شرح فروع الکافی المجلد 5

اشارة

سرشناسه : مازندرانی، محمدهادی بن محمدصالح، - 1120ق.

عنوان و نام پديدآور : شرح فروع الکافی/محمدهادی بن محمد صالح المازندرانی ؛ تحقیق محمدجواد المحمودی، محمدحسین درایتی.

مشخصات نشر : قم: موسسه دارالحدیث العلمیه والثقافیه، مرکز للطباعه والنشر،1430ق.= 1388.

مشخصات ظاهری : 5ج.

فروست : مرکز بحوث دارالحدیث؛157

الشروح والحواشی علی الکافی؛13

مجموعه آثارالموتمرالدولی الذکری ثقه الاسلام الکلینی(ره)؛ 19؛ 22

شابک : دوره: 978-964-493-328-8 ؛ 60000 ریال: ج.1: 978-964-493-318-9 ؛ ج.4: 978-964-493-392-9

يادداشت : عربی.

يادداشت : کتاب حاضر به مناسبت کنگره بین المللی بزرگداشت ثقه الاسلام کلینی تحقیق و تصحیح شده است.

مندرجات : ج.1. کتاب الطهاره.-ج.2. کتاب الحیض والجنائز والصلاه.-ج.3. کتاب الصلاة و کتاب الزکاه.-ج.4.کتاب الصیام والحج.-ج.5. کتاب الحج.

موضوع : کلینی، محمد بن یعقوب - 329ق. . الکافی. فروع. - نقدو تفسیر.

موضوع : احادیث شیعه -- قرن 4ق.

شناسه افزوده : محمودی، محمدجواد، 1340 -

شناسه افزوده : درایتی، محمدحسین، 1343 -

شناسه افزوده : کلینی، محمدبن یعقوب،239ق. الکافی. فروع. شرح.

شماره کتابشناسی ملی : 1852894

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

تتمة كتاب الحجّ

اشاره

تتمة كتاب الحجّ

.

ص: 6

. .

ص: 7

باب ما ينبغي للمحرم تركه من الجدال و غيره

باب ما ينبغي للمحرم تركه من الجدال و غيرهأراد قدس سره بالغير الرفث والفسوق ، إشارةً إلى قوله تعالى : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» (1) ، والرفث : الجماع (2) ، وهو حرام في الإحرام بإجماع أهل العلم (3) ، وهل يفسد الحجّ؟ له تفصيل يأتي في محلّه ، والفسوق : الكذب والسباب على ما حكي عن السيّد المرتضى (4) وابن الجنيد . (5) ويدلّ عليه حسنة معاوية بن عمّار (6) ، وخصّه ابن إدريس بالكذب (7) ، وهو محكي عن الصدوقين (8) ، وعن ابن البرّاج : أنّه الكذب على اللّه وعلى رسوله صلى الله عليه و آله وعلى الأئمّة عليهم السلام . (9) وفي صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام : «الفسوق : الكذب والمفاخرة» . (10) وعلى أيّ معنى فهو غير مفسد للحجّ على المشهور ؛ للأصل ، وانتفاء دليل على الإفساد . وإيجاب الفدية لا يستلزم الإبطال كغيره من المحرّمات . وعن المفيد : أنّ الكذب يفسد الإحرام (11) ، وليس بجيّد . والجدال عندنا هو قول : لا واللّه وبلى واللّه ، صادقا أو كاذبا . وعدّ هذا التفسير في الانتصار من منفردات الإماميّة . (12) وفسّره البيضاويّ بالمخاصمة والمجادلة مع الخدم والرفقة (13) ، وهو محكي عن جمهور العامّة . والأخبار المتعدّدة من طريق الأصحاب ناطقة بما ذهبنا إليه ، منها : حسنة معاوية بن عمّار (14) ، وموثّقة أبان بن عثمان (15) ، وصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام [ عن رجل] (16) : يقول لا لعمري وهو محرم؟ قال : «ليس بالجدال ، إنّما الجدال قول الرجل : لا واللّه وبلى واللّه ، وأمّا قوله لاها فإنّما طلب الاسم ، وقوله : يا هناه فلا بأس به ، وأمّا قوله : لا بل شانيك فإنّه من قول الجاهليّة» . (17) وصحيحته الاُخرى ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إذا حلف ثلاثة أيمان في مقام ولاءً وهو محرم فقد جادل ، وعليه حدّ الجدال دمٌ يهريقه ويتصدّق به» . (18) وفي الانتصار : فإن قيل : ليس في لغة العرب أنّ الجدال هو الحلف ، قلنا : ليس ينكر أن يقتضي عرف الشريعة ما ليس في وضع اللغة . على أنّ الجدال إذا كان الخصومة والمراء والمنازعة ، وهذه اُمور تستعمل للدفع والمنع ، والقسم باللّه تعالى قد يفعل لذلك ، ففيه معنى المنازعة والخصومة . (19) وأمّا حكمه فقد قال السيّد في ذلك الكتاب : إن جادل وهو محرم صادقا مرّة أو مرّتين فليس عليه كفّارة وليستغفر اللّه تعالى ، فإن جادل ثلاث مرّات صادقا فما زاد فعليه دم شاة ، فإن جادل مرّة واحدة كاذبا فعليه دم شاة ، فإن جادل مرّتين كاذبا فدم بقرة ، فإن جادل ثلاث مرّات كاذبا فعليه دم بدنة . (20) ومثله في المقنعة (21) والسرائر (22) وسائر كتب الأصحاب ، ولم أجد مخالفا لهم . ويدلّ عليه بعض أخبار الباب ، وصحيحة معاوية بن عمّار (23) المتقدّمة ، وبذلك جمع بينها وبين صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن الجدال في الحجّ ، قال : «مَن زاد على مرّتين فقد وقع عليه الدم» ، فقيل له : الذي يجادل وهو صادق؟ قال : «عليه شاة ، والكاذب عليه بقرة» . (24) وصحيحة يونس بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يقول : لا واللّه وبلى واللّه وهو صادق ، عليه شيء؟ قال : «لا» . (25) وموثّقة أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا حلف الرجل ثلاثة أيمان وهو صادق وهو محرم فعليه دم يهريقه» . (26) وموثّقة أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا جادل الرجل وهو محرم فكذب متعمّدا فعليه جزور» . (27)

.


1- . البقرة (1) : 197 .
2- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 283 (رفث) .
3- . اُنظر : تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 382 ؛ مدارك الأحكام ، ج 7 ، ص 310 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 290 .
4- . جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 65) .
5- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 84 .
6- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
7- . السرائر ، ج 1 ، ص 545 .
8- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 217 ؛ المقنع ، ص 224 ؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 329 .
9- . المهذّب ، ج 1 ، ص 221 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 297 ، ح 1005 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 465 ، ح 16791 .
11- . المقنعة ، ص 432 .
12- . الانتصار ، ص 241 .
13- . تفسير البيضاوي ، ج 1 ، ص 482 .
14- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
15- . هي الحديث الرابع من هذا الباب ، و الحديث يرويه أبان ، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهماالسلام .
16- . اُضيفت من المصدر لاقتضاء السياق .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 336 ، ح 1157 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 465 ، ح 16790 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 335 ، ح 1152 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 146 147 ، ح 17440 .
19- . الانتصار ، ص 242 .
20- . الانتصار ، ص 241 242 .
21- . المقنعة ، ص 435 .
22- . السرائر ، ج 1 ، ص 553 .
23- . وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 465 ، ح 16790 .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 335 ، ح 1153 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 147 ، ح 17441 .
25- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 335 ، ح 1156 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 197 ، ح 666 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 147 ، ح 17443 .
26- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 335 ، ح 1154 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 197 ، ح 665 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 147 ، ح 17442 .
27- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 335 ، ح 1155 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 147 ، ح 17444 .

ص: 8

. .

ص: 9

. .

ص: 10

باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه

باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسهأراد قدس سره بيان شرائط لباس الرجل المحرم ، وأمّا لباس المرأة المحرمة فسيذكره في باب آخر ، وأراد بالكراهة المعنى العام الشامل للحرمة . واعلم أنّه يعتبر في لباس المحرم زائدا على ما اعتبر فيه في سائر الأحوال أن لا يكون مخيطا ولا ساترا لرأسه ولا لظاهر قدميه ، ولا نعلم في ذلك كلّه مخالفا من الأصحاب ، أمّا المخيط فقد نقل في المنتهى (1) عن ابن عبد البرّ أنّه قال : «لا يجوز له لبس شيء منه عند جميع أهل العلم» . (2) وقد صرّحوا بتحريم مطلق المخيط ، ولم أجد شاهدا عليه ، وإنّما الروايات تدلّ على تحريم القميص والقباء والسراويل والثوب المزرّر أو المدرّع لا على تحريم مطلقه ، فألحقوا إليها ما عداها ، فقد قال العلّامة رحمه اللهفي المنتهى : النبيّ صلى الله عليه و آله نصّ على تحريم القميص ، فكان ما في معناه محرّما من الجبّة والدراعة وما أشبههما ، ونصّ على تحريم السراويل ، فكان أشبهه محرّما كالثياب ونصّ على تحريم البرنس ، فكان ما ساواه كالقلنسوة مساويا له في التحريم ، ونصّ على تحريم الخفّين ، فكان ما ساواه من الساعدين والقفازين كذلك . (3) وقد ألحق بعض الأصحاب بالقباء الدرع المنسوج وجبّة اللُّبد والملصق بعضه ببعض لمشابهتها إيّاه في المعنى من الترفّه والتنعّم ، وربّما علّل بتضمّن النصوص لتحريم الثياب وتناولها لها ، وهو عليل . واشتهر بين متأخّري الأصحاب المنع من مطلق المخيط وإن قلّت الخياطة ، ولم أرَ شاهدا له (4) ، بل يردّه صحيحة يعقوب بن شعيب (5) ؛ لدلالتها على جواز لبس الطيلسان المزرور من غير أن يزرّ أزراره ، إلّا أن يخصّ بما عمل زرّه معه من اللبّد ، وهو من غير مخصّص . (6) قوله في حسنة معاوية : (عبرى وأظفار) [ ح 2 / 7207] العُبر بالضمّ : قبيلة (7) ، وظفار كقطام : مدينة باليمن قرب صنعاء . (8) قوله في خبر أبي بصير : (سئل أبو عبداللّه عليه السلام عن الخميصة سداها من ابريسم ولحمتها من غزل) .[ ح 4 / 7209] في النهاية : «قد تكرّر ذكر الخميصة في الحديث ، وهي ثوب خزّ أو صوف مُعْلَم ، وقيل : لا تسمّى خميصة إلّا أن تكون سوداء مُعْلَمة ، وكانت من لباس الناس قديما» . (9) قوله في موثّق حنان بن سدير : (فدعا بأزار قُرْقُبي) .[ ح 6 / 7211] قال ابن الأثير في باب الفاء مع الراء في حديث إسلام عمر : فأقبل شيخ عليه حبرة وثوب قرقبي ، هو ثوب مصري أبيض من كتّان ، قال الزمخشريّ : القُرقبيّة والترقبيّة : ثياب مصري بيض من كتّان ، ويروى بقافين منسوب إلى قرقوب مع حذف الواو في النسب كسابريّ في سابور . (10) قوله : (محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين) .[ ح 7 / 7212] محمّد بن يحيى هذا هو العطّار ، ومحمّد بن الحسين هو محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب بقرينة رواية محمّد بن يحيى العطّار عنه ، فالخبر صحيح ويدلّ على جواز لبس الطيلسان المزرّر ، والطيلسان على ما قاله جدّي في شرح الفقيه : «ثوب يشمل البدن وليس له كمّ ، ويكون فوق الثياب ، ويكون في بلاد الهند مخيطا وعندنا من اللبد للمطر» . (11) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (لا تلبس ثوبا له أزرار) إلخ .[ ح 9 / 7214] تدلّ على جواز لبس المخيط والخفّ في حال الاضطرار للمحرم ، ويأتي القول فيه في باب المحرم يضطرّ إلى ما لا يجوز له لبسهُ . قوله في خبر الحسين بن المختار : (لا يحرم في الثوب الأسود) .[ ح 13 / 7218] ظاهره الحرمة ، وبه قال الشيخان في المقنعة (12) والمبسوط (13) والنهاية (14) ، وحكي ذلك عن ابن حمزة . (15) والخبر مع ضعفه بالحسين ، فإنّه من الواقفة الغير الموثّقين على الأشهر (16) واشتراك الحسن بن عليّ (17) يمكن حمله على الكراهة كما هو المشهور بين الأصحاب ، للجمع بينه وبين صحيحة حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كلّ ثوب يصلّى فيه فلا بأس أن تحرم فيه» (18) بل لا يبعد حمل كلام الشيخين أيضا عليه ، كما قال ابن إدريس : معنى كلام الشيخ في النهاية وهو : لا يجوز الإحرام في الثياب السود _ : «أنّه مكروه شديد الكراهة ، لا أنّه محظور» (19) ، وأمّا باقي الألوان فلا خلاف في جواز الإحرام فيه وإن كان مصبوغا بالزعفران لكن بعد [ أن] ذهبت رائحته . ويدلّ عليه خبرا عبداللّه بن هلال والحسين بن أبي العلاء (20) ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه ، قال : سألت أخي موسى عليه السلام : يلبس المحرم الثوب المشبّع بالعصفر ؟ فقال : «إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به» . (21) وفي الصحيح عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سمعته يقول : «كان عليّ عليه السلام محرما ومعه بعض صبيانه وعليه ثوبان مصبوغان ، فمرّ به عمر بن الخطّاب ، فقال : يا أبا الحسن ، ما هذان الثوبان المصبوغان؟ فقال له عليّ عليه السلام : ما نريد أحدا ليعلّمنا بالسنّة ، إنّما هما ثوبان مصبوغان بالمشق ، يعني الطّين» . (22) وعن سعيد بن يسار ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الثوب المصبوغ بالزعفران ، أغسله وأحرم فيه؟ قال : «لا بأس به» . (23)

.


1- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 781 .
2- . الاستذكار ، ج 4 ، ص 29 ؛ التمهيد، ج 2 ، ص 254 ؛ حكيا عنه ابنا قدامة في المغني و الشرح الكبير، ج 3، ص 227 .
3- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 781 782 .
4- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 7 ، ص 329 .
5- . هي الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
6- . بعده في الأصل بياض بقدر خمسة أسطر .
7- . ترتيب كتاب العين ، ج 2 ، ص 1125 (عبر) .
8- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 89 (ظفر) .
9- . النهاية ، ج 2 ، ص 80 81 (خمص) .
10- . النهاية ، ج 3 ، ص 440 (فرقب) .
11- . روضة المتّقين ، ج 4 ، ص 400 .
12- . المقنعة ، ص 444 .
13- . المبسوط ، ج 1 ، ص 319 .
14- . النهاية ، ص 217 .
15- . الوسيلة ، ص 163 .
16- . اُنظر : رجال الطوسي ، ص 334، الرقم 4972 ؛ خلاصة الأقوال، ص 337 ؛ رجال ابن داود، ص 82 ، الرقم، 496 ، ص 241 ، الرقم 151.
17- . الحسن بن عليّ الراوي عن أحمد بن عائذ مشترك بين ابن فضّال ، و الخزّار ، و الحسن بن عليّ الوشّاء . اُنظر ترجمة أحمد بن عائذ في معجم رجال الحديث .
18- . الكافي ، ح 3 من هذا الباب ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 66 ، ح 212 ؛ المقنع ، ص 226 ؛ مستدرك الوسائل ، ج 9 ، ص 173 ، ح 10591 .
19- . السرائر ، ج 1 ، ص 542 .
20- . هما الحديث 17 و 18 من هذا الباب من الكافي .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 67 ، ح 217 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 165 ، ح 540 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 480 ، ح 16837 .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 67 68 ، ح 219 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 482 483 ، ح 16842 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 67 ، ح 218 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 485 486 ، ح 16850 .

ص: 11

. .

ص: 12

. .

ص: 13

باب المحرم يشدّ على وسطه الهميان والمنطقة

باب المحرم يشدّ على وسطه الهميان والمنطقةأمّا شدّ الهميان وعقده على الوسط فممّا لا خلاف في جوازه للمحرم . ويدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف قدس سره ما رواه الصدوق رضى الله عنه عن يونس بن يعقوب ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المحرم يشدّ الهميان وسطه؟ فقال : «نعم ، وما خيره بعد نفقته؟!» (1) ويشعر أكثر الأخبار باشتراط الجواز بكون نفقته فيه ، فلا يجوز عقد الهميان الخالي عنها عليه ، وصرّح به في المنتهى . (2) وأمّا المنطقة فجوازها من غير عقد ممّا لا ريب فيه مطلقا ، وأمّا مع العقد فإطلاق صحيح يعقوب بن شعيب (3) يقتضي جوازها كذلك ، ولا يبعد تقييده بما إذا كانت نفقته فيها بقرينة صحيح أبي بصير . (4)

.


1- . الفقيه ، ج 2 ، ص 346 ، ح 2645 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 492 ، ح 16873 .
2- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 783 .
3- . هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
4- . هو الحديث الثاني من هذا الباب .

ص: 14

باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحلي وما يكره لها من الثياب

باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحلي وما يكره لها من الثيابهنا مسائل : الاُولى : قال جمع من الأصحاب منهم ابن إدريس : (1) يجوز إحرام المرأة في الحرير المحض ، وهو محكي عن المفيد رحمه الله في كتاب أحكام النساء (2) ، وقوّاه أكثر المتأخّرين (3) ؛ لصحيحة يعقوب بن شعيب ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المرأة تلبس القميص تزرّه عليها وتلبس الحرير والخزّ والديباج ؟ قال : «نعم لا بأس ، به وتلبس الخلخالين والمسك» . (4) وحسنة حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه» (5) ، بناءً على المشهور بين الأصحاب من جواز الصلاة لها في الحرير . وحرّمه الشيخ في التهذيب (6) ، وهو ظاهره في النهاية (7) والمبسوط (8) حيث حكم فيهما بأنّه يحرم عليها في حال الإحرام من الثياب جميع ما يحرم على الرجل ، واستثنى في الأوّل السراويل فقط ، وفي الثاني القميص أيضا من غير استثناء للحرير . ويدلّ عليه صحيحة عيص (9) وخبرا أبي عيينة (10) وإسماعيل بن الفضل (11) ، والأظهر الكراهة ؛ للجمع ، وهو ظاهر خبر أبي الحسن الأحمسيّ (12) ، وما يرويه المصنّف قدس سرهفي باب لبس الحرير من كتاب الزيّ والتجمّل من موثّق سماعة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا ينبغي للمرأة أن تلبس الحرير المحض وهي محرمة ، فأمّا في الحرّ والبرد فلا بأس» . (13) وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن الحلبيّ ، قال : «لا بأس أن تحرم المرأة في الذهب والخزّ ، وليس يكره إلّا الحرير المحض» (14) ، ثمّ قال : وسأله سماعة عن المحرمة تلبس الحرير؟ فقال : «لا يصلح لها أن تلبس حريرا محضا لا خلط فيه ، فأمّا الخز والعَلم في الثوب فلا بأس أن تلبسه وهي محرمة ، وإن مرَّ بها رجل استترت منه بثوبها ، ولا تستتر بيدها من الشمس ، وتلبس الخزّ ، أما أنّهم يقولون : إنّ في الخزّ حريرا وإنّما يكره الحرير المبهم» . (15) وقال أيضا : وسأله أبو بصير المراديّ عن القزّ تلبسه المرأة في الإحرام؟ قال : «لا بأس ، إنّما يكره الحرير المبهم» . (16) الثانية : المشهور جواز لبسها للمخيط ؛ لصحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المرأة تلبس القميص [ تزره عليها و تلبس الخزّ والحرير والديباج؟ فقال : نعم لا بأس به]» . (17) ويؤيّدها عموم صحيحة عيص (18) وبعض آخر من أخبار الباب ، وادّعى في السرائر (19) إجماع الطائفة وعملهم وعمل المسلمين عليه ، وظاهر ما حكيناه عن الشيخ في النهاية (20) والمبسوط (21) تحريمه مستثنى منه ما ذكرناه . وحكى في المختلف عنه أنّه منعه فيهما محتجّا بعموم المنع من لبس المخيط . وأجاب عنه : بأنّه في حقّ الرجال خاصّة . (22) الثالثة : قال الشيخ قدس سره في التهذيب : أنّها لا تلبس حليا تتزيّن به ، ولا تلبس الثياب المصبوغة المُفدمة (23) ، وأراد بالحليّ الغير المعتادة ، كما صرّح به جماعة منهم العلّامة في المنتهى (24) ، وبذلك جمع بين الأخبار التي دلّت على تحريم لبسها عليها ممّا رواه المصنّف في الباب ، وما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه نهى النساء في إحرامهنّ عن القفّازين (25) والخلخال . (26) وعن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «لا تتنقّب المرأة الحرام ، ولا تلبس القفّازين» (27) ، وبين ما دلّ على جوازه ، وهو ما رواه الشيخ عن عمّار بن موسى الساباطيّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «تلبس المحرمة الخاتم من الذهب» . (28) ويدلّ على هذا الجمع صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج (29) ، وخبر حريز ، قال : «إذا كان للمرأة حليّ لم تحدثه للإحرام لم ينزع عنها» . (30) وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي عبداللّه عليه السلام : «في المحرمة أنّها تلبس الحلي كلّه إلّا حليّا مشهورا لزينة» . (31) وخبر الكاهليّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «تلبس المرأة المحرمة الحليّ كلّه إلّا القرط المشهور والقلادة المشهورة» . (32) على ما يشعر به تقييد الحلي الممنوع عنه بالشهرة . واعلم أنّ تحريم التختّم للزينة غير مختصّ بالمرأة ، بل يحرم على الرجل أيضا ، وإنّما يجوز له للسنّة ، ولا نعرف فيه خلافا . ويدلّ عليه ما رواه الشيخ عن مسمع ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته : أيلبس المحرم الخاتم؟ قال : «لا يلبسه للزينة» . (33) وبذلك جمع بينه وبين صحيحة محمّد بن إسماعيل قال : رأيت العبد الصالح عليه السلام وهو محرم وعليه خاتم وهو يطوف طواف الفريضة . (34) وخبر أبي بصير ، عن نجيح ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : «لا بأس بلبس الخاتم للمحرم» . (35) ويؤيّده أصالة جواز لبسه للسنّة . الرابعة : يحرم على المرأة تغطية الوجه وسدل القناع إلّا إلى طرف أنفها من غير أن يتّصل بوجهها . ويدلّ عليه بعض أخبار الباب ، ويأتي تحقيق القول فيهما عن قريب . قوله في صحيحة عيص بن القاسم : (غير الحرير والقُفّازين) .[ ح 1 / 7231] القُفّاز كرمّان : ضرب من الحليّ لليدين والرجلين . (36) وفي المنتهى : «القفّازان في الأصل شيء تتّخذه النساء لليدين يُحشى بقطن ، ويكون له أزرار تُزرّ على الساعدين من البرد» . (37) وفي السرائر : القفاز أيضا الدستبانج الذي يتّخذ للجوارح من جلد يمدّه الرجل على يده ، قال الشاعر : تبّا لذي أدبٍ يرضى بمعجزةولا يكون كبازٍ فوق قُفّاز (38) ويعني بذلك ما يقال له بالفارسيّة : «بهلَة» وهو غير مراد هنا . قوله في خبر النضر بن سويد : (إلّا المصبوغة بالزعفران والورس) إلخ .[ ح 2 / 7232] الورس : نبت أصفر يكون باليمن تتّخذ منه الغمرة للوجه (39) ، والفرند : ثوب مُزَخرف (40) معرّب بيرند . قوله في حسنة الحلبيّ : (إلّا صبغ لا يردع) .[ ح 3 / 7233] الرَّدع : الزعفران أو لطخ منه أو من الدم ، وأثر الطيّب في الجسد . (41) قوله في صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج : (والمَسَكة والقرطان) .[ ح 4 / 7234] المسكة بالتحريك : السوار من الزّبل ، وهي قرون الأوغال ، وقيل : جلود دابّة بحريّة ، والجمع مَسَك . (42) والقرط : نوع من حليّ الاُذن معروف . (43) قوله في حسنة عبداللّه بن ميمون : (لأنّ إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في وجهه) .[ ح 7 / 7237] يدلّ على ما هو المشهور من جواز ستر الوجه للرجل المحرم ، ويأتي القول فيه إن شاء اللّه تعالى .

.


1- . السرائر ، ج 1 ، ص 531 .
2- . أحكام النساء ، ص 35 .
3- . اُنظر : تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 238 ، المسألة 177 ؛ مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 61 ؛ مدارك الأحكام ، ج 7 ، ص 275 _ 276 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 74 75 ، ح 246 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 309 ، ح 1100 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 366 ، ح 16525 .
5- . الفقيه ، ج 2 ، ص 334 ، ح 2595 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 66 ، ح 212 ؛ و رواه الكليني في باب ما يلبس المحرم من الثياب ، ح 3 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 359 ، ح 16505 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 73 ، ذيل الحديث 242 .
7- . النهاية ، ص 218 .
8- . المبسوط ، ج 1 ، ص 319 320 .
9- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
10- . هو الحديث السادس من هذا الباب .
11- . هو الحديث الثامن من هذا الباب .
12- . هو الحديث الخامس من هذا الباب .
13- . هذا هو الحديث 12 من باب لبس الحرير و الديباج من كتاب الزيّ و التجمّل من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 380 ، ح 5451 .
14- . الفقيه ، ج 2 ، ص 345 ، ح 2638 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 367 ، ح 16528 .
15- . الفقيه ، ج 2 ، ص 344 345 ، ح 2635 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 368 ، ح 16531 .
16- . الفقيه ، ج 2 ، ص 345 ، ح 2636 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 367 ، ح 16529 .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 74 75 ، ح 246 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 309 ، ح 1100 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 366 ، ح 16525 .
18- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
19- . السرائر، ج 1، ص 624.
20- . النهاية، ص 218.
21- . المبسوط ، ج 1 ، ص 320 .
22- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 62 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 73 ، ذيل الحديث 242 . و المفدمة من الثياب المشبعة حمرة . لسان العرب ، ج 10 ، ص 203 (فدم) .
24- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 788 .
25- . القفّاز بالضمّ و التشديد : شيء يعمل لليدين و يحشى بقطن ، و يكون له أزرار تزرّ على الساعد ، تلبسه المرأة من نساء العرب تتوقّي به من البرد ، و هما قفّازان . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 534 (قفز) .
26- . المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 309 ؛ و الحديث بدون ذكر الخلخال رواه أبوداود في سننه ، ج 1 ، ص 410 ، ح 1827 ؛ و الحاكم في المستدرك ، ج 1 ، ص 486 ؛ و البيهقي في السنن الكبرى ، ج 5 ، ص 47 و 52 .
27- . سنن الترمذي ، ج 2 ، ص 164 ، ح 834 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 2 ، ص 336 ، ح 3661 .
28- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 76 ، ح 250 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 490 491 ، ح 16868 .
29- . هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
30- . الفقيه ، ج 2 ، ص 345 ، ح 2639 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 498 ، ح 16894 ، و فيهما : «لم تنزع حليّها» .
31- . الفقيه ، ج 2 ، ص 344 ، ح 2634 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 75 76 ، ح 249 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 310 ، ح 1105 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 497 ، ح 16889 ، و في غير الأوّل : «مشهورا للزينة» .
32- . الفقيه ، ج 2 ، ص 344 ، ح 2632 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 497 _ 498 ، ح 16891 .
33- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 73 ، ح 242 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 165 166 ، ح 544 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 490 ، ح 16867 .
34- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 73 ، ح 241 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 165 ، ح 543 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 490 ، ح 16866 .
35- . هذا هو الحديث 22 من باب ما يلبس المحرم من الثياب من الكافي ؛ و رواه الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 73 ، ح 240 ؛ والاستبصار ، ج 2 ، ص 165 ، ح 542 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 490 ، ح 16864 .
36- . معجم مقائيس اللغة ، ج 5 ، ص 115 (قفز) ؛ تاج العروس ، ج 8 ، ص 129 ؛ و قال الجوهري في الصحاح ، ج 3 ، ص 892 : «القُفّاز : شيء يعمل لليدين يحشى بقطن و يكون له أزرار تزر على الساعدين من البرد ، و تلبسه المرأة في يديها و هما قفّازان . و مثله في مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 534 ؛ و النهاية ، ج 4 ، ص 90 ، ثم قال : «و قيل : هو ضرب من الحلي تتّخذه المرأة ليديها» .
37- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 687 .
38- . السرائر ، ج 1 ، ص 544 .
39- . صحاح اللغة ، ج 3 ، ص 988 (ورس) .
40- . القاموس المحيط ، ج 2 ، ص 9 ؛ مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 396 (فرند) .
41- . مجمع البحرين ، ج 2 ، ص 167 (ردع) .
42- . النهاية ، ج 4 ، ص 331 (مسك) .
43- . النهاية ، ج 4 ، ص 41 (قرط) .

ص: 15

. .

ص: 16

. .

ص: 17

. .

ص: 18

. .

ص: 19

باب المحرم يضطرّ إلى ما لا يجوز لبسه

باب المحرم يضطرّ إلى ما لا يجوز لبسهأراد قدس سره بيان جواز لبس الخفّين والجوربين والقباء والسراويل عند فقد ثوبي الإحرام والنعل ، لكن بتغيير يسير في ما عدا السراويل بشقّ ظهر الخفّ والجورب ولبس القباء مقلوبا من غير أن يدخل يديه في الكمّين ، وظاهره عدم وجوب الفدية حينئذٍ لا في لبس الخفّ والجورب ولا في لبس القباء ، وهو المشهور بين الأصحاب ، بل لم أجد مخالفا له . وهو مذهب أكثر العامّة منهم الشافعيّ وأحمد ، ونقل عن أبي حنيفة ومالك وجوب الفدية في الموضعين . (1) ويدلّ على مذهب الأصحاب أصالة البراءة عن الفدية وانتفاء دليل عليها ؛ لإطلاق الأخبار في الجواز في الضرورة من غير إيجاب للفدية ، فمنها : ما رواه المصنّف قدس سره في الباب . ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا اضطرّ المحرم إلى القباء ولم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ، ولا يدخل يديه في يدي القباء» . (2) وفي الصحيح عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يلبس المحرم الخفّين إذا لم يجد نعلين ، وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على عاتقه أو قباءه بعد أن ينكسه» . (3) ومنها : ما رواه الصدوق رضى الله عنه عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام في المحرم يلبس الخفّ إذا لم يكن له نعل؟ قال : «نعم ، ولكن يشقّ ظهر القدم ، ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ، ويقلب ظهره لباطنه» . (4) وروى الجمهور عن عبداللّه بن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «فإن لم يجد نعلين فليلبس خفّين وليقطعهما حتّى يكونا إلى الكعبين» . (5) وقد وقع الخلاف في مقامين : الأوّل : في تفسير النكس ؛ فعلى المشهور هو أن يجعل ظهر القباء بطنا وبطنه ظهرا ، أو أن يجعل أعلاه أسفله ، وهما مرويّان . ومنع ابن إدريس الأوّل ؛ محتجّا بأنّه يشبه لبس المخيط . (6) ويردّه خبر محمّد بن مسلم . ويؤيّدها قوله عليه السلام في صحيحة الحلبيّ : «ولا يدخل يديه في يدي القباء» . (7) والأفضل الجمع ؛ لرواية مثنّى الحنّاط (8) ، فإنّ ظاهر العطف فيها المغايرة . والثاني : في وجوب شقّ ظهر الخفّ والجورب ؛ فقد قال به الشيخ في أكثر كتبه (9) وأتباعه (10) ؛ لخبر محمّد بن مسلم المتقدّم ، وما رواه المصنّف عن أبي بصير (11) ، ومنعه الشيخ في النهاية (12) وابن إدريس (13) والمحقّق (14) وجماعة . (15) ويدلّ عليه إطلاق عدّة أخبار ، منها : صحيحة عمر بن يزيد (16) المتقدّم . ومنها : ما رواه المصنّف في الباب من خبري رفاعة (17) وحمران (18) ، وكأنّهما حملا الأمر بالشقّ في الخبرين المشار إليهما على الندب والاستحباب ؛ لضعف سنديهما بوجود الحكم بن مسكين (19) في الأوّل ، وعليّ بن أبي حمزة البطائنيّ الذي هو قائد أبي بصير في الثاني . (20) وهو محكي عن جماعة من العامّة محتجّين بعموم حديث ابن عبّاس وجابر : «من لم يجد نعلين فليلبس خفّين» . (21) وخصوص ما نقلوا عن عليّ عليه السلام : «قطع الخفّين فساد ، تلبسهما كما هما» . (22) وعن عائشة : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رخّص للمحرم عن يلبس الخفّين ولا يقطعهما . (23) وعن صفيّة أنّها قالت : كان ابن عمر يفتي بقطعهما ولمّا أخبرته بحديث عائشة رجع . (24) وفي المنتهى : قال بعضهم : الظاهر أنّ القطع منسوخ ، فإنّ عمرو بن دينار روى الحديثين معا وقال : انظروا أيّهما كان قبل؟ قال الدارقطنيّ : قال أبو بكر النيسابوريّ : حديث ابن عمر كان قبل ؛ لأنّه قد جاء في بعض رواياته أنّه قال : نادى رجل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو في المسجد يعني بالمدينة وكأنّه قال قبل الإحرام . وفي حديث ابن عبّاس يقول : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يخطب بعرفات يقول : «مَن لم يجد نعلين فليلبس خفّين» . فدلّ على تأخّره عن حديث ابن عمر ، فكان ناسخا . (25) قوله : (وفي رواية اُخرى يقلب ظهره بطنه) .[ ح 5 / 7246] إشارة إلى صحيحة محمّد بن مسلم (26) المتقدِّمة .

.


1- . اُنظر : المغني ، ج 3 ، ص 272 273 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 272 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 262 ؛ عمدة القاري ، ج 2 ، ص 224 ؛ الاستذكار ، ج 4 ، ص 16 ؛ التمهيد ، ج 15 ، ص 112 .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 70 ، ح 228 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 486 ، ح 16851 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 70 ، ح 229 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 486 ، ح 16852 .
4- . الفقيه ، ج 2 ، ص 340 ، ح 2616 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 487 ، ح 16857 .
5- . صحيح ابن خزيمة ، ج 4 ، ص 163 164 ؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 160 ؛ مسند الشافعي ، ص 117 ؛ مسند الشاميّين ، ج 1 ، ص 409 ، ح 711 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 4 ، ص 10 ، ح 2825 . و في بعضها : « . . . أسفل من الكعبين» ، و في بعضها : «دون الكعبين» .
6- . السرائر ، ج 1 ، ص 543 .
7- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 70 ، ح 228 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 486 487 ، ح 16851 و 16855 ، و الصحيحة هي رواية التهذيب .
8- . هي الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
9- . المبسوط، ج 1، ص 320؛ الخلاف، ج 2، ص 295، المسألة 75.
10- . اُنظر : الوسيلة ، ج 10 ، ص 163 ؛ الجامع للشرائع ، ص 184 ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 184 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 244 ، المسألة 183 ؛ مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 80 81 .
11- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب .
12- . النهاية ، ص 218 ، فإنّه أطلق و لم يذكر الشّق .
13- . السرائر ، ج 1 ، ص 543 .
14- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 185 .
15- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 7 ، ص 339 .
16- . وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 486 ، ح 16852 .
17- . هو الحديث الثاني من هذا الباب .
18- . هو الحديث السادس من هذا الباب .
19- . لم يوثّق ، اُنظر : رجال النجاشي ، ص 136 ؛ رجال الطوسي ، ص 197 ، الرقم 2483 .
20- . رجال النجاشي ، ص 249 ، الرقم 656 ؛ الفهرست ، ص 161 ، الرقم 418 ؛ رجال الطوسي ، ص 339 ، الرقم 5049 ؛ خلاصة الأقوال ، ص 362 363 .
21- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 221 و 279 و 285 ؛ و ج 3 ، ص 323 و 395 ؛ سنن الدارمي ، ج 2 ، ص 32 ؛ صحيح البخاري ، ج 7 ، ص 38 ؛ صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 3 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 2 ، ص 977 ، ح 2931 ؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 133 ، و ج 8 ، ص 205 206 .
22- . المغني و الشرح الكبير لابن قدامة ، ج 3 ، ص 274 .
23- . نفس المصدرين ، عمدة القاري ، ج 10 ، ص 198 .
24- . نفس المصادر المتقدّمة .
25- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 782 .
26- . وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 486 ، ح 16852 .

ص: 20

. .

ص: 21

. .

ص: 22

باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب .

باب ما يجب فيه الفداء من لبس الثياب .فيه مسائل :الاُولى : جواز لبس ما يحرم على المحرم مع وجود ثوبي الإحرام ولو في حال الاضطرار ، ومنه ضرورة الحرّ والبرد ومع الفدية ، ولا خلاف فيه بين الأصحاب . ويدلّ عليه حسنة محمّد بن مسلم . (1) وقال صاحب المدارك : واستدلّ عليه في المنتهى (2) أيضا بقوله تعالى : «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (3) قال : ومعناه مَن كان منكم مريضا فلبس أو تطيّب أو حلق بلا خلاف ، ثمّ عزى ذلك إلى الشيخ (4) ، وهو غير جيّد ؛ أمّا أوّلاً فلأنّ سوق الآية يقتضي اختصاصها بالحلق لترتّب ذلك على قوله عزّ وجلّ : «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (5) ، وقد صرّح بذلك الإمام الطبرسي أيضا في تفسيره ، فقال : فمَن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ؛ أي من مرض منكم مرضا يحتاج فيه إلى الحلق أو تأذّى بهوام رأسه اُبيح له الحلق بشرط الفدية . (6) وأمّا ثانيا فلأنّ اللّازم من ذلك التخيير في فدية اللبس بين الصيام والصدقة ، والنسك كالحلق ، ولا نعلم بذلك قائلاً من الأصحاب ولا غيرهم ، بل مقتضى كلام الجميع تعيّن الدم . (7) الثانية : كفّارة لبس ما يحرم على المحرم العامد العالم اختيارا واضطرارا شاة إجماعا . ويدلّ عليه أخبار ، منها : صحيحة زرارة . (8) ومنها : ما رواه الشيخ عن زرارة بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «مَن نتف إبطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلاً فليس عليه شيء ، ومَن فعله متعمّدا فعليه دم شاة» . (9) وعن سليمان بن العيص أو ابن الفيض على اختلاف النسخ ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يلبس القميص متعمّدا؟ قال : «عليه دم» . (10) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم (11) ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يلبس القميص متعمّدا ، قال : «عليه دم» . ولا يعتبر طول زمان اللّبس عندنا وعند أكثر العامّة . وعن أبي حنيفة أنّه إنّما يجب الدم بلباس يوم وليلة ولا يجب فيما دون ذلك ؛ محتجّا بأنّه لم يلبس لبسا معتادا ، فأشبه ما لو اتّزر بالقميص . (12) وفيه ما فيه . ويدلّ حسنة محمّد بن مسلم (13) على وجوبها مع الاضطرار أيضا ، ولا خلاف فيه بين أهل العلم في غير السراويل والخفّ والجورب والقباء المقلوب ، وأمّا هذه فقد سبقت ، وأجمع أهل العلم على عدم وجوب كفّارة إذا لبسه ناسيا أو جاهلاً . ويدلّ عليه عموم قوله صلى الله عليه و آله : «رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان» (14) ، وخصوص صحيحة زرارة (15) ، وهو القاعدة فيما سوى الصيد من محرّمات الإحرام كما يستفاد من أخبار تأتي في محالّها . الثالثة : أجمع الأصحاب على تعدّد الكفّارة بتعدّد الأسباب الموجبة لها مع اختلافها جنسا كالجماع والصيد واللبس ونحوها ، اتّحد الوقت والمحلّ أو اختلفا ، كفّر عن الأوّل أو لم يكفّر . وعلّله في المنتهى بأنّ «كلّ واحد منها سبب مستقلّ في وجوب الكفّارة ، والحقيقة باقية عند الاجتماع ، فالأثر موجود» ، (16) وهل تتكرّر بتكرّر واحد منها؟ فظاهر السيّد المرتضى رضى الله عنه وفاق الأصحاب على تعدّدها بتعدّد الجماع مطلقا (17) ، والظاهر وفاقهم على تعدّدها بتعدّد الصيد خطأً واختلافهم في عمده (18) ، واختلفوا في التظليل ، وسيأتي القول في ذلك كلّه في محالّها إن شاء اللّه تعالى . وأمّا غير هذه فمقتضى الاُصول تعدّدها بتكرّره مطلقا مع صدق التكرّر عرفا ، ومنه ما لو لبس قميصا وعمامة وسراويل ولو في وقت واحد من غير فصل لاقتضاء تعدّد الأسباب تعدّد المسبّبات ، من غير حاجة إلى نصّ خاصّ . نعم ، لو لم يصدق تعدّدها عرفا تداخلت كما لو لبس قميصا وقباء دفعة بأن أخرج يديه من بينهما دفعة ، وكذا في الحلق والقلم والطيب ونحوها . ويدلّ عليه حسنة محمّد بن مسلم (19) ، وقد رواها الشيخ في الصحيح عنه (20) ، وهي وإن وردت في اللّباس لكنّ الفارق غير موجود والقاعدة تقتضي التعميم . وذهب إليه جماعة منهم الشيخ في المبسوط (21) ، والعلّامة في المنتهى (22) ، والشهيد في الدروس (23) ، واعتبر الشهيدان في اللمعة (24) وشرحها (25) في اللبس خصوصا تعدّد المجلس ، ويظهر من ابن الجنيد الفصل بين الأعيان المحرّمة كالطّيب وأضرابه والمنافع المحرّمة كالقبلة ونحوها ، والقول بتعدّد الفدية بتكرّر الاُولى مطلقا دون الثانية كذلك ، فإنّه قال على ما حكى عنه في المختلف : «كلّ عين محرّم على المحرم إتلافها فعليه لكلّ عين فدية إذا أتلفها في مجلس واحد كان ذلك أو في مجالس» . (26) وهو تحكّم .

.


1- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
2- . الخلاف ، ج 2 ، ص 812 .
3- . البقرة (2) : 196 .
4- . النهاية ، ص 234 ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 351 .
5- . البقرة (2) : 196 .
6- . مجمع البيان ، ج 2 ، ص 38 . و نحوه في جوامع الجامع ، ج 1 ، ص 192 .
7- . مدارك الأفهام ، ج 8 ، ص 437 438 .
8- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 369_ 370 ، ح 1287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 157 ، ح 17472 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 384 ، ح 1339 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 157 ، ح 17473 .
11- . كذا بالأصل ، و هذا الحديث مكرّر لسابقه ، و لم أجد لمحمد بن مسلم حديثا بهذا اللفظ ، نعم نسب هذا الحديث في تذكره الفقهاء إلى محمّد بن مسلم ، و هو واقع في سند الحديث اللاحق .
12- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 812 ؛ و تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 6 ؛ تحفة الفقهاء ، ج 1 ، ص 419 ؛ فتح العزيز ، ج 7 ، ص 441 ؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 187 ، و في الأخيرين : «يوما كاملاً» ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 384 و فيه : «يوما كاملاً أو ليلة كاملة» .
13- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
14- . وسائل الشيعة ، ج 4 ، ص 373 ، ح 5430 ، و قد تقدّم .
15- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
16- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 845 ؛ و مثله في تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص83 .
17- . الانتصار ، ص 252 .
18- . اُنظر : مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 122 .
19- . هي الحديث الثاني من هذا الباب .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 384 ، ح 1340 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 159 ، ح 17477 .
21- . المبسوط ، ج 1 ، ص 351 .
22- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 812 .
23- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 390 ، الدرس 102 .
24- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 70 .
25- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 365 .
26- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 178 .

ص: 23

. .

ص: 24

. .

ص: 25

باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعدما يحرم

باب الرجل يحرم في قميص أو يلبسه بعدما يحرمقال الشيخ في التهذيب : «وإذا لبس الإنسان قميصا بعد الإحرام فإنّه يجب عليه أن يشقّه ويخرجه من قدميه ، وإن لبسه قبل الإحرام فلينزعه من أعلاه» . (1) وهو المشهور بل لا يعرف مخالفا له من الأصحاب . (2) ويدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف في الباب ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا لبست قميصا وأنت محرم فشقّه واخرجه من تحت قدميك» . (3) وفي الصحيح عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «جاء رجل يلبّي حتّى دخل المسجد وهو يلبّي وعليه قميصه ، فوثب إليه اُناس من أصحاب أبي حنيفة ، فقالوا : شُقّ قميصك واخرجه من رجليك ، فإنّ عليك بدنة ، وعليك الحجّ من قابل وحجّك فاسد ، فطلع أبو عبداللّه عليه السلام فقام على باب المسجد فكبّر واستقبل الكعبة ، فدنا الرجل من أبي عبداللّه عليه السلام وهو ينتف شعره ويضرب وجهه ، فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «اسكن يا عبد اللّه » ، فلمّا كلّمه وكان الرجل أعجميّا ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «ما تقول؟» قال : كنت رجلاً أعمل بيدي فاجتمعت لي نفقة فجئت أحجّ لم أسأل أحدا عن شيء ، فأفتوني هؤلاء أن أشقّ قميصي وأنزعه من قبل رجلي وأنّ حجّي فاسد وأنّ عليَّ بدنة ، فقال له : «متى لبست قميصك ، أبعدَ ما لبّيت أم قبل؟» قال : قبل أن اُلبّي . قال : «فاخرجه من رأسك ، فإنّه ليس عليك بدنة ، وليس عليك الحجّ من قابل ؛ أيّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه ، طف بالبيت سبعا ، وصلِّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام ، واسع بين الصفا والمروة ، وقصّر من شعرك ، فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهلّ بالحجّ واصنع كما يصنع الناس» . (4) وزعم جماعة من العامّة وجوب شقّ القميص وإخراجه من قبل الرّجلين وإن لبسه قبل الإحرام محتجّين باستلزام النزع من الرأس تغطيته . (5) وفيه : أنّه لو سلّم صدق التغطية عرفا فهو مستثنى بالأخبار المذكورة ، وبما ورد في طريقهم من النزع على تقدير سبق اللّبس ؛ إذ المتبادر منه نزعه من الرأس .

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 72 ، ذيل الحديث 236 .
2- . اُنظر : تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص247 ؛ منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 284 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 72 ، ح 237 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 488 ، ح 16859 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 72_ 73 ، ح 239 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 488_ 489 ، ح 16861 .
5- . اُنظر : المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 262 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 3 ، ص 346 .

ص: 26

. .

ص: 27

باب المحرم يغطّي رأسه أو وجهه متعمِّدا أو ناسيا

باب المحرم يغطّي رأسه أو وجهه متعمِّدا أو ناسيالقد أجمع أهل العلم إلّا ما سيحكي على أنّه يحرم من المحرم تغطية الرأس عمدا دون الوجه ، وعلى المحرمة بالعكس . ويدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف في الباب ما رواه سابقا في حسنة عبداللّه بن ميمون، عن أبي جعفر عليه السلام ، (1) وما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن محرم غطّى رأسه ناسيا، قال: «يلقي القناع عن رأسه ويلبّي، ولا شيء عليه». (2) وعن ابن مسكان ، قال : حدّثني زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : المحرم يقع على وجهه الذباب حين يريد النوم ، أيغطّي وجهه إذا أراد أن ينام؟ فقال : «نعم» . (3) وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن حريز أنّه سأل أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم ينام على وجهه وهو على راحلته ، فقال : «لا بأس بذلك» . (4) وعن منصور بن حازم ، قال : رأيت أبا عبداللّه عليه السلام وقد توضّأ وهو محرم ، ثمّ أخذ منديلاً فمسح به وجهه . (5) ومن طريق العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها» . (6) وعنه صلى الله عليه و آله أنّه نهى عن العمائم والبرانس . (7) وعن ابن عبّاس أنّ محرما وقصت (8) به ناقته غداة عرفة فمات ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «خمِّروا وجهه ولا تخمّروا رأسه ، فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّيا» . (9) وحكي عن ابن أبي عقيل أنّه قال : «لا يغطّي المحرم وجهه أيضا ، وإن فعل فعليه أن يطعم مسكينا في يده» (10) ، تعويلاً على صحيحة الحلبيّ ، قال : «المحرم إذا غطّى وجهه فليطعم مسكينا في يده» . قال : «ولا بأس أن ينام المحرم على وجهه على راحلته» (11) ، وهو محكي عن أبي حنيفة أيضا محتجّا بما حكيناه عن ابن عبّاس بزيادة «وجهه» عطفا على «رأسه» . (12) والجواب عن الصحيحة على تقدير استناده إلى معصوم بإمكان حمل الأمر فيها على الاستحباب ، ويؤيّده آخر الخبر . على أنّ وجوب الفدية ليس مستتبعا لحرمة التغطية ، بل يجامع جوازها كما ذهب إليه الشيخ في التهذيب ، فإنّه قال : «تغطية الوجه مع الاختيار جائز ، غير أنّه تلزمه الكفّارة ، ومتى لم ينو الكفّارة لم يجزئه ذلك» (13) ، واحتجّ عليه بهذا الخبر . وعن خبر ابن عبّاس أنّه خلاف المشهور في نقله ، بل المشهور فيه ما نقلناه أوّلاً ، وعلى تقدير صحّة النقل يحتمل أن يكون المراد النهي عن تخمير مجموع الرأس والوجه ، بل هو الظاهر ؛ لقوله : «خمّروا وجهه» في آخر الخبر . هذا ، ويجوز للمرأة سدل القناع على وجهها إلى طرف أنفها منفرجا عنه على ما هو المشهور بين الأصحاب . قال العلّامة في المنتهى : ولو احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها سدلت ثوبها من فوق رأسها على وجهها إلى طرف أنفها ، ولا نعلم فيه خلافا . وروى ذلك عن عثمان وعائشة ، وبه قال عطاء ومالك والثوريّ والشافعيّ وأحمد وإسحاق ومحمّد بن الحسن (14) ؛ لما رواه الجمهور عن عائشة ، قالت : كان الركبان يمرّون بنا ونحن محرمات مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله فإذا جاوزنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها ، فإذا جاوزنا كشفناه . (15) ومن طريق الخاصّة ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن حريز ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن» . (16) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : «تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة» (17) . (18) والمشهور بين الأصحاب شمول التغطية والستر لوضع اليد والشعر ونحوهما ؛ للعرف والعمومات ، خلافا للشيخ في المبسوط حيث قال : «فإن غطّاه يعني رأسه بيده أو شعره لم يكن عليه شيء» . (19) وبه قال العلّامة أيضا في المنتهى (20) معلّلاً بأنّ الستر بما هو متّصل به لا يثبت له حكم الستر ؛ ولهذا لو وضع يده على فرجه لم يجزه في الستر ولأنّ المحرم مأمور بمسح رأسه في الطهارة . وأيّده بصحيحة معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس» . وقال : «لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» . (21) وقال الشهيد قدس سره في الدروس : «جوّز الفاضل ستر رأسه بيده لرواية معاوية : «لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» وليس صريحا في الدلالة ، والأولى المنع» . (22) انتهى . ولا يبعد تأييده بصحيحة حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا اغتسل المحرم للجنابة صبّ على رأسه الماء ، وميّز الشعر بأنامله بعضه من بعض» . (23) واعلم أنّ المشهور بين الأصحاب وجوب فدية شاة لتغطية الرأس للرجل ، بل يظهر من المنتهى قول علماء الإسلام به ، حيث قال : «مَن غطّى رأسه وهو محرم وجب عليه دم شاة ، ولا نعلم فيه خلافا» . (24) ولم يتعرّض جماعة منهم المحقّق (25) والشهيد في اللمعة (26) للفدية لها رأسا ، و لولا الإجماع لأمكن القول بعدم وجوبها ؛ لأصالة العدم وعدم دليل صالح عليه ، وكأنّهم تمسّكوا فيه بمفهوم صحيح حريز قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن محرم غطّى رأسه ناسيا ، قال : «يلقي القناع عن رأسه يلبّي ، ولا شيء عليه» (27) وهو مع ضعفه لكونه من كلام السائل ، لا يدلّ على المدّعى . وفي حكمه الارتماس وتغطية المرأة وجهها من شهرة وجوب الشاة وعدم نصّ ، وسكوت بعض الأصحاب عنه ، وظاهر الأصحاب وفاقهم على تحريم ستر بعض الرأس أيضا عليه . واحتجّ عليه في المنتهى بأنّ النهي عن إدخال الشيء في الوجود يستلزم النهي عن إدخال أبعاضه فيه ، وقال : «ولهذا لمّا حرّم اللّه تعالى حلق الرأس تناول تحريم حلق بعضه». (28) واستثنوا مواضع : أحدها : ستره بعصام القربة ؛ لما رواه الصدوق في الصحيح عن محمّد بن مسلم أنّه سأل أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقي ، فقال : «نعم» . (29) وثانيها : تعصيبه بعصابة الصداع وبعصابة القروح والجروح ؛ لصحيحة معاوية بن وهب، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن يعصّب المحرم رأسه من الصداع» . (30) أو لما رواه الصدوق رضى الله عنهقال : وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل المحرم يكون به القرحة يربطها أو يعصّبها بخرقة؟ قال : «نعم» . (31) وثالثها : ما يستر منه عند وضع الرأس على المخدّة للمنام ؛ لما رواه زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلامقال : «له أن يغطّي رأسه ووجهه إذا أراد أن ينام» . (32) ويؤيّد جوازه في هذه المواضع قوله تعالى : «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (33) ، والقاعدة المشهورة من أنّ الضرورات تبيح المحرّمات . (34) ولا يبعد أن يقال : تجويز ستر بعض الرأس في هذه المواضع لعدم صدق ستر الرأس عرفا ، فيطّرد الجواز في غيرها أيضا ممّا لا يقال له ذلك عرفا ؛ لعدم نصّ على تحريم ستر بعض الرأس أصلاً ، وإنّما ورد النصّ فى¨ تحريم ستر الرأس ، فليرجع في ستر بعضه إلى صدق ستر الرأس ، فتأمّل . واعلم أنّه اجتمع في المرأة وجوب كشف جزء من الرأس مقدّمة لكشف الوجه ، ووجوب ستر جزء من الوجه مقدّمة لستر الرأس ، وقد صرّح الشهيد في الدروس (35) والعلّامة في المنتهى (36) بترجيح الثاني محتجّين بأنّها عورة ، فالاحتياط في الستر ، واحتجّ أيضا في الدروس بحصول مسمّى الوجه بفوات الجزء اليسير منه . وفيه : أنّه لو تمّ ذلك لعورض بحصول مسمّى الرأس بفوات اليسير منه ، والفرق تحكّم . قوله في صحيحة زرارة : (والمرأة عند النوم) .[ ح 1 / 7253] لا بأس أن تغطّي وجهها كلّه عند النوم .

.


1- . الكافي ، باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب ... ، ح 7 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 493 ، ح 16876 .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 307 ، ح 1050 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 184 ، ح 613 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 505 ، ح 16917 ؛ و ج 13 ، ص 153 ، ح 17461 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 38 ، ح 1053 . و رواه الصدوق في الفقيه ، ج 2 ، ص 356 ، ح 2687 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 506 ، ح 16921 .
4- . الفقيه ، ج 2 ، ص 356 ، ح 2686 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 511 ، ح 16936 .
5- . الفقيه ، ج 2 ، ص 354 ، ح 2679 ؛ وسائل الشيعة ، ج 1 ، ص 474 ، ح 1257 ، و ج 12 ، ص 512 ، ح 16939 .
6- . المبسوط للسرخسي ، ج 4 ، ص 7 و 33 ؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 185؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 302 و 304 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 268 269 و 271 و 323 .
7- . المغني ، ج 3 ، ص 302 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 268؛ و هذا المعنى بلفظ آخر تجدها في : السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 49 ؛ صحيح البخاري ، ج 1 ، ص42 ؛ صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 2 .
8- . الوقص : كسر النعق . مجمع البحرين ، ج 4 ، ص 190 (وقص) .
9- . السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 393 ؛ مسند الشافعي ، ص 358 .
10- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 171 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 308 ، ح 1054 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 505 506 ، ح 16918 .
12- . المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 304 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 271 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 268 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 308 ، ذيل الحديث 1052 .
14- . المغني ، ج 3 ، ص 305 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 323 324 .
15- . مسند أحمد ، ج 6 ، ص 30 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 411 412 ، ح 1833 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 48 .
16- . الفقيه ، ج 2 ، ص 342 ، ح 2625 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 495 ، ح 16881 .
17- . الفقيه ، ج 2 ، ص 342 ، ح 2626 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 495 ، ح 16883 .
18- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 791 .
19- . المبسوط ، ج 1 ، ص 351 .
20- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 790 .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 308 ، ح 1055 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 524 ، ح 16977 .
22- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 379 ، الدرس 100 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 313_ 314 ، ح 1080 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 536 ، ح 17011 .
24- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 814 .
25- . اُنظر : شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 185 ، لكنّه قال في ص 227 : «و في التظليل سائرا شاة ، و كذا الوغطّى رأسه بثوب ، أو طيّنه بطين يستره ، أو ارتمس في الماء ، أو حمل ما يستره» .
26- . اللمعة الدمشقيّة ، ص 59 .
27- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 307 ، ح 1050 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 184 ، ح 613 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 505 ، ح 16917 ؛ و ج 13 ، ص 153 ، ح 17461 .
28- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 789 .
29- . الفقيه ، ج 2 ، ص 346 ، ح 2642 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 508 ، ح 16925 .
30- . الحديث العاشر من باب العلاج للمحرم من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 308_ 309 ، ح 1056 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 507 ، ح 16923 .
31- . الفقيه ، ج 2 ، ص 346 ، ح 2643 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 529 ، ح 16990 .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 308 ، ح 1052 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 507 508 ، ح 16924 .
33- . الحجّ (22) : 78 .
34- . المعروف في لفظها : «الضرورات تبيح المحفظورات» . اُنظر : جامع الخلاف و الوفاق ، ص 143 ؛ كشف اللثام ، ج 7 ، ص 298 ؛ الحدائق الناضرة ، ج 7 ، ص 14؛ و ج 8 ، ص 243 .
35- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 380، الدرس 100.
36- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 791 .

ص: 28

. .

ص: 29

. .

ص: 30

. .

ص: 31

. .

ص: 32

باب الظّلال للمحرم

باب الظّلال للمحرملقد أجمع الأصحاب على تحريم التظليل سائرا للمحرم البالغ في المحمل والهودج وأشباههما من غير ضرورة ، وجوازه له في المنزل ، وإليه ذهب جماعة من العامّة منهم ابن عمر وأبو حنيفة ومالك وأحمد على ما حكي عنهم في المنتهى . (1) وفي الانتصار : وممّا ظنّ انفراد الإماميّة به ولهم فيه موافق القول بأنّ المحرم لا يجوز أن يستظلّ في محمله من الشمس إلّا عن ضرورة ، وذهبوا إلى أنّه يفدي بذلك إذا فعله بدم ، ووافق مالك في كراهية ذلك ، إلّا أنّنا ما نظنّ أنّه يوجب في فعله شيئا ، وباقي الفقهاء على خلاف ذلك . (2) ويدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف في الباب بعض ما نرويه عن قريب ، ويؤيّدها ما روي عن عبداللّه بن عمر أنّه رأى على رحل عمر بن عبداللّه بن أبي ربيعة عودا ستره من الشمس ، فنهاه . (3) وعن نافع، عن ابن عمر : أنّه رأى رجلاً محرما على رَحل قد رفع ثوبا على عود يستتر به من الشمس ، فقال : اضح لمَن أحرمت له . (4) واحتجّ عليه في الانتصار بإجماع الطائفة وبالاحتياط . (5) وحكى في المنتهى (6) عن الشافعي (7) أنّه رخّص فيه محتجّا بما رواه مسلم عن يحيى بن حصين ، عن جدّته اُمّ الحصين ، قال : سمعتها تقول : حججتُ مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله حجّة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة انصرف وهو على راحلته ، ومعه بلال واُسامة ، أحدهما يقود راحلته ، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول اللّه صلى الله عليه و آله من الشمس . (8) واُجيب عنه بأنّه على تقدير صحّته لعلّه صلى الله عليه و آله كان مضطرّا إليه ، ولا ريب في جوازه حينئذٍ . على أنّه ليس صريحا في أنّ رميه صلى الله عليه و آله جمرة العقبة هذا الرمي كان في يوم النحر ، فلعلّه كان ذلك في غيره من أيّام التشريق ، فيكون بعد الحلق ، وحينئذٍ حلّ له التظليل ؛ إذ بالحلق بعد الرمي والذبح يتحلّل المحرم من كلّ ما حرّمه الإحرام ما عدا النساء والطيب والصيد . هذا ، وظاهر أكثر الأصحاب تحريم الاستظلال بنحو اليد أيضا . ويدلّ عليه ما رواه الصدوق رضى الله عنهعن سعيد الأعرج أنّه سأل أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يستتر من الشمس بعود أو بيده ، فقال : «لا ، إلّا من علّة» . (9) ولا يبعد القول بكراهته للجمع بين هذا الخبر وقوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة في الباب السابق : «ولا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» . (10) وحكى في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال : «يستحبّ للمحرم أن لا يظلّل على نفسه ؛ لأنّ السنّة بذلك جرت ، فإن لحقه عَنَتٌ أو خاف من ذلك فقد روى عن أهل البيت عليهم السلام جوازه» . (11) فقد تشوّش كلامه بحيث يناقض آخرُهُ أوَّلَة ، إلّا أن يحمل الجواز فيه على الجواز من غير كراهية . واعلم أنّ التظليل المحرّم وإن كان مطلقا في أكثر الأخبار إلّا أنّ الأصحاب قيّدوه بما كان فوق رأسه ، صرّح بذلك جماعة منهم الشيخ في الخلاف حيث قال : «للمحرم أن يستظلّ بثوب ينصبه ما لم يكن فوق رأسه بلا خلاف ، وإذا كان فوق رأسه مثل الكنيسة والعمارية والهودج فلا يجوز له ذلك سائرا» . (12) ويدلّ عليه بعض الأخبار كخبري محمد بن الفضيل (13) ، وأجمع أهل العلم على جوازه اختيارا للمرأة والصبيّ ؛ لأصالة الجواز وانتفاء دليل على عدمه ، ولحسنة الكاهليّ (14) وخبر بكر بن صالح ، (15) ولما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن المحرم يركب القبّة؟ فقال : «لأ» ، قلت : فالمرأة المحرمة؟ قال : «نعم» . (16) وفي الصحيح عن حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس بالقبّة على النساء والصبيان وهم محرمون ، ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم» . (17) وفي الصحيح عن هشام بن سالم ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يركب في الكنيسة (18) فقال : «لا ، و هو للنساء جائز» . (19) وفي الصحيح عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يركب في القبّة؟ قال : «ما يعجبني ، إلّا أن يكون مريضا» ، قلت : فالنساء؟ قال : «نعم» . (20) وعن جميل بن درّاج ، والظاهر صحّته ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس بالظلال للنساء و [ قد] رخّص فيه للرجال» . (21) يعني في الضرورة ، ولا خلاف بين الأصحاب إلّا ما حكي عن ابن الجنيد في وجوب الكفّارة عليه للتظليل وإن كان مع الاضطرار . ويدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف في الباب ما رواه الشيخ في الصحيح عن سعد بن سعد الأشعريّ ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن المحرم يظلّل على نفسه؟ فقال : «أمن علّة؟» فقلت : يؤذيه حرّ الشمس وهو محرم ، فقال : «هي علّة يظلّل ويفدي» . (22) وفي الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، قال سأله رجل عن الظلال للمحرم من أذى مطر أو شمس وأنا أسمع فأمره أن يفدي شاة يذبهما بمنى . (23) وفي الصحيح عن محمّد بن إسماعيل قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الظلّ للمحرم من أذى مطر أو شمس ، قال : «أرى أن يفديه بشاة يذبحها بمنى» . رواه في المنتهى . (24) وعن عليّ بن محمّد القاشانيّ ، قال : كتبت إليه : المحرم هل يظلّل على نفسه إذا آذته الشمس أو المطر أو كان مريضا ، أم لا؟ فإن ظلّل هل يجب عليه الفداء أم لا؟ فكتب عليه السلام : «يظلّل على نفسه ويهريق دما إن شاء اللّه » . (25) وعن عبداللّه بن المغيرة ، قال : قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السلام : أُظلّل وأنا محرم؟ قال : «لا» ، قلت : فاُظلّل واُكفّر ، قال : «لا» ، قلت : فإن مرضت؟ قال : «ظلّل وكفّر» . ثمّ قال : «أما علمت أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : ما من حاجّ يضحى ملبّيا حتّى تغيب الشمس إلّا غابت ذنوبه معها» . (26) وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع أنّه سئل أبو الحسن عليه السلام وأنا أسمع عن الظلّ للمحرم في أذىً من مطر أو شمس أو قال من علّة فأمر بفداء شاة يذبحها بمنى وقال : «نحن إذا أردنا ذلك ظلّلنا وفدينا» . (27) ثمّ الظاهر تعدّد الكفّارة بتعدّد التظليل عرفا مطلقا ؛ لوجوب تعدّد المسبّبات بتعدّد الأسباب إلّا ما خرج بدليل . واحتمل بعض الأصحاب تعدّدها حسب تعدّد الأيّام كذلك . وفصّل الصدوق رضى الله عنهبين المختار والمضطرّ ، فاعتبر في الأوّل الأيّام ، وفي الثاني أوجب فدية واحدة لجملة المدّة . (28) وفي المدارك : ويستفاد من هذه الروايات عدم تكرار الفدية بتكرّر التظليل في النسك الواحد للعذر . وقوّى الشارح إلحاق المختار به أيضا في ذلك (29) ، وهو جيّد ؛ لأصالة عدم زيادة حكمه عن حكم المعذور . انتهى . (30) وفيه تأمّل . ولا فرق في ذلك على المشهور بين عمرة التمتّع وغيرها . وقال الشيخ قدس سره في التهذيب : «والمحرم إذا كان إحرامه للعمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ ثمّ ظلّل لزمه كفّارتان» . (31) واحتجّ عليه بما رواه عن أبي عليّ بن راشد ، قال : قلت له عليه السلام : جعلت فداك ، أنّه يشتدّ عليَّ كشف الظلال في الإحرام ؛ لأنّي محرور يشتدّ عليّ الشمس ، فقال : «ظلّل وأرق دما» ، فقلت له : دما أو دمين؟ قال : «للعمرة؟» قلت : إنّا نحرم بالعمرة وندخل مكّة فنحلّ ونحرم بالحجّ ، قال : «فأرق دمين» . (32) والظاهر أنّ المراد من الخبر ما إذا ظلّل في إحرام العمرة وفي إحرام الحجّ معا ، بقرينة ما رواه المصنّف عن أبي عليّ بن راشد (33) ، وربما حمل كلام الشيخ أيضا على هذا المعنى ، وهو بعيد ، والفدية مطلقا على المشهور شاة ؛ لدلالة أكثر الأخبار عليه . وعن ابن أبي عقيل وجوب صيام أو صدقة أو نسك ككفّارة الحلق (34) ، ولم أجد مستندا له . وأوجب (35) الصدوق (36) على ما حكي عنه إلى أنّ الواجب مدّ مستندا إلى خبر أبي بصير (37) ، وهو لندرته وضعفه غير قابل لمعارضة الأخبار المتقدّمة . قوله في حسنة عبداللّه بن المغيرة : (اِضحَ لمَن أحرمت له) .[ ح 2 / 7258] قال ابن الأثير في النهاية : في حديث ابن عمر رأى محرما قد استظلّ فقال : اِضحَ لمَن أحرمت له ، أي اظهر واعتزل الكِنّ والظلّ ، يُقال : ضحيت للشمس ، وضحيت أضحى فيهما ، إذا برزت لها وظهرت . قال الجوهري : يرويه المحدّثون أَضْحِ بفتح الهمزة وكسر الحاء ، وإنّما هو بالعكس . (38) والباء في قوله عليه السلام : «بذنوب المحرمين» ؛ بمعنى مع ، ويفهم منه العفو عن ذنوبهم عند الغروب . قوله في خبر أبي بصير : (إذا كانت فيه شقيقة) .[ ح 4 / 7260] في النهاية : الشقيقة : نوع من الصداع يعرض في مقدّم الرأس وأحد جانبيه . (39) قوله في صحيحة إبراهيم بن أبي محمود : (إذا كانت الشمس والمطر يضرّ به) [ ح 9 / 7265] ، كذا في أكثر النسخ على حذو ما في نسخ التهذيب (40) ، فالضمير عائد إلى كلّ واحد من الشمس والمطر ، وفي بعض النسخ يضرّان على لفظ التثنية ، وكأنّه من تصحيح الكتّاب .

.


1- . نفس المصدر . وانظر : المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 267 ؛ المغني ، ج 3 ، ص 282 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 269 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 340 .
2- . الانتصار ، ص 245 .
3- . المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 283 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 3 ، ص 269 .
4- . نفس المصدرَين .
5- . الانتصار ، ص 245 .
6- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 791 792 .
7- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 434 ؛ المغني ، ج 3 ، ص 282 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 269 .
8- . صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 80 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 130 .
9- . الفقيه ، ج 2 ، ص 355 ، ح 2683 ؛ وسائل الشيعه ، ج 12 ، ص 525 ، ح 16979 .
10- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 308 ، ح 1055 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 524 ، ح 16977 .
11- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 83 .
12- . الخلاف ، ج 2 ، ص 318 ، المسألة 118 .
13- . و هما ح 1 و 15 من هذا الباب من الكافي .
14- . هي الحديث العاشر من هذا الباب .
15- . هو الحديث 12 من هذا الباب .
16- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 312 ، ح 1070 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 515 516 ، ح 16953 .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 312 ، ح 1071 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 519 ، ح 16967 .
18- . الكنيسة : هي شيء يغرز في المحمل أو الرحل و يلقى عليه ثوب يستظلّ به الراكب ويستتر به . والجمع كنائس مثل كريهة و كرائم . مجمع البحرين ، ج 4 ، ص 100 (كنس) .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 312 ، ح 1072 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 516 ، ح 16956 .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 312 ، ح 1073 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 516 ، ح 16954 .
21- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 312 ، ح 1074 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 187 ، ح 628 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 518 ، ح 16962 .
22- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 310 311 ، ح 1064 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 186 ، ح 624 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 154 155 ، ح 17465 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 311 ، ح 1065 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 186 ، ح 625 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 155 ، ح 17467 .
24- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 792 . و هذا هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
25- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 310 ، ح 1063 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 187 ، ح 186 ، ح 623 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 154 ، ح 17462 .
26- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 313 ، ح 1075 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 187 ، ح 627 ، و لم يذكر ذيله ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 516 ، ح 16955 .
27- . الفقيه ، ج 2 ، ص 354 ، ح 2677 ؛ وسائل الشيعه ، ج 13 ، ص 155 ، ح 17468 .
28- . لم أعثر عليه في كتب الصدوق ، و القائل بهذا القول الحلبي في الكافي ، ص 204 .
29- . مسالك الأفهام ، ج 2 ، ص 486 .
30- . مدارك الأحكام ، ج 1 ، ص 443 .
31- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 311 ، ذيل الحديث 1066 .
32- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 311 ، ح 1067 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 156 ، ح 17470 .
33- . هو الحديث 14 من هذا الباب من الكافي .
34- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 176 .
35- . كذا في الأصل ، والمناسب : «ذهب» أو «مال» .
36- . المقنع ، ص 234 .
37- . الفقيه ، ج 2 ، ص 354 ، ح 2676 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 155 156 ، ح 17469 .
38- . النهاية ، ج 3 ، ص 77 (ضحا) . و كلام الجوهري في صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2407 .
39- . النهاية ، ج 2 ، ص 492 (شقق) .
40- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 311 ، ح 1066 .

ص: 33

. .

ص: 34

. .

ص: 35

. .

ص: 36

. .

ص: 37

. .

ص: 38

باب أنّ المحرم لا يرتمس في الماء

باب أنّ المحرم لا يرتمس في الماءلا خلاف بين الأصحاب في حرمة الارتماس على الرجل المحرم لاستتباعه ستر الرأس المحرّم عليه كما سبق ، ولما رواه المصنّف قدس سره في الباب ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا يرتمس المحرم في الماء» . (1) وفي الصحيح عن عبداللّه بن سنان ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : «لا تمسّ الريحان وأنت محرم ، ولا تمسّ شيئا فيه زعفران ، ولا تأكل طعاما فيه زعفران ، ولا ترتمس في ماء تدخل فيه رأسك» . (2) ولا يحرم عليه إفاضة الماء على رأسه ؛ لعدم صدق تغطية الرأس عرفا عليها ، ولما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يغتسل ، فقال : «نعم يفيض الماء على رأسه ولا يدلكه» . (3) وفي الصحيح عن حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا اغتسل المحرم للجنابة صبّ على رأسه الماء ، يميّز الشعر بأنامله بعضه من بعض» . (4) وما رواه الصدوق رضى الله عنه عن أبان ، عن زرارة ، قال : سألته عن المحرم ، هل يحكّ رأسه أو يغتسل بالماء إلى قوله : «ولا بأس بأن يغسله بالماء ، ويصبّ على رأسه ما لم يكن ملبّدا ، فإن كان ملبّدا فلا يفيض على رأسه الماء إلّا من احتلام» . (5) والظاهر حرمة الارتماس على المرأة أيضا ؛ لاستلزامه لستر الوجه المحرّم عليها ويومي إليها عطف الصائم على المحرم فيما رواه المصنّف من صحيحة يعقوب بن شعيب (6) ، وفيما رويناه في الباب السابق من صحيحة حريز . (7)

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 307 ، ح 1049 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 508 ، ح 16927 .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 307 ، ح 1048 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 508 ، ح 16926 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 313 ، ح 1079 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 535 ، ح 17010 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 313_ 314 ، ح 1080 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 536 ، ح 17011 .
5- . الفقيه ، ج 2 ، ص 360 ، ح 2705 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 536 ، ح 17012 .
6- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
7- . وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 519 ، ح 16967 .

ص: 39

باب الطيب للمحرم

باب الطيب للمحرمالطيب على ما ذكره جمع من الأصحاب : هو الجسم ذو الرائحة الطيّبة المتّخذ للشمّ غالبا غير الرياحين ، فما يطلب منه الأكل والتداوي كالثمار والأبازير الطيّبة الريح ونظائرهما خارج عنه . (1) وادّعى ابن إدريس تحريم مباشرة الطيب مطلقا على المحرم من غير استثناء شيء منه ، حيث قال : «ولا يجوز له أن يمسّ شيئا من الطيب» . ثمّ بعدما نقل بعض المذاهب فيه قال : «والأظهر من الطائفة تحريم الطيب ، على اختلاف أجناسه ؛ لأنّ الأخبار عامّة في تحريم الطيب فمن خصّصها بطيب دون طيب يحتاج إلى دليل» . (2) نعم ، جوّز الجواز من زقاق العطّارين وغيره ممّا يباع فيه الطيب من غير مباشرة له كما ستعرف . وبه قال الشيخ قدس سرهفي موضع من المبسوط ، إلّا أنّه استثنى خلوق الكعبة ، فقد قال في فصل : ما يجب على المحرم اجتنابه : ويحرم عليه الطيب على اختلاف أجناسه ؛ وأغلظها خمسة أجناس : المسك ، والعنبر ، والزعفران ، والعود ، وقد ألحق بذلك الورس ، وأمّا خلوق الكعبة فإنّه لا بأس به . (3) وهو ظاهر المفيد قدس سرهفإنّه لم يستثن من أنواع الطيب إلّا الخلوق (4) ، واستثناء الخلوق هو المشهور بين الأصحاب ، لم أجد مخالفا له سوى ابن إدريس ، بل ادّعى العلّامة رحمه اللهفي المنتهى (5) إجماع علمائنا على عدم تحريمه . ويدلّ عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن حمّاد بن عثمان ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن خلوق الكعبة وخلوق القبر يكون في ثوب الإحرام؟ فقال : «لا بأس به هما طهوران» . (6) وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المحرم يصيب بثيابه الزعفران من الكعبة؟ قال : «لا يضرّه ولا يغسله» . (7) وصحيح حمّاد يدلّ على استثناء خلوق قبر النبيّ صلى الله عليه و آله ، ولم أجد تصريحا به من الأصحاب ، وظاهرهم عدم استثنائه . وذهب جماعة من فحول الأصحاب منهم السيّد المرتضى (8) وسلّار (9) وابن أبي عقيل (10) والصدوق في المقنع (11) على ما حكي عنهم ، والشهيدان (12) إلى استثناء طيب زقاق العطّارين أيضا كالخلوق ؛ للضرورة ، ولحسنة هشام بن الحكم (13) ، وقد رواه الشيخ في الصحيح . (14) ويظهر من ابن إدريس عدم اختصاص ذلك بطيب زقاق العطّارين ، بل شموله لكلّ ما يباع فيه الطيب ، فإنّه قال : «ومتى اجتاز المحرم في موضع يُباع فيه الطيب لم يكن عليه شيء ، فإن باشره بنفسه أمسك على أنفه منه» . (15) وخالف فيه الشيخ في الخلاف ، قال : «وإن جاز في زقاق العطّارين أمسك على أنفه» . (16) وهؤلاء كلّهم حكموا بتحريم ما عدا الخلوق وطيب الزقاق ؛ لإطلاق الطيب أو عمومه في أكثر أخباره ؛ ومنها أكثر ما رواه المصنّف في الباب . وبالغ جماعة منهم ، فمال الشهيدان في الدروس (17) وشرح اللمعة (18) إلى تحريم الرياحين أيضا ما خلا الشيح (19) والخزامى (20) والقيصوم (21) والإذخر (22) ، وبذلك جمعا بين قول الصادق عليه السلام : «لا تمسّ ريحانا» في مرسل حريز (23) ، وقد رواه الشيخ عنه في الصحيح (24) ، وصحيح عبداللّه بن سنان (25) ، وبين مقطوع معاوية بن عمّار (26) في جواز شمّ الإذخر وأخواته . وظاهر المفيد قدس سره عدم جواز الإذخر وأخواته أيضا ، فإنّه قال : «ولا يشمّ شيئا من الرياحين الطيّبة» (27) ساكتا عن استثنائها . إلّا أن يُقال : إنّها ليست من الرياحين عنده كما حكي عن بعض . وفي شرح اللمعة (28) عدّ الورد والياسمين أيضا من الرياحين ، وقوّى حرمة شمّهما ، وهو خلاف المتبادر ؛ إذ المتبادر منها النباتات الطيّبة الريح من غير الأشجار . وفي المسالك حرّم شمّ الفواكه الطيّبة الريح أيضا حيث قال في شرح قول المحقّق : «المحظور الثاني : الطيب إلى قوله _ : ولا بأس بخلوق الكعبة وإن كان فيه زعفران ، وكذا الفواكه كالأترج والتفّاح» : (29) الظاهر أنّ قول المصنّف : (وكذا الفواكه) معطوف على خلوق الكعبة ، فيفيد جواز شمّها ، ويمكن أن يكون معطوفا على الطيب ؛ للرواية الصحيحة الدالّة على تحريمه ، وهو الأقوى . (30) وجزم به في الاستبصار . (31) ويدلّ عليه صحيح عليّ بن مهزيار (32) ، وهو وإن كان مرويّا عن ابن أبي عمير إلّا أنّ الظاهر أنّه سمعه عن الإمام عليه السلام . وقد رواه الشيخ عنه مسندا إليه عليه السلام ، ففي الصحيح عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن التفّاح والاُترجّ والنبق وما طابت ريحه ، فقال : «يمسك على شمّه ويأكل» . (33) والأشهر والأظهر حمل الأمر فيهما للندب ؛ للجمع بينهما وبين موثّق عمّار (34) ، ويؤيّده ما دلّ على اختصاص التحريم بأشياء خاصّة من الطيب ، وسيأتي عن قريب . وخصّه الشيخ قدس سره في موضع آخر من المبسوط (35) وفي الخلاف (36) والنهاية (37) بستّة أشياء : المسك ، والعنبر ، والكافور ، والزعفران ، والعود ، والورس ، وكره ما عداها من أنواع الطيب والرياحين . (38) وبه قال أكثر المتأخّرين . وخصّه في التهذيب بأربعة : المسك ، والعنبر ، والزعفران ، والورس ، وقال : «وقد روي العود» (39) ، يعني بدل الورس . وهو أحد وجوه الجمع له في الاستبصار (40) أيضا ، وهو ظاهر أكثر الأخبار ، رواها الشيخ في الصحيح عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الطيب : المسك ، والعنبر ، والزعفران ، والعود» . (41) وعن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء: المسك، والعنبر، والورس، والزعفران، غير أنّه يكره للمحرم الأدهان الطيّبة الريح». (42) وعن عبد الغفّار ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «الطيب : المسك ، والعنبر ، والزعفران ، والورس» . (43) ويدلّ زائدا على ذلك على المسك والكافور أيضا ما رواه الصدوق رضى الله عنه في الموثّق عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس للمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه مسك ولا كافور إذا اشتكى عينه» (44) ، الحديث . وسيأتي . وعلى الكافور ما ورد من النهي عن تطييب الميّت بالكافور ويأتي . وقد أجمعوا على أنّ الحنّاء ليس بطيب ؛ لما عرفت ، ولصحيحة عبداللّه بن سنان . (45) وما رواه الجمهور عن عكرمة : أنّ عائشة وأزواج النبيّ صلى الله عليه و آله كنّ يختضبن بالحنّاء في حال الإحرام . (46) ويؤيّدها عطفه على الطيب . ونسبة كونه طيبا إلى النسمة فيما يرويه المصنّف قدس سرهفي باب النوادر من كتاب النكاح في خبر السكوني ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «وسئل النبيّ صلى الله عليه و آله ما زينة المرأة للأعمى؟ قال : الطيب والخضاب ، فإنّه من طيب النسمة» . (47) نعم ، قالوا بكراهة الخضاب بها للمرأة لخبر أبي الصباح الكنانّي ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن امرأة خافت الشقاق ، فأرادت أن تحرم ، هل تخضب يدها [ قبل ذلك]؟ قال : «ما يعجبني أن تفعل ذلك» . (48) والعلّه في الكراهة كأنّها خوف الشبق من زوجها . وحكى في المنتهى (49) عن أبي حنيفة أنّه طيب تجب به الفدية (50) ؛ محتجّا بما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال لاُمّ سلمة : «لا تطيّبي وأنت محرمة ، ولا تمسّي الحنّاء ، فإنّه طيب» . (51) وأجاب عنه بأنّ راويه ابن لهْيَعَة ، وهو ضعيف . (52) على أنّه روى غيره : «فإنّه خضاب» (53) بدلاً عن قوله : «فإنّه طيب» ، فلا يصحّ الاحتجاج به . أقول : مع أنّه أمكن حمله على الكراهة ؛ للجمع بينه وبين ما رويناه عن عكرمة . وأجمعوا أيضا على أنّ العصفر ليس طيبا ؛ لأنّ استشمامه غير مقصود للعقلاء ، وإنّما يريدون به اللون ، ولأصالة إباحته وانتفاء دليل على تحريمه ، بل قد ورد من الطريقين ما يدلّ على جواز استعماله له . روى الشيخ عن أبان بن تغلب ، قال : سأل أبا عبداللّه عليه السلام أخي وأنا حاضر عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر ثمّ يغسل ، ألبسه وأنا محرم؟ قال : «نعم ، ليس العصفر من الطيب ، ولكن أكره أن تلبس ما يشهّرك بين الناس» . (54) وروى في المنتهى (55) عن ابن عمر : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله نهى النساء في إحرامهنّ عن القفّازين والنقاب وما أشبه الورس من النبات ، ولتلبس بعد ذلك ما أحبّت من ألوان الثياب من معصفر أو خزّ . (56) وعن القاسم بن محمّد : أنّ عائشة كانت تلبس الأحمرين الذهب والمُعصفر. (57) وبه قال الشافعيّ وأحمد . (58) واحتجّ عليه في العزيز بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ذكر فيما روي عنه المعصفر في جملة الثياب التي يلبسها المحرم . (59) وكأنّه أشار إلى ما ذكر . فأمّا صحيح عليّ بن جعفر ، قال : سألت أخي موسى عليه السلام : يلبس المحرم الثوب المشبّع بالعصفر؟ فقال : «إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس» (60) ، فليس صريحا في كون الطيب الذي فيه من المعصفر ، بل يحتمل كونه من غيره ، بل هو الأظهر . على أنّ البأس فيه شامل للكراهة . وحكى في المنتهى (61) عن الأصحاب أنّهم حكموا بكراهة لبس المشبّع من المعصفر ، وكأنّهم جمعوا بذلك بين الصحيحة المذكورة وما سبق عليه . وعن أبي حنيفة أنّه طيب تجب به الفدية (62) قياسا له على الورس والزعفران . وفيه ما فيه . وأمّا غير المعصفر فالظاهر عدم كراهته وإن كان مشبّعا ؛ للأصل ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبى بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سمعته يقول : «كان عليّ عليه السلام محرما ومعه بعض صبيانه وعليه ثوبان مصبوغان ، فمرّ به عمر بن الخطّاب ، فقال : يا أبا الحسن ، ما هذان الثوبان المصبوغان؟ فقال له عليّ عليه السلام : ما نريد أحدا يعلّمنا بالسنّة ، إنّما هما ثوبان مصبوغان بالمشق ، يعني بالطين» . (63) وروى الجمهور أنّ عمر بن الخطّاب أبصر على عبداللّه بن جعفر ثوبين مصرّحين وهو محرم ، فقال : ما هذه الثياب؟ فقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام : «ما أخال أحدا يعلّمنا بالسنّة» ، فسكت عمر . (64) وفي شرح اللمعة : «ويكره الإحرام في الثياب السود ، بل مطلق الملوّنة بغير البياض كالحمراء والمعصفرة وشبهها ، وقيّدها في الدروس (65) بالمشبّعة ، فلا يكره بغيره» (66) ، ولم أجد دليلاً عليهما . نعم ، يكون الفضل في البيض ؛ لعموم ما دلّ على ذلك ، وذلك لا يستلزم كراهة ما عداها ، فتأمّل . وقال صاحب المدارك : وذكر الشيخ (67) والعلّامة (68) وغيرهما أنّ أقسام النبات الطيّب ثلاثة : الأوّل : ما لا ينبت للطيب ولا يتّخذ منه ، كالشيح والقيصوم والخزامى وحَبَق (69) الماء ، والفواكه كلّها من الاُترجّ والتفّاح والسفرجل وأشباهه ، وهذا كلّه ليس بمحرّم ولا يتعلّق به كفّارة إجماعا . ويدلّ عليه صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا بأس أن تشمّ الإذخر والقيصوم والخزامى والشيح وأشباهه وأنت محرم» . (70) وصحيحة ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن التفّاح والاُترجّ والنبق وما طاب ريحه ، فقال : «يمسك عن شمّه ويأكله» . (71) ورواية عمّار الساباطي ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم أيتخلّل ، قال : «نعم ، لا بأس به» ، قلت له : أيأكل الاُترجّ؟ قال : «نعم» ، قلت له : فإنّ له رائحة طيّبة؟ فقال : «إنّ الاُترجّ طعام ، وليس هو من الطيب» . (72) الثاني : ما ينبته الآدميّون للطيب ولا يتّخذ منه طيب كالريحان الفارسي والمرزجوش والنرجس ، وقد اختلف الأصحاب في حكمه ، فقال الشيخ : إنّه غير محرّم ولا يتعلّق به كفّارة (73) ، واستقرب العلّامة في التحرير (74) تحريمه ، وهو غير واضح . نعم ، لو صدق عليه اسم الريحان عرفا لحقه حكمه . الثالث : ما يقصد شمّه ويتّخذ منه الطيب كالياسمين والورد والنيلوفر ، وقد وقع الاختلاف في حكمه أيضا ، واستقرب العلّامة في التذكرة (75) والمنتهى (76) التحريم ؛ لأنّ الفدية تجب فيما يتّخذ منه ، فكذا في أصله ، وهو استدلال ضعيف . والظاهر دخول هذا النوع قبل الجفاف في قسم الرياحين ، وقد اختار المصنّف كراهة استعمالها ، وسيجيء الكلام فيه ، وأنّ الأظهر تحريمها ؛ لقوله عليه السلام في رواية حريز : «لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب ولا من الريحان ، ولا يتلذّذ به» (77) ، وصحيحة عبداللّه بن سنان ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : «لا تمسّ الريحان وأنت محرم» . (78) انتهى . (79) والأقوى كراهة ما عدا الستّة المذكورة ، والاحتياط واضح . إذا تمهّد هذا فنقول : أجمع الأصحاب على حرمة ما ذكر من الطيب في الإحرام ابتداءً واستدامةً ، ووافقنا في الابتداء أهل الخلاف وإنّما اختلفوا في الاستدامة على ما ستعرف . ويدلّ عليه أخبار متظافرة من الطريقين ، منها : ما رواه المصنّف قدس سره ، ومنها : ما سبق ، ومنها : ما رواه البخاري عن ابن جريج ، عن عطاء : أنّ صفوان بن يعلى أخبره : أن يعلى قال لعمر : أرِني النبيّ صلى الله عليه و آله حين يوحى إليه؟ قال : فبينما النبيّ صلى الله عليه و آله بالجعرانة ومعه نفر من أصحابه إذ جاءه رجل فقال : يارسول اللّه ، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمّخ بطيب؟ فسكت النبيّ صلى الله عليه و آله ساعة ، فجاءه الوحي فأشار عمر إلى يَعلى ، فجاء يُعلى وعلى رسول اللّه ثوب قد أظلّ به ، فأدخل رأسه ، فإذا رسول اللّه صلى الله عليه و آله محمر الوجه ، وهو يغطّ ، ثمّ سُري عنه ، فقال : أين الذي سأل عن العمرة؟ فاُتي برجل ، فقال : «اغسل الطيب الذي بك ، وانزع عنك الجُبّة ، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجّك» ، فقلت لعطاء : أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرّات ، فقال : نعم . (80) وعن عبداللّه بن عمر : أنّ رجلاً قال : يارسول اللّه ، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «لا يلبس القمص (81) ولا العمائم ولا سراويلات ولا البرانس ولا الخفاف ، إلّا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفّين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسّه زعفران أو ورس» . (82) وعن عائشة أنّها قالت : لا تلثم ولا تبرقع ولا تلبس ثوبا بورس وزعفران . (83) وعن عبداللّه بن عبّاس ، قال : انطلق النبيّ صلى الله عليه و آله من المدينة بعدما ترجّل وادّهن ، ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية وإلازر تلبس ، إلّا المزعفرة التي تردع على الجلد (84) ، الحديث . واختلف العامّة في استدامته ، فالمشهور بينهم استحباب استعماله قبل الإحرام وإن بقي أثره بعده ؛ لما نقلوه من فعل النبيّ صلى الله عليه و آله . قال طاب ثراه : روى مسلم أحدا وعشرين حديثا عن عائشة في ذلك ؛ منها : أنّها قالت : كنت اُطيّب النبيّ صلى الله عليه و آله قبل الإحرام ، وفي الإحرام يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك . (85) ومنها : أنّها قالت : كنت اُطيّب رسول اللّه صلى الله عليه و آله بأطيب ما أقدر عليه قبل أن يحرم ، ثمّ يحرم . (86) ومنها : أنّها قالت : كأنّي أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو يلبّي . (87) ولذلك أجاز الشافعيّ وأبو حنيفة وكثير منهم الطيب قبل الإحرام بما يبقى بعده ، ومنعه مالك وجماعة . (88) انتهى . وربما ادّعى بعضهم أنّ التطيّب قبل الإحرام مطلقا من خصائصه صلى الله عليه و آله ؛ للقائه الملائكة ، أو لأنّ علّة حرمة الطيب على المحرم أنّه داع إلى الجماع ، وهو صلى الله عليه و آله مأمون منه . وفي العزيز : يستحبّ أن يتطيّب لإحرامه لما روى عن عائشة ، قالت : كنت اطيّب رسول اللّه صلى الله عليه و آله لإحرامه قبل أن يحرم وقبل أن يطوف بالبيت . (89) ولا فرق بين ما يبقى له أثر وجرم بعد الإحرام وبين ما لا يبقى . قالت عائشة : كأنّي أنظر إلى وبيص الطيب من مفارق رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو محرم . (90) ومن الأصحاب مَن رأى وجها أنّه ليس من السنن والمحبوبات ، وإنّما هو مباح ، ولا يفرق بين الرجال والنساء ، والاستحباب شامل للصنفين في ظاهر المذهب . وحكى في المعتمد قولاً عن الداركيّ (91) أنّه لا يستحبّ لهنّ التطيّب بحال ، و وجهها أنّه يجوز لهنّ التطيّب بطيب يبقى عينه ثمّ قال :وشرذمة روت عن أبي حنيفة المنع من ذلك ، وعند مالك يكره له التطيّب بما يبقى رائحته بعد الإحرام ، ويروى عنه منع التطيّب مطلقا ، ثمّ إذا تطيّب لإحرامه فله أن يستديم بعد الإحرام ما تطيّب به بخلاف ما إذا تطيّبت المرأة ، ثمّ لزمتها العدّة ، فإنّه تلزمها إزالته في وجه ؛ لأنّ في العدّة حقّ الآدمي ، فتكون المضايقة فيها أكثر ولو أخذه من موضعه بعد الإحرام وردّه إليه أو إلى موضع آخر لزمته الفدية . وروى الحناطيّ (92) فيه قولين . ولو انتقل من موضع إلى موضع [ باسالة العرق إيّاه] فوجهان ، أصحّهما : أنّه لا يلزمه شيء ؛ لتولّده عن مندوب إليه من غير قصد منه . والثاني : أنّ عليه الفدية إذا تركه كما لو أصابه من موضع آخر ؛ لأنّ في الحالتين أصاب الطيب موضعا لم يكن عليه طيب . هذا كلّه في البدن ، وفي تطييب إزار الإحرام وردائه وجهان : أحدهما : أنّه لا يجوز ؛ لأنّ الثوب ينزع ويلبس ، وإذا نزعه ثمّ أعاده كان كما لو استأنف لبس ثوب متطيّب ، وأصحّهما أنّه يجوز كما يجوز تطييب البدن . ووجه ثالث ، وهو الفرق بين أن لا يبقى عليه بعد الإحرام فيجوز ، وبين أن يبقى فلا يجوز كما لو شدّ مسكا في ثوبه واستدامه . قال الإمام : والخلاف فيما إذا قصد تطييب الثوب ، أمّا إذا طيّب بدنه فتعطّر ثوبه تبعا للإحرام فلا حرج بلا خلاف . (93) انتهى كلام العزيز . واعلم أنّه قال العلّامة رحمه الله في المنتهى : «الطيب حرام على المحرم ، وهو قول علماء الإسلام» . (94) وهو وإن كان بإطلاقه شامل لاستدامته أيضا لكنّه أراد البدأة به بعد الإحرام ؛ لما عرفت من مذاهب العامّة في استدامته ، ولأنّه قد نقل رحمه الله قبل ذلك أقوال العامّة بقوله : ولا ينبغي له أن يتطيّب للإحرام قبل الإحرام ، فإن فعله كان مكروها ، إلّا أن يكون ممّا يبقى رائحته إلى بعد الإحرام ، فإنّه يكون محرّما . وبه قال عليّ عليه السلام وعمر بن الخطّاب ومالك ومحمّد بن الحسن . وقال الشافعيّ : يستحبّ له أن يتطيّب للإحرام قبل الإحرام ، سواء كان طيبا تبقى عينه _ كالغالية والمسك أو تبقى رائحته كالبخور والعود . وبه قال عبداللّه بن الزبير وابن عبّاس وسعد بن أبي وقّاص واُمّ حبيبة وعائشة ومعاوية وأبو حنيفة وأبو يوسف ، وروي ذلك عن ابن الحنفيّة وأبي سعيد الخدريّ وعروة والشعبيّ ، وبه قال أحمد . (95) وقد سها صاحب المدارك حيث حمله على ظاهره ، فقد قال في شرح قول المحقّق : «فمن تطيّب كان عليه دم شاة : سواء استعمله صبغا أو اطلاءً ابتداءً أو استدامةً أو بخورا أو في الطعام» (96) : «هذا الحكم مجمع عليه بين العلماء ، حكاه في المنتهى» (97) فإنّ ظاهره كون الإشارة إلى وجوب الدم ؛ لاستعمال الطيب استدامةً أيضا ، وقد عرفت أنّه لم يرد العلّامة ذلك التعميم ، ومن هنا يعلم أنّه لا يجوز أيضا أن يكون المحكي ما ذكره في المنتهى في بحث كفّارة الطيب بقوله : «أجمع علماء الأمصار كافّة على أنّ المحرم إذا تطيّب عامدا وجب عليه دم» ؛ (98) لأنّا نقول : إنّما أراد بذلك أيضا إجماع العلماء على وجوب الدم ؛ لاستعمال الطيب ابتداءً في الإحرام ؛ بقرينة ما سبق منه من نقل الخلاف في تحريم استدامته المستتبع للخلاف في وجوب الدم لها . وقد صرّح هو بهذا الخلاف أيضا حيث قال بعد ما نقلنا عنه : أوّلاً : لو لبس ثوبا مطيّبا ثمّ أحرم وكانت الرائحة تبقى إلى بعد الإحرام وجب نزعه على ما قلناه أو إزالة الطيب عنه ، فإن لم يفعل وجب الفداء . أمّا الشافعيّ فيأتي على مذهبه أنّه لا يجب الفداء إلّا إذا نزعه ثمّ لبسه ؛ لأنّه لبس ثوبا مطيّبا بعد إحرامه . (99) ولو نقل الطيب من موضع من الثوب أو البدن إلى موضع آخر لزمه الفداء ؛ لأنّه ابتدأ الطيب بعد إحرامه . وكذا إذا تعمّد مسّه بيده أو نقله من موضعه وردّه إليه . (100) وجعل الإشارة في كلامه إلى مجرّد وجوب الدم من غير أن يلاحظ معه ما ذكره بعده من التعميم على أن يكون المعنى وجوب الدم لاستعمال الطيب المحرّم مجمعٌ عليه بين العلماء في غاية البُعد ، بل يخرج الكلام عن قانون كلام العرب ، فتأمّل . واعلم أنّه لا يشترط في تحريم الطيب عند الأصحاب كونه رطبا وفاقا لأكثر أهل الخلاف . وحكى في العزيز (101) عن بعضهم اشتراطه . هذا ، وفي حكم التطيّب الادّهان بالدهن المتطيّب ، فيحرم التدهّن به في الإحرام وقبله أيضا إذا بقى أثره إلى الإحرام . ويدلّ عليه صحيحة معاوية بن عمّار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج ، قال : «إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين ، وإن كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه» . (102) وبعض ما سيأتي من الأخبار . ولم أجد مخالفا له من الأصحاب إلّا ما حكي عن ابن حمزة أنّه كره استعماله قبل الإحرام إذا بقيت رائحته إلى الإحرام ، (103) وكأنّه تمسّك في ذلك بقوله عليه السلام : «غير أنّه يكره للمحرم الأدهان الطيّبة الريح» فيما رويناه سابقا عن معاوية بن عمّار عن أبي عبداللّه عليه السلام . (104) وأمّا الغير المطيّب منه كالزيت والسمن والشيرج ونظائرها فظاهر الأصحاب وفاقهم على جواز الادّهان به قبل الإحرام وإن بقي أثره . ويدلّ عليه أخبار ، منها : ما رواه المصنّف قبل ذلك في باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل المحرم يدّهن بعد الغسل ، قال : «نعم» . وادّهنّا عنده بسليخة بان ، وذكر أنّ أباه كان يدّهن بعدما يغتسل للإحرام ، وأنّه يدّهن بالدّهن ما لم يكن غالية أو دهنا فيه مسك أو عنبر . (105) ومنها : ما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : قال له ابن أبي يعفور : ما تقول في دهنه بعد الغسل للإحرام؟ فقال : «قبل وبعد ومع ليس به بأس» ، ثمّ دعا بقارورة بان سليخة ليس فيها شيء أي من الطيب فأمرنا ، فادّهنّا منها ، فلمّا أردنا أن نخرج قال : «لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة» . (106) وعن محمّد الحلبيّ أنّه سأله عن دهن الحنّاء والبنفسج ، أندهن به إذا أردنا أن نحرم؟ فقال : «نعم» . (107) ويستفاد ذلك من بعض الأخبار التي تأتي عن قريب . نعم ، يظهر من بعض الأخبار كراهته إذا بقى أثره إلى الإحرام ، فلا يبعد القول بها ولم أجد تصريحا من الأصحاب به . رواه محمّد بن مسلم في الصحيح ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا بأس بأن يدّهن الرجل قبل أن يغتسل للإحرام أو بعده» . وكان يكره الدّهن الخاثر الذي يبقى . (108) وأمّا الادّهان به في الإحرام فالمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ (109) وابن إدريس (110) والشهيدان (111) تحريمه . وسوّغه المفيد قدس سره في المقنعة (112) ، وهو منقول في المختلف (113) عن سلّار (114) وابن أبي عقيل وأبي الصلاح . (115) واحتجّ الأوّلون بحسنة معاوية بن عمّار (116) ، وبما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا تدّهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أنّ رائحته تبقى في رأسك بعدما تحرم وادّهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم ، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتّى تحلّ» . (117) وعن عليّ بن أبي حمزة ، قال : سألته عن الرجل يدّهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم ، فقال : «لا تدّهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ، ولا عنبر تبقى رائحته في رأسك بعدما تحرم ، وادّهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل وبعده ، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتّى تحلّ» (118) ؛ لإطلاق الدهن المنهي عنه في الإحرام في هذه الأخبار . واستند المجوّزون له بالأصل ، وبصحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمّل فليبطّه وليداوه بسمن أو زيت» . (119) وصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن محرم تشقّقت يداه ، فقال : «يدهنها بزيت أو سمن أو إهالة» . (120) ومرسلة أبان ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سئل عن رجل تشقّقت يداه ورجلاه وهو محرم يتداوى؟ قال : «نعم بالسمن والزيت» (121) ، الحديث . وخبر أبي الحسن الأحمسيّ ، قال : سأل أبا عبداللّه عليه السلام سعيد بن يسار عن المحرم تكون به القرحة أو البثرة أو الدمّل ، قال : «اجعل عليه البنفسج والشيرج وأشباهه ممّا ليس فيه الريح الطيّب» . (122) وما رواه الجمهور عن ابن عمر : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ادّهن وهو محرم . (123) واُجيب عن الأوّل بأنّ الأصل إنّما يصار إليه إذا لم يدلّ دليل على خلافه ، وقد ثبت الدليل عليه كما عرفت ، وعن أخبارنا بأنّها ظاهرة في الاضطرار ، وهو خارج عن محلّ النزاع ، بل يجوز الادّهان بالمطيّب منه أيضا . ويدلّ عليه صحيحة إسماعيل بن جابر ، وكانت عرضت له ريح في وجهه من علّة أصابته وهو محرم ، قال : فقلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّ الطبيب الذي يعالجني وصف لي سعوطا فيه مسك ، فقال : «استعط به» . (124) وصحيحة إسماعيل ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن السعوط للمحرم وفيه طيب ، فقال : «لا بأس به» . (125) و أمّا خبر ابن عمر ، فعلى تقدير صحّته ينبغى أن يحمل عليه . و يجوز أكل الدهن الغير المطيّب إجماعا من أهل العلم ، و الأخبار شاهدة عليه . و يؤيّدها الأصل ، والمطيّب منه ممنوع أكله كالادّهان به . واعلم أنّ الأصحاب اتّفقوا على أنّه لا فدية في الادّهان بغير المطيّب وإن قلنا بحرمته ، واحتجّ عليه الشيخ في الخلاف (126) بأصالة البراءة وانتفاء نصّ عليها ، وبما نقلناه عن ابن عمر . وأمّا العامّة فقد اختلفوا فيها على أربعة مذاهب ، فقال أبو حنيفة : فيه الفدية على كلّ حال . وقال الحسن بن صالح : لا فدية فيه بحال . وقال الشافعي : فيه الفدية في الرأس واللحية ، ولا فدية فيما عداهما . وقال مالك : إن ادّهن به ظاهر بدنه فعليه الفدية ، وإن كان في بواطن بدنه فلا فدية . (127) وأمّا الطيب منه ففي حكم الطيب في الفدية ، والمشهور وجوب شاة لاستعمال الطيب على المحرم العامد العالم بتحريمه وإن اضطرّ إليه . وتوقّف العلّامة رحمه اللهفي وجوبها على المضطرّ . (128) ولا فدية على الناسي والجاهل إجماعا ، كما هو شأن غير الصيد من محرّمات الإحرام . ويستفاد ذلك من أخبار ، منها : خبر زرارة (129) ، وقد رواها الصدوق رضى الله عنهفي الصحيح . (130) ومنها : ما رويناه في الصحيح عن معاوية بن عمّار (131) مقطوعا . ومنها : صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «من نتف إبطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ، ثوبا لا ينبغي له لبسه ، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله ، وهو محرم ، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلاً فليس عليه شيء ، ومَنْ فعله متعمّدا فعليه دم شاة» . (132) وفي مقابلها أخبار دلّت على أنّ فديته التصدّق بصدقة ، وهي مرسلة حريز (133) ورواية الحسن بن زياد (134) وخبر الحسن بن هارون (135) ، وقوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة عن أبي عبداللّه عليه السلام : «واتّق الطيب في زادك ، فمن ابتلى بشيء من ذلك فليعد غسله ، وليتصدّق بصدقة بقدر ما صنع قدر سعته أو قدر شبعه» (136) على اختلاف النسخ . وقد جمع بعض الأصحاب بينها وبين ما تقدّم بحمل هذه على حالة الجهل والنسيان ؛ حملاً للأمر بالصدقة فيها على الاستحباب ، ويشعر به آخر خبر الحسن بن هارون (137) ، وقوله عليه السلام : «إن كان بجهالة فعليه طعام مسكين» فيما رويناه عن معاوية بن عمّار (138) ، وبعض آخر بحمل هذه على الضرورة . وفي المنتهى حمل الصدقة فيها على الشاة ؛ معلّلاً بأنّ كلّ من أوجب فدية له أوجب الشاة . (139) وقال الصدوق رضى الله عنه في المقنع على ما حكى عنه في المختلف : (140) فإن أكلت خبيصا فيه زعفران حتّى شبعت منه وأنت محرم ، فإذا فرغت من مناسكك فأردت الخروج فابتع بدرهم تمرا وتصدّق به ، فيكون كفّارة لك كما دخل عليك في إحرامك ممّا لا تعلم به . (141) وكأنّه تمسّك في ذلك بخبر الحسن بن هارون ، وهو مع عدم صحّته قابل للتأويل على ما ذكر . وما ذكر من وجوب الفدية له مطلقا هو مذهب جمع من العامّة ، منهم الشافعيّ في قولٍ ، وحكي عن مالك وأصحاب الرأي عدم وجوب فدية له مطلقا إن مسّته النار (142) ، وكأنّهم إنّما قالوا بذلك إذا ذهبت رائحته كما صرّح به الشافعيّ في قوله الآخر . وحكى في العزيز عن الفخر الرازيّ قولاً بوجوب الفدية على الجاهل بكونه طيبا ، وعن مالك وأبي حنيفة والمزنيّ وجوبها على الناسي والجاهل أيضا ، وعن أحمد روايتين . (143) ثمّ اعلم أنّه كما يحرم على المحرم استعمال الطيب يحرم أيضا عليه قبض الأنف من الرائحة الكريهة ، ذكرها الأصحاب ودلّت عليه حسنتا معاوية بن عمّار وهشام بن الحكم (144) ، وقوله عليه السلام : «ولا تمسك عنه من الريح المنتنة» فيما رواه المصنّف من حسنة معاوية بن عمّار ، ومثله ما رواه في الحسن عن الحلبيّ (145) ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان والظاهر أنّه عبداللّه عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : «المحرم إذا مرّ على جيفة فلا يمسك على أنفه» . (146) ولكن لا فدية في تركه إجماعا ؛ للأصل وانتفاء دليل عليها . قوله في صحيحة عليّ بن مهزيار : (والنبق) .[ ح 16 / 7289] هو بسكون الباء وكسرها حِمل السدر ، واحدة نبقة ، وجمعه نبقات ككلم وكلمة وكلمات . (147)

.


1- . اُنظر : شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 238 ؛ مسالك الأفهام ، ج 2 ، ص 252 ؛ مدارك الأحكام ، ج 7 ، ص 322 .
2- . السرائر ، ج 1 ، ص 545 .
3- . المبسوط ، ج 1 ، ص 319 .
4- . المقنعة ، ص 432 .
5- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 785 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 299 ، ح 1016 ؛ و رواه الصدوق في الفقيه ، ج 2 ، ص 338 ، ح 2612 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 449 ، ح 16749 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 69 ، ح 226 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 449 ، ح 16748 .
8- . جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 66) ، فإنّه استثنى من حرمة الطيب خصوص خلوق الكعبه .
9- . اُنظر : المراسم العلويّة ، ص 105 ، فإنّه لم يستثنى غير خلوق الكعبه .
10- . لم أعثر عليه .
11- . اُنظر : المقنع ، ص 218 ، فانّه لم يذكر فيه الاستثناء .
12- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 373 ، الدرس 99 ؛ مسالك الأفهام ، ج 2 ، ص 254 .
13- . هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
14- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 300 ، ح 1018 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 180 ، ح 599 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 448 ، ح 16746 .
15- . السرائر ، ج 1 ، ص 545 .
16- . الخلاف ، ج 2 ، ص 307 .
17- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 373 ، الدرس 99 .
18- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 238 239 .
19- . الشِّيح : نبات سهليّ يتّخذ من بعضه المكانس ، وهو من الأمرار ، له رائحة طيّبة ولهم مرّ . لسان العرب ، ج 2 ، ص 500 (شيح) .
20- . الخُزامى : نبت طيّب الريح ، واحدته خزاماة . وقال أبوحنيفة : الخُزامى : بحشبة طويلة الصيدان ، صغيرة الورق ، حمراء الزهرة ، طيّبة الريح ، لها نور كنور البَنَفْسَج . لسان العرب ، ج 12 ، ص 176 (خزم) .
21- . القيصوم : ما طال من العشب ، وهو كالقيعون عن كراع . والقيصوم : من نبات السهل ، قال أبوحنيفة : القيصوم من الذكور ومن الأمرار ، وهو طيّب الرائحة من رياحين البرّ . لسان العرب ، ج 12 ، 486 (قصم) .
22- . الإذخر : حشيشة طيّبة الريح ، أطول من اليثّل . كتاب العين ، ج 4 ، ص 243 (ذخر) .
23- . هو الحديث الثاني من هذا الباب ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 443 ، ح 16729 ، و لفظه : «لا يمسّ المحرم شيئا من الطيب و لا الريحان ...» ، و المذكور في المتن هو نصّ رواية عبداللّه بن سنان .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 297 ، ح 1007 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 178 ، ح 591 .
25- . هو الحديث 12 من هذا الباب من الكافي .
26- . هو الحديث 14 من هذا الباب من الكافي .
27- . المقنعة ، ص 432 .
28- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 239 .
29- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 226 .
30- . مسالك الأفهام ، ج 2 ، ص 484 .
31- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 183 ، الباب 109 .
32- . هو الحديث 16 من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 445 ، ح 16765 .
33- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 305 306 ، ح 1042 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 183 ، ح 606 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 456 ، ح 16767 .
34- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 306 ، ح 1043 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 183 ، ح 607 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 455 ، ح 16766 .
35- . المبسوط ، ج 1 ، ص 352 .
36- . الخلاف ، ج 2 ، ص 302 ، المسألة 88 .
37- . النهاية ، ص 219 .
38- . صرّح بكراهة غير الستّة في النهاية ، و أمّا في المبسوط والخلاف فقد حكم بعدم الكراهة في غيرها .
39- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 299 ، ذيل الحديث 1012 .
40- . الاستبصار ، ج 2 ، ص 180 ، ذيل الحديث 598 .
41- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 299 ، ح 1014 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 179 180 ، ح 597 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 446 ، ح 16738 .
42- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 299 ، ح 1013 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 179 ، ح 596 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 445_ 446 ، ح 16737 .
43- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 299 ، ح 1015 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 180 ، ح 598 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 446 ، ح 16739 .
44- . الفقيه ، ج 2 ، ص 347 ، ح 2647 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 471 ، ح 16809 .
45- . هي الحديث 18 من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 451 ، ح 16756 .
46- . المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 274 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 311 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 3 ، ص 327 ؛ تلخيص الحبير ، ج 7 ، ص 515 ؛ المعجم الكبير ، ج 11 ، ص 86 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 4 ، ص 26 ، ذيل الحديث 2861 .
47- . الحديث 38 من الباب المذكور ؛ وسائل الشيعة ، ج 20 ، ص 167 ، ح 25322 .
48- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 300 ، ح 1020 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 181 ، ح 601 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 451 ، ح 16757 .
49- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 784 . و حكاه أيضا في تذكرة الفقهاء ،ج 7 ، ص 307 .
50- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص457 ؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 191 ؛ المجموع للنووي، ج 7 ، ص 282 .
51- . المعجم الكبير ، ج 23 ، ص 418 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 4 ، ص 26 ، ح 2861 ؛ كنز العمّال ، ج 5 ، ص 121 ، ح 12323 .
52- . و هو عبداللّه بن لهيعة بن عقبة بن فرعان أبو عبدالرحمن الفقيه قاضي مصر ، مات سنة 174 في خلافة هارون العبّاسي . اُنظر : تهذيب الكمال ، ج 15 ، ص 503487 ، الرقم 3513 ؛ سير أعلام النبلاء ، ج 8 ، ص 11 31 ، الرقم 4 .
53- . سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 516 ؛ سنن النسائي ، ج 6 ، ص 204 205 ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 3 ، ص 396 ، ح 5731 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 7 ، ص 441 ؛ المعجم الكبير ، ج 23 ، ص 419 ، و في الجميع : «لا تَمتشطي بالطيب و لا بالحنّاء فإنّه خضاب» .
54- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 69 ، ح 224 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 165 ، ح 541 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 481 ، ح 16838 .
55- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 784 .
56- . المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 486 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 47 .
57- . الطبقات الكبرى لابن سعد ، ج 8 ، ص 70 ؛ سير أعلام النبلاء ، ج 2 ، ص 188 ؛ تاريخ الإسلام ، ج 4 ، ص 252 ، و كان في الأصل : «العصفر» فصوّبناه حسب المصادر .
58- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 457 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 282 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 327 .
59- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 457 .
60- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 67 ، ح 217؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 165 ، ح 540 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 480 ، ح 16837 .
61- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 784 .
62- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 457 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 296 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 327 .
63- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 67_ 68 ، ح 219 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 482 483 ، ح 16482 .
64- . كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 161 ؛ مسند الشافعي ، ص 118 .
65- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 345 ، واجبات الإحرام .
66- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 235 .
67- . المبسوط ، ج 1 ، ص 352 .
68- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 784 ؛ تحرير الأحكام ، ج 2 ، ص 26 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 304 .
69- . الحبَق بالتحريك : النَعناع .
70- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 305 ، ح 1041 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 453 ، ح 16761 .
71- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 305 306 ، ح 1042 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 456 ، ح 16767 .
72- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 306 ، ح 1043 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 183 ، ح 607 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 455 ، ح 16766 .
73- . المبسوط ، ج 1 ، ص 352 .
74- . تحرير الأحكام ، ج 2 ، ص 27 .
75- . تذكرة الفقهاء ، ج7 ، ص 306 .
76- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 784 .
77- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 297 ، ح 1007 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 178 ، ح 591 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 443 ، ح 16729 .
78- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 307، ح 1048؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 445، ح 16733.
79- . مدارك الأحكام ، ج 7 ، ص 322 324 .
80- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 144 .
81- . المثبت من المصدر ، و في الأصل : «القميص» .
82- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 145 146 .
83- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 146 .
84- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 146 .
85- . صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 12 ، باب الطيب للمحرم عند الإحرام .
86- . صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 11 .
87- . نفس المصدر.
88- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 248 249 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 221 222 ؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 144 ؛ المغني و الشرح الكبير لابني قدامة ، ج 3 ، ص 227226 .
89- . صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 10 ؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 137 ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 337 ، ح 3665 ؛ صحيح ابن حبّان ، ج 9 ، ص 82 .
90- . مسند أحمد ، ج 6 ، ص 245 و فيه: «مفرق» بدل «مفارق». و مثله في ص 250 و 264 و 280 ؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 145 ؛ صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 12 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 34 .
91- . أبوالقاسم عبدالعزيز بن عبداللّه بن محمّد بن عبدالعزيز الداركي شيخ الشافعيّة بالعراق ، ولد بعد الثلاث مئة و نزل بغداد ، توفّي في شوال سنة خمس و سبعين و ثلاث مئة ، و دارك من أعمال أصبهان . راجع: سير أعلام النبلاء ، ج 16 ، ص 404 406 ، الرقم 293 .
92- . الحسين بن محمّد بن الحسن أبوعبداللّه الفقيه الطبري الحنّاطي ، قدم بغداد و حدّث بها و توفّي بعد سنه 400 ، من آثاره الكفاية في الفروق ، و الفتاوي . راجع: الأنساب للسمعاني ، ج 2 ، ص 275 ، معجم المؤلّفين ، ج 4 ، ص 48 .
93- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 247 251 .
94- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 783 .
95- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 674 . و انظر : الخلاف ، ج 2 ، ص 287 288 ، المسألة 64 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 227 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 222 223 ؛ المغني و الشرح الكبير لابني قدامة ، ج 3 ، ص 226 227 .
96- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 226 .
97- . مدارك الأحكام ، ج 8 ، ص 430 .
98- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 813 .
99- . المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 218 .
100- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 674 .
101- . اُنظر : فتح العزيز ، ج 7 ، ص 462 .
102- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 304 ، ح 1038 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 151 ، ح 17455 .
103- . الوسيلة ، ص 164 .
104- . وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 445 446 ، ح 16737 .
105- . الحديث الخامس من الباب المذكور ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 460 461 ، ح 16780 .
106- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 303 ، ح 1034 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 461 ، ح 16782 .
107- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 203 ، ح 1033 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 182 ، ح 604 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 461 ، ح 16783 .
108- . الكافي ، باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله من الطيب و الصيد . . . ، ح 4 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 460 ، ح 16779 .
109- . الخلاف ، ج 2 ، ص 303 ، المسألة 90 ؛ المبسوط ، ج 1 ، ص 321 ؛ النهاية ، ص 220 .
110- . السرائر، ج 1، ص 555.
111- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 375 ، الدرس 99 ؛ مسالك الأفهام ، ج 2 ، ص 261 .
112- . المقنعة ، ص 432 .
113- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 73 .
114- . المراسم العلويّة ، ص 213 .
115- . الكافي في الفقه ، ص 203 .
116- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
117- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 303 ، ح 1032؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 181 182 ، ح 603 ؛ و الحديث في الكافي ، باب ما يجوز للمحرم بعد اغتساله ... ، ح 2 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 458 ، ح 16773 .
118- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 302 ، ح 1031 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 181 ، ح 602 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 458 ، ذيل الحديث 16773 .
119- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 304 ، ح 1036 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 462 ، ح 16784 .
120- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 304 ، ح 1037 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 462 ، ح 16785 . و الإهالة : الشحم المذاب .
121- . الكافي ، باب العلاج للمحرم إذا مرض أو أصابه جرح أو خراج أو علّة ، ح 4 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 527 ، ح 16985 .
122- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 303 304 ، ح 1035 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 463 ، ح 16786 .
123- . مسند أحمد ، ج 2 ، ص 29 و 72 و 162 و 145 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 58 ؛ صحيح ابن خزيمة ، ج 4 ، ص 185 ، و في الجميع : «دهن غير مقتت» . أي غير مطيّب ، و هو الذي يطبخ فيه الرياحين حتّى تطيب ريحه . النهاية ، ج 4 ، ص 11 (قتت) .
124- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 298 299 ، ح 1012 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 179 ، ح 595 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 447 ، ح 16743 .
125- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 298 ، ح 1011 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 179 ، ح 594 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 447 ، ح 16744 .
126- . الخلاف ، ج 2 ، ص 303 _ 304 ، المسألة 90 .
127- . نفس المصدر ؛ فتح العزيز ، ج 7 ، ص 462 463 ؛ بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 190 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 282 .
128- . المذكور في تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 323 ؛ و منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 787 وجوب الفدية عليه .
129- . هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
130- . الفقيه ، ج 2 ، ص 350 ، ح 2663 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 150 151 ، ح 17451 .
131- . وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 151 ، ح 17455 .
132- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 369 370 ، ح 1287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 157 ، ح 17472 .
133- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
134- . هي الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
135- . هو الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .
136- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 304 305 ، ح 1039 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 444 ، ح 16731 ، و قوله عليه السلام «قدر شبعه» أو : «بقدر شبعه» ليس في صحيحة معاوية بن عمّار ، بل ورد في رواية حريز ، و هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي ، و فيه : «قدر سعته» ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 297 ، ح 1007 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 178 ، ح 591 .
137- . حيث ورد فيه : « . . . فيكون كفّارة لذلك و لما دخل في إحرامك ممّا لا تعلم» .
138- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 304 ، ح 1038 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 151 ، ح 17455 .
139- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 814 .
140- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 177 .
141- . المقنع ، ص 232 .
142- . المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 299 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 280 281 .
143- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 461 .
144- . هما ح 1 و 5 من هذا الباب من الكافي .
145- . هو الحديث الرابع من هذا الباب .
146- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 305 ، ح 1040 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 453 ، ح 16760 .
147- . صحاح اللغة ، ج 4 ، ص 1557 (نبق) .

ص: 40

. .

ص: 41

. .

ص: 42

. .

ص: 43

. .

ص: 44

. .

ص: 45

. .

ص: 46

. .

ص: 47

. .

ص: 48

. .

ص: 49

. .

ص: 50

. .

ص: 51

. .

ص: 52

. .

ص: 53

. .

ص: 54

. .

ص: 55

. .

ص: 56

. .

ص: 57

. .

ص: 58

. .

ص: 59

باب ما يكره من الزينة للمحرم

باب ما يكره من الزينة للمحرمالظاهر أنّه قدس سره أراد بالكراهة المعنى العام الشامل للحرمة ولو مجازا ، حيث يذكر أشياء اشتهر بين الأصحاب حرمتها ، أحدها : النظر في المرآة للزينة ، وهو حرام على الرجل والمرأة على قول الشيخ في التهذيب (1) والمبسوط (2) والنهاية (3) وابن إدريس (4) ، وهو منقول عن أبي الصلاح . (5) ويدلّ عليه حسنة حريز (6) ، وقد رواها الشيخ في الصحيح (7) ، وحسنة معاوية بن عمّار (8) ، وصحيحة معاوية ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا تنظر المرأة في المرآة للزينة» . (9) وعن ابن البرّاج (10) وابن حمزة (11) الكراهة حاملَيْنِ للنهي في الأخبار عليها مستندَيْنِ بأصالة البراءة ، وهو ظاهر الشيخ في الخلاف حيث قال : «يكره للمحرم النظر في المرآة ، رجلاً كان أو امرأة ، وبه قال الشافعي في سنن الحرملة (12) ، وقال في الاُمّ : لهما أن ينظرا في المرآة» (13) ، ثمّ احتجّ عليه بإجماع الفرقة وطريقة الاحتياط ، ويحتمل أن يريد بالكراهة الحرمة ، بل هو الأنسب لسياق كلامه . وثانيها : الاكتحال بالسواد ، أي بالإثمد للزينة ، وبتحريمه قال الشيخان (14) وتبعهما الأكثر (15) ؛ لما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب ، ولما يرويه في الباب الذي بعده من حسنة الكاهليّ (16) ، ولما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا يكتحل الرجل والمرأة المحرمان بالكحل الأسود إلّا من علّة» . (17) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : «لا بأس أن تكتحل وأنت محرم بما لم يكن فيه طيب توجد ريحه ، فأمّا للزينة فلا» . (18) وفي الصحيح عن حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا تكتحل المرأة المحرمة بالسواد ، إنّ السواد زينة» . (19) ويؤيّدها مفهوم صحيحة عبداللّه بن سنان ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «يكتحل المحرم إن هو رَمِد بكحل ليس فيه زعفران» . (20) وعن ابن الجنيد (21) وابن البرّاج (22) كراهته ، وكأنّهما بذلك القول جمعا بين ما ذكر وبين ما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا تكتحل المرأة عينها بكحل فيه زعفران ، ولتكتحل بكحل فارسي» . (23) وكلام الشيخ في الخلاف (24) هنا أيضا محتمل للأمرين . وثالثها : الاكتحال بما فيه طيب ، واشتهار حرمته بلغ مبلغا كاد أن يكون إجماعا . (25) ويدلّ عليه عموم ما دلّ على تحريم استعمال الطيب ، وخصوص مرسلة أبان (26) وحسنة معاوية بن عمّار الثانية ، (27) وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الموثّق عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس للمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه مسك ولا كافور إذا اشتكى عينيه» . (28) وعن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «يكتحل المحرم عينيه إن شاء بصبر ليس فيه زعفران ولا ورس» . (29) وحكى في المختلف (30) عن ابن البرّاج (31) كراهته محتجّا بالأصل ، ودفعه واضح .

.


1- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 302 ، ذيل الحديث 1028 .
2- . المبسوط للطوسي ، ج 1 ، ص 321 .
3- . النهاية ، ص 220 .
4- . السرائر ، ج 1 ، ص 546 .
5- . الكافي في الفقه ، ص 203 .
6- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 302 ، ح 1029 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 472 ، ح 16811 .
8- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
9- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 302 ، ح 1030 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 472 ، ح 16812 .
10- . المهذّب ، ج 1 ، ص 221 .
11- . الوسيلة ، ص 164 .
12- . فتح العزيز ، ج 7 ، ص 464 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 358 .
13- . الخلاف ، ج 2 ، ص 319 ، المسألة 119 .
14- . قاله المفيد في المقنعة ، ص 432 ؛ و الطوسي في المبسوط ، ج 1 ، ص 321 ؛ و النهاية ، ص 220 .
15- . اُنظر : الوسيلة لابن حمزة ، ص 163 ؛ مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 74 75 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 7 ، ص 324 ؛ مدارك الأحكام ، ج 7 ، ص 335 .
16- . هي الحديث الثالث من ذلك الباب .
17- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 301 ، ح 1023 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 468 ، ح 16798 .
18- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 302 ، ح 1028 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 470 ، ح 16804 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 301 ، ح 1025 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 469 ، ح 16800 .
20- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 301 ، ح 1026 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 469 ، ح 16801 .
21- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 75 .
22- . المهذّب ، ص 221 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 301 ، ح 1027 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 469 ، ح 16802 .
24- . الخلاف ، ج 2 ، ص 319 .
25- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 76؛ تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 324؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 335.
26- . هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
27- . هي الحديث الخامس من هذا الباب .
28- . الفقيه ، ج 2 ، ص 347 ، ح 2647 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 471 ، ح 16809 .
29- . الفقيه ، ج 2 ، ص 347 ، ح 2648 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 471 ، ح 16808 .
30- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 76 .
31- . المهذّب ، ج 1 ، ص 221 .

ص: 60

. .

ص: 61

. .

ص: 62

باب العلاج للمحرم إذا أصابه جرح أو خراج أو علّة

باب العلاج للمحرم إذا أصابه جرح أو خراج أو علّةفي الصحاح : «الخراج ما يخرج في البدن من القروح» . (1) وغرضه قدس سرهبيان جواز التداوي بالمحرّمات وإن كان بعضها موجبا للفدية . وقد سبق أكثر ما ذكر في الباب وبقي منها حلق الرأس ، فقد حكى الشيخ في التهذيب (2) عن المفيد رحمه الله أنّه قال في المقنعة : «مَن حلق رأسه من أذىً لحقه فعليه دم شاة ، أو إطعام ستّة مساكين ، لكلّ مسكين مُدّان من طعام أو صيام ثلاثة أيّام» (3) ، وهو منقول عن ابن أبي عقيل وابن الجنيد . (4) والأصل فيه قوله تعالى : «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» . (5) وتفسير الصيام والنسك فيه بثلاثة أيّام والشاة متّفق عليه خبرا وفتوى ، واختلف في تفسير الصدقة ، فدلّ مرسلة حريز (6) على ما ذكر ، ومثلها ما رواه الشيخ عن مثنّى ، عن زرارة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا اُحصِر الرجل فبعث بهديه فأذّاه رأسه قبل أن ينحر هديه ، فإنّه يذبح شاة مكان الذي اُحصِر فيه ، أو يصوم ، أو يتصدّق على ستّة مساكين ، والصوم ثلاثة أيّام ، والصدقة نصف صاع لكلّ مسكين» . (7) ويؤكّدهما ما رواه البخاريّ عن عبداللّه بن معقل ، قال : جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية ، فقال : نزلت فيَّ خاصّة وهي لكم عامّة ؛ حُمِلتُ إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله والقمل يتناثر على وجهي ، فقال : «ما كنت أرى الوجع يبلغ بك ما أرى ، أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى ، تجد شاة؟ فقلت : لا ، قال : «فصم ثلاثة أيّام أو اطعم ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع» . (8) واكتفى الشيخ في المبسوط (9) بالمدّ ، وحكاه في الدروس (10) عن المفيد ، وهو المطابق للمقنعة (11) التي عندي . وما حكاه الشيخ عنها أصوب ؛ لصراحة الأخبار المذكورة في المدّين ، ولم أجد خبرا في المدّ . نعم ، ورد في بعض الأخبار قدر الشبع ، لكن لعشرة ، رواه الشيخ عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «قال اللّه تعالى في كتابه : «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (12) ، فمن عرض له أذى أو وجع فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا فالصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام ، والنسك شاة يذبحها ، فيأكل ويطعم ، وإنّما عليه واحد من ذلك» . (13) وجمع الشيخ في كتابي الأخبار بينه وبين ما تقدّم بالقول بالتخيير ، وذهب الشهيد قدس سرهأيضا في اللمعة (14) إلى التخيير (15) المذكور ، لكن عيّن عشرة أمداد للعشرة ، وقوّاه في الدروس (16) ، وبه قال المقداد في كنز العرفان . (17) والتعيين غير مستند إلى ما يعتمد عليه ، والأوّل هو الأظهر ؛ لكثرة أخباره وشهرته بين الأصحاب ، ويؤيّدها ما ورد في طرق العامّة من إطعام ستّة ، ففي كنز العرفان : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال لكعب بن عجرة وقد قمل رأسه : «لعلّك آذاك هوامُّك؟» قال : نعم يارسول اللّه ، قال : «احلق رأسك وصم ثلاثة أيّام ، أو أطعم ستّة مساكين ، أو انسك شاة» . فكان كعب يقول : فيَّ نزلت هذه الآية . (18) وروى البخاريّ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : أنّ كعب بن عجرة حدّثه ، قال : وقف عليَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بالحديبيّة ورأسي يتهافت قمّلاً ، فقال : «يؤذيك هوامّك؟» قلت : نعم ، قال : «فاحلق رأسك أو [ قال :] احلق » ، قال : فيَّ نزلت هذه الآية «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ» (19) إلى آخرها ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : صم ثلاثة أيّام أو تصدّق بفرق بين ستة أو انسك» . (20) وبسندين آخرين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله رآه وقمّله يسقط على وجهه ، فقال : «أتؤذيك هوامّك؟» قال : نعم ، فأمره أن يحلق وهو بالحديبيّة ولم يتبيّن لهم أنّهم يحلّون بها ، وهم على طمع أن يدخلوا مكّة ، فأنزل اللّه تعالى الفدية ، فأمره رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يطعم فرقا بين ستّة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيّام» (21) ممّا تيسّر . بقي هناك أشياء لابدّ من التنبيه عليها : أحدها : الظاهر من الآية الكريمة والأخبار وجوب الفدية لمسمّى الحلق ، وبه صرّح جماعة من الأصحاب منهم الشيخ ، والظاهر وفاقهم عليه ، وخالف فيه العامّة ، ففي الخلاف : حدّ ما يلزم فيه الفدية ما يقع عليه اسم الحلق ، وحدّه الشافعي بثلاث شعرات فصاعدا إلى جميع الرأس ، وقال أبو حنيفة بحلق ربع الرأس ، وإن كان أقلّ من الربع فعليه الصدقة . (22) وثانيها : إطلاق المدّين يشمل غير الحنطة من القوت الغالب ، وفسّره طاب ثراه بأي جنس من الطعام ، خلافا لأبي حنيفة حيث قال : يجب مدّان من الحنطة وصاع من التمر والزبيب ، وقال أحمد : مدّ من البُرّ ومدّان من غيره . (23) وثالثها : يستفاد من الآية الكريمة ومن الأخبار المذكورة اختصاص ما ذكر من الفدية بما إذا كان الحلق لأذىً ، ولم أجد نصّا صريحا في غيره . نعم ، ورد في بعض الأخبار الدم خاصّة في الحلق من غير تقييد بالأذى ، وظاهره تعيّنه ، منها : صحيحة زرارة (24) ، ومثلها صحيحة زرارة (25) المتقدِّمة ، فلا يبعد القول به فيما إذا لم يكن الحلق لأذىً ؛ للجمع ، لكنّه خلاف ما ذهبوا إليه ، فإنّهم ذهبوا إلى التخيير مطلقا على ما يظهر من المنتهى ، ففيه : أجمع علماء الأمصار كافّة على وجوب الفدية على المحرم إذا حلق رأسه متعمّدا إلى قوله _ : والفدية تتعلّق بمَن حلق رأسه ، سواء كان لأذى أو لغير أذى ؛ لأنّ الآية دلّت على إيجاب الكفّارة على من حلق لأذى ، وكذا الأحاديث ، فمن حلق لغير أذى كان وجوب الكفّارة في حقّه أولى . (26) وفي موضع آخر منه : «التخيير في كفّارة الحلق بين الثلاثة قول علمائنا أجمع» . (27) قوله في مرسلة حريز : (وكلّ شيء في القرآن ، فإن لم يجد فعليه كذا فالأوّل الخيار) . [ ح 2 / 7299] الظاهر أنّه سقط من البين شيء من قلم المصنّف قدس سره أو الرواة أو النسّاخ . فإنّ الشيخ قدس سرهروى الخبر بعينه في التهذيب والاستبصار بسند آخر صحيح عن حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام بلا إرسال ، وفيه : «وكلّ شيء في القرآن أو فصاحبه بالخيار ، يختار ما شاء ، وكلّ شيء في القرآن ، فمن لم يجد فعليه كذا ، فالأوّل بالخيار» . (28) قوله في حسنة عبداللّه بن يحيى الكاهليّ : (قال : آخذ خرقتين فاربّعهما) . [ ح 3 / 7300] الظاهر أنّه من التربيع ، وأنّه استعمل هنا في المعنى المتعارف عند النسوان في عقد المنديل على الرأس وتعصيب العصابة ، ويقال له بالفارسيّة : «چهارته» ، وقيل : إنّه من ربعتُ الحجر ، إذا رفعته امتحانا للقوّة .

.


1- . صحاح اللغة ، ج 1 ، ص 309 (خرج) .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 333 ، ذيل الحديث 1146 .
3- . المقنعة ، ص 434 ، و كان في الأصل : «كلّ مسكين مدين ...» فصوّبته حسب المصدر .
4- . حكاه عنهما العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 166 .
5- . البقرة (2) : 196 .
6- . هي الحديث الثاني من هذا الباب .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 334 ، ح 1149 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 196 ، ح 658 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 167 ، ح 17496 .
8- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 208 209 .
9- . المبسوط ، ج 1 ، ص 349 350 .
10- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 382 ، الدرس 101 .
11- . المقنعة ، ص 365 ، و المذكور فيها : «مدّ» و نقل في هامشه عن نسختين منها : «مدّين» .
12- . البقرة (2) : 196 .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 333 334 ، ح 1184 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 195 196 ، ح 657 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 166 167 ، ح 17495 .
14- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 363 .
15- . في الأصل : «بالتخيير» .
16- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 381 382 ، الدرس 101 .
17- . كنز العرفان ، ج 1 ، ص 289 .
18- . نفس المصدر ، و تقدّم الحديث عن صحيح البخاري .
19- . البقرة (2) : 196 .
20- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 208 .
21- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 209 .
22- . الخلاف ، ج 2 ، ص 238 ، المسألة 98 . وانظر : فتح العزيز ، ج 7 ، ص 378 و 438 و 466 ؛ بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 5 و 117 ؛ و ج 2 ، ص 187 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 521 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 3 ، ص 263 264 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 374 .
23- . اُنظر : عمدة القاري ، ج 10 ، ص 163 .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 369_ 370 ، ح 1287 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 157 ، ح 17472 .
25- . وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 167 ، ح 17496 .
26- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 814 815 .
27- . منتهى المطلب ، ج 3 ، ص 815 .
28- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 333 ، ح 1147 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 195 ، ح 656 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 165 166 ، ح 17494 .

ص: 63

. .

ص: 64

. .

ص: 65

. .

ص: 66

باب المحرم يحتجم أو يقصّ ظفرا أو شعرا أو شيئا منه

باب المحرم يحتجم أو يقصّ ظفرا أو شعرا أو شيئا منهفيه مسائل :الاُولى : ذهب الشيخ في الخلاف (1) إلى كراهة الاحتجام للمحرم مدّعيا عليها إجماع الفرقة محتجّا على الجواز بأصالة الإباحة ، وعدم دليل على المنع ، وبما روي عن ابن عبّاس أنّه قال : احتجم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو محرم . (2) ويدلّ عليه أيضا ما رواه الصدوق رضى الله عنه في الفقيه عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام أنّه احتجم وهو محرم . (3) وفي الصحيح عن حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقلع الشعر» . (4) وفي العلل (5) عن مقاتل قال : رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام في يوم جمعة في وقت الزوال على ظهر الطريق يحتجم وهو محرم . (6) وعنه عن آبائه ، عن عليّ عليهم السلام : «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله احتجم وهو صائم محرم» . (7) وما رواه الشيخ قدس سره في الاستبصار عن يونس بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يحتجم؟ قال : «لا أحبّه» . (8) ونُسب هذا القول إلى الصدوق رضى الله عنه (9) أكثر العامّة، (10) وذهب في كتابيالأخبار (11) والمبسوط (12) إلى تحريمه من غير ضرورة ، وهو ظاهر المصنّف قدس سره ، وبه صرّح شيخنا المفيد (13) وابن إدريس (14) والشهيد (15) ، وحكي عن مالك (16) ، وهو الأظهر ؛ لحسنة الحلبيّ (17) وخبر مثنّى بن عبد السلام عن زرارة . (18) وما رواه الشيخ عن الحسن الصيقل ، عن أبي عبداللّه عليه السلام عن المحرم يحتجم ، قال : «لا ، إلّا أن يخاف التلف ولا يستطيع الصلاة» ، وقال : «إذا آذاه الدم فلا بأس به ، ويحتجم ولا يحلق الشعر» . (19) ويؤيّدها ما سيأتي من النهي عن الإدماء في أخبارٍ متعدّدة ، ولا تنافيها الأخبار الأوّلة ، فإنّ الظاهر أنّهم عليهم السلام إنّما احتجموا للضرورة ، وهو خارج عن محلّ النزاع ، ويستفاد من بعض ما أشرنا إليه من الأخبار تحريم الفصد والختان ونظائرهما ، وقد صرّح به أكثر الأصحاب . وفي حكم الإدماء الحكّ والدلك والسواك المفضية إليه ، فقد قال المفيد قدس سره : «ولا يدمي نفسه بحكّ جلده ولا يستقصي في سواكه ؛ كيلا يدمي فاه» . (20) وفي المبسوط : «لا يحكّ المحرم جلده حكّا يدميه ، ولا يستاك سواكا يدمي فاه» . (21) وبه صرّح جماعة اُخرى (22) ، وهو المشهور . ويدلّ عليه صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم كيف يحكّ رأسه؟ قال : «بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر» . (23) وصحيحة الحلبيّ ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يستاك؟ قال : «نعم ولا يدمي» . (24) وخبر عمر بن يزيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس بحكّ الرأس واللحية ما لم يلق الشعر ويحكّ الجسد ما لم يدمه» . (25) والشيخ في الخلاف (26) حكم بكراهة الدّلك وأطلق بناءً على قوله بكراهة الإدماء . (27) واعلم أنّ الظاهر عدم وجوب فدية للإدماء مطلقا ولو اختيارا ؛ لأصالة البراءة ، وعدم دليل عليه ، بل يستفاد ذلك من خبر عبد الرحمن ، قال : حدّثني جعفر بن موسى ، عن مهران بن أبي نصر وعليّ بن إسماعيل بن عمّار ، عن أبي الحسن عليه السلام ، قالا : سألناه ، فقال : «في حلق القفا للمحرم إن كان أحدٌ منكم يحتاج إلى الحجامة فلا بأس به ، وإلّا فليلزم ما جرى عليه الموسى إذا حلق» (28) حيث اقتصر عليه السلام في الشقّ الثاني على كفّارة الحلق . وفي شرح اللمعة : أنّه أقوى (29) ، وهو مشعر بوجود قول من الأصحاب بوجوبها . وفي الدروس : «وفدية إخراج الدم شاة ، ذكره بعض أصحاب المناسك . وقال الحلبيّ : في حكّ الجسم حتّى يدمي مدّ طعام لمسكين» (30) ولم أجد لهما مستندا . الثانية : أجمع أهل العلم على تحريم قصّ الظفر في الإحرام من غير ضرورة . ويدلّ عليه حسنة معاوية بن عمّار (31) ، وموثّقة إسحاق بن عمّار (32) ، ويؤيّدهما أخبار فديته . واختلفوا في مقدار فديتها ، فقال الشيخان (33) بوجوب مدّ لظفر ، ومدّين لظفرين ، وهكذا إلى تسعة أمداد أو لتسعة أظفار ، سواء في ذلك أظفار اليدين والرجلين ، وشاة لأظفار اليدين ، وشاة لأظفار الرجلين إن تعدّد المجلس ، وشاة واحدة لأظفارهما مع اتّحاده ، وبه قال الصدوق (34) ، وحكي عن السيّد المرتضى (35) وابن البرّاج (36) وابن إدريس (37) وسلّار (38) ، وهو المشهور بين المتأخّرين . فيدلّ عليه زائدا على ما رواه المصنّف من حسنة معاوية بن عمّار وموثّقة أبي بصير (39) ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل قلّم ظفرا من أظافيره وهو محرم ، قال : «عليه في كلّ ظفر قيمة مدّ من طعام حتّى يبلغ عشرة ، فإن قلّم أصابع يديه كليهما فعليه دم شاة» ، قلت : فإن قلّم أظافيره رجليه ويديه جميعا؟ فقال : «إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم ، وإن كان فعله متفرّقا في مجلسين فعليه دمان» . (40) وفي الصحيح عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «مَن قلّم أظافيره ناسيا أو ساهيا أو جاهلاً فلا شيء عليه ، ومن فعله متعمّدا فعليه دم» . (41) وعن الحلبيّ أنّه سأله عن محرم قلّم أظافيره ، قال : «عليه مدّ في كلّ إصبع» ، قال : «فإن هو قلّم أظافيره عشرتها فإنّ عليه دم شاة» . (42) وعن ابن الجنيد أنّه قال : من قصّ ظفرا كان عليه مدّ وقيمته ، وفي الظفران مدّان أو قيمتهما ، فإن قصّ خمس أظافير من يد واحدة أو زاد على ذلك كان عليه دم إن كان في مجلس واحد ، فإن فرّق بين يديه ورجليه كان عليه ليديه دم ولرجليه دم . (43) وكأنّه تمسّك في ذلك بصحيحة حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في المحرم ينسى فيقلّم ظفرا من أظافيره ، قال : «يتصدّق بكفّ من طعام» ، قلت : فاثنين؟ قال : «كفّين» ، قلت : فثلاثة؟ قال : «ثلاثة أكفّ كلّ ظفر كفَّ حتّى يصير خمسة ، فإذا قلّم خمسة فعليه دم واحد ، خمسة كان أو عشرة أو ما كان» . (44) ويؤيّدها مرسلة حريز . (45) لكنّ الصحيحة صريحة في النسيان ، وهو غير موجب للفدية هنا إجماعا ، والمرسلة غير قابلة لمعارضة الصحاح . على أنّهما قابلتان للحمل على الندب والاستحباب . وعن أبي الصلاح أنّه قال : «في قصّ ظفر كفّ من طعام ، وفي أظفار إحدى يديه صاع ، وفي أظفار كليهما دم شاة ، وكذلك أظفار رجليه» . (46) وكأنّه أراد بالصاع صاع النبيّ صلى الله عليه و آله ، وهو خمسة أمداد . واعلم أن لا كفّارة للقلم مع النسيان والجهل كسائر محرّمات الإحرام غير الصيد . ويدلّ عليه زائدا على الإجماع صحيحة زرارة المتقدّمة (47) ، وصحيحة أبي حمزة ، قال : سألته عن رجل قصّ أظافيره إلّا إصبعا واحدا ، قال : «نسى؟» قلت : نعم ، قال : «لا بأس» . (48) لا يقال : يدلّ موثّق إسحاق بن عمّار (49) على وجوبها مع الجهل . لأنّا نقول : إنّما يدلّ على ذلك لو عاد الضمير في عليه إلى من قلّم ، وهو ممنوع ، بل الظاهر عوده إلى المعنى . وقد ورد التصريح بذلك فيما رواه الشيخ قدس سرهبسندٍ آخر عن إسحاق الصيرفيّ وهو ابن عمّار المذكور أنّه قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : إنّ رجلاً أحرم فقلّم أظفاره ، فكانت إصبع له عليلة ، فترك ظفرها لم يقصّه ، فأفتاه رجل بعدما أحرم ، فقصّه فأدماه ، قال : «على الذي أفتاه شاة» . (50) ثمّ إنّ خبر الشيخ يدلّ على أنّ الشاة للقلم والإدماء جميعا ، وهو المشهور بين الأصحاب ، فليخصّ خبر الكتاب أيضا بذلك . الثالثة : تحرم إزالة الشعر بحلق ونتف وغيرهما إجماعا ، واختلفت أصنافه في الفدية ، وقد سبق حكم شعر الرأس . وفي المبسوط : «وإذا نتف أحد إبطيه فعليه أن يطعم ثلاثة مساكين ، فإن نتف إبطيه معا لزمه دم شاة» . (51) وكذا في سائر كتب الأصحاب (52) ، ولم أجد مخالفا له . ويدلّ عليه صحيحة حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا نتف الرجل إبطيه بعد الإحرام فعليه دم» . (53) وخبر عبداللّه بن جبلة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في محرم نتف إبطه ، قال : «يطعم ثلاثة مساكين». (54) فالابط فيما رواه المصنّف في الصحيح عن زرارة (55) محمول على الإبطين . و يظهر من بعض ما ذكر من الأخبار تحريم حلق القفا أيضا من غير ضرورة ، و هو المشهور بين الأصحاب . وأمّا شعر اللحية ، فقال المفيد قدس سره : «ومن أسبغ وضوءه فسقط منه شعرة فعليه كفّ من طعام ، فإن كان الساقط من شعره كثيرا فعليه دم شاة» . (56) ويفهم منه وجوب الفدية في غير الوضوء أيضا بالأولويّة، وإليه ذهب الشيخ في التهذيب. واحتجّ عليه بصحيحة هشام بن سالم (57) ، وبصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المحرم يعبث بلحيته فتسقط منه الشعرة والثنتان؟ قال : «يطعم شيئا» . (58) وخبر منصور ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في المحرم إذا مسّ لحيته فوقع منها شعرة ، قال : «يطعم كفّا من طعام أو كفّين» . (59) ويدلّ عليه أيضا حسنة الحلبيّ (60) ، وخبر الحسن بن هارون ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي أولع بلحيتي وأنا محرم ، فتسقط الشعرات ، قال : «إذا فرغت من إحرامك فاشتر بدرهم تمرا وتصدّق به ، فإنّ تمرة خيرٌ من شعرة» . (61) وخصّ الشيخ في المبسوط والشهيد في الدروس والمحقّق في الشرائع (62) وجوب الفدية بما إذا أسقط الشعر في غير الوضوء و ، هو أظهر ؛ لظهور أكثر الأخبار المذكورة في كون مسّ اللّحية للعبث ، وعدم خبر صريح في وجوبها للساقط في الوضوء ، بل ورد النصّ الصريح في عدم وجوبها حينئذٍ ؛ رواه الشيخ في الصحيح عن الهيثم بن عروة التميمي ، قال : سأل رجل أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة أو الشعرتان ، فقال : «ليس بشيء ، «ما جَعَلَ عَلَيْ_كُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (63) . (64) بل الظاهر عدم وجوبها للساقط منه في حال الغسل أيضا ؛ لما ذكر ، وللاشتراك في العلّة المستفادة من تلك الصحيحة . وعدّه في الدروس أقرب (65) ، بل لا يبعد إلحاق الطهارة عن الخبث أيضا بهما لما ذكر . وهو الظاهر من ابن البرّاج ، فإنّه أطلق الطهارة ، وقال على ما حكي عنه : «إن حكّ رأسه أو لحيته لغير طهارة فيسقط شيء من شعرهما بذلك فعليه كفّان من طعام ، وإن كان مسّهما للطهارة لم يكن عليه شيء» . (66) ولولا ظهور إجماع الأصحاب على وجوبها للساقط في غير الطهارة لأمكن القول باستحبابها له أيضا ؛ للجمع بين ما ذكر وبين صحيحة جعفر بن بشير ؛ قال : دخل السّاجي على أبي عبداللّه عليه السلام فقال : ما تقول في محرم مسّ لحيته فسقط منها شعرتان؟ فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «لو مسست لحيتي فسقط منها عشر شعرات ما كان عليَّ شيء» . (67) وخبر ليث المرادي ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يتناول لحيته وهو محرم يعبث بها ، فينتف منها الطاقات يبقين في يده خطأً أو عمدا؟ فقال : «لا يضرّه» . (68) وهذا الجمع أظهر من حمل الأولى على الخطأ ، ونفي الضرر في الثاني على نفي استحقاق العقاب كما فعله الشيخ ، كما لا يخفى . واعلم أنّ الأقوال المذكورة إنّما هي مع العمد ، وأمّا مع الجهل والنسيان فلا فدية إجماعا على ما هو المقرّر . ويدلّ عليه صحيحة زرارة . (69) وممّا ذكرنا يعلم عدم وجوب فدية لشعر سائر الجسد ممّا عدا الإبط ، فتأمّل .

.


1- . الخلاف ، ج 2 ، ص 315 ، المسألة 110 .
2- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 221 و 236 و 259 260 و 292 و 315 و 351 و 372 ؛ سنن الدارمي ، ج 2 ، ص 37 ، باب الحجامة للمحرم ؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 214 و ص 237 كتاب الصوم ؛ و ج 7 ، ص 14 15 كتاب الطبّ ؛ صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 22 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 2 ، ص 1029 ، ح 3082 .
3- . الفقيه ، ج 2 ، ص 348 ، ح 2651 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 514 ، ح 16946 .
4- . الفقيه ، ج 2 ، ص 348 ، ح 2651 ؛ و رواه الشيخ في الاستبصار ، ج 2 ، ص 183 ، ح 610 ؛ و تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 306 ، ح 1046 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 513 ، ح 16944 .
5- . كذا بالأصل ، و لم أعثر عليه في العلل ، و الحديث في العيون .
6- . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2 ، ص 19 ، الباب 30 ، ح 38 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 514 ، ح 16948 .
7- . نفس المصدر ، ح 39 ؛ وسائل الشيعة ، ج 10 ، ص 79 ، ح 12881 ؛ و ج 12 ، ص 514 ، ح 16949 .
8- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 306 ، ح 1045 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 183 ، ح 609 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 513 ، ح 16943 .
9- . نسب إليه العلّامة في منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 795 . و المذكور في المقنع ، ص 233 ، «ولا بأس أن يحتجم المحرم إذا خاف على نفسه» .
10- . اُنظر : المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 351 و 355 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 278 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 3 ، ص 328 .
11- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 306، ذيل الحديث 1046؛ الاستبصار، ج 2، ص 184، ذيل الحديث 610.
12- . المبسوط ، ج 1 ، ص 321 .
13- . المقنعة ، ص 432 .
14- . السرائر ، ج 1 ، ص 546 .
15- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 385 ، الدرس 101 .
16- . المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 355 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 278 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 328 .
17- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي .
18- . هو الحديث الثاني من هذا الباب .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 306 ، ح 1044 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 183 ، ح 608 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 513 ، ح 16942 .
20- . المقنعة ، ص 432 .
21- . المبسوط ، ج 1 ، ص 321 . و مثله في النهاية ، ص 221.
22- . منهم ابن إدريس في السرائر ، ج 1 ، ص 547 .
23- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 313 ، ح 1076 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 531 ، ح 16998 .
24- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 313 ، ح 1078 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 534 ، ح 17006 .
25- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 313 ، ح 1077 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 534 ، ح 17005 .
26- . الخلاف ، ج 2 ، ص 314 .
27- . في هامش الأصل : «فقد قال في موضع منه : [ الخلاف ، ج 2 ، ص 314] «و يكره له أن يدلك جسده و رأسه» ، و في موضع آخر : يجوز للمحرم أن يدخل الحمّام و إزالة الوسخ عن جسمه ، و يكره له دلك بدنه ، و به قال الشافعيّ إلا أ نّه لم يكره الدلك . و قال مالك : عليه الفدية . دليلنا : أنّ الأصل براءة الذمّة ، فمن حظره أو قال : وجب عليه شيء ، فعليه الدلاله منه عفي عنه .
28- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 306 307 ، ح 1047 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 513 514 ، ح 16945 .
29- . شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 241 .
30- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 386 ، الدرس 101 ؛ الكافي في الفقه ، ص 204 .
31- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
32- . هي الحديث السادس من هذا الباب .
33- . قاله المفيد في المقنعة ، ص 434 ؛ و الطوسي في الخلاف ، ج 2 ، ص 309 ، المسألة 100 ؛ و المبسوط ، ج 1 ، ص 349 ؛ و النهاية ، ص 232 .
34- . المقنع ، ص 238 .
35- . جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 70) .
36- . المهذّب ، ج 1 ، ص 224 .
37- . السرائر ، ج 1 ، ص 553 .
38- . المراسم العلويّة ، ص 120 .
39- . هما ح 3 و 5 من هذا الباب .
40- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 332 ، ح 1141 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 194 ، ح 651 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 162 ، ح 17486 .
41- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 333 ، ح 1145 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 195 ، ح 655 ؛ وسائل الشيعة ، ج 11 ، ص 160 ، ح 17482 .
42- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 332 ، ح 1142 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 194 ، ح 652 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 162 ، ح 17487 .
43- . عنه في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 165 .
44- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 332 ، ح 1143 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 194 ، ح 653 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 163 ، ح 17488 .
45- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
46- . الكافي في الفقه ، ص 204 .
47- . وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 162 ، ح 17487 .
48- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 332 333 ، ح 1144 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 195 ، ح 654 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 160 ، ح 17481 .
49- . هو الحديث السادس من هذا الباب .
50- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 333 ، ح 1146 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 164 165 ، ح 17492 ، و فيهما : «أفتى» بدل «أفتاه» .
51- . المبسوط ، ج 1 ، ص 350 .
52- . اُنظر : السرائر ، ج 1 ، ص 554 ؛ شرائع الاسلام ، ج 1 ، ص 227 ؛ تحرير الأحكام ، ج 2 ، ص 67 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 18 ؛ شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 361 .
53- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 340 ، ح 1177 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 199 ، ح 675 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 161 ، ح 17484 .
54- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 340 ، ح 1178 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 200 ، ح 676 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 161 ، ح 17485 .
55- . هو الحديث الثامن من هذا الباب .
56- . المقنعة ، ص 435 .
57- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 338 339 ، ح 1171 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 198 ، ح 669 ؛ وسائل الشيعة ، ج 11 ، ص 171 ، ح 17511 .
58- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 338 ، ح 1170 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 198 ، ح 668 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 171 ، ح 17508 .
59- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 338 ، ح 1169 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 198 ، ح 667 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 170 ، ح 17507 .
60- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب .
61- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 340 ، ح 1176 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 199 ، ح 674 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 171 ، ح 17510 .
62- . في هامش الأصل : «قال الشيخ في المبسوط [ ج 1 ، ص 350] : و إذا مسّ المحرم لحيته أو رأسه فوقع منهما شيء من شعره كان عليه أن يطعم كفّا من طعام أو كفّين ، فإن سقط شيء من شعر رأسه أو لحيته لمسّه لهما في حال الوضوء فلا شيء عليه . و قال الشهيد في الدروس الشرعيّة [ ج 1 ، ص 382] : ولو سقط من لحيته أو رأسه فعليه كفّ طعام ، ولو كان في الوضوء فلا شيء ، و كذا في الغسل على الأقرب . و قال المحقق نحوا منه في الشرائع [ ج 1 ، ص 227 ، محظورات الإحرام] ، منه عفى عنه» .
63- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 339 ، ح 1172 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 198 ، ح 670 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 172 ، ح 17512 .
64- . الحجّ (22) : 78 .
65- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 382 ، الدرس 101 .
66- . المهذّب ، ج 1 ، ص 226 ، ما يلزم المحرم على جناياته من الكفّارة .
67- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 339 ، ح 1173 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 198 ، ح 671 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 172 ، ح 17513 .
68- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 339 340 ، ح 1175 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 199 ، ح 673 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 172 ، ح 17514 .
69- . هي الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي .

ص: 67

. .

ص: 68

. .

ص: 69

. .

ص: 70

. .

ص: 71

. .

ص: 72

. .

ص: 73

. .

ص: 74

. .

ص: 75

باب المحرم يلقي الدواب عن نفسه

باب المحرم يلقي الدواب عن نفسهفيه مسألتان :الاُولى : قد اشتهر بين الأصحاب تحريم قتل القمّل وإلقائه عن الثوب والبدن على المحرم ، وأنّ كفّارتهما كفّ من طعام ، وجواز تحويله مع الإيذاء من موضع من الجسد إلى موضع آخر ، أحرز منه أو مساوٍ له . ويدلّ على ما سبق من حكاية كعب بن عجرة وتناثر القمل على وجهه ، فإنّه لو كان قتله أو إلقاؤه مباحا لما تركه كعب حتّى تبلغ حاله هذه الغاية . وما رواه المصنّف على تحريم قتله زائدا على ذلك ما رواه الصدوق رضى الله عنهعن أبي الجارود ، قال : سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قتل قملة وهو محرم؟ قال : «بئس ما صنع» ، قال : فما فداؤها؟ قال : «لا فداء لها» . (1) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : ما تقول في محرم قتل قملة؟ قال : «لا شيء في القملة ، ولا ينبغي أن يتعمّد قتلها» . (2) وعلى تحريم إلقائه زائدا عليه ما سنرويه عن أبي بصير ، وصحيحة الحلبيّ ، قال : حككتُ رأسي وأنا محرم ، فوقع منه قملات ، فأردت ردّهن ، فنهاني وقال : «تصدّق بكفّ من طعام» . (3) وخبر محمّد بن مسلم ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المحرم ينزع القملة عن جسده فيلقيها ، قال : «يطعم مكانها طعاما» . (4) وخبر حمّاد بن عيسى ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها ، قال : «يطعم مكانها طعاما» . (5) وخبر الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المحرم لا ينزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمّدا ، وإن قتل شيئا من ذلك خطأً فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده» . (6) وما سيأتي . و على جواز تحويله كذلك صحيحة معاوية بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المحرم يلقي الدواب كلّها إلّا القملة ، فإنّها من جسده ، وإذا أراد أن يحوّل قملة من مكان إلى مكان فلا يضرّه» . (7) وهذه وإن كانت مطلقة في المحلّ المحوّل إليه ، لكنّ الأصحاب قيّدوه بالأحرز أو المساوي ، وأرادوا بمقابلهما ما يكون معرضا للسقوط ، فإنّه يؤول إلى الإلقاء المحرّم . وأمّا الفدية لقتله فلم أجد خبرا صريحا فيها ، بل يدلّ خبر أبي الجارود وصحيح معاوية بن عمّار المتقدّمين على عدم وجوبها ، بل يظهر من الصحيح المشار إليه كراهة قتله أيضا . وخبر أبي الجارود قابل للحمل عليه . وأمّا حكاية كعب بن عجرة فقد مضت أنّ الفدية فيها لأذى الحلق . وصرّح بذلك الشيخ في المبسوط فقال : «ويجوز له قتل الزنابير والبراغيث والقمل ، إلّا أنه إذا قتل القمل على بدنه لا شيء عليه ، وإن أزاله عن جسمه فعليه الفداء ، والأولى أن لا يعرض له ما لم يؤذه» . (8) ثمّ قال بفصل : «ومَن نحّى عن جسمه قملة فرمى بها أو قتلها كان عليه كفّ من طعام» . (9) والظاهر أنّ قوله : «أو قتلها» معطوف على رمى بها لا على نحّى ، كما لا يخفى . وقال ابن حمزة على ما حكي عنه بجواز قتل القملة على بدنه (10) ، وهو المفهوم من كلام المفيد والسيّد المرتضى ؛ ففي المقنعة : «ومن نزع من جلده قملة فقتلها أو رمى بها فليطعم مكانها كفّا من طعامٍ» . (11) وقال السيّد على ما نقل عنه : «من نزع عن جسده قملة فقتلها أو رمى بها فليطعم مكانها كفّا من طعام» . (12) بل يظهر من بعض الأخبار عدم وجوب فدية لإلقائها أيضا ، فلا يبعد حمل الأخبار الأوّلة على الاستحباب . رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المحرم يحكّ رأسه فتسقط عنه القملة والثنتان ، قال : «لا شيء عليه ولا يعود» . قلت : كيف يحكّ رأسه؟ قال : «بأظافيره ما لم يدم ولا يقطع الشعر» . (13) بل لا يبعد القول بكراهة الإلقاء أيضا ؛ للجمع بين ما ذكر وبين ما رواه مُرّة مولى خالد ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يلقي القملة ، فقال : «إلقوها أبعدها اللّه غير محمودة ولا مغفورة ولا مفقودة» . (14) وهو أحد وجوه الجمع للشيخ قدس سرهحيث قال : ليس في هذه الروايات مخالفة لما قدّمناه ؛ لأنّها وردت مورد الرخصة ، ويجوز أن يكون المراد بها ، من يتأذّى بها فإنّه متى كان الأمر كذلك جاز له ذلك ، إلّا أنّه يلزمه الكفّارة حسب ما قدّمناه ، وقوله عليه السلام : «لا شيء» عليه يريد به لا شيء من العقاب ، أو لا شيء عليه معيّن ، كما يجب عليه فيما عدا ذلك من قتل الأشياء . (15) فتدبّر . الثانية : الهوام : والمشهور بين الأصحاب تحريم قتلها على الجسد ، وجواز إلقائها عنه ، سواء كانت من دواب جسد الإنسان كالبرغوث أو من غيرها كالقَراد والحلمة ونظائرهما . أمّا تحريم قتلها فيدلّ عليه ما رواه الصدوق رضى الله عنه في الموثّق عن أبان ، عن زرارة ، قال : سألته عن المحرم هل يحكّ رأسه أو يغسل بالماء؟ فقال : «يحكّ رأسه ما لم يتعمّد قتل دابّة ، ولا بأس بأن يغتسل بالماء ويصبّ على رأسه ما لم يكن ملبّدا (16) ، فإن كان ملبّدا فلا يفيض على رأسه الماء إلّا من احتلام» . (17) واحتجّ عليه في المنتهى بما رواه معاوية بن عمّار ، عن الصادق عليه السلام قال : «واتّقوا (18) قتل الدوابّ كلّها» ، (19) فإنّ الرواية هي الصحيحة التي رويناها فيما سبق . (20) والظاهر من الدوابّ فيها دوابّ الأرض ، وأمّا جواز إلقائها فللأصل من غير معارض ، بل صحيحة عبداللّه بن سنان (21) صريحة في جوازه في القراد (22) والحلمة . (23) ويستفاد من التعليل الذي فيها جوازه في غيرهما ممّا عدا دوابّ جسد الإنسان . وجوّز الشيخ في المبسوط (24) قتل البرغوث ، وقد حكينا كلامه ، ورجّحه الشهيد في اللمة. (25) ويدلّ عليه وعلى جواز قتل البقّة أيضا رواية زرارة عن أحدهما عليهماالسلام ، ويرويها المصنّف في الباب الآتي . (26) بقي هناك مسألة ؛ قال الشيخ قدس سره في التهذيب : «ولا بأس أن يلقى المحرم القراد عن بعيره ، وليس له أن يلقي الحَلمة» . واحتجّ عليه بما رواه عن معاوية بن عمّار ، قال : قال : «وإن ألقى المحرم القراد عن بعيره فلا بأس ، ولا يلقى الحلمة» . (27) وعن عمر بن يزيد ، قال : «لا بأس أن تنزع القراد عن بعيرك ، ولا ترم الحلمة» . (28) ويدلّ عليه أيضا ما يرويه المصنّف في الباب الآتي من حسنة حريز وخبر أبي بصير (29) ، وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن حريز ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ القراد ليس من البعير ، والحلمة من البعير» . (30) وعن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سألته عن المحرم ينزع الحلمة عن البعير ، قال : «لا ، هي بمنزلة القملة من جسدك» . (31) ثمّ الظاهر من التعليل المذكور في هذه الأخبار عدم جواز إلقاء القراد عن الغنم ، ولم أرَ من الأصحاب تصريحا به لا نفيا ولا إثباتا .

.


1- . الفقيه ، ج 2 ، ص 360 ، ح 2703 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 170 ، ح 17506 .
2- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 337 ، ح 1166 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 197 ، ح 664 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 169 ، ح 17504 .
3- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 337 ، ح 1163 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 169 ، ح 17502 .
4- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 336 ، ح 1159 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 196 ، ح 660 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 168 ، ح 17499 .
5- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 336 ، ح 1158 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 196 ، ح 659 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 168 ، ح 17500 .
6- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 336 ، ح 1160 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 196 197 ، ح 661 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 168 169 ، ح 17501 .
7- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 336 337 ، ح 1161 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 540 ، ح 17022 .
8- . المبسوط ، ج 1 ، ص 339 .
9- . نفس المصدر ، ص 350 .
10- . الوسيلة ، ص 163 ، في بيان موجبات الكفّارة .
11- . المقنعة ، ص 435 .
12- . جمل العلم و العمل (رسائل المرتضى ، ج 3 ، ص 71) .
13- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 337 ، ح 1165 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 197 ، ح 663 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 169 ، ح 17503 .
14- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 337 ، ح 1164 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 197 ، ح 662 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 540 ، ح 17023 .
15- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 338 ، ذيل الحديث 1166 .
16- . التلبيد : أن يجعل المحرم في رأسه شيئا من صمغ ليتلبّد شعره بقيا عليه لئلّا يشعث في الإحرام . صحاح اللغة ، ج 2 ، ص 534 (لبد) .
17- . الفقيه ، ج 2 ، ص 360 ، ح 2705 . و رواه الكليني في باب أدب المحرم من الكافي ، ح 7 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 534 ، ح 17007 .
18- . كذا بالأصل ، و في المصدر : «اتّق» .
19- . الكافي ، باب ما يجوز للمحرم قتله و ما يجب عليه فيه الكفّارة ، ح 2 .
20- . المذكور في المنتهى المطلب رواية الكافي التى ورد في ذيلها: «الّا الأفعي و العقرب . . .» و هذه الرواية ستأتي في الباب التالي . و أمّا ما تقدم فرواية اُخرى ذيلها يرتبط بالدهن و الطيب للمحرم .
21- . هي الحديث الرابع من هذا الباب الكافي.
22- . القراد، كغراب : هو ما يتعلّق بالبعير و نحوه ، و هو كالقمّل للإنسان . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 483 (ترد) .
23- . الحلمة: القراد العظيم. و الحلمة أيضا دودة تقع في جلد الشاة الأعلى و جلدها الأسفل. صحاح اللغة، ج 5، ص 1903 (حلم).
24- . المبسوط ، ج 1 ، ص 339 .
25- . لم يتعرّض الشهيد للبرغوث ، نعم ذكره الشهيد الثاني في شرح اللمعة ، ج 2 ، ص 246 و رجّحه .
26- . هي الحديث السادس من ذلك الباب .
27- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 338 ، ح 1167 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 542 ، ح 17028 .
28- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 338 ، ح 1168 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 543 ، ح 17031 .
29- . هما ح 8 و 9 من ذلك الباب .
30- . الفقيه ، ج 2 ، ص 364 ، ح 2720 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 543 ، ح 17029 .
31- . الفقيه ، ج 2 ، ص 364 ، ح 2721 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 543 ، ح 17030 .

ص: 76

. .

ص: 77

. .

ص: 78

. .

ص: 79

. .

ص: 80

باب ما يجوز للمحرم قتله وما يجب عليه فيه الكفّارة

باب ما يجوز للمحرم قتله وما يجب عليه فيه الكفّارةقد سبق تحقيق الصيد المحرّم على المحرم وعلى المحلّ في الحرم ، وأنّ الكفّارة فيهما مختلفة ، وتجتمع الكفّارتان على المحرم في الحرم ، ويأتي تمام القول فيه في أبواب الكفّارات إن شاء اللّه تعالى . قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (فإنّها توهي السّقاء) إلخ .[ ح 2 / 7324] وهي السّقاءُ يهي وهيا : تخرّق وانشقّ ، وأوهيته فوهى . (1) والكلب العقور : الكلب الجارح من عقره إذا جرحه (2) ، ويحتمل أن يُراد به الذئب ، والأسود الغدر : الحيّة القتّال بالسمّ . (3) وقال طاب ثراه : الحِدأة كعِنبة تشمل الذكر والاُنثى ، وسمّيت الفأرة بالفويسقة لخروجها بالأذاية عن جنسها من الحيوان ، وقيل : لخروجها عن الحرمة التي لغيرها في أنّها تقتل في الحلّ والحرم ، (4) وهذان الوجهان أولى من قول الفراء : إنّها سمّيت بذلك لخروجها عن جحرها (5) ؛ لعدم اختصاصه بها . قوله في خبر أبي بصير : (يُقرد البعير) [ ح 9 / 7331] أي يزيل قراده ، فقد جاء باب الإفعال بهذا المعنى .

.


1- . صحاح اللغة ، ج 6 ، ص 2531 2532 (وهي) .
2- . النهاية ، ج 3 ، ص 275 (عقر) .
3- . اُنظر : مجمع البحرين ، ج 2 ، ص 450 (سود) .
4- . مجمع البحرين ، ج 3 ، ص 352 (فأر) .
5- . مجمع البيان ، ج 1 ، ص 133 ، تفسير الآية 26 من سورة البقرة ؛ غريب الحديث لابن قتيبة ، ج 1 ، ص 106 .

ص: 81

باب المحرم يذبح ويحتشّ لدابّته

باب أدب المحرم

باب المحرم يذبح ويحتشّ لدابّتهأراد قدس سره بالذبح ذبح الحيوانات الأهليّة ، وبالاحتشاش قلع حشيش الحرم لعلف الدواب . وقد عرفت إجماع أهل العلم على جواز الأوّل وتحريم الثاني إلّا من مواضع مخصوصة معدودة فلا نعيدهما .

باب أدب المحرمأراد بالأدب المعنى العام ، وفيه مسائل : الاُولى : ظاهر مرسل ابن فضّال (1) جواز دخول الحمّام للمحرم من غير كراهة ، وهو ظاهر المصنّف قدس سرهوظاهر الشيخ في الخلاف حيث قال : يجوز للمحرم أن يدخل الحمّام وإزالة الوسخ عن جسمه ، ويكره له دَلك بدنه ، وبه قال الشافعيّ غير أنّه لم يكره الدلك (2) . وقال مالك : عليه الفدية . (3) إلّا أن يقال أراد بكراهة الدلك حرمته كما يشعر به قوله بعدما ذكر : «دليلنا : أنّ الأصل براءة الذمّة ، فمن حظره أو قال : وجب شيء فعليه الدلالة» . (4) والمشهور بين الأصحاب كراهته ، صرّح به جماعة منهم الشيخ في المبسوط . (5) الثانية : ظاهر صحيح حمّاد بن عيسى (6) عدم جواز تلبية المنادي للمحرم ، ويؤيّده ما رواه الصدوق رضى الله عنهقال : وفي خبر آخر : «إذا نودي المحرم فلا يقل لبّيك ، ولكن يقول : يا سعد» (7) ، وهو ظاهر المصنّف قدس سره ، وحُملا في المشهور على الكراهة ؛ لما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : «يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نُودي وهو محرم» . (8) وعن سليمان بن جعفر ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن التلبية وعلّتها ، فقال : «إنّ الناس إذا أحرموا ناداهم اللّه تعالى ذكره ، فقال : عبادي وإمائي ، لأحرمنّكم على النار كما أحرمتم لي ، فيقولون : لبّيك اللّهمَّ لبّيك ؛ إجابةً للّه عزّ وجلّ على ندائه إيّاهم» (9) ، فيكره أن يشرك فيها غيره في حال الإحرام ، فتأمّل . الثالثة : يستفاد من خبر زرارة (10) جواز التلبية للمحرم وإن كان مشتملاً على ستر الرأس بعض الستر ، وهو أن يطلي رأسه بعسل أو صمغ ؛ ليجمع الشعر ويتلبّد ، فلا يتخلّله اّلغبار ولا يصيبه الشعث ولا يأوي فيه القمل وشبهه . وقد روى الجمهور أيضا عن ابن عمر أنّه قال : «رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يهلّل ملبّدا» (11) ، وبه صرّح الأصحاب وغيرهم ، ولم أجد مخالفا له من الفريقين ، بل لا يبعد القول باستحبابه .

.


1- . هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
2- . كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 159 ؛ مختصر المزني ، ص 66 ؛ فتح العزيز ، ج 7 ، ص 463 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 355 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 265 .
3- . بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 265 ؛ المدوّنة الكبرى ، ج 1 ، ص 389 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 355 .
4- . الخلاف ، ج 2 ، ص 314 ، المسألة 108 .
5- . المبسوط ، ج 1 ، ص 322 .
6- . هو الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
7- . الفقيه ، ج 2 ، ص 326 ، ح 2584 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 561 ، ح 17086 .
8- . الفقيه ، ج 2 ، ص 326 ، ح 2583 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 561 ، ح 17086 .
9- . الفقيه ، ج 2 ، ص 196 ، ح 2124 ؛ وسائل الشيعة ، ج 12 ، ص 375 ، ح 16552 ، و فيهما : «ندائه لهم» بدل «ندائه إيّاهم» .
10- . هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
11- . صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 145 ؛ و ج 7 ، ص 59 ؛ صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 8 ؛ سنن ابن ماجة ، ج 2 ، ص 1013 ، ح 3047 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 393 ، ح 1747 ؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 136 ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 337 ، ح 3663 .

ص: 82

باب المحرم يموت

باب المحرم يموتيحرم استعمال الكافور في غسل الميّت المحرم وتحنيطه به ، رجلاً كان أو امرأة بإجماع الفريقين . ويدلّ عليه ما رواه المصنّف في الباب ، وقد سبق بعض الأخبار من طرق العامّة في ذلك ، وهل يجوز تغطية رأسه؟ فالظاهر ذلك ؛ لأصالته من غير معارض يعتدّ به ، وعدم جواز إلحاقه بالحيّ ، ولا قياس التغطية بالطيب ، ولقوله عليه السلام في موثّق أبي مريم : «وخمّروا وجهه ورأسه» . (1) ونسبه في المنتهى (2) إلى علمائنا ، وظاهره وفاقهم عليه ، وحكاه عن عائشة وعبداللّه بن عمر وطاووس والأوزاعيّ وأبي حنيفة . (3) ونقل بعض المتأخّرين عن السيّد المرتضى منعه (4) ، و هو الظاهر من قوله عليه السلام : «يصنع به كما يصنع بالمحلّ» ، (5) لكنّه مخصّص بقرينة ما ذكر . وقد نقله في المنتهى (6) عن عطاء والثوريّ والشافعيّ (7) وأحمد (8) محتجّين بما رواه ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال في حقّ الأعرابي الذي وقص به بعيره : «ولا تخمّروا رأسه ، فإنّ اللّه تعالى يبعثه ملبّيا» . (9) وأجاب بأنّه معارض بما ذكر ، ثمّ احتمل أنّ يكون ذلك خاصّا به . وأمّا تغطية وجهه فلا ريب في جوازها ولم يخالف فيه أحد من الأصحاب . ويدلّ عليه أكثر أخبار الباب من غير معارض أصلاً ، ولا يتوهّم المنع منها إلّا في المرأة ، وهو ممنوع ببطلان القياس . وقد نقل في المنتهى عدم جوازها عن أحمد في إحدى الروايتين . (10) قوله : (عن ابن فضّال) .[ ح 3 / 7351] هو أحمد بن الحسين بن عليّ بن فضّال ، فقد روى الشيخ في التهذيب هذا الخبر بعينه عن عليّ بن الحسين بن بابويه ، عن سعد بن عبداللّه ، عنه مصرّحا بذلك الاسم . والأبواء : هو بفتح الهمزة وسكون الموحدة موضع بين الحرمين الشريفين زادهما اللّه شرفا . (11) وروي فيه مثله عن ابن سنان ، عن عبد الرحمن ، عن أبي عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يموت ، كيف يصنع به؟ فقال : «إنّ عبد الرحمن بن الحسن مات بالأبواء مع الحسين وهو محرم ، ومع الحسين عبداللّه بن العبّاس وعبداللّه بن جعفر ، وصنع به كما يصنع بالميّت ، وغطّى وجهه ولم يمسّه طيبا» وقال : «وذلك كان في كتاب على¨ّ عليه السلام » . (12)

.


1- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ح 1 ، ص 330 ، ح 966 ؛ وسائل الشيعة ، ج 2 ، ص 504 505 ، ح 2763 .
2- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 178 ط جديد ؛ و ج 1 ، ص 432 ط قديم ، و ج 2 ، ص 812 ، و الموجود في الأخيرة : «إجماعا» ، و المذكور في الأوّل عن مالك و أبي حنيفة و الأوزاعي أنّه يصنع به كما يصنع بالحلال .
3- . حكى في عمدة القاري ، ج 8 ، ص 51 عن هؤلاء أنّه يصنع به ما يصنع بالحلال ، و مثله في المجموع للنووي ، ج 5 ، ص 210 ؛ و المغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 406 ؛ و الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 2 ، ص 332 .
4- . اُنظر : جامع المقاصد ، ج 1 ، ص 398 .
5- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي ؛ و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 329 ، ج 964 ؛ وسائل الشيعة ، ج 2 ، ص 503 ، ج2760 ؛ و ج 12 ، ص 550 ، ج 17054 .
6- . منتهى المطلب ، ج 7 ، ص 178 ، و في ط القديم ، ج 1 ، ص 432 .
7- . المغني ، ج 2 ، ص 406 ؛ الشرح الكبير ، ج 2 ، ص 332 ؛ عمدة القاري ، ج 8 ، ص 51 ؛ و عن الشافعي في بدائع الصنائع ، ج 1 ، ص 308 .
8- . عمدة القاري ، ج 8 ، ص 51 ؛ فتح العزيز ، ج 5 ، ص 129 .
9- . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 221 ؛ صحيح البخاري ، ج 2 ، ص 75 و 76 باب في الجنائز ؛ صحيح مسلم ، ج 4 ، ص 23 باب ما يفعل بالمحرم إذا مات ؛ سنن أبي داود ، ج 2 ، ص 87 ، ح 3238 ؛ سنن النسائي ، ج 5 ، ص 196 ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج 2 ، ص 379 ، ح 3838 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 3 ، ص 391 باب المحرم يموت .
10- . منتهى المطلب ، ج 1 ، ص 443 ، و في ط الحديث ج 7 ، ص 256 . وانظر : فتح العزيز ، ج 5 ، ص 129 .
11- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 330 ، ح 966 ؛ وسائل الشيعة ، ج 2 ، ص 504 505 ، ح 2763 .
12- . تهذيب الأحكام ، ج 1 ، ص 329 ، ح 963 ؛ و ج 5 ، ص 383 ، ح 1337 ؛ وسائل الشيعة ، ج 2 ، ص 503 ، ح 2759 .

ص: 83

. .

ص: 84

باب المحصور والمصدود وما عليهما من الكفّارة

باب المحصور والمصدود وما عليهما من الكفّارةقد سبق أنّ المشهور بين الأصحاب جواز التحلّل للمحرم إذا مُنِعَ عن إتمام الحجّ والعمرة بمرض أو عدوّ مطلقا ، اشترط أو لا ، وأنّه يوهم كلام بعضهم اشتراطه بالاشتراط ، وحقّقنا القول فيه ، والأصل فيه قوله تعالى : «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (1) ، فقد صرّح بعض الأصحاب بأنّ المراد بالإحصار فيه المنع الشامل للقسمين . ولا ينافي ذلك نزوله في صدّ الحديبيّة ؛ إذ كثيرا مّا كان سبب نزول آية خاصّا ويكون حكمها عامّا ، ولا التفريع بقوله : «فَإِذا أَمِنْتُمْ» ، فإنّه يشمل الأمن من المرض أيضا كما فسّر به في كنز العرفان (2) وغيره من تفاسيرنا . (3) ولا يعبأ بقول من قال من أهل اللّغة : إنّ الإحصار مخصوص بالمرض زعما منه أنّه إنّما يقال في العدوّ الحصر ، وأنّه يقال : أحصره المرض إحصارا فهو مُحصَرٌ ، وحَصَره العدوّ فهو محصور (4) ؛ فإنّه يعارضه النزول في الحديبيّة . على أنّ العلّامة رحمه اللهنقل في المنتهى (5) عن الفرّاء أنّه قال : «أحصره المرض لا غير ، وحصره العدوّ وأحصره معا» (6) ، وهو نصّ في عموم الإحصار ، وإنّما يدلّ على أنّه لا يقال في المرض : الحصر ، وهو خارج عن الفرض . ويدفع هذا أيضا قول من هو اُسّ الفصاحة وأساسها ، فقد قال الصادق عليه السلام : «المحصور هو المريض» . (7) وظهر مّما ذكرنا فساد قول ابن إدريس (8) وجمهور العامّة (9) ، حيث خصّ أوّل الآية بالمريض معلّلاً بما ذكر من قول بعض أهل اللغة ، واستفاد حكم المصدود من فعل النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة ، وخصّوها اولئك بالمصدود معلّلين بنزولها بالحديبيّة ، وبقوله تعالى : «فَإِذَا أَمِنتُمْ» . ولكن اختلفوا هؤلاء في حكم المريض فوافقنا في جواز تحلّله أيضا أبو حنيفة (10) وأحمد في إحدى الروايتين عنه وابن مسعود والثوريّ والنخعيّ (11) ؛ محتجّين بقوله صلى الله عليه و آله : «من كُسر أو عرج فقد حلّ ، وعليه الحجّ من قابل» . (12) وجوّزه الشافعيّ مع الاشتراط في قول على ما حكى عنه في العزيز (13) محتجّا بما روي من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لضباعة بنت الزبير : «أما تريدين الحجّ؟» فقالت : أنا شاكية ، فقال : «حجّي واشترطي أنّ محلّي حيث حبستني» . (14) ومنعه الشافعيّ مطلقا وإن اشترط في قول آخر (15) ؛ محتجّا عليه بما روي عن ابن عبّاس أنّه قال : لا حصر إلّا حصر العدوّ (16) ، وبأنّه لا يستفيد بالتحلّل زوال المرض ، وبأنّه عبادة لا يجوز الخروج منه بغير عذر ، فلا يجوز بالشرط أيضا كالصلاة . وهو محكي عن مالك وعن أحمد أيضا في الرواية الاُخرى . (17) ولقد أعجب مالك حيث منع حكم الصدّ أيضا في العمرة محتجّا بأنّه لا يخاف فوتها . (18) ويردّه عموم الآية ، وتحلّل النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة ، وهو إنّما كان معتمرا يومئذٍ ، وهؤلاء المانعون قالوا : يجب عليه الصبر إلى زوال العذر ، فإن كان معتمرا أتمّها بعد زوال العذر ، وإن كان حاجّا فإن تمكّن من الإتمام أتمّ ، وإلّا تحلّل بعمرة مفردة . هذا ، وربّما يخصّ المريض باسم المحصور والآخر بالمصدود . ويدلّ عليه أخبار الباب ، وصحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «المحصور غير المصدود» . وقال : «المحصور هو المريض ، والمصدود هو الذي ردّه المشركون كما ردّوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ليس من مرض ، والمصدود تحلّ له النساء ، والمحصور لا تحلّ له النساء» (19) ، وكلام أكثر الأصحاب في المسألة مبني على هذا الاصطلاح . إذا عرفت هذا فنقول : هناك مسائل لابدّ من تحقيقها : الاُولى : ما به يتحقّق الصدّ والحصر ، أمّا الحجّ فقد أجمع الأصحاب على تحقّقهما فيه بالمنع عن الموقفين أو عن أحدهما مع فوت الآخر ، والظاهر اختصاص الحصر فيه بذلك ، ففي ما عداه يصير إلى زوال المرض أو يستنيب في بعضها (20) ، كما يظهر كلٌّ في موضعه . وأمّا الصدّ عمّا عداهما فقد اختلفوا في مواضع ، ففي المدارك : فإن كان المنع يعني في الصدّ عن نزول منى خاصّة استناب في الرمي والذبح كما في المريض ، ثمّ حلق وتحلّل وأتمّ باقي الأفعال ، فإن لم يمكنه الاستنابة في ذلك احتمل البقاء على إحرامه ؛ تمسّكا بمقتضى الأصل وجواز التحلّل لصدق الصدّ ، فيتناوله العموم ، وهو متّجهٌ . وكذا الوجهان لو كان عن مكّة ومنى . وجزم العلّامة في التذكرة (21) والمنتهى (22) بالجواز ؛ نظرا إلى أنّ الصدّ يفيد التحلّل من الجميع فمن بعضه أولى . وهو حسن . ولو كان المنع من مكّة خاصّة بعد التحلّل بمنى فقد استقرب الشهيد في الدروس (23) البقاء على إحرامه بالنسبة إلى الطيب والنساء والصيد ، واستوجهه المحقّق الشيخ عليّ في حواشي القواعد ، قال : «لأنّ المحلّل من الإحرام إمّا الهدي للمصدود والمحصور أو الإتيان بأفعال يوم النحر والطوافين والسعي ، فإذا شرع في الثاني وأتى بمناسك منى يوم النحر تعيّن عليه الإكمال ؛ لعدم دليل على جواز التحلّل بالهدي حينئذٍ ، فيبقى على إحرامه إلى أن يأتي بباقي المناسك» . (24) ويمكن المناقشة فيه بأنّ عموم ما تضمّن التحلّل بالهدي مع الصدّ متناول لهذه الصورة ، والامتناع في حصول التحلّل بكلّ من الأمرين ، والمتّجه التحلّل بالهدي هنا أيضا مع خروج ذي الحجّة ؛ للعموم ، ولما في الحكم ببقائه كذلك إلى القابل من الحرج . (25) وأمّا في العمرة فإنّما يتحقّقان بالمنع من دخول مكّة ، والظاهر هنا أيضا انحصار الحصر بذلك ، ففي أفعالها يحمل أو يستنيب على ما يأتي في محلّه . وأمّا الصدّ ففي المدارك : لا ريب في تحقّقه بالمنع من دخول مكّة ، وكذا بالمنع من الإتيان بأفعالها بعد الدخول ، ولو منع من الطواف خاصّة استناب فيه مع الإمكان ، ومع التعذّر قيل : يبقى على إحرامه إلى أن يقدر عليه أو على الاستنابة . ويحتمل قويّا جواز التحلّل مع خوف الفوات ؛ للعموم ونفي الحرج اللّازم من بقائه على الإحرام . وكذا الكلام في السعي وطواف النساء في المفردة . (26) انتهى . ولعلّ ما ذكره في غير عمرة التمتّع ، وأمّا فيها فالظاهر وجوب الصبر عليه إلى زوال المانع إلّا أن يضيق الوقت فيعدل إلى حجّ الإفراد إن أمكنه إدراك الحجّ ، فتأمّل . الثانية : المشهور بين الفريقين وجوب هدي التحلّل على المحصور والمصدود جميعا . ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين وقد سبقت ، وقوله تعالى : «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» (27) على ما عرفت من عموم الإحصار فيه . وحكى في المنتهى (28) عن بعض الأصحاب وعن مالك (29) اختصاصه بالمحصور ، وقال ابن إدريس : «هو الأظهر ؛ لأنّ الأصل براءة الذمّة ، ولقوله تعالى : «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» أراد به المرض ؛ لأنّه يقال : أحصره المرض وحصره العدوّ» . (30) وبما ذكرنا يظهر دفعه . واحتجّ مالك بأنّه تحلّل ابيح له من غير تفريط فأشبه من أتمّ حجّه . ودفعه واضح . وهل يسقط ذلك الهدي بالاشتراط؟ فقد سبق القول فيه . وهل يجزي هدي السياق عنه أم لا؟ يدلّ خبر رفاعة (31) على الأوّل ، ومثله صحيح رفاعة (32) في حصر الحسين عليه السلام حيث نحر هدي سياقه وأهلّ ، وسنرويه ، وهو ظاهر الآية ؛ لأنّ هذا الهدي أيضا ممّا استيسر ، ويؤيّده أصل البراءة ، وبه قال جماعة منهم سلّار (33) وأبي الصلاح (34) وابن البرّاج (35) على ما حكى عنهم في المختلف (36) ، وبه صرّح الشيخ (37) في المحصور ، والظاهر عدم قوله بالفصل . وقال الصدوق رضى الله عنه بالثاني ، ففي الفقيه : «وإذا قرن الرجل الحجّ والعمرة فأحصر بعث هديا مع هديه ، ولا يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه» (38) ، وهو منقول عن أبيه (39) أيضا ، واستقواه (40) ابن إدريس ، واحتجّ عليه باقتضاء تعدّد الأسباب تعدّد المسبّبات ، (41) وفيه تأمّل . وربّما قيل بالفصل بين ما كان السياق واجبا بنذر وشبهه وما كان تبرّعا ، ففى¨ الدروس : «وقيل : يتداخلان إذا لم يكن السوق واجبا بنذر أو كفّارة وشبههما» (42) ، ولم أجد قائله . نعم ، ألحق بعض الأصحاب القول الثاني بهدي السياق ما كان واجبا بنذر وشبهه ، حكاه العلّامة في المختلف ، ومالَ هو نفسه إليه فقال بعدما حكى القولين : «وقال ابن الجنيد ونِعمَ ما قال _ : إذا أحصر ومعه هدي قد أوجبه للّه بعث بهدي آخر عن إحصاره ، فإن لم يكن أوجبه بحال من إشعار ولا غيره أجزأه عن إحصاره» . (43) فتأمّل . و هل الهدي واجب مطلقا أو مقيّدا بإرادة التحلّل ، والأوّل هو ظاهر الآية ، فيتحتّم التحلّل ، و ما إليه المحقّق الأردبيلى (44) ، و على الثاني يجوز له الصبر إلى زوال المانع فيتمّ العمرة و الحجّ ، و هو أظهر ؛ لدلالة قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمّار و حسنته عن أبي عبداللّه عليه السلام : «و إن كان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله ، رجع و نحر بدنة ، أو أقام مكانه حتّى يبرأ إذا كان في عمرة ، فإذا برأ فَعليه العمرة واجبة ، و إن كان عليه الحجّ رجع أو أقام ففاته الحجّ ، فإن عليه الحجّ من قابل» . (45) و يمكن تقييد الآية بقول : «إن أردتم التحلّل» كما قيّدها القاضي (46) و غيره (47) . بقي القول في محلّه ، فالمشهور بين الأصحاب أنّ المحصور يبعث هديه إلى منى إن كان حاجّا ، وإلى مكّة بالحزورة (48) إن كان معتمرا ، ويواعد أصحابه وقتا لذبحه ، فإذا بلغ الوقت قصّر من شعره وأحلّ ، والمصدود يذبحه مكان الصدّ ويحلّ . ويدلّ على هذا التفصيل تفصيلاً حسنة ابن أبي عمير وصفوان عن معاوية بن عمّار ، (49) وإجمالاً خبر آخر الباب ، وما رواه . (50) وعلى حكم المحصور خاصّة حسنة معاوية بن عمّار (51) وصحيحة ابن رئاب عن زرارة ، (52) وخبر مثنّى عن زرارة . (53) وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وفي الصحيح عن رفاعة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، أنّهما قالا : إنّ القارن يحصر ، وقد قال واشترط : فحلّني حيث حبستني ، قال : «يبعث بهديه» ، قلنا : هل يتمتّع في قابل؟ قال : «لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه» . (54) وعلى تفصيل محلّ البعث فيه ما رواه الشيخ عن الحسن ، عن زرعة ، قال : سألته عن رجل أحصر في الحجّ ، قال : «فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ، ومحلّه أن يبلغ الهدي محلّه ، ومحلّه منى يوم النحر إذا كان في الحجّ ، وإن كان في عمرة نحر بمكّة ، وإنّما عليه أن يعدهم لذلك يوما ، فإذا كان ذلك اليوم فقد وفا ، وإن اختلفوا في الميعاد لم يضرّه إن شاء اللّه » . (55) وعلى خصوص المصدود فعل النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة . وأكثر هؤلاء لا يجوّزون التحلّل للمحصور قبل الميعاد . نعم ، لو آذاه شعر رأسه جوّزوا له الحلق مع فدية اُخرى لأذى الحلق ؛ معلّلين بأنّ المريد للنسك ساغ له ذلك ، فالمحصور أولى (56) ؛ ولخبر زرارة . (57) ويظهر من الدروس (58) جواز تعجيل التحلّل له مع البعث وإن لم يؤذه شعر رأسه، كما ستعرف. هذا ، وقد ورد في آخر حسنة ابن أبي عمير وصفوان عن معاوية بن عمّار (59) ذبح الهدي مكان الحصر وفعل الحسين عليه السلام كذلك . وروى الصدوق أيضا عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «المحصور والمضطرّ ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطرّان فيه» . (60) وفي الصحيح عن رفاعة بن موسى ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتّى انتهى إلى السّقيا ، فبُرسِمَ ، (61) فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه ، ثمّ أقبل حتّى جاء فضرب الباب فقال عليّ عليه السلام : ابني وربّ الكعبة افتحوا له ، وكانوا قد حموا له الماء ، فأكبّ عليه فشرب ، ثمّ اعتمر بعد» . (62) وقال الشهيد في الدروس : وخيّر ابن الجنيد بين البعث والذبح حيث أحصر (63) ، والجعفي يذبح مكانه ما لم يكن ساق. وروى المفيد مرسلاً : أنّ المتطوّع ينحر مكانه ويتحلّل حتّى من النساء ، والمفترض يبعث ولا يتحلّل من النساء (64) ، واختاره سلّار (65) ؛ لتحلّل الحسين عليه السلام من العمرة المفردة بالحلق والنحر مكانه في حياة أبيه عليهماالسلام . وربّما قيل بجواز النحر مكانه إذا أضرَّ به التأخير وهو في موضع المنع ؛ لجواز التعجيل مع البعث . (66) انتهى . والتخيير قويّ ، والرواية التي نسبها إلى المفيد رواها في باب الزيادات من المقنعة عن الصادق عليه السلام قال : وقال عليه السلام : «المحصور بالمرض إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتّى يبلغ الهدي محلّه ، ثمّ يحلّ ولا يقرب النساء حتّى يقضي المناسك من قابل ، هذا إذا كان في حجّة الإسلام ، فأمّا حجّ التطوّع فإنّه ينحر هديه وقد حلّ ممّا كان أحرم منه ، فإن شاء حجّ من قابل وإن لم يشأ لا يجب عليه الحجّ ، والمصدود بالعدوّ ينحر هديه الذي ساقه بمكانه ، ويقصّر من شعر رأسه وليس عليه اجتناب النساء ، سواء كانت حجّته فريضة أو سنّة» . (67) انتهى . ولم أجد من هذا الخبر في كتب الأصول أثرا ، ولا يبعد أن يكون قوله هذا إذا كان في حجّة الإسلام من تأويله ، فتدبّر . واختلف في محلّه في المصدود أيضا فقد استحبّ الشيخ في الخلاف بعثه حيث قال : «إذا أحصره العدوّ جاز أن يذبح هديه مكانه ، والأفضل أن ينفذ به إلى منى أو مكّة» . (68) ولعلّه جمع بذلك بين ظاهر قوله تعالى : «حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (69) وبين الخبر ، وهو غير بعيد . وأوجبه أبو الصلاح على ما حكى عنه في المختلف (70) أنّه قال : إذا صُدّ المحرم بالعدوّ أو اُحصر بالمرض عن تأدية المناسك فلينفذ القارن هديه والمتمتّع والمفرد ما يبتاع به شاة فما فوقها ، فإذا بلغ الهدي محلّه وهو يوم النحر _ فليحلق رأسه ، ويحلّ من كلّ شيء . (71) وكأنّه تمسّك في ذلك بظاهر الآية اطّراحا للخبر ، وأنت خبير بلزوم الحرج بذلك في الصدّ العام . وعن ابن الجنيد أنّه قال بذلك في السائق مع إمكان البعث (72) ، ولم أجد بذلك خبرا من طرق الأصحاب . نعم ، روى البخاريّ عن ابن عبّاس أنّه قال : إن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به ، وإن استطاع أن يبعث به لم يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه . (73) فتدبّر . وفي العزيز : لا يشترط بعث دم الإحصار يعني الصدّ إلى الحرم ، بل يذبحه حيث أحصر [ و يتحلّل] . وقال أبو حنيفة وأحمد : يجب أن يبعث به إلى مكّة ويوكّل إنسانا لذبحه يوم النحر إن كان حاجّا ، وأيّ يوم شاء إن كان معتمرا ، ثمّ يتحلّل . لنا : أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أحصر عام الحديبيّة فذبح بها وهي من الحلّ ، ولأنّه موضع التحلّل إلى قوله _ : هذا كلّه إذا كان مصدودا عن الحرم ، فأمّا إذا كان مصدودا عن البيت دون أطراف الحرم ، فهل له أن يذبح في الحلّ؟ ذكروا أنّ فيه وجهين ، والأصحّ أنّ له ذلك . (74) انتهى . وفي المنتهى : احتجّ أحمد (75) بقوله تعالى : «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (76) ثمّ قال _ : «ثمّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ، (77) ولأنّه ذبح يتعلّق بالإحرام ، فلم يجز في غير الحرم كدم الطيب واللّباس . والجواب عن الأوّل أنّ الآية في حقّ غير المصدود ، ولا يمكن قياس المصدود عليه ؛ لأنّ تحلّل المصدود في الحلّ ، وتحلّل غيره في الحرم ، فكلّ منهما ينبغي أن ينحر في موضع تحلّله ، وعن الثاني بالفرق وقد تقدّم . (78) انتهى . أقول : احتجاج أحمد مبنيّ على إرادة مطلق البدن من الشعائر التي هي مرجع الضمير في «محلّها» ، كما هو ظاهر قول مجاهد على ما حكى عنه في مجمع البيان (79) ، ويؤيّده قوله تعالى بعده : «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه ِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ» (80) ، وجواب العلّامة على أنّها بدن السياق ، وهو الأظهر ؛ لأنّ الشعائر جمع الشعيرة ، وهي البدن إذا اُشعرت ، أي اُعلمت بشقّ سنامها كما حكي عن ابن عبّاس . وربّما فسّرت بمناسك الحجّ كلّها ، بل بمعالم دين اللّه التي نصبها لطاعته ، والفرق الذي أشار إليه وأحاله على ما تقدّم هو لزوم الحرج على تقدير وجوب البعث على المصدود ، فإنّ ذلك يفضي إلى تعذّر الحلّ غالبا بخلاف غير المصدود . الثالثة : أجمع الأصحاب على اشتراط التحلّل فيهما بنيّته وبالذبح ، والثاني هو ظاهر الأدلّة . واحتجّ في المنتهى على الأوّل بأنّه يخرج عن إحرام فيفتقر إلى النيّة كمَن يدخل فيه ، وبأنّ الذبح يقع على وجوه ، أحدها التحلّل ، فلا يتخصّص بوجه دون آخر إلّا بالنيّة ، ثمّ قال: لا يقال : نيّة التحلّل غير معتبرة في غير المصدود ، فكيف اعتبرت هنا ، أليس إذا رمى أحلّ من بعض الأشياء وإن لم ينو التحلّل ؟ لأنّا نقول : من أتى بأفعال النسك فقد خرج عن العهدة وأتى بما عليه ، فيحلّ بإكمال الأفعال ولا يحتاج إلى نيّة بخلاف المصدود ، لأنّا قد بيّنا أنّ الذبح لا يتخصّص بالتحلّل إلّا بالنيّة ، فاحتيج إليها دون الرمي الذي لا يكون إلّا النسك فلم يحتجّ إلى قصد . (81) انتهى . ويكفي في المحصور النيّة عند البعث على ما صرّح به جماعة ، واختلف العامّة في اشتراط الذبح على ما سيظهر ، وهل يشترط فيه الحلق أو التقصير أم لا؟ ظاهر أكثر الأصحاب الثاني . ويدلّ عليه صحيحة زرارة . (82) وظاهر ابن إدريس الأوّل حيث قال : «فإذا بلغ الهدي محلّه قصّ من شعر رأسه وحلّ له كلّ شيء إلّا النساء» . (83) وفي العزيز : وهل يجب الحلق؟ بناه الأئمّة على الأصل الذي سبق ، وهو أنّ الحلق نسك أم لا ؟ إن قلنا : نسك فنعم ، وإن قلنا : استباحة محظور ، فتخرّج من هذا أنّا إذا اعتبرنا الذبح والحلق مع النيّة فالتحلّل يحصل بثلاثتها ، وإن أخرجنا الذبح عن الاعتبار فالتحلّل يحصل بالحلق مع النيّة أو بمجرّد النيّة ؟ فيه وجهان . (84) الرابعة : ظاهر الأقوال والأدلّة أنّ التحلّل فيهما من باب الرخصة والتخفيف لا العزيمة ، فيجوز لهما الصبر إلى زوال المانع ، بل صرّح جماعة باستحباب بقائهما على الإحرام مع ظنّ زوال المانع . وعلى أيّ حال إذا لم يتحلّلا أو بقيا على إحرامهما ، فإن زال المانع ففي العمرة يعتمران ، وفي الحجّ يحجّان مع الوقت ، وإلّا فيتحلّلان بعمرة مفردة بغير دم كمن فاته الحجّ . وحكى في المختلف (85) عن عليّ بن بابويه أنّه قال : ولو أنّ رجلاً حبسه سلطان جائر بمكّة وهو متمتّع بالعمرة إلى الحجّ فلم يطلق عنه إلى يوم النحر كان عليه أن يلحق الناس بجمع ، ثمّ ينصرف إلى منى ، فيرمي ويذبح ويحلق رأسه ولا شيء عليه ، وإن خلّي عنه يوم النحر بعد الزوال فهو مصدود عن الحجّ ، فإن كان دخل مكّة متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ فليطف بالبيت اسبوعا ، ويسعى اسبوعا ، ويحلق رأسه ويذبح شاة ، وإن كان دخل مكّة مفردا للحجّ فليس عليه الذبح ولا شيء عليه ، بل يطوف بالبيت ويصلّي عند مقام إبراهيم عليه السلام ويسعى بين الصفا والمروة ، ويجعلها عمرة ويلحق بأهله . (86) وكأنّه تمسّك في وجوب الدم بموثّق الفضل بن يونس (87) ، ويأتي تحقيق القول فيه في باب من فاته الحجّ . الخامسة : إطلاق الأخبار والفتاوى يقتضي جواز التحلّل بما ذكر بمجرّد تحقّق الحصر والصدّ من غير توقّف على اليأس من زوال العذر مطلقا في العمرة المفردة ، وقبل فوات وقت الحجّ وعمرة التمتّع ، بل صرّح المحقّق (88) وجماعة (89) بجواز التحلّل للمصدود وإن غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبله . ويظهر من المسالك في المصدود اشتراط اليأس المذكور حيث قال : فإذا عرض الصدّ بعد التلبّس بالإحرام ، فإن كان الإحرام بعمرة التمتّع أو بالحجّ مطلقا ولم يكن له طريق غير الممنوع منها ، أو كان وقصرت النفقة عن سلوكه ، ولم يرج زوال المانع قبل خروج الوقت ، جاز له تعجيل التحلّل بالهدي إجماعا ، وله الصبر على إحرامه إلى أن يتحقّق الفوات ، فإن أراد تعجيل التحلّل فبالهدي وإن أخّره إلى أن تحقّق الفوات سقط التحلّل حينئذٍ بالهدي ، ووجب أن يتحلّل بعمرة ، فإن استمرّ المنع تحلّل منها بالهدي . ولو كان إحرامه بعمرة الإفراد لم يتحقّق خوف الفوات ، بل يتحلّل منها عند تعذّر إكمالها بالقيود المتقدّمة . ولو أخّر التحلّل كان جائزا ، فإن يئس من زوال العذر تحلّل بالهدي حينئذٍ . (90) والأوّل أظهر . السادسة : المحصور إذا وجد من نفسه خفّة بعد بعث الهدي قبل الميعاد فليلحق بأصحابه ؛ لأنّه محرم فيجب عليه إتمام النسك ؛ لقوله تعالى : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للّه ِِ» (91) ، فإن أدرك أحد الموقفين في إحرام الحجّ أو قدم مكّة في إحرام العمرة قبل أن ينحر الهدي ، فيتمّ النسك وليس عليه قضاء ، وإن فاته الحجّ تحلّل بعمرة ، وإن كان قد ذبح هديه فقد تحلّل فيقضي الحجّ مع وجوبه في القابل . وكذا العمرة إن كانت تمتّعا ، وإن كانت مفردة ففي الشهر الداخل أو بعد عشر أو مهما شاء ، على اختلاف الأقوال في المدّة ما بين العمرتين . ويدلّ عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام . (92) ومثله المصدود إذا زال العدوّ قبل ذبح الهدي والتحلّل ، وأمّا بعد التحلّل فيجب عليه قضاء العمرة المفردة كما ذكر ، وقضاء عمرة التمتّع وقضاء الحجّ في عامه لو زال المانع مع سعة الوقت ، على ما صرّح به جماعة منهم الشهيد في الدروس . (93) وإنّما خصّصنا ذلك بالمصدود لعدم إمكانه في المحصور ؛ لأن ذبح هدي تحلّله لا يجوز إلّا في يوم النحر ، فإذا وجدهم قد ذبحوه فقد فاتهم الموقفان . نعم ، يتصوّر ذلك على بعدٍ على القول بجواز تحلّله مكان الحصر مع الاشتراط أو مطلقا من غير انتظار بلوغ الهدي محلّه على ما سبق ، وعلى القول بإدراك الحجّ باضطراري المشعر المتأخّر ، كما ذهب إليه السيّد المرتضى (94) إن جوّزنا إحرامه من موضعه مع عدم إمكان رجوعه إلى الميقات ، كما هو المذهب المنصور في المتجاوز عنه ، ناسيا أو جاهلاً أو غير مريد للنسك ، فتأمّل . السابعة : لو ظهر للمحصور أنّه لم يذبح له الهدي لم يبطل تحلّله ، ويبعث به في القابل ، ويمسك من حين البعث عن المحرمات وجوبا على المشهور إلى اليوم الموعود ؛ لموثّق زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (95) ، ولقول أبي عبداللّه عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمّار : «فإنّ ردّوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحلّ لم يكن عليه شيء ، ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا» (96) ، وستأتي . ومنع ابن إدريس من وجوب الإمساك محتجّا بأصالة البراءة ، وبأنّه ليس بمحرم فكيف يحرم عليه لبس المخيط والجماع . (97) واستوجهه العلّامة في المختلف (98) حملاً للأخبار على الاستحباب . ولا يبطل أصلاً لو وجدهم ذابيحن له في غير الوقت الموعود ؛ لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن وهو أخوه وكان ثقة أيضا عن زرعة وهو ابن محمّد أبو محمّد الحضرمي الثقة ، فإنّه الذي يروي عنه الحسن بن سعيد على ما يظهر من تتبّع الرجال (99) قال : سألته عن رجل أحصر في الحجّ ، قال : «فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ، ومحلّه أن يبلغ الهدي محلّه ، ومحلّه منى يوم النحر إذا كان في الحجّ ، وإن كان في عمرة نحر بمكّة ، وإنّما عليه أن يعدهم لذلك يوما ، فإذا كان ذلك اليوم فقد وفا ، وإن اختلفوا في الميعاد لم يضرّه إن شاء اللّه » . (100) الثامنة : ذهب الأصحاب إلى أنّ التحلّل بالحصر والصدّ ليس كالإفساد في إيجاب القضاء ، بل إنّما يجب عليهما الحجّ والعمرة فيما بعد إذا كانا مستقرّين عليه قبل ذلك أو تحصل الاستطاعة ، وإليه ذهب الشافعيّ ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه ؛ لأصالة البراءة ، وعدم دليل صالح عليه ، وإطلاق القضاء في بعض الأخبار مخصّص بالواجب المستقرّ . واحتجّ عليه في العزيز بأنّ الذين صُدّوا مع النبيّ صلى الله عليه و آله بالحديبيّة كانوا ألفا وأربعمئة ، والذين اعتمروا معه في عمرة القضيّة كانوا نفرا يسيرا ، ولم يأمر الباقين بالقضاء . (101) وخالفه أبو حنيفة فأوجب القضاء ولو كان ذلك النسك الممنوع منه ندبا (102) ؛ محتجّا بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا تحلّل بالحديبيّة قضاها من قابل ، وقال : لذلك سمّيت هذه العمرة عمرة القضيّة ، وقياسا للتحلّل على الإفساد ؛ لاشتراكهما في عدم إتمام أفعال النسك . واُجيب عن الأوّل بما عرفت ، وعن الثاني بالفرق ، فإنّ المفسد مفرّط بخلاف المصدود والمحصور ، وقد بالغ في ذلك حيث قال : إذا كان ما صُدَّ عنه حجّا وجب عليه قضاء حجّة وعمرة معا محتجّا بقوله تعالى : «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» إلى قوله سبحانه _ : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ» (103) زعما منه أنّ التفريع على القضاء قائلاً : إنّ تعريف العمرة في القضاء دلَّ على عمرة معهودة واجبة عليه ، وليست تلك إلّا العمرة الواجبة بالصدّ عن الحجّ ، وبأنّ المصدود عن الحجّ قد فات عنه الحجّ ، وفائته يتحلّل بأفعال العمرة ، فإذا لم يأت بها في الحال يجب عليه قضاؤها ، وفرّع على ذلك قوله : ثمّ إن كان إحرامه بعمرة مندوبة قضاها واجبة ، وإن كان بحجّة مندوبة عليه أن يأتي بحجّة وعمرة ، وإن كان قرن بينهما لزمه حجّة وعمرتان ، عمرة لأجل العمرة ، وحجّة وعمرة لأجل الحجّ ، والشجرة تنبئ عن الثمرة . (104) وحكى في المنتهى (105) عن الشافعيّ (106) أنّه فرّق في قول بين الصدّ الخاصّ والعام ، فأوجب القضاء في الأوّل دون الثاني ، وهو من غير فارق . هذا ، وهل يجب مع الاستقرار قضاء حجّ مماثل في النوع لما منع منه أم لا؟ ذهب إلى الأوّل جماعة من الأصحاب في خصوص القارن ، منهم المفيد (107) والمحقّق (108) ، وهو ظاهر الشيخ في التهذيب . (109) ويدلّ عليه خبر رفاعة ، ومثله ما رويناه آنفا عن الشيخ من صحيحة محمّد بن مسلم [ عن أبي جعفر] ورفاعة عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّهما قالا : القارن يُحصر وقد قال واشترط : فحلّني حيث حبستني ، قال : «يبعث بهديه» ، قلنا : هل يتمتّع في قابل؟ قال : «لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه» . (110) ويظهر من قوله عليه السلام : «ولكن يدخل في مثل ما خرج منه» عموم الحكم في غير القارن أيضا ، كما قال به الأكثر على ما في الدروس . (111) وذهب الشهيد في الدروس (112) ، والعلّامة في المنتهى (113) إلى وجوب قضاء ما كان واجبا ، عليه إن كان إحرامه ذلك واجبا ، وإلّا تخيّر ، لكنّ الأفضل الإتيان بمثل ما خرج منه ؛ حملاً للخبرين في المنتهى على الاستحباب أو على تعيّن القِران في حقّه ؛ معلّلاً بأنّه إذا لم يكن واجبا لم يجب القضاء ، فعدم وجوب الكيفيّة أولى . وقال ابن إدريس : «يحرم بما شاء» . (114) التاسعة : المصدود يحلّ من كلّ شيء بخلاف المحصور ، فإنّه إنّما يحلّ ممّا عدا النساء ، سواء كان نسكه واجبا أو مندوبا على ما ذهب إليه أكثر الأصحاب (115) ، بل كاد أن يكون إجماعا ، والفارق صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وهو البزنطيّ (116) ، وحسنة معاوية بن عمّار (117) ، وموثّقة زرارة (118) ، وما رويناه عن الشيخ من صحيحة معاوية بن عمّار . (119) ثمّ إنّ جماعة منهم منهم الشيخ في المبسوط (120) والمحقّق في الشرائع (121) قالوا بتوقّف حلّ النساء عليه على أن يحجّ في القابل إن كان الحجّ المحصور عنه واجبا ، وعلى طواف النساء عنه إن كان ذلك الحجّ ندبا . والظاهر أنّهم إنّما قالوا بتوقّفه على الحجّ في القابل في الواجب إذا تمكّن من العود إلى مكّة ، فمع العجز عنه يجزي الاستنابة لطواف النساء ، وبه صرّح العلّامة في القواعد (122) ، بل إطلاق كلام بعضهم جواز الاستنابة له اختيارا أيضا ، فقد قال الشيخ في الخلاف : «المحصور بالمرض يجوز له التحلّل غير أنّه لا يحلّ له النساء حتّى يطوف في القابل أويأمر من يطوف عنه» . (123) وفي المنتهى : «فإذا بلغ الهدي محلّه أحلّ من كلّ شيء إلّا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر من يطوف عنه ، فتحلّ له النساء حينئذٍ ، ذهب إليه علمائنا أجمع» . (124) ويظهر ممّا نقلناه عن باب نوادر المقنعة (125) ممّا رواه مرسلاً عن الصادق عليه السلام حلَّ النساء أيضا على المحصور في الحجّ المندوب ، ولم أرَ قائلاً صريحا به من الأصحاب . نعم ، يظهر من المفيد الميل إليه . هذا في الحجّ وعمرة التمتّع ، وأمّا العمرة المفردة فالظاهر أنّها أيضا كذلك في الفرق بين الواجب والمندوب منها ، فتكفي الاستنابة لطواف النساء في حلّ النساء في الحصر عنها ، وقد صرّح بذلك الأكثر ، منهم المحقّق الشيخ عليّ حيث قال في شرح القواعد : «والتفصيل في العمرة المفردة بكونها واجبة ومندوبة كالحجّ» . (126) لكن ظاهر المحقّق في الشرائع أنّه لا يكتفي بتلك الاستنابة فيها ، فإنّه قال بعدما ذكر التفصيل الذي حكيناه عنه في الحجّ : «والمعتمر إذا تحلّل يقضي عمرته عند زوال العذر ، وقيل : في الشهر الداخل» (127) ، ولم يفصّل . ولم أجد في الأخبار ما يدلّ على كفاية الاستنابة لطواف النساء صريحا أو ضمنا مطلقا ، وكأنّهم حملوا المحصور على من فات عنه طواف النساء في الحجّ والعمرة ، فإنّه يكفي فيه الاستنابة بمقتضى الأخبار كما يأتي في موضعه ، وبذلك يشعر كلام المحقّق الشيخ عليّ في الشرح (128) حيث علّل الكفاية في صورة العجز في أحد التعليلين بأنّ طواف النساء تجزي الاستنابة فيه عند الضرورة ، وهو في محلّ المنع . لا يقال : يمكن استفادته من قوله عليه السلام في قصّة إحلال الحسين عليه السلام من عمرته : «لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة» (129) بأن يقال ذلك دليل على كفاية الطواف ، فتكفي الاستنابة أيضا لما يدلّ على جواز الاستنابة لمن يفوت منه طواف النساء مع بُعده عن مكّة . لأنّا نقول : ظاهر ذلك القول أنّ المراد حتّى يعتمر بقرينة قوله :« وبالصفا والمروة» . وذهب جماعة من العامّة إلى حلّ النساء أيضا له بمجرّد بلوغ الهدي محلّه ؛ حكاه في المنتهى (130) عن عطاء والثوريّ والنخعيّ وأحمد في إحدى الروايتين عنه وعن أصحاب الرأي . (131) العاشرة : تدلّ حسنة معاوية بن عمّار الثانية (132) على أنّ لهدي التحلّل مع فقد الثمن بدلاً وهو الصوم ، ورواها في الفقيه (133) في الصحيح عنه بأدنى تغيير لفظي ، وقد جعل صاحب المدارك (134) خبر زرارة الذي بعده دليلاً عليه ، وأنت خبير بأنّ المراد منه بدل هدي أذى الحلق كما أشرنا إليه سابقا ، وهذا الإبدال هو ظاهر الصدوق ، ونسبه طاب ثراه في تعليقاته على الفقيه إلى جماعة من الأصحاب ، وقال : واختلفوا في عدد هذا الصوم فقيل عشرة كما في بدل هدي التمتّع . وقال الشهيد في رواية ثمانية عشر . (135) انتهى . والمشهور بين الأصحاب أنّه لا بدل له . (136) ثمّ المشهور بينهم أنّه لا يحلّ بل يبقى محرما إلى أن يتمكّن منه ، وبه قال الشيخ في المبسوط (137) والخلاف (138) ، والشهيد في الدروس (139) ، والعلّامة في المنتهى (140) وجماعة . (141) واحتجّ عليه الشيخ فيهما بأنّه لا دليل على الانتقال من الهدي إلى بدل من الصوم أو الإطعام ، وبأنّه تعالى منعه من الحلق إلى أن يبلغ الهدي محلّه ، ولم يذكر له بدلاً . والعلّامة بنحو منه ، وبأنّه لو كان له بدل لذكره سبحانه كما ذكر بدل هدي حلق الأذى ، وحكى عن ابن الجنيد أنّه يتحلّل حينئذٍ معلّلاً بأنّه ممّن لم يتيسّر له الهدي . (142) وهو عليل . واختلف العامّة أيضا فيه ، ففي العزيز : على المحصر دم شاة للتحلّل ، ولا معدل عنه إن وجد الشاة ، وإلّا فهل لهذا الدم من بدل؟ فيه قولان ، أصحّهما وبه قال أحمد نعم ، كسائر الدماء الواجبة على المحرم . والثاني و به قال أبو حنيفة لا ، لأنّ اللّه تعالى لم يذكر لدم الإحصار بدلاً ، ولو كان له بدل لأشبه أن يذكره كما ذكر بدل غيره . وإن قلنا له بدل فما ذلك البدل؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها : الصوم وبه قال أحمد كدم التمتّع ؛ لأنّ التحلّل والتمتّع جميعا مشروعان تخفيفا وترفيها ، وفيهما جميعا ترك بعض النسك ، فيلحق أحدهما بالآخر . والثاني : الإطعام ؛ لأنّ قيمة الهدي أقرب إليه من الصيام ، وإذا لم يرد نصّ فالرجوع إلى الأقرب أولى . والثالث : أنّ لكلّ واحد منهما مدخلاً في البدلية كفدية الحلق . ووجه الشبه بينهما : أنّ المحصر يبغي دفع أذى العدوّ والإحرام عن نفسه كما أنّ الحالق يبغي دفع أذى الشعر . فإن قلنا : إنّ بدله الصوم فما ذلك الصوم؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها وبه قال أحمد _ : صوم هدي المتمتّع عشرة أيّام . والثاني : صوم فدية الأذى ثلاثة أيّام . والثالث : ما يقتضيه التعديل ، وإنّما يدخل الطعام في الاعتبار على هذا القول ليعرف به قدر الصوم [ لا ليطعم] . وإن قلنا : إنّ بدله الإطعام ففيه وجهان : أحدهما : أنّه مقدّر كفدية الأذى ، وهو إطعام ثلاث آصع ستّة مساكين ، والثاني : أنّه يطعم ما يقتضيه التعديل . وإن قلنا : إنّ لكلّ واحدٍ منهما مدخلاً ، فهل بينهما ترتيب؟ فيه وجهان : أحدهما : لا ، كما في فدية الحلق ، وأصحّهما نعم كالترتيب بين الهدي وبدله ، فعلى الأوّل قدر الطعام والصيام كقدرهما في الحلق ، والثاني : الطريق فيهما التعديل (143) إلى قوله _ : وإن قلنا : إنّ دم الإحصار لا بدل له وكان واجدا لدم ، فيذبح وينوي أن يتحلّل عنده ، وإن لم يجد الهدي إمّا لإعساره أو غير ذلك ، فهل يتوقّف التحلّل على وجدانه؟ فيه قولان : أحدهما : نعم ، وبه قال أبو حنيفة ، وأصحّهما لا ، بل له التحلّل في الحال ؛ لأنّ التحلّل إنّما اُبيح تخفيفا ورفقا حتّى لا يتضرّر بالمقام على الإحرام ، ولو أمرناه بالصبر إلى أن يجد الهدي لتضرّر . (144) قوله في خبر حمران : (فأمّا المحصور فإنّما يكون عليه التقصير) .[ ح 1 / 7353] يوهم ذلك عدم جواز الحلق للمحصور ، ولم أرَ قائلاً به من الأصحاب ، بل ظاهرهم الإجماع على جواز الأمرين له أيضا كالمصدود ، فينبغي أن يحمل على استحباب التقصير له ، ويؤيّده قوله عليه السلام في حسنة معاوية : «فإذا كان يوم النحر فليقصّ (145) من رأسه ، ولا يجب عليه الحلق حتّى يقضي المناسك» . (146) قوله في حسنة معاوية : (فأدركه بالسُّقيا) .[ ح 3 / 7355] قال طاب ثراه : السُقْيا بالضمّ وسكون القاف والقصر : قرية جامعة بين مكّة والمدينة ، على ثلاث مراحل من المدينة ، وهي من أعمال الفرع بضمّ الفاء وسكون الراء والعين المهملة . (147) انتهى . وفي النهاية : «قيل : هي على يومين من المدينة» . (148) وفي القاموس : «موضع بوادي الصفراء» . (149) وقد روى الشيخ هذا الخبر في التهذيب صحيحا عن معاوية بن عمّار بأدنى زيادة ونقصان ، وفيه أيضا : أنّ عليّا عليه السلام خرج في طلب الحسين عليه السلام حتّى أدركه بالسقيا (150) ، فما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح المتقدّم عن رفاعة عن أبي عبداللّه عليه السلام من أنّ الحسين عليه السلام أقبل حتّى جاء فضرب الباب ، فقال عليّ عليه السلام : «ابني وربّ الكعبة ، افتحوا له» (151) ، كأنّه مبني على رجوع عليّ عليه السلام إلى داره قبل الحسين عليه السلام معجّلاً ليهيّئ له ما ينفعه . ويؤيّده قوله فيه : «وكانوا قد حموا له الماء ، فأكبّ عليه فشرب» . وحمله على واقعة اُخرى بعيد . قال طاب ثراه : عمرة الحديبيّة كانت سنة ستّ ، صدّه المشركون فيها عن البيت ، فحلّ منها بالحديبيّة ونحر وحلق ورجع إلى المدينة ، وقيل : إنّه اعتمر في القابل سنة سبع ، وسمّيت عمرة القضاء و عمرة القضيّة ؛ لأنّها التي قاضى قريشا أي صالحهم على أن يعتمرها ، وشرطوا عليه أن لا يدخل عليهم بسلاح إلّا بالسيف في قِرابه ، إلى غير ذلك من شرائطهم التي ذكرت في السِّير ، ووفي لهم صلى الله عليه و آله بذلك . (152) قوله : (عن أحمد بن الحسن الميثميّ) .[ ح 9 / 7361] هو أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار ، مولى بني أسد ، وكان واقفيّا موثّقا (153) ، وفي بعض النسخ : أحمد بن الحسن المثنّى ، وهو غير مذكور في كتب الرجال ، وكأنّه من سهو النسّاخ .

.


1- . البقرة (2) : 196 .
2- . كنز العرفان ، ج 1 ، ص 289 .
3- . اُنظر : التبيان ، ج 2 ، ص 158 ؛ مجمع البيان ، ج 2 ، ص 39 .
4- . اُنظر : مختار الصحاح ، ص81 .
5- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 850 .
6- . اُنظر : أحكام القرآن للجصّاص ، ج 1 ، ص 325 .
7- . المقنع ، ص 244 ؛ معاني الأخبار ، ص 223 ، معنى المحصور و المصدود ؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 514 ، ح 3104 ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 423 ، ح 1467 ؛ و ص 464 ، ح 1621 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 177 ، ح 17251 .
8- . السرائر ، ج 1 ، ص 641 .
9- . اُنظر : بدائع الصنائع ، ج 2 ، ص 175 ؛ بداية المجتهد ، ج 1 ، ص 283 286 .
10- . بدائع الصنائع، ج 2، ص 175؛ التمهيد، ج 15، ص 209؛ فتح العزيز، ج 8، ص 9.
11- . المغني ، ج 3 ، ص 376 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 527 ؛ التمهيد ، ج 15 ، ص 205 و 207 .
12- . سنن ابن ماجة ، ج 2 ، ص 1028 ، ح 3078 ؛ سنن أبي داود ، ج 1 ، ص 417 ، ح 1862 ؛ المستدرك للحاكم ، ج 1 ، ص 470 و 483 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 220 ؛ السنن الكبرى للنسائي ، ج 2 ، ص 381 ، ج 3844 ؛ سنن الدارقطني ، ج 2 ، ص 244 ، ح 2666 .
13- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 9 8 .
14- . مسند الشافعي ، ص 123 و 389 ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج 5 ، ص 221 ؛ وج 7 ، ص 137 ؛ معرفة السنن و الآثار ، ج 4 ، ص 247 ، ح 3261 .
15- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 10 ؛ الاستذكار ، ج 4 ، ص 171 .
16- . كتاب الاُمّ للشافعي ، ج 2 ، ص 178 ؛ مسند الشافعي ، ص 367 ؛ مختصر المزني ، ص 73 ؛ فتح العزيز ، ج 8 ، ص 8 ؛ معرفة السنن و الآثار للبيهقي ، ج 4 ، ص 241 و 242 ، ح 3251 .
17- . عمدة القاري ، ج 10 ، ص 141 .
18- . مواهب الجليل ، ج 4 ، ص 294 ؛ المغني ، ج 3 ، ص 371 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 515 .
19- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 423 ، ح 1467 ، و ص 464 ، ح 1621 ؛ الفقيه ، ج 2 ، ص 514 ، ح 3104 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 177 ، ح 17251 .
20- . اُنظر : مدارك الأحكام ، ج 8 ، ص 292_ 293 .
21- . تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 392 .
22- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 847 .
23- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 481 ، الدرس 120 .
24- . جامع المقاصد ، ج 3 ، ص 289 .
25- . مدارك الأحكام ، ج 8 ، ص 292 293 .
26- . مدارك الأحكام ، ج 8 ، ص 293 294 .
27- . البقرة (2) : 196 .
28- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 846 .
29- . المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 371 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة ، ج 3 ، ص 515 516 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 388 .
30- . السرائر ، ج 4 ، ص 352 .
31- . هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
32- . وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص186 _187 ، ح 17536 .
33- . المراسم العلويّة ، ص 117 .
34- . الكافي في الفقه ، ص 218 .
35- . المهذّب ، ج 1 ، ص 270 .
36- . المبسوط ، ج 1 ، ص 333 ؛ النهاية ، ص 282 .
37- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 347 .
38- . الفقيه ، ج 2 ، ص 514 ، بعد الحديث 3104 .
39- . حكاه عنه ابن إدريس في السرائر ، ج 1 ، ص 639 .
40- . كذا في الأصل .
41- . السرائر ، ج 1 ، ص 640 .
42- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 477 ، الدرس 119 .
43- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 347 348 .
44- . زبدة البيان ، ص 239 .
45- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي . و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 421 422 ، ح 1465 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 181 182 ، ح 17527 .
46- . حكاه عنه المحقق الأردبيلي في زبدة البيان ، ص 239 .
47- . اُنظر : غنية النزوع ، ص 196 ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 221 ؛ تذكره الفقهاء ، ج 8 ، ص 386 .
48- . حزورة _ كمقبرة _ : في اللغة الرابية الصغيرة ، و كانت الحزورة سوق مكّة و قد دخلت في المسجد لمّا زيد فيه . معجم اللبدان ، ج 2 ، ص 255 .
49- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
50- . بعده بالأصل بياض بقدر سطرين .
51- . هي الحديث الثالث من هذا الباب .
52- . هي الحديث الرابع من هذا الباب .
53- . هو الحديث السادس من هذا الباب .
54- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 423 ، ح 1468 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 184 185 ، ح 17531 .
55- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 423 ، ح 1470 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 182 ، ح 17528 .
56- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 851 .
57- . هو الحديث السادس من هذا الباب ، و رواه الشيخ في تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 334 ، ح 1149 ، و ص 423 ، ح 1469 ؛ الاستبصار ، ج 2 ، ص 196 ، ح 658 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 167 ، ح 17496 .
58- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 477 ، الدرس 119 .
59- . الحديث الثالث من هذا الباب .
60- . الفقيه ، ج 2 ، ص 515 ، ح 3105 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 187 ، ح 17537 .
61- . هو من البِرْسام بالكسر : علّة معروفة يهذي فيها ، يقال : برسم الرجل فهو مبركم . مجمع البحرين ، ج 6 ، ص 17 (برسم) .
62- . الفقيه ، ج 2 ، ص 516 ، ح 3107 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 186_ 187 ، ح 17536 .
63- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 343 .
64- . المقنعة ، ص 446 .
65- . المراسم العلويّة ، ص 118 .
66- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 447 ، الدرس 119 .
67- . المقنعة ، ص 446 .
68- . الخلاف ، ج 2 ، ص 424 ، المسألة 316 .
69- . البقرة (2) : 196 .
70- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 350 351 .
71- . الكافي في الفقه ، ص 218 .
72- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 351 .
73- . صحيح البخاري، ج 2، ص 207، باب المحصر و جزاء الصيد.
74- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 18 19 .
75- . المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 373 ؛ الشرح الكبير ، ج 3، ص 348 و 519 .
76- . البقرة (2) : 196 .
77- . الحجّ (22) : 33 .
78- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 847 .
79- . اُنظر : مجمع البيان ، ج 7 ، ص 150_ 151 ؛ و جامع البيان للطبري ، ج 17 ، ص 210 .
80- . الحجّ (22) : 34 .
81- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 846 .
82- . هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
83- . السرائر ، ج 1 ، ص 638 .
84- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 16 .
85- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 356 .
86- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 229 إلى قوله : «و لا شيء عليه .» .
87- . هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي .
88- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 212 .
89- . منهم العلّامة في تحرير الأحكام ، ج 2 ، ص 77 ؛ و تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 395 ؛ و قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 454 ؛ و منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 848 ؛ و الشهيد في الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 481 ، الدرس 120 .
90- . مسالك الأفهام ، ج 2 ، ص 388 .
91- . البقرة (2) : 196 .
92- . هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
93- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 476 477 ، الدرس 119 .
94- . جوابات المسائل الموصليّات الثالثة (رسائل المرتضى ، ج 1 ، ص 229) ؛ الانتصار ، ص 234 .
95- . هو الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي .
96- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 421_ 422 ، ح 1465 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 181 _182 ، ح 17527 .
97- . السرائر ، ج 1 ، ص 639 .
98- . مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 347 .
99- . اُنظر : خلاصة الأقوال ، ص 99 100 ، ترجمة الحسن بن سعيد بن حمّاد بن مهران .
100- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 423 ، ح 1470 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 182 ، ح 17527 .
101- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 56 ؛ و انظر : المجموع للنووي ، ج 8 ، ص 306 ؛ عمدة القاري ، ج10 ، ص 148 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 523 ؛ المغني ، ج 3 ، ص 372 .
102- . اُنظر : المصادر المتقدّمة .
103- . البقرة (2) : 196 .
104- . منتهى المطلب ، ج2 ، ص 848 .
105- . نفس المصدر .
106- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 59 ؛ المجموع للنووي ، ج 8 ، ص 306 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 394 .
107- . اُنظر: المقنعة، ص 446.
108- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 214 .
109- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 423 ، بعد الحديث 1467 .
110- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 423 ، ح 1468 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 184_ 185 ، ح 17531 .
111- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 478 ، الدرس 119 .
112- . نفس المصدر .
113- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 851 . و مثله في مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 349 350 .
114- . السرائر ، ج 1 ، ص 641 .
115- . اُنظر : الخلاف ، ج 2 ، ص 428 ، المسألة 322 ؛ منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 846 ؛ جامع الخلاف و الوفاق ، ص 222 .
116- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
117- . هي الحديث الثالث من هذا الباب .
118- . هي الحديث التاسع من هذا الباب .
119- . وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 181_ 182 ، ح 17527 .
120- . المبسوط ، ج 1 ، ص 334_ 335 .
121- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 213 .
122- . قواعد الأحكام ، ج 1 ، ص 455 456 .
123- . الخلاف ، ج 2 ، ص 428 ، المسألة 322 .
124- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 850 .
125- . المقنعة ، ص 446 .
126- . جامع المقاصد ، ج 3 ، ص 298 .
127- . شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 213 .
128- . جامع المقاصد ، ج 3 ، ص 298 .
129- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 178 179 ، ح 17523 .
130- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 850 ؛ و حكاه أيضا في تذكرة الفقهاء ، ج 8 ، ص 402 .
131- . اُنظر : الخلاف ، ج 2 ، ص 428 ، المسألة 322 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 376 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 527 ؛ تفسير القرطبي ، ج 2 ، ص 375 .
132- . هي الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي .
133- . الفقيه ، ج 2 ، ص 515 ، ح 3106 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 187 ، ح 17538 .
134- . مدارك الأحكام ، ج 8 ، ص 292 .
135- . لم أعثر على تعليقات الفقيه للمولى محمدصالح المازندراني ، و كلام الشهيد حكاه عنه المحقّق الكركي في جامع المقاصد ، ج 3 ، ص 283 ، و ج 5 ، ص 202 .
136- . اُنظر : شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 212 ؛ تذكرة الفقهاء ، ج 87 ، ص 388 ، المسألة 701 ؛ إرشاد الإذهان ، ج 1 ، ص 338 ؛ تحرير الأحكام ، ج 2 ، ص 74 ؛ الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 480 ، الدرس 120 ؛ مدارك الأحكام ، ج 8 ، ص 291 .
137- . المبسوط ، ج 1 ، ص 333 .
138- . الخلاف ، ج 2 ، ص 428 ، المسألة 321 .
139- . الدروس الشرعيّة ، ج 1 ، ص 478 ، الدرس 119 .
140- . منتهى المطلب ، ج 2 ، ص 846 .
141- . اُنظر : شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 212 ؛ مجمع الفائدة و البرهان ، ج 7 ، ص 405 ؛ مدارك الأحكام ، ج 8 ، ص 291 .
142- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 356.
143- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 80 81 ، و المذكور بعده هنا ليس من تتمّته ، بل مذكور قبل ذلك .
144- . فتح العزيز ، ج 8 ، ص 15 .
145- . المثبت من المصدر، و في الأصل: «فالتقصير»، و في وسائل الشيعة: «فليقصّر».
146- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي ؛ تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 421 422 ، ح 1465 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 181 ، ح 17527 .
147- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 8 ، ص 108 .
148- . النهاية ، ج 2 ، ص 382 (سقا) .
149- . القاموس المحيط ، ج 4 ، ص 343 (سقي) و لفظه هكذا : «و السقيا بالضمّ _ ... بين المدينة و وادي الصفراء» .
150- . تهذيب الأحكام ، ج 5 ، ص 421 422 ، ح 1465 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 178 179 ، ح 17523 .
151- . الفقيه ، ج 2 ، ص 516 ، ح 3107 ؛ وسائل الشيعة ، ج 13 ، ص 186 187 ، ح 17536 .
152- . اُنظر : شرح صحيح مسلم ، ج 8 ، ص 235 ؛ جامع البيان ، ج 2 ، ص 269 270 ، الرقم 2567 ؛ تفسير القرطبي ، ج 2 ، ص 354 .
153- . اُنظر : رجال النجاشي ، ص 74 ، الرقم 179 ؛ اختيار معرفة الرجال ، ج 2 ، ص 768 ، الرقم 890 ؛ رجال الطوسي ، ص 332 ، الرقم 4950 ؛ خلاصة الأقوال ، ص 319 .

ص: 85

. .

ص: 86

. .

ص: 87

. .

ص: 88

. .

ص: 89

. .

ص: 90

. .

ص: 91

. .

ص: 92

. .

ص: 93

. .

ص: 94

. .

ص: 95

. .

ص: 96

. .

ص: 97

. .

ص: 98

. .

ص: 99

. .

ص: 100

. .

ص: 101

. .

ص: 102

. .

ص: 103

. .

ص: 104

. .

ص: 105

. .

ص: 106

. .

ص: 107

باب المحرم يتزوّج أو يزوّج ويطلّق ويشتري الجواري

باب المحرم يتزوّج أو يزوّج ويطلّق ويشتري الجواريفيه مسائل :الاُولى : أجمع أهل العلم إلّا ما سيحكى على تحريم التزوّج وكذا التزويج ولايةً ووكالةً وإن كان للمحلّين على المحرم والمحرمةُ ، وعلى فساده . (1) ويدلّ عليه الأخبار المتظافرة من الطريقين ، فمن طريق الأصحاب ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب ، و في كتاب النكاح بأسناد متعدّده منها صحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام . و في خبر فيه : «والمحرم إذا تزوّج و هو يعلم أنّه حرام عليه لم تحلّ له أبدا» . (2) وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : «ليس ينبغي للمحرم أن يتزوّج ولا يزوّج محلّاً» . (3) وفي الصحيح عن ابن سنان والظاهر أنّه عبداللّه عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ليس للمحرم أن يتزوّج ولا يزوّج، فإن تزوّج أو زوّج محلّاً فتزويجه باطل» . (4) وفي الصحيح عن أبي الصباح الكنانيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن محرم يتزوّج ، قال : «نكاحه باطل» . (5) وفي الصحيح عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس وهو البجليّ الكوفيّ الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه عن أبي جعفر عليه السلام قال : «قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحلّ، فقضى أن يخلّي سبيلها، ولم يجعل نكاحه شيئا حتّى يحلّ، فإذا أحلّ خطبها إن شاء، فإن شاء أهلها زوّجوه، وإن شاؤوا لم يزوّجوه» . (6) وعن اُدَيم بن الحرّ الخزاعيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ المحرم إذا تزوّج وهو محرم فرّق بينهما ولا يتعاودان أبداً، والتي تتزوّج ولها زوج يفرّق بينهما ولا يتعاودان أبداً» . (7) وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الموثّق عن يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم يتزوّج ، قال : «لا ، ولا يزوّج المحرم المُحلّ» . (8) ومن طريق العامّة ما رواه في المنتهى (9) عن أبان بن عثمان، عن عثمان بن عفّان: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب» . (10) ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ عن عمر بن أبان، قال : انتهيت إلى باب أبي عبداللّه عليه السلام فخرج المفضّل فاستقبلته، فقال لي : مالَكَ؟ قلت : أردت أن أصنع شيئا فلم أصنع حتّى يأمرني أبو عبداللّه عليه السلام فأردت أن يحصّن اللّه فرجي ويغضّ بصري في إحرامي ، فقال لي : كما أنت ، ودخل فسأله عن ذلك ، فقال : «هذا الكلبي على الباب، وقد أراد الإحرام، وأراد أن يتزوّج ليغضّ اللّه بذلك بصره إن أمرته فعل وإلّا انصرف عن ذلك»، فقال لي : «مُره فليفعل وليستتر» . (11) فإنّه ليس صريحا في أمره عليه السلام بأن يتزوّج في الإحرم ولا ظاهراً فيه، فإنّ قوله: «في إحرامي» إنّما يتعلّق بتحصين الفرج وغضّ البصر، والنكاح قبل الإحرام يوجب هذين إذا كان قريبا منه، كما لا يخفى . (12) وحكى العلّامة رحمه الله في المنتهى (13) عن أبي حنيفة (14) جواز العقد؛ محتجّا بما رواه عكرمة عن ابن عبّاس: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله تزوّج ميمونة وهو محرم . (15) وقد رواه البخاريّ (16) بإسناده عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبّاس، وبأنّه عقد يملك به الاستمتاع، فلا يحرّمه الإحرام كشراء الجواري . وأجاب عن الأوّل بمعارضته بقول النبيّ صلى الله عليه و آله في خبر عثمان، (17) وبما رواه يزيد بن الأصمّ عن ميمونة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله تزوّجها حلالاً وبنى بها حلالاً . (18) وأبو رافع أنّه قال : تزوّج رسول اللّه صلى الله عليه و آله ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول بينهما . (19) وقال : وهذا الحديث أولى من حديث أبي حنيفة؛ لأنّ ميمونة صاحب القصّة وأبا رافع كان سفيراً بينهما، فهما أعلم من ابن عبّاس ، ولأنّ ابن عبّاس كان صغيراً في هذا الوقت لا يعرف حقائق الأشياء ، فربّما كان توهّم الإحرام . وقال سعيد بن المسيّب : وهم ابن عبّاس، ما تزوّجها النبيّ صلى الله عليه و آله إلّا حلالاً . (20) وعن الثاني بالفرق، فإنّ شراء الأمَة قد لا يكون للاستمتاع بخلاف عقد النكاح . (21) انتهى. وأجاب السيّد رضى الله عنه في الانتصار عن الأوّل بوجهين آخرين، مبنى الأوّل منهما على ما اعتقده من عدم انعقاد الإحرام إلّا بالتلبية، كما حكيناه عنه سابقا ولو في القران، فقال : وقد قيل: يمكن أن يتأوّل خبر ميمونة على أنّ ابن عبّاس كان يرى أنّ من قلّد الهدي كان محرما، فلمّا رآه قلّد الهدي اعتقد أنّه محرم، وأيضا فيحتمل أن يكون أراد تزوّجها في الشهر الحرام، والعرب تسمّي من كان في الشهر الحرام محرما ، واستشهد بقول الشاعر : «قتلوا ابن عفّان الخليفة محرما»، ولم يكن عاقده بلا خلاف ، وإنّما كان في أشهر الحرم . (22) انتهى . وعن الشافعيّ أنّه جوّز للإمام تزويج المحرمين بولايته العامّة ، محتجّا بأنّه موضع الحاجة ، (23) ودفعه واضح، وأكثر الأخبار صريحة في بطلان العقد، فيجب التفريق بغير طلقة . واحتجّ عليه في الخلاف (24) بإجماع الفرقة، وبأنّ الطلاق فرع ثبوت العقد، وبأنّ النهي عن نكاح المحرم يدلّ على فساده، وهو مبني على كون النكاح عبادة، وهل تحرم المعقودة في الإحرام مؤبّداً مطلقا؟ هو ظاهر إطلاق الشيخ في المبسوط حيث قال : فإذا تزوّج امرأة وهو محرم فُرِّق بينهما ولا تحلّ له أبداً ». (25) ويدلّ عليه خبر إبراهيم بن الحسن (26) وأديم بن الحرّ (27) المتقدّمين ، وقيّده المفيد قدس سرهبالعلم بالتحريم، فقد قال في المقنعة : «ومَن تزوّج وهو محرم فرّق بينه وبين المرأة وكان نكاحه باطلاً ، فإن كان يعلم أنّ ذلك محرّم ثمّ أقدم عليه لم تحلّ له المرأة أبداً ». (28) وإليه ذهب الشيخ في التهذيب، (29) وبذلك جمع بين ما أشرنا إليه من الخبرين وبين صحيح محمّد بن قيس (30) المتقدِّم. و يدلّ عليه ما حكيناه عن المصنّف قدّس سرّه اللّه رواه في كتاب النكاح و يمكن حمل هذا الصحيح على التقيّة؛ لموافقته لمذاهب العامّة على ما ستعرف . وبه قال السيّد أيضا في الانتصار محتجّا عليه بالإجماع، وبأنّ الإجماع الواقع على فساد النكاح مستلزم لتحريمها أبداً ، معلّلاً بأنّ ما ثبت فساده أو صحّته في الشريعة لا يجوز تغيّره. وتعليله الثاني إن تمّ لدلّ على تحريمها أبداً مطلقا وإن لم يعلم بالتحريم. ولمّا كان مدّعاه خاصّا قال بعد ذلك : وإذا ثبت (31) هذه الجملة ووجدنا كلّ من قال من الاُمّة: إنّ نكاح المحرم وإنكاحه فاسد على كلّ وجه ومن كلّ أحد يذهب إلى ما فصّلناه من أنّه إذا فعل ذلك عالما به، بطل نكاحه ، ولم تحلّ له المرأة أبداً؛ لأنّ أحداً من الاُمّة لم يفرّق بين الموضعين، والفرق بينهما خروج عن إجماع الاُمّة . (32) وقيّده الشيخ في الخلاف بالعلم بالتحريم أو الدخول حيث قال : «إذا عقد المحرم على نفسه عالما بتحريم ذلك أو دخل بها وإن لم يكن عالما فرّق بينهما ولا تحلّ له أبداً ». (33) واحتجّ عليه بإجماع الفرقة وبالاحتياط وبالأخبار . وبه قال العلّامة في المنتهى (34) محتجّا على جواز المراجعة مع الجهل وعدم الدخول بصحيح محمّد بن قيس، وكأنّه خصّ جواز نكاح تلك المرأة بعد الإحرام بما إذا لم يكن عالما بالتحريم؛ لما عرفت من الجمع، ولا مدخولاً بها؛ لما يستفاد من آخر الخبر حيث إنّه عليه السلام إنّما جوّز تزويجها بإذن أهلها، وذلك التوقّف إنّما يكون في البكر. ولو كانت مدخولاً بها في العقد الأوّل لما كان كذلك ، ومن هذا يظهر سرّ استدلال الشيخ عليه بالأخبار . وحكى في المختلف (35) هذا القول عن ابن الجنيد ، ويظهر من الخلاف والانتصار وفاق العامّة على عدم تأبيد التحريم مطلقا، فقد قال في الخلاف بعدما حكينا عنه: «ولم يوافقنا عليه أحد من العامّة ». (36) وفي الانتصار : وممّا انفردت به الإماميّة القول بأنّ من تزوّج امرأة وهو محرم عالما بأنّ ذلك محرّم عليه بطل نكاحه، ولم تحلّ له المرأة أبداً ، وهذا ممّا لم يوافق فيه أحد من الفقهاء ؛ لأنّ الشافعيّ ومالكا وإن أبطلا نكاح المحرم وجوّز ذلك أبو حنيفة، فإنّهما لا يقولان: إنّه إذا فعل ذلك على بعض الوجوه حرمت عليه المرأة أبداً. (37) ويجب بدنة على الواطي مع العلم بالتحريم، وعلى العاقد أيضا مع العلم به مطلقا وإن كان محلّاً على ما هو ظاهر إطلاق الأكثر . وبه صرّح جماعة منهم الشيخ في التهذيب، (38) والشهيد في الدروس . (39) ويدلّ عليه موثّق سماعة. (40) وظاهر ابن إدريس عدم وجوبها على العاقد المحلّ حيث خصّ العاقد المحلّ بالذكر ، وقال : «والمحرم: إذا عقد المحرم على زوجة ودخل بها الزوج كان على العاقد بدنة، وعلى الزوج الداخل بها الوطي لها ما على المحرم إذا وطأ امرأته من الأحكام ». (41) واعلم أنّه أجمع الأصحاب على جواز الرجوع للمحرم في العدّة الرجعيّة؛ لأصالة الجواز وعدم مانع عنه ، والفرق بينه وبين العقد ظاهر، فإنّ العقد استباحة بضع بخلاف الرجوع، فإنّ البضع كان مباحا قبله؛ إذ لا يخرج المطلّقة الرجعيّة عن أحكام الزوجات ، فالرجعة إنّما يكون استبقاء إباحته . واحتجّ عليه في الخلاف (42) والمنتهى (43) بعموم قوله تعالى : «وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ» (44) ، وقوله سبحانه : «فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» (45) . وحكاه في المنتهى عن الشافعيّ ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه ، وحكى عن روايته الاُخرى عدم الجواز محتجّا بأنّه استباحة فرج، فلا يجوز كالنكاح ، (46) ودفعه واضح . الثانية : تدلّ مرسلة الحسن بن عليّ (47) على حرمة الخطبة في الإحرام وإن كانت للعقد بعد الإحلال ، ويؤيّدها قوله صلى الله عليه و آله : «ولا يخطب» في خبر عثمان بن عفّان (48) المتقدّم ، وهو ظاهر المصنّف، وهو منقول في المختلف (49) عن ابن الجنيد ، وكرهها الشيخ في المبسوط (50) والعلّامة في المنتهى محتجّا بأنّه تسبّب إلى الحرام، فكان مكروها كالصرف ، وقال : والفرق بين الخطبة هاهنا وبين الخطبة في العدّة أنّ الخطبة في العدّة إنّما حرّمت لأنّها تكون داعية للمرأة إلى أن تخبر بانقضاء عدّتها قبل انقضائها رغبةً في النكاح، فكان حراما ، أمّا هاهنا فليس كذلك . (51) انتهى . ويؤيّدها: أنّ الرواية بعينها مرويّة في التهذيب، (52) وليس فيها قوله : «ولا يخطب» ، وهو ظاهر ابن إدريس، (53) فإنّه لم يذكر الخطبة في محرّمات الإحرام، وعدَّ جوازها في الدروس أقرب . (54) الثالثة : الشهادة على النكاح تحمّلاً وأداءً في الإحرام حرام عند الأصحاب وإن كان في العقد بين المحلّين ، وحكاه في الخلاف (55) عن أبي سعيد الاصطخريّ من أصحاب الشافعيّ. (56) ويدلّ عليه المرسلة المشار إليها، وما رواه عثمان بن عيسى، عمّن ذكره عن أبي عبداللّه عليه السلام في المحرم يشهد على نكاح المحلّين ، قال: «لايشهد؛ لأنّه معونة على المحرّم فكان حراما» . (57) وما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يشهد» . (58) وقال الشافعيّ : لا بأس به مطلقا ، محتجّا بأنّه لا مدخل للشاهد في العقد فاشتبه الخطيب . (59) واُجيب بالفرق بأنّ الخطبة لإيقاع العقد في حال الإحلال بخلاف الشهادة على عقد المحرم، فإنّه معونة على فعل الحرام. (60) وفيه أنّه لا يدفع جواز الشهادة على عقد المحلّين، إلّا أن يريد بيان عدم إفادة القياس عموم المدّعي ، فتأمّل . الرابعة : تدلّ صحيحة أبي بصير (61) على جواز الطلاق للمحرم ، وفي المنتهى : «ويجوز له مفارقة النساء حال الإحرام بكلّ حال من طلاق أو خلعٍ أو ظهارٍ أو لعان أو غير ذلك من أسباب الفرقة، ولا نعلم فيه خلافا ». (62) الخامسة : تدلّ صحيحة سعد بن سعد (63) على جواز شراء الأمَة وبيعها في حال الإحرام، وإطلاقه يقتضي جواز شرائها للتسرّي أيضا، وهو ظاهر إطلاق الفتاوى ، وبه صرّح جماعة منهم العلّامة في المنتهى . (64) واحتجّ عليه بأنّه ليس بموضوع لاستباحة البضع، ولذلك اُبيح شراء من لا يحلّ وطئها، ولم يحرم الشراء في حال يحرم فيه الوطئ ، وأيّده بهذه الصحيحة. ولو قصد بالشراء الوطئ في حال الإحرام فظاهر الخبر وإطلاق الأصحاب عدم حرمة الشراء حينئذٍ أيضا ، وإن كان قصده محرّما . وفي المسالك ذكر وجها لبطلان الشراء معلّلاً بالنهي عنه ، ثمّ قال : «والأقوى العدم ؛ لأنّه عقد لا عبادة »، (65) فتدبّر .

.


1- . اُنظر : الخلاف ، ج 2 ، ص 317 ، المسألة 114 ؛ تذكرة الفقهاء ، ح 7 ، ص 384 385 ، المسألة 303 ؛ مختلف الشيعة ، ج 4 ، ص 164 ؛ المجموع للنووي ، ج 7 ، ص 287 ؛ المغني لابن قدامة ، ج 3 ، ص 313 ؛ الشرح الكبير ، ج 3 ، ص 314 .
2- . الكافي، كتاب النكاح، باب المرأة الّتي تحرم على الرجل فلا تحلّ له أبدا، ح 1؛ وسائل الشيعة، ج 20، ص 491، ح 26172.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 330، ح 1137؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 437، ح 16711.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 328، ح 1128؛ الاستبصار، ج 2، ص 193، ح 647 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 436، ح 16706.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 328، ح 1129؛ الاستبصار، ج 2، ص 193، ح 648 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 437، ح 16708.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 330، ح 1134؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 440، ح 16718.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 329، ح 1132؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 440، ح 16717.
8- . الفقيه، ج 3، ص 410، ح 4433؛ وسائل الشيعة، ج 20، ص 491، ح 26173.
9- . منتهى المطلب، ج 2، ص 809 .
10- . صحيح مسلم، ج 4، ص 136 و 137؛ مسند الشافعي، ص 180؛ مسند أحمد، ج 1، ص 64 ؛ سنن النسائي، ج 6 ، ص 88 و 89 ؛ والسنن الكبرى له أيضا، ج 3، ص 289، ح 5413 ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 7، ص 210.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 329، ح 1131؛ الاستبصار، ج 2، ص 193، ح 650 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 438، ح 16713.
12- . في هامش الأصل: «فإن قيل: لِمَ لَم تحمله على التقيّة، فإنّ أبا حنيفة قد جوّز النكاح في الإحرام، على ما ستعرف. لأنّا نقول: إنّما جوّز هو العقد لا الوطي، وما يوجب تحصين الفرج وغضّ البصر إنّما هو الوطي لا العقد، بل العقد تنافيهما. منه عفي عنه».
13- . منتهى المطلب، ج 2، ص 808 .
14- . المجموع، ج 7، ص 288؛ المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 191؛ المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة، ج 3، ص 312.
15- . مسند أحمد، ج 1، ص 336 و 346 و 354 و 360؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 413، ح 1844.
16- . صحيح البخاري، ج 2، ص 214. ورواه أحمد في المسند، ج 1، ص 286 و 330.
17- . كذا بالأصل، والمذكور في المنتهى أوّلاً خبر يزيد بن الأصم، ثمّ خبر أبي رافع، والمذكور في تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 384 أوّلاً خبر أبي رافع ثمّ خبر يزيد بن الأصمّ، ولم يذكر خبر عثمان، وتقدّم خبر عثمان آنفا.
18- . مسند أحمد، ج 6 ، ص 333؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 169، ح 847 ؛ المستدرك للحاكم، ج 4، ص 31؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 66 ؛ وج 7، ص 211؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 3، ص 288، ح 5404 ؛ صحيح ابن حبّان، ج 9، ص 443؛ سنن الدارقطني، ج 3، ص 182، ح 3611.
19- . سنن الترمذي، ج 2، ص 167 168، ح 843 ؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 3، ص 288، ح 5402 ؛ صحيح ابن حبّان، ج 9، ص 443؛ سنن الدارقطني، ج 3، ص 183، ح 3616.
20- . سنن أبي داود، ج 1، ص 413 414، ح 1845.
21- . منتهى المطلب، ج 2، ص 808 809 ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 7، ص 212.
22- . الانتصار، ص 247. وانظر: المغني والشرح الكبير، ج 3، ص 312؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 194.
23- . منتهى المطلب، ج 2، ص 809 ؛ تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 385؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 284.
24- . الخلاف، ج 2، ص 318، المسألة 116.
25- . المبسوط، ج 1، ص 318.
26- . وسائل الشيعة، ج 12، ص 439، ح 16716.
27- . وسائل الشيعة، ج 12، ص 440، ح 16717.
28- . المقنعة، ص 433.
29- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 329، ذيل الحديث 1131.
30- . وسائل الشيعة، ج 12، ص 440، ح 16718.
31- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «ثبتت».
32- . الانتصار، ص 246.
33- . الخلاف، ج 2، ص 317، المسألة 114.
34- . منتهى المطلب، ج 2، ص 809 .
35- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 84 .
36- . الخلاف، ج 2، ص 317، المسألة 114، ولفظه: «... ولم يوافقنا أحد من الفقهاء».
37- . الانتصار، ص 246، المسألة 129.
38- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 331.
39- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 369، الدرس 98.
40- . هو الحديث الخامس من هذا الباب.
41- . السرائر، ج 1، ص 553 .
42- . الخلاف، ج 2، ص 318، المسألة 117.
43- . منتهى المطلب، ج 2، ص 810 .
44- . البقرة (2) : 228 .
45- . البقرة (2) : 229 .
46- . تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 398؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 338؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 290.
47- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
48- . السنن الكبرى للبيهقي، ج 7، ص 210.
49- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 84 .
50- . المبسوط، ج 1، ص 318.
51- . منتهى المطلب، ج 2، ص 809 .
52- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 330، ح 1136؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 438، ح 16712.
53- . اُنظر: السرائر، ج 1، ص 542 547 .
54- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 368 ، الدرس 98 .
55- . الخلاف، ج 2، ص 317، المسألة 115.
56- . المجموع للنووي، ج 7، ص 283، وحكاه ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير، ج 3، ص 314 عن بعض أصحاب الشافعي من غير تصريح باسمه.
57- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 315، ح 1087؛ الاستبصار، ج 2، ص 188، ح 630 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 417، ح 16657، وص 437، ح 16710.
58- . المجموع للنووي، ج 7، ص 284.
59- . المغني والشرح الكبير، ج 3، ص 314.
60- . تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 386.
61- . هى الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
62- . منتهى المطلب، ج 2، ص 810 .
63- . هي الحديث الثامن هذا الباب.
64- . منتهى المطلب، ج 2، ص 810 .
65- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 252.

ص: 108

. .

ص: 109

. .

ص: 110

. .

ص: 111

. .

ص: 112

. .

ص: 113

. .

ص: 114

. .

ص: 115

. .

ص: 116

باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي شيئا من مناسكه

باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضي شيئا من مناسكه ، أو محلّ يقع على محرَمةلقد أجمع أهل العلم على حرمة الوطي حال الإحرام ، والأصل فيه قوله سبحانه : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» (1) ، فإنّ الرّفث هو الجماع على ما رواه الأصحاب ، ففي صحيحة عليّ بن جعفر، قال : سألت أخي موسى عليه السلام عن الرّفث والفسوق والجدال، ما هو؟ وما على مَن فعله؟ فقال : «الرّفث: جماع النساء ، والفسوق: الكذب والتفاخر ، (2) والجدال: قول: لا واللّه ، وبلى واللّه ، فمن رفث فعليه بدنة ينحرها، وإن لم يجد فشاة، وكفّارة الفسوق يتصدّق به إذا فعله وهو محرم» . (3) وفي صحيحة معاوية بن عمّار، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه وذكر اللّه وقلّة الكلام إلّا بخير، فإنّ تمام الحجّ والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلّا من خير، كما قال اللّه تعالى، فإنّ اللّه يقول : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ» ، فالرّفث: الجماع، والفسوق: الكذب والسباب، والجدال: قول الرجل: لا واللّه ، وبلى واللّه ». (4) وهو المشهور بين المفسّرين ، (5) وقيل : هو المواعدة للجماع والغمز له بالعين، (6) ويتفرّع عليه مسائل : الاُولى : أجمع أهل العلم على أنّ الجماع في الإحرام في الجملة موجب لفساد الحجّ والكفّارة وإتمام الحجّ الفاسد والقضاء في القابل، سواء كان الحجّ واجبا أم مندوبا . واختلفوا في أنّه إلى متى ذلك؟ فاعتبر المفيد قدس سره (7) كونه قبل وقوف عرفة ، وحكاه في الدروس (8) عن سلّار (9) والحلبيّ (10) وأحد قولي السيّد رضى الله عنه ، (11) وفي المختلف (12) عن جمل السيّد، (13) وفيه: احتجّ المفيد بما روي عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «الحجّ عرفة» . (14) أقول : ويؤيّده ما روي عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «مَن وقف بعرفة فقد تمّ حجّه» . (15) والخبران مع كونهما عاميّين قابلان للتأويل الذي يأتي في باب الموقفين . وحكاه الشيخ في الخلاف عن أبي حنيفة، (16) واعتبر فيه قبلية التحلّل الأوّل، فقال : إذا وطئ بعد الوقوف بعرفة قبل التحلّل أفسد حجّه وعليه بدنة مثل الوطي قبل الوقوف . (17) واحتجّ عليه بإجماع الفرقة، وبما رواه عن ابن عمر وابن عبّاس أنّهما قالا : مَن وطيء قبل التحلّل أفسد حجّه وعليه ناقة . (18) وأراد بالتحلّل التحلّل الأوّل، وهو بعد مناسك منى يوم النحر، فإنّه يتحلّل حينئذٍ من كلّ شيء إلّا النساء والطيب . ويدلّ عليه أنّه قال بعد ذلك : «إذا وطئ في الفرج بعد التحلّل الأوّل لم يفسد حجّه وعليه بدنة ». (19) وحكاه السيّد في الانتصار (20) عن الشافعيّ، والعلّامة في المنتهى (21) عن مالك أيضا ، وعن أحمد أنّه قال : إن كان بعده لم يفسد إحرامه الماضي ويفسد ما بقي من إحرامه، ويجب عليه أن يأتي بعمرة ليأتي بالطواف في إحرام صحيح وتلزمه شاة . (22) وحكي في الخلاف (23) عن مالك إلّا أنّه لم ينسب إليه الفدية ، والأظهر اعتبار قبلية المشعر ، وبه قال السيّد في الانتصار محتجّا عليه بالإجماع البسيط والمركّب، حيث قال : دليلنا على ما ذهبنا إليه بعد الإجماع المتردّد: أنّه قد ثبت وجوب الوقوف بالمشعر، وأنّه ينوب في تمام الحجّ عن الوقوف بعرفة عمّن لم يدركه، وكلّ من قال بذلك أوجب بالجماع قبله فساد الحجّ ولم يفسد بالجماع بعده ، فالتفرقة بين الأمرين خلاف إجماع الاُمّة. (24) وإليه ذهب الشيخ في المبسوط، (25) وهو ظاهر الصدوق في الفقيه، (26) وحكاه في المختلف (27) عن مقنعه (28) وعن أبيه (29) وعن ابن الجنيد (30) وابن البرّاج ، (31) وعدّه ابن إدريس أظهر . (32) ويدلّ عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا وقع الرجل بإمرأته دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحجّ من قابل» . (33) ويرويه المصنّف (34) فيما سيأتي في الحسن عنه ، فينبغي أن يحمل عليه ما ورد في أنّه مفسد للحجّ في حال الإحرام من غير تقييد بين الطريقين للجمع ، فأمّا من طريق الأصحاب فمنها: حسنتا زرارة ومعاوية بن عمّار، (35) وخبر عليّ بن أبي حمزة، (36) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل محرم وقع على أهله ، فقال : «إن كان جاهلاً فليس عليه شيء، وإن لم يكن جاهلاً فإنّ عليه أن يسوق بدنة، ويفرّق بينهما حتّى يقضيا المناسك يرجعا إلى المكان الذي أصابا، فيه ما أصابا وعليهما الحجّ من قابل» . (37) وفي الصحيح عن جميل بن درّاج، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن محرم وقع على أهله؟ قال : «عليه بدنة» ، قال : فقال له زرارة : قد سألته عن الذي سألته عنه، فقال لي : «عليه بدنة» ، قلت : عليه شيء غير هذا؟ قال : «نعم، عليه الحجّ من قابل» . (38) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل وقع على أهله (39) فيما دون الفرج؟ قال : «عليه بدنة، وليس عليه الحجّ من قابل، وإن كانت المرأة تابعته على الجماع فعليها مثل ما عليه، وإن كان استكرهها فعليه بدنتان، وعليهما الحجّ من قابل» . (40) وأمّا من طريق العامّة فما رواه الجمهور عن ابن عمر أنّ رجلاً سأله، فقال : إنّي وقعت بامرأتي ونحن محرمان ، فقال : «أفسدت حجّك، انطلق أنت وأهلك مع الناس فاقضوا ما تقضون، وحلّا إذا أحلّوا، فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهديا هديا، فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيّام في الحجّ، وسبعة إذا رجعتم» . (41) ونقلوا مثله عن ابن عبّاس، وفي حديثه: «ويفترقان من حيث يخرجان حتّى يقضيا حجّهما» . (42) وعن ابن المنذر أنّه قال : قول ابن عبّاس أعلى شيء روي فيمن وطئ في حجّه . (43) ويؤيّد ذلك الجمع ما ورد في أنّ من جامع بعد المشعر يجب عليه بدنة من غير ذكر للإفساد ، ويأتي في موضعه إن شاء اللّه تعالى ، وإذا خرج ما بعد المشعر بالدليل يبقى ما قبله في العموم، ومنه ما بين الموقفين، فتدبّر . فأمّا ما رواه الشيخ عن عبد العزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل طاف بالبيت اُسبوعا طواف الفريضة، ثمّ سعى بين الصفا والمروة أربعة أشواط، ثمّ غمزه بطنه، فخرج فقضى حاجته، ثمّ غشى أهله؟ قال : «يغتسل، ثمّ يعود فيطوف ثلاثة أشواط، وليستغفر ربّه، ولا شيء عليه» ، قلت : فإن كان طاف بالبيت طواف الفريضة، فطاف أربعة أشواط، ثمّ غمزه بطنه، فخرج فقضى حاجته، فغشى أهله؟ قال : «أفسد حجّه، وعليه بدنة يرجع فيطوف اُسبوعا، ثمّ يسعى ويستغفر ربّه» ، قلت : كيف لم تجعل عليه حين غشى أهله قبل أن يفرغ من سعيه كما جعلت عليه هديا حين غشى أهله قبل أن يفرغ من طوافه؟ قال : «إنّ الطواف فريضة وفيه صلاة، والسعي سنّة من رسول اللّه صلى الله عليه و آله » ، قلت : أليس اللّه تعالى يقول : «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ» ؟ قال : «بلى، ولكن قد قال فيها : «وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فَإِنَّ اللّه َ شَاكِرٌ عَلِيمٌ» (44) ، فلو كان السعي فريضة لم يقل: فمن تطوّع» . (45) وفي الحسن عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده إلى قوله _ : «فطاف منه ثلاثة أشواط، ثمّ خرج فغشي، فقد أفسد حجّه، وعليه بدنة، ويغتسل ثمّ يعود فيطوف اُسبوعا »، (46) الخبر . وسيأتي . فالمراد بإفساد الحجّ فيهما نقصه لا نقضه؛ للجمع . ويؤيّده عدم التعرّض للقضاء من قابل كما في الأخبار الماضية. ويجب على المرأة أيضا مثل ما وجب على الرجل إن كانت مطاوعة على مذهب الأصحاب (47) وفاقا لأكثر أهل الخلاف . وعن الشافعيّ أنّه يجزي عنهما هدي واحد، محتجّا بأنّه جماع واحد فلم يوجب أكثر من بدنة كرمضان . (48) واُجيب بالمنع بالأصل . وحكي مثله عن أحمد في إحدى الروايتين عنه وعن عطاء. (49) ولو كانت مكرهة لم يلزمها شيء ، ويتخلّف عنها البدنة، فوجب عليه بدنتان، وهو أيضا ممّا أجمع عليه الأصحاب ووافقهم مالك وأحمد في إحدى الروايتين، وفي ثانية لا يتحمّل عنها، وفي ثالثة أنّ البدنة لها على نفسها ، (50) وما ذهبنا إليه يستفاد من أكثر بعض الأخبار التي تقدّمت . واعلم أنّ هذا الحكم مجمعٌ عليه بين الأصحاب في وطي قبل الزوجة، أنزل أو لم يُنزل ، وأمّا في دبرها فالمشهور بينهم أنّه أيضا كذلك ، بل كاد أن يكون إجماعا . وأمّا وطي غير الزوجة فلا يبعد إلحاق وطي الشبهة به . وألحق العلّامة في المنتهى (51) به الزنا بالأولويّة ووطي الغلام أيضا معلّلاً بأنّه وطي في فرج يوجب الغسل، فيوجب الإفساد أيضا كالقبل . وصرّح بهذا التعميم الشهيد أيضا في الدروس حيث قال : «لا فرق بين الوطي قبلاً أو دبراً، ولا بين كون الموطوءة أجنبيّة أو زوجة أو أَمَة أو كان ذكراً، ولا بين الإنزال وعدمه، لابوطي البهيمة» (52) وهو ظاهر السيّد رضى الله عنه. (53) ونسب الشيخ في الخلاف (54) إلحاق وطي البهيمة أيضا به إلى بعض الأصحاب وإلى الشافعيّ ، (55) وحكى عن أبي حنيفة روايتين في وطي الدبر مطلقا. (56) وإلحاق اللواط وإتيان البهائم به لا يخلو عن إشكال ؛ لأنّ الإفساد خلاف للأصل محتاج إلى دليل شرعي. وكونهما أفضح لا يوجب ذلك شرعا على الأظهر . وربّما ألحق به الاستمناء أيضا ، وسيأتي القول فيه في الباب الآتي . ثمّ الظاهر اختصاص الإفساد وما يتفرّع عليه والكفّارة بالعلم بالمسألة، وأنّ الجاهل بها لا شيء عليه ، وأمّا ناسي الإحرام فعموم قوله عليه السلام في حسنة معاوية بن عمّار: «وإن لم يكن جاهلاً فعليه سوق بدنة، وعليه الحجّ من قابل» (57) أنّه كالعالم، فإنّ الجاهل شامل لناسي الإحرام . الثانية : المشهور بين الأصحاب وجوب الافتراق بينهما في حجّة القضاء إذا بلغا الموضع الذي فعلا فيه ما فعلا . (58) ويدلّ عليه بعض الأخبار المذكورة ، وبه قال الشافعيّ في القديم وبعض أصحابه وأحمد ، وبالغ مالك حيث قال بوجوبه من حيث يحرمان على ما حكي عنه ، (59) وقيل : نقله في الموطّأ (60) عن أمير المؤمنين عليه السلام . وظاهر الشيخ في المبسوط وابن إدريس استحبابه، حيث قالا : «وينبغي أن يفترقا إذا انتهيا إلى المكان الذي فعلا فيه ما فعلا إلى أن يقضيا المناسك». (61) وهو المنقول عن بعض الشافعيّة ، (62) وعن أبي حنيفة أنّه قال : «لا أعرف هذه التفرقة »، محتجّا بأنّه لو وطأها في شهر رمضان لم يجب التفريق بينهما في قضائه ، فكذا هنا ، (63) وظاهره نفي الاستحباب أيضا . ومعنى الافتراق على ما يستفاد من بعض الأخبار وصرّح به العلماء الأخيار أن لا يخلوا إلّا ومعهما ثالث مميّز ، روى ذلك المصنّف قدس سره عن أبان بن عثمان مرسلاً عن أحدهما عليهماالسلام ، (64) والشيخ عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام في المحرم يقع على أهله؟ قال : «يفرّق بينهما ولا يجتمعان في خباء، إلّا أن يكون معهما غيرهما حتّى يبلغ الهدي محلّه» . (65) وعن أبان بن عثمان رفعه إلى أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام قالا : «المحرم إذا وقع على أهله يفرّق بينهما» ، (66) يعني بذلك لا يخلوان إلّا أن يكون معهما ثالث. ولو حجّا في القابل على غير تلك الطريق لا يجب التفريق؛ لأصالة عدم وجوبه وانتفاء دليل عليه، ولفوات مقتضيه وهو التذكير بالمكان . وقد صرّح بذلك جماعة منهم الصدوق (67) والشهيد (68) والعلّامة في المنتهى ، (69) والظاهر عدم قول بوجوبه من أحد . هذا ، ويدلّ عليه حسنة حريز (70) وخبر عليّ بن أبي حمزة، (71) وما رويناه أخيراً من خبر معاوية بن عمّار ومرفوعة أبان بن عثمان (72) على وجوب التفريق في الحجّة الاُولى الفاسدة أيضا من موضع الجماع إلى آخر المناسك ، وبه صرّح جماعة منهم الشهيد في الدروس (73) والعلّامة في المنتهى . (74) وحكى الشهيد عن ابن الجنيد أنّه بالغ في ذلك فقال : «يستمرّ التفريق في الحجّة الاُولى، ويحرم الجماع إلى أن يعودا إلى مكان الخطيئة وإن كانا قد أحلّا ». (75) الثالثة : اختلف الأصحاب في أنّ أيّ الحجّتين هو حجّة الإسلام؟ فصرّح الشيخ في التهذيب إلى أنّها هي الاُولى الفاسدة، والثانية إنّما تكون عقوبة محتجّا بحسنة زرارة . (76) وبه قال في النهاية (77) أيضا، وهو الأشهر ، وعلى ذلك فتسميتها فاسدة مجاز كما في الدروس ، (78) ومنع فسادها في المختلف (79) مستندا بأنّ الأحاديث إنّما دلّت على وجوب حجّ في القابل من غير تضمّن ذكر الفساد، وإنّما تضمّنته في العمرة. ولو سلم كونها فاسدة حقيقة فلا بُعد في إجزائها عن حجّة الإسلام بضميمة العقوبة . وذهب ابن إدريس إلى أنّها هي الثانية، وأكمل الاُولى العقوبة . وقال في السرائر : «هذا هو الصحيح الذي يشهد به اُصول المذهب ؛ لأنّ الفاسد لا يجزي ولا تبرأ ذمّته بفعله ». (80) وإليه ذهب الشيخ في الخلاف حيث احتجّ فيه على فوريّة القضاء ردّاً على من زعم من أصحاب الشافعيّ (81) أنّه على التراخي بقوله: «لأنّا قد بيّنا أنّ حجّة الإسلام على الفور، وهذه حجّة الإسلام ». (82) وقوّاه العلّامة في المنتهى (83) لما ذكر، مجيبا عن الحسنة بأنّها غير مستندة إلى إمام، فجاز أن يكون المسؤول غير معصوم . وتظهر الفائدة في حجّ الأجير لتلك السنة، فيستحقّ الاُجرة ويجزي حجّه عن المنوب على الأوّل دون الثاني، وفي نذر الحجّ المقيّد بها، فيجب عليه كفّارة خلف النذر على الثاني دون الأوّل . وفي الدروس: «وفي المصدود المفسد إذا تحلّل ثمّ قدر على الحجّ لسنته أو غيرها ». (84) الرابعة : الجماع كما يفسد الحجّ على ما فصّل يوجب فساد العمرة أيضا إذا وقع قبل إكمال سعيها، ويوجب بدنة بعده قبل إكمالها ، وقد اشتهر ذلك بين الأصحاب في العمرة المفردة؛ (85) لصحيحة بريد بن معاوية العجليّ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة، فغشى أهله قبل أن يفرغ من طوافه وسعيه ، قال : «عليه بدنة لفساد عمرته، وعليه أن يقيم إلى الشهر الآخر، فيخرج إلى بعض المواقيت فيحرم بعمرة» . (86) وخبر مسمع، عن أبي عبداللّه عليه السلام في الرجل يعتمر عمرة مفردة، فيطوف بالبيت طواف الفريضة، ثمّ يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : «قد أفسد عمرته وعليه بدنة، وعليه أن يقيم بمكّة محلّاً حتّى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه، ثمّ يخرج إلى الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأهل بلاده، فيحرم منه ويعتمر». (87) و قال الشيخ في المبسوط : «متى جامع وهو محرم بعمرة مبتولة قبل أن يفرغ من مناسكها بطلت عمرته، وعليه بدنة والمقام [ بمكّة] إلى الشهر الداخل ثمّ يقضي عمرته ». (88) ومثله في النهاية (89) والتهذيب ، (90) وهو مشعر باعتبار فراغه من طواف النساء ، ولا يبعد أن يقال: أراد بمناسكها أركانها، فيرجع إلى الأوّل وقد اصطلح عليه . ويؤيّد ذلك أمران : أحدهما : أنّه احتجّ عليه في التهذيب بما ذكرنا من الخبرين، وهما إنّما يدلّان على ما اعتبرناه . وثانيهما : أنّه قال في الحجّ: «وإذا جامع بعد قضاء المناسك قبل طواف النساء كان عليه بدنة »، (91) فتأمّل . وحكى في المختلف عن ابن أبي عقيل أنّه توقّف في فساد العمرة بذلك، وأنّه قال : «إذا جامع في عمرته قبل أن يطوف لها ويسعى فلم أحفظ عن الأئمّة عليهم السلام اُعرّفكم، فوقفت عند ذلك، ورددت الأمر إليهم». (92) وهو كما ترى . وأمّا العمرة المتمتّع بها فقد صرّح جماعة من الأصحاب بمساواتها للعمرة المفردة في الحكم، منهم الشهيدان في الدروس (93) والمسالك، (94) والمحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد . (95) وأطلق العمرة جماعة منهم المحقّق في الشرائع، (96) والعلّامة في المنتهى (97) والإرشاد ، (98) ولكن احتجّ عليه في الأوّل بما ورد في المفردة من الخبرين. واقتصر الشيخ في النهاية (99) والمبسوط (100) والتهذيب (101) على ذكر المفردة . (102) واستشكل العلّامة في القواعد في طرد الحكم فيها، فقال : «ولو جامع في إحرام العمرة المفردة أوالمتمتّع بها على إشكال قبل السعي عامدا عالما عامداً بالتحريم بطلت عمرته، ووجب إكمالها وقضاؤها وبدنة ». (103) وإنّما استشكله بناءً على عدم وجود نصّ فيها ، بل ظاهر إطلاق ما رواه الشيخ عن ابن مسكان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت : متمتّع وقع على امرأته قبل أن يقصر؟ قال : «عليه دم شاة» (104) عدم فسادها بذلك. فإن قيل : قد ورد في بعض الأخبار ما يدلّ على فسادها أيضا ؛ رواه الشيخ في التهذيب عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن متمتّع وقع على أهله ولم يزر ، فقال : «ينحر جزوراً» ، وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالما، وإن كان جاهلاً فلا بأس عليه» (105) فإنّ خشيتهم عليهم السلام كناية عن علمهم . قلت : الخبر هو ما يرويه المصنّف في باب المحرم يأتي أهله، وقد قضى بعض مناسكه، (106) وله تتمّة تدلّ على أنّه في شأن الحاجّ لا المعتمر، وستعرفه . وقال المحقّق الشيخ عليّ في شرحه : لا يظهر لهذا الإشكال موضع ؛ لأنّ وجوب الأحكام المذكورة مشترك بين عمرة الإفراد والتمتّع، وإنّما الذي هو محلّ النظر وجوب إتمامها ووجوب الحجّ ووجوب قضائهما، بناءً على أنّ العمرة المتمتّع بها لا تنفرد عن الحجّ، والشروع فيها شروع فيه، والأصحّ وجوب الأمرين معا . (107) انتهى . وفي حاشية كتاب القواعد الذي عندي في تفسير الإشكال: يحتمل فساد الحجّ التمتّع؛ لقوله عليه السلام : «دخلت العمرة في الحجّ هكذا» وشبّك بين أصابعه ، ويحتمل عدمه؛ لانفراد الحجّ بإحرام ، هكذا قال [ لي ]المصنّف . (108) انتهى . وأظنّه منقولاً عن الإيضاح، (109) ولم يكن عندي الآن، وهو حمل بعيد من العبارة وإن احتمل الأمران في الواقع ، بل وقع قولان بهما . فالمشهور فساد الحجّ أيضا، وهو الذي رجّحه المحقّق الشيخ عليّ على ما عرفت ، وذهب إليه الشهيد الثاني في المسالك حيث قال : «ولو كانت يعني العمرة الفاسدة عمرة التمتّع، ففي وجوب إكمال الحجّ أيضا ثمّ قضاؤهما والافتراق كما مرّ قولان أجودهما الوجوب ». (110) واستشكله العلّامة في القواعد (111) بناءً على كون كلّ منهما عبادة مستقلّة وإن ربطت إحداهما بالاُخرى مع أصالة عدم الوجوب وانتفاء نصّ عليه. والمسألة لا تخلو عن إشكال مع ضيق الوقت ، وأمّا في السعة فالظاهر أنّه يعتمر عمرة اُخرى للتمتّع في الشهر القابل ويحجّ بعدها . ثمّ المشهور بين الأصحاب وجوب إتمام العمرة الفاسدة، وليس في الأخبار تعرّض لذكره، وكأنّهم تمسّكوا في ذلك بأصالة وجوب الإتمام وانتفاء دليل على سقوطه، فإنّ الفساد لا يستلزمه كما في الحجّ ، ويؤيّده الأمر بالإتمام في الفاسد من الحجّ . وبالجملة، فالمحتاج إلى الدليل إنّما هو سقوط الوجوب، لا الوجوب، فلا وجه لما ذكر صاحب المدارك حيث قال : ولم يذكر الشيخ والمصنّف وأكثر الأصحاب وجوب إتمام العمرة الفاسدة ، وقطع العلّامة في القواعد (112) والشهيدان (113) بالوجوب، وهو مشكل؛ لعدم الوقوف على مستنده ، بل ربّما كان في الروايتين المتقدّمتين إشعار بالعدم؛ للتصريح فيهما بفساد العمرة بذلك وعدم التعرّض لوجوب الإتمام . (114) هذا ، واختلف في وقت قضاء العمرة المفردة بناءً على اختلافهم في مقدار ما بين العمرتين ، فذهب العلّامة إلى استحبابه في الشهر الداخل . (115) وقال الشهيد في اللمعة (116) بوجوبه فيه بناءً على أنّه الزمان بين العمرتين. وفي شرحها: ولو جعلناه عشرة أيّام اعتبر بعدها». (117) وعلى الأقوى من عدم تحديد وقت بينهما يجوز قضاؤهما معجّلاً بعد إتمامها وإن كان الأفضل التأخير . وأمّا الجماع فيها بعد السعي قبل التقصير فلا خلاف في أنّه غير مفسد لها مطلقا، مفردة كانت أو متمتّعة بها، لكنّه موجب للفدية . ويدلّ عليه في المفردة ما تقدّم من الخبرين الأوّلين، وفي عمرة التمتّع خبر ابن مسكان الذي سيأتي . وصحيحة الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن متمتّع طاف بالبيت وبين الصفا والمروة وقبّل امرأته قبل أن يقصّر؟ قال : «عليه دمٌ يهريقه، وإن كان الجماع فعليه جزور أو بقرة» . (118) لا يقال: يستفاد من بعض الأخبار فسادها بذلك بناءً على ما سبق من إرادة العلم من الخشية . رواه الشيخ في موضع آخر من التهذيب عن المصنّف عن عليّ بن إبراهيم [ عن أبيه] عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن متمتّع وقع على امرأته ولم يقصّر؟ قال : «ينحر جزوراً، وقد خفت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالما، وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه» . (119) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن متمتّع وقع على امرأته قبل أن يقصّر ، قال : «ينحر جزوراً، وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه» . (120) وعن ابن مسكان، عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت : متمتّع وقع على امرأته قبل أن يقصّر ، قال : «ينحر جزوراً، وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه» . (121) لأنّا نقول: الظاهر وقوع سهو من بعض الرواة في هذه الأخبار في ذكر «لم يقصّر» مكان «لم يزر»، فإنّ الخبر الأوّل بعينه ما أشرنا إليه، وإنّما روى المصنّف فيه: «لم يزر» ، (122) فالثاني أيضا كذلك؛ لاتّحاد راويهما، وهو معاوية بن عمّار، فليكن الثالث أيضا كذلك ، فهذه الأخبار في حجّ التمتّع لا في عمرته . ويؤيّد ذلك نسبة الانثلام إلى الحجّ ، فالمراد بالخشية معناها الظاهر، والغرض منها المبالغة في نقصان الحجّ . الخامسة : كفّارة إفساد الحجّ بدنة إجماعا كما هو المستفاد من أخباره ، وأمّا في العمرة فقد اختلف فيها بناءً على اختلاف أخبارها، فقال المفيد : «عليه جزورٌ إن كان موسراً، وإن كان متوسّطا فبقرة، وإن كان فقيراً فدم شاة ». (123) وقال الشيخ : «عليه بدنة، فإن عجز فبقرة، وإن عجز فشاة ». (124) وبه قال العلّامة فى¨ المختلف (125) وابن إدريس، (126) إلّا أنّهما أبدلا الجزور بالبدنة، وبذلك جمعوا بين ما تقدّم من الأخبار؛ حملاً لما دلّ على البدنة والجزور فيها على ما إذا جامع الموسر، والترديد بين الجزور والبقرة الواردة في صحيحة الحلبيّ المتقدّمة على أنّ التوزيع على الموسر والمتوسّط، والدم في خبر ابن مسكان المتقدّم على جماع الفقير. وهو ضعيف؛ لعدم دليل عليه . والشيخ أيضا جمع بينهما بنحو ممّا ذكر . (127) وحكى في المختلف عن ابن أبي عقيل وجوب البدنة مطلقا ترجيحا لأخبارها ، وعن سلّار (128) أنّ عليه بقرة ترجيحا لصحيح الحلبيّ، قائلاً : «إنّه عليه السلام خيّر فيه بين البقرة والبدنة، فيسقط وجوب البدنة »، (129) وكأنّه أراد بقوله عليه بقرة جوازها لا تعيّنها، كما يشعر به تعليله . السادسة : هل يوجب الوطي الثاني كفّارة أم لا؟ المشهور بين الأصحاب منهم السيّد والشيخ في المبسوط (130) وابن إدريس (131) والمحقّق في الشرائع (132) والعلّامة في المنتهى (133) تعدّدها على حسب تعدّده مطلقا، كفّر عن الأوّل أو لا، في مجلس أو في مجالس . ويدلّ عليه عموم أخبارها . واحتجّ عليه في الانتصار (134) بالإجماع وبالاحتياط لطريقة اليقين ببراءة الذمّة . وقوّى الشيخ في الخلاف تفصيلاً نسبه إلى الشافعيّ حيث حكى فيه عنه أنّه قال : إن وطئ بعد أن كفّر عن الأوّل وجب عليه الكفّارة قولاً واحداً، وهل هي شاة أو بدنة على قولين . وإن وطئ قبل أن يكفّر عن الأوّل ففيها ثلاثة أقوال : أحدها : لا شيء عليه ، والثاني : شاة ، والثالث : بدنة . (135) ثمّ قال : وإن قلنا بما قاله الشافعيّ: إنّه إن كفّر عن الأوّل لزمه كفّارة، وإن كان قبل أن يكفّر فعليه كفّارة واحدة، كان قويّا ؛ لأنّ الأصل براءة الذمّة . (136) ونسبه في الانتصار إلى محمّد من العامّة . (137) وذهب العلّامة في المختلف إلى تفصيل آخر نسبه إلى ابن حمزة، فقال : وقال ابن حمزة ونِعْمَ ما قال _ : الجماع إمّا مفسد للحجّ أو لا ، والأوّل لا يتكرّر فيه كفّارة، والثاني إن تكرّر فعله في حالة واحدة لا تتكرّر فيه الكفّارة بتكرّر الفعل، وإن تكرّرت في دفعات تكرّرت الكفّارة . (138) وحكى في الانتصار (139) عن أبي حنيفة الفصل بين مجلس واحد ومجالس متعدّدة ، وعن مالك والشافعيّ عدم تكرّرها مطلقا. (140) وكأنّ هذا كان أحد قولين للشافعيّ، فلا ينافي ما حكاه الشيخ في الخلاف (141) عنه ، وقد نقلناه . ومال صاحب المدارك إليه، ونسبه إلى قول الشيخ في الخلاف حيث ذكر ما نقلناه عن العلّامة في المختلف من التفصيل ، ثمّ قال : «وهو غير بعيد ، بل لو قيل بعدم التكرّر بذلك مطلقا كما هو ظاهر اختيار الشيخ في الخلاف لم يكن بعيداً». (142) وكأنّه خصّ عموم الأخبار الواردة في الكفّارة للجماع بالتحليل منه؛ لدلالة أكثرها على فساد الحجّ أيضا به ومنع مساواة الوطي الثاني للأوّل مستنداً بما ذكر، وهو قويّ، لكنّ ما نسبه إلى خلاف الشيخ محلّ تأمّل يظهر ممّا نقلنا عنه . قوله في حسنة زرارة : (قال إن كانا جاهلين) إلخ . [ ح 1 / 7370] يدلّ على أنّ جاهل المسألة معذور هنا، وعلى سقوط الكفّارة عنه ، وفي حكمه ناسي الإحرام وغير المواقعة من محرّمات الإحرام ما عدا الصيد عند الأصحاب، ولا نعلم فيه مخالفا . ويدلّ عليه أخبار متعدّدة في مواضع من محرّمات الإحرام، وصحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «وليس عليك فداء ما أتيته بجهالة، إلّا الصيد فإنّ عليك الفداء فيه بجهلٍ كان أو بعمد» . (143) ودلّ على وجوبها في الصيد بجهالة صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن المحرم يصيد الصيد بجهالة؟ قال : «عليه كفّارة» ، قلت : فإن أصابه خطأً؟ قال : «وأيّ شيء الخطأ عندك؟» قلت : يرمي هذه النخلة فيُصيب نخلة اُخرى ، قال : «نعم هذا الخطأ وعليه الكفّارة» . (144) وقد ألحق المحقّق في الشرائع (145) بهما المجنون، ونسبه في المدارك إلى مذهب الأصحاب؛ محتجّا بأنّ المجنون أعذر منهما، فيكون أولى بالسقوط. (146) ولولا دعوى الإجماع على ذلك لأمكن القدح في التعليل كما في الصبيّ، وعموم ما دلّ على الكفّارة خرج ما خرج وبقي الباقي . وحكى ابن أبي عقيل عن بعض الأصحاب على ما نقل عنه في المختلف (147) قولاً بسقوط الكفّارة من الناسي في الصيد ، وهو مخالف للمشهور .

.


1- . البقرة (2) : 197 .
2- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «والمفاخرة».
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 297، ح 1005؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 465، ح 16791.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 296 _ 297، ح 1003؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 463، ح 16788.
5- . اُنظر: التبيان، ج 2، ص 132 و 164؛ مجمع البيان، ج 2، ص 20 و 43.
6- . التبيان، ج 2، ص 164؛ مجمع البيان، ج 2، ص 43.
7- . المقنعة، ص 433.
8- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 369، الدرس 98.
9- . المراسم، ص 105.
10- . الكافي في الفقه، ص 203.
11- . الانتصار، ص 243.
12- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 148.
13- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 70).
14- . عوالي اللآلي، ج 2، ص 93، ح 247، وص 236، ح 5 ؛ وج 3، ص 162، ح 47؛ مسند أحمد، ج 4، ص 309؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1003، ح 3015؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 188، ح 890 .
15- . بدائع الصنائع، ج 12، ص 125 و 126 و 127؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 116؛ نصب الراية، ج 3، ص 240.
16- . المجموع للنووي، ج 7، ص 414؛ المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة، ج 3، ص 315.
17- . الخلاف، ج 2، ص 364، المسألة 201، وانظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 414؛ المغني والشرح الكبير لابنَي قدامة، ج 3، ص 315؛ جامع الخلاف والوفاق، ص 194.
18- . اُنظر: المغني، ج 3، ص 316؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 339.
19- . الخلاف، ج 2، ص 365، المسألة 203.
20- . الانتصار، ص 243.
21- . منتهى المطلب، ج 2، ص 835 .
22- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 516 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 321؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 41.
23- . الخلاف، ج 2، ص 365 366، المسألة 203.
24- . الانتصار، ص 243.
25- . المبسوط، ج 1، ص 336.
26- . الفقيه، ج 2، ص 578 .
27- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 146.
28- . الفقيه، ج 2، ص 329، ذيل الحديث 2587.
29- . حكاه عنه في الفقيه، ج 2، ص 329.
30- . لم أعثر على رسالته.
31- . المهذّب، ج 1، ص 222.
32- . السرائر، ج 1، ص 548 .
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 319، ح 1099؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 110، ح 17359، وص 118، ح 17380.
34- . الحديث الثالث من هذا الباب.
35- . الحديث الأوّل والثالث من هذا الباب من الكافي.
36- . الحديث الخامس من هذا الباب.
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 318، ح 1095؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 110 111، ح 17360.
38- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 318، ح 1096؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 111، ح 17361.
39- . في الأصل: «وقع عليه»، و ما اُ ثبت من المصدر.
40- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 318 319، ح 1097؛ الاستبصار، ج 2، ص 192، ح 644 (واقتصر فيه على الفقرة الاُولى من الحديث)؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 119، ح 17382.
41- . المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 315.
42- . نفس المصدرين.
43- . المغني والشرح الكبير لابني القدامة، ج 5 ، ص 315؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 27؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 835 .
44- . البقرة (2) : 158 .
45- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 321 322، ح 1107؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 126 127، ح 17398.
46- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 323، ح 1110. ورواه الكليني في الكافي، باب المحرم يأتي أهله وقد قضى بعض مناسكه، ح 6 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 126، ح 17397.
47- . اُنظر: المقنعة، ص 434؛ المراسم العلويّة، ص 118؛ الخلاف، ج 2، ص 367 368، المسألة 206؛ المبسوط للطوسي، ج 1، ص 336؛ الوسيلة، ص 166؛ السرائر، ج 1، ص 548 ؛ المختصر النافع، ص 106 107؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 224؛ إرشاد الأذهان، ج 1، ص 322؛ تبصرة المتعلّمين، ص 94؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 32 33.
48- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 32؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 836 ؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 418 419؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 316؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 339.
49- . نفس المصادر المتقدّمة.
50- . المغني، ج 3، ص 316؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 339.
51- . منتهى المطلب، ج 2، ص 837 . ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 37 38 .
52- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 369 370، الدرس 98.
53- . الانتصار، ص 257.
54- . الخلاف، ج 2، ص 370 371، المسألة 210.
55- . فتح العزيز، ج 7، ص 471؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 409؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 316.
56- . فتح العزيز، ج 7، ص 471؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 316.
57- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 113، ح 17370.
58- . اُنظر: الخلاف، ج 2، ص 368، المسألة 207؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 149؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 28.
59- . المجموع للنووي، ج 7، ص 415؛ المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 119؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 218.
60- . لم نعثر على مصدره.
61- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 336؛ السرائر، ج 1، ص 548 .
62- . الخلاف، ج 2، ص 34؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 34؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 837 ؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 399؛ فتح العزيز، ج 7، ص 476.
63- . بدائع الصنائع، ج 2، ص 218؛ فتح العزيز، ج 7، ص 476.
64- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
65- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 319، ح 1100؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 111، ح 17363.
66- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 319 320، ح 1101؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 111، ح 17364.
67- . الفقيه، ج 2، ص 329، ذيل الحديث 2587، نقلاً عن والده.
68- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 369، الدرس 98.
69- . منتهى المطلب، ج 2، ص 837 .
70- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
71- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
72- . تقدّم الخبران آنفا.
73- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 369، الدرس 98.
74- . منتهى المطلب، ج 2، ص 837 .
75- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 369، الدرس 98.
76- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 317، ح 1092.
77- . النهاية، ص 230.
78- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 370، الدرس 98.
79- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 149.
80- . السرائر، ج 1، ص 550 .
81- . المجموع للنووي، ج 7، ص 384؛ فتح العزيز، ج 7، ص 473.
82- . الخلاف، ج 2، ص 367.
83- . منتهى المطلب، ج 2، ص 836 .
84- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 370، الدرس 98.
85- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 155.
86- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 324، ح 1112؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 128، ح 17399.
87- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 323 324، ح 1111؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 128، ح 17400.
88- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 337.
89- . النهاية، ص 231.
90- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 323، ذيل الحديث 1110.
91- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 337.
92- . مختلف الشيعة، ج 3، ص 155.
93- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 338، الدرس 88 .
94- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 481.
95- . جامع المقاصد، ج 3، ص 350.
96- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 225.
97- . منتهى المطلب، ج 2، ص 841 .
98- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 322.
99- . النهاية، ص 231.
100- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 337.
101- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 323، ذيل الحديث 1110.
102- . صرّح في الجميع بالعمرة المفردة.
103- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 469، الاستمتاع بالنساء.
104- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 161، ح 538 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 130، ح 17405.
105- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 321، ح 1104؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 121 122، ح 17387.
106- . الحديث الثالث من ذلك الباب.
107- . جامع المقاصد، ج 3، ص 350.
108- . إيضاح الفوائد، ج 1، ص 347.
109- . ما ظنّه صحيح كما ذكرنا.
110- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 481.
111- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 469.
112- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 469.
113- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 338 339، الدرس 88 ؛ مسالك الأفهام للشهيد الثاني، ج 2، ص 481.
114- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 423.
115- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 469.
116- . اللمعة الدمشقيّة، ص 69 .
117- . شرح اللمعة، ج 2، ص 359.
118- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160 161، ح 535 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 129 130، ح 17403.
119- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 161، ح 539 . ورواه الكليني في باب «المحرم يأتي أهله وقد قضى بعض مناسكه»، ح 3، وباب «المتمتّع ينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ أو يحلق رأسه أو يقع أهله قبل أن يقصّر» ح 5 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 130، ح 17404.
120- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 161، ح 537 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 130، ح 17404.
121- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 161، ح 536 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 130، ذيل الحديث 17404، وذيله غير موجود في تهذيب الأحكام، نعم يظهر من وسائل الشيعة وجود هذا الذيل في رواية التهذيب حيث ذكره بعد رواية معاوية بن عمّار المتقدّمة آنفا، ثمّ ذكر سند هذه الرواية ولم يذكر متنها واكتفى بقوله: «مثله».
122- . الكافي، باب المحرم يأتي أهل وقد قَضى بعض مناسكه، ح 3، لكنّه رواه أيضا في باب المتمتّع ينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحج... ، ح 5، وفيه: «لم يقصّر» بدل «لم يزر».
123- . المقنعة، ص 433، ولم يصرّح باختصاص الحكم بالعمرة، بل ظاهره جريان الحكم في الحجّ، وقال بذلك في مَن نظر إلى غير أهله فأمنى، والموجود فيه «بدنة» بدل «جزور».
124- . المبسوط، ج 1، ص 363.
125- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 157.
126- . السرائر، ج 1، ص 550 و 581 .
127- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160.
128- . المراسم العلويّة، ص 119.
129- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 157.
130- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 337.
131- . السرائر، ج 1، ص 549 .
132- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 228.
133- . منتهى المطلب، ج 2، ص 838 .
134- . الانتصار، ص 253، المسألة 136.
135- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 407؛ فتح العزيز، ج 7، ص 472 473؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 318.
136- . الخلاف، ج 2، ص 367، المسألة 204.
137- . الانتصار، ص 253، المسألة 136. وانظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 420؛ بداية المجتهد، ج 1، ص 297.
138- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 178؛ الوسيلة، ص 165 166.
139- . الانتصار، ص 252 253.
140- . المجموع للنووي، ج 7، ص 420؛ فتح العزيز، ج 7، ص 473؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 523 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 342؛ بداية المجتهد، ج 1، ص 297.
141- . الخلاف، ج 2، ص 367، المسألة 204.
142- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 452.
143- . الكافي، باب النهي عن الصيد وما يصنع به إذا أصابه المحرم والمحلّ في الحلّ والحرم، ح 3؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 315، ح 1085؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 68 69 ، ح 17251.
144- . الكافي، أبواب الصيد، باب النهي عن الصيد ... ، ح 4؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 69 ، ح 17252.
145- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 228.
146- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 454 455.
147- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 176.

ص: 117

. .

ص: 118

. .

ص: 119

. .

ص: 120

. .

ص: 121

. .

ص: 122

. .

ص: 123

. .

ص: 124

. .

ص: 125

. .

ص: 126

. .

ص: 127

. .

ص: 128

. .

ص: 129

. .

ص: 130

. .

ص: 131

. .

ص: 132

. .

ص: 133

. .

ص: 134

. .

ص: 135

باب المُحرم يقبِّل امرأته أو ينظر إليها

باب المُحرم يقبِّل امرأته أو ينظر إليها بشهوة أو غير شهوة أو ينظر إلى غيرهافيه مسائل :الاُولى : قال الشيخ في النهاية : «من عبث بذكره حتّى أمنى كان حكمه حكم مَنْ جامع على السواء ». (1) ومثله في التهذيب، (2) وظاهره فساد الحجّ والعمرة أيضا بذلك في وقت يفسدهما الجماع . وصرّح به في المبسوط، (3) ورجّحه العلّامة في المختلف، (4) وحكاه عن ابن البرّاج (5) وابن حمزة . (6) واحتجّ عليه الشيخ في التهذيب بخبر عبد الرحمن بن الحجّاج ، (7) وقد رواه في الصحيح ، وبخبر إسحاق بن عمّار، (8) والعلّامة في المختلف (9) بهما، وبأنّه إنزال على وجه محرّم غير مباح على وجه، وكان أفحش من الجماع ، فناسب المساواة أوالزيادة في العقوبة دون القصور . ونفاه ابن إدريس (10) محتجّا بأصالة البراءة بناءً على أصله على أنّ الصحيحة غير صريحة في الإفساد ، بل يحتمل المساواة في إيجاب البدنة فقط ، بل هو الأظهر منها على أنّها في الملاعبة بالأهل. وحمل العبث بالذَّكر عليه قياس، والصحيحة غير صريحة . وقد جوّز في الاستبصار (11) حملها على تأكّد الاستحباب . ثمّ ظاهر الأكثر اختصاص فساد الحجّ بالاستمناء باليد وعدم اطّراده في الاستمناء بغيرها من الملاعبة والتقبيل والنظر ولو بقصد الإمناء أوالاعتياد . وحكى في المختلف عن ابن الجنيد الاطّراد، قال : «وقال أبو عليّ بن الجنيد : وعلى المحرم إذا أنزل الماء [ إمّا] بعبث بحرمته أو بذكره أو بإدمان نظره مثل ما على الذي يجامع». (12) ويظهر من شرح اللمعة (13) تحقيق القول بذلك العموم، والأقرب الاقتصار على مورد النصّ من العبث بالذكر، وهو الاستمناء باليد، وهو ظاهر الأخبار المذكورة في الباب ، فتأمّل . الثانية : قال الشيخ في المبسوط : «إذا نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى لم يكن عليه شيء، إلّا أن يكون نظر إليها بشهوة فأمنى، فإنّه يلزمه الكفّارة وهي بدنة ». (14) ومثله في السرائر (15) وكتب الأكثر ، (16) إلّا أنّه أبدل البدنة في الدروس (17) بالجزور ، بل نسبه في المنتهى (18) إلى علمائنا، والظاهر إجزاؤهما لورود الأوّل في حسنة معاوية بن عمّار، ودلالة صحيحة مسمع على الثاني . ونفى المفيد قدس سره الكفّارة مطلقا فقال : «ومَن نظر إلى أهله فأمنى أو أمذى فلا كفّارة عليه، ويستغفر اللّه تعالى». (19) وكأنّه تمسّك في ذلك بما رواه إسحاق بن عمّار عن أبي عبداللّه عليه السلام في محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى ، قال : «ليس عليه شيء» . (20) وحمله الشيخ في التهذيب على حال السهو دون العمد ، وربّما خصّ كلام المفيد بما إذا لم يكن النظر بشهوة، و إطلاق أكثر الفتاوى يقتضي عدم الفرق فيما لولم يكن النظر بشهوة بين ما كان عادته الإمناء بمجرّد النظر أم لا . وصرّح جماعة منهم الشهيد الثاني بوجوب الكفّارة في الشقّ الأوّل ، بل قال بوجوبها في الشقّ الثاني أيضا إذا قصد الإمناء، فقد قال في شرح اللمعة : «وبغير شهوة لا شيء وإن أمنى ما لم يقصده أو يعتده». (21) ولم يظهر إليّ إمكان اجتماع قصد الإمناء مع عدم الشهوة ، فتأمّل . وأمّا النظر إلى الأجنبيّة فمذهب الأصحاب إيجابه للكفّارة إذا أمنى به ولو بغير شهوة. واختلفوا في كفّارته ، ففي المبسوط : «مَن نظر إلى غير أهله فأمنى فعليه بدنة، وإن لم يجد فبقرة، وإن لم يجد فشاة ». (22) ومثله في السرائر (23) والدروس (24) واللمعة (25) والقواعد (26) والشرائع (27) والإرشاد . (28) ويدلّ عليه موثّق إسحاق بن عمّار عن أبي بصير، (29) وقد رواه الشيخ بسندٍ آخر موثّق أيضا عنه. (30) وبه قال الأكثر، منهم المفيد إلّا أنّه أوجب بعد العجز عن الشاة الصيام، (31) ولم يذكره غيره، والرواية خالية عنه . وقال الصدوق في الفقيه : «فإن نظر محرم إلى غير أهله فأنزل فعليه جزور أو بقرة، فإن لم يقدر فشاة ». (32) ويدلّ عليه صحيحة زرارة، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل ، قال : «عليه جزور أو بقرة، فإن لم يجد فشاة» . (33) وأوجب العلّامة في المنتهى بدنة مطلقا ، فقد قال : «ولو نظر إلى غير أهله فأمنى لم يفسد حجّه، ووجب عليه بدنة ، وذهب إليه علمائنا أجمع ». (34) وأراد بالإجماع على عدم الإفساد لا على وجوب البدنة، فإنّه قال بعد ذلك بلا فصل: وبعدم الإفساد قال ابن عبّاس وأبو حنيفة والشافعيّ وأحمد ، وقال مالك : إذا ردّد النظر حتّى أمنى وجب عليه الحجّ من قابل ، وبه قال الحسن البصري وعطاء . (35) ولم أجد على البدنة نصّا . نعم ، ورد في مقطوعة معاوية بن عمّار: «الدم» ، (36) والمتبادر منه الشاة ، وحكى فيه عن ابن عبّاس وإحدى الروايتين عن أحمد وجوب البدنة مع تكرار النظر ، والشاة مع وحدته . وفي رواية اُخرى عنه وعن سعيد بن جبير وإسحاق وجوب الشاة مطلقا . وعن أبي حنيفة والشافعيّ وأبي ثور عدم وجوب شيء مطلقا. (37) ولو لم يمنِ فلا شيء عليه بإجماع أهل العلم وإن كان آثما . ويدلّ عليه الأصل، ومقطوعة معاوية بن عمّار . الثالثة : قال الشيخ في المبسوط: «من قبَّل امرأته من غير شهوة كان عليه دم شاة، وإن كان عن شهوة كان عليه جزور ». (38) ومثله في النهاية، (39) وهو المشهور بين الأصحاب منهم الشهيد في الدروس (40) واللمعة، (41) والعلّامة في أكثر كتبه . (42) وظاهرهم عدم الفرق بين الإنزال وعدمه في الموضعين، ولم أجد بهذا التفصيل خبراً . وصحيح مسمع (43) إنّما يدلّ على وجوب الجزور مع الشهوة والإمناء جميعا . وخبر عليّ بن أبي حمزة (44) وإن عارضه لصراحته في وجوب الجزور مع عدم الإمناء، لكنّه ضعيف بسهل (45) واشتراك عليّ بن أبي حمزة ، (46) فالأظهر وجوبه معهما، ووجوب الشاة إذا انتفى أحدهما، كما ذهب إليه ابن إدريس حيث قال : «ومَن قبّل امرأته من غير شهوة كان عليه دم، فإن قبّلها بشهوة كان عليه دم شاة» إذا لم يمن، فإن أمنى كان عليه جزور ». (47) وهو ظاهر أبي الصلاح، فإنّه قال على ما نقل عنه _ : «في القبلة دم شاة، وإن أمنى فبدنة ». (48) وظاهر المفيد وجوب الجزور له مع الشهوة مطلقا وإن لم ينزل، فإنّه قال : «ومَنْ قبّل امرأته وهو محرم فعليه بدنة أنزل أو لم ينزل، فإن هويت المرأة ذلك كان عليها مثل ما عليه ». (49) ويستفاد اعتبار الشهوة من ذكرها في جانب المرأة . وحكاه في المختلف (50) عن السيّد المرتضى رضى الله عنه، (51) وإليه ذهب الشيخ في التهذيب محتجّا بخبر عليّ بن أبي حمزة، (52) وفيه تأمّل؛ لما عرفت . قال الصدوق في المقنع على ما حكى عنه في المختلف (53) _ : «فإن قبّلها فعليه بدنة ، وروي أنّ عليه دم شاة ». (54) وفي الفقيه : «فإن قبّلها فعليه دم شاة ». (55) وظاهر إطلاقه في الأوّل شمول الحكم لما إذا لم يكن مجامعا للشهوة، وفي الثاني لما إذا كان مع الإمناء . وعلى أيّ حال، فمذهب الأصحاب أنّه لا يفسد حجّه مطلقا . وفي المنتهى: وممّن قال بعدم الإفساد سعيد بن المسيّب وعطاء وابن سيرين والزهريّ وقتادة والثوريّ والشافعيّ وأصحاب الرأي ، وقال مالك : إن أنزل فسد حجّه ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، ومروي عن سعيد بن جبير . (56) واحتجّوا بأنّه إنزال عن سبب محرّم، فأفسد الحجّ كالإنزال عن الجماع . والجواب: الفرق، [ ظاهر] (57) ، فإنّ الجماع أبلغ أنواع الاستمناء ، ولهذا أفسد الحجّ مع الإنزال وعدمه . (58) وإطلاق بعض الأصحاب يعطي جريان الحكم في تقبيل الأجنبيّة أيضا، ولا بعد فيه؛ لكونه أفحش ، ولإطلاق قوله عليه السلام : «إنّما يكره قبلة الشهوة»، (59) ولتعليل نفي البأس في تقبيل الاُمّ بأنّها قبلة رحمة ، وأمّا الاُمّ فيجوز تقبيلها إجماعا؛ لأنّه إنّما يكون من جهة الرحمة والتعطف دون الشهوة. ويدلّ عليه خبر الحسين بن حماد . (60) الرابعة : قال الشيخ في المبسوط : «فإن مسّها يعني امرأته بشهوة كان عليه دم يهريقه وإن لم ينزل، وإن مسّها بغير شهوة لم يكن عليه شيء وإن أمنى ». (61) وبمثله قال الشهيد في اللمعة (62) والدروس، (63) والعلّامة في المنتهى (64) والقواعد (65) والإرشاد ، (66) وفي حكم المسّ الحمل والضمّ على المشهور . ويدلّ على هذا التفصيل زائداً على ما رواه المصنّف قدس سره في الباب ما رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل محرم حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى، قال : «إن كان حملها ومسّها بشيء من الشهوة، فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ، فعليه دم يهريقه، وإن حملها أو مسّها بغير شهوه، أمنى أو أمذى، فليس عليه شيء» . (67) وفي طريقه عليّ بن أبي حمزة ، والظاهر أنّه الثمالي، فيكون الخبر صحيحا . وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى ، فقال : «إن كان حملها بشهوة، فأمنى أو لم يمن، أمذى أو لم يمذ، فعليه دم يهريقه، فإن حملها أو مسّها بغير شهوة، فأمنى أو لم يُمنِ، فليس عليه شيء» . (68) وعن الحلبيّ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المحرم يضع يده على امرأته ، قال : «لا بأس» ، قلت : فينزلها من المحمل ويضمّها إليه؟ قال : «لا بأس» ، قلت : فإنّه أراد أن ينزلها من المحمل فلمّا ضمّها إليه أدركته الشهوه؟ قال : «ليس عليه شيء، إلّا أن يكون طلب ذلك» . (69) واعتبر المفيد في وجوب الشاة مع الشهوة الإمناء أيضا ، ونفاه مع عدم الإمناء ولو كان المسّ بشهوة . (70) وفصّل ابن إدريس فيما إذا كان المسّ بشهوة، فأوجب مع الإنزال بدنة، وخصّ الشاة بما إذا لم يكن معه (71) إنزال . (72) الخامسة : قال ابن إدريس : «مَن تسمّع لكلام امرأة أو استمع على من يجامع من غير رؤية لهما فأمنى، لم يكن عليه شيء ». (73) وبه صرّح جماعة اُخرى، (74) ولم أجد مخالفا له . ويدلّ عليه حسنة وهيب بن حفص، (75) ومرسلة أحمد بن محمّد بن أبي نصر، (76) وهو البزنطيّ. وقد روى الشيخ هذه عن سعد بن عبداللّه ، عن محمّد بن الحسين، عنه، عن محمّد بن سماعة الصيرفيّ، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه عليه السلام . (77) وفي حكمهما استماع شمائل المرأة الجميلة حتّى يمني، على ما دلّ عليه خبر سماعة (78) عن أبي عبداللّه عليه السلام . (79) واعلم أنّ إطلاق الأخبار الواردة في هذه المسائل وفتاوى أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين كون المذكورات بقصد الإمناء أو اعتياده وعدمهما في عدم الإفساد ، ويظهر من شرح اللمعة (80) اشتراطه بعدمهما ، فتأمّل .

.


1- . النهاية، ص 231.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 324، ذيل الحديث 1112.
3- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 337.
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 153.
5- . المهذّب، ج 1، ص 222.
6- . الوسيلة، ص 166.
7- . هذا هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 324، ح 1114؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 131 132، ح 17408.
8- . وهو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 324، ح 1113. ورواه في الاستبصار، ج 2، ص 192 _ 193، ح 646 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 132 _ 133، ح 17409.
9- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 154.
10- . السرائر، ج 1، ص 552 .
11- . الاستبصار، ج 2، ص 193، ذيل الحديث 646 .
12- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 153.
13- . شرح اللعمة، ج 2، ص 358.
14- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 337.
15- . السرائر، ج 1، ص 552 .
16- . اُنظر: الجامع للشرائع، ص 194؛ تحرير الأحكام، ج 2، ص 62 63 ؛ تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 382؛ وج 8 ، ص 54 ، المسألة 452؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 810 .
17- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 371، الدرس 98.
18- . اُنظر: منتهى المطلب، ج 2، ص 810 ، وليس فيه نسبته إلى علمائنا.
19- . المقنعة، ص 433.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 327، ح 1122؛ الاستبصار، ج 2، ص 192، ح 643 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 138، ح 17421.
21- . شرح اللعمة، ج 2، ص 357.
22- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 337.
23- . السرائر، ج 1، ص 552 .
24- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 371، الدرس 98.
25- . اللمعة الدمشقيّة، ص 69 .
26- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 470.
27- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 226.
28- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 322.
29- . هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي.
30- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 325، ذيل الحديث 1114؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 133، ح 17411.
31- . المقنعة، ص 433.
32- . الفقيه، ج 2، ص 331، ذيل الحديث 2589.
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 325، ح 1116؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 133، ح 17410.
34- . منتهى المطلب، ج 2، ص 842 .
35- . منتهى المطلب، ج 2، ص 842 . واُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 52 ؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 413؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 329؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 323.
36- . هي الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
37- . المجموع للنووي، ج 7، ص 422.
38- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 338.
39- . النهاية، ص 232.
40- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 371، الدرس 98.
41- . اللمعة الدمشقيّة، ص 69 .
42- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 56 ؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 162 163؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 843 .
43- . هو الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
44- . هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
45- . اُنظر: رجال النجاشي، ص 185، الرقم 490.
46- . بين البطائني الواقفيّ الضعيف، وبين الثماليّ الثقة. اُنظر: خلاصة الأقوال للعلّامة الحلّي، ص 181، الرقم 29.
47- . السرائر، ج 1، ص 552 .
48- . الكافي في الفقه، ص 203. وحكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 163.
49- . المقنعة، ص 434.
50- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 162.
51- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 70).
52- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 327، ح 1123؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 139، ح 17425.
53- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 163.
54- . المقنع، ص 243، وليس فيه: «وروي فيه أنّ عليه دم شاة». نعم ذكره في المطبوعة بين الحاصرتين نقلاً عن مختلف الشيعة.
55- . الفقيه، ج 2، ص 332، ذيل الحديث 2589.
56- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 421؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 327؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 55 .
57- . في الأصل: «والجواب بالفرق»، و ما اُثبت من المصدر.
58- . منتهى المطلب، ج 2، ص 834 .
59- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 328، ح 1127؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 139 140، ح 17426.
60- . نفس المصادر المتقدّمة.
61- . المبسوط، ج 1، ص 337. ونحوه في النهاية، ص 232.
62- . اللمعة الدمشقيّة، ص 69 ؛ شرح اللمعة، ج 2، ص 357.
63- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 372، الدرس 98.
64- . منتهى المطلب، ج 2، ص 843 .
65- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 470.
66- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 323.
67- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 326، ح 1119؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 137، ح 17420.
68- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 326، ح 1120؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 138، ذيل الحديث 17420.
69- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 326، ح 1118؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 137، ح 17419.
70- . المقنعة، ص 433.
71- . في هامش الأصل: «أي مع المسّ بشهوة، منه».
72- . السرائر، ج 1، ص 552 .
73- . السرائر، ج 1، ص 553 .
74- . اُنظر: النهاية، ص 232؛ الجامع للشرائع، ص 194؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 470.
75- . هي الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 142، ح 17432.
76- . هي الحديث 11 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 141، ح 17431.
77- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 328، ح 1126؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 142، ح 17433.
78- . في الأصل: «محمّد بن سماعة» والتصويب حسب المصدر.
79- . الحديث 12 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 141، ح 17430.
80- . شرح اللمعة، ج 2، ص 358.

ص: 136

. .

ص: 137

. .

ص: 138

. .

ص: 139

. .

ص: 140

. .

ص: 141

. .

ص: 142

. .

ص: 143

باب المحرم يأتي أهله وقد قضى بعض مناسكه

باب المحرم يأتي أهله وقد قضى بعض مناسكههنا مقامان : الأوّل : المجامعة قبل الموقفين، وقد سبق . والثاني : الجماع بعدهما قبل إكمال المناسك ، وهذا هو المراد في الباب ، فقد قال الشيخ في المبسوط : وإذا جامع بعد قضاء المناسك قبل طواف النساء كان عليه بدنة، فإن كان قد طاف من طواف النساء شيئا، فإن كان أكثر من النصف بنى عليه بعد الغسل ولم تلزمه الكفّارة، وإن طاف أقلّ من النصف لزمته الكفّارة وإعادة الطواف . (1) وأراد بالأكثر الأربعة وما زاد، كما صرّح به الأكثر، وهو المشهور . ويدلّ عليه خبر سلمة بن محرز، (2) وقد رواه الشيخ بسندٍ آخر أيضا في أواخر باب الزيادات من كتاب الحجّ، عن أبي أيّوب، قال : حدّثني سلمة بن محرز أنّه كان تمتّع حتّى إذا كان يوم النحر طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثمّ رجع إلى منى ولم يطف طواف النساء، فوقع على أهله فذكر لأصحابه، فقالوا : فلان قد فعل مثل ذلك فسأل أبا عبداللّه عليه السلام فأمره أن ينحر بدنة ، قال سلمة : فذهبت إلى أبي عبداللّه عليه السلام فسألته ، فقال : «ليس عليك شيء» ، فرجعت إلى أصحابي، فأخبرتهم بما قال ، فقالوا : اتّقاك وأعطاك من عين كدرة ، فرجعت إلى أبي عبداللّه عليه السلام فقلت : إنّي لقيت أصحابي فقالوا: اتّقاك، فقد فعل فلان مثل ما فعلت فأمره أن ينحر بدنة ، فقال : «صدقوا، ما اتّقيتك، ولكن فلان فعله متعمّداً وهو يعلم، وأنت فعلته وأنت لا تعلم، فهل كان بلغك ذلك؟» قال : قلت : لا واللّه ، ما بلغني فقال : «ليس عليك شيء» . (3) ويؤيّدها حسنة معاوية بن عمّار الأوّلة، (4) وما رواه الصدوق في الموثّق عن أبي بصير أنّه سأله يعني الصادق عليه السلام عن رجل واقع امرأته وهو محرم ، قال : «عليه جزور كومآء (5) ، فقال: لايقدر ، قال : «ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له، ولا يفسدوا عليه حجّه» . (6) وهذه الأخبار وإن كانت مطلقة في وجوب الفدية لكنّها خصّت على المشهور بما إذا لم يتمّ أربعة أشواط؛ للجمع بينها وبين ما رواه الصدوق عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، في رجل نسي طواف النساء ، قال : «إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف» . (7) واعتبر الشهيد في الدروس (8) خمسة أشواط؛ لخبر حمران بن أعين . (9) وفي اللمعة (10) عدّها أولى . وفيه: أنّ دلالة ذلك الخبر على مدّعاه إنّما هو بالمفهوم، وهو على تقدير حجّيّته إنّما يكون معتبراً إذا كان في كلام المعصوم من غير معارضته منطوق له، وكلاهما منتفيان هنا. على أنّه معارض بمفهوم الثلاثة في هذا الخبر بعينه . ويحتمل أن يكون الراوي أبدل الأربعة بالخمسة سهواً . وفصّل ابن إدريس فاعتبر في سقوط الكفّارة إكمال السبعة الأشواط، وإنّما اعتبر الأربعة فى¨ صحّة الطواف والبناء عليه، محتجّا بالاحتياط معلّلاً إيّاه بأنّ هذا قد جامع قبل طواف النساء، وانعقد الإجماع على أنّ من جامع قبل طواف النساء وجبت عليه الكفّارة. (11) وفيه: منع الصغرى إن أراد بطواف النساء ما يشمل الأربعة الأشواط، ومنع الكبرى إن خصّ بالسبعة . وفي المنتهى: «ولا تعويل على هذا الكلام مع ورود الحديث وعمل الأصحاب عليه ». (12) وخبر عبيد بن زرارة (13) يدلّ على كفاية الأربعة من طواف الزيارة، وهو شاذّ ضعيف بعبد العزيز العبدي، (14) فلا يقبل المعارضة لما ذكر . هذا كلّه في الحجّ ، وأمّا المعتمر فقد سبق أنّ الجماع قبل إكمال السعي مفسد لعمرته مطلقا، تمتّعا كانت العمرة أو مفردة، وبعد السعي قبل التقصير موجب للبدنة، وأمّا بعد التقصير ففي المتعة يحلّ له كلّ شيء حتّى النساء، فلا شيء عليه للجماع بعده قبل إحرام الحجّ ، وأمّا المفردة فالظاهر وجوب بدنة عليه للجماع قبل أربعة أشواط من طواف النساء، وعدمه بعدها؛ لتوقّف حلّ النساء له عليه . أبواب الصيد قد سبق تحقيق ما يحرم اصطياده في الإحرام و في الحرم.

.


1- . المبسوط، ج 1، ص 337.
2- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 486، ح 1733؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 124، ح 17394.
4- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
5- . الكوماء من الإبل: الضخمة السنام السمينة. مجمع البحرين، ج 6 ، ص 159 (كوم).
6- . الفقيه، ج 2، ص 331، ح 2589؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 113، ح 17371؛ وص 143، ح 17435.
7- . الفقيه، ج 2، ص 391، ح 2789؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 409، ح 18085 .
8- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 370، الدرس 98.
9- . هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
10- . اللمعة الدمشقيّة، ص 69.
11- . السرائر، ج 1، ص 552 .
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 840 .
13- . هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 126، ح 17398.
14- . اُنظر: رجال النجاشي، ص 244، الرقم 641 ؛ خلاصة الأقوال، ص 375.

ص: 144

. .

ص: 145

باب النهي عن الصيد وما يصنع به إذا أصابه المحرم والمحلّ

باب النهي عن الصيد وما يصنع به إذا أصابه المحرم والمحلّ في الحلّ والحَرمالظرف على ما سيظهر متعلّق بكلّ من المحرم والمحلّ ، وفي الباب مسائل : الاُولى : لا خلاف بين الأصحاب في ضمان المحرم للصيد، ولا في ضمان المحلّ في الحرم بالدلالة والإشارة في الحلّ والحرم مطلقا، سواء كان المدلول محرما أو محلّاً إذا كانتا سببين لقتله، ولو لم تكونا كذلك بأن علم المدلول به قبلهما فقد قيل بالضمان أيضا، والأشهر عدمه ، وبه قال في المنتهى، (1) وهو الأظهر ؛ لأصالة البراءة وعدم دليل عليه؛ لظهور أخبار الضمان في انحصاره فيما إذا كانتا سببين له، ولأنّهما مع علم المدلول بالصيد لا تسمّيان دلالة وإشارة . ومستند الحكم صحيح الحلبيّ (2) وحسن منصور بن حازم ، (3) وحكي في المختلف (4) عن ابن البرّاج (5) أنّه أوجب الفدية بمجرّدهما من غير تقييد بالقتل، محتجّا بما رواه منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المحرم لا يدلّ على صيد، فإن دلّ فعليه الفداء» . ولم أجد هذا الخبر إلّا مقيّداً بالقتل، كما رواه المصنّف (6) والشيخ في هذه المسألة من التهذيب، وفي باب النوادر منه . (7) وأمّا دلالة المحلّ للمحرم وإشارته له فمذهب الأصحاب أنّه لا يوجب فدية عليه وإن تحقّق قتل الصيد بهما؛ للأصل من غير معارض . نعم ، هو مسيء بالإعانة على المعصية، وكذا العكس . نعم ، لو كان الصيد المشار إليه في يده ضمن مع القتل؛ لكون تلك الإشارة في حكم قتله . وفي العزيز : ولو دلّ المحرم حلالاً على صيد فقتله نظر، إن كان الصيد في يد المحرم وجب عليه الجزاء؛ لأنّ حفظه واجب عليه، ومن يلزمه الحفظ يلزمه الضمان إذا ترك الحفظ، كما لو دلّ المودع السارق على الوديعة ، وإن لم يكن في يده فلا جزاء على الدال ولا على القاتل ؛ أمّا القاتل فلأنّه حلال، وأمّا الدال فكما لو دلّ رجلاً على قتل إنسان لا كفّارة على الدال . وساعدنا مالك على ذلك، وقال أبو حنيفة : إن كانت الدلالة ظاهرة فلا جزاء عليه، وإن كانت خفيّة لولاها لما رأى الحلال الصيد يجب الجزاء، وسلّم في صيد الحرم أنّه لا جزاء على الدالّ . وعن أحمد أنّ الجزاء يلزم الدال والقاتل بينهما . (8) وأجاب العلّامة في المنتهى عن احتجاج الشافعيّة: «بأنّه قياس في مقابلة النصّ، فلا يقبل، مع وقوع الفرق، فإنّ التحريم هنا لحرمة الحرم أو الإحرام لا للصيد، فكلّ من انتهكه وجبت عليه العقوبة، بخلاف الآدمي، فإنّ انتهاك حرمته متعلّق بقاتله لا غير ». (9) الثانية : أجمع الأصحاب على تساوي الخاطئ والجاهل مع العامد في وجوب الفدية للصيد وإن اختلفوا في كمّيتها، فالمشهور التساوي فيها أيضا وأنّ في العمد أيضا جزاء واحد ، وإنّما التفاوت في الإثم وعدمه . وتدلّ عليه صحيحتا معاوية بن عمّار (10) وابن أبي نصر، (11) وحسنة معاوية بن عمّار ، (12) ويستفاد ذلك من أفراد الجزاء في قوله سبحانه : «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» (13) . فإن قيل : يستفاد من الآية اختصاص الجزاء بالعامد، كما هو المقرّر في سائر كفّارات محرّمات الإحرام، ويؤيّده عموم : «رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان» . (14) لأنّا نقول : المفهوم لو سلّمنا حجّيّته فإنّما نسلّم مع عدم المعارض الصريح وانتفاء محمل آخر له، وهنا قد عارضه الإجماع والنصوص . وفي كنز العرفان: إنّما قيّد القتل بالعمد في الآية؛ لأنّ سبب نزولها فيمن تعمّد ، فقد روي أنّه عَنَّ لهم في عمرة الحديبيّة حمار وحش، فحمل عليه أبو اليسر، (15) فطعنه برمحه فقتله، فقيل : إنّك قتلت الصيد وأنت محرم، فنزلت ، (16) أو لأنّ الأصل فعل التعمّد ، وألحق به الخطأ للتغليظ . ويدلّ عليه قوله : «لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّه ُ عَمَّا سَلَفَ» . قال الزّهري : نزل الكتاب بالعمد ووردت السنّة بالخطأ . (17) انتهى . (18) وأوجب السيّد رضى الله عنه في الانتصار (19) جزائين على المتعمّد وجزاءً واحداً على الناسي، ومثله المخطي محتجّا بإجماع الطائفة والاحتياط، وبأنّ العمد أغلظ من النسيان في الشريعة، فيجب أن يتضاعف جزاؤه . وردّه في المختلف بمنع الإجماع، وبأنّ الاحتياط معارض بأصالة البراءة. على أنّه لا ينهض دليلاً شرعيّا على إيجاب حكم، وبأنّ الغلظة في العقوبة لا يستلزم زيادة الفدية كما في قتل العمد والخطأ. (20) وبه قال في المسائل الناصرية أيضا، إلّا أنّه قيّده بقصد رفض إحرامه حيث قال : «عندنا أنّ من قتل صيداً متعمّداً قاصداً فنقض إحرامه كان عليه جزاءان، وإن، قتله خطأً وجهلاً فعليه جزاء واحد ». (21) وقال الشهيد في الدروس بعدما نقل عنه هذين القولين _ : «ونقل عنه وجوب جزائين على المحرم في الحلّ إذا تعمّد ، وضعفهما لو كان محرما في الحرم». (22) والناقل هو ابن إدريس، ففي السرائر أيضا: وذهب السيّد المرتضى إلى أنّ مَن صاد متعمّداً وهو محرم في الحلّ كان عليه جزاءان، فإن كان ذلك منه في الحرم وهو محرم عامداً إليه تضاعف ما كان عليه في الحلّ . (23) ويظهر ذلك ممّا نقلنا عن انتصاره بضميمة قوله فيه : وممّا انفردت به الإماميّة القول بأنّ المحرم إذا صاد في الحرم تضاعفت عليه الفدية. والوجه في ذلك بعد إجماع الطائفة المحقّة أنّه قد جمع بين وجهين يقتضي كلّ واحدٍ منهما الفداء، وهو الصيد مع الإحرام، ثمّ إيقاعه في الحرم ، ألا ترى أنّ المحرم إذا صاد في غير الحرم تلزمه الفدية، والحلال إذا صاد في الحرم لزمته الفدية، فاجتماع الأمرين يوجب اجتماع الجزائين . (24) ووافق المشهور بيننا أكثر العامّة منهم فقهاؤهم الأربع على ما يظهر من كتابي السيّد رضى الله عنه، ولهم فيها قولان نادران فارقان بين العامد وغيره ، أحدهما: أنّه لا فدية على المخطئ والناسي كسائر محرّمات الإحرام . حكاه في المنتهى (25) عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير وجماعة اُخرى، محتجّين بمفهوم الآية وعموم الخبرين المذكورين . وجوابه معلوم ممّا سابق . وثانيهما وهو أغرب وأعجب _ : اختصاصها بغير العامد من المخطئ والناسي، وهو محكي عن مجاهد ، وإحدى الروايتين عن الحسن البصريّ، وعن ابن جبير أيضا، وكأنّه قول آخر له . (26) الثالثة : أجمع الأصحاب على تعدّد الجزاء على حسب تعدّد الصيد إذا صيدت برمية واحدة . ويدلّ عليه صحيحة مسمع ، (27) ولا فرق في ذلك بين صيدها خطأً وعمداً، وليس العامد لصيدها جميعا في حكم إعادة الصيد؛ لاتّحاد الفعل . الرابعة : المشهور استحباب دفن الصيد، وهو الظاهر من حسنة معاوية بن عمّار ، (28) وحمل عليه ما سنرويه من خبر خلّاد ومرسلة أحمد ، وعلّله في المنتهى (29) بأنّ فيه احتراما للصيد، وحفظا له عن أن تظهر جيفته وتأكله الهوام . ثمّ المشهور استحباب فدية اُخرى له لو لم يدفنه ، وظاهر الدروس الميل إلى وجوبهما حيث قال : «ويدفن المحرم الصيد إذا قتله، فإن كان أكله أو طرحه فعليه فداء آخر على الرواية». (30) وهو ظاهر ما أشرنا إليه من الخبرين . الخامسة : المشهور بين الأصحاب أنّ الصيد المذبوح ميتة مطلقا، حرميّا كان أو إحراميّا ، ذهب إليه الشيخ (31) وابن إدريس، (32) وتبعهما على ذلك عامّة المتأخّرين، (33) وهو المشهور بين العامّة أيضا ، ذهب إليه أبو حنيفة والشافعيّ في قوله الجديد ومالك وأحمد . (34) ويدلّ عليه ما رواه الشيخ عن وهب، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام قال : «إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله الحلال والحرام، وهو كالميتة ، وإذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام» . (35) وعن إسحاق، عن جعفر عليه السلام : «أنّ عليّا عليه السلام كان يقول : إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة، لا يأكله محلّ ولا محرم ، فإذا ذبح المحلّ الصيد في جوف الحرم فهو ميتة، لا يأكله محلّ ولا محرم» . (36) ويؤيّدهما ما رواه عن خلّاد السرّي، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم؟ قال : «عليه الفداء» ، قلت : فيأكله؟ قال : «لا» ، قلت : فيطرحه؟ قال : «إذا طرحه فعليه فداء آخر» ، قلت : فما يصنع به؟ قال : «يدفنه» . (37) وعن [ أبي] أحمد، (38) عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت له : المحرم يصيب الصيد فيفديه، فيطعمه أو يطرحه؟ قال : «إذاً يكون عليه فداء آخر» ، قلت : فما يصنع به؟ قال : «يدفنه» . (39) وفصّل جماعة وجوّزوا أكل المحلّ ما ذبحه المحرم في الحلّ ولو في الحرم ، وبه قال الصدوق ، ففي الفقيه : وإن أصاب المحرم صيداً خارجا من الحرم فذبحه، ثمّ أدخله الحرم مذبوحا وأهدى إلى رجل محلّ، فلا بأس بأكله، وإنّما الفداء على الذي أصابه . (40) ونقل ذلك عن مقنعه (41) أيضا، وهو محكي عن ابن الجنيد، (42) وهو ظاهر المصنّف حيث اكتفى في الباب بذكر ما يدلّ عليه من حسنتي الحلبيّ (43) ومعاوية بن عمّار، (44) وصحيحة منصور بن حازم . (45) ويدلّ عليه أيضا ما رواه الشيخ بسند آخر صحيح عن منصور بن حازم، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل أصاب صيداً وهو محرم، آكل منه وأنا حلال؟ قال : «أنا كنت فاعلاً» ، قلت له : فرجل أصاب مالاً حراما؟ فقال : «ليس هذا مثل هذا يرحمك اللّه ، إنّ ذلك عليه» . (46) وفي الصحيح عن حريز، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن محرم أصاب صيداً، أيأكل منه المحلّ؟ فقال : «ليس على المحلّ شيء، إنّما الفداء على المحرم» . (47) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل أصاب صيداً وهو محرم، أيأكل منه الحلال؟ فقال : «لا بأس إنّما الفداء على المحرم» . (48) وقال شيخنا المفيد في المقنعة : «ولا بأس أن يأكل المحلّ ممّا صاده المحرم ، وعلى المحرم فداؤه ». (49) وهو وإن كان مطلقا في جواز أكل ما صاده المحرم، لكنّ الظاهر أنّ مراده التقييد بما صاده في الحلّ، كتقييد أكثر الأخبار المذكورة بذلك؛ للإجماع على تحريم ما صيد في الحرم مطلقا، و به قال الشافعيّ في قوله القديم، (50) وهو أحد وجوه الجمع بين الأخبار للشيخ في التهذيب حيث قال : «ما نقلنا عن المفيد وهذا إنّما يجوز للمحلّ أكل ما يصطاد المحرم إذا كان صيده في الحلّ، ومتى كان صيده في الحرم فإنّه لا يجوز أكله على حال». (51) ووجهه الثاني: حمل الصيد في هذه الأخبار على الذي به رمق يحتاج إلى الذبح . والثالث: الفرق بين ذبحه وقتله بالرمي، فقال : ويجوز أيضا أن يكون المراد إذا قتله برميه إيّاه ولم يكن ذبحه، وإذا كان الأمر على ذلك جاز أكله للمحلّ دون المحرم ، والأخبار الأوّلة تناولت من ذبح وهو محرم، وليس الذبح من قبيل الرمي في شيء . (52) وظهر ممّا ذكرنا إجماع الأصحاب على تحريم صيد الحرم مطلقا . وفي العزيز: «الفرق أنّ صيد الحرم منع منه الناس في جميع الأحوال، فكان آكد تحريما». (53) وربّما اطّرد بعضهم القولين فيه أيضا وعدّه فيه أظهر، وهو في غاية الضعف؛ لما ذكر . واعلم أنّ الصيد لو كان مملوكا للغير فعلى القول الأوّل يجب عليه مع الفدية قيمته لمالكه مطلقا؛ لأنّه قد صيّره ميتة لا قيمة له ، وعلى القول الثاني لو قتله المحرم في الحلّ تجب له مع الفدية ما بين قيمته حيّا ومذبوحا منه، كما إذا ذبحه المحلّ في الحلّ من غير إذن لمالكه .

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 803 .
2- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
3- . هو الحديث الثاني من هذا الباب.
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 142.
5- . المهذّب، ج 1، ص 228.
6- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 351، ح 1218، وص 467، ح 1634، وعبارته هكذا: «المحرم لا يدلّ على الصيد، فإن دلّ عليه فقتل فعليه الفداء». ورواه في الاستبصار، ج 2، ص 187 188، ح 629 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 416، ح 16652؛ وج 13، ص 43، ح 17195 .
8- . فتح العزيز، ج 7، ص 491 492 .
9- . منتهى المطلب، ج 2، ص 802 803 .
10- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 315، ح 1085؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 68 69 ، ح 17251.
11- . هي الحديث الرابع من هذا الباب؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 69 ، ح 17252.
12- . هي الحديث العاشر من هذا الباب؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 70، ح 17254.
13- . المائدة (5) : 95 .
14- . وسائل الشيعة، ج 4، ص 373، ح 5430 ؛ وج 15، ص 369، ح 20769.
15- . أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري، شهد العقبة وبدرا وهو ابن عشرين سنة، وهو الّذي أسر العبّاس بن عبد المطلّب، مات بالمدينة سنة خمس و خمسين، ويقال: هو آخر مَن مات من أهل بدر. تهذيب الكمال، ج 25، ص 185 187، الرقم 4978.
16- . الكشّاف للزمخشري، ج 1، ص 644 ، ذيل الآية الشريفة؛ تفسير الثعلبي، ج 4، ص 108.
17- . الكشّاف، ج 1، ص 644 ؛ تفسير النسفي، ج 1، ص 302؛ تفسير أبي السعود، ج 3، ص 79.
18- . كنز العرفان، ج 1، ص 324.
19- . الانتصار، ص 248 249، المسألة 131.
20- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 122.
21- . الناصريّات، ص 312.
22- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 360، الدرس 95.
23- . السرائر، ج 1، ص 562 .
24- . الانتصار، ص 249، المسألة 132.
25- . منتهى المطلب، ج 2، ص 818 .
26- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 320 321؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 530 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 285.
27- . هي الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 71، ح 17256.
28- . هي الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ الاستبصار، ج 2، ص 215، ح 736؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 378، ح 1318؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 420، ح 16665.
29- . منتهى المطلب، ج 2، ص 805 .
30- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 364 365، الدرس 96 .
31- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 349.
32- . السرائر، ج 1، ص 569 .
33- . اُنظر: المختصر النافع، ص 106؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 220؛ إرشاد الأذهان، ج 1، ص 317؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 132 133؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 803 ؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 306.
34- . فتح العزيز، ج 7، ص 494؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 304؛ المغني والشرح الكبير، ج 3، ص 292 293.
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 377، ح 1315؛ الاستبصار، ج 2، ص 214، ح 733؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 432، ح 16696.
36- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 377، ح 1316؛ الاستبصار، ج 2، ص 214، ح 734؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 432، ح 16697.
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 378، ح 1319؛ الاستبصار، ج 2، ص 215، ح 739؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 431، ح 16694؛ وج 13، ص 102، ح 17343.
38- . ما بين الحاصرتين من مصادر الحديث، وأبو أحمد هذا هو ابن أبي عمير.
39- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 378، ح 1320؛ الاستبصار، ج 2، ص 215 216، ح 740؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 432، ح 16695؛ وج 13، ص 103، ح 17334.
40- . الفقيه، ج 2، ص 372، ذيل الحديث 2732.
41- . المقنع، ص 253.
42- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 133.
43- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
44- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
45- . الحديث السابع من هذا الباب.
46- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 375، ح 1305؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 421، ح 16666.
47- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 375، ح 1306؛ الاستبصار، ج 2، ص 215، ح 737؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 421، ح 16667.
48- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 375، ح 1307؛ الاستبصار، ج 2، ص 215، ح 738؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 421، ح 16668.
49- . المقنعة، ص 438.
50- . فتح العزيز، ج 7، ص 494؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 304؛ روضة الطالبين، ص 428 429؛ زاد المسير، ج 2، ص 323.
51- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 375، ذيل الحديث 1307.
52- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 378، ذيل الحديث 1318.
53- . فتح العزيز، ج 7، ص 494.

ص: 146

. .

ص: 147

. .

ص: 148

. .

ص: 149

. .

ص: 150

. .

ص: 151

. .

ص: 152

. .

ص: 153

باب المحرم يضطرّ إلى الصيد والميتة

باب المحرم يضطرّ إلى الصيد والميتةقال شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة : «من اضطرّ إلى صيد وميتة فليأكل الصيد ويفديه ولا يأكل الميتة ». (1) و ظاهره عدم جواز أكل الميتة مع القدرة على الصيد، ووجوب الفدية عليه في ذلك الوقت إن قدر عليها، وإلّا ففي وقت القدرة . ويدلّ عليه إطلاق أخبار الباب، وما رواه الشيخ عن منصور بن حازم، قال : سألته عن محرم اضطرّ إلى أكل الصيد والميتة ، قال : «أيّهما أحبّ إليك أن تأكل من الصيد أو الميتة؟» قلت : الميتة؛ لأنّ الصيد محرّم على المحرم ، فقال : «أيّهما أحبّ إليك أن تأكل من مالك أو الميتة؟» قلت : آكلُ من مالي ، قال : «فكُلْ الصيد وافده» . (2) وهو ظاهر المصنّف، وبه قال السيّد في الانتصار (3) محتجّا بإجماع الطائفة، وبأنّ الصيد له فداء يسقط إثمه بخلاف الميتة ، وبالإجماع على حرمة الميتة، بخلاف الصيد فإنّه في الناس مَن يقول: إنّ الصيد ليس بميتة، وأنّه مذكّى وأكله مباح، يعني للمحلّ . وقال الشيخ في المبسوط : «إذا اضطرّ إلى أكل الميتة والصيد أكل الصيد وفداه ولا يأكل الميتة، فإن لم يتمكّن من الفداء جاز له أكل الميتة ». (4) وفي النهاية (5) مثله، وهو منقول عن ابن الجنيد ، (6) وظاهره القدرة في الوقت ، وصرّح بذلك ابن الجنيد على ما ستعرف، وهو محكي عن ابن البرّاج . (7) وإنّما قالوا بذلك؛ للجمع بين ما ذكر وبين ما رواه الشيخ من موثّق إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام: «أنّ عليّا عليه السلام كان يقول : إذا اضطرّ المحرم إلى الصيد وإلى الميتة فليأكل الميتة التي أحلَّ اللّه له» . (8) وفي الصحيح عن عبد الغفّار الجازيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المحرم إذا اضطرّ إلى ميتة فوجدها ووجد صيداً ، فقال : «يأكل الميتة ويترك الصيد»؛ (9) حملاً لهذين الخبرين على من لا يقدر على الفداء في الوقت ، والأخبار الأوّلة على من قدر عليه فيه . وربّما جمع بينها بحمل الأوّلة على الصيد المذبوح، والأخيرين على غير المذبوح منه . ويردّه ما سنرويه عن الصدوق. وبالوجهين جمع الشيخ بينها في كتابي الأخبار، وحمل في وجه ثالث خبر عليّ عليه السلام على ما إذا لم يجد الصيد، وقال : ليس في الخبر أنّه إذا اضطرّ إلى الصيد والميتة وهو قادر عليهما متمكّن من تناولهما، وإذا لم يكن في ظاهره حملناه على من لا يجد الصيد ولا يتمكّن من الوصول إليه ويتمكّن من الميتة . (10) وذهب الصدوق في الفقيه إلى التخيير مع رجحان الصيد، فقال : إذا اضطرّ المحرم إلى صيد وميتة فإنّه يأكل الصيد ويفدي، وإن أكل الميتة فلا بأس ، إلّا أنّ أبا الحسن الثاني عليه السلام قال : «يذبح الصيد ويأكله ويفدي أحبّ إليَّ من الميتة» . (11) واضطرب ابن إدريس هنا، فتارةً رجّح الصيد مع القدرة على الفداء ، واُخرى أكل الميتة مطلقا ، ففي السرائر : فإذا اضطرّ المحرم إلى أكل الميتة والصيد اختلف أصحابنا في ذلك واختلف الأخبار أيضا، فبعضٌ قال: يأكل الميتة، وبعض قال: يأكل الصيد ويفديه ، وكلّ منهما أطلق مقالته ، وبعض قال: لا يخلو الصيد إمّا أن يكون حيّا أو لا ، فإن كان حيّا فلا يجوز له ذبحه، بل يأكل الميتة؛ لأنّه إذا ذبحه صار ميتة بغير خلاف ، فأمّا إن كان مذبوحا فلا يخلو ذابحه إمّا أن يكون محرما أو محلّاً، فإن كان محرما فلا فرق بينه وبين الميتة، وإن كان ذابحه محلّاً، فإن ذبحه في الحرم فهو ميتة أيضا، وإن ذبحه في الحلّ، فإن كان المحرم المضطرّ قادراً على الفداء أكل الصيد ولم يأكل الميتة، وإن كان غير قادر على فدائه أكل الميتة، وهو الذي يقوى في نفسي؛ لأنّ الأدلّة تعضده وأصول المذهب يؤيّده، وهو الذي اختاره شيخنا أبو جعفر في استبصاره (12) وذكر في نهايته أنّه يأكل الصيد ويفديه ولا يأكل الميتة، فإن لم يتمكّن من الفداء جاز له أن يأكل الميتة . (13) قال محمّد بن إدريس : والأقوى عندي أنّه يأكل الميتة على كلّ حال ؛ لأنّه مضطرّ إليها ولا عليه في أكلّها كفّارة ، ولحم الصيد ممنوع منه لأجل الإحرام على كلّ حال؛ لأنّ الأصل براءة الذمّة من الكفّارة . (14) انتهى . ولا تظنّنّ احتجاجه على قوله الثاني مصادرة؛ لأنّه رحمه الله عنى به أنّ الآيات الواردة في تحريم الصيد على المحرم وقد سبقت عامّة لجميع الأحوال؛ لعدم استثناء المضطرّ فيها بخلاف آيات تحريم الميتة، فإنّه قد استثنى فيها المضطرّ، وهي قوله سبحانه : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّه ِ بِهِ » ] إلى أن قال: [ «فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِاءِثْمٍ فَإِنَّ اللّه َ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (15) ، وقوله عزّ وجلّ : «قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّما عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَما مَسْفُوحا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّه ِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (16) ، وقوله عزّ وجلّ مشيراً إلى ما ذكر : «فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّه ِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ * وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّه ِ عَلَيْهِ وَقَدْ فُصِّلَ لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ إِلَا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» (17) . وإنّما قال بذلك مع وجود الأخبار في استثناء المضطرّ بناءً على أصله . وفي الانتصار : وربّما رجّحوا الميتة على الصيد بأنّ الحظر في الصيد ثبت من وجوه ، منها : تناوله، ومنها : قتله ، ومنها : أكله ، وليس في الميتة إلّا حظر واحد وهو الأكل ، وهذا ليس بشيء، لأنّا لو فرضنا أنّ رجلاً غصب شاة، ثمّ وقذها وضربها حتّى ماتت، ثمّ أكلها، لكان الحظر هاهنا أيضا من وجوه ، وأنتم مع ذلك لا تفرّقون بين أكل هذه الميتة وبين غيرها عند الضرورة، وتعدلون إليها عن أكل الصيد . (18) ثمّ الظاهر أنّ المراد بالميتة الميتة ممّا يؤكل لحمه، وأنّ الصيد منه بل مطلقا مقدّم على الميتة من غيره بلا شبهة ، وصرّح بذلك ابن الجنيد، فقد قال على ما حكي عنه : وإذا اضطرّ المحرم المطيق للفداء إلى الميتة والصيد أكل الصيد وفداه، وإن كان في الوقت من لا يطيق الجزاء أكل الميتة التي كان مباحا أكلها بالذكاة، فإن لم يكن كذلك أكل الصيد . (19)

.


1- . المقنعة، ص 438.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 368، ح 1282؛ الاستبصار، ج 2، ص 209، ح 713؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 87 ، ح 17303.
3- . الانتصار، ص 251.
4- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 349.
5- . النهاية، ص 230.
6- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 135.
7- . المهذّب، ج 1، ص 230.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 368، ح 1284؛ الاستبصار، ج 2، ص 209، ح 715؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 87 ، ح 17305.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 369، ح 1286؛ الاستبصار، ج 2، ص 210، ح 717؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 87 _ 88 ، ح 17306.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 368، ذيل الحديث 1284؛ الاستبصار، ج 2، ص 209، ذيل الحديث 715.
11- . الفقيه، ج 2، ص 373، ح 2733.
12- . الاستبصار، ج 2، ص 209، باب من اضطرّ إلى أكل الميتة والصيد.
13- . النهاية، ص 230. ومثله فيالمبسوط، ج 1، ص 349.
14- . السرائر، ج 1، ص 568 .
15- . المائدة (5) : 3 .
16- . الأنعام (6) : 145 .
17- . الأنعام (6) : 118 119 .
18- . الانتصار، ص 251، المسألة 134.
19- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 135.

ص: 154

. .

ص: 155

. .

ص: 156

. .

ص: 157

باب المحرم يصيد الصيد من أين يفديه؟ وأين يذبحه؟

باب المحرم يصيد الصيد من أين يفديه؟ وأين يذبحه؟يعني من أين يشتري الفداء؟ وأين يذبحه ؟ ويريد بيان أنّه يشتري فداء الصيد من موضع الإصابة مع الإمكان ويذبحه بمكّة في إحرام العمرة أينما شاء من مكّة ، والأفضل وقوعه في الحزورة (1) وبمنى في إحرام الحجّ ، أمّا الأوّل فهو مستحبّ على ما يظهر من خبر زرارة، (2) وصرّح بذلك الشيخ في التهذيب حيث قال : قوله عليه السلام : «وإن شاء تركه إلى أن يقدر فيشتريه» رخصة لتأخير شراء الفداء إلى مكّة أو منى؛ لأنّ من وجب عليه كفّارة الصيد فإنّ الأفضل أن يفديه من حيث أصابه . واحتجّ عليه بقوله عليه السلام : «يفدي المحرم فداء الصيد من حيث صاد» ، (3) وحملاً لقوله : «يفدي» على معنى يشتري الفداء كما أشرنا إليه . وفي الدروس: «وأوجب الحلبيّ (4) سياق الفداء من حيث قتل الصيد إلى محلّه، فإن تعذّر فمن حيث أمكن ». (5) وأمّا الثاني فهوالمشهور بين الأصحاب، منهم الشيخان، (6) والمنقول عن أبي الصلاح (7) وابن البرّاج (8) وسلّار. (9) ولم يفرّق أكثرهم في العمرة بين المفردة وعمرة التمتّع، ولا في الفدية بين جزاء الصيد وباقي محرّمات الإحرام . وفصّل ابن إدريس بين العمرتين، فأوجب ذبح ما وجب في عمرة التمتّع أيضا بمنى كما وجب في الحجّ ، ففي السرائر : من وجب عليه جزاء ] صيد] (10) أصابه وهو محرم، فإن كان حاجّا أو معتمراً عمرة متمتّعا بها إلى الحجّ نحر أو ذبح ما وجب عليه بمنى ، وإن كان معتمراً عمرة مبتولة نحر بمكّة أو ذبح قبالة الكعبة، فإن أراد أن ينحر أو يذبح بمنى نحر أيّ مكان شاء منها، وكذلك بمكّة ينحر حيث شاء ، غير أنّ الأفضل أن ينحر قبالة الكعبة في الموضع المعروف بالحزورة . (11) وعن عليّ بن بابويه أنّه فرّق في خصوص جزاء الصيد بين العمرتين، فخيّر في عمرة التمتّع بين ذبح الجزاء بمكّة أو منى، فقال : كلّ ما أتيته من الصيد في عمرة أو متعة فعليك أن تنحر أو تذبح ما يلزمك من الجزاء بمكّة عند الحزورة قبالة الكعبة موضع النحر ، وإن شئت أخّرته إلى أيّام التشريق فتنحره بمنى إذا وجب عليك في متعة ، وما أتيته ممّا يجب عليك فيه الجزاء في حجّ فلا تنحره إلّا بمنى . (12) وعن ابن البرّاج أنّه قال بذلك التخيير في خصوص جزاء غير الصيد في العمرة المفردة، وأنّه قال : كلّ من كان محرما بالحجّ وَ وجب عليه جزاء صيد أصابه وأراد ذبحه أو نحره فليذبحه أو ينحره بمنى، وإن كان معتمراً فعل ذلك بمكّة، أيّ موضع شاء منها، والأفضل أن يكون فعله ذلك بالحزورة مقابل الكعبة، وما يجب على المحرم بعمرة مفردة من كفّارة ليست كفّارة صيد فإنّه يجوز له ذبحها أو نحرها بمنى . (13) وإليه ذهب الشيخ في التهذيب حيث ذكر أوّلاً المذهب المشهور وأخباره، ثمّ عارضها بصحيحة منصور بن حازم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن كفّارة العمرة المفردة، أين تكون؟ فقال : «بمكّة، إلّا أن يشاء صاحبها أن يؤخّرها إلى منى ويجعلها بمكّة أحبّ إليّ وأفضل» . (14) وأجاب عنها بأنّ هذا الخبر رخصة لما يجب من الكفّارة في غير الصيد ، فأمّا ما يجب في كفّارة الصيد فإنّه لا ينحر إلّا بمكّة . واحتجّ عليه بمرسلة أحمد بن محمّد . (15) هذا ، ويدلّ على المشهور في خصوص جزاء الصيد صحيحة عبداللّه بن سنان (16) وخبر زرارة (17) ولم أجد لهم مستنداً في جزاء غير الصيد ، وكأنّهم حملوه على جزائه. وقوله تعالى في جزاء الصيد «هَدْيا بَالِغَ الْكَعْبَةِ» وقوله : «ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» (18) يقتضي جوازه بمكّة مطلقا، فلا يبعد حمل ما دلّ على ذبحه بمنى على الاستحباب ولو كان جزاء صيد وجب في الحجّ ، فتدبّر . واختلف العامّة أيضا في محلّه ، فعن الشافعيّ أنّه الحرم مطلقا وعدم جوازه في غيره ولو كان موضع السبب . وعن أحمد جوازه في موضع السبب (19) محتجّا بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر كعب بن عجرة بالفداء في الحديبيّة، (20) ولم يأمره بالبعث . واُجيب بأن أمره صلى الله عليه و آله بالفداء في الحديبيّة لا يستلزم ذبحه بها . (21) هذا كلّه في ما عدا ما يجب على المحصور والمصدود من الهدي، وقد سبق حكم ما يجب عليهما .

.


1- . الحزورة وزان قسورة _ : موضع كان به سوق مكّة بين الصفا والمروة قريب من موضع النخّاسين. مجمع البحرين، ج 1، ص 500 (حزر)؛ معجم البلدان، ج 2، ص 255.
2- . . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي. ورواه الشيخ في التهذيب، ج 5 ، ص 373، ح 1300؛ والاستبصار، ج 2، ص 212، ح 723؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 95 96، ح 17327.
3- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «حيث أصابه». تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 373.
4- . الكافي في الفقه، ص 199 200.
5- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 362، الدرس 95.
6- . ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة، ص 438؛ والشيخ الطوسي في المبسوط، ج 1، ص 345؛ والنهاية، ص 226.
7- . الكافي في الفقه، ص 200.
8- . المهذّب، ج 1، ص 230.
9- . المراسم العلويّة، ص 121.
10- . اُضيفت من المصدر.
11- . السرائر، ج 1، ص 564 .
12- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 179 180 . وتجد قريبا منها في فقه الرضا عليه السلام ، ص 221.
13- . المهذّب، ج 1، ص 230.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 374، ح 1303. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 212، ح 725؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 96، ح 17329.
15- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 96، ح 17328، وقد تقدّم الحديث.
16- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5، ص 373، ح 1299؛ والاستبصار، ج 2، ص 211، ح 722. وسائل الشيعة، ج 13، ص 95، ح 17326.
17- . هو الحديث الرابع من هذا الباب. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 372، ح 1300؛ الاستبصار، ج 2، ص 212، ح 723. وسائل الشيعة، ج 13، ص 95 _ 96، ح 17327.
18- . الحجّ (22): 33.
19- . اُنظر: المغني لابن قدامة، ج 3، ص 569 ؛ فتح العزيز، ج 8 ، ص 87 88 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 347.
20- . صحيح البخاري، ج 2، ص 208. وقد تقدّم الحديث.
21- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 253.

ص: 158

. .

ص: 159

. .

ص: 160

باب كفّارات ما أصاب المحرم من الوحش

باب كفّارات ما أصاب المحرم من الوحشفيه مسائل :الاُولى : أجمع الأصحاب على وجوب بدنة للنعامة، وبقرة لبقرة الوحش، وشاة للظبي ، والمشهور بينهم أنّ لحمار الوحش أيضا بقرة، وبه قال الشيخان (1) وابن إدريس (2) وأكثر المتأخّرين، (3) وهو محكي عن عليّ بن بابويه (4) وأبي الصلاح (5) وابن البرّاج (6) وابن حمزة (7) وابن أبي عقيل؛ (8) للماثلة ، وقد قال سبحانه : «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» ، (9) ولما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي الصباح، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّ وجلّ في الصيد : «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» ، قال : «في الظبي شاة، وفي حمار وحش بقرة، وفي النعامة جزور ». (10) وفي الصحيح عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه : «فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» قال : «في النعامة بدنة، وفي حمار وحش بقرة، وفي الظبي شاة، وفي البقرة بقرة» . (11) وسيأتي بعض آخر من الأخبار في ذلك . ويدلّ على حكم غير الحمار ما رواه المصنّف في الباب ، وقد ورد في بعض الأخبار بدنة للحمار، كخبر أبي بصير (12) وصحيحة يعقوب بن شعيب، (13) وما رواه الشيخ في الصحيح عن سلميان بن خالد، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «في الظبي شاة، وفي البقرة بقرة، وفي الحمار بدنة، وفيما سوى ذلك قيمته» . (14) وبه قال الصدوق رضى الله عنه ، (15) وهو ظاهر المصنّف قدس سره حيث اكتفى بذكر ما دلّ عليه . ولا يبعد القول بالتخيير فيه واستحباب البدنة، وهو محكي عن ابن الجنيد . (16) وقد أجمع الأصحاب على أنّ المثل هو مضمون ابتداء من غير اعتبار قيمة الصيد؛ لظهور النصوص في ذلك، وهو المشهور بين العامّة منهم الشافعيّ في قوله القديم وابن عبّاس ، وقال أبو حنيفة : الواجب أوّلاً القيمة، ثمّ الصرف في المثل، محتجّا بأنّ الصيد ليس مثليّا . (17) واُجيب بعدم لزوم المماثلة الحقيقيّة، بل اللّازم المماثلة من حيث الصورة ، فالبدنة تشبه النعامة، والبقرة الأهلية تشبه بقرة الوحش والحمار . (18) وأقول : ويردّه أيضا قوله : ثمّ يصرف في المثل، حيث اعترف بأنّ للصيد مثلاً، بل ما ذكره ردّ على اللّه عزّ وجلّ في الحقيقة . وردّه الجمهور أيضا بأنّ عليّا عليه السلام وابن عبّاس وعمر وعثمان وزيد بن ثابت وجماعة من الصحابة حكموا في النعامة بالبدنة، وحكم عمر في حمار الوحش بالبقر، وحكم عليّ عليه السلام وعمر في الضبع بشاة . (19) ووقوع هذه الأحكام في أزمنة مختلفة وأوقات متباينة وأماكن متباعدة دليل على أنّها ما كانت على وجه القيمة؛ لبُعد اتّفاقها كذلك . وتظهر فائدة الخلاف في الأبدال ، فعلى مذهب الأصحاب يعتبر قيمة الفداء وقت إخراج البدل؛ إذ في ذلك الوقت ينتقل إلى القيمة لكون القيمة بدلاً عن الفداء لا عن الصيد ، وعلى مذهب أبي حنيفة وأضرابه يعتبر حينئذٍ قيمة الصيد وقت الإتلاف؛ إذ في ذلك الوقت تلزم القيمة لكونها بدلاً عن الصيد لا عن الفداء . هذا ، وقد أجمعوا على أنّ لهذه الأنعام الثلاثة أبدالاً، واختلفوا في موضعين : الأوّل: في خصالها، فقال الشيخ في المبسوط : إذا قتل نعامة كان عليه جزور، فإن لم يقدر قوّم الجزاء وفضّ ثمنه على الحنطة، وتصدّق على كلّ مسكين نصف صاع، فإن زاد على إطعام ستّين لم يلزمه أكثر منه، وإن كان أقلّ منه فقد أجزأه، فإن لم يقدر على إطعام ستّين مسكينا صام عن كلّ نصف صاع يوما، فإن لم يقدر على ذلك صام ثمانية عشر يوما ، فإن قتل بقرة وحش أو حمار وحش فعليه دم بقرة، فإن لم يقدر قوّمها وفضّ ثمنها على الطعام، وأطعم كلّ مسكين نصف صاع، فإن زاد على إطعام ثلاثين مسكينا لم يلزمه أكثر منه، وإن نقص عنه لم يلزمه أكثر منه، فإن لم يقدر على ذلك صام عن كلّ نصف صاع يوما، فإن لم يقدر صام تسعة أيّام ، ومَن أصاب ظبيا أو ثعلبا أو أرنبا كان عليه دم شاة، فإن لم يقدر على ذلك قوّم الجزاء وفضّ ثمنه على البرّ، وأطعم كلّ مسكين منه نصف صاع، فإن زاد ذلك على إطعام عشرة مساكين لم يلزمه أكثر منه، وإن نقص عنه لم يلزمه أكثر منه، فإن لم يقدر صام عن كلّ نصف صاع يوما، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيّام. (20) وهو المشهور بين الأصحاب ، واستفادوا ذلك من مجموع أخبار، منها : ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب . ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن قوله تعالى : «أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاما» ؟ (21) قال : «عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به، فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكلّ طعام مسكين يوما» . (22) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم وزرارة، عن أبي عبداللّه عليه السلام في محرم قتل نعامة، قال : «عليه بدنة، فإن لم يجد فإطعام ستّين مسكينا، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من طعام ستّين مسكينا لم يزد على طعام ستّين مسكينا، وإن كانت قيمة البدنة أقلّ من طعام ستّين مسكينا لم يكن عليه إلّا قيمة البدنة» . (23) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «مَن أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فإن لم يجد ما يشتري بدنة فأراد أن يتصدّق فعليه أن يطعم ستّين مسكينا، كلّ مسكين مدّاً، فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما، مكان كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام، ومن كان عليه شيء من الصيد فداؤه بقرة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فإن لم يجد فليصم تسعة أيّام ، ومَن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد صام ثلاثة أيّام» . (24) وسكت شيخنا المقداد في كنز العرفان (25) عن ذكر صيام ثمانية عشر يوما وتسعة أيّام وثلاثة أيّام بعد العجز عمّا سبق عليها في الثلاثة، وكأنّه أحالها على المشهور . وذكر بعض الأصحاب الاستغفار مع العجز عن تلك الخصال أجمع ، ولا ريب في ذلك. واختلف في البدلين الأوّلين عن البدنة ونظيريها فالمشهور كما عرفت عدم وجوب إكمال الستّين فيهما لو نقص قيمة البدنة عنها، ولا إكمال إطعام الثلاثين في بدل البقرة ولا أكمال إطعام العشرة في بدل الشاة على تقدير نقص قيمتها . وفصّل العلّامة في القواعد بينهما في بدل البدنة، فأوجب صيام الشهرين دون إطعام الستّين، حيث قال: في قتل النعامة بدنة، فإن عجز قوّم البدنة وفضّ ثمنها على البرّ، وأطعم لكلّ مسكين نصف صاع، ولا يجب الزيادة على الستّين و[ لا]الإتمام لو نقص، فإن عجز صام في كلّ نصف صاع يوما، فإن انكسر أكمل، ولا يصام عن الزائد لو كان، والأقرب الصوم عن الستّين وإن نقص البدل، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما . (26) ولم أجد له شاهداً ، مع أنّه مستلزم لزيادة البدل على المبدل منه، وهو بعيد ، وقد وافق المشهور في البدلين الأوّلين عن البقرة والشاة. وظاهر السيّد رضى الله عنهفي الانتصار على ما ستعرف وجوب الإكمال فيهما جميعا في بدل البدنة ، وحكي ذلك عنه في بديى البقرة والشاة أيضا ، وإليه ذهب المفيد في المقنعة. (27) وكأنّهم تمسّكوا في ذلك بصحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة؛ (28) لظهورها في ذلك ، ونقل ذلك عن عليّ بن بابويه في بدل البقرة، (29) وعن ابن أبي عقيل (30) ومقنع الصدوق في بدل الشاة. (31) وثانيهما: في أنّ الأبدال هل هي على الترتيب أو على التخيير؟ فالمشهور على ماعرفت الأوّل ، بل ادّعي عليه الإجماع، وإليه ذهب السيّد في الانتصار، قال : وممّا ظنّ انفراد الإماميّة به القول بأنّ جزاء الكفّارة على الترتيب دون التخيير، وأنّهم يوجبون في النعامة مثلاً بدنة، فإن لم يجد أطعم ستّين مسكينا، فإن لم يقدر صام شهرين متتابعين ، ورويت الموافقة للإماميّة عن ابن عبّاس وابن سيرين، وأنّهما قالا: ذلك على الترتيب، فلا يجوز أن يطعم مع القدرة على إخراج المثل، ولا أن يصوم مع القدرة على الإطعام ، وباقي الفقهاء يقولون: ذلك على التخيير . (32) ثمّ احتجّ على ما ذهب إليه بإجماع الطائفة ، واحتجّ في المشهور عليه بما ذكر من الأخبار، فإنّها صريحة في الترتيب . وذهب الشيخ في الخلاف إلى الثاني محتجّا بقوله تعالى : «ومَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاما» ، (33) وقال : «أو للتخيير بلا خلاف بين أهل اللّسان، فمن ادّعى الترتيب فعليه الدلالة ». (34) ويدلّ عليه ما رواه حريز في الصحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كلّ شيء في القرآن «أو» فصاحبه بالخيار، يختار ما شاء ، وكلّ شيء في القرآن «فمن لم يجد فعليه كذا» ، فالأوّل بالخيار» . (35) وأجاب عنه في الانتصار بأنّا ندع الظاهر للدلالة، كما تركنا ظاهر إيجاب الواو للجمع وحملناها على التخيير في قوله تعالى : «فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ» (36) . (37) والأظهر القول بالتخيير؛ حملاً لما دلّ من الأخبار على الترتيب على الندب، كما لا يخفى . الثانية : المشهور بين الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا وجوب شاة للثعلب والأرنب ، (38) وذكر جماعة منهم الشيخ (39) وابن إدريس (40) مع العجز عنها وجوب الأبدال المذكورة لشاة فداء الظبي، وهو ظاهر المفيد حيث قال : «وفي الثعلب والأرنب مثل ما في الظبي »، (41) ولم أجد نصّا في خصوص المسألة، فكأنّهم تمسّكوا هنا بعموم قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة : «من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد صام ثلاثة أيّام» . (42) ويؤيّدها قوله عليه السلام في صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة : «عدل الهدي ما بلغ يتصدّق به، فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ، لكلّ طعام مسكين يوما» . (43) ولم يتعرّض بعض الأصحاب لبدل الشاة فيهما . وقيل : مع العجز عن الشاة فيهما يستغفر اللّه ولا شيء عليه غيره . (44) وفي الدروس (45) نسب مشاركتهما للظبي في الأبدال إلى الشيخين (46) والمرتضى، (47) وهو مشعر بعدم قوله بها . الثالثة : قال الشيخ في المبسوط والنهاية: «في فراخ النعامة مثل ما في النعامة »، (48) وحكاه في المنتهى (49) عن مالك . (50) ويدلّ عليه خبر أبان بن تغلب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها وأكلوها ، فقال : «عليهم مكان كلّ فرخ أصابوه وأكلوه بدنة يشتركون فيهنّ، فيشترون على عدد الفراخ وعدد الرجال» ، قلت : فإنّ فيهم مَن لا يقدر على شيء؟ قال : «يقوّم بحساب ما يصيبه من البدن ويصوم لكلّ بدنة ثمانية عشر يوما» . (51) ويؤيّده إطلاق النعامة فيما سبق من الأخبار؛ لصدق اسمها على فراخها أيضا . وكذا الحكم في صغار البقرة والحمار والظبي والثعلب والأرنب ، ولا يبعد القول في غير فراخ النعامة بصغار المماثل؛ لعدم نصّ عليها بخصوصها، لعموم قوله : «فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» . (52) وقد طرح الأكثر الخبر فحكموا بوجوب صغار المماثل مطلقا حتّى في فراخ النعامة، وبه قال المفيد في المقنعة، (53) والشيخ في الخلاف (54) محتجّا عليه بما ذكر، وبالإجماع . ورجّحه ابن إدريس (55) محتجّا عليه بظاهر التنزيل، وبأصالة براءة الذمّة ممّا زاد ، وحكاه في المختلف (56) عن السيّد رضى الله عنه (57) في صغار النعام . وعن ابن الجنيد (58) وأبي الصلاح (59) أنّهما اعتبرا المماثلة في الذكورة والاُنوثة أيضا . الرابعة : يدلّ الخبر الثاني لأبي بصير (60) على أنّ من كسر يد ظبي فمضى لوجهه كذلك،فعليه فداؤه، وإن رآه قد انصلح فعليه ربع قيمته . ومثله ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل رمى ظبيا وهو محرم فكسر يده أو رجله فذهب الظبي على وجهه، فلم يدر ما صنع ، قال : «فعليه فداؤه» ، قلت : فإنّه رآه بعد ذلك مشى؟ قال : «عليه ربع ثمنه» . (61) ويؤيّدهما قوله عليه السلام : «إن كسر يده ولم يرع فعليه دم شاة» في خبر سماعة بن مهران عن أبي بصير ، (62) والأوّل هو المشهور، بل يظهر من المنتهى (63) وفاق الأصحاب عليه حيث لم يذكر فيه مخالفا منّا ، ونسب الخلاف فيه إلى بعض أهل الخلاف . ويدلّ عليه أيضا صحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليهماالسلام ، قال : سألته عن رجل رمى صيداً وهو محرم فكسر يده أو رجله، فمضى الصيد على وجهه، فلم يدرِ الرجل ما صنع الصيد؟ قال : «عليه الفداء كاملاً إذا لم يدرِ ما صنع الصيد» . (64) وأمّا الثاني (65) فقد ذهب إليه جماعة منهم الشيخ . ويدلّ عليه صحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليهماالسلامقال : سألته عن رجل رمى صيداً فكسر يده أو رجله وتركه، فرعى الصيد، قال : «عليه ربع الفداء» . (66) وبه قال العلّامة في الإرشاد . (67) وذهب في القواعد (68) وفي المنتهى (69) إلى وجوب الأرش، بل لم ينقل فيه خلافا إلّا ما نقل عن داوود من القول بعدم وجوب شيء ، (70) وبه قال المحقّق. (71) واحتجّ عليه بعض الأصحاب (72) بوجود السبب للضمان، فكان عليه أرش الجناية ، وهو ضعيف في مقابل النصّ . واعلم أنّ الأصحاب فرضوا المسألة في مطلق الصيد من غير تخصيص لها بالظبي ، وفي مطلق الجراحة من غير تخصيص بكسر اليد والرجل . أمّا التعميم الأوّل فهو حسن؛ لإطلاق الصيد في صحيحة عليّ بن جعفر ، (73) وأمّا التعميم الثاني فهو غير وجيه على إطلاقه . نعم ، هو متوجّه في الشقّ الأوّل لو انجرّ إلى العرج؛ لما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن محرم رمى صيداً فأصاب يده وجرح ، (74) قال : «فإن كان الظبي مشى عليها ورعى وهو ينظر إليه فلا شيء عليه، وإن كان الظبي ذهب على وجهه وهو رافعها فلا يدري ما صنع فعليه فداؤه؛ لأنّه لا يدري لعلّه قد هلك» . (75) وأمّا مع عدم العرج فالظاهر ثبوت الأرش بمقتضى القواعد، والخبر يدلّ على عدم وجوب شيء فيه ، فتأمّل . وقال المفيد في المقنعة : ومن رمى شيئا من الصيد فجرحه ومضى لوجهه فلم يدرِ أَحيّ هو أم ميّت فعليه فداؤه، فإن رآه بعد ذلك حيّا وقد صلح وزال منه العيب وعاد إلى ما كان عليه تصدّق بشيء واستغفر اللّه عزّ وجلّ، وإن بقى معيبا فعليه مقدار ما بين قيمة فداؤه صحيحا وما بين ذلك العيب . (76) وقد ألحق جماعة منهم الشيخ في النهاية (77) والمبسوط، (78) والمحقّق في الشرائع (79) بالشقّ الأوّل ما لو لم يعلم أنّه أثر في الصيد أم لا ، وحكاه في النافع (80) قولاً مؤذنا بتمريضه، وأصالة البراءة يقتضي عدمه كما في صورة الشكّ في الأصابة . الخامسة : قال الشيخ في المبسوط : وإذا كسر المحرم قرني الغزال كان عليه نصف قيمته، فإن كسر إحداهما فعليه ربع القيمة، فإن فقأ عينيه فعليه القيمة، فإن فقأ إحداهما فعليه نصف القيمة، فإن كسر إحدى يديه فعليه نصف قيمته، فإن كسرهما جميعا فعليه قيمته، وكذلك حكم الرجلين . (81) وفي النهاية أيضا قال مثله، (82) وهو المشهور بين الأصحاب. واستندوا في ذلك بخبر أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : ما تقول في محرم كسر إحدى قرني غزال في الحلّ؟ قال : «عليه ربع قيمة الغزال »، قلت : فإن كسر قرنيه؟ قال : «عليه نصف قيمته يتصدّق به »، قلت : فإن هو فقأ عينيه؟ قال : «عليه قيمته »، قلت : فإن هو كسر إحدى يديه؟ قال : «عليه نصف قيمته »، قلت : فإن هو كسر إحدى رجليه؟ قال : «عليه نصف قيمته »، قلت : فإن هو قتله؟ قال : «عليه قيمته »، قلت : فإن هو فعل به وهو محرم في الحرم؟ (83) قال : «عليه دمٌ يهريقه، وعليه هذه القيمة إذا كان محرما في الحرم ». (84) وهو وإن كان ضعيفا؛ لاشتماله على أبي جميل (85) وغيره من الضعفاء، لكنّهم قالوا تجبر ضعفه الشهرة . وفي الدروس (86) جزم بالحكم في العينين، ونسبه في اليدين والرجلين إلى القول إشعاراً بتمريضه، والفرق تحكّم . نعم ، لا يبعد القول بوجوب الأرش بناءً على اقتضاء القاعدة؛ إطّراحا للرواية . بل عدّه الشهيد الثاني في شرح اللمعة أقوى، (87) ونسبه في المدارك (88) إلى الأكثر ، وقال المفيد في المقنعة : «والمحرم إذا فقأ عين الصيد أو كسر قرنه تصدّق بصدقة ». (89) ولم أجد مستنداً له . وظاهر خبر سماعة بن مهران عن أبي بصير (90) وجوب فداء كامل لكسر إحدى القرنين، وكذا لإحدى اليدين ، فتأمّل . السادسة : يدلّ خبر مسمع (91) على وجوب جدي في كلّ من القنفذ والضبّ واليربوع، وهو المشهور بين الأصحاب ، (92) وألحق الشيخان (93) بها ما أشبهها . وعن أبي الصلاح أنّه أوجب فيها حملاً فطيما قد رعى . (94) السابعة : قال الشهيد في الدروس : لو حكم عدلان بأنّ الصيد غير المنصوص مثلاً من النعم رجع إليهما إن أمكن هذا الغرض، قاله الشيخ في الخلاف ، (95) وروى في التهذيب عن الصادق عليه السلام فيما سوى النّعامة والبقرة و الحمار والظبي قيمته . (96) وروى أيضا أنّ ذوي العدل النبيّ والإمام، (97) فيمتنع حكم غيرهما ، فعلى الأوّل لو عارضهما مثلهما إمّا في مثل آخر أو شهدا بأنّه لا مثل له، ففي الترجيح وتعيّنه نظر . (98) الثامنة : قال المفيد في المقنعة : وإذا كسر المحرم بيض النعام فعليه أن يرسل من فحولة الإبل في إناثها بعدد ما كسر، فما نتج كان هديا لبيت اللّه عزّ وجلّ، فإن لم يجد فعليه لكلّ بيضة شاة، فإن لم يجد أطعم عن كلّ بيضة عشرة مساكين، فإن لم يجد صام عن كلّ بيضة ثلاثة أيّام . (99) ومثله عبارة السيّد في الانتصار، (100) وظاهرهما عدم الفرق في ذلك بين ما تحرّك فيه الفرخ وما لم يتحرّك . واحتجّ عليه في الانتصار بإجماع الطائفة وبحصول البراءة يقينا احتياطا. (101) ويدلّ عليه خبر عليّ بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام ، (102) وهو قويّ بعمل الأصحاب. وعلى خصوص الإرسال ما يأتي في الباب الآتي، وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أصاب بيض نعام وهو محرم فعليه أن يرسل الفحل في مثل عدّة البيض من الإبل، فإنّه ربما فسد كلّه، وربما خُلِق كلّه، وربما صلح بعضه وفسد بعضه، فما نتجت فهديا بالغ الكعبة ». (103) وقال الشيخ : وروي أنّ رجلاً سأل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له : يا أمير المؤمنين، إنّي خرجت محرما فوطئت ناقتي بيض نعام فكسرته، فهل عليَّ كفّارة؟ فقال له : «امض فاسأل ابني الحسن عنها»، وكان بحيث يستمع كلامه ، فتقدّم إليه الرجل فسأله، فقال له الحسن عليه السلام : «يجب عليك أن ترسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما انكسر من البيض، فما نتج فهو هدي لبيت اللّه عزّ وجلّ »، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : «يا بُني، كيف قلت ذلك وأنت تعلم أنّ الإبل ربّما أزلقت أو كان فيها ما يزلق؟» فقال : «يا أمير المؤمنين، والبيض ربما أمرق أو كان فيه ما يمرق»، فتبسّم أمير المؤمنين عليه السلام وقال له : «صدقت يا بنيّ»، ثمّ تلا هذه الآية : «ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللّه ُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (104) . (105) وعن أبي الصباح الكنانيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن محرم وطئ بيض نعام فشدخها ، قال : «فقضى فيها أمير المؤمنين عليه السلام أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث، فما لقح وسلم كان النتاج هديا بالغ الكعبة ». وقال أبو عبداللّه عليه السلام : «ما وطأته أو وطئتهُ بعيرك أو دابّتك وأنت محرم فعليك فداؤه ». (106) وعن عبد الملك، عن سليمان بن خالد، قال : سألته عن رجل وطئ بيض قطاة فشدخه؟ قال : «يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل، ومن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم ». (107) وعن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألناه عن المحرم وطئ بيض القطا فشدخه، قال : «يرسل الفحل في مثل عدّة البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدّة البيض من الإبل ». (108) والمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ (109) والمحقّق (110) والعلّامة (111) وابن إدريس (112) تخصيص هذه الأخبار بما إذا لم يتحرّك الفرخ فيه، وأوجبوا فيما تحرّك فيه الفرخ بكارة من الإبل، محتجّين عليه بصحيح عبد الرحمن، عن سليمان بن خالد (113) الذي يأتي في الباب الآتي، حاملين للبيض فيه على ما تحرّك فيه الفرخ، مستشهدين له بصحيح عليّ بن جعفر، قال : سألت أخى¨ عليه السلام عن رجل كسر بيض نعام وفي البيض فراخ قد تحرّك، فقال : «عليه لكلّ فرخ تحرّك بعير ينحره في المنحر» (114) على إرادة البكارة من البعير؛ للجمع . ثمّ المتبادر من الأخبار ومن أكثر الفتاوى أنّ ذلك في البيض إذا كان فيها الفرخ، فما لا فرخ فيه ليس كذلك، بل فيه فداء آخر، وهو ظاهر ابن إدريس حيث قال بعدما ذكر حكم الإرسال: «وإذا اشترى محلّ لمحرم بيض نعام فأكله المحرم كان على المحلّ لكلّ بيضة درهم، وعلى المحرم عن كلّ بيضة شاة، ولا يجب [ عليه] الإرسال هاهنا ». (115) انتهى . ويدلّ عليه خبر أبي عبيدة ، (116) وذهب الشهيد في الدروس إلى عموم الحكم لذلك أيضا؛ حملاً للخبرين على المكسور أو المسلوق من البيض ، فقال : لو اشترى محلّ بيض نعام لمحرم فأكله فعلى المحرم عن البيضة شاة، وعلى المحلّ درهم ، هذا إذا اشتراه مكسوراً أو كسره المحلّ أو كان مسلوقا؛ إذ لو لم يكن كذلك وكسره المحرم فعليه الإرسال كما سلف، ولا تسقط الشاة لوجوبها بالأكل . (117) والمعتبر في الإرسال كون الإناث بعدد البيض، ولا يشترط ذلك في الفحول، فيكفي إرسال فحل واحد في إناث متعدّدة بعدد البيض. صرّح به جماعة منهم ابن إدريس . (118) ولا تحتسب بنيّة الناتج على ما ذكره صاحب المدارك، (119) بل يجوز صرفه من حين النتاج ، ولقد أغرب المفيد في هذا المقام حيث خالف صريحا ما نقلناه عنه في موضع آخر من المقنعة بما لا أصل له ولا مستند، فقال في باب الكفّارات من المقنعة : ومن وطأ بيض نعام وهو محرم فكسره كان عليه أن يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما كسر من البيض، فما نتج منها كان المنتوج هديا لبيت اللّه عزّ وجلّ، فإن لم يقدر على ذلك كفّر عن كلّ بيضة بإطعام ستّين مسكينا، فإن لم يجد الإطعام صام عن كلّ بيضة شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين صام ثمانية عشر يوما عوضا عن إطعام كلّ عشرة مساكين بصيام ثلاثة أيّام . (120) وقد أسند إليه هذا المذهب ابن إدريس في السرائر (121) ولم ينقل عنه المذهب الأوّل . هذا ، وليس في الأخبار ولا في كلام الأكثر ذكر مصرف لهذا الهدي ، والظاهر أنّ مصرفه مصرف مطلق جزاء الصيد من مساكين الحرم . وخيّر الشهيد الثاني في الروضة (122) من صرفه في مصالح الكعبة ومعونة الحاجّ كغيره من أموال الكعبة، وهو محلّ تأمّل . واختلف العامّة في جزاء مطلق البيض ؛ ففي العزيز: «بيض الطائر المأكول مضمون بقيمته، خلافا لمالك حيث قال : فيه عشر قيمة البائض، وللمزنيّ حيث قال: لا يضمن أصلاً». (123) واحتجّ على ما ذهب إليه بما رواه عن كعب بن عجرة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قضى في بيض نعام أصابه المحرم بقيمته ، (124) وربّما احتجّ عليه بما رواه أبو هريرة عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «في بيض النعامة ثمنها ». (125) وأجاب عنه السيّد رضى الله عنه في الانتصار (126) بأنّه خبر واحد، وبجواز حمل الثمن فيه على الجزاء مستنداً بأنّ الجزاء والبدل يجوز وصفهما بالثمن . وفي المنتهى: (127) وقال الشافعيّ : يجب عليه قيمة البيض ، وبه قال عمر بن الخطّاب والنخعيّ والزهريّ وأبو ثور وأصحاب الرأي . (128) وقال مالك : يجب في البيضة عشر قيمة الصيد . وقال داوود و أهل الظاهر: لا شيء في البيض . (129) التاسعة : يدلّ خبر يزيد بن عبد الملك (130) على وجوب شاة وقيمة اللبن لحلب الظبية وشرب لبنها على المحرم في الحرم، وذلك ينبئ عن وجوب الدم للإحرام والقيمة للحرم . ومقتضى الخبر ترتّب ذلك على الحلب والشرب معا ، وقد عنون الشيخ (131) وجماعة (132) المسألة بشرب اللبن فقط، وهو خارج عن موضع [ الكلام] (133) ، فالأولى وجوب القيمة فقط له ، بل ربّما قيل بوجوب القيمة مطلقا اطّراحا للخبر؛ لجهالة يزيد، (134) وضعف صالح بن عقبة، فإنّه قيل: «إنّه كان غاليا كذّابا لا يلتفت إلى قوله ». (135) وقد ألحق بعض الأصحاب الظبيّة البقرة ونحوها، وهو ضعف في ضعف ، والأظهر في لبن غيرها القيمة . وفي العزيز : ولو حلب لبن صيد فقد قال كثير من أئمّتنا من العراقيّين وغيرهم أنّه يضمن، وحكوا عن أبي حنيفة أنّه إن نقص الصيد به ضمنه، وإلّا فلا . واحتجّوا عليه بأنّه مأكول انفصل من الصيد فأشبه البيض . وذكر القاضي الروياني في التجربة أنّه لا ضمان في اللبن، بخلاف البيض فإنّه يعرض أن يخلق منه مثله . (136)

.


1- . قاله المفيد في المقنعة، ص 435؛ والطوسي في النهاية، ص 222؛ والخلاف، ج 2، ص 399؛ والمبسوط، ج 1، ص 340.
2- . السرائر، ج 1، ص 556.
3- . اُنظر: شرائع الإسلام، ج 1، ص 216؛ المختصر النافع، ص 102؛ جامع الخلاف والوفاق، ص 191؛ إرشاد الأذهان، ج 1، ص 318؛ تبصرة المتعلّمين، ص 92؛ تحرير الأحكام، ج 2، ص 40؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 95؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 821 .
4- . فقه الرضا عليه السلام ، 227.
5- . الكافي في الفقه، ص 205.
6- . المهذّب، ج 1، ص 223.
7- . الوسيلة، ص 167.
8- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 96 .
9- . المائدة (5): 95 .
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 341، ح 1180؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 6 ، ح 17098.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 341، ح 1181؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 5 ، ح 17096.
12- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
13- . هي الحديث الرابع من هذا الباب.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 341، ح 1182؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 5 6 ، ح 17097.
15- . المقنع، ص 246.
16- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 97.
17- . فتح العزيز، ج 7، ص 499 500 ؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 438؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 540 .
18- . تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 39 40؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 820 .
19- . تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 406، المسألة 322؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 423؛ المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 82 83 ؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 198؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 535 و 536 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 350 351.
20- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 339 340.
21- . المائدة (5): 95 .
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 342، ح 1184؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 11، ح 17112.
23- . رواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 364 365، ح 2723. والموجود في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 342، ح 1185 هذا المتن بسند آخر عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وهو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 8 ، ح 17104، و ص 11، ح 17111.
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 343، ح 1187؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 13، ح 17115.
25- . اُنظر: كنز العرفان، ج 1، ص 324.
26- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 457.
27- . المقنعة، ص 435.
28- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 13، ح 17115.
29- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 227.
30- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 93 .
31- . المقنع، ص 247.
32- . الانتصار، ص 251 252.
33- . المائدة (5): 95.
34- . الخلاف، ج 2، ص 402 403.
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 333، ح 1147؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 165 166، ح 17494.
36- . النساء (4) : 3 .
37- . الانتصار، ص 252.
38- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 98 99؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 329.
39- . النهاية، ص 222 _ 223؛ المبسوط، ج 1، ص 340.
40- . السرائر، ج 1، ص 557 .
41- . المقنعة، ص 435.
42- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 343، ح 1187؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 13، ح 17115.
43- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 342، ح 1184؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 11، ح 17112.
44- . حكاه الشهيد الثاني في مسالك الأفهام، ج 2، ص 419 عن بعض الأصحاب.
45- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 355 356.
46- . ذهب إليه المفيد في المقنعة، ص 435؛ والطوسي في المبسوط، ج 1، ص 340؛ والنهاية، ج 1، ص 222 223.
47- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 71).
48- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 342؛ النهاية، ص 225.
49- . منتهى المطلب، ج 2، ص 821 .
50- . تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 405، المسألة 321؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 439؛ فتح العزيز، ج 7، ص 504 .
51- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 353، ح 1227؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 12، ح 17113.
52- . المائدة (5): 95.
53- . المقنعة، ص 436.
54- . الخلاف، ج 2، ص 399.
55- . السرائر، ج 1، ص 561 .
56- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 102.
57- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 71).
58- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 102.
59- . الكافي في الفقه، ص 206، والمذكور فيه: «وفي صغار الصيد مثله من صغار الأنعام»، والمحكي عنه في مختلف الشيعة، ج 4، ص 102 ذلك لا المماثله في الذكورة والانوثة.
60- . هو الحديث السادس من هذا الباب.
61- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 359، ح 1248؛ الاستبصار، ج 2، ص 205، ح 699 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 61 ، ح 17236، وص 64 ، ح 17242.
62- . الحديث 14 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 63 ، ح 17240.
63- . منتهى المطلب، ج 2، ص 807 .
64- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 359، ح 1246؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 61 ، ح 17235.
65- . يعني إذا راه قد انصلح.
66- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 359، ح 1247؛ الاستبصار، ج 2، ص 205، ح 698 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 63 ، ح 17241.
67- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 320.
68- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 463.
69- . منتهى المطلب، ج 2، ص 828 .
70- . تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 432، المسألة 353؛ الخلاف، ج 2، ص 401.
71- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 219.
72- . قاله العلّامة في منتهى المطلب، ج 2، ص 828 .
73- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 61 ، ح 17235، وص 63 ، ح 17241.
74- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «فعرج»، ويظهر من كلام الشارح بعد ذكر الحديث صحّة الثاني.
75- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 358، ح 1245؛ الاستبصار، ج 2، ص 205 206، ح 700؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 62 ، ح 17237.
76- . المقنعة، ص 437.
77- . النهاية، ص 228.
78- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 343.
79- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 219.
80- . المختصر النافع، ص 103.
81- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 342.
82- . النهاية، ص 227.
83- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «في الحلّ»، وهو الظاهر؛ لأنّه يبيّن حكم داخل الحرم في الفقرة التالية.
84- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 387، ح 1354؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 64 ، ح 17243.
85- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «أبو جميلة»، وهو المفضل بن صالح الأسدي، قالوا فيه: «ضعيف كذّاب، يضع الحديث». اُنظر: خلاصة الأقوال، ص 407؛ رجال ابن داود، ص 280، الرقم 511 .
86- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 358، الدرس 94.
87- . شرح اللمعة، ج 2، ص 350.
88- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 358 .
89- . المقنعة، ص 439.
90- . هو الحديث 14 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 63 ، ح 17240، وص 64 ، ح 17244.
91- . هو الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 344، ح 1192؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 19، ح 17128 .
92- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 101.
93- . قاله المفيد في المقنعة، ص 435؛ والطوسي في المبسوط، ج 1، ص 340؛ والنهاية، ص 223.
94- . الكافي في الفقه، ص 206.
95- . الخلاف، ج 2، ص 399، المسألة 261.
96- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 341، ح 1182؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 5 6 ، ح 17097 .
97- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 314، ح 867 ؛ وسائل الشيعة، ج 27، ص 70، ح 33228 .
98- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 367، الدرس 97.
99- . المقنعة، ص 436.
100- . الانتصار، ص 249.
101- . نفس المصدر، ص 250.
102- . هو الحديث 11 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 53 54 ، ح 17218 .
103- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 354، ح 1230؛ الاستبصار، ج 2، ص 202، ح 685 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 52 ، ح 17214 .
104- . آل عمران(3) : 34 .
105- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 354 355، ح 1231؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 53 ، ح 17217 .
106- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 355، ح 1232؛ الاستبصار، ج 2، ص 202، ح 686 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 52 ، ح 17215 .
107- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 356 357، ح 1239؛ الاستبصار، ج 2، ص 203 204، ح 692 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 58 ، ح 17229 .
108- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 356، ح 1237؛ الاستبصار، ج 2، ص 203، ح 689 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 57 ، ح 17226 .
109- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 344 345؛ النهاية، ص 227.
110- . المختصر النافع، ص 102؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 216 و 217.
111- . تحرير الأحكام، ج 1، ص 42؛ تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 414، المسألة 332؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 116.
112- . السرائر، ج 1، ص 558 559 .
113- . الحديث الخامس من ذلك الباب.
114- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 355، ح 1234؛ الاستبصار، ج 2، ص 203، ح 688 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 54 55 ، ح 17220 .
115- . السرائر، ج 1، ص 562، ومابين الحاصرتين منه.
116- . الحديث 12 من هذا الباب من الكافي.
117- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 365 366، الدرس 97.
118- . السرائر، ج 1، ص 559 .
119- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 334.
120- . المقنعة، ص 572 .
121- . السرائر، ج 1، ص 565 .
122- . شرح اللمعة، ج 2، ص 337.
123- . فتح العزيز، ج 7، ص 486.
124- . أحكام القرآن للجصّاص، ج 2، ص 585 ؛ تلخيص التحبير، ج 7، ص 486.
125- . سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1031، ح 3086؛ سنن الدارقطني، ج 2، ص 220، ح 2539.
126- . الانتصار، ص 250.
127- . منتهى المطلب، ج 2، ص 283. ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 412 413.
128- . اُنظر: الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 293؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 540 ؛ المحلّى، ج 7، ص 234.
129- . المصادر المتقدّمه؛ الانتصار، ص 250؛ الخلاف، ج 2، ص 416.
130- . الحديث 13 من هذا الباب من الكافي، ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 371، ح 1292؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 90، ح 17312 .
131- . اُنظر: النهاية، ص 226، المسألة 355؛ المبسوط، ج 1، ص 342.
132- . اُنظر: المهذّب، ج 1، ص 230؛ السرائر، ج 1، ص 562 ؛ المختصر النافع، ص 104؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 219؛ الجامع للشرائع، ص 191؛ تحرير الأحكام، ج 2، ص 48؛ تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 438؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 462؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 129.
133- . اُضيفت لاقتضاء الضرورة.
134- . اُنظر: القاموس الرجال، ج 11، ص 107 108، الرقم 8444 .
135- . رجال ابن داود، ص 250، الرقم 237؛ خلاصة الأقوال، ص 360.
136- . فتح العزيز، ج 7، ص 487.

ص: 161

. .

ص: 162

. .

ص: 163

. .

ص: 164

. .

ص: 165

. .

ص: 166

. .

ص: 167

. .

ص: 168

. .

ص: 169

. .

ص: 170

. .

ص: 171

. .

ص: 172

. .

ص: 173

. .

ص: 174

. .

ص: 175

. .

ص: 176

. .

ص: 177

باب كفّارة ما أصاب المحرم من الطير والبيض

باب كفّارة ما أصاب المحرم من الطير والبيضأراد قدس سره بالطير ما يطير في الجوّ، وهو المتبادر منه، فيخرج النعامة ويدخل في الوحش، وهذا هو السرّ في أن ذكر قدس سرهالنعامة وبيضها في الباب السابق، وفيه مسألتان : الاُولى : المشهور بين الأصحاب وجوب شاة على المحرم للحمامة، وحمل لفرخها، (1) بل لم أجد مخالفا له . ويدلّ عليهما حسنة حريز (2) وخبر أبي الصباح (3) وأبي بصير ، (4) ويؤيّدها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في محرم ذبح طيراً : «إنّ عليه دم شاة يهريقه، فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضأن ». (5) وقد روي ذلك في الحمامة عن ابن عبّاس وجماعة من الصحابة ، (6) والحمل بالتحريك من أولاد الضأن ما له أربعة أشهر فصاعداً، على ما صرّح به بعض الأصحاب ، والأظهر التخيير بينه وبين الجدي، وهو من أولاد المعز ما بلغ سنة ؛ كذلك للصحيحة المذكورة . ويظهر من خبر حمّاد بن عثمان (7) وجوب القيمة للحرم، وقد سبق ذلك في مطلق الصيد الحرمي . وأمّا بيضها فقد قال العلّامة في القواعد: «في كسر كلّ بيضة بعد التحرّك حمل، وقبله درهم على المحرم في الحلّ، وربع درهم على المحلّ في الحرم، ويجتمعان على المحرم في الحرم ». (8) أمّا الأوّل فهو ممّا أجمع عليه الأصحاب ، (9) ولكن لم أجد خبراً صريحا فيه، وكأنّهم تمسّكوا بما دلّ على وجوب الكُلّ للفرخ من غير تقييد بكونه خارجا عن البيضة ، وقد صرّح الشهيد في الدروس (10) بأنّ حكم ما تحرّك فيه الفرخ كالفرخ . وأمّا الثاني فهو المشهور بين الأصحاب، (11) ولم أجد له أيضا مستنداً . واحتجّ عليه في المنتهى (12) بصحيحة حريز عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «وإن وطئ المحرم بيضة فكسرها فعليه درهم كلّ فداء، يتصدّق به بمكّة ومنى، وهو قول اللّه تعالى : «أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ» (13) » ، (14) ومثله حسنة حريز . (15) وأنت خبير بعدم دلالتهما على المدّعي؛ لظهورهما في أنّ ذلك على المحرم في الحرم أيضا . ومثله الثالث في الشهرة وعدم نصّ صريح فيه . واحتجّ عليه في المنتهى (16) بقوله عليه السلام : «وفي البيض ربع درهم»؛ (17) حملاً له على ما إذا كسره المحلّ في الحرم، وهو محلّ تأمّل . ومقتضى القاعدة وجوب قيمة البيضة لتقرّر ذلك في صيد المحلّ في الحرم . وكذا الرابع فقد اشتهر من غير دليل. واحتجّ عليه في المنتهى (18) بوجوب تعدّد المسبّبات بتعدّد الأسباب، وهو إنّما يتمّ إذا تمّ ما تقدّمه . وذهب الشيخ في التهذيب إلى وجوب قيمة البيضة على المحرم في الحرم محتجّا عليه برواية يزيد بن خليفة، قال : سئل أبو عبداللّه عليه السلام وأنا عنده، فقال له رجل : إنّ غلامي طرح مكتلاً في منزلي وفيه بيضتان من طير حمام الحرم ، فقال : «عليه قيمة البيضتين يعلف بها حمام الحرم ». (19) وبروايته الاُخرى عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت له : كان في بيتي مكتل فيه بيض من حمام الحرم، فذهب غلامي، فأكبّ المكتل وهو لا يعلم أنّ فيه بيضا فكسره، فخرجت فلقيت عبداللّه بن الحسن، فذكرت له ذلك، فقال : تصدّق بكفّين من دقيق ، قال : ثمّ لقيت أبا عبداللّه عليه السلام فأخبرته، فقال : «ثمن طيرين تطعم به حمام الحرم »، فلقيت عبداللّه بن الحسن بعد ذلك فأخبرته ، قال : صدق فخذ به، فإنّه أخذه عن آبائه عليهم السلام . (20) وقد حمل قدس سره هذا الخبر على أنّه كان قيمة البيضتين والطيرين سواء في ذلك الوقت، وهو أيضا محلّ تأمّل؛ لظهور الخبرين في أنّ ذلك على المحلّ ، ولو سلّم عدم ظهورهما فيه لأمكن حملهما عليه . وممّا ذكرنا ظهر أنّ الأظهر في المسألة وجوب حَمَل (21) لما تحرّك فيه الفرخ كالفرخ على المحرم في الحلّ، ووجوب قيمة البيضة على المحلّ في الحرم، ووجوبها على المحرم في الحرم (22) وإن كان أكثر ذلك مخالفا للمشهور ، وقد ورد في بعض الأخبار ما ينافي ذلك كلّه. رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر، قال : سألت أخي موسى عليه السلام عن رجل كسر بيض الحمام وفي البيض فراخ قد تحرّك؟ فقال : «عليه أن يتصدّق عن كلّ فرخ قد تحرّك بشاة، ويتصدّق بلحومها إن كان محرما، وإن كان الفراخ لم يتحرّك تصدّق بقيمته ورقا يشتري به علفا تطرحه لحمام الحرم ». (23) وفي الصحيح عن الحلبيّ، قال : حرّك الغلام مكتلاً فكسر بيضتين في الحرم، فسألت أبا عبداللّه عليه السلام فقال : جديين أو حملين ». (24) والجمع بين الأخبار هنا لا يخلو عن إشكال ، فتأمّل . الثانية : قال شيخنا المفيد قدس سره : «وفي القطاة وما أشبهها حَمَل قد فُطِم [ من اللبن ]ورعى من الشجر». (25) وظاهرهُ جريان الحكم في كلّ ما في جثّتها، وهو المستفاد من خبر سليمان بن خالد الأخير، (26) والدم فيه وإن كان متبادر منه الشاة لكنّه حُمل على الحَمَل؛ لخبر المفضّل بن صالح، (27) ولما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «وجدنا في كتاب عليّ عليه السلام في القطاة إذا أصابها المحرم حَمَل قد فُطِم من اللبن وأكل من الشجر »، (28) والأكثر اقتصر فيما يشبهها على ذكر الحجل والدرّاج، وسكتوا عمّا عداهما ممّا شابهها . وأمّا بيضها فقد أجمع الأصحاب على أنّه يجب في كسر كلّ بيضة من القطا والقبج (29) والدرّاج بكارة من الغنم إن تحرّك الفرخ فيها، وإلّا فمع القدرة يجب إرسال فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض، فما نتج كان هديا؛ للجمع بين صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن سليمان بن خالد، (30) وخبر سليمان بن خالد، (31) وما رويناه سابقا ممّا دلّ على وجوب الإرسال ، وما رواه الشيخ عن ابن رباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن بيض القطاة ، قال : «يصنع فيه في الغنم كما يصنع في بيض النعام في الإبل ». (32) وعن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «في كتاب عليّ عليه السلام في بيض القطاة كفّارة مثل ما في بيض النعام ». (33) وأمّا مع العجز عن الإرسال فالمشهور أنّه يجب هنا أيضا ما مرّ في بيض النعام بعد العجز عن الإرسال من الشاة، ثمّ إطعام عشرة، ثمّ صيام ثلاثة أيّام. صرّح به جماعة ، منهم الشيخ المفيد، فإنّه وإن سكت عن حكم ما بعد العجز في موضع من المقنعة حيث قال : «فإن كسر بيض القطاة وشبهها أرسل فحولة الغنم على إناثها، فما نتج كان هديا لبيت اللّه » (34) واقتصر عليه، إلّا أنّه قال في باب الكفّارات منها: وإن وطأ بيض القبج أو الدرّاج أرسل فحولة الغنم على إناثها بعدد المكسور من البيض، فما نتج كان هديا لبيت اللّه عزّ وجلّ، فإن لم يجد ذلك ذبح عن كلّ بيضة شاة، فإن لم يجد أطعم عن كلّ بيضة عشرة مساكين، فإن لم يقدر على الطعام صام عن كلّ بيضة ثلاثة أيّام . (35) و به صرّح العلّامة أيضا في الإرشاد، (36) وهو ظاهر جماعة منهم الشيخ في المبسوط، والشهيد والمحقّق في اللمعة (37) والشرائع (38) حيث حكموا في هذه البيوض بعد العجز عن الإرسال حكمها حكم بيض النعام . وقد قال في المبسوط : «فإن لم يقدر كان حكمه حكم بيض النعام سواء ». (39) وفي السرائر: معنى قول الشيخ: «حكم بيض النعام» أنّ النعام إذا كسر بيضه فتعذّر الإرسال وجب في كلّ بيضة شاة ، والقطا إذا كسر بيضه وتعذّر إرسال الغنم وجب في كلّ بيضة شاة ، فهذا وجه المشابهة بينهما، فصار حكمه حكمه عند تعذّر الإرسال . (40) انتهى . وهو لا يخلو عن إشكال، لا لما قاله بعض المحقّقين (41) من أنّ الشاة حينئذٍ يجب أن يكون مجزية مع القدرة على الإرسال بطريق أولى؛ لأنّها أعلى قيمة وأكثر منفعة من النتاج لو حصل لمنع الأولويّة؛ إذ ربّما يكون تحصيل أسباب الإرسال وتعهّد الحمل والنتاج إلى محلّه أشقّ على المكلّف وأصعب عليه من إخراج الشاة بكثير ، بل لا نسبة بينهما بالنسبة إلى المترفّعين ، بل لبُعد تلك الموافقة فيهما بعد العجز مع غاية التباعد بينهما قبله، ولعدم نصّ عليها؛ إذ المتبادر من التشبيه فيما ذكر من الأخبار التشبيه في خصوص الإرسال . نعم ، خبر سليمان بن خالد الذي رويناه عن الشيخ ظاهر في المشابهة في الجميع، خرج منه كيفيّة الإرسال فبقي الباقي، لكنّ الحكم بمجرّد هذا الظهور بهذا الأمر الخارج عن الاُصول مشكل . وقال العلّامه في المنتهى : «والأقرب أنّ مقصود الشيخ من مساواته لبيض النعام وجوب الصدقة على عشرة مساكين أو الصيام ثلاثة أيّام إذا لم يتمكّن من الإطعام ». (42) وإليه ذهب الشهيد في الدروس، واستبعد الأوّل حيث قال في بيض القطاة والقبج: في كسر البيض مع تحرّك الفرخ مخاض من الغنم ، أي ما من شأنها الحمل و إلّا أرسل فحولة الغنم في إناثها بالعدد، فإن عجز أطعم عشرة لعشرة، فإن عجز صام ثلاثة أيّام ، وقيل: مع العجز تجب الشاة، ثمّ الإطعام، ثمّ الصيام، وهو بعيد . ولا يخفى بُعد هذا أيضا، بل هو أبعد من الأوّل . وحكى عن ابن حمزة أنّه أوجب مع العجز عن الإرسال في بيض القطاة درهما، (43) وعن ابن الجنيد طرد ذلك في كلّ بيضة فداء اُمّها شاة، (44) ولم أجد لهما مستنداً، وكأنّهما ألحقاه ببيض الحمامة، وقد حكى ذلك الإلحاق عن القاضي، (45) و أبو الصلاح الحلبيّ . (46) واعلم أنّه ذهب الشهيد في الدروس (47) على ما نقلناه عنه إلى وجوب مخاض من الغنم، وهو ما من شأنها أن تكون حاملاً في هذه البيوض مع تحرّك الفرخ. وبه قال الشيخ أيضا في المبسوط حيث قال : «وإذا أصاب المحرم بيض القطا والقبج اعتبر حال البيض، فإن كان تحرّك فيها فرخ كان عليه عن كلّ بيضة مخاض من الغنم ». (48) وهو ظاهره في التهذيب حيث قال بعد ذكر خبر المخاض : «الوجه فيه أنّ المخاض إنّما يلزمه على التعيين إذا كان في البيض فرخ كما قلنا في بيض النعام أنّه تلزمه البدنة إذا كان فيه الفرخ ». (49) وإليه ذهب العلّامة أيضا في المنتهى . (50) واحتجّوا عليه بقوله عليه السلام : «ومَن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم» فيما رويناه في الباب السابق عن سليمان بن خالد . (51) واُورد عليه بضعف الخبر ومعارضته بما هو أكثر منه وأسلم ممّا يدلّ على وجوب كفّارة من الغنم ، أي الصغير منها، وباستلزام ذلك زيادة فدية البيضة عن فداء بائضها. وربما حمل المخاض في كلامهم وفي الخبر على بنت المخاض؛ لتطابق الفتاوى والأخبار، وهو قريب في عبارة المنتهى (52) حيث احتجّ على ذلك بما ذكر، وبخبر البكارة، (53) وبأنّه بيض تحرّك فيه الفرخ، فكان عليه صغير من ذلك النوع كما في بيض النعام ، وقد أفتى فيه مع تحرّك الفرخ لوجوب بكارة من الإبل. وربّما جمع بين الخبرين بالتخيير بين الأمرين ، فتدبّر . قوله في خبر أبي الصباح : (ففدغها) . [ ح 2 / 7431] الفدغ بالفاء والدال المهملة و العين المعجمة: الشدخ والشقّ اليسير . (54) قوله في صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج : (بكارة من الغنم إلى قوله : بكارة من الإبل ) .] ح 5 / 7434] البكارة بالكسر: جمع بكر بالفتح، وهو الفصيل من الإبل والغنم . (55) وفي السرائر: قال ابن الأعرابي في نوادره : يُقال بكار بلا هاء ويثبت فيها للإناث، وبكارة بإثبات الهاء للذكران ، قال محمّد بن إدريس : فلا يظنّ ظانّ أنّ البكارة للاُنثى من الإبل، وإنّما البكارة جمع بكر. (56) و في شرح اللمعة: «وهي يعني البكرة الفتيّة منها، بنت المخاض فصاعداً مع صدق اسم الفتى ، والأقوى إجزاء البكر؛ لأنّ مورد النصّ البكارة، وهي جمع لبكَر وبكرة ». (57) فتأمّل . قوله : (محمّد بن جعفر عن محمّد بن عبد الحميد ) . [ ح 9 / 7438] محمّد بن جعفر هذا هو أبو العبّاس الرزّاز على ما يظهر من قول بعض أرباب الرجال، وهو مجهول الحال . (58)

.


1- . اُنظر: السرائر، ج 1، ص 560 ؛ تبصرة المتعلّمين، ص 92؛ المختصر النافع، ص 104؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 220؛ إرشاد الأذهان، ج 1، ص 320؛ تبصرة المتعلّمين، ص 92؛ تحرير الأحكام، ج 2، ص 50 ؛ اللمعة الدمشقيّة، ص 68 .
2- . هى الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
3- . هى الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
4- . هى الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 346، ح 1201؛ الاستبصار، ج 2، ص 201، ح 682 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 23، ح 17140 .
6- . المجموع للنووي، ج 7، ص 440؛ المحلّى، ج 7، ص 229.
7- . هو الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 353، ح 1228؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 51 ، ح 17215 .
8- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 459.
9- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 117 118؛ تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 419.
10- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 355، الدرس 93.
11- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 419، المسألة 338؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 825 ؛ مدارك الأحكام، ح 8 ، ص 367 و 397.
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 825 .
13- . المائدة (5): 94.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 346 347، ح 1202؛ الاستبصار، ج 2، ص 201، ح 683 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 23، ح 17141 .
15- . هى الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
16- . منتهى المطلب، ج 2، ص 825 .
17- . الحديث العاشر من باب صيد الحرم من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 345، ح 1196؛ الاستبصار، ج 2، ص 200، ح 677 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 26، ح 17150 .
18- . منتهى المطلب، ج 2، ص 825 .
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 357، ح 1241؛ الاستبصار، ج 2، ص 204، ح 694 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 60 61 ، ح 17234 .
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 357 358، ح 1242؛ الاستبصار، ج 2، ص 204، ح 695 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 60 ، ح 17233 .
21- . الحَمَل محرّكة : الخروف، أو الجذع من أولاد الضأن فمادونه. القاموس المحيط، ج 3، ص 361 (حمل).
22- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 117 118.
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 358، ح 1244؛ الاستبصار، ج 2، ص 205، ح 697 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 24، ح 17142، و ص 59 ، ح 17231 .
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 358، ح 1243؛ الاستبصار، ج 2، ص 204 205، ح 696 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 59 ، ح 17232 .
25- . المقنعة، ص 435، ومابين الحاصرتين منها.
26- . هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 355، ح 1233؛ الاستبصار، ج 2، ص 203، ح 691 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 55 56 ، ح 17223 .
27- . هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 19، ح 17127.
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 344، ح 1190؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 18، ح 17125 .
29- . القَبج: معرّب كبك بالفارسيّة، وهو طائر يشبه الحجل.
30- . هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
31- . هو الحديث الثالث من هذا الباب.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 356، ح 1238؛ الاستبصار، ج 2، ص 203، ح 690 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 58 ، ح 17228 .
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 357، ح 1240؛ الاستبصار، ج 2، ص 204، ح 693 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 55 ، ح 17221، و ص 58 ، ح 17227 .
34- . المقنعة، ص 436.
35- . المقنعة، ص 572 .
36- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 319.
37- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 355 356، الدرس 93.
38- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 217.
39- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 345.
40- . السرائر، ج 1، ص 565 .
41- . اُنظر: مسالك الأفهام، ج 2، ص 428.
42- . منتهى المطلب، ج 2، ص 824 . ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 415.
43- . الوسيلة، ص 169. وعنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 116.
44- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 115.
45- . المهذّب، ج 1، ص 224.
46- . هذا هو الظاهر، وكان في الأصل: «وهو أبو الصلاح الحلبي». اُنظر: الكافي في الفقه، ص 206.
47- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 355، الدرس 93.
48- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 344 345.
49- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 357، ذيل الحديث 1239.
50- . منتهى المطلب، ج 2، ص 824 .
51- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 55 ، ح 17222 .
52- . منتهى المطلب، ج 2، ص 824 .
53- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 55 56، ح 17223 .
54- . النهاية، ج 3، ص 420 (فدغ).
55- . اُنظر: النهاية، ج 4، ص 353 (ملج).
56- . السرائر، ج 1، ص 561 .
57- . شرح اللمعة، ج 2، ص 337.
58- . اُنظر: إيضاح الاشتباه، ص 267، وترجمته في معجم رجال الحديث.

ص: 178

. .

ص: 179

. .

ص: 180

. .

ص: 181

. .

ص: 182

. .

ص: 183

. .

ص: 184

. .

ص: 185

باب القوم يجتمعون على الصيد وهم محرمون

باب القوم يجتمعون على الصيد وهم محرمونقال شيخنا المفيد قدس سره : «لو اجتمع جماعة محرمون على صيد فقتلوه لوجب على كلّ واحدٍ منهم فداء »، (1) وبه صرّح الشيخ في الخلاف (2) والمبسوط، (3) وابن إدريس (4) والشهيد (5) وغيرهم ، (6) وفي حكمه الاجتماع على أكله . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلامعن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم، ما عليهم؟ قال : «على كلّ من أكل منهم فداء صيد، كلّ إنسان منهم على حدته فداء صيد كاملاً ». (7) وعن أبان بن تغلب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قوم محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها وأكلوها، فقال : «عليهم مكان كلّ فرخ أصابوه وأكلوه بدنة، يشتركون فيهنّ، فيشترون على عدد الفراخ وعدد الرجال »، (8) الخبر ، وقد سبق . ويؤيّدها بعض ما نرويه عن قريب . واحتجّ عليه في الخلاف (9) بالإجماع وبالاحتياط، وظاهر بعض الأخبار وأكثر الفتاوى تأثير فعل المحرمين جميعا في قتل الصيد، فعلى هذا لم يكن على المخطيّ شيء، وبه صرّح ابن إدريس، حيث قال : وإذا رمى اثنان صيداً فأصاب أحدهما وأخطأ الآخر كان على كلّ واحدٍ منهما الفداء، على ما روي في بعض الأخبار ، والذي يقتضيه اُصول المذهب أنّ الذي لم يصب ولم يقتل لا كفّارة عليه ، إلّا أن يكون دلّ القاتل، ثمّ رمى معه فأخطأ، فتكون الكفّارة للدلالة لا لرميه ، فأمّا إذا لم يدلّ فلا كفّارة عليه بحال . (10) وذهب جماعة منهم الشيخ (11) والشهيد (12) إلى عدم اشتراط تأثير فعله، وأوجبوا على المخطئ أيضا فداء . واحتجّ عليه في التهذيب بصحيحة ضريس بن أعين، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجلين محرمين رميا صيداً، فأصابه أحدهما ، قال : «على كلّ واحدٍ منهما الفداء ». (13) وخبر إدريس بن عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجلين محرمين يرميان صيداً، فأصابه أحدهما ، الجزاء بينهما أو على كلّ واحدٍ منهما؟ قال : «عليهما جميعا، يفدي كلّ واحدٍ منهما على حدته ». (14) وحكى في المنتهى عن الشافعيّ وجوب جزاء واحد على الكلّ محتجّا بقوله تعالى : «فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» ، (15) قائلاً: إنّ المقتول لمّا كان واحدا وجب أن يكون المثل أيضا واحدا . (16) وأجاب عنه : بأنّ كلّ واحد منهم قاتل فيجب عليه المثل . وحكى القولين عن أحمد، وقولاً ثالثا أيضا بالفصل بين الهدي وبدله، فقال : إن صاموا صاموا تامّا، وإن كان غير صوم فجزاء واحد، وإن كان أحدهما يهدي والآخر يصوم فعلى المهدي بحصّته، وعلى الآخر صوما تامّ ؛ محتجّا بأنّ الجزاء ليس بكفّارة وإنّما هو بدل ، بدليل أنّه تعالى عطف عليه الكفّاره، فقال تعالى : «فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» إلى قوله _: «أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاما» ، (17) فالصوم كفّارة، فتكمل ككفّارة قتل الآدمي . (18) وأجاب عنه : بأنّه متى ثبت اتّحاد الجزاء في الهدي وجب اتّحاده في الصيام، وإن ثبت التعدّد في الهدي ثبت في الصيام؛ لقوله تعالى : «أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاما» ، وبأنّ الإجماع واقع على أنّ المعدول القيمة ، أمّا قيمة المتلف وقيمة مثله والمثل عنده واحد ، فإيجاب الزائد في الصوم لا معنى له . (19) هذا ، واختلف الأصحاب في مقامين خارجين عن النصوص المذكورة ، أحدهما :اشتراك المحرم و المحلّ في صيد الحرم، فالمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط (20) وابن إدريس، (21) والعلّامة في المنتهى (22) انسحاب الحكم فيه أيضا؛ للاشتراك في العلّه؛ لصدق القاتل على كلّ منهما، فيجب على المحرم الجزاء و القيمة معا، وعلى المحلّ القيمة فقط على ما هو المقرّر ، وقد صرّحوا بذلك أيضا . وخالفه الشيخ في التهذيب حيث أوجب على المحلّ نصف الفداء وعلى المحرم فداءً كاملاً، محتجّا بما رواه إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبداللّه ، عن أبيه عليهماالسلامقال : «كان عليّ عليه السلام يقول في محرم ومحلّ قتلا صيداً، فقال : على المحرم الفداء كاملاً، وعلى المحلّ نصف الفداء ». (23) وثانيهما : اشتراك المحلّين في صيد الحرم، فقد ذهب إلى انسحاب الحكم فيه أيضا جماعة منهم الشهيد في الدروس ، (24) وتردّد فيه المحقّق في الشرائع. (25) وفي المسالك: ينشأ التردّد من أنّ المقتول واحد، فيجب له فداء واحد على الجميع، وأصالة البراءة من الزائد، خرج منهما قتل الجماعة المحرمين، يبقيان معمولاً بهما فيما عداه، ومن اشتراك المحلّين والمحرمين في العلّة، وهي الإقدام على قتل الصيد، خصوصا إذا كان فعل كلّ واحد متلفا، وهذا هو الأقوى؛ إذ كما يحرم على المحلّ قتل الصيد في الحرم يحرم عليه أسبابه من الدلالة والإعانة وغيرهما . (26) انتهى . هذا كلّه في صورة المباشرة للقتل ، وأمّا إذا تسبّبوا له فقد صرّح الأكثر فيها بالفصل بين القاصد للصيد وغيره ، منهم الشيخ في المبسوط، قال : «إذا أوقد جماعة ناراً فوقع فيها طائر، فإن قصدوا ذلك لزم كلّ واحدٍ منهم فداء كامل ، وإن لم يقصدوا ذلك فعليهم كلّهم فداء واحد ». (27) ومثله في المقنعة (28) والسرائر (29) وما رأينا من كتب الأصحاب، ولم أرَ مخالفا له . ويدلّ عليه صحيحة أبي ولّاد . وفرّع عليه في الدروس بقوله : ولو قصد بعضهم تعدّد على من قصد، وعلى الباقين فداء واحد ولو كان غير القاصدين واحداً على إشكال ينشأ من مساواته القاصد. ويحتمل مع اختلافهم في القصد أن يجب على من لم يقصد ما كان يلزمه مع قصد الجميع، فلو كان اثنين مختلفين فعلى القاصد شاة وعلى الآخر نصفها لو كان الواقع كالحمامة. ولا إشكال في وجوب الشاة على الموقد الواحد قَصد أو لا . (30) وفي المدارك : وألحق جمع من الأصحاب بذلك المحلّ في الحرم بالنسبة إلى لزوم القيمة، وصرّحوا باجتماع الأمرين على المحرم في الحرم، وهو جيّد مع القصد بذلك إلى الاصطياد ، وأمّا بدونه فمشكل؛ لانتفاء النصّ . (31) قوله : (عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير ) .] ح 4 / 7443] روى الشيخ هذا الخبر في الموثّق عن عبداللّه بن مسكان عن أبي بصير، وزاد قوله : «فاشتركوا فيه»، بعد قوله : «اشتروا صيداً ». (32)

.


1- . المقنعة، ص 436.
2- . الخلاف، ج 2، ص 410، المسألة 285.
3- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 341. ومثله في النهاية، ص 225.
4- . السرائر، ج 1، ص 560 .
5- . اللمعة الدمشقيّة، ص 68.
6- . اُنظر: شرح اللمعة، ج 2، ص 349؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 222؛ تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 265؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 829 ؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 378 .
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 351، ح 1221؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 44، ح 17197 .
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 353، ح 1227؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 12، ح 17113، و ص 45، ح 17119 .
9- . الخلاف، ج 2، ص 411.
10- . السرائر، ج 1، ص 560 561 .
11- . المبسوط، ج 1، ص 341؛ النهاية، ص 225.
12- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 360، الدرس 95.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 352، ح 1223؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 49، ح 17205 .
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 351 352، ح 1222؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 49، ح 17206 .
15- . المائدة (5): 95.
16- . فتح العزيز، ج 7، ص 508 ؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 439؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 202؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 546 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 357.
17- . المائدة (5): 95.
18- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 546 547 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 357.
19- . منتهى المطلب، ج 2، ص 829 .
20- . المبسوط، ج 1، ص 346.
21- . السرائر، ج 1، ص 566 .
22- . منتهى المطلب، ج 2، ص 800 .
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 352، ح 1224؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 49 50 ، ح 17207 .
24- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 492، الدرس 95.
25- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 222.
26- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 459.
27- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 342. ومثله في النهاية، ص 225.
28- . لم أعثر عليه في المقنعة.
29- . السرائر، ج 1، ص 561 .
30- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 360، الدرس 95.
31- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 371.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 351، ح 1220؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 45 46، ح 17200 .

ص: 186

. .

ص: 187

. .

ص: 188

. .

ص: 189

. .

ص: 190

باب فصل ما بين صيد البرّ والبحر وما يحلّ للمحرم من ذلك

باب فصل ما بين صيد البرّ والبحر وما يحلّ للمحرم من ذلكأراد قدس سره بيان حرمة صيد البرّ على المحرم وحلّيّة صيد البحر له، وقد سبق ذلك ، وأراد أيضا بيان حرمة صيد الجراد بأنواعه وإن كان أصله من الحوت، كما سيروي المصنّف عن أبي عبداللّه عليه السلام : أنّ الجراد نثرة (1) من حوت في البحر ، (2) وما سنرويه عن معاوية بن عمّار ، وقد روي مثله من طرق العامّة أيضا . (3) ويؤيّده كون ذكاته أخذه كالسمكة، وإنّما حُرّم على المحرم لعدم تعيّشه في الماء، كما يستفاد من صحيحة محمّد بن مسلم . (4) والمشهور في جرادة تمرة، وفي الكثير منها شاة ، أمّا الثاني فهو مجمعٌ عليه، ومستفاد من بعض ما سنشير إليه من الأخبار ، وأمّا الأوّل فلمرسلة حريز (5) وحسنة معاوية بن عمّار، (6) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ليس للمحرم أن يأكل جراداً ولا يقتله »، قال قلت : ما تقول في رجل قتل جرادة وهو محرم؟ قال : «تمرة خير من جرادة، وهي من البحر، وكلّ شيء أصله من البحر ويكون في البرّ والبحر فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله متعمِّداً فعليه الفداء كما قال اللّه تعالى ». (7) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي عبداللّه عليه السلام في محرم قتل جرادة؟ قال : «يطعم تمرة، وتمرة خيرٌ من جرادة ». (8) وقيل: في الواحدة كفّ من طعام، لصحيح محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «سألته عن محرم قتل جراداً ، قال : «كفّ من طعام، وإن كان أكثر فعليه شاة ». (9) واختار التخيير جماعة منهم الشيخ في المبسوط، (10) والشهيد في الدروس، (11) والعلّامة في المنتهى . (12) وقد ورد في بعض الأخبار الدم في جرادة، رواه الشيخ عن صالح بن عقبة، عن عروة الحنّاط، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل أصاب جرادة فأكلها ، قال : «عليه دم ». (13) وهو غير صالح للمعارضة لما ذكر؛ لوجود صالح فيه، وهو كان غاليا كذّابا. (14) وأفتى به عليّ بن بابويه في أكلها على ما روى في السرائر عنه أنّه قال في رسالته : «وإن أكلت جرادة فعليك دم شاة ». (15) والشيخ حمله على الجراد الكثير، (16) ويأباه علامة الوحدة والتنكير في جرادة . وحكى في الخلاف (17) عن الشافعيّ وجوب القيمة لها، (18) وهذا كلّه إذا تمكّن من الاحتراز عن قتله، وإلّا فلا شيء في قتله إجماعا؛ للحرج، ولحسنة زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام ، (19) وما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «على المحرم أن يتنكّب الجراد إذا كان على طريقه، وإن لم يجد بدّاً فقتل فلا بأس ». (20) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الجراد يكون على ظهر الطريق والقوم محرمون، فكيف يصنعون؟ قال : «يتنكّبونه ما استطاعوا »، قلت : فإن قتلوا منه شيئا ما عليهم؟ قال : «لا شيء عليهم ». (21) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (اعلم أنّ ما وطئت من الدّباء ) إلخ .[ ح 5 / 7450] الدباء مقصوراً: الجراد قبل أن يطير ، وقيل : هو نوع آخر يشبه الجراد، واحدته دباءة، (22) وهو ظاهر المبسوط حيث عطف على الجراد، وهو مقتضٍ للمغايرة، فقال: «في جرادة تمرة أو كفّ من طعام، وفي كثير منه دم ، وفي الدّبا مثله». (23) إلّا أن يُقال: من باب عطف الخاصّ على العام ّ، فتأمّل .

.


1- . أي عطسة (منه).
2- . الكافي، كتاب الصيد، باب الجراد، ح 1؛ وسائل الشيعة، ج 24، ص 87 88 ، ح 30069.
3- . اُنظر: كنز العمّال، ج 13، ص 387؛ وج 15، ص 277، ح 40973 .
4- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
5- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
6- . الحديث الثاني من هذا الباب.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 363، ح 1264؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 76 77، ح 17269 .
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 363 364، ح 1265؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 77، ح 17270 .
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 364، ح 1267؛ الاستبصار، ج 2، ص 208، ح 708؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 77، ح 17271 .
10- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 348.
11- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 357، الدرس 94.
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 826 .
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 364، ح 1266؛ الاستبصار، ج 2، ص 207، ح 707؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 77، ح 17273 .
14- . رجال ابن الغضائري، ص 69 ، الرقم 70؛ خلاصة الأقوال، ص 360؛ رجال ابن داود، ص 250، الرقم 237.
15- . السرائر، ج 1، ص 558 . وقال به أيضا في فقه الرضا عليه السلام ، ص 228.
16- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 348؛ النهاية، ص 228 .
17- . الخلاف، ج 3، ص 232.
18- . الُام للشافعي، ج 2، ص 218؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 332؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 534 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 309؛ بداية المجتهد، ج 1، ص 291.
19- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 364، ح 1268؛ الاستبصار، ج 2، ص 208، ح 710؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 428، ح 16686؛ وج 13، ص 78 79، ح 17277 .
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 364، ح 1269؛ الاستبصار، ج 2، ص 208، ح 709؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 79، ح 17278 .
22- . صحاح اللغة، ج 6 ، ص 2333 (دبى)؛ النهاية، ج 2، ص 100.
23- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 348.

ص: 191

. .

ص: 192

باب المحرم يصيب الصيد مراراً

باب المحرم يصيب الصيد مراراًتكرير الصيد خطأً ونسيانا موجب لتكرّر الكفّارة إجماعا من الفريقين . ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين. وفي حكمه العمد بعد الخطأ وعكسه . وأمّا العمد بعد العمد فقد اختلفوا فيه، ظاهر المصنّف قدس سرهوصريح أكثر الأصحاب _ منهم الصدوق (1) والشيخ في كتابي الأخبار (2) وأكثر المتأخّرين (3) العدم؛ لقوله سبحانه : «وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّه ُ مِنْهُ» ، (4) و لما رواه الشيخ في الكتابين عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أصاب المحرم الصيد خطأً فعليه الكفّارة، فإن أصابه ثانيا خطأً فعليه الكفّارة أبداً إذا كان خطأً، فإن أصابه متعمّداً كان عليه الكفّارة، فإن أصابه ثانيا متعمّداً فهو ممّن ينتقم اللّه منه ولم يكن عليه الكفّارة ». (5) وحمل عليه حسنة الحلبيّ (6) وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه، ويتصدّق بالصيد على مسكين، فإن عاد فقتل صيداً آخر لم يكن عليه جزاؤه، وينتقم اللّه منه ». (7) وهو محكي عن جماعة من العامّة كابن عبّاس ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير والبصريّ والنخعيّ وإحدى الروايات عن أحمد . (8) وذهب ابن إدريس (9) إلى تكرّرها بتكرّره مطلقا، وهو ظاهر الشيخ في الخلاف حيث قال : إذا عاد إلى قتل الصيد وجب عليه الجزاء ثانيا ، وبه قال عامّة أهل العلم ، وروي في كثير من أخبارنا أنّه إذا عاد لا يجب عليه الجزاء، وهو ممّن ينتقم اللّه منه، وهو الذي ذكرتُ في النهاية، (10) وبه قال داود. (11) فأطلق وجوب الإعادة من غير تقييد بالخطأ، وهو ظاهر جماعة، فقد حكى في المختلف (12) عن ابن الجنيد وأبي الصلاح (13) أنّهم أطلقوا القول بتكرّر الفدية بتكرّره . وعن عليّ بن بابويه أنّه أطلق وجوب الفدية على من صاد متعمّداً من غير تقييد بالأوّل، (14) وإليه ذهب السيّد رضى الله عنه (15) على ما سبق ، وفي المبسوط عُدّ أحوط، (16) ورجّحه العلّامة في المنتهى (17) والمختلف محتجّا بعموم قوله تعالى : «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» (18) من غير معارض، قائلاً : إنّ المعارض على ما يدّعونه ليس إلّا قول اللّه تعالى «وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّه ُ مِنْهُ» ، وهو غير قابل للمانعيّة؛ لعدم امتناع الجمع بين ثبوت الجزاء واستحقاق الانتقام. (19) وبعموم حسنة معاوية بن عمّار، (20) وصحيحة معاوية بن عمّار، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : محرم أصاب صيداً ، قال : «عليه الكفّارة »، قلت : فإنّه عاد ، قال : «عليه كلّما عاد كفّارة ». (21) وصحيحة ابن أبي عمير، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : محرم أصاب صيداً ، قال : «عليه الكفّارة »، قلت : فإنّه عاد ، قال : «كلّما عاد عليه كفّارة». (22) وبأنّه أحوط . وبوجوه عقلية غير نقيّة. وأدلّة النافي للتعدّد تقتضي نفيه مطلقا وإن اختلف نوع الصيد، فلو تصيّد النعامة بعد الجرادة عمداً ليس عليه جزاء النعامة، وثبوت الإثم والجزاء في يوم الجزاء ينفي تنافره؛ للحكمة ، فتدبّر . وفي المسالك: والظاهر من كلامهم أنّ الكلام في الصيد المتكرّر في إحرام واحد، فلو وقع في إحرامين تكرّرت قطعا، وكذا لو كانا في عام واحد ولم يكن أحدهما مرتبطا بالآخر كحجّ الإفراد وعمرته ، أمّا مع ارتباطهما كحجّ التمتّع وعمرته فيحتمل كونهما كذلك؛ لصدق التعدّد وعدمه، لأنّهما بمنزلة إحرام واحد في كثير من الأحكام، ولعدم الدليل الدال على اشتراط كونه في إحرام واحد، إلّا الاتّفاق عليه في بعض الموارد فيبقى الباقي. وهذا أقوى . وقوّى الشهيد قدس سره في شرح الإرشاد (23) صدق التكرار مع تقارب زمان الفعل، بأن تصيّد في آخر المتلوّ وأوّل الثاني مع قصر زمان التحلّل، ولم يفرّق في ذلك بين المرتبطين وغيرهما ، واستشكل بمنع كون قرب الزمان له مدخل في ذلك مطلقا مع أنّ ما ذكره يأتي في الإحرامين في عامين ، مع أنّه لا خلاف فيه. (24) والخلاف الواقع في العمد إنّما هو مع تعدّد الفعل ، وأمّا مع اتّحاده فبتعدّد الفداء إجماعا، وقد سبقت الإشارة إليه .

.


1- . المقنع، ص 251.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 372؛ الاستبصار، ج 2، ص 211 .
3- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 123.
4- . المائدة (5): 95.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 372 373، ح 1298؛ الاستبصار، ج 2، ص 211، ح 721؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 94، ح 17322 .
6- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي .
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 372، ح 1297، وص 467، ح 1633؛ الاستبصار، ج 2، ص 211، ح 720؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 93 94، ح 17321 .
8- . تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 456؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 323؛ المغني، ج 3، ص 545 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 356.
9- . السرائر، ج 1، ص 563 .
10- . النهاية، ص 226 .
11- . الخلاف، ج 2، ص 397 . وانظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 323.
12- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 122.
13- . الكافي في الفقه، ص 205.
14- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 122 123. وبه قال أيضا الصدوق في فقه الرضا عليه السلام ، ص 227.
15- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 72).
16- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 342.
17- . منتهى المطلب، ج 2، ص 819 .
18- . المائدة (5): 95.
19- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 123.
20- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 92 93، ح 17318 .
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 372، ح 1296؛ الاستبصار، ج 2، ص 210، ح 719؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 93، ح 17320 .
22- . مكرّر للحديث المتقدّم، فإنّ ابن أبي عمير يرويه عن معاوية بن عمّار، والخطأ ناش من رواية العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 123 124. فإنّه لم يذكر الواسطة بين ابن أبي عمير وبين الامام الصادق عليه السلام .
23- . غاية المراد، ج 1، ص 411.
24- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 466 467 .

ص: 193

. .

ص: 194

. .

ص: 195

باب المحرم يصيب الصيد في الحرم

باب المحرم يصيب الصيد في الحرمقال شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة : «والمحرم إذا صاد في الحلّ كان عليه الفداء، و إذا صادَ في الحرم كان عليه الفداء والقيمة»؛ (1) لتعدّد المسبّبات بتعدّد الأسباب، ولأخبار متظافرة ، منها : ما رواه المصنّف في الباب . ومنها : ما رواه الشيخ في الحسن عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قلت له : محرم قتل طيراً فيما بين الصفا والمروة عمداً ، قال : «عليه الفداء والجزاء ويعزّر »، قلت : فإنّه قتله في الكعبة عمداً؟ قال : «عليه الفداء والجزاء ويُضرب دون الحدّ، ويُقلب للناس كي ينكل غيره ». (2) وعن يزيد بن عبد الملك، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل مرّ وهو محرم في الحرم، فأخذ عنزة ظبية، فاحتلبها وشرب لبنها؟ قال : «عليه دم وجزاء الحرم ثمن اللبن ». (3) وقيل : يتضاعف عليه الفداء المقدّر للإحرام، حكاه في المختلف (4) عن ابن الجنيد، وكأنّه تمسّك في ذلك بما رواه الشيخ عن معاوية بن عمّار عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «فإن أصبته وأنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة، وإن أصبته وأنت حرام في الحلّ فعليك القيمة ، وإن أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا ». (5) ففيه: أنّه مع ضعفه لوجود إبراهيم بن أبي سمال في طريقه، وهو كان واقفيّا مجهول الحال، (6) وعدم قابليّته للمعارضة، يحتمل أن يراد بالفداء فيه ما يعمّ القيمة، بل ظاهره اختصاصه بها، فلا يتمّ التقريب . وحكاه فيه عن أحد قولي السيّد أيضا. وكأنّه أشار بذلك إلى ما قال في الانتصار من قوله : «وممّا انفردت به الإماميّة القول بأنّ المحرم إذا صاد في الحرم تضاعفت عليه الفدية ». (7) وفيه: أنّ الظاهر أنّه أراد بالفدية المعنى العام، بدليل أنّه قال في الاحتجاج عليه : والوجه في ذلك بعد إجماع الطائفة المحقّة أنّه قد جمع بين وجهين يقتضي كلّ واحدٍ منهما الفداء، وهو الصيد مع الإحرام ثمّ إيقاعه في الحرم ، ألا ترى أنّ المحرم إذا صاد في غير الحرم تلزمه الفدية، والحلال إذا صاد في الحرم لزمته الفدية، فاجتماع الأمرين يوجب اجتماع الجزائين. (8) فتأمّل . وحكى فيه عنه قولاً ثانيا أنّه يجب عليه الفداء والقيمة أو القيمة مضاعفة ، (9) ولعلّه جمع بذلك بين ما ذكر من الأخبار الأوّلة، وبين ما دلّ على وجوب القيمة مضاعفة ، رواه الشيخ مرسلاً عن سليمان بن خالد، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام : ما في القمريّ والزنجيّ (10) والسمانيّ والعصفور والبلبل؟ قال : «قيمته، فإن أصابه المحرم في الحرم فعليه قيمتان، ليس عليه دم ». (11) وعن معاوية بن عمّار، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول في محرم اصطاد طيراً في الحرم، فضرب به الأرض فقتله ، قال : «عليه ثلاث قيمات : قيمة لإحرامه، وقيمة للحرم، وقيمة لاستصغاره [ إيّاه ] »، (12) وهما مع عدم صحتهما مخالفان للقاعدة أيضا. وهو ظاهر ابن إدريس، فإنّه قال في السرائر : «وإذا صاد المحرم في الحرم كان عليه جزاءان، أو القيمة مضاعفة إن كان له قيمة منصوصة ». (13) وهؤلاء أطلقوا القول بالتضاعف من غير تقييد بما لم يبلغ الفداء بدنة ، وصرّح ابن إدريس بالتعميم، وظاهر ابن أبي عقيل عدم التضاعف مطلقا، حيث قال على ما حكي عنه _ : «من قتل حمامة في الحرم وهو محرم فعليه شاة»، (14) والظاهر أنّه يحكم بأكثر الكفّارتين . وفصل الشيخ في التهذيب (15) والمبسوط (16) والنهاية، (17) فحكم بالتضاعف ما لم يبلغ الفداء الإحرامى¨ بدنة ، وتبعه على ذلك أكثر المتأخّرين (18) متمسّكين بمرسل الحسن بن عليّ، (19) و هو مع عدم صحّته وعدم قابليّته لتخصيص الأخبار المتظافرة مخالف للقاعدة أيضا ، فتأمّل . وظاهر الخبر اعتبار بلوغ الفداء نفس البدنة، فلا يسقط التضاعف على القول بسقوطه لو بلغ قيمتها؛ لإطلاق أدلّة التضاعف من غير مخصّص هذا التخصّص . وفي الدروس : لو لزمه أرش نعامة وهو محرم في الحرم ففي تضاعف القيمة هنا على القول بعدمه فيما يبلغ بدنة نظر، من المساواة بين الجزء و كلّه، ومن عدم بلوغ البدنة، وهو قوّي . (20) وفي المسالك : المراد ببلوغ البدنة نفسها أو قيمتها. (21) ولا يلحق بالبدنة أرشها ، فتدبّر .

.


1- . المقنعة، ص 438 .
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 371، ح 1291؛ و هذا هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 89 ، ح 17309 .
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 371، ح 1292، وص 466، ح 1627؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 90، ح 17312 .
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 126.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 370، ح 1288؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 70، ح 17255 .
6- . رجال الطوسي، ص 332، الرقم 4953 .
7- . الانتصار، ص 249.
8- . نفس المصدر.
9- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 72) وفيه: «... كان عليه الفداء والقيمة مضاعفة».
10- . كذا بالأصل والمصدر، وفي وسائل الشيعة: «الدبسي» ومثله في الكافي، باب كفارة ما أصاب المحرم من الصيد، ح 7، وهو طائر صغير منسوب إلى دِبس الرطب: والأدبس من الطير الذي لونه غمبرة بين السواد والحمرة، وهذا النوع قسم من الحمام البرّي. مجمع البحرين، ج 2، ص 9 (دبس).
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 371، ح 1293، وص 466، 1630؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 90، ح17313 .
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 370 371، ح 1290؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 91، ح 17315، ومابين الحاصرتين منهما .
13- . السرائر، ج 1، ص 563 .
14- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 127.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 371، ذيل الحديث 1293 .
16- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 342.
17- . النهاية، ص 226.
18- . اُنظر: المختصر النافع، ص 105؛ تبصرة المتعلّمين، ص 93؛ قواعد الأحكام، ج1، ص 466 467؛ تحرير الأحكام، ج 2، ص 50 ؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 436؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 335.
19- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 92، ح 17316 .
20- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 362، الدرس 95.
21- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 465 .

ص: 196

. .

ص: 197

. .

ص: 198

باب نوادر

باب نوادركذا في النسخ التي رأيناها من غير تعريف، وهي صفة موصوف محذوف بتقدير باب روايات نوادر، ويذكر فيه أحكام متفرّقة قد سبقت . قوله في موثّق ابن بكير عن زرارة : (هذا ممّا أخطأت به الكتّاب) [ ح 5 / 7468] أي العلماء ، جمع كاتب . قال ابن الأثير في النهاية : وفي كتابه إلى اليمن: قد بعثت عليكم كاتبا من أصحابي، أراد عالما؛ سمّي به لأنّ الغالب على من كان يعرف الكتابة أن يكون عنده عِلم ومعرفة، وكان الكاتب فيهم عزيزاً وفيهم قليلاً. (1) ونسبة الخطأ إليهم لتعميمهم العدلين. هذا هو المشهور في تفسير هذا الكلام ، والأظهر أنّ المراد بالكتّاب نُسّاخ القرآن، يعني أنّ المنزل كان ذو عدل بلفظ المفرد ، والتثنية من غلطهم . والدليل على ذلك أنّه نسب الشيخ الطبرسي قدس سره في مجمع البيان (2) المفرد إلى قراءة أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام . وروى المصنّف قدس سره في كتاب الروضة قُبيل حديث الصيحة، عن حمّاد بن عثمان، قال : تلوت عند أبي عبداللّه عليه السلام ذوا عدلٍ منكم ، فقال : «ذو عدلٍ منكم ، هذا ممّا أخطأت به الكتّاب ». (3) روى الشيخ في التهذيب عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ : «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ» (4) قال : «العدل رسول اللّه صلى الله عليه و آله والإمام من بعده يحكم به، وهو ذو عدل »، (5) ولعلّ منشأ خطأهم رسم إمامهم، وهو المصحف الذي كتبه عثمان بيده ، حيث كتب المفرد بألف بعده على ما هو دأبه، فتوهّموا أنّه بلفظ التثنية، ثمّ الأحسن تعميم الخطأ ، فتذكّر . قوله في صحيح عليّ بن مهزيار : (يشرب من جلودها ) .[ ح 9 / 7472] كذا في النسخ التي رأيناها، و كأنّ تأنيث الضمير من سهو الرواة أو الكتّاب .

.


1- . النهاية، ج 4، ص 148 (كتب).
2- . مجمع البيان، ج 3، ص 416.
3- . الكافي، ج 8 ، ص 205، ح 247.
4- . المائدة (5): 95.
5- . تهذيب الأحكام، ج 6، ص 314، ح 867 ؛ وسائل الشيعة، ج 27، ص 70، ح 33228 .

ص: 199

. .

ص: 200

باب قطع تلبية المتمتّع

أبواب دخول الحرم وبيان ما يقارنه من الآدابباب قطع تلبية المتمتّعيعنى¨ في عمرة التمتّع . قد عرفت استحباب تكرير التلبية على المتمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكّة، ووجوب قطعها حينئذٍ ، والمراد بيوت مكّة التي كانت قبل في عهدهم عليهم السلام ، وحدّها: عقبة المدينين إن دخل مكّة من أعلاها، وعقبة ذي طوى إن دخلها من أسفلها . (1) وبذلك يجمع بين حسنة معاوية (2) وصحيحة أحمد بن محمّد . (3) وما رواه الشيخ في الموثّق عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا دخلت مكّة وأنت متمتّع فنظرت إلى بيوت مكّة فاقطع التلبية، وحدّ بيوت مكّة التي كانت قبل اليوم إذا بلغت عقبة المدينين فاقطع التلبية، وعليك بالتهليل والتكبير والثناء على اللّه ما استطعت ، وإن كنت قارنا (4) بالحجّ فلا تقطع التلبية حتّى يوم عرفة عند زوال الشمس ، وإن كنت معتمراً فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم ». (5) وعن أبي خالد مولى عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عمّن أحرم من حوالي مكّة من الجعرانة والشجرة، من أين يقطع التلبية؟ قال: «يقطع التلبية عند عروش مكّة، وعروش مكّة ذي طوى». (6) وما ذكر من التفصيل هو المشهور . وحكى الشيخ في التهذيب (7) عن مقنعة المفيد (8) أنّه إذا عاين بيوت مكّة وكان قاصداً إليها من طريق المدينة قطع التلبية، وحدّ بيوت مكّة عقبة المدينين ، وإن كان قاصداً إليها من طريق العراق فإنّه يقطع التلبية إذا بلغ عقبة ذي طوى، وعكس ما ذكر . وبذلك جمع بين ما رويناه عنه من موثّق معاوية وصحيح البزنطي ّ، (9) ويردّه ما رويناه عن أبي خالد، وما حكاه عنه مخالف للمقنعة التي عندي ففيها: وليلبّ كلّما صعد علوّاً أو هبط سفلاً أو نزل من بعيره أو ركب، وعند انتباهه من منامه، وبالأسحار، فإذا عاين بيوت مكّة قطع التلبية، وحدّ بيوت مكّة عقبة المدينين، ثمّ أخذ في التهليل والتكبير ، وإن كان قاصداً إليها من طريق المدينة فإنّه يقطع التلبية إذا بلغ عقبة ذي طوى . (10) فتدبّر . وقد روي أنّ المتمتّع يقطعها عند دخول الحرم ، رواه سعد بن عبداللّه ، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن تلبية المتعة، متى تقطع؟ قال : «حين يدخل الحرم ». (11) وهو مع ضعفه باشتراك موسى بن الحسن، (12) وضعف أبي جميلة، (13) وجهالة أبي اُسامة زيد (14) يمكن حمله على الجواز . وأمّا المعتمر عمرة مفردة فذهب الشهيد في اللمعة إلى أنّه يقطعها إذا دخل الحرم . (15) وإطلاقه يقتضي عدم الفرق في ذلك بين ما لو أحرم من أحد المواقيت أو خرج لها من مكّة إلى أدنى الحلّ ، ولم أجد نصّا على هذا الإطلاق . فإن قيل : يدلّ عليه إطلاق قوله عليه السلام : «وإن كنت معتمراً فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم» في موثّق معاوية بن عمّار (16) المتقدّم . قلنا : إطلاقه ممنوع، بل عطفه على ما سبقه يقتضي تقييده بالمحرم من الميقات . وقيّده الشهيد الثاني (17) بما إذا أحرم بها من أحد المواقيت، ذاهبا إلى أنّ الخارج لها من مكّة يقطعها إذا شاهد بيوت مكّة، وبه قال جماعة اُخرى، وهو الأشهر بين الأصحاب . وبه قال ابن إدريس ، إلّا أنّه أبدل مشاهدة البيوت بمشاهدة الكعبة . (18) وبهذه الأقوال جمعوا بين ما سيأتي من الأخبار . ولا يبعد القول بالتخيير بين بلوغ العقبة ودخول الحرم إن أحرم بها من أحد المواقيت، ويتحتّم القطع عند مشاهدة الكعبة للخارج لها من مكّة ؛ أمّا الأوّل فللجمع بين ظاهر ما سبق عن معاوية بن عمّار على ما عرفت وخبر يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، من أين يقطع التلبية؟ قال : «إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية ». (19) وخبر الفضيل بن يسار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام قلت : دخلت بعمرة، فأين أقطع التلبية؟ قال : «حيال العقبة، عقبة المدينين »، فقلت : أين عقبة المدينين؟ قال : «حيال القصّارين ». (20) وهو أظهر من الأوّلين في كون إحرامه من الميقات؛ لأنّ الفضيل كان كوفيّ الأصل بصريّ المسكن ، (21) والظاهر أنّه كان جائيا منها؛ وبين ما رواه عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أراد أن يخرج من مكّة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبيّة أو ما أشبهها ، ومَن خرج من مكّة يريد العمرة ثمّ دخل معتمراً لم يقطع التلبية حتّى ينظر إلى الكعبة» . (22) وأمّا الحاجّ فيجب عليه قطعها زوال عرفة، تمتّعا كان الحجّ أو قرانا أو إفراداً ، ويأتي في باب قطع تلبية الحاجّ إن شاء اللّه تعالى . قوله : (عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ) . [ ح4/ 7481] كذا في النسخ التي رأيناها، ورواه في التهذيب عن المصنّف، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عنه عليه السلام . (23) والظاهر سقوط الزائد هنا من الكتاب . وقال طاب ثراه : من طرق العامّة في حديث ابن عمر: كان إذا نظر إلى عُرش مكّة قطع التلبية . (24) قال أبو عبيد : وسمّيت بيوت مكّة عُرشا؛ لأنّها عيدان تُنصب ويظلّل عليها ، ويقال لها: عُروش بزيادة الواو ، والواحد منها: عُرش بسكون الراء، وواحد العُرش بضمّ الراء: عريش كقَليب وقُلُب . (25)

.


1- . اُنظر: المقنع، ص 254؛ الهداية، ص 222 223؛ تحرير الأحكام، ج 1، ص 579 ؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 348؛ شرح اللمعة، ج 2، ص 234.
2- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
3- . هي الحديث الرابع من هذا الباب .
4- . في نسخة بدل: «مفردا».
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 94، ح 309؛ الاستبصار، ج 2، ص 176، ح 583 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 388 389، ح 16581 .
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 94، ح 311؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 391، ح 16588 .
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 93.
8- . المقنعة، ص 398 399، وانظر ما سيأتي عن المقنعة.
9- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
10- . المقنعة، ص 398، وأشار محقّقه في الهامش أنّ في نسخة من المقنعة: «العراق» بدل «المدينة»، فعلى هذا تكون العبارة موافقا لنقل الشيخ في التهذيب.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 95، ح 312؛ الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 585 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 391، ح 16589 .
12- . اُنظر: معجم رجال الحديث، ج 19، ص 38 41، الرقم 12754 12758
13- . رجال ابن الغضائري، ص 88 ، الرقم 118؛ خلاصة الأقوال، ص 407؛ رجال ابن داود، ص 280، الرقم 511 .
14- . وثّقه الشيخ في الفهرست، ص 129، الرقم 298؛ وابن شهر آشوب في معالم العلماء، ص 86 ، الرقم 337؛ والشيخ حسن في التحرير الطاووسي، ص 225.
15- . اللمعة الدمشقيّة، ص 59 ؛ شرح اللمعة، ج 2، ص 234.
16- . وسائل الشيعة، ج 12، ص 393 _ 394، ح 16597 .
17- . شرح اللمعة، ج 2، ص 234.
18- . السرائر، ج 1، ص 634 .
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 95، ح 314؛ الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 587 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 394، ح 16599 .
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 96، ح 316؛ الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 589 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 395، ح 16607 .
21- . اُنظر: خلاصة الأقوال، ص 228؛ رجال النجاشي، ص 309، الرقم 846 .
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 95 96، ح 315؛ الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 588 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 341، ح 14967 .
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 94، ح 310. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 176، ح 584 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 389 390، ح 16584 .
24- . شرح صحيح مسلم للنووي، ج 8 ، ص 204، وفيه «عمر» بدل «ابن عمر»؛ الفائق للزمخشري، ج 2، ص 352.
25- . حكاه عنه النووي في شرح صحيح مسلم، ج 8 ، ص 204.

ص: 201

. .

ص: 202

. .

ص: 203

. .

ص: 204

باب دخول مكّة

باب دخول مكّةيستحبّ دخول مكّة من أعلاها والخروج عنها من أسفلها؛ تأسّيا بالنبيّ صلى الله عليه و آله ، ففي الصحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام : «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله دخل من أعلى مكّة من عقبة المدينين»، (1) وكان دأبه صلى الله عليه و آله أينما توجّه الذهاب من طريق والعود من آخر . روى ذلك عمر بن بزيع، قال : قلت للرّضا عليه السلام : جعلتُ فداك، إنّ الناس رووا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فكذا كان يفعل؟ فقال : «نعم ، وأنا أفعله كثيراً فافعله ». ثمّ قال : «أما إنّه أرزق لك ». (2) وللأمر به في موثّق يونس بن يعقوب، (3) وإنّما يستفاد من النصّ استحباب ذلك بالنظر إلى أهل المدينة ومن قدم منها . وخصّه العلّامة في التذكرة بالمدني والشامي، وقال : «فأمّا الذين يجيئون من سائر الأقطار فلا يؤمرون بأن يدوروا ليدخلوا من تلك الثنية ». (4) حكى عنه صاحب المدارك (5) وحسّنه . والمشهور عموم الحكم، وهو بعيد . وفي الدروس: ويستحبّ عندنا دخوله من ثنية كدآء بالفتح والمدّ _ ، وهي التي ينحدر منها إلى الحجون بمقبرة مكّة، ويخرج من ثنية كُدىً بالضمّ والقصر منوّنا_ ، وهي بأسفل مكّة. (6) وكأنّهما اسمان لتينك القصبتين . ويستحبّ أيضا الغسل لدخول مكّة، وإعادة الغسل إذا نام بعده، والدخول حافيا بسكينة ووقار ، وكفاك في ذلك كلّه ما رواه المصنّف في الباب . قوله في حسنة معاوية بن عمّار الأوّلة: (فاغتسل من بئر ميمون أو من فخّ) . [ ح 4 / 7485] بئر ميمون الحضرمي بالأبطح ، وبئر فخ على فرسخ من مكّة في طريق المدينة . (7) قوله في صحيح عبد الرحمن بن الحجّاج: (قال : لا يجزيه ) .[ ح 8 / 7489] الظاهر أنّ كلمة «لا» نفي لما بعده ، فالتعليل واضح؛ لأنّ المستحبّ إنّما هو الدخول بغسل لا بوضوء ، ويحتمل على بعد أن يكون نفيا لما قبله ، فخلاصة التعليل أنّ الوضوء يجزيه؛ لأنّه أحد الطهورين . (8) قوله في حسنة معاوية بن عمّار الثانية: (قلت : كيف يدخلها بسكينة؟ قال : يدخل غير متكبِّر ولا متجبّر ) .] ح 9 / 7490] ومثلها صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا دخلت المسجد الحرام فادخله حافيا على السكينة والوقار والخشوع »، وقال : «مَن دخله بخشوع غفر له إن شاء اللّه »، قلت : ما الخشوع؟ قال : «السكينة ، لا تدخل بتكبّر ». (9) قال طاب ثراه : هذا نوع من أنواع السكينة، ومن أنواعها سكون القلب واعتدال الجوارح في الحركة لا سيما في الكثرة؛ لما فيها من الرفق بالناس والأمن من الأذاية والتشبّه بالأحرار، خلاف العجلة .

.


1- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 199، ح 17561.
2- . الكافي، كتاب المعيشة، باب النوادر، ح 41؛ وج 8 ، ص 147، ح 124؛ تهذيب الأحكام، ج 7، ص 226، ح 987؛ وسائل الشيعة، ج 7، ص 479، ح 9907؛ وج 17، ص 463، ح 23002 .
3- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 199، ح 17560 .
4- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 80 .
5- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 122.
6- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 392، الدرس 103.
7- . اُنظر: السرائر، ج 1، ص 569 ؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 427 428.
8- . هذه الفقرات من: «قوله في صحيح عبدالرحمن بن الحجّاج» كانت في الأصل في آخر باب دخول المسجد الحرام، مع أنّ صحيح عبدالرحمن بن الحجّاج من أحاديث باب دخول مكّه، فذكرناها هنا.
9- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 99 100، ح 327؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 204، ح 17572 .

ص: 205

باب دخول المسجد الحرام

باب دخول المسجد الحرامالمستفاد من أخبار الباب وممّا رويناه في باب الأغسال المستحبّة استحباب ثلاثة أغسال للقادم زائداً على غسل دخول الكعبة: غسل لدخول الحرم، وغسل لدخول مكّة، وغسل للطواف . ويدلّ على استحباب الأوّل خبر أبان بن تغلب (1) وحسنة معاوية بن عمّار (2) وخبر الحسين بن المختار (3) المتقدّمة في بابي دخول الحرم ودخول مكّة، وما رواه الشيخ في باب الأغسال عن سماعة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن غسل الجمعة ، فقال : «واجب» إلى قوله : «وغسل دخول البيت واجب ، وغسل دخول الحرم، يستحبّ أن لا يدخله إلّا بغسل ». (4) وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «الغسل من الجنابة» إلى قوله : «وحين يدخل الحرم ». (5) وعلى الثاني خبر محمّد الحلبيّ (6) وحسنته، (7) وخبر عجلان أبي صالح، وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج (8) المتقدّمة في باب دخول مكّة . وما رواه المصنّف في باب أنواع الغسل عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : «الغسل من الجنابة ويوم الجمعة والعيدين وحين تحرم وحين تدخل مكّة والمدينة ويوم عرفة ويوم تزور البيت وحين تدخل الكعبة »، (9) الحديث . وما رواه الشيخ في الباب المشارإليه في الصحيح [ عن ابن سنان] والظاهر أنّه عبداللّه عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الغسل من الجنابة» إلى قوله : «وحين تحرم ودخول مكّة والمدينة ودخول الكعبة ». (10) وعلى الثالث صحيحة عليّ بن أبي حمزة المتقدّمة في باب دخول مكّة . (11) نعم ، يظهر منها كفاية غسل واحد لدخول مكّة وللطواف معا ما لم ينم بعده . ويدلّ صحيح ذريح المذكور في باب دخول الحرم (12) على كفاية غسل واحد للحرم ومكّة، بل للطواف أيضا، ولا ينافيان استحباب ما ذكر . والمشهور بين الأصحاب استحباب غسل آخر أيضا لدخول المسجد الحرام ، ولم أجد شاهداً له . وظاهر المحقّق في الشرائع عدم استحباب الغسل للطواف، وأنّ هذا الغسل إنّما هو لدخول المسجد الحرام . (13) وصاحب المدارك رجّح استحباب غسل واحد للجميع ونفى استحباب الجميع، حيث قال بعدما نقل الأخبار التي رواها المصنّف في الباب : هذه جملة ما وصل إلينا من الروايات في هذه المسألة، ومقتضاها استحباب غسل واحد، إمّا قبل دخول الحرم أو بعده من بئر ميمون أو من فخ أو من المحلّ الذي ينزل فيه بمكّة على سبيل التخيير . وغاية ما يستفاد منها أنّ إيقاع الغسل قبل دخول الحرم أفضل، فما ذكره المصنّف وغيره من استحباب غسل لدخول مكّة وآخر لدخول المسجد غير واضح ، وأشكل منه حكم العلّامة (14) وجمع من المتأخّرين (15) باستحباب ثلاثة أغسال بزيادة غسل آخر للحرم ، وكذا الإشكال في قول المصنّف : «فلو حصل عذر اغتسل بعد دخوله »؛ (16) إذ مقتضى الروايات التخيير بين الغسل قبل الدخول وبعده، لا اعتبار العذر في تأخيره عن الدخول كما هو واضح . (17) انتهى . وممّا ذكرنا يظهر ضعفه . واعلم أنّه اشتهر بين الأصحاب استحباب دخول المسجد من باب بني شيبة، واستقبال الكعبة، والدّعاء بالمنقول عنده، وهو ظاهر ما مرّ في باب حجّ النبيّ صلى الله عليه و آله في الصحيح عن عبداللّه بن سنان أنّه قال : «إنّ باب المسجد الذي عنده استقبل الرسول صلى الله عليه و آله الكعبة وحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على أبيه إبراهيم هو باب بني شيبة»، (18) لكنّه غير صريح فيه . ومقتضى إطلاق الأخبار الدّعاء من أيّ باب دخل . واحتجّ عليه في المنتهى (19) بالتأسّي بالنبيّ صلى الله عليه و آله وبأنّ هبل مدفون تحته، فإذا دخل منها وطئه برجله . وقال الشهيد الثاني : «هو الآن داخل المسجد بأزاء باب السلام، وليس له علامة تخصّه، فليدخل من باب السلام على استقامة إلى أن يتجاوز الأساطين ». (20)

.


1- . الحديث الأوّل من باب دخول الحرم.
2- . الحديث الرابع من باب دخول مكّة.
3- . الحديث الثاني من باب دخول الحرم.
4- . تهذيب الأحكام، ج 1، ص 104، ح 270؛ وسائل الشيعة، ج 3، ص 303 304، ح 3710 .
5- . تهذيب الأحكام، ج 1، ص 105، ح 272؛ وسائل الشيعة، ج 3، ص 307، ح 3719 .
6- . الحديث الثالث من باب دخول مكّة.
7- . الحديث الخامس من ذلك الباب.
8- . الحديث السادس من ذلك الباب.
9- . الحديث الأوّل من باب أنواع الغسل من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 3، ص 303، ح 3708 .
10- . تهذيب الأحكام، ج 1، ص 110 111، ح 290؛ وسائل الشيعة، ج 3، ص 306، ح 3717 .
11- . الحديث الأوّل من ذلك الباب؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 202، ح 17567.
12- . الحديث الخامس من ذلك الباب؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 197، ح 17555 .
13- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 199.
14- . منتهى المطلب، ج 2، ص 688 689 ؛ تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 143، المسألة 277.
15- . منهم الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 391 392، الدرس 103.
16- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 199.
17- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 121.
18- . الحديث السابع من باب حجّ النبيّ صلى الله عليه و آله ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 223 224، ح 14658 .
19- . منتهى المطلب، ج 2، ص 689 .
20- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 331.

ص: 206

. .

ص: 207

. .

ص: 208

باب الدُّعاء عند استقبال الحجر واستلامه

باب الدُّعاء عند استقبال الحجر واستلامهفي شرح اللمعة : الاستلام بغير همز: المسّ من السِلام بالكسر، وهي الحجارة بمعنى مسّ السِّلام أو من السلام، وهو التحيّة ، وقيل : بالهمز من اللّامة، وهي الدرع كأنّه اتّخذه جُنّة وسِلاحا . (1) واستلام الحجر مستحبّ على المشهور؛ لحسنة معاوية بن عمّار، (2) وكذا تقبيله. وحمل عليه الأمر بهما في بعض الأخبار، ونقل عن سلّار وجوبهما؛ (3) نظراً إلى ظاهر الأمر . قوله في خبر أبي بصير : (ثمّ ذكر كما ذكر) ] ح 2 / 7495] يعني قوله : «اللّهمَّ أمانتي أدّيتها»، إلى آخره . ويظهر من قوله عليه السلام : «فستقبله» ومن مثله في أخبار متكثّرة وجوب استقبال الحجر عند الشروع في الطواف . وأيّد بما روي أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا دخل المسجد استقبل الحجر واستلمه . (4) والمشهور بين الأصحاب استحبابه، وجواز قيامه بجعل يساره إلى الكعبة محاذيا أوّل جزء من مقاديم بدنه لأوّل جزء من الحجر، بحيث يمرّ عليه بعد نيّة الطواف بجميع بدنه ، وكأنّهم جمعوا بذلك بين ما ذكر ومرسلة حريز، (5) فإنّ ذلك ظاهر المحاذاة التي فيها، وهو أحد قولي الشافعيّ ، وفي قوله الآخر قال بوجوبه ، (6) وعلى الأوّل فهل يجب استقباله بجميع البدن أم يكفي ببعضه؟ الظاهر الأوّل وإن قلنا باستحباب الاستقبال كما يجب ذلك في استقبال القبلة .

.


1- . شرح اللمعة، ج 2، ص 254 255.
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
3- . المراسم العلويّة، ص 113 114؛ وحكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 195.
4- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 384؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 383.
5- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
6- . فتح العزيز، ج 7، ص 293؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 13 و 29؛ روضة الطالبين، ج 2، ص 360.

ص: 209

باب الاستلام والمسح

باب الاستلام والمسحيعني الفرق بينهما ، ويظهر منه أنّ الاستلام هو إلصاق البطن بالحجر، والمسح مسحه باليد، فبينهما مباينة . (1) والمشهور أنّ الاستلام أن يتناوله بفيه أو بيده أو بعصى على الترتيب، (2) والمسح المعنى المذكور ، وحكى طاب ثراه عن المازريّ أنّهما بمعنى، وهو الذي نسبناه إلى الشهرة .

.


1- . اُنظر: عمدة القاري، ج 9، ص 249.
2- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 102؛ السرائر، ج 1، ص 570 571 و 603 ؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 398، الدرس 104؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 160 161.

ص: 210

باب المزاحمة على الحجر الأسود

باب الطواف واستلام الأركان

باب المزاحمة على الحجر الأسوديعني أنّه يسقط حينئذٍ تناول الحجر بفيه وتقبيله ، بل يمسحه بيده ويقبّله إن أمكن، وإلّا فيومي إليه بيده أو بمحجنة، كما فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله حين طاف راكبا . (1) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (كنّا نقول : لابدّ أن يستفتح بالحجر ويختم به، فأمّا اليوم فقد أكثر الناس) .] ح 1 / 7498] المراد بالاستفتاح بالحجر والختم به هنا الوقوف عنده واستلامه وتقبيله، والدعاء عند الشروع في الطواف وعند إكماله وانقطاعه، وإلّا فقد انعقد الإجماع على وجوب البدأة بالحجر والختم به في الطواف مطلقا. ولا يؤثّر فيه الزحام؛ لأخبار متكثّرة دالّة على ذلك الوجوب .

باب الطواف واستلام الأركانفيه مسألتان :الاُولى : في الطواف ، فطواف الزيارة واجب في الحجّ والعمرة مطلقا بالإجماع والأخبار المتظافرة . واحتجّ أيضا عليه في المنتهى (2) بقوله سبحانه : «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» (3) ؛ حملاً للطواف فيه على طواف الزيارة، وستأتي الأخبار في أنّه طواف النساء، وهو ركن من أركانهما، يبطلان بتركهما عامداً عالما إجماعا، وجهلاً أيضا على ما صرّح به جماعة من الأصحاب . ويظهر من بعض الأخبار ، فقد روى الشيخ في الصحيح عن عليّ بن أبي حمزة، قال : سئل عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتّى رجع إلى أهله، قال : «إذا كان على جهة الجهالة أعاد الحجّ وعليه بدنة ». (4) وفي الصحيح عن عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة؟ قال : «إن كان على وجه الجهالة أعاد وعليه بدنة »، (5) فالظاهر من الإعادة فيه إعادة الحجّ لا إعادة الطواف، فإنّ الإعادة فعل ما فعلته ناقصا . وقال المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد : «الجاهل كالعامد ». (6) وفي شرح اللمعة : «والجاهل عامد ». (7) وفي المدارك : «قد نصّ الشيخ (8) وغيره (9) على أنّ الجاهل كالعامد في هذا الحكم ». (10) وسكت أكثرهم منهم المحقّق في الشرائع، (11) والعلّامة في المنتهى (12) والقواعد (13) والإرشاد (14) عن حكم الجاهل، وكأنّهم أدرجوه في العامد . ولم أجد نصّا على حكم العامد، وكأنّهم حملوه على الجاهل بالأولويّة، والظاهر أنّه لذلك لم يتعرّض الشيخ في المبسوط (15) والتهذيب لحكم العامد، لكنّه سكت عن الجاهل أيضا. ثمّ ظاهر الخبرين وجوب بدنة على الجاهل ، فلو ألحق العالم به وجب عليه أيضا بدنة ، ولم يتعرّض العلّامة في كتبه و لا المحقّق لها ، ونسب وجوبها عليه في المدارك إلى الأكثر .] ثمّ قال] : وقال الشهيد في الدروس: في وجوب هذه البدنة على العالم نظر، من الأولويّة. (16) وفيه منع؛ لاختصاص الجاهل بالتقصير في التعلّم المناسب لزيادة العقوبة ، مع أنّه يكفي في منع الأولويّة عدم ثبوت تعليل الأصل كما بيّناه مراراً . (17) انتهى . ولو تركه نسيانا فعلى المشهور لا يفسد حجّه، بل إنّما وجب عليه العود له مع الإمكان، والاستنابة مع عدمه؛ لأصالة عدم الإفساد، وانتفاء دليل عليه . 18 وذهب الشيخ في التهذيب إلى فساد الحجّ بذلك حيث قال : «من نسي طواف الحجّ حتّى رجع إلى أهله فإنّ عليه بدنة وعليه إعادة الحجّ »، واحتجّ عليه بخبري عليّ بن أبي حمزة وعليّ بن يقطين (18) المتقدّمين ، وهو كما ترى . هذا ، ومتى يتحقّق ترك الطواف؟ قال المحقّق الشيخ عليّ في شرح القواعد : ممّا يشكل تحقيق ما به يتحقّق الترك، فإنّه لو سعى قبل الطواف لم يعتدّ به، ولو قصّر لزمته الكفّارة إن كان معتمراً، وإن أحرم بنسك آخر بطل فعله . ويمكن أن يحكّم في ذلك العرف، فإذا شرع في نسك آخر عازما على ترك الطواف بحيث يصدق الترك عرفا حكم ببطلان الحجّ ، أو يُراد به خروجه من مكّة بنيّة عدم فعله ، ولم أظفر في هذا الباب بشيء . وفي رواية عليّ بن أبي حمزة: «من جهل أن يطوف حتّى رجع إلى أهله عليه إعادة الحجّ وبدنة »، (19) ولا دلالة فيهما على اعتبار الرجوع إلى الأهل في تحقّق الترك؛ لأنّ ذلك وقع في حكاية حال التارك . ويمكن أن يُقال : إن كان الطواف لعمرة التمتّع فيستحقّ الترك إذا تركه بعد ضيق الوقت، إلّا عن باقي المناسك من الإحرام للحجّ والوقوفين وغيرهما أقلّ الواجب، وإن كان للحجّ فبعد خروج ذي الحجّة ، وإن كان لعمرة إلافراد فبعد الخروج من مكّة، أو يحكم في هذا الأخير العرف، أو يقال في هذا الأخير ما دام لا يضيق عليه نسك آخر لا يتحقّق الترك ، بل يقال : لا يكاد يتحقّق معنى الترك المقتضي للبطلان فيها؛ لأنّ العمرة المفردة هي المحلّلة من الإحرام عند بطلان نسك آخر غيرها، فلو بطلت لاحتيج في التحلّل من إحرامها إلى أفعال العمرة، وهو ظاهر البطلان . (20) انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه . وفي المدارك: يتحقّق ترك الطواف في الحجّ بخروج ذي الحجّة قبل فعله، وفي عمرة التمتّع يضيق وقت الوقوف إلّا عن التلبّس بالحجّ قبله، وفي العمرة المفردة المجامعة لحجّ الإفراد والقران بخروج السنة بناءً على وجوب إيقاعها فيها ، لكنّه غير واضح . وفي المجرّدة إشكال؛ إذ يحتمل وجوب الإتيان بالطواف فيها مطلقا لعدم التوقيت، والبطلان بالخروج من مكّة بنيّة الإعراض عن فعله . واحتمل الشارح قدس سره تحقّق الترك في الجميع بنيّة الإعراض عنه والرجوع إلى ما يُعدّ تركا في العرف، (21) وهو غير واضح ؛ لأنّه مع بقاء الوقت يمكن الإتيان بالمأمور به على وجهه، فينتفي المقتضي للبطلان . (22) واعلم أنّ ظاهر الأمر بإعادة الحجّ فيما ذكر من الخبر إحداث إحرام جديد بدله، وهو الظاهر من الأمر، ويلزم من ذلك حصول التحلّل له من حجّه الفاسد، كما في صورة إفساد الحجّ والعمرة بالمواقعة في غير الموقع. وقد تردّد فيه صاحب المدارك حيث قال : إذا بطل الحجّ بترك الركن كالطواف وما في معناه، فهل يحصل التحلّل بذلك، أو يبقى على إحرامه إلى أن يأتي بالفعل الفائت في محلّه ويكون إطلاق اسم البطلان عليه مجازاً، كما قاله الشهيد في الحجّ الفاسد بناءً على أنّ الأوّل هو الفرض، (23) أو يتحلّل بأفعال العمرة؟ أوجه . وجزم المحقّق الشيخ عليّ في حواشي القواعد بالأخير، وقال : إنّه على هذا لا يكاد يتحقّق معنى الترك المقتضي للبطلان في العمرة المفردة؛ لأنّها هي المحلّلة من الإحرام عند بطلان نسك آخر غيرها ، فلو بطلت اُحتيج في التحلّل من إحرامها إلى أفعال العمرة، وهو معلوم البطلان . (24) وما ذكره رحمه الله غير واضح المأخذ، فإنّ التحلّل بأفعال العمرة إنّما ثبت مع فوات الحجّ لا مع بطلان النسك مطلقا ، والمسألة قويّة الإشكال من حيث استصحاب حكم الإحرام إلى أن يعلم حصول المحلّل، وإنّما يعلم بالإتيان بأفعال العمرة، ومن أصالة عدم توقّفه على ذلك مع خلوّ الأخبار الواردة في مقام البيان منه ، ولعلّ المصير إلى ما ذكره أحوط . (25) وأمّا طواف النساء فواجب عند الأصحاب في الحجّ مطلقا إجماعا، وفي العمرة المفردة دون التمتّع على المشهور ، بل ربما ادّعي عليه أيضا الإجماع . وحكى في الدروس (26) وجوبه في عمرة التمتّع أيضا عن بعض الأصحاب من غير أن يعيّن قائله، وعن بعض كذلك عدم وجوبه في المفردة أيضا، وأجمعوا على أنّه ليس بركن ، ويأتي كلّ ذلك في باب طواف النساء . الثانية : استحباب استلام الأركان الأربعة في كلّ شوط ، وتأكّد ذلك في ركني الحجر واليماني، وهو المشهور بين الأصحاب ، (27) بل ادّعي الإجماع عليه ، (28) وبذلك جمعوا بين الأخبار . ومنع ابن الجنيد من استلام ركني الشامي والغربي على ما حكى عنه الشهيد الثاني في المسالك. (29) وكأنّه تمسّك في ذلك بما ورد من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ما استلمهما ، (30) وقد عرفت وجه الجمع. على أنّه يحتمل أن يكون وروده على التقيّة؛ لأنّه مذهب جميع علماء العامّة، وإنّما ذهبوا إليه بناءً على قاعدتهم الفاسدة من أنّ هذين الركنين ليسا على قواعد إبراهيم عليه السلام ، كما سبق وسيأتي ، فقد حكى طاب ثراه عن محيي الدِّين البغوي أنّه قال : «تخصيص ركني العراقي واليماني بالاستلام يحتمل أن يكون لأنّهما على قواعد إبراهيم، والآخران قصرا عنها ». (31) وقال القابسي : (32) لو أدخل الحجر في البيت حتّى عاد الركنان الآخران على قواعد إبراهيم استلما . وعن المازريّ أنّه قال : «اختصّا بالاستلام، لأنّهما على قواعد إبراهيم ، وأمّا الآخران فقد أحدثهما قريش؛ لقصر نفقتهم ، فلذلك أجمعت الاُمّة على استلام الأوّلين». (33) واتّفق الجمهور على عدم استحباب استلام الآخرين غير الحسن والحسين ابني عليّ، وجابر بن عبداللّه وابن الزبير وأنس، فإنّهم استحبّوا استلام الآخرين أيضا ، (34) وكان الخلاف في ذلك في الصدر الأوّل، ثمّ انقطع، وأجمعوا على أنّهما لا يستلمان . قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (أسألك باسمك الذي يُمشى به على طلل الماء) إلخ .[ ح 1 / 7508] طَلَل الماء بالتحريك: ظهره. (35) والجُدَد بضم الجيم وفتح الدال المهملة الاُولى: وجه الأرض كالجِدّ بالكسر والجديد والجَدد محرّكة . (36) وحكى طاب ثراه عن المازريّ أنّه قال : اللغة المشهورة الفصيحة في اليماني تخفيف الياء، وهو منسوب إلى اليمن، والقياس أن يُقال: يمني، فزادوا فيه الألف عوضا عن إحدى يائي النسب، فلو شدّدوا جمعوا بين العوض والمعوّض عنه، ولا ينبغي ذلك . وحكم سيبويه فيه بالتشديد، ووجّهه بأنّ الألف فيه زائدة، كما قالوا في النسب إلى صنعاء صنعاني، وفي النسب إلى الريّ رازيّ، فزادوا النون والزاي، ولذلك نظائر، (37) وهو الركن الذي يلي اليمن، والذي فيه الحجر هو العراقي؛ لأنّه يلي أهل العراق . قوله في خبر العلاء بن المقعد : (وكّل بالركن اليماني ملكا هجّيراً) .[ ح 11 / 7518] الهجّير: مثال الفسيق الدأب والعادة، كذا في كتب اللغة ، (38) والظاهر هنا ما نقله عليه السلام في الخبر الآتي، وهو من ليس له عمل ، والمعنى: أنّه تعالى وكّل ملكا ليس له شغل إلّا التأمين على دعاء الدّاعين عند الركن اليماني، ولا يشتغل بغير ذلك ممّا يشتغل به صنوف الملائكة الموكّلين بتدبير اُمور العالم . قوله في خبر إبراهيم بن عيسى : (اللّهُمَّ اهدِ له خيار خلقك وجنّبه شِرار خلقك) . [ ح 19 / 7526] الضميران الغائبان للركن اليماني، والمراد بالخيار شيعة آل محمّد عليهم السلام ، وبالشرار مخالفوهم . ويدلّ عليه خبر أبي الفرج السندي . (39)

.


1- . الكافي، باب نوادر الطواف، ح 16؛ الفقيه، ج 2، ص 402، ح 2818؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 441 و 442، ح 18166 و 18167.
2- . منتهى المطلب، ج 2، ص 699 و 703 و 766.
3- . الحجّ (22) : 29 .
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 127، ح 419؛ الاستبصار، ج 2، ص 228، ح 786؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 404، ح 18074 .
5- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 127 128، ح 420؛ الاستبصار، ج 2، ص 228، ح 787؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 404، ح 18073 .
6- . جامع المقاصد، ج 3، ص 201.
7- . شرح اللمعة، ج 2، ص 256.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 127 128، ح 419 و 420.
9- . كالشهيد في المساك، ج 2، ص 336.
10- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 174.
11- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 202.
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 699 .
13- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 428.
14- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 328.
15- . اُنظر: المبسوط، ج 1، ص 359.
16- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 403 404.
17- . مدارك الاحكام، ج 13، ص 174.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 127 128، ح 419 و 420 .
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 127، ح 419؛ الاستبصار، ج 2، ص 228، ح 786؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص404، ح 18074 . والمذكور هنا مُلخّص منه.
20- . جامع المقاصد، ج 3، ص 201.
21- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 349.
22- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 173.
23- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 373، الدرس 98.
24- . جامع المقاصد، ج 3، 201.
25- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 174 175.
26- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 329، الدرس 86 .
27- . اُنظر: المبسوط، ج 1، ص 356؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 194؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 694 ؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 345؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 165.
28- . منتهى المطلب، ج 2، ص 694 .
29- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 345. وحكاه عنه أيضا العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 194.
30- . صحيح مسلم، ج 4، ص 66 ؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 174، ح 860 ؛ سنن النسائي، ج 5 ، ص 231؛ والسنن الكبرى له أيضا، ج 2، ص 403، ح 3932.
31- . لم أعثر عليه.
32- . أبو الحسن عليّ بن محمّد بن خلف المعافري القيرواني ابن القابسي، عالم المالكيّة بإفريقيّة في عصره كان حافظا للحديث وعلله ورجاله، فقيها اُصوليا من أهل القيروان، نسبته إلى المعافرين من قرى قابس، رحل إلى المشرق سنة 352، وعاد إلى القيروان سنة 357 وتولى الفتيا وكان أعمى، وتوفّي سنة 403 بالقيروان، له تصانيف منها: الممهّد في الفقه، المنقذ من شبه التأويل، ملخّص الموطّأ، وغيرها. راجع: الأعلام للزركلي، ج 4، ص 326؛ معجم المؤلّفين، ج 7، ص 194؛ الوافي بالوفيّات، ج 21، ص 301 302.
33- . اُنظر: عمدة القاري، ج 3، ص 27.
34- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 394؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 386؛ عمدة القاري، ج 3، ص 27؛ وج 9، ص 255؛ الاستذكار، ج 4، ص 52 ؛ التمهيد، ج 10، ص 51 ؛ وج 21، ص 76.
35- . مجمع البحرين، ج 3، ص 95 (طلل).
36- . ترتيب كتاب العين، ج 1، ص 267 (جد)؛ معجم مقائيس اللغة، ج 1، ص 408.
37- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 38؛ تحفة الأحوذي، ج 3، ص 505 .
38- . صحاح اللغة، ج 2، ص 852 (هجر)؛ النهاية، ج 5 ، ص 246.
39- . هو الحديث 15 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 342، ح 17905.

ص: 211

. .

ص: 212

. .

ص: 213

. .

ص: 214

. .

ص: 215

. .

ص: 216

. .

ص: 217

باب الملتزم والدّعاء عنده

باب الملتزم والدّعاء عندهالملتزم: المستجار، وهو جزء من حائط الكعبة، خلفها حذاء الباب دون الركن اليماني بقليل . (1) ويدلّ على هذا التحديد وعلى استحباب التزامه والدعاء والاستغفار عنده ما رواه المصنّف في الباب، والمشهور بين الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا في التزامه أن يبسط يديه على البيت، ويلصق خدّه وبطنه به، كما يدلّ عليه حسنة معاوية بن عمّار . (2) وقال الشيخ قدس سره في النهاية : «بسطت يديك على الأرض وألصقت خدّك وبطنك بالبيت ». (3) وقال ابن إدريس : «إنّما ورد بهذا اللفظ حديث فأورده على جهته ». (4) وأقول : الظاهر وقوع سهو من بعض رواة هذا الحديث في إبدال البيت بالأرض، وإلّا فلا يتصوّر بسط اليدين على الأرض وإلصاق الخدّ والبطن بالبيت .

.


1- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 344؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 163.
2- . هي الحديث الرابع من معاوية بن عمّار؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 346، ح 17913.
3- . النهاية، ص 236.
4- . السرائر، ج 1، ص 571 . والحديث في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 104، ح 339؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 347 348، ح 17917 .

ص: 218

باب فضل الطواف

باب

باب حدّ موضع الطواف

باب فضل الطوافقد اختلفت الأخبار في كمّيّة فضله، وحُملت على اختلاف رُتَب الطائفين، ولا يبعد حمل أخبار السبعين ألفا (1) على الطواف الواجب، وأخبار الستّة الآلاف (2) على المندوب منه، وهو يحتمل جعل الأوّل كناية عن الكثرة، فقد شاع استعمال السبع والسبعين والسبعمئة والسبعين ألفا ونظائرها في هذا المعنى، وقد بسطنا ذلك سابقا .

بابهو من الباب الأوّل، والفرق: أنّ الأوّل لبيان فضيلة الطواف في نفسه، وهذا لبيان فضيلة نوع منه على نوع آخر، أو على الصلاة في الجملة .

باب حدّ موضع الطوافالمذهب المنصور أنّ المطاف مطلقا ما بين البيت والمقام ونحوه من جوانب البيت إلّا من جانب الحجر، فيعتبر ذلك البُعد منه لا من البيت . واحتجّوا عليه بخبر محمّد بن مسلم، (3) وهو مع كونه عليلاً بضرير (4) إنّما يدلّ على احتساب المسافة من البيت بين جميع جوانبه، وقد ثبت من مذهب أهل البيت عليهم السلام خروج الحِجر كلّه من البيت ، ولذلك قال الشهيد الثاني قدس سره في المسالك : «يحتمل احتساب الحجر من المسافة على القول بخروجه وإن لم يجز سلوكه ». (5) وقيل : هو أحوط . (6) ونقل عن ابن الجنيد جواز الطواف خارج المقام عند الضرورة (7) محتجّا بما رواه الصدوق عن أبان، عن الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الطواف خلف المقام ، قال : «ما أحبّ ذلك وما أرى به بأسا، فلا تفعله إلّا أن لا تجد منه بُدّاً ». (8) وهو ظاهر الصدوق أيضا . (9) وذهب الجمهور إلى جوازه في الحجر، مع أنّهم يعتقدون أنّه كلّه أو بعضه من الحجر . (10) والمراد بالمقام في هذا المقام نفس الصخرة لا ما عليه من البناء؛ ترجيحا للاستعمال الشرعي على العرفي، على ما قاله الشهيد الثاني . (11) قوله في خبر محمّد بن مسلم : (كان الناس يطوفون بالبيت والمقام) .] ح 1 / 7538] والسرّ في ذلك أنّ المقام كان متّصلاً بالبيت في عهده صلى الله عليه و آله إلى زمان خلافته، فحوّله إلى المكان الذي فيه الآن كما سبق .

.


1- . كما في الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
2- . كما في الحديث الثاني من هذا الباب.
3- . ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 108، ح 351؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 350، ح 17920 .
4- . لم يرد فيه توثيق. اُنظر: رجال النجاشي، ص 453، الرقم 1227؛ رجال داود، ص 201، الرقم 1689.
5- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 333.
6- . كفاية الأحكام، ج 1، ص 331.
7- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 183.
8- . الفقيه، ج 2، ص 399، ح 2809؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 351، ح 17921.
9- . نسب إليه في مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 131.
10- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 25 26؛ فتح العزيز، ج 3، ص 356.
11- . شرح اللمعة، ج 2، ص 249.

ص: 219

باب حدّ المشي في الطواف

باب حدّ المشي في الطوافقال الشيخ قدس سره في التهذيب: «ينبغي لمن يطوف أن يمشي بين المشيين، لا يسرع ولا يبطئ ». (1) واحتجّ عليه بخبر عبد الرحمن بن سيّابة، (2) وظاهره استحباب ذلك في مطلق الطواف ، وهو المشهور بين الأصحاب، وإنّما حملوا الخبر على الاستحباب مع أنّ ظاهره الوجوب؛ للجمع بينه وبين ما رواه الصدوق رضى الله عنهعن سعيد الأعرج أنّه سأل أبا عبداللّه عليه السلام عن المسرع والمبطئ في الطواف ، فقال : «كلّ واسع ما لم يؤذ أحداً ». (3) وقال المحقّق : «وقيل : يرمل ثلاثا»، (4) و الرمل: هو الإسراع في المشي مع تفاوت الخطى، دون الوثوب والعدو ، ويقال له الخبب، وغلط من الأئمّة من ظنّ كونه دون الخبب ، كذا في العزيز . (5) ولم يعرف القائل به في مطلق الطواف، ولا نصّ عليه أيضا . نعم ، ذهب إليه الشيخ في المبسوط في خصوص طواف القدوم محتجّا بما رواه عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رمل ثلاثا ومشى أربعا . (6) وحكاه في المنتهى (7) عن العامّة كافّة محتجّين بهذا الخبر، لكنّهم نقلوه عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهماالسلام ، عن جابر رضى الله عنه. (8) ونقلوا عن ابن عبّاس أيضا مثله . (9) وعن ابن عبّاس: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رمل في عمره كلّها وفي حجّه، وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ عليه السلام . (10) ويظهر منه أنّهم قالوا جميعا باستحباب الرمل في الأشواط الثلاثة من جميع جوانب البيت، وفي كلّ طواف، وليس كذلك ؛ ففي العزيز: لا خلاف في أنّ الرمل لا يُسَنّ في كلّ طواف . و فيمَ : يُسَنّ؟ فيه قولان: أحدهما: قال في التهذيب وهو الأصحّ _ : إنّما يُسَنّ في طواف القدوم والابتداء؛ لأنّه أوّل العهد بالبيت، فيليق به النشاط والاهتزاز . والثاني: أنّه إنّما يُسَنّ في طواف يستعقب السعي؛ لانتهائه إلى تواصل الحركات بين الجبلين، وهذا أظهر عند الأكثرين . ويشهد للأوّل ما روي أنّه صلى الله عليه و آله لم يرمل في طوافه بعدما أفاض ، وللثاني أنّه صلى الله عليه و آله رمل في طواف عمره كلّها . (11) انتهى . والظاهر استحباب اختصاصه بطواف قدوم الصحابة مع النبيّ صلى الله عليه و آله في الأشواط الثلاثة الاُول في غير ما بين الركنين بناءً على العلّة المنقولة في ذلك ، ففي المنتهى: السبب فيه ما رواه ابن عبّاس، قال : قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكّة فقال المشركون : إنّه يقدم عليكم قوم قد نهكتهم الحمّى ولقوا منها شرّاً ، فأمرهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين ، فلمّا رأوهم قالوا : ما نراهم إلّا كالغزلان . (12) وفي العزيز: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد شرط على المشركين عام الصدّ أن يتجلّوا عن بطحاء مكّة إذا عاد لقضاء العمرة ، فلمّا عاد وَفَوا ورَقوا قُعيقعان، وهو جبل في مقابلة الحجر والميزاب، فكان أصحابه يظهرون القوّة والجلادة حيث يقع أبصارهم عليهم، وإذا صاروا بين الركنين اليمانيّين كان البيت حائلاً بينهم وبين أبصارهم . (13) ولا يؤبه بقول صاحب العزيز ولا بما احتجّ به عليه، حيث قال بعدما ذكرنا عنه : ثمّ إنّ ذلك بقي سنّة متّبعة وإن زال السبب؛ لما روي عن عمر أنّه قال : فيمَ الرمل وقد نَعَى اللّه الشرك وأهله وأعزّ الإسلام؟ إلّا أنّي لا أحبّ أن أدع شيئا كنّا نفعله على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله . (14) هذا ، واستحبابه على القول به مختصّ بالرجال لصعوبته على النساء والصبيان مع منافاته في النساء للتستّر المطلوب فيهنّ .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 109.
2- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 109، ح 352؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 352، ح 17925.
3- . الفقيه، ج 2، ص 411، ح 2842؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 351، ح 17922.
4- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 201.
5- . فتح العزيز، ج 7، ص 326.
6- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 356.
7- . منتهى المطلب، ج 2، ص 696 .
8- . سنن النسائي، ج 5 ، ص 235؛ السنن الكبرى له أيضا، ج 2، ص 409، ح 3955؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 174، ح 859 ؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 983، ح 2951؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 74.
9- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 387؛ صحيح ابن حبّان، ج 9، ص 122 123؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 387.
10- . مسند أحمد، ج 1، ص 255؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 696 ؛ المغني، ج 3، ص 387؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 387؛ تلخيص الحبير، ج 7، ص 331.
11- . فتح العزيز، ج 7، ص 329 331.
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 696 .
13- . فتح العزيز، ج 7، ص 329.
14- . فتح العزيز، ج 2، ص 325.

ص: 220

. .

ص: 221

باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أوالعلّة

باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أوالعلّةالمشهور بين الأصحاب جواز قطع الطواف المندوب لعذر وغيره، قبل أربعة أشواط وبعدها، ثمّ البناء مطلقا قبل الأربعة وبعدها إن كان القطع لعذر، وبعدها والاستيناف قبلها لو كان القطع من غير عذر . وجوّز الشهيد في الدروس (1) البناء مطلقا، وهو ظاهر ابن إدريس على ما سيحكى عنه . وأجمعوا على عدم جواز قطع الواجب منه من غير سبب، وعلى جوازه معه . ويستفاد ذلك كلّه من الأخبار . ثمّ المشهور بين المتأخّرين البناء على ما مضى مع بلوغ الأربعة والاستيناف قبله مطلقا ، ففي الدروس فرّع على اشتراط الموالاة في الواجب بقوله : فلو قطعه في أثنائه ولمّا يطف أربعة أعاد، سواء كان لحدث أو خبث أو دخول البيت أو صلاة فريضة على الأصحّ أو نافلة أو لحاجة له أو لغيره أم لا . (2) ومثله في شرح اللمعة. وفي المقنعة : وإذا طاف الرجل بالبيت بعض الطواف ثمّ قطعه واشتغل بغيره، ناسيا كان أو متعمّداً، فإنّه إن كان ما طافه يزيد على النصف بنى على ما مضى ، وإن كان أقلّ من النصف أعاد الطواف ، وإذا حاضت المرأة وهي في الطواف قطعت وانصرفت ، فإن كان ما طافته أكثر من النصف بنت عليه إذا طهرت، وإن كان أقلّ استأنفت . (3) وفصّل جماعة في البناء والاستيناف تفصيلاً آخر، فاعتبر العلّامة في المنتهى (4) في البناء تواصل الأربعة في القطع نسيانا ولدخول البيت و السعي في حاجته أو حاجة غيره و الحيض، و أوجَبَ البَناء مطلقا لو قطعه لصلاة فريضة أو للوتر وصلاة الجنازة، ونسبه في الفريضة إلى أهل العلم كافّة إلّا الحسن البصري . (5) وهو ظاهر المحقّق في النافع حيث أوجب البناء مطلقا في القطع للصلاة الواجبة والوتر، واعتبر التواصل في البواقي لكنّه لم يتعرّض لصلاة الجنازة ، إلّا أن يقال بإدراجه في الصلاة الفريضة الحاضرة، فقد قال: ولو نقص من طوافه وقد تجاوز النصف أتمّ ، ولو رجع إلى أهله استناب ، ولو كان دون ذلك استأنف ، وكذا من قطع الطواف لحدث أو لحاجة، ولو قطعه لصلاة فريضة حاضرة صلّى وأتمّ طوافه ولو كان دون الأربع ، وكذا الوتر. (6) وهو ملخّص كلام الشيخ في المبسوط (7) والتهذيب، (8) ومحكي عن أبي الصلاح (9) في خصوص الصلاة الفريضة البناء مطلقا، واعتبار التواصل فيما عداها ، وإليه ذهب ابن إدريس . (10) والذي ظهر لي من الأخبار البناء في صورة القطع لعذر الصلاة والإعياء والنجاسة مطلقا من غير اعتبار تواصل الأربعة ؛ أمّا الأوّلان فلإطلاق ما يرويه المصنّف في القطع لهما والبناء في الباب الآتي (11) من غير مخصّص ، ويؤيّده الأصل . وأمّا النجاسة فلعموم خبر يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف، قال : «ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه، ثمّ يخرج فيغسله، ثمّ يعود فيتمّ طوافه ». (12) وخصوص ما رواه الصدوق رضى الله عنه عن حمّاد بن عيسى، عن حبيب بن مظاهر، قال : ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه، فخرجت فغسلته، ثمّ جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذلك لأبي عبداللّه عليه السلام فقال : «بئس ما صنعتَ كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت، أما إنّه ليس عليك شيء ». (13) والخبران وإن كانا مجهولين لوجود بنان (14) بن محمّد و محسن بن أحمد (15) في سند الأوّل، وحبيب بن مظاهر في الثاني، إلّا أنّهما مؤيّدان بالأصل السالم عن المعارض. على أنّه يحتمل ولو على بُعد أن يكون حبيب هو الشهيد بكربلاء [ و] على إرادة الحسين عليه السلام من أبي عبداللّه . (16) واختلفت الأخبار في الحدث، فدلّ أكثرها على ما اشتهر من اعتبار التواصل في البناء فيه، منها : مرسلة ابن أبي عمير . (17) ومنها : ما رواه الشيخ من مرسلة جميل، عن أبي عبداللّه عليه السلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة، وقد طاف بعضه؟ قال : «يخرج ويتوضّأ، فإن كان قد جاز النصف بنى على طوافه، وإن كان أقلّ من النصف أعاد الطواف ». (18) وخبر أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : «إذا حاضت المرأة في الطواف بالبيت أو بين الصفا والمروة فجاوزت النصف، فعَلَمت ذلك الموضع، فإذا طهرت رجعت فأتمّت بقيّة طوافها من الموضع الذي علمت فيه، وإن هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف فعليها أن تستأنف الطواف ». (19) وخبر إبراهيم بن إسحاق، عمّن سأل أبا عبداللّه عليه السلام عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثمّ طمثت، قال : «تتمّ طوافها وليس عليها غيره، ومتعتها تامّة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة؛ لأنّها زادت على النصف، وقد مضت متعتها فلتستأنف بعد الحجّ ». (20) وخبر أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ، قال : حدّثني مَن سمع أبا عبداللّه عليه السلام يقول في المرأة المتمتّعة: «إذا طافت بالبيت أربعة أشواط، ثمّ حاضت فمتعتها تامّة، وتقضي ما فاتها من الطواف في البيت وبين الصفا والمروة، وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الأخير ». (21) ويؤيّدها خبر فضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت إن شاءت ». (22) وقد ورد في بعضها البناء لعذر الحيض مطلقا ، رواه الصدوق في الصحيح عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقلّ من ذلك ثمّ رأت دما ، فقال : «تحفظ مكانها، فإذا طهرت طافت منه واعتدّت بما مضى ». (23) وفي الصحيح عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام مثله ، ثمّ قال رضى الله عنه : «وبهذا الحديث أفتي دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق، _ مشيراً إلى ما رويناه معلّلاً بأنّ هذا الحديث إسناده منقطع، والحديث الأوّل رخصة ورحمة وإسناده متّصل ». (24) وعلى المشهور حُمِلا على الطواف المندوب؛ للجمع . وأمّا دخول الكعبة فمقتضى إطلاق أخباره إعادة الطواف له مطلقا من غير مخصّص يعتدّ به، كصحيحة عمران بن عليّ الحلبيّ، (25) وقد رواها الشيخ بسند آخر صحيح أيضا عن حمّاد عن الحلبيّ (26) بأدنى تغيير . ويحتمل أن يكون الحلبيّ في سنده محمّد بن عليّ الحلبيّ كما هو الشائع في إطلاق الحلبيّ. وصحيحة حفص بن البختريّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام فيمن كان يطوف بالبيت فعرض له دخول الكعبة فدخلها، قال : «يستقبل طوافه». (27) ولا يوجب تخصيصها بما دون الأربعة خبر ابن مسكان، قال : حدّثني من سأله عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة ثلاثة أشواط، ثمّ وجد من البيت خلوة فدخله ، قال : «نقض طوافه وخالف السنّة فليعد»؛ (28) لأنّه مع عدم صحّته وإضماره إنّما كان التقييد بالثلاثة فيه في كلام السائل ، فلا يبعد القول به، لا سيّما في حقّ غير الصرورة ؛لعدم استحباب دخول الكعبة عليه . واختلفت الأخبار في القطع لقضاء حاجته أو حاجة أخيه أيضا، فدلّت أكثرها على البناء مطلقا ، بل في بعضها تصريح بذلك فيما دون النصف ؛ فقد روى موسى بن القاسم بإسناده عن أبان بن تغلب، قال : كنت مع أبي عبداللّه عليه السلام في الطواف فجائني رجل من إخواني، فسألني أن أمشي معه في حاجته ، ففطن بي أبو عبداللّه عليه السلام فقال : «يا أبان، مَن هذا الرجل؟» قلت : رجل من مواليك سألني أن أذهب معه في حاجته ، فقال : «اقطع طوافك وانطلق معه في حاجته فاقضها له »، فقلت : إنّي لم أتمّ طوافي؟ قال : «احص ما طفت وانطلق معه في حاجته »، قلت : وإن كان فريضة؟ قال : «نعم ، وإن كان فريضة »، ثم قال : «يا أبان، وهل تدري ما ثواب مَن طاف بهذا البيت اُسبوعا»؟ فقلت : لا واللّه ما أدري ، قال : «تكتب له ستّة آلاف حسنة، وتُمحى عنه ستّة آلاف سيّئة، وتُرفع له ستّة آلاف درجة ». قال : (29) وروى إسحاق بن عمّار : «وتُقضى له ستّة آلاف حاجة ، ولقضاء حاجة مؤمن خيرٌ من طواف وطواف» حتّى عدّ عشرة أسابيع ، فقلت له : جُعلت فداك، أفريضة أو نافلة ؟ فقال : «يا أبان، إنّما يسأل اللّه العباد عن الفرائض لا عن النوافل ». (30) وروى الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن صفوان الجمّال، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الرجل يأتي أخاه وهو في الطواف؟ فقال : «يخرج معه في حاجته، ثمّ يرجع ويبني على طوافه ». (31) وقال رضى الله عنه : وفي نوادر ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهماالسلام أنّه قال في الرجل يطوف فتعرض له الحاجة ، قال : «لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف، وإذا أراد أن يستريح في طوافه ويقعد فلا بأس به، فإذا رجع بنى على طوافه وإن كان أقلّ من النصف ». (32) وبعضها يدلّ على الاستيناف في الفريضة من غير تقييد كحسنة أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، (33) وقد رواها الشيخ في الصحيح عنه . (34) وعلى المشهور حملوا الأوّل على ما إذا بلغ الأربعة، والثاني عليه أو على الطواف المندوب ، والثالث عليه للجمع بينها وبين حسنة أبان ومرسلة جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهماالسلام قال في الرجل يطوف ثمّ تعرض له الحاجة ، قال : «لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف، وإن أراد أن يستريح ويقعد فلا بأس بذلك، فإذا رجع بنى على طوافه، فإن كان نافلة بنى على الشوطين، وإن كان طواف فريضة ثمّ خرج في حاجة مع رجل لم يبن ولا في حاجة نفسه »، (35) فتأمّل . وأمّا العبادة فلم أقف على دليل على اعتبار التواصل فيه . نعم ، قد قيّد البناء فيها بالخمسة في كلام السائل في خبر عليّ بن عبد العزيز، عن أبي غرّة ، (36) وما رواه الشيخ عن عبّاس، عن عبداللّه بن يحيى الكاهليّ، عن أبي الفرج، قال : طفت مع أبي عبداللّه عليه السلام خمسة أشواط، ثمّ قلت : إنّي اُريد أن أعود مريضا؟ فقال : «احفظ مكانك، ثمّ اذهب فعُدُه، ثمّ ارجع فأتمّ طوافك ». (37) على أنّ الخبرين مجهولان بجهالة عبد العزيز وأبي غرّة في الأوّل، واشتراك عبّاس (38) وجهالة أبي الفرج في الثاني، فإنّ الظاهر أنّه عثمان بن أبي زياد الأسديّ (39) أو السنديّ عيسى (40) أو الأصبهاني عليّ بن الحسين (41) الزيدي ّ، ولا يحتمل أن يكون محمّد بن أبي عمران القزوينيّ الثقة، فإنّه كان معاصراً للنجاشيّ، (42) ولا مظفّر بن أحمد القزوينيّ، فإنّه لم يرو [ عن الأئمة عليهم السلام ]. مع أنّه أيضا مجهول . (43) وأمّا تركه نسيانا فلم أجد فيه سوى موثّق إسحاق بن عمّار، (44) وحسن الحسن بن عطيّة، (45) ويرويهما المصنّف في باب السهو في الطواف ، (46) والثاني مقيّد بالسنّة لكن في كلام السائل ، والأوّل مطلق، بل تعليله يُشعر بالبناء ولو على شوط . والشيخ قال في التهذيب : فإن بدأ بالطواف فطاف أشواطا، ثمّ سها فقطع الطواف وسعى بين الصفا والمروة سعيين ثمّ ذكر، فليقطع السعي وليرجع إلى البيت فيتمّ طوافه، ثمّ يرجع إلى السعي فيبني على ما قطع عليه . (47) والظاهر أنّه أراد به الستّة لما صرّح به في غير هذا الموضع، حيث قال : «ومَن طاف بالبيت ستّة أشواط وانصرف فليضف إليه شوطا آخر ولا شيء عليه، فإن لم يذكر حتّى يرجع إلى أهله أمر من يطوف عنه ». (48) واحتجّ عليه بخبر الحسين بن عطيّة، (49) وقد رواه في الصحيح ، وبصحيحة الحلبيّ عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت له : رجل طاف بالبيت واختصر شوطا واحداً في الحجر؟ قال : «يعيد ذلك الشوط ». (50) واعلم أنّ المشهور وجوب العود إلى موضع القطع فيما إذا يبني، وإذا ذهب من موضع الطواف نحو البيت لاستلام الأركان، وقالوا: يعلم الموضع ويعود إليه ليتمّ طوافه من غير زيادة ونقصان . ويدلّ عليه أخبار أبي غرّة (51) وأبي بصير (52) وأبي الفرج، (53) وصحيحة محمّد بن مسلم (54) المتقدّمة، وفي مقابلها حسنة معاوية بن عمّار في باب من طاف واختصر في الحجر، (55) حيث دلَّ على إعادة الشوط من الحجر الأسود . وفي المدارك: وجوّز العلّامة في المنتهى (56) البناء على الطواف السابق من الحجر وإن وقع القطع في أثناء الشوط، بل جعل ذلك أحوط من البناء من موضع القطع، وهو صريح في عدم تأثير مثل هذه الزيادة، ولا بأس به . (57)

.


1- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 395.
2- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 395، الدرس 103.
3- . المقنعة، ص 440.
4- . منتهى المطلب، ج 2، ص 697 698 .
5- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 413؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 400.
6- . المختصر النافع، ص 93.
7- . المبسوط، ج 1، ص 358.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 118، ذيل الحديث 385.
9- . الكافي في الفقه، ص 195.
10- . السرائر، ج 1، ص 573 .
11- . ح 1 و 3 و 4 من الباب الآتي.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 126، ح 415؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 399، ح 18060 .
13- . الفقيه، ج 2، ص 395، ح 2798؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 379، ح 18006 .
14- . هذا هو الظاهر الموافق للمصادر، وفي الأصل: «أبان». وبنان لقب لعبد اللّه بن محمّد بن عيسى، روى الكشّي على ما في اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 590 ، الرقم 541 ؛ وخلاصة الأقوال، ص 328 بإسناده عن ابن سنان أنّ الصادق عليه السلام لعن بنانا، وفي رجال ابن داود، ص 58 ، ص 267: «مهمل». وفي منتقي الجمان، ج 1، ص 459: «لم يذكره غير الكشّي».
15- . اُنظر: رجال النجاشي، ص 423، الرقم 1133؛ رجال الطوسي، ص 368، الرقم 5471 ؛ رجال ابن داود، ص 158، الرقم 1261.
16- . الرواى عن حبيب في هذا الحديث حمّاد بن عثمان المتوفّى سنة 190، واستهشد حبيب بن مظاهر مع الحسين عليه السلام ، فلا يمكن رواية حمّاد عنه، فالرواية مرسلة، أو من روى عنه حمّاد شخص آخر مجهول روى عن الصادق عليه السلام ، وهو الظاهر، لأنّ كلمة «أبي عبد اللّه » ظاهرة في ذلك. كذا قال السيّد الخوئي في ترجمة حبيب من معجم رجال الحديث.
17- . هي الحديث الثاني من هذا الحديث من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 378، ح 18004.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 118، ح 384؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 378، ح 18004 ، وهذا الحديث نفس الحديث المتقدّم، إلّا أنّ الكليني رواه بسنده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، والشيخ رواه عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض أصحابنا.
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 395 396، ح 1377؛ الاستبصار، ج 2، ص 315 316، ح 1118؛ والشيخ رواه عن الكليني، والحديث في الكافي، باب المرأة تحيض بعد ما دخلت في الطواف، ح 2؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 453 454، ح 18199 .
20- . الاستبصار، ج 2، ص 313، ح 1112. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 383، ح 2767؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 455 456، ح 18202 و 18203 .
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 393، ح 1370؛ الاستبصار، ج 2، ص 313، ح 1111؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 456، ح 18204 .
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 397، ح 1382؛ ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 382، ح 2763؛ والكليني في الكافي، باب نادر، ح 4؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 461، ح 18213 .
23- . الفقيه، ج 2، ص 383، ح 2766. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 397، ح 1380، وص 475، ح 1674؛ الاستبصار، ج 2، ص 317، ح 1121؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 454 455، ح 18201 .
24- . الفقيه، ج 2، ص 382 383، وحديث إبراهيم بن إسحاق هو الحديث 2767 من هذا الكتاب.
25- . هي الحديث الثالث من هذا الباب الكافي.
26- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 118، ح 386؛ الاستبصار، ج 2، ص 223، ح 768؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 379، ح 18007 .
27- . الفقيه، ج 2، ص 394، ح 2797؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 378 379، ح 18005 .
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 118، ح 387؛ الاستبصار، ج 2، ص 223، ح 769؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 379، ح 18008 .
29- . في الهامش: «موسى بن القاسم، منه».
30- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 120، ح 392 و 393؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 380، ح 18011 .
31- . الفقيه، ج 2، ص 395، ح 2799؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 382، ح 18015 .
32- . الفقيه، ج 2، ص 393 394، ح 2795؛ ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 120 121، ح 394؛ والاستبصار، ج 2، ص 224 225، ح 774؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 381، ح 18012 .
33- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
34- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 119، ح 388؛ الاستبصار، ج 2، ص 223، ح 770؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 380، ح 18009 .
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 120 121، ح 394؛ الاستبصار، ج 2، ص 224 225، ح 774؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 381، ح 18012 .
36- . وهو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي. وسائل الشيعة، ج 13، ص 382، ح 18014 .
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 119، ح 390؛ الاستبصار، ج 2، ص 223 224، ح 772؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 180، ح 18010 .
38- . في الهامش: «عباس مشترك بين جماعة كثيرة، أكثرهم المجاهيل، منه».
39- . اُنظر: رجال الطوسي، ص 259، الرقم 3686 .
40- . رجال الطوسي، ص 259، الرقم 3675؛ قاموس الرجال، ج 11، ص 463، الرقم 728 .
41- . هذا هو الظاهر الموافق لترجمة الرجل، وفي الأصل: «الحسن»، اُنظر: معالم العلماء، ص 175، الرقم 986.
42- . الرجال النجاشي، ص 397، ح 1062.
43- . رجال الطوسي، ص 446، ح 6340 ؛ نقد الرجال، ج 4، ص 381، الرقم 5308 .
44- . هو الحديث الثامن من باب السهو في الطواف من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 358، ح 17943.
45- . هو الحديث التاسع من ذلك الباب من الكافي. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 396 397، ح 2803؛ والشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 109، ح 354. وسائل الشيعة، ج 13، ص 357، ح 17942 .
46- . هذا هو الصحيح، وفي الأصل: «السهو في الصلاة».
47- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 130، بعد الحديث 427.
48- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 109، بعد الحديث 352.
49- . نفس المصدر، ح 354.
50- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 109، ح 353؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 356، ح 17938 .
51- . هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
52- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 453 454، ح 18199.
53- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 180، ح 18010.
54- . الفقيه، ج 2، ص 383، ح 2766؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 454 455، ح 18201 .
55- . الحديث الثاني من ذلك الباب. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 398 399، ح 2807. وسائل الشيعة، ج 13، ص 357، ح 17940 .
56- . منتهى المطلب، ج 2، ص 698 .
57- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 154.

ص: 222

. .

ص: 223

. .

ص: 224

. .

ص: 225

. .

ص: 226

. .

ص: 227

. .

ص: 228

. .

ص: 229

. .

ص: 230

باب السهو في الطواف

باب السهو في الطوافأراد قدس سره بقرينة الأخبار من السهو المعنى العام الشامل للشكّ والنسيان ، أمّا الشكّ فله صور متعدّدة مختلفة في الحكم، فقد قال الشهيد الثاني قدس سره في شرح اللمعة : لو شكّ في عدد الأشواط بعد الفراغ منه لم يلتفت مطلقا، وفي الأثناء يبطل إن يشكّ في النقيصة، كأن شكّ بين كونه تامّا أو ناقصا أو في عدد الأشواط مع تحقّق عدم الإكمال، ويبني على الأقلّ إن شكّ في الزيادة على السبع إذا تحقّق إكمالها إن كان على الركن، ولو كان قبله بطل أيضا مطلقا كالنقصان؛ لتردّده بين محذورين: الإكمال المحتمل للزيادة عمداً، والقطع المحتمل للنقيصة .وأمّا نفل الطواف فيبنى فيه على الأقلّ مطلقا . (1) وما ذكره قدس سره في الطواف المندوب مجمعٌ عليه بين الأصحاب ، ويدلّ عليه أكثر أخبار الباب. وكذا عدم الالتفات إلى الشكّ بعد الفراغ ممّا أجمعوا عليه. واحتجّوا عليه بعموم قوله عليه السلام في صحيحة زرارة : «إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشككت فليس بشيء» . (2) أو بأنّه شكّ في واجب فات محلّه فلا اعتبار به، كمَن شكّ في عدد الركعات بعد فراغه من الصلاة. ومثلهما في الإجماع عدم اعتبار الشكّ في الزيادة مع بلوغ الركن ، فأجمعوا على أنّه يقطع الطواف ، وعلى صحّته . (3) واستدلّوا له بصحيحة الحلبيّ قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة، فلم يدرِ أسبعة طاف أم ثمانية؟ فقال : «أمّا السبع فقد استيقن، وإنّما وقع وهمه على الثامن فليصلِّ ركعتين ». (4) وخبر الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت له : رجل طاف فلم يدرِ أسبعا طاف أو ثمانيا؟ قال : «يصلّي ركعتين ». (5) ويؤيّدهما أصالة عدم الزيادة . وخصّص الشيخ في التهذيب (6) وغيره خبر أبي بصير الدالّ على فساد الطواف به بالشاكّ فيما دون السبعة، وسكتوا عن الشكّ بين السبعة وما زاد على الثمانية؛ لخلوّ صريح الأخبار عنه، والتعليل الذي في صحيحة محمّد بن مسلم (7) يعطي مشاركته لما ذكر . وأمّا ما ذكره قدس سره من فساد الطواف بالشكّ في الزيادة قبل بلوغ الركن فقد نسبه في المدارك (8) إلى الشيخ (9) معلّلاً بما ذكر، وردّه بأنّه لا دليل على كون احتمال الزيادة مبطلاً . ولا يبعد التمسّك فيه بخبر أبي بصير، فإنّه عامّ في إفساد الشكّ إيّاه، خرج ما خرج بالدليل فبقي الباقي ، وكتب الأكثر خالية عنه . ونقل عن ابن الجنيد أنّه غير مبطل له بل يتمّه ، وكذا ما ذكره قدس سره من حكم الشكّ في النقيصة ذكره الشيخ في التهذيب (10) والمبسوط، (11) وتبعه أكثر المتأخّرين ، وبه قال الصدوق (12) وابن إدريس، (13) ونقل عن ابن البرّاج، (14) وهو ظاهر المفيد في المقنعة حيث قال : «مَن طاف بالبيت فلم يدر ستّا طاف أو سبعا فليطف طوافا آخر؛ ليستيقن أنّه قد طاف سبعا ». (15) وظاهر ما حكاه في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال : وإذا شكّ في إتمام طوافه تمّمه حتّى يخرج منه بيقين، وسواء كان شكّ في شوط أو بعضه، وإن كان تجاوز الطواف إلى الصلاة وإلى السعي ثمّ شكّ فلا شيء عليه، وإن كان في طواف الفريضة فالاحتياط خروجه منه على يقين من غير زيادة ولا نقصان ، وإن كان في نافلة بنى على الأقل . (16) وقد حكى فيه مثله عن عليّ بن بابويه وعن أبي الصلاح (17) أيضا . واحتجّ عليه الشيخ في التهذيب بخبر حنّان بن سدير، (18) وبما رواه عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل طاف بالبيت، فلم يدرِ أستّة طاف أو سبعة طواف فريضة؟ قال: «فليعد طوافه» قيل: إنّه قد خرج وفاته ذلك، قال ليس: «عليه شي». (19) و في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبى عبداللّه عليه السلام في رجل لم يدرِ أستّة طاف أو سبعة؟ قال : «يستقبل ». (20) وفي الصحيح عن منصور بن حازم، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي طفت فلم أدر أستّة طفت أم سبعة، فطفت طوافا ، فقال : «هلّا استأنفت؟» قلت : قد طفت وذهبت ، قال : «ليس عليك شيء ». (21) وعن أحمد بن عمر المرهبي، عن أبي الحسن الثاني عليه السلام ، قال : سألته، قلت : رجل شكّ في الطواف، فلم يدر أستّة طاف أو سبعة؟ قال : «إن كان في فريضة أعاد كلّ ما شكّ فيه، وإن كان في نافلة بنى على ما هو أقلّ ». (22) ويدلّ عليه أيضا ما رواه المصنّف قدس سره عن سماعة عن أبي بصير . (23) وفي الحسن عن الحلبيّ. (24) وأنت خبير بظهور خبر محمّد بن مسلم وصحيحة منصور بن حازم في استحباب الإعادة ، بل صحيحة معاوية بن عمّار أيضا ، فإنّ المصنّف قدس سره قد رواها بعينه بسند آخر حسن عنه بضميمة قوله : قلت : ففاته ذلك؟ قال : «لا شيء عليه ». (25) ويؤكّده ما رواه المصنّف في الصحيح عن منصور بن حازم، والصدوق عن رفاعة عن الصادق عليه السلام أنّه قال في رجل لا يدري أثلاثة طاف أو أربعة؟ قال : «طواف نافلة أو فريضة؟» قال أجبني فيهما جميعا ، قال : «إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت ، وإن كان طواف فريضة [ فأعد الطواف» (26) و في صحيح منصور بن حازم، قال: سألت أباعبداللّه عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضه فلم يدر ستّة طاف أم سبعة، قال:] (27) «فليعد طوافه ». قيل : إنّه قد خرج وفاته ذلك؟ قال : «ليس عليه شيء ». (28) والظاهر صحّة سنده إليه، فليحمل عليه أخبار المرهبيّ وسماعة وحنّان والحلبيّ مع ضعف أكثرها؛ لجهالة المرهبيّ (29) ووجود إسماعيل بن مرار (30) في خبر الثاني، وهو أيضا مجهول الحال ، ووقف حنّان من غير توثيق ، (31) فتأمّل . وأمّا النسيان فمَن نسي بعض الأشواط و مضى فقد مضى، ومَن زاد فيه فبعد إكمال الشوط يضيف إليه ستّة أشواط، ويجعله طوافين على المشهور تعويلاً على رواية أبي كهمش (32) على ما رواه الشيخ ، ففي التهذيب بعد قوله : «فليقطعه» قوله : «وقد أجزأ عنه، وإن لم يذكر حتّى بلغه فليتمّ أربعة عشر شوطا، وليصلِّ أربع ركعات ». (33) وما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن أبي أيّوب، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف فريضة ، قال : «فليضمّ إليها ستّا، ثمّ يصلّي أربع ركعات ». (34) وما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام قال : «إنّ في كتاب عليّ عليه السلام : إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أضاف إليها ستّا ، وكذا إذا استيقن أنّه سعى ثمانية أضاف إليها ستّا ». (35) وفي صحيح آخر عنه عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية ، قال : «يضيف إليها ستّة ». (36) وفي الصحيح عن معاوية بن وهب، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ عليّا عليه السلام طاف ثمانية فزاد ستّا، ثمّ ركع أربع ركعات ». (37) وفي الصحيح عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إنّ عليّا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية، فترك سبعة وبنى على واحد، وأضاف إليها ستّا، ثمّ صلّى ركعتين خلف المقام، ثمّ خرج إلى الصفا والمروة ، فلمّا فرغ من السعي بينهما رجع فصلّى الركعتين للّذي ترك في المقام الأوّل ». (38) وعن رفاعة، قال : كان عليّ عليه السلام يقول : «إذا طاف ثمانية فليتمّ أربعة عشر »، قلت : يصلّي أربع ركعات؟ قال : «يصلّي ركعتين ». (39) ويظهر من المصنّف القول بوجوب إعادة الطواف حينئذٍ حيث اكتفى في الباب بذكر ما يدلّ عليه من صحيحة هارون بن خارجة وخبر أبي بصير ، (40) ويؤكّدهما خبر عبداللّه بن محمّد، عن أبي الحسن عليه السلام قال : الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة، إذا زدت عليها فعليك الإعادة ، وكذا السعي ». (41) وإليه ذهب الصدوق في المقنع (42) على ما حكى عنه في المختلف . (43) وجمع الشيخ قدس سرهفي التهذيب (44) بينها وبين ما سبق بحمل هذه على ما إذا زاد الشوط عمداً والأوّلة على النسيان ، واستند فيه بصحيحة عبداللّه بن سنان الآتية؛ لصراحتها في التقييد بالوهم، والأوّلون تبعوه في ذلك . هذا ، وهل الواجب هو الطواف الأوّل أو الثاني؟ ظاهر جماعة منهم العلّامة في المنتهى (45) هو الأوّل، حيث صرّحوا بأنّ إكمال الاُسبوعين على الندب والاستحباب دون الفرض والإيجاب . وحكى في المختلف (46) عن ابن الجنيد وعليّ بن بابويه أنّهما حكما بأنّه هو الثاني . وصحيحة زرارة (47) المتقدّمة ظاهرة فيه . وعلى هذا فيكون إكمال الاُسبوعين واجبا، وكذا عدول النيّة كعدولها في أثناء الصلاة على ما يظهر من المسالك . (48) وتردّد فيه الصدوق حيث قال في الفقيه بعد رواية صحيحة أبي أيّوب المتقدّمة: «وفي خبر آخر مشيراً إلى ما تقدّم من صحيحة زرارة أنّ الفريضة هو الطواف الثاني، والركعتان الأوّلتان لطواف الفريضة، والركعتان الأخيرتان والطواف الأوّل تطوّع». (49) ولو ذكر الزيادة قبل الوصول إلى الحجر فيقطع الشوط وصحّ طوافه إجماعا . ويدلّ عليه خبر أبي كهمس. (50) وعورض ذلك بصحيحة عبد الرحمن، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سمعته يقول : «من طاف بالبيت فوهم حتّى يدخل في الثامن فليتمّ أربعة عشر شوطا، ثمّ ليصلِّ ركعتين ». (51) فإنّ إطلاق الدخول في الثامن شامل لما لو لم يبلغ الركن ، بل ظاهره خصوص ذلك . وأجاب الشيخ عنه في الاستبصار بأنّه مجمل، ورواية أبي كهمس مفصّلة، والحكم بالمفصّل أولى منه بالمجمل . (52) وأورد عليه في المدارك بأنّ «هذا جيّد لو تكافأ السندان، لكنّ الاُولى يعني رواية أبي كهمس ضعيفة؛ لاشتمال سندها على عدّة من الضعفاء ، وهذه الرواية معتبرة الأسناد، بل قد حكم العلّامة في المنتهى (53) بصحّتها ». (54)

.


1- . شرح اللمعة، ج 2، ص 252.
2- . تهذيب الأحكام، ج 2، ص 352، ح 1459؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 237، ح 10524 .
3- . اُنظر: تحرير الأحكام، ج 1، ص 587 ؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 117، المسألة، 481؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 699 ؛ النهاية للطوسي، ص 238؛ السرائر، ج1، ص 572 ؛ جامع الخلاف والوفاق، ص 203.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 114، ح 370؛ الاستبصار، ج 2، ص 220، ح 756؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 368، ح 17974 .
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 113، ح 368؛ الاستبصار، ج 2، ص 219، ح 754؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 368 _ 369، ح 17975 .
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 113 114، ح 369. ومثله في الاستبصار، ج 2، ص 219 220، ح 755 .
7- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 359، ح 17944.
8- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 178 179.
9- . كذا بالأصل، والصحيح الموافق للمصدر: «الشهيد»، وكلامه في المسالك، ج 2، ص 349.
10- . تهذيب الأحكام، ج 1، ص 110.
11- . المبسوط، ج 1، ص 357.
12- . المقنع، ص 267.
13- . السرائر، ج 1، ص 572 .
14- . المهذّب، ج 1، ص 238.
15- . المقنعة، ص 440.
16- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 188.
17- . الكافي في الفقه، ص 195.
18- . هو الحديث السابع من هذا الباب. تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 111، ح 360؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 360 361، ح 17950 .
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 110، ح 356؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 359، ح 17944 .
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 110، ح 357؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 359، ح 17945 .
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 110، ح 358؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 359 360، ح 17946 .
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 110، ح 359؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 360، ح 17947 .
23- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي. وسائل الشيعة، ج 13، ص 362، ح 17954 .
24- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي. وسائل الشيعة، ج 13، ص 361، ح 17952 .
25- . الحديث الثالث من هذا الباب، ولفظه: «ليس عليه شيء».
26- . الفقيه، ج 2، ص 397، ح 2805؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 360، ح 17949 .
27- . ما بين الحاصرتين من المصدر ولابدّ منه، وفي الأصل وقع الخلط بين الروايتين.
28- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
29- . فإنّه لم يذكر في كتب الرجال.
30- . ذكره الشيخ في رجال الطوسي، ص 412، الرقم 5972 فيمن لم يرو عن الأئمّة عليهم السلام ، وانظر ترجمته في معجم رجال الحديث.
31- . رجال الطوسي، ص 334، الرقم 4974. ووثّقه في الفهرست، ص 119، الرقم 254، وكذا ابن شهر آشوب في معالم العلماء، ص 80 ، الرقم 289.
32- . هي الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي.
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 113، ح 367؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 364، ح 17959 .
34- . الفقيه، ج 2، ص 396، ح 2801؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 367، ح 17969.
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 152، ح 502 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 240، ح 835 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 366، ح 17966 .
36- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 111 112، ح 362؛ الاستبصار، ج 2، ص 218، ح 748؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 365، ح 17964 .
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 112، ح 365؛ الاستبصار، ج 2، ص 218، ح 751؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 365، ح 17962 .
38- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 112، ح 366؛ الاستبصار، ج 2، ص 218 219، ح 752؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 365، ح 17963 .
39- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 112، ح 363؛ الاستبصار، ج 2، ص 218، ح 749؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 365 366، ح 17965 .
40- . هما ح 5 و 6 من هذا الباب.
41- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 151، ح 498؛ الاستبصار، ج 2، ص 217، ح 747؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 366، ح 17967 .
42- . المقنع، ص 266.
43- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 190.
44- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 112، بعد الحديث 361.
45- . منتهى المطلب، ج 2، ص 700.
46- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 191 192.
47- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 365، ح 17963.
48- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 347.
49- . الفقيه، ج 2، ص 396، ذيل الحديث 2801؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 367، ح 17970 .)
50- . هو الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي.
51- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 112، ح 364؛ الاستبصار، ج 2، ص 218، ح 750؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 364 365، ح 17961 .
52- . الاستبصار، ج 2، ص 19، ذيل الحديث 753.
53- . منتهى المطلب، ج 2، ص 700 .
54- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 170.

ص: 231

. .

ص: 232

. .

ص: 233

. .

ص: 234

. .

ص: 235

. .

ص: 236

. .

ص: 237

باب القران بين الأسابيع

باب القران بين الأسابيعقال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : المراد بالقران على ما ذكره الأصحاب الزيادة على السبع ولو كان خطوة أو أقلّ ، وقالوا بحرمتها في الفريضة وكراهتها في النافلة ، وظاهر الأخبار يدلّ على أنّ المراد به الإتيان بطوافين بدون صلاة في البين . (1) انتهى . والمعنى الأوّل هو المصرّح به في كلام جماعة ، ففي شرح اللمعة: القران بين الاُسبوعين بحيث لا يجعل بينهما تراخيا، وقد يُطلق على الزيادة عن العدد مطلقا مبطل في طواف الفريضة، ولا بأس به في النافلة وإن كان تركه أفضل . (2) وهذا المعنى الأخير هو مراد المصنّف في الباب، وهو المصرّح به في كتب الأكثر منهم الشيخ ، ففي المبسوط : «لا يجوز القران في طواف الفريضة ويجزي ذلك في النافلة، وينبغي أن لا ينصرف إلّا على وتر مثل أن يتمّم ثلاثة أسابيع ». (3) ومثله في التهذيب . (4) وما ذكر من حرمته في الفريضة هو قول الأكثر على ما صرّح به في المنتهى . (5) واحتجّ عليه بما دلّ على وجوب إعادة الطواف فيما إذا طاف ثمانية أشواط، وقد سبق . ويدلّ عليه أيضا بعض ما سيأتي من الأخبار . وقال ابن إدريس في السرائر : ذلك على جهة تغليظ الكراهة في الفرائض دون الخطر وفساد الطواف وإن كان قد ورد: لا يجوز القران بين طوافين في الفريضة، فإنّ الشيء إذا كان شديد الكراهة قيل: لا يجوز، ويعرف ذلك بقرائن وشاهد حال . (6) وهذا هو ظاهر الشيخ في الاستبصار، (7) وهو المستفاد من الجمع بين الأخبار ، وحكاه في المنتهى عن [ ابن] عمر والحسن البصريّ والزهريّ ومالك وأبي حنيفة، و[ عن ]أحمد وإسحاق وعطاء وطاووس وسعيد بن جبير [ أنّه لا بأس به]. (8) وربّما قيل: مراد الأكثر أيضا ذلك، وهو بعيد ، بل ظاهرهم فساد الطواف أيضا بذلك ، وصرّح به جماعة منهم الشهيد في اللمعة (9) والمحقّق في النافع (10) نسبه إلى الشهرة، ولم أجد خبراً في ذلك، وكأنّهم تمسّكوا فيه بدلالة النهي في العبادة على الفساد، والحرمة والكراهة في الفريضة والنافلة إنّما هو في حال الاختيار ، وأمّا في التقيّة والاضطرار فلا ، بل قد يجب . ويدلّ على ذلك خبر عليّ بن أبي حمزة، (11) وما رواه الشيخ عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال : سألناه عن قران الطواف بين السبوعين والثلاثة؟ قال : «لا ، إنّما هو سبوع وركعتان »، وقال : «كان أبي يطوف مع محمّد بن إبراهيم فيقرن، وإنّما كان ذلك منه لحال التقيّة ». (12) وعنه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال : سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يطوف الأسباع جميعا فيقرن؟ قال : «لا ، الاُسبوع وركعتان »، وإنّما قرن عليه السلام لأنّه كان يطوف مع محمّد بن إبراهيم لحال التقيّة . (13) وعلى أيّ حال، فمع القران يستحبّ القطع على الوتر إجماعا؛ لما رواه طلحة بن زيد، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه كان يكره أن ينصرف في الطواف إلّا على وتر من طوافه. (14) وطلحة وإن كان عامّيا إلّا أنّ الأصحاب اعتمدوا على كتابه ، (15) والدليل على جواز الشفع الأربعة في خبر عليّ بن أبي حمزة . (16)

.


1- . روضة المتّقين، ج 4، ص 556 .
2- . شرح اللمعة، ج 2، ص 261.
3- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 357.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 114، ذيل الحديث 371.
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 699 .
6- . السرائر، ج 1، ص 572 573 .
7- . الاستبصار، ج 2، ص 221، ذيل الحديث 761.
8- . منتهى المطلب، ج 2، ص 700، وما بين الحاصرات أضفناه من المصدر. اُنظر: المغني لابن قدامة، ج 3، ص 402؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 402.
9- . اللمعة الدمشقيّة، ص 61 .
10- . المختصر النافع، ص 92.
11- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 116، ح 375؛ الاستبصار، ج 2، ص 221، ح 760؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 371، ح 17982 .
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 116، ح 376؛ الاستبصار، ج 2، ص 221، ح 761؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 371، ح 17983 .
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 116، ح 377؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 373، ح 17991 .
15- . رجال النجاشي، ص 207، الرقم 550 ؛ الفهرست، ص 149، الرقم 372؛ معالم العلماء، ص 96، الرقم 419؛ خلاصة الأقوال، ص 361؛ رجال ابن داود، ص 251، الرقم 244.
16- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.

ص: 238

. .

ص: 239

باب من طاف فاختصر في الحجر

باب من طاف فاختصر في الحجرقد عرفت وجوب إدخال حجر إسماعيل عليه السلام في الطواف إجماعا، فلو اختصر الشوط وطاف من داخل الحجر أعاد ذلك الشوط؛ لما رواه المصنّف في الباب، والصدوق في الصحيح عن الحلبيّ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل طاف بالبيت واختصر شوطا واحداً في الحجر، كيف يصنع؟ قال : «يعيد الطواف الواحد ». (1) وعن إبراهيم بن أبي سفيان، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام : امرأة طافت طواف الحجّ، فلمّا كانت في الشوط السابع اختصرت، فطافت في الحجر، وصلّت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء، ثمّ أتت منى ، فكتب عليه السلام : «تعيد ». (2) وإنّما شرع إدخال الحجر في الطواف لحرمة مَن به من الأنبياء وهاجر، لا لكون الحجر أو شيء من البيت؛ لعدم دليل عليه يعتدّ به ، بل قد روي عن الأئمّة عليهم السلام أنّه ليس من البيت ولا قلامة ظفر منه ، وأهل البيت هم أدرى بما فيه ، رواه المصنّف قدس سرهفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحجر، أمِنَ البيت هو أو فيه شيء من البيت؟ فقال : «لا ولا قلامة ظفر ، ولكن إسماعيل دفن اُمّه فيه فكَرِه أن توطأ فحجّر عليه حجيراً، وفيه قبور الأنبياء ». (3) وروى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن الحجر، هل فيه شيء من البيت؟ قال : «لا ولا قلامة ظفر ». (4) وفي الموثّق عن يونس بن يعقوب، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي كنت اُصلّي في الحجر، فقال لي رجل : لا تصلِّ المكتوبة في هذا الموضع، فإنّ الحجر من البيت ، فقال : «كذب صلِّ فيه حيث شئت». (5) وهذا هو المشهور والمذهب المنصور ، بل كاد أن يكون إجماعا . وقال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : «وما ذكره بعض الأصحاب من أنّ الحجر من البيت محمول على السهو أو على عدم التتبّع» (6) ولم أعثر على قائله . (7) وزعم العامّة أكثرهم دخول الحجر كلّه في البيت، وبعضهم دخول نحو من ستّة أذرع منه فيه ، وفرّعوا على ذلك إدخال الحجر كلّه أو هذا القدر منه في الطواف ، ففي العزيز : ينبغي أن يدور في طوافه حول الحجر الذي ذكرنا أنّه بين الركنين الشاميّين، وهو موضع محوّط عليه بجدار قصير، بينه وبين كلّ واحد من الركنين فتحة . وكلام جماعة من الأصحاب يقتضي كون جميعه من البيت، وهو ظاهر لفظ المختصر ، لكنّ الصحيح أنّه ليس كذلك بل الذي هو من البيت منه قدر ستّة أذرع متّصل بالبيت ، روي أنّ عائشة قالت: نذرت أن اُصلّي ركعتين في البيت، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «صلِّي في الحجر، فإنّ ستّة أذرع منه من البيت »، ومنهم من يقول: ستّة أذرع أو سبعة، كأنّ الأمر فيه على التقريب ، ولفظ المختصر محمول على هذا القدر ، فلو دخل إحدى الفتحتين وخرج من الاُخرى فهو ماش في البيت، لا يحسب له ذلك، ولو خلف القدر الذي هو من البيت، ثمّ اقتحم الجدر وتخطّى الحجر على السمت صحّ طوافه . (8) انتهى . وروى البخاريّ بإسناده عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت : سألت النبيّ صلى الله عليه و آله عن الجَدر أمن البيت هو؟ قال : «نعم »، قلت : فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال : «إنّ قومك قصرت بهم النفقة »، قلت : فما شأن بابه مرتفعا؟ قال : «فعل ذلك قومك يدخلوه مَن شاؤوا، ولولا أنّ قومك حديثوا عهد بالجاهليّة فأخاف أن تنكر قلوبهم أن اُدخل الجَدْر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض ». (9) وبإسناده عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت : قال لي رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت، ثمّ لبنيته على أساس إبراهيم، فإنّ قريشا استقصرت بناءه وجعلت له خَلفا ». وقال أبو معاوية : حدّثنا هشام خلفا يعني بابا . (10) وبإسناده عن سالم بن عبداللّه : أنّ عبداللّه بن محمّد بن أبي بكر أخبر عبداللّه بن عمر عن عائشة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال لها : «ألم تري أنّ قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم»؟ فقلت : يا رسول اللّه ، ألا تردّها على قواعد إبراهيم؟ قال : «لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت ». قال عبداللّه : لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما أرى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر، إلّا أنّ البيت لم يتمّ على قواعد إبراهيم . (11) وبإسناده عن جرير بن حاتم، عن يزيد بن رومان، عن عائشة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لها : «يا عائشة، لولا أنّ قومك حديثوا عهدٍ بالجاهليّة لأمرت بالبيت فهُدِم، فأدخلت فيه ما اُخرج منه وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين بابا شرقيّا وبابا غربيّا، فبلغت به أساس إبراهيم ». فذلك الذي عمل ابن الزبير على هدمه . قال يزيد : وشهدت ابن الزبير حين هدمه بناه وأدخل فيه من الحجر ، وقد رأيت أساس إبراهيم حجارة كأسنمة الإبل . قال جرير : قلت : فأين موضعه؟ قال : أريكه الآن ، فدخلت معه الحجر، فأشار إلى مكان فقال : هاهنا ، قال جرير : فحرزت من الحجر ستّة أذرع أو نحوها . (12) وقد سبق منّا روايات اُخر عنهم في هذا المعنى كلّها ينتهي إلى عائشة، والشجرة تنبئ عن الثمرة . قوله في حسنة حفص بن البختريّ : (يقضي ما اختصر من طوافه) .[ ح 1 / 7565] الطواف في هذا الخبر ونظائره: الشوط، كما قال جدّي قدس سره في شرح الفقيه ، (13) ويشعر بذلك قوله عليه السلام : «ما اختصر »، وقوله عليه السلام : «يعيد الطواف الواحد» في جواب قول السائل : واختصر شوطا واحداً، (14) صريح فيه، وإطلاق الطواف على الشوط منه شائع ، بل هو أفصح من الشوط على ما قال الشيخ قدس سره في الخلاف: «الأفضل أن يقال: طواف، وطوافان، وثلاثة أطواف، وإن قال شوطا وشوطين وثلاثة أشواط جاز ». (15) وحكي عن الشافعيّ ومجاهد أنّهما كرها ذكر الشوط ، (16) وظاهره أنّهما أرادا بالكراهة عدم الجواز، حيث احتجّ على ما ذهب إليه بأصل الإباحة بعد الإجماع ، فالزيادة الواقعة في الطواف بهذا الشوط المختصر مفقودة .

.


1- . الفقيه، ج 2، ص 398، ح 2806. ورواه الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 109، ح 353؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 356، ح 17938 .
2- . الفقيه، ج 2، ص 399، ح 2808؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 357، ح 17941 .
3- . الكافي، باب حج إسماعيل و إبراهيم و... ، ح 15؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 353، ح 17928.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 469، ح 1643؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص 276، ح 6535 ؛ وج 13، ص 355، ح 17933 .
5- . تهذيب الأحكام، ج 4، ص 474، ح 1670؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص 276، ح 6534 .
6- . روضة المتّقين، ج 4، ص 17.
7- . نسبه الشهيد قدس سره في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 394، الدرس 103 إلى المشهور.
8- . فتح العزيز، ج 7، ص 296 297.
9- . صحيح البخاري، ج 2، ص 156 كتاب الحجّ؛ وج 8 ، ص 132، كتاب التمنّي. ورواه مسلم في صحيحه، ج 4، ص 100؛ والبيهقي في السنن الكبرى، ج 5 ، ص 89 ، باب موضع الطواف.
10- . صحيح البخاري، ج 2، ص 156. ورواه مسلم في صحيحه، ج 4، ص 97؛ وأحمد في مسنده، ج 6 ، ص 57 ؛ والدرامي في السنن، ج 2، ص 53 54 ؛ والنسائي في السنن، ج 5 ، ص 215؛ وفي السنن الكبرى، ج 2، ص 391، ح 3885 .
11- . صحيح البخاري، ج 2، ص 156، كتاب الحجّ؛ وج 4، ص 118، كتاب بدء الخلق؛ و ج5 ، ص 150، كتاب تفسير القرآن؛ ورواه الشافعيّ في مسنده، ص 129، كتاب المناسك؛ و أحمد في مسنده، ج 6 ، ص 113 و 177 و 247؛ ومسلم في صحيحه، ج 4، ص 97؛ و النسائي في السنن الكبرى، ج 2، ص 391، ح 3883؛ وج 6 ، ص 290، ح 10999.
12- . صحيح البخاري، ج 2، ص 157؛ و رواه البيهقي في السنن الكبرى، ج 5 ، ص 89 ، باب موضع الطواف.
13- . روضة المتّقين، ج 4، ص 551 .
14- . هذه العبارات من رواية الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 398، ح 2806؛ والشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 109، ح 353. وسائل الشيعة، ج 13، ص 356، ح 17938.
15- . الخلاف، ج 2، ص 322، المسألة 128.
16- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 55 56 .

ص: 240

. .

ص: 241

. .

ص: 242

. .

ص: 243

باب من طاف على غير وضوء

باب من طاف على غير وضوءلقد أجمع الأصحاب على اشتراط الطواف الواجب بالطهارة عن الحدث مطلقا ، وأمّا المندوب فالمشهور عدم اشتراطه بالطهارة من الحدث الأصغر وإن اشترطت صلاته بها. وهذا التفصيل هو المستفاد من الجمع بين أخبار، منها : ما رواه المصنّف قدس سره في الباب . ومنها : ما رواه الصدوق رضى الله عنه في الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا بأس بأن يقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلّا الطواف بالبيت ، والوضوء أفضل ». (1) ومنها : ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهماالسلامفي الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : «يخرج ويتوضّأ »، (2) الخبر . وقد سبق عن عبداللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة، (3) عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : إنّي أطوف طواف النافلة وأنا على غير وضوء ، فقال : «توضّأ وصلِّ وإن كنت متعمّداً ». (4) وفي الموثّق عن عبيد بن زرارة، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل طاف على غير وضوء ، فقال : «إن كان تطوّعا فليتوضّأ وليصلِّ ». (5) وفي الصحيح عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل طاف تطوّعا وصلّى ركعتين وهو على غير وضوء؟ فقال : «يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف ». (6) ومنها : ما رواه في المختلف (7) في الصحيح عن رفاعة بن موسى، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أشهد شيئا من المناسك وأنا على غير وضوء ، قال : «نعم، إلّا الطواف بالبيت فإنّ فيه صلاة ». (8) وفي الموثّق عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سُئل: أنُسُكٌ من المناسك على غير وضوء؟ فقال : «نعم، إلّا الطواف بالبيت فإنّ فيه صلاة ». (9) وحكى في المختلف (10) عن أبي الصلاح اشتراط المندوب أيضا بها (11) محتجّا بعموم قوله عليه السلام : «الطواف بالبيت صلاة ». وبالموثّق المذكور ، فتأمّل . وأمّا الطهارة عن الحدث الأكبر فمشترطة فيه أيضا إجماعا . ويدلّ عليه ما دلّ على عدم جواز دخول المحدث بذلك الحدث في المسجد الحرام، وقد سبق في كتاب الطهارة، وخصوص صحيحة عليّ بن جعفر، (12) وأخبار عدول الحائض والنفساء من التمتّع إلى الإفراد ، وأخبار القطع للحيض، وقد سبق بعضها ويأتي بعض آخر في مواضعها . وهل تقوم الطهارة الترابيّة مقام الطهارة المائيّة مع تعذّرها فيه؟ فالظاهر ذلك، لعموم قوله عليه السلام : «وكلّ شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت» فيما سيأتي من خبر عبد الرحمن بن أبي عبداللّه . (13) قال صاحب المدارك : واعلم أنّ المعروف من مذهب الأصحاب استباحة الطواف بالطهارة الترابيّة ، ويدلّ عليه عموم قوله عليه السلام في صحيحة جميل : «إنّ اللّه جعل التراب طهوراً كما جعل الماء طهوراً ». (14) وفي صحيحة ابن مسلم (15) : «هو بمنزلة الماء ». (16) وذهب فخر المحقّقين إلى أنّ التيمّم لا يبيح للجنب الدخول في المسجدين ولا اللبث فيما عداهما [ من المساجد]، (17) ومقتضاه عدم استباحة الطواف به أيضا، وهو ضعيف . (18) انتهى . وحكي في العزيز عن أبي حنيفة أنّه قال : لو طاف جُنبا أو محدثا أو عاريا أو طافت المرأة حائضا لزمت الإعادة ما لم يفارق مكّة، فإن فارقها أجزأه دم شاة إن طاف مع الحدث، وبدنة إن طاف مع الجنابة . (19) وأمّا الطهارة عن الخبث فقد اختلف في اشتراطه بها ، والمشهور بين الأصحاب الاشتراط واحتجّوا عليه بقوله عليه السلام : «الطواف بالبيت صلاة ». (20) واحتجّ الشيخ عليه في الخلاف بالإجماع والاحتياط ، (21) وفي التهذيب بخبر يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف؟ قال : «ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه، ثمّ يخرج فيغسله، ثمّ يعود فيتمّ طوافه ». (22) ويؤيّده ما رواه الصدوق عن حبيب بن مظاهر، قال : ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه، فخرجت فغسلته فابتدأت الطواف ، (23) الحديث ، وقد سبق . وهؤلاء اتّفقوا على أنّه إنّما يعيد الطواف كلّاً أو بعضا مع العلم بالنجاسة لا مع الجهل والنسيان، وهو المستفاد من الخبرين، وعليه حملوا ما سيأتي من مرسلة ابن أبي نصر. (24) وإطلاق عبارات أكثرهم يعطي عدم الفرق في ذلك في الطواف بين الواجب والمندوب، وفي الطائف بين الرجل والمرأة ، وفي النجاسة بين المعفوّ عنها في الصلاة وغيرها . وصرّح جماعة منهم العلّامة في المنتهى (25) وابن إدريس بالتعميم الأخير . واحتجّ عليه في السرائر (26) بعموم الدليل من غير مخصّص وعدم جواز قياسه على الصلاة ، وقيّده الشيخ في التهذيب بالرّجل ساكتا عن حكم المرأة، فقال : «ولا يجوز أن يطوف الرّجل وفي ثوبه شيء من النجاسات من الدم وغيره »، (27) وهو ظاهره في المبسوط، حيث قال : ولا يجوز أن يطوف وفي ثوبه شيء من النجاسة، فإن لم يعلم ورأى في خلال الطواف النجاسة رجع فغسل ثوبه ثمّ عاد فتمّم طوافه، فإن علم بعد فراغه من الطواف مضى طوافه وصلّى في ثوب طاهر . (28) واللّه أعلم بما في الضمائر ، فإن أراد التخصيص لتقييد ما تقدّم عن يونس بن يعقوب ففيه: أنّه من حكاية حال السائل، وهو غير موجب للتخصيص لا سيّما مع عموم ما عداه من الأدلّة السابقة . نعم ، لا يبعد تخصيص النجاسة بغير المعفوّ عنها في الصلاة؛ لظهور تشبّهه بالصلاة في ذلك، إلّا أن يقال بتحريم إدخال مطلق النجاسة في المسجد، ولم يثبت ، بل خبر ابن أبي نصر، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : رجل في ثوبه دم ممّا لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه ، فقال : «أجزأه الطواف فيه، ثمّ ينزعه ويصلّي في ثوب طاهر » (29) يدلّ على جواز الطواف مع مطلق النجاسة، فلا يبعد الجمع بينه وبين ما تقدّم بالقول بالكراهة مطلقا، كما ذهب إليه ابن حمزة (30) على ما حكاه عنه في المختلف . (31) وعن ابن الجنيد (32) كراهة الطواف فيما لا تحلّ الصلاة فيها محتجّا بهذا الخبر، وبالأصل، وبأنّه ليس له حرمة الصلاة. والاحتياط واضح . واستثني منها دم الاستحاضة، إذا عملت المستحاضة بشرائطها فيجوز طوافها إجماعا؛ لما رواه الشيخ عن المصنّف في الحسن عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إنّ أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر، فأمرها رسول اللّه صلى الله عليه و آله حين أراد الإحرام من ذي الحليفة أن تحتشي بالكرسف والخرق وتهلّ بالحجّ »، قال : «فلمّا قدموا ونسكوا المناسك وقد أتى لها ثمانية عشر يوما، فأمرها رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن تطوف بالبيت وتصلّي ولم ينقطع عنها الدم ففعلت [ ذلك]. (33) وعنه بإسناده عن يونس بن يعقوب، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المستحاضة تطوف بالبيت وتصلّي ولا تدخل الكعبة ». (34) وعن عبد الرحمن بن أبي عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المستحاضة، أيطأها زوجها؟ وهل تطوف بالبيت؟ قال : «تقعد قرؤها التي كانت تحيض فيه، فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به، ولو كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين، ولتغتسل ولتستدخل كرسفا، فإذا ظهر عن الكرسف فلتغتسل، ثمّ تضع كرسفا آخر، ثمّ تصلّي، فإن كان دما سائلاً فلتؤخّر الصلاة إلى الصلاة، ثمّ تصلّي صلاتين بغسل واحد، وكلّ شهر استحلّت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت ». (35) وأمّا السعي فغير مشترط بالطهارة مطلقا على المشهور، وسيأتي القول فيه إن شاء اللّه تعالى .

.


1- . الفقيه، ج 2، ص 339 340، ح 2810؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 374، ح 17992 .
2- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 118، ح 384؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 378، ح 18004 .
3- . في الهامش بخطّ الأصل: «في طريقه النخعي، وهو مشترك، منه عفي عنه».
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 117، ح 383؛ الاستبصار، ج 2، ص 222 223، ح 767؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 376 377، ح 18000 .
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 117، ح 382؛ الاستبصار، ج 2، ص 222، ح 766؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 376، ح 17999 .
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 118، ح 385؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 376، ح 17998 .
7- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 199.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 154 155، ح 510 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 241، ح 838 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 493 494، ح 18286 .
9- . هذا هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 116، ح 379؛ الاستبصار، ج 2، ص 222، ح 763؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 376، ح 17997 .
10- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 199.
11- . الكافي في الفقه، ص 195.
12- . هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 375، ح 17995.
13- . وسائل الشيعة، ج 2، ص 375، ح 2397؛ وج 13، ص 462 463، ح 18217.
14- . الفقيه، ج 1، ص 109، ح 224؛ تهذيب الأحكام، ج 1، ص 404، ح 1264؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 133، ح 322 .
15- . كذا بالأصل والمصدر، ولم أعثر على الحديث برواية محمّد بن مسلم، والصحيح «حمّاد بن عثمان»، اُنظر مصادر الحديث.
16- . تهذيب الأحكام، ج 1، ص 200، ح 581 ؛ الاستبصار، ج 1، ص 163، ح 566 ؛ وسائل الشيعة، ج 3، ص 379، ح 3918، وفي الجميع عن حمّاد بن عثمان .
17- . إيضاح الفوائد، ج 1، ص 66 .
18- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 115 116، ومابين الحاصرتين منه.
19- . فتح العزيز، ج 7، ص 288.
20- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 84 85 ، المسألة 451؛ سنن الدارمي، ج 2، ص 44؛ سنن النسائي، ج 5 ، ص 222؛ والسنن الكبرى له أيضا، ج 2، ص 406، ح 3944؛ المستدرك للحاكم، ج 1، ص 459، و ج 2، ص 267؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 85 و 87 .
21- . الخلاف، ج 2، ص 322، المسألة 129.
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 126، ح 415؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 399، ح 18060 .
23- . الفقيه، ج 2، ص 395، ح 2798؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 379، ح 18006.
24- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 399، ح 18061.
25- . منتهى المطلب، ج 2، ص 690 .
26- . السرائر، ج 1، ص 574 .
27- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 126، بعد الحديث 414.
28- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 358 359. ومثله في النهاية، ص 240.
29- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 126 127، ح 416؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 399، ح 18061 .
30- . الوسيلة، ص 173.
31- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 198.
32- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 198.
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 399، ح 1388؛ وهو الحديث الأوّل من باب أنّ المستحاضة تطوف بالبيت من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 384، ح 2417؛ وج 13، ص 462، ح 18215 .
34- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 399، ح 1389؛ و هو الحديث الثاني من باب أنّ المستحاضة تطوف بالبيت من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 462، ح 18216 .
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 400، ح 1390؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 375، ح 2397 .

ص: 244

. .

ص: 245

. .

ص: 246

. .

ص: 247

. .

ص: 248

باب من بدأ بالسّعي قبل الطواف أو طاف وأخّر السعي

باب من بدأ بالسّعي قبل الطواف أو طاف وأخّر السعيفيه مسألتان :الاُولى : يجب الترتيب بين طواف الزيارة والسعي تقديما للطواف، وهو ممّا أجمع عليه الأصحاب، ولا مخالف له من العامّة أيضا وإن اختلفوا في صحّة النكس وعدمها في الجملة على ما ستعرف . ويدلّ على ذلك موثّق إسحاق بن عمّار (1) وخبر منصور بن حازم . (2) ويؤيّدهما ما رواه العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه سعى بعد طوافه (3) وقال : «خذوا عنّي مناسككم ». (4) والأخبار الواردة في مناسك الحجّ والعمرة حيث ذكر فيها الطواف أوّلاً ثمّ السعي ، وفي بعضها عطف السعي على الطواف بلفظة «ثمّ» الدالّة صريحا على التعقيب ، فلو نكس أعاد السعي مطلقا إجماعا من الأصحاب، وفاقا لمالك والشافعيّ وأحمد في إحدى الروايتين، على ما حكاه عنهم في المنتهى، (5) وهو المستفاد من بعض ما أشرنا إليه من الأخبار . وعن أحمد في رواية اُخرى عدم وجوب إعادته مع النسيان . (6) وظاهر بعض الأخبار الإجزاء فيما إذا قدّم السعي وذكر ذلك بعد خروج ذي الحجّة ، رواه منصور بن حازم في الصحيح، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا والمروة، قال : «يرجع فيطوف بالبيت، ثمّ يستأنف السعي »، قلت : إنّ ذلك قد فاته؟ قال : «عليه دم ، ألا ترى أنّك إذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن تعيد على شمالك ». (7) ولم أجد تصريحا بذلك في كلام الأصحاب نفيا وإثباتا، ولو ذكر نقصانا من الطواف في أثناء السعي يقطعه ويعود، فيتمّ طوافه أو يستأنفه على ما مضى . وأمّا السعي فالبناء على ما فعله من أشواطه أو استئنافه مبني على البناء والاستئناف في الطواف، فمتى يبني على الطواف يبني عليه أيضا وإن كان شوطا واحداً على ما هو المشهور من عدم اعتبار تواصل أربعة أشواط في البناء عليه . وأمّا على معتقد المفيد (8) وأبو الصلاح (9) وسلّار (10) من اشتراط البناء فيه أيضا على التواصل المذكور فيستأنفه مع عدمه، وكما وجب تقديم الطواف وجب تقديم ركعتيه أيضا إجماعا. ويقتضي ذلك وجوب إعادة السعي لو سعى قبلهما مطلقا، لكن الأخبار التي تأتي في باب السهو في ركعتي الطواف تدلّ على إجزاء السعي لو ذكر بعده أنّه لم يصلّهما، وإنّما عليه أداء الصلاة ، والظاهر وفاق الأصحاب على ذلك . واختلف الأخبار والأقوال فيما لو ذكرهما في أثنائه، فالمشهور وجوب العود إلى المسجد لهما، ثمّ إلى المسعى لإتمام السعي من حيث قطع . ويدلّ عليه صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن رجل يطوف بالبيت، ثمّ ينسى أن يصلّي الركعتين حتّى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقلّ من ذلك ، قال : «ينصرف حتّى يصلّي الركعتين، ثمّ يأتي مكانه الذي كان فيه ويتمّ سعيه ». (11) وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتّى طاف بين الصفا والمروة ثمّ ذكر ، قال : «يعلم ذلك المكان، ثمّ يعود فيصلّي الركعتين، ثمّ يعود فيصلّي الركعتين، ثمّ يعود إلى مكانه ». (12) وقال الصدوق رضى الله عنه في الفقيه بعد أن أورد صحيحة معاوية وقد رخّص له أن يتمّ سعيه، ثمّ يرجع فيركع خلف المقام ، روى ذلك محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، فبأيّ الخبرين أخذ جاز . (13) الثانية : قال الشيخ في المبسوط : «من طاف بالبيت جاز له أن يؤخّر السعي إلى بعد ساعة، ولا يجوز أن يؤخّر ذلك إلى غد يومه ». (14) وبه قال ابن إدريس (15) والمحقّق فى¨ النافع . (16) واحتجّ عليه في التهذيب بصحيحة عبداللّه بن سنان، وقد رواها بزيادة في آخرها، وهي قوله : قال : «وربّما رأيته يؤخّر السعي إلى الليل ». (17) وبمضمر العلاء بن زرين . (18) ويدلّ عليه أيضا صحيحة رفاعة، (19) وما رواه الصدوق في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا، أيؤخّر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : «لا ». (20) وذهب المحقّق في الشرائع (21) إلى جواز تأخيره إلى الغد، وكأنّه قال به مع الكراهة كما نسبها جدّي قدس سرهفي شرح الفقيه (22) إلى بعض الأصحاب؛ حملاً للنهي في صحيحة عبداللّه بن سنان على الكراهة؛ عملاً بإطلاق صحيحة محمّد بن مسلم، قال : سألت أحدهما عليهماالسلامعن رجل طاف بالبيت فأعيا، أيؤخّر الطواف بين الصفا والمروة؟ فقال : «نعم ». (23) وخّص على المشهور بما قبل الغد؛ للجمع بينها وبين ما سبق . وعلى أيّ حال فالظاهر صحّة الحجّ ، وصرّح بذلك بعضهم ، ففائدة الخلاف إنّما ترجع إلى الإثم وعدمه .

.


1- . هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 413 414، ح 18095 .
2- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وعنه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 129، ح 426؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 413، ح 18094 .
3- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 142، وانظر: سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1023، ح 3074؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 40؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 425، ح 1905؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 7.
4- . السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 125. و ورد بدون الفظة «عنّي»: مسند أحمد، ج 3، ص 318؛ سنن النسائي، ج 5 ، ص 270؛ والسنن الكبرى له أيضا، ج 2، ص 425، ح 4016؛ مسند أبي يعلى، ج 4، ص 111، ح 2147؛ صحيح ابن خزيمة، ج 4، ص 277 278.
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 708.
6- . اُنظر: المغني لابن قدامة، ج 3، ص 408 409؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 408 409.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 129 130، ح 427؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 413، ح 18093 .
8- . المقنعة، ص 441.
9- . الكافي في الفقه، ص 196.
10- . المراسم العلويّة، ص 124.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 143، ح 474؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 438، ح 18160 .
12- . الفقيه، ج 2، ص 407، ح 2831؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 438، ح 18158 .
13- . نفس المصدر.
14- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 359. ومثله في النهاية، ص 240.
15- . السرائر، ج 1، ص 574 .
16- . المختصر النافع، ص 95.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 128 129، ح 423. و رواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 229، ح 790؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 410، ح 18088 .
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 129، ح 425؛ الاستبصار، ج 2، ص 229، ح 792؛ وهذا هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 405، ح 2827؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 411، ح 18090 .
19- . هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 412، ح 18092.
20- . الفقيه، ج 2، ص 405، ح 2827؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 411، ح 18089.
21- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 202.
22- . روضة المتّقين، ج 4، ص 566 .
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 129، ح 424؛ الاستبصار، ج 2، ص 229، ح 791؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 411، ح 18089 .

ص: 249

. .

ص: 250

. .

ص: 251

. .

ص: 252

باب طواف المريض ومن طاف محمولاً من غير علّة

باب طواف المريض ومن طاف محمولاً من غير علّةالمشهور بين الأصحاب ما ذكره الشيخ في التهذيب من قوله : وأمّا المريض فعلى ضربين، فإن كان مرضه مرضا يستمسك معه الطهارة فإنّه يُطاف به ولا يطاف عنه ، وإن كان مرضه مرضا لا يستمسك معه بالطهارة فإنّه ينتظر به، إن صلح طاف هو بنفسه وإن لم يصلح طيف عنه، ويصلّي هو الركعتين . (1) ومثله في السرائر . (2) وأرادا بقولهما : «ينتظر به» ما إذا اتّسع الوقت ، فمع الضيق يطاف عنه أيضا ، وقد صرّح بذلك في المنتهى، قال : «وإن كان المريض لا يستمسك الطهارة طِيفَ عنه مع ضيق الوقت، وينتظر به مع السعة، فإن برأ وإلّا طيف عنه؛ للضرورة». (3) فله ثلاث حالات : أحدها : أن يكون مأمونا منه الحدث وأمكن أن يُطاف به وحينئذٍ يجب أن يُطاف به، ولا يجوز تأخيره على ما مرّ ولا أن يُطاف عنه . وثانيها : أن يكون الحدث منه مأمونا لكن لا يمكن أن يطاف به . وثالثها : أن لا يكون مأمونا منه الحدث ، وفي هاتين لابدّ أن يؤخّر الطواف إلى زوال العذر مع السعة، وإلّا فيطاف عنه . ويدلّ على الاُولى ما رواه المصنّف في الباب، (4) وما رواه الصدوق في الموثّق عن أبي بصير، أنّ أبا عبداللّه عليه السلام مرض، فأمر غلمانه أن يحملوه ويطوفوا به، وأمرهم أن يخطّوا برجله الأرض حتّى تمسّ الأرض قدماه في الطواف . (5) وما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل المريض يقدم مكّة فلا يستطيع أن يطوف بالبيت ولا يأتي بين الصفا والمروة؟ قال : «يُطاف به محمولاً يخطّ الأرض برجليه حتّى تمسّ الأرض قدميه في الطواف، ثمّ يوقف به في أصل الصفا والمروة إذا كان معتلاً ». (6) وفي الصحيح عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل يُطاف به ويُرمى عنه، قال : «نعم إذا كان لا يستطيع ». (7) وفي الموثّق عن إسحاق بن عمّار، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن المريض يُطاف عنه بالكعبة ، قال : «لا ، ولكن يطاف به ». (8) ويظهر من بعض الأخبار أنّ ذلك فيما إذا كان للمريض إدراك وشعور، وإلّا فيطاف عنه ، رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويُطاف عنه ». (9) والظاهر التخيير بين الأمرين هنا؛ للجمع بينه وبين ما رواه المصنّف من موثّق إسحاق بن عمّار؛ (10) حملاً لقوله عليه السلام : «لا » فيه على نفي التحتّم لا على نفي الجواز . ويدلّ على هذا التخيير صريحا ما رواه المصنّف في الحسن عن معاوية بن عمّار فقط عن أبي عبداللّه عليه السلام ، (11) وما رواه الشيخ عن إبراهيم الأسدي، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا كانت المرأة مريضة لا تعقل فليُحرم عنها، وعليها ما يتّقى على المحرم، ويُطاف بها أو يطاف عنها ويرمى عنها ». (12) ولكن لم أجد القول به في كتب الأصحاب ، وحمل ذلك الصحيح وهذا الحسن على المغلوب الذي لا يؤمن منه الحدث كما فعله الشيخ في التهذيب (13) محتملاً ، لكن مع بعد، فتأمّل . وأمّا الأخيرتان فيدلّ عليهما حسنة عبدالرحمن (14) بن الحجّاج ومعاوية بن عمّار، (15) وما رواه الشيخ في الصحيح عن حبيب الخثعميّ وهو ابن المعلَّل الإماميّ المداينيّ الثقة (16) عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يُطاف عن المبطون والكسير ». (17) وعن يونس بن عبد الرحمن البجليّ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام أو كتبت إليه أسأله عن سعيد بن يسار أنّه سقط عن جمله فلا يستمسك بطنه، أطوف عنه وأسعى؟ قال : «لا ، ولكن دعه، فإن برئ قضى، وإلّا فاقض أنت عنه »، (18) على ما هو الظاهر من أنّ الأمر بالقضاء عنه فيما إذا خيف الفوات . وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الكسير يحمل فيطاف به، والمبطون يرمي ويطاف عنه ويصلّى عنه ». (19) ثمّ الظاهر من إطلاق الأخبار وفتاوى أكثر العلماء الأخيار امتداد وقت الطواف اضطراراً إلى آخر ذي الحجّة، (20) ويتبعه امتداد وقت الانتظار مطلقا وإن عرضت العلّة بعد أربعة أشواط من الطواف . وقد ورد في بعض الأخبار الاستنابة لإتمام الطواف من غير انتظار إذا اعتلّ بعد أربعة أشواط منه، وقبلها بعد انتظار يوم ويومين، ولا يبعد القول بجوازه ، رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن رجل طاف بالبيت بعض طوافه طواف الفريضة، ثمّ اعتلّ علّة لا يقدر معها على تمام طوافه، قال : «إذا طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط وقد تمّ طوافه ، وإن كان طاف ثلاثة أشواط وكان لا يقدر على التمام فإنّ هذا ممّا غلب اللّه عليه، فلا بأس أن يؤخّره يوما أو يومين، فإن كانت العافية وقدر على الطواف طاف اُسبوعا، وإن طالت علّته أمرَ مَنْ يطوف عنه اُسبوعا ويصلّي عنه وقد خرج من إحرامه ، وفي رمي الجمار مثل ذلك ». (21) ثمّ قال الشيخ : وفي رواية محمّد بن يعقوب : «ويصلّي هو ». (22) وفي السرائر بعدما حكينا عنه: «ومَن طاف بالبيت أربعة أشواط ثمّ مرض ينتظر به يوم أو يومان، فإن صلح تمّم طوافه، وإن لم يصلح أمر من يطوف عنه ما بقي عليه، ويصلّي هو الركعتين ». (23) ولم أجد به خبراً، ولا في كلام غيره منه أثراً . (24) وهل تجوز الاستنابة للمعذور في صلاته أيضا؟ صرّح جماعة منهم الشيخ وابن إدريس (25) إلى عدمه قائلين: «إنّه يصلّي هو الركعتين» على ما حكينا عنهما. وإطلاقهم يعطي عدم جواز استنابة لها ووجوب فعلها عليه ولو في غير المسجد . ويدلّ عليه ما رويناه عن الشيخ عن محمّد بن يعقوب ، ويؤيّده أنّ معظم الصلوات لا يسقط عمّن هو بصفة التكليف على حال ، بل يصلّي على أيّ حال أمكن ، فصلاة الطواف أيضا ينبغي أن تكون كذلك ، ولا يبعد القول بذلك مع بقاء الشعور والإدراك. ولو لم يكن مستمسكا للطهارة فيصلّي في غير المسجد؛ للضرورة . وحمل الشيخ في التهذيب هذا الخبر على مَن استمسك طهارته؛ للجمع بينه وبين ما سبق من صحيح معاوية بن عمّار وخبر إسحاق بن عمّار الدالّين على أنّه يصلّي أيضا عنه؛ حملاً لهما على من لم يستمسك طهارته ، فقال بعدما رويناه عنه أخيراً عن إسحاق بن عمّار: وفي رواية محمّد بن يعقوب : «ويصلّي هو» يعني بذلك متى استمسك طهارته صلّى هو بنفسه، ومتى لم يقدر على استمساكه صُلِّيَ عنه وطيف عنه حسبما قدّمناه. (26) وكما يجوز حمل الطائف لعذر جاز أيضا حمل الساعي معه إجماعا وإن خلت كتب الأكثر عنه نفيا وإثباتا . ثمّ المشهور إجزاء هذا الطواف والسعي ، وحكى في الدروس عن ابن الجنيد وجوب إعادتهما، (27) والأصل وظاهر الأخبار من غير معارض وتحقّق الامتثال تدفعه . هذا ، وأمّا الحمل من غير عذر فيهما فهو حرام، وطواف المحمول وسعيه كذلك غير مجز على ما هو المستفاد من الأخبار وكلام الأصحاب، ولا تحمله على الراكب فيهما؛ لبطلان القياس عندنا . وأمّا طواف الراكب من غير عذر فقد أجمع أهل العلم على إجزائه، واختلفوا في جوازه ، والمشهور بين الأصحاب جوازه، لكن مع الكراهة، (28) لما ثبت من الطريقين من فعل النبيّ صلى الله عليه و آله ، فأمّا من طريق الأصحاب فمنها: ما سيرويه المصنّف في باب نوادر الطواف من حسنة عبداللّه بن يحيى الكاهلي . (29) ومنها : ما رواه الصدوق عن محمّد بن مسلم، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «حدّثني أبي: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه وسعى عليها بين الصفا والمروة ». (30) وقال: في خبر آخر : إنّه كان يقبّل الحجر بالمحجن . (31) ومن طريق العامّة عن جابر، قال : طاف رسول اللّه صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة، ليراه الناس وليشرف عليهم ليسألوه، فإنّ الناس غشوة . (32) وهو محكي في الخلاف (33) والمنتهى (34) عن الشافعيّ . (35) وحكى في المختلف (36) عن ابن زهرة (37) عدمه ، ونقل في الخلاف (38) ذلك عن أبي حينفة، وأنّه لو طاف كذلك وجب عليه الدم، (39) وهو منقول في المنتهى . (40) وفي العزيز عن مالك وأحمد أيضا . (41) وفي المنتهى: «احتجّ المخالف بأنّه عبادة واجبة تتعلّق بالبيت، فلا يجوز فعلها لغير عذر راكبا كالصلاة . وجوابه: الفرق؛ فإنّ الصلاة لا تصحّ راكبا، وهنا يصحّ ». (42) انتهى . وفيما ذكره من الفرق تأمّل، فإنّه تمسّك بعين المتنازع فيه ، والأظهر أن يعلّل الفرق بالنصّ ، ثمّ نقول: على القول بالتحريم ينبغي أن يكون الطواف باطلاً على ما هو شأن النهي في العبادة، والقول بإجزائه وجبرانه بدم محتاج إلى نصّ ودليل يعتدّ به . قوله : (عن محمّد بن الفضيل عن الربيع بن خثيم، قال : شهدت أبا عبداللّه عليه السلام ) . [ ح 1 / 7576] قال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : خثيم كزبير، وربيع بن خثيم هذا مجهول، ولا يحتمل أن يكون أحد الزهّاد الثمانية من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام فإنّه نقل أنّه مات قبل السبعين . ثمّ قال : ويحتمل أن يكون المراد بأبي عبداللّه الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليهما، ويكون الخبر مرسلاً عن محمّد بن الفضيل، لكنّه بعيد . (43)

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 122، ذيل الحديث 397.
2- . السرائر، ج 1، ص 573 .
3- . منتهى المطلب، ج 2، ص 701.
4- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
5- . الفقيه، ج 2، ص 403، ح 2820؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 392، ح 18038 .
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 123، ح 401؛ الاستبصار، ج 2، ص 225، ح 777؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 389، ح 18030 .
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 123، ح 402؛ الاستبصار، ج 2، ص 225 226، ح 778؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 389، ح 18031 .
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 123، ح 399؛ الاستبصار، ج 2، ص 225، ح 775؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 390، ح 18035 .
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 123، ح 403؛ الاستبصار، ج 2، ص 226، ح 779؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 393، ح 18042 .
10- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 123، ح 399؛ والاستبصار، ج 2، ص 225، ح 775. وسائل الشيعة، ج 13، ص 390، ح 18035 .
11- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 398، ح 1386؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 390، ح 18032 .
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 123، ذيل الحديث 402. ومثله في الاستبصار، ج 2، ص 226، ذيل الحديث ح 779.
14- . هذا هو الظاهر الموافق للمصدر، وفي الأصل: «معاوية» بدل «عبد الرحمن».
15- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5، ص 124، ح 404؛ والاستبصار، ج 2، ص 226، ح 780، وفيهما عبد الرحمن بن الحجّاج عن معاوية بن عمّار»؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 393 394، ح 18044 .
16- . رجال النجاشي، ص 141، الرقم 368.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 124، ح 405؛ الاستبصار، ج 2، ص 226، ح 781؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 394، ح 18046 .
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 124، ح 406؛ الاستبصار، ج 2، ص 226، ح 782؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 387، ح 18025 .
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 125، ح 409؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 394، ح 18047 .
20- . اُنظر: الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 457، الدرس 115؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 112.
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 124 125، ح 407؛ الاستبصار، ج 2، ص 226 227، ح 783؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 386 _387، ح 18024 .
22- . الكافي، باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلّة، ح 5 .
23- . السرائر، ج 1، ص 573 .
24- . بل قال به الشيخ في النهاية، ص 239؛ والمبسوط، ج 1، ص 358.
25- . نفس المصادر المتقدّمة.
26- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 125، ذيل الحديث 408 .
27- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 405، الدرس 105.
28- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 210.
29- . هي الحديث 16 من ذلك الباب؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 441، ح 18166 .
30- . الفقيه، ج 2، ص 402، ح 2818؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 442، ح 18167، وص 497، ح 18298.
31- . الفقيه، ج 2، ص 402، ح 2819؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 442، ح 18168.
32- . مسند أحمد، ج 3، ص 317، وص 333 334؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 67 68 ؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 420، ح 1880؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 413، ح 3969؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 100.
33- . الخلاف، ج 2، ص 326، المسألة 136.
34- . منتهى المطلب، ج 2، ص 697 . ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 111، المسألة 474.
35- . مسند الشافعي، ص 128؛ كتاب الاُمّ للشافعي، ج 2، ص 189؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 27 و 64 ؛ المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 45.
36- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 210.
37- . الغنية، ص 176.
38- . الخلاف، ج 2، ص 326.
39- . المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 44 45؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 128؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 415؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 394؛ المجموع ج 8 ، ص 27.
40- . منتهى المطلب، ج 2، ص 697 .
41- . فتح العزيز، ج 7، ص 316.
42- . منتهى المطلب، ج 2، ص 697 .
43- . روضة المتّقين، ج 4، ص 559 560 .

ص: 253

. .

ص: 254

. .

ص: 255

. .

ص: 256

. .

ص: 257

. .

ص: 258

باب ركعتي الطواف ووقتهما والقراءة فيهما والدُّعاء

باب ركعتي الطواف ووقتهما والقراءة فيهما والدُّعاءقد اشتهر بين الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا وجوب صلاة الطواف الواجب . (1) واحتجّوا عليه بالأمر بها في قوله تعالى : «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً» ، (2) وبأخبار متعدّدة تأتي الإشارة إليها . وبه قال أبو حنيفة والشافعيّ في قول. (3) وحكى الشيخ في الخلاف (4) والعلّامة في المنتهى (5) عن بعض الأصحاب استحبابها من غير أن تعيين قائله ، وبه قال الشافعيّ في قول آخر . (6) واحتجّ عليه في المنتهى بأنّها صلاة لا تشرع لها الأذان والإقامة، فلم تكن واجبة كسائر النوافل، وهو منقوض بصلاة الآيات ونحوها. (7) ومقام هذه الصلاة خلف مقام إبراهيم عليه السلام أو أحد جانبيه في الواجب مطلقا . ويدلّ على الخَلف ما سبق من الآية، وحسنة معاوية بن عمّار، (8) وصحيحة إبراهيم بن أبي محمود، (9) وخبر هشام بن المثنّى، (10) وما رواه الشيخ في الموثّق عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ثمّ تأتي مقام إبراهيم فتصلّي فيه ركعتين، واجعله اماما، واقرأ فيهما سورة توحيد «قل هو اللّه أحد » ، وفي الثانية قل يا أيّها الكافرون، ثمّ تشهّد واحمد اللّه واثن عليه ». (11) وعن صفوان بن يحيى، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ليس لأحد أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة إلّا خلف المقام؛ لقول اللّه عزّ وجلّ : «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً» ، فإن صلّيتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة ». (12) وما يرويه المصنّف في الباب الآتي من حسنة معاوية بن عمّار، (13) وما سنرويه في شرحه عن الشيخ قدس سرهمن صحيحة أبي بصير، (14) وخبر أبي عبداللّه الأبزاريّ . (15) واحتجّوا على أحد الجانبين بما ورد من لفظ المقام في مرسلة زرارة، (16) وما يأتي في الباب الآتي من خبر أبي الصباح الكنانيّ، (17) وموثّق عبيد بن زرارة، (18) وصحيحة محمّد بن مسلم، (19) وبلزوم الحرج لو اختصّ بالخلف . وعلى هذا فلو فعلها في غير ما ذكر تلزم الإعادة فيه . وذهب مالك إلى إجزائها في غير خلف المقام مع جبرانه بدم . (20) وذهب الشيخ في الخلاف إلى استحباب فعلها خلف المقام ، وقال : «فإن لم يفعل وفعل في غيره أجزأه». (21) وهو ظاهر ما نقل عن أبي الصلاح (22) من جواز فعلها في غير ما ذكر من المسجد . وعن الصدوقين من جواز ذلك في خصوص طواف النساء ، (23) وعن الثوريّ أنّه يأتي بها أيّ موضع شاء من الحرم ، (24) وبه قال الشافعيّ (25) محتجّا بأنّها صلاة فلا تختصّ بمكان كغيرها من الصلوات. وفيه: أنّه على تقدير تسليمه يدلّ على عدم اختصاصه بالحرم أيضا . هذا في حال الاختيار ، وأمّا في الاضطرار فقد قال الشيخ في التهذيب : «وإذا كان الزحام فلا بأس أن يصلّي الإنسان بحيال المقام »، واحتجّ عليه بخبر الحسين بن عثمان ، ورواه بسند آخر ضعيف بضميمة صريحة في أنّه عليه السلام صلّاهما هناك للضرورة وهي قوله : قال: «رأيت أبا الحسن عليه السلام يصلّي ركعتي الفريضة بحيال المقام قريبا من الظلال؛ لكثرة الناس ». (26) وأمّا صلاة الطواف المندوب فيجوز فعلها اختياراً أينما شاء من المسجد، والفضل في خلف المقام أو أحد جانبيه إجماعا . ويدلّ عليه بعض ما أشرنا إليه من الأخبار ، والمراد بالمقام حيث هو الآن إجماعا؛ لصحيحة إبراهيم بن أبي محمود، (27) ولظهور الأخبار في ذلك . هذا ، والمستفاد من الأخبار عدم كراهة تلك الصلاة في الأوقات المكروهة للطواف الواجب، وكراهتها للمندوب منه بعد صلاة الفجر وبعد بلوغ الشمس وبعد العصر إلى المغرب. وبه صرّح جماعة من الأصحاب، منهم العلّامة في المنتهى حيث قال : وقت ركعتي الطواف حين يفرغ منه، سواء كان بعد الغداة أو بعد القصر إذا كان طواف فريضة ، وإن كان طواف نافلة أخّرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة المغرب . (28) ومثله في التهذيب . (29) ويدلّ على حكم الواجب منها إطلاق أكثر الأخبار الواردة في الباب، وعموم صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : «أربع صلوات يصلّيها الرجل في كلّ حال : صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أدّيتها، وركعتي طواف الفريضة، وصلاة الكسوف، والصلاة على الميّت ». (30) وما روي عنهم عليهم السلام : «خمس صلوات تصليهنّ على كلّ حال : الصلاة على الميّت، وصلاة الكسوف، وصلاة الإحرام، وصلاة الطواف ، وصلاة الناسي في كلّ وقت ذكرها ». رواها المفيد قدس سره في باب الزيادات من أبواب نوافل الصلاة من المقنعة، (31) وخصوص حسنتي محمّد بن مسلم (32) ورفاعة (33) وموثّق إسحاق بن عمّار، (34) وما رواه الشيخ عن ميسر، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «صلِّ ركعتي طواف الفريضة بعد الفجر كان أو بعد العصر ». (35) وعن منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن ركعتي طواف الفريضة ، قال : «لا تؤخّرها ساعة، إذا طفت فصلِّ ». (36) وعلى حكم المندوب ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، قال : سألت الرضا عليه السلام عن صلاة التطوّع بعد العصر، فقال : فذكرت له قول بعض آبائه: إنّ الناس لم يأخذوا عن الحسن والحسين عليهماالسلام إلّا الصلاة بعد العصر بمكّة ، فقال : «نعم ، ولكن إذا رأيت الناس يقبلون على شيء فاجتنبه »، فقلت : إنّ هؤلاء يفعلون؟ فقال : «لستم مثلهم ». (37) وحمل هذا التفصيل خبر حكيم بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الطواف بعد العصر ، فقال : «طف طوافا، وصلِّ ركعتين قبل صلاة المغرب عند غروب الشمس، وإن طفت طوافا آخر فصلِّ الركعتين بعد المغرب ». وسألته عن الطواف بعد الفجر ، فقال : «طف حتّى إذا طلعت الشمس فاركع الركعات ». (38) وقد ورد كراهيّة الواجب أيضا عند طلوع الشمس واحمرارها واصفرارها ففي صحيحة محمّد بن مسلم، قال : سئل أحدهما عليهماالسلام عن الرجل يدخل مكّة بعد الغداة أو بعد العصر ، قال : «يطوف ويصلّي الركعتين ما لم يكن عند طلوع الشمس أو عند احمرارها ». (39) وفي صحيحته الاُخرى، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن ركعتي طواف الفريضة ، فقال : «وقتهما إذا فرغت من طوافك، وأكرهه عند اصفرار الشمس وعند طلوعها ». (40) وفي خبر عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي يطوف بعد الغداة أو بعد العصر وهو في وقت الصلاة، أيصلّي ركعات الطواف نافلةً كانت أو فريضة؟ قال : «لا ». (41) وحمل الشيخ الأوّلين على التقيّة ، والأخير على أنّه كان لم يصلِّ الحاضرة، فيكون الوقت لها للضيق . وجوّز في المدارك (42) العمل بهذه الأخبار بحمل الكراهة المنفيّة في الأخبار المتقدّمة على الكراهة المؤكّدة . وظاهر الشيخ المفيد عدم كراهة الصلاة للطواف مطلقا وإن كان مندوبا في تلك الأوقات، حيث روى في أبواب الزيادات من أبواب الصلوات المندوبة عن الصادقين عليهم السلام أنّهم قالوا : «خمس صلوات تصليهنّ على كلّ حال»، (43) الحديث، من غير نقل معارض له ولا تأويل . ويستحبّ القراءة فيهما بالتوحيد والجحد على ما دلّ عليه حسنة معاوية بن عمّار (44) وموثّقته (45) المتقدّمتين ومرسلة جميل بن درّاج (46) وصحيحة معاوية بن مسلم، قال : قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : «اقرأ في الركعتين للطواف بقل هو اللّه أحد وقل يا أيّها الكافرون ». (47)

.


1- . اُنظر: الخلاف، ج 2، ص 327، المسألة 138؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 94؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 84 ؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 133.
2- . البقرة (2): 125.
3- . الخلاف، ج 2، ص 327، المسألة 138؛ جامع الخلاف والوفاق، ص 66 ؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 49 و 51 ؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 148؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 401؛ شرح صحيح مسلم، ج 8 ، ص 176.
4- . الخلاف، ج 2، ص 327.
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 691 .
6- . فتح العزيز، ج 7، ص 306 307؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 401؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 8 ، ص 175.
7- . منتهى المطلب، ج 2، ص 691 .
8- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
9- . الحديث الرابع من هذا الباب.
10- . الكافي، باب السهو في ركعتي الطواف، ح 4؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 139، ح 460؛ الاستبصار، ج 2، ص 235، ح 817 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 429، ح 18131 .
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 104 105، ح 339؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 423، ح 18114 .
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 137، ح 451، وص 285، ح 969؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 296، ح 17786، وص 425، ح 18117 .
13- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
14- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 430، ح 18132.
15- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 425، ح 18118 .
16- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
17- . الحديث الأوّل من ذلك الباب.
18- . الحديث الثالث من ذلك الباب.
19- . الحديث السادس من ذلك الباب.
20- . الخلاف، ج 2، ص 327، المسألة 139. وفي المجموع للنووي، ج 8 ، ص 62 ؛ «وقال مالك: إذا صلّاهما في الحجر أعاد الطواف والسعي إن كان بمكّة، فإن لم يصلّهما حتّى رجع إلى بلاده أراق دما ولا إعادة عليه». ومثله في التمهيد، ج 4، ص 414؛ والاستذكار، ج 4، ص 189.
21- . الخلاف، ج 2، ص 327، المسألة 139.
22- . الكافي في الفقه، ص 157 158.
23- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 222 223؛ المقنع، ص 287. وحكاه عنهما العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 201.
24- . الخلاف، ج 2، ص 328؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 62 .
25- . فتح العزيز، ج 7، ص 309؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 53 ؛ شرح صحيح مسلم، ج 8 ، ص 175؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 96.
26- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 140، ح 364؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 433، ح 18143 .
27- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 422، ح 18112.
28- . منتهى المطلب، ج 2، ص 692 . ومثله في تحرير الأحكام، ج 1، ص 582 .
29- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 140 141، بعد الحديث 364.
30- . الفقيه، ج 1، ص 434، ح 1264؛ الخصال، ص 247، باب الأربعة، ح 107. ورواه الكليني في الكافي، باب التطوع في وقت الفريضة، ح 3؛ وسائل الشيعة، ج 4، ص 240، ح 5030 .
31- . المقنعة، ص 231.
32- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
33- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي.
34- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 141، ح 465؛ الاستبصار، ج 2، ص 236، ح 819 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 435، ح 18150 .
36- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 141، ح 466؛ الاستبصار، ج 2، ص 236، ح 820 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 435، ح 18149 .
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 142، ح 470؛ الاستبصار، ج 2، ص 237، ح 825 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 436 437، ح 18154 .
38- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 142، ح 469؛ الاستبصار، ج 2، ص 237، ح 824 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 434، ح 18153 .
39- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 141، ح 468؛ الاستبصار، ج 2، ص 237، ح 823 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 436، ح 18152 .
40- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 141، ح 467؛ الاستبصار، ج 2، ص 236، ح 822 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 435 436، ح 18151 .
41- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 142، ح 471؛ الاستبصار، ج 2، ص 237، ح 826 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 437، ح 18155 .
42- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 147.
43- . المقنعة، ص 231.
44- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
45- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 423، ح 18114.
46- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
47- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 136، ح 449؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 424، ح 18115 .

ص: 259

. .

ص: 260

. .

ص: 261

. .

ص: 262

. .

ص: 263

. .

ص: 264

باب السهو في ركعتي الطواف

باب السهو في ركعتي الطوافالمشهور بين الأصحاب أنّه لو نسي ركعتي الطواف الواجب رأسا أو فعلهما في غير المقام أعادهما فيه، وإن خرج من مكّة رجع مع المكنة، ومع عدمها ولو لمشقّة لا تتحمّل عادةً صلّى حيث ذكر؛ لخبر الكناني (1) وموثّق عبيد بن زرارة (2) ومرسلة حمّاد بن عيسى (3) وصحيحة محمّد بن مسلم . (4) ولما رواه الشيخ عن أحمد بن عمر الحلّال، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة فلم يذكر حتّى أتى منى ، قال : «يرجع إلى مقام إبراهيم عليه السلام فيصلّيهما ». (5) وفي الموثّق عن عبيد بن زرارة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة ولم يصلِّ الركعتين حتّى ذكر وهو بالأبطح، فصلّى أربعا ، قال : «يرجع فيُصلّي عند المقام أربعا ». (6) وعن عبداللّه بن مسكان، عن أبي عبداللّه الأبزاريّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل نسى فصلّى ركعتي طواف الفريضة في الحجر ، قال : «يعيدهما خلف المقام؛ لأنّ اللّه تعالى يقول : «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً» (7) يعني بذلك ركعتي طواف الفريضة ». (8) وعن ابن مسكان، قال : حدّثني مَن سأله عن الرجل نسي ركعتي طواف الفريضة حتّى يخرج ، فقال : «يوكّل ». (9) قال ابن مسكان: وفي حديث آخر : «إن كان جاوز ميقات أهل أرضه فليرجع وليصلّيهما، فإنّ اللّه تعالى يقول : «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً» ». (10) وعارضتها روايات دلّت على جواز فعلها موضع الذكر إذا ذكرها بعد الارتحال من مكّة، كحسنة معاوية بن عمّار، (11) وخبر هشام بن المثنّى، (12) وما رواه الشيخ عن حنّان بن سدير، قال : زرت فنسيت ركعتي الطواف، فأتيت أبا عبداللّه عليه السلام وهو بقرن الثعالب، (13) فسألته فقال : «صلِّ في مكانك ». (14) وعن ابن مسكان، عن عمر بن البراء، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يصلّي عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين للفريضة حتّى أتى منى ، قال : «يصلّيهما بمنى »، (15) وحملت على ما إذا شقّ عليه العود مستشهدين عليه بصحيحة أبي بصير، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل نسى أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام وقد قال اللّه تعالى : «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً» (16) حتّى ارتحل ، فقال : «إن كان ارتحل فإنّي لا أشقّ عليه ولا آمره أن يرجع، ولكن يصلّي حيث يذكر ». (17) واحتمل في الاستبصار (18) استحباب العود مطلقا وإن لم يشقّ العود؛ للجمع، وهو قوي ، وإن كان الأوّل أحوط . ولقد بالغ الشيخ في المبسوط حيث اعتبر في جواز فعلها في موضع الذكر عدم إمكان العود إلى مكّة ، فقال في فصل الطواف منه : ومَن نسي هاتين الركعتين أو صلّاهما في غير المقام ثمّ ذكرهما عاد إلى المقام وصلّى فيه، ولا يجوز له أن يصلّي في غيره ، فإن خرج من مكّة وقد نسي ركعتي الطواف فإن أمكنه الرجوع إليها رجع وصلّى عند المقام، وإن لم يمكنه الرجوع صلّى حيث ذكر ولا شيء عليه . (19) وقد عرفت قوله في الخلاف (20) باستحباب فعلها عند المقام، وهما في طرفي النقيض . وأوجب الشهيد العود إلى مكّة مع الإمكان، ومع تعذّره العود إلى الحرم إن أمكن، وإن تعذّر ذلك أيضا فحيث شاء من البقاع . (21) وكأنّهما أرادا بالتعذّر المشقّة التي لا تحتمل عادةً كما هو المشهور . وقد ورد في بعض الأخبار الاستنابة لها إذا خرج من مكّة، كخبر ابن مسكان المتقدّم، وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام، قال : سألته عن رجل نسي أن يصلّي الركعتين ، قال : «يصلّى عنه ». (22) ولا يبعد الجمع بين الأخبار بالتخيير بين العود والاستنابة لها ولو من منى . ويدلّ على التخيير صريحا ما رواه الصدوق في الصحيح عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام : «إن كان قد مضى قليلاً فليرجع فليصلّهما، أو يأمر بعض الناس فيصلّيهما عنه »، (23) فتأمّل . وأمّا الجاهل فظاهر الأكثر أنّه في حكم الناسي، وصرّح به في الدروس . (24) ويدلّ عليه ما رواه الصدوق في الصحيح عن جميل بن درّاج، عن أحدهما عليهماالسلامقال : «إنّ الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام بمنزلة الناسي ». (25) وأمّا العامد فلم أجد خبراً دالّاً على حكمه ، ومن ثمّ استشكل، فقد ذهب الشيخ في المبسوط إلى جواز الاستنابة له ، والظاهر أنّه قال بذلك مع تعذّر العود أو تعسّره، فقال في فصل فرائض الحجّ منه: «ويجب مع كلّ طواف ركعتان عند المقام، وهما فرضان، فإن تركهما متعمّداً قضاهما في ذلك المقام، فإن خرج سأل من ينوب عنه فيهما، ولا يبطل حجّه». (26) وفي المدارك : أمّا العامد فقال الشارح قدس سره (27) : «إنّ الأصحاب لم يتعرّضوا لذكره، والذي يقتضيه الأصل أنّه يجب عليه العود مع الإمكان ومع التعذّر يصلّيهما حيث أمكن »، (28) ولا ريب أنّ مقتضى الأصل وجوب العود مع الإمكان، وإنّما الكلام في الاكتفاء بصلاتهما حيث أمكن مع التعذّر أو بقائهما في الذمّة إلى أن يحصل التمكّن من الإتيان بهما في محلّهما ، وكذا الإشكال في صحّة الأفعال المتأخّرة عنهما، من صدق الإتيان بهما، ومن عدم وقوعهما على الوجه المأمور به . (29) انتهى .

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
2- . الحديث الثالث من هذا الباب.
3- . الحديث الخامس من هذا الباب.
4- . الحديث السادس من هذا الباب.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 140، ح 462؛ الاستبصار، ج 2، ص 234، ح 812 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 430، ح 18134 .
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 138، ح 456؛ الاستبصار، ج 2، ص 234، ح 811 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 428 429، ح 18128 .
7- . البقرة (2): 125.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 138، ح 454؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 425، ح 18118 .
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 140، ح 463؛ الاستبصار، ج 2، ص 234، ح 813 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 431، ح 18136 .
10- . نفس المصدَرَين؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 431، ح 18137.
11- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
12- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
13- . قرن الثعالب: هو قرن المنازل، وهو ميقات أهل نجد، وهو على مرحلتين من مكّة. شرح صحيح مسلم للنووي، ج 12، ص 155.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 138، ح 457؛ الاستبصار، ج 2، ص 234 235، ح 814 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 430، ح 18133 .
15- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 471، ح 1654؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 427، ح 18124 .
16- . البقرة (2): 125.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 140، ح 461؛ الاستبصار، ج 2، ص 235 236، ح 818 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 430، ح 18132 .
18- . الاستبصار، ج 2، ص 235.
19- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 360. ومثله في النهاية، ص 242.
20- . الخلاف، ج 2، ص 327، المسألة 139.
21- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 324 325، الدرس 85 .
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 471، ح 1652؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 428، ح 18126 .
23- . الفقيه، ج 2، ص 408، ح 2832؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 427، ح 18123 .
24- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 397، الدرس 103.
25- . الفقيه، ج 2، ص 408 409، ح 2834؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 428، ح 18125 .
26- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 383.
27- . في الأصل: «الشيخ» بدل «الشارح»، والمثبت من المصدر.
28- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 335.
29- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 136.

ص: 265

. .

ص: 266

. .

ص: 267

. .

ص: 268

باب نوادر الطواف

باب نوادر الطوافوفيه مسائل متفرّقه منه : الاُولى : يستفاد من خبر أحمد بن هلال (1) استحباب أن لا يزاحم صاحب النافلة صاحب الفريضة، ولا أهل مكّة الآفاقي ، وصرّح به الأكثر . الثانية : يستفاد من خبر أيّوب (2) استحباب القراءة في أثناء الطواف، بل رجحانها على الذكر . وبه صرّح الشيخ في الخلاف (3) محتجّا بأنّ كلّ ما ورد من فضل قراءة القرآن لا يختصّ بمكان دون مكان، وبعموم قوله تعالى : «فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ» (4) ، وقوله عزّ وجلّ : «فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ» . ونسبه في المنتهى (5) إلى علمائنا، واحتجّ عليه بما روته عائشة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يقول في طوافه : «رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الْأَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (6) . (7) وبما رواه الشيخ عن محمّد بن الفضيل: أنّه سأل محمّد بن عليّ الرضا عليه السلام فقال له : سعيت شوطا ثمّ طلع الفجر ، فقال : «صلِّ، ثمّ عد فأتمّ سعيك ، وطواف الفريضة لا ينبغي أن نتكلّم فيه إلّا بالدّعاء وذكر اللّه وقراءة القرآن »، قال : والنافلة يلقى الرجل أخاه المسلم فيسلّم ويحدّثه للشيء من أمر الآخرة والدُّنيا، قال: «لا بأس به». (8) وبأنّ الطواف كالصلاة، وأفضل الذكر في الصلاة القرآن ، وحكاه في الخلاف عن مجاهد والشافعيّ ، وعن مالك والأوزاعيّ كراهتها . (9) الثالثة : قد ورد النهي عن لبس البُرْطُلَة (10) في الطواف في خبر زياد بن يحيى الحنظليّ ، (11) والطواف فيه شامل للمندوب أيضا ، فالظاهر أنّ العلّة فيه ليست ستر الرأس، بل كونها من زيّ اليهود ، وقد ورد التصريح بذلك في خبر يزيد بن خليفة أنّه قال : رآني أبو عبداللّه عليه السلام أطوف حول الكعبة وعليَّ برطلة، فقال لي بعد ذلك : «رأيتك تطوف حول الكعبة وعليك برطلة، لا تلبسها حول الكعبة؛ فإنّها من زيّ اليهود ». (12) ويظهر من تأخيره عليه السلام ذلك النهي عن وقت مشاهدته طائفا مع البرطلة أنّه للتنزيه لا للتحريم، وهو المشهور بين الأصحاب في الطواف الذي لا يجب فيه ستر الرأس ، منهم الشيخ في التهذيب محتجّا عليه بالخبرين . (13) وأمّا الذي يجب فيه كشف الرأس كطواف العمرة، فلا ريب في تحريم لبسها ، وصرّح بذلك التفصيل جماعة، منهم ابن إدريس حيث قال: إنّه مكروه في طواف الحجّ، محرّم في طواف العمرة ، (14) وظاهر الشيخ في المبسوط التحريم مطلقا، فإنّه قال : «ولا يطوف الرجل وعليه برطلة». (15) من غير تقييد . وفي المنتهى: «قال الشيخ رحمه الله : لا يجوز الطواف وعلى الطائف برطلة (16) وأطلق ». (17) انتهى ، والتفصيل أجود؛ لما ذكر . الرابعة : قال الشيخ في التهذيب : «مَن نذر أن يطوف على أربع فليطف اُسبوعين، اُسبوعا ليديه واُسبوعا لرجليه ». (18) ومثله في المبسوط، (19) وظاهره عموم الحكم للرجل والمرأة، ومستند الحكم خبر أبي الجهم (20) والسكونيّ ، (21) وقصر المحقّق الحكم على المرأة؛ وقوفا فيما خالف الأصل على موضع النصّ . (22) وفي المنتهى: «الذي ينبغي الاعتماد عليه بطلان النذر في حقّ الرجل والتوقّف في حقّ المرأة ، فإن صحّ سند هذين الخبرين عمل بموجبهما، وإلّا بطل كالرجل ». (23) وقال ابن إدريس (24) : لا ينعقد هذا النذر أصلاً؛ لعدم مشروعيّة تلك الهيئة ، وإنّما قال بذلك بناءً على أصله ، وربّما قيل بانعقاد النذر دون الوصف بناءً على أنّ عدم مشروعيّة الوصف غير مستلزم لفساد الأصل ، فتأمّل . الخامسة : يستحبّ في أيّام الحجّ ثلاثمئة وستّون طوافا ومع التعسّر ثلاثمئة وستّون شوطا، إجماعا . (25) ويدلّ عليه حسنة معاوية بن عمّار، (26) وقد رواها الصدوق في الصحيح . (27) ولمّا كانت هذه الأشواط أحداً وخمسين طوافا وثلاثة أشواط قال جماعة منهم المحقّق (28) بالقران في الطواف الأخير على أن يكون عشرة أشواط ، واستثنوه من قاعدة كراهية القران في الطواف المندوب ، وقيل بإلحاق أربعة اُخرى . نقله العلّامة في المختلف (29) عن ابن زهرة، (30) ونفى عنه البأس، واستحسنه صاحب المدارك، وقال : «إنّما قالوا بذلك للحذر عن كراهة القران أو ليوافق عدد أيّام السنة الشمسيّة ». (31) انتهى . وأقول : هذا القول في غاية القوّة، لكن لا لما ذكر كما عرفت من جواز استثناء هذا الفرد من القران من قاعدة الكراهة، فمقتضى ذلك النصّ الحسن ، بل الصحيح؛ ولأنّه بزيادة الأربعة لا يوافق عدد الأشواط عدد أيّام السنة الشمسيّة حقيقةً، فإنّ السنة الشمسيّة الحقيقيّة ثلاثمئة وخمسة وستّون يوما وأربع وسبعون جزئا من ثلاثمئة جزء من يوم بليلته والا صطلاحية منها ثلاثمئة وخمسة وستون يوما وربع يوم، أو ثلاثمئة وخمسة وستّون يوما بلا كسر، على اختلاف الاصطلاحين على ما حقّقناه في حكم الكبيسة من كتاب الصوم _ بل للتصريح بذلك فيما رواه الشيخ قدس سرهفي باب زيادات الحجّ من التهذيب بسند صحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ، عن عليّ وكأنّه ابن أبي حمزة الثماليّ عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يستحبّ أن يطاف بالبيت عدد أيّام السنة، كلّ اُسبوع لسبعة أيّام، فذلك اثنان وخمسون اُسبوعا ». (32) فإن قيل : قد عبّر في خبر الكتاب عن ثلاثمئة وستّين بعدد أيّام السنة ، وفي خبر الشيخ عبّر عن ثلاثمئة وأربعة وستّين بذلك العدد، فما المراد بالسنة مع أنّهما لا يطابقان السنة الشمسيّة ولا القمريّة ، أمّا الشمسيّة فلما عرفت ، وأمّا القمرية فلأنّها ثلاثمئة وأربعة وخمسون يوما واثنتان وعشرون دقيقة من ستّين دقيقة هي دقائق اليوم بليلة . قلنا : قد تسامح عليه السلام في الخبرين في السنة على إرادة الشمسيّة، ووجه التسامح في خبر الكتاب أنّ المتأخّرين من أهل التنجيم كانوا يعتبرون شهور السنة الشمسيّة ثلاثين ثلاثين، ويزيدون في آخر السنّة خمسة أيّام، ويسمّونها بالخمسة المسترقة، ويكبسون بيوم آخر في أربع وستّين أو في خمس وستّين جبراً للكسر المتقدّم ، (33) فأطلق السنة على ما هو عدد أيّام الشهور المذكورة من غير اعتبار الخمسة المسترقة وما يتبعها . وأمّا في خبر الشيخ فلغاية القرب من السنة الشمسيّة الحقيقيّة، فإنّها إنّما يقصر عنها بيوم وكسر تقدّم، ويحتمل أن يكون هذا مراد من علّل ما ذكر بموافقة عدد أيّام السنة الشمسيّة، فتدبّر . قوله في خبر أحمد بن محمّد : (قطع لهم قطعة من الاُردن ) . [ ح 7 / 7604] الاُردن بضمّتين وشدّ اللّام: كورة بالشام . (34) قوله في صحيحة الهيثم : (فقال: أيها اللّه ) .[ ح 9 / 7606] قال طاب ثراه: قال الخطّابيّ: لا ها اللّه ذا وأيها اللّه ذا بغير ألف قبل الذال، ومعناها في كلامهم: لا يكون واللّه ذا، وإي واللّه يكون ذا، يجعلون الهاء مكان الواو. كذا في شرح السنّة، (35) وفي شرح مختصر الاُصول: «إذا تصحيف »، وقال العلّامة التفتازانيّ في شرحه : قوله إذا: تصحيف، إشارة إلى ما ذكره الخطابيّ ، وأمّا الصيغة فيروى: لاها اللّه بإثبات الألف والتقاء الساكنين على حدّه ، ولاه اللّه بحذف الألف، والأصل لا واللّه ، فحذفت الواو وعوّض عنها حرف التنبيه ، وينبغي أن يكون هذا مراد من قال يجعلون الهاء مكان الواو ، وأمّا التقدير، فقول الخليل: إن ذا مقسم عليه وتقديره: لا واللّه ، أو إي واللّه الأمر ذا، فحذفت الأمر لكثرة الاستعمال ، وقول الأخفش : إنّه من جملة القسم توكيد له، كأنّه قال : ذا قسمي ، (36) والدليل عليه أنّهم يقولون: لاها اللّه ذا لقد كان كذا، فيجيئون بالمقسم عليه بعده . (37) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (وإن لم تستطع فثلاثمئة وستّين شوطا، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف ) .[ ح 14 / 7611] روى الشيخ في باب الطواف من التهذيب هذه الحسنة عن المصنّف قدس سره بهذا السند من غير تغيير (38) لكن رواها في باب الزيادات منه بسندٍ آخر عن فضالة، عن معاوية بن عمّار، قال : «يستحبّ أن تطوف ثلاثمئة وستّين اُسبوعا عدد أيّام السنة، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف »، (39) ولعلّ فيها سقطا من بعض الرواة أو النسّاخ . قوله في حسنة الكاهليّ : (طاف رسول اللّه صلى الله عليه و آله على ناقته العضباء) إلخ .[ح 16/7613] قال ابن الأثير في النهاية: فيه: كان اسم ناقته صلى الله عليه و آله العضباء، هو علم لها، منقول من قولهم: ناقة عضباء، أي مشقوقة الاُذن ، [ ولم تكن مشقوقة الاُذن]. (40) وقال بعضهم: إنّها كانت مشقوقة الاُذن ، والأوّل أكثر . وقال الزمخشري : هو منقول من قولهم: ناقة عضباء، وهي قصيرة اليد . (41) وفي بعض النسخ بدل العضباء القصوى مقصورة، والظاهر المدّ . قال ابن الأثير : وفي الحديث: أنّه خطب على ناقته القصواء، وقد تكرّر ذكرها في الحديث وهو لقب ناقة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والقصواء: الناقة التي قُطع طرف اُذنها، وكلّ ما قُطع من الاُذن فهو جَذع، فإذا بلغ الربع فهو قصع، فإذا جاوز فهو عضب، وإذا استؤصلت فهو صَلم. يقال: قَصَوْتُه قَصواً فهو مَقْصُوٌّ، والناقة قصواء، ولا يقال بعير أقصى، ولم تكن ناقة النبيّ صلى الله عليه و آله قصواء، وإنّما كان هذا لقبا لها ، وقيل : كانت مقطوعة الاُذن ، وقد جاء في الحديث أنّه كان له ناقة تسمّى «العضباء»، وناقة تسمّى «الجدعاء »، وفي حديث آخر «صَلْماء»، وفي رواية اُخرى «مُخَضرمة »، هذا كلّه في الاُذن، فيحتمل أن يكون كلّ واحد صفة ناقة مفردة، ويحتمل أن يكون الجميع صفة ناقة واحدة، فسمّاها كلّ واحدٍ منهم بما تخيّل فيها . ويؤيّد ذلك ما روي في حديث عليّ رضى اللّه عنه حين بعثه رسول اللّه صلى الله عليه و آله يبلّغ أهل مكّة سورة براءة، فرواه ابن عبّاس أنّه ركب ناقة رسول اللّه صلى الله عليه و آله القصواء ، وفي رواية جابر العضباء ، وفي رواية غيرهما الجدعاء ، فهذا يصرّح أنّ الثلاثة صفة ناقة واحدة ؛ لان القضية واحدة. (42) وقال أيضا : «وفيه: أنّه كان يستلم الركن بمحجنه ، المحجن: عصا مُعقفة الرأس كالصّولجان ، والميم زائدة ». (43)

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب.
2- . الحديث الثالث من هذا الباب.
3- . الخلاف، ج 2، ص 322، المسألة 127.
4- . المزمّل (73) : 20 .
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 702.
6- . البقرة (2): 201.
7- . المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 392.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 127، ح 417؛ الاستبصار، ج 2، ص 227، ح 785؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 500 ، ح 18303 .
9- . الخلاف، ج 2، ص 321، المسألة 127. وانظر: كتاب الاُمّ للشافعي، ج 2، ص 189؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 44 و 59 ؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 391؛ عمدة القاري، ج 9، ص 263.
10- . البُرطُلَه: المِظَلَّة الضيّقة، نبطيّة، وقد استعملت في لفظ العربية. لسان العرب، ج 11، ص 51 (برطل). وقيل: هي قلنسوة طويلة. انظر: مجمع البحرين، ج 5 ، ص 320 (برطل).
11- . هو الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
12- . الفقيه، ج 2، ص 410 411، ح 2839؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 134، ح 444؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 420، ح 18107 .
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 134، ح 442 و 443.
14- . السرائر، ج 1، ص 576 .
15- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 359.
16- . النهاية، ص 242.
17- . منتهى المطلب، ج 2، ص 702.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 135، بعد الحديث 445.
19- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 360. ومثله في النهاية، ص 242.
20- . الحديث 11 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 422، ح 18111.
21- . الحديث 18 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 421 422، ح 18110.
22- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 203.
23- . منتهى المطلب، ج 2، ص 703.
24- . السرائر، ج 1، ص 576 .
25- . اُنظر: المقنعة، ص 406؛ المبسوط، ج 1، ص 359؛ النهاية، ص 242؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 402، الدرس 104؛ السرائر، ج 1، ص 576 ؛ الجامع للشرائع، ص 200؛ جامع الخلاف والوفاق، ص 199؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 111، المسألة 475؛ الكافي للحلبي، ص 217؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 203؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 167.
26- . هي الحديث 14 من هذا الباب من الكافي.
27- . الفقيه، ج 2، ص 411، ح 2840؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 308، ح 17812 .
28- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 201.
29- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 203.
30- . الغنية، ص 170.
31- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 167.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 471، ح 1655؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 308 309، ح 17813 .
33- . اُنظر: بحار الأنوار، ج 55 ، ص 347.
34- . معجم البلدان، ج 1، ص 147.
35- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 12، ص 60 ؛ عمدة القاري، ج 15، ص 68 ؛ الجوهر النقي، ج 10، ص 44 45؛ عون المعبود، ج 7، ص 276؛ مجمع البحرين، ج 2، ص 80 .
36- . شرح الرضي على الكافية، ج 4، ص 303؛ المفصّل للزمخشري، ص 488 باب حذف الواو.
37- . اُنظر: تيسير التحرير، ج 4، ص 283.
38- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 135، ح 445.
39- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 135، ح 1656؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 308، ح 17812 .
40- . اُضيفت من المصدر.
41- . النهاية، ج 3، ص 251 (عضب). وكلام الزمخشري تجده في الفائق، ج 2، ص 136.
42- . النهاية، ج 2، ص 75 (قصا).
43- . النهاية، ج 1، ص 347 (حجن).

ص: 269

. .

ص: 270

. .

ص: 271

. .

ص: 272

. .

ص: 273

. .

ص: 274

باب استلام الحجر بعد الركعتين وشرب ماء زمزم قبل الخروج

باب استلام الحجر بعد الركعتين وشرب ماء زمزم قبل الخروج إلى الصفا والمروةأجمع الأصحاب على استحباب استلام الحجر، والشرب من ماء زمزم، والصبّ منه على الجسد حين الخروج إلى السعي من الدلو الذي بحذاء الحجر الأسود . (1) وقال طاب ثراه : «قد استحبّ العلماء الإكثار من الشرب من ماء زمزم حتّى قيل: الشرب منه من تمام الحجّ ». (2) وفي مسند أبي داوود الطيالسيّ : «زمزم مباركة، وهي طعام طُعم وشفاء سُقم ». (3) ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام . وفي الصحيح عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيداللّه الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قالا : قال : «يستحبّ أن تستقي من ماء زمزم دلواً أو دلوين، فتشرب منه وتصبّ على رأسك وجسدك، وليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر ». (4) وفي الفقيه : وقال الصادق عليه السلام : «ماء زمزم [ شفاء ]لما شرب له ». (5) وروي: «أنّه من رَوِي من ماء زمزم أحدث له به شفاء وصُرِف عنه داء» (6) «وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة ». (7) ومن طريق العامّة أيضا: «ماء زمزم لمّا شرب له ». (8) واعلم أنّ لزمزم أسماء ، ففي صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : «أسماء زمزم: رَكْضَةُ جبرئيل عليه السلام ، وسُقيا إسماعيل عليه السلام ، وحُفيرَة عبد المطّلب، وزمزم، والمضنونة، (9) والسقيا، وطعام طعم، وشفاء سقم ». (10)

.


1- . اُنظر: المختصر النافع، ص 95؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 203؛ الجامع للشرائع، ص 201؛ إرشاد الأذهان، ج 1، ص 327؛ تبصرة المتعلّمين، ص 98؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 430؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 409، الدرس 106؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 355 356؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 202.
2- . اُنظر: عمدة القاري، ج 9، ص 276 277.
3- . مسند الطيالسي، ص 61 .
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 145، ح 478؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 474، ح 18241 .
5- . الفقيه، ج 2، ص 208، ح 2164؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 245، ح 17659 .
6- . الفقيه، ج 2، ص 208، ح 2165؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 245، ح 17660 .
7- . الفقيه، ج 2، ص 208، ح 2166؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 245، ح 17661 .
8- . مسند أحمد، ج 3، ص 357 و 372؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1018، ح 3062؛ المستدرك للحاكم، ج 1، ص 473؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 148 و 202.
9- . في متن الأصل: «المصونة». ومثله في وسائل الشيعة، وما اثبتناه في هامش الأصل مع علامة خ ل، وهو الموافق للمصدر.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 145، ح 479؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 474، ح 18242 .

ص: 275

باب الوقوف على الصفا والدّعاء

باب الوقوف على الصفا والدّعاءاستحبابهما مجمعٌ عليه ، وكذا إطالتهما بقدر قراءة سورة البقرة ، وكفاك في ذلك ما رواه المصنّف في الباب . واعلم أنّه يفهم من حسنة معاوية بن عمّار (1) توقّف رؤية البيت على الصعود إلى الصفا، وهو المستفاد من كلام بعض علماء الفريقين أيضا ، ففي تعليقات المحقّق الشيخ عليّ قدس سره على الإرشاد : «ويستحبّ الصعود على الصفا بحيث يرى البيت ». (2) وفي المسالك : «والمستحبّ الصعود على الصفا بحيث يرى البيت ، وذلك يحصل بالدرجة الرابعة ». (3) وفي الوجيز : ورقى في الصفا مقدار قامة حتّى يقع بصره على الكعبة . وفي العزيز : ويرقى على الصفا بقدر قامة رجل حتّى يتراءى له البيت ويقع بصره عليه ». (4) وظنّ أنّه ليس كذلك، بل يتراءى من غير صعود، وإن لم أجزم الآن بذلك لبُعد عهدي عنه . ويدلّ عليه أيضا صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن النساء يطفن على الدواب، أيجزيهنّ أن يقفن تحت الصفا والمروة؟ فقال : «نعم بحيث يرين البيت ». (5) ولعلّ المراد في هذه الحسنة الترقّي إليه بحيث يرى الحجر الأسود، فإنّ رؤيته متوقّفة عليه جزما ، ويشعر بذلك قوله عليه السلام : «وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود»، واستقباله مستحبّ أيضا على ما هو صريح الأصحاب والأخبار . وقد ورد في هذه الحسنة الأمر بالخروج من الباب الذي خرج منه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو الباب المقابل للحجر، وقد دخل في المسجد لكنّه معلم بإسطوانتين، فليخرج من بينهما، والأفضل أن يخرج من الباب الموازي لهما أيضا، على ما صرّح به جماعة من الأصحاب . ومثلها خبر عبد الحميد، (6) والأمر فيهما للاستحباب إجماعا . قال طاب ثراه: «والمراد بالأحزاب الذين تحزّبوا من الكفّار عام الخندق، وهو سنة ستّ أو خمس ». انتهى، ويحتمل الأعمّ . قوله : (عن عبد الحميد بن سعيد ) إلخ .] ح 4 / 7622] في بعض النسخ عبد الحميد بن سعد ، والأوّل مطابق لما قاله النجاشيّ، (7) والثاني محكي عن البرقي، (8) وهو مجهول الحال . والسقاية بكسر السين: إناء يشرب منه . (9) قال طاب ثراه : «بنو عبد المطّلب كانوا يستقون من زمزم في الحياض ويسقون الناس ».

.


1- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 146، ح 481؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 476 477، ح 18245.
2- . على أعثر عليه.
3- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 356.
4- . فتح العزيز، ج 7، ص 342.
5- . الحديث الخامس من باب الاستراحة في السعي والركوب فيه من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 156، ح 517 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 498، ح 18299.
6- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 412، ح 2847؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 475، ح 18243.
7- . رجال النجاشي، ص 246، الرقم 648 ، والموجود فيه: «سعد».
8- . جامع الرواة للأردبيلي، ج 1، ص 440.
9- . النهاية، ج 2، ص 382 (سقا).

ص: 276

. .

ص: 277

باب السعي بين الصفا والمروة

باب السعي بين الصفا والمروةأجمع الأصحاب على وجوبه في الحجّ والعمرة، وعلى أنّه ركنٌ فيهما، يبطلان بتركه عمداً ، وحكاهما في المنتهى (1) عن عائشة وعروة ومالك والشافعيّ وأحمد في إحدى الروايتين ، وعن أبي حنيفة: أنّه واجب غير ركن إذا تركه وجب عليه دم ، ومثله عن الحسن البصريّ والثوريّ ، وعن أحمد في الرواية الاُخرى وابن عبّاس وابن الزبير وابن سيرين أنّه مستحبّ لا يجب بتركه دم . (2) لنا على الأوّل: مرسلة الحسن بن عليّ الصيرفيّ، (3) وأخبار متكثّرة وردت في بيان مناسك الحجّ والعمرة وفعل النبيّ صلى الله عليه و آله (4) وقد قال : «خذوا عنّي مناسككم ». (5) وما رواه الجمهور عن حبيبة بنت أبي تجراة (6) أحد نساء بني عبد الدار، قالت : دخلت مع نسوة من بني قريش دار آل أبي حسين ننظر إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو يسعى بين الصفا والمروة، فرأيته يسعى وأنّ ميزره ليدور في وسطه من شدّة سعيه حتّى لأقول إنّي لأرى ركبتيه، وسمعته يقول : «اسمعوا فإنّ اللّه كتب عليكم السعي ». (7) وعن عائشة، قالت : طاف رسول اللّه صلى الله عليه و آله وطاف المسلمون، يعني بين الصفا والمروة، فكانت سنّة ، فلعمري، ما أتمّ اللّه حجّ من لم يطف بين الصفا والمروة . (8) وعلى الثاني: حسنة معاوية بن عمّار، (9) وصحيحته عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : قلت له : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : «يعيد السعي »، قلت : فإنّه خرج؟ قال : «يرجع فيعيد السعي ، إنّ هذا ليس كرمي الجمار إنّ الرمي سُنّة، والسعي بين الصفا والمروة فريضة ». وقال في رجل ترك السعي متعمّداً، قال : «لا حجّ له ». (10) واحتجّ أحمد على استحبابه بأنّه تعالى رفع الحرج عن فاعله بقوله سبحانه : «فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا» (11) ، وهذا رتبة المباح وأيّدوه بأنّ في مصحف أبىّ وابن مسعود: فلا جناح عليه أن يطّوف بهما، قائلين : إنّ هذا وإن لم يكن قرانا لكن لا ينحطّ عن رتبة الخبر . (12) والجواب عن الأوّل يظهر من مرسلة الصيرفيّ ، (13) وقد روى البخاريّ بإسناده عن عروة أنّه قال : سألت عائشة فقلت لها : رأيت قول اللّه تعالى : «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا» ، (14) فواللّه ما على أحد جناح أن لا يطّوف بالصفا والمروة . قالت : بئس ما قلت يا ابن اُختي إنّ هذه لو كانت كما أوّلتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يطوّف بهما، ولكنّها اُنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلّون لمناة الطاعة التي كانوا يعبدونها عند المشلّل، فكان من أهلّ يتحرّج أن يطوّف بالصفا والمروة ، فلمّا أسلموا سألوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن ذلك ؛ قالوا : يارسول اللّه ، إنّا كنّا نتحرّج أن نطوف بالصفا والمروة، فأنزل اللّه «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ» ، الآية . (15) وروى طاب ثراه عن محيي الدِّين البغوي أنّه قال : إنّ اُناسا من الأنصار كانوا يرون أنّ الطواف بين الصفا والمروة من أمر الجاهليّة، وقال آخرون : إنّما اُمرنا بالطواف بالبيت، ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة ، فنزلت الآية . ومن طريق آخر لهم: أنّ الجاهليّة كانوا يهلّون لمناة على شطّ البحر، ثمّ يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة، ثمّ يحلقون، فلمّا جاء الإسلام تحرّجوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية، فأنزل اللّه الآية . (16) واُجيب عنه أيضا بأنّ رفع الحرج لا ينافي الوجوب كما لا يدلّ عليه ، والوجوب مستفاد من دليل آخر ، وعن القراءة بعدم ثبوتها، فيكون خطأً قطعا إذا نقلت قرآنا وليست به فارتفع الثقة ، وبهذا يظهر انحطاطها عن رتبة الخبر للقطع بعدم الوثوق بها بخلاف الخبر الواحد . وأمّا إذا نسيه فعليه أن يعيد السعي، وإن تعذّر عليه العود استناب على المشهور . ويدلّ عليه الجمع بين صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة (17) ورواية زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتّى رجع إلى أهله، فقال : «يطاف عنه ». (18) وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة ، فقال : «يطاف عنه ». (19) والظاهر اعتبار التعسّر لا التعذّر . وفي إلحاق الجاهل بالعامد أو الناسي وجهان ، وفي المدارك: «أظهرهما الأوّل ». (20) قوله في موثّق سماعة : (إذا انتهيت ) إلخ .] ح 1 / 7628] قال طاب ثراه : «لعلّ المراد بأوّل الوادي غاية سفح جبل الصفا، وبآخره أوّل الارتفاع من جبل المروة، وعنده أوّل الزقاق ». قوله : (عن الحسن بن عليّ الصيرفيّ ) .] ح 8 / 7636] روى الشيخ في التهذيب (21) هذا الخبر عن المصنّف بهذا السند، وفيه الحسين مصغّراً، ولم أجده في كتب الرجال، وأظنّه من تصحيف النسّاخ ، والحسن بن عليّ، هذا على ما قاله الفاضل الاسترآبادي (22) هو: الحسن بن عليّ بن زياد الوشّا بن بنت الياس الصيرفيّ، وكان عينا من عيون الطائفة المحقّة . وروى الصدوق في العيون عن أبيه، عن صالح ابن أبي حمّاد، عن الحسن بن عليّ الوشّا، قال : كنت قبل أن أقطع على الرضا عليه السلام جمعت ممّا روي عن آبائه عليهم السلام وغير ذلك مسائل كثيرة في كتاب، وأحببت أن أثبت في أمره وأختبره، وحملت الكتاب في كمّي وصرت إلى منزله، اُريد منه خلوة أناوله الكتاب ، فجلست في ناحية متفكّراً في الاحتيال للدخول، فإذا بغلام قد خرج من الدار في يده كتاب، فنادى: «أيّكم الحسن بن عليّ الوشّا؟» فقمت إليه وقلت : أنا ، قال : «فهاك خُذ الكتاب»، فأخذته وتنحّيت ناحية، فقرأته فإذا واللّه جواب مسألةٍ مسألة ، فعند ذلك قطعت عليه وتركت الوقف . (23)

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 706.
2- . اُنظر: المغني لابن قدامة، ج 3، ص 407؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 503 504 .
3- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 468 469، ح 18227.
4- . اُنظر: المبسوط، ج 4، ص 51 ؛ فتح العزيز، ج 7، ص 342؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 155؛ المغني، ج 3، ص 407؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 403 و 407؛ مسند الشافعي، ص 372؛ مسند أحمد، ج 1، ص 79؛ وج 2، ص 98؛ وج 6 ، ص 404؛ سنن الدارمي، ج 2، ص 42؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 163 و 170؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 63 ؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 995، ح 2987 .
5- . السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 125.
6- . في الأصل: «حبيبة بنت أبي غرّا»، والتصويب من مصادر الحديث وترجمتها في الإصابة، ج 8 ، ص 79، الرقم 11025.
7- . المغني، ج 3، ص 407؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 504 ؛ مسند الشافعي، ص 372؛ مسند أحمد، ج 6 ، ص 421 422 و 437؛ المستدرك للحاكم، ج 4، ص70؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 98؛ الآحاد والمثاني، ج 6 ، ص 83 84 ؛ مسند ابن راهويه، ج 5 ، ص 195 196، ح 2324.
8- . المغني، ج 3، ص 407؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 504.
9- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 482، ح 18256 .
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 150، ح 492؛ الاستبصار، ج 2، ص 238، ح 829 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 485 486، ح 18265.
11- . البقرة (2) : 158 .
12- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 407 408؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 504 .
13- . هي الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
14- . البقرة (2): 158.
15- . صحيح البخاري، ج 2، ص 169، باب وجوب الصفا والمروة، و ص 202 203، باب طواف الوداع؛ وج 5 ، ص 153، كتاب تفسير القرآن. ورواه أيضا مسلم في صحيحه، ج 4، ص 68 و 69 .
16- . صحيح مسلم، ج 4، ص 68 ، باب بيان أنّ السعي بين الصفا والمروة ركن؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 96 ؛ معرفة السنن والآثار، ج 4، ص 85 ؛ مسند ابن راهوية، ج 2، ص 189.
17- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 485 486، ح 18265 .
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 150، ح 493؛ وسائل الشيعة، ج 13، ح 486، ح 18266 .
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 472، ح 1658 ؛ الفقيه، ج 2، ص 413، ح 2848؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 486، ح 18267 .
20- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 212.
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 149، ح 490؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 468 469، ح 18227.
22- . منتهى المقال، ج 2، ص 419.
23- . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2، ص 252، باب 55 ، ح 1.

ص: 278

. .

ص: 279

. .

ص: 280

. .

ص: 281

باب من بدأ بالمروة قبل الصفا أو سها في السعي بينهما

باب من بدأ بالمروة قبل الصفا أو سها في السعي بينهماأجمع الأصحاب على وجوب البدأة من الصفا والختم على المروة في السعي، وهو المشهور بين العامّة . ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين، فمن طريق الأصحاب خبرا عليّ بن أبي حمزة، (1) وعليّ الصايغ، (2) وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حين فرغ من الطواف وركعتيه قال : «ابدأوا بما بدأ اللّه به، إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول : «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ» (3) ». (4) وصحيحته الاُخرى عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة ». (5) وخبر آخر عنه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ». (6) ومن طريق العامّة ما نقلوه عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهماالسلام، عن جابر في صفة حجّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «وبدأ بالصفا وقال : ابدؤوا بما بدأ اللّه به ». (7) وحكى في العزيز عن أبي حنيفة أنّه جوّز البدأة بالمروة . (8) وفي المنتهى بعدما روى عنه هذا القول: «وقد رُوِي عنه خلاف هذه الرواية رويت عنه، فكان إجماعا». (9) فلو عكس يجب عليه إعادة السعي رأسا، ولا يكفيه اطراح الشوط الأوّل المبتدأ من المروة عمداً كان أو نسيانا أو جهلاً؛ لإطلاق بعض ما أشرنا إليه من الأخبار، ولعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه . وأجمع أهل العلم على تعيّن سبعة أشواط فيه، واختلفوا في تحقيق الشوط ، فمذهب الأصحاب وأكثر أهل الخلاف أنّ الذهاب من الصفا إلى المروة شوط والعود شوط آخر ، (10) وأخبارنا مستفيضة في ذلك . وروى الجمهور عن جابر في صفة حجّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ثمّ نزل إلى المروة حتّى انصبّت قدماه رمل في بطن الوادي حتّى إذا صعد، فمشى حتّى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلمّا كان آخر طوافه على المروة قال : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ». (11) وقد سبق، وقد أطبق الحجيج من عصر رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى يومنا هذا على العمل عليه . وحكى في المنتهى عن أبي بكر الصيرفيّ من الشافعيّة (12) أنّه جعل الذهاب والعود شوطا واحداً، وقال : «ويحكى عن ابن جرير أنّه أفتى به وتابعه الصيرفيّ، فلمّا حمل الفتيا إلى أبي إسحاق ضرب على فتوى الصيرفيّ واعتقد أنّه غلط منه ، فلمّا بلغه ذلك عن ابن جرير أقام على ذلك ». (13) وقال الشيخ في الخلاف : «وحكي عن ابن جرير أنّه استُفتِي فأفتى بذلك، فحمل الفتيا إلى أبي بكر الصيرفيّ [ فأفتى بمثله، فحمل الفتيا إلى إسحاق المروزي فخطّ على فتيا الصيرفي] ظنّا منه أنّه مع ابن جرير، فأقام الصيرفيّ على فتياه» ، (14) والظاهر سقوط شيء من البين . (15) ورواه في العزيز عن أبي عبد الرحمن بن بنت الشافعيّ (16) وابن الوكيل (17) أيضا، (18) وإنّما قالوا بذلك بقياس غير مشتمل على جامع ، ففي العزيز: وذهب أبو بكر الصيرفيّ إلى أنّ الذهاب والعود يحسب مرّة واحدة لينتهي إلى ما منه ابتدأ، كالطواف بالبيت، وكما أنّ في مسح الرأس يذهب باليدين إلى القفا ويردّهما ويكون ذلك مرّة واحدة . (19) إذا عرفت هذا فنقول : لو زاده عمداً عالما بطل سعيه ، وقد قطع به الأصحاب . واحتجّ عليه الشيخ في التهذيب بما رواه عن عبداللّه بن محمّد، عن أبي الحسن عليه السلام قال : «الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة، فإذا زدت عليها فعليك الإعادة ، وكذا السعي ». (20) والخبر وإن كان غير مقطوع بالصحّة؛ لاشتراك محمّد بن عبداللّه ، (21) لكنّه مؤيّد بعمل الأصحاب وبمفهوم صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، (22) وإطلاق صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إن طاف الرجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على واحد وليطرح ثمانية، وإن طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فليطرحها وليستأنف السعي ، وإن بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا ». (23) وظاهر أكثر الأصحاب عدم الفرق فيما زاد على السبع بين الثامن وما زاد عليه، وهو مقتضى إطلاق أكثر الأدلّة . وفصّل الشيخ في التهذيب فقال : فإن طاف ثمانية أشواط عامداً فعليه إعادة السعي ، وقد بيّنا ذلك ، وإن سعى تسعة أشواط فلا يجب عليه إعادة السعي ، وإن أراد أن يبني على ما زاد فعل . (24) واحتجّ على حكم التسعة بصحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة ، وهذا الفرق واضح، فإنّه لا يمكن البناء على الثامن، فإنّه كان مبتدءاً من المروة بخلاف التاسع، ولا يخلو ذلك عن قوّة . هذا، والناسي مخيّر بين قطع السعي وطرح ما زاد على السبعة، وبين ضمّ ما بقي من سعي ثان إليه؛ لما سيأتي . وأمّا الجاهل فلم يتعرّض له الأكثر، منهم الشيخ في المبسوط (25) والمحقّق في الشرائع (26) والعلّامة في كتبه (27) التي رأيناها ، وكأنّهم ألحقوه بالعامد كما هو شأن أكثر مسائل الحجّ ، ويحتمل إلحاقه بالناسي بناءً على عموم : «رفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان ». والشيخ صرّح في التهذيب بالفرق بينهما فقال بعدما ذكر حكم العمد : وإن كان على جهة الخطأ يطرح ما زاد عليه ويعتدّ بالسبعة، ومَن نسي فسعى ثمانية أشواط ثمّ تيقّن فليضف إليه ستّا اُخر إن شاء، وإن شاء قطعه ويطرح واحداً حسب ما قدّمناه . (28) واحتجّ على الأوّل بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، (29) وحسنة جميل بن درّاج، (30) وصحيحة هشام بن سالم، قال : سعيت بين الصفا والمروة أنا وعبيداللّه بن راشد، فقلت له : تحفظ عَليَّ ، فجعل يعدّ ذاهبا وجائيا شوطا واحداً، فبلغ مثل ذلك ، كأنّه أشار بأصابعه إلى أربعة عشر، فقلت له : كيف تعدّ؟ قال : ذاهبا وجائيا شوطا واحداً فأتممنا أربعة عشر شوطا، فذكرنا ذلك لأبي عبداللّه عليه السلام ، فقال : «قد زادوا على ما عليهم، ليس عليهم شيء ». (31) وعلى الثاني بصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : «إنّ في كتاب عليّ عليه السلام : إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أضاف إليها ستّا ، وكذلك إذا استيقن أنّه سعى ثمانية أضاف إليها ستّا ». (32) واعلم أنّ المصنّف قدس سره أراد بالسعي في قوله : (أو سها في السعي بينهما) الهرولة فيما بين المنارة وزقاق العطّارين، فهي مستحبّة على الرجال على المشهور ، (33) بل ربّما ادّعي عليه الإجماع، (34) لما ثبت من فعله صلى الله عليه و آله كذلك في حجّة الوداع ، وللأخبار المتكثّرة . ويستحبّ للراكب إسراع دابّته فيما بينهما، لصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ليس على الراكب سعي ولكن ليسرع شيئا ». (35) والأمر فيها للندب إجماعا . ويدلّ عليه خبر سعيد الأعرج، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة ، قال : «لا شيء عليه ». (36) وروى الجمهور عن ابن عمر أنّه قال : إن أسعى بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يسعى، وإن أمشي فقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يمشي وأنا شيخ كبير. (37) ولو نسيها فذكرها بعد المجاوزة رجع القهقرى مستحبّا إلى المنارة . ذكره الشيخ في المبسوط (38) وتبعه المتأخّرون . (39) ويدلّ عليه ما ورد في باب زيادات الحجّ من التهذيب مرسلاً عن أبي عبداللّه وأبي الحسن موسى عليهماالسلام أنّهما قالا : «مَن سها عن السعي حتّى يصير من السعي على بعضه أو كلّه، ثمّ ذكر، فلا يصرف [ وجهه منصرفا] ولكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب فيه السعي ». (40) وفي المدارك: «وهل استحباب العود مخصوص بمن ذكرها في ذلك الشوط، أم يرجع إلى الشوط الذي نسيها فيه وإن تجاوزه؟ وجهان، أظهرهما الأوّل ». (41) وظاهر أبي الصلاح وجوب الهرولة وإسراع الدابّة حيث قال على ما حكى في المختلف _ (42) : «وإذا سعى راكبا فليركض الدابّة حيث تجب الهرولة ». (43) واحتجّ عليه بأنّه قد وقع الأمر به . وفيه: أنّ الأمر شائع فيالندب، لا سيما مع القرينة، وقد عرفت ما دلّ على أنّه للاستحباب. ولا يستحبّ على النساء؛ لمنافاتها للستر المطلوب منهنّ، ولمضمر سماعة الذي رواه المصنّف في الباب السابق ، (44) والظاهر أنّ العلّة فيها التذلّل ورفع التكبّر . وروى البخاريّ عن ابن عبّاس أنّه قال : «إنّما سعى رسول اللّه صلى الله عليه و آله بالبيت وبين الصفا والمروة ليرى المشركين قوّته» (45) وهو مسلم في الطواف بالبيت، ولذا قيل بعدم استحبابه غير حجّة الوداع ، وأمّا فيما بين الصفا والمروة فهو ممنوع؛ لدلالة الأخبار على استحبابها دائما ، فتأمّل .

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
2- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
3- . البقرة (2): 158 .
4- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 145، ح 481؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 483 484، ح 18261.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 51 ، ح 495؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 487، ح 18270 .
6- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 252، ح 853 ؛ وبسند آخر في ص 148، ح 487؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 482، ح 18255.
7- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 132، المسألة 492؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 705؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 7.
8- . فتح العزيز، ج 7، ص 347.
9- . منتهى المطلب، ج 2، ص 705.
10- . انظر: الخلاف، ج 2، ص 328 329، المسألة 141؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 705؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 133، المسألة 493؛ جامع الخلاف والوفاق، ص 205؛ المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 14؛ تحفة الفقهاء، ج 1، ص 403؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 149.
11- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 133، المسألة 493؛ سنن الدارمي، ج 2، ص 46؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 40، باب حجّة النبي... ؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 10231022، ح 3074؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 424 426، ح 1905؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 7.
12- . أبو بكر محمد بن عبد اللّه الصيرفي من أهل بغداد، قال أبو بكر القفّال: كان أعلم الناس بالاُصول بعد الشافعي له كتب، منها: البيان في دلائل الأعلام على اُصول الأحكام، و كتاب الفرائض، وشرح رسالة الشافعي، توفّي بمصر في سنة 330. الأعلام، ج 6 ، ص 224؛ معجم المؤلّفين، ج 10، ص 220؛ تاريخ بغداد، ج 3، ص 68 ، الرقم 1049.
13- . منتهى المطلب، ج 2، ص 705؛ وفي الطبعة الجديدة، ج 10، ص 408. وانظر: فتح العزيز، ج 7، ص 347؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 63 64 و 81 .
14- . الخلاف، ج 2، ص 329، وما بين الحاصرتين منه.
15- . الظاهر أنّ نسخة الخلاف الّتي كانت عند الشارح كانت ناقصة، وبما وضعناه بين الحاصرتين رفع النقص.
16- . أبو عبد الرحمن أحمد بن محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن عثمان بن شافع، واُمّه زينب بنت محمد بن إدريس الشافعي، ويقال في كنيته أبو محمّد. اُنظر: المجموع للنووي، ج 2، ص 501 .
17- . أبو حفص عمر بن عبد اللّه بن موسى المعروف بابن الوكيل من فقهاء الشافعيّة وكبار علمائهم تفقّه على الأنماطي، مات بعد سنة 310ه . طبقات الشافعيّة، ج 1، ص 97، الرقم 43؛ موسوعة طبقات الفقهاء، ج 4، ص 322، الرقم 1520.
18- . فتح العزيز، ج 7، ص 347؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 71.
19- . فتح العزيز، ج 7، ص 347.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 151، ح 498. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 217، ح 747؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 366، ح 17967.
21- . كذا بالأصل، والصحيح: «عبد اللّه بن محمّد» كما في المصدر.
22- . وهي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 153، ح 503 ، و ص 472، ح 1659؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 489 490، ح 18276.
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 153، بعد الحديث 502 .
25- . اُنظر: المبسوط للطوسي، ج 1، ص 361 364.
26- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 204.
27- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 139، المسألة 499؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 431.
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 151، بعد الحديث 497 صدر الكلام، و ص 152، بعد الحديث 501 من قوله: «ومَن نسي فسعي» إلى آخر الكلام.
29- . هي الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 152، ح 499.
30- . هي الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 152، ح 500.
31- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 152، ح 501 ، وص 473، ح 1663. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 239 240، ح 834 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 488 489، ح 18275.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 152_ 153، ح 502 ؛ ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 240، ح 835 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 366، ح 17966.
33- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 214.
34- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 208.
35- . الكافي، باب الاستراحة في السعي، ح 6 ؛ الفقيه، ج 2، ص 417، ح 2853؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 498، ح 18300.
36- . الحديث التاسع من الباب المتقدّم من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 151، ح 494؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 486 487، ح 18268.
37- . مسند أحمد، ج 2، ص 60 و 61 ؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 995، ح 2988.
38- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 363.
39- . اُنظر: المختصر النافع، ص 96؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 204؛ الجامع للشرائع، ص 202؛ إرشاد الأذهان، ج 1، ص 327؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 430؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 412، الدرس 106؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 358.
40- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 453، ح 1581. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 521 ، ح 3117؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 487، ح 18269.
41- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 210.
42- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 214.
43- . الكافي في الفقه، ص 196.
44- . هي الحديث الأوّل من ذلك الباب.
45- . صحيح البخاري، ج 2، ص 171، باب وجوب الصفا والمروة؛ وج 5 ، ص 86 . ورواه الترمذي في سننه، ج 2، ص 176، ح 864 ؛ والنسائي في السنن الكبرى، ج 2، ص 405، ح 3941، وص 414، ح 3973؛ والبيهقي في السنن الكبرى، ج 5 ، ص 82 ؛ والحميدي في مسنده، ج 1، ص 232، ح 497، والطبراني في المعجم الكبير، ج 11، ص 134.

ص: 282

. .

ص: 283

. .

ص: 284

. .

ص: 285

. .

ص: 286

. .

ص: 287

. .

ص: 288

باب الاستراحة في السعي والركوب فيه

باب الاستراحة في السعي والركوب فيهأجمع الأصحاب على جواز الجلوس للاستراحة في أثناء السعي وإن اختلفوا في محلّها ، فالمشهور بينهم جوازها مطلقا؛ للأصل وإطلاق مرسلة المعلّى بن محمّد (1) وحسنة الحلبيّ الثانية، (2) وصحيحة عليّ بن رئاب، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الرجل يعيى في الطواف، أله أن يستريح؟ قال : «نعم يستريح، ثمّ يقوم فيبني على طوافه في فريضة وغيرها، ويفعل ذلك في سعيه وجميع مناسكه ». (3) وحكى في المختلف (4) عن أبي الصلاح أنّه قال : «لا يجوز الجلوس بين الصفا والمروة اختياراً، ويجوز الوقوف عند الإعياء حتّى يستريح، والجلوس على الصفا والمروة» (5) محتجّا بما رواه عبد الرحمن بن أبي عبداللّه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : «لا تجلس بين الصفا والمروة إلّا من جهد ». (6) وأجاب بأنّه محمول على الكراهة . وقد حكى مثله عن ابن زهرة أيضا . (7) وأمّا الركوب فيه فالظاهر وفاق أهل العلم على جوازه وإن كان المشي أفضل . ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين ، منها : ما رواه المصنّف في الباب . ومنها : ما رواه الصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : قلت له : المرأة تسعى بين الصفا والمروة على دابّة أو على بعير ؟ قال : «لا بأس بذلك ». قال : وسألته عن الرجل يفعل ذلك ، قال : «لا بأس به ، والمشي أفضل ». (8) ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن حجّاج الخشّاب، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يسأل زرارة فقال : «سعيت بين الصفا والمروة؟» فقال : نعم ، قال : «وضَعُفتَ؟» قال : لا واللّه ، لقد قويت ، قال : «فإن خشيت الضعف فاركب، فإنّه أقوى لك على الدعاء ». (9) ومنها : ما رواه جمهور العامّة عن جابر، قال : طاف رسول اللّه صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع على راحلته وبالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس ، (10) الخبر، وقد مرّ .

.


1- . هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 502، ح 18309.
2- . هي الحديث الثالث من هذا الباب، ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 156، ح 516 . وسائل الشيعة، ج 13، ص 501 ، ح 18306.
3- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 388، ح 18026.
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 213.
5- . الكافي في الفقه، ص 196.
6- . الكافي، باب الاستراحة في السعي والركوب فيه، ح 4؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 502 ، ح 18309.
7- . الغنية، ص 179.
8- . الفقيه، ج 2، ص 416، ح 2851؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 497، ح 18296.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 155، ح 514 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 497، ح 18297.
10- . مسند الشافعي، ص 127 128؛ مسند أحمد، ج 3، ص 317 و 333 334؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 67 ؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 420، ح 1880؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 413، ح 3969؛ صحيح ابن خزيمة، ج 4، ص 239، باب الرخصة في الركوب بين الصفا والمروة.

ص: 289

باب من قطع السعي للصلاة أو غيرها والسعي بغير وضوء

باب من قطع السعي للصلاة أو غيرها والسعي بغير وضوءأطلق أكثر الأصحاب منهم الشيخ في التهذيب (1) والمبسوط (2) جواز قطع السعي للصلاة وقضاء حاجة له ولأخيه والبناء على ما مضى من غير تقييد بأربعة أشواط. ويدلّ عليه الأصل، وحسنة معاوية بن عمّار، (3) وصحيحة يحيى بن عبد الرحمن الأزرق، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة، ثمّ يلقاه صديق (4) له فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام ، فقال : «إن أجابه فلا بأس ». (5) وموثّقة الحسن بن عليّ بن فضّال، قال : سأل محمّد بن عليّ أبا الحسن عليه السلام فقال له : سعيت شوطا واحداً ثمّ طلع الفجر ؟ فقال : «صلِّ ثمّ عد فأتمّ سعيك ». (6) ويؤيّدها إطلاق الأخبار التي دلّت على البناء على ما فعل من السعي بعد إكمال الطواف فيما لو ذكر نقصان الطواف في أثناء السعي، وقد مضت . وربّما ادّعي الإجماع على عدم وجوب الموالاة فيه، ومقتضاه جواز القطع والبناء اختياراً من غير عذر ، ولم أجد تصريحا منهم بذلك . وخالف في ذلك المفيد قدس سرهواعتبر في البناء فيه أيضا تواصل أربعة أشواط كالطواف ، فقال في المقنعة : «وحكم السعي في النصف وأقلّ منه وأكثر حكم الطواف سواء ». (7) وقد عرفت أنّه اعتبر ذلك في الطواف . وحكاه في المختلف (8) عن أبي الصلاح (9) وسلّار (10) أيضا، وقال : «واحتجّوا بأنّه نوع طواف، وهو قياس مع الفارق ؛ إذ للطواف من الحرمة ما ليس للسعي ». وأمّا الطهارة فالمشهور بيننا وبين العامّة استحبابها فيه. ويدلّ عليه خبر الأزرق، (11) وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن تقضي المناسك كلّها على غير وضوء، إلّا الطواف فإنّ فيه صلاة، والوضوء أفضل ». (12) وصحيحة رفاعة بن موسى، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أشهد شيئا من المناسك وأنا على غير وضوء؟ قال : «نعم، إلّا الطواف بالبيت فإنّ فيه صلاة ». (13) وخبر زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة على غير وضوء، فقال : «لا بأس ». (14) ورواية عجلان أبي صالح أنّه سمع أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «إذا اعتمرت المرأة ثمّ اعتلّت قبل أن تطوف قدّمت السعي وشهدت المناسك، فإذا طهرت وانصرفت من الحجّ قضت طواف العمرة وطواف الحجّ وطواف النساء، ثمّ أحلّت من كلّ شيء ». (15) وبمضمون هذا الخبر قد وردت أخبار اُخرى تجيء في محلّها في باب إحرام الحائض والمستحاضة إن شاء اللّه تعالى . وحكي عن ابن أبي عقيل، (16) وجوبها فيه واشتراطه بها محتجّا بموثّق ابن فضّال (17) وبصحيح الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن امرأة تطوف بين الصفا والمروة وهي حائض؟ قال : «لا ، إنّ اللّه تعالى يقول : «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ» (18) »، (19) وهو إحدى الروايتين عن أحمد، (20) وعن الحسن أنّه كان يقول : «إن ذكر قبل أن يحلّ فليعد الطواف بين الصفا والمروة، وإن ذكر بعدما أحلّ فلا شيء عليه ». (21)

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 156، بعد الحديث 519 .
2- . المبسوط، ج 1، ص 362.
3- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
4- . كذا بالأصل، وفي المصادر: «الصديق».
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 157، ح 520 ، وص 472 473، ح 1662؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 500 ، ح 18304.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 156، ح 518 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 499 500 ، ح 18302.
7- . المقنعة، ص 441.
8- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 216.
9- . الكافي في الفقه، ص 196.
10- . المراسم العلويّة، ص 124.
11- . هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 154، ح 509 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 241، ح 841 ؛ ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 399 400، ح 2810؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 374، ح 986؛ و ج13، ص 374، ح 17992، و ص 493، ح 18285.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 154 155، ح 510 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 241، ح 838 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 493 494، ح 18286.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 154، ح 507 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 241، ح 837 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 494، ح 18288.
15- . الكافي، باب ما يجب على الحائض في أداء المناسك، ح 6 ؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 394، ح 1374؛ الاستبصار، ج 2، ص 314، ح 1115؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 449، ح 18188.
16- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 211.
17- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5، ص 154، ح 508؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 459، ح 18291.
18- . البقرة (2): 158.
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 394، ح 1373؛ الاستبصار، ج 2، ص 314، ح 1114؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 457 458، ح 18206، و ص 494، ح 18287.
20- . منتهى المطلب، ج 2، ص 703، وفي ط الحديثة، ج 10، ص 397؛ المغني، ج 3، ص 413.
21- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 79؛ عمدة القاري، ج 9، ص 184.

ص: 290

. .

ص: 291

. .

ص: 292

باب تقصير المتمتّع وإحلاله

باب تقصير المتمتّع وإحلالهالمشهور بين الأصحاب وجوب التقصير عينا للتحلّل في عمرة التمتّع ، ذهب إليه الشيخ في النهاية (1) والمبسوط (2) وابن إدريس، (3) وحكاه في المختلف (4) عن والده و عن ابن البرّاج، (5) وهو ظاهر المفيد قدس سرهفي المقنعة (6) حيث اكتفى فيها بذكر التقصير . واحتجّ عليه بتعليق الحلّ على التقصير بخصوصه في أخبار، منها : ما رواه المصنّف قدس سره ، ومنها : ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : وسمعته يقول : «طواف المتمتّع: أن يطوف بالكعبة ويسعى بين الصفا والمروة ويقصّر من شعره، فإذا فعل ذلك فقد أحلّ ». (7) وعن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ثمّ ائت منزلك فقصّر من شعرك، وحلّ لك كلّ شيء ». (8) وهذا الاحتجاج إنّما يتمّ لو لم يكن دليل على حصول الحلّ بالحلق أصلاً ، وفيه ما ستعرفه . والشيخ قدس سره أوجب في الاستبصار (9) والمبسوط (10) دما للحلق، وبه صرّح جماعة اُخرى (11) أيضا . ويدلّ عليه خبر جميل، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن متمتّع حلق رأسه بمكّة ، قال : «إن كان جاهلاً فليس عليه شيء، وإن تعمّد ذلك في أوّل شهور الحجّ بثلاثين يوما فليس عليه شيء، وإن تعمّد بعد الثلاثين الذي يوفر فيها الشعر للحجّ فإنّ عليه دما يهريقه ». (12) وخبر أبي بصير، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المتمتّع أراد أن يقصّر فحلق رأسه ، قال : «عليه دم يهريقه ». (13) وذهب في الخلاف إلى تخييره بين الحلق والتقصير وأفضليّة التقصير، حيث قال : «وأفعال العمرة يعني عمرة التمتّع خمسة: الإحرام، والتلبية، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والتقصير، وإن حلق جاز والتقصير أفضل ». (14) والقولان مطلقان لم يقيّد الأوّل منهما بالفراغ من العمرة في ذي القعدة وما بعده، ولا الثاني منهما بالفراغ منها في شوّال . ولا يبعد القول بالفصل بينهما بتخصيص التحريم بالأوّل والتخيير بالثاني؛ فإنّ الظاهر أنّ علّة تحريم الحلق فيها وجوب توفير شعر الرأس للحجّ فيخصّص بالأوّل؛ لاختصاص وجوب توفيره بما إذا طلع هلال ذي القعدة وعدم وجوبه في شوّال، ولصراحة خبر جميل في ذلك التفصيل، ولكن لم أجد قائلاً به صريحا . نعم ، هو ظاهر المصنّف قدس سرهفي الباب الآتي حيث اكتفى فيه ممّا يتعلّق بهذه المسألة بذكر هذا الخبر . بل لا يبعد القول بوجوب الحلق عينا على العاقص والملبّد؛ لصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق، وليس لك التقصير ، وإن أنت لم تفعل فمخيّر لك التقصير والحلق في الحجّ، وليس في المتعة إلّا التقصير ». (15) وصحيحة هشام بن سالم، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إذا عقص الرجل رأسه أو لبّده في الحجّ أو العمرة فقد وجب عليه الحلق ». (16) بل يستفاد من بعض الأخبار وجوب الدم لو اقتصر العاقص على التقصير، وهو صحيح عيص، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل عقص شعر رأسه وهو متمتّع، ثمّ قدم مكّة فقضى نسكه وحلّ عقاص رأسه فقصّر وادّهن وأحلّ، قال : «عليه دم شاة ». (17) ولم أجد قائلاً به صريحا . نعم ، هو ظاهر الشيخ قدس سرهفي التهذيب حيث قال بعدما حكي عن الشيخ المفيد وجوب التقصير في عمرة التمتّع : «ومن عقص شعر رأسه عند الإحرام أو لبَّده فلا يجوز له إلّا الحلق، ومتى اقتصر على التقصير وجب عليه دم شاة ». (18) واحتجّ عليه ببعض ما ذكر من الأخبار، ولا بُعد فيه، لا سيّما على القول بعدم وجوب توفير شعر الرأس من هلال ذي القعدة، أو ما إذا حلق في شوّال . والأصحاب خصّصوا هذه الأخبار بالعاقص والملبّد في إحرام الحجّ والعمرة المفردة ، بل حملوا كلام الشيخ أيضا على ذلك وقالوا بأنّهما في عمرة التمتّع إنّما يحلّلان بالتقصير، ولا يحلّلان العقاص ولا التلبيد إلّا في منى للحلق ، فقد قال المحقّق المجلسي قدس سرهفي شرح الفقيه في توجيه الدم في خبر عيص : «بأنّ العاقص يلزمه الحلق في الحجّ ولا يجوز له أن يحلّ عقاصه إلّا في منى للحلق ». (19) وعلى أيّ حال فمع الحلق يستحبّ إمرار الموسى على الرأس يوم النحر إذا لم يبلغ شعره حدّ الحلق على المشهور؛ وللأمر به في الخبر المشار إليه. وعلى تحريمه ، فظاهر الأكثر تحريم مسمّى الحلق عرفا ووجوب الدم به ، وخصّهما في النهاية (20) بما إذا حلق الرأس كلّه ، واستوجهه العلّامة في المنتهى ، وهل يجزي عن التقصير ويحصل الإحلال به، أم لابدّ معه من تقصير؟ صرّح في المنتهى بالأوّل، حيث قال : «الحلق مجز وإن قلنا: إنّه محرّم»، (21) وهو ظاهر أكثر ما اُشير إليه من الأخبار، حيث لم يتعرّض فيها لذكر غير الدم . ويؤيّده تحقّق التقصير بأوّل جزء من الحلق ، إلّا أن يقال باشتراط نيّته . وذهب الأكثر إلى الثاني، ورجّحه صاحب المدارك (22) معلّلاً بأنّ الأمر ورد فيها بالتقصير، فلا يتحقّق الامتثال بغيره، وبذلك ردّ على المنتهى ، فتأمّل . قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (بمشقص ) . [ ح 6 / 7659] قال طاب ثراه : قال أبو عبيد : نصل السهم إن كان طويلاً غير عريض فهو مشقص ، وإن كان عريضا فهو معبل . (23) وقال أبو حنيفة الدينوريّ : هو كلّ نصل فيه عترة، وهو الناتي وسط الحربة . (24) وقال الخليل : هو سهم فيه نصل عريض يرمى به الوحش . (25) وقال الداووديّ : هو السكّين . ولا يصحّ قوله وإنّما أخذه على المعنى . وقال الآبيّ : قيل : قد يُطلق ويُراد به الجَلَم، وهو محرّكة ما يجزّ به الشعر من جلمه إذا قطعه . (26)

.


1- . النهاية، ص 215.
2- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 355.
3- . السرائر، ج 1، ص 536 .
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 217.
5- . المهذّب، ج 1، ص 242.
6- . المقنعة، ص 406.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 157، ح 522 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 505 ، ح 18318.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 157، ح 523 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 506 ، ح 18319.
9- . الاستبصار، ج 2، ص 242، ذيل الحديث 842 .
10- . المبسوط، ج 1، ص 363.
11- . اُنظر: الوسيلة لابن حمزة، ص 176؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 230؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 438 ؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 452؛ مدارك الأحكام، ج 8، ص 461.
12- . الفقيه، ج 2، ص 378، ح 2750؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 48 49، ح 149، وص 158، ح 526 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 242، ح 843 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 321، ح 16406؛ وج 13، ص 510 ، ح 18330.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 158، ح 525 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 242، ح 842 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 510 ، ح 18328؛ وج 14، ص 229، ح 19059.
14- . الخلاف، ج 2، ص 330، المسألة 144.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160، ح 533 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 224، ح 19044.
16- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 484، ح 1724؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 222، ح 19038.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160، ح 534 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 224، ح 19045.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160، بعد الحديث 532 .
19- . روضة المتقين، ج 4، ص 494.
20- . النهاية، ص 246. ومثله في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 158، بعد الحديث 524 .
21- . حكاه عنه في مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 461. ولفظُة في منتهى المطلب، ج 2، ص 879 هكذا: «والتقصير متعيّن في عمرة التمتع لأنّه يوجر الحلق إلى مِنى». وقال في ص 711 : «لو قصّ الشعر بأي شيء كان أجزأه، وكذا لو نتفه أو أزاله بالنورة؛ لأنّ القصد الإزالة والأمر ورد مطلقا، فيجري كلّما يتناوله الأطلاق، لكنّ الأفضل التقصير في إحرام العمرة والحلق في الحجّ».
22- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 461.
23- . غريب الحديث، ج 2، ص 257.
24- . حكاه عنه النووي في شرح صحيح مسلم، ج 8 ، ص 232.
25- . ترتيب كتاب العين، ج 2، ص 932 (شقص).
26- . اُنظر: النهاية، ج 1، ص 290 (جلم).

ص: 293

. .

ص: 294

. .

ص: 295

. .

ص: 296

باب المتمتّع ينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ أو يحلق رأسه

باب المتمتّع ينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ أو يحلق رأسه أو يقع على أهله قبل أن يقصّرإذا أهلّ المتمتّع بالحجّ بعد سعي العمرة قبل التقصير نسيانا فالمشهور صحّة إحرام الحجّ واستحباب جبره بشاة؛ لموثّق إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : الرجل يتمتّع فينسى أن يقصّر حتّى يهلّ بالحجّ؟ قال : «فعليه دم يهريقه »؛ (1) حملاً للأمر بالدّم فيه على الاستحباب، للجمع بينه وبين صحيحة عبداللّه بن سنان (2) وحسنة معاوية بن عمّار (3) وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، (4) حيث لم يذكر فيها الدم، وهو مستلزم لنفي وجوبه، وإلّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة . ويؤكّد ذلك نفي شيء في الحسنة . وقال الصدوق رضى الله عنه في الفقيه : «الدم على الاستحباب، والاستغفار يجزي عنه ». (5) ونسب جدّي قدس سره في شرحه إلى بعض الأصحاب القول بوجوبهما، وحمل نفي الشيء فيما اُشير إليه على نفي العقاب، وعدّه أحوط . (6) وحكى العلّامة في المنتهى (7) عن بعض الأصحاب قولاً ببطلان الإحرام الثاني والبقاء على الإحرام الأوّل، فيجدّد الإحرام للحجّ بعد التقصير ، ولم أعرف قائله . وأمّا مع العمد فقد ذهب ابن إدريس إلى بطلان الإحرام الثاني والبقاء على الأوّل محتجّا بأنّ الإحرام بالحجّ إنّما يسوغ بعد التحلّل من العمرة، وبالإجماع على عدم جواز إدخال الحجّ على العمرة كعكسه . (8) وعدّه الشهيد في الدروس أقرب وأنسب . (9) وقال الشيخ في التهذيب بانتقال حجّه إلى الإفراد حينئذٍ، حيث قال : والخبر الذي رواه موسى بن القاسم، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المتمتّع إذا طاف وسعى ثمّ لبّى قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر، وليس له متعة» فمحمول على من فعل ذلك متعمّداً ، فأمّا إذا فعله ناسيا فلا تبطل عمرته حسب ما قدّمناه . (10) وتبعه على ذلك الأكثر . (11) وأنت خبير بعدم دلالة الخبر على مدّعاه؛ إذ ليس فيه ذكر تداخل الإحرامين ، بل ظاهره الإشارة إلى مسألة اُخرى متفرّعة على ما سبق من تحريم التلبية على المعتمر للتمتّع بعد مشاهدة بيوت مكّة، وتبيين أنّها بعد السعي وقبل التقصير توجب الانتقال إلى حجّ الإفراد ، وقد اختلف الأصحاب فيها، فمنهم من قال بذلك الانتقال مطلقا وإن لم تكن تلك العمرة معدولة عن حجّ الإفراد، ولا الملبّي قاصداً للعدول، كما هو ظاهر إطلاق الخبر ، ومنهم من خصّه بالعمرة المعدولة عن الحجّ، كما فعله الشهيد قدس سرهفي الدروس ، (12) ومنهم من قيّده بما إذا قصد العدول عن تلك العمرة إلى حجّ الإفراد . وبالجملة، فهذا الخبر إنّما يدلّ على أنّ التلبية بعد السعي عاقد للإحرام، وأنّ السعي إنّما يكون محلّلاً ما لم يعارضه العاقد . (13) ويؤيّده صحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إذا قدموا مكّة وطافوا بالبيت أحلّوا، وإذا لبّوا أحرموا، فلا يزال يحلّ ويعقد حتّى يخرج إلى منى بلا حجّ ولا عمرة ». (14) وموثّقة إسحاق، عن أبي بصير، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : الرجل يفرد الحجّ ثمّ يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثمّ يبدو له أن يجعلها عمرة؟ قال : «إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له »، (15) وما دلّ على أنّ القارن والمفرد إذا قدّما الطواف والسعي على الموقفين أحلّا لو لم يجدّدا التلبية ، ويجيء في محلّه إن شاء اللّه تعالى . وقد استشكل الشهيد في الدروس إجزاء الإحرام الثاني؛ معلّلاً بورود النهي عنه، وبوقوع خلاف ما نواه إن أدخل حجّ التمتّع، وعدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره ، ثمّ قال : فالبطلان أنسب ، ورواية أبي بصير قاصرة الدلالة، مع إمكان حملها على متمتّع عدل عن الإفراد، ثمّ لبّى بعد السعي؛ لأنّه روى التصريح بذلك في رواية اُخرى . (16) انتهى . ولم أجد الرواية التي أشار إليها، فإن أشار بها إلى ما رويناه ثانيا عن أبي بصير، ففي دلالته على مدّعاه تأمّل . ونِعمَ ما قال صاحب المدارك بعدما حكى عنه ما نقلناه : «هو حمل بعيد ، وما ادّعاه من النصّ لم نقف عليه ». (17) فتأمّل . وحكى في المنتهى (18) عن أبي حنيفة وأحد قولي الشافعيّ جواز إدخال الحجّ على العمرة ، (19) وردّه بأنّه عبادة شرعيّة فتقف على إذن الشارع، ولم يثبت . وفي الباب مسائل اُخرى قد سبق القول في أكثرها، وبقي القول في استحباب التشبّه بالمحرمين للمتمتّع بعد العمرة في الاجتناب عن محرّمات الإحرام مطلقا، كما هو ظاهر خبر حفص . (20) وخصّه الشهيد في الدروس (21) بترك المخيط، وكأنّه حمل قوله عليه السلام : «وليتشبّه بالمحرمين» على التأكيد، والأوّل أظهر، إذ التأسيس خير من التأكيد .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 158 159، ح 527 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 42، ح 854 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 412، ح 16647؛ وج 13، ص 513 ، ح 18337، وفي الجميع: «عليه دم يهريقه» بدون الفاء.
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
3- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
4- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
5- . الفقيه، ج 2، ص 376، بعد الحديث 2742.
6- . روضة المتّقين، ج 4، ص 493.
7- . منتهى المطلب، ج 2، ص 686 .
8- . السرائر، ج 1، ص 581 .
9- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 333، ح 87 .
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 159، ح 529 . ومثله في الاستبصار، ج 2، ص 243، ح 846 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 412، ح 16646.
11- . اُنظر: المختصر النافع، ص 83 ؛ تحرير الأحكام، ج 1، ص 577 ؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 73، المسألة 440؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 63 64 .
12- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 333، الدرس 87 .
13- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 7، ص 284 285.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 31، ح 93؛ الاستبصار، ج 2، ص 156، ح 511 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 253، ح 14723؛ وج 12، ص 392، ح 16592.
15- . الفقيه، ج 2، ص 314، ح 2550؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 90، ح 295؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 256 257، ح 14733.
16- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 333، الدرس 87 .
17- . مدارك الأحكام، ج 7، ص 282.
18- . منتهى المطلب، ج 2، ص 662 ، والمذكور فيه عدم جواز إدخال الحجّ على العمرة. ثمّ قال: «واختلوا في إدخال العمرة على الحجّ بعد عقدية الإفراد، فقال أبو حنيفة بالجواز، وهو أحد قولي الشافعي».
19- . فتح العزيز، ج 7، ص 125؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 162؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 512 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 239.
20- . هو الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
21- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 415، الدرس 106.

ص: 297

. .

ص: 298

. .

ص: 299

باب المتمتّع تعرض له الحاجة خارجا من مكّة بعد إحلاله

باب المتمتّع تعرض له الحاجة خارجا من مكّة بعد إحلالهالمشهور بين الأصحاب أنّ عمرة التمتّع مرتبطة بالحجّ، يجب الحجّ بعدها في عامها وإن كانا مندوبين، فلا يجوز له الخروج عن مكّة بعدها إلّا بنيّة العود . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب قوله صلى الله عليه و آله : «دخلت العمرة في الحجّ هكذا» وشبّك بين أصابعه، في الخبر الثابت من الطريقين ، (1) وقد سبق . وخبر معاوية بن عمّار، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : من أين افتراق المتمتّع والمعتمر؟ فقال : «إنّ المتمتّع مرتبطٌ بالحجّ، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء ». (2) ورواية حفص، عن عليّ، قال : سأله أبو بصير وأنا حاضر عمّن أهلَّ بعمرة في أشهر الحجّ، له أن يرجع؟ فقال : «ليس في أشهر الحجّ عمرة يرجع فيها إلى أهله، ولكنّه يجلس بمكّة حتّى يقضي حجّه؛ لأنّه إنّما أحرم لذلك ». (3) وحكى العلّامة قدس سره في المختلف عن ابن إدريس (4) أنّه نفى التحريم محتجّا بعدم الدليل ، وردّه بدلالة ما ذكر من الأخبار عليه . (5) وأمّا مع نيّة العود فقد قال الشيخ في المبسوط : لا ينبغي للمتمتّع بالعمرة إلى الحجّ أن يخرج من مكّة قبل أن يقضي مناسكه كلّها إلّا لضرورة، فإن اضطرّ إلى الخروج خرج إلى حيث لا يفوته الحجّ، ويخرج محرما بالحجّ، فإن أمكنه الرجوع إلى مكّة، وإلّا مضى إلى عرفات، فإن خرج بغير إحرام ثمّ عاد، فإن كان عوده في الشهر الذي خرج فيه لم يضرّه أن يدخل مكّة بغير إحرام ، وإن كان عوده إليها في غير ذلك الشهر دخلها محرما بالعمرة إلى الحجّ، وتكون العمرة الأخيرة هي التي يتمتّع بها إلى الحجّ . (6) ومثله في التهذيب (7) والنهاية ، (8) وفي النافع (9) أيضا، إلّا أنّه صرّح بكراهة الخروج، وهو الظاهر من أكثر أخبار الباب وممّا رواه الصدوق رضى الله عنه قال : قال الصادق عليه السلام : «إذا أراد المتمتّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك، لأنّه مرتبط بالحجّ حتّى يقضيه إلّا أن يعلم أنّه لا يفوته الحجّ، فإذا علم وخرج ثمّ رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل مكّة محلّاً، وإن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها محرما ». (10) والشيخ قدس سره في الصحيح عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري وأبان بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبداللّه عليه السلام في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم، قال : «إن رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير إحرام، وإن دخل في غيره دخل بإحرام ». (11) واختلفوا في المدّة التي يعتبر في وجوب تجديد العمرة ، فاعتبر الشيخ والمحقّق على ما عرفت دخول شهر آخر وإن كانت العمرة السابقة في آخر الشهر السابق، كما هو ظاهر الأخبار المشار إليها، وهو مبني على أنّ لكلّ شهر عمرة . ويدلّ عليه صريحا التعليل في موثّقة إسحاق بن عمّار: «يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي يتمتّع فيه؛ لأنّ لكلّ شهر عمرة »، (12) واعتبر أكثر المتأخّرين الفصل بشهر هلالي أو عددي بين العمرتين ، (13) ولم أرَ شاهداً لهم على ذلك . وعلى أيّ حال، فهل المعتبر إحرام العمرة الاُولى أو الإحلال عنها؟ الأوّل هو المستفاد من بعض الأخبار، إذ يفهم من بعضها كفاية وقوع إحرام العمرة في شهر في كونها من ذلك الشهر، وإن وقعت أفعالها في شهر آخر ، ففي موثّق إسحاق بن عمّار، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يجيء معتمراً ينوي عمرة رجب، فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق، أيحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخّر الإحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال : «يحرم قبل الوقت لرجب، فإنّ لرجب فضلاً ،[ و هو الذي نوي]». (14) وفي صحيحة معاوية بن عمّار، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الذي وقّته رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلّا أن يخاف فوت الشهر في العمرة ». (15) واعتبر المحقّق في الشرائع (16) في الجواز الخروج على وجه لا يفتقر إلى تجديد عمرة بأن يخرج محرما أو يرجع قبل شهر . ونسبه في المدارك (17) إلى الشهرة بين الأصحاب، واشترط فيها الخروج محرما . ويردّهما إطلاق أكثر ما ذكر من الأخبار. وتقييد الخارج بغير إحرام بالجهل في حسنة حمّاد بن عيسى (18) لا يوجب تقييد ذلك الإحرام؛ لكونه في كلام السائل . وعلى تقدير تحديد الإحرام وصيرورة عمرته الاُولى مفردة فظاهر إطلاق الأخبار وأكثر الفتاوى عدم وجوب استدراك طواف النساء لها . ويؤيّده أنّه قد حلّ له النساء بالتقصير شرعا، فلا يعود التحريم بدون دليل يعتدّ به . واحتمل بعض الأصحاب افتقارها إليه؛ معلّلاً باقتضاء صيرورتها مفردة ذلك . واعلم أنّه يفهم من قول الشيخ: «فإن كان عوده في الشهر الذي خرج فيه لا يضرّه أن يدخل مكّة بغير إحرام»، (19) جواز دخوله حينئذٍ محرما، فيحرم للحجّ لا للعمرة بناءً على عدم جواز عمرتين في شهر ، بل قد صرّح باستحبابه بقوله : «ومن خرج من مكّة بغير إحرام وعاد في الشهر الذي خرج فيه فالأفضل أن يدخلها محرما بالحجّ، ويجوز له أن يدخلها بغير إحرام حسب ما قلناه ». (20) وبه صرّح العلّامة أيضا في المنتهى حيث قال : «ولو خرج من مكّة بغير إحرام وعاد في الشهر الذي خرج فيه استحبّ له أن يدخلها محرما بالحجّ ، ويجوز له أن يدخلها بغير إحرام». (21) ويدلّ عليه موثّق إسحاق بن عمّار، (22) وهو مناف لما هو المشهور بين الأصحاب من أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة ، بل يظهر من المنتهى وفاقهم عليه، فإنّه قال : أمّا ميقات حجّ التمتّع فمكّة لا غير ، ولو أحرم من غيرها اختياراً لم يجزه، وكان عليه العود إلى مكّة لإنشاء الإحرام ، ذهب إليه علماؤنا، ولا نعرف فيه خلافا إلّا في رواية عن أحمد (23) أنّه يخرج إلى الميقات، فيحرم منه للحجّ، وليس بصحيح . (24) وظاهره عدم جواز ذلك ولو دخل مكّة بإحرامه، لكن الظاهر من المحقّق في الشرائع وقوع خلاف فيه فإنّه قال : «ولو أحرم بحجّ التمتّع من غير مكّة لم يجزه، ولو دخل مكّة بإحرام على الأشبه و وجب استئنافه منها، وكأنّه أشار إلى قول الشيخ ذلك ». (25) وربّما قيل : قد يشير في كتابه إلى خلاف العامّة أو إلى ما يختاره من غير أن يكون خلافه مذهبا لأحد ، فيظهر أنّ فيه خلافا والاحتياط بمقتضى العود حينئذٍ بغير إحرام وإيقاع الإحرام بمكّة ، ثمّ الظاهر من أكثر الأخبار اختصاص تحريم الخروج بغير إحرام، ووجوب العود بعمرة جديدة على تقدير الخروج بالتجاوز عن المواقيت، لا مجرّد الخروج عن الحرم ، ولم أرَ تصريحا بذلك في كلام أحد .

.


1- . الكافي، باب حجّ النبى صلى الله عليه و آله ، ح 4؛ علل الشرائع، ص 414، الباب 153، ح 3؛ وسائل الشيعة، ج 11، 236، ح 14676؛ مسند أحمد، ج 1، ص 253 و 259؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1024، ح 3074؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 426، ح 1905؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 7 . وللحديث بدون ذكر تشبيك الأصابع مصادر كثيرة.
2- . الكافي، باب العمرة المبتولة في أشهر الحجّ، ح 4؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 437، ح 1519؛ الاستبصار، ج 2، ص 328، ح 1163؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 311، ح 19286.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 437، ح 1520؛ الاستبصار، ج 2، ص 328، ح 1164؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 312، ح 19290.
4- . السرائر، ج 1، ص 633 634 .
5- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 362.
6- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 363 364.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 163، بعد الحديث 545 .
8- . النهاية، ص 246.
9- . المختصر النافع، ص 99.
10- . الفقيه، ج 2، ص 378 379، ح 2752؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 304، ح 14870.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 166، ح 554 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 246، ح 859 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 407، ح 16637.
12- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 164 165، ح 549 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 303 304، ح 14868.
13- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 358 360.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 53 ، ح 160؛ الاستبصار، ج 2، ص 162 163، ح 532 ؛ ورواه الكليني في الكافي، باب من أحرم دون الوقت، ح 9؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 326، ح 14927.
15- . الكافي، باب مَن أحرم دون الوقت، ح 8 ؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 53 ، ح 161؛ الاستبصار، ج 2، ص 163، ح 533 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 325 326، ح 14926.
16- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 174.
17- . مدارك الأحكام، ج 7، ص 173 174.
18- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
19- . النهاية، ص 246 247.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 164، بعد الحديث 548 .
21- . منتهى المطلب، ج 2، ص 711 وفي ط الحديث، ج 10، ص 449. ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 152.
22- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 164 165، ح 549 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 303 304، ح 14868.
23- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 379؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 319.
24- . منتهى المطلب، ج 2، ص 667 .
25- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 174.

ص: 300

. .

ص: 301

. .

ص: 302

. .

ص: 303

باب الوقت الذي تفوت فيه المتعة

باب الوقت الذي تفوت فيه المتعةقد اختلف الأصحاب فيه اختلافا كثيراً على حذو اختلاف الأخبار ، ففي بعضها ما يدلّ على امتداد وقتها يوم التروية ، رواه البزنطيّ عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إن كنت أحرمت بالمتعة فقدمت يوم التروية فلا متعة لك، فاجعلها حجّة مفردة »، (1) الحديث . ولم أجد قائلاً به، وكأنّه خصّصه بما بعد الزوال من قال بامتداد وقتها إلى زوال ذلك اليوم . ومنها : ما يدلّ على امتداد وقتها إلى زوال الشمس يوم التروية ، رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تدخل مكّة متمتّعة فتحيض قبل أن تحلّ، متى تذهب متعتها؟ قال : «كان أبو جعفر عليه السلام يقول : زوال الشمس من يوم التروية ، وكان موسى عليه السلام يقول : صلاة الصبح من يوم التروية ». فقلت : جُعلت فداك، عامّة مواليك يدخلون يوم التروية ويطوفون ويسعون، ثمّ يحرمون بالحجّ ، فقال : «زوال الشمس ». فذكرت له رواية عجلان أبي صالح، فقال : «لا، إذا زالت الشمس ذهبت المتعة »، فقلت : فهي على إحرامها أو تجدّد إحرامها للحجّ؟ فقال : «لا هي على إحرامها »، قلت : فعليها هدي؟ قال : «لا، إلّا أن تحبّ أن تتطوّع »، ثمّ قال : «أمّا نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجّة قبل أن نحرم فاتتنا المتعة ». (2) وهو منقول عن عليّ بن بابويه، وأنّه صرّح بذلك في الحائض . (3) ومنها : ما يدلّ على انقضاء أجلها بانقضاء يوم التروية ؛ رواه الشيخ عن عيص بن القاسم في الصحيح، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المتمتّع المقدم مكّة يوم التروية ، صلاة العصر تفوته المتعة؟ فقال: «لا، له ما بينه وبين غروب الشمس»، وقال: «قد صنع ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم». (4) وفيالصحيح عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا قدمت مكّة يوم التروية وأنت متمتّع فلك ما بينك وبين الليل أن تطوف بالبيت وتسعى وتجعلها متعة ». (5) وفي الصحيح عنه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا قدمت مكّة يوم التروية وقد غربت الشمس فليس لك متعة، امض كما أنت بحجّك ». (6) وعن إسحاق بن عبداللّه ، قال : «سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن المتمتّع يدخل مكّة يوم التروية، فقال : للمتمتّع ما بينه وبين الليل ». (7) وعن إسحاق بن عبداللّه ، (8) عن أبي الحسن عليه السلام قال : «المتمتّع إذا قدم مكّة ليلة عرفة فليست له متعة، يجعلها حجّة مفردة، إنّما المتعة إلى يوم التروية (9) ». (10) وعن موسى بن عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المتمتّع يقدم مكّة ليلة عرفة ، قال : «لا متعة له، يجعلها حجّة مفردة، ويطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويخرج إلى منى، ولا هدي عليه، إنّما الهدي على المتمتّع ». (11) وعن عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن الرجل والمرأة يتمتّعان بالعمرة إلى الحجّ، ثمّ يدخلان مكّة يوم عرفة، كيف يصنعان؟ قال : «يجعلانها حجّة مفردة ، وحدّ المتعة إلى يوم التروية ». (12) وبه قال شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة ، (13) وحكاه في المختلف (14) عن مقنع الصدوق رضى الله عنه . (15) ومنها : ما يدلّ على امتداد وقتها إلى أن يدرك الناس بمنى يوم عرفة بعد أفعال العمرة والإحرام بالحجّ ، ولم أجد قائلاً به بخصوصه ، رواه المصنّف قدس سرهفي مرسلة ابن بكير، (16) والشيخ في الصحيح عن الحلبيّ عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المتمتّع يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ما أدرك الناس بمنى ». (17) وفي الصحيح عن مرازم بن حكيم، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : «المتمتّع يدخل ليلة عرفة مكّة أو المرأة الحائض، متى تكون لهما المتعة؟ فقال : «ما أدركوا الناس بمنى ». (18) ويؤيّدها صحيحة موسى بن القاسم بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إلى متى تكون للحاج عمرة؟ قال : «إلى السحر من ليلة عرفة ». (19) وقال موسى بن القاسم : وروى لنا الثقة من أهل البيت عن أبي الحسن موسى عليه السلام أنّه قال : «أهلّ بالمتعة بالحجّ يريد يوم التروية إلى زوال الشمس، وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء، ما بين ذلك كلّه واسع ». (20) وخبر محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : المرأة تجيء متمتّعة، فتطمث قبل أن تطوف بالبيت، فيكون طهرها ليلة عرفة؟ فقال : «إن كانت تعلم أنّها تطهر وتطوف بالبيت وتحلّ من إحرامها وتلحق بالناس فلتفعل ». (21) ومنها : ما يدلّ على اعتبار إدراك وقوف عرفات ، والظاهر أنّ المراد منه إدراك أوّل الوقوف، وهو المشهور بين المتأخّرين، وهو خبر يعقوب بن شعيب، (22) وصحيحة الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل أهلَّ بالحجّ والعمرة جميعا، ثمّ قدم مكّة والناس بعرفات، فخشي إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروه أن يفوته الموقف، فقال : «يدع العمرة، فإذا أتمّ حجّه صنع كما صنعت عائشة، ولا هدي عليه ». (23) وصحيحة زرارة، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون في يوم عرفة بينه وبين مكّة ثلاثة أميال، وهو متمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال : «يقطع التلبية تلبية المتعة ويهلّ بالحجّ بالتلبية إذا صلّى الفجر، ويمضي إلى عرفات، فيقف مع الناس ويقضي جميع المناسك، ويقيم بمكّة حتّى يعتمر عمرة المحرم ولا شيء عليه ». (24) وصحيحة جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المتمتّع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، وله الحجّ إلى زوال الشمس من يوم النحر ». (25) وهذه الصحيحة ظاهرة الدلالة على ما ذكرناه من اعتبار إدراك أوّل الزوال كما ستعرفه . ومنها : ما يشعر بأنّه يكفي إدراك مسمّى الوقوف من آخر الوقت واشتراط الإفاضة منها مع الناس ، رواه محمّد بن سرو، قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : ما تقول في رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، وافي غداة عرفة، وخرج الناس من منى إلى عرفات، أعمرته قائمة أو قد ذهبت منه؟ إلى أيّ وقت عمرته قائمة إذا كان متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ فلم يواف يوم التروية، ولا ليلة التروية؟ فكيف يصنع؟ فوقّع عليه السلام : «ساعة يدخل مكّة إن شاء اللّه يطوف ويصلّي ركعتين، ويسعى ويقصّر، ويخرج بحجّته، ويمضي إلى الموقف، ويفيض مع الإمام ». (26) وإليه ذهب الشيخ قدس سره في المبسوط والنهاية ، ففي النهاية : لو دخل يوم التروية مكّة طاف وسعى وقصّر وأحلّ، ثمّ عقد إحرام الحجّ، فإن لم يلحق مكّة إلّا ليلة عرفة جاز له أن يفعل ذلك أيضا ، فإن دخلها يوم عرفة جاز له أن يحلّ أيضا ما بينه وبين زوال الشمس، فإذا زالت فقد فاتته العمرة وكانت حجّته مفردة . هذا إذا علم أنّه يلحق عرفات ، فإن غلب على ظنّه أنّه لا يلحقها فلا يجوز له أن يحلّ، بل يقيم على إحرامه ويجعل حجّته مفردة . (27) ومثله في المبسوط. (28) وأنت خبير بأنّ ذلك الخبر مع عدم قابليّته للمعارضة لما تقدّم؛ لندرته وعدم صحّته، غير صريح فيما ادّعاه، بل يحتمل الحمل على ما إذا غَلَب على ظنّه لحوق الناس بعرفات أوّل الزوال، فإن تمسّك قدس سره بذلك فقد تمسّك بما لا يدلّ على مدّعاه. لا يقال: يمكن أن يكون قدس سره مستنداً في ذلك بقوله عليه السلام : «المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة» في صحيحة جميل المتقدّمة . (29) لأنّا نقول : هو أيضا غير صريح فيما ادّعاه ، بل غير ظاهر أيضا فيه، فإنّ ظاهره أنّ له المتعة إلى أن يغلب على ظنّه لحوق الناس بعرفات أوّل الزوال بقرينة قوله عليه السلام : «وله الحجّ إلى زوال الشمس من يوم النحر ». وقد بالغ ابن إدريس حيث اكتفى بإدراك اضطراري عرفة في البقاء على المتمتّع، فقد قال في السرائر : يجوز للمحرم المتمتّع إذا دخل مكّة أن يطوف ويسعى ويقصّر إذا علم أو غلب على ظنّه أنّه يقدر على إنشاء الإحرام بالحجّ بعده والخروج إلى عرفات والمشعر، ولا يفوته شيء من ذلك، سواء كان دخوله مكّة بعد الزوال، من يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة، قبل زواله أو بعد زواله على الصحيح والأظهر من أقوال أصحابنا؛ لأنّ وقت الوقوف بعرفة للمضطرّ إلى طلوع الفجر من يوم النحر. (30) فقد تمسّك بما يردّ قوله، فإنّ هذا الحاجّ ليس بمضطرّ؛ لإمكان عدوله إلى الإفراد، وقد ثبت وجوب العدول عليه بما تقدّم من الأخبار، وكأنّه قال بذلك بناءً على ما أصّله من عدم جواز العمل بأخبار الآحاد أصلاً . وممّا ذكرنا يظهر تحتّم العدول إلى الإفراد إذا غلب على ظنّه أنّه لا يدرك عرفات أوّل الزوال مع التمتّع، ولا يبعد القول بالتخيير فيما قبله إلى زوال الشمس يوم التروية مطلقا، سواء كانت حجّته حجّة الإسلام أو غيره . وذهب الشيخ قدس سره في التهذيب إلى التخيير في الجميع في غير حجّة الإسلام؛ للجمع. ويفهم منه تحتّم التمتّع في حجّة الإسلام فيما إذا أدرك مسمّى الوقوف بعرفات، كما ذهب إليه في الكتابين، فقد قال فيه: والمتمتّع بالعمرة إلى الحجّ تكون عمرته تامّة ماأدرك الموقفين، سواء كان ذلك يوم التروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة إلى بعد زوال الشمس، فإذا زالت الشمس من يوم عرفة فقد فاتت المتعة؛ لأنّه لا يمكنه (31) أن يلحق الناس بعرفات والحال على ما وصفناه ، إلّا أنّ مراتب الناس تتفاضل في الفضل والثواب، فمَن أدرك يوم التروية عند زوال الشمس يكون ثوابه أكثر ومتعته أكمل ممّن لحق بالليل ، ومَن أدرك بالليل يكون ثوابه دون ذلك وفوق من يلحق يوم عرفة إلى بعد الزوال . والأخبار التي وردت في أنّ مَن لم يدرك يوم التروية فقد فاتته المتعة، المراد بها فوت الكمال الذي يرجوه بلحوقه يوم التروية ، وما تضمّنت من قولهم عليهم السلام : «وليجعلها حجّة مفردة »، فالإنسان بالخيار في ذلك بين أن يمضي المتعة وبين أن يجعلها حجّة مفردة إذا لم يخف فوت الموقفين، وكانت حجّته غير حجّة الإسلام التي لايجوز فيها الإفراد مع الإمكان، حسب ما قدّمناه، وإنّما يتوجّه وجوبها، والحتم على أن يجعل حجّته مفردة لمن غلب على ظنّه أنّه إن اشتغل بالطواف والسعي والإحلال ثمّ الإحرام بالحجّ يفوته الموقفان ، ومهما حملنا هذه الأخبار على ما ذكرناه فلم نكن قد دفعنا شيئا منها . (32) هذا كلامه أعلى اللّه مقامه .

.


1- . رواه المحقّق في المعتبر، ج 2، ص 794؛ والعلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 39. ولم أعثر عليها في كتب الحديث.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 391، ح 1366؛ الاستبصار، ج 2، ص 311، ح 1107؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 299 300، ح 14858.
3- . فقه الرضا عليه السلام ، ص 230. وحكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 218.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 172، ح 574 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 248، ح 869 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 294، ح 14837.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 172، ح 576 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 248، ح 871 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 294، ح 14839.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 173، ح 583 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 249، ح 878 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 299، ح 14856.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 172، ح 575 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 294، ح 14838.
8- . هذا هو الصحيح الموافق لمصادر الحديث. وفي الأصل: «عمر بن يزيد» بدل «إسحاق بن عبد اللّه ».
9- . في هامش الأصل: «أي إلى آخره بقرينة أوّل الخبر، منه عفي عنه».
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 173، ح 580 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 249، ح 875 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 298، ح 14853.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 173، ح 581 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 249، ح 876 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 298 299، ح 14854.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 173، ح 582 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 249، ح 877 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 299، ح 14855.
13- . المقنعة، ص 431.
14- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 218.
15- . المقنع، ص 265.
16- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 170، ح 566 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 246، ح 861 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 293، ح 14833.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 170، ح 565 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 246، ح 860 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 293، ح 14835.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 171، ح 567 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 246 247، ح 862 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 294 295، ح 14841.
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 172، ح 573 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 248، ح 872 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 293، ح 14836.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 172 173، ح 578 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 248، ح 873 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 294، ح 14840.
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 391، ح 1367 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 311، ح 1108 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 449 450، ح 18189.
22- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 171، ح 568 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 247، ح 863 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 292 293، ح 14832.
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 174، ح 584 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 250، ح 879 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 297 298، ح 14850.
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 174، ح 585 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 250 251، ح 880 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 298، ح 14851.
25- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 171، ح 569 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 247، ح 864 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 295، ح 14842.
26- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 171، ح 570 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 247، ح 865 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 295، ح 14843.
27- . النهاية، ص 247.
28- . المبسوط، ج 1، ص 364.
29- . وسائل الشيعة، ج 11، ص 295، ح 14842.
30- . السرائر، ج 1، ص 581 582 .
31- . في الاصل: «لا يمكن»، والمثبت من المصدر.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 170، بعد الحديث 564 .

ص: 304

. .

ص: 305

. .

ص: 306

. .

ص: 307

. .

ص: 308

. .

ص: 309

. .

ص: 310

باب إحرام الحائض والمستحاضة

باب ما يجب على الحائض في أداء المناسك

باب إحرام الحائض والمستحاضةأجمع أهل العلم على جواز الإحرام في حال الحيض والنفاس وعدم اشتراطه بالطهارة، وعلى استحباب الغسل للإحرام لهما أيضا ، والأخبار المتظافرة من الطريقين شاهدة عليهما ، منها : ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب والذي بعده . ومنها : ما ثبت عند الفريقين من أمر النبيّ صلى الله عليه و آله أسماء بنت عميس بالاغتسال والإحرام، وقد نفست بمحمّد بن أبي بكر بالبيداء لأربع بقين من ذي القعدة، ولم تطهر بَعدُ . (1)

باب ما يجب على الحائض في أداء المناسكأراد قدس سره بيان أنّه متى ينتقل فرضها إلى الإفراد إذا ضاق وقتها عن إكمال العمرة أو الإحرام للحجّ، ولها أحوال : الاُولى : وجود الحيض قبل الإحرام، وهذه تحرم بالإفراد إجماعا من الفريقين . ويدلّ عليه الأخبار من الطريقين ، وكفاك شاهداً عليه ما ثبت من أمره صلى الله عليه و آله لعائشة بذلك . (2) الثانية : أن تحيض بعد الإحرام بعمرة التمتّع وبعد الطواف أجمع ، فالذي رأيت في كلام الأصحاب أنّها تبقى على التمتّع مطلقا، سواء صلّت للطواف أم لا ، فتسعى وتقصّر، ثمّ تهلّ بالحجّ بمكّة في غير المسجد، وإن لم تكن صلّت قضت الصلاة في إحرام الحجّ . (3) ويدلّ عليه خبر أبي الصباح ، (4) وذلك واضح على ما هو المشهور بين الأصحاب من عدم اشتراط السعي بالطهارة ، وما أدري ما قال ابن أبي عقيل في هذه المسألة، حيث أوجب الطهارة فيه أيضا كالطواف . (5) الثالثة : أن تحيض بعد أربعة أشواط من الطواف ، والمشهور بين الأصحاب أنّها تبقى على التمتّع، فتسعى وتقصّر وتقضي بقيّة الطواف وصلاته في إحرام الحجّ . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف في الباب ما رواه الشيخ عن أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ، قال : حدّثني مَن سمع أبا عبداللّه عليه السلام يقول في المرأة المتمتّعة : «إذا طافت بالبيت أربعة أشواط، ثمّ حاضت، فمتعتها تامّة، وتقضي ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف (6) الآخر ». (7) وعن سعيد الأعرج، قال : سُئل أبو عبداللّه عليه السلام عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وهي معتمرة، ثمّ طمثت، قال : «تتمّ طوافها، فليس عليها غيره، ومتعتها تامّة، فلها أن تطوف بين الصفا والمروة؛ [ وذلك] لأنّها زادت على النصف ومضت متعتها، ولتستأنف بعد الحجّ». (8) ومارواه الصدوق رضى الله عنه عن ابن مسكان، عن إبراهيم بن إسحاق ، عمن سأل أبا عبداللّه عليه السلام عن امرأة طافت أربعة أشواط وهى معتمرة، ثمّ طمثت، قال: «تتّم طوافها وليس عليها غيره، ومتعتها تامّة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة، لأنّها زادت على النصف وقد قضت متعتها، فلتستأنف بعد الحجّ ، وإن هي لم تطف إلّا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحجّ، (9) فإن أقام جمّالها بعد الحجّ فليخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم، فليعتمر ». (10) ويؤيّدها خبر أبي بصير وأحمد بن عمر الحلّال، (11) وما مضى ممّا دلّ على البناء فيما زاد الطواف على النصف . وخالف في ذلك ابن إدريس، فاعتبر في البقاء على التمتّع إكمال الطواف قبل الحيض، فقال : «والذي تقتضيه الأدلّه أنّها إذا جاءها الحيض قبل جميع الطواف فلا متعة لها ». (12) وفي المختلف: «وما أدري الأدلّة التي قادت ابن إدريس إلى ما ذهب إليه أيّها هي ؟» (13) الرابعة : أن تحيض في الطواف قبل الأربعة، والمشهور أنّها تنتقل إلى الافراد؛ لما ثبت من أنّه لا يجوز البناء في الطواف على أقلّ من أربعة أشواط، ولا يعتدّ بما طاف حتّى يجوز أن تسعى بعده ويقصّر . ويؤكّده مرسلة إبراهيم بن إسحاق المتقدّمة، حيث صرّح آخرها بذلك . وحكى في المختلف (14) عن الصدوق قولاً به، وقولاً آخر أيضا بالاكتفاء بثلاثة أشواط فما دونها في البقاء على التمتّع ، وإليه ذهب في الفقيه حيث قال فيه : وروى حريز عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقلّ من ذلك ثمّ رأت دما ، فقال : «تحفظ مكانها، فإذا طهرت طافت منه واعتدّت بما مضى ». وروى العلاء عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام مثله، قال مصنّف هذا الكتاب رضى الله عنه: بهذا الحديث أفتى دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عمّن سأل أبا عبداللّه عليه السلام وذكر الخبر الذي سبق إلى آخره ثمّ قال : لأنّ إسناد هذا الحديث منقطع، والحديث الأوّل رخصة ورحمة، وإسناده متّصل . (15) وأنت خبير بعدم معارضة هذين الخبرين ؛ فإنّ الأوّل إنّما يدلّ على البناء في الطواف على ثلاثة أشواط، وهو معنى آخر غير البقاء على التمتّع ولا تعلّق له بهذه المسألة ، فتأمّل ، بضميمة عموم ما سيأتي ممّا دلّ على البقاء على التمتّع قبل الطواف، ويأتي القول فيه ، ويدلّ على المشهور بعض ما تقدّم من الأخبار . الخامسة : أن تحيض قبل الشروع في الطواف بعد الإحرام، وهذه أيضا تنتقل إلى الإفراد على المشهور؛ لما رواه الصدوق في الصحيح عن جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في الحائض إذا قدمت يوم التروية: «أنّها تمضي كما هي إلى عرفات، فتجعلها حجّة، ثمّ تقيم حتّى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة ». (16) ورواه الشيخ أيضا بضميمة : قال ابن أبي عمير : كما صنعت عائشة . (17) وما رواه إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته عن المرأة تجيء متمتّعة، فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتّى تخرج إلى عرفات ، قال : «تصير حجّة مفردة »، قلت : هل عليها شيء؟ قال : «دمٌ تهريقه، وهي اُضحيتها ». (18) ويؤكّدهما مرسلة إبراهيم بن إسحاق المتقدّمة، (19) ويؤيّدها ما سبق في باب الذي تفوت فيه المتعة. لكن بإزائها أخبار كثيرة دلّت على بقائها على التمتّع بفعل السعي والتقصير، ثمّ إحرام للحجّ وتأخير طواف العمرة إلى وقت طواف الحجّ ، وقد روى أكثرها المصنّف قدس سره في الباب ، منها : صحيحتا عبد الرحمن بن الحجّاج وعليّ بن رئاب، (20) والبواقي ضعيفة ، أمّا خبرا أبي بصير فبالإرسال (21) وسهل بن زياد ، (22) وأمّا ما عداهما فلانتهائها كلّها إلى درست عن عجلان الواسطيّين، والأوّل واقفي غير موثّق، والثاني مجهول الحال . والكشي وإن حكى توثيقه عن ابن فضّال وروى مدحه حيث قال : قال محمّد بن مسعود : سمعت عليّ بن الحسن بن فضّال يقول : عجلان أبو صالح ثقة ، قال : قال له أبو عبداللّه عليه السلام : «يا عجلان، كأنّي أنظر إليك إلى جنبي والناس يعرضون عليَّ ». (23) لكنّه ليس صريحا في الواسطيّ، بل محتمل لجماعة، فإنّ عجلان أبا صالح مشترك، وإنّما حملناه هنا على الواسطيّ بقرينة رواية الواسطيّ عنه ، وقد ضعف بعضها من جهات اُخرى أيضا . وقال الشيخ في التهذيب بعد رواية خبرين منها، وهما خبرا عجلان (24) : فليس في هاتين الروايتين ما ينافي ما ذكرناه؛ لأنّه ليس في هذين الخبرين أنّه قد تمّ متعتها، ويجوز أن يكون من هذه حاله يجب عليه العمل على ما تضمّنه الخبران، ويكون حجّة مفردة دون أن تكون متعة ، ألا ترى إلى الخبر الأوّل وقوله عليه السلام : «إذا قدمت مكّة طافت طوافين »، فلو كان المراد تمام المتعة لكان عليها ثلاثة أطواف وسعيان، وإنّما كان عليها طوافان وسعي ؛ لأنّ حجّتها صارت مفردة ، وإذا حملناهما على هذا الوجه يكون قوله عليه السلام : «يهلّ بالحجّ» تأكيداً لتجديد التلبية بالحجّ دون أن يكون ذلك فرضا واجبا . والوجه الثاني: أنّه ليس في صريحهما أنّها رأت الدم في أيّ حال، وإذا لم يكن ذلك في ظاهرهما جاز أن يكون المراد بهما أنّها رأت الدم بعد أن طافت من طواف الفريضة ما يزيد على النصف، فإنّه متى كان الأمر على ما ذكرناه تكون هي بمنزلة من قضى متعته . (25) وتمسّك في ذلك بخبري أبي إسحاق اللؤلؤي وسعيد الأعرج . (26) ولتعارض الأخبار ذهب ابن الجنيد إلى تخييرها بين التمتّع والإفراد حينئذٍ مطلقا، سواء كان إحرامها بعد ظهور الحيض أو بالعكس ، لكن على تقدير اختيار التمتّع يقول: لا يقصر ولا يتحلّل ، بل يتمّ أفعال العمرة والحجّ معا بإحرامه السابق كالسابق عند بعض الأصحاب، ويطوف للعمرة مع طواف الحجّ، فقد قال على ما نقل عنه فى¨ المختلف : الحائض والنفساء من ابتدأ منهما إحرامه وبها الدم وكانت متمتّعة بالعمرة إلى الحجّ أقامت على إحرامها ولم تطف إذا وردت مكّة إلى أن يخرج الناس إلى منى، فإن لم تطهر قبل ذلك خرجت [ معهم]، فإذا طهرت رجعت وسعت له وطافت طواف النساء وقد صحّت متعتها، وعليها دم، وكانت كالسائق المهلّ بمتعة إلى الحجّ، ولو اختارت عند خروجها إلى منى إبطال متعتها وإفراد الحجّ جاز ذلك لها واعتمرت من التنعيم [ وإخراجها من متعتها]، وأمّا مَن أحرم منهنّ طاهراً بمتعة إلى الحجّ ثمّ حاضت كانت مخيّرة إذا قدمت مكّة بين أن تقدّم السعي، فإذا طهرت قبل الخروج إلى منى طافت وأحلّت، وبين أن تقف على إحرامها، وإن لم تطهر حتّى خرج الناس إلى منى كانت أيضا مخيّرة أن تجعلها حجّة مفردة وتقدّم السعي وتشهد المناسك، وإن رجعت طافت طواف الزيارة وطواف النساء وأحلّت ، فإن اختارت المقام على متعتها كان لها أن تقدّم سعي العمرة والسعي وتقيم على إحرامها ، فإذا رأت الطهر يوم النحر طافت ثلاثة أطواف : طواف العمرة، وطواف الحجّ، وطواف النساء، وذبحت دم متعتها ، وإن لم تطهر إلى أن نفر الناس آخر أيّام التشريق أقامت إلى أن تمضي لها تتمّة عشر[ ة أيّام] (27) ، ثمّ فعلت ما تفعل المستحاضة ، فإن فعلت ذلك ثمّ أقامت بمكّة ورأت الطهر بعده أعادت الطواف والسعي وطواف النساء . (28) وما اُشير إليه من الأخبار غير منطبق على ذلك، وتأويلها عليه في غاية البُعد . وذهب الصدوق رضى الله عنه في الفقيه إلى الفصل بين من حاضت بعد الإحرام ومن حاضت قبله ، وقال ببقاء الاُولى على التمتّع على ما دلّت عليه الأخبار المتكثّرة التي أشرنا إليها، وانتقال الثانية إلى الإفراد على ما هو المشهور ومدلول الأخبار الأولة، وعبارته هنا لا تخلو عن دقّة وخفاء، حيث قال بعدما نقلنا عنه بلا فصل : وإنّما لا تسعى الحائض التي حاضت قبل الإحرام بين الصفا والمروة وتقضي المناسك كلّها؛ لأنّها لا تقدر أن تقف بعرفة إلّا عشيّة عرفة، ولا بالمشعر إلّا يوم النحر، ولا ترمي الجمار إلّا بمنى ، وهذا إذا طهرت قضته . (29) وقال جدّي قدس سره في شرحه: لمّا وردت أخبار كثيرة بأنّ الحائض تسعى بين الصفا والمروة وتتمّ حجّها متمتّعة، ورويت أخبار كثيرة في أنّها لا تسعى بل تصير حجّتها مفردة، وذهب إلى كلٍّ فريق، وذهب جماعة إلى التخيير حاول المصنّف الجمع بينهما بما ورد في الخبر بأنّ مَن أحرم وهي حائض تفرد الحجّ؛ لأنّها تعلم بالنظر إلى عادتها أنّها لا تطهر بمقدار ما تطوف وتسعى وتقصّر وتهلّ بالحجّ، وتدرك عرفات قبل الغروب، فلا يمكنها أن تنوي العمرة ؛ لأنّ وقوف عرفات لا يمكن إيقاعه في غير عرفة، ووقوف المشعر لا يمكن إيقاعه في غير وقته، وكذا مناسك منى يوم النحر فلا يمكنه نيّة العمرة مع العلم بعدم إمكان إيقاعها، بخلاف من كانت طاهرة عند الإحرام، فإنّها تمكنها النيّة على استصحاب الطهارة، فلمّا نوت العمرة بنيّة صحيحة لزمها إتمامها بالسعي والتقصير، فيحمل أخبار إيقاع السعي على هذه الصورة ، وأخبار الترك والإفراد على الأوّل . (30)

.


1- . اُنظر: الفقيه، ج 2، ص 380، ح 2755؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 401، ح 16621؛ سنن الدارمي، ج 2، ص 33؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 32؛ المعجم الكبير للطبراني، ج 4، ص 141.
2- . اُنظر: مسند أحمد، ج 6 ، ص 177؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 149؛ وج 5 ، ص 124؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 27؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 400، ح 1781؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 357، ح 3745؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 105.
3- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 417 419، المسألة 725؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 178.
4- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
5- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 211.
6- . في هامش الأصل: «يعني البقية في طوافها، منه».
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 393، ح 1370؛ الاستبصار، ج 2، ص 313، ح 1111؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 456، ح 18204.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 393، ح 1371؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 456، ح 18203.
9- . كذا بالأصل ومثله في وسائل الشيعة، وفي المصدر: «بعد الحج».
10- . الفقيه، ج 2، ص 383، ح 2767؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 455، ح 148202.
11- . هما ح 2 و 3 من هذا الباب من الكافي.
12- . السرائر، ج 1، ص 623 .
13- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 339.
14- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 338 339.
15- . الفقيه، ج 2، ص 383، ح 2766 و 2767.
16- . الفقيه، ج 2، ص 381، ح 2759؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 297، ح 14846.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 390، ح 1363.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 390، ح 1365؛ الاستبصار، ج 2، ص 310، ح 1106؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 299، ح 14857.
19- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 455، ح 18202.
20- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
21- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
22- . الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي.
23- . اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 710، ح 772.
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 391 392، ح 1368 و 1369.
25- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 392 393، بعد الحديث 1369.
26- . نفس المصدر، ح 1370 و 1371.
27- . مابين الحاصرتين من المصدر، وفي الهامش بخطّ الأصل: «ثمانية عشر يوما».
28- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 340.
29- . الفقيه، ج 2، ص 383 384، بعد الحديث 2767.
30- . روضة المتّقين، ج 4، ص 513 .

ص: 311

. .

ص: 312

. .

ص: 313

. .

ص: 314

. .

ص: 315

. .

ص: 316

باب أنّ المرأة تحيض بعدما دخلت في الطواف

باب أنّ المستحاضة تطوف بالبيت

باب أنّ المرأة تحيض بعدما دخلت في الطوافأراد قدس سره بيان أنّ الحائض إذا قطعت الطواف للحيض متى تستأنف ومتى تبني على ما مضى ، وقد سبق القول فيه مستقصىً في باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة ، والأولى جمعهما في باب واحد .

باب أنّ المستحاضة تطوف بالبيتالمستحاضة إذا فعلت ما يجب عليها كانت بحكم الطاهر، يجب عليها ما يجب عليه، ويصحّ منها ما يصحّ منه، فيصحّ منها الطواف إجماعا . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف قدس سره ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن المستحاضة، أيطأها زوجها؟ وهل تطوف بالبيت؟ قال : «تقعد قرؤها الذي كانت تحيض فيه، فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين ولتغتسل، ولتستدخل كرسفا، فإذا ظهر على الكرسف فلتغتسل، ثمّ تضع كرسفا آخر، ثمّ تصلّي، فإذا كان دما سائلاً فلتؤخّر الصلاة إلى الصلاة، ثمّ تصلّي صلاتين بغسل واحد، وكلّ شيء استحلّت به الصلاه فليأتها زوجها ولتطف بالبيت ». (1)

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 400، ح 1390؛ وسائل الشيعة، ج 2، ص 375، ح 2397.

ص: 317

باب نادر

باب نادريذكر فيه أحكام متفرّقة متعلّقة بالحائض، منها : أنّ المرأة إذا قضت مناسك الحجّ حتّى الطوافين في الحيض جهلاً وأحلّت بظنّ صحّة حجّها، ثمّ واقعها زوجها بعد خروج ذي الحجّة، يجب عليها سوق بدنة، وقضاء الحجّ من قابل . ومنها : أنّ الحائض تودّع على باب المسجد . ومنها : أنّ الحائض بعد العمرة تنتظر يوم التروية لتهلّ للحجّ في المسجد وإن لم تطهر، فتحرم قبل طلوع الفجر من ذلك اليوم بمكّة، وهو من باب الندب والاستحباب، وإلّا فيجوز لها تأخيره إلى زوال ذلك اليوم إجماعا . ومنها : أنّ الحائض في أثناء الطواف بعد تجاوز النصف يجوز لها أن تنفرد وتستنيب لإتمامه . ومنها : أنّ الحائض قبل طواف النساء إن استطاعت أن تقوم بمكّة حتّى تطهر وتطوف وجب عليها ذلك، وإلّا فتنفرد وتستنيب له . كلّ ذلك مستفاد من أخبار الباب، وقد سبق بعض منها .

.

ص: 318

باب علاج الحائض

باب الإحرام يوم التروية

باب علاج الحائضتدلّ أخبار الباب وبعض ما يأتي في الباب الذي بعده [ على ]استحباب استعلاج الحائض والدّعاء لانقطاع دمها إذا خافت فوات الحجّ لو صبرت إلى انقضاء الحيض على عادتها ، وكذا إذا خافت فوات زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله بالمسجد ، وصرّح به العلماء الأخيار رضي اللّه عنهم .

باب الإحرام يوم الترويةيعني أنّ المستحبّ الإحرام للحجّ يوم التروية، ويجوز تقديمه في أشهر الحجّ، وإنّما حملناه على الاستحباب لما قد سبق من قوله عليه السلام : «وأمّا نحن فنحرم للحجّ أوّل ذي الحجّة ». (1) وفي المنتهى : «ولا خلاف في أنّه لو أحرم المتمتّع والمكّي قبل ذلك في أيّام الحجّ فإنّه يجزيه ». (2) وحكى فيه عن العامّة أنّ لهم في وقت الإحرام بالحجّ للمكّي قولين : يوم التروية، وهلال ذي الحجّة، وكأنّهم قالوا بذينك القولين في وقت استحبابه لا الوجوب ، فقد نسب طاب ثراه استحبابه يوم التروية إلى أكثرهم ، (3) وعن بعضهم: أنّه يستحبّ للمكّي أن يحرم للحجّ من أوّل ذي الحجّة؛ (4) ليدخل عليه شعث الحاجّ كما يدخل على غيره . قوله في حسنة الحلبيّ : (وقد أزمع بالحجّ ) . [ ح 3 / 7709] الظاهر أنّ الباء في قوله بالحجّ بمعنى على أو لتأكيد التعدية، فإنّ أزمع إنّما يتعدّى بنفسه أو بعلى ، ففي القاموس : «أزمعت الأمر وعليه: أجمعته ». (5) وحكى الجوهريّ عن الفرّاء أنّه قال : «أزمعته وأزمعت عليه بمعنى مثل أجمعته وأجمعت عليه ». (6) قوله في خبر زرارة : (قال إذا جعلت شعب دُبّ عن (7) يمينك والعقبة عن يسارك فلبِّ ) .] ح 6 / 7712] ظاهره التلبية العاقدة للإحرام ، وحمل في المشهور على الجهر بها، والشِعب: الطريق في الجبل. (8) والدرب: الزقاق . (9) وفي النهاية : «وقيل: هو بفتح الراء للنافذ منه، وبالسكون لغير النافذ ». (10)

.


1- . لم أعثر عليه بهذه العبارة، نعم تقدّم بلفظ: «أمّا نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجّة قبل أن نحرم فاتتنا المتعة». وسائل الشيعة، ج 11، ص 299، ح 14858.
2- . منتهى المطلب، ج 2، ص 714.
3- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 181؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 150؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 421؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 421.
4- . المجموع للنووي، ج 7، ص 181؛ شرح صحيح مسلم، ج 8 ، ص 96 و 162.
5- . القاموس المحيط، ج 3، ص 35 (زمع).
6- . صحاح اللغة، ج 3، ص 1226 (زمع).
7- . في الكافي المطبوع: «على».
8- . صحاح اللغة، ج 1، ص 156 (شعب).
9- . لم أعثر على هذا المعنى.
10- . النهاية، ج 2، ص 111 (درب).

ص: 319

باب الحجّ ماشيا وانقطاع مشي الماشي

باب الحجّ ماشيا وانقطاع مشي الماشيقد اختلفت الأخبار في أنّ المشي في الحجّ أفضل أم الركوب ، فأكثر أخبار الباب تدلّ على الثاني، ويؤكّدها ما رواه الشيخ عن رفاعة، قال : سأل أبا عبداللّه عليه السلام رجل : الركوب أفضل أم المشي؟ فقال : «الركوب أفضل من المشي ؛ لأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ركب ». (1) وقد روى مثله الصدوق رضى الله عنه في العلل بسند آخر عن رفاعة وعبداللّه بن بكير عنه عن أبي عبداللّه عليه السلام . (2) ويدلّ على الأوّل ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن الحلبي، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن فضل المشي ، فقال : «الحسن بن عليّ عليهماالسلام قاسم ربّه ثلاث مرّات حتّى نعلاً ونعلاً، وثوبا، وثوبا وديناراً، وديناراً، وحجّ عشرين حجّة ماشيا على قدميه ». (3) ويؤيّدها ما رواه عن محمّد بن إسماعيل بن رجاء الزبيديّ عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ما عبد اللّه بشيءٍ أفضل من المشي ». (4) وفي الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ما عُبد اللّه بشيء أشدّ من المشي و لاأفضل». (5) والمشهور بين الأصحاب التفصيل، ففصّلوا تارةً بالضعف وعدمه، فقالوا : المشي أفضل إلّا مع الضعف عن العبادة فالركوب أفضل . (6) ويشعر به صحيحة سيف التمّار . (7) وتارةً بالشحّ والتخشّع ، ويستفاد ذلك من موثّق ابن بكير (8) وخبر أبي بصير ، (9) ويؤيّدهما ما رواه الصدوق رضى الله عنه في العلل عن المفضّل بن يحيى، عن سليمان، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة مشاة ، فقال : «لا تمشوا، اخرجوا ركبانا »، فقلنا : أصلحك اللّه إنّا بلغنا عن الحسن بن عليّ عليهماالسلامأنّه حجّ عشرين حجّة ماشيا ، فقال : «إنّ الحسن بن عليّ عليهماالسلامكان يحجّ وتساق معه الرحال ». (10) وقال الشيخ قدس سره في التهذيب : يحتمل أيضا أن يكون إنّما فضّل الركوب على المشي إذا علم أنّه يلحق مكّة إذا ركب قبل المشاة فيعبد اللّه ويستكثر من الصلاة إلى أن يقدم المشّاءون ، فقد روى هذا المعنى أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ، عن هشام بن سالم، قال : دخلنا على أبي عبداللّه عليه السلام أنا وعنبسة بن مصعب وبضعة عشر رجلاً من أصحابنا، فقلت : جعلني اللّه فداك، أيّهما أفضل: المشي أو الركوب؟ فقال : «ما عُبد اللّه بشيء أفضل من المشي »، فقلنا : أيّما أفضل: نركب إلى مكّة فنعجّل فنقيم بها إلى أن يقدم الماشي، أو نمشي؟ فقال : «الركوب أفضل ». (11) وقال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : (12) يمكن أن يحمل أخبار المشي على المشي من مكّة لأفعال الحجّ، كما يظهر من صحيحة رفاعة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن مشي الحسن عليه السلام من مكّة أو المدينة؟ قال : «من مكّة ». (13) ثمّ إنّهم اختلفوا في أنّ غاية المشي في الحجّ هل هي رمي الجمار في آخر أيّام التشريق أو طواف النساء؟ رجّح الأوّل الشهيد الثاني في شرح اللمعة. (14) ويدلّ عليه خبر عليّ بن أبي حمزة. (15) ويؤيّده أنّ المشي وصف في الحجّ المركّب من الأفعال الواجبة، فلا يتمّ إلّا بآخرها . وقد اشتهر بين الأصحاب الثاني، وهو الذي قطع به الشهيد قدس سرهفي الدروس، (16) وظاهر صحيحة إسماعيل بن همّام (17) أنّها رمي جمرة العقبة يوم النحر . ولم أجد قائلاً به، وحمل بعض الأصحاب الجمرة فيها على جميع الجمار، (18) وزيارة البيت على طواف الوداع، وهو بعيد ، وتظهر فائدة الخلاف في نذر المشي فيه .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 12، ح 31؛ الاستبصار، ج 2، ص 142، ح 463؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 81 ، ح 14295 و 14296.
2- . علل الشرائع، ص 446، باب 198، ح 1 و 2.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 11 12، ح 29؛ الاستبصار، ج 2، ص 141 142، ح 461؛ وسائل الشيعة، ج 9، ص 480، ح 1253؛ و ج 11، ص 78 79، ح 14286.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 12، ح 30؛ الاستبصار، ج 2، ص 142، ح 462؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 79، ح 14287.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 11، ح 28؛ الاستبصار، ج 2، ص 141، ح 460؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 78، ح 14282.
6- . اللمعة الدمشقيّة، ص 54 ؛ شرح اللمعة، ج 2، ص 170؛ مسالك الأفهام، ج 11، ص 320.
7- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
8- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
9- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
10- . علل الشرائع، ص 447، باب 198، ح 6 .
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 13، ح 34. ومثله في الاستبصار، ج 2، ص 143، ح 466؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 78، ح 14285.
12- . كذا بالأصل، ولم أعثر على هذا الكلام في شرح الفقيه. وانظر التعليق التالي.
13- . هذا الكلام في ملاذ الأخيار، ج 7، ص 200، ونحوه في مرآة العقول، ج 18، ص 109، والحديث رواه الكليني في الكافي، باب الحجّ ماشيا، ح 5 .
14- . شرح اللمعة، ج 2، ص 181.
15- . هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 90، ح 14321.
16- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 319، الدرس 83 .
17- . هي الحديث السابع من هذا الباب؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 90، ح 14320.
18- . مسالك الأفهام، ج 11، ص 322.

ص: 320

. .

ص: 321

. .

ص: 322

باب تقديم طواف الحجّ للمتمتّع قبل الخروج إلى منى

باب تقديم طواف الحجّ للمتمتّع قبل الخروج إلى منىلقد أجمع الأصحاب على عدم جواز تقديم طواف الحجّ وسعيه على الوقوفين للمتمتّع اختياراً ، ونسبه في المنتهى (1) إلى العلماء كافّة ، والمشهور بينهم جواز ذلك لعذر ، وبه قال الشيخ (2) والعلّامة (3) في أكثر كتبهما . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف في الباب ما رواه الشيخ عن يحيى الأزرق، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن امرأة تمتّعت بالعمرة إلى الحجّ، ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر، يصلح لها أن تعجّل طوافها طواف الحجّ قبل أن تأتي منى؟ قال : «إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك فعلت ». (4) وقد ورد في بعض الأخبار جوازه من غير تقييد، وحمل على الضرورة للجمع ، رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل المتمتّع يهلّ بالحجّ ثمّ يطوف ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى؟ قال : «لا بأس به ». (5) وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يتمتّع ثمّ يهلّ بالحجّ ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى، قال : «لا بأس به ». (6) وسيأتي مثله في صحيحة عليّ بن يقطين (7) أيضا. ومثله طواف النساء له عند الأصحاب في جوازه للضرورة وعدمه اختياراً . واحتجّ على الثاني بما رواه المصنّف في الموثّق عن إسحاق بن عمّار ، (8) وفي الصحيح عن عليّ بن أبي حمزة . (9) وعلى الأوّل بما رواه في الصحيح عن عليّ بن يقطين، قال : سمعت أبا الحسن الأوّل عليه السلام يقول : «لا بأس بتعجيل طواف الحجّ وطواف النساء قبل الحجّ يوم التروية». (10) وكذلك لا بأس لمن خاف أمراً لا يتهيّأ له الانصراف إلى مكّة أن يطوف ويودّع بالبيت، ثمّ يمرّ كما هو من منى إن كان خائفا ، فتأمّل .

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 708 .
2- . النهاية، ص 241؛ المبسوط للطوسي، ج 1، ص 359.
3- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 205؛ تحرير الأحكام، ج 1، ص 597 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 708؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 143، المسألة 504 .
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 398، ح 1384؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 415، ح 18097، و ص 451 452، ح 18194.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 131، ح 430؛ الاستبصار، ج 2، ص 229 230، ح 794؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 281، ح 14803.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 477، ح 1686؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 281، ح 14802.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 131، ح 430؛ الاستبصار، ج 2، ص 229 230، ح 794؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 281، ح 14803.
8- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
9- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 133، ح 437؛ الاستبصار، ج 2، ص 230، ح 798؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 415، ح 18096.

ص: 323

باب تقديم الطواف للمفرد

باب تقديم الطواف للمفردالمشهور بين الأصحاب جواز تقديم طواف الزيارة والسعي للمفرد والقارن ولو اختياراً؛ لما رواه المصنّف في الباب ، وما رواه البزنطيّ، عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إن كنت أحرمت بالمتعة فقدّمت يوم التروية فلا متعة لك، فاجعلها حجّة مفردة تطوف بالبيت ،وتسعى بين الصفا والمروة، ثمّ تخرج إلى منى ولا هدي عليك ». (1) وأمّا طواف النساء فإنّما يجوز لهما أيضا تقديمه مع العذر كالمتمتّع؛ لموثّق إسحاق . (2) ومنع ابن إدريس تقديم الطواف لهما مطلقا، سواء كان طواف الزيارة أو طواف النساء ، والظاهر أنّه إنّما منع ذلك اختياراً فقد قال : «القارن والمفرد حكمهما حكم المتمتّع، فإنّه لا يجوز لهما تقديم الطواف قبل الموقفين ، وكذا لا يجوز تقديم طواف النساء إلّا مع الضرورة ». (3) وفي المنتهى: «واحتجّ ابن إدريس على وجوب الترتيب بالإجماع . وجوابه أنّه ممنوع مع وجود الخلاف . على أنّ شيخنا رحمه اللهقد ادّعى إجماع الطائفة على جواز التقديم، (4) فكيف يصحّ له حينئذ دعوى الإجماع على خلافه والشيخ أعرف بمواضع الخلاف والوفاق. (5) ومع التقديم يجدّد التلبية بعد ركعتي الطواف وجوبا أو ندبا، وهل ينقلب إحرامه بالحجّ عمرة مفردة أم لا؟ قد مضى القول فيهما في باب الإفراد، فليرجع إليه . وقد نسب فيه القول بالمنع مطلقا إلى جمهور العامّة كافّة ، (6) والأظهر الجواز . قوله : (عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته ) .[ ح 3 / 7727] كذا في بعض النسخ، وفي بعض النسخ المصحّحة: عن زرارة، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، وهو المطابق لنسخ التهذيب ، (7) والمراد بالاُمّ في قوله : «فإذا هو أخو عليّ بن الحسين لاُمّه» اُمّ ولد أبيه المربّية له عليه السلام وكان عليه السلام يسمّيها اُمّا ، واشتهرت بذلك الاسم . 8

.


1- . رواه المحقّق في المعتبر، ج 2، ص 794؛ والعلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 39. ولم أعثر عليه في الكتب الروائيّة.
2- . الحديث الأوّل من الباب السابق من الكافي.
3- . السرائر، ج 1، ص 575 576 .
4- . الخلاف، ج 2، ص 350 351، المسألة 175.
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 709.
6- . نفس المصدر. اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 144 145.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 45، ح 136، و ص 477 _ 478، ح 1688؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 283، ح 14810.

ص: 324

. .

ص: 325

باب الخروج إلى منى

باب الخروج إلى منىقد صرّح أكثر الأصحاب باستحباب الخروج إلى منى يوم التروية بعد الظهرين لغير أمير الحاجّ والمرأة وخائف الزحام من المريض والشيخ الكبير، ومَن له عدوّ يخاف منه في الطريق . (1) ويدلّ عليه قوله عليه السلام في حسنة معاوية بن عمّار : «ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلِّ المكتوبة، ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، فأحرم بالحجّ، ثمّ امض وعليك السكينة والوقار »، (2) الحديث ، وقد سبق، وحمل الأمر فيه على الاستحباب؛ لخبر رفاعة، (3) وحسنة معاوية الآتية في الباب الآتي . وقد ورد في بعض الأخبار فضيلة الرّواح إلى منى زوال الشمس من ذلك اليوم، ولا ينافي ذلك أفضليّة رواحه بعد الصلاتين ، رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الذي يريد أن يتقدّم فيه الذي ليس له وقت أوّل منه؟ قال : «إذا زالت الشمس ». وعن الذي يريد أن يتخلّف بمكّة عشيّة التروية إلى أيّة ساعة يسعه أن يتخلّف؟ قال : «ذلك موسّع له حتّى يصبح بمنى ». (4) وعن أبي بصير (5) عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم، فخذ من شاربك ومن أظفارك ومن عانتك إن كان لك شعر، وانتف ابطك واغتسل، والبس ثوبيك، ثمّ ائت المسجد الحرام، فصلِّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم، وتدعو اللّه وتسأله العون، وتقول : اللّهمَّ، إنّي اُريد الحجّ فيسّره لي، وحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليَّ. [ وتقول: أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي من النساء والثياب والطيب، اُريد بذلك وجهك والدار الآخرة وحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت علَيّ]. ثمّ تلبّي من المسجد الحرام كما لبّيت حين أحرمت، وتقول : لبّيك بحجّة تمامها وبلاغها عليك. فإن قدرت أن يكون رواحك إلى منى زوال الشمس وإلّا فمتى ما تيسّر لك من يوم التروية ». (6) ولا يبعد أيضا أن يراد بالزوال في هذين الخبرين ما بعد الصلاتين مسامحة . وأمّا الإمام فالمستحبّ له أن يخرج قبل الزوال من ذلك اليوم، والأفضل له أن يصلّي الظهرين بمنى . ويدلّ عليه بعض أخبار الباب، وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلامقال : «لا ينبغي للإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية إلّا بمنى ويبيت بها إلى طلوع الشمس ». (7) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «على الإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف، ويصلّي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام ». (8) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام : هل صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله الظهر بمنى يوم التروية؟ فقال : «نعم، والغداة بمنى يوم عرفة ». (9) وأمّا صاحب الأعذار فلا يستحبّ لهم ذلك، بل يجوز لهم التقدّم بما شاؤوا على ما صرّح به في الدروس . (10) وظاهره عدم كراهة ما زاد على ثلاثة أيّام . وظاهر الشيخ في التهذيب كراهته أو حرمته كما سيظهر عن قريب . واحتجّوا على ذلك بما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : يتعجّل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام وضغاط الناس ، قال : «لا بأس ». (11) وحملوا على خائف الزحام صاحب الأعذار الباقية . واعلم أنّه قال الشيخ في التهذيب : لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال من يوم التروية مع الاختيار ، ولا بأس أن يتقدّمه صاحب الأعذار والمريض والشيخ الكبير والمرأة التي تخاف ضغاط الناس بثلاثة أيّام ، فأمّا ما زاد عليه فإنّه لا يجوز على كلّ حال ، فأمّا الإمام فإنّه لا يجوز له أن يصلّي الظهر يوم التروية إلّا بمنى. (12) ولعلّه قدس سره أراد بعدم الجواز في المواضع المذكورة الكراهة، وهو شائع في كلامه . وذهب شيخنا المفيد قدس سره تارةً إلى استحباب الخروج بعد صلاة الظهرين من غير تقييد بغير الإمام ، وتارةً إلى استحباب فعل الصلاتين بمنى كذلك، حيث قال في باب الإحرام للحجّ : فإذا كان يوم التروية فليأخذ من شاربه، ويقلّم أظفاره ويغتسل، ويلبس ثوبيه، ثمّ يأتي المسجد الحرام حافيا وعليه السكينة والوقار، وليطف اُسبوعا إن شاء، ثمّ ليصلِّ ركعتين لطوافه عند مقام إبراهيم عليه السلام ، ثمّ ليقعد حتّى تزول الشمس، فإذا زالت فليصلِّ ستّ ركعات، ثمّ ليصلِّ المكتوبة وليدعُ اللّه عزّ وجلّ، ثمّ يقول : اللّهمَّ إنّي اُريد الحجّ، (13) إلى آخره . وفي باب نزول منى: وإذا أتى منى فليقل : الحمد للّه الذي أقدمنيها صالحا، وبلغني هذا المكان في عافية ، اللّهمَّ هذه منى - إلى قوله -: ثمّ يصلّي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر . (14) قوله : (عن ابن أبي عمير عن جميل بن درّاج ) .[ ح 2 / 7729] في بعض النسخ جميل بن صالح، وهو المطابق لما في التهذيب . (15)

.


1- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 163 164؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 715؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 224.
2- . الحديث الأوّل من باب الإحرام يوم التروية من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 408، ح 16639؛ وج 13، ص 519 ، ح 18348.
3- . الحديث الثالث من هذا الباب.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 175، ح 587 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 252 253، ح 887 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 520 ، ح 18349.
5- . في الكافي: «وفي رواية أبي بصير».
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 168، ح 559 ، وما بين الحاصرتين منه. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 251، ح 882 إلى قوله عليه السلام : «وتسأله العون»؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 340، ح 14966؛ وج 12، ص 397، ح 16612، وص 409، ح 16640.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 176 177، ح 591 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 253 254، ح 891 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 523 ، ح 18356.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 177، ح 593 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 254، ح 893 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 524 ، ح 18358.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 177، ح 594 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 524 ، ح 18359.
10- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 417.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 176، ح 590 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 253، ح 890 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 523 ، ح 18354.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 175، باب 12 نزول منى.
13- . المقنعة، ص 407.
14- . المقنعة، ص 408.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 177، ح 592 ؛ ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 254، ح 892 . ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 462 463، ح 2976. وفي الجميع: «جميل بن درّاج».

ص: 326

. .

ص: 327

. .

ص: 328

باب نزول منى وحدودها

باب نزول منى وحدودهاقد اشتهر بين الأصحاب استحباب نزول منى ليلة عرفة، والبيتوتة بها إلى طلوع الفجر من يوم عرفة؛ للاستراحة والخروج منها بعد صلاة الفجر بها، وكراهة الخروج منها قبل الفجر إلّا لعذر كالمرض والهمم وخوف الزحام والعدوّ . والأفضل الوقوف بها إلى طلوع الشمس، وكراهة الجواز عن وادي محسّر لو نفر قبل طلوعها لغير إمام الحاجّ، واستحباب الوقوف بها إلى طلوع الشمس له ليخرج بعد الحجيج . ويستفاد ذلك كلّه من مجموع أخبار قد ذكر المصنّف قدس سره بعضها في البابين المتقدّمين ، ويروي بعضها في الباب الآتي . ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا يَجوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس ». (1) وظاهر بعض هذه الأخبار الوجوب والحرمة، لكن حملا على الاستحباب والكراهة المؤكّدين؛ عملاً بأصالة البراءة . وظاهر بعض الأصحاب إبقاؤها على الظاهر ، فقد قال الشيخ في النهاية والمبسوط : «لا يجوز له أن يجوز وادي محسّر إلّا بعد طلوع الشمس ». (2) وفي التهذيب: قد بيّنا أنّه يخرج الإنسان بعد طلوع الفجر من منى إلى عرفات، وموسّع له إلى طلوع الشمس، ولا يجوز أن يجوز وادي محسَّر إلّا بعد طلوع الشمس ، فأمّا الإمام فلا يخرج منه إلّا بعد طلوع الشمس . (3) وحكى في المختلف (4) عن أبي الصلاح أنّه قال : «لا يجوز أن يفيض منها قبل الفجر مختاراً ». (5) وعن ابن البرّاج أنّه قال في ذيل التروك المفروضة : «ولا يخرج أحد من منى إلى عرفات إلّا بعد طلوع الفجر . وأنّه قال في ذيل تلك التروك : «ولا يجوز الخارج منها وادي محسّر إلّا بعد طلوع الشمس ». (6) ولعلّهم أرادوا الكراهة المشدّدة كما فيما سبق عن الشيخ .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 178، ح 597 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 528 ، ح 18370.
2- . النهاية، ص 249 250؛ المبسوط، ج 1، ص 366.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 178، باب الغدوّ إلى عرفات (13).
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 232 233.
5- . الكافي في الفقه، ص 213.
6- . المهذّب، ج 1، ص 251.

ص: 329

باب الغدو إلى عرفات وحدودها

باب الغدو إلى عرفات وحدودهاقد سبق استحباب الإفاضة من منى إلى عرفات بعد طلوع الفجر ، والتفصيل فيها . وفي المنتهى : وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونَمِرة إلى ذي المجاز، فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود، ولا الوقوف تحت الأراك، فإنّ هذه المواضع ليست من عرفات ، فلو وقف بها بطل حجّه ، وبه قال الجمهور كافّة، (1) إلّا ما حكي عن مالك: أنّه لو وقف ببطن عرنة أجزأه ولزمه الدم . (2) وقال ابن عبد البرّ : أجمع الفقهاء على أنّه لو وقف ببطن عرنة لم يجزه . (3) لنا أنّ هذه حدود وليست من عرفة، وما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «كلّ عرفة موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة ». (4) ومن طريق الخاصّة: ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، (5) عن أبي عبداللّه عليه السلام : «وحدّ عرفة من بطن عُرنَة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز، وخلف الجبل موقف ». (6) وعن أبي بصير، (7) قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «حدّ عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف ». (8) وفي الموثّق عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن عليه السلام قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ارتفعوا عن وادي عرنة بعرفات ». (9) وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : [ واتّق الأراك ونمرة وبطن عرنة وثويّة وذاالمجاز فإنّه ليس من عرفة، فلا تقف فيه». (10) وعن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال:] «إنّ أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حجّ لهم » (11) يعني من وقف تحت الأراك . (12) ويجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس، ثمّ يمضي إلى الموقف، فيقف هناك؛ لما رواه الشيخ عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا ينبغي الوقوف تحت الأراك، فأمّا النزول تحته حتّى تزول الشمس وينهض إلى الموقف فلا بأس ». (13) والمستحبّ أن يضرب خباءه أو قبّته بنمرة دون عرفة ودون الموقف، كما فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله فإذا جاء وقت الوقوف مضى ووقف في الموقف . (14) قوله : (عن عبد الحميد الطائي ) . [ ح 2 / 7734] هو عبد الحميد بن عواض، وكان ثقة، وقد قتله الرشيد . (15) وقوله: (وأمّا أنتم) [ ح 2 / 7734] يعني المشاة ، ودلّ على رجحان خروج المشاة قبل صلاة الغداة من منى كصاحب الأعذار؛ لتضرّرهم من الركبان لو ارتحلوا معهم، فيصلون هؤلاء في الطريق، ويجوز لهم الارتحال منها ليلاً بحيث تكون صلاتهم بعرفات؛ للأصل وعدم دليل على خلافه ، والظاهر الوفاق عليه . قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (وأن تجعلني اليوم ممّن تباهي به من هو أفضل منّي ) . [ ح 3 / 7735] قال طاب ثراه : يعني تباهي به الملائكة، أي تثني عليهم عندهم، وتعظّمهم بحضرتهم، وتقول للملائكة : انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاء غبراء، اُشهدكم أنّي قد غفرت لهم ، (16) ويكون هذا واللّه أعلم تذكيراً للملائكة في قولهم : «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا» (17) ، وتحقيقا لقوله سبحانه وتعالى : «إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» .

.


1- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 120؛ تحفة الفقهاء، ج 1، ص 405؛ الجوهر النقي، ج 5 ، ص 115؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 428؛ المحلى، ج 7، ص 188؛ بداية المجتهد، ج 1، ص 279.
2- . الاستذكار، ج 4، ص 275؛ التمهيد، ج 24، ص 420؛ تفسير القرطبي، ج 2، ص 418؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 428؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 427 428؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 120.
3- . حكياه عنه ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير، ج 3، ص 428.
4- . سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1002، ح 3012؛ المعجم الكبير للطبراني، ج 2، ص 138؛ كنز العمّال، ج 5 ، ص 61 ، ح 12050.
5- . في الهامش بخطّ الأصل: «هذه الرواية هي التي رواه المصنّف عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار بضميمة، والشيخ أيضا رواها مع الضميمة بهذا السند بعينه، وهي مجهولة بمحمّد بن إسماعيل، وإنّما حكم العلّامة بصحّتها بناء [ على] ما زعمه من أنّ محمّد بن إسماعيل هو ابن بزيع، وقد ذكرنا مرارا أنّه هو البندقي النيشابوري، وهو مجهول الحال، منه عفي عنه».
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 179، ح 600 ، وهذا هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 463 464، ح 2979؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 531 ، ح 18376.
7- . في هامش الأصل: «في دلالة خبر أبي بصير على مدّعاه تأمّل، منه».
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180، ح 601 . وهذا هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي. وسائل الشيعة، ج 13، ص 531 ، ح 18377.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180، ح 602 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 532 ، ح 18379.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180 181، ح 604 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 532 ، ح 18381.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 181، ح 606 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 532 ، ح 18378.
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 722. وما بين الحاصرتين منه.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 181، ح 605 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 533 ، ح 18382.
14- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 167؛ فتح العزيز، ج 7، ص 353؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 79؛ تلخيص الحبير، ج 7، ص 353.
15- . رجال النجاشي، ص 424، ترجمة مرازم بن حكيم، برقم 1138؛ رجال الطوسي، ص 339، الرقم 5045 ؛ خلاصة الأقوال، ص 207.
16- . اُنظر: وسائل الشيعة، ج 13، ص 551 552 ، ح 18419.
17- . البقرة (2): 30.

ص: 330

. .

ص: 331

. .

ص: 332

باب قطع تلبية الحاجّ

باب الوقوف بعرفة وحدّ الموقف

باب قطع تلبية الحاجّقد ذكرنا سابقا وجوب قطع التلبية على الحاجّ عند زوال عرفة . وقال طاب ثراه : هو مذهب أصحابنا . (1) وأمّا العامّة فقد اختلفوا فيه ؛ فقيل بذلك، وقيل: إلى صلاة الظهر في ذلك اليوم، وقيل: عند رمي جمرة العقبة في يوم النحر ، والقائلون به اختلفوا، فقيل: يقطع بالشروع في الرمي، وقيل: بعد إتمام السبع ، وأكثر رواياتهم دلّت على القطع عند الرمي . (2)

باب الوقوف بعرفة وحدّ الموقفقال العلّامة رحمه الله في المنتهى : «الوقوف بعرفة ركن من أركان الحجّ يبطل بالإخلال به عمداً، وهو قول علماء الإسلام ». (3) واحتجّ عليه فيه بما رواه الجمهور عن عبد الرحمن بن نعيم الديلميّ، (4) قال : أتيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله بعرفة فقال : «خذوا عنّي مناسككم ». وما روي أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر رجلاً ينادي: «الحجّ عرفة ». (5) ومن طريق الأصحاب ببعض الأخبار الواردة في الوقوف بها . ولا يعارض ذلك ما رواه ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الوقوف بالمشعر فريضة، والوقوف بعرفة سنّة »؛ (6) لأنّ السنّة فيه محمولة على ما ثبت وجوبه بالسنّة مقابل الفريضة، بمعنى ما علم وجوبه من القرآن ، كما حملها عليه الشيخ في التهذيب وبيّن الفرق بينهما: «بأنّ المشعر علم وجوبه بقوله تعالى : «فَاذْكُرُوا اللّه َ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ» (7) ، وليس في ظاهر القرآن أمر بالوقوف بعرفات» (8) وكأنّه أراد نفي الأمرالصريح ، وإلّا فيفهم وجوب وقوف عرفات أيضا بقوله تعالى : «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ» ؛ لدلالة الإفاضة منها على الكون بها ، ومن قوله سبحانه : «ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناسْ» (9) ؛ للأمر بالإفاضة منها، وهي مستلزمة للكون بها بناءً على ما نقله في كنز العرفان عن الباقر عليه السلام وعن ابن عبّاس وجماعة: «أنّ المراد الإفاضة من عرفات وأنّ الأمر لقريش وحلفائهم [ ويقال لهم الحمس] ؛ لأنّهم كانوا لا يقفون بعرفات مع سائر العرب ، بل بالمزدلفة ، كأنّهم يرون لهم ترفّعا على الناس فلا يساوونهم في الموقف، ويقولون: نحن أهل حرم اللّه ، فلا نخرج منه ، فأمرهم اللّه بموافقة سائر العرب ». وأمّا على ما حكاه الجبائيّ ورجّحه ورواه عن الصادق عليه السلام من أنّها إفاضة المشعر فلا . (10) وأراد قدس سرهبقوله : وحدّ الموقف، بيان أنّ عرفات بحدودها موقف، ويجوز الوقوف في المحدود كلّه . قال في المنتهى : عرفة كلّها موقف، يصحّ الوقوف في أيّ حدٍّ شاء منها ، وهو قول العلماء الأعلام ، روى الجمهور عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام : «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وقف بعرفة وقد أردف اُسامة بن زيد، فقال : هذا الموقف وكلّ عرفة موقف ». (11) وقال عليه السلام : «عرفة كلّها موقف، وارتفعوا من بطن عُرَنة، والمزدلفة كلّها موقف، وارتفعوا عن وادي محسّر ». (12) وما رواه الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ، عن أبيه الباقر عليهماالسلام ، عن جابر لمّا وصف حجّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «كلّ عرفة موقف، وكلّ منى منحر، وكلّ المزدلفة موقف، وكلّ فجاج مكّه طريق ومنحر ». (13) ومن طريق الخاصّة: ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقف بعرفات، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته، فيقيمون (14) إلى جانبها، فنحّاها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ففعلوا مثل ذلك، فقال : أيّها الناس، أنّه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف، ولكن هذا كلّه موقف وأشار بيده إلى الموقف فتفرّق الناس ، وفعل ذلك بالمزدلفة». (15) وقال عليه السلام : عرفة كلّها موقف، ولو لم يكن إلّا ما تحت خفّ ناقتي لم يسع الناس ذلك ». (16) رواه ابن بابويه رحمه الله . (17) انتهى . ويدلّ أيضا على ذلك ما رواه المصنّف قدس سره في الباب من حسنة معاوية بن عمّار ، (18) وحكى في المختلف عن ابن إدريس (19) وجوب الوقوف في ميسرة الجبل محتجّا بفعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله حيث أناخ ناقته أوّلاً في ميسرة الجبل . وأجاب عنه : بأنّ قوله صلى الله عليه و آله أحقّ بالاتّباع، وهو صريح في التعميم ، ثمّ قال : نعم، يستحبّ ذلك في المشهور؛ لذلك، ولقوله عليه السلام في حسنة معاوية بن عمّار : «قف في ميسرة الجبل ». (20) وأمّا الجبل ففي المختلف: يكره الوقوف عليه بل المستحبّ الوقوف على السهل ، هذا هو المشهور . وعدّ ابن البرّاج في التروك المفروضة ألّا يرتفع على الجبل إلّا لضرورة . (21) لنا: أنّ الأصل عدم التحريم، وأنّه داخل في حدّ عرفة . وما رواه إسحاق بن عمّار في الصحيح، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إليك أم على الأرض؟ فقال : «على الأرض ». (22) وفي الموثّق عن سماعة بن مهران، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : «إذا كانوا في الموقف وكثروا فضاق عليهم، كيف يصنعون؟ قال : «يرتفعون إلى الجبل » (23) . (24) انتهى . وإليه ذهب الشيخ أيضا في التهذيب (25) محتجّا بهذا الخبر . وأنت إذا تأمّلت الخبر عرفت أنّ «إلى» فيه لانتهاء الغاية، وأنّ ما بعدها خارجة عن الموقف، وأنّ المراد بالارتفاع الارتفاع على الأرض من أعلى الجبل لا الصعود عليه . ويدلّ عليه أوائل الخبر، فإنّ الخبر هكذا : قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم، كيف يصنعون؟ فقال : «يرتفعون إلى وادي محسّر »، قلت : فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم، كيف يصنعون؟ قال : «يرتفعون إلى المأزمين »، قلت : فإذا كانوا بالموقف وكثروا، إلى آخره . وإطلاق الارتفاع على البُعد في الأرض شائع ، بل إطلاق الصعود أيضا عليه، كما في قول الشاعر (26) : هواي مع الركب اليمانين مصعد[ جنيت وجثماني بمكّة موثق] أي مبّعد في الأرض، ذاهب فيها . لا يقال: قوله عليه السلام : «وخلف الجبل موقف» في صحيحة معاوية ابن عمّار التي رويناها في باب الغدوّ إلى عرفات وحدودها (27) يدلّ على جواز الوقوف في خلفه أيضا ولو اختيارا، فيجوز عليه بالأولويّة . لأنّا نقول: المراد بخلف الجبل عرفات، وكأنّه عليه السلام قال ذلك بمكّة أو غيرها، لا في عرفات ، فتأمّل . وأمّا وقت الوقوف فقد أجمع الأصحاب على أنّه من زوال الشمس يوم عرفة إلى غروبها اختياراً واضطراراً إلى طلوع الفجر من يوم النحر ، (28) والأخبار شاهدة لهما . وقال الشيخ في الخلاف : «وقت الوقوف من حين تزول الشمس إلى طلوع الفجر من يوم العيد ». (29) وأراد به الوقت الشامل للاختياري والاضطراري جميعا ؛ لما صرّح به في كتبه الاُخرى . وقد قال فيه أيضا : «إنّ المغرب والعشاء الآخرة لا تصلّيان إلّا بالمزدلفة، إلّا لضرورة خوف فواتهما بمضيّ ربع الليل ». (30) ولم يرد الوقت الاختياري فقط، كما فهمه ابن إدريس، ونسبه إلى مبسوطه أيضا، حيث قال : وقال شيخنا في مسائل خلافه وفي مبسوطه : إنّ وقت الوقوف بعرفة من الزوال يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم العيد، والصحيح أنّ وقتها من الزوال إلى غروب الشمس من يوم عرفة ؛ لأنّه لا خلاف في ذلك، وما ذكره في الكتابين من مذهب بعض المخالفين . (31) انتهى. على أنّ الذي نسبه إلى المبسوط غير موجود في النسخة التي عندي، بل ظاهره فيه ما هو المشهور، فقد قال : «ولا يفيض من عرفات قبل غروب الشمس »، (32) فمفهومه جواز الإفاضة بعده . وقال في موضع آخر منه : «فإن ترك الوقوف بعرفات ناسيا وجب عليه أن يعود، فيقف بها ما بينه وبين طلوع الفجر من يوم النحر »، (33) فتدبّر . قوله في خبر مسمع : (وأفضل الموقف سفح الجبل ) .[ ح 1 / 7741] سفح الجبل حيث يسفح فيه الماء، وهو مضطجعه ، (34) ولو وقف في سفح الجبل في ميسرته لكان أفضل؛ للجمع بين هذا الخبر وقوله عليه السلام : «وقف في ميسرة الجبل» في حسنة معاوية بن عمّار المتقدّمة . (35) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (فإذا رأيت خللاً فسدّه بنفسك وراحلتك ) إلخ .[ ح 4 / 7744] وفي بعض النسخ: «فتقدّم فسدّه ». والخلل: الفرجَة، (36) وإنّما يستحبّ سدّ الخلَل لاطمئنان النفس من السرّاق . والهضاب: جمع الهضبة، وهو الجبل الصغير . (37) وقال طاب ثراه : «القُبُل بضمّ القاف والباء، ويجوز إسكان الباء: ما استقبل منها ، وقيل: مقابلها ». قوله في خبر عمرو بن أبي المقدام : (فقالوا : هَه لغة بني فلان أنا فاسألوني ) . [ ح10/ 7750] يعني: أنّ هَهْ في لغة بني فلان بمعنى أنا، فاسألوني . (38)

.


1- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 181؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 718؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 294.
2- . اُنظر: بداية المجتهد، ج 1، ص 272؛ المحلّى، ج 7، ص 136؛ مسند أحمد، ج 1، ص 417؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 440 441، ح 4086.
3- . منتهى المطلب، ج 2، ص 719.
4- . كذا بالأصل، وفي بعض المصادر: «عبد الرحمن بن نعم الديلي». وفي بعضها: «عبد الرحمن بن يعمر».
5- . اُنظر: المغني، ج 3، ص 428؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 502 503 ؛ تلخيص الحبير، ج 7، ص 361؛ مسند أحمد، ج 4، ص 309؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1003، ح 3015؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 173.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 287، ح 977؛ الاستبصار، ج 2، ص 302، ح 1080؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 552 ، ح 18421.
7- . البقرة (2) : 198 .
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 287 288.
9- . البقرة (2) : 199 .
10- . كنز العرفان، ج 1، ص 305 306.
11- . مسند أحمد، ج 1، ص 72 و 76؛ العلل للدارقطني، ج 4، ص 16، الرقم 411.
12- . الموطّأ، ج 1، ص 388، ح 166؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 115.
13- . سنن أبي داود، ج 1، ص 433، ح 1937؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 122؛ المعجم الأوسط للطبراني، ج 3، ص 290؛ كنز العمّال، ج 5 ، ص 61 ، ح 12049.
14- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «يقفون».
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180، ح 604 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 535 ، ح 18390.
16- . الفقيه، ج 2، ص 464 465، ح 2980.
17- . منتهى المطلب، ج 2، ص 722.
18- . وهي الحديث الرابع من هذا الباب.
19- . السرائر، ج 1، ص 587 .
20- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 234.
21- . المهذّب، ج 1، ص 246.
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180، ح 603 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 532 ، ح 18380.
23- . الحديث 11 من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180، ح 604 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 535 ، ح 18389 و 18390؛ وج 14، ص 19، ح 18487.
24- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 236 237.
25- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180.
26- . وهو جعفر بن علبة بن ربيعة الحارثي أبو عارم، شارع غزل مقل، من مخضرمي الدولتين الامويّة والعبّاسيّة، وهو من شعراء الحماسة لأبي تمام، وكانت إقامته بنجران، وحبس بها متّهما بالاشتراك في قتل رجل من بني عقيل، فقتله عامل المنصور على مكّة قصاصا. وقيل: قتله رجل من بني عقيل. الأعلام للزركلي، ج 2، ص 125.
27- . الحديث الثالث من ذلك الباب.
28- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 186؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 237؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 394.
29- . الخلاف، ج 2، ص 337، المسألة 156.
30- . الخلاف، ج 2، ص 340، المسألة 160.
31- . السرائر، ج 1، ص 587 .
32- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 367.
33- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 383.
34- . صحاح اللغة، ج 1، ص 375 (سفح).
35- . الحديث الرابع من هذا الباب.
36- . صحاح اللغة، ج 4، ص 1687 (خلل).
37- . صحاح اللغة، ج 1، ص 238 (هضب).
38- . اُنظر: مجمع البحرين، ج 4، ص 403 (ها).

ص: 333

. .

ص: 334

. .

ص: 335

. .

ص: 336

. .

ص: 337

. .

ص: 338

باب الإفاضة من عرفات

باب الإفاضة من عرفاتلقد أجمع الأصحاب على عدم جواز الإفاضة منها قبل الغروب (1) ووافقنا عليه أكثر العامّة . (2) ويدلّ عليه فعل النبيّ والأئمّة عليهم السلام والصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا ، والأخبار المتظافرة . ولو أفاض قبله عمداً عالما وجب عليه العود إجماعا وبدنة على المشهور بين الأصحاب، منهم الشيخ في أكثر كتبه، (3) وفاقا للحسن البصريّ وابن جريح من العامّة . (4) ويدلّ عليها صحيحة ضريس الكناسيّ، (5) وصحيحة مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس ، قال : «إن كان جاهلاً فلا شيء عليه ، وإن كان متعمِّداً فعليه بدنة ». (6) ومع العجز عنها يجب عليه صيام ثمانية عشر يوما مخيّراً في صومها بمكّة أو في الطريق أو في أهله كما صرّح به بعض الأصحاب ، ودلّ عليه صحيح ضريس ، وفي التتابع وعدمه؛ لأصالة عدمه وانتفاء دليل عليه ، واعتبره جماعة منهم الشهيد في الدروس، (7) ولم أرَ مستنداً لهم . وذهب الصدوق رضى الله عنه إلى وجوب شاة عليه، (8) ولم أجد شاهداً له، وكأنّه تبع في ذلك أباه ، فقد حكي عنه أيضا ذلك، وهو ظاهر الشيخ في الخلاف حيث قال : «فإن دفع قبل الغروب لزمه دم ». (9) وحكاه في أكثر كتبه عن الجمهور ، وعن الشافعيّ القول باستحبابها . (10) ثمّ الظاهر من إطلاق الصحيحتين عدم سقوط الفدية بالعود قبل الغروب ، ويؤيّده تعلّق وجوبها بذمّته، وانتفاء دليل على سقوطها بذلك ، وذهب الشيخ في الخلاف (11) والمبسوط (12) وابن إدريس (13) والمحقّق (14) والعلّامة إلى سقوطها معه، (15) وهو المشهور بين الأصحاب ، بل لم ينسب في المنتهى (16) خلافه إلّا إلى بعض العامّة . قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر ) الخ . [ ح2 / 7753] الكثيب : التلّ الصغير ، (17) والوجيف: ضرب سريع من سير الخيل والإبل. (18) وإيضاع الإبل: حملها على العدو السريع ، (19) وتؤذوا معطوف على توطئوا .

.


1- . اُنظر: النهاية للطوسي، ص 251؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 245 246؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 183، المسألة 534 ، و ص 186، المسألة 538 ؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 402.
2- . اُنظر: المغني لابن قدامة، ج 3، ص 432.
3- . الجمل والعقود (الرسائل العشر، ص 234)؛ المبسوط، ج 1، ص 367؛ الخلاف، ج 2، ص 338، المسألة 157.
4- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 433؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 436؛ عمدة القاري، ج 10، ص 5 .
5- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 187، ح 621 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 558 ، ح 18437.
7- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 419، الدرس 108.
8- . المقنع، ص 261.
9- . الخلاف، ج 2، ص 338، المسألة 157.
10- . اُنظر: المجموع للنووي، ص 95؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 433 و 529 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 436؛ بداية المجتهد، ج 1، ص 300؛ عمدة القاري، ج 10، ص 5 .
11- . الخلاف، ج 2، ص 339، المسألة 158.
12- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 367.
13- . السرائر، ج 1، ص 588 .
14- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 188.
15- . تحرير الأحكام، ج 1، ص 606 ؛ قواعد الأحكام، ج 1، ص 435.
16- . منتهى المطلب، ج 2، ص 720.
17- . النهاية، ج 4، ص 152 (كثب).
18- . صحاح اللغة، ج 4، ص 1437 (وجف).
19- . مجمع البحرين، ج 4، ص 515 (وضع).

ص: 339

. .

ص: 340

باب ليلة المزدلفة والوقوف بالمشعر والإفاضة منه وحدوده

باب ليلة المزدلفة والوقوف بالمشعر والإفاضة منه وحدودهفيه مسائل :الاُولى : أجمع الأصحاب على وجوب الوقوف بالمشعر محتجّين عليه بقوله تعالى : «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللّه َ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ» (1) ، ووجّهه السيّد المرتضى رضى الله عنه في الانتصار (2) أوّلاً بالأمر بالذكر عند المشعر الحرام مستلزم لوجوب الكون فيه، وبنى ذلك على وجوب مطلق الذكر فيه، كما هو ظاهر الآية والأخبار ، ومثله في كنز العرفان ، (3) ثمّ لمّا رأى أنّ وجوب مطلق الذكر خلاف المشهور وجّهه باقتضاء سياق الآية وجوب الكون فيه والذكر جميعا، وقال : فإذا خرج الذكر بالدليل يبقى الآخر . (4) ولعلّه حمل الآية الكريمة على طريقة الإيجاز الشائع في القرآن العزيز ، وتقدير الكلام: فإذا أفضتم من عرفات فكونوا بالمشعر الحرام واذكروا اللّه فيه، (5) كما قال المفسّرون في قوله تعالى : «لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» (6) : أنّ المعنى له السماوات والأرض وما فيهما . (7) واُخرى بالأمر بالشكر عند المشعر الحرام (8) بتقريب ما ذكر؛ حملاً للذكر الثاني على الشكر، (9) وكأنّه حمله على ذلك قوله سبحانه : «كَمَا هَدَاكُمْ» ، ولئلّا يلزم التكرار معنى . ووجّهه بعض الأصحاب بنحو ممّا ذكره السيّد أوّلاً؛ حملاً للذكر على صلاة الفجر أو العشائين، كما ذكره بعض المفسّرين . (10) ويدلّ عليه أيضا بعض أخبار الباب ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أفاض من عرفات إلى منى فليرجع وليأت جمعا وليقف به وإن كان قد وجد الناس أفاضوا من جمع ». (11) أقول : يعني إلى زوال الشمس يوم النحر، وهو وقته الاضطراري . وفي الموثّق عن يونس بن يعقوب، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل أفاض من عرفات فمرّ بالمشعر، فلم يقف حتّى انتهى إلى منى فرمى الجمرة ولم يعلم حتّى ارتفع النهار ، قال : «يرجع إلى المشعر فيقف، ثمّ يرجع فيرمي الجمرة ». (12) وعن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الوقوف بالمشعر فريضة والوقوف بعرفة سنّة ». (13) وعن إدريس بن عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع وخشى إن مضى إلى عرفات أنّ يفيض الناس من جمع قبل أن يدركها ، فقال : «إن ظنّ أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات، فإن خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع، ثمّ ليفض مع الناس وقد تمَّ حجّه ». (14) والمشهور بينهم أنّه ركن يفوت الحجّ بفواته عمداً (15) محتجّين بصحيحة الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يأتي بعدما يفيض الناس من عرفات؟ فقال : «إن كان في مهلٍ حتّى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها، ثمّ يفيض، فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا، فلا يتمّ حجّه حتّى يأتي عرفات، وإن قدم وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام، فإنّ اللّه تعالى أعذر لعبده، فقد تمّ حجّه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس، فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحجّ، فليجعلها عمرة مفردة، وعليه الحجّ من قابل ». (16) وبخبر محمّد بن سنان، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدركه الناس فقد أدرك الحجّ، فقال : «إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ ولا عمرة، له فإن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حجّ له ». (17) وبمفهوم خبر إدريس بن عبداللّه المتقدّم. وفي دلالة هذه الأخبار على المدّعى نظر، فإنّها إنّما تدلّ على أنّ مجموع الوقوفين كأركان الصلاة، وهو خارج عن المطلوب . وحكى في الدروس عن ابن الجنيد أنّه قال : «ليس ركنا ولا يجب بتركه عمداً إلّا بدنة». (18) وكأنّه تمسّك في ذلك بخبر حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أفاض من عرفات مع الناس، ولم يقف معهم بجمع، ومضى إلى منى متعمّداً أو مستخفّا، فعليه بدنة»، (19) وهو مع ضعفه بوجود سهل بن زياد في طريقه ليس صريحا في عدم فساد الحجّ بتركه، وربّما حمل على من وقف به ليلاً قليلاً، ثمّ مضى قبل إكمال الوقوف . وحكى في المختلف عنه أنّه قال : يستحبّ أن لاينام الحاجّ تلك الليلة، وأن يحيوها بالصلاة والدّعاء والوقوف بالمشعر، ومن لم يقف به جاهلاً رجع ما بينه وبين زوال الشمس من يوم النحر حتّى يقف به ، وإن تعمّد ترك الوقوف فعليه بدنة . ثمّ قال : وهذا الكلام يحتمل أمرين : أحدهما : أنّ مَن ترك الوقوف بالمشعر الذي حدّه ما بين المازمين إلى الحياض إلى وادي محسّر وجب عليه بدنة . والثاني : أنّ مَن ترك الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل فإنّه يستحبّ الوقوف عليه عند أصحابنا وجب عليه بدنة . وكلا الاحتمالين فيه خلاف لما ذكره علماؤنا، فإنّ أحداً من علمائنا لم يقل بصحّة الحجّ مع ترك الوقوف بالمشعر عمداً مختاراً، ولم يقل أحدٌ منهم بوجوب الوقوف على نفس المشعر الذي هو الجبل وإن تأكّد استحباب الوقوف به ، وحمل كلامه على الثاني أولى لدلالة سياق كلامه عليه . ويحتمل ثالث: وهو أن يكون قد دخل المشعر، ثمّ ارتحل متعمّداً قبل أن يقف مع الناس مستخفّا؛ لما رواه عليّ بن رئاب عن الصادق عليه السلام . (20) وأقول : الظاهر أنّه أراد بالمشعر في قوله : «والوقوف بالمشعر» الذي هو على الجبل؛ بقرينة أنّه ذكره في ذيل المستحبّات، وهو مذهب الأصحاب، وأراد به في مرجع الضمير في قوله : «ومن لم يقف به»، المشعر المرادف للمزدلفة؛ بقرينة إيجابه الرجوع إليه إلى زوال الشمس يوم النحر والبدنة، فيكون قوله : «ومن لم يقف»، إلى آخره كلاما مستأنفا ، فيدلّ على ما نسبه الشهيد قدس سره إليه ، (21) فتأمّل . هذا ، ونسب السيّد رضى الله عنه في الانتصار القول بعدم وجوبه إلى العامّة كافّة ، وقال : «ولم يوجبه أحد منهم». (22) وهو محكيّ عنهم في كنز العرفان أيضا حيث قال في تفسير الآية المذكورة: «فيه دلالة على وجوب الكون به كما يقول أصحابنا، خلافا للفقهاء ». (23) ويظهر من المنتهى والعزيز ، أنّهم إنّما نفوا ركنيّته لا وجوبه ، ففي الأوّل: الوقوف بالمشعر الحرام ركن من أركان الحجّ يبطل بالإخلال به عمداً ؛ ذهب إليه علماؤنا، وهو أعظم من الوقوف بعرفة عندنا، وبه قال الشعبيّ والنخعيّ ، وقال باقي الفقهاء: إنّه نسك وليس بركن . (24) وفي الثاني: «وقال أبو حنيفة : لا اعتبار بالمبيت وإنّما الاعتبار بالوقوف بالمزدلفة بعد طلوع الفجر، فإن تركه لزمه دم ». (25) والواجب عند الأصحاب هو الكون بجمع بعد الوصول إليها إلى طلوع الفجر، إلّا أنّ الركن منه اختياراً مسمّاه فيما بين الطلوعين، واضطراراً مسمّاه قبل الفجر. وقد أجمعوا على ذلك فيما بعد الطلوعين، ولم أجد مخالفا له . (26) ويدلّ عليه صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «أَصْبِ_حْ على طهر بعدما تصلّي الفجر (27) [ إلى أن قال]: ثمّ أفض حين يشرق لك ثبير وترى الإبل مواضع أخفافها ». (28) وحسنة هشام بن الحكم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا تجاوز وادي محسّر حتّى تطلع الشمس ». (29) وخبر مسمع، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل وقف مع الناس بجمع ثمّ أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال : «إن كان جاهلاً فلا شيء عليه، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة ». (30) وأكثر ما تقدّم من الأخبار . وأمّا المبيت به فالمشهور وجوبه أيضا ، بل لا مخالف له إلّا ما حكاه في الدروس (31) عن التذكرة (32) من نفيه . ويدلّ عليه قوله صلى الله عليه و آله : «خذوا عنّي مناسككم »، (33) وما سيأتي في باب من تعجّل من مزدلفة قبل الفجر ، والأخبار الدالّة على عدم جواز الجواز عن وادي محسّر قبل طلوع الشمس، بانضمام ما دلّ على وجوب الإفاضة من عرفات بعد الغروب من يوم عرفة، وقد سبقت . ويظهر من العزيز وغيره أنّ أكثر العامّة لم يوجبوا إلّا المبيت وحصروا وقوف المشعر به ، ففيه: ذكرنا أنّ الحجيج يفيضون بعد غروب الشمس يوم عرفة إلى مزدلفة، فإذا انتهوا إليها جمعوا بين الصلاتين وباتوا بها، وليس هذا المبيت بركن، خلافا لأبي عبد الرحمن بن بنت الشافعيّ وأبي بكر[ بن] خزيمة من أصحابنا؛ لما روى من أنّه صلى الله عليه و آله قال : «مَن ترك المبيت بمزدلفة فلا حجّ له ». (34) لنا: ما روي أنّه صلى الله عليه و آله قال : «الحجّ عرفة، فمَن أدركها فقد أدرك الحجّ ». (35) ثمّ هو نسك مجبور بالدم في الجملة، وتفصيله: أنّه إن دفع منها ليلاً نُظِر إن كان بعد انتصاف الليل فلا شيء عليه، معذوراً كان أو غير معذور؛ لأنّ سودة واُمّ سلمة أفاضتا في النصف الأخير بإذن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ولم يأمرهما بدم ولا النفر الذين نفروا معهما . وعن أبي حنيفة أنّ غير المعذور إن لم يعد ولم يقف بعد طلوع الفجر ليس عليه شيء، وإن دفع قبل انتصاف الليل وعاد قبل طلوع الفجر فلا شيء عليه أيضا، كما لو دفع من عرفة [ قبل الغروب]وعاد وإن لم يعد وترك المبيت أصلاً أراق دما ، وهل هو واجب أو مستحبّ؟ فيه طرق أظهرها أنّه على قولين كما ذكرنا في الإفاضة من عرفة قبل غروب الشمس . وعن أحمد روايتان كالقولين ، وعند مالك هو واجب . وقال أبو حنيفة : لا اعتبار بالمبيت وإنّما الاعتبار بالوقوف بالمزدلفة بعد طلوع الفجر، فإن تركه لزمه دم ، والطريق الثاني في القطع بالاستحباب، والثالث القطع بالإيجاب . (36) انتهى . وفي الوجيز : «فإذا جمع الحجيج بين المغرب والعشاء بالمزدلفة باتوا بها، ثمّ ارتحلوا عند الفجر، فإذا انتهوا إلى المشعر الحرام وقفوا ودعوا ». (37) وقال طاب ثراه : المبيت في المشعر عندنا واجب ، وأمّا العامّة فقد اختلفوا فيه ، قال عياض : لم يختلف في أنّ المبيت بالمزدلفة من المناسك إلّا ما روي عن بعضهم أنّ المزدلفة كغيرها من منازل السفر، إن شاء نزل بها وإن شاء لم ينزل . ثمّ اختلفوا، فقال الأكثر هو سنّة ؛ لأنّ إذنه صلى الله عليه و آله لبعض زوجاته بالذهاب إلى منى ليلاً دلّ على أنّه غير واجب . وقال الشافعيّ وجماعة : إنّه واجب، من فاته فات الحجّ . (38) هذا ، وأمّا في حال الاضطرار ولصاحب العذر كصاحب الهمّ والخائف والمريض والمرأة وكفيلها فيجوز لهم النفر منه ليلاً بعد مسمّى الوقوف، وهو ركن بالنسبة إليهم . ويدلّ عليه ما ثبت وسبق من حكاية سودة واُمّ سلمة وغيره ممّا يأتي في باب مَن تعجّل من مزدلفة، وسمّوا هذا بالوقوف الاضطراري المشوب بالاختياري؛ لإجزائه اختياراً في الجملة، وله اضطراري آخر مؤخّر بعد طلوع الشمس إلى زوال يوم النحر ، والواجب منه المسمّى كالركن، ويأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى . الثانية : قال العلّامه رحمه اللهفي المنتهى : «وينبغي له أن يصلّي المغرب والعشاء بالمزدلفة وإن ذهب ربع الليل أو ثلثه ، أجمع عليه أهل العلم كافّة». (39) وظاهره استحباب ذلك، وصرّح به أكثر الأصحاب جامعين بذلك بين حسنة الحلبيّ (40) وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام قال : «لا تصلّي المغرب حتّى تأتي جمعا وإن ذهب ثلث الليل ». (41) وموثّقة سماعة، قال : سألته عن الجمع بين المغرب والعشاء الآخرة بجمع؟ فقال : «لا تصلّهما حتّى تنتهي إلى جمع وإن مضى من الليل ما مضى، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله جمعهما بأذان واحد وإقامتين، كما جمع بين الظهر والعصر بعرفات ». (42) وبين ما دلّ على جواز فعلهما في غيره كصحيحة هشام بن الحكم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن يصلّي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة ». (43) وخبر محمّد بن سماعة بن مهران، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : للرجل أن يصلّي المغرب والعتمة في الموقف؟ قال : «قد فعله رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، صلّاهما في الشعب ». (44) وصحيحة ربعي بن عبداللّه ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «عثر محمل أبي بين عرفة والمزدلفة، فنزل وصلّى المغرب وصلّى العشاء الآخرة بالمزدلفة ». (45) وذهب الشيخ في التهذيب والاستبصار إلى وجوب ذلك، إلّا إذا عاق عائق عن الوصول إلى المزدلفة قبل ثلث الليل . وبه قال في الخلاف (46) والمبسوط ، (47) إلّا أنّه في الخلاف جعل آخر الوقت ربع الليل . ونسب إلى الرواية نصف الليل . واحتجّ عليه فيه بإجماع الفرقة، وبالاحتياط، وبحديث اُسامة بن زيد: أنّه لمّا نزل المعرّس أناخ النبيّ صلى الله عليه و آله ناقته، ثمّ بال، ثمّ دعا بالوضوء، فتوضّأ وضوءاً ليس بالبالغ جدّاً، فقلت : يارسول اللّه ، للصلاة؟ فقال : «الصلاة أمامك »، ثمّ ركب حتّى قدمنا المزدلفة ونزل وتوضّأ وأسبغ الوضوء (48) وصلّى . (49) وإليه ذهب المفيد أيضا في المقنعة حيث قال : «ولا يصلّي المغرب ليلة النحر إلّا بالمزدلفة وإن ذهب ربع الليل ». (50) وعن أبي حنيفة أنّه قال بذلك ، إلّا أنّه قيّده بطلوع الفجر . (51) وعن الشافعيّ أنّه قال : «إن صلّى المغرب في وقتها بعرفات والعشاء بالمزدلفة أجزأه ». (52)

.


1- . البقرة (2) : 198 .
2- . الانتصار، ص 232.
3- . كنز العرفان، ج 1، ص 303 304.
4- . الانتصار، ص 233.
5- . الانتصار، ص 233؛ مجمع البيان، ج 2، ص 47؛ فقه القرآن، ج 1، ص 277.
6- . البقرة (2) : 255 .
7- . مجمع البيان، ج 5 ، ص 198.
8- . في الأصل: «المسجد الحرام» والتصويب حسب المصدر.
9- . الانتصار، ص 233.
10- . اُنظر: أحكام القرآن للجصّاص، ج 1، ص 378 و 380.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 288، ح 978؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 10، ح 18456.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 288، ح 979، وهذا هو الحديث الرابع من باب من جهل أن يقف بالمشعر من الكافي، ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 469، ح 2991؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 35، ح 18523.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 287، ح 977؛ الاستبصار، ج 2، ص 302، ح 1080؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 552 ، ح 18421؛ وج 14، ص 10، ح 18457 بالفقرة الاُولى.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 289، ح 982؛ الاستبصار، ج 2، ص 301، ح 1077؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 36 37، ح 18526.
15- . اُنظر: جامع الخلاف والوفاق، ص 210؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 202؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 238؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 725؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 425، الدرس 109.
16- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 289، ح 981؛ الاستبصار، ج 2، ص 301، ح 1076؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 36، ح 18525.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 290، ح 984، وص 294، ح 997؛ الاستبصار، ج 2، ص 303، ح 1082، و ص 306، ح 1094؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 38، ح 18531.
18- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 425، الدرس 109.
19- . الكافي، باب من جهل أن يقف بالمشعر، ح 6؛ تهذيب الأحكام، ج 5، ص 294، ح 996. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 469، ح 2990 بإسناده عن عليّ بن رئاب عن الصادق عليه السلام . وسائل الشيعة، ج 14، ص 48، ح 18557.
20- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 249 250.
21- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 425، الدرس 109.
22- . الانتصار، ص 232.
23- . كنز العرفان، ج 1، ص 304.
24- . منتهى المطلب، ج 2، ص 725، وانظر: المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 441.
25- . فتح العزيز، ج 7، ص 368 369.
26- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 7، ص 431 432.
27- . بعده في الأصل بياض بمقداد ثلث سطر.
28- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 191، ح 635 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 20 21، ح 18489.
29- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 178، ح 597 ، وص 193، ح 640 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 528 ، ح 18370؛ وج 14، ص 25، ح 18499.
30- . الكافي، باب من تعجّل من المزدلفة قبل الفجر، ح 1؛ الفقيه، ج 2، ص 471، ح 2994؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 193، ح 642 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 256، ح 902؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 27، ح 18503.
31- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 423، الدرس 109.
32- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 199. والمذكور فيها: «والمبيت بمزدلفة ليس ركنا و إن كان الوقوف بها ركنا».
33- . السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 125.
34- . تلخيص الحبير، ج 7، ص 367، وقال: «لم أجده». و ورد الحديث في عوالي اللآلي، ج 1، ص 215، ح 74؛ وفي المجموع للنووي، ج 8 ، ص 150: «من فاته المبيت بالمزدلفة فقد فاته الحجّ».
35- . التمهيد لابن عبد البرّ، ج 2، ص 97 بلفظ: «الحجّ عرفات...». والحديث مع مغايرة رواه أيضا الحميدي في مسنده، ج 2، ص 399. ونحوه في سنن الدار قطني، ج 2، ص 212، ح 2496.
36- . فتح العزيز، ج 7، ص 367 369. و ما بين الحاصرات منه.
37- . فتح العزيز، ج 7، ص 367.
38- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 38 39؛ عمدة القاري، ج 10، ص 16 17.
39- . منتهى المطلب، ج 2، ص 723.
40- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
41- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 188، ح 625 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 254، ح 895 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 12، ح 18462.
42- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 188، ح 624 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 254، ح 894 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 12، ح 18463.
43- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 189، ح 629 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 255، ح 898 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 12، ح 18464.
44- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 189، ح 627 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 255، ح 896 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 13، ح 18466.
45- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 189، ح 628 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 255، ح 897 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 13، ح 18465.
46- . الخلاف، ج 2، ص 340، المسألة 160.
47- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 367.
48- . المثبت من المصدر، وفي الأصل: + «فتوضّأ».
49- . الخلاف، ج 2، ص 341.
50- . المقنعة، ص 416.
51- . الخلاف، ج 2، ص 340 341.
52- . الخلاف، ج 2، ص 341.

ص: 341

. .

ص: 342

. .

ص: 343

. .

ص: 344

. .

ص: 345

. .

ص: 346

. .

ص: 347

. .

ص: 348

فروع :الأوّل : دلّ موثّق سماعة (1) المتقدِّم على الجمع بين العشائين بأذان واحد وإقامتين ، ومثله صحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «صلاة المغرب والعشاء تجمع بأذان واحد وإقامتين، ولا تصلِّ بينهما شيئا ، وهكذا صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ». (2) ونسبه في المنتهى (3) إلى علمائنا . وحكي في المختلف (4) عن الشيخ أنّه قال في الخلاف (5) بالجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة مثل صلاة واحدة محتجّا بالإجماع وبحديث جابر . (6) واعترض عليه بأنّ الإجماع إنّما هو على أذان وإقامتين ، وحديث جابر إنّما دلّ على ما قلناه، وكأنّه كان ساقطا من الخلاف الذي عنده شيء، ونسخته التي عندي هكذا مطابقا للمشهور _: «ويجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ». وقال أبو حنيفة : «يجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة مثل صلاة واحدة » (7) وقال الشافعيّ مثل ما قلنا ، وهو الصحيح عندهم ، (8) وقال في الجديد : «يجمع بينهما بإقامتين بغير أذان »، (9) وقال في الإملاء : «إن رجا اجتماع الناس أذّن وإلّا لم يؤذِّن» ، (10) وحُكي عن مالك مثل قولنا سواء . (11) دليلنا إجماع الفرقة، وحديث جابر، قال : «جمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله بين المغرب والعشاء الآخرة بالمزدلفة بأذان وإقامتين ». (12) الثاني : أكثر الأخبار المذكورة وإن دلّت على وجوب الجمع بين الصلاتين إلّا أنّها حملت على الاستحباب؛ للجمع بينها وبين صحيحة هشام بن الحكم (13) المتقدِّمة . وفي المنتهى: ذهب إليه علماؤنا، وبه قال عطاء وعروة والقاسم بن محمّد وسعيد بن جبير ومالك والشافعيّ وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأبو يوسف وابن المنذر . وقال أبو حنيفة والثوريّ ومحمّد : لا يجزيه . لنا: أنّ كلّ صلاتين جاز الجمع بينهما جاز التفريق بينهما كالظهر والعصر بعرفة ، وما تقدّم من الأخبار. احتجّوا بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله جمع بين الصلاتين، فكان نسكا فقال : «خذوا عنّي مناسككم »، ولأنّه قال لاُسامة : «الصلاة أمامك ». (14) والجواب: أنّه محمول على الاستحباب؛ لئلّا ينقطع سيره . (15) الثالث : ظاهر الجمع بين العشائين عدم التنفّل بينهما ، بل ظاهر النهي عنه في صحيحة منصور بن حازم (16) تحريمه ، ومثله خبر عنبسة بن مصعب، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إذا صلّيت المغرب بجمع أُصلّي الركعات بعد المغرب؟ قال : «لا ، صلِّ المغرب والعشاء، ثمّ تصلّي الركعات [ بعد]». (17) ويؤيّدهما الأمر بتأخير نافلة المغرب عن العشاء فيما إذا كان وقتها ، وقد مضى في أبواب الصلاة . وصرّح جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في التهذيب (18) والعلّامة في المنتهى (19) بكراهته؛ للجمع بين ما ذكر وبين صحيحة أبان بن تغلب، قال : صلّيت خلف أبي عبداللّه عليه السلام المغرب بالمزدلفة، فقام فصلّى المغرب، ثمّ صلّى العشاء الآخرة ولم يركع فيما بينهما ، ثمّ صلّيت خلفه بعد ذلك بسنة، فلمّا صلّى المغرب قام فتنفّل بأربع ركعات . (20) ولم أجد قولاً صريحا بتحريمه . الثالثة : ذهب الأصحاب إلى استحباب وطي الصرورة المشعر برجله أو ببعيره ، واختلفوا في المراد من المشعر هنا بعد اتّفاقهم على أنّه أخصّ من المزدلفة ، فقال الشهيد في الدروس : «إنّه قرب المنارة، والظاهر أنّه المسجد الموجود الآن ». (21) وقال الشيخ في المبسوط : «إنّه جبل هناك يسمّى قُزح». (22) ويدلّ عليه حسنة الحلبيّ (23) ومرسلة أبان بن عثمان. (24) ويؤيّدهما ما رواه الجمهور عن جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه عليه السلام ، عن جابر: «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ركب القصوى حتّى أتى المشعر، فرقا عليه، واستقبل القبلة، فحمد اللّه وهلّله وكبّره ووحّده، فلم يزل واقفا عليه حتّى أسفر جدّاً ». (25) وعن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه أردف الفضل بن العبّاس (26) ووقف على قزح، وقال : «هذا قزح، وهو الموقف، وجمع كلّها موقف ». (27) وقال المحقّق في ذيل المستحبّات : «وأن يطأ الصرورة المشعر برجله ، وقيل : يستحبّ الصعود على قزح وذكر اللّه عليه». (28) وكأنّه حمل المشعر فيما ذكر من الأخبار على المزدلفة ، فتأمّل . الرابعة : صرّح أكثر الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط والتهذيب باستحباب إفاضة غير الإمام من موضع الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس بقليل، إلّا أنّه لا يجوز وادي محسّر إلّا بعد طلوعها . (29) وحكى في المنتهى (30) عن الشيخ أنّه قال في بعض كتبه باستحباب ذلك للإمام أيضا . وظاهر ابن إدريس استحباب التوقّف في موضع الوقوف إلى طلوع الشمس، حيث قال : «الدّعاء وملازمة الموضع إلى أن تطلع الشمس مندوب غير واجب ». (31) وظاهر شيخنا المفيد عدم جواز تلك الإفاضة اختياراً، فإنّه قال : «ولا يفيض منها قبل طلوع الشمس إلّا مضطرّاً، لكنّه لا يجوز وادي محسّر إلّا بعد طلوعها »، (32) وهو محكي عن السيّد (33) وأبي الصلاح (34) وسلّار. (35) ويدلّ على المشهور حسنة معاوية بن عمّار (36) ظاهراً، وموثّق اسحاق بن عمّار، (37) وما رواه الشيخ عن معاوية بن حكيم، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام : أيّ ساعة أحبّ إليك أن نفيض من جمع؟ فقال : «قبل أن تطلع الشمس بقليل هي أحبّ الساعات إليّ »، قلت : فإن مكثنا حتّى تطلع الشمس؟ قال : «ليس به بأس ». (38) وما رواه البخاري أنّ المشركين كانوا لا يفيضون حتّى تطلع الشمس ويقولون : أشرق ثبير، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله خالفهم، ثمّ أفاض قبل أن تطلع الشمس . (39) وهذه الأخبار وإن كانت عامّة للإمام أيضا مطلقة غير مقيّدة بعدم الجواز عن وادي محسّر قبل طلوع الشمس، إلّا أنّها في المشهور رخّصت بغير الإمام؛ لمرسلة جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتّى تطلع الشمس وسائر الناس إن شاؤوا عجّلوا وإن شاؤوا أخّروا ». (40) بل أوجب عليه ذلك ابن حمزة (41) على ما حكى عنه في الدروس ، (42) وقيّدت بعدم الجواز عن محسّر قبل طلوع الشمس، لحسنة هشام بن الحكم، (43) وبعمومها عمل الشيخ (44) في القول المحكي عنه، وبإطلاقها عمل العلّامة في المنتهى (45) والمختلف . (46) وعلى المشهور هل يجب عليه كفّارة إذا جاز وادي محسّر قبل طلوع الشمس؟ فقال في الدروس : «وقال الصدوقان : عليه شاة»، (47) وهو أظهر ؛ لما سيجيء في باب مَن تعجّل من مزدلفة قبل الفجر . واعلم أنّه قال ابن الأثير في النهاية : وفي حديث الحجّ: أشرق ثبير كيما نغير ، أي نذهب سريعا، يُقال أغار يغير، إذا أسرع في العَدُو ، وقيل : أراد نغير على لحوم الأضاحي من الإغارة: النهب ، وقيل : ندخل في الغَور، وهو المنخفض من الأرض على لغة من قال : أغار إذا أتى الغور . (48) أقول : الأظهر هو المعنى الأوّل؛ لما رواه الشيخ قدس سره عن إبراهيم الأسديّ، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ثمّ أفض حين يشرق لك ثبير وترى الإبل مواضع أخفافها ». قال أبو عبداللّه عليه السلام : «كان أهل الجاهلية يقولون: أشرق ثبير، يعنون الشمس، كيما نغير، وإنّما أفاض رسول اللّه صلى الله عليه و آله خلاف أهل الجاهليّة، كانوا يفيضون بإيجاف الإبل وإيضاع الإبل، فأفاض رسول اللّه صلى الله عليه و آله خلاف ذلك بالسكينة والوقار والدعة، فأفض بذكر اللّه والاستغفار، وحرّك به لسانك، فإذا مررت بوادي محسّر وهو وادٍ عظيم بين جمع ومنى، وهو إلى منى أقرب فاسع فيه حتّى تجاوزه، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حرّك ناقته ويقول : اللّهمَّ سلِّم عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي واخلفني فيمن تركت بعدي ». (49) الخامسة : قال الشيخ في التهذيب : «وحدّ المشعر الحرام ما بين المأزمين إلى الحياض وإلى وادي محسّر ». واحتجّ عليه بصحيحة معاوية بن عمّار، قال: «حدّ المشعر ما بين المأزمين إلى حياض وادى محسّر» (50) وبصحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال للحكم بن عتيبة : ما حدّ المزدلفة؟ فسكت ، فقال أبو جعفر عليه السلام : «حدّها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسّر ». (51) وفي المنتهى: «لا نعلم فيه خلافا». (52) وظاهر صحيحة زرارة خروج الجبل عن الموقف، وهو المفهوم من كلام الشيخ في التهذيب (53) وابن إدريس، (54) والعلّامة في المنتهى، (55) حيث شرطوا في جواز ارتفاعه على الجبل ضيق المقام، ويفهم منه تحريمه اختياراً، وهو محكي عن القاضي أبي الصلاح الحلبيّ . (56) وفي الدروس: «والظاهر أنّ ما أقبل من الجبال من المشعر دون ما أدبر منها ». (57) ويؤيّده استحباب وطي الصرورة المشعر برجله ، وصرّح بكراهيّة الوقوف عليها اختياراً .

.


1- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 12، ص 18463.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 190، ح 630 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 255، ح 899 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 15، ح 18470.
3- . منتهى المطلب، ج 2، ص 723.
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 240 241.
5- . الخلاف، ج 2، ص 339 340، المسألة 159، والموجود فيه: «بأذان واحد وإقامتين».
6- . صحيح مسلم، ج 4، ص 42، باب حجّة النبيّ صلى الله عليه و آله ؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1026، ح 3074؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 427، ح 1905؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 8 . والمذكور في الجميع: «بأذان واحد و إقامتين».
7- . بدائع الصنائع، ج 2، ص 154؛ المحلّى، ج 7، ص 128؛ فتح العزيز، ج 3، ص 156.
8- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 149؛ المحلّى، ج 7، ص 128؛ نيل الأوطار للشوكاني، ج 3، ص 271.
9- . كتاب الاُمّ، ج 2، ص 233؛ مختصر المزني، ص 12؛ المحلّى، ج 7، ص 128؛ نيل الأوطار، ج 3، ص 271.
10- . فتح العزيز، ج 3، ص 156؛ المجموع للنووي، ج 3، ص 83 .
11- . المذكور في المجموع، ج 8 ، ص 149: «بأذانين وإقامتين». وفي السنن الكبرى، ج 1، ص 61: «بأذانين و إقامتين للإمام، وأمّا غير الإمام فتجزئهم إقامة للمغرب وإقامة للعشاء». وفي التمهيد، ج 9، ص 266: «لكلّ صلاة أذان وإقامة».
12- . تقدّم تخريجه آنفا.
13- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 12، ح 18464.
14- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 440؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 439؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 155.
15- . منتهى المطلب، ج 2، ص 723 724. ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 197 198، المسألة 544 .
16- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 15، ح 18470.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 190، ح 631 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 255، ح 900؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 15، ح 18471، وما بين الحاصرتين من المصادر.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 190.
19- . منتهى المطلب، ج 2، ص 723.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 190، ح 632 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 256، ح 901؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 15، ح 18472.
21- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 422، الدرس 109.
22- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 368، وفيه: «فراخ» بدل «قزح»، وهو تصحيف.
23- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
24- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
25- . صحيح مسلم، ج 4، ص 42؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1026، ح 3074.
26- . كذا بالأصل، ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 202، و في سائر المصادر: «اُسامة بن زيد» بدل «الفضل بن العبّاس».
27- . سنن الترمذي، ج 2، ص 185، ح 886 ؛ مسند أحمد، ج 1، ص 157؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 122.
28- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 190؛ المختصر النافع، ص 88 .
29- . المبسوط، ج 1، ص 366؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 178 و 192.
30- . منتهى المطلب، ج 2، ص 726.
31- . السرائر، ج 1، ص 589 .
32- . المقنعة، ص 417.
33- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 68).
34- . الكافي في الفقه، ص 197.
35- . المراسم العلويّة، ص 112.
36- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
37- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
38- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 192، ح 638 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 257، ح 907؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 25 26، ح 18498.
39- . صحيح البخاري، ج 2، ص 179، باب الوقوف بعرفة، ورواه أحمد في مسنده، ج 1، ص 14 و 50 ؛ وابن ماجة في سننه، ج 2، ص 1006، ح 3022؛ والترمذي في سننه، ج 2، ص 190، ح 897 ؛ والنسائي في السنن الكبرى، ج 2، ص 433، ح 4054.
40- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 193، ح 641 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 258، ح 909؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 26، ح 18501.
41- . الوسيلة، ص 177.
42- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 424، الدرس 109.
43- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 12، ح 18464.
44- . المبسوط، ج 1، ص 366؛ النهاية، ص 252.
45- . منتهى المطلب، ج 2، ص 716.
46- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 247.
47- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 423، الدرس 109.
48- . النهاية، ج 3، ص 394 (غور).
49- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 192، ح 637 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 26، ح 18502.
50- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 190، ح 633 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 17، ح 18478.
51- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 190، ح 634 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 17، ح 18479.
52- . منتهى المطلب، ج 2، ص 726.
53- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 180 و 190.
54- . السرائر، ج 1، ص 588 .
55- . منتهى المطلب، ج 2، ص 722.
56- . الكافي في الفقه، ص 196.
57- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 423، الدرس 109.

ص: 349

. .

ص: 350

. .

ص: 351

. .

ص: 352

. .

ص: 353

. .

ص: 354

. .

ص: 355

باب السعي في وادي محسّر

باب السعي في وادي محسّروادي محسّر: هو حدّ المشعر من جانب منى، وهو قدر مئة خطوة، كما يفهم من خبر محمّد بن إسماعيل، (1) وهو قريب من مئة ذراع، كما دلّ [ خبر]عمر بن يزيد ، (2) ومن قدر رمية حجر كما تشعر به عبارة العزيز . (3) وحكى طاب ثراه عن عياض أنّه قال : سمّي محسّراً؛ لأنّ فيل أصحاب الفيل أعيى فيه وكلَّ منه ، وأنّ السبب في الإسراع عند المرور به أنّ أصحاب الفيل هلكوا فيه . (4) وفي العزيز: «وقد قيل : إنّ النصارى كانت تقف، ثَمَّ، فأمرنا بمخالفتهم ». (5) ويظهر من المنتهى وفاق أهل العلم على استحباب الهرولة فيه، حيث قال : «لا نعلم فيه خلافا ». (6) ويدلّ عليه حسنة حفص (7) ومعاوية بن عمّار (8) وخبر عمر بن يزيد، (9) وخبر عبد الأعلى، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا مررت بوادي محسّر فاسع فيه، فأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله سعى فيه »، (10) وقد سبق أيضا بعض الأخبار في ذلك . (11) وفي العزيز: «رواه عن جابر عن النبيّ صلى الله عليه و آله ». (12) وفي المنتهى (13) أيضا رواه عن جمهور العامّة عن جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام ، عن أبيه عليه السلام ، عن جابر في صفة حجّ النبيّ صلى الله عليه و آله : «لمّا أتى وادي محسّر حرّك قليلاً، وسلك الطريق الوسطى». (14) ولو ترك السعي فيه استحبّ له أن يرجع ويهرول مطلقا، عمداً كان الترك أو جهلاً أو نسيانا؛ لإطلاق حسنة حفص (15) ومرسلة الحجّال ، (16) وهذا الإطلاق هو ظاهر إطلاق الأكثر . وفي شرح اللمعة : «واستحبابها يعني الهرولة مؤكّد حتّى لو نسيها رجع إليها ». (17) وكأنّه قدس سرهخصّص النسيان بالذكر؛ لاستلزامه الرجوع في أخويه بالأولويّة ، وإلّا فهو تخصيص من غير مخصّص، والمخاطب بها الرجال إجماعا . قال طاب ثراه : «ولا يخاطب بها النساء لمشقّته عليهنّ؛ ولئلّا يظهر منهنّ ما يجب ستره عليهنّ ». قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (واخلفني فيمن تركت بعدي ) .[ ح 3 / 7766] قال طاب ثراه : يقال فلان خلّف فلانا، إذا كان خليفته في قومه ، ومنه قوله تعالى : «اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي» (18) . قوله في خبر عمر بن يزيد: (قال : الرَمَل في وادي محسّر ) .[ ح 8 / 7771] قال طاب ثراه : «قيل : الرَمَل: شدّة الحركة في المشي ، وقيل : المشي سريعا مع تقارب الخُطى ، ولا يثب وثبا ». (19)

.


1- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
2- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
3- . فتح العزيز، ج 7، ص 370.
4- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 18، ص 111؛ عمدة القاري، ج 10، ص 16.
5- . فتح العزيز، ج 7، ص 370.
6- . منتهى المطلب، ج 2، ص 729.
7- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
8- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
9- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 195، ح 648 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 22، ح 18492.
11- . في الهامش بخطّ الأصل: «قد سبق عن إبراهيم الأسدي، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «فإذا مررت بوادي محسّر وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب فاسع فيه حتّى تجاوزه» [ وسائل الشيعة، ج 14، ص 22، ح 18491].
12- . فتح العزيز، ج7، ص 370.
13- . منتهى المطلب، ج 2، ص 729. ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 212.
14- . صحيح مسلم، ج 4، ص 42، باب حجّة النبيّ صلى الله عليه و آله ؛ المصنّف لابن أبي شيبة، ج 4، ص 425، باب من كان يأمر بتعليم المناسك، ح 12.
15- . هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
16- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
17- . شرح اللمعة، ج 2، ص 280.
18- . الأعراف (7) : 142 . وانظر: صحاح اللغة، ج 4، ص 1356 (خلف).
19- . اُنظر: فتح العزيز، ج 7، ص 326؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 41.

ص: 356

. .

ص: 357

باب من جهل أن يقف بالمشعر

باب من جهل أن يقف بالمشعرأجمع الأصحاب على أنّ من ترك وقوف المشعر جاهلاً يجب عليه العود إليه إن كان وقته باقيا ولو وقتا اضطراريّا . ويدلّ عليه خبر أبي بصير (1) ومعاوية بن عمّار (2) وموثّقة يونس بن يعقوب (3) وحسنة محمّد بن يحيى، وهو الخثعميّ . (4) وإن فات وقته رأسا فيصحّ الحجّ متى وقف بعرفات . ويستفاد ذلك من بعض الأخبار المذكورة في الباب ، وما رواه الشيخ عن محمّد بن يحيى الخثعميّ، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه عليه السلام فيمن جهل ولم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتّى أتى منى ، قال : «يرجع »، قلت : إنّ ذلك فاته ، فقال : «لا بأس [ به]». (5) وهو المشهور بين الأصحاب وفي حكم الجهل والنسيان . وأمّا العمد فقد سبق أنّه موجب لفساد الحجّ وبدنة؛ لكونه ركنا . وظاهر الشيخ في المبسوط فساد الحجّ بتركه مطلقا ولو جهلاً أو نسيانا، فإنّه قال : واعلم أنّ الوقوف بالمشعر ركن على ما مضى القول فيه، وهو آكد من الوقوف بعرفة ؛ لأنّ من فاته الوقوف بعرفة أجزأه الوقوف بالمشعر، ومَن فاته الوقوف بالمشعر لم يجزه الوقوف بعرفة . (6) ويؤيّده ما سبق من مرسلة ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الوقوف بالمشعر فريضة، والوقوف بعرفة سنّة ». (7) وصرّح بذلك التعميم في كتابي الأخبار حيث قال في التهذيب : «ومَن فاته الوقوف بالمشعر فلا حجّ له على كلّ حال ». (8) واحتجّ عليه بما رواه عن القاسم بن عروة، عن عبداللّه وعمران ابني الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحجّ »، (9) وقال: هذا الخبر عامّ فيمن فاته ذلك عامداً أو جاهلاً ، وعلى كلّ حال. ثمّ عارض ذلك بخبري الخثعميّ، (10) وأجاب بقوله : الوجه في هذين الخبرين وإن كان أصلهما محمّد بن يحيى الخثعميّ وأنّه تارةً يرويه عن أبي عبداللّه صلى الله عليه و آله بلا واسطة، وتارةً يرويه بواسطة ، أنّ من كان قد وقف بالمزدلفة شيئا يسيراً فقد أجزأه ، والمراد بقوله : لم يقف بالمزدلفة الوقوف التامّ الذي متى وقفه الإنسان كان أكمل وأفضل، ومتى لم يقف على ذلك الوجه كان أنقص ثوابا وإن كان لا يفسد الحجّ ؛ لأنّ الوقوف القليل يجزي هناك مع الضرورة . واستند في ذلك بخبري محمّد بن حكيم (11) وأبي بصير، (12) وقد فعل مثل ذلك في الاستبصار أيضا، إلّا أنّه صرّح فيه بضعف الخبرين، بأنّ الخثعميّ، عامّي ، وقد أشار إليه في التهذيب بقوله : «وإن كان أصلهما محمّد بن يحيى الخثعميّ»، وهو معارض بقول النجاشيّ: «إنّ محمّد بن يحيى بن سلمان الخثعميّ أخو مغلّس كوفي ثقة، روى عن أبي عبداللّه عليه السلام » (13) وهو منقول عن الخلاصة أيضا . (14) واقتصر العلّامة في المنتهى (15) على حكاية قول الشيخ ، وما حكيناه عنه من المعارضة والجواب ولم يرجّح شيئا . ومال الشهيد في الدروس إلى ما هو المشهور، حيث قال : «ولو ترك الوقوف بالمشعر جهلاً بطل حجّه عند الشيخ في التهذيب ، ورواية محمّد بن يحيى بخلافه، وتأوّلها الشيخ على تارك الوقوف جهلاً، وقد أتى باليسير منه »، (16) وقد حكي في المنتهى عن السيّد المرتضى عكس ما ذكره الشيخ في المبسوط، فقال : «وأمّا السيّد المرتضى فقال : إذا لم يدرك الوقوف بعرفات [ وأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحج، أمّا الجمهور فقالوا إذا فاته الوقوف بعرفات] فقد فاته الحجّ مطلقا، سواء وقف بالمشعر أو لا ». (17) وهذه الحكاية مخالفة لما حكاه عنه فيه من قبل بقليل، حيث قال : قد بيّنا أنّ وقت الوقوف بالمشعر بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. هذا في حال الاختيار ، أمّا لو لم يتمكّن من الوقوف بالمشعر إلّا بعد طلوع الشمس للضرورة جاز، ويمتدّ الوقت إلى زوال الشمس من يوم النحر. وقال المرتضى رحمه الله : وقت الوقوف الاضطراري بالمشعر يوم النحر، فمن فاته الوقوف بعرفات وأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحجّ ، (18) انتهى . قد صرّح بذلك في الانتصار، قال : وممّا انفردت به الإماميّة القول بأنّ من فاته الوقوف بعرفة وأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحجّ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك. والحجّة لنا - بعد الإجماع المتقدّم - أنّا قد دللنا على وجوب الوقوف بالمشعر، وكلّ مَن قال من الاُمّة كلّها بوجوب ذلك قال: إنّ الوقوف به إذا فات الوقوف بعرفة يتمّ معه الحجّ، والتفرقة بين المسألتين خلاف إجماع المسلمين. (19) قوله في حسنة محمّد بن يحيى: (فقال ألم يرَ الناس لم يبكر منى حين دخلها) . [ ح 5 / 7776] يعني أنّه حين وصل إلى منى وطلع الفجر وحصل البكور رأى أنّ الناس لم يجيئوا إليه بعد، فلابدّ له أن يستفسر عن حالهم، وأنّهم لِمَ لم يفيضوا إليها، ولو تفحّص عن هذا لعلم أنّهم أقاموا بالمشعر ليلاً ولعاد إليه. وفي بعض نسخ التهذيب: «لم يكونوا» بدلاً عن «لم يبكر»، وهو يفيد مفاده، وفي بعضها: «لم ينكر» وهو تصحيف.

.


1- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
2- . الحديث الثالث من هذا الباب.
3- . الحديث الرابع من هذا الباب.
4- . الحديث الخامس من هذا الباب.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 292، ح 992؛ الاستبصار، ج 2، ص 305، ح 1090؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 46، ح 18554.
6- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 368.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 287، ح 977؛ الاستبصار، ج 2، ص 302، ح 1080؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 552 ، ح 18421.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 292، بعد الحديث 990.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 292، ح 991؛ الاستبصار، ج 2، ص 305، ح 1089؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 38، ح 18529.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 292، ح 992. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 305، ح 1091؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 46، ح 18554.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 293 294، ح 995؛ الاستبصار، ج 2، ص 306، ح 1093؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 45 46، ح 18552.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 293، ح 994؛ الاستبصار، ج 2، ص 306، ح 1092؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 47 48، ح 18556.
13- . رجال النجاشي، ص 359، الرقم 963.
14- . خلاصة الأقوال، ص 262، الرقم 119.
15- . منتهى المطلب، ج 2، ص 728.
16- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 425، الدرس 109.
17- . منتهى المطلب، ج 2، ص 727، وما بين الحاصرتين منه.
18- . نفس المصدر.
19- . الانتصار، ص 234، المسألة 120.

ص: 358

. .

ص: 359

. .

ص: 360

باب مَن تعجّل من مزدلفة قبل الفجر

باب مَن تعجّل من مزدلفة قبل الفجرأراد قدس سره بيان عدم جواز الإفاضة عن المشعر قبل الفجر للمختار، ووجوب شاة عليه لو أفاض قبله، وجوازه للمضطرّ من النسوان والشيوخ وخائف الزحام وأمثالهم من غير فدية. ويدلّ على الأوّل خبر مسمع، (1) وقد رواه الصدوق بعينه في الصحيح عنه، عن أبي إبراهيم أو عن أبي عبداللّه عليهماالسلام (2) على اختلاف النسخ، ويؤيّده بعض ما تقدّم في الأبواب السالفة. وبملاك الفدية صرّح الأكثر، (3) ولم أجد مخالفا لهم. نعم، قد ورد في بعض الأخبار وجوب بدنة عليه، وهو ما تقدّم عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «مَن أفاض من عرفات مع الناس ولم يقف معهم بجمع ومضى إلى منى متعمّداً أو مستخفّا فعليه بدنة». (4) وهو مع ضعفه بوجود سهل في طريقه مختصّ بمَن لم يقف كذلك بمنى أصلاً، فإنّه حينئذٍ قد أفسد حجّه؛ لما سبق من أنّ الوقوف بالمشعر ركن تبطل بتركه عمداً، لا سيّما إذا كان مستخفّا، فحينئذٍ تجب عليه بدنة للإفساد كما في غيره ممّن أفسده بالجماع ونحوه، وكلامنا فيما إذا وقع منه وقوف فيه بالليل لكن لا إلى طلوع الفجر. وأمّا الثاني فيدلّ عليه ما عدا خبر مسمع (5) من أخبار الباب، وما رواه الصدوق رضى الله عنهفي الموثّق عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الذي ينبغي له أن يرمي بليل، من هو؟ قال: «الحاطبة، والمملوك الذي لا يملك من أمره شيئا، والخائف، والمدين، والمريض الذي لا يستطيع أن يرمي، يحمل إلى الجمار فإن قدر على أن يرمي، وإلّا فارم عنه وهو حاضر». (6) وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في الخائف: «لا بأس بأن يرمي الجمار بالليل، ويضحّي بالليل، ويفيض بالليل» (7) حمل على العذر. وما رواه عليّ بن عطية، قال: أفضنا من المزدلفة بليل أنا وهشام بن عبد الملك الكوفي، وكان هشام خائفا، فانتهينا إلى جمرة العقبة طلوع الفجر، فقال لي هشام: أيّ شيء أحدثنا في حجّنا، فنحن كذلك إذ لقينا أبو الحسن موسى عليه السلام قد رمى الجمار وانصرف، فطابت نفس هشام. (8) وما رواه هشام بن سالم وغيره في الصحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «في التقدّم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس لا بأس به، والتقدّم من المزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلّون الفجر في منازلهم بمنى[ لابأس]». (9)

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
2- . الفقيه، ج 2، ص 471، ح 2994؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 27، ح 18503.
3- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 244؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 424.
4- . الحديث السادس من الباب المتقدم من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 294، ح 996؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 48، ح 18557.
5- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
6- . الفقيه، ج 2، ص 476، ح 3004؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 72، ح 18620.
7- . الفقيه، ج 2، ص 475، ح 3001؛ و رواه الكليني في باب من نسي الجمار أو جهل، ح 4؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 71، ح 18617.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 263، ح 897 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 71، ح 18616.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 193 194، ح 643 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 256، ح 903؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 30 31، ح 18511.

ص: 361

. .

ص: 362

باب مَن فاته الحجّ

باب مَن فاته الحجّفيه مسألتان:الاُولى: في وقت فوات الحجّ، وقد أجمع الأصحاب على إدراكه بإدراك أحد الاختيارين وإن فات الآخر لضرورة أو جهل أو نسيان، إلّا على القولين المتعاكسين اللّذين سبقا: قول السيّد المرتضى رضى الله عنهبفواته بفوات عرفة مطلقا، على ما حكاه في المنتهى، (1) وقول الشيخ بفواته بفوات المشعر مطلقا. (2) والدليل على إدراكه بإدراك اختياري المشعر فقط حسنة معاوية بن عمّار، (3) وصحيحة هشام بن الحكم، (4) وما رواه الشيخ عن محمّد بن سنان، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدركه الإنسان فقد أدرك الحجّ، فقال: «إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ، ولا عمرة له، وإن أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حجّ له، فإن شاء أن يقيم بمكّة أقام، وإن شاء أن يرجع إلى أهله رجع، وعليه الحجّ من قابل». (5) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «مَن أدرك جمعا فقد أدرك الحجّ»، قال: وقال أبو عبداللّه عليه السلام : «أيّما حاجّ ساق الهدي أو مفرد للحجّ أو متمتّع بالعمرة إلى الحجّ قدم وقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة، وعليه الحجّ من قابل». (6) وفي الصحيح عن حريز، قال سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل مفرد للحجّ فاته الموقفان جميعا، فقال: «له إلى طلوع الشمس يوم النحر، فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حجّ، ويجعلها عمرة مفردة وعليه الحجّ من قابل». (7) وعن إسحاق بن عبداللّه ، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل دخل مكّة مفرداً للحجّ، فخشي أن يفوته الموقفان، فقال: «له يومه إلى طلوع الشمس من يوم النحر، فإذا طلعت الشمس فليس له حجّ»، فقلت له: كيف يصنع بإحرامه؟ قال: «يأتي مكّة فيطوف البيت، ويسعى بين الصفا والمروة»، فقلت: إذا صنع ذلك فما يصنع بعد؟ قال: «إن شاء أقام بمكّة، وإن شاء رجع إلى الناس بمنى، وليس منهم في شيء، وإن شاء رجع إلى أهله وعليه الحجّ من قابل». (8) ولم أجد نصّا صريحا في إدراكه بإدراك اختياري عرفة، بل يناقضه ظاهر قول الصادق عليه السلام : «الوقوف بالمشعر فريضة، و[ الوقوف]بعرفة سنّة»، (9) وإطلاق قوله عليه السلام : «إذا فاتك المزدلفة فقد فاتك الحجّ». (10) وكأنّه لذلك ذهب الشيخ إلى ما حكينا عنه. وخرّج الفاضل (11) وجها بإجزاء اختياري المشعر وحده دون اختياري عرفة، على ما حكى عنه في الدروس . (12) وكأنّهم استندوا في القول المشهور بما ثبت من قول النبيّ صلى الله عليه و آله : «الحجّ عرفة». (13) وبما سبق من خبر حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «مَن أفاض من عرفات مع الناس ولم يقف معهم بجمع ومضى إلى منى متعمّداً أو مستخفّا فعليه بدنة». (14) فتأمّل. واختلفوا في إدراكه بإدراك الاضطراريّين معا أو أحدهما، أمّا الأوّل فذهب إليه الشهيد في الدروس (15) واللمعة، (16) والعلّامة في المنتهى (17) والمختلف (18) عدّه أقرب. وأمّا الثاني فقيل: إنّه لا يجزي مطلقا وإن كان اضطراري المشعر، وإليه ذهب الشهيد في الكتابين، (19) ونسبه في شرح اللمعة إلى المشهور، وقوّى إجزاء اضطراريّ المشعر وحده. (20) ونسبه في الدروس إلى جماعة، قال: وفي اضطراريّ المشعر رواية صحيحة بالإجزاء، وعليها ابن الجنيد والصدوق (21) والمرتضى (22) في ظاهر كلامهما، وقال ابن الجنيد: «يلزمه دم لفوات عرفة». (23) ويمكن تأويلها بمَن أدرك اضطراريّ عرفة، وظاهر أكثرهم الوفاق على عدم إجزاء اضطراريّ عرفة وحده. (24) وصرّح به في الدروس، قال: «ولا يجزي اضطراريّ عرفات قولاً واحداً». (25) ولكنّه يفهم من المفيد إجزاؤه، حيث قال في المقنعة: ومن حصل بعرفات قبل طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدركها، وإن لم يحضرها حتّى يطلع الفجر فقد فاتته، فإن حضر المشعر الحرام قبل طلوع الشمس من يوم النحر فقد أدرك الحجّ، وإن لم يحضره حتّى تطلع الشمس فقد فاته الحجّ، وقد جاءت رواية أنّه إن أدركه قبل زوال الشمس فقد أدرك الحجّ، (26) غير أنّ هذه الرواية جاءت من نوادر الأخبار، وما ذكرناه متواتر ظاهر من الأخبار. (27) فتدبّر. ويدلّ على إجزاء اضطراريّ المشعر وحده حسنة جميل، (28) وما رواه الصدوق رضى الله عنهمن موثّق إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «مَن أدرك المشعر الحرام قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحجّ»، قال: وقال: ورواه إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، (29) ويلزم من هذه الأخبار الاضطراريّين بالأولويّة. ويدلّ أيضا عليه ما رواه الحسن العطّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «إذا أدرك الحاجّ عرفات قبل طلوع الفجر فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا، فليقف قليلاً بالمشعر ليلحق الناس بمنى ولا شيء عليه». (30) واحتجّ من قال بعدم إجزاء اضطراريّ المشعر بما تقدّم عن محمّد بن سنان، (31) وصحيحة حريز (32) وإسحاق بن عبداللّه ، (33) ويؤيّدها إطلاق يوم النحر في صحيحة ضريس، (34) وستأتي. ومحلّ الخلاف إنّما هو اضطرارية المتأخّر، وأمّا اضطراريّة المتقدّم فقد عرفت أنّه مجز في العذر إجماعا. الثانية: ذهب الأصحاب (35) إلى أنّ مَن فاته الحجّ إنّما يتحلّل بعمرة مفردة، ثمّ إن كان الحجّ واجبا مستقرّاً عليه وجب عليه الحجّ من قابل، وإلّا فلا. ويدلّ عليه ما تقدّم من الأخبار، وتقييد العمرة بالمفردة في خبر محمّد بن سنان وصحيحة حريز المتقدّمين، وكتب الأكثر تدلّ على وجوب طواف النساء أيضا فيهما؛ لأنّه واجب فيها. ولا ينافيه إطلاق العمرة في أكثر الأخبار؛ لتبادر المفردة منها. ولم يذكر الشيخ قدس سرهطواف النساء بها، فقد قال في المبسوط: ومن فاته الحجّ سقطت عنه توابع الحجّ من الرمي وغير ذلك، وإنّما عليه المقام بمنى استحبابا، وليس عليه بها حلق ولا تقصير، ولا ذبح، وإنّما يقصّر إذا تحلّل بعمرة بعد الطواف والسعي، ولا يلزمه دم لمكان الفوات. (36) ومثله في الخلاف (37) وكتابي الأخبار، (38) وكذا كلام الصدوقين أيضا خالية عن ذكره، على ما حكى عنهما في الدروس. (39) وكأنّهم سكتوا عن ذكره إحالةً على المشهور. لا يقال: يمكن الجمع بين الأخبار بحمل ما خلا طواف النساء على ما إذا كان محرما بحجّ التمتّع على أن يعتمر عمرته التمتّع التي كان محرما بها بقرينة قوله عليه السلام : «يقيم على إحرامه» لمن خرج متمتّعا في صحيحة ضريس بن أعين، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتّعا بالعمرة إلى الحجّ، فلم يبلغ مكّة إلّا يوم النحر، فقال : «يقيم على إحرامه، ويقطع التلبية حين يدخل مكّة، فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة، ويحلق رأسه وينصرف إلى أهله إن شاء ». وقال : «هذا لمَن اشترط على ربّه عند إحرامه، فإن لم يكن اشترط فإنّ عليه الحجّ من قابل »، (40) فإنّ الظاهر منه البقاء على إحرامه لعمرة التمتّع، فيتحلّل بالتقصير أو الحلق (41) من جميع المحرّمات حتّى من النساء من غير توقّف لحلّها على طواف النساء، كما هو شأن عمرة التمتّع، وتخصيص الانتقال إلى العمرة المفردة في غير حجّ التمتّع لتقييد صحيحة حريز (42) بما صرّح فيه بالعمرة المفردة بالمفرد للحجّ ، ويويّد بهذا التفصيل الاعتبار لأصالة البقاء على الإحرام، إلّا فيما إذا منع مانع، ولا مانع في الأوّل ، بخلاف الثاني. لأنّا نقول: صحيحة معاوية بن عمّار (43) المتقدّمة صريحة في جعلها عمرة، والمتبادر منه نقله إلى العمرة المفردة مع التصريح بالتعميم للسائق والمفرد والمتمتّع، وخبر إسحاق بن عبداللّه (44) خالٍ عن ذكر طواف النساء مع تقييده بالمفرد للحجّ ، فتأمّل . ثمّ المشهور بين الأصحاب أنّه على تقدير الانتقال إلى العمرة يتحلّل بالفراغ منها من غير حاجة إلى هدي التحلّل، إلّا أن يكون سائقا، فيذبح هديه بمكّة كما في العمرة التي ساق فيها الهدي لا بمنى؛ لعدم سلامة الحجّ له، كما صرّح به في الدروس ، (45) وحكى فيها وجوب شاة عن الصدوقين في خصوص المتمتّع . وحكى الشيخ في الخلاف (46) عن بعض الأصحاب وجوب ذلك الهدي من غير تقييد بالمتمتّع ، ونسبه إلى الرواية ، ولم أجد هذه الرواية فإن أشار بها إلى ما رواه المصنّف في الصحيح عن داوود الرقّي (47) ففيه أنّه إنّما يدلّ على التحلّل بالهدي فقط كالمصدود، وكذا المشهور أنّ فوات الحجّ ليس كالإفساد موجبا للحجّ في القابل ، بل إن كان مستقرّاً عليه وجب في القابل، وإلّا فلا ، وإن لم يعتمر بعد التحلّل عمرة اُخرى . ولا أعلم فيه مخالفا ، وظاهر صحيح داوود وجوبه في القابل إذا لم يكن اعتمر بعد التحلّل بناءً على أنّ الظاهر أنّ حجّه الفائت كان مندوبا . ويمكن حمله على الندب ، وإنّما حملناه على الحجّة المندوبة لما دلّ الخبر عليه من سقوط الحجّ في القابل على تقدير الاعتمار بعد التحلّل، وهو مخالف للإجماع في الحجّ الواجب؛ ولإطلاق بعض ما ذكر من الأخبار في وجوب الحجّ في القابل في الواجب منه ، وهو أحد وجهي الجمع بين الأخبار للشيخ قدس سرهفي التهذيب (48) وله وجه آخر فيه للجمع بحمل الحجّة الفائتة على الواجبة تخصيصا لِسقوط الحجّ في القابل بمن اشترط في إحرامه مستنداً بقوله عليه السلام في صحيحة ضريس المتقدّمة : «هذا لمن اشترط على ربّه عند إحرامه، فإن لم يكن اشترط فإنّ عليه الحجّ من قابل ». (49) وقال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : والاحتياط في ذبح الهدي والعمرة المفردة والحجّ من قابل وإن كان غير واجب عليه . واعلم أنّ ظاهر الأصحاب اعتبار قصد نقل نيّة الإحرام من الحجّ إلى العمرة . وصرّح به المحقّق الشيخ علي قدس سره حيث قال على ما حكي عنه طاب ثراه : «المراد نقل نيّة الإحرام للحجّ إلى إحرام العمرة والإتيان بباقي أفعالها ». (50) وفي الدروس: «وهل ينقلب إحرامه أو يقلبه بالنيّة؟ الأحوط الثاني. ورواية محمّد بن سنان: «فهي عمرة مفردة» (51) تدلّ على الأوّل، ورواية معاوية: «فليجعلها عمرة» (52) تدلّ على الثاني ». (53) واختلف جمهور العامّة في أصل المسألة ، ففي الخلاف بعدما حكينا عنه: وبمثله قال الشافعيّ إلّا في الحلق، فإنّه على قولين إلّا أنّه قال : لا تصير حجّته عمرة وإن فعل أفعال العمرة فعليه القضاء وشاة ، وبه قال أبو حنيفة ، ومحمّد إلّا في فصل، وهو أنّه لا هدي عليه . وقال أبو يوسف : ينقلب حجّته عمرة مثل ما قلناه ، وعن مالك ثلاث روايات: أوّلها: مثل قول الشافعيّ ، والثانية: يحلّ بعمرة وعليه الهدي دون القضاء ، والثالثة: لا يحلّ بل يقيم على إحرامه حتّى إذا كان من قابل أتى بالحجّ فوقف وأكمل الحجّ . وقال المزني : يمضي في فائته فيأتي بكلّ ما يأتي به الحاجّ إلّا الوقوف ، فخالف الباقين في التوابع . (54)

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 727، والمذكور فيه أنّ السيّد قال: «إذا لم يدرك الوقوف بعرفات وأدرك الوقوف بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحجّ». وانظر كلام السيّد في جوابات المسائل التبّانيّات (رسائل المرتضى، ج 1، ص 229).
2- . النهاية، ص 273؛ المبسوط، ج 1، ص 327.
3- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
4- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 290، ح 984، وص 294، ح 997؛ الاستبصار، ج 2، ص 303، ح 1082، وص 306، ح 1094؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 38، ح 18530.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 294، ح 998؛ الاستبصار، ج 2، ص 307، ح 1095؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 48 49، ح 18558.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 291، ح 986؛ الاستبصار، ج 2، ص 304، ح 1084؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 37 38، ح 18528.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 290 291، ح 985؛ الاستبصار، ج 2، ص 303، ح 1083؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 38 39، ح 18532.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 287، ح 977؛ الاستبصار، ج 2، ص 302، ح 1080؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 552 ، ح 18421، وما بين الحاصرتين من المصادر.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 292، ح 991؛ الاستبصار، ج 2، ص 305، ح 1089؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 45، ح 18550.
11- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 221.
12- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 426، الدرس 109.
13- . مسند أحمد، ج 4، ص 309؛ سنن الدارمي، ج 2، ص 59 ؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1003، ح 3015؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 188، ح 890 ؛ و ج 5 ، ص 416، ح 4105؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 424، ح 4011؛ المستدرك للحاكم، ج 1، ص 464؛ و ج 2، ص 278؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 173.
14- . الكافي، باب من جهل أن يقف بالمشعر، ح 6 ؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 294، ح 996؛ الفقيه، ج 2، ص 469، ح 2990؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 48، ح 18557.
15- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 425، الدرس 109.
16- . اللمعة الدمشقيّة، ص 63 .
17- . منتهى المطلب، ج 2، ص 728.
18- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 251.
19- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 425 426، الدرس 109؛ اللمعة الدمشقيّة، ص 63 .
20- . شرح اللمعة، ج 2، ص 278.
21- . علل الشرائع، ص 451، الباب 204.
22- . الانتصار، ص 234.
23- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 251.
24- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 425، الدرس 109.
25- . نفس المصدر، ص 426.
26- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 40، ح 18536.
27- . المقنعة، ص 431.
28- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
29- . الفقيه، ج 2، ص 386، ح 2775؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 41، ح 18538.
30- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 292، ح 990؛ الاستبصار، ج 2، ص 305، ح 1088؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 44 45، ح 18549.
31- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 38، ح 18530.
32- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 37 38، ح 18528.
33- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 38 _ 39، ح 18532.
34- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 49، ح 18559.
35- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 7، ص 435 436.
36- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 384.
37- . الخلاف، ج 2، ص 374، المسألة 219.
38- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 295، ذيل الحديث 1000؛ الاستبصار، ج 2، ص 307، ذيل الحديث 1097.
39- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 427، الدرس 109.
40- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 295 296، ح 1001؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 49، ح 18559.
41- . في الأصل + «كما»، والظاهر زيادته.
42- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 37 38، ح 18528.
43- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 48 49، ح 18558.
44- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 38 39، ح 18532.
45- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 427، الدرس 109.
46- . الخلاف، ج 2، ص 374، المسألة 219.
47- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
48- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 295، ذيل الحديث 1000.
49- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 49، ح 18559.
50- . جامع المقاصد، ج 12، ص 109.
51- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 38، ح 18531.
52- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 48 49، ح 18558.
53- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 427، الدرس 109.
54- . الخلاف، ج 2، ص 375، المسألة 219. وانظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 287 و 290.

ص: 363

. .

ص: 364

. .

ص: 365

. .

ص: 366

. .

ص: 367

. .

ص: 368

. .

ص: 369

باب حصى الجمار من أين تُؤخذ ومقدارها

باب حصى الجمار من أين تُؤخذ ومقدارهاأراد قدس سره بيان وجوب رمي الجمار بالحصى دون غيرها ، ووجوب أخذها من الحرم من غير المسجدين: المسجد الحرام، ومسجد الخيف، وكونها مقدار انملة ، أمّا الاُوّل فهو المشهور بين الأصحاب، منهم الشيخ في المبسوط حيث قال : «ولا يجوز أن يرمي الجمار إلّا بالحصى ». (1) والظاهر من الأخبار من الطريقين حيث عبّر فيها عن المرميّ بالحصى ولم يعبّر عنه في شيء منها بغيرها ، فمن طريق الأصحاب ما رواه المصنّف في الباب ، ومن طريق العامّة ما رواه في المنتهى (2) عن ابن عبّاس أنّه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله غداة العقبة وهو على ناقته : «التقط لي حصى ، فلقطت له سبع حصيّات هي حصى الخذف، فجعل يقبضهنّ في كفّه ويقول أمثال هؤلاء فارموا »، (3) الخبر . وعن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «عليكم بحصى الخذف »، (4) وأنّه قال صلى الله عليه و آله حين لقط له الفضل بن عبّاس حصاه : بمثلها فارموا ، (5) وأنّه قال صلى الله عليه و آله : «أيّها الناس، لا يقتل بعضكم بعضا، فإذا رميتم فارموا بمثل حصى الخذف ». (6) وفي الخلاف : وروى الفضل بن عبّاس، قال : أفاض رسول اللّه صلى الله عليه و آله من المزدلفة وهبط بمكان محسّرو وقال : «أيّها الناس، عليكم بحصى الخذف ». (7) وجوّز الشيخ في الخلاف الرمي بغير الحصى من أنواع الحجارة، فقال : لا يجوز الرمي إلّا بالحجر، وما كان من جنسه من البرام والجواهر وأنواع الحجارة، ولا يجوز بغيره كالمدر والآجر والكحل والزرنيخ والملح وغير ذلك من الذهب والفضّة . (8) وحكاه عن الشافعيّ . (9) وفي الدروس: «فيه بُعدٌ إن كان من الحرم وبُعدان (10) إن كان من غيره ». (11) وفي المنتهى : وقال أبو حنيفة : يجوز كلّ ما كان من جنس الأرض مثل الكحل والزرنيخ والمَدر ، فأمّا ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز . (12) وقال داوود : يجوز الرمي بكلّ شيء حتّى حكي عنه أنّه قال : لو رمى بعصفور ميّت أجزأه (13) . (14) ثمّ قال : احتجّ أبو حنيفة وداوود بقوله صلى الله عليه و آله : «إذا رميتم وحلقتم فقد حلّ لكم كلّ شيء» (15) ولم يفصّل . وما روي عن سكينة بنت الحسين عليه السلام أنّها رمت الجمرة ورجل يناولها الحصى تكبّر مع كلّ حصاة، فسقطت حصاة فرمت بخاتمها . (16) وزاد أبو حنيفة : أنّه رمى بما هو من جنس الأرض فأجزأه كالحجارة . والجواب : أنّه لا دلالة في الحديث ؛ لأنّ الرمي هنا مجمل وإنّما بيّنه عليه السلام بفعله ، وما روي عن سكينة إن سلم السند عن الطعن محتمل للتأويل، إذ يمكن أن يكون فصّه حجرا يجوز به الرمي كالعقيق والفيروزج على رأى من يجوّز الرمي بكلّ حجر . وقياس أبي حنيفة منتقض بالدرهم . (17) وأمّا الثاني (18) فهو مجمعٌ عليه بين الأصحاب وفاقا لأكثر العامّة، ويدلّ عليه بعض أخبار الباب . وألحق الأكثر بالمسجدين غيرهما من مساجد الحرم ، ورجّحه الشهيد فى¨ الدروس، (19) وكأنّهم استندوا في ذلك بما دلّ على عدم جواز إخراج حصى المساجد عنها مطلقا . وأمّا الثالث فظاهر المصنّف وجوب كونها بذلك المقدار لما ثبت من أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر بالتقاط حصى الخذف، والخذف إنّما يكون بأحجار صغار مثل الأنملة وما دونها . وفي حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام قال : «حصى الجمار (20) يكون مثل الاُنملة ». (21) وحكى في المنتهى عن أحمد في إحدى الروايتين أنّه قال : «لا يجزيه ما زاد عن الأنملة ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر بهذا المقدار ونهى عن تجاوزه ، والأمر للوجوب، والنهي يدلّ على الفساد ». (22) والمشهور بين الأصحاب استحباب ذلك، وجواز ما زاد عليها إذا سمّيت حصاة، وما هو أصغر منها كذلك، وهو أظهر ، بل لم أجد قولاً صريحا من الأصحاب بخلافه . وخبر البزنطيّ يحتمل الندب . وحكى في المنتهى عن الشافعيّ استحباب كونها أصغر من الاُنملة طولاً وعرضا . وعن أحمد في إحدى الروايتين عدم إجزاء ما زاد فيها . وعن بعضهم تحديدها بقدر النواة ، وعن بعض آخر منهم قدر الباقلى . (23) بقي أحكام : منها : أن تكون أبكاراً ، وأجمع الأصحاب على وجوب ذلك . (24) ويدلّ عليه مرسلة حريز، (25) وخبر عبدالأعلى عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا تأخذ من حصى الجمار». (26) وهو مذهب أكثر العامّة . وحكى في المنتهى [ عن الشافعي] كراهة رمي حصى الجمار . وعن المازنيّ أيضا إجزاء ما رمى به غيره . (27) ومنها : أن تكون رخوة لا صُمّا، وأن تكون بُرشا (28) كحُلية منقّطة، وهي مستحبّة إجماعا ، ويكره أن تكون صلبة سوداء أو بيضاء أو حمراء على ما صرّح به جماعة، منهم الشهيد في الدروس. (29) والحجّة على استحبابها خبرا أبي بصير (30) وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، (31) وما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم، عن أبي عبداللّه عليه السلام في حصى الجمّار، قال : «كره الصمّ منها »، وقال : «خذ البرش ». (32) وفي الدروس: وقال الحلبيّ : «الأفضل البرش، ثمّ البيض والحمر »، (33) وتبعه ابن زهرة، (34) ورواية البزنطيّ تدفعه . (35) ومنها : أن تكون ملتقطة على قدر الاُنملة، وتكره المكسّرة . وفي المنتهى: «لا نعلم فيه خلافا عندنا، وبه قال الشافعيّ وأحمد ». (36) واحتجّ عليه بخبر أبي بصير، (37) وبقوله صلى الله عليه و آله : «بمثلها فارموا »، (38) في الخبر المتقدّم، وبأنّه لا يؤمن لو كسره أن يطير شيء منه إلى وجهه فيؤذيه . ومنها : رميها بالخذف، وهو على المشهور _: وضع الحصاة على بطن إبهام اليمنى ودفعها بظهر سبّابتها؛ (39) لخبر البزنطيّ . (40) واعتبر السيّد رضى الله عنه دفعها بظفر الوسطى منه ، (41) ولم أرَ شاهداً له بخصوصه . نعم . ذكر الجوهريّ أنّه رمى الحصا بالأصابع، (42) وهو أعمّ من المعنيين ، وأوجب فى¨ الانتصار (43) الخذف محتجّا بإجماع الطائفة، وبأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر به، وهو كيفيّة في الرمي مخالفةً لغيرها، وهو ظاهر ابن إدريس حيث قال : «فإذا أراد رمي الجمار إلى قوله _ : يرميهنّ خذفا ». (44) وحكاه في المختلف (45) عن ابن حمزة ، (46) والأشهر بين الأصحاب استحبابه ، واحتجّ عليه في المختلف بأصالة عدم الوجوب، وعدم شغل الذمّة بواجب حتّى يظهر دليل عليه ، وحكى في الانتصار عن فقهاء العامّة أنّهم لم يراعوه، (47) وظاهره أنّهم لم يقولوا به لا وجوبا ولا استحبابا . قوله في خبر البزنطيّ : (وتدفعها بظفر السبّابة ) . [ ح 7 / 7798] قال الجوهري : «السبّابة من الأصابع التي تلي الإبهام ». (48) وفي مهذّب اللغة : السبّابة: انگشت شهادت . والمراد بقوله عليه السلام : «ولا ترم على الجمرة» النهي عن رميها عاليا على الجمرة ، بل رميها من بطن الوادي ، وقد قيل في تفسيره ؛ أي واضعا لها على الجمرة ، (49) ويؤيّد ما ذكرناه وجود «أعلى الجمرة» في بعض النسخ ، (50) وقوله عليه السلام في حسنة معاوية بن عمّار في الباب الآتي: «ولا ترمها من أعلاها ». (51)

.


1- . المبسوط، ج 1، ص 369. ومثله في النهاية، ص 253.
2- . منتهى المطلب، ج 2، ص 729.
3- . سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1008، ح 3029.
4- . مسند أحمد، ج 2، ص 210 و 213؛ وج 3، ص 319 و 337؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 71؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 437، ح 1957؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 434، ح 4056؛ سنن أبي يعلى، ج 2، ص 92، ح 6724 ؛ المستدرك للحاكم، ج 3، ص 275؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 126 و 127 و 128 و 139.
5- . اُنظر: سنن النسائي، ج 5 ، ص 268؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 216.
6- . مسند أحمد، ج 6 ، ص 379؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1008، ح 3028؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 439، ح 1966؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 128 و 130.
7- . الخلاف، ج 2، ص 343، المسألة 163. وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 127.
8- . الخلاف، ج 2، ص 342، المسألة 163.
9- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 154؛ فتح العزيز، ج 7، ص 397.
10- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «أبعد» بدل «بعدان».
11- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 428، الدرس 110.
12- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 282؛ عمدة القاري، ج 10، ص 89 ؛ المغني، ج 3، ص 446.
13- . عمدة القاري، ج 10، ص 89 .
14- . منتهى المطلب، ج 2، ص 729؛ ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 215.
15- . سنن الدار قطني، ج 2، ص 243، ح 2661؛ فتح العزيز، ج 7، ص 374. ورواه البيهقي في معرفة السنن والآثار، ج 3، ص 545 عن عمر.
16- . المغني لابن قدامة، ج 3، ص 446؛ الشرح الكبيرلعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 451.
17- . منتهى المطلب، ج 2، ص 730؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 215.
18- . يعني وجوب أخذ الحصاة من الحرم.
19- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 428، الدرس 110.
20- . هذا هو الصحيح الموافق لمصادر الحديث، وفي الأصل: «حصى الحذف».
21- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 197، ح 656 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 33 34، ح 18519.
22- . منتهى المطلب، ج 2، ص 730.
23- . نفس المصدر. وانظر: نيل الأوطار، ج 5 ، ص 157؛ عون المعبود، ج 5 ، ص 304؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 154 و 171؛ فتح الوهاب، ج 1، ص 256.
24- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 216؛ مدارك الأحكام، ج 7، ص 441.
25- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 32، ح 18516.
26- . الكافي، باب من خالف الرمي أو زاد أو نقص، ح 3؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 266، ح 906؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 269، ح 19167.
27- . منتهى المطلب، ج 2، ص 730. وانظر: المجموع، ج 8 ، ص 172 و 185.
28- . البرش: نكت صغار تخالف سائر لونه. صحاح اللغة، ج 3، ص 995 (برش).
29- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 428، الدرس 110.
30- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 34، ح 18520.
31- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 33 34، ح 18591.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 197، ح 655 ؛ سائل الشيعة، ج 14، ص 33، ح 18518.
33- . الكافي في الفقه، ص 198.
34- . الغنية، ص 187.
35- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 428، الدرس 110.
36- . منتهى المطلب، ج 2، ص 730. ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 218، المسألة 562 . وانظر: المجموع، ج 8 ، ص 139 و 153.
37- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 34، ح 18520.
38- . سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1008، ح 3029 بمغايرة.
39- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 433، الدرس 110.
40- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي.
41- . الانتصار، ص 260.
42- . صحاح اللغة، ج 4، ص 1347 (خذف).
43- . الانتصار، ص 260.
44- . السرائر، ج 1، ص 608 .
45- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 260.
46- . الوسيلة، ص 180 181.
47- . الانتصار، ص 260. وانظر: المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 445.
48- . صحاح اللغة، ج 1، ص 145 (سبب).
49- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 218 و 223.
50- . هكذا ورد في قرب الإسناد، ص 359، ح 1284؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 66 ، ح 18598.
51- . الحديث الأوّل من ذلك الباب.

ص: 370

. .

ص: 371

. .

ص: 372

. .

ص: 373

. .

ص: 374

. .

ص: 375

باب يوم النحر ومبتدء الرمي وفضله

باب يوم النحر ومبتدء الرمي وفضلهذهب الأصحاب والعامّة إلى أنّه إنّما يجب في يوم النحر رمي جمرة العقبة فقط . (1) ويدلّ عليه بعض أخبار الباب، وأصالة عدم وجوب الاُخريين، وانتفاء دليل عليه، وإنّما يجب عليه رميهما أيضا في أيّام التشريق على ما سيأتي . وادّعى في العزيز تواتر النقل بذينك قولاً وفعلاً. (2) وإلى استحباب استدبار القبلة في رميها من قبل وجهها واستقبال الاُخريين؛ (3) لحسنة معاوية بن عمّار (4) وما سبق من خبر البزنطيّ . (5) وروى مسلم، عن عبدالرحمن بن يزيد، قال : رمى عبداللّه بن مسعود جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيّات، يكبّر مع كلّ حصاة، قال : فقيل له : إنّ اُناسا يرمونها من فوقها؟ فقال ابن مسعود : هذا والذي لا إله غيره المقام الذي اُنزِل فيه سورة البقرة . (6) وحكى طاب ثراه عن بعض العامّة أنّه قال رميها من بطن الوادي هو المستحبّ عند الكافّة، (7) وحيثما رماها من أعلى العقبة أو وسطها أو أسفلها أجزأ ، وأمّا سائر الجمرات فمن فوقها مستقبل القبلة ، وإلى استحباب الوقوف عند الاُخريين دونها؛ لخبر سعيد الرومي، (8) وما سيأتي في الباب الآتي من حسنة معاوية بن عمّار (9) وصحيحة يعقوب بن شعيب . (10) قوله في خبر زرارة : (قد كنّ يُرْمَين ) . [ ح 2 / 7802] بصيغة المجهول ، والضميران للجمار ، والمعنى كُنّ الجمار يُرمَين في الجاهليّة أو في أزمنة الخلفاء الثلاث . ويؤيّد الأوّل وفاق العامّة أيضا على عدم وجوب رمي غير جمرة العقبة في يوم النحر كما عرفت ، ويشعر بالثاني قوله عليه السلام في هذا الخبر، وفي حسنة زرارة : «أما ترضى أن تصنع كما أصنع »، (11) وفي موثّق حمران : «أما ترضى أن تصنع كما كان عليّ عليه السلام يصنع ». (12)

.


1- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 213 214، المسألة 557 ؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 257؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 729؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 6 .
2- . فتح العزيز، ج 7، ص 395.
3- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 223؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 731.
4- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 58 ، ح 18579.
5- . الحديث السابع من الباب المتقدّم.
6- . صحيح مسلم، ج 4، ص 78. ورواه أحمد في مسنده، ج 1، ص 374.
7- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 166؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 157؛ المغني والشرح الكبير، ج 3، ص 447 448.
8- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 66 ، ح 18599.
9- . الحديث الأوّل من ذلك الباب.
10- . الحديث الثانى من ذلك الباب.
11- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
12- . الحديث الثالث من ذلك الباب من الكافي.

ص: 376

باب رمي الجمار في أيّام التشريق

باب رمي الجمار في أيّام التشريقفيه مسائل :الاُولى : يظهر من بعض الأصحاب إجماع الأصحاب ، بل أهل العلم على وجوب رمي جمرة العقبة يوم النحر ورمي الجمار الثلاث في أيّام التشريق ، ففي السرائر: «وهل رمي الجمار واجب أو مسنون؟ لا خلاف بين أصحابنا في كونه واجبا، ولا أظنّ أحداً من المسلمين يخالف فيه ». (1) وفي المنتهى في بحث رمي جمرة العقبة بمنى يوم النحر : «رمي هذه الجمرة واجب لا نعلم فيه خلافا ». (2) وفي بحث أيّام التشريق : «ويجب عليه أن يرمي في كلّ يوم من أيّام التشريق الجمار الثلاث كلّ جمرة سبع حصيّات ، ولا نعلم خلافا في وجوب الرمي ». (3) وكلام العزيز أيضا صريح في وفاقهم عليه حيث قسّم أعمال العمرة والحجّ وفرائضهما إلى الأركان والأبعاض والهيئات ، وقال : سبيل الحصر أنّ كلّ عمل يفرض، فأمّا أن يتوقّف التحلّل عليه فهو ركن أو لا يتوقّف ، فأمّا أن يجبر بالدم فهو بعض، أو لا يجبر فهو هيئة ، والأركان خمسة : الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، والحلق والتقصير، تفريعا على [ قولنا]: إنّه نسك، فإن لم نقل به عادت إلى أربعة، وما سوى الوقوف أركان في العمرة أيضا، فلا مدخل للجبران فيها بحال ،وأمّا الأبعاض فمجاوزة الميقات والرمي مجبوران بالدم وفاقا . (4) وفي موضع آخر بعده: «الرمي معدود من الأبعاض مجبور بالدم وفاقا». (5) وقد نقل طاب ثراه عن بعضهم ركنيّته أيضا . (6) ويدلّ على وجوبه رمي رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقد قال : «خذوا عنّي مناسككم ». (7) وفعل الصحابة والأئمّة عليهم السلام والأمر به في حسنة معاوية بن عمّار في هذا الباب (8) وفي الباب السابق وما سنرويه في باب من نسي رمي الجمار . (9) ونسب العلّامة ؛ في المختلف إلى بعض الأصحاب القول باستحبابه، فقال : وذهب الشيخ في الجمل (10) إلى أنّ الرمي مسنون ، وكذا ابن البرّاج، (11) والمفيد قال : «وفرض الحجّ الإحرام والتلبية والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة وشهادة الموقفين، وما بعد ذلك سنن بعضها أوكد من بعض ». (12) وهو يشعر بالاستحباب ، والشيخ لمّا عدّ فرائض الحجّ في كتابي النهاية (13) والمبسوط (14) لم يذكر الرمي . وفي الاستبصار : «قد بيّنا أنّ الرمي سنّة وليس بفرض في كتابنا الكبير ». (15) وقال ابن حمزة : «الرمي واجب عند أبي يعلى»، (16) ومندوب إليه عند الشيخ أبي جعفر ، (17) وقال ابن الجنيد : ورمي الجمار سنّة . (18) انتهى . والظاهر أنّهم أرادوا بالسنّة في هذا المقام مقابل الفرض، وهو ما علم وجوبه بالسنّة لا بالقرآن . ويدلّ عليه في كلام الشيخين أنّ الشيخ المفيد أوجب اُموراً فيه تستلزم وجوبه، منها: الوضوء، (19) على ما سنحكي عنه ، وأنّ الشيخ في المبسوط قال : وعليه بمنى يوم النحر ثلاثة مناسك: أوّله: رمي الجمرة الكبرى، والثاني: الذبح، والثالث: الحلق أو التقصير ، وأمّا أيّام التشريق فعليه كلّ يوم رمي الثلاث جمار على ما نرتّبه . (20) وظاهر قوله عليه السلام الوجوب لا سيما في هذا المقام ، وقد صرّح به في موضع آخر منه، قال : «والواجب عليه أن يرمي ثلاثة أيّام التشريق: الثاني من النحر والثالث والرابع، كلّ يوم إحدى وعشرين حصاة، ثلاث جمّار، كلّ جمرة منها سبع حصيّات ». (21) وفي الاستبصار بعدما أورد أخباراً تتضمّن وجوب الرجوع إلى منى والرمي على من خرج منه بغير رمي ، عارضها بخبر عن معاوية بن عمّار، يتضمّن أنّه ليس عليه الإعادة ، وأجاب: أنّه ليس عليه أن يعيد في هذه السنة؛ لفوات وقت الرمي وإن كان يجب عليه إعادته في السنة القابلة . (22) وقد سبقني على هذا التأويل العلّامة وابن إدريس ؛ ففي المنتهى: وقد يوجد في بعض العبارات أنّه سنّة وذلك في بعض أحاديث الأئمّة عليهم السلام ، وفي لفظ الشيخ في الجمل والعقود، وهو محمول على أنّه ثابت بالسنّة لا أنّه مستحبّ . (23) وفي السرائر : وقد يشتبه على بعض أصحابنا ويعتقد أنّه مسنون غير واجب؛ لما يجده من كلام بعض المصنّفين عبارة موهمة أوردها في كتبه، وتقلّد المسطور بغير فكر ولا نظر ، وهذا غاية الخطأ وضدّ الصواب . قال شيخنا أبا جعفر رحمه الله قال في الجمل والعقود : والرمي مسنون، (24) فيظنّ من يقف على هذه العبارة أنّه مندوب، وإنّما أراد الشيخ بقوله : مسنون ، عرف من جهة السنّة؛ لأنّ القرآن لا يدلّ على ذلك . (25) وهذا التأويل جارٍ فيما حكاه طاب ثراه عن بعض العامّة أنّه قال: «إنّه سنّة مؤكّدة يجب بتركه الدم بقرينة إيجابه للدم بتركه ». الثانية : المشهور بين الأصحاب أنّ وقت الرمي اختياراً من طلوع الشمس إلى غروبها، وأنّه عند الضرورة يجوز تقديمه عليه ولو ليلاً . (26) ويدلّ على الأوّل صحيح منصور بن حازم (27) وحسن زرارة ، (28) وقد رواه الشيخ في الصحيح عن زرارةٍ وابن اُذينة، عن أبي جعفر عليه السلام ، (29) وصحيح إسماعيل بن همّام (30) في خصوص يوم النحر، ولا قائل بالفصل ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن مهران الجمّال، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها»، (31) والأمر بالرمي عند الزوال في أيّام التشريق في حسنة معاوية بن عمّار، حمله الشيخ في الاستبصار (32) على الفضل؛ للجمع ، وبه صرّح في المبسوط، (33) وتبعه الأكثر منهم ابن إدريس . (34) وحكى في الدروس (35) عن الشيخ (36) وابن زهرة (37) والفاضل (38) إجزاء رميها بعد طلوع الفجر اختيارا. وقد قال في الخلاف بذلك في رمي جمرة العقبة يوم النحر ، وأمّا في أيّام التشريق فظاهره كون وقت رميها بعد الزوال حيث قال : وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بلا خلاف ، ووقت الإجزاء من عند طلوع الفجر مع الاختيار، فإن رمى قبل ذلك لم يجزه ، وللعليل ولصاحب الضرورة يجوز الرمي بالليل . (39) ثمّ قال : «لا يجوز الرمي أيّام التشريق إلّا بعد الزوال ، وقد روى رخصة قبل الزوال في الأيّام كلّها ». (40) وقد اختلف العامّة أيضا في المسألة ، فقد حكى طاب ثراه عن عياض أنّه قال : وقت رمي الجمرات الثلاث في الأيّام الثلاثة زوال الشمس إلى غروبها ، وقال بعضهم : السنّة في رميها من الزوال إلى إلاصفرار، فإن اصفرّت فات إلّا العليل والناسي . (41) وفي العزيز في بحث رمي جمرة العقبة يوم النحر : المستحبّ أن يرمي بعد طلوع الشمس، ثمّ يأتي بباقي الأعمال، فيقع الطواف في ضحوة النهار، ويدخل وقتها جميعا بانتصاف ليلة النحر ، وبه قال أحمد . وعن أبي حنيفة ومالك: إنّ شيئا منها لا يجوز قبل طلوع الفجر . لنا: ما روي أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمر اُمّ سلمة فرمت جمرة العقبة قبل الفجر. (42) ومتى يخرج وقتها ؟ أمّا الرمي يوم النحر فيمتدّ وقته إلى غروب الشمس ، وهل يمتدّ تلك الليلة؟ فيه وجهان، أصحّهما: لا. (43) وقال في بحث أيام التشريق: يدخل وقته بالزوال ويبقى إلى غروب الشمس، روي عن جابر رضى الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رمى الجمرة يوم النحر ضحى، ثمّ لم يرم في سائر الأيّام حتّى زالت الشمس . (44) وبهذا قال مالك وأحمد ، وعند أبي حنيفة يجوز الرمي في اليوم الثالث قبل الزوال. وهل يمتدّ وقتها إلى طلوع الفجر ؟ أمّا في اليوم الثالث فلا ؛ لانقضاء أيّام المناسك ، وأمّا في اليومين الأوّلين فوجهان، كما في رمي يوم النحر، أصحّهما أنّه لا مبيت ، (45) ووجه الثاني: التشبيه بوقوف عرفة . (46) انتهى . ويدلّ على الثاني أعني جواز تقديمه ليلاً في غير الاختيار ما ثبت من حكاية أمر النبيّ صلى الله عليه و آله لاُمّ سلمة ليلة النحر الذهاب إلى منى ورمي جمرة العقبة، (47) وقد تقدّم في ذلك بعض الأخبار . الثالثة : المشهور بين الأصحاب استحباب الطهارة عن الحدث في الرمي؛ لقوله عليه السلام : «ويستحبّ أن يرمي الجمار على طهر »، في حسنة معاوية في الباب السابق . (48) ولما رواه الشيخ عن حميد بن مسعود قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رمي الجمار على غير طهور، قال : «الجمار عندنا مثل الصفا والمروة حيطان، إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرّك، والطهر أحبّ إليَّ، فلا تدعه وأنت تقدر عليه ». (49) وبذلك جمعوا بين الخبرين وبين صحيح محمّد بن مسلم؛ (50) حملاً للنهي فيه على الكراهة ، وظاهر المفيد قدس سرهوجوب الطهارة له حيث قال : «فإذا نزل بمنى فإن قدر على الوضوء لرميه الجمار فليتوضّأ، وإن لم يقدر أجزأه عنه غسله ولا يجوز له رمي الجمار إلّا وهو على طهر ». (51) وحكاه في المختلف عن السيّد المرتضى (52) وابن الجنيد أيضا. (53) وهو بعيد. ولا يستحبّ الغسل له بخصوصه إجماعا؛ لأصالة العدم وعدم دليل عليه ، بل حسنة الحلبيّ (54) صريحة في عدمه ، فتأمّل .

.


1- . السرائر، ج 1، ص 606 .
2- . منتهى المطلب، ج 2، ص 729.
3- . منتهى المطلب، ج 2، ص 771.
4- . فتح العزيز، ج 7، ص 391.
5- . نفس المصدر، ص 395.
6- . شرح صحيح مسلم، ج 9، ص 42 نقلاً عن بعض أصحاب مالك.
7- . السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 125.
8- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
9- . في الأصل بعده بياض بقدر سطر.
10- . الجمل والعقود (الرسائل العشر، ص 234).
11- . المهذّب، ج 1، ص 254.
12- . المقنعة، ص 431.
13- . النهاية، ص 271 272.
14- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 382 383.
15- . الاستبصار، ج 2، ص 297، ذيل الحديث 1061.
16- . الوسيلة، ص 180؛ المراسم العلويّة، ص 105.
17- . الجمل والعقود (الرسائل العشر، ص 234).
18- . منتهى المطلب، ج 4، ص 257 258.
19- . المقنعة، ص 417.
20- . المبسوط، ج 1، ص 368 369.
21- . المبسوط، ج 1، ص 378.
22- . الاستبصار، ج 2، ص 297، ذيل الحديث 1059 وهو حديث معاوية بن عمّار.
23- . منتهى المطلب، ج 2، ص 771.
24- . الجمل والعقود (الرسائل العشر، ص 234).
25- . السرائر، ج 1، ص 606 .
26- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 360، المسألة 679 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 733؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 230 231.
27- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
28- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
29- . تهذيب الأحكام، ج 2، ص 262، ح 892 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 296، ح 1056؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 69 ، ح 18611.
30- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي.
31- . الاستبصار، ج 2، ص 296، ح 1054؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 69 ، ح 18609.
32- . الاستبصار، ج 2، ص 296، ح 1057.
33- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 378.
34- . السرائر، ج 1، ص 605 .
35- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 429، الدرس 110.
36- . الخلاف، ج 2، ص 344، المسألة 167.
37- . الغنية، ص 187.
38- . تحرير الأحكام، ج 1، ص 619 .
39- . الخلاف، ج 2، ص 344 345، المسألة 167.
40- . الخلاف، ج 2، ص 351، المسألة 176.
41- . اُنظر: مواهب الجليل، ج 4، ص 190.
42- . فتح العزيز، ج 7، ص 381؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 434، ح 1942؛ المستدرك للحاكم، ج 1، ص 469؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 133؛ سنن الدار قطني، ج 2، ص 243، ح 2663.
43- . فتح العزيز، ج 7، ص 381.
44- . مسند أحمد، ج 2، ص 312 313 و 319 و 399 400؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 192؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 80 ؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 439، ح 1971؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 190، ح 895 ؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 437، ح 4069.
45- . كذا بالأصل، وفي المصدر: «لامبيت».
46- . فتح العزيز، ج 7، ص 396 397.
47- . سنن أبي داود، ج 1، ص 434، ح 1942.
48- . الحديث الأوّل من الباب المتقدّم.
49- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 198، ح 660 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 258، ح 912؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 57 ، ح 18577.
50- . الحديث العاشر من الباب المتقدّم؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 56 ، ح 18573.
51- . المقنعة، ص 417.
52- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 68).
53- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 261.
54- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.

ص: 377

. .

ص: 378

. .

ص: 379

. .

ص: 380

. .

ص: 381

. .

ص: 382

. .

ص: 383

باب من خالف الرمي أو زاد أو نقص

باب من خالف الرمي أو زاد أو نقصأراد قدس سره بالمخالفة فيه المخالفة في الترتيب في رمي الجمار . قال الشيخ في المبسوط : الترتيب واجب في الرمي يجب أن يبدأ بالجمرة العظمى، ثمّ الوسطى، ثمّ جمرة العقبة، فمَن خالف شيئا منها أو رماها منكوسة كان عليه الإعادة ، ومَن بدأ بجمرة العقبة ثمّ بالوسطى ثمّ الأولى أعاد على الوسطى ثمّ جمرة العقبة . (1) وفي المنتهى: «ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال مالك والشافعيّ وأحمد ، وقال الحسن البصريّ، وعطاء : لا يجب الترتيب، وهو قول أبي حنيفة ». (2) ويدلّ على مذهب الأصحاب ما رواه المصنّف في الباب، واحتجّ أيضا عليه بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رتّبها في الرمي ، وقد قال : «خذوا عنّي مناسككم ». (3) وفي المنتهى: واحتجّ أبو حنيفة بما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «مَن قدَّم نسكا بين يدي نسك فلا حرج»، (4) وبأنّها مناسك متكرّرة في أمكنة متفرّقة في وقت واحد، ليس بعضها تابعا لبعض، فلا يشترط فيها الترتيب كالرمي والذبح . والجواب عن الأوّل : أنّ الحديث ورد فيمن قدّم نسكا على نسك، لا فيمن قدّم بعض النسك على بعض . وعن الثاني: أنّه يبطل بالطواف والسعي . (5) وأراد قدس سرهبالزيادة والنقصان زياده حصاة على جمرة ونقصانها ، ففي الزيادة يسقطها ويجزي عن تلك الجمرة، وفي النقصان يتمّ رميها ، فلو نسي رمي بعض الحصيات على جمرة وذكر النقص بعدما رمى جمرة بعدها، فيعتبر في الترتيب وإجزاء هذه الجمرة والتي بعدها تجاوز النصف على المشهور بين الأصحاب ، منهم الشيخ في المبسوط، فقد قال : فإن نسي فرمى من الجمرة الاُولى بثلاث حصيات، ورمى الجمرتين الأخيرتين على التمام أعاد الرمي عليها كلّها ، وإن كان قد رمى الجمرة الاُولى بأربع حصيات ورمى الجمرتين على التمام أعاد على الأوّل بثلاث حصيات، وكذلك إن رمى الوسطى أقلّ من أربعة أعاد عليها وعلى ما بعدها، وإن رماها بأربعة يتمّها، ولا إعادة عليه في الثالثة، وإن رمى الأوّلتين على التمام ورمى الثالثة ناقصة تمّمها على كلّ حال؛ لأنّه لا يترتّب عليه رمي آخر . (6) وقال في النهاية (7) أيضا نحواً منه، وهو منقول عن ابن حمزة (8) وابن البرّاج (9) وابن الجنيد، وبه قال العلّامة أيضا في القواعد ، (10) وعدّه في المختلف أقرب . (11) ويدلّ عليه ما رواه المصنّف في الباب، والعلّامة في المنتهى (12) عن عليّ بن أسباط، قال : قال أبو الحسن عليه السلام : «إذا رمى الرجل الجمار أقلّ من أربعة لم يجزه أعادها وأعاد على ما بعدها وإن كان قد أتمّ ما بعدها ، وإذا رمى شيئا منها أربعا بنى عليها ولم يعد على ما بعدها إن كان قد أتمّ رميه ». (13) وروى الصدوق في الفقيه عن الصادق عليه السلام في رجل رمى الجمار، فرمى الاُولى بأربع حصيات، ثمّ رمى الاُخريين بسبع ، قال : يعود فيرمي الاُولى بثلاث وقد فرغ، وإن كان رمى الوسطى بثلاث ثمّ رمى الاُخرى فليرم الوسطى بسبع، وإن كان رمى الوسطى بثلاث رجع فرمى بثلاث». (14) والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل رمى الجمرة الاُولى بثلاث والثانية بسبع والثالثة بسبع؟ قال : «يعيد ويرميهنّ جميعا بسبع سبع»، قلت: وإن رمى الاُولى بأربع والثانية بثلاث والثالثة بسبع؟ قال : «يرمي الجمرة الاُولى بثلاث والثانية بسبع، ويرمي جمرة العقبة بسبع». قلت له: فانّه رمى الجمرة الاولى بأربع والثانية بأربع والثالثة بسبع ، قال : «يعيد ويرمي الاُولى بثلاث ولا يعيد على الثالثة ». (15) واعتبر العلّامة في المنتهى أيضا تحقّق الأربع في الترتيب، لكن اكتفى في الناقصة إكمال السبع مطلقا حيث قال : وقد يحصل الترتيب إذا أخلَّ ببعض الرميات في الاُولى، وفي الثانية ناسيا بشرط أن رمى التي أخلّ برمي بعضها بأربع حصيات فما زاد ، فلو نسي فرمي الأولى بأربع حصيات ورمى الثانية بسبع ثمّ رمى الثالثة وذكر الإخلال أكمل على الاُولى بثلاث، وكذا لو كان السهو في الثانية ، أمّا لو رماها بثلاث فإنّه يعيد على ما بعدها بعد إكمالها، فلو رمى الاُولى بثلاث ثمّ الثانية بسبع وثمّ الثالثة كذلك أتمّا بأربع على الاُولى، ثمّ أعاد على الوسطى والقصوى ، ولو رمى الثانية بثلاث ثمّ الثالثة أكمل الثانية، ثمّ أعاد على الثالثة . (16) وإليه ذهب ابن إدريس أيضا فقد قال : الاعتبار يعني في الترتيب بحصول رمي أربع حصيات، فإذا كان كذلك تمّمها، ولا تجب الإعادة على ما بعدها، وإن كان قد رمى أقلّ من أربع حصيات على إحدى الجمرات تمّمها وأعاد مستأنفا على ما بعدها. (17) وهو وإن كان أنسب بالأصل من عدم وجوب الموالاة في الرميات ، ولذا اكتفوا بإتمام الثالثة على كلّ حال ، إلّا أنّه يدفعه الروايات المذكورة . وقال الشافعيّ: مع الإخلال بحصاة واحدة يبطل الترتيب على ما حكى عنه فى¨ المنتهى . (18) وظاهر الأخبار شمول الحكم للعمد أيضا، ولا يعارضه ما يعتدّ به، فلا يبعد القول به ، وهو ظاهر المصنّف قدس سره . وفي المدارك: وإطلاق النصّ يقتضي البناء على الأربع مع العمد والجهل والنسيان ، إلّا أنّ الشيخ وأكثر الأصحاب قيّدوه بحالتي النسيان والجهل، وصرّحوا بوجوب إعادة ما بعد التي لم تكمل مع العمد مطلقا؛ لتحريم الانتقال إلى الجمرة المتأخّرة قبل إكمال المتقدِّمة، وهو جيّد إن ثبت التحريم لمكان النهي المفسد للعبادة ، لكن يمكن القول بالجواز تمسّكا بإطلاق الروايتين، وإن كان الأظهر المصير إلى ما ذكروه . (19) ثمّ مذهب الأصحاب وجوب حصول العلم بوصول الحصاة إلى الجمرة كما يستفاد من بعض هذه الأخبار . واحتجّ عليه في المنتهى: (20) أنّ الرمي واجب عليه، والأصل بقاؤه في ذمّته حتّى يتحقّق حصوله منه ، وحكاه عن الشافعيّ في الجديد، وعنه في القديم أنّه يجزيه الظنّ؛ (21) لأنّ الظاهر حصولها في الموضع، وهو ليس بمعتمد. ولابدّ أن تكون الإصابة بفعله ، فلو رمى حصاة فوقعت على شيء وانحدرت على الجمرة أجزأت؛ لأنّه بفعله ، ويقيّده حسنة معاوية بن عمّار، (22) ولو قصرت فتمّمها حركة غيره من إنسان أو حيوان، كما إذا وقعت على ثوب إنسان فنفضه أو على عنق بعير فحرّكه، فوقعت على الجمرة، لم يجزه .

.


1- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 379.
2- . منتهى المطلب، ج 2، ص 772. وانظر: المجموع، ج 8 ، ص 282؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 477.
3- . المصادر المتقدّمة.
4- . المغني والشرح الكبير، ج 3، ص 477؛ تفسير القرطبي، ج 3، ص 12.
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 772.
6- . المبسوط، ج 1، ص 379.
7- . النهاية، ص 267.
8- . الوسيلة، ص 189.
9- . المهذّب، ج 1، ص 256.
10- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 448.
11- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 314.
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 773.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 266، ح 905؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 268، ح 19164.
14- . الفقيه، ج 2، ص 474 475، ح 3000؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 267، ح 19162.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 265 266، ح 904؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 267 268، ح 19163.
16- . منتهى المطلب، ج 2، ص 772.
17- . السرائر، ج 1، ص 610 .
18- . منتهى المطلب، ج 2، ص 772.
19- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 234.
20- . منتهى المطلب، ج 2، ص 731.
21- . فتح العزيز، ج 7، ص 398؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 173 175.
22- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.

ص: 384

. .

ص: 385

. .

ص: 386

. .

ص: 387

باب من نسي رمي الجمار أو جهل

باب من نسي رمي الجمار أو جهلأجمع الأصحاب على وجوب قضاء ما فات من رمي يوم من أيّام التشريق نسيانا أو جهلاً في يوم آخر مع بقاء وقته، وهو أيّام التشريق، لما دلَّ عليه من أخبار الباب، وما رواه الشيخ عن بريد العجليّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل نسي رمي الجمرة الوسطى في اليوم الثاني؟ قال : «فليرمها في اليوم الثالث لما فاته، ولا يجب عليه في يومه ». (1) وظاهرهم وجوب تقديم الفائت على الحاضر، إلّا فيما تذكّر الفائت بعد رمي الحاضر ، وصرّح جماعة منهم المحقّق الشيخ عليّ قدس سره في تعليقاته على الإرشاد بذلك الوجوب . (2) وفي المنتهى: قال الشيخ رحمه الله : (3) الترتيب واجب بين الفائت والحاضر، فيرمي ما فاته أوّلاً والذي ليومه بعده، فلو رمى الذي ليومه أوّلاً لم يقع الذي لأمسه؛ لعدم إرادته، ولا الذي ليومه؛ لسقوط الترتيب كما لو رمى الجمرة الثانية قبل الاُولى . وللشافعيّ قولان، هذا أحدهما ، والثاني: أنّه سنّة . (4) ثمّ احتجّ على الوجوب بوجوبه أداءً، فيكون في القضاء أيضا كذلك . ويستحبّ الفصل بينهما بساعة أو ساعتين، كما يستفاد من بعض ما اُشير إليه من الأخبار ، ويؤكّده ما سيأتي من صحيحة معاوية بن عمّار . (5) والأفضل أن يكون القضاء بكرة والأداء عند الزوال ؛ لخبر عبداللّه بن سنان الآتي . وأجمعوا على ثبوت الحكم في رمي جمرة العقبة إن فات يوم النحر كذلك وفاقا لأكثر العامّة؛ لأنّه رمي فات وقته، وأيّام التشريق قابل لقضائه أيضا كرمي أيّام التشريق، ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى، فعرض له عارض، فلم يرم الجمرة حتّى غابت الشمس، قال : «يرمي إذا أصبح مرّتين، مرّة لما فاته، والاُخرى ليومه الذي يصبح فيه»، (6) والفرق بكون أحدهما بكرة وهو للأمس، والآخر عند زوال الشمس، وهو الذي رواه المصنّف قدس سره (7) بأدنى نقصان . وحكى في المنتهى (8) عن الشافعيّ قولاً بعدم وجوب قضائه معلّلاً بأنّ أيّام التشريق لا تكون وقتا له؛ لأنّه يخالف الرمي في تلك الأيّام؛ إذ لا يتعلّق رمي يوم النحر إلّا بجمرة العقبة، بخلاف رمي أيّام التشريق فإنّه يتعلّق بالجمرات كلّها، فهو جنس آخر غير الرمي فيها، بخلاف من بعض تلك الأيّام مع بعض. (9) وفيه ما فيه . ومع انقضاء تلك الأيّام فقد حكم الأكثر بوجوب قضائه في القابل بنفسه أو بوكيله؛ (10) لما رواه محمّد بن عمر بن يزيد، عن أبيه، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أغفل رمي الجمار أو بعضها حتّى يمضي أيّام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فإن لم يحجّ رمى عنه وليّه، فإن لم يكن له وليّ استعان برجل من المسلمين يرمي عنه، فإنّه لا يكون رمي الجمار إلّا في أيّام التشريق ». (11) وذهب المحقّق في النافع إلى سقوط وجوب القضاء حينئذٍ واستحبابه في القابل، حيث قال : «ولو نسي الرمي حتّى دخل مكّة رجع وتدارك ، ولو خرج فلا حرج ». (12) والظاهر أنّه أراد بذلك ما لو خرج من مكّة وفات وقته بقرينة الخبر الذي يدلّ عليه وإن كان إطلاق كلامه شاملاً لما لو خرج وكان وقته باقيا بأن ينفر من منى ويخرج من مكّة في النفر الأوّل . والخبر رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل نسي رمي الجمار؟ قال : «يرجع فيرميها »، قلت : فإنّه نسيها حتّى أتى مكّة؟ قال : «يرجع فيرمي متفرّقا ويفصل بين كلّ رميتين بساعة »، قلت : فإن نسي أو جهل حتّى فاته وخرج؟ قال : «ليس عليه أن يعيد ». (13) ويأوّله الشيخ في الاستبصار على أنّ معناه: «أنّه ليس عليه أن يعيده في هذه السنة؛ لفوات وقته وإن كان يجب عليه إعادته في القابل ». وفي المنتهى: وقال الشافعيّ : لا قضاء عليه إذا فاتت أيّام التشريق قولاً واحداً وماذا يجب عليه عنده، قولان: أحدهما: دم واحد، والثاني: أربعة دماء . (14) هذا كلّه فيما إذا تركه نسيانا أو جهلاً ، وأمّا مع العمد فظاهر الأصحاب وفاقهم على وجوب قضائه في ذلك العام أو في القابل على التفصيل المذكور ، ولم أجد خبراً صريحا فيه ، بل بعض الأخبار تدلّ على فساد حجّه بذلك، رواه الشيخ عن يحيى بن المبارك، عن عبداللّه بن جبلة، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن ترك رمي الجمار متعمدا لم تحلّ له النساء وعليه الحجّ من قابل »، (15) لكن لم يعمل به أحد؛ لضعفه بجهالة يحيى ، ووقف عبداللّه وإن كان موثّقا . (16) وفي الدروس : «ولم نقف على قائلٍ به من الأصحاب ، فيحمل على الندب » (17) . وحمله الشيخ أيضا في الاستبصار (18) عليه، ولم يتعرّض الأكثر للندب أيضا وكأنّهم طرحوا الخبر لما ذكر ولوقوع التحلّل من المحرمات بعد طواف النساء بمقتضى النصوص، فعود التحريم بمجرّد ترك الرمي بعيد غاية البُعد بحيث لا يجوز والقول به وجوبا أو ندبا بمثل هذا الخبر .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 263، ح 894 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 73، ح 18623.
2- . لم أعثر عليها.
3- . الخلاف، ج 2، ص 353، المسألة 181، و ص356، المسألة 185؛ المبسوط، ج 1، ص 379.
4- . منتهى المطلب، ج 2، ص 774. وانظر: الخلاف، ج 2، ص 353 354، المسألة 181؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 235 236 و 241؛ فتح العزيز، ج 7، ص 402 و 405 408؛ المبسوط للسرخسي، ج 4، ص 64 66 ؛ تفسير القرطبي، ج 3، ص 6 .
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 264، ح 899 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 262، ح 19149.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 262، ح 893؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 72 73، ح 18621.
7- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
8- . منتهى المطلب، ج 2، ص 774.
9- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 236؛ فتح العزيز، ج 7، ص 404.
10- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 368؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 237 238.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 264، ح 900؛ الاستبصار، ج 2، ص 297، ح 1060؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 262، ح 19150.
12- . المختصر النافع، ص 97.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 264، ح 899 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 297، ح 1059؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 262، ح 19149.
14- . منتهى المطلب، ج 2، ص 774. وانظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 241؛ فتح العزيز، ج 7، ص 402؛ الخلاف، ج 2، ص 358، المسألة 189.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 264 265، ح 901؛ الاستبصار، ج 2، ص 297، ح 1061؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 264، ح 18155.
16- . رجال النجاشي، ص 216، الرقم 563 ؛ إيضاح الاشتباه، ص 209، الرقم 348.
17- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 435، الدرس 110.
18- . الاستبصار، ج 2، ص 297 298، ذيل الحديث 1061.

ص: 388

. .

ص: 389

. .

ص: 390

باب الرمي عن العليل والصبيان والرمي راكبا

باب الرمي عن العليل والصبيان والرمي راكبايجوز الرمي عن العليل الذي تمنعه علّته عن رميه بنفسه، وعن الصبيّ غير المميّز، وعن البعيد ونحوهم من ذوي الأعذار إجماعا . ويدلّ عليه حسنة معاوية بن عمّار وعبد الرحمن بن الحجّاج، (1) وموثّقة إسحاق بن عمّار، (2) وخبر داوود بن علي اليعقوبيّ، قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن المريض لا يستطيع أن يرمي الجمار؟ فقال : «يُرمى عنه ». (3) ورواية يحيى بن سعيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن امرأة سقطت عن المحمل فانكسرت ولم تقدر على رمي الجمار؟ قال : «يرمى عنها وعن المبطون ». (4) وموثّق إسحاق بن عمّار، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المريض يرمى عنه الجمار؟ قال : «نعم يحمل إلى الجمرة ويُرمى عنه ». (5) وصحيح رفاعة بن موسى، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل اُغمي عليه؟ فقال : «يُرمى عنه الجمار ». (6) وأمّا الركوب في حال الرمي فقد اختلف في أنّه أفضل أم الرمي راجلاً بعد الوفاق على جوازهما معا؟ فظاهر أخبار الباب الثاني، وهو ظاهر المصنّف، وبه صرّح جماعة منهم الشيخ في النهاية (7) والعلّامة في المنتهى. (8) وذهب الشيخ في المبسوط في بحث رمي جمرة العقبة إلى الأوّل محتجّا بفعل النبيّ صلى الله عليه و آله . (9) ويدلّ عليه أيضا ما رواه الشيخ عن محمّد بن الحسين، (10) عن بعض أصحابنا، عن أحدهم عليهم السلام في رمي الجمار: «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله رمى الجمار راكبا ». (11) وفي الصحيح عن أحمد بن محمّد بن عيسى أنّه رأى أبا جعفر الثاني عليه السلام رمى الجمار وهو راكب حتّى رماها كلّها . (12) ولم يرجّح فيه شيئا في بحث أيّام التشريق، واقتصر على قوله : «ويجوز أن يرمي راكبا وماشيا ». (13) ومثله قال ابن إدريس ، (14) وحكي في المنتهى (15) عن الشافعي أنّه قال : يرمي في اليوم الآخر راكبا، وفي اليومين الأوّلين ماشيا؛ (16) لأنّه يمضي وينفر عقيب الرمي في اليوم الثالث، وفي اليومين الأوّلين يكون مقيما ، والظاهر استحباب المشي في الذهاب من مضربه إلى الجمرات لخبري عنبسة (17) وعليّ بن مهزيار . (18) وأمّا مرسلة الحسن بن صالح (19) فتدلّ على أنّ العلّة في نزوله عليه السلام عند مضرب عليّ بن الحسين وبني هاشم رعاية حرمة منازلهم، ولا بُعد في اجتماع علّتين عليه على ما هو شأن العلل الشرعيّة . قوله في خبر عنبسة بن مصعب : (ومنزلي اليوم أنفس من منزله) [ ح 3 / 7830] أي أبعد قليلاً . قال ابن الأثير في النهاية : «يُقال أنت في نفس من عمرك، أي في سعة وفُسحة قبل المرض والهرم ونحوهما ، ومنه الحديث : ثمّ يمشي أنفس منه، أي أفسح وأبعد قليلاً ». (20)

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 75، ح 18629.
2- . الحديث الثاني من هذا الباب؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 75، ح 18628.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 268، ح 917؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 76، ح 18832.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 268، ح 918؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 76، ح 18633.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 268، ح 915؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 75، ح 18628.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 268، ح 916؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 76، ح 18631.
7- . النهاية، ص 268. ومثله في الجمل والعقود (الرسائل العشر، ص 238).
8- . منتهى المطلب، ج 2، ص 773.
9- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 369.
10- . في الأصل: «الحسن»، والتصويب من المصادر.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 267، ح 909؛ الاستبصار، ج 2، ص 298، ح 1063؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 62 ، ح 18588.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 267، ح 910؛ الاستبصار، ج 2، ص 298، ح 1065؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 62 ، ح 18589.
13- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 379.
14- . السرائر، ج 1، ص 610 .
15- . منتهى المطلب، ج 2، ص 773.
16- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 242.
17- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 63 ، ح 18592.
18- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 64 ، ح 18594.
19- . ذيل الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 64 ، ح 18595.
20- . النهاية، ج 5 ، ص 93 94 (نفس).

ص: 391

. .

ص: 392

باب أيّام النحر

باب أيّام النحرأطلق أكثر الأصحاب أيّام النحر في هذا المقام وظاهرها أيّام مطلق النحر، سواء كان هدي التمتّع والسياق أو الاُضحية، فكأنّهم أرادوا أيّامه اختياراً، وإلّا ففي الضرورة يجوز نحر هدي التمتّع طول ذي الحجّة . ويحتمل أن يريدوا أيّام الأُضحية، وهو الأظهر ؛ بالنظر إلى الأخبار للتعبير بالأضحى في أكثرها . وقد صرّح بذلك الشيخ في المبسوط، قال : أيّام النحر بمنى أربعة أيّام: يوم النحر وثلاثة أيّام بعده، وفي غيره من البلدان ثلاثة أيّام: يوم النحر ويومان بعده. هذا في التطوّع ، فأمّا هدي المتعة فإنّه يجوز ذبحه طول ذي الحجّة، إلّا أن يكون بعد انقضاء هذه الأيّام قضاء، والتطوع يكون قد مضى وقته ولا قضاء فيه . (1) وقال ابن إدريس نحواً منه، إلّا أنّه رجّح كون هدي التمتّع طول ذي الحجّة أداءً؛ معلّلاً بأنّ ذي الحجّة بطوله من أشهر الحجّ ووقت للذبح الواجب . (2) ثمّ ظاهر المصنّف أنّ أيّام النحر بمنى ثلاثة أيّام: العيد ويومان بعده ، وفي الأمصار يوم واحد، فإنّه اكتفى في الباب بما يدلّ عليه من خبري[ كليب الأسدي ومحمّد بن مسلم]. (3) وحكاه في المنتهى (4) عن سعيد بن جبير وجابر بن زيد ، (5) والمشهور بين الأصحاب أنّها بمنى أربعة أيّام: العيد وأيّام التشريق، وفي الأمصار ثلاثة أيّام: يوم النحر ويومان بعده ، بل يظهر من المنتهى (6) وفاقهم على ذلك . واحتجّوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن الأضحى، كم هو بمنى؟ فقال : «أربعة أيّام »، وسألته عن الأضحى في غير منى ، فقال : «ثلاثة أيّام »، فقلت : فما تقول في رجل مسافر قدَم بعد الأضحى بيومين، ألَهُ أن يضحّي في اليوم الثالث؟ قال : «نعم ». (7) وفي الموثّق عن عمّار الساباطيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الأضحى بمنى ، فقال : «أربعة »، وعن الأضحى في سائر البلدان؟ فقال : «ثلاثة أيّام ». (8) وما رواه الجمهور عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «أيّام التشريق كلّها منحر ». (9) ويؤيّدها خبر غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام قال : «الأضحى ثلاثة أيّام، وأفضلها أوّلها» (10) بناءً على كون قوله عليه السلام ذلك في غير منى . وحمل الشيخ قدس سرهفي التهذيب ما رواه المصنّف من الخبرين على أيّام النحر التي لا يجوز فيها الصوم، فإنّها بمنى ثلاثة أيّام، وفي الأمصار يوم على ما معنى القول فيه مستشهدا بصحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال سمعته يقول: «النحر بمنى ثلاثة أيّام، فمَن أراد الصوم لم يصم حتّى تمضي الثلاثة الأيّام، والنحر بالأمصار يوم، فمَن أراد أن يصوم صام من الغد»، (11) وهو جمع وجيه . ويظهر ممّا ذكر من الأخبار عدم جواز ذبح هدي التمتّع ونحوه من الاُضحية، وهدي السياق في الحجّ قبل يوم النحر ، وقد ذهب إليه الأصحاب . وقد اختلفت العامّة في هدي التمتّع في مبدأ وقت النحر ومنتهاه ، ففي المنتهى (12) نسب إلى أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه: أنّ أوّل وقت ذبح الهدي يوم النحر ، وفي رواية اُخرى عن أحمد جواز نحره في شوّال بمكّة، إلّا أن يقدم في العشر، فإنّه لم ينحره حينئذٍ إلّا بمنى يوم النحر . وحكاه عن عطاء أيضا . وعن الشافعيّ جواز نحره بعد الإحرام بالحجّ قولاً واحداً، و أنّه قال فيما قبل ذلك: بعد حلّه من العمرة، احتمالان . (13) ونقل طاب ثراه عن بعضهم أنّ آخره آخر الشهر ، وعن آخرين أنّ آخره آخر اليوم الرابع ، وعن مالك أنّ آخره اليوم الثالث ، وعن بعض آخر أنّ آخره يوم النحر (14) وقال: واختلفوا في ليالي الأيّام هل تدخل مع الأيّام، فيجوز الذبح ليلاً ؟ المشهور عن مالك أنّها لا تدخل، وعليه جمهور أصحابه . وقيل : يجوز ، وبه قال الشافعيّ وأحمد وأبو حنيفة . (15)

.


1- . المبسوط، ج 1، ص 371 372.
2- . السرائر، ج 1، ص 595 .
3- . في الأصل مكانه بياض.
4- . منتهى المطلب، ج 2، ص 739.
5- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 390؛ المحلّى، ج 7، ص 377؛ عمدة القاري، ج 21، ص 148؛ المغني، ج 3، ص 454؛ الاستذكار، ج 5 ، ص 244؛ التمهيد، ج 23، ص 196.
6- . منتهى المطلب، ج 2، ص 739.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 202 203، ح 673 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 264، ح 930؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 91 92، ح 18675.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 203، ح 674 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 264، ح 931؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 92، ح 18676.
9- . السنن الكبرى، ج 5 ، ص 239؛ وج 9، ص 296؛ معرفة السنن والآثار، ج 4، ص 262؛ سنن الدارقطني، ج 4، ص 188، ح 4711. وفي الجميع: «أيّام التشريق كلّها ذبح».
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 203، ح 675 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 264، ح 932؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 92، ح 18678.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 203 204، ح 678 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 265، ح 935؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 93، ح 18679.
12- . منتهى المطلب، ج 2، ص 739.
13- . المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 504 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 244 245.
14- . بداية المجتهد، ج 1، ص 350؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 390.
15- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 391؛ المغني لابن قدامة، ج 11، ص 114؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 556 557 ؛ نيل الأوطار، ج 5 ، ص 217؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 13، ص 111.

ص: 393

. .

ص: 394

. .

ص: 395

باب أدنى ما يجزي من الهدي

باب أدنى ما يجزي من الهديالهدي ما يهدى إلى الحرم من النِّعم ، والهَديّ على فعيل مثله، وقد قرئ في قوله تعالى : «حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (1) بالتخفيف والتشديد معا ، والواحدة هديه وهَديّةٍ. (2) ويجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم ، قال اللّه تعالى : «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه ِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ» (3) ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين أهل العلم، وإنّما اختلفوا في الأفضل منها ، فالمشهور بين الأصحاب أنّه الإبل، ثمّ البقر، ثمّ الغنم . (4) واحتجّوا عليه بصحيحة زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام في المتمتّع، قال : «وعليه الهدي »، فقلت : وما الهدي؟ فقال : «أفضله بدنة، وأوسطه بقرة، وأخسّه شاة»، (5) ولأن ما كان أكثر لحما كان أنفع للفقراء . وفي المنتهى: «ولذلك أجزأت البدنة مكان سبعة من الغنم ». (6) ولما كان طيب اللحم في الغنم أنفع من كثرته مال طاب ثراه إلى تفصيل، فقال : «الإبل أفضل عند من اعتاد أكل لحمها، والشاة عند غيره، حيث نفي عنه البُعد ». أقول : وهو قويّ، لما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «الكبش أفضل من الجزور ». (7) وبذلك يجمع بينه وبين الصحيحة المتقدّمة . وحكى طاب ثراه عن محيي الدِّين البغوي أنّه قال : أفضل النِّعم عندنا الغنم، لما ورد أنّه عليه السلام ذبح كبشين، ولأنّ الكبش نزل فداء للذبيح عليه السلام . (8) واختلف في الذي يليه فقيل البقر ، وقيل الإبل ، وعن بعضهم، أنّ أفضلها الإبل معلّلاً بما ذكر من أنّها أكثر لحما وأعمّ نفعا ، (9) وردّه بما عرفت .

.


1- . البقرة (2): 196.
2- . صحاح اللغة، ج 6 ، ص 2533 (هدي).
3- . الحج (22) : 28 .
4- . الخلاف، ج 6 ، ص 43، المسألة 4؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 258، المسألة 596 ؛ الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 447، الدرس 113.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 36، ح 107؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 255، ح 14727؛ وج 14، ص 101، ح 18699.
6- . منتهى المطلب، ج 2، ص 740.
7- . الكافي، باب ما يستحبّ من الهدي وما يجوز منه وما لا يجوز، ح 8 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 110، ح 18735، وفيهما: «الكبش في أرضكم أفضل من الجزور».
8- . اُنظر: الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 533 ؛ الإنصاف للمرداوي، ج 4، ص 74؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 11، ص 98.
9- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 398.

ص: 396

باب من يجب عليه الهدي وأين يذبحه

باب من يجب عليه الهدي وأين يذبحهالمشهور بين أهل العلم وجوب الهدي على المتمتّع مطلقا ، قال اللّه تعالى : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» ، (1) والأخبار فيه متظافرة من طريق الأصحاب، وقد سبقت متفرّقة . وروي في المنتهى (2) عن ابن عمر أنّه قال : تمتّع الناس مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله بالعمرة إلى الحجّ، فلمّا قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال للناس : «مَن لم يكن له هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصّر، ثمّ ليهلّ بالحجّ ويهدي ، فمَن لم يجد الهدي فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله ». (3) وعن جابر أنّه قال : كنّا مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله نتمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها . (4) وقد سبق قول من الشيخ (5) باختصاص ذلك بالآفاقي بناءً على إرجاع ذلك في قوله عزّ وجلّ : «ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» ، وتكلّمنا عليه، وأجمعوا على أنّه لا يجب على المفرد؛ لأصالة العدم وعدم دليل بل يدلّ الدليل من الأخبار أيضا على عدمه ، وقد سبق . ويستفاد ذلك من خبر سعيد الأعرج (6) أيضا . وأجمع الأصحاب على أنّه لا يجب على القارن أيضا ابتداءً ، إلّا أن يجب القران عليه بنذر وشبهه، وإنّما يجب عليه بالسياق . واتّفق العامّة أيضا على عدم وجوبه ابتداءً كما عرفت إلّا أنّهم قالوا: إنّما يجب إذا قرن بين الحجّ والعمرة بنيّة واحدة بناءً على تفسيرهم القران بذلك. (7) ومحلّ هدي التمتّع منى، كما يدلّ عليه خبر إبراهيم الكرخيّ . (8) وفي المنتهى: «ذهب إليه علماؤنا، وقال أكثر الجمهور: إنّه مستحبّ، وإنّما الواجب نحره بالحرم . وقال بعض الشافعيّة : لو ذبحه في الحلّ وفرّقه في الحرم أجزأه. (9) وكذا محلّ هدي القران إن ساقه في إحرام الحجّ . ويدلّ عليه ما رواه المصنّف في الباب وصحيحة مسمع، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا دخل بهديه في العشر، فإن كان أشعره وقلّده فلا ينحره إلّا يوم النحر بمنى، وإن كان لم يشعره ولم يقلّده فلينحره بمكّة إذا قدم في العشر »، (10) وإن ساقه في إحرام العمرة فمحلّه مكّة، كموثّق شعيب العقرقوفيّ، (11) وقد سبق بعض الأخبار في ذلك ، وأمّا ما يجب للكفّارة فقد سبق القول فيه . قوله في خبر سعيد الأعرج : (حتّى يحضر الحجّ من قابل فعليه شاة ) إلخ . [ ح 1 / 7838] يستفاد من هذا الخبر اُمور : أحدها : جواز إيقاع عمرة التمتّع في سنة وحجّه في اُخرى ، ولم يقل به أحد ، وأظنّ أنّ لفظة «من قابل» من زيادات النسّاخ سهواً، فإنّ الشيخ روى هذا الخبر بعينه عن المصنّف بهذا السند مرّتين : مرّة في ذيل صفة التمتّع ، (12) واُخرى في باب الذبح، (13) وليس في شيء منهما هذه اللفظة . وثانيهما : عدم صحّة عمرة التمتّع في غير أشهر الحجّ وانقلابها إلى المفردة، وهو مجمع عليه إن فرغ منها قبل دخول أشهر الحجّ، والمشهور بين الأصحاب إن أتى بغير الإحرام فيها . وقال الشيخ في الخلاف : «إذا أتى بالإحرام في غير أشهر الحجّ وفعل بقيّة الأفعال في أشهر الحجّ لزمه دم التمتّع ، وبه قال أبو حنيفة ». (14) وثالثها : عدم استحباب الاُضحية في منى، وكأنّه لنفي تأكّد استحبابها؛ لكثرة اللحوم فيها وقلّة المحتاجين إليها . قوله في حسنة عبداللّه بن سنان : (أمّا لنفسه فلا يدعه ، وأمّا لعياله إن شاء تركه ) . [ ح 2 / 7839] قال طاب ثراه : يراد به الاستحباب المؤكّد لنفسه بالنسبة إلى عياله ، والاُضحية عندنا مستحبّة، (15) وكذا عند أكثر العامّة ، وأوجبها أبو حنيفة لمَن عنده نصاب . (16) وقال ابن حبيب - وهو من كبار أصحاب مالك -: من ترك الاُضحية أثم ، ولعلّه بنى على القول بتأثيم تارك السنن، كما هو المعروف عندهم ، وإن كان ظاهره الوجوب . قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (أنّ مكّة كلّها منحر ) . [ ح 6 / 7843] أي للاُضحية المستحبّة، ولما يلزم في إحرام العمرة، ولهدي السياق في العمرة .

.


1- . البقرة (2): 196.
2- . منتهى المطلب، ج 2، ص 734.
3- . المغني، ج 3، ص 498؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 409؛ مسند أحمد، ج 2، ص 139 140؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 181؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 49.
4- . صحيح مسلم، ج 4، ص 88 ؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 3، ص 59 ، ح 4483؛ مسند أبي يعلى، ج 4، ص 31، ح 2034؛ صحيح ابن خزيمة، ج 4، ص 288؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 9، ص 279.
5- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 307.
6- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 270، ح 14764؛ وج 14، ص 82 ، ح 18649.
7- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 234، المسألة 575 ؛ الخلاف، ج 2، ص 264 265، المسألة 30؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 190 191.
8- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 88 ، ح 18666.
9- . منتهى المطلب، ج 2، ص 738. ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 252. وانظر: المجموع ج 8 ، ص 190 191؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 225.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 237، ح 799؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 89 90، ح 18670.
11- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 202، ح 672 ، وص 483، ح 1717؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 88 ، ح 18668، وص 165، ح 18882.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 36، ح 108.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 199، ح 662 . ورواه أيضا في تفصيل فرائض الحجّ، ص 288، ح 980؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 82 ، ح 18649.
14- . الخلاف، ج 2، ص 270، والمذكور فيه هكذا: «... لايكون متمتّعا ولايلزمه دم، وللشافعي فيه قولان: أحدهما: لا يجب عليه الدم كما قلناه، والثاني: يلزمه دم التمتّع، وبه قال أبو حنيفة». وانظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 182؛ المغنى لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 500 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 241.
15- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 81 .
16- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 383 و 385؛ نيل الأوطار للشوكاني، ج 5 ، ص 198؛ شرح صحيح مسلم، ج 11، ص 110.

ص: 397

. .

ص: 398

. .

ص: 399

باب ما يستحبّ من الهدي ما يجوز منه وما لا يجوز

باب ما يستحبّ من الهدي ما يجوز منه وما لا يجوزللهدي صفات: منها : كونه من الأنعام الثلاثة ، وقد سبق . ومنها : السنّ ، فأجمع الأصحاب على أنّه لا يجزي في غير الضأن إلّا الثنّي ومن الضأن إلّا الجذع . (1) ويستفاد ذلك من مرسلة حمّاد بن عثمان، (2) وقد رواها الشيخ في الصحيح عنه ، (3) وخبر سلمة أبي حفص . (4) وما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم، عن أبي عبداللّه ، عن عليّ عليهماالسلامأنّه كان يقول : الثنيّة من الإبل، والثنيّة من البقر، والثنيّة من المعز، والجذعة من الضأن ». (5) وفي الصحيح عن ابن سنان، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «يجزي من الضأن الجذع، ولا يجزي من المعز إلّا الثنيّ ». (6) وقال طاب ثراه : يجزي الجذع من الضأن اختياراً، وهو مذهب أصحابنا وبعض العامّة . (7) ودلَّ عليه رواياتهم أيضا ، مثل ما رواه أبو هريرة، قال : سمعته يقول : «نعمت الاُضحية الجذع ». (8) وقال بعضهم : لا يجوز ذلك إلّا اضطراراً لقوله صلى الله عليه و آله : «لا تذبحوا إلّا مسنّة، إلّا أن يعسر عليكم فاذبحوا جذعة من الضأن ». (9) واُجيب بالحمل على الاستحباب . وقد اختلف في تفسير الثنيّ والجذع ؛ ففي المدارك : واعلم أنّ المشهور في كلام الأصحاب أنّ الثنيّ من الإبل ماكمل له خمس ستين و دخل في السادسة، ومن البقر والغنم مادخل في الثانية، وذكر العلاّمة في موضع من التذكرة (10) والمنتهى (11) أنّ الثنىّ من المعز ما دخل في الثانية ، (12) وهو مطابق لكلام أهل اللغة ، قال الجوهريّ : «الثنيّ الذي يلقى ثنيّته» (13) ويكون ذلك في الظلف والحافر في السنة الثالثة ، وفي الخفّ في السنة السادسة . وفي القاموس : الثنيّة الناقة الطاعنة في السادسة، والفرس الداخلة في الرابعة، والشاة في الثالثة كالبقرة . (14) وأمّا الجذع من الضأن فقال العلّامة في التذكرة والمنتهى : إنّه ما كمل له ستّة أشهر، (15) وهو موافق لكلام الجوهري ، وقيل : إنّه ما كمل له سبعة أشهر ودخل في الثامن . (16) وحكى في التذكره (17) عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : إنّ ولد الضأن إنّما يجذع ابن سبعة أشهر إذا كان أبواه شابّين، ولو كانا هرمين لم يجذع حتّى يستكمل ثمانية أشهر ، والتعويل على ذلك كلّه مشكل -إلى قوله -: وحيث ثبت إجزاء الثنيّ فينبغي الرجوع فيما يصدق عليه ذلك إلى العرف إن لم يثبت المعنى اللغوي، والأمر في هذه المسائل يلتبس، وطريق الاحتياط واضح . (18) انتهى . وحكى طاب ثراه عن القاضي القرطبيّ أنّه قال : اختلف في سنّ الجذع، فقيل: ابن ستّة أشهر، وقيل: ابن سبعة، وقيل: ابن ثمانية، وقيل: ابن عشرة، وقيل: ابن سنة كاملة، وهو المشهور . (19) وقال الداووديّ : الجذع ما قارب سقوط ثنيّته، وإذا سقطت فهو ثنيّ . وقال أبو عبيد : الجذع من الضأن ما دخل في السنة الثانية . انتهى . وقال ابن الأثير : أصل الجذع من أسنان الدوابّ، وهو ما كان منها شابّا فتيّا، فهو من الإبل ما دخل منها في السنة الخامسة ،ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية ، وقيل : البقر في الثالثة، ومن الضأن ما تمّت له سنة، وقيل: أقلّ منها . (20) وقد اختلفت العامّة في أقلّ ما يجزي من الهدي في السنّ ، فما ذهبنا إليه هو المشهور بينهم ، ففي المنتهى: وبه قال مالك والليث والشافعيّ وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي ، وقال ابن عمر والزهريّ : لا يجزي إلّا الثنيّ من كلّ شيء . وقال عطاء والأوزاعي : يجزي الجذع من الكلّ إلّا المعز . (21) ومنها: أن يكون تامّا غير مهزولة، فلا يجزي العوراء، ولا العرجاء البيّن عرجها، ولا المريضة البيّن مرضها، ولا الكسيرة الهرمة التي لا تنقى بضمّ التاء وسكون النون من أنقَت الإبل إذا سمنت، والنقي بالكسر والسكون: مخّ العظم وشحم العين من السمن . (22) ولا التي انكسر قرنها الداخل، ولا المقطوعة الاُذن، ولا الخصيّ، ولا المهزولة وهي التي ليس على كليتيها شحم . والظاهر وفاق أهل العلم على ذلك كلّه، إلّا ما سيحكى في الخصيّ . ويدلّ عليه من الأخبار زائداً على ما رواه المصنّف قدس سره ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام ، أنّه سأله عن الرجل يشتري الاُضحية عوراء، فلا يعلم إلّا بعد شرائها، هل تجزي عنه؟ قال : «نعم ، إلّا أن يكون هديا واجبا، فإنّه لا يجوز ناقصا ». (23) وعن السكونيّ عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: «لا يضحىّ بالعرجاء بينّ عرجها، ولابالعوراء بيّن عورها، ولا بالعجفاء (24) ولا بالخرماء، (25) ولا بالعضباء (26) ولا بالجذّاء (27) ». (28) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام ، أنّه سئل عن الاُضحية، فقال : «أقرن فحل سمين، عظيم العين والاُذن، والجذع من الضأن يجزي، والثنيّ من المعز، والفحل من الضأن خير من الموجوء، والموجوء خير من النعجة، والنعجة خير من المعزّ »، وقال : «إن اشترى اُضحية وهو ينوي أنّها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت عنه، وإن نواها مهزولة فخرجت مهزولة لم تجزِ عنه ». وقال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم سمين فحل، يأكل في سواد، وينظر في سواد ، فإذا لم يجدوا من ذلك شيئا فاللّه أولى بالعذر ». وقال : «الإناث والذكور من الإبل والبقر تجزي ». وسألته : أيضحّي بالخصيّ؟ قال : «لا ». (29) وفي الصحيح عن جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في المقطوع القرن أو المكسور القرن : «إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس وإن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا ». (30) وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن الاُضحية بالخصيّ، قال :« لا ». (31) وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يشتري الهدي، فلمّا ذبحه إذا هو خصيّ مجبوب، ولم يكن يعلم أنّ الخصي لا يجوز في الهدي، هل يجزيه أم يعيده؟ قال : «لا يجزيه، إلّا أن يكون لا قوّة به عليه ». (32) وفي صحيحه الآخر، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الكبش، فيجده خصيّا مجبوبا ، قال : «إن كان صاحبه موسراً فليشتر مكانه ». (33) وعن شريح بن هاني، عن عليّ صلوات اللّه عليه، قال : «أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الأضاحي أن نستشرف العين والاُذن، ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمقابَلَة والمدابرة ». (34) وفي المنتهى : وروى الجمهور عن عليّ عليه السلام قال : «أمرنا أن نستشرف العين والاُذن، ولا نضحّي بمقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء ». قال زهير : قلت لأبي إسحاق : ما المقابلة؟ قال : يقطع طرف الأذن ، قلت : فما المدابرة؟ قال : يقطع من مؤخّر الاُذن ، قلت : فما الخرقاء؟ قال : يشقّ الاُذن ، قلت : فما الشرقاء؟ قال : يشقّ اُذنها للسِّمة . (35) وظاهر الأكثر عدم إجزاء العوراء مطلقا ولو لم يكن عورها بيّنا بانخساف العين وذهاب شحمتها . وبه صرّح العلّامة في المنتهى حيث قال : «العوراء لو لم تنخسف عينها وكان على عينها بياض فالوجه المنع من الإجزاء؛ لعموم الخبر، والانخساف ليس بمعتبر ». (36) وأراد بالخبر ما تقدّم من صحيحة عليّ بن جعفر، (37) وخبر السكونيّ (38) يشعر باعتبار ظهور العور، وهو ظاهر الصدوق رضى الله عنهحيث اكتفى في الفقيه بذكر هذا الخبر، فقد قال : وقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا يضحّى بعرجاء بيّن عرجها، ولا بالعوراء بيّن عورها، ولا بالعجفاء، ولا بالجرباء، ولا بالجدعاء، ولا بالعضباء، وهي المكسورة القرن، والجدعاء: المقطوعة الاُذن ». (39) وفي المنتهى : وروى البراء بن عازب، قال : قام فينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال : «أربع لا يجوز في الأضحى : العور البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن عرجها، والكسيرة التي لا تُنقى »، قال : قلت : إنّي أكره أن يكون في السن نقص، قال : «ما كرهت فدعه ولا تحرّمه على أحد ». (40) ويؤيّدها أنّ أكثر العيوب المذكورة إنّما تمنع لنقصان أو فساد في اللحم والشحم، والعوراء ما لم تنخسف عينها لا نقص فيها ولا فساد، وبذلك أشار في المنتهى حيث قال بعدما ذكر_: ومعنى قوله : «البيّن عورها» أي التي انخسفت عينها وذهبت شحمتها، فإنّ ذلك ينقصها؛ لأنّ شحمة العين عضو يستطاب أكله ، «والعرجاء البيّن عرجها» التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهنّ في العلف والرعي فهزل، و«التي لا تُنقى» هي التي لا مُخّ لها لهزالها، لأنّ النقي بالنون المكسورة والقاف المسكّنة: مخّ العظم ، و«المريضة» قيل: هي الجرباء؛ لأنّ الجرب يفسد اللحم ، والأقرب اعتبار كلّ مرض يؤثّر في هزالها وفي فساد لحمها . (41) انتهى . وربما ألحق بالعوراء العمياء ولم يعتبروا مع العمى انخساف العين إجماعا، لأنّه يخلّ بالمشي مع الغنم والمشاركة في العلف أكثر من إخلال العرج ، فيحصل الهزال بمجرّد العمى ، وكذا ظاهر الأخبار والفتاوى عدم إجزاء مقطوعة القرن الداخل مطلقا وإن بقي أكثره . (42) وقال الصدوق رضى الله عنه : سمعت شيخنا محمّد بن الحسن رضى الله عنه يقول : إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه وبقي ثلثه فلا بأس بأن يضحّي به . (43) وأمّا مشقوقة الاُذن أو مثقوبتها فلا بأس بها؛ لما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سئل عن الأضاحي إذا كانت الاُذن مشقوقة أو مثقوبة بسِمَة فقال : «ما لم تكن مقطوعة فلا بأس ». (44) والنهي عن الخرقاء والشرقاء فيما ذكر للكراهة؛ للجمع ، والمراد بالخصيّ إنّما هو المجبوب والذي قطعت خصيتاه، كما هو المصرّح فيما ذكر من الصحيحتين، (45) والأقوى أنّ الذي سُلّت بيضتاه في حكم الخصيّ؛ لإطلاق الخصيّ عليه، وقد وقع الخصيّ مطلقا في بعض الأخبار من غير تقييد بالمجبوب . وأمّا الموجوء وهو مرضوض الخصيتين حتّى يفسد فقد قطع الأصحاب بكراهة التضحية به وإن صدق عليه اسم الخصي محتجّين عليه بخبر أبي بصير (46) وحسنة معاوية بن عمّار، (47) وبما مرّ في صحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلاممن قوله عليه السلام : «والفحل من الضان خير من الموجوء، والموجوء خيرٌ من النعجة، والنعجة خير من المعز ». (48) وبما رواه الجمهور أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله ضحّى بكبشين أملحين موجوءين . (49) وقد حكى في المختلف عن ابن أبي عقيل كراهية التضحية بالخصيّ مطلقا محتجّا بقوله تعالى : «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْىِ» ، (50) وبأنّه أنفع للفقراء . (51) ويؤيّد ما ذكره استلزام أفعل التفضيل ثبوت أصل الخير في خبر أبي بصير، (52) وصحيحة الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصيّ من الضأن »، وقال : «الكبش السمين خير من الخصيّ ». (53) وعن بعض العامّة إجزاؤه من غير حكاية كراهية . (54) وحكى طاب ثراه عن أبي عبداللّه الآبي أنّه قال : واختلف في فحل كلّ صنف منها مع خصيّه ، والمشهور أنّ الفحل أفضل . وقيل : هما سيّان ، وقيل : سمين الفحل أحبّ إليَّ من سمين الخصيّ، وسمين الخصيّ أحبّ إليّ من هزيل الفحل . (55) هذا ، ولو ظهرت هذه العيوب بعد الذبح فهل يجزي أم لا؟ المشهور بين الأصحاب أنّ ما كان من عيب ظاهر كالعور والعرج ونحوهما فلا يجزي، بل يجب عليه هدي آخر ، وما كان خفيّا كالهزال فمعفوّ . ويدلّ على الثاني قوله عليه السلام : «إن اشترى اُضحية وهو ينوي أنّها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت عنه» في صحيحة محمّد بن مسلم المشار إليه . (56) وما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «وإن اشترى الرجل هديا وهو يرى أنّه سمين أجزأ عنه وإن لم يجده سمينا، ومَن اشترى هديا وهو يرى أنّه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه، وإن اشتراه وهو يعلم أنّه مهزول لم يجز عنه ». (57) ويؤيّد هما عدم تقصيره فيه؛ لخفاء ذلك العيب. لا يقال: يدلّ خبر الفضيل (58) على عدم إجزائه ، لأنّا نقول: هو مع ضعفه؛ لجهالة ياسين الضرير مضمر، والضمير في قوله: «لأتيته» كما يحتمل أبا جعفر وأبا عبداللّه عليهماالسلاميحتمل غيرهما. على أنّ دلالته إنّما هي بالمفهوم وحجّيّته إنّما تسلم فيما لم يعارضه المنطوق ، بل قد قيل بالإجزاء فيما إذا ظهر الهزال قبل الذبح أيضا على ما حكى في المدارك . (59) وأمّا الأوّل فلم أجد نصّا صريحا عليه . نعم ، روى الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام ، أنّه سأله عن الرجل يشتري الاُضحية عوراء، فلا يعلم إلّا بعد شرائها، هل يجزي عنه؟ قال : «نعم ، إلّا أن يكون هديا واجبا، فإنّه لا يجوز ناقصا ». (60) وظاهره ظهور ذلك قبل الذبح . ويظهر من بعض الأخبار تفصيل آخر، وهو الفرق بين ما إذا ظهر العيب مطلقا قبل نقد الثمن وبعده، وعدم إجزائه في الأوّل و إجزاؤه في الثاني ولو كان ذلك قبل الذبح، حيث قال عليه السلام فيما رواه المصنّف من حسنة معاوية بن عمّار : «إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه، وإن لم يكن نقد ثمنه ردّه واشترى غيره ». (61) وروى الشيخ في الصحيح عن عمران الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «من اشترى هديا ولم يعلم به أنّ به عيبا حتّى نقد ثمنه ثمّ علم به بعدما نقد الثمن أجزأه ». (62) ويؤيّدهما عموم ما سبق ممّا دلّ على إجزاء المهزول إذا ظهر الهزال بعد الشراء، لشمولها لما إذا ظهر ذلك قبل الذبح أيضا . وإليه ذهب الشيخ قدس سرهفي التهذيب حيث قال : «ومَن اشترى هديه ولم يعلم أنّ به عيبا ونقد ثمنه، ثمّ وجد به عيبا فإنّه قد أجزأ عنه ». (63) ولولا صحيحة عليّ بن جعفر المتقدِّمة (64) لكان القول بهذا التفصيل في غاية القوّة. والجمع بين الأخبار يقتضي تفصيلاً آخر بالفرق بين العيوب الظاهرة والخفيّة، لكن بالقول بعدم إجزائه فيما لو ظهر الأوّل بعد الشراء قبل الذبح، سواء نقد ثمنه أم لا، و اجزاؤه فيما لو ظهر الثاني بعد نقد الثمن ولو قبل الذبح . هذا إذا اشتراه على ظنّ التمام ، وأمّا لو اشتراه على النقص فلو اشتراه على ظنّ الهزال وظهر أيضا ذلك لم يجزِ مطلقا، أي سواء ظهر قبل الذبح أو بعده ؛ لعدم الامتثال؛ ولحسنة الحلبي (65) وصحيحة عيص بن القاسم، (66) ولو خرج سمينا أجزأ إجماعا لو ظهر السمن قبل الذبح ، وعلى المشهور إذا ظهر بعده، لشمول وجدان السّمن في الخبرين، وفي قوله عليه السلام : «ومن اشترى هديا وهو يرى أنّه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه» في صحيحة منصور المتقدّمة (67) لذلك . وعن ابن أبي عقيل عدم الإجزاء في هذه الصورة محتجّا بعدم جواز ذبح ما اعتقده مهزولاً، فلا يمكن التقرّب . واُجيب بمنع الصغرى مستنداً بأنّ غاية ما يستفاد من الأدلّة عدم إجزاء المهزول لا تحريم ذبحه ، (68) وأمّا باقي العيوب فلم أجد نصّا عليه هنا، والظاهر مساواتها للهزال إلّا في الشقّ الأخير ، فتدبّر . هذا ، ولو تعيّب بعد الشراء فإطلاق الأكثر يقتضي عدم الإجزاء ووجوب الإبدال، لكنّ صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل أهدى هديا وهو سمين، فأصابه مرض وانفقأت عينه وانكسر، فبلغ المنحر وهو حيّ، فقال : «يذبحه وقد أجزأ عنه ». (69) وهي صريحة في الإجزاء من غير معارض خاصّ، فلا يبعد القول به ، وهو ظاهر الشهيد في الدروس حيث قال : «ولوتعيّب بعد شرائه أجزأ في رواية معاوية ». (70) وللهدي صفات اُخرى يستحبّ كونه عليها ؛ منها : الاُنوثة في الإبل والبقر، والذكورة في غيرهما ، وبه صرّح الأصحاب ، بل يظهر من المنتهى إجماع الفريقين عليه حيث قال : والإناث من الإبل والبقر أفضل من الذكران، ومن الضأن والمعز الذكران أفضل ، ولا نعلم خلافا في جواز العكس في البابين إلّا ما روي عن ابن عمر أنّه قال : ما رأيت أحداً فاعلاً ذلك، والاُنثى أحبّ إليَّ . (71) وهذا أيضا يدلّ على موافقتنا؛ لأنّه لم يصرّح بالمنع من الذكران . (72) انتهى . لكن حكى طاب ثراه عن أبي عبداللّه الآبي من العامّة أنّه قال : وفي أفضليّة ذكر كلّ صنف على اُنثاه أو مساواته لها روايتان . ويدلّ على الأوّل حسنة الحلبيّ، (73) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر، وقد يجزي الذكورة من البدن والضحايا من الغنم الفحولة ». (74) وفي الصحيح عن أبي بصير، قال : سألته عن الأضاحي ، فقال : «أفضل الأضاحي في الحجّ الإبل »، وقال : «ذوو الأرحام ». (75) وفي الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجدوا الإناث ، والإناث أفضل ». (76) ويؤيّد جواز العكس في الإبل عموم قوله تعالى : «وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ» (77) ، وقوله عليه السلام في صحيحة محمّد بن مسلم : «الإناث والذكر من الإبل والبقر يجزي ». (78) وما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أهدى جملاً كان لأبي جهل في أنفه بُرَة (79) من فضّة يغيظ بذلك المشركين . (80) وعلى الثاني مرسلة حمّاد بن عثمان؛ (81) لدلالة لفظ الجذع بدون التاء واللقاح على كونه ذكراً كما أفاده طاب ثراه . ومرسلة الحلبيّ (82) وخبر أبي بصير (83) وحسنة معاوية بن عمّار ، (84) وإنّما حملت هذه على الندب؛ للإجماع، ولما ثبت في الإبل بضميمة عدم القول بالفصل . ومنها : أن يكون سمينا زائداً على ما يقابل المهزول، ويعبّر عنه بكونه: ينظر في سواد، ويبرك في سواد، ويمشي في سواد، على ما قيل: من أنّ المراد بالسواد في المواضع الثلاثة الخضرة ، وأنّ المراد رعيه فيها، أو أنّ المراد نظره وبروكه ومشيه في نفسه . (85) وأمّا على ما رجّحه ابن إدريس (86) من أنّ المراد أن تكون هذه المواضع الثلاثة منه سواده فهذه وصف زائد على السمن . وعن الراونديّ: أنّ التفاسير الثلاثة مرويّة عن أهل البيت عليهم السلام ، (87) واستحبابه هو المشهور بين الأصحاب محتجّين عليه بمرسلة الحلبيّ، (88) وما رويناه من صحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام ، (89) وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يضحّي بكبش أقرن فحل، ينظر في سواد، ويمشي في سواد ». (90) وعن الحسن بن عمارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «ضحّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله بكبش أجدع أملح فحل سمين ». (91) ويؤيّدها ما رواه مسلم عن عائشة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد . (92) وقال العلّامة في المختلف : «وكلام ابن حمزة (93) يشعر بوجوبه ». (94) وحكى عنه الاحتجاج عليه بصحيحة عبداللّه بن سنان ؛ لدلالتها على مداومة النبيّ صلى الله عليه و آله بذلك ، فيكون واجبا . وأجاب عنه: أوّلاً بالمنع من دلالة «كان» على المداومة ، ثمّ بمنع دلالة مداومته على ذلك بوجه، فإنّه صلى الله عليه و آله كان مداوما على المندوب أيضا . ومنها : كونه ممّا عرِّف به، أي اُحضِر عشية عرفة بها، واستحبابه هو المشهور بين الأصحاب؛ (95) للجمع بين خبر أبي بصير عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا يضحّي إلّا بما قد عرِّف به ». (96) وصحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال : سُئل عن الخصيّ يضحّى به؟ فقال : «إن كنتم تريدون اللّحم فدونكم ». وقال : «لا يضحّى إلّا بما قد عرِّف به »؛ (97) وبين رواية سعيد بن يسار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عمّن اشترى شاة لم يعرِّف بها؟ فقال : «لا بأس بها عرِّف بها أم لم يعرّف» . (98) وذهب الشيخ في التهذيب (99) والمبسوط (100) إلى وجوب ذلك . واحتجّ عليه في الأوّل بالخبرين الأوّلين، ثمّ عارضهما بخبر سعيد بن يسار . (101) وأجاب بأنّه محمول على أنّه إذا لم يعرِّف بها المشتري، وذكر البائع أنّه قد عرّف بها، فإنّه يصدّقه في ذلك ويجزي عنه ، واستشهد له بصحيحة سعيد بن يسار، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّا نشتري الغنم بمنى، ولسنا ندري عرّف بها أم لا؟ فقال :«إنّهم لا يكذبون ، لا عليك ضحِّ بها ». (102) وهو محكي في المنتهى عن ابن عمر وسعيد بن جبير ، (103) وحكاه في المدارك (104) عن مقنعة المفيد ، وعن المنتهى: أنّه أوّله بتأكّد الاستحباب، (105) حيث قال : وقال المفيد في المقنعة : «لا يجوز أن يضحّى إلّا بما قد عرّف به ، وهو الذي اُحضر عشيّة عرفة بعرفه »، وظاهره أنّ ذلك على سبيل الوجوب ، لكن قال في المنتهى : إنّ الظاهر أنّه أراد به تأكّد الاستحباب . (106) وأظنّ أنّ هذا سهو منه ، فإنّ المقنعة خالية عن هذه الصفة ، والعلّامة أيضا في المنتهى لم ينسبه إلى المفيد، بل إنّما نسبه إلى الشيخ، فقال : وقول الشيخ: ولا يجوز أن يضحّى إلّا بما قد عرّف به، (107) الظاهر أنّه أراد به شدّة تأكيد الاستحباب ، (108) فتأمّل . قوله في خبر سلمة أبي حفص : (كان عليّ عليه السلام يكره التشريم في الاذن والخرم ) . [ ح 7 / 7850] قال الجوهريّ : التشريم : التشقيق . (109) وفي النهاية : أصل الخرم: الثقب والشقّ ، والأخرم: المثقوب الاُذن ، والذي قطعت وترة أنفه أو طرفه شيئا لا يبلغ الجدع، وقد انخرم ثقبه ؛ أي انشقّ ، فإذا لم ينشقّ فهو أخرم ، والاُنثى خرماء . (110) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (فقال إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه، وإن لم يكن نقد ثمنه ردّه ) الخ .[ ح 9 / 7852] هذه الرواية على ما أشرنا إليه مطابقة لصحيحة عمران الحلبيّ، وتدلّان على ما ذهب إليه الشيخ من التفصيل الذي حكيناه عنه . والشيخ في التهذيب احتجّ عليه بصحيحة عمران، (111) ثمّ عارضها بهذه الحسنة بهذا السند ، وقد رواها بتغيير وإسقاط، حيث قال بعدما ذكر خبر الحلبيّ : ولا ينافي هذا الخبر ما رواه محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل اشترى هديا وكان به عيب عور أو غيره، فقال :«إن كان قد نقد ثمنه ردّه واشترى غيره »؛ لأنّ هذا الخبر محمول على مَن اشترى هديا ولم يعلم أنّ به عيبا، ثمّ علم قبل أن ينقد الثمن عيبه، ثمّ نقد الثمن بعد ذلك، فإنّ عليه ردّ الهدي وأن يستردّ الثمن ويشتري بدله ، فلا تنافي بين الخبرين. (112) وكأنّه قد وقع سقط في النسخة التي نقل عنها من الكافي . والوجاء: أن تُرَضّ انثيا الفحل رضّا شديداً يُذهب شهوة الجماع ، وقيل : هو أن توجأ العروق والخصيان بحالهما . (113) قوله في خبر السكونيّ : (ولا بالخرقاء ولا بالجذّاء ولا بالعضباء ) .[ ح 12 / 7855] الخرقاء: بالخاء المعجمة والراء المهملة التي في اُذنها ثقب مستدير من الخُرق الشقّ . (114) وفي التهذيب : (115) الخرماء بالميم: بدلها، وهي أيضا بمعناها (116) على ما عرفت . والجذّاء: المقطوعة الاُذن من الجَذّ القطع ، (117) وناقة عضباء، أي مشقوقة الاُذن ، (118) والأعضب القرن: هو المكسور القرن على ما في النهاية . (119) وحكى الجوهري عن أبي زيد أنّ العضباء: هي الشاة المكسورة القرن الداخل،وهو المُشاش، ويقال: هي التي يكسر أحد قرنيها . (120)

.


1- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 311، المسألة 641 ؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 28 29.
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 206، ح 690؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 103 104، ح 18709.
4- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 105، ح 18714.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 206، ح 688 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 95، ح 18685، وص 103، ح 18706.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 206، ح 689 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 103، ح 18707.
7- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 393 394.
8- . مسند أحمد، ج 2، ص 445؛ سنن الترمذي، ج 3، ص 29، ح 1534؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 9، ص 271.
9- . مسند أحمد، ج 3، ص 312 و 327؛ صحيح مسلم، ج 6 ، ص 77؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1049، ح 3141؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 639 ، ح 2797؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 229 و 231؛ وج 9، ص 269؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 3، ص 56 ، ح 4468. وفي الجميع: «فتذبحوا جذعة من الضأن».
10- . تذكرة الفقهاء، ج 8، ص 259.
11- . منتهى المطلب، ج 1، ص 491.
12- . في الأصل: «الثالثة» والمثبت من المصدر.
13- . صحاح اللغة، ج 5 ، ص 2140.
14- . القاموس المحيط، ج 4، ص 311.
15- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 259؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 740.
16- . جامع المقاصد، ج 3، ص 241؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 298؛ مجمع الفائدة والبرهان، ج 4، ص 77.
17- . تذكرة الفقهاء، ج 5 ، ص 107، المسألة 57 .
18- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 28 30.
19- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 13، ص 118.
20- . النهاية، ج 1، ص 250 (جذع).
21- . منتهى المطلب، ج 2، ص 740. اُنظر: المحلّى، ج 7، ص 365؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 394؛ المغني، ج 3، ص 581 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 349.
22- . صحاح اللغة، ج 6، ص 2515 (نقي).
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 213 214، ح 719؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 130، ح 18792.
24- . العجفاء: المهزولة، والذكر: أعجف، والجمع: عجاف بالكسر على غير قياس. مجمع البحرين، ج 5 ، ص 92 (عجف).
25- . الخرماء: هي التي تقطع وترة أنفها أوطرف أنفها قطعا. مجمع البحرين، ج 1، ص 639 (خرم).
26- . العضباء: الشاة المكسورة القرن الداخل، وهو المُشاش. ويقال: هي التي انكسر أحد قرنيها، وقد عضبت بالكسر. الصحاح، ج 1 ص 184 (عضب).
27- . الجذّاء: وهي المقطوعة الاُذن. مجمع البحرين، ج 1، ص 355 (جذذ).
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 213، ح 716؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 126، ح 18781.
29- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 205، ح 686 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 109، ح 18730.
30- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 213، ح 717؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 128، ح 18787.
31- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 211، ح 707؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 106، ح 18719.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 211، ح 708؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 106 107، ح 18720.
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 211، ح 709؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 107، ح 18721.
34- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 212 213، ح 715؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 125 126، ح 18780.
35- . منتهى المطلب، ج 2، ص 741. والحديث في مسند أحمد، ج 1، ص 108 و 149؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 641 ، ح 2804.
36- . منتهى المطلب، ج 2، ص 740.
37- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 130، ح 18792.
38- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 126، ح 18781.
39- . الفقيه، ج 2، ص 490، ح 3048. ونحوه رواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 213، ح 716؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 126، ح 18781.
40- . منتهى المطلب، ج 2، ص 740. والحديث في مسند أحمد، ج 4، ص 284 و 289؛ سنن الدارمي، ج 2، ص 77؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1050 1051، ح 3144؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 640 ، ح 2802؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 3، ص 54 ، ح 4460؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 242؛ وج 9، ص 274.
41- . منتهى المطلب، ج 2، ص 740.
42- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 261؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 288؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 741؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 32.
43- . الفقيه، ج 2، ص 496 497، ذيل الحديث 3062.
44- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 213، ح 718؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 129، ح 18788، وفيهما: «ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس».
45- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 106 107، ح 18720 و 18721.
46- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 112، ح 18740.
47- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 130، ح 18791.
48- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 205، ح 686 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 111، ح 18738.
49- . المغني، ج 3، ص 584 ؛ مسند أبي يعلى، ج 3، ص 327، ح 1792.
50- . البقرة (2): 196.
51- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 282.
52- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي.
53- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 206، ح 687 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 107، ح 18722.
54- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 263؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 361؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 577 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 533 .
55- . لم أعثر عليه.
56- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 113، ح 18742.
57- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 211، ح 712؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 113، ح 18743.
58- . الحديث 16 من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 212، ح 714؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 113 114، ح 18744.
59- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 36. وانظر مسالك الأفهام، ج 2، ص 300.
60- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 213 214، ح 719؛ الاستبصار، ج 2، ص 268، ح 952؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 130، ح 18792.
61- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 130، ح 18791.
62- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 214، ح 720؛ الاستبصار، ج 2، ص 269، ح 953؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 130 131، ح 18793.
63- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 214، بعد الحديث 719.
64- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 130، ح 18792.
65- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 114، ح 18746.
66- . الحديث 15 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 114 115، ح 18747.
67- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 113، ح 18743.
68- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 283؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 36.
69- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 216، ح 728؛ الاستبصار، ج 2، ص 270 271، ح 959؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 135، ح 18804.
70- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 442، الدرس 111.
71- . المصنّف لابن أبي شيبة، ج 4، ص 321، الباب 167، ح 3؛ المغني، ج 3، ص 576 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 532 .
72- . منتهى المطلب، ج 2، ص 742؛ ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 266، المسألة 603 .
73- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
74- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 204، ح 680 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 98، ح 18690.
75- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 204، ح 682 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 95 96، ح 18686.
76- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 205، ح 683 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 98، ح 18691.
77- . الحج (22) : 36 .
78- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 98، ح 18692.
79- . البُرة: حلقة تجعل في لحم الأنف ، وربّما كانت من شعر .
80- . السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 185 و 230؛ الاستذكار، ج 4، ص 239.
81- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 103، ح 18709.
82- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 110، ح 18733.
83- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 112، ح 18740.
84- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 108، ح 18724.
85- . اُنظر: النهاية، ج 2، ص 419 (سود)؛ الفائق، ج 2، ص 167.
86- . السرائر، ج 1، ص 596 .
87- . حكاه عنه الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 439.
88- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 110، ح 18733.
89- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 109، ح 18730.
90- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 205، ح 685 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 109، ح 18729.
91- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 205، ح 684 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 109 110، ح 18732.
92- . صحيح مسلم، ج 6 ، ص 78، ورواه أحمد في مسنده، ج 6 ، ص 78، وأبو داود في سننه، ج 1، ص 638 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى، ج 9، ص 267 و 272 و 286.
93- . الوسيلة، ص 182.
94- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 283.
95- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 267.
96- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 206 207، ح 691 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 265، ح 936؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 116، ح 18751.
97- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 207، ح 692؛ الاستبصار، ج 2، ص 265، ح 937؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 115، ح 18750.
98- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 207، ح 693 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 265، ح 938؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 116، ح 18753.
99- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 206، ذيل الحديث 690 .
100- . المبسوط، ج 1، ص 373.
101- . تهذيب الأحكام، ج 5، ص 207، ح 693؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 116، ح 18753.
102- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 207، ح 694 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 116، ح 18752.
103- . منتهى المطلب، ج 2، ص 742؛ ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 267.
104- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 39؛ ولم أعثر عليه في المقنعة ؛ وهو موجود في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 206.
105- . منتهى المطلب، ج 2، ص 742.
106- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 39.
107- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 206، ذيل الحديث 690 .
108- . منتهى المطلب، ج 2، ص 742.
109- . صحاح اللغة، ج 5 ، ص 1959 (شرم).
110- . النهاية، ج 2، ص 27 (خرم).
111- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 214، ح 720؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 130 131، ح 18793.
112- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 214، ح 721.
113- . النهاية، ج 5 ، ص 152 (وجاء).
114- . النهاية، ج 2، ص 26 (خرق).
115- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 213، ح 716.
116- . القاموس المحيط، ج 4، ص 104.
117- . مجمع البحرين، ج 1، ص 355 (جذذ).
118- . صحاح اللغة، ج 1، ص 184 (عضب).
119- . النهاية، ج 3، ص 251 (عضب).
120- . صحاح اللغة، ج 1، ص 183 184 (عضب).

ص: 400

. .

ص: 401

. .

ص: 402

. .

ص: 403

. .

ص: 404

. .

ص: 405

. .

ص: 406

. .

ص: 407

. .

ص: 408

. .

ص: 409

. .

ص: 410

. .

ص: 411

. .

ص: 412

. .

ص: 413

. .

ص: 414

. .

ص: 415

باب الهدي يُنتَج أيُحْلَب أو يُرْكَب

باب الهدي يُنتَج أيُحْلَب أو يُرْكَبقد أطلق الأكثر جواز ركوب الهدي وشرب لبنه، ما لم يضرّا به ولا بولده، من غير تقييد للهدي بالواجب المعيّن ولا بالمضمون ، وهو مقتضى إطلاق أخبار الباب ، ومثلها ما رواه في المنتهى (1) عن الجمهور أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «اركبها بالمعروف إذا الجئت إليها ». (2) وعن أبي هريرة وأنس: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله رأى رجلاً يسوق بدنة فقال : «اركبها »، فقال : يارسول اللّه ، إنّها بدنة ، فقال : «اركبها ». (3) وحكى في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال : «ولا بأس أن يشرب من لبن هديه ، ولا يختار ذلك في المضمون، فإن فعل غرم قيمة ما شرب من لبنها لمساكين الحرم ». (4) ونفى عنه البأس . وفي المنتهى في إحدى الروايتين عن أحمد: أنّه لا يجوز ركوب الهدي مطلقا. (5) ويردّه ما ذكر . قوله في صحيحة أبي الصباح : (حلبها حلابا لا ينهكها ) . [ ح 1 / 7861] قال ابن الأثير : يقال: نهكتُ الناقة حلبا أنهكُها، إذا لم يُبقِ في ضرعها لبنا . (6)

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 751.
2- . مسند أحمد، ج 3، ص 317 و 324 و 325؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 92؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 395، ح 1761؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 236.
3- . مسند أحمد، ج 2، ص 245 و 254 و 478 و 481 و 487؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 180 و 181 و 184؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 91؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1036، ح 3103؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 395، ح 1760؛ سنن البيهقي، ج 5 ، ص 236؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 364، ح 3781، كلّهم عن أبي هريرة. وأما حديث أنس ففي: مسند أحمد، ج 3، ص 106 و 170 و 275؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 180 181؛ وج 3، ص 191؛ وج 7، ص 110؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1036، ح 3104؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 197، ح 913.
4- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 292.
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 751. وانظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 293؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 563.
6- . النهاية، ج 5 ، ص 137 (نهك).

ص: 416

باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محلّه والأكل منه

باب الهدي يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محلّه والأكل منهقال ابن الأثير : وفيه ذكر عَطَبِ الهدي، وهو هلاكه ، وقد يعبّر به عن آفة تعتريه تمنعه عن السير ، (1) وأراد قدس سرههنا المعنيين بقرينة أخبار الباب، وأراد بالهلاك الضلال، وهو الشائع فيه . واعلم أنّ الهدي في المشهور على ثلاثة أنواع : أحدها : التطوّع، كما لو خرج حاجّا أو معتمراً فساق معه هديا لينحره بمنى أو بمكّة من غير أن يشعره أو يقلّده، وهو باق على ملك صاحبه يتصرّف فيه كيف شاء، وكذا ولده الذي تولّد بعد سياقه ، وهو غير مضمون عليه، ولا يجب البدل عليه مع تلفه . وثانيها : الواجب الغير المعيّن المتعلّق بالذمّة، كهدي التمتّع ودماء الكفّارات والنذر المطلق، وهو مضمون عليه، لا يخرج عن عهدته ما لم يبلغ محلّه، ولا يتعيّن بالتعيين، فلم يخرج ما عيّنه عن ملكه، وإن تلف أو ضلّ وجب عليه بدله؛ لتعلّق الحقّ بذمّته لا بعين ما ساقه، إلّا أن يذبحه أو ينحره فيخرج عن ملكه حينئذٍ . وثالثها : الواجب المعيّن، كما لو ساق هديا مع إشعاره أو تقليده ، وكالمنذور الخاصّ بأن ينذر أن يذبح أو ينحر هديا مخصوصا بمكّة أو منى، وهذا غير مضمون عليه خارج عن ملكه، ولا يجوز له التصرّف فيه إلّا بالركوب عليه وشرب لبنه على ما مرّ، وأمانة في يده لمساكين الحرم، وعليه أن يسوقها إلى أن يبلغ محلّه، فإذا تلف أو ضلّ بغير تفريط منه لم يلزمه الإبدال . نعم ، يستحبّ . ويستفاد ما ذكر كلّه من أكثر أخبار الباب، وممّا رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن الهدي الذي يقلّد أو يشعر ثمّ يَعطَب، قال : «إن كان تطوّعا فليس عليه غيره، وإن كان جزاءً أو نذراً فعليه بدله ». (2) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل أهدى هديا فانكسرت، فقال : «إن كانت مضمونة فعليه مكانها ». (3) والمضمون: ما كان نذراً أو جزاءً أو يمينا ، وله أن يأكل منها، فإن لم يكن مضمونا فليس عليه شيء . وفي الصحيح عن محمّد بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الهدي إذا عَطِب قبل أن يبلغ المنحر، أيجزي عن صاحبه؟ فقال : «إن كان تطوّعا فلينحره وليأكل منه، وقد أجزأ عنه، بلغ المنحر أو لم يبلغ، فليس عليه فداء ، وإن كان مضمونا فليس عليه أن يأكل منه، بلغ المنحر أو لم يبلغ [ وعليه مكانه]». (4) وقد ذكر العلّامة في المنتهى هذه الأقسام الثلاثة على ما ذكر وقال : وهذا كلّه لا نعلم فيه خلافا إلّا أنّه قسّم الثاني على ضربين حيث قال : وأمّا الواجب المطلق - كدم التمتّع وجزاء الصيد والنذر غير المعيّن وما شابه ذلك - فعلى ضربين : أحدهما: أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعيّنه بالقول، فهذا لا يزول ملكه عنه إلّا بذبحه ودفعه إلى أهله، وله التصرّف فيه بما شاء من أنواع التصرّف كالبيع والهبة والأكل وغير ذلك؛ لأنّه لم يتعلّق حقّ الغير به ، فإن تلف فمن ماله، وإن غالب لم يجزه ذبحه، وعليه الهدي الذي كان واجبا عليه ؛ لأنّ وجوبه تعلّق بالذمّة فلا يبرأ منه إلّا بإيصاله إلى مستحقّه ، وجرى ذلك مجرى من عليه دين فحمله إليه فتلف قبل وصوله إليه . الثاني : أن يعيّن الواجب عليه، فيقول : هذا الواجب عليَّ، فإنّه يتعيّن الوجوب فيه من غير أن يبرأ الذمّة منه ؛ لأنّه لو أوجب هديا - ولا هدي عليه - لتعيّن ، فكذا إذا كان واجبا بعينه ويكون مضمونا عليه فإن عطب أو سرق أو ضلّ لم يجزه، وعاد الوجوب إلى ذمّته، كما لو كان عليه دين فاشترى صاحبه منه متاعا، فتلف المتاع قبل القبض، فإنّ الدَّين يعود إلى الذمّة، ولأنّ التعيين ليس سببا في إبراء ذمّته وإنّما تعلّق الوجوب بمحلّ آخر، فصار كالدَّين إذا رهن عليه رهنا، فإنّ الحقّ يتعلّق بالذمّة والرهن ، فمتى تلف الرهن استوفى من المدين، وإذا ثبت أنّه يتعيّن فإنّه يزول ملكه عنه وينقطع تصرّفه فيه، وعليه أن يسوقه إلى المنحر، فإن وصل نحره وأجزأه، وإلّا سقط التعيّن ووجب عليه إخراج الذي في ذمّته على ما بيّناه . (5) انتهى . وهو مطالب بالفارق بين الشقّين ، والتعليل الذي ذكره في تعيّن الشقّ الثاني قياس مع الفارق؛ لأنّ من أوجب هديا خاصّا ولا هدي عليه إنّما يتعيّن ذلك الهدي لتعلّق النذر وشبهه به بخصوصه ، ولذا لو تلف لا ضمان عليه، بخلاف محلّ النزاع فإنّه يكون هديا كلّيا، فتعيّنه بتعيينه بمجرّد القول ممنوع كما في الشقّ الأوّل ، وأيّ مزيّة له على تعيينه بالنيّة فقط ؟! فتأمّل . وذهب الشيخ إلى عدم وجوب الأبدال في هدي التمتّع وأضرابه أيضا حيث قال في المبسوط : «وإذا سرق الهدي من موضع حصين أجزأ عن صاحبه، وإن أقام بدله كان أفضل ». (6) وفي التهذيب : «وإذا سرق الهدي من موضع حريز فقد أجزأ عن صاحبه، وإن أقام بدله فهو أفضل ». (7) فقد أطلق الهدي فيهما . واحتجّ عليه بما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى في كتابه عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل اشترى شاة لمتعته، فسرقت منه أو هلكت ، فقال : «إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه ». (8) وعن الحسين بن سعيد، عن رجل يقال له: الحسن، عن رجل سمّاه، قال : اشترى لي أبي شاة بمنى فسرقت ، فقال لي أبي : أئت أبا عبداللّه عليه السلام فسله عن ذلك ، فأتيته فأخبرته، فقال لي : «ما ضحّي بمنى شاة أفضل من شاتك ». (9) وعن ابن جبلة وطريقه إليه صحيح عن عليّ، عن عبد صالح عليه السلام قال : «إذا اشتريت اُضحيتك وقمطتها وصارت في رحلك فبلغ الهدي محلّه ». (10) وبحسنة معاوية التي رواها المصنّف قدس سره (11) وإليه ذهب الشهيد أيضا في الدروس في هدي التمتّع جزما، وفي غيره ميلاً، حيث قال في صورة عطب الهدي : ولا يجب بدله إلّا إذا كان مضمونا كالمتعة في قولٍ ضعيف ، والجزاء . وفي مرسلة حريز عن الصادق عليه السلام : «كلّ هدي (12) دخل الحرم فعطب فلا بدل على صاحبه تطوّعا أو غيره ». (13) وقد قال في موضع آخر : «والأصحّ الإجزاء؛ لرواية جماعة إذا تلفت شاة المتعة أو سرقت أجزأت ما لم يفرّط ». (14) ويتفرّع على ما ذكر مباحث : الأوّل : إطلاق الفتاوى كأكثر الأخبار يقتضي وجوب الإبدال فيما لو عطب الهدي المضمون ولو بعد دخول الحرم ، وقوله عليه السلام في خبر حريز : «وكلّ شيء إذا دخل الحرم فعطب فلا بدل على صاحبه »، يدلّ على اختصاص الحكم بما قبله ، ولم أجد قائلاً بالفرق . وقال الشيخ في كتابي الأخبار : هذا محمول على ما إذا عطب عطبا يكون دون الموت، مثل انكسار أو مرض أو ما أشبه ذلك. ويحتمل أن يكون المراد به من لا يقدر على البدل؛ لأنّ من هذه حاله فهو معذور ، فأمّا مع التمكّن فلابدّ له من البدل . (15) واستشهد للأوّل بصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل أهدى هديا وهو سمين، فأصابه مرض وانفقأت عينه وانكسر فبلغ المنحر وهو حيّ، قال : «يذبحه وقد أجزأ عنه ». (16) وللثاني بصحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج. (17) الثاني: يستفاد ممّا ذكر عدم وجوب الإبدال في غير المضمون إذا ضَلّ، وأنّه لو أبدله ندبا ثمّ وجد وجب ذبحه، سواء ذبح البدل أم لا ، ووجوبه في المضمون، ثمّ لو وجد بعد الإبدال التخيير بين ذبحه وذبح بدله . وصرّح به جماعة من الأصحاب، منهم الشيخ في أكثر كتبه، ففي المبسوط : فإذا ضاع هديه واشترى بدله ثمّ وجد الأوّل كان بالخيار، إن شاء ذبح الأوّل وإن شاء الأخير ، إلّا أنّه متى ذبح الأوّل جاز له بيع الأخير ، ومتى ذبح الأخير لزمه أن يذبح الأوّل ، ولا يجوز له بيعه . هذا إذا كان قد أشعره أو قلّده، فإذا لم يكن أشعره ولا قلّده جاز له بيع الأوّل إذا ذبح الثاني . (18) ومثله في المنتهى (19) بعينه . ويدلّ عليه أيضا صحيحة الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يشتري البدنة، ثمّ تضلّ قبل أن يشعرها ويقلّدها، فلا يجدها حتّى يأتي منى، فينحر ويجد هديه، قال : «إن لم يكن قد أشعرها فهي من ماله، إن شاء نحرها، وإن شاء باعها ، وإن كان أشعرها نحرها »، (20) حيث فصّل عليه السلام بين هدي السياق وغيره، وذكر حكم كلّ منهما كما ذكر . وذهبت طائفة منهم إلى استحباب ذبح الأوّل لو وجد غير المضمون بعد ذبح بدله أو إرادة ذبحه، فقد قال المحقّق في الشرائع في ذيل هدي السياق : «ولو ضاع فأقام بدله ثمّ وجد الأوّل ذبحه ولم يجب ذبح الأخير، ولو ذبح الأخير ذبح الأوّل ندبا ، إلّا أن يكون منذوراً ». (21) وقال العلّامة في المختلف : قال الشيخ : إذا أشعر الهدي أو قلّده ثمّ ضاع واشترى غيره ثمّ وجد الأوّل وأراد ذبح الثاني لزمه ذبح الأوّل ، (22) والأقرب عندي الاستحباب . لنا أنّه امتثل بالمأمور به فيخرج عن العهدة . نعم ، لو عيّنه بالنذر كان قول الشيخ جيّداً . (23) وفي الإرشاد أيضا في ذيل هدي السياق : «ولو أقام بدله ثمّ وجده ذبحه ولم يجب ذبح الأخير ، ولو ذبح الأخير استحبّ ذبح الأوّل ». (24) وأورد عليه المحقّق الشيخ عليّ أنّ هذا لا يستقيم في هدي السياق المتبرّع به؛ لأنّه لا يجب إقامة بدله، ومتى ذبحه لا يسقط وجوب ذبح الأوّل المتعيّن ذبحه بالاشعار أو التقليد . نعم ، يستقيم ذلك في الهدي المضمون . (25) وأجاب عنه الشهيد الثاني في المسالك بقوله : وطريق التخلّص من الإشكال إمّا بالحكم بوجوب إقامة بدل هدي السياق المتعيّن ذبحه لو ضاع؛ عملاً بالنصّ وتخصيص عدم وجوب البدل بالهلاك والسرقة ، وإمّا بحمل الوجوب على ما لو ضاع بتفريط، فإنّه يجب إقامة بدله لكونه حينئذٍ مضمونا عليه . (26) ويدلّ خبر أبي بصير (27) بإطلاقه على أنّه لو ضلّ الهدي مضمونا كان أو غيره وجب الإبدال، وأنّه لو وجد قبل ذبح البدل يذبحه ويتخيّر في ذبح البدل معه وإن وجد بعد ذبح البدل يذبحه أيضا ويتأبّى عن إجرائه في المضمون ما تضمّنه من وجوب ذبح الأوّل أيضا فيما لو وجد بعد ذبح البدل وعن إجرائه في غيره ما يستفاد من وجوب اتّخاذ بدل له مع الضلال . ويمكن التفصّي عنهما بأحد أمرين : إمّا تخصيص الهدي فيه بغير المضمون مع حمل الأمر باتّخاذ البدل فيه على الاستحباب ، وإمّا بتخصيص الهدي فيه بالمضمون، وحمل الأمر بذبح الأوّل فيما لو وجد بعد ذبح البدل على الاستحباب . وبهذا التأويل يشعر كلام الشيخ في التهذيب، حيث قال : وإذا هلك الهدي فاشترى مكانه غيره ثمّ وجد الأوّل، فصاحبه بالخيار، إن شاء ذبح الأوّل، وإن شاء ذبح الثاني ، إلّا أنّه متى ذبح الأوّل جاز له بيع الأخير ، ومتى ذبح الأخير لزمه أن يذبح الأوّل أيضا . واحتجّ عليه بهذا الخبر، ثمّ قال : وإنّما يجب عليه ذبح الأوّل إذا ذبح الأخير إذا كان قد أشعر الأوّل ، فأمّا إذا لم يكن قد أشعرها فإنّه لا يلزمه ذبحها . (28) واستدلّ له بصحيحة الحلبيّ (29) المتقدِّمة ، ويظهر من الشهيد العمل بإطلاق الخبر مع استحباب ذبح الأوّل فيما إذا وجد بعد ذبح البدل، فقد قال في الدروس : ولو ضلَّ فأقام بدله ثمّ وجده ذبحه وسقط وجوب ذبح البدل، ولو كان قد ذبح البدل، استحبّ ذبح الأوّل ، وأوجبه الشيخ (30) إذا كان قد أشعره أو قلّده، لصحيح الحلبيّ وحكم هدي التمتّع كذلك . (31) انتهى . والاحتياط واضح . الثالث : إذا ضلَّ الهدي عن صاحبه ووجده غيره يستحبّ له تعريفه ثلاثا: يوم النحر ويومين بعده، ثمّ ذبحه عشيّة الثالث عن صاحبه؛ لقوله عليه السلام فيما سيأتي في صحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام : «وإذا وجد الرجل هديا ضالّاً فليعرّفه يوم النحر ويوم الثاني والثالث، ثمّ ليذبحه عشيّة الثالث» (32) ويجزي عن صاحبه على ما صرّح به الشهيد قدس سرهفي الدروس، (33) ونسبه إلى الشهرة ، وحكي في موضع آخر قولاً بعدم الإجزاء . (34) واحتجّ عليه في المنتهى (35) بحسنة منصور بن حازم، (36) وقد رواها الشيخ في الصحيح ، (37) وبأنّه مع الذبح عن صاحبه يحصل المقصود من الأمر بالذبح فيخرج عن العهدة. ولو ذبحه عن نفسه لم يجز عنه؛ لأنّه منهيّ عنه، ولا عن صاحبه؛ لعدم النيّة . ولو اشترى هديا وذبحه ثمّ عرف أنّه من غير بائعه وثبت ذلك ؛ ففي المنتهى: «كان لصاحبه لحمه، ولا يجزي عن واحد منهما ؛ أمّا عن صاحبه فلعدم النيّة، وأمّا عن المشتري فلأنّه غير ملك ، ولصاحبه الغرم ما بين قيمته مذبوحا وحيّا » (38) واحتجّ عليه بمرسلة جميل . (39) ومثله فعل الشيخ في التهذيب . (40) الرابع : إذا عجز الهدي عن البلوغ إلى محلّه فغير المضمون يذبح أو يُنحر في محلّ العجز، ولا يجب الإبدال وإن كان ذلك الهدي واجبا . وأمّا المضمون فالمستفاد من الجمع بين الأخبار وجوب إبداله قطعا، وأنّه يتخيّر بين بيعه والتصدّق بثمنه وبين ذبح العاجز والتصدّق به إن وجد المستحقّ، وإعلامه بما يدلّ على كونه هدي، بأن يكتب كتاب بأنّه هدي ويوضع عليه، أو يغمس نعله في دمه ويضرب به صفحة سنامه مع فقده، من غير فرق بين الكسر وسائر أنواع العجز . والأخبار هي مرسلتا حريز (41) وأحمد بن محمّد، (42) وحسنة الحلبيّ، (43) وبعض الأخبار التي ذكرناها . وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدي؟ قال : «لا يبيعه فإن باعه فليتصدّق بثمنه وليهد هديا آخر ». وقال : «إذا وجد الرجل هديا ضالّاً فليعرّفه يوم النحر واليوم الثاني والثالث، ثمّ ليذبحه عشيّة الثالث ». (44) وخبر عمر بن حفص الكلبيّ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه ولا من يعلمه أنّه هدي، قال : «ينحره، ويكتب كتابا ويضعه عليه ليعلم مَن يمرّ به أنّه هدي ». (45) وفرّق الشيخ قدس سره بين الكسر وسائر أنواع العجز، فخصّ جواز البيع والتصدّق بثمنه بالأوّل، والنحر بالثاني، فقال في المبسوط : وإذا هلك الهدي قبل أن يبلغ محلّه نحره أو ذبحه وغمر النعل في الدم وضرب به صفحة سنامه ليعلم بذلك أنّه هدي ، وإذا انكسر الهدي جاز بيعه والتصدّق بثمنه ويقيم بدله، وإن ساقه على ما به إلى المنحر فقد أجزأه . (46) ومثله في التهذيب، محتجّا على الأوّل بخبر الكلبيّ، (47) وعلى الثاني بحسنة الحلبيّ ، (48) مع أنّ هذه الحسنة مشتملة على العطب والكسر معا، وقد تبعه على هذا التفصيل الأكثر، منهم الشهيد والمحقّق والعلّامة . وظاهر الأخبار المشار إليها الجمع بين التصدّق بالثمن وشراء البدل في صورة بيع العاجز ، وهو ظاهر ما نقلناه عن الشيخ، وظاهر الأكثر التخيير بين الأمرين ؛ ففي الدروس (49) والشرائع (50) والإرشاد (51) : «يتصدّق بثمنه أو يقيم بدله »، والأكثر عبّروا في الحكم بالجواز ، ويشعر ذلك بجواز سياق الهدي على ما به إلى المنحر ، وقد صرّح به الشيخ في المبسوط فيما حكينا عنه، وهو مشكل مع الأمر الظاهر في الوجوب من غير معارض خصوصا، مع ما يلزم من إضرار الهدي .

.


1- . النهاية، ج 3، ص 256 (عطب).
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 215، ح 724؛ الاستبصار، ج 2، ص 269، ح 955؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 131، ح 18794.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 215، ح 725؛ الاستبصار، ج 2، ص 269 270، ح 956؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 131، ح 18795.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 215، ح 726؛ الاستبصار، ج 2، ص 270، ح 957؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 132، ح 18796، وما بين الحاصرتين من المصادر.
5- . منتهى المطلب، ج 2، ص 749.
6- . المبسوط، ج 1، ص 373. و مثله في النهاية، ص 260.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 217، بعد الحديث 731.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 217، ح 732؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 140، ح 18816.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 218، ح 734؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 140 141، ح 18817.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 218، ح 735؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 141، ح 18818.
11- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 217 218، ح 733؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 140، ح 18815.
12- . كذا بالأصل، ومثله في الدروس، و في المصادر الروائية: «كلّ شيء».
13- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 444، الدرس 112. والحديث هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي. تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 216، ح 727؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 133، ح 18799.
14- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 442، الدرس 111.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 216، ذيل الحديث727 و 728؛ الاستبصار، ج 2، ص 270 و 271، ذيل الحديث 958 و 959.
16- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 135، ح 18804.
17- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 106 107، ح 18720.
18- . المبسوط، ج 1، ص 373 374، ومثله في النهاية، ص 260.
19- . منتهى المطلب، ج 2، ص 750.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 219، ح 738؛ الاستبصار، ج 2، ص 271 272، ح 962؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 143 144، ح 18826.
21- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 196.
22- . المبسوط، ج 1، ص 373 374.
23- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 292.
24- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 334، ومثله في قواعد الأحكام، ج 1، ص 442.
25- . جامع المقاصد، ج 3، ص 251.
26- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 316.
27- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي.
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 218.
29- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 143 144، ح 18826.
30- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 374؛ النهاية، ص 260.
31- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 444، الدرس 112.
32- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 217، ح 731؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 137، ح 18809.
33- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 444 445، الدرس 112.
34- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 442، الدرس 111.
35- . منتهى المطلب، ج 2، ص 751.
36- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي.
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 219، ح 739؛ الاستبصار، ج 2، ص 272، ح 963؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 317، ح 18810.
38- . منتهى المطلب، ج 2، ص 751.
39- . الحديث التاسع من هذا الباب من الكافي.
40- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 219 220، ح 740؛ الاستبصار، ج 2، ص 272، ح 964؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 145، ح 18829.
41- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
42- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
43- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
44- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 217، ح 731؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 136، ح 18808.
45- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 218، ح 736؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 143، ح 18825، وفيهما: «أنّه هدي» بدل: «أنّه صدقة».
46- . المبسوط، ج 1، ص 373.
47- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 218، ح 736؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 143، ح 18825.
48- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 217، ح 730؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 136، ح 18807.
49- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 444، الدرس 112.
50- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 196.
51- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 333.

ص: 417

. .

ص: 418

. .

ص: 419

. .

ص: 420

. .

ص: 421

. .

ص: 422

. .

ص: 423

. .

ص: 424

. .

ص: 425

. .

ص: 426

باب البدنة والبقرة عن كم تجزي

باب البدنة والبقرة عن كم تجزيقال الشهيد في الدروس : «يجوز اشتراك جماعة في الهدي المستحبّ إجماعا ولو سبعين ». (1) وأراد بالهدي المستحبّ الاُضحية ، وظاهره جوازه ولو لم يكونوا من أهل بيت واحد . ويدلّ عليه خصوص صحيحة أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «البدنة والبقرة تجزي عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد ومن غيرهم ». (2) ويؤيّدها إطلاق خبر سوادة، (3) وما رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن محمّد بن عليّ الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن النفر تجزيهم البقرة؟ قال : «أمّا في الهدي فلا ، وأمّا في الأضحى فنعم ». (4) وعن سوادة القطّان وعلي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قالا : قلنا له : جعلنا فداك، عزّت الأضاحي علينا بمكّة، أفيجزي اثنين أن يشتركا في شاة؟ فقال : «نعم، وعن سبعين ». (5) وفي الصحيح عن عليّ بن الرّيان بن الصلت، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، قال : كتبت إليه أسأله عن الجاموس عن كم يجزي في الضحيّة ، فجاء في الجواب : «إن كان ذكراً فعن واحد، وإن كان اُنثى فعن سبعة ». (6) وفي الصحيح عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «تجزي البقرة والبدنة في الأمصار عن سبعة، ولا تجزي بمنى إلّا عن واحد ». (7) وفي الموثّق عن يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن البقرة يضحّى بها ، فقال : «تجزي عن سبعة ». (8) واشترط الشيخ في الجزء الثالث من الخلاف (9) في الإجزاء عن السبعة كونهم من أهل بيت واحد ، ولم أجد له مستنداً . وفي خبر إسماعيل بن أبي زياد السكونيّ، عن أبي عبداللّه ، عن أبيه، عن عليّ عليهم السلام قال : «البقرة الجذعة تجزي عن ثلاثة من أهل بيت واحد ، والمسنّة تجزي عن سبعة نفر متفرّقين ، والجزور تجزي عن عشرة متفرّقين ». (10) وجوّزه في النهاية (11) والمبسوط (12) عن سبعة وعن سبعين اختياراً إن كانوا من أهل خوان واحد ، واضطراراً إن لم يكونوا كذلك . ويدلّ عليه قوله عليه السلام : «إذا اجتمعوا »، في صحيح أبي بصير (13) المتقدِّم . وحكى طاب ثراه عن جماعة منهم أنّهم منعوا من اشتراك جماعة في شراء الاُضحية، وقال : إنّما يجوز اشتراك مالك لها غيره فيها بأن يذبحها عن نفسه وعنه ، فحينئذٍ تجزي عن ذلك الغير أيضا ويشاركه في الثواب وتسقط عنه وإن كان مليّا، ولحمها باق على ملك صاحبها، يعطي من يشاء منهم، ويمنع من يريد، وليس للداخل منعه من ذلك ومن الصدقة . وقال القرطبيّ : وضابطه من يدخله ثلاثة أوصاف : الأوّل : أن يكون من قرابته وأهله ، والزوجة واُمّ الولد داخلتان في ذلك عند مالك، وأباه الشافعيّ في اُمّ، الولد، وقال : لا اُجيز لها . الثاني : أن تكون نفقته وجبت عليه أو تطوّع بها . الثالث : أن تكون رجعيّة غير بائن عنه إن كانت مطلّقة . (14) واختلف الأصحاب في هدي التمتّع ، ففي الدروس : «وتجب الوحدة على قول، فلا تجزي الواحدة عن أكثر من واحد ولو عزّت الأضاحي ». (15) وبه قال ابن إدريس (16) والعلّامة وعامّة المتأخّرين ، وحكاه في المختلف (17) عن خلاف (18) الشيخ في الجزء الثالث منه، وعدّه في باب الذبح من كتاب الحجّ منه احتياطا . ويدلّ عليه صحيحة محمّد بن مسلم (19) وخبري الحلبيّ (20) المتقدّمة، فعند الضرورة ينتقل الفرض إلى الصوم . وجوّز في المبسوط عند الضرورة اشتراك سبعين فيه؛ عملاً بإطلاق خبر أبي بصير (21) المتقدّم بحيث يشمل الواجب، وحملاً له على حال الضرورة؛ للجمع بينه وبين ما أشرنا إليه من الأخبار، حيث قال : لا يجوز في الهدي الواجب إلّا واحد عن واحد مع الاختيار ، ويجوز عند الضرورة عن خمسة وعن سبعة وعن سبعين، وكلّ ما قلّوا كان أفضل، و ان اشتركوا عند الضرورة أجزأت عنهم، سواء كانوا متّفقين في النسك أو مختلفين . ولا يجوز أن يريد بعضهم اللّحم ، وإذا أرادوا ذبحه أسندوه إلى واحدٍ منهم ينوب عن الجماعة، ويسلّم مشاعا اللّحم إلى المساكين . (22) وبه قال في النهاية (23) وكتابي الأخبار (24) أيضا، وهو ظاهر المصنّف ، لكن في خصوص البدنة والبقرة ، وأطلق في الخلاف جواز اشتراك سبعة في بدنة أو بقرة، لإطلاق خبر أبي بصير المتقدّم، فقد قال فيه : يجوز اشتراك سبعة في بدنة واحدة أو بقرة واحدة أو بقرتين إذا كانوا متقرّبين، وكانوا أهل خوان واحد، سواء كانوا متمتّعين أوقارنين أو مفردين، أو بعضهم مفرداً وبعضهم قارنا أو متمتّعا، مفترضين أو متطوّعين ، ولا يجوز أن يكون بعضهم يريد اللحم ، وبه قال أبو حنيفة، إلّا أنّه لم يعتبر أهل خوان واحد ، وقال الشافعيّ مثل ذلك، إلّا أنّه أجاز أن يكون بعضهم يريد اللحم ، وقال مالك : لا يجوز الاشتراك إلّا في موضع واحد، وهو إذا كانوا متطوّعين . وقد روى ذلك أصحابنا، وطريقة الاحتياط تقتضيه . (25)

.


1- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 441، الدرس 111.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 208، ح 699 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 226، ح 944؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 118، ح 18759.
3- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 210، ح 705؛ الاستبصار، ج 2، ص 266، ح 943؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 117، ح 18756.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 209 210، ح 704؛ الاستبصار، ج 2، ص 267، ح 949؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 119، ح 18762.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 209، ح 701؛ الاستبصار، ج 2، ص 267، ح 946؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 112، ح 18741.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 207 208، ح 695 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 266، ح 940؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 118، ح 18757.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 208، ح 698 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 266، ح 943؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 117، ح 18755.
9- . الخلاف، ج 2، ص 65 ، المسألة 27.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 208، ح 700؛ الاستبصار، ج 2، ص 266، ح 945؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 118 119، ح 18760.
11- . النهاية، ص 258.
12- . المبسوط، ج 1، ص 372.
13- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 118، ح 18759.
14- . اُنظر: المجموع، ج 8 ، ص 397 398.
15- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 437، الدرس 111.
16- . السرائر، ج 1، ص 595 .
17- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 278.
18- . الخلاف، ج 6، ص 65، المسألة 27.
19- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 117، ح 18754.
20- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 117، ح 18756، وص 118، ح 18757.
21- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 118، ح 18759.
22- . المبسوط، ج 1، ص 372.
23- . النهاية، ص 258.
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 207؛ الاستبصار، ج 2، ص 268.
25- . الخلاف، ج 2، ص 441 442، المسألة 341. وانظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 398 و 422؛ المغني لابن قدامة، ج 11، ص 96؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 538 .

ص: 427

. .

ص: 428

. .

ص: 429

. .

ص: 430

باب الذبح

باب الذبحقال العلّامة في المنتهى : «يجب تقديم الذبح على الحلق بمنى، ولو أخّره أثم وأجزأ ، وكذا لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة جاز»، (1) وهو المشهور بين الأصحاب . ويدلّ عليه قوله عزّ وجلّ : «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (2) بناءً على أنّ المراد ببلوغ الهدي محلّه الذبح ، ففي كنز العرفان : «أي لا تحلقوا حتّى يذبح حيث يحلّ ذبحه فيه، ولو كان من الحلول لقال: محلّه بفتح الحاء ». (3) وخبر جميل، (4) وما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم، عن عليّ، قال : «لا يحلق رأسه ولا يزور حتّى يضحّي، فيحلق رأسه ويزور متى ما شاء ». (5) واكتفى الشيخ في المبسوط (6) والتهذيب (7) في جواز الحلق بربط الهدي في رحله، وعدّه بعد الذبح أفضل ، وبذلك جمع بين ما ذكر وبين ما رواه أبو بصير عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا اشتريت اُضحيتك وقمطتها (8) وصارت في جانب رجلك فقد بلغ الهدي محلّه، فإن أحببت أن تحلق فاحلق ». (9) ثمّ إنّه يختصّ الإبل بالنحر والبقر والغنم بالذبح، ولا يجوز العكس ؛ لما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : «كلّ منحور مذبوح حرام، وكلّ مذبوح منحور حرام ». (10) والمشهور بين الأصحاب استحباب نحر الإبل قائمة مربوطة يداها ما بين الخفّ إلى الركبة ، صرّح به الشيخ (11) والشهيد (12) والمحقّق (13) والعلّامة . (14) ويدلّ عليه صحيحة عبداللّه بن سنان ، (15) ونسبه في الدروس إلى رواية أبي الصباح، (16) وفيه نظر . والأظهر استحباب ما ذكر أو ربط يدها اليسرى؛ للجمع بينها وبين خبر أبي خديجة (17) وما رواه في المنتهى عن عبد الرحمن بن سابط أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة يدها اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها . (18) قوله في خبر أبي الصباح : (كيف تنحر البدنة ) . [ ح 2 / 7879] قال طاب ثراه : قال المارزيّ : تُطلق البدنة على الذكر والاُنثى من الإبل والبقر والغنم ، وأكثر استعماله في الإبل . (19) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (النحر في اللبّة ) . [ ح 3 / 7880] قال طاب ثراه : «اللبّة: هي المنخفض من أصل العنق والصدر ، والنحر: هو الطعن فيها، ولا حدّ للطعنة طولاً وعرضا بل المعتبر موته بها خاصّة ». (20) قوله في حسنة صفوان : (ولا تنخعها حتّى تموت ) . [ ح 6 / 7883] نخع الذبيحة: جاوز منتهى الذبح فأصاب نخاعها، وهو مثلّثة الخيط الأبيض في جوف الفقار ينحدر من الدماغ، ثمّ ينشعب . (21)

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 740.
2- . البقرة (2): 196.
3- . كنز العرفان، ج 1، ص 289.
4- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 222، ح 749؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 155، ح 18856.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 236، ح 795؛ الاستبصار، ج 2، ص 284، ح 1006؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 158، ح 18862.
6- . المبسوط، ج 1، ص 374. ومثله في النهاية، ص 261.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 235.
8- . أي شدّ قوائمها كى يذبحها. اُنظر: لسان العرب، ج 7، ص 385 (قمط).
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 236، ح 794؛ الاستبصار، ج 2، ص 284، ح 1007؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 157، ح 18860.
10- . الفقيه، ج 2، ص 503 ، ح 3080؛ ج 3، ص 329، 4177؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 154، ح 18853.
11- . المبسوط، ج 1، ص 374؛ النهاية، ص 260.
12- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 439.
13- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 194.
14- . نهاية الأحكام، ج 1، ص 622 623 ؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 250، المسألة 591 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 738.
15- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 220 221، ح 743؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 148 149، ح 18838.
16- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 439، الدرس 111؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 149، ح 18839.
17- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 149، ح 18840.
18- . منتهى المطلب، ج 2، ص 738، والحديث في سنن أبي داود، ج 1، ص 397، ح 1767؛ والسنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 237 238.
19- . اُنظر: شرح صحيح مسلم، ج 9، ص 65 .
20- . اُنظر: شرح اللمعة، ج 7، ص 223.
21- . مجمع البحرين، ج 4، ص 286؛ شرح اللمعة، ج 7، ص 230 231.

ص: 431

. .

ص: 432

باب الأكل من الهدي الواجب والصدقة منه وإخراجه من منى

باب الأكل من الهدي الواجب والصدقة منه وإخراجه من منىأراد قدس سره بالهدي الواجب هدي التمتّع وهدي السياق بقرينة أخبار الباب، وغرضه بيان أنّه إنّما يجب الأكل والصدقة منهما دون الإهداء ، وإليه ذهب ابن إدريس حيث قال : فأمّا هدي المتمتّع والقارن فالواجب أن يأكل منه ولو قليلاً، ويتصدّق على القانع والمعترّ ولو قليلاً ، واحتجّ عليه بقوله سبحانه : «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» (1) . (2) ويدلّ عليه أيضا قوله تعالى : «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ» (3) ، وأكثر أخبار الباب حيث أمر فيها بتقسيم الهدي قسمين من دون ذكر للإهداء . ومثلها ما رواه الشيخ عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا ذبحت أو نحرت فكُل واطعم، كما قال اللّه تعالى : «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» ، فقال : القانع: الذي يقنع بما أعطيته والمعترّ: الذي يعتريك، والسائل: الذي يسألك في يديه، والبائس: «الفقير »، (4) ورجّحه في المدارك . (5) وقال الشيخ في التهذيب : «ومن السنّة أن يأكل الإنسان من هديه، ويطعم القانع والمعترّ ». (6) وعن أبي الصلاح أيضا أنّه قال : «والسنّة أن يأكل بعضها ويطعم الباقي ». (7) وكأنّهما أرادا بالسنّة الطريقة الشرعيّة دون الاستحباب، لظهور الأدلّة في الوجوب . وذهب الشهيد إلى وجوب التثليث في هدي التمتّع ، ففي الدروس : «ويجب أن يصرفه في الصدقة والإهداء والأكل ، وظاهر الأصحاب الاستحباب ». (8) ومال إليه في هدي السياق فقال : «ولا تجب الصدقة به ، ومن الأصحاب من جعله كهدي التمتّع ، وهو قريب ، فيقسّم في الجهات الثلاث وجوبا . وعلى القول الآخر يستحبّ قسمته فيها ». (9) وذهب جماعة إلى استحباب التثليث فيهما، منهم العلّامة في المنتهى (10) والقواعد ، (11) وصرّح بذلك في الإرشاد في هدي التمتّع وفي هدي السياق، قال : «ولا يتعيّن للصدقة إلّا بالنذر ». (12) وحكي في المختلف (13) عن ابن البرّاج أنّه قال : «وينبغي أن يقسّم ذلك ثلاثة أقسام، فيأكل أحدها إلّا أن يكون الهدي لنذر أو كفّارة، ويهدي قسما آخر، ويتصدّق بالثالث ». (14) وظاهره استحباب ذلك في مطلق الهدي من الاُضحية وهدي التمتّع وهدي السياق . وبه صرّح الشيخ في المبسوط (15) في خصوص هدي التمتّع ، وربّما قيل باستحباب التثليث مع وجوب الأكل ، ذهب إليه المحقّق في الشرائع، (16) والعلّامة في المنتهى (17) عدّه أقوى متمسّكا بالآية . وفيه: أنّها كما تدلّ على وجوب الأكل تدلّ على وجوب الإطعام أيضا . والحكم بالتثليث استحبابا بل وجوبا واضح في هدي السياق، لورود النصّ به من غير معارض، رواه الشيخ في الموثّق عن شعيب العرقوفيّ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : سقت في العمرة بدنة، فأين أنحرها؟ قال : «بمكّة »، قلت : فأيّ شيء أعطي منها؟ قال : «كُلْ ثلثا، واهد ثلثا، وتصدّق بثلث ». (18) ويؤيّده ما رواه في الصحيح عن سيف التمّار، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إنّ سعد بن عبد الملك قدم حاجّا، فلقي أبي فقال : إنّي سقت هديا، فكيف أصنع؟ فقال له أبي : أطعم أهلك ثلثا، وأطعم القانع وأطعم المعترّ ثلثا، وأطعم المساكين ثلثا ، فقلت : المساكين هم السوّال؟ فقال : نعم . وقال : القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها ، والمعترّ ينبغي له أكثر من ذلك وهو أغنى من القانع، يعتريك فلا يسألك ». (19) وأمّا في هدي التمتّع فلا يخلو ذلك عن إشكال للأمر في الآية والخبر بالأكل والصدقة ، ولم أجد خبراً صريحا في إهدائه، وكأنّهم حملوا عليه إطعام القانع كما يشعر به الإرسال إليه في صحيحة سيف المتقدّمة . ويظهر من المحقّق الشيخ عليّ قدس سرهفي تعليقاته على الإرشاد أنّه حمل عليه إطعام المعترّ، حيث قال في شرح قول العلّامة : ويستحبّ القسمة أثلاثا بين أكله وإهدائه وصدقته _: أي إهدائه إلى المعترّ الذي هو أغنى من القانع، والصدقة بثلث على القانع . (20) وعلى التقديرين يستفاد فقر المهدى له من الأصدقاء، وهو خلاف ظاهر الأصحاب . وظاهر ابن إدريس تثنية القسمة في هدي التمتّع والسياق على ما هو الظاهر من أنّ إطعام القانع والمعتر كليهما من الصدقة، فقد قال : وأمّا هدي التمتّع والقارن فالواجب أن يأكل منه ولو قليلاً، ويتصدّق على القانع والمعترّ ولو قليلاً؛ لقوله تعالى : «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» ، (21) والأمر عندنا يقتضي الوجوب والفور دون التراخي ، فأمّا الاُضحية فالمستحبّ أن يأكل ثلثها، ويتصدّق على القانع والمعترّ بثلثها، ويهدي إلى أصدقائه ثلثها، على ما رواه أصحابنا . (22) وكأنّه طرح ما ذكر ممّا دلَّ على التثليث في هدي السياق بناءً على أصله ، فتأمّل . وقال طاب ثراه : واختلفت العامّة في المسألة، وفي بعض رواياتهم: فكلوا منها وتصدّقوا . (23) وقال محيي الدِّين البغوي : هذا أمر ندب عند الأكثر ، وحمله بعضهم على الوجوب ، ولا حدّ للصدقة عند مالك والأكثر ، واستحبّ الشافعيّ الصدقة بالثلث ، وبعضهم بالثلثين ، واستحبّ آخرون النصف ، وقال الآبي : ولا بأس أن يطعم منها أهل الذمّة الذين في عياله . (24) واختلف فيمن ليس في عياله ، فقيل : لا بأس أن يهدي منها إليه ، وقيل : لا يجوز . وأمّا الواجب للكفّارة والنذر فالأكل منه غير جائز إجماعا . قال العلّامة في المنتهى : «ولا يجوز الأكل من كلّ واجب غير هدي التمتّع ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ». (25) والظاهر أنّه أراد بالواجب غير هدي السياق، فإنّه قد صرّح فيه باستحباب التثليث فيه أيضا ، فقد قال : «ويستحبّ أن يأكل من هدي السياق ثلثه، ويهدى¨ ثلثه، ويتصدّق بثلثه كالتمتّع »، (26) وقد أشرنا إليه وإلى أنّه قال بذلك في القواعد (27) أيضا . وقال الشيخ في التهذيب : «والهدي إذا كان مضمونا فإنّه لا يجوز أكله »، واحتجّ عليه بخبر أبي بصير (28) وحسنة الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه؟ فقال : «يأكل من أضحيته ويتصدّق بالفداء ». (29) وموثّقة أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبداللّه ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الهدي يأكل منه، أشيء يهديه في المتعة أو غير ذلك؟ قال : «كلّ هدي من نقصان الحجّ فلا تأكل منه، وكلّ هدي من تمام الحجّ فكُل ». (30) ثمّ عارضها بما دلّ على جواز الأكل منه من حسنة عبداللّه بن يحيى الكاهليّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يؤكل من الهدي مضمونا كان أو غير مضمون ». (31) وصحيحة جعفر بن بشير، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن البدن التي تكون جزاء الأيمان والنساء ولغيره، يؤكل منها؟ قال : «نعم يؤكل من كلّ البدن ». (32) وأجاب بحملهما على حال الضرورة مع ضمان قيمة ما أكله مستشهداً بخبر السكوني ، (33) وسيأتي عن قريب . وأمّا الهدي المستحبّ فيستحبّ تثليثه إجماعا منّا . واحتجّ عليه في المنتهى بقوله سبحانه : «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» (34) قائلاً : «إنّه أمر بالأكل وإطعام صنفين، فاستحبب التسوية بينهم». (35) فكان أثلاثا ، وردّ بذلك أحد قولي الشافعيّ من أنّه يأكل النصف ويتصدّق بالنصف . (36) وفي هذا الاحتجاج تأمّل يظهر ممّا سبق ، بل الظاهر أنّ الآية إنّما هي في الهدي الواجب، وحمل الاُضحية عليه قياس لا نقول به، ولم أجد خبراً دالّاً عليه في المندوب ، بل ولا على استحباب الأكل منها، فإنّ الأخبار على ما ستعرف إنّما تدلّ على جوازه والاستحباب أمر زائد عليه، إلّا أن يدّعى الإجماع عليه . ففي المنتهى : (37) هدي التطوّع يستحبّ الأكل منه بلا خلاف ، وقد احتجّ عليه بقوله تعالى : «فَكُلُوا مِنْهَا» (38) وأقلّ مراتب الأمر الاستحباب، ولأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وعليّا عليه السلام أكلا من بدنهما . (39) وقال جابر : كنّا لا نأكل من بدننا فوق ثلث، فرخّص لنا النبيّ صلى الله عليه و آله فقال : «كُلوا وتزوّدوا »، فأكلنا وتزوّدنا . (40) ومن طريق الخاصّة ما رواه الشيخ عن بنان بن محمّد، عن أبيه، قال : إذا أكل الرجل من الهدي تطوّعا فلا شيء عليه . (41) وعن السكونيّ، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام قال : «إذا أكل الرجل من الهدي تطوّعا فلا شيء عليه، وإن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل ». (42) ولأنّه لا يزيد على الواجب، وقد سنّ الأكل من هدي المتعة مع وجوبه. وفيه تأمّل . وقد نسب في موضع آخر منه إلى شذوذ من الناس القول بوجوب الأكل محتجّا بقوله تعالى : «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ» ، حيث قرنه بالإطعام الواجب . وأجاب : أولاً بمنع وجوب الإطعام في الاُضحية، ثمّ بمنع وجوب ما يقرن بالواجب؛ مستنداً بقوله تعالى : «كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» (43) ، (44) فتأمّل . وبقي في الباب مسألتان : الاُولى : يظهر من حسنة محمّد بن مسلم (45) عدم جواز إخراج لحوم الأضاحي عن منى ممّن ضحّى بها مع حاجة الناس بها إليها، وجوازه مع الحاجة . وقال الصدوق أيضا : وقال الصادق عليه السلام : «كنّا ننهى الناس عن إخراج لحوم الأضاحي من منى بعد ثلاثة أيّام؛ لقلّة اللحم وكثرة الناس ، فأمّا اليوم فقد كثر اللّحم وقلَّ الناس فلا بأس بإخراجه »، (46) وهو ظاهره كالمصنّف. ولم أجد تصريحا به من الأصحاب، وإنّما هم بين قائِلَين : قائلٌ بالكراهة مطلقا ، قال به العلّامة في المنتهى، قال : «يكره أن يخرج شيئا ممّا يضحّيه عن منى، بل يخرجه إلى مصرفه بها ». (47) وقائلٌ بالحرمة كذلك، فبه قال الأكثر، منهم الشيخ (48) والشهيد (49) والمحقّق ، (50) بل قال في المدارك : «هذا مذهب الأصحاب ، لا أعلم فيه مخالفا ». (51) واحتجّ عليه في التهذيب بصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : سألته عن اللحم، أيخرج به من الحرم؟ فقال : «لا يخرج منه شيءٌ إلّا السنام بعد ثلاثة أيّام». (52) وصحيحة معاوية بن عمّار، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لا تخرجن شيئا من لحم الهدي ». (53) والأظهر الاحتجاج عليه بخبر حمّاد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أحدهما عليهماالسلامقال : «لا يتزوّد الحاجّ من اُضحيته، وله أن يأكل بمنى أيّامها ». قال : وهذه مسألة شهاب كتب إليه فيها . (54) وخبر أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم عليه السلام ، قال : سمعته يقول : «لا يتزوّد الحاجّ من اُضحيته، وله أن يأكل منها أيّامها، إلّا السنام فإنّه دواء ». قال أحمد : قال : «ولا بأس أن يشتري الحاجّ من لحم منى ويتزوّده ». (55) وحمل الشيخ في التهذيب الحسنة المذكورة على إخراج ما انتقل إليه بالصدقة والهديّة ونحو ذلك، للجمع . ثمّ ظاهر الأخبار النهي عن إخراج لحومها فقط دون الجلد والسنام ونحوهما، وهو مصرّح به في كتب الأصحاب حيث قيّدوا المنع بإخراج اللحم ، وصرّح جماعة منهم بجواز إخراج السنام منها، وهو مصرّح به في بعض ما ذكر من الأخبار، فلا يناسب تنكير «شيئا» في عنوان الباب، ولا في قول المحقّق ، (56) ولا يجوز إخراج شيء ممّا يذبحه عن منى . الثانية : قال الشيخ في المبسوط: «يجوز أكل لحم الأضاحي بعد ثلاثة أيّام وادّخاره ». (57) واحتجّ عليه في التهذيب بخبر أبي الصباح، (58) وبما رواه عن جابر بن عبداللّه الأنصاريّ، قال : أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن لا نأكل لحم الأضاحي بعد ثلاثة، ثمّ أذن لنا أن نأكله ونقدّده ونهدي إلى أهالينا . (59) ثمّ عارضهما بما رواه في الصحيح عن محمّد بن حمران لكن هو مشترك (60) عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال: «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله نهى أن يحبس لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيّام ». (61) وأجاب بقوله : لا يمتنع أن يكون محمّد بن مسلم شارك أبا الصباح في سماع الخبر، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله نهى عن ذلك ، ثمّ أذِن بعد ذلك في أكله، فنسيه محمّد بن مسلم ، ورواه أبو الصلاح ، ولو لم يكن كذلك لكان محمولاً على أنّ الأولى أن لا يفعل بعد الثلاثة الأيّام، وأنّ ما يبقى الأفضل أن يتصدّق به . وادّعى في المنتهى أنّه كان ذلك حراما، ثمّ نسخ . (62) وحكاه القرطبيّ أيضا عن طائفة من العامّة ، ويدلّ عليه ما ذكر عن جابر وعن جماعة منهم أنّه لا نسخ، وإنّما كان التحريم لعلّة ، فلمّا زالت ارتفع الحكم ، (63) وهو أظهر، لأصالة عدم النسخ، ولما سيأتي عن سلمة . وقال طاب ثراه : ويروي مسلم خمسة أحاديث عن النبيّ صلى الله عليه و آله في النهي عنه ، منها : ما رواه عن ابن عمر أنّه صلى الله عليه و آله نهى أن يؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث وسبقه الإذن فيه . ومنها : ما رواه عن سلمة بن الأكوع أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «مَن ضحّى منكم فلا يصحبنّ بعد ثالثة [ وفي بيته منه] (64) شيء، فلمّا كان في العام المقبل قالوا : يارسول اللّه ، نفعل كما نفعل عام أوّل؟ قال : «لا ، إنّ ذلك عام كان الناس فيه بجهد، فأردت أن يفشو فيهم ». (65) ومنها : ما رواه عن جابر أنّه نهى صلى الله عليه و آله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثمّ قال بعد: «كُلوا وتزوّدوا وادّخروا ». (66) ثمّ الظاهر أنّ المراد بما بعد الثلاث الثالث من أيّام التشريق وما بعده . ونقل طاب ثراه عن القرطبيّ أنّه قال : يحتمل الثلاث في قوله : «بعد ثلاث» أنّها من يوم النحر وإن ذبحت في آخره ، ويحتمل أنّها من يوم الذبح؛ لئلّا تضيق الحال [ على] من أراد أن يعجل بذبحها أو يؤخّر ، والأوّل أظهر . وقال عياض : وجاء في حديث ما يخرج منه قولٌ ثالث، وهو قوله: بعد ثلاث ليال، فإنّه يقتضي أن لا يحسب يوم النحر . (67) واختلفت العامّة في أنّ النهي للتحريم أو الكراهة ، وفي أنّ التحريم أو الكراهيّة باقية أبداً أو منسوخان ، حكاه القرطبيّ . (68) قوله في خبر عبد الرحمن : (ولا يكلح ولا يلوى شدقه غضبا ) ، إلخ .] ح 2 / 7887] قال ابن الأثير : الكلوح : العبوس ، يقال : كلح الرجل وأكلحه الهمّ . (69) وفي حديث قتادة : فانطلق الناس لا يلوى أحدٌ على أحد ؛ أي لا يلتفت ولا يعطف عليه . وأَلْوى برأسه ولواه، إذا ماله من جانب إلى جانب . (70) والشدق: جانب الفم . (71) وقال الجوهريّ : المعترّ: الذي يتعرّض للمسألة ولا يسأل . (72) وفي القاموس : عراه يعروه: غشيه طالبا معروفه كاعتراه . (73) قوله : (وروى أيضا أنّه يأكل منه مضمونا كان أو غير مضمون ) . [ ح 8 / 7893] رواه عبداللّه بن يحيى الكاهليّ (74) في الحسن، وجعفر بن بشير (75) في الصحيح، وقد سبقا . قوله في خبر عليّ بن أسباط : (فلمّا ضرب الجزّارون عراقيبها ) . [ ح 9 / 7894] العُرقوب: هو الوَتَر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع، وهو من الإنسان فويق العقب . كذا في النهاية . (76)

.


1- . الحج (22) : 36 .
2- . السرائر، ج 1، ص 598 .
3- . الحجّ (22) : 28 .
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 223، ح 751؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 159، ح 18865.
5- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 44.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 223، بعد الحديث 750؛ ونحوه في المبسوط، ج 1، ص 374؛ والنهاية، ص 261.
7- . الكافي في الفقه، ص 200.
8- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 439، الدرس 111.
9- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 443، الدرس 112.
10- . منتهى المطلب، ج 2، ص 752.
11- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 443.
12- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 333.
13- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 285.
14- . المهذّب، ج 1، ص 259.
15- . المبسوط، ج 1، ص 393.
16- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 195.
17- . منتهى المطلب، ج 2، ص 754.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 202، ح 672 ، وص 483، ح 1717؛ وهذا هو الحديث الخامس من باب من يجب عليه الهدي وأين يذبحه؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 88 89 ، ح 18668، وص 165، ح 18882.
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 223، ح 753؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 160، ح 18867.
20- . لم أعثر على تعليقاته على الإرشاد، وبه قال في جامع المقاصد، ج 9، ص 90.
21- . الحجّ (22): 36.
22- . السرائر، ج 1، ص 598 .
23- . مسند أحمد، ج 4، ص 15؛ وج 6 ، ص 51 ؛ صحيح مسلم، ج 6 ، ص 80 ؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 642 ، ح 2812؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 3، ص 80 81 ، ح 4556؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 240؛ و ج 9، ص 293.
24- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 419.
25- . منتهى المطلب، ج 2، ص 752.
26- . منتهى المطلب، ج 2، ص 755.
27- . قواعد الأحكام، ج 1، ص 443.
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 224، ح 756.
29- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 224، ح 757؛ الاستبصار، ج 2، ص 273، ح 966؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 164، ح 18879.
30- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 224 225، ح 758؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 160 161، ح 18868.
31- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 225، ح 759؛ الاستبصار، ج 2، ص 273، ح 968؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 161، ح 18870.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 225، ح 760؛ الاستبصار، ج 2، ص 273، ح 969؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 161، ح 18871.
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 225، ح 761؛ الاستبصار، ج 2، ص 273، ح 970؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 161، ح 18869.
34- . الحجّ (22): 36.
35- . منتهى المطلب، ج 2، ص 754.
36- . المجموع للنووي، ج 8 ، ص 413 و 415؛ شرح صحيح مسلم، ج 13، ص 131؛ روضة الطالبين، ج 2، ص 492.
37- . منتهى المطلب، ج 2، ص 752.
38- . الحجّ (22): 36.
39- . اُنظر: وسائل الشيعة، ج 14، الباب 40 من أبواب الذبح، ح 18866 و 18874.
40- . صحيح البخاري، ج 2، ص 187؛ صحيح مسلم، ج 6 ، ص 81 ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 9، ص 291.
41- . هذا الحديث نفس الحديث التالي؛ فإنّ بنان بن محمّد يرويه عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهماالسلام ، والظاهر أنّ الشارح جعلها حديثين تبعا لمنتهى المطلب، ج 2، ص 752.
42- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 225، ح 761؛ الاستبصار، ج 2، ص 273، ح 970؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 161، ح 18869.
43- . الأنعام (16) : 141 .
44- . منتهى المطلب، ج 2، ص 759.
45- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 172، ح 18904.
46- . الفقيه، ج 2، ص 493، ح 3056؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 170، ح 18898.
47- . منتهى المطلب، ج 2، ص 760، ومثله في تحرير الأحكام، ج 1، ص 638 ، و نحوه في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 323.
48- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 374؛ النهاية، ص 261.
49- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 442، الدرس 111.
50- . المختصر النافع، ص 89 .
51- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 25.
52- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 226، ح 765؛ الاستبصار، ج 2، ص 274، ح 974؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 171، ح 18900.
53- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 226، ح 766؛ الاستبصار، ج 2، ص 275، ح 975؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 171، ح 18901.
54- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 227، ح 767؛ الاستبصار، ج 2، ص 275، ح 976؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 171، ح 18902.
55- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 227، ح 769؛ الاستبصار، ج 2، ص 275، ح 978؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 172، ح 18903.
56- . المختصر النافع، ص 89 .
57- . المبسوط، ج 1، ص 374. ومثله في النهاية، ص 261.
58- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 226، ح 763؛ الاستبصار، ج 2، ص 274، ح 972؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 168، ح 18893.
59- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 225، ح 762؛ الاستبصار، ج 2، ص 274، ح 971؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 169، ح 18894.
60- . اُنظر: رجال الطوسي، ص 313، الرقم 4649 و 4651؛ رجال ابن داود، ص 171، الرقم 1367 و 1368.
61- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 226، ح 764؛ الاستبصار، ج 2، ص 274، ح 973؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 169، ح 18895.
62- . منتهى المطلب، ج 2، ص 760.
63- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 13، ص 129. ورواه أحمد في مسنده، ج 2، ص 34؛ والنسائي في السنن الكبرى، ج 3، ص 67 68 ، ح 4512؛ والبيهقي في السنن الكبرى، ج 9، ص 290.
64- . اُضيفت من المصدر.
65- . صحيح مسلم، ج 6 ، ص 81 . و رواه البخاري في صحيحه، ج 6 ، ص 239.
66- . صحيح مسلم، ج 6 ، ص 80 . و رواه النسائي في السنن الكبرى، ج 3، ص 68 ، ح 4515؛ والبيهقي في السنن الكبرى، ج 9، ص 291.
67- . اُنظر: نيل الأوطار، ج 5 ، ص 218؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 13، ص 130؛ تحفة الأحوذي، ج 5 ، ص 82 ؛ الديباج للسيوطي، ج 5 ، ص 37.
68- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 13، ص 129.
69- . النهاية، ج 4، ص 196 (كلح).
70- . النهاية، ج 4، ص 279 (لوا).
71- . صحاح اللغة، ج 4، ص 1500 (شدق).
72- . غريب الحديث للحربي، ج 1، ص 207 (عتر)؛ الفائق، ج 1، ص 129.
73- . القاموس المحيط، ج 4، ص 361 (عرو).
74- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 225، ح 759؛ الاستبصار، ج 2، ص 273، ح 968؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 161، ح 18870.
75- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 225، ح 760؛ الاستبصار، ج 2، ص 273، ح 969؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 161، ح 18871.
76- . النهاية، ج 3، ص 221 (عرقب).

ص: 433

. .

ص: 434

. .

ص: 435

. .

ص: 436

. .

ص: 437

. .

ص: 438

. .

ص: 439

. .

ص: 440

. .

ص: 441

. .

ص: 442

باب جلود الهدي

باب جلود الهديقال المحقّق في الشرائع : كلّ هدي واجب - كالكفّارات - لا يجوز أن يعطى الجزّار منها شيئا ولا أخذ شيء من جلودها، ولا أكل شيء منها ، فإن أكل تصدّق بثمن ما أكل . ثمّ قال :_ ويكره أن يأخذ شيئا من جلود الأضاحي وأن يعطيها الجزّار ، والأفضل أن يتصدّق بها . (1) ويدلّ على الأوّل حسنة حفص، (2) وخبر معاوية، (3) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ذبح رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن اُمّهات المؤمنين بقرة بقرة، ونحر هو ستّا وستّين بدنة، ونحر عليّ عليه السلام أربعا وثلاثين بدنة، ولم يَعط الجزّارين من جلالها ولا من قلائدها، ولا ظهورها، ولكن تصدّق به ». (4) وفي صحيح آخر عن معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الإهاب؟ فقال : «تصدّق به، أو تجعله مصلّى تنتفع به في البيت، ولا تعطي الجزّارين ». وقال : «نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يعطى جلالها وجلودها وقلائدها الجزّارين، وأمره أن يتصدّق بها ». (5) وما رواه البخاريّ عن مجاهد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عليّ عليه السلام قال : «بعثني النبيّ صلى الله عليه و آله فقمت على البدن، فأمرني فقسّمت لحومها، ثمّ أمرني فقسّمت جلالها وجلودها». (6) وبسند آخر عنه عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عليّ عليه السلام قال : «أمرني النبيّ صلى الله عليه و آله أن أقوم على البدن ولا اُعطي عليها شيئا من جزارتها ». (7) وبسند آخر عنه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن على¨ّ عليه السلام : «أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أمره أن يقوم على بدنه وأن يقسّم بدنه كلّها لحومها وجلودها وجلالها ولا يعطي في جزّارتها شيئا ». (8) وبسند آخر عنه عن ابن أبي ليلى، عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «أهدى النبيّ صلى الله عليه و آله مئة بدنة، فأمرني بلحومها فقسّمتها ثمّ أمرني بجلالها فقسّمتها، ثمّ بجلودها فقسّمتها ». (9) وعلّل أيضا بأنّ المهدي قد لزمه إيصال ذلك إلى الفقراء، فكانت اُجرة الجزّار عليه (10) . (11) وقد عارض الشيخ إيّاها بموثّق إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : «سألته عن الهدي أيخرج بشيء منه عن الحرم؟ فقال : «بالجلد والسّنام والشيء ينتفع به »، قلت : إنّه بلغنا عن أبيك أنّه قال : لا يخرج من الهدي المضمون شيئا؟ قال : «بل يخرج بالشيء ينتفع به ». وزاد فيه أحمد : «ولا يخرج بشيء من اللحم من الحرم» (12) وأوّله بقوله : يجوز أن يكون إنّما أباحه عليه السلام لمن يتصدّق به ، واستشهد له بما سيأتي من صحيحة عليّ بن جعفر ، (13) وفيه تأمّل . والأولى الجمع بين الأخبار بالقول بعدم جواز إعطائها الجزّار وإباحة أخذها مصلّى ينتفع به كما هو المشهور . (14) ويدلّ عليه صحيح معاوية (15) المتقدِّم . وأمّا الثاني فيدلّ عليه أخبار ، منها : عموم صحيح معاوية المتقدّم، وخصوص صحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحّى بها أن يجعلها جرابا؟ قال : «لا يصلح أن يجعلها جرابا إلّا أن يتصدّق بثمنها ». (16)

.


1- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 197.
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 173، ح 18905.
3- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 173، ح 18906.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 227، ح 770؛ الاستبصار، ج 2، ص 275 276، ح 979؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 100 101، ح 18698.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 228، ح 771؛ الاستبصار، ج 2، ص 276، ح 980؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 174، ح 18909.
6- . صحيح البخاري، ج 2، ص 186. ورواه البيهقي في السنن الكبرى، ج 6 ، ص 80 .
7- . صحيح البخاري، ج 2، ص 186؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 457، ح 4151.
8- . صحيح البخاري، ج 2، ص 186. ورواه أحمد في مسنده، ج 1، ص 123؛ والدارمي في سننه، ج 2، ص 74؛ ومسلم في صحيحه، ج 4، ص 87 ؛ والبيهقي في السنن الكبرى، ج 5 ، ص 241؛ والنسائي في السنن الكبرى، ج 2، ص 455، ح 4143.
9- . صحيح البخاري، ج 2، ص 186.
10- . الجُزارة بالضّم: ما يأخذه الجزّار من الذبيحة عن أجرته، كالعمالة للعامل. وأصل الجزارة أطراف البعير: الرأس واليدان والرجلان. النهاية لابن الأثير، ج 1، ص 267 (جزر).
11- . منتهى المطلب، ج 2، ص 760.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 228، ح 772؛ الاستبصار، ج 2، ص 276، ح 981؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 174 175، ح 18910.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 228، ح 773؛ الاستبصار، ج 2، ص 276، ح 982؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 174، ح 18908.
14- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 323؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 760.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 228، ح 771؛ الاستبصار، ج 2، ص 276، ح 980؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 174، ح 18909.
16- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 228، ح 773؛ الاستبصار، ج 2، ص 276، ح 982؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 174، ح 18908.

ص: 443

. .

ص: 444

باب الحلق والتقصير

باب الحلق والتقصيرالمشهور بين الأصحاب وجوب الحلق أو التقصير على الحاجّ ، وحكاه في المنتهى (1) عن مالك وأبي حنيفة والشافعيّ وإحدى الروايتين عن أحمد . (2) وقال ابن إدريس : «وذهب شيخنا في نهايته إلى أنّ الحلق أو التقصير مندوب غير واجب، وكذلك أيّام منى ورمي الجمار ». (3) ولم أجد من هذا القول فيها عينا ولا أثراً ، (4) بل كلامه فيها صريح بوجوب تلك المناسك، حيث قال في باب الحلق والتقصير : يستحبّ أن يحلق الإنسان رأسه بعد الذبح، وإن كان صرورة لا يجزيه غير الحلق ، وإن كان ممّن حجّ حجّة الإسلام جاز له التقصير، والحلق أفضل ، اللّهمَّ إلّا أن يكون قد لبّد شعره، فإن كان كذلك لم يجزه غير الحلق في جميع الأحوال ، ومن ترك الحلق عامداً أو التقصير إلى أن يزور البيت كان عليه دم شاة، وإن فعله ناسيا لم يكن عليه شيء، وكان عليه إعادة الطواف ، ومن رحل من منى قبل الحلق فليرجع إليها ولا يحلق رأسه إلّا بها مع الاختيار، فإن لم يتمكّن من الرجوع إليها فليحلق رأسه في مكانه، ويردّ شعره إلى منى ويدفنه هناك، فإن لم يتمكّن من ردّ الشعر إلى منى لم يكن عليه شيء . (5) وفي باب زيارة البيت والرجوع إلى منى ورمي الجمار: فإذا فرغ الإنسان من الطواف فليرجع إلى منى، ولا يبيت ليالي التشريق إلّا بها، فإن بات في غيرها فإنّ عليه دم شاة إلى قوله : وإذا رجع الإنسان إلى منى لرمي الجمار كان عليه أن يرمي ثلاثة أيّام: الثاني من النحر والثالث والرابع، كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة. (6) وأظنّ أنّه قد سها قلمه في تبديل التبيان بالنهاية ؛ ففي المختلف: قال الشيخ في التبيان : «الحلق أو التقصير مندوب غير واجب، وكذلك أيّام منى ورمي الجمار ». (7) وعلى أيّ حال فلم أجد له مستنداً صريحا . نعم ، روى معاوية بن عمّار في الصحيح عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله ، قال : «لا تحلّ له النساء حتّى يزور البيت ويطوف، فإن مات فليقض عنه وليّه ، فأمّا ما دام حيّا فلا يصلح أن يقضى عنه ، وإن نسي رمي الجمار فليسا بسواء، الرمي سنّة، والطواف فريضة ». (8) والظاهر أنّ المراد بالفرض والسنّة هنا ما ثبت وجوبه بالقرآن والحديث ، ويأتي القول فيه في طواف النساء . واحتجّ على المذهب المنصور بقوله تعالى : «مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ» (9) ، حيث وصفهم اللّه تعالى بذلك ومدحهم عليه ، فلو لم يكن عبادة لم يصفهم به، كما لم يصفهم بالتطيّب واللّبس وبالأمر به، الدال على كونه عبادة وثوابا في أخبار متكثّرة من الطريقين ، منها : ما رواه المصنّف في الباب . ومنها : ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا ذبحت اُضحيتك فاحلق رأسك واغتسل، وقلّم أظفارك وخُذ من شاربك ». (10) وفي الصحيح عن حريز، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم الحديبيّة : اللّهمَّ اغفر للمحلّقين مرّتين ، قيل : وللمقصّرين يارسول اللّه ؟ قال : وللمقصّرين ». (11) ومنها : ما رواه البخاريّ عن نافع، عن عبداللّه بن عمر أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : «اللّهمَّ ارحم المحلّقين »، قالوا : والمقصّرين يارسول اللّه ؟ قال : «والمقصّرين ». (12) قال : وقال الليث: حدّثني نافع: رحم اللّه المحلّقين، مرّة أو مرّتين . (13) وقال عبيد اللّه : حدّثني نافع، قال : في الرابعة: والمقصّرين . (14) وعن أبي هريرة، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «اللّهُمَّ اغفر للمحلّقين »، قالوا : والمقصّرين؟ قال: «اللّهم اغفر للمحلّقين» قالوا: والمقصّرين، [ قال: اللهمّ اغفر للمحلّقين. قالوا: وللمقصّرين] قالها ثلاثا قال : «وللمقصّرين ». (15) وعن نافع أنّ عبداللّه بن عمر، قال : حلق النبيّ صلى الله عليه و آله وطائفة من أصحابه، وقصّر بعضهم . (16) وعن ابن عبّاس عن معاوية، قال : قصّرت عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله بمشقص . (17) ثمّ المشهور أنّ الحلق أفضل لا سيما للملبّد والمعقّص والصرورة ، ويستفاد ذلك من استغفاره صلى الله عليه و آله للمحلّقين مراراً، وللمقصّرين مرّة فيما ذكر ، واقتصاره على الاستغفار للمحلّقين في صحيح الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «استغفر رسول اللّه صلى الله عليه و آله للمحلّقين ثلاث مرّات »، قال : وسألت أبا عبداللّه عليه السلام عن التفث؟ قال : «هو الحلق وما كان على جلد الإنسان ». (18) ولخبري عليّ بن أبي حمزة (19) وحسنة معاوية بن عمّار، (20) وقد روها الشيخ في الصحيح عنه . (21) وصحيحة حفص، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ينبغي للصرورة أن يحلق، وإن كان قد حجّ فإن شاء قصّر وإن شاء حلق، فإذا لبّد شعره أو عقصه فإنّ عليه الحلق وليس له التقصير ». (22) وخبر سويد القلاء، عن أبي سعيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يجب الحلق على ثلاثة نفر : رجل لبّد، ورجل حجّ ندبا لم يحجّ قبلها، ورجل عقص رأسه ». (23) وموثّق عمّار الساباطيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن الرجل برأسه قروح لا يقدر على الحلق؟ قال : «إن كان قد حجّ قبلها فليجزّ شعره، وإن كان لم يحجّ فلابدّ من الحلق ». وعن رجل حلق قبل أن يذبح؟ قال : «يذبح ويعيد الموسى ؛ لأنّ اللّه تعالى يقول : «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (24) ». (25) وصحيحة هشام بن سالم، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إذا عقص الرجل رأسه أو لبّده في الحجّ أو العمرة فقد وجب عليه الحلق ». (26) وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق، وليس لك التقصير ، وإن أنت لم تفعل فمخيّر لك التقصير والحلق في الحجّ وليس في المتعة إلّا التقصير ». (27) ولظهور أكثر ما ذكر من الأخبار في وجوب الحلق عينا على الصرورة والملبّد والمعقّص، قال الشيخ المفيد في المقنعة : «ولا يجزي الصرورة غير الحلق، ومن لم يكن صرورة أجزأه التقصير ] والحلق أفضل]». (28) وقال الشيخ في النهاية : [ «وإن كان ممّن حجّ حجّة الإسلام جازله التقصير] والحلق أفضل ، اللّهمَّ إلّا أن يكون قد لبّد شعره، فإن كان كذلك لم يجزه غير الحلق ». (29) وفي التهذيب : «ومَن عقص شعر رأسه عند الإحرام أو لبّده فلا يجوز له إلّا الحلق ، ومتى اقتصر على التقصير وجب عليه دم شاة ». (30) واحتجّ عليه ببعض ما ذكر من الأخبار، وبصحيحة عيص، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل عقص شعر رأسه وهو متمتّع، ثمّ قدم مكّه فقضى نسكه وحلّ عقاص رأسه، فقصّر وادّهن وأحلّ ، قال : «عليه دم شاة ». (31) وقال في موضع آخر بعده : «قد بيّنا فيما تقدّم من الكتاب أنّ من عقص رأسه أو لبّده لم يجزه التقصير ويجب عليه الحلق ، ومتى اقتصر على التقصير لزمه دم شاة ». (32) وفي المبسوط : فإذا فرغ من الذبح حلق بعده إن كان صرورة، ولا يجزيه غير الحلق، وإن كان حجّ حجّة الإسلام جاز له التقصير، والحلق أفضل ، فإن لبّد شعره لم يجزه غير الحلق على كلّ حال . (33) والظاهر أنّ تأكّد استحباب الحلق أو وجوبه على هؤلاء للنظافة المطلوبة شرعا . وفي نهاية ابن الأ ثير في ترجمة العقص: ومنه حديث عمر: مَن لبّد أو عقص فعليه الحلق، يعني في الحجّ، وإنّما جعل عليه الحلق لأنّ هذه الأشياء تقي الشعر من الشعث ، فلمّا أراد حفظ شعره وصونَه ألزمه حلقه بالكلّيّة مبالغة في عقوبته . (34) انتهى ، فتأمّل . ثمّ ظاهر الأصحاب كالأخبار_ أنّهما نسكان من مناسك الحجّ والعمرة لا مجرّد استباحة محظور، وهو المشهور بين العامّة ، واختلف فيه قول الشافعيّ على ما حكى عنه في العزيز حيث قال : واختلف يعني قوله في أنّ الحلق في وقته، هل هو نسك أم لا؟ فأحد القولين أنّه ليس بنسك وإنّما هو استباحة محظور ؛ لأنّ كلّ ما فعله قبل وقته لزمته الفدية، فإذا فعله في وقته كان استباحة كالطيب واللّبس ، وأصحّهما أنّه نسك يُثاب عليه لما روي أنّه صلى الله عليه و آله قال :«إذا رميتم وحلقتم حلّ لكم كلّ شيء إلّا النساء ». (35) علّق الحلّ بالحلق كما علّقه بالرمي ، وأيضا فإنّ الحلق أفضل من التقصير لما سيأتي ، والتفصيل إنّما يقع في العبادات دون المباحات . (36) وكذا الظاهر من الفتاوى والأخبار عموم التقصير لشعر الرأس وغيره من سائر الجسد، ولقص الظفر أيضا . وفي العزيز : كلّ واحد من الحلق والتقصير يختصّ بشعر الرأس، ولا يحصل النسك بحلق شعر آخر أو تقصيره وإن استوى الكلّ في وجوب الفدية إذا أخذ قبل الوقت ؛ لأنّ الأمر ورد في شعر الرأس . (37) وهذا كلّه في الرجل ، وأمّا المرأة فيتعيّن عليها التقصير ولا يجوز لها الحلق؛ لكونه مثلة للنساء، وظهور الأخبار في ذلك حيث علّق تحليلها على التقصير . وقد وقع التصريح بذلك فيما رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام قال : «نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن تحلق المرأة رأسها ». (38) وقد روي عن ابن عبّاس، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «ليس على النساء حلق، إنّما على النساء التقصير ». (39) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (وإذا لبّد شعره أو عقصه ) .[ ح 6 / 7903] قال ابن الأثير : «وتلبيد الشعر أن يجعل فيه شيء من صمغ عند الإحرام؛ لئلّا يَشعث ويقمل إبقاءً على الشعر ، وإنّما يلبّد من يطول مكثه في الإحرام ». (40) وقال : «العقيصة الشعر المعقوص، وهو نحو من المضفور، وأصل العَقُص: اللّيّ وإدخال أطراف الشعر في اُصوله ». (41) قوله في خبر غياث بن إبراهيم : (السنّة في الحلق أن يبلغ العظمين ) .] ح 10 / 7907] في المبسوط : «إذا أراد الحلق بدأ بناصيته من القرن الأيمن، حلقه إلى العظيمن ». (42) ومثله في المنتهى بزيادة قوله : «بلا خلاف ». (43) ويدلّ على استحباب الانتهاء إلى العظيمن هذا الخبر . واحتجّ على استحباب البدأة بالناصية من القرن الأيمن بما رواه الشيخ عن الحسن بن مسلم، عن بعض الصادقين عليهم السلام ، قال : لمّا أراد أن يقصّر من شعره للعمرة أراد الحجّام أن يأخذ من جوانب الرأس ، فقال له : «ابدأ بالناصية»، فبدأ بها . (44) وفي الصحيح عن معاوية، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: أمر الحلّاق أن يضع الموسى على قرنه الأيمن، ثمّ أمره أن يحلق وسمّى هو ، وقال : «اللّهمَّ أعطني بكلّ شعرة نوراً يوم القيامة». (45) وما رواه جمهور العامّة عن أنس أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله رمى جمرة العقبة يوم النحر،ثمّ رجع إلى منزله بمنى، فدعا بذبح فذبح، ثمّ دعا بالحلّاق فأخذ شقّ رأسه الأيمن فحلقه، فجعل يقسم بين من يليه الشعرة والشعرتين، ثمّ أخذ شقّ رأسه الأيسر فحلقه، ثمّ قال : «هاهنا أبو طلحة؟» فدفعه إلى أبي طلحة . (46)

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 762.
2- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 205 و 208؛ فتح العزيز، ج 7، ص 374؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 458؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 459.
3- . كذا بالأصل والموجود في المصدر: «في تبيانه» بدل «في نهايته» ونقل في هامشه عن نسخة منه: «في نهايته»، وكلام الشيخ موجود في تفسير الآية 196 من سورة البقرة في التبيان، ج 2، ص 154.
4- . السرائر، ج 1، ص 602 .
5- . النهاية، ص 262 263.
6- . النهاية، ص 265 266.
7- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 300. وكلام الشيخ مذكور في التبيان، ج 2، ص 154، في تفسير الآية 196 من سورة البقرة.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 253، ح 857 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 233، ح 807 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 406، ح 18077.
9- . الفتح (48) : 27 .
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 240، ح 808 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 211، ح 19005.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 243، ح 822 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 223، ح 19042.
12- . صحيح البخاري، ج 2، ص 188. ورواه أحمد في مسنده، ج 2، ص 79 و 138؛ ومسلم في صحيحه، ج 4، ص 81 .
13- . صحيح البخاري، ج 2، ص 189. ورواه أحمد في مسنده، ج 2، ص 119.
14- . صحيح البخاري، ج 2، ص 189.
15- . صحيح البخاري، ج 2، ص 189 وما بين الحاصرتين منه. ورواه مسلم في صحيحه، ج 4، ص 81 ؛ وأحمد في مسنده، ج 2، ص 231؛ وابن ماجة في سننه، ج 2، ص 1012، ح 3043؛ والبيهقي في السنن الكبرى، ج 5 ، ص 134.
16- . صحيح البخاري، ج 2، ص 189. ورواه مسلم في صحيحه، ج 4، ص 80 81 ؛ والترمذي في سننه، ج 4، ص 198، ح 916.
17- . صحيح البخاري، ج 2، ص 189. ورواه أحمد في مسنده، ج 4، ص 96 98؛ ومسلم في صحيحه، ج 4، ص 58 ؛ و أبو داود في سننه، ج 1، ص 405، ح 1803.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 243، ح 823 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 223، ح 19043.
19- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي.
20- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي.
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 243، ح 821 ، وص 484، ح 1726؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 221 222، ح 19037.
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 484 485، ح 1727.
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 485، ح 1729؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 222، ح 19039.
24- . البقرة (2): 196.
25- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 485، ح 1730؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 222 223، ح 19040.
26- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 484، ح 1724؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 222، ح 19038.
27- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160، ح 533 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 224، ح 19044.
28- . المقنعة، ص 419، ومابين الحاصرتين منه.
29- . النهاية، ص 262 263، وما بين الحاصرتين منه.
30- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160، بعد الحديث 532 .
31- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 160، ح 534 ، وص 224، ح 19045.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 244، بعد الحديث 823 .
33- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 376.
34- . النهاية، ج 3، ص 275 (عقص).
35- . مسند أحمد، ج 6 ، ص 143؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 136.
36- . فتح العزيز، ج 7، ص 374 375.
37- . فتح العزيز، ج 7، ص 377.
38- . سنن الترمذي، ج 2، ص 198، ح 917؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 5 ، ص 407، ح 9297؛ أمالي المحاملي، ص 158، ح 128؛ كنز العمّال، ج 5 ، ص 276، ح 12873.
39- . سنن الدارمي، ج 2، ص 64 ؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 441، ح 1984 و 1985؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 104؛ المعجم الكبير للطبراني، ج 12، ص 194؛ سنن الدارقطني، ج 2، ص 239، ح 2640.
40- . النهاية، ج 4، ص 224 (لبد).
41- . النهاية، ج 3، ص 275 (عقص).
42- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 376. ونحوه في النهاية، ج 1، ص 263.
43- . منتهى المطلب، ج 2، ص 763.
44- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 244، ح 825 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 516 517 ، ح 18346.
45- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 244، ح 826 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 228 229، ح 19057.
46- . السنن الكبرى للبيهقي، ج 2، ص 427.

ص: 445

. .

ص: 446

. .

ص: 447

. .

ص: 448

. .

ص: 449

. .

ص: 450

. .

ص: 451

. .

ص: 452

باب من قدّم شيئا أو أخّر شيئا من مناسكه

باب من قدّم شيئا أو أخّر شيئا من مناسكهأراد قدس سره بالمناسك بقرينة أخبار الباب مناسك منى وما بعدها ، أمّا مناسك منى فالمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ في كتابي الأخبار (1) والمبسوط (2) والنهاية (3) والمحقّق (4) والشهيدان، (5) واختاره العلّامة في المنتهى (6) وجوب الترتيب فيها، بتقديم رمي جمرة العقبة على الذبح، وتأخير الحلق عنه . أمّا الأوّل فيدلّ عليه ما تقدّم من الأخبار التي دلّت على رمي الجمرة بعد الإفاضة من المشعر. وأمّا الثاني فلقوله تعالى : «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (7) بناءً على إرادة الذبح من بلوغ الهدي محلّه، ولما رواه الشيخ عن موسى بن القاسم، عن عليّ، قال :« لا يحلق رأسه ولا يزور حتّى يضحّي فيحلق رأسه ويزور متى شاء ». (8) وعن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا ذبحت اُضحيتك فاحلق رأسك ». (9) وعن جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق، وفي العقيقة بالحلق قبل الذبح ». (10) ومثلها صحيحة عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحّي، قال : «لا بأس، وليس عليه شيء ولا يعودنّ » (11) بمقتضى النهي عن العود . ويؤيّدها ما رواه الجمهور في حديث أنس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رتّب هذه المناسك، وقال : «خذوا عنّي مناسككم ». (12) وذهب الشيخ في الخلاف (13) إلى استحبابه ، وتبعه ابن إدريس، (14) واختاره العلّامة في المختلف ، (15) وهو منقول عن ابن أبي عقيل، (16) وهو ظاهر المصنّف، لظهور الأخبار التي ذكرها في الباب فيه . ومثلها ما رواه الشيخ عن محمّد بن حمران، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل زار البيت قبل أن يحلق، قال : «لا ينبغي إلّا أن يكون ناسيا »، ثمّ قال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أتاه ناس يوم النحر فقال بعضهم : يارسول اللّه ، ذبحت قبل أن أرمي. وقال بعضهم : ذبحت قبل أن أحلق. فلم يتركوا شيئا أخّروه كان ينبغي لهم أن يقدِّموه، ولا شيئا قدَّموه كان ينبغي لهم أن يؤخّروه إلّا قال : لا حرج ». (17) ويؤيّدها ما رواه البخاريّ عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قيل له في الذبح والرمي والحلق والتقديم والتأخير، فقال :«لا حرج ». (18) وعن ابن عبّاس، قال : كان النبيّ صلى الله عليه و آله يسأل يوم النحر بمنى، فيقول : «لا حرج »، فسأله رجل فقال : حلقت قبل أن أذبح ؟ فقال : «اذبح ولا حرج »، قال : رميت بعدما أمسيت؟ فقال : «لا حرج ». (19) وقد حمل الشيخ في كتابي الأخبار (20) هذه على حالة النسيان مستشهداً له بحسنة جميل بن درّاج ، ويؤيّدها ما رواه البخاريّ عن عبداللّه بن عمرو بن العاص: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقف في حجّة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل : لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ قال : «اذبح ولا حرج ». فجاء آخر فقال : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال : «ارمِ ولا حرج ». فما سئل يومئذٍ عن شيء قُدِّم ولا اُخِّر إلّا قال : «افعل ولا حرج ». (21) ويمكن حملها على الجاهل أيضا، كما هو ظاهر بعض تلك الأخبار ، ويؤيّدها ما رواه البخاريّ عن عبداللّه بن عيسى بن طلحة أنّ عبداللّه بن عمرو بن العاص حدّثه أنّه شهد النبيّ صلى الله عليه و آله يخطب يوم النحر، فقام إليه رجل، فقال : كنت أحسب أنّ كذا قبل كذا ، ثمّ قام آخر فقال : كنت أحسب أنّ كذا قبل كذا، حلقت قبل أن أنحر ونحرت قبل أن أرمي، وأشباه ذلك ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : «افعل ولا حرج »، فما سُئِلَ يومئذٍ عن شيء إلّا قال: «افعل ولا حرج [ لهنّ كلهنّ، فما سئل يومئذ عن شيءٍ إلّا قال: افعل ولاحرج]». (22) وحكى في المنتهى (23) عن أبي الصلاح (24) أنّه قال بجواز تقديم الحلق على الرمي، وبجواز تأخيره إلى آخر أيّام التشريق، وحسّن جواز تأخيره بشرط تقديمه على زيارة البيت؛ متمسّكا بأنّ اللّه تعالى بيّن أوّله بقوله «حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ» (25) ولم يبيّن آخره ، فمتى أتى أجزأه كالطواف للزيارة والسعي . وعلى القول بالوجوب ليس الترتيب شرطا، ولا الإخلال به موجبا للكفّارة عندنا، وإنّما تظهر فائدة الخلاف في الإثم . وفي المنتهى: «ذهب إليه علماؤنا». وقد اختلفت العامّة أيضا في المسألة ، ففي المنتهى: وقال الشافعيّ إن قدّم الحلق على الذبح جاز، وإن قدّم الحلق على الرمي وجب الدم إن قلنا: إنّه إطلاق محظور؛ لأنّه حلق قبل أن يتحلّل ، وإن قلنا: إنّه نسك فلا شيء عليه ؛ لأنّه أحد ما يتحلّل به . وقال أبو حنيفة : إذا قدّم الحلق على الذبح لزمه دم إن كان قارنا أو متمتّعا، ولا شيء عليه إن كان مفرداً . وقال مالك : إن قدّم الحلق على الذبح فلا شيء عليه، وإن قدّمه على الرمي وجب الدم . (26) وفي العزيز : ولو حلق قبل أن يرمي فإن جعلنا الحلق نسكا فلا بأس ، وإن جعلناه استباحة محظور فعليه الفدية لوقوع الحلق قبل التحلّل . وروى القاضي ابن كج: أنّ أبا إسحاق وابن القطّان ألزماه الفدية وإن جعلنا الحلق نسكا ، والحديث حجّة عليهما، ومؤيّد للقول الأصحّ، وهو أنّ الحلق نسك . وعن مالك وأبي حنيفة وأحمد أنّ الترتيب بينهما واجب ولو تركه فعليه دم . (27) انتهى . وأمّا تقديم مناسك منى يوم النحر على الطواف والسعي فالظاهر وفاق الأصحاب على وجوبه، ومقتضاه وجوب إعادة الطواف والسعي مع المخالفة مطلقا، عمداً كان ذلك أو نسيانا وجهلاً . ويدلّ عليه صحيحة عليّ بن يقطين فيما إذا وقعا قبل الحلق أو التقصير، حيث قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصّر حتّى زارت البيت، فطافت وسعت من الليل، ما حالها؟ وما حال الرجل إذا فعل ذلك؟ قال : «لا بأس به يقصّر ويطوف للحجّ ، ثمّ يطوف للزيارة، ثمّ قد أحلّ من كلّ شيء ». (28) وإنّما التفاوت بين العمد وغيره وجوب الفدية وعدمه ، والفارق صحيحة محمّد بن مسلم، (29) ولم أجد تصريحا من الأصحاب بوجوب هذه الإعادة ، بل ظاهرهم عدمه، حيث اكتفوا فيمن أخّر الحلق عن النفر من منى بوجوب الحلق أو التقصير، ولم يتعرّضوا لحال الطواف والسعي . وهو ظاهر أكثر الأخبار أيضا ، ففي التهذيب. من رحل من منى قبل الحلق فإنّه يرجع إليها ويحلق بها أو يقصّر، ولا يسعه غير ذلك مع الاختيار فإن لم يتمكّن من الرجوع إلى منى فليحلق أين كان، وليردّ شعره إلى منى فيدفنه هناك . (30) واحتجّ عليه بصحيحة الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يقصر من شعره أو يحلقه حتّى ارتحل من منى؟ قال : يرجع إلى منى حتّى يلقي شعره بها، حلقا كان أو تقصيراً ». (31) وخبر عليّ بن أبي حمزة (32) عن أبي بصير، قال : سألته عن رجل جهل أن يقصّر من رأسه أو يحلق حتّى ارتحل من منى؟ قال : «فليرجع إلى منى حتّى يحلق شعره بها أو يقصّر ، وعلى الصرورة أن يحلق ». (33) وخبر المفضّل بن صالح، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل زار البيت ولم يحلق رأسه؟ قال : «يحلقه بمكّة ويحمل شعره إلى منى، وليس عليه شيء ». (34) وبما رواه المصنّف قدس سره في الباب السابق من حسنة حفص بن البختريّ. (35) ويدلّ عليه أيضا خبر أبي الصباح الكنانيّ المروي في ذلك الباب . (36) واحتجّ عليه أيضا فيه بصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام يدفن شعره في فسطاطه بمنى، ويقول : كانوا يستحبّون ذلك». قال : وكان أبو عبداللّه عليه السلام يكره أن يخرج الشعر من منى، يقول : «من أخرجه فعليه أن يردّه »، (37) وفيه تأمّل . وقوله عليه السلام : «وليس عليه شيء» (38) ظاهر في عدم وجوب إعادة الطواف والسعي ، فلا يبعد حمل الإعادة في صحيحة عليّ بن يقطين على الاستحباب ، فتأمّل .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 240؛ الاستبصار، ج 2، ص 284، الباب 195.
2- . المبسوط، ج 1، ص 368 370.
3- . النهاية، ص 262.
4- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 192؛ المختصر النافع، ص 88 .
5- . اللمعة الدمشقيّة، ص 64 ؛ شرح اللمعة، ج 2، ص 281.
6- . منتهى المطلب، ج 2، ص 729.
7- . البقرة (2): 196.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 236، ح 795؛ الاستبصار، ج 2، ص 284، ح 1006؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 158، ح 18862.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 240، ح 808 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 211، ح 19005.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 222، ح 749؛ وهذا هو الحديث السابع من باب الذبح من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 155، ح 18856.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 237، ح 798؛ الاستبصار، ج 2، ص 285، ح 1010؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 158، ح 18863.
12- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 340؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 472؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 462.
13- . الخلاف، ج 2، ص 345، المسألة 168.
14- . السرائر، ج 1، ص 602 .
15- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 289.
16- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 289.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 240، ح 810 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 155 156، ح 18857.
18- . صحيح البخاري، ج 2، ص 190؛ مسند أحمد، ج 1، ص 258؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 84 ؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 445، ح 4103؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 142.
19- . صحيح البخاري، ج 2، ص 190، ورواه ابن ماجة في سننه، ج 2، ص 1013 1014، ح 3050.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 222، ح 750؛ الاستبصار، ج 2، ص 284، ذيل 1008.
21- . صحيح البخاري، ج 2، ص 190، ورواه مسلم في صحيحه، ج 4، ص 82 83 ؛ و أبو داود في سننه، ج 1، ص 447، ح 2014؛ والنسائي في السنن الكبرى، ج 2، ص 447، ح 4109.
22- . صحيح البخاري، ج 2، ص 190، وما بين الحاصرتين منه. ونحوه في ج 7، ص 225؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 83 ؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 139.
23- . منتهى المطلب، ج 2، ص 764.
24- . الكافي في الفقه، ص 200 201.
25- . البقرة (2): 196.
26- . منتهى المطلب، ج 2، ص 764. ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 341. وانظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 216.
27- . فتح العزيز، ج 7، ص 380 381.
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 241؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 217، ح 19022.
29- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 240، ح 809 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 215، ح 19017.
30- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 241.
31- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 241، ح 812 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 285، ح 1011؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 217 218، ح 19023.
32- . في هامش الأصل: «الطريق إليه صحيح، لكنّ علىّ بن أبي حمزة مشترك، منه عفي عنه».
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 241، ح 813 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 285، ح 1012. وهذا هو الحديث الخامس من باب الحلق والتقصير من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 218، ح 19026.
34- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 242، ح 817 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 286، ح 1016؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 221، ح 19035.
35- . الحديث التاسع من الباب المتقدّم؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 242، ح 816 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 219، ح 19029.
36- . الحديث الثامن من الباب المتقدّم؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 218، ح 19025.
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 242، ح 815 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 286، ح 1014؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 220، ح 19033.
38- . في صحيحة أبي بصير المتقدّمة آنفا.

ص: 453

. .

ص: 454

. .

ص: 455

. .

ص: 456

. .

ص: 457

باب ما يحلّ للرجل من اللّباس والطيب إذا حلق قبل أن يزور

باب ما يحلّ للرجل من اللّباس والطيب إذا حلق قبل أن يزورظاهر المصنّف قدس سره بقرينة ما ذكره من الأخبار في الباب ، ويؤيّده ما سيأتي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه يحلّ الحاجّ مطلقا متمتّعا كان أو غيره بالحلق عن جميع محرّمات الإحرام سوى النساء ، فعنده تحلّلان الأوّل بالحلق، والثاني بطواف النساء، ولا مدخل للسعي ولا لطواف الزيارة في التحلّل عن شيء منها، وكأنّه حمل ما سيأتي ممّا دلّ على توقّف التحلّل من الطيب على الطواف مطلقا، أو في المتمتّع على استحباب اجتنابه عنه خصوصا في المتمتّع . وقد ذهب ابن أبي عقيل إلى ما ذهب إليه المصنّف مصرّحا بتلك الكراهة لكن في خصوص المتمتّع، فإنّه قال على ما حكى عنه في المختلف _ : «وإذا رمى يوم النحر جمرة العقبة وحلق حلَّ له لبس الثياب والطيب، إلّا المتمتّع فإنّه يكره له إلى أن يطوف طواف الزيارة ويسعى ». (1) وهذا هو المذهب الأصحّ عند العامّة على ما يظهر من العزيز، فإنّه بعدما نقل القولين في حلّ الصيد حينئذٍ على ما سيأتي _ قال : وفي التطيّب طريقان، أشهرهما: أنّه على القولين ، والثاني: القطع بالحلّ ، وسواء أثبتنا الحلّ أو لم نثبته فالمذهب أنّه يحلّ - بل يستحبّ - أن يتطيّب لحلّه بين التحللين . قالت عائشة : طيّبت رسول اللّه صلى الله عليه و آله لإحرامه قبل أن يحرم، ولحلّه قبل أن يطوف بالبيت. (2) وقال بذلك الشيخ قدس سره في المبسوط في القارن والمفرد. وجعل للمتمتّع ثلاثة تحلّلات، ثانيها بطواف الزيارة للطيب، فقد قال فيه : فإذا حلق رأسه أو قصّر فقد حلّ له كلّ شيء أحرم منه، إلّا النساء والطيب، وهو التحلّل الأوّل إن كان متمتّعا، وإن كان غير متمتّع حلَّ له الطيب أيضا ولا تحلّ له النساء، فإذا طاف المتمتّع طواف الزيارة حلّ له الطيب ولا تحلّ له النساء وهو التحلّل الثاني ، فإذا طاف طواف النساء حلّت له النساء، وهو التحلّل الثالث الذي لا يقع بعده شيء من حكم الإحرام . (3) وقد قال مثل ذلك في النهاية (4) أيضا ، وبذلك جمع بين الروايات في كتابي الأخبار مستنداً بخبر عبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمّد بن حمران، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الحاج غير المتمتّع يوم النحر ما يحلّ له؟ قال : «كلّ شيء إلّا النساء »، وعن المتمتّع ما يحلّ له؟ قال : «كلّ شيء إلّا النساء والطيب ». (5) ويدلّ أيضا على حكم المتمتّع صحيحة العلاء، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي حلقت رأسي وذبحت وأنا متمتّع، أطلي رأسي بالحنّاء؟ قال : «نعم، من غير أن تمسّ شيئا من الطيب »، قلت : وألبس القميص وأتقنّع؟ قال : «نعم »، قلت : قبل أن أطوف بالبيت؟ قال : «نعم ». (6) وصحيحته الاُخرى، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : تمتّعت يوم ذبحت وحلقت، فألطخ رأسي بالحنّاء؟ قال : «نعم، من غير أن تمسّ شيئا من الطيب »، قلت : أفألبس القميص؟ قال : «نعم إذا شئت »، قلت : فاُغطّي رأسي؟ قال : «نعم ». (7) وعلى حكم غيره صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «سئل ابن عبّاس : هل كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتطيّب قبل أن يزور البيت؟ قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يضمد رأسه بالمسك قبل أن يزور »؛ (8) لأنّ الظاهر أنّه كان في حجّة الوداع وهو صلى الله عليه و آله كان قارنا في ذلك الحجّ، بل لم يتمتّع هو صلى الله عليه و آله قط على ما سبق. وخصّ بالمتمتّع خبر عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «اعلم أنّك إذا حلقت رأسك فقد حلّ لك كلّ شيء الّا النساء والطيب ». (9) وما سيأتي عن منصور بن حازم ومعاوية بن عمّار؛ لما ذكر ، ولغيره ما رواه المصنّف من صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج. (10) وتبعه على ذلك التفصيل ابن إدريس ، ففي السرائر : إذا حلق رأسه فقد حلَّ له كلّ شيء أحرم منه، إلّا النساء والطيب إن كان متمتّعا، وإن كان قارنا أو مفرداً حلّ له كلّ شيء، إلّا النساء فحسب، فإذا طاف المتمتّع طواف الحجّ ويسمّى طواف الزيارة حلّ له كلّ شى ء أحرم منه الا النساء فحسب فاذا طاف طوافهنّ حلّت له النساء . (11) ويأبى عن هذا التفصيل خبر سعيد بن يسار (12) وصحيحة أبي أيّوب الخرّاز (13) وموثّقة إسحاق بن عمّار، (14) لصراحتها في ذلك في المتمتّع، فالجمع بالقول بكراهة استعمال الطيب على المتمتّع إلى أن يطوف كما ذهب إليه ابن أبي عقيل (15) ويسعى أظهر ، بل الأظهر للجمع بين ما ذكر وما سيأتي ممّا أطلق في توقّف حلّ الطيب على الطواف والسعي كراهة ذلك مطلقا وكراهة مؤكّدة في المتمتّع كما أشرنا إليه . وظاهر السيّد المرتضى رضى الله عنه في الانتصار توقّف حلّ الطيب على طواف الزيارة فقط مطلقا ولو لم يكن متمتّعا، حيث قال : وممّا انفردت الإماميّة به: القول بأنّ من طاف طواف الزيارة فقد تحلّل من كلّ شيء كان محرما به إلّا النساء، فليس له وطؤهنّ إلّا بطواف آخر، متى فعله حللن له، وهو الذي يسمّونه طواف النساء . (16) ولم أجد خبراً بذلك . نعم ، في بعض الأخبار توقّف حلّ الطيب على الطواف والسعي معا ، رواه الشيخ في الموثّق عن منصور بن حازم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل رمى وحلق، أيأكل شيئا فيه صفرة؟ قال : «لا ، حتّى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ثمّ قد حلّ له كلّ شيء، إلّا النساء حتّى يطوف بالبيت طوافا آخر، ثمّ قد حلّ له النساء ». (17) والصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحلَّ من كلّ شيء أحرم منه، إلّا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلَّ من كلّ شيء أحرم منه، إلّا النساء، فإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيء أحرم منه، إلّا الطيب ». (18) وإليه ذهب جماعة من الأصحاب منهم، الصدوق في الفقيه ، (19) ومنهم الشهيد في اللمعة، (20) وهو ظاهره في الدروس أيضا، حيث حكم بحلّ الطيب على القارن والمفرد بالحلق بشرط تقديمهما الطواف والسعي على الوقوفين ، ويفهم منه توقّف حلّه عليهما أيضا، كالمتمتّع بالطواف والسعي لو أوقعهاهما في محلّهما، فقد قال : وإذا حلق أو قصّر بعد الرمي والذبح تحلّل ممّا عدا الطيب والنساء، وهو التحلّل الأوّل للمتمتّع . وأمّا القارن والمفرد فيحلّ لهما الطيب إذا كان قد قدّما الطواف والسعي - إلى قوله -: وإذا طاف للزيارة وسعى حلّ له الطيب ، ولا يكفي الطواف خاصّة على الأصحّ؛ لرواية منصور بن حازم. (21) وهو المشهور بين المتأخّرين ، (22) بل لم يتعرّض الأكثر لنقل الخلاف فيه، وكأنّهم حملوا الأخبار الأوّلة على التقيّة؛ لما عرفت من اشتهار حكمها عند العامّة، وإطلاق أكثر القائلين بتحلّل الطيب للقارن والمفرد بالحلق عدم الفرق بين تقديمهما للطواف والسعي وعدمه ، فتدبّر . واعلم أنّ ظاهر ما ذكر من الأخبار حصول التحلّل من الصيد الإحرامي بمناسك منى يوم النحر، وهو ظاهر الأكثر، حيث حكموا بحلّ كلّ شيء بالحلق ولم يستثنوا منه إلّا النساء والطيب . وصرّح به الشيخ في الخلاف (23) والمبسوط، (24) وابن إدريس في السرائر. (25) وصرّح جماعة منهم المحقّق الشيخ عليّ بتوقّف حلّه منه على طواف النساء، حيث قال : «ويبقى تحريمه إلى أن يطوف طواف النساء ». (26) ومالَ إليه الشهيد ، ففي الدروس: وأمّا الصيد الذي حرم بالإحرام فبطواف النساء ، قاله الفاضل. وذكر أنّه مذهب علمائنا، وتمسّكوا في ذلك بقوله تعالى : «لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ» . وصرّح ابن الجنيد بتحريم لحم الصيد أيّام منى ولو أحلّ. (27) وكأنّه استند بما رواه الشيخ في باب النوادر من كتاب الحجّ من التهذيب عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأوّل، ومَن نفر في النفر الأوّل فليس له أن يصيب الصيد حتّى ينفر الناس، وهو قول اللّه تعالى : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى» (28) . قال : اتّقى الصيد ». (29) وما رواه الصدوق رضى الله عنه عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتّى تزول الشمس، فإن تأخّرت إلى آخر أيّام التشريق، وهو يوم النفر الأخير فلا عليك أيّ ساعة نفرت ورميت، قبل الزوال وبعده ». قال : وسمعته يقول في قول اللّه تعالى : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى» فقال : «يتّقي الصيد حتّى ينفر أهل منى في النفر الأخير»، (30) وينفيه ما ذكر . وقوله تعالى : «وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا» (31) ، والظاهر أنّه على الاستحباب . وفي العزيز: وفي قتل الصيد قولان - يعني بعد الحلق - أحدهما : أنّه يحلّ؛ لقوله صلى الله عليه و آله : «إذا رميتم وحلقتم فقد حلّ لكم الطيب واللّباس وكلّ شيء، إلّا النساء ». والثاني : لا يحلّ؛ لقوله تعالى : «لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ» (32) والإحرام باق . ثمّ اتّفقوا على أنّ قول الحلّ أصحّ . (33) انتهى . هذا ، ويستحبّ التشبيه بالمحرمين بترك لبس المخيط والطيب ونظائرهما بعد حلّها إلى أن يطوف طواف النساء ، بل إلى أن يفرغ من مناسك أيّام التشريق أيضا على المشهور . وعليه حمل صحيحة محمّد بن إسماعيل، وهو ابن بزيع، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام : هل يجوز للمحرم المتمتّع أن يمسّ الطيب قبل أن يطوف طواف النساء؟ فقال : «لا ». (34) وصحيحة محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل تمتّع بالعمرة، فوقف بعرفة ووقف بالمشعر ورمى الجمرة وذبح وحلق، أيغطّي رأسه؟ فقال : «لا ، حتّى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة »، قيل له : فإن كان فعل؟ قال : «ما أرى عليه شيئا ». (35) وخبر إ دريس القميّ (36) قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّ مولى لنا تمتّع، فلمّا حلق لبس الثياب قبل أن يزور البيت، فقال : «بئس ما صنع »، قلت : أعليه شيء؟ قال : «لا »، قلت : فإنّي رأيت ابن أبي سمّاك يسعى بين الصفا والمروة وعليه خفّان وقبا ومنطقة ، فقال : «بئس ما صنع »، قلت : أعليه شيء؟ قال :« لا»، (37) ... (38) وبالكراهة . وأصرح منهما في هذا المعنى صحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في رجل كان متمتّعا، فوقف بعرفات وبالمشعر وذبح وحلق، فقال : «لا يغطّي رأسه حتّى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة، فإنّ أبي عليه السلام كان يكره ذلك، وينهى عنه »، فقلنا : فإن كان فعل؟ قال : «ما أرى عليه شيئا، وإن لم يفعل كان أحبّ إليّ ». (39) قوله : (أبو عليّ الأشعريّ ) . [ ح 1 / 7915] هو أحمد بن إدريس الأشعريّ القمّي، فإنّه الذي يروي المصنّف عنه كثيراً، كما صرّح به السيّد المصطفى في رجاله، (40) وليس هو محمّد بن عيسى بن عبداللّه بن سعد بن مالك الأشعريّ، شيخ القمّيين الذي لا توثيق له . قوله في صحيح عبد الرحمن : (فأرسل إلينا يوم النحر بخبيص فيه زعفران ) ، إلخ .[ ح 4 / 7918] الخبيص: هو المعمول من التمر والسمن. (41) والتحريش: هو الإغراء والتهييج، ومنه تحريش البهائم بعضها على بعض . (42)

.


1- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 298.
2- . فتح العزيز، ج 7، ص 385.
3- . المبسوط، ج 1، ص 376 377.
4- . النهاية، ص 263.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 247، ح 835 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 289، ح 1024؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 236، ح 19082.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 247، ح 836 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 289، ح 1025؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 233، ح 19073.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 245، ح 830 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 287، ح 1019؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 233، ح 19071.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 246 247، ح 834 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 288، ح 1023؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 233، ح 19072.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 245، ح 831 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 287، ح 1020؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 237، ح 19083.
10- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 237، ح 19084.
11- . السرائر، ج 1، ص 600 601 .
12- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 234، ح 19075.
13- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 235، ح 19078.
14- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 234، ح 19076.
15- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 298.
16- . الانتصار، ص 255.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 245، ح 829 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 287، ح 1018؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 232 233، ح 19070.
18- . الفقيه، ج 2، ص 507 ، ح 3095؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 232، ح 19069.
19- . الفقيه، ج 2، ص 549 .
20- . اللمعة الدمشقيّة، ص 65 ؛ شرح اللمعة، ج 2، ص 311.
21- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 455، الدرس 114.
22- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 102.
23- . الخلاف، ج 2، ص 348، المسألة 172.
24- . المبسوط، ج 1، ص 363.
25- . السرائر، ج 1، ص 523 .
26- . جامع المقاصد، ج 3، ص 257.
27- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 456، الدرس 114.
28- . البقرة (2): 203.
29- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 490، ح 1758؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 279 280، ح 19197.
30- . الفقيه، ج 2، ص 479 480، ح 3015 و 3016؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 274 275، ح 19181؛ لحديث الاُولى، وص 280، ح 19200 بالثاني.
31- . المائدة (5) : 2 .
32- . المائدة (5): 95.
33- . فتح العزيز، ج 7، ص 385.
34- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 248، ح 840 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 290، ح 1029؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 242، ح 19098.
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 247، ح 837 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 289، ح 1026؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 241، ح 19093.
36- . في هامش الأصل: «هو إدريس بن عبد اللّه القمّي ، مجهول الحال ، ولا تنفع صحّة الطريق إليه ، منه عفى عنه» .
37- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 247 248، ح 838 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 289، ح 1027؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 241، ح 19094.
38- . في الأصل بياض بمقدار ثلاث كلمات.
39- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 248، ح 839 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 290، ح 1028؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 240 241، ح 19092.
40- . نقد الرجال، ج 1، ص 104 _ 105، الرقم 185.
41- . مجمع البحرين، ج 1، ص 620 (خبص).
42- . صحاح اللغة، ج 3، ص 1001 (حرش)؛ مجمع البحرين، ج 1، ص 488.

ص: 458

. .

ص: 459

. .

ص: 460

. .

ص: 461

. .

ص: 462

. .

ص: 463

. .

ص: 464

باب صوم المتمتّع إذا لم يجد الهدي

باب صوم المتمتّع إذا لم يجد الهديأجمع الأصحاب (1) على أنّ المتمتّع ينتقل فرضه من الهدي إلى صوم عشرة أيّام، ثلاثة في الحجّ، وسبعة بعد رجوعه إلى أهله إذا لم يجد ثمنه، سواء وجد الهدي أو فقد . وذهب إليه العامّة أيضا كافّة. (2) ويدلّ عليه قوله تعالى : «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ» ، (3) وأكثر ما رواه المصنّف قدس سرهفي الباب. وما رواه الشيخ قدس سره وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : كنت قائما اُصلّي وأبو الحسن قائم قدّامي وأنا قائم لا أعلم، فجاءه عبّاد البصريّ، قال : فسلّم ثمّ جلس، فقال له : يا أبا الحسن، ما تقول في رجل تمتّع ولم يكن له هدي؟ قال : «يصوم الأيّام التي قال اللّه تعالى »، قال : فجعلت سمعي إليهما ، قال له عبّاد : وأيّ أيّام هي؟ قال : «قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة »، قال : فإن فاته ذلك؟ قال : «يصوم صبيحة الحصبة ويومين بعد ذلك »، قال : فلا تقول كما قال عبداللّه بن الحسن؟ قال : «فأيش قال؟» قال : قال يصوم أيّام التشريق ، قال : «إنّ جعفراً كان يقول : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أمر بُدَيلاً ينادي أنّ هذه أيّام أكل وشرب، فلا يصومنّ أحد »، قال : يا أبا الحسن، إنّ اللّه تعالى قال : «فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ» ؟ قال : «كان جعفر يقول : ذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ ». (4) وبسندين صحيحين عن ابن سنان ولعلّه عبداللّه عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل تمتّع فلم يجد هديا؟ قال : «فليصم ثلاث أيّام ليس فيها أيّام التشريق، ولكن يقيم بمكّة حتّى يصومها، وسبعة إذا رجع إلى أهله »، وذكر حديث بُدَيل بن ورقاء . (5) وفي الصحيح عن ابن مسكان، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل تمتّع فلم يجد هديا؟ قال : «يصوم ثلاثة أيّام »، قلت له : أفيها أيّام التشريق؟ قال : «لا ، ولكن يقيم بمكّة حتّى يصومها وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله، فإن لم يقم عليه أصحابه ولم يستطع المقام بمكّة فليصم عشرة أيّام إذا رجع إلى أهله»، وذكر حديث بديل بن ورقاء . (6) وفي الصحيح عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : قلت له : ذكر ابن السرّاج أنّه كتب إليك يسألك عن متمتّع لم يكن له هدي، فأجبته في كتابك إليه: يصوم أيّام منى، فإن فاته ذلك صام صبيحة الحصبة ويومين بعد ذلك ، قال : «أمّا أيّام منى فإنّها أيّام أكل وشرب لا صيام فيها وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله ». (7) واختلفوا فيما إذا وجد الثمن وفقد الهدي فمالَ المحقّق إلى أنّه حينئذٍ ينتقل إلى الصوم. (8) ويدلّ عليه إطلاق الآية وأكثر الأخبار المشار إليها ، وجزم بها ابن إدريس، وحكاه عن قول الشيخ في بعض كتبه، وكلامه الذي حكاه ليس صريحا فيما نسبه إليه، ففي السرائر : والأظهر الأصحّ أنّه إذا لم يجد الهدي ووجد ثمنه لا يلزمه أن يخلّفه ، بل الواجب عليه إذا عدم الهدي الصوم، سواء وجد الثمن أو لم يجد ؛ لأنّ اللّه تعالى لم ينقلنا عند عدم الهدي إلّا إلى الصوم، ولم يجعل بينهما واسطة ، فمتى نقلنا إلى ما لم ينقلنا اللّه تعالى إليه نحتاج إلى دليل شرعي . وإلى ما اخترناه يذهب شيخنا أبو جعفرفي جمله وعقوده في فصل نزول منى وقضاء المناسك بها، قال : فهدي التمتّع فرض مع القدرة ، ومع العجز فالصوم بدل منه ، (9) هذا آخر كلامه . (10) انتهى . والمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ (11) في أكثر كتبه والصدوقان (12) والشهيدان (13) أنّه يخلّف الثمن عند ثقة يشتريه ويذبحه عنه طول ذي الحجّة، فإن مضى ذو الحجّة، ولم يوجد ففي قابل ، وهو محكي عن السيّد المرتضى (14) وأبي الصّلاح (15) وابن البرّاج (16) وابن حمزة، (17) وهو ظاهر المفيد في المقنعة في كتاب الصوم منها حيث قال : «فإذا لم يجد المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ثمن الهدي لإعساره فعليه أن يصوم ». (18) ويدلّ عليه حسنة حريز، (19) وما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن النضر بن قرواش قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فوجب عليه النسك، فطلبه فلم يصبه، وهو موسر حسن الحال، وهو يضعف عن الصيام، فما ينبغي له أن يصنع؟ قال : «يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكّة إن كان يريد المضيّ إلى أهله، وليذبح عنه في ذي الحجّة »، فقلت : فإنّه دفعه إلى من يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجّة نسكا وأصابه بعد ذلك؟ قال : «لا يذبح عنه إلّا في ذي الحجّة ». (20) والنضر هذا وإن كان مجهول الحال لكن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن البزنطيّ (21) وبذلك جمعوا بين الأدلّة ، ولا يبعد القول بالتخيير بين الأمرين . وعن ابن الجنيد أنّه قال : ولو لم يجد الهدي إلى يوم النفر كان مخيّراً بين أن ينظر أوسط ما وجد به في سنة هديٌ فتصدّق به بدلاً منه، وبين أن يصوم، وبين أن يدع الثمن عند بعض أهل مكّة يذبح عنه إلى آخر ذي الحجّة، فإن لم يجد ذلك أخّره إلى قابل أيّام النحر . (22) هذا ، ويدلّ صحيح رفاعة (23) على أنّ وقت الثلاثة الأيّام التي في الحجّ هو السابع والثامن والتاسع من ذي الحجّة . ومثله بعض ما اُشير إليه من الأخبار ، وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلامقال : «الصوم الثلاثة الأيّام، إن صامها فأخّرها يوم عرفة». (24) ولاريب في جوازه بعد أيّام التشريق إلى آخر ذي الحجّة . ويستفاد ذلك من بعض الأخبار ، وقد صرّح به أكثر العلماء الأخيار، منهم الشيخ في أكثر كتبه (25) والشهيد ، (26) وهل يجوز قبل السابع؟ ادّعى ابن إدريس إجماع الأصحاب على عدمه ، ثمّ قال : «ولولا إجماعهم لجاز؛ لعموم الآية ». (27) وأقول : الظاهر استحباب صومها في السابع ويومين بعده، وجوازه قبلها مع التلبيس بالحجّ أو العمرة؛ لما ذكر من العموم، والجمع بين الأخبار المشار إليها وبين موثّق عبد الكريم بن عمرو ، (28) وفي المنتهى : ويستحبّ أن يكون الثلاثة في الحجّ هي: يوم قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة ، وذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال عطاء وطاووس والشعبيّ ومجاهد والحسن والنخعيّ وسعيد بن جبير وعلقمة وعمرو بن دينار وأصحاب الرأي . وقال الشافعيّ : أخّرها يوم التروية، وهو محكي عن ابن عمر وعائشة ومروي عن أحمد . (29) وفي كنز العرفان : ثمّ الصوم في الحجّ هو: أن يصوم يوما قبل التروية، ويومها، ويوم عرفة متتابعا ، وروي جوازها في أوّل ذي الحجّة مع تلبّسه بالمتعة . وقال أبو حنيفة : إذا أهلّ بالعمرة جاز الصوم إلى يوم النحر . وقال الشافعيّ : لا يجوز قبل إحرام الحجّ . (30) فتأمّل . ثمّ ظاهر جماعة من الأصحاب بل صريح بعض منهم _ منهم الشيخ جواز هذا الصوم فيما ذكر من الأيّام الثلاثة وإن لم يتلبّس بالحجّ ، وادّعى ابن إدريس عليه الإجماع، قال : وصيام هذه الأيّام يجوز، سواء أحرم بالحجّ أو لم يحرم؛ لأجل الإجماع من أصحابنا، وإلّا فما كان يجوز الصيام إلّا بعد إحرم الحجّ؛ لأنّه تعالى قال : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ» (31) ، فجعل الحجّ غاية لوجوب الهدي، فإذا لم يحرم ما وجدت الغاية ، بل الإجماع مخصّص لذلك . ويمكن أن يقال : العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ حجّ، وحكمها حكم الحجّ؛ لأنّها لا تنعقد للإحرام بها إلّا في أشهر الحجّ ، فعلى هذا إذا أحرم بها فقد وجد أوّل الحجّ . (32) انتهى . وأنت خبير بأنّه تعالى إنّما جعل الحجّ غاية للتمتّع بالعمرة لا لوجوب الهدي ، وإنّما علّق الهدي على التمتّع بالعمرة ، فلا حاجة إلى التكلّف الذي ارتكبه . واعلم أنّ هذا الصوم إنّما يكون بدلاً عن أصل الهدي لا عن ذبحه، والهدي قد وجب بإحرام عمرة التمتّع عند الأصحاب وأكثر العامّة لما عرفت وإن كان ذبحه إنّما يجب في يوم النحر، فلا يرد أنّه كيف يجزي البدل في هذه الأيّام مع عدم وجوب مبدله فيها . نعم ، يرد ذلك على من قال بأنّه لا يجب أصل الهدي حتّى يقف بعرفة أو يرمي الجمرة، والأوّل منقول عن عطاء، والثاني عن مالك . (33) وهنا مسائل متعلّقة بالباب قد حقّقها شيخنا المقداد في كنز العرفان، ولا بأس أن نذكرها لفوائد جمّة ، قال : فروع : الأوّل : لو وجد الهدي قبل الصوم تعيّن الذبح ولم يجز الصوم ، وللشافعيّ أقوال منشؤها اعتبار حال الوجوب أو الأداء أو أغلظ الحالين . (34) الثاني : لو وجده بعد الشروع في الصوم لم يجب عليه الرجوع إلى الهدي ، لكنّه أفضل ، وبه قال الشافعيّ ، وقال أبو حنيفة بذلك إن وجده في السبعة، وإن وجده في الثلاثة أهدى، وفيما بينهما إن كان قد أحلّ فالصوم، وإلّا فالهدي . (35) الثالث : إذا لم يصم السابع والثامن والتاسع بل ابتدأ بالثامن، صام الثالث بعد أيّام التشريق، ولا يجوز صومها في أيّام التشريق ، وبه قال الشافعيّ في الجديد، وجوّز صومها في القديم . (36) الرابع : إذا لم يصمها في الذي تقدّم صامها في بقيّة ذي الحجّة أداءً، فإذا أهلَّ المحرم ولم يصم تعيّن الهدي ، وقال أبو حنيفة : إذا جاء النحر ولم يصم تعيّن الهدي في ذمّته ، وقال الشافعيّ في الجديد : يصومها بعد أيّام التشريق باقي ذي الحجّة قضاءً . (37) الخامس : يجب فيها التتابع ولذلك قرئ شاذّا : «متتابعات »، (38) فلو أفطر لغير عذر في أثنائها استأنف، إلّا في كون الثالث العيد، ويصحّ صوم هذه ولو صدق عليه اسم السفر . السادس : السبعة يصومها إذا فرغ من أفعال الحجّ بعد الرجوع إلى أهله، ولو أقام بمكّة انتظر بقدر وصول صحبه أو مضيّ شهر . وقال أبو حنيفة : يصومها إذا فرغ من أفعال الحجّ . وللشافعيّ قولان . (39) لنا: ظاهر الآية ، فإنّ الرجوع لا يفهم منه إلّا ذلك . السابع : لا يجب التتابع في السبعة على أصحّ القولين عندنا ، ويجوز صومها متتابعة بعد الثلاثة إذا اتّفق الشرط . (40)

.


1- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 268، المسألة 604 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 743.
2- . اُنظر: المغني لابن قدامة، ج 3، ص 505 ؛ الشرح الكبير، ج 3، ص 334.
3- . البقرة (2): 196.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 230 231، ح 779؛ الاستبصار، ج 2، ص 278، ح 988؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 192 193، ح 18961.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 228 229، ح 774؛ الاستبصار، ج 2، ص 276 277، ح 983؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 191، ح 18958.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 229، ح 775؛ الاستبصار، ج 2، ص 277، ح 984؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 192، ح 18959.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 229، ح 776؛ الاستبصار، ج 2، ص 277، ح 985؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 192، ح 18960.
8- . المختصر النافع، ص 90.
9- . الجمل والعقود (الرسائل العشر، ص 235 236).
10- . السرائر، ج 1، ص 592 .
11- . المبسوط، ج 1، ص 370؛ النهاية، ص 254؛ مصباح المتهجّد، ص 702؛ الجمل والعقود (الرسائل العشر، ص 235).
12- . الفقيه، ج 2، ص 513 ، باب ما يجب على المتمتّع إذا وجد ثمن الهدي ولم يجد الهدي.
13- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 439، الدرس 111؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 304.
14- . الانتصار، ص 238.
15- . الكافي في الفقه، ص 200.
16- . المهذّب، ج 1، ص 258.
17- . الوسيلة، ص 182.
18- . المقنعة، ص 365.
19- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 176، ح 18913.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 37، ح 110؛ الاستبصار، ج 2، ص 260، ح 917؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 176، ح 18914.
21- . اختيار معرفة الرجال، ج 2، ص 830 ، الرقم 1050.
22- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 271.
23- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 178، ح 18919.
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 234، ح 791؛ الاستبصار، ج 2، ص 283، ح 1003؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 181، ح 18928.
25- . النهاية، ص 255؛ الاقتصاد، ص 307 308؛ المبسوط، ج 1، ص 370.
26- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 440، الدرس 111.
27- . السرائر، ج 1، ص 594 .
28- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 179، ح 18920.
29- . منتهى المطلب، ج 2، ص 743. وانظر: المغني لابن قدامة، ج 3، ص 505 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 334.
30- . كنز العمّال، ج 1، ص 297.
31- . البقرة (2): 196.
32- . السرائر، ج 1، ص 594 .
33- . اُنظر: الخلاف، ج 2، ص 273؛ الاستذكار، ج 4، ص 101؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 184.
34- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 4، ص 279؛ الخلاف، ج 2، ص 277 278، المسألة 51 ؛ فتح العزيز، ج 7، ص 191 192؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 190.
35- . اُنظر: المصادر المتقدّمة.
36- . اُنظر: الخلاف، ج 2، ص 211، المسألة 70؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 272؛ المجموع للنووي، ج 6 ، ص 441؛ تحفة الفقهاء، ج 1، ص 345؛ عمدة القاري، ج 10، ص 157.
37- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 273 المسألة 610 ؛ فتح العزيز، ج 7، ص 173 174؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 186.
38- . اُنظر: جامع البيان، ج 7، ص 40 و 41، ح 9750 و 9756؛ مجمع البيان، ج 3، ص 409.
39- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 189.
40- . كنز العرفان، ج 1، ص 297 298.

ص: 465

. .

ص: 466

. .

ص: 467

. .

ص: 468

. .

ص: 469

. .

ص: 470

. .

ص: 471

باب الزيارة والغسل فيها

باب الزيارة والغسل فيهاأراد بالزيارة طواف الحجّ . وفي المنتهى: يسمّى طواف الزيارة؛ لأنّه يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكّة، بل يرجع إلى منى، ويسمّى أيضا طواف الإفاضة، لأنّه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكّة . (1) وهو ركن من أركان الحجّ عند علماء الإسلام على ما ذكره في المنتهى ، (2) واحتجّ على وجوبه بقوله تعالى : «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» (3) ، وبما رواه الجمهور عن عائشة، قالت : حججنا مع النبيّ صلى الله عليه و آله فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفيّة، فأراد النبيّ صلى الله عليه و آله منها ما يريد الرجل من أهله ، فقلت : يارسول اللّه إنّها حائض ، قال : «أحابستنا هي؟» قالوا : يارسول اللّه ، انّها قد أفاضت ليوم النحر ، قال : «اخرجوا »، (4) حيث دلّ على أنّ هذا الطواف لابدّ منه وأنّه جالس لمن لم يأت به . وبما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ثمّ احلق رأسك واغتسل، وقلّم أظفارك، وخُذ من شاربك، وزر البيت وطف به اُسبوعا تفعل كما صنعت يوم قدمت مكّة». (5) وبأنّ الحجّ أحد المنسكين، فكان الطواف واجبا فيه كالعمرة . واختلفوا في وقت هذا الطواف اختياراً بعد الإجماع على جواز فعله إلى آخر ذي الحجّة للمضطرّ ، فالمشهور بين الأصحاب أنّه لا يجوز للمتمتّع تأخيره عن يوم الحادي عشر، وأنّه لو أخّره عنه أتمّ وأجزأ، وأنّه يجوز ذلك للمفرد والقارن . (6) والفارق صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن المتمتّع متى يزور البيت؟ قال : «يوم النحر أو من الغد ولا يؤخّر ، والمفرد والقارن ليسا بسواء موسّع عليهما ». (7) وظاهر المصنّف قدس سره كراهية تأخيره عنه مطلقا، متمتّعا كان الحاجّ أو غيره، حيث إنّه لم يتعرّض في الباب إلّا لما دلّ على استحباب تعجيله مطلقا من حسنة الحلبيّ (8) ومعاوية بن عمّار ، (9) ويؤكّدهما إطلاق صحيحة عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن تؤخّر زيارة البيت إلى يوم النفر، إنّما يستحبّ تعجيل ذلك مخافة الأحداث والمعاريض ». (10) وصحيحة الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتّى أصبح ، فقال : «ربّما أخّرته حتّى تذهب أيّام التشريق ، ولكن لا تقربوا النساء والطيب ». (11) وصحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس إن أخّرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيّام التشريق ، إلّا أنّك لا تقرب النساء ولا الطيب ». (12) وموثّق إسحاق بن عمّار، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت يؤخّر إلى اليوم الثالث؟ قال : «تعجيلها أحبّ إليّ [ وليس به بأس إن أخّرها]». (13) وهذا القول هو أظهر في الجمع؛ حملاً للنهي في الخبر الأوّل على الكراهة الشديدة ، وهو ظاهر الصدوق أيضا ، وصرّح به ابن إدريس حيث قال : فإذا فرغ المتمتّع من مناسكه يوم النحر بمنى فليتوجّه إلى مكّة يوم النحر لطواف الحجّ وسعيه، فإن أخّره لعذر زار البيت من الغد ويستحبّ له أن لا يؤخّر طواف الحجّ وسعيه أكثر من ذلك، فإن أخّره فلا بأس عليه، وله أن يأتي بالطواف والسعي طول ذي الحجّة؛ لأنّه من شهور الحجّ، وإنّما يقدّم ذلك على جهة التأكيد للمتمتّع . (14) وقد ورد في بعض الأخبار نهي المتمتّع عن تأخيره عن يوم النحر، رواه منصور بن حازم في الصحيح، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «لا يبيت المتمتّع يوم النحر، بمنى حتّى يزور ». (15) ومحمّد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سألته عن المتمتّع متى يزور البيت؟ قال : «يوم النحر ». (16) وهو محمول على الكراهة إجماعا . ويستحبّ الغسل لهذا الطواف إجماعا ، وقد سبق في أبواب الأغسال ما يدلّ عليه . وقال الشيخ في التهذيب : ولا بأس أن يغتسل الإنسان بمنى، ويجيء إلى مكّة ويطوف بذلك الغسل بالبيت ، وكذلك لا بأس أن يغتسل بالنهار ويطوف بالليل ما لم ينقض ذلك الغسل بحدث أو نوم، فإن نقضه بحدث أو نوم فإنّه يعيد الغسل حتّى يطوف وهو على غسل . (17) واحتجّ عليه بخبر الحسين بن أبي العلاء، (18) وهو صحيح بناءً على تزكية السيّد جمال الدِّين إيّاه في البشرى، (19) وموثّق إسحاق بن عمّار، (20) وبصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يغتسل للزيارة ثمّ ينام، أيتوضّأ قبل أن يزور؟ قال : «يعيد غسله لأنّه إنّما دخل بوضوء ». (21) ولا اختصاص لهذا الغسل بالرجال، بل يستحبّ للنساء أيضا، لصحيحة عمران الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام : أتغتسل النساء إذا أتين البيت؟ فقال : «نعم، إنّ اللّه تعالى يقول : «وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» (22) ، وينبغي للعبد أن لا يدخل إلّا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهّر ». (23)

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 766.
2- . نفس المصدر.
3- . الحج (22) : 29 .
4- . صحيح البخاري، ج 2، ص 189 190؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 146؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 464.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 250، ح 848 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 247، ح 19111.
6- . تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 349 350، المسألة 670 ؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 204؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 767؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 109 110.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 249، ح 844 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 291، ح 1036؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 245، ح 19106.
8- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 245، ح 19105.
9- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 243، ح 19099.
10- . الاستبصار، ج 2، ص 291، ح 1034؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 245، ح 19107.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 250، ح 847 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 291، ح 1035؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 233 234، ح 19074.
12- . الفقيه، ج 2، ص 389، ح 2785؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 244، ح 19101.
13- . الفقيه، ج 2، ص 388، ح 2781؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 250، ح 845 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 291، ح 1033؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 246، ح 19108. وما بين الحاصرتين من مصادر الحديث.
14- . السرائر، ج 1، ص 602 .
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 249، ح 842 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 290 291، ح 1031؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 245، ح 19104.
16- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 249، ح 841 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 290، ح 1030؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 244، ح 19103.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 250.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 250 251، ح 849 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 248، ح 19113.
19- . حكاه عنه ابن داود في رجاله، ص 79، الرقم 468.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 251، ح 850 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 248، ح 19114.
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 251، ح 851 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 249، ح 19116.
22- . الحج (22) : 26 .
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 251، ح 852 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 247، ح 19112.

ص: 472

. .

ص: 473

. .

ص: 474

باب طواف النساء

باب طواف النساءأجمع الأصحاب عدا ابن أبي عقيل (1) على وجوب طواف النساء على الرجال والنساء والخصيان من البالغين وغيرهم في الحجّ مطلقا وفي العمرة المفردة ، (2) بل ربّما عبّر عنه بالفرض بناءً على أنّه المراد بقوله سبحانه : «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ، (3) ودلَّ عليه خبر حمّاد بن عثمان . (4) ويدلّ على ذلك في الحجّ زائداً على ما رواه المصنّف في الباب ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله، قال : «لا تحلّ له النساء حتّى يزور البيت ويطوف، فإن مات فليقض عنه وليّه [ أو غيره]، فأمّا ما دام حيّا فلا يصلح أن يقضى عنه، وإن نسي رمى الجمار فليسا بسواء، الرمي سنّة والطواف فريضة ». (5) وعن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لولا ما منَّ اللّه به على الناس من طواف الوداع لرجعوا إلى منازلهم، ولا ينبغي لهم أن يمسّوا نساءهم »، يعني لا تحلّ لهم النساء حتّى يرجع فيطوف بالبيت اُسبوعا آخر بعدما سعى بين الصفا والمروة، وذلك على النساء والرجال واجب . (6) وأخبار متكثّرة وردت فيمن نسيه وستأتي . وحكى في المختلف عن ابن أبي عقيل أنّه قال : «إذا فرغ من الذبح والحلق زار البيت، فيطوف سبعة أشواط ويسعى، فإذا فعل ذلك أحلَّ من إحرامه »، وأنّه نُسب القول بتوقّف حلّها إليه إلى رواية شاذّة . (7) والدليل عليه في العمرة المفردة خبر إسماعيل بن أبي رباح، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة، عليه طواف النساء؟ قال : «نعم ». (8) ورواية إبراهيم بن عبد الحميد، عن عمر أو غيره، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «المعتمر يطوف ويسعى ويحلق»، قال: «ولابدّ له بعد الحلق من طواف آخر »، (9) وما سيأتي عن محمّد بن عيسى . (10) وقد ورد في بعض الأخبار ما يدلّ على عدم وجوبه فيها ، رواه أبو خالد مولى عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة، عليه طواف النساء؟ فقال : «ليس عليه طواف النساء ». (11) وسيف عن يونس، [ عمّن] رواه قال : ليس طواف النساء إلّا على الحاجّ . (12) وحمل الشيخ في التهذيب (13) الأوّل على من اعتمر عمرة مفردة في أشهر الحجّ ، ثمّ أراد أن يجعلها متعة للحجّ . واستدلّ له ببعض ما سنرويه ممّا دلّ على عدم وجوبه في عمرة التمتّع، واطّرح الثاني مستنداً بعدم استناده إلى معصوم؛ ولمعارضتها لأخبار متكثّرة . وأمّا عمرة التمتّع فالمشهور بين الأصحاب عدم وجوبه فيهما، لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن عيسى، قال : كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازيّ إلى الرجل عليه السلام يسأله عن العمرة المبتولة، هل على صاحبها طواف النساء ؟ وعن العمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ ؟ فكتب : «أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، وأمّا التي يتمتّع بها إلى الحجّ فليس على صاحبها طواف النساء ». (14) وعن صفوان بن يحيى، قال : سأله أبو حارث عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، فطاف وسعى وقصّر، هل عليه طواف النساء؟ قال : «لا ، إنّما طواف النساء بعد الرجوع من منى ». (15) ولأخبار متكثّرة وردت في كيفيّة التمتّع، خالية كلّها عن طواف النساء في عمرته ، وقد سبقت في باب ما على المتمتّع من الطواف وغيره . وقد حكى في الدروس (16) قولاً بوجوبه عليه أيضا عن بعض الأصحاب من غير أن يعيّن قائله، وكأنّه تمسّك بما روى سليمان بن حفص المروزيّ عن الفقيه عليه السلام قال : «إذا حجّ الرجل متمتّعا فطاف بالبيت وصلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة وقصّر فقد حلّ له كلّ شيء ما خلا النساء؛ لأنّ عليه لتحلّه النساء طوافا وصلاة». (17) وهو غير صريح فيما ذكر، بل يحتمل إرادة وجوبه في حجّه لا في عمرته. وهو ليس بركن إجماعا، فتركه غير مفسد للنسك مطلقا، ولم أجد نصّا صريحا ولا تصريحا من الأصحاب في حكم تركه عمداً وجهلاً، إلّا أنّهم صرّحوا بكونه غير ركن، وهو مستلزم لما ذكر، ولولا ذلك لأمكن القدح فيه؛ لشمول ما ورد في أنّ ترك الطواف جهلاً مفسد للحجّ لطواف النساء أيضا ، وقد سبق في باب الطواف واستلام الأركان . وأمّا تركه نسيانا فقال الشيخ في التهذيب : من نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله، فإنّه لا يحلّ له النساء حتّى يعود فيطوف طواف النساء، فإن لم يتمكّن من الرجوع جاز له أن يأمر مَن يطوف عنه، فإن مات ولم يكن قد طاف فليقض عنه وليّه . (18) واحتجّ عليه بصحيحة معاوية بن عمّار (19) المتقدّمة وصحيحته الاُخرى، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله؟ قال : «يرسل فيُطاف عنه، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليّه ». (20) وصحيحته الاُخرى عن أبي عبداللّه عليه السلام في رجل نسي طواف النساء حتّى أتى الكوفة، قال : «لا تحلّ له النساء حتّى يطوف بالبيت »، قلت : فإن لم يقدر؟ قال : «يأمر مَن يطوف عنه ». (21) ويدلّ عليه أيضا ما رواه المصنّف في الباب من حسنة معاوية بن عمّار ، (22) والأكثر لم يشترطوا في جواز الاستنابة تعذّر العود، كما هو ظاهر بعض ما ذكر من الأخبار ، وإليه ذهب الشيخ في المبسوط ، وبذلك ميّزه عن طواف الزيارة، فقال : ومن نسي طواف الزيارة حتّى رجع إلى أهله وواقع أهله كان عليه بدنة والرجوع إلى مكّة وقضاء طواف الزيارة، وإن كان طواف النساء وذكر بعد رجوعه إلى أهله جاز أن يستنيب غيره ليطوف عنه، فإن أدركه الموت قضى عنه وليّه . (23) ولقد أجمعوا على أنّ تركه غير موجب للبدنة إلّا مع الجماع قبل قضائه، (24) كما هو شأن الجماع قبل طواف النساء، وقد سبق في باب المحرم يأتي أهله وقد قضى بعض مناسكه . ثمّ الظاهر من إطلاق الأخبار والفتاوى عدم حلّ النساء فيما إذا تركه وإن طاف طواف الوداع ، ويظهر من الصدوق في الفقيه الميل إلى إجزائه عنه، حيث قال بعدما ذكر أخبار نسيانه _: «وروي فيمن ترك طواف النساء أنّه إن كان طاف طواف الوداع فهو طواف النساء ». (25) وأشار به إلى خبر إسحاق بن عمّار (26) المتقدّم . وفي المختلف : اعلم أنّ ابن بابويه قال : ومتى لم يطف الرجل طواف النساء لم تحلّ له النساء حتّى يطوف ، وكذلك المرأة لا يجوز لها أن تجامع حتّى تطوف طواف النساء، إلّا أن يكونا طافا طواف الوداع، فهو طواف النساء . وهذا القول في غاية الإشكال، فإنّ طواف الوداع مستحبّ وطواف النساء واجب ، فكيف يجزي عنه؟ (27) هذا ، والمشهور توقّف حلّ الرجال على النساء أيضا على طوافهن للنساء ، ولم أجد قولاً بخلافه، وهو ظاهر إيجاب الشارع هذا الطواف عليهنّ . نعم، استشكله العلّامة في المختلف (28) مستنداً بعدم نصّ عليه، واختصاص النصوص في ذلك الباب بتوقّف حلّ النساء على الرجال على طوافهم ، فتأمّل . والمشهور أنّ وقت هذا الطواف بعد السعي . ويدلّ عليه الأخبار المتكثّرة الواردة في بيان أفعال الحجّ والعمرة، حيث أخّر فيها عن السعي وعطف في بعضها بلفظة «ثمّ» كحسنة معاوية بن عمّار المرويّة في الباب السابق، (29) ومرسلة أحمد بن محمّد (30) المرويّة في الباب الآتي . وفرّعوا عليه وجوب إعادته بعد السعي لو قدّمه عليه ، لكنّ موثّق سماعة (31) تدلّ على جواز تقديمه على السعي، وحمله الأكثر على الضرورة، وعدّوا منها خوف الحيض المتأخّر ، (32) وحمله الشيخ في التهذيب (33) على الساهي . وأنت خبير بعدم دلالة الترتيب على عدم الإجزاء لو وقع على خلافه ؛ لكفاية ترتّب الإثم عليه ، بل ظاهر المرسلة عدم وجوب الإعادة كما لا يخفى ، فتدبّر . قوله في موثّق إسحاق بن عمّار : (لولا ما منَّ اللّه عزّ وجلّ على الناس من طواف النساء ) .] ح 3 / 7943] الظاهر طواف الوداع بدل طواف النساء؛ لئلّا تلزم المصادرة، وكان النساء من تصحيف النسّاخ أو من بعض الرواة عن عبداللّه بن سنان ، ويؤيّده أنّ الشيخ قدس سره قد روى هذا الخبر بعينه بسند آخر عن عبداللّه بن سنان عن إسحاق، وفيه: «الوداع»، (34) وقد سبق . قوله في خبر الحلبيّ : (أليس يزور البيت ) [ ح 6 / 7946] أي: أليس يرجع من منى إلى مكّة لوداع البيت، فليطف النساء بعد الرجوع .

.


1- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 300 و 365.
2- . اُنظر: منتهى المطلب، ج 2، ص 768؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 202؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 353، المسألة 673 ؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 195.
3- . الحجّ (22): 29.
4- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 299، ح 17794.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 253، ح 857 ، و ص 255، ح 865 ، وص 489، ح 1747؛ الاستبصار، ج 2، ص 233، ح 807 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 406، ح 18077.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 253، ح 856 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 299، ح 17792.
7- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 300 301.
8- . الكافي، باب المعتمر يطأ أهله، ح 8 ؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 253، ح 858 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 231، ح 801 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 455، ح 18177.
9- . الكافي، باب المعتمر يطأ أهله، ح 7؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 254، ح 859 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 231 232، ح 802 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 443، ح 18171.
10- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 442 443، ح 18170.
11- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 254، ح 860 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 232، ح 803 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 445، ح 18178.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 254، ح 863 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 232، ح 806 و ما بين الحاصرتين منه؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 446، ح 18179.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 254.
14- . الكافي، باب المحرم يطأ أهله، ح 9؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 163، ح 545 ، و ص 254، ح 861 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 232، ح 804 ، و ص 245، ح 854 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 442 443، ح 18170.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 254، ح 862 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 232، ح 805 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 444، ح 18175.
16- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 329، الدرس 86 .
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 162، ح 544 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 444 445، ح 18176.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 255، بعد الحديث 864 .
19- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 406، ح 18077.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 255 256، ح 866 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 233، ح 808 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 407، ح 18078.
21- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 256، ح 867 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 233، ح 809 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 407، ح 18079.
22- . هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 407 408، ح 18081.
23- . المبسوط، ج 1، ص 359. ومثله في النهاية، ص 240.
24- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 160.
25- . الفقيه، ج 2، ص 391، بعد الحديث 2789.
26- . وسائل الشيعة، ج 13، ص 299، ح 17792.
27- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 301 302. و صرّح فيه أنّ ابن بابويه قال في رسالة، ولم أعثر عليه، ونحوه موجود في فقه الرضا عليه السلام ، ص 230.
28- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 203.
29- . الحديث الرابع من الباب المتقدّم؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 243، ح 19099.
30- . الحديث الخامس من الباب المتقدم لا الباب الآتي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 417، ح 18101.
31- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 418، ح 18102.
32- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 144؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 191.
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 133 134، ح 439.
34- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 253، ح 856 ؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 299، ح 17792.

ص: 475

. .

ص: 476

. .

ص: 477

. .

ص: 478

. .

ص: 479

. .

ص: 480

باب من بات عن منى في لياليها

باب من بات عن منى في لياليهاأجمع الأصحاب (1) على وجوب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر لمن اتّقى الصيد والنساء ولم يكن بها يوم الثاني عشر إلى الغروب، وإلّا فليلة الثالث عشر أيضا . ويشهد له أخبار، منها : ما رواه المصنّف في الباب . ومنها : ما سنرويه. وهو المشهور بين العامّة . وحكى في المنتهى (2) عن الحسن البصريّ وفي إحدى الروايتين عن أحمد استحبابه . (3) ثمّ المشهور جواز الخروج بعد الانتصاف مطلقا وإن دخل مكّة قبل الفجر أو لم يكن قصده منه زيارة البيت . ويدلّ عليه صحيح العيص، (4) وعموم روايات اُخرى، منها : حسن معاوية بن عمّار ، (5) ومنها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا فرغت من طوافك للحجّ وطواف النساء فلا تبت إلّا بمنى، إلّا أن يكون شغلك في نسكك ، وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تبيت في غير منى ». (6) وعن عبد الغفّار الجازيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل نصف الليل فأصبح بمكّه، فقال : «لا يصلح له حتّى يتصدّق بها صدقة أو يهريق دما، فإن خرج من منى بعد نصف الليل لم يضرّه شيء ». (7) وقيّده الشيخ في المبسوط والنهاية بما إذا لم يدخل مكّة قبل الفجر فقال فيهما : «وإن خرج من منى بعد نصف الليل جاز له أن يبيت بغيرها، غير أنّه لا يدخل مكّة إلّا بعد طلوع الفجر ». (8) وكأنّه تمسّك في ذلك بالجمع بين ما ذكر وبين ما رواه في الاستبصار عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الدلجة إلى مكّة أيّام منى وأنا أريد أن أزور البيت، قال : «لا، حتّى ينشقّ الفجر كراهية أن تبيت بغير منى ». (9) وفيه: أنّ الخبر مع ضعفه بمحمّد بن الفضيل، (10) وعدم قابليّته للمعارضة لما ذكر من الأخبار ظاهر في كراهية الخروج عن منى قبل الفجر من غير اختصاص لها بمكّة، كما ذهب إليه العلّامة في المنتهى (11) محتجّا بهذا الخبر . وعكس في التهذيب فقيّده بما إذا قصد زيارة البيت، وحمل عليه في وجه صحيحة معاوية بن عمّار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل زار البيت، فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتّى يطلع الفجر ، فقال : «ليس عليه شيء، كان في طاعة اللّه عزّ وجلّ ». (12) وفيه تأمّل يظهر وجهه عن قريب . وأجمعوا على وجوب شاة لمن بات بغير منى في ليلة يجب عليه المبيت فيها بها . (13) ويدلّ عليه حسنة معاوية بن عمار، (14) ومرسلة جميل، (15) وصحيحة صفوان، قال : قال أبو الحسن عليه السلام : «سألني بعضهم عن رجل بات ليلة من ليالي منى بمكّة ، فقلت: لا أدري »، فقلت له : جعلت فداك، ما تقول فيها؟ قال : «عليه دم إذا بات »، فقلت : إن كان إنّما حبسه شأنه الذي كان فيه من طوافه وسعيه، لم يكن لنوم ولا لذّة، أعليه مثل ما على هذا؟ قال : «ليس هذا بمنزلة هذا، وما أحبّ أن ينشقّ له الفجر إلّا وهو بمنى ». (16) وصحيحة عليّ بن جعفر، عن أخيه عليه السلام ، عن رجل بات بمكّة في ليالي منى حتّى أصبح؟ قال : «إن كان أتاها نهاراً وبات فيها حتّى أصبح فعليه دم يهريقه ». (17) وعلى هذا فلو ترك المبيت بها في الليالي الثلاث جمع وجب عليه ثلاث شياه إن لم يكن متّقيا، أو كان واقفا بها يوم الثاني عشر إلى غروب الشمس، وإلّا فشاتان على المشهور، وهو واضح . وحكى في المنتهى (18) عن أحد قولي الشيخ وجوب ثلاث شياه مطلقا، وهو ظاهر إطلاقه في النهاية حيث قال : «ومن بات الثلاث ليال بغير منى متعمّداً كان عليه ثلاثة من الغنم». (19) وكانّه تمسّك بإطلاق خبر محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن جعفر بن ناجية، قال: سألت أباعبد اللّه عليه السلام عمّن باتَ ليالي منى بمكّة، فقال: «عليه ثلاثة من الغنم يذبحهنّ». (20) وفيه: أنّه مع ضعفه مخصّص بمن وجب عليه المبيت بها في الليلة الثالثة أيضا، أو محمول على الاستحباب؛ للجمع كما فعله الشيخ في المبسوط، فإنّه قال : من بات عن منى ليلة كان عليه دم شاة على ما قدّمناه، فإن بات عنها ليلتين كان عليه شاتان، فإن بات الليلة الثالثة لا يلزمه شيء؛ لأنّ له النفر في الأوّل - إلى قوله -: وقد روي في بعض الأخبار: «من بات ثلاث ليال عن منى فعليه ثلاث دماء»، وذلك محمول على الاستحباب أو على من لم ينفر في النفر الأوّل حتّى غابت الشمس، فإنّه إذا غابت ليس عليه أن ينفر، فإن نفر فعليه دم . (21) ولا يبعد حمل كلام الشيخ أيضا عليه كما حمله عليه المحقّق، حيث قال في الشرائع : «وقيل: لو بات الليالي الثلاث بغير منى لزمه ثلاث شياه، وهو محمول على من غربت [ عليه] الشمس في الليلة الثالثة وهو بمنى ». (22) وذهب ابن إدريس أيضا إلى وجوب الثلاث مطلقا مستنداً بأنّه غير متّق، بناءً على تعميمه الاتّقاء بحيث يشمل الاحتراز عن كلّ ما يوجب فدية ، ومن هذه العلّة صحّح قول الشيخ في النهاية ؛ ففي السرائر : ومن بات الثلاث الليالي بغير منى متعمّداً كان عليه ثلاث من الغنم ، ثمّ حكى ما نقلناه عن المبسوط وقال : والأوّل مذهبه في النهاية، (23) وهو الصحيح ؛ لأنّ التخريج الذي خرّجه لا يستقيم له، وذلك أنّ من عليه كفّارة لا يجوز له أن ينفر في النفر الأوّل بغير خلاف ، فقوله رحمه الله : له أن ينفر في النفر الأوّل، غير مسلّم، لأنّ عليه كفّارة لأجل إخلاله بالمبيت ليلتين. (24) وستعرف اختصاص متعلّق الاتّقاء بالصيد والنساء وعدم شموله لغيرهما من محرّمات الإحرام، فضلاً عن المحرّمات التي بعد الإحلال . وقد رخّص ترك المبيت بها لجماعة: منهم: من بات بمكّة مشتغلاً بالعبادة . ويدلّ عليه صحيحتا معاوية بن عمّار (25) وصفوان (26) المتقدّمتان، وإطلاق الأكثر يقتضي عدم اشتراط الاشتغال بالعبادة تمام الليل . وفي المسالك (27) احتمل اشتراط اشتغاله بها فيما وجب عليه الكون بمنى، يعني إلى نصف الليل ، وظاهر أكثر ما احتجّوا به عليه اشتراط ذلك . ويؤيّده ما ورد من الأمر بالعود إلى منى بعد الفراغ من العبادة، كصحيحة عيص (28) وبعض آخر ممّا رواه المصنّف في الباب ، وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلامأنّه قال في الزيارة : «إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلّا بمنى »، (29) وإليه ذهب الشهيدان في الدروس (30) وشرح اللمعة. (31) ويتفرّع عليهما وجوب العود إليها بعد الفراغ من العبادة ، والظاهر وجوبه إذا ظنّ أنّه يدركها قبل الفجر؛ لما ذكر . لا يقال: إذا جاز له الخروج إلى منى بعد انتصاف الليل اختياراً، فكيف وجب العود إليها بعد الانتصاف؟ لأنّا نقول : جواز ذلك مختصّ بمن بات بها إلى نصف الليل بقرينة الأخبار التي دلّت على ذلك؛ وللجمع بينها وبين ما ذكر ممّا دلّ على وجوب العود، فلا يتوجّه الإشكال الذي ذكره الشهيد في الدروس بقوله : «ولو فرغ من العبادة قبل الانتصاف ولم يرد العبادة بعده وجب عليه الرجوع إلى منى ولو علم أنّه لا يدركها قبل انتصاف الليل على إشكال ». (32) فإن قيل: عوده إليها مستلزم لفوات جزء من الليل بغير المبيت بها والاشتغال بالعبادة بمكّة . قلنا : هو أيضا مستثنى من المبيت بها بدلالة ما اُشير إليه من الأخبار ، فلا يتوجّه النظر الذي ذكره الشهيد الثاني في شرح اللمعة (33) ووجّهه بذلك . ومنهم: الرعاة، وادّعى الشيخ في الخلاف (34) عدم الخلاف في ترخّصهم ، والعلّامة أيضا في المنتهى (35) محتجّا عليه بما رواه الجمهور عن عاصم بن عدي: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله رخّص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى ويرموا الجمرة جمرة العقبة، ثمّ يرموا يوم النفر، (36) وبأنّ المبيت بمنى يشقّ عليهم، وقد قال تعالى : «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (37) . ومنهم: أهل سقاية العبّاس، والمراد بهم الذين شأنهم سقاية الحاجّ من زمزم حيث لم يكن يومئذٍ بمكّة ماء غيرها ، فرخّص لهم المبيت بمكّة؛ لجمع المياه في الأواني والظروف والحياض لسقي الحاج بعد قدومهم ، ولمّا كان العبّاس أميراً لهم سمّيت بسقاية العبّاس . وظاهر الأكثر جواز ذلك للفريقين الأخيرين معا وإن غربت الشمس عليهم بمنى . وحكى في المنتهى قولاً بالفرق بينهما ، فقال : قد قيل: إنّه لو غربت الشمس على أهل سقاية العبّاس بمنى لم يجب عليهم المبيت بها، بخلاف الرعاة ؛ لأنّ الرعاة إنّما يكون رعيهم بالنهار وقد فات، فتفوت الضرورة، فيجب عليهم المبيت ، وأمّا أهل السقاية فشغلهم ثابت ليلاً ونهاراً فافترقا . (38) وفيه: أنّ علّة الترخّص للرعاة إنّما هو مشقّة عودهم وإعادتهم الأنعام على ما يظهر من تعليله، لا أصل الرعي . على أنّ رعي الغنم أكثر ما يكون بالليل ، فلو تمّ ما ذكر إنّما يتمّ في رعاة الإبل خاصّة . واستثنى الشيخ في الخلاف (39) من له مرض يخاف عليه أو مال يخاف ضياعه أيضا؛ محتجّا بما ذكر من الآية ، وحكى فيه عن الشافعيّ وجهين نفيا وإثباتا . (40) ولم يستثن ابن إدريس أحداً من هذه الفرق، وإنّما نسب استثناء الفرقة الاُولى إلى الرواية ونفاه، حيث قال : فإن بات في غيرها كان عليه دم شاة، وقد روى أنّه إن بات بمكّة مشتغلاً بالعبادة والطواف لم يكن عليه شيء وإن لم يكن مشتغلاً بهما كان عليه ما ذكر ، والأوّل أظهر. (41) وإنّما قال بذلك بناءً على أصله .

.


1- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 355، المسألة 675 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 769.
2- . منتهى المطلب، ج 2، ص 769.
3- . اُنظر: شرح صحيح مسلم لنووي، ج 9، ص 63 ؛ عمدة القاري، ج 9، ص 275؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 473؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 247.
4- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 256 257، ح 870 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 252، ح 19121.
5- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 258 259، ح 878 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 293 294، ح 1045؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 254، ح 19125.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 256، ح 868 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 251، ح 19118.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 258، ح 877 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 293، ح 1044؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 256، ح 19131.
8- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 378؛ النهاية، ص 265.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 259 260، ح 882 . و رواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 294 295، ح 1049؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 255، ح 19128.
10- . خلاصة الأقوال، ص 395.
11- . منتهى المطلب، ج 2، ص 769.
12- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 258، ح 876 . ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 293، ح 1043؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 254، ح 19126.
13- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 305 306؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 770؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 223.
14- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
15- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.
16- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 257، ح 872 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 292، ح 1038؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 252، ح 19122.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 257، ح 873 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 292، ح 1040؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 251 252، ح 19119.
18- . منتهى المطلب، ج 2، ص 770.
19- . النهاية، ص 266.
20- . الفقيه، ج 2، ص 477، ح 3007؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 257، ح 872 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 292، ح 1039؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 253، ح 19123.
21- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 378.
22- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 205.
23- . النهاية، ص 266.
24- . السرائر، ج 1، ص 604 605 .
25- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
26- . وسائل الشيعة، ج 4، ص 251، ح 19118.
27- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 364.
28- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
29- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 256، ح 869 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 252، ح 19120.
30- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 459، الدرس 116.
31- . اُنظر: شرح اللمعة، ج 2، ص 317 318، فإنّه حكى كلام الشهيد في الدروس وأشكل عليه.
32- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 459، الدرس 116.
33- . شرح اللمعة، ج 2، ص 318.
34- . الخلاف، ج 2، ص 354، المسألة 182.
35- . منتهى المطلب، ج 2، ص 771.
36- . فتح العزيز، ج 7، ص 393؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 358.
37- . الحجّ (22) : 78 .
38- . منتهى المطلب، ج 2، ص 771.
39- . الخلاف، ج 2، ص 354 355، المسألة 182.
40- . فتح العزيز، ج 7، ص 394؛ المجموع للنووي، ج 8 ، ص 248؛ فتح الباري، ج 3، ص 462؛ عمدة القاري، ج 9، ص 275.
41- . السرائر، ج 1، ص 604 .

ص: 481

. .

ص: 482

. .

ص: 483

. .

ص: 484

. .

ص: 485

. .

ص: 486

باب إتيان مكّة بعد الزيارة للطواف

باب إتيان مكّة بعد الزيارة للطوافأراد قدس سره بيان جواز إتيان مكّة للطواف المندوب في أيّام التشريق بعدما طاف طواف الحجّ ، وقد صرّح الأكثر به، وأنّ الأفضل تركه وعدم الخروج من منى ، منهم الشيخ في المبسوط، (1) والشهيد في الدروس ، (2) وحملوا النهي عنه في صحيحة العيص على أنّ تركه أفضل وأولى؛ للجمع بينها وبين صحيحة جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن يأتي الرجل مكّة فيطوف بها في أيّام منى ولا يبيت بها ». (3) وصحيحة رفاعة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يزور البيت في أيّام التشريق؟ فقال : «نعم إن شاء ». (4) وصحيحة يعقوب بن شعيب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن زيارة البيت أيّام التشريق ، فقال : «حسن ». (5) وموثّق إسحاق بن عمّار، قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : رجل زار فقضى طواف حجّه كلّه، أيطوف بالبيت أحبّ إليك أم يمضي على وجهه إلى منى؟ فقال : «أيّ ذلك شاء فعل ما لم يبت ». (6) ويفصح عن هذا الجمع خبر المرادي . (7)

.


1- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 379.
2- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 464، الدرس 116.
3- . الفقيه، ج 2، ص 479، ح 3013؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 260، ح 883 ، وص 490، ح 1753؛ الاستبصار، ج 2، ص 295، ح 1050؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 259، ح 19141.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 260، ح 884 . ونحوه في الاستبصار، ج 2، ص 295، ح 1051؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 259، ح 19142.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 260، ح 885 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 259، ح 19143.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 490، ح 1756؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 260، ح 19144.
7- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ الفقيه، ج 2، ص 479، ح 3014؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 260 261، ح 887 ، و ص 490، ح 1755 ؛ الاستبصار، ج 2، ص 295، ح 1053؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 260، ح 19145.

ص: 487

باب التكبير في أيّام التشريق

باب التكبير في أيّام التشريققال الشيخ في المبسوط : وينبغي أن يكبّر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة من الفرائض، يبدأ بالتكبير يوم النحر بعد الظهر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات، يبدأ عقيب الظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثاني من أيّام التشريق - إلى قوله - : ومن أصحابنا من قال : إنّ التكبير واجب . (1) وبه قال في الاستبصار (2) محتجّا بقوله تعالى : «وَاذْكُرُوا اللّه َ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ» (3) ، وبأخبار ظاهرة فيه، ذكر أكثرها المصنّف في الباب، ثمّ عارضها بموثّق عمّار بن موسى، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل ينسى أن يكبّر في أيّام التشريق؟ قال : «إن نسي حتّى قام [ من موضعه] فليس عليه شيء ». (4) وأجاب : بأنّ نفي وجوب الإعادة لا يدلّ على نفي الوجوب، مستنداً بأنّ صلاة الجمعة واجبة وليس على من نسيها قضاء جمعة، وإنّما يلزمه فرض آخر . وقال : «ونظائر ذلك كثيرة ». (5) وهذا القول هو محكي في المختلف (6) عن السيّد المرتضى ، (7) والأوّل هو المشهور بين الأصحاب ، (8) وقد حملوا الأمر في الأخبار المشار إليها على الندب ، كما أنّ لفظ الواجب محمول عليه في موثّق عمّار بن موسى، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «التكبير واجب في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة أيّام التشريق» (9) بقرينة عطف النافلة على الفريضة، فإنّ أحداً لم يقل بوجوب الذِّكر عقيب النوافل ، فتأمّل . ثمّ المشهور عدم استحبابه عقيب النوافل ؛ قال الشيخ في التهذيب : «فأمّا صلاة النافلة فليس بعدها تكبير أيّام التشريق ». واحتجّ عليه بما رواه في الصحيح عن داوود بن فرقد، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «التكبير في كلّ فريضة وليس في النافلة تكبير أيّام التشريق »؟! (10) وحمل موثّق عمّار المتقدّم على نفي الحظر عمّن كبّر بعدها؛ معلّلاً بأنّ الإنسان غير ممنوع عن التكبير في جميع الأحوال فكيف بعد صلاة النوافل . وفي الاستبصار قال باستحبابه عقيب النوافل أيضا حيث قال : «فأمّا ما تضمّن خبر عمّار الساباطي فالوجه فيما يتعلّق بالنافلة أن نحمله على ضرب من الاستحباب دون الإيجاب ». (11) واستشهد لنفي الإيجاب هنا بخبر داوود بن فرقد . هذا ، وقد اختلفت الأخبار في كيفيّة التكبيرات ، ففي صحيحتي زرارة (12) ومنصور بن حازم (13) ما ترى ، ومثلهما في حسنة معاوية بن عمّار بزيادة: «والحمد للّه على ما أبلانا» (14) في آخرها ، وروى الشيخ (15) ما رواه المصنّف عن زرارة بهذا السند بعينه، وليس فيه قوله : «وللّه الحمد» في البين، واختلافها محمول على مراتب الفضيلة . والمشهور بين الأصحاب ما قاله في المبسوط : وهو: «اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلّا اللّه واللّه أكبر، اللّه أكبر على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ». (16) وفي النهاية (17) والسرائر (18) مثله ، لكن فيهما : «والحمد للّه » بدل «وله الشكر »، ولم أجد لهم مستنداً ، والأحسن ما تضمّنته الأخبار المشار إليها ، ثمّ إنّه يتحقّق الطلب بالمرّة ويستحبّ التكرار إجماعا، كما يفهم من صحيحة محمّد بن مسلم . (19)

.


1- . المبسوط، ج 1، ص 380.
2- . الاستبصار، ج 2، ص 299، باب التكبير أيّام التشريق.
3- . البقرة (2) : 203 .
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 270، ح 924، وص 487، ح 1739؛ الاستبصار، ج 2، ص 299، ح 1071؛ وسائل الشيعة، ج 7، ص 465، ح 9873.
5- . الاستبصار، ج 2، ص 299 300، ذيل الحديث 1071.
6- . مختلف الشيعة، ج 2، ص 273.
7- . الانتصار، ص 171.
8- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 4، ص 115 116؛ وج 8 ، ص 242 243.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 270، ح 923، وص 488، ح 1744؛ الاستبصار، ج 2، ص 299، ح 1070؛ وسائل الشيعة، ج 7، ص 462، ح 9863، وص 966 967، ح 9877.
10- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 270، ح 925. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 300، ح 1072؛ وسائل الشيعة، ج 7، ص 467، ح 9878.
11- . الاستبصار، ج 2، ص 300.
12- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 7، ص 458، ح 9853.
13- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 7، ص 459، ح 9854.
14- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 7، ص 459، ح 9855.
15- . تهذيب الأحكام، ج 3، ص 139، ح 313.
16- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 380.
17- . النهاية، ص 136.
18- . السرائر، ج 1، ص 610 611 .
19- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص 268، ح 6511 .

ص: 488

. .

ص: 489

. .

ص: 490

باب الصلاة في مسجد منى ومَن يجب عليه التقصير والتمام بمنى

باب النفر من منى الأوّل والآخر

باب الصلاة في مسجد منى ومَن يجب عليه التقصير والتمام بمنىأراد قدس سره بيان أمرين : أحدهما : استحباب فعل الصلوات أيّام منى في مسجد الخيف عند المنارة التي في وسطه، وفوقها من جهة القبلة نحواً من ثلاثين ذراعا ، وعن يمينها وعن يسارها كذلك ، فإنّه حدّ المسجد الذي كان في عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله واستحباب ستّ ركعات في أصل الصومعة التي في المسجد على حذو حسنة معاوية بن عمّار (1) وخبر عليّ بن أبي حمزة وقول الأصحاب . (2) وثانيهما : تحتّم القصر على أهل مكّة بعد الخروج إلى عرفات إلى العود إليها ، فيدلّ على أنّ مسافة القصر أربعة فراسخ، وقد سبق في موضعه .

باب النفر من منى الأوّل والآخرالمشهور بين الأصحاب جواز النفر عن منى لمن اتّقى في النفر الأوّل، وهو اليوم الثاني من أيّام التشريق وإن كان صرورة إلّا أن تغرب الشمس عليه فيه وهو بمنى . (3) والأصل فيه قوله تعالى : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى» ، (4) واختلفوا في معنى الاتّقاء، والمشهور أنّه من الصيد والنساء في حال الإحرام، لخبر محمّد بن المستنير، (5) وخبر حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى» : «الصيد في إحرامه، فإن أصابه لم يكن له أن ينفر في النفر الأوّل »، (6) وهذا الخبر هو الذي أشار إليه المصنّف بقوله : «وفي رواية اُخرى الصيد أيضا »، وذهب إليه ابن إدريس في باب النفر من منى حيث قال : «فإن كان ممّن أصاب النساء في إحرامه أو صيداً لم يجز له أن ينفر في النفر الأوّل، ويجب عليه المقام إلى النفر الأخير ». (7) وحكى في كنز العرفان (8) عن بعض الأصحاب من غير أن يعيّن قائله أنّه الاتّقاء عن سائر محرّمات الإحرام ، وكأنّه أراد بمحرّمات الإحرام ما يحرم بسبب الإحرام وإن كان حرمته بعد الإحلال كترك المبيت بمنى فيكون إشارة إلى ما ذهب إليه ابن إدريس (9) فيما حكينا عنه في باب من بات عن منى . وقد نسبه [ إليه] الشهيد أيضا في الدروس، حيث قال في بحث المبيت : «ويضعّف منع ابن إدريس المبيت بمكّة للعبادة، وجعله الاتّقاء شاملاً لجميع المحرّمات غير مشهور ، بل هو مقصور على الصيد والنساء ». (10) وربّما استدلّ لما ذهب إليه بما رواه الصدوق عن ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام : «أنّه لمن اتّقى الرفث والفسوق والجدال وما حرّم اللّه عليه في إحرامه »، (11) وهو مع عدم سلامة سنده لجهالة سلام يحتمل الحمل على استحباب النفر في الأخير لمن لم يكن متّقيا عن غير الصيد والنساء من باقي المحرّمات ، وقد سبق منّا في باب ما يحلّ للرجل من اللّباس والطيب إذا حلق نقلاً عن ابن الجنيد (12) أنّه الاتّقاء عن الصيد فقط، لكن بعد النفر إلى النفر الأخير مستنداً بصحيح معاوية بن عمّار (13) وخبر حمّاد، (14) وقد تقدّما . وقيل : المراد لمَن كان متّقيا قبل حجّه كما في قوله تعالى : «إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّه ُ مِنْ الْمُتَّقِينَ» (15) ، وإليه يشير خبر علي بن عطية، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «لمَن اتّقى اللّه عزّ وجلّ ». (16) ومثله خبر سفيان بن عيينة . (17) وحكى في المختلف (18) عن أبي الصلاح (19) عدم جواز النفر في الأوّل مطلقا للصرورة ، ويظهر ممّا رويناه عن الشيخ في النهاية (20) من وجوب الدم للمبيت عن منى في الليلة الثالثة أيضا من غير تقييد عدم جواز النفر في الأوّل مطلقا صرورة كانت أو غير صرورة، متّقيا كان أم لا . وعلى المشهور إنّما يعتبر الاتّقاء من قتل الصيد وجماع النساء . (21) وألحق بعضهم بهما مقدّماتهما وما يتعلّق بهما ، وكذا المعتبر الاتّقاء وعدمه في الحجّ على الأشهر . وقوّى الشهيد الثاني في المسالك (22) اعتباره في عمرة التمتّع أيضا، لارتباطها بالحجّ وكونها عبادة واحدة. ولو غربت الشمس عليه في ذلك اليوم وهو بمنى وجب عليه المبيت في الليلة الثالثة أيضا ، والنفر في الأخير ، ولا يجوز له النفر بعد الغروب؛ لحسنة الحلبيّ، (23) وخبر معاوية بن عمّار، (24) وما رواه الشيخ عن عبداللّه بن مسكان، قال : حدّثني أبو بصير، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل ينفر في النفر الأوّل؟ قال : «له أن ينفر ما بينه وبين أن تصفرّ الشمس، فإن هو لم ينفر حتّى تكون عند غروبها فلا ينفر، وليبت بمنى حتّى إذا أصبح وطلعت الشمس فلينفر متى شاء ». (25) واعلم أنّه ذكر الأصحاب أنّه إنّما يجوز النفر لمن ينفر في الأوّل بعد الزوال ، وأمّا في الأخير فيجوز له النفر بعد الرمي، أيّ وقت شاء ، والأفضل أن ينفر قبل الزوال . (26) ويدلّ عليه صحيحة أبي أيّوب، (27) وحسنة معاوية بن عمّار، (28) وخبر أيّوب بن نوح، (29) وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبيّ أنّه سئل عن الرجل ينفر في النفر الأوّل قبل أن تزول الشمس فقال : «لا ، ولكن يخرج ثَقَله إن شاء ولا يخرج هو حتّى تزول الشمس ». (30) ولا يبعد القول باستحباب النفر بعد الزوال في الأوّل وجوازه قبله؛ للجمع بين ما ذكر وبين ما رواه الصدوق في الصحيح عن جميل بن درّاج، أنّه قال : «لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأوّل ثمّ يقيم بمكّة »، وقال : «كان أبي عليه السلام يقول : من شاء رمى الجمار ارتفاع النهار ثمّ ينفر »، قال : فقلت له : إلى متى يكون رمي الجمار؟ فقال : «من ارتفاع النهار إلى غروب الشمس ، ومَن أصاب الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأوّل ». (31) وما رواه الشيخ عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأوّل قبل الزوال ». (32) ويؤيّدهما إطلاق خبر أبي بصير (33) المتقدّم ؛ ولأنّ المقصود من الكون بمنى في هذه الأيّام رمي الجمار، فإذا رميت قبل الزوال جاز له النفر حينئذٍ ، وهذا الجمع هو أظهر ممّا ذكره الشيخ في كتابي الأخبار ، والعلّامة في المنتهى (34) من حمل هذين على الاضطرار والحاجة .

.


1- . الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 5، ص 270، ح 6515.
2- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 375، المسألة 691 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 777؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 261 262.
3- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 371، المسألة 689 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 775؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 253 254.
4- . البقرة (2): 203.
5- . الحديث 11 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 279، ح 19195.
6- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 273، ح 933؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 279، ح 19196.
7- . السرائر، ج 1، ص 612 .
8- . كنز العرفان، ج 1، ص 320.
9- . السرائر، ج 1، ص 604 605.
10- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 460، الدرس 116.
11- . الفقيه، ج 2، ص 480، ح 3017؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 280 281، ح 19201.
12- . حكاه عنه الشهيد في الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 456، الدرس 114.
13- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 274 275، ح 19181، وص 280، ح 19200.
14- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 279 280، ح 19197.
15- . المائدة(5) : 27 .
16- . الفقيه، ج 2، ص 480، ح 3018؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 281، ح 19203.
17- . الفقيه، ج 2، ص 480، ح 3021؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 281، ح 19206.
18- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 316.
19- . الكافي في الفقه، ص 198.
20- . النهاية، ص 266.
21- . اُنظر: مختلف الشيعة، ج 4، ص 307؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 371، المسألة 689 .
22- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 367.
23- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 277، ح 19191.
24- . الحديث السابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 277 278، ح 19192.
25- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 272، ح 931؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 278، ح 19194.
26- . اُنظر: منتهى المطلب، ج 2، ص 775؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 250.
27- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 275، ح 19182.
28- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 274، ح 19181.
29- . الحديث الثامن من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 282، ح 19208.
30- . الفقيه، ج 2، ص 481، ح 3023؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 276، ح 19184.
31- . الفقيه، ج 2، ص 481 482، ح 3025؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 274، ح 19180.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 272، ح 928؛ الاستبصار، ج 2، ص 301، ح 1075؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 277، ح 19189.
33- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 278، ح 19194.
34- . منتهى المطلب، ج 2، ص 776.

ص: 491

. .

ص: 492

. .

ص: 493

. .

ص: 494

باب نزول الحَصيبة

باب نزول الحَصيبةذهب الأصحاب إلى استحباب التحصيب وهو النزول بالمُحْصّب بالأبطح والاستراحة فيه قليلاً اقتداءً برسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته، فقد ضُربت قُبّة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله بالأبطح فنزله ، عن أبي رافع وعن نافع عن ابن عمر: أنّه كان يصلّي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويهجع هجعة ويذكر ذلك عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله . (1) وفي خبر أبي مريم، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كان أبي ينزل الأبطح قليلاً ». (2) وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : فإذا نفرت وانتهيت إلى الحصبة وهي البطحاء فشئت أن تنزل قليلاً، فإنّ أبا عبداللّه عليه السلام قال : «إنّ أبي كان ينزلها، ثمّ يرتحل مكّة من غير أن ينام بها »، وقال : «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله إنّما نزلها حيث بعث بعائشة مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت لمكان العلّة التي أصابتها، فطافت بالبيت ثمّ سعت، ثمّ رجعت فارتحل من يومه ». (3) وفي المنتهى: قد اختلف العلماء في أنّه هل هو نسك أم لا؟ وفي التحقيق: الخلاف لفظي، لأنّهم إن عنوا بالنسك ما يُثاب عليه فهو كذلك لاستحبابه، لما تلوناه من الأخبار واتّفقوا عليه ، وإن عنوا ما يستحقّ العقاب بتركه فلا خلاف في أنّه ليس كذلك؛ إذ قد أجمع العلماء كافّة على أنّه ليس بواجب . (4) انتهى . وكأنّ من نفى كونه نسكا أراد به مناسك الحجّ وأفعاله ، وقد صرّح به الشهيد في الدروس حيث قال : «وليس التحصيب من سنن الحجّ ومناسكه، وإنّما هو فعل مستحبّ، اقتداءً برسول اللّه صلى الله عليه و آله ». (5) فمن أثبته أثبت كونه منها، فيصير النزاع معنويّا . ويحتمل أيضا أن يريد النافي نفي استحبابه رأسا، وهو الأظهر؛ لأنّه إنّما هو من العامّة متمسّكا بما روي عن ابن عبّاس، قال : ليس المحصّب سنّة (6) إنّما هو منزل نزله رسول اللّه صلى الله عليه و آله . (7) وعن عائشة أنّها قالت : إنّما نزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله المحصّب ليكون أسمح لخروجه، ليس سنّة، من شاء تركه ومن شاء لم يتركه . (8) ونقل طاب ثراه عن عياض أنّه قال : واختلف السلف في النزول بالمحصّب ليلة النفر، وصلاة الظهر والعصر والعشائين به، والخروج منه ليلاً إلى مكّة كما فعله النبيّ صلى الله عليه و آله ، فرآه مالك والشافعي اقتداء بفعله صلى الله عليه و آله ، ولم يره بعضهم . (9) ثمّ إنّ الأكثر قيّدوا استحبابه بمَن نفر في النفر الأخير لخبر أبي مريم ، (10) ويؤيّده أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حيث نزل فيه كان نافراً فيه. (11) ولا فرق في ذلك بين أهل اليمن وغيرهم؛ لفعل النبيّ صلى الله عليه و آله وإطلاق أكثر الأخبار ، وقد صرّح بذلك جماعة من الأصحاب من غير نقل خلاف فيه، ولا ينافيه التقييد بأهل اليمن في خبر أبي مريم المشار إليه، لكونه في كلام السائل. على أنّه ليس في ذلك الخبر على ما رواه الصدوق ، (12) فلعلّه من سهو بعض الرواة في خبر الكتاب ، وفيما رواه في التهذيب . (13) واعلم أنّ المنقول عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه نزل بمسجد كان بالأبطح يقال له: مسجد الحصباء . (14) وفي الدروس: قال ابن إدريس : ليس للمسجد أثر الآن ، (15) فتتأدّى السنّة بالنزول بالمحصّب من الأبطح، وهو ما بين العقبة ومكّة ، وقيل: ما بين الجبل الذي عنده مقابر قريش والجبل الذي يقابله مصعداً في الشقّ الأيمن لقاصد مكّة ، وليست المقبرة منه، واشتقاقه من الحصباء، وهي الحصى المحمولة بالسيل، وقال السيد ضياء الدين بن الفاخر: ما شاهدت أحداً يعلّمني به في زماني، وإنّما وقفني واحد على أثر مسجد بقرب منى على يمين قاصد مكّة في مسيل وادٍ ، قال : وذكر آخرون أنّه عند مخرج الأبطح إلى مكّة . (16) وروى الصدوق أنّ الباقر عليه السلام كان ينزل بالأبطح قليلاً ثمّ يدخل البيوت ، (17) وأكثر الروايات ليس فيها تعيين مسجد . (18) انتهى . وقال طاب ثراه : قال عياض : المحصّب موضع بين مكّة ومنى، وهو إلى منى أقرب، وإلى منى يضاف ، ودليله قول الشاعر : * يا راكبا قف بالمحصّب من منى * وقال الآبيّ : البيت للشافعيّ ، وتمامه : * واهتف بقاطن خيفها (19) والناهضِ * (20) وإنّما يتمّ الاحتجاج بها إذا جعل «من منى» في موضع الصّفة للمحصّب ، وأمّا إذا علّق براكب فلا يكون حجّة فيه . وقال الخطّابيّ : هو فم الشعب الذي يخرج إلى الأبطح، وبه كانت قريش تقاسمت على بني هاشم وبني المطّلب في شأن الصحيفة . وظاهر قول المدوّنة إذا خرجوا من منى نزلوا بأبطح من مكّة فصلّوا بها الظهر والثلاثة بعدها، ويدخلون مكّة أوّل الليل، أنّه ليس من منى . قوله في خبر أبي مريم : (أن تعجّل ) ، الخ .[ ح 1 / 7979] قد روى الصدوق لهذا الحديث تتمّة، وهي قوله : وقال : «وكان أبي عليه السلام ينزل الحصبة قليلاً، ثمّ يرتحل وهو دون خبط وحرمان ». (21) وقال جدّي قدس سره في شرحه: (22) الخبط: إبقاء النفس لينام حيث كان، والحرمان: حرمانها من النوم، أي واسطة بين الأمرين، وهو غيرهما أو عندهما أو قريب منهما . وفي بعض النسخ : «ذو خبط وحرمان ». وفي بعض كتب العامّة : «دون حائط وحرمان »، وذكر أنّه كان هناك بستان ومسجد الحصباء كان قريبا منه، وهو أظهر .

.


1- . صحيح البخاري، ج 2، ص 197.
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ الفقيه، ج 2، ص 482، ح 3027؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 275، ح 942؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 285، ح 19214.
3- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 275، ح 941؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 284، ح 19213.
4- . منتهى المطلب، ج 2، ص 777.
5- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 464، الدرس 117.
6- . كذا بالأصل، وفي المصادر: «ليس بشيء».
7- . مسند أحمد، ج 1، ص 221؛ سنن الدارمي، ج 2، ص 54 ؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 195 196؛ وج 4، ص 85 ؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 202، ح 925؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 160، وفي غير الأوّل: «التحصيب» بدل «المحصّب».
8- . مسند أحمد، ج 6 ، ص 190؛ سنن أبي داود، ج 1، ص 446، ح 2008؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 161، وفي الجميع: «فمن شاء نزله و من شاء لم ينزله»، والمذكور هنا موافق لمنتهى المطلب، ج 2، ص 777.
9- . اُنظر: عمدة القاري، ج 9 ، ص 194؛ وج 10، ص 100.
10- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 285، ح 19214.
11- . اُنظر: منتهى المطلب، ج 2، ص 777؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 263.
12- . الفقيه، ج 2، ص 482 483، ح 3027.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 275، ح 942.
14- . اُنظر: المقنع، ص 289؛ الكافي في الفقه، ص 217؛ النهاية، ص 269؛ السرائر، ج 1، ص 613 .
15- . السرائر، ج 1، ص 613 .
16- . لم أعثر عليه.
17- . الفقيه، ج 2، ص 482، ح 3027.
18- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 465، الدرس 117.
19- . هذا هو الظاهر الموافق لسائر المصادر، وفي الأصل: «حقّها» بدل «خيفها».
20- . اُنظر: الاستذكار، ج 4، ص 342؛ تفسير الرازي، ج 27، ص 166؛ تفسير الآلوسي، ج 25، ص 32.
21- . الفقيه، ج 2، ص 483، ح 3028؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 285، ح 19215.
22- . اللوامع لصاحبقراني، ج 8 ، ص 247.

ص: 495

. .

ص: 496

. .

ص: 497

. .

ص: 498

باب إتمام الصلاة في الحرمين

باب إتمام الصلاة في الحرمينقال الشيخ في المبسوط : «يستحبّ الإتمام في أربعة مواطن في السفر: بمكّة، والمدينة، ومسجد الكوفة، والحائر على ساكنه السلام ». (1) ومثله في النهاية (2) والخلاف . (3) وبه قال العلّامة في المنتهى ، (4) ونسبه إلى الشيخين (5) والسيّد المرتضى (6) وأتباعهم . (7) وفي الدروس: «وطرد المرتضى وابن الجنيد (8) الحكم في مشاهد الأئمّة عليهم السلام وظاهرهم تحتّم التمام في هذه المواضع ». (9) وقد حكى العلّامة في المختلف (10) عن السيّد أنّه قال : «لا تقصير في مكّة ومسجد النبيّ صلى الله عليه و آله ومشاهد الأئمّة القائمين مقامه عليهم السلام ». (11) وعن ابن الجنيد أنّه قال : «والمسجد الحرام لا تقصير فيه على أحد ؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ جعله سواء العاكف فيه والباد . وإلى الأوّل ذهب أكثر المتأخّرين . (12) ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف ما رواه الشيخ في الاستبصار في الصحيح عن عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن عليه السلام في الصلاة بمكّة قال : «مَن شاء أتمّ ومَن شاء قصّر ». (13) وفي الصحيح عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «من مخزون علم اللّه تعالى الإتمام في أربعة مواطن : حرم اللّه ، وحرم رسوله، وحرم أمير المؤمنين عليه السلام ، وحرم الحسين عليه السلام ». (14) وعن زياد القنديّ، قال : قال أبو الحسن عليه السلام : «يا زياد، أحبّ لك ما أحبّ لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، أتمّ الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين عليه السلام ». (15) والحَرمان في هذين الخبرين وإن شملا ما زاد على البلدتين بناءً على ظهورهما في المصطلحين، إلّا أنّهما خصّا بالبلدين؛ ليطابق الخبران ما سبق . ولخبر عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : إنّ هشاما روى عنك أنّك أمرته بالتمام في الحرمين، وذلك من أجلّ الناس؟ قال : «لا ، كنت أنا ومن مضى من آبائي إذا وردنا مكّة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس ». (16) وكذا قوله عليه السلام : «حرم أمير المؤمنين وحرم الحسين عليه السلام » خصّا بمسجد الكوفة والحائر؛ للجمع بين ما ذكر وبين ما هو ظاهر في اختصاص الحكم بهما، وسيأتي . وعمّم الشيخ في الاستبصار (17) الحكم للكوفة؛ عملاً بهذين الخبرين . وأمّا عموم الحكم لكربلاء فلم أجد قائلاً به ، وقد حملوا حرم الحسين عليه السلام في الخبر الأوّل على الحائر لقوله عليه السلام : «وعند قبر الحسين عليه السلام » في الخبر الثاني ، وقوله عليه السلام «وعنده» في خبر أبي شبل عبداللّه بن سعيد، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أزور قبر الحسين عليه السلام ؟ قال : «زُر الطيّب وأتمّ الصلاة عنده »، قلت : أتمّ الصلاة؟ قال : «أتمّ »، قلت : بعض أصحابنا يرى التقصير؟ قال : «إنّما يفعل ذلك الضعفة ». (18) وخصّ ابن إدريس الحكم في الأوّلين أيضا بالمسجدين ، واحتجّ عليه بحصول الإجماع على التخيير في المساجد الثلاثة والحائر، ووقوع الخلاف فيما عداه، والأصل التقصير للمسافر ، فإذا خرج ما ذكر بدليل الإجماع بقي ما عداه . (19) وإليه ذهب الشهيد في الدروس (20) واللمعة، (21) وهو أحوط؛ لتخصيص المسجدين بالذكر في أخبار متعدّدة رواها الشيخ عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «تتمّ الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه و آله ، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين عليه السلام ». (22) وعن حذيفة بن منصور، قال : حدّثني مَن سمع أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «تتمّ الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه و آله ، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين عليه السلام ». (23) وعن أبي بصير، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «تتمّ الصلاة في أربعة مواطن : في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه و آله ، وفي مسجد الكوفة، وحرم الحسين عليه السلام ». (24) وعن عمران بن حمران، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : اُقصّر في المسجد الحرام أو أتمّ؟ قال : «إن قصّرت فلك، وإن أتممت فهو خير، وزيادة الخير خير ». (25) ويدلّ عليه ما نقل عن السيّد وابن الجنيد بالأمر بالإتمام في صحيحة مسمع، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا دخلت مكّة فأتمّ الصلاة يوم تدخل ». (26) وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن التمام بمكّة والمدينة؟ قال : «أتمّ وإن لم تفعل فيهما إلّا صلاة واحدة ». (27) وخبر عمر بن رباح، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : أقدم مكّة أتمّ أو اُقصّر؟ قال : «أتمّ ». (28) وحملت على الجواز لما ذكر ، ويحتمل حمل كلامهما أيضا على عدم تحتّم التقصير ، وقد أنكر الصدوق رضى الله عنهالتخيير مطلقا؛ (29) حملاً لتلك الأخبار على استحباب نيّة المقام في هذه المواطن؛ لصحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : سألته عن الصلاه بمكّة والمدينة يقصّر أو يتمّ؟ قال : «قصّر ما لم تعزم على مقام عشرة أيّام ». (30) وصحيحة معاوية بن وهب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن التقصير في الحرمين والتمام ، فقال : «لا يتمّ حتّى يُجمع على مقام عشرة أيّام »، فقلت : إنّ أصحابنا رووا عنك أنّك أمرتهم بالتمام؟ فقال : «إنّ أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلّون ويأخذون نعالهم ويخرجون، والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة، فأمرتهم بالتمام ». (31) وخبر عليّ بن حديد، قال : سألت الرضا عليه السلام فقلت : إنّ أصحابنا اختلفوا في الحرمين، فبعضهم يقصّر وبعضهم يتمّ، وأنا ممّن يتمّ على رواية قد رواها أصحابنا في التمام، وذكرت عبداللّه بن جندب أنّه كان يتمّ ، قال : «رحم اللّه ابن جندب»، ثمّ قال : «لا يكون الإتمام إلّا أن يجمع على إقامة عشرة أيّام، وصلّي النوافل ما شئت ». قال ابن حديد : وكان محبّتي أن يأمرني بالإتمام . (32) وخبر محمّد بن إبراهيم الحضينيّ، قال : استأمرت أبا جعفر عليه السلام في الإتمام والتقصير ، قال : «إن دخلت الحرمين فانو عشرة أيّام وأتمّ الصلاة »، فقلت له : إنّي أقدم مكّة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة؟ قال : «انوِ مقام عشرة أيّام وأتمّ الصلاة ». (33) وخبر أبي ولّاد الحنّاط، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّي كنت نويت حين دخلت المدينة أن اُقيم بها عشرة أيّام فأتمّ الصلاة، ثمّ بدا لي بعد أن اُقيم بها، فما ترى لي أتمّ أم أقصّر؟ فقال : «إن كنت حين دخلت المدينة صلّيت صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصّر حتّى تخرج منها ، فإن كنت حين دخلتها على نيّتك التمام فلم تصلِّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتّى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار، إن شئت فانو المقام عشرة أو أتمّ وإن لم تنو المقام فقصّر ما بينك وبين شهر، فإذا مضى لك شهر فأتمّ الصلاة ». (34) وحملت هذه الأخبار في المشهور على التقيّة؛ لأنّ الحكم بالتخيير في تلك المواطن من متفرّدات الإماميّة ، ويحتمل أن يكون المراد منها نفي وجوب الإتمام بدون العزم على إقامة عشرة أيّام، وهو أحد وجوه الجمع للشيخ، حيث قال مشيراً إلى خبري ابن بزيع وابن حديد : الأمر في هذين الخبرين إنّما توجّه إلى مَن لم يعزم على مقام عشرة أيّام إذا اعتقد وجوب الإتمام فيهما ، ثمّ قال : ويحتمل هذان الخبران وجها آخر، وهو المعتمد عندي، وهو أنّ من حصل في الحرمين ينبغي له أن يعزم على مقام عشرة أيّام ويتمّ الصلاة فيهما وإن كان يعلم أنّه لا يقيم أو يكون في عزمه الخروج من الغد، ويكون هذا ممّن يختصّ به هذان الموضعان ويتميّزان به من سائر البلاد؛ لأنّ غيرهما متى عزم على المقام فيها عشر أوجب التمام، ومتى كان دون ذلك وجب التقصير . (35) وأقول : كأنّه قدس سره استنبط هذا من خبر الحضينيّ حيث إنّه عليه السلام أمره بالعزم على المقام والإتمام وإن قدم مكّة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة ، مع أنّه يعزم على الخروج إلى عرفات يوم التروية ، وفي تحقّق هذه النيّة إشكال ، فتأمّل . هذا ، والحائر على المشهور ما دار عليه سور الحضرة السنيّة وعلّل تسميته بذلك في الذكرى (36) بأنّ الحائر لغةً: هو المكان المطمئنّ، وهو كذلك، وبأنّه حار الماء فيه لمّا أمر المتوكّل بإطلاق الماء على قبر الحسين عليه السلام ليعفيه، فكان لا يبلغه . وقال ابن إدريس : «هو ما دار سور المشهد والمسجد عليه، لأنّ ذلك هو الحاير حقيقةً؛ لأنّ الحائر في لسان العرب: الموضع المطمئن الذي يحار فيه الماء ». (37) وظاهر المفيد قدس سره أنّه زائد على ذلك أيضا، فإنّه لمّا ذكر مَن قتل مع الحسين عليه السلام قال : والحائر (38) محيط بهم، إلّا العبّاس رحمه اللّه فإنّه قُتل على المسنّاة، على ما حكاه عنه في المنتهى ، (39) ولم يروِ المصنّف قدس سرهأخبار مسجد الكوفة والحائر هنا، وسيرويها في الباب الذي قبل باب النوادر ، والأولى ذكرها أيضا في هذا الباب وإضافة مسجد الكوفة والحائر أيضا في عنوانه .

.


1- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 141.
2- . النهاية، ص 124.
3- . الخلاف، ج 1، ص 576 ، المسألة 330.
4- . منتهى المطلب، ج 6 ، ص 364.
5- . تقدم كلام الشيخ الطوسي رحمه الله.
6- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 47).
7- . منهم ابن البرّاج في المهذّب، ج 1، ص 110؛ وابن حمزة في الوسيلة، ص 110؛ وابن إدريس في السرائر، ج 1، ص 342.
8- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 3، ص 136.
9- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 208، الدرس 54 .
10- . مختلف الشيعة، ج 3، ص 136.
11- . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، ج 3، ص 47).
12- . اُنظر: مدارك الأحكام، ج 4، ص 466.
13- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 430، ح 1492. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 334، ح 1189؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 526 ، ح 11352.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 430، ح 1494. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 334 335، ح 1191؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 524 ، ح 11343.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 430، ح 1495؛ الاستبصار، ج 2، ص 335، ح 1192؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 527 ، ح 11355.
16- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 428، ح 1486؛ الاستبصار، ج 2، ص 332 333، ح 1182؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 526 ، ح 11348.
17- . الاستبصار، ج 2، ص 336، ذيل الحديث 1196.
18- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 431، ح 1496؛ الاستبصار، ج 2، ص 335، ح 1193؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 527 ، ح 11354.
19- . السرائر، ج 1، ص 343.
20- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 209، الدرس 54 .
21- . اللمعة الدمشقيّة، ص 39.
22- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 431، ح 1497؛ الاستبصار، ج 2، ص 335، ح 1194؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 528 ، ح 11356.
23- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 431، ح 1498؛ الاستبصار، ج 2، ص 335، ح 1195؛ ورواه الكليني في الكافي، باب بدون العنوان من أبواب الزيارات، ح 3؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 530 ، ح 11365.
24- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 432، ح 1500؛ الاستبصار، ج 2، ص 335، ح 1195؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 531 ، ح 11367.
25- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 430، ح 1493، وص 474، ح 1669؛ الاستبصار، ج 2، ص 334، ح 1190؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 526 527 ، ح 11353.
26- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 426، ح 1480؛ الاستبصار، ج 2، ص 331، ح 1176؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 526 ، ح 11349.
27- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 426، ح 1481؛ الاستبصار، ج 2، ص 331، ح 1177 و 11347.
28- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 426، ح 1479، وص 474، ح 1667؛ الاستبصار، ج 2، ص 330، ح 1175؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 526 ، ح 11350.
29- . حكاه عنه العلّامة في المعتبر، ج 2، ص 476. وانظر: الفقيه، ج 2، ص 442، ذيل الحديث 1283.
30- . الفقيه، ج 2، ص 442 443، ح 1284؛ الاستبصار، ج 2، ص 331، ح 1178؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 533 ، ح 11374.
31- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 428، ح 1485؛ الاستبصار، ج 2، ص 232، ح 1181؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 534 ، ح 11376.
32- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 426 427، ح 1483؛ الاستبصار، ج 2، ص 331، ح 1179؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 533 ، ح 11375.
33- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 427، ح 1484؛ الاستبصار، ج 2، ص 332، ح 1180؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 528 ، ح 11357.
34- . تهذيب الأحكام، ج 3 ، ص 221، ح 553؛ الاستبصار، ج 1، ص 238 239، ح 581؛ وسائل الشيعة، ج 8 ، ص 508 509 ، ح 11305.
35- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 427، ذيل ح 1483؛ الاستبصار، ج 2، ص 331، ذيل ح 1178 و 1179.
36- . الذكرى، ج 4، ص 291.
37- . السرائر، ج 1، ص 342.
38- . هذا هو الظاهر الموافق للمصدر، وفي الأصل: «الحائط».
39- . منتهى المطلب، ج 6 ، ص 366. وانظر: الإرشاد، ج 2، ص 126.

ص: 499

. .

ص: 500

. .

ص: 501

. .

ص: 502

. .

ص: 503

. .

ص: 504

باب فضل الصلاة في المسجد الحرام وأفضل بقعة فيه

باب فضل الصلاة في المسجد الحرام وأفضل بقعة فيهيظهر من الأخبار وفتاوى العلماء الأخيار أنّ صلاة واحدة في المسجد الحرام تعدل مئة ألف صلاة في غيره، (1) ومنه الكعبة وزوائده الحادثة وإن كان ما عداهما منه أفضل، فإنّ القدر المشترك فضله بذلك وإن اختصّ ما عداهما بفضيلة اُخرى لا تقدير فيها . ولا ينافيه أيضا كراهية الصلاة الفريضة في الكعبة، فإنّ غايتها كونها أقلّ ثوابا كما هو شأن الكراهة في العبادات على المشهور . واعلم أنّ فضيلة هذه المواضع مخصوصة بشيعة آل محمّد عليهم السلام لعموم ما دلّ على اختصاص قبول الطاعات بهم، وخصوص ما رواه الشهيد قدس سره في الدروس عن البزنطيّ، عن ثعلبة، عن ميسر، قال : كنّا عند أبي جعفر عليه السلام في الفسطاط نحو من خمسين رجلاً، فقال لنا : «أتدرون أيّ البقاع أفضل عند اللّه منزلة؟» فلم يتكلّم أحد، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال : «تلك مكّة الحرام التي رضيها اللّه لنفسه حرما، وجعل بيته فيها »، ثمّ قال : «أتدرون أيّ بقعة في مكّة أفضل حرمةً؟» فلم يتكلّم أحد ، فكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : «ذلك المسجد الحرام »، ثمّ قال : «أتدرون أيّ بقعة في المسجد الحرام أعظم عند اللّه حرمةً؟» فلم يتكلّم أحد، فكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : «ذلك بين الركن الأسود إلى باب الكعبة، ذلك حطيم إسماعيل عليه السلام الذي كان يذود فيه غنيمته ويُصلّي فيه ، فواللّه لو أنّ عبداً صفّ قدميه في ذلك المكان قائما الليل مصلّيا حتّى يجنّه النهار، وقائما النهار حتّى يجنّه الليل، ولم يعرف حقّنا وحرمتنا أهل البيت لم يقبل اللّه منه شيئا أبداً ؛ إنّ أبانا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعلى محمّد وآله كان ممّا اشترط على ربّه أن قال : ربِّ اجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ، أمّا أنّه لم يَعُنِ الناس كلّهم، فأنتم اُولئك رحمكم اللّه ونظراؤكم، وإنّما مثلكم في الناس مثل الشعرة [ السوداء] في الثور الأنور ». (2) وعن الصدوق رضى الله عنه بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي، قال : قال لنا عليّ بن الحسين عليهماالسلام : «أيّ البقاع أفضل؟» فقلت : اللّه ورسوله وابن رسوله أعلم ، فقال : «أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أنّ رجلاً عمّر ما عمّر نوح في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما، يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان، ثمّ لقى اللّه عزّ وجلّ بغير ولايتنا أهل البيت لم ينفعه ذلك شيئا ». (3) وعن الصادق عليه السلام أنّه قال : «مَن نظر إلى الكعبة فعرف من حقّنا وحرمتنا مثل الذي عرف من حقّها وحرمتها، غفر اللّه له [ ذنوبه]وكفاه همّ الدُّنيا والآخرة ». (4) وعنه عليه السلام أنّه قال : «مَن أمَّ هذا البيت حاجّا أو معتمراً وتبرّأ من الكبر رجع من ذنوبه كهيئته يوم ولدته اُمّه ، والكبر أن يجهل الحقّ ويطعن على أهله ». (5) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (لأنّه يبكّ فيها الرجال والنساء ) . [ ح 7 / 7994] قال الجوهريّ : بكَّ فلانا يبكّ بكّا ؛ أي زحم . وبكّة: اسم بطن مكّة، سمّيت بكّة لأنّها تبكّ أعناق الجبابرة . (6)

.


1- . اُنظر: الخلاف، ج 2، ص 451، المسألة 358؛ تذكرة الفقهاء، ج 6 ، ص 274.
2- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 498 499، الدرس 126. ونحوه في المحاسن للبرقي، ج 1، ص 91 92، الباب 16 من كتاب عقاب الأعمال، ح 44 باسناده عن خالد، عن ميسر.
3- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 499، الدرس 126؛ الفقيه، ج 2، ص 245، ح 2313؛ ثواب الأعمال، ص 204، عقاب من جهل حقّ أهل البيت عليهم السلام ؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 122، ح 308.
4- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 500 ، الدرس 126؛ الكافي، باب فضل النظر إلى الكعبة، ح 6 ؛ الفقيه، ج 2، ص 204، ح 2142؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 264263، ح 17703.
5- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 499 500 ، الدرس 126؛ الفقيه، ج 2، ص 205، ح 2147. ونحوه في الكافي، باب فضل الحجّ والعمرة، ح 2؛ وتهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 23، ح 69 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 93، ح 14327.
6- . صحاح اللغة، ج 4، ص 1575 1576 (بكك).

ص: 505

. .

ص: 506

باب دخول الكعبة

باب وداع البيت

باب دخول الكعبةيستحبّ للحاجّ والمعتمر دخول مكّة خصوصا للصرورة، ويستحبّ عنده الغسل والدّعاء بالمنقول والتحفّي وصلاة ركعتين بين الاُسطوانتين على الرخامة الحمراء، وأن يقرأ في الاُولى حم السجدة وفي الثانية عدد آيها، والصلاة في زوايا البيت كلّها، واستلام الحائط من الركن اليماني والغربي يرفع يديه عليه، ويلتصق به، ويدعو، ثمّ التحوّل عنه إلى الركن اليماني، وفعل مثل ذلك فيه، ثمّ فعل ذلك في باقي الأركان، وصلاة ركعتين عن يمين البيت بعد الخروج عنه كما يستفاد من أخبار الباب .

باب وداع البيتيستحبّ بعد قضاء المناسك بمنى الرجوع إلى مكّة لدخول البيت ووداعه وطواف الوداع . والمشهور في كيفيّة الوداع ما دلّ عليه حسنة معاوية بن عمّار، (1) والباب الذي ورد فيه أنّه يخرج منه هو باب الحنّاطين، على ما صرّح به الأصحاب ودلّ عليه خبر عليّ بن مهزيار ، (2) والحائض ليس عليها طواف الوداع، بل يستحبّ لها أن تقف عند باب من أبواب المسجد من غير أن تدخله وتودّع البيت . وفي المنتهى : واختلف الناس في وجوب طواف الوداع، فالذي عليه علماؤنا أجمع أنّه مستحبّ ليس بواجب، ولا يجب بتركه الدم، وبه قال الشافعيّ في الإملاء، وقال في القديم : إنّه نسك واجب يجب بتركه الدم ، وبه قال الحسن والحكم وحمّاد والثوريّ وإسحاق وأحمد وأبو ثور . (3) لنا: الأصل، وهو البراءة، فلا يصار إلى خلافه إلّا لدليل ، وما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد، عن عليّ، عن أحدهما عليهماالسلامفي رجل لم يودّع البيت، قال : لابأس به إن كان به علّة أو كان ناسيا ». (4) وفي الصحيح عن هشام بن سالم، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عمّن نسي زيارة البيت حتّى رجع إلى أهله؟ قال : «لا يضرّه إذا كان قد قضى مناسكه ». (5) احتجّوا بما روى ابن عبّاس، قال : أمر الناس أن يكون آخر عهدهم البيت، إلّا أنّه خفّف عن المرأة الحائض . (6) والجواب : أنّه محمول على الاستحباب؛ جمعا بين الأدلّة . ثمّ قال : والموجبون له اختلفوا في وجوب الدم ، والظاهر عندهم أنّ القريب يرجع ويطوف للوداع ، والبعيد يبعث بالدم . وحدّ القرب عندهم ما نقص عن مسافة التقصير ، فلو رجع إلى البيت وطاف للوداع ، قال قوم : لا يسقط الدم لاستقراره ببلوغ مسافة التقصير ، وقيل : يسقط . (7) وفيه أيضا: والحائض لا وداع عليها ولا فدية عن طواف الوداع، وهو قول عامّة فقهاء الأمصار ، (8) بل يستحبّ لها أن تودّع من أدنى باب من أبواب المسجد ولا تدخله إجماعا؛ لأنّه يحرم عليها دخول المساجد . وروي عن عمر وابنه أنّهما قالا : لا تقيم الحائض لطواف الوادع . (9) لنا: ما رواه الجمهور عن ابن عبّاس أنّه قال : [ لايتفرّق أحدكم حتّى يكون آخر عهده بالبيت] إلّا أنّه رخّص للحائض . (10) واختلف ابن عبّاس وزيد بن ثابت في ذلك ، فقال زيد : لا تنفر إلّا بوداع ، فقال ابن عبّاس لزيد : مُرّ إلى اُمّ سليم (11) بنت ملحان، فمرّ إليها، ثمّ رجع بعد لبث وهو يضحك ، فقال : الأمر كما قلت . وروى عنها مالك في الموطّأ: أنّها استفتت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقد حاضت أو ولدت بعدما أفاضت بعد النحر، فأذِنَ لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله فخرجت. (12) وعن عائشة، قالت: قلت : يارسول اللّه ، إنّ صفيّة قد حاضت؟ فقال : «أحابستنا هي؟» فقلت : قد أفاضت ، فقال : «لا إذن» ونفر بها . (13) ومن طريق الخاصّة: ما رواه الشيخ عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت إن شاءت ». (14) وعن حمّاد، عن رجل، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول :« إذا طافت المرأة الحائض ثمّ أرادت أن تودّع البيت فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد، فلتودّع البيت». (15) ولأنّ إلزامها بالمقام مشقّة عظيمة، وربما انفردت عن الحاجّ ولم يتمكّن بعد ذلك من النفور إلى بلدها، فيكون منفيّا . ولا فرق بين النفساء والحائض؛ لأنّ حكمهما واحد. ولو حاضت قبل طواف الوداع فنفرت ثمّ طهرت، فإن لم تفارق بنيان مكّة استحبّ لها العود والاغتسال والطواف، وأوجبه الموجبون له، وإن كان بعد أن فارقت البنيان لم تعد؛ للمشقة إجماعا، والموجبون فرّقوا بينها وبين من خرج متعمّداً، فإنّه يعود ما لم يبلغ مسافة التقصير بأن قد ترك واجبا فلا يسقط لمفارقته البنيان ، وهاهنا لم يجب فلا يجب بعد الانفصال إذا أمكن، كما يجب على المسافر إتمام الصلاة في البنيان ولا يجب بعد الانفصال . (16)

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي. ونحوه في تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 280 281، ح 956؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 287 288، ح 19218.
2- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 289 290، ح 19220.
3- . اُنظر: المجموع للنووي، ج، ص 254؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 485.
4- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 282، ح 960؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 291، ح 19224.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 282، ح 961؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 291، ح 19223.
6- . صحيح مسلم، ج 4، ص 93، باب وجوب طواف الوداع؛ مسند الحميدي، ج 1، ص 233 234، ح 502 ؛ شرح معاني الآثار، ج 2، ص 233، باب حيض المرأة بعد طواف الزيارة.
7- . اُنظر: المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 488.
8- . المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 488 489؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 381، المسألة 696 .
9- . المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 489.
10- . فتح العزيز، ج 7، ص 412، وما بين الحاصرتين منه.
11- . في الأصل: «اُمّ سليمان» والتصويب من مصادر ترجمتها، واُمّ سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد من بني النجّار، واختلف في اسمها، وكانت تحت مالك بن النضر في الجاهليّة، فولدت له أنس بن مالك، فلمّا جاء اللّه بالإسلام أسلمت مع قومها وعضرت الإسلام على زوجها، فغضب عليها وخرج إلى الشام. فهلك هناك، ثمّ خلف عليها أبو طلحة الأنصاري، خطبها مشركا فلمّا علم أنّه لا سبيل له إليها إلّا بالاسلام أسلم وتزوّجها وحسن إسلامه، وكانت اُم سليم من عقلاء النساء. الاستيعاب، ج 4، ص 1940 1941، الرقم 4163.
12- . الموطّأ، ج 1، ص 413، ح 229.
13- . مسند أحمد، ج 6 ، ص 202 و 207؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 195؛ سنن الترمذي، ج 2، ص 210، ح 949؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 162؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 2، ص 464 ، ح 4186 4188، وص 465، ح 4193.
14- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 397، ح 1382. ورواه الكليني في الكافي، باب نادر، ح 4، والصدوق في الفقيه، ج 2، ص 382، ح 2763؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 461 ، ح 18213.
15- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 398، ح 1383. ورواه الكليني في الكافي، باب نادر، ح 2؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 461، ح 18214.
16- . منتهى المطلب، ج 2، ص 779 781.

ص: 507

. .

ص: 508

. .

ص: 509

باب ما يستحبّ من الصدقة عند الخروج من مكّة

باب ما يجزي من العمرة المفروضة

باب ما يستحبّ من الصدقة عند الخروج من مكّةيستحبّ إجماعا (1) عند الخروج من مكّة أن يشتري بدرهم تمراً ويتصدّق به؛ ليكون كفّارة لما عسى أن فعله في الإحرام أو الحرم من محرّمٍ أو مكروه، لما رواه المصنّف قدس سره، وما رواه الصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «يستحبّ للرجل والمرأة أن لا يخرجا من مكّة حتّى يشتريا بدرهم تمراً فيتصدّقا به، لما كان منهما في إحرامهما ولما كان في حرم اللّه تعالى ». (2)

باب ما يجزي من العمرة المفروضةقد عرفت سابقا إجماع الأصحاب على وجوب العمرة المفردة كالحجّ _ بالشرائط المعتبرة، ووفاق العامّة أيضا عليه، إلّا في قول عن الشافعيّ ورواية عن أحمد . (3) وأجمعنا على إجزاء عمرة التمتّع عنها ، وادّعى في المنتهى (4) إجماع أهل العلم عليه . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا تمتّع الرجل بالعمرة فقد قضى ما عليه من فريضة العمرة ». (5) وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام قول اللّه عزّ وجلّ : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للّه ِِ» ، (6) يكفي الرجل إذا تمتّع بالعمرة إلى الحجّ مكان تلك العمرة المفردة؟ قال : «كذلك أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله أصحابه ». (7) وعن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن العمرة واجبة هي؟ قال : «نعم »، قلت : فمَن تمتّع يجزي عنه؟ قال : «نعم ». (8) هذا ، وقد تجب بالنذر والعهد واليمين والاستيجار والإفساد كالحجّ، وبفوات الحجّ، ولدخول مكّة على ما سبق .

.


1- . اُنظر: الخلاف، ج 2، ص 452، المسألة 359.
2- . الفقيه، ج 2، ص 483 484، ح 3029؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 292، ح 19225.
3- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 15، المسألة 6 ؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 643؛ المجموع للنووي، ج 7، ص 3 4؛ المغني، ج 3، ص 173.
4- . منتهى المطلب، ج 2، ص 876 .
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 433، ح 1503؛ الاستبصار، ج 2، ص 325، ح 1150؛ وهذا هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 305، ح 19265.
6- . البقرة (2): 196.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 433، ح 1504؛ الاستبصار، ج 2، ص 325، ح 1151؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 306، ح 19268.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 434، ح 1506؛ الاستبصار، ج 2، ص 325 326، ح 1153. وهذا هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 305 306، ح 19267.

ص: 510

باب العمرة المبتولة

باب العمرة المبتولةأراد قدس سره بيان استحباب العمرة المفردة في كلّ شهر مرّة . واختلف الأصحاب في اشتراط الفصل بين عمرتين ، نفاه جماعة، منهم السيّد المرتضى وابن إدريس . واحتجّ عليه في الناصريات بقوله صلى الله عليه و آله : «العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما ». (1) وقال : «ولم يفصل عليه السلام بين أن يكون ذلك سنة أو سنتين أو شهراً أو شهرين ». (2) وقد قال في السرائر : «وما روي في مقدار ما يكون بين العمرتين فأخبار آحاد لا يوجب علما ولا عملاً». (3) وظاهرهما عدم كراهة تكرارها بدون الفصل . ومنهم المحقّق في الشرائع إلّا أنّه قال : بكراهة تعدّدها من غير فصل بعشر . (4) وحكاه في الخلاف عن الشافعيّ وأبي حنيفة . (5) ويدلّ عليه إطلاق الأمر بالاعتمار في أكثر الأخبار وعدم صراحة ما احتجّ به على اشتراط الفصل في المنع عن تكرارها بدونه . واعتبر الشيخ في المبسوط (6) والنهاية (7) والخلاف (8) الفصل بعشر ، واحتجّ عليه في الأخير بإجماع الفرقة وبعدم تخصيص الأخبار الواردة في الحثّ على العمرة بعدد دون عدد ، وبما روي عن عليّ عليه السلام أنّه قال : «في كلّ شهر عمرة»، (9) أو «في كلّ عشرة أيّام عمرة ». (10) وربّما احتجّ عليه بخبر عليّ بن أبي حمزة، (11) وفيه تأمّل . وحكاه في المختلف عن ابن الجنيد . (12) واعتبر المحقّق في النافع (13) والعلّامة في المختلف (14) شهراً ، وهو منقول عن أبي الصلاح (15) وابن حمزة، (16) وهو ظاهر المصنّف قدس سره؛ لظهور ما رواه في الباب على ذلك من غير أن يروي ما يعارضه، وهو ظاهر أيضا صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كان عليّ عليه السلام يقول : لكلّ شهر عمرة ». (17) وعن ابن أبي عقيل (18) اعتبار الفصل بسنة محتجّا بصحيحة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «لا يكون عمرتان في سنة ». (19) وصحيحة الحلبيّ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «العمرة في كلّ سنة مرّة ». (20) وحمل الشيخ في كتابي الأخبار العمرة فيهما على عمرة التمتّع . وحكى في المنتهى عن الحسن البصري وابن سيرين ومالك والنخعي كراهتها في سنة مرّتين . (21)

.


1- . الفقيه، ج 2، ص 220، ح 2229؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 301، ح 19251.
2- . الناصريّات، ص 307 308، المسألة 139.
3- . السرائر، ج 1، ص 540 541 .
4- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 230.
5- . الخلاف، ج 2، ص 260، المسألة 26. وانظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 149؛ شرح صحيح مسلم، ج 8 ، ص 87 ؛ وج 9، ص 118؛ عمدة القاري، ج 10، ص 108.
6- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 309.
7- . النهاية، ص 281.
8- . الخلاف، ج 2، ص 260، المسألة 26.
9- . الحديث الأوّل والثاني من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 32، ح 94، وص 435، ح 1509 و 1510؛ الاستبصار، ج 2، ص 156، ح 512 ، وص 326، ح 1154 و 1155؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 308 و 309، ح 19276 و 19277.
10- . اُنظر: وسائل الشيعة، ج 14، ص 307، ح 19275.
11- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 434 435، ح 1508؛ الاستبصار، ج 2، ص 326، ح 1158؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 308، ح 19275.
12- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 359.
13- . المختصر النافع، ص 99.
14- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 360.
15- . الكافي في الفقه، ص 221.
16- . الوسيلة، ص 196.
17- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 32 33، ح 94، وص 435، ح 1509؛ الاستبصار، ج 2، ص 156، ح 512 ، وص 226، ح 1154؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 251، ح 14718؛ وج 14، ص 308، ح 19276.
18- . حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج 4، ص 359.
19- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 435، ح 1512؛ الاستبصار، ج 2، ص 326، ح 1157؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 309، ح 19279.
20- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 435، ح 1511؛ الاستبصار، ج 2، ص 326، ح 1156؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 309، ح 19278.
21- . منتهى المطلب، ج 2، ص 877 . ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 436. وانظر: المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 175؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 499؛ الاستذكار، ج 4، ص 113.

ص: 511

. .

ص: 512

باب العمرة المبتولة في أشهر الحجّ

باب العمرة المبتولة في أشهر الحجّجوازها فيها مذهب أهل العلم خلافا لأهل الجاهلية حيث إنّهم منعوها في الأشهر الحرم على ما مرّ، ويجوز إفرادها عن الحجّ . قال الشيخ في التهذيب : «يجوز لمن اعتمر في أشهر الحجّ عمرة مفردة أن يرجع إلى أهله وإن لم يحجّ ». (1) وبه صرّح الأكثر، وهو المشهور بين الأصحاب. (2) وجواز الاعتبار بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ مذهب أهل العلم، خلافا لأهل الجاهليّة، حيث إنّهم منعوها في الأشهر الحرم على ما مرّ . وأجمع الأصحاب على أنّها لا تكره في يوم من أيّامها، ووافقنا الشافعيّ وأحمد على ما حكى عنهما في المنتهى . (3) وعن أبي حنيفة: أنّها تكره في خمسة أيّام منها: يومي عرفة والنحر، وأيّام التشريق، (4) محتجّا بما روي عن عائشة أنّها قالت : السنة كلّها وقت للعمرة، إلّا خمسة أيّام: يوم عرفة، ويوم النحر وأيّام التشريق . (5) وربّما أيّدوه بأنّها عبادة غير موقّتة، فلابدّ أن تنقسم إلى مكروه وغيره، كصلاة التطوّع . وعن أبي يوسف : أنّها تكره في الأربعة الأخيرة ، (6) ولم أجد له مستنداً أصلاً . ودليل الأوّل أيضا كما ترى ، ويدلّ عليه أخبار الباب، فإن عورضت بما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة فليس له أن يخرج حتّى يحجّ مع الناس ». (7) وعن موسى بن القاسم، قال : أخبرني بعض أصحابنا أنّه سأل أبا جعفر عليه السلام في عشر من شوّال، فقال : إنّي اُريد أن أفرد عمرة هذا الشهر ، فقال له : «أنت مرتهن بالحجّ »، فقال له الرجل : إنّ المدينة منزلي، ومكّة منزلي، ولي بينهما أهل وبينهما أموال ، فقال له : «أنت مرتهن بالحجّ »، فقال له الرجل : فإنَّ لي ضياعا حول مكّة وأحتاج إلى الخروج إليها؟ فقال : «تخرج حلالاً وترجع حلالاً إلى الحجّ ». (8) وعن وهب بن حفص، عن عليّ يعني ابن [ أبي] حمزة قال : سأله أبو بصير وأنا حاضر عمّن أهلَّ بالعمرة في أشهر الحجّ، له أن يرجع؟ قال : «ليس في أشهر الحجّ عمرة يرجع منها إلى أهله، ولكنّه يحتبس بمكّة حتّى يقضي حجّه؛ لأنّه إنّما أحرم لذلك ». (9) نقول: إنّها_ مع ضعف الأوّلين واشتراك عليّ بن أبي حمزة (10) في الأخير_ وردت كذلك على استحباب أن يعدل عن المفردة إلى التمتّع، كما حمله الشيخ عليه في كتابي الأخبار، أو على ما أحرم بنيّة عمرة التمتّع، كما فعله في التهذيب ، وأيّده بقوله عليه السلام في الخبر الأخير : «لأنّه إنّما أحرم لذلك ». وحكى في المختلف (11) عن ابن البرّاج أنّه قال : من اعتمر بعمرة غير متمتّع بها إلى الحجّ في شهور الحجّ، ثمّ أقام بمكّة إلى أن أدرك يوم التروية، فعليه أن يحرم بالحجّ ويخرج إلى منى، ويفعل ما يفعله الحاجّ، ويصير بذلك متمتّعا ، ومَن دخل مكّة بعمرة مفردة في أشهر الحجّ جاز له أن يقضيها ويخرج إلى أيّ موضعٍ شاء، ما لم يدركه يوم التروية . (12) وكأنّه بذلك جمع بين الأخبار ، وفيه تأمّل .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 436، ذيل الحديث 1514.
2- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 240؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 735.
3- . منتهى المطلب، ج 2، ص 878 . ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 435. وانظر: مواهب الجليل، ج 4، ص 31؛ الاستذكار، ج 4، ص 114؛ التمهيد، ج 20، ص 2019.
4- . اُنظر: فتح العزيز، ج 7، ص 76؛ المبسوط، ج 4، ص 178؛ تحفة الفقهاء، ج 1، ص 392؛ المحلّى، ج 7، ص 68؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 118؛ عمدة القاري، ج 10، ص 108.
5- . مواهب الجليل، ج 4، ص 31؛ بدائع الصنائع، ج 2، ص 227؛ البحر الرائق، ج 3، ص 103.
6- . الخلاف، ج 2، ص 260، المسألة 25؛ تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 435، المسألة 741؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 118؛ عمدة القاري، ج 10، ص 108.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 436، ح 1517؛ الاستبصار، ج 2، ص 327، ح 1161؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 312، ح 19289.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 436 437، ح 1518؛ الاستبصار، ج 2، ص 327، ح 1162؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 301 302، ح 14863.
9- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 437، ح 1520؛ الاستبصار، ج 2، ص 328، ح 1164؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 312، ح 19290.
10- . بين الثمالي الثقة، والبطائني الضعيف.
11- . مختلف الشيعة، ج 4، ص 363.
12- . المهذّب، ج 1، ص 272.

ص: 513

. .

ص: 514

باب الشهور التي يستحبّ فيها العمرة ومَن أحرم في شهر وأحلّ في آخر

باب الشهور التي يستحبّ فيها العمرة ومَن أحرم في شهر وأحلّ في آخرأراد قدس سره بيان تأكّد استحباب العمرة في شهر رجب وشهر رمضان ، فقد روي في كلّ منهما أنّها تعدل الحجّ، فمن طريق الأصحاب ما رواه المصنّف في الباب ، ومن طريق العامّة ما رواه مسلم عن حبيب المعلّم، عن عطاء، عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لامرأة من الأنصار يُقال لها: اُمّ سنان : «ما منعك أن تكوني حججت معنا؟» قالت : ناضحان كانا لأبي فلان زوجها حجّ هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا، قال : «فعمرة في رمضان تقضي حجّة أو حجّةً معي ». (1) وبسند آخر عن ابن جريج، قال : أخبرني عطاء، قال : سمعت ابن عبّاس يحدّثنا، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لامرأة من الأنصار سمّاها ابن عبّاس فنسيت اسمها : «ما منعك أن تحجّي معنا؟» قالت : لم يكن لنا إلّا ناضحان، فحجّ أبو ولدها وابنها على ناضح، وترك لنا ناضحا ننضح عليه ، قال : «فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإنّ عمرة فيه تعدل حجّة ». (2) وعمرة رجب أفضل من عمرة شهر رمضان إجماعا ، (3) ويدلّ عليه ما رواه الصدوق في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه سئل : «أيّ العمرة أفضل: عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال : «لا بل عمرة في رجب أفضل ». (4) ويؤيّده ما سبق من جواز تقديم الإحرام على الميقات لإدراك عمرته . (5) وإذ قد عرفت فضل عمرة رجب فنقول : إذا أحرم في آخره وفعل باقي الأفعال في الذي بعده، أو أحرم قبله وفعل باقي الأفعال فيه، فيعطيه اللّه سبحانه بمنّه وفضله ثواب عمرته ، على ما دلّ عليه حسنة عبد الرحمن (6) وما تقدّم ممّا دلّ على جواز تقديم الإحرام على الميقات لإدراك عمرته ، وما رواه الصدوق رضى الله عنهفي الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبيّة ». (7) وهذا هو المراد من قول المصنّف قدس سره : ومن أحرم في شهر وأحلّ في آخر . قوله في خبر الوليد : (تعدل حجّة ) .] ح 1 / 8027] إطلاق الحجّة يشمل الحجّ الواجب، وقد خصّها بعض العامّة (8) بالمندوب؛ معلّلاً بأنّ ثواب غير الواجب لا يعدل الواجب ، (9) ورُدَّ بأنّ ثواب المندوب قد يزيد على ثواب الواجب فضلاً عن أن يعدله، مستنداً بأنّ الوضع عن المعسر مندوب وإنظاره واجب . ومن المعلوم أنّ ثواب الوضع أكثر .

.


1- . صحيح مسلم، ج 4، ص 61 62 ، باب فضل العمرة في رمضان.
2- . صحيح مسلم، ج 4، ص 61 .
3- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 434، المسألة 741؛ منتهى المطلب، ج 2، ص 877 ؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 463.
4- . الفقيه، ج 2، ص 453 454، ح 2949؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 301، ح 19248.
5- . اُنظر: وسائل الشيعة، ج 11، ص 322 325، باب عدم جواز الإحرام قبل الميقات لغير الناذر ومريد عمرة رجب مع خوف تقضيه.
6- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 454، ح 2950؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 301، ح 19250، وص 303، ح 19257.
7- . الفقيه، ج 2، ص 454، ح 2951؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 301، ح 19249.
8- . في هامش الأصل: «نقله أبو عبد اللّه الآبي عنهم على ما حكاه طاب ثراه عنه منه عفي عنه».
9- . اُنظر: فتح الباري، ج 3، ص 481؛ عون المعبود، ج 5 ، ص 323.

ص: 515

. .

ص: 516

باب قطع تلبية المحرم وما عليه من العمل

باب قطع تلبية المحرم وما عليه من العملأراد قدس سره بالمحرم هنا المعتمر عمرة مفردة ، والمشهور بين الأصحاب، منهم الشيخ في المبسوط (1) والشهيد في الدروس (2) أنّه يقطع التلبية إذا دخل الحرم متى أحرم من أحد المواقيت وبمشاهدة الكعبة لو أحرم من أدنى الحلّ . واحتجّوا على الأوّل بحسنة مرازم، (3) وخبر زرارة، (4) وما رواه الشيخ عن محمّد بن عذافر، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن دخل مكّة مفرداً للعمرة فليقطع التلبية حين تضع الإبل أخفافها في الحرم ». (5) وعلى الثاني بما رواه عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «مَن أراد أن يخرج من مكّة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبيّة وما أشبههما ، ومَن خرج من مكّة يريد العمرة ثمّ دخل معتمراً لم يقطع حتّى ينظر إلى الكعبة ». (6) ووافق ذلك الشيخ في التهذيب في الثاني ، وأمّا في الأوّل فقال يقطعها القادم من المدينة حين الوصول إلى عقبة المدنيين، ومن العراق عند عقبة ذي طوى ، وبه جمع بين ما ذكر وبين خبر يونس بن يعقوب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، من أين يقطع التلبية؟ قال : «إذا رأيت ذي طوى فاقطع التلبية ». (7) ورواية الفضيل بن يسار، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام قلت : دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟ قال : «حيال العقبة عقبة المدنيين »، فقلت : أين عقبة المدنيين؟ قال : «بحيال القصّارين ». (8) وحكى في الدروس (9) عن الصدوق (10) أنّه ذهب إلى التخيير بين القطع عند دخول الحرم أو مشاهدة الكعبة . وأمّا ما يجب عليه من العمل فالطواف، وصلاته، والسعي، ثمّ الحلق أو التقصير، ثمّ طواف النساء ولا خلاف في وجوب طواف النساء فيها عندنا ، وأمّا العامّة فقد نفوه ، وقد سبق القول فيه في باب طواف النساء .

.


1- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 317.
2- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 348، الدرس 90.
3- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ الفقيه، ج 2، ص 455 456، ح 2957؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 394 395، ح 16602.
4- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 394، ح 16601.
5- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 95، ح 313؛ الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 586 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 394، ح 16598.
6- . الفقيه، ج 2، ص 454، ح 2952؛ تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 95 96، ح 315؛ الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 588 ؛ وسائل الشيعة، ج 11، ص 341، ح 14967.
7- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 96، ح 316. ورواه أيضا في الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 587 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 394، ح 16599.
8- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 96، ح 316؛ الاستبصار، ج 2، ص 177، ح 589 ؛ وسائل الشيعة، ج 12، ص 395، ح 16606.
9- . الدروس الشرعيّة، ج 1، ص 348 349، الدرس 90.
10- . الفقيه، ج 2، ص 456، ذيل الحديث 2958.

ص: 517

باب المعتمر يطأ أهله وهو محرم والكفّارة في ذلك

باب المعتمر يطأ أهله وهو محرم والكفّارة في ذلكأجمع الأصحاب على فساد العمرة بالوطئ قبل السعي، ووجوب إكمالها، وعلى إيجاب ذلك للبدنة وقضاء تلك العمرة. ويدلّ عليه خبر أحمد بن أبي عليّ، (1) ومسمع وصحيح بريد بن معاوية العجليّ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة فغشى أهله قبل أن يفرغ من طوافه وسعيه ، قال : «عليه بدنة لفساد عمرته، وعليه أن يقيم إلى الشهر الآخر فيخرج إلى بعض المواقيت، فيحرم بعمرة ». (2) وبه قال الشافعيّ، إلّا أنّه أوجب الشاة بدل البدنة، وهو ظاهر أحمد حيث قال على ما حكى عنه في المنتهى (3) : يجب بالوطئ القضاء، وشاة إذا وجد في الإحرام . وعن أبي حنيفة أنّه اعتبر أربعة أشواط من الطواف، وهو أيضا قال بوجوب الشاة به، وإنّما أوجبوا الشاة معلّلين بأنّها تقوم مقام الطواف والسعي في حقّ المحصر، فقامت مقام بعض ذلك هنا . (4) وبعض الأخبار يدلّ على وجوب كون القضاء في الشهر الآخر، (5) وهو مؤيّد لعدم جواز عمرتين في شهر، إلّا أن يحمل على الفضل . ويدلّ أخبار آخر الباب على وجوب ذبح هدي السياق أو نحره في العمرة قبل الحلق أو التقصير ، ولا أعرف فيه مخالفا . ويدلّ خبر معاوية (6) على وجوب ذبح ذلك الهدي بالحزورة ، (7) ويستفاد منه أفضليّة نحر ما وجب في كفّارات العمرة بها وجواز تأخيرها إلى منى أيّامها ، وقد سبق القول في هذه المسائل .

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 129، ح 17402.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 324، ح 1112؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 128، ح 17399.
3- . منتهى المطلب، ج 2، ص 841 ، وحكاه أيضا في تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 49.
4- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 6 ، ص 342؛ وج 7، ص 422؛ المغني لابن قدامة، ج 3، ص 514 ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 320.
5- . منها الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
6- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 89 ، ح 18669، ص 216، ح 19019.
7- . الحزورة: موضع بمكّة عند باب الحنّاطين. النهاية، ج 1، ص 380.

ص: 518

باب الرجل يبعث بالهدي تطوّعا ويقيم في أهله

باب الرجل يبعث بالهدي تطوّعا ويقيم في أهلهذهب الأصحاب إلى أنّه يستحبّ أن يبعث الآفاقي هديا إلى مكّة ويواعد أصحابه يوما، لإشعاره أو تقليده ووقتا لذبحه أو نحره، فإذا جاء الوعد الأوّل اجتنب عمّا يجتنبه المحرم، وإذا دخل الوقت الثاني أحلّ . (1) واحتجّ عليه الشيخ في الخلاف (2) بإجماع الطائفة وبأصالة الجواز من غير مانع . ويدلّ عليه أخبار الباب أيضا ، وخالفنا جميع أهل الخلاف عدا ابن عبّاس، (3) على ما حكى عنهم في المنتهى . (4)

.


1- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 8 ، ص 310.
2- . الخلاف، ج 2، ص 441، المسألة 340.
3- . كذا في الاصل، وانظر: المجموع للنووي، ج 8 ، ص 360 361؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 183؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 90؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 234.
4- . منتهى المطلب، ج 2، ص 756.

ص: 519

باب النوادر

باب النوادرذكر فيه ما يتعلّق بأبواب الحجّ من الآداب والمندوبات والمكروهات ، وقد روى فيه خبرين متعلّقين بنذر شيء للكعبة، وقد رواهما في باب ما يهدى إلى الكعبة من غير تغيير في متنهما ولا في سندهما . قوله في خبر حنّان : (شكت الكعبة إلى اللّه عزّ وجلّ ) .] ح 32 / 8083] قال طاب ثراه : «الظاهر أنّ شكايته كانت بلسان المقال، وهو الدائر بلسان أهل الشرع ، ويمكن أن يكون بلسان الحال، أو بلسان حفظتها ». قوله في خبر الحسين بن مسلم : (يوم الأضحى في اليوم الذي يصام فيه) ، إلى آخره .] ح 37 / 8088] قال طاب ثراه : لعلّ المراد أنّه كان كذلك في الاُمم السابقة ، أو المراد به ما كان عليه أصحاب النسيء حيث يغيّرون الأشهر ، أو المراد به الإنكار ، وهذا الاحتمال بعيد جدّاً ؛ لأنّ الإنكار الأوّل صحيح . وأمّا الثاني فلا يخلو من ضعف؛ لأنّ يوم عاشوراء عندنا يوم فطر فلا وجه لإنكاره . انتهى . ولا يبعد أن يقال باختصاص الخبر بوروده في شأن الاُمّة الظالمة على عترة نبيّها صلى الله عليه و آله على معنى أنّه يقع الأضحى عندهم في اليوم الذي يجوز الصيام فيه، كالتاسع من ذي الحجّة أو الحادي عشر منه، والعاشوراء في اليوم الذي لا يستحبّ الإمساك فيه حزنا مقدّما على عاشر محرّم أو مؤخّرا عنه . ويؤيّده ما رواه الصدوق في كتاب العلل بإسناده عن رزين، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لمّا ضرب الحسين بن عليّ صلّى اللّه عليه بالسيف فسقط، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادى منادٍ من بطنان العرش : أيّتها الاُمّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها! لا وفّقكم اللّه لأضحى ولا فطر »، ثمّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : «فلا جرم واللّه ما وفّقوا ولا يوفّقون حتّى يثور ثائر الحسين عليه السلام ». (1) وعن محمّد بن إسماعيل الرازيّ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام ، قال : قلت : ما تقول في العامّة، فإنّه قد روي أنّهم لا يوفّقون لصوم؟ فقال لي : «أمّا أنّهم قد اُجيبت دعوة الملك فيهم »، قال : قلت : وكيف ذلك جُعلت فداك؟ قال : «إنّ الناس لمّا قتلوا الحسين بن عليّ صلوات اللّه عليه أمر اللّه عزّ وجلّ ملكا ينادي أيّتها الاُمّة الظالمة القاتلة عترة نبيّها ! لا وفّقكم اللّه لصوم ولا فطر ». وقال : وفي حديث آخر : «لفطر ولا أضحى ». (2) وقد وقع في زماننا هذا حجّ الناس كذلك مرّتين، وكأنّ ذلك كان لحضور أحد من شيعة بني اُميّة، فسرت شآمته فيهم، وقد أرادوا ذلك في سنة كنت حاجّا أيضا، فلم يتيسّر لهم بعون اللّه سبحانه .

.


1- . علل الشرائع، ص 389، الباب 125، ح 2؛ وسائل الشيعة، ج 10، ص 295، ح 13455. ورواه الكليني في الكافي، باب النوادر من كتاب الصوم، ح 3.
2- . علل الشرائع، ص 389، الباب 125، ح 1؛ وسائل الشيعة، ج 10، ص 296، ح 13457. ورواه الكليني في الكافي، كتاب الصيام، باب النوادر من أبواب السفر، ح 1.

ص: 520

باب زيارة النبيّ

باب زيارة النبيّ صلى الله عليه و آلهأجمع أهل العلم على استحباب زيارته صلى الله عليه و آله مؤكّداً . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف صحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران، قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عمّن زار النبيّ صلى الله عليه و آله قاصداً ، قال : «له الجنّة ». (1) وخبر أبي الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين، قال : حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «مَن زارني بعد موتي كان كمَن هاجر إليّ في حياتي فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ بالسّلام فإنّه يبلغني ». (2) ورواية صفوان بن سليمان، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «مَن زارني في حياتي وبعد موتي كان في جواري يوم القيامة ». (3) وخبر زيد الشحّام، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : ما لِمَن زار رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قال : «كمَن زار اللّه فوق عرشه ». (4) بل يظهر من بعض أخبار الباب الآتي أنّ الغرض الأصلي من إيجاب الحجّ زيارته وزيارة الأئمّة من ذرّيته صلوات اللّه عليهم ، (5) والمشهور بين الأصحاب وجوب إجبار الإمام الناس عليها لو تركوها؛ لما فيه من الجفاء المحرّم . (6) ويدلّ عليه ما رواه ... (7) ومنعه ابن إدريس (8) بناءً على أصله، وضعّف قوله الشهيد في الدروس. (9)

.


1- . كامل الزيارات، ص 42، الباب 1، ح 8 ، و ص 499، ح 777، وص 501 ، ح 782؛ تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 3 4، ح 3؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 547 ، ح 19793.
2- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 3، ح 1؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 337، ح 19344.
3- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 3، ح 2؛ كامل الزيارات، ص 45، ح 16؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 334، ح 19339.
4- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 4، ح 6 . وهذا هو الحديث الخامس من باب فضل زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 335، ح 19340.
5- . اُنظر: وسائل الشيعة، ج 11، ص 23، باب وجوب إجبار الوالي الناس على الحجّ وزيارة الرسول صلى الله عليه و آله .
6- . اُنظر: كشف الرموز، ج 1، ص 388؛ المختصر النافع، ص 98؛ شرائع الإسلام، ج 1، ص 208؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 260.
7- . بعده في الأصل بياض بمقدار نصف سطر.
8- . السرائر، ج 1، ص 647 .
9- . الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 5 ، بداية كتاب المزار.

ص: 521

. .

ص: 522

باب

باب فضل الرجوع إلى المدينة

بابوفي بعض النسخ: «باب لقاء الإمام ». أراد قدس سره ما أشرنا إليه من أنّ الغرض الأصلي من إيجاب الحجّ لقاء الإمام عليه السلام وأنّ الحجّ لا يتمّ إلّا به . ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف ما رواه الصدوق في العلل عن إسماعيل بن مهران، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلامقال : «إذا حجّ أحدكم فليختم حجّه بزيارتنا؛ لأنّ ذلك من تمام الحجّ ». (1) وعن الحسن بن عليّ الوشّا، قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول : «إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وأنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمَن زارهم رغبةً في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كانوا أئمّتهم شفعاؤهم يوم القيامة ». (2)

باب فضل الرجوع إلى المدينةقال طاب ثراه : قال قطرب (3) وغيره: اشتقاق المدينة من أدان إذا دان والذكر الطاعة، وقيل : مَن مَدْن ومَدُن بإسكان الدال وضمّها . (4) وقال الآبي في كتاب إكمال الإكمال : روي أنّ للمدينة في التوراة أحد عشر إسما: المدينة وطابة وطيبة والسكينة وجابرة والمجفّة والمحبوبة والقاصدة والمجبورة والعذراء والمرحومة . (5) ومن أسمائها يثرب، قال السهيلي : إنّما سمّيت يثرب باسم رجل من العمالقة، وهو أوّل من نزلها منهم، وهو يثرب بن قايد بن عقيل بن هلايل بن عوض بن عملاق ، فلمّا حلّها النبيّ صلى الله عليه و آله كره لها هذا الاسم؛ لما فيه من لفظ التثريب، وسمّاها طيبة وطابة والمدينة . ثمّ قال : فإن قيل : قد سمّاها اللّه تعالى به في القرآن؟ فالجواب إنّما سمّاها به حاكيا عن المنافقين في قوله تعالى : «وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ» (6) ، فنبّه بما حكى عنهم أنّهم رغبوا عمّا سمّاها به اللّه تعالى ورسوله صلى الله عليه و آله وأبوا إلّا ما كانوا عليه في الجاهليّة ، واللّه سبحانه قد سمّاها المدينة في قوله : «مَا كَانَ لِاَهْلِ الْمَدِينَةِ» (7) . (8) وقال عياض : سمّاها أيضا طابة تفؤّلاً بالطيب أو لتطيب سكناها للمسلمين، أو لتطيب حالها، أو لتطيب الدّين بها، وكره اسمها يثرب لما فيه من الثراب، وكانت الجاهليّة تسمّيها بذلك . (9)

.


1- . علل الشرائع، ص 459، الباب 221، ح 1؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2، ص 292 293، الباب 66 ، ح 28؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 324، ح 19316.
2- . علل الشرائع، ص 459، الباب 221، ح 3؛ الفقيه، ج 2، ص 577 ، ح 3160؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2، ص 291 292، الباب 66 ، ح 24. ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات، ص 236 237، ح 352؛ والشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 78 79، ح 155، وص 93، ح 175؛ والشيخ المفيد في كتاب المزار، ص 184، الباب 11 من القسم الثاني، ح 2؛ وفي المقنعة، ص 474 مرسلاً. وهذا الحديث هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 322، ح 19314.
3- . هذا هو الظاهر الموافق لسائر المصادر، وفي الأصل: «مطرف».
4- . شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 155.
5- . حكاه عنه والد الشارح في شرحه على الكافي، ج 7، ص 372. وانظر: تاريخ المدينة لابن شبّة، ج 1، ص 163.
6- . الأحزاب (33) : 13 .
7- . التوبة (9) : 120 .
8- . إلى هنا مذكورة في شرح اُصول الكافي للمولى صالح المازندراني، ج 7، ص 372.
9- . اُنظر: تاريخ المدينة لابن شبّة، ج 1، ص 163 165.

ص: 523

باب دخول المدينة وزيارة النبيّ والدعاء عند قبره

باب دخول المدينة وزيارة النبيّ صلى الله عليه و آله والدعاء عند قبرهقال الشيخ في التهذيب : وقبره صلى الله عليه و آله بالمدينة في حجرته التي تُوفّي فيها، وكان قد أسكنها في حياته عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة ، فلمّا قبض النبيّ صلى الله عليه و آله اختلف أهل بيته ومَن حضر من أصحابه في الموضع الذي ينبغي أن يُدفن فيه، فقال بعضهم: يُدفن بالبقيع، وقال آخرون: يُدفن في صحن المسجد، وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّ اللّه لم يقبض نبيّه إلّا في أطهر البقاع، فينبغي أن يُدفن في البقعة التي قُبض فيها »، فاتّفقت الجماعة على قوله عليه السلام ودفن في حجرته . (1) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : «اللّهمَّ أعطه الدرجة والوسيلة في الجنّة وابعثه مقاما محموداً يغبطه به الأوّلون والآخرون ).] ح 1 / 8098] الظاهر أنّ الدرجة هنا هي المرتبة الرفيعة التي تسمّى بالوسيلة ، فالعطف للتفسير . وقال سيّد الوصيّين عليه السلام على ما نقله عنه المصنّف في كتاب الروضة في خطبة الوسيلة : «الوسيلة أعلى درج الجنّة، وذروة ذوائب الزلفة، ونهاية غاية الاُمنية، لها ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مئة عام وفي نسخة ألف عام وهو ما بين مرقاة درّة، إلى مرقاة جوهرة، إلى مرقاة زبرجدة، إلى مرقاة لؤلؤة، إلى مرقاة ياقوتة، إلى مرقاة زمرّدة، إلى مرقاة مرجانة، إلى مرقاة كافور، إلى مرقاة عنبر، إلى مرقاة يلنجوج، (2) إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة فضّة، إلى مرقاة غمام، إلى مرقاة هواء، إلى مرقاة نور، قد أنافَت على كلّ الجنان، ورسول اللّه صلى الله عليه و آله [ يومئذ] قاعد عليها، مُرتَدٍ بريطتين: ريطة (3) من رحمة اللّه ، وريطة من نور اللّه ، عليه تاج النبوّة وإكليل الرسالة، قد أشرق بنوره الموقف ، وأنا يومئذٍ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته ، وعَليَّ ريطتان: ريطة من ارجوان النور، وريطة من كافور ، والرُّسل والأنبياء قد وقفوا على المراقي، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور عن أيماننا، قد تجلّلتهم حُلَل النور والكرامة، لا يرانا مَلكٌ مقرّب ولا نبيٌّ مرسل إلّا بُهت بأنوارنا وعجب من ضيائنا وجلالتنا . وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسول غمامة بَسطَة البصر، يأتي منها النداء : يا أهل الموقف، طوبى لمن أحبّ الوصيّ وآمن بالنبيّ الاُمّي العربي ، ومَن كفر به فالنار موعده . وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسول ظُلَّة يأتي منها النداء : يا أهل الموقف، طوبى لمَن أحبّ الوصيّ وآمن بالنبيّ الاُمّي ، والذي له المُلك الأعلى لا فاز أحد ولا نال الرَّوح والجنّة إلّا من لقى خالقه بالإخلاص لهما والاقتداء بنجومهما . (4) وقال البيضاويّ في قوله سبحانه : «عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاما مَحْمُودا» (5) : «انتصابه على الظرف بإضمار فعله ، أي فيقيمك مقاما أو يتضمّن يبعثك معناه أو الحال، بمعنى أن يبعثك ذا مقام محمود ». (6) وفي مجمع البيان : المقام بمعنى البعث، فهو مصدر من غير جنسه ، أي يبعثك يوم القيامة بعثا أنتَ محمودٌ فيه ، ويجوز أن يجعل البعث بمعنى الإقامه، كما يُقال : بَعَثتُ بعيري ، أي أَثَرتهُ وأقمته فيكون معناه: يقيمك ربّك مقاما محموداً تحمدك فيه الأوّلون والآخرون . (7) ثمّ قال البيضاويّ : وهو مطلق في كلّ مقام يتضمّن كرامة ، والمشهور أنّه مقام الشفاعة؛ لما روى أبو هريرة أنّه عليه السلام قال : «هو المقام الذي أشفع فيه لاُمّتي »، ولإشعاره بأنّ الناس يحمدونه لقيامه فيه، وما ذاك إلّا مقام الشفاعة . (8) وفي المجمع : وقد أجمع المفسِّرون على أنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة، وهو المقام الذي يشفع فيه للناس، وهو المقام الذي يعطى فيه لواء الحمد، فيوضع في كفّه، ويجتمع تحته الأنبياء والملائكة، فيكون عليه السلام أوّل شافع وأوّل مشفّع . (9) ويشمل ذلك جميع المقامات التي قالته العامّة في ذلك المقام . قال طاب ثراه حاكيا عنهم : ذهب بعضهم إلى أنّ هذا المقام هو الشفاعة في تعجيل الحساب حين اهتمّ الخلائق لمقاساة كرب المحشر وطول مكثهم له . وقال بعضهم : هو الشفاعة في إخراج العصاة من النار حتّى لا يبقى إلّا مَن وجب عليه الخلود فيها . وقال بعضهم : هو أنّه تعالى يناديه يوم القيامة والناس سكوت : يا محمّد، فيقول : لبّيك وسعديك والخير في يديك ، لأنّه مقام تحمده الخلائق فيه . وقيل : هو أنّه تعالى يكسوه حلّة خضراء، ثمّ يناديه فيقول ما شاء أن يقول . وقال بعضهم : هو أنّه على كرسيّ الربّ بين يديّ اللّه عزّ وجلّ . وقال بعضهم : هو كون آدم عليه السلام وذرّيّته تحت لوائه في عرصات القيامة من أوّل اليوم إلى دخول مَن يدخل الجنّة وخروج من يخرج من النار ، وأوّل ذلك إجابة المنادي وحمده للّه عزّ وجلّ بما ألهمه ، ثمّ الشفاعة في تعجيل الحساب وإراحة الناس من كرب المحشر، وهو المقام المحمود الذي حمده فيه الأوّلون والآخرون ، ثمّ شفاعته فيمن يدخل الجنّة بغير حساب، ثمّ فيمن يخرج من النار حتّى لا يبقى فيها مَن في قلبه مثقال ذرّة من الإيمان . (10)

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 2 3، باب الأوّل نسب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتاريخ مولده ووفاته وموضع قبره.
2- . يلنجج ويلنجوج: عود البخور. مجمع البحرين، ج 4، ص 110 (لجج).
3- . الريطة: كلّ ملاءة ليست بلفقين. وقيل: كلّ ثوب رقيق لين. النهاية، ج 2، ص 289 (ريط).
4- . الكافي، ج 8 ، ص 24 25، ح 4.
5- . الإسراء (17) : 79 .
6- . تفسير البيضاوي، ج 3، ص 463.
7- . مجمع البيان، ج 6 ، ص 284.
8- . تفسير البيضاوي، ج 3، ص 462 463.
9- . مجمع البيان، ج 6 ، ص 284.
10- . اُنظر: جامع البيان للطبري، ج 15، ص 179 183؛ تفسير الثعلبي، ج 6 ، ص 123 125؛ تفسير السمعاني، ج 3، ص 270؛ المحرّر الوجيز، ج 6 ، ص 284؛ تفسير الرازي، ج 21، ص 31؛ تفسير القرطبي، ج 10، ص 309 312.

ص: 524

. .

ص: 525

. .

ص: 526

باب المنبر والروضة ومقام النبيّ

باب المنبر والروضة ومقام النبيّ صلى الله عليه و آلهيستحبّ بعد زيارته صلى الله عليه و آله إتيان الروضة ما بين القبر والمنبر، وزيارة فاطمة عليهاالسلام، والصلاة فيها للزيارة وغيرها ، فقد روى البخاريّ عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة ومنبري على حوضي ». (1) وحكى طاب ثراه من طرقهم عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة ». (2) وعنه صلى الله عليه و آله أيضا : «ما بين حجرتي ومنبري روضة من رياض الجنّة ». (3) والظاهر أنّ فضل تلك البقعة لكونها مدفن فاطمة عليهاالسلام، كما ذهب إليه جماعة منهم الشيخ المفيد، فقد قال في المقنعة بعدما بيّن زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله : ثمّ قف بالروضة وزر فاطمة عليهاالسلام، فإنّها هناك مقبورة . (4) وقال الشيخ في التهذيب : قد اختلف أصحابنا في موضع قبرها، فقال بعضهم: إنّها دُفنت بالبقيع ، وقال بعضهم : إنّها دُفنت بالروضة . وقال بعضهم : إنّها دُفنت في بيتها ، فلمّا زاد بنو اُميّة في المسجد صارت من جملة المسجد . وهاتان الروايتان كالمتقاربتين، والأفضل عندي أن يزورها الإنسان في الموضعين جميعا، فإنّه لا يضرّه ذلك، ويحوز به أجراً عظيما . وأمّا مَن قال: إنّها دُفنت بالبقيع فبعيد من الصواب . (5) انتهى . ورجّح الصدوق كونها مدفونةً في بيتها ، وقال : «هذا هو الصحيح عندي». (6) وهو ظاهر المصنّف حيث اكتفى في باب مولد فاطمة عليهاالسلام بذكر ما يدلّ عليه من خبر أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال : سألت الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة عليهاالسلامفقال : «دُفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو اُميّة في المسجد صارت في المسجد ». (7) ومنشأ الاختلاف أنّها دُفنت سرّاً ليلاً؛ كيلا يحضرها من لا ينبغي أن يحضرها . واعلم أنّ المصنّف قدس سره لم يضع بابا لزيارتها عليهاالسلام كما وضع لكلّ من المعصومين ، ولعلّ السرّ فيه أنّه لم يجد زيارة منقولة لخصوصها، ولكن الأولى ذلك لذكر أخبار وردت في فضل زيارتها ، قال الشيخ في التهذيب : والذي روي في فضل زيارتها أكثر من أن يُحصى ، وروى منها رواية عن يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جدّه، قال : دخلت على فاطمة عليهاالسلام فبدأتني بالسلام، ثمّ قالت : «ما غدا بك؟» قلت : طلب البركة ، قالت : «أخبرني أبي وهو ذا هو_ أنّه من سلّم عليه وعَليَّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنّة »، قلت لها : في حياته وحياتك؟ قالت : «نعم وبعد موتنا ». (8) وأمّا القول عند زيارتها فقد حكاه الأصحاب في كتبهم من غير نقل ، والظاهر أنّها كلّها من مؤلّفاتهم ، بل صرّح بعضهم بذلك ، قال الصدوق رضى الله عنهفي الفقيه : إنّي لمّا حججت بيت اللّه الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق اللّه تعالى ذكره، فلمّا فرغت من زيارة رسول اللّه صلى الله عليه و آله قصدت إلى بيت فاطمة[ عليهاالسلام]، وهو عند الاُسطوانة التي تدخل إليها من باب جبرئيل عليه السلام إلى مؤخّر الحظيرة التي فيها النبيّ صلى الله عليه و آله فقمت عند الحظيرة ويساري إليها، وجعلت ظهري إلى القبلة واستقبلتها بوجهي وأنا على غسل وقلت : السلامُ عليك يا بنت رسول اللّه ، السلام عليكِ يا بنت نبيّ اللّه ، السلام عليك يابنت حبيب اللّه ، السلام عليك يابنت خليل اللّه ، السلام عليك يابنت صفيّ اللّه ، السلام عليك يابنت أمين اللّه ، السلام عليك يابنت خير خلق اللّه ، السلام عليك يابنت أفضل أنبياء اللّه ورسله وملائكته ، السلام عليك يابنت خير البريّة ، السلامُ عليك يا سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، السلامُ عليك يا زوجةَ وليّ اللّه وخير الخلق بعد رسول اللّه ، السلام عليكِ يا اُمّ الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ، السلام عليك أيّتها الصدِّيقة الشهيدة ، السلام عليك أيّتها الرضيّةُ المرضيّة ، السلامُ عليك أيّتها الفاضلة الزكية ، السلام عليك أيّتها الحوريّة الإنسيّة ، السلام عليك أيّتها التقيّة النقيّة ، السلامُ عليك أيّتها المُحدِّثةُ العليمة ، السلامُ عليك أيّتها المظلومة المغصوبة ، السلام عليك أيّتها المضطهدةُ المقهورة ، السلامُ عليك يا فاطمة بنت رسول اللّه ورحمةُ اللّه وبركاته ، صلّى اللّه عليك وعلى روحك وبدنك، أشهدُ أنّك مضيتِ على بيّنةٍ من ربّك، وأنّ مَن سرّك فقد سَرَّ رسول اللّه صلّى اللّه وآله ، ومَن جفاك فقد جفا رسول اللّه ، ومَن آذاكِ فقد آذى رسول اللّه ، ومَن وصلكِ فقد وصلَ رسولَ اللّه ، ومَن قطعكِ فقد قطع رسولَ اللّه ؛ لأنّكِ بضعةٌ منه ورُوحُهُ التي بين جنبيه كما قال عليه أفضل سلام اللّه وصلواته ، اُشْهِدُ اللّه ورسولَهُ وملائكته أنّي راضٍ عمّن رضيتِ عنه، ساخطٌ على من سخطتِ عليه، متبرئٌ ممّن تبرّئتِ منه، موالٍ لمَن واليتِ، مُعادٍ لمن عاديتِ، مبغضٌ لمن أبغضتِ، مُحبٌّ لمَن أحببتِ، وكفى باللّه شهيداً وحسيبا وجازيا ومثيبا . ثمّ قلت : اللّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمّد بن عبداللّه خاتم النبيّين وخير الخلائق أجمعين، وصلِّ على وصيّه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المسلمين وخير الوصيّين، وصلِّ على فاطمة بنت محمّد سيّدة نساء العالمين ، وصلِّ على سيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين ، وصلِّ على زين العابدين عليّ بن الحسين، وصلِّ على محمّد بن عليّ باقر علم النبيّين، وصلِّ على الصادق عن اللّه جعفر بن محمّد، وصلِّ على كاظم الغيظ في اللّه موسى بن جعفر، وصلِّ على الرِّضا عليّ بن موسى، وصلِّ ع لى التقيّ محمّد بن عليّ، وصلِّ على النقيّ عليّ بن محمّد، وصلِّ على الزكيّ الحسن بن عليّ، وصلِّ على الحجّه القائم بن الحسن بن عليّ، اللّهمَّ أحي به العدل، وأمِت به الجور، وزيِّن بطول بقائه الأرض، وأظِهر به دينك وسنّة نبيّك حتّى لا يستخفي بشيء من الحقِّ مخافةَ أحدٍ من الخلق ، واجعلنا من أعوانه وأشياعه والمقبولين في زمرة أوليائه ياربّ العالمين ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وأهل بيته الذين أذهبت عنهم الرِّجس وطهّرتهم تطهيرا . ثمّ قال : لم أجد في الأخبار شيئا موظّفا محدوداً لزيارة الصدِّيقة عليها السلام، فرضيت لمَن ينظر في كتابي عن زيارتها ما رضيت لنفسي . (9) وقد روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن عيسى بن محمّد العُريضيّ، قال : حدّثنا أبو جعفر عليه السلام ذات يوم، قال : «إذا صرت إلى قبر جدّتك فقُل : يا مُمتحنةُ، امتحنكِ اللّه الذي خلقك قبل أن يخلقك، فوجدك لما امتحنك صابرةً، وزُعمنا أنّا لكِ أولياء ومصدِّقون وصابرون لكلّ ما أتانا به أبوك صلّى اللّه عليه وآله وأتانا به وصيُّه، فإنّا نسألكِ إن كنّا صدّقناكِ إلّا ألحقتنا بتصديقنا لهما لنُبشِّر أنفسنا بأنّا قد طهّرنا بولايتك ». (10) قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (والتُرعة هي الباب الصغير ) . [ ح 1 / 8108] قال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : الترعة في الأصل: الروضة على المكان المرتفع خاصّة، فإذا كان في المطمئن فهي روضة ، ثمّ قال : وكأنّ المراد أنّ الصلاة في هذا الموضع تؤدّي إلى الجنّة . (11) وعلى تفسير الصادق عليه السلام أنّه الباب السابق بمعناه، وعلى هذا الباب الكبير البيت الذي يؤدّي بزائريه إلى الجنّة، أو يوضع يوم القيامة على باب من أبواب الجنّة باعتبار ما ذكر من الحمد والثناء على اللّه بما هو أهله من سيّد الأنبياء العارفين وأفضل الأوصياء الواصلين ، وأطلق الجنّة على مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله فإنّها الجنّة الحقيقيّة التي نبتت فيها أشجار المعرفة والمحبّة والعبادة وسائر الكمالات . قوله في صحيحة محمّد بن مسلم : (وكان ساحة المسجد من البلاط إلى الصحن ) .] ح 4 / 8111] قال الجوهري : البلاط بالفتح: الحجارة المفروشة في الدار وغيرها . (12) وفي النهاية : البلاط: ضرب من الحجارة، تفرش به الأرض، ثمّ سمّي المكان بلاطا اتّساعا، وهو موضع معروف بالمدينة، فقد تكرّر في الحديث . (13) قوله في خبر أبي بصير : (14) (كان ثلاث آلاف وستّمئة ذراع مكسّراً) [ ح 7 / 8114] أي مضروبا طوله في عرضه . قوله في صحيحة معاوية بن وهب : (الصلاة في مسجدي تعدل ألف صلاةً في غيره، إلّا المسجد الحرام فإنّه أفضل ) .] ح 8 / 8115] ومثله صحيح معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سأله ابن أبي يعفور : كم أُصلّي؟ قال : «صلِّ ثمان ركعات عند زوال الشمس، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : الصلاة في مسجدي كألف في غيره، إلّا المسجد الحرام فإنّ الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي ». (15) وموثّق إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : صلاة في مسجدي مثل ألف صلاة في غيره، إلّا المسجد الحرام فإنّها خيرٌ من ألف صلاة ». (16) وصحيح جميل بن درّاج، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله كم تعدل الصلاة فيه؟ فقال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره، إلّا المسجد الحرام ». (17) والمراد بغيره ما عداه من المساجد بقرينة استثناء المسجد الحرام . ولقوله عليه السلام في خبر آخر عن جميل بن درّاج : «وصلاة في مسجدي تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلّا المسجد الحرام ». (18) وفيما رواه مسلم عنه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة أو كألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلّا أن يكون المسجد الحرام »، (19) فلا ينافي ما اشتهر بين الأصحاب ، ودلَّ عليه خبرا هارون بن خارجة (20) وأبي الصامت (21) من: «أنّ الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة»، فإنّ المراد بما عداه في هذين الخبرين غير المساجد . وقال طاب ثراه : يجوز أن يكون الاختلاف باعتبار تفاوت حالات المصلّي، أو يكون الألف في النافلة وعشرة آلاف في الفريضة . وممّا يؤيّد ذلك ما ورد في خبر هارون بن خارجة، عن أبي عبداللّه عليه السلام من: «أنّ الصلاة المكتوبة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة، وأنّ النافلة فيه تعدل خمسمئة صلاة» (22) حيث صرّح بأنّ النافلة أقلّ فضلاً من الفريضة ، فهاهنا أيضا يمكن أن يكون كذلك على أنّه ليس في حديث الألف ما يقتضي نفي الزيادة . انتهى . وعلى أيّ حال فالظاهر أنّ ما ذكر هو القدر المشترك بين جميع أجزاء المسجد، وفضل المسجد الأصل على زياداته الحادثة غير محدود، كما مرّ في المسجد الحرام ، وأمّا فضل المسجد الحرام عليه فيعلم ممّا ذكر أنّه عشرة أمثاله على المشهور، ومئة على الرواية . وفي صحيح معاوية بن عمّار (23) المتقدِّم: أنّها تعدل الألف . وقال طاب ثراه : نقل عياض عن مالك: أنّ الصلاة في مسجده صلى الله عليه و آله أفضل من الصلاة في المسجد الحرام . وقال : معنى الاستثناء أنّ الصلاة في مسجده أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بأقلّ من ألف . (24) وعن بعضهم أنّه حدّ الفضل بمئة ، وممّا دلّ على أنّ المسجد الحرام أفضل هو أنّ اللّه تعالى جعله قبلة الصلاة وكعبة الحاجّ وهو حرمه، والمدينة حرم رسوله صلى الله عليه و آله . وأجمع أهل العلم على وجوب الجزاء في حرم مكّة، ولم يجمعوا على وجوبه في حرم المدينة، ولا يقام فيه الحدود بخلاف حرم المدينة ، وغير ذلك من الفضائل .

.


1- . صحيح البخاري، ج 2، ص 57 ، باب فضل الصلاة في مسجد مكّة والمدينة، وص 224، باب حرم المدينة؛ وج 7، ص 209، كتاب الرقاق؛ وج 8 ، ص 154، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة.
2- . مسند أحمد، ج 3، ص 64 ؛ المصنّف لابن أبي شيبة، ج 7، ص 413، كتاب الفضائل، الباب الأوّل، ح 21؛ تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ص 113؛ السنّة لابن أبي عاصم، ص 325، ح 731؛ مسند أبي يعلى، ج 2، ص 496، ح 1341؛ الحدّ الفاصل، ص 298، ح 131.
3- . مسند أحمد،ج 2، ص 534 . و ورد بلفظ: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة» في: مسند أحمد، ج 2، ص 236 و 376 و 438 و 466 و 533 ؛ وج 3، ص 4؛ وج 4، ص 39؛ صحيح البخاري، ج 2، ص 57 ، باب فضل الصلاة في مسجد مكّة والمدينة، وص 224، باب حرم المدينة؛ وج 7، ص 209، كتاب الرقاق؛ وج 8 ، ص 154، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة؛ صحيح مسلم، ج 4، ص 123؛ سنن الترمذي، ج 5 ، ص 376، ح 4007 و 4008؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 5 ، ص 247؛ السنن الكبرى للنسائي، ج 1، ص 257، ح 774؛ وج 2، ص 489، ح 4289 و 4290.
4- . المقنعة، ص 459.
5- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 9، باب زيارة سيّدنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
6- . معاني الأخبار، ص 268، الفقيه، ج 2، ص 572 ، زيادة فاطمة الزهراء بنت النبي صلوات اللّه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
7- . الكافي، ج 1، ص 416، باب مولد الزهراء فاطمه عليهاالسلام، ح 9. ورواه الصدوق في عيون أخبار الرضا عليهاالسلام، ج 1، ص 277 278، الباب 28، ح 76؛ ومعاني الأخبار، ص 268؛ والشيخ الطوسي في الاستبصار، ج 3، ص 255، ح 705؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 368، ح 19406.
8- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 9، ح 18؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص367، ح 19404.
9- . الفقيه، ج 2، ص 572 574 ، زيارة فاطمة بنت النبي صلوات اللّه عليها و على أبيها وبعلها وبنيها.
10- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 9، ح 19؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص367 368، ح 19405.
11- . لم أعثر عليه في شرح الفقيه، وتجده في الوافي، ج 14، ص 1359؛ وبحارالأنوار، ج 97، ص 152؛ ومرآة العقول، ج 18، ص 265؛ وملاذ الأخيار، ج 9، ص 19.
12- . صحاح اللغة، ج 3، ص 117 (بلط).
13- . النهاية، ج 1، ص 152 (بلط).
14- . كذا في الأصل، والموجود في الكافي: عبد الأعلى مولى آل سام.
15- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 14 15، ح 30؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص 280 281، ح 6548 .
16- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 15، ح 32؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص281، ح 6550 .
17- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 15، ح 33؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص281، ح 6549 .
18- . الحديث العاشر من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 7 8 ، ح 13؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص280، ح 6546 .
19- . صحيح مسلم، ج 4، ص 125، باب فضل الصلاة بمسجدي مكّة والمدينة.
20- . الحديث 11 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص279، ح 6544 .
21- . الحديث 12 من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص279 _ 280، ح 6545 .
22- . كامل الزيارات، ص 72، ح 63.
23- . وسائل الشيعة، ج 5 ، ص 280 281، ح 6548 .
24- . اُنظر: التمهيد لابن عبد البرّ، ج 6 ، ص 17 و 18؛ تفسير القرطبي، ج 6 ، ص 307؛ إمتاع الأسماع، ج 10، ص 354.

ص: 527

. .

ص: 528

. .

ص: 529

. .

ص: 530

. .

ص: 531

. .

ص: 532

. .

ص: 533

باب مقام جبرئيل

باب مقام جبرئيل عليه السلامأراد قدس سره بيان فضيلة الدُّعاء فيه وقبوله، لاسيما دعاء الدم لمن خاف فوات زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله ودخول المسجد وهو تحت الميزاب، فإنّه كان مكانه عليه السلام إذا استأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله . ويدلّ على ذلك حسنة معاوية بن عمّار، (1) وما رواه الشيخ في الموثّق عن عمر بن يزيد، قال : حاضت صاحبتي وأنا بالمدينة، قال : فكان ميقات جمالنا وإبّان مقامنا وخروجنا قبل أن تطهر، ولم تقرب القبر ولا المنبر، قال : فذكرت ذلك لأبي عبداللّه عليه السلام قال : «مرها تغتسل، ثمّ لتأت مقام جبرئيل عليه السلام فإنّ جبرئيل كان يجيء، فيستأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فإن كان على حال لا ينبغي له أن يأذن له قام في مكانه حتّى يخرج إليه، وإن أذِنَ له دخل عليه »، قال قلت له : وأين المكان؟ قال : «كان بحيال الميزاب الذي إذا خرجت من الباب الذي يُقال له: باب فاطمة بحذاء القبر رفعت رأسك مع حذاء الباب والميزاب فوق رأسك، والباب وراء ظهرك»، قال : «تقعد في ذلك الموضع ولتدع ربّها». قلت : وأيّ شيءٍ تقول؟ قال : «تقول : اللّهُمَّ إنّي أسألك بأنّك أنت اللّه ليس كمثلك شيء أن تفعل بي كذا وكذا»، قال : فصنعت صاحبتي الذي أمرني وتطهّرت ودخلت المسجد، قال : وكانت لنا خادم أيضا وكانت قد حاضت، قال : فقالت : يا سيّدي، أذهب أنا زيارةً، فأصنع كما صنعت سيّدتي؟ قال : قلت : بلى، قال : فذهبت وصنعت مثل الذي صنعت مولاتها، فتطهّرت ودخلت المسجد . (2) وفي صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أشرفت المرأة على مناسكها وهي حائض، فلتغتسل ولتحتشِ ولتقف هي ونسوة خلفها، فيُؤمِّنّ على دعائها، وتقول : اللّهُمَّ إنّي أسألُك بكلّ اسمٍ هو لك أو تسمّيت به لأحدٍ من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وأسألُكَ باسمك الأعظم الأعظم الأعظم، وبكلّ حرفٍ أنزلته على موسى، وبكلّ حرفٍ أنزلته على عيسى، وبكلّ حرفٍ أنزلته على محمّد صلّى اللّه عليه وآله، إلّا أذهبت عنّي هذا الدم ، وإذا أرادت أن تدخل المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى الله عليه و آله فعلت مثل ذلك »، قال : «وتأتي مقام جبرئيل عليه السلام وهو تحت الميزاب، فإنّه كان مكانه إذا استأذن على رسول اللّه صلى الله عليه و آله » قال: «فذلك مقام لا تدعو اللّه فيه حائض تستقبل القبلة وتدعو بدعاء الدّم إلّا رأت الطهر إن شاء اللّه ». (3) وكما يستحبّ ذلك في هذا المقام يستحبّ في حرم مكّة إذا خافت بالحيض فوات مناسك حجّها أو عمرتها، كما يدلّ عليه هذه الصحيحة . وكذا إذا خافت فوات متعتها؛ لخبر بكر بن عبداللّه ، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : «جُعلت فداك، إنّ امرأة مسلمة صحِبتني حتّى انتهت إلى بستان بني عامر، فحرمت عليها الصلاة، فدخلها من ذلك أمرٌ عظيم، فخافت أن تذهب متعتها، فأمرتني أن أذكر ذلك لك، وأسألك كيف تصنع ؟ فقال : «قُل لها فلتغتسل نصف النهار، وتلبس ثيابا نظافا، وتجلس في مكانٍ نظيف، وتجلس حولها نساء يُؤمِّنَّ إذا دعت، وتعاهد لها زوال الشمس إذا زالت، فمرها فلتدع بهذا الدعاء وليؤمّنّ النساء على دعائها حولها كلّما دعت ، تقول : اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بكلّ إسمٍ هو لك، وبكلّ اسمٍ تسمّيت به لأحدٍ من خلقك، وهو مرفوع مخزون في علم الغيب عندك، وأسألُكَ باسمك الأعظم الأعظم الذي إذا سُئِلْتَ به كان حقّا عليك أن تجيب، أن تقطع عنّي هذا الدم . فإن انقطع الدم، وإلّا دعت بهذا الدّعاء الثاني، فقل لها فلتقل : اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ بكلّ حرفٍ أنزلته على محمّدٍ صلى الله عليه و آله ، وبكلّ حرفٍ أنزلته على موسى عليه السلام ، وبكلّ حرفٍ أنزلته على عيسى عليه السلام ، وبكلّ حرفٍ أنزلته في كتابٍ من كتبك، وبكلّ دعوةٍ دعاك بها مَلكٌ من ملائكتك أن تقطع عنّي هذا الدم، فإن انقطع فلم ترَ يومها ذلك شيئا، وإلّا فلتغتسل من الغد في مثل تلك الساعة التي اغتسلت فيها بالأمس، فإذا زالت الشمس فلتصلِّ ولتدع بالدُّعاء وليِّؤمِّنَّ النسوة إذا دعت ». ففعلت ذلك المرأة فانقطع عنها الدم حتّى قضت متعتها وحجّها وانصرفنا راجعين ، فلمّا انتهينا إلى بستان بني عامر عاودها الدم، فقلت : ادعو بهذين الدعائين في دبر صلاتي؟ فقال : «ادع بالأوّل إن أحببت ، وأمّا الآخر فلا تدع به إلّا في الأمر الفظيع ينزل بك ». (4) وقد ورد في بعض الأخبار دواء آخر لدفع الدم، رواه الحسين بن عليّ بن يقطين،عن أبي الحسن عليه السلام قال لدفع الدم : «فليأمرها أن تأخذ قطنة وماء اللبن فتستدخلها، فإنّ الدم سينقطع عنها وتقضي مناسكها كلّها »، فأمرها ففعلت ، فانقطع عنها الدم وشهدت المناسك كلّها »، فلمّا أن ارتحلت من مكّة بعد الحجّ وصارت في المحمل عاد إليها الدم . (5)

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص346، ح 19361.
2- . تهذيب الأحكام، ج 5 ، ص 445 446، ح 1553؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص464 465، ح 18220.
3- . الكافي، باب دعاء الدم، ح 1؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص463 464، ح 18219.
4- . الكافي، باب دعاء الدم، ح 3؛ وسائل الشيعة، ج 13، ص 465 466، ح 18221.
5- . الكافي، باب علاج الحائض، ح 1؛ وسائل الشيعة، ج 13 ، ص 463، ص 18218.

ص: 534

. .

ص: 535

باب فضل المقام بالمدينة والصوم والاعتكاف عند الأساطين

باب فضل المقام بالمدينة والصوم والاعتكاف عند الأساطينظاهره قدس سره أنّ المقام بها أفضل من المقام بمكّة أيضا، وقد وقع التصريح به في موثّق الحسن بن الجهم ، (1) والسرّ فيه تحصيل زيارة النبيّ وفاطمة والأئمّة بالبقيع عليهم السلام ، فلا ينافيه فضل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجدها والصوم وإن كان مطلوبا مطلقا، لكن الظاهر أنّه أراد به هنا صيام ثلاثة أيّام آخرها يوم الجمعة للاعتكاف في مسجدها بقرينة ما ذكره في الباب . ومثله ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمت أوّل يوم الأربعاء، وتصلّي ليلة الأربعاء عند اُسطوانة أبي لبابة وهي اسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها حتّى نزل عذره من السماء وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثمّ تأتي ليلة الخميس التي تليها ممّا يلي مقام النبيّ صلى الله عليه و آله ليلتك ويومك، وتصوم يوم الخميس، ثمّ تأتي الاُسطوانة التي تلي مقام النبيّ صلى الله عليه و آله ومصلّاه ليلة الجمعة، فتصلّي عندها ليلتك ويومك، وتصوم يوم الجمعة، فإن استطعت أن لا تتكلّم بشيء في هذه الأيّام فافعل إلّا ما لابدّ لك منه، ولا تخرج من المسجد إلّا لحاجة، ولا تنام في ليلٍ ولا نهارٍ فافعل، فإنّ ذلك ممّا يعدّ فيه الفضل ، ثمّ احمد اللّه في يوم الجمعة واثنِ عليه وصلِّ على النبيّ صلى الله عليه و آله وسَل حاجتك، وليكن فيما تقول : اللّهُمَّ ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها والتماسها، أو لم أشرع، سألتكها أو لم أسألكها، فإنّي أتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة صلى الله عليه و آله في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها ، فإنّك حريٌّ أن تقضي حاجتك إن شاء اللّه ». (2) قوله في خبر معاوية بن عمّار : (ويوم الخميس عند اُسطوانة أبي لبابة ) . [ ح 5/ 8127] وقد تسمّى تلك الاُسطوانة باُسطوانة التوبة أيضا على ما دلّ عليه صحيح معاوية المتقدِّم ، ويؤيّده قوله عليه السلام في حسنة الحلبيّ : «واليوم الثاني عند اُسطوانة التوبة ». (3) وإنّما سمّيت بهذين الإسمين لما رواه جدّي قدس سرهفي شرح الفقيه (4) عن أبي حمزة الثمالي قال : بلغنا أنّهم كانوا ثلاثة نفر من الأنصار أبو لبابة عبد المنذر وثعلبة وأوس، تخلّفوا عن الجهاد مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله في تبوك، فلمّا بلغهم ما أنزله اللّه فيمن تخلّف عن نبيّه صلى الله عليه و آله أيقنوا بالهلاك، وأوثقوا نفوسهم بسواري المسجد، فلم يزالوا حتّى قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله فسأل عنهم، فذكروا له أنّهم أقسموا لا يحلّون أنفسهم حتّى يكون رسول اللّه صلى الله عليه و آله يحلّهم ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «وأنا أقسم أن لا أكون أوّل من حلّهم إلّا وأن اُؤمر فيهم بأمر »، فلمّا نزل «عَسَى اللّه ُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» (5) عمد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وحلّهم . (6) وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنّها نزلت في أبي لبابة خاصّة ، (7) وقال : «وروي فيهم أقوال ، وعلى الجميع أبو لبابة داخلٌ فيهم ».

.


1- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 14، ح 29؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 347، ح 19362.
2- . تهذيب الأحكام، ج 4، ص 232 233، ح 682 ؛ وج 6 ، ص 16، ح 35؛ وسائل الشيعة، ج 10، ص202، ح13218؛ وج 14، ص 350 351، ح 19368.
3- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص351، ح 19370.
4- . لم أعثر عليه في روضة المتّقين، نعم هذه القصّة مذكورة في اللوامع لصاحبقراني، ج 8 ، ص 500 ، لكن لم يذكر فيها اسم ثعلبة وأوس، ولا غزوة تبوك.
5- . التوبة (9) : 102 .
6- . اُنظر: التبيان، ج 5 ، ص 290؛ مجمع البيان، ج 5 ، ص 115 116؛ جامع البيان للطبري، ج 11، ص 19 22.
7- . اُنظر: المصادر المتقدّمة.

ص: 536

. .

ص: 537

باب زيارة من بالبقيع من الأئمّة الأربعة

باب زيارة من بالبقيع من الأئمّة الأربعة عليهم السلاموفضيلة زيارتهم عليهم السلام لائحة من عموم الأخبار الواردة في فضل زيارة الإمام ، وسيذكر المصنّف بعضها عن قريب . ومن خصوص ما رواه مُعلّى بن جعفر، قال : قال الحسن بن عليّ : «يارسول اللّه ما لِمَن زارك؟ قال : فقال : مَن زارني حيّا أو ميّتا أو زار أباك حيّا أو ميّتا أو زارك حيّا أو ميّتا أو زار أخاك حيّا أو ميّتا كان حقّا عليَّ أن أستنقذه يوم القيامة ». (1) وعبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «بينا الحسين بن عليّ عليهماالسلام في حجر رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذ رفع رأسه، فقال : يا أبه، ما لمَن زارك بعد موتك؟ فقال : يا بنيّ، مَن أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة، ومَن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومَن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومَن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة ». (2) وعن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : «مَن زارني غفرت له ذنوبه ولم يمت فقيراً ». (3) وعن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ أنّه قال : «مَن زار جعفرا وأباه لم يشتك عينه، ولم يصبه سقم؛ ولم يمت مبتلى ». (4) ويحتمل أن يريد بالموصول (5) العباس أيضا .

.


1- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 40، ح 83 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 330، ح 19328.
2- . كامل الزيارات، ص 39، ثواب زيارة رسول اللّه صلى الله عليه و آله و زيارة أمير المؤمنين والحسن والحسين، ح 1؛ تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 20، ح 44، وص 40، ح 84 ؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 329، ح 19326.
3- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 78، ح 153؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 543 ، ح 19784.
4- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 78، ح 154؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 543 ، ح 19785.
5- . يعني في جملة «زيارة مَن بالبقيع» في عنوان الباب.

ص: 538

باب إتيان المشاهد وقبور الشهداء

باب إتيان المشاهد وقبور الشهداءأراد قدس سره بالمشاهد بقرينة أخبار الباب مشاهد الملائكة والأولياء من المساجد، وبقبور الشهداء مقابر اُحد . قوله في حسنة معاوية بن عمّار : (مسجد قبا فإنّه المسجد الذي أُسّس على التقوى) إلخ .] ح 1 / 8129] حكى طاب ثراه عن الآبي أنّه قال : «المشهور في قبا المدّ والتذكير والصرف ، وفي لغة هو مقصور، وفي لغة مؤنّث، وفي لغة مذكّر غير مصروف ». (1) وفي مجمع البيان: أنّ بني عمرو بن عوف اتّخذوا مسجد قبا، وبعثوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يأتيهم، فأتاهم فصلّى فيه، فحسد [ هم] جماعة من المنافقين من بني غنم بن عوف، فقالوا : نبني مسجداً نصلّي فيه ولا نحضر جماعة محمّد، وكانوا اثنى عشر رجلاً، وقيل: خمسة عشر رجلاً، منهم: ثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، ونثيل بن الحارث، فبنوا مسجداً بجنب مسجد قبا، فلمّا فرغوا منه أتوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو يتجهّز إلى تبوك، فقالوا : يارسول اللّه ، إنّا قد بنينا مسجداً لذي العلّة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنّا نحبّ أن تأتينا فتصلّي لنا فيه وتدعو بالبركة ، فقال عليه السلام : «إنّي على جناح السفر، ولو قدمنا أتيناكم إن شاء اللّه ، فصلّينا لكم [ فيه]»، فلمّا انصرف رسول اللّه صلى الله عليه و آله من تبوك نزلت عليه في شأن المسجدين قوله تعالى : «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدا ضِرَارا وَكُفْرا وَتَفْرِيقا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادا لِمَنْ حَارَبَ اللّه َ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَا الْحُسْنَى وَاللّه ُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللّه ُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللّه ِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّه ُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّه ُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (2) ، والمنافقون إنّما بنوا ذلك بأمر أبي عامر الراهب، وأنّه كان قد ترهّب في الجاهليّة ، ولبس المسوح، فلمّا قدم النبيّ صلى الله عليه و آله حَزَّب عليه الأحزاب، ثمّ هرب إلى مكّة، وبعد فتح مكّة هرب إلى الطائف ، فلمّا أسلم أهل الطائف لحق بالشام وخرج إلى الروم وتنصّر، وكان قد أرسل إلى المنافقين: أن استعدّوا وابنوا مسجداً، فإنّي أذهب إلى قيصر وآتي من عنده بجنوده واُخرج محمّداً من المدينة ، فكان هؤلاء المنافقون يتوقّعون أن يجيئهم أبو عامر، فمات قبل أن يبلغ ملك الروم ، وأبو عامر هذا هو أبو حنظلة غسيل الملائكة الشهيد باُحد، وقد سمّاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبا عامر الفاسق . (3) والمشربة بضمّ الراء وفتحها: الغرفة. (4) ومشربة اُمّ إبراهيم هي مسكن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ومصلّاه . (5) قوله في خبر عمّار بن موسى : (كانت امرأة جعفر التي خلّف عليها أمير المؤمنين عليه السلام ) [ ح 6 / 8134] هي أسماء بنت عميس . وقد سبق أنّها كانت اُخت ميمونة، وكانت تحت جعفر بن أبي طالب وأنّها ولدت له: محمّداً وعبداللّه وعونا، ثمّ تزوّجها أبو بكر فولدت له محمّد، ثمّ تزوّجها عليّ عليه السلام فولدت له يحيى بن عليّ ، (6) وهذا الخبر يدلّ على أنّها لم تكن شاهدة لردّ الشمس، وأنّها إنّما سمعت القصّة عن عليّ عليه السلام ، وقد روى من الطريقين أنّها قد شاهدته ، ففي الفقيه: روي عن أسماء بنت عميس، أنّها قالت : بينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله نائم ذات يوم ورأسه في حجر عليّ عليه السلام ففاتته العصر حتّى غابت الشمس، فقال : «اللّهمَّ إنَّ عليّا كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس »، قالت أسماء : فرأيتها واللّه غربت، ثمّ طلعت بعدما غربت، ولم يبق جبل ولا أرض إلّا طلعت عليه حتّى قام عليّ عليه السلام فتوضّأ وصلّى ثمّ غربت . (7) وحكى الشيخ محمّد العاملي قدس سره في تعليقاته عليه نقلاً عن كتاب الشفاء في تعريف حقوق المصطفى تأليف القاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض من أعاظم علماء العامّة وثقاتهم أنّه قال : خرّج الطحاويّ عن أسماء بنت أبي عميس رضي اللّه عنها من طريقين أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ عليه السلام فلم يصلِّ العصر حتّى غربت الشمس، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «أصلّيت يا عليّ؟» فقال : «لا »، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «اللّهمَّ إنّ عليّا كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس »، قالت أسماء رضي اللّه عنها : فرأيتها غربت، ثمّ رأيتها طلعت بعدما غربت، ووقعت على الجبال والأرض، وذلك بالصهباء وفي خيبر . (8) وقال يعني الطحاويّ (9) : هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقاة . وحكى أي الطحاويّ عن أحمد بن صالح أنّه كان يقول : لا ينبغي سَأَلَة العلم (10) التخلّف عن حديث أسماء رضي اللّه عنها؛ لأنّه من علامات النبوّة . (11) انتهى . وهذا الردّ كان أوّل الردّين للشمس في هذه الاُمّة، وقد رُدّت له عليه السلام مرّة اُخرى ببابل، فقد روى الصدوق رضى الله عنهعن جويرية بن مسهر أنه قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام من قتل الخوارج، حتّى إذا قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين عليه السلام ونزل الناس فقال عليّ عليه السلام : «أيّها الناس، إنّ هذه أرضٌ ملعونة قد عُذِّبت في الدهر ثلاث مرّات ، وفي خبر: مرّتين ، وهي تتوقّع الثالثة ، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أوّل أرض عُبدَ فيها وثن، وأنّه لا يحلّ لنبيّ ولا لوصيّ نبيّ أن يُصلّي فيها، فمَن أراد منكم أن يصلّي فيها فليصلِّ »، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلّون، وركب هو عليه السلام بغلة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ومضى . قال جويرية : فقلت : واللّه ، لأتبعنّ أمير المؤمنين عليه السلام ولأقلّدنّه صلاتي اليوم ، فمضيت خلفه، فواللّه ، ما جُزنا جسر سوراء حتّى غابت الشمس، فشككت، فالتفت إليَّ وقال : «يا جويرية، أشككت؟» فقلت : نعم يا أمير المؤمنين . فنزل عليه السلام عن ناحية فتوضّأ، ثمّ قام: فنطق بكلام لا أحسبه إلّا كأنّه بالعبراني، ثمّ نادى: «الصلاة»، فنظرت واللّه _ إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير، فصلّى العصر وصلّيت معه ، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان، فالتفت إليَّ فقال : «يا جويرية بن مسهر،إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول : «فَسَبِّحْ بِسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» ، (12) واللّه ، أنّي سألت اللّه عزّ وجلّ باسمه العظيم، فردَّ عليَّ الشمس ». وقال : وروي أنّ جويرية لمّا رأى ذلك قال : وصيّ نبيّ وربّ الكعبة . (13) وهذان الردّان ممّا أجمع عليه الأصحاب ، ويؤيّدهما ما ثبت من الطريقين من وقوع كلّ ما كان في الاُمم السالفة في هذه الاُمّة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ، وقد ثبت ردّها في الاُمم السالفة مرّتين، مرّة على يوشع بن نون، (14) واُخرى على سليمان بن داوود عليهماالسلام . 15

.


1- . اُنظر: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 70.
2- . التوبة (9) : 107 110 .
3- . مجمع البيان، ج 5 ، ص 125 126.
4- . صحاح اللغة، ج 1، ص 153.
5- . صرّح بذلك في الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي. وانظر: مجمع البحرين، ج 2، ص 494 495.
6- . اُنظر: الإصابة، ج 8 ، ص 5 16، الرقم 10809؛ الاستيعاب، ج 4، ص 1784 1785، الرقم 3230.
7- . الفقيه، ج 1، ص 203، ح 610 .
8- . شرح مشكل الآثار، ج 2، ص 7، ح 1208؛ وج 4، ص 268، ح 3851.
9- . كذا في الأصل، ولكنّ الصحيح أنّه من كلام القاضي عياض.
10- . كذا في الأصل، وفي المصدر: «لمن سبيله العلم».
11- . الشفاء، ج 1، ص 284، فصل انشقاق القمر وحبس الشمس.
12- . الواقعة (56) : 74 .
13- . الفقيه، ج 1، ص 203 204، ح 611 ؛ وسائل الشيعة، ج 5 ، ص 180 181، ح 6272 .
14- . الفقيه، ج 1، ص 203.

ص: 539

. .

ص: 540

. .

ص: 541

باب وداع قبر النبيّ

باب وداع قبر النبيّ صلى الله عليه و آلهيستحبّ ذلك استحبابا مؤكّداً، وكذا وداع فاطمة وأئمّة البقيع صلوات اللّه عليهم للبعيد .

.

ص: 542

باب تحريم المدينة

باب تحريم المدينةأجمع أهل العلم على أنّ للمدينة حرما ، والمشهور أنّه ما بين ظلّ عائر وفي?وَعير، (1) وهما جبلان يكتنفان بها شرقا وغربا، وهو بريد في بريد. (2) وقيل: هو ما بين ظلّ عائر وثور. (3) واختلفوا في حكمه ، فظاهر العلّامة رحمه اللهفي المنتهى إجماع الأصحاب على تحريم قطع شجره وقتل صيده مطلقا، حيث قال : «للمدينة حرم كحرم مكّة، لا يجوز قطع شجرة، ولا قتل صيده ، ذهب إليه علماؤنا، وبه قال أحمد ومالك والشافعي ، وقال أبو حنيفة : لا يحرم ». (4) وهو غريب. والذي يظهر من الأخبار تحريم قطع شجره مطلقا، وتحريم صيد ما بين الحرّتين منه: حرّة ليلى وحرّة واقم لا مطلقا ، وإليه ذهب الشيخ في المبسوط (5) والنهاية (6) والتهذيب . (7) وبذلك يجمع بين ما دلّ على تحريم صيد حرمها كصحيحة حسّان بن مهران (8) وغيرها، وما ظاهره حلّيّة صيده مطلقا كخبر أبي العبّاس (9) وصحيحة معاوية بن عمّار . (10) والدليل على هذا التفضيل خبر الحسن الصيقل، (11) وما رواه الشيخ بسند آخر عنه عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «كنت جالسا عند زياد بن عبداللّه وعنده ربيعة الرأي، فقال له زياد : يا ربيعة، ما الذي حرّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله من المدينة؟ فقال : بريد في بريد ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : فقلت لربيعة : وكان على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أميال! فسكت ولم يحسن، فمال عليَّ زياد فقال : يا أبا عبداللّه عليه السلام ، فما تقول أنت؟ قلت : حرّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله من المدينة من الصيد ما بين لابتيها ، فقال : وبين ما لابتيها؟ قلت : ما أحاطت به الحرتان ، قال : وما الذي يحرم من الشجر؟ قلت : «من عائر إلى وعير ». (12) ونسب في المسالك (13) إلى المشهور بين الأصحاب القول بكراهة قطع شجر حرمها وصيده، وإليه ذهب المحقّق في الشرائع، (14) وهو طريق آخر للجمع . ثمّ ظاهر المحرّمين عدم وجوب فدية للصيد ولا للقطع، حيث إنّهم لم يتعرّضوا لها ، بل صرّح به جماعة منهم الشيخ في المبسوط، (15) والعلّامة في المنتهى . (16) ويدلّ عليه أصالة العدم، وعدم دليل على وجوبها، ويكفي في النهي عنهما حصول الإثم بهما. وهو منقول عن مالك وعن الشافعيّ في الجديد، وعن أحمد في إحدى الروايتين عنه، وعن قديم الشافعيّ، ورواية اُخرى عن أحمد إيجابهما للفدية. (17) وكذا الظاهر حلّيّة أكل صيده وإن حرم الفعل؛ لعدم دليل على كونه ميتة ، بل هو الظاهر من صحيحة معاوية بن عمّار، (18) وإليه ذهب العلّامة في الإرشاد (19) على كراهيّة؛ مخصّصا لتحريم الصيد بما بين الحرّتين، فقال : حرم المدينة ما بين عائر إلى وعير لا يعضد شجره ولايؤكل صيده، إلّا ما صيد بين الحرّتين على كراهية . وظاهر الشيخ في المبسوط والنهاية تحريمه، فقد قال فيهما : «ولا بأس أن يؤكل صيدها، إلّا ما صيد بين الحرّتين ». (20) هذا، وقال طاب ثراه : الظاهر أنّ اللابتين غير داخلتين في التحريم ، وقال بعض العامّة بدخولهما ، وقال الآبي : ولعلّ ذلك دليل آخر وإلّا فإنّما اختلف إذا قال من كذا إلى كذا، هل يدخل مابعد إلى، وأمّا إذا قال ما بين كذا وكذا فإنّ المعبّر عنه بكذا وكذا لا يدخل قطعا، وربّما امتنع دخوله عقلاً لو قال جلست ما بين زيد وعمرو، فإنّه يستحيل دخول مكانيهما في الجلوس . قوله في صحيحة حسّان بن مهران : (لا يريدها جبّار ) . [ ح 1 / 8137] قال طاب ثراه : الظاهر أنّ الضمير راجع إلى المواضع الثلاثة . قوله في خبر أبي العبّاس : (عضاها ) .] ح 2 / 8138] قال طاب ثراه : قال عياض : العضا: كلّ شجر له شوك كالطلح والعوسج والينبوب . وقال الآبي : قيل: هو اُم غيلان، وكلّ شجرة عظيمة لها شوك ، والواحدة: عضدة بالتاء وأصلها عضضة ، وقيل : أصلها عضاهة . (21) قوله في خبر الحسن الصيقل : (ما بين لابتيها ) .] ح 3 / 8139] حكى طاب ثراه عن البغويّ أنّه قال : قال الأصمعيّ : اللّابة الأرض ذات الحجارة السود وجمعها في القليل اللّابات، وفي الكثير اللّوب ، (22) وقيل : اللابة خاصّة بالمدينة، فلا تقال في غيرها . (23) والظاهر أنّ «عَير» تصحيف «عاير» (24) كما في باقي الأخبار، وكأنّ منشأؤه كتبته على رسم الخطّ من غير ألف . وحكى طاب ثراه عن الآبي أنّه قال : قال الزبيريّ : ليس بالمدينة «عَير» (25) وإن ذكره أكثر رواة البخاريّ . وأمّا «وعير» فالمشهور ضمّ واوه مصغّراً ، (26) وقد صُحِّح به في بعض النسخ المصحّحة، وصحّحه الشهيد في الدروس بفتح الواو . (27) قوله في صحيحة معاوية بن عمّار : (حرّمها إبراهيم عليه السلام ) إلخ . [ ح 5 / 8141] قال طاب ثراه : أي بلّغ تحريمها، فلا يعارض ما تقدّم من قوله تعالى: «وحرّمتها يوم خلقت السماوات والأرض» على ما ورد في بعض الأخبار . (28) وحكى عن الآبي أنّه قال : اوى بالقصر والمدّ متعدّيا وقاصراً في الوجهين، والقصر في القاصر أظهر، والتعدّي في الممدود أشهر . (29) وعن عياض أنّه قال : روى محدثا بكسر الدال وفتحها، فمن فتح أراد الإحداث نفسه، ومن كسر أراد فاعل الحدث . (30) ومعنى اواه: ضمّه إليه ومنعه ممّن له حقّ عليه . (31) وقد روى الخبر مسلم في صحيحه بإضافة: «فعليه (32) لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ». (33) وعن عياض أنّه قال: لعنه اللّه : طرده عن رحمته ، ولعنة الملائكة والناس: دعاؤهم عليه بالإبعاد من رحمة اللّه ، وقد تكون لعنة الملائكة ترك الدعاء له وإبعاده عن جملة المؤمنين في الاستغفار لهم . انتهى . والحدث شامل لكلّ ظلم، وذكر القتل على التمثيل . وأوّل من آوى محدثا فيها في حياة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وبعد وفاته، عثمان بن عفّان، فقد آوى عمَّيه طريدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أحدهما في حياته والآخر بعد وفاته ، أمّا الأوّل فهو المغيرة بن أبي العاص، فقد هدر رسول اللّه صلى الله عليه و آله دمه، ولعن من يؤويه ويحمله ويطعمه ويسقيه ويجهّزه ويعطيه سقاء وحذاء ورشاء ووعاء، فآواه أوّلاً ، ثمّ لمّا رأى تشدّد رسول اللّه صلى الله عليه و آله في قتله حمله وأطعمه وسقاه، وأخرجه من المدينة على ما مرّ في باب النوادر من كتاب الجنائز . (34) وأمّا الثاني فهو الحكم بن أبي العاص، فقد طرده رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن المدينة، ونفاه إلى الطائف، حيث حكى بعض حركاته ومشيته صلى الله عليه و آله وكان فيه إلى أن نصب عثمان للخلافة، فأرسل إليه وطلبه وقرّبه وسلّطه على المسلمين . (35)

.


1- . اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 357، المسألة 295؛ مختلف الشيعة، ج 4، ص 381.
2- . اُنظر: منتهى المطلب، ج 2، ص 799؛ الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 21، الدرس 127؛ مسالك الأفهام، ج 2، ص 381؛ مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 274؛ جامع المقاصد، ج 3، ص 276؛ مجمع البحرين، ج 3، ص 283.
3- . المبسوط للطوسي، ج 1، ص 354.
4- . منتهى المطلب، ج 2، ص 799. وانظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 497؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 138؛ عون المعبود، ج 6 ، ص 17؛ نيل الأوطار، ج 5 ، ص 105؛ المغني والشرح الكبير لابني قدامة، ج 3، ص 369.
5- . المبسوط، ج 1، ص 386.
6- . النهاية، ص 287.
7- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 13، ذيل الحديث 24.
8- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ تهذيب الأحكام، ج 6، ص 12، ح 21؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 360، ح 19386.
9- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 364، ح 19394.
10- . الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 362، ح 19391.
11- . الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 363، ح 19392.
12- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 13 14، ح 26.
13- . مسالك الأفهام، ج 2، ص 382.
14- . شرائع الإسلام، ج 1، ص 209.
15- . المبسوط، ج 1، ص 358.
16- . منتهى المطلب، ج 2، ص 800 . ومثله في تذكرة الفقهاء، ج 7، ص 380.
17- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 477 و 497؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج 3، ص 370؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج 3، ص 373.
18- . وسائل الشيعة، ج 14، ص 362، ح 19391.
19- . إرشاد الأذهان، ج 1، ص 339.
20- . المبسوط، ج 1، ص 386؛ النهاية، ص 287.
21- . اُنظر: لسان العرب، ج 9، ص 263 (عضه).
22- . وحكاه عنه ياقوت في معجم البلدان، ج 5 ، ص 3. اُنظر: التمهيد، ج 6 ، ص 311؛ النهاية، ج 4، ص 274 (لوب).
23- . اُنظر: تاج العروس، ج 2، ص 410 (لوب).
24- . اُنظر: المجموع للنووي، ج 7، ص 486؛ معجم البلدان، ج 4، ص 73.
25- . نيل الأوطار، ج 5 ، ص 102؛ شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 143؛ فتح الباري، ج 4، ص 70؛ الديباج على مسلم، ج 3، ص 411.
26- . مجمع البحرين، ج 4، ص 522 (وعر).
27- . الدروس الشرعيّة، ج 2، ص 21، الدرس 127.
28- . تفسير السمعاني، ج 4، ص 150؛ تفسير البغوي، ج 1، ص 115.
29- . شرح صحيح مسلم للنووي، ج 9، ص 140.
30- . نفس المصدر.
31- . اُنظر: فتح القدير، ج 4، ص 292.
32- . في الأصل: «ففيه»، والتصويب من المصدر.
33- . صحيح مسلم، ج 4، ص 114 و 115.
34- . الكافي، كتاب الجنائز، باب النوادر، ح 8 .
35- . اُنظر: شرح نهج البلاغة، ج 3، ص 32، شرح الكلام 43؛ وج 6 ، ص 149، شرح الكلام 72.

ص: 543

. .

ص: 544

. .

ص: 545

. .

ص: 546

باب معرّس النبيّ

باب معرّس النبيّ صلى الله عليه و آلهقال ابن الأثير : التعريس: نزول المسافر آخر الليل ، ويقال: منه عرّس يعرّس تعريسا ، ويقال فيه : أعرس ، والمُعرَّس موضع التعريس ، وبه سمّي معرّس ذي الحليفة، عرّس النبيّ صلى الله عليه و آله فيه الصبح، ثمّ رحل . (1) وفي المدارك : المعرّس بضمّ الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة، ويقال بفتح الميم وسكون العين وتخفيف الراء: مسجد بقرب مسجد الشجرة، بإزائه ممّا يلي القبلة ، وقد أجمع الأصحاب على استحباب النزول والصلاة فيه في العود من مكّة إلى المدينة تأسّيا به صلى الله عليه و آله . (2) وأصل التعريس وإن كان النزول في آخر الليل على ما عرفت، لكن يستحبّ نزول الحاجّ في المعرّس حين الوصول إليه ولو في النهار، لخبر ابن فضّال (3) وصحيحة العيص بن القاسم، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه سأله عن الغسل في المعرّس ، فقال : «ليس عليك غسل ، والتعريس هو أن يصلّي فيه، ويضطجع فيه، ليلاً مرّ به أو نهاراً». (4) ويستحبّ العود له إذا مضى منه جاهلاً أو ناسيا على المشهور ، ويدلّ عليه مرسلة عليّ بن أسباط، (5) والخبر الذي بعده ، (6) بل اذا تركه عمدا أيضا؛ لإطلاق الخبرين، و إنّما يستحبّ ذلك في المراجعة من مكّة ولا يستحبّ في الذهاب إليها؛ لعدم دليل عليه بل في بعض الأخبار تصريح بعدمه ؛ ففي خبر معاوية بن عمّار: إنّما المعرّس إذا رجعت إلى المدينة ليس إذا بدأت ». (7)

.


1- . النهاية، ج 3، ص 206 (عرس).
2- . مدارك الأحكام، ج 8 ، ص 273.
3- . الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 373، ح 19416.
4- . الفقيه، ج 2، ص 560 ، ح 3147؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 370، ح 19410.
5- . الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 372، ح 19414.
6- . الحديث الثالث من هذا الباب. ورواه الصدوق في الفقيه، ج 2، ص 560 ، ح 3146؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 372 373، ح 19415.
7- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 16، ح 36؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 371، ح 19411.

ص: 547

باب مسجد غدير خمّ

باب مسجد غدير خمّفي المنتهى: هو موضعٌ شريف فيه نصب رسول اللّه صلى الله عليه و آله عليّا عليه السلام إماما للأنام، وأظهر فيه شرفه وعظم منزلته عند اللّه وقربه منه، وأخذ له البيعة على المسلمين كافّة في حجّة الوداع . (1) وفي مجمع البيان في تفسير قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّه ُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ» (2) : قد اشتهرت الروايات عن أبي جعفر وأبي عبداللّه عليهماالسلام: «أنّ اللّه أوحى إلى نبيّه عليه السلام أن يستخلف عليّا، فكان يخاف أن يشقّ ذلك على جماعة من أصحابه، فأنزل اللّه سبحانه هذه الآية تشجيعا له على القيام بما أمره بأدائه »، والمعنى: إن تركت تبليغ ما اُنزل إليك وكتمته كنت كأنّك لم تبلِّغ شيئا من رسالات ربّك في استحقاق العقوبة . وقال ابن عبّاس : معناه: إن كتمت آية ممّا اُنزل إليك فما بلّغت رسالته ، أي لم تكن ممتثلاً لجميع الأمر واللّه يعصمك من الناس، أي يمنعك من أن ينالوك بسوء . (3) انتهى . وقد تواتر أنّه كان ذلك في ذلك المسجد، وثبت أنّه صلى الله عليه و آله لمّا بلغ هذا المكان في المراجعة عن حجّة الوداع، ولم يكن يومئذٍ منزلاً للحجّاج، وقد تقدّم أكثر الحاجّ ماضين منه، فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية الشريفة ،فنزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأمر بنزول الحاج، وردّ من مضى منهم، فنادى باجتماع الناس عنده صلى الله عليه و آله فقام على رحال البعير خطيبا رافعا عليّا عليه السلام بحيث يرى بياض إبطيه صلى الله عليه و آله فقال : «ألستُ أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا : اللّهمَّ نعم ، فقال : «مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ، [ ثمّ أمر الناس أن يبايعوه، فيبايعوه وهنّئوه] (4) حتّى قال عمر بن الخطّاب: بخٍ بخٍ لك يا عليّ! أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، ولم يوجد خبر في السنّة أصحّ وأكثر سنداً، حيث حضر من حضر معه صلى الله عليه و آله في حجّة الوداع، وكانوا زهاء سبعين ألفا ، (5) وما أظنّ أن ينكره أحد . (6) نعم ، ما ذكره البخاريّ في صحيحه، وحكي عن ابن أبي داوود السجستانيّ أنّه دفعه، ومثله عن الخوارج، ومنهم الجاحظ في كتاب العثمانيّة . وقال السيّد المرتضى في كتاب الشافي بعدما ذكر إجماع الاُمّة على نقله وصحّته : ولا معتبر في باب الإجماع بشذوذ كلّ شاذّ عنه ، بل الواجب أن يعلم أنّ الذي خرج عنه ممّن يعتبر قوله في الإجماع، ثمّ يعلم أنّ الإجماع لم يتقدّم خلافه، فإنّ ابن أبي داوود والجاحظ لو صرّحا بالخلاف لسقط خلافهما بما ذكرناه من الإجماع، خصوصا بالذي لا شبهة فيه من تقدّم الإجماع وفقد الخلاف، وقد سبقهما، ثمّ تأخّر عنهما. على أنّه قد قيل: إنّ ابن أبي داوود لم ينكر الخبر، وإنّما أنكر كون المسجد الذي بغدير خمّ متقدّما . وأمّا الجاحظ فلم يتجاسر أيضا على التصريح بدفع الخبر، وإنّما طعن على بعض رواته، وادّعى اختلاف ما نقل من لفظه ، فأمّا الخوارج فما يقدر أحد أن يحكي عنهم دفعا لهذا الخبر وامتناعا من قبوله، وهذه كتبهم ومقالاتهم موجودة معروفة، وهي خالية ممّا ادّعى ، والظاهر من أمرهم حملهم الخبر على التفصيل ، وما جرى مجراه من صنوف تأويل مخالفي الشيعة، وإنّما آنس بعض الجهلة بهذه الدعوى على الخوارج ما ظهر عنهم فيما بعد من القول الخبيث في أمير المؤمنين عليه السلام ، وظنّ أنّ خلافهم له ورجوعهم عن ولايته يقتضي أن يكونوا جحدوا فضائله ومناقبه، وقد اُبعد هذا المدّعى غاية البُعد؛ لأنّ انحراف الخوارج إنّما كان بعد التحكيم للسبب المعروف، وإلّا فاعتقادهم لأمير المؤمنين عليه السلام وفضله وتقدّمه قد كان ظاهراً ، وهم على كلّ حال بعض أنصاره وأعوانه، ومَن جاهد معه الأعداء وكانوا في عِداد الأولياء إلى أن كان من أمرهم ما كان . (7) قوله في خبر حسّان الجمّال: (فقال : ذاك موضع فسطاط أبي فلان وفلان وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجرّاح ) .] ح 2 / 8148] قال طاب ثراه : فسطاط وفستاط وفسّاط بشدّ السين وضمّ الفاء وكسرها في الجميع . (8) وقال القرطبي: سالم هو سالم بن معقل مولى أبي حذيفة، يكنّى أبا عبداللّه من أهل فارس من اصطخر، وهو معدود من المهاجرين، لأنّه لمّا أعتقته مولاته زوجة أبي حذيفة تولّى أبا حذيفة فتبنّاه، وهو كان من المهاجرين، وربّما يعدّونه في الأنصار؛ لأنّ مولاته كانت أنصاريّة . (9) وقال الآبي : أبو عبيدة اسمه عامر بن عبداللّه بن الجرّاح بن هلال بن اُميّة بن ضبّة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وفي فهر يجتمع مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ومنه تقرّشت قريش على الصحيح، لا عن النضر بن كنانة، (10) وهو كان أمير الشام على عهد عمر وتوفّى فيها في أيّام خلافته . (11) ثمّ قال طاب ثراه : والخبر يدلّ على أنّ للعين أثرا و أنّ العيّانون أرادوا أن يعينوا رسول اللّه صلى الله عليه و آله . وفي روايات العامّة: أنّ العين ليدخل الرجل القبر والجمل القِدر. (12) وفيها أيضا: أنّ العين حقّ، (13) ومعناه أنّ إصابة العين أمرٌ متحقّق لا شكّ فيه . ونقل مثله عن أبي عبداللّه عليه السلام . (14) وقال محيي الدِّين البغويّ : هذا مذهب الجمهور ، وأنكره طائفة من المبتدعة . ويردّ عليهم: أنّ ما ليس بمحال في نفسه ولا يؤدّي إلى مخالفة دليل وهو جائز ، وإذا أخبر الشارع بوقوعه وجب اعتقاده، ولا فرق بين التكذيب به والتكذيب بشيء من أحوال الآخرة ، وزعم جماعة من مثبتيه أنّ العاين ينبعث من عينه قوّة سمّيّة يتّصل بالمعيون فيهلك أو يفسد ، قالوا: ولا يستنكر هذا، كما لا يستنكر انبعاث ذلك من الأفعى والعقرب فيهلك اللذيع . (15)

.


1- . منتهى المطلب، ج 2، ص 889 .
2- . المائدة (5) : 67 .
3- . مجمع البيان، ج 1، ص 383.
4- . المثبت هو الظاهر المستفاد من المصادر، وفي الأصل مكانه: «ويحبونه الناس من نحَد».
5- . كذا هنا، وقد عدّه بعض الجماعة الحاضرة في قصّة الغدير أكثر من مئة ألف. اُنظر: عيون التواريخ، ص 394.
6- . الأمر كما قال: فإنّ الحديث متواتر بل فوق حدّ التواتر، فمن أراد تحقيق ذلك فليراجع موسوعات الغدير و عبقات الأنوار و موسوعة الإمامة في نصوص أهل السنّة. وانظر ما أوردناه في ترتيب الأمالي، ج 4، ص 133 160، ح 1693 1716.
7- . الشافي، ج 2، ص 264 265.
8- . صحاح اللغة، ج 3، ص 1150 (فسط).
9- . الاستيعاب، ج 2، ص 567 ، الرقم 881 .
10- . اُنظر: شرح اصول الكافي للمولى صالح المازندراني، ج 7، ص 79.
11- . اُنظر: الاستيعاب، ج 4، ص 1710، الرقم 3078.
12- . كنز العمّال، ج 6 ، ص 744، ح 17660، وكان في الأصل: «والقدر» فصوّبناه حسب المصدر.
13- . مسند أحمد، ج 1، ص 274 و 294؛ وج 2، ص 319 و 439؛ صحيح البخاري، ج 7، ص 23 24 و 64؛ صحيح مسلم، ج 7، ص 13 و 14؛ سنن ابن ماجة، ج 2، ص 1159، ح 3506 3508؛ سنن أبي داود، ج 2، ص 224، ح 3879؛ المستدرك للحاكم، ج 3، ص 412؛ وج 4، ص 215 216؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 9، ص 351.
14- . مكارم الأخلاق، ص 386.
15- . شرح صحيح مسلم، ج 14، ص 171.

ص: 548

. .

ص: 549

. .

ص: 550

. .

ص: 551

باب يذكر فيه نبذاً من الأخبار الواردة في فضل زياراتهم والترغيب فيه

باب يذكر فيه نبذاً من الأخبار الواردة في فضل زياراتهم عليهم السلام والترغيب فيهفهذا الباب كالتوطئة للأبواب الآتية ، ولنذكر نحن أيضا بعضا منها، فنقول : قد روينا شيئا منها في فضل زيارة الأئمّة بالبقيع ، وقال شيخنا المفيد قدس سره في المقنعة : روي عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلامعن آبائه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «مَن زار عليّا بعد وفاته فله الجنّة ». (1) وقال الصادق عليه السلام : «إنّ أبواب السماء لتفتح عند دعاء الزائر لأمير المؤمنين عليه السلام ، فلا تكن عن الخير نوّاما ». (2) وقال الصادق عليه السلام : «مَن ترك زيارة أمير المؤمنين عليه السلام لم ينظر اللّه إليه، ألا تزورون مَن تزوره الملائكة والنبيّون عليهم السلام ، إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أفضل من كلّ الأئمّة، وله مثل ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضّلوا ». (3) وفيها أيضا : وروي عن الباقر عليه السلام أنّه قال : «مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين عليه السلام ، فإنّ إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين عليه السلام بالإمامة من اللّه ». (4) وروي عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «مَن زار الحسين بن عليّ عليهماالسلام لا أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً محص ذنوبه كما يمحص الثوب في الماء، فلا يبقى عليه دنس، ويُكتب له بكلّ خطوة حجّة، وكلّما رفع قدمه عمرة ». (5) وروي عنه عليه السلام أنّه قال : «ما أتى قبر الحسين بن عليّ عليهماالسلام مكروب قطّ إلّا فرّج اللّه كربته وقضى حاجته ». (6) وفيها أيضا : روى الحسن بن بشّار الواسطيّ، قال : سألت أباالحسن عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلامفقلت : ما لمَن زار قبر أبيك؟ فقال : «زره ففيه من الفضل كفضل من زار والده رسول اللّه صلى الله عليه و آله ». (7) وروى إبراهيم بن عقبة، قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن زيارة أبي عبداللّه الحسين عليه السلام وزيارة أبي الحسن موسى وأبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلامببغداد ، فكتب إليَّ أبو عبداللّه عليه السلام : «المقدّم وهذان أجمع وأعظم أجراً وثوابا ». (8) وفي التهذيب عن الحسن بن عليّ الوشّا، عن الرضا عليه السلام قال : سألته عن زيارة قبر أبي الحسن عليه السلام هل هي مثل زيارة قبر الحسين عليه السلام ؟ قال : «نعم ». (9) وعن الحسن بن محمّد القميّ، قال : قال لي الرضا عليه السلام : «مَن زار قبر أبي ببغداد كمَن زار قبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقبر أمير المؤمنين عليه السلام ، إلّا أنّ لرسول اللّه ولأمير المؤمنين فضلهما ». (10) وعن ابن سنان، قال : قلت للرضا عليه السلام : ما لمَن زار قبر أبيك؟ قال : «الجنّة ، فزره ». (11) وعن زكريا بن آدم القمّيّ، عن الرضا عليه السلام قال : «إنّ اللّه نجّى بغداد لمكان قبور الحسينيّين فيها ». (12) وعن أبي هاشم الجعفريّ، قال : قال لي أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام : «قبري بسرّ من رأى أمانٌ لأهل الجانبين ». (13) وسيروي المصنّف قدس سره بعض هذه الأخبار التي رويناها ، مع أخبار اُخرى في أبواب متفرّقة . وربّما قيل بوجوب زيارة قبر الحسين عليه السلام ؛ لظهور بعض ما ذكر من الأخبار فيه، وهو على المشهور محمول على تأكّد الاستحباب .

.


1- . المقنعة، ص 462؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 379، ح 19428.
2- . المقنعة، ص 462؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 380، ح 19429.
3- . المقنعة، ص 462. ورواه الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 20، ح 45.
4- . المقنعة، ص 468. ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات، ص 236، 351؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 443 444، ح 19561.
5- . المقنعة، ص 468. ورواه ابن قولويه في كامل الزيارات، ص 273، ح 424؛ والشيخ في تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 44، ح 93؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 446، ح 19567.
6- . المقنعة، ص 468.
7- . المقنعة، ص 477.
8- . المقنعة، ص 482 483. ورواه الكليني في الكافي، باب فضل زيارة أبي الحسن موسى عليه السلام ، ح 3؛ وابن قولويه في كامل الزيارات، ص 500 501 ، ح 781؛ والصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج 2، ص 292، الباب 66 ، ح 25؛ والشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 91، ح 172؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 570 ، ح 19841.
9- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 81 ، ح 158؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 544 ، ح 19786.
10- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 81 82 ، ح 159؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 545 ، ح 19787.
11- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 82 ، ح 160؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 545 ، ح 19788.
12- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 82 ، ح 162؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 546 ، ح 19790.
13- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 93، ح 176؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 571 572 ، ح 19843.

ص: 552

. .

ص: 553

باب ما يقال عند قبر أمير المؤمنين

باب ما يقال عند قبر أمير المؤمنين عليه السلامما ذكره قدس سره زيارة عامّة لجميع الأوقات، وقد وردت له عليه السلام زيارات متظافرة عامّة ومخصوصة بأوقات خاصّة ، ولنذكر هناك بعضا من الزيارات التيّ لها مزيّة عظيمة ، فمنها : زيارة عامّة رواها الشيخ في التهذيب عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام فتوضّأ واغتسل وامش على هنيتك (1) ، وقل : اَلْحَمْدُ للّه ِِ الَّذي أَكْرَمَني بِمَعْرِفَة رَسُولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، وَمَنْ فَرَضَ طاعَتَهُ رَحْمَةً مِنْهُ وَتَطَوُّلاً مِنْهُ عَلَيَّ بِالْاءيمانِ ، واَلْحَمْدُ للّه ِِ الَّذي سَيّرَني في بِلادِهِ ، وحَمَلَني على دوابّه ، وطوى لي البعيد ، ودفعَ عنّي المكروه حتّى أَدْخَلَني حَرَمَ أَخي رَسُولِهِ ، فَأَرانيهِ في عافِيَةٍ ، اَلْحَمْدُ للّه ِِ الَّذي جَعَلَني مِنْ زُوّارِ قَبْرِ وَصِيِّ رَسُولِهِ ، الحمدُ للّه ِ الذي هدانا لهذا وما كُنّا لنهتدي لولا أنْ هدانا اللّه ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَا اللّه ُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، جاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّا عَبْدُ اللّه ِ وَأَخْو رَسُولهِ عليهماالسلام . ثمّ تدنو من القبر وتقول : السلامُ من اللّه والتسليمُ على محمّدٍ أَمينِ اللّه ِ عَلى رسالتهِ ، وَعَزائِمِ أَمْرِهِ ، ومعدن الوحي والتنزيل ، اَلْخاتِمِ لِما سَبَقَ ، وَالْفاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، والشاهِد على الخلق ، السِّراج المُنير ، والسلام عليه ورحمة اللّه وبركاته . اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وأهل بيته المظلومين أفضل وأكمل وأرفع وأنفع وأشرف ما صلّيت على أنبياك وأصفيائك . اَللّهُمَ صَلِّ عَلى أَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَبْدِكَ وَخَيْرِ خَلْقِكَ بَعْدَ نَبِيِّكَ ، وَأَخي رَسُولِكَ ، وَوَصِيِّ رَسُولِكَ ، اَلَّذي بعثته بعلمكَ ، وجعلته هاديا لمن شئتَ من خلقك، وَالدَّليلِ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ ، وَدَيّانِ الدّينِ بِعَدْلِكَ ، وَفَصْلِ قَضائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللّه ِ وَبَرَكاتُهُ . اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ ، اَلْقَوّامينَ بِأَمْرِكَ مِنْ بَعْدِهِ ، اَلْمُطَهَّرينَ الَّذينَ ارْتَضَيْتَهُمْ أَنصاراً لِدينِكَ ، وَحَفَظَةً على سِرِّكَ ، وَشُهَداءَ عَلى خَلْقِكَ ، وَأَعْلاما لِعِبادِكَ ، وصلِّ عليهم جميعا ما استطعت، السلام على خالصة اللّه من خلقه ، اَلسَّلامُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ الَّذينَ قامُوا بِأَمْرِك ، وَآزَرُوا أَوْلِياءَ اللّه ِ ، وَخافُوا بِخَوْفِهِمْ ، اَلسَّلامُ عَلَى مَلائِكَةِ اللّه . اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَميرَ الْمُؤْمِنينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ حبيب اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللّه ِ ، السلام عليك يا عمود الدِّين ووارث علم الأوّلين والآخرين، وصاحب المقام والصراط المستقيم ، أشهد أنّك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، واتّبعت الرسول، وتلوت الكتاب حقّ تلاوته ، ووفيت بعهد اللّه ، وجاهدت في اللّه حقّ جهاده، ونصحت للّه ولرسوله ، وجُدتَ بنفسك صابراً ، مجاهداً عن دين اللّه موفيا لرسوله ، طالبا لما عند اللّه ، راغبا فيما وعد اللّه من رضوانه ، مضيت للذي كنت عليه شاهداً وشهيداً ومشهوداً ، جزاك اللّه عن رسوله وعن الإسلام وعن أهله أفضل الجزاء، ولعن اللّه مَن قتلك ، ولعن اللّه من شايع على قتلك ، ولعن اللّه مَن خالفك، ولعن اللّه من افترى عليك وظلمك وغصبك، (2) ومن بلغه ذلك فَرَضيَ به ، أنا إلى اللّه منهم بريء ، ولعن اللّه اُمّةً خالفتك ، واُمّة جحدت ولايتك، واُمّةً تظاهرت عليك ، واُمّةً قاتلتك ، واُمّةً خذلتك وخذَّلت عنك ، الحمد للّه الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود ، اللّهمَّ العن اُمّةً قتلت أنبياءك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك ، وأصلِهم حرَّ نارك، والعن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللّات والعزّى والجبت والطاغوت، وكلّ ندٍّ يدعى من دون اللّه ، وكلّ محدث مفترٍ ، اللّهمَّ العنهم وأشياعهم وأتباعهم ومحبيهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبّيهم لعنا كثيراً ، [ اللهمّ العن قتلة الحسين ثلاثا اللهمّ عذّبهم عذابا لا تعذّبه أحدا من العالمين، وضاعف عليهم عذابك بما شاقوا وُلاة ] أمرك] ، وأعد لهم عذابا لم تحله بأحد من خلقك. أللهمّ وأدخِل على قتلة أنصار رَسولك وأنصار أمير المؤمنين، وعلى قتلة الحسين وأنصارِ الحسين وقتلة مَن قُتل فِي ولاية آل محمّد عليهم السلام أجمعين عذابا مضاعفا في أسفلِ درك الجحيم لا يُخفَّف عَنهم وهم فيه مُبلسون، ملعونون ناكسوا رؤوسهم قدعاينوا الندامة والخزي الطويل بقتلهم عترة نبيّك ورسولك وأتباعهم من عبادك الصالحين. أللهمّ العنهم في مستسرّ السرّ وظاهر العلانية وسمائك وأرضك. اللهمّ اجعل لي لسان] صدقٍ في أوليائك وحبّب إليَّ مشاهدهم حتّى تلحقني بهم ، وتجعلني لهم تبعا في الدّنيا والآخرة يا أرحم الراحمين . واجلس عند رأسه عليه السلام وقل : سلامُ اللّه وسلام ملائكته المقرّبين والمسلمين بقلوبهم والناطقين بفضلك والشاهدين على أنّك صادقٌ صدِّيق عليك يا مولاي ، صلّى اللّه على روحك وبدنك، طهرٍ طاهرٍ مطهّرٍ من طهرٍ طاهرٍ مطهّر ، أشهدُ لك يا وليّ اللّه ووليّ رسوله بالإبلاغ (3) والأداء، وأشهد أنّك حبيب اللّه ، وأنّك باب اللّه ، وأنّك وجه اللّه الذي منه يؤتى ، وأنّك سبيل اللّه ، وأنّك عبدُ اللّه ، وأنّك أخو رسوله ، أتيتُكَ وافداً لعظيم حالك ومنزلتك عند اللّه ، وعند رسوله ، متقرِّبا إلى اللّه بزيارتك ، طالبا خلاص رقبتي ، متعوِّذاً بك من نار استحققتها بما جنيت على نفسي ، أتيتُك انقطاعا إليك وإلى ولدك الخلف من بعدك على تزكية الحقّ ، فقلبي لكم مسلّم، وأمري لكم متّبعٌ ، ونصرتي لكم مُعدّةٌ ، أنا عبد اللّه ومولاك، وفي طاعتك الوافد إليك ، ألتمسُ بذلك كمال المنزلة عند اللّه وأنت ممّن أمرني اللّه بصلته، وحثّني على برّه ، ودلّني على فضله ، وهداني لحبّه ورغّبني في الوفادة إليه، وألهمني طلب الحوائج من عنده ، أنتم أهل بيت سَعِدَ مَن تولّاكم ، ولا يخيب مَن أتاكم، ولا يخسر من يهواكم ، ولا يسعد مَن عاداكم ، لا أجدُ أحداً أفزعُ إليه خيراً لي منكم ، أنتم أهلُ بيت الرحمة ، ودعائم الدِّين ، وأركان الأرض، والشجرة الطيّبة . اللّهمَّ لا تخيّب توجّهي إليك برسولك وآل رسولك ، ولا تردّ استشفاعي بهم إليك ، اللّهمَّ أنتَ مننتَ عليَّ بزيارة مولاي أمير المؤمنين وولايته ومعرفته، فاجعلني ممّن ينصره وممّن ينتصر به، ومُنَّ عليَّ بنصري لدينك في الدُّنيا والآخرة ، اللّهمَّ إنّي أحيا على ما حيي عليه عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأموت على ما مات عليه عليّ بن أبي طالب عليه السلام . (4) ومنها: زيارة يوم الغدير، روى الشيخ قدس سره في المصباح: السلام على رسول اللّه ، السلام على أمين اللّه على وحيه وعزائم أمره ، والخاتِم لما سبق والفاتح لما استُقْبل ، والمهيمن على ذلك كلّه ورحمة اللّه وبركاته. السلام على أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب وصيّ رسول اللّه وخليفته والقائم بالأمر مِنْ بعده سيّد الوصيّين ورحمة اللّه وبركاته. السلام على فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله سيّدة نساء العالمين. السلام على الحسن والحسين سيّدَىْ شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين. السلام على الأئمّة الراشدين ، السلام على الأنبياء والمرسلين ، السلام على الملائكة المقرّبين ، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين. ثمّ امشِ حتّى تقف على القبر وتستقبله بوجهك ، وتجعل القبلة بين كتفيك وتقول: السلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، السلام عليك يا وليّ اللّه ، السلام عليك يا صفوة اللّه ، السلام عليك يا حبيب اللّه ، السلام عليك يا عمود الدين ، السلام عليك يا وصيّ رسول اللّه وخاتم النبيّين ، السلام عليك يا سيّد الوصيّين ، السلام عليك يا حجّة اللّه على الخلق أجمعين . السلام عليك أيّها النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون وعنه مسؤولون ، السلام عليك أيّها الصدّيق الأكبر ، السلام عليك أيّها الفاروق الأعظم ، السلام عليك يا أمين اللّه ، السلام عليك يا خليل اللّه وموضع سرّه وعَيبة علمه وخازن وحيه ، بأبي أنت واُمّي يا مولاي يا أميرالمؤمنين ، يا حجّة الخصام ، بأبي أنت وأمّي يا باب المقام. أشهد أنّك حبيب اللّه وخاصّة اللّه وخالصته ، أشهد أنّك عمود الدّين ووارث علم الأوّلين والآخِرين وصاحب المَيْسم والصراط المستقيم. أشهد أنّك قد بَلَّغت عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما استُودِعْتَ ، وحَلَّلْتَ حلاله وحَرَّمْتَ حرامه وأقمت أحكام اللّه ولم تتعدَّ حدود اللّه ، وعبدت اللّه مخلصا حتّى أتاك اليقين. أشهد أنّك أقمت الصلاة، وآتيتَ الزكاةَ، وأمرت بالمعروف، ونهيتَ عن المنكر، واتّبعتَ الرسول، وتلوت الكتاب حقّ تلاوته، وجاهدت في اللّه حقّ جهاده، ونصحت للّه ولرسوله، وَجُدْتَ بنفسك صابرا محتسبا، وعن دين اللّه مجاهدا، ولرسوله صلى الله عليه و آله موقيا، ولما عند اللّه طالبا، وفيما وعد راغبا ، ومضيت للّذي كنتَ عليه شهيدا وشاهدا ومشهودا ، فجزاك اللّه عن رسوله صلى الله عليه و آله وعن الإسلام وأهله أفضل الجزاء. لعن اللّه من ظلمك، ولعن اللّه من افترى عليك وغصبك ، ولعن اللّه من قتلك، ولعن اللّه من بايع على قتلك، ولعن اللّه من بلغه ذلك فَرَضِيَ به ، إنّا إلى اللّه منهم بُرآءٌ . لعن اللّه اُمّةً خالفتك، واُمّة جَحَدَتْ ولايتك، واُمّةً تَظاهَرَتْ عليك، واُمّةً قتلتك ، واُمّةً حادَتْ عنك واُمّةً خذلتك . اللّهُمَّ الْعَنْ الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللّاتَ والعُزّى وكلَّ نِدٍّ يُدْعى مِنْ دونك وكلَّ ملحدٍ مفترٍ. الحمدللّه الذي جعل النار مثواهم وبئس الوِردُ المَوْرُود ، اللّهمَّ العَنْ قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لَعْناتك وأصْلِهِم حرَّ نارك . اللّهُمَّ الْعَنْهُمْ وأشياعَهِم وأتباعَهم وأولياءهم أعوانهم ومحبّيهم لَعْنا كثيرا لا انقطاع له ولا أجَلَ . أللّهُمَّ إنّي أبرأُ إليك من جميع أعدائك وأسألك أن تصلّي على محمّدٍ وآل محمّد وأن تجعل لي لسان صدق في أوليائك وتحبَّبْ إليَّ مَشاهدَهُمْ حتّى تُلحقني بهم ، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين . ثُمَّ تَحَوَّلْ إلى عند رأسه صلى الله عليه و آله ، فقل : سلام اللّه وسلام ملائكته المقرّبين والمسلّمين لك بقلوبهم والناطقين بفضلك والشاهدين على أنّك صادقٌ صدّيقٌ ، عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، صلّى اللّه عليك وعلى روحك وبدنك ، وأشهد أنّك طُهْرٌ طاهرٌ مُطَهَّرٌ . وأشهد لك يا وليَّ اللّه ووليَّ رسوله بالبلاغ والأداء . وأشهد أنّك جَنْبُ اللّه وأنّك وجه اللّه الّذي يُؤتى منه وأنك سبيل اللّه وأنّك عبداللّه وأخو رسوله . أتيتك متقرّبا إلى اللّه بزيارتك في خلاص نفسي ، متعوّذا من نار استَحَقَّها مثلي بما جنيتُ على نفسي . أتيتك انقطاعا إليك وإلى وليّك الخَلَف مِنْ بعدك على الحقّ ، فقلبي لك مسلّمٌ ، وأمري لك مُتَّبِ_عٌ ، ونصرتي لك معدَّةٌ ، وأنا عبداللّه ومولاك في طاعتك الوافدُ إليك ، ألتَمِسُ بذلك كمال المنزلة عند اللّه ، وأنت يا مولاي مَنْ أمرني اللّه بصلته ، وحثّني على برّه ، ودلّني على فضله ، وهداني لحبّه ، ورغّبني في الوفادة إليه ، وألهمني طلب الحوائج عنده . أنتم أهل بيت يَسْعَدُ من تولّاكم ، ولا يخيب مَنْ يهواكم، ولا يَسْعَدُ من عاداكم ، ولا أجد أحدا أفزَعُ إليه خيرا لي منكم ، أنتم أهل بيت الرحمة ودعائم الدين وأركان الأرض والشجرة الطيّبة . أللّهُمَّ لا تُخَيِّبْ توجّهي إليك برسولك وآل رسولك واستشفاعي بهم إليك ، أنت مننتَ عَلَيَّ بزيارة مولاي أميرالمؤمنين وولايته ومعرفته ، فاجعلني ممّن ينصره وينتصر به ، ومُنَّ عَلَيَّ بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة . أللّهُمَّ إنّي أحيِى على ما حَيِيَ عليه مولاي عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأموت على ما مات عليه. ثمّ انكبَّ على القبر وقبّله وضَعْ خدّك الأيمن عليه ثمّ الأيسر ، ثمّ انفتلْ إلى القبله وتَوَجَّهْ إليها وأنت في مقامك عند الرأس ، فصلِّ ركعتين : تقرأ في الاُولى منهما فاتحة الكتاب وسورة الرحمن ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وسورة يس ، ثمّ تشهّدْ وتسلّمْ ، فإذا سلّمت فسبّحْ تسبيح الزهراء عليهاالسلام وادعُ . ثمّ اسجد للّه شكرا وقل في سجودك : أللّهُمَّ إليك توجّهت ، وبك اعتصمت ، وعليك توكّلت ، أللّهمَّ أنت ثقتي ورجائي ، فاكفني ما أهمّني وما لا يهمّني وما أنت أعلم به منّي ، عزّ جارك ، وجلّ ثناؤك ، ولا إله غيرك ، صلّ على محمّد وقرّب فرجهم . ثمّ ضعْ خدّك الأيمن على الأرض وقلْ : إرحمْ ذُلّي بين يديك وتضرّعي إليك ووحشتي من العالم واُنسي بك يا كريم (ثلاثا). ثمَّ ضعْ خدّك الأيسر على الأرض وقل : لا إله إلّا أنت ربّي حقّا حقّا ، سجدتُ لك يا ربّ تعبّدا ورقّا ، أللّهمَّ إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم (ثلاثا). ثمَّ عُدْ إلى السجود وقل : شكرا شكرا (مائة مرّةً) . فتقوم فتصلَّي أربع ركعات تقرأ فيها بمثل ما قرأت به في الركعتين ويجزيك أن تقرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر ، وسورة الإخلاص ، ويُجزَيك إذا عدلت عن ذلك ما تيسّر لك من القرآن تكمل بالأربع ستّ ركعات : الركعتان الاُوّلتان منها لزيارة أميرالمؤمنين عليه السلام ، والأربع لزيارة آدم و نوح عليهماالسلام ، ثمّ تُسبِّحُ تسبيح الزهراء عليهاالسلاموتستغفر لذنبك وتدعوا بما بَدا لك . وتحوّل إلى الرجلين فتقف وتقول : السلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، أنت أوّل مظلوم وأوّل مغصوب حقُّه ، صبرت واحتسبتَ حتّى أتاك اليقين ، أشهد أنك لقيت اللّه وأنت شهيد ، عذّب اللّه ُ قاتلك بأنواع العذاب ، جئتك زائرا عارفا بحقّك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لأعدائك ، ألقى اللّه على ذلك ربّي إن شاء اللّه ، ولي ذنوب كثيرة فاشفعْ لي عند ربّك، فإنّ لك عند اللّه مقاما معلوما وجاها واسعا وشفاعة ، وقد قال اللّه : «وَ لَا يَشْفَعُونَ إِلَا لِمَنِ ارْتَضَى وَ هُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» ، صلّى اللّه عليك وعلى روحك وبدنك ، وعلى الأئمّة من ذرّيتك صلاة لايُحصيها إلّا هو ، وعليكم أفضل السلام ورحمة اللّه وبركاته . (5) ثمّ صلِّ لكلّ منهما ركعتين، وقل بعد كلّ ركعتين ما سنذكره عقيب زيارة عاشوراء . ثمّ تحوّل إلى عند رجلي أمير المؤمنين عليه السلام وقل : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، أنت أوّل مظلوم وأوّل مغصوب حقّه ، صبرت واحتسبت حتّى أتاك اليقين ، أشهد أنّك لقيت اللّه وأنت شهيد ، عذَّب اللّه من قاتلك بأنواع العذاب ، جئتك زائراً ، عارفا بحقّك ، مستبصراً بشأنك ، معاديا لأعدائك ، مواليا لأوليائك ، ألقى على ذلك ربّي إن شاء اللّه ولي ذنوب كثيرة، فاشفع لي عند ربّك، فإنّ لك عند ربّك مقاما محموداً معلوما، وجاها واسعا وشفاعة، وقد قال اللّه تعالى : «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَا لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» (6) ، صلّى اللّه عليك وعلى روحك وبدنك وعلى الأئمّة من ذرّيّتك صلاةً لا يحصيها إلّا هو، وعليكم أفضل الصلاة والسلام ورحمة اللّه وبركاته ». وعن الصادق عليه السلام : «مضى أبي عليّ بن الحسين عليهماالسلام إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام فانكبّ عليه وبكى وقال : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَمينَ اللّه ِ فى أَرْضِهِ ، وَحُجَّتَهُ عَلى عِبادِهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَميرَ الْمُؤْمِنينَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ جاهَدْتَ فِى اللّه ِ حَقَّ جِهادِهِ ، وَعَمِلْتَ بِكِتابِهِ ، وَاتَّبَعْتَ سُنَنَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله حَتّى دَعاكَ اللّه ُ إِلى جِوارِهِ ، فَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيارِهِ ، وَأَلْزَمَ أَعْداءَكَ الْحُجَّةَ مَعَ ما لَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبالِغَةِ عَلى جَميعِ خَلْقِهِ . اَللّهُمَّ فَاجْعَلْ نَفْسي مُطْمَئِنَّةً بِقَدَرِكَ ، راضِيةً بِقَضائِكَ ، مُولَعَةً بِذِكْرِكَ وَدُعائِكَ ، مُحِبَّةً لِصَفْوَةِ أَوْلِيائِكَ ، مَحْبُوبَةً في أَرْضِكَ وَسَمائِك ، صابِرَةً عَلى نُزُولِ بَلائِكَ ، شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمائِكَ ، ذاكِرَةً لِسَوابِغِ آلائِكَ ، مُشْتاقَةً إِلى فَرْحَةِ لِقائِكَ ، مُتَزَوِّدةً التَّقْوى لِيَوْمِ جَزائِكَ ، مُسْتَنَّةً بِسُنَنِ أَوْلِيائِكَ ، مُفارِقَةً لِأَخْلاقِ أَعْدائِكَ ، مَشْغُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنائِكَ . ثمّ وضع خدّه على قبره وقال : اَللّهُمَّ إِنَّ قُلُوبَ الْمُخْبِتينَ إِلَيْكَ والِهَةٌ ، وَسُبُلَ الرّاغِبينَ إِلَيْكَ شارِعَةٌ ، وَأَعْلامُ الْقاصِدينَ إِلَيْكَ واضِحَةٌ ، وَأَفْئِدَةَ الْعارِفينَ مِنْكَ فازِعَةٌ ، وَأَصْواتَ الدّاعينَ إِلَيْكَ صاعِدَةٌ ، وَأَبْوابَ الْاءِجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ ، وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَةٌ ، وَتَوْبَةَ مَنْ أَنابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ ، وَعَبْرَةَ مَنْ بَكى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ ، وَالْاءِغاثَةَ لِمَنِ اسْتَغاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ ، وَالْاءِعانَةَ لِمَنِ اسْتَعانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ ، وَعِداتِكَ لِعِبادِكَ مُنْجَزَةٌ ، وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقالَكَ مُقالَةٌ ، وَأَعْمالَ الْعامِلينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ ، وَأَرْزاقَكَ إِلَى الْخَلائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ ، وَعَوائِدَ الْمَزيدِ إِلَيْهِمْ واصِلَةٌ ، وَذُنُوبَ الْمُسْتَغْفِرينَ مَغْفُورَةٌ ، وَحَوائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ ، وَجَوائِزَ السّائِلينَ عِنْدَكَ مُوَفَّرَةٌ ، وَعَوائِدَ الْمَزيدِ مُتَواتِرَةٌ ، وَمَوائِدَ الْمُسْتَطْعِمينَ مُعَدَّةٌ ، وَمَناهِلَ الظِّماءِ لَدَيْكَ مُتْرَعَةٌ . اَللّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعائي ، وَاقْبَلْ ثَنائي ، وَاجْمَعْ بَيْني وَبَيْنَ أَوْلِيائي ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِىٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمائي ، وَمُنْتَهى مُنايَ ، وَغايَةُ رَجائي في مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ . فإذا أردت وداعه فقف على القبر كوقوفك في ابتداء زيارتك، وقل : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، أَسْتَوْدِعُكَ اللّه َ وَأَسْتَرْعيكَ ، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامُ ، آمَنّا بِاللّه ِ وَبِالرُّسُلِ وَبِما جاءَتْ بِهِ ، وَدَعَتْ إِلَيْهِ ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ ، اللّهمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدينَ . اَللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتي إِيّاهُ ، فَإِنْ تَوَفَّيْتَني قَبْلَ ذلِكَ فَإِنّي أَشْهَدُ في مَماتي عَلى ما شَهِدْتُ عَلَيْهِ في حَياتي ، أَشْهَدُ أَنَّ أَميرَ الْمُؤْمِنينَ عَلِيّا ، وَالْحَسَنَ ، وَالْحُسَيْنَ ، وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ، وَعَلِيَّ بْنَ مُوسى ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلَيٍّ ، وَعَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ، وَالْحُجَّةَ بْنَ الْحَسَنِ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ أَئِمَّتي ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُمْ وَحارَبَهُمْ مُشْرِكُونَ ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ فى أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنَ الْجَحيمِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ حارَبَهُمْ لَنا أَعْداءٌ ، وَنَحْنُ مِنْهُمْ بُرَآءُ ، وَأَنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطانِ ، وَعَلى مَنْ قَتَلَهُمْ لَعْنَةُ اللّه ِ ، وَالْمَلائِكَةِ ، وَالنّاسِ أَجْمَعينَ ، وَمَنْ شَرِكَ فيهِمْ ، وَمَنْ سَرَّهُ قَتْلُهُمْ . اَللّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ بَعْدَ الصَّلاةِ وَالتَّسْليمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ ، وَعَلِيٍّ ، وَفاطِمَةَ ، وَالْحَسَنِ ، وَالْحُسَيْنِ ، وَعَلِيٍّ ، وَمُحَمَّدٍ ، وَجَعْفَرٍ ، وَمُوسى ، وَعَلِيٍّ ، وَمُحَمَّدٍ ، وَعَلِيٍّ ، وَالْحَسَنِ ، وَالْحُجَّةِ ، وَلا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِهِ ، فَإِنْ جَعَلْتَهُ فَاحْشُرْني مَعَ هؤُلاءِ الْمُسَمَّيْنَ الْأَئِمَّةِ . اَللّهُمَّ وَذَلِّلْ قُلُوبَنا لَهُمْ بِالطّاعَةِ وَالْمُناصَحَةِ وَالْمَحَبَّةِ وحُسْنِ الْمُؤازَرَةِ وَالتَّسْليمِ ».

.


1- . أي على رسلك.
2- . في الهامش: «غصب حقّك خ ل».
3- . في المصدر: «بالبلاغ».
4- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 25 28، ح 53 .
5- . مصباح المتهجّد، ص 741 746.
6- . الأنبياء (21) : 28 .

ص: 554

. .

ص: 555

. .

ص: 556

. .

ص: 557

. .

ص: 558

. .

ص: 559

. .

ص: 560

. .

ص: 561

. .

ص: 562

باب موضع رأس الحسين

باب زيارة قبر أبي عبداللّه

باب موضع رأس الحسين عليه السلاميعني على ظهر الكوفة كما يظهر من الخبرين ، ولعلّه هو الموضع الذي وضعه فيه اللعين الخولّي الأصبحي في داره في الليلة التي ورد الكوفة، ووقع فيه من المعجزات ما وقع على ما هو بين الأصحاب مشهور، وفي كتب الأخبار والسِّير مسطور ، (1) وأمّا ما دلّ عليه خبر يزيد بن عمر بن طلحة (2) ففيه: أنّه مع جهالة الخبر معارض بما ثبت من أنّ عليّ بن الحسين عليهماالسلام ردّه من الشام إلى كربلاء ودفنه مع جسده المبارك .

باب زيارة قبر أبي عبداللّه عليه السلامله عليه السلام أيضا زيارات متكاثرة ، ولنذكر بعضا منها مخصوصا بأوقات خاصّة ؛ لتأكّد استحبابها ، فمنها: زيارة يوم عاشوراء ، روى الشيخ قدس سره في المصباح : (3) [ وأمّا زيارة عاشوراء من قربٍ أو بعدٍ ، فمن أراد ذلك وكان بعيداً عنه عليه السلام فليبرز إلى الصحراء أو يصعد مرتفعا في داره ويومي إليه عليه السلام بالسلام، ويجتهد في الدّعاء على قاتله ، ثمّ يصلّي ركعتين وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس ، ثمّ ليندب الحسين عليه السلام ويبكيه ، ويأمر مَن في داره بذلك ممّن لا يتّقيه ويقيم في داره مع من حضرَه المصيبة ، بإظهار الجزع عليه ، وليعزِّ بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السلام ، فيقولون : أعظم اللّه اُجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الإمام المهديّ عليه السلام من آل محمّد صلى الله عليه و آله ، فإذا أنت صلّيت الركعتين المذكورتين آنفا فكبّر اللّه مئة مرّة ، ثمّ أومي إليه عليه السلام بالسلام وقل : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِاللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ رَسُولِ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَابْنَ سَيِّدَ الْوَصِيّينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللّه ِ وَابْنَ ثارِهِ ، وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الْأَرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ ، عَلَيْكُمْ ] مِنّي] جَميعا سَلامُ اللّه ِ أَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، يا أَبا عَبْدِاللّه ِ ، لَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ ، وَجَلَّتْ وعَظُمَتِ الْمُصيبَةُ بِكَ عَلَيْنا ، وَعَلى جَميعِ أَهْلِ الْاءِسْلامِ ، وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصيبَتُكَ فِي السَّمواتِ عَلى جَميعِ أَهْلِ السَّمواتِ ، فَلَعَنَ اللّه ُ أُمَّةً أَسَّسَتْ أَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَلَعَنَ اللّه ُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ ، وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتي رَتَّبَكُمُ اللّه ُ فيها ، وَلَعَنَ اللّه ُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ ، وَلَعَنَ اللّه ُ الْمُمَهِّدينَ لَهُمْ بِالتَّمْكينِ مِنْ قِتالِكُمْ ، بَرِئْتُ إِلَى اللّه ِ وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ ، وَأَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ ، يا أَبا عَبْدِاللّه ِ ، إِنّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَلَعَنَ اللّه ُ آلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ ، وَلَعَنَ اللّه ُ بَني أُمَيَّةَ قاطِبَةً ، وَلَعَنَ اللّه ُ ابْنَ مَرْجانَةَ ، وَلَعَنَ اللّه عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ ، وَلَعَنَ اللّه ُ شِمْراً ، وَلَعَنَ اللّه ُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَأَلْجَمَتْ وتهيّأت وَتَنَقَّبَتْ لِقِتالِكَ ، بِأَبي أَنْتَ وَأُمّي لَقَدْ عَظُمَ مُصابي بِكَ ، فَأَسْأَلُ اللّه َ الَّذي أَكْرَمَ مَقامَكَ وَأَكْرَمَني بِكَ أَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إِمامٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه ُ عَلَيْهِ وَآلِهِ . اَللّهُمَّ اجْعَلْني عِنْدَكَ وَجيها بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الدُّنْيا وَالْاخِرَةِ ، يا أَبا عَبْدِاللّه ِ ، إِنّي أَتَقَرَّبُ إِلَى اللّه ِ ، وَإِلى رَسُولِهِ ، وَإِلى أَميرِ الْمُؤْمِنينَ ، وَإِلى فاطِمَةَ ، وَإِلَى الْحَسَنِ ، وَإِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ ، وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ قاتَلَكَ وَنَصَبَ لَكَ الْحَرْبَ ، وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عليكم وَبَنى عَلَيْهِ بُنْيانَهُ ، وَجَرى في ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ أهل البيت وَعَلى أَشْياعِكُمْ ، بَرِئْتُ إِلَى اللّه ِ وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَى اللّه ِ وإلى رسوله ، ثُمَّ إِلَيْكُمْ بِمُوالاتِكُمْ ، وَمُوالاةِ وَلِيِّكُمْ ، وَبِالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ ، وَالنّاصِبينَ لَكُمُ الْحَرْبَ ، وَبِالْبَراءَةِ مِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ ، إِنّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ ، وَوَلِيٌّ لِمَنْ والاكُمْ ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ ، فَأَسْأَلُ اللّه الَّذي أَكْرَمَني بِمَعْرِفَتِكُمْ ، وَمَعْرِفَةِ أَوْلِيائِكُمْ ، وَرَزَقَنِي الْبَراءَةَ مِنْ أَعْدائِكُمْ ، أَنْ يَجْعَلَني مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالْاخِرَةِ ، وَأَنْ يُثَبِّتَ لي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْقٍ فِي الدُّنْيا وَالْاخِرَةِ ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُبَلِّغَنِي الْمَقامَ الْمَحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ اللّه ِ ، وَأَنْ يَرْزُقَني طَلَبَ ثاركَ مَعَ إِمامٍ مَهديّ ظاهِرٍ ناطِقٍ مِنْكُمْ ، وَأَسْأَلُ اللّه َ بِحَقِّكُمْ ، وَبِالشَّأْنِ الَّذي لَكُمْ عِنْدَهُ أَنْ يُعْطِيَني بِمُصابي بِكُمْ أَفْضَلَ ما يُعْطي مُصابا بِمُصيبَتِهِ ، يا لَها من مُصيبَةٍ (4) ما أَعْظَمَها وَأَعْظَمَ رَزِيَّتَها فِي الْاءِسْلامِ ، وَفي جَميعِ أهل السَّمواتِ وَالْأَرْضِ . اَللّهُمَّ اجْعَلْني في مَقامي هذا مِمَّن تَنَالُهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَةٌ . اَللّهُمَّ اجْعَلْ مَحْيايَ مَحْيا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَمَماتي مَماتَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . اَللّهُمَّ إِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبادِ ، اللَّعينُ ابْنُ اللَّعينِ ، عَلى لِسانِكَ وَ لِسانِ نَبِيِّكَ في كُلِّ مَوْطِنٍ وَمَوْقِفٍ وَقَفَ فيهِ نَبيُّكَ . اَللّهُمَّ الْعَنْ أَبا سُفْيانَ ، وَمُعاوِيَةَ ، وَيَزيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ ، عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الْابِدينَ ، وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِيادٍ وَآلُ مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الْحُسَيْنَ، اَللّهُمَّ فَضاعِفْ (5) عَلَيْهِمُ اللَّعْنَ مِنْكَ وَالْعَذابَ [ الْأَليمَ] ، اَللّهُمَّ إِنّي أَتَقَرَّبُ إلَيْكَ في هذَا الْيَوْمِ ، وَفي مَوْقِفي هذا ، وَأَيّامِ حَياتي بِالْبَراءَةِ مِنْهُمْ ، وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ ، وَبِالْمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِمُ اَلسَّلامُ . ثمّ تقول مئة مرّة : اَللّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَآخِرَ تابِعٍ لَهُ عَلى ذلِكَ ، اَللّهُمَّ الْعَنِ الْعِصابَةَ الَّتي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ ، وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ ، اَللّهُمَّ الْعَنْهُمْ جَميعا . ثمّ تقول مئة مرّة : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللّه ِ ، وَعلَى الْأَرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ [ وأناخت بحرمك] ، عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللّه ِ أَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، وَلا جَعَلَهُ اللّه ُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ ، وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَعَلى أَوْلادِ الْحُسَيْنِ ، وَعَلى أَصْحابِ الْحُسَينِ . ثمّ تقول : اَللّهُمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنّي ، وَابْدَأْ بِهِ الأَوَّل ، ثُمَّ الْعَنِ الثّانِيَ ، وَالثّالِثَ ، وَالرّابِعَ ، (6) اَللّهُمَّ الْعَنْ يَزيدَ خامِسا ، اللّهمّ وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللّه ِ بْنَ زِيادٍ ، وَابْنَ مَرْجانَةَ ، وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ ، وَشِمْراً ، وَآلَ أَبي سُفْيانَ ، وَآلَ زِيادٍ ، وَآلَ مَرْوانَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ . ثمّ اسجد وقل : اَللّهمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشّاكِرينَ لَكَ عَلى مُصابِهِمْ ، اَلْحَمْدُ للّه ِِ عَلى عَظيمِ رَزِيَّتي ، اَللّهُمَّ ارْزُقْني شَفاعَةَ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَوْمَ الْوُرُودِ ، وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وأولاد الحسين وَأَصْحابِ الْحُسَيْنِ ، اَلَّذينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ عليه السلام . ثمّ صلّي ركعتي الزيارة بمهما شئت وقل بعدهما : اللّهمَّ إنّي لك صلّيت ولك ركعت ولك سجدت ، وحدك لا شريك لك ؛ لأنّه لا يجوز الصلاة والركوع والسجود إلّا لك ، لأنّك أنت اللّه الذي لا إله إلّا أنت ، اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد وأبلغهم أفضل الصلاة والتحيّة ، واردد عليَّ منهم السلام ، اللّهمَّ وهاتان الركعتان هدية إلى سيّدي ومولاي الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وتقبّلهما منّي ، وآجرني عليهما أفضل أملي ورجائي فيك وفي وليّك يا وليّ المؤمنين . ويستحبّ أن يصلّي أيضا في يوم عاشوراء أربع ركعات ، وقد مرّ كيفيّة فعلها في فضل الصلوات ، ثمّ ادع بعد الزيارة بهذا الدُّعاء المروي عن الصادق عليه السلام ، وهو : يا اَللّه ُ يا اَللّه ُ يا اَللّه ُ ، يا مُجيبَ دَعوَةِ الْمُضْطَرّينَ ، يا كاشِفَ كُرَبِ الْمَكْرُوبينَ ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ ، يا صَريخَ الْمُسْتَصْرِخينَ ، وَيا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَىَّ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ ، وَيا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ، وَيا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى ، وَبِالْأُفُقِ الْمُبينِ ، وَيا مَنْ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحيمُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ، وَيا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَيا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ خافِيَةٌ ، يا مَنْ لا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْواتُ ، وَيا مَنْ لا تُغَلِّطُهُ الْحاجاتُ ، وَيا مَنْ لا يُبْرِمُهُ إِلْحاحُ الْمُلِحّينَ ، يا مُدْرِكَ كُلِّ فَوْتٍ ، وَيا جامِعَ كُلِّ شَمْلٍ ، وَيا بارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ في شَأْنٍ ، يا قاضِيَ الْحاجاتِ ، يا مُنَفِسَّ الْكُرُباتِ ، يا مُعْطِيَ السُّؤُلاتِ ، يا وَلِيَّ الرَّغَباتِ ، يا كافِيَ الْمُهِمّاتِ ، يا مَنْ يَكْفي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلا يَكْفي مِنْهُ شَيْءٌ فِي السَّمواتِ وَالْأَرْضِ ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ نبيّك ، وَعَلِيٍّ ، وَبِحَقِّ فاطِمَةَ بِنْتِ نَبِيِّكَ ، وَبِحَقِّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، والتسعة من ولد الحسين عليهم السلام ، فَإِنّي بِهِمْ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ في مَقامي هذا ، وَبِهِمْ أتَوَسَّلُ وَبِهِم أَتَشَفَّعُ إِلَيْكَ ، وَبِحَقِّهِمْ أَسْأَلُكَ وَأُقْسِمُ وَأَعْزِمُ عَلَيْكَ ، وَبِالشَّأْنِ الَّذي لَهُمْ عِنْدَكَ ، وَبِالْقَدْرِ الَّذي لَهُمْ عِنْدَكَ ، وَبِالَّذي فَضَّلْتَهُمْ عَلَى الْعالَمينَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ ، وَبِهِ خَصَصْتَهُمْ دُونَ الْعالَمينَ ، (7) أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَكْشِفَ عَنّي غَمّي وَهَمّي وكَرْبي ، وَتَكْفِيَنِي الْمُهِمَّ مِنْ أُمُوري ، وَتَقْضي عَنّي دَيْني ، وَتُجيرَني مِنَ الْفَقْرِ ، وَتُجيرَني مِنَ الْفاقَةِ ، وَتُغْنِيَني عَنِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى الْمَخْلُوقينَ ، وَتَكْفِيَني هَمَّ مَنْ أَخافُ هَمَّهُ ، وَعُسْرَ مَنْ أَخافُ عُسْرَهُ ، وَحُزُونَةَ مَنْ أَخافُ حُزُونَتَهُ ، وَشَرَّ مَنْ أَخافُ شَرَّهُ ، وَمَكْرَ مَنْ أَخافُ مَكْرَهُ ، وَبَغْيَ مَنْ أَخافُ بَغْيَهُ ، وَجَوْرَ مَنْ أَخافُ جَوْرَهُ ، وَسُلْطانَ مَنْ أَخافُ سُلْطانَهُ ، وَكَيْدَ مَنْ أَخافُ كَيْدَهُ ، وَمَقْدُرَةَ مَنْ أَخافُ بَلاءَ مَقْدُرَتِهِ عَلَىَّ ، وَتَرُدَّ عَنّي كَيْدَ الْكَيَدَةِ ، وَمَكْرَ الْمَكَرَةِ. اَللّهُمَّ مَنْ أَرادَني فَأَرِدْهُ ، وَمَنْ كادَني فَكِدْهُ ، وَاصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُ ، وَمَكْرَهُ ، وَبَأْسَهُ ، وَأَمانِيَّهُ ، وَامْنَعْهُ عَنّي كَيْفَ شِئْتَ ، وَأَنّى شِئْتَ . اَللّهُمَّ اشْغَلْهُ عَنّي بِفَقْرٍ لا تَجْبُرُهُ ، وَبَلاءٍ لا تَسْتُرُهُ ، وَبِفاقَةٍ لا تَسُدُّها ، وَبِسُقْمٍ لا تُعافيهِ ، وَذُلٍّ لا تُعِزُّهُ ، وَبِمَسْكَنَةٍ لا تَجْبُرُها . اَللّهُمَّ اضْرِبْ بِالذُّلِّ نَصْبَ عَيْنَيْهِ ، وَأَدْخِلْ عَلَيْهِ الْفَقْرَ في مَنْزِلِهِ ، وَالْعِلَّةَ وَالسُّقْمَ في بَدَنِهِ ، حَتّى تَشْغَلَهُ عَنّي بِشُغْلٍ شاغِلٍ لا فَراغَ لَهُ ، وَأَنْسِهِ ذِكْري كَما أَنْسَيْتَهُ ذِكْرَكَ ، وَخُذْ عَنّي بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَلِسانِهِ وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ وَقَلْبِهِ وَجَميعِ جَوارِحِهِ ، وَأَدْخِلْ عَلَيْهِ في جَميعِ ذلِكَ السُّقْمَ ، وَلا تَشْفِهِ حَتّى تَجْعَلَ ذلِكَ شُغْلاً شاغِلاً لَه عَنّي وَعَنْ ذِكْري ، وَاكْفِني يا كافِيَ ما لا يَكْفي سِواكَ ، فَإِنَّكَ الْكافي لا كافِيَ سِواكَ ، وَمُفَرِّجٌ لا مُفَرِّجَ سِواكَ ، وَمُغيثٌ لا مُغيثَ سِواكَ ، وجارٌ لاجارَ سِواكَ خابَ مَنْ كانَ جارُهُ سِواكَ ، وَمُغيثُهُ سِواكَ ، وَمَفْزَعُهُ إِلى سِواكَ ، وَمَهْرَبُهُ وَمَلْجَأُهُ إِلى غَيْرِكَ ، وَمَنْجاهُ مِنْ مَخْلُوقٍ غَيْرِكَ ، فَأَنْتَ ثِقَتي وَرَجائي وَمَفْزَعي وَمَهْرَبي وَمَلْجَئي وَمَنْجايَ ، فَبِكَ أَسْتَفْتِحُ ، وَبِكَ أَسْتَنْجِحُ ، وَبِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ ، وَأَتَوسَّلُ وَأَتَشَفَّعُ ، فَأَسْأَلُكَ يا اَللّه ُ يا اَللّه ُ يا اَللّه ُ ، فَلَكَ الْحَمْدُ ، وَلَكَ الشُّكْرُ ، وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكى ، وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ ، فَأَسْأَلُكَ يا اَللّه ُ يا اَللّه ُ يا اللّه ُ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وأَنْ تَكْشِفَ عَنّي غَمّي وَهَمّي وَكَرْبي في مَقامي هذا ، كَما كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ صلى الله عليه و آله هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَكَرْبَهُ ، وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ ، فَاكْشِفْ عَنّي كَما كَشَفْتَ عَنْهُ ، وَفَرِّجْ عَنّي كَما فَرَّجْتَ عَنْهُ ، وَاكْفِني كَما كَفَيْتَهُ ، هَوْلَ ما أَخافُ هَوْلَهُ ، وَمَؤُنَةَ ما أَخافُ مَؤُنَتَهُ ، وَهَمَّ ما أَخافُ هَمَّهُ ، بِلا مَؤُنَةٍ عَلى نَفْسي مِنْ ذلِكَ ، وَاصْرِفْني بِقَضاءِ حَوائِجي ، وَكِفايَةِ ما أَهَمَّني هَمُّهُ ، مِنْ أَمْرِ آخِرَتي وَدُنْيايَ ، يا أَميرَ الْمُؤْمِنينَ ، وَيا أَبا عَبْدِ اللّه ِ ، عَلَيْكُما مِنّي سَلامُ اللّه ِ أَبَداً (8) ما بَقِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، وَلا جَعَلَهُ اللّه ُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِكُما ، وَلا فَرَّقَ اللّه ُ بَيْني وَبَيْنَكُما . اَللّهُمَّ أَحْيِني حَياةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وَذُرِّيَّتِهِ ، وَأَمِتْني مَماتَهُمْ ، وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِهِمْ ، وَاحْشُرْني في زُمْرَتِهِمْ ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ فِى الدُّنْيا وَالْاخِرَةِ . يا أَميرَ الْمُؤْمنينَ ، وَيا أَبا عَبْدِ اللّه ِ ، أتَيْتُكُما زائِرا (9) وَمُتَوَسِّلاً إِلَى اللّه ِ رَبّي وَرَبِّكُما ، وَمُتَوَجِّها إِلَيْهِ بِكُما ، وَمُسْتَشْفِعا بِكُما إِلَى اللّه ِ في حاجَتي هذِهِ فَاشْفَعا لي، فَإِنَّ لَكُما عِنْدَ اللّه ِ الْمَقامَ الْمَحْمُودَ ، وَالْجاهَ الْوَجيهَ ، وَالْمَنْزِلَ الرَّفيعَ وَالْوَسيلَةَ ، إِنّي أَنْقَلِبُ عَنْكُما مُنْتَظِراً لِتَنَجُّزِ الْحاجَةِ وَقَضائِها وَنَجاحِها مِنَ اللّه ِ بِشَفاعَتِكُما لي إِلَى اللّه ِ ، فَلا أَخيبُ ، وَلا يَكُونُ مُنْقَلَبي مُنْقَلَبا خائِبا خاسِراً، بَلْ يَكُونُ مُنْقَلَبي مُنْقَلَبا راجِيا مُفْلِحا مُنْجِحا مُسْتَجابا بِقَضاءِ جَميعِ حَوائِجي ، وَتَشَفَّعا لي إِلَى اللّه ِ ، اِنْقَلَبْتُ عَلى ما شاءَ اللّه ُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللّه ِ ، مُفَوِّضا أَمْري إِلَى اللّه ِ ، مُلْجِئا ظَهْري إِلَى اللّه ِ ، مُتَوَكِّلاً عَلَى اللّه ِ ، وَأَقُولُ حَسْبِيَ اللّه ُ وَكَفى ، سَمِعَ اللّه ُ لِمَنْ دَعا ، لَيْسَ وَراءَ اللّه ِ وَوَراءَكُمْ يا سادَاتي مُنْتَهى ، ما شاءَ اللّه رَبّي كانَ ، وَما لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ، وَلاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللّه ِ ، أَسْتَوْدِعُكُمَا اللّه َ ، وَلا جَعَلَهُ اللّه ُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي إِلَيْكُما . اِنْصَرَفْتُ يا سَيِّدي يا أَميرَ الْمُؤْمِنينَ ، وَمَوْلايَ ، وَأَنْتَ يا أَبا عَبْدِ اللّه ِ، سَلامي عَلَيْكُما مُتَّصِلٌ مَا اتَّصَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ ، واصِلٌ ذلِكَ إِلَيْكُما ، غَيْرُ مَحْجُوبٍ عَنْكُما سَلامي إِنْ شاءَ اللّه ُ ، وَأَسْأَلُهُ بِحَقِّكُما أَنْ يَشاءَ ذلِكَ وَيَفْعَلَ ، فَإِنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ ، اِنْقَلَبْتُ يا سَيِّدَيَّ عَنْكُما تائِبا ، حامِداً للّه ِِ شاكِراً ، راجيا لِلْاءِجابَةِ ، غَيْرَ آيِسٍ وَلا قانِطٍ ، آئِبا عائِداً راجِعا إِلى زِيارَتِكُما ، غَيْرَ راغِبٍ عَنْكُما ، وَلا مِنْ زِيارَتِكُما ، بَلْ راجِعٌ عائِدٌ إنْ شَاءَ اللّه ُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللّه ِ ، يا سادَاتي رَغِبْتُ إِلَيْكُما وَإِلى زِيارَتِكُما ، بَعْدَ أَنْ زَهِدَ فيكُما وَفي زِيارَتِكُما أَهْلُ الدُّنْيا ، فَلا خَيَّبَنِيَ اللّه ُ ما رَجَوْتُ وَما أَمَّلْتُ في زِيارَتِكُما ، إِنَّهُ قَريبٌ مُجيبٌ ]. (10) قوله : في خبر يونس الكناسيّ: (ثمّ تحوّل عند رأس عليّ بن الحسين عليهماالسلام ) . [ ح 1 / 8157] قال ابن إدريس: إنّه عليّ الأكبر ، واُمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفيّ، وأنّه أوّل قتيل يوم الطفّ مع آل أبي طالب عليه السلام ، وأنّه ولد في إمارة عثمان، ثمّ قال : وقد ذهب شيخنا المفيد في كتاب الإرشاد (11) إلى أنّه هو عليّ الأصغر، وهو ابن الثقفيّة، وأنّ عليّا الأكبر هو زين العابدين، اُمّه اُمّ ولد وهي شاه زنان بنت كسرى يزدجرد . (12) قال محمّد بن إدريس : والأولى الرجوع إلى أهل هذه الصناعة، وهم النسّابون وأصحاب السيِّر والأخبار والتواريخ، مثل الزبير بن بكّار في كتاب أنساب قريش ، وأبي الفرج الإصبهانيّ في مقاتل الطالبيّين ، والبلاذريّ والمزنيّ صاحب كتاب لباب أخبار الخلفاء ، والعمريّ النسّابة حقّق ذلك في كتاب المجدي، فإنّه قال : «وزعم من لا بصيرة له أنّ عليّا الأصغر هو المقتول بالطّف، وهذا خطأ ووهم». (13) وإلى هذا ذهب صاحب كتاب الزواجر والمواعظ، وابن قتيبة في المعارف، وابن جرير الطبريّ (14) المحقّق لهذا الشأن ، وابن أبي الأزهر في تاريخه، وأبو حنيفة الدينوريّ في الأخبار الطوال، (15) وصاحب كتاب الفاخر، (16) مصنّف من أصحابنا الإماميّة، ذكره شيخنا أبو جعفر في فهرست المصنّفين ، (17) وأبو عليّ بن همّام في كتاب الأنوار في تواريخ أهل البيت ومواليدهم، وهو من جملة أصحابنا المصنّفين المحقّقين، وهؤلاء جميعا أطبقوا على هذا القول، وهم أبصر بهذا النوع . (18)

.


1- . اُنظر: مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 217 218.
2- . الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 400، ح 19456.
3- . رواه الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد، ص 460؛ والكفعمي في المصباح، ص 482 وفي الأصل بعده بياض، والمذكور هنا بين الحاصرتين من رواية الكفعمي.
4- . خ ل: «... بمصيبته، مصيبةً».
5- . خ ل: «ضاعف».
6- . خ ل: «وابدأ به أوّلاً، ثمّ الثاني، ثمّ الثالث، ثمّ الرابع».
7- . خ ل: «وَبِه أبنتَهم وأبَنتَ فَضَلَهُم مِنْ فَضلِ العالَمين حتّى فاقَ فضلُهُم فَضلَ العالَمينَ».
8- . خ ل: + «ما بقيتُ».
9- . في الهامش: إن كانت الزيارة من بُعد فَقُل: قصدتُكما بقَلبي زائرا. وإن كان من قرب فَقُل: أَتَيْتُكُما زائِرا قاله الشيخ المفيد رحمه الله فى مزاره.
10- . المصباح للكفعمي، ص 482 489.
11- . الإرشاد، ج 2، ص 114، و 135.
12- . الإرشاد، ج 2، ص 135.
13- . المجدي في أنساب الطالبيين، ص 281.
14- . المنتخب من الذيل المذيل، ص 119.
15- . الأخبار الطوال، ص 259.
16- . صاحب المفاخر هو أبو الفضل محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن سليم الجعفي الكوفي المعروف بالصابوني ساكن مصر في المئة الثالثة وبعدها، وهو من مشايخ أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه الذي توفّي سنة 368ه ق، كان صاحب الفاخر زيديا فصار إماميا، له كتب، منها: الفاخر، تفسير معاني القرآن وتسمية أصناف كلامه، كتاب التوحيد والإيمان، كتاب مبدأ الخلق وغيرها. اُنظر: ترجمته في رجال النجاشي، ص 374، الرقم 1022.
17- . لم أعثر عليه في الفهرست، والمذكور في رجال الطوسي، ص 102، الرقم 1002، أن المقتول هو عليّ بن الحسين الأصغر واُمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي.
18- . السرائر، ج 1، ص 454 456.

ص: 563

. .

ص: 564

. .

ص: 565

. .

ص: 566

. .

ص: 567

. .

ص: 568

. .

ص: 569

. .

ص: 570

باب القول عند قبر أبي الحسن موسى وأبي جعفر الثاني

باب القول عند قبر أبي الحسن موسى وأبي جعفر الثاني وما يجزي من القول عند كلّهم عليهم السلامكأنّ قوله : وما يجزي، إلى آخره، عذر منه؛ لعدم تعرّضه لزيارة خاصّة لعليّ بن موسى الرضا عليه السلام مع أنّه وضع بابا لزيارته، ولا لأبي الحسن عليّ بن محمّد، ولا لأبي محمّد الحسن بن عليّ المدفونين بسرّ من رأى ، وعدم وضع باب لزيارتهما، كما وضعه لغيرهما من الأئمّة عليهم السلام ، والسرّ في ذلك أنّه لم يطّلع على قول خاصّ فيهم منقول عنهم عليهم السلام ، وسننقل في باب زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام زيارة له عن الصدوق . وأمّا الآخرين فقد قال الصدوق في زيارتهما : إذا أردت زيارة قبريهما فاغتسل وتنظّف، والبس ثوبيك الطاهرين، فإن وصلت إلى قبريهما، وإلّا أومأت من عند الباب الذي على الشارع إن شاء اللّه وتقول : اَلسَّلامُ عَلَيْكُما يا وَلِيَّيِ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُما يا حُجَّتَيِ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُما يا نُورَيِ اللّه ِ في ظُلُماتِ الْأَرْضِ ، أَتَيْتُكُما عارِفا بِحَقِّكُما ، مُعادِيا لِأَعْدائِكُما ، مُوالِيا لِأَوْلِيائِكُما ، مُؤْمِنا بِما آمَنْتُما بِهِ ، كافِراً بِما كَفَرْتُما بِهِ ، مُحَقِّقا لِما حَقَّقْتُما ، مُبْطِلاً لِما أَبْطَلْتُما ، أَسْأَلُ اللّه َ رَبّي وَرَبَّكُما أَنْ يَجْعَلَ حَظّي مِنْ زِيارَتِى إيّاكُمَا الصَّلاةَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَنْ يَرْزُقَني مُرافَقَتَكُما فِي الْجِنانِ مَعَ آبائِكُمَا الصّالِحينَ ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ، وَأن يَرْزُقَني شَفاعَتَكُما وَمُصاحَبَتَكُما ، وَلا يفرِّق بَيْني وَبَيْنَكُما ، وَلا يَسْلُبَني حُبَّكُما وَحُبَّ آبائِكُمَا الصّالِحينَ ، وَأَنْ لا يَجْعَلَهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِكُما ، وَأنْ يَجعل مَحْشَرِي مَعَكُما فِي الْجَنَّةِ بِرَحْمَتِهِ . اَللّهُمَّ ارْزُقْني حُبَّهُما وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِهِما . اَللّهُمَّ الْعَنْ ظالِمي آلِ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ ، وَانْتَقِمْ مِنْهُمْ ، اَللّهُمَّ الْعَنِ الْأَوَّلينَ مِنْهُمْ وَالْاخِرينَ ، وَضاعِفْ عَلَيْهِمُ الْعَذابَ الأليم ، وَبلّغْ بِهِمْ وَبِأَشْياعِهِمْ وَمُحِبّيهِمْ وَشيعتهم أَسْفَلَ دَرَكٍ مِنَ الْجَحيمِ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ . اَللّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ ، وَاجْعَلْ فَرَجَنا مَعَ فَرَجِهِ يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ . وتجتهد في الدّعاء لنفسك ولوالديك، وصلِّ عندهما لكلّ زيارة ركعتين ركعتين، وإن لم تصلْ إليهما دخلت بعض المساجد وصلّيت لكلّ إمام لزيارته ركعتين، وادع اللّه بما أحببت، إنّ اللّه قريبٌ مجيب . (1) ورواه الشيخ (2) عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، والظاهر أنّه من تأليفاته ، ولذا لم يذكر في هذا الكتاب ، بل اكتفى المصنّف بذكر الجامعة المرويّة . قوله في خبر عليّ بن حسّان : (سُئل أبي عن إتيان قبر الحسين عليه السلام ) . [ ح 2 / 8162] الظاهر أبي الحسن بدل الحسين بقرينة عنوان الباب، ولأنّ الشيخ روى في التهذيب (3) هذا الخبر بعينه عن المصنّف بهذا السند، وفيه: أبي الحسن عليه السلام . وقد قال الصدوق أيضا : روى عليّ بن حسّان قال : سئل الرضا عليه السلام في إتيان قبر أبي الحسن موسى عليه السلام فقال : «صلّوا في المساجد حوله» (4) إلى آخر الخبر . وممّا ذكرنا يظهر أنّ السهو إنّما وقع من بعض نسّاخ الكتاب، لا من المصنّف ولا من أحد من الرُّواة .

.


1- . الفقيه، ج 2، ص 607 ، ح 3211.
2- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 94، الباب 44 من كتاب المزار.
3- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 102، ح 178؛ وسائل الشيعة، ج 14، ص 549 ، ح 19797.
4- . الفقيه، ج 2، ص 608 ، ح 3212.

ص: 571

باب زيارة أبي الحسن الرضا

باب زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلامقال الصدوق رضى الله عنه : إذا أردت زيارة قبر أبي الحسن عليّ بن موسى بطوس فاغتسل عند خروجك من منزلك، وقل حين تغتسل : اللّهمَّ طهِّرني وطهّر لي قلبي، واشرح لي صدري، وأجرِ على لساني مدحتك والثناء عليك، فإنّه لا قوّة إلّا بك ، اللّهمَّ اجعله لي طهوراً وشفاءً. وتقول حين تخرج : بسم اللّه وباللّه ، وإلى اللّه ، وإلى ابن رسول اللّه ، حسبي اللّه ، توكّلت على اللّه ، اللّهمَّ إليك توجّهت وإليك قصدت، وما عندك أردت . فإذا خرجت فقف على باب دارك وقل : اللّهمَّ إليك وجّهت وجهي وعليك خلّفت أهلي ومالى¨ وما خوّلتني وأعطيتني، وبك وثقت، فلا تخيّبني، يا من لا يُخيّب من أراده، (1) ولا يُضيّع مَن حفظه، صلِّ على محمّد وآل محمّد واحفظني بحفظك، فإنّه لا يضيع مَن حفظت . فإذا وافيت سالما فاغتسل، وقل حين تغتسل : اللّهمَّ طهّرني وطهّر لي قلبي، واشرح لي صدري واجرِ على لساني مِدحتك والثناء عليك، فإنّه لا قوّة إلّا بك، وقد علمتُ أنّ قوام ديني التسليمُ لأمركِ، والاتّباع لسنّة نبيّك، والشهادة على جميع خلقك ، اللّهمَّ اجعله لي شفاءً ونوراً، إنّك على كلّ شيءٍ قدير . والبس أطهر ثيابك، وامش حافيا وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل والتمجيد، وقصّر خُطاك، وقل حين تدخل : بسم اللّه وباللّه ، وعلى ملّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ عليّا وليّ اللّه . وسرْ حتّى تقف على قبره وتستقبل وجهه بوجهك، واجعل القبلة بين كتفيك وقل : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّه سيّد الأوّلين والآخرين، وأنّه سيّد الأنبياء والمرسلين . اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ عبدك ورسولك ونبيّك وسيّد خلقك أجمعين صلاةً لا يقوى على إحصائها غيرك ، اللّهمَّ صلِّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عبدك وأخي رسولك، الذي انتجبته بعلمك، وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك والدليل على مَن بعثته برسالاتك، وديّان الدِّين بعدلك، وفصل قضائك بين خلقك، والمهيمن على ذلك كلّه، والسلام عليه ورحمة اللّه وبركاته . اللّهمَّ صلِّ على فاطمة بنت نبيّك وزوجة وليّك، واُمّ السبطين الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة الطهرة الطاهرة المطهّرة النقيّة التقيّة الرضيّة الزكيّة، سيّدة نساء أهل الجنّة أجمعين، صلاةً لا يقوى على إحصائها غيرك . اللّهمَّ صلِّ على الحسن والحسين سبطي نبيّك وسيّدي شباب أهل الجنّة، القائمين في خلقك، والدليلين على مَن بعثته برسالاتك، وديّاني الدِّين بعدلك، وفصلي قضائك بين خلقك . اللّهمَّ صلِّ على عليّ بن الحسين، عبدك القائم في خلقك، والدليل على من بعثته برسالاتك، وديّان الدِّين بعدلك، وفصل قضائك بين خلقك، سيِّد العابدين . اللّهمّ صلِّ على محمّد بن عليّ عبدك وخليفتك في أرضك، باقر علم النبيّين . اللّهمَّ صلِّ على جعفر بن محمّد الصادق، عبدك ووليّ دينك، وحجّتك على خلقك أجمعين، الصادق البارّ . اللّهمَّ صلِّ على موسى بن جعفر عبدك الصالح، ولسانك في خلقك، الناطق بحكمتك، والحجّة على بريّتك . اللّهمَّ صلِّ على عليّ بن موسى الرضا المرتضى، عبدك ووليّ دينك، القائم بعدلك، والداعي إلى دينك ودين آبائه الصادقين، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك . اللّهمَّ صلِّ على محمّد بن عليّ، عبدك ووليّك، القائم بأمرك، والداعي إلى سبيلك . اللّهمَّ صلِّ على عليّ بن محمّد، عبدك ووليّ دينك . اللّهمَّ صلِّ على الحسن بن عليّ، العامل بأمرك، القائم في خلقك وحجّتك، المؤدّي عن نبيّك، وشاهدك على خلقك، المخصوص بكرامتك، الداعي إلى طاعتك وطاعة رسولك صلواتك عليهم أجمعين . اللّهمَّ صلِّ على حجّتك ووليّك، القائم في خلقك، صلاةً تامّة ناميةً، باقيّة تُعجِّل بها فرجه، وتنصره بها، وتجعلنا معه في الدنيا والآخرة . اللّهمّ إنّي أتقرّب إليك بحبّهم، واُوالي وليّهم، واُعادي عدوّهم، وارزقني بهم خير الدُّنيا والآخرة ، واصرف عنّي بهم شرّ الدنيا والآخرة، وأهوال يوم القيامة . ثمّ تجلس عند رأسه وتقول : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللّه ِ في ظُلُماتِ الْأَرْضِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدّينِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهيمَ خَليلِ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إسماعيل ذبيح اللّه ، السلام عليك يا وارث مُوسى كَليمِ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللّه ِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ اللّه ِ ، (2) اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلِىٍّ وَلِىِّ اللّه ِ ، وَوَصِىِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَلِىِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعابِدينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ باقِرِ عِلْمِ الْأَوَّلينَ وَالْاخِرينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ الْبارِّ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدّيقُ الشَّهيدُ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ . أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ ، وآتَيْتَ الزَّكاةَ ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَعَبَدْتَ اللّه َ [ مخلصا]حَتّى أَتاكَ الْيَقينُ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبَا الْحَسَنِ وَرَحْمَةُ اللّه ِ وَبَرَكاتُهُ إنّه حميدٌ مجيدٌ . ثمّ تنكّب على القبر وتقول : اَللّهُمَّ إِلَيْكَ صَمَدْتُ مِنْ أَرْضي ، وَقَطَعْتُ الْبِلادَ رَجاءَ رَحْمَتِكَ ، فَلا تُخَيِّبْني ، وَلا تَرُدَّني بِغَيْرِ قَضاءِ حاجَتي ، (3) وَارْحَمْ تَقَلُّبي عَلى قَبْرِ ابْنِ أَخي رَسُولِكَ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، بِأَبي [ أنت] وَأُمّي يا مَوْلايَ ، أَتَيْتُكَ زائِراً وافِداً عائِذاً مِمّا جَنَيْتُ عَلى نَفْسي ، وَاحْتَطَبْتُ عَلى ظَهْري ، فَكُنْ لي شافِعا إِلَى اللّه ِ يَوْمَ فَقْري وَفاقَتي ، فَلَكَ عِنْدَ اللّه ِ مَقامٌ مَحْمُودٌ ، وَأَنْتَ عِنْدَهُ وَجيهٌ . ثمّ ترفع يدك اليمنى وتبسط اليسرى على القبر وتقول : اَللّهُمَّ إِنّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَبِوِلايَتِهِمْ ، أَتَوَلّى آخِرَهُمْ بِما تَوَلَّيْتُ بِهِ أَوَّلَهُمْ ، وَأَبْرَأُ مِنْ كُلِّ وَليجَةٍ دُونَهُمْ . اَللّهُمَّ الْعَنِ الَّذينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ ، وَاتَّهَمُوا نَبِيَّكَ ، وَجَحَدُوا بِآياتِكَ ، وَسَخِرُوا بِإِمامِكَ ، وَحَمَلُوا النّاسَ عَلى أَكْتافِ آلِ مُحَمَّدٍ ، اَللّهُمَّ إِنّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ باللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ ، وَالْبَراءَةِ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْاخِرَةِ يا رَحْمنُ . ثمّ تحوّل إلى عند رجليه وقل : صَلَّى اللّه ُ عَلَيْكَ يا أَبَا الْحَسَنِ ، صَلَّى اللّه ُ عَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ ، صَبَرْتَ وَأَنْتَ الصّادِقُ الْمُصَدَّقُ ، قَتَلَ اللّه ُ مَنْ قَتَلَكَ بِالْأَيْدي وَالْأَلْسُنِ . ثمّ ابتهل في اللعنة على قاتل أمير المؤمنين وعلى قتلَة الحسن والحسين وعلى جميع قتلة أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ثمّ تحوّل إلى عند رأسه من خلفه وصلِّ ركعتين، تقرأ في إحداهما الحمد ويس، وفي الاُخرى الحمد والرحمن، وتجتهد في الدعاء والتضرّع، وأكثر من الدّعاء لنفسك ولوالديك ولجميع إخوانك، وأقم عند رأسه ما شئت، ولتكن صلاتك عند القبر ، فإذا أردت أن تودّعه فقل : السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة اللّه وبركاته ، أنت لنا جُنّةٌ من العذاب، وهذا أوان انصرافنا عنك، غير راغب عنك، ولا مستبدلٍ بك، ولا مؤثرٍ عليك، ولا زاهد في قربك، وقد جُدتُ بنفسي للحدثان، وتركت الأهل والأوطان والأولاد، فكن لي شافعا يوم حاجتي وفقري وفاقتي يوم لا يُغني عنّي حميمي ولا قريبي ولا حبيبي، يوم لا يُغني عنّي والدي ، أسأل اللّه الذي قدّر رحيلي إليك أن ينفّس بك كُربتي ، وأسأل اللّه الذي قدّر عليَّ فراق مكانك أن لا يجعله آخر العهد من رجوعي ، وأسأل اللّه الذي أبكى عليَّ عيني أن يجعله لي سببا وذخراً ، وأسأل اللّه الذي أراني مكانك وهداني للتسليم عليك وزيارتي إيّاك أن يوردني حوضكم، ويرزقني مرافقتكم في الجنان . السلام عليك يا صفوة اللّه ، [ السلام على محمد بن عبداللّه خاتم النبيين]، السلام على أمير المؤمنين ، ووصيّ رسول ربّ العالمين، وقائد الغُرّ المحجّلين ، السلام على الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ، السلام على الأئمّة،وتسمّيهم عليهم السلام ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على ملائكة اللّه الحافّين ، السلام على ملائكة اللّه المقيمين المُسبّحين، الذين هم بأمره يعملون ، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ، اللّهمَّ لا تجعله آخر العهد من زيارتي إيّاه، فإن جعلته فاحشرني معه ومع آبائه الماضين ، وإن أبقيتني ياربّ فارزقني زيارته أبداً ما أبقيتني ، إنّك على كلّ شيءٍ قدير . وتقول : أستودعك اللّه وأسترعيك وأقرأ عليك السلام ، آمنّا باللّه وبما دعوت إليه ، اللّهمَّ فاكتبنا مع الشاهدين ، اللّهمَّ ارزقني حبّهم ومودّتهم أبداً ما أبقيتني ، السلام على ملائكة اللّه وزوّار قبر ابن نبيّ اللّه ، السلام منّي أبداً ما بقيت ودائما إذا فنيت ، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين . فإذا خرجت من القبّة فلا تولِّ وجهك عنه حتّى يغيب عن بصرك . (4) وقد نسب الشيخ في التهذيب (5) هذه الزيارة بهذا الترتيب إلى محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمّيّ رضى الله عنه في كتابه المترجم بالجامع، والظاهر أنّه من تأليفاته، وأنّها غير منسوبة إلى معصوم ، وهذا هو السرّ في عدم تعرّض المصنّف لها، بل اكتفى بما ذكره في الباب السابق من الزيارة الجامعة الصغيرة ، وقد أشرنا إلى ذلك . واعلم أنّ لهم عليهم السلام زيارة جامعة اُخرى كبيرة، كلّ فقرة منها شاهدة على صدورها عن معدن البلاغة، رواها الصدوق في الفقيه، والشيخ في التهذيب عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ، قال : حدّثنا موسى بن عبداللّه النخعيّ، قال : قلت لعليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام : علِّمني يا ابن رسول اللّه قولاً أقوله بليغا كاملاً إذا زرت واحداً منكم ، فقال : «إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غسل ، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : اللّه أكبر، اللّه أكبر، ثلاثين مرّة ، ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خطاك ، ثمّ قف وكبّر اللّه عزّ وجلّ ثلاثين مرّة ، ثمّ ادْن من القبر، وكبّر اللّه أربعين مرّة تمام مئة تكبيرة ، ثمّ قل : السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة، وخزّان العلم، ومنتهى الحلم، واُصول الكرم، وقادة الاُمم، وأولياء النِّعم، وعناصر الأبرار، ودعائم الأخيار، وساسة العباد، وأركان البلاد، وأبواب الإيمان، واُمناء الرحمن، وسلالة النبيّين، وصفوة المرسلين، وعترة خيرة ربّ العالمين ورحمة اللّه وبركاته . السلام على أئمّة الهدى، ومصابيح الدّجى، وأعلام التقى، وذوي النّهى، واُولي الحجى، وكهف الورى، وورثة الأنبياء، والمثل الأعلى، والدعوة الحسنى، وحجج اللّه على أهل الدُّنيا، والآخرة والاُولى، ورحمة اللّه وبركاته . السلام على محلّ (6) معرفة اللّه ، ومساكن بركة اللّه ، ومعادن حكمة اللّه ، وحفظة سرّ اللّه ، وحَملَة كتاب اللّه ، وأوصياء نبيّ اللّه ، وذرّيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ورحمة اللّه وبركاته . السلام على الدُّعاة إلى اللّه ، والأدلّاء على مرضاة اللّه ، والمستوفرين (7) في أمر اللّه ، والتامّين في محبّة اللّه ، والمخلصين في توحيد اللّه ، والمظهِرين لأمر اللّه ونهيه ، وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول، وهم بأمره يعملون ورحمة اللّه وبركاته . السلام على الأئمّة الدُّعاة، والقادة الهُداة، والسادة الولاة والذّادة الحُماة، وأهل الذكر واُولي الأمر، وبقيّة اللّه ، وخيرته وحزبه، وعيبة علمه وحجّته، وصراطه ونوره وبرهانه، ورحمة اللّه وبركاته . أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وحده لا شريك له، كما شهد اللّه لنفسه، وشهدت له ملائكته واُولوا العلم من خلقه، لا إله إلّا هو العزيز الحكيم ، وأشهد أنّ محمّداً عبده المُنتجب، ورسوله المرتضى، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدِّين كلّه ولو كره المشركون . وأشهدُ أنّكم الأئمّة الراشدون، المهديّون المعصومون، المكرّمون المقرّبون، المتّقون الصادقون، المصطفون المطيعون للّه ، القوّامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته . اصطفاكم بعلمه، وارتضاكم لغيبه، واختاركم لسرّه، واجتباكم بقدرته، وأعزّكم بهداه، وخصّكم ببرهانه، وانتجبكم بنوره، وأيّدكم بروحه، ورضيكم خلفاء في أرضه، وحججا على بريّته، وأنصاراً لدينه، وحفظةً لسرّه، وخزنَةً لعلمه، ومستودعا لحكمته، وتراجِمَةً لوحيه، وأركانا لتوحيده، وشهداءً على خلقه، وأعلاما لعباده، ومناراً في بلاده، وأدلّاء على صراطه . عصمكم اللّه من الزلل، وآمنكم من الفتن، وطهّركم من الدّنس، وأذهب عنكم الرجس، وطهّركم تطهيراً ، فعظّمتم جلاله، وأكبرتم شأنه، ومجّدتم كرمه، وأدمتم ذكره، وذكّرتم (8) ميثاقه، وأحكمتم عقد طاعته، ونصحتم له في السرّ والعلانيّة، ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذلتم أنفسكم في مرضاته، وصبرتم على ما أصابكم في جنبه، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف، ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم في اللّه حقّ جهاده حتّى أعلنتم دعوته، وبيّنتم فرائضه، وأقمتم حدوده، ونشرتم شرائع أحكامه، وسننتم سنّته، وصرتم في ذلك منه إلى الرضا، وسلّمتم له القضاء، وصدّقتم من رسله من مضى ، فالراغب عنكم مارق، واللازم لكم لاحق، والمقصّر في حقّكم زاهق ، والحقّ معكم وفيكم ومنكم وإليكم، وأنتم أهله ومعدنه ، وميراث النبوّة عندكم، وإياب الخلق إليكم، وحسابهم عليكم، وفصل الخطاب عندكم، وآيات اللّه لديكم، وعزائمه فيكم، ونوره وبرهانه عندكم، وأمره إليكم ، مَن والاكم فقد والى اللّه ، ومَن عاداكم فقد عادى اللّه ، ومَن أحبّكم فقد أحبّ اللّه ، ومَن أبغضكم فقد أبغض اللّه ، ومَن اعتصم بكم فقد اعتصم باللّه ، أنتم الصراط الأقوم، وشهداء دار الفناء، وشفعاء دار البقاء، والرحمة الموصولة، والآية المخزونة، والأمانة المحفوظة، والباب المبتلى به الناس ، مَن أتاكم فقد نجى، ومَن لم يأتكم فقد هلك ، إلى اللّه تدعون، وعليه تدُلّون، وبه تؤمنون، وله تُسلمون، وبأمره تعملون، وإلى سبيله تُرشدون، وبقوله تحكمون . سَعِدَ مَن والاكم، وهلك مَن عاداكم، وخاب مَن جحدكم، وضلّ مَن فارقكم، وفاز من تمسّك بكم، وأمِنَ مَن لجأ إليكم، وسَلِمَ مَن صدّقكم، وهدي من اعتصم بكم . مَن اتّبعكم فالجنّة مأواه، ومَن خالفكم فالنار مثواه، ومَن جحدكم كافر، ومن حاربكم مشرك، ومَن ردّ عليكم في أسفل درك من الجحيم ، أشهد أنّ هذا سابقٌ لكم فيما مضى، وجارٍ لكم فيما بقي، وأنّ أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة، طابت وطهرت بعضها من بعض ، خلقكم اللّه أنواراً، فجعلكم بعرشه مُحدقين حتّى مَنَّ علينا بكم، فجعلكم في بيوتٍ أذِنَ اللّه أن تُرفَع ويُذكر فيها اسمه ، وجعل صلواتنا عليكم وما خصّنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا، وطهارةً لأنفسنا، وتزكيةً لنا، وكفّارة لذنوبنا، فحكمنا عنده مسلمين بفضلكم، ومعروفين بتصديقنا إيّاكم، فبلغ اللّه بكم أشرف محلّ المُكرّمين، وأعلى منازل المقرّبين، وأرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراكه طامع، حتّى لا يبقى ملكٌ مقرّب، ولا نبيٌّ مرسل، ولا صدِّيقٍ ولا شهيد، ولا عالم ولا جاهل، ولا دنيّ ولا فاضل، ولا مؤمن صالح، ولا فاجر طالح، ولا جبّار عنيد، ولا شيطان مريد، ولا خلقٌ فيما بين ذلك شهيدٌ، إلّا عرَّفهم جلالة أمركم، وعظم خطركم، وكِبَر شأنكم، وتمام نوركم، وصدق مقاعدكم، وثبات مقامكم، وشرف محلّكم ومنزلتكم عنده، وكرامتكم عليه، وخاصّتكم لديه، وقرب منزلتكم منه . بأبي أنتم واُمّي وأهلي ومالي واُسرتي، اُشهِدُ اللّه واُشهدكم أنّي مؤمن بكم وبما آمنتم به، كافر بعدوّكم وبما كفرتم به، مستبصرٌ بشأنكم وبضلالة مَن خالفكم، موالٍ لكم ولأوليائكم، مبغضٌ لأعدائكم ومعادٍ لهم، سلمٌ لمن سالمكم، حربٌ لمَن حاربكم، محقّقٌ لما حقّقتم، مبطلٌ لما أبطلتم، مطيعٌ لكم عارفٌ بحقّكم، مقرٌّ بفضلكم، محتمل لعلمكم، محتجبٌ بذمّتكم، معترفٌ بكم، مؤمنٌ بإيابكم، مصدِّقٌ برجعتكم، منتظرٌ لأمركم، مرتقبٌ لدولتكم، آخذٌ بقولكم، عاملٌ بأمركم، مستجيرٌ بكم، زائرٌ لكم، عائذٌ لائذٌ بقبوركم، مستشفعٌ إلى اللّه عزّ وجلّ بكم، ومتقرّبٌ بكم إليه، ومُقدِّمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كلّ أحوالي واُموري ، مؤمنٌ بسرّكم وعلانيّتكم، وشاهدكم وغائبكم، وأوّلكم وآخركم، ومفوّض في ذلك كلّه إليكم، ومسلّم فيه معكم ، وقلبي لكم مسلّم، ورأيي لكم تبع، ونصرتي لكم معدّةٌ، حتّى يحيي اللّه دينه بكم، ويردّكم في أيّامه، ويظهركم لعدله، ويمكّنكم في أرضه ، فمعكم معكم لا مع غيركم، آمنت بكم، وتولّيت آخركم بما تولّيت أوّلكم، وبرئت إلى اللّه عزّ وجلّ من أعدائكم، ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم، الجاحدين لحقّكم، والمارقين من ولايتكم، والغاصبين لإرثكم، الشاكّين فيكم، المنحرفين عنكم، ومن كلّ وليجة دونكم، وكلّ مطاعٍ سواكم، ومن الأئمّة الذين يدعون إلى النار، فثبّتني اللّه أبداً ما حييت على موالاتكم ومحبّتكم ودينكم، ووفّقني لطاعتكم، ورزقني شفاعتكم، وجعلني من خيار مواليكم، التابعين لما دعوتم إليه، وجعلني ممّن يقتصّ آثاركم، ويسلك سبيلكم، ويهتدي بهداكم، ويُحشر في زمرتكم، ويكرّ في رجعتكم، ويُملّك في دولتكم، ويُشرَّف في عافيتكم، ويُمكَّن في أيّامكم، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم ، بأبي أنتم واُمّي ونفسي وأهلي ومالي، من أراد اللّه بدأ بكم، ومن وحّده قبل عنكم، ومن قصده توجّه إليكم . مواليّي لا اُحصي ثناءكم، ولا أبلغ من المدح كنهكم، ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار، وهُداة الأبرار، وحجج الجبّار ، بكم فتح اللّه ، وبكم يختم اللّه ، (9) وبكم ينزّل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض [ إلّا بإذنه]، وبكم ينفّس الهمّ ويكشف الضرّ، وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته، وإلى جدّكم بُعثَ الروح الأمين . _ وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقل : وإلى أخيك بعث الروح الأمين ، آتاكم اللّه ما لم يؤت أحداً من العالمين ، طأطأ كلّ شريف لشرفكم ونجع كلّ متكبّر لطاعتكم، وخضع كلّ جبّارٍ لفضلكم، وذلَّ كلّ شيء لكم، وأشرقت الأرض بنوركم، وفاز الفائزون بولايتكم . بكم يُسلك إلى الرضوان، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن، بأبي أنتم واُمّي ونفسي وأهلي ومالي، ذكركم في الذاكرين، وأسماؤكم في الأسماء، وأجسادكم في الأجساد، وأرواحكم في الأرواح، وأنفسكم في النفوس، وآثاركم في الآثار، وقبوركم في القبور ، فما أحلى أسماءكم، وأكرم أنفسكم، وأعظم شأنكم، وأجلّ خطركم، وأوفى عهدكم . كلامكم نورٌ، وأمركم رشد، ووصيّتكم التقوى، وفعلكم الخير، وعادتكم الإحسان، وسجيّتكم الكرم، وشأنكم الحقّ والصدق والرفق ، وقولكم حُكمٌ وحتمٌ، ورأيكم علمٌ وحلمٌ وحزمٌ ، إن ذكُر الخير كنتم أوّله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه ، بأبي أنتم واُمّي ونفسي، كيف أصِف حسن ثنائكم واُحصي جميل بلائكم، وبكم أخرجنا اللّه من الذلّ، وفرّج عنّا غمرات الكروب وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار . بأبي أنتم واُمّي ونفسي، بموالاتكم علّمنا اللّه معالم ديننا، وأصلح ما كان فسد من دنيانا ، وبموالاتكم تمّت الكلمة، وعظمت النعمة، وائتلفت الفرقة ، وبموالاتكم تُقبل الطاعة المفترضة، ولكم المودّة الواجبة، والدرجات الرفيعة، والمقام المحمود، والمقام المعلوم عند اللّه عزّ وجلّ، والجاه العظيم، والشأن الكبير، والشفاعة المقبولة . ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرسول، واكتبنا مع الشاهدين ، ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهَب لنا من لدنك رحمةً، إنّك أنت الوهّاب ، سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولاً . يا وليّ اللّه أنّ بيني وبين اللّه عزّ وجلّ ذنوبا لا يأتي عليها إلّا رضاكم ، فبحقّ مَن ائتمنكم على سرّه، واسترعاكم أمر خلقه، وقرن طاعتكم بطاعته، لمّا استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي، فإنّي لكم مطيع ، مَن أطاعكم فقد أطاع اللّه ، ومَن عصاكم فقد عصى اللّه ، ومَن أحبّكم فقد أحبّ اللّه ، ومَن أبغضكم فقد أبغض اللّه . اللّهمَّ إنّي لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمّد وآله الأخيار الأئمّة الأطهار لجعلتهُم شفعائي إليك ، فبحقّهم الذي أوجبت لهم عليك أسألُكَ أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقّهم، وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم، إنّك أرحم الراحمين، وصلّى اللّه على محمّدٍ وآله وسلّم كثيراً ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل .

.


1- . في الأصل: «زاره»، والتصويب من المصدر.
2- . كذا في الأصل، وفي المصدر: «محمّد رسول اللّه ».
3- . كذا في الأصل، وفي المصدر: «حوائجي».
4- . الفقيه، ج 2، ص 602 606 ، ح 3210، ومابين الحاصرات منه.
5- . تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 86 90، ح 171.
6- . كذا في الأصل، وفي المصدر: «محالّ».
7- . في هامش الأصل: «المستقرّين خ ل».
8- . في هامش الأصل: «ووكّدتم خ ل».
9- . في الأصل على كلمة «اللّه » علامة خ.

ص: 572

. .

ص: 573

. .

ص: 574

. .

ص: 575

. .

ص: 576

. .

ص: 577

. .

ص: 578

. .

ص: 579

. .

ص: 580

. .

ص: 581

. .

ص: 582

الوداع

الوداع :إذا أردت الانصراف فقل : اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ سَلامَ مُوَدِّعٍ لا سَئِمٍ ، ولا قالٍ ولا مالٍّ ، ورحمة اللّه وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوّة إنّه حميدٌ مجيد ، سلامَ وليٍّ لكم، غير راغبٍ عنكم، ولا مستبدلٍ بكم، ولا مُؤثرٍ عليكم، ولا متحرِّفٍ عنكم، ولا زاهدٍ في قربكم . لا جعله اللّه آخر العهد من زيارة قبوركم وإتيان مشاهدكم، والسلام عليكم، وحشرني اللّه في زمرتكم، وأوردني حوضكم، وجعلني من حزبكم، وأرضاني عنكم، ومكّنني في دولتكم، وأحياني في رجعتكم، وملّكني في أيّامكم، وشكر سعيي بكم، وغفر ذنبي بشفاعتكم، وأقال عثرتي بمحبّتكم، وأعلى كعبي بموالاتكم، وشرّفني بطاعتكم، وأعزّني بهداكم، وجعلني ممّن انقلَبَ مُفلحا منجحا، غانِما سالما، مُعافا غنيّا، فائزاً برضوان اللّه وفضله وكفايته، بأفضل ما ينقلب به أحدٌ من زوّاركم ومواليكم، ومحبّيكم وشيعتكم، ورزقني اللّه العود ثمّ العود أبداً ما أبقاني ربّي بنيّةٍ صادقةٍ، وإيمانٍ وتقوىً، وإخباتٍ ورزقٍ واسعٍ حلالٍ طيّب . اللّهمَّ لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم، وأوجب لي المغفرة والرحمة، والخير والبركة، والفوز والنور والإيمان، وحسن الإجابة، كما أوجبت لأوليائك، العارفين بحقّهم، الموجبين طاعتهم، الراغبين في زيارتهم، المتقرّبين إليك وإليهم . بأبي أنتم واُمّي، ونفسي وأهلي ومالي، اجعلوني في همّكُم، وصيّروني في حزبكم، وادخلوني في شفاعتكم، واذكروني عند ربّكم . اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وبلِّغ أرواحهم وأجسادهم منّي السلام ، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللّه وبركاته ، وصلّ اللّه على محمّدٍ وآله وسلَّم كثيراً، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ». (1) وهذه الرواية وإن لم يصحّ سندها باصطلاح المتأخّرين، إلّا أنّها صحيحة باصطلاح المتقدّمين، وتلك الزيارة كلّ فقرة منها شاهدة على صدورها عن معدن الفصاحة والبلاغة . وقد قال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : رأيت في الرؤيا الحقّة أنّه يقرأها الإمام أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا صلوات اللّه عليه ، ثمّ قال : ولمّا وفّقني اللّه تعالى لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام وشرعت في حوالي الروضة المقدّسة في المجاهدات، وفتح اللّه تعالى عليَّ ببركة مولانا صلوات اللّه عليه أبواب المكاشفات التي لا تحتملها العقول الضعيفة، رأيت في ذلك العالم وإن شئت قلت بين النوم واليقظة، عندما كنت في رواق عمران جالسا أنّي بسُرّ من رأى، ورأيت مشهدهما في نهاية الارتفاع والزينة، ورأيت على قبرهما لباسا أخضر من لباس الجنّة؛ لأنّه لم أرَ مثله في الدُّنيا، ورأيت مولانا ومولى الأنام صاحب العصر والزمان جالسا، ظهره على القبر، ووجهه إلى الباب ، فلمّا رأيته شرعت في هذه الزيارة بصوتٍ مرتفع كالمدّاحين، فلمّا أتممتها قال صلوات اللّه عليه : «نِعْمَت الزيارة »، قلت : مولاي روحي فداك، زيارة جدّك وأشرت نحو القبر ، فقال : «نعم ، ادخل ». فلمّا دخلت وقفت قريبا من الباب، فقال صلوات اللّه عليه : «تقدّم» ، فقلت : مولاي أخاف أن أصير كافراً بترك الأدب . فقال صلوات اللّه عليه : «لا بأس ، إذا كان بإذننا »، فتقدّمت قليلاً خائفا مرتعشا، فقال : «تقدّم تقدّم »، حتّى صرت قريبا منه ، قال : «اجلس »، قلت : مولاي ، أخاف. قال صلوات اللّه عليه : «لا تخف »، فجلست جلسة العبد بين يدي المولى الجليل ، وقال صلوات اللّه عليه : «استرح واجلس مربّعا، فإنّك قد تعبت، جئت ماشيا حافيا ». ووقع منه صلوات اللّه عليه بالنسبة إلى عبده ألطاف عظيمة، ومكالمات لطيفة لا يمكن عدّها، ونسيت أكثرها . ثمّ انتبهت من تلك الرؤيا، وحصل في اليوم أسباب الزيارة بعدها كانت الطريق مسدودة في مدّة طويلة ، وبعدها حصلت الموانع العظيمة، فارتفعت بفضل اللّه ، وتيسّر لي الزيارة بالمشي والحفا، كما قاله الصاحب عليه السلام . وكنت ليلاً في الروضة المقدّسة، وزرت مكرّراً بهذه الزيارة، وظهر لي في الطريق وفي الروضة كرامات عجيبة ، بل معجزات غريبة (2) . (3)

.


1- . الفقيه، ج 2، ص 609 618 ، ح 3123؛ تهذيب الأحكام، ج 6 ، ص 95 102، ح 177.
2- . اللوامع لصاحبقراني، ج 8 ، ص 664 666 . وحكاه عنه العلّامة المجلسي في بحار الأنوار، ج 102، ص 113 114.
3- . إلى هنا تمّ ما وصل إلينا من شرح فروع الكافي لمحمّد هادي بن محمّد صالح المازندراني، ولم يتبين لنا هل شرح بعده أيضا أم لا؟

ص: 583

. .

ص: 584

. .

ص: 585

. .

ص: 586

. .

ص: 587

. .

ص: 588

. .

ص: 589

. .

ص: 590

. .

ص: 591

. .

ص: 592

. .

ص: 593

. .

ص: 594

. .

ص: 595

. .

ص: 596

. .

ص: 597

. .

ص: 598

. .

ص: 599

. .

ص: 600

. .

ص: 601

. .

ص: 602

. .

ص: 603

. .

ص: 604

. .

ص: 605

. .

ص: 606

. .

ص: 607

. .

ص: 608

. .

ص: 609

. .

ص: 610

. .

ص: 611

. .

ص: 612

. .

ص: 613

. .

ص: 614

. .

ص: 615

. .

ص: 616

. .

ص: 617

. .

ص: 618

. .

ص: 619

. .

ص: 620

. .

ص: 621

. .

ص: 622

. .

ص: 623

. .

ص: 624

. .

ص: 625

. .

ص: 626

. .

ص: 627

. .

ص: 628

. .

ص: 629

. .

ص: 630

. .

ص: 631

. .

ص: 632

. .

ص: 633

. .

ص: 634

. .

ص: 635

. .

ص: 636

. .

ص: 637

. .

ص: 638

. .

ص: 639

. .

ص: 640

. .

ص: 641

. .

ص: 642

. .

ص: 643

. .

ص: 644

. .

ص: 645

. .

ص: 646

. .

ص: 647

. .

ص: 648

. .

ص: 649

. .

ص: 650

. .

ص: 651

. .

ص: 652

. .

ص: 653

. .

ص: 654

. .

ص: 655

. .

ص: 656

. .

ص: 657

. .

ص: 658

. .

ص: 659

. .

ص: 660

. .

ص: 661

. .

ص: 662

. .

ص: 663

. .

ص: 664

. .

ص: 665

. .

ص: 666

. .

ص: 667

. .

ص: 668

. .

ص: 669

. .

ص: 670

. .

ص: 671

. .

ص: 672

. .

ص: 673

. .

ص: 674

. .

ص: 675

. .

ص: 676

. .

ص: 677

. .

ص: 678

. .

ص: 679

. .

ص: 680

. .

ص: 681

. .

ص: 682

. .

ص: 683

. .

ص: 684

. .

ص: 685

. .

ص: 686

. .

ص: 687

. .

ص: 688

. .

ص: 689

. .

ص: 690

. .

ص: 691

. .

ص: 692

. .

ص: 693

. .

ص: 694

. .

ص: 695

. .

ص: 696

. .

ص: 697

. .

ص: 698

. .

ص: 699

. .

ص: 700

. .

ص: 701

. .

ص: 702

. .

ص: 703

. .

ص: 704

. .

ص: 705

. .

ص: 706

. .

ص: 707

. .

ص: 708

. .

ص: 709

. .

ص: 710

. .

ص: 711

. .

ص: 712

. .

ص: 713

. .

ص: 714

. .

ص: 715

. .

ص: 716

. .

ص: 717

. .

ص: 718

. .

ص: 719

. .

ص: 720

. .

ص: 721

. .

ص: 722

. .

ص: 723

. .

ص: 724

. .

ص: 725

. .

ص: 726

. .

ص: 727

. .

ص: 728

. .

ص: 729

. .

ص: 730

. .

ص: 731

. .

ص: 732

. .

ص: 733

. .

ص: 734

. .

ص: 735

. .

ص: 736

. .

ص: 737

. .

ص: 738

. .

ص: 739

. .

ص: 740

. .

ص: 741

. .

ص: 742

. .

ص: 743

. .

ص: 744

. .

ص: 745

. .

ص: 746

. .

ص: 747

. .

ص: 748

. .

ص: 749

. .

ص: 750

. .

ص: 751

. .

ص: 752

. .

ص: 753

. .

ص: 754

. .

ص: 755

. .

ص: 756

. .

ص: 757

. .

ص: 758

. .

ص: 759

. .

ص: 760

. .

ص: 761

. .

ص: 762

. .

ص: 763

. .

ص: 764

. .

ص: 765

. .

ص: 766

. .

ص: 767

. .

ص: 768

. .

ص: 769

. .

ص: 770

. .

ص: 771

. .

ص: 772

. .

ص: 773

. .

ص: 774

. .

ص: 775

. .

ص: 776

. .

ص: 777

. .

ص: 778

. .

ص: 779

. .

ص: 780

. .

ص: 781

. .

ص: 782

. .

ص: 783

. .

ص: 784

. .

ص: 785

. .

ص: 786

. .

ص: 787

. .

ص: 788

. .

ص: 789

. .

ص: 790

. .

ص: 791

. .

ص: 792

. .

ص: 793

. .

ص: 794

. .

ص: 795

. .

ص: 796

. .

ص: 797

. .

ص: 798

. .

ص: 799

. .

ص: 800

. .

ص: 801

. .

ص: 802

. .

ص: 803

. .

ص: 804

. .

ص: 805

. .

ص: 806

. .

ص: 807

. .

ص: 808

. .

ص: 809

. .

ص: 810

. .

ص: 811

. .

ص: 812

. .

ص: 813

. .

ص: 814

. .

ص: 815

. .

ص: 816

. .

ص: 817

. .

ص: 818

. .

ص: 819

. .

ص: 820

. .

ص: 821

. .

ص: 822

. .

ص: 823

. .

ص: 824

فهرس مصادر التحقيق1 . القرآن الكريم 2 . الإتقان في علوم القرآن، لأبي بكر جلال الدين بن كمال الدين السيوطي (م 911 ه)، تحقيق: سعيد المندوب، دار الفكر، لبنان، الطبعة الاُولى 1416 ه. 3 . إثبات عذاب القبر، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (م 458 ه)، تحقيق: شرف محمود القضاة، دار الفرقان، اُردن، الطبعة الثالثة 1413 ه. 4 . إثبات الوصيّة، لعليّ بن الحسين المسعودي (345 ه)، مؤسّسة أنصاريان، قم، الطبعة الثالثة 1426 ه _ 1384 ش. 5 . الآحاد والمثاني، لأبي بكر أحمد بن عمرو بن الضحّاك المعروف بابن أبي عاصم (م 287 ه). تحقيق: باسم فيصل أحمد الجوابرة، دار الدراية، الرياض، الطبعة الاُولى 1411 ه. 6 . أحكام القرآن، لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصّاص (م 370 ه)، تحقيق: عبد السلام محمّد علي شاهين، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1415 ه. 7 . أحكام القرآن، لأبي بكر محمّد بن عبد اللّه المعروف بابن العربي (م 543 ه)، تحقيق: محمّد عبد القادر عطا، دار الفكر، بيروت. 8 . أحكام القرآن، لمحمّد بن إدريس الشافعي (م 204 ه)، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1400 ه. 9 . الإحكام في اُصول الأحكام، لعليّ بن محمّد الآمدي (م 631 ه)، تحقيق: عبد الرزّاق عفيفي، المكتب الإسلامي، الرياض، الطبعة الثانية 1402 ه. 10 . أحكام النساء، لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (م 413 ه)، تحقيق: مهدي نجف، دار المفيد، بيروت، الطبعة الثانية 1414 ه. 11 . أحوال و آثار خوشنويسان، لمهدي بياني (م 1346 ش)، انتشارات علمي، طهران، 1363 ش. 12 . اختيار معرفة الرجال (= رجال الكشّي)، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (م 460 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، مؤسّسة آل البيت، قم، الطبعة الاُولى 1404 ه. 13 . الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد، لأبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (م 413 ه)، تحقيق و نشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم، الطبعة الاُولى 1413 ه. 14 . إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان، لأبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي، المعروف بالعلّامة الحلّي (م 726 ه)، تحقيق: الشيخ فارس الحسّون، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1410 ه. 15 . أساس البلاغة، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (م 530 ه)، تحقيق: عبد الرحيم محمود، دار صادر، بيروت، 1385 ه. 16 . أسباب النزول، لأبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي النيسابوري (م 468 ه)، الناشر: مؤسّسة الحلبي و شركاه. 17 . الاستبصار في اختلاف الأخبار، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (م 460 ه)، تحقيق: السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الاسلاميّة، طهران. 18 . أضواء البيان، لمحمّد أمين بن محمّد المختار الشنقيطي (م 1393 ه)، تحقيق: مكتب البحوث و الدراسات، دار الفكر، بيروت، 1415 ه. 19 . أطلس حظّ، لحبيب اللّه بن محمّد إبراهيم الفضائلي (م 1376 ش)، نشر مشعل، إصفهان، 1362 ش. 20 . إعانة الطالبين، لأبي بكر بن السيّد الدمياطي (م 1310 ه)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1418 ه. 21 . الاعتقادات، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الصدوق (م 381 ه)، تحقيق: عصام عبد السيّد، دار المفيد، بيروت، الطبعة الثانية، 1414 ه. 22 . الأعلام، لخير الدين الزركلي (م 1410 ه)، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الخامسة، 1980 م. 23 . إعلام الورى بأعلام الهدى، لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (م 548 ه)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم، الطبعة الاُولى 1417 ه. 24 . أعيان الشيعة، للسيّد محسن الأمين (م 1371 ه)، تحقيق: حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت. 25 . الاستذكار، لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمّد المعروف بابن عبد البرّ (م 463 ه)، تحقيق: محمّد سالم عطاء، محمّد علي معوض، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 2000 م. 26 . الاستيعاب، لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمّد المعروف بابن عبد البرّ (م 463 ه)، تحقيق: علي محمّد البجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الاُولى 1412 ه. 27 . اُسد الغابة في معرفة الصحابة، لأبي الحسن عزّ الدين عليّ بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الشيباني، المعروف بابن الأثير الجزري (م 630 ه)، تحقيق: علي محمّد معوّض و عادل أحمد، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1415 ه. 28 . الاشعثيات (= الجعفريات)، لمحمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي (ق 4 ه)، مكتبة نينوى طهران. 29 . الإصابة، لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 852 ه)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1415 ه. 30 . إصباح الشيعة بمصباح الشريعة، لقطب الدين محمّد بن الحسين الكيدري السبزواري (ق 6 ه)، تحقيق: إبراهيم البهادري، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، قم، الطبعة الاُولى 1416 ه. 31 . الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (م 460 ه) منشورات مكتبة جامع چهلستون، طهران، 1400 ه. 32 . الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع، لشمس الدين محمّد بن أحمد الشربيني الخطيب (م 977 ه)، دار المعرفة، بيروت. 33 . إكمال الكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف و المختلف في الأسماء والكنى والأنساب، للأمير عليّ بن هبة اللّه المعروف بابن ماكولا (م 475 ه)، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 34 . الاُمّ، لمحمّد بن إدريس الشافعي (م 204 ه)، دار الفكر للطباعة والنشر و التوزيع، بيروت، الطبعة الاُولى 1400 ه. 35 . الألفيّة والنفليّة، لمحمّد بن مكّي العاملي الشهيد الأوّل (م 786 ه)، تحقيق: علي الفاضل القائيني النجفي، مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1408 ه. 36 . الأمالي، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، تحقيق و نشر: قسم الدراسات الإسلاميّة، مؤسّسة البعثة، قم، الطبعة الاُولى، 1417 ه. 37 . الأمالي، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (م 460 ه)، تحقيق و نشر: قسم الدراسات الإسلاميه، مؤسّسة البعثة، قم، الطبعة الاُولى، 1414 ه. 38 . أمالي المحاملي، لأبي عبد اللّه حسين بن إسماعيل المحاملي (م 330 ه) تحقيق: إبراهيم القيسي، المكتبة الاسلاميّة _ دار ابن القيّم، اُردن، الطبعة الاُولى 1412 ه. 39 . إمتاع الأسماع، لأحمد بن علي المقريزي (م 845 ه)، تحقيق: محمّد عبد الحميد النميسي، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1420 ه. 40 . أمل الآمل، لمحمّد بن الحسن المعروف بالحرّ العاملي (م 1104 ه)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني، مكتبة الأندلس، بغداد 41 . الانتصار، لعليّ بن الحسين الموسوي علم الهدى المعروف بالسيّد المرتضى (م 436 ه)، تحقيق: مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1415 ه. 42 . أنساب خاندان مجلسي، للمولى حيدر علي المجلسي المطبوع في آخر مرآة الأحوال. 43 . الأنساب، لأبي سعد عبد الكريم بن محمّد السمعاني (م 562 ه)، تحقيق: عبد اللّه عمر البارودي، دار الجنان، بيروت، الطبعة الاُولى، 1408 ه. 44 . الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، لعلاء الدين عليّ بن سليمان المرداوي (م 885 ه)، تحقيق: محمّد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانيه 1406 ه. أنوار التنزيل = تفسير البيضاوي. 45 . إيضاح الاشتباه، لأبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلامّة الحلّي (م 726 ه)، تحقيق: محمّد الحسّون، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1411 ه. 46 . إيضاح الفوائد، لفخر المحقّقين محمّد بن الحسن بن يوسف الحلّي (م 771 ه)، تحقيق: السيّد حسين الموسوي _ الشيخ علي پناه الإشتهاردي والشيخ عبد الرحيم البروجردي، المطبعة العلميّة، قم، الطبعة الاُولى 1387 ه. 47 . بحار الأنوار، لمحمّد باقر المجلسي (م 1111 ه)، مؤسّسة الوفاء، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 ه. 48 . البحر الرائق في شرح كنز الدقائق، لأبي البركات عبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفي (م 710 ه)، للشيخ زين الدين بن إبراهيم بن محمّد المعروف بابن نجيم المصري (م 970 ه)، تحقيق: زكريّا عميرات، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1418 ه. 49 . بدائع الصنائع، لأبي بكر بن مسعود الكاشاني (م 587 ه)، المكتبة الحبيبيّة، پاكستان، الطبعة الاُولى 1409 ه. 50 . بداية المجتهد و نهاية المقتصد، لأبي الوليد محمّد بن أحمد بن محمّد القرطبي المعروف بابن رشد الحفيد (م 595 ه)، تصحيح: خالد العطّار، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى 1415 ه. 51 . البداية والنهاية، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (م 774 ه)، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الاُولى 1408 ه. 52 . البرهان، لبدر الدين محمّد بن عبد اللّه الزركشي (794 ه)، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، بيروت، الطبعة الاُولى، 1376 ه. 53 . البيان، لمحمّد بن جمال الدين المكّي الشهيد الأوّل (م 786 ه)، مجمع الذخائر الإسلاميّة، قم. 54 . البيان في عدد آي القرآن، لأبي عمرو الداني عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ، (م 444 ه)، تحقيق: غائم قدورى الحمد، مركز المخطوطات والتراث، الكويت، الطبعة الاُولى 1414 ه. 55 . تاج العروس من جواهر القاموس، للسيّد محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي (م 1205 ه)، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت 1414 ه. 56 . تاريخ الإسلام، لأبي عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (م 748 ه)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الاُولى 1407 ه. تاريخ الاُمم و الملون = تاريخ الطبري 57 . تاريخ بغداد، لأبي بكر أحمد بن علي البغدادي (م 463 ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1417 ه. 58 . تاريخ الطبري، لمحمّد بن جرير الطبري (م 310 ه)، مؤسّسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الرابعة 1403 ه. 59 . التاريخ الكبير، لمحمّد بن إسماعيل البخاري (م 256 ه)، المكتبة الإسلاميّة، ديار بكر، تركيا. 60 . تاريخ مدينة دمشق، لأبي القاسم عليّ بن الحسن بن هبة اللّه المعروف بابن عساكر (م 571 ه)، تحقيق: علي شيري، دارالفكر _ بيروت 1415 ه. 61 . تاريخ ابن معين، ليحيى بن معين (م 233 ه)، تحقيق: أحمد نورسيف: دار المأمون للتراث، دمشق. 62 . تاريخ مواليد الأئمة، لأبي محمّد عبد اللّه بن نصر بن الخشّاب البغدادي، (م 567 ه)، مكتبة آيت اللّه المرعشي، قم، 1406 ه. 63 . تأويل مختلف الحديث، لأبي محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة (م 276 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت. 64 . تبصرة المتعلّمين، لجمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر، المعروف بالعلّامة الحلّي (م 726 ه)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني والشيخ هادي اليوسفي، مؤسّسة الوفاء، الطبعة الاُولى 1368 ش. 65 . التبيان في تفسير القرآن، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (م 460 ه)، تحقيق: أحمد حبيب قصير العاملي، مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الاُولى 1409 ه. تجريد الاعتقاد = كشف المراد 66 . تحرير الأحكام، لجمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (م 726 ه)، تحقيق: إبراهيم البهادري، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، قم، الطبعة الاُولى 1420 ه. 67 . التحرير الطاووسي، للشيخ حسن بن زين الدين صاحب المعالم (م 1011 ه)، تحقيق: فاضل الجواهري، مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي، قم، الطبعة الاُولى 1411 ه. 68 . تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه و آله ، لأبي محمّد الحسن بن عليّ بن شعبة الحرّاني (قرن 4 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية 1404 ه. 69 . تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، لأبي العلاء محمّد بن عبد الرحمان بن عبد الرحيم المباركفوري (م 1353 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1410 ه. 70 . التحفة السنيّة في شرح نخبة المحسنيّة، للسيّد عبد اللّه بن نعمة اللّه الجزائري (م 1180 ه)، مخطوط. 71 . تحفة الفقهاء، لعلاء الدين محمّد بن أحمد السمرقندي (م 539 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الثانية 1414 ه. 72 . التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار، لأبي الفرج عبد الرحمان بن أحمد بن رجب الحنبلي (م 795 ه)، دار الرشيد، دمشق، الطبعة الثانية 1404 ه. التذكرة للخواجه نصير الدين الطوسي (م) = التكملة في شرح التذكرة 73 . تذكرة الحفّاظ، لشمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (م 748 ه)، دار إحياء التراث العربى، بيروت. 74 . تذكرة الفقهاء، لحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلّامة الحلّي (م 726 ه)، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم، الطبعة الاُولى، 1414 ه، والطبعة الحجريّة، منشورات المكتبة المرتضويّة. 75 . تذكرة القبور، للشيخ عبد الرحمان كزي الأصفهاني (م 1341 ه). 76 . تراجم الرجال، للسيّد أحمد الحسيني (معاصر)، نشر مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي، قم، 1414 ه. 77 . ترتيب إصلاح المنطق، لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكّيت (م 244 ه)، ترتيب و تحقيق: محمّد حسن بكائي، مؤسّسة الطبع و النشر في الآستانة الرضويّة، مشهد، الطبعة الاُولى 1412 ه. 78 . ترتيب كتاب العين، لخليل بن أحمد الفراهيدي (م 175 ه)، تحقيق و تصحيح: أسعد الطيّب، انتشارات اُسوة، الطبعة الاُولى 1414 ه. 79 . تصحيح اعتقادات الإماميّة، لمحمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (م 413 ه)، تحقيق: حسين درگاهي، دار المفيد، بيروت، الطبعة الثانية 1414 ه. 80 . التعديل و التجريح، لسليمان بن خلف الباجي (م 474 ه)، تحقيق: أحمد البزّار، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة، مراكش. 81 . تفسير ابن أبي حاتم، لأبي محمّد محمّد بن إدريس الرازي (م 327 ه)، تحقيق: أسعد محمّد الطيّب، المكتبة العصريّة، صيدا، لبنان. 82 . تفسير ابن أبي زمنين، لأبي عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن أبي زمنين (م 399 ه)، تحقيق: أبو عبد اللّه حسين بن عكاشة و محمّد بن مصطفى الكنز، الفاروق الحديثة، القاهرة، الطبعة الاُولى 1423 ه. 83 . تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (م 774 ه)، دار المعرفة، بيروت، 1412 ه. 84 . تفسير أبي المسعود، لأبي السعود محمّد بن محمّد العمادي (م 951 ه)، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 85 . تفسير البغوي (= معالم التنزيل)، لأبي محمّد حسين بن مسعود (م 510 ه)، تحقيق: خالد عبد الرحمان العك، دار المعرفة، بيروت. 86 . تفسير البيضاوي (= أنوار التنزيل)، للقاضي عبد اللّه بن عمر بن محمّد الفارسي البيضاوي، (682 ه)، دار الفكر، بيروت. تفسير الثعلبي = الكشف و البيان 87 . تفسير الثوري، لسفيان بن سعيد الثعوري (م 661 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1403 ه. 88 . تفسير الجلالين، لجلال الدين محمّد بن أحمد المحلّي (م 864 ه)، و جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي (911 ه)، دار المعرفة، بيروت. 89 . تفسير الرازي (= التفسير الكبير)، محمّد بن عمر المعروف بالفخر الرازي (م 606 ه)، الطبعة الثالثة. 90 . تفسير السمرقندي، لأبي الليث نصر بن محمّد بن إبراهيم السمرقندي (م 383 ه)، تحقيق: محمّد مطرجي، دار الفكر، بيروت. 91 . تفسير السمعاني، لأبي المظفّر منصور بن محمّد السمعاني (م 489 ه)، تحقيق: ياسر بن إبراهيم و غنيم بن عبّاس بن غنيم، دار الوطن، الرياض، الطبعة الاُولى 1418 ه. تفسير الطبري = جامع البيان 92 . تفسير ابن عبّاس (= تنوير المقاس من تفسير ابن عبّاس)، لمجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (م 817 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت. 93 . تفسير العيّاشي، لأبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشي (م 320 ه)، تحقيق: السيّد هاشم الرسولي المحلّاتي، المكتبة العلميّة الإسلاميّة، طهران. 94 . تفسير غريب القرآن، لفخر الدين الطريحي (م 1085 ه)، تحقيق: محمّد كاظم الطريحى، انتشارات زاهدي، قمّ . تفسير الفخر الرازي = تفسير الرازي 95 . تفسير القرآن، لعبد الرزّاق بن همّام الصنعاني (م 211 ه)، تحقيق: مصطفى مسلم محمّد، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الاُولى 1410 ه. 96 . تفسير القرطبي (= الجامع لأحكام القرآن)، لأبي عبد اللّه محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (م 671 ه)، تحقيق: أحمد عبد الحليم البردوني، دار إحياء التراث العربي، بيروت. التفسير الكبير = تفسير الرازي 97 . تفسير مقاتل بن سليمان، لمقاتل بن سليمان (م 150 ه)، تحقيق: أحمد فريد، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1424 ه. 98 . التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام ، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم، الطبعة الاُولى. 99 . تفسير النسفي، لعبد اللّه بن أحمد بن محمود النسفي (م 537 ه). 100 . تفسير الواحدي، لأبي الحسن عليّ بن أحمد بن محمّد بن عليّ الواحدي النيسابوري (م 468 ه)، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، دارالقلم _ الدار الشامية، دمشق، الطبعة الاُولى، 1415 ه. 101 . تقريب التهذيب، لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 852 ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الثانية 1415. 102 . تكلمة حاشية ردّ المختار، للسيّدي محمّد علاء الدين معروف بابن عابدين (م ه)، دار الفكر، بيروت، 1415 ه. 103 . التكلمة في شرح التذكرة، لشمس الدين محمّد بن أحمد المعروف بالمحقّق الخفري (قرن 10 ه)، مخطوطة رقم 10678 من مكتبة آيت اللّه المرعشي النجفي. 104 . تلخيص الجير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 852 ه)، دار الفكر، بيروت. 105 . التمهيد لمافي الموطّأ من المعاني والأسانيد، لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه بن محمّد بن عبد البرّ (م 463 ه)، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي و محمّد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف و الشؤون الإسلاميّة، المغرب، 1387 ه. 106 . التنبيه و الإشراف، لعليّ بن الحسين المسعودي (م 345 ه)، دار صعب، بيروت. 107 . تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق، لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (م 748 ه)، تحقيق: مصطفى أبو الغط عبد الحيّ، دار الوطن، الرياض، 1421 ه. 108 . تنوير الحوالك، لجلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي (م 911 ه)، تصحيح: محمّد عبد العزيز الخالدي، بيروت، الطبعة الاُولى 1418 ه. تنوير المقباس من تفسير ابن عبّاس = تفسير ابن عبّاس 109 . التوحيد، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، تحقيق: السيّد هاشم الحسيني الطهراني، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلميّة، قم. 110 . تهذيب الأحكام، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (م 460 ه)، تحقيق: السيّد حسن الموسوي الخراسان، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الثالثة، 1364 ش. 111 . تهذيب التهذيب، لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 528 ه)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى 1404 ه. 112 . تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لأبي الحجّاج يوسف المزّي (م 742 ه)، تحقيق: بشّار عوّاد معروف، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الرابعة 1406 ه. 113 . تهذيب اللغة، لمحمّد بن أحمد الأزهري (م 370 ه)، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1384 ه. 114 . تيسير التحرير، لمحمّد أمين المعروف بأمير پادشاه (م 987 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت 1403 ه _ 1983 م . 115 . الثقات، لأبي حاتم محمّد بن حبّان البستي (م)، مؤسّسة الكتب الثقافيّة، الهند، الطبعة الاُولى، 1393 ه. 116 . ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، منشورات الشريف الراضي، قم، الطبعة الثانية، 1368 ش. 117 . جامع البيان عن تأويل آي القرآن (= تفسير الطبري)، لأبي جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطبري (م 310 ه)، تحقيق: خليل الميسى و صدقي جميل العطّار، دار الفكر بيروت، 1415 ه. 118 . جامع الخلاف و الوفاق بين الإماميّة و بين أئمّة الحجاز و العراق، لعليّ بن محمّد القمّي السبزواري (قرن 7 ه)، تحقيق: حسين الحسني البيرجندي، انتشارات زمينه سازان ظهور، قم، الطبعة الاُولى. 119 . جامع الرواة و إزاحة الشبهات عن الطرق و الأسناد، لمحمّد بن علي الأردبيلي (م 1101 ه)، مكتبة المحمّدي. 120 . الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، لجلال الدين بن كمال الدين السيوطي (م 911 ه)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1410 ه. 121 . الجامع للشرائع، ليحيى بن سعيد الحلّي (م 690 ه)، مؤسّسة السيّد الشهداء عليه السلام ، قم، 405 ه. 122 . جامع المقاصد في شرح القواعد، للشيخ عليّ بن الحسين الكركي المعروف بالمحقّق الثاني (م 940 ه)، تحقيق و نشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم، الطبعة الاُولى، 1408 ه. 123 . الجرح و التعديل، لعبد الرحمان بن أبي حاتم الرازي (م 327 ه)، دار إحياء التراث العربي _ بيروت، الطبعة الاُولى، 1371 ه. الجعفريّات = الأشعثيّات 124 . جمال الاُسبوع بكمال العمل المشروع، للسيّد رضي الدين عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (م 664 ه)، تحقيق: جواد القيّومي، مؤسّسة الآفاق، قم، الطبعة الاُولى، 1371 ش. جمل العلم و العمل = رسائل المرتضى جوابات المسائل الرسية = رسائل المرتضى جوابات المسائل الموصليّات = رسائل المرتضى جوابات المسائل الميارفاقيّات = رسائل المرتضى 125 . جواهر الفقه، لعبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي (م 481 ه)، تحقيق: إبراهيم البهادري، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1411 ه. 126 . جواهر الكلام، للشيخ محمّد حسن النجفي (م 1266 ه)، تحقيق: الشيخ عبّاس القوچاني، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الثانية، 1365 ه. 127 . الجوهر النقي، لعلاء الدين عليّ بن عثمان المارديني المعروف بابن التركماني (م 750 ه)، دار الفكر، بيروت. 128 . حاشية الدسوقي على شرح الكبير، لمحمّد عرفة الدسوقي (م 1230 ه)، دار إحياء الكتب العلميّة، بيروت. 129 . حاشية ردّ المختار على الدرّ المختار، لمحمّد أمين المعروف بابن عابدين (م 1252 ه)، دار الفكر، بيروت، 1415 ه. 130 . الحبل المتين، لمحمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي المعروف بالشيخ البهائي (م 1031 ه)، منشورات مكتبة بصيرتي، قم. 131 . الحدائق الناضرة، للشيخ يوسف البحراني (م 1186 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم. 132 . الحدّ الفاصل بين الراوي و الواعي، للقاضي الحسن بن عبد الرحمان الرامهرمزي (م 360 ه)، تحقيق: محمّد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1404 ه. 133 . حواشي الشرواني و العبادي على تحفة المحتاج، للشيخ عبد الحميد الشرواني (م ه) وأحمد بن القاسم العبادي (م 992 ه)، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 134 . خاتمة المستدرك، للشيخ الميرزا حسين النوري (م 1320 ه)، مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث، قم، الطبعة الاُولى، 1405 ه. 135 . خزانة الأدب، لعبد القادر بن عمر البغدادي (م 1093 ه)، تحقيق: محمّد نبيل طريفي و إميل بديع اليعقوب، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1998 م. 136 . الخصال، لمحمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، تصحيح: علي أكبر الغفّاري، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1403 ه _ 1362 ش. 137 . خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، للحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلّامة الحلّي (م 726 ه)، تحقيق: جواد القيّومي، مؤسّسة النشر الإسلامى، قم، الطبعة الاُولى، 1417 ه. 138 . خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لأحمد بن عبد اللّه الخزرجي الأنصاري (م 923 ه)، مكتب المطبوعات الإسلاميّة بحلب _ دار البشائر الإسلاميّة، الطبعة الرابعة، 1411 ه. 139 . الخلاف، لمحمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (م 460 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1407 ه . 140 . الدراية في تخريج أحاديث الهداية، لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 852 ه)، تحقيق: عبد اللّه هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت. 141 . الدرّ المختار شرح تنوير الأبصار، لمحمّد علاء الدين الحصكفي (م 1088 ه)، دار الفكر، بيروت، 1415 ه. 142 . الدّر المنثور في تفسير المأثور، لعبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي (م 911 ه)، دار المعرفة، بيروت. 143 . الدرّ المنضود في معرفة صيغ النيّات و الايقاعات والعقود، لعليّ بن عليّ بن محمّد بن طي الفقعاني (م 855 ه)، تحقيق: محمّد بركت، مكتبة مدرسة الإمام العصر عليه السلام ، شيراز، الطبعة الاُولى، 1418 ه. 144 . الدروس الشرعيّة في فقه الإماميّة، للشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي (م 786 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم. 145 . دعائم الإسلام، للقاضي النعمان بن محمّد المغربي (م 363 ه)، تحقيق: آصف بن علي أصغر فيضي، دار المعارف، القاهرة، 1383 ه. 146 . الدعوات (= سلوة الحزين) لسعيد بن هبة اللّه المعروف بقطب الدين الراوندي (م 573 ه)، مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ، قم، الطبعة الاُولى، 1407 ه. 147 . الديباج على صحيح مسلم، لعبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي (م 911 ه)، دار ابن عفّان للنشر والتوزيع، السعودية، الطبعة الاُولى، 1416 ه. 148 . ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، لمحبّ الدين أحمد بن عبد اللّه الطبري (م 694 ه)، مكتبة القدسي، القاهرة، 1356 ه. 149 . ذخيرة المعاد، لمحمّد باقر السبزواري (م 1090 ه)، مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث. 150 . الذريعة إلى تصانيف الشيعة، لمحمّد محسن المعروف بآغا بزرگ الطهراني (م 1389 ه)، دار الأضواء، بيروت، الطبعة الثالثة 1403 ه. 151 . ذكر أخبار أصبهان، لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصبهاني (م 430 ه)، بريل ليدن، 1934 م. 152 . ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، للشهيد الأوّل محمّد بن جمال الدين مكّي العاملي، الشهيد الأوّل (م 786 ه)، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم، الطبعة الاُولى، 1419 ه. 153 . ربيع الأبرار، لمحمود بن عمر الزمخشري (م 538 ه)، تحقيق: سليم النعيمي، منشورات الشريف الرضي، قم، الطبعة الاُولى، 1410 ه. 154 . رجال ابن داوود الحلّي، لتقي الدين الحسن بن عليّ بن داوود الحلّي (م بعد سنة 707 ه)، تحقيق: السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم، منشورات الشريف الرضي، قم، 1392 ه. 155 . رجال ابن الغضائري، لأحمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري (قرن 5 ه)، تحقيق: السيّد محمّد رضا الجلالي، دار الحديث، قم، الطبعة الاُولى، 1422 ه _ 1380 ش. 156 . رجال الطوسي، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (م 460 ه)، تحقيق: جواد القيّومي، مؤسّسة النشر الإسلامى، قم، الطبعة الاُولى، 1415 ه. 157 . رجال النجاشي (= أسماء مصنّفي الشيعة)، لأبي العبّاس أحمد بن علي النجاشي (م 450 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الخامسة، 1416 ه. 158 . رسائل الشريف المرتضى، للسيّد عليّ بن الحسين الموسوي المعروف بالسيّد المرتضى (م 436 ه)، دار القرآن الكريم، قم، 1405 ه. 159 . رسائل الشهيد الثاني، للشهيد الثاني زين الدين علي الجبعي العاملي (م 965 ه)، منشورات مكتبة بصيرتي، قم، طبعة حجريّة . 160 . الرسائل التسع، لنجم الدين جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي (م 676 ه)، تحقيق: رضا استادى، مكتبة آيت اللّه المرعشي، قم، الطبعة الاُولى، 1413 ه _ 1371 ش. 161 . الرسائل العشر، لأحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (م 841 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، مكتبة آية اللّه المرعشي، قم، الطبعة الاُولى، 1409 ه. 162 . الرسائل العشر، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (م 460 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم. 163 . رسائل في دراية الحديث، إعداد: أبو الفضل حافظيان البابلي (معاصر)، دار الحديث، قم، الطبعة الاُولى، 1424 ه _ 1382 ق. 164 . رسائل الكركي، للشيخ عليّ بن الحسين المعروف بالمحقّق الكركي (م 940 ه)، تحقيق: محمّد حسّون، مكتبة آية اللّه المرعشي، قم، الطبعة الاُولى، 1409 ه. 165 . رسالة بن أبي زيد، لأبي زيد القيرواني (م 389 ه)، جمع: الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري، المكتبة الثقافية، بيروت. 166 . رسالة الاجتهاد، لمحمّد باقر بن محمّد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني (م 1205 ه). الرسالة الجعفريّة = رسائل الكركي رسالة القصمود من الجمل و العقود = الرسائل التسع للمحقّق الحلّي 167 . روضات الجنّات، للميرزا محمّد باقر الموسوي الخوانساري (م 1313 ه)، تحقيق: أسد اللّه إسماعيليان، قم، 1391 ه. 168 . روض الجنان في شرح إرشاد الإذهان، لزين الدين الجبعي العاملي الشهيد الثاني (م 966 ه)، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم. 169 . روضة الطالبين، ليحيى بن شرف النووي الدمشقي (م 676 ه)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمّد معوض، دار الكتب العلميّة، بيروت. 170 . روضة المتّقين في شرح من لا يحضره الفقيه، لمحمّد تقي بن مقصود علي المجلسي (م 1070 ه)، مؤسّسة كوشانبور، الطبعة الثانية، 1406 ه. 171 . رياض الجنّة، لمحمّد حسن الحسيني الزنوزي (م 1218 ه)، تحقيق: علي رفيعي، مكتبة آية اللّه المرعشي، قم، 1412 ه _ 1370 ش. 172 . رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين عليه السلام ، للسيّد علي خان الحسيني المدني الشيرازي (م 1120 ه)، تحقيق: السيّد محسن الحسيني الأميني، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الرابعة، 1415 ه. 173 . رياض الصالحين، ليحيى بن شرف النووي (م 676 ه)، دار الفكر المعاصر، بيروت، الطبعة الثانية، 1411 ه _ 1991 م. 174 . ريحانة الأدب، للميرزا محمّد علي المدرّس التبريزي (م ه)، مكتبة خيّام، طهران، الطبعة الثالثة، 1369 ه. 175 . زاد المسير في علم التفسير، لأبي الفرج عبد الرحمان بن علي المعروف بابن الجوزي (م 597 ه)، تحقيق: محمّد عبد الرحمان عبد اللّه ، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1407 ه _ 1987 م. 176 . زبدة البيان في أحكام القرآن، لأحمد بن محمّد المعروف بالمقدّس الأردبيلي (م 993 ه)، تحقيق: محمّد باقر البهبودي، المكتبة المرتضويّة، طهران. 177 . سبع رسائل، لجلال الدين محمّد الدواني (م 908 ه) و ملّا إسماعيل الخواجوئي الأصفهاني (م 1173 ه)، تحقيق: السيّد أحمد التويسركاني، ميراث مكتوب، طهران، 1423 ه _ 1381 ش _ 2002 م. 178 . سبل السلام، لمحمّد بن إسماعيل الكحلاني (م 1182 ه)، تحقيق: محمّد عبد العزيز الخولى، شركة مكتبة و مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الرابعة، 1379 ه _ 1960 م. 179 . السرائر، لمحمّد بن منصور بن أحمد المعروف بابن إدريس الحلّي (م 598 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية، 1410 ه. 180 . سنن ابن ماجة، لمحمّد بن يزيد القزويني (م 275 ه)، تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت. 181 . سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (م 275 ه)، تحقيق: سعيد محمّد اللحّام، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1410 ه _ 1990 م. 182 . سنن الترمذي، لأبي عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (م 279 ه)، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 ه _ 1983 م. 183 . سنن الدارقطني، لعليّ بن عمر الدارقطني (م 385 ه)، تحقيق: مجدي بن منصور سيّد الشوري، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى 1417 ه _ 1990 م. 184 . سنن الدارمي، لعبد اللّه بن بهرام الدارمي (م 255 ه)، مطبعة الاعتدال، دمشق، 1349 ه. 185 . السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (م 458 ه)، دار الفكر، بيروت. 186 . السنن الكبرى لأحمد بن شيعب النسائي (م 303 ه)، تحقيق: عبد الغفّار سليمان البنداري و سيّد كسروي حسن، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1411 ه _ 1991 م. 187 . سنن النسائي، لأحمد بن شعيب النسائي (م 302 ه) دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1348 ه _ 1930 م. 188 . سير أعلام النبلاء، لمحمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (م 748 ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط و حسين الأسد، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة التاسعة، 1413 ه _ 1993 م. 189 . شرائع الإسلام، لجعفر بن الحسن بن سعيد المعروف بالمحقّق الحلّي (م 676 ه)، تحقيق: السيّد الصادق الشيرازي، انتشارات استقلال، طهران، الطبعة الثانية، 1409 ه. 190 . شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك، لقاضي القضاة عبد اللّه بن عقيل الهمداني المصري (م 769 ه)، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، الطبعة الرابعة عشرة، 1384 ه _ 1964 م. شرح الإرشاد = غاية المراد 191 . شرح الأسماء الحسني، لملّا هادي السبزواري (م 1300 ه)، منشورات مكتبة بصيرتي، قم. 192 . شرح اُصول الكافي، للمولى محمّد صالح المازندراني (م 1081 ه)، تحقيق: الميرزا أبو الحسن الشعراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الاُولى، 1421 ه _ 2000 م. شرح الرسالة، للسيّد المرتضى؛ لم أعثر عليه وحكيت عنه بالواسطة. 193 . شرح الرضي على الكافية، لمحمّد بن الحسن الإسترآبادي المعروف بالرضي (م 686 ه)، تحقيق: يوسف حسن عمر، مؤسّسة الصادق، طهران، 1395 ه _ 1975 م. 194 . شرح سنن النسائي، لعبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي (م 911 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت. 195 . شرح السنة، للحسين بن مسعود البغوي (م 516 ه)، تحقيق: زهير الشاويش وشعيب الأرنؤوط، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 ه _ 1983 م. 196 . شرح الشافية، لمحمّد بن الحسن الإسترآبادي المعروف بالرضي (686 ه)، تحقيق: محمّد نور الحسن و محمّد الزفزاف و محمّد محيي الدين عبد الحميد، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1395 ه _ 975 م. 197 . شرح صحيح مسلم، لمحيى الدين يحيى بن شرف النووي (م 676 ه)، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407 ه _ 1987 م. شرح الكافية = شرح الرضي على الكافية 198 . الشرح الكبير، لأبي البركات سيّدي أحمد الدردير (م 1302 ه)، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي و شركا. 199 . الشرح الكبير لعبد الرحمان بن قدامة (م 682 ه)، دار الكتاب العربي، بيروت. 200 . شرح كلمات أمير المؤمنين عليه السلام ، لعبد الوّهاب (م قرن 6 ه)، تحقيق: مير جلال الدين الحسيني الاُرموي، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1390 ه. 201 . شرح اللمعة الدمشقيّة، لمحمّد بن جمال الدين مكّي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (م 966 ه)، تحقيق: السيّد محمّد كلانتر، منشورات جامعة النجف الدينيّة، الطبعة الثانية، 1386 ه _ 1398 م. 202 . شرح مئة كلمة، لكمال الدين ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني (م 679 ه)، تحقيق: مير جلال الدين الحسيني الارموي المحدّث، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم. 203 . شرح معاني الآثار، لأحمد بن محمّد بن سلامة الطحاوي (م 321 ه)، تحقيق: محمّد زهري النجّار، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1416 ه _ 1996 م. 204 . شرح المقاصد، لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (م 791 ه)، دار المعارف النعمائية، پاكستان، الطبعة الاُولى، 1401 ه _ 1981 م. 205 . شرح نهج البلاغة لعبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي (م 656 ه)، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربيّة، الطبعة الاُولى، 1378 ه _ 1959 م. 206 . الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي أبي الفضل عياض اليحصبي (م 544 ه)، دار الفكر، بيروت، 1409 ه _ 1988 م. 207 . صحاح اللغة، لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (م 393 ه)، تحقيق: أحمد عبد الغفور العطّار، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، 1407 ه _ 1987 م. 208 . صحيح البخاري، لمحمّد بن إسماعيل البخاري (م 256 ه)، دار الفكر، بيروت، 1401 ه _ 1981 م. 209 . صحيح ابن حبّان بترتيب ابن بلبان، لأبي حاتم ابن حبّان (م 354 ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسّسة الرسالة، بيروت، 1414 ه _ 1993 م. 210 . صحيح ابن خزيمة، لأبي بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة (م 311 ه)، تحقيق: محمّد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1412 ه _ 1992 م. 211 . صحيح مسلم، لمسلم بن الحجّاج النيسابوري (م 261 ه)، دار الفكر، بيروت. 212 . الصراط المستقيم، لعليّ بن يونس البياضي العاملي (م 877 ه)، تحقيق: محمّد باقر البهبودي، المكتبة المرتضوية لإحياء التراث الجعفريّة، الطبعة الاُولى، 1384 ه. 213 . الضعفاء الكبير، لأبي جعفر محمّد بن عمرو بن موسى بن حمّاد العقيلي (م 322 ه)، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الثانية، 1418 ه. 214 . طبقات أعلام الشيعة، للشيخ محمّد محسن المعروف بآغا بزرگ الطهراني (م 1389 ه)، منشورات مؤسّسة إسماعيليان، قم. 215 . طبقات الشافعية الكبرى، لعبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الكافي السبكي (م 771 ه)، تحقيق: عبد الفتّاح محمود الحلو ومحمود محمّة الطناحي، دار إحياء الكتب العربيّة، بيروت. 216 . الطبقات الكبرى (= الطبقات الكبير)، لمحمّد بن سعد (م 230 ه)، دار صادر، بيروت. 217 . طبقات المدلّسين، لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 852 ه)، تحقيق: عاصم بن عبد اللّه القريوني، مكتبة المنار، الطبعة الاُولى. 218 . طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال، للسيّد علي أصغر بن محمّد شفيع الجابلقي البروجردي (م 1313 ه)، تحقيق: السيد محصدي الرجائي، مكتبة آية اللّه مرعشي، قم، الطبعة الاُولى، 1410 ه. 219 . العلل، لأحمد بن حنبل (م 241 ه)، تحقيق: وصيّ اللّه بن محمود عبّاس، دار الخاني، الرياض، الطبعة الاُولى، 1408 ه. 220 . علل الشرائع، لمحمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، 1385 ه _ 1966 م. 221 . عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، لأحمد بن عليّ الحسيني المعروف بابن عنبة (م 828 ه)، تحقيق: محمّد حسن آل الطالقاني، منشورات المكتبة الحيدريّة، النجف الأشرف، الطبعة الثانية، 380 ه _ 1961 م. 222 . عمدة القاري، لمحمود بن أحمد بدر الدين العيني (م 855 ه)، دار إحياء التراث العربى، بيروت. 223 . عون المعبود، شرح سنن أبي داود، لأبي الطيّب محمّد شمس الحقّ العظيم آبادي (م 1329 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الثانية، 1415 ه. 224 . عوالي اللآلي، لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (م 880 ه)، تحقيق: الشيخ مجتبى العراقي، مطبعة سيّد الشهداء، قم، الطبعة الاُولى، 1403 ه _ 1983 م. 225 . العين، لخليل بن أحمد الفراهيدي (م 175 ه)، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، مؤسّسة دار الهجرة والطبعة الثانية، 1409 ه. 226 . عيون الأثر في فنون المغازي و الشمائل و السير، لمحمّد بن عبد اللّه بن يحيى المعروف بابن سيّد الناس (م 734 ه)، مؤسّسة عزّ الدين، بيروت، 1406 ه _ 1986 م. 227 . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، لمحمّد بن عليّ بن الحسين، المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، مؤسّسة الأعلمي، بيروت، 1404 ه _ 1984 م. 228 . عيون الحكم و المواعظ، لمحمّد بن عليّ الليثي (قرن 6 ه)، تحقيق: حسين الحسني البيرجندي دار الحديث، قم، الطبعة الاُولى. 229 . غاية المراد في شرح نكت الإرشاد، للشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي (م 786 ه)، تحقيق: رضا مختاري، دفتر تبليغات إسلامي، قم، 1414 ه، الطبعة الاُولى. 230 . غريب الحديث، لأبي محمّد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري (م 276 ه)، تحقيق: عبد اللّه الجبوري، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1408 ه. 231 . غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (م 234 ه)، تحقيق: محمّد عبد المعيد خان، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الاُولى، 1384 ه. 232 . غريب الحديث، لأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي (م 285 ه)، تحقيق: سليمان بن إبراهيم بن محمّد العاير، دار المدينة للطباعة والنشر و التوزيع، جدّة، الطبعة الاُولى، 1405 ه. 233 . غريب القرآن، لفخر الدين الطريحي (م 1085 ه)، تحقيق: محمّد كاظم الطريحي، انتشارات زاهدي، قم. 234 . غنية النزوع إلى علمي الاصول و الفروع، للسيّد حمزة بن عليّ بن زهرة الحلبي (م 585 ه)، تحقيق: إبراهيم البهادرى، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، قم، الطبعة الاُولى، 1417 ه. 235 . الغيبة، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (م 460 ه)، تحقيق: عباد اللّه الطهراني و أحمد علي ناصح، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم، الطبعة الاُولى، 1411 ه. 236 . الفائق في غريب الحديث، لجار اللّه محمود بن عمر الزمخشري (م 583 ه)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاُولى، 1417 ه _ 1996. 237 . فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لشهاب الدين أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 852 ه)، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية. 238 . فتح العزيز شرح الوجيز، لعبد الكريم بن محمّد الرافعي (م 623 ه)، دار الفكر، بيروت. 239 . فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، لمحمّد بن عليّ بن محمّد الشوكاني (م 1250 ه)، عالم الكتب، بيروت. 240 . فتح العين لشرح قرّة العين بمهمّات الدين، لزين الدين بن عبد العزيز المليياري الفناني، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1418 ه _ 1997 م. 241 . فتح الوهّاب بشرح منهج الطلّاب، لزكريّا بن محمّد الأنصاري (م 936 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطعبة الاُولى، 1418 ه _ 1998 م. 242 . الفتوحات المكيّة، لمحمّد بن عليّ المعروف بمحيي الدين ابن عربي (م 638 ه)، دار صادر، بيروت. 243 . الفصول في الاصول، لأحمد بن عليّ الرازي الجصّاص (م 370 ه)، تحقيق: عجيل جاسم النمشي، الطبعة الاُولى، 1405 ه. 244 . فضائل الأشهر الثلاثة، لمحمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، تحقيق: غلام رضا عرفانيان، دار المحجّة البيضاء، بيروت، الطبعة الثانية، 1412 ه _ 1992 م. 245 . فضائل الصحابة، لأحمد بن شعيب النسائي (م 303 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت. 246 . فقه الرضا عليه السلام ، لعليّ بن الحسين ابن بابويه القمي (م 329 ه)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه السلام ، مشهد المقدّسة، الطبعة الاُولى، 1406 ه. 247 . فقه السنّة، للسيّد السابق (معاصر)، دار الكتاب العربي، بيروت، فقه القرآن، لسعيد بن هبة اللّه المعروف بالقطب الراوندي (م 573 ه)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني، مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي، قم، الطبعة الثانية، 1405 ه. الفقيه = كتاب من لا يحضره الفقيه 248 . فلاح السائل، للسيّد رضي الدين عليّ بن موسى ابن طاووس (م 664 ه). 249 . فتاوحى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع و ترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش (معاصر). 250 . الفوائد الرجالية، للسيّد محمّد مهدي بحر العلوم (م 1212 ه)، تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم و حسين بحر العلوم، مكتبة الصادق، طهران، الطبعة الاُولى، 1363 ش. 251 . الفهرست، لأبي الفجر محمّد بن إسحاق النديم (م 438 ه)، تحقيق: رضا تجدّد. 252 . فهرستگان نسخه هاى خطّى حديث و علوم حديث شيعة، لعلي صدرايي خويي (معاصر)، دار الحديث، قم، الطبعة الاُولى، 1381 ش. الفيض القدسي = بحار الأنوار 253 . فيض القدير شرح الجامع الصغير، لمحمّد عبد الرؤوف المناوي (م 1031 ه)، تحقيق: أحمد عبد السلام، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1415 ه _ 1994 م. 254 . قاموس الرجال، للشيخ محمّد تقي التستري (م ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1419 ه. 255 . القاموس المحيط، لأبي طاهر محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي الشيرازي (م 817 ه). 256 . قرب الإسناد، لعبد اللّه بن جعفر الحميري (م 300 ه)، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم، الطبعة الاُولى، 1413 ه. 257 . قصص العلماء، لمحمّد بن سليمان التنكابني (م 1263 ه)، منشورات العلميّة الإسلاميّة، طهران. 258 . القواعد و الفوائد، للشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي (م 786 ه)، تحقيق: سيّد عبد الهادي الحكيم، مكتبة المفيد. 259 . قواعد الأحكام، للحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلّامة الحلّي (م 726 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1413 ه. 260 . الكافي، لمحمّد بن يعقوب الكليني (م 329 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الخامسة، 1362 ه. 261 . الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، لأبي عمر يوسف بن عبد اللّه ابن عبد البرّ (م 463 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1407 ه. 262 . الكافي في الفقه، لأبي الصلاح الحلبي (م 374 ه)، تحقيق: رضا استادي، مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ، أصفهان. 263 . الكامل في ضعفاء الرجال، لأبي أحمد عبد اللّه بن عدي الجرجاني (م 365 ه)، تحقيق: يحيى مختار غزاوي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1409 ه _ 1988 م. كتاب الاُم، للشافعي = الاُمّ 264 . كتاب الدعاء، لسليمان بن أحمد الطبراني (م 360 ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطعبة الاُولى، 1413 ه. 265 . كتاب من لايحضره الفقيه ، أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه ) ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي . 266 . الكرام البررة، للشيخ محمّد محسن المعروف بآغا بزرگ الطهراني (م 1389 ه)، دار المرتضى للنشر، مشهد، الطبعة الثانية، 1404 ه. 267 . كشّاف القناع، لمنصور بن يونس البهوتي (م 1051 ه)، تحقيق: محمّد حسن محمّد حسن إسماعيل الشافعي، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1418 ه _ 1997 م. 268 . الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لجار اللّه محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (م 538 ه)، مكتبة و مطبعة مصطفى البابي الحلبي و أولاده، مصر، 1385 ه _ 1966 م. 269 . كشف الحجب و الأستار عن أسماء الكتب و الأسفار، للسيّد إعجاز حسين النيسابوري الكنتوري (م 1240 ه)، مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي، قم، الطبعة الثانية، 1409 ه. 270 . كشف الرموز في شرح المختصر النافع، للحسن بن أبي طالب بن أبي المجد المعروف بالفاضل الآبي (م 690ه)، تحقيق: الشيخ عليپناه الاشتهاردي والحاج آقا حسين اليزدي، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1408 ه. 271 . كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون، لمصطفى بن حاج عبد اللّه المعروف بكاتب چلبي و حاج خليفة (م 1067 ه)، دار إحياء التراث العربى، بيروت. 272 . كشف اللثام عن قواعد الأحكام، لمحمّد بن الحسن الأصفهاني المعروف بالفاضل الهندي (م 1137 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1416 ه. 273 . الكشف و البيان (= تفسير الثعلبي)، لأبي إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (م 427 ه)، تحقيق: أبو محمّد بن عاشور، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الاُولى، 1422 ه _ 2002 م. 274 . كفاية الأحكام، لمحمّد باقر السبزواري (م 1090 ه)، تحقيق: مرتضى الواعظي، الأراكي، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى، 1423 ه. 275 . كنز العرفان في فقه القرآن، لجمال الدين المقداد بن عبد اللّه المعروف بالفاضل المقداد (م 826 ه)، الطبعة الاُولى، قم. 276 . كنز العمّال في سنن الأقوال و الأفعال، لعليّ المتّقي بن حسام الدين الهندي (م 975 ه)، تحقيق: بكري حياتي و صفوة السقّا، مؤسّسة الرسالة، بيروت، 1409 ه _ 1989 م. 277 . كنز الفوائد في حلّ مشكلات القواعد، للسيّد عميد الدين عبد المطّلب بن محمّد الحسيني (م 754 ه)، تصحيح: محيي الدين الواعظي و حاج كمال كاتب و جلال أسدي، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الاُولى 1416 ه. 278 . الكنى و الألقاب، للشيخ عبّاس بن محمّد رضا المعروف بالمحدّث القمّي (م 1359 ه)، مكتبة الصدر، طهران. الكواكب المنتثرة في القرن الثاني بعد العشرة = طبقات أعلام الشيعة 279 . لسان العرب، لمحمّد بن مكرّم المعروف بابن منظور (م 711 ه)، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الاُولى، 1408 ه _ 1988 م. 280 . لسان الميزان، لأحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (م 852 ه)، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثانية، 1390 ه _ 1971 م. 281 . اللمعة الدمشقية، لمحمّد بن جمال الدين مكّي العاملي المعروف بالشهيد الأوّل (م 786 ه)، منشورات دار الفكر، قم، الطبعة الاُولى، 1411 ه. 282 . المبسوط، لأبي بكر محمّد بن أبي سهل السرخسي (م 483 ه)، دار المعرفة، بيروت، 1406 ه _ 1986 م. 283 . المبسوط في فقه الإماميّة، لمحمّد بن الحسن الطوسي (م 460 ه)، تحقيق: محمّد تقي الكشفي، المكتبة المرتضويّة لإحياء التراث الجعفريّة، 1387 ه. 284 . مجلّة تراثنا، لمؤسّسة آل البيت لإحياء التراث، قم، 1416 ه. 285 . مجمع الآداب في معجم الألقاب، لعبد الرزّاق بن أحمد المعروف بابن الفوطي (م 723 ه)، تحقيق: محمّد الكاظم، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، طهران، الطبعة الاُولى، 1416 ه. 286 . مجمع البحرين، للشيخ فخر الدين الطريحي (م 1085 ه)، تحقيق: السيد أحمد الحسينى، مكتب النشر الثقافية الإسلاميّة، الطبعة الثانية، 1408 ه _ 1367 ش. 287 . مجمع الجيوان في تفسير القرآن، لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (م 548 ه)، تحقيق: لجنة من العلماء والمحقّقين الأخصّائين، مؤسّسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الاُولى، 1415 ه _ 1995 م. 288 . مجمع الرجال في معرفة أحوال الرجال، لعناية اللّه بن عليّ بن محمود القهپائي، (م بعد سنة 1019 ه)، مؤسّسة إسماعيليان، قم، 1364 ش. 289 . مجمع الزوائد، لنور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثمي (م 807 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1408 ه _ 1988 ه. 290 . مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأزدهان، للمولى أحمد بن محمّد المعروف بالمقدّس الأردبيلي (م 993 ه)، تحقيق: مجتبى العراقي، وعلي پناه الاشتهاردي و آغا حسين اليزدي الأصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم. 291 . مجمل اللغة، لأبي الحسن أحمد بن فارس (م ه)، منشورات معهد المخطوطات العربيّة، الكويت، الطبعة الاُولى، 1405 ه _ 1985 م. 292 . المجموع شرح المهذّب، لمحيى الدين أبي زكريّا بن شرف النووي (م 676 ه)، دار الفكر، بيروت. 293 . المحاسن، لأبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (م 274 ه)، تحقيق: السيّد جلال الدين الحسيني المحدّث الاُرموي، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1370 ه _ 1330 ش. 294 . المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لأبي بكر غالب بن عبد الرحمان المعروف بابن عطيّة (م 546 ه)، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمّد، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1413 ه _ 1993 م. 295 . المحصول في علم اُصول الفقه، لمحمّد بن عمر المعروف بفحر الدين الرازي (م 606 ه)، تحقيق: طه جابر فيّاض العلواني، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1412 ه. 296 . المحلّي، لعليّ بن أحمد بن سعيد ابن حزم الأندلسي (م 456 ه)، دار الفكر، بيروت. 297 . مختار الصحاح، لمحمّد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (م 721 ه)، تحقيق: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1415 ه _ 1994 م. 298 . مختصر المزني، لإسماعيل بن يحيى المزني (م 246 ه)، دار المعرفة، بيروت. 299 . مختصر المعاني، لسعد الدين التفتازاني (م 792 ه)، دار الفكر، قم، الطبعة الاُولى، 1411 ه. 300 . المختصر النافع، لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي (م 676 ه)، مؤسّسة البعثة، طهران، الطبعة الثالثة، 1410 ه. 301 . مختلف الشيعة، للحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلّامة الحلّي (م 726 ه)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية، 1413 ه. 302 . مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام، للسيّد محمّد بن عليّ الموسوي العاملي (م 1009 ه)، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم، الطبعة الاُولى، 1410 ه. 303 . المدوّنة الكبرى، لمالك بن أنس (م 179 ه)، برواية سحنون بن سعيد التنوخي (م 240 ه)، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 304 . مرآة الأحوال جهان نما، لأحمد بن محمّد عليّ حفيد الوحيد البهبهاني (م 1235 ه)، مؤسّسة أنصاريان، قم، 1373 ش. 305 . مرآة الجنان، لعبد اللّه بن أسعد اليافعي (م 768 ه)، مؤسّسة الرسالة، بيروت، 1405 ه _ 1984 م. 306 . المراسم العلويّة في الأحكام النبويّة، لأبي يعلي سلّار بن عبد العزيز الديلمي (م 448 ه)، تحقيق: السيّد محسن الحسيني الأميني، المعاونة الثقافية للمجمع العاملي لأهل البيت عليهم السلام ، 1414 ه. 307 . المسائل الصاغانية، لمحمّد بن محمّد بن النعمان، المعروف بالمفيد (م 413 ه)، تحقيق: السيّد محمّد القاضي، دار المفيد للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1414 ه. 1993 م. المسائل الناصريّات = الجوامع الفقهيّة 308 . مسار الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة، لمحمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (م 413 ه)، تحقيق: الشيخ مهدي نجف، دار المفيد للطباعة و النشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1414 ه _ 1993 م. 309 . مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، للشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العاملي (م 965 ه)، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم، الطبعة الاُولى، 1413 ه. 310 . مستدركات أعيان الشيعة، للسيد حسن بن محسن الأمين (معاصر)، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الثانية، 1418 ه _ 1997 م. 311 . مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، للميرزا حسين النوري الطبرسي (م 1320 ه)، تحقيق و نشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، بيروت، الطبعة الاُولى، 1408 ه _ 1987 م. 312 . المستصفى في علم الاُصول، لأبي حامد محمّد بن محمّد الغزالي (م 505 ه)، تصحيح: محمّد عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1417 ه _ 1996 م. 313 . مسند أحمد، لأحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (م 241 ه)، دار صادر بيروت. 314 . مسند أبي الجعد، لعليّ بن الجعد بن عبيد الجوهري (م 230 ه)، رواية أبي القاسم عبد اللّه بن محمّد البغوي (م 317 ه)، مراجعة: عامر أحمد حيدر، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الثانية، 1417 ه _ 1996 م. 315 . مسند الحميدي، لعبد اللّه بن الزبير الحميدي (م 219 ه)، تحقيق: حبيب الرحمان الأعظمي، دار الكتب العلميّة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1409 ه _ 1988 م. 316 . مسند أبي حنيفة، لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصبهاني (م 430 ه)، تحقيق: نظر محمّد الغاريابي، مكتبة الكوثر، الرياض، الطبعة الاُولى، 1415 ه _ 1994 م. 317 . مسند ابن راهويه، لإسحاق بن راهويه الحنظلي المروزي (م 238 ه)، تحقيق: عبد الغفور عبد الحقّ حسين برد البلوسي، مكتبة الإيمان، المدينة المنوّرة، الطبعة الاُولى، 1412 ه. 318 . مسند الشافعي، لمحمّد بن إدريس الشافعي (م 204 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت. 319 . مسند الشاميين، لسليمان بن أحمد الطبراني (م 360 ه)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1417 ه _ 1996 م. 320 . مسند الشهاب، للقاضي محمّد بن سلامة القضاعي (م 454 ه)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1405 ه _ 1985 م. 321 . مسند الطيالسي، لأبي داود سليمان بن داود بن الجارود الفارسي البصري الطيالسي (م 204 ه)، دار المعرفة، بيروت. مسند عبد بن حميد = منتخب مسند عبد بن حميد المسند للشافعي = مسند الشافعي 322 . مشاهير علماء الأمصار، لأبي حاتم محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي البستي (م 354 ه)، تحقيق: مرزوق علي إبراهيم، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة، الطبعة الاُولى، 1411 ه. 323 . مشرق الشمسين و اكسير السعادتين (= مجمع النورين ومطلع النيّرين)، لمحمّد بن الحسين بن عبد الصمد المعروف بالشيخ البهائي (م 1031 ه)، منشورات مكتبة بصيرتي، قم، الطبعة الحجريّة. المصباح، للسيّد المرتضى لم أعثر عليه و حكيت عنه بالواسطة. 324 . مصباح المتهجّد، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي م 460 ه، مؤسّسة فقه الشيعة، بيروت، الطبعة الاُولى، 1411 ه _ 1991 م. 325 . المصنّف، لأبي بكر عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة الكوفي (م 235 ه)، تحقيق: سعيد اللّحام، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1409 _ 1989 م. 326 . المصنّف، لعبد الرزّاق بن همّام الصنعاني (م 211 ه)، تحقيق: حبيب الرحمان الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1403 ه _ 1983 م. 327 . معالم التنزيل (= تفسير البغوي)، للحسين بن مسعود البغوي (م 510 ه)، تحقيق: خالد عبد الرحمان العك، دار المعرفة، بيروت. 328 . معالم العلماء، لمحمّد بن عليّ السروي المعروف بابن شهر آشوب (م 588 ه)، مطبعة الحيدريّة، النجف، 1380 ه _ 1961 م. 329 . معاني الأخبار، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه)، تصحيح: علي أكبر الغفّاري، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1379 ه 330 . المعتبر في شرح المختصر، لأبي القاسم جعفر بن الحسن، المعروف بالمحقّق الحلّي (م 676 ه)، تحقيق عدّة من الأفاضل، مؤسّسة سيّد الشهداء عليه السلام ، قم، 1364. 331 . معجم الاُدباء، لياقوت الحموي (م 626 ه)، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1400 ه _ 1980 م. 332 . المعجم الأوسط، لسليمان بن أحمد الطبراني (م 360 ه)، تحقيق: قسم التحقيق بدار الحرمين، أبو معاذ طارق بن عوض بن محمّد وأبو الفصل عبد الحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، 1415 ه _ 1995 م. 333 . معجم البلدان، لياقوت بن عبد اللّه الحموي الروسي البغدادي (م 626 ه)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399 ه _ 1979 م. 334 . معجم رجال الحديث، للسيّد أبي القاسم الموسوي الخوئي (م 1411 ه)، منشورات مدينة العلم، قم، الطبعة الخامسة. 335 . معجم الشيوخ، لمحمّد بن أحمد بن جميع الصيداوي (م 402 ه)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، مؤسّسة الرسالة، دار الإيمان، الطبعة الثانية، 1407 ه _ 1987 م. 336 . المعجم الصغر، لسليمان بن أحمد الطبراني (م 360 ه)، دار الكتب العلميّة، بيروت. 337 . المعجم الكبير، لسليمان بن أحمد الطبراني (م 360 ه)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية. 338 . معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، للوزير أبي عبيد عبد اللّه بن عبد العزيز الكبري الأندلسي (م 487 ه)، تحقيق: مصطفى السقّا، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403 ه _ 1983 م. 339 . معجم المطبوعات العربيّة، ليوسف اليان سركيس (م 1351 ه)، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي، قم، 1410 ه. 340 . معجم مقائيس اللغة، لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا (م 395 ه)، تحقيق: عبد السلام محمّد هارون، مكتبة الاعلام الإسلامي، قم، 1404 ه. 341 . معجم المؤلّفين، لعمر رضا كحّالة (معاصر)، مكتبة المثنّي و دار إحياء التراث العربي، بيروت. 342 . معرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث ومن الضعفاء و ذكر مذاهبهم و أخبارهم، لأحمد بن عبد اللّه بن صالح العجلي (م 261 ه)، مكتبة الدار، المدينة المنوّرة، الطبعة الاُولى، 1405 ه. 343 . معرفة السنن و الآثار، لأبي بكر أحم دبن الحسين البيهقي (م 458 ه)، تحقيق: سيّد كسروي حسن، دار الكتب العلميّة، بيروت. 344 . معرفة علوم الحديث، لأبي عبد اللّه محم دبن عبد اللّه الحاكم النيسابوري (م 405 ه)، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة والسيّد معظّم حسين، دار الآفاق، بيروت، الطبعة الرابعة، 1400 ه _ 1980 م. 345 . المغني، لعبد اللّه بن أحمد بن محمّد بن قدامة (م 620 ه_) ، دارالكتاب العربي ، بيروت . 346 . مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، لأبي محمّد عبداللّه بن يوسف بن أحمد بن عبداللّه بن هشام الأنصاري المصري (م 761 ه_) ، تحقيق : محمّد محيي الدين عبدالحميد ، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي ، قم ، 1404 ه_ . 347 . مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، للشيخ محمّد الشربيني الخطيب (م 977 ه_) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1377 ه_ _ 1958 م . 348 . مفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة من الواجبات والمستحبّات والآداب ، لمحمّد بن الحسين بن عبدالصمد المعروف بالشيخ البهائي (م 1031 ه_) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت . 349 . مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة ، للسيّد محمّدجواد الحسيني العاملي (م 1226 ه_) ، تحقيق : محمّد باقر الخالصي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة الاُولى ، 1419 ه_ . 350 . المفردات في غريب القرآن ، للحسين بن محمّد المعروف بالراغب الأصفهاني (م 502 ه_) ، دفتر نشر الكتاب ، الطبعة الثانية ، 1404 ه_ . 351 . مكارم الأخلاق ، لأبي نصر الحسن بن الفضل الطبرسي (م 548 ه_) ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، الطبعة السادسة ، 1392 ه_ . 352 . المقنعة ، لمحمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (م 413 ه_) ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ، 1410 ه_ . 353 . الملل والنحل ، لأبي الفتح محمّد بن عبدالكريم شهرستاني (م 548 ه_) ، تحقيق : محمّد سيّد گيلاني ، دارالمعرفة ، بيروت . 354 . منتخب مسند عبد بن حميد ، لعبد بن حميد الكشّي (م 249 ه_) ، تحقيق : صبحي البدري السامرائي ومحمود محمّد خليل الصعيدي ، عالم الكتب ومكتبة النهضة العربيّة ، الطبعة الاُولى ، 1408 ه_ _ 1988 م . 355 . المنتظم ، لأبي الفرج عبدالرحمان بن عليّ ابن الجوزي (م 597 ه_) ، تحقيق : محمّد عبدالقادر عطا و مصطفى عبدالقادر عطا ، دارالكتب العلميّة ، بيروت ، الطبعة الاُولى ، 1412 ه_ _ 1992 م . 356 . المنتقى من السنن المسندة ، لأبي محمّد عبداللّه بن الجارود (م 307 ه_) ، تحقيق : عبداللّه عمر البارودي ، دار الجنان ، بيروت ، الطبعة الاُولى ، 1408 ه_ _ 1988 م . 357 . منتقى الجمان ، للشيخ حسن بن زين الدين ، صاحب المعالم (م 1011 ه_) ، تصحيح : علي أكبر الغفاري ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ، الطبعة الاُولى ، 1362 ش . 358 . منتهى المطلب ، للحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (م 726 ه_) ، مؤسّسة البحوث الإسلاميّة ، مشهد ، الطبعة الاُولى 1412 والطبعة الحجريّة . 359 . موارد الظمآن ، لعليّ بن أبي بكر الهيثمي (م 807 ه_) ، تحقيق : حسن سليم أسد الداراني ، دارالثقافة العربى ، بيروت ، الطبعة الاُولى ، 1411 ه_ _ 1990 م . 360 . المواقف ، للقاضي عضدالدين الإيجي (م 756 ه_) ، تحقيق : عبدالرحمان عميرة ، دارالجيل ، بيروت ، الطبعة الاُولى ، 1417 ه_ _ 1997 م . 361 . مواهب الجليل ، لمحمّد بن محمّد بن عبدالرحمان المغربي المعروف بالحطّاب الرعيني (م 954 ه_) ، تحقيق : زكريّا عميران ، دارالكتب العلميّة ، بيروت ، الطبعة الاُولى ، 1416 ه_ _ 1995 م . 362 . موسوعة طبقات الفقهاء ، لجعفر بن محمّد حسن السبحاني التبريزي (معاصر) ، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام ، قم ، 1418 ه_ . 363 . موسوعة مؤلّفي الإمامية ، لمجمع الفكر الإسلامى ، قم ، الطبعة الاُولى ، 1420 ه_ . 364 . الموطّأ ، لمالك بن أنس (م 179 ه_) ، تصحيح ، محمّد فؤاد عبدالباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1406 ه_ _ 1985 م . 365 . المهذّب ، للقاضي عبدالعزيز بن البرّاج الطرابلسي (م 481 ه_) ، إعداد : مؤسّسة سيّد الشهداء قم ، مؤسّسة النشر الإسلامى ، 1406 ه_ . 366 . المهذّب البارع في شرح المختر النافع ، لأحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (م 841 ه_) ، تحقيق : مجتبى العراقى ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ، 1407 ه_ . 367 . ناسخ الحديث والمنسوخه ، لعمر بن أحمد بن عثمان المعروف بابن شاهين (م 385 ه_) ، تحقيق : كريمة بنت علي . 368 . الناصريّات ، لعليّ بن الحسين بن موسى المعروف بالسيّد المرتضى (م 436 ه_) ، تحقيق : مركز البحوث والدراسات العلميّة ، رابطة الثقافة والعلاقات الإسلاميّة ، 1417 ه_ _ 1997 م . 369 . نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية ، لجمال الدين الزيلعي (م 762 ه_) ، تحقيق : أيمن صالح شعبان ، دارالحديث ، القاهرة ، الطبعة الاُولى ، 1415 ه_ _ 1995 م . 370 . نقد الرجال ، للسيّد مصطفى بن الحسين الحسينيّ التفرشي (ق 11) ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ، قم ، الطبعة الاُولى ، 1418 ه_ . 371 . النهاية ، لمحمّد بن الحسن الطوسي (م 460 ه_) ، انتشارات قدس محمّدي ، قم . 372 . نهاية الإحكام في معرفة الأحكام ، للحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلّامة الحلّي (م 726 ه_) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، مؤسّسة إسماعيليان ، قم ، الطبعة الرابعة ، 1364 ش . 373 . النهاية في غريب الحديث ، لمبارك بن محمّد بن محمّد المعروف بابن الأثير الجزري (م 606 ه_) . تحقيق : طاهر أحمد الزاوي و محمود محمّد الطناحي ، مؤسّسة إسماعيليان ، قم ، الطبعة الرابعة ، 1364 ش . 374 . نيل الأوطار من أحاديث سيّد الأخيار شرح منتقى الأخبار ، للقاضي محمّد بن عليّ بن محمّد الشوكاني (م 1255 ه_) ، دار الجيل ، بيروت ، 1973 م . 375 . الوافي بالوفيّات ، لصلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي (م 764 ه_) ، تحقيق : أحمد الأرنؤوط وتركي مصطفى ، دار إحياء التراث ، بيروت ، 1420 ه_ _ 2000 م . 376 . وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، لمحمّد بن الحسن العاملي المعروف بالشيخ الحرّ (م 1104 ه_) ، مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث ، قم ، الطبعة الثانية ، 1414 ه_ . 377 . الوسيلة ، لأبي جعفر محمّد بن عليّ الطوسي المعروف بابن حمزة (م 560 ه_) ، تحقيق : الشيخ محمّد الحسّون ، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي ، قم ، الطبعة الاُولى ، 1408 ه_ . 378 . وفيّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، لأحمد بن محمّد بن أبي بكر المعروف بابن خلّكان (م 681 ه_) ، تحقيق : إحسان عبّاس ، دارالثقافة ، لبنان . 379 . الهداية في الاُصول والفروع ، لمحمّد بن عليّ بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق (م 381 ه_) ، مؤسّسة الإمام الهادي عليه السلام ، قم ، الطبعة الاُولى ، 1418 ه_ . 380 . الهداية شرح بداية المبتدي ، لعليّ بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغياني (م 593 ه_) ، المكتبة الإسلاميّة . 381 . هدية العارفين ، أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين ، لإسماعيل پاشا البغدادي ، (م 1339 ه_) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .

.

ص: 825

. .

ص: 826

. .

ص: 827

. .

ص: 828

. .

ص: 829

. .

ص: 830

. .

ص: 831

. .

ص: 832

. .

ص: 833

. .

ص: 834

. .

ص: 835

. .

ص: 836

. .

ص: 837

. .

ص: 838

. .

ص: 839

. .

ص: 840

. .

ص: 841

. .

ص: 842

. .

ص: 843

. .

ص: 844

. .

ص: 845

. .

ص: 846

. .

ص: 847

. .

ص: 848

. .

ص: 849

. .

ص: 850

. .

ص: 851

فهرس المطالب .

ص: 852

. .

ص: 853

. .

ص: 854

. .

ص: 855

. .

ص: 856

. .

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.