی الغروب.
فکلّ بلد غربب بَعُد عن الشرقی بألف میل یتأخر غروبه عن غروب الشرقی بساعة واحدة.
وإنَّما عرفنا ذلک بأرصاد الکسوفات القمریة ، حیث ابتدأت فی ساعات أقل من ساعات بلدنا فی المساکن الغربیة ، وأکثر من ساعات بلدنا فی المساکنالشرقیة ، فعرفنا أنَّ غروب الشمس فی المساکن الشرقیة قبل غروبها فی بلدنا ، وغروبها فی المساکن الغربیة بعدغروبها فی بلدنا ، ولو کانت الأرض مسطحة لکان الطلوع والغروب فی جمیع المواضع فی وقت واحد.
ولأنَّ السائر علی خط من خطوط نصف النهار علی الجانب الشمالی یزداد علیه ارتفاع القطب الشمالی وانخفاض الجنوبی ، وبالعکس (2) انتهی کلامه رفع الله مقامه ؛ وهو خلاصة ما ذکره صاحب المجسطی ، وغیره فی هذا الباب.
ولا یخفی أن قوله رحمه الله : ولأن السائر ، إلی آخره ، من تتمة الدلیل ؛لأن اختلاف المطالع والمغارب لا یستلزم کرویة الأرض بل استدارتها فیما بین الخافقین فقط ، فیتحقق لوکانت اسطوانیة الشکل مثلاً کما لا یخفی.
ولنشرع الآن فی شرح الدعاء.
ص: 80
قال مولانا وإمامنا سیّد العابدین ، وقبلة أهل الحق والیقین ، سلام الله علیه وعلی آبائه الطاهرین.
« أیّها الخلق المطیع ، الدائب السریع ، المتردّد فی منازل التقدیر ، المتصرّف فی فلک التدبیر ».
لفظة « أی » : وسیلة إلی نداء [10 / ب ] المعرّف باللام ، کما جعلوا « ذو » وسیلة إلی الوصف بأسماء الأجناس ، و « الذی » وسیلة إلی وصف المعارف بالجمل ؛ لأنَّ إلصاق حرف النداء بذی اللام یقتضی تلاصق أداتی التعریف ، فإنّهما کمثلین کما قالوا ، وإنَّما جاز فی لفظ الجلالة للتعویض ولزوم الکلمة المقدسة ، کما تقرر فی محلّه ، واعطیت حکم المنادی ، والمقصود بالنداء وصفها ، ومن ثمّ التزم رفعه ، واقحمت هاء التنبیه بینهما تاکیداً للتنبیه المستفاد من النداء ، وتعویضاً عمّا تستحقه « أی » من الإضافة.
« والخلق » : فی الأصل مصدر بمعنی الإِبداع والتقدیر ، ثم استعمل بمعنی المخلوق ، کالرزق بمعنی المرزوق.
« والدائب » - بالدال المهملة واخره باء موحدة - : اسم فاعل من دَأَبَ فلان فی عمله أی جدّ وتعب.
وجاء فی تفسیر قوله تعالی : ( وَسَخَّر لَکُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَینَ ) (1) ، أی مستمرین فی عملهما علی عادة مقررة جاریة (2) والمصدر
ص: 81
« دَأْب » باسکان الهمزة وقد تحرک ، ودُؤُب بضمّتین (1)
« والسرعة » : کیفیة قائمة بالحرکة ، بها تقطع من المسافة ما هو أطول فی زمان مساوٍ أو أقصر ، وما هو مساوٍ فی زمن أقصر.
ووصفه علیه السلام القمر بالسرعة ربما یعطی بحسب الظاهر أن یکون المراد سرعته باعتبار حرکته الذاتیة ، وهی التی یدور بها علی نفسه.
وتحرک جمیع الکواکب بهذه الحرکة ممّا قال به جم غفیر من أساطین الحکماء ، وهو یقتضی کون المحو المرئی فی وجه القمر شیئاً غیرثابت فی جرمه ، وإلَّا لتبدل وصفه ، کما قاله سلطان المحققین(2)قدس الله روحه فی شرحالإشارات (3) وستسمع فیه کلاماً إن شاء الله.
والأظهر أنَّ ما وصفه به علیه السلام من السرعة إنَّما هو باعتبار حرکته العرضیة التی بتوسط فلکه ، فإن تلک الحرکة علی تقدیر وجودها غیرمحسوسة ولامعروفة ، والحمل علی المحسوس المتعارف أولی.
ص: 82
وسرعة حرکة القمر (1) بالنظر الی سائر الکواکب ؛ أما الثوابت فظاهر ، لکون حرکتها أبطأ الحرکات حتی أنَّ القدماء لم یدرکوها ؛ وأمَّا السیارات فلأن زحل[11 / أ] یتم الدور فی ثلاثین سنة ، والمشتری فی اثنتی عشرة سنة ، والمریخ فی سنة وعشرة أشهر ونصف ، وکلاً من الشمس والزهرة وعطارد فی قریب سنة ، وأما القمر فیتم الدور فی قریب من ثمانیة وعشرین یوماً.
هذا ولا یبعد أن یکون وصفه علیه السلام القمر بالسرعة باعتبار حرکته المحسوسة علی أنّها ذاتیة له ، بناء علی تجویز کون بعض حرکات السیارات فیأفلاکها من قبیل حرکة الحیتان فی الماء ، کما ذهب إلیه جماعة ، ویؤیده ظاهر قوله تعالی : ( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ کُلٌّ فِی فَلَکٍ یَسْبَحُونَ )(2)
ودعوی امتناع الخرق علی الأفلاک لم تقرن بالثبوت ، وما لفَّقه الفلاسفة لاثباتها أوهن من بیت العنکبوت ؛ لابتنائه علی عدم قبول الأفلاک باجزائها للحرکة المستقیمة ، ودون ثبوته خرط القتاد(3)والتنزیل الإلهی الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه ناطق بانشقاقها(4)
وما ثبت من معراج نبینا صلی الله علیه و آله بجسده المقدس الی السماء السابعة صاعداً شاهد بانخراقها.
ص: 83
تکملة :
أراد علیه السلام بمنازل التقدیر منازل القمر الثمانیة والعشرین ، التی یقطعها فی کل شهر بحرکته الخاصة ، فیری کلّ لیلة نازلاً بقرب واحد منها ، قال الله تعالی : ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّی عَادَ کَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ ) (1)
وهی : الشرطان ، والبطین ، والثریا ، والدّبران ، والهقعة ، والهنعة ، والذراع ، والنثرة [ 11 / ب ] ، والطرف والجبهة ، والزبرة ، والصرفة ، والعواء ، والسماک الأعزل ، والغفر ، والزبانا ، والإکلیل ، والقلب ، والشولة ، والنعائم ، والبلدة ، وسعد الذابح ، وسعد بلع ، وسعد السعود ، وسعد الأخبیة ، والفرغ المقدم ، والفرغ المؤخر ، والرشاء.
وهذه المنازل مشهورة فیما بین العرب ، متداولة فی محاوراتهم ، مذکورة فی أشعارهم ، وبها یتعرفون الفصول (2)، فإنهم لما کانت سنوهم - لکونها باعتبار الأهلّة - مختلفة الأوائل لوقوعها فی وسط الصیف تارة وفی وسط الشتاء اخری ، احتاجوا إلی ضبط السنه الشمسیة ، لیشتغلوا فی أشغال کل فصل منها بما یهمّهم فی ذلک الفصل ، فوجدوا القمر یعود إلی وضعه الأوَّل من الشمس فی قریب من ثلاثین یوماً ، ویختفی فی أواخر الشهر لیلتین أو ما یقاربهما ، فاسقطوا یومین من زمان الشهر فبقی ثمانیة وعشرون ، وهو زمان ما بین ظهوره بالعشیات فی أول الشهر وآخر رؤیته بالغدوات فی أواخره ، فقسموا دور الفلک علی ذلک ، فکان کلّ قسم اثنتی عشرة درجة وإحدی وخمسین دقیقة تقریباً ، فسمّوا کل قسم منزلاً ، وجعلوا لها علامات من الکواکب القریبة من المنطقة ، وأصاب کلّ برج من البروج الاثنی عشر منزلان وثلثاً.
ثم توصلوا إلی ضبط السنة الشمسیة بکیفیة قطع الشمس[ 12 / أ ] لهذه
ص: 84
المنازل ، فوجدوها تقطع کلّ منزل فی ثلاثة عشر یوماً تقریباً.
وذلک لأنهم رأوها تستتر دائماً ثلاثة منها ما هی فیه بشعاعها ، وما قبلهابضیاء الفجر ، وما بعدها بضیاء الشفق.
فرصدوا ظهور المستتر بضیاء الفجر ، ثم بشعاعها ثم بضیاء الشفق فوجدوا الزمان بین ظهوری کل منزلین ثلاثة عشر یوما بالتقریب ، فأیام المنازل ثلاثمائة وأربعة وستون ، لکنّ الشمس تعود إلی کل منزل بعد قطع جمیعها فی ثلاثمائة وخمسة وستین یوماً ، وهی زائدة علی أیَّام المنازل بیوم ، فزادوا یوماً فی منزل الغفر ، وانضبطت لهم السنة الشمسیة بهذا الوجه ، وتیسر لهم الوصول إلی تعرّف أزمان الفصول وغیرها. تذنیب :
القمر إذا أسرع فی سیره فقد یتخطی منزلاً فی الوسط ، وإن أبطأ فقد یبقی لیلتین فی منزل ، أول اللیلتین فی أوله ، وآخرهما فی آخره ، وقد یری فی بعض اللیالی بین منزلین.
فما وقع فی الکشاف ، وتفسیر القاضی عند قوله تعالی : ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ ) (1) من أنه ینزل کل لیلة فی واحد منها لا یتخطاه ولایتقاصر عنه(2)، لیس کذلک فاعرفه. إکمال :
الظاهر أن مراده علیه السلام بتردد القمر فی منازل التقدیر ، عوده الیها فی الشهر اللاحق بعد قطعه إیاها فی السابق ، فتکون کلمة « فی » بمعنی إلی ، ویمکنأن تبقی علی معناها الأصلی بجعل المنازل ظرفاً للتردد ، فان حرکته التی یقطع بها تلک المنازل لما کانت مرکبة من شرقیة وغربیة جعل کانه لتحرکه فیها بالحرکتین
ص: 85
المختلفتین متردد یقدّم رجلاً ویؤخر أُخری.
وأما علی رأی من یمنع جواز قیام الحرکتین المختلفتین بالجسم ، ویری أنّ للنملة المتحرکة بخلاف حرکة الرحی سکوناً حال حرکة الرحی ، وللرحی سکوناً حال حرکتها ، فتشبیهه بالمتردد أظهر کما لا یخفی. إیضاح :
« الفلک » ، مجری الکواکب ، سمّی به تشبیهاً بفلکة المغزل (1)فی الاستدارة والدوران.
قال : الشیخ أبو ریحان البیرونی (2) إنَّ العرب والفرس سلکوا فی تسمیة السماء مسلکاً واحداً ، فإن العرب تسمی السماء فلکاً تشبیهاً لها بفلک الدولاب والفرس سموها بلغتهم آسمان ، تشبیها لها بالرحی فإنّ « آس » هو الرحی بلسانهم ، و « مان » دال علی التشبیه (3) انتهی [12 / ب].
والمراد ب- « فلک التدبیر » ، أقرب الأفلاک التسعة إلی عالم العناصر ، أی : الفلک الذی به تُدبّر بعض مصالح عالم الکون والفساد.
وقد ذکر بعض المفسرین فی تفسیر قوله تعالی : ( فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) (4) أنّ المراد بها الأفلاک - 91 : 491 / والفخر الرازی فی تفسیره 31 : 27 - 32 بتفصیل فیهما ، وتفسیر أبو السعود 9 : 96 / والبیضاوی 5 : 171 / والبحر المحیط 9 : 491 / والنهر الماد 8 : 418 / الکشاف4 : 693. (5) وهو أحد الوجوه التی أوردها الشیخ الجلیل أمین
ص: 86
الإسلام أبو علی الطبرسی رضی الله عنه فی تفسیره الکبیر الموسوم بمجمع البیان ، عند تفسیرهذه الآیة(1)
ویمکن أن یکون علی ضرب من المجاز ، کما یسمی ما یقطع به الشیء قاطعاً.
وربّما یوجد فی بعض النسخ : « المتصرف فی فلک التدویر » ، وهو صحیح أیضاً ، وإن کانت النسخة الاُولی أصح ، والمراد به رابع أفلاک القمر ، وهو الفلک الغیر المحیط بالأرض ، المرکوز هو فیه ، المتحرک - أسفله علی توالی البروج ، وأعلاه بخلافه ، مخالفاً لسائر تداویر السیارة - کلّ یوم ثلاث عشرة درجة وثلاث دقائق وأربعاً وخمسین ثانیة. وهو مرکوز فی ثخن ثالث أفلاکه لمسمی بالحامل ، المباعد مرکزه مرکز العالم بعشر درج ، المتحرک علی التوالی کلّ یوم أربعاً وعشرین درجة واثنتین وعشرین دقیقة وثلاثاً وخمسین ثانیة.
وهو واقع فی ثخن ثانی أفلاکه المسمی بالمائل الموافق مرکزه مرکز العالم ، المماسّ مقعّره محدب النار الفاضل عن الحامل الموافق له فی میل منطقته عن منطقة البروج بمُتِّمَمین متدرجی الرّقة إلی نقطتی الأوج والحضیض ، المتحرک علی خلاف التوالی کل یوم إحدی عشرة درجة وتسع دقائق وسبع ثوان.
وهو واقع فی جوف أول أفلاکه المسمی بالجوزهر الموافق مرکزه مرکز العالم ، ومنطقته منطقة البروج ، والمماسّ محدّبه مقعر ممثل عطارد ، المتحرک کالثانی کلّ یوم ثلاث دقائق واحدی عشرة ثانیة.
ص: 87
وهم وتنبیه :
من غرائب الأوهام ما حکم به صاحب المواقف (1)من أنَّ غایة الغلظ فی کلّ من المتممین مساویة لبعد مرکز الحامل عن مرکز العالم (2)
وهذا مما یکذبه العیان ویبطله قاطع البرهان [13 / أ] ، وکونها ضعفا له مما لا ینبغی أن یرتاب فیه من له أدنی تخیل ، ویمکن إقامة البرهان علیه بوجوه عدیدة.
ویکفی فی التنبیه علیه أنَّ التفاضل بین نصفی قطری الحامل والمائل بقدرما بین المرکزین ، فیکون ضعف ذلک تفاضل القطرین (3)
ولنا علی ذلک برهان هندسی أوردناه فی شرحنا علی شرح الجغمینی(4)
والعجب من المحقق الدوانی (5)کیف وفق صاحب المواقف علی ذلک الوهم ،
ص: 88
وأصرَّ علی حقیته قائلاً : إن البرهان القائم علی خلافه مخالف للوجدان فلا یلتفت إلیه.
وأعجب من ذلک أنَّه استدلَّ علی حقیة ما زعمه حقاً بأنه لو فرض تطابق المرکزین ثم حرکة الحامل إلی الأوج فبقدر ما یتباعد المرکزان یتباعد المحیطان (1)
وأنت ، وکل سلیم التخیل تعلمان أن دلیله هذا برهان تامّ علی نقیض مدّعاه ، فإیراده له من قبیل إهداء السلاح إلی الخصم حال الجدال ، وصدورمثله عجیب من مثله. تبصرة :
لا یبعد أن تکون الإضافة فی « فلک التدبیر » من قبیل إضافة الظرف إلی المظروف ، کقولهم مجلس الحکم ، ودار القضاء ، أی الفلک الذی هو مکان
ص: 89
التدبیر ومحله ، نظراً إلی أنَّ ملائکة سماء الدنیا یدبرون أمر العالم السفلّی فیه ، أو إلی أنَّ کلاً من السیارات السبع تدبر فی فلکها أمراً هی مسخرة له بأمرخالقها ومبدعها ، کما ذکره جماعة من المفسرین [13 / ب] فی تفسیر قوله تعالی : ( فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) (1). (2)
ویمکن أن یراد ب- « فلک التدبیر » مجموع الأفلاک التی تتدبر بها الأحوال المنسوبة إلی القمر بأسرها ، وتنضبط بها الأمور المتعلقة به بأجمعها ، حتی تشابه حرکة حامله حول مرکز العالم ، ومحاذاة قطر تدویره نقطة سواه إلی غیرذلک.
وتلک الأفلاک الجزئیة هی الأربعة السالفة مع ما زید علیها لحل ذینک الإشکالین ، ومع ما لعلَّه یُحتاج إلیه أیضا فی انتظام بعض أموره وأحواله التی ربما لم یطلع علیها الراصدون فی أرصادهم ، وإنما یطلع علیها المؤیدون بنور الإمامة والولایة.
ص: 90
وحینئذٍ یراد بالتدبیر التدبیر الصادر عن الفلک نفسه ، وتکون اللام فیه للعهد الخارجی ، أی التدبیر الکامل الذی ینتظم به جمیع تلک الأمور ، والله أعلم.
تتمة :
لا یبعد أن یراد ب- « فلک التدبیر » الفلک الذی یدبره القمر نفسه ، نظرا إلی ما ذهب إلیه طائفة من أن کلّ واحد من السیارات السبع مدبِّر لفلکه ، کالقلب فی بدن الحیوان.
قال سلطان المحققین ، نصیر الملة والحق والدین قدس الله روحه ، فی شرح الإشارات : ذهب فریق إلی أن کل کوکب منها ینزل مع أفلاکه منزلة حیوان واحد ذی نفس واحدة ، تتعلق بالکوکب أول تعلقها ، وبأفلاکه بواسطة الکوکب ، کما تتعلق نفس الحیوان بقلبه أولاً ، وبأعضائه الباقیة بعد ذلک ، فالقوة المحرکة منبعثة عن الکوکب الذی هو کالقلب فی أفلاکه ، التی هی کالجوارح والأعضاء الباقیة (1)انتهی کلامه زید إکرامه.
ویمکن أن یکون هذا هومعنی ما أثبته له [14 / أ] علیه السلام من التصرف فی الفلک ، والله أعلم بمقاصد أولیائه سلام الله علیهم أجمعین.
خاتمة :
خطابه علیه السلام للقمر ، ونداؤه له ، ووصفه إیَّاه بالطاعة والجد ، والتعب والتردد فی المنازل ، والتصرف فی الفلک ، ربما یعطی بظاهره کونه ذا حیاة وإدراک ، ولا استبعاد فی ذلک نظراً إلی قدرة الله تعالی ، إلّا أنّه لم یثبت بدلیل عقلیّ قاطع یشفی العلیل ، أو نقلیّ ساطع لا یقبل التأویل ، نعم أمثال هذه الظواهر ربما تشعر به ، وقد یُستند فی ذلک بظاهر قوله تعالی : ( وَالشَّمْسِ
ص: 91
وَالْقَمَرَ کُلٌّ فِی فَلَکٍ یَسْبَحُونَ )(1)فإن الواو والنون لا تستعمل حقیقة لغیر العقلاء.
وقد أطبق الطبیعیون علی أنَّ الأفلاک بأجمعها حیة ناطقة عاشقة ، مطیعة لمبدعها وخالقها ، وأکثرهم علی أنَّ غرضها من حرکاتها نیل التشبه بجنابه ، والتقرب إلیه جل شأنه ، وبعضهم علی أن حرکاتها لورود الشوارق القدسیة علیها آناً فآنا ، فهی من قبیل هزَّة الطرب والرقص الحاصل من شدّة السرور والفرح.
وذهب جمّ غفیر منهم إلی أنه لا میت فی شیء من الکواکب أیضا ، حتی اثبتوا لکلّ واحد منها نفساً علی حِدَة تحرکه حرکة مستدیرة علی نفسه ، وابن سینا (2)فی الشفاء مال إلی هذا القول ورجحه (3)وحکم به فی النمط السادس من الإشارات (4)ولو قال به قائل لم یکن مجازاً ، فإن کلام ابن سینا وأمثاله وإن لم یکن حجة یرکن إلیها الدیانیون فی أمثال هذه المطالب ، إلاّ إنه یصلح للتأیید.
ولم یرد فی الشریعة المطهرة - علی الصادع بها وآله أفضل الصلوات وأکمل التسلیمات - ما ینافی ذلک القول ، ولا قام دلیل عقلیّ علی بطلانه.
وإذا جاز أن یکون لمثل البعوضة والنملة فما دونها حیاة ، فأیّ مانع من أن
ص: 92
یکون لمثل تلک الأجرام الشریفة أیضاً ذلک.
وقد ذهب جماعة إلی أنَّ لجمیع إلأشیاء نفوساً مجرَّدة ونطقاً ، وج علوا قوله تعالی : ( وَإِن مِّن شَیْءٍ إِلاَّ یُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ) (1) محمولاً علی ظاهره.
ولیس غرضنا من هذا الکلام توجیح القول بحیاة الأفلاک ، بل کسر سورة استبعاد المصرین علی ، إنکاره وردّه ، وتسکین صولة المشنعین علی من قال به أو جوّزه.
وقد قدمنا فی فواتح هذا هذا الشرح - الذی نسأل الله أن یوفقنا لإتمامه - کلاماً مبسوطاً فی هذا [ 14 / ب ] الباب ، ذکرنا ما قیل فیه من الجانبین (2)، والله الهادی.
ص: 93
قال مولانا وإمامنا علیه السلام :
« امنت بمن نوّر بک الظُلمَ ، وأوضح بک البُهَم ، وجعلک آیة من ایات ملکه ، وعلامة من علامات سلطانه ، وامتهنک بالزیادة والنقصان ، والطلوع والاُفول ، والإنارة والکسوف ، فی کلّ ذلک أنت له مطیع ، وإلی إرادته سریع ».
« الإیمان » ، وان اختلفت الاُمة فی أنه التصدیق القلبی وحده ، أو الإقرار اللسانی وحده ، أو کِلا الأمرین معا ، أو أحدهما ، أو مع العمل الأرکانی ، کما تقدم تفصیله وتحقیق الحق فیه فی فواتح هذا الشرح (1)
ص: 94
ص: 95
إلَّا أنَّ الإیمان المعدی بالباء لا خلاف بینهم فی أنَّه التصدیق القلبی بالمعنی اللغوی.
و « النور » والضوء مترادفان لغة ، وقد تسمی تلک الکیفیة إن کانت من ذات الشیء ضوءاً ، وإن کانت مستفادة من غیره نورا ، وعلیه قوله تعالی : ( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیَاء وَالْقَمَرَ نُورًا ) (1)
و « الظُلَم » : جمع ظلمة ، ویجمع علی ظُلُمات أیضاً ، وهی عدم الضوء عما من شأنه أن یکون مضیئا (2)
و « البُهَم » - بضم الباء الموحدة وفتح الهاء - : جمع بُهْمة ، بضم الباء وإسکان الهاء ، وهی مما یصعب علی الحاسة إدراکه إن کان محسوساً ، وعلی الفهم إن کان معقولاً (3)
و « الآیة » : العلامة.
و « السلطان » : مصدر بمعنی الغلبة والتسلط ، وقد یجیء بمعنی الحجة والدلیل ، لتسلطه علی القلب وأخذه بعنانه.
و « المِهْنة » - بفتح المیم ، وکسرها ، واسکان الهاء - : الخدمة والذل والمشقة ، والماهن : الخادم.
و « امْتهنه » : استعمله فی المهنة.
و « طلوع » الکوکب : ظهوره فوق الأفق أومن تحت شعاع الشمس.
ص: 96
« وافوله غروبه تحته ».
و « الکسوف » ، زوال الضوء عن الشمس أو القمر للعارض المخصوص ، وقد یفسر الکسوف بحجب القمر ضوء الشمس عنّا ، أو حجب الأرض ضوءالشمس عنه ، وهو تفسیر للشیء بسببه.
وقال جماعة من أهل اللغة : الأحسن أن یقال فی زوال ضوء الشمس کسوف ، وفی زوال ضوء القمر خسوف (1) [15 / أ] ، فإن صحّ ما قالوه فلعله علیه السلام أراد بالکسوف زوال الضوء المشترک بین الشمس والقمر لا المختص بالقمر وهو الخسوف ، لیکون خلاف الأحسن (2)فتدبر.
ولا یخفی أنَّ امتهان القمر حاصل بسبب کسف الشمس أیضاً ، فانه هوالساتر لها ، ولما کان شمول الکسوف للخسوف أشهر من العکس اختاره علیه السلام ، والله أعلم. کشف نقاب :
لمّا افتتح علیه السلام الدعاء بخطاب القمر ، وذکر أوصافه وأحواله ، منالطاعة والجدّ والسرعة ، والتردد فی المنازل ، والتصرف فی الفلک ، وأراد أنیذکر جملاً اُخری من أوصافه وأحواله سوی ما مر ؛ جری علیه « السلام علی النمط الذی افتتح علیه الدعاء من خطاب القمر ، ونقل الکلام من أسلوب إلی آخر ؛ علی ما هودأب البلغاء المفلقین من تلوین الکلام فی أثناء المحاورات کما ذکره صاحب المفتاح فی بحث الالتفات (3)وجعل تلک الجمل - مع تضمنها لخطاب القمر وذکر أحواله - موشحة بذکر الله سبحانه ، والثناء علیه جلَّ شأنه ، تحاشیا
ص: 97
عن أنْ یتمادی به الکلام خالیاً عن ذکر المفضل المنعام ، فقال : « آمنت بمن نوّربک الظلم ... » إلی آخره ، معبّراً عن المؤمَن به جلَّ شأنه بالموصول لیجعل الصلة مشعرة ببعض أحوال القمر ، ویعطف علیها الأحوال الاُخر فتتلائم جمل الکلام ، ولا تخرج عن الغرض المسوق له من بیان تلک الأوصاف والأحوال.
والتعبیر بالنکرة الموصوفة وإن کان یحصل به هذا الغرض أیضاً إلَّا أن المقام لیس مقام التنکیرکما لا یخفی.
فإن قلت : مضمون الصلة لا بدَّ أن یکون أمراً معلوماً للمخاطب ، معهوداً بینه وبین المتکلم انتسابه إلی الموصول قبل ذکر الصلة ، ولذلک لم یجز کونها إنشائیة کما قرروه ، والمخاطب هنا هو القمر وهو لیس من ذوی العلم فکیف یلقی إلیه الموصول مع الصلة؟.
قلت : کونه من غیرذوی العلم لیس أمرا مجزوماً به ، وقد مر الکلام فیه قبیل هذا (1)، سلّمنا ، لکن تنزیل غیر العالم منزلة العالم لاعتبار مناسب غیرقلیل فی کلام البلغاء ، فلیکن هذا منه ، علی أنَّ التنزیل المذکور لا مندوحة عنه فی أصل نداء القمر وخطابه ، فإن الخطاب توجیه الکلام نحو الغیر للإفهام ، فلا بدّ من تنزیله منزلة من یفهم.
واللام فی « الظُلِّم » للاستغراق ، أعنی : العرفی منه لا الحقیقی ، والمراد الظُلّم المتعارف تنویرها بالقمر ، من قبیل جمع الأمیر الصاغة.
ویمکن جعله للعهد الخارجی.
والحق أن لام الاستغراق العرفی لیست شیئا وراء لام العهد الخارجی ، فإن المعرف بها هوحصة معینة من الجنس أیضاً ، غایته أنَّ التعیین فیها نشأ من العرف ، وقد أوضحت هذا فی تعلیقاتی علی المطول(2)
ص: 98
تتمة : [15]
التنکیر فی قوله علیه السلام : « وَجَعَلَکَ آیةً من آیات مُلکِهِ » ، یمکن أن یکون للنوعیّة ، کما قالوه فی قوله تعالی : ( وعلی أبصارهم غشاوة ) (1)(2)، والأظهر أن یُجعل للتعظیم.
فإن قلت : احتمال التحقیر أیضاً قائم ، وهذا کما قالوه فی قوله تعالی : ( إِنِّی أَخَافُ أَن یَمَسَّکَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن ) (3)إنّ التنکیر فیه یحتمل التعظیم والتحقیر معاً ، أی عذاب شدید هائل ، أو عذاب حقیر ضعیف ، فلمطویت عنه کشحاً!؟.
قلت : الاحتمالان فی الآیة الکریمة متکافئان بحسب ما یقتضیه الحال ، فلذلک جوزهما علماء المعانی من غیرترجیح ، بخلاف ما نحن فیه ، فان الحمل علی التحقیر وان کان لا یخلو من وجه - أیضاً - نظراً إلی ما هو أعظم منه من آیات ملکه جلَّ شأنه ، إلَّا أنَّ الحمل علی التعظیم کأنَّه أوفق بالمقام ، وأنسب بمقتضی الحال ، فلذلک ضربت عن ذکره صفحاً.
وإن أبَیْت إلَّا أن تساوی الأمرین فی ذلک فلا مشاحة معک ، وللناس فیما یعشقون مذاهب.
وقوله علیه السلام : « وامتهنک ... » إلی آخره ، مبین ومفسّر للآیة والعلامة ، وکون إحدی الجملتین مبیناً ومفسراً لبعض متعلقات الاُخری لا یوجب کمال الاتصال بینهما المقتنر لفصلها عنها ، إنَّما الموجب له أن تکون الثانیة مبینة وکاشفة عن نفس الأولی ، کما فی قوله تعالی : ( فَوَسْوَسَ إِلَیْهِ الشَّیْطَانُ قَالَ
ص: 99
یَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّکَ عَلَی شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) (1)فان القول المذکور مبین للوسوسة وکاشف عنها.
وأما امتهان القمر بالأمور المذکورة فهو نفس علامة الملک والسلطنة ، لانفس جعله علامة لهما ، فلا مانع من وصل جملته بجملة الجعل فتدبر ، علی أنّ أحوال القمر التی هی علاماتٌ لملکه وسلطانه جلَّ شأنه لیست منحصرة فی الامتهان بالأمور المذکورة بل لها أفراد أُخر ، وکذلک الجعل المذکور ، فوصل جملة الامتهان بما قبلها یجری مجری عطف الخاص علی العام کما لا یخفی.
وتقدیم الظرفین فی قوله علیه السلام : » أنت له مطیع وإلی إرادته سریع « للدلالة علی الاختصاص ، کما فی قوله تعالی : ( لَهُ الْمُلْکُ وَلَهُ الْحَمْدُ ) (2)
ویمکن أن یکون رعایة السجع أیضاً ملحوظة ، والله أعلم [16 / أ]. إیضاح :
الباء فی قوله علیه السلام « نوّر بک الظُلَم » إما للسببیة أو للالة.
ثم إنَّ جعلنا الضوء عرضاً قائماً بالجسم - کما هو مذهب أکثر الحکماء (3)ومختار سلطان المحققین قدّس الله روحه فی التجرید (4)- فالترکیب من قبیل سوّدت الشیء وبیّضته ، أی صیرته متصفاً بالسواد والبیاض.
وإن جعلناه جسما - کما هو مذهب القدماء من أنه أجسام صغار شفافة تنفصل عن المضیء وتتصل بالمستضیء - فالترکیب من قبیل لبّنته وتمرته ، أی صیّرته ذا لبن أو تمر (5)
ص: 100
وهذا القول وإن کان مستبعداً بحسب الظاهر إلّا أنَّ إبطاله لا یخلو من إشکال ، کما أنَّ إثباته کذلک.
وقد استدلوا علیه : بأنَّه متحرک منتقل ، فإنه ینحدر من الشمس إلی الأرض ، وینتقل من مکان إلی آخر ، والأعراض لیست کذلک.
وأجاب القائلون بعَرضیّته : بأنه لیس ثمة حرکة وانتقال ، وإنَّما هو حدوث ؛ فإن مقابلة الجسم الکثیف للمضیء معدّ لحدوث الضوء فیه ، والحرکة والانتقال محض توهّم.
وسببه : أنَّ حدوث الضوء فی الجسم السافل لما کان بسبب مقابلته للجسم العالی تُخیِّل أنَّه انحدر من العالی إلی السافل.
وحدوثه فی القابل لما کان تابعاً لوضعه ومحاذاته للمضیء - بحیث إذا زالت تلک المحاذاة إلی قابل آخر زال الضوء عن الأول وحدث فی ذلک الآخر - ظُنّ أنّه انتقل من الأول إلی الثانی.
واستدلوا علی بطلان القول بجسمیته : بأنّه محسوس بحس البصر ، فلو کان جسماً [161 / ب] لکان ساتراً لما یحیط به ، وکان الأشد ضوءاً أشد استتاراً.
واعترض علیه : بأنَّ الحائل بین الرائی والمرئی إنَّما یستر المرئی إذا کان کثیفاً لعدم نفوذ شعاع البصر فیه أما إذا کان شفافاً فلا ؛ فإن صفحة البلّور تزید ما خلفها ظهوراً وانکشافاً ، ولذلک یستعین بها الطاعنون فی السن علی قراءة الخطوط الدقیقة.
واُجیب عنه : بانه لو کان جسماً لم تکن کثرته موجبة لشدة الإحساس بما تحته ، لأنّ الحس یشتغل به ، فکلَّما کان أکثرکان الاشتغال به أکثرفیقل الاحساس بما وراءه ، ألا تری أنَّ تلک الصفحة إذا غلظت جدا أوجبت لما تحتها ستراً ، وأنَّ الاستعانة بالرقیقة منها إنَّما هی للعیون الضعیفة لاحتیاجها إلی جمع
ص: 101
الروح الباصرة - علی ما بُینّ فی موضعه - دون القویة ، بل هی حجاب لها عن رؤیة ما وراءها. هکذا أورده شارح المواقف (1) والشارح الجدید للتجرید (2)
وأقول : فی هذا الجواب نظر ، فإنَّ لهم أن یقولوا أنَّ الملازمة ممنوعة ، فإن بعض الأجسام الشفافة یوجب کثرتها وغلظها زیادة ظهور ما خلفها لحس البصر ، ولهذا تری الشمس والقمر وسائر الکواکب حال کونها قریبة من الأفق ، أعظم منها حال کونها علی سمت الرأس ، مع أنّها وهی علی الاُفق ، أبعد عنّا منها وهی علی سمت الراس بأزید من نصف قطر الأرض ، کما لا یخفی علی من له أدنی تخیل ؛ وما ذلک إلّا لأن سمک البخار وغلظه بین البصر والکوکب حال قربه من الأفق أکثر مما بینهما حال کونه علی سمت الرأس کما بُیّن باستبانة الثانی من ثالثة [171 / أ] کتاب الأصول.
وکذلک حال الصفحة من البلور ، فإنّها إذا رقّت جداً لم تؤثر فی الإعانة علی قراءة الخطوط الرقیقة ، بل لا بدّ لها من غلظ یعتدّ به ، ومن ثم نری الطاعنین فی السن ربما یستعینون بمضاعفتها علی قراءة تلک الخطوط ، علی أنّه لا یلزم من کون ازدیاد ثخن البلور مؤدیاً إلی ستر ما وراءه أن یکون ازدیاد ثخن کلّ شفاف مؤدیاً إلی ذلک.
ألا تری أنّ ثخن مجموع کرتی الهواء والنار والأفلاک التی تحت فلک الثوابت تزید علی خمسة وعشرین ألف ألف فرسخ کما بینوه ، ومع ذلک لا تحجب أبصارنا عن رؤیة ما وراءها ، ولم لا یجوز أن لا تصل مراتب ثخن الضوء - علی تقدیر جسمیته - إلی حدّ یصیر به عائقاً عن الاحساس بما خلفه ؛ وأن یکون الضوء بالنسبة إلی کلّ العیون بمنزلة الصفحة الغیر الغلیظة جدا من البلور بالنسبة إلی عیون الطاعنین فی السن.
ص: 102
فکما أنَّ هذه لا تبصر الأشیاء الصغیرة والخطوط الدقیقة إلّا بتوسط تلک الصفحة ، فکذلک تلک لا تبصر شیئاً من الأشیاء إلّا بتوسط الضوء ، وکما أنَّ هذه لا تشغل البصر عن الإحساس بما وراءها فکذلک تلک . والله أعلم بحقائق الاُمور. تبصرة :
لعلّه علیه السلام أراد بالظلم فی قوله : « نوّر بک الظُلَم » الأهویة المظلمة ، لا الظلمات أنفسها ، فإنّها لا تتصف بالنور.
وتجویز کونه علیه السلام أراد ذلک مبنی علی أن الهواء یتکیّف بالضوء ، وهو مختَلَف فیه ، فالذین جعلوا اللون شرطاً فی التکیف بالضوء منعوا منه.
وأورد علیهم : أنّا نری عند الصبح ما یقارب الاُفق مضیئاً ، وما هو إلّا الهواء المتکیف بالضوء.
وأجابوا : بأن ذلک للأجزاء البخاریة المختلطة به ، والکلام فی الهواء الصّرف الخالی من الشوائب البخاریة والدّخانیة القابلة للضوء بسبب کونها متلونة فی الجملة.
ورده الفخر الرازی : بأنّه یلزم من ذلک أن الهواء کلما کان أصفی کان الضوء الحاصل فیه قبل الطلوع وبعد الغروب أضعف ، وکلّما کان البخار والغبار فیه أکثر کان الضوء أقوی ؛ لکن الأمر بالعکس [171 / ب] (1) هذا کلامه ، وللتأمل فیه مجال واسع.
واستدل فی الملخص علی استضاءة الهواء بأنّه لو لم یتکیف بالضوء لوجب أن نری بالنهار الکواکب التی فی خلاف جهة الشمس ؛ لأن الکواکب باقیة علی ضوئها ، والحس لم ینفعل علی ذلک التقدیر من ضوء أقوی من ضوئها یمنع
ص: 103
الإحساس بها (1)
والحق أن تکیّف الهواء بالضوء فی الجملة مما لا ینبغی أن یرتاب فیه فارادته علیه السلام بالظُلم الأهویة المظلمة لا مانع منه.
ویجوز أن یرید علیه السلام بالظُلَم الأجسام المظلمة سوی الهواء ، وهذا أحسن ؛ لاستغنائه عن تجشم الاستدلال علی قبول الهواء للضوء ، وسلامته عن ثبوت الخلاف ، والله أعلم. إکمال :
یمکن أن یکون مراده علیه السلام بتنویر الظلم إعدامها ، بإحداث الضوء فی محالّها ، وهذا یبتنی علی القول بأن الظُلمه کیفیة وجودیة ، کما ذهب إلیه جماعة ، وهذا الرأی وان کان الأکثر علی بطلانه إلا أنّ دلائلهم علی بطلانه لیست بتلک القوة ، فهو باق علی أصل الإمکان إلی أن یذود عنه قاطع البرهان ، فلو جوّز مجوّز احتمال کونه أحد محامل کلامه علیه السلام لم یکن فی ذلک حرج.
وأجود تلک الدلائل ما ذکروا من : أنّ الظلمة لو کانت کیفیة وجودیة لکانت مانعة للجالس فی الغار المظلم من رؤیة من هو فی هواء مضیء خارج الغار ، کما هی مانعة له من إبصار من هو فی الغار ، وذلک للقطع بعدم الفرق فی الحائل المانع من الإبصار بین أن یکون محیطا بالرائی أو بالمرئی أو متوسطاً بینهما.
وربما منع ذلک بأنها لیست بمانعة ، بل إحاطة الضوء بالمرئی شرط للرؤیة ، وهو منتف فی الغار ر [18 / أ] ، أو یقال : العائق عن الرؤیة هو الظلمة (2) المحیطة بالمرئی لا الظلمة المحیطة بالرائی ، أو الظلمة مطلقاً.
ولیس ذلک بأبعد مما یقال : شرط الرؤیة هو الضوء المحیط بالمرئی ، لا
ص: 104
الضوء المحیط بالرائی ، ولا الضوء مطلقاً.
وقولهم : لا فرق فی الحائل بین أن یکون محیطاً بالرائی أو المرئی مسلّم فیما إذا کانت ذات الشیء مانعة من الإبصار ، لا فیما تکون مانعة بشرطه ، هکذا أورده الشارح الجدید للتجرید (1) وهو کلام جیّد لا غبار علیه.
وقال الفخر الرازی فی المباحث المشرقیة : الظلمة أمر عدّمی ، لأنا إذا غمضنا العین کان حالنا کما إذا فتحناها فی الظلمة ، فکما أنّا عند التغمیض لا ندرک شیئاً ، فکذلک إذا فتحناها فی الظلمة وجب أن لا ندرک کیفیة فی الجسم المظلم ، ولأنّا لو قدّرنا خلو الجسم عن النور من غیر انضیاف صفة اُخری إلیه لم یکن حاله إلّا هذه الظلمة ، ومتی کان کذلک لم تکن الظلمة أمراً وجودیاً (2)إنتهی کلامه.
وأورد علیه : أنّه کلام ظاهری إقناعی ، یتطرق إلیه الخدش والمنع من جوانبه ، ومثله فی المقام البرهانی مما لا یصغی إلیه. توضیح حال :
أراد علیه السلام « بالزیادة والنقصان » زیادة نور القمر ونقصانه بحسب ما یظهر للحس ، لأن الزیادة والنقصان حاصلان له فی الواقع وبحسب نفس الأمر ، لأن الأزید من نصفه منیر دائماً ، کما بیّن فی محله ، وأمّا زیادته فی الاجتماع ونقصانه فی الاستقبال کما هو شأن الکرة الصغیرة المتنیرة من الکبیرة حالتی القرب والبعد فلیس الکلام فیهما ، إنّما الکلام فی الزیادة والنقصان المسببین عن البعد والقرب ، المدرکین بالحس.
وربّما یتراءی لبعض الأفهام من ظاهر قوله علیه السلام : « وامتهنک بالزیادة والنقصان » أنّ زیادة نور القمر ونقصانه المحسوسین واقعان بحسب الحقیقة ، وحاصلان فی نفس الأمر ، کما هو معتقد کثیر من الناس ، وهذا وإن کان ممکناً
ص: 105
نظراً إلی قدرة الله تعالی - علی أن یحدث فی جرمه أول الشهر شیئاً یسیراً من النور ، ویزیده علی التدریج إلی أن یصیر بدراً ، ثم یسلبه عنه شیئاً فشیئاً إلی المحاق - إلّا أن حمل کلامه علیه السلام علی ما هو متفق علیه بین أساطین علماء الهیئة حتی عدّ من الحدسیات ألیق وأولی ، وهم مع قطع النظر عما أوجب تحدّسهم بذلک إنّما اقتبسوا هذا العلم من أصحاب الوحی سلام الله علیهم ، کشیث [18 / ب ] علی نبینا وعلیه السلام ، المشتهر فی زمانهم بفیثاغورس ، وقیل : إنّه أغاتا ریمون(1)؛ وکإدریس علی نبیّنا وعلیه السلام ، المدعو علی لسانهم بهرمس.
وقد نقل جماعة من المفسرین منهم الشیخ الجلیل أبو علی الطبرسی طاب مثواه - عند تفسیر قوله تعالی : ( وَاذْکُرْ فِی الْکِتَابِ إِدْرِیسَ إِنَّهُ کَانَ صِدِّیقًا نَّبِیًّا ) (2) أنّ علم الهیئة کان معجزة له علیه السلام (3)
ونقل السید الطاهر ذو المناقب والمفاخر رضی الدین علی بن طاوس - قدس الله روحه - فی کتاب فرج المهموم فی معرفة الحلال والحرام من علم النجوم قولاً بأن أبرخس وبطلیموس کانا من الأنبیاء ، وأنّ أکثر الحکماء کانوا کذلک ، وإنما التبس علی الناس أمرهم لأجل أسمائهم الیونانیة (4)(5) هذا ما نقله طاب ثراه ، ولا استبعاد فیه (6)
ص: 106
وکلّ من له أدن خوض فی هذا العلم الشریف لا یرتاب فی أنّ اصول مطالبه متلّقاة من الأنبیاء صلوات الله علیهم ، ویحکم حکماً قطعیاً لا یشوبه شوب شبهة بأنّ القوة البشریة لم تستقل بادراک خبایا حقائقه ولم تستبدّ باستنباط خفایا دقائقه ، وأنّ ما وصل إلیه أصحاب هذا الفن بأرصادهم الجسمانیة مقتبس من مشکاة أصحاب الأرصاد الروحانیة سلام الله علیهم أجمعین. إشارة فیها إنارة :
لمّا کان نور القمر مستفاداً من الشمس ، وکانت أعظم منه کما بُیّن فی محله (1) ، کان الأکثرمن نصفه متسنیراً بضوئها دائماً والأقل من نصفه مظلماً دائماً ؛ لما ثبت فی الشکل الثانی من مقالة أرسطرخس (2) فی جرمی النیرین ، من
ص: 107
أنّه إذا قبل الضوء کرة صغری من کرة أعظم منها کان المضیء من الصغری (1) أعظم من نصفها (2) ، والفصل المشترک بین المنیر والمظلم منه دائرة قریبة من
ص: 108
العظیمة تسمی دائرة النور ، وتفصل أیضاً بین المرئی وغیر المرئی منه دائرة اُخری تسمی دائرة الرؤیة ، وهی أیضا قریبة من العظیمة ولیست عظیمة (1)؛ لما ثبت فی الشکل الرابع والعشرین من مناظر إقلیدس (2) لما تقدم فی الهامش الأسبق الیک نص المصدر :
ما یری من الکرة یکون أصغر من نصفها (3)، ویحیط به دائرة وهاتان الدائرتان یمکن أن تتطابقا
ص: 109
[19 / ] ، وقد تتفارقان إما متوازیتین أو متقاطعتین ، أو لا ذا ولا ذاک. کما أوضحناه فی تعلیقاتنا علی فارسیة الهیئة (1) ولنأخذهما هنا عظیمتین کما فعل بعض
ص: 110
الأعلام ، اذ لا تفاوت فی الحس بین کلّ منهما وبین العظیمة ، ونجعل ما یقارب التطابق تطابقاً ، ونقول :
اذا اجتمع الشمس والقمر (1)صار وجهه المضیء إلیها ، والمظلم إلینا ، وتتطابق الدائرتان وهو المحاق ، فإذا بُعد عنها یسیراً تقاطعت الدائرتان علی حوادّ ومنفرجات ، ویری من وجهه المضیء ما وقع منه بین الدائرتین فی جهة الحادتین اللتین إلی صوب الشمس وهو الهلال.
ولا تزإل هذه القطعة تتزاید بتزاید البعد عن الشمس والحوادّ تتعاظم ، وإلمنفرجات تتصاغر حتی یصیر التقاطع بین الدائرتین علی قوائم ، ویحصل التربیع ، فیری من الوجه المضیء نصفه ، ولا یزال یتزاید المرئی من المضیء ویتعاظم انفراج الزاویتین الأولیین إلی وقت الاستقبال ، فتطابق الدائرتان مرة ثانیة ویصیر الوجه المضیء إلینا وإلی الشمس معاً ، وهو البدر.
ثم یقع التقارب فیعود تقاطع الدائرتین علی المختلفات أولاً ، ثم علی قوائم ثانیاً ، وحصل التربیع الثانی (2) ، ثم یؤول الحال إلی التطابق فیعود المحاق ، وهکذا إلی ما یشاء الله سبحانه.
ص: 111
تبیان :
لا یخفی أن حکمهم بأن نور القمر مستفاداً من الشمس لیس مستنداً إلی مجرد ما یشاهد من اختلاف المتشکلات النوریة بقربه وبعده عن الشمس ، فإنّ هذا وحده لا یوجب ذلک الحکم قطعاً ، بل لا بد مع ذلک من ضمّ أُمور اُخر ، کحصول الخسوف عند توسط الأرض بینه وبین الشمس ، إلی غیرذلک من الأمارات التی یوجب اجتماعها ذلک الحکم ، لجواز أن یکون نصفه مضیئاً من ذاته ونصفه مظلما ، ویدور علی نفسه بحرکة مساویة لحرکة فلکه.
فإذا تحرک بعد المحاق یسیراً رأیناه هلالاً ، ویزداد فنراه بدراً ، ثم یمیل نصفه المظلم شیئاً فشیئاً إلی أن یؤول إلی المحاق.
أقول : وهذا هو مقصود ابن الهیثم (1) بلا شک ومریة ، لا ما ظنّه صاحب حکمة العین(2)حیث قال : زعم ابن الهیثم : أن القمر کرة یصفها مضیء
ص: 112
ونصفها مظلم ، وتتحرک علی نفسها ، فاذا مال النصف المضیء إلینا نراه هلالاً ، وتتحرک بحیث یصیرنصفها المضیء کله إلینا عند المقابلة وعلی هذا دائماً.
ثم قال : وهوضعیف ، وإلّا لما انخسف [20 / ] فی شیء من الاستقبالات أصلاً (1) انتهی کلامه.
وقد وافقه صاحب المواقف فی هذا الظن قائلاً : إنَّ الخسوف یبطل کلام ابن الهیثم (2)
وهذا منهما عجیب ، وابن الهیثم أرفع شانا فی هذا العلم من أن یظن صدور مثل هذا عنه ، وکلامه ینادی بأنّ قصده ما ذکرناه ، حیث قال : إنّ التشکلات النوریة للقمر لا یوجب الجزم بأن نوره مستفاد من الشمس ، لاحتمال أن یکون القمرکرة نصفها مضیء ونصفها مظلم ، ویتحرک علی نفسه ، فیری هلالاً ، ثم بدراً ، ثم ینمحق ، وهکذا دائماً (3) انتهی کلامه ، وهو کلام لا غبار علیه أصلاً.
والعجب أنّ هذا الکلام نقله شارح حکمة العین(4)عنه ، ولم یتفطن لما هو مقصوده منه ، فإیاک وقلة التأمل.
________________________
بحر الفوائد ، جامع الدقائق ، المفصل فی شرح المحصل ، وحکمة العین أو عین القواعد وغیرها کثیر.
مات سنة 678 وقیل 675 ه- = 1279 - 1276 م.
له ترجمة فی فوات الوفیات 3 : 56 رقم 346 / الاعلام 4 : 315 / تاریخ مختصر الدول : 287 / تاریخ الفلک : 36 / معجم المؤلفین 7 : 159 / مقدمة حکمة العین فارسیة / کشف الظنون 1 : 685 / هدیة العارفین 1 : 713 ناسباً له إلی التشیع / هدیة الأحباب : 242.
ص: 113
إرشاد :
لعلک تقول - عند ملاحظة قوله علیه السلام : « وامتهنک بالزیادة والنقصان » - : أنَّ حصول الإمتهان للقمر بنقصان نوره ظاهر ، فما معنی حصول الامتهان له بزیادة النور؟ فاقول فیه وجهان :
الأول : أنّه لمّا کان أحد وجهیه مستنیراً بالشمس دائماً ، وکانت زیادة نوره إنما هی بحسب إحساسنا فقط ، وقد سخره الأمر الالهی لأن یتحرک فی النصف الأول من الشهر علی نهج لا یزید به المنیر منه فی کل لیلة إلّا شیئاً یسیراً ، لا یستطیع أن یتخطاه ، ولا یقدر علی أن یتعدّاه ، أثبت علیه السلام له الامتهان ، بسبب إذلاله وتسخیره للزیادة علی هذا الوجه المقرر ، والنهج الخاص. وقد شبّه بعضهم حال القمر ، فی ظهور القدر المرئیّ منه شیئاً فشیئاً فی النصف الأول من الشهر إلی أن یصیر بدراً ، ثم استتاره شیئاً فشیئاً فی النصف الثانی إلی أن یختفی ؛ بما إذا أمر السید عبده بان لا یکشف النقاب عن وجهه للناظرین إلّا علی التدریج شیئاً فشیئاً فی مدة معینة ، وأنّه متی انکشف وجهه بأجمعه فلیبادر فی الحال إلی ستره ، وارخاء النقاب علیه شیئاً فشیئاً إلی أن یختفی بأجمعه عن الأبصار.
الوجه الثانی : أن یکون مراده علیه السلام الامتهان [21 / ] بمجموع الزیادة والنقصان ، أعنی التغیر من حال إلی حال ، وعدم البقاء علی شکل واحد ، ولعل هذا الوجه أقرب ، وهو جار فیما نسبه علیه السلام إلیه من الامتهان بالطلوع والافول ، والإنارة والکسوف.
ویمکن أن یوجه امتهانه بالإنارة بوجه آخر ، وهو : أن یراد بها إعطاؤه النور للغیر - کوجه الأرض مثلاً - لا اتصافه هو بالنور ، فان الإنارة والإضاءة کما جاءا فی اللغة لازمین فقد جاءا متعدیین أیضاً (1) وحینئذ ینبغی أن یراد بالکسوف
ص: 114
کسفه للشمس ، لیتم المقابلة ، ویصیر المعنی امتهنک بأن تفیض النور علی الغیر تارة وتسلبه عنه أُخری ، ولو أرید المعنی الشامل للخسوف أو نفس الخسوف أیضا لم یکن فیه بعد ، والله أعلم. تمهید :
لمّا کانت الشمس ملازمة لمنطقة البروج ، وکانت أعظم من الأرض (1)کان المستنیر بأشعتها أعظم من نصفها ، والمظلم أقل کما عرفت سابقاً ، وحصل مخروط مؤلف من قطعتین ، ترتسم احداهما من الخطوط الشعاعیة الواصلة بین الشمس وسطح الأرض ، ویسمی مخروط النور والمخروط العظیم ، والاخری من ظل الأرض وتسمی مخروط الظلّ ، والمخروط الصغیر ، ویحیط به طبقة یشوبها ضوء مع بیاض یسیر ، ثم طبقة اُخری یشوبها مع ضوء یسیرصفرة ، ثم طبقة أخری یشوبها یسیر حمرة ، وهذه الطبقات الثلاث تظهر للبصر فی المشرق من طلوع الفجر إلی طلوع الشمس بهذا الترتیب ، وبعکسه بعد غروبها فی المغرب ، وقاعدة المخروط العظیم [22 / ] علی کرة الشمس منصّفة بمنطقة البروج ، وسهمه فی سطحها ، وینتهی رأسه فی أفلاک الزهرة عند کون الشمس فی الأوج ، وفیما دونه فیما دونها ، وقاعدة المخروط الصغیر صغیرة علی وجه الأرض ، وهی الفصل المشترک بین المنیر منها والمظلم ، وهذان المخروطان یتحرکان(2) علی سطح الأرض کأنهما جبلان شامخان ، یدوران حولها علی التبادل ، أحدهما أبیض ساطع ، والاخر أسود حالک ، علیه ملابس متلونة ، ویتحرک الأبیض من المشرق إلی المغرب ، وهو النهار لمن هو تحته ، والأسود بالعکس وهو اللیل لمن هو تحته ، فتبارک الله أحسن الخالقین.
ص: 115
وإذا توهّمنا سطحاً کرّیاً مرکزه مرکز العالم ، یمر بمرکز القمر وبالمخروط الصغیر فالدائرة الحادثة منه علی جرم القمر تسمی صفحة القمر ، والحادثة علی سطح المخروط دائرة الظّل ، ومرکزها علی منطقة البروج. تلویح فیه توضیح :
إذا لاقی القمر مخروط الظّل فی الاستقبال ، ووقعت صفحته کلّها أو بعضها فی دائرة الظل ، انقطعت الأشعة الشمسیّة عنه کلاً أو بعضا ، وهو الخسوف الکلّی أو الجزئی ، ولکون غایة عرض القمر - وهی خمسة أجزاء - أعظم من مجموع نصفی قطری صفحته ودائرة الظلّ ، لم ینخسف فی کلّ استقبال (1) [23 / أ] ، بل إذا کان عدیم العرض ، أو کان عرضه - وهو بُعد مرکزه عن مرکز دائرة الظل - أقل من نصفها (2) إذ لو کان مساویا لها ماسّ القمر محیط دائرة الظلّ من خارج علی نقطة فی جهة عرضه ، ولم ینخسف ، وان کان أکثر فبطریق أولی ، أما إن کان العرض أقل من النصفین انخسف أقل من نصف قطره إن کان العرض الأقل أکبر من نصف قطر دائرة الظلّ ، ونصف قطره إن کان مساویا له ، لمرور دائرة الظلّ بمرکز الصفحة حینئذ ، وأکثر منه (3)إن کان أقل منه ، وأکثرمن فضل نصف قطر دائرة الظلّ علی نصف قطر القمر ، وکله (4) غیر (5)ماکث إن کان مساویاً لفضل نصف قطر دائرة الظلّ علی نصف قطر القمر ، لمماسّة القمر محیط الظلّ من داخل علی نقطة فی جهة عرضه ، وماکثاً بحسب ما
ص: 116
یقع فی دائرة الظل إن کان أقل من هذا الفصل ، وغایة المکث إذا کان عدیم العرض ، وأول الخسوف یشبه أثراً دخانیاً ، ثم یزداد تراکماً بازدیاد توغل القمر فی الظلّ ، بان کان عرضه أقل من عشر دقائق کان لونه أسود حالکاً ، وإلی عشرین فأسود ضارباً إلی خضرة ، وإلی ثلاثین فإلی حمرة ، وإلی أربعین فإلی صفرة ، وإلی خمسین فأغبر ، وإلی ستین فأشهب.
وابتداء الانجلاء من شرقی القمر [23 / ب] ، کما أن ابتداء الخسوف کذلک. تنبیه وتبیین :
الأحوال المشهورة الحاصلة للقمر کثیرة ، فبعضها یشارکه فیها سائر الکواکب ، کالإنارة والطلوع والأُفول ونحوها ، وهی کثیرة ولا حاجة داعیة إلی ضبطها ، وبعضها امور تختص به لا توجد فی غیره من الکواکب ، وقد اعتنی أهل الهیئة بالبحث عنها ، وأشهرها ستة :
سرعة الحرکة ، واختلاف تشکلاته النوریة ، واکتسابه النور من الشمس ، وخسوفه لحیلولة الأرض بینهما ، وحجبه لنورها بالکسف لها ، وتفاوت أجزاء صفحته فی النور وهو المسمی بالمحو.
وهذه الأحوال الستة یمکن فهمها من کلامه علیه السلام بعضها بالتصریح وبعضها بالتلویح.
أمّا سرعة حرکته واختلاف تشکّلاته فظاهر ؛ وأمّا کسفه للشمس وخسوفه فلما مرّ من حمل الکسوف فی کلامه علیه السلام علی ما یشمل الأمرین معاً ؛ وأمّا اکتسابه النور من الشمس فلدلالة اختلاف التشکّلات مع الخسوف علیه.
فهذه الأمور الخمسة تفهم من کلامه علیه السلام علی هذا النهج ، وبقی الأمر السادس - أعنی تفاوت أجزائه فی النور - فإنّ فی إشعار کلامه علیه السلام به نوع خفاء ؛ ویمکن أن یومیء إلیه قوله علیه السلام : « وامتهنک بالزیادة
ص: 117
والنقصان ». فإن المراد زیادة النور ونقصانه ، ولا معنی لتفاوت أجزائه فی النور إلّا زیادته فی بعض ونقصانه فی بعض آخرکما لا یخفی [24 / أ].
فقد تضمن کلامه علیه السلام مجموع تلک الأحوال الستة المختصة بالقمر ، وقد مر الکلام فی الأربعة الاُول منها ، وبقی الکلام فی الأخیرین فنقول :
أمّا الکسوف : فهو ذهاب الضوء عن جرم الشمس فی الحسّ کلّا أو بعضاً ، لستر القمر وجهها المواجه لنا کلاً أو بعضاً ، وذلک عند کونهما بحیث یمرخط خارج من البصر بهما ، إمّا مع اتحاد موضعیهما المرئیین ، أو کون البعد بینهما أقل من مجموع نصفی قطریهما ، فلو تساویا ماسّها ولا کسف ، وإن زاد الأول فبالأولی ، فإن وقع مرکزاهما علی الخط المذکور کسفها کلّها بلا مکث ، إن کان قطراهما متساویین حساً ، ومع مکثه إن کان قطراها أصغر ، وبقی منها حلقة نورانیة إن کان قطرها أعظم ، وإن لم یقعا علی ذلک الخط کسف منها بعضاً أبداً إلّا إذا کان قطره أعظم حسا فقد یکسفها حینئذ کلا ، وربما یبقی منها حلقةً نورانیة مختلفة الثخن أو قطعة نعلیة إن کان قطره أصغر.
ولمّا کان الکسوف غیر عارض للشمس لذاتها ، بل بالقیاس إلی رؤیتها بحسب کیفیة توسط القمر بینها وبین الأبصار ، أمکن وقوعه فی بقعة دون أُخری ، مع کون الشمس فوق أفقیهما ، وکونه فی احداهما کلّیاً أو أکثر ، وفی أُخری جزئیاً أو أقل ، وابتداء الکسوف من غربیّ الشمس ، کما أنّ ابتداء الانجلاء کذلک. تتمة :
وأمّا محو القمر : - وهی الظلمة المحسوسة فی صفحته - فأمره ملتبس ، والآراء فیه متشعبة والأقوال متخالفة ، وابن سینا فی الشفاء (1) أطنب فی بیان
ص: 118
الاحتمالات التی یمکن القول بها ، ولم یجزم بشیء منها ، وقد وصل إلینا من الأقوال إثنی عشر قولاً ، أوردتها مع ما یرد علیها فی المجلد الثانی من کتابی الموسوم بالکشکول (1) وأذکر هنا [24 / ب] منها خمسة.
الأول : أنّها آثار فی وجهه المظلم ، تأدّت إلی وجهه المضیء.
وأورد علیه : أنّه لو کان کذلک لکانت أطرافه أشدّ ظلمة ، وأوساطه أشدّ ضوءاً.
الثانی : أنها أجرام مختلفة مرکوزة مع القمر فی تدویره ، غیر قابلة للإنارة بالتساوی ، وهو مختار سلطان المحققین قدس سره فی التذکرة(2)
وأورد علیه : أنّ ما یتوسط بینه وبین الشمس من تلک الأجرام وکذا بیننا وبینه فی کل زمان ، ووضع شیء آخر لتحرک التدویر علی نفسه ، فکیف یری دائماً علی نهج واحد غیرمختلف.
وقد یعتذر له : بأن التفاوت المذکور لا یحس به فی صفحة القمر ، لصغرها وبعد المسافة.
الثالث : أنّ الأشعة تنعکس إلیه من البحار ، وکرة البخار - لصقالتها - انعکاساً بیناً ، ولا تنعکس کذلک من سطح الربع المکشوف لخشونته ، فیکون المستنیر من وجهه - بالأشعة النافذة إلیه علی الاستقامة ، والأشعة المنعکسة معاً - أضوء من المستنیر بالأشعة المستقیمة والمنعکسة من الربع المکشوف ، وهذا مختار صاحب التحفة (3)
وأورد علیه : أن ثبات الانعکاس دائماً علی نهج واحد - مع اختلاف أوضاع الأشیاء المنعکس عنها من البحار والجبال فی جانبی المشرق والمغرب - مستحیل.
ص: 119
واعتذر له بما اعتذر لأستاذه.
الرابع : إنّ سطح القمر لمّا کان صقیلاً کالمرآة فالناظر یری فیه صور البحار ، والقدر المکشوف من الأرض ، وفیه عمارات وغیاض وجبال ، وفی البحار مراکب وجزائر مختلفة الأشکال ، وکلها یظهر للناظر أشباحها فی صفحة القمر ، ولا یمیز بینها لبعدها ، ولا یحس منها إلّا بخیال ، وکما لا تری مواضع الأشباح فی المرایا مضیئة ، فکذلک لا یری تلک المواضع فیه براقة ، أو أنه یری صورة العمارات والغیاض والجبال مظلمة کما هی علیه فی اللیل ، وصورة البحار مضیئة ، أو بالعکس فإنّ صورتی الأرض والماء منطبعان فیه ، کما أنّ الأرض لکثافتها تقبل ضوء الشمس أکثر مما یقبله الماء للطافته ، فکذا صورتاهما ، وهذا الوجه مختار الفاضل النیسابوری(1)فی شرح التذکرة(2)[25 / أ] ومال إلیه أُستاذ أستاذنا المحقق البرجندی (3)فی شرح التذکرة أیضاً (4) والإیراد والاعتذار کما
ص: 120
سبق.
الخامس : أنّ أجراماً صغیرة نیّرة مرکوزة فی جرم الشمس ، أو فی فلکها الخارج المرکز ، بحیث تکون متوسطة دائماً بین جرم الشمس والقمر ، وهی مانعة من وقوع شعاع الشمس علی مواضع المحو من القمر ، وهذا الوجه للمدقق الخفری (1) أورده فی شرح التذکرة (2) ومنتهی الإِدراک(3) واستحسنه.
وأقول : فیه نظر ، فإن تلک الأجرام إن کانت صغیرة جداً ، تلاقت الخطوط الخارجة من حولها إلی القمر بالقرب منها ، ولم یصل ظلّها إلیه ، وإن کان لها مقدار یعتد به بحیث یصل ظلّها إلی جرم القمر فوصوله إلی سطح الأرض فی بعض الأوقات کوقت الاستقبال أولی ، فکان ینبغی أن یظهر علی سطح الأرض کما یظهر ظلّ الغیم ونحوه ، ولیس فلیس ، والله أعلم بحقائق الأمور. خاتمة :
ما مرّ من أن اکتساب النور من الشمس مختص بالقمر لا یشارکه فیه غیره من الکواکب هو القول المشهور (4) وعلیه الجمهور فإنهم مطبقون علی أنّ أنوار ما عداه من الکواکب ذاتیة غیر مکتسبة من الشمس ، واستدلوا علی ذلک : بأنها لو استفادت النور من الشمس لظهر فیها التشکلات البدریة والهلالیة ، بالبعد
ص: 121
والقرب منها کما فی القمر ، هکذا أورده [25 / ب] فیها (1) وفی نهایة الإدراک (2)
وأقول : فیه نظر ، فإنّ القائل باستفادتها النور من الشمس لیس علیه أن یقول بأنّ المستضیء منها إنما هو وجهها المقابل للشمس فقط ، لیلزمه اختلاف تشکلاتها کالقمر ، بل أن یقول بنفوذ الضوء فی أعماقها کالقطعة من البلّور إذا وقع علیها ضوء الشمس ، بان الناظر إلیها من جمیع الجهات یبصرها مضیئة باجمعها ، فتبصر.
ثمّ إنّ صاحب التحفة أورد علی الدلیل المذکور : أنّ اختلاف التشکلات إنّما یلزم فی السفلیین لا فی بقیة الکواکب التی فوق الشمس ، لکون وجهها المقابل لنا هو المقابل للشمس ، بخلاف القمر فیمکن أن یستفید النور منها ولا یظهر فیها التشکلات الهلالیة بالقرب من الشمس (3)
وما یقال من أنه : یلزم انخسافها فی مقابلات الشمس مدفوع بأن ظل الأرض لا یصل إلی أفلاکها.
ثمّ إنّه أجاب عن هذا الإیراد : بأن تلک الکواکب إذا کانت علی سمت الرأس ، غیر مقابلة للشمس ، ولا مقارنة لها ، لم یکن وجهها المقابل لنا هو المقابل لها بل بعضه ، ویلزم اختلاف التشکلات الهلالیة.
ثمّ قال ، فإن قیل : إنّما لا یری شیء منها هلالیاً لخفاء طرفیه ، لصغر حجم الکوکب فی المنظر ، وظهوره من البعد المتفاوت مستدیراً.
قلنا [26 / أ] : لو کان کذلک لرؤی الکوکب فی قرب الشمس أصغر منه فی بعدها هذا کلامه.
وأقول : فیه نظر ، فإن للخصم أن یقول : إنما یلزم ذلک لو وقعت دائرة
ص: 122
الرؤیة فیها مقاطعة لدائرة النور ، ولمَ لا یجوز أن لا تقع أبدا إلا داخلها؟ إمّا موازیة لها إذا کان الکوکب علی سمت الرأس فی مقابلة الشمس ، أو غیر موازیة إما مماسة لها کما لعله یتفق فی التربیع ، أوغیرمماسّة کما فی غیره.
ولا یندفع هذا إلا إذا ثبت لقاطع الدائرتین علی سطح الکوکب کما فی القمر ، ودون ثبوته خرط القتاد(1)
ثم إنّ الذی ما زال یختلج بخاطری : أنّ القول بعدم الفرق بین القمر وسائر الکواکب فی أنّ أنوار الجمیع مستفادة من الشمس غیر بعید عن الصواب ، وقد ذهب إلیه جماعة من أساطین الحکماء ، ووافقهم الشیخ السهروردی (2)حیث قال فی الهیاکل : إنّ رخش - یعنی الشمس - قاهر الغسق ، رئیس السماء ، فاعل النهار ، صاحب العجائب ، عظیم الهیئة ، الذی یعطی جمیع الأجرام ضوءها ، ولا یأخذ منها (3)هذا کلامه.
وقد ذهب الشیخ العارف محیی الدین بن عربی (4)أیضا إلی هذا القول ،
ص: 123
وصرح به فی الفتوحات المکیّة(1) ووافقه جمع من الصوفیة ، والله أعلم بحقائق الأشیاء.
ولی فی هذا الباب رسالة مبسوطة فمن أرادها فلیقف علیها (2)
ص: 124
قال مولانا وإمامنا علیه السلام [26 / ب].
« سبحانه ما أعجب ما دبر فی أمرک ، والطف ما صنع فی شأنک ، جعلک مفتاح شهر حادث لأمر حادث ، فأَسأل الله ربی وربک ، وخالقی وخالقک ، ومقدری ومقدرک ، ومصوری ومصورک ، أن یصلّی علی محمد وآله ، وأَن یجعلک هلال برکة لا تمحقها الأیام ، وطهارة لا تدنسها الآثام ، هلال أمن من الأفات ، وسلامة من السیئات ، هلال سعد لانحس فیه ، ویمن لا نکد معه ، ویسر لا یمازحّه عسر ، وخیر لا یشوبه شر ، هلال أمن وإیمان ، ونعمة واحسان ، وسلامة واسلام ».
« سبحان » مصدر کغفران ، بمعنی التنزیه عن النقائص ، ولا یستعمل إلا محذوف الفعل منصوباً علی المصدریة ، فسبحان الله معناه تنزیه الله ، کأنه قیل اُسبحه سبحاناً ، واُبرؤه عما لا یلیق بعزجلاله براءة.
قال الشیخ أبو علی الطبرسی طاب ثراه : أنّه صار فی الشرع علماً لأعلی مراتب التعظیم ، التی لا یستحقها إلّا هو سبحانه ، ولذلک لا یجوز أن یستعمل فی غیره تعالی ، وإن کان منزها عن النقائص (1)
وإلی کلامه هذا ینظر ما قاله بعض الأعلام : من أن التنزیه المستفاد من سبحان الله ثلاثة أنواع :
ص: 125
[ أ ] : تنزیه الذات عن نقص الإمکان الذی هومنبع السوء.
[ب] : وتنزیه الصفات عن وصمة الحدوث ، بل عن کونها مغایرة للذات المقدسة ، وزائدة علیها.
[ج- ] : وتنزیه الأفعال عن القبح والعبث ، وعن کونها جالبة إلیه تعالی نفعاً أودافعة عنه سبحانه ضررا کأفعال العباد [27 / أ].
و « ما » فی قوله علیه السلام : « ما أعجب » إمّا موصولة ، أو موصوفة ، أو استفهامیة ، علی خلاف المشهور فی ما التعجبیة.
وهی مبتدأ والماضی بعدها صلتها أو صفتها علی الاُولیین ، والخبر محذوف ، أی الذی - أو شیء - صیّره عجیباً أمر عظیم أو هو الخبر علی الأخیر.
و « ما » فی « ما دبر » مفعول أعجب ، وهی کالأولی علی الاُولیین ، والعائد المفعول محذوف ، والأمر والشأن مترادفان.
وفصل جملة « جعلک » عما قبلها للاختلاف خبراً وانشاءً مع کون السابقة لا محل لها من الإعراب.
و « الشهر » مأخوذ من الشهرة ، یقال : شهرت الشیء شهراً أی أظهرته وکشفته ، وشهرت السیف أخرجته من الغلاف(1)وتشبیه الشهر فی النفس بالبیت المقفول استعارة بالکنایة ، وإثبات المفتاح له استعارة تخییلیة ، ولا یخفی لطافة تشبیه الهلال بالمفتاح.
والجار - فی قوله علیه السلام « لأمر حادث » - متعلّق بحادث السابق ، أی أن حدوث ذلک الشهر وتجدّده لأجل إمضاء أمر حادث مجدّد ، ویجوز تعلقه ب - « جعل ».
وتنکیر « أمر » للإبهام وعدم التعیین ، أی أمر مبهم علینا حاله ، کما قالوه فی
ص: 126
قوله تعالی : ( أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ) (1) أن المراد أرضاً منکورة مجهولة.
والفاء فی « فاسال الله » فاء السببیة ، کما فی قوله تعالی : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ) (2)
فإنّ ذلک الأمر المجدد الذی جعل تجدّد الشهر لإمضائه فیه لمّا کان مبهماً صارإبهامه سبباً لأن یسأل الله سبحانه أن یکون برکة وأمناً وسلامة ، وما هو من هذا القبیل ، ولا یبعد أن تجعل فصیحة کما قالوه فی قوله تعالی : ( فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاکَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ ) (3)إما بتقدیر شرط کما هو رأی صاحب الکشاف ، أی [27 / ب] إذا کان کذلک فأسأل الله؟ أو غیر شرط ، کما هو رأی صاحب المنهاج ، أی وهو مبهم فأسأل الله (4)
والحقّ أن تصدیر الشرط لاعتباره لا ینافی کون الفاء فصیحة ، وأنّ الناقل واهم کما نبه المحقق الشریف فی بحث الإیجاز والإطناب من شرح المفتاح. تتمة :
عدوله علیه السلام فی قوله : « فاسأل الله » عن الإضمار الذی هو مقتضی الظّاهر ، جریاً علی وتیرة الضمائر الأربعة السابقة ، أی الإظهار لعلّه للتعظیم ، والاستلذاذ ، والتبرّک ، وإرادة الوصف بما بعده إذ المضمر لا یوصف ، وقول الکسائی ، بجواز وصف ضمیر الغائب ضعیف ، وأمّا جعل ما بعده هنا حالاً فلا
ص: 127
یخلومن بعد بحسب المعنی.
والکلام فیما یتعلق بلفظ الجلالة المقدسة تقدّم مبسوطاً فی فواتح الشرح (1)
وإضافة الرب » إلی یاء المتکلم من إضافة الصّفة إلی غیر المعمول نحو کریم البلد ، إذ الصّفة المشبّهة لاشتقاقها من اللازم لا مفعول لها ، لاضافتها اللفظیّة منحصرة فی إضافتها إلی الفاعل ، فلذلک جاز وصف المعرفة بها.
فإنّ قلت : المعطوف علی النعت نعت ، واسم الفاعل أعنی « خالقی » مضاف إلی المفعول.
قلت : بعد تسلیم أنّه نعت حقیقة هو بمعنی الماضی ، فإضافته معنویّة من قبیل « ضارب زید أمس ». وتسمیتهم المضاف إلیه حینئذ مفعولاً نظراً إلی المعنی لا إلی أنّ محلّه النصب ، کما إذا کان إسم الفاعل بمعنی الحال والاستقبال ، علی أنّا لو قطعنا النّظر عن کونه بمعنی الماضی لأمکن جعل مثل هذا من جزئیات قاعدتهم المشهورة وهی أنّه « یغتفر فی الثوانی ما لا یغتفر فی الأوائل » کما قالوا فی نحو : « ربّ شاة وسخلتها ».
والمباحث [28 / أ] المتعلّقة بالصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله ، وتحقیق تشبیهها فی بعض الأدعیة بالصلاة علی إبراهیم وآل إبراهیم ، والکلام فی تحقیق معنی الآل واشتقاقه من آل یؤل ، وإیراد ما یرد علی أن آل النبی صلی الله علیه و آله حقیقة هم الأئمة المعصومون سلام الله علیهم قد مر الکلام فیها فی الفواتح (2) فلا معنی لإعادته.
و « البرکة » : النماء والزیادة فی الخیر ، ولعل المراد بها هنا الترقی فی معارج القرب ، ومدارج الاُنس یوماً فیوماً ، فإن « من استوی یوماه فهو مغبون » (3)
ص: 128
و « محق » : الشیء محقاً أبطله ومحاه ، ومنه سمّیت اللیالی الثلاث الأخیرة من الشهر محاقا ، لمحق نور القمر فیها.
و « الطهارة » : النزاهة من الأدناس ، ویندرج فیها نزاهة الجوارح عن الأفعال المستقبحة ، واللسان عن الأقوال المستهجنة ، والنفس عن الأخلاق المذمومة ، والأدناس الجسمانیة ، والغواشی الظلمانیة ، بل النزاهة عن کل ما یشغل عن الإقبال علی الحق تعالی کائنا ما کان ، وذلک بخلع النعلین والتجرد عن الکونین ، فإنهما محرمان علی أهل الله تعالی.
و « الدنس » : الوسخ ، وتدنیس الآثام للطهارة القلبیة ظاهر ، فإن کل معصیة یفعلها الإنسان یحصل منها ظلمة فی القلب ، کما یحصل من نَفَس الإنسان ظلمة فی المراة ، فإذا تراکمت ظلمات الذنوب علی القلب صارت ریناً وطبعاً ، کما تصیر الأنفاس والأبخرة المتراکمة علی جرم المراة صدءً.
وإسناد المحق إلی الأیام ، والتدنیس إلی الآثام مجاز عقلی ، والملابسة فی الأول زمانیّة ، وفی الثانی سببیة.
و « الأمن » : اطمئنان القلب ، وزوال الخوف من مصادمة المکروه.
و « السّعد » والسّعادة مترادفان ، وربما فسرا بمعاونة الأُمور الإلهیة الانسان علی نیل الخیر ، ویضادهما النحس [28 / ب] والشقاوة.
والمراد « بالنکد » عسر المعاش وضیقه ، أو تعسر الوصول إلی المطلب الحقیقی ، لما یعتری السالک من العوائق الموجبة لبعد المسافة ، وطول الطریق والله أعلم. تبصرة :
أمثال ما تضمّنه هذا الدعاء من سؤاله علیه السلام الطهارة الغیر المدنّسة بالآثام ، والسلامة من السیئات ، والتوفیق للتوبة ، مع أنه علیه السلام معصوم
ص: 129
عن الأدناس والذنوب ، قد تقدم الکلام فیه فی الفواتح (1)وذکرت هناک أن مثل هذا کثیر فی کلام أئمتنا سلام الله علیهم ، کما نقل عن الکاظم علیه السلام أنه کان یقول فی سجدة الشکر : « ربِّ عصیتک بلسانی ، ولو شئت وعزتک لأخرستنی ، وعصیتک ببصری ولو شئت وعزتک لأکمهتنی » (2)إلی آخر الدعاء.
بل وقع مثل ذلک فی کلام سید المرسلین وأشرف الأولین والآخرین صلی الله علیه و آله الطاهرین کما روی عنه صلی الله علیه و آله أنّه قال : ( إنّی لاستغفر الله وأتوب إلیه فی الیوم أکثرمن سبعین مرّة ) (3) وقد قلنا هناک : إن النبی صلی الله علیه و آله ، وکذلک المعصومین من عترته سلام الله علیهم ، لغایة اهتمامهم باستغراق أوقاتهم فی الإقبال علی الله سبحانه ، والإعراض عما عداه ، وانجذابهم بکلیتهم إلی جنابه جلّ شأنه ، وترک ما سواه ، کانوا یعدون صرف لمحة من اللمحات فی الأشغال البدنیة ، واللوازم البشریة من المأکل والمشرب والمنکح ، وأمثالها من المباحات ، نقصا وانحطاطاً ، ویسمون توجه البال فی آن من الآنات إلی شیء من هذه الحظوظ الدنیویة إثماً وعصیاناً وذنباً ، ویستغفرون الله تعالی منه.
وقد سلک علی منوالهم ، واقتدی بأقوالهم ، وأفعالهم ، المتألهون والعرفاء من أصحاب الحقیقة ، الذین نفضوا عن [29 / أ] ذیول سرائرهم غبار هذه الخربة الدنیة ، وکحّلوا عیون بصائرهم بکحل الحکمة النبویة.
وأما نحن معاشر القاصرین عن الارتقاء إلی هذه الدرج العلّیة والمحجوبین عن سعادة الاعتلاء علی تلک المراتب السنیة ، فلا مندوحة لنا عن جعل عظائم
ص: 130
جرائمنا - حال قراءة تلک الفقر - نصب أعیننا ؛ وقبائح أعمالنا - عند تلاوة تلک الفصول - مطمح نظرنا.
تذکرة :
ینبغی لنا إذا تلونا قوله علیه السلام : « هلال أمن من الآفات » أن لا نقصرها علی الافات البدنیة ، بل نطلب معها الأمن من الآفات النفسیة أیضاً ، من الکبر والحسد ، والغلّ والغرور ، والحرص وحب المال والجاه ، وغیر ذلک من دواعی النفس وحظوظها ، ومشتهیاتها البهیمیة والسبعیة ، فإنّ طلب الأمن من هذه الآفات التی بمنزلة الکلاب العاویة والحیات الضاریة الموجبة للهلاک الحقیقی أهم وأحری وألیق وأولی ، وقد قدّمنا فی الحدیقة الأخلاقیة من شرحنا هذا وهی الحدیقة العشرون فی شرح دعائه علیه السلام فی مکارم الأخلاق کلاماً فیما یعین علی إلاحتراز عن هذه الافات ، وقلنا هناک : أنه لا یحصل الأمن التام منها إلاّ بإخراج التعلق بالدنیا من سویداء الفؤاد ، وقلع هذه الشجرة الخبیثة من أرض القلب ، فإنه ما دام الإقبال علی الدنیا متمکناً فی النفس ، لا یمکن حسم مواد هذه الافات عنها رأساً ، بل کلّما دفعتها وحسمتها عادت إلی ما کانت علیه أولاً(1)
وقد شبه بعض أصحاب القلوب (2)ذلک بحال شخص عرض له مهم یحتاج إلی فکر وتأمل تام ، فاراد أن یصفو وقته ، ویجتمع باله ، لیتفکر فی هذا المهم ، فجلس تحت شجرة ، واشتغل بالفکر فیه ، وکانت العصافیر - وغیرها من الطیور - تجتمع علی تلک الشجرة ، وتشوش علیه فکره باصواتها وتکدر وقته ، فأخذ خشبة وضرب بها الشجرة ، فهربت العصافیر والطیور عنها ، ثم اشتغل بفکره فعادت کما کانت فطردها مرة أخری فعادت أیضاً ، وهکذا مراراً فقال له شخص : یا هذا ، إن أردت الخلاص فاقطع الشجرة من أصلها فإنها ما دامت باقیة فإنّ العصافیر والطیور تجتمع علیها ألبتة.
ص: 131
وبعضهم شبه ذلک بقصة الکردی الذی قتل أُمه ، کما یحکی أنّ شخصاً من الأکراد کانت أُمّه معروفة بعدم العفة وتدنس الأزار ، وکان الناس یعیّرونه بذلک وهو یتوقع الفرصة لحسم تلک المادة.
فدخل یوماً إلی البیت فوجد معها رجلاً یزنی بها ، فشق بالسکین صدرها واستراح من شنعتها.
فقال له أصحابه ومعارفه : یا هذا ، إنّ قتل الرجل کان أولی من قتل الأم ، فإنه أمرمستقبح!!
فقال : إنی لو لم أقتلها کان یلزمنی [30 / ] أن أقتل فی کلِّ یوم شخصاً جدیداً ، وهذا الأمر لا یتناهی إلی حد.
وأنا قد نظمت قصة هذا الکردی فی کتابی الموسوم بسوانح سفر الحجاز(1) هکذا :
کان فی الأکراد شخص ذو سداد
اُمه ذات اشتهار بالفساد
لم تخیّب من نوال طالبا
لن تَکُفَّ عن وصال راغبا
دارها مفتوحة للداخلین
رجلها مرفوعة للفاعلین
فهی مفعول بها فی کل حال
فعلها تمییز أفعال الرجال
کان ظرفا مستقراً وکرها
جاء زیدٌ قام عمرو ذکرها
جاءها بعض اللیالی ذو أمل
فاعتراها الابن فی ذاک العمل
شقّ بالسکین فوراً صدرها
فی محاق الموت أخفی بدرها
مکّن الغیلان من أحشائها
خلّص الجیران من فحشائه
قال بعض القوم من أهل الملام :
لمْ قتلت الاُم یا هذا الغلام؟
کان قتل المرء أولی یا فتی
إنّ قتل الاُم لم شیءٌ ما أتی!!
قال : یا قوم اترکوا هذا العتاب
إنّ قتل الاُم أدنی للصواب!
ص: 132
کنت لو أبقیتها فیما ترید
کلّ یوم قاتلاً شخصاً جدید
إنّها لو لم تذق حدّ الحسام
کان شغلی دائماً قتل الأنام!!
أیّها المأسور فی قید الذنوب
أیّها المحروم من سرّ الغیوب
أنت فی أسر الکلاب العاویه
من قوی النفس الکفور الجانیه
کل صبح مع مساء لا تزال
مع دواعی النفس فی قیل وقال [31 / أ]
کلّ داع حیَّة ذات التقام
قل مع الحیات کم هذا المقام؟
إن تکن من لسع ذی تبغ الخلاص
أو تَرُم من عضّ هاتیک المناص
فاقتل النفس الکفور الجانیه
قتل کردیّ لأم زانیه
أیها الساقی أدر کأس المُدام
واجعلن فی دورها عیشی المدام
خلص الأرواح من قید الهموم
أطلق الأشباح من أسر الغموم
فالبهائی الحزین الممتحن
من دواعی النفس فی أسر المحن (1)تبیین :
یمکن أن یراد بالإحسان : فی قوله علیه السلام : « ونعمة وإحسان » معناه الظاهری المتعارف ، والأنسب أن یراد به المعنی المتداول علی لسان أصحاب القلوب ، وهو الذی فسره سید الأولین والآخرین صلی الله علیه و آله أجمعین ، بقوله : ( الإحسان أن تعبد الله کأنّک تراه ، فإن لم تکن تراه فإنّه یراک )(2)
وینبغی حینئذ أن یراد بالإیمان والإسلام فی قوله علیه السلام : « هلال أمن وإیمان ، وسلامة وإسلام » ، المرتبتان المعروفتان بعین الیقین ، وحق الیقین ، علی ما مرّ شرحه فی الفواتح.
هذا ، وقد طلب علیه السلام الأمن فی هذا الدعاء مرتین ، مرة مقیداً بکونه من الآفات ، ومرة مطلقا ، وکذلک طلب السلامة مرتین مرة مقیداً بکونها
ص: 133
من السیئات. وأُخری مطلقاً.
ویمکن أن یراد بالمطلقة سلامة القلب عن التعلّق بغیر الحقّ جلّ وعلا ، کما قاله بعض المفسرین(1)فی تفسیرقوله تعالی : ( یَوْمَ لَا یَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ [31 / ب] إِلَّا مَنْ أَتَی اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ ) (2)
وأما الأمن المطلق فلعل المراد به طمأنینة النفس بحصول راحة الأنس ، وسکینة الوثوق ، فإنّ السالک ما دام فی سیره إلی الحق یکون مضطرباً غیرمستقر الخاطر لخوف العاقبة ، وما یعرض فی أثناء السیر من العوارض العائقة عن الوصول.
فإذا هبَّ نسیم العنایة الأزلیة ، وارتفعت الحجب الظلمانیة ، واندکت جبال التعیّنات الرسمیة ، تنوّر القلب بنور العیان ، وحصلت الراحة والاطمئنان ، وزال الخوف ، وظهرت تباشیر الأمن والأمان.
وهذان المقامان - أعنی : مقامی الأمن والسلامة - من مقامات أصحاب النهایات ، لا من أحوال أرباب البدایات ، وقد أشار إلیهما مولانا وأمامنا أمیر المؤمنین علیه السلام الذی إلیه تنتهی سلسلة أهل الحقیقة والعرفان سلام الله علیه وعلی من ینتسب إلیه فی کلام له علیه السلام أورده السید الرضی (3)رضی الله عنه فی نهج البلاغة ، وهو قوله علیه السلام فی وصف من سلک طریق الوصول
ص: 134
( قدأحیی عقله (1)وأمات نفسه ، حتی دق جلیله ، ولطف غلیظه ، وبرق له لامع کثیر البرق (2)، فأبان له الطریق ، وسلک به السبیل ، وتدافعته الأبواب إلی باب السلامة ، ودار الإقامة ، وثبتت رجلاه بطمأنینة بدنه فی قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه وأرضی ربه (3)انتهی کلامه صلوات الله علیه وسلامه.
ولعلّ السعد الذی لا نحس فیه ، والیمن [32 / ] الذی لا نکد معه ، والیسر الذی لا یمازجه عسر والخیر الذی لا یشوبه شر ، من لوازم هذین المقامین وفقنا الله سبحانه مع سائر الأحباب للارتقاء إلیهما بمنه وکرمه إنه سمیع مجیب.
ص: 135
توضیح : خطابه علیه السلام فی هذا الدعاء بعضه متوجه إلی الهلال ، ومختص به ، کقوله علیه السلام : « جعلک مفتاح شهر حادث » وقوله علیه السلام : « أنْ یجعلک هلال برکة ، وهلال أمن ، وهلال سعد ».
وبعضه متوجه إلی جرم القمر ، کقوله علیه السلام : « وامتهنک بالزیادة والنقصان » ، فإن الهلال وإن حصل له الزیادة لکن لا یحصل له النقصان.
وأما إطلاق الهلال علیه فی لیلتی ست وعشرین ، وسبع وعشرین - کما ذکره صاحب القاموس (1)فالظاهر أنّه مجاز کما مرّ (2) وعلی تقدیر أن یکون حقیقة فلیس هوالمخاطب بذلک قطعاً.
وکقوله علیه السلام « والإنارة والکسوف » فإنّ الکسوف لا یکون بشیء من معنییه للهلال.
ویمکن أن قوله علیه السلام : « المتردد فی منازل التقدیر » مما یتوجه إلی جرم القمر أیضاً. لا الهلال لأن الجمع المضاف یفید العموم ، والهلال - وان کان یقطعها بأجمعها أیضاً - إلّا أنّ الظاهر أن مراده علیه السلام قطعها فی کلّ شهر.
ثم لا استبعاد فی أن یکون بعض تلک الفقر مقصوداً بها بعض الجرم أعنی الهلال ، وبعضها مقصوداً بها کله.
ویمکن أن یجعل المقصود بکل الفقر کلّ الجرم ، بناء علی [33 / ] أنْ یراد من الهلال جرم القمر فی اللیالی الثلاث الأول ، لا المقدار الذی یری منه مضیئاً فیها ، کما أنّ البدر هو جرم القمر لیلة الرابع عشر لا المقدار المرئی منه فیها.
وهذا وإن کان لا یخلو من بعد إلّا أنه یصیر به الخطاب جاریاً علی وتیرة
ص: 136
واحدة کما هو الظاهر. تکملة :
جَعْله علیه السلام مدخول « ما » التعجبیة فعلاً دالاً علی التعجب بجوهره ، ینبیء عن شدة تعجبه علیه السلام من حال القمر ، وما دبره الله سبحانه فیه ، وفی أفلاکه بلطائف صنعه وحکمته ، وهکذا کلّ من هو أشد اطلاعاً علی دقائق الحکم المودعة فی مصنوعات الله سبحانه فهو أشد تعجباً ، وأکثر استعظاماً.
ومعلوم أن ما بلغ إلیه علمه علیه السلام من عجائب صنعه جلّ وعلا ، ودقائق حکمته فی خلق القمر ، ونضد أفلاکه ، وربط ما ربطه به من مصالح العالم السفلّی ، وغیر ذلک فوق ما بلغ إلیه أصحاب الأرصاد ، ومن یحذو حذوهم من الحکماء الراسخین بأضعاف مضاعفة ، مع أنّ الذی اطلع علیه هؤلاء - من أحواله ، وکیفیة أفلاکه ، وما عرفوه مما یرتبط به من أمور هذا العالم - اُمور کثیرة ، یحار فیها ذو اللبّ السلیم ، قائلاً : ( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً ) (1)
وتلک الأمور ثلاثة أنواع :
الأول : ما یتعلق بکیفیة أفلاکه ، وعدّها ونضدها ، وما یلزم من حرکاتها من الخسوف والکسوف ، واختلاف التشکلات [34 / أ] وتشابه حرکة حامله حول مرکز العالم لا حول مرکزه ومحاذاة قطر تدویره نقطة سوی مرکز العالم ، إلی غیرذلک مما هو مشروح فی کتب الهیئة.
الثانی : ما یرتبط بنوره من التغیرات فی بعض الأجسام العنصریة ، کزیادة الرطوبات فی الأبدان بزیادته ، ونقصانها بنقصانه ، وحصول البُحارین(2) للأمراض ، وزیادة میاه البحار والینابیع زیادة بینة فی کل یوم من النصف ألأول
ص: 137
من الشهر ، ثم أخذها فی النقصان یوماً فیوماً فی النصف الأخیر منه ، وزیادة أدمغة الحیوانات وألبانها بزیادة النور ، ونقصانها بنقصانه.
وکذلک زیادة البقول والثمار نمواً ونضجاً عند زیادة نوره ، حتی أنّ المزاولین لها یسمعون صوتاً من القثاء والقرع والبطیخ عند تمدده وقت زیادة النور ، وکإبلاء نور القمر الکتان ، وصبغه بعض الثمار ، إلی غیرذلک من الأمور التی تشهد بها التجربة (1)
قالوا : وإنّما اختص القمر بزیادة ما نیط به من أمثال هذه الأمور بین سائر الکواکب لأنه أقرب [34 / ب] إلی عالم العناصر منها ؛ ولأنه مع قربه أسرع حرکة فیمتزج نوره بأنوار جمیع الکواکب ، ونوره أقوی من نورها ، فیشارکها شرکة غالب علیها فیما نیط بنورها من المصالح بإذن خالقها ومبدعها جلّ شأنه.
الثالث : ما یتعلق به من السعادة والنحوسة ، وما یرتبط به من الأمور التی هو علامة علی حصولها فی هذا العالم ، کما ذکره الدیانیون من المنجمین ، ووردت به الشریعة المطهرة علی الصادع بها أفضل التسلیمات.
کما رواه الشیخ الجلیل عماد الإِسلام ، محمد بن یعقوب الکلینی قدس الله روحه ، فی الکافی عن الصادق علیه السلام ، قال : « من سافر أو تزوج والقمر فی العقرب لم یر الحسنی » (2)
وکما رواه أیضا فی الکتاب المذکور عن الکاظم علیه السلام : « من تزوج فی محاق الشهر فلیسلّم لسقط الولد » (3)
وکما رواه شیخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسی طاب ثراه فی تهذیب الأخبار عن الباقر علیه السلام : « أنّ النبی صلی الله علیه و آله بات لیلة
ص: 138
عند بعض نسائه فانکسف القمرفی تلک اللیلة فلم یکن منه فیها شیء.
فقالت له زوجته : یا رسول الله بابی أنت وأمی کل (1)هذا البُغْض؟
فقال : لها : ( ویحک هذا الحادث فی السماء فکرهت أن [35 / أ]
وفی آخر الحدیث ما یدل علی أن المجامع فی تلک اللیلة إن رزق من جماعه ولداً وقد سمع بهذا الحدیث لا یری ما یحب(2)هدایة :
ما یدعیه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلیّة بالأجرام العلویة إن زعموا أنّ تلک الأجرام هی العلة المؤثرة فی تلک الحوادث بالاستقلال ، أو أنّها شریکة فی التاثیر ، فهذا لا یحل للمسلم اعتقاده.
وعلم النجوم المبتنی علی هذا کفر والعیاذ بالله ، وعلی هذا حمل ما ورد فی الحدیث من التحذیر من علم النجوم والنهی عن اعتقاد صحته.
وإن قالوا : إنّ اتصالات تلک الأجرام وما یعرض لها من الأوضاع علامات علی بعض حوادث هذا العالم مما یوجده الله سبحانه بقدرته وإرادته ؛ کما أنّ
ص: 139
حرکات النبض واختلافات أوضاعه علامات یستدل بها الطبیب علی ما یعرض للبدن من قرب الصحّة واشتداد المرض ونحوه وکما یستدلّ باختلاج بعض الأعضاء علی بعض الأحوال المستقبلة ؛ فهذا لا مانع منه ولا حرج فی اعتقاده.
وما روی من صحة علم النجوم ، وجواز تعلمه محمول علی هذا المعنی ، کما رواه الشیخ الجلیل عماد الاسلام محمد بن یعقوب الکلینی ، فی کتاب الروضة من الکافی ، عن عبد الرحمن بن سیابة (1) قال ، قلت لأبی عبدالله علیه السلام : جعلت فداک إنّ الناس یقولون : إن النجوم لا یحل [35 / ب] النظر فیها ، وهی تعجبنی ، فإن کانت تضر بدینی فلا حاجة لی فی شیء یضر بدینی ، وإن کانت لا تضر بدینی فوالله إنی لأشتهیها ، وأشتهی النظر فیها.
فقال علیه السلام : « لیس کما یقولون ، لا تضرّ بدینک ».
ثم قال : « إنکم تبصرون فی شیء منها کثیره لا یدرک ، وقلیله لا ینتفع به ، تحسبون علی طالع القمر ».
ثم قال : « أتدری کم بین المشتری والزهرة من دقیقة »؟ فقلت : لا والله.
قال : « أتدری کم بین الزهرة والقمر من دقیقة »؟ قلت : لا والله.
قال : « أفتدری کم بین الشمس وبین السکینة(2)من دقیقة »؟ قلت : لا والله ما سمعته من أحد من المنجمین قط.
فقال : « أفتدری کم بین السکینة واللوح المحفوظ من دقیقة »؟ قلت :
ص: 140
لا ، ماسمعته من منجم قط.
قال : « ما بین کلّ منهما إلی صاحبه ستون دقیقة ».
ثم قال : « یا عبد الرحمن هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقع علیه علم القصبة التی فی وسط الأجمة ، وعدد ما عن یمینها ، وعدد ما عن یسارها ، وعددما خلفها ، وعدد ما أمامها ، حتی لا یخفی علیه من قصب الأجمة واحدة ((1)إکمال :
الأمور التی یحکم بها المنجمون ، من الحوادث الاستقبالیة ، اُصول بعضها مأخوذ من أصحاب الوحی سلام الله علیهم ، وبعض الاصول یدعون فیها التجربة ؛ وبعضها مبتنٍ علی اُمور متشعبة لا تفی القوة البشریة بضبطها والإحاطة بها ، کما یؤمی إلیه قول الصادق علیه السلام : « کثیره لا یدرک ، وقلیله لاینتج » (2) فلذلک وجد الاختلاف فی کلامهم ، وتطرق الخطأ إلی بعض أحکامهم.
ومن اتفق له الجری علی الأصول الصحیحة صح کلامه ، وصدّقت أحکامه لا محالة ، کما نطق به کلام الصادق علیه السلام فی الروایة المذکورة قبیل هذا الفصل (3)ولکن هذا أمر عزیز المنال ، لا یظفر به إلّا القلیل ، والله الهادی إلی سواء السبیل.
ولابن سینا کلام فی هذا الباب ، قال فی فصل المبدأ والمعاد ، من إلهیات الشفاء : لو أمکن انساناً من الناس أن یعرف الحوادث التی فی الأرض والسماء جمیعا ، وطبائعها لفهم کیفیة [جمیع] ما یحدث فی المستقبل.
وهذا المنجّم القائل بالأحکام - مع أن أوضاعه الأولی ، ومقدماته ، لیست مستندة (4)
ص: 141
إلی برهان ، بل عسی أن یدّعی فیها التجربة أو الوحی ، وربما حاول قیاسات شعریة أوخطابیة فی إثباتها - فإنه إنما یعول علی دلائل جنس واحد من أسباب الکائنات ، وهی التی فی السماء ، علی أنّه لا یضمن من عنده الإحاطة بجمیع الأحوال التی فی السماء ، ولو ضمن لنا ذلک ووفّی به لم یمکنه أن یجعلنا [ونفسه] بحیث تقف علی وجود جمیعها فی کل وقت. وإن کان جمیعها - من حیث فعله وطبعه - معلوماً عنده.
ثم قال فی آخر کلامه : فلیس لنا اذن إعتماد علی أقوالهم ، وأن سلّمنا [متبرعین] أن جمیع ما یعطونا من مقدماتهم الحکمیة صادقة(1) خاتمة :
قد ألف السید الجلیل الطاهر ، ذو المناقب والمفاخر ، رضی الدین علی بن طاووس قدس الله روحه ، کتاباً ضخماً ، سماه « فرج الهموم فی معرفة الحلال والحرام من علم النجوم » (2)یتضمن الدلالة علی کون النجوم علامات ودلالات علی ما یحدث فی هذا العالم ، وأنّ الأحادیث عن الأنبیاء من لدن إدریس علی نبینا وعلیه السلام إلی عهد أئمتنا الطاهرین سلام الله علیهم أجمعین ناطقة بذلک (3) [36 / ].
وذکر أن إدریس أول من نظر فی علم النجوم (4) وأن نبوة موسی علیه السلام عُلمت بالنجوم(5)
ونقل أن نبوة نبینا محمد صلی الله علیه و آله أیضاً مما علمه بعض المنجمین ،
ص: 142
وصدّق به بالدلائل النجومیة (1)
وأنّ بعض أحوال مولانا وإمامنا صاحب الأمر علیه السلام مما أخبر به بعض المنجمین من الیهود بقم ، وذکر أنّ بعض أکابر قم واسمه أحمد بن إسحاق (2)أحضر ذلک المنجم الیهودی وأراه زایجة طالع ولادة صاحب الأمر علیه السلام ، فلمّا أمعن النظر فیها قال : لا یکون مثل هذا المولود إلّا نبیاً ، أو وصیّ نبیّ ، وأنّ النظر یدل علی أنه یملک الدنیا شرقاً وغرباً وبراً وبحراً حتی لا یبقی علی وجه الأرض أحد إلأ دان بدینه وقال بولایته (3)
وروی عطر الله مرقده فی الکتاب المذکورعن یونس بن عبد الرحمن (4)، قال ، قلت لأبی عبد الله علیه السلام : أخبرنی عن علم النجوم ما
ص: 143
هو؟
قال : « علم من علم الأنبیاء ».
قال « قلت : کان علی بن أبی طالب [ علیه السلام ] یعلمه؟.
فقال : « کان أعلم الناس به » (1)
وأورد قدس الله روحه أحادیث متکثرة من هذا القبیل طوینا الکشح عن ذکرها خوفاً من التطویل(2)
وذکر طاب ثراه ما أورده السید الجلیل ، جمال العترة ، الرضی رضی الله عنه ، فی نهج البلاغة من کلام أمیر المؤمنین علیه السلام ، للمنجم الذی نهاه عن المسیر إلی النهروان (3) (4) ثم إنه رحمه الله أطنب فی تضعیف تلک الروایة وتزییفها ، بالطعن فی سندها [37 / ] تارة ، وفی متنها اُخری.
أمّا السند ، فقال : إن فی طریقها عمر بن سعد بن أبی وقاص (5)
ص: 144
وأما المتن ، فقال طاب ثراه : إنی رأیت فیما وقفت علیه أنّ المنجم الذی قال لأمیر المؤمنین علیه السلام هذه المقالة هو عفیف بن قیس (1)، أخو الأشعث ابن قیس (2)، ولو کانت هذه الروایة صحیحة علی ظاهرها لکان مولانا علی علیه
ص: 146
السلام قد حکم فی صاحبه هذا - الذی قد شهد مصنف نهج البلاغة أنّه من أصحابه أیضاً - بأحکام الکفار إما بکونه مرتداً عن الفطرة فیقتله فی الحال ، أوبردّة عن غیر الفطرة فیتوّبه ، أو یمتنع من التوبة فیقتله ، لأنّ الروایة قد تضمنت أنّ « المنجم کالکافر »(1) أو کان یجری علیه أحکام الکهنة أو السحرة ، لأنّ الروایة تضمنت أن « المنجم کالکاهن أو الساحر ».
وما عرفنا إلی وقتنا هذا أنّه علیه السلام حکم علی هذا المنجم الذی هوصاحبه بأحکام الکفار ولا السحرة ، ولا الکهنة ، ولا أبعده ، ولا عزره ، بلقال : « سیروا علی اسم الله » ، والمنجم من جملتهم لأنه صاحبه ، وهذا یدل علی تباعد الروایة من صحة النقل ، أو یکون لها تأویل غیرظاهرها موافق للعقل.
ومما ینبه علی بطلان ظاهر هذه الروایة قول الراوی فیها : إنّ من صدّقک فقد کذّب القرآن ، واستغنی عن الاستعانة بالله.
ونعلم أنّ الطلائع للحروب یدلّون علی السلامة من هجوم الجیوش ، وکثیرمن النحوس ، ویبشرون بالسلامة ، وما لزم من ذلک أن نولیهم الحمد دون ربهم ، ومثال ذلک [38 / أ] کثیر فتکون لدلالات النجوم اُسوة بما ذکرناه من الدلالات علی کل معلوم(2). هذا کلامه أعلی الله مقامه. فتأمل مبانیه بعین البصیرة ، وتناول معانیه بید غیر قصیرة ، والله الهادی.
* * *
________________________
الکمال : 39 / تنقیح المقال 1 : 149 رقم 974.
ص: 147
قال مولانا وإمامنا علیه السلام :
« اللهم ، اجعلنا من أرضی من طلع علیه ، وأزکی من نظر إلیه ، وأسعد من تعبد لک فیه ، ووفقنا فیه للتوبة ، واعصمنا فیه من الحَوْبة ، واحفظنا من مباشرة معصیتک ، وأوزعنا فیه شکر نعمتک ، وألبسنا فیه جنن العافیة ، وأتمم علینا باستکمال طاعتک فیه المنة ، إنک المنان الحمید ، وصلی الله علی محمد وآله الطیبین الطاهرین ».
أصل « اللّهمّ » عند الخلیل (1)وسیبویه (2) یا الله ، فحذف حرف المندا ،
ص: 148
وعوض عنه المیم المشددة (1)
وقال ، الفرّاء (2) وأتباعه : أصلها یا الله أُمّنا بالخیر ، فخففت بالحذف لکثرة الدوران علی الألسن ، (3)
واُورد علیه : أنّه لو کان کذلک لقیل فی نحو اللّهمّ اغفر لنا ، اللهم واغفرلنا بالعطف ، کما یقال : اُمنا بالخیر واغفر لنا ، ورفضهم ذلک رأساً بحیث لم
________________________
ویونس ، والأخفش ، وعیسی ، وغیرهم له : الکتاب وکفی به ، حتی أنه أصبح یهدی ( اهداه الجاحظ الی محمد بن عبد الملک ) ، وقال فی حقه - الجاحظ - : إن جمیع کتب الناس عیال علیه مات سنة 180 ه- = 796 م وقیل غیرذلک.
له ترجمة فی : تاریخ بغداد 12 : 195 ت 6658 / بغیة الوعاة 2 : 229 ت 1863 / وفیات الأعیان 3 : 463 ت 504 / البدایة والنهایة 10 : 176 شذرات الذهب 1 : 252 / الفهرست للندیم : 57 / معجم الأدباء 16 : 114 ت 13 سیر أعلام النبلاء 8 : 351 ت 97 / روضات الجنات 5 : 319 / 531 / الکامل 5 : 142 / انباه الرواة 2 : 436 رقم 515 / مرآة الجنان 1 : 445.
ص: 149
یسمع منهم أصلاً یدل علی أنّ الأصل خلافه.
وقد یذبّ عنها بأنها لما خففت صارت کالکلمة الواحدة ، فلم یعامل ما یدل علی الطلب - أعنی لفظة « اُمّ » - معاملة الجملة ، بل جعلت بمنزلة دال زید مثلاً ، فلم یعطف علیها شیء کما لا یعطف علی جزء الکلمة الواحدة [38 / ب].
« والطلوع » : یمکن أن یراد به الخروج من تحت الشعاع ، وأن یراد به ظهوره للحس کما هو الظاهر ، وکذلک یمکن أن یراد به الطلوع الخاص فی هذه اللیلة ، وأن یراد به الطلوع فی الزمان الماضی مطلقاً.
وکذلک قوله علیه السلام : « وأزکی من نظر إلیه » وتزکیة النفس تطهیرها عن الرذائل والأدناس ، وجعلها متصفة بما یُعدها لسعادة الدارین ، وفلاحالنشأتین.
« والعبادة » أقس الذل والخضوع ، ولذلک لا تلیق إلا لله.
« والتوبة » لغة : الرجوع (1) وتضاف إلی العبد ، وإلی الرب تعالی ، ومعناها علی الأول : الرجوع عن المعصیة إلی الطاعة ، وعلی الثانی : الرجوع عن العقوبة إلی العفو والرحمة.
وفی الاصطلاح : الندم علی الذنب ، لکونه ذنباً.
وقد تقدم الکلام فیما یتعلق بها من المباحث ، فی الحدیقة الحادیة والثلاثین (2) فی شرح دعائه علیه السلام فی طلب التوبة.
وقد أوردنا فیها أیضاً کلاماً مبسوطاً فی شرح الأربعین حدیثاً (3)الذی ألفناه
ص: 150
بعون الله تعالی. تتمة :
لعل المراد من العصمة فی قوله علیه السلام : « واعصمنا فیه من الحوبة » ، معناها اللّغوی ، أی الحفظ عن السوء ، فإن ارادة معناها الاصطلاحی المذکور فی الکلام - أعنی لطف یفعله الله بالمکلّف ، بحیث لا یکون له معه داع إلی فعل المعصیة مع قدرته علیها - لا یساعد علیه قوله علیه السلام « من الحوبة » ، لأنّ العصمة بهذا المعنی لم یعهد [39 / ] تعدیتها بلفظة من.
« والحوبة » - بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة - : الخطیئة.
و « الإیزاع » : الإلهام ، والمشهور فی تعریفه أنه إلقاء الخبر فی القلب مندون استفاضة فکریة ، وینتقض طرده بالقضایا البدیهیة ، وعکسه بالانشائیات بعامة التصورات ، ولو قیل : إنّه إلقاء المعنی النظری فی القلب من دون استفاضة فکریة لکان أحسن ، مع أن فیه ما فیه.
والمراد بایقاع « الشکر » فی القلب لیس الشکر الجنانی فقط بل ما یعم الأنواع الثلاثة ، والغرض صرف القلب إلی أداء الشکر اللسانی والجنانی والأرکانی بأجمعها.
وقد تقدم الکلام فی الشکر مبسوطاً فی الحدیقة التحمیدیة - وهی شرح الدعاء الأول من هذا الکتاب الشریف ، الذی أرجو من الله سبحانه التوفیق لإکماله - وذکرنا هناک نبذة من مباحث الحمد والشکر ، وما قیل من الطرفین فی
________________________
من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته.
ثم قال : إن الشهر لکثیر ،
من تاب قبل موته بجمعة قل الله توبته.
ثم قال : إن الجمعة لکثیر ،
من تاب قبل موته بیوم قبل الله توبته.
ثم قال : إن یوما لکثیر ،
من تاب قبأ ، أن یعاین قبل الله توبته.
ص: 151
وجوب شکر المنعم عقلاً وسمعاً ، وما سنح لنا من الکلام فی دفع شبه القائلین بانحصار وجوبه فی السمع ، وبیان فساد معارضتهم خوف العقاب علی ترک الشکر بخوف العقاب علی فعله (1)
و « الجنن » بضم الجیم وفتح النون : جمع جُنّة - بالضم - وهی الستر.
و « العافیة » دفع الله سبحانه عن العبد ما هو شرّ له ، ویستعمل فی الصحة البدنیة والنفسیة معاً ، وقد تقدم الکلام فیها فی الحدیقة الثالثة والعشرین وهی شرح دعائه علیه السلام فی طلب العافیة (2)
تبصرة :
الضمائر الراجعة إلیه سبحانه من أول هذا الدعاء إلی هنا بأجمعها ضمائرغیبة ، ثم إنّه علیه السلام عدل عن ذلک الأسلوب وجعلها من هنا إلی آخر الدعاء ضمائر خطاب ، ففی کلامه علیه السلام التفات من الغیبة إلی الخطاب.
ولا یخفی أن بعض اللطائف والنکت التی أوردها المفسرون فیما یختص بالالتفات فی سورة الفاتحة یمکن جریانه هنا (3)
وأنا قد تفردت - بعون الله وحسن توفیقه - باستنباط نکت لطیفة فی ذلک الالتفات ، مما لم یسبقنی إلیها سابق ، وقد أوردت جملة منها فیما علّقته من الحواشی علی تفسیر البیضاوی (4)وشرذمة منها فی تفسیری الموسوم بالعروة الوثقی(5)وبعض تلک النکت یمکن اجراؤها فیما نحن فیه ، فعلیک بمراجعتها ، وملاحظة ما یناسب المقام منها.
ص: 152
والضمائر المجرورة فی قوله علیه السلام : « وأسعد من تعبد لک فیه » إلی آخر الدعاء راجعة إلی الهلال بمعنی الشهر ، ولیس کذلک المرفوع فی طلع علیه ، والمجرور فی نظر إلیه ، ففی الکلام استخدام من قبیل قول البحتری(1) [40 / ] :
فسقی الغضا والساکنیه وإن هم شبّوه بین جوانحی وضلوعی (2)
ولعلّه لا یقدح فی تحقق الاستخدام کون إطلاق الهلال علی الشهر مجازاً لتصریح بعض المحققین من أهل الفن بعدم الفرق بین کون المعنیین فی الاستخدام حقیقیین أو مجازیین أو مختلفین ، وأن قصره بعضهم علی الحقیقیین ، علی أن کون الاطلاق المذکور مجازاً محل کلام.
وتعبیره علیه السلام عن اقتراف المعصیة بالمباشرة استعارة مصرّحة ، فإن حقیقة المباشرة إلصاق البشرة بالبشرة.
والاضافة فی « جنن العافیة » من قبیل لجین الماء ، ویجوز جعله استعارة بالکنایة مع الترشیح.
________________________
شبوه بین جوانح وقلوب
وانظر معاهد التنصیص 2 : 269 ت 123 وجامع الشواهد 2 : 169
استشهد به کل من صاحب المطول والمختصر فی بحث الاستخدام من علم البدیع باعتبار کلمة ( الغضا وان لها معنیان .... )
ص: 153
خاتمة :
اسم التفضیل فی قوله علیه السلام : « اللّهم اجعلنا من أرضی من طلع علیه » ، کما یجوز أنْ یکون للفاعل علی ما هو القیاس ، یجوز أن یکون للمفعول أیضاً ، کما فی نحو : أعذر ، وأشهر ، وأشغل ، أی اجعلنا من أعظم المرضیین عندک.
فإن قلت : مجیء اسم التفضیل بمعنی المفعول غیر قیاسیّ ، بل هومقصورعلی السماع.
قلت : لمّا وقع فی کلامه علیه السلام کفی ذلک فی تجویز هذا الاحتمال ، ولا یحتاج فیه إلی السماع من غیره قطعاً ، فإنه علیه السلام أفصح العرب فی زمانه.
هذا ، وفی کلام بعض أصحاب القلوب ، أنّ علامة رضی الله سبحانه عن العبد رضا العبد بقضائه تعالی ، وهذا یشعر بنوع من اللزوم بین الأمرین.
ولو اُرید باسم التفضیل هنا ما یشملهما ، من قبیل استعمال المشترک فی معنییه معاً لم یکن فیه کثیر بعد ، ومثله فی کلام البلغاء غیر قلیل [41 / أ].
وتعدیة الرضاء بالقضاء ، علی بقیة المطالب التسعة - التی ختم بها علیه السلام هذا الدعاء - للاعتناء به ، والاهتمام بشأنه ، فإنّ الرضا بالقضاء من أجلّ المقامات ، وَمَنْ حازه فقد حاز أکمل السعادات ، وصحت منه دعوی المحبة ، التی بها یرتقی إلی أرفع الدرجات ، ولم یتشعب خاطره بورود الحادثات ، واعتوار المصیبات ، ولم یزل مطمئنّ البال ، منشرح الصدر ، متفرغ القلب للاشتغال بمایعنیه من الطاعات والعبادات ، ومن لم یرض القضاء دخل فی وعید « من لم یرض بقضائی » (1)الحدیث.
ص: 154
ومع ذلک لا یزال محزوناً مهموماً ، ملازماً للتلهف والتأسف ، علی أنّه لمکان کذا؟ ولِمَ لا یکون کذا؟ ، فلا یستقر خاطره أصلاً ، ولا یتفرغ لما یَعنیه أبداً.
ونعم ما قال بعض العارفین : « إنّ حسرتک علی الأمور الفانیة ، وتدبیرک للأمور الاتیة قد أذهبا برکة ساعتک التی أنت فیها ».
* * *
________________________
صلی الله علیه و آله یقول : ( من لم یرض بقضائی ولم یؤمن بقدری فلیلتمس إلهاً غیری ). وقال رسول الله صلی الله علیه و آله ( فی کل قضاء الله خیرة المؤمن ) ».
انظر : عیون اخبار الرضا 1 : 141 ت 42 / التوحید : 371 ت 11 / وعنهما فی البحار 68 : 138 ت 25 / دعوات الراوندی : 169 رقم 471 / وعنه فی البحار 79 : 132 ت 16 / وهکذاکنز العمال 1 : 106 ت 482 ، 483 ، عن الطبرانی فی معجمه الکبیر والبیهقی فی شعب الایمان / والجامع الصغیر 2 : 646 ت 9027 / فیض القدیر 6 : 224 ت 9027.
ص: 155
اللّهمّ اجعلنا من الراضین بقضائک ، والصابرین علی بلائک ، والشاکرین لنعمائک ، واجعل ما أوردناه فی هذه الأوراق خالصاً لوجهک الکریم ، وتقبلهمنا ، إنّک ذوالفضل العظیم.
تم تألیف الحدیقة الهلالیة ، من کتاب حدائق الصالحین ، ویتلوها بعون الله الحدیقة الصومیة ، وهی شرح دعائه علیه السلام عند دخول شهر رمضان.
واتفق الفراغ منها فی الجانب الغربی من دار السلام بغداد ، بالمشهد المقدّس المطهر الکاظمی ، علی من حلّ فیه من الصلوات أفضلها ، ومن التسلیمات أکملها ، فی أوائل جمادی الآخر ، سنة ألف وثلاث من الهجرة ، وکان افتتاح تألیفها بمحروسة قزوین ، حرست عن کید المفسدین.
وکتب : مؤلف الکتاب ، الفقیر إلی الله الغنی ، بهاء الدین محمد العاملی ، جعل الله خیر یومه غده ، ورزقه من العیش أرغده ، [41 / ب].
* * *
وصلّی الله علی محمد وآله الأطهار
وآخر دعواهم أن الحمدلله ربّ العالمین.
ص: 156
الفهارس الفنّیة
1 - فهرس الآیات
2 - فهرس الحدیث القدسی
3 - فهرس الأحادیث
4 - فهرس الأدعیة
5 - فهرس الأشعار
6 - فهرس المفردات اللغویة
7 - فهرس الهوامش
8 - فهرس المصادر التی اعتمدها المؤلف
9 - فهرس الأعلام
10 - فهرس مصادر الترجمة
11 - فهرس مصادر التحقیق
12 - المسرد العام
ص: 157
ص: 158
فهرست : الآیات القرآنیة
ألم تر أنَّ الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة 127
ألم نجعل الأرض مهاداً 79
إنی أخاف أن یمسک عذاب من الرحمن 99
أو اطرحوه أرضاً 127
جعل الشمس ضیاءاً 96
ربنا ما خلقت هذا باطلاً 137
الذی جعل لکم الأرض فراشاً 78
فالمدّبرات أمراً 90-86
فقلنا اضرب بعصاک الحجر فانفجرت 127
فوسوس إلیه الشیطان قال یا آدم 99
له الملک وله الحمد 100
وإلی الأرض کیف سطحت 79
واذکر فی الکتاب ادریس 106
والشمس والقمر کل فی فلک یسبحون 91-83
والقمر قدرناه منازل حتی عاد کالعرجون القدیم 84-85
وان من شیء إلّا یسبح بحمده 93
وسخر لکم الشمس والقمر 81
وعلی أبصارهم غشاوة 99
یسألونک علی الأهله 66
یوم لا ینفع ما ولا بنون 134
فهرست : الحدیث القدسی
من لم یرض بقضائی 154
ص: 159
فهرست : الأحادیث
اتدری کم بین الزهرة والقمر؟ - امام علی - 140
أتدری کم بین المشتری والزهرة؟ - امام صادق - 140
الاحسان أن تعبد الله کأنّک تراه - پیامبر اکرم - 133
اذا رأیت هلال شهر رمضان - امام صادق - 75
اذا رأیت الهال فلا تبرح - امام صادق - 71
افتدری کم بن السکینة واللوح المحفوظ؟ - امام صادق -140
أفتدری کم بین الشمس والسکینة؟ - امام صادق -140
تبصرون فی شیء منها کثیره - امام صادق -140
إنّ النبی ( ص ) بات لیلة عند بعض نسائه فانکسف القمر - امام باقر -138
إنّی لأستغفر الله وأتوب إلیه فی الیوم أکثر من سبعین مرة - پیامبر اکرم -130
ربی عصیتک بلسانی ولو شئت وعزتک لاخرستنی - امام کاظم -130
علم من علم الانبیاء - امام صادق -144
قد أحیا عقله وأمات نفسه - امام علی -135
کان رسول الله اذا أهلّ شهر رمضان استقبل القبلة - امام باقر -74
کان رسول الله صلی الله علیه و آله إذ رأی اهلال قال - امام علی -72
کان - علی بن أبی طالب - أعلم الناس به - امام صادق -144
لیس کما یقولون ، لا تضر بدینک - امام صادق -140
ما بین کلّ منهما إلی صاحبه ستون رقیقة - امام صادق -141
من استوی یوماه فهو مغبون - امام علی -128
من تزوج فی محاق الشهر - امام کاظم -138
من سافر أو تزوج والقمر فی العقرب - امام صادق -138
ویحک هذا الحادث فی السماء - پیامبر اکرم -139
یا عبد الرحمن هذا حساب إذا حسبه الرجل ووقع علیه - امام صادق -141
ص: 160
فهرست : الادعیة الواردة ضمن الرسالة
الله أکبر - ثلاثاً - ربی وربک الله لا إله إلاّ هو رب العالمین 73
اللّهمّ إنی أسألک خیر هذا الشهر 71
اللّهم أهلّه علینا بالأمن والإیمان 74
أیها الخلق الطیع الدائب السریع 72
الحمد لله الذی خلقنی وخلقک 68
ربی وربک الله رب العالمین ، اللّهم أهلّه علینا بالأمن والإیمان 75
ربی وربک الله رب العالمین ، اللّهم صل علی محمد وآل محمد 73
فهرست الأشعار:
کان فی الأکراد شخص ذو سداد ** أمه ذات اشتهار بالفساد 132
فسقی الفضا والساکنیه وان هم **شبوه بین جوانحی وضلوعی 153
فهرست المفردات اللغویة
آیة 96
آی 81
أزکی 150
الاُفول 97
الامن 129
الایزاع 151
ص: 161
الایمان 94
البرکة 128
البهم 96
التوبة 150
جعلک 126
الحوبة 151
الخلق 81
الدائب 81
الدنس 129
ربی 128
سبحان 125
السرعة 82
السعد 129
السلطان 96
الشکر 151
الشهر 126
الطلوع 96
الطهارة 129
الظلم 96
العافیة 151
العبادة 150
فاسال الله 127
الکسوف 97
لامر حادث 126
اللّهمّ 148
ما اعجب 126
ما دبر 126
المحق 129
المهنة 96
النکد 129
النور 96
ص: 162
فهرست :التعلیقات فی الهامش
النفراد العمّانی بفتواه . 69
بحث حول الإیمان . 94
بحث حول البروق اللامعة . 135
بحث حول مؤلف (( الزوائد والفوائد )) . 73
بحث حول نبوّه الحکماء السابقین . 106
بحث روائی . 139
برهان هندسی حول أن ما یری من الکرة أصغر من نصفها . 109
برهان هندسی حول الدوائر المتماسّة . 89
برهان هندسی حول کون المضیء من الکرة الصغری أعظم من نصفها. 108
الچغمینی . 88
المجسطی . 78
مناقشة حول سند روایة السید ابن لحدیث المنجّم . 145
النهروان ومحلّها . 144
ص: 163
فهرست : المصادر التی اعتمدها المؤلف
الأربعین حدیثا : للشیخ البهائی : محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030
الإقبال : للسید علی بن موسی بن جعفر بن طاووس ، ت : 664
إیضاح الفوائد : لفخر المحققیم ، محمد الحسن بن یوسف الحلی ت : 771
تجرید الإعتقاد : للطوسی ، محمد بن محمد بن الحسن ، ت : 679
التحفة : مخطوط
التذکرة : للشیخ الخواجة الطوسی : محمد بن محمد بن الحسن ، ت : 679
تذکرة الفقهاء : للعلامة ، الحسن بن یوسف بن المطهر ت : 726
تعلیقات علی المطول : للشیخ البهائی : محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030
تفسیر أنوار اتنزیل : للبیضاوی عبدالله بن عمر بن محمد الشیرازی ، ت : 692
تفسیر العروة الوثقی : للبهائی محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030
تفسیر الفخر الرازی = التفسیر الکبیر
تفسیر القاضی = أنوار التنزیل
التفسیر الکبیر : للرازی محمد بن عمر الرازی ، ت : 606
تفسیر الکشاف : للزمخشری محمود بن عمر ، ت : 528 ه-
تهذیب الأحکام : للطوسی ، الشیخ محمد بن الحسن ت : 460 ه-
تهذیب الأخبار = تهذیب الأحکام
الجغمینی = ملخص الهیئة
حکمة العین : علی بن عمر الکاتبی ، ت : 675
حواشی علی تفسیر البیضاوی للبهائی ، محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت 1030
رسالة الصدوق إلی ولده :
الزوائد والفوائد : للسید علی بن موسی بن طاووس ، ت : 664
سوانح سفر الحجاز : للبهائی : محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030
شرح الأربعین حدیث : للبهائی : محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030
ص: 164
شرح الإشارات والتنبیهات : للطوسی ، محمد بن محمد بن الحسن ، ت : 679
شرح التجرید : للقوشجی ، علی بن محمد ، ت : 879
شرح الذکرة : للمحقق البیرجندی عبد العلی بن محمد حسین ، ت : 932
شرح التذکرة : للنیسابوری ، الحسن بن محمد بن الحسین ، ت : 828
شرح التذکرة : للخفری ، محمد بن أحمد ، ت : 957
شرح حکمة الاشراق : للشیرازی ، محمد بن مسعود ، ت : 710
شرح حکمة العین : للبخاری ، محمد بن مبارک شاه ، ت : 862
شرح المواقف : للجرجانی ، علی بن محمد ، ت : 816
الشفاء : لابن سینا ، الحسین بن عبدالله بن سینا ، ت : 427
صحاح اللغة : للجوهری ، اسماعیل بن حماد ، ت : 393ه-
عیون أخبار الرضا ( ع ) : للصدوق ، محمد بن علی الصمد ، ت : 381 ه-
فارسیة الهیئة : لابن عربی ، محمد بن علی الطائی ، ت : 638
فرج المهموم : لابن طاووس علی بن موسی ، ت : 664
القاموس المحیط : للفیروز ابادی ، محمد بن یعقوب ، ت : 817 ه-
قواعد الأحکام : للعلامة ، الحسن بن یوسف بن المطهر ، ت : 726
الکافی : للشیخ الکلینی ، محمد بن یعقوب ، ت : 328 ه-
الکشکول : للبهائی ، محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030
المباحث المشرقیة : للرازی ، محمد بن عمر ، ت 606
المجسطی : لبطلیموس الفلوزی
مجمع البیان : للطبرسی ، الفضل بن الحسن ، ت : 548 ه-
مصباح المتهجد : للطوسی ، محمد بن الحسن ، ت : 460
مفتاح العلوم : للسکاکی ، محمد بن علی ، ت : 626
مقالة ارسطرخس = رسائل خواجه نصیر الدین الطوسی
منتهی الادراک : للخرقی ، محمد بن أحمد الحسینی ، ت : 533
منتهی المطلب : للعلامة ، الحسن بن یوسف بن المطهر ، ت : 726
من لا یحضره الفقیه : للصدوق ، محمد بن علی بن بابویه : ت : 381 ه-
المواقف : للایجی ، عبدالرحمن بن أحمد ، ت : 756
نهایة الادراک : للشیرازی ، محمود بن مسعود ، ت : 710
ص: 165
نهج البلاغة : للموسوی : محمد بن الحسین الرضی ، ت 406
الهیاکل : للسهروردی ، یحیی بن حبش بن أمیرک ، ت : 587 ه-
* * *
ص: 166
فهرست : الأعلام المترجمون
أحمد بن إسحاق 143
إدریس النبی 106
ارسطر خس 107
الأشعث بن قیس الکندی 146
الأصمعی = عبدالملک بن قریب 109
اغاثار یمون = شیث النبی 112
اقلیدس 68
ابن بابویه = محمد بن علی بن الحسین 120
البحتری = الولید بن عتبة الطائی 70
البیرجندی = عبد العلی بن محمد حسین 77
البیرونی = محمد بن أحمد البیرونی الخوارزمی 92
الچغمینی = محمود بن محمد بن عمر 148
الحسن بن الحسن بن الهیثم
الحسن بن علی بن أبی عقیل العمانی
الحسن بن محمد بن الحسین القمی
الحسن بن یوسف بن المطهّر الحلی
حمّاد بن عثمان بن زیاد الرواسی
حمّاد الناب = حمّاد بن عثمان بن زیاد
الحسین بن عبدالله بن سینا
الخفری = محمد بن أحمد الخفری
الخلیل بن أحمد بن عمر بن تمیم
الخواجه نصیر الدین = محمد بن محمد بن الحسن
دبیران المنطقی = علی بن عمر بن علی الکاتبی
ص: 167
الدوانی = محمد بن أسعد الصدیقی 106
الرازی أبو جعفر = محمد بن یعقوب الکلینی 88
الرواسی = حمّاد بن عثمان بن زیاد 140
سلطان المحقّقین = محمد بن محمد بن الحسن الطوسی 120
السهروردی ( شهاب الدین ) = یحیی بن حبش بن أمیرک 66
سیبویه = عمرو بن عثمان بن قنبر 112
ابن سینا = الحسین بن عبدالله بن سینا 72
الشریف الرضی = محمد بن الحسین الموسوی 144
شیث النبی 148
الشیخ الرئیس = ابن سینا
صاحب المواقف = عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفّار الإیجی
الصدوق = محمد بن علی بن بابویه
ابن طاووس = علی بن موسی بن جعفر
الطبرسی ( أبو علی ) = الفضل بن الحسن
الشیخ الطوسی = محمد بن الحسن
عبد الرحمن بن أحمد الفارسی العضدی
عبد الرحمن بن سیّابة البجلی
عبد العلی بن محمد حسین البیر جندی
عبد الملک بن قریب الأصمعی
ابن عربی ( محیی الدین ) = محمد بن علی بن محمد الطائی
العضد پجی = عبد الرحمن بن أحمد
عفیف بن قیس الکندی
ابن أبی عقیل = الحسن بن علی
العلاّمة الحلّی = الحسن بن یوسف
علی بن عمر بن علی الکاتبی
علی بن موسی بن جعفر بن طاووس
العمانی = الحسن بن علی بن أبی عقیل
عمر بن سعد بن أبی وقاص
عمربن عثمان بن قنبر
الفخر الرازی = محمد بن عمر
فخر المحقّقین = محمد بن الحسن بن یوسف بن المطهّر
ص: 168
الفرّاء = یحیی بن زیاد الدیلمی 66
الفراهیدی = الخلیل بن أحمد بن عمر 86
الفضل بن الحسن الطبرسی 121
فیثاغورس = شیث 88
الکاتبی = علی بن عمر بن علی 71
الکلینی = محمد بن یعقوب 77
محمد بن أحمد البیرونی الخوارزمی 134
محمد بن أحمد الخفری 71
محمد بن أسعد الصدیقی الدوانی 123
محمد بن الحسن بن علی بن الحسن الطوسی 79
محمد بن الحسن بن هیثم = الحسن بن الحسن بن هیثم 82
محمد بن الحسن بن یوسف بن المطهّر الحلی 74
محمد بن الحسن الموسوی 88
محمد بن علی بن الحسین بن بابویه القمی 153
محمد بن علی بن محمد الطائی 149
محمد بن عمر بن الحسین 123
محمد بن محمد بن الحسن الطوسی 143
محمد بن یعقوب بن إسحاق الکلینی
محمود بن محمد بن عمر الخوارزمی
محیی الدین بن عربی = محمد بن علی بن محمد الطائی
النظام = الحسن بن محمد بن الحسین القمی
هرمس = إدریس
ابن الهیثم = الحسن بن الحسن بن هیثم
الولید بن عتبة الطائی
یحیی بن زیاد الدیلمی الفرّاء
یحیی بن حبش بن أمیرک السهروردی
یونس بن عبد الرحمن
ص: 169
فهرست :مصادر ترجمة الشیخ البهائی
والمقدمة
المصادر العربیة
1 - الاجازة الکبیرة
للجزائری ، السید عبد الله السید نور الدین التستری.
تحقیق : الشیخ محمد السمامی
مکتبة آیة الله المرعشی / قم / 1409.
2 - الاجازة الکبیرة للنظری / مخطوط.
3 - الاجازة الکبیرة للسماهیچی / مخطوط
4 - إحیاء الداثر من القرن العاشر
للطهرانی ، الشیخ محسن الشهیر باغابزرک ت : 1389 ه-.
طهران / دانشکاه / 1366.
5 - الأعلام
للزرکلی ، خیر الدین ، ت : 1396.
الناشر : دار العلم للملایین / بیروت / ط 6 / 1984.
6 - أعیان الشیعة
للأمین ، السید محسن السید عبدالکریم ، ت : 1371.
تحقیق : حسن الامین.
الناشر : دارالتعارف / بیروت / 1403.
7 - أمل الآمل :
للعاملی : محمد بن الحسن ، ت : 1104.
ص: 170
تحقیق : احمد الحسینی. الناشر : مکتبة الاندلس / بغداد / 1385.
8 - أنوار البدرین فی تراجم علماء القطیف والاحساء والبحرین :
للبلادی : علی بن الشیخ حسن البحرانی ، ت : 1340.
النعمان / النجف الاشرف / 1377.
الناشر : مکتبة آیة الله المرعشی / قم.
9 - الانوار النعمانیة:
للجزائری : السید نعمة الله السید عبدالله ، ت : 1112.
الناشر : بنی هاشمی / طهران / 1378.
10 - ایضاح المکنون :
البابانی : اسماعیل پاشا ، ت : 1339.
الناشر : دارالفکر / بیروت / 1402.
11 - بحار الانوار
للمجلسی : محمد باقر بن محمد تقی ، ت : 1111.
الناشر : مؤسسة الوفاء / بیروت / 1403.
12 - بهاء الدین العاملی
للتونچی : محمد ، معاصر.
الناشر : المستشاریة الثقافیة للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة بدمشق / 1405.
13 - بهجة الآمال فی شرح زبدة المقال :
للعلی یاری ، ملاعلی ، ت : 1327.
علمیه / قم / 1408.
14 - تاریخ آداب اللغة العربیة :
زیدان : جرجی حبیب ، ت : 1332ه-.
مکتبة الحیاة / بیروت / 1983.
15 - تراث العرب العلمی
قدری : حافظ طوقان ، معاصر.
دارالشروق / بیروت / 1963.
16 - تکملة أمل الآمل :
للصدر : السید حسن السید هادی ، ت : 1354.
ص: 171
تحقیق السید احمد الحسینی.
الناشر : مکتبة آیة الله المرعشی / قم / 1406.
17 - تکملة الرجال :
للکاظمی ، الشیخ عبدالبشیر ، ت : 1256.
تحقیق : السید محمد صادق بحر العلوم.
الناشر : مکتبة الامام الحکیم العامة / النجف.
18 - تنبیهات المنجمین : مخطوط.
مظفر بن محمد قاسم الجنابذی ، ت
19 - تنقیح المقال :
للمامقانی ، الشیخ عبدالله بن محمد حسن ، ت : 1351 ه-.
المرتضویة / النجف الاشرف / 1352.
20 - جامع الرواة
للاردبیلی ، محمد بن علی الغروی ، ت : 1101 ه-.
رنگین / طهران / 1331.
الناشر : مکتبة المرعشی / قم / 1403.
21 - الحالی والعاطل
لمحیی الدین عبدالرزاق ، ت 1983.
الآداب / النجف الاشرف / 1969.
22 - الحدائق الندیة :
لابن معصوم المدنی ، السید علی بن احمد بن محمد الحسینی ، ت : 1119.
حجری / اوفست هجرة
23 - خزانة الخیال
للشیرازی، محمد مؤمن بن محمد قاسم الجزائری
اوفست / قم یصیرتی / 1393
24 - خلاصة الاثر فی اعیان القرن الحادی عشر :
للمحبّی : محمد امین بن فضل الله الدمشقی الحنفی ، ت : 1111.
دارصادر / بیروت /
25 - دائرة المعارف :
ص: 172
للبستانی : بطرس بن بولس بن عبدالله ، ت : 1300 ه-.
الناشر: بیروت / دارالمعرفة.
26 - الذریعة الی تصانیف الشیعة :
للطهرانی ، الشیخ محسن اغا بزرک ، ت : 1389 ه-.
بیروت / دارالاضواء / 1403.
27 - روضات الجناب:
للخونساری ، محمد باقر الاصفهانی ، ت : 1313.
اسماعیلیان / قم / 1390.
28 - الروضة البهیة فی طرق الشفیعیة :
للچابلقی : السید محمد شفیع بن السید علی اکبر الحسینی الموسوی ، ت 1280.
حجریة / ایران / 1280.
29 - روضة المتقین :
للمجلسی ، محمد تقی بن علی ، ت : 1070.
العلمیة / قم المقدسة / 1399.
30 - ریحانة الالبا وزهرة الحیاة الدنیا :
للخفاجی : احمد بن محمد بن عمر ، ت : 1069.
القاهرة / عیسی البابی / 1386.
31 - زهر الربیع
للجزائری ، السید نعمة الله بن السید عبدالله ، ت : 1112 ه-.
المؤسسة الخیریة الموسویة.
32 - سانحات دمی القصر فی مطارحات بنی العصر :
للطالوی : درویش محمد بن احمد الأرتقی ، ت : 1014.
بیروت / عالم الکتب / تحقیق : محمد الخولی.
33 - سفینة البحار :
للقمی ، الشیخ عباس بن محمدرضا ، ت 1359
دارالتعارف / بیروت /
34 - سلافة العصر
لابن معصوم المدنی السید علی الحسنیی.
ص: 173
طهران / اوفست علی طبعة / 1324 ه-.
35 - سلک الدرر فی اعیان القرن الثانی عشر :
للمرادی ، السید محمد خلیل.
اوفست مکتبة المثنی علی طبعة سنة 1291.
36 - شرح قصیدة وسیلة الفوز والامان :
للمنینی : احمد بن علی ، ت : 1172.
الشرقیة / مصر / 1302.
37 - الغدیر:
للأمینی ، عبد الحسین احمد النجفی ، ت : 1390.
بیروت / دارالکتاب العربی / 1387.
38 - فلاسفة الشیعة
نعمة ، الشیخ عبدالله نعمة.
بیروت / دارالفکر اللبنائی / 1987.
39 - کشف الظنون :
حاجی خلیفة : مصطفی بن عبدالله القسطنطینی ، ت : 1067.
بیروت / دارالفکر
40 - الکنی والالقاب :
للقمی : الشیخ عباس بن محمدرضا ، ت : 1359
مکتبة الصدر / طهران / 1397
41 - الکواکب السائرة باعیان المئة العاشرة :
للغزی : محمد بن محمد بن محمد بن مفرج ، ت : 1061.
محمد امین دمج / بیروت / تحقیق د. جبرائیل جبور.
42 - لباب الالقاب فی القاب الاطیاب :
للشریف الکاشانی. ملاحبیب الله، ت : 1384.
طهران / مصطفوی /
43 - لؤلؤة البحرین :
ص: 174
للبحرانی ، الشیخ یوسف بن احمد الدرازی ، ت : 1186.
النعمان / النجف الاشرف.
44 - ماضی النجف وحاضره
محبوبه ، الشیخ جعفر الشیخ باقر ، ت :
بیروت / دارالاضواء / 1406.
45 - مخطوطات کربلاء :
طعمه ، سلمان هادی.
الاداب / النجف الاشرف / 1393.
46 - مستدرک الوسائل
للنوری : میرزا حسین ، ت : 1320
قم / مؤسسة آل البیت / 1407.
47 - الخاتمة.
طهران / اسلامیة / حجری / 1382.
48 - المشکول :
للقزوینی ، لمولی الحاج بابا بن محمد صالح.
ایران / حجری / 1300.
49 - مصفی المقال فی مصنفی علم الرجال :
للطهرانی ، الشیخ محسن الشهیر باغا بزرک ت : 1389 ه-.
دولتی / طهران / 1378.
50 - معارف الرجال :
لحرزالدین ، الشیخ محمد بن الشیخ علی حرزالدین ، ت : 1365.
الطبعة الثانیة / الولایة ، قم / 1405.
51 - معجم المطبوعات العربیة والمعربه :
سرکیس ، یوسف الیان موسی ، ت : 1351.
القاهرة / 1928.
52 - معجم المؤلفین :
کحالة : عمر رضا ، ت : 1408 ه-.
بیروت / دار احیاء التراث العربی /
ص: 175
53 - مقابس الانوار :
للکاظمی ، الشیخ اسد الله الدزفولی ، ت : 1237.
54 - مقدمة الکشکول :
للخرسان : السید مهدی السید حسن ، معاصر.
الحیدریة / النجف الاشرف / 1393.
55 - منن الرحمن :
للنقدی ، الشیخ جعفر بن محمد ، ت : 1370.
الحیدریة / النجف الاشرف /
56 - نزهة الجلیس ومنیة الادیب الانیس :
للمکی : السید عباس بن علی الحیسنی ، ت : ح 1180.
الحیدریة / النجف الاشرف / 1387.
57 - نسمة السحر فیمن تشیع وشعر :
للصنعانی ، یوسف بن یحیی بن محمد الیمانی ، ت : 1121.
مخطوط.
58 - نفحة الریحانة :
للمحبّی ، محمد امین بن فضل الله ، ت : 1111 ه-.
القاهرة / احیاء الکتب العربیة / 1387.
59 - نقد الرجال :
للتفرشی ، السید مصطفی التفرشی ، ت : بعد 1015 ه-.
حجری / طهران / 1318.
60 - النور السافر عن أخبار القرن العاشر :
للعیدروسی ، عبدالقادر بن عبدالله الیمانی ، ت : 1038 ه-.
بیروت / داراالکتب العلمیة / 1405 ه-.
* * *
ص: 176
المصادر الفارسیة
1 - أحسن التواریخ :
روملو ، حسن بیک ، ت :
طهران / 1349 ه-. ش.
2- أحوال وآثار نصیر الدین طوسی :
مدرس ، محمد نقی مدرس رضوی
داورپناه / طهران / 1354 ش
3- تاریخ استان قدس :
مؤتمن ، علی
الناشر : آستانه قدس رضوی
4 - تاریخ عالم آرا عباسی :
للمنشی ، اسکندر بیک ترکمان ، ت : 1043.
کلشن / طهران / 1350ش
5 - تذکرة المحققین = ریاض العارفین
هدایت ، مهدی قلی ، ت
آفتاب / طهران / 1316
6 - تذکرة النصرآبادی :
للنصرآبادی ، میرزا محمد طاهر ، ت:
افست مروی / طهران / 1361 ش
7 - دائرة المعارف فارسی :
لمصاحب ، غلام حسین
8 - دانشمندان وبزرکان اصفهان :
ص: 177
9 - راهنما یا تاریخ آستان قدس رضوی :
موتمن : علی
الناشر : آستانه قدس رضوی
10 - رشحات سمائی احوال شیخ بهائی :
معلم حبیب آبادی ، محمد علی بن زین العابدین
11 - روضة الصفای ناصری :
هدایت ، رضا بن محمد هادی الطبرستانی ، ت : 1287 ه-.
حجری / ایران / 1374
12 - ریحانة الأدب :
للمدرس ، میرزا محمد علی بن محمد طاهر التبریزی ، ت : 1373
شفق / تبریز ایران /
13 - ریاض الجنة :
للزنوزی : المیرزا حسن بن السید عبدالرسول الحسینی
14 - ریاض العارفین :
هدایت ، رضا بن محمد هادی الطبرستانی ، ت : 1287
آفتاب / طهران / 1316
15 - شمس التواریخ :
للکلپایکانی ، الشیخ أسدالله بن محمد ، ت 1366
اصفهان / 1331
16 - طرائق الحقائق :
للشیرازی ، محمد معصوم (( معصوم علیشاه )) نائب الصدر ، ت :
احمدی / طهران / 1318
17 - فقهای نامدار شیعه :
بخشایشی ، عبدالرحیم عقیقی ، معاصر.
مکتبة آیة الله العظمی المرعشی / قم / 1405
18 - الفوائد الرضویة فی احوال علماء مذهب الجعفریة :
للفمی ، الشیخ عباس بن محمد رضا ، ت : 1359
ص: 178
ایران /
19 - فهرست کتابهای چاپی عربی :
خان بابا مشار
طهران / 1344 ه-. ش
20 - فهرس مکتبة المجلس ( مجلس الشوری ) :
مجموعة من المؤلفین
مکتبة المجلس
21 - قصص العلماء :
للتنکابنی : میرزا محمود بن سلیمان ، ت : 1302 ه-.
علمیه اسلامیه / طهران /
22 - گنجینه آثار تاریخی اصفهان :
لطف الله هنرفر
اصفهان / 1350 ه-. ش
23 - لغت نامه دهخدا :
دهخدا : علی أکبر ، ت : 1334 ه-
مؤسسة لغة نامه / طهران
24 - مجمع الفصحاء :
هدایت ، رضا بن محمد هادی الطبرستانی ، ت 1287
امیرکبیر / طهران / 1339
25 - محبوب القلوب :
للاشکوری : محمد بن علی بن عبدالوهاب اللاهیجی ، ت بعد 1075
26 - مطلع الشمس :
اعتماد السلطنة : محمد حسن خان صنیع الدولة ، ت : 1313
فرهنکسرا / طهران / 1362
27 - مفتاح التواریخ :
للیزدی ، محمد بن الحسین الطباطبائی ، ت ح 1313
28 - منتخب التواریخ :
ص: 179
للخراسانی ، محمد هاشم
طهران / اسلامیة / 1347
29 - نابغه فقه وحدیث :
للجزائری ، السید محمد
ربانی / اصفهان / 1394
الناشر : حسینة عماد زاده ، اصفهان
30 - نجوم السماء :
للکشمیری ، محمد علی بن المیرزا صادق اللکنوی ، ت : 1309
بصیرتی / قم /
31 - هدیة الاحباب :
للقمی : الشیخ عباس بن محمدرضا ، ت : 1359
سپهر / طهران / 1363
المصادر الترکیة
32 - قاموس الاعلام :
سامی پاشا
استانبول / مهران / 1316
33 - لغات تأریخیه :
للرومی ، احمد رفعت محمد باشا افندی ، ت 1312
استانبول / اولندی / 1299
ص: 180
المجلات
1 - الثقافة الاسلامیة : العدد / 5
مجلة تصدرها المستشاریة الثقافیة للجمهوریة الاسلامیة الایرانیة / دمشق
2 - العرفان :
ج 8، 9 من م 2 لسنة 1328 ص : 383 ، 407_ 413 ، 472_ 476 ، 521.
3 - نور علم :
اصدار جماعة المدرسین / عدد 7
قم / میدان الشهداء / اول شارع أدیب.
ص: 181
فهرست مصادر التحقیق
1 - الاحتجاج : للطبرسی : أحمد بن علی بن أبی طالب ، ت :
بیروت / الأعلمی / 1403
2 - أخبار أصفهان : للأصبهانی : أحمد بن عبدالله ، ت : 430 ه-
لیدن / بریل / 1934
3 - إختیار معرفة الرجال : للشیخ الطوسی : محمد بن الحسن ، ت : 460 ه-
قم المقدسة / مؤسسة آل البیت / 1404
الأربعین حدیثا : للشیخ البهائی = شرح الاربعین حدیث
4 - إرشاد الطالبین إلی نهج المسترشدین : للحلی : المقداد بن عبدالله السیوری ، ت :
قم المقدسة / سید الشهداء / 1405 ه-
5 - إرشاد العقل السلیم إلی مزایا القرآن الکریم : للعمادی : محمد بن محمد ، ت : 951 ه-
بیروت / دار احیاء التراث
6 - الإستبصار : للطوسی : محمد بن الحسن ، ت : 460 ه-
طهران / دارالکتب الاسلامیة / 1390 ه-
7- اسرار الصلاة : للشهید الثانی ، زین الدین بن علی بن احمد الجبعی ، ت : 965 ه-
المطبوع ضمن مجموعة رسائل / منشورات مکتبة آیة الله المرعشی / 1305 ه-
الإشارات والتنبیهات : ابن سینا = شرح الاشارات والتنبیهات : للطوسی :
8 - الإقبال : لا بن طاووس : علی بن موسی بن جعفر ، ت : 664 ه-
طهران / دارالکتب الإسلامیة /
9 - أعیان الشیعة : للأمین : السید محسن ، ت : 1371 ه-
بیروت / دارالتعارف / 1403 ه-
10 - الامالی : للشیخ الصدوق : محمد بن علی بن بابویه ، ت : 381 ه-
النجف الأشرف / الحیدریة / 1389 ه-
ص: 182
11 - الامالی : للشیخ الطوسی ، محمد بن الحسن ، ت : 460 ه-
بغداد / الأهلیة
12 - أمل الآمل : للعاملی : محمد بن الحسن آل الحر ، ت : 1104 ه-
النجف الأشرف / الأداب / 1385 ه-
13 - إنباه الغمر بأبناء العمر : للعسقلانی : أحمد بن علی بن حجر ، ت : 852 ه-
بیروت / دارالکتب العلمیة / 1406 ه-
14 - إنباه الرواة علی أنباه النحاة : للقفطی : علی بن یوسف ، ت : 624 ه-
بیروت / دارالفکر ، والکتب الثقافیة / 1406 ه-
15 - الأنساب : للسمعانی : عبدالکریم بن محمد ، ت : 562 ه-
بغداد / المثنی / 1970
16 - أنوار التنزیل : للبیضاوی : عبدالله بن عمر بن محمد الشیرازی ، ت : 692 ه-
بیروت / شعبان /
17 - إیضاح الفوائد : لفخر المحققین : محمد بن الحسن بن یوسف الحلی ، ت : 726 ه-
طهران / العلمیة / 1387 ه-
18 - بحار الأنوار : للمجلسی : محمد باقر بن محمد تقی ، ت : 1111 ه-
بیروت / مؤسسة الوفا / 1403 ه-
19 - البدء والتاریخ : للمقدسی : مطهر بن طاهر ، ت : 507 ه-
طهران / الأسدی / 1964
20 - البدایة والنهایة : لابن کثیر : إسماعیل بن عمر ، ت : 774 ه-
بیروت / دارالمعارف ، والنصر / 1388 ه-
21 - بغیة الوعاة : للسیوطی : جلال الدین عبدالرحمن ، ت :911 ه-
بیروت / دارالفکر / 1399 ه-
22 - تأسیس الشیعة لعلوم الاسلام : للصدر : السید حسن ، ت : 1354 ه-
بغداد / النشر الشرقیة /
23 - تاج العروس : للزبیدی : محمد مرتضی ، ت : 817 ه-
القاهرة / الخیریة / 1306 ه-
24 - تاریخ آداب اللغة العربیة : لجرجی زیدان ، ت :
بیروت / مکتبة الحیاة / 1983
25 - تاریخ بغداد : للخطیب : أحمد بن علی البغدادی ، ت : 463 ه-
بیروت / دارالکتاب العربی /
ص: 183
26 - تاریخ مختصر الدول : ابن العبری : غریفوریوس الملطی : ت : 685 ه-
27 - تاریخ الیعقوبی : للیعقوبی : أحمد بن أبی یعقوب بن جعفر ، ت : 284 ه-
بیروت / دار صادر /
28 - تجرید الاعتقاد : للطوسی : محمد بن محمد بن الحسن ، ت : 679 ه-
قم المقدسة / دارالنشر الاسلامی / 1406 ه-
29 - التحفة : مخطوط
30 - التذکرة : للشیخ الخواجة الطوسی ، محمد بن الحسن ، ت : 679 ه-
مخطوط
31 - تذکرة الفقهاء : للعلامة : الحسن بن یوسف بن المطهر ، ت : 726 ه-
طهران / المرتضویة /
32 - ترتیب التهذیب : للبحرانی : السید هاشم الموسوی ، ت : 1107 ه-
طهران / فراهانی / 1392 ه-
33 - تعلیقات علی المطول : للشیخ البهائی ، محمد بن الحسن بن عبد الصمد ، ت : 1030 ه-
مخطوط
تفسیر أبو السعود = إرشاد العقل السلیم إلی مزایا القرآن الکریم
34 - تفسیر البحر المحیط : للأندلسی : محمد بن یوسف ، ت : 754 ه-
بیروت / دارالفکر / 1403 ه-
تفسیر البیضاوی = أنوار التنزیل
تفسیر العروة الوثقی ( للبهائی ) = ضمن الحبل المتین
تفسیر الفخر الرازی = مفاتیح الغیب
تفسیر القاضی = أنوار التنزیل
35 - تفسیر القرآن الکریم : للشیرازی : محمد بن ابراهیم ، ت : 1050 ه-
قم المقدیة / بیدار / 1366 ش
تفسیر القرطبی = الجامع لأحکام القرآن
36 - تفسیر القمی : للقمی : علی بن ابراهیم بن هاشم ، ت : 217 ه-
النجف الاشرف / دار الهدی / 1386 ه-
التفسیر الکبیر = مفاتیح الغیب
37 - تفسیر الکشاف : للزمخشری : محمود بنعمر ، ت : 528 ه-
القاهرة / الاستقامة / 1365 ه-
38 - تفسیر النهر الماد : للأندلسی : محمد بن یوسف ، ت : 754 ه-
ص: 184
بیروت / دارالفکر / 1403 ه-
39 - التفهیم لأوائل صناعة التنجیم : للبیرونی : محمد بن أحمد ، ت : 412 ه-
اکسفورد / رمزی زیب / 1352 ه-
40 - تعلیقات علی المطول للبهائی ، محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030 ه-
مخطوط
41 - تنقیح المقال : للمامقاتی : الشیخ عبدالله بن محمد بن حسن ، ت : 1351 ه-
النجف الأشرف / المرتضویة / 1352 ه-
42 - التوحید : للصدوق : الشیخ محمد بن علی بن الحسین ، ت : 381 ه-
قم المقدسة / مؤسسة النشر الاسلامی / 1398 ه-
43 - تهذیب الاحکام : للطوسی : الشیخ محمد بن الحسن ، ت : 460 ه-
طهران / اسلامیة / 1390 ه-
تهذیب الأخبار = تهذیب الأحکام
44 - تهذیب التهذیب : للعسقلانی : أحمد بن علی بن حجر ، ت : 582 ه-
بیروت / دارالفکر / 1404 ه-
45 - جامع الاُصول : للجزری : المبارک بن محمد ، ت : 606 ه-
بیروت / دارالفکر / 1403 ه-
46 - جامع الرواة : للأردبیلی : محمد بن علی ، ت : 1101 ه-
قم المقدسة / مکتبة آیة الله المرعشی / 1403 ه-
47 - الجامع الصحیح : للترمذی : محمد بن عیسی بن سورة ، ت : 279 ه-
بیروت / دار الفکر / 1400ه-
48 - الجامع لأحکام القرآن : للقرطبی : محمد بن أحمد الانصاری : ت : 671 ه-
بیروت / دار إحیاء التراث العربی /
49 - جمع الجوامع : للطبرسبی :الفضل بن الحسن ، ت : 548 ه-
بیروت / دار الأضواء / 1405 ه-
50 - الجواهر المضیة : لابن أبی الوفا : عبد القادر بن محمد ، ت : 775 ه-
حیدرآباد / النظامیة
الجغمینی = ملخص الهیئة
51 - حاشیة الکنبوی علی الجلال : لکنبوی : الشیخ اسماعیل ، ت : 1205 ه-
ترکیة / خورشید / 1317
52 - الحبل المتین : للبهائی محمد بن الحسین بن عبدالصمد ، ت : 1030 ه-
ص: 185
قم المقدسة / بصیرتی / اوفست ، 1319 ه-
53 - حق الیقین : لشبر : عبدالله بن محمدرضا ، ت : 1242 ه-
بیروت / دارالأضواء / 1404
54 - حکمة العین : للکاتبی : علی بن عمر القزوینی ، ت : 675 ه-
مشهد المقدسة / دانشکاه فردوسی / 1353
55 - حواشی علی تفسیر البیضاوی للبهائی ، محمد بن الحسین بن عبدالصمد ، ت : 1030 ه-
مطبوع علی الحجر ضمن التفسیر / الخونساری / 1272
56 - حیاة الحیوان : للدمیری : محمد بن موسی ، ت : 808 ه-
القاهرة / مصطفی البابی /
57 - خزانة الادب : للبغدادی عبد القادر بن عمر ، ت : 1030 ه-
بیروت / دار صادر
58 - خلاصة الأقوال فی معرفة الرجال : للعلامة الحسن بن یوسف الحلی ، ت : 726 ه-
النجف الأشرف / الحیدریة / 1381
59 - خلاصة تذهیب تهذیب الکمال : للخزرجی : أحمد بن عبدالله ، ت : بعد 923 ه-
حلب / المطبوعات الاسلامیة
60 - دائرة المعارف : للبستانی : بطرس بن بولس بن عبدالله ت : 1300ه-
بیروت / دار المعرفة /
61 - دئرة العارف القرن العشرین : وجدی : محمد فرید ، ت : 1373 ه-
بیروت / دار المعرفة / 1971
62 - الدرجات الرفیعة فی طبقات الشیعة : للشیرازی : السید علی خان المدنی ، ت : 1120 ه-
قم المقدسة / بصیرتی / 1397
63 - الدرر الکامنة فی أعیان المئة الثامنة : للعسقلانی : أحمد بن علی بن حجر ، ت : 825 ه-
بیروت / دار الجیل
64 - درر اللآلی العمادیة : للاحسائی : محمد بن علی بن ابراهیم ، ت : 940 ه-
مخطوط / مکتبة آیة الله النجفی المرعشی العامة /
65 - الدعوات : للراوندی : سعید بن هبة الله ، ت : 573 ه-
قم المقدسة / أمیر / 1407
66 - الدلائل : للحسن بن بهلول ، ق 4 ه-
الکویت / معهد المخطوطات / 1408
67 - الذریعة الی تصانیف الشیعة: للطهرانی : الشیخ أغا بزرک ( محسن ) ت : 1389 ه-
ص: 186
بیروت / دار الأضواء / 1403
68 - الذریعة إلی مکارم الشریعة : للأصفهانی : الحسین بن محمد بن المفضل ، ت : 565 ه-
القاهرة / الکلیات / 1393
69 - ذکری الشیعة : للشهید الأول : محمد بن مکی العاملی ، ت : 786 ه-
قم المقدسة / بصیرتی
70 - الرجال : للنجاشی : أحمد بن علی ، ت : 450 ه-
قم المقدسة / مؤسسة النشر الاسلامی / 1405 ه-
71 - رجال بحر العلوم : لبحر العلوم السید محمد مهدی ، ت : 1212 ه-
طهران / الصادق /
72 - رجال بن داود : للحلی : الحسن بن علی بن داود ، ت : 707 ه-
النجف الأشرف / الحیدریة / 1392
73 - رجال الشیخ الطوسی : للطوسی : محمد بن الحسن ، ت : 460 ه-
النجف الأشرف / الحیدریة / 1381
74 - رجال العلامة الحلی = خلاصة الأقوال فی معرفة الرجال
رجال الکشی = اختیار معرفة الرجال
75 - رسائل جواجة نصیر الدین : للطوسی : محمد بن محمد بن الحسن ، ت : 679 ه-
حیدر اباد / المعارف / 1359
76 - الرسالة : للفشیری ، عبد الکریم بن هوازن ، ت : 465 ه-
القاهرة / دارالطباعة العامرة / 1290
77 - رسالة الصدوق إلی ولده : علی بن الحسین بن بایویه ت : 329 ه-
المطبوعة ضمن من لا یحضره الفقیه
78 - رصف المبانی فی شرح حروف المعانی : للمالقی : أحمد بن عبد النور ، ت : 702
دمشق / دار القلم / 1405
79 - روضات الجنات : للخونساری : محمد باقر الاصفهانی ، ت : 1313 ه-
طهران / الحیدریة / 1390
80 - روضة المتقین : للمجلسی : محمد تقی ، ت : 1070 ه-
طهران / بنیاد کوشانپور /
81 - ریاض العلماء : للافندی : عبدالله الاصفهانی ، ت : 1130 ه-
قم / خیام / 1401
82 - الزوائد والفوائد : لابن طاووس : علی بن موسی بن جعفر ، ت : 664 ه-
مخطوط
ص: 187
83 - السرائر : للحلی : محمد بن إدریس العجلی ، ت : 98. ه-
قم المقدسة / العلمیة / 1390
84 - سلافة العصر : للشیرازی : السید علی خان المدنی ، ت : 1120 ه-
القاهرة / الخانجی / 1324
85 - سوانح سفر الحجاز : للبهائی : محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030 ه-
مخطوط
86 - سنن ابن ماجة : للقزوینی محمد بن یزید ، ت : 275 ه-
بیروت / دار إحیاء التراث / 1395
87 - سنن أبو داود : للسجستانی : سلیمان بن الأشعث : 275 ه-
بیروت / دار الفکر /.
سنن الترمذی = الجامع الصحیح.
88 - سیر أعلام النبلاء : للذهبی محمد بن أحمد ، ت : 748 ه-
بیروت / مؤسسة الرسالة / 1405
89 - شرح الأربعین حدیث : للبهائی ، محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030 ه-
تبریز / سهامی چاپ کتاب / 1378
90 - شرح الاشارات والتنبیهات : للطوسی : محمد بن محمد بن الحسن ، ت : 679 ه-
قم المقدسة / آیة الله المرعشی النجفی /
91 - شرح حکمة الاشراق : للشیرازی محمد بن مسعود ، ت : 710 ه-
قم المقدسة / برادران علمی /.
92 - شرح حکمة العین : للبخاری : محمد بن مبارک شاه ، ت : 862 ه-
مشهد المقدسة / دانشکاه فردوسی / 1353 ه-
93 - شرح التجرید : للقرشجی : علی بن محمد ، ت : 879 ه-
قم المقدسة / رضی ، پیدار ، عزیزی /
94 - شرح التذکرة : للمحقق البیرجندی ، عبد العلی بن محمد حسین ، ت : 932 ه-
مخطوط
95 - شرح التذکرة : للخفری ، محمد بن أحمد ، ت : 957 ه-
مخطوط
96 - شرح التذکرة : للنیسابوری ، الحسن بن محمد بن الحسین ، ت : 828 ه-
مخطوط
97 - شرح المواقف : للجرجانی : علی بن محمد ، ت : 816 ه-
ص: 188
اسلام بول / دار الطباعة العامره /
98 - شذرات الذهب : للحنبلی : عبدالحی بن العماد ، ت : 1089 ه-
بیروت / دار افاق جدیدة /.
99 - شعب الایمان : للبیهقی.
100 - الشعاء :لإبن سینا : الحسین بن عبدالله بن سینا ، ت : 427 ه-
قم المقدسة / مکتبة آیة الله المرعشی / 1405
101 - شهداء الفضیلة : ل-لامینی : عبد الحسین بن أحمد النجفی ، ت : 1390ه-
قم المقدسة / دار الشهاب /.
102 - صحاح اللغة : للجوهری : اسماعیل بن حماد : ت : 393 ه-
بیروت / دار العلم للملایین / 1399
103 - صحیح البخاری : للبخاری : محمد بن اسماعیل ، ت : 265 ه-
بیروت / دار احیاء التراث /.
104 - صحیح مسلم : للقشیری : مسلم بن الحجاج النیسابوری ، ت : 261 ه-
القاهرة / دار احیاء الکتب العربیة / 1374
105 - الضوء اللامع : للسخاوی : محمد بن عبد الرحمن ، ت : 902 ه-
بیروت / دار مکتبة الحیاة /.
طبقات الأطباء = عیون الأنباء فی
106 - طبقات الأطباء والحطماء : ابن جلجل ، سلیمان بن غسّان الأندلسی ، ت ق 4 ه-
القاهرة / المصریة / 1302
107 - طبقات الأولیاء : المصری : عمر بن علی بن احمد ، ت : 804 ه-
بیروت / دار المعرفة / 1406.
108 - طبقات الشافعیة الکبری : للسبکی : عبد الوهاب السبکی ، ت : 771 ه-
بیروت / دار المعرفة /.
طبقات القراء = غایة النهایة فی.
109 - عجائب المخلوقات : للقزوینی ، زکریا بن محمد بن محمود ، ت :؛ 682 ه-
القاهرة / مصطفی البابی /.
110 - عرائس المجالس : للنیسابوری ، أحمد بن محمد بن ابراهیم الثعالبی ، ت : 427 ه-
بیروت / دار الکتب العلمیة / 1401.
111 - علل الشرائع : للصدوق ، الشیخ محمد بن علی بن الحسین ، ت : 381 ه-
ص: 189
النجف الأشرف / الحیدریة / 1385
112 - علم الفلک : لکر لونلینو
روما / 1911.
113 - عمدة الطالب فی انساب آل أبی طالب : لإبن عتبة : أحمد بن علی الحسینی ، ت : 828 ه-
بیروت / مکتبة الحیاة /.
114 - عوائد الایام : للنراقی : أحمد بن محمد مهدی بن أبی ذر ، ت : 1245
قم المقدسة / بصیرتی /.
115 - عیون أخبار الرضا : للصدوق : محمد بن علی بن الحسین ، ت : 381 ه-
طهران / جهان /.
116 - عیون الأنباء فی طبقات الأطباء : للخزرجی : أحمد بن القاسم بن خلیفة ، ت : 668 ه-
بیروت / مکتبة الحیاة / 1945
117 - غایة النهایة فی طبقات القراء : للجزری : محمد بن محمد ، ت : 833 ه-
بیروت / دار الکتب العلمیة / 1202
118 - الفائق : للزمخشری : محمود بن عمر ، ت : 538 ه-
بیروت / دار المعرفة /.
119 - فارسیة الهیئة : للبهائی : محمد بن الحسین بن عبد الصمد ، ت : 1030 ه-
مخطوط
120 - فتح القدیر : للشوکانی : محمد بن علی بن محمد ، ت : 1250 ه-
بیروت / دار احیاء التراث /.
121 - الفتوحات المکیة : لإبن العربی محمد بن علی الطائی ، ت : 638 ه-
بیروت / دار صادر /.
122 - فرج المهموم : لإبن طاووس : علی بن موسی بن جعفر ، ت : 664 ه-
النجف الأشرف / الحیدریة / 1368
123 - فرهنک جامع فارسی آنندراج : شاد : محمد پاد شاه
طهران / خیام / 1363
124 - الفصل فی الملل والاهواء
125 - والنحل : لإبن حزم : علی بن حزم الاندلسی ، ت : 456 ه-
بغداد / مکتبة المثنی /.
126 - فلک النجاة
127 - الفوائد الرضویة : للقمی : الشیخ عباس بن محمد رضا ، ت : 1359 ه-
ص: 190
بیروت / مرکزی / 1327 ش.
128 - فوات الوفیات : للکتبی : محمد بن شاکر ، ت : 764 ه-
بیروت / دار صادر /.
129 - الفهرست : للندیم محمد بن یعقوب الوراق ، ت : 380 ه-
طهران / تجدد / 1391
130 - الفهرست : للشیخ الطوسی : محمد بن الحسن ، ت : 260 ه-
النجف الاشرف / المرتضویة /.
131 - فهرست مخطوطات جامعة طهران : ( دانشکاه ).
طهران
132 - فیض القدیر : للمناوی : عبد الرؤوف ، ت : 1029 ه-
بیروت / دار الفکر / 1391
133 - القاموس المحیط : للفیروز آبادی : محمد بن یعقوب ، ت : 817 ه-
بیروت / مؤسسة الرسالة / 1406
134 - القانون ، ابن سینا ، الحسین بن علی ، ت : 428 ه-
بولاق / مصر / 1294 ه-
قصص القرآن =عرائس المجالس
135 - قواعد الأحکام : للعلامة : الحسن بن یوسف بن علی ، ت : 726 ه-
قم المقدسة / الرضی /.
136 - الکافی : للشیخ الکلینی : محمد بن یعقوب ، ت : 328 ه-
طهران / الاسلامیة / 1342 ه-
137 - الکامل فی الأدب : للمبرد / محمد بن یزید النحوی ، ت : 285 ه-
بیروت / دارالکتب العلمیة / 1407
138 - الکامل فی التاریخ : لا بن لأثیر : علی بن محمد الشینانی ، ت : 630 ه-
بیروت / دار صادر / 1399
139 - کشاف اصطلاحات الفنون : التهانوی : محمد بن علی بن محمد ، ت بعد : 1158 ه-
هند / کلکته / 1862
140 - کشف الظنون : لرومی : مصطفی بن عبدالله القسطنطینی ، ت : 1067 ه-
بیروت / دار الفکر /
141 - کشف المراد شرح تجرید الاعتقاد : للعلامة : الحسن بن یوسف بن علی ، ت : 726
ص: 191
بیروت / الاعلمی / 1399
142 - الکشکول : للبهائی : محمد بن السین بن عبد الصمد ، ت : 1301 ه-
بیروت / الاعلمی /
143 - الکنی والالقاب : للقمی : الشیخ عباس بن محمدرضا ، ت : 1359 ه-
بیروت / العرفان / 1358
144 - کنز العمال : للهندی : علاء الدین علی البرهان فوری ، ت : 975 ه-
بیروت / الرسالة / 1405
145 - لؤلؤة البحرین : للبحرانی : یوسف بن أحمد ، ت : 1186 ه-
قم المقدسة / مؤسسة آل البیت /
146 - اللباب فی تهذیب الانساب : للجزری : علی بن محمد بن عبد الکریم ، ت : 630 ه-
بیروت / دار صادر /
147 - لسان العرب : لابن منظور : محمد بن مکرم الافریقی ، ت : 711 ه-
قم المقدسة / ادب الحوزة / 1405 ه-
148 - لسان المیزان : للعسقلانی : أحمد بن علی بن حجر ، ت : 852 ه-
حیدر آبادی / النظامیة / 1329
149 - لغة نامة : دهخدا : علی أکبر ، ت : 1258 ه-
طهران / دانشکاه / 1337
150 - المباحث المشرقیة : للرازی : محمد بن عمر ، ت : 606 ه-
طهران / الأسدی / 1966
151 - مجالس المؤمنین : للتستری : القاضی نور الله ، ت: 1019
طهران / اسلامیة /
152 - المجسطی : لبطلیموس الفلوزی
153 - مجمع البیان : للطبرسی : الفضل بن الحسن ، ت : 548 ه-
بیروت / العرفان / 1355
154 - مجمع الرجال : للقهبائی : عنایة الله ، ت : 1020 ه-
قم المقدسة / اسماعیلیان /
155 - المحاسن : للبرقی : أحمد بن محمد بن خالد ، ت : 274 ه-
قم المقدسة / دارالکتب الاسلامیة /
156 - مختلف الشیعة : للعلامة : الحسن بن یوسف بن علی ، ت : 726ه-
ایران / حجری / 1323
157 - مرآة الجنان : للیافعی : عبدالله بن اسعد ، ت :؛ 768 ه-
ص: 192
حیدرآباد / دائرة المعارف / 1377
158 - مراصد الاطلاع : للبغدادی : عبد المؤمن بن عبد الحق ، ت : 739 ه-
بیروت / دار المعرفة / 1373
159 - مروج الذهب : للمسعودی : علی بن الحسین بن علی ، ت : 346 ه-
قم المقدسة / دار الهجرة / 1404
160 - مستدرک الوسائل : للنوری : میرزاحسین ، ت : 1320 ه-
طهران / اسلامیة / 1382
161 - المسند : للشیبانی ، أحمد بن حنبل ، ت : 441 ه-
بیروت / دار الفکر /
162 - مصادر ترجمة الشریف الرضی : للامینی ، د. محمد هادی عبد الحسین ، معاصر
طهران / شرکة افست / 1401
163 - مصباح المتهجد : للطوسی ، محمد بن الحسن ، ت : 460 ه-
ایران / حجری
164 - مطالع الأنوار : للأرموی ، محمود بن أبی بکر ، ت : 682 ه-
ایران / حجری
165 - معالم العلماء : للمازندرانی ، محمد بن علی بن شهراشوب ، ت : 588 ه-
النجف الأشراف / الحیدریة / 1380
166 - معانی الاخبار : للصدوق ، محمد بن علی بن الحسین ، ت : 381 ه-
بیروت / دار المعرفة / 1399
167 - معانی القرآن : للفراء : یحیی بن زیاد ، ت : 207 ه-
طهران / ناصر خسرو /
168 - معجم الادباء : للحموی : یاقوت بن عبدالله الرومی : ت 626 ه-
بیروت / دار الفکر / 1400
169 - معجم البلدان : للحموی : یاقوت بن عبدالله الرومی ، ت : 626 ه-
بیروت / دار صادر / 1379
170 - معجم رجال الحدیث : للخوئی : أبو القاسم بن علی أکبر ، معاصر
بیروت ، دار الزهراء / 1403
171 - معجم المفسرین : لنویهض :عادل ، معاصر
بیروت / نویهض / 1403
172 - معجم مقاییس اللغة : لابن زکریا : أحمد بن فارس ، ت : 395 ه-
قم المقدسة / العلمیة /
ص: 193
173 - المعجم الکبیر : للطبرانی : سلیمان بن أحمد ، ت : 360 ه-
بغداد / الدار العربیة / 1319
174 - معجم المؤلفین : لکحالة : عمر رضا / معاصر
بیروت / دار احیاء التراث
175 - المعجم الوسیط : مجموعة
القاهرة / 1392 ه-
176 - مفاتیح الغیب : للرازی : محمد بن عمر ، ت : 606 ه-
177 - مفاتیح العلوم : للسکاکی : محمد بن علی ، ت : 626 ه-
بیروت / دار الکتب العلمیة /
178 - المفردات : للراغب : الحسین بن محمد الاصفهانی ، ت : 502 ه-
بیروت / دار المعرفة /
179 - مقابیس الأنوار : للتستری : الشیخ أسد الله الدزفولی الکاظمی ، ت : 1237 ه-
طهران / حجری / 1322
180 - مقالات الاسلامیین
181 - واختلاف المصلّین : للأشعری : علی بن اسماعیل ، ت : 324 ه-
/ فرانز شتایز / 1400
مقالات ارسطر خس = رسائل خواجة نصیر الدین الطوسی
182 - الملخص فی الهیئة : للجغمینی ، محمود بن محمد الخوارزمی ، ت : 618 ه-
ایران / حجری
مناظر اقلیدس = رسائل خواجة نصیر الدین الطوسی
183 - المنتظم : لابن الجوزی ، عبد الرحمن بن علی ، ت : 597 ه-
حیدرآباد / النظامیة / 1359
184 - منتهی الاراک : للخرقی ، محمد بن احمد الحسینی ، ت : 553 ه-
مخطوط
185 - منتهی المطلب : للعلامة ، الحسن بن یوسف بن علی ، ت : 762 ه-
ایران / حجری
186 - من لا یحضره الفقیه : للصدوق ، محمد بن علی بن بابویه ، ت : 381 ه-
طهران / اسلامیة / 1390
187 - منهاج البراعة : للخوئی ، میراز حبیب الله الهاشمی ، ت : 1324 ه-
طهران / اسلامیة /
188 - المواقف : للایجی ، عبد الرحمن بن أحمد ، ت : 756 ه-
ص: 194
بیروت / عالم الکتب
189 - میزان الاعتدال : للذهبی ، محمد بن أحمد بن عثمان ، ت : 748 ه-
بیروت / دارالمعرفة / 1382
190 - نقد الرجال : للتفریشی ، میر مصطفی بن حسین الحسینی ، ت : 1021 ه-
طهران / حجری / 1318
191 - نهایة الادراک فی أسرار الافلاک : للشیرازی : محمود بن مسعود ، ت : 710 ه-
مخطوط
192 - النهایة فی غریب الحدیث : الجزری : المبارک بن محمد ، ت : 606 ه-
بیروت / المکتبة الاسلامیة /
193 - نهج البلاغة للموسوی : محمد بن الحسین الرضی ، ت : 406 ه-
القاهرة / الاستقامة /
194 - الوافی : للفیض : محمد محسن بن الشاه مرتضی ، ت : ه-
قم المقدسة / آیة الله المرعشی نجفی / 1403
195 - وفیات الاعیان : لابن خلکان : أحمد بن محمد ، ت : 608 ه-
بیروت / دار صادر / 1398
196 - هدیة الاحباب : للقمی : الشیخ عباس ، ت : 1359 ه-
طهران / أمیر کبیر / 1363
197 - الهیاکل : للسهروردی : یحیی بن حبش بن أمیرک ، ت : 587 ه-
القاهرة / 1335 ه-
ص: 195