انوار الفقاهه - کتاب القضاء

اشارة

نام کتاب: أنوار الفقاهة- کتاب القضاة موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر تاریخ وفات مؤلف: 1262 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: 1422 ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: نجف اشرف- عراق

ص: 1

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

خلق الله الخلق لیعبدوه کما نص فی الکتاب المجید قال: (وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلّٰا لِیَعْبُدُونِ) (الذاریات: من الآیة 56) و من المعلوم أنه لا یعود نفع العبادة إلیه لاستغنائه بل یعود لعباده فخلقهم لتکلیفهم و تکلیفهم لإیصال الثواب إلیهم و إیصاله إلیهم محض جود منه و لطف و توسط التکلیف لهذه الإفاضة مما تقتضیه الحکمة و یحکم بحسنه العقل و إلا فهو الجواد المطلق و الفیاض الحق و لا ینافی کون العلة فی الخلق هو العبادة و ما ورد إنی أحببت أن اعرف فخلقت الخلق لکی أعرف لأن التکلیف مظهر من مظاهر معرفته و لأنه المعرفة من العبادة إذن هی السبب الموصل للنظر فی إثبات ذاته و مفاده فغایة الخلق تکلیفهم لإیصال اللطف إلیهم و غایة ذلک هو الوصول إلی معرفته و قد ترتب علی التکلیف غایات أخر کالإهداء إلی المعرفة بمظاهر الصفات الجلالیة و الکمالیة کما أحب أن یظهر أنه العفو و الغفور و التواب و المحسن و الحلیم بواسطة التکلیف حیث ان من خالف ما أمر به و عصاه تاب علیه و غفر له و عفی عنه و أحسن إلیه و حلم علیه فی الدنیا و إظهار الصفات الجلالیة صفة جلال و کمال و بالجملة فالخلق کله و تکلیفهم من مظاهر المعرفة العائدة إلی إثبات تلک الصفات ثمّ انه عز و جل لما کلف عباده و جعل لهم واسطة منهم و هو النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم کما تقتضیه الحکمة ثمّ انه قرن مع النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم کتاباً معجزاً مصدقاً له ثمّ أمر النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم بنصب الوصی و أمر الأوصیاء بنصب العلماء و القضاة کی ینتشر العلم فی العالم و لا یبقی جهل لبنی آدم و قد فعل النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم ما أمر به و کذا الأوصیاء و إن خالفهم الأشقیاء و نقضوا الغرض من بعث الأنبیاء ثمّ ان الأوصیاء لم یقصروا فی زمن ظهورهم بما تمکنوا منه من نصب العلماء و الأمر بالرجوع إلیهم و نصب القاضی العام للرجوع إلیه فی السیاسات و الأحکام

المقدمة

ص: 2

و لکنهم یتخفون بذلک لمکان التقیة إلی أن ولد الصاحب روحی له الفداء فغاب فکان الواجب علیه أن یفعل کما فعلوا و نصب کما نصبوا بحسب الإمکان کی تبقی لله طاعة و عبودیة و لا ینسی ذکره و لا تعود جاهلیة و حینئذ فإن الواجب علیه أن ینصب منصوباً عاماً حیث لا یتمکن من المنصوب الخاص کما نصبوا و ضرورة التکلیف أیضاً قاضیة بنصب مرجع للأحکام ممیز بین الحلال و الحرام أمراً بالمعروف علی حسب الإمکان قاطع للخصومة بحکمه و فاصل للدعوی بفصله و قضائه فنصب المجتهد من إمام العصر ضروری مقطوع به من إمام العصر و لو لم یجی ء فیه دلیل لعلمنا بوجوب النصب علیه و علمنا بعدم قابلیة غیر المجتهد الجامع للشرائط لهذا المنصب بل قد یقال أن بعد غیبة إمام العصر و لزوم الهرج و المرج و ضرورة بقاء التکلیف مما یقضی العقل القاطع به لزوم الرجوع للعالم الجامع للشرائط فی اخذ الأحکام منه و فی قطع الخصومة لدیه و فی إرجاع أمور السیاسة إلیه بل قد دل الدلیل النقلی علی تقدیم العلماء و الرجوع إلیهم قال تعالی: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ) (النحل: من الآیة 43)، و قال: (هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَ الَّذِینَ لٰا یَعْلَمُونَ) (الزمر: من الآیة 9)، و قال: (أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لٰا یَهِدِّی إِلّٰا أَنْ یُهْدیٰ) (یونس: من الآیة 35) فیلزم من ذلک لزوم الرجوع للعلماء المجتهدین و إمضاء أحکامهم و إنفاذ قضائهم و لو لم یجی ء دلیل علی نصب الأئمة لهم کیف و قد دلت الأدلة کما سیجی ء إن شاء الله تعالی علی نصب الأئمة علیهم السلام للعلماء بل نصب صاحب الأمر لهم علی ما یجی ء إن شاء الله و بالجملة فالرجوع إلی المجتهد علی ما نحن علیه و عموم ولایته و إنفاذ حکمه دلیله العقل و النقل فهو منصوب نائباً عن الأئمة علیهم السلام بل یجب تنصیبه و تقدیمه علی الناس کافة و لو لم یقوموا به الناس لعصوا بذلک کما عصوا فی ترکهم الرجوع للأئمة علیهم السلام و عدم مضرتهم و من تخاذلهم عنهم و عدم الرضا بحکمهم فیکون هذا من الواجبات علی الأمة و إن لم یبلغهم به نص من الأئمة و بالجملة یجب علی الناس تقدیم رئیس مستحق للتقدیم علیهم فی الرجوع إلیه

ص: 3

فی سیاساتهم و أحکامهم لاستقامة النظام بذلک و لتوقف الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و بقاء النوع الإنسانی دوام التکلیف علیه و علی نصبه و هذه فذلکة یجی ء تمامها إن شاء الله.

کتاب القضاء

[هنا مباحث]

[أحدها فی معانی القضاء]

للقضاء معانٍ عدیدة لغة ورد استعمالها فی الکتاب و السنة علی جهة الحقیقة و المجاز و الاشتراک اللفظی فی الجمیع و اللفظی فی بعض و المعنوی فی آخر و یعرف بیانها فی کتب اللغة و التفسیر و فی الشرع حقیقة شرعیة أو متشرعیة ولایة شرعیة علی الحکم بین المتخاصمین و الفصل بینهما أو ولایة شرعیة علی ذلک و علی الحکم علی الرعیة فما لم یعلموا ثبوته من الموضوعات العامة کرؤیة الهلال أو من الموضوعات الخاصة کالحکم بالعیب و الساتریة و الترابیة للمشکوک بستره و ترابیته أو ولایة شرعیة علی ذلک و علی المصالح العامة من جبر الممتنع و أخذ المقاصة و إجراء الحدود و التعزیرات و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و تجهیز الجنود و تعظیم أمر السیاسة و تربیة الأیتام و النظر فی الأوقاف العامة و حفظ مال القاصر و الغائب و غیر ذلک و الأظهر المعنی الثانی فلا ینصرف الإطلاق عند قول القائل: هذا قضاء فلان و نصبت فلاناً قاضیاً و اجعلوه إلا إلی ذلک و أما غیره فلا یدخل فیه إلا بنص من الغاصب کأن یقول: و جعلتک قیما علی الأطفال و ناظراً علی الأوقاف و متولیاً علی الحدود و قد یقال إن هذه الأمور و إن لم ینصرف إلیها إطلاق لفظ القضاء و لکنها تتبع هذا المنصب عرفاً شرعیاً فکل من نصب للقضاء لزمه تولی الأمور العامة من الناصب له إلا أن ینص علی خلافه فیکون دلالته علی غیر ولایة الحکم من باب دلالة ما یدخل فی اللفظ تبعاً أو یقال أنه من باب القدر المشترک بین الجمیع و البعض لکن بشرط دخول الحکم فی ذلک البعض فلا بد من بیان غیر الحکم فی النصب و الولایة و علی کل حال فلو تخلی المنصب عن منصب الحکم لم یُسمّ المنصوب قاضیاً و کذا الکلام فی لفظ الحاکم فی قوله علیه السلام: جعلته حاکماً فإن الظاهر انصرافه للحکم بین المتخاصمین أو للحکم فی الأمور المشتبهة عامة أو خاصة مع احتمال إرادة الفصل منه بکل شی ء بمعنی جعلته فصل الأمور بیده و جعلته والیاً

ص: 4

لجمیعها و مرجعاً فیها و قد فهم الفقهاء رحمهم الله من ذلک کذلک و قد یطلق القضاء علی نفس الحکم من ذی الولایة و نفس الإلزام منه یجزئ الحکم بجزئی الشرعی علی أشخاص معینین أو علی عامة الخلق فی مقام الدعوة أو فی مقام الشک فی موضوع إثباتاً أو نفیاً و بهذا الإطلاق یقابل الفتوی لتعلق الفتوی ببیان الحکم الشرعی و إظهاره و الاخباریة ظناً عن الله سبحانه و تعلق القضاء بالإلزام بنفس جزئی الفتوی بالمورد الخاص علی شخص معین أو علی عام و اسم القضاء و الفتوی و یشمل الصحیح و الفاسد فالمصادرة ممن له أهل الولایة سمی قضاء و فتوی صحیحة و إلا ففاسدان و کذا القضاء بمعنی الولایة فالولایة الصحیحة الجامعة للشرائط قضاء صحیح و إلا ففاسد اصل کل عالم بحکم شرعی أو ظان به ظناً فله أن یفتی به و یحکم و یلزم و لکن لا تکون الفتوی صحیحة یترتب علیها وجوب العمل لنفسه إلا مع العلم القطعی أو الظن المعتبر و هو ظن المجتهد المطلق أو المتجزی فی وجه و لا یترتب علیها وجوب العمل من غیره و تقلیده إلا أن یستجمع الصفات الأخر من العدالة و الظبط و الإیمان و استفراغ الوسع و یأمر بالمعروف و ینهی عن المنکر و یحکم بالبینة و بالإقرار و بالشیاع و نحو ذلک و بالجملة له الحکم بما أنزل الله تعالی مطلقاً بین المتداعین و غیرهم و فی کل أمر کان حکماً بالقسط و العدل إلا إن الحکم لا یکون حکماً نافذاً بحیث لا ینقض بالاجتهاد الظنی من الحاکم نفسه أو من غیره بل و لا بالقطعی النظری من غیره و إن لم یجز لغیره تنفیذه فلا یجوز رده و لا تنفیذه و حینئذ فلا یکون الحکم حکماً نافذاً أو أمراً ملزماً لمن وقع علیه فی مقام الخصومة و غیرها فی مقام عموم أو خصوص مع البینة أو مع الإقرار أو مع النکول أو مع الیمین المردودة أو مع العلم به أو ظن یقوم مقامه من شیاع أو ید أو تصرف إلا ممن دل الدلیل علی نفوذ حکمه و الإلزام به و عدم إعادة الدعوی بعده و المقطوع به من الأدلة نقلًا کتاباً و سنة و إجماعاً و عقلًا هو حکم الإمام علیه السلام أو من نص علی نصبه عموماً أو خصوصاً لان تنفیذ الحکم فی نفسه من الولایات و الرئاسات العامة فمنصبها یرجع إلی أهل المنصب الحق فمن نصبوه فی زمانهم خصوصاً یقل فائدة البحث فیه من اشتراط الاجتهاد فیه و عدمه بعد القطع بأنه یحکم بحکم الإمام

ص: 5

علیه السلام قطعاً أو ظناً شرعیاً یجوز له العمل به و من اشتراط عدالته و ضبطه لو راعی الإمام حکمه إنما الکلام فی غیر المنصوب الخاص و بعد القطع ان الأصل فی الحکم عدم نفوذه و عدم ترتب أحکام النصب علیه فلا بد من إثبات أحد أمرین أمّا إثبات الأذن فی الحکم لکل من یحکم بالحق علماً أو ظناً عن اجتهاد أو عن تقلید أو عن روایة قطعیة أو إجماع مقطوع به أو کتاب نص بحیث یکون حکمه نافذاً أو إثبات حاکم موصوف بصفات معلومة ینفذ حکمه و یرجع إلیه فی حالة الحضور و الغیبة أمّا الثانی هو إثبات حاکم منصوب منصف بصفات خاصة فهو مقطوع به فی حالة الحضور و عدم التمکن و فی حالة الغیبة بل فی حالة الحضور و التمکن فی زمن الصادقین علیهم السلام و هو نصب المجتهد المطلق الجامع للشرائط فانه منصوب عموماً من أئمتنا علیهم السلام بدلیل الإجماع و الروایات المتکثرة عن صاحب الأمر عجل الله فرجه الذی هو إمام العصر کقوله فیها: و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلی رواة أحادیثنا فانهم حجتی علیکم و أنا حجة و روایة و عن غیره ممن تقدم کروایة أبی خدیجة عن أبی عبد الله و قوله: انظروا إلی رجل منکم یعلم شیئاً من قضایانا فاجعلوه بینکم قاضیاً فانی جعلته قاضیاً فتحاکموا إلیه و روایة بن حنظلة عن أبی عبد الله علیه السلام عن رجلین من أصحابنا یکون بینهما منازعة فی دین أو میراث فتحاکما إلی السلطان أو إلی القضاة أ یحل ذلک؟ قال: من تحاکم إلی الطاغوت فحکم له فإنما یأخذ سحتا و إن کان حقه ثابتاً لأنه اخذ بحکم الطاغوت و قد أمر أن یکفر به. قلت: کیف یصنعان؟ قال: انظروا إلی من کان منکم قد روی حدیثنا و نظر فی حلالنا و حرامنا و عرف أحکامنا فارضوا به حاکماً فقد جعلته علیکم حاکماً فإذا حکم بحکمنا فلم یقبله منه فإنما بحکم الله استخف و علینا رد و الراد علینا کالراد علی الله و هو علی حد الشرک بالله تعالی. قال: فإن کان کل واحد اختار رجلًا من أصحابنا فرضیا أن یکون الناظران فی حقهما و اختلفا فیما حکما و کلاهما اختلاف فی حدیثکم؟ فقال: الحکم ما حکم أعدلهما و أفقههما و أصدقهما فی الحدیث و أورعهما و لا یلتفت إلی ما یحکم به الآخر. قال:

ص: 6

فقلت: فإنهما عدلان مرضیان عند أصحابنا لا یفضل واحد منهما علی صاحبه؟ قال: فقال: ینظر إلی ما کان من روایتهم عنا فی ذلک الذی حکما به المجمع علیه عند أصحابک فیؤخذ به من حکمنا و یترک الشاذ و الذی لیس بمشهور عند أصحابک فإن المجمع علیه لا ریب فیه قال: قلت: فإن کان الخبران عنکم مشهورین قد رواهما الثقات عنکم؟ قال: ینظر إلی ما وافق حکمه حکم الکتاب و السنة و خالف العامة اخذ به. قال: قلت: جعلت فداک فإن وجدنا أحد الخبرین موافقاً للعامة و الآخر مخالفاً لها بأی الخبرین یؤخذ؟ قال: بما یخالف العامة فإن فیه الرشاد قال: قلت: جعلت فداک فإن وافقهما الخبران؟ قال: ینظر ما حکامهم إلیه أمیل و قضاتهم فیترک و یؤخذ بالآخر قلت فإن وافق حکامهم و قضاتهم الخبران جمیعاً؟ قال: إذا کان کذلک فأرجه حتی تلقی إمامک فإن الوقوف عند الشبهات خیر من الاقتحام فی الهلکات. و روایة أبی بصیر عن أبی عبد الله علیه السلام یا أبا محمد لو کان لک علی رجل حق فدعوته إلی حکام أهل العدل فأبی علیک إلا أن یرافعک إلی حکام أهل الجور لیقضوا له لکان ممن حاکم إلی الطاغوت. و روایة أخری عنه علیه السلام أی رجل کان بینه و بین أخ له مماراة فی حق فدعاه إلی رجل من إخوانه لیحکم بینه و بینه فأبی أن یرافعه إلی هؤلاء کان بمنزلة الذین قال الله تعالی: (أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ یَتَحٰاکَمُوا) إلی غیر ذلک من الروایات الدالة علی نصبهم العام للعارف بحلالهم و حرامهم و شیئاً من أحاکمهم و من المقطوع به أن مثل هذا المنصب لا ینعزل صاحبه بعد موت الإمام علیه السلام الناصب له لأنه بمنزلة بیان الحکم فیه و بیان أن الله عز و جل جعله منصوباً بسبب الاضطرار إلیه حیث کان الأئمة علیهم السلام حیث کان الأئمة علیهم السلام فی زاویة الخمول و أیدیهم غیر منبسطة فأذنوا للمجتهدین بذلک عن إذن الله تعالی و الأظهر أن یقال أن ظاهر الروایة النصب منهم علیهم السلام لا بیان حکم و لکنه ظاهر فی النصب الدائم کما فهم الفقهاء و للإمام علیه السلام أن ینصب منصوباً علی الدوام بحیث تمضی أحکامه من بعده فی کل زمن مع کل إمام علیه السلام لعلم الإمام الأول بالمصالح و السیاسات و الأئمة حجج الله تعالی فی أرضه

ص: 7

أمواتاً و أحیاء لا یقال إن الإمام علیه السلام الآخر لا یجتمع معه المنصوب من الأول لصیرورته حاکماً من الإمام الأول فلا یکون محکوماً علیه و الإمام الثانی حاکم مطلقاً قلنا: لا باس بصیرورة المنصوب حاکماً من الأول و محکوماً علیه و تابعاً للثانی و یکون الإمام الثانی مقرراً لنصب الأول و منفذاً له علی إن أولهم و آخرهم سواء فمنصوب الأول و الثانی منصوب واحد و یؤید ذلک أن الأئمة من بعد صلّی الله علیه و آله و سلّم أقروا علی ذلک و جرت السیرة به و الطریقة فی زمانهم إلی زمن الصاحب جعلت فداه علی أن فی الإجماع و ضرورة النظام القاضیة بذلک المنصب کفایة و یلحق للمجتهد المطلق المجتهد المتجزی فإن حکمه نافذ فیما اجتهد فیه لشمول الأدلة له و عموماً و خصوصاً کمرفوعة ابن أبی خدیجة کما ان فتواه لنفسه و لغیره جائزة لعموم الأدلة نعم لیس تلک الرئاسة العامة فی الحدود و السیاسات و الاستیلاء علی مال الإمام و رجوع بیت المال إلیه و نحو ذلک و أما الأول و هو نفوذ حکم کل عالم بکلّی ذلک قطعاً أو ظناً شرعیاً و لو بتقلید مجتهد حی جامع للشرائط فهو فی حد ذاته بمعنی کونه حکماً شرعیاً من الله سبحانه و تعالی لا یقول به أحد بل الإجماع محصلًا فضلًا عن أن یکون منقولًا علیه و إن ظهر من العمومات جواز الحکم لکل أحد بالقسط و العدل و الحق و لزوم الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر لکل من عرف الحق بل یلزم علی سامع البینة و الإقرار الحکم علی من قامت علیه البینة فیأمره بالمعروف و ینهاه عن المنکر و یحکم بموجب إقراره و لکن الشأن فی نفوذ هذا الحکم من غیر المجتهد المنصوب و ترتب آثاره علیه و أبی لنا بنفوذه و الاجماع محصلًا فضلًا عن أن یکون منقولًا علی عدمه و به بخصوص عمومات لزوم الحکم بالحق علی کل أحد و الأمر بالحکم بالعدل و القسط و الأدلة الخالیة من ذکر المجتهد العامة له و لغیره و حکم هذه العمومات کحکم عمومات البینة و الیمین و الإقرار و الحکم بالنکول و الحکم بالشاهد و الیمین حیث مخصصة و مقصورة علی قیامه و حصولها من المجتهد المطلق کی تکون نافذة ماضیة و لا یجوز تکریرها أو إعادتها و لا تجدید الحکم بها نعم قد یقال: ان حکم العارف بالحلال و الحرام علی وجه القطع أو علی وجه التقلید من الفرقة الاثنی عشریة منصوب عن الإمام علیه السلام نصباً آخر أمّا

ص: 8

مطلقاً کما هو ظاهر من أخبار نصب الحاکم أو مع الاضطرار عند فقد المجتهد المطلق و یناقش فی ثبوت الإجماع علی عدم نصب الإمام علیه السلام لغیر المجتهد المطلق و إن ثبت الإجماع علی عدم جواز الحکم للعامی ابتداء بالعمومات الدالة علی جواز الحکم بالعدل و الحق و القسط فلا یثبت الإجماع علی عدم نصب الأئمة للعامی العارف کیف و فی زمن الأئمة علیهم السلام کثیر من نوابهم فی الفتوی و القضاء لم یکونوا مجتهدین نعم یعرفوا الحکم بعینه عن الإمام علیه السلام فیفتی به و یحکم بل للمجتهد نفسه حیث انه منصوب عام أن ینصب قاضیاً یقضی بفتواه المعلومة عند مقلده و یحکم بالبینة المعلومة القبول عند مجتهده و یحلف یمیناً عنده و یحکم بالحق و یجوز للمجتهد أن یستنب عنه من یقول: حکمت فیشاء الحکومة عنه بعد سماع المجتهد البینة أو بعد حلف المدعی و حینئذ فلا فرق بین أن یقول المقلد: حکمت بنفسی بفتوی مجتهدی أو حکمت عنه عند استنابته له و لا فرق فی قیام البینة عند المجتهد أو المقلد بعد علنه بمواقع البینة تقلیداً و کذا الیمین یمین المنکر أو المردودة بل لو حکم العامی و لم یعرف وجه حکمه حملناه علی الصحة و کان نافذاً. هذا کله قد یظهر من ظواهر الأخبار و یستشعر من مطاوی أحادیث الأئمة علیهم السلام و فعلهم و لکنه خلاف إجماع أصحابنا و طریقتهم خلفاً عن سلف و لا یختلفون فی أن المراد من الأخبار هو المجتهد المطلق و هو العارف بالحلال و الحرام بل هو العارف بشی ء من القضایا لأن العامی لا درایة له و لا ینسب إلیه المعرفة المطلقة بل نصوا فی قاضی التحکیم أنه لا بد فیه من وصف الاجتهاد و لم یکتفوا برضا الخصمین علی مجرد العارف بحکم تلک الواقعة تقلیداً أو علماً نظریاً و لا ینفذ حکم العامی عندهم بوجه من الوجوه یظهر مما قررنا أن نفوذ الحکم و فصل النزاع و قطع الخصومة بحیث لا تقبل العود و لا تقبل الرد و لا تقبل الرجوع إلی آخر فی تلک الدعوة و یکون رد ذلک الحکم کالرد علی منصب فی مناصب النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم و الأئمة لقوله علیه السلام: أجلست مجلساً لا یجلسه إلا نبی أو وصی نبی أو شقی. و قوله علیه السلام: اتقوا الحکومة فإن الحکومة إنما هی للإمام علیه السلام العالم بالقضاء العادل فی المسلمین

ص: 9

کنبی أو وصی، و لقوله تعالی: (فَلٰا وَ رَبِّکَ لٰا یُؤْمِنُونَ حَتّٰی یُحَکِّمُوکَ فِیمٰا شَجَرَ بَیْنَهُمْ) (النساء: من الآیة 65) و لما دل علی أن فصل الخطاب عندهم و للإجماع خرج منه تنصیبهم للمجتهد مطلقاً أو متجزیاً لظهور لفظ عرف و نظر فیه و لوقوعه من الأئمة علیهم السلام فی زمانهم و بقی الحکم من العامی و أن کان بالحق مندرجاً تحت وجوب الحکم لا تحت لزوم تنفیذه و دعوی خروج المتجزی من إطلاق الأدلة ضعیفة لشمول روایة أبی خدیجة له بل و روایة ابن حنظلة لأن المقصود من الجمع المضاف فیها مطلقاً لماهیة بقرینة قوله علیه السلام: روی حدیثنا و لأن اکثر نواب الأئمة علیهم السلام لم یثبت لهم الاجتهاد المطلق بل و لو لا الإجماع لکان ظاهر الروایة جواز الحکم لکل من روی حدیثنا و عرف حکماً فی تلک الواقعة المتنازع فیها سواء عن اجتهاد أو تقلید أو سماع بعلم أو ظن شرع و یکون حکماً و حکمه نافذ و بالجملة فروایة بن حنظلة و إن أشعرت بنصب المجتهد المطلق فلیس فیها منافاة لنصب المتجزی إلا علی الأخذ بالمفهوم الضعیف فلا إشکال فی نفوذ حکم المتجزی بل قد یقال أنه مع تراضی الخصمین بغیر المتجزی فی الحکم المقطوع به عنده الذی لا یحتاج إلی اجتهاد فی طریقه و لا فی إثباته و لا یتوقف علی النظر فی عدالة و جرح و نحوهما فیه فإذا حکم علیهما مضی حکمه.

ثانیها: یجوز الرجوع فی الحکم و الفتوی و الحقوق و الولایات إلی المفضول مع وجود الفاضل

لدخول کل منهما تحت عموم أدلة النصب و الولایة فی الأخبار سیما المرفوعة و المقبولة و فیهما إلی رجل منکم لا إلی أفقهکم نعم ذکر الأفقه بعد ذلک عند الاختلاف و للسیرة القطعیة من لدن زمن الأئمة علیهم السلام و لتقریرهم أصحابهم علی ذلک و للزوم العسر و الحرج لولاه لعسر معرفة الفاضل من المفضول علی العوام نعم لو علم اختلاف الفاضل و المفضول فی حکم و علم المقلد ذلک الاختلاف فلا یبعد القول بحرمة الرجوع إلیه فی الفتوی و الحکم لما یظهر من المقبولة فی مقام اختلاف الراوین بل قد یخص ذلک فیما لو رجع المترافعان إلیهما معاً و اختلفا فهناک لا بد من الترجیح و أما مع الرجوع لواحد و هو المفضول فإنه یلتزم بقوله و إن علم ان الفاضل قد خالفه و علی کل

ص: 10

حال فلو قلد فاضلًا أو اخذ حکمه منه فعاد مفضولًا لفاضل آخر لا یجوز له العدول عنه إلیه و لو قلد المفضول مع عدم علمه بالخلاف أو حکم له فتبین له الخلاف لم یجز العدول و لم ینقض الحکم و کذا لو لم یعلم بالفاضل و المفضول فقلد المفضول أو اخذ منه الحکم لزمه ذلک أیضاً و بالجملة فلو قلنا بلزوم تقدیم الفاضل مع الاختلاف فهو شرط علمی لا وجودی و شرط فی الابتداء لا فی الاستدامة کل ذلک لعموم الأدلة و لم یثبت إجماع علی لزوم تقدیم الفاضل مطلقاً و الرکون إلی القبح العقلی فی تقدیم المفضول ضعیف إذ لعل المفضول أصاب ما لم یصب الفاضل و لأن الظن بکلی جواز الرجوع إلی المفضول أقوی من الظن الحاصل بفتوی الفاضل علی أن القبح ذلک مخصوص بمنصب الإمامة المبنیة علی الرئاسة العامة و علی العلم بالأحکام و علی سیاسات النظام و علی التأسی بهم أفعالًا و أقوالًا فی الأحکام فالفرق جلی و الأمر غیر خفی.

ثالثها: للفاضل أن ینفذ حکم المفضول و إن کانت فتواه

إن حکم المفضول لا ینفذ مع وجود الفاضل إذا علم أن حکمه وقع علی موجب فتواه و موجب ما یفتی به من الجرح و التعدیل بل و لو لم یعلم لأصالة صحة حکمه فیما عدا مانعیة المفضولیة بل للمجتهد أن ینفذ حکم العامی إذا علم انه حکم علی طریقة ما یفتی به و یکون من قبیل إجازة الحکم و لا باس بإجراء حکم الفضولی فی الحکم کمن باع مال غیره لنفسه فأجاز المالک له.

رابعها: لا بد فی القضاء من النصب عموماً أو خصوصاً

من الله سبحانه أو من النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم أو من الأئمة علیهم السلام و لا یکفی نصب الرعیة لو اجتمعوا علی واحد، نعم لو تراضی الخصمان علی واحد بالتحاکم إلیه نفذ حکمه علیهما و إن لم یکن منصوباً من قبل أهل النصب لفحوی النبوی من حکم بین اثنین تراضیا به فلم یعدل فعلیه لعنة الله و لعمومات الأخذ بالحکم بما انزل الله و بالقسط و بالعدل و ظاهر الأصحاب قلة ثمرة هذا فی زمن الغیبة بل فی زمن الأئمة کالباقرین علیهما السلام لحصول النصب منهم لمن عرف حلالهم و حرامهم فی زمن حضورهم و غیبتهم حتی لو کانوا متمکنین من

ص: 11

الرجوع إلیهم جاز الرجوع إلی منصوبهم نعم له ثمرة فی زمن النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم و فی زمن علی علیه السلام و قد یقال: أن ثمرته فی زمن الغیبة عدم رجوع الخصمین عمن تراضیا علیه إلی غیره أو ثمرته حصول کونه قاضیاً علیهم بالاعتبارین و ظاهر الأصحاب لزوم اشتراط شرائط القاضی الأصلی فیه من الاجتهاد و غیره و قد یناقش فی لزوم الاجتهاد فیه لإطلاق الأدلة نعم لا بد من کونه عارفاً بالیقین أو بالظن الشرعی الاجتهادی أو التقلیدی بکلی الحکم فی الواقعة الخاصة و بطریق کیفیة الشهادة و الیمین و النکول و نحوها فیها و حینئذ فیمکن کون هذه ثمرة قاضی التحکیم فی زمن الغیبة و هو انه لا یشترط فیه الاجتهاد فی الحضور و الغیبة بخلاف القاضی المنصوب و لکن مخالفة ما علیه الأصحاب لا یقتحم علیها فقیه و علی طریقة الأصحاب فقاضی التحکیم لا یتصور نصبه حال الغیبة بل حال الحضور و عدم انبساط الید بل و مع انبساط الید فی زمن الصادقین علیهما السلام لأن فی نصب المجتهد کفایة عنه و کل من یتراضی به الخصمان من المجتهدین فهو منصوب من قبلهم نعم فی حال الحضور قبل زمان الصادقین علیهما السلام قد تکون ثمرته بیان أن حکمه نافذ حکماً شرعیاً أو الأذن فی نفوذ الحکم منه بالخصوص و أن کان القاضی المنصوب موجوداً بل و الإمام موجوداً بل قد یقال انه منصوب مخصوص علی جهة مخصوصة و الفرق بینه و بین المنصوب الخاص انه لا یتعدی إلی غیر الحکم فی الواقعة الخاصة ولایة له علی حد أو تعزیر أو قاصر أو غائب نعم له أن یأمر بالمعروف و ینهی عن المنکر کغیره ممن یجب علیهم الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و نقل عن السید و الشیخ جواز تولی الحدود منه لقوله علیه السلام: فی روایة حفص إقامة الحدود إلی من إلیه الحکم و هو ضعیف لظهور من إلیه الحکم فی الإمام أو منصوبه الخاص و العام و قد استند بعض فی الاستدلال علی قاضی التحکیم بروایة أبی خدیجة و المقبولة و فیه ضعف لظهور موردهما کما فهم الأصحاب فی المنصوب العام و هو المجتهد المطلق فالعمدة فی الاستدلال علی ثبوت قاضی التحکیم الإجماع و أیضاً قاضی التحکیم لا یحکم علی الممتنع و لا علی الغائب بخلاف المنصوب فإنه یحکم علی الجمیع

ص: 12

و أیضا یجوز الرد علی قاضی التحکیم قبل الحکم و یجوز عزله قبل حکمه من المدعی و المنکر بخلاف المنصوب فإنه لا یجوز للمنکر عزله و لا الرد علیه بوجه.

خامسها: المجتهد المطلق منصوب نصباً عاماً

فمنزلته منزلة الولی المتصرف و معناه إعطاؤه هذا المنصب لا من باب الوکالة و لا من باب الأذن فلا ینعزل بموت الناصب لأن الظاهر أنها نصب من الله علی لسان الإمام علیه السلام و لو کانت الوکالة صرفة لانعزل بموت الموکل و یمکن أن یقال أن المجتهد وکیل عن صاحب الأمر روحی فداه و منصوب من قبل الأئمة علیهم السلام الذین قبله و لا منافاة بینهما و الفرق بینه و بین المنصوب الحاضر أن نصبه یتبع ما نصب فیه من بلد أو صقع أو أمر خاص من حکم أو غیره أو یعمها صریحاً أو فحوی بخلاف المنصوب العام فإن ولایته غیر مقصورة و لا محصورة و أیضا المنصوب الخاص ینعزل بموت الناصب و ینعزل إذا طرأ علیه فسق أو جنون و لا یعود إلا بنصب جدید بخلاف المنصوب العام فإنه یدور مدار الوصف المنصوب لأجله فمتی تحقق الوصف تحقق النصب.

سادسها: لا یشترط فی الإفتاء سوی الاجتهاد و استفراغ الوسع من المجتهد

لتحصیل الظن بالحکم الشرعی و لا یشترط فی الاستفتاء من المقلد سوی ذلک و إحراز عدالته للوثوق بفتواه نعم لو کان الغالب علیه السهو و النسیان و عدم الضبط بحیث لا یرکن إلی فتواه لم یجز استفتاؤه و أما الحکم فی حالة الغیبة فلما کان منصباً من المناصب یقتصر فیه علی ما یقطع بثبوته و نصبه و أیضا فالأصل عدم نفوذ الحکم و أیضا فالأصل عدم نفوذ الحکم إلا ما دل الدلیل علی نفوذه بالمشکوک فی شرطیته لنفوذ الحکم بخلعه شرطاً و المشکوک فی مانعیته بخلعه مانعاً إلا أن یقوم إطلاق معتبر بنفی الشرطیة و المانعیة و مما انعقد الإجماع علی اشتراطه و قضت ظواهر الروایات به هو اشتراط البلوغ و العقل و الذکورة و الإیمان و العدالة و طهارة المولد و العلم و کل ذلک لا کلام فیه سوی العلم فالمتیقن منه هو العلم الاجتهادی للإجماع المنقول و لظاهر روایات القضاء و أنه منصب للعلماء لا لسائر من عرف و لو مسألة جزئیة یمکنه القضاء بمضمونها و کذا ظاهر روایة أبی خدیجة و المقبولة تدل علی ذلک نعم هل یکفی الاجتهاد التجزی فی القضاء

ص: 13

فقط دون باقی الولایات أو یکفی فیه و فی الولایات المترتبة علی ذلک القضاء أو لا یکفی مطلقاً وجوه بل أقوال و یقوی القول بکفایة القضاء للمجتهد المتجزی فیما تجری فیه لدخوله تحت إطلاق العالم و العارف و تحت ما دل علی الحکم بالقسط و العدل بل قد تشمله الروایتان المتقدمتان سیما روایة أبی خدیجة فإنها کالصریحة فیه و لکن ظواهر الإجماعات المنقولة و الاحتیاط و الأصول العقلیة و انصراف نظر فی حلالنا و حرامنا و عرف أحکامنا إلی المجتهد المطلق مما یبعد نفوذ حکم المتجزی و یقرب اشتراط الاجتهاد المطلق و تحمل روایة أبی خدیجة علی معرفة استخراج الفرع من الأصل و هو بالحقیقة شی ء أو بعض شی ء من قضایاهم و اشترط جمع الحریة و القول به قوی فی المنصوب الخاص و العام لانصراف الأدلة إلی الاحرار و اصالة عدم النفوذ و لأنه عبد مملوک لا یقدر علی شی ء و اشترط بعضهم البصر فلا ینفذ قضاء الأعمی لافتقار القاضی إلی التمیز بین الخصوم و الکتابة و للأصل و الأقرب نفوذه للعمومات و التمیز یکفی فیه غیر البصر من الحواس و المعرفین فلو عرضناه لم یمیز بحکومته لم تنفذ حکمه و اشترط بعضهم الکتابة لأصالة عدم النفوذ إلا معها و هو ضعیف و اشترط بعضهم الضبط و هو حق إذا کان نسیانه غالبی و سهوه أکثری سیما لو لم تکن له تقوی تامة تمنعه عن التسرع فی الفتوی بل لا یمضی حکم بعض المتسرعین فی الفتوی المتهجمین علیها قبل النظر التام و کذا من کانت لهم حالة اللجاجة و الشجاعة و الاقدام علی أدنی ظن یخطر لهم بالبال و کذا من یری نفسه ان ما یصل إلیه لا یصل إلیه أحد فیتهور و یفتی و لا یبالی و کذا من یقودهم إلی الفتوی حب الشی ء یعمی و یصم و کل هذا لا ینافی العدالة لوقوعه من الشخص غالباً من غیر اختیار و تأمل و إن کانت مقدماته اختیاریة و اشترط بعضهم السلامة من الخرس للأصل و الشک فی نفوذ الحکم و لظاهر قوله: و روی حدیثنا و بعضهم السلامة من الصم کذلک و الأقرب شمول الأدلة للأخرس و الاصم إلا إذا أدی خرسه و صممه إلی عدم الوثوق بإشارته و عدم الوثوق بفهمه بحیث استرابت النفس بإصابته لخطئه غالباً و لعدم معرفته کثیراً لفوات المطالبة السمعیة و النطقیة علیه غالباً و علی کل حال فلو قلنا باشتراط الکتابة و البصر و السمع فی

ص: 14

المنصوب الخاص فلا نقول به فی العام و لا فی قاضی التحکیم لعموم الأدلة من غیر معارض و مجرد الشاک مع الإطلاق لا یکون شکاً معتبراً.

سابعها: إذا اختلف المتداعیان فی الرجوع إلی أی المجتهدین لزم اتباع المنکر للمدعی

أو اتباع من أراد الأسهل طریقاً و الأقرب وصولًا مع احتمال لزوم من طلب الرجوع إلی الفاضل مطلقاً و هو بعید و کذا احتمال القرعة نعم لو علم اختلاف الفاضل و المفضول فی ذلک الحکم رجعا إلی الفاضل علی الأظهر و لو اختار کل منهما الرجوع إلی مجتهد و کان أحدهما فاضلًا و الآخر مفضولًا فلما رجعا إلیهما اختلفا فی الحکم فلا شک فی لزوم تقدیم الأفضل إلا إذا علم المقلد أو المتداعیان أن حکم الأفضل مخالف للمشهور أو مخالف للکتاب أو موافق للعامة و بالجملة عرف ضعف دلیل الفاضل بنفسه أو بنظر العارفین المطلعین له فالأقرب عدم وجوب الرجوع إلیه.

ثامنها: لو رجع المتداعیان إلی غیر المجتهد أو إلی حکام الجور من غیر ضرورة کانا غاصبین قطعاً

و لو أدت الضرورة إلی تخلیص مال أحدهما بالرجوع إلی هذین فلا بأس لأن الضرورات تبیح المحظورات و لانصراف ما دل علی المنع من الرجوع إلی غیر أهل الحق و انه رجوع إلی الجبت و الطاغوت و قد أمروا أن یکفروا به منصرف إلی غیر الضرورة و من الضرورة الرجوع إلیهم تقیة و فی الأخبار أن الأخذ بقولهم سحت و ان المال لا یحل بحکمهم و هو فی دعوی الغیر مع التهمة متجه لو أقام بینة علیها و لو عادله عند حاکم الجور فأخذها بحکمه نعم له أن یأخذها بمجرد البینة من دون ملاحظة حکم الحاکم الباطل فی وجه قوی أمّا لو کان قاطعاً بأن العین عینه و ماله فلا یکون أخذها حراماً نعم قد یقال ان اخذها بهذا العنوان حرام و إن کان التصرف بها حلالًا لأنها ملکه أمّا لو کانت الدعوی علی دین فأخذه بحکم الجائر فالظاهر شمول الأخبار له و أنه سحت و لا یکون وفاءً له بذلک الأخذ إلا إذا امتنع الغریم بعد ذلک من الوفاء فیکون مقاصة أو یرضی الدافع بکونه وفاء له بعد الحکم و لو کانت دعوی الدین تهمة فأخذه بحکم الحاکم الجائر فلا شک أیضاً انه سحت صرف نعم لو أخذه من جهة البینة کان له وجه.

ص: 15

تاسعها: منصوب المجتهد للولایة علی الأیتام و الأوقاف و الغیاب ینعزل بموته و جنونه

ان کان النصب علی جهة الوکالة عنه و إن کان علی جهة الوکالة عن الصاحب أو علی جهة أنه منصوب عن الصاحب لم ینعزل بناء علی عموم ولایة الحاکم حتی فی النصب عنه علیه السلام و قد یقال: ان نصب المجتهد فی زمن الأئمة السابقین إن کان علی جهة أنه منصوب عنهم أو وکیل لهم ینعزل و إن کان علی أنه منصوب من الله تعالی أو منصوب عن کل إمام بعده لم ینعزل و هذا الذی فهمه الفقهاء من نصب المجتهد المطلق فی أزمنة الأئمة السابقین.

عاشرها: ولایة الحاکم عامة لکل ما للإمام علیه السلام

ولایة فیه لقوله علیه السلام: حجتی علیکم و قوله علیه السلام: فاجعلوه حاکماً حیث فهم الفقهاء منه انه بمعنی الولی المتصرف لا مجرد أنه یحکم فی القضاء و لأن الضرورة قاضیة لمثل هذا المنصب و لأن النائب فی القضاء الذی هو اعظم کیف لا ینوب فیما هو اقل و یتولی المنصوب الخاص لجمیع ذلک فالعام مثله و لما ورد فی جملة من الأخبار من الأذن فی ولایة الأیتام لجملة من أصحابهم و کذا الحاکم الشرعی وکیل عن الصاحب فیما یعود إلیه من أمواله و أنفاله و قبضه قبضه لکان الضرورة و الإجماع و ظواهر أخبار النیابة و الولایة و لعموم ما علی المحسنین من سبیل بل لو فقد الحاکم الشرعی قامت عدول المؤمنین مقامه فی الولایات و فیما یرجع إلی الحاکم و فیما یختص بالإمام علیه السلام لمکان الضرورة و لعموم أدلة الإحسان و عموم المؤمنین بعضهم أولیاء بعض بل قد یقال: انه مع الاضطرار ینوب العدل العارف بالحکم الشرعی عن الإمام فی الحکم و الفصل بین المتنازعین لمکان الضرورة القاضیة بلزوم قطع الخصومات و رفع المنازعات و بالجملة فروایة أبی خدیجة فاجعلوه قاضیاً فإنی قد جعلته قاضیاً یفهم منها التسریة إلی کل ما یدخل تحت نصب القاضی ذلک الیوم و المعلوم ذلک الیوم إن من نصب قاضیاً رجعت إلیه جمیع الأمور العامة فیما نصب فیه من البلدان بل ربما یدعی أن مجرد غیبة الإمام علیه السلام و ارتفاع سلطنته قاضیة بمقتضی اللطف بقولی جمیع ما یعود إلی العالم بأحکامه و إلا

ص: 16

لزم الهرج و المرج و تعطیل الحقوق و ضیاع الأموال و تشتت الأمور العامة و کما قضت الضرورة بالأخذ بالظن بعد انسداد باب العلم و قضت بجواز الاجتهاد و التقلید قضت بتفویض الأمور إلی العالم بالأحکام الشرعیة الفرعیة نعم ما دام موجودا لا یرجع إلی غیره اقتصاراً فی الضرورة علی قدرها.

حادی عشرها: إذا کان الحاکم غیر عدل فهل له تولی القضاء

و الأمور العامة و الفتوی للغیر و قبض حق الإمام علیه السلام و إن لم یجز للغیر الرکون إلیه فی شی ء من ذلک أو لیس له لأن المتیقن من نصب الإمام علیه السلام للمجتهد هو ما إذا کان واقعاً عدلًا بحیث یعرف من نفسه العدالة و إلا لم یکن منصوباً و کذا فی المنصوب الخاص لو نصبه الإمام علیه السلام و کان یعرف من نفسه الفسق وجهان و الأظهر فی الفتوی و القضاء جوازهما و أما فی غیر الفتوی و القضاء فإن عرف من نفسه الأمانة جاز له تولی الأموال و إلا فلا یجوز له و یکون تصرفه فضولیاً.

ثانی عشرها: حکم المجتهد یمضی علی مقلدیه

فی کلی ذلک الحکم و أما علی مجتهد آخر یخالفه فیه أو علی مقلد مجتهد آخر یخالفه فیه بعد تقلده له فیمضی ظاهراً و یلزم المجتهد تنفیذه و الإذعان به و لا یجوز له الرد علیه فی الظاهر لعموم الأدلة و أما فی الباطن فهل یلزمه إمضاؤه و إن کان ظنه بخلافه ما لم یکن قاطعاً بالخلاف فلا یمضیه مع القطع إجماعاً أو یلزمه باطناً العمل علی اجتهاده وجهان من عموم لزوم الحکم و عدم جواز الرد و ضعف المعارض لعدم ما یصلح للمعارضة سوی الدلیل الظنی الواجب علیه العمل به و وجوب العمل به حتی فی معارضة الحکم مشکوک به و الأصل عدم جواز العمل بالظن و من ان المجتهد لا حکم لله فی حقه سوی ما أدی إلیه اجتهاده و عموم وجوب العمل بظنه مقطوع به فی الکتاب و السنة و لا معارض له سوی ما دل علی عدم جواز الرد فیجمع بینها بالأخذ بظنه باطناً و عدم رده ظاهراً و علی هذا فلو حکم علی مجتهد بطلاق زوجته أو بحرمة ماله أو بزوجیة امرأة و کان المجتهد لا یری ذلک نفذ حکمه ظاهر و أجاز له باطناً الاستمتاع بالزوجة واخذ المال و نحو ذلک و الاحوط تنفیذه ظاهراً و باطناً و أما لو خالف المجتهد مجتهداً آخر فی الفتوی و کانت لا

ص: 17

تعود إلیه فمن المقطوع به عدم جواز ردها و لزوم تنفیذها بمعنی ان إمضاء صحة حکمه و الإلزام بالعمل لا بمعنی أن یحکم به.

ثالث عشرها: للمجتهد أن یحکم بحکم مجتهد آخر

إذا علم إن الأول قد حکم علی طریقة مذهبه واخذ علی نحو ما یأخذ به من البینة و الیمین بل یجوز التداعی عند شخص و إقامة البینة عنده و یجوز صدور الحکم من الآخر و یجوز الحلف من المنکر عند حاکم الجور بل الیمین المردودة و الحکم عند آخر إذا علم بصدور الیمین منه عند الحاکم الأول و کل أمر یتعلق بصحة أو بطلان فی عبادة أو معاملة من غیر وقوع نزاع أو اختلاف أو نظر إلی شی ء خاص کحکمت علیک فهو فتوی لا یلزم المجتهد الآخر و لا مقلدیه اتباعها فلو ذهب إلی أن من فع کذا کان کافراً أو من ترک کذا صح قتله أو من اعتقد کذا کان نجساً أو من باع کذا صح بیعه کان الجمیع فتوی یجوز للمجتهد الآخر نقضها أو الأخذ بما أدی إلیه نظره فیها و لو کان ذلک فی مقام خصومة أو نظر إلی شی ء خاص کحکمت علی هذه العین بکذا کما إذا اختلفا فی صحة البیع أو النکاح أو الطلاق أو فسادها أو فی نجاسة شی ء و طهارته عیناً بعد بیعه أو فی جواز قتله و عدمه فحکم بجواز قتله أو فی جواز استرقاقه و عدمه فحکم بجواز استرقاقه کان ذلک حکماً لا یجوز نقضه و تبدیله.

مسائل

الأولی: القاضی إماماً کان أو غیره یقضی بعلمه فی الجملة [فهنا مقامات]

اشارة

إجماعاً محصلًا و منقولا إنما الکلام فی تفصیل هذه الجملة فهنا مقامات:-

الأول: فی الإمام و کذا من هو أعلی منه درجة

کالنبی صلّی الله علیه و آله و سلّم و خلاصة القول فی ذلک ان للإمام علیه السلام علم ناشئ من الأسباب العادیة علی حد علم غیره من البشر و له علم غیبی ناشئ من أسباب إلهیة و هل هو عالم بکل شی ء فعلًا؟ فی بعض الأخبار ما یدل علی ذلک و فی بعضها و هو الأکثر و الموجود فی کتب السیر أنه لا یعلم کل شی ء فعلًا و علی الأخیر فهل یعلم الأحکام کذلک فعلًا فقط أو إن الأحکام کغیرها کذلک أیضاً؟ فی بعض الأخبار ما یدل علی الأول و فی بعضها ما یدل علی الأخیر إلا

ص: 18

ان الأقوی فی الأحکام الأول و هو المناسب لارتفاع مرتبتهم و علو شأنهم و أنهم فوق المخلوق و دون مرتبة الخالق و أنکم قولوا فیهم ما شئتم إلا الربوبیة و ما ورد من انتظار الوحی منهم فی الأحکام محمول علی تأخیر البیان بعد العلم به لمصلحة أو ان الانتظار لخوف البداء الذی تقوله الشیعة و لو قلنا أنهم غیر عالمین فعلًا لجمیع الأشیاء أو لجمیع الأحکام فلا بد أن نقول: إنهم إذا شاءوا أن یعلموا علموا فی حکم شرعی أو غیره و طریق علمهم بذلک بإلهام أو بجفر أو بجامعة أو بغیر ذلک مما یعلمون به و هل لهم أن یشاءوا علموا جمیع الأشیاء دفعه أو الأحکام أو لیس لهم ذلک إلا بما شاءوا من الجزئیات کلام یحتاج إلی البحث و لا یستبعد من فحاوی ما دل علی مرتبتهم و علو منزلتهم ذلک و إن کان الظاهر أنهم ما شاءوا ذلک ثمّ علی تقدیر توقف علمهم الغیب علی المشیئة فما علموه من الغیب بالمشیئة و لم یکن علی جهة العلم العادی فهل یجوز لهم العمل به أو یجب علیهم أو لا یجوز لهم بمعنی سقوط أثره بالنسبة إلیهم و کذا غیرهم لو علم بالعلم الغیبی من إخبار إمام أو من مکاشفة أو نحو ذلک جری فیه الکلام و هل ینفذ حکمهم بالعلم العینی علی غیرهم أو لا ینفذ أو لا یجوز الحکم به نفذ أم لم ینفذ وجوه و بالجملة لو عرف الإمام بالعلم الغیبی ان شیئاً مغصوباً أو میتةً أو بخساً فهل له أکله أو یحرم علیه؟ و هل له أن یحکم علیه بما علم أو لیس له؟ و هل له أن یحکم بضده علی ما هو الظاهر من الحل و الطهارة و التذکیة؟ و هل له أن یتزوج الامرأة المعقود علیها بالعلم الغبی و کذا الام و الاخت؟ و هل له أن یحکم بذلک أو یحکم بعدمه أو یتوقف عن الحکم؟ و هل ینفذ حکم أم لا؟ ظاهر سیرة النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم و الأئمة علیهم السلام بعده عدم اعتبار العلم الغیبی لمباشرته للمنافقین و مساورته و مناکحته و إجرائه أحکام الإسلام علیهم و من المعلوم علمهم فعلًا أو بالمشیئة بکفرهم و نفاقهم و فی الخبر عنه علیه السلام: لو کنت راجماً من غیر بینة لرجمتها ما یدل علی عدم اعتبار العلم الغیبی و عدم جواز العمل و الحکم به و کذا قوله خمسة یؤخذ فیها بظاهر الإسلام المناکح و الشهادات نعم لو اقتضی الإعجاز الحکم به جری حکمه به و لو حکم بتنفیذه لزم إنفاذه و استبعاد إن الإمام یأکل المیتة و النجس و المغصوب و یتزوج

ص: 19

المحرمة و هو عالم بها مردود أن هذا انقلاب تکلیف فیعود بالنسبة إلیه طاهر حلال واقعاً ثانویاً بتبدل الموضوع أو انه تکلیف ثانوی ظاهری بالنسبة إلیه کتکلیف العالم و الجاهل و کذا حکم کل من اطلع علیه بالعمل الغیبی غیر الإمام و قد یفرق بین ما کان الجهل عذراً فیه کالطهارة و النجاسة و بین غیره کالمیتة و الزنا نعم لو علم الإمام علیه السلام بالعلم العادی لزمه العمل به و إنفاذ حکم فیه إجماعاً و کتاباً و سنة کما سیجی ء إن شاء الله. و لو قنا: ان علم الإمام علیه السلام بالمشیئة فما لم یشأ یعلم بالظن الشرعی و هل له أن یعمل بحکم غیره من مناصبیه؟ کما إذا حکم أحد مناصبیه بالهلال أو یجب ان یباشره هو محل تأمل و هل تجری علی الإمام الإدراکات الباقیة التابعة للجهل من الشک و الظن والوهم فیعمل بالمشکوک به و المظنون و الموهوم عملنا فی عبادته و معاملاته ما لم یتقدم ذلک سهو و نسیان فیصلی علی القبلة المظنونة عادةً و یعمل بالأصل فی مقام الشک والوهم و یصلی بالوقت المظنون فی محله أم لا یجری علیه الجهل بالموضوع کما لا یجری علیه الجهل بالحکم لنقصان الجهل و علو مرتبته عنه أمّا لو علم خلاف المظنون عادة و خلاف المشکوک به عادة بالعلم الغیبی فترکه و العمل بما یظن به عادة مما یشکل القول به و کذا غیر الإمام علیه السلام من الحکام لو علموا ذلک بالغیب و سیما لو تعلق الغیبی الغیبی بعدم صدور القتل ممن قامت علیه البینة بالقتل و عدم صدور شرب الخمر أو الزنا فأمر الإمام علیه السلام بقتله و رجمه مع العمل الغیبی بانتفاء ذلک ظلم و لعلک تقول: لا ظلم لعلم الحسین علیه السلام بقتله بالظن، و علم الحسن علیه السلام بسمه و علم علی علیه السلام بقتله و علم رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم بإفشاء عائشة الرد مع ذلک أقدموا علی القتل و إفشاء السر و لا یکون ذلک إلا بعدم الاعتبار بالعلم الغیبی نعم العلم العائد للإمام علیه السلام ینفذ به حکمه و یجب علیه و المثل به و احکم مثال بل یجب علیه الحد به و القصاص و لا یجوز العدول عنه و لا تجوز معارضته و قد قتل علی علیه السلام الإعرابی بتکذیبه رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم و صدق قول رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم من العلم العادی

ص: 20

لعلی علیه السلام و إنکار الصحابة علی أبی بکر فی رد قول فاطمة علیها السلام و شهادة الحسنین علیهما السلام من جهة عدم حکمه بالعلم العادی الحاصل من صدق قول المعصومین علیهم السلام و یظهر من ذلک ان المحاریب التی قد صلی إلیها إمام أو الجهة التی دفن فیها لا تدل علی الکعبة واقعاً و قطعاً و قد یقال ان الإمام اظهر أحکامنا بالعلم الغیبی فحکم بها کقضیة الجلی و غیرها و نفذ حکمه فیها قلنا: نعم قد نفذ فنفذ و کونه نفذ من غیر ان ینفذه محل کلام و بالجملة فالإمام لو صدر منه القول الواحد فإن کان بصورة الخبر أو الشهادة وجب تصدیقه و أن کان بعنوان الإلزام و الحکم أو بعنوان العمل بحد أو قصاص فإن کان حکمه بالعلم العینی ففی نفوذه و العمل به کلام و إن کان بالعلم العادی فلا شک فی نفوذه و أما غیره من الحکام فالقول الصادر منهم ان کان خبرا و قصد الجزیة أو شهادة و قصدها کذلک کان حکمه حکم المخبرین و الشاهدین و کذا لو کانت فتوی لزم قبولها و إن صدر بعنوان الإلزام فهو الحکم المبحوث عنه فی انه یحکم بعلمه لا بمعنی انه ینفذ حکمه أم لا و لا ملازمة بین قبول شهادته بعلمه و بین نفوذ حکمه کما لا ملازمة بین قبول حکمه وحده و بین عدم سماع شهادته وحده من انضمام شاهد آخر أو یمین فی کثیر من المقامات نعم قد یقال: انه یلزم القائل بنفوذ حکمه انه لو حکم بأن هذا قول رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم حیث انه علم به لزم إنفاذه عند جمیع الحکام و العمل به و هو لا یلتزم أحد إلا ان یمنع نفوذ حکمه بالموضوعات مطلقاً أو فیما إذا حکم بعلمه أو یقال ان هذا لا ینفک عن الفتوی فهو فتوی قطعیة لا حکم العلم بالعلم و من محل المسألة ان المجتهد هل یعمل بعلمه من حد و قصاص و أمر بمعروف و نهی عن منکر و یجب علیه ذلک أم لا؟ و هل یجب علی غیره تسلیم ذلک له و الإذعان له لو علم بعلمه فی حکومته بل و لو لم یعلم غیره بعلمه لزمه التسلیم بمجرد دعواه فلو نهب مال زید أو تزوج امرأته و قتله و قال حکمت بکفره بعلمی أو حکمت بأن ماله لغیره کذلک لم ینازعه و لا یحکم بفسقه و یجوز اخذ المال من یده و تزویج الامرأة لغیره و محل البحث ما فی العلم العادی و هو المأخوذ من الطرق العادیة لا المأخوذ من طرق المکاشفات و الالهامات لأن ذلک من العلم الغیبی و الأقرب عدم نفوذ

ص: 21

حکمه به لو صدر منه الحکم بذلک العلم و علمنا ان مستند حکمه ذلک العلم الغیبی أمّا لو لم یعلم المستند اخذ بصحة الحکم منه ظاهراً و لو ادعی المحکوم علیه انه حکم علیه بالعلم الغیبی فهل القول قول المجتهد من دون یمین أو بیمینه لأصالة صحة الحکم فینفذ لا أصالة الصحة أو لقول قول المحکوم علیه لا أصالة عدم النفوذ فیطلب البینة من الحاکم علی الحاکم بعلمه العادی أو استناده إلی بینة أو شیاع وجوه و لا یبعد الاکتفاء بقول المجتهد بیمینه لأصالة الصحة و طلب البینة فی الحکم أمر صعب غالباً بل لا یبعد عدم سماع الدعوی من المحکوم علیه لإفضاء سماعها فساد المحکومات غالباً أو إدخال المهانة و الفضاضة علی الحکام أو لیس من المسألة قضاء القاضی بعلم المستند إلی الطرق الشرعیة کالبینة و الشیاع لأنها حجة و إن لم تفده علماً فکیف و لو أفادته و للأصحاب فی حکم نفوذ الحکم بالعلم العادی من غیر الإمام أقول النفوذ مطلقاً و جواز العمل به مطلقاً و هو المشهور بل ظاهر اطلاقهم شموله للعلم الغیبی و لکنه بعید و المنع مطلقاً و هو المنقول عن المرتضی عن ابن الجنید و ظاهر النقل عدم نفوذ الحکم و عدم العمل بالعلم فی حد أو حق الهی غیر الحد أیضاً و المنع فی حقوق الله حداً أو غیره نفوذاً و عملًا دون حقوق الناس نقل ذلک عن ابن إدریس و ابن حمزة لبناء حقوق الله علی التخفیف و علی درئها بالشبهة و لقوله: لو کنت راجماً من دون بینة لرجمتها و المنع من حقوق الناس دون حقوق الله و نقل عن ابن الجنید فی المختصر الأحمدی و المنع منه إذا لم یحضر الخصم و یجتمع المتداعیان فیعلمهم بعلمه و یذکرهم بالقضیة إن ذکروها و یقول لهم: هل تحلفون أم لا؟ فإذا أبلی العذر قال لهم: أنا عالم بها فیحکم بعلمه و جنح إلیه بعصر المتأخرین و ظاهره عدم التفاوت بین حق المخلوق و الخالق حداً أو غیره فلا ینفذ حکمه علی هذا القول مع غیبة الخصم أو غیبة ذی الحد أو ابتداء من حضور الخصوم و إبداء الدعوة و شرحها و استند لأصالة عدم النفوذ و للزوم التهمة فی الحکمة و لاختلال النظام بصدور هذه المبادرة من الحکام و أقصی ما للمانعین مطلقاً الأصل و روایة لو کنت راجماً أ الخ و ان فیه تزکیة النفس المنهی عنها بقوله: یقال: لا تزکوا أنفسکم و ان فیه التجسس المنهی عنه و لأن فیه تهمة و الحکومة لا تسمع معها

ص: 22

کالشهادة و قد یستدل له بخلو الأخبار عن الحکم بالعلم و إنها إنما علقت القضاء فی جمیع الأخبار بالبینات و الایمان و لم یذکر معها الحکم بالعلم و ان الرسول و الأئمة لم یزالوا یحکموا بالبینة و الیمین مع علمهم بالحلال فعلًا أو بالمشیئة و من المعلوم عدم المطابقة بین علمهم و البینة و الیمین فی جمیع أحکام الدعاوی و لم یزالوا یقفوا عن الحکم و الحد علی وجود البینة و لم ینقل عنهم أنهم ردوا بینة فی حد أو قصاص أو قطع خصومة لعلمهم بخلافها أو حکموا ابتداء علی شخص بحق مخلوقی أو خالقی و اسندوا ذلک الحکم إلی علمهم و قد یرد جمیع ذلک بأن الأصل مقطوع و الروایة ضعیفة و فی دلالتها إجمال و انه لیس بالحکم بالعلم تجسس و لا تزکیة نفس و نمنع التهمة فی الحکم فی العلم مطلقاً نعم إذا عادت إلی نفسه أو إلی ولیه أو إلی ما أوصی به لأمکن رد قضائه بها لمکان التهمة فإذا لم یعد الحکم إلیه بوجه فعدالته تمنعه عن وصول التهمة فی حقه و کذا منصبه و أما دعوی خلو الأخبار عن التعرض للحکم بالعلم فللاتکال علی ما هو معلوم من قوة الحکم به و تقدیمه علی البینة و کونه أحق به و مع ذلک فلندرة وقوعه عند القضاة و لو وقع لم یحتج إلی بیان لأنه ما وراء العلم شی ء ترک التعرض له بل کلما علق الحکم فیه علی الأمر الواقعی من حد أو قصاص کان دالّا علی لزوم العمل و الحکم به عند العلم و القطع من الفقیه فیه و قد یستدل علی الأول بأن العمل بالبینة المفیدة للظن مما یستفاد منه العمل بالنفی بطریق أولی بالاستقراء القطعی فی المقامات الفقهیة و الأحکام الشرعیة من لزوم العمل بالعلم و القطعی و هذا منها و بجمیع ما دل علی حد السارق و الزانی و ما دل علی الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر فإنها کلها معلقة علی الأمور الواقعیة فإذا أصاب الحاکم الواقع بعلمه لزمه امضاء ما أمره الله تعالی به و بالإجماعات المحکیة علی لسان غیر واحد من الأعاظم و بإنکار الصحابة علی أبی بکر حیث انه لم یحکم بعلمه من فدک مع أخبار فاطمة و الحسنین علیهم السلام المعلوم صدقهما عنده و یحکم علی علیه السلام بالناقة أنها لرسول الله لعلمه بصدق النبی حیث اخبر إنها له و قتل الإعرابی لتکذیبه النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم بشهادة ذی الشهادتین بما قاله النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم: لعلمه به و الشهادة کالحکم و بحدیث

ص: 23

علی علیه السلام حیث قال لشریح حیث طلب منه شاهدا: ان إمام المسلمین یؤمن علی ما هو اعظم من ذلک و بان عدم القضاء بالعلم یؤدی إلی إیقاف الحکم أو الفسق من الحاکم کما إذا أطلق أحد ثلاثاً بحضرته فأنکر فلو لم یحکم بعلمه للزم أمّا تسلیمها إلیه فهو فسوق و اعانة علی الإثم و العدوان و أما ترک الحکم و قد قال سبحانه و تعالی: (یٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاکَ خَلِیفَةً فِی الْأَرْضِ فَاحْکُمْ بَیْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ) (ص: من الآیة 26) و إذا حکمت فاحکم بالعدل و لا ریب ان الحکم بالحق و العدل هما الواقعیان و الطریق إلی الواقع العلم ضرورة و بدیهة و لم یکلفنا بغیره بل ما دل علی النهی غیره دلیل علی التعبد بل ما دل علی نصب المجتهد حاکماً و انه حجتی علیکم و أنا حجة الله دلیل علی جواز حکمه بعلمه کالإمام و انه بمنزلته و حکمه حکمه و علمه علمه و إذا جاز العمل علیه بما عمل جاز له الحکم لعدم القائل بالفرق بل العمل حکم و زیادة.

المقام الثانی: لا یجب علی الحاکم الثانی تتبع أحکام الأول

بل فلا أحکام نفسه لأصالة الصحة و النهی عن التجسس ربما یمنعه فی بعض المقامات نعم لو اقتضی المقام التتبع جاز کما إذا ادعی علی الحاکم أو التمس منه مخافة لزوم فساد أو نحوه و کذا المفتی لا یجب علیه تتبع فتاوی غیره و لا فتاوی نفسه و لا یلزمه تجدید النظر و إن کان فی بعض المقامات أحوط و لو وقع التتبع فی المقامین فوجد الحکم أو الفتوی قطعاً عنده لا ظناً مخالفتان للقطعی و بالجملة قطعی البطلان نقصهما سواء کانت الفتوی مبنیة علی الدوام کالعقود و الطلاق و العتق أو التجدد کالعبادات و أعاد و أعاد مقلدوه و أمر مقلدی غیره بذلک و نقص اثر الفتوی المبنیة علی الدوام و کذا الحکم لظهور انه حکم بغیر ما انزل الله و التصویب لیس من مذهبنا و نقل عن الشیخ رحمه الله فی المبسوط ان الحکم المخالف للقاطع ان کان فی حقوق الله نقض و إن کان فی حقوق الناس لم ینقض لاحتمال إسقاط صاحب الحق حقه و فی القواعد میل إلیه و هو ضعیف و یلزم الفتوی کذلک و نقل الشیخ و ابن حمزة جواز نقض الحکم عند تبین المخالفة للقطعی أو الظنی بالقطعی أو الظن المعتبر شرعاً؟؟؟ علی الأظهر و تردد السیرة القطعیة فی الظنی

ص: 24

فی الجملة و الاستصحاب و منهم کالشهید فصل بالظن فإن کان قطعی السند کنص الکتاب أو السنة المتواترة أو منصوص العلة و ظهر مخالفة الحکم له و الظاهر انه لفتوی مثله جاز نقضه و ان کان ظنیاً قد تغیر فیه اجتهاد المجتهد الأول أو اختاره الثانی جاز نقضه کأنواع التراجیح فی الأخبار و مسائل الدوران و تقدیم الصحیح أو المشهور و تقدیم التخییر أو الترجیح أو غیر ذلک جاز نقضه ثمّ إذا نقض مجتهد حکم آخر لزم علی مقلدیه النقض و هل یلزم علی المجتهد الآخر و مقلدیه أم لا؟ و إذا سمع الآخر بنقضه فحکم بنقض النقض فهل یتبع أو یبطل نقض کل منهما نقض الآخر؟ ثمّ ان نقض الحکم قد یکون لخلل فی الحاکم حین الحکم أو المفتی حین الفتوی الجنون أو فسق أو غیرهما مما هو شرط فی القضاء أو الفتوی أو الخلل فی استنباطه و ان کان حکمه موافقاً للأدلة إلا انه لم یأخذه عن دلیل أو الخلل فی دلیله کما إذا رکن إلی الشاذ و ترک الصحیح المشهور علی نحو ما تقدم فی جمیع هذه الصور لو کان الحکم موافقاً لرای المجتهد الثانی هل له إمضاؤه و إجازته؟ و الظاهر ان الحکم مما لا یجری فیه الإجازة لنفسه أو لغیره و لو ترتب علی الحکم و الفتوی عمل موافق کبیع مال الطفل أو إعطاء الخمس أو الزکاة لأهله أو طلاق جبری یجوز للحاکم أو بیع کراهة له تولیه أو اخذ مال من حق المیت للفقراء و المساکین فهل له إجازة ذلک؟ الظاهر ان له ذلک و بالجملة العدالة هل هی شرط فی إنفاذ الحکم علی الغیر واخذ الفتوی منه و تسلیم الحقوق و نحو ذلک؟ أو هی شرط له فی نفسه أو فی نصبه من حیث هو فلا یجوز ان یحکم و لا یقبض حقا و لا یبیع مال غائب أو یتیم و لا یطلق کرها فی مقامه و لا یجب أحداً و تصرفاته کلها فضولیة و الثانی قریب فیما عدا الفتوی فإن له العمل بنفسه قطعاً و لو تغیر رأی المجتهد من ظن إلی آخر فی العبادات عدل هو و مقلدوه للإجماع و لولاه لأمکن المناقشة فی وجوب العدول و لا یجب علیهم القضاء مع المخالفة سواء کان تغیر الاجتهاد فی الشرائط الواقعیة أم العلمیة للإجماع و لولاه لأمکن المناقشة لصدق الفوت و لو تغیر اجتهاد المجتهد فی العقود أو الایقاعات أو الأحکام و قد عمل برأیه الأول السبب لکن بقی مسببه أو عمل حکماً لکن بقی اثره کما إذا باع و اشتری معاطاة أو

ص: 25

اخذ المارة فباعها أو صالح علی مجهول أو زارع شرط بشی ء معین أو استعبد بشرط الرقیة أو نکح أمته من دون خوف العنت أو تزوج المطلقة ثلاثاً مرسلة أو طلق زوجته ثلاثاً مرسلة أو اخذ الحبوة عیناً أو صاد السمک بالخروج لا بالإخراج أو زکی بغیر حدید أو غیر ذلک فعدل عن الجمیع و عین الثمن و المثمن عنده و کذا الزوجة و اللحم و العبد فهل یحرم علیه الجمیع؟ و یجب علیه الرد مطلقاً أو لا یجب مطلقاً؟ أو یفرق بین العدول فی الأنساب من العقود و الایقاعات فیمضی علیه و بین الأحکام کالذبح و المواریث مع بقائها و التحلیل و التحریم المضافان للأعیان صح بقاؤها فلا یمضی أو بین ما تصرف فیه فنقله کالعبد باعه و السمکة نقلها و المیراث اتلفه و بین ما لم یتصرف فیه فیمضی اثره فلا بد من التأمل و أما اختلاف فتوی المجتهدین أمّا فی العبادات فکل منهما یبنی علی صحة عمله و لا استبعد جواز إتمام أحدهما بالآخر سوی ترک القرابة و جواز استئجاره و نیابته و الاحوط ترک الأیتام مع فقد الشرائط الواقعیة و أما فی غیرها کالفتاوی العامة فما کان الاختلاف فیه فی السبب جاز للآخر اخذ اثره فیجوز لمن لا یری بیع المعاطاة ان یأخذ ثمن من یری جوازها و قد باع معاطاة و قبض الثمن و لا یجوز معاملته لمن لم یر جوازها لأن العقد لا یصح من جانب دون آخر و قد یحتمل الصحة فیکون مجموع العقد صحیحاً لمن یری جوازها و مجموعه فاسداً لمن یری فسادهما و هو قوی فتأمل و أما اختلافهما بالأحکام فالظاهر انه لا یجوز أکل صید من یری ان صید السمک بالخروج لمن لا یری انه بالإخراج و لا یجوز أکل العصر الزبیبی لمن یری حرمته و لا أکل من فقد شیئاً من التذکیة عنده و إن ذکاه من یری جواز و لا یجوز تزویج المطلقة ثلاثاً مرسلة لو طلقها المجیز لذلک لمن لا یری ذلک و لا استخدام من شرطت رقیة لمن لا یری ذلک و کذا لو اختلفا فی الحکم بکون هذه مطلقة أو مزوجة أو ان هذا نجس أو طاهر أو ان هذا مال زید أو عمر أو ان هذا مذکی أو میتة و بالجملة فاختلافهم فی الفتوی المتعلقة بالعقود أو الایقاعات أو آثارهما أو فی نفس الأحکام أو اختلافهم فی الحکم الصادر عنهم مما یوجب العمل لکل منهما بما أدی إلیه نظره و لا یجوز له متابعة الآخر و لا استعمال ما یستعمله سوی آثار العقود و الایقاعات فیما عدا الخروج فلا

ص: 26

یبعد جواز استعماله للآخر للسیرة و للیسر و عدم العسر و یجب علی کل منهما الإذعان للآخر و عدم الرد علیه فلو حکم حاکم بالهلال لزم حکمه علی جمیع الحکام إذا لم یکن بنظرهم و اجتهادهم انه خطأ أمّا لو کان بنظرهم انه خطأ کما لو حکم بشاهد واحد و کان عندهم ان الشاهد لا یحکم به الحاکم لزمهم الإذعان به ظاهراً و تسلیمه و لکن لا یجوز لهم الإفطار بحکمه لظنهم خطأ فی طریق الحکم و خیال أنه یجب علیهم الإفطار تعبداً بعیداً.

المسألة الثانیة: العدالة ملکة أو فعل ناشئ عن ملکة

اشارة

أو فعل یصدر متکرراً من الشخص من فعل الواجبات و اجتناب المحرمات من دون نظر إلی أمر آخر أو أمر عدمی و هو عدم الفسق عما من شأنه الفسق و الذی یظهر من المتأخرین الأول و أتباعهم حسن لأن العدالة من المسوغات الشرعیة فلا یقصرون فیها عن أهل اللغة فی بیان معانی الألفاظ و الذی یظهر من الأخبار هو الثالث و لا تخلو الأخبار عن الإشارة عن الملکة لأن فیها بما یعرف و یعرف و لأن الغالب صدور هذا الفعل المتکرر عن الملکة و دعوی ان العدالة هی نفس حسن الظاهر و أنها ظاهر الإسلام ضعیفان لا یساعد علیهما نعم الطریق إلی الملکة قد یکون الصحة المتکررة و الخلطة المتأکدة الواصلة إلی حد العلم أو الظن بالملکة لمکان تعسر العلم غالباً فیؤخذ بالأقرب و الأقرب و هل یکون الطریق حسن الظاهر وجه قریب للزوم العسر و الحرج لولاه و تعطل الأحکام و لکن لیس کل ظاهر حسن بل ما أنبأنا عن حسن الباطن من الأقدام علی الطاعات و اجتناب المحرمات و نحو ذلک و هل یکفی الظاهر من الإسلام و لو کان محکوماً به للتبعیة أو الدار ذهب الشیخ إلی ذلک و جعل الأصل فی المسلم العدالة حتی یقوم دلیل علی خلافها و استدل بالإجماع و ظواهر جملة من الأخبار و الأصل مقلوب و الإجماع ممنوع لضعفه عن مقاومة الإجماع أو المشهور حتی کاد أن یکون إجماعاً علی خلافه و الأخبار ضعیفة محمولة علی التقیة و الصحیح منها یمکن حمله علی الأخبار المصرحة باشتراط الاطلاع علی أعماله و معرفته بالستر و العفاف و التجنب عن المعاصی و الملازمة علی الجماعة کصحیحة بن أبی یعفور و أضعف من قول الشیخ قول من منع

ص: 27

اشتراط العدالة فی الشهادة و جعل الفسق مانع و مع الشک فی الفسق جعل الأصل عدمه لمخالفة الإجماع و أصالة عدم العمل بالظن و أصالة عدم نفوذ الحکم و مخالفته ظاهر الکتاب و السنة علی ان الأمر تعلق بوجود التشبث عند خبر الفاسق و لا یتم إلا بالعلم به علی ان خبر الفاسق منهی عنه و یجب فی مقدمة الحرام الاجتناب کمقدمة الواجب علی الأظهر.

فائدة: تتجزی ملکة العدالة فتکون متعلقة ببعض الکبائر دون بعض

و بعدم الإصرار علی بعض الصغائر دون بعض و علی اجتناب بعض منافیات المروة دون بعض و لکن الفرد الکامل الذی هو شرط فی القبول هو المتعلق باجتناب جمیع الکبائر و بعدم الإصرار علی جمیع الصغائر و باجتناب جمیع منافیات المروة أو بعدم الإصرار علیها فی وجه آخر و قد تترقی الملکة فتتعلق باجتناب جمیع الصغائر و هی مرتبة المتقین بل تترقی فتتعلق باجتناب جمیع الشبهات و هی مرتبة الورعین و قد تتعلق باجتناب المکروهات و فعل جمیع المندوبات و هی مرتبة المقدسین بل قد تترقی فتتعلق باجتناب جمیع المباحات و فعل جمیع الطاعات و هی مرتبة الأبرار بل قد تترقی فیکون صارفاً کل ذماته و حرکاته و سکونه فی العبادة مع الخشیة و الخضوع و هی مرتبة الأولیاء و المقربین إلی غیر ذلک و لکن الشرط فی قبول الشهادة المعنی المعروف بل هو کافٍ فی کل ما یشترط فیه العدالة نعم قد یقال فی منصب القضاء و الإفتاء و الولایات انه لا بد من الزیادة علی العدالة من ورع و خشوع و مواظبة علی کثیر من المندوبات و القیام بالمواعظ و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و الزهد فی الجملة و تجنب الشبهات إلی غیر ذلک کما یفهم ذلک من طریقة نصب أمیر المؤمنین و نصبة الأئمة لأبان بن تغلب و قوله علیه السلام: هذا مقام شقی أو ولی و لظهور جملة من الأخبار فی ذلک و لو لا ان الفقهاء علی خلافه لکان القول به متجهاً و هل یخل بالعدالة ترک جمیع المندوبات عمداً وجه قوی بل ربما یؤذن بمنافاته للمروة و عدم مبالاته بالطاعات و الاکتراث فی الدین و سیما ترک الجماعة لأنه منصوص و تارکها یستراب فیه و یراد باجتناب الکبائر اجتنابها بعد التفطن لها و القدرة علیها لا مجرد الاتفاق و قد یشکل ان اجتناب الکبائر

ص: 28

لا یکون إلا للعارف بها و معرفتها مما یشکل علی العامی فلا بد من الالتزام أن یعرف باجتناب کل کذب حتی تدخل فی اجتنابه الکبائر و لا تقبل شهادة غیر العارف بالکبائر و قد یقال بکفایة معرفة انه عنده ملکة لو عرف الکبیرة لاجتنبها و الکل محتاج إلی التأمل و الکبیرة قد تحد فیقال هی ما أوعد الله علیها النار کما فی صحیحة ابن أبی یعفور حیث قال: و یعرف باجتناب الکبائر التی اوعد الله علیها النار بناء علی ان الصفة موضحة لا مخصصة و یراد بالوعد علیها بالخصوص کما هو الظاهر و إلا فقد توعد الله العصاة و قیل: ما توعد الله علیها العقاب فی الکتاب أو علی لسان نبیه صلّی الله علیه و آله و سلّم و قیل: ما قام علی حرمته قاطع و قیل: کل معصیة تؤذن بقلة المبالاة فی الدین و قیل: ما سمی عند أهل الشرع بالکبیرة و قیل کل ذنب کبیرة إلا إنها تختلف بحسب الإضافة و هؤلاء عندهم کل ذنب مخل بالعدالة إلا ان یتوب عنها أو عندهم لا یخل بالعدالة إلا الکبائر المتوعد علیها أو انه عندهم یخل کل ذنب عند ظهوره و مع عدم ظهوره بل ظهور الصلاح منه تقبل شهادته و أهل هذا القول جعلوا الکبائر و الصغائر اضافیة فالقبلة صغیرة إلی ما فوقها من الزنا و کبیرة بالنسبة إلی النظر إلی ان تنتهی إلی اصغر ما لا اصغر منه و الظاهر انه لو تحقق هذا عندهم کان صغیرة و یحتمل ان المخل بالعدالة عندهم هو خروج الشخص عرفاً عن سمة التقوی و الورع بحیث یقال عند أهل الشرع: لیس من أهل الدیانة و التقوی و هذا القول محکی عن الشیخ المفید و ابن البراج و أبی الصلاح و ابن الجنید و ابن إدریس و نقل علیه الإجماع و استدل لهم بما جاء من الأخبار ان کل معصیة عظیمة و کل ذنب یوجب النار و ما جاء من التحذیر عن استحقار الذنب و استصغاره کقوله علیه السلام: لا تستحقروا شیئاً من الشر و إن صغر و لا تستحقرن صغیرة فربما کمن فیها غضب الله تعالی و هو ضعیف لمعنی الإجماع و للزوم القول به إلی انتفاء العدالة غالباً و لقوله تعالی: (وَ الَّذِینَ یَجْتَنِبُونَ کَبٰائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوٰاحِشَ) (الشوری: من الآیة 37) و فی الخبر ان الأعمال الصالحة تکفر الصغائر و أیضا من اجتنب الکبائر کفر الله عنه جمیع ذنوبه و ورد فی بعض الأعمال إنها تکفر الذنوب إلا

ص: 29

الکبائر و أیضا فی تفسیر قوله تعالی: (وَ یَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِکَ لِمَنْ یَشٰاءُ) (النساء: من الآیة 48) من الکبائر و ما ورد فی تعدادها و خصرها أقوی شاهد و کذا ما هو المشهور عند الإمامیة ان الصغائر تقع مکفرة و هو التکفیر و قیل إنها سبع الشرک و قتل النفس و قذف المحصنة و اکل مال الیتیم و الزنا و الفرار من الزحف و العقوق و قیل تسع بزیادة السحر و الظلم فی بیت الله و قیل عشر بزیادة الربا و قیل اثنا عشر بزیادة شرب الخمر و السرقة و قیل عشرون السبع الأول و اللواط و السحر و الربا و الغیبة و النمیمة و الیمین الغموس و شهادة الزور و شرب الخمر و استحلال الکعبة و السرقة و نکث الصفقة و التعرب بعد الهجرة و الیأس من روح الله و الأمن من مکره و قیل مع ذلک زیادة أربع عشرة أکل المیتة و الدم و لحم الخنزیر و ما أهل به لغیر الله و السحت و القمار و البخس فی الکیل و الوزن و معونة الظالمین و حبس الحقوق من غیر عسر و الإسراف و التبذیر و الخیانة و الاشتغال بالملاهی و الإصرار علی الذنوب و قیل بعد ذلک القیادة و الدیاثة و الغصب و النمیمة و قطیعة الرحم و تأخیر الصلاة عن وقتها المفروض و المکذب علی الله و رسوله و ضرب المسلم ظلماً و کتمان الشهادة و السعایة إلی الظالم و منع الزکاة و ترک الحج و الظهار و المحاربة و قطع الطریق. و عن ابن عباس إنها إلی السبعمائة اقرب منها إلی السبع و فی الخبر انه کل ما عد کبیرة لأن الله تعالی یقول و ذکر ما جاء فیها من الوعید من الکتاب و هو ظاهر فی المعنی المتقدم و کذا الخبر المتقدم و هما ظاهران فی انهما ما توعد الله علیهما فی الکتاب و الظاهر ان هذه اکبر الکبائر و إلا فالکبائر معرفتها موکولة لنظر أهل الشرع و لما جاء فی الأخبار من عظم الذنب و من المعلوم بدیهة ان هنا کبائر کالحکم جوراً فیها و الفتوی کذباً اللتان یؤدیان إلی تحلیل الفروج و الأموال المغصوبة و الفتها و المکر و تشیع الفاحشة و اهداء الکفار علی المسلمین إلی غیر ذلک و قد تصیر الصغیرة کبیرة مع عدم المبالاة بالمعصیة و عدم الاکتراث بطاعة الله تعالی بل قد یقال یکون کفراً و هل تجب الشهادة علی من کان فاسقاً وجه و هل یجوز للفاسق التقدم للجماعة و القضاء و تولی أموال الأیتام وجهان الأول لأن النهی تعلق بالإتمام به و نصبه قیماً و تقبضه الحق و الترافع إلیه دون فعله لذلک فتبقی العمومات شاملة و الثانی

ص: 30

لظهور التلازم بین النهی عن الاقتداء و بین تقدمه للقدرة و بین دفع الحق إلیه و بین قبضه له لما نری کثیراً من أحکام الشرع یبین منها أحد المتلازمین و یوکل بیان الآخر إلیه و یجری ذلک فی شرائط الإمامة و ربما کان فی تقدمه و قضائه إغراء بالجهل و لاستبعاد أن یقول الشارع ترافعوا إلی الفاسق و یقول للفاسق اقض بینهما و قد یفرق بین حالة العلم من المترافعین بفسقه فیحرم علیهما و علیه و بین الجهل فینفذ و لا یحرم علی أحد منهما أو یحرم علیه خاصة و المراد بعدم الإصرار هو الإکثار من نوع أو أنواع من الصغائر فعلًا أو ترکاً أو ملفقاً سواء تخللت بینهما التوبة أم لا و یحتمل مع تخلل التوبة و الإکثار و المراد بالإکثار العرفی سواء کان فی یوم أو أیام و تشتد فی الیوم أو المجلس الواحد و یحتمل حصول الإصرار بالفعل مرة مع العزم علی العود إلیها مرات بل مرة واحدة فی وجه و یحتمل إنها الإکثار مع الغرم علی العود و الظاهر انه یکفی الإکثار و لو مع عدم العزم علی شی ء و لا ینافی الإکثار مع تخلل التوبة إلا إذا خرج عن حد التائب بحیث تکون توبته کلا توبة و المقتحم علی الذنب مع جهله بصغره و کبره تسقط عدالته فی وجه و یحتمل العدم و لو فعلها صغیرة فبانت کبیرة احتمل الإخلال و عدمه و کذا العکس و المراد بمنافاة المروة هی اتباع محاسن العادات و اجتناب مساوئها و هو یختلف باختلاف الزمان و البلدان و الأغراض الصحیحة و قد تجامع الکبیرة و الصغیرة و قد تنفک عنهما و لا بد من الإخلال بها معرفة ذلک انه مما ینافی المروة عند الفاعل و هل حکمها کالکبیرة یقدح فیها المرة أو کالصغیرة شرطها الإصرار و لا حد لها بل ما یؤذن فعلها بدناءة النفس و الهمة و خساستها و عدم المبالاة بشی ء و فی الأخبار المروة غیر ما فی کلام الأصحاب و الأخذ بالجمیع حسن لأن کلامهم مبنی عن تعریف العدالة فی لسان الشرع و الظن فی الموضوعات الشرعیة الراجعة للوضع کافٍ و کیف و قد کاد أن یکون إجماعاً و لأن الإعراض عن الأخبار المصرحة بأن المروة کذا و کذا ان ذلک طریق لمعرفة حصول اجتناب المروات العرفیة من صاحبها إذا ظهر منه ذلک.

المسألة الثالثة: ثبوت العدالة و الفسق مطلقین و لا یحتاج إلی التفصیل

من المعدل نعم لا یجوز له ان یطلق و یرید المقید من مذهبه أو مذهب مجتهد للإغراء بالجهل

ص: 31

الظاهر من الإطلاق إرادة المطلق علی جمیع المذاهب و مثله الشهادة فی رضاع أو طهارة أو نجاسة و لا یجب علی الحاکم الاستفسار عن السبب حملًا لظاهر قوله علی الظاهر نعم یجوز له استظهاراً بل لا یبعد لزوم الاستفسار عند التعارض لضعف الظاهر حینئذ کما إذا تعارضت بینة الجارح و المعدل و من الغریب لزوم الاستفسار عن بیان الجرح لحصول الخلاف و الاختلاف فیه مع عدم عسر البیان فیه بخلاف العدالة فإنه یعسر ضبطها فالاستفسار عنها مما یؤدی إلی تعطیل الأحکام و بذلک حکم المشهور مع احتمال لزوم الاستفسار عنها دون الجرح لشدة الاختلاف و الخلاف فیها مع لزوم التدقیق فیها و صعوبة العلم بها لافتقارها إلی المعاشرة و المخالطة دون الجرح فانه و إن حصل فیه الاختلاف و الخلاف کالعدالة لأنهما متقابلان إلا انه لا یحتاج إلی زیادة خلطه و تکرار صحته بل یکفی فیه المعاینة و الاحوط الاستفسار فیهما معاً لضعف الظهور و للاحتیاط فی الشهادة و طریقة أهل الرجال ذکر سبب الجرح غالباً دون العدالة لعسر ذلک علیهم و لکن مع ذکر سبب الجرح غالباً یکتفون بالإطلاق مع اختلاف المذاهب فیما یجرحون به ولول علم المعدل اتفاقات مذهبه مع مذهب الحاکم جاز الإطلاق مع إرادة مذهبه و کذا لو علم الحاکم ذلک مطلقاً حکم الاستفسار فی حقه و هذا کله فیما لو کان العدل عارفاً بالمذاهب أمّا لو کان جاهلًا لا یعرف معنی العدالة و الجرح إلا بکلام العوام و السماع من الناس و مع ذلک کان فاقد البصیرة و عرف الحاکم منه ذلک لزم الاستفسار منه فی التعدیل و الجرح قطعاً و هل یجب علی الحاکم بعد تعدیل الشهود طلب تزکیتهم فی انهم مقبولی الشهادة و لیس فیهم ما یمنع القبول من نسب أو شرکة أو عداوة الظاهر عدم الوجوب إلا إذا جرحهم المدعی علیه وقف عن الحکم حتی یأتی بالجارح فلو لم یثبت الجرح لم یسمع جرحه مع احتمال لزوم طلب الحاکم التزکیة فی ذلک کله سیما لو طلبه المدعی علیه و یقوی ذلک فی النسب کما لو قام احتمال ان الشاهدین أولاد المدعی علیه أو ان العدلین کذلک.

المسألة الرابعة: لو تعارضت شهادة التزکیة و الجرح

فی تعدیل أو تفسیق أو فی کونه مقبول الشهادة أم لا لنسب أو غیره أو نحو ذلک فإن کانتا مطلقتین کما تقول

ص: 32

أحدهما هو عدل و الأخری انه فاسق أو تقول أحدهما انه مقبول الشهادة و تقول الأخری مردودها أو فیه ما یمنع قبولها سأل الحاکم عن تاریخهما فإن أرخا متقدماً و متأخراً عمل علی المتأخر إذا أمکن ان یکون ناسخاً للأول کطرو الفسق بعد العدالة أو العدالة بعد فعل الکبیرة بمجرد التوبة أو بعد إصلاح العمل و ان ذکر الوقوع و السبق و اللحوق و لم یعلما السابق من اللاحق ردت شهادته ترجیحاً لجانب الفسق أو تساقط الأمرین فیبقی مجهول الحال و ان دخل معه الشک فی الاقتران رجح جانب الفسق و قد یجعل مثل معلوم تأریخ فیهما ما إذا علم التاریخ أحدهما و شک من الآخر فیکون المجهول متأخراً و إن أرخاها فی وقت واحد و أطلقا لم یمکن السؤال قدم الجارح لأنه بمنزلة المثبت دون المعدل و لأنه بینة کبینة الخارج و لأنه کالروایة المؤسسة دون المؤکدة مع احتمال تقدیم المعدل بناء علی تقدیم الموافق للأصل و تقدم المقلد دون المؤسس و قد یلحق بعلم التاریخ و الأخذ بالمتأخر ما إذا ظهر خبر و تقدیم یمکن الجمع به بین المتعارضین کما إذا جرحه أهل بلده فسافر فعدله أصحابه فی کفره أو العکس و الجمع مهما أمکن أولی من الطرح و إن کانتا مقیدتین مع الإطلاق أو ابتداء فإن أرخهما متقدماً و متأخراً عمل علی المتأخر و مثله ما لو کان أحدهما معلوم التاریخ و مثله ما لو کانا کالمؤرخین کما إذا ذکر أهل بلده سبباً و أهل سفره سبباً فإن أرخاهما فی وقت واحد أو جهل تاریخهما فحکم بتأخرهما معاً أو لم یعلم السابق من اللاحق قوی القول بتساقطهما فبعود مجهول الحال فلا تقبل شهادته و لا یحکم بفسقه مع احتمال انه لو کان عدلًا عند الحاکم فجرحه الجارح فقال: رایته یوم الجمعة یلعب بالعود فی بغداد فقال الآخر: هذا الیوم معتکفاً معی بمسجد الکوفة تساقطت البینتان فعاد عدلًا و یحتمل بترجیح الجارح مطلقاً لأنه مثبت و خارج أو متشبث بهما و یحتمل تقدیم المعدل لموافقته الأصل و حسن الظن و یحتمل تقدیم قول المعدل لاحتمال وقوع الجرح خطأ أو نسیاناً و احتمال ترجیح أحد البینتین بالأعدلیة و الأکثریة و الأعلمیة و احتمال القرعة بعید هذا کله ان لم یکن قید الخارج نفیاً کما یقول: ما صلی الیوم الفلانی فقال الآخر: صلی معی و ان اطلقت أحدهما و قیدت الأخری فکما تقدم مع تقدم أحدهما

ص: 33

و تأخر الأخری أو ما کان یحکم ذلک من معلوم التاریخ و مجهوله و ان کانا تاریخهما واحداً فإن کان سبب الجرح مقدماته قدم علی المعدل و ان کان سبب العدالة مقیداً بها فإن لم یناف الجرح قدم الجرح علیه و لو کانا مقیدین فیذکر السبب و لکن قول شهادة الجرح إلی النفی قدم المعدل کله بقول المعدل: یصلی الفرائض مع جماعة فیقول الجارح: لا یصلی فریضة أو یقول المعدل: یزکی فیقول الجارح: ترک الزکاة.

المسألة الخامسة: الرشوة محرمة

لأنها أکل مال بالباطل إجماعاً کتاباً علی العموم و سنة لعن الراشی و المرتشی و ورد إنها کفر و ضرورة مذهب الشیعة و هی فی اللغة الجعل و شرعاً بل لغة دفع المال إلی الحاکم لیحکم له بالباطل کما عن النهایة أو لیحکم له مطلقاً حقاً أو باطلًا کما یظهر من القاموس و المجمع أمّا لو دفع له لیحکم له حقاً کما إذا کان من علماء الباطل فخشی الباطل فخشی منه فدفع له للحکم بالحق فالظاهر إنها رشوة أیضاً نعم یجوز دفعهما للراشی توسلًا إلی تخلیص حقه کما یجوز الترافع لتخلیص الحق عیناً بل و دیناً فی وجه إلی غیر أهله نعم یحرم أخذها علی المرتشی و الفرق بینها و بین الهبة و الإجارة علی الحکم و الجعالة و الصلح و الهبة المعوضة یحتاج إلی بیان أمّا الهدیة فیحتمل فی الفرق بینهما ان الرشوة ما شرط بأذنها الحکم بالباطل کما یظهر من بعض و هو بعید کما قدمنا أو ما جعل الحکم فیها مطلقاً شرطاً بخلاف الهدیة فإنها استجلاب و تمیل لقلب الحاکم أو ان الهدیة ما بذلت للتحبب و التودد أو العلم و نحو ذلک بخلاف الرشوة فإنها ما بذلت للحکم و الفرق بینها و بین الجعل و الإجارة ان الرشوة ما صدرت ممن یرید الحکم له فهی ما صدرت من معین و مثله ما لو صدرت ممن لا یرید الحکم و یرید رفعه خوفاً ان یقع علیه و هذا منها اسماً أو حکماً بخلاف الجعالة أو الإجارة فإنها ما یشرطها الحاکم علی ما یقع الحکم له أو علیه أو علیهما فهی شرط علی غیر المعین بعد صدور الحکم منه و تحقیق المسألة یتوقف علی بیان أمور هو ان الحکم و الإفتاء من الواجبات الکفائیة و کذا مقدماتها من سماع کلام المستفتی و کلام المدعی و الشهود و التزکیة و کذا استفراغ الوسع لهما فدفع المال

ص: 34

إلی الحاکم و المفتی أن کان علی وجه المعاوضة فإن کان علی باطل بطل العوض و المعوض و صار سحتاً و أکل مال الباطل و إن کان علی حق فدفع المال علی الواجب

الکفائی إجارة أو جعالة أو هبة معوضة باطل أیضاً للإجماع المحکی و لفتوی المشهور و لا یتفاوت بین کون الإجارة من المتخاصمین أو من أحدهما أو من متبرع أو من بیت المال نعم لا بأس بالارتزاق من بیت المال بأنه معدود لمصالح المسلمین کالجهاد و نحوه و لا یتفاوت بین کونه محتاجاً لذلک أو عدمه لأن بیت المال من المصالح و لا یشترط فیه الفرق و الإجماع منقول علی عدم جواز اخذ الأجرة و نحوها علی الواجب کفایة و یکفی الشک فی شمول الأدلة من الإجارة و الجعالة لمثل ذلک هذا کله فیما علم فیه إطلاق لوجوب کفایة و فیما شک فی إطلاقه و شرطیته لأصالة الإطلاق و أما ما ظهر ان وجوده مشروط بالعوض فذلک لا یجب إلا بالعوض لا انه یجب فیعارض علیه و قد یستدل علی منع الاستئجار علی الواجب کفایة بمنافاته القربة و فیه ان الاستئجار یؤکدها و قد یستدله بأنها مملوکة لله تعالی أو للعامل و لو بعد الاستجارة و لا یتوارد مالکان علی مملوک واحد و فیه ان ملک الله تعالی و ملک العامل غیر حقیقی و قد یستدل علی أنها لو ملکت لجاز الإبراء و نحوه و فیه انه یصح الإبراء بالنسبة إلی ملکه لا بالنسبة إلی اصل العمل و قد یستدل بعدم قبوله النیابة فلا یصح الاستئجار و فیه ان العمل ذو جهتین فإن لاحظ صدوره عن العامل نفسه سقط عن المؤجر و انفسخت الإجارة و إن لاحظ انه علی المؤجر صح عده عن المؤجر و سقط عنه الوجوب.

الکلام فی التداعی مع الحاکم و فیه أمور:

أحدها: لا شک ان الحاکم کغیره فی غیر الحکومة مدعیاً و منکراً [فهنا مقامات]

اشارة

سوی انه لا یستدعی قبل بیان کدعوی احتراماً له کذا قال و هو جید و أما فیها فهنا مقامات:-

أحدها: ان الحاکم لا تمضی حکومته فیما یعود إلی نفسه

لا بعلمه و لا بنیته فلا یصح حکمه بمال لنفسه و لا لولده المولی علیه و لا لیتیم هو وصی عنه و لا لثلث هو وصیه و لا لمجنون هو ولیه و لا علی مال یرثه و لا علی نفس قصاصها إلیه أو دیتها له

ص: 35

و کذا لا یصح الحکم علی والده و علی خصمه و لا علی مولی له و لو کانت عنده بینة رفعها إلی حاکم آخر و أما الحقوق العامة کحکمه علی آخر بزکاة أو خمس أو مجهول مالک أو وقف عام أو وصیة تعود لحاکم الشرع فالأظهر نفوذ حکمه بعموم الأدلة و بعد التهمة و الأولی ان ینسب قیماً من قبل الإمام لا وکیلًا من نفسه فیدعی و یعم البینة فیحکم له بل لا یبعد هنا ان ینفذ حکمه بعلمه أیضاً بعد دعوی القیم.

الثانیة: الأصل فی الحکم بعد صدوره صحته

و کذا الظن لأن الظن استظهار الحکام فی الأحکام فلو ادعی فساده المحکوم علیه لخلل فی الحاکم من جنون أو جهل أو فسق أو الخلل فی مدرکه دلیلًا أو استنباطاً أو سهواً أو غفلة أو انه وقع و لو لم تکن بینة فهل یصدق الحاکم بقوله لأنه أمر یرجع إلیه و هو أکثریة به و لأن الحکومة منصب نبوة أو إمامة و قد جعله الإمام حاکماً و أمیناً و مقتضی تنفیذ حکمه لو اخبر بصحته و وقوعه کیف و یمضی إنشاؤه الحکم من غیر رد و هو محتمل لجمیع ذلک و یکون رده کفراً فکیف لا یصدق مع دعوی المدعی و الحال ان المحکوم علیه متهم بالعداوة و الفضاضة کما نراه الیوم فدعوی افتقار الحاکم إلی البینة علی صحة حکمه ضعیفة نعم هل یفتقر معها إلی الیمین لأنه کالغیر و الیمین علی من أنکر وجه توافقه القواعد و الأوجه عدمه لعلو منصبه فی الحکومة عن طلب الیمین منه فی ذلک ما کان عالما به و مفوضاً علیه و موکلًا أمره إلیه و لأن فی الیمین امتحاناً للحاکم المنصوب لقطع الخصومات و الدعاوی هذا کله إن الحاکم للمدعی علیه حاضراً بمجلس الدعوی و إن کان غائباً فقد ذکر الأصحاب انه لا یلزم بالحضور مع المدعی إلا ان یبین دعواه خوفاً من احضاره فیبین دعوی غیر مسموعة فیلزم منه الامتیاز بل قال جمع انه لا یلزم بالاحضار إلا ان یقول المدعی عندی بینة علی فساد کلامه و إلا فلا یسمع دعواه من غیر بینة و هو قوی إلا ان الأقوی سماعها لأنه لعله یقر بفساد حکمه فیلزمه الضمان فی مقام یلزمه لاستیلاء یده أو لعدم تحصیل المال من المباشر فیضمن مع العدم فی ماله و مع الخطأ من بیت المال.

ص: 36

الثالثة: المحکوم علیه له ان یدعی المحکوم له

و له ان یدعی الحاکم لو کان الحاکم ممن یضمن المال لو ثبت خطأه و إلا لیس له ان یدعی الحاکم حتی لو کانت عنده بینة لعدم الفائدة بل لو اقر الحاکم بفساد حکمه لم یثبت باقراره حق علی المحکوم له لأنه إقرار فی حق الغیر نعم لو قامت بینة علی فساد الحکم کحکم الحاکم الآخر علی المحکوم له إذا حضر للدعوی واخذ منه المال لو کان هو المباشر و کان عالماً بفساد الحکم أو غیر عالم فی وجه.

الرابعة: لو ادعی المحکوم علیه فساد الحکم بما لا یجری فیه الأصل و الظاهر

کما إذا ادعی ان الحکم قبل اجتهاد الحاکم أو قبل بلوغ الحاکم أو قبل تمیزه أو رشده افتقر الحاکم إلی بینة فیما إذا کانت الدعوی مسموعة و یحتمل ان اصل الصحة یثبت الشرائط العائدة للحاکم کما یثبت رفع الموانع و یثبت شرائط المحکوم به کما یثبت موانعه فیما یحکم بصحة الحکم من جهة الاستنباط و عدم الجور و عدم الخطأ و السهو النسیان فکذا یثبت البلوغ و العقل و الرشد و الاجتهاد و لو جن الحاکم بعد عقله و شک فی صدور الحکم حال عقله أو حال جنونه حکم به فی حال عقله و ان کان الأصل تاخر الحکم إلی حال الجنون المتأخر فأصالة الصحة تحکم علی اصل تأخر الحادث و تحکم علی المشکوک فی صدوره حال الصغر أو بعده أو الاجتهاد أو بعده مع تعارض اصلی تاخر البلوغ أو الاجتهاد عن الحکم و تأخر الحکم عنهما.

ثانیها: فی سماع الدعوی بالمجهول الأوجه فی المسألة

أن یقال ان الدعوی بالمجهول إن آل أمرها إلی حصول العلم بالمدعی به فی الجملة بعد الحکم سمعت الدعوی به کما إذا ادعاه بحیوان أو أحد الحیوانین و لکنه ذکر انه موجود فی بیته أو طعام مردد بقدر خاص أو لا بقدر و ذکر انه فی حجرته أو أحد الثیاب أو ثوباً و ذکر انه فی داره أو قال: صالحنی علی شی ء محمول و هو الآن فی کمه أو اطلبه مالا موجوداً اقدره فی دفتره أو قال: صالحنی علی ما تثمر شجرته أو تحمل دابته أو تزرع أرضه أو ورثت معه مالًا بقدر ما ورثه اخوه منه إلی غیر ذلک ففی الجمیع تسمع الدعوی لحصول الفائدة الکلیة المترتبة علی سماعها عند قیام البینة علی المدعی علیه أو نکوله

ص: 37

عند توجه الیمین و مثله فی سماعها ما لو ادعی الوصیة بالمجهول المنصرف إلی المعلوم شرعاً أو الوصیة بالمبهم الجائزة فیجعل الخیار للوارث فی الدفع کالوصیة بأحد العبدین أو السیفین أو الوصیة بسیف أو ثوب أو بعید من سیوفه أو ثیابه أو عبیده أو بما یقع علیه اسمه عرفا و کذا لو ادعت الامرأة بمهر المثل أو بالمتعة فی المعوضة أو ادعی الواهب بعوض الهبة لو وهبه بعوض و لم یبین فینصرف إلی قدر الموهوب أو ادعی علیه ارش عیب یعلم قدره بمعرفة العیب و المعیب أو غبن یعرف بمعرفة القیمة السوقیة أو ادعی علیه قیمة أو ثوب موصوفین یعلم قیمهما بعد معرفة وصفهما و هکذا فهذه کلها و ما شابهها تسمع فیها الدعوی و یلزم بالإحضار و یطلب من المدعی البینة و یتوجه علی المنکر الیمین و یعرف قدر المدعی به بعد ذلک و أما ما کان من الدعاوی التی لا تؤول إلی العلم فثبت مجهولة فیلزم المدعی علیه بعد الحکم بالقدر المتیقن و یکون الغرض من الدعوی إثبات شی ء مجهول إلی ما بعد الحکم و تصیر فائدة الحکم الأخذ بالمتیقن فالذی یظهر عدم لزوم سماع الحاکم لها بل عدم نفوذ الحکم بها للشک فی شمول أدلة الأمر بالحکم علی الحاکم لها و الشک فی شمول أدلة نصب الحاکم للحکومة لمثلها و کذا ما دل علی ان البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر و قیاسه علی سماع الإقرار المجهول فیلزم بتفصیله أو یأخذ بالمتیقن لیس من القیاس القطعی فعلی هذا لا تسمع دعوی أن لی عنده مالًا ما لم یبین جنسه و قدره أو حیواناً ما لم یبین نوعه و وصفه ان کان قائماً أو قیمته ان کان تالفاً أو ثوباً ما لم یبین کذلک أو طعاماً ما لم یبین جنسه و قدره لتردده هذه الأمور بین أفراده لا یسوغ للحاکم ان یحکم بدفع أحدهما معیناً فاخذ المدعی لواحد معین ظلم فاخذ غیر المعین غیر ممکن و الصلح القهری لا دلیل علیه و القرعة لا تمکن لتکثر الأفراد و إلزام المحکوم علیه بالتفسیر تخلید فی السجن و عقوبة لم یثبت موجبها و کون موجبها حکم الحاکم موقوف علی نفوذه فی المجهول و هو أول المسألة لأصالة عدم نفوذ حکم الحاکم و کذا الکلام فی مجهول القدر لتردده بین اقل ما یتمول و أکثره و الحکم بأقل ما یتمول موقوف علی نفوذ حکم الحاکم و الأصل عدمه للشک فی دخوله تحت العمومات باعتبار قلة فائدته لتردد المدعی به فیما

ص: 38

لو ادعاه بحنطة أو دخن أو ذهب أو قیمة شی ء بین الحبة فما فوقها بل و اول من ذلک فتخلو الدعوی عن الثمرة و سیما لو احتمل فیها دخول ما لا یتمول من الحبات الصغار و نحوها و یلحق بدعوی المجهول ما لو تداعیا علی قدر من القروش الرائجة کما یتعامل بها الیوم لعدم وجوده فی الخارج فیتردد بن أفراد و انواع یعسر علی الحاکم الحکم بنوع منها إلا إذا اتفقا علی قدر من القیمة فأبرز الدعوی علی تلک القیمة و یلحق بالدعوی علی المجهول الدعوی علی الأفراد بالمجهول الذی لا یؤول علی العلم لو لا دعوی الشیخ رحمه الله الإجماع علی جواز سماع الدعوی بالاقرار المجهول فإن ثبت الإجماع قلنا به و إلا فلا و قد یقال ان فائدته إلزام المحکوم علیه به بالتفسیر لا الأخذ بالمتیقن فتأمل.

ثالثها: لا یسمع الحاکم الدعوی لو بینها المدعی بصورة أتوهم أو اتخیل أو اشک

اشارة

و لو مع التهمة إلا ان یکون مع المدعی بینة أو یقر المدعی علیه فیسمعهما و یحکم للمدعی بمکان البینة أو الإقرار و لو خلت الدعوی من ذلک ردت، و لا یتوجه بیمین علی المنکر و لا یردها علی المدعی و هل تسمع لو قال المدعی أظن إذا لم تکن له بینة أو إقرار من المدعی علیه مطلقاً و لا تسمع مطلقاً فلا یتوجه الیمین علی المنکر حینئذ للشک فی شمول أدلة المدعی و المنکر لها و الشک فی شمول أدلة لزم الحکم و نصب الحاکم لها حیث ان ظاهرها الجزم و ظاهر إطلاق الحکم و الحاکم هو ما کان لقطع الخصومة و النزاع و لا یکون إلا مع الجزم لأن الظن لا یغنی عن الحق شیئاً و الرمی بالمظنة منهی عنه أو تسمع فی مقام التهمة و هی الدعوی فیما یخفی کالقتل و السرقة و کان المتهم قابلًا للاتهام أقوال أقواها الثالث لمکان الضرورة إلیها غالباً و وقوعها بین الناس کثیراً فتدخل تحت إطلاق الأدلة و ربما جاء فی الأخبار فی دعاوی الوصی عن المیت و فی الدعوی عن الأمین علی ما ذکر ما یؤذن سماعها نعم لا ترد الیمین علی المدعی و ما کل دعوی یلزمها جواز الرد بل جواز الرد من آثار الدعوی الجازمة فلا یلزمه من عدمه عدم سماعها مطلقاً و کذا الحکم بالنکول لا یلزم من عدمه عدم سماعها مع احتمال جواز القضاء بالنکول هنا و جعله بمنزلة الإقرار و لکنه بعید و لو ابرز المدعی

ص: 39

الظان دعواه بصورة الجزم سمعها الحاکم و إن علم انه ظان بل و لو علم انه شاک لدخوله تحت المدعی علی إشکال فیطلب منه البینة فإن لم تکف وجه الیمین علی المنکر فإن نکل قضی علیه بالنکول علی الأظهر فإذا رد الیمین علی المنکر فهل للحاکم ان یحلفه أخذاً بالظن و اثمه علیه أو لیس له لأنه إعانة علی الإثم فیقف عن الحکومة حینئذ وجهان و الأخیر أوجه بل قد یقال ان الحاکم فی غیر مقام التهمة لا یسمع دعوی الظان و الشاک و لو أبرزها بصورة الجزم لأنه کاذب معلن حیث ان ظاهر الجزم القطع و المفروض انه ظان أو شاک و دعوی الظن و الشک غیر مسموعة و إبرازها بصورة الجزم ما أفاد الکذب و التزویر و احتمال ان هذا الکذب مفتقر لتخلیص الحق المظنون أو ان الدعوی إنشاء فلا تتصف بالکذب لا وجه لهما نعم قد یحتمل الجواز لو قال المدعی: أنا ادعی إلی فلان بألف و لا یقول: لی علیه ألف للاحتمال الصیغة الأولی للإنشاء و شبهه.

فصل فی إلزام المنکر بالإقرار أو الإنکار

یلزم المنکر بالجواب أمّا بالإقرار أو الإنکار علی الأقوی و لا یکتفی منه بالسکوت فیحکم علیه بالنکول به کما أختاره الشیخ و لا بد من الجزم بالإقرار أو الإنکار فلو قال: أظن ان لک عندی أو أتوهم لم یکن إقرار و لو قال: أظن أو أتوهم ان لیس لک عندی أو لا أعلم ان لک عندی لم یکن إنکار فلو أجاب بذلک احتمل ان یلزمه بالجزم بالعدم و لا کذب علیه لموافقة قوله لأصل البراءة و الموافق للأصل بجواز إظهاره بالجزم بل یجوز الحلف علیه موریاً بأنه لیس لک شی ء شرعاً و احتمل ان یکتفی منه بقول: لا اعلم فیحلفه علی نفی العلم و لا شی ء علیه و هو قوی فیما إذا کان المدعی به خفیاً کدعوی سبق العیب الخفی أو الذی یستبعد اطلاع البائع علیه أو اختیاره و یحتمل ان یلزمه برد الیمین علی المدعی و ان حلف اخذ و إلا سقط حقه و یحتمل ان یقضی علیه بدفع الحق تنزیلًا له منزلة الساکت الممتنع عن الجواب أو منزلة الممتنع عن الیمین و لأن المدعی مسلم یدعی دعوی من غیر معارض فیأخذ حقه منه لعدم صلاحیة قول: لا اعلم لمعارضة دعوی المسلم و خیر الوجوه رد الیمین علی

ص: 40

المدعی فإذا لم یکن کدعوی التهمة أو ادعی الوصی الزم بالجزم أو اخذ الحق منه و احتمال سقوط الدعوی قریب و احتمال الفرق بین ما إذا کان مما لا یطلع علیه المدعی غالباً فیقبل منه نفی العلم و بین غیره فیلزم بالجزم وجیه و إذا اقر المدعی علیه الزم بالحق و لا یحتاج إلی حکم الحاکم فیجوز اخذ المقر به منه و ان کان المدعی ظاناً یکون الحق علیه بل و لو کان شاکاً أو ظاناً بالعدم و یجوز لکل من سمع الإقرار ان یلزمه الحق و یأمره بأدائه من غیر توقف علی حکم الحاکم نعم لو طلب المدعی الحکم من الحاکم لقطع مادة الخصومة و المرافعة بعد ذلک وجب علی الحاکم إجابته علی الأظهر لکونه منصوباً لذلک و لو طلب من الحاکم کتابة و ختماً علی الحکم فإن توقفت علی بذل مال من الحاکم لم یجب علیه و إن بذل المال کالقرطاس و نحوه المدعی ففی لزوم إجابة الحاکم له وجهان و الإجابة أحوط و لا بد فی الحکم من اللفظ فلا تکفی الإشارة و الکتابة إلا للأخرس و لا بد من لفظ یدل علی الحکم صریحاً کحکمت أو مع القرینة کادفع ماله إلیه و حکم الفقهاء ان اخذ المدعی بالنسبة مع ظنه أو إلزام سامع البینة للمدعی بالحق موقوف علی حکم الحاکم و لا تستقل البینة بإثبات الحق من دون حکم الحاکم و للمناقشة ان لم یکن إجماعاً فیه مجال بل لا یبعد جواز الأخذ بالبینة و جواز الأمر بالحق لمن سمعها و إلزامه به لعموم دلیلها نعم فائدة حکم الحاکم عدم جواز تجدید المرافعة من المدعی علیه مع المدعی مرة أخری و لزوم إنفاذ حکم الحاکم لدی کل حاکم و غیر ذلک فتأمل.

رابعها: إذا اقر المدعی علیه بعین الزم بأدائها

اشارة

فإن امتنع حبس حتی یؤدی للأخبار و کلام الأصحاب و إن کانت الدعوی دیناً حبس أیضاً ان علم ان له مال واخذ الحاکم منه الوفا قهراً و جبره علی بیع ماله أو باع عنه الحاکم و لا یتفاوت بین مستثنیات الدیون و غیرها و إن لم یعلم ان له مال فإن علم ان کان له مال و لو ما تداعیا علیه کما إذا کانت الدعوی علی مال فادعی تلفها أو قرض فادعی الإعسار و حبس علی ما یراه الحاکم من کیفیة الحبس حتی یؤدی أو یثبت إعساره فإن ثبت إعساره خلی سبیله و إلا خلد فی السجن للأخبار الدالة علی أن علیاً کان یحبس فی الدین فإن

ص: 41

تبین إعساره خلی سبیله و هی مشهورة الفتوی و العمل و اکتفی المحقق الأردبیلی بتحلیفه علی الإعسار استناداً لأمور احتیاطیة و تعلیلات تقریبیة لا تصلح المعارضة ما ذکرنا نعم فی الصحیح انه کان علیاً لا یحبس فی السجن إلا ثلاثة الغاصب و من أکل مال الیتیم ظلماً و من أؤتمن علی أمانة و هی لا تعارض ما قدمنا لعدم القائل بهذا التفصیل فیحمل علی عدم الحبس فذهب بها فی السجن لا مطلقاً مما هو منطوقها أو عدم الحبس عقوبة أو دواماً و إن لم یعلم ان له اصل مال اکتفی منه بالیمین علی عدمه و تصدیق قوله من غیر یمین بعید و یخلی سبیل المعسر إذا لم یملک سوی المستثنیات و هی الدار اللائقة بحاله و الجاریة أو العبد المحتاج إلیهما و ثیابه اللائقة بحاله و ثیاب عیاله الواجبی النفقة علیه و قوت یومه و لیلته و کذا قوت عیاله الواجبی النفقة علیه أو ما کانوا کالواجبین و هو ما یخشی من ترک الإنفاق من حدوث ما یسوء و یلحق بقوت یومه و لیلته ما یحتاج القوت إلیه من آنیة و قدور و حطب و ماء للأخبار الدالة علی تخلیة سبیله مطلقاً من دون بیان لأمر آخر و قوله عز و جل: (وَ إِنْ کٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلیٰ مَیْسَرَةٍ) (البقرة: من الآیة 280) بناءً علی ان المعسر من لا مال له و إن کان قادراً بالقوة علی المال أمّا باکتساب أو بحرفة أو بصنعة حتی لو کان غنیاً بها بحیث یدفع زکاة الفطرة و الخمس و لا یأخذ الزکاة فلا منافاة بین المعسر و الغنی لأن المعسر من لا یملک المال بالفعل و ذهب الشیخ إلی ان المعسر یسلم إلی الغرماء لیؤجروه أو یستعملوه لروایة السکونی و هی ضعیفة مخالفة للقواعد و دعوی ان وفاء الدین واجب مطلقاً فیجب من باب المقدمة وفاؤه و لو بالکسب و لو ببذل منافعه لأن منافع الحر مال مردود بمنع ان وفاء الدین واجب مطلق بل هو مشروط بوجود المال فلا یجب التکسب له و لا بذل البضع من الزوجة لوفاء الدین و لا قبول الهبة و لا الاصطیاد و الاحتشاش و الدلیل علیه الآیة و الروایة الدالة علی تخلیة السبیل و یمنع ان منافع الحر مال عرفاً فلا تدخل فی اسم مالک المال علی انه لو وجب الوفاء لکان واجباً علیه التکسب و الوفاء و یجبره الحاکم علی ذلک لأنه یدفع إلی الغرماء لیستعملوه أو یؤجره و ذهب ابن حمزة إلی ان صاحب

ص: 42

الحرفة و الصنعة یدفع إلی الغرماء لأنه غنی بصنعته و حرفته فیستعملوه أو یؤجروه و هو ضعیف لعدم الدلیل علیه نعم غایته ما یقال ان صاحب الصنعة غنی فیجب علیه وفاء الدین لأن مطل الغنی ظلم و وفاء الدین واجب مطلقاً و هذا غیر ما ذهب إلیه علی إنا قلنا ان الغنی لا ینافی الإعسار فیراد بالغنی فی الروایة غیر هذا و هو من کان عنده مال أو یقال انه یجب علیه الوفاء لأنه قادر و غنی و لکن لا تجوز مطالبته و لا یباح استعماله و مؤاجرته و لا منافاة بین عدم جواز مطالبته و بین وجوب الوفاء علیه و لکن کان ظاهر الأصحاب الملازمة فتأمل.

فصل إنکار المدعی علیه

إذا أنکر المدعی علیه کان للحاکم أن یقول للمدعی: إذا أردت إثبات حقک فأتِ ببینة و یعرفه إذا کان جاهلًا بأن علیه البینة و لیس له إلزامه بإتیان البینة لأن الحق یعود إلیه و للحاکم ان یسکت إلا إذا أدی سکوته إلی الإضرار بالمنکر لطول حضوره و جلوسه فیقول له: أمّا ان تاذن له بالقیام أو تأتی بالبینة و لو أصر المدعی علی السکوت مع الإضرار سقط حقه فی هذا المجلس بل لو عاود إلی ذلک ضراراً یلزم فیها الإضرار علی المدعی علیه بحیث یحضره مراراً ثمّ یؤخر دعواه سقط حقه من الدعوی لظهور قصد الإضرار منه و الاستهزاء فلا یسمعه الحاکم بعد ذلک فإن لم توجد عند المدعی بینة أو وجدت و اعرض عنها أو نسیها أو جهلها و لم یتمکن من شاهد و یمین فی مقام یصح ذلک عرفه ان لک الیمین علیه فإذا طلب الیمین أجابه الحاکم و أمر به المنکر لزوماً لأن الیمین علی من أنکر و لیس للحاکم ان یستبد به بمعنی ان لا یؤثر فی قطع الخصومة حتی یسأله المدعی و یأذن له لأن الحق له فلعله أراد تأخیر یمینه لمصلحة تعود إلیه کما انه لیس للمدعی تحلیفه من دون إذن الحاکم بل من دون حضوره مع الإمکان لانصراف الأخبار المطلقة و لو بضمیمة فتوی الأصحاب الآمرة بالیمین إلی الیمین المأذون بها من الحاکم بل إلیها مع حضورهما أمکن حضور المدعی علیه عنده لعدم مرض أو عدم تقیة أو حیاء و بالجملة فلا تؤثر فی رفع الخصومة لو صدرت الیمین تبرعاً من المدعی علیه أو صدرت بإذن المدعی فقط أو صدرت بإذن المدعی و الحاکم من

ص: 43

دون حضوره مع الإمکان علی کلام فی الأخیر فإذا حلف المنکر علی المیت لا علی نفی العلم فی مقامه برأ ظاهراً و سقطت عنه الدعوی عند الحاکم المحلوف عنده و عند غیره و لا یجوز للمدعی تجدیدها و سقطت مقاصته مطلقاً سواء کانت الدعوی علی عین أو منفعة أو دین نعم لو تمکن من اخذ العین نفسها فالأظهر جواز أخذها منه من غیر دعوی منه بها و لا إثبات للنهی عن الدعوی بعد الیمین مطلقاً و فی الأخبار ما یشعر بعدم جواز اخذ العین المدعی بها نفسها و لکنه مخالف للضوابط و القواعد و لا یسقط ما فی ذمته واقعاً للاستصحاب و ظاهر کلام الأصحاب فیجوز إبراؤه و یجوز احتسابه علیه زکاةً أو خمساً و یجوز ضمانه عنه و فی جواز بیعه علیه أو علی غیره فیطالب بثمنه أو الصلح علیه له أو لغیره أو جعله عوضاً لأحد العقود من إجارة أو مهر وجه أقوی و لو اقر المنکر بعد الیمین بالحق للمدعی و جاء بالمال جاز الأخذ منه للروایة المعتبرة و کذا لو اقر له و لم یأت لعدم الظاهر القول بالفصل و لظاهر اتفاقهم علی أبطال الإقرار حق الیمین مطلقاً أتی بالمال أما لو اقر عند غیر المدعی فعلم بإقراره المدعی أو قامت عنده بینة فالأظهر انه کذلک و لکن علی إشکال و لو ادعاه المدعی بعد الحلف انه اقر بالحق سمع الحاکم دعواه علی الأظهر لأنها لیست دعوی علی اصل المعنی و یحتمل عدم سماعها لإطلاق صحیحة بن یعفور انه لا تسمع دعواه و لو أتی بخمسین قسامة خرج من ذلک ما إذا سمع المدعی إقراره بالنسبة إلی المقاصة فقط و أما إذا سمع الحاکم إقراره ثمّ تداعیا بعد ذلک عنده فی صحة الإقرار و فساده أو نحو ذلک و لا فرق فی عدم سماع دعواه و عدم قبوله بینته بعد تحلیف المنکر بین ما کانت عنده بینة فاعرض عنها و طلب الیمین المنکر و بین ما کانت عنده بینة فجهلها أو نسیها فأحلفه و بین ما اشترط المنکر سقوط الحق أو سقوط البینة بیمینه و بین عدم ذلک کله تمسکاً بإطلاق الفتوی و النصوص الدالة علی انه ذهبت الیمین بما فیها مطلقاً و فی بعض و مقیداً بأنه و لو أتی بینته فی آخر خلافاً للشیخ فتسمع البینة مطلقاً فی بعض فتاویه أو تسمع مع الجهل بها أو نسیانها فی بعض آخر و قواه جملة من الأصحاب و خلافاً لما عن المفید و ابن حمزة و القاضی حیث ذهبوا إلی سماعها ما لم یشترط الحالف سقوط حق الدعوی بیمنه

ص: 44

و علی کل حال فذهاب الیمین بما فیها حکم مخالف للقواعد فیقتصر فیه علی یمین الحاکم دون الیمین المصالح بها علی إسقاط دعوی المدعی فإن المدعی لو علم بکذبه جاز له عند عثوره علی بینة مطالبته و تجوز له مطلقاً مقاصة و دون الیمین الصادرة علی نفی العلم و دون الیمین المردودة لو اقسم بها المدعی کاذباً فاخذ المال ظلماً فانه لا یبعد جواز مقاصته لو علم ببطلان یمنیه و دون الیمین المنضمة مع الشاهد و یجوز للمدعی بعد یمین المنکر ان یقیم بینة علی مجرد شغل ذمته لا مؤمن الأمور و إن لم تسمع علی نحو یترتب علیها اثر البینة من اخذ المال بها و جواز المقاصة و جبره علی الأداء و نحو ذلک و لو وجه الحاکم الیمین علی المنکر فادعی ان المدعی حلفه سمعت دعواه و توجهت الیمین علی المدعی قبل یمینه فلو ادعی المدعی انه حلفنی علی إنی ما ما حلفه توجهت الیمین علی المنکر و لو عرف الحاکم تسلسل هذه الدعوی طرحها و أبطلها و لم یسمعها و لو حلف المنکر علی نفی العلم لم تذهب بما فیها للشاک فی شمول الأدلة الدالة فیجوز للمدعی إقامة البینة بعد ذلک اصل للمنکر ان یرد الیمین علی المدعی و لو لم یعرف عرفه الحاکم لزوماً فی وجه قوی و لو عرف المدعی ذلک دون المنکر لم یلزم المدعی تعریفه و إذا رده علیه فحلف ثبت حقه و یلزم ان یکون حلفه عند الحاکم و ان یکون بإذنه و اذن المنکر و یکفی فی إذن المنکر نفس الرد و إن لم یحلف سقط فی ذلک المجلس و المقام حقه من الدعوی و المطالبة عند الحاکم و لا تسمع بینته و لو کانت حاضرة فاعرض عنها و لیس له ان یلزم المنکر بعد یمین لو جدد الدعوی و لا ان یحلف یمیناً کل ذلک للأخبار المعتبرة الدالة علی ان المدعی إذا لم یحلف لا حق له نعم لا تسقط مقاصته للمنکر واخذ عینة منه اقتصار علی المورد الیقین من الروایة و الفتوی و الروایة و إن کانت عامة و لکن لا ینکر ظهورها فی نفی حق الدعوی و توابعها و یعین الحمل علی هذا الظاهر فهم الفقهاء ذلک علی الظاهر و کذا لا تسقط جواز مطالبته بالحق عند غیر الحاکم أو بینه و بینه فی وجه قوی و هل یسقط حقه فی کل مجلس دائم إلی أن یموت؟ الظاهر ذلک لإطلاق الأخبار و الظاهر من المشهور ذلک أیضاً و هل یسری حکمه لوارثه وجه قوی لا بأس به و لو امتنع لعذر مانع عن الیمین بقی حقه و لو امتنع لعذر

ص: 45

تعود مصلحته إلیه کما إذا ادعی تذکر البینة أو النظر فی الحساب أو سؤال الفقهاء أو نحو ذلک ففی سقوط حقه و عدمه وجهان و لا یبعد عدم السقوط لانصراف أدلة السقوط لغیر هذا الغرض و للزوم الضرر و الضرار لأن الظاهر من الامتناع هو ما کان لغیر عذر و هل یتقدر إمهاله بعقد أم لا وجهان من لزوم ضرر نقل الدعوی علی المنکر و من عموم الأخبار خرج المقطوع به من سماع عذره فیبقی الباقی و من أصالة عدم لزوم التقدیر علیه و ان الحق له بخلاف یمین المنکر فإن الحق علیه و الأوجه ان یتقدر بقدر زمان یسع تأدیة ما اعتذر به عرفاً و لا یفتقر سقوط حق المدعی بعد نکوله عن الیمین المردودة إلی حکم الحاکم.

خامسها: سقوط رد الیمین علی الوصی و الولی و الاجباری و الحاکم الشرعی

و المدعی حسبه للشک فی شمول أدلة الرد لهم و عدم انصرافها إلا بمالک الحق و یعنی علی ذلک فهم الفقهاء و عملهم فلو ادعی الوصی علی شخص دیناً أو علی الوارث ان المیت أوصی بخمس أو زکاة أو صدقة للفقراء أو المدعی الولی عن المولی علیه مالًا أو ادعی الحاکم الشرعی میراثاً لمن لا وراث له أو ادعی خمساً أو زکاة أو حقاً مما یعود للحاکم أو ادعی أحد عدول المؤمنین زکاة أو حقاً لهم إلی غیر ذلک لم یکن للمنکر رد الیمین بل لا بد من إلزام المدعی بالیمین أو دفع الحق بل للحاکم ان یحبسه علی الأظهر و الحبس و ان کان عقوبة و لکنه جاز لمکان المماطلة عن الحق و قد یقال ان سقوط الیمین عن الوصی رخصة لا عزیمة بمعنی انه لا یلزم به و لا یسقط بنکوله عنه و إلا فلو رضی بالیمین جاز للمنکر رده و جری علیه الیمین المردودة؟؟؟ ولایته فیمینه یمین المولی علیه و عموم ما دل علی رد الیمین علی المدعی من غیر تفصیل و استثناء و کذا لو کان المدعی وکیلا و لو طلب المنکر نفس الموکل لیرد علیه الزم بالحضور للرد مع احتمال سقوط الرد مع غیبة الموکل فیلزم المنکر بالحلف أو التأدیة و أما المنکر فلا بد من حضوره لو توجه علیه الیمین إلا ان یوکل علی الرد عند توجه الیمین علیه من المدعی فیسقط لزوم حضوره فلو کان للمدعی و للمنکر کذلک فطلب وکیل المدعی الیمین من موکل المنکر الزم إحضاره أو یرد وکیل المنکر علی المدعی الیمین فیلزم

ص: 46

إحضاره أو تسقط هذه الدعوی بین الوکیلین إذا لم یحضر المدعی و من لزوم إحضاره وجه و یسقط الرد مع دعوی و لو کان المدعی متهماً و المنکر لا یعلم سقطت الدعوی إلا إذا قلنا بکفایة الحلف علی نفی العلم أو قلنا بأخذ الحق ما لم یحلف المنکر علی الجزم و هل یجوز للوصی و الولی و الحاکم الشرعی ان یرد الیمین علی المدعی بمال علی المیت أو علی المولی علیه فیدفعه إلیه الظاهر لا الشک فی شمول أدلة الرد لمثل ذلک و للاحتیاط فی مال الغیر نعم لو رأی المصلحة جاز له ذلک لعموم الولایة فی وجه قوی نعم یلزم الوصی الحلف علی نفی العلم إذا لم یکن للمدعی بینة أو یؤخر المدعی دعواه إلی بلوغ الطفل و افاقة المجنون و کذا المدعی علی الوصی إذا لم یحلف الوصی فانه له تأخیر الدعوی إلی بلوغ الیتیم فیرد علیه الیتیم و لا یوقف المال فی هذه المقامات إلی بلوغ الطفل للزوم الضرر و الضرار و هل الیمین المردودة بمنزلة الإقرار لرضاء المنکر بها و صدور اسبابها باختیاره و لإشعار امتناعه من الحلف ان الحق ثابت علیه أو بمنزلة البینة للمدعی فی حق المدعی لأن الأصل فی حجة المدعی وجوه أوجهها الأخیر لعدم دلیل علی عموم المنزلة لأحد من القسمین فعلی ما ذکرنا لا یفتقر ثبوت الحق بعد الیمین إلا حکم الحاکم لا لکونه بمنزلة الإقرار بل لعموم الأدلة الدالة علی الثبوت من غیر بیان توافقه علی أمر آخر و یحتمل قویاً التوقع لأصالة عدم ثبوت الحق بحیث تنقطع الدعوی و الخصومة إلا بحکم الحاکم و یکون إطلاق الأخبار کإطلاق أخبار البینة و نحوها فی توقفها علی حکم الحاکم و یحتمل ان حکم الیمین المردودة حکم یمین المنکول یقتصر معها إلی حکم الحاکم و کذا الحال فیما إذا حلف المدعی علی ثبوت الحق ثمّ بعد یمینه أقام المنکر بینته لعموم دلیلها و علی جعلها بمنزلة الإقرار لا تسمع لتکذیب بینته بإقراره و علی جعلها بمنزلة البینة یکون من تعارض البینتین نعم لو قلنا ان الیمین المردودة بمنزلة یمین المنکر تذهب بما فیها لم تسمع بینة المنکر و لا دعواه بعد ذلک و لا مقاصة المدعی لو کان کاذباً بما أخذه بدعواه و لکن القول بذلک لا دلیل علیه سوی بعض العمومات کمن حلف لکم فصدقوها و من حلف بالله فلیرض و هی ضعیفة السند و الدلالة و غیرها من الأخبار ظاهرة فی خصوص یمین المنکر أمّا لو کانت

ص: 47

الدعوی بأصل القرض فنفاه المنکر فطلب منه الیمین فرد الیمین علیه فحلف فادعی بعد ذلک بالإیصال سمعت دعواه و بینته قطعاً لأنها دعوی جدیدة و لو ادعی أحد علی عبد دعوی مال أو قصاص فرد العبد الیمین علی المدعی لم یثبت علی العبد شی ء لأنه یعود علی غیره و لم یثبت ان الیمین المردودة ثبت حقاً متعلقاً بعین الراد نفسه و المفروض لغیره حق فیه و دعوی انها کالبینة؟؟؟ غیر ثابتة و أولی لو کان بمنزلة الإقرار نعم قد ثبت المال فی ذمته بعد العتق لا حین کونه مملوکاً و کذا لو ادعی أحد علی السید قصاصاً علی العبد فیری؟؟؟ فرد السید الیمین علی المدعی فإن العبد لا یقتص منه للشک فی ثبوت القصاص علیه برد یمین السید علی مدعیه و امر الدماء عظیم نعم یثبت المال فی رقبة السید لأن العبد مال فأزداد الیمین علی المدعی فی جنایة استقر العبد لأن الیمین حجة علی مال الراد و العبد من ماله و إذا کانت الدعوی تعلق بذمة العبد بعد العتق بعد حلف المدعی الیمین المردودة تذهب بما فیها کیمین المنکر الأوجه خلافه و هل للمنکر بعد الرد أن یعود؟ الظاهر ذلک تفویض لا إسقاط و هو أحد فردی الواجب المخیر فیه فیجوز العدول عن أحد إلی الآخر قبل فعله و هل نکول المدعی عن الیمین مع الشاهد بمنزلة نکوله عن الیمن المردودة وجه و الأوجه خلافه للأصل و عموم الأدلة و الدلیل الدال علی سقوط الحق بالنکول هو ما إذا کان النکول عن الیمین المردودة دون کل یمین علی المدعی خلافاً لما نقل عن الشیخ رحمه الله فی المبسوط و علی القول بأن الیمین المردودة بمنزلة البینة یراد منها البینة فی حق المدعی لا مطلقاً فلو رد الشریک علی مدعیه الیمین فحلف علی الشرکة لم یثبت علی جمیع الشرکاء و کذا لو ادعی اخوة شخص لیرث معه فرد علیه الیمین لم تثبت اخوته مطلقاً لجمیع اخوته و کذا لو رجع المنکر علی رده قبل حلف المدعی علیه فالأقرب جوازه إلا إذا رد إلی التسلسل فیمنعه من الرجوع.

سادسها: لو امتنع المنکر عن الیمین عن ردها اعتباطاً لا عن عذر

و لو امتنع عن عذر معلوم کتأمل فی حساب و نحوه منه المدعی و اراد المیت علی المیت الحلف أمهل علی الأظهر خلافاً لکثیر من الاطلاقات ما لم یلزم ضرر علی المدعی و أحل إمهاله

ص: 48

و لم یعتبر امتناعه قطعاً و هل الجهل بحکم المنکول عذر فلو ادعی الجهل سمع وجه لا بأس به و لکن یحکم علیه بالحق بمجرد النکول و لا یحتاج معه إلی أمر آخر بمعنی یقول له: حلفت أو رددت و إلا جعلتک ناکلًا و حکمت علیک بالحق ثلاثاً أو اثنین أو واحدة و لا یجب التکرار نعم یندب للاستظهار و هل یجب قولها مرة أم یکفی انه لو امتنع حکم علیه بالنکول؟ ظاهر بعض العبارات الوجوب سیما لو کان جاهلًا بأن الممتنع یحکم علیه بالنکول ربما یدعی ان الجهل عذر أو یحکم علیه بالحق بعد رد الیمین من الحاکم علی المدعی فیحلف المدعی فیثبت له الحق بیمینه فلو لم یحلف سقط حقه لأنها بمنزلة الیمین المردودة أو لا یسقط حقه بالامتناع اقتصاراً فی محل السقوط علی المورد الیقینی و هو الیمین المردودة من المدعی نفسه وجهان علی هذا القول و هل له بعد رد الحاکم الیمین ان یرجع المنکر علی یمینه وجهان العدم لحکم الحاکم بالنکول و جعل الحق و تحویل حق الیمین منه إلی المدعی فلا یعود و من الشک من کونه حکماً لأن جعله ناکلًا أعم من الحکم علیه برفع الحق عنه من الیمین و لا یبعد الأخیر إلا إذا تعدد بعد ذلک فانه لا شک بسقوطه من الرجوع بیمینه و لو لم یمکن رد الیمین علی المدعی علی هذا القول فدعواه التهمة أو کونه وصیاً أو أمکن و لکن لا یلزم به علی وجه فالظاهر انه یلزم بالحق بمجرد النکول لأن الرد کان احتیاطاً فحیث لا یمکن سقط عن المدعی و بامتناع المنکر عن الیمین یثبت الحق هنا لأن الیمین علی من أنکر فی رفع الحق عنه و حیث لم یحلف لم یرتفع الحق عنه فیؤدیه و هل للمنکر الرجوع بعد نکوله إلی یمین النفی؟ الظاهر ان له ذلک ما لم یحلف المدعی سواء کان الحاکم بثبوت الحق بعد یمینه إلی حکم الحاکم وجهان علی ما تقدم و الأوجه هنا ان یمین المنکر اقرب من البینة من الإقرار و الأقرب التوقف و کذا لیس الرجوع إلی یمینه إذا حکم الحاکم علیه بالحق بعد نکوله و أما بعد امتناعه فسقط أو بعد حکم الحاکم بنفس النکول أو بعد رد الیمین قبل حلف المدعی لو قلنا بثبوت توقف الحکم علیها فالأوجه جواز رجوعه و إن کان الحکم بجواز الرجوع بعد حکم الحاکم بنفس النکول أو بعد رد الیمین لا یخلو من إشکال و یظهر من کثیر من الفقهاء انه یسقط حق رجوعه بمجرد حکم الحاکم علیه بالنکول

ص: 49

تنزیلًا له منزلة الحکم بالحق سیما لو قال للمنکر: احلف فکأنه انتزعه منه إلی غیره بل ربما یظهر من قوله: جعلتک ناکلًا یعنی حکمت علیک بسقوط حق الیمین و انتزعته منک لامتناعک عنه فتأمل.

استدل القائلون بجواز الحکم علیه بالحق بمجرد النکول بأصالة عدم لزوم رد الحاکم و أصالة براءة ذمة الحاکم من الرد و أصالة براءة ذمة المدعی من لزوم الیمین و أصالة عد کونها حجة للمدعی و أصالة عدم کون النکول عنها مبطل للحق و أصالة عدم توجه الیمین علی غیر المنکر و أصالة عدم صحة تولی الحاکم الرد بعد کونه من وظائف المنکر و بقوله علیه السلام: البینة علی المدعی و الیمین علی المنکر حیث حصر البینة فی المدعی فلا تلزم علی المنکر و حصر الیمین علی المنکر فعند نکوله یلزم بالحق لأن الیمین علیه و حیث لا یمین علی المدعی و کان الیمن علی المنکر فعند نکوله یلزم بالحق لأن الیمن علیه فی دفع الحق فمن لم یحلف ثبت الحق علیه لأن دفعه موقوف علی الیمین کما ان إثبات الحق موقوف علی البینة بالنسبة إلی المدعی و إلزام المدعی بالبینة علی سبیل الوجوب الشرطی فی ثبوت حقه و إلزام المنکر بالیمین علی جهة الوجوب الشرطی فی رفع الحق عنه و هل یجب علی المنکر الیمین وجوباً شرعیاً تخییریاً بینه و بین الرد فإن لم یفعل أحدهما عصی وجه لا یبعد من سیاق الروایة و لکن ظاهر الأصحاب عدم الوجوب الشرعی و عدم جواز عقوبته و حبسه نعم لو ترک الجواب و عدم جوازها علی ترک الیمین و النکول نعم یجب علیه مخیراً بین دفع الحق و بین الیمین علیه و یجوز حبسه علی ذلک و قد یحتمل هنا أیضاً جواز القضاء بالنکول من دون حبسه و إلزامه بالیمین لأن الحبس عقوبة لا یثبت موجبها و احتمال سقوط الدعوی هنا احتمال بعید و بروایة الأخرس عن علی حیث کتب له الیمین و أمره بشربها فامتنع فألزمه الدین الظاهر فی ترتب إلزامه الدین علی الامتناع و تعقیبه له لمکان إلقاء و هو ینافی تخلل الیمین علی انه لو کان هناک یمیناً لنقل و لا یجوز عدم بیانه للزوم تأخیر البیان عن وقت الحاجة و الرد علیه ان التقدیر لازم فی الخبر لأن مجرد الامتناع عن الیمین لا یثبت الحق إلا بالامتناع عن الرد إلی المدعی أیضاً فحین لا بد من التقدیر و تقدیر هذا

ص: 50

لیس بأولی من تقدیر الرد علی المدعی بمعنی فامتنع فرد الیمین فألزمه الحق و ان البیان متأخر عن وقت الخطاب لا عن وقت الحاجة لأن الحاجة إلی کیفیة بیان حلف الآخر لا بیان حکم امتناعه و ان الروایة حکایة حال فلا عموم فیها و ان ما اشتملت علیه الروایة من طریق حلف الأخرس لا یقول به الأصحاب فیضعف الاستناد إلیها و ان مضمونها مخالف لما اطبق علیه الجمهور من نسبة رد الیمین إلی علی علیه السلام ضعیف لظهور الامتناع فی الامتناع عن الیمین وردها بل کان الامتناع عن ردها مفروغاً منه و إلا لم یحتج إلی تحمل مئونة کتابة الیمین و غسلها و أمره بشربها و کان یکفی دون ذلک من البیان و التغلیظ و لمنع القول بالفصل بین الأخرس و غیره و کونها حکایة حال لا تنافی لزوم التأسی و لأن ورودها مورد بیان الکیفیة فی الیمین ظاهر فی إرادة کیفیة الیمین المترتب علیه أداء الحق بقرینة ترتبه علیه علی ان تأخیر البیان عن وقت الحاجة و الخطاب کلاهما ممنوع و لمنع کونه عن الکیفیة التی عند الفقهاء من تحلیف الأخرس بل هو فرد منه عند إرادة التغلیظ و لمنع الاعتماد علی روایة الجمهور خلافه عن علی علیه السلام بعد ورود الروایة الصحیحة فیه و بروایة الأخرس المعتبرة فی الرجل یدعی الرجل و لا بینة له قال: بیمین المدعی علیه فإن حلف فلا حق له و إن لم یحلف فعلیه و لیس من طریقها سوی یاسین و هو من أهل الأصول و الرد علیه بوجود نسخة أخری من الفقیه بدل محل الشاهد و ان یرد الیمین علی المدعی فلم یحلف فلا حق له ضعیف لأن تعدد النسخة کتعدد الروایة حجة من المقامین و بان الضمیر علیه محل لاحتمال عوده إلی المدعی و خبره الیمین و احتمال عوده إلی المنکر و مبتدئه غیر الحق بل بقاء الدعوة و شبهها و منه بقاء الیمین المردودة لإثبات حق المدعی و هو بعید لأن الاحتمال لا ینافی الظاهر و بان فی ذیل الروایة ما یؤذن بلزوم رد الحاکم الیمین لقوله: و لو کان المدعی علیه حیّاً الزم بالیمین أو الحق أو یرد الیمین علیه بصیغة المجهول و العدول عن المعلوم إلیها أمارة علی ان الراد لیس خاص بالمنکر و لیس غیره إلا الحاکم و فیه المنع من ثبوت صیغة المجهول و لیس بمسلم فالمنع خاص من انحصار الفائدة فیما ذکر و بان مضمونها موافق لفتوی العامة فیضعف بها الاستدلال و فیه انه موافق للحنفیة مخالف

ص: 51

للشافعی و غیره وقعاً و استدل الموجبون لرد الیمین من الحاکم بأصالة عدم نفوذ الحکم بدونه و بالاحتیاط و بان الحاکم ولی الممتنع و قد امتنع المنکر من الحق الذی علیه فیتولاه الحاکم و بالاجماع المنقول و بفتوی مشهور المتأخرین و بان هذا القول موافق لفتوی الشافعی و هو موافق لمذهب الإمامیة غالباً و بان العامة نسبوا هذا القول لعلی و من البعید کذبهم و تخطئتهم و بقوله: یمین المطلوب أولی من طالب الحق و فی الجمیع نظر لانقطاع الأصل بالدلیل و معارضة الاحتیاط بالاحتیاط فیما لو نکل المدعی عن الیمین فانه یذهب حقه و بان ولایة الحاکم یکفی فیها الحکم بالنکول عند الامتناع عن الیمین و رده لأن مشروعیة الیمین لرفع الحق عنه و لضعف الإجماع المنقول بمصیر الکثیر من الفحول إلی خلافه و فتوی المشهور غیر حجة فی معارضة الروایات المتقدمة و قول العامة لا اعتماد علیه و کذا الموافقة لفتوی الشافعی و الروایات ضعیفة و منها حکایة حال لا تفید العموم فی المقام و یمین المطلق لا شک أولی ان أرید به اللزوم و أولی أیضا ان أرید به الندب بالنسبة إلی الرد و الحق ان الأدلة من الجانبین لا تخلو من وهن سیما أدلة القول الأخیر مما یخرج عن مواضع النزاع هو ما إذا لم یکن المنکر الرد و لا الحاکم لعدم کون المدعی مالکاً إذا کان دعوی تهمة أو کان وصیاً و شبهه فإن الظاهر هنا الحکم بمجرد النکول أو حبس المنکر فأما أن یحلف أو یؤدی و کون الحبس عقوبة لا بأس به عند استحقاقها و احتمال سقوط الدعوی ضعیف و إطلاق روایة الأخرس و غیرها تدل علی ان النکول بمجرد الامتناع من الیمین و لیس فیها ان یقول الحاکم حلفت و إلا جعلتک ناکلًا فوجوب الواحدة لا دلیل علیه بل قد یقال ان تحلیف الوصی و الولی للمنکر إذا هم المنکر بالحلف لا مصلحة فیه فلعل الطفل یبلغ و یصل إلی حقه بیمین مردودة أو بینة أو نکول نعم إلا إذا قلنا ان الیمین هنا لا تذهب بما فیها لأن المتیقن من ذلک ما إذا رضی المالک بیمینه لا غیره من ولی أو وصی جاز الیمین هلما و قد یخرج عن مسألة ما إذا کان المدعی علیه ولیاً أو وصیاً أو شبههما فانه یلزم علی الحلف علی نفی العلم و لا یجوز له رد الیمین علی المدعی و لا للحاکم مع نکوله لعدم الغبطة بمال الطفل فلو فرضنا انه أمر علی نکوله لزم الحاکم تحلیف المدعی احتیاطاً

ص: 52

و تسلیمه ما ادعی به و یبقی الطفل علی حجته بعد بلوغه فإن أنکر و حلف علی الجزم من اخذ ماله من الوصی لتفریطه أو من المدعی لمباشرته کما یمضی فعل الوکیل عن الغائب فی رد الیمین أو فی ثبوت الحق بالبینة مع یمین الاستظهار أو بدونه و یحتمل مضی فعل الولی علی المولی علیه و لیس له تجدید الدعوی و یحتمل الفرق بین الولی الإجباری فیمضی علیه فعله و بین غیره فیضمن لتفریطه برد الیمین علی المدعی أو نکوله عن الحلف علی نفی العلم و قد یستدل علی الحکم بمجرد النکول ما جاء فی مفاهیم أخبار المنکر مثل من حلف له فلیرض و من حلف فصدقوه فمفهوم لا تصدقوه و لا ترضوه و مفهوم ذهبت الیمین بما فیها و ذهبت بحق المدعی انه إذا لم یکن بیمین فلا تذهب بل یبقی الحق و مفهوم ان المدعی فی الیمین المردودة إذا نکل سقط حقه فهذا یثبت الحق علیه و لأن صحة دعوی المسلم لا ینقضها کما هو المفهوم من الأخبار إلا الیمین و لا یکفی فیها مجرد الإنکار فالقول بالحکم بمجرد النکول أقوی.

سابعها: قوله علیه السلام: البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر مقتضی بحسب منطوق الأولی ان البینة تختص بالمدعی

و بحسب مفهوم الثانیة حیث حصر الیمین فی رفع الحق علی المنکر بالیمین ان المدعی مقصور علی البینة لیس له فی الیمین نصیب و کذا حصر الیمین بالمنکر من منطوق الثانیة و مفهوم الأولی و کان بمقتضی الروایة ان الفقرتین بینهما عموم من وجه لاقتضاء الأولی ان البینة مثبتة للحق سواء جامعها یمین المنکر أم لا و اقتضاء الثانیة ان الیمین رافعة لدعوی المدعی سواء جامعتها بینة المدعی أم لا و هی فیما لو لم تکن بینة و أبقی الأولی لقوة البینة و أبقی الأولی علی حالها و من ذلک یفهم ان المدعی یثبت حقه فیما لو امتنع المنکر عن الیمین لتوقف ارتفاع الحق عن المنکر علی الیمین فإن لم یحلف یلزمه بالحق و لا ینافیه ما ذکرناه من حصر المدعی علی البینة لأن ذلک حصر بالنسبة إلی الیمین لا بالنسبة إلی کل مثبت بأخذ المدعی به حقه و ما ظهر من بعض الأخبار من الأمر بانضمام الیمین إلی البینة محمولة علی الندب عقد استرابة الحاکم من أحد الشاهدین أو علی التقیة أو شبهها.

ص: 53

ثامنها: إذا قامت البینة العادلة عند الحاکم توقف عن الحکم إلی ان یسأله المدعی

مع احتمال انه لا یتوقف أمّا لشاهد حال المدعی بالاذن أو لأن الحکم من وظائف ما لم یعرض المدعی عن دعواه أو یقول للحاکم اترک الحکومة و هل یجوز للحاکم الحکم قبل قوله للمنکر: أ عندک جرح الظاهر ذلک سواء علم المنکر بأن له الجرح أم لم یعلم و لا یجب علیه تعلیمه و إن کان الاحوط ذلک و إذا قال المنکر عند جرح حاضر أمهله إلی ثلاثة أیام و لا دلیل علیه سوی کلام الفقهاء و یحتمل إمهاله إلی قد التمکن من الإتیان به و إلا فیکون مماطلًا و إن قال الجارح غائب فی مسافة بعیدة احتمل لزوم إمهاله و یقف عن الحکم إلی مدة یمکن إحضاره فیها و یحتمل جواز الحکم بل لزومه من الحاکم فإذا جاء الجارح بعد مدة انتقض الحکم و سمع بینة الجرح و یحتمل نفوذ الحکم و عدم سماعها بعد ذلک و ان قال المنکر: أمهلنی انظر لعل لی جارحاً فالأظهر ان له إمهاله لکن لا یزید علی ثلاثة أیام کما هو فتوی الفقهاء و یحتمل عدم إمهاله فی هذه الصورة مطلقاً بل یحکم علیه و هل ینتقض الحکم لو أتی بالجارح بعد ذلک وجه وجیه.

تاسعها: لو ادعی مدعی علی میت دیناً و کان أصیلًا فی دعواه لزمه مع البینة یمیناً

للاستظهار علی بقاء الحق فی ذمة المیت إلی الموت أو إلی حین المطالبة فی وجه قوی و ان حقه لعلیه ما أبراه و لا وفاه و لا قاصه و ما ضاهی تلک المعانی للأخبار المعتبرة و الإجماع المنقول و الشهرة البالغة حد الإجماع و لکن المتیقن من الأدلة هو ما إذا کان المدعی أصیلًا عن نفسه فلو کان ولیاً أو وصیاً بحیث یتوجه علیه الیمین أو لا یمکنه کدعوی التهمة احتمل هنا تحلیفه علی نفی العلم بالإبراء و الوفاء تکلیف الوصی و الولی الحلف علی الجزم للبینة المثبتة للأصل و الاستصحاب فیؤدی بالجزم الشرعی و کذا الأولین إذا لم یجزموا یحتمل سقوط الدعوی لأن الیمین جزء منها أو شرط فیها فابتناؤه ینتفی المدعی به و یحتمل و هو الأقوی سماع بینته من دون یمین لعموم حجة البینة و اشتراط الیمین منصرف إلی المدعی جزماً لنفسه و أما المدعی لغیره فلا یمین علیه فیبقی دلیل سماع البینة خالی من المعارض و کذا المتیقن من الأدلة أیضاً لزوم الیمین

ص: 54

علی بقاء الحق لا علی اصل الدین الذین قامت البینة و هل بقائه إلی الموت أو إلی حین المطالبة؟ ظاهر الروایات الأول لظاهر التعلیل فیها بعدم لسان له یدعی فیه و فیها ما یظهر منها إلی حین المطالبة لقوله فیها و یحلف ان حقه لعلیه و ظاهره إلی حین المطالبة و هو الأقرب و الاحوط و یظهر من ذلک انه لو علم الوصی ببقاء الدین إلی حین الموت فهل یلزم المدعی بالیمین علی عدم الاستیفاء و الإبراء بعده أم لا؟ و الظاهر لزوم ذلک مع احتمال عدم تکلیف المدعی هنا بالیمین لمکان الاستصحاب و المتیقن من الیمین انضمام الحالیة لا إلی الأمر المعلوم عند الوارث أو الوصی بل قد یدعی انه مع العلم الوارث أو الوصی بالدین ابتداءات یلزمها الوفاء للاستصحاب و لا حاجة إلی ضم الیمین لورودها فیمن أقام بینته و الأوجه انه لو علم الوصی بالدین شهد للمدعی و ضم المدعی یمین و الأقرب انه لا یجوز له الدفع من دون ذلک إلا إذا علم بقاء الحق إلی حین المطالبة و قد یقال ان البینة لو قامت بالدین و ببقائه إلی حین المطالبة سقط الیمین لأنها أقوی منه فی الإثبات بل قد یقال علی الوجه المتقدم انه لو قامت البینة علی بقاء الدین إلی الموت سقط الیمین و هل یلزم فی یمین الاستظهار تأخره عن البینة أو لا یشترک تقدم البینة وجهان أوجههما الأول و هل یسری یمین الاستظهار لدعوی العین أو یختص بالدین أو یسوی ان کانت العین مضمونة علیه فقط وجوه أوجهها الأخیر و هل یسری یمین الاستظهار فی الدعوی علی الطفل أو المجنون أو الغائب مطلقاً أو لا یسری مطلقاً أو یسری إذا لم یحضر الولی أو وکیل الغائب و لا یسری إذا حضر الولی أو الوکیل لقیامهما مقام المولی علیه فی الروایة بل احتمال انه لو کان لهما لسان لادعیاه بالبراءة أو الاستیفاء أو المقاصد و لأن الدعوی مسموعة یتوجه علیه الیمین فیها و لو دعوی تهمة بل قد یقال ان اصل فائدة یمین الاستظهار هو لقطع دعوی الوفاء و الإبراء من المدعی علیه لو کان حیّاً ضرورة ان المدعی للدین لو أثبته جاز لمن ثبت علیه دعوی الوفاء و الإبراء فیتوجه الیمین حینئذ علی المدعی و ینقلب المدعی و المنکر مدعیاً أمّا لو کانت الدعوی حقاً کحق خیار و نحوه فالظاهر شمول الدوام له لو کانت عیناً فإن شهدت بالملک المطلق انه تسمع ما لم یشهد إلی الآن لمعارضتها بالید اللاحقة و ان

ص: 55

شهدت بأصل السبب و قلنا بالاکتفاء بتلک الشهادة و ان الشهادة بالسبب لیست کالشهادة بالملک المطلق افتقر إلی ضم الیمین لسریان العلة باعتبار احتمال الرد إلیه أو تملک المیت لها و إن قلنا لا بد من الشهادة علی بقائها علی ملک المدعی إلی حین الشهادة علما قوی القول سقوط الیمین حینئذ لارتفاع الاحتمال بالبینة مع احتمال الاحتیاج إلیه لأن المیت بمنزلة المدعی و المدعی بمنزلة المنکر و بینة المنکر غیر مسموعة أمّا لو شهدت بالبقاء استناداً للاستصحاب فالوجه لزوم الیمین و لو کانت الدعوی علی طفل أو مجنون أو غائب لم یحضر وکیله افتقر إلی الیمین فی وجه قوی تسریة للعلة حیث لا لسان لهم ینطق بالدعوی فلا یدری الحاکم بالوفاء أو الإبراء و بقی الغائب علی حجته مع الیمین فی وجه قوی مع احتمال ان المدعی لو حلف یمیناً لسقطت حجة الغائب و کذا الطفل و المجنون علی حجتهما علی الأظهر حتی مع الیمین أمّا بدونه فحجتهما باقیة علی هذا إذا لم یحضر ولیهما و مع حضوره یحتمل سقوط حجتهما لقیام الولی مقامهما و احتمل العدم و الأول اوجه و القول بسقوط الیمین مع الدعوی علی الطفل أو المجنون أو الغائب وجیه لاختلاف العلة التی فی الأصل الذی هو المیت لعدم رجاء عودة لسانه مع العلة التی فی الفرع لو جاء بلوغ الطفل أو إفاقة المجنون و قدوم الغائب و قد ورد فی الغائب أخبار ظاهرها فی مقام البیان بثبوت الحق علیه من دون یمین فالفرق بین الغائب و بین المجنون و الطفل أیضاً وجیه جداً و لو کان للمدعی شاهد واحد ضم إلیه یمین لأصل إثبات الحق و یمین علی بقائه و لا یکفی واحد خلافاً لما یضاهی من العلامة رحمه الله لأصالة عدم التداخل و لتباین المحلوف علیه مع الشاهد و المحلوف علی بقائه نعم لو شهد الشاهد ببقاء الحق فحلف علی طبقه احتمل الاجتزاء و الأظهر عدمه و هل یجوز ان یقیم بینة عند حاکم و یمین عند استظهار عند آخر؟ الظاهر ذلک إذا علم الحاکم الآخر بقیام البینة عند الأول أو قامت عنده بینة بالنسبة و لکل منهما أن یحکم إذا علم بوقوع الأمرین أو سمعها و کذا الحاکم ثالث ان یحکم بعدم علمه بوقوع الأمرین و لو أقام أحد الشرکاء جاز لغیر من أقامها الیمین للاستظهار علی الأظهر و یمکن یمین واحد من الشرکاء مع البینة لتمام البینة بالیمین فثبت الحق مع

ص: 56

احتمال لزوم الیمین علی جمیع المدعین و یجوز توکیل غیره فی یمین الاستظهار سیما لو کانت امرأة أو مریضاً یعسر علیه الإتیان إلی مجلس الحکم و نکول المدعی عن یمین الاستظهار لا یسقط و لا یشترط مطالبة الیمین للشهادة فله ان یشهد علی ألف و یحلف علی خمسمائة و لو حلف المدعی یمیناً مردودة من الوارث علی الدین افتقر معها إلی یمین الاستظهار مع احتمال عدمه لورودها مع البینة و الأولویة ممنوعة و فی روایة عبد الرحمن انه لا تسمع الدعوی علی المیت من دون بینة و انه لو کان حیّاً لرد الیمین فیفهم منها ان لا رد فی الدعوی علی المیت و لکنها محمولة علی الرد من الوصی أو من الحاکم لا من الوارث أو منهما مع الغرامة للمولی علیه و یدفع الحاکم بعد ثبوت علی الغائب من ماله للمدعی لولایته علیه و للروایة سواء قلنا بوجوب یمین الاستظهار أم لا لم نقل إذ لم یکن للغائب وکیل علی ماله و یلزم المدعی له المال بکفیل أی ضامن للمال لو خرج غیر مستحقه و لیس من ضمان ما لم یجب بل مما وجب لأن الغائب إذا اقدم و ادعی الوفاء و الإبراء أو جرح الشهود تبین ان المال ماله و یقوم الحاکم مقام الغائب إذا قدم و ادعی الوفاء أو الإبراء أو جرح الشهود تبین فی قبول الضمانة حکماً شرعیاً أو قیامیاً فضولیاً لأن رضا المضمون شرط و فی بعض الأخبار ان الإلزام بالکفیل لو لم یکن ملیاً و لو کان ملیاً فلا یلزم و لا بأس به و قد یراد بالکفیل کفیل النفس بمعنی إحضار المدعی عند مجی ء الغائب لیترافع الغائب معه و یظهر من الشهیدین ان المدعی لو حلف یمین الاستظهار کفی عن الإلزام بالکفیل و هو مشکل لأن الغائب علی حجته مع یمین الاستظهار علی الأقوی فلا معنی لترک الکفیل و یجری الحکام فی المجنون و الطفل کذلک للأولویة القاضیة بلزوم الکفیل أیضاً و لکونهما علی حجتهما مع الیمین و عدمه ب قد یقال ان المدعی لو کانت علی الوارث بدین علیَّ و حلف المدعی یمین الاستظهار و حکم الحاکم و من بعد ذلک وجد الوارث بینة علی الإبراء و الوفاء جاز تجدید الدعوة و اثبات الإبراء و الوفاء بل هی دعوی جدیدة لا الأولی فتعاد و لا تذهب یمین الاستظهار بما فیها فلا خصوصیة للغائب و الطفل و کذا الحکم لو وجد الحاضر جارحاً بعد الحکم للشاهدین حین الشهادة فلا بأس بإعادة

ص: 57

الدعوی و جرحهما و هذا کله لیس من الرد للحکم و لا من تجدید الدعوی لأن التجدید المنهی عنه هو ما لم یکن من بینة و لم یکن لجرح و نحوه و بالجملة فالأظهر ان الغائب و نحوه له تجدید الدعوی الأولی إذا أراد جرحاً أو کانت عنده بینة علی الإیصال بل دعوی الإیصال و الإبراء دعوی جدیدة و ان کانت هی فی ضمن الدعوة الأولی و الذی له تجدیدها أو لیس له هی دعوی اصل الدین لا دعوی الإبراء و نحوه و لذا احتجنا إلی یمین الاستظهار مع البینة فتسمع من الغائب و نحوه سواء کان الوکیل أو الولی حاضرین أم لا ما لو أراد الغائب و نحوه تجدید الدعوی لمجرد تحلیف المدعی فالظاهر انه لا تسمع لأن الحاکم قائم مقام الغائب و نحوه فی هذه الدعوی و قد وجه یمین الاستظهار علی المدعی نائباً عن المیت لاحتمال دعواه فلا حاجة إلی تجدیدها و الیمین المردودة من الوارث لا تکفی عن یمین الاستظهار بل لا بد من الیمینین المضمومة مع الشاهد عن یمین الاستظهار.

عاشرها: فی الخبر ان الغائب یقضی الحاکم علیه

و بقی عزیمة من ماله و یلزم المدعی بالکفیل مع عدم ظهور الملامة و مع ظهور الملامة فلا یلزم بالکفیل جمعاً بین ما دل علی لزوم الکفیل مطلقاً و بین ما دل علیه مع الملاءة و لو لا الروایة لأمکن المناقشة فی تولیة الحاکم علی الغائب بحیث یقضی دینه مع رجاء قدومه و فی إلزام المدعی بالکفیل بعد ثبوت حقه لأصالة البراءة و فی صحة ضمان الأعیان خوفاً من خروجها مستحقة و فی ضمان ما لم یثبت انه للمضمون له و فی قیام الحاکم مقام المضمون له فی القبول و الحمل علی الفضولیة بعید.

أصل: لو سکت المنکر فلم یجب فإن کان لعذر امهل إذا رجا زواله فإن کان لدهش انتظر زواله و إن کان لجهل أو غباوة فهم و علم و إن کان لطرش و صمم ترجم له أو ترجم عنه بالإشارة أو القرائن و نحوها بمترجمین عدلین فإن استمر به زماناً کثیراً أو کان لا یرجی و القول الوسط لم یعلم قائله بل ربما یلزم الإضرار بالمدعی تخوف موته فیذهب حقه و بالمنکر لشدة العقوبة من غیر دلیل و الأول انسب إلی روایة مرسلة و نسب إلی عموم ولی الواحد یحل عقوبته و عرضه أو حبسه و نسب إلی فتوی مشهور

ص: 58

المتأخرین و الجمیع ضعیف و الاقوی القول الثالث لشمول الروایات الدالة علی الحکم علی المنکر عند عدم حلفه بالنکول لمن لم یحلف ساکتاً عن الجواب و نسبه الشیخ له إلی مذهبنا و کذا فی المهذب فیشعر انه المشهور عندهم ان لم یکن مجمعاً علیه و لأن اخذ مع الإنکار و عدم الحلف یقضی بالاولیة باخذه مع السکوت و عدمه و لأن السکوت ترک الحلف و الجواب معاً و فی الإنکار و عدم ترک الحلف فقط فاخذ الحق فیه أولی و لأن الساکت فی الواقع أمّا منکر أو مقر و لا یعلم و فی الأول یؤخذ منه الحق مع عدم الحلف و کذا الثانی و کذا الثالث لأنه أمّا ان یکلف بالحلف علی الجزم أو برد الیمین أو الحلف علی نفی العلم فإن لم یفعل اخذ منه لنکوله أو یؤخذ منه الحق مطلقاً و علی کل حال فإذا لم یفعل شی ء من ذلک ساکتاً توجه علیه اخذ الحق و الحکم بالنکول نعم لو سکت عن الجواب أو أجاب علی غیر طبق السؤال و لکنه إذن فی اخذ المال فقال: خذوا ما تدعون به و لکنی لا اقر و لا أنکر فهل یکتفی منه بذلک أو لا بد من حبسه و لا بد من حکم الحاکم علیه بالنکول لو طلبه المدعی وجهان أوجههما الأخیر.

أصل: الغائب یقضی علیه مطلقاً حضر وکیله أم لا أمکن حضوره أم لا کان غائباً قدر المسافة أم لا للأخبار و الإجماع بقسمیه علی الظاهر سوی ما ینقل عنه عن صاحب الجامع من اعتباره فی الغیبة المسافة و هو و إن قرب لظهور لفظها و لکنه بعید عن ظواهر مجموع الأدلة و عن إطلاق الفقهاء و إجماعاتهم المحکیة و شهرتهم المحصلة نعم الغائب علی حجته إذا قدم أو ارسل وکیلًا علی جرح أو تعدیل أو کانت له بینه فی معارضة بینة أو کانت عنده بینة علی إبراء أو وفاء أو أراد تحلیف المدعی علی ذلک ما لم یکن له وکیل علی ذلک فأدعی علیه فحلفه و لو کان له وکیل علی ذلک فأدعی علیه فحلفه و لو کان له وکیل علی الجرح فعجز الوکیل فلا یبعد جواز التجدید له أیضاً و لو حضر الغائب فاراد جرح الشهود فقال له الحاکم: لا اعرفهم فهل یمضی الحکم علیه أو ینقضه لعدم تمام بالنسبة إلیه وجهان و الأول اقرب و أما من غاب عن مجلس الحکم و هو الحاضر فی البلد و نحوه فإن امتنع عن الحضور حکم علیه لامتناعه و لیس له تجدید الدعوی الأولی و ان کان له ان تدعی دعوة جدیدة لجرح أو فسق و إن لم یکن

ص: 59

ممتنعاً فإن تعذر علیه الحضور حکم علیه أیضاً عند التعذر و هو علی حجته لظاهر الأخبار و کلام الأصحاب و ان لم یتعذر علیه الحضور فهل یجوز الحکم علیه کما هو فتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا علی الأظهر و لأنه ان کان منکراً فقد قامت علیه البینة و ان کان مقرا فقد تأکدت علیه و للنبویة فی زوجة أبی سفیان خذی ما یکفیک و ولدک بالمعروف و لقول أبی موسی الاشعری کان النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم إذا حضر عنده خصمان فتواعدا لموعد فوفی أحدهما و لم یف الآخر قضی للذی وفی علی الذی لم یف و للعمومات الدالة علی الحکم فی مقام الدعوی لأنه حکم بما انزل الله و لعمومات ما دل علی الحکم بالبینة و الحکم بالشاهد و الیمین و الحکم بالیمین المردودة لو ردها فغاب أو نکل فغاب و قد یقال ان الممتنع لو امتنع عن حضور مجلس الحکم و کان حاضراً غیر معذور و لم تکن عند المدعی بینة جاز للحاکم ان یرسل له: تأتی و إلا جعلتک ناکلًا و رددت الیمین علی المدعی فیردها فیثبت علی الممتنع الحق بالیمین المردودة و لکن کان رأی الأصحاب علی خلافه و یجوز للحاکم ان یوکل وکیلًا عن الدعوی علی الطفل و المجنون و الغائب علی الدعوی علیه فیقوم بوظائف الجرح و التعدیل و نحوها و هل للغائب تجدید الدعوی؟ وجهان فله ان یجرح و یعدل أو لا و الأقوی الأول و له ان یدعی الوفاء و الإبراء قطعاً لأنها دعوی جدیدة تصح من الحاضر فضلًا عن الغائب و هل تجدید الدعوی للغائب بمعنی نقض الحکم الأول؟ فیجرح الشاهد من حینه لو أعادها و لو کان عدلا فی الحکم الأول أو ابقائها إلا ینتقض بناقض مثل ان یثبت جرحهم عند الشهادة فی الحکم الأول؟ وجهان و الثانی اظهر فیبقی الحکم الأول وجهان إلا ان یخرج الشاهد أو یأتی ببینة تقابل الأولی و لا یشترط فی إثبات الدعوی اشتراط جحوده أو إظهاره عند الحاکم بل للمدعی ان یدعی الغائب بمال و إن لم یثبت جحوده و لم یدعه بل لو کان مقرا و لم ینکر جاز إثباته عند الحاکم فی مخافة الإنکار و لا یشترط أیضاً فی الدعوی علی الغائب ان یکون غرض المدعی المال بل لو أراد تأخیره إلی قدوم الغائب و إنما کان غرضه مجرد إثبات ماله جاز مع الجحود و عدمه و ذهب الشیخ إلی عدم جواز الحکم عن الغائب استناد لأصالة عدم نفوذ الحکم إلا المقطوع به

ص: 60

و فیه ان العمومات و الاطلاقات قطعت الأصل و استنادا إلی لزوم الضرب اندفع المال للمدعی لخوف ذهابه أو اعسار المدعی و لو کان بالمال کفیل ایضا لخیف من اعساره و موته فلو رجع الغائب و کانت له حجة علی استرجاعه لم یتمکن منه و کذا لو لم یدفع المال فإن فی نفس الحکم ضرر به لأن بقاء الحکم علیه و عدم نقضه ربما أدی إلی اخذ المال منه ظلماً لخوف عدم تمکنه بعد مجیئه من حجته أو موته و عدم تمکن وارثه و فیه ان هذا الضرب یقابله ضرر المدعی بتأخیر الحکومة مع وجود حجة الشرعیة بل قد لا ینجبر ضرر المدعی عند ذهاب الشهود أو ذهاب ماله و ینجبر ضرر الغائب بالکفیل الملی أو بعزل المال له أو بالحکم مع تأخیر الدفع و لو حضر المتداعیان فی المجلس فهل یلزم الحاکم سؤال المنکر و طلب الجواب منه قبل الحکم أو یصح الحکم من دون سؤال لأنه مقر فبینة المدعی مؤکدة و أما منکر فالبینة شاهدة علیه؟ نعم علی الحاکم ان یعرف المنکر طریق الجرح بل قد لا یلزم ذلک فللحاکم ان یحکم و للمنکر ان یجرح بعد ذلک إذا جهل الجرح فینقض الحکم أمّا لو کان عالماً بالجرح فلم یجرح فلیس له بعد الحکم الجرح إلا إذا ابرز الدعوی مع الحاکم بأنه حکم علیه شهود فسقة بحیث تکون دعوی أخری فلا بأس و شرط الحاکم علی الغائب هو ان یتعلق دعوی المدعی بحق مخلوقی مال أو غیره عقداً و غیره حکم أو غیره نعم قد یشکل العتق من حیث انه حق الله أو للناس و کذا الوقف العام و الظاهر جواز الحاکم فیهما فالمراد بالحق المخلوقی فی مقابلة الحد و التعزیر لقوله صلّی الله علیه و آله و سلّم: ادرءوا الحدود بالشبهات کما إذا ادعی علیه زنی أو لواطاً أو سحقا أو قذفا و لو اشمل الحق علی الأمرین کالسرقة جاز إثبات اصلها و لکن تجری ثمرتها بالمال دون الحد لقوله صلّی الله علیه و آله و سلّم: ادرءوا الحدود بالشبهة مع احتمال سماعها مطلقاً لبعد احتمال التبعیض و قد یتوجه من ذلک احتمال عدم سماعها مطلقاً و الأوجه الأول و علیه اکثر الأصحاب و به تجتمع عمومات روایات الباب و دعوی ان الغرامة و القطع کل منهما معلول للسرقة و ثبوت أحد المعلولین من دون الآخر محال ممنوع لأنا نمنع کون مطلق السرقة الثابتة علة للقطع بل علته السرقة الثابتة بالإقرار و البینة الحاضرة کما نمنع کون علة الغرامة هو مطلق السرقة الثابتة و لو

ص: 61

بالإقرار حال التحجیر فإن المقر بالسرقة حال کونه محجوراً علیه یثبت علیه القطع دون المال علی ان علل الشرع معرفات و یراد بالشبهة هاهنا الشبهة فی الحکم لا فی الموضوع و هو شبهة کون هذا الحکم مثبتاً للحکم أو کون هذه البینة مسموعة علی الغائب مثبتة لأثرها الذی شهدت به أو شبهة عدم استقراره لأن الغائب علی حجته؟؟؟ فیقع الحکم باطلًا ابتداء حتی لو حضر الغائب و لم یجدد الدعوی و لم یجرح بل لو رضی بالحکم الأول یثبت حداً و أیضا لو ثبت حده و هو غائب لما أمکن تدارک نائبه بخلاف المال أمّا غیر المال من اللوازم کما لو شهدت البینة بالزنا أو اللواط فهل یثبت تحریم المزنی بها فی العدة الرجعیة أو حال الزوجیة و هل تحریم أخت الملوط به فیه و أمه و لذا لو شهدت بکفر شخص لإثبات قتله بسب بنی و شبهه بناء علی انه حد فهل یحکم بنجاسته و بینونته عیاله و قسمة میراثه.

حادی عشرها: یمین المنکر و یمین المدعی المردودة و یمین الاستظهار و الیمین المثبتة للمدعی حقه فی مقام یثبت بها ذلک و غیره ذلک کلها ما عدا یمین الصلح فی وجه قوی لا تکون إلا بالله

تعالی لله عز و جل و للأخبار و معنی ذلک إنها لا تنعقد یمیناً یسقط بها أو یثبت بها إلا به للأخبار المتواترة و کلام الأصحاب سواء کان کافراً الحالف أو مسلماً و سواء کان المحلف کافراً أو مسلماً و فی الموثق هل یصح لأحد ان یحلف أحد من الیهود و النصاری و المجوس بآلهتهم؟ فقال: لا یصلح لأحد ان یحلف إلا بالله تعالی و فی الصحیح ان الله عز و جل ان یقسم فی خلقه ما یشاء و لیس لخلقه ان یقسموا إلا به و ظاهر الأخبار ان القسم بالمسمی لا بنفس الاسم لظهور إرادة المسمی من هذا اللفظ فی مقام الترکیب فیکفی حینئذ لفظ الجلالة و الأسماء العلمیة الخاصة به أو المنصرفة إلیه عند الإطلاق من الصفات أو المرکبات التی لا تصلح لغیره کمن فلق الحبة و برأ النسمة أو الذی نفسی بیده أو من له یوم المعاد هذا إذا کان الحالف ممن لا یری ان علیاً أبی طالب الأمر إلیه و یوم المعاد له و انه الخالق و الرازق و انه هو الذی فلق الحبة و برأ النسمة کما علیه الغلاة لعنهم الله فانهم یزعمون ان علیا علیه السلام هو الخالق و الرازق و غیر ذلک بجمیع و ان کان ممن یری ذلک احتاج إلی نصب قرینة تدل علی إرادة

ص: 62

الحاجب کخالق علی و مصوره مع احتمال ان النیة نیة الحالف و قد یقال ان القسم یختص بنفس الاسم لا بمسماه أو بنفس الاسم مع مسماه و ذلک لاشتراک اللفظ الاسمی بین نفسه و بین مسماه کما تقول: زید ثلاثی و زید قائم قلنا: هذا خلاف ظاهر الخطاب و الأظهر فی هذا المشترک انصرافه للمسمی إلا مع نصب قرینة دالة علی إرادة الاسم کزید ثلاثی و مع ذلک لو کان الحلف بنفس الاسم فالظاهر الأجزاء و ان لم یقصد المسمی نعم یشترط قصد کون هذا الاسم لهذا المسمی لا لغیره کما یقصد باسم الله ذاتاً أخری أو یقصد بلفظ الله معنی الله اللائی أو غیر ذلک مع ان العبرة بقصد الحلف.

ثانی عشرها: لو علم الحاکم إرادة معنی آخر من لفظ الجلالة بنیة الحالف لم یعتد بها

و ان لم یعلم اعتد بها و نفذ الیمین و کانت النیة نیة الحالف حتی لو علم المدعی أو الحاکم بعد ذلک خلاف بینتهما نفذ الحکم و لا یعاد و مضت الیمین بما فیها و مثله ما لو علم الحاکم توریة الحالف بعدم القصد إلی الانشاء کما إذا قصد الأخبار أو تأدیته بمعنی القسم أو تأدیته بنفس الحق کما إذا قال: و الله ما له عندی شی ء غیر قاصد النفی بل کان قاصداً الإثبات أو غیر ذلک من التوریات بل لا یبعد نفوذ الیمین و لو علم الحاکم التوریة ندرة الحاکم علی عدمها إذا علم انه کل ما یحلف یؤدی و لا مندوحة عن الیمین حینئذ نعم علی الحاکم ان یصرح له بالمقسوم به بحیث لا یشتبه بغیره و یکون هنا فی ظاهر الخطاب بما أراد المدعی الیمین به أو علیه و ذلک کاف و علی ذلک فالکافر الذی یعتقد ان لفظ الله غیر الذات المقدسة لا حاجة مع جهل الحاکم إلی ضم ما یزیل احتمال إرادة غیر الذات المقدسة بل یکفی تحلیفه بضم الجلالة و الاحوط ضم ما یزیل الاحتمال کتحلیف من یعتقد ان النور إله فیطلق علیه اللفظ المعرف بأن یقال له بالله خالق النور نعم لو علم إرادته منه فلا یبعد إلزامه بما یصرفه عن قصده ظاهر إلی ما یختص بالواجب سبحانه و تعالی ظاهراً و ان لم یعتقد الواجب و یقر به و لکن یکفی ترتب آثار الیمین و العقوبة علیه نفس قصد هذا المعبود و ان کان باطلًا عنده و بالجملة فالدهریة و الوثنیة و المعطلة و أهل النور کلهم یجتزی بحلفهم بالله بهذا الاسم فإن قصد

ص: 63

و الاسم کفی و ان کان الاسم عندهم مشترکاً احتاج إلی التمیز بحیث یظهر عندهم ان القسم بالذات و ان لم یکن مشترکاً اکتفی بالقسم باسم الله تعالی و ان احتمل إرادة غیره و لا حاجة إلی ضم ما یرفع الاحتمال کما ذهب إلیه الشیخ رحمه الله و ان علم من الکافر إرادة غیر الواجب اکتفی منه بما یختص الذات المقدسة من الألفاظ و إثمه علیه لأن تغیر نیته غیر ممکن و قبلها متعسر و فهم الفاضل الهندی ان الشیخ یرید ضم ما یزیل الاحتمال إلی الکافر هو ضم ما یزیل احتمال إرادة الظلمة لأن لهم إلهین بالمعنی ان یحمله علی إرادة معبوده الباطل لأن اردع له لاعتقاده انه الحق فلا یحلف به کاذباً و هذا خلاف ما فهمه الفقهاء و نقل عنه انه یجوز تحلیف الملحد و الوثنی بما یعتقده انه الله و هو خلاف ظاهر الأخبار و کلمات الأصحاب.

ثالث عشرها: جوز الشیخ تحلیف الذمی بل مطلق الکافر بغیر الله

من المحرمات عنده کالتوراة و الإنجیل إذا کان الحلف بها اردع فی دینه من الحلف بالله لروایة السکونی ان علیاً استحلف یهودیاً بالتوراة التی أنزلت علی موسی و أخری قضی علی فیمن استحلف أهل الکتاب بیمین صبران یستحلف بکتابه و ملته و ثالثة مشعرة بذلک و فی الجمیع نظر للضعف سنداً و دلالة و عملا و فتوی فلا تعارض الأقوی من کل وجه فیحمل علی الظلم للتغلیظ أو علی اختصاص الإمام علیه السلام به أو یطرح لمعارضته بما هو أقوی منه هذا إذا کان المحترم عنده من المحترمات حقیقة أمّا لو کان المحترم عنده غیر محترم بل مهاناً واقعاً فالظاهر ان الشیخ لا یقول به و لا یجوز التغلیظ به و لو کان علی حد الأشیاء مجرداً عن الاهانة و غیرها فدخوله من کلام الشیخ بعید اصل الحلف بغیر الله تعالی حتی بنفس الاسم مجرداً عن المعنی بقصد الالتزام أو بقصد انقطاع الدعوی به و حرام لا یترتب علیه اثر بل فی بعض الأخبار ان الحلف بقرینة شرک أو کفر و أظهر أفراده ما ذکرناه و بالجملة فهو منهی عنه حتی لو اعتقد ان الحلف بغیر الله کالحلف بالله فی التعظیم و الالتزام کان کافر أو شبهه و أما الحلف بغیر الله فی غیر مقام الدعوی و الالتزام بل بقصد التأکید للفعل المستقبل أو لوقوع فعل الماضی فإن کان من المحترمات کالکعبة و القرآن و اسم الله تعالی و الأنبیاء و العلماء فالظاهر جوازه

ص: 64

للسیرة القطعیة و تقریر المعصوم علیه السلام علیه مع صدوره قطعاً فی زمنه من غیر إنکار بل صدوره من حواشیهم و إیقاعهم بل منهم لمصلحة فیه و لکن علی کراهة للأخبار الناهیة عن الیمین بغیر الله مطلقاً المحمولة علی الکراهة جمعاً لعدم القائل بالتحریم فیها و ترتفع عند حصول المصلحة فیها و علی ذلک یحمل ما وقع من العلماء بل و من أهل العصمة هذا ان کان صدقاً و ان کان الحالف کاذباً احتمل التحریم فی حقه لأن الاجتراء علی القسم بالمحترم کذباً هتک لحرمة المقسوم به و یحتمل وقوعه لغواً لا یترتب علیه الحکم من الأحکام و یحتمل إلحاقه بالمقسوم به من إجراء حرمة الکذب علیه و إن کان المقسوم مهاناً کالقسم بالشیطان و فرعون فإن کان علی کذب فهو لغو و ان کان علی صدق فالظاهر تحریمه لاستلزامه احترام المهان و لو کان القسم بفاقد الاحترام و الإهانة فالظاهر انه مکروه و یحتمل انه محرم لورود النبی عن القسم بالآباء.

رابع عشرها: لا یجوز تحلیف من یعتقد إلهیة علی علیه السلام و إلهیة غیره بما اعتقده

سیما لو کان وضیعاً کالأصنام للزوم الاغراء بالجهل و التشریع و للنواهی المقطوع بها الدالة علی ذلک نعم لو علم الحاکم ان کل تعبیر یعبره عن الذات المقدسة له یصرفها الحالف لما اعتقده انه ربه و لا ینفع فیه التوجه إلی ما الزمه الحاکم به کفی الحاکم ذکر الصفات الخاصة بالواجب و تکون النیة نیة المحلف و مهما أمکن المحلف ان یحلفه علی ما نواه و زعمه المحلف لزمه ذلک و یکون یمینه علی نحو الحقیقة الزعمیة فیحلف بالله الذی زعمه المحلف انه هو و ان اعتقد الحالف ان الله هو ما اعتقده و انه هو لا غیره و لا منافاة بینهما و لا یجوز الصلح علی الحلف بما کان باطلًا أو بما کان غیر محترم لأنه من المعاوضة السفهیة و یجوز الصلح علی إسقاط الدعوی علی الحلف بالمحترمات من قرآن أو إمام أو الکعبة بل و کذا العباس علیه السلام و سائر الشهداء بل و العلماء.

خامس عشرها: یکره الیمین بالله سبحانه و تعالی صدقاً کما یحرم کذباً

إلا إذا اضطر فیجوز مع التوریة مهما أمکن لمکان الاضطرار و یجوز القسم الصادق من غیر کراهة و الظاهر ان لزوم الاجحاف فالأولی دفع المال و عدم الیمین احتراماً لمعطی المال

ص: 65

و واهبه و قد ورد عن الأئمة دفع المال تقصیاً عن الیمین الصادقة و لو نذر المنکر علی عدم التغلیظ لزوم النذر فی حقه لرجحان ترکه بالنسبة إلیه و ان التمسه المدعی بل و ان التمسه الحاکم إلا ان ینقلب راجحاً کما إذا کان فیه دفع مفسدة یراها الحاکم أو مصلحة کلیة نعم مجدر التماس المؤمن یحل النذر فی غیر الراجح شرعاً کالتماسه علی قضاء حاجة دنیویة قد نذر علی ترکها و کانت مرجوحة بحسب دنیاه بخلاف النذر علی مثل هذا المرجوح المذموم شرعاً کتاباً و سنةً بل عقلًا و مع ذلک فاحتمال الإحلال مع الالتماس لا یخلو من وجه و لو نذر المنکر علی عدم الیمین أصلا جاز و لزمه الرد فإن لم یمکن کدعوی الوصی و التهمة لزمه دفع المال ما لم یجحف بالحال و لو نذر المدعی أن لا یحلف فرد المنکر علیه الیمین ففی سقوط حقه مطلقا لأنه لم یحلف أو بقاء حق الدعوی لمکان العذر أو انحلال الیمین مطلقاً أو مع الاجحاف وجه.

سادس عشرها: لا شک فی کراهة القسم بغیر المحترم من الآباء و الامهات و الحلف بنفس المخاطب و المتکلم و القبور و الاخوة و غیر ذلک

اشارة

إلا ان یلاحظ إیمانهم و کل مؤمن محترم و ان کان ظالماً بل لا یبعد ان القسم بغیر المحترم مما یقضی بالاهانة کالحلف بالمخالف محرم ما لم یکن لخوف ضرر علی نفس أو مال أو نحو ذلک و الظاهر جواز ذلک مع المخالفین للأمر بالتردد إلیهم و التحبب معهم.

أصل: التمتام و الفأفأ و الألتغ و الألیغ یقسمون بما یتمکنون منه

من تادیة اللفظ و الأخرس ان کان عارضاً یزول بسرعة انتظر فی وجه و اکتفی بالإشارة فی وجه آخر و الأخرس الأصلی یکتفی منه بالإشارة المفهمة لإنشاء القسم و لکونه بالله تعالی بأی إشارة کانت و لو بنحو الکتابة أو وضع الید علی اسم الله تعالی أو علی القرآن بل و لو کان بغسل لفظ الجلالة و شربه و ما ورد فی حلف الأخرس من غسل لفظ الجلالة و شربه فی روایة علی و أفتی بها بعض الأصحاب محمول علی انه من طرق الإشارة فی الیمین أو علی التغلیظ فیه أو انه قضیة فی واقعة أو إنها خاصة فی الإمام علیه السلام لمصلحة خفیة أو نحو ذلک أو خاصة فی الأخرس لا یعرف الإشارة و ان کان فی ظاهر الروایة ما ینافی ذلک و الأوجه ان یقال ان صحة الروایة و عدم شذوذها و احتمالها علی

ص: 66

ما یشعر بصحتها موجب للعمل بها فی الجملة و لا منافاة بین العمل بها و بین العمل علی فتوی المشهور من الحلف بالإشارة لأنها لیست حاصرة لحلف الأخرس فی ذلک فیحکم بالتخییر جمعاً بینها و بین ما دل علی ان حلف الأخرس بالإشارة من الاستقراء و من إشعار ما جاء فی تشهده و تلبیته و تکبیره المشتملة علی لفظ الجلالة مضافا إلی ما جاء فی عقوده و إیقاعاته.

سابع عشرها: لو کان التغلیظ فی زمان أراد المدعی تحلیفه به کیوم الجمعة أو مکان طلب المدعی إحلافه فیه

کما إذا کان هو مکان الدعوی و ذلک لعدم جواز تأخیر حق المدعی نعم ذلک لا یمکن فی حق المدعی لو طلبه المنکر لجواز تأخیره الیمین و اسقاط دعواه و التغلیظ یکون بالقول و تکریره و التعمق بالأوصاف و الزمان و المکان و اللباس کما إذا لبس شیئاً شریفاً أو وضع علی یدیه مصحفاً و بالأحوال و بغیرها و بابه واسع بنظر فقیه البینة و لا یجوز الحکم بالتغلیظ بالمال إذا کان اقل من نصاب القطع و علیه الفتوی و الروایة.

ثامن عشرها: یلزم علی الحالف الحلف علی ما یقطع به

ان وقع الحلف علی الجملة الجزیة بلفظ دون الکتابة و الإشارة و ان یکون مخاطباً غیره فلو خاطب نفسه لم یشترط ذلک کما ان الشهادة کذلک فلا یبرز المظنون أو الموهوم بصورة الخبر الجازم و لا یجعل الظن کالجزم فیحلف علیه و لا یکفی فی الجزم العلم الشرعی کالشهود به بشهادة عدلین و الذی قضت به الید أو ما اکتفی فیه بالظن مع احتمال الاکتفاء به فی مقام الجزم فی وجه قوی و لو وری فحلف علی ما وری لم تکن یمین غموس و إن أثم نعم له ان یحلف علی نفس الإدراک من الظن والوهم فیقول: و الله أظن أو أتوهم و هو حلف علی البت أو ینصب قرینة علی ان هذا الخبر مظنوناً فیقول: و الله کان کذا بظن أو وهمی و لا یکتفی الحاکم فی مقام الدعوی فی الحلف علی نفی أو إثبات من منکر أو مدعی إلا بالجزم بما حلف علیه حتی لو کان المدعی به إثبات ظنه أو نفیه حلف علی الجزم فی إثباته و نفیه و کذا لو کان المدعی به إثبات العلم أو عدمه کان الحلف من المدعی علی إثباته و من المنکر علی نفیه کما إذا ادعی المدعی مالًا علی الوصی من

ص: 67

طرف الموصی أو علی الوارث من طرف الموروث و ادعی علیه العلم به حلف المنکر علی نفی العلم علی الجزم فلو رد علیه الیمین فهل یلزمه الحلف علی إثبات علمه به أم إثبات المال؟ وجهان و لا یبعد الأخیر و قد یقال ان الدعوی علی الوصی أو الوارث لا یلزم فیها دعوی العلم بل یکفی فیها الدعوی علی المال و لکن یجتزی فیها بالحلف علی نفی العلم لمکان العسر و الحرج و لعدم الطریق إلی الجزم بنفی فعل الغیر و هذا الذی یظهر من کلام القدماء فیقوم الحلف عندهم علی نفی العلم مقام الحلف علی الجزم بنفی المدعی به و علی هذا لو رد الوصی الیمین لزم المردود علیه الحلف علی إثبات الحق لا علی العلم به بل ربما یدعی ان الحلف علی إثبات العلم لا یفید فائدة و بما ذکرنا یظهر معنی قولهم: ان الحلف یکون علی الجزم فی إثبات فعله أو فعل غیره أو نفی فعله و لا یکون علی الجزم فی نفی فعل غیره لبنائهم علی تعبیر الجزم بنفی فعل الغیر لعدم القطع به غالباً نعم لو کان الفعل مشترکاً بین المدعی و المنکر کالنکاح و البیع صح للمنکر ان یقول و الله ما بعتنی کما یصح ان یقول و الله ما اشتریت منک و ینحل بالحقیقة إلی الحلف علی نفی فعل نفسه لمکان التلازم الشرعی أو العرفی لاستناد الحکم به غالباً إلی أصالة العدم و البراءة الأصلیة و هما لا یفیدان الجزم و لو فرضنا حصول الجزم به کما لو کان النفی مقطوعاً به لانحصاره فی زمان أو مکان جاز الحلف علی القطع بنفیه بطریق أولی و لزم قبوله و لو علم الحاکم بقطع الوصی أو الوارث بالنفی فهل یلزمهما بالحلف علی المیت و القطع لأنه الأصل أو لا یلزمهما لانقلاب حکمهما إلی الحلف علی نفی العلم کما علیه ظاهر الإجماع فلا یکلفان ازید من ذلک إلا برضاهما فعلی هذا یکون تعسر العلم علیهما غالباً یکون حکمة لا علة یدور مدارها الحکم وجوداً و عدماً و یظهر مما ذکرناه ان المدعی علیه لو تعلقت الدعوی بنفسه لا یکتفی منه بالحلف علی نفی العلم بل یکلف بالحلف علی الجزم أو یرد الیمین علی المدعی مع احتمال الاکتفاء منه بالحلف علی نفی العلم للزوم العسر و الحرج أو الاکتفاء منه بذلک فی مقام عدم إمکان الرد لعدم القطع من المدعی کما إذا کان المدعی منهما أو وصیاً أو نحوهما هذا و قد وقع اشتباه لأصحابنا فی مواضع ان الحلف فیها

ص: 68

علی المیت أو نفی العلم للاشتباه فیها ان المحلوف علی نفیه فعل المدعی علیه أو فعل غیره کإتلاف البهیمة مالًا من عودها إلی إتلافه لأنها ماله و من عدم مباشرة التلف لله و عدم وقوعه منه و لعسر العلم و الأوجه هنا الحلف علی نفی العلم علی البت لأنه الأصل فی الیمین و الاطلاع علی فعل البهیمة غیر عزیز و اتلافها یعود إلیه و کذا الدعوی علی المولی فی جنایة العبد نفساً أو طرفاً لو کانت الدعوی علی مولاه دونه فیحتمل الحلف علی نفیها من المولی علی البت لأنه الأصل فی الیمین و الاطلاع علی نفی فعل الغیر غیر متعسر سیما ممن تعود أفعاله إلیه لتملکه إیاه و الأقوی الاکتفاء بالیمین علی عدم العلم لخروج أفعال العبد عن أفعال المالک شرعاً و عرفاً و لا فرق بین فعل العبد و الاجنبی فلا یکلف بالمولی الیمین الباتة علی نفی فعله و قد تبین المسألة علی ان فعل العبد المتعقب ضماناً یعود إلی رقبته فقط أو إلی رقبته و ذمة العبد بعد العتق فإن قلنا بالأول حلف المولی علی البت و علی الثانی یحلف علی نفی العلم و کذا الدعوی علی شخص بأنه أخوه تزوج أبوه أمه فی بلاد غربة فأنکر المدعی علیه فانه یحتمل التحلیف علی نفی العلم لعدم کونه التزویج من فعله و هو الأقوی و یحتمل التحلیف علی البت لأنه الاخوة المدعاة أمر نسبی بین المتداعین و هو وجه و لو ابرز الدعوی إنی أخوک فأنکر و کذا لو نصب البائع وکیلًا لقبض الثمن و تسلیم المبیع فادعی المشتری علی الموکل ان الوکیل قبض الثمن و أبطل حق حبس البیع فأنکر الموکل ذلک فهل یحلف علی نفی العلم لأن فعل الوکیل غیر فعل الموکل أو یحلف علی البت لأن الموکل یثبت استحقاق الحبس علی مال المشتری و المشتری یدعیه بارتفاع حق الحبس عن ما اشتراه فیحلفه علی البت لرجوع النفی إلیه و الحق ان الموکل یحلف علی نفی العلم عن قبض الوکیل للثمن قطعاً فإذا حلف لزم المشتری ابقاء حق الحبس علیه فحینئذ ان کانت الدعوی علی ارتفاع حق الحبس و عدمه اتجه الحلف علی البت من الموکل و ان کانت علی القبض و عدمه اتجه الحلف علی نفی العلم و لما کانت دعوی غالباً علی الأول و ان لزمها الثانی فالحلف علی نفی العمل و کذا لو ادعی البائع ظهور

ص: 69

عجزه عن تسلیم المبیع و علمه به فیحتمل هنا الحلف علی نفی العلم بعجزه لأنه متعلق بالغیر و یحتمل الحلف علی البت لعوده إلیه لأنه یثبت لنفسه وجوب تسلیم المبیع إلیه.

تاسع عشرها: یحلف المدعی علی البت ابتداء

و بعد الرد علیه من الحاکم أو من المنکر و لو رد المنکر الیمین علی المدعی ثمّ بذله کان له ذلک و عاد الحق إلیه و ان لم یرض به المدعی و لو وقع منه ذلک مراراً قوی حینئذ إلغاء رجوعه فیکون بمنزلة الناکل و احتمال انه بمجرد الرد ینتفی عنه جواز العدول لأن رد الیمین علیه إسقاط لحقه أو هبة لغیره فلا یجوز بذله بعد رده إلا برضاه بعید لمنع کونه إسقاطاً و کونه هبة بل هو رضی منه بقیامه مقامه فی اخذ الحق منه لیمینه فهو بمنزلة التفویض و الإذعان و التسلیم لقوله و فعله فإذا أراد نقض هذا الإذعان و التفویض و التسلیم جاز نعم قد یقال ان الرد بمنزلة الإقرار المعلق علی یمینه فلا یجوز له نقضه و هو أیضاً بعید لمنع لزوم الإقرار المعلق لو صح انه کذلک أو ان الرد بمنزلة الصلح علی دفع الحق بالیمین و هو بعید کذلک لمنع کونه صلحاً.

العشرون: المدعی لو ادعی أمراً فالجواب من المنکر أمّا عام أو خاص أو مساوی

و علی کل حال فالیمین أمّا علی طبق الدعوی أو علی طبق الإنکار أو مخالفاً لهما أو مع المساواة فلا إشکال إذا ادعی قرضاً فأجاب بنفیه و حلف کذلک و أما مع الاختلاف فإن أجاب بما یعم الدعوی و حلف کذلک جاز کما یقول له: أقرضتک فیقول: لیس لک قبلی شی ء و لا تستحق علیَّ شی ء فیحلف علی ذلک و ان أجاب بالأخص إذا کان الأخص مساویاً للدعوی فهل یکفیه الحلف علی الأعم؟ قیل: نعم و هو المشهور لحصول الیمین المطلوبة و أصالة البراءة من الزائد و لکفایة الجواب بالأعم فیکفی الیمین علیه لأنه جواب و زیادة و لأنه ربما أقرضه ثمّ وفاه أو ابراه المدعی یتحاشی عن الحلف علی الخاص لحصول الکذب و عن الإقرار لخوف الإلزام و لشمول الیمین علی من أنکره للحلف علی العام و قیل لا و نسب للمبسوط و ظاهره نقلًا التردد و یستند له إلی أصالة بقاء الحق إلا مع یقین المجرح و لا یقین مع الحلف علی العام و الجواب بالخاص و إلی ان الظاهر من أدلة الیمین ان تکون علی طبق الدعوی کالشهادة و لأن

ص: 70

الیمین حق للمدعی فیلزم اتباعه فی حقه و لأن الیمین دافع عن المنکر و مع حلفه علی العموم لا ترتفع الاسترابة و کان الخوف من الکذب حاصل عند الجواب بالأخص فلو کان خائفاً من الکذب لما أجاب به و لأن جوابه بالأخص مشعر بقدرته علی الحلف علیه و یمکن المناقشة فی هذا بأن التسامح بالأخبار غیر التسامح بالیمین کما تری ان الإنسان یقدم علی الکذب فی أخباره لأدنی مصلحة و لا یقدم علی الیمین إلا مع الضرر الحلی و أیضا لو کان الیمین حق المدعی فیتبع إرادته لجاء مثله فی الجواب و ظاهرهم عدمه فیه و المدرک واحد و الأظهر بالنظر إلی الفقاهة الأول و بالنظر إلی ظواهر الأدلة الواردة فی یمین المنکر و انه حق له و بالنظر إلی الاحتیاط فی الخروج عن عهدة حق المدعی الثانی و ینبغی للحاکم التأمل فی جواب المنکر مطابقته لدعوی المدعی و عدمها و فی الیمین علی إنکاره و مطابقته لجوابه و دعوی المدعی و عدمها إذ رب جواب لا ینطبق علی الدعوی ظاهر لا بالعموم و لا بالخصوص کما یقول له: أقرضتک فیقول له: مالک مال عندی فانه ظاهر بنفی الغیر أو یقول له: غصبتنی فیقول: ما لک فی ذمتی شی ء فانه ظاهر فی الذمم أو یقول لی: علیک عشرة فیقول: ما لک عندی عشرة مریداً به نفی العموم و یحلف علی ذلک فإن ظاهر المدعی إثبات کل واحد من العشرة و ظاهر المنکر نفی المجموع و هما مختلفان نعم لو کانت الدعوی علی نفس قدر العشرة جاز ذلک و هل الجواب بالأخص ینفی الأخص لو حلف علیه و تبقی دعوة المدعی فی الباقی أو یقع الجواب و الیمین باطلًا من اصلهما؟ وجهان فلو قال المدعی: أطلبک عشرة فقال المنکر: ما أقرضتنی فحلف فهل تنتفی دعوی القرض و یبقی غیرها أو یسقط هذا الجواب و یمینه و لو أجاب بمجمل الأمرین من العموم و الخصوص أو بمجمل الدلالة الزم بالبیان و لو ادعی علیه بیعاً أو عقداً أو إیقاعاً فهل یصح فی الجواب ان یقول: ما وقع منی بیع صحیح و یحلف علیه أو لا بد من الحلف علی اصل البیع واصل العقد؟ وجهان من حصول البراءة بیمینه لأن غیر الصحیح لا یعتد به و لأن المقصود من دعوی العقد العقد الصحیح و من لزوم مطابقة الجواب للدعوی و مطابقة القسیم للجواب و لحصول الفائدة بالإقرار بالبیع الفاسد فینقلب مدعیاً و الأوجه الأول

ص: 71

إلا إذا أراد المدعی إثبات اصل العقد و لو کان فاسداً لیترتب علیه غرامة الفاسد من ضمان و شبهه و لو أقام المدعی بینة علی دینه فادعی المنکر الإبراء أو الوفاء سمعت دعواه لعدم منافاتها للبینة السابقة لأنها دعوی جدیدة فإن أقام بینة علی دعواه فلا کلام و إلا کان له الیمین علی المنکر و للمنکر الحلف علی نفی خصوص ما ادعاه به و له الحلف علی نفی العموم کأن یقول: و الله ما وقع ما یزیل شغل ذمتک و له ان یحلف علی مثبت بمنزلة النفی کأن یقول: و الله ان حق حقی لباقٍ علیک و جاز الحلف علی الإثبات لأنه بمنزلة النفی و لا یلزم بالحلف علی النفی بالخصوص لإمکان انه وقع إبراء فاسد یخشی من الإقرار به ان ینقلب مدعیاً.

الواحد و العشرون: یثبت بالیمین المردودة أو بالنکول کل ما یثبت بشاهدین

أو بشاهد و یمین إلا فی دعوی الحق فانه لا یکفی فیه بیمین المدعی لعدم توجه الدعوی من المدعی فیه علی المدعی علیه و لا یلزم المدعی علیه بیمین النفی أیضاً لعدم توجه الدعوی علیه لبنائه علی التخفیف و الأمر بالإعراض عن التجسس عنه و قد یمنع القضاء بالنکول أو به مع الیمین المردودة من الحاکم أو القضاء بالیمین المردودة من المدعی فیما لا یثبت بشاهد و یمین من القصاص و الطلاق و العتق لإلغاء الشارع یمین المدعی فیه مع الشاهد فکیف یثبت بمجرده فیلزم المنکر بالیمین و ربما ظهر ذلک من بعض عبارات الأصحاب و الحق بثبوت الجمیع بالیمین المردودة بل بمجرد النکول لعموم أدلة ثبوت الحق بها منه دون تفصیل بنیتها و یدل علی ذلک بالخصوص روایة النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم الواردة فی الطلاق حیث إنها دلت علی انه صلّی الله علیه و آله و سلّم استحلف فی الظاهر.

الثانی و العشرون: لا یجوز حلف یمین واحدة عن دعاوی متعددة من مدعٍ واحد أو من مدعین متعددین

لأصالة عدم تداخل الأنساب واصلة عدم نفوذ الحکم إلا بالمتیقن و المتیقن فی المنصرف إلیه أدلة الیمین هو انفراد کل دعوی بیمینها و لا یتوجه الدعوی علی الوارث بحیث یطلب منه الیمین و علی الوصی أیضاً إلا إذا ادعی علیه العلم بموت المورِّث أو الموروث و ان لم یبرزه بصورة العلم و ان فی یده مالًا من موروثه و یحلف فی الأولین علی نفی العلم و فی الأخیر علی البت مع احتمال جواز حلفه علی

ص: 72

نفی العلم إذا کان المقام مقام اشتباه لبعد دار الموروث عن الوارث و لعدم معرفة أمواله و هل یکفی الحلف بیمین واحدة عن الجمیع مطلقاً أو لا یکفی مطلقاً أو یکفی عن الأولتین دون الأخیرة؟ وجوه أو یکفی إذا رضی المدعی بیمین واحدة و إلا فلا یکفی وجوه أقربها الاکتفاء بیمین واحدة و ذلک لأن هذه الدعوی بالحقیقة دعوی واحدة لا دعاوی متعددة لأن جمیعها یؤول إلی دعوی المال علی المیت نفیاً و اثباتاً و لهذا لو صادقه المدعی علم عدم العلم بالحق أو علی عدم العلم بالموت و لم تکن له بینة علی ذلک أسقطت دعوی و کذا لو اقر له بعدم وجود المال أو بعدم تمکنه منه نعم لو اثبت علیه الأولین الزم بالحلف علی البت علی نفی المال علی الأظهر ما تقدم من الاحتمال.

الثالث و العشرون: إذا ادعی مدعٍ علی الوصی مالًا افتقر إلی إثبات وصایته أو یحلفه علی نفی العلم بأنه وصی

أو علی البت بأنه غیر وصی و افتقر إلی إثبات موت الموصی أو یحلفه کذلک و إلی إثبات المال علی الموصی أو یحلفه علی البت بعدم استیلائه و لا یفتقر إلی إثبات بقائه نعم یکفی فیه یمین الاستظهار مع البینة أو مع إقرار الوصی ثبوت اصل الدین مع احتمال عدم الاحتیاج إلی یمین الاستظهار عند علم الوصی بأصل الدین و کذا الکلام فی الوارث فإن الوارث لو علم جمیع ما ادعاه به سوی بقاء دینه إلی حین المطالبة فهل یجب علیه الدفع من دون یمین أو لا بد من یمین الاستظهار لاثبات بقائه و لکن ظاهر کلام الأصحاب کفایة الإقرار بالثلاثة و هی موت الموروث و شغل ذمته و وجود المال عنده فی لزوم الوفاء و اثبات طلبه و علی کل حال فیکفی الوصی أو الوارث بالجواب بنفی العلم بأحد الأمرین و الحلف علیه و لا یکلف الجواب عنهما معاً و الحلف علیهما و یکفیه الجواب عن الثالث فقط و الحلف علیه علی البت و یکفیه الحلف علی الجمیع بیمین واحدة علی الأظهر کما تقدم و لو ادعی علی الوصی تهمة فأجاب بنفی العلم الزم الحلف علی نفیه و لیس له الرد علی المدعی بأن یحلف إنی أظن فیؤخذ الحق إذ الحق لا یؤخذ بالظن نعم للوارث المتحد ان یفعل ذلک احتراماً للیمین فیبذل ماله علی کل وجه و کذا الحال لو ادعی علی الوکیل المطلق فلا بد من إثبات وکالته و اثبات الدین علی موکله و اثبات انه فی الوفاء و اثبات ان عنده

ص: 73

مالًا للموکل فلو لم یکن عنده بینه لا تتوجه الدعوی علیه و تسمع إلا ان یدعیه بجمیع تلک الأمور و إلا فهی دعوی علی الغیر فلا یصغی إلیها فیحلف علی البت فی نفی الوکالة و فی نفی ان عنده مالًا و علی نفی العلم فی ثبوت طلبه له و هکذا و الحلف علی نفی العلم لا تنافی ثبوت الحق من المدعی بعد ذلک بالبینة و لا تذهب بما فیها نعم لو شرط الحالف علیه ذلک ففی سقوط حکم البینة وجه و لو تکثرت الدعاوی علی شخص کل یرید منه الحلف علی نفی العلم ففی الاجتزاء بیمین واحدة عند رضاهم به وجه قوی أمّا مع عدم رضاهم فالأوجه عدمه.

الرابع و العشرون: لو ادعی علی العبد قیل فالغریم مولاه فی المال و الجبایة و قیل ان الغریم العبد

و قیل ان کانت قصاصاً فالغریم العبد و إلا فالمولی و للفقهاء کلام و اضطراب وفقه المسألة أن یقال ان الدعوی أمّا علی مال معین أو علی ما فی الذمة أو علی جبایة خطأ أو علی قصاص أو علی حق نکاح أو طلاق و شبههما أو علی مال تجارة قد إذن له فیها ثمّ العبد أمّا ان یکون مکاتباً أو لا متبضعاً أم لا قلنا بملکه أم لا ثمّ ان المدعی حر أو عبد مثله مجانس له أو مغایر فالصور کثیرة أمّا لو کان المدعی حراً فإن ادعی العبد و مولاه معاً وجب إحضارهما معاً و لا یکفی حضور مولاه فقط لجواز تعلق الحق به و لو بعد العتق و یکفی ذلک فی لزوم حضوره أو جواب ملکه مالًا لکنه محجور علیه من التصرف إلا بإذن المولی فلا بد من اتفاقهما و کذا لو کانت الدعوی قصاصاً فإنه لا بد من اجتماعهما فإن حضرا و اقرا لزمهما الحق و إن انکرا ورد الیمین معاً لزمهما أیضاً کذلک و کذا لو نکل علی ما تقدم و إن حضر أحدهما فإن حضر المولی فقط و کانت الدعوی قصاصاً فإن کانت للمدعی بینة سمعت و ان لم یحضر العبد إلا ان یقوم احتمال جرح للبینة منه فلا بد من إحضاره بل لا یبعد لزوم إحضاره عند حکم الحاکم بالقصاص بموجب البینة للشک فی نفوذ الحکم مع عدم حضوره و إن لم یکن عنده بینة فإن اقر له المولی له ینفذ إقراره علی عبده فی القصاص لأنه ظلم و امر النفوس عظیم و نفوذ الإقرار مشکوک به لأنه إقرار یعود إلی الغیر و إن عاد إلیه فی الجملة فإن اقر له العبد مع المولی ثبت القصاص علیه نعم یثبت ملک العبد علی قدر الجنایة للمقر

ص: 74

له بالقصاص لأنه ماله و قد اقر بانتقاله و لا حاجة إلی إقرار العبد معه فی ثبوت کونه مالًا لغیره و کذا الحکم فیما لو رد المولی الیمین أو نکل عنها و إن کانت الدعوی جنایة توجب الاسترقاق سمعت الدعوی علی المولی فقط و یقضی علیه باسترقاق العبد باقراره و رده الیمین و بنکوله و کذا لو کانت الدعوی علی مال معین فی یده و قلنا ان العبد لا یملک شیئا و ان قلنا انه یملک لکنه محجور علیه فلا یمضی إقرار المولی و شبهه لتعلق حقه بالمال بل لا بد من إقراره أیضاً و التداعی معه و لو کانت الدعوی علی مال فی الذمة فلا تسمع الدعوی مع المولی لعدم الفائدة حتی لو أقام بینة من دون حضور العبد لأن المولی لا یضمن جنایة العبد فی المال لا فی نفس العبد و لا فی ماله إلا إذا قلنا ان العبد یملک لکنه محجور علیه فإنه لا بد من حضور المولی لمکان الحجر و حضور العبد لمکان الملک و تسمع الدعوی علی العبد و یحکم الحاکم بالبینة و بإقراره علی العبد و لکنه یتبع بالمال عند عود نفسه إلیه کما إذا اعتق أو انعتق فالسید حینئذ لیس مالکاً لذمة العبد الآن فلا منافاة بین مملوکیته بنفسه للمولی و مملوکیة ذمته للغریم و احتمال تجدد اشتغال ذمته بعد العتق بعید جدا لأن الظاهر ان ما بعد العتق ظرف للأداء و المطالبة له لا لشغل ذمته و لو کانت الدعوی نکاحاً أو طلاقاً کانت الدعوی مع العبد فیمضی إقراره و تمضی علیه البینة و الیمین المردودة و النکول إلا ما یعود من ثبوتها ثبوت غرامة علی المولی کالإنفاق علی زوجته و شبهه من ماله أو مال المولی فإنه لا بد من إثبات ذلک علی المولی أیضاً و لو ادعی علی العبد قصاصاً فأقر و انکر المولی لم یمض إقراره و کذا بنیته علی المولی لتعلق حق المولی برقبته حیث إنها ملک له نعم لو اعتق مضی علیه اقراره بالقصاص وقت مملوکیته و لیس من الإقرار من حق الغیر مجرداً حال المملوکیة بل هو إقرار علی نفسه و قد منع من نفوذه مانع حال العبودیة و بعدها یبقی الإقرار سلیماً عن المعارض و کذا لو ادعی علی العبد ضمان مال أو ادعی علیه بما یعود للمال من نکاح أو خلع مأذون بهما.

الخامس و العشرون: مما اعتبر فتوی و روایة انه لا یمین فی حد

و هو نکره فی سیاق العموم فیعم یمین النفی و الیمین المردودة و المنضمة مع الشاهد و یمین الاستظهار

ص: 75

و غیرها و یشمل الحد الإلهی المجرد و المتعلق به حق آدمی کحق القذف و الزنا لو ادعی به المقذوف و المزنی به و ظاهر النفی سقوط اعتباره أصلًا لسقوط الدعوی به من أصلها فلا یترتب الفرع علیها لأنها مبنیة علی التخفیف و المطالب بالحد اسقط اعتباره من دون بینة فلا معنی لسماع ما لم یعتبر حینئذ و لأن الحد مبنی علی دراءة بالشبهة و ترتب أحکام الیمین فیه شبهة فی الحکم و الموضوع و لانصراف الیمین علی من أنکر لمن أنکر فی الحقوق المالیة و نحوها مما یعود للمدعی فیها حق و ظاهر بعض الأصحاب نقل الإجماع علی ذلک علی ان أمر الحد عظیم و قد أمر بالستر به و عدم التجسس و النهی عن الغیبیة و یلحق بالحد التعزیر علی ما یقتضیه عموم الأدلة و نقل عن الشیخ رحمه الله انه ذهب إلی ان الحق لو تعلق للمخلوق به حق کحد الزنا و القذف لو ادعی بهما المزنی به و المقذوف سمع لعموم الأدلة و لحدیث لا ضرر و لا ضرار و لتأدیته إلی ضیاع الحق المخلوقی و فرِّع علی ذلک ان القاذف لو ادعی علی المقذوف انه زنی لزمته الإجابة فإن حلف علی عدم الزنا حد القاذف و ان نکل ردت الیمین علی القاذف و یسقط عند الحد و لکن لا یثبت بیمینه حد علی الزانی و کان ثمرة ذلک تکون الدفاع عن نفسه حیث انه قذف فتوجه علیه الحد فأما ان یلقی الزانی بوبال الیمین الکاذبة أو بالإقرار فیترتب علیه الحد أو بالرد فیسقط الحد عن القاذف و یرد الأول ان العموم منصرف لغیر الحدود لابتنائها علی التخفیف و المسامحة لا ضرار و لا إضرار معارض بمثله لو ثبت الحد بالیمین المردودة أو بالنکول و لا یضیع حق المخلوق بعد ترتب العقوبة علیه کالغیبة و الاستهزاء و الجمیع لا یعارض الروایات المرسلة کمرسلة بن أبی عمیر و البزنطی المنزلة منزلة الصحاح المؤیدة بالشهرة المقارنة للإجماع و بظاهر الکتاب الأمر بالخلل القاذف علی وجه الإطلاق نعم یتوجه ما فرعه الشیخ دفعاً للضرر و الضرار و لحدیث نفی الجرح حیث ان القاذف لما قذف صادقاً فتوجه علیه الحد جاز رفعه بیمین إثبات زنا لرفع الحد لا لإثبات حد و لا بأس بالقول بجواز رفع الیمین الحد الثابت تخفیفاً علی القاذف بخلاف الغیر الثابت فانه مرفوع بتخفیف لله سبحانه فلا حاجة إلی تحلیف المدعی علیه و قد یقال بجواز سماع الیمین لو کان الغرض منه غیر الحد کما إذا

ص: 76

ادعت امرأة علی زوجها انه لاط بأخیها أو زنا بأمها قبل تزویجها أو زنا بها و هی ذات بعل فانه یتوجه علیه الیمین لرفع التحریم لا لاسقاط الحد فإن لم یحلف حلفت هی و بانت منه و لو اجتمع حق المخلوق الصرف مع حق الخالقی جاز الیمین مراعاة للحق المخلوقی إذا لا یمین فی حد أو فیما یترتب علیه حد و الیمین هنا علی أمر قد یترتب علی ثبوته حد و بالجملة فهنا أمر واحد یترتب علیه أمران مخلوقی و خالقی فبثبوته بالنسبة إلی أمر لا ینافی عدمه بالنسبة إلی آخر و کونهما معلولان علة واحدة ممنوع لعدم تسلیم ان العلة فی رفع الیمین هی کلی الزنا بل هو المترتب علیه دون ما لم یترتب علیه أو ان هذه معرفات غیر علل عقلیة أو انه کتبعیض الصفقة یؤثر فی القائل دون غیره و مثل السرقة ما لو ادعت انه زنا بها کرهاً لاستحقاقها مهر المثل و الفرق بین السرقة و القذف و إن کان کل منهما تعلق به حقان ان السرقة تشتمل علی دعویین أحدهما المال و هو راجع للمخلوق فجاز الیمین علیه و الآخر نفس الفعل و الاقدام علی معصیة الجبار بخلاف القذف فإنه لا زمان فیه بل هو أمر واحد و هو الحد قد اقدم علی موجبة جرأة فکل من الخالق عز و جل و من عبده یدعیه فهو أمر یدعیه اثنان و ذلک أمران کل یدعی شیئاً فالحد یدعیه السلطان و المال یدعیه صاحبه.

السادس و العشرون: لو کانت عنده بینة أو جزء بینة فاعرض عنها فطلب یمین المنکر جاز

فإن حلف المنکر ذهبت الیمین بما فیها و إلا جاز رجوعه إلی البینة حتی لو قال: أسقطت حقی من البینة أو اعرضت عنها للشک فی سقوط حقه بعد استصحابه بمثل ذلک و غایة الأمر ان الحقوق المالیة تسقط بالاسقاط فشبه اسقاطها بالابراء دون غیرها و بالجملة فالاعراض لم یثبت به سقوط الحق کما ثبت التملک به فی الأشیاء الحقیرة الواقعة فی الطرق من الحطب و التبن و الحب القلیل أو فیما لا یمکن الوصول إلیه کالواقع فی البحر الذی لا یرجی لصاحبه إخراجه و کذلک الإسقاط لم یثبت فی غیر الحقوق المالیة السقوط به لتنزیله منزلة الإبراء لکونه حقاً راجعاً للمسقط فإذا اسقطه ارتفع المانع عن عمل مقتضی البیع عمله بخلاف البینة فإنها مثبتة بنفسها حق لو

ص: 77

اسقط إثباتها لم یتمکن و أما إقامتها فهو و إن کان حق له لکن یتبع نفس الدعوی فهی کحق الأبوة و الزوجیة لا تسقط بالإسقاط.

السابع و العشرون: الأصل فی ثبوت حق المدعی البینة

لأصالة عدم ثبوت دعواه سواء فی ذلک الخصومة و غیرها و إن کان الأظهر من سیاق الروایات مقام الخصومة خرج من ذلک أمور منها ما یقوم الیمین مقام البینة فیها کمدعی رد الودیعة فانه یقبل قوله فی الرد مع مخالفته الأصل و لأنه لو ترک دعوی الرد لترک و اخذت منه الودیعة باقراره کل ذلک لأنه محسن و ما علی المحسنین من سبیل و للزوم الحرج علی الناس فی عدم القبول إلا بالبینة لتأدیة إلی الامتناع من قبول الودیعة غالباً و ربما قیل انه منکر فی دعوی الرد لموافقته للظاهر من الاستئمان فمنکر الرد مدعی لأن قوله مخالف الظاهر و لأن المودع لو ترک إنکار الرد لترک فهو مدعی بهذا المعنی و هو بعید کما تری و کذا الوصی لو ادعی الإنفاق بالمعروف أو نفس المعروف و کان علی المعتاد و کذا الوکیل لو ادعی فعل ما وکل علیه عند اتهامه بعدمه أو ادعی فیما وکل علی التصرف به و منها منکر القذف فإنه یصدق من غیر یمین و منها لو ادعی أحد علی عبد فی ید سیده انه اشتراه و ادعی العبد انه اعتقه فصدق السید أحدهما لم یحلف لأنه ان صدق المشتری لم یحلف للعبد لعدم نفوذ إقراره بعتقه بعد إقراره انه باعه لأنه إقرار فی حق الغیر و ان صدق العبد لم یحلف للمشتری لأنه لو صدقه بعد ذلک لم یسمع لأنه قد اعترف باتلافه قبل قبضه لأن العتق إتلاف فلا ثمرة للیمین إلی غیر ذلک من المواضع الواردة فی أبواب الفقه یعثر علیها من استقرأها و منها ما یقبل فیه دعوی المدعی من غیر شاهد و لا یمین و هی کثیرة منها دعوی المالک ابدال النصاب فی أثناء الحول لینفی عنه الزکاة و کذا دعوی تلفه و کذا دعوی هبته و ارجاعه و کذا کل دعوی تؤدی إلی رفع الوجوب عنه من تعلق حق به أو عدم التمکن منه و کذا الکلام فی الخمس فیما إذا أدی تلف المال أو ازدیاد المئونة أو الخسارة و منها دعوی نسب أو حسب یستحق به من الحقوق العامة کدعوی الهاشمیة أو دعوی الفقراء و کونه ابن سبیل أو من الغارمین أو من أهل سبیل الله إلی غیر ذلک و الاحوط توقف الأول علی البینة و لا اقل

ص: 78

تصدیقه مع یمینه و کذا فی الثانی ان علم انه ذو مال سابقاً أیضاً أمّا البینة أو الیمین و ان لم یعلم انه ذو مال فالاحوط الیمین علی ما ادعاه من الفقر مطلقاً و منها مدعی بنوة الصغیر و منها مدعی الوکالة أو الولایة علی ما کان تحت یده و منها مدعی تطهیر أو تحلیل ما کان بیده و منها مدعی فعل الواجب الکفائی فإنه یسقط عن غیره بدعواه مطلقاً و منها دعوی دفع الحق العام إلی أهله من خمس أو زکاة و منها دعوی نقصان الخرص لینقص ما قرر له من الزکاة علی موجب نقصان الخرص و تسمیة مدعٍ لمخالفة الظاهر و تصدیقه لأنه أمر یرجع إلیه و منها دعوی ما لا یعلم إلا من قبله کدعوی فراغ العدة من حیض أو طهر و منها دعوی الضرة انه الولد دفع الذی إلیها و منها منکر السرقة بعد اقراره مرة و ان خالف الظاهر فإنه یسلم من القطع و کذا منکر الزنا بعد إقراره ما لم یبلغ النصاب و منها دعوی السارق هبة المالک للسارق لیسلم من القطع و منها دعوی الإکراه علی موجب الحد أو علی الإقرار به فإنه یصدق و إن خالف الظاهر فیسقط عنه الحد للشبهة و منها دعوی الجهالة مع امکانها فی حقه کدعوی الغریب الغبن و هو مدعی لأنه یترک لو ترک و لکنه منکر لموافقته للأصل و الظاهر و منها دعوی المجردین فی ثواب واحد لیرتفع موجبه الشرعی و منها دعوی تقدیم العیب مع شهادة الخال به و هو مدعی إلا بموافقته الظاهر فإنه منکر و منها دعوی من رمی بالاحتکار انه احرزه للقوت و منها دعوی الغلط فیما دفع زیادة عن الحق دون التورع فإنه مدعٍ لمخالفته للظاهر و لأنه لا یترک لو ترک و الأوجه ان یقال ان مدعی التبرع هو المدعی لمخالفة الأصل بل و الظاهر لبعد التبرع فی مقام الوفاء و المعاوضة فإن اظهر دعواه بدعوی الجزم لزم المدعی الغلط الیمین و لو أبرزها بصورة التهمة فقبول قوله بمجرد دعواه الغلط مع حصول الدفع و القبض من المدفوع إلیه مشکل و منها لو کان لأحد علی آخر دین فدفع إلیه مالًا و ادعی انه وفاء و قال القابض انه هبة فإنه یصدق قوله من غیر یمین لأنه أبصر بنیته و فیه أیضاً إشکال لأن تصدیقه مع شک المدفوع إلیه لا بأس به و یلزمه ذلک و أما مع قطعه بالهبة و التبرع فإنه مدعٍ و یکون هو منکر لما ادعی لموافقته الظاهر فالیمین علیه حینئذ و منها دعوی الکافر انه من أهل الکتاب لتؤخذ منه

ص: 79

الجزیة و یعصم دمه و ماله فإنه یقبل بلا بینة و لا یمین لأنه أمر لا یعلم إلا من قبله و لأنه یدرأ الحد بقوله و منها دعوی تقدم الإسلام علی الزنا بالمسلمة فإنه و ان خالف الأصل و لکنه درأ للقتل عنه و منها دعوی الصوم و الصلاة و جمیع العبادات لیدفع عنه التعزیر و هذا لا کلام فیه و منها دعوی صحة العمل المستأجر علیه المشروط بالبینة لأنها أمر لا یعلم إلا من قبله و أما اصل تأدیة العمل فیصدق العدل الثقة فی إخباره بتأدیة ما استأجر علیه من العبادات الصرفة لرجوع صحتها و فسادها إلی نفسه فلا عبرة الصوم کالصوم و الصلاة و نحوهما و السریة علی ذلک و فی تصدیق غیر العدل وجه قوی و السیرة أیضاً قاضیة به و منها دعوی مالک الدار ما یدفن فیها لو نازعه المستأجر و المستعیر علی المشهور نقلًا و فیه إشکال بل قد یقال لا بد فیه من الیمین ان لم نقل بالاحتیاج إلی البینة أو القسمة بین المتنازعین و الأوجه ان یقال ان الأیدی المترتبة بین الملاک و المستأجرین و المستعیرین یحکم فیها لصاحب الید الحالیة و هی المتأخرة مع یمینه و علی المتقدم البینة ان المدفون له إلا ان تقوم قرینة ظاهرة علی التقدم فیکون مدعی التقدم موافق قوله للظاهر فیسمع قوله بیمینه و ان کانت الأیدی المترتبة بین ید مالک سابقة و مستعیر لاحقة فهنا یقوم احتمال تقدیم الید المالکة لقوتها و احتمال الید اللاحقة لتأخرها و حینئذ فلا بد للید المالکة أمّا من بینة أو من یمین علی ما ادعاه و للأصحاب فی ذلک قولان و منها دعوی الذمی الإسلام قبل الحول لیتخلص من الجزیة فإنه لا یفتقر إلی یمین و ان خالف الأصل لأنه أمر من حقوق الله تعالی و لا یعلم إلا من قبله و منها دعوی الولد البلوغ بالاحتلام فانه یصدق من دون بینة و لا یمین لمکان الضرورة و إن کان الأصل عدمه و أیضا تصدیق قوله موقوف علی بلوغه فیدور و الظاهر ان الحکم بذلک من قبیل المسلمات و یمکن القول بالاحتیاج إلی الیمین لأن الظاهر الضرورة تقدر بقدرها و کان اللازم الافتقار إلی البینة کادعاء الانبات و العدد و لما عسر الاطلاع علی الاحتلام اکتفی فیه بالیمین و دعوی ان الاحتیاج إلی الیمین موقوف علی ثبوت بلوغه حق یظن عدم جرأته علی الکذب فلو ثبت بیمینه البلوغ دار مردود بحصول الظن علی عدم الإقدام من کثیر من الممیزین علی الیمین الفاجرة

ص: 80

فیقوی الظن بصدق قوله و منها دعوی الحربی النابت علی عانته شعر انه انبته بعلاج فإنه یصدق قوله من دون یمین و لا بینة و ان کان مخالفاً للظاهر و الأصل لأنها دعوی تدرأ عنه القتل لمکان الشبهة و لا مطالب بها سوی الله تعالی فیصدق قوله و یؤسر و إن لم یقر بالشهادتین و لا یثبت علیه قتل بالکلیة و منع المحقق من قبول قوله إلا بالبینة لمخالفة قوله للظاهر و هو قوی و رجح بعض توجه الیمین علیه اقتصاراً فیما خالف الأصل علی القدر الضروری و لا بأس بتحلیفه فإذا امتنع قتل و احتمال تأدیة الیمین إلی ما یلزم من وجوده عدمه بتحلیفه فلا یثمر تحلیفه ثمرة سیما هذه الثمرة العظیمة و هی ترتب القتل قد تقدم وجه ضعفه و منها ما ذکره بعضهم ان مدعی البلوغ یقبل قوله مطلقاً و هو بعید و الأوجه الافتقار إلی البینة فی غیر دعوی الاحتلام و الشهید رحمه الله ضبطها عن بعض بأن کل ما کان بین العبد و بین الله تعالی و لا یعلم إلا منه و لا ضرورة فیه علی الغیر أو ما تعلق بحد أو تعزیر و لا بد من التأمل فی الضابط و فیما ذکرناه لإمکان المناقشة فی جملة منها بعدم افتقاره إلی البینة أو إلی الیمین أو إلیهما معاً و غیر ذلک و هل المراد بالتصدیق لزومه علی من سمع أو جواز امضائه و إلا فلو نازعه منازع فیه لزمته البینة فی موضع و الیمین فی آخر وجهان و الثانی هو الأوفق بالقواعد و عمومات الأدلة حتی ان فی بعضها لو استراب الحاکم کان له تحلیفه.

الثامن و العشرون: یعتبر فی الیمین نیة المحلف من الحاکم أو المدعی

بمعنی ان ما حلفه علی نفیه بظاهر الخطاب کان هو المجزی و هو یمین الغموس الذی یذر الدیار بلاقع و اراد الحالف غیر الظاهر موریاً بقوله و یمینه لا تجدیه و یدل علی ذلک الروایات الدالة علی ان الحالف إذا کان مظلوماً تکون الیمین علی نیته و بالعکس علی نیة المحلف و کذا کلام الأصحاب و لا یتفاوت بین علم الحاکم أو المدعی بتوریته حین الیمین أو علمهما بعده أو عدمه مع احتمال ان الحاکم إذا علم التوریة من الحالف لم یقنع بیمینه حتی یکرره إلی ان یجهل کونه موریاً أم لا هذا کله فی یمین المنکر أمّا یمینه المردودة فیقوی أیضاً فیها ان النیة نیة الراد لها فثبت حق المدعی و ان علم الحاکم توریته و کذا یمین الاستظهار و المضمومة مع الشاهد إلا ان الأقوی ان یکون الحاکم علیه الیمین عند

ص: 81

العلم بتوریة الحالف بقصد غیر لفظ الجلالة أو بقصد غیر المعنی المقسوم علیه إلی ان لا یعلم انه مورّی حین الیمین أمّا لو علمت التوریة بعد صدور الیمین أو بعد الحکم ففی جواز تجدید الدعوی و قیام البینة و نقض الحکم إشکال.

التاسع و العشرون: لو ادعی الوصی أو الحاکم فیمن لا وارث له أو الوارث بدین علی رجل علماً أو تهمة سواء کان معه شاهد واحد أم لم یکن لزم المدعی علیه بالیمین

و حبس حتی یحلف أو یقر لعدم إمکان الیمین من المدعی مع الشاهد و بدونه مع التهمة قطعاً و مع العلم لا عبرة کما قدمناه و یلزم من ذلک جواز الحکم بتضییع الحق و هو بعید و قد یقال ان الحبس عقوبة لم یثبت موجبها فیقضی علیه بالنکول من غیر حاجة إلی رد یمین و هو قوی لدوران الأمر بین تضییع الحق علی المدعی أو تکلیفه بالیمین و الأول بعید و الثانی یلزم منه ان یحلف الإنسان لإثبات مال غیره و هو خلاف القواعد نعم یمکن ذلک من الوارث لعدو المال إلیه فإذا قطع بالدین حلف علیه؟؟؟ إلیه و یظهر من المحقق وقوف الدعوی بل عدم سماعها و هو بعید و لو کان المدعی وصی الیتیم ففی إلزام المنکر بالیمین أو لزوم تأخیر الدعوی إلی أن یبلغ فلعله یحلف أو تحلیفه ثمّ بعد بلوغ الطفل یحلفه مرة أخری وجه أوجهها الوسط مع الغبطة و لو رأی الغبطة بغیر ذلک جاز.

الثلاثون: ترکة المیت مع الدین المستغرق أو ما قابل الدین من ترکته من غیر المستغرق تبقی علی حکم مال المیت

إلا ان یوفی منه دینه و ان جاز للوارث الوفاء منها أو من غیرها وفاقاً للأکثر و قیل تنتقل إلی الورثة و لکن لا یجوز له التصرف فیها إلا بعد الوفاء و الإبراء أو إذن الغرماء و الأظهر الأول لظواهر الأدلة من الکتاب و السنة حیث جعلت ملک الترکة بعد الموت القاضی به اللام الظاهرة فی الملک أو الاستحقاق بعد الوصیة و الدین و دعوی ان اللام مستعملة فی الملک المستقر دون المتزلزل بعید عن ظاهر الاستعمال و صرف للفظ عن ظاهره من غیر موجب له و فی الموثق فیمن علیه حق الزکاة قال: یخرج ذلک من جمیع المال إنما هو بمنزلة دین لو کان علیه لیس للورثة شی ء حتی یؤدوا و أما أوصی به و من الزکاة فالمشبه به و هو الدین أقوی فی الحکم

ص: 82

حینئذ و أیضا فاقتران الدین بالوصیة یقتضی تساویهما بمعنی اللام و لا ملک للورثة مع الوصیة لکذا الدین و المراد بأوهنها الإباحة لا التخییر المانع من الجمع فهی بمنزلة الواو و ما استدل به القائلون بالانتقال إلی الورثة من لزوم بقاء ملک بلا مالک مردود أولًا بامکان ملک المیت کالملک علیه و لا نعنی بالملک سوی انتساب مال إلی شخص لا یتمکن غیره من التصرف فیه بغیر ما یعود إلیه من وفاء دینه و نفوذ وصایاه و نحو ذلک و هذا شی ء لا ینافی الموت کما لا ینافیه فی دیته و فیما تحوزه آلة صیده بعد موته بل قد یلتزم بالملک الحقیقی للمیت لبقاء نفسه فی غیر جسمه کما ورد فی الأخبار و ثانیاً نلتزم بقاء المال من غیر مالک للأدلة الصارفة عن ملک الوارث و عدم الدلیل علی غیره و لا لزوم شرعی أو عقلی بین المال و بین حصول المالک نعم تجری علیه أحکام المیت شرعاً و هو لا یدل علی الملک بل غایته یکون بحکم مال المیت لا ملکه و الله هو مالک الأشیاء و قد ورد فی الصحیح فی دیة المقتول انه یرثها الورثة علی کتاب الله و سهامهم إذا لم یکن علی المقتول دین و فی الأخبار المطلقة فی باب الفلس الدالة علی ان من وجد عین ماله فهو أحق به ما یشعر به علی ان دعوی انتقال ما أوصی به المیت من حج أو صدقة أو هبة أو وصیة لغیره قبل قبولها و کذا مؤن تجهیزه و ما أوصی بوقفه أو ببقاء عینه و اخراج منفعته للوارث فی جمیع ما ذکرناه مما یستبعده العقل و الشرع فلأن قلت: ان المیت لا یملک قلنا: لا یملک الترکة فی جمیع ذلک أحد و لکنه یجری علیه حکم الأملاک العائدة إلیه و بالجملة فالظواهر نافیة رجوع الملک للورثة و تظهر الثمرة بین القولین فی النماء فعلی القول بانتقال الترکة إلی الوارث النماء ملکاً له و علی القول بعدمه یبقی علی حکم مال المیت فیوفی منه دیونه و تنفذ وصایاه؟؟؟ ثمّ علی أی تقدیر و سیما علی القول بانتقالها إلی الوراثة فهل تعلق حق الغرماء فیها قبل وفاء الدین تعلق مستقل لانفراده عن تعلق غیره مرة و کونه مثله أخری أو کتعلق الرهن بید المرتهن أو کتعلق ارش الجنایة برقبة الجانی و تظهر الثمرة فیما لو اعتق الوارث أو باع فانه لا ینفذ علی الأول لمکان الحجر علیه دون الثانی و قد یعین الأول دعوی الإجماع علی منع الوارث من التصرف فی الترکة فلو کان التعلق کجنایة الخطأ لجاز للوارث التصرف و الظاهر انه

ص: 83

علی القول ببقاء الترکة علی حکم مال المیت تکون بمنزلة الرهن لبقاء ذمة المیت مشغولة فی الباقی فلا یمکن ان تکون کتعلق ارش الجنایة نعم یمکن حصول الثمرتین بالنسبة إلی الوارث و إن کانت الترکة فی حکم مال المیت و علی کل حال لو ظهر منع الامتناع عن الوفاء بطل تصرفه أمّا کشفاً من اصله أو بطلاناً من حینه و لو کان الدین غیر مستغرق کان ما قابل الدین بمنزلة الرهن أو ارش الجنایة و یحتمل صیرورة جمیع الترکة و هنا بید الدیان و هو قوی و یوافقه ظواهر الأدلة کتاباً و سنة و علی کلا القولین فالمقطوع به فی کلامهم ان المحاکمة للوارث ابتداء سواء ملک أم لا لأن الملک یعود إلیه فعلا أو قوة لو کان المیت هو المالک لأن ملک المیت یعود إلیه فهو قائم مقامه و لأنه لو ابرأ المیت عاد إلیه الملک و قد یؤخذ کون المحاکمة إلی الوارث دلیلًا علی ملکه و قد یختص بالإجماع فلو کان للمیت دین طالب به الوارث و أقام بینة فإن کانت الدعوی علی میت آخر حلف الوارث یمین الاستظهار فی مقام علمه لعود المال إلیه فإذا حلف المنکر یمین النفی ذهبت الیمین بما فیها و لیس للدیان مطالبة بعد ذلک أو تحلیفه و لا تجوز مقاصة للغریم لذهاب حقه بیمین النفی الذی استوفاه الوارث مع احتمال ان للدیان مطالبة و مقاصة لتعلق حقه بالدین فلا یزول بتحلیف الوارث نعم لو ترک الوارث الدعوی مع الغریم فللدیان ان یدعیه و لو قلنا ببقائها لتعلق حقه به و إن کان مال غیره علی حکم مال المیت ان یدعو غرماءه و ان یحلفوهم و ان یقیموا بینة علی دین المیت لیستوفوه لهم و إذا حلفوا للوارث لم تذهب الیمین بما فیها بل للغرماء تجدید الدعوی کما إذا حلفوا للغرماء کان للوارث تجدید الدعوی و لا تذهب الیمین بما فیها و یجوز للوارث ان یحلف الیمین المردودة و یثبت بها الحق لو قلنا بانتقال الترکة إلیه و ان لم نقل فوجهان و الأظهر بل المقطوع به فی کلامهم جوازه و أما الغرماء فعلی القول بانتقال الترکة إلی الوارث لیس لهم الیمین لأنه لا یجوز الحلف عن غیر المالک و لا یجوز للإنسان ان یحلف علی إثبات مال لغیره و ان لم نقل بانتقالها إلی الوارث ففی جوازها لعود النفع إلیهم و ان کانت علی حکم مال المیت أو عدمه لعدم کونها ملکاً لهم فیکون الیمین لاثبات مال الغیر وجهان و لو امتنع الوارث من الدعوی علی الدین فهل للدیان

ص: 84

اجباره علی الدعوی و تحلیف المنکر ورد الیمین علیه؟ لو کان عالماً أو لیس له ذلک بل له الاستبدال بالدعوی ابتداء لکونها من الأمور الحسبیة و من الأمور المتعلقة به العائد نفعها إلیه وجهان و الأخیر أقوی و لو ثبت الدین فامتنع الوارث من استیفائه جاز للدیان المطالبة به بإذن الحاکم أو مطلقاً و الاحوط الأول و لو حلف غریم المیت لغریمه علی النفی فی مقام لا یدعیه الوارث ثمّ بعد ذلک ادعاه الوارث فرد علی الوارث الیمین فحلف الوارث الیمین المردودة جاز للغریم الأخذ من ید الوارث و فی جواز أخذه من غریم المیت وجهان من ثبوت رجوعه إلیه و من انه قد ذهبت یمینه بما فیها و الأوجه الأول لأن الذی ذهبت الیمین به غیر الذی اثبته الیمین المردودة لأنه حق جدید صار له.

الحادی و الثلاثون: لو علم المدعی بغیر ماله عند المدعی علیه طالبه فإن امتنع من أدائها جاز للمدعی أخذها قهراً

و لو بمعونة الظالم و لو ظلمه الحاکم بأخذ غیرها و لکن لا تجوز مساعدته علی ظلمه له و لو توقف علی کسر قفل أو تخریب معمور جاز للمدعی و ان اجحف الضرر و قلت قیمة العین لأنه هو الذی ادخل الضرر علی نفسه و لو توقف علی قتل نفس محترمة أو إثارة فتنة حرم علیه أخذها ترجیحاً للنفس علی المال و لو توقف تخلیصها علی کذب جاز و کذا لو توقف علی التداعی عند قضاة الجور جاز و النهی عن الرجوع إلیهم محمول علی عدم الاضطرار لتخلیص الحق و لو کان حق المدعی قصاصاً اقتص منه و لو کان حداً توقف علی حکم الحاکم لعدم جواز استبداد غیره بالحدود و لو کانت الدعوی دینا فان بذل المدعی علیه الدین توقف الاستیفاء علی اذنه لتجیزه بجهات الوفاء لأنه مخیر فی تعین المدفوع وفاء و ان امتنع فإن لم یکن اثباته عند الحاکم لعدم البینة أو اقرار الخصم أو أمکن و لکن لا یقدر الحاکم علی الاستیفاء و لا علی الأذن له فیه جاز له مقاصة بقدر ماله من حبس ماله مهما أمکن و إلا اخذ حقه و أرجع الزائد و کان الزائد أمانة فی یده یجب علیه ارجاعها فإن امکنه فذاک و ان لم یمکنه ارجاعها و لو تخفیة لخوف أو تقیة انتظر زوالهما فإن قطع بعدم زوالهما کان حکمهما کحکم مجهول حکمه التصدق به و الأولی استئذان الحاکم

ص: 85

بذلک و ان کان مخالفاً فی الحبس فإن نواه وفاء ملکه بقبضه فإن کان فیه زائداً ارجعه و کان أمانة فی یده فإن نوی بیعه واخذ ثمنه وفاء جاز و فی ضمانه له مع التلف قبل البیع وجه قوی لأنه بمنزلة المقبوض بالسوم و یحتمل عدم الضمان للأصل و ضعف القیاس و ان امکنه اثباته عند الحاکم و الاستئذان منه فی المقاصة أو تولی الحاکم جبر الممتنع فإن فعل ذلک فلا کلام و ان لم یفعل فهل تجوز له المقاصة و الاستبداد بهما للأصل و لعموم من اعتدی علیکم فاعتدوا علیه و جزاء سیئة سیئة مثلها أو لا تجوز له اقتصاراً فیما خالف الأصل من جواز التصرف لمال الغیر المنهی عنه علی المتیقن و هو استئذان الحاکم لأنه قائم مقام المالک و لقوله تعالی: (فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَی اللّٰهِ وَ الرَّسُولِ) (النساء: من الآیة 59) و لأنه منصوب لهذه المصالح و نظائرهن وجهان أقواهما الأول و احوطهما الأخیر سیما لو توقفت المقاصة علی إتلاف شی ء من مال المقام و سیما لو کان الامتناع لجهل منه فی کونه مدیوناً بل لا یبعد فی الأخیر لزوم الرجوع إلی الحاکم و اثبات دینه مهما أمکن و لا یجوز له الاستبداد إلا مع عدم إمکان الرجوع إلی الحاکم بل قد یقال ان المنکر لجهل لا یجوز إتلاف مال علیه و ان قل عند المقاصة و لا کسر قفل لعدم عدوانه و عدم ذهاب حرمة ماله و لیس للمقاص سوی اخذ مال بمال و فی جواز المقاصة من الودیع عند الرجل قولان ینشأ ان من تعارض الأخبار جوازاً و منعاً و من اصل الإباحة و حرمة التصرف و الأقوی الکراهة لقوة دلیل الجواز فحمل أخبار النهی علی الکراهة أولی.

الثانی و الثلاثون: کل ما تعلقت به دعوی مسلم من دون معارض خاص أو عام کالحاکم أو أمینه فیما له فیه الولایة فهو له

من غیر بینة و لا یمین و فی الخبر المعتبر فی کیس بین عشرة ادعاها أحدهم دون الباقین قال: هو له و یصدق مدعی الوکالة البیع ما تحت یده و ان علم انه للغیر و کذا مدعی الوصایة و الولایة علی الیتیم إذا لم یکن له معارض نعم للحکام فی الأمور العامة إذا استراب فیمن ادعی ولایة علی وقف أو ولایة علی یتیم الدعوی مع المدعی لعود الوکالة و الولایة إلیه بل له ان یدعی من

ص: 86

ادعی وصایة أو ولایة إجباریة أو وکالة فی أموال الغیب أو غیر ذلک حبسه إذا استراب من المدعی لکونه منصوب للمصالح و النظر فی الأمور العامة.

الثالث و الثلاثون: کل ما وقع فی البحر من سفینة أو من شخص أو انکسرت سفینته

کما هو منطوق الروایة و النهر الکبیر و المیاه الکثیرة کالبحر تنقیحاً للمناط ان علم إعراض أهل عن ملکه القابض له بعوض أو بغیره خارج البحر أو داخله کما هو الشأن فی المال المعوض عنه من تبن أو آجر أو حطب یقع فی الطریق أو حب یتناثر و قد یقال ان الأعراض غیر مخرج عن الملک للأصل غایته انه مبیح للآخذ فلا یملکه الأخذ و لصاحبه إرجاعه إلا ان هذا خلاف ظاهر الفقهاء و ان لم یعلم إعراض أهله عنه فما أخرجه الساحل أو خرج إلی البر مطلقاً فهو لأهله للأصل و الروایة الدالة علی ذلک و ما خرج بالغوص فهو لمخرجه أخذاً بالروایة المعتبرة الدالة علی ذلک و هی أمّا مبنیة علی بذل أهله و اباحته لمخرجه من غیر نظیر للإعراض أو انه لا یخرج عن الملک لمن غاص علیه دون ما قضی الله برجوعه إلی أهله و لا بأس بحصول الأعراض فی حال دون حال أو استنادا للروایة تعبدا لحصول الأذن من المالک الحقیقی و بالجملة بعد ورود الروایة انه المشتهر مضمونها فتوی و المنقول الإجماع علی حکمها لا محیص عن العمل بمقابل قد یقال ان ما أخرجه البحر یعود لأهله و ان علم اعراضهم عنه سواء قلنا ان الإعراض مخرج للملک عن ملک صاحبه أو قلنا انه تمسکاً لظاهر الروایة الناطقة بذلک علی اطلاقها.

القول فی الشاهد و الیمین و الکلام فی أمور

أحدها: قضی رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم و الأئمة من بعده بالشاهد العدل و الیمین

من صاحب الحق للأخبار و الإجماع و لا إشکال فی الحکم إنما الکلام فی مورد القضاء و الأخبار جاءت علی أقسام و أکثرها من بابا حکایات الأحوال و بضمیمة دلیل التأسی یثبت المطلوب و لکن فی روایة درع طلحة حیث ان علیاً استدل علی شریح بفعل النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم ما یقضی بالعموم فی الجملة و کذا روایة محمد بن مسلم فهنا ما دل علی القضاء بالشاهد و الیمین و بالشاهد و یمین صاحب الحق کصحیحتی حماد بن عیسی

ص: 87

و حماد بن عثمان و صحیحتی منصور بن حازم و عبد الرحمن البصری و منها ما دل علی القضاء به فی حقوق الناس و ما کان من حقوق الله عز و جل فلا کصحیح محمد بن مسلم و غیره و الأقوی عدم اختصاصه فی الدین کجملة من الروایات المعتبرة و فی بعضها فی الدین وحده و أکثرها اثباته فی الدین فقط و منها ما دل علی القضاء به و إن أمکن القول کقاعدة حمل المطلق علی المقید و لنقل الإجماع علی الاختصاص کما ذهب إلیه الشیخ و بعض من أصحابنا إلا انه معارض بالإجماع المنقول علی عدم الاختصاص و فتوی المشهور حتی کاد ان یکون إجماعاً و بان الروایات الحاصرة فیه علی الدین ضعیفة و الصحیح منها خالی من الحصر و مفهوم اللقب غیر حجة و بان الدین قد یطلق علی کل حق مالی بل مطلق الحقوق کما یظهر من مجمع البحرین و قد حمل العلامة کلام الشیخ بسقط الدین علی إرادة المال فیدل علی استعماله فیه و خبر درع طلحة أقوی شاهد علی عدم الاختصاص بالدین کما ان الأقوی عدم شموله لکل حق مخلوقی و ان لم یکن مالًا کما دلت علیه بعض الأخبار حیث قصرته علی حق الناس و مال إلیه بعض المتأخرین و ذلک للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب علی اختصاصه بالمال و تشهد له الأمارات الدالة علی استعمال الدین فی المال و کذا ظهور لفظ الحق فی المال دون سائر الحقوق و العمدة فی قصره علی دعوی المال أو ما کان المقصود منه المال هو إجماع الأصحاب نقلًا بل قد یدعی تحصیلًا فیخص بذلک عموم ما دل علی القضاء به مطلقاً و لا اقل من الشک المعتبر فی عموم العموم و ضعف الظن بعمومه فیعود کالمجمل و الحکم مخالف للأصل فیقتصر فیه علی المورد المشمول للدلیل المعتبر دلالة بل قد یقال ان اکثر الأخبار حکایة فعل لا عموم فیها فیؤخذ بالفرد الیقینی و لیس من القول المطلق کی یستند إلی إطلاقه نعم فی صحیحة محمد بن مسلم ما یقضی بالإطلاق قوله: لو کان الأمر إلینا لأجزنا شهادة الرجل مع یمین صاحب الحق و لکن لا یعارض ما قدمنا.

ثانیها: لا یثبت بالشاهد و الیمین ما کان من حقوق الله تعالی

حداً و غیره کرؤیة هلال و نحوه و لا ما کان من حقوق الناس ما لیس مالًا أو ما لیس المقصود منه

ص: 88

أصالة المال فیثبت به الغصب المالی و الوصیة و القرض و الدین و البیع و الشراء فإن المقصود فی البیع و الشراء الملک و التملیک للبیع و الثمن و کذا الإجارة و الوصیة و بالجملة فما کانت الدعوی فیها علی المال عرفاً و کان المقصود منها ذلک و ان عبر فی الدعوی عنه بلفظ عقد أو إیقاع أو فعل أو ترک و ما لم تسم عرفاً الدعوی فیه علی المال کالوصایة و الوکالة و النسب و الطلاق و الرجعة و عیوب النساء و الولاء و القصاص و الرضاع و الولادة و العتق و الکتابة و التدبیر فلا تثبت بهما و ان ترتب علیها مال کما یترتب علی الأولین الجعل و علی الثالث الإرث و النفقة و علی الرابع تنصیف المهر أو سقوط النفقة و علی الخامس النفقة و علی السادس البراءة من المهر أو رد مثله أو قیمته و علی السابع الإرث و العقل و علی الثامن التراضی بالمال و علی التاسع غرامة المهر و نحوه و علی العاشر ثبوت المیراث و علی الباقی فک المال و انتقاله لأن المال و إن صح ترتبه علی الدعوی إلا ان المقصود منها غیره لأن المقصود فی الأولین دعوی ولایة و تصرف و فی الثالث دعوی اتصال ابوة و بنوة أو اتصال إلی ثالث و فی الرابع فک عقدة النکاح و فی الخامس عود النکاح و فی السادس إثبات صحة الفک و فی السابع عقدة السبب و فی الثامن صحة القتل و فی التاسع نشر الحرمة و فی العاشر الاتصال و فی الباقی التحریر و الخلوص من الرقیة إلی غیر ذلک نعم لو ابرز المدعی دعواه بنفس المال فقال: لی مال من نفقة أو من میراث أو جعل أو غیر ذلک نعم وقع الخلاف فی ثبوت النکاح و الخلع و العتق بأقسام و الوقف بهما فبین مانع فیما عدا الأخیر کالشیخ و الحلی و بین مانع فی النکاح کما ذهب إلیه الدیلمی و الشهید و نسب فی النکاح للمشهور لأن المقصود منه الإحسان و إقامة السنة و کف النفس عن الحرام و النسل و المهر و النفقة تابعان لذلک و فصل بعضهم فیه بین دعوی المرأة فتثبت بهما تضمنها المهر و النفقة و دعوی الرجل فلا تثبت بهما للأصل و ذهب إلیه فی؟؟؟ و؟؟؟ و بین متوقف فیه کالدروس و الشرائع قیل و القائل بالقبول مطلقاً غیر معلوم و بین مانع فی الخلع کالفاضل و الشهید و غیرهم و نسب للأکثر و فصل فیه؟؟؟ و؟؟؟ بین دعوی الامرأة فالمنع و بین دعوی الرجل فالقبول لتضمنها المال و بین مانع فی العتق و نسب للمشهور

ص: 89

لأن الدعوی علی الحریة و قیل یثبت بها لتضمنه المال لأن العبد یدعی زوال مال المولی و ظاهر اللمعة عدم الخلاف فی منع ثبوت التدبیر و الکتابة لهما و بذلک صرح فی الروضة و الظاهر ان البحث آتٍ فیهما و فی الدروس ما یدل علی انهما بحکم العتق و اختلف کلام العلامة ففی کتاب العتق قطع بثبوتهما بهما و فی هذا الباب قطع بعدمه و بین مانع فی العتق أمّا مطلقاً کالشیخ فی الخلاف أو مع عدم انحصار الموقوف علیه کالشهیدین و بین مجوز له مطلقاً فی؟؟؟؟؟؟ و الحلی و غیرهم و مبنی الخلاف علی ان انتقال الموقوف إلی الموقوف علیه أم إلی الله تعالی و الأول مع الانحصار و الثانی مع عدمه أو یبقی علی ملک الواقف و الاکثر علی الأول حتی قیل انه المذهب بل نقل علیه الإجماع و لجریان جمیع أحکام الملک للموقوف علیه لضمانه بمثله أو قیمته عند تلفه لهم و جواز تصرفهم به کتصرف الملاک و المنع عن بیعه لا ینفی الملکیة کالمنع من بیع أم الولد و بالجملة فلا یخرج عن مسمی دعوی المال أصالة و تبعاً و یمکن القول بأن الخلع و الطلاق بعوض و الجهالة فی الوکالة و الوصایة و النکاح و المکاتبة و النسب و القتل و نحوهما یثبت بالشاهد و الیمین فیها نفس المال و ان کان المقصود فیه تبعاً و الدعوی غیر منطبعة إلیه ابتداء و لا یثبت غیر المال و ان کان هو المقصود الأصلی من الدعوی فیکون بمنزلة تبعیض الصفقة و بالجملة فالأصل قبول الشاهد و الیمین فی حقوق الناس لا ما أخرجه الدلیل لأن الأصل العدم حتی یثبت ان الدعوی أصالة علی المال أو ان یکون المقصود منها المال.

ثالثها: یشترط تقدیم شهادة الشاهد قبل الیمین و إقامتها

و کذا تعدیله فلو وقعت الیمین قبل ذلک کانت لاغیة و یفتقر إلی إعادتها قبل ذلک بل لو وقعت مقارنة للشهادة کل ذلک لظاهر إطباقهم و للأصول القاضیة بالمنع من القبول سوی ما دل علیه الدلیل و إطلاق النصوص و ان قضی بالثبوت علی الإطلاق إلا ان التقدیم الذکری و الاستمرار علیه فی کل الروایات و قوله علیه السلام: ابدأ بما بدأ الله و کلامهم کلام الله و إشعار الواو بالترتیب فی اکثر المقامات کل ذلک بمعونة فتوی الفقهاء و فهمهم یقید ذلک الإطلاق و یصرفه إلی الترتیب علی ان الإطلاق جی ء به لبیان القضاء لا لبیان

ص: 90

کیفیة الأداء فیضعف الاستناد إلی الإطلاق و لأن حجة المذکور الیمین لضعفه و قوة المنکر فإذا کان ضعیفاً کان متمما حقة التأخیر و لأن اکثر الأخبار من قضایا الأحوال فلا عموم فی کیفیاتها و لم یدر کیف وقعت لمکان الواو فیؤخذ بالفرد المقطوع به و هو تقدیم شهادة الشاهد نعم فی صحیحة محمد بن مسلم ما یدل علی العموم و فی خبر درع طلحة ما یشعر به من حیث الاستدلال علی شریح علی وجه یشیر إلی ذلک فإذا عجز المنکر عن الجرح حلف المدعی بل له ان یحلفه ثمّ یطلب الجرح من المنکر فإن جرح و إلا حکم الحاکم.

رابعها: لا یحلف المدعی مع الشاهد لیثبت مالًا لغیره

اشارة

فلا یحلف الوصی لیثبت مال الموصی لا الولی لیثبت مال المولی علیه و لا الحاکم المدعی مع الشاهد لیثبت مالًا لا الجهات العامة و لا الحسبیة لإثبات مال من ادعوا عنه حسبه و لا الغریم إذا ادعی مالًا للمیت علی آخر بل الیمین علی الوارث و لا المرتهن لإثبات مال الراهن کل ذلک لظاهر الاتفاق بعد الأصل و انصراف الإطلاق إلی المدعی نفسه فلا یستند إلیه فی شمول حکم الیمین لکل مدعٍ.

فائدة: هل الیمین شرط فی قبول شهادة الشاهد أو جزء من الحجة

الظاهر الثانی لظاهر الأدلة لأن استناد القضاء إلیهما یقتضی استوائهما فی النسبة و کون کل منهما حجة للإثبات و علیه فلو غرم الشاهد لا یغرم إلا النصف و علی الأول یغرم الکل فی مقام الغرامة و احتمال ان الحجة الیمین بشرط الشهادة کیمین القسام لأنه المتمم فلا غرامة ضعیف و یحتمل التنصیف علی کل حال و یحتمل الرجوع إلی الشاهد علی کل حال.

خامسها: إذا ادعی جماعة مالًا قد اتخذ سبب دعواهم به کمیراث أو وقف أو شراء عین فأقاموا شاهداً علی اصل ذلک لزم الحلف علی طبق شهادة الشاهد

فإن حلف الجمیع حلفوا علی الأصل و کذا ان حلف واحد و لا یجوز ان یحلف کل واحد منهم علی نفس حصة و کذا لو حلف واحد للزوم تطابق الیمین مع الدعوی فی الحکم المخالف للأصل و هذا ان کان إجماع و إلا فللمناقشة کلام ثمّ ان الجمیع ان حلفوا علی

ص: 91

الجمیع فلا کلام و ان حلف بعض علی الجمیع فهل یثبت لهم نفس حصته أو یثبت بیمینه جمیع المال للمدعین لحصول الشاهد بالجمیع و الیمین علی الجمیع أو لا یثبت شیئاً حتی یحلف الجمیع لمخالفة الحکم للأصل و الجمیع بمنزلة مدعی واحد فلا یثبت الحق إلا بحلف الجمیع علی الجمیع وجوه أوجهها الأول و هو ظاهر الأصحاب لأنهم بمنزلة المتعددین فی الدعوی فیثبت منهم ما یحلف علیه و اثبات الجمیع بحلف واحد ظلم علی المنکر و لعل الآخر یکذب یمین الحالف و یقطع بکذبه فتسلیمه الحق بمجرد یمین غیره ظلم نعم قد یقال بلزوم تحلیف الآخر علی عدم العلم بکذبه و کفایة ذلک و لکنه خلاف ظاهر الاتفاق کما ان توقف حق الحالف علی حصته علی حلف الآخر ظلم علیه لأنه قد ینکل لجهله أو للاحترام أو لغیر ذلک.

سادسها: لو ادعی جماعة فحلف بعض و نکل آخر بعد توجه الیمین علیه یسقط حق الناکل

اشارة

و لیس حکمه حکم الشرکة فی الأعیان أو الشرکة فی الدیون حیث ان الحالف مقر بالشرکة فیجری علیه حکم الإقرار فلا یجوز له الاستبداد بحصة من العین و لا بما یخصه من الدین و ذلک لأن النکول إسقاط لحقه فهو بمنزلة الإعراض عنه فکان الشارع شخص و قسم للحالف ما حلف علیه و أقدم علی الیمین به و لو کان بعض المدعین قاصراً عن الدعوی أو غائباً وقف نصیبه إلی الکمال و الحضور فإن کمل القاصر قدم المسافر فحلفا أخذا نصیبهما و إلا سقط و ان ماتا قبل ذلک تولی الوارث لهما الیمین فحلف مع ذلک الشاهد الأول و لا یجب علی المنکر دفع نصیب القاصر و الغائب و لا دفع کفیل إلی اولیائهم و احتمل لزوم دفع العین دون الدین لأنه نفس المال المشهود به و المقسوم علیه و هل یشارک القاصر بعد بلوغه و حلفه الحالف الأول فما قبضه لو تعسر علیه قبض المال الأوجه مشارکته له فی العین دون الدین و یحتمل المشارکة فی الجمیع استناداً لقواعد الشرکة و یحتمل عدمه فی الجمیع تنزیلًا بحکم الشرع بجواز اخذ الحالف منزلة القسمة فلا یعود الشریک بعد قسمة المال المشترک و لو مات الناکل عن الیمین لم یجز لوارثه الیمین بعد موته و نکوله لسقوط الملک بنکوله فلا یدعیه الوارث مع احتمال عدم السقوط لاحتمال ان النکول کان إکراماً و احتراماً للیمین و لو

ص: 92

کانت الدعوی فی وقف جاز للوارث الیمین و ان نکل مورثه عنه لانتقال الوقف إلیه من الواقف دون مورثه و ربما احتمل التسویة بینهما و لو ورث الناکل الحالف جاز أخذه للمال نعم لو أنکر اصل الدعوی لم یجز ان یرثه لأنه باعترافه انه لا حق لمورثه فیه و انه ظالم و اقرار العقلاء علی أنفسهم جائز.

فائدة: لو ادعی الحاکم وقفاً عاماً أو غیره من أهل الجهة الموقوف علیها صح إقامة الشاهد من أهل تلک الجهة

علیه و لا تمنع الشهادة من حیث إنها کشهادة الشریک تجر نفعاً لبعد شبهها بالشریک عرفاً و لبعد التهمة عن الشاهد لعدم الانحصار و مثله لو شهد الفقیران بزکاة أو علویان بخمس و لو کان الشاهد واحد فاحتاج إلی ضم یمین فهل یجزی یمین المدعی من أهل تلک الجهة؟ کالحاکم أو غیره سیما فی الأوقاف العامة لأنه مالک فیقبل یمینه أو لا یقبل لبعد ملکیته و استهلاک حصته و إذا قبل یمینه فإن قبل علی الکل لزم ان یثبت بیمینه مالًا لغیره و ان قبل فی حصته فقط لزم عدم الفائدة لعدم تمیزها بوجه.

سابعها: کل ما یثبت بشاهد و یمین یثبت بامرأتین و یمین الخصم

للروایات الصحیحة الدالة علی ذلک و لما دل من قیام کل امرأتین مقام رجل فی الشهادة و لکنه یختص بالأموال و فی الحسن تقیید قبول شهادتهما مع الیمین فی الدین و قریب منه آخر و منع من قبول ذلک بن إدریس و شدد المنع و هو قوی لو لا الأخبار المعتبرة المنجبرة بفتوی الأکثر و لا تقبل شهادة امرأتین مع الیمین فیما تقبل فیه شهادة النساء منفردات لأن ذلک فی غیر الأموال کالعیوب و الاستهلاک و الولادة و هذه لا یجری فیها الیمین نعم یثبت بشهادة ما دون الأربع من غیر افتقار إلی یمین فی میراث المستهل و فی الوصیة للدلیل لا یقال ان قبول شهادة النساء مع الیمین من قبیل شهادة النساء المنفردات فلا تقبل فی الأموال بل یثبت بها ما یعسر اطلاع الرجال علیه لأنا نقول ثبت ذلک بالدلیل تنزیلًا لیمین المدعی منزلة شهادة الرجل الواحد و الخنثی کالامرأة فی انضمام الیمین.

ص: 93

ثامنها: اصل فیه فوائد:

أحدها: لو ادعی بعض الورثة الوقف من مورثهم ثمّ من بعدهم علی نسلهم حلفوا مع الشاهد

و قضی لهم بالوقفیة و ان امتنعوا من الیمین حکم بم ادعوا به میراثاً بالنسبة إلی باقی الورثة و الدیون و الوصایا و یحکم علی مدعی الوقف بالوقفیة بالنسبة إلی حصة أخذاً باقراره و لا یمضی علی غریم المیت لتعلق حقه بالترکة فیکون بمنزلة الإقرار فی حق الغیر و لو حلف بعضهم فنصیب الحالف وقفاً و الباقی طلقاً بالنسبة إلی غیر المدعی فتنحصر فیه الدیون و الوصایا و الباقی میراث یقسم علی غیر الحالفین و ما یحصل من القسمة لمدعی الوقف یحکم بوقفیة علی موجب إقرارهم و قیل یقسم علی الحالفین و علی غیرهم لاعتراف باقی الورثة باشتراک الکل فیه ارثاً و ان ظلم الحالف بأخذ نصیب منه لادعائه الوقفیة و فیه ان غیر الحالفین یعترفون بالاشتراک فی الجمیع و ان ما أخذه الحالف بالوقفیة إنما استحقه بالإرث و الحالف معترف بأنه لا یستحق إلا ما أخذه نعم ان زاد نصیب مدعی الوقف إرثا علی نصیبه وقفاً کان الزائد مجهول المالک لا یدعیه أحد و لو انقرض الممتنع من الیمین کان للبطن الثانی الحلف مع الشاهد الأول و لا یبطل حقهم بامتناع الأول لتلقیهم الوقف من الواقف و هل یحتاج إلی تجدید شهادة الشاهد؟ الظاهر العدم و لو قلنا بتلقی الوقف من الموقوف علیه لم یکن لهم الحلف لسقوط حق الأول بالامتناع نعم لا یبعد ان ما استقر نصیب للأول یکون وقفاً للثانی کما کان للأول أخذا بإقراره.

الثانی: لو ادعی الوقف علیه و علی أولاده فادعی الوقف ترتیباً حلف مع الشاهد الأول

و لا یلزم الأولاد بعده بیمین آخر بناء علی تلقیهم له من مورثهم و کذلک لو آل إلی الفقراء و المصالح العامة لانقراض البطون لم یکن یمین لعدم الانحصار و لکن هل یبطل الوقف أو یثبت و ان تلقی من الواقف؟ فوجهان من انه لا یثبت بلا یمین و هی هنا متعذرة من الضرورة لتعذر الیمین و ان کان المدعی وقف تشریک افتقر البطن الثانی إلی الیمین لأنها بعد وجودها تصیر کالموجودة وقت الدعوی المتفقة مع الدعوی رتبة و یحتمل فی الأول أیضاً ذلک لأن البطن الثانی یأخذ من الواقف لا من البطن

ص: 94

الأول فلا یثبت له بیمین غیره و ان نکل اختص به میراث حکم الوقف من الحجر عن التصرفات و لم یشارکه غیره من ورثة الواقف الاقربین لإثبات مورثهم اختصاصه به وقفاً کما إذا ثبت اختصاصه بملکیة شی ء و فیه نظر.

الثالث: لو ادعی ثلاثة بنین تشریک وقف بینهم و بین البطون فحلفوا ثمّ صار لأحدهم ولد وقف له الربع من حین التولد

فإن حلف بعد بلوغه کلاماً واخذ و ان امتنع فهل یرجع الربع إلی الثلاثة؟ لأنهم أثبتوه لأنفسهم بیمینهم و لا مزاحم إذ بامتناعه جری مجری المعدومین وجه اختاره فی المبسوط و یشکل باعتراف الأولاد بعدم استحقاقهم له و قد یجاب عنه بأن الإقرار إذا استند إلی سبب فلم یثبت عاد المقر به إلی المقر و هنا کذلک و قد یدفع بثبوته فی حق المقر بحلفه مع الشاهد و ان لم یثبت فی حق المقر له بالنکول و إذا لم یرجع إلیهم فیصرف إلی الناکل أخذاً بإقرارهم و فیه انه یقتضی بسقوط الیمین عنهم رأساً و لا یصرف إلی المدعی علیه الأول و لا إلی ورثته لثبوت عدم استحقاقهم أولًا و اعترض بأنه إنما ثبت ثبوتاً متزلزلًا فإن المتجدد أحد المدعین و إنما تثبت الدعوی بتمامها إذا حلفوا جمیعاً فإذا لم یحلف أحدهم صرف نصیبه إلی المدعی علیه أو وارثه ان غایر المدعی و إلا فإلی الناکل و رابع الوجوه انه وقف تعذر مصرفه فیصرف أمّا إلی البر أو إلی الواقف و ورثته و لو مات أحد الثلاثة قبل بلوغ الصغیر عزل له الثلث من حین وفاة المیت لصیرورة الوقف اثلاثاً و قد کان وقف له الربع إلی حین الوفاة فیضاف إلیه نصف سدس و یوقف له فإن حلف بعد کماله اخذ الجمیع و ان لکل فعلی قول الشیخ کان الربع إلی حین الوفاة بین ورثة المیت و الباقین أثلاثاً لظهور ان الربع کان للثلاثة ثلث من حین الوفاة للباقین و فیه الإشکال المتقدم و یمکن رجوعه إلیه لا إلی المدعی إلیه بتقریب تقدم وجهه و لو کذب الناکل الوقف أو التشریک و بالجملة استحقاقه لم یرد علیه شی ء قطعاً و کان للحالفین علی قول الشیخ و للواقف علی قول لأنه وقف تعذر مصرفه فیرجع إلی ورثة الواقف غیر المدعی.

الرابع: لو ادعی البطن الأول الوقف علی الترتیب و حلفوا مع شاهدهم فقال البطن الثانی بعد وجودهم انه وقف تشریک کانت الخصومة بینهم و بین البطن الأول

ص: 95

فإن اقاموا شاهداً واحداً حلفوا معه و تشارکوا و لهم حینئذ مطالبتهم بحقهم من النماء من حین وجوده و ان نکلوا خلص الوقف للأولین ما بقی منهم أحد و ان تجددوا و ادعوا التشریک قیل حلف الأولون الذین کانوا خصوماً لهم و لغیرهم من الورثة و لکن لا یجری نکولهم إلی المدعین فانهم لما ادعوا الاختصاص و حلفوا مع شاهدهم ثبت لهم ذلک نعم ان انعکس بأن حلف هؤلاء و نکل الأولون صار نصیب الأولین میراثاً.

الخامس: لو ادعی البطن الأول الوقف مرتباً و نکلوا عن الیمین مع شاهدهم فوجد البطن الثانی احتمل إحلافهم

و احتمل عدمه إلی ان یموت البطن الأول و عدمه مطلقاً و منشأ التردد جعل النکول کالاعدام فکان البطن الأول قد انقرضوا و اعترف البطن الثانی نفی استحقاقهم الآن مع تلقیهم الوقف من الواقف فلهم الیمین بعد موتهم و وجه العدم مطلقاً تلقیهم من الأولین و قد بطلوا حقهم و لو حلف بعضهم ثمّ مات احتمل حرف نصیبه إلی الناکل بلا یمین و ان کان التلقی من المیت و إلا فبالیمین لاعتراف المیت و البطن الثانی بالترتیب الموجب لعدم الصرف إلی الثانی ما بقی من الأول أحد فإن أوجبنا الیمین فلم یحلف فکما لو نکل کل من فی البطن الأول فی الاحتمالین الأولین و احتمل صرفه إلی ولد الحالف بناء علی التلقی من الأول کما قواه الشیخ لتنزل الناکل منزل المعدوم و ثبوت الوقفیة ان قلنا بالتلقی من الأول و لأن الأول و قد رده و لا یمکن رده إلی اقرب الناس إلی الواقف لأن البطن الأول باقٍ فلم یبق إلا البطن الثانی و احتمل صرفه إلی ورثة الواقف لتعذر المعرف و هو الأقوی لکن إذا مات الناکل کان للبطن الثانی الأخذ بیمین أو لا بها.

تاسعها: لو کان مورد الدعوی نفیاً و اثباتاً مال ثبت بالشاهد و الیمین

سواء کان ذلک المال هو المقصود و الملاحظة فی الدعوی أولًا علی إشکال فیما إذا کان المقصود غیر المال و إنما ذکر المال بالعوض و المراد بکون مورد الدعوی مالًا هو ما کان موردها نفس المال کلی علیه ألف أو ما ینحل إلیه کدعوی العقود من بیع و صلح و اجارة و مزارعة و مساقاة وهبة و سبق و رمایة و ضمان و حوالة و کفالة نفس فیما لو کان

ص: 96

المکفول غریماً للمکفول له و وصیه و وقف باقسامه لأنه لا یخرج عن المالیة نعم یشکل یمین الموقوف علیه مع الشاهد حیث نقول ببقاء الوقف علی ملک الواقف مطلقاً أو فی العام أو بانتقاله إلی الله فی العام أو مطلقاً من جهة انه لا یحلف الإنسان لاثبات مال غیره و یرده انه و ان لم یملکه و لکنه یعود إلیه منافعاً و نماء فهو کیمین الوارث علی القول ببقاء الترکة علی حکم مال المیت فإنها مسموعة لعودها إلیه أو ما کان متعلقاً به کدعوی جواز العقد و لزومه و دعوی الخیار و دعوی الأجل و الشفعة و دعوی فساد العقد و دعوی الاشتراط و دعوی القبض و التسلیم و التلف و دعوی العیب فی الأموال و دعوی فسخ العقد و دعوی قبض السید؟؟؟ الکتابة أو ما کان المقصود منه المال و ان کان مصبها غیر المال و معنی المقصود کون المال هو منشأ الدعوی عرفاً بحیث ان منشأها المال بحسب العادات العرفیة فلا عبرة بقصد إفراد المدعی اثباتا و نفیاً فلو قصد المدعی بما لیس مالًا المال و کان عرضه ذلک فلا عبرة بقصده و یدخل فی هذا القسم نذر المال و قتل الخطأ و الوالد ولده و المسلم الکافر و الجائفة و المأمومة و نفس السبق و اللحوق و عجز المکاتب عن أداء النجوم و کسر العظام و طاعة الزوجة لاستحقاق النفقة و غیر ذلک و فی دعوی الولاء لیرث إشکال و ما لم یکن مالًا أو ما یتعلق به لو یکون هو المقصود منه فلا یثبت بشاهد و یمین و ان استلزم مالًا أو ترتب علیه مال کعقد النکاح أو الوطء أو الطلاق أو النسب أو الوصایة أو الوکالة أو الرجعة أو النذر لغیر المال أو القتل العمدی إلی غیر ذلک و لا عبرة باستلزامه المال نعم لو ابرزت الدعوی علی نفس المال کما یقول: لی عنده میراث من طرف أبی أو من جهة نکاح أو مال من طرف خلع أو جعاله من طرف وصایة أو وکالة تثبت الدعوی بالشاهد و الیمین لو تسالم المدعیان علی الأصل قطعاً و ان لم یتسالما فوجهان أجودهما ثبوت المال دون سببه نعم لو ابرز الدعوی بالسبب لتحصیل المال فلا یثبت قطعاً و لو کان العقد مما یقصد به المال و غیره کالنکاح و الخلع احتمل ثبوته بالشاهد و الیمین تغلیباً لقصد المال و احتمل عدمه و احتمل إثبات المال دون النکاح و کذا کل ما یتضمن مالًا و غیر مال و کان کل منهما مقصوداً و اشتبه المقصود منهما فلا یبعد بثبوت المال بهما دون غیره کما یثبت المال فی

ص: 97

السرقة دون القطع و یثبت المهر بالوطء دون العدة و یثبت المال دون الفراق و تثبت النفقة دون لزوم المضاجعة و قد یقال ان المتلازمین لو ادعی بسببهما لم یجز ثبوت أحدهما دون الآخر لأنهما معلولان لعلة واحدة فلا انفکاک بینهما فأما ان یثبت النکاح فتثبت لوازمه أو ینتفی فتنتفی کذلک نعم لو تسالما علی وقوعه فتداعیا علی المال المترتب علیه فلا إشکال فی الثبوت.

فائدة: لا یحلف من لا یعرف ثبوته قطعاً و لو عرف ثبوته بالاستصحاب أو الید أو البینة أو الشیاع و بالجملة بحجة شرعة فوجهان و لا یبعد العدم ما لم یقید کأن یقول: و الله أطلبه شرعاً.

عاشرها: لو حلف بعض المدعین مع شاهدهم و نکل الآخرون اخذ الحالف و منع الناکل

فیما لو کانت الدعوی علی سبب یقتضی الاشتراک فی الدین و العین و لا یشارک الناکل الحالف لسقوط حقه من اصله و للزوم الضرر علی الحالف و لأنه کالمال المعرض عنه لو حلف بعد ذلک مشارک الحالف فیما أخذه لو کان موجوداً فی وجه أو کان متلوفاً فی وجه آخر أضعف من الأول و الأوجه عدم المشارکة و مقتضی القواعد ان من اقر بالشرکة فی عین أو دین لآخر و کان الآخر مصدقاً له أو غیر مصدق فی وجه شارک المقر له المقر فیما قبضه فلو اقر شخص لأحد الشریکین بعین أو دین شارکه الآخر إلا إذا حلفه من أنکره یمین النفی ففی مشارکته للمقر له وجه و لا یبعد العدم لذهاب الیمین بحقه و هاهنا کان ینبغی ان یشارک الناکل الحالف لإقرار الحالف بثبوت الشرکة و تصدیق الناکل له غیر ان الناکل لم یحلف تعظیماً أو اعتباطاً إلا إنا خرجنا عن تلک القواعد بالعین للإجماع علی الظاهر و لأن اخذ الحالف بمنزلة القسمة الإجباریة و فی الدین للإجماع علی الظاهر و للشک فیما دل علی الشرکة فی الدین لمثل ذلک حیث ان القاعدة تقتضی ان الغریم مخیر فی جهات الوفاء و القضاء لمن أراد أو یشاء علی اخذ الحالف إنما کان بسبب حلفه لا بسبب إقرار المنکر و من البعید تملک الإنسان بحلف غیره و لو رجع الناکل إلی الحلف بعد نکوله ففی مشارکته للحالف أولًا وجه قوی

ص: 98

و هل یشارکه فیما بقی عنده أو فیما بقی و تلف و فی الموجود دون نمائه أو فیه و فی نمائه؟ أوجه و الأوجه بحسب القواعد المشارکة و بحسب الفقاهة العدم.

حادی عشرها: یجوز لصاحب الحق ان یحلف لاثبات حقه

و ان کان المال لغیره فیحلف غریم المیت إذا ادعی ان هذه الترکة له تعلق بها لو کانت بید الغاصب و لم یدعیه الوارث و لا یبعد ان لغریم المیت ان یدعی الغریم الآخر ان له حق فی ذمته یستحقه علیه فیحلف مع شاهده و کذا للمرتهن ان یدعی من غصب الرهن فیحلف ان له فیه حق الرهانة و قد یقال ان للمرتهن و غرماء المیت ان یحلفوا علی مال غیرهم لإثبات حقهم لشمول أدلة الیمین لمثل ذلک و لعدم فوات الحق لو لم یشرع لهم الیمین و نظیره حلف الوارث لو قلنا ان ترکة المیت لا تنتقل إلیه و لکن قد یملکها بالقوة أو بالأول فإذا صح یمینه بذلک صح بهذا و لکن ظاهر الفقهاء علی خلاف ذلک.

ثانی عشرها: لو ادعی علی شخص بیده جاریة و ولد ان الجاریة ملکه و أم ولده هذا فهو ولده و هو حر فهذه تنحل إلی دعاوی

و یقبل الشاهد و الیمین فی ملک الجاریة و یقبل إقرارها بأنها أم ولده فلو ملکها بعد ذلک لم یجز له بیعها و تنعتق بعد موته من نصیب ولدها و یکون الولد بموجب إقراره ولده و یرثه ما لم یکن معروفاً بنسب آخر و لکن له انتزاع الولد من أهله و لإثبات انه ولده و انه حر بالشاهد و الیمین لعدم ثبوت النسب و الحریة بهما حتی لو قلنا بثبوت العتق بهما هناک لا یمکن ثبوت الحریة هنا لتبعیتها هنا للنسب الذی لا یثبت بهما إجماعاً منقولًا و شهرة محصلة و لا یلزم من ثبوت تلک الجاریة ثبوت کون الولد ولده بدعوی ان الولد نماء ملکه حینئذ فیسمع قوله فیه کما لو ثبت غصب جاریة فإنه یثبت ان نماءها للمالک تبعاً لها لا إنا نمنع تبعیة النماء للأصل بعد دخوله تحت ید الغاصب و ادعائه انه له و مجرد النماء لا یحکم علی موجب الید القاضیة بالملکیة و نمنع أیضاً الحکم بالحریة و انه ولده من جهة التبعیة لأنه لم یدع ملکیة الولد بل ادعی کونه له و انه نماؤه و ولده لا انه نماء ملکه و فرق ما بینهما علی ان دعوی العتق یمکن أولها إلی المال لتعلقها بإزالته بعد ثبوته بخلاف دعوی الحریة التابع للنسب فإنها لیس لها تعلق للمال بوجه و ان کان بین الوضعین

ص: 99

مضادة و بثبوت أحدهما ینتفی الآخر و لو ادعی شخص شخصاً جاریة بیده إنها ملکه سابقاً و اعتقها فإن أراد بذلک إثبات الولا و قلنا ان الشهادة مع الیمین بالعتق لإثبات الولا أو الشهادة بالولاء مع الیمین تسمع لأن المقصود منهما المال سمعت الشهادة و قبل الیمین و إلا فلا تسمع شهادة الواحد مطلقاً حتی فی إثبات کونها کانت ملکه لأن إثبات الملک المقید بالقدوم لا یسمع فی معارضة الید علی الأقوی فمجرد کونها کانت فی ملکه لا ثمرة فیه إلا ان یضم إلی ذلک و انه اعتقها و الکلام فی إثبات ذلک کالشاهد و یمین لا یقال إنها إذا ثبتت ملکه سابقاً ثبت عتقها بموجب إقراره إذ المالک ینفذ إقراره بالعتق قلنا نعم ینفذ حال کونه مالکاً و ملکه سابقاً لا یثبت انه مالک حال الإقرار لطرو الید القاضیة بالملک بعد ثبوت الملک الأول فیکون إقرار بحق الغیر فلا یسمع.

ثالث عشرها: الناکل عن الیمین مع الشاهد له إعادة الیمین

و لیس کالنکول عن الیمین المردودة و احتمل العلامة رحمه الله سقوط الحق بنکوله و ظاهر الأصحاب ان الناکل عن الیمین مع الشاهد لا یقوم وارثه مقامه بعد موته فی الحلف مع الشاهد لسقوط حقه بنکوله فی الوارث إنما یتلقی الحق عن الموروث و هو مشکل لمنع سقوط الحق بمثل هذا النکول فللوارث ان یحلف یمیناً علی الحق لعوده إلیه مع إعادة الشهادة من الشاهد و یکون حکمه حکم ما لو أقام شاهداً فمات قبل الیمین فانه لا إشکال فی قیام الوارث مقامه فی الیمین و یعطی حکم الموروث هذا کله فی دعوی الملک أمّا دعوی الوقف فظاهر الأصحاب ان نکول الطبقة الأولی لا تبطل حق الطبقة الثانیة بل للطبقة الثانیة الحلف بعد نکول الطبقة الأولی أمّا بعد موتهم أو مع ودهم کما سیجی ء إن شاء الله تعالی کما ان حلف الطبقة الأولی لا یغنی عن یمین الطبقة الثانیة بناء علی تلقی الوقف للثانیة من الواقف لا من الأولی کما هو الأظهر و ان کان القول بتلقیهم من الأولی هو الأشهر و قد یقال بلزوم الیمین علی الثانیة علی کلا القولین لأن الإنسان لا یثبت مالًا بحلف غیره و الطبقة الثانیة و ان تلقت عن الأولی لکن لا علی نحو تلقی الملک لأنهم لا یملکون إلا بصیغة الوقف إلا انه مرتب و قد یقال بعدمه علی القولین لأن الطبقة الثانیة نائبة عن الأولی و استحقاقها مترتب علی استحقاقها فإذا استحقت الأولی

ص: 100

استحقت الثانیة عنها و لأن الأولی قد حلفت علی الوقف الدائم لا المنقطع فیلزمه انتقاله إلی الطبقة الثانیة قهراً لأن ذلک من لوازم الدوام بخلاف الوقف التشریکی فانه یدخل علیهم دفعة واحدة فهم بمنزلة الجماعة المدعین أمراً واحداً فلا بد من حلف الجمیع حتی لو ظهر واحد بعد حلفهم من المشارکین لهم فانه لا یجوز له اخذ حصة إلا بیمین و لا یجدیه إقرارهم و یمینهم لتلقی الجمیع من الواقف و لا یثبت الیمین مالًا لغیر الحالف.

رابع عشرها: إذا حلفت الطبقة الأولی فالاشهر انه یکفی عن یمین الثانیة

و الأظهر العدم لتلقی الجمیع عن الواقف فإذا نکلت الطبقة الثانیة أو لم یمکن حلفها کما إذا عادت لغیر المحصور عاد میراثاً لواقف لا للموقوف علیه و هل هو وارثه عند موت الموقوف علیه أو عند موت الواقف؟ وجهان أوجههما الأخیر و لو کان الموقوف علیهم ورثةً للواقف فالأظهر بقاؤه وقفاً فی حقهم إذا لم ینازعهم الواقف أو ورثته فیه أو یتنازعون بعضاً مع بعض للزوم إبقاء ما اقر به الطبقة الأولی فی حقهم إذ لم یعلموا وجهه لأخذهم من یده و لا یجب علی الطبقة الثانیة إذا شکوا فلم یحلفوا ان یرجعوا المال إلی الواقف و لو مات أحد الحالفین من الطبقات رجع الوقف إلی الحالفین الأخر و لا یحتاج عند المنازعة إلی یمین جدیدة لسبق حلفهم مع احتمال لزوم حلف الحالفین علی ما جاءهم جدیداً فیکون کالوقف التشریکی.

خامس عشرها: لو نکلت الطبقة الأولی کان الوقف میراثاً

یقضی منه الوصایا و الدیون و کان حصة الناکلین وقفاً لو کانوا ورثة لإقرارهم بالوقف و یلزم علی أولادهم إذا لم یعلموا بالحال اجراءه وقفاً و یمکن القول بأنه لا یکون وقفاً إلا بیمین الورثة لأن إقرار الأولین کان بدعوی موقوف صدقها علی الیمین و لم یحصل فلم یثبت و لیس هو کالاقرار الغیر المعلوم الحال و هل للطبقة الثانیة ان یحلفوا علی الجمیع مقام الطبقة الأولی لتلقیهم من الواقف أو لا لتلقیهم عن الطبقة الأولی فإذا لم یحلفوا لم یحلفوا وجهان و الأوجه ان لهم الحلف و احتمال ان الوقف یکون کمنقطع الابتداء فیکون باطلًا ضعیف لأنه لیس من المنقطع الابتداء ابتداء و عروض الانقطاع له

ص: 101

بالامتناع عن الحلف یمکن تدارکه بحلف الطبقة الثانیة فینکشف انه وقف من الابتداء و لأن نکول الطبقة الأولی لو أفسد الوقف لجاز افساد الوقف منهم علی الثانیة بمجرد اختیارهم النکول و هو ضرر و ضرار.

سادس عشرها: لو حلف و نکل بعض آخر فحصة الحالف وقف و حصة الناکل ترکة

و لو کان الموقوف علیهم ورثة قسمت علی الناکل و علی من لم یدع و هل تقسم أیضاً علی الحالف؟ وجهان من اعتراف الحالف بعدم استحقاقه شیئاً من ذلک سوی الحصة و هی باعترافه مشترکة بین الجمیع فلا یستحق شیئاً و من اعتراف الناکلین بمشارکة الحالف لهم فی المیراث و إن ظلم باخراج حصة وقفاً و الأوجه عدم المشارکة بل یبقی الزائد المدفوع إلیه وقفاً لاعترافه بذلک و إذا مات الناکل فورثه الحالف کان میراثه وقفاً و هل یحتاج إلی یمین لو حصل التداعی؟ وجهان و هل الورثة الناکلین الحلف؟ وجهان علی ما تقدم لو مات الحالف و بقی الناکلین جری فی حصة ما تقدم من لزوم الیمین علیهم و عدمه و هل لورثة الحالف إذا کانوا هم أهل الطبقة الثانیة الحلف؟ و ان وجد الناکلون و کذا لو نکل أهل الطبقة الأولی فهل للثانیة الحلف أم لا؟ وجوه:-

أحدها: جواز الحلف واخذ الوقف تنزیلًا للناکل منزلة العدم و لاستحقاقهم فی الجملة. الثانی: عدم جوازه لاعترافهم بعدم استحقاقهم ما دامت الطبقة الأولی فیکون حلفهم علی غیر المستحق فلا بد من انتظارهم إلی ان یموتوا. الثالث: بطلان الوقف لشبهة بمنقطع الأول فیعود میراثا أو یصرف فی وجوه البر. الرابع: صرف حصة الحالف للناکلین لعدم إمکان صرفه إلی الطبقة الثانیة لوجود الأولی و فی حلفهم الکلام المتقدم.

سابع عشرها: لو ادعی ثلاثة أو اکثر أو اقل من أهل الإرث أو من غیرهم وقفاً تشریکیاً علیهم و علی أولادهم أولاد غیرهم فیحلف المدعون یمیناً

ثبت الوقف لهم فإذا تجدد لهم بعد الیمین رابع لو کانوا ثلاثة شارکهم بموجب إقرارهم و لکن یوقف نصیبه إلی حین البلوغ و یدفع النماء لولیه لملک الطفل له بموجب إقرارهم کمن

ص: 102

اقر لطفل بمال أو یدفع إلی الحاکم أو إلی ید عدل لاحتمال نکول الطفل فیتعلق به حق غیره و الأوجه الأخیر و احتمال بقائه بید الحالفین وجه ضعیف ثمّ ان الطفل ینتظر بحصته إلی ان یبلغ فإن أنکر الوقف عاد الوقف میراثاً و یحتمل رجوعه للحالفین و یحتمل صرفه فی وجوه البر و یحتمل کونه مجهول المالک لإقرار الحالفین انه لیس لهم و انه للرابع و نفی الرابع انه له و یفرض ان الورثة لا یدعوه فیکون مجهول المالک و ان اعترف فإن حلف شارک واخذ النماء من حین ولادته إلی بلوغه و حلفه و ان نکل ففی صرف الحصة وجوه:-

أحدها: رجوعها للحالفین لأنهم المثبتون له ابتداء و قد انحصر فیهم أولًا فإذا رجع بنکول الرابع عاد إلیهم و الفرق بین هذه الصورة و الصورة المتقدمة و هی ما إذا حلف بعض و نکل آخرون حیث استوجهنا فیها رجوع حصة الناکل میراثاً هو ان الصورتین و ان کانتا جمیعاً وقف تشریک فی الابتداء و ان کانت الأولی تقع مرتبة فی الطبقات ان الصورة الأولی الناکل فیها مدعٍ موجود وقت یمین الحالف فیتوقف دفع حقه علی یمینه و إلا فلا حق له و هذه الصورة الناکل فیها قد تجدد وجوده بعد حلف المدعین و قبضهم الوقف و صیرورته لهم فإذا نکل المتجدد عاد لمن کان له و أورد علی هذا الوجه ان الحالف مقر بحصة الناکل فلا تعود له فیجب علی المقر بذلها له و یحرم علیه أخذها و دعوی الشیخ ان الإقرار إذا کان مستنداً إلی سبب فکذب المقر له عاد إلی المقر ضعیف لعدم الفرق بین المستند إلی سبب و غیره نعم لو استند إلی سبب یتوقف علی قبول المقر له کالوصیة و الهبة عاد إلی المقر له لعدم إمکان ملکه بدون قبوله و لیس ذلک من الإقرار بالملک بل بسبب الملک الموقوف علی القبول و دعوی ان الوقف من ذلک الباب لا وجه له إذ الوقف لا یتوقف علی الیمین واقعاً بل إنما یتوقف ثبوته عند الحاکم علی ذلک و الإقرار یمضی علی المقر سواء ثبت أم لا علی ان الناکل غیر منکر للوقف کی یقال ان الناکل کذب المقر بل هو مصدق له إلا انه نکل عن الیمین فلعله احتراماً و إعظاماً. الثانی: دفعه للناکل لعدم إنکاره الوقف و لإقرار الحالفین به انه له و الحق منحصر فیهما و الوارث لا تعلق له به بعد حلف الأولین و انتقاله إلیهم

ص: 103

و فیه انه حق إذا لم تتعلق به دعوی وارث فلو تعلقت به دعوی افتقر إلی یمین الناکل لأن إثبات المال له بیمین غیره غیر ممکن و الوقف یتلقاه الموقوف علیه من الواقف. الثالث: انه وقف تعذر مصرفه فیرجع إلی ورثة الواقف کمنقطع الآخر ابتداء أو إلی وجوه البر کمنقطع الآخر عارضاً. الرابع: انه یرجع للحالفین لأن نکول الرابع عن الیمین أخرجه عن أهلیة الوقف فکان الوقف وقف علی من تأهل له و أراده و قد یحتمل ذلک فیما إذا أنکر الوقف هذا المتجدد و لو مات الرابع بعد البلوغ أو قبله قبل الحلف قام وارثه مقامه و کذا الوارث یقوم مقام الناکل هنا فلوارث الناکل و هو المتجدد إذا مات ان یحلف علی نصیبه فیعیده وقفاً بعد ان کان بنکوله طلقاً.

ثامن عشرها: لا یجوز للقاضی ان ینفذ حکم قاضٍ آخر

و یمضیه بمعنی الحکم بنفوذه و إجراء آثاره و قطع النزاع به و الزام المحکوم علیه به بل و صحته بالنسبة إلی المتداعین و ان خالفه فیه بمقتضی الدلیل الظنی و لا یجوز الرد علیه عند مخالفته بالدلیل الظنی و لا بد من إمضائه ظاهراً نعم لا یجوز له العمل واقعاً بحکم المخالف له کما إذا حکم علیه بأن المطلقة بالثلاث المرسلة زوجته و هو یری وقوع الطلاق بها فإنه یلزمه إمضاء حکمه ظاهراً و عدم العمل علیه بینه و بین الله تعالی و لا منافاة و لا یجوز للقاضی ان یحکم بحکم قاضٍ آخر لأنه حکم به لأن الحکم لا یکون إلا بأسبابه من البینة و الیمین المردودة و نحوها و علی ما ذکرنا فلو قطع القاضی بحکم القاضی الآخر من شیاع و نحوه أمضاه و الإمضاء یختص بحقوق الناس سواء کان عن قطع أو ظن و لا یعم حقوق الله و لو کان عن قطع علی ما یظهر من الأصحاب و انما اختص بحقوق الناس لابتناء حقوق الله علی التخفیف و قد یحتمل العموم فی المقطوع به و کذا لو حکم بحضوره منشأ للحکم أما لو اخبره: بانی حکمت بذلک فالأوجه القبول لأن الاعتماد علیه فی إنشائه یقضی علیه بصحة إخباره به و لتضمن الإنشاء الأخبار و هو فتوی المشهور و الأولی ان یبرز الحاکم حکمه بصورة الإنشاء فی مقام یجوز ذلک دون الإخبار و کذا لو اقر المحکوم علیه بالحکم أو قامت بینة علی إقراره و هل یکفی اعتراف المحکوم علیه بکتاب مدرج یتضمن الحکم علیه به فیقول هذا الکتاب حق أو قول القاضی

ص: 104

مشیراً إلی کتاب یتضمن الحکم: ان هذا الکتاب حق وجهان الجواز لأنه اقرار و ان کان بمجمل أو مجهول یمکن استعلامه و اقرار العقلاء علی أنفسهم جائز فیجوز ان یشهدا علی ذلک بإقراره کما یشهد علی الوصیة بکتاب أقرّ أنه مشتمل علی وصیة أو مشتمل علی بیعة و شرائطه و موانعه أو نحو ذلک و المنع للإجماع المنقول علیه و لعدم القطع بتفصیله و لاحتمال الخطأ فیه من السهو فی الکتابة و الغلط فیها أو الخطأ فی التأدیة و الکذب فیها و نحو ذلک و الشهادة لا تکون إلا علی مثل الشمس و احتمال الخطأ فی الإقرار اللفظی لا عبرة به إجماعاً و لا یجوز تنفیذ حکم قاضٍ بکتابه إلی قاضٍ آخر إجماعاً منا و لروایة السکونی المعتبرة المنجبرة و للأصل القاضی بعدم صحة تنفیذ الحکم و لو عرف خطه و رسمه و لو کانت فیه خطوط أخر ما لم یقطع بصدقه و لا تکفی القرائن و الأمارات و لو دفع القاضی کتابه إلی آخر و قال: ما فی هذا حکمی لم یلزم لأن الحکم لا یکون إلا باللفظ بل لو شهد شاهدان ان هذا حکمه کتابه أو أشهدهما علی ذلک لم یثبت الحکم بل لو علم ان الخط خطه و انه کتب: حکمت و أخبر الشاهدین إنی حکمت بمضمون هذا الکتاب لم یلزم إلا ان یبین مضمونه بنفس اللفظ لاحتمال الخطأ و لکن لا یبعد صحته تنفیذ الحکم فی هذا الأخیر لجریان السیرة به و لقضاء العلم بالقطع بصدور الحکم منه لفظاً و وقوعه علی مضمونه الذی تضمنه ظاهر الخطاب و لمکان الضرورة الداعیة إلی تنفیذ مثل هذا الکتاب المقترن بذلک الکلام من الحاکم و الشاهدین و لجریان السیرة القطعیة علی الأخذ بما فی کتب الأصحاب من فتاواهم و آرائهم و أقوالهم و النقل عنهم و حیال ان هذه الأدلة تقضی بجواز العمل بکتاب قاضٍ إلی آخر مطلقاً بعید لمخالفته للأصل و الإجماع و دعوی تأدیة عدم العمل بالکتاب إلی أبطال الحجج و الطوامیر التی قد استمرت السیرة علی فعلها دعوی ضعیفة لأن الحجج لتذکار الأحوال لا لإثبات الأموال و بالجملة فما لم یقطع من الکتاب بصدور الحکم اللفظی من الحاکم و کون الکتاب دلیلًا علیه لا یؤثر أثراً و إخبار الحاکم بکتابه: إنی حکمت و ان کان مقطوعاً بکتابه له أیضاً لا یؤثر لأن المقطوع به هو ما إذا أخبر بلفظه نعم لو کان الحکم به مقطوعاً به من کتابته بحیث لا یحتمل السهو

ص: 105

و الغلط و لا یحتمل الکذب جاز انفاذه و احتمال الکذب فی إخباره ساقط لمکان السیرة و مساواته للإنشاء بخلاف احتمال الکذب فی الکتابة فانه لم یعم دلیل علی اعتبارها مع ذلک الاحتمال و هل یلزم تنفیذ ما شهد به الشاهدان علی صدور حکمه المعین علی المعین و ان لم یشهدهما الحاکم وجهان من الأصل و حرمة العمل بالظن و من ظاهر الأصحاب نقلًا عن المنع و من حجیته شهادة الشاهدین و قیام السیرة علی الأخذ بهما أمّا لو أشهدهما الحاکم فالمقطوع به من کلام اکثر الأصحاب قبول شهادتهما لقیام السیرة و لمکان الضرورة و للعسر و الحرج لولاه و لصعوبة نقل الشاهدین علی الأصل و عدم التمکن من شهادة الفرع غالباً لعدم سماعها مع تعدد الطبقات و لعدم أبطال الحجج بتقادم الأزمنة لإمکان إثبات حکم الحاکم فی کل زمان عند آخر و اثبات تنفیذ الآخر له عند آخر و هکذا فتستمر الحجج و الطوامیر علی هذا الطریق و لعدم انقطاع الخصومات و النزاع لو لم یثبت الحکم الأول بالبینة لاستلزام ذلک المرافعة فی الدعوی الواحدة عند حکام متعددین لا یعلم أحدهم بحکم الآخر و منع البعض من قبول الشهادة علی الحکم للإجماع المنقول علی عدم جواز العمل بکتاب قاضٍ إلی آخر و لروایة السکونی المانعة عن ذلک و لأصالة عدم العمل بالظن و عدم نفوذ الحکم ضعیف لأن الأولین غیر محل النزاع و الآخرین مردودان بالأدلة علی الجواز.

تاسع عشرها: یلزم فی شهادة الشاهدین أن یشهد علی الحکم لا علی الثبوت

فلو شهدا علی انه ثبت عندهم للحاکم الآخر کی یأمر بالمعروف به و ینهی عن المنکر کما کان للأول ان یأمر و ینهی و لا بد ان شهدا علی عین المحکوم علیه أو علی اسمه أو وصفه المقطوع بانطباقه علیه فلو کان محتملًا لغیره عند الشاهدین أو عند الحاکم بعد شهادتهما بحیث لم یعلم ان هذا هو المشهود علیه لم یجز له التنفیذ نعم لو ادعی المدعی علی شخص انه المحکوم علیه أو المشهود علیه فأنکر کان للمدعی الیمین علیه علی نفی ذلک فإن اقر الزم بالحق و ظاهر جملة من الأصحاب ان المشهود علیه بالوصف لو کان مما لا یقع الوصف بغیره إلا نادراً کذی رأسین أو ید زائدة أو استقصی الوصف بحیث یکون احتمال انه غیره ضعیفاً قبلت شهادة الشاهدین فی ذلک

ص: 106

و الزم بالحق و لو أنکر الاختصاص بالوصف لم یسمع قوله إلا بأن یحضر من شارکه بالوصف فإن اقر من شارکه بالحکم الزم بالحق و اطلق الأول و إلا اطلقا و وقف الحکم أو یقیم بینة علی المشارکة و لو شهدت بمشارکته میت له لا یعلم ان ذلک المیت لم یعاصر المدعی أو لم یحضر معه لو شهدا علیه بالحضور فإذا أقام بینة بذلک وقف الحاکم عن الحکم إذ الحکم علی أحد الرجلین لا یفید فائدة.

العشرون: نفی الخلاف بعض أصحابنا عن ان للمشهود علیه بحق ان یمتنع من وفائه

حتی یشهد علی قبضه و هو و ان کان خلاف القواعد إلا ان حدیث الضرار و فتوی الأخیار و اشعار بعض الأخبار یقضی بجواز الامتناع أمّا لو لم تشهد بالحق علیه أو أشهد و کان أمیناً یکون القول قوله فیها فی جواز الامتناع خوفاً من مشقة الیمین و لزوم التوریة فی بعض المقامات أو عدمه لأن مطل الغنی ظلم وجهان و الأقرب الأخیر و لا یجب علی المدعی و نحوه دفع الوثیقة بعد استیفاء حقه إلی المدعی علیه و نحوه سواء کانت ملک المدعی أو مباحة من المباحات لجواز افتقاره إلیها عند خروج المدفوع له مستحقاً و نحو ذلک و لأن الناس مسلطون علی أموالهم و خوف الضرر بالبقاء عنده ینجبر بإصدار وثیقة أخری من المدعی للبراءة و کذا لیس علی البائع دفع کتاب الأصل للمشتری للأصل و خوف الضرر بإبقائه ینجبر بکتاب یرسمه علی شرائه.

الحادی و العشرون: ینفذ الحاکم حکم حاکم آخر فی حال حیاته و بعد موته و بعد جنونه و جهله

لو صدر الحکم منه جامعاً للشرائط فانخرامها بعد لا بأس به و ظاهر الأصحاب ان طرو الفسق بعد الحکم مانع من تنفیذ الآخر له و لا یخلو من إشکال لعدم الفرق بین الفسق و غیره لأن الحکم بعد صدوره لا یتغیر بتغیر أحوال الحاکم إلا ان یقال ان حکم الحاکم لا یتبدل بالفسق کما لا یتبدل بالموت و لکن تنفیذه لا یجوز لأصالة عدم التنفیذ و المتیقن من صحته هو مال لم یطر الفسق بعد الحکم و مع الطرو یقع الشک فلا ینفذ و لا یخلو من إشکال إلا ان یقال ان الفارق و المؤثر شکاً هو کلام الأصحاب.

ص: 107

القول فی القسمة

اشارة

القسمة لیست بیعاً بل لیست من أحد المعاوضات مطلقاً بل لیست معاوضة برأسها للأصل فی محل الشک و لعدم عدهم لها فی أنواع العقود و ما یقال ان المشکوک فی کونه عقد أم لا نجعله عقداً لأصالة عدم السببیة إلا بالمقطوع به و لأنه من الشک فی الجزء فیعود شکاً فی الماهیة مسلم لو وقع الإشکال فی الاحتیاج إلی الإیجاب و القبول أو أحدهما أمّا المشکوک به بعد معرفة کیفیة النقل به و الانتقال و بعد إحراز ماهیة فالأصل عدم معاوضة و یدل علی عدم کونه معاوضة انتفاء لوازمها القاضیة بانتفاء ملزوماتها من عدم احتیاجها إلی عقد لفظی أو فعلی و عدم اشتراط القدرة علی التسلیم فیها و عدم اشتراط التمول فی أفرادها و صحة قسمة الوقف من الطلق أو قسمة الوقف المشترک الذی صار وقفاً بصیغتین من مالکین و صحة الاجبار فیها و لزوم تساوی الحصص فیها و لو کانت بیعاً للزمها لوازم البیع من العلم و اشتراط القبض فی الصرف و ثبوت الخیار فیها و لزوم الأجل فی سلمتها و نسیئتها و دخول الشفعة فیها مع تعدد الشرکاء کما إذا قسموا داراً و کان لهم شریکاً فی سلوکها و عدم جواز قسمة المکیل و الموزون قبل قبضه و ضمان المتلوف قبل قبضه و حرمة الزیادة فی الربا و لو فی مقابلة الجودة و کذا الجهل و اشتراط عدم الزیادة مطلقاً فی الربا و عدم قسمة الرطب فی الجاف فیه کالرطب و التمر و غیر ذلک إلی غیر ذلک و ظاهر الأصحاب علی خلافه و إذا لم تکن القسمة معاوضة فلا تخلو من ان تکون تمیز حق علی وجه الکشف بمعنی إنها تکشف عن المقسوم ملک للمقسوم علیه خاصة من حین حصول الشرکة فهی حین القسمة أ ترث ملکاً للمقسوم علیه سابقاً أو إنها حین القسمة بنیة ان هذا للمقسوم علیه فی علم الله من حین الشرکة أو إنها أفرزت حصة المقسوم علیه من حین الشرکة فردتها علیه أو إنها مثبتة للملک من حین القسمة للمقسوم علیه کل بالنسبة إلی حصة الآخر علی وجه المعاوضة بل هی عمل مع ملک لمن هی له فکل من المقسوم علیه ملک حصة الآخر دفعه لمکان الشرکة الأولی فالکل یملکون دفعة کل یملک مال الآخر بسببیة ملک الآخر له و لکن لا علی وجه المعاوضة و أما بالنسبة إلی حصة فهی إفراز لا غیر و تعین لما

ص: 108

یملک فهی حکم من الأحکام فائدته الإفراز لحصة نفسه و التملیک لحصة الآخر و الأخیر هذا هو الأوجه و الموافق لقواعد القسمة و الموافق لضرورة الشرکة المقتضیة لامتزاج المالین و دخول مال کل واحد منهما فی حصة الآخر إلی حین القسمة فدعوی الکشف بجمیع معاینة بعید جداً ثمّ ان القسمة بالنسبة إلی الإباحة فقط و إلی التملیک المستقر و المتزلزل و بالنسبة إلی تمام متعلقها من الإفراز مع التراضی فقط أو هما مع القرعة أو الجمیع التراضی بعد القرعة أو الجمیع مع القبض أو الکل مع التصرف أو الأول مع القبض فقط أو معه و مع التصرف أو الأولین مع القبض وحده أو هو مع التصرف أو الأولین فقط و بالنسبة إلی کون القاسم هم الشرکاء أو وکیلهم أو منصوب الإمام علیه السلام یحتاج إلی تامل و بحث و الأوجه بالنسبة إلی القواعد الأخذ بما یتیقن منه حصول الإباحة و الملک المتزلزل أو المستقر لعدم عموم فی دلیل القسمة قاضٍ بالملک کعموم أوفوا بالعقود أو عموم تجارة عن تراض مما قلنا من الشک فی دخولها فی المعاوضة و أدلة التجارة بل الظن بخلافه و الوارد فیها من الأدلة حکایات مجملة کقسمة النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم و جعل علی قاسماً و قسمة الغنائم و بعض الآیات المجملة و کلها لا یقضی إطلاقها و حکایاتها بحصول ملک أو تملیک بالقسمة أو بها مع القرعة و أدلة القسمة خالیة من القرعة لم ترد فی القسمة نعم ورد إنها تخرج سهم المحق و کون القرعة داخلة فی لفظ القسمة خلاف الظاهر فاللازم حینئذ تتبع موارد الإجماع و الأدلة و الذی یظهر من الإجماع ان القسمة لو حصل بها الإفراز من قاسم الإمام علیه السلام مع التراضی بقسمته أو مع جبر الإمام علیه السلام ثمّ الاقتراع منه بعد ذلک حصل الملک المستقر لأن قرعة منصوب الإمام علیه السلام بمنزلة حکم الحاکم لا یجوز نقضه و یلزم إمضاؤه و کذا لو حصل الإفراز بالتراضی ثمّ القرعة ثمّ التراضی بعدها و ان لم یکن القاسم منصوباً للإمام علیه السلام فإنه یحصل الملک المستقر و بالطریق الأولی ما لو حصل القبض فقط أو هو مع التصرف بعد ذلک فی المقامین و بقی غیر هذین الموردین مع الإفراز مع التراضی بدون القرعة من منصوب الإمام علیه السلام و غیره أو معها بدون الرضا بعدها من غیر

ص: 109

منصوب الإمام علیه السلام و لم یحصل قبض أو تصرف و الظاهر فی الأول حصول الإباحة لا الملک و فی الثانی الملک المتزلزل جمعاً بین اشتراط الرضا بعد القرعة کما یظهر من بعض الأصحاب و بین ما دل علی کون القرعة کافیة فی القسمة و لا تفتقر إلا للرضا المتقدم بالقسمة و بالقرعة بعد الإفراز فلا حاجة إلی الرضا بعدها فیتوقف لزوم القسمة علی التراضی بعد القرعة دون حصول الملک الأصلی و یمکن القول بعدم توقف اللزوم علی الرضا المتأخر مطلقاً لکفایة الرضا المقارن و هو قریب و لو حصل قبض أو تصرف بعد القرعة و إن لم یظهر بهما الرضا المتأخر احتمل کونهما أقوی من الرضا بعدها فیفیدان اللزوم قطعاً و احتمل عدمه سیما لو حصل قبض فقط و لو لم تقع قرعة بالکلیة بل إنما وقع بعد الإفراز قبض و کان القاسم غیر الملاک فقط احتمل حصول الإباحة فقط و هو قوی للشک فی حصول القسمة بدون القرعة لأن القسمة تمیز و لا تمیز بغیر قرعة للشک فی کون مجرد هذا لک و هذا لی تمیز و لو وقع تصرف مع القبض أو بدونه من دون القرعة کان أقوی من القبض فیفید اللزوم لأنه لا ینقص عن الإباحة فی المعاطاة و غیرها مما یباح للضیف أو ینثر فی الاعراس أمّا لو حصل إفراز فقط من الملاک بأنفسهم أو بوکیلهم أو بالمنصوب من قبلهم أو ولیهم بحیث قالوا هذا لک و هذا لفلان کی یتحقق مسمی الأفراد و القسمة مع التراضی بدون قبض أو تصرف أو قرعة فالظاهر إفادته للإباحة فقط و لیس له طریق للملک و یظهر من بعض الأصحاب إفادته للملک فی الجملة و یظهر من آخرین نقلًا عن غیرهم و تحصیلًا علی ما یظهر من العلامة و الشهیدین إنها تفید ملکاً لازماً و لا تفتقر إلی القرعة و لا إلی الرضا بعدها و لکنه بعید عن القواعد لخلو أخبار القسمة عن الدلالة علی حصول الملک بها بمجرد الإفراز مع التراضی و هذا کله لا یتفاوت فیه بین قسمة الإجبار أو التراضی و هی المشتملة علی رد إلا ان المشتملة علی رد أظهر إلی الافتقار إلی الرضا بعد القرعة لأنها بمنزلة المعاوضة من حیث اشتمالها علی دفع أمر خارج عن المقسوم فیتوقف دخوله فی ملک المدفوع إلی سبب یقینی و کون نفس القرعة سبباً لذلک مشکوک به و هو قریب کما ذهب إلیه بعض الأساطین فی غیر منصوب الإمام بل فی منصوبه الأولی و الاحوط ذلک إذا لم

ص: 110

یکن جائزاً للشرکاء علی القسمة هذا کله بالنسبة إلی اللزوم و أما بالنسبة إلی الاباحة أو الملک المستقر فیرجع فیه إلی ما ذکرناه و لو عدل المتقاسمان من القرعة إلی الصلح أو إلی نیة المعاطاة الداخلة فی البیع أو فی غیره جری علیها حکم ذلک العقد و حکم المعاطاة منع الإباحة و الملک سواء اشتملت علی رد أولا أجرة للقاسم إذا کان متبرعاً و إن کان قاسم الإمام علیه السلام فأجرته من بیت المال إلا إذا قام به المتقاسمان أو فرضها الإمام علیه السلام علیهم مع الإجبار فإن للإمام علیه السلام ان یفر فیها علی الأقرب لأنها علی بیت رخصة لا عزیمة علی الظاهر و إن کان القاسم بأمرهم فأجرته علیهم علی نسبة المال لا نسبة الرءوس ضرورة تأدیة الثانی إلی استیفاء جمیع الحصة فی بعض المقامات کما إذا قلت حصة أحدهم فاستفرقتها تلک الأجرة بنسبة الرءوس و کون قسمة القلیل و الکثیر سواء فی العمل و القرعة لأن النقل و الحمل لیس علی القسام بل ربما یکون القلیل اکثر تعباً فی الاستخراج سیما فی قسمة المعادلة إذا عدلت السهام لا یقتضی بالمساواة لما ذکرنا من اقتضاء عقد القسمة لذلک لزوم الضرر و لأن

الکلام فی القسمة یقع فی مواضع:

أحدها: الأجرة أجرة الحافظ علی السهام دون الرءوس

اشارة

فالقسمة کذلک و إن کان بأمر أحدهم و رضاء الباقین بأمره من دون أمر منهم فالأجرة علی الآمر و ان کان أمر بالقسمة شخص أولا و سمی مسمی و أمر الآخر کذلک و سمی مسمی آخر أو أمر الأول و ان لم یسم مسمی و أمر الآخر کذلک و فعل القاسم بأمر الأول ففی استحقاق القاسم شی ء من الثانی من مسماه أو من أجرة مثله إشکال و الأوجه عدم الاستحقاق و بالجملة فللقاسم أجرة واحدة فإن دفعها واحد مع رضا الباقین بمجرد القسمة دون الأجرة التزم بها و ان رضی الجمیع بالأجرة کان المسمی علی الجمیع و لو دفع للقاسم أجرتین أو اکثر دفعه أو مرتباً من کل شریک أشکل الحال فی استحقاقه لذلک لأنه یستحق واحدة إذ لیس له إلا الإفراز الواحد و قد حصل بالعمل الواحد فلمن ینوی العمل یستحق الأجرة علیه و ان نوی للجمیع استحق علی الجمیع أجرة واحدة و لو کانت الإجارات مترتبة فلا یستحق إلا الأجرة الأولی لأنها التی حصل بها الإفراز

ص: 111

و هی التی ملک الأول بها الإفراز و القرعة علیه فلا یملک آخر علیه ما ملکه الأول علیه إلا ان یکون فضولیاً بالنسبة إلی المستأجر الأول و کل عمل واحد إذا تعلق به غرض لأثنین أو اکثر کقطع شی ء متصل لأثنین أو حفر بئر مشترکة بین اثنین فاستأجره الأول لم یکن للثانی الاستئجار للزوم تحصیل الحاصل و هو ممتنع مع الإعادة أو لزوم اخذ أجرة من غیر المعمول له و دعوی انه لو استأجره اثنان علی القسمة استحق أجرتین لأنه استحق أحدهما بإفراز مال هذا عن هذا و الثانیة بإفراز الأخری عن تلک فهما مختلفتان بالنیة لا وجه لها و لا تأثیر للنیة و ما یقال فی الدفع إذا استأجره اثنان دفعه کل واحد بإجارة مستقلة علی إفراز حصة من الآخر ان خیار تعین المعمول له بیده فلأیهما نوی استحق علیه و ان نوی المجموع استحق نصف کل من الأجرتین لا وجه له و الأوجه البطلان لتضاد المالکین علی مملوک واحد ثمّ ان المأمور بالقسمة من الشرکاء من دون تعین المسمی له أجرة المقل علی نسبة العمل لأنه هو الذی یقابل بالعوض و هکذا لو أمر الشرکاء حافظاً لمالهم أو أمروا بحصاد و دیاسه أو تقلیح أو ترکیس أو حمل أو غیر ذلک فإنه یستحق علیهم علی نسبة العمل لا علی نسبة الرءوس لعدم مدخلیة الرءوس هنا و کثرة العمل غالباً تدور مدار کثرة النصیب فمن کثر نصیبه کثر عمله فیه و من قل قل و هذا معنی قولهم ان الأجرة علی قدر النصیب و لو فرض کثرة العمل مع قلة النصیب استحق الأجرة بقدر ذلک العمل نعم یشکل الحال فی القسمة حیث ان العمل فیها متساوٍ بالنسبة إلی کثرة النصیب و قلته لاحتیاج الکثیر إلی إفراز القلیل عنه و احتیاج القلیل إلی إفراز الکثیر عنه و احتیاج کل منهما إلی القرعة و العمل فی الکثیر بإخراج القلیل عنه کالعمل فی القلیل بإخراج الکثیر عنه فکما ان صاحب الکثیر یدفع مالًا لافراز القلیل کذلک و هما واحد فی العمل فیحتمل هنا القسمة علی عدد الرءوس لمکان ما ذکرناه و یحتمل ملاحظة الأکثر لحکم أهل العرف بزیادة عمل الکثیر لعود النفع إلیه اکثر فکان العمل فی ماله اکثر کمن رد عبداً قیمته ألف و من رد عبداً قیمته عشرة فإن أهل العرف یقولون ان عمل الأول اکثر و هذا هو الأوجه مضافاً إلی انه لو عومل علی قدر الرءوس لاستغرقت قیمته المقسوم لو کان قلیلًا جداً و لا

ص: 112

قائل به و ربما قیل ان القسمة غالباً سیما قسمة التعدیل یکون عملها فی القلیل اکثر لدقته و لزیادة الحساب فیه و لزیادة القرعة من حیثیة فإن لم یکن فی نفسه اکثر عملًا فهو مسبب لکثرة العمل فعلی ذلک یلغو زیادة العمل و قلة کما یلغو الحکمة بالقسمة علی الرءوس فیعود المدار علی کثرة النصیب و قلته و هو حسن و لو کانت الأجرة مسماة من أهل القسمة فالحکم کذلک إلا ان احتمال القسمة علی الرءوس هنا قوی لظهور الخطاب بالتوزیع علی عدد الرءوس عند الإطلاق و عدم ذکر کل ما علیه و لکن العادة کالمخصصة لظاهر الخطاب و لو عین کل من الشرکاء ما علیه تعین سواء زاد علی قدر العمل فی نصیبه أو قل لعموم المؤمنین عند شروطهم و لیس فیه منافاة لعقد الإجارة قطعاً و ذکروا هنا ان الأجرة علی جمیع الشرکاء سواء فی ذلک طالب القسمة و غیره إذا رضی الجمیع بالقسمة نعم لو عین الطالب مسمی و لم یعین الباقون کان المسمی علی الطالب و علی الباقی أجرة المثل إذا لم یکن الطالب دافعاً عن الجمیع و بهذا دفعوا الإیراد المتقدم فی عدم جواز الترتیب فی الإجارة علی القسمة بأنا نمنع صحة العقد الأول لواحد فقط بل لا بد من رضا الجمیع فالأجرة علی الجمیع ابتداء فلم یبق موضع یصح فیه وقوع الترتیب کی یمنع و فیه أنا نمنع الترتیب فی موضع یمکن صحة العقد من الأول علی القسمة بحیث تکون الأجرة علی الأول و لو برضا الباقین بأجرته.

فائدة: لما کان التملیک فی القسمة علی خلاف الأصل اقتصر علی المتیقن

فی جواز قسمته من المقسوم فلا یقسم ما فی الذمم لو کان الدین لشرکاء متعددین علی غرماء متعددین و لا تقسم المنفعة حصصاً ملکاً أو وقفاً و لا مهایاة فی أزمنة متعددة و لا یقسم الحد حصصاً و لا فی أزمنة متعددة و تقسم الأعیان و تتبعها المنفعة مع العلم بقدر المقسوم و مع الجهل به سواء مما کان یکال و یوزن أم لا مع الشهادة و یقسم المکیل موزوناً و الموزون مکیلًا و یقسم متساویاً و متفاضلًا مثلیاً أم لا و یکون الفاضل فی مقابلة الحسن ذو الجودة و لا ربا فی القسمة أو یزاد فی القسمة زیادة من غیر مقابل بناء علی عدم اشتراط التساوی فی القسمة أو جعل الزیادة بمنزلة الهبة و تقسم العین مع المشاهدة و ان احتملت الزیادة و النقصان فی الربا و غیره و لا تضر الجهالة سوی جهالة ما لم یر

ص: 113

کقسمة البذر تحت الأرض و قسمة الطلع فی الأکمام إذا لم یتمیز و قسمة ما فی تبیین من طعام و نحوه غیر مشاهدین و المقسوم إما ان یکون قیمیاً أو مثلیاً و القیمی إما ان یکون عقار أو غیره و العقار إما ان یکون واحداً أو متعدد مختلفاً أو متفقاً و غیره کذلک إما یکون واحداً أو متعدداً متحد النوع أو مختلفة.

ثانیها: کل ما یحصل بقسمته ضرر علی جمیع الشرکاء بحیث لا یحتمل عاده و لا یقابله نفع آخر أوجب تحمل ذلک الضرر

و لا تجوز قسمته سواء طلبه بعض دون بعض أو طلبه الجمیع لأن القسمة مشروعة لدفع الضرر فلا تشرع له و لأنها سفه و عبث فیشک فی شمول دلیل القسمة لها و قد یقال ان الناس مسلطون علی أموالهم فلهم ان یقسموا علی الرضا مطلقاً و قد یفرق بین الضرر المؤدی إلی التلف فلا تصح و بین الضرر الغیر المؤدی أو بین الفاحش و غیره فتصح فی الأخیرین و ان تضرر بعض الشرکاء فی القسمة دون بعض فإن طلب المتضرر القسمة اجبر غیر المتضرر و ظاهرهم الجبر مطلقاً و فیه إنها بالنسبة إلیه سفه سیما لو کان ضرراً متلفاً فالفرق بین هذا و بین ما تقدم یحتاج إلی تأمل و ان طلب غیر المتضرر القسمة لم یجبر المتضرر بها لأنها مبینة علی رفع الضرر فلا تشرع له و حدیث لا ضرر یدل علیه و ان تضرر غیر المتضرر بالقسمة بعدها تقابل الضرران ضرر المتضرر بها و ضرر المتضرر بعدمها احتمل تقدیم ضرر المتضرر بعدمها لانضمامه إلی ضرر الشرکة و إلی جواز تخلیص مال الإنسان عن غیره فلا یجبر علی عدمه و یحتمل القرعة و یحتمل تقدیم ضرر المتضرر بالقسمة للشک فی شمول أدلة القسمة لذلک و یحتاج ترجیح أقوی الضررین فیعمل به و لو لم یتضرر أحد بالقسمة اجبر الممتنع علیها مع اجتماع الشرائط الأخر لأن بقاء الشرکة ضرر و لا ضرر و لا ضرار و لأن للإنسان تخلیص ماله عن مال غیره و لا طریق سوی القسمة و غیر القسمة من بیع أو غیره یفتقر إلی دلیل یدل علیه و لم یدل علی غیر القسمة دلیل و یتأکد جواز الجبر ما لو تضرر الشریک بترک القسمة و لم یتضرر الآخر بها و الجابر هنا الحاکم ثمّ عدول المؤمنین مرتباً فإن لم یکن الجمیع تولی الجبر نفس الشریک و بهذا یظهر جواز تولی الشریک القسمة مع الظالم الذی یرید غصب حصة شریکه و کان

ص: 114

شریکه غیر حاضر فإن بقاء الشرکة یؤدی إلی غصب ماله و تلفه فحینئذ یقوم المتضرر مقام الغائب فیقسم مع الغاصب إذا لم یجد حاکماً و نحوه یستأذن منه و کل غائب أرید القسمة معه مع تضرر الشریک بعدمها قام الحاکم مقامه و عزل حصة کما یقوم مقامه و لو تضرر الغائب ببقاء الشرکة فانه یقسم عنه فإن قلت: لا ولایة للحاکم مع المفسدة علی الغائب قلنا: لیست هذه ولایة علی الغائب بل هی حفظاً لمال الحاضر و رفع الضرر عنه بالشرکة فالمقصود عزل نصیب الحاضر عنه لا عزل نصیب الغائب و بینهما فرق.

ثالثها: ذکروا ان المثلی یقسم قسمة إجبار

مطلقاً و هو مبنی علی الغالب من عدم حصول ضرر فی قسمته و عدم توقفه علی رد فلو فرض حصول ضرر من جهة تأدیة المقسوم و إلی ما لا یتمول أو لا ینتفع به لقلته کقلیل من الحب بین شرکاء کثیرین أو فرض توقف صحته علی رد لم یقسم قسمة إجبار و غیر المثلی من القیمی و ان تساوت أجزاؤه کأرض متفقة الأجزاء و ثوب کذلک فکذلک و ان توقف علی رد من أحد الشریکین إلی الآخر لإحراز تعدیل السهم بالقیمة افقرت إلی التراضی و لا یجوز إجبار الممتنع و إن لم یتوقف علی رد فإن أدی إلی ضرر الکل أو البعض فی القسمة لم یجب الممتنع کقسمة عبد بین اثنین أو فرس کذلک أو دکان ضیق أو جوهرة إلی غیر ذلک من الأوانی بل و المصوغ و الثیاب المخیطة و القرب و الجلود و یبقی المال مشترکاً إلی ان یتفقا علی بیعه أو إجارته أو یبیع أحدهما علی الآخر أو یقسمون منفعته بالمهایاة فی الزمان أو یقسمونها بحسب الحصص کما ینام فی اللحاف اثنان طرفاً و طرف و یرکب الدابة اثنان کذلک أعلی و ادنی و لکن لا تلزم القسمة بل لیست قسمة و فی إفادتها الملک المتزلزل إشکال و علی کل حال فلهم فسخها و لو بعد استیفاء أحدهما أجرة المثل عوض ما استوفاه الفسخ العقد جائز بعد تلف العین و یقوی القول بجواز جبر الحاکم لأحد الشریکین علی البیع أو علی الإجارة سیما مع الضرر ببقاء الشرکة إذا طلب الآخر ذلک لحدیث لا ضرر و لا ضرار و ان لم یتوقف علی رد و لم یشتمل علی ضرر جازت قسمته و اجبر الممتنع علیها ان کان أفراد النوع واحد کعبید أو حیوانات من نوع

ص: 115

واحد سواء تساوت أفرادها بالقسمة کعبدین أو حمارین بین اثنین سواء أو اختلف کثلاثة فی مقابلة واحدة علی الأظهر فی الجمیع لإمکان تعدیلها بالقیمة و لزوم الضرر بعدم قسمتها غالباً و علیه الأکثر و یدل علیه روایة النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم حیث تجر العبید فقسمهم فیمن اعتق شافی فی مرض موته و لا مال له سواهم و منع بعض من قسمة ذلک علی جهة الإجبار و استشکل العلامة من قسمة العبید و یلحق بالعبید الثیاب المتخذة من نوع واحد و الکرباس و الحبل و المنسوج؟؟؟ من کل متماثل المتعدد و النخل و الأشجار و الخضراوات الغیر متماثلة و الأوانی المعمولة من نوع واحد و الکتب المنسوجة من کتاب واحد و فی تمیز الجائز قسمته جبراً من هذه الأفراد من الغیر الجائز إلا علی وجه التراضی یحتاج إلی تأمل لأصالة عدم القسمة و أصالة عدم جواز الجبر علیها و کذا تجوز قسمة القیمی المختلف الأجزاء قیمة و رغبة إذا کان واحداً عرفاً کدار متسعة للقسمة و بستان نخل و دکان و خان و ان اختلفت بحسب القرب إلی الماء و عدمه و حسن البناء و عدمه بل تجوز قسمة المختلف نوعاً إذا کان شیئاً واحداً و یدخل فی شی ء واحد عرفاً کالبستان المشتملة علی أشجار و نخل و خضراوات و الدار المشتملة علی خشب و جذوع و سکک و غیرها من الأشیاء المختلفة کل ذلک للسیرة و لمکان الضرر بعدم القسمة و کثیراً ما یدخل المختلف فی القسمة تبعاً للشی ء الواحد و یفتقر فی الثوانی ما لا یفتقر فی الأوائل و منع بعضهم من الإجبار فی غیر قسمة المثلی لأصالة عدمه و لا شک ان التراضی علیه أحوط بقی الکلام فی أمور منها قسمة المثلی نوعاً بنوع متغایر بعد التعدیل بالقیمة و منها قسمة القیمی نوعاً بنوع آخر کأنعام مختلفة صنعاً بعضها ببعض أو دواب کذلک أو عبید کذلک و کذلک الکتب المختلفة نوعاً کنحو و صرف أو المختلفة لأهلها کشرائع و قواعد و الثیاب المتباینة کقطن و کتان و ابریسم و الطوائق المنسوجة من أنواع مختلفة و کذا الملابس المختلفة من العمائم و القلانس و الأردیة و غیر ذلک و هذه أجازها کثیر مع التعدیل بالقیمة أو مع تساویها بالقیمة و العدد و هو قریب و منها العقارات و الدور و الدکاکین المتعددة تباعدت أو تقاربت إذا لم تکن واحدة عرفا و منها مختلف الجنس بعضه ببعض مع التعدیل بالقیمة تساوت أفراده أم اختلفت

ص: 116

فالذی یظهر عدم جواز قسمته بالاجبار للشک فیه مع عدم دلیل یدل علیه نعم یجوز قسمة الجمیع قسمة تراضٍ بل الاحوط إیقاع الصلح فی جمیعها للشک فی شمول الملک و التملیک بالقسمة لذلک بل قد یقال انه لا یدخل فی دلیل القسمة قسمة الدواب مع الدور أو قسمة البساتین مع الکتب أو قسمة المراکب مع الأطعمة أو قسمة الأوانی مع الفرش حتی مع تعدیل السهام و القرعة و التراضی لعدم عموم دلیل القسمة و دخولها تحت تجارة عن تراضٍ مشکوک فیه لمنع کونها من التجارة بل هی إلی الایقاع أو الأحکام اقرب و ینبغی التأمل فی معرفة الفرق فیما ذکروا من الامثلیة و عنونوا به المختلف و المتفق بین مختلف النوع و بین مختلف الجنس حیث انهم فی الأول اختلفوا فی جواز الإجبار علیه و عدمه و فی الثانی اتفقوا علی المنع و من الأمثلة ما تدخل تحت مختلف النوع من مختلف الجنس و بالعکس فلا بد من التأمل و هل یشترط فی القسمة بین شیئین قطع الشرکة اصلا أم لا یشترط کما إذا اقتسما عبدین أحدهما ربع الآخر قیمة فأخذ أحدهما الدنی مع ربع الجید الباقی وجهان و الأقرب عدم إجراء القسمة فیه و لو فرضنا جوازها فلا إجبار هنا و لو طلب أحد الشریکین قسمة المشاع دون بعض ففی جواز إجباره وجه.

رابعها: الضرر المانع من القسمة لهو المؤدی إلی التلف و الی بطلان المنفعة أو إلی نقصان القیمة أو إلی نقصان منفعته

منفرداً عن منفعته مشترکاً أو نقصان قیمته منفرداً عن قیمته مشترکاً أو إلی تعین منفعته مشترکاً إلی أخری منفرداً مطلقاً أو أدنی منها أو ما یسمی ضرر عرفاً و المرجع فیه إلی الشاهدین العدلین أو نظر الحاکم أو عدل من أهل المعرفة و النظر و إذا تضرر واحد بالقسمة و تضرر آخر بعدمها و لم یتضرر الثالث بوجه اجبر فإن جعل غیر المتضرر مع المتضرر بالقسمة ارتفع ضرره اجبرا و بقیا مشترکین و أفرز حصة المتضرر بعدمها بل لو طلب واحد من الشرکاء القسمة مع اثنین لم یطلباها اجبرا علی إفراز حصة فقط علی الأظهر و لو اشتملت القسمة علی رد شی ء خارج من المقسوم لم یجبر الراد قطعه و لا یجبر من لم یرد أیضاً لأنه لا یجبر فی الرد علیه کما لا یجبر علی الرد و الأظهر فی قسمة الرد توقفها علی القرعة و الرضا بها

ص: 117

و الرضا بعدها أو الصلح بینهما ابتداء و لا یتفاوت بین ان یتفقا علی القسمة من دون قرعة أو یختلفا و یوکلا الأمر إلی القرعة کل ذلک للأصل المقتضی للمنع فی محل الشک و یظهر من الشهید فی اللمعة انهما لو تراضیا بالقسمة بمعنی انهما إفراز المال و جعلا المردود فی جانب وعینا حصصهما لزم من دون حاجة إلی القرعة و هو بعید بل هو بعید فی غیر قسمة الرد و کل ما لا یجبر علیه الممتنع من القسمة بالقیمی جنساً بجنس أو نوعاً بنوع أو قسمة الدور بعضاً ببعض أو الدکاکین أو العلو و السفل أو غیر ذلک فظاهرهم جواز قسمته علی التراضی مع القرعة فقط أو الرضا بعدها أو مع التراضی فقط إذا اتفق الشریکان علی ما یظهر من الشهید و فیه إشکال لعدم الدلیل علی حصول الملک بنفس الإفراز و التعین الحاصل منهما

و هنا أمور:

أحدها: ذکرنا انه لا تصح القسمة بمعنی ان یأخذ أحد الشریکین اقل

فیکون له و یأخذ الآخر الأکثر بمشارکة الآخر فعلی هذا لو ظهر بالقسمة غلط فی الزیادة فی أحد النصیبین بطلت القسمة هذا مع القطع و أما لو ادعی أحدهما الغلط لم یسمع لأصالة صحة القسمة و لا یسمع إلا مع البینة نعم له الیمین علی من أنکر فإن حلف و إلا قضینا بالنکول و بطلت القسمة و یحلف علی البت ان کان هما القاسمین و إلا فعلی نفی العلم مع احتمال الحلف علی البت بأنه لم یصل إلیه الأکثر و لو وکلا وکیلًا علی القسمة فهل تتوجه علیه الیمین؟ الظاهر نعم لأن یمینه ترفع عنه الضمان و لو نکل أو اقر لم یمض علیهما لتعلق الحق بغیره فلا یسمع إقراره فی حق غیره و هل یحلف منصوب الإمام لو ادعیاه أم لا یحلف لأنه بمنزلة الإمام علیه السلام؟ ظاهر المشهور انه لا تتوجه علیه الیمین و لا یقضی علیه بالنکول بل لا تسمع علیه الدعوی و الأقرب للقواعد و الأوجه انه یحلف و لو نکل أو اقر لم یمض إقراره علی المتقاسمین و هل تقبل شهادة القاسم مطلقاً إلا إذا کان بأجرة لجلب النفع أو لا تقبل مطلقاً لاتهامه فی جر النفع إلیه لتصحیح قسمته أو یقبل إذا کان منصوب الإمام علیه السلام و لم یکن مشاجراً دون غیره لأنه بمنزلة الإمام علیه السلام و لو تعدد الشرکاء فأقر أحدهم بالغلط أو نکل بطلت القسمة فی حقه دون غیره و قیل ببطلان اصل القسمة لأنها قسمة واحدة فلا تتبعض و لا فرق فی

ص: 118

ذلک بین قسمة التراضی و غیرها خلافاً للشیخ نقلًا فلا یسمع دعوی الغلط فی الأولی لأنه قد رضی بالزیادة و قسم علی ذلک النحو و فیه منع رضاه بذلک لاحتمال السهو و الغفلة و الجهل بالقیمة و نحو ذلک.

ثانیها: الأصل لزوم القسمة

للاستصحاب و لأن الأصل فی النواقل اللزوم و هل تشرع فیها الإقالة وجه قریب و هل یجری فیها خیار الشرط أو اشتراط الخیار لا یبعد ذلک و یجری فیها خیار الغبن فی التقویم و خیار العیب و هل تفسد بالعیب وجه و مع العدم له الارش أو الرد و مع الارش هل یکون کقسمة الرد الأوجه العدم و یجری فیها خیار الوصف و تجری فیها الفضولیة و یقوم الولی مقام المولی علیه مع الغبطة و لو طلب أحد الشریکین قسمة بعض المشاع دون بعض ففی وجوب إجابته وجه و لو طلب واحد القسمة مع اثنین کما إذا کان له النصف و للاثنین النصف لزم اجابتهما له و لو التزم أحدهما للآخر یرفع الضرر عنه کما إذا قسمنا حماماً فالتزم أحدهما بدفع یأتون و خزینته له أو تبرع أجنبی بذلک فإن کان مأخوذاً بشرط من غیر عوض فلا یبعد لزوم الإجابة للقسمة و هل تقبل الشروط؟ الظاهر نعم لعموم (المؤمنون عند شروطهم) و لو کان الضرر فی زمان دون زمان أو مکان دون مکان أو ینجبر شی ء جزئی ففی لزوم الإجابة وجهان و الأمر یدور مدار الضرر العرفی و یجوز ان یقسم الوقف علی رد کان من صاحب الوقف لأن الوقف لا ینقل کی یقبل صاحب الوقف الرد فإن کان الرد فی مقابلة الوصف فالجمیع الذی أفرزه الموقوف علیه وقف و ان کان فی مقابله بناء أو شجر فالوقف غیر ما بإزائه الرد و لو اقتسما مال الغیر لأنفسهما فأجاز الملاک احتمل ملک المتقاسمین له کمن باع مال غیره لنفسه و الأقوی العدم و لو اشترکا فی دار عال و اسفل فطلب أحد الشریکین قسمة أحدهما دون الآخر فالأظهر عدم لزوم إجبار الممتنع لأن المشترک إذا کان واحد لا یجبر علی قسمة بعضه و لو طلب أحدهما الانفراد بالعلو أو السفل لم یجبر الممتنع و لو تقاسما العلو و السفل فطلب صاحب بعض العلو اسفل عال الآخر أو طلب صاحب الاسفل علی سافل الآخر

ص: 119

ففی الإجابة وجهان و لا یبعد عدم إجبار الممتنع و لو توقف التعدیل للزوم الضرر غالباً.

ثالثها: لو کان بین الشریکین ارض أو زرع فطلب أحدهما قسمة الأرض فقط اجبر الممتنع

و لو طلب قسمة الزرع فإن کان تحت الأرض لم یجز لزیادة الغرر و لو کان فصیلًا فالأظهر جواز قسمته لإمکان تعدیله و اجبار الممتنع أیضاً و لو کان سنبلًا قال الشیخ نقلًا: لا تجوز و کأنه لشبه القسمة بالبیع لا یجوز بیع السنبل بمثله و الحق جواز قسمته و یجوز قسمة الأرض مع الزرع بتعدیل الاثنین علی السواء و لا یجبر الممتنع علی قسمة الأرض فی مقابل الزرع للاختلاف جنساً و لا تجوز قسمة الدور و الدکاکین المتفرقة و ان تقاربت قسمة إجبار بعضاً ببعض و تجوز قسمة النخل من دون الأرض قسمة إجبار و کذا الشجر و لو اختلفا لم یجز قسمة بعض ببعض مع التعدیل قسمة إجبار لاختلاف الجنس و یجوز قسمه بالنخل تبعاً للأرض فی البستان الواحدة قسمة إجبار و کذا النخل و مع الاختلاف فالظاهر انه یجوز قسمتها مع التعدیل قسمة إجبار تبعاً للأرض.

رابعها: لو اقتسما و ظهر دین علی المیت فإن ضمن الورثة الدین و رضی الغرماء أو وفوا الدین صحت القسمة

و کذا لو أجازوها الغرماء و إلا نقض الغرماء القسمة و لو وفی بعض دون بعض صحت القسمة بالنسبة إلی من وفی علی إشکال و لا فرق بین الدین المستغرق و عدمه للاتفاق علی تعلق حق الورثة به و قد یقال بناء علی عدم انتقال الترکة إلی الورثة فی المستغرق عدم صحة القسمة لأنهم قسموا ما لم یملکوا و فیه انه برضا الغرماء تصح القسمة فتکون کالفضولی بل هی إلی الصحة اقرب و لو ظهرت وصیته فإن کانت کلیة فیه کالدین و إن کانت معینة أو جزء من المال مشاع کانت کما لو ظهر بعض المقسوم لغیر المتقاسمین.

خامسها: لو اقتسما ثمّ ظهر البعض مستحقاً فإن کان معیناً فظهر کله أو بعضه مع نصیب أحدهما بطلت القسمة

لبقاء شرکة هذا مع أولئک و لو کان البعض مع نصیب کل منهما بقدر واحد معین صحت القسمة و أخرجوا المعین من کل نصیب و إن

ص: 120

کان المعین مع کل نصیب لکن فیه زیادة و نقصان بطلت القسمة لبقاء الشرکة و لو کان المستحق للغیر مشاعاً فی الحصص ففی البطلان لعدم حصول التمیز بین الشرکاء و للشک فی شمول القسمة لذلک أو الصحة بحصول المقصود من التمیز بین هؤلاء المتقاسمین و ان بقیت لهم الشرکة مع غیرهم و الأخیر قوی و لا یتفاوت حینئذ بین علم الشریکین بالاستحقاق و بین عدمه و تبنی المسألة علی انه یجوز القسمة بین أربعة شرکاء کل اثنین بنصیب أم لا یجوز و لا یبعد الجواز و قد یفرق بین رضاء المستحق بالقسمة بین المتقاسمین و بین عدمه أو بین العلم و الجهل.

سادسها: الحصص ان تساوت قدر الثلاثة لثلاثة و قیمة بمعنی مساواة أجزاء المقسوم لقیمة الجملة فالقسمة بتعدیلها علی قدر السهام

لأنه یتضمن القیمة کالدارین اثنین و قیمتهما متساویة؟؟؟ لتعدیل یکون القاسم مخیراً بین الإخراج مع الأسماء و بین الإخراج علی السهام فالأول یکتب کل نصف فی رقعة و یمیز نصفاً عن نصف بوصف من الأوصاف و یخفی الکتابة بشمع أو طین ثمّ یأمر من لیس له اطلاع علی ذلک بإخراج أحد الطینتین علی اسم أحد المتقاسمین فما خرج فهو له و الثانی یکتب الاسمین و یکتمهما و یأمر من لم یطلع بخروج أحدهما علی نصف من النصفین و ان تساوت الحصص قدراً لا قیمیة عدلت السهام قیمة و ألقی القدر حتی لو کانت الثلثان بقیمة الثلث جعل الثلث سهماً محاذیاً للثلث و فعل کما تقدم و ان تساوت الحصص قیمة لا قدراً مثل ان یکون لواحد النصف و للآخر السدس و قیمة الأجزاء متساویة قسمت السهام علی اقلهم نصیباً و هو السدس فیجعل أسداساً و هل یکتب بعدد السهام ستة لصاحب السدس واحدة و لصاحب الثلث اثنان و لصاحب النصف ثلاثة أو بعدد الشرکاء فیکتب ثلاثة الأقرب الثانی لحصول المقصود مع السهولة فحینئذ یکتب لکل اسم رقعة و یجعل للسهام أول و ثانی و ثالث و هکذا إلی السادس و الخیار فی تعین ذلک إلی المتقاسمین و الخیار بید القاسم أو إلی القرعة ثمّ یخرج رقعة فإن تضمنت اسم صاحب النصف فله الثلاثة الأول من السهام الأول و الثانی و الثالث ثمّ یخرج ثانیة فإن خرج صاحب الثلث فله السهمان الآخران الرابع و الخامس و لا یحتاج الإخراج

ص: 121

لصاحب الثالثة و لو اخرج اسم صاحب الثلث أولًا کان له السهمان الأولان ثمّ یخرج أخری فإن خرج صاحب النصف فله الثالث و الرابع و الخامس و لا یحتاج إلی إخراج أخری و لو خرج صاحب السدس أولًا کان له السهم الأول ثمّ یخرج الأخری فإن کان صاحب الثلث فله الثانی و الثالث و الباقی لصاحب النصف و لو خرج فی الثانیة صاحب النصف کان له الثانی و الثالث و الرابع و بقی الباقی لصاحب الثلث و علی الأول و هو ان یکتب الرقاع باسم السهام الستة و یخرج علی اسم الشرکاء فقد یحصل فیه خلل یؤدی إلی تفریق السهام لأنه ربما یخرج لصاحب السدس الجزء الثانی أو الخامس لیتفرق ملک من له النصف أو الثلث و ربما خرج السهم الرابع لصاحب النصف فیریده و سهمین قبله و یرید ان یأخذ سهمین بعده فیفضی إلی النزاع و یجوز مع رجوعهم فی جمیع إلی الرقاع ان یخرج الصاحب النصف ثلاثة متفرقة و لصاحب الثلث اثنان متفرقان فیؤدی إلی الاضرار و الأمر بالإخراج هنا علی الأسماء دون السهام تبعا لمحقق و کان حق التعیین بالعکس و هو إخراج الأسماء علی السهام کما عبر به کما عبر به جماعة أو التعبیر بإخراج الأسماء من غیر ان یجعله علی السهام أو غیرها و هو أجود إذ لا ینطبق الإخراج علی السهام لاختلافها باختلاف الأسماء بل المعبر فی الاسم الخارج أولا ان یعطی الأول و ما بعده إلی تمام الحق ان احتیج إلیه بأن کان صاحب الحق غیر صاحب السدس فلا یتعین السهم إلا بعد تحقق الاسم لکن لما کان السهم الأول متعیناً للاسم صدق إخراج الأسماء علی السهام فی الجملة بخلاف العکس فإنه یحتاج إلی تکلف أو یؤدی إلی الفساد و لیعلم ان محذور تفریق السهام علی تقدیر إخراجها علی الأسماء یلزم علی تقدیر الإخراج أولًا علی اسم صاحب السدس بأن یخرج له السهم الثانی أو الخامس و یمکن الغنی عنه بأن یبدأ أولًا باسم صاحب النصف فإن خرج الأول باسمه أعطی الأول و ما بعده و ان خرج الثانی أعطی معه ما قبله و ما بعده و ان خرج الثالث قال بعضهم وقف و اخرج لصاحب الثلث فإن خرج علی الأول فله الأول و الثانی و لصاحب النصف الثالث و ما بعده و یتعین السدس لصاحبه و کذا الحکم لو خرج لصاحب الثلث الثانی و ان خرج له الخامس فله معه

ص: 122

السادس و قیل إذا خرج لصاحب النصف الثالث فله الثالث و اللذان قبله و ان خرج الرابع فله الرابع و اللذان قبله و تعین الأول لصاحب السدس و الأخیران لصاحب الثلث و ان خرج الخامس فله معه الاثنان اللذان قبله و یتعین الأخیر لصاحب السدس و الأولان لصاحب الثلث و ان خرج السادس فله معه الاثنان قبله و یخرج رقعة أخری باسم الآخرین و یمکن البدأة أیضاً باسم صاحب السدس فإن خرج باسمه الأول أو الثانی الأول کان له و ان خرج الخامس أو السادس کان له السادس ثمّ یخرج باسم أحد الآخرین فلا یقع تفریق و ان خرج له الثالث دفع الیه و تعین الأول لصاحب الثلث و الثلاثة الأخیرة لصاحب النصف و ان خرج له الرابع دفع إلیه و تعین الأخیران لصاحب الثلث و الثلاثة الأول لصاحب النصف فإن بدأ بصاحب الثلث فخرج له الأول أو الثانی دفع إلیه الأول و الثانی و ان خرج له الخامس أو السادس دفعا إلیه ثمّ یخرج باسم أحد الآخرین و ان خرج لصاحب الثلث الثالث فله ما قبله معه و تعین الأول لصاحب السدس و الثلاثة الأخیرة لصاحب النصف و ان خرج الرابع فله معه الخامس و یتعین السادس لصاحب السدس و الثلاثة الأول لصاحب النصف و أکثر هذا إنما یتم إذا اتفق علیه الشرکاء أو رآه منصوب الإمام علیه السلام أو من رضیا بقسمته و إذا اختلفت السهام و القیمة عدلت السهام تقویماً و میزت علی قدر أقلهم نصیباً لأن المعتبر فی جعل السهام علی اقلها مراعاة القیمة لا المقدار فإن اتفق المقدار فذاک و إلا اعتبرت القیمة فقد یجعل ثلث الأرض بسدس و نصفها بسدس آخر و السدس الآخر یقسم أرباعاً فتصیر السهام ستة متساویة القیمة و الأمر بإخراجها بالقرعة کما تقدم.

سابعها: القرعة هی کل أمر یستکشف بها الأمر المبهم

سواء بفعل فاعل اختیاری أو بوقوع فعل من فاعل آخر فهو کالتفاؤل إلا انه فی الشرع لا یجوز بما فیه خطر کنعق الغراب أو صوت حیوان أو دخول واحد أو خروجه بل یختص بما فیه بیان کالرقاع فی البنادق و یجوز بالحصی و النوی و البعر بل فی الأصابع و ورد عن النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم انه اقترع بالنوی و البعر و الأخبار الواردة بلفظ القرعة ظاهرة فیما یقترع علیه زمن الصدور و ما یستخرج به المبهم ذلک الیوم و الظاهر انه لم یکن ذلک الیوم شیئاً

ص: 123

خاصاً معلوماً للاقتراع، نعم أظهر أفرادها و أحوطها الرقاع و شبهها فی البنادق و الطین و کلما أزداد خفاؤها کان أولی و أحوط

القول فی أحکام المدعی و المنکر و فیه أمور:

أحدها: فی بیان المدعی

الدعوی فی اللغة الطلب قال سبحانه و تعالی: (وَ لَهُمْ مٰا یَدَّعُونَ) (یس: من الآیة 57) أی یتمنون و القول قاله سبحانه و تعالی: (وَ آخِرُ دَعْوٰاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِینَ) (یونس: من الآیة 10) و إضافة الشی ء إلی النفس کقوله: هذا لی أو إلی العین کقوله: هذا له و کان دعوی خبر لا یخلو من شائبة الإنشاء و هی الحکم علی المنکر بما یدعیه علیه و للفقهاء فی تعریف المدعی طرق أحدها انه هو الذی یترک لو ترک و بمعناه یخلی و سکوته ثانیها انه من یدعی خلاف الظاهر و بمعناه من یدعی أمراً خفیاً.

و ثالثها انه من یدعی خلاف الأصل.

رابعها انه أحد هذه الثلاثة مردداً بینهما و ربما عبر عن مخالفة الظاهر بمخالفة الأصل فأراد بذلک ما یشمل الأمرین معاً لأن الأصل یطلق علی الظاهر و المنکر فی مقابل ذلک فمن ترک لو ترک أو وافق قوله الأصل أو الظاهر أو الجمیع أو المرکب من الاثنین کان هو المنکر و قد تجتمع الثلاثة فی فقر ادعی غنیاً وفیا مالًا فی ذمته فأنکره و قد یختص بواحد و یسلب الباقی و قد تتعارض فیه فیصیر مدعیاً منکراً بالاعتبارین فللحاکم طلب البینة علیه من حیثیة الدعوی و الیمین من حیثیة الإنکار و قد یغلب فی حال الاجتماع أقواها کما یغلب مخالفة الأصل لموافقة الظاهر و یغلب ما لو ترک لترک للاثنین الباقیین و قد یرجع فی الاجتماع إلی العرف فمن یسموه مدعیاً و الحال ذلک جری علیه حکم المدعی و إلا جری علیه حکم المنکر و هو الأقرب مثال ذلک لو اسلم الزوجان قبل الدخول فقال الزوج أسلمنا معاً فالنکاح باقٍ و قالت: أسلمت قبله فلا نکاح فی الأول و الثالث هی المدعیة لأنها لو ترکت الخصومة لترکت و استمر النکاح و لأنها تدعی تعاقب الإسلام و الأصل عدمه لاستدعائه تقدم أحد الحادثین علی الآخر و الأصل عدمه و علی الثانی هو المدعی لبعد المقارنة و کذا لو ادعت زوجة الموسر و هی

ص: 124

معه عدم الإنفاق و هو ینکره فإن قولها یوافق الأصل و یخالف الظاهر فهی مدعیة علی الأخیر منکرة علی الأول و علی التفسیر الأول مدعیة و کذا لو ادعی المتلف الإعسار و لم یعلم ان عنده مال فانه منکر بالمعنی الثالث و لا مدعٍ و لا منکر بالمعنی الثانی و فی کونه مدعٍ أو منکر بالمعنی الأول وجهان من انه لو ترک و دعوی الإعسار لترک بمعنی لأخذ منه ما یقر به من المال و من انه لو ترکه الغریم و دعوی الإعسار لترک و الحق الرجوع عنه المعارضة إلی العرف کما هو الشأن فی کل ما أنیط الحکم فیه بأمر لفظی و لم یجی ء بیانه فی الشرع بل الظاهر ان تعاریف الفقهاء للکشف عن المعنی العرفی للفظ المدعی الذی ورد ان البینة علیه و ان الیمین المردودة ذهبت بدعوی المدعی فکل منهم یتخیل ان العرف ینطبق علی حدة أو ان العرف ینطبق علی الجمیع و لکن عند اجتماعها فی واحد أو اجتماع اثنین یرجع أیضاً فیه إلی العرف فإن حکم العرف علیه باسم واحد جری علیه حکمه و ان حکم علیه بالاسمین جاز تعلق الحکمین به و الذی یظهر فی دعوی الزوجة عدم الإنفاق إنها هی المدعیة کما إذا ادعت علیه عدم الإنفاق و عدم المضاجعة بخلاف ما لو کانت فی مکان بعید و کان معسراً و کان ظاهر حاله اللؤم و الشحة و کذا فی دعوی الإعسار انه هو المدعی إلا ان یوافق الظاهر فی ذلک و کذا فی مدعیة الإسلام إنها هی المدعیة لأنها تدعی انفساخ النکاح و بالجملة فیحکم أهل العرف بالمعنی الأول انه المدعی قطعاً کیف کان و لو عارضته المعانی الأخر کلًا أو بعضاً و الأوجه ان یجعل مدار الفرق بین المدعی و المنکر علی تحریر محل النزاع و الخصومة فمن یدعیه هو المدعی و من ینکره فهو المدعی علیه و هو المنکر ثمّ لا یلتفت إلی ما تتضمنه الدعوی من الإنکار إلی ما تضمنه الإنکار من الدعوی فکثیراً ما یتضمن أحدهما الآخر کما مر من الأمثلة بل کل منکر یدعی کذب المدعی و خطأ المدعی ینکر ذلک و قد حکم جملة من أصحابنا فیما إذا کان البیع بالمشاهدة السابقة علی وجه یصح معه البیع ثمّ طری فیه صفة نقص فاختلف المتبایعان فقال المشتری: إنها لم تکن یوم شاهدته فلی الخیار فقال البائع: بل کانت فلا خیار بأن القول قول المشتری بیمینه لأنه هو المنکر لأن البائع یدعی علمه بهذه الصفة و هو ینکره و احتمل بعضهم العکس

ص: 125

احتمالًا مع ان النزاع إنما وقع فی التغیر فالمشتری یدعیه و البائع ینکره و ادعاؤه علی المشتری العلم بهذه الصفة لا یخرجه عن کونه منکراً فی هذه الخصومة بحیث لو ترک لترک و قد یقال ان الابتیاع بالوصف أو بالرؤیة السابقة إنما یتم إذا کان علی ما رأی و الشأن فیه و البائع یدعی ذلک فکان هو الذی لو ترک لترک إلا انه یضعفه تعارض اصلی عدم التغیر و عدم استیفاء الحق فلا وجه لترجیح الثانی مع ظهور ان الأول ارجح لأصالة صحة العقد و لتسمیة أهل العرف له بعد تحقق البیع انه هو المدعی و مما یشکل فیه الفرق بین المدعی و المنکر ما إذا کان المبیع مما یکفی فی قبضه التخلیة فوجداه بعد العقد و التخلیة تالفاً فادعی البائع ان التلف کان بعدهما و المشتری انه کان قبل العقد و الأظهر هنا کون المشتری هو المنکر لأصالة عدم انتقال الملک و عدم استیفاء الحق و کان مبنی الفقهاء فی هذه و فی الأولی علی تقدیم قول المشتری لأصالة عدم وصول الحق و عدم الالتفات إلی أصالة صحة العقد من جهة ان البیع إنما کان بالوصف و بالرؤیة السابقة و لما یتم إلا بتسلیم بقائه علی ما کان أو یقال ان الحکم یدور مدار بقائه و هو ثابت بالاستصحاب و لو لم یتخاصم المتداعیان بل طلبا الفتوی أفتی لهما المفتی بما ترجح لدیه من الحکم بالضمان علی المشتری لأصالة تأخیر الحادث و أصالة صحة العقد و التخلیة و عدم تأثیر احتمال تقدم التلف علیهما أو علی أحدهما أو علی البائع بناء علی أصالة عدم وصول الثمن إلی المشتری و عدم تحقق شرط الصحة و کذا الحال فی کل موضع لا یدعی المدعی فیه حتی یتضح له الحال و اعلم ان المراد بخلاف الظاهر هو الظاهر لدی أهل العرف بحیث یکون خلافه أمراً نادراً لا مجرد ظهور الحال عند الحاکم أو عند بعض الناس و لا کونه أظهر من غیره و إلا لزم ان تکون کثیر من الدعاوی لا یتمیز فیها کون الظاهر مع المدعی أو مع المنکر بل المنکر کثیراً ما یخالف الظاهر و أیضا فقد یکون کل واحد من المتداعین مدعٍ و منکر فللحاکم ان یطلب من کل منهما البینة و له ان یطلب الیمین کذلک مع عدم البینة فلا بد من التأمل.

ثانیها: المدعی عرفاً هو من نسب إلیه شیئاً من شأنه ان ینکر و یطالب بإثباته أو نسب إلی غیره شیئاً من شأنه ان ینکره أو یطالبه بإثباته

فالأول یدعی لنفسه و الثانی

ص: 126

یدعی علی غیره و من الأول من ادعی ما لیس فیه کذبته شواهد الامتحان و من الثانی البینة علی المدعی و المعروف فی المدعی شرعاً هو کل من ذکر ان له علی غیره حق یجاوز استیفاءه منه أو ذکر انه قد وفی حق غیره بعد ثبوته علیه یحاول خلاصه منه ففی المدعی شائبة من شوائب الإنشاء فالدعوی تتضمن معنی زائداً علی مجرد الأخبار و اختلف الفقهاء فی تفسیرها علی قولین کما ذکر جماعة و هو المعنی الأول أو الثانی المردد بین مخالفة الأصل أو الظاهر و قیل ثلاثة بجعل المردد قولین ربما یظهر من بعضهم انهما اثنان و هو الأول و أول المردد بینهما و یظهر من آخرین انه الأول و ثانی المردد بینهما و علی کل حال فالظاهر من هذه التعاریف إنها کشف عن العرف لا بیان المعنی الشرعی لعدم ثبوت الحقیقة الشرعیة لعدم ثبوت معنی جدید مفرّع للدعوی فی الشرع و انهم یحاولون بیان معنی واحد فلا یصح الجمع بین تعاریفهم بحمل العام علی الخاص أو بالحمل علی الاشتراک اللفظی أو الاشتراک المعنوی لأن کلا منهم بین معنی غیر الذی بینه الآخر و الظاهر انه آخر أحد یحاولون فی تعاریفهم کشفه و بیان المراد منه بذکر لوازمه و خواصه فکل یذکر له خاصة و علامة غیر الآخر و کل منهم یرید بأصل المعنی ما یریده الآخر و لیس اختلافهم فی اصل المعنی الموضوع له اللفظ حق یکون من باب تعارض النقل أو من باب اختلاف الاجتهاد و ان کان الظاهر من جماعة ان هذه أقوال متغایرة و انه اختلاف فی اصل المعنی بحیث یلزم معه الترجیح و الاجتهاد فی تطبیق المنقول علی العرف و عدمه و علیه فکل قول فی بیان معنی المدعی یکون المنکر مقابله و علیه فالأرجح تعریفه بمن لو ترک لترک لأنه اقرب إلی العرف و لا ینظر بعد ذلک إلی موافقة الأصل و عدمها و لا إلی موافقة الظاهر و عدمها و فی الغالب ملازمتهما له علی انه یشکل المراد بالأصل هو الأصل العقلی أو الشرعی کأصل الصحة فلم یعلم أیها المراد بالموافقة و المخالفة و أیضا فالأصول لم تزل متعارضة فی باب الدعوی و یشکل المراد بالظاهر لأنه علی الظاهر فی مقابلة الخفی مع انهم عدوا من مخالفة الظاهر و دعوی زید فی ذمة عمر مالًا و یقوی القول بأن اختلافهم بالتعاریف من قبیل الاختلاف بالعلائم فکل یذکر علامة للمعنی العرفی لأنه لما کان المعنی العرفی هو نسبة

ص: 127

الإنسان لنفسه أو لغیره أمراً یطالب بإثباته مما یلزمه انه یخلی و سکوته لأنه لا یطالب بإثباته إلا إذا حاول حصوله فإذا ترکه ترک و یلزمه ان یقول غالباً خلاف الأصل لأنه لو کان علی الأصل لسلم له و لم ینکر أو خلاف الظاهر لأنه لو وافقه لسلم أیضاً و حینئذ فالمنکر من لم یتصف بشی ء من هذه العلائم و علی هذا الوجه یکون التردید منهم تردیداً فی أفراد الحد بالخاصة فکل حد منهم قابل لأن یحد به ذلک المحدود و لو فرض ان المتراضین وجد فی کل منهم خاصة من ذلک الخواص متساویة أو متغایرة جاز للحاکم ان یطلب البینة من کل منهما و الأظهر انه یطلبها ممن یخلی و سکوته لأنه اقرب للعرف و أظهر أفراد المشترک اللفظی أو المعنوی لو کان کذلک و أسلم العلائم و أحکمها أو یقال انه عند التعارض یکون مما اجمل علی الفقیه حالة فیأخذ بالفرد الأکمل و بالأحوط الدیة و المعنی الأول متفق علیه فیطلب البینة من صاحبه فإن اشکل علیه طلب البینة من کل منهما إذا کانتا بینة إثبات لأن بنیته الإثبات مسموعة إذا لم تکن بنیة داخل فیطلب الترجیح و ان کانت أحدهما بنیة نفی أطرحها و یطلب الیمین من کل منهما بل قد یقال ان فی کلام کثیر من الفقهاء إجمالًا بناء علی ان التردید فی نفس الحد فیعود التردید للمحدود فیکن من باب المجمل و بالجملة فالمدعی سیما عند الخصومة لا یخفی علیه الفقیه الماهر و هو من الألفاظ الموضوعیة فیرجع فیه إلی ظن الفقیه الجامع للشرائط و یختلف ذلک بالنسبة إلی ابراز الدعوی فرب صورة یکون المدعی فیها منکراً فی صورة أخری و هی دعوی واحدة کما إذا اسلم الزوجان فأبرزا الدعوی فی بقاء الزوجیة و زوالها فمدعی الزوال مدعٍ و لو أبرزاها فی تقدم الإسلام و مقارنته فمدعی الاقتران مدعٍ فلو قال الزواج ببقاء الزوجیة و قال بالاقتران و ذکرهما معاً فهو منکر بالنسبة إلی الأول مدعٍ بالنسبة إلی الأخیر و لو لم یقرنهما جری علی کل من الصورتین اسمها و کذا ینبغی ان یلاحظ قولهم ان المدعی ما خلی و سکوته ان مدعی وفاء الدین لیس مدعیاً ان لوحظ فیه اصل الدعوی و لأن الغریم یرید ماله فلا یترکه و إن لوحظ فیه انه لو یترک دعوی الوفاء لأدی فترک من التداعی إلزاماً بإقراره الأول و الظاهر ان المراد المعنی الأول و بهذا عرف ان دعوی الودعی الرد مدعی لمخالفته الأصل و لیس

ص: 128

بمدعٍ بالمعنی الأول و لکن خرج عن الحکم بالإجماع لإحسانه القاضی بالاکتفاء منه بالیمین و کذا الأمین فی دعوی التلف و احتمال انه یوافق الظاهر لأنه یدعی بقاء أمانته و صدقه و یوافق الأصل و هو استصحاب صدقه و أمانته و عدم خیانته و صدق قوله بعید لأن هذه لوازم لدعوی الرد و الدعوی هی نفس الرد و یمکن سماع قولهم لأنهم یترکون لو ترکوا و الفرق بین دعوی الوفاء و بین دعوی الرد هو اعتضاد دعوی الرد بقاعدة الإحسان و اعتضاد دعوی الغریم بقاعدة إحسانه و بتسمیة أهل العرف لمدعی الوفاء انه مدعٍ کما ان قول مدعی الصحة یقدم و ان خالف الأصول العقلیة لاعتضاده بالأدلة الشرعیة سواء کان مصب الدعوی هو نفس الصحة و الفساد أو ما یلزمهما من علم بالقدر أو القدرة علی التسلم و نحوها.

ثالثها: یشترط فی المدعی و المنکر العقل و البلوغ

و احتمال سماعها فیما یصح من غیر البالغ کدعوی الأذن فی دخول الدار و دعوی الوقف و الوصیة بناء علی صحة وقفه و وصیته کما یدعی إنی وقفت هذا المبیع و جعلت الولایة لی لیفسد بیعه أو أوصیت به سابقاً لزید أو إنی وقفته أو أذنت له فی دخول الدار و کونه مالکاً أو ولیاً أو وصیاً أو حاکماً أو وکیلًا عنی من تقدم أو حسیباً من عدول المؤمنین عند الاضطرار أو له تعلق حق من رهانة أو ودیعة أو عاریة علی الأظهر الأقوی مغصوبتین مع ضمانهما علیه بل مع عدمه أو حق عام من خمس أو زکاة أو وقف عام و لا تسمع دعوی الفضولیة و لو حکم الحاکم له لم ینفذ حکمه و یجوز للحاکم ان ینصب عن الغائب و القاصر من یدعی عنه و یصح دعوی المشتری فضولًا ممن غصب من اشتراه و لو قبل الإجازة لتعلق حقه علی الأظهر ولایة یجوز الدعوی بما لا یتمول فی وجه و لا فیما لا یملک إلا إذا تعلق له به حق کبعض الکلاب و السنانیر و الأرواث و ان لم یتعلق بها ملک و یصح علی ما یعود له به نفع و ان ملکه غیره أو کان لا یملک و تصح الدعوی بواجبات کانت علی المکلف کإحراق کتب الضلال و تکسیر الزیوف و تکسیر الأصنام فغصبها غیره و کان قادراً علی استخلاصها و لا یشترط فی دعوی الملک اللزوم فیجوز ان یدعی المبیع معاطاة أو ما فیه خیار للمدعی علیه إلی أن یفسخ و یجوز ان یدعی

ص: 129

الهبة بعد قبضها نعم لا تصح الدعوی بما لم تثبت صحته کالهبة قبل قبضها و السلم و الوقف قبل قبضها و الصرف کذلک إلا إذا عاد علیه نفع من وجوب التقبیض و شبهه نعم یصح إطلاق الدعوی فی الهبة و تنصرف إلی المقبوضة الصحیحة و کذا الوقف و کذا دعوی السلم و لا یجب علی الحاکم الاستفسار لظهور اللفظ أو الدعوی فی الصحیح فلا یجب علی مدعی الهبة و نحوها ان یقول: و قبضت أو تصرفت و کون العقد الجائز ینزل إنکاره منزلة فسخه و انه لو اقر به لا یلزم به فلا ثمرة للدعوی به ضعیف لمنع الأول و لجواز الإلزام لنذر أو شبهة و لجواز إبقائه عند الإقرار به فیمضی أثره.

رابعها: لو ادعی المنکر فسق الحاکم أو جنونه أو خطأه أو فسق الشهود أو جرحهم أو کذبهم أو ادعی المدعی ذلک لو کان الحکم للمنکر لم تسمع

تلک الدعوی ان کانت الدعوی مع الحاکم أو الشهود و لا یتوجه علیهم یمین قطعاً للزوم الفساد و تعطیل الأحکام و الغضاضة علی الحکام المنصوبین لاستقامة النظام إلا مع البینة فتسمع لو عاد فی إثبات ذلک نفع یعود إلیه من غرامة و نحوها و ان کانت الدعوی من أحد المتخاصمین علی الآخر ففی سماعها مع البینة و عدمها و العدم مطلقاً أو سماعها مع البینة لا بدونها وجوه أوجهها السماع مطلقاً فیحلف المنکر علی نفی العلم مع عدم البینة لا علی البت و لو نکل ردت الیمین علی المدعی فیحلف علی البت بالفسق و نحوه فیبطل الحکم بعد حصوله و یقف قبل ذلک و کذا لو ادعی إقرار الخصم بذلک حین الحکم أو بعده حالة الحکم إلا انه هنا یحلف علی البت فی نفی الإقرار و مدرک السماع عموم أدلة المدعی و المنکر و حصول الفائدة فی هذه الدعوی و الوجه الآخر عدم السماع و هو قوی ان کانت الدعوی بالفسق دون غیره من العوارض قالوا لأنه یثبت فساداً علی الحکام و علی إمضاء الدعاوی و یهیج غضاضة علیهم بتحلیف کل من حکم له أو تشهد علیه و لأنه لیس حقاً لازماً و لا یثبت بالنکول و الیمین المردودة فسق أو بطلان حکم الآیة و فی الجمیع نظر لمنع الفساد فی الأول لمکان الحاجة و منع کونه حقاً غیر لازم و منع عدم بطلان الحکم بالیمین المردودة المسببة عن إثبات الفسق بإقرار المدعی و ان لم یثبت الفسق بنفسه و بالجملة فیجوز توجه الیمین علی المنکر إذا عاد نفع

ص: 130

الشی ء المدعی بإقراره و نکوله و ان لم یکن دعوی العلم بالفسق من الحقوق اللازمة ابتداء فهی من الحقوق اللازمة للمدعی علی المنکر بالعوض و دعوی ان لأصل عدم توجه الیمین و عدم نفوذ الحکم عند الشک إلا بالمتیقن لا وجه لها بعد شمول العمومات کما لا وجه للقول بأن إقرار المدعی بفسق الحاکم أو نکوله مع یمین المنکر لا یقتضی سقوط الحق عن المنکر بعد صدور الحکم من الحاکم و ثبوت عدالته ظاهراً و ثبوت عدالة الشاهدین عنده لأن الفسق المعلوم عند المدعی لا ینافی نفوذ الحکم ممن ظاهره العدالة عند غیره لأن الشرط بثبوتها فی الجملة و ذلک لأن الفسق مانع من نفوذ الحکم عند العالم به سواء کان له أو علیه و سواء کان فی الحاکم أو الشاهد و مع ذلک کله فالقول بعدم سماع دعوی العلم بفسق الحاکم أو الشهود قوی للشک فی صحة إلزام أحد الخصمین الآخر بالجواب عن ذلک لأنه من قبیل إلزام شخص بجرح آخر و للشک فی بطلان الحکم بالإقرار بالفسق لعدم الملازمة بین العلم بفسق الشهود أو جرح الحاکم و بین بطلان الحکم لاحتمال خطئه فی الفسق أو الجرح لابتنائه علی دقائق لا یعرفها إلا الحاکم نعم لو اقر ببطلان الحکم کما إذا قال: کذب شهودی أو قال: حکم الحاکم بشهادة الفاسق عنده أو قال: حکم و هو صغیر أو مجنون حکم ببطلان الحکم علی موجب إقراره و وقفت دعواه إلی ان یأتی بشاهدین آخرین أو یمضی إلی حاکم آخر یحکم له و إلا لزمه إرجاع الحق لأهله فعلی ذلک لو کانت عنده بینة علی علم المدعی علیه بفسق الحاکم أو الشهود لا تجدی بینة و لا تسمع دعواه نعم لو کانت عنده بینة علی فسق الحاکم أو الشهود اتجه السماع علی إشکال ینشأ من ان الحکام ینبغی ان لا یتعرض لهم المتداعیان بعد صدور الحکم منهم للزوم الفساد بسماع الحاکم الآخر الدعوی علیهم من المتخاصمین بذلک نعم لو صدرت الدعوی من غیر المتخاصمین فی مقام حد أو تعزیر جاز و بالجملة فالدعوی ان أبرزوها بصورة بطلان الحکم و عدمه و لو من جهة فسق و شبهة توجهت الدعوی و سمعت و ان ابرزوها بصورة فسق الحاکم و عدالته و الشهود و عدالتهما کان القول بعدم سماع الدعوی لا یخلو من قوة.

ص: 131

فائدة: لو ادعی أحد الخصمین علی الآخر الإقرار بالحق سمعت الدعوی فإن أقام بینة فیها و إلا فإن اقر بإقراره الزم بالإقرار الأول الذی اثبته الإقرار الثانی و إلا حلفه فإن نکل حلف المدعی و ثبت إقراره و الإقرار و ان لم یثبت الحق واقعاً یثبته ظاهراً لأنه سبب لثبوته علیه فهو بمنزلة دعوی الید حتی لو لم یعلم المقر له بثبوت الحق جاز له ان یستوفیه من المقر ما لم یعلم عدمه فالقول بعدم السماع و عدم توجه الیمین ضعیف.

خامسها: اصل الدعوی بمنزلة الإقرار

فلا سمعها الحاکم إلا بنحوٍ یفهم منه ما یطالب المنکر بجوابه و ما یطالب المدعی بالبینة علیه فلا تسمع المبهمة و لا تفتقر إلی البیان التفصیلی المستغنی عنه فی العرض المسوق له الدعوی فلو ادعی ان له علیه کذا کفی عن السؤال انه ثمن مبیع أو قرض أو نذر أو میراث و انه سابقاً أو لاحقاً نعم یسأله له قال: مائة ذهب عن أنواعه أو مائة قرش عن أجناسه کی یعرف مطابقة الشهادة له و عدمها أو ثوب عن جنسه و وصفه أو دابة کذلک نعم لو ادعی القتل لزم الاستفسار عن کونه عمداً أو خطأ أو شبه العمد قتله وحده أو بمشارکة الغیر ما لم یظهر من الخطاب شی ء و یکفی ظاهر الخطاب عن الاستفسار فلا یلزم الاستقصاء لتفاوت الأمور المرتبة علی کل واحد و لأن غایته و خطأه لا یتدارک و الظاهر انه لا خلاف فی لزوم الاستفسار عند الجهل بالحال و إمکان الاستعلام أمّا مع عدم إمکان الاستعلام کما إذا لم یعلم المدعی سوی صدور القتل فهل تسقط الدعوی أو تسمع فیأخذ الحاکم بمجمل الیقین من المشهود به و المحلوف علیه و یعمل بالصلح أو الاحتیاط وجهان و لا یبعد الأخیر خوفاً من تأدیة عدم السماع إلی إضاعة الحقوق و تلفها و یسری ذلک إلی سماع کل مجمل لا یمکن استعلامه و کان للحاکم طریق إلی استخلاص الحق المدعی به من الأخذ بالمتیقن أو الصلح و شبهه فإنه لا یبعد ذلک توصلًا لاستخلاص حق المسلم بما أمکن و دعوی شمول عموم أدلة الدعاوی لمثله غیر بعید أمّا لو ادعت الزوجة سمعت دعواها و کفی ذلک عن ذکر السبب و المهر و النفقة إنما تلک توابع فإذا ثبت المتبوع ثبت التابع نعم لو أنکر الزوج فأثبتتها بالبینة أو الیمین المردودة فهل یجوز

ص: 132

لنا تمکینه منها لثبوت دعواها ظاهراً أو لا یجوز أخذاً له بإقراره؟ وجهان و لا یبعد الأول نعم هو یعرف تکلیفه بینه و بین الله تعالی و أما هی فیجب علیها العمل بوظائف الزوجیة علی موجب إقرارها و کذا الکلام لو انعکس الأمر فکانت المدعی هو الزوج و هل یجب الاستفسار عن کون دعوی النکاح أو الزوجیة دواماً أو متعة لاختلاف أحکامهما؟ الظاهر الوجوب ما لم ینصرف لفظ الزوج و الزوجة و النکاح للدائم و مع عدم الانصراف لا بد من المسألة إذ الحکم بمجرد الزوجیة المجملة لا یقید مع احتمال عدم وجوب الاستفسار و الاکتفاء بالحکم بالزوجیة لترتب حل الوطء له أو لها و لترتب تحریم أمها أو أختها جمعاً نعم لو کانت الدعوی مسوقة للإلزام بالنفقة أو المضاجعة فلا بد من الاستفسار لأن حکم الحاکم بالزوجیة المطلق غیر مقید لذلک.

سادسها: و یشترط فی الدعوی إبرازها

بصورة إنها ملزمة للمدعی علیه بالحق فلو أبرزها لا بتلک الصورة لم تسمع سواء أبرزها بصورة ظاهرة بعدم الإلزام أو محتملة للأمرین معاً فلو ادعی أمة و قال: هذه ابنة امتی لم تسمع حتی یقول: و هی ملکی لاحتمال إنها ولدتها فی ملک غیره بل لو قال: ولدتها فی ملکی لم تسمع لاحتمال إنها ولدتها حرة و قد یقال ان الظاهر هنا تبعیة البنت للأم حکماً و خطاباً حتی یقوم دلیل علی الخلاف و حینئذ فینزل کلامه علی الظاهر من إنها ملکی تبعاً لأمها کما یقول: هذا نماء ملکک صریحاً و علی ذلک بعض الأصحاب نقلًا و علیه فتقبل الشهادة علی ذلک النحو و یحکم الحاکم أیضاً علی ذلک النحو عملًا بالظاهر بل بالأصل لأن الأصل ان المقتطع من المملوک مملوک مما لم یقم دلیل علی الخلاف و مثل ذلک ما لو قال: هذه ثمرة نخلتی و بیضة دجاجتی و ولد نعجتی و نماء بذری و هذه منفعة داری و مثلها فی الإقرار لو أضافها للغیر سیما لو قال صورت أو اصلها فی ملکی أو فی ملک غیره بل هذه أولی من الحیوان لطرو الخروج عن الملک فی نمائه لأن النطفة لا تملک فیضعف فیه الاستصحاب و لا فرق فی ذلک بین الدعوی و الإقرار و العرف حاکم فی الاثنین انه اعتراف فی الملک أمّا لو قال: هذا دقیق حنطتی أو اقر بذلک أو غزل قطنی أو ثوب غزلی أو حبل خوصی أو کوز أو آجر طینی و نحو ذلک فلا شک فی کونه دعوی بالملک

ص: 133

حکماً و خطاباً مالک ما لم یفصل بینهما لأن الأصل و النماء النوع هنا شی ء واحد و الفارق بینهما الصورة و قد یجعل البذر من هذا القبیل فی وجه و مثله الأجزاء کما یقول: صوف نعجتی و أحجار داری بل و أبوابها فإن الإقرار و الدعوی صریحان به و فرق المحقق بین صحة الدعوی و نفوذ الإقرار فی مثل قوله: بنت أمتی ولدتها فی ملکی أو ثمرة نخلتی فلم یسمع الدعوی فیها إلا مفصلة فیقول: و هی ملکی للزوم التصریح التام فی الدعوی و اکتفی بالإقرار بمجرد قوله ذلک من دون إضافة قوله: و هی ملکی لعموم الإقرار جائز و للشک فی عموم سماع الدعوی و یشکل الفرق بین الدعوی و الشهادة بها و بین الإقرار فی نفوذ الأخیر و عدم سماع الأول بل قد یقال انه ان لم تسمع الدعوی لم یسمع الإقرار و ان سمع الإقرار مجملًا و یستفسر الحاکم بعد ذلک سمعت الدعوی و یستفسر الحاکم من المدعی و الشهود قبل الحکم أو بعده و ان سمع الإقرار المطلق سمعت الدعوی المطلقة و یرد أیضاً علیه انه لو سمع الإقرار و کان إقرار بالملک کان تعقیبه بقوله: و هی ملکی غیر مسموع لأن تعقیب الإقرار بما ینافیه أو ینافی ظهور الخطاب منه ملغی إلی ان یفرق بین الخطابات ظهور أو صراحة فالظاهر الصریح لا ینافیه ما تعقبه و غیر الصریح یعود علیه بالنقض و هو ما کان قابلًا لوقوع المقید بعده و الصریح هو ما تم و کان ما بعده کالکلام المستأنف و حینئذ فقوله: و هو ملکی غیر منافٍ للأول بل قید له و بالجملة فالظاهر من الفرق عند الفارق هو لزوم الصراحة بدعوی الملکیة فی الدعوی کی یترتب علیها الشهادة و الحکم بخلاف الإقرار فانه یحکم علیه بما اقر به فإن بقی علی إجماله الزم بتفسیره و ان ظهر منه شی ء و لم یعقب بما ینافیه اخذ بذلک الظاهر و ان عقبه بما ینافیه سقط حکمه و ان کان صریحاً فی الملک ثبت علیه و لا یسمع بعد ذلک منه سقط حکمه و إن کان صریحا فی الملک ثبت علیه و لا یسمع بعد ذلک ما ینافیه فلا یخلو من تأمل نعم قد یقال إلی ما یملک من النماء لا بد من تقییده بحالة الملک لعدم دلالة الإضافة علی کونه نماء حالة الملک و هو جید لکن الظهور لا ینکر

القول فی التوصل إلی الحق و فیه أمور:

اشارة

ص: 134

أحدها: الحق ان کان عقوبة حداً أو تعزیراً وقف علی إذن الحاکم

من غیر خلاف إلا ان یدخل فی باب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و فی الروایة إقامة الحدود إلی من إلیه الحکم و لو کان قصاصاً ففیه قولان أقواهما العدم للأصل و لقوله تعالی: (فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِیِّهِ سُلْطٰاناً) (الاسراء: من الآیة 33)* (فَمَنِ اعْتَدیٰ عَلَیْکُمْ) (البقرة: من الآیة 194)* (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَیْنَ بِالْعَیْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصٰاصٌ) (المائدة: من الآیة 45) و القول الآخر التوقف للاحتیاط لعدم معرفة مواقع القصاص من غیر الحاکم و لأن فائته لا یتدارک و ربما نقل بعضهم الإجماع و الجمیع ضعیف لعدم صلاحیة معارضة الاعتبار لعموم الأدلة و لضعف الإجماع المنقول و لو کان بضعاً فهو کالمال فمن غصب منه عرضاً جازت المقاتلة علیه و جاز استیفاؤه قهراً من صاحبة البضع و من غیرها ممن منعه من استیفائه و لو کانت فی دار جاز الدخول علیها و إخراجها منه سواء کانت لها و هی الممتنعة أو للمانع غیرها أو لغیرهما کأن أدخلهما فی دار قوم آخرین سواء رضوا بدخولها أم لم یرضوا بذلک جاز کسر القفل بل و تهدیم الحائط علیها إذا لم یمکن التوصل إلا بهما و یکون ضمان المتلوف علیه و فی استقراره علی المانع وجه نعم یعلم أهل الدار بذلک إذا أمکن فلعلهم یرفعوها من غیر ضرر یعود علیهم ثمّ یرجع إلی الحاکم فی فعل ذلک علی الأظهر و لو کان مالًا قائماً بعینه فکذلک فإذا لم یدفعه من هو عنده فامتنع جازت مدافعته و قهره علیه و جازت سرقته و إن أدی إلی إتلاف مال کثیر و ان قل المغصوب بحیث لا یخرج عن المالیة و لو وضعه الغاصب فی دار غیره فإن علم ذلک الغیر فکذلک و ضمانه علیه؟؟؟ علی الغاصب فی وجه و ان لم یعلم فلا یبعد أیضاً جواز الإفساد و الضمان علیه و یستتر علی الغاصب نعم یلزم تعلیمه کی لا یدخل علیه ضرر من دون علم فإذا لم یمکن إصلاح الغاصب لذلک و الضرر لزم علی الضار إصلاحه لحدیث لا ضرر و لا ضرار و قد یقال ان الغاصب لو وضع مالًا ببیت غیره من دون علمه و استلزم إخراجه ضرر علی ذلک الغیر لم یجز إخراجه و یکون من باب الحیلولة فیلزم الغاصب المثل و القیمة إذ لا ضرر

ص: 135

و لا ضرار و هو قوی و یشعر به کلامهم فی باب الغصب حیث انهم لم یجوزوا إتلاف مال غیر الغاصب لاستخلاص ماله و لا تزر وازرة وزر أخری و لو استلزم تخلیصه إثارة فتنة بقتل نفوس و تمشیة جنود و نهب أموال و جراح و نحوها حرم التوصل بذلک إلی ماله لا بد من الرجوع إلی الحاکم کی یوصله إلی حقه و لو کان دیناً و الغریم مقر باذل لم یجز استیفاؤه إلا بإذن الغریم لأنه مخیر بجهات القضاء و تعیین الوفاء من ماله إلا إذا کان الغریم غائباً أو ممنوعاً من التوصل إلی ماله و کان الطالب محتاجاً أو طالباً مطلقاً فی وجه قوی توقف الوفاء علی إذن الحاکم لولایته علی من لم یمکن الوصول إلی ماله و علی ذلک یحمل إطلاق من أطلق الرجوع إلی الحاکم فی هذه الصورة و لو کان الغریم مقراً ممتنعاً ففی لزوم الرجوع إلی الحاکم بالاستیفاء لأنه المتیقن من جواز التصرف بمال الغیر و لأنه المتولی للإجبار فی مقامات الاضطرار أو عدمه و جواز الاستقلال من الغریم لعموم من اعتدی و جزاء سیئة مثلها وجهان و الأول أحوط و الأخیر أقوی و یجوز الاستقلال مع تعذر أو تعسر الرجوع للحکام أو ارتفاع سلطنته من غیر کلام و هل یجوز الاستیفاء من غریم الغریم من دون إذن الحاکم وجهان و الاحوط الرجوع للحاکم و لو کان الغریم جاحداً فإن کانت للمدعی بینة یمکنه إقامتها عند الحاکم و یمکن للحاکم الاستیفاء ففی لزوم الرجوع إلی الحاکم فی إقامة البینة عنده و فی تولی الاستیفاء قولان اللزوم و هو منسوب للأقل و اختاره المحقق فی النافع و عدمه و جواز الاستقلال للغریم و هو المنسوب للأکثر للأول الاحتیاط فی التصرف بمال الغیر و التعین بمال الممتنع و الاقتصار علی الیقین من جواز الوفاء و الاستیفاء فإذا تنازعتم فی شی ء فردوه إلی الله و رسوله و للثانی فی عموم قوله تعالی: (فَمَنِ اعْتَدیٰ عَلَیْکُمْ) (البقرة: من الآیة 194)* (وَ جَزٰاءُ سَیِّئَةٍ سَیِّئَةٌ) (الشوری: من الآیة 40) و عموم أدلة أخبار جواز المقاصة و هی ظاهرة فی الإطلاق دون الرخصة من الإمام علیه السلام فحمل الأخبار المجوزة علی الرخصة بعید و لو کان للغریم غریم آخر جاز للحاکم ان یقهره علی وفاء غریم غریمه و تبرأ ذمته بذلک فإن امتنع ففی جواز مقاصته بإذن الحاکم

ص: 136

أو لا بإذنه وجهان و الأوجه جبر الحاکم له علی الوفاء و یتولی هو أو الغریم الاستیفاء مقاصة عن غریمه و تجوز مقاصة الغاصب عن العین المغصوبة إذا لم یمکن التوصل إلیها و ینوی بها التملک ملکاً تامّاً فیملک الغاصب المغصوب لعدم إمکان الجمع بین العوض و المعوض أو ملکاً متزلزلًا مراعی برده المغصوب فإن رده انفسخ و إلا فلا أو ان الرد کاشف عن فساد المعاوضة فنماء کل یرجع إلی أهله و عدمه کاشف عن صحتها وجوه و الأول اقرب للفقاهة و الثانی أوفق بالقواعد.

ثانیها: تجوز المقاصة من کل شی ء سواء کان أمانة عند المقاص أو عند غیره

أو لم یکن و سواء کان منفعة أو عیناً و لو کان عنده رهناً من غیره ففی جواز أخذه وجه فیکون عنده أمانة إلی ان یحل الطلب فیبیعه و فی ضمانه وجه و یجوز الاقتصاص من الودیعة و غیرها عنده أو عند غیره نعم یکره و للأصحاب فی جواز المقاصة من الودیعة عنده قولان منشؤهما الأخبار و العمومات فعمومات المقاصة و خصوص بعض الروایات المعتبرة دالة علی الجواز و القواعد الناهیة عن التصرف بمال الغیر المقتضیة للاقتصار علی المتیقن فی جواز المقاصة و خصوص الأخبار الناهیة عن الخیانة و الناهیة عن مقاصة الودعی دالة علی المنع و لکن الدال علی الجواز أقوی کثرة و سنداً و اعتضاداً و دلالة لأن اکثر أخبار النهی نهی عن الخیانة و لیس موردها نعم لا تجوز مقاصة من حلف بالله و لا تجوز المقاصة لمستثنیات الدیون إذا لم یملک سواها و لا تجوز المقاصة لمن لا یعلم الحق نعم لو قامت عنده بینة جاز و لا تجوز عند خوف الفتنة و کثرة الفساد لعدم جواز اخذ العین فهنا أولی و لو فعل حراماً بذلک ففی صحة المقاصة و بطلانها وجهان و لا بد فی المقاصة من النیة إلا فی الدینین المتساویین فیقع التهاتر قهراً و فی لزوم الکلمات المذکورة فی الأخبار عند المقاصة وجه و الأوجه عدم الوجوب لظهور الاستحباب من الروایات و لعدم إیجاب الأصحاب له و لخلو اکثر الأخبار عنها فتحمل علی إرادة تذکر نیة المقاصة مخافة العدوان أو استحباب ذکر الله أو التنزه عن أکل أموال الناس بالباطل.

ص: 137

ثالثها: فی بعض الأخبار النهی عن المقاصة

من کل أمانة کقوله: أدِّ الأمانات إلی من ائتمنک و لا تخن من خانک و کثیر من الأخبار فیها لفظ الأمانة و ظاهر الأصحاب اختصاص ذلک بالودیعة و لا یبعد استحباب التنزه عن کل أمانة و الظاهر ان المقاصة بمنزلة المعاوضة اللازمة فلا یجوز الفسخ فیها بعد حصولها إلا بظهور عیب أو عین و یتولی هذه المعاوضة طرف واحد و هو المقاص بالدلیل و یحتمل إنها من الأحکام فبأخذ المقاص یملک و یملک الدین الذی فی ذمة الممتنع و الکلمات المأمور بها فی الأخبار لا یبعد حملها إلی الإرشاد إلی کیفیة المعاوضة و یجوز فی المقاصة اخذ الجنس و غیر الجنس و یجوز فی غیر الجنس أخذه عوضاً حین الأخذ و یجوز بیعه اقتضاء ثمنه بل و یجوز بیع ثمن الثمن إلی ان ینتهی إلی موافق جنسه و إلی قدره و لا یجب الانتظار فی البیع إلی وقت الغلو کما لا یجوز البدار مع تفویت المصلحة فی مال الغیر و لو توقف قبض حقه علی قبض زائد جاز و کان أمانة عنده یجب ارجاعها إلی صاحبها فإن لم یمکن إیصالها لخوف و شبهة أرجع أمرها إلی الحاکم و لا یبعد جواز التصدق بها و لو تلفت الزیادة ففی ضمانها وجهان و الأوجه ان الزیادة ان کانت مشاعة فهی مضمونة کالأصل لأصالة ضمان الید ما أخذته إلا ما خرج بالدلیل و ان کانت معینة قبضها لمکان الضرورة فلا ضمان و احتمال عدم الضمان مطلق لکونها أمانة و الأمانة غیر مضمونة و لإذن الشرع بالأخذ و اذن الشرع لا تستعقب ضماناً ضعیفان لمنع الحکم بعدم استعقاب الضمان للأذن الشرعیة و عدم التلازم عرفاً و شرعاً لذلک و لأن سلم فالإذن لمصلحة المالک کقبض المأخوذ بالسوم و قبض الرهن بدون إذن الراهن و منع کون کل مقبوض بالإذن الشرعیة أمانة اسما بل و لا حکماً و منع ان الأمانة الشرعیة غیر مضمونة مطلقاً بل هی ما إذن به الشرع للحفظ أو للتعریف کاللقطة و شبهها من المقبوض لمصلحة المالک دون ما قبض لمصلحة القابض و الأقوی ان الإعراض مخرج عن الملک لا دلیل علی الأذن لجریان السیرة علی تملکه و ان کان من أطفال أو مجانین أو أموات أو إحیاء و لتملکه بمجرد القبض من دون توسط انساب للملک فلا یقال ان الأذن فی الشی ء إذن فی لوازمه فالإذن فی التملیک و لا یبعد انه یجوز للمقاص ان یأخذ

ص: 138

المال رهنا فلا یبیعه و لا یملکه فیبقی عنده أمانة و لکنه مضمون علیه فی وجه قوی لکونه من غیر إذن المالک و فائدته جواز الرجوع إلی دینه عند تمکنه و یجوز التوکیل فی المقاصة و یجوز ان یقاص الودیعة عند غیره و هل للودعی منعه مع علمه بثبوت حقه وجهان و لا یبعد جواز المنع لا وجوبه و لو توقفا الاقتصاص علی ضرر من عنده المال بماله لم یجز علی ظاهر کلام الفقهاء و ان ضمن النقص و فی جوازه أوجه و لو توقفت المقاصة علی مجرد الدخول و الخروج فی دار الغیر من دون اذنه فلا یبعد الجواز مع ضمان أجرة المثل لدخوله و خروجه و لکن بشرط خوف إعلامه و لو أمکن إعلام صاحب الدار و الاستئذان منه من غیر ان یمنعه لزمه ذلک.

رابعها: ورد فی بعض الروایات انه لو انکسرت سفینة فی البحر فما اخرج البحر فهو لأهله و ما خرج بالغوص فهو لهم

و هم أحق به و أراد بالضمیر عوده للغائصین کما فهم الفقهاء و هو ظاهر السیاق و ربما یؤده أخبار أخر و الروایة و ان کانت ضعیفة السند و لکنها مجبورة فی الجملة بالشهرة المحصلة و المنقولة و أفتی بمضمونها جماعة من أصحابنا و ظاهرها ان ما أخرجه البحر فهو لأهله سواء کانوا حضار أو غیبا و سواء یئسوا منه أو لا و سواء ظهر منهم الإعراض بقول أو بفعل أو کان ظاهر حالهم ذلک أم لا و سواء کان مما یعرض عنه عادة أم لا و إنما أخرجه الغائص له مطلقاً سواء اعرض عنه صاحبه أم لم یعرض حق لو کان واقفاً و یغوص معهم و قید بن إدریس ذلک بصورة الیأس منه و نقل الإجماع علی ذلک و تواتر الأخبار و ظاهر عبارته انهم ترکوه و ذهبوا آیسین منه و لم یذکر حال ما إذا کانوا عنده وفقه المسألة ان الروایة ان خرجت عن القاعدة بکلا الحکمین أو بأحدهما دون الآخر لزم الاقتصار علی موردها من سفینة انکسرت فی البحر فلا یتعدی إلی غیر المورد إلا بتنقیح المناط کما لا فرق بین السفینة و ما شابهها و بین الکسر و سائر أنواع الغرق فیشکل التعدی إلی ما وقع فی النهر أو فی عین أو فی البر من الأماکن التی تضیع فیها الأموال دفعة إلی ان یخرجها ریح أو عمل عامل کالغوص و ان انطبقت علی القواعد سری الحکم لکل ما کان تحت القاعدة و الذی یظهر من السیرة و استقراء موارد جزئیات ما شابه هذه المسائل ان

ص: 139

المال الذی فی السفینة ان کان أهله غیر معرضین عنه باقین علی إخراجه مریدین له فهو لهم حتی لو کان الشی ء من شأنه الإعراض کالمحقرات الواقعة من الحطب و التبن و بعض الحب من الزرع فإنه کله علی اصل الملک لمالکه و احتمال خروجه عن الملک قهراً لو کان من شأنه ذلک بعید و ان کانوا معرضین عنه قطعاً أو کان من شأنه الإعراض و لم یعلم حالهم بل کان ظاهر الحال یقضی بإعراضهم عنه کان مباحاً لواجده و یخرج عن ملک المعرض و یکون بمنزلة الإقالة مع المالک الحقیقی و بمنزلة فک الملک عن نفسه بل لو کان صاحبه مجنوناً أو صبیاً و کان من شأنه إعراض أهله عنه خرج عن ملک مالکه فی وجه قوی کما ان الإعراض لو کان من المالک عن مال له لیس من شأنه إلا الإعراض عنه کما یقول أعرضت عن مالی لا یحکم بفک الملک فیه لعدم جریان السیرة علی ذلک و بالجملة فالظاهر ان الإعراض لو حصل من المالک قطعاً أو دلت علیه الأمارات اللفظیة أو العادیة و تعلق بما من شأنه ان یعرض عنه أو کان الشی ء من شأنه الإعراض عنه و ان لم یعلم بإعراض الملک عنه لصدوره من مجنون أو جاهل أو ممن لا یعلم حاله کان فی الجمیع مخرجاً عن الملک و لو علم بعدم الإعراض فلا یخرج عن الملک کما لو علم الإعراض عما من شأنه انه لا یعرض عنه نعم یکون هذا بمنزلة الإباحة فی التصرف و قد یقال ان الإعراض لا یخرج عن الملک بل هو دلیل علی إباحته لمن أراده واخذه و یشکل ان الإباحة للتصرف تملک المتصرف بالتلف کازدراد الطعام من بادله أو بالنقل فی عقد لازم کالاباحة فی المعاطاة علی القول بها و لا تملک بمجرد القبض أو التصرف مطلقاً مع ان السیرة قاضیة بتملک المال المعرض عنه کالبعیر المتروک من جهد فی غیر کلأ و ماء بمجرد قبضه و إجراء أحکام الملاک علیه و هو دلیلنا علی الملک فی المعاطاة دون الإباحة و احتمال ان الإباحة فی المال المعرض عنه إباحة لتملکه فیملکه القابض بمجرد نیة الملک بعید لأن الأذن فی الملک غیر معقول و اباحة ان یملک آخر ماله لا یجری علی القواعد نعم لو أباح التملک بمعنی إباحة أسبابه فالإذن فیه إذن فی لوازمه فیصیر الأذن بمنزلة من إذن لواحد معین أو لکل أحد ان یوجد أسباب الملک لماله من غیره و جملتها قبضه عن المالک علی سبیل الهبة أو

ص: 140

بیعه وهبة ثمنه لنفسه جاز و لکن السیرة القطعیة لا تجری علی المال المعرض عنه ذلک و للزم ان لا یملک المال المعرض عنه لو صدر من غیر الباغ و المجنون و علی ما ذکرنا فتحمل الروایة علی ان ما أخرجه البحر کان لأهله إذا کانوا واقفین علیه مریدین له و لو بعد ذلک فأهله آملون له و حاسبونه من مالهم بخلاف ما احتاج إخراجه إلی مخرج فإن أهله معرضون عنه لمخرجه باذلوه له فیکون له لو أخرجه بنیة تملکه لنفسه نعم لو أخرجه بنیة انه لأهله احتمل عوده إلیهم و احتمل ابقاءه علی الإباحة و هل یأس أهل المال قرینة علی الإعراض؟ الأظهر العدم لأن صاحب المال قد ییأس من تحصیل ماله عند الظلمة أو السراق و لا یعرض عنه

القول فی دعاوی الأملاک و فیه أمور:

أحدها: یحکم لمن فی یدهما عیناً بأنها لهما علی الإشاعة

لو تداعیا عیناً یدهما علیها أو تصرفهما فیها سواء و کانت کلها تحت ید کل منهما أو کان کل جزء منها تحت ید واحد و لکنها لا تقبل التجزئة کالحیوان أمّا لو کان کل جزء منها تحت ید واحد و کانت مما تقبل التجزئة کانت الدعوی کدعوی الاثنین علی شی ء کل واحد بیده واحد و هو یدعی الکل و هو دعوی کسائر الدعاوی یحکم لکل منهما بما فی یده و تسمع دعواه علی الآخر و یجری علیها أحکام الدعوی المستقلة و الحکم بالصورة الأولی یکون فیما إذا ماتا و لم یعلم الحال أو طلب الوارث الحکم من الحاکم علی ظاهر الید لعدم علم الوارث بالحال و یکون فیما لو تداعیا فحلف کل لصاحبه علی نفی ما یدعیه صاحبه علیه مما تحت یده بادعائه الکل فیثبت لکل منهما النصف المشاع لأن الیدین بمنزلة ید واحدة و المالکین بمنزلة مالک واحد فیثبت المجموع للمجموع و هکذا لو کانوا ثلاثة فصاعداً و یکون فیما لو نکلا معاً فطلبا الحکم من الحاکم مع نکولهما فإنه یحکم بالتنصیف بأن یکون لکل واحد ما تحت ید صاحبه و کذا لو توقف الحکم بالنکول علی الیمین المردودة فحلف کل منهما و کذا یکون فیما لو تداعیا و أسقط کل منهما الیمین عن الآخر أو لم یطلب کل منهما یمین الآخر و کذا لو نکلا معاً عن الیمین المردودة و کذا یحکم فیما لو قامت بینتان لکل منهما بینة إلا ان الحکم یختلف فمنه حکم قاطع للخصومة کالحکم مع الیمین یمین النفی أو المردودة أو مع

ص: 141

النکول عن أحدهما أو مع البینة و منه ما هو حکم علی الظاهر و تعاد معه الدعوی عند وجود شاهداً و إرادة الیمین و هو الباقی و للحاکم ان یحکم بالظاهر سیما لو طلبه المتداعیان و لا یفتقر إلی یمین أو بینة و لکنه حکم بالظاهر فلا یقطع الخصومة حتی یستند إلی ما یقطع به النزاع من البینة و الیمین و علی ذلک یحمل ما ورد عن النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم فیمن تداعیا فی دابة انهما لهما من دون یمین و کذا یحمل کلام الفقهاء المطلقین للتنصیف من دون توقف علی یمین یریدون انهم إذا لم یطلبوا الیمین لم یتوقف الحکم بالتنصیف علیه ثمّ ان الحاکم لو أراد تحلیفهما بدأ بتحلیف من ادعی علیه أولًا لسبق الحق علیه أو بمن علی یسار صاحبه فإن ابتدرا معاً و جلسا علی هیئة التقابل اخرج المبتدئ بالقرعة و الأوجه ان للحاکم الخیار فی ذلک و رأیه متبع و یحتمل تکلیفهما بإیقاع الیمین دفعة فمن تاخر عن صاحبه نکل و لکن لم أر من ذکره ثمّ ان المبتدئ بتحلیفه ان حلف رجع إلی الثانی فإن حلف فلا کلام و فی حکمه بالتنصیف فیحلف کل منهما علی نفی ما یدعیه الآخر مما تحت یده و ان نکل قضینا بالنکول کان الجمیع للحالف و ان توقف علی رد الیمین ردت الیمین علی الحالف فیحلف علی إثبات ما یدعیه فتعود العین له و ان لم بحلف الأول فإن قضینا بالنکول کان حقه للثانی و الثانی ان نکل کان حقه للأول و ان حلف علی نفی ما یدعیه الأول صارت العین کلها له و ان لم نقض بالنکول کان علی الثانی یمین مردودة من الناکل الأول یبتدئ بها و یمین نفی لما یدعیه الأول علیه فإذا حلف الیمین صارت العین له و الأظهر عدم لزوم تقدیم أحد الیمینین علی الأخری و الأولی تقدیم یمین الإثبات لأنه حقه و هل یکتفی بیمین واحدة جامعة بین النفی و الاثبات فیقول: و الله لا حق لک ولی المال أو لی المال و لا حق نسب إلی ظاهر الأصحاب ذلک و الاحوط الأول لأصالة عدم التداخل و لو أقام أحدهما بینة علی ما یدعیه و حلف علی نفی ما یدعیه الآخر کانت کلها له و لو کانت العین بید واحد دون الآخر کانت لمن فی یده و علیه الیمین للآخر إلا ان یقیم الآخر بینة علی إنها له لأن الید تقضی بالملکیة کما هو صریح الأخبار و کلام الأصحاب و لو ادعی کل منهما ما اقتضته ید الآخر من النصف فالأوجه هنا سقوط الیمین و یحکم الحاکم لهما بالمناصفة

ص: 142

بموجب الید لعدم الثمرة فی التحلیف لبقاء الإشاعة علی کل حال و لو کانت العین خارجة عنهما و لا ید علیها و لا بینة تحالفا و الخیار بید الحاکم أو من ادعی علیه أولًا و اقتسماها نصفین لعدم احتمال کونها لثالث تنزیلًا للیمین منزلة البینتین المتعارضتین و حیث لا ترجیح یحکم بالتنصیف و لا بد فی هذه الصورة و فیما قبلها و فی اکثر الصور الآتیة ان یکون الیمین علی نفی الکل أو إثبات الکل علی طبق الدعوی و الجواب و الیمین علی نفی الکل من کل منهما یمین نفی لأن کل واحد یدعی الکل علی الآخر و ینکر الکل علی الآخر لاقتضاء ید کل منهما الجمیع لو لا معارضة الید الأخری لأن المفروض اید کل منهما علی الکل فکل واحد داخل خارج بالنسبة إلی الآخر إلا ان الیدین لما اجتمعتا صارتا بمنزلة ید واحدة فالجمیع لجمیعهما فالتنصیف بینهما أیضاً یکون بموجب الید و هذا معنی قول الفقهاء ان کل منهما مدعٍ بالنسبة إلی نصف منکر بالنسبة إلی الآخر حیث انهم لاحظوا اقتضاءهما عند الاجتماع فیکون لکل منهما نصف مشاع و لو کانت العین بید ثالث فأما ان ینکرهما معاً أو یصدقهما کذلک أو یصدق أحدهما معیناً أو یصدق واحد منهما غیر متعین أو یقول هی لغیر معین غائب أو حاضر غیرکما أو یقول: لیست لی و یسکت أو یقول: لا ادری هی لمن و قد حکی الأصحاب ان تصدیق من کانت بیده بمنزلة الید للمصدق لأن إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و الید یده فإقراره بما فی یده لغیره ملک له ظاهراً و لکن لا یبطل ذلک دعوی المدعی بل تکون کالدعوی علی صاحب الید فإن أقام المدعی بینة سمعت و إلا کان له الیمین علی المصدق فإن حلف و إلا رجعت للمدعی بمجرد النکول أو مع الیمین هذا ان صدق أحدهما و ان صدقهما کانا متداعین بمنزلة ما لو کانت العین فی أیدیهما نعم لمن لم یصدقه ان یدعیه بکذب تصدیقه و انه یعلم انه له و حینئذ فلو لم تکن عنده بینة کان له علیه الیمین علی نفی العلم بل علی البت لاطلاعه علیه و کونه من أفعال نفسه فإن نکل حلف من لم یصدق و غرمه المثل و القیمة سواء سلمه بیده لمن صدقه أو أخذه ذلک منه من غیر ان یسلمه أمّا مع التسلیم فالضمان ظاهر لأنه عمل یده و أما مع تصدیقه من غیر تسلیم فالأقوی ذلک أیضاً لأنه تفریط منه بمال الغیر

ص: 143

و تسلیط للغیر علیه و إتلافه بإخباره انه ملک له و کذا لو صدقهما فتحالفا فتقاسماها ثمّ ادعی أحدهم علیه العلم بأنها له فأقر أو نکل فحلف المدعی فإن علیه النصف یغرمه له فإن ادّعی الآخر بعد ذلک فأقر له أو نکل عن الیمین فحلف له أغرم النصف الآخر و لو أنکرهما الزم بیمین النفی لهما أو لکل واحد بیمین و الأوجه الأول فلو نکل ردت الیمین علیهما فإن حلفا اقتسما العین و ان نکل أحدهما لم یمکن له شی ء و صارت العین للحالف نعم للناکل ان یدعی الحالف بعد قبضه إنها له لأن نکوله فی الدعوی الأولی لا یبطل حقه من الدعوی علی القابض و ان صدق واحد لا یعینه منهما کان کما لو کانت العین فی ایدیهما علی الأظهر و یحتمل استخراج الحالف بالقرعة فمن أخرجته حلف یمین نفی و کانت العین له و ان نکل ردت الیمین علی الآخر فحلف واخذ العین فإن نکلا قسم بینها نصفین و القرعة لاستخراج الحالف لا لاستخراج صاحب الید و لو کان لذلک لکان بنکول المدعی یکون المال لمن أخرجته القرعة و هو خلاف ظاهر الفقهاء و ان قال: لا ادری هی لمن کان بمنزلة من تداعیا علی عین لا ید علیها إلا ان أمرها هنا یؤول إلی الحاکم فلا بد من إثبات انهما لهما فی الجملة و ان قال: هی لغائب وقفت الدعوی إلی یحضر الغائب أو یقیما بینة إنها لهما فی الجملة و لهما علیه الیمین علی انه لا یعلم إنها لهما و ان قال: هی لحاضر کانت له و کانت الدعوی مع الحاضر و لهما علیه الیمین علی نفی العلم ان لم یکن لهما بینة و لو قال: هی لغیری الزم البیان و ان قال: لیست لی لا یقنع منه بذلک حتی یبین هی لمن لأن قوله لیست لی محتملة إنها لهما و لغیرهما مما یعرفه و مما لا یعرفه و ان اعترف بها للحاضر فکذبه الحاضر صار من قبیل مجهول المالک یرجع إلی الحاکم و لو قال لغائب فحلفه المدعی علی ذلک فحلف فلا کلام و ان لم یحلف فحلف المدعی فهل یغرم للمدعی المثل و القیمة و تبقی العین إلی ورود الغائب أو یدفع العین و یغرم للغائب المثل و القیمة ان صدقه الغائب وجهان و الأوجه الأول و التأمل.

ثانیها: إذا تعارضت البینات بأن یختلف الشهود

فی أمر واحد ینفی أحدهما ما أثبته الآخر و لا یمکن التوفیق بینهما کما إذا شهدت أحد البینتین بالملک الحالی لزید

ص: 144

و الأخری بالملک الحالی لعمر أو شهدنا کذلک بالملک السابق أو بالمطلق کذلک أمّا لو شهدت أحدهما بالملک السابق و الأخری بالحالی أو أحدهما بالمطلق و لم یجزئ إلی الآن أو یقول: و لا اعلم له مزیلًا و الأخری بالحالی أو السابق لم یتحقق التعارض لإمکان التوفیق و کذا لو شهدت إحدی البینتین بالبیع مطلقاً و الأخری بالسلم أو بنسیئة أو بخیار أو بشرط لم یتحقق التعارض لإمکان التوفیق بمورد الاجتماع و انفراد الأخری بالزائد فتقبل لأن الزیادة لا تنافی شهادة الإطلاق بل لو شهدت واحدة بثمن أو مبیع أو عین مستأجره فشهدت الأخری بالأزید کما إذا شهدت أحدهما انه باعه البیت أو لعشر أو أجرة کذلک و شهدت الأخری انه باعه بعضه معیناً أو مشاعاً أو بخمس أو أجره ذلک أو بذلک عمل بالأولی فی الزیادة و لم یتحقق التعارض لإمکان التوفیق فی الأقل و بینة الزائد لا تعارض بینة النافی و الناقض غایة الأمر ان بینة الناقض نافیة و هی غیر مسموعة بنفسها فضلًا عن المعارض و فی هذا الکلام وجوه یأتی الکلام علیها إن شاء الله تعالی.

ثالثها: إذا تعارضت البینتان و کان المال بیدهما حکم الأصحاب بقسمته نصفین

أمّا لمکان تعارض البینتین و تساقطهما فیبقی المال بینهما نصفین علی موجب الید و لکن یلزمهما هاهنا التحالف و أما لتقدیم بینة الداخل فیحکم لکل منهما بما فی یده فیقسمانه نصفین و لا یحتاج هاهنا إلی الیمین مع احتماله لأن الیمین علی من أنکر فلا ینافی انضمامه إلی البینة و أما لتقدیم بینة الخارج فیحکم لکل منهما بما فی ید الآخر فیقسمانه نصفین و لا یفتقر إلی الیمین منهما و احتمله العلامة و کأنه لروایة علی علیه السلام و فیها فقیل له: لو لم یکن فی ید واحد منهما و أقام البینة قال: أحلفهما فأیهما حلف و نکل الآخر جعلتها للحالف فإن حلفا جمیعاً جعلتها بینهما نصفین و لأجل هذه الروایة لاعتبارهما هنا فی الجملة حیث ان فیها الممدوح و فیها من قال الشیخ انه معمول بروایة کغیاث بن کلوب و لظاهر نقل عدم الخلاف فی ثبوت الیمین کان الیمین أحوط و المشهور بین الأصحاب ان الحکم لا یختلف فی ذلک بین تساوی الشهود کثرة و عدالة و بین تفاوتهما و بین ذکر السبب مع أحدهما أو مع کلیهما أو الإطلاق کذلک و نقل عن

ص: 145

المفید اعتبار الأعدلیة و عن الاسکافی الأکثریة و عن بعض الجمع بینهما و عن آخر اعتبار المرجح و عن ابن حمزة اعتبار التقید أو اعتبارهما مرددا و سند الجمیع أمّا لجعل البینات کالاخبار فیطلب فیهما الترجیح و هو ضعیف للفرق بین الخبر و الشهادة حیث ان الخبر یدور مدار الظن فلا بد من الترجیح و الشهادة مدار التعبد و عن ابن أبی عقیل یقرع بینهما علی الیمین فمن حلف اخذ الجمیع و عن أبی علی یعرض الیمین علیهما فمن حلف فهی له فإن حلفا فهی لهما و مع اختلافهما یقرع فمن حلف فهی له کما تقدم و یدل علی هذین و علی اعتبار العدالة و الکثرة أخبار متعددة کصحیحة أبی بصیر و فیها ان علیاً علیه السلام أتاه قوم یختصمون فی بغلة فقامت لهؤلاء البینة انهم انتجوها علی مذودهم لم یبیعوا و لم یهبوا و قامت لهؤلاء البینة بمثل ذلک فقضی لأکثرهم بینة و استحلفهم و هی تدل بإطلاقها علی اعتبار الأکثریة و الاستحلاف و روایة عبد الرحمن کان علی علیه السلام إلا إذا أتاه رجلان ببینة شهود عدلهم سواء و عددهم سواء أقرع بینهم علی أیهم یصیر الیمین و فیه دلالة بإطلاقه علی القرعة لاستخراج تعین الیمین بعد الاستواء فی العدالة و العدالة و به یخصص ما دل علی القرعة ابتداء فی استخراج الیمین أو استخراج نفس صاحب المال کما تشعر به الروایات و لیس فیه دلالة علی حکم تعارض العدالة و العدد و الظاهر ان الأکثریة مقدمة کما تشعر به الروایة المتقدمة و روایة داود بن شرحان فی شاهدین شهدا علی أمر واحد و جاء آخران فشهدا علی غیر الذی شهد الأولان و اختلفوا قال: یقرع بینهم فمن قرع علیه الیمین فهو أولی بالقضاء و مثلها صحیحة الحلبی و کذلک روایة سماعة و غیرها و روایة القرعة لاستخراج صاحب الحق أضعف من هذه الروایات فتحمل علیها و لکن المشهور بین الأصحاب نقلًا و تحصیلًا هو قسمة المال بینهما نصفین و فی روایة عن علی علیه السلام ذلک و بهذه الشهرة و تلک الروایة تقید تلک الإطلاقات بمعنی صرف المطلق عن إطلاقه إلی الفرد المشهور لتوهن إرادة الإطلاق بعد تحقق الشهرة و لا شک ان دلالة الألفاظ ظنیة فالشهرة و ان لم تکن حجة فهی توهن الحجة و تصرفها عن عمومها

ص: 146

و إطلاقها علی ان الروایة و ان ضعفت فی سندها فهی منجبرة بالشهرة و تقید جمیع المطلقات.

رابعها: لو کانت العین فی ید واحد منهما فللأصحاب أقوال

تبنی علی أمور منها ان هل للمنکر إقامة البنیة لدفع الیمین عنه سواء أجاب النفی کما یقول فی جواب دعوی القرض ما أقرضتنی أو بالاثبات کما فی جواب مدعی الدار إنها له فیقول صاحب: إنها ملکی ولی أو لیس له و ظاهر الأصحاب قولًا و فتوی و السیرة المستمرة فیما فیهم عملًا هو طلب الیمین من المنکر و لا یلتفت إلی بینة و نقل الإجماع علی غیر ذلک من غیر واحد و الشهرة محصلة فضلًا عن کونها منقولة و ظاهر الروایة المشتهرة فتوی و عملًا البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر أیضاً اختصاص الیمین بالمنکر و اختصاص المنکر بالیمین لأن التفصیل قاطع للشرکة إذ لو جاز للمنکر البینة لما اختصت بالمدعی و لو جاز للمدعی الیمین لما اختص بالمنکر و ظاهر الروایة اختصاص کل منهما بکل منهما کما تقول فی باب القسمة و التفصیل: ان هذا لهذا و هذا لهذا فإن قلت ان کون الیمین علی من أنکر معناه انه یکتفی به منه فلا ینافی قبول بینته عوض یمینه لو أقامها من نفسه قلنا ظاهر الفقرتین ان الیمین و البینة یلزمان بهما المدعی و المنکر فکما لا یکفی یمین المدعی لا تکفی بنیة المنکر فمعنی الروایة الإلزام و الشرطیة فی ثبوت حق المدعی و فی رفع الحق عن المنکر لا اجتزاء بکل واحد منهما و هو المفهوم عرفاً و الذی فهمه الفقهاء قدیماً و حدیثاً و یساعده أیضاً الروایة الأخری المعتبرة و هی حسنة منصور و فیها و لا اقبل من الذی فی یده بینة ان الله عز و جل إنما أمر ان تطلب البینة من المدعی فإن کانت له بینة و إلا فیمن الذی هو فی یده هکذا أمر الله عز و جل و فیه إشارة إلی تفسیر الحدیث المشهور و فی آخر فی الشی ء یدعیه الرجلان انه یقرع بینهما فیه إذا عدلت بینة کل واحد منهما و لیس فی أیدیهما فأما ان کان فی أیدیهما فهو فیما بینهما نصفین و ان کان فی ید أحدهما فإنما البینة فیه علی المدعی و الیمین علی المدعی علیه و منها انه هل البینات عند التعارض کالأخبار ینبغی فیها طلب المرجح لأن ترجیح المرجوح قبیح و لأن الظن بالراجح أقوی أو لا ینبغی لأن قبول الشهادة أمر

ص: 147

تعبدی غیر منوط بالظن کی یتبع الأقوی و لأن ترجیح المرجوح قبیح موقوف علی العلم بالمرجوح و لا یمکن العلم مع ان الشرع فی أحکامه یفرق المجتمعات و یجمع المتفرقات نعم ما ورد النص به من التراجیح یجب اتباعه ثمّ لو بیناً علی اعتبار الترجیح فأی ترجیح یعتبر فی البینات الظاهر اعتبار الأعدلیة و الأکثریة فی نفس الشهود و اعتبار التقید و ذکر السبب و قدم الملک فی نفس المشهود به و ربما یعتبر کونه داخلًا لتأیده بالأصل فیقوی بحجة أخری و قد یعتبر کونه خارجاً لأن المؤسس أقوی من المؤکد و منها انه مع التساوی من کل وجه فهل الأصل فی البینات التساقط و الرجوع إلی ما تقتضیه الید و شبهها أو عدم التساقط لتأدیته إلی إسقاط الحجة و مع عدم التساقط فهل الجمع أولی فیعمل علی التصنیف أخذاً بکل من البینتین بما أمکن أو التخیر الفردی بینهما أو الحکمی بمعنی أیهما أخذنا بها جاز أو الأصل هاهنا القرعة لأنها لکل أمر مشکل و قد ورد فیها أخبار کثیرة دالة علی إنها تمیز المبهم و تخرج المشتبه و انها تفرق بین الحق و المبطل؟ وجوه أوجهها الأخیر ثمّ ان القرعة فی مقام تعارض البینات یراد بها استخراج الحالف فیحلف من خرجت له لا استخراج صاحب المال إذا عرفت ما ذکرنا فالبینتان إذا تعارضتا فنّ شهدتا بالملک المطلق فالمشهور تقدیم بینة الخارج لما ذکرنا من الإجماع و الأخبار و الاعتبار لأن بینة المنکر إذا لم تسمع مع عدم بینة المدعی و لا تسقط عنه الیمین کذلک فکیف تسمع مع بینة المدعی و حجته و قیل إنها تسمع و تقدم علی بینة الخارج و نسب للشیخ فی؟؟؟ و؟؟؟ و هو ضعیف و ما استدل به من الأخبار لا ینهض حجة علی دعواه و محله غیر هذا المقام و لو تسلم فهی محمولة علی التقیة و مع ذلک فهی ضعیفة و من ان البینة تقوی بالید فتکون حجة أخری اضعف من ذلک لإنکار القوة لأن الید تضعف الظن بالبینة إذ لعلها استندت إلی الأصل فی شهادتها علی إنها لا تعارض ما قدمنا و قیل ترجح أعدل البینتین ثمّ الأکثر فإن لم یکن ترجیحاً بنیة الخارج و نسب للمفید و نسب للإسلامی اعتبار الأکثریة فقط ثمّ الحکم للحالف منهما و لذی الید مع حلفهما و نکولهما و لا دلیل علی قولهما سوی الصحیح فیمن ادعی دار فی ید آخر فأقام من بیده الدار انه ورثها من أبیه لا یدری کیف أمرها

ص: 148

قال علیه السلام: أکثرهم بینة یستحلف و تدفع إلیه و فی بغلة اختصما فیها عند علی علیه السلام فأقام کل منهما بینة علی انهم انتجوها علی مذودهم لم یبیعوا و لم یهبوا فقضی علیه السلام لأکثرهم بینة و استحلفهم و هو ضعیف لعدم التصریح فی البغلة بأنها فی أحدهما فتحمل علی إنها فی ید ثالث جمعاً بین هذا الخبر و غیره کما سیأتی إن شاء الله تعالی و لعدم کون دعوی من بیده الدار متعلقة بالملک بأن یقول: إنها لی أو ملکی بل ادعی إنها میراث من أبیه و لا یدری فلعل ادعی صاحب الید ذلک یکون هذا حکمه للروایة کما نص علیه الصدوق حیث اخرج هذه الصورة عن محل النزاع علی إنها من شهادة البینة بالسبب لذی الید اقرب و لیست من صورة المسألة و لعدم اعتبار الأعدلیة فیها قبل الأکثریة کما ذکر المفید و عدم اعتبار بینة الخارج مع التساوی کما ذکره أیضاً و لاعتبار الحلف فیها مع الکثرة و لم یعتبره المفید و لیس فیها دلالة علی مجموع ما ذهب إلیه ابن الجنید أیضاً نعم فی روایة ضعیفة فإن کانت فی ید واحد منهما و أقاما البینة قال علیه السلام: اقضِ بها للحالف الذی فی یده و هی لا تدل علی ما ذکره ابن الجنید مفصلًا فالقولان ضعیفان و قیل بالرجوع إلی القرعة مطلقاً و نسب للعمانی و دلیله عمومات روایات القرعة و خصوص ما جاء من الرجوع إلیها هنا و فیه ان الروایات لا تقاوم ما قدمنا من الأدلة الدالة علی تقدیم بینة الخارج فتختص بها أخبار القرعة فتحمل علی ما إذا کانت العین بید ثالث کما فهم الأصحاب علی ان القرعة فی الروایات لاستخراج الحالف و ظاهر النقل عنه إنها لاستخراج المالک و نقل عن الشهید انه نسب اعتبار الأعدلیة ثمّ الأکثریة إلی اکثر القدماء و عن ابن فهد إلی قدماء الأصحاب و انکر هذا النقل بعض المتأخرین و مما یؤید هذا الإنکار ان المعروف بین المتقدمین و المتأخرین ان المنکر لا تجدیه البینة و لا یحکم بها الحاکم للمنکر قرنت بذکر السبب أم لا حتی انهم استشکلوا فی سماعها للتسجیل من دون دعوی و فی سقوط الیمین بها عن مدعی رد الودیعة و ان کان الأظهر جواز الأمرین بل الأظهر سقوط الیمین بها فی کل مدعٍ اکتفی منه بالیمین أو فاقا و علی کل حال فکیف یجتمع هذا مع النقل عن قدمائهم بالترجیح بالأعدل و الأکثر بل کیف یجتمع ذلک مع الخلاف الکثیر

ص: 149

هاهنا لأن التساقط عن الحجیة لا یعارض ما هو حجة نعم إلا ان یقال ان ذلک عام و هذا خاص فیکون بناؤهم هناک علی عدم حجیة البینة للمنکر فی غیر هذا المقام التی وردت فیه هذه الروایات فلا بأس بالقول بعدم حجیة البینة للمنکر إلا فیما دلت علیه هذه الأخبار فی دعوی الأملاک عند التعارض أو یقال ان البینة هنا لیست حجة و لا یثبت للمنکر شیئاً إذا لم یعم المدعی بینة و لکنها تهدم حجة المدعی و لا خیر فی الجمع بین دعوی عدم حجیة البینة و بین دعوی هدمها لما هو حجة عند التعارض أو یقال ان البینة لیست حجة للمنکر فی مقام النفی کما یقول: أقرضتک أو بعتک فیقول: لا و أما فی مثل هذا المقام فهی حجة لأن ذی الید مدعٍ لمخالفته أصالة عدم الملک و هو یدعیه إلا ان الید جعلته منکراً من جهة موافقة ظاهر الید فحینئذ تقبل هنا البنیة منه و تجزی عن الیمین و یحصل التعارض بالبینات و حینئذ فیلتزم هنا من لا یقدم بینة الخارج بجعل بینة المنکر حجة بنفسها و تقبل مع الانفراد و یسقط بها الیمین و الحق ذلک بناء علی عدم تقدیم بینة الخارج و بناء علی ذلک کما هو الحق یسقط هذا الکلام من اصله و ان شهدت بینة الخارج بالسبب و بینة الداخل بالإطلاق فأولی بقبول بینة الخارج من الشهادة المطلقة.

خامسها: لو قیدت بینة الداخل فی السبب آخر سبب الملک الحقیقی أو بلازمه أو بملزومه أو بلوازم التصرف

سواء جعل علة للملک أو معلولًا أو ذکرته مع الملک لا علی جهة العقدیة أو علی جهتها و بالجملة ما یفید الشهادة بالملک قوة و تقوی إذا کان لا یتکرر لعدم احتمال اطلاع البینتان علیه و اطلقت بینة الخارج فالمشهور نقلًا بل تحصیلًا و المنقول علیه الإجماع تقدیم بینة الخارج مطلقاً سواء کان السبب مما یتکرر کالصیاغة و الخیاطة أو لا کالنتاج و الحیاکة للابریسم و شبهه و هو الأقوی و هو الذی یقتضیه عموم الأدلة المتقدمة و روایات المدعی و المنکر و قیل بتقدیم بینة الداخل لقوتها بذکر السبب و للإجماع المنقول نقله الشیخ و یشعر به کلام بن زهرة و أفتی به کثیر من فقهائنا کالشیخ و القاضی و الطبرسی و الفاضلان و الشهیدان و غیرهما و حجتهم بعد الإجماع و الاعتبار روایة جابر و فیها قضی لصاحب الید لما أقام کل منهما بینة انه

ص: 150

انتجبها عنده و غیرها من الروایات المتضمنة لتقدیم بینة الداخل علی الخارج مع تضمن کل منهما السبب فتقدیمها علی بینة الخارج مع عدم تضمنها ذلک أولی کروایة غیاث بن إبراهیم فی رجلین اختصما عند علی فی دابه فأقام کل منهما بینة انه انتجها فقضی بها لمن هی فی دیة و الأخری عن أمیر المؤمنین علیه السلام انه کان إذا اختصم اثنان فی جاریة فزعم أحدهما انه اشتراها و الآخر انه انتجها فأقام کل منهما بینة قضی بها للذی نتجت عنده لتضمنه تقدیم السبب القوی و هو النتاج علی الضعیف و هی لیست صریحة فی کونها فی ید من نتجت عنده و روایة إسحاق بن عمار عن علیه السلام انه قیل له فر رجلین اختصما فی دابة و أقام کل منهما البینة إنها نتجت عنده قیل له: فإن کان فی ید واحد منهما قال: اقضِ بها للحالف الذی فی یده و هی مشتملة علی الحلف و لیس فیها صراحة بتقدیم المقارنة للسبب و فی الجمیع ضعف لأنّا لا نقول بالأصل فلا یتمسک بالأولویة الحاصلة منها علی ان روایتها ضعیفة لا تصلح لإثبات المطلوب و علل العلامة فی المختلف تقدیم بینة الداخل مع السبب علی بینة الخارج مع الإطلاق ان جانب الداخل أقوی أو لهذا قدم یمینه علی یمین المدعی فلتقدم بینة علی بینة و بان له یداً و سبباً بخلاف الخارجة و لأن البینتین تعارضتا فتسلم الید و السبب فیؤثر أثرهما و جمیع هذه الأدلة و ان قویت باجتماعها إلا إنها لا تقام تلک الأدلة الدالة علی ترجیح بینة الخارج یقول مطلق و لو قیدت بینة الخارج و الداخل بالسبب تساویا أو تفاوتا فی القوة علی ما یظهر من إطلاق الأصحاب و ان کان فی الروایة المتقدمة ما یقضی بترجیح قوی السبب علی ضعیفه قدمت أیضاً بینة الخارج علی من نسب القول به للمشهور و دل علیه الإجماع المنقول علی بینة الخارج مطلقاً و عموم الروایات المشتهرة فتوی و عملًا و غایة ما یدل علی تقدیم بینة الداخل هنا الروایات المتقدمة و هما أما مطرحه أو محموله علی التقیة لأنها اقرب إلی فتواهم کما صرح به جملة من الأفاضل و لأنها ضعیفة السند منها عامیة و منها بتریة و لیس فیها صحیح یعتمد علیه فی معارضة ما قدمنا و الأقرب لزوم الیمین علی الداخل مع بینته لو قلنا بتقدیمها لعموم الیمین علی من أنکر فلو لم یحلف قدمت بینة الخارج.

ص: 151

سادسها: و لو کانت العین فی ید ثالث و لم یقر بها لأحدهما فالمشهور إنها یقضی بها لأعدل البینتین

فإن تساویا عدالة فلاکثرهما فإن تساویا کثرة أقرع بینهما فمن خرج اسمه أحلف و قضی له بها فإن أحلف الآخر و کانت له فإن نکلا قسمت بینهما نصفین کل ذلک للإجماع المنقول و فتوی المشهور و لأنه الجامع بین الأخبار المختلفة الدال بعضها علی اعتبار الأکثریة کروایة القوم الذین اختصموا فی بغلة حیث حکم لأکثرهم شهوداً و موردها هو الخارج عن الاثنین إطلاقاً أو خصوصاً کما فهم الأصحاب و بعضها علی اعتبار القرعة و هی کثیرة شاملة بإطلاقها محل المسألة أو وارده فیها کما فهم الأصحاب فقیدنا أخبار القرعة بالروایة الدالة علی الأکثریة و یستفاد تقدیم الأعدلیة علی القرعة من روایة علی علیه السلام إذا أتاه رجلان شهود عدلهم سواء و عددهم أقرع بینهم فیجعل الحق للذی یصیر علیه الیمین إذا حلف فیفهم منه ان العدالة مقدمة علی القرعة و لکن لیس فی الأخبار ما یدل علی تقدیم العدالة علی الأکثریة و لا علی ما إذا کانت الأعدلیة فی جانب و الاکثریة فی جانب آخر و لا یبعد ان القرعة هاهنا هو الأصل فی محل الشک للأخبار الدالة علی ذلک لأن هذا من الأمر المشتبه واقعاً ففی الخبر کل مجهول ففیه القرعة و فی آخر ما تقارع قوم ففوضوا أمرهم إلی الله إلا خرج سهم المحق أی قضیة أعدل من القرعة مضافاً إلی خصوص روایات القرعة الشاملة بإطلاقها لذلک و بها یخصص روایة إسحاق بن عمار و فیها فقیل له: لو أم تکن فی ید واحد منهما و أقاما البینة قال أحلفهما فأیهما حلف و نکل الآخر جعلتها للحالف فإن حلفا جمیعاً جعلتها بینهما نصفین بحملها علی ان الحالف من أخرجته القرعة فیبتدأ به و فائدة القرعة ذلک لاستخراج صاحب المال و ذهب الشیخ فی المبسوط هنا إلی القرعة ان شهدت البینتان فی الملک المطلق و التنصیف ان شهدتا بالسبب معاً و لو انفردت أحدهما بالسبب قدمت علی المطلق بحمل الأخبار الواردة فی القرعة علی الإطلاق و ما دل علی التنصیف علی الشهادة بالسبب لروایة غیاث فی دابة تنازع فیها رجلان کل ادعی انه انتجها فقضی بها للذی فی یده و قال: لو لم تکن فی یده جعلتها بینهما نصفین و لا دلالة علی هذا التفصیل من الأخبار لأن أخبار القرعة مقیدة بأخبار

ص: 152

التراجیح و الروایة الأخیرة لیست من تعارض البینتین و نقل عن ابن الجنید هنا انه مع تساوی البینتین عدداً یعرض الیمین علی المدعین فأیهما حلف فله و ان حلفا جمیعاً کان المال بینهما نصفین و کأنه استند إلی روایة إسحاق بن عمار و لکن لیس فیها اشتراط التساوی عدداً و نقل عن ابن عقیل إطلاق القول بالقرعة و هو جید من جهة الأخبار إلا ان الأخذ بها بعد تقیدها بالمرجحات جمعاً بین الأخبار هو الأقوی لو اقر من فی یده العین لأحدهما أو لهما کان المقر له داخلًا و من لم یقر له خارجاً و لو قال: هی لأحد کما لا اعرفه فالظاهر انه یجری علیه حکم ما لم یقر لأحدهما بعینه و کذا لو قال لمن لا اعرفه و لو قال لغیری فسکت فهی بمنزلة ما لا ید لأحد علیها و حکمها بمنزلة ما لو کانت بید ثالث و لم یجب بشی ء و لو اعترف بها لمعین حاضر أو غائب غرم لمن اقر له ان اقر بها لأحدهما أو کلیهما و إلا فلا یغرم لعدم تفویته شیئاً تسبیباً أو مباشرة لاستحقاقهما لها ببینتهما و فی جمیع هذه الصور تسمع بینة أحدهما مع یمینه إلا إذا شهدت بأنها ملکه إلی الآن و اعلم انه قد یحتمل ان القرعة لاستخراج صاحب الید و لکن الشارع جعل علیه الیمین استظهاراً فإن لم یحلف فلا حق له ثمّ انه یظهر من الصحیح انه لو کانت أحد البینتین اکثر استحلف أهلها و مقتضاه انهم إذا لم یحلفوا فلا حق لهم و جملة من الأصحاب لم یعتبر الاستحلاف مع الأعدلیة و الأکثریة مطلقاً و منهم کالصدوقین و الشیخ و القاضی اعتبروه مع الترجیح بالکثرة کما فی الروایة و منهم من اعتبرها مع الترجیح بالأعدلیة أیضاً کالشهید رحمه الله فی الروضة و نسب للشیخ فی الخلاف نقل الإجماع علیه و القول بالیمین مطلقاً مع الترجیح و مع القرعة مع قربه أحوط فعلی ذلک من لم یحلف رجع الیمین علی صاحبه و کان الحق له و یشکل القول بتحتمه إذ لا دلیل علیه سوی الروایة و هی ظاهرة فی الندب استظهاراً لخلو الأخبار عن اعتبار الیمین فیما سوی أخبار القرعة و الاصحاب فی هذا المقام عباراتهم مختلفة فمنهم من اقتصر علی اعتبار الأعدلیة خاصة کالمفید و منهم من ذکر الأکثریة کالاسکافی و الصدوقین و ربما أشعرت بعض عباراتهم بتقدیم الأعدلیة و لکن لم نعثر لهم علی تصریح بذلک و منهم من ذکر الأعدلیة و الأکثریة و لم یذکر الترتیب بینهما

ص: 153

و لا القرعة بعدهما کما نسب للشیخ فی موضع من الخلاف و نسبه إلی الأصحاب و منهم من ذکر المرجح من دون بیانه مفصلًا و لم یذکر القرعة و منهم من ذکر القرعة بعد العجز عن المرجح مطلقاً کما نسب للشیخ فی الخلاف مدعیاً علیه الإجماع و منهم من فصل کما ذکرنا إلا انه قدم الأکثریة علی الأعدلیة کابن إدریس مشعراً بدعوی الإجماع علیه و منهم من اقتصر علی القرعة کما ذکرنا کابن أبی عقیل و قد عرفت الأخبار أیضاً لیس فیها خصوصیة الترتیب الذی اخترناه و لکن بضمیمة فتوی المشهور و الإجماع المنقول علی الترتیب المتقدم یقوی القول بها و ینبغی ان یعلم ان ظاهر الأصحاب ان ذی الید لو صدق أحدهما أو کلیهما لا تکون بینة المصدق کبینة صاحب و غیرها کبینة الخارج بل الحکم فیها هنا تقدیم ذی البینة لو کانت واحدة مع یمینه مطلقاً و تعارض البینتین هنا مقتضی للترجیح بالأعدلیة و الأکثریة مع الیمین المصاحب للبینة الراجحة فإن لم یکن یمین من صاحبها أحلف الثانی فإن تساویا فالقرعة مع الیمین فإن نکل ردت علی من لم تخرجه القرعة و ظاهرهم ان الیمین لإثبات حقه من المدعی الآخر لإثبات حقه علی من کانت العین فی یده بل من کانت العین فی یده بمنزلة الداخل بالنسبة إلیهما إذا أنکرهما معاً و بمنزلة الداخل لمن یصدقه إذا صدق واحد منهما فتکفی یمینه عند عدم البینة و عند البینة من کل منهما أو من أحدهما تنتزع العین من یده و لیس له یمین علیهما أو علی أحدهما عند إنکاره لهما أو لأحدهما و یظهر من بعض المتأخرین القطع بأنه لو صدق أحدهما أو صدقهما حکم لمن صدقهم بأنه ذو ید و یجری علیه حکم ذی الید فتقدم بینة من لم یصدقه علی القول بتقدیم بینة الخارج و هکذا فیکون محل المسألة فیما لو کذبهما أو یقول: لا اعلم و لا ادری أو لم یکن الشی ء تحت ید واحد أصلًا أو یقول هو لغیری أو لفلان و لم یصدقه فلان لا صدقة و لم یصدق أحدهما أو یقول هو مجهول المالک أو یقول هو لغائب أو لغیر ذلک و یمکن توجیه لزوم الیمین علی الأعدل شهوداً أو الأکثر بأن الأعدل و الاکثر تصیر المشهود له صاحب ید بالنسبة إلی المدعی الآخر بموجب تقدیمهما علی الخالی منهما لأن البینة مع إنکار من هی بیده إنما تقوم علیه لا علی المدعی الآخر فإذا قامت البینتان علیه و قدمنا

ص: 154

الأعدل اندفعت العین من صاحب الید إلی من بینته أعدل فصار کصاحب الید و کان الذی بینته غیر الأعدل خارج فأما ان تقدم هی لأنها بینة خارج أو تقدم بینة الأعدل مع الیمین لأن بینة الداخل لا تقبل إلا مع الیمین فإن قلت بینة الخارج مقدمة فلا حاجة إلی هذا التکلف قلنا نعم ذلک فی الخارج الحقیقی لا المنزل منزلته بل هذا خارج یضعف فی مقابلة الأعدل و الاکثر و الیمین و لو ان الخارج و الداخل یتحقق حقیقة لکان تصدیق ذی الید لأحدهما یکون من أقسام الداخل و أکثر الأصحاب لم ینزلوه عند تعارض البینة بمنزلة ذلک تذنیب و تحقیق التعارض بین الشاهدین و الشاهدین ذکور الجمیع أو إناثاً أو ذکوراً فی جانب و إناثاً فی جانب آخر فی مقام یصح فیه شهادة الإناث و لا یتحقق بین شاهدین و شاهد و یمین لضعف الشاهد و الیمین عن معارضة الشاهدین لأن الیمین مؤکدة للشاهد الواحد فی الحجیة و لیس بمنزلة الشاهد الآخر و لأن الیمین من المدعی بمنزلة تصدیق المدعی نفسه و الشاهد مصدق لغیره و لأن دلیل الشاهد و الیمین عمدته الإجماع و حکایات الأحوال و المتیقن منها فی غیر معارضة الشاهدین و لأن الترجیح فی مقام تعارض الخارجین أمر مطلوب و الشاهدان أرجح من الشاهد و الیمین و لأنه المشهور بل کاد ان یکون إجماعاً و به تنصرف إطلاقات حجیة الشاهد و الیمین إلی غیر ما عارضهما الشاهدان و نسب للشیخ نادراً فی المبسوط احتمال القول بالمعارضة و لیس ظاهراً فی ذلک فضلًا عن الصراحة و هذا کله فی الخارجین و أما الخارج و الداخل فشاهد الخارج مع یمینه مقدم علی شاهدی الداخل لعدم اعتبار بینته إلا ان تشهد بینة الداخل بالسبب و الخارج بالمطلق فهناک لا یسمع الشاهد و الیمین من الخارج علی وجه قوی و کذا لو تداعیا کل ما فی ید الآخر فانه یقدم الشاهد و الیمین علی الشاهدین من الخارج بالنسبة إلی ما فی ید الداخل.

سابعها: لو تداعیا ما لا یقبل القسمة کالزوجیة و کانا خارجین فلیس إلا الترجیح بالأعدلیة و الاکثریة مع الاستحلاف و بدونه علی الوجهین ثمّ القرعة

مع الاستحلاف و بدونه فإن حلف من خرجت له القرعة فله و إلا ردت الیمین علی الآخر فإن حلف فله و ان نکلا اخذ بموجب القرعة و لا یفتقر إلی قرعة أخری و یظهر من

ص: 155

الأصحاب سقوط الیمین مع القرعة فضلًا عن سقوطها مع المرجح لعدم الفائدة لعدم إمکان القسمة مع نکولهما و فیه ان فائدة الیمین لا تختص بالقسمة عند نکولهما بل قد تکون فائدتها حلف الآخر نعم قد یقال بسقوط الیمین لروایة داود بن یزید العطار فی امرأة تعارضت فیها البینتان کل قالت هی لمدعیها قال علیه السلام بعد ان اعتدل الشهود و عدلوا قال یقرع بین الشهود فمن خرج اسمه فهو المحق و هو أولی بها و هی مؤیدة بفتوی الأصحاب هذا کله ان لم تصدق إحداهما کما هو ظاهر الروایة لأن فیها إنها امرة غیرهما و ان صدقت إحداهما کانت البینة لمن لم تصدقه علی الأقوی من دون نظر للمرجحات أو لمن صدقته فی وجه لتأید بینة بتصدیقها إیاه و لو صدقتهما معاً امتنعت هنا القسمة فلا بد من المرجح مع الیمین أو بدونه و إلا فالقرعة مع الیمین و بدونه فی المقامین هو الأقوی و قد یقال انه عند تعارض البینتین مطلقاً أیهما حلف مع بینته یقدم قوله لانجبار بینة بالیمین فإن حلفا أو نکلا فالمرجح أو القرعة کما تقدم و هو وجه و ربما ظهر من بعض عباراتهم.

ثامنها: المعروف بین الأصحاب الترجیح للبینة المشتملة علی قدم الملک علی البینة المشتملة علی قدم الملک مطلقاً

أو الملک المتأخر سواء ذکرنا العدد فقالت الأولی سنتین و قالت الأخری سنه أو لم یذکراه فقالت الأولی من قدیم الزمان و قالت الأخری من حادثه بل ربما الحق بالأولی معلمة التاریخ و بالأخری مجهولة التاریخ لأصالة تأخیر المجهول عن المعلوم أو نسب الترجیح به للمشهور ابن فهد بل قال لا اعلم فیه خلافاً ورد علی ابن إدریس حیث منع من الترجیح به و جعله من مفردات الشیخ و ان الترجیح به للعامة و انه قیاس و لیس من مذهبنا بأن قوله مخالف للمعروف بین الأصحاب و مشهورهم و الحق مع المشهور و ذلک لقوة الشهادة بالقدیم علی الحادث عرفاً فی مقام الشهادة و لتعارض البینتین فی الوقت المشترک فیبقی القدیم لا یعارضه شی ء فیستصحب أثره و قد یقال ان الاستصحاب قطعه بینة الحادث فهی غیر حجة فی الوقت المشترک لمکان التعارض و لکنها حجة فی دفع الاستصحاب و فیه انه فی الوقت المشترک یبطل تأثیرها فی قطع الاستصحاب و قد ان بینة الملک الحالی بمنزلة المقید

ص: 156

کما لو شهدت انه اشتراه من الأول أو اتهبه فإنها یحکم بها فیمکن ان تکون الشهادة بالملک الحالی لذلک و شبهه فتقوی و لا اقل من التساوی و فیه ان ذلک الشهادة مسلم لو شهدت الأولی بالملک المطلق أمّا لو شهدت به إلی الحال فانه یرتفع ذلک الاحتمال و فرق بین الشهادة بالملک الحالی و بین الشهادة بالشراء صریحاً لأن الشهادة بالشراء لا تعارض الشهادة بالقدم إلا بما تضمنته من نفی الانتقال و النفی فی الشهادة لا یعارض الإثبات کما ان الشهادة فی الحال تنفی الأقدم فلا تعارضه فیثبت القدم و یتساقطان فی المشترک فیبقی الأقدم من غیر معارض لاستصحابه و بقائه و سلیماً فی الوقت المختص فیستصحب أثره هذا کله فیما إذا شهدت البینة بالملک القدیم مصرحة ببقائه إلی حین الشهادة سواء کان ذلک التصریح من جهة العلم بالبقاء أو من جهة الاستصحاب بناء علی جواز الشهادة بالاستصحاب و إلا لم تبق للشهادة سوق بل لو صرحت بالاستصحاب فقالت و ذلک ثابت بالاستصحاب أو قالت و لا نعلم له مزیلا سواء دلت هذه اللفظة علی العلم کما تقول و لا نعلم فی ذلک خلافاً أو دلت علی بل لو قالت و لا ندری زال أم لا فکذلک للاستصحاب و منع بعضهم سماعها بهذه الصورة لدلالتها علی التردد بخلاف الأولی فإنها تدل إمّا علی الظن أو الجزم و فیه نظر لعدم مدخلیة الصورة هاهنا بعد العلم بالمراد أمّا لو شهدت بالملک مطلقاً أو بکونه قدیماً مطلقاً فلا شک فی معارضتها للشهادة بالحادث لمکان التصریح و الإطلاق و إمکان الجمع و بالأولی لو قالت هی ملکه أمس أو السنة الماضیة فانه یزداد باحتمال صدقهم فی ذلک مع علمهم بطرو الملک الحادث و لم یبینوه إذ لا منافاة بین کونه ملکاً لزید أمس و ملک عمر الیوم.

تاسعها: مورد هذا المرجح فی الخارجین قطعاً و فی غیره علی ما سیأتی إن شاء الله تعالی

و محله فی الخارجین بعد الترجیح بالعدالة و العدد قبل القرعة کما یظهر من بعض الأصحاب و هو الأقرب لأن تقدیم الأعدل و الاکثر مقتضی لعدم سماع غیره فلو فرض ان الحادث شهد به الأعدل فقد قطع شهادة غیره و ما یتبعها من القدم و القطع الاستصحاب الحاصل من الأقدمیة ضرورة ان الاستصحاب لا یعارض الحجة

ص: 157

نعم عند التساوی یتساقطان فیبقی استصحاب القدم لا معارض له مع احتمال تقدیمه علی العدالة و العدد لتعلقه بالمتن و الدلالة کتعلق المطلق و المقید و هو مقدم علی الترجیح بالسند للزوم الجمع قبل الترجیح و مثله القول فی الترجیح بالسبب کما إذا شهدت إحدی البینتین بسبب الملک للخارج دون الخارج الآخر فقالت اشتراه منه أو ورثه من أبیه و نتج فی ملکه أو شجه أو بناه کذلک و أما فی غیر الخارجین فالظاهر ان قدم الملک لا یقدم علی بینة الخارج کما قلنا فی السبب لأنا إذا جعلنا الید مانعة من سماع البنیة فی مقابلة الخارج المدعی فقد صارت بحکم الساقط فلا یجدی فیها الترجیح حینئذ و من السبب و من قوته و من قدم الملک و من الأعدلیة و من الأکثریة و من غیر ذلک نعم لو قلنا بسماع بینة الداخل کان لترجیحها بقوة السبب و قدم الملک وجه بل تکون الید بنفسها من أقوی التراجیح حینئذ و لو کانت العین فی أیدیهما أمکن الترجیح بقوة السبب و قدم الید لأن الدعوی علی الکل من الکل فکل منهما یرید إزالة ید صاحبه الداخلة بینته فالترجیح فی محله حتی فی الأعدلیة و الأکثریة إلا ان ظاهر الأصحاب ترک العمل بالترجیح بالأعدلیة و الأکثریة و الحکم بالتنصیف عند تعارض البینتین و لعلنا لو اتبعناهم فی عدم الترجیح بالأعدلیة و الأکثریة لا نتبعهم فی عدم الترجیح بالسبب و قوته و قدم الملک و أقدمیته.

عاشرها: بینة الملک لو شهدت به فی مقام التعارض و فی غیره أمّا ان شهد بمطلق الملک فتسمع فی معارضة المطلق

و تسمع لنفسها و کذا لو قیدته إلی الآن و کذا لو قیدته بالماضی و قالت و لا اعلم له مزیلا و لو قالت أزال أم لا فقد منعه بعضهم بصورة التردد و ألحقه آخرون بالأول لتساوی المعنی و فرق بعضهم بینهما بالمعنی حیث ان الأولی تقوم فی مقام العلم و الظن المتاخم و لو بالاستصحاب دون الثانیة و منع بعض الجمیع لعدم القطع بالشهادة و قد تبنی المسألة علی جواز الشهادة بالاستصحاب أم لا و علی تقدیر الجواز فهل یقبلها الحاکم عند الاطلاع علی ذلک و الذی یظهر ان الید اللاحقة لا یعارضها مجرد الاستصحاب إذ الشهادة به عند العلم بذلک و لا یکفی من الشاهد ان یقول: اشهد بأنها ملکه بالأمس و لا ادری إلا إذا ابدی الشهادة بصورة

ص: 158

القطع أو ما شابهها و الظاهر انه یصح له الشهادة بالاستصحاب إذا کان مطمئناً به ظاناً ظناً عادیاً و لو کان شاکاً لطرو بعض الأحوال لم تجز له الشهادة و یقوی عدم سماع الشهادة بالملک لو قیدت بالماضی فیما لو قال: اشهد انه ملکه أمس و سکت لاحتمال علمه بطرو المزیل و کذب فی الشهادة نعم قد یعارضها الاستصحاب الناشئ من الإقرار کما إذا شهد علیه شاهدان انه اقر لزید أمس بالملک أو أقر بأنه اقر بذلک أمّا لو اقر انه لزید بالأمس بقید ذلک لم یکن إقراراً فی الحال فلا یلزم به مع احتمال جر ذلک بالاستصحاب و فرق العلامة رحمه الله بین استصحاب المشهود به و بین استصحاب المقر به بأن الإقرار یکون عن تحقیق بخلاف الشهادة فإنها قد تکون باعتبار الید و قضائها بالملک ظنی و حکم فی الإقرار بانتزاعها من المقر إلی المقر له بخلاف الشهادة و فیه ان الشهادة قد تکون عن علم و الإقرار بالملک قد یکون عن ید و ربما صرح الشاهد بالسبب المعلوم سببیته للملک فینبغی إما إعمال الاستصحاب فلیعمل فیهما أو لا یعمل لقوة الید الحالیة فلا یعمل فیهما معاً و أولی فی عدم سماع الشهادة بالملک السابق إذا لم تدل الشهادة علی الملک فی الحال الشهادة بالید بالأمس و دعوی ان الشهادة بالید مستندة إلی الرؤیا فتکون قطعیة غیر مسموعة لجواز القطع بالملک قطعاً یقوی علی مشاهدة الید القاضیة بالملک و للشیخ قول بسماعها استناداً للروایة عن أحدهما علیهما السلام فی رجل اشتری هدیاً فنحره فمر به رجل فعرفها فقال هذه بدنتی ضلت منی بالأمس و شهد له رجلان بذلک فقال له لحمها و لا تجزی عن واحد منهما و فیه ان ظاهر الروایة ان الشهادة فیها علی الملک الحالی لا علی الید السابقة و یسمع من الشاهد لو قال هو ملکه بالأمس اشتراه من المدعی علیه بالأمس أو اتهبه أو اقر له بها لاستناد الشهادة إلی تحقیق و لو قال اشتراه من فلان غیر المدعی علیه لم یلزم حتی یقول و هو ملکه الآن لاحتمال کونه وکیلًا عن المدعی علیه و لو شهدت بینة المدعی انه کان ملکه فغصبه ذو الید منه أو استعاره سمعت الشهادة لأنها تضمنت بیان السبب و الظاهر بقاؤه و لو شهدت بینة انه غصبها من زید و أقام عمر بینة انه أقر له بها قدمت بینة الغاصب و لا یضمن لعمر شیئاً لعدم تفریطه و بالجملة فالأقوی عدم جواز الشهادة بالاستصحاب ما

ص: 159

لم یفد ظناً متاخماً قریب القطع بحیث تجری العادة بالقطع به فإذا عرف الحاکم ان الشهادة بالملک الحالی کان کذلک و لو بإقرار الشاهد لم یسمع شهادة الشاهد نعم لو أبرزها بصورة القطع قبلت ظاهراً و لیس علی الحاکم السؤال نعم هل للحکام ان یحکم بالاستصحاب لما قطع به الشاهد من الملک الأول الظاهر ان له ذلک فیما لا یعارض الاستصحاب فیه ید حالیه لقضاء الید الحالیة بالملک شرعاً و فیما لا یعارضه بینة أخری تقطع أثره فإذا لم یعارضه شی ء من ذلک کالشهادة علی دین بالأمس أو قرض علی زید فانه یکفی الحکم بالدین بالاستصحاب و لا یحتاج الحاکم إلی سؤال الشاهد انه إلی الآن و لکن یشکل ذلک بالإقرار أو الشهادة به کما إذا قر الیوم انه لزید بالأمس أو أقر أمس انه لزید أو اقر انه غصبه منه أمس فإن الظاهر من الفقهاء ان الحاکم یحکم بأن المال لزید بالاستصحاب و لا یفتقر فی الإقرار أو الشهادة به إلی ضمیمة الآن و کذا لو شهد شاهدان بحکم الحاکم علیه بالأمس و کان الفرق ضعف للشهادة عن الإقرار فی الإثبات ضعیف استصحابها عن سلب الملکیة عما تقتضیه الید الحالیة بخلاف الإقرار فإن استصحاب أثره یقوی بقوة اصله و کل بینة شهدت بسب خاص علی ذی الید من عاریة أو غصب و لو قیدته بالأمس سمعت علی الأقوی استصحاباً لما حققه الشاهد من السبب الخاص.

حادی عشرها: أسباب الترجیح أمور الأعدلیة و الأکثریة و ربما یلحق بهما الأضبطیة و الأعرفیة

و الخارج و الید و السبب الخاص و السبب الأقوی و القرعة و الشهادة بالید أولی من الشهادة بالتصرف و الشهادة بالملک المقرون بالسبب أو المقرون بالقدم أولی من غیر المقرون و لو تعارض الاقتران بالسبب و الأقدمیة احتمل التساوی و ترجیح الأقدم و کل مرتبة سابقة تقدم علی اللاحقة و ان قویت اللاحقة و ضعفت السابقة فی وجه و الصور المحتملة فی التعارض کثیرة و بناء علی ما ذکرنا فشهادة الملک تقدم علی شهادة الید و ان اقترنت بالسبب أو کانت اقدم و کذا شهادة الید بالنسبة إلی التصرف و شهادة التصرف بالنسبة إلی غیره و قوی کل مرتبة أقوی من ضعیفها و مراتب المعنی و الدلالة بعد مراتب العدالة و الأکثریة و مبنی المسألة هل المدار فی الترجیح علی

ص: 160

الظن أو علی القصد فیقتصر علی ما فی الأخبار صریحاً أو فحوی و لا یبعد ان ما فی الأخبار ینبأ عن ملاحظة الترجیح فی الجملة إلا ما فی الأخبار مقدم علی غیره و ذکر بعض المحققین انه حیث کان للترجیح أسباب خمسة فإن انفردت أحد البینتین بواحد حکم لها و ان اشترکا اقرع بینهما ان تکافئا و ان تفاوتا فذو السببین أولی من ذی السبب و ذو الثلاثة أولی من ذی الاثنین و لو انفرد کل واحد بواحد فإن کان قوة العدالة أو کثرة العدد فلا ریب فی تقدیمه و أما الثلاثة الباقیة فأقواها القدم فیقدم علی السبب و ان لم یتکرر کالنتاج و الشهادة بالملک المقید بالسبب أولی من الشهادة بالملک المطلق و الشهادة بالملک المطلق أولی من الشهادة بالتصرف مطلقاً اقترنت بسبب أم لا کانت اقدم أم لا و الشهادة بالتصرف أولی من الشهادة بالید مطلقاً کذلک و الشهادة بالید أولی من السماع و الشهادة بقدیم کل واحد أولی من الحادث و بالمقرون بالسبب أولی من غیر المقرون و هذا حسن غیر ان تقدیم التصرف علی الید لا نرتضیه إذ الید أقوی و قد یکون بین الید و التصرف اختلاف فرب ید أقوی و رب تصرف أقوی و یرجع إلی نظر الفقیه کما ان الأیدی مختلفة قوةً و ضعفاً کید الزوج و الزوجة و الخادم و المخدوم و کذا التصرف مختلف و قد یقال التعارض فی نفس الید الحالیة المقطوع بها و الشهادة فی الملک السابق أو الید السابقة و سیجی ء إن شاء الله تعالی.

مسائل

أحدها: البینة مثبتة للملک من حین أدائها علی نحو ما أدته

فإن أدت ملکاً مطلقاً ثبت من زمن التأدیة لأنه المتیقن و ان أدت مقیداً بوقت سابق فهو من حین ذلک الوقت فعلی ذلک فالنماء المتصل من حین ثبوت الملک لمن قامت له و کذا ما کان بعده مطلقاً و النماء المنفصل قبل ذلک لمن کانت فی یده قبل الإثبات و سبب دخول النماء المتصل هو دخوله فی المشهود له کالصوف و اللبن و القرن و البیض لأن البیض لا یعلم وجوده إلا مع وجود العین و لا یمکن تمیزه فهو داخل فی عین المشهود به کما تدخل هذه فی البیع و الهبة و أما النماء الذی لا یعد جزء کالحمل و الثمرة و نحوهما فلا یدخل فی المشهود به و ان کان متصلًا حین الشهادة لعدم التلازم بین ثبوت ملکیة العین

ص: 161

للمشهود له و ملکیة النماء لذی الید و ظهور کون النماء تابع للمشهود به فتثبت ملکیته تبعاً لا یعارض الید القاضیة بملکهما خرج ما شهدت به البینة و یبقی الباقی علی حکم الید نعم لو قالت هذه الدابة ملکه استنتجها عنده أو هذه الشجرة غرسا بیده أفاد ملکیة النماء للمشهود له و هذه القاعدة جاریة فی کل مبیع ظهر بعد شرائه انه مستحق للعین و کانت الشهادة انه ملک الغیر علی الإطلاق و لو شهدت انه ملکه الآن لم تکن منافیة لشرائه من آخر لاحتمال ان المشهود له ملکه بعد شرائه نعم یشکل فی الشهادة المطلقة ان الفقهاء حکموا بأنه لو اشتراها فظهرت بالبینة المطلقة إنها ملک الغیر رجع المشتری علی البائع بثمنها لأنه قد انکشف بالبینة العادلة إنها لم تکن للبائع و کذا لو تعاقبت کما إذا اشتراها من موهوب أو من مشترٍ آخر و هکذا و ذلک یقتضی کونها ملکاً للمشهود له قبل الشراء فیقتضی کون النماء کله حتی المنفصل للمشهود له فکیف یجتمع هذا مع الحکم بأن النماء المنفصل للمشتری و بالجملة فالحکم بکون النماء للمشتری و بین رجوعه بالثمن علی البائع جمع بین متنافیین قیل و قد ینزل ذلک ان الحکم ببقاء النماء علی ما إذا لم یدع المشتری الابتیاع المستلزم لتقدم ملک المدعی علیه ذلک و فیه ان المشتری بعد اعترافه بالشراء من الغیر و قیام الحجة علی إنها ملک غیر البائع عاد النماء لمن قامت له الحجة ادعی أو لم یدع إلا ان یقال ان أقصی ما هناک إطلاق دعوی الابتیاع من المشتری لیرجع بالثمن و هو أعم من الابتیاع الذی حصل به اصل ملک المشتری للعین المتقدم علی حصول النماء و من الابتیاع المتأخر عن حصول النماء بأن یکون المشتری کان مالکاً من قبل فحصل النماء ثمّ انتقلت منه و تداولتها الأیدی ثمّ ابتاعها و أقیمت البینة المطلقة علی إنها ملک آخر فانتزعت منه ففی هذه الصورة یصح اجتماع الحکم ببقاء النماء له و جواز رجوعه بالثمن و هو لا یخلو من نظر بل خلاف ظاهرهم و لو قیل لا یرجع علی البائع إلا إذا ادعی خصمه ملکاً سابقاً علی الشراء کان قویاً و یمکن تنزیل کلامهم علی ذلک.

ثانیها: شهادة البینة بالسبب لا تضر مع إطلاق الدعوی

بل یؤکدها غیر ان المدعی إذا أراد تأکید الدعوی فادعی السبب لم تغن تلک الشهادة لتبرع الشاهد بها

ص: 162

فلا بد من إعادتها و لو ذکر المدعی سبباً و ذکر الشاهد آخر احتمل بطلان الشهادة من اصلها ان ناقضت ذلک السبب کما یقول المدعی: کتبته فیقول الشاهد: استکتبه و احتمل الصحة فتسمع الشهادة بالملک المطلق دون السبب و احتمل بطلان الشهادة إذا کانت الشهادة بالملک مستندة للسبب بحیث ان العلم بها مستند للعلم به و إلا فلا و الأقوی اختصاص بطلان الشهادة فی مورد الاقتصار علی السبب دون ذکر الملک و الشهادة به لتکذیب المدعی لشهوده فی ذکر ما یناقض شهادتهم و ان لم یناقض سبب المدعی سبب الشاهد فلا بأس لأن الشهادة منصبة علی الملک و اختلاف السبب مع عدم تضاد غیر منافٍ للشهادة لإمکان اطلاع کل من المدعی و الشاهد علی غیر ما اطلع علیه الآخر أو ذکر کل منهما سبباً غیر ما ذکره الآخر مع وجود کل منهما فی المشهود به.

ثالثها: لو تداعیا علی عقد أو إیقاع أو حکم من الأحکام انه صحیح أو فاسد کان القول قول مدعِ الصحة

و لو أقاما بینة کانت البینة بینة مدعِ الفساد لأنها بینة خارج و مدعِ الصحة و ان خالف قوله الأصل لأصالة عدم الصحة إلا انه موافق للظاهر و للقاعدة الشرعیة بل و لأصالة العدم حیث تکون الدعوی بعروض مانع و یوافق الید غالباً و لأن مدعی الفساد و ان وافق الأصل الأولی إلا ان لو ترک لترک و لو ادعی علی وکیله انه آجر بدون أجرة المثل أو باع بدون ثمنه فالقول قول الوکیل و البینة بینة الموکل لأنه بمنزلة الخارج و الوکیل بمنزلة الداخل فکأن الید یده و التصرف تصرفه.

رابعها: لا تقبل الشهادة بالملکیة بمجرد الشهادة بسبب لا یوجب الملک

کالشهادة بأن هذا اشتراه من فلان إلا تقول البینة و هو ملکه أو و هو ملک البائع لجواز ان یبیع الإنسان مال غیره و کذا الشهادة باتهابه أو استئجاره و اکتفی بذلک فی الخلاف نظراً إلی استلزام ذلک الشهادة بتصرف الأول الدالة علی ملکه دلالة الید السابقة علی الملکیة فکما ان الید ظاهرة بالملکة و ان احتملت العدوان و العاریة و الإجارة و الودیعة فکذلک التصرف و هو قوی لأن الشهادة بالتصرف تقضی بالملکیة نعم علی نحو تصرف الملاک فی أملاکهم بحیث یتصرف و یأذن فی القبض أو یتکرر منه التصرف فإذا قضیت

ص: 163

بالملکیة حکمت علی الید اللاحقة و لک ان تقول ان الشهادة بالتصرف تسمع فیما إذا کانت الدعوی علی خارج و أقام أحدهما بینة علی التصرف دون الآخر فانه یحکم بها بثبوت الملک و أما لو عارضتها بینة ید أو ملک أو ید حالیة فلا تجدی بینة التصرف بل القطع به لأن الید الحالیة المقطوع بها لا ترفع بالأمر الموهوم و بالجملة التصرف إذا لم یفد الملک لا تسمع بینة فی مقابلة الید و لو عمد إلی عین فی ید زید فادعی انه ملکه منذ سنة فادعی الآخر انه اشتراها منه منذ سنتین و أقاما بینة فمقتضی الترجیح بالسبب و قدم الملک تقدیم بینة الداخل لکن العلامة استشکل فی ذلک من جهة ان مطلق الشراء غیر صریح فی الملک و لیس مما یستمر فکانت الشهادة به کالشهادة بأنه ملکه أمس و فیه ان ملکها منذ سنة لا ینافی ملکها قبل السنة و قد قامت البینة علی ابتیاعها منه قبل ذلک فکان کما لو شهدت إحداهما بملک هذا لها مطلقاً و الأخری بأن الآخر قد ابتاعها منه و لذا قطع فی الخلاف بتقدیم بینة الداخل فقال: لا خلاف فی زوال ید البائع و أما المشتری فإن شهدت بینة بأنه اشتراها من المدعی و هی ملکه أو إنه یتصرف فیها تصرف الملاک حکم له بها بلا خلاف و ان شهدت بالشراء فقط و لم تشهد بملک و لا ید قال الشافعی حکمنا بها للمشتری قال و إلیه اذهب و احتج علی مختاره بأن ثبوت الملک للبائع سنة لا ینافی ملکه قبل ذلک و قد قامت البینة علی انه باعها منه قبل ذلک و الظاهر انه کان مالکاً لها قبل ذلک فکانت المسألة کما لو شهدت بینة بملک هذا لها مطلقاً و الأخری بأن الآخر اشتراها منه مطلقاً فکما یقضی فیها للمشتری بلا خلاف فی تلک فکذا فی هذه.

خامسها: الید الحالیة المقطوع بها تقطعها شهادة الملک مطلقاً

أو مقروناً بالسبب حالًا أو مؤرخا بتاریخ متقدم و لا تقطعها الشهادة بالملک الماضی عن المقرون بما یدل علی بقائه و لا تقطعها الشهادة بالید السابقة الغیر المقرونة بما یدل علی البقاء إلی الآن و لا الشهادة بالید مطلقاً و هل تقطعها الشهادة بالید الحالیة أو المتقدمة المقرونة بما یدل علی بقائها کما تقطع الشهادة بالید الحالیة أم لا وجهان ینشئن من ان الید المقطوع بها لا تعارضها المظنونة الحاصلة من البینة لأن المضنون لا یقطع المقطوع به و من ان الید

ص: 164

السابقة المشهود بها دالة علی الملک فی الزمن السابق و الملک فی الزمن السابق مقدم فی الشهادة علی الملک الحادث و علی الید الحادثة المقطوع بها أو المشهود بها و فیه ان دلالة الید علی الملک السابق مستند إلی أمر ظنی و دلالة الید المقطوع بها علی الملک اللاحق مستنداً إلی أمر قطعی مقدم علی المستند إلی أمر ظنی و أما التصرف القطعی فهل تقدم علیه شهادة الید السابقة المقرونة بما یدل علی بقائها الظاهر نعم لقوة الید و لو استندت إلی أمر ظنی کالشهادة بالملک فتقدم علی التصرف المقطوع به.

سادسها: إذا ادعی شیئاً بید غیره فقال هو لفلان فإن کذبه المقر له رجع أمرها إلی الحاکم

و طلب الحاکم من المدعی البینة علی إنها له و إلا فهی مجهولة المالک و یحتمل انه یترک فی ید المدعی علیه إذ لعل المقر له یرجع فیدعیه إلی ان تقوم بینة من المدعی إنها له و یحتمل انه یسلم للمدعی من غیر بینة لخروجه عن ملک المقر و لا منازع فیه للمدعی و هل له ان یدعی بعد ذلک إنها لی فیقول غلطت بذلک الظاهر له ان احتمل فی حقه ذلک إلا إذا قبضها الحاکم و ان صدقه المقر له اندفعت عنه الخصومة فی العین إلی المقر له فإن أقام المدعی بینة إنها له أخذها و لا غرامة علی المقر و کذا ان أخذها بالیمین المردودة أو بالنکول و ان لم یأخذها من المقر له کان له الیمین علی المقر إنها لیست له فإن حلف فلا شی ء و ان نکل أو اقر له أو رد علیه الیمین فحلف لزمته الغرامة للمدعی لحیلولته بینه و بین ماله بإقراره به لغیره و هو الأوجه و قیل و نسب للشیخ انه لا یغرم فعلی ذلک لا یتوجه علیه یمین و لا دعوی و ذلک لأن الإقرار الثانی أو النکول و ان صادف محله إلا ان الإقرار الأول لیس من أسباب الضمان إلا ان یسلم العین بیده فیضمن لعموم ضمان الید غایته ان العین تمکن من أخذها بواسطة الإقرار و الإقرار لیس من أسباب الضمان و فیه ان الإقرار بسبب الحیلولة بین المدعی و بین ماله فلو لا الإقرار الأول لدفعها بالإقرار الثانی و لا یؤثر الثانی إلا انه إقرار فی حق الغیر بعد ان اقر بها للأول أو المفروض ان المقر له ثانیاً غیر متمکن من تخلیص ماله لعدم البینة و حیلولة الإقرار بینه و بینه و قد یقال انه علی قول الشیخ أیضاً له إحلافه لإمکان ان یرد الیمین علیه و الیمین المردودة بمنزلة البینة لا بمنزلة الإقرار بناء علی ذلک أو إنها حجة

ص: 165

مستقلة و حیث یغرم القیمة للمدعی فان تلفت و إلا فإذا رجعت إلی المدعی بإقرار المقر له أو بنکوله ارجع القیمة إلی المقر لأنه لأخذ القیمة لمکان الحیلولة فإذا رجعت العین ارجع عوضها إذ لا یجمع بین العوض و المعوض مع احتمال عدم الرجوع لأن القیمة صارت عوضاً عنها فیستحقها المقر حینئذ و لو اقر بالعین إنها وقف فالأظهر انه بعد إقراره للثانی أو نکوله یغرم قیمته الوقف فیشتری به وقفاً و ان قال: العین لیس لی أو لمن لا اسمیه اجبر علی تعینه لاحتمال انه المدعی و ان قال لواحد لا اعرفه لم یجبر علی الأظهر لأنه ظلم فلعله لا یعرفه فقیل لا تنصرف عنه الخصومة فی الغبن هم و لا ینتزع من یده لأن یده علیه فلا یؤخذ منها إلا بمزیل قطعی و کون هذا من قسم الإقرار المزیل لحکم الید غیر معلوم و فیه ان القول بأنه لیس لی أو لمن لا اعرفه لا ینافی استحقاق وضع یده علیه فلا ینتزع منه و قیل بأنه ینتزعه الحاکم بعد تکلیفه بالجواب علی التعین إذا قال لیس لی أو قال لواحد فإن لم ینبه انتزعه الحاکم و انصرفت عنه الخصومة فی العین إلی ان یقیم بینة و لو اقر بها بعد ذلک المعین أو للمدعی سمع و الأوجه انصراف الخصومة عنه و عدم انتزاع الحاکم لها لاحتمال وضعها لحق و ان قال هی لطفل أو مجنون أو وقف علیهما أو علی الفقراء أو علی المصالح اندفعت الخصومة عنه سوی الیمین المتقدم و بقی علی بینة فإن أقامها اخذ و إلا فلا نعم له یمین علی ولی الطفل بنفی العلم عن کونها له و علی نفی العلم بکذب إقرار المقر و ان قال هی لغائب انصرفت فی العین عنه أیضاً الخصومة إلی ان یحضر الغائب فیصدق أو یکذب و لیس علیه سوی الیمین علی نفی و هل ینتزع الحاکم من یده العین لأنه مال غائب فیرجع حفظه إلیه أو لا ینتزع لإمکان وضع یده علیها بحق و الأوجه انه ان أطلق أو قال هی بیدی اعارة أو إجارة أو بوکالة أو أمانة لم تنتزع و ان قال هی غصب کان للحاکم انتزاعها أو تکلیفه بالرد فإذا حضر الغائب فإما ان یصدق أو یکذب علی ما تقدم و یحتمل ان للمدعی إحلافه فإن نکل اخذ العین إلی ان یقدم الغائب و لو دفع العین المقر بها للثانی ضمن للأول المثل أو القیمة و یحتمل فی الصور المتقدمة ان تحلیف المدعی للمقر یکون علی البت و لا یجزیه الحلف علی نفی العلم و هو وجه إلا ان الاظهر انه بعد إقراره صار

ص: 166

بمنزلة غیر المالک فهو کالوصی فیحلف علی نفی العلم ثمّ ان ضمان المقر وقت الإقرار لأنه به تحققت الحیلولة مع احتمال کونها وقت الیمین المردودة أو النکول لأنه بهما ثبت حق المدعی و لو أقام المدعی بینة علی إنها له بعد الإقرار إنها لغائب حلف مع البینة علی بقائها علی ملکه إلی الآن ما لم تشهد البینة بذلک و هو علی حجته إذا قدم فی حرج الشاهد أو إثبات الانتقال و لو أقام صاحب الید بینة علی إنها للغائب فإن أثبت وکالته عنه أو ولایته سمعت بینته بناء علی سماع بینة الداخل و ان لم یثبت فلا تسمع دعواه و لا بینة لأنه لیس لإنسان ان یدعی عن آخر و لا یمضی حکم الحاکم و الحال ذلک و لو ادعی المدعی علی صاحب الید العلم بأنّها له لم تکن له بینة کان له الیمین علی نفی العلم علیه فلو أقام صاحب الید البینة علی إنها للغائب فهل یسقط عنه حق الیمین بتلک البینة و ان لم یتحقق بها الإثبات أم لا وجهان و لو ادعی صاحب الید إنها رهن عنده أو إجارة سمعت دعواه و قبلت بینته فلو أقام البینة بذلک و أقام المدعی بینة علی إنها له ففی تقدیم بینة أیهما إشکال من خروج المدعی و شهادة بینته بالملک فتقدم لأنها بینة خارج و من خروج صاحب الید بدعواه الرهن و الإجارة و شهادة بینة بالسبب وهن الرهن أو الإجارة فتکون أولی بالتقدیم لأنها بینة من یدعی التشبث و لو صدق المدعی حیث لا بینة فجاء من أقام البینة انتزعها و لا غرم للمنتزع علی من کانت فی یده سبب اعترافه لوصول ما یدعیه إلیه بالبینة و لو اقر بها للمنتزع لم یغرم للمدعی لأن الحیلولة بینه و بینها لم یکن بالاعتراف بل بالبینة.

سابعها: لو ادعاه بألف فقال: ابرأتنی منها کان إقرارا

لاستلزام البراءة الشغل و لو قال لی عن دعواک هذه مخرج فلیس بإقرار لاحتمال کون المخرج نفس الإنکار و لو أجاب مستهزئاً بحیث یظهر من حاله ذلک لم یلتزم لأن الشرط فی نفوذ الإقرار التصریح فلو ادعی بواحد فقال مثلک من یطلبنی مائة ألف أو قال بلی ذلک من دولة أبیک المعسر و غیر ذلک و لو ادعی بألف فقال مالک علیَّ ألف لم یکن إقراراً بما دون بل الأقل مسکوتاً عنه أو أحد المعانی لو طلب منه الیمین لزمه ان یقول مالک ألف و لا اقل منه و لو قال له مزقت ثوبی فلی ارشه جاز ان یجیب بنفی التمزیق و جاز ان یجیب

ص: 167

بنفی الارش و یکفی ذلک و یحلف علیه و لا یلزم بجواب نفی التمزیق لعدم ترتب ثمرة علیه سوی الارش و لعله مزقه دفاعاً و لو قال لی عندک کتاب و کان له عنده کذلک إلا انه رهن أو إجارة جاز له ان یقول مالک عندی ما یجب دفعه إلیک أو لا یجب علی دفع شی ء إلیک و فی جواز انه یجیب مالک عندی ملک موریاً عن الملک المطلق الغیر المحجور علیه وجه و لیس بالبعید و لو اشتری منها زید شیئاً فادعاه به غیره فجادل الغیر و قال هذا مال زید اشتریته منه و لیس لک فیه شی ء فانه لیس بإقرار فی مقام المجادلة لظهور إرادة تخلیص ما اشتراه من المدعی لا لبیان حال المبیع نعم لو ظهر منه الجد کان إقراراً و لا یرجع علی البائع بالثمن لاعترافه بظلم المدعی.

ثامنها: لو انتزع أمة بحجة من أحبلها ثمّ اعترف ببطلان دعواه اخذ بکلیهما

فیحکم باعتبار الأول بحریة الولد و وجوب نفقته علیه و فی الجاریة بأنها أم ولد تلزمه نفقتها و باعتبار الثانی یمنع من وطء الجاریة و استخدامها و میراث الولد و مطالبته بالنفقة و یؤخذ منه قیمتها و مهرها و قیمة ولدها یوم ولد و لا یرد إلی المالک الذی اعترف بظلمه لعدم نفوذ إقراره بالبینة إلیهما نعم یغرم القیمة و لو اعترفت هی بظلمه ردت إلی مولاها لأن الحق لا یعدو ثلاثتهم.

تاسعها: لا یقبل إقرار العبد فیما یوجب القصاص

لأنه إقرار فی حق الغیر نعم یتبع به بعد العتق فیقتص منه علی الأقوی و قیل لا یقتص منه إلا إذا بقی علی إقراره بعد العتق فیکون کإقرار الصبی و المجنون و فیه منع للفرق الظاهر بین العبد و بینهما من حیث ان إقرار العبد یمنعه حق المولی فإذا زال اثر أثره بخلافهما لفقدان وجود المقتضی و لو صدقه السید اقتص منه لأن الحق لا یعدو هما و لو اعترف السید خاصة بالجنایة لم یمض علی العبد فی القصاص و إنما یمضی علی نفسه فیؤخذ منه العبد أو ما یساوی الجنایة إلا ان یقنعوا بالفداء و لو اعترف العبد بما یوجب الارش فلا یقبل إلا ان یصدقه المولی فیخیر بین دفع الارش أو ما یساویه من العبد و لیس علیه دفع ما زاد علی العبد لأن الجانی لا یجنی علی اکثر من نفسه و لو لم یصدقه المولی اتبع فیه بعد العتق و لو اعترف المولی و انکر العبد تخیر بین دفع ما یساوی الارش من العبد کلا أو بعضاً أو ما

ص: 168

لا یزید علیه و أما الدین فلیس علی المولی من شی ء صدقه أو کذبه و إنما یتبع به بعد العتق و هل علی العبد یمین لو أنکر وجهان من ان الیمین إنما تتوجه علی من یقبل إقراره حتی إذا نکل اخذ به و العبد لا یقبل إقراره و من انه مما یعود به نفع للمقر فلعله یقر و یتبعه بعد عتقه.

عاشرها: تصح الدعوی فی الدین و المهر و السلم المؤجلة

لفائدة الاستیفاء عند حلول الأجل بل نفس إثبات شغل الذمة أمر مطلوب و تصح الدعوی من العبد علی إثبات حریته فیقیم العبد البینة و له علی المولی الیمین و علی إثبات تدبیره و کتابته و کونها أم ولد علی المولی لترتب علی ذلک تحریره عند موت المولی مخافة إنکار الوارث عند الموت و یمکن القول بصحة إثبات ذلک عند الحاکم مخافة إنکار الوارث و أما لو وقع التداعی مع المولی فغیر صحیح لإمکان المولی فسخ التدبیر و إنکار الولد و من الکتابة المشروطة فلا فائدة من الدعوی و هو جید إلا ان الظاهر جواز الدعوی فی العقد الجائز إذا تعلق له غرض فی اثباته فلعله یستدیم علیه و دعوی ان إنکار العقد الجائز فسخ ممنوع.

حادی عشرها: لو ادعی دابة فی ید آخر فادعی واحد انه آجرها له و ادعی آخر إنها ودیعة عنده منه فإن لم یقیما بینة حکم بها لمن یصدقه المثبت

و ان أقام کل منهما بینة بدعواه تحقق التعارض مع الاتحاد أو اتحاد التاریخین و حینئذ فیرجع إلی الترجیح بالعدالة و العدد و إلا فالقرعة و لو تقدم تاریخ أحدهما رجح المتقدم بناء علی الترجیح به و هل تقدم هذه المرتبة علی مرتبة العدالة و الکثرة أو تتأخر یظهر من بعضهم تقدمها کما یظهر من الروضة و یظهر من بعضهم کابن فهد تأخرها و هو اقرب و لو صدق المتثبت أحدهما کان هو الداخل و رجع الأمر إلی تقدیم بینة الخارج أو الداخل و لو اقترنت أحدهما بالسبب قویت علی المطلقة کما تقدم.

ص: 169

القول فی دعاوی العقود و فیه أمور:

أحدها: لو تداعا المؤجر و المستأجر فی قدر الأجرة زیادة و نقصاناً

مع اتفاق جنسهما فقال المؤجر عشرة دراهم فقال المستأجر خمسة فإن وقع النزاع فی معنی الثمن کما یقول لی علیک من ثمن الإجارة أو ثمنها خمسة فقال الآخر عشرة فالأظهر الأشهر ان مدعی الزیادة مدعٍ و مدعی النقصان منکر و الدعوی واحدة و هی دعوی الزیادة فیثبتها أحدهما و ینکرها الآخر و لیست دعویین فلا یکونان متداعیان و حکمهما مع عدم البینة و مع البینة معلوم مما سبق و مثله لو وقع فی زیادة لفظ فقال أحدهما قلت خمسه و قال الآخر اضفت إلیها لفظ عشرة فکانت خمسة عشر و ان وقع النزاع فی لفظ الثمن فقال أحدهما ذکرت لفظ عشرة و قال الآخر لفظ خمسة أو وقع فی مجموع لفظ العقد فقال أحدهما عقدنا علی لفظ الخمسة و قال الآخر عقدنا بلفظ العشرة فالظاهر انهما متداعیان و تکون دعواهما دعویین فإن لم تکن بینة فحلف أحدهما دون الآخر کان الحق له و ان حلفا انفسخ العقد فإن لم یستوف المستأجر شیئاً رجع کل منهما بماله و الا رجع المؤجر بأجرة المثل لکل المدة أو بعضها و هل الانفساخ من حینه أو من اصله و هل هو ظاهری أو واقعی فی کل منهما کلام تقدم فی محله و یحتمل هاهنا القرعة لاستخراج الحالف و یحتمل القرعة بعد تحالفهما لاستخراج صاحب الحق و ان نکلا فلیس إلا القرعة لاستخراج المحق و ان أقام أحدهما بینة کان الحق له و ان أقاماها حکم لأسبقهما بینة فی التاریخ و کانت الأخری واردة علی عین مستأجرة فتبطل و ان اتفقت فی التاریخ أو کانتا مطلقتین أو أحدهما مطلقة و الأخری مؤرخة تحقق التعارض فینظر إلی أرجحهما فیقدم مع الیمین أو بدونه کما تقدم فإن تساویا عدالة و کثرة أقرع علی استخراج الحالف فإذا حلف کان الحق له و ان نکل فحلف الآخر فالحق له فإن نکلا قسم ما ادعیاه نصفین فیحکم للمؤجر بسبعة و نصف من مثال العشرة و الخمسة و لو وقع النزاع فی العین المستأجرة فقال المؤجر البیت و قال المستأجر الدار فالحکم کذلک و کذا و لو وقع فی الزمان فقال المؤجر ثلاثین و قال المستأجر ستین إلی غیر ذلک و الحکم فی الجمیع ان النزاع ان وقع فی القدر من دون ملاحظة نفس اللفظ أو العقد فالمدعی من ادعی الزیادة و المنکر من ینکرها و البینة علی الأول و الیمین علی الثانی و لا بینة

ص: 170

علی الثانی فما یظهر من الشهید فی المسألة الأولی ان من أقام بینة فالحق له منظور فیه و کذا لو وقع فی لفظ و زیادة و ان وقع فی لفظ أو فی عقد تضمن لفظاً فهما متداعیان کما إذا تداعیا فی جنس الأجرة فقال أحدهم درهم و قال الآخر دینار فیتحالفان من عدم البینة و ینفسخ العقد و لو أقام أحدهم بینة کان الحق له و ان أقاما بینة قدمت سابقة التاریخ و ان کانتا مطلقتین أو مؤرختین أو أحدهما مطلقة و الأخری مؤرخة تحقق فیعمل بالراجح فإن لم یکن فالقرعة فیحلف من خرجت له فإن لم یحلف حلف الآخر فإن نکلا قسم الزائد من الدار علی البیت أو الشهر الزائد أو الأجرة الزائدة نصفین مع احتمال ان معلومة التاریخ یحکم بأنها المقدمة علی مجهولته و نقل عن الشیخ فی المبسوط انه حکم بالتحالف فی جمیع هذه الصور و ثبوت أجرة المثل و فی الخلاف بالقرعة مع تعارض البینتین و مع عدم البینة و فی موضع من المبسوط حکم بالتحالف إذا وقع النزاع فی مدة الإجارة و ان وقع بعدها تردد بین القرعة و بین ان القول قول المستأجر و لعله یحمل علی اختلاف ابراز الدعوی فیختص المتداعین فیما لو وقع النزاع علی لفظ أو عقد.

ثانیها: إذا تداعی اثنان فی عین بید ثالث فادعی کل منهما انه اشتراها منه و أقبضه ثمنها و لا بینة فإن کذبهما حلف و لا حق لهما

بعد ذلک و ان صدق أحدهما حلف للآخر و قضی بها لمن صدقه و کان للآخر ان یحلفه لصیرورته برجوعها إلیه مدعٍ علیه و ان صدقهما کانت لهما و حلف لکل منهما علی ذلک و لکل منهما علی الآخر الیمین أیضاً و الیمین فی الجمیع علی البت و لو صدق واحد منهما لا بعینه ارتفعت عنه الخصومة مع احتمال جواز تحلیفه علی عدم العلم و یقترعان فیما بینهما فیقضی لمن أخرجته القرعة بعد ان یحلف لصاحبه فإن نکل حلف الآخر فإن نکلا قسمت بینهما لمن یحلف الیمین علی ذی الید فی دفع الثمن لأنه یقر بثمن واحد و هما یدعیانه بثمنین و کذا لو اقتسماها نصفین لأن کل واحد یدعیه بنصف ثمن و لو أقام کل منهما بینة فإن سبقت إحداهما کان الحکم للسابقة و بطلت اللاحقة لورودها علیها فهو کبیع ما لا یملک و فی حکمه معلوم تاریخ أحدهما دون الأخری فی وجه و ان اطلقتا أو أطلقت

ص: 171

أحدهما دون الأخری أو أرختا فی زمن واحد فالترجیح بالعدالة و الکثرة فإن تساویا فالقرعة و الیمین فإن نکل من خرجت له القرعة حلف الآخر فإن نکلا قسمت العین بینهما و رجع کل منهما بنصف الثمن لقیام البینتین علی قبض الثمن إلا ان یثبت القبض للعین المتنازع علیها بالبینة أو الاعتراف من أحدهما علی أحدهما فلا یکون للقابض رجوع علیه بشی ء لصیرورة الضمان علیه بالقبض غایته انه اخذ منه النصف بعد ذلک و کذلک إذا أحلف الآخر واخذ العین بتمامها کما إذا أخذها غصباً و لو قدمت إحدی البینتین کانت العین لذی البینة الراجحة و لزم البائع دفع الثمن للآخر لثبوت دفعه بالبینة من غیر معارض إلا ان یثبت قبضه للعین بالاعتراف أو البینة فلا یرجع بشی ء و لو اعترف المشتری لأحدهما فهل یکون من اعترف له بالشراء صاحب ید فتقدم بینة علی القول بتقدیم بینة ذی الید أو بینة صاحبه لأنه الخارج أو لا یکون؟ وجهان من انه صاحب ید کما هو المفروض فاعترافه یقضی بکون المعترف له صاحب ید و من اتفاق البینتین علی انه عین مالک و ان یده زالت فلا یجدی اعترافه و الأوجه الأول لأن المفروض سبق الاعتراف علی قیام البینتین فالبینة واردة علی ذی ید أو من هو بحکمه نعم لو اعترف بعد الإنکار و قیام البینة کان اعترافه علی ما ثبت خروجه من ملکه کما إذا اعترف لأحدهما بعد ان اعترف لآخر و قد یحتمل ان اعترافه لأحدهما یکون بمنزلة الشهادة فیکثر بها عدد الشهود لا وجه له لأنه مدعی علیه فلا تقبل شهادته باعترافه و لو لم یقبض أحد البالغین جاز له الفسخ لأنه بمنزلة مبیع غصب قبل قبضه و کذا لو اقتسماها نصفین بحکم النکول لتبعض الصفقة و تحقق عین الشرکة علی من أخرجته القرعة و یحتمل العدم لإقدامه بالنکول علی التبعیض فکان من قبله و دعوی ان الیمین عذر لأن التنزه عنه أمر مطلوب لا وجه له لأن الخیار خلاف الأصل و المتیقن هو ما لم یکن لصاحبه فیه تأثیر و البینة هاهنا جعلته له بنکوله و حلف الآخر تبعضت علیه الصفقة فکأنه دفعه إلیه و سبب فواته منه و هذا الاحتمال قریب جداً و علیه فلو فسخ أحدهما فهل للآخر اخذ الجمیع لعدم المزاحم أمّا المدعی فلفسخه و أما ذی الید فلزوال ملکه بالبینة أو اعترافه بل استقرب الفاضلان نقلًا انه یلزمه أخذه

ص: 172

و لیس له الفسخ لانتفاء المقتضی و هو التبعیض أو لیس له کما نقل عن الشیخ رحمه الله لأن الحاکم إنما حکم له بالنصف فلیس له إلا النصف و فیه ان بینة شهدت الجمیع و هو یدعی الجمیع غایته انه بمزاحة بینة الثانی له صار له النصف فإذا لم تعمل البینة عملها بقی علی دعواه و بینته ورد بأن ما بعد حکم الحاکم دعوی و لا بینة لزوال مقتضاها فلا یلزم بالجمیع و لو کانت العین فی ید أحدهما و لا بینة قضی لمن هی فی یده و حلف للآخر و لو أقام الخارج بینة أخذها و لو أقام الداخل بینة أو أقاماها بنی علی سماع بینة الداخل و عدمه.

ثالثها: إذا تداعیا علی عین بید ثالث فادعی کل منهما ان الثالث قد اشتراها منه و لم یدفع إلیه ثمنها فإن لم تکن بینة حلف لکل منهما ان الثالث قد اشتراها منه

و لم یدفع إلیه ثمنها فإن لم تکن بینة حلف لکل منهما و اندفعا عنه و ان أقام أحدهما بینة قضی بالثمن للمقیم و ان أقام کل منهما بینة علی ما ادعاه فإن اعترف لأحدهما قضی له علیه بالثمن و ان اعترف لهما قضی علیه بالثمنین لإمکان ان یکون اشتراها من أحدهما ثمّ باعها علی الآخر ثمّ اشتراها منه و کذا لو أنکر و لم یتحد التاریخ لإمکان شرائها أطلقا أو أطلقت أحدهما أو کانت أحدهما سابقة لإمکان شرائها منهما کما ذکرنا و ان اتحد التاریخ بأن وقع التاریخ فی وقت واحد تعارضا إذ لا یمکن الجمع فالترجیح بالعدالة و الکثیرة فإن تساویا فالقرعة و الیمین فإن نکل حلف الآخر فإن نکلا قسم الثمن بینهما ان الحد جنساً و وصفاً و ان اختلف فلکل واحد نصف ما ادعاه من الثمن و انما قسم بینهما فی الثمن الواحد مع ان کلًا منهما یدعی تمام الثمن و یقیم علی ذلک بینة القطع ببطلان أحدها مع الاتحاد فلم یثبت بینتهما إلا ثمن واحد لأحدهما و حیث انتفی الترجیح قسم بینهما أیضاً للمستحق بقدر الإمکان و قیل یقسم بینهما من دون قرعة و هو بعید.

رابعها: إذا تداعی اثنان فی عین فادعی کل منهما انه اشتراها من واحد

کان یملکها و دفع له الثمن و ذکر کل واحد منهما ان البائع له غیر من باعه للآخر فإن أقام کل منهما البینة علی ما ادعاه و اتحد التاریخ لزم الترجیح فإن تساویا فالقرعة و یقضی

ص: 173

له إذا حلف و یرجع صاحبه بالثمن علی من اشتری منه إلا ان یکون قد قبضها منه لاستقرار الضمان علیه حینئذ فإن نکل و حلف الآخر فکذلک و لو نکلا قسمت بینهما و رجع کل منهما علی من اشتری منه بنصف الثمن حیث لا قبض من أحدهما غیر ان أحدهما إذا فسخ لمکان تبعیض الصفقة لو قلنا به لم یکن للآخر هنا اخذ الجمیع لعدم رجوع النصف المفسوخ فیه إلی بائعه بل إلی البائع الفاسخ.

خامسها: لو تداعی مالک العین و ذو الید فقال المالک: أعرتکها و قال ذو الید: استأجرتها منک فالقول قول المالک بیمینه

و یحتمل التحالف فتنفسخ الإجارة و الإعارة فیرجع المال إلی أهله و یجب علی ذی الید دفع الأجرة بمقدار المدة التی استوفاها ان لم یکن دفعها و لا یجوز قبض المالک لها لأنه باعترافه لا استحقاق له فتبقی الأجرة مجهولة المالک أو یدسها ذو الید فی أمواله أو یدفعها للحکام و لو ادعی المالک الودیعة و ذو الید الإجارة فکذلک و ربما قیل فی المقامین ان القول قول ذی الید فی الإجارة ترجیحاً لجانب الید و فیه ان یده کلا ید بعد اعترافه بملک العین لغیره و المنفعة من توابع العین و احتمال التداعی قائم فیهما و لو أقام مدعی الإجارة البینة کانت له و لو أقاما البینة لم تسمع بینة المالک و علی القول الآخر لم تسمع بینة ذی الید و تسمع علی القول بتقدیم بینة الداخل و علی القول بالتداعی بتعارض البینتان و یحکم بالترجیح و إلا فالقرعة و الیمین و مع نکولهما یقتسمان المنافع فی المدة و یدل علی ان القول قول المالک ما روی عن علی علیه السلام فیمن ادعی بمال انه رهن عنده فقال المالک هو ودیعة قال علی الذی هو فی یده البینة انه رهن عنده.

سادسها: لو ادعی إنسان عبداً فی ید سیده انه قد اشتراه منه و ادعی العبد لسیده قد اعتقه فإن لم تکن بینة فالقول قول السید بیمینه

لأنه ذو الید فإن کذبهما حلف لهما و انقطعت عنه الدعوی و بقی علی ملک العبد و ان صدق أحدهما و کذب الآخر کان علیه الیمین لمن کذبه علی ظاهر جماعة و عن الشیخ انه ان صدق المشتری لم یحلف للعبد لأن فائدة الیمین الحمل علی الإقرار و الإقرار هنا لا اثر له لأنه لو اقر للعبد بالعتق لم یسمع لأنه إقرار فی حق الغیر و لم یلزمه غرم بإقراره قیل لیس هنا موضع یقر

ص: 174

لأحد المدعین و لا یحلف للآخر قولًا واحداً إلا هذا و لو صدق العبد لم یحلف للمشتری لأنه لو اقر له بعد ذلک فقد اعترف من قبل بالإتلاف قبل الاقباض و هو کالآفة السماویة فی انفساخ البیع نعم لو ادعی علیه قبض الثمن و انکره حلف له و فیه انه إنما یحکم به للمشتری بعد یمینه للعبد و کذلک لا یحکم بحریته إلا بعد حلفه للمشتری فلا یکون الأول إقراراً فی حق الغیر و لا یکون الثانی تحریراً قبل البیع و لو أقام أحدهما بینة حکم له و لو کان العبد بید المدعی فالخارج بینة العبد لأنه لا ید له نفسه بل ید الغیر علیه و ان أقاما و سبقت أحدهما حکم للسابقة و إلا فالترجیح ثمّ القرعة مع الیمین لزوماً لا احتیاطاً کما نسب للشیخ رحمه الله فإن نکل حلف الآخر فإن نکلا قسم نصفین نصف حر و الآخر رق فمن ادعی شراءه و یرجع علی سیده بنصف ثمنه ان کان العبد باقیاً فی ید مولاه و ان کان فی ید المدعی فلا رجوع له لأن ذهاب النصف بدعوی العتق اتفق له و هو فی ضمانه و ان خرج اسم العبد بعد قبضه و حلف ذهب الثمن کله علی المدعی و لو فسخ المدعی بعد التشطر لتبعض الصفقة و قلنا بتسلطه علی الفسخ فلا إشکال فی انعتاق النصف الآخر لأنه قد عاد إلی ملک من اعتقه اختیاراً بالبینة أو بحکم الحاکم و إنما لم یحکم بموجبها ابتداء لمزاحمة مدعی الشراء فإذا انقطعت مزاحمته عملت بنیة العتق عملها أو عاد إلی ملک نصفه فیسری علیه و یحتمل عدم العتق اجمع لأن موجب القسمة کان علی التضیق فیستصحب و ان لم نسلطه علی الفسخ لأن التبعیض جاء من قبله بترک الیمین أو أجاز الشراء استقر ملکه علی النصف و علیه نصف الثمن فإن کان المدعی معسراً لم یسر العتق إلیه و ان کان مؤسراً احتمل عدم السرایة لأنه کالعتق القهری فلا یسری و احتمل السرایة لقیام البینة انه اعتق باختیاره و الثانی مختار الأکثر علی ما یظهر و عن الشهید انه اعترض علی ذلک بأن الواقع فی نفس الأمر إما العتق أو الشراء أو لیس أحدهما و أیما کان فالسرایة و التقدیم متمتعان أمّا الأخیر فالظاهر و أما الأول فالعتق للجمیع فلا معنی لسریانه للبعض و تقویمه علی المدعی علیه و کذا الأخیر لأن الشراء للجمیع فلم یتحقق تحریر شی ء من العبد کی یقوم الباقی به البینة یجب ان لا یؤخذ من المشتری عوض النصف الذی ثبت له و قد

ص: 175

حکم علیه بنصف الثمن الذی هو قیمة النصف غالباً فیجب تقویمه علی المالک الأول لأن الحکم بعتق شی ء منه یقتضیه لانحصار دلالة البینتین فی انه لم یعتق بعضه و یملک بعضه علی وجه مانعة الجمع بل الواقع عتق الجمیع أو ملک الجمیع و بهذا یثبت التقویم و ان کان فی اعتبار قیمة النصف مغایرة لثمنه علی بعض الوجوه إلا انه اقرب إلی الواقع من بقاء الرقیة علی النصف و أیضا فإن الموجب ینظر إلی الثابت شرعاً من العتق و لا ینظر إلی الواقع فی نفس الأمر لأن الأحکام الشرعیة مترتبة علی الظاهر و الثابت شرعاً کون المالک قد اعتق نصفه باختیاره فیقوم علیه مع یساره.

مسائل

أحدها: لو تداعیا جداراً بینهما فهو بینهما ان کان تحت أیدیهما

و ان کان بین ملکیهما فکذلک ان لم یکن مرجح لأحدهما من اتصال بناء أو تصرف و ان أقاما بینة فالترجیح لأحد البینتین و إلا فالقرعة و الیمین و یقسم مع النکول و لو تداعیا ذبیحة فإن کانت یدهما علیها فهی بینهما علی الإشاعة و لو أقاما بینة قضی لکل منهما بما فی ید الآخر و لو کان المتنازعان مسلم و کافر حکم بطهارة الذبیحة و تذکیتها تغلیباً لجانب المسلم و کذا الجلد لو وقع فی أیدیهما و لو اقتسماهما فما فی ید المسلم لا شک فیه و ما یقع سهماً للکافر ففی طهارته و نجاسته وجهان و لو تنازع مسلم و کافر فی ذبیحة و یمکن انفصالها و بید کل منهما طرف فالحکم لکل بما فی یده فما بید المسلم لا شک فی طهارته و ما فی ید الکافر وجهان و لا بأس باختلاف الحکم الظاهری فی شی ء واحد لاختلاف الأیدی و لو أقاما بینتین حکم لکل بما فی الآخر لو ادعی کل منهما الکل و یحکم لما عاد للمسلم بالطهارة و ان سبقت علیه ید الکافر لظهور بطلان یده و لما عاد للکافر بالنجاسة و ان سبقت ید المسلم علیه و یحتمل طهارة الجمیع و یحتمل نجاسة الجمیع و بطلان الدعوی و لو تداعیا ذبیحتین تحت أیدیهما و أحدهما کافر فاقتسماهما حکم بنجاسة ما عاد للکافر منهما و فی الطهارة وجه.

ثانیها: إذا أقام رجل بینة علی ما فی ید آخر فانتزعه منه فظفر الآخر علی بینته انه له فإن شهدت له بملک لاحق کان له قطعاً

و ینتزعه و کذا بالملک المطلق لظهوره فی

ص: 176

الحال و لأنه مهما أمکن التوفیق بتقدیم بینة الآخر مع الإطلاق لزم التوفیق بینهما بتلقی الآخر الملک من الأول بعد انتقاله إلیه مع احتمال جعل المطلق بمنزلة الشهادة بالملک السابق و ان شهدت له بالملک السابق من یوم أخذه من الآخر کان له ففی سماعها و نقض حکم الأول بناء علی مذهب الشیخ رحمه الله لظهور المعارض أو تصیر من باب تعارض البینات فمن قدم بینة الخارج اقره فی یده و من قدم بینة الداخل رده إلی الآخر أو لا تسمع و یمضی القضاء قولان فالشیخ علی الأول و المحقق علی الثانی و الظاهر الأول لا لخطأ الحاکم فی الحکم بل لقصور المحکوم علیه بعدم العثور علی بینة فإذا عثر علی بینة فأقامها بنی علی مسألة الداخل و الخارج و الحق ان الآخر داخل خارج فهو داخل فی الحکم الأول خارج عند النزاع و الثانی و لا شک ان الملحوظ فی الدخول و الخروج عند النزاع هو حال الملک الأول لا حال التعارض بین البینتین و بالجملة فبعد التسالم منهما ان هذه هی العین الأولی المنتزعة بالبینة الخارجة أولًا و ان البینة الثانیة تشهد بها للآخر یوم ادعاها الأول فانتزعها من الآخر فحینئذ بینة الآخر بینته داخل و بینة الأول بنیة خارج فلا تعارض بینة الداخل بینة الخارج و کان النزاع بین الشیخ و المحقق لفظی لتسالمهما علی دخول الآخر و خروج الأول و قد یقال للمحقق ان البینة الثانیة غیر مسموعة مطلقاً لنفوذ الحکم بالأولی فلا تسمع الثانیة و لو کانت بینة خارج کما إذا أقام أحد بینة علی أمر خارج انه له و بعد حکم الحاکم أقام آخر إنها له فی زمن حکمه فانه لا یبعد عدم سماع تلک البینة لعدم حصول فائدة سوی المعارضة لحکم الحاکم و قد یقال للشیخ ان الثانی ینقض الأول مطلقاً لأنه ناسخ له من دون ملاحظة دخول و خروج و هما ضعیفان.

ثالثها: إذا تداعی الزوجان علی دار خارجة عنهما أو فی أیدیهما أو فی ید واحد منهما فهی دعوی کسائر الدعاوی

إلا ان تکون ید الزوج أقوی فیما لو کانت الدار تحت أیدیهما بأن کانت یده هی المتصرفة و کانت ید الزوجة ضعیفة کید الضیف المعلوم ضیافته و ید الخادم و ید الولد و الأیادی المتعاقبة الظاهرة فی عدم الملک فإن الید ید الزوج و مثله لو کانت یدها کذلک و لو شاع نسبة الدار لأحدهما کان لمن شاعت

ص: 177

نسبته إلیه من زوج أو زوجة خارجة عنهما أم لا و لو تداعی الزوجان فی مال خارج عنهما فهی کسائر الدعاوی أیضاً و لو تداعیا علی مال فی ید أحدهما و لا ید للآخر علیه فهی کذلک مطلقاً و لو تداعیا علی مال فی أیدیهما لیس من متاع البیت فهی أیضاً کسائر الدعاوی إنما الکلام فیما لو تداعی الزوجان فی متاع البیت المشترکین فی وضع یدیهما علیه من غیر فرق بین الزوج الدائم و المنقطع و بین المطلقة و غیرها تزوجت بغیره أم لا ما لم تخرج من الدار و بین کون الدار ملکاً لأحدهما أو لهما أو غیرهما و لا بین کون النزاع بینهما أو بین ورثتهما أو بین أحدهما و ورثة الآخر و لا بین کون المتنازع علیه مما یختص بأحدهما کالحلی و المقانع و الثیاب الحریریة للامرأة أو کالعمائم و القلانس و الحزام للرجل أو لا یختص بأحدهما و لا بین اشتراک الید الحقیقیة منهما کالذی یستعملانه بینهما أو الحکمیة کالموضوع فی البیت من الفرش المهجورة و الأوانی الموضوعة و لم تکن بینة لأحدهما و حیث تقام البینة من أحدهما فما تنازعا فیه لمن أقامها و ان أقاماها قسمت نصفین فذهب الشیخ فی المبسوط انهما مع عدم البینة إذا تداعیا تحالفا و قسم بینهما ما تداعیاه مطلقاً بجمیع الصور المتقدمة و کذلک إذا نکلا و ذهب فی الخلاف ان ما یصلح للرجال لهم بیمینهم و ما یصلح للنساء لها بیمینها و ما یصلح لهما یقسم بینهما بعد التحالف و ادعی علیه الإجماع و ذهب إلیه المشهور من الأصحاب و قال المحقق انه اشهر من الروایات و أظهر بین الأصحاب و المراد بما یصلح هو ما یختص فیعبر عنه بهذا مرة و هذا أخری و ذهب الشیخ فی الاستبصار ان القول فی ذلک قول الامرأة بیمینها و ذهب العلامة و الشهید إلی الرجوع فی ذلک إلی العرف العام أو الخاص فإن وجد عمل به و ان انتفی و اضطرب کان بینهما و یریدون بالعرف العادة فی کون المتاع لمن باعتباره الإیقان به و شرائه و عمله و ادخاره و نحو ذلک و قیل ان المتاع للرجل فالقول قوله و سبب هذا الاختلاف الأخبار و الاعتبار ففی صحیحة رفاعة النحاس ما یدل علی الثانی و فیها إذا طلق الرجل امرأته و فی بیتها متاع فلهما ما یکون للرجال و النساء یقیم بینهما و إذا طلق الامرأة فادعت ان المتاع لها و ادعی الرجل ان المتاع له کان له ما للرجال و لها ما للنساء و هی صریحة فی المطلوب و ان کان صدرها لا

ص: 178

تصریح فیه بالدعوی و لکن عموم الحکم یقضی به و الشیخ فی الاستبصار حمل هذه الروایة علی التقیة أو الصلح و شهد له الاعتبار أیضاً ففی السرائر نقلًا و الذی یقوی عندی ما ذهب إلیه فی مسائل خلافه لأن علیه الإجماع و تعضده الأدلة لأن ما یصلح للنساء الظاهر انه لهن و کذلک ما یصلح للرجال أمّا ما یصلح للجمیع فیداهما علیه فیقسم بینهما لأنه لیس أحدهما أولی من الآخر و لا یرجح أحدهما علی الآخر و لا یقرع هاهنا لأنه لیس بخارج عن أیدیهما و إنما القرعة لو کانت بید ثالث و أقام کل منهما البینة و تساوت من جمیع الوجوه و یؤده ان المختص غالباً بمنزلة الید و التصرف غالباً یتبع من اختص فیه لظهور کثرة التصرف فیه ممن قد اختص فیه بل ظهور اختصاص یده به و إنما یختص بکل منهما یأتی به المختص به غالباً و فی القواعد و الضوابط و عموم الأدلة ما یدل علی الأول و فی روایة عبد الرحمن المعروف فی قضاء بن أبی لیلی فیمن توفی عنها زوجها فیجی ء أهله و أهلها فی متاع البیت فقضی مرة فیه بقول إبراهیم النخعی إنما یختص للامرأة فلها و ما یختص للرجل فله و ما یشترکان فیه یقسم بینهما نصفین و قضی أخری ان المتاع للرجل و المرأة بمنزلة الضیف و قضی ثالثة ان المتاع للامرأة إلا ان یقیم الرجل بینة علی ما احدث و قضی رابعة بالقضاء الأول فقال أبو عبد الله القضاء الأخیر و ان کان قد رجع عنه المتاع متاع الامرأة إلا ان یقیم الرجل البینة قد علم من بین لابتیها یعنی حبلی منی ان الامرأة تزف إلی بیت زوجها بمتاع و فی روایته الأخری إلا المیزان فانه متاع الرجل و صحیحة الآخر إذا مات الرجل أو الامرأة فادعی ورثة أحدهما الآخر فی متاعهما أو طلقت فادعاه الرجل و ادعته الامرأة ان ابن أبی لیلی قضی فیها بأربع أولها قضاء إبراهیم النخعی ثانیها انهما یدعیان جمیعاً و الذی بینهما یقسم نصفین ثالثها هو للرجل و المرأة داخلة علیه إلا متاع لا یکون للرجال فهو للمرأة رابعها انه للامرأة إلا المیزان فانه للرجل قال و شهدته انه قضی بذلک فقال الإمام القول الذی اخبرتنی انک شهدته منه و ان کان قد رجع عنه و قال لو سألت من بین لابتیها و نحن یومئذ بمکة لأخبروک ان الجهاز و المتاع یهدی علانیة من بیت الامرأة إلی بیت الرجل فیعطی الذی جاءت به و هو المدعی و ان زعم انه احدث فیه

ص: 179

شیئاً فلیأت البینة و فی روایة زرعة عن سماعة عن الرجل یموت ما له من متاع البیت فقال: السیف و السلاح و الرحل و ثیاب جلده ما یدل علی الثالث و فی فحوی هذه الأخبار جمیعاً ما یدل علی الرابع حیث ان الأول جعل المدار فی کون القول قوله الصلاحیة و الاختصاص و الباقیات جعل الإمام المدار فیها علی جریان العادة بحمل الزوجة المتاع من بیت أهلها فیدور الأمر مدار العرف و العادة فی نسبة المال لأحدهما و عدمه و فی دلالتهما علی الید و عدمه و علی کونه من أیهما جاء و من أی مکان حمل فلیس فی الأخبار ما یدل علی انه للزوجة تعبد بل لمکان العلة و کذا ما دل علی الصلاحیة أیضاً مما یشعر بأن القول فی الحکم هو کونه صالحاً لأحدهما دون الآخر فیکون الاختصاص قرینة علی کونه المتاع للمختص به فیدور الأمر مدر العادات فی حمل المتاع حیث انه یختلف بحسب الأزمنة و بحسب الأمکنة فمرة یحمله الزوج کله و مرة الامرأة کله و مرة کل یحمل ما اختص به و مرة کل یحمل العکس فتحمل الامرأة ثیاب الرجل فتاتی بها إلیه و یحمل الرجل ثیاب الامرأة فیدفعها إلیها و مرة تکون العادة فی الحلی انه من مهر الامرأة إلی غیر ذلک فالموافق للعادة یکون هو الموافق للظاهر یکون القول قوله و هذا الأخیر أقوی و علیه تجتمع الروایات و لکن یبقی الکلام ان هذا الحکم هل یختص بالزوجة و الزوج أو یعم کل ما کان مثلهما فی حصول القرائن بالاختصاص بأحدهما یداً أو نقلًا کما إذا اجتمع حداد و صائغ فی دکان فتداعیا جمیع ما کان فیه و کذا غیرهما من أهل الصنائع و کذا عین الزوج و الزوجة من کل رجل اجتمع مع أنثی و کان یدهما علی متاع فیکون الاختصاص مرجحاً لأحد الیدین علی الأخری أمّا باعتبار کشفه عن الید الحقیقیة أو عن التصرف بل لو لا ظاهر الاتفاق لکان مرجحاً مع خروجهما أیضاً لکشفه عن الید السابقة أو اللاحقة و کذا العادة تکون مرجحة لأحد الیدین کما یعتاد عند اجتماع الأب و الابن ان الناقل للمتاع هو الأب و کذلک کل رئیس و مرءوس و یحتمل ان هذا الحکم یخص الزوج و الزوجة و ورثتهما أو أحدهما مع ورثة الآخر و ما ذکر فی الروایة من قبیل الحکمة لا العلة فنحکم بما صلح لأحدهما انه للمصالح له للروایة و الإجماع المنقول و شهرة الحکم به

ص: 180

و نجعل موافقته للظاهر مرجح آخر باعتبار قضاء العادات ان الصالح لشخص یختص به و کذا نرد الروایات الدالة علی انه للزوجة کما إلی ما کانت العادة و العرف قاضیان بحمل المتاع منها إلی بیت الزوج و لو اختلف العرف اختلف الحکم باختلافه فیکون هذا الظاهر قد اعتبره الشرع فی خصوصهما و یعتبر سریان الترجیح لکل ما شابهه فیکون هذا الظهور المنبئ عن الملک أو قوة الید و التصرف المأخوذ من العرف و العادة بالحمل أو الاختصاص مرجح لأحد الیدین و أن أمکن خلافه کما یمکن ان الزوجة ورثت من أبیها و أخیها مالًا من سیوف و عمائم و ورث الزوج من أمه ثیاباً و أقمصة حریر و نحو ذلک کما رجح الشرع بالید عند تعارض الدعویین و رضی بالیمین من المنکر و رجح قول المدعی بالبینة و الشیاع و رجح أحد البینتین علی الأخری بالمرجحات إلی غیر ذلک نعم لما کانت الصلاحیة و الاختصاص مرجحة لظهورهما بحسب العادة فی الملک و ان المختص مملوک لمن اختص به و ظهورهما فی قوة الید السابقة أو الحالیة و فی التصرف کان الأمر یدور مدار العادة المظنونة فلو تعارض فی المال الاختصاص لأحدهما به علی جریان العادة بحمله و نقله من عین من اختص کما إذا جرت العادة بنقل الزوجة ثیاباً للزوج أو بدفع الزوج ثیاب الزوجة اعتبر الراجح من الأمرین و الظاهر ان جریان العادة بالنقل مرجح علی مجرد الصلاحیة کما تنبئ عنه الأخبار من دون استفصال بین الصالح و غیره و قد یقال ان هذه الروایات محمولة علی ما کان مشترکاً من متاع البیت کما هو الغالب فی الدعاوی دون المختص فنقدم الاختصاص أولًا ثمّ ننظر إلی مرجح الحمل و النقل و بالجملة فالقول بالترجیح بحسب العرف و العادة قوی و ان ناقش به بعض المحققین و لکن فی سریانه لکل ما کان مثلهما من غیرهما مع معارضة الأدلة الدالة علی قسمیة ما کان تحت الیدین نصفین من غیر استفصال فی البین مشکل و قد تحمل الأخبار علی صورة الشک فی الید لا علی حالة الید المقطوع بها للزوم قسمتها نصفین و لا علی حالة العلم بأنهما خارجین للزوم تتبع المرجحات فیها و هو قوی لو لا ان ظاهر الأصحاب علی خلافه و لبعض المتأخرین کلام حیث انه بنی علی ما بنی علیه الشیخ فی الخلاف و نقل علیه الإجماع و جعله المشهور ورد کلام الشیخ فی المبسوط إلی

ص: 181

کلامه فی الخلاف حیث فهم ان جعل الفتوی به أحوط فهو مجوز لما علیه المشهور قائل به إلا ان ذلک أحوط و احتمل فیه انه جعل الاحتیاط من الشیخ فی الفتوی بما علیه فی الخلاف فیکون قائلًا به صریحاً و جاعله موافق للاحتیاط لإیهام عبارة الشیخ للأمرین ثمّ ذکر کلام ابی فهد فی الرد علی القول بدوران الحکم مدار الصلاحیة فیحکم بالصالح لمن صلح له انه لو کان حقاً لزم الحکم بمال شخص لغیره لکونه صالحاً لذلک العین و هو باطل و بیان اللزوم لأنه جاز ان یموت للامرأة أب فترث منه عمائم و طیالسة و دروع و سلاح و یموت للرجل أم فیرث منها حلیاً و مقانع و قمصاً مطرزة بالذهب و یکون ذلک تحت أیدیهما فلو حکم لکل واحد بما یصلح له لزم الحکم بمال الإنسان لغیره لا یقال قال النبی صلّی الله علیه و آله و سلّم: إنما نحکم بالظاهر و الله متولی السرائر و ما قلنا هو الظاهر لأنا نمنع ان ذلک هو الظاهر لا کان الظاهر راجح غیر منع من النقیض و مع ما ذکرنا من الاحتمال لا رجحان و ما ذکره من العرف ممنوع لأنه لو کان فائدة شرعیة لزم الحکم بذلک فی غیر الزوجین لو تداعی رجل و امرأة فی متاع هذا شأنه ثمّ رد علیه بأنه اجتهاد فی مقابلة النص من السنة و الإجماع و الشهرة فلا یرتکبه ذو دریة و بان منعه من الرجحان مدفوع بما ذکره العلامة من العرف و العادة و بما ذکره المشهور من الصلاحیة أمر بدیهی و رجحانه غیر خفی و منعه بالکلیة مکابرة و القول به فاسد و ما ذکره من الاحتمال غیر مناف للرجحان لأن الاحتمال لا ینافی الطرف الراجح کما لا ینافی الظهور المحکوم به فی جزئیات مسائل الدعاوی الاحتمالات القائمة بخلافها و ما ذکره من المنع علی کلام العلامة ان أراد به منع حکم العرف بالظهور فهو مع انه لا یساعده تعلیله بعده مکابرة و ان أراد منع حجیته ففیه ان الأخبار و الإجماع المنقول حکمت بحجیته فی هذا النوع الخاص و أما فیما شابهه من الموارد فیتوقف علی الدلیل أو یجعل الدلیل علی العموم لسائر المولود هو الروایة المذکورة و تتبع موارد الدعاوی هذا مضمون ما ذکر و هو حسن إلا لم ینصفه فی الرد علیه بما ذکر من الرد علی جعل الظاهر هنا حجة من حیثیة انه ظاهر لا من حیث الدلیل الخاص و نقل عن الصدوق انه یظهر منه القول بأن ما یصلح للرجال و النساء تختص به النساء و هو غیر صریح منه

ص: 182

و ضعفه ظاهر نعم قد ورد فی بعض الأخبار ان الامرأة تموت فیدعی أبوها انه أعارها بعض ما کان عندها من متاع و خدم أتقبل دعواه بلا بینة؟ فکتب علیه السلام فی الأب لا یجوز بلا بینة و فی آخر ان ادعی زوج المیتة و أبو زوجها أو أم زوجها فی متاعها و خدمها مثل الذی ادعی أبوها من عاریة بعض المتاع و الخدم أ یکون بمنزلة الأب فی الدعوی فکتب لا و هذه الأخبار معرض عنها لم یعمل بمضمونها أحد و أوردها الشیخ إیراد الاعتقاد أو مخالفة لأصول المذهب و لإجماع المسلمین من ان المدعی لا یعطی بمجرد رد دعواه ذکر ذلک ابن إدریس و زاد علیه و حمل الروایة علی الاستفهام الإنکاری فی قوله یجوز بلا بینة و حملها بعضهم علی ما إذا علم انه نقلته من بیت أبیها و ان أباها جهزها به و هو حسن لو اجتمعت یدان اتبع فی الحکم لأحدهما قوة الید لصیرورتهما عند الاجتماع هی الید و صاحبها منکر و الخارج عنها مدعی عرفاً و ان کانت لو انفردت کانت یداً و ذلک کراکب الدابة مع سائقها و قائدها فإن ذی الید هو الراکب دونهما و ان حصل من کل منهما تصرف و ید و سوی فی الخلاف بین الراکب و الأخذ بالزمام و هو بعید و المستأجر بالنسبة إلی الحمل اقرب یداً من المؤجر و بالنسبة إلی السرج و القتب بالعکس و کذا ثیاب العبد المستأجرة و المعار و الرحی المثبتة و الرفوف و السلالم لمؤجر الدار و غیر المنصوبة و الأثاث بالعکس و الابرة و المقص للخیاط لا لصاحب الدار إذا تنازعاه لظهور إنها له بالعرف و إذا اجتمع أهل الصانع کان لکل منهم ما یخصه من آلات صنعته عرفاً.

رابعها: لو ادعی صغیراً ممیزاً أم لا انه مملوکه و کان تحت یده و لا یعرف له نسب و لا معارض له قضی له به

إلا ان یعلم انه لقیط لإطلاق الأدلة فإن بلغ و انکر حلف المولی و ان کان الأصل هو الحریة لثبوت رقیته شرعاً فلا تزول إلا بحجیة و کذا لو ادعی اثنان رقیته کان لهما و لو تنازعا علیه تحالفا و کان بینهما و لو ادعی زوجیته صغیرة لم یحکم بزوجیتها لأن الید تقضی بالملکیة لا الزوجیة و لو ادعی کبیراً بالغاً عاقلًا لم یحکم برقیته إلا ان یصدقه أو یکون علی ظاهر العبودیة فیتصرف فیه و هو ساکت لا یعارض و لو کان مجنوناً فکذلک بعد افاقته و لو ادعی رقیة البالغ اثنان فصدق أحدهما کان لمن

ص: 183

صدقه لأنه صار تحت یده و علی المصدق الیمین و لو أقاما بینة احتمل تقدیم بینة غیر المصدق لأنه خارج و الأوجه إنها لا تقدم بذلک لأن إقرار العبد علی نفسه إقرار فی حق الغیر و ذلک لثبوت رقیته بکلتا البینتین و الرق لا ید له علی نفسه کی یکون إقراره لغیره کإقرار ذی الید فتقدم هی علی القول بتقدیم بینة الداخل أو مقابلها علی القول الصحیح و إنما الید لمولاه و الکلام فی إثباته و هذا بخلاف ما لم یکن هناک بینة فصدق أحدهما فانه لیس بثابت الرقیة قبل تصدیقه و إنما تثبت رقیته بتصدیقه فالإقرار مثبت للعبودیة لا ناقل لها من یده إلی غیره و فی المقام کلام.

خامسها: لو تداعیا داراً او غیرها و کانت تحت أیدیهما فادعی أحدهما الکل و ادعی الآخر نصفها فهی بینهما مناصفة بعد یمین مدعی النصف

لإبطال دعوی مدعی الکل و لو أقام أحدهما بینة حکم له و لو أقاما معاً فالنصف لمدعی الکل لعدم المنازع و النزاع فی النصف الآخر فمن قدم بینة الخارج حکم به لمدعی الکل و من قدم بینة الداخل حکم به مدعی النصف و لو کانت فی ید ثالث لا یدعیها و اقاما بینة فالترجیح و إلا فالقرعة علی النصف المتنازع فیه فمن حلف کان له و ان نکلا قسم النصف بینهما فیکون لمدعی النصف ربعاً و لمدعی الکل ثلاثة ارباع و احتمل بعضهم قسمة النصف بین المتداعین من غیر یمین لروایة محمد بن حمزة فی رجلین بینهما درهمان فقال أحدهما: الدرهمان لی و قال الآخر: بینی و بینک فقال علیه السلام: قد اقر ان أحد الدرهمین لیس له فیه شی ء و انه لصاحبه و أما الآخر فبینهما و ظاهرها ذلک بجمیع الصور و مرسلة عبد الله بن المغیرة و هو قوی بحسب الروایة فیکون أصلًا فی هذا المقام إلا ان تحکم البینة بخلاف ذلک و عن ابن الجنید ان العین تقسم علی طریقة العول ثلثان لمدعی الکل و ثلث لمدعی النصف لأن النزاع لیس فی نصف معین بل مشاع فیکون کما لو مات و علیه لإنسان ألف و لآخر ألفان و ترک ألفاً فإنها تکون بینهما أثلاثاً و کذلک العین فانهما لما أقاما البینة ثبت ما ادعیاه فی العین بمقتضی البینة و هی تضییق عن ذلک لامتناع اجتماع الکل و النصف فی عین واحدة و العول هو رفع العدد الذی یراد قسمته بین من له فیه نصیب إذا کان ذلک العدد ینقص عن انصبائهم إلی عدد ینقسم علیهم

ص: 184

بحیث یدخل النقص علیهم علی حسب سهامهم کما فی الدین و الوصیة و المیراث عند من خالفنا لا یقال ان کلًا منهما لم یدع عدداً لیرفع المدعی فیه إلی ما ینقسم علیهما بالسویة و إنما یدعی أحدهما العین و الآخر نصفها لأنا نقول غرضه لزوم القسمة علی من تعلق حقه بها حیث ما وقع الاشتباه لعدم الحیف فیها و امن الضرر الصادر من القرعة لأدائها إلی حرمان من لم تخرجه أصلا مع مساواته لمن أخرجته و ورودها فی الشرع لم یکن علی التعین بل غایته انه طریق شرعی للعمل یسوغ ارتکابه لا انه طریق علی وجه العزیمة بل علی وجه الرخصة علی ان موردها فیما علم انتفاؤه عن أحدهما کالجاریة یطأها فتجی ء بولد فیقرع علیه و کالبیت یسقط علی أهله فلم یبق إلا حر و عبد فیقرع بینهما و کالدابة یدعیها اثنان کل یقول إنها نتجت علی مذوده و کالزوجة یدعیها اثنان هذا غایة ما یقال له و لکن المشهور اعرضوا عنه و خصوا القول بالذمم دون الأعیان و ان تحققت الإشاعة فیها لأن النزاع فی هذه العین و لا نقص فیها فهذا یدعی الکل و ذاک النصف بخلاف الذمم فإن لهذا ألف و للآخر الفان و لیس إلا الترکة کل یریدها عما له فی ذمته و هی لا تبلغ إلا الثلث فلا اختصاص لأحدهما دون الآخر و نسبتها إلیها سواء فتقسم بینهما علی حسب ما لهما فی ذمته.

سادسها: لو تنازع ثلاثة فی عین تحت أیدیهما فادعی أحدهما الکل و الآخر النصف و الآخر الثلث و لا بینة قضی لکل واحد منهما بالثلث

و علی کل من الأخیرین الیمین للأول لدفع دعواه و یحلف الأول و الثالث للثانی لأنه یدعیهما بالسدس و لو أقام کل منهم البینة علی ما یدعیه فمع تقدیم بینة الداخل یقسم أثلاثاً لأن لکل منهما بینة و ید و لا تزید بینة أحدهما علی ما فی یده لأنها لو زادت کانت بینة خارج و مع تقدیم بینة الخارج فقد یقال إذا سقطت بینة الثالث فیما یدعیه لدخوله و بینة الثانی فی الثلث لدخوله فیه أیضاً لم یبق نزاع بین الأول و الثانی إلا فی السدس لأن لکل منهما فیه بینة خارج فإذا اقرع و نکلا و قسم السدس بینهما کان للأول أحد عشر من اثنی عشر و للثانی واحد منهما و لکنه خطأ لأن للأول بعد النکول عشرة و نصف و للثانی واحد و نصف و ذلک لأن فی ید کل من الثلاثة أربعة من اثنی عشر و هو الثلث فللأول منها

ص: 185

ثلاثة من غیر منازع فالثانی ینازعه فی نصف سدس و هو واحد من اثنی عشر و بینة الأول فیه بینة داخل فتسقط بالنسبة إلیه فیخلص للثانی فظهر الخطأ و له أیضاً ما فی ید الثانی و هو أربعة سقوط بینة فیها لأنه داخل بالنسبة إلیها و قیام بینة الأول علیها لخروجها و عدم نزاع الثالث فیها لأنه إنما یدعی الثلث فتلک سبعة و له أیضاً ثلاثة مما فی ید الثالث لأن الثانی لا ینازعه فیها إنما ینازعه فی واحد من أربعته من حیث ان لکل منهما علیه بینة خارج فتلک عشرة فإذا اقرع علی هذا الواحد الذی انحصر النزاع فیه و نکلا فاقتسما کان للأول عشرة و نصف و للثانی واحد و نصف و تسقط دعوی الثالث بسقوط بینة لأنها بینة داخل و الذی ذکره فی القواعد أولًا هو ان یکون للأول عشرة و للثانی اثنان بلا قرعة ثمّ قال: و ان قضی للخارج سقطت بینة الداخل لأنها داخلة و للثانی السدس لأن بینته خارجة فیه و للمستوعب خمسة أسداس لأن له السدس من غیر بینة لعدم المنازع له فیه و له الثلثان بالبینة لکون بینته خارجة و فیه انه لیس للثانی مما فی ید الأول إلا واحداً من أربعة و هو نصف السدس لا السدس و ما فی ید الثالث لا یخلص کله للأول کما یقول بل تخلص ثلثه و الرابع یدعیه الثانی و الأول و لکل منهما علیه بینة خارج و لا طریق إلی القرعة فإذا خرجت للأول و حلف کان له إحدی عشر و ان نکل و حلف الثانی کان له عشرة و ان نکلا و اقتسماه کان للأول عشرة و نصف و للثانی واحد و نصف کما ذکرناه و ان أقام الأول خاصة اخذ الکل بلا یمین ان قلنا ان بینة الداخل تسقط الیمین و إلا فمع الیمین علی ما یحتاج إلی الیمین مما فی یده و لو أقام الثانی بینة اخذ النصف الثلث بالید و علیه الیمین مع احتمال عدمه کما تقدم و السدس من الأخری بالبینة و لا یمین لهما علیه لأنها بینة خارج و یقتسم الآخران الباقی لکل ربع غیر ان الأول یحلف للثالث علی نصف سدس لأنه یدعیه لادعائه ثلث العین و الثالث یحلف للأول علی جمیع ما اخذ لأنه یدعیه بدعوی الکل و لو أقام الثالث بینة اخذ الثلث و الباقی بین الأخیرین مناصفة غیر ان الأول یحلف للثانی علی السدس لأنه یدعیه فیه و الثانی للأول علی الثلث کله لادعائه الکل و لو وقع النزاع فی عین خارجة و لم تکن بینة فللأول النصف بلا معارض کذا قالوا و فیه ان الأخیرین یدعیان الثلث

ص: 186

و النصف فلم یبق له سالماً سوی السدس قالوا و یقرع بینهم فی النصف الآخر فإن خرجت لأحد الأولین حلف واخذ و ان خرجت للثالث حلف واخذ الثلث ثمّ یقرع بین الأولین فی السدس الباقی فمن خرجت له حلف واخذ و ان أقام أحدهما البینة فإن کان الأول اخذ الجمیع و ان کان الثانی اخذ النصف و أما النصف الآخر فالسدس للأول من غیر منازع و یبقی النزاع بینه و بین الثالث فی الثلث فیقرع بینهما کما لو لم یکن هناک بینة و ان کان الثالث أخذه و للأول السدس من غیر منازع و یقرع بالنصف بین الأولین و لو أقاموا جمیعاً فالنصف للأول من غیر منازع و السدس فی النصف الآخر یدعیه کل من الأولین و الثلث یدعیه کل من الثلاثة فإن ترجحت أحد البینات و إلا فالقرعة و الیمین فمن حلف اخذ و ان نکل فإن کان فی النزاع الواقع فی السدس و هو ما بین الأول و الثانی حلف الآخر واخذ و ان کان فی الثلث و هو ما بین الثلاثة اقترع الآخران و حلف من خرجت له فإن نکل حلف الآخر واخذ فإن نکلوا جمیعاً فالقسمة فی کلیهما السدس بین الأولین و الثلث بین الثلاثة فتصح من ستة و ثلاثین لأنه اقل عدد یخر ج منه نصف سدس و تسع فیکون للأول خمس و عشرون و هی النصف و نصف السدس و ثلث الثلث و للثانی نصف السدس و ثلث الثلث و للثالث التسع هذا کله فی القسمة مع التنازع لاعتراف الأخیران للأول بالنصف و إنما تنازعوا فی النصف الآخر هذا یدعیه بتمامه و الآخر یدعی سدسین منه و حیث ان الأول یدعی الکل کان له مع الثانی نزاع فی السدس الذی لا یدعیه الثالث و نزاع معهما فی الباقی أمّا مع عدم الاعتراف للأول بالنصف بل کل منهما یدعی ما یدعیه فی الکل هذا یقول لی نصف المجموع و ذاک یقول ثلثه فلا بد من قسمته علی طریق العول یرفع الستة إلی إحدی عشر للأول ستة و للثانی ثلاثة و للثالث اثنان للزوم الحیف علی الأخیرین بتخصیص الأول بالنصف لأن نسبهم إلی المال علی حد سواء فیقسم علی نسبة دعاویهم فیعطی الأول ضعف الثانی و ضعفی الثالث و الثانی نصف الأول و الثالث ثلث الأول فیدخل النقص علی الکل کما إذا ترک ستمائة و علیه لواحد ستمائة و للآخر ثلاثمائة و لثالث مائتان و هذه القسمة هی السالمة من الحیف و الضرر و القرعة و ان دلت علیه الروایات إلا ان

ص: 187

موردها الأمر المشکل و هنا لا إشکال و إنما ترک العول فی المیراث للنص و الإجماع و للعلم بأن الخطاب به ابتدائی فلا یصلح من الحکم ان یزید فی خطابه فیدخل العول فیه.

سابعها: لو تنازع أربعة فی عین فادعی أحدهم الکل و الآخر الثلثین و الثالث النصف و الرابع الثلث و لا بینة و کانت تحت أیدیهم حکم لکل منهم بما فی یده

و هو الربع مع یمینه للآخر و لو لم تکن تحت أیدیهم و اقام کل واحد بینة فلا تعارض فی الثلث فیختص به مع مدعی الکل و یقع التعارض فی الباقی ففی السدس الزائد علی النصف تتعارض بینة مدعی الکل و مدعی الثلثین و فی السدس الزائد علی الثلث تتعارض بینتهما و بینة مدعی النصف و فی الثلث الباقی تتعارض البینات الأربعة فمع عدم المرجح یقرع بین المتعارضین فیحلف الخارج و إلا حلف الآخر و إلا فالقسمة فیقسم السدس الزائد علی النصف بین مدعی الکل و مدعی الثلثین بالسویة و السدس الزائد علی الثلث بینهما و بین مدعی النصف أثلاثا و الثلث الباقی بین الأربعة أرباعاً فالدار ستة و ثلاثون سهماً لمدعی الکل ثلثها اثنا عشر و له نصف السدس الزائد علی النصف و هو ثلاثة فهذه خمسة عشر و له ثلث السدس الزائد علی الثلث و هو اثنان فهذه سبعة عشر و له ربع الثلث و هو ثلاثة فهذه عشرون خمس أتساع الدار و لمدعی الثلثین ثلاثة اسهم من السدس الزائد علی الثلث و سهمان من السدس الزائد علی الثلث و ثلاثة من الثلث الباقی فالمجموع ثمانیة و هی تسعا الدار و لمدعی النصف سهمان من السدس الزائد علی الثلث و ثلاثة من الثلث الباقی فالمجموع خمسة تسع و ربع تسع و لمدعی الثلث ثلاثة من الثلث الباقی لا غیر و هی ثلاثة أرباع التسع فالمجموع سهام الدار و کذا البحث لو لم یکن لأحدهم بینة و لو أقامها أحدهم خاصة قضی له بما یدعیه فإن فضل عنه شی ء تعارضت فیه الدعوی و جری فیه ما جری فی الدعویین المتعارضین و اعتبر ما أسلفنا و لو کانت تحت أیدیهم و أقام أحدهم و قدمنا بینة الخارج فإن کان الأول اخذ الجمیع مع الحلف علی ما یده علیه أو بدونه علی القولین و سقوط الیمین و عدمه و ان کان هو الثانی اخذ الثلثین مع الیمین علی ما تحت یده کما تقدم

ص: 188

و یقتسم الباقون الثلث بالسویة و یحلف کل منهم علی نفی ما یدعیه الآخران و ان کان هو الثالث اخذ النصف مع الیمین کذلک و اقتسم الباقی الباقون بالسویة و حلف کل منهم علی نفی ما یدعیه و ان کان هو الرابع اخذ الثلث مع یمینه علی ما مرَّ و یقتسمون الباقی علی ما ذکرنا و لو أقاموا جمیعاً فإن قدمنا بینة الداخل کان الحکم کما لو لم تکن بینة فیقسم بینهم أرباعاً فیحلف کل منهم لمن یدعیه و ان قدمنا بینة الخارج کما هو الحق سقط اعتبار بینة کل منهم بالنظر إلی ما فی یده و تسمع فیما یدعیه علی غیره مما کان تحت ید غیره و طریق ذلک ان یجمع کل ثلاثة من المدعین علی رابع فیؤخذ ما فی یده لهم و هو الربع لأن بینة الثلاثة بالنسبة إلیه خارج فیقرعون فیما یتنازعون فیه و یأخذ الحالف فإن نکلوا اقتسموا و ما لا نزاع فیه من الربع یکون للأول و هو مدعی الکل و أقل ما تصح القسمة منه من العدد هنا اثنان و سبعون لأن الرابع مدعی الثلث یدعی الثلاثة الباقین زیادة علی ما فی یده بنصف سدس و هو تکملة أربع الذی صار ثلثاً بدعواه و حینئذ فیدعی کل واحد منهم بسدس السدس و اقل عدد یخرج منه سدس السدس و لا یتم إلا باثنین و سبعین و تمام الأمر فی ذلک هو اجتماع کل ثلاثة علی واحد فکانت صور الاجتماع أربعة:-

أحدهما: ان یجتمع الأول و الاخیران علی الثانی فینازعوه علی ما فی یده و هو الربع ثمانیة عشر من اثنین و سبعین فالأول یدعیها أجمع لادعائه الکل و الثالث یدعی منها ستة لأنه یدعی النصف فربع بیده و ربع و هو الخارج عنه یدعی الثلاثة به فکل واحد منهم یدعیه بثلث الربع و هو ستة و الرابع یدعی اثنین لأنه یدعی بغیر ما فی یده بنصف سدس و هو ستة تنقسم دعواه علی ثلاثتهم فتکون دعواه له باثنین و الأول ینازع الثالث فیما یدعیه و هو الستة فیقرع بینهما و یحلف و إلا اقتسموا و ینازع الرابع فی الاثنین و یقرع بینهما أیضاً و یحلف و إلا فالقسمة و العشرة الباقیة من الربع تکون للأول لادعائه الکل و قیام بینة مع عدم منازعة المجتمعین معه فیها.

ثانیها: ان یجتمع الأولان و الأخیر علی الثالث و هو مدعی النصف فمدعی الکل یدعیه أجمع و الثانی یدعی منه عشرة لأنه یدعی الثلثین و بیده الربع و الثلثین ثمانیة

ص: 189

و أربعون فإذا سقط منها ثمانیة عشر بقی ثلاثون یدعی کل واحد من الثلاثة بعشرة و الرابع یدعی اثنین و الستة الباقیة من الربع تکون للأول إذ لا یدعیها أحد غیره و یقارع کل من الآخرین بما یدعیه ثمّ الیمین و القسمة مع النکول.

ثالثها: ان یجتمع الثلاثة الأولون علی الرابع و هو مدعی الثلث فالأول یدعیه أجمع و الثانی یدعی العشرة و الثالث یدعی الستة و الاثنان الفاضلان للأول و مقارعته لکل منهما فیما یدعیانه و الیمین و القسمة بعد النکول کما تقدم.

رابعها: ان یجتمع الثلاثة الاخیرون علی الأول فالثانی یدعیه بعشرة و الثالث بستة و الرابع باثنین و لا فاضل هنا لصاحب الید و لا نزاع بین المدعین فقد کمل للأول مما فی أیدی الثلاثة ستة و ثلاثون و ذلک انه أصابه فی الاجتماع الأول عشرة و فی الثانیة ستة فإذا تم هذا الاجتماع کله و اقترعوا و امتنع الکل من الحلف فی الکل و اقتسموا أصاب الأول نصف الدار و هی ستة و ثلاثون سهماً ربع من الفاضل و ربع مما اقتسمه بعد القرعة مع المجتمعین معه فی مجموع الثلاثة الأول و ذلک ان جمیع ما أصابه من الثانی بالفضل و القسمة عشرة و من الثالث بهما اثنا عشر و من الرابع بهما عشرة و أصاب الثانی ربعها و ربع تسعها عشرون سهماً خمسة من الثالث و خمسة من الرابع فی الثالث و عشرة من الأول فی الرابع و أصاب الثالث سدساً من العدد و هو اثنا عشر سهماً ستة من الأول فی الاجتماع الرابع و من کل واحد من الأخیرین واحد و ذلک مجموع الدار لأن السدس تسع و نصف تسع فإذا ضم إلی نصف التسع ثمّ إلی ربع التسع صار ربعاً فإذا ضم إلی نصف الأول و ربع الثانی صار تمام الدار و ان خرجت القرعة للأول فی الاجتماعات الثلاثة و حلف فیها اجمع أصابه ثلاثة أرباع الدار و لم یذهب عنه سوی ما فی یده و هو الربع و ان اخرجته فی البعض أو حلف فی البعض أو أخرجت الثالث أو الرابع فی الکل أو البعض و حلف فی الکل أو البعض اختلفت القسمة بعد ذلک و تکثرت الصور و لا یجری هذا العمل فی المسألة السابقة بأن تجمع کل اثنین علی ثالث حتی تصیر الصور ثلاثة لسقوط دعوی الثالث و هو مدعی الثلث بسقوط بینة الداخلة فلم یبق نزاع إلا بین الأول و الثانی یتنازعان فی ربع ثلاثة فإذا اقترعا

ص: 190

و اقتسما کان له ثلاثة و نصف من اثنی عشر و للثانی نصف و یأخذ الثانی من الأول ربع ثلاثة عملًا ببینة الخارجة و یبقی للأول ثلاثة من ثلثه و تمام ثلث الثانی بلا منازع فتم له عشرة و نصف و لو کان الرابع فی هذه المسألة یدعی الربع لکان حکمه حکم الثالث فی الأولی.

مسألتان فی النسب

أحدهما: لو تنازع اثنان فی ولد کبیر أو صغیر لم یحکم لأحدهما إلا بالبینة

اشارة

و لا مدخلیة لتصدیق الولد و لا الشبه و لا قول القافة لظاهر الأصحاب و لنفی الخلاف من البعض و لو أقام أحدهما حکم له و لو أقاما و تکافئا اقرع بینهما و ان کان فی ید أحدهما علی وجه الالتقاط فکذلک و ان ادعاه بعد الالتقاط من دون معارض فحکم له به طلب من مدعیه البینة و ان لم تکن ید الالتقاط فوجد فی یده و جاء آخر یدعیه فادعاه هو و تنازعا فهل یحکم لذی الید إذا لم تکن بینة لاقتضائها النسب کما تقتضی الملک لضعف احتمال الالتقاط لظهورها فی الاختصاص و الاضافة کظهورها فی الملک أو لا یحکم إذ لا ید فی غیر الملک للأصل.

ثانیهما: إذا وطأ اثنان امرأة فی طهر واحد لشبهة فأتت بولد فادعاه اثنان لحدس أو قیافة و أمکن ان یکون لکل منهما اقرع بینهما

و الحق بمن أخرجته القرعة و لا حاجة إلی الیمین و لا یلحق بالزانی سواء کانا زانیین فلا یلحق بهما أو أحدهما و لو کان أحدهما زانیاً و الآخر مشتبه بعقد أو تحلیل أو شرکة ألحق بالمشتبه دون الزانی و لا یتفاوت فی القرعة بین کون المتنازعین مسلمین أو کافرین أو أحدهما مسلم و الآخر کافر أو کلاهما حر أو کلاهما عبد أو أحدهما حر و الآخر عبد کل ذلک لعموم دلیل القرعة حیث إنها لکل أمر مشتبه و نقل عن المبسوط تقدیم المسلم علی الکافر و الحر علی العبد نظراً إلی أصالة الإسلام و الحریة و فیه ان الأصل ینفع فی محل الاشتباه مع عدم المعارض سواء کان الشک فی الفرد الخارجی انه حر أو عبد أو مسلم أو کافر و فی طریان الوصفین علیه من الکفر و الرقیة أو فی دخوله تحت أی وصف منهما و أما مع المعارض فالنسبة إلیهما واحدة و الحاقه بأحدهما دون الآخر ترجیح من غیر مرجح

ص: 191

و تنزیل الإسلام و الحریة بین المتداعین بمنزلة الید فیلحق بالمسلم و الحر دون الکافر و العبد مفتقر إلی دلیل و لذا لو تداعی مسلم و کافر و حر و عبد فی ولد لاعتبار وطئ أم واحدة بل کل یقول: هو ابنی لا یحکم للمسلم و الحر بهما من جهة الأصل بل الوجه فی الجمیع القرعة بعد البینة لأنها لکل أمر مشکل و لو عملنا بروایة کل مولود یولد علی الفطرة لأخذنا أولاد الکفار من أیدیهم للحکم بأنهم مسلمون فلا یجوز إبقاءهم بأیدی آبائهم.

ثانیها: الفراش الذی یلحق به الولد الزوج و الملک و المحلل و الشبهة فراش أو ملحق به و لیس کل ما وقع فیه الاشتباه ولد الشبهة بل ولد الشبهة الملحق بالفراش هو ما الحق بالمشتبه أو أحد الشریکین أو بالمتأخر من العاقدین أو المالکین أو المحللین و لو ترتب الوطء بحیث تخلل بینهما حیض کان للمتأخر منهما للأصل و لأن الحیض علامة لبراءة الرحم من الأول و استثنی العلامة ما إذا کان الواطئ الأول فی نکاح صحیح فانه یلحق به و ان تخلل بینه و بین الوطء الآخر حیضة لتوقف نفیه عنه علی العلم و تخلل الحیضة لا یفید العلم لإطلاق قوله علیه السلام: الولد للفراش و استشکل فیما إذا کان وطء الأول فی عقد فاسد لم یعلم بفساده من کونه فراشاً ظاهراً و من عدم صحته واقعاً و فیه ان الإلحاق تابع للإمکان الشرعی أو العادی و مع تخلل الحیض لا إمکان حتی لو کان الوطء الثانی زنا فانه لا یحکم به مع تخلل الحیض للأول کما قطعوا بالقرعة لو کان الوطء فی طهر واحد إذا لم یکن عن زنا و لم یحکموا بأن الولد لذی العقد فکأنهم جعلوا الشبهة بمنزلة الفراش المستحق واقعاً و فی المسالک ان القرعة تدور مدار الإمکان فی الإلحاق بهما سواء کان الوطء فی طهر واحد أو متعدد أمّا لو لم یمکن کما لو کان من وطء أحدهما دون ستة اشهر فانه یلحق بمن یمکن لحوقه به و لو تداعیاه فانتسب إلی أحدهما لم یقبل بل یقترعان علیه فینسب إلی من أخرجته القرعة للأخبار الخاصة الدالة علی ذلک مضافاً إلی عمومات أدلة القرعة و کلام الأصحاب نعم لو بلغ قبل القرعة فانتسب إلی أحدهما کان له و لو انفرد المدعی بدعوی صغیر من غیر معارض کان له إلا ان یفضی إلی ذهاب حق دعوی غیره کما یدعی ولداً مجهول النسب کان

ص: 192

مملوکاً فاعتقه مولاه لأن بنوته تذهب دعوی ولائه من المعتق و لو بلغ الصغیر فنفی بنوته لمن ادعاه و ألحق به لم ینتف عنه إلا بالبینة و لیس له إحلاف المدعی لصیرورته والداً له بإقراره شاء أو أبی فلا یجدی یمینه لأن الیمین إنما تتوجه علی من لو اقر لسمع منه الإقرار و فی حکم الصغیر المجنون لو ادعاه بینة مدعی قبل الإفاقة فانه لیس له الإنکار بعد الإفاقة و لیس له ان یطلب الیمین علی المدعی کما ذکرنا علی إشکال فی إلحاقه بالصغیر و لو ادعی مولوداً علی فراش غیره و زعم انه وطأ أمه بشبهة فعلقت به لم یسمع إلا بالبینة علی الوطء و لا یصغی لإقرار صاحب الفراش لما فیه من دفع حق الولد المحکوم به انه له عن نفسه و نفیه عنه و لو ادعی کبیرا بالابنیة لم یلحقه إلا بالبینة و لو سکت لم یلحقه أیضاً و ان أنکر کان لکل منهما حکم نفسه بموجب الإقرار فإن صدقه و اقر له جری علیه حکم الابنیة علی نفسه دون أقاربه و أرحامه فظهر ان النسب کما یلحق بالفراش المنفرد یلحق بالمتعدد و المشترک بالقرعة و کما یلحق بالدعوی المنفردة یلحق بالمتعددة بالبینة.

مسائل فی المواریث

أحدها: لو اتفق وارثان متساویان فی الطبقة علی تقدم إسلام أحدهما و اختلفا فی الآخر فقال بتقدم إسلامه لیرث معه فأنکر المتفق علیه فالقول قول المتفق علیه

للأصل بمعنی عدم التقدم و عدم حصول شرط الإرث و تأخر الحادث فإن ادعی علی المتفق علیه العلم کان له الیمین علی نفیه و کذا الحال لو کانا رقین فانعتق أحدهما و وقع فی زمن تحریر الآخر أمّا لو وقع الخلاف فی اصل تحریره فلا کلام فی أصالة نفیه و لو اختلفا فی اصل إسلام الوارث الآخر و حریته بعد الاتفاق علی إسلام أحدهما و حریته بالأصالة کان القول قول من یدعی اصل الإسلام و الحریة لأنهما أصلان شرعیان و نقل الإجماع علی ذلک نعم علیه الیمین فی کونه مسلماً حراً بالأصل و ان أباه ما مات و هو غیر حر و غیر مسلم و کذا لو ادعی کل منهما علی الآخر انه غیر مسلم الأصل أو حر الأصل فإن القول قول کل منهما بیمینه کان أبوهما کافراً قبل انعقادهما أم لا نعم لو کانت الدار دار کفر و کان أبوهما کافراً قبل انعقادهما فالقول

ص: 193

قول منکر الإسلام لظهور انهما نشئا علی دین أبیهما و لو کان أبوهما مسلما بعد انعقادهما حکم بإسلامهما و استصحب إن کان إسلام أبیهما قبل بلوغهما و ان کان بعده و کانت الدار دار إسلام فلا یبعد ترجیح مدعی الإسلام لمکان الظاهر و لو اتفقا علی أصالة کفر کل منهما و رقیته و اختلفا فی تقدم الإسلام و الحریة علی الموت و عدمها کانا متداعین و لکل منهما علی الآخر الیمین بالتقدم فإن حلفا بطل میراثهما و کان للمرتبة الثانیة بعدهما و کذا لو نکلا و ادعت معهم الطبقة الثانیة و لا بد هاهنا من إثبات تقدم إسلامهم و حریتهم لحجب الطبقة الثانیة إلی البینة و لو اتفقا علی الإسلام أو حریة أحدهما فی شهر سابق و إسلام و حریة الآخر فی شهر لاحق و اختلفا فی ان الموت بعد الشهر اللاحق أو قبله احتمل تقدیم قول من ادعی تأخر الموت للعلم حینئذ بالإسلام و الحریة فی وقت معین و وقوع الشک فی الموت و تاریخه مجهول فالأصل تأخره و احتمل عدم اعتبار جهل التاریخ و العلم به فی معارضة أصالة عدم الإرث و أصالة عدم ارتفاع المانع و الأقرب الأول لوروده علی الأخیر فیعمل به دونه.

ثانیها: لو ادعت الزوجة علی الزوج بعد موته عیناً انه صداقها فأنکرها الوارث فالقول قول الوارث

و لها علیه الیمین علی نفی العلم و ان أقاما بینة قدمت بینتها إما لکونها بینة خارج أو للشک فی ذلک و لکنها شهادة بما یمکن خفاؤه عن البینة الأخری فتسمع و لو شهدت أحد البینتین بالإصداق فی وقت و شهدت الأخری بالموت عن ذلک الوقت تعارضا و اقترعا و لا فریق بین کون العین بأیدیهما أو بید أحدهما أو بید غیرهما الزوجة بسبق ملکیة لها قبل الصداق و قیل و لو کانت بیدها فی حیاة الزوج إلی موته کان لها ترجیحاً للظاهر علی الأصل کما إذا زیداً یتصرف بدار تحت یده و ادعی مالکها بقاءها فی ملکه و ادعی زید شراءها کان القول قول زید لمکان الظاهر و فیه نظر ظاهر لأن هذا الظاهر لا یحکم علی الأصل و الظاهر المستصحبین من إقرار زید.

ثالثها: لو ماتت امرأة و ولدها فقال زوجها: ماتت بعد الولد لیرث المال و قال أخوها قبله یرثها مع الزوج

فإن أرخا موت أحدهما و اختلفا فی الآخر قوی احتمال

ص: 194

تاریخ المجهول عن المعلوم و ان لم یؤرخا کان لکل منهما علی الآخر الیمین علی نفی العلم و ان أقام أحدهما بینة حکم له به مع الیمین علی نفی ما ادعاه الآخر کذا قیل و فیه نظر و ان حلفا معاً علی نفی العلم أو نکلا لم یرث أحدهما مما یدعیه علی الآخر بل کل منهما یرثه وارثه فیرث الأم من غیر مال ولدها الأخ و الزوج و یرث الولد من غیر مال أمه أبوه.

رابعها: لو تنازع عبدان کل منهما یقول اعتقنی سیدی فی المرض و کان الثلث لا یسع إلا عتق واحد فإن کذبهما الوارث و أقاما بینة فالحکم للأسبق

فإن اقترنا أو کانا مطلقتین احتمل تنصیفهما رقاً و عتقاً کما هی القاعدة عند التعارض إما مطلقاً أو بعد الترجیح ثمّ القرعة ثمّ النکول و الأوجه لزوم القرعة ابتداء قال الشهید و احتمال إعمال البینتین کالأملاک باطل عندنا للنص علی القرعة فی العبید و حینئذ فیحکم بعتق من أخرجته القرعة ثمّ ان ادعی کل منهما السبق فلا بد لمن أخرجته القرعة من الحلف علی نفی دعوی الآخر فإن نکل حلف الآخر و حکم بعتقه فإن نکلا حکم بانعتاق نصف کل منهما کما فی التحالف و ان لم یدعیا السبق فلا یمین بل یحکم لمن أخرجته القرعة بالعتق و لو زاد علی الثلث انعتق منه ما یساویه و لو نقص انعتق من الآخر ما یتممه.

خامسها: و لو شهدت بینة علی انه أوصی بعتق سالم و شهد اثنان من الورثة علی رجوعه و عتق غیره معیناً

فإن کانت قیمة الثانی اقل أو کانت الرغبة إلیه اقل علی وجه لم تسمع شهادة الوارث لمکان التهمة و إلا سمعت و مجرد احتمال النفع أو یسیره الذی لا تتطرق بسببه التهمة للعدل لا یضر الشهادة فیحکم بعتق من شهدت به الورثة و علی تقدیر عدم قبول الثانیة لمکان التهمة أو لحصول الفسق فالأقرب لزوم عتق ثلثی الثانی علی الوارث أخذاً له بإقراره و لما کان عتق الأول بحسب ظاهر الشرع للواقع عندهما کان بمنزلة ما لو تلف ثلث الترکة بعد الموت قبل قبضه فیسقط من الثلث ثلثاً و یمضی فی الثلثین الآخرین کما عن فخر المحققین و صحة الوصیة الأولی شرعاً إنما تستلزم بطلان الثانیة بحسب ظاهر الشرع و إنما الزمنا الوارث بالعتق بحسب ما یعلمان من الواقع.

ص: 195

سادسها: لو شهدت بینة لزید انه قد أوصی له عمر بسدس ماله و شهدت أخری بأنه أوصی لبکر بسدس ماله

و شهدت ثالثة بأنه قد رجع عن أحدهما فإن أرادت انه عین الراجع عنه ثمّ اشتبه حاله فالأوجه القرعة و احتمال التنصیف و العول بعید و کذا ان قامت بینة انه قال رجعت عن واحد منهما و عینه عنده أمّا لو قامت البینة علی رجوعه عن أحدهما لا بعینه فالظاهر انه لا محصل له و لا یبعد انه لا یزیل معنی التخیر و لا یکون بمعنی الإعراض عنهما و لو قال رجعت عن التعین عادت الوصیة إلی التخیر فیکون رجوعاً عن المجموع لا عن کل منهما.

سابعها: لو قامت بینة انه أوصی لزید بکذا فشهد الوارثان انه رجع لم تسمع شهادتهما

لمکان التهمة و لو شهدا انه رجع فی الوصیة لعمر احتمل بطلان شهادتهما لتضمنها الرجوع و هو موضع تهمة و الأقوی إنها تسمع فی حق عمر و ان لم تسمع فی الرجوع فتکون بمنزلة شهادتهما بالوصیة لعمر من دون تضمن رجوع فتتعارض البینتان فیرجح و إلا فالقرعة کما لو شهدت ابتداء لا یقال ان دعوی الرجوع قد تضمنت اعترافاً بالأصل فلا تکون معارضة لها لأنا نقول ان دعوی الرجوع لما کانت ساقطة شرعاً لم تسمع و کانت فی حکم العدم و فیه إنها و ان لم تعتبر شرعاً للتهمة لکنها دلت علی الاعتراف سبق تلک الوصیة و لو شهد بالرجوع و الوصیة لعمر و أجنبی و حلف عمر ثبتت له الوصیة من غیر کلام و ان شهد بالوصیة للثانی من دون دعوی الرجوع فهل تکون شهادته مع یمین الموصی له معارضة للبینة التی شهدت بالوصیة لزید فیقرع بینهما بعد الترجیح أو ترجح الأول و یحکم بالوصیة لزید؟ قولان فالشیخ علی الأول و العلامة علی الثانی و علی الأول فإذا أخرجت القرعة الثانی فهل علیه یمین آخر کما تقتضیه ضوابط القرعة؟ الأقرب ذلک.

ثامنها: لو ادعی عیناً فی ید غیره

(و لأخیه الغائب و أقام علی ذلک بینة عارفة بأحوالهم مطلعة علی خفایا أمورهم لو کان لهما مشارک فی المیراث لعرفا) أو سمعا به فشهدت ان الدار لهما من غیر مشارک فقال و لا ثالث لهما أو ما علمنا بغیرهما بحیث لو کان غیرهما لبان عندهما فإذا شهدت بذلک لسلم النصف للمدعی و بقی النصف

ص: 196

الآخر بید المدعی علیه لوضع یده علیه فیستصحب صحة وضع یده أو ینتزعه الحاکم فیجعله عنده أو عند أمین لخروج ذی الید عن الأمانة بإنکاره فیؤخذ منه إلی ان یقدم الغائب و لأنها فی الحقیقة دعوی للمیت و لذا تقضی منها دیونه و تنفذ وصایاه قولان فالشیخ علی الأول و العلامة علی الثانی و هو اقرب لأن یده ان کانت أمانة شرعیة قبضها بحق لزم إیصالها لأهلها و إلا فإلی الحاکم لأنه الولی و کذا لو زعم ان أباهم ائتمنه علیها أو أنزله فیها و لو أقام بینة غیر کاملة و هی غیر المطلعة علی أحوال المدعین و غیر العارفة بأمورهم و غیر المخالطة لهم فإن شهدت علی البت بنفی وارث غیرهما سمعت و قبلت شهادتهما لأولهما إلی الإثبات و هی الشهادة بالانحصار و هو أمر إثباتی و شهادة العدلین لا یمکن ردهما و ان قالت لا نعلم لم یجز للحاکم ان یسلم النصف الی المدعی حتی یبحث عن عدد الوارث و یستقصی فإذا بحث فلم یعثر و لو ظنا بالعدم سلم النصف إلی المدعی واخذ علیه ضمین أو رهن لعدم شهادة البینة بالقطع بعدم وارث آخر فیخشی علی الحاکم من التفریط و لا یجوز منع المدعی من حقه دائماً خوف التفریط بحق المدعی و لزوم إذهاب المال و تأدیة تأخیر الحق لا إلی اجل فیلزم الضرر و الضرار و ضمان العین هنا جائز لجواز ضمان الأعیان بالمثل أو القیمة کالمغصوبة و نحوها أو لمکان الضرورة و فی جواز الدفع بالکفیل وجهان أقواهما العدم لعدم الوثوق بالمال حین تأدیة الکفیل نفس المکفول و المقصود لا حفظ من قبضه و لو أمکن الحاکم دفع المتیقن و لو ظهر وارث آخر جاز کما؟؟؟ المال لأنه علی تقدیر له ذلک و کذلک للزوجة الثمن إذا علم لیس له إلا واحدة أو ربع الثمن إذا علم انه لم یطلق فی مرضه زوجة أخری و غیر ذلک و لو شهدت بینة الوارث بالانحصار و شهدت الأخری لوارث غیره کذلک ورثا جمیعاً و کان المال بینهما و قد یقال بترجیح الکاملة علی غیرها و قد یقال بترجیح البینتین ثمّ القرعة و الیمین فإن نکلا فالقسمة و قد یحتمل القرعة ابتداء.

تم کتاب القضاء و الحمد لله رب العالمین

ص: 197

دلیل المحتویات

الموضوع ..... رقم الصفحة

کتاب القضاء من أنوار الفقاهة ..... 1

المقدمة ..... 1

کتاب القضاء ..... 3

مسائل ..... 17

الکلام فی التداعی مع الحاکم ..... 34

فصل فی إلزام المنکر بالإقرار أو الإنکار ..... 39

فصل إنکار المدعی علیه ..... 42

أصل فیه فوائد ..... 93

القول فی القسمة ..... 107

مسائل ..... 160

القول فی دعاوی العقود ..... 169

مسائل ..... 175

مسألتان فی النسب ..... 190

مسائل فی المواریث ..... 192

دلیل المحتویات ..... 197

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.