انوار الفقاهه - کتاب الهبه

اشارة

نام کتاب: أنوار الفقاهة- کتاب الهبة موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر تاریخ وفات مؤلف: 1262 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: 1422 ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: نجف اشرف- عراق

ص: 1

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

و به نستعین

کتاب الهبة

الهبة و الصدقة، بالمعنی الخاص، و العطیة و الهدیة، قیل: إن الصدقة و الهبة و الهدیة بمعنی واحد، و هو بعید، و قیل: إن الهبة و العطیة و النحلة بمعنی واحد و هو بعید لأن الظاهر أن العطیة تشمل الهبة و الهدیة فلا یکونان بمعنی واحد و قیل إن العطیة أعم من الوقف و الصدقة و الهبة و الهدیة و السکنی و هو بعید أیضاً أو قیل إن الهبة أعم من الصدقة لاشتراط الصدقة بالقربة دونها و أعم من الهدیة لاشتراط نفل المهدی فی الهدیة علی وجه التعظیم و الإکرام و علی ذلک فمن نذر الهبة بالصدقة و الهدیة و من حلف إن لا یهب حنث بأحدهما دون العکس و هو بعید و قیل إن الفرق بین الهبة و الهدیة إن الهبة تلزم الإیجاب و القبول اللفظیین و الهدیة أعم منها و من الفعلین أو أنها تختص بالفعلین دون القولین و الفرق بین الهبة و الصدقة اقتران الصدقة بالقربة دون الهبة و إن احتاج کل منهما إلی إیجاب و قبول لفظین و هو بعید و قد یظهر من کثیر عدم افتقار الصدقة إلی العقد اللفظی و تفتقر إلی الفعلی و یظهر من آخرین إن الهبة تفید إباحة لا تملیکاً للزوم الإیجاب و القبول اللفظیین فی الهبة فیحصل بهما النقل دون الهدیة فإنها لا تفید نقلًا فلا یحل بها الاستمتاع لو کانت الهدیة جاریة و هو ضعیف لمنع عدم حصول النقل و الانتقال بالإیجاب و القبول الفعلیین و منع عدم حصول الملک و التملیک فی الهدیة لجریان السیرة المعلومة و الطریقة المعهودة علی جریان حکم الاملاک علی الهدایا و معاملتها معاملة الملک و قد ورد عن الأئمة (علیه السلام) ما یقضی بذلک من أفعالهم و طریقتهم و لم تزل الهدایا تهدی من بعید و تجری علیه أحکام الاملاک و یظهر من بعضهم نقل الاتفاق علی افتقار الهبة إلی الإیجاب و القبول اللفظیین

[فی معنی الهبة]

ص: 2

و أن ما یقع من الأفعال لا یکون هبة و لا عقداً بل یکون هدیة یجری علیه ما تقدم من الأحکام و فیه ما تقدم و یظهر أیضاً من بعضهم نقل الاتفاق علی اشتراط الإیجاب و القبول فی الصدقة فعلین أو قولین لأنها من العقود و فیه تأمل و نسب بعضهم لجماعة من الأصحاب انه أشترط فی الصدقة ما أشترط فی العقود اللازمة و ضعفه ظاهر و الذی یظهر إن الهبة من العقود الجائزة فیکفی فیها کل ما یدل علیها من الألفاظ و یکفی فیها الدفع و الأخذ المقترنان بالقرائن الدالة علی الهبة فیکونان بمنزلة المعاطاة فی عقود المعاوضة و فی کفایة الأفعال غیر الدفع و الأخذ من الإشارة و الکتابة إذا لم یقترنا بلفظ دال علیها وجهان و الأظهر عدم الاکتفاء بهما و أن تعقبهما القبض المشترط فی صحة الهبة و الهدیة و أن الهدیة قسم من الهبة تختص بنوع خاص منها و هو النقل بدون صیغة علی جهة التوقیر و التعظیم و أن الصدقة بالمعنی الخاص لیس من العقود بل هی من العبادات المالیة کالزکاة یکفی فیها الأخذ و الدفع و الإشارة و الکتابة مع الإذن فی القبض و القبض و ربما یعیّنها العزل کما یعین الزکاة و ربما یدخل فی ماهیتها نیة دفع البلاء و السوء عن صاحبها

و علی أی تقدیر فهنا مقامات:

المقام الأول: فی الصدقة

الخاص بالمنع و هی تملیک عین بغیر عوض علی وجه القربة من دون إیجاب و قبول لفظین دالین علی النقل و إن اقترنا بإیجاب و قبول دالین علی التصدق و الأظهر انضمام قید منویّاً بها دفع البلاء و السوء و الصدقة بالمعنی العام یشمل الوقف و السکنی و الحبس و الوقف و الصدقة بالمعنی الخاص یختص بما قدمنا و الأظهر اختصاص الصدقة بالعین فلو نوی التصدق بما فی الذمة و احتسابه صدقة لم یصح الإبراء مع القربة فیکون بحکم الصدقة مع احتمال جواز ذلک قیاساً علی الزکاة و یکفی علی الظاهر نیة التصدُّق عن نیّة الملک تفصیلًا و إن استلزمه و یشترط فیها نیّة القربة لما ورد إن لا صدقة إلا ما أرید بها وجه الله تعالی و لو خلت عن نیة القربة عادت هدیة أو تفید إباحة للعین دون الملک مع احتمال صیرورتها صدقة فاسدة فلا یستباح بها التصرف و تصحُّ الصدقة بالعین المشاعة و بالکلی إذا کان فی عین شخصیته فقبض المتصدق علیه الجمیع فی وجه

ص: 3

قوی و فی صحّة التصدق بالمنفعة وجهان و الأظهر العدم کما ذکرنا فی البیع و یشترط فی صحّتها القبض من المتصدق علیه أو وکیله أو ولیه و بدونه لا یفید لزوماً و لا صحة للإجماع المنقول و لعدم دلیل علی الصحة سوی عمومات العقود و هی کالمجملة و إطلاقات الصدقة و هی لا تنصرف بغیر المقبوض کما قیل و للأخبار الواردة فی الصدقة الدالة علی ذلک کالخبر فی الرجل یتصدق علی ولد له قد أدرکوا فقال: إذا لم یقبضوا حتی یموت فهو میراث و نحوه غیره و یشترط فی القبض حصوله بإذن المالک لحرمة الصادر بغیر إذنه فلا أثر له أو لعدم انصراف إطلاق القبض الشرط لغیر المحلل و فی صحة القبض بالفضولی مع إجازة المالک ونیة القربة حال الإجازة إشکال و تصح صدقة إنسان بماله عن غیره فیقع ثمرتها عن غیره و یصل ثوابها إلیه أیضاً علی الظاهر و لو تصدق بماله عن غیره بنیة الرجوع فأجاز المتصدق عنه ففی جواز رجوع المتصدق علی المتصدق عنه وجه قوی و لو تصدق بمال غیره عن صاحب المال فأجاز المتصدق عنه احتسب ثوابها و ثمرتها له إلا مع اقتران نیة القربة بالإجازة و لو تصدق بمال غیره

عن نفسه فأجاز صاحب المال علی نحو ذلک احتسبت الصدقة عن المتصدق و لم یضمن المتصدق إذا حصل القبض بإذن المالک مقروناً بنیة القربة لزمت الصدقة و لم یجز الرجوع بها للاستصحاب القاضی ببقاء ما کان علی ما کان و للإجماع المنقول المعتضد بفتوی الأکثر و الأشهر و لأن الأجر بمنزلة العوض و لا یجوز الرجوع فی الهبة المعوض عنها و للأخبار منها لا ینبغی لمن أعطی لله شیئاً إن یرجع فیه إنما مثل الذی یتصدق بالصدقة ثمّ یعود فیها مثل الذی یقی ء ثمّ یعود فی قیئه و ظاهرها و إن کان إلا إن ما تقدم من القرائن تخص أحد فردی القدر المشترک أو تصرف الظاهر عن ظاهره و یظهر من الشیخ (رحمه الله) جواز الرجوع فی الصدقة بعد القبض کالهبة و نقل علی ذلک الإجماع و فضل الصدقة عظیم و خطرها عظیم و ثمرتها عظیمة کما ورد فی الأخبار و أنها تنفی میتة السوء الدبیلة و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون إلی إن عد سبعین باباً من السوء و صدقة السر أفضل من الجهر لما ورد من استحباب الإسرار فی المندوبات و سیما فی الصدقة و استحباب الإعلان فی الواجبات و قال سبحانه و تعالی: [وَ إِنْ تُخْفُوهٰا

ص: 4

وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَرٰاءَ فَهُوَ خَیْرٌ لَکُمْ] (سورة البقرة الآیة 271) و الزکاة محرمة علی بنی هاشم إجماعا و النصوص بها مستفیضة و المندوبة تحل لهم سواء کانت عامة کالأوقاف و شبهها أو خاصة کما یظهر من الأخبار و کلام الأصحاب و لا یبعد تحریم الخاص علی الأئمة (علیه السلام) لرفعة محلهم عنها و أما الصدقة المفروضة فی الأصل غیر الزکاة کالکفارات ففی تحریمها علی بنی هاشم لما ورد من تحریم الصدقة علیهم علی وجه الإطلاق و ما ورد من تحریم الصدقة الواجبة علیهم و لما یظهر من الأخبار من إن علة تحریم الصدقة هی کونها أوساخ أیدی الناس و ظاهر التعلیل العموم أو العدم لانصراف الواجبة إلی الزکاة فتنصرف إلیها الأخبار و لظهور التعلیل فی الزکاة لأنها الأصل فی ذلک و لما ورد فی الخبر عن الصدقة المحرمة علیهم ما هی فقال الزکاة المفروضة و فی أخر عن الصدقة التی حرمت علی بنی هاشم فقال الزکاة قولان و الأخیر أقوی و الأول أحوط و أما ما وجب بالعارض کالصدقة المنذورة أو ما وجبت علی غیر المالک کالصدقة بمجهول المالک عن صاحبه فالأقوی جواز دفعها لبنی هاشم و الأحوط العدم إلا إن الاحتیاط هاهنا أقل من الأول و علی کل حال فیجوز للهاشمیین عند الاضطرار تناول جمیع الصدقات الواجبة حتی الزکاة و کذا یجوز تناول هاشمی من هاشمی أخر و الظاهر صحة الصدقة علی الکافر مطلقاً لأن لکل کبد حری أجراً فإذا قصد المتصدق ذلک جاز و لو قصد المودة إلیهم و الرکون حرم و یقوی الجواز لو کان الکافر ذمیاً و یتأکد لو کان رحماً و یتزاید لو کان أباً أو أماً و یصح إن یرث المتصدق مال الصدقة من غیر إشکال للأخبار و فتوی الأصحاب و الأکثر بل قد یدعی الإجماع علیه جواز شرائه و اتهابه و ما ورد فی بعض الأخبار و أفتی به بعض الأصحاب من منع ذلک محمول علی الکراهة.

المقام الثانی: فی الهبة

اشارة

و هی تملیک عین لا منفعة و لا دین علی وجه التبرع بصیغة أو أخذ و دفع مع دلالة بالقرائن علی أرادتها مقرونة بالقربة أم لا أو علی وجه المعاوضة من دون قصد النقل

ص: 5

یقصد فی البیع و الصلح فیکون قصد المعاوضة فی الهبة ثانیاً و بالعرض لا أو لا و بالذات و قد تطلق الهبة علی العقد الدال علی ذلک و قد یفرق بینها و بین الصدقة باشتراط نیّة القربة و عدمها فتکون الصدقة أخصُّ منها بناءً علی اشتراط العقد فی الصدقة قولًا أو فعلًا و قد یفرق بینهما بعدم احتیاج الصدقة إلی العقد القولی أو الفعلی و احتیاج الهبة إلی ذلک فیکون بینهما عموم من وجه و قد یفرق بینهما بدخول عدم العقد فی مفهوم الصدقة بخلاف الهبة فیکون بینهما تباین و قد یفرق بینهما و بین الهدیة باشتراط نقل الهدیة إلی المهدی علی جهة الإکرام فتکون أخص و قد یفرق بینهما باشتراط الصیغة اللفظیة فمع الهدیة دون الهدیة فی الهبة فتکون أعم و قد تقید الهدیة بالنقل علی جهة التعظیم مع ذلک فیکون بینهما عموم من وجه و قد یفرق بینهما بدخول عدم العقد فی الهدیة فیکون بینهما تباین و قد یفرق بینهما بدخول العقد الفعلی دون اللفظی مع قید التعظیم فی الهدیة دون الهبة فإنها أعم من اللفظی و الفعلی فیکون بینهما عموم مطلق و قد یفرق بینهما باختصاص الهبة بالعقد اللفظی و اختصاص الهدیة بالفعلی فیکون بینهما تباین و علی کل حال فالهبة من العقود الجائزة یکفی فیها کل لفظ دال فی الإیجاب (کوهبتک أو ملکتک أو أعطیتک فی القبول کرضیت و قبلت و اتهبت) و لا یتفاوت فی ذلک بین الاسمیّة و الفعلیة و بین العربیة و غیرها و بین الموالاة فی الإیجاب و القبول أو الفصل و یکفی فیها الدفع مع القرینة الدالة علی ذلک و لا تکفی الإشارة و الکتابة و لو وقع بعدهما القبض و لو وقع ذلک لم تکن هبة و قد تنصرف للهدیة فی وجه إلا إن الظاهر أنها لا تنصرف إلی الهدیة بحیث یملک القابض ما قبضه إلا إن تکون بعنوان التعظیم و التوقیر فیملکها حینئذٍ لحصوله الملک فی الهدیة بدون العقد قولیاً أو فعلیاً کما تقضی به السیرة القطعیّة و الأولی الاقتصار فی الهدیة علی الدفع الأخذ الفعلیین دون غیرهما من الأفعال

و هنا أمور:

أحدها: لا تصحُّ هبة المنفعة و لا الحق و لا الکلی إذا لم یتشخص بفرد

إلا إذا کان فی عین محصورة کصاع من صبرة ففی صحة هبته وجه قوی و تصح هبة الدین لمن هو علیه فیکون إبراء بصیغة الهبة لعدم اشتراط صیغة خاصة فی الإبراء لأنه إسقاط لما

ص: 6

فی الذمة و أعراض عنه فیسقط بما دل علیه هذا مع قصد الإسقاط فی لفظ الهبة فلو قصد بها التملیک کما یقصد بالهبة فالذی تقضی به القواعد البطلان لو وقع العقد علی ما لا یصح وقوعه علیه و لکن ظاهر الأصحاب حصول الإبراء به مطلقاً و کذا ظاهر جملة من الإخبار کالصحیح عن الرجل یکون له علی الرجل الدراهم فیهبها له أَ لَهُ إلی أن یرجع فیها قال: لا و الآخر عن رجل کانت علیه دراهم لإنسان فوهبها له ثمّ رجع فیها و وهبها له ثمّ رجع فیها ثمّ وهبها له ثمّ هلک قال هی للذی وهب له و احتمال إن استعمال الهبة هاهنا بمعنی الإبراء إنما کان فی الأخبار عنه لا فی إنشائه بعید مخالف للظاهر کاحتمال إن الموهوب لیس نفس ما فی الذمة بل هو بعد إفرازه و تعینه لبعده عن الظاهر و لمنع الرجوع فیها بعد الهبة فی الخبر و هو قرینة علی أنه إبراء فاتباعهم و الأخذ بإطلاقهم أجود و لا ینافی ذلک اشتراط القبض لأن ما فی الذمة بمنزلة المقبوض و هل یشترط القبول فی هبة الدین لمن هو علیه بناء علی اشتراط القبول فی الإبراء للشک فی حصول الانتقال بدونه و الأصل بقاء الدین علی ما کان و لأن ما شک فی کونه عقداً أو إیقاعاً فالأصل کونه عقداً و لأن الإبراء لا یخلو منه فلا یتحملها من علیه الدین قهراً أو لا یشترط لإطلاق الفتوی و الآیات فی قوله تعالی: [إِلّٰا أَنْ یَعْفُونَ] (سورة البقرة آیة 237) و ظاهر العفو الإسقاط من دون افتقاره إلی قبول و کذا قوله تعالی: [وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَیْرٌ لَکُمْ] (سورة البقرة آیة 280) بعد قوله: [فَنَظِرَةٌ إِلیٰ مَیْسَرَةٍ] (سورة البقرة آیة 280) و لأن الإبراء إسقاط و أعراض لا نقل و انتقال فلا یفتقر إلی إیجاب و قبول فلا موجب للشک فی کونه عقداً أو إیقاعاً و لمنع حصول المنَّة فی الإبراء لأن المنّة إنما تکون فیما یستدعی طلباً و سؤالًا و أخذا و قبضا و نقلا و انتقالًا لا فیما کان إسقاطاً و إعراضاً فکان حکمه حکم التحریر للعبد و إسقاط حق الإنسان علی غیره و الأخیر أقوی و الأول أحوط و هل تصحُّ هبة الدین لغیر من هو علیه لعموم أدلة العقود و اطلاقات أدلة الهبة و فی الخبر المعتبر فی رجل کان له علی رجل مال رجل فوهبه لولده إشارة إلیه أیضاً و لعدم منافاة هبة الدین لغیر من هو علیه لاشتراط القبض فی صحة الهبة لإمکان قبض الدین بقبض فرده الخارجی بناءً علی إن الفرد عینه أو

ص: 7

هو بمنزلته شرعاً و عرفاً کما یصح بیع الدین و یکون قبضه بقبض فرده أو لا یصحّ للشک فی صحّة الاستدلال بالعمومات للفرد المشکوک بناءً علی أنها کالمجمل أو إن التعریف فیها للعموم و کذا الاستدلال باطلاقات الهبة لانصرافها إلی المعهود من الهبة و المتعارف منها و هو الأعیان و لضعف دلالة الروایة علی الجواز و لأنَّ الظاهر من اشتراط القبض هو کون نفس الموهوب مما یمکن قبضه کی یتحقّق القبض فیه بعد العقد و الفرد هنا غیر الکُلّی و قیامه مقامه فی البیع و شبهه إنما کان للدلیل من إجماع أو غیره و الأول قوی إلا إن الأخیر أقوی.

ثانیها: الأقوی اشتراط القبض فی صحة الهبة

وفاقاً للمشهور شهرة محصلة و محکیة و للإجماع المنقول علی لأبدیة القبض و اشتراطه الظاهر فی اشتراطه فی الصحة کما نقل ظاهر جماعة من أصحابنا و للمعتبرة منها الموثق و المرسل القریب إلیه بفاضل و ابان فی النحل و الهبة ما لم یقبض حتی یموت صاحبها قال: (هی بمنزلة المیراث و إن کان الصبی فی حجره و أشهد فهو جائز و قریب منهما الخبر الهبة لا یکون هبة أبداً حتی یقبضها صاحبها و الظاهر إن شرط القبض ناقل کما هی القاعدة فی الشروط لا کاشف کما قد یتخیّل و ربما یدعی إن لفظ الهبة قاض بدخول القبض فی ماهیتها عرفاً فلا تکون الهبة هبة إلا مقبوضة و قیل إن القبض شرط فی اللزوم لا فی الصحة لاقتضاء عمومات أدلة العقود و إطلاقات أدلة الهبة صحة العقد من دون توقف علی أمر آخر و للمعتبرة المستفیضة منها الصحیح (الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض قسمت أو لم تقسم و النحل لا یجوز حتی یقبض) و إنما أراد الناس ذلک فأخطئوا و الموثقان بابان المجمع علی تصحیح روایاته و روایات الراوی عنه و فیهما (إذا تصدق الرجل بصدقة أو هبة فقبضها صاحبها أو لم یقبض علمت أو لم تعلم فهی جائزة) و فی الجمیع نظر لإجمال العمومات أو لکون التعریف فیهما للعهد فینصرف للمعهود و هو ما تعقبه القبض و لانصراف إطلاق الهبة إلی العقد الواقع بعده القبض لأن المعروف من الهبة ما وقع القبض فیها فالمجردة عنه لا ینصرف إلیه الإطلاق و لضعف الأخبار عن مقاومة ما تقدم من الأخبار المعتضدة بفتوی الأصحاب و الاحتیاط و الإجماعات المنقولة لحصول

ص: 8

الإجمال فیها بحسب الدلالة من حیثیة تردُّد المقصود فیها بین إرادة جواز هبة ما لم یقبضه الواهب بقرینة بیان جواز هبة ما لم یقبضه المتهب و منع قیام الاحتمال یبطل الاستدلال و لاحتمال ورودها مورد التقیة بناء علی إن المراد من الجواز اللزوم کما یعبر عنه فی کثیر من الأخبار فی هذا الباب و منها یجوز الهبة لذی القرابة و الذی یثاب من هبة و یرجع فی غیر ذلک أنشأ و نحوه غیره و اللّزوم من دون القبض لا یقول به أحد من أصحابنا فلتحمل علی التقیة علی إن اشتراط القبض فی اللّزوم دون الصحة ینافی ما علیه أصحابنا من جواز الرجوع فی الهبة و لو بعد القبض إلا فی مواضع خاصة و تنزیل ذلک الإطلاق علی تلک المواضع الخاصة بعید جداً فما حمل کلام الأصحاب علیه فی الدروس من اشتراطه القبض فی اللزوم علی إرادة اشتراطه فی الصحة جید وجیه و تظهر الثمرة بین القولین فی النماء المتخلل بین العقد و القبض فانه للواهب علی المختار و للمتهب علی القول الثانی و کذا لو مات الواهب قبل القبض فإنها تبطل الهبة علی المختار و علی الثانی تصح و یتخیر الوارث بین الإقباض و عدمه و کذا فی فطرة المملوک و فی نفقة العبد و الحیوان إلی غیر ذلک و هل یتنزل إتلاف المتهب منزلة القبض وجهان و الأقوی عدمها.

ثالثها: بناءً علی اشتراط القبض صحة أو لزوماً لا بد فیه من إذن الواهب

فلا اعتبار بغیر المأذون فیه للنهی عنه و عدم انصراف القبض المشترط إلیه و نقل علی اشتراط الإذن فی صحة القبض و ترتب الأثر علیه الإجماع أیضاً هذا إن لم یکن مقبوضاً بید المتهب أصلًا أو کان مقبوضاً غصباً و لم یعلم بغصبه الواهب أما لو کان مقبوضاً بإذن الواهب فإن کان قبضه لأن یهبه بعد القبض فلا إشکال و إن کان قبضه بعاریة أو رهن أو ودیعة و بالجملة کان القبض لغیر الهبة فهل یحتاج إلی إذن جدید فی القبض و یحتاج إلی قبض متجدد من المتهب بنیة أنه للهبة أو إلی مضی زمان یسع القبض فیما لم یکن حاضراً بحیث یتمکن المتهب من قبضه أو لا یحتاج إلی شی ء من ذلک أصلًا أو یحتاج إلی الإذن إذا لم یعلم الواهب بقبض المتهب له حین الهبة و لا یحتاج إذا علم به لتنزیل العلم منزلة الإذن أو یحتاج مطلقاً فیما إذا کان مغصوباً علم

ص: 9

به الواهب أم لا دون غیره وجوه أقواها الافتقار إلی الإذن مطلقاً إلا إذا کان العلم به وهبته بعد العلم بأنه عنده و عدم طلبه منه قرینة علی الإذن به و وجهه حصول الشک فی اعتبار القبض المستدام المجرد عن الإذن بعد الحکم بشرطیة القبض لأن الشک فی الشرط شک فی المشروط و نسب للمتأخرین کفایة القبض المستدام و لو من دون إذن و هو بعید إن لم یکن ذلک إجماعاً و علی تقدیر اشتراط الإذن فهل یکفی الإذن فی حصول القبض المعتبر مطلقاً أو یشترط التصریح بکونه للهبة أو یشترط إن لا یصرح بکونه لغیرها وجوه و الوجه الأخیر و علی ذلک فهل یشترط تجدید القبض للمتهب بنیة أنه للهبة أو لا یشترط مطلقاً أو یشترط التجدید و إن لم ینو إنه للهبة للمعتبر أو یشترط التجدید ما لم ینوِ الخلاف وجوه أوجهها الأخیر و ظاهر المتأخرین کفایة القبض مطلقاً للهبة أیضاً سواء نوی القابض أنه للهبة أم لا و سواء نوی الإذن أنه للهبة أم لا و لکن ینبغی تقییده بما إذا لم ینو الخلاف و الذی یظهر من الإخبار المتقدمة فیما لو وهب للطفل الأب أو الجد ما هو مقبوض بأیدیهما لزم من غیر تقیید بنیة قبضه جدیداً عن الهبة و نسب للمشهور کفایة ذلک أیضاً و قد مر فی القبض المشروط فی الوقف ما یشعر بذلک أیضاً و حینئذ فالقول به و الاقتصار علیه فی خصوص الأب و الجد قوی و لا یبعد الحاق الوصی بهما لقوله (علیه السلام): و إن کان لصبی فی حجره و أشهد فهو جائز و اشترط المصنف تجدید نیة القبض علی الولی فیما وهبه و أن کان مقبوضاً له و هو علی موجب القواعد حسن إلا إن إطلاق الأخبار و کلام الأصحاب ینافیه و لو وهب للطفل غیر الولی فإن کان المال بید الولی فاشتراط تجدید الإذن فی القبض و تجدید نیة القبض عن الهبة هو الأقوی و الکلام فیه کالکلام المتقدم بل هو أقوی فی الاشتراط و إن کان بید غیره اشترط قبض الولی الإجباری أو الوصی أو الحاکم مع المصلحة له فی القبض و لو وهب الولی للطفل ما هو ملکه إلا أنه لیس تحت یده کمال ورثه أو اشتراه و لم یقبضه أفتقر إلی قبضه عنه فی صحة الهبة و لو کان المال ودیعة أو عاریة عند غیره بعد إن کان مقبوضاً ففی لزوم تجدید القبض له وجهان و الأظهر لزوم التجدید و لو کان المال بید الطفل فوهبه له فإن کانت ید الطفل تحت یده جاء فیه الکلام السابق و لو لم

ص: 10

تکن افتقر إلی تجدید القبض من الولی و لا اعتبار لقبض الصبی و القبض هاهنا کالقبض فی البیع فیکفی التخلیة فی غیر المنقول و یفتقر المنقول إلی نقله فی المکیل و الموزون إلی کیله و وزنه و فی المقبوض بالید إلی إمساکه و یقوی هاهنا احتمال کفایة التخلیة مطلقاً کما یقوی ذلک فی قبض الوقف و الصدقة لأنه هو المتیقن من اشتراط القبض من صدقه علی الفرد المشکوک فیه و لکنه لا یخلو من نظر و یجوز هبة المشاع کهبة المقسوم و قبض المشاع بقبض جمیعه إن کان لمالک واحد و أن کان لمالکین فیجوز هبته أیضاً للإجماع المنقول بل المحصل و للإطلاقات الدالة و لخصوص الأخبار الدالة علی جواز الهبة قسمت أو لم تقسم و الصحیح عن دار لم تقسم فتصدق بعض أهل الدار بنصیبه من الدار فقال یجوز قلت أ رأیت إن کان هبة قال یجوز و قبضه بقبض الجمیع إن إذن الشریک فإن لم یأذن فالظاهر الاکتفاء به أیضاً و إن تعلّقَ النهیُ به لعدم اقتضاء النهی الفساد و یکفی فیما یکفی فیه التخلیة مطلقاً و لو لم یأذن الشریک و أحتمل الشهید عدم الاکتفاء بها مطلقاً لعدم حصول کمال السلطنة من دون إذنه و هو حسن و لا یجوز للمُتّهب الانفراد بقبض المشترک من دون إذن الشریک و لا الواهب الإقباض من دون إذنه نعم لو أمتنع الشریک من الإذن احتمل الاکتفاء بالتخلیة هاهنا تنزیلًا لحرمة القبض من دون إذن الشریک منزلة امتناعه و الأظهر الاکتفاء بالتخلیة فیما یکفی التخلیة فیه دون غیره خلافاً للشهید فمنع من الاکتفاء بالتخلیة هنا مطلقاً لعدم إمکان حصولها و حصول السلطنة مع عدم رضا الشریک فی القبض و التصرف و هو حسن کما إن الأظهر فی غیر ما یکفی فیه التخلیة الرجوع إلی الحاکم فینصب للقبض عدلًا یقبض نصیب الواهب للمتهب و یبقی نصیب الشریک عنده أمانة و الأولی الفوریة فی القبض لشبهة أنه من أرکان العقد فیعتبر فیه التوالی و الأقوی عدم لزومها و الإقرار بالهبة لیس إقراراً بالقبض فلو أنکره الواهب بعد الإقرار بها لم یکن علیه سوی الیمین مع احتمال انصراف الإقرار بالهبة إلی الهبة التی یتعقبها القبض فیکون بمنزلة ما لو قال وهبتک و ملکتک و هو قوی إلا إن ظاهر الأصحاب علی خلافه.

ص: 11

رابعها: الأصل فی الهبة بعد الحکم بصحتها هو الجواز

إلا فیما دل الدلیل علی لزومه للإجماع المنقول بل المحصل علی جوازها فی الجملة و للأخبار المتکثرة مفهوماً و منطوقاً الدالة علی جوازها فی الجملة فی غیر ما استثنی و ما دل علی المنع من الرجوع من الأخبار المتکثرة الخاصة و من قوله (علیه السلام): (من رجع فی هبة فهو کالراجع فی قیئه) محمول علی الکراهة أو علی أحد الصور المستثناة من الرجوع و الرجوع یکون بالقول الدال علیه کفسخت و رجعت و نقضت الهبة و نحو ذلک و قد یکون بالفعل مع اقترانه بما یدل علی قصد الرجوع کوطء الجاریة أو بیعها أو نحو ذلک و هل یشترط قصد الرجوع منضماً إلی الفعل أو یکفی مطلق ذلک أو یشترط أن لا یقصد العدم وجوه و هل یشترط وقوع الرجوع قبل الوطء لجواز الوطء و قبل البیع لصحة البیع أو یکفی وقوع الوطء و البیع لوقوع البیع و لجواز الوطء بعدها کون البیع رجوعاً قهراً قصد الرجوع أم لا قصد عدمه أم لا و بالجملة کون البیع رجوعاً مع قصد الرجوع به لا کلام فیه إنما الکلام فی کونه کذلک مع الإطلاق أو قصد عدمه إذا کان البیع لنفسه أو لیس کذلک ثمّ مع الحکم بکونه رجوعاً فهل یکون نافذاً عن الواهب أو باطلًا أو فضولیاً هذا کله فیما لو قصد البیع لنفسه و لو قصد البیع للمتهب علی وجه الفضولیة فلا إشکال فی عدم کونه رجوعاً و لو قصد الزنا بالوطء فالأظهر عدم کونه رجوعاً لما تقدم و لو باع الواهب ما وهبه هبة فاسدة صح البیع عن نفسه و جهله بکونه ملکه لا ینافی فی صحة البیع بعد صدوره من أهله فی محله و جهله بکون المال فی ملکه لا ینافی القصد إلی النقل و الانتقال الذی هو شرط فی البیع غایة ما فی الباب أنه قصد نقلًا و انتقالًا عرفیاً زعما أنه لا یترتب علیه أثرهما الشرعی و قصد ترتب الأثر الشرعی لیس شرطاً فی صحة العقود و نظیر ذلک ما لو باع شیئاً لغیره فتبین شراء وکیله له أو میراثه له أو اشتری شیئاً له فتبین إنه قد باعه وکیله أو طلق أجنبیة فتبینت إنها زوجته أو تزوج أختاً له فتبینت إنها أجنبیة إلی غیر ذلک أو أوصی بعتق حرة عنده فتبینت أنها أمة أو أوصی بمال لغیره فتبین انه له و مع ذلک فلا یخلو الحکم فی جملة مما ذکرنا من إشکال سیما فی الوصیة و شبهها لشبهة الخلو عن القصد للأثر الشرعی و ربما یتبعه الأثر العرفی.

ص: 12

خامسها: یخرج عن الأصل المتقدم فی جواز الهبة أمور

منها ما تقع الهبة فیها لازمة قطعاً و منها ما هو محل الخلاف یتبع فیها نظر الفقیه فالکلام فی مواضع الأول لو تلف العین الموهوبة بعد قبضها لم یجز الرجوع لأصالة اللزوم فی العقد بعد تمامه خرج ما لم تتلف الهبة و بقی الباقی و قد ینظر فی ذلک و لأصالة عدم ضمان المتهب ما تلف مثلًا أو قیمة و الحکم بالجواز قاض بالضمان و الأصل عدمه و للإجماعات المتکثرة المنقولة علی اللزوم المعتضدة بفتوی الأصحاب و للخبر المعتبر إذا کانت الهبة قائمة بعینها فله إن یرجع فیها و إلّا فلیس له و ظاهر الفتوی شمول التلف للکل و البعض لعدم صدق قیامها بعینها مع تلف البعض نعم لو تلف بعض یصدق معه قیام العین عرفاً کسقوط ظفر من العبد أو بعض شعرات منه فلا بأس فیه و لو عیب بما یقضی بنقصانه و صدق عدم قیام العین (کخصی العبد) کان بمنزلة البعض التّالف و یحتمل إن نقصان بعض العین غیر قادح فی جواز الرجوع فی الباقی لقیامه بعینه و للاستصحاب و کذلک ظاهرها عدم الفرق بین کون التلف بفعل الواهب أو بفعل المتهب أو بآفة سماویة و فی لحوق إخراجه عن التمول بالتلف وجه و نقله بعقد لازم أو استیلاد حکمه حکم التلف الثانی لو تقرب فی هبة عند صدور الصیغة أو عند الإجازة علی الأظهر لزمت الهبة للاستصحاب و لحصول الشک فی الجواز بعد أصالة اللزوم فی العقد و للإجماعات المنقولة و للأخبار المعتبرة منها تجوز الهبة لذی القرابة و الذی یثاب و یرجع فی غیر ذلک و منها لا ینبغی لمن أعطی لله شیئاً إن یرجع فیه و منها هل لأحد إن یرجع فی صدقته أو هبته قال أما تصدق به لله تعالی فلا و لأن ما یتقرب به لله تعالی یدخل فی الهبة المعوضة فیشمله ما یشملها.

المقام الثالث: لو عاوض عن هبة لزمت الهبة

لما ذکرنا و للإجماعات المنقولة المعتضدة بفتوی المشهور و للأخبار المعتبرة ففی الصحیح (إذا عوض صاحب الهبة) فلیس له إن یرجع و نحوه الخبر المتقدم فیما یثاب علیه و نحوه غیره و لصیرورتها عقد معاوضة و الأصل فی عقود المعاوضة اللزوم و ظاهر إطلاق الفتوی و النص أنه لا فرق بین العوض الکثیر و القلیل ما لم یخرج عن التمول و لا بین

ص: 13

کون العوض عیناً أو منفعة أو دیناً أو حقاً و لا بین کون العوض رکناً کوهبتک هذا بهذا أو شرطاً کوهبتک هذا علی إن یکون هذا لی أما لو قال وهبتک هذا بشرط إن تهبنی هذا فالأوجه إلحاقه بالهبة المعوضة و یشترط قبول الموهوب له فی اللزوم فلو لم یقبل لا یکون لازماً و هل یصح إن یکون العوض بعض الموهوب کوهبتک هذا علی إن یکون لی بعضه أو تهبنی بعضه وجهان و لا یصح إن یکون العوض الکل لاشتراط المغایرة بین العوضین و هل یکفی فی اللزوم بذل العوض من المتهب بعد وقوع الهبة من الواهب الظاهر ذلک إلا أنه إذا وقع التعویض بعد تمام الهبة من الإیجاب و القبول و القبض فاللزوم لا یخلو من إشکال و علی کل حال فیشترط هاهنا قبول الواهب للعوض لأنه بمنزلة هبة جدیدة و لا یشترط المعلومیة فی العوض فیکفی العوض المجهول بل یکفی لو شرط عوضاً ما علی جهة العموم و یجوز إن یدفع له أقل ما یتمول و إن لم یجز الواهب علی قبوله و لو أطلق العوض فقبل المتهب فالأظهر انصرافه إلی المثل و القیمة لأنه هو الغالب فی المعاوضات و لو وهب و لم یذکر العوض فإن صرح بالمجاز فلا کلام و إن لم یصرح فقبل المتهب فهل یلتزم بالعوض مثلًا أو قیمة مطلقاً أو لا یلتزم بشی ء مطلقاً تغلیباً للظاهر لأن الظاهر فی الهبة المجانیة أو یفرق بین هبة الأعلی و المساوی فلا یلتزم بشی ء وهبة الأدنی للأعلی فیلتزم بالعوض مثلًا أو قیمة و للواهب

الرجوع فی الهبة المعوضة قبل قبض المعوض للخبر عن الرجل یهب الجاریة علی أن یثاب فلا یثاب أله إن یرجع فیها قال نعم إذا کان شرط له علیه قلت أ رأیت إن وهبها له و لم یثبه أ یطؤها أم لا قال نعم إذا کان لم یشترط علیه حین وهبها و ظاهر صدرها عدم الفرق بین اشتراط ثواب مطلق أو معین فی جواز الرجوع قبل قبض الثواب من الواهب و احتمال أنه لیس للواهب الرجوع فی هبته بل له جبر المتهب علی تأدیة الثواب و تعلق المعین بذمته إن کان معیناً و المثل و القیمة إن کان مطلقاً قوی لو لا ما یظهر من بعضهم نقل الإجماع علی جواز رجوع الواهب فی هبته قبل القبض مطلقاً أو یمکن الفرق بین أخذ الثواب شرطاً فله الفسخ و بین أخذه رکناً فلیس له و ذلک لتسلط المشترط علی الفسخ عند عدم قیام المشروط علیه بالشرط و هل یجوز للمتهب الرجوع

ص: 14

قبل دفع العوض قیل له ذلک فیتخیر بین دفع العوض فتلزم الهبة و بین عدمه فیفسخ أو لا یجوز له الامتناع عن دفع العوض بل یجب علیه الدفع و یجبر علیه و ربما أشعر بالجواز مضمون الخبر المتقدم المانع من وطی الجاریة قبل دفع العوض لمکان تزلزل العقد إذا لم یکن حمله علی عدم الملک بناءً علی حصول الملک بمجرد عقد الهبة أو القبض و لو تلفت العین بید المتهب قبل قبض الواهب الثواب أو عابت فهل یضمن المثل أو القیمة أو الأرش لأنه ملک بشرط العوض و لم یسلم للملک العوض فله الرجوع بعینه أو لا یضمن لحدوث النقص فی ملک المتهب فلا یلزمه ضمان به و لأن المتهب لا یجب علیه دفع العوض و للواهب الرجوع فی العین فالتفریط إنما جاء من حیث ترکها فی ید من سلطه علی التصرف فیها مجاناً وجهان و قد یضعف الأخیر بأن المتهب إنما ملکه بشرط العوض لا مجاناً بل لیؤدی عوضها فلم یفعل فالواجب علیه أحد أمرین أما ردها أو رد عوضها فإن تعذر الأول بقی الثانی و علی تقدیر الضمان فهل الواجب مثل الموهوب أو قیمته أو أقل الأمرین منه و من المعوض وجهان أوجههما الأخیر لأن المتهب مخیر بین الأمرین و المحقق لزومه هو الأقل لأنه إن کان العوض هو الأقل فقد رضی به الواهب فی مقابلة العین و إن کان الموهوب هو الأقل فالمتهب لا یتعین علیه العوض بل هو مخیر بینه و بین بذل العین فلا یجب علیه مع تلفها أکثر من قیمتها ثمّ إن الثواب لو کان منفعة کان قبضها بقبض عینها أو استیفائها کلًا أو بعضاً و لو کان حقاً فسقوطه بمنزلة القبض و هل إتلاف العوض کالقبض من الواهب لو کان هو الذی أتلفه وجهان.

المقام الرابع: لو وهب الوالدان لأولادهما أو الأولاد لآبائهما

لزمت الهبة ایضاً للإجماع المنقول علی لزومها بعد القبض إذا کانت لأحد الوالدین و کذا الإجماع المنقول علی عدم جواز رجوع الوالد فی هبة ولده مطلقاً أو هبة ولده الصغیر خاصة و للإجماع المنقول أیضاً و ظاهر فتوی الأصحاب إلحاق الأم بالأب فما یظهر من بعض و ظاهر العبارات من وقوع الخلاف فی لزوم هبة الأولاد لآبائهم أو لزوم هبة الأب للولد الکبیر أو لزوم هبة الأم ضعیف و فی الحاق الأجداد بالآباء

ص: 15

و الجدات بالأمهات وجهان و ظاهر بعضهم أنه لا إشکال فی الإلحاق و لا یلحق الأب و الأم الرضاعیان و فی أولاد الزنا إشکال و لو وهب ذوی الرحم بما سمی رحماً عرفاً فالأقوی اللزوم أیضاً إذا حصل القبض للإجماع المنقول و لأصالة اللزوم فی العقد و لإطلاق الأخبار الدالة علی لزوم الهبة کما دل علی إن الراجع فی هبته کالراجع فی قیئه و ما دل علی إن الخیار فی الهبة ما دامت فی یدک فإذا خرجت إلی صاحبها فلیس لک أن ترجع فیها إلی غیر ذلک و للأخبار الخاصة المعتضدة بفتوی المشهور منها الهبة و النحلة یرجع فیها صاحبها أجیزت أو لم یجز إلا لذی رحم فإنه لا یرجع و منها عن الرجل یهب الهبة یرجع فیها إن شاء أم لا فقال تجوز الهبة لذی القرابة و الذی یثاب فی هبته و یرجع فی غیر ذلک إلی غیر ذلک و یراد بالجواز اللزوم بقرینة السیاق و فهم المشهور و باقی الأخبار و منها فی هبة الولد للأم و قد ماتت و قد قبضت الذی أعطاها و بانت به قال هو و الورثة فیها سواء قیل و لا قائل بالفرق و جوز السید المرتضی الرجوع بالهبة لذی الرحم مطلقاً سواء فی ذلک الأبوان و الأولاد و غیرهما استناداً لما نقله من الإجماع و هو ضعیف لمعارضته لفتوی الأکثر و للإجماعات المنقولة علی

الخلاف و لبعض الأخبار الدالة علی جواز الرجوع فی الهبة مطلقاً و الدالة علی خصوص جواز الرجوع لذی القرابة و منها أما الهبة و النحلة فإنه یرجع فیها جازها أو لم یجزها و إن کانت لذی قرابة و هو ضعیف أیضاً لمعارضة أخبار الجواز لأخبار المنع الدالة علی لزوم الهبة مطلقاً و للأخبار الخاصة الدالة علی لزوم هبة الرحم المعتضدة بفتوی الأصحاب و الإجماعات المنقولة مع احتمال الخبر علی کون و إن کانت لذی قرابة قیداً لقوله و إن لم یجزها فقط و هو معنی صحیح و أما حمل أخبار المنع علی الکراهة فی الرجوع فهو فرع المکافأة و هی فی المقام مفقودة و لأن الحمل علی الکراهة یقضی بخروج الدلیل عن ظاهره أصلًا بخلاف تقیید أخبار الجواز مطلقاً بما دل علی اللزوم فإنه لا یستلزم ذلک و العرف قاض به و اعتضاد ما دل علی جواز الرجوع لذی القرابة بما دل علی الجواز لا یقابل ما دل علی اللزوم فیها المعتضدة بأخبار اللزوم مطلقاً و بالأصل و بالاحتیاط و بفتوی المشهور و الإجماعات المنقولة و أصالة لزوم

ص: 16

العقود و أما ما ورد من جواز رجوع الوالد فی هبة ولده مطلقاً کالخبر فیمن له علی رجل مال فوهبه لولده قلت یطیب ذلک له و قد کان وهبه لولد له قال نعم یکون وهبه له ثمّ نزعه فجعله لهذا و خصوص ما إذا کان کبیراً کالخبر فی رجل وهب لابنه شیئاً أ یصلح إن یرجع فیه قال نعم إلا إن یکون صغیراً فلا یقاوم الأدلة المتقدّمة فلا بد من طرحها أو تأویلها بهبة لم یتبعها قبض بقرینة التفصیل بین الصغیر و الکبیر فی الثانی لأن الغالب فی المال الموهوب للصغیر أنه مقبوض للأب و بقرینة کون الموهوب فی الأول هو ما فی الذمة قبل قبضه و هو إمّا ممنوع أو جائز.

المقام الخامس: لو وهب أحد الزوجین دواماً أو متعة لآخر

ففی لزوم الهبة و عدمه وجهان من أصالة اللزوم و الاستصحاب و الأخبار الدالة علی لزوم الهبة و خصوص الصحیح لا یرجع الرجل فیما یهبه و لا الامرأة فیما تهبه جیز أو لم تجز لأن الله تعالی یقول: [وَ لٰا یَحِلُّ لَکُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّٰا آتَیْتُمُوهُنَّ شَیْئاً] (سورة البقرة آیة 229) و قال: [فَإِنْ طِبْنَ لَکُمْ عَنْ شَیْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَکُلُوهُ هَنِیئاً مَرِیئاً] (النساء الآیة 4)، و هو یشمل الصداق و الهبة و من الأخبار المتقدمة الحاکمة بجواز الرجوع فی الهبة مطلقاً أو جواز الرجوع فی من لیس قرابة کما فی الأخبار الصحیحة الخاصة المتقدمة و الإجماع المنقول علی جواز الهبة مطلقاً خرج ما خرج و بقی الباقی و للإجماع المنقول علی الجواز مع الکراهة و للخبر الخاص الوارد فی رجل کانت له جاریة فقال: (لامرأته هی علیک صدقة قال إن کان ذلک لله تعالی فلیمضها و إن لم یکن فله إن یرجع إن شاء فیها) و هو و إن ورد فی الصدقة إلا إن الظاهر أنه لا فرق بینهما من هذه الجهة و هی عدم التقرب قولان و الأخیر أقوی لاعتضاد الأدلة الأخیرة بفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا فلا تصلح الصحیحة المتقدمة لمقاومتها و تخصیصها و إن اعتضدت تلک الصحیحة بالأصل و بأخبار اللزوم المطلقة و ذلک لأن ما اعتضدت به هذه الأخبار أقوی مما اعتضدت به الصحیحة المتقدمة فلتحمل تلک الصحیحة علی الکراهة أو علی

ص: 17

ما إذا کان أحد الزوجین رحماً للآخر و قد یختص الخلاف بما إذا کانت الزوجة دائمة دون المنقطعة لانصراف الزوجة إلی الدائمة و فی المطلقة الرجعیة بحث.

المقام السادس عدم لزوم الهبة بالتصرف

الأقوی عدم لزوم الهبة بالتصرف من حیث أنه تصرف بالهبة لعموم النصوص المتقدمة الدالة علی جواز الهبة خرج ما مضی و بقی الباقی و للإجماع المنقول نعم لو استلزم التصرف تغیراً للعین بنقصان أو عیب یؤدی إلی التغیر الحسّی دون العیب المعنوی أو بتغیر صفة أو هیئة کقصارة الثوب و ترکیب خشب السریر بصدق عدم قیام العین الموجب لعدم الرد کما دلت علیه المعتبرة المتقدمة و ذهب جمع من أصحابنا إلی لزوم الهبة بالتصرف أما مطلقاً کما نسب للمشهور أو إذا کان التصرف مخرجاً عن الملک أو مغیراً للعین کما نسب لجمع من المتأخرین و ظاهرهم عدم الفرق بین عوده إلی ملکه بعد خروجه عنه و بین عدمه و ألحقوا بذلک الاستیلاد و العتق بل و الوطء للأمة و إن لم یتعقبه استیلاد و استدل علی لزوم الهبة بالتصرف مطلقاً مضافاً إلی الأدلة المتقدّمة الدالة علی اللزوم الروایات المرسلة حیث قال الشیخ (رحمه الله) و قد روی الأصحاب إن المتهب متی تصرف فی الهبة فلا رجوع فیها و هو یدل علی وجود روایات و أن جواز الرجوع یقتضی تسلیط الواهب علی ملک المتهب و هو خلاف الأصل و أن المتهب قد ملک بالعقد و الاقباض فظهر أثر الملک بالتصرف فقوی وجود السبب فکان تامّاً فلا یتحقق النقد إلا بسبب طارئ و الرجوع لیس سبباً هنا و إلا کان سبباً فی غیره و أن جواز الرجوع یقضی علی المتّهب بالضرر و الإضرار فیما لو بنی و غرس و أن الموهوب قد صار مُلکاً للمتهب بعقد فلا یعود لملک الواهب إلا بعقد جدید و أن هذا الحکم إجماعی فلا یضر وجود المخالف لأنه معروف الاسم و النسب و الکل ضعیف لأن ما دل علی اللزوم معارض بما دل علی الجواز و هو أقوی و الروایات المرسلة ضعیفة لا تعارض ما تقدم و اقتضاء الرجوع تسلیط الواهب علی ملک المتهب مدفوع بأن تسلیطه علیه من مقتضیات العقد کما إن الرجوع بنفسه لیس سبباً فی النقل لو لا اقتضاء العقد الجواز و اقتضاء الرجوع الضرر و الإضرار مانع لو لا

ص: 18

أنه إنما جاء من قبل نفسه لإقدامه علی التصرف فیما للواهب الرجوع فیه و منع عدم العود لملک الواهب إلا بعقد جدید لاقتضاء جواز العقد عود الملک بمجرد الفسخ و منع الإجماع المذکور مع مصیر الکثیرین إلی خلافه و بالجملة فالتصرف ما لم یکن مغیراً للهبة عیناً أو صفة أو ناقلًا بعقد لازم یجوز الرجوع فیه علی إشکال فی تغیر الصفة للشک فی صدق عدم قیامها بعینها معه و کذا فی العقد اللازم و أما الجائز فلا إشکال فی أنه لیس من التصرف الملزم و أما موت المتهب ففی کونه مقتضیاً للزوم لانتقاله عنه إلی ورثته وجهان و أما موت الواهب فالأظهر بقاء الجواز للورثة مع احتمال اختصاص الجواز بالواهب نفسه فیدخل الباقی فی أصالة لزوم العقد.

تم کتاب الهبة و لله الحمد و المنَّة

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.