الفصول المهمة في معرفة الائمة المجلد 2

اشارة

سرشناسه : ابن صباغ، علي بن محمد، 784-855ق.

عنوان و نام پديدآور : الفصول المهمه في معرفة الائمه/ علي بن محمد ابن المالكي مكي الشهير بابن صباغ؛ حققه و علق عليه جعفر الحسيني.

مشخصات نشر : قم : المجمع العالمي لاهل البيت (ع)، 1432 ق.= 2011 م.= 1390.

مشخصات ظاهري : 574 ص.

شابك : 964-529-073-1

وضعيت فهرست نويسي : فاپا(چاپ دوم)

يادداشت : عربي.

يادداشت : چاپ اول: 1385 (فيپا).

يادداشت : چاپ دوم.

يادداشت : چاپ قبلي: موسسه دارالحديث الثقافيه، 1422ق = 1380 (در دو مجلد).

يادداشت : كتابنامه: ص. [553] - 567؛ همچنين به صورت زيرنويس

موضوع : سادات (خاندان) -- نسبنامه

موضوع : ائمه اثناعشر

موضوع : امامت

شناسه افزوده : حسيني، جعفر، 1323 - ، مصحح

شناسه افزوده : مجمع جهاني اهل بيت (ع)

رده بندي كنگره : BP36/5/الف2ف6 1390

رده بندي ديويي : 297/95

شماره كتابشناسي ملي : م 85-556

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

ص: 7

ص: 8

ص: 9

ص: 10

ص: 11

ص: 12

ص: 13

ص: 14

ص: 15

ص: 16

ص: 17

ص: 18

ص: 19

ص: 20

ص: 21

ص: 22

ص: 23

ص: 24

ص: 25

ص: 26

ص: 27

ص: 28

ص: 29

ص: 30

ص: 31

ص: 32

ص: 33

ص: 34

ص: 35

ص: 36

ص: 37

ص: 38

ص: 39

ص: 40

ص: 41

ص: 42

ص: 43

ص: 44

ص: 45

ص: 46

ص: 47

ص: 48

ص: 49

ص: 50

ص: 51

ص: 52

ص: 53

ص: 54

ص: 55

ص: 56

ص: 57

ص: 58

ص: 59

ص: 60

ص: 61

ص: 62

ص: 63

ص: 64

ص: 65

ص: 66

ص: 67

ص: 68

ص: 69

ص: 70

ص: 71

ص: 72

ص: 73

ص: 74

ص: 75

ص: 76

ص: 77

ص: 78

ص: 79

ص: 80

ص: 81

ص: 82

ص: 83

ص: 84

ص: 85

ص: 86

ص: 87

ص: 88

ص: 89

ص: 90

ص: 91

ص: 92

ص: 93

ص: 94

ص: 95

ص: 96

ص: 97

ص: 98

ص: 99

ص: 100

ص: 101

ص: 102

ص: 103

ص: 104

ص: 105

ص: 106

ص: 107

ص: 108

ص: 109

ص: 110

ص: 111

ص: 112

ص: 113

ص: 114

ص: 115

ص: 116

ص: 117

ص: 118

ص: 119

ص: 120

ص: 121

ص: 122

ص: 123

ص: 124

ص: 125

ص: 126

ص: 127

ص: 128

ص: 129

ص: 130

ص: 131

ص: 132

ص: 133

ص: 134

ص: 135

ص: 136

ص: 137

ص: 138

ص: 139

ص: 140

ص: 141

ص: 142

ص: 143

ص: 144

ص: 145

ص: 146

ص: 147

ص: 148

ص: 149

ص: 150

ص: 151

ص: 152

ص: 153

ص: 154

ص: 155

ص: 156

ص: 157

ص: 158

ص: 159

ص: 160

ص: 161

ص: 162

ص: 163

ص: 164

ص: 165

ص: 166

ص: 167

ص: 168

ص: 169

ص: 170

ص: 171

ص: 172

ص: 173

ص: 174

ص: 175

ص: 176

ص: 177

ص: 178

ص: 179

ص: 180

ص: 181

ص: 182

ص: 183

ص: 184

ص: 185

ص: 186

ص: 187

ص: 188

ص: 189

ص: 190

ص: 191

ص: 192

ص: 193

ص: 194

ص: 195

ص: 196

ص: 197

ص: 198

ص: 199

ص: 200

ص: 201

ص: 202

ص: 203

ص: 204

ص: 205

ص: 206

ص: 207

ص: 208

ص: 209

ص: 210

ص: 211

ص: 212

ص: 213

ص: 214

ص: 215

ص: 216

ص: 217

ص: 218

ص: 219

ص: 220

ص: 221

ص: 222

ص: 223

ص: 224

ص: 225

ص: 226

ص: 227

ص: 228

ص: 229

ص: 230

ص: 231

ص: 232

ص: 233

ص: 234

ص: 235

ص: 236

ص: 237

ص: 238

ص: 239

ص: 240

ص: 241

ص: 242

ص: 243

ص: 244

ص: 245

ص: 246

ص: 247

ص: 248

ص: 249

ص: 250

ص: 251

ص: 252

ص: 253

ص: 254

ص: 255

ص: 256

ص: 257

ص: 258

ص: 259

ص: 260

ص: 261

ص: 262

ص: 263

ص: 264

ص: 265

ص: 266

ص: 267

ص: 268

ص: 269

ص: 270

ص: 271

ص: 272

ص: 273

ص: 274

ص: 275

ص: 276

ص: 277

ص: 278

ص: 279

ص: 280

ص: 281

ص: 282

ص: 283

ص: 284

ص: 285

ص: 286

ص: 287

ص: 288

ص: 289

ص: 290

ص: 291

ص: 292

ص: 293

ص: 294

ص: 295

ص: 296

ص: 297

ص: 298

ص: 299

ص: 300

ص: 301

ص: 302

ص: 303

ص: 304

ص: 305

ص: 306

ص: 307

ص: 308

ص: 309

ص: 310

ص: 311

ص: 312

ص: 313

ص: 314

ص: 315

ص: 316

ص: 317

ص: 318

ص: 319

ص: 320

ص: 321

ص: 322

ص: 323

ص: 324

ص: 325

ص: 326

ص: 327

ص: 328

ص: 329

ص: 330

ص: 331

ص: 332

ص: 333

ص: 334

ص: 335

ص: 336

ص: 337

ص: 338

ص: 339

ص: 340

ص: 341

ص: 342

ص: 343

ص: 344

ص: 345

ص: 346

ص: 347

ص: 348

ص: 349

ص: 350

ص: 351

ص: 352

ص: 353

ص: 354

ص: 355

ص: 356

ص: 357

ص: 358

ص: 359

ص: 360

ص: 361

ص: 362

ص: 363

ص: 364

ص: 365

ص: 366

ص: 367

ص: 368

ص: 369

ص: 370

ص: 371

ص: 372

ص: 373

ص: 374

ص: 375

ص: 376

ص: 377

ص: 378

ص: 379

ص: 380

ص: 381

ص: 382

ص: 383

ص: 384

ص: 385

ص: 386

ص: 387

ص: 388

ص: 389

ص: 390

ص: 391

ص: 392

ص: 393

ص: 394

ص: 395

ص: 396

ص: 397

ص: 398

ص: 399

ص: 400

ص: 401

ص: 402

ص: 403

ص: 404

ص: 405

ص: 406

ص: 407

ص: 408

ص: 409

ص: 410

ص: 411

ص: 412

ص: 413

ص: 414

ص: 415

ص: 416

ص: 417

ص: 418

ص: 419

ص: 420

ص: 421

ص: 422

ص: 423

ص: 424

ص: 425

ص: 426

ص: 427

ص: 428

ص: 429

ص: 430

ص: 431

ص: 432

ص: 433

ص: 434

ص: 435

ص: 436

ص: 437

ص: 438

ص: 439

ص: 440

ص: 441

ص: 442

ص: 443

ص: 444

ص: 445

ص: 446

ص: 447

ص: 448

ص: 449

ص: 450

ص: 451

ص: 452

ص: 453

ص: 454

ص: 455

ص: 456

ص: 457

ص: 458

ص: 459

ص: 460

ص: 461

ص: 462

ص: 463

ص: 464

ص: 465

ص: 466

ص: 467

ص: 468

ص: 469

ص: 470

ص: 471

ص: 472

ص: 473

ص: 474

ص: 475

ص: 476

ص: 477

ص: 478

ص: 479

ص: 480

ص: 481

ص: 482

ص: 483

ص: 484

ص: 485

ص: 486

ص: 487

ص: 488

ص: 489

ص: 490

ص: 491

ص: 492

ص: 493

ص: 494

ص: 495

ص: 496

ص: 497

ص: 498

ص: 499

ص: 500

ص: 501

ص: 502

ص: 503

ص: 504

ص: 505

ص: 506

ص: 507

ص: 508

ص: 509

ص: 510

ص: 511

ص: 512

ص: 513

ص: 514

ص: 515

ص: 516

ص: 517

ص: 518

ص: 519

ص: 520

ص: 521

ص: 522

ص: 523

ص: 524

ص: 525

ص: 526

ص: 527

ص: 528

ص: 529

ص: 530

ص: 531

ص: 532

ص: 533

ص: 534

ص: 535

ص: 536

ص: 537

ص: 538

ص: 539

ص: 540

ص: 541

ص: 542

ص: 543

ص: 544

ص: 545

ص: 546

ص: 547

ص: 548

ص: 549

ص: 550

ص: 551

ص: 552

ص: 553

ص: 554

ص: 555

ص: 556

ص: 557

ص: 558

ص: 559

ص: 560

ص: 561

ص: 562

ص: 563

ص: 564

ص: 565

ص: 566

ص: 567

ص: 568

ص: 569

ص: 570

ص: 571

ص: 572

ص: 573

ص: 574

ص: 575

ص: 576

ص: 577

ص: 578

ص: 579

ص: 580

ص: 581

ص: 582

ص: 583

ص: 584

ص: 585

ص: 586

ص: 587

ص: 588

ص: 589

ص: 590

ص: 591

ص: 592

ص: 593

ص: 594

ص: 595

ص: 596

ص: 597

ص: 598

ص: 599

ص: 600

ص: 601

ص: 602

ص: 603

ص: 604

ص: 605

ص: 606

ص: 607

ص: 608

ص: 609

ص: 610

ص: 611

ص: 612

ص: 613

ص: 614

ص: 615

ص: 616

ص: 617

ص: 618

ص: 619

ص: 620

ص: 621

ص: 622

ص: 623

ص: 624

ص: 625

ص: 626

ص: 627

ص: 628

ص: 629

ص: 630

ص: 631

ص: 632

ص: 633

ص: 634

ص: 635

ص: 636

ص: 637

ص: 638

ص: 639

ص: 640

ص: 641

ص: 642

ص: 643

ص: 644

ص: 645

ص: 646

ص: 647

ص: 648

ص: 649

ص: 650

ص: 651

ص: 652

ص: 653

ص: 654

ص: 655

ص: 656

ص: 657

ص: 658

ص: 659

ص: 660

ص: 661

ص: 662

ص: 663

ص: 664

ص: 665

ص: 666

ص: 667

ص: 668

ص: 669

ص: 670

ص: 671

ص: 672

ص: 673

ص: 674

ص: 675

ص: 676

ص: 677

ص: 678

ص: 679

ص: 680

ص: 681

ص: 682

ص: 683

فهرس الموضوعات .

ص: 684

. .

ص: 685

الفصل الثاني : في ذكر الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام

اشاره

الفصل الثاني : في ذكر الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام وهو الإمام الثاني 1

.

ص: 686

والسبط الأوّل (1) ، سيّد شباب أهل الجنّة 2 . ويتضمّن هذا الفصل فصولاً في ذكر

.


1- .لعلّ المصنّف أراد بذلك إشارة إلى الحديث الوارد في كتاب الجامع الصغير : 1 / 575 ح 3727 ، وفي كنز العمّال : 12 / 115 ح 34264 و : 129 من الاكمال ح 34328 ، و : 13 / 662 / 37684 ، وأخرجه البخاري : في الأدب ، والترمذي : 2 / 307 ، وابن ماجة ، والحاكم : 3 / 177 عن يعلى بن مرة قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الحسن والحسين سبطان من الأسباط ... ومعلوم أنّ الحسن عليه السلام هو أكبر من الإمام الحسين عليه السلام فيكون الحسن عليه السلام هو السبط الأوّل . وانظر إحقاق الحقّ : 11 / 265 عن كثير من المصادر . وانظر أيضا كنز العمّال : 2 / 88 فقد ورد بلفظ : ... ولكل اُمة سبط وسبط هذه الاُمّة الحسن والحسين ... وفي : 6 / 221 بلفظ الحسن والحسين سبطان من الأسباط ، وانظر مرقاة المفاتيح لعليّ بن سلطان : 5 / 602 بلفظ : ... ومنّا سبطا هذه الاُمّة الحسن والحسين ... وفي ذخائر العقبى : 44 و : 135 ، مسند أحمد : 4 / 173 ، اُسد الغابة : 2 / 19 ، و : 5 / 130 ، وغير ذلك كثير .

ص: 687

مولده ، وكنيته ، ونسبه ، ولقبه [ومبلغ عمره ، ووقت وفاته ]وغير ذلك ممّا يتّصل به كما ستقف عليه إن شاء اللّه تعالى . ولد الحسن بن عليّ عليه السلام في المدينة النصف من شهر رمضان المعظم سنة ثلاث من الهجرة 1 ، وكان الحسن أوّل أولاد عليّ وفاطمة عليهماالسلام . وروي مرفوعا إلى عليّ بن

.

ص: 688

أبي طالب قال : لمّا حضرت ولادة فاطمة قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأسماء بنت عميس واُمّ سلمة : احضرا فاطمة (1) فإذا وقع ولدها واستهلّ صارخا فأذّنا في اُذنه اليمني ، وأقيما في اُذنه اليسري (2) ، فإنّه لا يفعل ذلك بمثله إلاّ عُصم من الشيطان ، ولا تحدّثا شيئا حتّى آتيكما (3) .

.


1- .في (ب ، ج) : احضراها .
2- .انظر كشف الغمّة : 2 / 95 ، البحار : 43 / 254 / 33 ، نزهة المجالس : 2 / 205 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 201 وهناك روايات تشير إلى أنه صلى الله عليه و آله هو أيضا أذّن في اُذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى ، وبعض الروايات تقول : أذّن في اُذنيه كما في مسند أحمد : 6 / 9 / 391 ، سنن الترمذي : 240 . وانظر روضة الواعظين : 132 بلفظ : وأذنّ في اُذنه اليمنى وأقام في اليسرى ... وانظر معاني الأخبار : 57 / 6 ، علل الشرائع : 138 / 7 ، البحار : 43 / 240 ح 8 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 155 ، 189 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 24 / 5 و 147 ، صحيفة الرضا : 16 و 33 ، ذخائر العقبى : 120 ، سنن الترمذي : 1 / 286 ، سنن أبيداود : 33 / 214 ، مسند الطيالسي : 4 / 130 ، مستدرك الصحيحين : 3 / 179 .
3- .انظر نور الأبصار : 107 ، كشف الغمّة : 2 / 95 ، البحار : 43 / 254 / 33 ، نزهة المجالس : 2 / 205 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 201 قريب من هذا اللفظ . وهناك مصادر اُخرى ذكرت كيفية ولادة الإمام الحسن عليه السلام فمن شاء فليراجع المصادر التالية على سبيل المثال لا الحصر : الأغاني : 14 / 157 ، سنن أبي داود : 2 / 341 ، مسند أحمد : 6 / 9 و 391 ، و : 4 / 132 ، سنن الترمذي : 240 أنساب الأشراف : 1 / 404 ، مستدرك الحاكم : 3 / 165 ، الاستيعاب : 1 / 384 ، سنن البيهقي : 9 / 304 ، التنبيه والأشراف : 210 ، أخبار اصبهان : 1 / 46 ، الإرشاد : 2 / 5 ، دخائر العقبى : 120 ، اُسد الغابة : 5 / 483 ، معاني الأخبار : 6 / 57 ، علل الشرائع : 138 / 7 و 5 ، البحار : 43 / 240 / 8 ، أمالي الشيخ الصدوق : 116 / 3 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 24 / 5 ، صحيفة الرضا : 16 ، المناقب : 3 / 189 .

ص: 689

فلمّا ولدت فعلتا ذلك وأتاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله فسرّه ولثاه 1 بريقه ، وقال : اللّهمّ إنّي اعيذه بك [وذرّيته] وولده من الشيطان الرجيم 2 .

.

ص: 690

فلمّا كان اليوم السابع من مولده قال صلى الله عليه و آله : ما سمّيتموه؟ قالوا : حربا ، قال صلى الله عليه و آله : بل سمّوه حسنا 1 ،

.

ص: 691

ثمّ إنّه صلى الله عليه و آله عقّ 1 عنه وذبح كبشا وتولّى ذلك بنفسه الكريمة ، وقال لفاطمة عليهاالسلام : احلقى رأسه، وتصدّقي بوزن الشعر فضّة ، فكان الوزن عن شعره بعد حلقه درهما وشيئا (1) .

.


1- .انظر كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 240، وكذلك زبدة المقال في فضائل الآل لابن طلحة الشافعي (مخطوط): ورق117 لكن بزيادة:بوزن الشعر فضّة، ففعلت ذلك ... كشف الغمّة: 1/518 و 514، البحار : 43/254/33 و : 257/37_40 و : 256 / 35 ، و : 44 / 136 ، الذريّة الطاهرة للدولابي 127 ، الكافي: 6/33 ح2 و3 و5 و6 و : 25 ح9. مستدرك الصحيحين: 4/237 ، و: 3/179 ولكن بلفظ [وأمر ان يماط عن رأسه الاذي ...]، ذخائر العقبى: 119 بزيادة [وحلق رأسه وتصدق بزنة الشعر ثمّ طلى رأسه بيده المباركه بالخلوق ...]، كنز العمّال: 7/107 بزيادة [ ... وأمر بهم فسروا وختنوا ...]، صحيح الترمذي: 1/286، الإستيعاب: 1/384، سنن البيهقي: 9/304، مسند أحمد:6/390 بزيادة [... على المساكين...]، تاريخ الخميس : 1 / 470 ، نور الأبصار : 107 وفيه [ان زنة شعره كانت درهما أو بعض درهم ...] .

ص: 692

فصل : في نسبه ، وكنيته ، ولقبه ، وصفاته الحسنة

فتصدّقت به ، فصارت العقيقة والتصدّق بوزن الشعر سنّة مستمرّة عند العلماء بما فعله النبي صلى الله عليه و آلهفي حقّ الحسن عليه السلام (1) .

فصل : في نسبه ، وكنيته ، ولقبه ، وصفاته الحسنة ، وغير ذلك ممّا يتصل به عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : حصل للحسن وأخيه الحسين عليهماالسلاممالم يحصل لغيرهما ، فإنّهما سبطا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وريحانتاه 2 ، وسيّدا شباب أهل الجنّة (2) ، جدهما رسول اللّه صلى الله عليه و آله ،وأبوهما عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم ، واُمّهما

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .تقدّمت تخريجاته .

ص: 693

الطهر البتول فاطمة ابنة الرسول ، وللّه در القائل . نسبٌ كان عليه من شمس الضحى نورٌ (1) ومن فلق الصباح عمودا هذا النسب الّذي (2) تتقاصر (3) عنده الأنساب ، وجاء بصحّته الأثر ، وصدّقه الكتاب ، فهو وأخوه دوحة النبوّة الّتي طابت فرعا وأصلاً ، وشعبتا الفتوة الّتي سمت رفعةً ونبلاً ، قد اكتنفهما العزّ والشرف ، ولازمهما السؤدد فماله عنهما منصرف 4 .

.


1- .في (د) : نورا .
2- .في (ب) : الّتي .
3- .في (ج) : تتضائل .

ص: 694

وأما كنيته عليه السلام : فأبو محمّد لا غير (1) . وأمّا ألقابه عليه السلام فكثيرة هي : التقي ، والزكي ، والطيّب والسيّد ، والسبط ، والولي ، كلّ ذلك كان يُقال له ويُطلق عليه ، وأكثر هذه الألقاب شهرةً التقي وأعلاها رتبتة (2) ما لقّبه به رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحيث وصفه به وخصّه بأن جعله نعتا له ، فإنّه صحّ النقل كما جاء في الصحيحين عن النبيّ صلى الله عليه و آله فيما أورده الائمة الاثبات عنه صلى الله عليه و آله ، والروات الثقات أنه قال : إنّ ابني هذا سيّد 3 . وسيأتي إن شاء اللّه تعالى الحديث (3) بتمامه فيما بعد .

.


1- .انظر كفاية الطالب : 413 ، كشف الغمّة : 1 / 518 و 514 ، البحار : 44 / 136 ، و : 43 / 250 / 26 ، و : 255 ، الإرشاد للمفيد : 205 ، و : 2 / 5 ط آل البيت عليهم السلاممعالم العترة النبوية (مخطوط ورق 60 ، وقال ابن الخشّاب : كنيته أبو محمّد كما ورد في كشف الغمّة : 1 / 518 و 514 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 وزاد في كنيته ، وأبو القاسم ، اُسد الغابة : 2 / 9 ، مطالب السؤول : 64 .
2- .في (ب) : وأولاها به .
3- .في (أ) : النسب .

ص: 695

وأمّا صفته عليه السلام : فإنه روى عن أنس بن مالك [رض] قال : لم يكنْ أحدٌ أشبه برسولِ اللّه صلى الله عليه و آله من الحسن بن عليّ عليه السلام 1 . وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : «كان الحسن عليه السلام أشبه برسول اللّه صلى الله عليه و آله ما بين الرأس إلى الصدر ، والحسين أشبه فيما كان أسفل من ذلك 2 . وروى البخاري في صحيحه يرفعه إلى عقبة بن الحارث قال : صلّى أبو بكر العصر ثمّ خرج يمشي ومعه عليّ عليه السلام فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله أبو بكر

.

ص: 696

على عاتقه وقال : بأبي شبيه بالنبيّ ليس شبيها بعليّ ، قال : وعليّ عليه السلام يضحك (1) . (2) وروى مرفوعا إلى أحمد بن محمّد بن أيّوب المقبري (3) قال : كان الحسن عليه السلام أبيض اللون مشربا (4) بحمرة ، أدعج العينين ، سهل (5) الخدّين ، دقيق المسْرُبَة (6) ، كثّ اللحية ذا وفرة ، وكأنّ عنقه إبريق فضّة ، عظيم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين ، ربعة ليس بالطويل ولا القصير ، مليحا من أحسن الناس وجها ، وكان عليه السلام يخضّب بالسواد ، وكان عليه السلام جَعْد الشعر ، حسن البدن (7) ، كان نقش خاتمه «العزّة للّه وحده» (8) بابه (9) سفينة (10) ، شاعرته اُمّ سنان المدحجيه ، معاصره معاوية ويزيد .

.


1- .في (أ) : يتبسّم .
2- .انظر بالأضافة إلى المصادر السابقة : صحيح البخاري : 4 / 217 ، و : 2 / 188 ، وروى الجنابذي في مخطوطته معالم العترة النبوية : ورق 61 مثله ولكن بلفظ «لا شبيها بعليّ وعليٌّ يتبسّم» وانظر بحار الأنوار : 43 / 301 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 165 ، كشف الغمّة : 1 / 522 ، أنساب الأشراف : 1 / 539 قريب من هذا ، وراجع : مستدرك الحاكم : 3 / 168 ، مسند أحمد : 4 / 307 ، و : 1 / 8 ، سنن الترمذي : 401 ، فتح الباري : 8 / 97 ، نور الأبصار : 240 .
3- .في (ج) : المغيريُّ .
4- .ليست «مشربا» في (ب) .
5- .في (ج) : أسهل .
6- .في (أ) : المشْرُبَة .
7- .بالإضافة إلى المصادر السابقة انظر نور الأبصار : 240 ، كشف الغمّة : 1 / 525 و 157 ، البحار : 43 / 303 ، وبعض هذه الأوصاف ذكرها ابن شهرآشوب في المناقب : 3 / 191 ، البحار : 44 / 135 ، تاريخ الخميس : 1 / 171 ، دائرة المعارف للبستاني : 7 / 38 ، الفتوح : 2 / 340 ، تاريخ اليعقوبي : 12 / 201 .
8- .انظر الكافي : 6 / 474 / 8 ، البحار : 43 / 258 / 42 و43 و : 242 / 13 ، مصباح الكفعمي : 522 ، والبحار : 44 / 134 ، وانظر عيون أخبار الرضا : 2 / 56 ، أمالي الشيخ الصدوق : 370 _ 371 . وفي الكافي أيضا : 6 / 473 / 2 وفيه «حسبي اللّه » واعتقد أن اختلاف النقوش من جهة تعدّد الخواتم .
9- .في (أ) : بوّابه .
10- .انظر الكفعمي : 522 ، بحار الأنوار : 44 / 134 .

ص: 697

فصل : فيما ورد في حقّه عليه السلام من رسول اللّه صلى الله عليه و آله

فصل : فيما ورد في حقّه عليه السلام من رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوهذا فصلٌ أصله مقصود وفضله مشهود ، فانه جمع بين أشتات الإشارات النبوية والأقوال والأفعال الطاهرة الزكية ، فمن ذلك ما اتفق أهل الصحاح على إيراده وتطابقوا على صحّة إسناده . وروى الحافظ عبدالعزيز الأخضر الجنابدي بسنده مرفوعا إلى (1) سفيان بن الحارث الثقفي قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله والحسن بن عليّ عليهماالسلام إلى جنبه وهو يُقبل على الناس مرّة وعليه [مرّة ]اُخرى ، ويقول : إنّ ابني هذا سيّد ، ولعلّ اللّه أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين 2 .

.


1- .في (ب) : عن و كذلك في المصدر .

ص: 698

وروى في صحيح البخاري ، ومسلم مرفوعا إلى البرّاء قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوالحسن بن عليّ عليه السلام على عاتقه وهو يقول : اللّهمّ إنّي اُحبه فأحبّه 1 .

.

ص: 699

وروى عن الترمذي مرفوعا إلى ابن عباس رضى الله عنهأنه قال : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحامل الحسن بن عليّ عليه السلام [على عاتقه] فقال رجل : نِعمَ المركب ركبت ياغلام ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله ، ونِعمَ الراكب هو (1) . وروى عن الحافظ أبي نعيم فيما أورده في حليته عن أبي بكرة (2) قال : كان النبيّ صلى الله عليه و آلهيصلّي بنا ، فيجيء الحسن عليه السلام وهو ساجد _ وهو إذ ذاك صغير _ فيجلس على ظهره ، ومرّة على رقبته ، فيرفعه النبيّ صلى الله عليه و آلهرفعا رفيقا ، فلمّا فرغ من الصلاة قالوا : يا رسول اللّه إنّك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد؟ فقال صلى الله عليه و آله : إنّ هذا ريحانتي ، وإنّ ابني هذا سيّد ، وعسى أن يصلح اللّه تعالى به بين فئتين من المسلمين (3) .

.


1- .انظر سنن الترمذي : 5 / 327 / 3872 ، ذخائر العقبى : 130 _ 132 ، كشف الغمّة : 1 / 250 ، البحار : 43 / 298 ح 62 ، معالم العترة النبوية (مخطوط) : ورق 62 ، صحيح الترمذي : 2 / 307 و 308 ، وقريب من هذا في مجمع الزوائد : 9 / 182 و 181 لكن بلفظ : بأبي واُمي أنتما ما أكرمكما على اللّه ، ثمّ حمل أحدهما على عاتقه الأيمن والآخر على عاتقه الأيسر ... كنز العمّال : 7 / 104 و 107 و 108 ، مستدرك الصحيحين : 3 / 170 ، اُسد الغابة : 2 / 12 ، محاضرات : 2 / 281 ، ينابيع المودّة : 2 / 36 و205 ط اُسوة .
2- .في (أ) : أبي بكر .
3- .انظر حلية الأولياء : 2 / 35 مع تقديم وتأخير في اللفظ وفيه : كان النبيُّ صلى الله عليه و آلهيصلّي بنا وهو ساجد فيجيء الحسن وهو صبيٌّ صغير حتّى يصير على ظهره أو رقبته فيرفعه رفعا رفيقا ، فلمّا صلّى صلاته قالوا : يا رسول اللّه ... وانظر كشف الغمّة : 1 / 520 ، البحار : 43 / 298 / 62 بالإضافة إلى المصادر السابقة وقد سبق وأن تمّ استخراجه والتعليق على فقرته الأخيرة .

ص: 700

وروى البخاري ومسلم بسنديهما عن أبي هريرة قال : خرجت مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله[طائفة من النهار] لا يكلّمني ولا اُكلّمه حتّى جاء (1) سوق بني قينقاع ، ثمّ انصرف حتّى أتى مخباة وهو مخبأ (2) فاطمة عليهاالسلام فقال : «أثمَّ لُكع (3) ؟ أثمَّ لُكع؟» يعنى حسنا عليه السلام ، فظننّا إنّما حبسته (4) اُمّه لأن تغسله أو تلبسه [سِخابا] (5) ثوبا ، فلم يلبث إذ (6) جاء يسعى حتّى اعتنق (7) كلّ واحد منهما صاحبه ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : اللّهمّ إنّي اُحبّه واُحبّ من يحبُّه (8) _ وفي رواية اُخرى : اللّهمّ إنّي اُحبّه وأحبّ من يُحبّه _ قال أبو هريرة : فما كان أحدٌ أحبّ إليَّ من الحسن بعدما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهما قال (9) . وروى عن الترمذي بسنده عن أبي سعيد قال : قال رسول اللّه : الحسن والحسين

.


1- .في (أ) : أتى .
2- .في (أ) : وهو المخدع .
3- .ولكع الصبي الصغير . .
4- .في (د) : تحبسه .
5- .السِخابِ بالفتحِ : قلادة تتخذ من قرّنفُل وسُكّ وَمحلب ، ليس فيها من اللؤلؤ والجوهر شيء ، تلبسه الصبيان .
6- .في (ج) : أن .
7- .في (أ) : واعتنق .
8- .انظر البخاري : 2 / 188 كتاب اللباس ، مثله وفي كتاب البيوع مثله ، صحيح مسلم : 2 / 456 ب 18 / 57 و 2421 ، جمع الفوائد : 2 / 217 ، ينابيع المودّة : 2 / 44 كنوز الحقائق : 25 ، كنز العمّال : 12 / 124 / 34307 ، مجمع الزوائد : 6 / 157 ، الترمذي : 5 / 327 / 3859 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 203 ، مستدرك الحاكم : 3 / 169 ، مسند أحمد : 2 / 532 ، حلية الأولياء : 2 / 35 وانظر المصادر السابقة وقد سبق وأن تمّ استخراج الحديث .
9- .انظر البخاري : 2 / 188 ، ، مسند أحمد : 2 / 249 و 532 ، و : 6 / 283 ، و : 2 / 231 ، مستدرك الحاكم : 3 / 169 ، كشف الغمّة : 1 / 520 و 566 ، البحار : 43 / 299 و 266 / 23 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 188 ، العدد القوية (مخطوط) : 6 ، بالإضافة إلى المصادر السابقة وقد سبق وأن تمّ استخراج الحديث .

ص: 701

سيدا شباب أهل الجنّة (1) . وعن ابن عمر (2) : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : هما ريحانتي من الدنيا (3) . وروى النسائي بسنده عن عبد اللّه بن شذاذ (4) عن أبيه قال : خرج علينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله في إحدى صلاتي (5) العشاء وهو حامل حسنا عليه السلام [أو حسينا عليه السلام ]فتقدّم رسول اللّه صلى الله عليه و آلهللصلاة فوضعه ثمّ كبّر [للصلاة ]وصلّى (6) فسجد بين ظهراني صلاته مسجده فأطالها قال [أبي] : فرفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوهو ساجد ، فرجعت إلى سجودي فلمّا قضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله صلاته فقال الناس : يا رسول اللّه إنّك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتّى ظننّا أنه قد حدث أمرا وأنّه يوحى إليك! قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : كلّ ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني ، فكرهت أن اُعجّله حتّى ينزل (7) .

.


1- .انظر سنن الترمذي : 539 ط قديم ، صحيح الترمذي : 2 / 306 ، مستدرك الحاكم : 3 / 167 ، خصائص النسائي : 24 ، البداية والنهاية : 8 / 35 ، الاستيعاب : 1 / 391 ، تاريخ الخلفاء : 71 ، مسند أحمد : 3 / 3 و 62 و 82، حلية الأولياء : 5/71 ، تاريخ بغداد : 9/231 ، و : 10 / 90 فرائد السمطين : 2/98 ح 409 و 410 و 428 ، تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسن : 45 / 66 _ 71 ، مستدرك الحاكم : 3 / 167 ، الفتح الكبير : 2 / 80 ، الإصابة : 1 / 255 ، أخبار اصبهان : 2 / 343 ، المعيار والموازنة : 206 ، ذخائر العقبى : 92 و 129، الجامع الصغير: ح3822، الأحاديث الصحيحة للألباني: ح976، المقاصد الحسنة للسخاوي: ح 407 ، كشف الخفا للعجلوني : ح 1139 ، بالإضافة إلى المصادر السابقة وقد سبق وان تم استخراجه .
2- .في (أ) : عمّار بن ياسر .
3- .تقدّمت تخريجاته ، وانظر صحيح البخاري : 4 / 339 ، مسند أحمد : رقم 5568 و 5940 و 5975 ط دار المعارف بمصر ، ذخائر العقبى : 124 ، نزل الأبرار : 92 ، الفتح الكبير : 1 / 298 ، أنساب الأشراف : 3 / 227 / 85 الطبعة الاُولى ، فرائد السمطين : 2 / 109 / 415 ، خصائص النسائي : 124 ط الحيدرية وفي اكثر المصادر : هما ريحانتاي ... .
4- .كذا ، والصحيح : شدّاد كما في المصادر .
5- .في (أ) : الصلاة .
6- .في (أ) : صلّى ، وفي (ب) : فصلى .
7- .صحيح النسائي : 1 / 171 ، ورواه الحاكم في المستدرك : 3 / 121 و 165 و 167 وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و : 626 ، وانظر مسند أحمد : 5 / 44 ، و : 3 / 493 ، و : 2 / 513 ، سنن البيهقي : 2 / 263 ، اُسد الغابة : 2 / 389 ، كنز العمّال : 12 / 124 ح 34308 ، و : 7 / 109 ، و : 6 / 222 وقريب من هذا بحق الحسن والحسين عليهماالسلام كما في مجمع الزوائد : 9 / 175 و181 ، 182 ، ذخائر العقبى : 132 المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 188 ، البحار : 43 / 294 / 55 ولكن بلفظ «فكرهت أن اُعجّله حتّى نزل» وفي جمع الفوائد : 2 / 217 مناقب الحسن والحسين عليه السلام بلفظ «فكرهت اُن اُعجّله حتّى يقضى حاجته» . وانظر ينابيع المودّة : 2 / 43 _ 44 ط اُسوة ، الإصابة : 2 / 11 ، البداية والنهاية : 8 / 33 .

ص: 702

فصل : في علمه عليه السلام

فصل : في علمه عليه السلامحكي عنه عليه السلام أنه كان يجلس في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ويجتمع الناس حوله فيتكلّم بما يشفي غليل السائلين ، ويقطع حجج المجادلين ، من ذلك ما رواه الإمام أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي في تفسير الوسيط : أنّ رجلاً دخل (1) إلى مسجد المدينة فوجد (2) شخصا يحدّث عن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوالناس من حوله (3) مجتمعون ، فجاء إليه الرجل قال : أخبرني عن «شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» (4) فقال : نعم ، أمّا الشاهد فيوم الجمعة ، وأمّا المشهود (5) فيوم عرفة ، فتجاوزه (6) إلى آخر غيره يحدِّث في المسجد فسأله (7) عن «شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» قال : أمّا الشاهد فيوم الجمعة ، وأمّا المشهود فيوم النحر . قال : فتجاوزهما (8) إلى ثالث ، غلام كأنّ وجهه الدينار ، وهو يحدّث [عن

.


1- .في (ب ، د) : قال دخلت .
2- .في (ب ، د) : فإذا أنا برجل .
3- .في (ج) زاد لفظة : فقلت له .
4- .البروج : 3 .
5- .في (أ) : والمشهود .
6- .في (ب) : فجزته .
7- .في (ب) : فقلت له أخبرني .
8- .في (ب) : فجزتهما .

ص: 703

رسول اللّه ]في المسجد ، فسأله (1) عن «شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» فقال : نعم ، أمّا الشاهد فرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأمّا المشهود فيوم القيامة ، أما سمعته [عزّ وجلّ ]يقول : «يَ_أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّ_آ أَرْسَلْنَ_كَ شَ_هِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا» (2) [و ]قال تعالى : «ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ» (3) . فسأل (4) عن الأوّل فقالوا : ابن عباس ، وسأل عن الثاني فقالوا : ابن عمر ، وسأل عن الثالث فقالوا : الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام [وكان قول الحسن أحسن] (5) . ونقل (6) عنه أنّه اغتسل وخرج من داره في بعض الأيّام وعليه حلّة فاخرة وبزّة وبردة (7) طاهرة ، ومحاسن سافرة [وقسمات ظاهرة] بنفحات [ناشرة ]طيّبات عاطرة ، ووجهه يشرق حسنا ، وشكله قد كمل صورةً ومعنى ، [والإقبال ]والسعد يلوح من (8) أعطافه ، ونضرة النعيم تعرف في (9) أطرافه ، و [قاضي القدر ]قد [حكم أنّ السعادة من أوصافه ]ركب بغلةً فارهة غير قطوف (10) ، وسار مكتنفا (11) من حاشيته وغاشيته (12) بصفوف [فلو شاهده عبد مناف لأرغم بمفاخرته به معاطس اُنوف ، وعدّه وآباءه وجدّه في إحراز خصل الفخار يوم التفاخر باُلوف] . فعرض له في

.


1- .في (ب) : فقلت أخبرني .
2- .الأحزاب : 45 .
3- .هود : 103 .
4- .في (ب) : فسألت ، وهكذا في كلّ لفظة «سأل» .
5- .انظر تفسير الوسيط (مخطوط) ورق : 276 ، وانظر كشف الغمّة : 1 / 543 ، و البحار : 43 / 345 / 19 .
6- .في (أ) : وحكي .
7- .في (أ) : ووقرة .
8- .في (أ) : على .
9- .في (أ) : من .
10- .في (أ) : عسوف .
11- .في (أ) : وقد اكتنفه .
12- .ليست : «وغاشيته» في (أ) .

ص: 704

طريقه شخص من محاويج اليهود [هِمٌّ في هدم ]وعليه مسحٌ من جلود ، وقد أنهكته العلّة و [اُرتكبته ]الذلّة [وأهلكته القلّة ، وجلده يستر عظامه وضعفه يقيّد أقدامه ، وضرّه قد ملك زمامه ، وسوء حاله قد حبّب إليه حمامه ]وشمس الظهيرة قد تشوى (1) شواه [وقد أحرقت بحرها أخمصية ويصافح ثرى ممشاه ، وعذاب حرّ عريه قد عراه ، وطول طواه قد أضعف بطنه وطواه] وهو حامل جرّة ماء على قفاه ، فاستوقف الحسن فقال : يا ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهسؤال (2) فقال : له ما هو؟ قال : جدّك يقول : «الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر» وأنت المؤمن وأنا الكافر ، فما أرى الدنيا إلاّ جنة لك تتنعمّ بها (3) وأنت مؤمن وتستلذّ بها ، وما أراها إلاّ سجنا [لي ]قد أهلكني ضرها (4) وأتلفني (5) فقرها . فلمّا سمع الحسن عليه السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد واستخرج الجواب [بفهمه] من خزانة علمه وأوضح لليهودي خطأ ظنّه وخطل زعمه وقال : يا شيخ لو نظرت إلى ما أعدّ اللّه تعالى لي وللمؤمنين في دار الآخرة ممّا لا عين رأت ، ولا اُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، لعلمت [أني] قبل انتقالي إليه في هذه الدنيا (6) في سجنٍ ضنِك (7) ، ولو نظرت إلى ما أعدّ اللّه لك ولكلّ كافر في الدار الآخرة من سعير نار جهنّم ، ونكال العذاب الأليم المقيم لرأيت [أنّك ]قبل مصيرك إليه [الآن ]في جنّة واسعة ونعمة جامعة (8) . فانظر إلى هذا الجواب الصادع بالصواب .

.


1- .(أ) : شوت .
2- .في (ب ، د) : أنصفني .
3- .في (أ) : تنعّم فيها .
4- .في (أ) : حرّها .
5- .في (أ) : وأجهدني .
6- .في (أ) : الحالة .
7- .ليست «ضنك» في (أ) .
8- .انظر بالإضافة إلى المصادر السابقة البحار : 43 / 346 عن كشف الغمّة .

ص: 705

فصل : في عبادته وزهادته عليه السلام

فصل : في عبادته وزهادته عليه السلامعبادته عليه السلام الّتي اشتهرت ، وزهادته الّتي ظهرت ، قيامه بها مشهور ، وأسمه في أربابها مذكور ، فمن ذلك مانقله الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده أنه قال عليه السلام : إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم امشِ إلى بيته (1) . فمشى عشرين مرّة من المدينة إلى مكّة على قدميه 2 . وروى صاحب كتاب الصفوة بسنده عن عليّ بن زيد بن جذعان (2) أنه قال : حجّ الحسن بن عليّ عليه السلام خمس عشرة حجّة (3) ماشيا على قدميه وأنّ والنجائب لتقاد بين

.


1- .انظر حلية الأولياء 2 / 37 روى بسنده عن محمّد بن عليّ ، أخبار اصبهان : 1 / 44 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 180 ، البحار : 43 / 339 ، الصواعق المحرقة : 139 ب 10 فصل 3 ، ينابيع المودّة : 2 / 424 ط اُسوة ، ذخائر العقبى : 137 .
2- .في (ب) : جدعان ، وفي (ج) : شجعان .
3- .في (ب ، د) : مرّة .

ص: 706

يديه (1) . وأمّا الصدقات : فقد روى عن الحافظ أبي نعيم في حليته أنه عليه السلام خرج من ماله مرتين ، وقاسم اللّه تعالى ثلاث مرّات ماله وتصدّق به (2) . وكان عليه السلام من أزهد الناس في الدنيا ولذّاتها ، عارفا بغرورها وآفاتها ، وكثيرا مّا كان عليه السلام يتمثّل بهذا البيت (3) : يا أهلَ لذّاتِ دنيا لا بقاءَ لهَا إنّ المقام (4) بظلٍّ زائلٍ حُمقُ وأمّا ما يدلّ (5) على قوّة عبادته وعلوّ مكانته (6) قوله عليه السلام في بعض مواعظه : يا ابن آدم عف عن محارم اللّه تكن عابدا ، وأرض بما قسم اللّه لك تكن غنيا ، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما ، وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك بمثله تكن عدلاً ، إنّه كان بين أيديكم قوم يجمعون كثيرا ، ويبنون مشيدا ، ويأملون بعيدا ، أصبح جمعهم بورا ، وعملهم غرورا ، ومساكنهم قبورا . يا ابن آدم إنّك لم تزل في

.


1- .انظر ذخائر العقبى : 137 قال : خرّجه أبوعمر ، وخرّجه صاحب الصفوة والبغوي في معجمه عن عبيداللّه بن عبيد بن عمير . وفي المستدرك : 3 / 169 ولكن بلفظ «خمسا وعشرين حجّة وإن النجائب لتقاد معه» . لعلّ الصحح هو الجنائب جمع جنيبة أي الدابة الطائعة الّتي تقاد إلى جنب الإنسان كما في تهذيب التهذيب : 2 / 298 وانظر تاريخ الخلفاء : 73 . سنن البيهقي : 4 / 331 ، حلية الأولياء : 2 / 37 ، قرب الإسناد 79 ، علل الشرائع : 447 / 6 ، البحار : 43 / 332 / 3 ، نورالأبصار : 240 ، أنساب الأشراف : 3 / 9 .
2- .انظر حلية الأولياء : 2 / 37 روى بسنده عن محمّد بن عليّ وعن ابن أبي نجيح ولكن بلفظ «وقسم ماله نصفين» وعن شهاب بن عامر بلفظ «حتّى تصدق بفرد نعله» وعن عليّ بن زيد بن جدعان وزاد فيه : حتّى أن كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً ويعطي خفّا ويمسك خفّا ... وانظر سنن البيهقي : 4 / 331 بلفظ : حتّى أنه يعطي الخفّ ويمسك النعل ... المناقب لابن شهرآشوب : / 3 180 ، بحار الأنوار : 43 / 339 / 13 و : 332 / 2 و : 357 ، أمالي الشيخ الصدوق : 184 / 9 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 16 / 10 ، تاريخ الخلفاء : 73 .
3- .انظر المناقب : 3 / 180 ، البحار : 43 / 341 ح 14 .
4- .في (أ) : اغترارا .
5- .ليست «ما يدلّ» في (أ) .
6- .في (أ) : مكانه .

ص: 707

فصل : في جوده وكرمه عليه السلام

هدم عمرك منذ سقطت من بطن اُمّك فخذ (1) بما في يديك ، فإنّ (2) المؤمن يتزوّد ، والكافر يتمتّع . وكان عليه السلام يتلو بعد هذه الموعظة «وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» (3) فتدبّر هذا الكلام بحسّك واعطه نصيبا وافرا من نفسك .

فصل : في جوده وكرمه عليه السلامالكرم والجود (4) غريزةٌ مغروسة فيه ، وإيصال صلاته للمسلمين (5) نهجٌ ما زال يسلكه ويقتفيه ، فمن ذلك مانقل عنه عليه السلام «أنه سمع رجلاً يسأل ربّه عزّ وجلّ أن يرزقه عشرة آلاف درهم ، فانصرف الحسن عليه السلام إلى منزله فبعث بها إليه (6) . ومن ذلك أنّ رجلاً جاء إليه عليه السلام وسأله وشكا إليه حاله وفقره وقلّة ذات يده بعد أن كان ذلك الرجل من المثرين (7) ، فقال له : يا هذا حقُّ سؤالك يعظم لديَّ ، ومعرفتي

.


1- .في (أ) : فجد بما في يدك .
2- .في (أ) : وإنّ .
3- .البقرة : 197 . انظر كشف الغمّة : 166 .
4- .الجود كثيرا مّايوجد بين الناس ، كما أنّ العبادة والطاعة كثيرا مّاتشاهد بينهم ، أمّا الجود الخالص الحقّ فقليل ماهو ، كما أنّ العبادة الخالصة لاتوجد إلاّ في المخلصين من عباداللّه الصالحين . نعم الجود الخالص مالايشوبه ريب ولايعتريه غرض نفساني ولايتبعه مَنّ ولاأذى من قول أو فعل كما قال تعالى «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَلَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَيُتْبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ» البقرة : 262 ، وقال تعالى «يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَتُبْطِ_لُواْ صَدَقَ_تِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِى يُنفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ النَّاسِ» البقرة : 264 ، وقال تعالى «قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذىً وَاللَّهُ غَنِىٌّ حَلِيمٌ» البقرة : 263 .
5- .في (أ) : للمتقين .
6- .انظر كشف الغمّة : 1 / 558 ، ذخائر العقبى : 137 ولكن بدون لفظة «درهم» وقال : خرّجه في الصفوة ، وقريب من هذا في المحاسن للبيهقي : 56 . وانظر تاريخ بغداد : 6 / 34 ، الصواعق المحرقة : 83 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 182 ، البحار : 43 / 341 / 15 و : 347 / 20 . ينابيع المودّة : 2 / 211 ط اُسوة .
7- .في (أ) : الموثرين .

ص: 708

بما يجب لك يكبُر لديَّ (1) ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله ، والكثير في ذات اللّه [عزّ وجلّ] قليل ، ومافي ملكي وفاء لشكرك ، فإن قبلت الميسور ورفعت (2) عنّي مؤونة الاحتيال (3) والاهتمام بما (4) أتكلّفه من واجبك فعلت . فقال الرجل : يابن رسول اللّه أقبل القليل وأشكر العطية وأعذر على المنع . فدعا الحسن عليه السلام وكيله (5) وجعل يحاسبه على نفقاته ومقبوضاته حتّى استقصاها ، فقال : هات الفاضل [من الثلاثمائة ألف درهم] فأحضر خمسين ألف درهم ، قال : فما فعلت في الخمسمائة درهم (6) الّتي معك؟ فقال : هي عندي : فقال عليه السلام : فأحضرها ، فلمّا أحضرها دفع (7) الدراهم والدنانير إليه (8) واعتذر منه (9) . ومن ذلك مارواه أبو الحسن المدايني قال : [لمّا] خرج الحسن والحسين وعبد اللّه بن جعفر عليهم السلام حجّاجا فلمّا كانوا في بعض الطريق جاعوا وعطشوا وقد فاتتهم أثقالهم فنظروا إلى خباء فقصدوه فإذا فيه عجوز فقالوا : هل من شراب؟ فقالت: نعم ، فأناخُوا بها وليس عندها إلاّ شويهة في كسر الخباء (10) فقالت: احتلبوها

.


1- .في (أ) : يكثر عليَ .
2- .في (أ) : رفعت .
3- .في (أ) : الاحتفال ، وفي (ج) : الأصفاد .
4- .في (أ) : لما .
5- .في (د) : بوكيله .
6- .في (أ) : دينار .
7- .في (ج) : فدفع .
8- .في (ب) : إلى الرجل .
9- .انظر كشف الغمّة : 1 / 558 ، المناقب لابن شهرآشوب :3 / 182 ، البحار : 43 / 347 / 20 ولكن بزيادة : ... وقال : هات من يحملها لك ، فأتاه بحمّالين فدفع الحسن عليه السلام إليه رداءه لكري الحمّالين ، فقال مواليه : واللّه ما بقي عندنا درهم فقال : لكنّي أرجو أن يكون لي عند اللّه أجرا عظيما ... وقال : وخرّجه صاحب كتاب الصفوة : وانظر مطالب السؤول : ب 2 في كرمه مع اختلاف يسير في اللفظ ، الصواعق المحرقة : 83 ، المحاسن للبيهقي : 56 .
10- .في (ج) : الخيمة .

ص: 709

فاتّذقوا لبنها ، ففعلوا ذلك وقالوا لها : هل من طعام؟ فقالت : لا ، إلاّ هذه الشاة (1) ماعندي غيرها اُقسم عليكم باللّه إلاّ ماذبحها أحدكم حتّى اُهيّئ (2) لكم حطبا واشووها وكلوها ، ففعلوا وأقاموا حتّى بردوا ، فلمّا ارتحلوا قالوا لها : نحن نفرٌ من قريش نريد هذا الوجه ، فإذا رجعنا سالمين فألمّي بنا فإنّا صانعون إليك خيرا ، ثمّ ارتحلوا . فأقبل زوجها فأخبرته [عن ]خبر القوم والشاة فغضب [الرجل ]وقال : ويحك أتذبحين شاتي (3) لأقوام لاتعرفيهم ثمّ تقولين نفر من قريش؟ ثمّ بعد وقت (4) طويل ألجأتهم الحاجة واضطرّتهم السنة إلى دخول المدينة فدخلاها [وجعلا ]ينقلان (5) البعر [إليها ويبيعانه ويعيشان منه ]فمرّت العجوز في بعض السكك (6) تلتقط البعر ، والحسن عليه السلام جالس على باب داره فبصر بها فعرفها فناداها وقال لها : يا أمة اللّه تعرفيني؟ فقالت : لا فقال عليه السلام : أنا أحد ضيوفك في المنزل الفلاني ضيفك يوم كذا ، سنة كذا ، فقالت : بأبي أنت واُمّي لست أعرفك ، قال عليه السلام :فإن لم تعرفيني فأنا اُعرّفك ، فأمر غلامه فاشترى لها من غنم الصدقة ألف شاة وأعطاها ألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين ، فعرفها وقال [لها] : بكم وصلك أخي الحسن؟ فأخبرته ، فأمر لها مثل ذلك ، ثمّ بعث معها غلامه إلى عبد اللّه بن جعفر رضى الله عنهفقال : بكم وصلك الحسن واُخوه؟ فقالت : وصلني كلّ واحد منهما بألف شاة وألف دينار ، فأمر لها بألفي شاة وألفي دينار ، وقال : واللّه لو بدأتِ بي لأتعبتهما . ثمّ رجعت إلى زوجها وهي من أغنى الناس» (7) .

.


1- .في (أ) : فقالت هذه الشويهة .
2- .في (أ) : بينما .
3- .في (أ) : تذبحين شاة .
4- .في (ج) : مدة .
5- .في (أ) : يلتقطان .
6- .في (ج) : المدينة .
7- .انظر المدائنى (حياة الإمام الحسن عليه السلام ) ، كشف الغمّة : 1 / 558 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 182 ، البحار : 43 / 347 ح 20 و : 341 / 15 مع اختلاف يسير في اللفظ ، عوالم العلوم : 9 / 114 .

ص: 710

فصل : في شيء من كلامه عليه السلام

وعن الحسن بن سعد عن أبيه قال : متّع الحسن بن عليّ عليه السلام امرأتين من نسائه بعد طلاقهما بعشرين ألفا وزقّ (1) من عسل ، فقالت إحداهما وأراها الحنفية : متاع قليل من حبيبٍ (2) مفارق (3) .

فصل : في شيء من كلامه عليه السلامنقل الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام سأل ابنه الحسن فقال له :يابُني ما السداد؟ فقال : يا أبتِ السدادُ دفع المنكر بالمعروف . وقال عليه السلام : ما الشرفُ؟ قال : اصطناعُ العشيرة وحمل (4) الجريرة . وقال عليه السلام : فما السماح؟ (5) قال : البذلُ في العُسر واليُسر . قال عليه السلام : فما اللؤم؟ قال : إحتراز (6) المرء ما نفسه (7) وبذله عرسه (8) . قال : فما الجُبن؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول عن (9) العدوّ . قال : فما الغِنى؟ قال : رضا النفسِ بما قَسمَ اللّه تعالى لها وإن قلَّ . قال : فما

.


1- .في (أ) : وزقاق .
2- .في (ب) : محب .
3- .انظر حلية الأولياء : 2 / 36 ، كشف الغمّة : 560 و 567 و 575 ، المناقب لابن شهرآشوب : 1863 ، البحار : 43 / 349 و 342 / 21 ولكن بلفظ «كانت تحت الحسن بن عليّ عليه السلام امرأتان تميمية وجعفية فطلّقهما جميعا وبعثني إليهما ، وقال : أخبرهما فليعتدّا وأخبرني بما تقولان ومتّعهما العشرة الآلاف وكلّ واحدة منهما بكذا وكذا من العسل والسمن ، فأتيت الجعفية فقلت : اعتدِّي ، فتنفّست الصُّعداء ثمّ قالت : متاع قليل من حبيب مفارق، وأمّا التميمية فلم تدر ما «اعتدِّي»حتّى قال لها النساء فسكتت، فأخبرته عليه السلام بقول الجعفية فنكت في الأرض ثمّ قال: لو كنت مراجعا لامرأة لراجعتها ... وروى الصدوق شطرا منها في معاني الأخبار : 113 ، تاريخ ابن كثير : 8 / 39 ، دائرة المعارف للبستاني : 7 / 39 ، تحف العقول : 225 .
4- .في (أ) : وحملة .
5- .في (ب ، ج) : السماحة .
6- .في (أ) : احراز .
7- .في (أ) : ماله .
8- .في (أ) : عرضه .
9- .في (أ) : على .

ص: 711

الحلم؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس . قال : فما المَنعة؟ قال : شدّة البأس ومنازعة أعزّ (1) الناس . قال : فما الذلّ؟ قال : الفزعُ عند المصدوقة (2) . قال : فما الكلفة؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك . قال : فما المجد؟ قال : أن تعطي في الغُرم (3) وتعفو عن (4) الجرم . قال : فما السناء (5) قال : إتيانُ الجميل وتركُ القبيح . قال : فما السفه؟ قال : اتباع الدُناة ومصاحبة (6) الغُواة . قال : فما الغفلة؟ قال : ترك (7) المسجد وطاعة المفسده (8) . فهذه الأجوبة الحاضرة ، شاهدة ببصيرة ناصرة ، ومادّة فضل وافرة ، وفكرة على استخراج الغوامض القادرة . ومن كلامه عليه السلام أنه قال : لا أدب لمن لا عقل له ، ولا مودّة لمن لا همّة له ، ولا حياء لمن لا دِين له ، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل ، وبالعقل تُدرك الدارين جميعا ، ومن حرم العقل حرمهما (9) جميعا (10) .

.


1- .في (أ) : أشدّ .
2- .في (أ) : الصدمة ، في (ب) : المصدومة ، وفي (د) : الصدقة .
3- .في (ج) : العزم .
4- .في (أ) : في .
5- .في (أ) : السؤدد .
6- .في (أ) : و صحبة .
7- .في (ج) : تركك ... طاعتك .
8- .انظر تحف العقول : 225 . البحار : 1 / 118 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 219 ، البداية : 8 / 39 ، المحاضرات : 1 / 366 ، حلية الأولياء 2 / 36 ، نورالأبصار : 245 .
9- .في (ج) : خسرهما .
10- .انظر حلية الأولياء : 2 / 36 ومابعدها ، تحف العقول : 225 ومابعدها ، وروى الصدوق شطرا منها في معاني الأخبار : 113 : تاريخ دمشق : 12 / 522 ، أعيان الشيعة : 4 / ق 1 : 46 و 88 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 39 ، مجموعة ورّام : 37 ، تاريخ ابن كثير : 8 / 39 ، دائرة المعارف للبستاني : 7 / 39 ، بحار الأنوار : 17 / 206 ط قديم ، كشف الغمّة : 170 ومابعدها ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 219 ، نور الأبصار : 245 .

ص: 712

وسئل عليه السلام عن الصمت فقال : هو ستر العي (1) ، وزين العرض ، وفاعلهُ في راحة ، وجليسه في أمن (2) .

وقال عليه السلام :هلاك المرء في ثلاث : الكِبر ، والحرص ، والحسد . فالكِبر : هلاك الدين وبه لُعن إبليس ، والحرص : عدوّ النفس وبه اُخرج آدم من الجنّة ، والحسد : رائد السوء (3) ومنه قتل قابيل هابيل (4) .

وقال عليه السلام :لا تأتي رجلاً إلاّ أن ترجُوَ نَواله ، أو تخاف بأسه (5) [أو تستفيد من علمه ]أو ترجُوَ بَركتَه [ودعاءه ]أو تصل رحما بينَك وبينَه (6) .

وقال عليه السلام :دخلتُ على عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهو يجود بنفسه لمّا ضربه ابن ملجم ، فجزعتُ لذلك فقال لي : أتجزع (7) ؟ قلت : وكيف لا أجزع وأنا أراك في هذه الحالة؟! فقال : يابني احفظ عنّي خصالاً أربعا إذا أنت حفظتهنّ نلت بهنّ النجاة : يا بني ، لا غِنى أكثر من العقل ، ولا فقر مثل الجهل ، ولا وحشة أشدّ من العُجب ، ولا عيش ألدّ من (8) حُسن الخُلق . واعلم أنّ مروّة القناعة ، والرضا أكبر من مروّة الإعطاء ، وتمام الصنيعة خير من ابتدائها 9 .

.


1- .في (أ) : للغي ، وفي (ج) : العمى .
2- .انظر المصادر السابقة .
3- .في (ج) : الشرّ .
4- .انظر المصادر السابقة .
5- .في (أ) : يده .
6- .انظر المصادر السابقة .
7- .في (أ) : لا تجزع؟
8- .في (أ) : عن .

ص: 713

فصل : في ذكر طرف من أخباره عليه السلام ومدة خلافته

وقال عليه السلام :من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه (1) .

وقال عليه السلام :حُسن السؤال نصف العلم (2) .

فكلامه عليه السلامنوعٌ من (3) كلام أبيه وجدّه ، ومحلّه من البلاغة محلّ لا ينبغي لأحدٍ من بعده .

فصل : في ذكر طرف من أخباره عليه السلام ومدة خلافته ومهادنته بعد ذلك لمعاوية ومصالحته لهروى جماعة 4 من أصحاب السِير وغيرهم أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام خطب في

.


1- .انظر ناسخ التواريخ ، حلية الأولياء : 2 / 36 ، تحف العقول : 225 ، معاني الأخبار : 113 ، مجموعة ورّام : 37 ، نور الأبصار : 246 .
2- .نور الأبصار : 246 ، البداية والنهاية : 8 / 39 ، كشف الغمّة : 170 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 219 .
3- .في (أ) : ينزع إلى .

ص: 714

صبيحة الليلة الّتي قُبض فيها أمير المؤمنين عليّ عليه السلام فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى الله عليه و آله ثمّ قال :لقد قُبِضَ في هذهِ الليلةِ رجلٌ لم يَسبِقْه الأوّلون [بعمل ]ولم يدركه الآخِرون [بعمل ]لقد كانَ يُجاهِدُ مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله فَيقِيهِ بنفسه ، وكانَ رسولُ اللّه صلى الله عليه و آلهيُوجِّهُهُ برايتهِ فيكنفه (1) جبرئيلُ عن يمينهِ وميكائيلُ عن يساره (2) ، فلا يَرجعُ حتّى يفتح اللّهُ على يديهِ . ولقد تُوفِّي [في ]الليلةِ الّتي عُرِجَ فيها بعيسى بن مريم ، وفيها قُبِضَ يُوْشَعُ بن نونٍ عليه السلام [وصيُّ موسى ]وما خلّفَ صفراءَ ولا بيضاءَ إلاّ سبعمائة (3) درهمٍ فضُلَتْ من عطائه ، وأراد أنْ يبتاعَ بها خادما لأهله (4) . ثمّ خنقته (5) العبرة فبكى وبكى الناس معه (6) . ثمّ قال عليه السلام : أنا ابن البشير [أنا ابن] النذير ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنهِ ، أنا ابن الذين أذهبَ اللّه عنهم الرِجسَ وطهّرهم تطهيرا ، أنا من أهل بيتٍ افترض اللّهُ تعالى حبّهم (7) في كتابه فقال عزّ من قائل : «قُل لاَّ أَسْ_ئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ

.


1- .في (أ) : فيكتفه .
2- .في (أ) : شماله .
3- .هذا ماأكدّته المصادر السابقة ولكن في بعضها كالطبري في تاريخه : 4 / 121 قال « ... إلاّ ثمانمائة أو سبعمائة أرصدها لخادمه» وفي تفسير البرهان : 4 / 124 قال « ... إلاّ سبعمائة وخمسون درهما» وفي خصائص النسائي : 6 «إلاّ تسعمائة» وفي البحار : 43 / 363 / 6 نقلاً عن كفاية الأثر : 160 «ماخلف درهما ولادينارا إلاّ أربعمائة درهم» وفي العقد الفريد : 4 / 360 «ماترك إلاّ ثلاثمائة درهم» .
4- .أجمعت المصادر السابقة على هذا ماعدا أمالي الطوسي : 2 / 174 بلفظ «خادما لاُمِّ كلثوم» ومثله في تفسير البرهان : 4 / 124 ، وفي الفتوح : 4 / 146 زاد «وقد أمرني أن أردّها إلى بيت المال» .
5- .في (أ) : خنقه البكاء .
6- .في (ب ، ج) : من حوله .
7- .في (أ) : مودّتهم .

ص: 715

الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا» (1) . فالحسنة مودّتنا أهل البيت (2) . ثمّ جلس فقام عبد اللّه بن العباس بين يديه فقال : معاشر الناس إنّ هذا ابن بنت نبيكم ووصيُّ إمامكم فبايعوه [فاستجابوا له ، وقالوا : ما أحبّه إلينا وأحقّه بالخلافة] فتبادر الناس إلى بيعته 3 .

.


1- .الشورى : 23 .
2- .تقدّمت تخريجاته .

ص: 716

. .

ص: 717

. .

ص: 718

. .

ص: 719

وبعض هذه الخطبة قد أوردها أحمد بن حنبل في مسنده (1) عن هبيرة [بن مريم ]وكان ذلك في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة. وقيل : الأحد ليلة الثالث والعشرين منه على ما جاء في اختلاف الروايات المتقدّمة في مقتل عليّ عليه السلام ، فرتّب العُمّال ، وأمَّرَ الاُمراءَ ، وجنّد الجنود ، وفرّق العطيّات (2) . ولمّا بلغ معاوية وفاة (3) عليّ وبيعة الحسن عليه السلام دسّ (4) رجلاً من حِمْيرَ إلى الكوفة

.


1- .مسند ابن حنبل : 2 / 669 ، وانظر المصادر السابقة .
2- .ذكر ابن الأثير في البداية والنهاية : 8 / 41 أنه ... وأعطى الأوامر الحازمة إلى الاُمراء وزاد في عطاء الجيش مائة مائة ، وكان الإمام عليّ قد فعل ذلك يوم الجمل ... ومثل ذلك في أعيان الشيعة : 4 / ق 1 : 15 . وهذا النّص يكشف لنا عن موقف الإمام الجاد من الحرب ومجابهة معاوية بالقوة ، وإلاّ فما معنى زيادة المقاتلة في العطاء؟ وما هو إلاّ لدفع النفوس وترغيبها التأهب للقتال . وانظر المقاتل للاصفهاني : 64 بزيادة : ... والحسن فعله _ أي العطاء _ على حال الاستخلاف ، فتبعه الخلفاء من بعد ذلك ... .
3- .في (أ) : موت .
4- .في (أ) : أنفذ .

ص: 720

ورجلاً من بلقين (1) إلى البصرة ليكتبا إليه (2) بالأخبار ويُفسدا على الحسن عليه السلام الاُمور (3) ويغيّرا عليه قلوب الناس ، فعرف بهما الحسن عليه السلام فأخذهما وقتلهما وكتب إلى معاوية : أمّا بعدُ ، فإنّكَ دَسَستْ الرجال [للاحتيال والاغتيال ]وأرصدت العيونَ كأنّكَ تُحبُّ اللقاءَ ، ولوترى العافية وما أوشك (4) في ذلك فتوقّعه إن شاء اللّه تعالى (5) . فلمّا بلغ معاوية كتابه وقتلِه الرجلين سار بنفسه إلى العراق (6) وتحرّك الحسن وبعث حُجْرَ بن عَديّ واستنفر (7) الناس للقتال ، فتثاقلوا عنه ثمّ خفّ (8) معه أخلاطا من الناس بعضهم من شيعته وشيعة أبيه عليه السلام وبعضهم من المحكّمة (9) الذين يؤثرون (10) القتال _ قتال معاوية _ بكلّ حيلة (11) ، وبعضهم من أصحاب طمع في الغنائم ، وبعضهم

.


1- .(أ) : وآخر من بني القين . والظاهر أصله بنو القين والنسبة قيني إحدى قبائل العرب ، انظر القاموس المحيط : _ قين _ 4 / 262 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 9 ، المقاتل : 62 ، شرح النهج لابن أبي الحديد : 4 / 11 ، و : 16 / 31 ، الأغاني : 18 / 162 ، البحار : 44 / 45 .
2- .(أ) : ليطالعاه .
3- .في (أ) : الأمر .
4- .في (ب) : أشك .
5- .انظر المصادر السابقة .
6- .انظر الفتوح لابن أعثم : 2 / 289 قال : ثمّ جمع معاوية الناس وخرج في ستين ألفا يريد العراق ... الخرائج والجرائح : 296 ، رجال الكشّي : 112 / 179 ، كشف الغمّة : 1 / 566 ، أمالي الشيخ الطوسي : 2 / 171 ، وانظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 10 قريب من هذا وزاد : فلمّا بلغ جسر منبج _ بلد باالشام _ تحرّك الحسن عليه السلام وبعث حُجربن عدي ... شرح النهج للمعتزلي : 16 / 33 ، مقاتل الطالبيّين : 69 ، البحار : 44 / 39 .
7- .في (أ) : واستعدّ .
8- .في (أ) : خفوا .
9- .المحكّمة : الخوارج ، انظر الملل والنحل : 1 / 106 ، والقاموس المحيط : 4 / 98 . وقد تقدّم التعريف بهم فراجع ذلك في فصل الإمام عليّ عليه السلام والخوارج .
10- .في (أ) : يودّون .
11- .في (أ) : حال .

ص: 721

أصحاب عصبية اتّبعو رؤساءهم ورؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين (1) . ثمّ سار حتّى نزل ساباط [دون ]القنطرة وبات هناك ، فلمّا أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في طاعته ليميز أولياءه من أعدائه ويكون على بصيرةٍ من لقاء معاوية ، فأمر أن ينادي في الناس الصلاة جامعة ، فاستجمعوا فصعد المنبر فخطبهم (2) فقال : الحمد للّه كلّما حمده حامد (3) وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه كلّما شهد له شاهد (4) وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله أرسله بالحق وائتمنه على الوحي (5) صلى الله عليه و آله .أمّا بعد ، فواللّه إنِّي لأرجو أنّ أكون قد أصبحتُ بحمد اللّه ومَنِّه وأنا أنصح خلق اللّه تعالى لخلقهِ ، وما أصبحتُ محتملاً على امرئً مسلمٍ ضغينةً ولا مريد له بسوء ولا غايلة ، وإنّما تكرهون في الجماعة خيرٌ لكم ممّا تحبّون في الفرقه [ألا] وإنّي ناظرٌ لكم [خيرا من نظركم ]ولأنفسكم فلا تخالفوا أمري ولا تَردُّوا عليَّ [رأيي ]وإنّي غفر اللّه لي ولكم وأرشدني وإيّاكم لما فيه المحبّة والرضا ناظرا لما فيه مصالحكم ، والسلام 6 .

.


1- .في (أ) : شيء .
2- .في (أ) : وخطبهم .
3- .في (أ) : الحامدون .
4- .في (أ) : الشاهدون .
5- .في (أ) : بالوحي .

ص: 722

[قال :] فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا : ما ترونّه يريد أن يصنع؟ قالوا : نظنّه (1) أنه يريدُ أن يصالح معاوية ويسلّم الأمر إليه [فقالوا : كفر واللّه الرجل ]فشدّوا على فُسطاطه فانتهبوه حتّى أخذوا مصلاّه من تحته . ورداءه من عاتقه [ثمّ شدّ عليه عبد الرحمن بن عبد اللّه بن جعال الأزدي ، فنزع مِطرفَه من عاتقه ، فبقي جالسا متقلّدا السيف بغير رداء] (2) . فرجع وركب فرسه وتقلّد بسيفه وأحدق به طوائف من خاصّته وشيعته ومنعوا منه مَن أراده (3) [فقال : ادعُوا لي ، فدعوا له ]وطافوا به ربيعة وهمدان وجماعة من غيرهم وساروا معه ، فبادر إليه رجل من بني أسد يقال له (4) الجرّاح بن سنان (5) [فأخذ بلجام بغلته] في يده مِغوَل (6) [وقال : اللّه أكبر شركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل ]فطعنه به في فخذه فشقّه حتّى بلغ العظم [فاعتنقه الحسن وخرّا جميعا إلى الأرض ]فأكبّ عليه شخصٌ من شيعة الحسن (7) فقتله

.


1- .في (أ) : نظنّ .
2- .ما بين المعقوفتين في (ب) كما جاء في مقاتل الطالبيّين : 72 .
3- .في (أ) : من خواصّ شيعته فمنعوه و طافوا ... .
4- .في (أ) : اسمه .
5- .الجرّاح بن سنان من [بن] قبيصة الأسدي كما جاء في تاريخ اليعقوبي : 2 / 215 ، والإمام الحسن بن عليّ : 18 ، لكن في الفتوح : 2 / 290 «سنان بن الجرّاح» . وانظر الأخبار الطوال : 217 ، المقاتل : 72 . وفي رجال الكشّي : 112 / 179 : وطعنه ابن بشير الأسدي .
6- .في خنجر ، مِغْوَل وفي (ج) : مِعْوَل .
7- .هو عبد اللّه بن حنظل الطائي ، فانتزع المِغول من يده فخضخض به جوفه ، واكّبّ عليه شخص آخر يدعى بظبيان بن عُمارة فقطع أنفه ... انظر الأخبار الطوال : 217 ولكن فيه «الاخطل» «بدل حنظل» . وفي الإرشاد : 2 / 12 «عبد اللّه بن خطلٍ» . وانظر المقاتل : 72 ، وابن أبي الحديد في الشرح : 4 / 15 ، ومستدرك الحاكم : 3 / 174 ، وابن الأثير : 3 / 175 ، وابن خلدون : 2 / 186 ، و الإصابة ترجمة الحسن بن عليّ ، وابن الوردي : 1 / 166 .

ص: 723

وقتلوا آخر كان معه ، وحمل الحسن عليه السلام على سرير من تلك الضربة إلى المدائن (1) فنزل بها على سعد بن مسعود الثقفي (2) وكان عاملاً عليها من جهة أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأقرّه الحسن على ذلك واشتغل الحسن عليه السلام بمعالجة جرحه . وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة سرّا واستحثوه على سرعة سرعة السير (3) نحوهم وضمنوا له (4) تسليم الحسن عليه السلام عند دنوِّهم (5) من عسكره والفتك به 6 .

.


1- .المدائن جمع المدينة ، وكانت مدنأ كلّ واحدة إلى جنب اُخرى على جانب الجنوب من بغداد على مسافة 30 كيلومترا ، وبقيت منها الإيوان المنسوبة إلى كسرى ، وقريبة منها قبر سلمان وحذيفة رضى الله عنه .
2- .هو سعد بن مسعود الثقفي عمّ المختار بن أبي عبيد كما جاء في تاريخ الطبري : 6 / 92 ، وجمهرة أنساب العرب : 257 ، ومستدرك الحاكم : 3 / 74 ، وابن الأثير : 3 / 175 ، وابن خلدون : 2 / 186 ، والإصابة ترجمة الحسن وابن الوردي : 1 / 166 ، المسير ورجال الكشّي : 112 / 179 ، والبحار : 44 / 60 / 8 ، وفي الأخبار الطوال : 217 و شرح النهج لابن أبي الحديد 4 / 15 .
3- .في (أ) : المسير .
4- .في (ب ، ج) : إليه .
5- .في (أ) : عند دنوّه منهم .

ص: 724

وبلغ الحسن عليه السلام ذلك وتحقّق فساد نيّات أكثر أصحابه وخذلانهم له ، ولم يبق معه ممّن يأمن غائلته إلاّ خاصّة شيعته وشيعة أبيه ، وهم جماعة لا يقومون بحرب أهل الشام ، فكتب إلى معاوية في الهدنة والصلح (1) فأجابه إلى ذلك وأنفذ إليه كُتب أصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك فيه وتسليمه إليه . وبعد إجابة (2) معاوية لصلح الحسن 3 فاشترط عليه الحسن عليه السلام شروطا كثيره كان

.


1- .في (ب) : الصلاح .
2- .(أ) : و وصل (بدل) وبعد إجابة .

ص: 725

في الوفاء بها مصالح شاملة منها : أن لا يتعرّض عمّاله إلى سبّ أمير المؤمنين على المنابر،ولا ذكره بسوء، ولا القنوت عليه في الصلوات (1) ،وأن يؤمّن شيعته ولا يتعرّض لأحد منهم بسوء (2) ، ويوصل كلّ ذي حقّ حقّه (3) . فأجابه معاوية إلى ذلك كلّه وكتب بينه وبينه بذلك كتابا ، وهذه صورة الكتاب _كتاب الصلح _ الّذي استقرّ بينهم وهو : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا ما صالح (4) عليه الحسن بن عليّ بن أبي طالب ،

.


1- .انظر مقاتل الطالبيّين : 75 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 4 / 15 ، وتاريخ أبي الفداء : 1 / 192 .
2- .انظر المصادر السابقة ، وتاريخ الخلفاء : 194 ، وابن كثير : 8/41، والإصابة : 2/12 ، وابن قتيبة: 150.
3- .المصادر السابقة ، وانظر المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 167 .
4- .في (ب) : صلح .

ص: 726

معاوية بن أبي سفيان ، صالحه (1) على أن يسلم إليه أمر (2) المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسيرة الخلفاء [الصالحين ]الراشدين المهديّين المهدين . وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين . وعلى (3) أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض اللّه تعالى في شامهم،ويمنهم ، وعراقهم ، وحجازهم . وعلى أنّ أصحاب عليّ وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم حيث كانوا . وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد اللّه وميثاقه [وما أخذ اللّه على أحد من خلقه بالوفاء وبما أعطى اللّه من نفسه] . وعلى أن لا يبغي (4) للحسن بن عليّ ولا لأخيه الحسين غائلة ولا لأحد من أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهغائلة سوء سرّا أو (5) جهرا ، ولا يخيف أحدا منهم في اُفق من الآفاق . شهد عليه بذلك فلان وفلان وكفى باللّه شهيدا 6 .

.


1- .في (أ) : صلحه .
2- .في (أ) ، ولاية .
3- .في (أ): على .
4- .في (أ) : لا ينبغي .
5- .في (ب) : ولا .

ص: 727

ولما اُبرم (1) الصلح بينهما التمس معاوية من الحسن عليه السلام أن يتكلّم بمجمع من الناس ويُعلِمهم أنه قد بايع معاوية ، فأجابه إلى ذلك ، فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على نبيّه محمّد صلى الله عليه و آلهثمّ قال : أيّها الناس إنّ أكيّس الكيس التقي ، وأحمق الحمق الفجور . [واللّه ] ولو أنكم طلبتم ما بين جابرقا (2) وجابرصا (3) مَن جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين ، وقد علمتم أنّ اللّه تعالى جلّ ذكره وعزّ اسمه هداكم بجدّي محمّد وأنقذكم [به ]من الضلالة ، وخلّصكم [به] من الجهالة ، وأعزّكم به بعد الذلّة ، وكثّركم به بعد القلّة ، وانّ معاوية نازعني حقّا هو لي دونه ، فتركته (4) لصلاح الاُمّة وقطع الفتنة ، وقد كنتم بايعتموني على أن تُسالموا من

.


1- .في (أ) : ابترم ، وفي (ب) : انبرم .
2- .بالباء الموحّدة المفتوحة واللام المسكّنة ، روى عن ابن عباس أنها بأقصى المغرب وأهلها من ولد عاد . (انظر معجم البلدان : 3 / 32) . وفى (ب ، ج) : جابلق .
3- .مدينة بأقصى المشرق ، زعم أنّ أولاد نبيهم موسى عليه السلام هربوا أمّا في حرب طالوت أو في حرب بخت نصر . انظر المعجم : 3 / 33) . وفي (ب ، ج) : جابرص .
4- .في (أ) : فنظرت .

ص: 728

سالمت (1) وتحاربوا من حاربت ، فرأيت أن اُسالم لمعاوية وأضع الحرب بيني وبينه ، وقد بايعته (2) ، وقد رأيت أنّ حقن دماء المسلمين خيرٌ من سفكها ، ولم (3) اُرد بذلك إلاّ صلاحكم وبقاءكم «وَإِنْ أَدْرِى لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَ_عٌ إِلَى حِينٍ» (4) . ثمّ نزل وتوجّه بعد ذلك إلى المدينة الشريفة وأقام بها (5) . وكانت (6) مدّة خلافته عليه السلام إلى أن صالح معاوية ستة أشهر وثلاثة أيّام ، وقيل : خمسة أيام (7) .

وروى شيبة قال:سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : الخلافة ثلاثون سنة ثمّ تكون ملكا.

.


1- .في (أ) : سالمني ... حاربني .
2- .في بعض النسخ لاتوجد عبارة «وقد بايعته» .
3- .في (أ) : ولد .
4- .الأنبياء : 111 . وانظر كشف الغمّة ص 170 ، والاستيعاب : 1 / 388 عن الشعبي بزيادة في أول الخطبة : الحمدللّه الّذي هدى بنا أولكم وحقن بنا دماء أخركم ، ألا إنّ أكيس ... وقريب من هذا في تاريخ الطبري : 4 / 124 ، والكامل لابن الأثير : 3 / 176 ، عيون ابن قتيبة : 2 / 172 ، العقد الفريد : 4 / 19 البداية والنهاية : 8 / 42 ، ابن أبي الحديد في شرح النهج : 4 / 10 ، مستدرك الحاكم : 3 / 170 ، البحار : 10 / 114 . وتوجد هذه الخطبة في الاحتجاج : 1 / 401 ولكنها تختلف كلّيا إلاّ في بعض الموارد ، وكذلك في البحار : 44 / 70 ح 1 وقريب من الخطبة الأولى _ في المتن _ في تحف العقول : 232 ، والبحار : 44 / 41 ح 3 ، والفتوح لابن أعثم : 2 / 295 ، الصواعق المحرقة : 136 ب 10 فصل 1 .
5- .انظر المصادر السابقة ، والإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 15 بزيادة : كاظما غيظه ، لازما منزله ، منتظرا لأمر ربّه جلّ اسمه ... ، ولفتوح : 2 / 298 بزيادة «وهو عليل» وانظر شرح النهج : 4 / 6 ، تحفة الأنام للفاخوري : 67 ، المسعودي على هامش ابن الأثير : 6 / 97 ، الكامل : 3 / 208 ، مقاتل الطالبيين : 80 .
6- .في (ب) : فكانت .
7- .سبق وأن تحدّثنا عن إمامته بحديث «الحسن والحسين إمامان قاما أوقعدا» وأعتقد ان ابن الصبّاغ المالكي ينظر هنا إلى الخلافة الظاهرية وليس الإلهية كما أوضحنا ذلك سابقا ، وانظر سنن الترمذي : 323 ولذا نجد الشعراني في طبقاته يقول : وبقى _ يعنى الحسن _ نحو سبعة أشهر خليفة بالحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك ... وفي الاستيعاب : 1 / 287 : مكث الحسن نحوا من ثمانية أشهر لايسلّم الأمر إلى معاوية ... وفي التنبيه والأشراف : 260 : وكانت خلافته إلى أن صالحه ستة أشهر وثلاثة أيّام ... وقريب منه في تهذيب التهذيب : 2 / 299 .

ص: 729

وكان آخر ولاية الحسن تمام ثلاثين وثلاثة عشر يوما من أول خلافة أبي بكر (1) .

وروى أنه لمّا تمّ الصلح لمعاوية واجتمع عليه الناس دخل عليه سعد بن أبي وقّاص (2) وقال : السلام عليك أيّها الملك ، فتبسّم معاوية وقال : ما عليك يا أبا إسحاق لو قلت يا أمير المؤمنين ، قال : ما اُحبّ أني وليتها بما ولينها به (3) . وروى ذلك صاحب تاريخ البديع . وروى أبو بشر الدولابي أنّ معاوية أعطى للحسن بعد أن تمّ الصلح بينه وبينه خمسة الآف درهم 4 وقيل : بل أعطاه مائة ألف دينار 5 ، واللّه أعلم .

.


1- .أورد الترمذي في سننه : 323 عن سفينة قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الخلافة في أُمتي ثلاثون سنة ، ثمّ ملك بعد ذلك ، ثمّ قال لي سفينة : امسك خلافة أبي بكر وخلافة عمر وخلافة عثمان . ثمّ قال ، قال لي : امسك خلافة عليّ ، قال : فوجدناها ثلاثين سنة . قال سعيد : فقلت : انّ بني اُمية يزعمون أنّ الخلافة فيهم! قال : كذبوا بني الزرقاء ، بل هم ملوك من شرار الملوك . وقال أبو بكر بن العربي في شرحه : زاد بعضهم : والحسن ستة أشهر . وانظر البداية والنهاية : 8 / 41 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 6 المسترشد في إمامة أمير المؤمنين : 449 ، إكمال الدين للصدوق : 2 / 462 ، وسبق أن أشبعنا الحديث بحثا على الرغم من أنّ العلاّمة باقر شريف القرشي في حياة الإمام الحسن عليه السلام : 2 / 140 هامش رقم 2 يقول : إنّ هذا الحديث من الموضوعات لأنّ الخلافة قد صارت ملكا عضوضأ في أيّام عثمان فهو الّذي حولها عن مفاهيمها الخلافة وآثر الأُموبين في الحكم والأموال وأتاح لهم من القوى ماهيّأهم لمنازعة أمير المؤمنين ، وقد تحدّث النبيّ صلى الله عليه و آلهعمايؤول إليه الأمر من بعده فقال : إن أوّل دينكم بدء نبوة ورحمة ، ثمّ يكون ملكا وجبرية .
2- .تقدّمت ترجمته .
3- .انظر مروج الذهب : 2 / 317 ، علل الشرائع : 1 / 220 قريب من هذا ، العقد الفريد : 3 / 131 ، تاريخ البديع : ورق 216 مخطوط ، أمالي الشيخ الطوسي : 1 / 174 .

ص: 730

. .

ص: 731

. .

ص: 732

. .

ص: 733

. .

ص: 734

فصل : في ذكر وفاته ومدّة عمره وإمامته عليه السلام

فصل : في ذكر وفاته 1 ومدّة عمره وإمامته عليه السلامقال أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي في كتابه «إعلام الورى» بعد أن تمّ

.

ص: 735

. .

ص: 736

الصلح بين الحسن بن عليّ ومعاوية وخرج الحسن عليه السلام إلى المدينة وأقام بها عشر سنين سقته زوجته جُعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي السمّ ، وذلك بعد أن بذل لها معاوية على سمّة مائة ألف درهم ، فبقي مريضا أربعين يوما 1 . وقال الحافظ أبو نعيم في حليته : إنّه لمّا اشتدّ الأمر بالحسن قال : أخرجوا فرشي إلى صحن الدار لعلّي أتفكّر (1) في ملكوت السماوات _ يعني الآيات _ فلمّا خرجوا به قال : اللّهمّ إنّي أحتسب نفسي عندك فإنّها أعزّ الأنفس عليَّ (2) .

.


1- .في (ب) : أنظر .
2- .حلية الأولياء : 2 / 38 عن رقية بن مصقلة وفيه «لمّا حضر الحسن بن علي _ الموت _ قال : أخرجونى إلى الصحراء لعلّي أنظر في ملكوت السماوات _يعنى الآيات _ فلمّا اُخرج به قال : اللّهمّ إنّى أحتسب نفسي عندك ، فإنّها أعزّ الأنفس عليَّ ، وكان ممّا صنع اللّه له أنّه احتسب نفسه» . وقريب منه في كشف الغمّة : 1 / 584 _ 568 ، والبحار : 44 / 138 / 5 . في طبقات الشعراني . حياة الإمام الحسن عليه السلام «لمّا نزل به الموت قال : أخرجوا فراشي إلى صحن الدار ، فأُخرج فقال : اللّهمّ انّي احتسب نفسي عندك فانّي لم أُصب بمثلها» . وانظر تذكرة الخواصّ : 23 ، تاريخ ابن عساكر : 4 / 226 ، صفة الصفوة : 1 / 320 .

ص: 737

وعن عمرو بن إسحاق قال : دخلت أنا ورجل على الحسن بن عليّ نعوده فقال : يا فلان سَلني ، فقلت : لا واللّه لا أسألك حتّى يعافيك اللّه ثمّ أسألك [قال : فدخل عنّا ثمّ خرج إلينا فقال : يا فلان سَلني قبل أن لا تسألني ، قال : بل يعافيك اللّه تعالى ثمّ أسألك] قال: لقد ألقيت طائفة من كبدي (1) ، وإنّي سُقيتُ السمّ مرارا فلم اُسقه مثل هذه المرّة] (2) .ثمّ دخلت عليه من الغد [وهو يجود بنفسه] فوجدت أخاه الحسين عند رأسه ، فقال له الحسين : [مَن] تتهم (3) يا أخي؟ قال : لِمَ؟ لتقتله؟ (4) قال : نعم ، قال : إن يكن الّذي أظنّه فاللّه أشدّ بأسا وأشدّ تنكيلاً ، وإن لم يكن (5) فما اُحبُّ أن

.


1- .الرواية على تقدير صحّتها نصّت على أنّ السمّ أثّر في كبد الإمام عليه السلام حتّى قاء بعضا منه ، وهذا ممّا يرفضه الطبّ الحديث بل يقول : إنّ السمّ يحدث التهابا في المعدة وبالتالي يؤدّي إلى هبوط في ضغط الدم ويؤدّي إلى التهاب الكبد والكبد هو الجهاز الخاصّ في الجانب الأيمن الّذي يقوم بإفراز الصفراء كما جاء في القاموس : 1 / 332 ، وتاج العروس : 2 / 481 ، ويسمّى الجوف بكامله كبدا ، وهنا تكون الرواية غير منافية للطبّ حيث إنّه ألقى من جوفه عليه السلام قطعا من الدم المتخثّر والّتي تشبه الكبد .
2- .انظر حلية الأولياء : 2 / 38 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 202 مع تقديم وتأخير في اللفظ ، ونحوه في الإرشاد : 2 / 16 بلفظ : لقد سُقيت السمّ مرارا ، ماسقيته مثل هذه المرّة ، لقد لفظت قطعةً من كبدي ، فجعلت اُقلبها بعودٍ معي ... وروضة الواعظين : 200 ، بحار الأنوار : 44 / 158 / 28 ، كشف الغمّة : 1 / 584 ، مروج الذهب : 2 / 427 ، كفاية الأثر : 226 ، الإحتجاج : 2 / 11 ، شرح النهج لابن أبي الحديد : 4 / 17 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 200 ، صفة الصفوة : 1 / 320 ، تهذيب التهذيب : 2 / 300 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 226 .
3- .في (أ) : تتهمها .
4- .في (أ) : لأن تقتله .
5- .في (أ) : يكنه .

ص: 738

يُقتل بي بريء (1) . وروي أنّه لمّا حضرته الوفاة فكأنه جزع لذلك ، فقال له أخوه الحسين : ما هذا الجزع؟إنّك (2) ترد على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعلى أمير المؤمنين وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما اُمّاك ، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك وعلى حمزة وجعفر وهما عمّاك،فقال له الحسن: يا أخي ما جزعي إلاّ أني داخل (3) في أمرٍ من أمر اللّه لم أدخل في مثله قطّ . وأرى خلقا من خلق اللّه لم أرَ مثله (4) قط (5) فبكى . الحسين عند ذلك. ثمّ قال له الحسن : يا أخي قد حضرت وفاتي وحان فراقي [لك] وإنّي لاحقٌ بربي وأجد كبدي يتقطّع وإنّي لعارف من أين دُهيت وأنا اُخاصمه إلى اللّه ، فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء (6) ، فإذا أنا قضيتُ [نحبي ]فغمِّضني وغسلني وكفّنّي واحملني على سريري إلى قبر جدِّي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهلاُجدِّد به عهدا ، ثمّ ردّني إلى (7)

.


1- .انظر حلية الأولياء : 2 / 38 وفيه «عن عمير بن إسحاق» ، كشف الغمّة : 1 / 584 _ 568 ، البحار : 44 / 156 / 5 ، وفي مروج الذهب : 2 / 427 بلفظ : فقال له الحسين عليه السلام : يا أخي ومن سقاك؟ قال : وما تريد بذلك؟ فإن كان الّذي أظنّه فاللّه حسيبه ، وإن كان غيره فما اُحبُّ أن يؤخذ بي بريء ، فلم يلبث بعد ذلك إلاّ ثلاثا حتّى توفّي صلوات اللّه عليه ... وفي المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 202 قريب من هذا بلفظ : ومَن سقاكه؟ قال : ما تريد به؟ أتريد أن تقتله ، إن يكن هو هو ، فاللّه أشدّ نقمةً منك ، وإن لم يكن هو فما أحبّ أن يؤخذ بي بريء ، وانظر وشرح ابن أبي الحديد : 4 / 17 ، و : 16 / 49 ، الاستيعاب : 1/390، مقاتل الطالبيّين:74 والبداية : 8/43 وفيه: «يا عمير! سلني قبل أن لا تسلني ...» ترجمة الإمام الحسن ضمن تاريخ دمشق : 207 _ 208 ، الفتوح : 2 / 322 هامش رقم 3 ، صفة الصفوة: 1 / 320 .
2- .في (أ) : إنّما .
3- .في (أ) : أن أدخل .
4- .(أ) : مثلهم .
5- .تاريخ الخلفاء : 74 ، الكافي : 1 / (مولد الإمام الحسن ح 1 قريب من هذا ، وجلاء العيون للسيد عبد اللّه شبّر : 1 / 319 ، الوافي لملاّ محسن الفيض : 2 / 174 ، البحار : 44 / 150 ، أمالي الصدوق : 184 / 9 ، عيون أخبار الرضا : 1 / 236 ح 62 .
6- .في (أ) : لشيء .
7- .في (ب ، ج) : على .

ص: 739

قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فأدفنّي هناك ، وباللّه اُقسم عليك أن لا تهرق في أمري محجمة دم 1 . ثمّ وصّى إليه بأهله ووُلده وتركاته (1) وجميع ما كان وصّى به إليه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ثمّ قضى نحبه عليه السلام وذلك لخمس خلون من ربيع الأوّل سنة خمسين من الهجرة (2) . وصلّى عليه سعيد بن

.


1- .في (أ) : تركته .
2- .انظر الاستيعاب : 1 / 389 و374 ، مستدرك الحاكم : 3 / 173 ، وقد اختلف في سنّ الإمام الحسن عليه السلام وقت وفاته فقيل : إنه توفي وهو ابن ثمان وأربعين سنه كما يذكر السيوطي ذلك في تاريخ الخلفاء : 129 وقيل : توفي وهو ابن ست وأربعين سنة كما ورد في الإمامة والسياسة : 1 / 146 وشرح النهج لابن أبي الحديد : 4 / 18 و16 / 51 . وقيل : توفي سنة 49 ه وهذا ما ذهب إليه ابن كثير وابن حجر في التهذيب : 6 / 39 ، وقيل سنة 51 ه وهذا ما ذهب إليه الخطيب البغدادي في تاريخه . أمّا الشهر الذي توفي فيه فقد اختلف فيه أيضا ، فقيل في ربيع الأوّل لخمس بقين منه ، وقيل في صفر لليلتين بقيتا منه ، وقيل يوم العاشر من المحرّم يوم الأحد سنة 45 ه كما في المسامرات : 26 ، أمّا المشهور عند الشيعة فإنّه توفي في صفر في السابع منه . وقد ذكر السيّد مهدي الكاظمي في دوائر المعارف : 23 تفصيل الأقوال في وفاته . وانظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 15 ، مقاتل الطالبيين : 83 ، المعارف لابن قتيبة : 213 ، الكافي : 1 / 461 / 2 ، بحار الأنوار : 44 / 144 / 10 و : 134 / 1 و : 149 / 18 ، عيون المعجزات : 67 ، العدد القوية (مخطوط) : 73 ، المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 175 ، و : 3 / 191 ، كشف الغمّة : 1 / 583 و584 ، المصباح للكفعمي : 522 ، الإمام الحسن بن علي للملطاوي : 72 ، سمط النجوم العوالي : 2 / 539 ، التنبيه والأشراف : 260 ، العقد الفريد : 3 / 128 ، و : 4 / 361 ، مروج الذهب : 2 / 52 ، البيان والتبيين : 3 / 360 ، أنساب الأشراف : 1 / 404 .

ص: 740

العاص (1) فإنّه كان يومئذٍ واليا على المدينه من جهه معاوية (2) وصلّى عليه الحسين عليه السلام (3) ودُفن بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد عليهاالسلام 4 وعمره (رض) إذ ذاك سبع وأربعون

.


1- .تقدّمت ترجمته . وفي (ب ، ج) : سعيد بن أبي وقاص .
2- .انظر العقد الفريد : 3 / 67 و128 و ، و : / 361 ، مستدرك الحاكم : 3 / 173 ، الاستيعاب : 1 / 389 بزياد : قدّمه الحسين للصلاة على أخيه ، وقال : لو لا انّه سنة ما قدّمتك ، المعارف لابن قتيبة : 212 ، شحر النهج لابن أبي الحديد : 4 / 18 ، ابن الأثير : 3 / 18 ، الطبقات الكبرى في ترجمة سعيد : 5 / 19_24، المقاتل : 83 .
3- .انظر تاريخ الخميس : 2 / 323 ، الكافي : 1 / 302 / 3 ، البحار : 44 / 142 / 9 . وهذا هو الرأي الصحيح لأنّ القول الأوّل بعيد نظرا لتوتّر العلاقات بين الاُمويين والهاشميين فكيف يقدّم الحسين عميدهم للصلاة عليه . ومن الثابت تاريخيا أيضا انّه لم يحضر أحد من الاُمويين في الصلاة سوى سعيد بن العاص .

ص: 741

سنة (1) ، كان منها مع رسول اللّه صلى الله عليه و آلهسبع سنين (2) ، ومع أبيه بعد وفات رسول اللّه صلى الله عليه و آلهثلاثين سنة (3) ، وعاش بعد أبيه عليه السلام إلى حين وفاته عشر سنين (4) ، وهذه مدّة إمامته عليه السلام .

فصل : في ذكر أولاده 5 عليه السلام .


1- .انظر أنساب الأشراف : 1 / 404 ، المناقب : 3 / 191 بإضافة «وأشهر» . وانظر المصادر السابقة . وفي الإرشاد : 2 / 15 بلفظ «ثمان وأربعون سنة» .
2- .انظر الكافي : 1 / 583 بالإضافة إلى المصادر السابقة ، وعيون المعجزات : 67 .
3- .المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 191 ، الصواعق المحرقة : 141 باب 10 فصل 3 ، الاستيعاب بهامش الإصابة : 1 / 374 بالإضافة إلى المصادر السابقة .
4- .انظر الإرشاد : 2 / 15 ، العدد القوية (مخطوط) : 73 الصواعق المحرقة : 141 باب 10 فصل 3 بالإضافة إلى المصادر السابقة .

ص: 742

فصل : في ذكر أولاده عليه السلام

.

.

ص: 743

. .

ص: 744

قال ابن الخشّاب: وُلد له أحد عشر ولدا وبنتا واحدةً 1 ، أسماء بنيه: عبد اللّه (1) ، والقاسم (2)

.


1- .استشهد مع عمّه سيدالشهداء في كارثة كربلاء ، وله من العمر إحدى عشر سنة كما جاء في تاريخ الطبري : 6 / 259 ، اللهوف في قتلى الطفوف : 68 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 البحار : 44 / 168 ح 4 .
2- .هو في طليعة أولاد الحسن عليه السلام وقد حضر مع عمّه الحسين عليه السلام في كربلاء وجُرح ولم يُستشهد بل استشفع به أسماء بن خارجة الفزاري فشفّعوه به . قال عمر بن سعد : دعوا لأبي حسّان ابن اُخته . وكان في ريعان الشباب وغضارة العمر ، وكالقمر في جماله وبهائه ونضارته كما جاء في الإرشاد : 2 / 25 ومقاتل الطالبييّن : 180 ، والأغاني : 21 / 115 ، وبحار الأنوار : 44 / 167 ح 3 و4 ، والحدائق الوردية : 107 ، وتنقيح المقال : 1 / 272 ، وعمدة الطالب : 78 وزاد فيه : توفّي وعمره خمس وثلاثون سنة مسموما قد سقاه السمّ الوليد بن عبدالملك . وانظر أيضا وتاريخ دمشق : 6 / 330 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 .

ص: 745

والحسن (1) ، وزيد (2) ، وعمر (3) ، وعبد اللّه (4) ، وعبدالرحمن (5) ، وأحمد (6) ، وإسماعيل (7) ، والحسين (8) ، وعقيل (9) ، والبنت اسمها اُمّ الحسن فاطمة وهي اُمّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام (10) . قال الشيخ المفيد في رسالته : أولاد الحسن خمسة عشر [ولدا] ذكرا واُنثى

.


1- .ستأتي ترجمته من لسان المؤلّف نفسه بعد صفحات قليلة ، وللمزيد انظر ترجمة في تاريخ دمشق : 4 / 218 و سيرة أعلام النبلاء : 4 / 485 ، و الإرشاد وللشيخ المفيد : 2 / 23 و غيرهما .
2- .اُمّه الخزرجية ، كان جليل القدر ، كريم الطبع ، كثير البرّ والإحسان ، كان يلي صدقات رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفلمّا ولّي سليمان بن عبدالملك عزله عنها ولمّا هلك واستخلف عمر بن عبدالعزيز أرجعها إليه ، توفي وله من العمر تسعون سنة وقيل مائة ، وخرج زيد من الدنيا ولم يدّع الإمامة ولا ادّعاها له مدّعٍ من الشيعة ولا غيرهم . انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 20 _ 23 ، البحار : 10 / 234 ، و : 44 / 168 ح 4 طبقات ابن سعد : 5 / 34 ، أنساب الأشراف : 3 / 72 ، سير أعلام النبلاء : 4 / 487 ، المناقب لابن شر آشوب : 3 / 192 ، المعارف : 212 .
3- .انظر الإرشاد : 2 / 26 ولكن بلفظ : عمرو والقاسم وعبد اللّه بنو الحسن بن عليّ رحمه الله، استشهدوا بين يدي عمّهم الحسين عليه السلام بالطف ، وانظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 ، البحار : 44 / 168 ح 4 ، المعارف : 212 بلفظ عمر .
4- .انظر المصادر السابقة .
5- .انظر الإرشاد : 2 / 20 وفي ص 26 قال : وعبدالرحمن رضى الله عنه بن الحسن خرج مع عمّه الحسين عليه السلام إلى الحجّ فتوفي بالأبواء وهو مُحرِم . والكافي : 4 / 368 ح 3 ، والبحار : 44 / 172 ح 8 و : 168 ح 4 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 .
6- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 ، البحار : 44 / 168 ح 4 .
7- .انظر عمدة الطالب : 47 ، المناقب : 3 / 192 ، البحار : 44 / 168 ح 4 .
8- .هو الملقّب بالأثرم اُمّه اُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيداللّه التيمي ، كان له فضل ولم يكن له ذكر في ذلك كما جاء في الإرشاد : 2 / 20 و26 ، وعمدة الطالب : 47 ، بحار الأنوار : 44 / 163 ح 1 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 ، والمعارف : 212 .
9- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 192 ، والبحار : 44 / 168 ح 4 .
10- .انظر تاريخ اليعقوبي : 2 / 320 ، مروج الذهب : 3 / 77 ، تاريخ الطبري : 5 / 461 ، ابن الأثير : 2 / 578 ، المعارف لابن قتيبة : 212 ونصّت أكثر المصادر على أنها اُمّ عبد اللّه وليس اُمّ الحسن . انظر الإرشاد : 2 / 155 ، وعمدة الطالب : 47 .

ص: 746

وهم : زيدُ بن الحسن واُختاه اُمّ الحسن واُمّ الحسين اُمُّهم اُمُّ بشيرٍ بنت أبي مسعودٍ عُقْبة بن عمرو بن ثعلبةَ الخزرجيّةٌ ، والحسنُ بن الحسنِ اُمّه خَولةُ بنت منظورٍ الفزاريّة ، وعمرو] بن الحسن] وأخواه القاسمُ وعبد اللّه [ابنا الحسنَ ]اُمّهم اُمّ ولدٍ استُشهدوا ثلاثتهم بين يدي عمّهم الحسين عليه السلام بطفّ كربلاء رضي اللّه عنهم وأرضاهم وأحسن عن الدين والإسلام وأهله جزاءهم [بطف كربلاء] ، وعبدالرحمن اُمُّه اُمّ ولدٍ ، والحسن [والحسين] بن الحسن الملقّبُ بالأثرم وأخوه طلحةُ وأختهما فاطمةُ [بنت الحسن] اُمّهم اُمُّ إسحق بنت طلحة بن عبيداللّه (1) التميمي ، واُمّ عبد اللّه وفاطمةُ واُمُّ سلمةَ ورقيةُ بناتُ الحسن لاُمهاتِ أولادٍ شتّى (2) . قال الشيخ كمال الدين بن طلحة : لم يكن لأحد من أولاد الحسن عقب غير اثنين (3) منهم وهما الحسن وزيد[رض] . تنبيه على ذكر شيءٍ من خبرهما : فأمّا زيدُ بنُ الحسن فإنّه كان يلي (4) صدقات رسول اللّه صلى الله عليه و آله ،كان جليلَ القدرِ كريمَ الطبع طيّبَ [ظريف ]النفس كثيرَ البرِّ ، وكان مُسنّا ، مدحه الشعراءُ وقصدَه الناسُ منَ الآفاقِ لطلب فضلة (5) . ذكر أصحابُ السِير انّه لمّا وُلِّيَ سليمانُ بن عبدالملك كتب إلى عامله بالمدينة : أمّا بعدُ ، فإذا (6) جاءَكَ كتابي هذا فاعزلْ زيدا عن صدقات رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوادفَعها إلى فلان _إلى رجل من قومه وسمّاه _ [وأعنه على ما استعانك عليه ، والسلام] . فلمّا استخلف (7) الخلافة عمر بن عبدالعزيز كتب

.


1- .في (أ) : عبد اللّه وفي الارشاد : التيمي (بدل) التميمي .
2- .الإرشاد : 2 / 20 و26 .
3- .في (أ) : ابنين .
4- .في (ب ، د) : على .
5- .في (أ) : برّه .
6- .في (أ) : إذا .
7- .في (أ) : تولّى .

ص: 747

إلى عامله بالمدينة : أمّا بعد ، فإنّ زيد بن الحسن شريفُ بني هاشم وذو سنِّهم فإذا جاءَك كتابي هذا فاردُدْ إليه صدقاتِ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوأعنْه على ما استعانك عليه [والسلام] (1) . وفي زيد بن الحسن يقول محمّد بن بشر [بشيرَ ]الخارجيُّ يمدحه حيث يقول شعرا (2) : إذا نَزَلَ ابْنُ المُصطَفَى بَطْنَ تَلعةٍنَفَى جَدْبهَا وَاخْضرَّ بالنّبَتِ عُوْدُهَا وَزَيْدٌ رَبيْعُ الناس في كُلّ شَتْوةٍإذا أخلفَتْ أنواؤها وَرُعُوْدُها حَمُوْلٌ لأشناق الديات (3) كأنّهُسِراجُ الدُّجى إذ قارنَته (4) سُعُوْدُهَا ومات زيد بن الحسن وله تسعون سنة (5) فرثَاه جماعةٌ من الشّعراء وذكروا مآثره وفضله وكرمه ، فممّن رثاه قُدامةُ بن الموسى الجُمحِيّ يقول (6) : فإنْ (7) يَكُ زيدٌ غالت الأرض شخصَهُفقد بان (8) معروفٌ هُناك وَجُودُ وإنْ يَكُ أمسى رَهْنَ رمْسٍ فَقَد ثَوىبه وهَو محمودُ الفعال فقيد (9) سميعٌ (10) إلى المعترّ (11) يعلم أنّهُسيطلُبُهُ المعروفُ ثُمّ يَعُودُ وليس بقوَّالٍ وقد حطّ رحلَهُلملتمسِ المعروف (12) : أيْنَ تُريدُ إذا قَصَّر الوعدُ الدنيّ (13) نما بهإلى المجد آباءٌ لهُ وَجُدودُ إذا ماتَ مِنْهُمْ سيِّدٌ قَامَ سَيِّدٌكريمٌ يبني بعدَهُ (14) ويَشيْدُ وخرج (15) زيد بن الحسن من الدنيا ولم يدّع الإمامة ولا ادّعاها له مُدّعٍ من الشيعة ولا غيرهم ، وذلك لأنّ الشيعة رجلان : إماميٌّ وزيديٌّ ، فالإمامي يعتمدُ في الإمامة النصوصَ وهي معدومةٌ في ولد الحسنِ عليه السلام باتفاق ، ولم يدّع ذلك أحدٌ منهم لنفسه فيقع فيه الارتياب ، والزيدي يُراعي في الإمامة بعد عليّ والحسن والحسين الدعوة والجهاد ، وزيد بن الحسن كان مُسالما لبني اُمية ومُتقلِّدا من قبلهم الأعمال ، وكان رأيُه التقية لأعدائه والتألُّف لهم والمداراة ، وهذا يُضادّ (16) عند الزيدية خارج عن علامات الإمامة ، فزيدٌ على هذه الأقوال خارج عنها بكلِّ حال (17) . وأمّا (18) الحسن بن الحسن فكان جليلاً مهيبا رئيسا فاضلاً ورعا زاهدا ، وكان يَلِي صدقات أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب [في وقته ]بالمدينة . حُكي عنه أنه كان يساير الحجّاج يوما بالمدينة والحجّاج إذ ذاك أمير المدينة ، فقال له الحجّاج : ياحسن أدخل معك عمّك عمرا على صدقات أبيه فإنّه عمُّكَ وبقيةُ

.


1- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد 2 / 21 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ : وسير أعلام النبلاء : 4 / 487 رقم 186 ، بحار الأنوار : 44 / 163 ح 2 ، التذكرة : 122 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 44 و45 .
2- .انظر الإرشاد : 2 / 21 . وذكر الشعر البلاذري في أنساب الأشراف : 3 / 72 _ 84 والشبلنجي في نور الأبصار : 250 عدا البيت الأوّل .
3- .في (أ) : لأبيات الديار .
4- .في (أ) : قد قارنتها .
5- .انظر الإرشاد : 2 / 22 ، بحار الأنوار : 44 / 163 ح 2 ، طبقات ابن سعد : 5 / 34 .
6- .الإرشاد : 2 / 22 . وذكر البلاذري : 3 / 72 و73 ، البيت الأوّل فقط : وذكر محقّق أنساب الأشراف الشيخ العلاّمة المحمودي عن تاريخ ابن عساكر : 6 / 302 القصيدة كاملة ، بحار الأنوار : 44 / 163 ح 2 ، أمّا الشبلنجي في نور الأبصار : 251 فقد ذكرها كاملة طبق ما ورد في نسخة (أ) .
7- .في (أ) : و إنّ .
8- .في (أ) : كان .
9- .في (أ) : حميد .
10- .في (أ) : سريعٌ .
11- .في (أ) : المضطرّ .
12- .في (أ) : يرجوه .
13- .في (أ) : الدمى .
14- .في (أ) : مجدهم .
15- .في(أ) : مات .
16- .في (أ) : أيضا .
17- .انظر الإرشاد : 2 / 22 و 23 مع اختلافٍ يسير ، وبحار الأنوار : 44 / 165 ح 3 .
18- .في (ب) : فأمّا .

ص: 748

أهلِكَ ، فقال الحسن : لا اُغيِّر شرطا اشترطه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولا اُدخل في صدقاته من لم يُدخل (1) ، فقال له الحجّاج : أنا [إذا] اُدخله معك قهرا ، فأمسك الحسن بن الحسن عنه . ثمّ ما كان إلاّ أن فارقه وتوجّه من المدينة إلى الشام قاصدا عبدالملك بن مروان بالشام ، فوقف ببابه يطلُبُ الإذن عليه ، فوافاه يحيى بن اُمِّ الحكم وهو بالباب فسلّم عليه وسأله عن مقدمه وما جاء به فأخبره بخبره مع الحجّاج فقال : اسبقك بالدخول على أمير المؤمنين ثمّ ادخل أنت فتكلّم واذكر قصّتك فسترى ما أفعل معك وأنفعك لاُساعدك عنده إن شاء اللّه تعالى . فدخل يحيى بن اُمّ الحكم ثمّ دخل بعده الحسن بن الحسن ، فلمّا جلس رحّب به عبدالملك وأحسن مساءلته وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب ، فقال له عبدالملك : لقد أسرع إليك الشيب (2) يا أبا محمّد ، فبدر إليه ابن اُمّ الحكم فقال : ومايمنعه شيبه يا أمير المؤمنين؟ شيّبه (3) أمانيُّ أهل العراق يفِدُ عليه (4) الركب بعد الركب في كلّ سنة يمنونه الخلافة ، فقال له الحسن : بئس واللّه الرفد رفدت ، وليس الأمر كما قلت ، ولكنّنا أهل بيت يُسرع إلينا الشيب (5) ، وعبدالملك يسمع كلامهما ، فأقبل عبدالملك على الحسن وقال : هلمّ حاجتك يا أبا عبد اللّه لا عليك ، فأخبره بقول الحجّاج له ، فقال عبدالملك : ليس ذلك له ، وكتب له كتابا يتهدّده ويمنعه من ذلك 6 .

.


1- .في (أ) : لا يدخل .
2- .في (أ) : المشيب .
3- .في (أ) : نفسه .
4- .في (أ) : إليه .
5- .انظر الإرشاد : 2 / 23 و 24 مع اختلاف في التقديم والتأخير ببعض الألفاظ وزيادة تارة اُخرى ، وانظر مختصر تاريخ دمشق : 6 / 330 ، أنساب الأشراف : 3 / 73 ح 85 الخبر مختصرا ، وكذا الذهبي في سير أعلام النبلاء : 4 / 485 وفي هامش السير نقله عن مصعب الزبيري في نسب قريش : 46 و47 ، تاريخ دمشق : 4 / 218 ، ونقله العلاّمة المجلسي في البحار : 44 / 166 ، تنقيح المقال : 1 / 272 ، وعمدة الطالب : 78 ، نورالأبصار : 251 .

ص: 749

ووصل الحسن بن الحسن بأحسن صلة وأجازه بأحسن جائزة وقابله بأحسن مقابلة ، وجهّزه راجعا إلى المدينة الشريفة على أحسن حال إلى الحجّاج ، فبعد أن خرج الحسن من عنده قصده يحيى ابن اُمّ الحكم واجتمع به فعاتبه الحسن على ما فعل وقال له : هذا وعدك الّذي وعدتني به؟ فقال له يحيى : إيها لك فواللّه (1) مالويت عنك نفعا ولا ادّخرت عنك جهدا ، ولولا كلمتي هذه ما هابك (2) ولا قضى لك حاجتك فاعرف ذلك لي (3) . وروي : أنّ الحسن بن الحسن خطب إلى عمّه الحسين إحدى ابنتيه فقال له : يابني اختر أيّهما أحبّ إليك ، فاستحيى الحسن رضى الله عنهولم يحر جوابا ، فقال له الحسين عليه السلام : [فإنّي ]قد اخترتُ لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثر شبها باُمّي فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله فزوّجها منه (4) . وحضر الحسن بن الحسن مع عمّه [الحسين] بطفّ كربلاء فلمّا قُتل الحسين واُسِرَ الباقون من أهله واُسِرَ من (5) جملتهم الحسن بن الحسن فجاء أسماءُ بن خارجة فانتزع (6) الحسن من بين الأسرى وقال : واللّه لا يُوصل إلى ابن خولة ابدا 7 .

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .في (أ) : واللّه .
3- .في (ب ، أ) : ما عليك .
4- .انظر الإرشاد : 2 / 25 ، مقاتل الطالبيّين : 180 ، الأغاني : 21 / 115 ، و14 / 158 ، بحار الأنوار : 44 / 167 ح 3 ، تنقيح المقال : 1 / 272 ، عمدة الطالب : 78 .
5- .في (أ) : في .
6- .في (أ) : وانتزع .

ص: 750

فقبض (1) الحسن بن الحسن وله خمس وثمانون (2) سنة من العمر وأخوه زيد حيّ ووصّى (3) إلى أخيه من اُمّه إبراهيم بن محمّد بن طلحة (4) ولمّا مات الحسن بن الحسن ضربت زوجته فاطمة بنت الحسين عليه السلام على قبره فسطاطا وكانت تقوم الليل وتصوم النهار ، وكانت (رض) تُشبَّهُ بالحور العين لجمالها ، فلمّا كان (5) رأس السنة قالت لمواليها : إذا أظلم الليلُ فقوِّضوا [هذا ]الفسطاط ، فلمّا أظلم الليل وقوضوه سمعت قائلاً يقول : «هل وجدوا ما فقدوا؟» فأجابه آخر : «بَلْ يئسوا فانقلبوا» (6) . ومضى الحسن بن الحسن ولم يدَّع الإمامة ولا ادّعاها له مدّعٍ على ما سبق من حال أخيه زيد (7) .

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .في (أ) : مات .
3- .في بعض النسخ «خمس وثلاثون» ، وأعتقد ، أنّ هذا خطأ من النّساخ أو أنه تصحيف ، والصحيح هو خمس و ثمانون كما أثبتناه واللّه العالم بحقائق الاُمور .
4- .في (أ) : وأوصنى ، وفي (ب ، ج) : وصّى .
5- .انظر الإرشاد : 2 / 25 بالإضافه إلى المصادر السابقة .
6- .في (أ) : كانت .
7- .انظر الإرشاد : 2 / 26 بالإضافة إلى المصادر السابقة .

ص: 751

. .

ص: 752

. .

ص: 753

الفصل الثالث : في ذكر الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام

اشاره

الفصل الثالث : في ذكر الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام الإمام الثالثوفي هذا الفصل عدّة فصول في ذكر مولده ونسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتصل به عليه السلام . ولد الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان المكرّم سنة أربع من الهجرة 1 . وكانت والدته الطهر البتول فاطمة بنت الرسول علقت به بعد

.

ص: 754

أن ولدت أخاه الحسن عليه السلام بخمسين ليلة (1) ، هكذا صح النقل في ذلك فلم يكن بينه وبين أخيه من التفاوت سوى هذه المدّة المذكوره ومدّة الحمل (2) . ولمّا ولد الحسين عليه السلام أخبر النبيّ صلى الله عليه و آله به فجاءه وأخذه وأذنّ في اُذنه اليمنى وأقام في اُذنه اليسرى ، واستبشر به صلى الله عليه و آلهوسماه حسينا وعقّ عنه صلى الله عليه و آله كبشا وقال لاُمّه : احلقي رأسه وتصدّقي بوزنه فضّة وافعلي به كما فعلتِ بأخيه الحسن عليه السلام 3 .

.


1- .انظر معالم العترة الطاهرة للحافظ الجنابذي (مخطوط) : ورق 63 ، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 250 ، زبدة المقال في فضائل الآل لكمال الدين بن طلحة (مخطوط) : ورق 120 ، كشف الغمّة : 2 / 215 و 265 ، الجوهرة في نسب الإمام عليّ عليه السلام : 41 وفيه بخمسين يوما . وانظر مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1 / 143 ، المعارف لابن قتيبة : 158 وفيه «حملت به بعد أن ولدت الحسن عليه السلام بشهر واثنتين وعشرين يوما» يعنى باثنتين وخمسين يوما .
2- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 231 و 209 ، البحار : 43 / 253 ح 31 ، و : 44 / 198 ح 15 ، و : 44 / 202 ، ذخائر العقبى : 118 وفيه «لم يكن بينهما إلاّ حمل بطن ، وكان مدة حمل البطن ستة أشهر ، ولم يولد مولود قط لستة أشهر فعاش إلاّ الحسين وعيسى بن مريم» . وقريب من هذا في مثير الأحزان لابن نما : 7 ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 3 / 257 ، هذا وقد أورد ذلك ابن الخشّاب في التاريخ : 5 _ 176 بصورة مشوّشة .

ص: 755

فصل : في ذكر نسبه وكنيته ولقبه عليه السلام

فصل : في ذكر نسبه وكنيته ولقبه عليه السلامنسبه هو نسب أخيه من غير زيادة ، وقد تقدّم ذكره فلا حاجة فيه إلى الإعادة (1) . وأمّا كنيته عليه السلام فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : كنيته أبو عبد اللّه لا غير (2) . أمّا ألقابه فكثيرة : الرشيد ، والطيّب ، والوفي ، والسيّد ، والزكي ، والمبارك ، والتابع لمرضاة اللّه تعالى ، والسبط (3) . فكلّ هذه كانت تقال له وتُطلق عليه وأشهرها الزكي ولكن أعلاها (4) رتبةً مالقّبه بها (5) رسول اللّه صلى الله عليه و آله في قوله فيه وفي (6) أخيه أنهما سيّدا شباب أهل الجنّة (7) . فيكون (8) السيّد أشرفها، وكذلك السبط فإنّه صحّ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله

.


1- .انظر المصادر السابقة الّتي مرّت في ترجمة ولادة الإمام الحسن عليه السلام .
2- .انظر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 250 ، زبدة المقال (مخطوط) : 120 ، كشف الغمّة : 2 / 4 ، بحار الأنوار : 43 / 237 ح 2 ، الإرشاد : 2 / 27 بلفظ «كنيته أبو عبد اللّه » . وقريب منه في المقاتل : 84 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 143 ، نور الأبصار : 152 . وقيل : إنه يكنّى بأبي عليّ كما ورد في المناقب : 4 / 717 وأنساب الأشراف : 1 / ق 1 . وكنّاه الناس من بعد شهادته بأبي الشهداء وأبي الأحرار .
3- .انظر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 250 ، زبدة المقال (مخطوط) 120 ، كشف الغمّة : 2 / 4 ، البحار : 43 / 237 ح 2 ، دائرة المعارف للبستاني : 7 / 48 وفيه « ... السبط لقوله صلى الله عليه و آلهحسين سبط من الأسباط» نور الأبصار : 114 ، جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام : 116 ، دلائل الإمامة : 73 أضاف «أحد الكاظمين» ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 3 / 321 ، صحيح الترمذي : 2 / 307 .
4- .) في (أ) : وأعلاها .
5- .في (ج) : به .
6- .في (ب ، ج) : عنه وعن .
7- .تقدّمت استخراجاته ، وانظر وفي البخاري في الأدب المفرد : باب معانقة الصبي ح 364 ، وصحيح الترمذي : 13 / 195 ، وسنن ابن ماجة : كتاب المقدّمة باب 11 / 144 ، مسند أحمد : 4 / 172 ، مستدرك الحاكم : 3 / 177 ، اُسد الغابة : 2 / 19 ، و : 5 / 130 .
8- .في (أ) : فكان .

ص: 756

فصل : فيما ورد في حقّه عليه السلام من جهة النبيّ صلى الله عليه و آله

أنه قال : حسينٌ سبطٌ من الأسباط (1) ، وسيأتي هذا الحديث إن شاء اللّه تعالى . وكان الحسين عليه السلام أشبه الخلق بالنبيّ صلى الله عليه و آلهمن سرّته إلى كعبة (2) . شاعره يحيى بن الحَكم (3) وجماعة غيره ، بابه أسعد الهجري (4) . نقش خاتمة «لكلّ أجلٍ كتاب» (5) ، معاصره يزيد بن معاوية وعبيداللّه بن زياد لعنهما اللّه .

فصل : فيما ورد في حقّه عليه السلام من جهة النبيّ صلى الله عليه و آلهوهو فصل مستجلي الموارد والمصادر مستعلي المحامد والمفاخر ، مشعرا بأنّ الحسن والحسين عليهماالسلامأحرزا أعلى المعالي وأفخر المفاخر ، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهخصّهما من مزايا العلى بأتمّ معنى وأنزلهما من ذروة الشرف بالمحلّ الأسنى ، فمدح وأثنى وأفرد وثنى ، فأمّا ما يخصّ الحسن عليه السلام فقد تقدّم في فضله ، وأمّا ما يخصّ الحسين عليه السلام مع بعض المشترك فهذا أوان حصده .

فمن ذلك ما رواه الترمذي بسنده عن يعلى ابن مرّة 6 قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :

.


1- .انظر المصادر في الهامش رقم (6 و 7) الصفحة السابقة ، وكنز العمّال : 16 / 270 ، و : 13 / 101 و 105 و106 .
2- .تقدّمت استخراجاته ، وانظر الإرشاد : 2 / 27 ولكن بلفظ «وكان الحسن عليه السلام ... والحسين يُشبَّهُ به من صدره إلى رجليه ...» والروضة : 198 ، إعلام الورى : 212 _ 217 ، المناقب : 3 / 165 ، البحار : 43 / 293 ، نورالأبصار : 253 ، البخاري : 2 / 207 بلفظ «والحسين أشبه بالنبيّ صلى الله عليه و آله ما كان أسفل من ذلك» وفي المنمّق في أخبار قريش : 535 ، خطط المقريزي : 2 / 285 « ... مابين سرّته إلى قدميه» .
3- .نور الأبصار : 253 بالإضافة إلى المصادر السابقة .
4- .في (أ) : بوّابه . انظر المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 48 ، البحار : 45 / 331 ، كشف الغمّة : 2 / 214 .
5- .انظر نور الأبصار : 253 ، وأمالي الشيخ الطوسي : 113 ح 7 ، البحار : 43 / 247 ح 22 وفيه كان للحسين عليه السلام خاتمان ، نقش احدهما لا إله إلاّ اللّه عدّة للقاء اللّه ، ونقش الآخر : إنّ اللّه بالغ أمره [وفي أمالي الشيخ الصدوق : 134 ح 13 قريب من هذا ، الكافي : 6 / 473 و 474 .

ص: 757

حسينٌ منّي وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا ، حسينٌ سبطٌ من الأسباط (1) .

وروي عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام (2) قال :اصطرع الحسن والحسين عليهماالسلامبين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إيها حسن ، فقالت فاطمة عليهاالسلام يا رسول اللّه استنهضتَ الكبير على الصغير؟! فقال صلى الله عليه و آله : هذا جبرائيل عليه السلام يقول للحسين : إيها حسين خذ الحسن (3) .

.


1- .انظر صحيح الترمذي : 13 / 195 ، و : 5 / 656 / 3775 ، و : 2 / 307 باب فضائل الحسن والحسين ، سنن ابن ماجة : 1 / 51 ح 144 ، مسند أحمد : 4 / 172 ، اُسد الغابة : 2 / 19 ، و : 5 / 130 ، تهذيب الكمال : 71 ، تيسير الوصول : 3 / 276 ، مستدرك الحاكم : 3 / 177 ، كشف الغمّة : 2 / 6 ، بحار الأنوار : 43 / 261 و271 و296 ح 1 ، كامل الزيارات : 52 ح 11 و12 ، إعلام الورى : 217 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 226 مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 146 ، البخاري في الأدب المفرد : ح 346 ، كنز العمّال : 6 / 221 ، و : 16 / 270 ، و : 13 / 101 و105 و106 ، و : 12 / 129 ح34328 ، و : 7 / 107 ، الجوهرة في نسب الإمام عليّ : 42 _ 43 ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة للفيروز آبادي : 3 / 262 .
2- .هو الإمام جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلاموكنيته أبو عبد اللّه . ولقبه الباقر . واُمّه : اُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، مولده في المدينة (سنة) 73 ه . (توفى) سنة (148 ه) دُفن بالبقيع إلى جانب أبيه . انظر ترجمته في حلية الأولياء ووفيات الأعيان وتاريخ اليعقوبي : 2 / 381 . والمسعودي : 3 / 346 .
3- .انظر ذخائر العقبى : 134 ولكن بلفظ «إنّ الحسن والحسين كانا يصطرعان فأطلع عليّ عليه السلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوهو يقول : ويها الحسن ، فقال عليّ عليه السلام : يا رسول اللّه على الحسين؟ فقال رسول اللّه عليه السلام : إنّ جبريل يقول : ويها الحسين» وقال : خرّجه ابن بنت منيع . وفي اُسد الغابة لابن الأثير : 2 / 19 عن أبي هريرة «كان الحسن والحسين يصطرعان بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : هي حسن ، قالت فاطمة عليهاالسلام : لِمَ تقول هي حسن؟ قال : إنّ جبرئيل يقول : هي حسين» وينابيع المودّة : 2 / 42 ط اُسوة قريب من هذا ، وفي الإصابة لابن حجر العسقلاني 2 / 15 ، و : 1 / 332 ، ذكره المتقي الهندي في كنز العمّال : 3 / 154 عن عثمان ... عن أبيذر ... يقول : هي يا حسن مرّتين ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : يا رسول اللّه إنّ الحسين لأصغر منه وأضعف ركنا منه ، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ألا ترضين أن أقول أنا هي يا حسن ويقول جبرئيل : هي يا حسين ...» قال أخرجه ابن عساكر ، وفي : 7 / 107 منه عن عليّ عليه السلام ولكن بلفظ «فاعتركا ... ويها حسين خذ حسنا ...» وأعتقد أنّ اختلاف هذا الحديث الأخير مع الأحاديث المتقدّمة محمول على إشتباه الراوي أو تكرّر القصة .

ص: 758

وعن زيد ]يزيد] بن أبي زياد قال : خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله من بيت عائشة فمرَّ على بيت فاطمة فسمع صلى الله عليه و آلهحسينا يبكي ، فقال : ألم تعلمي أنّ بكاءه يؤذيني (1) . وعن البرّاء بن عازب قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله حامل الحسين بن عليّ على عاتقه وهو يقول : اللّهمّ إنّي اُحبّه فأحبّه (2) . وروى الإمام محمّد بن إسماعيل البخاري والترمذي كلّ منهما في صحيحه يرفعه إلى ابن عمر أنه سأله رجل عن دم البعوض فقال : من أنت؟ قال : من أهل

.


1- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 226 ، البحار : 43 / 295 ذيل ح 56 عن أبي السعادات في فضائل العشرة ، وانظر أيضا مجمع الزوائد : 9 / 201 بلفظه ، وقال رواه الطبراني ، ذخائر العقبى لمحبّ الطبري : 143 ، وقريب منه في الدرّ المنثور في تفسير الآية «أَنَّمَآ أَمْوَ لُكُمْ وَأَوْلَ_دُكُمْ فِتْنَةٌ» وسبق وأن تمّ استخراج هذا الحديث وغيره في فصل البكاء على الميت .
2- .سبق وأن تمّ استخراجه ، وهذا الحديث تارةَ يرد بلفظ «حامل الحسن» وتارةً اُخرى بلفظ «حامل الحسين» وكلاهما عن البرّاء بن عازب وكذلك عن أبي هريرة وغيرهما ، فانظر تاريخ بغداد : 1 / 139 ، إحقاق الحقّ : 11 / 13 _ 16 ، كشف اليقين : 306 ، مستدرك الحاكم : 3 / 177 ، نور الأبصار للشبلنجي : 129 ولفظ الحديث «اللّهمّ إنّى أحبّه وأحبّ كلّ من يحبه» سنن الترمذي : 5 / 327 باب 110 ح 3873 و : 322 ح 3859 ، ذخائر العقبى : 122 ، اُسد الغابة : 2 / 11 ، كنوز الحقائق : 59 و 63 ، صفة الصفوة لابن الجوزي : 1 / 763 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي 2 / 35 ط اُسوة و : 165 ط اسلامبول ، خصائص النسائي : 124 ، مجمع الزوائد للهيثمي 9 / 180 ، الغدير للعلاّمة الأميني : 7 / 124 _ 129 ، إسعاف الراغبين : 132 .

ص: 759

العراق ، فقال : انظروا [إلى] هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت النبيّ صلى الله عليه و آلهوقد سمعت النبيّ صلى الله عليه و آله يقول : هما (1) ريحانتاي من الدنيا 2 . وروي أنه سأله عن المحرم يقتل الذباب فقال : يا أهل العراق تسألون عن قتل الذباب وقد قتلتم الحسين ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وذكر الحديث وفي آخره : هما سيّدا شباب أهل الجنّة (2) . وروت اُمّ الفضل (3) بنت الحارث أنّها دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقالت : يا رسول اللّه إنّي رأيت الليلة (4) حُلما منكرا قال : وما هو؟ [قالت : إنّه شديد ، قال : وما هو؟ ]قالت : رأيت كأنّ قطعةً من جسدك قُطِعَت ووضِعت (5) في حِجري ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : خيرا رأيتِ ، تلد فاطمة غلاما فيكون في حِجرك ، فولدتْ

.


1- .في (ب) : انّهما .
2- .انظر المصادر السابقة .
3- .اُمّ الفضل : لبانة بنت الحارث الهلالية زوجة العباس ، توفيت في خلافة عثمان . وما ورد في (أ) بأنها بنت العباس فهو خطأٌ ، والصحيح ما أثبتناه من النسخ الاُخرى .
4- .في (أ) : البارحة .
5- .في (أ) : فوضِعت .

ص: 760

فاطمةُ الحسين عليه السلام . قالت : وكان (1) في حِجري [فأرضعته بلبن قثم] كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفدخلتُ به [يوما على النبيّ صلى الله عليه و آله] فوضعته في حجره ، ثمّ حانت منِّي التفاتةٌ فإذا عَينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله تهراقان بالدموع (2) فقلت : بأبي أنت واُمّي يا رسول اللّه مالك تبكي؟ قال صلى الله عليه و آله :أتاني جبرئيل عليه السلام فأخبرني أنّ اُمتي ستقتل ابني هذا ، [و ]أتاني بتربةٍ من تربته حمراءَ 3 . وروى البغوي بسنده يرفعه إلى اُمّ سلمة أنها قالت : كان جبرئيل عليه السلام عند النبيّ والحسين بن عليّ عليه السلام معي [فبكى فتركته] فغفلت عنه فذهب إلى النبيّ صلى الله عليه و آلهوجعله النبيّ صلى الله عليه و آلهعلى فخذه ، فقال له جبرائيل أتحبّه يا محمّد؟ فقال صلى الله عليه و آله : نعم ، فقال : أمّا أنّ اُمّتك ستقتله ، وإن شئت أريتك [من] تربة الأرض الّتي يُقتل بها (3) ، فبسط جناحه إلى الأرض فأراه (4) أرضا يقال لها كربلاء . تربة حمراء بطفُ

.


1- .في (أ) : فكان .
2- .في (أ) : تدمعان .
3- .في (أ) : فيها .
4- .في (أ) : و أراه .

ص: 761

العراق» 1 . وروى الحافظ عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة الطاهرة مرفوعا عن الأصبغ بن نُباتة عن عليّ عليه السلام : قال : أتينا مع عليّ بن أبي طالب فمررنا بأرض كربلاء (1) [نزل وبكى وقال (2) عليّ عليه السلام : هاهنا مناخ ركابهم وهاهنا موضع رحالهم ، وهاهنا مهراق دمائهم ، فتيةٌ (3) من آل محمّد صلى اللّه عليه وآله أجمعين يُقتلون بهذه (4) العرصة تبكي عليهم السماء

.


1- .في (ب ، د) : بموضع قبر الحسين .
2- .في (أ) : فقال .
3- .في (أ) : فئةٌ .
4- .في (أ) : في هذه .

ص: 762

والأرض (1) . ومنه يرفعه إلى عبد اللّه بن مسعود قال : بينما نحن جلوس عند النبيّ صلى الله عليه و آلهإذ أقبل (2) عليه فتية من بني هاشم (3) ]فلمّا رآهم إغرورقت عيناه[ فتغيّر لونه ورؤي في وجهه كآبة فقلنا (4) : يا رسول اللّه مانزال (5) نرى في وجهك شيئا نكرهه؟ فقال صلى الله عليه و آله : إنّا أهل بيت اختار اللّه تعالى لنا الآخرة على الدنيا وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا 6 .

.


1- .انظر معالم العترة الطاهرة للجنابذي (مخطوط) : ورق 64 ، الصواعق المحرقة : 193 و115 ، ذخائر العقبى: 97 فضائل عليّ عليه السلام وأضاف «أخرجه الملاّ في سيرته» ، ينابيع المودّة : 2/186 ، و : 3/12 قريب منه ط اُسوة ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 170 وقريب منه في تهذيب التهذيب : 2 / 347 ، مجمع الزوائد للهيثمي : 9 / 193 و190 و191 و187 ، ومسند أحمد : 1 / 85 ، كنز العمّال : 7 / 105 و106 و110 ، اُسد الغابة : 4 / 169 ، قرب الإسناد : 20 ، بحار الأنوار : 44 / 258 ح 8 و : 256 ح 5 . وانظر أمالي الشيخ الصدوق : 115 ح 1 و : 478 ح 5 ، كامل الزيارات لابن قولويه : 74 ح 12 ، إكمال الدين : 2/532 ح 1، بصائر الدرجات : 298 ح 11 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 190 ط قديم ، نور الأبصار : 255 .
2- .في (أ) : دخل .
3- .في (أ) : قريش .
4- .في (ب) : قال ، وفي (د) : فقلت .
5- .في (أ) : لا نزال .

ص: 763

فصل : في علمه وشجاعته وشرف نفسه وسيادته عليه السلام

فصل : في علمه وشجاعته وشرف نفسه وسيادته عليه السلامقال بعض أهل العلم : علوم أهل البيت لاتتوقّف على التكرار والدرس ، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان في الأمس ، لأنهم المخاطبون في أسرارهم والمحدّثون في النفس . فسماء (1) معارفهم وعلومهم بعيدة عن الإدراك واللمس ، ومن أراد سترها كمن أراد ستر وجه الشمس ، وهذا ممّا يجب أن يكون ثابتا مقرّرا في النفس فهم يرون عالم الغيب في عالم الشهادة ، ويقفون على حقائق المعاني (2) في خلوات العبادة ، وتناجيهم ثواقب أفكارهم في أوقات أذكارهم بما تسنّموا به غارب الشرف والسيادة ، وحصلوا بصدق توجيههم إلى جناب القدس فبلغوا به منتهى السؤال (3) والإرادة ، فهم كما في نفوس أوليائهم ومحبّيهم وزيادة ، فما تزيد معارفهم في زمان الشيخوخة على معارفهم في زمن الولادة . وهذه اُمور تثبت لهم بالقياس والنظر ، ومناقب واضحة الحجول بادية الغرر ، ومزايا تشرق إشراق الشمس والقمر ، وسجايا تزين عيون التواريخ وعنوانات (4) الأثر . فما سألهم مستفيد أو ممتحن فوقفوا ، ولا أنكر منكر أمرا من الاُمور إلاّ علموا وعرفوا ، ولا جرى معهم غيرهم في مضمار شرف إلاّ سبقوا ، وقصر محاورهم وتحلّقوا سنّةً جرى عليها الذين تقدّموا منهم وأحسن أتباعهم الذين خلفوا ، وكم عانوا (5) في الجدال والجلاد اُمورا فبلغوها (6) بالرأي الأصيل والصبر الجميل فما استكانوا ولا ضعفوا ، فبهذا وأمثاله

.


1- .في (أ) : فسمى .
2- .في (أ) : المعارف .
3- .في (ج) : السؤل .
4- .في (د) : عنوان .
5- .في (ج) : بنوا .
6- .في (ب) : تلقّوها .

ص: 764

سموا على الأمثال وشرفوا . تقرّ الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم ، وتصغي الأسماع إذا قال قائلهم أو نطق ناطقهم ، ويكشف الهوى إذا أفلست (1) به خلايقهم ، ويقف كلّ ساعٍ عن شَأوِهِم فلا يدرك فايتهم ولاينال طرايقهم ، سجايا منَحهم بها خالقهم ، وأخبر بها صادقهم ، فسرّ بها أولياؤهم وأصدقاؤهم (2) وحزن لها مباينهم ومفارقهم . وقد حلّ الحسين عليه السلام من هذا البيت الشريف في أوجّه وارتفاعه ، وعلا (3) محلّه فيه علوّا تطامنت النجوم عن إرتفاعه ، واطلّع بصفا سرّه على غوامض المعارف فانكشفت له الحقايق عند اطّلاعه ، وطار (4) صيته بالفضائل والفواضل فاستوى الصديق والعدوّ في استماعه ، ولمّا انقسمت غنائم المجد حصل على صعابها (5) ومرتاعه (6) ، فقد اجتمع فيه وفي أخيه عليهاالسلام من خلال الفضائل ما لاخلاف في إجتماعه . فكيف لايكونا كذلك وهما أبنا عليّ وفاطمة وسبطان لمن كان سيد النبيين والمرسلين وخاتمهم والحسين عليه السلام هو الّذي أرضى غرب السيف والسنان ومال إلى منازلة الابطال والشجعان . قال الشيخ كمال الدين بن طلحة : اعلم أنّ الشجاعة من المعاني القائمة بالنفوس ولها رجالٌ أبطال وصناديد الشؤوس ولا يعرف صاحبها إلاّ إذا ضاق المجال واشتدّ القتال وأحدقت الرجال بالرجال ، فمن كان مجزاعا مهلاعا فنراه يستركب الهزيمة ويستقبلها (7) يستوصب الدنية ويتطوّقها ، ويستعذب المغرّة ويستوثقها (8) ، ويستصحب

.


1- .في (ب ، د) : قيست .
2- .في (أ) : وأصادقهم .
3- .في (أ) : وعلوّ .
4- .في (ج) : صار .
5- .في (ب) : صفاياه .
6- .في (ج ، د) : مرباعه .
7- .في (ب) : يستقبلها .
8- .في (أ) : ويتشوّقها .

ص: 765

الذلّة ويتعلّقها فذلك (1) مهبول الاُم ، لا تعرف نفسه شرفاً ولا له عن الخساسة والدناءة منصرفا ، ومن كان كرّارا صبّارا خائضا غمرات الأهوال بنفسٍ مطمئنةٍ وعزيمةٍ مرجّجة بعد مصافحه الصفاح غنيمة باردة، ومراوحة الرماح فائدة وعائدة، ومكافحة الكتائب مكرمة زائدة ، ومناوحة المصائب منقبة شاهدة ، جانحا إلى ابتياع العزّ بمهجته ويراها ثمنا قليلاً جامحا عن إرتكاب الدنايا وإن غادره جماحه قتيلا (2) : يرى الموت أحلى من ركوب دنيةولا يقتدي للناكصين عليلا (3) ويستعذب التعذيب فيما يفيدهنزاهته عن أن يُقاد (4) ذليلا فهذا مالك زمام الشجاعة وحائزها ، وله من قداحها معلاها وفايزها ، وقد صحّف النقلة (5) في صحائف السِير بما رواه وحرّروا القول بما نقله المتقدّم إلى المتأخّر فيما رووه : إنّ الحسين عليه السلام لمّا قصد العراق وشارف الكوفة سمع به أميرها عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه ، فسرّب الجنود لمقاتلته إسرأبا وحزّب الجيوش (6) لمحاربته أحزابا ، وجهّز إليه من العساكر عشرين ألف مقاتل ، مابين فارس وراجل ، فأحدقوا به شاكّين في كثرة العدد والعديد ، ملتمسين منه نزوله على حكم بن زياد وبيعته ليزيد ، فإن أبى ذلك فليؤذن بقتال يقطع الوتين وحبل الوريد ، ويصعد بالأرواح إلى المحلّ الأعلى ويطرح الأشباح على الصعيد ، فتبعت نفسه الأبيّة جدّها وأباها ، وعزفت عن ارتكاب الدنيّة فأباها ، ونادته النخوة الهاشمية فلبّاها ومنحها بالإجابة إلى مجانبة

.


1- .في (أ) : فيهلك .
2- .انظر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 253 ، وزبدة المقال في فضائل الآل (مخطوط) : ورق 125 وكلاهما لكمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي المتوفّى سنة (654 ه . ق) .
3- .في (أ) : دليلا .
4- .في (أ) : يقال .
5- .في (ب) : صحّ بالنقل .
6- .في (ب) : جيّش .

ص: 766

الذلّة وحباها ، فاختار مجالدة الجنود ومصادمة ضباها (1) ، والصبر على مقارعة صوارمها وكثرة وسم سباها . وكان أكثر هؤلاء الخارجين لقتاله قد كاتبوه وطاوعوه ، وشايعوه وتابعوه ، وسألوه القدوم عليهم ليبايعوه ، فلمّا جاءهم أخلفوه ما وعدوه ، ومالوا إلى السحت العاجل فقصدوه ، فنصب نفسه عليه السلام وإخوته وأهله وكانوا نيّفا وسبعين (2) لمحاربتهم ، واختاروا جميعهم القتل على متابعتهم ليزيد ومبايعتهم ، فاعتقلهم الفجرة الطغام ورشقتهم الرماح والسهام . هذا والحسين عليه السلام ثابت (3) إقدامه في المعترك أرسى من الجبال ، وقلبه لايضطرب لهول القتال ولا لقتال الرجال ولا لمنازلة الأبطال ، ثمّ قال: يا أهل الكوفة قبحا لكم وتعسا حين استصرختمونا ، فآتيناكم مرجفين فشحذتم علينا سيفا كان في إيماننا ، وحثثتم علينا نارا نحن أضرمناها على أعدائكم وأعدائنا ، فأصبحتم الباغين على أوليائكم ، ويدا لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا ذنب كان منّا إليكم ، فلكم الويلات هلا إذ كرهتمونا تركتمونا ، والسيف ما سام ، والجأش ما طاش ، والرأي لم يستحصد ، ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا إسراع الذباب ، وتهافتّم تهافت الفراش ، ثمّ نقضتمونا سفهاً وظلماً ، ألا لعنة اللّه على الظالمين . ثمّ حمل عليهم وسيفه مصلت في يده وهو ينشد ويقول : أنا ابن عليّ الخير (4) من آل هاشمكفاني بهذا مفخرا حين أفخر وجدّي رسول اللّه أكرم من مضى (5) ونحن سراج اللّه في الأرض (6) نزهر وفاطم اُمّي من سلالة أحمد (7) وعمّي يُدعى ذا الجناحين جعفر (8) وفينا كتاب اللّه اُنزل صادقاوفينا الهدي والوحي بالخير (9) يذكر ولم يزل عليه السلام يقاتل حتّى قتل كثيرا من رجالهم وفرسانهم وشجعانهم خائضا في لجج الحرب غمراتهم (10) غير هائب للموت من جميع جهاته ، إلى أن تقدّم إليه الشمر بن ذي الجوشن في جموعه ، وسيأتى تفصيل ما جرى له معه في فصل مصرعه إن شاء اللّه تعالى (11) .

.


1- .في (ب) : صلباها .
2- .في (ج) : ثمانين .
3- .في (د) : واقف .
4- .في (أ) : الطهر .
5- .في (أ) : مشى .
6- .في (ب ، د) : الخلق .
7- .في (ب ، ج) : جدّي محمّد .
8- .في (ب) : هو الطيار في الخلد .
9- .في (د) : والخير .
10- .في (أ) : الغمرات .
11- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 197 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ، وينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 75 ط اُسوة ، وبحار الأنوار : 45 / 49 ، الاحتجاج : 154 و155 ، عوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحراني الاصفهاني : 17 / 291 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 134 ، سمط النجوم العوالي : 3 / 76 ، كشف الغمّة بالترجمة الفارسية : 384 ، و : 2 / 19 ط العربية ، وكذلك في كشف الغمّة (مخطوط) بدار الكتب لسالار جنك تحت المناقب رقم 18 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 32 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 80 ، منتخب الطريحي : 439 .

ص: 767

فصل : في ذكر كرمه وجوده عليه السلام

فصل : في ذكر كرمه و جوده عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة «قد اشتهر النقل عنه عليه السلام (1) أنّه كان يكرم الضيف، ويمنح الطالب ، ويصل الرحم ، وينيل الفقير (2) ، ويسعف السائل ، ويكسو العاري (3) ، ويشبع الجائع ، ويعطى الغارم . ويشدّ من الضعيف ، ويشفق على اليتيم ، ويعين ذا

.


1- .في (أ) : بأنه .
2- .في (أ) : الفقراء .
3- .في (أ) : العريان ... الجوعان .

ص: 768

الحاجة ، وقلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه» (1) . وفي الفصل المتقدّم المعقود لكرم أخيه عليه السلام وقصّة المرأة الّتي ذبحت الشاة وما وصلها به لمّا أن جاءته بعد أخيه الحسن من إعطائها الألف دينار وشرائه لها الألف شاة (2) ما يعرّفك أنّ الكرم ثابت لهؤلاء القوم حقيقة ولغيرهم مجاز،إذ كلّ واحد منهم ضرب فيه بالقدح المعلّى، فحاز منه ما حاز، فهم بحار يجارون (3) الغيوث سماحة ، ويبارون الليوث حماسةً ، ويعدلون الجبال حلما ورجاحة ، فهم البحور الزاخرة والسحب الهامية الماطرة ، وفيه يقول الشاعر : فما كان من جود أتوه فإنّماتوارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطى إلاّ وشجه (4) وتغرس إلاّ في مغارسها النخل قال أنس : كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية بيدها (5) بطاقة ريحان ]فحيّته بها] فقال [لها] : أنت حرّة لوجه اللّه تعالى [وبهر أنس فانصرف يقول ]فقلت له : جارية تحيّيك (6) بطاقة ريحان لا حظّ (7) لها ولا بال فتعتقها؟! فقال : [كذا أدّبنا اللّه ]أما سمعت قوله تعالى «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ» (8) وكان أحسن منها عتقها (9) .

.


1- .انظر مطالب السؤول : 73 .
2- .سبق وأن تمّ استخراج ذلك من كشف الغمّة : 1 / 558 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 3 / 182 ، والبحار : 43 / 347 ح 20 و : 341 ح 15 ، وعوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحراني الاصفهاني : 9 / 114 ، وغير ذلك من المصادر السابقة .
3- .في (أ) : تجاوزت .
4- .في (ب ، ج) : شيحة .
5- .في (أ) : فجاءته .
6- .في (د) : تجيئك .
7- .في (ب ، د) : لاخطر .
8- .النساء : 86 .
9- .كشف الغمّة للإربلي : 2 / 31 ، بحار الأنوار : 44 / 195 ح 8 عوالم العلوم : 17 / 64 ، أعيان الشيعة للسيّد محسن الأمين العاملي : 4 / 104 .

ص: 769

وكتب إليه أخوه الحسن يلومه على إعطائه الشعراء ، فكتب إليه : أنت أعلم منّي (1) بأنَّ خير المال ما وقى العرض (2) . وجنى غلامٌ له (3) جنايةً توجب العقاب عليه (4) فأمر بتأديبه [أن يُضرب ]فقال : يا مولاي قال اللّه تعالى «وَالْكَ_ظِمِينَ الْغَيْظَ» قال عليه السلام : خلّوا عنه فقد كظمت غيظي ، فقال : [يا مولاي] «وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ» قال عليه السلام : قد عفوت عنك ، فقال : [يا مولاي] : «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » (5) قال : أنت حرّ لوجه اللّه تعالى ، وأجازه بجائزة سنية (6) . وقيل : أنّ معاوية لمّا قدم مكّة وصله بمالٍ كثيرٍ وثيابٍ وافرةٍ وكسوةٍ فاخرة فردّ الجميع عليه ولم يقبل منه شيئا (7) ، فهذه سجيّة الجود وشنشنة الكرم وصفة من حوى مكارم الأخلاق ومحاسن الشِيَم . وممّا يؤذنك بكرمه وسماحته ذكر ما تقدّم في الفصل الّذي قبل هذا من ثبات قلبه وشجاعته ، إذ الشجاعة والسماحة توأمان ورضيعا لبان ، فالجواد شجاع والشجاع جواد ، وهذه قاعدة كلّية وإن خرج منها بعض الآحاد ، ومن خاف الوصمة في شرفه جاد بالطريف من ماله والتالد ، وقد قال أبو تمّام في الجمع بينهما فأجاد (8) : وإذ رأيت أبا يزيد في ندىووغى ومبدي غارةً ومعيدا أيقنتَ أنّ من السماح شجاعةتدنى وأنّ من الشجاعة جودا

.


1- .في (أ) : أنّ .
2- .انظر كشف الغمّة : 2 / 206 وبحار الأنوار : 44 / 195 ح 8 وزاد فيه « ... لعلّ لومه عليه السلام ليظهر عذره للنّاس» .
3- .في (أ) : بعض أقاربه .
4- .في (أ) : التأديب .
5- .آل عمران : 134 .
6- .في (ب) : بلفظ : ولك ضعف ما كنت اعطيك . انظر كشف الغمّة : 2 / 207 و208 ، و : 2 / 31 ط اُخرى ، بحار الأنوار : 44 / 195 ح 9 ، عوالم العلوم : 17 / 70 .
7- .انظر الفتوح لابن أعثم : 2 / 346 .
8- .ديوان أبي تمّام تحقيق محمّد عكّاش : ص 215 ط القاهرة .

ص: 770

فصل : في ذكر شيء من محاسن كلامه وبديع نظامه عليه السلام

وقال آخر في هذا المعنى : يجود بالنفس إن ظنّ البخيل بهاوالجود بالنفس أقصى غاية الجود وقيل : الكريم شجاع القلب ، والبخيل شجاع الوجه .

فصل : في ذكر شيء من محاسن كلامه وبديع نظامه عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة الشافعي : كانت الفصاحة لديه خاضعة والبلاغة لأمره زامعة طائعة ، وأمّا نظمه فيعدّ من الكلام جوهر عقد منظوم ومشهود برد مرقوم (1) ، انتهى .

فمن كلامه عليه السلام :حوائج الناس إليكم من نِعم اللّه [عزّ وجلّ] عليكم فلا تملّوا النِعم فتعود نقماً (2) .

وقال عليه السلام :صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك ، فأكرم وجهك عن ردّه (3) .

وقال عليه السلام في خطبة :أيّها الناس ، نافسوا في المكارم ، وسارعوا في المغانم ، ولا تحتسبوا (4) بمعروف ولم تجعلوه ، واكتسبوا الحمد بالنجح ولا تكسبوه بالمبطل ، فمهما يكن لأحدٍ عند أحدٍ صنعة ورأى أنه لا يقوم بشكرها فاللّه تعالى له بمكافاته بمكان وذلك أجزل عطاء وأعظم أجرا. واعلموا أنّ المعروف يكسب حمدا ويعقب أجرا ، فلو رأيتم المعروف رجلاً رأيتموه حسنا جميلاً يسرّ الناظرين ، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه منظرا قبيحا تنفر منه القلوب وتغضّ منه الأبصار . أيّها الناس ، من

.


1- .انظر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 74 .
2- .انظر المصدر السابق ، وانظر طبقات الشعراني : 1 / 23 وفيه «أعلموا أنّ حوائج ... فتعود النقم» وفي مختصر صفة الصفوة : 62 مثله .
3- .انظر نور الأبصار : 227 ، كشف الغمّة : 2 / 244 .
4- .في (أ) : ولا يحسبوا .

ص: 771

جاد ساد ، ومن بخل ذلّ (1) ، فإنّ أجود الناس من أعطى من لا يرجوه ، وأعف الناس من عفا عن قدرة ، وإنّ أوصل الناس مَن وصل مَن قطعه ، ومَن أراد بالصنيعة إلى أخيه وجه اللّه تعالى كافاه اللّه تعالى بها في وقت حاجته وصرفت عنه من البلاء بأكثر من ذلك ، ومَن نفّس عن أخيه كربةً من كُرب الدنيا نفّس اللّه عنه كربةً من كُرب الآخره ، ومَن أحسن أحسن اللّه إليه واللّه يحبّ المحسنين (2) .

ومن كلامه عليه السلام :الحلم زينة ، والوفاء مروّة ، والصلة نعمة ، والاستكثار صلف ، والعجلة سفَه ، والسفَه ضعف ، والغلوّ (3) ورطة ، ومجالسة الدناءة شرّ ومجالسة أهل الفسوق (4) ريبة (5) .

وقيل :كان بينه وبين أخيه الحسن عليه السلام كلام فقيل له : اذهب إلى أخيك الحسن فاسترضه وطيّب خاطره فإنّه أكبر منك ، فقال : سمعت جدّي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول : «أيّما اثنين جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر كان السابق سابقه إلى الجنّة» وأكره ان اسبق أخي الأكبر إلى الجنّة . فبلع الحسن قوله عليه السلام فأتاه وترضّاه (6) .

فهذه الألفاظ تجاري الهوى رقّةً ومتانةً ، وتنبئك بأنّ لهم عند اللّه أكبر منزلةً وعلوّ مكانةً ، توارثوا البيان كابرا عن كابر وتسنّموا تلك الفضائل كتسنّمهم متون المنابر ، وتساووا في مضمار المعارف فالآخر يأخذ عن الأوّل والأوّل يملي على الآخر . شرف تتابع كابر عن كابركالرمح اُنبوبا على اُنبوب (7)

.


1- .في (ب) : رذل .
2- .نور الأبصار : 278 .
3- .في (أ) : واللغو .
4- .في (أ) : الفسق .
5- .انظر نور الأبصار : 227 .
6- .انظر المصدر السابق ، وجواهر العقدين .
7- .في بعض النسخ : كابرا عن كابرٍ كالريح . وورد البيت في كتاب «المناقب الثلاثة للفارس الكرار سيف اللّه الغالب أمير عليّ بن أبي طالب «كرّم اللّه وجهه ونجليه والإمامين الكريمين سيّدنا الحسن والحسين رضياللّه عنهما للحافظ محمّد بن يوسف بن محمّد البلخي الشافعي» : 152 طبع المكتبة اليوسفية بمصر و هذه النسخة منقولة من المكتبة العربية بمكة .

ص: 772

وأمّا نظمه عليه السلام فمن ذلك ما نقله عنه ابن أعثم صاحب كتاب الفتوح وهو أنه عليه السلام لمّا أحاطت به جموع بن زياد لعنه اللّه وقَتلوا مَن قَتلوا من أصحابه ومنعوهم الماء كان له ولد صغير فجاءه سهم فقتله فرمله الحسين عليه السلام وحفر له بسيفه وصلّى عليه ودفنه ، وقال شعرا : كفر (1) القوم وقدما رغبواعن ثواب اللّه ربّ الثقلين قتلوا (2) قدما عليّا وابنهحسن الخير كريم الأبوين (3) حسدا منهم وقالوا أجمعوا (4) نقتل الآن جميعا للحسين خيرة اللّه من الخلق أبيثمّ اُمّي (5) فأنا ابن الخيرتين فضّة قد خلصت (6) من ذهبفأنا الفضّة وابن الذهبين مَن له جدّ كجدّي في الورىأو كشيخي فأنا (7) ابن القمرين فاطم الزهراء اُمّي وأبيقاصم الكفر ببدر وحُنين وله في يوم اُحدٍ وقعةٌشفت الغلّ بفضّ العسكرين ثمّ بالأحزاب والفتح معاكان فيها حتف أهل الوثنين (8)

.


1- .في (أ) : غدر .
2- .في (ب ، ج) : قاتلوا .
3- .في (ب ، ج) : والطرفين .
4- .في (أ) : اقبلوا .
5- .في (ب ، ج) : بعد جدّي .
6- .في (أ) : صفيت .
7- .في (ب ، ج) : وأنا .
8- .انظر الفتوح لابن أعثم : 3 / 132 وفيه «الثقلين _ القبلتين» بدل «الوثنين» ، وانظر أيضا كشف الغمّة المترجمة باللغه الفارسية : 384 باختلاف يسير في اللفظ ، وباللغه العربية : 2 / 254 ، ينابيع المودّة : 3 / 80 _ 81 ط اُسوة ، مقتل الإمام الحسين عليه السلام للمؤرّخ الشهير لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي الغامدي مع التعاليق النفيسة بقلم الحسن الغفاري ط قم : هامش ص 195 ، مناقب آل أبي طالب : 4 / 109 ط قم ، عوالم العلوم : 17 / 290 ، نورالأبصار : 278 ، البحار : 45 / 47 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ .

ص: 773

ومن ذلك ما حكي أنّ الفرزدق 1 لقيه عليه السلام وهو متوجّه إلى الكوفة فقال له : يا ابن [بنت] رسول اللّه ، كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل [وشيعته؟! فاستعبر الحسين بالبكاء ، ثمّ قال :] فترحّم على مسلم بن عقيل [رحم اللّه مسلما] وقال : أما أنه (1) صار إلى رحمة اللّه [وريحانه وجنّته ]تعالى

.


1- .في (ب) : «فلقد» بدل «أمّا أنه» .

ص: 774

ورضوانه [أمّا أنّه] قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ، وأنشد (1) يقول : فإن (2) تكن الدنيا تُعَدُّ نفيسةفإنّ (3) ثواب اللّه أعلى وأنبلُ (4) وإن تَكن (5) الأبدان للموت اُنشئتفقتل امرءٍ في اللّه بالسيف أفضلُ وإن تكن الأرزاق قَسْما (6) مقدَّرافقلّة حرص (7) المرء في الكسب أجملُ وإن تكن الأموال للترك جمعهافما بال متروك به المرء يبخلُ (8)

ومن نظمه عليه السلام : ذهَبَ الذين احبُّهُمْوبقيتُ فيمن لا اُحبُّه فيمن أراهُ يسبُّنيظهر المغيب وَلا أسُبُّه أفلا يرى أنّ فِعلَهُمِمّا يسير (9) إليْهِ غَبُّه حسبي بِرَبِّي كافياممّا اختشى والبغْيُ حَسْبُه ولعلَّ مَنْ يُبغى عليه[فما] إلاّ كَفاهُ اللّهُ ربّه (10)

.


1- .في (ب) : ثمّ أنشأ .
2- .في (أ) : وإن .
3- .في (ج) : فدار .
4- .في (ج ، د) : أجزل .
5- .في (أ) : يكن .
6- .في (ج) : رزقا .
7- .في (د) : سعي .
8- .في (ب) : الخير ينجل . انظر الفتوح لابن أعثم : 3 / 80 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 81 ط اُسوة ، عوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحراني الاصفهاني : 17 / 292 و224 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 223 ، وانظر الخبر في تاريخ الطبري : 6 / 995 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 168 ، اللهوف : 41 ، نور الأبصار للشبلنجى : 279 ، وفي مقتل الحسين للسيّد عبد الرزاق المقرّم : 180 منشورات قسم الدراسات الإسلامية قم ولم يذكر فيه الفرزدق بل ذكر رجلاً مقبلاً من الكوفة وعلّق في الهامش بأنّ الخوارزمي ذكر الفرزدق وهو إشتباه ، وانظر البحار : 44 / 374 ، و : 45 / 49 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 202 ، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور : 7 / 33 .
9- .في (ب) : يُسُورُ .
10- .انظر كشف الغمّة : 2 / 34 ، بحار الأنوار : 78 / 122 ، أعيان الشيعة : 1 / 621 ، نورالأبصار : وليس فيه البيت الأخير .

ص: 775

وقال عليه السلام : إذَا مَا عَضَّكَ الدهْرُفَلاَ تَجْنَح إلى الخَلقِ (1) وَلا تسألْ سِوى اللّه تَعَالى قَاسِمَ الرِّزْقِ فلو عِشتَ وَطوَّقْتَمِنَ الغَرْبِ إلى الشرقِ لَمَا صَادَفْتَ مَنْ يقدرأنْ يَسْعَدَ أوْ يَشْقِي (2)

وقال عليه السلام من قصيدةٍ طويلة هذا أوّلها : إذا استنصر المرء امرءً لايدا لهفناصره والخاذلون سواءُ انا ابنُ الّذي قد تعلمون (3) مكانهوليس على الحقِّ المبين طحاءُ (4) أليس رسولُ اللّه جَدّي ووالدِيأنا البدرُ إنْ خلا النجوم خفَاءُ ألم ينزل القرآن خلف بيوتناصباحا ومن بعد الصباح مساء يُنازعُني واللّه بيني وبينهيزيدُ وليس الأمر حيثُ يشاءُ فيا نُصحاء اللّه أنتم ولاتهوأنتم على أديانه اُمناءُ بأيّ كتابٍ أم بأيَّة سُنَّةٍتناولها عن أهلِهَا البُعدَاءُ (5)

وقال أبو مخنف : كان [مولانا] الحسين بن عليّ تعلوه (6) الكراهة لمّا كان عليه

.


1- .في (ب) : خَلْق .
2- .انظر كشف الغمّة : 2 / 35 ، بحار الأنوار : 78 / 123 ، أعيان الشيعة : 1 / 621 ، نورالأبصار : 279 وفيه اختلاف يسير .
3- .في (أ) : يعلمون .
4- .في (ج) : طخاء .
5- .انظر كشف الغمّة : 2 / 35 ، إحقاق الحقّ : 11 / 642 ، نورالأبصار : 279 و فيه اختلاف يسير .
6- .في (ج) : يظهر .

ص: 776

فصل : في ذكر مخرجه عليه السلام إلى العراق

من أمر أخيه الحسن عليه السلام من صلح معاوية ويقول : لَوْ جَزَّ أنفي بِموسٍ [ل] كان أَحبَّ إليَّ ممّا فعله أخي . وقال في ذلك (1) : فما ساءني شيء كما ساءني أخيولم أرض واللّه الّذي كان صانعا ولكن إذا ما اللّه أمضى قضاءهفلابدّ يوما أن تر الأمر واقعا ولو أنني شورت فيه لمّا رأواقرينهم (2) إلاّ عن الأمر شاسعا ولم أكُ أرضى بالّذي قد رضوا بهولو جمعت كلٌّ (3) إلى المجامعا ولو حزّ (4) أنفي قبل ذلك حزّةبموسٍ لما اُلقيت للصلح طائعا (5)

فصل : في ذكر مخرجه عليه السلام إلى العراقوذلك أنّ معاوية لمّا استخلف ولده يزيد وذلك في سنة ست وخمسين (6) ثمّ مات معاوية في سنة ستين (7) ثمّ لم تكن ليزيد همّة (8) إلاّ أن كتب إلى الوليد بن

.


1- .انظر كشف الغمّة : 2 / 35 علما بأنّ العبارة المنسوبة إلى الحسين عليه السلام في حقّ أخيه الحسن عليه السلام لا توجد إلاّ في(أ ، ج) فقط ، وسبق وأن أشرنا إلى بطلان هذه العبارة لأنّ الحسين عليه السلام هو القائل : لو كنت مكان الحسن عليه السلام ما فعلت إلاّ ما فعله أخي الحسن عليه السلام .
2- .في (ج) : قريبهم .
3- .في (أ) : كفى .
4- .في (ج) : جزّ ... جزّة .
5- .في (ج) : تابعا .
6- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 224 ، وانظر الفتوح لابن أعثم الكوفي : 2 / 332 وما بعدها ، سمط اللآلي : 1/149 ، مروج الذهب للمسعودي : 2/70 ، الكامل لابن الأثير : 3/254 ، سمط النجوم العوالي: 3/43.
7- .انظر الفتوح لابن أعثم : 2 / 378 ، تاريخ الطبري : 4 / 239 ، و : 5 / 323 ط آخر ، مروج الذهب للمسعودي : 3 / 3 ، تاريخ خليفة : 226 ، الاستيعاب لابن عبد البرّ القرطبي : ترجمة 4977 ، اُسد الغابة : ترجمة 4977 ، الإصابة : ترجمة 8074 ، مآثر الإناقة : 1 / 109 ، ابن الأثير التاريخ : 2 / 524 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 32 .
8- .تاريخ الطبري : 4 / 250 .

ص: 777

عتبة (1) بن أبي سفيان عاملهم على المدينة يخبره بموت معاوية ويأمره أن يأخذ البيعة له من (2) الحسين بن عليّ وعبد اللّه بن عمر ، وعبد اللّه بن الزبير أخذا ليست فيه رخصة 3 أوّل الناس قبل ظهور الأمر وإفشائه ويشدّد عليهم في ذلك . فلمّا قرأ الوليد الكتاب عظم عليه هلاك معاوية وما أمره يزيد من أخذه البيعة على هؤلاء الثلاثه ، فاستدعى (3) مروان بن الحكم وقرأ عليه الكتاب ، فاسترجع (4) مروان وشقّ عليه موت معاوية ، فقال له الوليد : ما الرأي؟ كيف تصنع في هؤلاء النفر الثلاثه الذين أمرني بأخذ البيعة عليهم؟ فقال له : أرى أن تدعوهم الساعة وتأخذهم بالبيعة ، فإن فعلوا قَبِلْتَ منهم وكففت عنهم ، وإن أبوا [قدمتهم ]فضربت

.


1- .في (ج ، د) : عقبة ، والصحيح هو عتبة بن أبي سفيان بن حرب ولّي المدينة المنوّرة سنة (57 ه) وتوفّي بالطاعون سنة (64 ه) . انظر إلاعلام للزركلي : 9 / 142 .
2- .في (أ) : على .
3- .في (ب ،د) : فدعا .
4- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 250 ، و : 5 / 338 ط اُخرى وزاد فيه «وترحّم عليه» ، وانظر مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 181 .

ص: 778

أعناقهم قبل أن يعلم (1) أحدٌ منهم بموت معاوية ، لأنّهم إن علموا بموت معاوية (2) وثب كلّ واحدٍ منهم بناحيته وأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه ، ورأيي أنّ ابن عمر لا يحبّ القتال ولا يحبّ ان يولي (3) شيئا من اُمور الدنيا بالقتال إلاّ أن يدفع عليه هذا الأمر عفوا ، فأرسل إلى الحسين وإلى ابن الزبير لاغير (4) . فأرسل الوليد إلى الحسين وإلى ابن الزبير غلاما حدثا (5) من شيعته (6) يدعوهما إلى الحضور إليه ، وكانا جالسَين في المسجد ، فأتاهما في ساعةٍ متأخّرة لم يكن الوليد يجلس فيها لأحد (7) فقال : أجيبا (8) الأمير ، فقالا له : انصرف ، الآن نأته . ثمّ أخذا يتشاوران ، فقال [عبد اللّه ]ابن الزبير للحسين عليه السلام : ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة الّتي لم يكن يجلس فيها إلاّ لأمرٍ قد حدث (9) ؟ فقال الحسين : نعم ، أظنّ أنّ طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا

.


1- .في (ب) : يعلموا .
2- .في (أ) : بموته .
3- .في (أ) : يلي .
4- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 250 مع اختلاف يسير في اللفظ والتقديم والتأخير ، ومثل ذلك في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 181 ، والفتوح : 3 / 10 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 4 .
5- .ذكر الطبري في تاريخه : 4 / 251 اسم الغلام عبد اللّه بن عمرو بن عثمان وهو إذ ذاك غلام حدث ، وزاد ابن أعثم في الفتوح : 3 / 11 : عبد اللّه ... بن عثمان بن عفان لم يصب القوم في منازلهم فمضى نحو المسجد ... ومثله في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 181 ولكن بلفظ : وهو عمرو بن عثمان ... وانظر الإمامة والسياسة : 1 / 226 ولكنّه ذكر أنّ الوليد أرسل أيضا إلى عبد اللّه بن عمر ، والصحيح انّه لم يرسل إليه لأنّ مروان أقنعه بعدم الإتيان به حينما قال له : فإنّي لا أراه يرى القتال ولا يحبّ أن يولّي على الناس ... كما ذكر الطبري ، وانظر الكامل لابن الأثير : 2 / 529 ، والأخبار الطوال : 227 ، والفتوح لابن أعثم : 3 / 11 هامش رقم 3 ، وسمط النجوم العوالي : 3 / 56 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 4 .
6- .في (د) : جهته .
7- .انظر مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 282 ، وتاريخ الطبري : 4 / 251 ، والفتوح : 3 / 11 هامش رقم 1 ، ومقتل الحسين لأبي مخنف : 4 .
8- .في (ب ، د) : أجيبوا ... فقالوا .
9- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 251 باختلاف يسير في اللفظ ، ومثله في الفتوح : 3 / 11 ، وقريب من هذا في الإمامة والسياسة : 1 / 226 ، والإرشاد : 2 / 32 ، ابن الأثير : 3 / 216 ، العقد الفريد : 3 / 130 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 4 .

ص: 779

بالبيعة (1) ليزيد قبل أن يُفشى (2) الخبر في الناس (3) ، فقال ابن الزبير : واللّه ما أظنّ غيره فما تريد أن تصنع (4) ؟ قال الحسين عليه السلام : أجمع فتياني الساعة (5) ثمّ أمشي إليه وأجلسهم قريبا من مجلسي وأنظر ما خبره (6) ، قال : فإنّي أخاف بعد دخولك عليه أن لاتنجو من شرّه (7) ، قال : لا أدخل عليه إلاّ وأنا قادر عن الامتناع منه (8) . ثمّ قام الحسين فجمع حاشيته وأهل بيته ثمّ دخل عليه وأدخلهم معه وأجلسهم بحيث يروا مكانه ويسمعوا كلامه قريبا من مجلسهم ، وقال : إن دعوتكم أو سمعتم

.


1- .في (أ) : يأخذ البيعة .
2- .في (ب ، د) : يفشوا .
3- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 251 مع اختلاف يسير في اللفظ ، والمناقب لابن شهرآشوب : 3 / 240 ، البحار : 44 / 325 ، الكامل في التاريخ : 4 / 160 ط اوربا ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 182 ، الفتوح : 3 / 11 ، الإمامة والسياسة : 1 / 226 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 4 .
4- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 251 دون لفظ الجلالة . وفي الكامل لابن الأثير : 4 / 160 لاتوجد لفظة «فما تريد أن تصنع» وقريب من هذا وذاك في الإمامة والسياسة : 1 / 226 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 11 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 182 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 5 .
5- .في (ب ، ج) : آتيه فإن أراد تلك امتنعت عليه .
6- .انظر الإمامة والسياسة : 1 / 226 بلفظ «آتيه» بدل «أجمع» ، وقريب من هذا في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 182 بلفظ «أقبل» . وانظر الفتوح : 3 / 11 ، تاريخ الطبري : 4 / 251 وزاد فيه «فإذا بلغتُ الباب احتبستُهم عليه ثمّ دخلت عليه» ، وانظر الإرشاد : 2 / 33 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 5 .
7- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 251 بلفظ «فإنّي أخافه عليه» وفي الفتوح : 3 / 12 بلفظ «إنّي خائف عليك أن يحبسوك عندهم فلا يفارقونك أبدا دون أن تبايع أو تقتل» ومثله في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 182 ، ومقتل الحسين لأبي مخنف : 5 .
8- .انظر مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 182 بلفظ [إنّى لست أدخل عليه وحدي ...] ومثله في الفتوح لابن أعثم : 3 / 12 ، وقريب من هذا في المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 240 ، والبحار : 44 / 325 ، واللهوف في قتلى الطفوف : 13 ، ومثير الأحزان لابن نما الحلّي : 14 ، مقتل الحسين لابن أبي مخنف : 5 .

ص: 780

صوتي قد علا فائتوني بأجمعكم وإلاّ مكانكم حتّى آتيكم . ثمّ دخل عليه مجلسه فسلّم عليه وجلس ، ووجد مروان جالسا عنده فتحادثوا ساعةً ، ثمّ إنّ الوليد أخبره بموت معاوية ودعاه إلى بيعة يزيد ووعده عن يزيد بخيرٍ جزيل،فاسترجع الحسين عليه السلام لموت معاوية (1) وقال : مثلي لا يبايع ، فإذا خرجت إلى الناس ودعوتهم إلى البيعة أنا من جملتهم ويكون الأمر واحدا، ثمّ وثب الحسين قائما وولّى (2) .فقال مروان للوليد: لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرتَ (3) على مثلها ، أحبسه فإن بايع وإلاّ اضرب عنقه (4)

.


1- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 251 ولكن بلفظ : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ... وفي الإرشاد : 2 / 33 بلفظ : فاسترجع الحسين عليه السلام ... وفي الفتوح : 3 / 13 مثل الطبري ، وكذلك في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 183 ، والبحار : 44 / 324 . وعند مراجعة اللهوف في قتلى الطفوف ط مكتبة الأندلس بيروت : 9 _ 10 تأليف عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسينى لم أجد الاسترجاع . وزادت بعض المصادر التاريخيّة أنّ الإمام الحسين عليه السلام خرج من منزله وفي يده قضيب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو في ثلاثين رجلاً من أهل بيته ومواليه وشيعته ... كما ورد ذلك في الفتوح : 3 / 13 ، عوالم العلوم : 17 / 174 ، البحار : 44 / 325 ، الملهوف : 18 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 183 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 5 .
2- .انظر المحاورة الّتي جرت بين الإمام الحسين عليه السلام وبين الوليد في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 183 بلفظ : ... إنّ مثلي لايعطي بيعته سرّا ... وفي الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 1 / 226 بلفظ : لا خير في بيعة سرّ ، والظاهرة خير ... وانظر تاريخ الطبري : 4 / 251 وزاد لفظ : ولا أراك تجتزئ بها منّي سرّا دون ان تُظهِرها على رؤوس الناس علانية ... وفي الإرشاد : 2 / 33 «إنّي لاأراك تقنع ببيعتي ليزيد سرّا حتّى اُبايِعَه جهرا ، فيعرف الناس ذلك» ومثله في البحار : 44 / 324 ، وقريب من هذا في الملهوف : 17 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 3 / 240 ، ، و : 4 / 88 ، الكامل في التاريخ لابن الاثير : 4 / 160 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 13 ، مقتل الحسين لأبي مخنف / 5 .
3- .في (د) : تقدر منه .
4- .انظر تاريخ الطبري 4 / 251 ، ومقتل الحسين لأبي مخنف : 5 وفيهما فيه « ... على مثلها أبدا حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه» وقريب من هذا في الفتوح : لابن أعثم : 3 / 14 ، والكامل في التاريخ لابن الأثير : 4 / 16 ، الإرشاد : 2 / 33 ، مقتل الحسين للسيّد عبدالرزاق المقرّم : 130 ، بحار الأنوار : 44 / 324 ، وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : 1 / 184 « ... حتّى تكثر القتلى بينك وبينه ، فاحبسه عندك ، ولاتدعه يخرج أو يبايع وإلاّ فاضرب عنقه» . وانظر الإمامة والسياسة لإبن قتيبة : 1 / 227 ولكن بلفظ «لا تظفر بمثلها منهما أبدا» .

ص: 781

فوثب (1) إليه الحسين وقال : [ويلي عليك] ، يا ابن الزرقاء (2) أنت تضرب (3) عنقي أم هو؟ كذبت واللّه 4 . ثمّ خرج من الباب (4) قال : وكان الوليد يحبّ العافية (5) فالتفت إلى مروان وقال

.


1- .في (أ) : فالتفت .
2- .قال ابن الأثير في الكامل : 4 / 160 ط اوربا : وكان يقال له _ أي مروان _ ولولده : بنو الزرقاء ، يقول ذلك من يريد ذمّهم وعيبهم ، وهي الزرقاء بنت موهب جدّة مروان بن الحكم لأبيه ، وكانت من ذوات الرايات الّتي يُستَدَلّ بها على بيوت البغاء ، فلهذا كانوا يذمّون بها . وقال البلاذري في أنساب الأشراف : 5 / 126 اسمها مارية ابنة موهب وكان قينا . وانظر تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 229 ، الآداب السلطانية للفخرى : 88 ، تاريخ ابن عساكر : 7 / 407 ، تاريخ الطبري : 8 / 16 ، انظر تفسير من آية 13 سورة القلم في قوله «عُتُلِّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ» وانظر كنز العمّال للمتقي الهندي : 1 / 156 وانظر روح المعاني للآلوسي : 29 / 28 .
3- .في (ج ، د) : أ تأمر بضرب .
4- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 33 ولكن بلفظ «وخرج» فقط ، ومثله في تاريخ الطبري : 4 / 252 بلفظ «ثمّ خرج» .
5- .لم أعثر على هذه العبارة في تاريخ الطبري على الرغم من أنّ بعض الكتب نسبتها إليه ، وفي معالم المدرستين : 3 / 57 قد وضعها المؤلّف بين شارحتين ، ولكن ابن الأثير في تاريخه الكامل يذكرها في : 4 / 160 ط اوربا ، وكذلك في مقتل الحسين لأبي مخنف : 5 .

ص: 782

له : ويح [وَبِّخْ ]غيرك ، واللّه ما اُحبُّ أنّ لي ما طلعتْ عليه الشمسُ وغربتْ [عنه ]من مال الدنيا وملكِها إذا قتلت حسينا [سبحان اللّه ! أقتل حسينا ]إن (1) قال لا اُبايع ، فسكت (2) مروان (3) . وأمّا ابن الزبير فقال للرسول : الآن آتيكم (4) ،

.


1- .في (أ) : إذ .
2- .لم يسكت مروان بل قال ما قال مستهزئا كما ذكرت المصادر السابقة ، وانّما أخطأ ابن أعثم في الفتوح : 3 / 14 حين قال : فسكت مروان ، ولكنّ ربّما يقصد ابن أعثم انّ سكوت مروان جاء بعد أن انتهى الوليد بن عتبة من كلامه وتبيان منزلة ومكانة الإمام الحسين عليه السلام لأنه أعرف بمنزلته ، وحتّى أنّ معاوية حذّر ابنه يزيد وقال له : وإياك يا بني أن تلقى اللّه بدمه فتكون من الهالكين ، فإنّ ابن عباس حدّثني فقال : إنّى حضرت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوهو في السياق وقد ضمّ الحسين بن عليّ إلى صدره وهو يقول : هذا من أطائب أرومتى وأنوار عترتي وخيار ذريّتي ، لابارك اللّه فيمن لايحفظه بعدي ، قال ابن عباس : ثمّ اُغمي على النبي صلى الله عليه و آله ساعة ثمّ أفاق وقال : يا حسين إنّ لي ولقاتلك يوم القيامة مقاما بين يدي ربّي وخصومه ، وقد طابت نفسى إذ جعلني اللّه خصيما لمن قتلك يوم القيامة . يا بني هذا حديث ابن عباس وأنا أحدّثك عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنه قال : أتاني جبريل يوما فخبّرني وقال : يا محمّد إن اُمتك ستقتل ابنك حسينا ، وقاتله لعين هذه الاُمّة ، ولقد لعن النبيّ صلى الله عليه و آلهيا بني قاتل الحسين مرارا ، فانظر لنفسك ثمّ انظر أن لا يتعرّض له بأذية ، فحقّه واللّه يا بني عظيم ... انظر الفتوح : 2 / 356 .
3- .انظر الإرشاد : 3/33 بلفظ (الويح لغيرك) وعلق عليها العلاّمة المجلسي في بحاره : 44/360 و326 تحت عنوان أيضاح : قوله «ويح غيرك» قال : هذا تعظيما له ، أي لا أقول لك «ويحك» بل أقول لغيرك . وفي تاريخ الطبري : 4 / 252 بلفظ [وَبِّخْ غيرك يا مروان إنك اخترت لي الّتي فيها هلاك دينى ... وزاد فيه «إنّى لا أظن امرءا يُحاسَبُ بدم حسين لخفيف الميزان عند اللّه يوم القيامه فقال له مروان فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت يقول هذا له وهو غير الحامد له على رأيه»] وقريب من هذا في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 184 ، اللهوف : 14 ، الفتوح : 3 / 14 ، العوالم : 17 / 175 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 6 ، وقريب من هذا في الإمامة والسياسة : 1 / 227 ، الأخبار الطوال : 228 وابن الأثير : 2 / 529 .
4- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 6 وزاد ... ثمّ أتى داره فكمن فيها ... وفي تاريخ الطبري : 4 / 252 بلفظ : لاتعجلوني فإني آتيكم ... وفي الفتوح : 3 ص 15 بلفظ : لاتعجل فإني لك على ماتحبّ ، وأنا صائر إليك اِن شاء اللّه ... .

ص: 783

فألحّ عليه (1) الوليد في الطلب وهو يقول : امهلوني (2) . ثمّ إنّ ابن الزبير أرسل أخاه [إلى ]الوليد وهو يقول : إنّك أفزعتني وأرعبتني بمتابعة رسلك إليَّ وطلبتك لي واُريد أن تحملني إلى الليل وآتيك إن شاء اللّه تعالى ، فخلّى عنه (3) . فلمّا كان الليل هرب (4) ابن الزبير هو وأخوه جعفر (5) إلى مكّة المشرّفة ليس معهما [ثالث ]وأخذا على طريق الفرع (6) ، فأرسل الوليد بعد أن دخل الليل يطلبه فلم يجده ، فلمّا أصبح أرسل في طلبه فلم يدركه ولم يعلم إلى أيّ جهةٍ أخذ (7) .

.


1- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 252 وزاد فيه «بكثرة الرسل والرجال في إثر الرجال» وفي مقتل الحسين لأبي مخنف : 6 مثله .
2- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 6 وزاد فيه « ... وبعث الوليد إلى ابن الزبير موالي له فشتموه وصاحوا به : يابن الكاهلية واللّه لتأتين الأمير أو ليقتلنّك . فلبث بذلك نهاره كلّه وأول ليلة يقول : الآن أجيء ومثله في الطبري : 4 / 252 ، والفتوح : 3 / 15 .
3- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 7 ولكن بلفظ «فإذا استحثوه قال : واللّه لقد استربت بكثرة الإرسال وتتابع هذه الرجال فلاتعجلوني حتّى أبعث إلى الأمير من يأتيني برأيه وأمره ، فبعث إليه أخاه جعفر بن الزبير فقال : رحمك اللّه كُفَّ عن عبد اللّه فإنك قد أفزعته وذعرته بكثرة رسلك وهو آتيك غدا إن شاء اللّه ، فمر رسلك فلينصرفوا عنّا ، فبعث إليهم فانصرفوا ... وقريب من هذا في تاريخ الطبري : 6 / 190 ، والفتوح : 3 / 15 أيضا .
4- .انظر مقتل الإمام الحسين لأبي مخنف : 7 ولكن بلفظ : وخرج ابن الزبير من تحت الليل ... وقريب منه في الفتوح : 3 / 15 ، والطبري في تاريخه : 4 / 252 ، الإرشاد : 2 / 34 .
5- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 7 ، والفتوح : 3 / 15 ، الطبري في تاريخه : 4 / 252 .
6- .انظر المصادر السابقة .
7- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 7 ولكن بلفظ : فلمّا أصبح بعث إليه الوليد فوجده قد خرج ، فقال مروان : واللّه إن أخطأمكّة فسرح في أثره الرجال ، فبعث راكبا من موالي بني اُمية في ثمانين راكبا فطلبوه ولم يقدروا عليه فرجعوا ... وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 185 قريب من هذا ولكنه ذكر ثلاثين رجلاً بدل الثمانين ... وفي الفتوح : 3 / 16 بلفظ : فدعا الوليد برجل يقال له حبيب بن كزبر فوجّه به في ثلاثين ... وفي الأخبار الطوال : 228 بلفظ «فوجّه في أثره حبيب بن كُدّين» وفي الإرشاد : 2 / 34 بلفظ «ثمانين» . وكذلك في تاريخ الطبري : 4 / 252 .

ص: 784

وأمّا الحسين عليه السلام فإنّه أخذ (1) معه بنيه وإخوته وبني أخيه (2) وجميع أهله (3) وحاشيته وخرج في الليلة الثانية 4 من المدينة قاصدا مكّة المشرّفة فكفّوا عنه ولم يتعرّض أحد . وعند خروجه من المدينة قرأ قوله تعالى «فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّ__لِمِينَ» (4) . فلمّا دخل مكّة قرأ قوله تعالى «عَسَى رَبِّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَآءَ السَّبِيلِ» (5)(6) .

.


1- .في (ب) : خرج .
2- .في (أ) : إخوته .
3- .في (ب) : وجل اهله ، وفي (ج) : أهل بيته .
4- .القصص : 21 .
5- .القصص : 22 .
6- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 7 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 19 _ 20 _ 21 ، الطبري في تاريخه : 4 / 253 ، الإرشاد : 2 / 34 _ 35 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 186 ، سمط النجوم العوالي : 3 / 56 ، نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار : 1 / 363 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 4 / 8 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 329 ، مروج الذهب : 2 / 86 .

ص: 785

ثمّ إنّ الوليد بن عتبة أرسل (1) أيضا إلى ابن عمر وسأله المبايعة (2) قال : إذا بايع الناس بايعت ، فتركوه وكانوا لا يتخوّفونه (3) . قال : ولمّا خرج الحسين من المدينة إلى مكّة لقيه عبد اللّه بن مطيع (4) فقال له : جعلت فداك أين تريد؟ قال : أمّا الآن (5) فمكة ، وأمّا بعد [ها فإنّي] أستخير اللّه تعالى ، فقال : خار اللّه لك وجعلنا فداك ، فإذا [أنت ]أتيت مكّة فإياك أن تقرب الكوفة فإنّها بلدة مشؤومة ، بها قُتل أبوك وخُذل أخوك [واغتيل بطعنة كانت تأتي على نفسه] والزم الحرم فإنك سيّد العرب ولا يعدل (6) بك [واللّه ]أهل الحجاز أحدا ويتداعى إليك الناس من كلّ جانب ، لا تفارق الحرم فداك عمّي وخالي ، فواللّه لئن (7) هلكت لنُسترقّنّ بعدك . فأقبل الحسين حتّى دخل مكّة المشرّفة ونزل بها وأهلها يختلفون إليه ويأتونه وكذلك مَن بها من المجاورين والحاجّ والمعتمرين من سائر أهل الآفاق (8) ،

.


1- .في (ب) : بعث .
2- .في (ب ، ج) : قال بايع ليزيد .
3- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 10 وزاد : فقال رجل : مايمنعك أن تبايع؟ إنما تريد أن يختلفوا الناس بينهم فيقتتلوا ويتفانوا فإذا جهدهم ذلك قالوا : عليكم بعبد اللّه بن عمر لم يبق غيره بايعوه ... ومثله في تاريخ الطبري : 4 / 254 .
4- .هو عبد اللّه بن مطيع بن الأسود العدوي ، واُمه يقال لها العجماء بنت عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب الخزاعية . انظر ترجمته في الفتوح : لابن أعثم : 3 / 16 ، ونسب قريش للزبيري : 384 ، الإصابة : 7 / 34 ، الإمامة والسياسة : 1 / 229 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 2 / 596 ، الأخبار الطوال : 265 ، والمعارف لابن قتيبة : 395 .
5- .في (ج) : فإني اُريد .
6- .في (أ) : يدل ، وهو خطأ من الناسخ .
7- .في (أ) : إن
8- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 14 مع نقصان ببعض الألفاظ ، وانظر الفتوح لابن أعثم : 3 / 25 مع اختلاف يسير ببعض الألفاظ ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 71 و 72 قريب منه .

ص: 786

وابن الزبير أيضا قد نزل بها ولزم جانب الكعبة ، ولم يزل قائما يصلّي عندها عامّة النهار ويطوف جانبا من الليل ، ومع ذلك يأتي الحسين ويجلس إليه وقد ثقلت وطأة الحسين على ابن الزبير ، لأنّ أهل الحجاز لا يبايعونه مادام الحسين بالبلد ، ولا يتهيّأ له مايطلب منهم مع وجود الحسين (1) . ولمّا بلغ أهل الكوفة موت (2) معاوية وامتناع (3) الحسين وابن عمر وابن الزبير من البيعة وأنّ الحسين سار إلى مكّة اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد (4) بالكوفة وتذاكروا أمر الحسين ومسيره إلى مكّة ، قالوا : نكتب إليه يأتينا الكوفة ، فكتبوا إليه كتبا من رؤسائهم من سليمان بن صرد ومن المسيّب بن نجبة (5) ورفاعة بن شدّاد وحبيب بن مظاهر وشبث بن ربعي ويزيد بن الحارث ويزيد بن رُوَيم (6) وعروة (7) بن قيس وعمرو بن الحجّاج الزبيدي ومحمّد بن عمر التميمي (8)

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 14 ولكن بلفظ قريب من هذا وزاد « ... وأنّ حسينا أعظم في أعينهم وأنفسهم منه وأطوع في الناس منه» ومثله في الفتوح : لابن أعثم : 3 / 25 و 26 ، وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 190 بلفظ قريب من هذا : ... وكان الحسين أثقل خلق اللّه على عبد اللّه بن الزبير ... .
3- .في (ب) : هلاك .
4- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 14 ولكن بلفظ : فلمّا بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية أرجف أهل العراق بيزيد وقالوا : قد امتنع حسين وابن الزبير ولحقا بمكّة ... وقريب منه في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 193 ، والإرشاد : 2 / 36 ولكن بلفظ ... فأرجفوا وعرفوا خبر الحسين عليه السلام وامتناعه من بيعته وما كان من ابن الزبير في ذلك وخروجهما إلى مكّة ... وانظر والفتوح : 3 / 29 ، وتاريخ الطبري : 4 / 261 ، البحار : 44 / 332 .
5- .في (ب ، ج) : نجمة .
6- .في (أ) : دؤب .
7- .في (ب) : عزرة .
8- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 15 و 16 وفيه «نجبة» وفي نسخة اُخرى «نجمة» و «عزرة» بدل «عروة» ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 194 وزاد فيه «عبداللّه بن وال» و «حجاربن أبجر» و «محمّد بن عمير بن عطارد» . وضبطه ابن حجر في الاصابة : 3 / 495 بلفظ «نحيه» وانظر ابن سعد في طبقاته الكبرى : 6 / 216 ، والكامل لابن ابن الأثير : 4 / 10 ، والفتوح : 3 / 31 ، وتاريخ الطبري : 4 / 261 و 262 ، أنساب الأشراف : 5 / 338 ، مثير الأحزان : 11 ، مقاتل الطالبيين : 1 / 99 .

ص: 787

وغيرهم من أعيان الشيعة ورؤساء أهل الكوفة قريبا من نحو مائة 1 كتاب ، وسيّروا الكتب (1) مع عبد اللّه بن سبع الهمداني وعبد اللّه بن والي (2) وهم يحثّونه فيها على القدوم عليهم والمسير إليهم على كلّ حال ، وكتاب واحد عامّ على لسان الجميع كتبوه وأرسلوه مع القاصدين وصورته : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، للحسين بن عليّ أمير المؤمنين من شيعتة وشيعة أبيه عليّ عليه السلام أمّا بعد ، فإنّ الناس ينتظرونك (3) لا رأي لهم في غيرك ، فالعجل العجل

.


1- .في (ب) : الكتاب .
2- .الارشاد : 2 / 37 بلفظ «مسمع» بدل «سبع» وبلفظ «وال» بدل «والي» ومثله في تاريخ الطبري : 4 / 262 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 16 ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 194 بلفظ «عبد اللّه بن سبيع الهمداني وعبد اللّه بن مسمع البكري» بدل «عبد اللّه بن وال» ، ومثله في الفتوح : 3 / 32 ، والكامل لابن الأثير : 4 / 10 ، الأخبار الطوال : 229 بلفظ : وداك السلمي .
3- .في (أ) : منتظروك .

ص: 788

يا ابن رسول اللّه لعلّ اللّه تعالى أن يجمعنا بك على الحقّ ويؤيّد بك المسلمين والإسلام بعد أجزل السلام وأتمّه عليك ورحمة اللّه وبركاته 1 .

.

ص: 789

فكتب جوابهم 1 صَحِبة (1) القاصدين وسيّر معهم ابن عمّه مسلم بن عقيل (2) [فلمّا وصلوا إليهم اجتمع الشيعة على مسلم بن عقيل] وأخذ عليهم البيعة للحسين بن عليّ عليه السلام ، فكتب والي الكوفة وهو يومئذٍ النعمان بن بشير (3) إلى يزيد بن معاوية يخبره بذلك (4) ، فجهّز يزيد عند ذلك إلى الكوفة عبيداللّه بن

.


1- .في (أ) : صحبته .
2- .هو أوّل من قُتل من أصحاب الحسين بن عليّ عليه السلام . انظر ترجمته في طبقات ابن سعد : 4 / 29 ، المعارف لابن قتيبة : 204 .
3- .تقدّمت ترجمته .
4- .أعتقد أنّ المصنّف رحمه الله قد اشتبه عليه الأمر ، وذلك أنّ الّذي أخبر يزيد بن معاوية هو عبد اللّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني اُمية كما ذكر ذلك الطبري في تاريخه : 4 / 265 ثمّ كتب إليه عمارة بن عقبة بنحوٍ من كتابه ثمّ كتب إليه عمربن سعد بن أبي وقّاص بمثل ذلك . وجاء في كتاب عبد اللّه بن مسلم : أمّا بعد، فإنّ مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن عليّ فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قويا ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوّك فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف أو يتضعف ... ومثله في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 198 ، البحار : 44 / 336 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 40 ، الأخبار الطوال : 231 ، سمط النجوم العوالي : 3 / 59 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 22 ، الإرشاد : 2 / 42 .

ص: 790

زياد (1) ، فلما قرب من الكوفة تنكّر (2) ودخلها ليلاً (3) وأوهم أنه الحسين ودخلها من جهة البادية (4) في زيّ أهل الحجاز ، وصار كلّما اجتاز بجماعة يسلّم عليهم فيقومون له ويقولون مرحبا (5) بابن رسول اللّه (6) _ ظنّا منهم أنه الحسين _ (7) فلمّا رأى عبيداللّه

.


1- .لم ينصّ المؤرّخون على ولادة ابن زياد نصّا دقيقا ، فقد ذكر ابن كثير في البداية : 8 / 283 نقلاً عن ابن عساكر أن مولد عبيداللّه بن زياد سنة (39 ه) ، وذكر ابن جرير في تاريخه : 6 / 166 أنّ ولادته سنة (28 ه) . لأنّ معاوية ولاّه خراسان وله 25 سنة ولذا يكون عمره يوم الطّف 32 سنة وهذا يتفق مع ابن كثير في البداية ، وذكر ابن حجر في تعجيل المنفعة : 217 أنه ولد سنة (32 ه) أو (33 ه) . وانظر ترجمته و ترجمة اُمه في المعارف لابن قتيبة : 347 ، وعمدة القارى في شرح البخاري : 7 / 656 ، وتاريخ الطبري : 7 / 6 ، 6 / 268 ، الكامل لابن الأثير : 4 / 103 و 34 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 2 / 359 ، الصواعق المحرقة : 116 ، تاريخ ابن عساكر : 4 / 339 ، أنساب الأشراف : 4 / 77 و 81 و 86 ، و : 5 / 84 ، البيان والتبيان : 1 / 75 ، و : 2 / 167 ، النقود القديمة الاسلامية للتبريزي : 50 ، كشف الغمّة : 61 ، مآثر الاناقة للقلقشندي : 1 / 185 .
2- .ذكر أبو مخنف في مقتل الحسين : 26 أنه : دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء وهو متلثّم والناس قد بلغهم إقبال حسين إليهم فهم ينتظرون قدومه ... ومثله في الطبري : 4 / 266 ، وقريب من هذا في مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 200 ، والفتوح : 3 / 43 و 44 ولكن بلفظ «عمامة غبراء واعتجز بها ...» الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 43 ، البحار : 44 / 340 ، ينابيع المودّة : 3 / 56 ط اُسوة ، مثير الأحزان لابن نما الحلّي : 13 ، وتاريخ الطبري : 4 / 268 ولكن بلفظ : فأخرج ثيابا مقطّعة من مقطّعات اليمن ثمّ اعتجز بمعجزة يمانية .
3- .انظر الفتوح : 3 / 44 ولكن بلفظ «في ليلة مقمرة» ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 200 .
4- .انظر مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 200 ، الفتوح لابن أعثم : 3 ص 44 وانظر ابن نما الحلّي في مثير الاحزان ص 27 ولكن بلفظ [فدخل الكوفة ممايلي النجف ]بدل البادية .
5- .في (ب) زاد لفظ : بك .
6- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف / 26 وزاد فيه «قدمت خير مقدم» وانظر الإرشاد : 2 / 43 ، تاريخ الطبري : 6 / 201 ، و : 4 / 268 بدون الزيادة ، الفتوح : 3 / 44 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 200 ، اللهوف ص17 ، البحار : 44 / 340 ولكن بلفظ : فقالت امرأة : اللّه اكبر ابن رسول اللّه وربِّ الكعبة ، فتصايح النّاس قالوا : إنّا معك أكثر من أربعين ألفا ، وازدحموا عليه حتّى أخذوا بذنب دابته ... وانظر مثير الأحزان : 27 ، الملهوف : 32 _ 38 .
7- .انظر المصادر السابقة .

ص: 791

تباشرهم بالحسين ساءه (1) ذلك وتكشّفت له أحوالهم . ثمّ إنّه قصد قصر الإمارة وجاء يريد الدخول إليه فوجد النعمان بن بشير قد أغلقه وتحصّن فيه هو وأصحابه وذلك أنّ النعمان بن بشير هو وأصحابه ظنّوا (2) انّ ابن زياد هو الحسين عليه السلام فصاح بهم (3) عبيداللّه بن زياد : افتحوا (4) لا بارك اللّه فيكم ولا كثّر في أمثالكم ، فعرفوا صوته لعنه اللّه وقالوا : ابن مرجانة؟! فنزلوا وفتحوا له ودخل القصر وبات به (5) فلمّا أصبح جمع النّاس فصال وجال وقال فطال (6) وأرعد وأبرق ، وأمسك جماعة من أهل الكوفة فقتلهم في

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .في (ب) : ظن .
3- .في (ب ، ج) : به .
4- .في (ب ، د) : افتح .
5- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 268 ، و : 6 / 201 مع اختلاف يسير في اللفظ وزاد فيه كلام النعمان : فقال _ أي النعمان : اُنشدك اللّه إلاّ تنّحيت عنّي ما أنا بمسلّم إليك أمانتي ومالي في قتلك من أرباب ... وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 200 قريب من هذا وفيه أنّ عبيداللّه قال للنعمان : افتح الباب لعنك اللّه ، فسمعها جماعة فقالوا ، ابن مرجانة واللّه ... وانظر الفتوح : لابن أعثم : 3 / 44 بدون زيادة . الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 44 ، بحار الأنوار : 44 / 361 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 56 ط اُسوة وزاد «وقال للنعمان : حفظت نفسك وضيّعت مصرك» وفي مقتل الحسين لأبي مخنف : 27 ولكن بلفظ : وقال : ألا ترى هؤلاء كما أرى .
6- .يقصد الماتن في هذا السجع واللّه العالم أنه عبيداللّه لمّا نزل القصر نودي : الصلاة جامعة فاجتمع النّاس وخرج إليهم وقال لهم . إنّ أمير المؤمنين ولاّنّي مصركم وثغركم وفيئكم وأمرني بإنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم ، والإحسان إلى سامعكم ومطيعكم كالوالد البرِّ ، وسوطي وسيفي على من ترك أمري وخالف عهدي ، فليبق امرء على نفسه الصدقُ يُنبي عنك لا الوعيدُ . ثمّ نزل فأخذ العرفاء والناس أخذا شديدا ... ونقل ابن أعثم في الفتوح : 3 / 45 أنه قال : امّا بعد فإنه لايصلح هذا الأمر إلاّ في شدةٍ من غير عنف ، ولين فى غير ضعف ، وأنا آخذ منكم البريء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، والوالي بالولي ... وقريب من هذا في مقتل الحسين للخوارزمي ، وكذلك في الطبري ومقتل لأبي مخنف ولكن بلفظ : أ يّها الناس إنّي لأعلم أ نّه قد سار معي وأظهر الطاعة لي من هو عدوّ للحسين حين ظنّ أن الحسين قد دخل البلد وغلب عليه ، واللّه ما عرفت منكم أحدا ... .

ص: 792

الساعة 1 ثمّ إنّه تحيّل عليهم حتّى ظفر بمسلم بن عقيل فمسكه وقتله . 2

.

ص: 793

وكان (1) الحسين بن عليّ عليه السلام بعد أن سيّر ابن عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفه لم يقم بعده إلاّ قليلاً (2) حتّى تجهّز للمسير في أثره بجميع أهله وولده وخاصّته وحاشيته (3) فأتاه عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (4) فقال : إنّي

.


1- .من هنا سقطت في بعض النسخ ، وفي بعضها مطموس ، وهي مذكورة بل انها وجدناها في نسخة (أ ، ج) وبعض المصادر الّتي اعتمد عليها ابن الصبّاغ المالكي ، وذلك إلى ما أنشده ابن عباس شعرأ «هذا الحسين خارجٌ فاستبشري» المذكور في ص 153 فتأمّل .
2- .كان خروج مسلم بن عقيل بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة سنة (60 ه) وقَتْلُه يوم الاربعاء لتسع خلون منه يوم عرفة بعد مخرج الحسين من مكّة مقبلاً إلى الكوفة بيوم ، وتوجّه الحسين إلى العراق مفذّا لا يلوي إلى شيء ، وكان يوم الثالث من ذي الحجة قبل أن يعلم بقتل مسلم لأنه عليه السلام خرج من مكّة في اليوم الّذي قُتل فيه مسلم ... . انظر كتاب الملهوف : 52 ، البحار : 44 / 366 ، الإرشاد : 2 / 66 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 60 و 61 ، ينابيع المودّة : 3 / 59 ، تاريخ الطبري : 4 / 286 ، الفتوح لأبن أعثم : 3 / 77 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 215 ، غرر الخصائص للوطواط : 210 ، تاريخ أبي الفداء : 2 / 19 ، تذكرة الخواصّ : 139 ، نور الأبصار مروج الذهب : 2 / 90 مع اختلاف يسير في تاريخ شهادة مسلم رحمه الله .
3- .ذكر ابن أعثم في الفتوح : 3 / 77 أنه ثمّ جمع الحسين أصحابه الذين عزموا على الخروج معه إلى العراق ، فأعطى كلّ واحد منهم عشرة دنانير ، وجملاً يحمل عليه زاده ورحله ، ثمّ إنه طاف بالبيت وبالصفا و المروة وتهيّأ للخروج ومعه اثنان وثمانون رجلاً من شيعته وأهل بيته ... وانظر مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 220 ، مقتل الحسين لأبي مخنف 65 ، البحار : 44 / 363 ، نَفس المهموم : 91 ، اللهوف : 33 ، مثير الأحزان : 20 .
4- .عمربن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني . انظر ترجمته في تهذيب التهذيب : 7 / 472 ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 284 . وقيل هو عمرو كما في المناقب لابن شهرآشوب 4 / 94 .

ص: 794

جئتك (1) لحاجة اُريد ذكرها (2) نصيحةً لك ، فإن كنت ترى أنك تستنصحني (3) قلتها لك وأدّيت ما يجب عليَّ من الحقّ فيها ، وإن ظننت أني غير ناصح لك كففتُ عمّا اُريد أن أقوله لك . فقال : فو اللّه ما استغشّك وما أظنّك بسيّئ الرأي (4) [ولا هوى القبيح من الأمر والفعل] فقال له : قد بلغني أنك تريد العراق وأني مشفق عليك أن تأتي بلدا فيها عمّال يزيد واُمراؤه ومعهم بيوت الأموال وإنّما الناس عبيد الدراهم والدنانير فلا آمن عليك أن يقاتلك (5) من وعدك نصره ومَن أنت أحبّ إليه ممّن يقاتلك وذلك عند البذل وطمع الدنيا 6 .

فقال له الحسين عليه السلام :جزاك اللّه خيرامن ناصح ، لقد مشيت (6) يا ابن عبدالرحمن

.


1- .في (ج) : أتيتك .
2- .في (ج) والفتوح : أن أذكرها .
3- .في (أ) : مستنصحي .
4- .في (أ) : و ما أظنّك بشيءٍ من الهوى فقال له ... .
5- .في (ج) : يقتلك .
6- .في (ج) : فقد واللّه علمت انك ... .

ص: 795

بنصح وتكلّمت بعقل ولم تنطق عن هوى ، ولكن مهما يقضي من أمرٍ يكن اخذت (1) برأيك أم تركت (2) مع أنك عندي أحمد مُشيرٍ وأنصح (3) ناصح (4) .

ثمّ جاءه بعد ذلك عبد اللّه بن عبّاس (5) رضى الله عنهومعه جماعة من أهل ذوي الحنكة والتجربة والمعرفة بالاُمور فقال : [إنّه قد شاع الخبر في] أنّ الناس قد أرجفوا بأنك سائر إلى العراق [فبيّن لي ما أنت صانع] فهل عزمت على شيءٍ من ذلك؟ فقال الحسين : نعم إنّي قد أجمعت (6) على المسير في [ايّامي هذه إن شاء اللّه ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم] أحد يومي هذين ، اُريد اللحاق بابن عمّي مسلم بن عقيل إن شاء اللّه تعالى ، فقال ابن عبّاس والجماعة الذين معه : نعيذك (7) باللّه من ذلك ، أخبرنا أتسير إلى قومٍ قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفَوا عدوّهم؟ فإن كانوا قد فعلوا فسِر إليهم ، وإن كانوا إنّما دعوك [إليهم] وأميرُهم قائمٌ عليهم قاهرٌ لهم وعمّالهم تجبي (8) بلادهم وتأخذ خراجهم فإنّما (9) دعوك إلى الحرب [والقتال ]ولا آمن عليك من أن يغروك ويكذبوك ويخذلوك ويتبعوك ثمّ يستفزّوا إليك فيكونوا أشدّ الناس عليك (10) . فقال الحسين عليه السلام إنّي أستخير اللّه تعالى ثمّ (11)

.


1- .في (أ) : أجدت .
2- .في (ج) : تركت ، بدون «أم» .
3- .في (أ) : وأعزّ .
4- .انظر المصادر السابقة بالإضافة إلى المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 94 و نورالأبصار : 257 .
5- .تقدّمت ترجمته .
6- .في (ج) : أزمعت .
7- .في (ج) : اُعيذك .
8- .في (ج) : يجبون .
9- .في (ج) : وإنّما .
10- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 64 مع اختلاف يسير في اللفظ ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 216 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 72 ، تاريخ الطبري : 4 / 287 ، الكامل لابن الأثير : 4 / 20 ، مروج الذهب للمسعودي : 2 / 87 ، سمط النجوم العوالي : 3 / 63 ، تاريخ ابن عساكر : 4 / 331 .
11- .في (ج) : وأنظر .

ص: 796

أنظر ماذا يكون (1) . فخرج ابن عبّاس والجماعة الذين معه ، فبعد أن خرجوا عنه جاء (2) ابن الزبير فجلس عنده ساعةً يتحدّث ثمّ قال : [ما أدري ما تركُنا هؤلاء القوم وكفُّنا عنهم و نحن أبناء المهاجرين وولاة هذا الأمر دونهم ]أخبرني ما تريد أن تصنع؟ بلغني أنك سائر إلى العراق ، فقال الحسين : نعم ، نفسي تحدّثني (3) بإتيان الكوفة ، وذلك أنّ جماعة من شيعتنا وأشراف الناس كتبوا إليَ كتبا يحثّونني على المسير إليهم ويعدونني النصرة والقيام معي بأنفسهم وأموالهم ووعدتهم بالوصول إليهم ، وأنا أستخير اللّه تعالى (4) . فقال له ابن الزبير : أمّا أنه لو كان لي بها شيعة مثل شيعتك ما عدلتُ عنهم (5) ، ثمّ إنّه خشي أن يتّهمه فقال : وإن رأيت أنك تقيم هنا بالحجاز وتريد هذا الأمر قمنا معك وساعدناك وبايعناك ونصحنا لك (6) . فقال له الحسين عليه السلام : إنّ أبي حدّثني أنّ لها

.


1- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 64 ، وفي الفتوح لابن أعثم : 3 : 72 زاد لفظ : واللّه إن اُقتل بالعراق أحبُّ إليَّ من أن اُقتل بمكة ، وما قضى اللّه فهو كائن ، وأنا مع ذلك استخير اللّه ... وانظر تاريخ الطبري : 4 / 287 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 216 .
2- .في (ج) : وأتاه .
3- .في (ج) : واللّه لقد حدّثت .
4- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 288 قريب من هذا ، وانظر أيضا مقتل الحسين لأبي مخنف : 64 ولكن بلفظ : واللّه لقد حدّثت نفسي بإتيان الكوفة و لقد كتب إليَّ شيعتي بها وأشراف أهلها وأستخير اللّه ... وانظر كذلك مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 217 بلفظ قريب من هذا .
5- .في (ج) : بها .
6- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 64 _ 66 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ، تاريخ الطبري : 4 / 289 بلفظ : إن شئت أن تقيم أقمت فولّيتَ هذا الأمر فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك ... وانظر الفتوح : لابن الأعثم 3 / 72 هامش رقم 7 نقلاً عن الطبري ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 217 ، واللهوف في قتلى الطفوف : 26 والبحار : 44 / 364 ، وانظر تاريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ) : ص 194 ح 249 ، وقعة الطف لأبي مخنف : 152 ، أنساب الأشراف للبلاذري : 164 .

ص: 797

كبشا به تستحلّ حرمتها ، فما اُحبّ أن أكون [أنا] ذلك الكبش (1) ، واللّه لئن قُتلتُ خارجا من مكّة بشبرٍ أحبّ إليَّ من أن اُقتل بداخلها ، ولئن اُقتل خارجها بشبرين أحبّ إليَّ من اُقتل بداخلها بشبرٍ واحد 2 . فقام ابن الزبير وخرج من عنده فقال الحسين عليه السلام لجماعة كانوا عنده من خواصّه : إنّ هذا الرجل _ يعنى ابن الزبير _ ليس في الدنيا شيء أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز،وقد علم أنّ الناس لا يعدلون بي مادمتُ فيه فيودّ أني خرجت منه لتخلو له (2) .

.


1- .الحديث ورد بألفاظ مختلفة لكنها متقاربة في المعنى ، فقد ذكره الطبري في تاريخه : 4 / 289 ، و : 3 / 295 ط آخر ، وورد أيضا في وقعة الطف : 152 ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 219 وفي الفتوح : 3 / 72 ، و ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 66 .
2- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 288 ، و : 3 / 295 ط آخر بلفظ قريب من هذا : ها إنّ هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز إلى العراق ، وقد علم أنه ليس له من الأمر معي شيء ... وانظر مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 217 ، الفتوح لأبن أعثم : 3 / 72 هامش رقم 7 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 64 _ 65 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير 2 / 546 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ) : ص212 وقعة الطف لأبي مخنف 152 ، كامل الزيارات : 73 ، بحار الأنوار : 45 / 85 .

ص: 798

فلمّا كان من الغد (1) فإذا بعبد اللّه بن عبّاس رضى الله عنهوقد جاء إلى الحسين عليه السلام ثانيا فقال : يا ابن عمّ إنّي اتصبّر ولا أصبر ، إنّي أتخوّف عليك من هذا الوجه الهلاك والاستئصال ، إنّ أهل العراق قوم غدر (2) فلا تأمنهم (3) وأقم بهذا البيت (4) الشريف فإنّك سيّد أهل الحجاز ، وإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب (5) إليهم فلينفوا عاملهم ويخرجوه عنهم ثمّ أقدم عليهم ، وإن رأيت فسر إلى اليمن فإنّ فيها حصونا وشعابا وهي أرض طويلة عريضة ولأبيك بها شيعة كثيرة وأنت عن الناس في عزلة (6) فتكتب إلى الناس ويكتبون إليك وتبثّ (7) دعاتك فإنّي أرجو أن يأتيك عند ذلك الفرج الّذي تحبّ في عافية» (8) فقال الحسين عليه السلام : يا ابن العمّ اعلم أنك ]واللّه [ناصح مشفق ولكنّي قد أزمعتُ وأجمعتُ (9)

.


1- .في (ج) : العشى .
2- .في (أ) : غدروا .
3- .في (ج) : تقربنهم .
4- .في (ج) : البلد .
5- .في (أ) : اكتب إليهم ينفوا عاملهم ... ثمّ أقدم ... .
6- .في (أ) : وتكون بها منعزلاً .
7- .في (أ) : وتلبّ .
8- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 65 ، وتاريخ الطبري : 4 / 288 ، و : 6 / 216 ط آخر ، والكامل لابن الأثير : 4 / 16 ، الأخبار الطوال : 244 ، الفتوح لأبن أعثم : 3 / 72 قريب من هذا اللفظ ، البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 172 وقعة الطف : 148 و 150 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 216 و 217 وانظر المحاورة أيضا في معالي السبطين : 1 / 246 ، ناسخ التواريخ : 2 / 122 ، أسرار الشهادة : 247 ، دلائل الإمامة : 74 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ) : 204 ، ينابيع المودّة : 382 ط اسلامبول .
9- .في (ج) : قد أجمعت .

ص: 799

على المسير إلى هذا الوجه (1) . فقال له ابن عبّاس : فإن كنت سائرا ولابدّ فلاتسر بنسائك وصبيتك 2 ، قال : لا أتركهم خلفي (2) ، فقال له ابن عبّاس : واللّه الّذي لا إله إلاّ هو لو أعلم أني إذا أخذت بناصيتك وأخذت بناصيتي حتّى يجتمع عليَّ وعليك الناس أطعتني وأقمت لفعلت (3) . ثمّ خرج عنه ابن عبّاس وهو يقول : واللّه لقد أقررت (4) عين ابن الزبير بمخرجك (5) من الحجاز (6) . وعند خروج ابن عبّاس من عند الحسين صدفه ابن الزبير فقال : ما وراءك يا عمّ؟ قال

.


1- .انظر تاريخ الطبري: 4/288،الكامل في التاريخ لابن الأثير: 4/16، الأخبار الطوال:244، مقتل الحسين لأبي مخنف : 65 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 73 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 217 قريب من هذا، وزاد في آخره «لابدّ من العراق» الكامل في التاريخ : 2 / 546 ، البداية والنهاية : 8 / 173 ، وقعة الطف : 150 .
2- .ورد في الأخبار الطوال : 244 بلفظ «يا ابن عمّ ما أرى الخروج إلاّ بالأهل والولد» وفي اللهوف في قتلى الطفوف : 27 ، وبحار الأنوار : 44 / 364 ، وعوالم العلوم : 17 / 214 ، أعيان الشيعة : 1 / 593 بلفظ «فقال له : إنّ اللّه قد شاء أن يراهُنَّ سبايا» والظاهر أنّ هذا الكلام مأخوذ من الرؤيا الّتي رآها عليه السلام لجدّه المصطفى صلى الله عليه و آلهحين قال : أتاني رسول اللّه صلى الله عليه و آله ... فقال : يا حسين اخرج فإنّ اللّه قد شاء ان يراك قتيلاً ... وانظر أيضا الملهوف : 53 _ 56 ، تاريخ الطبري : 6 / 219 ، ابن الأثير في الكامل : 4 / 17 ، ابن كثير في البداية والنهاية : 8 / 167 ، الإرشاد للمفيد : 202 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 2 / 343 .
3- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 65 وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 219 بلفظ « ... لولا أن يزري بي وبك لتشبّثت بيدي في رأسك» تاريخ الطبري : 4 / 288 .
4- .في (أ) : قرّت .
5- .في (ج) : بتخليتك .
6- .انظر تاريخ الطبري : 4/288 ، وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 217 بلفظ «فخرج ابن عبّاس وهو يقول : واحسيناه ... ثمّ قال : قرّت عيناك يا ابن الزبير فهذا الحسين يخرج إلى العراق ويخليك والحجاز» وفي الفتوح لابن أعثم : 3 / 73 بلفظ «واحبيباه» بدل «واحسيناه» وانظر مقتل الحسين لأبي مخنف: 65.

ص: 800

مايقرّ عينك ، هذا الحسين عليه السلام يخرج إلى العراق ويخلّيك والحجاز ثمّ ولّى عنه وهو ينشد (1) : يالك من قبرة بمعمري خلا لكِ الجوّ فبيضي واصفري ونقّري إن شئتِ أن تنقّري هذا الحسين خارجٌ فاستبشري 2 ثمّ إنّه وردت على الحسين عليه السلام كتب من أهل المدينه من عند عبد اللّه بن جعفر (2) على يدي ابنيه عون (3) ومحمّد (4) ومن سعيد بن العاص (5) ومعه جماعة من أعيان المدينة وكلٌّ منهم يشير

.


1- .تقدّمت ترجمته .
2- .إلى هنا وقع السقط المذكور في ص755 الماضيه لم توجد إلاّ في نسخة (أ، ج)، وسبق وان أشرنا إلى ذلك.
3- .هو عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام اُمه زينب العقيلة الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه السلام واُمها فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله . انظر ترجمته في إبصار العين في أنصار الحسين : 39 ط النجف ، المعارف لابن قتيبة : 206 ، مقتل الحسين لأبى مخنف : 73 ، تاريخ الطبري : 6 / 256 .
4- .هو محمّد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام واُمه الخوصاء بنت حفصه بن ثقيف بن ربيعة بن عائذ ابن ثعلبة بن عكاية بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل . انظر ترجمته في إبصار العين في أنصار الحسين : 40 ط النجف ، المعارف لابن قتيبة : 207 ، مقاتل الطالبيّين : 95 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 73 ، تاريخ الطبري : 6 / 256 و 269 .
5- .تقدّمت ترجمته . والظاهر أنه عمرو بن سعيد بن العاص وليس سعيد بن العاص كما يدّعي الماتن وابن أعثم في الفتوح : 3 / 75 ، وذلك لأنّ سعيد بن العاص مات (سنة 58 في ه) قصره بالعرصة على ثلاثة أميال ض المدينة ودُفن بالبقيع . انظر تهذيب التهذيب : 4 / 49 ، ومقتل الحسين لأبي مخنف : 69 ، وكان عمرو بن سعيد عامل يزيد بن معاوية على مكّة .

ص: 801

عليه أن لا يتوجّه نحو العراق ولا يأتيه ولا يقربه فليس له فيه مصلحة وأن يقيم بمكّة 1 . هذا كلّه والقضاء غالبٌ على أمره ، فلم يكترث بما قيل له ، ولم يلتفت إلى ما كُتب إليه «لِّيَقْضِىَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً» . (1) فخرج من مكّة يوم الثلاثاء وهو يوم

.


1- .الأنفال : 42 و 44 .

ص: 802

التروية الثامن من ذي الحجّة الحرام سنة ستين ومعه اثنان وثمانون رجلاً من أهل بيته وشيعته ومواليه (1) ، ولم يزل سائرا حتّى كان الصفاح (2) فلقيه الفرزدق الشاعر رحمه اللهفنزل فسلّم على الحسين عليه السلام وقال له : أعطاك اللّه سؤلك وبلغك مأمولك (3) في جميع ماتحبّ ، فقال له الحسين عليه السلام : من أين أقبلت يا أبا فراس؟ فقال : من الكوفة ، فقال له : بَيّن خبر (4) الناس قال : أجل على الخبير سقطت (5) يا ابن رسول اللّه ، قلوبُ الناس معك وسيوفهم مع بني اُمية (6) والقضاء ينزل من السماء واللّه يفعل مايشاء وربّنا كلّ يوم هو في شأن ، فقال : صدقت ، الأمر للّه (7) واللّه يفعل مايشاء وهو سبحانه كلّ يوم [ربّنا ]في شأن إن ينزل القضاء بما نحبّ فنحمد اللّه على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر ، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد مَن كان الحقُّ نيّته والتقوى سريرته (8) .

.


1- .انظر الفتوح لأبن أعثم : 3 / 77 .
2- .الصِفاح _ بكسر الصاد _ موضع بين حنين وأنصاب الحرم ، على ميسرة الداخل إلى مكة ، انظر معجم البلدان للحمودي : 3 / 412 . وفي (أ) : السفاح .
3- .في (ب ، ج) : أملك .
4- .في (ب ، د) : نبأ .
5- .في (ج ، د) : سألت .
6- .في (ب ، ج) : وأسيافهم عليك .
7- .في (ج) : للّه الأمر .
8- .سبق وأن أوردنا هذه المحاورة الّتي دارت بين الإمام الحسين عليه السلام والشاعر المعروف الفرزدق بن غالب . فانظر تاريخ الطبري : 4 / 290 ، و : 6 / 218 ، و : 3 / 296 ط آخر ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 4 / 16 ، و : 2 / 547 ط آخر الإرشاد للمفيد : 2 / 67 _ 68 ، الفتوح لأبن أعثم : 3 / 79 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 223 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 95 ، بحار الأنوار : 44 / 365 ، 367 ولكنه ذكر «الشقوق» بدل «الصفاح» ، ابن كثير في البداية والنهاية : 8 / 167 ، أنساب الأشراف للبلاذري : 165 _ 166 ، اللهوف في قتلى الطفوف : 30 ، مثير الأحزان لابن نما الحلّيى : 42 ، أعيان الشيعة : 1 / 594 ، وقعة الطف لأبي مخنف : 157 ، البداية والنهاية لابن كثير 8 / 180 ، تذكرة الحفّاظ للذهبي : 1 / 338 .

ص: 803

ثمّ (1) فارقه الحسين عليه السلام وسار حتّى انتهى إلى ماءٍ قريب من الحجاز فإذا هو بعبد اللّه بن مطيع (2) نازل على الماء فتلاقيا هو وإيّاه فتسالما واعتنقا ، وقال له : ماجاء بك (3) يابن رسول اللّه ؟ قال : قاصدا الكوفة ، فقال له : ألم أتقدّم إليك بالقول؟! ألم أنهك عن المسير إلى هذا الوجه يا ابن رسول اللّه ؟! اُذكّرك اللّه تعالى في حرمة الإسلام أن تُنتهك ، أنشدك اللّه تعالى في حرمة قريش (4) وذمّة العرب ، واللّه لئن طلبت ما في أيدي بني اُمية ليقتلنّك (5) ، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحدا أبدا ، واللّه إنها لحرمة الإسلام [تُنتهك] وحرمة قريش وحرمة العرب ، فاللّه اللّه لا تفعل ولا تأتِ الكوفة ولا تُعرِّض نفسك لبني اُمية ، فأبى أن يمضي إلاّ في جهته (6) . ثمّ ارتحل من هذا الماء وسار إلى أن أتى الثعلبية (7) فلمّا نزل بها أتاه خبر قتل

.


1- .تقدّمت ترجمته .
2- .من هنا أيضا سقطت هذه الفقرات من بعض النسخ إلاّ في نسخة (أ ، ج) وفي بعضها مطموسة إلى نهاية هذا الفصل فلاحظ وتأمّل .
3- .في (ج) : اقدمك .
4- .في (ج): رسول اللّه .
5- .في (أ) : ليقتلوك .
6- .انظر تاريخ الطبري : 6 / 224 ، و : 3 / 301 ط آخر ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 71 _ 72 ، أنساب الأشراف: 155، الأخبار الطوال: 246 ، بحار الأنوار : 44/370 ، عوالم العلوم : 17/221 ، أعيان الشيعة: 1 / 594 ، وقعة الطف : 160 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 72 _ 73 وزاد فيه : فلمّا رأى الحسين قام إليه فقال: بأبي أنت وأُمي يابن رسول اللّه ، ما أقدمك؟ واحتمله فأنزله ...] البداية والنهاية لابن كثير: 8/168.
7- .الثعلبية _ بفتح أوله _ سمي باسم رجل اسمه ثعلبة بن دودان من بني أسد نزل الموضع واستنبط عينا ، وهي بعد الشقوق للذاهب من الكوفة إلى مكّة . انظر معجم البلدان للحموي ، 2 / 78 ، و : 3 / 14 ط آخر ، أمالي الشيخ الصدوق : 93 ، وفاء الوفا للسمهودي : 2 / 35 ، البلدان لليعقوبي : 311 ملحق بالأعلاق النفيسة لابن رسته بالاُفست . الثعلبية : مدينة عليها سور ، مثير الاحزان لابن نما الحلّي : 33 ، اللهوف في قتلى الطفوف : 27 .

ص: 804

ابن عمّه مسلم بن عقيل بالكوفة ، فقال له بعض أصحابة ننشدك اللّه تعالى إلاّ رجعت من مكانك فإنّه ليس لك بالكوفة من ناصر وإنّا نتخوّف أن يكونوا عليك لا لك (1) . فوثب بنو عقيل وقالوا : واللّه لا (2) نرجع حتّى ندرك (3) ثأرنا ونذوق (4) ما ذاق مسلم (5) . ثمّ قال لهم الحسين عليه السلام : لا خير لي بالحياة بعدكم (6) .

.


1- .انظر المحاورة الّتي دارت بين الرجل الكوفي الأسدي (بكيربن المثعبة) وبين الأسديان (عبد اللّه بن سليم والمذري بن المشمعل) مع اختلاف في اسم الرجل والأسديان أيضا وذلك في تاريخ الطبري : 3 / 302 ، 4 / 292 و : ط آخر ، الإرشاد : 2 / 74 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 229 ، الكامل في التاريخ : 2 / 549 ، اللهوف : 30 ، البداية والنهاية : 8 / 182 ، بحار الأنوار : 44 / 373 ، أعيان الشيعة : 1 / 595 ، وقعة الطف : 164 ، الفتوح : 5 / 79 ، مثير الأحزان : 46 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ) : 209 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 2 / 205 الكامل لابن الأثير : 4 / 17 ، الأخبار الطوال : 247 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 75 .
2- .في (ج) : ما .
3- .في (ج) : نصيب .
4- .في (ج) : أو نذوق .
5- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 75 وص 204 ط آخر ولكن بدون لفظ «مسلم» ، البحار : 44 / 373 ، وفي مقتل الحسين لأبي مخنف : 78 بلفظ «لا واللّه لانبرح ... أخونا» ويقصدون بذلك مسلم رحمه الله، وفي تاريخ الطبري : 4 / 192 ، و : 6 / 224 ط آخر قريب من اللفظ الأوّل وزاد «أو نُقتل» وفي مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 228 قريب من هذا وزاد «أيقتل صاحبنا وتنصرف ... ماذاق صاحبنا» الكامل في التاريخ : 2 / 549 ، و : 4 / 17 ط آخر ، الإمامة والسياسة : 2 / 11 ، اللهوف : 30 و 40 ، البداية والنهاية : 8 / 182 ، أعيان الشيعة : 1 / 595 ، وقعة الطف : 164 ، سير أعلام النبلاء : 2 / 208 ، مثير الأحزان : 23 ، مقاتل الطالبيين : 1 / 111 وزاد «أو نُقتل بأجمعنا» ، الأخبار الطوال للدينوري : 247 ، ابن كثير في البداية والنهاية : 8 / 168 .
6- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 78 ولكن بلفظ «لاخير في العيش بعد هؤلاء» الكامل في التاريخ لابن الأثير 2 / 549 ، و : 4 / 17 ط آخر ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 229 ، سير أعلام النبلاء : 2 / 208 ، تاريخ الطبري : 3 / 302 ، و : 4 / 292 ط آخر بلفظ «لا خير في الحياة بعدكم» اللهوف في قتلى الطفوف : 30 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 182 ، بحار الأنوار : 44 / 373 ، أعيان الشيعة : 1 / 595 ، وقعة الطف لأبي مخنف 164 ، الارشاد للشيخ المفيد : 2 / 75 و ص 247 ط آخر ، البحار : 44 / 373 ، عوالم العلوم : 17 / 224 .

ص: 805

ثمّ ارتحلوا حتّى أتوا زبالة (1) ، وكان الحسين عليه السلام لا يمرّ بأهل ماء (2) من مياه العرب ولا يجيء من أحيائها إلاّ تبعه أهله وصحبوه (3) ، فلمّا صار بزبالة أتاه خبر قتل أخيه من الرضاع عبد اللّه بن يقطر،وكان أرسله (4) من الطريق إلى مسلم بن عقيل يتقدّم إليه ويأتيه [ _ وهو لا يدري أنه قد اُصيب _ ]بخبره من الكوفة فأخذته (5) خيل ابن زياد من القادسية وأخذوا كُتبه وقتلوه (6) ، فلمّا بلغ الحسين عليه السلام ذلك قال: قد خَذَلَتنا شيعَتُنا (7) ،

.


1- .منزل بطريق مكّة من الكوفة ، وتبعد عن الشقوق أحد وعشرون ميلاً ، وهي بضمّ الزاء المعجمة ، فيها حصن وجامع لبني أسد سمّي الموضع باسم زبالة بنت مسعر امرأة من العمالقة ، ويوم زبالة من أيام العرب ونُسب إلى المكان جماعة من المحدّثين . انظر معجم البلدان : 3 / 129 وذكر هذا الموضع الطبري في تاريخه : 6 / 226 ، و : 4 / 300 ط آخر ، وانظر الحسين في طريقه إلى الشهادة : 84 ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 229 ، ومقتل الحسين لأبي مخنف : 78 ، بحار الأنوار : 44 / 374 ، اللهوف : ص 32 ، عوالم العلوم : 17 / 224 .
2- .في (أ) : بماء .
3- .انظر تاريخ الطبري : 6 / 226 ، و : 4 / 300 ط آخر ، أنساب الأشراف : 168 ، ابن كثير في البداية والنهاية : 8 / 168 _ 169 ، وانظر قصة قيس بن مسهر الصيداوي في كتاب الفتوح لابن أعثم : 3 / 92 ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 235 ، ص 248 ط آخر ، بحار الأنوار : 44 / 374 ، عوالم العلوم : 17 / 224 ، اللهوف : 32 ، الملهوف : 64 ، كشف الغمّة : 2 / 202 أعيان الشيعة : 1 / 595 ، وقعة الطف : 166 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 229 ، وفي مقتل الحسين لأبي مخنف : 78 بلفظ : لايمر بأهل ماء إلاّ اتبعوه ...كما في تاريخ الطبري .
4- .في (ج) : سرحه .
5- .في (ج) : تلقته .
6- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 78 ولكن بلفظ : سقط إليه مقتل أخيه من الرضاعة _ مقتل عبد اللّه بن يقطر _ ... ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 229 بلفظ «ورد عليه هناك مقتل أخيه من الرضاعة ... وتاريخ الطبري : 4 / 300 ، 5 / 397 و : 6 / 226 ط آخر ولكن بلفظ خيل الحصين بن نمير والبحار : 44 / 374 ، المقاتل لأبي فرج : 110 مختصرا . الارشاد : 2 / 75 وفي ص 248 ط آخر ، اللهوف : 32 ، عوالم العلوم : 17 / 224 ، و : 4 / 300 ط آخر ، البداية والنهاية : 8 / 182 ، أعيان الشيعة : 1 / 595 ، وقعة الطف : 166 .
7- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 300 ، 3 / 303 ، الإرشاد : ص 223 ط قديم ، و : 2 / 75 ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، اللهوف في قتلى الطفوف : 32 ، البداية والنهاية : 8 / 182 ، بحار الأنوار : 44 / 374 ، عوالم العلوم : 17 / 225 ، أعيان الشيعة : 1 / 595 ، وقعة الطف : 166 ، الكامل في التاريخ : 4 / 41 _ 43 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 79 .

ص: 806

ثمّ قال : أيّها الناس من أحبّ [منكم الإنصراف] أن ينصرف وليس عليه منّا ذمام ولا ملام ، فتفرّق الناس (1) عنه وأخذوا يمينا وشمالاً حتّى بقي في أصحابه لا غير الذين خرج بهم من مكّة (2) وإنّما فعل ذلك لأنه علم من الأعراب أنّهم ظنّوا أنه يأتي بلدا قد استقامت له وأطاعته أهلها فتسلّمها عفوا صفوا من غير حربٍ ولا قتال ، فأراد أن يعرّفهم على ما يقدِمون عليه (3) .

.


1- .في (أ) : الأعراب .
2- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 79 بدون لفظ «ولاملام» مع اختلاف يسير في اللفظ ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 229 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 75 و ص 223 ط قديم ولكن ذكر لفظ «المدينة» بدل «مكّة» وفيه أيضا : غير حرج ليس عليه ذمامٌ ... وقريب من هذا في تاريخ الطبري : 3 / 303 ، 4 / 300 ط آخر ، الملهوف : 32 ، البداية والنهاية : 8 / 183 ، بحار الأنوار : 44 / 374 ، عوالم العلوم : 17 / 225 ، أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي : 1 / 596 ، وقعة الطف لأبى مخنف 167 ، منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل للشيخ عبّاس القمّي : 1 / 606 ط نشر جامعة مدرسين ط 1415 ه تعريب السيّد هاشم الميلاني ، أنساب الأشراف : 168 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 3 / 18 ، و : 4 / 43 ط اُخرى معالم المدرستين للعلاّمة العسكري 3 ص 82 ، ينابيع المودّة : 3 / 62 ط اُسوة و في ص 406 ط اسلامبول ولكن بلفظ : فمن كان منكم يصبر على حدّ السيف وطعن الأسنّة فليقم معنا وإلا فلينصرف عنّا .
3- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 79 مع اختلاف يسير في اللفظ وزاد : فكره أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون علام _ يقدمون ، وقد علم أنهم اذا بَيّن لهم لم يصحبه إلاّ من يريد مواساته والموت معه ... وقريب من هذا اللفظ في تاريخ الطبري : 3 / 303 ، و : 4 / 301 ط آخر ، الإرشاد : 2 / 76 و ص 224 ط قديم ، اللهوف : 33 ، البداية والنهاية : 8 / 183 ، بحار الأنوار : 44 / 374 ، عوالم العلوم : 17 / 225 ، أعيان الشيعة : 1 / 596 ، وقعة الطف : 167 ، معالم المدرستين : 3 / 82 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 229 ولكن بلفظ مختصر «وانما أراد أن لايصحبه إنسان إلاّ على بصيرة» وانظر مقتل الحسين للمقرّم : 180 _ 181 ، ومنتهى الآمال : 1 / 606 .

ص: 807

ثمّ إنّه سار حتّى نزل بطن العقبة (1) فأتاه رجل (2) من مشايخ العرب: فقال: اُنشدك اللّه تعالى إلاّ ما انصرفت ، ما تقدِم إلاّ على الأسنّة وحدِّ السيوف ، وإنّ هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤونة القتال ووطأوا لك الأشياء (3) فقدمتَ على (4) غير حرب كان ذلك رأيا ، وأمّا فعلى هذه الحال الّتي تذكرها (5) فلا أرى لك ذلك أن تفعل (6) فقال له : يا عبد اللّه إنّه لا (7) يخفى عليَّ الرأي ما رأيت (8) ولكنّي صابرٌ ومحتسبٌ إلى أن يقضيَ اللّه أمرا كان مفعولاً . ثمّ ارتحل رضى الله عنهسائرا نحو الكوفة واللّه المستعان .

.


1- .هي منزل من منازل الطريق بعد واقصة الحزون ، وقبل القاع لمن يريد مكّة ، كما جاء في معجم البلدان : 4 / 134 .
2- .يقال له عمر ، وقيل عمرو بن لوذان ، وقيل يوزان ، وهو شيخ من بني عكرمة كما ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد : 2 / 76 و ص 249 ط قديم ، عوالم العلوم : 17 / 225 ، وفي البحار : 44 / 375 عمربن لوذان ، وفي تاريخ الطبري : 4 / 301 ، و : 6 / 226 ط آخر بلفظ «لوذان أحد بني عكرمة أنّ أحد عمومته سأل الحسين عليه السلام أين تريد فحدّثه . ويظهر من الطبري أنّ السائل ليس عمرو بن لوذان كما ذكر صاحب الارشاد وغيره ، اللهوف ص 33 ، منتهى الآمال : 1 / 606 ، الكامل في التاريخ : 2 / 549 ، أعيان الشيعة : 1 / 595 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام إعداد لجنة الحديث في معهد تحقيقات باقر العلوم عليه السلام ط3 سنة 1416 ه ، كامل الزيارات : 75 ، مقتل الحسين للمقرم ص 181 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 79 مثل ماجاء في الطبري .
3- .في (أ) : الأمور .
4- .في (ج) : عليهم .
5- .في (أ) : ترى .
6- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 79 _ 80 مع اختلاف يسير وزيادة «وإن اللّه لا يغلب على أمره ، ثمّ قال عليه السلام : واللّه لايدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا سلّط اللّه عليهم مَن يُذلُّهم حتّى يكونوا أذلّ فِرق الاُمم» وقريب من هذا في الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 76 و ص 222 ط قديم ، ومنتهى الآمال : 1 / 606 ، ونَفس المهموم : ص 98 وكلاهما للمحدّث القمّي الطبعة الاُولى ايران . عوالم العلوم : 17 / 225 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 228 ، تاريخ الطبري : 5 / 397 ، و : 4 / 301 ط آخر ، بحار الأنوار : 44 / 375 الكامل في التاريخ لابن الأثير : 3 / 17 و 18 ، البدايه والنهاية لابن كثير : 8 / 168 و 171 ، الأخبار الطوال : لابن داود الدينوري : 248 .
7- .في (ج) : ليس يخفى .
8- .في (أ) : شيء ممّا ذكرت (يدل) الرأي ما رأيت .

ص: 808

. .

ص: 809

فصل : في ذكر مصرعه ومدّة عمره وإمامته عليه السلام

فصل : في ذكر مصرعه ومدّة عمره وإمامته عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : مصرع الحسين عليه السلام يسكب المدامع من الأجفان ، ويجلب الفجائع ويثير الأحزان ، ويلهب النيران الموجدة في أكباد ذوي الإيمان ، كيف لا وهم رجال الذرّية النبوية بنجيعها مخضوبة ، وأبدانها على التراب مسلوبة ، ومخدّرات حرائرها سبايا منهوبة (1) . وذلك أنّ الحسين عليه السلام سار حتّى صار على مرحلتين من الكوفة فوافاه إنسان يقال له الحرّ بن يزيد الرياحي (2) ومعه ألف فارس 3 من أصحاب [عبيداللّه ]ابن زياد

.


1- .انظر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول النسخة المخطوطة في مكتبة آية اللّه المرعشي قم : ورق 104 ، ومخطوطة اُخرى : سبق وأن أشرنا إليها : وزبدة المقال في فضائل الآل (مخطوط) : ورق 129 . مع أنّ العبارة وردت هكذا «وأشلاء» بدل «أبدانها» . وفي نسخة (ب) : وجثثها على الثرى ...
2- .هو الحرّ بن يزيد بن ناجية بن قضب بن عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم التميمي اليربوعي اليامي ، وكان شريفا في قومه ، جاهليةً واسلاما ... انظر ترجمته في إبصار العين في أنصار الحسين : 115 ط النجف ، جمهرة أنساب العرب لابن حزم : 215 .

ص: 810

شاكين في السلاح (1) ، فقال للحسين عليه السلام : إنّ الأمير عبيداللّه بن زياد أخرجني عينا عليك وقال لي : إن ظفرت به لا تفارقه أو تجيء (2) به ، وأنا واللّه كاره أن يبتليني اللّه بشيءٍ من أمرك غير أني قد أخذت بيعة القوم 3 ، فقال له الحسين عليه السلام : إنّي لم

.


1- .انظر الفتوح لابن أعثم : 3/ 85 وزاد : ... لايرى منهم إلاّ حماليق الحدق ... وانظر المصادر السابقة أيضا.
2- .في (أ) : تجئني .

ص: 811

أقدم هذا (1) البلد حتّى أتتني كُتب (2) أهله وَقَدِمَت عليَّ رسلهم (3) فطلبوني ، وأنتم من أهل الكوفة ، فإن دمتم على بيعتكم وقولكم في كُتبكم دخلتُ مصركم وإلاّ

.


1- .في (ب ، ج) : على هذا .
2- .في (ب ، د) : كتبكم .
3- .في (ب ، ج) : رسلكم .

ص: 812

انصرفت من حيث أتيت 1 ، فقال له الحرّ : ]أنا [واللّه لم أعلم بشيءٍ من هذه الكُتب

.

ص: 813

ولابالرسل (1) ، وأنا فما يمكنني (2) الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا ، وأمّا أنت فخذ طريقا غير هذا و امضِ (3) إلى حيث شئت حتّى أكتب (4) إلى ابن زياد أنّ الحسين خالفني الطريق فلم أظفر به (5) ، واُنشدك اللّه في نفسك ومَن معك (6) . وسلك (7) الحسين عليه السلام طريقا آخر غير الجادّة راجعا إلى الحجاز 8 وسار هو

.


1- .في (ب ، د) : ما أدري ما هذه الكتب والرسل الّتي تذكر .
2- .في (ج) : لست اقدر .
3- .في (أ) : واذهب .
4- .في (أ) : لأكتب .
5- .في (ب) : اقدر عليه .
6- .انظر الفتوح لابن أعثم : 3 / 88 مع اختلاف يسير في اللفظ ، وتاريخ الطبري : 6 / 229 ، و : 4 / 304 ط آخر وابن الأثير في الكامل : 4 / 25 . وفي مقتل الحسين لأبي مخنف : 87 ورد بلفظ : يا حسين إنّي اذكّرك اللّه في نفسك فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلن ، ولئن قوتلت لتهلكن فيما أرى ... ومثله في الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 80 _ 81 وص 207 ط آخر ، وتاريخ الطبري : 4 / 303 بلفظ : ... فخذ طريقا لاتدخلك الكوفة ولاتردّك إلى المدينة لتكون بيني وبينك نصفا ، حتّى اكتب إلى ابن زياد ... فلعلّ اللّه إلى ذلك أن يأتي بأمرٍ يرزقني فيه العافية ... وفي ينابيع المودّة : 3 / 63 ط اُسوة بلفظ «إذا أبيت فخذ طريقا آخر» مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 233 ، مقتل الحسين للمقرّم : 184 ، بحار الأنوار : 44 / 378 ، عوالم العلوم : 17 / 228 ، الكامل في التاريخ : 4 / 51 ، منتهى الآمال : 1 / 609 .
7- .في (أ) : فسلك .

ص: 814

وأصحابه طول ليلتهم ، فلمّا أصبحوا فإذا بالحرّ بن يزيد قد طلع عليهم في جيشه فقال له الحسين عليه السلام : ما جاء بك يا ابن يزيد؟ قال : وافاني كتاب ابن زياد يؤنّبني ويضعّفني في أمرك تأنيبا كبيرا ومعي من هو عليَّ عين من جهته وقد سعى بي إليه

.

ص: 815

ولا سبيل إلى مفارقتك 1 . فرحل الحسين عليه السلام وأهله ونزلوا بكربلاء وذلك يوم الأربعاء (1) الثاني 3 من المحرّم سنة إحدى وستين (2) فقال عليه السلام : هذه كربلاء موضع كرب وبلا ، هاهنا (3) مناخ ركابنا

.


1- .انظر مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 237 وزاد « ... أو يوم الخميس» ينابيع المودّة : 3 / 63 ط اُسوة . أمّا في تاريخ الطبري: 4 / 309 ذكر أنه عليه السلام نزل يوم الخميس ونصّ على ذلك أيضا أبو مخنف لوط بن يحيى في المقتل : 94 ، والشيخ المفيد في الإرشاد : 2 / 84 ، و : ص 209 ط آخر ، وكذلك المجلسي في البحار: 44/381، منتهى الآمال: 1/612 ، عوالم العلوم: 17/231. أمّا الدينوري صاحب الأخبار الطوال في: 253 فقد ذكر أنه نزل يوم الأربعاء ، وكذلك صاحب الفتوح في: 3/94 وزاد « ...أو يوم الخميس ...».
2- .انظر المصادر السابقة ، و تاريخ ابن عساكر : 4 / 332 ، تذكرة الخواصّ : 241 .
3- .في (أ) : هذه .

ص: 816

ومحطّ رحالنا ومقتل رجالنا (1)2 . وكتب الحرّ إلى ابن زياد يعلمه بنزول الحسين عليه السلام بأرض كربلاء: فانظر ماترى في أمره (2) . فكتب عبيداللّه بن زياد كتابا إلى الحسين عليه السلام يقول فيه : أمّا بعد ، فإنّ يزيد بن معاويه كتب إليَّ كتابا أن لا تغمض جفنك من المنام

.


1- .في (ب) : ومسفك دمائنا .
2- .انظر الفتوح : 3 / 95 بلفظ ... يخبره أن الحسين نزل بأرض كربلاء ... مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 239 ، تاريخ ابن عساكر : 4 / 332 ، تذكرة الخواصّ : 241 ، ينابيع المودّة : 389 ، و : 3 / 64 ط اُسوة ، مقتل الحسين للمقرّم : 236 ، و : 196 ط آخر ، البحار : 44 / 383 ، مقاتل الطالبيين : 112 .

ص: 817

ولاتشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي أو تقتله ، والسلام 1 . فلمّا ورد الكتاب على الحسين عليه السلام وقرأه ألقاه من يده وقال للرسول : ماله عندي جواب (1) . فلمّا رجع الرسول إلى ابن زياد وأخبره بذلك اشتدّ غيظه (2) وجمع الجموع وجنّد الجنود (3) وجهّز إليه العساكر وجعل على مقدمتها عمربن سعد (4) وكان قد ولاّه

.


1- .انظر الفتوح لابن أعثم : 3 / 95 وزاد : ... ثمّ رمى به ثمّ قال : لا أفلح قوم آثروا مرضاة أنفسهم على مرضاة الخالق ، فقال له الرسول : أبا عبد اللّه ! جواب الكتاب؟ قال : ماله عندي جواب ، لأنه قد حقّت عليه كلمة العذاب ... وانظر البحار : 44 / 383 ، و : 10 / 189 ط آخر وفيه «اشتروا» بدل «آثروا» و«المخلوق» بدل «أنفسهم» و«سخط» بدل «مرضاة» . وانظر المقتل للمقرّم : 196 ، عوالم العلوم : 17 / 234 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 239 .
2- .انظر الفتوح : 3 / 95 ولكن بلفظ «فغضب أشدّ الغضب ثمّ جمع أصحابه» والبحار : 44 / 383 ولكن بلفظ «فغضب عدوّ اللّه من ذلك أشدّ الغضب» ومثله في المقتل للخوارزمي : 1 / 239 ، عوالم العلوم : 17 / 234 ، المقتل للمقرّم : 197 .
3- .في (ب ، د) : حشّد الحشود .
4- .تقدّمت ترجمته .

ص: 818

الري وأعمالها ، فاستعفى (1) من الخروج إلى قتال الحسين عليه السلام وقد تقدّمته العساكر ، فقال له ابن زياد : إمّا أن تخرج إليه أو اخرج عن عملنا من الري (2) . فخرج عمر إلى الحسين عليه السلام وصار ابن زياد يمدّه بالجيوش شيئا بعد شيء إلى أن اجتمع عند عمر بن سعد عشرون ألف 3 مقاتل ما بين فارس وراجل ، وأوّل من خرج مع عمر بن سعد

.


1- .انظر المقتل للخوارزمي : 1 / 239 ولكن بلفظ «أن تعفيني» وفي مقاتل الطالبيين : 112 بلفظ «أعفني أيّها الامير» وانظر منتهى الآمال للشيخ عباس القمّي : 1 / 617 بلفظ «اتركني أنظر في أمري» ومثله في تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 247 . وفي البحار : 44 / 384 بلفظ «فاستعفى عمر من ذلك» عوالم العلوم : 17 / 234 ، المقتل للمقرّم : 197 ، وفي الفتوح : 3 / 95 بلفظ «إن أردت أن تعفيني من قتال الحسين بن عليّ فافعل» وتاريخ الطبري : 4 / 309 ، و : 6 / 232 _ 270 ط آخر مثله ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 94 ، الكامل لابن الأثير : 9 / 38 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 172 _ 198 ، الأخبار الطوال لابن داود الدينوري : 253 _ 261 ، أنساب الأشراف : 176 _ 227 ، الإرشاد للمفيد : 210 _ 236 ، إعلام الورى : 231 _ 250 .
2- .انظر المصادر السابقة لتجد الحوار الّذي دار بين عبيداللّه بن زياد وعمربن سعد بن أبي وقاص الّذي كان أبوه سادس الإسلام حول ولاية ملك الري وقتل الحسين ، وكيف أضلّه الشيطان وأعمى قلبه ، وكانت أوّل راية خرجت إلى حرب الحسين عليه السلام هي راية عمربن سعد وهو الّذي قال «اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل من حارب الحسين» وهو القائل «ياخيل اللّه اركبي وابشري» .

ص: 819

الشمر بن ذي الجوشن (1) في أربعة الآف فارس (2) ، ثمّ زحفت خيل ابن سعد حتّى نزلت بشاطئ الفرات وحالوا بين الحسين عليه السلام وأصحابه وبين الماء ، فعند ذلك ضاق الأمر على الحسين عليه السلام وعلى أصحابه واشتدّ بهم العطش (3) . وكان مع الحسين عليه السلام شخص من أهل الزهد والورع يقال له يزيد (4) بن الحصين

.


1- .تقدّمت حياته .
2- .انظر الفتوح : 3 / 99 ، الأخبار الطوال للدينوري : 254 ، مثير الأحزان لابن نما الحلّي : 37 ، اللهوف : 34 ، أنساب الأشراف : ح 33 ، تاريخ الطبري : 4 / 320 ، و : 6 / 261 ط اُخرى ، الإرشاد : 2 / 95 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 342 ، مروج الذهب : 2 / 60 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 114 ، البحار : 45 / 10 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 217 .
3- .تقدّمت الإشارة إلى هذا الحدث الجلل لأنه من المعلوم سرعة العطش في ذلك الجوّ الحارّ والمشقّة الّتي يتلقّاها العطشان . ومن الثابت في التواريخ استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه عطاشى ، لان ابن زياد كرّر التأكيد على منع الماء فجعل عمربن سعد ، عمروبن الحجّاج في خمسمائة فارس على الفرات . انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 98 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 240 و 244 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 86 ص 254 ط آخر ، تاريخ الطبري : 4 / 311 ومابعدها ، و : 6 / 234 ط آخر ، الأخبار الطوال : 247 ، عوالم العلوم : 17 / 234 ص 78 ط آخر ، الكامل لابن الأثير : 9 / 38 ، و : 4 / 22 ط آخر ، ابن كثير في البداية و النهاية : 8 / 172 ، أنساب الأشراف : 176 ، أعلام الورى : 240 _ 251 ، مقاتل الطالبيين : 74 ، نفَس المهموم للمحدّث القمّي 116 .
4- .في (ب) : برير .

ص: 820

الهمداني 1 فقال للحسين عليه السلام : ائذن لي يابن رسول اللّه في أن آتي مقدم هؤلاء عمربن سعد فاُكلّمه في الماء لعلّه أن ، يرتدع فأذن له وقال : ذلك إليك إذا شئت . فجاء الهمداني إلى عمر بن سعد فكلّمه في الماء فامتنع منه فلم يجبه إلى ذلك فقال له : هذا ماء الفرات تشرب منه الكلاب والدوابّ (1) وغير ذلك وتمنعه الحسين عليه السلام ابن بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوإخوته ونساءه وأهل بيته والعترة الطاهرة يموتون عطشا وقد حلت بينهم وبين الماء وأنت تزعم أنك تعرف اللّه ورسوله (2) . فأطرق عمر بن سعد ثمّ قال : يا أخا همدان إنّي لأعلم حقيقة ماتقول ، وأنشد يقول (3) : دعاني عبيداللّه من دون قومه إلى خصلة فيها خرجت لحيني فواللّه ما أدري وأني لواقفٌ على خطر لا أرتضيه ومين أآخذ (4) ملك الريّ والريّ منيتي (5) وأرجع (6) مطلوبا (7) بدم (8) حسين وفي قتله النار الّتي ليس دونها حجابٌ وملك الريّ قرّة عيني ثمّ قال يا أخا همدان ماتجيبني نفسي إلى ترك الريّ لغيري فرجع يزيد بن الحصين الهمداني إلى الحسين عليه السلام وأخبره بمقالة ابن سعد ، فلمّا عرف الحسين ذلك منهم تيقّن أنّ القوم مقاتلوه ، فأمر أصحابه فاحتفروا حفيرة شبيهة بالخندق 10

.


1- .في (أ) : الذئاب .
2- .انظر المصادر السابقة .
3- .انظر الفتوح : 3 / 107 مع اختلاف يسير في اللفظ ، ومعجم البلدان : 4 / 358 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 248 . فمثلاً ورد في عجز البيت الأوّل بلفظ «خطة» بدل «خصلة» . وفي البيت الثاني «لا» بدل «ما» و «لواقف» بدل «لحائر» . وورد عجز البيت الثاني هكذا «افكر في أمري على خطرين» وتارةً هكذا « ... على خطر بعظم وسيني» مع العلم أني لم أجد في النسخ التطابق بل الاختلاف وكذلك بعضها مطموس كما في نسخة (د) .
4- .في (ب) : أأترك .
5- .في (أ) : رغبتي .
6- .في (ب) : أم أرجع .
7- .في (ب ، د) : مأثوما .
8- .في (ب) : بقتل .

ص: 821

وجعلوا له جهة واحدة يكون القتال منها ، وأحدق (1) عسكر ابن سعد بالحسين عليه السلام وأصحابه وصفّوا لهم وأرشقوهم بالسهام والنبال واشتدّ عليهم القتال ولم يزالوا (2) يقتلوا من أهل الحسين عليه السلام واحدا بعد واحد حتّى أتوا على ما ينيف على (3) خمسين 4 منهم ، فعند ذلك صاح الحسين عليه السلام : أما من ذابٍّ يذبُّ عن حريم

.


1- .في (أ) : وأهدفوا .
2- .في (ج) يزل .
3- .في (ج ، د) : عن .

ص: 822

رسول اللّه صلى الله عليه و آله (1) ؟ وإذا بالحرّ بن يزيد الرياحي الّذي تقدّم ذكره الّذي كان خرج إلى

.


1- .انظر مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 9 وزاد : ... ثمّ قال : اشتدّ غضب اللّه على اليهود والنصارى إذ جعلوا له ولدا ، واشتدّ غضب اللّه على المجوس إذ عبدت الشمس والقمر والنار من دونه ، واشتدّ غضب اللّه على قوم اتفقت آراؤهم على قتل ابن بنت نبيّهم . واللّه لا اُجيبهم إلى شيء ممّا يريدونه أبدا حتّى ألقى اللّه وأنا مخضّب بدمي . ثمّ صاح عليه السلام أما من مغيث يغيثنا لوجه اللّه تعالى؟ أما من ذابّ يذبّ عن حرم رسول اللّه ؟ وقريب من هذا اللفظ في اللهوف : 57 ، و : 65 ط آخر . وانظر الحدائق الوردية (مخطوط) وينابيع المودّة : 3 / 75 ط اُسوة ولكن بلفظ «أما من معين يعيننا ، أما من خائف من عذاب اللّه فيذبّ عنا» . وانظر أيضا منتهى الآمال للشيخ عباس القمّي : 1 / 638 ، الخصائص الحسينية للشيخ جعفر الشوشتري : 129 ، نسب قريش لمصعب الزبيري : 58 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 217 .

ص: 823

الحسين أوّلاً من جهة ابن زياد قد خرج من عسكر عمر بن سعد راكبا على فرسه وقال : يابن رسول اللّه أنا كنت أوّل من خرج عليك عينا ولم أظنّ أنّ الأمر يصل إلى هذه الحال ، وأنا الآن من حزبك وأنصارك اُقاتل بين يديك حتّى اُقتل أرجو بذلك شفاعة جدّك ، ثمّ قاتل بين يديه حتّى قُتل 1 . فلمّا فنى جميع أصحاب الحسين عليه السلام وقُتلوا جميعهم عن آخرهم إخوته وبنو

.

ص: 824

عمّه وبقي وحده بمفرده حمل عليهم حملةً منكرة قتل فيها كثيرا من الرجال والأبطال ورجع سالما إلى موقعه (1) عند الحريم . ثمّ حمل عليهم حملةً اُخرى وأراد الكرّ راجعا إلى موقعه فحال الشمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه بينه وبين الحريم (2) والمرجع إليهم في جماعة من أبطالهم وشجعانهم وأحدقوا به ، ثمّ جماعة منهم تبادروا إلى الحريم والأطفال يريدون سلبهم فصاح الحسين عليه السلام : ويحكم يا شيعة الشيطان كفّوا سفهاءكم عن التعرّض للنساء والأطفال فإنّهم لم يقاتلوا ، فقال الشمر لعنه اللّه : كفّوا عنهم واقصدوا الرجل بنفسه (3) . فلم يزل يقتتل هو وهم إلى أن أكثروه وأثخنوه جروحا فسقط إلى الأرض من على فرسه فنزلوا وجزّوا رأسه ، وقيل الّذي قتله سنان بن أنس النخعي لعنه اللّه تعالى ، وقيل الشمربن ذي الجوشن 4 .

.


1- .في (ب ، ج) : موقفه .
2- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 110 ، و : 3 / 258 ط آخر ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 190 ، ينابيع المودّة : 3 / 81 ط اُسوة ، البحار : 45 / 50 .
3- .انظر مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 33 ولكن بلفظ : ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون ... وانظر المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 110 ، البحار : 45 / 51 ، نفَس المهموم : 355 ، عوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحراني الاصفهاني : 17 / 293 ط آخر ، مثير الأحزان لابن نما الحلّي : 37 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 190 ، البيان والتبيين للجاحظ : 3 / 171 الطبعة الثانية ، اللهوف : 67 _ 106 ، تاريخ الطبري : 6 / 259 ، و : 2 / 362 ط اوربا ، و : 4 / 344 مع اختلاف يسير في اللفظ ، الخصائص الحسينية : 46 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 134 ، كشف الغمّة : 2 / 126 ، سمط النجوم العوالي : 3 / 76 ، مقاتل الطالبيين : 118 ، ابن الأثير في الكامل : 4 / 34 ، مروج الذهب : 2 / 66 ، سيرة ابن هشام : 3 / 144 .

ص: 825

وأرسل عمربن سعد خذله اللّه بالرأس إلى ابن زياد مع سنان بن أنس النخعي (1) قاتل الحسين عليه السلام فلمّا وضع الرأس بين يدي عبيداللّه بن زياد أنشد يقول 2 : إملأ ركابي فضةً وذهبا إنّي قتلتُ السيّد المحجّبا قتلتُ خير الناس اُمّا وأبا وخيرهم إذ يذكرون النسبا

.


1- .في (د) : بشر بن مالك .

ص: 826

فغضب عبيداللّه بن زياد لعنه اللّه من قوله وقال له : فإذا علمت ذلك (1) فلِم قتلته؟ واللّه لانلت منّي خيرا ولألحقنّك به ثمّ قدمه وضرب عنقه (2) . ثمّ إنّ القوم ساقوا الحريم والأطفال كما تُساق الاُسارى حتّى أتوا (3) الكوفة فخرج الناس فجعلوا ينظرون إليهم يبكون وكان عليّ بن الحسين زين العابدين رضى الله عنهمعهم ]مغلول مكبّل بالحديد] قد أنهك جسمه المرض فجعل يقول : ألا إنّ هؤلاء يبكون ويتوجّعون من أجلنا فمن قتلنا إذا؟ 4 . فلما (4) دخلوا على عبيداللّه بن زياد أرسل بهم ابن زياد وبرأس الحسين عليه السلام صحبتهم

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .في (ب) : انه كذلك .
3- .في (ب ، ج) : بلغوا بهم .
4- .من هنا لا يوجد في بعض النسخ بل في نسخة (أ) فقط وسنشير إلى نهاية هذا السقط في صفحه 813 ، فتأمّل .

ص: 827

إلى الشام إلى يزيد بن معاوية مع شخص يقال له زجر بن القيس 1 ومعه جماعة هو مقدمهم، وأرسل بالنساء والصبيان على قتاب المطايا ومعهم عليّ بن الحسين عليه السلام وقد جعل ابن زياد الغلّ في يديه وفي عنقه (1) ولم يزالوا سائرين بهم على تلك الحاله إلى أن وصلوا الشام فتقدّم زجر بن قيس فدخل على يزيد فقال له: هات ماوراك (2) ، فقال : أبشر يا أمير المؤمنين بفتح اللّه [عليك ]ونصره فإنّه وَردَ علينا الحسين في ثمانية عشر (3) من أهل بيته وستين من شيعته فسرنا إليهم وسألناهم أن

.


1- .تقدّمت تخريجاته .
2- .في (ج) : عندك .
3- .في (ج) : اثنين وثلاثين .

ص: 828

يستسلموا (1) على حكم الأمير عبيداللّه بن زياد أو القتال ، فاختاروا القتال [على الاستسلام ]فعَدوْنا عليهم مع شروق الشمس فأحطْنابهم من كلّ ناحية حتّى أخذت السيوف مأخذها من هام القوم وجعلوا يهربون إلى غير وَزَر ويلوذون بالآكام والحفر لواذا كما يلوذ الحمام (2) من عقاب أوصقر ، فواللّه ما كان إلاّ جَزْرَ جزورٍ أو نومةَ قائل حتّى أتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم [أجسامهم بالعراء ]مجرّدة وثيابهم بالدماء مرمّلة (3) وخدودهم في التراب (4) معفّرة ، تصهرهم الشمس وتسفى عليهم الريح وزوّارهم (5) العقبان ، والرخم بقي في سَبْسَبٍ من الأرض 6 .

.


1- .في (أ) : ينزلوا .
2- .في (ج) : الحمائم .
3- .في (أ) : بدمائهم مضرّجة .
4- .في (ب) : بالتراب .
5- .في (ج): وزارهم .

ص: 829

قال : فدمعت عينا يزيد وقال : قد كنتُ أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين 1 ،

.

ص: 830

لعن (1) اللّه ابن سمية (2) أنا واللّه لو كنت [أني ]صاحبه لما سألني خصلة إلاّ أعطيته إيّاها لعفوت عنه [ف ]رحم اللّه الحسين (3) . وأخرجه من عنده ولم يصله بشيء . ثمّ إنهم دخلوا بالرأس ووضعوه بين يدي يزيد وكان بيده قضيب فجعل ينكت في ثغره (4) ثمّ قال : ما أنا وهذا إلاّ كما قال الحصين : أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت قواضب في ايماننا تقطر الدما يُفلّقن هاما من رجالٍ أعزّةٍ علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما (5)

.


1- .تقدّمت تخريجاته .
2- .في (ب) : قبّح .
3- .في (أ) : ابن مرجانه .
4- .انظر المصادر السابقة مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ولم نعثر على قول يزيد «رحم اللّه الحسين» بل حتّى ابن الصباغ لم يكتبها في بعض النسخ الّتي عثرنا عليها وانما أخذها من مقتل الحسين لأبي مخنف : 211 .
5- .تقدّمت تخريجاته ، وانظر نور الأبصار : 264 .

ص: 831

فقال له أبو بردة السلمي (1) وكان حاضرا : أتنكت بقضيبك ثغر الحسين عليه السلام [أشهد] أما إنه لقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن عليه السلام ، لقد رضيت يا يزيد ان يجيء عبيداللّه بن زياد شفيعك يوم القيامة ويجيء هذا ومحمّد صلى الله عليه و آلهشفيعه (2) ، ثمّ قام من المجلس فقال يزيد : واللّه لو أنى صاحبه ما قتلته (3) ، ثمّ قال : أما تدرون من أين أتى هذا أما إنه يقول أبي عليٌ خيرٌ من أبيه واُمّي فاطمة خيرٌ من اُمّه وجدّى رسول اللّه خيرٌ من جدّه وأنا خيرٌ منه وأحقّ بالأمر منه ، فأمّا قوله أبوه خير من أبي فقد تحاجّ أبوه وأبي إلى اللّه تعالى وعلم الناس أيهما حكم له ، وأمّا قوله اُمّي خيرٌ من اُمّه فلعمري فاطمة بنت رسول اللّه خيرٌ من اُمّي ، وأمّا قوله جدّي رسول اللّه خيرٌ من جدّه فلعمري ما أحد يؤمن باللّه واليوم الآخر يرى لرسول اللّه فينا عديلاً ولاندّا ولكنه أتى و أنّى هذا من فقهه ولم يقرأ تعالى «قُلِ اللَّهُمَّ مَ__لِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ» (4) .

.


1- .تقدّمت تخريجاته .
2- .كذا ، والصحيح هو أبو برزة الأسلمي ، وهو نضلة بن عبيد ، صاحب النبي صلى الله عليه و آلهكما ورد في تهذيب التهذيب : 10 / 446 ، المعارف لابن قتيبة : 297 و336 . وقيل هو عبد اللّه بن نضلة ، وقيل نهلة بن عابد ، مات بخراسان غازيا ، راجع تاريخ الطبري : 4 / 356 . وقيل إنّ الّذي ردّ عليه ليس أبا برزة بل هو سمرة بن جندب صاحب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال ليزيد : قطع اللّه يدك يا يزيد ، أتضرب ثنايا طالما رأيت رسول اللّه يقبّلهما ويلثم هاتين الشفتين؟ فقال له يزيد : لولا صحبتك لرسول اللّه لضربت واللّه عنقك ، فقال سمرة : ويلك تحفظ لي صحبتي من رسول اللّه ، ولا تحفظ لابن رسول اللّه بنوّته؟ فضجّ الناس بالبكاء ، وكادت أن تكون فتنة ... انظر مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 58 .
3- .الظاهر أنّ المصنّف اختصر الحديث ، وكذا الطبري في : 4 / 356 ، و : 6 / 267 والمناقب لابن شهرآشوب : 2 / 26 والحديث هو : ... أشهد لقد رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن عليه السلام ويقول : أنتما سيّدا شباب أهل الجنّة ، قتل اللّه قاتلكما ولعنه وأعدّ له جهنّم وساءت مصيرا . فغضب يزيد منه وأمر به فاُخرج سحبا . انظر اللهوف في قتلى الطفوف : 102 ، منتهى الآمال للشيخ عباس القمّي : 1 / 767 ، البحار : 45 / 133 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 57 ، مروج الذهب للمسعودي : 2 / 90 ، الفتوح لابن أعثم : 3 / 150 ، سمط النجوم العوالي : 3 / 73 ، طبقات فحول الشعراء : 185 .
4- .آل عمران : 26 انظر تاريخ الطبري : 4 / 354 ، و : 6 / 266 مع اختلاف يسير في اللفظ . البحار : 45 / 131 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 57 ، الفتوح : 3 / 149 . وورد في بعض نسخ الكتاب اختلاف يسير ، وانظر المقتل للمقرّم : 359 ، البداية والنهاية : 8 / 195 ، نورالأبصار : 264 .

ص: 832

ثمّ إنه اُدخل نساء الحسين والرأس بين يديه فجعلت (1) فاطمة وسكينة تتطاولان (2) لتنظرا (3) إلى الرأس (4) وجعل يزيد يستره عنهما ، فلمّا رأينه صرخن وأعلنّ بالبكاء فبكت لبكائهنّ نساء يزيد وبنات معاوية فُولولن وأعلنّ (5) ، فقالت فاطمة وكانت أكبر من سكينة (رضى اللّه عنهما) : أبنات رسول اللّه سبايا يا يزيد يسرّك هذا ، فقال : واللّه ما سرّني وأني لهذا لكاره وما أنا عليكنّ أعظم ممّا أخذ منكنّ ، قال : أدخلوهنّ إلى الحريم ، فلمّا دخلن على حرمه فلم تبق امرأة من آل يزيد إلاّ أتتهنّ وأظهرن التوجّع والحزن على ما أصابهنّ وعلى ما نزل بهنّ وأضعفن لهنّ جمع ما اُخذ منهنّ من الحلي والثياب بزيادة (6) فكانت سكينة تقول : ما رأيت كافرا باللّه خيرا من يزيد 7 .

.


1- .في (ب ، ج) : فقامت .
2- .في (ج) : يتطاولان .
3- .في (ب ، د) : للنظر .
4- .في (ب ، د) : إليه .
5- .انظر مرآة الجنان لليافعي : 1 / 135 ، الكامل لابن الأثير : 4 / 35 ، مجمع الزوائد للهيثمي : 9 / 195 المقتل للسيّد عبد الرزاق المقرّم : 354 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 217 وقريب من هذا في مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 74 ، وانظر أيضا تاريخ الطبري : 4 / 355 ، بحار الأنوار : 45 / 143 .
6- .انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 217 مع اختلاف يسير في اللفظ ، تاريخ الطبري : 4 / 355 .

ص: 833

ثمّ أمر بعليّ بن الحسين عليه السلام فاُدخل عليه مغلولاً (1) فقال عليّ : يا يزيد لو رآنا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهمغلولين لفكّه عنّا ، قال : صدقت وأمر بفكّه عنه ، فقال : ولو رآنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله على بُعد لأحبّ أن يقرّبنا ، فأمر به فقرّب منه (2) . ثمّ قال له يزيد : ايه يا عليّ بن الحسين إنّ أباك (3) الّذي قطع رحمي وجهل حقّي ونازعني سلطاني فنزل به ما رأيت ، فقال عليّ عليه السلام : «مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَ_بٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَتَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَيُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» (4) فقال يزيد : «وَمَآ أَصَ_بَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» (5) فقال عليّ عليه السلام : هذا في حقّ مَن ظَلم لافي مَن ظُلم 6 .

.


1- .تقدّمت تخريجاته .
2- .انظر عوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحراني الاصفهاني : 17 / 432 ، مثير الأحزان لابن نما الحلّي : 98 _ 101 ، البحار : 45 / 132 ، اللهوف : 74 .
3- .في (أ) : أبوك .
4- .الحديد : 22 و23 .
5- .الشورى : 30 .

ص: 834

ثمّ إنّ يزيد أمر بإنزال عليّ بن الحسين عليه السلام وإنزال حرمه في دار تخصّهم بمفردهم وأجرى عليهم كلّما يحتاجون إليه وكان لايتغدّى ولا يتعشّى حتّى يحضر عليّ بن الحسين عليه السلام ، فدعاه ذات يوم ومعه عمربن الحسين وهو صبيّ صغير فقال يزيد لعمر : تقاتل خالدا يعنى خالد بن يزيد وكان في سنّه ، فقال : اعطني سكّينا واعطه سكّينا حتّى اُقاتله ، فضمّه يزيد إليه وقال : شنشنة أعرفها من أخزم وهل تلد الحية إلاّحية 1 ثمّ إنّ يزيد بعد ذلك أمر النعمان بن بشير (1) أن يجهّزهم بما يصلحهم إلى المدينة الشريفة وسيّر معهم رجلاً أمينا من أهل الشام في خيل سيّرها في صحبتهم وودّع يزيد عليّ بن الحسين وقال له : لعن اللّه ابن مرجانة لو كنت حاضرا الحسين ما سألني خصلة أبدا إلاّ كنتُ أعطيه إيّاها ، ولدفعت عنه الحتف بكلّ ما استطعت ، ولكن قضاء اللّه غالب ، يا عليّ كاتبني بأيّ حاجة كانت لك أقضيها إن شاء اللّه

.


1- .تقدّمت ترجمته .

ص: 835

تعالى . وأوصى بهم الرسول الّذي سيّره صحبهم . وكان يسايرهم هو وخيله الّتي معه فيكون الحريم قدّام بحيث إنهم لايفوتونه [طرفة] وإذا نزلوا تنحّى عنهم [وتفرّق ]ناحية هو وأصحابه وكان حولهم كهيئة الحرس [لهم ]وكان يسألهم عن حالهم ويتلطّف بهم في جميع اُمورهم ولايشقّ عليهم في مسيرهم إلى أن دخلوا المدينة . فقالت فاطمة بنت الحسين لاُختها [زينب] : قد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لكِ أن تصليه بشيء؟ فقالت : واللّه ما معنا شيء نصله به إلاّ ما كان من هذا الحلي قالت : [فأخذت سواري ودملجي وأخذت اُختي سوارها ودملجها] فافعلي فأخرجت له سوارين ودملجين وبعثتا بهما إليه فردّهما وقال : لو كان ما صنعت رغبةً لكان في هذا مقتنع بزياده كثيرة ، ولكنّي ما فعلته إلاّ للّه تعالى ولقرابتكم من رسول اللّه صلى الله عليه و آله 1 . وكان من جملة من كان معهم اُمّ سكينة بنت الحسين عليه السلام وهي الرباب بنت امرء

.

ص: 836

القيس (1) فلمّا وصلت إلى المدينة وأقامت قليلاً وخطبها الأشراف من قريش فقالت : ما كنت لآخذ حموا (2) بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آلهولازوجا بعد الحسين عليه السلام . وبقيت بعده سنة لم يظلّلها سقف إلى أن ماتت (رض) (3) . ولمّا بلغ أهل المدينة قتل الحسين عليه السلام خرجت ابنة عقيل بن أبي طالب في نساء من بني هاشم خرجن معها وهي حاسرة تلوي ثوبها 4 وتقول : ماذا تقولون إن (4) قال النبيّ لكم ماذا فعلتم وأنتم آخر الاُمم بعترتي وبأهلي (5) بعد مفتقدي منهم اُسارى وقتلى ضرّجوا بدم ماكان هذا جزائي إذ (6) نصحتُ لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي وحكى الشيخ نصر اللّه بن يحيى (7) في مشارف الصاغة (8) وكان من الثقات

.


1- .الرباب بنت امرئ القيس بن عديّ بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن جناب بن كلب . انظر ترجمتها في المعارف لابن قتيبة : 213 ، و : 93 ط آخر ، مقاتل الطالبيين : 94 ، الأغاني : 14 / 163 . وسكينة الّتي ذكرها اسمها أمينة وقيل اُميمة كما جاء في الأغاني : 14 / 166 . روي أنّ رجلاً سأل عبد اللّه بن الحسن عن اسم سكينة فقال : أمينة ، فقال : إنّ ابن الكلبي يقول اُميمة ، فقال : سل ابن الكلبي عن اُمه وسلني عن اُمي» . وهي الّتي بكت على الحسين حتّى جفّت دموعها فأعلمتها بعض جواريها بأنّ السويق يسيل الدمعة فأمرت أن يصنع لها السويق لاستدرار الدموع . انظر البحار : 10 / 235 عن الكافي ، وقد رثت الإمام الحسين شعرا كما جاء في الأغاني : 2 / 108 .
2- .في (د) : لأتخذ حما .
3- .انظر الكامل في التاريخ : 4 / 88 وزاد : ... انها أقامت على قبره عليه السلام سنة وعادت إلى المدينة ، فماتت أسفا عليه ، وانظر ينابيع المودّة : 3 / 152 ط اُسوة .
4- .في (ب) : اذ .
5- .في (أ) : وحريمي .
6- .في (ب) : أو .
7- .في (أ) : محلّى .
8- .اسمٌ لمحلّة .

ص: 837

الحبرين (1) قال : رأيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقلت : يا أمير المؤمنين تقولون يوم فتح مكّة : مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثمّ يتّم ولدك الحسين يوم كربلاء منهم مأتم! فقال لي عليه السلام : أما سمعت أبيات ابن الصيفي التميمي في هذا المعنى؟ فقلت : لا ، فقال : اذهب إليه واسمعها ، فاستيقظت من نومي مفكّرا ، ثمّ إنّي ذهبت إلى دار ابن الصيفي _ وهو الحيص بيص (2) الشاعر الملقّب بشهاب الدين _ فطرقت عليه الباب فخرج عليَّ فقصصت عليه الرؤيا فأجهش بالبكاء وحلف باللّه إن كان سمعها منّي أحد وإن أكن نظمّتها إلاّ في ليلتي هذه ، ثمّ أنشد (3) : ملكنا فكان العفو منّا سجيةً فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الاُسارى وطالما غدونا على الأسرى نعفو ونصفح وحسبكم هذا التفاوت بيننا وكلّ إناءٍ بالّذي فيه ينضح ومكث الناس بعد قتل الحسين عليه السلام شهرين أو ثلاثة كأنما لطخ الحائط بالدماء ساعة ما تطلع الشمس (4) .

.


1- .كذا ، وفي نور الأبصار : وكان من الثقات الخيّرين .
2- .هو أبو الفوارس سعد بن محمّد بن سعد بن صيفي التميمي المتوفى في بغداد سنة (574 ه) فقيه شافعى جدلي ، غلب عليه الشعر فشهر به . ولقّب بالحيص بيص لأنه رأى قوما في اضطراب من شيء بلَغَهم فقال : ما بال القوم في حيص بيص أي في شدّة وضيق .
3- .انظر نور الأبصار : 266 ط دار الجيل بيروت .
4- .انظر ينابيع المودّة : 3 / 17 و20 .

ص: 838

. .

ص: 839

. .

ص: 840

ذكر من قُتل من أصحاب الحسين عليه السلام ومن أهل بيته ومواليهأمّا الحسين عليه السلام قتله سنان بن أنس النخعي (1) . وقُتل معه العبّاس بن عليّ عليه السلام 2 ،

.


1- .تقدّمت استخراجاته .

ص: 841

واُمّ العبّاس اُمّ البنين بنت حازم ، قتله زيد بن ورقاء (1) الجهني . وقُتل جعفر بن عليّ عليه السلام 2 واُمّه اُمّ البنين أيضا ، رماه خولّى بن يزيد بسهم فقتله . وقُتل محمّد بن

.


1- .في (أ) : رقاد .

ص: 842

ذكر من قُتل من أصحاب الحسين عليه السلام ومن أهل بيته ومواليه

عليّ عليه السلام 1 واُمّه اُمّ ولد قتله رجل من بني دارم . وقُتل أبوبكر بن عليّ (1) واُمّه ليلى بنت مسعود الدارمية . وقُتل عليّ بن الحسين الأكبر 3 ، واُمّه ليلى بنت مرّة بن عروة

.


1- .انظر المصادر السابقة .

ص: 843

الثقفي واُمّهما ميمونة بنت سفيان بن حرب ، قتله منقذ بن النعمان العبدي . وقُتل عبد اللّه بن الحسين بن عليّ 1 واُمّه الرباب بنت امرء القيس الكلبي ، قتله هاني بن

.

ص: 844

شبيب الحضرمي . وقُتل أبوبكر بن الحسن 1 ، واُمّه اُمّ ولد ، قتله حرملة بن الكاهل رماه بسهم . وقُتل عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب (1) ، واُمّه جمانة بنت المسيّب ، قتله عبد اللّه بن قطنة الطائي . وقُتل محمّد بن عبد اللّه بن جعفر (2) أخوه ،

.


1- .هو عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام اُمّه زينب العقيلة الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه السلام واُمّها فاطمة الزهراء عليهاالسلام وليس كما يدّعي الماتن بأنّ اُمّه جمانة ، وقد قتله عبد اللّه بن قطنة الطائي النبهاني وقيل «قطبة» بدل «قطنة» كما ورد في مقتل الحسين لأبي مخنف : 165 _ 166 و 238 ، إبصار العين : 39 ط النجف ، وانظر الفتوح : 3 / 127 ، جمهرة أنساب العرب : 61 وزاد «وهو عون الأصغر» الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 2 / 12 ، البحار : 101 / 243 ، تاريخ الطبري : 6 / 256 ، و : 4 / 341 ط آخر ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 106 ، و : 2 / 220 ط آخر ، مقاتل الطالبيين : 60 ، و : 122 ط آخر ، و : 95 ط آخر ، منتهى الآمال للمحدّث القمّي : 1 / 678 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 27 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 68 ، وفي ص 107 بلفظ : وحمل عليه عبد اللّه بن قُطبة الطائي ... وانظر ص 125 أيضا ، ينابيع المودّة : 3 / 73 ط اُسوة .
2- .هو محمّد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام واُمه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف بن ربيعة ... بن بكربن وائل ، واُمها هند بنت سالم ... بن ثعلبة ، وهو الّذي قتله عامربن نهشل التميمي انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 166 _ 167 و 239 ، إبصار العين : 40 ، المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 220 ، الخوارزمي في مقتل الحسين : 2 / 27 ، تاريخ الطبري : 6 / 256 و 269 ، و : 4 / 341 ط آخر ، مقاتل الطالبيين : 95 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 68 و 107 و 125 ، وانظر أيضا المصادر السابقة .

ص: 845

واُمّه الخوصاء (1) بنت حفصة من تيم اللّه بن تغلبة ، قتله عامربن نهشل التميمي (2) . وقُتل جعفر بن عقيل بن أبي طالب (3) واُمّه اُمّ البنين ، قتله بشر بن خوط الهمداني . وقُتل عبد الرحمن بن عقيل ، واُمّه اُمّ ولد ، قتله عثمان بن خالد الجهني . وقُتل عبد اللّه بن عقيل (4) ، واُمّه اُمّ ولد ، رماه عمر (5) ابن صبيح الصدائي (6) بسهم فقتله . وقُتل مسلم بن عقيل (7) بالكوفة ، واُمّه اُمّ ولد . وقُتل عبد اللّه بن مسلم بن عقيل (8) ، واُمّه رقية بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، قتله عمربن صبيح الصدائي (9) . وقُتل محمّد بن أبي سعيد بن عقيل (10) ، واُمّه اُمّ ولد ، قتله لقيت (11) بن

.


1- .في (ج) : الخرصاء وهو خطأ من النسّاخ .
2- .في (أ) : هشل التيمي .
3- .هو جعفر بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام واُمّه الخوصاء بنت عمرو المعروف بالثغر ... بن كلاب العامري واُمّها أودة بنت حنظلة وهو الّذي قتله بشر بن سوط _ وقيل حوط _ الهمداني كما جاء في مقتل الحسين لأبي مخنف : 168 و 240 ، وليس كما يدّعي الماتن أنّ اُمه اُم البنين ، البحار : 45 / 32 ، وانظر أيضا المصادر السابقة .
4- .لم أعثر على ترجمة حياته ولكن ورد في منتهى الآمال : 679 بلفظ : عبد اللّه الأكبر بن عقيل الّذي قتله عثمان بن خالد ورجل من همدان . انظر مقتل الحسين لأبي مخنف : 165 ، تاريخ الطبري: 4/341 .
5- .كذا ، والظاهر أنّ الصحيح «عمرو» كما في أكثر المصادر .
6- .في (أ) : الصدامي .
7- .تقدّمت ترجمته وكيفية شهادته .
8- .هو عبد اللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، واُمّه رقية بنت أمير المؤمنين عليه السلام واُمّها الصهباء اُمّ حبيب التغلبية وهي اُمّ عمر الأطرف والّذي قتله عمروبن صبيح الصدائي بسهم كما ورد في مقتل الحسين للخوارزمي: 2/26 ، ومقتل الحسين لأبي مخنف: 165 هامش رقم 1، تاريخ الطبري : 2 / 357 ط اوربا ، نسب قريش : 45 ، مقاتل الطالبيين : 95 ، المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 220 ، انظر المصادر السابقة .
9- .الظاهر أنّ الصحيح هو «عمرو بن صبيح الصدائي» كما مرّ ، وفي نسخة (أ) : الصدامي .
10- .انظر الإمامة والسياسة : 2 / 12 نقلاً عن تاريخ خليفة ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 126 ، ومنتهى الآمال : 1 / 680 بلفظ «ضربه لقيط بن ياسر الجهني بسهم فقتله» مقتل الحسين لأبي مخنف : 242 ، مقاتل الطالبيين : 98 ، وقعة الطفّ : 248 .
11- .كذا في النسخ ، والظاهر أنّ الصحيح هو : لقيط ، كما في أكثر المصادر ، وفي بعضها : لبيط كما في وقعة الطف .

ص: 846

ياسر الجهني . واستصغر الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام (1) فتُرك ، واُمّه اُمّ ولد خولة بنت منظور بن ريان ، وقيل استصغر عمر بن الحسن (2) فتُرك ، واُمّه اُمّ ولد ، وأراد الشمر لعنه اللّه قتل عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام (3) وكانت العلّة قد أنهكته والأوجاع فقالوا له : أتقتل صغيرا معلّلاً فتركه . وقُتل من الموالي سليمان (4) مولى الحسين عليه السلام ، قتله ابن عوف الحضرمي (5) ، وقُتل عبد اللّه بن يقطر (6) بالقادسية . وقُتل عبد اللّه (7) رضيع الحسين عليه السلام .

.


1- .هو الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، اُمّه خوله بنت منظور الفزارية ، حضر مع عمّه الحسين بالطفّ وقد جرح ولكن عند الأسر أخذه أسماء بن خارجة فانتزعه من بين الأسرى وقال : واللّه لا يوصَل إلى ابن خولة ابدا ، وكان جليل القدر رئيسا فاضلاً ورعا وكان يلي صدقات أمير المؤمنين عليه السلام في وقته انظر الإرشاد : 2 / 23 _ 26 ، البحار : 44 / 163 و166 و167 ، تاريخ مختصر دمشق : 6 / 330 ، أنساب الأشراف : 3 / 73 و85 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 4 / 485 ، نسب قريش : 46 و 47 ، تاريخ دمشق لابن عساكر : 4 / 218 ، مقاتل الطالبيين : 180 و 119 ، الأغاني : 21 / 115 ، إسعاف الراغبين : 28 على هامش نور الأبصار ، اللهوف : 8 ، المقتل للمقرّم : 306 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 242 .
2- .انظر ترجمته في المصادر السابقة وخاصّة في الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 26 الّذي قال : وأمّا عمرو والقاسم وعبد اللّه بنو الحسن بن عليّ رضوان اللّه عليهم فإنّهم استشهدوا بين يدي عمّهم الحسين عليه السلام بالطفّ ... انظر تاريخ الطبري : 4 / 341 ، و : 6 / 256 ط آخر ، البحار : 45 / 36 ، ابن الأثير في الكامل : 4 / 33 ، مقاتل الطالبيين : 93 ، مقتل الحسين لأبي مخنف : 243 .
3- .تقدّمت ترجمته وسيأتي الفصل الآتي في ذكر حياته عليه السلام .
4- .انظر ينابيع المودّة : 3 / 75 ط اُسوة بالإضافة إلى المصادر السابقة .
5- .في (أ) : الخضرمي .
6- .تقدّمت ترجمته ، وانظر الإرشاد : 2 / 70 وهو الّذي بعثه الإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة علما بأنّ الشيخ المفيد ذكره بلفظ : بل بعث أخاه من الرضاعة ... والطبري في تاريخه : 5 / 398 وقد ضبطه بالباء وكذلك ابن الأثير في الكامل: 4/42، والقاموس المحيط: 376 مثله،وأبوداود في رجاله125/920 أيضا.
7- .تقدّمت ترجمته ، ولكن لابدّ من التنويه على شيء وهو أنّ أرباب المقاتل ذكروا : خرج طفل من خيام الحسين عليه السلام مدهوشا في اُذنه قرطان ، ينظر تارةً إلى اليمين وتارةً إلى الشمال فزعا وخوفا ، فشدّ عليه لعين قاس القلب يسمّى هاني بن ثبيت فقتله ، وقيل كانت شهربانو تنظر إليه وهي مدهوشة لم تقدر على شيء . ولايخفى أنّ هذه غير شهربانو والدة الإمام زين العابدين عليه السلام فإنها توفيت في أيام ولادته عليه السلام . وذكر ذلك الطبري في تاريخه : 4 / 343 بشكل مبسّط وهنالك طفل آخر للحسين عليه السلام رماه حرملة بن كاهل الأسدي وقد تقدّم الكلام عنه وهو الّذي يسمّى بالرضيع .

ص: 847

وكانت عدّة رؤوس القتلى الّتي حُملت إلى عبيداللّه بن زياد لعنه اللّه مع صحبة رأس الحسين عليه السلام سبعين (1) رأسا ، وذلك أنّ كندة جاءت بثلاثة عشر (2) رأسا مع مقدمهم قيس بن الأشعث ، وجاءت هوازن بعشرين رأسا (3) ، وجاءت أخلاط من العسكر بستة رؤوس 4 وكان اليوم الّذي قُتل فيه الحسين عليه السلام يوم الجمعة (4) عاشر

.


1- .ذكر الطبري في تاريخه : 2 / 368 _ 369 و 370 ط اوربا ، و : 4 / 348 و 349 ط آخر أنّ عدّة رؤوس القتلى الّتي حملت إلى عبيداللّه بن زياد مع صحبة رأس الحسين عليه السلام اثنان وسبعون رجلاً ، وانظر عوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحراني الاصفهاني : 17 / 335 ، البحار : 101 / 274 . أمّا المسعودي في مروج الذهب : 3 / 63 ، والبحار : 45 / 74 ح 4 فقد ذكرا : ... وكان جميع من قتل معه سبعا وثمانين ... وانظر اللهوف في قتلى الطفوف : 81 ، وعمدة القاري في شرح البخاري للعيني : 7 / 656 قريب من هذا . ومنتهى الآمال للشيخ عباس القمّي : 1 / 718 بلفظ : عددها اثنين وسبعين رأسا ... ومقتل الحسين لأبي مخنف : 243 ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 39 .
2- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 358 ، و : 6 / 261 بلفظ «وصاحبهم» بدل «مع مقدمهم» وانظر اللهوف في قتلى الطفوف : 81 وعمدة القاري في شرح البخاري للعيني : 7 / 656 ، المقتل للمقرّم : 304 ، البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 190 ، أنساب الأشراف للبلاذري : 5 / 238 ، مرآة الجنان لليافعي : 1 / 133 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 144 ، منتهى الآمال للمحدّث الشيخ عبّاس القمّي : 718 .
3- .انظر تاريخ الطبري : 4 / 358 ، و : 2 / 368 ط اوربا وفيه «وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن ، وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا ، وجاءت بنوأسد بستة أرؤس ، وجاءت مَذْحِج بسبعة أرؤس» وانظر أيضا المصادر السابقة .
4- .انظر اُسد الغابة : 2 / 21 .

ص: 848

محرّم سنة إحدى وستين من الهجرة ، ودفن بالطفّ بأرض كربلاء من العراق ومشهده رضى الله عنه بها معروف يزار من جميع الآفاق والجهات ، وهذه الوقائع شيئا منها ذكره ابن أعثم صاحب كتاب الفتوح ، وشيئا ذكره ابن الأثير ، وشيئا ذكره صاحب تاريخ البديع ، وشيئا من المعارف لابن قتيبة ، ذكرته مختصرا من كلامهم والعهدة في جميع مانقلته من ذلك عليهم . انتقل الحسين بن عليّ بالوفاة إلى دار الآخرة وعمره ست وخمسون سنة وبعض أشهر (1) كان مع جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آلهمن ذلك ست سنين وشهر (2) ومع أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آلهثلاثين سنة (3) ومع أخيه

.


1- .انظر مقاتل الطالبيين : 84 ، و : 54 ط آخر ولكن بلفظ «وشهورا» بدل «أشهر» وفي الإرشاد : 2 / 133 ، و : 283 ط آخر بلفظ «وسنّه يومئذٍ ثمان وخمسون سنة» وفي المعارف : 213 بلفظ «ثمان وخمسين سنة ويقال ابن ست وخمسين سنة» البحار : 44 / 199 ح 16 و 19 ، و : 45 / 90 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 231 ، و : 4 / 77 ط آخر بلفظ «وقد كمل عمره خمسين ، ويقال كان عمره سبعا وخمسين سنة وخمسة أشهر ، ويقال ست وخمسون سنة وخمسة أشهر ، ويقال ثمان وخمسون» كشف الغمّة : 2 / 170 ، إعلام الورى : 214 ، تاريخ ابن الخشّاب : 2 / 216 .
2- .ورد في إعلام الورى : 214 بلفظ «كان مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله سبع سنين» وكذلك في البحار : 44 / 200 ، وفي كشف الغمّة : 2 / 170 بلفظ «ست سنين وشهورا» وفي الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 133 بلفظ «سبع سنين» .
3- .جاء في إعلام الورى: 214بلفظ «ومع أمير المؤمنين عليه السلام سبعاً وثلاثين سنة»ومثله في البحار: 44/200 ، وفي كشف الغمّة : 2 / 170 بلفظ «ثلاثين سنة بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله» ومثله في الإرشاد للمفيد : 2 / 133 .

ص: 849

الحسن بعد وفاة أبيه عشر سنين (1) وبعد وفاة أخيه إلى مقتله عشر سنين (2) ، رضي اللّه عنهم أجمعين .

فصل : في ذكر أولاده الكرام عليه وعليهم أفضل السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : كان للحسين عليه السلام من الأولاد ذكورا وإناثا عشرة ، ستة ذكور وأربع إناث . فالذكور : عليّ الأكبر ، وعليّ الأوسط وهو زين العابدين ، وعليّ الأصغر ، ومحمّد ، وعبد اللّه ، وجعفر . فأمّا عليّ الأكبر فإنه قاتل بين يدي أبيه حتّى قُتل شهيدا بالطفّ . وأمّا عليّ الأصغر فجاءه سهم وهو طفل بكربلاء فقتله ، وقيل إنّ عبد اللّه قُتل مع أبيه شهيدا . وجعفر مات في حياة أبيه عليه السلام . وأمّا البنات : فزينب ، وسكينة ، وفاطمة ، هذا هو القول المشهور 3 . وقال صاحب الإرشاد : أولاد الحسين بن عليّ عليه السلام ستة : عليّ بن الحسين الأصغر (3) كنيته أبو محمّد ولقبه زين العابدين اُمّه شاه زنان 5 بنت كسرى أنوشروان

.


1- .ورد في إعلام الورى : 214 بلفظ «ومع أخيه الحسن سبعا وأربعين سنة» ومثله في البحار : 44/200 ، وفي كشف الغمّة : 2 / 170 بلفظ «عشر سنين بعد وفاة أبيه عليه السلام » ومثله في الإرشاد : 2 / 133 .
2- .جاء في إعلام الورى : 214 بلفظ «ومع أمير المؤمنين عليه السلام سبعا وثلاثين سنة» ومثله في البحار : 44 / 200 ، وفي كشف الغمّة : 2 / 170 بلفظ «ثلاثين سنة بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله» ومثله في الإرشاد للمفيد : 2 / 133 .
3- .في الإرشاد : الأكبر .

ص: 850

ملك الفرس ، وعليّ بن الحسين الأكبر (1) قُتل مع أبيه بالطفّ واُمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة (2) بن مسعود الحنفية (3) ، وجعفر بن الحسين واُمّه قضاعية مات في حياة أبيه ولانسل له ، وعبد اللّه بن الحسين قُتل مع أبيه صغيرا جاءه سهم وهو بكربلاء فذبحه (4) . وسكينة بنت الحسين اُمّها الرباب بنت امرء القيس بن عديّ كلبية ، وهي أيضا اُمّ عبد اللّه بن الحسين ، وفاطمة بنت الحسين اُمّها اُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيداللّه تيمية (5) انتهى والذكر المخلّد والثناء المنضّد مخصوص من بين بنيه بعليّ زين العابدين دون سائرهم وهو الّذي أعقب عليه السلام .

.


1- .في الإرشاد : الأصغر .
2- .في (د) : عرة .
3- .في (ب) : الخثعمية ، وفي الإرشاد : الثقفية .
4- .في (أ) : فقتله .
5- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 135 .

ص: 851

فصل : في ذكر أولاده الكرام عليه وعليهم أفضل السلام

.

.

ص: 852

. .

ص: 853

الفصل الرابع : في ذكر عليّ بن الحسين عليهماالسلام

الفصل الرابع : في ذكر عليّ بن الحسين عليهماالسلام زين العابدين وهو الإمام الرابع 1من الكرامات الظاهرة ما شوهد بالأعين الناظرة وثبت بالآثار المتواترة ، ولد

.

ص: 854

عليّ بن الحسين عليهماالسلام بالمدينة 1 نهار الخميس الخامس من شعبان المكرّم في

.

ص: 855

سنة ثمان وثلاثين (1) من الهجرة في أيّام جدّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام قبل وفاته بسنتين . (2) . نسبه عليه السلام : هو عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد تقدّم بسط ذلك . كنيته عليه السلام : المشهورة أبو الحسن ، وقيل : أبو محمّد ، وقيل : أبوبكر 3 . وأمّا لقبه عليه السلام فله ألقاب كثيرة كلّها تطلق عليه أشهرها زين العابدين عليه السلام 4

.


1- .انظر الهامش السابق
2- .انظر تهذيب اللغات والأسماء : ق 1 : 343 ، نور الأبصار : 280 ، صفة الصفوة لابن الجوزي : 2 / 52 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 137 ، تحفة الراغب : 13 بلفظ «أبو محمّد» ومثله في تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 137 و138 تحقيق السيّد محمّدرضا الجلالي وذكر في ص 77 بلفظ «قال أبوبكر : ويروى في غير هذا الحديث أنه كان يكنى بأبي الحسين ، وبأبي الحسن ، وبأبي بكر» وكان يكنى أيضا بأبي عبد اللّه كما جاء في تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزّي : 7 / ق 2 ورقة 334 مصوّر في مكتبة السيّد الحكيم ، سير أعلام النبلاء : 4 / 237 ، تاريخ الإسلام : 2 / 66 ، تاريخ دمشق : 36 / ورقة 142 مصوّر في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وانظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 310 ، البحار : 46 / 4 ح 5 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 101 و 102 و 105 ، العدد القوية : 10 مخطوط .

ص: 856

وسيّد الساجدين عليه السلام (1) والزكي (2) والأمين (3) وذوالثفنات 4 . وصفته عليه السلام : اسمر قصير رقيق (4) . شاعره : الفرزدق (5) وكُثيِّر عَزَّة (6) .

.


1- .انظر نور الأبصار : 14 ط النجف سنة 1956 ، علل الشرايع : 88 ، وسائل الشيعة : 4 / 977 ، وتاريخ أهل البيت عليهم السلام: 131، معاني الأخبار:24، المناقب لابن شهرآشوب:3/304، البحار: 46/6 ح 10 و 11.
2- .انظر حياة الإمام زين العابدين للقرشي : 40 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 74 ، بحار الأنوار : 46 / 5 ح 6 ، نور الأبصار : 280 .
3- .انظر بحر الأنساب ورقة 52 ، نور الأبصار : 280 ، البحار : 46 / 5 ح 6 .
4- .انظر نور الأبصار : 280 ، البحار : 46 / 14 ح 29 . وفي (ب) : دقيق .
5- .هو همّام بن غالب بن صعصعة بن مجاشع الدارمي التميمي ، ولد في البصرة نحو سنة (641ه) وتوفّي سنة (732 ه) وهو من شعراء العهد الاُموي اشتهر شعره بالمدح والهجاء وله نفَس شعري قوي ولغة وافرة الألفاظ والتعابير ، وقد هجا جريرا منذ سنة (682 ه) إلى آخر حياته .
6- .هو شاعر اُموي أقام في المدينة تغزّل بعزّة بنت حميد بن وقاص المتوفاة سنة (704ه) فسمّي بها ، توفّي سنة (723 ه) .

ص: 857

بابه (1) عليه السلام : أبو جيله (2) . نقش خاتمه عليه السلام «وما توفيقي إلاّ باللّه » (3) . ومعاصره : مروان وعبد الملك والوليد ابنه (4) . أمّا مناقبه عليه السلام فكثيرة ومزاياه شهيرة : منها : أنّه كان إذا توضّأ للصلاة يصفرّ لونه ، فقيل له : ما هذا [الّذي] نراه يغشاك (5) عند الوضوء؟ فيقول : ماتدرون (6) بين يدي من اُريد أن أقوم (7) ؟ وعن أبي حمزة الثمالي (8) قال : كان عليّ بن الحسين عليهماالسلاميصلّي في اليوم والليلة

.


1- .في (أ) : بوّابه .
2- .وانظر تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 148 بلفظ : بابه أبو خالد الكابلي ، ويحيى ابن اُمّ طويل ، قتله الحجّاج بواسط .
3- .انظر أخبار الدول : 109 ، الصراط السوي في مناقب آل النبيّ : ورقة 192 مصوّر في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام ، البحار : 46/14 ح29 ، وفي قرب الأسناد: 31 بلفظ «العزّة للّه » وفي الكافي : 6/ 473 ح 2 بلفظ «الحمد للّه العليّ العظيم» وفي ح 6 منه «خَزي وشَقي قاتل الحسين بن عليّ» ، وفي عيون أخبار الرضا : 2 / 56 ح 206 والأمالي للصدوق : 371 ح 5 ، البحار : 46 / 6 ح 14 بلفظ «إنّ اللّه بالغ أمره» .
4- .تقدّمت حياتهم ، وانظر التنبيه والأشراف : 274 جمعه وصححه عبد اللّه اسماعيل الصاوي .
5- .في (أ) : يعتادك ، وفي (ج ،د) : يعتريك .
6- .انظر مختصر تاريخ دمشق : 17 / 236 .
7- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 148 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 105 ط اُسوة ، و : 453 ط آخر ، كفاية الطالب للكنجي : 449 ، الإرشاد : 2 / 142 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 4 / 238 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 49 ، أخبار الدول للقرماني : 109 مع اختلاف يسير في اللفظ . وانظر درر الابكار : ورقة 70 ، نهاية الارب : 21 / 326 . وفي مختصر تاريخ دمشق : 17 / 236 بلفظ «اذا توضّأ اصفرّ لونه : فيقول له أهله : ما هذا الّذي يغشاك؟ فيقول : أتدرون لمن أتاهب للقيام بين يديه» وانظر طبقات ابن سعد : 216 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 133 ، البحار : 46 / 73 ح 61 ، علل الشرايع للشيخ الصدوق : 88 ، الكافي بهامش مرآة العقول : 3 / 119 ، إعلام الورى : 260 .
8- .هو ثابت بن أبي صفية دينار ، وقيل سعيد أبو حمزة الثمالي الأزدي الكوفي مولى المهلّب بن أبي صفرة ، روى عن أنس والشعبي وأبي إسحاق وزاذان أبي عمر وسالم بن أبي الجعد وأبي جعفر الباقر عليه السلام وغيرهم ، لقي عليّ بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد اللّه وأبا الحسن عليهم السلاموروى عنهم . مات سنة خمسين ومائة . انظر ترجمته في تهذيب التهذيب : 2 / 7 ، ميزان الاعتدال : 1 / 363 ، جامع الرواة : 1 / 134 ، الكنى والألقاب : 2 / 132 .

ص: 858

ألف ركعة 1 . وعن طاووس (1) قال : دخلتُ الحجر في الليل فإذا عليّ بن الحسين عليهماالسلامقد دخل فقام يصلّي فصلّى ما شاء اللّه (2) تعالى ثمّ سجد سجدةً فأطال فيها ، فقلتُ : رجل صالح من [أهل] بيت النبوّة (3) لأصغينّ إليه فسمعته يقول : عُبَيْدُكَ (4) بفنائك ، مِسكينُكَ بفنائك ، سائلك بفنائك ، فقيرك بفنائك . قال طاووس : فواللّه ما صلّيت ودعوت فيهنّ في كرب إلاّ فرّج عنّي (5) .

.


1- .هو طاووس بن كيسان مولى «بحير الحِميَري» وقيل هو مولى لأهل «اليمن» واُمّه مولاة ل «حمِيَر» وكان يكنى : أبا عبدالرحمن . توفي سنة ست ومائة ، قبل التروية بيوم ، وصلّى عليه هشام بن عبدالملك انظر المعارف لابن قتيبة : 455 .
2- .في (أ) : قد دخل يصلّي ما شاء اللّه ، وفي (ج) : قد دخل يصلّي فصلّى ما شاء اللّه .
3- .في (د) : الخير .
4- .في (أ) : عبدك .
5- .انظر إعلام الورى : 261 ط 3 منشورات دار الكتب الإسلامية ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 148 ، ينابيع المودّة : 454 ، تذكرة الخواصّ : 331 ، و : 297 ط آخر ، كفاية الطالب : 451 ، سير أعلام النبلاء : 4 / 393 ، وفي هامشه عن ابن عساكر : 12 / 20 ، مختصر تاريخ دمشق : 17 / 235 ، كفاية الطالب : 451 ، البحار : 46 / 75 ح66 ، انظر الإرشاد : 2 / 144 ، و : 236 ط آخر ، المجالس السنيّة : 2 فصل عبادته عليه السلام ، روضة الواعظين للفتّال : 1 / 237 .

ص: 859

ومنها: ما نقله سفيان (1) قال : جاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليهماالسلامفقال له : إنّ فلانا قد وقع فيك وآذاك بحضوري، فقال له: انطلق (2) بنا إليه ، فانطلق معه الرجل وهو يرى أنه يستنصر (3) لنفسه ، فلمّا أتاه قال له : يا هذا إن كان ما قلت في حقّنا فأنا أسأل اللّه تعالى أن يغفره لي، وإن كان ما قلت فيَّ باطلاً فإنّ اللّه تعالى يغفره لك ، ثمّ ولّى عنه (4) .

ومن كلامه عليه السلام :ضلّ مَن ليس له حكيمٌ يرشده ، وذلّ مَن ليس له سفيهٌ يعضده (5) .

وقال عليه السلام :أربع فيهنّ الذلّ (6) : البنت ولو مريم ، والدين ولو درهم ، والغربة ولو ليلة ، والسؤال ولو كيف الطريق (7) .

وقال عليه السلام :عجبت لمن يحتمي من الطعام لمضرّته كيف لايحتمي من الذنب

.


1- .تقدّمت ترجمته .
2- .في (ب) : فانطلق .
3- .في (ج ، د) : أنه ينتصر .
4- .ذكر هذه القصة بشكل مفصّل مع اختلاف في بعض الألفاظ كلّ من ابن منظور في تاريخ مختصر دمشق : 17 / 240 و 235 ، والبحار : 46 / 54 ح 1 ، و : 74 ح 63 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 157 و162 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 4 / 397 ، وفي هامشه عن ابن عساكر : 12 / 24 ، وفي الإرشاد : 2 / 145 و 146 بلفظ : يا أخي إنّك كنت قد وقفت عليَّ آنفا فقلت ماقلت ، فإن كنت قلتَ ما فيَّ فاستغفر اللّه منه ، وإن كنت قلت ما ليس فيَّ فغفر اللّه لكَ ... إعلام الورى : 255 ، طبقات ابن سعد : 214 ، كشف الغمّة : 2 / 75 ، نور الأبصار : 281 .
5- .الاتحاف بحبّ الأشراف : 75 ، الإمام زين العابدين للمقرّم : 226 ، كشف الغمّة : 2 / 325 .
6- .في (أ) : لهنّ ذلّ .
7- .الإمام زين العابدين للمقرّم : 226 نقلاً عن الاتحاف بحبّ الأشراف ، ولكن في نزهة الناظر وفي نسخة (ب) : أين الطريق .

ص: 860

لمعرّته (1) .

وقال عليه السلام :إيّاك والابتهاج بالذنب فإنّ الابتهاج به أعظم من ركوبه (2) .

وقال عليه السلام :من ضحك ضحكةً مجّ من عقله مجّة علم (3) .

وقال عليه السلام :إن الجسد إذا لم يمرض (4) أشر ولاخير في جسد يأشر (5) .

وقال عليه السلام :فقد الأحبّة غربة (6) .

وقال عليه السلام :من قنع بما قسم اللّه له فهو من أغنى الناس (7) .

وعنه عليه السلام يرفعه إلى النبيّ صلى الله عليه و آله قال :انتظار الفرج عبادة (8) .

ومن رضي بالقليل من الرزق رضي اللّه منه القليل (9) من العمل (10) .

وكان عليه السلام يتصدّق سرّا ويقول :صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ (11) .

وقال ابن عائشة : سمعت أهل المدينة يقولون ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات

.


1- .حياة الإمام زين العابدين للقرشي : 364 ، نزهة الناظر للحلواني : 32 ، الإمام زين العابدين للمقرّم : 218 ، بحار الأنوار : 78 / 159 .
2- .انظر الدرّ النظيم : 173 ، الإمام زين العابدين للمقرّم : 218 ، البحار : 17 / 160 .
3- .حلية الأولياء : 3 / 140 ، حياة الإمام زين العابدين للمقرّم : 226 .
4- .في (ب) : يأشر .
5- .حلية الأولياء : 3 / 134 ، و : 140 ط آخر ، تذكرة الحفّاظ : 1 / 71 .
6- .انظر حياة الإمام زين العابدين للقرشي : 366 ، الإمام زين العابدين للمقرّم : 226 ، حلية الأولياء : 3 / 140 .
7- .انظر جمهرة الأولياء : 2 / 74 ، وسائل الشيعة : 11 / 304 ، تحف العقول : 278 .
8- .انظر فرائد السمطين : 2 / 235 ح 588 ، إكمال الدين : 1 / 287 ح 6 بلفظ «أفضل العبادة انتظار الفرج» ينابيع المودّة : 3 / 397 ط اُسوة .
9- .في (ب ، ج) : بالقليل .
10- .انظر المصادر السابقة .
11- .انظر تذكرة الحفّاظ : 1 / 75 ، أخبار الدول : 110 ، نهاية الارب : 21 / 326 .

ص: 861

عليّ بن الحسين عليه السلام (1) . وقال محمّد بن إسحاق : كان اُناس من أهل المدينة يعيشون ولايدرون من أين معاشهم ومأكلهم ، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليه السلام فقدوا ما كانوا يؤتون به ليلاً إلى منازلهم (2) . وقال سفيان : أراد عليّ [السفر إلى الحجّ وقد صنعت له في إحدى سفراته اُخته سكينة زادا نفيسا أنفقت عليه ألف] (3) درهم فلحقوه بها [إلاّ أنه (4) لمّا كان] (5) بظهر الحرّة أمر بتوزيعه على الفقراء والمساكين فوزّع عليهم (6) . وعن إبراهيم بن عليّ عن أبيه قال : حججتُ مع عليّ بن الحسين فالتأثت عليه (7) ناقته فأشار إليها بالقضيب ثمّ ردّ يده وقال : آه من القصاص ، وتلكّأت ناقته عليه مرّة اُخرى بين جبال رضوى فأناخها وأراها القضيب وقال : لتنطلقين أو لأفعلنّ ، ثمّ ركبها فانطلقت ولم تتلكّأ بعدها أبدا (8) .

.


1- .انظر صفة الصفوة : 2 / 54 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 49 ، تقريب التهذيب : 2 / 174 ، الاصابة : 3 / 515 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 1 / 136 .
2- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 258 ، و : 2 / 149 ط آخر ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 153 ، كشف الغمّة : 2 / 289 ، مختصر تاريخ دمشق : 17 / 238 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 136 باختلاف يسير ، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني : 7 / 270 ، و : 11 / 382 ، البحار : 46 / 56 ح 7 ، الاصابة لابن حجر العسقلاني : 3 / 515 .
3- .ما بين المعقوفتين في (ج ،د) فقط .
4- .في (ب) : كما وهو خطأ من الناسخ .
5- .مابين المعقوفتين في (ج ، د) فقط .
6- .انظر صفة الصفوة : 2 / 54 ، البحار : 46 / 71 ، حياة الإمام زين العابدين للقرشي : 228 . وفي (أ ،ب) : فلمّا نزل فرقها على المساكين .
7- .إلتاثت الناقة : أبطأت في سيرها . وفي (أ) : فتلكّأت .
8- .انظر الإرشاد : 2 / 144 قريب من هذا اللفظ ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 155 ، إعلام الورى : 255 ، البحار : 46 / 76 ح 69 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 133 ، حياة الإمام زين العابدين للقرشي : 227 .

ص: 862

وجلس إلى سعيد بن المسيّب فتىً من قريش فطلع عليّ بن الحسين عليه السلام فقال القرشي لابن المسيّب : مَن هذا يا أبا محمّد فقال هذا سيّد العابدين عليّ بن الحسين (1) . فكان الزهري يقول : لم أرَ هاشميا أفضل من عليّ بن الحسين عليهماالسلام (2) . وقال أبو حمزة الثمالي : أتيت باب عليّ بن الحسين عليهماالسلام فكرهت أن اُنادي (3) فقعدت على الباب إلى أن (4) خرج فسلّمت عليه ودعوت له فردّ عليَّ السلام ودعا لي ، ثمّ إنتهى بي إلى حائط [له] فقال : يا أبا حمزة ألاترى هذا الحائط؟ فقلت : بلى يابن رسول اللّه (5) ، قال: فإني متكئ (6) عليه يوما وأنا حزين مفكّر إذ (7) دخل عليَّ رجل حسن الوجه حسن الثياب طيّب الرائحه فنظر (8) في اتجاه وجهي ثمّ قال لي : يا

.


1- .انظر بحار الأنوار : 46 / 76 ح 72 ، وقريب من هذا في الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 145 وزاد : انّ فتىً من قريش جلس ... .
2- .انظر علل الشرايع : 232 ، حلية الأولياء : 3 / 141 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 159 ، و : 3 / 297 _ 303 ، تذكرة الخواصّ : 297 ، البحار : 46 / 73 ح 60 و 71 وزادوا «لم اُدرك أحدا من أهل هذا البيت عليهم السلام» الجرح والتعديل لمحمّد بن إدريس الرازي : 6 / 179 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 4 / 389 و 37 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 144 و 145 ، المعرفة والتاريخ للبسوي : 1 / 360 ، خلاصة تهذيب الكمال : 7 ق 2 ، البداية والنهاية لابن كثير : 9 / 104 ، تاريخ الإسلام للذهبي : 2 / 266 ، الكاشف : 2 / 282 ، طبقات الفقهاء : 10 / 34 ، تقريب التهذيب : 2 / 35 .
3- .في (ب) : اصوت .
4- .في (ج) : حتّى .
5- .في (أ) : يا سيّدي .
6- .في (ج) : اتكأت .
7- .في (ب) : فإذا .
8- .في (ج) : ينظر .

ص: 863

عليّ بن الحسين مالى أراك كئيبا حزينا؟! أ على الدنيا؟ فهو رزق حاضر يأكل منه (1) البرّ والفاجر ، فقلت : ما عليها أحزن وأنها كما تقول ، فقال : على الآخرة؟ فهو (2) وعدٌ صدقٌ يحكم فيه ملِكٌ قاهر ، فقلت : ما على هذا أحزن وأنها (3) كما تقول ، فقال : فعلام حزنك؟ قلت : الخوف من فتنة ابن الزبير . قال : فضحك ثمّ قال (4) : يا عليّ هل رأيت أحدا سأل اللّه تعالى فلم يعطه؟ [قلت : لا ، قال : وهل رأيت أحدا خاف اللّه فلم ينجه؟] (5) قلت : لا ، ثمّ نظرت فإذا ليس قدّامي أحد فتعجّبت من ذلك ، فإذا [ب] قائل أسمع صوته ولا أرى شخصه يقول:يا عليّبن الحسين هذا الخضر ناجاك (6) . وعن أبي عبد اللّه الزاهد قال : لمّا ولّى عبدالملك بن مروان الخلافة كتب إلى الحجّاج بن يوسف الثقفي : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من عبدالملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجّاج بن يوسف . أمّا بعد ، فانظر دماء بني عبدالمطّلب فاجتنبها فإني رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا (7) فيها لم يلبثوا إلاّ قليلاً ، والسلام . قال وبعث بالكتاب سرّا إلى الحجّاج وقال له : اكتم ذلك . فكوشف بذلك عليّ بن الحسين عليهماالسلامحين الكتابة إلى الحجّاج وأنّ اللّه تعالى قد شكر ذلك لعبد الملك ، فكتب عليّ بن الحسين من فوره : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، إلى عبدالملك بن مروان من عليّ بن

.


1- .في (ب) : منها .
2- .في (أ) : فهي .
3- .في (ب) : لانه .
4- .في (ب) : فقال .
5- .ما بين المعقوفتين في (ب ،ج) فقط .
6- .انظر حلية الأولياء : 3 / 134 ، كفاية الطالب : 450 ، مختصر تاريخ دمشق : 17 / 238 ، البحار : 46 / 327 ح 33 ، توحيد الشيخ الصدوق : 373 ح 17 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 137 ، الخرائج والجرائح للراوندي : 1 / 269 ح 13 ، الكافي : 2 / 52 ح 2 ، أمالي الشيخ المفيد : 204 ح 34 ، الإرشاد : 2 / 148 .
7- .في (أ) : ولمّا لعوا ، وهو خطأ من الناسخ .

ص: 864

الحسين . أمّا بعد ، فإنك كتبت في يوم كذا من شهر كذا إلى الحجّاج سرّا في حقّنا بني عبدالمطّلب بما هو كيت و كيت وقد شكر اللّه لك ذلك . ثمّ طوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة له إلى عبدالملك بن مروان وذلك من المدينة الشريفة إلى الشام ، فلمّا قدم الغلام على عبدالملك أوصله ا لكتاب ، فلمّا نظره وتأمّل فيه فوجد فيه تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الّذي كتبه إلى الحجّاج في اليوم والساعة فعرف صدق عليّ بن الحسين وصلاحه ودينه ومكاشفته له ، فسرّ بذلك وبعث له مع غلامه بوقر راحلته دراهم وكسوة فاخرة وسيّره إليه من يومه وسأله أن لايخليه من صالح دعائه (1) . وقدم على عليّ بن الحسين عليه السلام نفرٌ من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان ما قالوا ، فلمّا فرغوا من كلامهم قال لهم عليّ بن الحسين عليه السلام : ألا تخبروني من أنتم؟ أنتم «الْمُهَ_جِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَ_رِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَنًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَ_ئِكَ هُمُ الصَّ_دِقُونَ» (2) قالوا : لا ، قال : فأنتم «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالاْءِيمَ_نَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَيَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» (3) فقالوا : لا ، فقال : أمّا أنتم فقد تبرّأتم أن تكونوا من هذين الفريقين ، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال اللّه في حقّهم «وَالَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ

.


1- .انظر ينابيع المودّة : 3 / 105 _ 107 ، و : 454 ط آخر ط اُسوة بشكل مختصر . وانظر الصواعق المحرقة لابن حجر : 200 ، كفاية الطالب : 448 ، حلية الأولياء : 4 / 135 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 132 ، حياة الإمام زين العابدين للمقرّم : 374 ، جامع كرامة الأولياء : 2 / 156 ، شرح شافية أبي فراس : 2 ورقة 104 ، تاريخ دمشق : 36 / 148 ، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 2 / 43 _ 44 ، بحر الأنساب ، ورقة 42 ، البحار : 46 / 123 ح 15 و 16 ، أعيان الشيعة : 4 / 235 ، كشف الغمّة : 2 / 76 .
2- .الحشر : 8 .
3- .الحشر : 9 .

ص: 865

لَنَا وَلاِءِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاْءِيمَ_نِ وَلاَتَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ» (1) اخرجوا عنّي فعل اللّه بكم وصنع (2) . وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال : أوصاني أبي وقال : يابني لاتصحب خمسة ولاتحادثهم ولاترافقهم في طريق ، فقلت : جعلت فداك ومَن هؤلاء الخمسة؟ قال : لا تصحبن فاسقا ، يبيعك بأكلة فما دونها ، فقلت : وما دونها؟ (3) قال : يطمع فيها ثمّ لاينالها . قلت : ومَن الثاني؟ قال : البخيل ، فإنّه يقطع بك أحوج ما يكون إليك . قلت : ومَن الثالث؟ قال : الكذّاب ، فإنّه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب إليك البعيد . قلت : ومَن الرابع؟ قال : الأحمق ، فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك . قلت : ومَن الخامس؟ قال : قاطع الرحم ، فإنّي وجدته (4) ملعونا في ثلاثة مواضع من كتاب اللّه تعالى 5 .

.


1- .الحشر : 10 .
2- .حقّا انّ الإمام عليه السلام عرف هؤلاء النفر من أهل العراق بأنهم ليسوا ممّن يتّصفون بهذه الصفات الّتي ذكرتها الآيات 8 و9 و10 من سورة الحشر ، ولم يقصد عليه السلام بكلامه هذا أنه يدافع عن الخلفاء الذين ذكروهم ، بل إنّ مرارة ومأساة كربلاء لازالت في نفسه وحقّا أنهم لامن المهاجرين ولامن الذين اُخرجوا من ديارهم ولا ممّن آثروا بأنفسهم دون الإمام الحسين عليه السلام ولا ... ولا ... .
3- .في (ج) : أو أقلّ من ذلك و«ما» بدل «من» وزاد في كلّ فقرة : وإيّاك ومصاحبة البخيل ، الكذّاب ، الأحمق ، قاطع الرحم .
4- .في (أ) : رأيته .

ص: 866

وعن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ : ليقم أهل الفضل ، فيقوم اُناس من الناس (1) فيقال [لهم] : انطلقوا إلى الجنّة ، فتتلقّاهم الملائكة فيقولون (2) لهم إلى أين؟ فيقولون لهم إلى الجنة ، قالوا : قبل الحساب؟ قالوا : نعم ، قالوا : ومَن أنتم؟ قالوا : نحن أهل الفضل ، قالوا : وما كان فضلكم؟ قالوا : كنّا إذا جهل علينا حلمنا وإذ اُسيء إلينا غفرنا ، قالوا : ادخلوا الجنّة فنِعمَ أجر العاملين (3) . ثمّ ينادي منادٍ أيضا : ليقم أهل الصبر ، فيقوم اُناس (4) من الناس فيقال لهم : انطلقوا إلى (5) الجنّة ، فتتلقّاهم الملائكة فيقولون لهم مثل ذلك فيقولون : نحن أهل الصبر ، فيقال لهم : وماصبركم؟ فيقولون : صبّرنا أنفسنا على طاعة اللّه وصبّرنا أنفسنا عن معصية اللّه ، فيقولون لهم : ادخلوا الجنّة فنِعمَ أجر العاملين (6) . ثمّ ينادي[منادٍ] : ليقم جيران اللّه في داره ، فيقوم اُناس من الناس وهم قليل فيقال لهم : انطلقوا إلى الجنّة ، فتتلقّاهم الملائكة فتقول لهم مثل ذلك وبماذا جاورتم اللّه في داره؟ فيقولون : كنّا نتحابّ (7) في اللّه ونتزاور في اللّه ، قالوا : ادخلوا الجنّة فنِعمَ أجر العاملين (8) . وقال أبو سعيد منصور بن الحسن الآبي في كتاب نثر الدرّ : نظر عليّ بن

.


1- .في (ب) : اُناس قبل الحساب .
2- .في (ج) : فيسألهم .
3- .انظر حلية الأولياء : 3 / 159 ، تاريخ اليعقوبي : 3 / 46 باختلاف يسير في بعض الألفاظ وزادا ... وإذا ظلمنا صبرنا ... اُصول الكافي بهامش مرآة العقول : 2 / 121 .
4- .في (ب) : ناس .
5- .في (أ) : ادخلوا .
6- .انظر المصادر السابقة .
7- .في (د) : نتجالس .
8- .انظر وسائل الشيعة : 11 / 432 ، حياة الإمام زين العابدين للقرشي : 340 ، وحلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 159 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 46 وزادوا : ... كنا نتبادلِ في اللّه ... اُصول الكافي بهامش مرآة العقول : 2 / 121 .

ص: 867

الحسين عليه السلام سائلاً يسأل وهويبكي فقال : لو أنّ الدنيا كانت في كفّ هذا ثمّ سقطت منه ما كان ينبغي له أن يبكي عليها (1) . وعن محمّد بن حرب (2) قال : أوصى عليّ بن الحسين عليه السلام ولده أبا جعفر محمّد فقال : يا بني اصبر للنوائب (3) ولاتتعرّض للحقوق (4) ولاتعط نفسك ماضرّه عليك أكثر من نفعه عليك (5) . وقال أبو حمزة الثمالي : كان عليّ بن الحسين عليه السلام يقول لأولاده : يابنيَّ ، إذا أصابتكم مصيبة من مصائب الدنيا أو نزلت (6) بكم فاقة أو أمرٌ فادح فليتوضّأ الرجل منكم وضوء للصلاة وليصلّ أربع ركعات أو ركعتين ، فإذا فرغ من صلاته فليقل : يا موضع كلّ شكوى ، يا سامع كلّ نجوى ، يا شافي كلّ بلوى (7) ، ويا عالم كلّ خفية ، ويا كاشف ما يشاء من كلّ بلية ، و يا منجي موسى ، ويا مصطفي محمّد ، ويا متخذا إبراهيم خليلاً ، أدعوك دعاء من اشتدّت فاقته وضعفت قوّته وقلّت حيلته دعاء الغريق الغريب الفقير الّذي لايجد لكشف ماهو فيه إلاّ أنت يا أرحم الراحمين ، لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين (8) . قال عليّ بن الحسين عليه السلام لايدعو أحدٌ

.


1- .نثر الدرّ (مخطوط) : ترجمة عليّ بن الحسين ، انظر البحار : 46 / 62 ، حياة الإمام زين العابدين للقرشي : 91 . وفي (ب) : لمّا (بدل) ما .
2- .في (أ) : حوب .
3- .في (ج ، د) : على النائبة .
4- .في (أ) : للحتوف .
5- .انظر العقد الفريد : 3 / 88 ، البيان والتبيين : 2 / 86 . وفي (ب ،ج) : ولا للحقوق أخاك إلى شيء مضرّته ... واعظم بدل اكثر ومنفعته لك بدل من نفعه عليك .
6- .في (أ) : نزل .
7- .في (ج) : بلاء .
8- .انظر أخبار الدول : 109 .

ص: 868

بهذا الدعاء أصابه بلاء إلاّ فرّج اللّه عنه (1) . ومن دعائه عليه السلام : اللّهمّ كما أسَأتُ وأحْسَنْتَ إليَّ فإن عدتُ فعُد عليَّ (2) . ويروى أن عليّ بن الحسين عليه السلام اعتلّ فدخل عليه جماعة من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيعودونه فقالوا : كيف أصبحت يابن رسول اللّه فدتك أنفسنا؟ قال : في عافية واللّه المحمود على ذلك ، كيف أصبحتم أنتم جميعا؟ قالوا : كيف أصبحنا لك واللّه يابن رسول اللّه محبّين وادّين ، فقال : مَن أحبّنا للّه أدخله اللّه ظلاًّ ظليلاً يوم لاظلّ إلاّ ظلّه ، ومَن أحبّنا يريد مكافأتنا (3) كافأه اللّه عنّا الجنّة ، ومَن أحبّنا لغرض دنياه آتاه اللّه رزقه من حيث لايحتسب (4) . وحكي أنه لمّا حجّ هشام بن عبدالملك (5) في حياة أبيه دخل إلى الطواف وجهد أن يستلم (6) الحجر الأسود فلم يصل إليه لكثرة زحام الناس عليه ، فنصب إليه منبر إلى جانب زمزم في الحطيم وجلس عليه وحوله جماعة من أهل الشام ، فبينماهم كذلك إذ أقبل عليّ بن الحسين عليه السلام يريد الطواف ، فلمّا إنتهى إلى الحجر الأسود تنحّى الناس عنه حتّى استلم (7) الحجر فقال رجل من أهل الشام : مَن هذا الّذي قد هابه الناس هذه المهابة فتنحّوا عنه يمينا وشمالاً؟ فقال هشام : لا أعرفه ، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ، وكان الفرزدق حاضرا ، فقال للشامي : أنا أعرفه ، فقال الشامي : مَن هو يا أبا فراس؟ فقال : هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته والبيتُ يعرفه والحِلُّ والحَرمُ هذا ابن خير عباداللّه كلّهمُ هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلَمُ إذا رأته قريشٌ قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ ينمي (8) إلى ذروة العزّ الّتي (9) قصرت عن نيلها عرب الإسلام والعجمُ يكاد يمسكه عرفانَ راحته ركن الحطيم إذا ماجاء يستلمُ يغضي حياءً ويغضي من مهابته فلا يكلّم إلاّ حين يبتسمُ بكفّه (10) خيزرانٌ ريحه عبق من كفّ أروع في عرنينه شممُ ينشقّ نور الهدى من (11) نور غرّته كالشمس تنجاب (12) عن إشراقها الظلمُ 13

.


1- .انظر كشف الغمّة للإربلي : 165 ، تاريخ الملوك للقرماني : 110 . وفي (ب) : رجل (بدل) الدعاء .
2- .انظر المصادر السابقة بالإضافة إلى البيان والتبيين : 2 / 98 .
3- .في (أ) : مكانتنا .
4- .الصراط السوي : 193 ، نور الأبصار : 127 .
5- .تقدّمت حياته .
6- .في (أ) : يستسلم .
7- .في (أ) : استسلم .
8- .في (ب) : يرقى .
9- .في (ج) : المجد الّذي .
10- .في (أ) : في كفّه .
11- .في (د) : عن .
12- .في (ج) : ينجاب .

ص: 869

مشتقّة (1) من رسول اللّه نبعته طابت عناصره والخيم (2) والشِيمُ هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجدّه أنبياء اللّه قد ختموا اللّه شرّفه قدما وفضّله (3) جرى بذاك (4) له في لوحة القلمُ فليس قولك مَن هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجمُ كلتا يديه غياثٌ عمَّ نفعهما تستوكفان ولايعروهما العدمُ (5) سهل الخليقة لاتخشى بوادره يزينه اثنان حُسن الخلق والكرمُ (6) حمّال أثقال (7) أقوام إذا قدحوا حلو الشمايل تحلو (8) عنده نعمُ لايخلف الوعد ميمون نقيبته (9) رحب الفناء أريبٌ حين يعترمُ (10) عمَّ البرّية بالإحسان وانقشعت (11) عنه الغباوة (12) والإملاق والعدمُ من معشر حبّهمُ دين وبغضهمُ كفر وقربهمُ منجىً ومعتصمُ إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل مَن خير أهل الأرض قيل هُمُ لايستطيع جوادٌ بُعد غايتهم ولايدانيهم قومٌ وإن كرموا همُ الغيوث إذا ما أزمة أزمت والاُسد اُسد الشري والبأس محتدمُ لاينقصُ العسرُ بسطا من أكفهمُ سيّان ذلك إن أثروا وإن عُدِموا مقدّمٌ بعد ذكر اللّه ذكرهمُ في كلّ بدو (13) ومختوم به الكلمُ يأبى لهم أن يحلّ الذمّ (14) ساحتمهم خيمٌ كريمٌ وأيدٍ بالندى هُضُمُ (15) أيّ الخلائق ليست في رقابهمُ لأوّليةِ (16) هذا أوْ له نِعَمُ من يعرف (17) اللّه يعرف أوّلية (18) ذا والدين من بيت هذا ناله الاُممُ قال : فلمّا سمع هشام هذه القصيدة غضب ، ثمّ إنّه أخذ الفرزدق وحبسه ما بين مكة والمدينة ، وبلغ عليّ بن الحسين امتداحه فبعث باثني عشر ألف درهم فردّها

.


1- .في (أ) : منشقّة .
2- .الخيم: السجية. وفي (أ): والجسم.
3- .في (أ) : وشرّفه .
4- .في (أ) : بذاك .
5- .في (أ) : ولايعدوهما عدم .
6- .في (أ) : والشيم .
7- .في (أ) : أنفال .
8- .في (أ) : يحلو .
9- .في (أ) : بطلعته .
10- .في (ب) : يعتزم .
11- .في (ب ، د) : فانقلعت .
12- .في (ب) : عنها الغيابة .
13- .في (ب) : أمر .
14- .في (ب) : الذل .
15- .في (ب) : عصم .
16- .في (أ) : الا ولاية .
17- .في (ج) : يشكر ... يشكر اوليه .
18- .في (أ) : أولوية .

ص: 870

وقال : واللّه ما مدحته إلاّ للّه تعالى لا للعطاء ، فقال : قد عرف اللّه له ذلك ولكنّا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لانستعيده ، فقبلها منه (1) . وقال الفرزدق من قصيدة يهجو هشاما في حبسه له (2) : أتحبسني بين (3) المدينة والّتي إليها قلوب الناس تهوي (4) منيبها يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد وعينا له حولاء (5) باد عيوبها توفي عليّ بن الحسين زين العابدين في الثاني عشر من المحرّم 6 سنة أربع

.


1- .انظر المصادر السابقة . وفي نسخة (أ) : بعشرة آلاف درهم .
2- .انظر المصادر السابقة . وانظر أيضا خواصّ الاُمة : 186 ، نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار : 285 وفيه «فبعث إليه بأربعة آلاف درهم ... وفي رواية : باثني عشر الف درهم ، وفي رواية : بعشرة آلاف درهم» .
3- .إشارة إلى سجن عسفان وهو منزل يقع مابين مكّة والمدينة ، وسمّيت عسفان لتعسّف السيل بها ، كما سمّيت الابواء لتبوء السيل بها ، معجم البلدان : مادة «عسفان» .
4- .في (ب) : يهوي .
5- .ذكر الجاحظ في رسائله (89) أنّ هشام بن عبدالملك كان يقال له : الأحول السراق ، وقد أنشده أبو النجم العجلي اُرجوزته الّتي يقول فيها : الحمدللّه الوهوب المجزل . فأخذ يصفق بيديه استحسانا لها حتّى صار إلى ذكر الشمس قال : والشمس في الأرض كعين الأحول فأمر بوج عنقه وإخراجه ، وعلّق الجاحظ على ذلك بقوله : وهذا ضعف شديد وجهل عظيم .

ص: 871

وتسعين من الهجرة (1) وله من العمر سبع وخمسون سنة (2) أقام منها مع جدّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام سنتين (3) ، ومع عمّه أبي محمّد الحسن بعد وفاة جدّه عليّ عليه السلام أحد عشر سنة (4) ، وكان بقاؤه بعد مصرع أبيه ثلاثا وثلاثين سنة (5) ، يقال : إنه مات مسموما (6) وإنّ الّذي سمّه الوليد بن عبدالملك ودُفن بالبقيع في القبر الّذي دُفن فيه عمّه الحسن في القبّة الّتي فيها العبّاس بن عبدالمطّلب (7) . وقال ابن سعد : كان عليّ بن الحسين عليه السلام مع أبيه بطفّ كربلاء وعمره إذ ذاك ثلاث وعشرون سنة لكنه كان مريضا ملقى على فراشه وقد انهكته العلّة والمرض ، ولمّا قتل والده [الحسين] قال الشمربن ذي الجوشن: اقتلوا هذا الغلام،فقال بعض أصحابه: [سبحان اللّه ] تقتل فتىً مريضا لم يقاتل؟ فتركوه . قال ابن عمر هذا القول هو الصحيح

.


1- .انظر المعارف لابن قتيبة : 215 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 137 ولكن بلفظ «خمسٍ وتسعين» ومثله في وفيات الأعيان لابن خلّكان ، ومطالب السؤول : 79 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 52 ، والصواعق المحرقة لابن حجر : 120 ، كفاية الطالب : 454 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 77 .
2- .انظر كفاية الطالب : 454 ، وفيات الأعيان لابن خلّكان ، مطالب السؤول : 79 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 52 ، الصواعق المحرقة : 120 ، ينابيع المودّة : 3 / 109 ط اُسوة ، الصواعق المحرقة : 201 ، الارشاد للشيخ المفيد : 2 / 137 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 77 بلفظ : وهو ابن ستٍّ وخمسين سته .
3- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 137 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 109 ط اُسوة ، الصواعق المحرقة : 201 .
4- .انظر المصادر السابقة ، ولكن في الينابيع بلفظ «عشر» بدل «أحد عشر» ومثله في الصواعق المحرقة وأيضا في الإرشاد .
5- .انظر المصادر السابقة ولكن في الإرشاد بلفظ «أربعا وثلاثين» بدل «ثلاثا وثلاثين» .
6- .تقدّمت تخريجاته آنفا .
7- .تقدّمت تخريجاته .

ص: 872

وليس قول من قال بأنه كان صغيرا حينئذٍ لم يقاتل وأنه ترك بسبب ذلك الشيء (1) . أولاد عليّ بن الحسين خمسة عشر ولدا (2) مابين ذكرٍ واُنثى ، أحد عشر ذكرا وأربع إناث ، وهم : محمّد المكنّى بأبي جعفر الملقّب بالباقر ، اُمّه اُمّ عبد اللّه بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام . وزيد وعمر ، اُمّهما اُمّ ولد . وعبد اللّه والحسن والحسين ، واُمّهم اُمّ ولد . والحسين الأصغر وعبدالرحمن وسليمان ، اُمّهم اُمّ ولد . وعليّ وكان أصغر ولد عليّ بن الحسين وخديجة ، واُمّهما اُمّ ولد . وفاطمة وعليّة واُمّ كلثوم ، اُمّهن اُمّ ولد . فهؤلاء أولاده عليه السلام [ونفعنابهم وحشرنا في زمرتهم] (3) .

.


1- .تقدّمت تخريجاته في الفصل السابق .
2- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 155 ، الصواعق المحرقة : 201 بلفظ «إحد عشر ذكرا وأربع إناث» ومثله في ينابيع المودّة : 3 / 109 ط اُسوة ، تهذيب التهذيب : 4 / 86 ، النجوم الزاهرة : 1 / 202 ، كفاية الطالب : 454 .
3- .انظر المصادر السابقة ، ولكن في الإرشاد : 2 / 155 زاد «ومحمّد الأصغر ، اُمه اُم ولد» وهذا هو الصحيح حتّى يتمّ العدد . وهوالّذي أغفله صاحب المعارف ولم يذكره في : 215 . وانظر تاريخ أهل البيت عليهم السلام: ص 103 نقلاً عن تاريخ أبي الخشّاب : 180 هامش رقم 35 و فيه «وُلِدَ له ثمانيةُ بنين ، ولم يذكر له اُنثى» وانظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 311 ، البحار : 46 / 155 ح 1 و 2 ، كشف الغمّة : 2/81 و105، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي: 342، الطبقات: 5/211، العدد القوية: 65 (مخطوط).

ص: 873

. .

ص: 874

. .

ص: 875

. .

ص: 876

. .

ص: 877

الفصل الخامس : في ذكر أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهم السلام

الفصل الخامس : في ذكر أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر عليهم السلام وهو الإمام الخامس 1 وتاريخ ولادته ودلائل إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته ومدّة امامته وعدد أولاده وشيءٍ من أخباره وذكر كنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتصل بهقال بعض أهل العلم : كان محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر هو باقر العلم

.

ص: 878

وجامعه وشاهره (1) ورافعه ومتفوّق (2) درّه وراضعه ، صفى قلبه وزكا عمله وطهرت نفسه وشرفت أخلاقه وعمرت بطاعة اللّه تعالى [أوقاته ]ورسخ في مقام التقوى قدمه وميثاقه (3)(4) . قال صاحب الإرشاد أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد النعمان : وكان الباقر [أبو جعفر ]محمّد بن عليّ [بن الحسين ]خليفة أبيه من بين إخوته ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده ، وبرز على جماعته بالفضل وفي العلم والزهد والسؤدد ، وكان أنبههم (5) ذكرا وأكملهم فضلاً وأعظمهم نبلاً ، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين عليهم السلام من علم الدين والسنن وعلم القرآن والسِير (6) وفنون الأدب ما ظهر عن (7) أبي جعفر الباقر عليه السلام (8) . وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء

.


1- .في (ب) : علمه .
2- .في (ب) : منمّق .
3- .في (ج) : وساقه .
4- .ذكر ذلك كمال الدين الشافعي في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (مخطوط) : 260 وزاد : وطهارة الاجتباء فالمناقب تسبق إليه ، والصفات تشرف به ...وراجع الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر : 2 / 437 نقلاً عن مطالب السؤول ، المحجّة البيضاء للفيض الكاشاني : 4 / 242 عنه أيضا .
5- .في (أ) : أشهرهم .
6- .في (ب) : الآثار والسنن .
7- .في (أ) : من .
8- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 157 ، و : 293 ط آخر مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ .

ص: 879

المسلمين ، وصار بالفضل به ، وسارت بذكر علومه الأخبار وأنشدت في مدائحه الأشعار ، فمن ذلك ما قاله مالك بن أعين الجُهني من قصيدة يمدحه عليه السلام فيها قال 1 : إذا طلب الناس علم القرآ ن وكانت لقريش عليه عيالا وإن قام ابن بنت النبيّ تلقّت يداه فروعا طوالا نجومٌ تهلّل للمدلجين جبال تورّثُ عِلما جبالاً وفيه يقول القرظي (1) : يا باقر العلم لأهل التقى وخير من لبّى على الأجيل ولد أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين (رض) بالمدينة في ثالث صفر (2) سنة

.


1- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 157 ، وسير أعلام النبلاء : 4 / 403 ، مختصر تاريخ دمشق : 23 / 78 .
2- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 340 ، البحار : 46 / 216 ح 15 و 16 وص 213 ح 1 وص 217 ح 19 ، إعلام الورى : 264 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 488 ، روضة الواعظين للفتّال : 248 ، المصباح للكفعمي : 522 كلّ هؤلاء ورد عندهم بلفظ «قيل في الثالث من صفر» أمّا في شواهد النبوة نقلاً عن البحار : 46 / 217 ح 19 بلفظ «يوم الجمعة ثالث صفر» وفي مقاصد الراغب : 150 بلفظ «ثالث عشر صفر» أمّا في مصباح الطوسي : 557 ففيه «يوم الجمعة غرة رجب» وفي المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 340 ، و : 4 / 280 ط آخر بلفظ «يوم الثلاثاء وقيل يوم الجمعة غرة رجب» ومثله في إعلام الورى : 264 ، تاريخ الغفاري بلفظ «غرة رجب» نقلاً عن البحار : 46 / 217 ح 19 ، انظر عوالم العلوم : 19 / 444 نقلاً عن مطالب السؤول : 81 ، وفي نور الأبصار : 157 بلفظ «ثالث صفر» ، والكليني في الكافي : 1 / 469 بلفظ «غرة رجب» ومثله في وفيات الأعيان لابن خلّكان : 3 / 314 ، تذكرة الحفاظ للذهبي : 1 / 124 ، نزهة الجليس : 2 / 36 ، دلائل الإمامة للطبري : 94 ، دائرة المعارف لفريد وجدي : 3 / 563 .

ص: 880

سبع وخمسين من الهجرة 1 قبل قتل جدّه الحسين عليه السلام بثلاث سنين (1) . وأمّا نسبه: أبا واُمّا فأبوه زين العابدين عليّبن الحسين بن عليّبن أبي طالب عليه السلام 3

.


1- .انظر تاريخ ابن الوردي : 1 / 184 ، أخبار الدول للقرماني : 111 ، وفيات الأعيان : 3 / 314 ، تاريخ الأئمة : 9 ، الأنوار القدسية : 34 ، نزهة المجالس : 2 / 23 ، ملحقات الإحقاق : 12 / 152 ، مطالب السؤول : 81 المطبوع ، تاريخ أبي الفداء : 1 / 248 ، كشف الغمّة : 2 / 136 و 117 ، البحار : 46 / 218 و 219 ح20 ، وقيل بأربع سنين كما في تاريخ اليعقوبي : 2 / 60 وقيل بسنتين وأشهر كما جاء في عيون المعجزات : 75 ، وانظر المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 280 ، والكليني في الكافي : 1 / 469 ، وتاريخ أهل البيت عليهم السلام: 79 .

ص: 881

وهو هاشمي من هاشميَّين علوي من علويَّين (1) . وأمّا كنيته : فأبو جعفر (2) لاغير ، وله ثلاثة ألقاب : الباقر والشاكر والهادي (3) ، أشهرها الباقر ، ولقّب بذلك لبقره العلم وهو تفجّره وتوسّعه 4 .

.


1- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 158 ، وفي ينابيع المودّة : 3 / 111 ط اُسوة بلفظ «وهو علوي من جهة أبيه واُمه» . وانظر الصواعق المحرقة : 201 ، وفي سير أعلام النبلاء : 4 / 401 بلفظ «العلوي الفاطمي المدني» .
2- .انظر كشف الغمّة : 2 / 117 ، البحار : 46 / 222 ح 7 وص 216 ح 15 ، الهداية الكبرى : 237 ، مسارّ الشيعة للشيخ المفيد : 115 ، المحجّة البيضاء : 4 / 743 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 160 _ 165 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 339 ، إكمال الرجال : 759 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 138 نقلاً عن تاريخ ابن الخشّاب ، الإرشاد : 2 / 157 بلفظ «وكان الباقر أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليه السلام » وانظر دلائل الإمامة للطبري : 94 .
3- .أمّا ألقابه فهي تربو على سبعة وهي : الأمين ، الشبيه ، الشاكر ، الهادي ، الصابر ، الشاهد ، والباقر . والظاهر أنّ الماتن رحمه الله اختصر الأمر بالثلاثة المذكورة . انظر تذكرة الحفّاظ للذهبي : 1 / 124 نزهة الجليس : 2 / 36 ، مرآة الجنان لليافعي : 1 / 247 ، دائرة المعارف لمحمّد فريد وجدي : 3 / 563 ، الدرّ النظيم في مناقب الأئمة : 2 مخطوط من مصوّرات مكتبة أمير المؤمنين ، أعيان الشيعة : ق 1 ج 4 / 464 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 131 بلفظ «الشاكر ، الهادي ، الأمين» ، علل الشرائع : 20 ح2 ، كشف الغمّة : 2 / 117 ، البحار : 46 / 222 ح 7 ، الهداية الكبرى : 237 ، مسارّ الشيعة للشيخ المفيد : 115 ، المحجّة البيضاء للفيضى الكاشاني : 4 / 743 ، تاريخ الأئمة : 28 .

ص: 882

وروى جابربن عبد اللّه الأنصاري قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا جابر يوشك أن تلتحق بولد لي من ولد الحسين عليه السلام اسمه كاسمي يبقر العلم بقرا _ أي يفجره تفجيرا _ فإذا رأيته فاقرأه عنّى السلام . قال جابر(رض) : فأخّر اللّه تعالى مدّتي حتّى رأيت الباقر عليه السلام فأقرأته السلام عن جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله . وروي أنّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام سأل جابر بن عبد اللّه الأنصاري لمّا دخل عليه عن عائشة وماجرى بينها وبين عليّ عليه السلام ، فقال له جابر : دخلت (1) عليها يوما وقلت لها : ماتقولين في حقّ عليّ بن أبي طالب؟ فأطرقت برأسها ثمّ رفعته فقالت (2)(3) : إذا ما التبر حكّ على محكّ تبيّن غشّه من غير شكّ وفينا الغشّ والذهب المصفّى عليّ بيننا (4) شبه المحكّ صفة الباقر عليه السلام : اسمر معتدل (5) ،

.


1- .في (ب ، د) : ذهبت اليها يوما وسألتها .
2- .في (ج) : انشدت .
3- .انظر الصراط السوي : 119 ، نور الأبصار : 288 .
4- .في (أ) : تبيتا .
5- .انظر البحار : 46 / 222 ح 7 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 340 قريب من هذا وزاد : وكان ربع القامة ، دقيق البشرة ، جعد الشعر ، أسمر ، له خال على خدّه ، وخال أحمر في جسده ... وانظر الكافي : 1 / 469 بلفظ «كانت كملامح رسول اللّه صلى الله عليه و آله وشمائله» وفي أخبار الدول : 111 ، وجوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام : 132 بلفظ : إنّه كان معتدل القامة أسمر اللون ... وفي أعيان الشيعة : ق 1 ج 4 / 471 قريب من هذا .

ص: 883

شاعره الكميت 1 والسيّد الحميري 2 ، بابه (1) جابر الجعفي (2) (رض) ، نقش خاتمه

.


1- .في (أ) : بوّابه .
2- .تقدّمت حياة جابر الجعفي رحمه الله ولكن للمزيد انظر البحار : 46 / 345 ح 39 ، تاريخ الأئمّة لابن أبي الثلج ص33 . وانظر حاله أيضا في بصائر الدرجات : 238 ح 12 ، و 459 ح 4 ، البحار : 46 / 327 ح 6 و 31 ، و : 47 / 69 ح 200 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 377 ح 75 ، 392 ح 10 ، والخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 2 / 733 ح 42 . الاختصاص للشيخ المفيد : 200 و 61 ، مدينة المعاجز : 329 ح 33 ، حلية الأبرار : 2 / 109 ، اختيار معرفة الرجال للكشي : 194 رقم 343و 193 ح 340 ، الكافي : 8 / 157 ح 149 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 331 . وانظر تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 148 بلفظ : بابه جابر بن يزيد الجعفي .

ص: 884

«رَبِّ لاَتَذَرْنِى فَرْدًا» 1 . ونقل الثعلبي في تفسيره أنّ الباقر عليه السلام نقش على خاتمه هذه الكلمات (1) : ظنّي باللّه حسن وبالنبيّ المؤتمن وبالوصي ذي المنن وبالحسين والحسن معاصره : الوليد وأولاده يزيد وإبراهيم (2) . وأمّا مناقبه : فكثيرة عديدة وأوصافه فحميدة جميلة منها : ما حكاه مولاه أفلح

.


1- .تفسير الثعلبي : 2 / 119 وانظر المصادر السابقة ولكن ليست بشكل شعر .
2- .انظر ترجمة هؤلاء في تاريخ الخلفاء : 223 ، وتاريخ ابن الأثير في الكامل : 4 / 138 و 191 ، و : 5 / 137 ط آخر ، الإنافة في مآثر الخلافة : 1 / 133 و 146 ، الأعلام للزركلي : 9 / 141 ، البداية والنهاية لابن كثير : 9 / 232 ، العقد الفريد : 3 / 180 ، الطبقات الكبرى : 5 / 95 ، مروج الذهب للمسعودى : 3 / 139 ، البدء والتاريخ : 3 / 48 ، و : 6 / 53 ، شذرات الذهب لابن العماد : 1 / 168 ، تاريخ الخميس : 2 / 220 و 255 و 259 ، الحور العين لابن نشروان : 190 ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 1 / 32 ، اُسد الغابة : 5 / 90 ، نهج الحق ص 290 .

ص: 885

قال : حججت مع أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام فلمّا دخل المسجد ونظر البيت بكى فقلت (1) : بأبي أنت واُمّي إنّ الناس ينظرون (2) إليك فلو خفضت (3) بصوتك قليلاً ، فقال : ويحك (4) يا أفلح!! ولِم لا أرفع صوتي بالبكاء لعلّ اللّه تعالى ينظر إليَّ برحمةٍ منه فأفوز بها غدا . ثمّ إنّه طاف بالبيت وجاء حتّى ركع خلف المقام فلمّا فرغ فإذا موضع سجوده مبتلٌّ (5) من دموع عينيه (6) . وروى عنه ابنه جعفر قال : كان أبي يقوم جوف الليل فيقول في تضرّعه : أمرتني فلم أ أتمر ، ونهيتني وزجرتني فلم أنزجر ، فها أنا عبدك بين يديك مقرّا لأعتذر (7) . وروي عنه أنّه قال : ما من عبادة أفضل من عفّة بطن أو فرْج ، وما من شيءٍ أحبّ إلى اللّه من أن يُسأل ، ولا يدفع القضاء إلاّ الدعاء ، فإنّ أسرع الخير ثوابا البرّ العدل ، وأسرع الشرّ عقوبة البغي ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر (8) من الناس مايعمى عنه من نفسه ، وأن يأمر الناس (9) ما لايفعله ، وأن ينهى الناس بما (10) لا يستطيع

.


1- .في (ج) : رفع صوته بالبكاء فقلت له .
2- .في (ب ،ج) : ينتظرونك .
3- .في (ب) : رفقت ، وفي (أ) : رفعت .
4- .في (أ) : ويلك .
5- .في (ج) : قد ابتلّ .
6- .انظر صفة الصفوة : 2 / 63 ، تاريخ ابن عساكر : 51 / 44 ، مرآة الزمان : 5 / 79 ، نور الأبصار : 289 ، كشف الغمّة : 2 / 117 ، البحار : 46 / 290 ح 14 ، مطالب السؤول : 80 المطبوع ، المحجّة البيضاء : 4 / 243 ، حلية الأبرار : 2 / 114 ، و : 3 / 185 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزى : 349 ، الأنوار القدسية للسنهوتي : 35 ، تاريخ دمشق مخطوط (حياة الباقر) ، إحقاق الحقّ : 12 / 174 ، و : 19 / 490 .
7- .حلية الأولياء : 3 / 182 ، صفة الصفوة : 2 / 63 ، نور الأبصار : 289 ، كشف الغمّة : 2 / 118 ، البحار : 46 / 290 ح 14 ، حلية الأبرار : 3 / 186 ، و : 2 / 114 ، إحقاق الحقّ : 12 / 175 ، و : 19 / 504 ، مطالب السؤول : 81 المطبوع .
8- .في (أ) : ينظر .
9- .في (ب) : يأمرهم ... بما .
10- .في (ج) : عمّا.

ص: 886

التحوّل عنه ، وأن يؤذي جليسه بما لايعنيه (1) . وقال خالد بن الهيثم : قال أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهماالسلام : ما اغر ورقت (2) عينٌ بمائها من خشية اللّه تعالى إلاّ و حرّم اللّه وجه صاحبها على النار ، فإن سالت على الخدّين دموعه لم يرهق وجهه قتر ولاذلّة ، وما من شيءٍ إلاّ وله جزاء إلاّ الدمعة ، فإنّ اللّه تعالى يكفّر بها بحور الخطايا ، ولو أنّ باكيا بكى في اُمّةٍ لحرّم اللّه تلك الاُمّة على النار (3) . وعن جابر الجعفي قال : قال لي محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام : يا جابر إنّي لمشتغل القلب ، قلت : وما يشغل قلبك؟ قال : يا جابر إنّه من دخل قلبه ما في دين اللّه الخالص شغله عمّا سواه . يا جابر ما الدنيا وما عسى أن تكون هل هي إلاّ مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها! يا جابر إنّ المؤمنين لم يطمئنّوا إلى الدنيا لزوالها (4) ولم يأمنوا قدوم الآخرة [عليهم ]لأهوالها ، وإنّ أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونةً وأكثرهم لك معونةً ، وإن نسيت ذكّروك ، وإن ذكرت أعانوك ، قوّالين للحقّ ، قوّامين بأمر اللّه ، فاجعل (5) الدنيا كمنزلٍ نزلت به وارتحلت (6) منه أو كمالٍ أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء ، واحفظ اللّه فيما استرعاك من

.


1- .انظر حلية الأولياء : 3 / 187 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 148 ، حلية الأبرار : 2 / 115 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 191 ، و : 19 / 504 ، مطالب السؤول : 80 المطبوع ، تذكرة الخواصّ : 350 ، الحدائق الوردية : 36 ، التذكرة الحمدونية : 35 ، تحف العقول : 296 ولكن بلفظ «أفضل العبادة عفّة البطن والفرج» ، أعيان الشيعة : 1 / 656 ، المختار في مناقب الأخيار : 30 ، جامع السعادات : 2 / 16 ، وقد نقل الشبلنجى في نور الأبصار : 293 صدر الحديث .
2- .في (ج) : تغرغرت .
3- .أخبار الدول للقرماني : 11 ، سلوة الأحزان : 40 ، إحقاق الحقّ : 12 / 187 ، و : 19 / 495 ، التبصرة لابن الجوزي : 1 / 281 ، التذكرة الحمدونية : 35 ، نور الأبصار : 290 ، مطالب السؤول : 80 المطبوع ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 339 ، الحدائق الوردية : 36 ، المختار في مناقب الأخيار : 30 .
4- .في (ج ،د) : للبقاء فيها .
5- .في (ب ، ج) : انزل .
6- .في (ب) : فارتحلت .

ص: 887

دينه وحكمته (1) .

وقال عليه السلام :الغنى والعزّ يجولان في قلب المؤمن ، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكّل استوطنا (2)(3) .

وقال عليه السلام :مادخل قلب امرئً شيءٌ من الكبر إلاّ نقص من عقله مثل ذلك قلّ أو كثر (4)(5) .

وقال عليه السلام :سلاح اللئام قبح الكلام (6) .

وكان يقول :واللّه لموت عالم أحبّ إلى إبليس من موت سبعين عابد (7) .

.


1- .انظر تاريخ دمشق (مخطوط) حياة الإمام الباقر عليه السلام ، سير أعلام النبلاء : 4 / 205 ، إحقاق الحقّ : 19 / 500 وانظر تحف العقول : 286 و 287 ستجد الكلام بأكمله ، ورواه الكليني في الكافي : 2 / 133 مع اختلاف يسير في اللفظ ، مرآة الجنان : 1 / 248 ، شذرات الذهب : 1 / 149 ، البداية والنهاية : 9 / 310 ، نور الأبصار : 293 .
2- .في (ب ، د) : أوطنا .
3- .انظر حلية الأولياء : 3 / 181 ، الحدائق الوردية : 36 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 132 و 147 ، نور الأبصار للشبلنجي : 293 ، تذكرة الخواصّ : 348 ، إحقاق الحقّ : 12 / 192 ، و : 19 / 503 ، مطالب السؤول : 80 ، المختار في مناقب الأخيار : 30 ، صفة الصفوة : 2 / 61 ، التذكرة الحمدونية : 35 .
4- .في (ج) : مادخل من الكبر .
5- .انظر المشروع الروي : 37 ، إحقاق الحقّ : 19 / 502 ، و : 12 / 185 ، حلية الأولياء : 3 / 180 ، مطالب السؤول : 80 ، نور الأبصار : 292 ، تذكرة الخواصّ : 213 و 348 ، المختار في مناقب الأخيار : 159 _ 348 ، الحدائق الوردية : 36 .
6- .نور الأبصار : 195 ، إحقاق الحقّ : 12 / 190 ، حلية الأولياء : 3 / 182 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 348 ، مطالب السؤول : 80 ، صفة الصفوة لابن الجوزي : 2 / 61 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 53 .
7- .انظر مشكاة الأنوار : 141 ، منية المريد : 20 ، البحار : 1 / 220 ح 55 ، الكافي : 1 / 38 ح 1 ، الفقيه : 1 / 186 ح 559 ، الوافي : 1 / 147 ح 1 ، جامع بيان العلم وفضله : 73 ، إحقاق الحقّ : 19 / 518 . وبعض هذه المصادر روت الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام بلفظ : ما أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من موت فقيه .

ص: 888

وقال سعد الإسكافي :سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام يقول : عالم ينتفع بعلمه خيرٌ من ألف عابد (1) .

وقال عليه السلام :شيعتنا من أطاع اللّه (2) .

وعن أبي عبد اللّه ابن محمّد بن المنكدر (3) كان يقول :ما كنت أرى أنّ مثل عليّ بن الحسين عليه السلام يدع خلفا أفضل منه (4) حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ عليه السلام وذلك أنّي أردت أن أعظه فوعظني . فقال [له ]أصحابه : بأيّ شيءٍ وعظك؟ قال : خرجت إلى بعض نواحي المدينة في يوم من الأيام في ساعة حارّة فلقيني (5) أبوجعفر محمّد بن عليّ وكان رجلاً بادنا (6) ثقيلاً وهو متّكئ على (7) غلامين أسودين له فقلت في نفسي : سبحان اللّه شيخ من أشياخ (8) قريش خرج في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا؟! [أما ]لأعظنّه ، فدنوت منه وسلّمت عليه فردَّ (9) عليَّ بنهر (10)

.


1- .انظر تحف العقول : 294 . وفي جامع بيان العلم وفضله : 1 / 32 بلفظ : أفضل من سبعين ألف ... جامع السعادات : 1 / 104 .
2- .حلية الأولياء : 3 / 184 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 192 ، كشف الغمّة : 2 / 133 ، تحف العقول : 295 ، نور الأبصار : 292 .
3- .في (أ) : المكند ، والصحيح هو : محمّد بن المنكدر بن عبد اللّه بن الهدير بن عبدالعزى ... الإمام الحافظ القدوة ، شيخ الإسلام أبو عبد اللّه القرشي التيمي المدني ... ولد سنة بضع وثلاثين ومائة سنة ثلاثين ومئه وقيل إحدى وثلاثين انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء : 5 / 353 رقم 163 ، رجال الكشّي : 390 ح 733 ، المعارف لابن قتيبة : 461 .
4- .في (أ) : خلفا يقارنه في الفضل .
5- .في (أ) : فلقيت .
6- .أي ضخم البدن سمينا . وفي (أ) : بدينا .
7- .في (أ) : بين .
8- .في (أ) : شيوخ .
9- .في (أ) : فسلّم .
10- .وقوله «بنهر» قيل: هو بالباء (أي ببهر) بمعنى تتابع النفَس، وفي النسخ بالنون، أي بزجر وانتهار، إمّا للإعياء والنصَب أو لما علم من سوء حال السائل وسوء إرادته، قال في القاموس: نهر الرجل: زجره فانتهر. (مرآة العقول: 19 / 17).

ص: 889

وقد تصبّب (1) عرقا فقلت : أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا؟! [أرأيت ]لو جاء أجلك (2) وأنت على هذه الحال (3) [ما كنت تصنع؟ ]قال : فخلى عن الغلامين والتفت إليَّ وقال : لوجاءني الموت وأنا على هذه الحال لجاءني وأنا في طاعةٍ من طاعة اللّه أكفّ بها نفسي [وعيالي] عنك وعن الناس ، وإنّما كنت أخاف الموت أن لو جاءني وأنا على معصيةٍ من معاصي اللّه تعالى ، فقلت : [صدقت ]يرحمك اللّه (4) أردت أن أعظك فوعظتني (5) .

وعن معاوية بن عمّار الدهني (6) عن محمّد بن عليّ بن الحسين في قوله عزّوجلّ «فَسْ_ئلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَتَعْلَمُونَ» (7) قال : نحن أهل الذكر (8) . وروى الزهري (9) قال : حَجّ هشام بن عبدالملك فدخل المسجد الحرام متكئاً (10) على يد سالم مولاه

.


1- .في (ب ، د) : يتصاب .
2- .في (أ) : جاءك الموت .
3- .في (أ) : الحالة .
4- .في (أ) : رحمك اللّه .
5- .انظر الكافي : 5/73 ح 1 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 162 ، و : 296 ط آخر ، تهذيب الشيخ الطوسي: 6 / 325 ح 15 ، المناقب لابن شهرآشوب بشكل مختصر : 4 / 201 ، و : 3 / 332 ، البحار : 46 / 287 و350 ح 3 ، و : 103 / 8 ح 34 ، و : 10 / 157 ح 7 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 53 ، تهذيب التهذيب للعسقلاني : 9/352 ، الوسائل : 12/9 ح 1 ، كشف الغمّة : 2/125 مثله ، حلية الأبرار: 2/131.
6- .تقدّمت ترجمته . وفي (أ) : الذهبي و هو اشتباه .
7- .الأنبياء : 7 ، النحل : 43 .
8- .انظر الكافي : 1 / 211 وزاد « ... ونحن المسؤولون» ، الإرشاد : 296 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 126 ، حلية الأبرار : 2 / 106 ، وفي المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 178 باختصار ، بصائر الدرجات للصفّار : 11 _ 15 .
9- .هو عبدالرحمن بن عبدالزهري كما في احتجاج الطبرسى .
10- .في (أ) : متوكّيا .

ص: 890

ومحمّد بن عليّ عليه السلام [جالس] في المسجد ، فقال له سالم [مولاه] : يا أمير المؤمنين هذا محمّد بن عليّ بن الحسين في المسجد [قال هشام] : المفتون به أهل العراق؟ قال : نعم ، فقال : اذهب إليه فقل (1) له : يقول لك أمير المؤمنين : ما الّذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يُفصل بينهم يوم القيامة؟ فقال [أبوجعفر] : قل له : يُحشر الناس على مثل قرص نقي (2) فيها أنهار متفجّرة يأكلون ويشربون منها حتّى يفرغوا من الحساب . قال : فلمّا سمع هشام ذلك رأى أنه قد ظفر به . فقال : اللّه أكبر اذهب (3) إليه وقل له ما أشغلهم (4) عن الأكل والشرب يومئذٍ؟ فقال له أبوجعفر : قل له : هم في النار أشغل ولم يُشغلوا (5) إلى أن قالوا «أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» (6) فسكت هشام لا (7) يرجع كلاما (8) . وروي أنّ العلاء بن عمرو بن عبيد (9) قدم على محمّد بن عليّ بن الحسين

.


1- .في (أ) : وقل.
2- .النَقِيّ : الخبز الحُوّاري . كماجاء في النهاية : 5 / 112 .
3- .في (أ) : ارجع.
4- .في (أ) : مايشغلهم .
5- .في (أ) : يشتغلوا .
6- .الأعراف : 50 .
7- .في (أ) : ولم .
8- .انظر الاحتجاج : 2 / 57 ، و : 323 ط آخر ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 198 ، رواه عن الأبرش الكلبي ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 163 _ 164 ، و : 2 97 ط آخر ، سير أعلام النبلاء : 4 / 405 ، تاريخ ابن عساكر : 15 / 353 ، مختصر تاريخ دمشق : 23 / 79 ، البحار : 46 / 332 ح 14 ، و : 7 / 105 ح 21 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 107 ، روضة الواعظين للفتّال النيسابوري : 244 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 126 ، نور الأبصار للشبلنجي : 290 .
9- .كذا ، والصحيح هو : عمروبن عبيد بن باب أبو عثمان ، المتكلّم الزاهد المشهور ، مولى بني عقيل ثمّ آل عرادة بن يربوع بن مالك ، كان جدّه باب من سبي كابل من جبال السند ، وكان أبوه يخلف أصحاب الشرط بالبصرة ، فكان الناس إذا رأوا عمرا مع أبيه قالوا : هذا خير الناس ابن شرّ الناس ... كانت ولادته سنة (80 ه) وتوفي سنة 142 و قيل 143 . انظر وفيات الأعيان : 3 / 460 1 / 548 رقم 503 ، تاريخ بغداد : 12 / 166 ، العبر في أخبار من غبر للذهبي : 1 / 149 ، المنية والأمل : 24 .

ص: 891

يمتحنه بالسؤال فقال له : جعلت فداك ما معنى قوله تعالى «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَ_وَتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَ_هُمَا» (1) ماهذا الرتق والفتق؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام : كانت السماء رتقا لاتنزل القطر (2) وكانت الأرض رتقا (3) لاتخرج النبات ، ففتق اللّه (4) السماء بنزول المطر وفتق (5) الأرض بخروج النبات ، فسكت ابن عمرو (6) ولم يرد جوابا ولم يجد اعتراضا . ثمّ انه سأله عن قوله تعالى «وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى» (7) ما غضبُ اللّه تعالى؟ قال : طرده وعقابه يا ابن عمرو (8) و مَن ظنّ (9) أنّ اللّه يغيّره شيء فقد كفر (10) . وسئل عن قوله تعالى «أُوْلَ_ئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ» (11) فقال : الغرفة [هي الجنة

.


1- .الأنبياء : 30 .
2- .في (أ) : المطر .
3- .في (ج) : فتقاً .
4- .في (أ) : ففتقنا .
5- .في (ب) : وفتقنا .
6- .كذا ، والصحيح : عمرو .
7- .طه : 81 .
8- .كذا ، والصحيح : يا عمرو .
9- .في (ج) : قال .
10- .روضة الواعظين : 1 / 144 ، الكليني في الكافي : 1 / 86 ح 5 و ص110 ، التوحيد للشيخ الصدوق : 168 ح 1 ، معاني الأخبار : 18 ح 1 ، الاحتجاج : 2 / 55 ، و : 326 ط آخر ، البحار : 46 / 354 ح 7 ، و : 4 / 67 ح 9 ، الإرشاد : 2 / 165 ، لكن بلفظ يختلف بعض الشيء ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 329 و 298 ، و : 2 / 61 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 126 ، إرشاد القلوب للديلمي : 167 ، نورالأبصار : 290 .
11- .الفرقان : 75 .

ص: 892

وهي جزاءٌ لهم بما صبروا] بصبرهم على الفقر في دار الدنيا (1) . وروى أبو حمزة الثمالي عن محمّد بن عليّ بن الحسين في قوله تعالى «وَجَزَآهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيرًا» (2) قال : بما صبروا على الفقر على مصائب الدنيا (3) . وروى الأصمعي عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول لبعض ولده : يابني إيّاك والكسل والضجر فإنّهما مفتاحا كلّ شرّ ، إنّك إذا كسلت لم تؤدّ حقّا ، وإن ضجرت لم تصبر على حقّ (4) . وروي أنه قال لابنه : يا بني إذا أنعم اللّهُ عليك بنعمةٍ فقل الحمدللّه إذا أحزنك أمرٌ فقل لاحول ولاقوّة إلاّ باللّه ، وإذا أبطأ عليك (5) الرزق فقل أستغفر اللّه (6) . وكان محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام- مع ما وصفناه به (7) من العلم والفضل والسؤدد والرئاسة والإمامة - ظاهر الجود في الخاصّة والعامّة مشهور الكرم في الكافة معروفا بالفضل والإحسان مع كثرة عياله وتوسّط حاله (8) . وحكت سلمى مولاة أبي جعفر عليه السلام أنه كان يدخل عليه بعض إخوانه فلايخرجون من عنده حتّى يطعمهم الطعام الطيّب ويكسوهم الثياب الحسنة في

.


1- .انظر البداية والنهاية : 9 / 301 ، وانظر المصادر السابقة .
2- .الانسان : 8 .
3- .انظر المصادر السابقة .
4- .انظر الأنوار القدسية للسنهوتي : 35 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 503 ، و : 12 / 196 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني : 3 / 183 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 339 ، المختار في مناقب الأخيار للشيخ الصدوق : 30 ، الحدائق الوردية : 36 ، تحف العقول : 295 . وفي نسخة (ج) : مفتاح كلّ شر لم نؤد حقّا .
5- .في (ب) : عنك رزقك .
6- .انظر البيان والتبيين للجاحظ : 3 / 280 ، الموفقيات : 399 ، الخصال للشيخ الصدوق : 203 قريب من هذا .
7- .في (أ) : مع ما هو عليه .
8- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 166 .

ص: 893

بعض الأحيان ويهب لهم الدراهم ، فكنت أقول له في ذلك فيقول : يا سلمى ما حسنة الدنيا إلاّ صلة الإخوان والمعارف ، وكان يصل بالخمسمائة درهم وبالستمائة وبالألف درهم (1) . وقال الأسود بن كثير (2) : شكوت إلى أبي جعفر عليه السلام جور الزمان وجفاء الإخوان فقال : بئس الأخ أخ يرعاك غنيا ويقطعك (3) فقيرا . ثمّ أمر غلامه فأخرج [لي] كيسا فيه سبعمائة درهم فقال : استنفق هذه فإذا نفدت (4) فأعلمني (5) . وقال رضى الله عنه : اعرف المودّة في قلب أخيك بما له في قلبك (6) . ونقل عن الزبير بن (7) محمّد بن مسلم المكّي [أنه] قال : كنّا عند جابر بن عبد اللّه فأتاه عليّ بن الحسين ومعه ابنه محمّد وهو صبي ، فقال عليّ لابنه محمّد : قبّل

.


1- .انظر الإرشاد : 2 / 167 ولكن عن طريق سليمان بن قَرْم وليس عن طريق سلمى . ومثله في المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 207 ، و : 3 / 337 مختصرا ، البحار : 46 / 288 ح 8 و 9 ، كشف الغمّة : 2 / 119 ، أعيان الشيعة : ق 1 ج4 / 506 ، صفة الصفوة : 2 / 63 .
2- .في (ج) : عامر .
3- .في (أ) : و يحفوك .
4- .في (أ) : استعن بهذه على الوقت فإذا فرغت .
5- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 207 ، و فيه : الحسن بن كثير ، البحار : 46 / 287 و 288 ح 6 و 7 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 166 ، و : 298 ط آخر وفيه : الحسن بن كثير ، وفي البداية والنهاية : 9 / 341 ، قريب من هذا بلفظ : كان أبو جعفر عليه السلام يجيزنا بالخمسمائة درهم إلى الستمائة إلى الألف درهم ... وكشف الغمّة : 2 / 127 و 119 عن الأسود بن كثير ، حلية الأبرار : 2 / 115 و 116 ، إسعاف الراغبين لابن الصبّان : 253 مثله ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 177 و 189 ، و : 19 / 502 ، مطالب السؤول : 81 ، المحجّة البيضاء : 4 / 244 و فيه : الأسود بن كثير ، صفة الصفوة لابن الجوزي : 2 / 63 ، عيون الأخبار وفنون الآثار : 217 .
6- .انظر كشف الغمّة : 2 / 118 و 119 و 150 ، البحار : 46 / 290 ملحق ح 15 ، نور الأبصار : 293 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 350 عن سلمى مولاة أبي جعفر عليه السلام ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 176 . وانظر المصادر السابقة أيضا .
7- .الظاهر أنّ الصحيح هو : أبي الزبير محمّد ... كما في المحجّة البيضاء .

ص: 894

رأس عمّك ، فدنا محمّد من جابر فقبّل رأسه ، فقال جابر : مَن هذا؟ وكان قد كفّ بصره ، فقال له عليّ بن الحسين عليه السلام : [هذا ]ابني محمّد ، فضمّه جابر إليه وقال له : يامحمّد ، محمّد جدّك رسول اللّه يقرئك السلام ، فقالوا لجابر : وكيف ذلك يا أبا عبد اللّه ؟ قال : كنت مع (1) رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوالحسين عليه السلام في حجره وهو يلاعبه فقال : يا جابر يولد لابني الحسين ابنٌ يقال له عليّ ، فإذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ : ليقم سيّد العابدين ، فيقوم عليّ بن الحسين ، ويولد لعليّ بن الحسين ابنٌ يقال له محمّد ، يا جابر فإن أدركته (2) فاقرأه منّي السلام وإن لاقيته فاعلم أنّ بقاءك بعد رؤيته يسير (3) . فلم يعش جابر بعد ذلك إلاّ قليلاً ومات (4) . فهذه منقبة من مناقبه باقية على ممرّ الأيام وفضيلة شهد له بها الخاصّ والعامّ . قال فيه البليغ ما قال ذوو الحجى وكلّ برأيه منطبق وكذلك العدوّ لم يعد أن قال جميلاً فما يقول فيه الصديق (5) ومن كتاب الحلية لأبي نعيم عن أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام عن أبيه محمّد الباقر عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلامقال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : من نقله اللّه تعالى من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى أغناه بلا مال

.


1- .في (أ) :عند .
2- .في (ج) : رأيته .
3- .في (أ) : بقاءك في الدنيا قليل .
4- .في (أ) : ثلاثة أيّام .
5- .انظر كشف الغمّة: 2/119 و136، ملحقات إحقاق الحقّ : 12/13 و16 و155 و156 و158، مطالب السؤول : 81 ، المحجّة البيضاء : 4 / 244 ، حلية الأبرار : 2 / 88 ، مدينة المعاجز : 322 ، دلائل الإمامة : 95، البحار : 46/227 ح 9، و: 225 ح 4 ، وقريب منه في علل الشرايع : 1/233 ح 1 ، معاني الأخبار : 65 قطعة منه ، الهداية الكبرى : 241 مثله باختصار ، روضة الواعظين للفتّال : 243، إعلام الورى : 268 ، الانوار القدسية : 34 ، عيون الأخبار للدينوري : 1 / 312 ، أمالي الشيخ الطوسي : 2 / 15 ، أمالي الشيخ الصدوق : 289 ح 9 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 1 / 535 ح 161 ، و :5 / 263 ح 4 .

ص: 895

وأعزّه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس ، ومن خاف اللّه تعالى أخاف اللّه منه كلّ شيء ، ومن لم يخف اللّه تعالى أخافه اللّه من كلّ شيء ، ومن رضي من [مال] اللّه باليسير من الرزق رضي منه باليسير من العمل ، ومن لم يستح من المعيشة خفّت مؤونته ورخا باله ونعم عياله ، ومن زهد في الدنيا آتاه (1) اللّه الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار القرار (2) . وروى أبو سعيد منصور بن الحسن الآبي في كتابه نثر الدرر أنّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام قال لابنه جعفر الصادق : يا بني إنّ اللّه خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء : خبأ رضاه في طاعته فلا تحقّرنّ من الطاعة شيئا فلعلّ رضاه فيه ، وخبأ سخطه في معصيته فلاتحقّرنّ من المعصية شيئا فلعلّ سخطه فيه ، وخبأ أولياءه في خلقه فلا تحقّرنّ أحدا فلعلّه ذلك الولي (3) . ومن كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي عن عروه بن عبد اللّه قال : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عن حلية السيف ، قال : لابأس به وقد حلى أبوبكر الصدّيق سيفه ، قلت : تقول الصدّيق؟! قال : فوثب وثبةً واستقبل القبلة وقال : نعم الصدّيق نعم الصديق ، مَن لم يقل له الصدّيق فلا صدّق اللّه له قولاً لا في الدنيا ولا في الآخرة (4) . ومن كتاب الجوانح والجوامح للإمام قطب الدين أبي سعيد هبة اللّه بن الحسن النهاوندي (5) عن أبي بصير قال : كنت مع محمّد بن عليّ الباقر في مسجد

.


1- .في (ج) : ثبت .
2- .انظر حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 188 ، والصراط السوي : 194 من مصوّرات مكتبة الإمام أمير المؤمنين .
3- .انظر نثر الدررللآبي (مخطوط) ، وانظر أيضا وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل : 208 ، وكشف الغمّة : 2 / 149 نقلاً عن نثر الدرر .
4- .صفة الصفوة : 2 / 145 ط بولاق ، مختصر التحفة الاثنا عشرية : 134 ، نور الأبصار : 291 . ولسنا هنا بصدد التعليق على هذا الحديث .
5- .كذا في النسخ ، و في نسخة (ب) : انّما وردي . والصحيح هو : من كتاب الخرائج والجرائح للإمام قطب الدين أبي الحسين سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي .

ص: 896

رسول اللّه صلى الله عليه و آله [قاعدا] في حدثان موت والده عليّ بن الحسين عليه السلام إذ دخل المنصور [الدوانيقي] أبو جعفر وداود بن سليمان قبل أن يفضي (1) الملك إلى بني (2) العبّاس ، فجاء داود بن سليمان إلى محمّد الباقر عليه السلام وقعد (3) المنصور ناحية من المسجد فقال له الباقر : ما منع الدوانيقي أن يأتينا (4) ؟! قال : فيه جفاء ، فقال الباقر عليه السلام : أما إنه لاتذهب الأيام (5) حتّى يلي هذا _ يعنى المنصور _ أمر هذه الخلايق (6) فيطأ أعناق الرجال ويملك شرقها وغربها ويطول عمره فيها حتّى يجمع من كنوز الأموال ما لايجمعه غيره (7) . فبعد أن قام داود من عند محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ذهب إلى المنصور وأخبره بذلك ، فقام المنصور وجاء إليه وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلاّ جلالتك وهيبتك، ثمّ قال : يا سيّدي ما الّذي يقوله داود؟ قال : هو كائن لامحاله ، قال : وملكنا قبل ملككم؟ قال : نعم ، قال : ويملك بعدي أحد من ولدي؟ قال : نعم ، قال : فمدّة بني اُمية أطول (8) أم مدّتنا؟ قال : مدّتكم أطول وليتلقّفن (9) هذا الملك صبيانكم فيلعبون به كما يلعبون بالكرة ، هذا ما عهده إليَّ أبي . فلمّا أفضت الخلافة إلى المنصور (10) تعجّب من قول الباقر عليه السلام (11) .

.


1- .في (ج) : أفضى .
2- .في (ج) : ولد .
3- .في (أ) : وجلس .
4- .في (د) : يأتي .
5- .في (أ) : الليالي .
6- .في (ب) : الخلق ويطأ .
7- .في (ب ، ج) : مالم يجتمع لأحد قبله .
8- .في (ج) : أكثر .
9- .في (أ) : وليلتقى .
10- .في (ب) : ملك الدوانيقي .
11- .انظر الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 1 / 273 ح 4 ، والكافي : 8 / 210 ح 256 مفصّلاً ، البحار : 47 / 176 ح 23 ، و : 46 / 341 ح 33 ، إثبات الهداة : 5 / 277 ح 13 ، مدينة المعاجز : 353 ح 107 ، و : 347 ح 83 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 191 ، جامع كرامات الأولياء : 1 / 97 ، دلائل الإمامة للطبري : 96 .

ص: 897

ومن الكتاب المذكور قال أبو بصير : قلت يوما للباقر عليه السلام : أنتم ذرّية (1) رسول اللّه صلى الله عليه و آله؟ قال [لي]نعم ، قلت : رسول اللّه صلى الله عليه و آله وارث الأنبياء جميعهم ووارث جميع علومهم؟ (2) قال : نعم ، قلت : فأنتم ورثة جميع علوم رسول اللّه صلى الله عليه و آله؟ قال : نعم ، قلت : فأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص وتخبرون الناس بما يأكلون [ويدّخرون] في بيوتهم؟ قال : نعم نفعل ذلك كلّه بإذن اللّه تعالى . ثمّ قال : ادن منّي يا أبا بصير _ وكان أبو بصير مكفوف النظر _ فدنوت منه فمسح يده على عيني (3) فأبصرت السهل والجبل والسماء والأرض ، فقال : أتحبّ أن تكون هكذا تبصر وحسابك على اللّه أو تكون كما كنت ولك الجنّة؟ قلت : الجنّة أحبُّ إليَّ . قال فمسح بيده المباركة على عيني (4) فعدتُ كما كنت 5 . ومن الكتاب المذكور أيضا عن جعفر الصادق عليه السلام قال : كان أبي في مجلس عامّ ذات يوم من الأيام إذ أطرق برأسه إلى الأرض ثمّ رفعه فقال : يا قوم كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة آلاف يستعرضكم على السيف ثلاثة أيّام متوالية فيقتل مقاتلتكم وتلقون منه بلاءً لا تقدرون عليه ولا أن

.


1- .في (ب) : ورثة .
2- .في (ب) : وارث علوم الأنبياء جميعهم؟
3- .في (أ) : وجهي .
4- .انظر المصادر السابقة ، بالإضافة إلى عيون المعجزات : 76 ، وقريب من هذا في بصائر الدرجات : 269 ح 1 ، وإعلام الورى : 267 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 318 ، الخرائج والجرائح : 2 / 711 ح 8 ، و174 ح 298 ، و 595 ح 7 ، البحار : 46 / 237 ح 13 _ 15 ، الكافي : 1 / 470 ح 3 مفصّلاً ، دلائل الإمامة : 100 ، إثبات الوصية : 170 .

ص: 898

تدفعوه (1) وذلك من قابل؟ فخذوا حذركم واعلموا أنّ الّذي قلت لكم هو كائن لابدّ منه . فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه وقالوا : لايكون هذا أبدا . فلمّا كان من قابل ارتحل (2) أبو جعفر من المدينة بعياله هو وجماعة من بني هاشم وخرجوا منها ، فجاءها نافع بن الأزرق فدخلها في أربعة آلاف واستباحها ثلاثة أيّام وقتل فيها خلقا كثيرا لايحصون ، وكان الأمر على ما قاله عليه السلام (3) . ومن كتاب الدلائل للحميري عن زيد بن أبي حازم قال : كنت مع أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام فمرّ بنا زيد بن عليّ 4 فقال أبو جعفر : أما رأيت هذا

.


1- .في (أ) : ولا على دفعه .
2- .في (أ) : تحمل .
3- .انظر الخرائج والجرائح : 1 / 289 ح 23 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 325 ، نور الأبصار : 291 ، البحار : 46 / 254 ح 51 ، فرَج المهموم : 229 ، كشف الغمّة : 2 / 138 . وانظر المصادر السابقة . علما بأنّ رواية ابن شهرآشوب خلت من التعرّض لذكر نافع بن الأزرق ، فانظر ترجمته في قاموس الرجال للتستري : 9 / 183 .

ص: 899

ليخرجنّ بالكوفة وليقتلنّ وليطافنّ برأسه ، فكان كما قال عليه السلام (1) . وعن الحسن (2) بن راشد قال : ذكرت زيد بن عليّ عند أبي عبد اللّه جعفر الصادق فنلتُ منه (3) ، فقال : لاتفعل رحم اللّه عمّي زيدا فإنّه أتى أبي وقال : إني اُريد الخروج على هذا الطاغية ، فقال له : لاتفعل يا زيد إني (4) أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة ، أما علمت يا زيد أنه لايخرج أحدٌ من ولد فاطمة على أحدٍ من السلاطين قبل خروج السفياني إلاّ قُتل؟ فكان الأمر كما قال أبي (5) . وعن عبدالرحمن بن يحيى بن سعيد قال : حدّثني رجل من بني هاشم قال : كنّا عند محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام وأخوه زيد جالس إلى جانبه ، فدخل رجل من أهل الكوفة فقال له محمّد بن عليّ أتروي (6) شيئا من طرائف الشعر ونوادره؟ فقال : نعم ، قال : كيف قال الأنصاري لأخيه؟ فأنشده : لعمرك ما كان أبو مالك بوانٍ ولابضعيفٍ قواهُ ولا مالديه (7) نازع يعادي أخاه إذا مانهاهُ لأنّ سدّته سدّت مطواعه ومهما وكلت إليه كفاهُ فوضع محمّد بن عليّ يده على كتف أخيه زيد وقال : هذه صفتك يا أخي ،

.


1- .انظر الدلائل وعمدة الطالب : 255 ، مقاتل الطالبيين : 86 ، رياض العلماء : 2 / 319 ، المجدي : 156 ، الكامل لابن الأثير : 5 / 229 و ص 242 ، تاريخ الطبري : 8 / 130 ، العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي : 4 / 101 .
2- .في (أ) : الحسين .
3- .في (ج ، د) : تنقّصته .
4- .في (ج) : فإني .
5- .الخرائج والجرائح : 144 (مخطوط) ، البحار : 46 / 185 ح 51 .
6- .في (ج) : إنّك لتروي .
7- .في (ب) : ولا بألده له ، وفي (ج) : بألد لدى قوله ... و«الحكيم» بدل «أخاه» وفي البيت الثالث «وإن» بدل «لأن» .

ص: 900

واُعيذك باللّه أن تكون قتيل أهل العراق (1) . وكان زيد بن عليّ (رض) ديّنا شجاعا ناسكا وكان من أحسن بني هاشم عبادةً وأجملهم إنارة (2) ، وكان ملوك بني اُمية تكتب إلى صاحب العراق أن امنع أهل الكوفة من حضور مجلس زيد بن عليّ فإنّ له لسانا أقطع من غلبة السيف وأحدّ من شبا الأسنّة وأبلغ من السِحر والكهانة ومن النفث في العقد . وقال له يوما هشام بن عبدالملك : بلغني أنك تروم الخلافة وأنت لاتصلح لها لأنك ابن (3) أمة ، فقال زيد : كان إسماعيل بن إبراهيم ابن أمة وإسحاق ابن حرّة ، فأخرج اللّه من صلب إسماعيل خير من ولد آدم ، فقال : قم إذاً لا تراني إلاّ حيث تكره ، فلمّا خرج من الدار قال : ما أحبّ أحدٌ الحياة إلاّ ذلّ فقال له سالم مولى هشام : باللّه لايسمعنّ منك هذا الكلام أحد (4) ، فكان زيد (رض) كثيرا مّاينشد 5 : شرّده الخوف من أوطانه كذلك من يكره حرّ الجلاد منحرق الحقّين يشكو الوجى تنكبه أطراف مرو حدّاد قد كان بالموت له راحةٌ والموت حتفٌ في رقاب العباد ومن كتابٍ جمعه الوزير السعيد مؤيد الدين أبو طالب محمّد بن أحمد بن محمّد بن عليّ العلقمي (5) قال ذكر الشيخ الأجلّ أبو الفتح يحيى بن محمّد بن خيار (6) الكاتب قال : سمعت (7) بعض أهل العلم والخير يقول : كنت بين مكّة والمدينة فإذا أنا بشيخ يلوح في (8) البرية فيظهر تارةً ويغيب اُخرى حتّى قرب منّي فتأمّلته فإذا هو غلام سباعيّ أو ثمانيّ ، فسلّم عليَّ فرددت عليه ، فقلت : من أين يا غلام؟ قال : من اللّه ، قلت : وإلى أين؟ قال : إلى اللّه ، فقلت : فما زادُك؟ قال : التقوى ، فقلت : ممّن أنت؟ قال : أنا رجل عربي (9) ، قلت : ابن مَن عافاك اللّه ؟ فقال : أنا رجل هاشمي ، فقلت : ابن مَن قال : أنا رجل علوي ، ثمّ أنشد يقول : فنحن (10) على الحوض ذوّاده (11) تزود ويسعد ورّاده فما فاز مَن فاز إلاّ بناوما 13 خاب مَن حبّنا زاده فمَن سرّنا نال منّا السرور ومَن ساءنا ساء ميلاده ومَن كان غاصبنا حقّنا فيوم القيامة ميعاده ثمّ قال : أنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ثمّ التفتُّ فلم أره ، فلا أعلم هل صعد إلى السماء أم نزل إلى الأرض 14 . مات أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر عليهم السلام في سنة سبعة عشر ومائة 15

.


1- .انظر زهر الآداب : 1 / 118 ، أمالي الشيخ الصدوق : 275 ح 11 ، البحار : 46 / 170 ح 17 ، عوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحرانى الاصفهاني : 18 / 223 ح 4 ، عمدة الطالب : 2 / 127 ، عيون أخبار الرضا : 1 / 196 ح 5 .
2- .في (أ) : اشارة .
3- .في (أ) : من .
4- .انظر عمدة الطالب : 255 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 325 ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : 6 / 22 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 5 / 84 . ورويت هذه القصة في المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 295 ، والبحار : 46 / 91 ح 78 بحقّ الإمام زين العابدين عليه السلام مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ، فراجع .
5- .ابن العلقمي كان اُستاذ دار الخلافة ببغداد ، ثمّ استدعي إلى دار الوزارة ونصب وزيرا كما قال عنه ابن الفوطي في الحوادث الجامعة . وقال عنه ابن كثير في البداية والنهاية : 13 / 212 «إنّه من الفضلاء في الإنشاء والأدب ... وقد حصل له من التعظيم والوجاهة في أيّام المستعصم مالم يحصل لغيره من الوزراء» ولأجله ألّف ابن أبي الحديد شرح النهج وأنشأ القصائد السبع العلويات . وقال في مجالس المؤمنين : إنّ الحسن بن محمّد الصنعاني ألّف له العباب الزاخر ومدحه في أوّله كثيرا . وقال ابن العماد في شذرات الذهب : 5 / 272 : كان فاضلاً . ترجم له في الأنوار الساطعة : 149 .
6- .جاء في إثبات الهداة : 5 / 320 ح 88 بلفظ «خالد» ومثله في كشف الغمة : 2 / 141 ، وفي المحجّة : 4 / 249 «حباء» .
7- .في (ب) : حدّث بعضهم .
8- .في (ج) : من .
9- .في (أ) : رجل من قريش .
10- .في (أ) : نحن .
11- .في (أ) : ورادّه ، وفي (ج) : روّاده نذود .

ص: 901

وله من العمر ثماني وخمسون سنة (1) ، وقيل ستون سنة 2 ، وقيل خمسا وثلاثين (2) ، أقام منها مع جدّه الحسين ثلاث سنين ، ومع أبيه عليّ بن الحسين ثلاثا وثلاثين سنة ، وبقي بعد موت أبيه تسع عشر سنة ، وهي مدّة إمامته عليه السلام 4 ، وانّه أوصى أن

.


1- .انظر الصراط السوي للشيخاني : 94 ، تاريخ الخميس : 2 / 319 ، صفة الصفوة : 2 / 63 ، البحار : 46 / 217 ح 19 .
2- .لم أعثر على هذا في المصادر التاريخية الّتي بأيدينا والّتي سبق ذكرها . وأعتقد أنّ المصنّف رحمه اللهكان يقصد أنه أقام مع أبيه عليّ بن الحسين خمسا وثلاثين سنة إلاّ شهرين ...كما وجدتها في نسخة (د) ولكن ضمن فقره وأقام مع أبيه ، لكنها مطموسة . ويؤيّد ذلك ماجاء في كشف الغمّة : 2 / 117 و 119 و 120 و 136 ، والبحار : 46 / 219 ح 20 وكذلك في تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 79 نقلاً عن الهداية للخصيبي : 213 ، و : 237 ط آخر ، أو كما جاء في المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 339 بلفظ «وأقام ... ومع أبيه عليّ عليه السلام أربعا وثلاثين سنة وعشرة أشهر ...» أو كما جاء في تاريخ الأئمة عليهم السلام: 9 بلفظ «ومقامه مع أبيه خمس وثلاثين سنة إلاّ شهرين» أو كما في مطالب السؤول : 81 . وربّ قائل يقول إنه تصحيف اي أنّ عمره 53 سنة أيضا لم أعثر على هذا القول .

ص: 902

يكُفّن في قميصه الّذي كان يصلّي فيه (1) . وعن ابنه جعفر الصادق عليه السلام قال : كنت عند أبي في اليوم الّذي قُبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وتكفينه وفي دخوله قبره . قال : فقلت له : يا أبت (2) واللّه ما رأيت (3) منذ اشتكيت أحسن هيئة منك اليوم ولا أرى عليك أثر الموت ، فقال : يا بني أما (4) سمعت عليّ بن الحسين يناديني (5) من وراءالجدار (6) : يا محمّد عجّل 7 .

.


1- .انظر الطبقات الكبرى لابن سعد : 5 / 323 . صفة الصفوة لابن الجوزي : 2 / 63 ، تاريخ ابن الوردي : 1 / 184 ، تاريخ أبي الفداء : 1 / 214 بلفظ «وأوصى عليه السلام ولده الصادق عليه السلام أن يكفّنه في قميصه ...» وفي الكافي : 3 / 200 ح 5 بشكل مفصّل ، وكذلك البحار : 46 / 214 ح 9 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 218 ، ورواه الشيخ في التهذيب : 1 / 320 ح 101 ، والحرّ العاملي في الوسائل : 2 / 857 ح 5 ، وكذلك أورده في إثبات الهداة : 5 / 325 ح 8 ، و : 3 / 144 ح 7 ، والصدوق في من لايحضره الفقيه : 1 / 1534 ح 321 .
2- .في (ب) : أبتاه .
3- .في (أ) : رأيتك .
4- .في (أ) : ما .
5- .في (ب ، ج) : ناداني .
6- .في (ج) : الجدران .

ص: 903

ويقال : إنّه مات بالسّم في زمن إبراهيم بن الوليد بن عبدالملك (1) ، قبره بالبقيع (2) ودُفن بالقبّة الّتي فيها العبّاس في القبر الّذي دُفن فيه أبوه وعمّ أبيه الحسن عليه السلام (3) ، وقد تقدّم ذكر ذلك . أولاد الباقر عليه السلام ستة (4) وقيل سبعة (5) وهم : أبو عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام _ وكان يكنى به _ وعبد اللّه ، واُمّهما اُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر . وإبراهيم

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 339 والبحار : 46 / 216 ح 15 بلفظ «وقال أبو جعفر بن بابويه : سمّه إبراهيم بن الوليد بن يزيد» وفي المصباح للكفعمي : 522 بلفظ «سمّه هشام بن عبدالملك» . وفي البحار : 46 / 217 ح 19 ، و إقبال الأعمال لابن طاووس : 335 ، والبحار : 46 / 218 ملحق ح 19 بلفظ «وضاعف العذاب على من شرك في دمه ، وهو إبراهيم بن الوليد» . وانظر أخبار الدول للقرماني : 111 ، نور الأبصار للشبلنجي : 292 ، الأئمة الاثني عشر لابن طولون : 281 .
3- .انظر الإرشاد : 2 / 158 ، و : 294 ط آخر ، كشف الغمة : 2 / 117 و 119 و 120 و 136 ، البحار : 46 / 218 ح 20 ، تاريخ أبي الفداء : 1 / 248 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 152 _ 154 ، تاريخ دمشق (مخطوط) في ترجمة الإمام محمّد الباقر ، نور الأبصار للشبلنجي : 292 ، إكمال الرجال : 759 ، نزهة الجليس ومنية الأنيس : 2 / 23 ، كفاية الطالب لمحمّد بن يوسف الكنجي الشافعي : 455 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 80 ، المناقب لابن شهر آشوب : 4 / 178 .
4- .لم أعثر على نصّ صريح يقول إنّ أولاده عليه السلام كانوا ستة ، ولكن بعضهم جعل له عليه السلام ابنة واحدة فقط وهي اُمّ سلمة واسمها زينب . والبعض الآخر فرّق بينهما وقال : وزينب لاُمّ ولدٍ ، واُمّ سلمة لاُمّ ولدٍ . ومن هنا جاء التردّد بين الستة والسبعة. وبعضهم قال كان له عليه السلام ثلاثة من الذكور وبنت واحدة . وقيل كان أولاده عليه السلام أكثر من ذلك . ولسنا بصدد تحقيق ذلك ، بل الّذي أشار إلى ذلك أمين الإسلام الطبرسي في إعلام الورى : 271 ، وأخذ عنه العلاّمة المجلسي في البحار : 46 / 365 ح 2 . وانظر كشف الغمّة : 2 / 119 ، و البحار : 46 / 366 ح 4 ، ومقصد الراغب : 154 ، وصفة الصفوة : 2 / 147 ، وتاريخ الأئمة عليهم السلام19 . وانظر أيضا الهداية للخصيبي : 238 ، المجدي : 94 ، تاريخ قم : 197 ، جمهرة أنساب العرب : 59 .
5- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 271 ، و : 2 / 176 ط آخر ، وإعلام الورى : 303 ، والبحار : 46 / 365 ح 1 ، و : 366 ح 5 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 340 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 104 ، الهداية للخصيبي : 238 ، تاريخ ابن الخشّاب : 184 ، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان : 5 / 78 ، طبقات ابن سعد : 5 / 320 ، غاية الاختصار : 64 ، سفينة البحار للشيخ عبّاس القمّي : 1 / 309 ، الصراط السوي للشيخاني : 194 .

ص: 904

وعبيداللّه (1) درجا في حياته ، واُمّهما اُمّ حكيم بنت أسد بن المغيرة الثقفية . وعليّ وزينب لاُمّ ولد . ولم يُعتقد أحدٌ من (2) ولد أبي جعفر الإمامة إلاّ في أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام ، وكان أخوه عبد اللّه يُشار إليه بالفضل والصلاح . يقال : إنّ بعض بني اُمية سقاه السمّ فمات رضوان اللّه تعالى عليه ، نقل ذلك صاحب الإرشاد رحمه الله 3 .

.


1- .في (أ) : عبد اللّه .
2- .في (أ) : في .

ص: 905

. .

ص: 906

. .

ص: 907

الفصل السادس : في ذكر أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام

الفصل السادس : في ذكر أبي عبد اللّه جعفر 1 الصادق عليه السلام وهو الإمام السادس وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته وعدد أولاده وذكر كنيته ونسبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهكان جعفر الصادق ابن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلاممن بين إخوانه خليفة

.

ص: 908

أبيه محمّد بن عليّ عليهماالسلام ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده ، و برز على جماعتهم (1) بالفضل وكان أنبههم ذِكرا وأعظمهم (2) قدرا ، ونقل الناسُ عنه من العلوم ما سارت به الركبانُ وانتشر صيته وذِكرُه في سائر البلدان ، ولم ينقُل العلماء عن أحدٍ من أهل بيته ما نُقل عنه من الحديث (3) . وروى عنه جماعة من أعيان الاُمّة وأعلامهم مثل : يحيى بن سعيد (4) وابن جريج (5)

.


1- .في (أ) : جماعة .
2- .في (أ) : وأجلّهم .
3- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 179 ، و : 270 ط آخر مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 347 ، إعلام الورى : 325 و 284 ، المعتبر : 5 ، الصواعق المحرقة : 201 و 202 ، ينابيع المودّة : 3 / 111 و 112 ، حلية الأبرار : 2 / 145 ، الروضة الندية : 12 و 117 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 218 .
4- .هو يحيى بن سعيد بن قيس بن فهد ، ويقال ابن عمر بن سهلٍ المديني البخاري الأنصاري ، حدّث عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيّب والقاسم بن محمّد ، ثقة وفقيه ، وهو من الطبقة الخامسة مات سنة (243 ه) . انظر التقريب : 2 / 348 ، تذكرة الحفّاظ للذهبي : 1 / 137 ، الجرح والتعديل : 9 / 147 ، لسان الميزان : 4 / 380 ، شذرات الذهب : 1 / 212 ، الثقات : 5 / 521 .
5- .هو عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج الاُموي مولاه المكي ، ويكنى أباخالد ، وكان عبدا لاُمّ حبيب بنت جبير زوج عبدالعزيز بن عبدالملك بن خالد بن أسد فنسب إلى ولائه ، ولد سنة (80 ه) .

ص: 909

ومالك بن أنس (1) والثوري (2) . وابن عيينة (3) وأبو حنيفة (4) وشعبة (5) . وأبو أيّوب السجستاني (6) وغيرهم (7) . ووصّى (8) إليه أبو جعفر عليه السلام بالإمامة وغيرها وصيةً ظاهرةً ، ونصّ عليها نصّا جليّا عن أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام قال : إنّ أبي استودَعَني ماهناكَ ، وذلك انّه لمّا حضرته الوفاة قال : ادْعُ لي شهودا ، فدعوتُ له أربعةً [من قريش ]منهم نافع مولى عبد اللّه بن عمر ، فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب نبيه «يَ_بَنِىَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَتَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ» (9) . وأوصى محمّد بن عليّ إلى ابنه جعفر وأمره أن يكفّنه في بُرده الّذي كان يصلّي فيه الجُمعة 10 وقميصه ، وأن يعمّمه بعمامته ، وأن يرفع قبره مقدار أربع أصابع ، وأن يَحُلَّ أطماره 11 عند

.


1- .تقدّمت ترجمتهما
2- .هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران مولى لقوم من ولد عبد اللّه بن هلال بن عامر بن صعصعة رهط ميمونة زوج النبي صلى الله عليه و آله ويكنى أبا محمّد . ولد سنة (107 ه) وتوفي سنة (198 ه) . انظر المعارف : 506 ، رجال الكشّي : 392 .
3- .تقدمت ترجمتهما
4- .كذا ، والصحيح من دون «أبو» . وفي نسخة «السختياني» وهو أيوب السختياني أبوبكر كيسان بن أبي تميمة . ويقال : ولاؤه لطهيّة ، وقيل لجهينة ، عداده في صغار التابعين ويقال مولى عمّار بن ياسر ، مات بالطاعون سنة (131 ه) في البصرة من أصحاب الباقر والصادق عليهماالسلام . انظر معجم رجال الحديث : 3 / 252 و 253 ، سير أعلام النبلاء : 6 / 15 .
5- .انظر مطالب السؤول : 81 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 4 / 247 وزاد : ... وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم بن إسماعيل ، وعبدالعزيز بن المختار ، ووهب بن خالد ، وإبراهيم بن طحّان ، والحسن بن صالح ، وعمرو بن دينار ، وأحمد بن حنبل ،. . . وانظر أيضاً حلية الأولياء : 3 / 199 إحقاق الحقّ : 12 / 217 ، كشف الغمّة : 2 / 186 .
6- .في (أ) : وصّى .
7- .البقرة : 132 .
8- .في (أ) : في بُردته الّتي كان فيها يصلّي الجمُعة .
9- .في (أ) : ظماره .

ص: 910

دفنه . ثمّ قال للشهود : انصرفوا رحمكم اللّه ، فقلت : يا أبت ما كان في هذا بأنْ (1) يُشهَد عليه؟ قال : يا بُني كرهتُ أن تُغلَب وأن يقال : لم يوص [إليه] فأردت بأن تكون لك (2) الحجة (3) . ولد جعفر الصادق ابن محمّد بن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب بالمدينة الشريفة سنة ثمانين (4) من الهجرة وقيل سنة ثلاث وثمانين 5 والأوّل أصحّ . وأمّا نسبه أبا واُمّا فهو جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن

.


1- .في (أ) : حتّى .
2- .في (أ) : يكون ذلك .
3- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 180 _ 181 ، و : 305 ط آخر ، البحار : 47 / 13 ح 9 و 10 ، و : 36 / 193 ح 2 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 278 ، الكافي : 1 / 244 ح 8 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 218 ، كشف الغمّة : 2 / 167 ، الصراط المستقيم : 2 / 162 ، إثبات الهداة : 5 / 330 و 327 ح 12 ، إعلام الورى : 274 . وفي عيون أخبار الرضا : 1 / 40 قريب من هذا ، وكمال الدين : 1 / 305 ح 1 ، الإحتجاج : 2 / 136 ، الخرائج والجرائح : 2 / 893 . كلّ هذه الروايات تدلّ على أنّ أبيه عليه السلام نصّ عليه عليه السلام عند الوفاة .
4- .انظر كشف الغمّة : 2 / 155 و 161 و 187 ، عمدة الطالب : 195 ، البحار : 47 / 1 ح 3 ، و5 ح 6 ، مطالب السؤول : 81 ، التحفة اللطيفة : 1/410 ، نزهة الجليس : 2/35 ، إحقاق الحقّ : 12 /212 و 214، مقصد الراغب : 156 (مخطوط) ، الأنوار القدسية : 36 ، وفيات الأعيان : 1 / 291 ، صفة الصفوة: 2 /61 .

ص: 911

الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام (1) واُمّه رضي اللّه عنها اُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر 2 . وأمّا كنيته فأبو عبد اللّه (2) ، وقيل أبو إسماعيل 4 . وله ثلاثة ألقاب : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، وأشهرها الصادق (3) .

.


1- .تقدّمت استخراجاته .
2- .انظر مقصد الراغب : 156 (مخطوط) ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 138 ، ألقاب الرسول وعترته : 59 ، الهداية الكبرى : 247 ، دلائل الإمامة : 112 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 400 ، البحار : 47 / 9 ح 5 ، و10 / 6 ، كشف الغمّة : 2 / 155 ، المعارف : 215 ، دائرة المعارف لوجدي : 3 / 109 الطبعة الثالثة ، كفاية الطالب : 455 .
3- .انظر العدد القوية للعلاّمة الحلّي : 148 ح 65 ، البحار : 47 / 11 ح 12 و 9 ح 5 و 10 ح 6 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 400 ، كشف الغمّة : 2 / 155 . وأورد الخصيبي في الهداية الكبرى : 247 ألقاباً كثيرة وذكر منها : الصادق والفاضل دون الطاهر ، وأورد : القاهر ، التامّ ، الكامل ، المنجي .

ص: 912

صفته : معتدل أدميّ اللون (1) ، شاعره السيّد الحميري (2) (رض) بابه : (3) المفضّل بن عمر (4) . نقش خاتمه «ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه استغفر اللّه » (5) ، معاصره أبو جعفر المنصور (6) .

.


1- .أي أسمر اللون ، ولم أعثر على هذا اللفظ بعينه بل بألفاظ اُخرى تؤدّي نفس المعنى ، كما ورد في المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 400 بلفظ : كان الصادق ربع القامة ، أزهر الوجه حالك الشعر جعداً ، أشمّ الأنف ... ومثله في البحار : 47 / 9 ح 5 .
2- .تقدّمت ترجمته ، وانظر المصادر الّتي تثبت بأنّ السيّد الحميري هو شاعر الإمام الصادق عليه السلام وهي كما يلي : أمالي الصدوق : 1 / 201 ، البحار : 47 / 314 ح 6 ، و316 ح 7 ، الغدير : 2 / 267 و245 ، كمال الدين : 1 / 234 ، إثبات الهداة : 2 / 361 ح 184 ، و : 6 / 386 ح 96 ، روضة الواعظين : 254 ، كشف الغمّة : 2 / 178 و1 / 414 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 370 و371 ، الثاقب في المناقب : 395 ح 322 ، مدينة المعاجز : 384 ح 87 ، الخرائج والجرائح : 2 / 941 ، رجال الكشّي : 287 ح 507 ، أمالي الشيخ الطوسي : 1 / 48 ، و : 2 / 240 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 206 و207 .
3- .في (أ) : بوّابه الفضل .
4- .انظر تاريخ الأئمة : 33 ، وفي المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 280 ذكره ضمن خواصّ أصحابه ، وتاريخ أهل البيت عليهم السلام: 148 .
5- .انظر البحار : 47 / 10 ح 6 . وورد في الكفعمي : 523 بلفظ «اللّه خالق كلّ شيء» . وفي العدد القوية للعلاّمة الحلّي : 148 ح 65 بلفظ «اللّه عوني وعصمتي من الناس» وقيل «أنت ثقتي فاعصمني من خلقك» وقيل «ربّي عصمني من خلقه» ومثله في البحار : 47 / 11 ح 12 ، ودلائل الإمامة : 112 . وفي عيون أخبار الرضا : 2 / 56 ح 207 وأمالي الصدوق : 371 ح 5 بلفظ «اللّه وليّي وعصمتي من خلقه» . وفي البحار : 47 / 8 ح 1 ، الوسائل : 3 / 412 ح 9 ، والمكارم : 88 و90 بلفظ «يا ثقتى قني شرّ جميع خلقك» ومثله في تاريخ جرجان : 329 ، وإحقاق الحقّ للشهيد القاضي الشوشتري : 12 / 217 . وانظر الكافي : 6 / 473 ح 3 و2 .
6- .انظر إعلام الورى : 271 ، البحار : 47 / 6 ح 17 بالإضافة إلى المصادر السابقة . مع العلم أنّ ترجمة أبي جعفر المنصور تقدّمت . وانظر عوالي اللآلي : 1 / 362 ح 45 ، مهج الدعوات : 201 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 446 ح 215 ، عيون المعجزات : 89 ، الثاقب في المناقب : 208 ح 13 .

ص: 913

وأمّا مناقبه فتكاد تفوت من عدّ الحاسب ويحير في أنواعها فهم اليقظ الكاتب ، وقد نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر 1 بالمغرب الّذي يتوارثونه بنو عبدالمؤمن (1) بن عليّ هو من كلامه ، وله في المنقبة السنية والدرجة الّتي هي في مقام الفضل عليه . عن مالك بن أنس قال : قال جعفر الصادق عليه السلام يوما لسفيان الثوري : إذا انعم اللّه عليك بنعمة فأحببت بقائها فأكثر من الحمد والشكر عليها فإن اللّه عزّوجلّ قال في كتابه العزيز «لَ_ئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» (2) . وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الإستغفار فان اللّه عزّوجلّ يقول «اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَلٍ وَبَنِينَ _ يعنى في الدنيا _ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّ_تٍ ... _ في الآخرة _» (3) يا سفيان إذا احزنك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا باللّه فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة (4) . وقال ابن أبي حازم : كنت عند جعفر الصادق إذ جاء آذنه (5) وقال : إنّ سفيان

.


1- .انظر مطالب السؤول : 81 ، وملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 208 .
2- .إبراهيم : 7 .
3- .نوح : 10 _ 12 .
4- .انظر الأنوار القدسية ص 38 ، إحقاق الحقّ : 19 / 533 ، وانظر المصادر السابقة .
5- .في (أ) : الآذن .

ص: 914

الثوري في الباب ، فقال : ائذن له ، فدخل فقال له جعفر : يا سفيان إنك رجل يطلبك السلطان في بعض الأوقات وتحضر عنده وأنا (1) أتقي السلطان فاخرج عنّي غير مطرود (2) ، فقال سفيان : حدّثني بحديث أسمعه منك وأقوم ، فقال : حدّثني أبي عن جدّي عن أبيه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهقال : من أنعم اللّه عليه نعمةً فليحمد اللّه ، ومن استبطأ الرزق فليستغفر اللّه ، ومن أحزنه أمرٌ فليقل : لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه . فلمّا قام سفيان قال أبو جعفر : خذها يا سفيان ثلاثا وأيّ ثلاث (3) !! وكان عليه السلام يقول : لايتمّ المعروف إلاّ بثلاث : تعجيله وتصغيره وستره (4) . وقال بعض شيعته [أصحاب جعفر بن محمّد الصادق] : دخلت على جعفر وموسى ولده بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فحفظتها ، فكان ممّا حفظت [أوصاه به منها] أن قال له : يا بني ، اقبل وصيّتي واحفظ مقالتي ، فإنّك إن حفظتها تعش (5) سيّدا وتمُت (6) حميدا . يا بني ، إنّه مَن قنع (7) بما قسم اللّه له استغنى ، ومَن مدّ عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومَن لم يرض بما قسم اللّه له اتّهم ربّه (8) في قضائه ، ومَن استصغر زلّة نفسه [استعظم زلّة غيره ، ومَن استعظم زلّة نفسه ]استصغر زلّة غيره . يا

.


1- .في (ب) : وانّي .
2- .في (ب ، ج) : ايثار لذلك .
3- .الأنوار القدسية : 38 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 533 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 248 عن الترغيب والترهيب .
4- .انظر نور الأبصار : 298 ، وذكر في الجوهر النفيس : 103 وكذلك في إحقاق الحقّ : 19 / 526 بلفظ : قال عليه السلام لسفيان الثوري : احفظ عنّي ثلاثا : إذا صنعت معروفا فعجّله ... وإن رأيت أنّه كبيرة فصغّره ... وإذا فعلته فاستره ... .
5- .في (ب) : تعيش .
6- .في (ب) : تموت .
7- .في (ج) : رضي .
8- .في (ب) : اللّه .

ص: 915

بني ، مَن كشف حجاب غيره انكشفت عورته (1) ، ومَن سلّ سيف البغي قُتل به ، ومَن احتفر (2) لأخيه بئرا سقط فيها ، ومَن داخل السفهاء حُقّر ، ومَن خالط العلماء وقّر ، ومَن دخل (3) مداخل السوء اتّهم . يا بني ، قل الحقّ لك أو عليك (4) ، وإيّاك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال . يا بني ، إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه فإنّ للجود (5) معادن وللمعادن اُصولاً وللاُصول فروعا وللفروع ثمرا ، ولايطيب ثمر إلاّ بفرع ولافرع إلاّ بأصل ولا أصل ثابت إلاّ بمعدن طيّب . يا بني ، إذا (6) زرت فزر الأخيار ولا تزر الأشرار (7) فانّهم صخرة لاينفجر ماؤها وشجرة لايخضرّ ورقها وأرض لايظهر عشبها (8) . وقال أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي (9) : وقع الذباب على وجه المنصور فذبّه فعاد فذبّه فعاد حتّى أضجره ، وكان عنده جعفر بن محمّد عليه السلام في ذلك الوقت ، فقال المنصور : يا أبا عبد اللّه لأيّ شيء خلق اللّه عزّوجلّ الذباب؟ قال : ليذلّ به الجبابرة (10) ، فسكت المنصور (11) .

.


1- .في (د) : عورات بيته .
2- .في (أ) : حفر .
3- .في (أ) : داخل .
4- .في (أ) : وعليك .
5- .في (أ) : للمروءة .
6- .في (ب) : إن ، وفي (د) : فإن .
7- .في (ب) : الفجّار .
8- .انظر حلية الاولياء : 3 / 195 وقد ذكر هذه الوصية بشكل مفصّل ، ولكن المصنّف رحمه الله هنا أقطع قطعة منها ، وانظر إحقاق الحقّ : 12 / 284 و19 / 534 ، وكشف الغمّة لإربلي : 2 / 184 ، وإثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 488 ح 49 .
9- .في (أ) : أحمد بن عمر بن المقداد الرازي .
10- .في (ج) : الجبّارين .
11- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 375 ، و : 4 / 251 ط آخر ، علل الشرايع : 2 / 496 ح 1 ، البحار : 47 / 166 ح 6 و7 ، كشف الغمّة : 2 / 158 ، حلية الاولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 198 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 275 و19 / 533 ، مطالب السؤول : 82 ، نور الأبصار : 299 ، أخبار الدول وآثار الأوّل للقرماني : 112 ، المختار في مناقب الأخبار : 17 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 353 ، الأنوار القدسية لسنهوتي : 38 .

ص: 916

وقيل : كان رجل من أهل السواد يلازم مجلس جعفر الصادق عليه السلام ويقعد طويلاً مقعده ، ففقده في بعض الأيام فسأل عنه فقال له رجل يريد أن ينقصه [يستنقص به] عنده : إنّه رجل نبطي (1) ، فقال جعفر : أصل الرجل عقله ، وحسبه دينه ، وكرمه تقواه ، والناس في آدم مستوون ، فاستحيى (2) الرجل (3) .

قال سفيان الثوري سمعت جعفر الصادق عليه السلام يقول :عزّت (4) السلامة حتّى لقد خفي مطلبها ، فإن تك في شيء فيوشك أن تكون في الخمول ، وإن طلبت (5) في الخمول ولم تجده فيوشك [أن تكون في الصمت ، فإن طلبت في الصمت ولم توجد فيوشك أن تكون في العزلة والخلوة] (6) أن تكون في كلام السلف الصالح ، والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها عن الناس (7) .

وحدّث عبد اللّه بن الفضل بن الربيع (8) عن أبيه قال : لمّا حجّ المنصور في سنة سبع وأربعين ومائة قدم (9) المدينة قال للربيع : ابعث إلى جعفر بن محمّد من يأتينا به

.


1- .في (أ) : قبطي .
2- .في (أ) : فخجل .
3- .بالإضافة إلى المصادر السابقة انظر كشف الغمّة : 2 / 158 ، والبحار : 78 / 202 ح 34 .
4- .في (د) : عنت .
5- .في (أ) : طلبته .
6- .ما بين المعقوفتين غير موجودة في (أ) .
7- .انظر الأنوار القدسية للسنهوتي : 37 ، وملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 531 مع تقديم وتأخير في بعض الألفاظ .
8- .في (أ) : الربيعي ، وفي (ج) : الربعي .
9- .في (ب) : فقدم ، وفي (ج) : وقدم .

ص: 917

متعبا سريعا قتلني اللّه إن لم أقتله ، فتغافل الربيع عنه وناساه (1) فأعاد عليه في اليوم الثاني واغلظ له في القول ، فأرسل إليه الربيع فلمّا حضر قال له الربيع : يا أبا عبد اللّه اذكر اللّه تعالى فإنّه قد أرسل إليك [ب] ما لا دافع له غير اللّه وإنّي أتخوّف عليك ، فقال جعفر : لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم . ثمّ إنّ الربيع دخل (2) به على المنصور فلمّا رآه المنصور أغلظ له بالقول فقال : يا عدوّ اللّه اتخذك أهل العراق إماما يجبون (3) إليك بزكاة أموالهم فتُلحد في سلطاني (4) وتبتغي إلىَّ الغوائل قتلني اللّه إن لم أقتلك ، فقال جعفر : يا أمير المؤمنين إنّ سليمان اُعطي فشكر وإنّ أيوب ابتلي فصبر وإنّ يوسف ظُلم فغفر ، فهولاء أنبياء اللّه وإليهم يرجع نسبك ولك فيهم (5) اُسوة حسنة فقال المنصور : أجل لقد صدقت يا أبا عبد اللّه ارتفع إلى هاهنا عندي ، ثمّ قال : يا أبا عبد اللّه إنّ فلان الفلاني أخبرني عنك بما قلت لك ، فقال : أحضره يا أمير المؤمنين ليواقفني (6) على ذلك . فاُحضر الرجل الّذي سعى به إلى المنصور فقال له المنصور : أحقّا ما حكيت لي عن جعفر؟ فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال جعفر : فأستحلِفه (7) على ذلك ، فبدر الرجل وقال : واللّه العظيم الّذي لا إله إلاّ هو عالمُ الغيب والشهادة الواحد الأحد الفرد الصمد الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ... وأخذ يعدّ في صفات اللّه ، فقال جعفر : يا أمير المؤمنين يحلف بما أستحلفه به ويترك يمينه هذا ، فقال المنصور : حلّفه بما تختار ، فقال جعفر عليه السلام : قل : برئتُ من حول اللّه وقوّته والتجأت

.


1- .في (ب) : لينساه .
2- .في (ج) : أعلم .
3- .في (أ) : يجيئون .
4- .في (أ) : وتُلحد في سلطنتي .
5- .في (د) : بهم .
6- .في (ج) : لو وافقني .
7- .في (ج) : حلفه .

ص: 918

إلى حولي وقوّتى لقد فعل [جعفر] كذا وكذا ، فامتنع الرجل فنظر إليه المنصور منكرا فحلف بها ، فما كان بأسرع من أن ضرب برجله الأرض وخرَّ (1) ميّتا مكانه في المجلس ، فقال المنصور : جرّوا برجله وأخرجوه لعنه اللّه . ثمّ قال : لا عليك يا أبا عبد اللّه أنت البريء الساحة السليم الناحية المأمون (2) الغائله ، عليَّ بالطيب والغالية ، فأتوا بالغالية فجعل يغلف به لحيته إلى أن تركها تقطر وقال : في حفظ اللّه وكلاءته ، وألحقه الربيع بجوائز حسنة وكسوة سنية . قال الربيع : فلحقته بذلك ثمّ قلت له : يا أبا عبد اللّه إنّي رأيت قبلك ما لم تره أنت ورأيت بعد ذلك ما رأيت ورأيتك تحرّك شفتيك وكلّما حرّكتهما سكن الغضب ، بأيّ شيء كنت تحرّكهما جعلت فداك؟ قال : بدعاء جدّي الحسين عليه السلام ، قلت ، وما هو يا سيّدي؟ قال : قلت : اللّهمّ يا عدّتي عند شدّتي يا غوثي عند كربتي احرسني بعينك الّتي لا تنام واكنفني (3) بركنك الّذي لا يرام وارحمنى بقدرتك عليَّ فلا أهلك وأنت رجائي ، اللّهمّ إنّك أكبر وأجلّ وأقدر ممّا أخاف وأحذر ، اللّهمّ بك أدرأ (4) في نحره وأستعيذ بك من شرّه إنّك على كلّ شيء قدير . قال الربيع : فما نزلت بي شدّة قطّ ودعوت به إلاّ فرّج اللّه عنّي . قال الربيع : وقلت لأبي عبد اللّه : منعت الساعي بك إلى المنصور من أن يحلف يمينه وأحلفته أنت تلك اليمين ، فما كان إلاّ أخذ لوقته فتعجّبت من ذلك ما منعناك فيه؟ قال : لأنّ في يمينه الّذي أراد أن يحلف بها توحيد اللّه وتمجيده وتنزيهه ، فقلت : يحلم عليه ويؤخّر عنه العقوبة ، وأحببتُ تعجيلها فاستحلفته بما سمعت فأخذه اللّه لوقته 5 .

.


1- .في (أ) : وقضى .
2- .في (ب) : القليل .
3- .في (أ) : واكفني .
4- .في (ب) : أدفع .

ص: 919

وروي أنّ داود بن عليّ بن العباس (1) قتل المعلّى بن خُنيس (2) مولىً كان لجعفر الصادق عليه السلام فأخذ ماله ، فبلغ ذلك جعفر فدخل إلى داره ولم يزل ليله كلّه قائما وقاعدا إلى الصباح ، ولمّا كان وقت السحر سمع منه وهو يقول في مناجاته يا ذا

.


1- .هو عمّ السفّاح عبد اللّه بن محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العباس بن عبدالمطّلب ، استعمله على الكوفة وكان خطيبا ويكنى أبا سليمان وولى مكّه والمدينة أيضا ، مات سنة (183 ه) . انظر المعارف لابن قتيبة : 374 .
2- .المعلّى بن خنيس من المحمودين وهو من قوّام أبي عبد اللّه عليه السلام ، وانّما قتله داود بن عليّ بسببه وكان محمودا عنده ، ومضى على منهاجه ، وأمره مشهور وكان وكيلاً لأبي عبد اللّه عليه السلام وخيّرا فاضلاً . انظر الغيبة للطوسي : 210 ، بحار الأنوار : 47 / 342 ح 32 ، رجال النجاشي : 417 تحت رقم 1114 طبع مؤسّسة النشر الإسلامي _ قم .

ص: 920

القوّة القوية ، ويا ذا المحال الشديد ، ويا ذا العزّة الّتي كلّ خلقك لها ذليل ، اكفنا هذا الطاغية وانتقم لنا منه . فما كان إلاّ أن ارتفعت الأصوات بالصراخ والعويل وقيل مات داود بن عليّ فجأةً 1 . ولمّا بلغ جعفر الصادق عليه السلام قول الحكم بن العباس الكلبي (1) : صلبنا لكم زيدا على جذع نخلةولم أرَ مهديّا على الجذع يُصلبُ فرفع جعفر يديه إلى السماء وهما يرعشان (2) فقال : اللّهمّ سلّط على الحكم بن العبّاس الكلبي كلبا من كلابك . فبعثه بنو اُمية إلى الكوفة فافترسه الأسد في الطريق ، واتصل ذلك بالصادق فخرّ ساجدا وقال : الحمدللّه الّذي أنجزنا ما وعدَنا 4 .

.


1- .شاعر اُموي من أولياء بني اُمية ، ترجم له في تنقيح المقال رقم 3262 ، فراجع .
2- .في (أ) : يرتعشان .

ص: 921

وقال محمّد بن إسماعيل (1) : لمّا خرج محمّد بن عبد اللّه بن الحسن فرّ (2) جعفر بن محمّد إلى ماله بالفُرع (3) ، فلم يزل هناك مقيما حتّى قُتل محمّد واطمأنّ الناس فرجع إلى المدينة وأقام بها (4) .

وروي عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام قال :لمّا رفعت (5) إلى أبي جعفر المنصور بعد قتل محمّد بن عبد اللّه بن الحسن انتهرني (6) وكلّمني بكلامٍ غليظ ثمّ قال لي : يا جعفر قد علمت بفعل محمّد بن عبد اللّه الّذي يسمّونه النفس الزكية وما نزل به وانّما أنتظر الآن أن يتحرّك منكم أحد فاُلحق الصغير بالكبير . قال : فقلت : يا أمير المؤمنين حدّثني أبي محمّد بن عليّ عن أبيه الحسين عن الحسن (7) بن عليّ بن أبي طالب أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : إنّ الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيمدّها (8) اللّه تعالى إلى ثلاث وثلاثين سنة ، وإنّ الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيبترها (9) اللّه تعالى إلى ثلاث سنين . قال : فقال لي : واللّه عليك سمعت هذا من أبيك؟ فقلت : واللّه سمعتها فردّها [ثمّ ردّها ]عليَّ ثلاثا ثمّ

.


1- .في (أ) : سعيد .
2- .في (ب) : هرب .
3- .الفُرع : قرية من نواحي الربذة ، عن يسار السقيا ، بينها وبين المدينة ثمانية برد ، على طريق وقيل : أربع ليالي ... انظر مراصد الاطلاع : 3 / 1028 .
4- .انظر كشف الغمّة للإربلي : 2 / 162 ، وبحار الأنوار : 47 / 5 ح 16 ولكن بلفظ : فلمّا قتل محمّد واطمأن الناس وآمنوا رجع إلى المدينة ، فلم يزل بها حتّى مات لسنة ثمان وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر ... .
5- .في (ج) : دفعت .
6- .في (أ) : نهرني .
7- .في (د) : الحسين ، وهو خطأ من الناسخ .
8- .في (أ) : فيصلها .
9- .في (أ) : فيصيّرها .

ص: 922

قال : انصرف (1) .

وممّا حفظ من كلام جعفر الصادق في الحكمة والموعظة وغير ذلك قوله :ما كلّ من نوى (2) شيئا قدر عليه ، ولاكلّ من قدر على شيء وفّق له ، ولاكلّ من وفّق أصاب له موضعا ، فإذا اجتمعت النيّة والقدرة والتوفيق والإصابة فهناك [تجب ]السعادة (3) .

وقال عليه السلام :تأخير التوبة اغترار ، وطول التسويف حَيرة ، والإعتداء على اللّه هلكة ، والإصرار على الذنب أمنٌ مِن مكر اللّه (4) «فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَ_سِرُونَ» 5 .

وقال عليه السلام :أربعة أشياء القليل منها كثير : النار والعداوة والفقر والمرض (5) .

وسئل :لم سمّي البيت العتيق قال : لأنّ اللّه تعالى عتقه من الطوفان (6) .

.


1- .انظر كشف الغمّة للإربلي : 2 / 165 ، بحار الأنوار : 47 / 206 ح 47 . وروى أبو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين : 233 وكذلك العلاّمة المجلسي في البحار : 47 / 211 و163 ح 3 رواية اُخرى تختلف عن هذه ، ولكن ذيل الرواية يذكر فيها الحديث بلفظ « ... إنّ ملكا من ملوك الأرض بقى من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه ، فجعلها اللّه ثلاثين سنة» وانظر عوالي اللآلي لابن أبي جمهور الأحسائي : 1 / 362 ح 45 وأمالي ابن الشيخ : 2 / 94 ، البرهان : 2 / 299 ح 7 ، ومستدرك الوسائل للمحدّث النوري : 15 / 241 ح 28 .
2- .في (أ) : رأى ، وفي (ب) : أراد .
3- .انظر نزهة الناظر : 119 ح 64 ، مشكاة الأنوار : 332 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 317 ، و : 2 / 204 ط آخر .
4- .في (أ) : والإصرار على الذنب من مكر اللّه «ولا يأمن ...» .
5- .نور الأبصار : 298 ، إحقاق الحقّ : 12 / 281 .
6- .نور الأبصار : 289 ، إحقاق الحقّ : 12 / 29 ، كشف الغمّة : 2 / 203 .

ص: 923

وقال عليه السلام :صحبة عشرين يوما قرابة (1) .

وقال :كفّارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان (2) .

وقال عليه السلام :إذا دخلت منزل أخيك فاقبل الكرامة ما عدا الجلوس في الصدر (3) .

وقال :البنات حسنات والبنون نِعَم ، فالحسنات يُثاب عليهنّ والنعمة يسأل عنها 4 .

قال عليه السلامو من لم يستح من العيب ويرعوي عند المشيب ويخشى اللّه بظهر الغيب فلا خير فيه (4) .

وقال عليه السلام :إيّاكم وملاحاة الشعراء فإنّهم يطنبون بالمدح ويجودون بالهجاء (5) .

وكان يقول :اللّهمّ إنّك بما أنت له أهله من العفو أولى منّي بما أنا أهله من العقوبة (6) .

وقال عليه السلام :مَن أكرمك فأكرمه ، ومَن استخفّ بك فأكرم نفسك عنه (7) .

.


1- .نور الأبصار : 298 ، إحقاق الحقّ : 12 / 280 ، وفي تحف العقول : 358 وفيه «سنة» بدل «عشرين يوما» سنة .
2- .نور الأبصار : 298 وفيه «الشيطان» بدل «السلطان» وحسب ما أعتقد أنه تصحيف ، إحقاق الحقّ : 12 / 281 .
3- .نور الأبصار : 289 ، إحقاق الحقّ : 12 / 280 .
4- .نور الأبصار : 299 ، إحقاق الحقّ : 12 / 278 .
5- .انظر نور الأبصار : 299 ، إحقاق الحقّ : 12 / 279 .
6- .انظر المصادر السابقة .
7- .نزهة الناظر : 111 ح 36 ، أعلام الدين للديلمي : 303 ، الدرّة الباهرة : 34 ، بحار الأنوار : 47 / 167 ح34، و: 78/228 ح105، كتاب الأربعين في قضاء حقوق المؤمنين: 278 ح113، نور الأبصار: 299.

ص: 924

وقال :منع الجود سوء الظنّ بالمعبود (1) .

وقال :دعا اللّه الناس في الدنيا بآبائهم ليتعارفوا ودعاهم في الآخرة بأعمالهم ليتجاوزوا فقال : «يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ» «يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُواْ» (2) .

وقال عليه السلام :إنّ عيال المرء اُسراؤه فمن أنعم اللّهُ عليه بنعمته فليوسّع على اُسرائه ، فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة عنه (3) .

وقال :ثلاثة لايزيد اللّه بها الرجل المسلم إلاّ عزّا : الصفح عمّن ظلمه ، والإعطاء لمن حرمه ، والصلة لمن قطعه (4) .

وقال :حفظ الرجل أخاه بعد وفاته في تركته كرم. (5) .

وقال :المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه من (6) حقّ وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل (7) .

وروى محمّد بن حبيب عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليه السلام ورفعه قال :ما من مؤمن أدخل على قوم سرورا إلاّ خلق اللّه من ذلك السرور ملَكا يعبد اللّه تعالى ويحمده ويمجّده ، فإذا صار المؤمن في لحده أتاه ذلك السرور الّذي أدخله على اُولئك القوم فيقول : أنا اليوم اُونس وحشتك واُلقنك حجّتك واُثبتك بالقول الثابت واُشهد بك مشاهد القيامة واُشفع بك إلى ربّك واُريك منزلتك من الجنّة (8) .

.


1- .انظر نور الأبصار : 299 ، إحقاق الحقّ : 12 / 283 .
2- .انظر نور الأبصار : 299 ، وإحقاق الحقّ : 12 / 284 ، كشف الغمّة : 207 ، البحار : 78 / 208 ح 72 . والآية الاُولى الصف : 10 ، والثانية : التحريم :7 .
3- .نور الأبصار : 299 ، إحقاق الحقّ : 12 / 282 .
4- .راجع المصادر السابقة
5- .راجع المصادر السابقة
6- .في (أ) : عن .
7- .انظر نزهة الناظر : 109 ح 19 وزاد فيه « ... والّذي إذا قدر لم يأخذ أكثر ممّا له» وانظر أعلام الدين : 303 ، البحار : 78 / 277 ح 113 ، نور الأبصار : 299 ، إحقاق الحقّ : 12 / 281 .
8- .نور الأبصار : 300 ، وانظر المصادر السابقة أيضا .

ص: 925

وقال إبراهيم بن مسعود :كان رجل من التجّار يختلف إلى جعفر بن محمّد عليه السلام وبينه (1) وبينه مودّة وهو معروف بحسن حال (2) فجاء بعد حين إلى جعفر بن محمّد وقد ذهب ماله وتغيّر حاله فجعل يشكو إلى جعفر فأنشده جعفر عليه السلام (3) : فلا تجزع وإن اُعسرت يومافقد أيسرت في زمنٍ طويل (4) ولا تيأس (5) فإنّ اليأس كفرلعلّ اللّه يغنى عن قليل ولا تظننّ بربّك ظنّ سوءٍفإنّ اللّه أول_ى بالجميل

وعن أبي حمزة الثمالي :قال : كنت مع أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق بين مكّة والمدينة فالتفت فإذا عن يساره (6) كلب أسود فقال له : مالك قبّحك اللّه ما أشدّ مسارعتك! فإذا هو في الهواء شبيه (7) الطائر ، فتعجّبت من ذلك ، فقال لي : هذا غثيم (8) بريد الجنّ مات هشام (9) الساعة وهو يطير (10) ينعاه في كلّ بلد (11) .

.


1- .كذا ، والظاهر أنّ الصحيح : بينه .
2- .في (أ) : وهو يخالطه ويعرفه بحسن حاله .
3- .انظر كشف الغمّة : 2 / 162 ، البحار : 78 / 203 ح 36 .
4- .في (أ) : بالزمن الطويل ، وفي (ج) : بزمن طويل .
5- .في (ب ، ج) : تبأس وهو خطأ من الناسخ .
6- .في (ج ، د) : إذ التفت عن يساره فرأى .
7- .في (أ) : يشبه .
8- .في (أ) : أعثم .
9- .أي هشام بن عبد الملك .
10- .في (أ) : طائر .
11- .انظر كشف الغمّة : 2 / 192 ولكن بلفظ «أعثم» بالعين كما في نسخة (أ) وأعتقد أنّه تصحيف ، الخرائج والجرائح : 2 / 855 ح 71 ، إعلام الورى : 276 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 353 البحار : 47 / 151 ح 201 و202 و207 و208 ، و : 26 / 151 ح 38 ، إثبات الهداة : 5 / 398 ح 124 ، الكافي : 6 / 553 ح 8 ، بصائر الدرجات لابن فرّوخ الصفّار : 96 ح 4 ، دلائل الإمامة للطبري : 132 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 256 .

ص: 926

وعن إبراهيم بن عبدالحميد قال :اشتريت من مكّة بُردة وآليت (1) على نفسي أن لا تخرج من ملكي حتّى تكون كفني ، فخرجت بها إلى عرفة فوقفت فيها الموقف ثمّ انصرفت إلى المزدلفة (2) فبعد أن صلّيت فيها المغرب والعشاء رفعتها وطويتها ووضعتها تحت رأسي ونمت ، فلمّا انتبهت فلم أجدها فاغتممت لذلك غمّا شديدا ، فلمّا أصبحت صلّيت وأفضيت مع الناس إلى منى فإنّي واللّه في مسجد الخيف إذ أتاني رسول من أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام يقول لي : يقول (3) لك أبو عبد اللّه : أقبِل (4) في هذه الساعة ، فقمت مسرعا حتّى دخلت على أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام وهو في فسطاطه فسلّمت عليه وجلست فالتفت إليَّ وقال (5) : يا إبراهيم نحن نحبّ أن نعطيك بردة تكون لك كفنا قلت : والّذي يحلف به (6) إبراهيم لقد كانت معي بردة معدّها لذلك ولقد ضاعت منّي في المزدلفة ، فأمر غلامه فأتاني ببردة فتناولتها فإذا هي واللّه بردتي بعينها ، فقلت : بردتي يا سيّدي ، فقال : خذها واحمد اللّه تعالى يا إبراهيم فقد جمع اللّه عليك يا إبراهيم (7) .

وروي عن جعفر الصادق عليه السلام انّه قال لغلامه (8) يافد :يايافد إذا كتبت رقعة أو كتابا

.


1- .في (ب) : فآليت .
2- .في (د) : جمع .
3- .في (أ) : قال .
4- .في (أ) : تأتنا .
5- .في (ج ، د) : فقال .
6- .في (أ) : خلق .
7- .رويت هذه القصة بألفاظ متقاربة مع زيادة في بعضها وبعض المصادر اختصرتها فانظر مثلاً : الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 2 / 644 ح 52 ، و : 215 ح 20 ط آخر ، البحار : 47 / 109 ح 142 ، و147 ح 203 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 189 و192 ، إحقاق الحقّ : 12 / 256 ، نور الأبصار للشبلنجي : 297 .
8- .في (ج) : لمولاه .

ص: 927

في حاجة وأردت أن تنجح حاجتك الّتي تريد فاكتب في رأس الرقعة (1) بقلم غير مديد : بسم اللّه الرحمن الرحيم وعَد اللّه الصابرين المخرج ممّا يكرهون والرزق من حيث لايحتسبون . جعلنا اللّه وإيّاكم من الذين لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون . قال يافد : فكنت أفعل ذلك فتنجح حوائجي (2) .

مناقب أبي جعفر الصادق عليه السلام فاضلة ، وصفاته في الشرف كاملة ، وشرفه على جبهات الأيام سائلة ، وأندية المجد والعزّ بمفاخره ومآثره آهلة (3) . مات الصادق جعفر بن محمّد عليهاالسلام سنة ثمان وأربعين ومائة في شوّال 4 وله من العمر ثمان وستون سنة 5 أقام فيها مع جدّه عليّ بن الحسين اثني عشر سنة

.


1- .في (أ) : الورقة .
2- .انظر المصادر السابقة ، ففي بعضها «نافذ» بدل «يافد» وفي بعضها «ناقد» كما في نور الأبصار : 297 .
3- .انظر الاتحاف بحبّ الأشراف : 54 بلفظ : قال الشبراوي الشافعي ... ينابيع المودّة : 380 ، إحقاق الحقّ : 12 / 227 و218 قريب من هذا .

ص: 928

وأياما (1) ومع أبيه محمّد بن عليّ بعد وفاة جدّه ثلاثة عشر سنة (2) وبقى بعد موت أبيه أربعا وثلاثين 3 سنة وهي مدّة إمامته عليه السلام ، يقال إنّه مات بالسمّ في أيام المنصور (3) وقبره بالبقيع ، دفن في القبر الّذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه ، فللّه درّه من

.


1- .انظر كشف الغمة : 2 / 155 . وفي رواية ثانية أقام مع جدّه خمس عشرة سنة ، وإعلام الورى : 271 ، المناقب لابن شهر آشوب : 3 / 399 ، البحار : 47 / 4 ح 12 _ 14 ، روضة الواعظين : 253 ، دلائل الإمامة : 111 ، الهداية الكبرى : 247 . وعيون المعجزات : 94 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 181 .
2- .انظر نور الأبصار : 2 ، إحقاق الحقّ : 12 / 215 .
3- .انظر المصباح للكفعمي : 523 ، البحار : 47 / 2 و5 ح 4 و15 ، مطالب السؤول : 81 ، إحقاق الحقّ : 12 / 212 و216 ، ينابيع المودّة : 3 / 117 ح 3 ط اُسوة ، الصواعق المحرقة : 203 ، و : 121 ط آخر ، دلائل الإمامة : 111 بلفظ «سمّه المنصور فقتله» إسعاف الراغبين : 253 ، مشارق الأنوار للبرسي : 93 ، إثبات الهداة : 5 / 423 ح 164 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 399 ، إقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس : 97 .

ص: 929

قبر ما أكرمه وأشرفه (1) . وأمّا أولاده فكانوا سبعة ، ستة ذكور وبنت واحدة ، وقيل كانوا أكثر من ذلك 2 . أسماء الذكور : موسى الكاظم (2) إسماعيل 4

.


1- .انظر نزهة المجالس : 2 / 25 ، و : 1 / 50 ، إحقاق الحقّ : 12 / 214 ، و : 19 / 507 ، عيون التواريخ : 6 / 29 ، تاريخ ابن الوردي : 1 / 266 ، نور الأبصار : 298 . وفي وسيلة النجاة : 362 بلفظ «وما أكرم ذلك القبر بأنّ جمع من الأشراف الكرام» وفي ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 117 ط اُسوة بلفظ «ودفن بالقبة ... فيالها من قبّة ما أكرمها وأبركها وأشرفها» ومثله في الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي : 203 وانظر المصادر السابقة كلها تؤكد على انّه دفن في البقيع في القبر الّذي دفن فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه ، فلاحظ .
2- .سيأتي في الفصل القادم تفصيلاً كاملاً عن حياته عليه السلام .

ص: 930

ومحمّد (1) وعليّ (2) وعبد اللّه (3) وإسحاق 4 ، والبنت اسمها اُمّ فروة (4) رضوان اللّه عليهم .

.


1- .كان محمّد بن جعفر سخياً شجاعاً وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ويرى رأي الزيدية في الخروج بالسيف ... انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 211 _ 213 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 181 ، البحار : 47 / 243 ح 2 ، إعلام الورى للطبرسي : 293 ، المقالات والفِرق : 86 : فرق الشيعة : 87 ، الملل والنحل : 167 ، المجدي في أنساب الطالبيين : 96 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 207 ، الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 2 / 736 ح 49 ، فكلّ هذه المصادر تتكلّم عن حياته فلاحظها .
2- .كان عليّ بن جعفر راويا للحديث ، سديد الطريق ، شديد الورع ، كثير الفضل ، ولزم أخاه موسى عليه السلام وروى عنه شيئا كثيرا كما ذكر ذلك الشيخ المفيد في الإرشاد : 2 / 214 ، و : 322 ط آخر . وانظر ترجمته في رجال الكشّي : 429 ح 803 و804 ، والبحار : 47 / 263 ح 31 و32 ، و : 50 / 104 ح 19 ، إعلام الورى : 293 وزاد «وقال بإمامة أخيه ، وإمامة عليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وروى عن أبيه النصّ على موسى أخيه» .
3- .كان عبداللّه أكبر اخوته بعد إسماعيل ولم تكن منزلته عند أبيه كمنزلة غيره من ولده في الإكرام كما يقول الشيخ المفيد في الإرشاد : 2 / 210 و211 ، و : 320 ط آخر ، كشف الغمة : 2 / 180 ، البحار : 47 / 242 ح 2 . وانظر أيضا المصادر السابقة .
4- .اُمّ فروة وهي الّتي زوّجها من ابن عمّه الخارج مع زيد _ وهو الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين عليه السلام _ . انظر الهداية الكبرى للخصيبي : 247 ، وتاريخ ابن الخشّاب : 187 . وانظر أيضا الإرشاد : 2 / 209 ، عمدة الطالب : 233 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 105 ، وكشف الغمّة للإربلي : 2 / 161 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 400 .

ص: 931

الفصل السابع : في ذكر أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام

الفصل السابع : في ذكر أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام وهو الإمام السابع 1 وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته وعدد أولاده وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتصل بهقال بعض أهل العلم : الكاظم هو الإمام الكبير القدر ، والأوحد الحجّة الحبر ،

.

ص: 932

الساهر ليله قائما ، القاطع نهاره صائما ، المسمّى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظما ، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى اللّه ، وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين ونيل مطالبهم وبلوغ مآربهم وحصول مقاصدهم (1)(2) . قال الشيخ المفيد : كان أبو الحسن موسى الكاظم هو الإمام بعد أبيه والمقدّم على جميع بنيه لاجتماع خلال (3) الفضل فيه والكمال ، وورود صحيح النصوص وجليّ الأقوال عليه من أبيه بأنّه وليّ عهده والإمام القائم من بعده (4) .

.


1- .في نسخة (ب) : قضاء حوائج المتوسّلين به إلى اللّه ، من دون بقية العبارة .
2- .انظر نور الأبصار : 301 ، أسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار : 246 ، الأنوار القدسية للسنهوتي : 38 ، الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي : 121 ، الروضة الندية : 11 ، ينابيع المودّة : 3 / 117 ط اُسوة .
3- .في (أ) : خصال .
4- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 215 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ . وانظر المصادر السابقة الّتي دلّت على إمامته من قِبل أبيه عليه السلام .

ص: 933

روى أبو عليّ الأرجاني عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السلام في منزله فإذا هو في بيت كذا ومسجد له من داره (1) وهو يدعو وعلى يمينه ولده موسى بن جعفر الكاظم يؤمّن على دعائه ، فقلت له : جعلني اللّه فداك (2) قد عَرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك فمن وَليُّ الأمر بعدك؟ فقال : يا عبدالرحمن إنّ موسى قد لبس الدرع واستوت (3) عليه ، فقلت له : لا أحتاج بعد هذا إلى شيء» (4) . وروى عبدُ الأعلى (5) عن الفيض بن المختار (6) قال : قلت لأبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام : خُذْ بيدي من النار مَنْ لنا بعدك؟ قال : فدخل أبو إبراهيم موسى الكاظم وهو يومئذٍ غلام فقال : هذا صاحبكم فتمسّك به (7) .

.


1- .في (أ) : فإذا هو في مسجد له من داره .
2- .في (أ) : جعلت فداك .
3- .في (ج) : فاستوت .
4- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 217 ، الكافي : 1 / 245 ح 3 ، البحار : 48 / 17 ح 17 ، الكافي : 1 / 308 ح 3 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 468 ح 4 ، و : 324 ط آخر ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 288 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 220 ، الصراط المستقيم : 2 / 162 ، إحقاق الحقّ : 12 / 299 ومرآة العقول للمجلسي : 3 / 330 .
5- .هو عبدُ الأعلى مولى آل سام من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ، وأنّه اذن له في الكلام لأنه يقع ويطير ، وقد تضمّن عدّة أخبار أنّه عليه السلام دعاه إلى الأكل معه من طعامه المعتاد ومن طعام اُهدي له . ويمكن أن يكون الراوي هو عبدالأعلى بن أعين العجلي مولاهم الكوفي من أصحاب الصادق ، وقيل باتّحادهم .
6- .هو الفيض بن المختار الجعفي الكوفي ، روى عن الباقر والصادق والكاظم عليهم السلاموهو أوّل من سمع عن الصادق عليه السلام نصّه على ابنه الكاظم عليه السلام انظر معجم رجال الحديث : 13 / 436 ، رجال النجاشى : 311 تحت رقم 851 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 321 .
7- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 217 ، الكافي : 1 / 245 ح 1 ، و : 307 ح 1 ط آخر ، البحار : 48 / 18 ح 18 و19 ، إعلام الورى : 297 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 288 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 468 ح 2 ، الصراط المستقيم للشيخ عليّ بن يونس العاملي : 2 / 163 ، كشف الغمّة : 2 / 220 ، وقريب من هذا في رجال الكشّي : 354 ح663 ، التهذيب : 7 / 199 ح 27 ، بصائر الدرجات لابن فرّوخ الصفّار : 336 ح 11 .

ص: 934

وعن ابن أبي نجران عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام : بأبي أنت واُمي إنّ الأنفس يُغدى عليها ويُراح (1) فإذا (2) كان ذلك فمن؟ فقال جعفر : إذا كان ذلك فهو (3) صاحبكم ، وضرب بيده على منكب [أبي الحسن الأيمن وهو فيما أعلم يومئذٍ خماسي وعبد اللّه بن جعفر جالس معنا] (4) موسى الكاظم . ولد موسى الكاظم بالأبواء (5) سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة 6 .

.


1- .أي هي في معرض الموت صباحا ومساءً ، كنّى بهما عن كلّ الأوقات .
2- .في (أ) : فإن .
3- .في (أ) : فهذا .
4- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 218 ، و : 324 ط آخر ، الكافي : 1 / 246 ح 6 ، و : 309 ط آخر ، البحار : 48 / 18 ح 20 و21 ، إعلام الورى لأمين الإسلام الطبرسي : 297 ، حلية الأبرار للمحدث البحراني : 2 / 289 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 469 ح 8 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 220 إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري : 12 / 299 .
5- .الأبواء : قرية من أعمال المدينة بينها وبين الجحفة ممّا يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً . وقيل : جبل على يمين المصعد إلى مكّة من المدينة . انظر معجم البلدان : 1 / 79 . والأبواء هي المدينة الّتي توفيت فيه آمنة بنت وهب اُمّ الرسول الكريم صلى الله عليه و آله ودفنت فيها كما ذكر ابن قتيبة في المعارف : 150 . وانظر المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 437 .

ص: 935

وأمّا نسبه أبا واُمّا فهو موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رض) (1) . وأمّا اُمّه فتسمّى حميدة البربرية 2 . وأمّا كنيته : فأبو الحسن (2) ، وألقابه كثيرة أشهرها : الكاظم ثمّ الصابر والصالح

.


1- .تقدّمت إستخراجاته .
2- .انظر الإرشاد : 2 / 215 ، و : 323 ط آخر وزاد «أبو إبراهيم وأبو عليّ» مقاتل الطالبيين : 413 وزاد «وأبو إبراهيم» البحار : 48 / 11 ح 6 ، وفي مطالب السؤول : 83 زاد «وأبو إسماعيل» وفي المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 437 بلفظ «أبو الحسن الأوّل وأبو الحسن الماضي وأبو إبراهيم وأبو عليّ» . وانظر دلائل الإمامة : 148 ، نور الأبصار : 301 ، الهداية الكبرى للخصيبي : 263 ، وسيلة النجاة : 364 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 348 ، البداية والنهاية لابن كثير بلفظ «أبو الحسن الهاشمي» وفي مرآة الجنان لليافعي : 1 / 394 بلفظ «السيّد أبو الحسن موسى الكاظم» فصل الخطاب للخواجة پارسا البخاري على ما في ينابيع المودّة : 382 ، إحقاق الحقّ : 12 / 297 _ 307 ، و : 19 / 538 .

ص: 936

والأمين 1 . صفته: أسمر غميق (1) ، شاعره السيّد الحميري (2) ،بابه (3) : محمّد بن الفضل (4) ،

.


1- .انظر نور الأبصار : 301 ، إحقاق الحقّ : 12 / 298 . ولكن في المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 437 والبحار : 48 / 11 ح 7 بلفظ «وكان عليه السلام أزهر إلاّ في القيظ لحرارة مزاجه ، ربع ، تمام خضر ، مالك ، كثّ اللحية» وفي عمدة الطالب : 196 بلفظ «أسود اللون ، عظيم الفضل ، رابط الجأش ، واسع العطاء ، وكان يضرب المثل بصرار موسى ...» .
2- .تقدّمت ترجمته . وانظر نور الأبصار : 301 ، إحقاق الحقّ : 12 / 298 البحار : 48 / 173 ح 15 ، وهذه المصادر كلّها تؤكد على انّه شاعر الإمام موسى الكاظم عليه السلام .
3- .في (أ) : بوّابه .
4- .لم أعثر على محمّد بن الفضل بل وجدت محمّد بن المفضّل بن عمر وهو الصحيح وقد عدّه الخصيبي في الهداية الكبرى : 128 من الأبواب وكذلك الكفعمي في المصباح : 523 . وانظر الإرشاد : 2 / 250 فقد ورد بلفظ محمّد بن الفضيل وهو الّذي يروي عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وكذلك في الكافي : 1 / 249 ح 6 ، وعيون أخبار الرضا : 1 / 31 ح 25 ، والغيبة للطوسي : 37 ح 14 ، والبحار : 49 / 19 ح 23 ، ولايبعد أن يكون هو المقصود وحدث تصحيف ، فانظر معجم رجال الحديث : 17 / 145 فقد ذكره من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام. أمّا في المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 325 ففيه : المفضّل بن عمر الجعفي ، واللّه عالمٌ بحقائق الاُمور .

ص: 937

نقش خاتمه «الملك للّه وحده» (1) ، معاصره الهادى موسى (2) وهرون الرشيد (3) . وأمّا مناقبه وكراماته الظاهرة وفضائله وصفاته الباهرة تشهد له بأنه افترع منه (4) الشرف وعلاها وسما إلى أوج المزايا فبلغ أعلاها ، وذللت له كواهل السيادة فركبها وامتطاها ، وحكم في غنائم المجد فأختار صفاياها فاصطفاها (5) . فمن ذلك ماأخبر به الفضل بن الربيع عن أبيه عن جدّه أنّ المهدي لمّا حبس موسى بن جعفر الكاظم [ففي بعض الليالي ]رأى [المهدي ]في النوم (6) عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول له : يا محمّد «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُواْ

.


1- .انظر نور الأبصار : 301 ، البحار : 48 / 11 ح 9 ، إحقاق الحقّ : 12 / 298 . وجاء في عيون أخبار الرضا : 2 / 59 ح 206 ، وأمالي الصدوق : 371 ح 5 بلفظ «حسبي اللّه » ومثله في الكافي : 6 / 473 ح 4 و5 ودلائل الإمامة : 149 ، والبحار : 48 / 10 ح 4 و5 .
2- .هو موسى بن محمّد المهدي بن أبي جعفر المنصور ، تولّى الخلافة بعد أبيه وتولّى له البيعة هارون أخوه ببغداد وموسى بجرجان ، وكانت ولاية موسى سنةً وشهرا ، ويكنى أبا محمّد واُمّه الخيزران ، وتوفي ببغداد سنة (170 ه) وقد بلغ من السنّ خمسا وعشرين سنة . انظر المعارف لابن قتيبة : 381 _ 381 ، تاريخ الطبري : 6 / 272 ، صاحب الفخري : 155 . وقد وصفه المسعودي في مروج الذهب : 3 / 335 والفخري : 171 بلفظ «كان موسى قاسي القلب شرس الأخلاق ، صعب المرام ...» وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي : 279 بلفظ « ... وكان يتناول السكر ويلعب ويركب حمارا فارها ... وكان جبّارا» .
3- .تقدّمت حياته .
4- .في (أ) : قبّة .
5- .انظر المصادر الموجودة في الهامش 1 من هذه الصفحة .
6- .في (ج) : منامه .

ص: 938

أَرْحَامَكُمْ» (1) قال الربيع : فأرسل إليَّ المهدي ليلاً فراعني وخفت من ذلك ، فلمّا دخلتُ عليه (2) فإذا هو يقرأ هذه الآية وكان من أحسن الناس صوتا ، فقال : عليَّ الآن بموسى بن جعفر فجئته (3) به فعانقه وأجلسه إلى جانبه (4) وقال : يا أبا الحسن إنّي رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في هذه الساعة في النوم فقرأ عليَّ كذا وكذا فتؤمنّي أن لاتخرج عليَّ ولا على أحدٍ من ولدي؟ فقال : واللّه لافعلت ذلك ولا هو من شأني ، قال : صدقت ، يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار وردّه (5) إلى أهله إلى المدينة . قال الربيع فأحكمت أمره في ثاني ليلة (6) وقضيت جميع حوائجه وما (7) أصبح إلاّ وقد قطع أرضا خوفا عليه من العوائق 8 .

.


1- .محمّد : 22 .
2- .في (د) : جئت إليه .
3- .في (أ) : فجيء .
4- .في (ج) : جنبه .
5- .في (ج ، د) : زوده .
6- .في (ب) : ليلاً .
7- .في (أ) : فما ، وفي (د) : ما .

ص: 939

قال حسام (1) بن حاتم الأصمّ : قال لي [أبي] حاتم : [قال لي] شقيق البلخي (2) : خرجت حاجّا في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسيّة فبينا (3) أنا انظر [إلى ]الناس في مخرجهم إلى الحاجّ وزينتهم وكثرتهم إذ (4) نظرت إلى فتىً (5) حسن الوجه شديد السمرة ضعيف (6) فوق ثيابه ثوب صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا ، فقلت في نفسي : هذا الفتى من الصوفية ويريد أن يخرج مع الناس فيكون كلاًّ على الناس (7) في طريقهم واللّه لأمضينّ إليه ولاُوبخنّه ، فدنوت منه فلمّا رآني مقبلاً نحوه قال : ياشقيق «اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ» (8) ثمّ تركني (9) ومضى (10) ، فقلت في نفسي : إنّ هذا الأمر عظيم قد تكلّم بما (11) في

.


1- .في (ب) : هشام ، وفي بعض المصادر : خشنام كما في كشف الغمّة وإثبات الهداة وغيرهما .
2- .هو شقيق بن إبراهيم البلخي الأزدي ، زاهد صوفي من مشاهير المشايخ في خراسان ، حدّث عن أبي حنيفة وقُتل في غزاة كولان _ بليدة في حدود بلاد الترك _ في سنة (153 ه) وقيل (194 ه) ترجم له في سير أعلام النبلاء للذهبي : 9 / 313 ، طبقات الأولياء لابن المُلقّن : 12 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 8 / 58 .
3- .في (أ) : فبينما .
4- .في (ج) : فإذ .
5- .في (أ) : شابّ .
6- .في (أ) : نحيف .
7- .في (أ) : عليهم .
8- .الحجرات : 12 .
9- .في (أ) : فتركني .
10- .في (أ) : وولّى .
11- .في (أ) : على ما .

ص: 940

نفسي (1) ونطق باسمي وما هذا إلاّ عبد صالح لألحقنّه ولأسأله الدعاء و أن يحلّلني ممّا ظننته (2) به ، فغاب عنّى ولم أره . فلمّا نزلنا واقصة (3) فإذا هو واقف يصلّي [وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري ]فقلت : هذا صاحبي أمضي إليه وأستحلّه (4) ، فصبرت حتّى جلس (5) من صلاته فالتفت إليَّ وقال : يا شقيق اتلُ «وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَ__لِحًا ثُمَّ اهْتَدَى» (6) ثمّ قام ومضى وتركني فقلت : ان هذا الفتى من الأبدال (7) لقد (8) تكلّم على سرّي مرّتين . فلمّا نزلنا زبالة (9) وإذا أنا بالفتى قائم على البئر وأنا أنظر إليه وبيده ركوة يريد أن يستقي فيها الماء ، فسقطت الركوة من يده في البئر فرمق إلى السماء بطرفه وسمعته يقول : أنت ربّي إذا ظمئت إلى الماء ، وأنت (10) قوّتي إذا طلبت طعاما (11) ، ثمّ قال : اللّهمّ إلهي وسيّدي مالى غيرها (12) فلا تعدمنيها . قال شقيق : فواللّه لقد رأيت الماء ارتفع إلى رأس البئر والركوة طافية عليه فمدّ يده وأخذها وملأها ماءً ، فتوضّأ منها

.


1- .في (أ) : خاطري .
2- .في (ب) : ظلمته .
3- .منزل بطريق مكة . انظر معجم البلدان : 5 / 354 .
4- .في (أ) : واستحلله .
5- .في (أ) : فرغ .
6- .طه : 82 .
7- .الأبدال : قوم من الصالحين لاتخلو الدنيا منهم ، سُمُّوا بذلك لأنهم كلّما مات واحد منهم أبدل اللّه مكانه آخر . انظر النهاية : 1 / 107 ، مجمع البحرين : 5 / 319 .
8- .في (أ) : قد .
9- .في (أ) : زبالاً .
10- .في (أ) : وهو .
11- .ورد هذا الدعاء في نسخة (ج) هكذا : ...إلى الماء وقوّتي إذا أردتُ طعاما .
12- .في (أ) : سواك .

ص: 941

وصلّى أربع ركعات ، ثمّ مال إلى كثيب رَملٍ فجعل يقبض بيده يطرحه في الركوة ويحركها ويشرب ، فأقبلت إليه (1) وسلّمت عليه فردّ عليَّ السلام فقلت : أطعمني من فضل ما أنعم اللّه عليك ، فقال : يا شقيق لم تزل نِعَم اللّه علينا (2) ظاهرة وباطنة فأحسن ظنّك بربّك ، ثمّ ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق وسكّر ، فواللّه ما شربت قطّ ألذّ منه ولاأطيب ريحا فشبعت ورويت وأقمت أياما لاأشتهى طعاما ولاشرابا . ثمّ لم أرَه حتّى حططنا (3) بمكة فرأيته ليلة إلى جنب قبّة الشراب في نصف الليل وهو قائم يصلّي بخشوع وأنين وبكاء ، فلم يزل كذلك حتّى ذهب الليل ، فلمّا رأى الفجر (4) جلس في مُصلاّه يُسبّح اللّه تعالى ، ثمّ قال إلى حاشيته الطواف فركع الفجر (5) هناك ثمّ صلّى فيه الصبح مع الناس ، ثمّ دخل الطواف فطاف إلى بعد شروق الشمس ، ثمّ صلّى خلف المقام ، ثمّ خرج يريد الذهاب فخرجت خلفه اُريد السلام عليه وإذا بجماعة قد طافوا به يمينا وشمالاً ومن خلفه ومن قدّامه ، وإذا له حاشية وغاشية (6) وموالٍ وخدم وحشم وأتباع قدخرجوا معه ، فقلت لهم : من هذا الفتى؟ فقالوا : هو موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقلت : لايكون هذا إلاّ لمثل هذا ، ثمّ إنّي انصرفت . وهذه الحكاية رواها جماعة من أهل التأليف والمحدّثين ، رواها ابن الجوزي في كتابه مسير العزم (7) الساكن إلى أشرف الأماكن ، ورواها الحافظ عبدالعزيز

.


1- .في (أ) : نحوه .
2- .في (أ) : عليك .
3- .في (ب) : دخلنا .
4- .في (أ) : إلى طلوع الفجر .
5- .كذا ، والصحيح «ثمّ قام إلى حاشية المطاف فركع ركعتي الفجر» كما في بعض المصادر كنور الأبصار .
6- .غاشيه فلان : خدمه وزوّاره وأصدقاؤه ينتابونه .
7- .الصحيح هو مثير الغرام كما ورد في كشف الظنون : 2 / 1589 وفي كشف الغمّة للإربلي : 2 / 213 . «اثارة العزم» .

ص: 942

الأخضر الجنابذي (1) في كتابه معالم العترة النبوية ، ورواها الرامهرمزي (2) قاضي القضاة في كتابه كرامات الأولياء ، وغيرهم 3 . ومن كتاب الدلائل للحميري روى أحمد بن محمّد عن أبي قتادة القمّي عن أبي خالد الزُبالي (3) قال : قدم علينا أبو الحسن موسى الكاظم عليه السلام زُبالة ومعه جماعة من أصحاب المهدي ، بعثهم [المهدي] في إشخاصه إليه إلى العراق من المدينة ذلك في مسكنه الاُولى ، فأتيته وسلّمت عليه فسرّ برؤيتي وأوصاني وأمرني بشراء حوائج له

.


1- .هو المحدّث الحافظ أبو محمّد عبدالعزيز بن أبي نصر محمود بن المبارك الجُنابذي المعروف ب «ابن الاخضر» ولد سنة (524 ه) وتوفي في (611 ه) قال عنه ابن نقطة : كان ثقة ثبتا مأمونا ، كثير السماع صحيح الاُصول ، منه تعلّمنا واستفدنا ، ومارأينا مثله .انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء : 22 / 31 ، معجم البلدان : 2 / 121 ، الكامل لابن الأثير : 12 / 126 .
2- .وهو ابن خلاّد ، وفي (أ ،ب) الرامهريزي .
3- .من أهل زبالة من أصحاب الكاظم عليه السلام . انظر معجم رجال الحديث: 21/139 . وفى نسخة (ج): الزابلي.

ص: 943

وتبييتها (1) عندي ، ونظر إليَّ فرآني غير منبسط وأنا مغموم (2) منقبض ، فقال : مالي أراك مغموما (3) ؟ فقلت : وكيف لا ، ورأيتك سائرا وأنت تصير إلى هذا (4) الطاغية ولا آمنه (5) عليك منه؟! فقال : يا أبا خالد ليس عليَّ منه بأس ، فإذا كانت سنة كذا في شهر كذا في يوم الفلاني فانتظرني آخر النهار مع دخول أوّل الليل فإنّي اُوافيك إن شاء اللّه تعالى . قال أبو خالد : فما كان لي هَمٌّ إلاّ إحصاء تلك الشهور والأيّام إلى ذلك اليوم الّذي وعدني المأتيّ فيه، فخرجت وانتظرته إلى أن غربت الشمس فلم أرَ أحدا فداخلني (6) الشكّ في أمره ، فلمّا كان دخول الليل فبينما أنا كذلك فإذا بسوادٍ قد أقبل من ناحية العراق [فقصدته] فإذا هو على بغلةٍ أمامٍ القطار فسلّمت عليه وسررت بمقدمه وتخلّصه ، فقال لي : داخلك الشكّ يا أبا خالد؟ فقلت : الحمدللّه الّذي خلّصك من هذا (7) الطاغية ، فقال : يا أبا خالد إنّ لي (8) إليهم عودة لا أتخلّص منها (9) . وروي عن عيس المدائني قال : خرجت سنة إلى مكة فأقمت [بها] مجاورا ثمّ

.


1- .في (أ) : تعبيتها ، في (ب ، د) : تعيينها .
2- .في (أ) : مفكّر .
3- .في (أ) : منقبضا .
4- .في (د) : هذه .
5- .في (أ) : آمن .
6- .في (ج) : فشككت .
7- .في (أ) : هذه .
8- .في (أ) : إنّ لهم إليَّ دعوة لا أتخلّص منها .
9- .انظر هذه القصة في قرب الإسناد : 140 ، البحار : 48 / 228 ح 32 و 33 ، و ص 72 ح 97 ، وكشف الغمّة للإربلي : 238 ، نور الأبصار : 303 ، إحقاق الحقّ للشهيد القاضي الشوشتري : 12 / 329 و 330 ، الكافي : 1 / 477 ح 3 ، إعلام الورى لأمين الإسلام الطبرسي : 305 ، إثبات الهداة : 5 / 503 ح 13 ، الخرائج والجرائح : 162 ، دلائل الإمامة للطبري : 168 ، مدينة المعاجز : 435 ح 31 ، و 462 ح 104 ، إثبات الوصية للمسعودي : 190 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 406 ، إعلام الورى : 305 .

ص: 944

قلت : أذهب إلى المدينة فاُقيم بها (1) سنة مثل ما أقمت بمكة فهو أعظم لثوابي (2) ، فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلّى إلى جنب دار أبي ذرّ (رض) وجعلت أختلف إلى سيّدى موسى الكاظم عليه السلام ، فبينما أنا عنده في ليلة مطيرة (3) إذ قال : يا عيسى ارجع (4) فقد انهدم بيتك (5) على متاعك ، فقمت فإذا البيت قد انهدم (6) على المتاع ، فاكتريت قوما كشفوا عن متاعي واستخرجت جميعه ولم يذهب لي شيء غير سطل الوضوء ، فلمّا أتيته من الغد قال : هل فقدت شيئا من متاعك فندعو اللّه لك بالخلف؟ فقلت : ما فقدت غير سطل (7) كنت أتوضأ به ، فأطرق رأسه [مليا ]ثلاثا (8) ثمّ رفعه فقال:قد ظننت أنّك أنسيت السطل (9) قِبل جارية ربّ الدار فاسألها عنه وقل لها أنسيت السطل في بيت الخلاء فردّيه فإنّها (10) ستردّه عليك . قال : فسألتلها عنه فردّته (11) . وعن عثمان بن عيسى قال : قال موسى الكاظم [أبو الحسن ]لإبراهيم بن عبدالحميد وقد لقيه سحرا وإبراهيم ذاهب إلى قبا (12) وموسى [أبو الحسن ]داخل

.


1- .في (ب) : أذهب اُقيم بالمدينة .
2- .في (أ) : وقدمت .
3- .في (د) : فأصابنا مطر شديد بالمدينة .
4- .في (أ) : قم .
5- .في (أ) : البيت .
6- .في (ج) : انهار .
7- .في (ب) : ما فقدت شيئا ما خلا سطلاً .
8- .كذا ، ولعلّها زائدة وهي غير موجودة في المصادر .
9- .في (أ) : أنسيته .
10- .في (أ) : وإنّها .
11- .انظر الخرائج والجرائح : 163 باختلاف يسير في بعض الألفاظ ، البحار : 48 / 60 ح 74 ، نور الأبصار للشبلنجي : 303 ، إحقاق الحقّ : 12 / 321 ، كشف الغمّة : 2 / 241 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 555 ح 98 باختصار ، المحجّة البيضاء : 4 / 276 .
12- .قُبا _ بالضم _ : قريه قرب المدينة ، وقبا اسم بئر بها ، وهي مساكن بنى عمرو بن عوف من الأنصار على بعد ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة ، وفيها مسجد التقوى عامر وقدّامه رصيف حسن وآبار ومياه عذبة . انظر مراصد الاطّلاع : 3 / 1061 .

ص: 945

إلى المدينة [فقال] : يا إبراهيم [فقلت : لبّيك] قال : إلى أين؟ قال : [قلت ]إلى قبا ، فقال : في أيّ شيء؟ فقلت : انّا في كلّ سنة نشتري من هذا التمر فأردت أن آتي رجلاً في هذه السنة من الأنصار فأشتري منه نخلاً [من الثمار ]فقال له موسى : وقد آمنتم الجراد؟ ثمّ دخل (1) ومضيت أنا فأخبرت أبا العزّ فقال : لا واللّه لا أشتري العام نخلة ، فوقع كلامه في صدره (2) فلم يشتر شيئا ، فما مرّت [بنا ]خامسة حتّى بعث اللّه جرادا فأكل عامّة [مافي ]النخل (3) . ونقل صاحب كتاب نثر الدرّ (4) [قال : وكتب عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن] (5) أنّ موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ذكر له أنّ الهادي قدهمّ بك [وعنده جماعة] قال لأهل بيته ومن يليه [بما عزم عليه موسى بن المهدي في أمره] : ما تشيرون به عليَّ من الرأي؟ فقالوا : نرى أن تتباعد عنه وأن تغيّب شخصك عنه (6) فإنه لا يؤمَن عليك من شرّه ، فتبسّم أبو الحسن ثمّ قال : زعمت سخينة (7) أن ستغلب ربّها فليغلبنّ مغالب الغلاّب (8) ثمّ إنّه رفع يده إلى السماء فقال : إلهي (9) كم من عدوٍّ شحذ لي ظبّة مديته (10) وداف لي قواتل سمومه ولم تنم عنّي عين حراستك ، فلمّا رأيتَ ضعفي عن احتمال الفوادح وعجزي عن ملمّات الحوائج (11) صرفتَ عنّي ذلك بحولك وقوّتك لابحولي وقوّتي وألقيته (12) في الحفيرة الّتي (13) احتفره لي (14) خائبا ممّا أمّله في دنياه (15) متباعدا عمّا يرجوه في اُخراه (16) فلك الحمد على ذلك قدر ما عممتني فيه من نعمك وماتولّيتني من جودك وكرمك . اللّهمّ فخذه بقوّتك (17) وافلل حدّه عنّي بقدرتك واجعل له شغلاً فيما يليه وعجزا به عمّا ينويه (18) . اللّهمّ وأعدني عليه عدوةً حاضرةً

.


1- .في (أ) : فارقه .
2- .في (ج) : قلبه .
3- .انظر قرب الإسناد للحميري : 145 ، بحار الأنوار : 48 / 46 ح 30 و 31 ، مدينة المعاجز : 441 ح 53 ، إحقاق الحقّ : 12 / 330 باختلاف يسير في بعض الألفاظ ومثله في كشف الغمّة للإربلي : 2 / 245 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 353 ، إعلام الورى : 275 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 398 ح 123 وهذه القصة رويت عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام فانظر المصادر السابقة للاطّلاع .
4- .كذا ، والصحيح هو «نثر الدرر» لمنصور بن الحسين الآبي (ت 421 ه) الهيئة المصرية للكتّاب في القاهرة . وسبق وأن ترجمنا له .
5- .في (ج) : قال اُنهي الخبر إلى أبي الحسن .
6- .في (د) : منه .
7- .السخينة طعام يتخذ من الدقيق ، دون العصيدة في الرقة ، وفوق الحساء ، وكانوا يأكلونها في شدة الدهر وغلاء السعر وعجف المال ، وكانت قريش تعيّر بها لأنها كانت تكثر من أكلها حتّى سمُّوا سخينة .
8- .نسب هذا البيت إلى كعب بن مالك أخي بني سلمة كما ذكر السيّد ابن طاووس في مهج الدعوات : 217 _ 227 وكذلك في البحار : 48 / 150 ، والمناقب لابن شهرآشوب : 3 / 423 ، و : 4 / 307 ، ولسان العرب لابن منظور : 13 / 206 . وينسب هذا البيت أيضا إلى حسّان بن ثابت الأنصاري كما ذكر ابن عبد ربه في العقد الفريد : 2 / 263 ، و : 6 / 111 و 127 ، و : 8 / 4 ، وأضاف قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهلحسّان بن ثابت : لقد شكر اللّه لك قولك حيث تقول ... وفي نسخة (أ) : ليغلبنّ ، وفي (د) : وليغلبنّ .
9- .في (د) : اللّهمّ .
10- .الظبّة : حدّ السيف أو السنان ونحوهما . والمدية : الشفرة الكبيرة ، وزاد في (ب ، د) : وأرهف لي شباحدّه كما في المناقب لابن شهرآشوب .
11- .في (أ) : كلمات الجوانح .
12- .في (ب) : فألقيته .
13- .في (ب) : الّذي .
14- .في (أ) : إليَّ .
15- .في (أ) : دنيا ، وفي (ج) : دنا .
16- .في (ج) : آخرته .
17- .في (ب) : بعزتك .
18- .في (ج) : عمّن يناويه .

ص: 946

تكون من غيظي شفاءً ومن حقّي (1) عليه وفاءً ، وصل اللّهمّ دعائي بالإجابة وانظم شكايتي بالتعبير وعرّفه عمّا قليل ماوعدت [الظالمين ]به من الأجابة لعبيدك المضطرّين إنّك ذو الفضل العظيم والمنّ الجسيم . ثمّ إنّ أهل بيته انصرفوا عنه ، فلمّا كان بعد مدّة يسيرة حتّى اجتمعوا لقراءة الكتاب الوارد على موسى الكاظم بموت موسى الهادى ، وفي ذلك يقول بعضهم : وسارية لم تسر في الأرض تبتغي محلاًّ ولم يقطع بها الأرض (2) قاطع من أبيات ممّا قيل في الدعاء المستجاب (3) . وعن عبد اللّه بن إدريس عن ابن سنان قال : حمل الرشيد في بعض الأيّام إلى عليّ بن يقطين 4 ثيابا فاخرة أكرمه بها وكان في (4) جملتها دُرّاعة [خزّ] منسوجة

.


1- .في (أ) : حنقي .
2- .في (د) : البُعد .
3- .انظر عيون الأخبار : 1 / 79 ح 7 ، البحار : 48 / 217 و 218 ح 17 _ 19 ، و : 95 / 209 ح 1 ، و : 94 / 337 ح 6 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 264 ، مستدرك الوسائل : 5 / 260 ح 5 ، أمالي الشيخ الطوسي : 2 / 35 ، أمالي الشيخ الصدوق : 307 ح 2 ، مدينة المعاجز : 448 ح 70 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 510 ح 28 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 250 ، مهج الدعوات : 28 ، إحقاق الحقّ : 12 / 325 .
4- .في (أ) : من .

ص: 947

بالذهب سوداء من لباس الملوك (1) ، فأنفذ بها عليّ بن يقطين إلى موسى الكاظم عليه السلام فردّها الإمام إليه وكتب إليه أن احتفظ بها ولاتخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج إليها معه ، فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه ولم يدر ما سبب كلامه ذلك . ثمّ احتفظ (2) بالدُرّاعة وجعلها في سفط وختم عليها ، فلمّا كان بعد ذلك بمدّة يسيرة تغيّر عليّ بن يقطين على غلامه (3) ممّن كان يختصّ باُموره ويطّلع عليها ، فصرفه عن خدمته وطرده لأمر أوجب ذلك منه . فسعى الغلام بعليّ بن يقطين (4) إلى الرشيد وقال له : إنّ عليّ بن يقطين يقول بإمامة موسى الكاظم عليه السلام وإنه يحمل إليه في كلّ سنة زكاة ماله والهدايا والتحف ، وقد حمل إليه في هذه السنة ذلك وصحبته الدُرّاعة السوداء الّتي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا . فاستشاط الرشيد لذلك وغضب غضبا شديدا وقال : لأكشفنّ عن هذه الحال (5) فإن كان الأمر على ما ذكرت أزهقت نفسه (6) وذلك من بعض جزائه . فأنفذ في الوقت والحين أن يحضر عليّ بن يقطين ، فلمّا مثُل بين يديه قال : ما

.


1- .في (أ) : الخلفاء .
2- .في (د) : فاحتفظ .
3- .في (أ) : بعض غلمانه ، في (ج) : غلمانه .
4- .أي نمَّ عليه ووشى به .
5- .في (أ) : عن ذلك .
6- .في (أ) : روحه .

ص: 948

فعلت بالدُرّاعة السوداء الّتي كسوتك بها (1) واختصصتك بها من مدّة من بين سائر خواصّي؟ قال : هي عندي يا أمير المؤمنين في سفط فيه طيب مختوم عليها ، فقال : احضرها الساعة ، فقال : نعم يا أمير المؤمنين السمع والطاعة ، فاستدعى بعض خدمه فقال : امض وخذ مفتاح البيت الفلاني من داري وافتح الصندوق الفلاني وجئني (2) بالسفط الّذي فيه على حالته بختمه . فلم يلبث الخادم إلاّ قليلاً حتّى عاد وفي صحبته السفط مختوما على حالته بختمه ، فوضع بين يدي الرشيد ، فأمر بكسر (3) ختمه ففكّ وفتح السفط فإذا بالدُرّاعة فيه مطوية ومدفونة بالطيب على حالها لم تُلبس ولم تُدنس ولم يُصبها شيء من الأشياء . فقال لعليّ بن يقطين : ارددها (4) إلى مكانها وخذها وانصرف راشدا فلن اُصدّق (5) بعدها عليك ساعيا ، وأمر أن يُتبع بجائزة سنية وأمر أن يُضرب الساعي ألف سوط فضُرب ، فلمّا بلغوا إلى خمسمائة سوط مات تحت الضرب قبل الألف (6) . وكان [أبو الحسن] موسى الكاظم عليه السلام أعبد أهل زمانه وأعلمهم (7) وأسخاهم كفّا

.


1- .في (أ) : كسوتكها .
2- .في (أ) : وائتني .
3- .في (أ) : بفكّ .
4- .في (أ) : ردّها .
5- .في (أ) : نصدّق .
6- .رويت هذه القصة في مصادر عديدة وأوردها ابن شهرآشوب في مناقبه : 4 / 289 ، و : 3 / 408 ط آخر بشكل مختصر ، وأوردها الراوندي في الخرائج والجرائح : 1 / 334 ح 25 ، وفي ص 343 بلفظ آخر يختلف عن هذه الألفاظ ولكنها تؤدّي نفس المعنى فلاحظ والطبرسي في إعلام الورى : 293 و 203 مع تغيّر في بعض الألفاظ وكذلك في التقديم والتأخير ، وانظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 225 _ 227 ، و : 329 ط آخر ، والبحار : 48 / 137 ح 12 ، و59 ح 60 و72 و73 ، نور الأبصار : 304 ، وسيلة النجاة : 368 ، إحقاق الحقّ : 12 / 319 و 320 ، دلائل الإمامة : 158 ، مدينة المعاجز : 428 ح 12 ، الصراط المستقيم : 2 / 192 ح 20 ، عيون المعجزات : 99 .
7- .إعلام الورى : 296 .

ص: 949

وأكرمهم نفسا (1) ، وكان يتفقُد فقراء المدينة في الليل ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم والنفقات ولايعلمون من أيّ جهة وصلهم ذلك ، ولم يعلموا بذلك إلاّ بعد موته عليه السلام وكان كثيرا مّا يدعو . «اللّهمّ إنّي أسالك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب» (2) . وحكي أنّ الرشيد سأله يوما : كيف قلتم نحن (3) ذرّية رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوأنتم أبناء (4) عليّ وإنّما يُنسب الرجل إلى جدّه لأبيه دون جدّه لاُمّه؟! فقال الكاظم عليه السلام : أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم : «وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَ_نَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَ_رُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ» (5) وليس لعيسى أب وإنما اُلحق بذرّية الأنبياء من قِبل اُمّه ، وكذلك اُلحقنا بذرّية النبي من قِبل اُمّنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام .وزيادة اُخرى يا أمير المؤمنين قال اللّه عزّوجلّ : «فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ ...» (6) ولم يدع صلى الله عليه و آلهعند مباهلة النصارى غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين وهما الأبناء 7 .

.


1- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 296 ، و : 2 / 231 ط آخر وزاد « ... فيحمل إليهم الزنبيل فيه العين (الذهب والدنانير) والورق (الفضّه والدراهم) والأدقة _ جمع دقيق وهو الطحين _ والتمور فيوصل إليهم ذلك ولايعلمون من أيّ جهة هو» . وانظر حلية الأبرار : 2 / 253 ، والوسائل : 4 / 1074 ح 8 و 9 ، والبحار : 86 / 230 ح 54 ، و : 48 / 101 ح 5 .
2- .انظر إعلام الورى : 296 ، مناقب آل أبي طالب : 4 / 318 ، البحار : 48 / 101 ح 5 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 231 ، حلية الأبرار : 2 / 253 ، الوسائل : 4 / 1074 ح 8 و 9 ، الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 463 .
3- .في (ج) : إنّا .
4- .في (أ) : بنو .
5- .الأنعام : 84 و85 .
6- .آل عمران : 61 .

ص: 950

وروي أنّ موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام أحضر وُلده يوما فقال لهم : يا بَنيَّ إنّي موصيكم بوصية مَن حفظها انتفع بها ، إذا أتاكم آتٍ فأسمع أحدكم في الاُذن اليمنى مكروها ثمّ تحوّل إلى الاُذن اليسرى فاعتذر وقال لم أقل شيئا فاقبلوا عذره (1) . وروي عن موسى بن جعفر عليه السلام عن آبائه مرفوعا قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : نظر الولد إلى والديه حبّا لهما عبادة 2 . وعن إسحاق بن جعفر قال : سألت أخي موسى بن جعفر قلت : أصلحك اللّه أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، قلت: أيكون جبانا؟ قال : نعم ، قلت : أيكون خائنا؟ قال : لا ولايكون كذّابا 3 . ثمّ قال : حدّثني أبي جعفر الصادق عليه السلام عن آبائه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : كلّ خلّة يطوى المؤمن عليها ليس الكذب والخيانة . 4 .

.


1- .انظر المصادر السابقة

ص: 951

وروي أحمد بن عبد اللّه بن عماد (1) عن محمّد بن عليّ النوفلي (2) قال : كان السبب في أخذ الرشيد موسى بن جعفر وحبسه أنه سعى به إليه جماعة وقالوا : إنّ الأموال تُحمل إليه من جميع الجهات والزكوات والأخماس ، وإنّه اشترى ضيعة سمّاها اليسيرية (3) بثلاثين ألف دينار ، فخرج الرشيد في تلك السنة يريد الحجّ وبدأ بدخوله إلى المدينة ، فلمّا أتاها (4) استقبله موسى بن جعفر في جماعة من الأشراف ، فلمّا دخلها واستقرّ ومضى كلٌّ إلى سبيله ذهب موسى على جاري عادته إلى المسجد وأقام الرشيد إلى الليل وصار (5) إلى قبر رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفقال : يا رسول اللّه إنّي أعتذر إليك من أمر (6) اُريد أن أفعله وهو أن احبس (7) موسى بن جعفر عليه السلام فإنه يريد التشتيت (8) بين اُمّتك وسفك دمائهم (9)(10) ، وإنّي اُريد حقنها .

.


1- .كذا ، والظاهر أنّ الصحيح «عمّار» كما في بعض المصادر .
2- .كذا ، والظاهر أنّ الصحيح «عليّ بن محمّد النوفلي» .
3- .في (أ ،ج) : التيسيرية ، و في بعض النسخ : اليسيرة ، وهو موافق لمّا ورد في الغيبة للطوسي : 21 ، ومقاتل الطالبيين لأبي فرج الاصبهاني : 419 ، والإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 238 ، وعيون الأخبار لابن قتيبة : 1 / 69 .
4- .في (ب) : ورد المدينة .
5- .في (أ) : وسار .
6- .في (ب) : شيء .
7- .في (أ) : أمسك .
8- .في (أ) : التشعيب .
9- .في (د) : دمائها .
10- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 239 ، ومثله في مقاتل الطالبيين : 415 . وفي عيون أخبار الرضا : 1 / 73 ح 3 ، والبحار : 48 / 213 ح 13 بلفظ «بأبي أنت واُمّي يا رسول اللّه ... من أمر قد عزمت عليه ... لأني قد خشيت أن يُلقي بين اُمتك حربا يسفك فيها دماءهم» وفي رواية «قَبص الرشيد على الإمام وهو عند رأس النبي صلى الله عليه و آله قائما يصلّي ، فقطع عليه صلاته ...» ومثله في الغيبة للطوسي : 21 ، وإثبات الهداة : 5 / 520 ح 37 .

ص: 952

ثمّ خرج فأمر به فاُخذ من المسجد ودخل (1) به إليه فقيّده في تلك الساعة واستدعى بقبّتين (2) فجعل كلّ واحدة منهما على بغل فجعله في إحدى القبّتين وسترها بالسقلاط (3) وجعل مع كلّ واحدة منهما خيلاً وأرسل بواحدة منهما من على طريق البصرة وبواحدة [من] على طريق الكوفة ، وإنّما فعل الرشيد ذلك ليُعمّي أمره على الناس . وكان موسى الكاظم في القبّة الّتي أرسل بها على طريق البصرة ، وأوصى القوم الذين كانوا معه أن يسلّموه إلى عيسى بن جعفر بن منصور (4) وكان على البصرة يومئذٍ واليا ، فسلّموه إليه ، فتسلّمه منهم وحبسه عنده سنة (5) . فبعد السنة كتب إليه الرشيد في سفك دمه وإراحته منه ، فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خواصّه وثقاته اللائذين (6) به والناصحين له فاستشارهم بعد أن أراهم ما كتب به إليه الرشيد ، فقالوا : نشير عليك بالاستعفاء من ذلك وأن لاتقع فيه ، فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول : يا أمير المؤمنين كتبت إلىَّ في هذا الرجل وقد

.


1- .في (ج) : فدخل .
2- .انظر عيون أخبار الرضا : 1 / 85 ح 10 ، والبحار : 48 / 221 ح 25 وزادا «فلمّا جنّ الليل أمر بقبّتين فهيئتا له فحمل موسى بن جعفر إلى أحدهما في خفاء ودفعه إلى حسّان السروي _ إلى أن قال : _ ووجّه قبّة اُخرى علانية نهارا إلى الكوفة ... فقدم حسّان البصرة قبل التروية بيوم ...» ومثله في المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 440 .
3- .نوع من الثياب الرومية .
4- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 239 ، مقاتل الطالبيين : 415 وليس كما ورد في عيون أخبار الرضا : 1 / 85 ح 10 «عيسى بن جعفر بن أبي جعفر» والصحيح هو «عيسى بن جعفر بن المنصور الّذي كان واليا على البصرة» كما ورد في أكثر المصادر السابقة .
5- .انظر الغيبة للطوسي : 21 ، البحار : 48 / 231 ح 38 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 520 ح 37 ، مقاتل الطالبيين : 415 ، والإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 239 .
6- .في (د) : اللذين .

ص: 953

اختبرته طول مقامه في حبسي بمن حبسته معه عينا عليه لتنظروا (1) حيلته وامره وطويته بمن له المعرفة والدراية ويجري من الإنسان مجرى الدم ، فلم يكن منه سوء قطّ ، ولم يذكر أمير المؤمنين إلاّ بخير ، ولم يكن عنده تطلّع إلى ولاية ولاخروج ولاشيء من أمر الدنيا ، ولاقطّ دعا على أمير المؤمنين ولا على أحد من الناس ، ولايدعو إلاّ بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين ، مع ملازمته للصيام والصلاة والعبادة ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره وينفذ مَن يتسلّمه منّي و إلاّ خلّيت (2) سبيله فإني منه في غاية الحرج 3 . وروي أنّ شخصا من بعض العيون الّتي كانت عليه في السجن رفع إلى عيسى بن جعفر أنه سمعه يقول في دعائه : اللّهمّ إنّك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك اللّهمّ وقد فعلتَ فلك الحمد (3) .

.


1- .كذا ، والصحيح : لينظروا .
2- .في (أ) : أو لأسرحت ، وفي (د) : لسرّحت .
3- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 240 ، و : 332 ط آخر ، البحار : 48 / 107 و 101 ح 5 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 433 ، إحقاق الحقّ : 12 / 304 و 305 ، إعلام الورى : 306 ، حلية الأبرار : 2 / 253 ، الوسائل : 4 / 1074 ح 8 و 9 ، الخرائج والجرائح : 463 وهنالك أدعية اُخرى للإمام عليه السلام يقولها في سجوده منها : «قَبُحَ الذنبُ من عبدك فليحسُن العفو والتجاوز من عندك» رواه الزمخشري في ربيع الأبرار : 225 (مخطوط) .

ص: 954

فلمّا بلغ الرشيد كتاب عيسى بن جعفر كتب 1 إلى السندي بن شاهَك أن يتسلّم موسى بن جعفر الكاظم من عيسى وأمره فيه بأمر ، فكان الّذي تولّى به قتله السندي أن يجعل له سمّا في طعام وقدّمه إليه ، وقيل في رطب ، فأكل منه موسى بن جعفر عليه السلام . ثمّ إنه أقام موعوكا (1) ثلاثة أيام ومات 3 .

.


1- .في (د) : موكوعا .

ص: 955

ولمّا مات موسى بن جعفر عليه السلام أدْخَلَ السندي بن شاهَك لعنه اللّه الفقهاء ووجوه الناس من أهل بغداد وفيهم أبو الهيثم بن عديّ وغيره فنظروا (1) إليه أنه ليس به أثر من جراح ولا (2) مغلّ أو خنق [وأشهدهم] على أنه مات حتف أنفه ، فشهدوا على ذلك 3 . وقد كان قوم زعموا في أيّام موسى الكاظم عليه السلام أنه هو القائم المنتظر ، وجعلوا

.


1- .في (أ) : ينظرون .
2- .في (أ) : أو .

ص: 956

حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم ، فأمر يحيى بن خالد أن يوضع على الجسر ببغداد وأن ينادي : هذا موسى بن جعفر الّذي تزعم الرافضة أنه لايموت ، فانظروا إليه ميّتا ، فنظر الناس إليه ثمّ إنّه حُمل ودُفن في مقابر قريش في باب (1) التبن 2 .

.


1- .في (أ) : بباب .

ص: 957

وروي أنه لمّا حضرته الوفاة سأل من السندي أن يحضر مولىً له (1) مدنيا ينزل عند دار العباس بن محمّد في مشرعة القصب (2) ليتولّى غُسله ودفنه وتكفينه ، فقال له السندي : أنا أقوم لك بذلك على أحسن شيء وأتمّه ، فقال : إنّا أهل بيتٍ مهور نسائنا وحجّ صرورتنا وأكفان موتانا (3) وجهازهم من طاهر (4) أموالنا ، وعندي كفن واُريد أن يتولّى غسلي وجهازي مولاي فلان هذا ، فأجابه إلى ذلك وأحضره إيّاه فوصّاه بجميع ما يفعل ، ولمّا أن مات تولّى ذلك جميعه مولاه المذكور 5 . ومن كتاب الصفوة لابن الجوزي قال : بعث موسى بن جعفر عليه السلام إلى الرشيد من الحبس برسالة كتب إليه فيها انّه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتّى نمضي (5) جميعا إلى يوم ليس ]له[ انقضاء ، هناك يخسر فيه

.


1- .في (أ) : مولاه .
2- .وهي منطقة من مناطق بغداد في تلك الأيام .
3- .في (أ) : وكفن ميّتنا .
4- .في (أ) : خالص .
5- .في (أ) : تمضي ، وفي (ب) : نقضي .

ص: 958

المبطلون (1) . وروى إسحاق بن عمّار (2) قال : لمّا حَبَسَ هارون ]أبا الحسن[ موسى الكاظم عليه السلام دخل عليه السجن ليلاً أبو يوسف ومحمّد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة ]فقال أحدهما للآخر : نحن على أحد الأمرين ، إمّا أن نساويه أو نشكله[ فسلمّا عليه وجلسا عنده وأرادا أن يختبراه بالسؤال لينظرا مكانه من العلم ، فجاء رجل كان موكّلاً من قبل السندي بن شاهَك (3) بالكاظم عليه السلام فقال له : إنّ نوبتي قد انقضت (4) واُريد الانصراف إلى غد إن شاء اللّه فإن كان لك حاجة تأمرني (5) حتّى أن آتيك بها معي إذا جئتك غدا ، فقال : مالي حاجة انصرف . فلمّا أن خرج (6) قال لأبي يوسف ومحمّد بن الحسن : إنّي لأعجب (7) من هذا الرجل يسألني أن اُكلّفه حاجةً يأتيني بها غدا إذا جاء وهو ميّت في هذه الليلة . فأمسكا عن سؤاله وقاما ولم يسألا عن شيء وقالا : أردنا أن نسأله عن الفرض (8) والسنّة أخذ يتكلّم معنا علم الغيب ، واللّه لنرسل خلف الرجل من يبيت عند باب داره وننظر ما يكون من أمره . فأرسلا شخصا من جهتهما جلس على باب ذلك الرجل فلمّا كان أثناء الليل

.


1- .انظر صفة الصفوة : 2 / 95 و 187 و مابعدها ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 360 وتاريخ بغداد : 13 / 32 ، كشف الغمّة : 2 / 218 و 250 ، البحار : 48 / 148 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 154 ، البداية والنهاية لابن كثير : 10 / 183 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 6 / 164 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 6 / 273 .
2- .في (أ) : عمارة .
3- .في (أ ، د) : فجاء بعض الموكّلين .
4- .في (أ) : فرغت .
5- .في (ج) : أمرتني .
6- .في (أ) : انصرف ثمّ قال ... .
7- .في (ج) : ما أعجب .
8- .في (أ) : الفروض .

ص: 959

وإذا بالصراخ والواعية ، فقيل لهم : ما الخبر؟ فقالوا : مات صاحب البيت فجأةً ، فعاد إليهما الرسول وأخبرهما بذلك فتعجّبا من ذلك غاية العجب (1) . كانت وفاة أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة ثلاث وثمانين ومائة 2 وله من العمر خمس وخمسون (2) سنة كان مُقامه منها مع أبيه

.


1- .انظر الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 167 و زاد « ... فاتيا أبا الحسن عليه السلام فقالا : قد علمنا أنك أدركت العلم في الحلال والحرام ، فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل بك أنّه يموت في هذه الليله؟ قال : من الباب الّذي أخبر بعلمه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعليّ بن أبي طالب عليه السلام . فلما ردَّ عليهما هذا بقيا لايحيران جوابا» . وانظر كشف الغمّة : 2 / 248 ، البحار : 48 / 64 ح 83 ، مدينة المعاجز : 460 ح 98 ، الصراط المستقيم للشيخ عليّ بن يونس العاملي : 2 / 191 ح 12 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 5 / 574 ح 141 ، نور الأبصار للشبلنجي : 305 ، إحقاق الحقّ : 12 / 331 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 154 .
2- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 251 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 216 ، إعلام الورى : 294 ، سير أعلام النبلاء للذهبي : 6 / 274 ، أئمة الهدى : 122 . وورد في تذكرة الخواصّ : 359 «واختلفوا في سنّه على أقوال : أحدهما خمس وخمسون سنة ، والثاني : أربع وخمسون ، والثالث : سبع وخمسون ، والرابع : ثمان وخمسون ، والخامس : ستون» فمن أراد المزيد فيلاحظ المصادر السابقة في الهامش السابق .

ص: 960

عشرين سنة ، وبقي بعد وفاة أبيه خمسا وثلاثين سنة وهي مدّة إمامته عليه السلام (1) . وأمّا أولاده فقال الشيخ المفيد رحمه الله : ]و] كان لأبي الحسن موسى بن جعفر سبعة وثلاثون ولدا ما بين ذكر واُنثى منهم (2) : عليّ بن موسى الرضا الإمام وإبراهيم والعباس والقاسم لاُمّهات أولادٍ ، وإسماعيل وجعفر وهارون والحسن (3) أشقّاء لاُمّ ولد ، وعبد اللّه وإسحاق وعبيداللّه وزيد والحسن والفضل وسليمان لاُمّهات شتّى ، وأحمد ومحمّد وحمزة أشقاء لاُمّ ولد ، وفاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى ورقية وحكيمة واُمّ أبيها (4) ورقية الصغرى وكُلثُم (5) واُمّ جعفر واُمّ لبانة (6) وزينب وخديجة وعائشة وآمنة وحسنة وبُريهة (7) وعُليّة واُمّ سلمة وميمونة واُمّ كلثوم لاُمهات أولاد . وكان أفضل ولد (8) أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام وأنبههم ذكرا وأجلّهم قدرا عليّ بن موسى الرضا عليه السلام .

.


1- .انظر الإرشاد : 2 / 215 ، و : 323 ط آخر ، عيون أخبار الرضا : 1 / 104 ح 7 ، إثبات الهداة : 6 / 22 ح 48 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 437 ، كشف الغمّة : 2 / 216 ، إعلام الورى : 294 ، الهداية الكبرى للخصيبي : 263 و 264 ، وانظر المصادر السابقة في الهامش الأسبق .
2- .في (أ) : و هم .
3- .وأضاف في (ج) : والحسين ، وفي الإر و«الحسين» بدل «الحسن» .
4- .في (أ) : اُمّ أسماء .
5- .في (أ) : كلثوم .
6- .وفي الإرشاد : ولبابة .
7- .في (أ) : بُريرة .
8- .في (أ) : أولاد .

ص: 961

وكان أحمد بن موسى كريما جليلاً كبيرا ورِعا (1) وكان أبوه موسى الكاظم يُحبّه ووهب له ضيعة اليسيرية . ويقال : إنّ أحمد بن موسى اُعتق له ألف مملوك . وكان محمّد بن موسى صاحب وضوء وصلاة ليله كلّه يتوضّأ ويصلّي ويرقد ، ثمّ يقوم فيتوضّأ ويصلّي ويرقد ، هكذا إلى الصباح . قال بعض شيعة أبيه : ما رأيته قطّ إلاّ ذكرت قوله تعالى : «كَانُواْ قَلِيلاً مِّنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ» (2) . وكان إبراهيم بن موسى شجاعا كريما وتقلّد الإمرة (3) على اليمن في أيام المأمون من قِبل محمّد بن زيد (4) بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام . ولكلّ واحد من وُلد (5) أبي الحسن موسى المذكور الكاظم عليه السلام فضل مشهور 6 .

.


1- .في (أ) : أولاد .
2- .في (أ) : موقّرا .
3- .الذاريات : 17 .
4- .في (أ) : الأمر .
5- .نسبه إلى الجدّ رأسا وإلاّ هو محمّد بن محمّد بن زيد كما صرّح بذلك الطبري في تاريخه : 8 / 529 ، والنجاشي في ترجمة عليّ بن عبيداللّه بن حسين العلوي : 256 تحت رقم 671 .

ص: 962

. .

ص: 963

. .

ص: 964

. .

ص: 965

الفصل الثامن : في ذكر أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام

اشاره

الفصل الثامن : في ذكر أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلام وهو الإمام الثامن 1 تاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته وعدد أولاده وذكر كنيته ونسبه ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : تقدّم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام

.

ص: 966

وزين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام وجاء عليّ بن موسى الرضا ثالثهما 1 ، ومَن أمعن نظره وفكره (1) وجِدّه في الحقيقة وارثهما نمى إيمانه وعلا شأنه وارتفع [واتسع ]مكانه وكثر أعوانه وظهر برهانه حتّى أحلّه (2) الخليفة المأمون محلّ مهجته وأشركه في مملكته وفوّض إليه أمر خلافته وعقد له على رؤوس الأشهاد عقد نكاح ابنته . وكانت مناقبه علية وصفاته سنية [ومكارمه حاتمية وشنشنه أخزمية وأخلاقه

.


1- .في (ب) : النظر والفكر .
2- .في (أ) : أدخلة .

ص: 967

عربية] ونفسه الشريفة زكية هاشمية وأرومته الكريمة نبوية (1) . قال صاحب الإرشاد (ره) : و كان الإمام القائم بعد موسى الكاظم ولده عليّ بن موسى الرضا عليه السلام لفضله على جماعة أهل بيته وبنيه وإخوته ووفور علمه وغزير حلمه وإجماع (2) الخاصّة والعامّة على اجتماع ذلك فيه والنصّ بالإمامة من أبيه وإشارته إليه بذلك دون سائر أهل بيته وبنيه (3) . وممّن روى ذلك من أهل العلم والدين داود بن كثير الرقّي (4) قال : قلت لأبي إبراهيم موسى الكاظم عليه السلام : جُعلت فداك إنّي قد كَبُرت سنِّي فَخُذ بِيَدي وأنقذني من النار مَنْ صاحبُنا بَعدَك؟ قال : فأشار إلى ابنه أبي الحسن الرضا فقال : هذا صاحبكم من بعدي (5) .

.


1- .انظر مطالب السؤول : 84 وزاد « ... ومكارمه حاتمية نبوية ، وشنشنته أخزمية ، وأخلاقه عربية ، ونفسه الشريفة هاشمية فمهما عدّ من مزاياه كان عليه السلام أعظم منها ومهما فصّل من مناقبه كان أعلى رتبةً منها»، الاتحاف بحبّ الأشراف: 156،إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري: 19/557، وأورد بعضها صاحب الصواعق المحرقة : 122 ، الأنوار القدسية للسنهوتي : 39 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 363 .
2- .في (ج) : اجتماع .
3- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 247 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ . وانظر المصادر السابقة المذكورة في الهامش الأوّل من هذا الفصل .
4- .انظر ترجمته في رجال البرقي : 32 ، رجال النجاشي : 156 ، رجال الشيخ : 190 ، فهرست الطوسي : 68 ، رجال الكشّي : 402 ، معالم العلماء : 48 ، رجال ابن داود : 245 ، و رجال الحلّي : 67 ، و جامع الرواة : 1 / 307 ، مجمع الرجال : 2 / 289 ، تهذيب التهذيب : 3 / 199 ، ميزان الاعتدال : 2 / 19 ، معجم رجال الحديث : 7 / 124 .
5- .بق وأن أشرنا إلى مصادر هذا الحديث وغيره في الهامش الأوّل من هذا الفصل فلاحظ ، وانظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 248 ، و : 342 ط آخر ، الكافي : 1 / 249 ح 3 ، عيون أخبار الرضا : 1 / 73 ح 7 ، الغيبة للطوسي : 34 و 25 ح 9 ، إعلام الورى : 304 و 315 ، البحار : 49 / 23 ح 34 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 381 و 372 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 6 / 3 ح 3 ، كشف الغمّة : 2 / 270 ، المستجاد من كتاب الإرشاد : 446 ، إحقاق الحقّ : 12 / 349 ، الصراط المستقيم للشيخ عليّ بن يونس العاملي : 2 / 165 ، كفاية الأثر للخزّاز القمّي : 268 .

ص: 968

وعن زياد بن مروان القندي 1 قال : دخلت على أبي إبراهيم موسى الكاظم وعنده عليّ ابنه أبو الحسن الرضا فقال لي : يا زياد هذا ابني عليّ كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي ، وما قال فالقول قوله (1) . وعن المخزومي : وكانت اُمّه من ولد جعفر بن أبي طالب(رض) (2) قال : بعث إلينا موسى أبو الحسن (3) الكاظم عليه السلام فجمعنا ثمّ قال : أتدرون لم جمعتكم؟ فقلنا : لا ، قال : اشهدوا أنّ ابني هذا _ وأشار إلى عليّ بن موسى الرضا _ هو وصيّي والقائم (4) بأمري وخليفتي من بعدي مَن كان له عندي دَين فليأخذه من ابني هذا ، ومن كانت له عندي عدّة فليتنجّزها (5) منه ، ومَن لم يكن له بُدٌّ من لقائي فلا يلقني إلاّ بكتابه (6) .

.


1- .انظر الإرشاد : 2 / 250 ، و : 343 ط آخر ولكن بلفظ «فالقول قولي» وانظر أيضا الكافي : 1 / 249 ح 6 ، البحار : 49 / 19 ح 23 ، عيون أخبار الرضا : 1 / 31 ح 25 ، الغيبة للطوسي : 37 ح 14 ، الصراط المستقيم : 2 / 164 ، إثبات الوصية : 197 باختلاف يسير ، كشف الغمّة : 2 / 271 ، حلية الأبرار : 2 / 373 إحقاق الحقّ : 2 / 349 .
2- .عيون أخبار الرضا : 1 / 27 ح 14 و 13 ، الإرشاد : 343 ، و : 2 / 250 و 251 ط آخر إعلام الورى : 316 ، الغيبة للطوسي : 37 ح 15 ، الصراط المستقيم : 2 / 165 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 374 و 382 ، إحقاق الحقّ : 12 / 348 ، الكافي : 1 / 312 و 249 ح 7 ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 271 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 6 / 3 ح 5 ، 6 / 17 ح 34 ، البحار : 49 / 16 ح 12 ، و15 ح 11 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 247 .
3- .في (ج) : أبو إبراهيم .
4- .في (د) : القيم .
5- .في (أ) : فليستنجزها .
6- .انظر المصادر السابقة .

ص: 969

ولد عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في المدينة سنة ثلاث وخمسين (1) ومائة 2 ، للهجرة وقيل سنة ثمان وأربعين (2) ومائة . وأمّا نسبه (رض) أبا واُمّا فهو عليّ الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام (3) . وأمّا اُمّه فاُمّ ولد يقال لها اُمّ البنين (4)

.


1- .في (أ) : وأربعين .
2- .في (أ) : ثلاث وخمسين .
3- .تقدّمت استخراجاته .
4- .انظر عيون أخبار الرضا : 1 / 14 ح 2 ولكن بلفظ «تكنى» بدل «يقال لها» . وفي الكافي : 1 / 486 . وانظر الهداية الكبرى : 279 ، الإرشاد : 341 ، و : 2 / 247 ط آخر ، المستجاد من كتاب الإرشاد : 446 ، كشف الغمّة : 2 / 284 و 311 ، تاريخ الأئمّة عليهم السلام لابن أبي الثلج : 25 ، البحار : 49 / 8 ح 12 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 475 ولكن بلفظ «وتسمى أروى اُمّ البنين» ، إعلام الورى : 313 ، التهذيب : 6 / 83 ، تاج المواليد : 12 دلائل الإمامة للطبري : 183 ، نور الأبصار للشبلنجي : 309 كما في المناقب لابن شهرآشوب ، عيون المعجزات : 106 ، مقاصد الراغب : 162 مخطوط ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 123 .

ص: 970

واسمها أروى (1) ، وقيل شقراء النوبية وهو لقب لها 2 . وأمّا كنيته فأبو الحسن 3 .

.


1- .انظر عيون أخبار الرضا : 1 / 14 ح 2 و ص 16 ح 3 بلفظ «وسمّيت أروى» ، مدينة المعاجز : 472 و 473 ، إعلام الورى : 313 و 314 ، وإثبات الهداة للحرّ العاملي : 6 / 11 ح 21 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2/195 ، كشف الغمّة للإربلي : 2/284 ، تاريخ الأئمة عليهم السلاملابن أبي الثلج : 25 ، البحار : 49/8 ح 12، المناقب لابن شهرآشوب : 3/475 ، دلائل الإمامة للطبري: 183، نور الأبصار للشبلنجي : 309.

ص: 971

وأمّا ألقابه : فالرضا (1) والصابر (2) والزكي (3) والولي (4) ، وأشهرها الرضا (5) . صفته معتدل القامة (6) ، شاعره دعبل الخزاعي 7 ،

.


1- .انظر عيون أخبار الرضا : 1 / 13 ح 2 ، حلية الأبرار :2 / 298 ، علل الشرايع : 1 / 236 ح 1 ، مدينة المعاجز : 512 / 154 ، كشف الغمّة : 2 / 296 و 312 ، معاني الأخبار : 65 ح 6 ، تاريخ الأئمّة عليهم السلام: 28 ، نور الأبصار : 309 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 475 ، الهداية الكبرى : 279 ، إعلام الورى : 314 ، دلائل الإمامة : 183 ، المجدي في الأنساب : 128 ، مقصد الراغب : 162 (مخطوط) ، ألقاب الرسول وعترته : 222 .
2- .المناقب : 3 / 475 ، الهداية الكبرى : 279 ، دلائل الإمامة : 183 ، كشف الغمّة : 2 / 284 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 250 ح 1 .
3- .انظر نور الأبصار : 309 .
4- .انظر تذكرة الخواصّ : 361 ، والمصدر السابق أيضا .
5- .انظر المصادر السابقة . مع العلم أنّ للإمام الرضا عليه السلام ألقاب اُخرى منها : الصادق ، الفاضل ، قرّة أعين المؤمنين ، وغيظ الملحدين ، الرضي ، الوفي ، سراج اللّه ، نور الهدى ، مكيدة الملحدين ، كفو الملك ، كافي الخلق ، ربّ السرير ، رئاب التدبير ، الصديق ... فلاحظ المصادر السابقة الّتي تتعلّق بألقابه عليه السلام .
6- .انظر نور الأبصار : 309 ولكن بلفظ «أسود معتدل» وفي المجدي في الأنساب : 128 بلفظ «اسمر اللون» إحقاق الحقّ : 12 / 353 و 356 ، و : 19 / 558 ، اتحاف السادة المتقين لأبي فيض الزبيدي : 7 / 360 .

ص: 972

بابه (1) محمّد بن الفرات (2) . نقش خاتمه «حسبي اللّه » (3) معاصره الأمين والمأمون 4 .

.


1- .في (أ) : بوّابه .
2- .انظر دلائل الإمامة : 184 ، تاريخ الأئمة عليهم السلام: 33 ، نور الأبصار : 309 ، إحقاق الحقّ : 19 / 559 ، وذكر ابن شهرآشوب في المناقب : 3 / 471 بلفظ «كان بابه محمّد بن راشد» وفي المصباح للكفعمي : 523 بلفظ «عمربن الفرات» .
3- .انظر الكافي : 6 / 473 ح 5 ، و : 474 ح 8 ، الوسائل : 3 / 410 ح 3 ، البحار : 49 / 2 ح 1 في رواية ، نور الأبصار : 309 . وقيل غير هذا بل بلفظ «ما شاء اللّه لاقوّة إلاّ باللّه » كما ذكره الكليني في رواية ثانية ، وبلفظ «وليّي اللّه » كما في البحار : 49 / 7 ح 10 ، وبلفظ «أنا وليّ اللّه » كما في مقصد الراغب : 162 مخطوط ، وبلفظ «العزّة للّه » كما في دلائل الإمامة : 183 .

ص: 973

وأمّا مناقبه عليه السلام فمن ذلك ما كان أكبر دلائل برهانه وشهد له بعلوّ قدره وسموّ مكانه وهو أنّه لما جعله المأمون وليّ عهده وأقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون اُناس قدكرهوا ذلك وخافوا خروج الخلافة عن بني العباس وردّها إلى (1) بني فاطمة ، فحصل عندهم من عليّ بن موسى الرضا عليه السلام نفور ، وكانت عادة الرضا إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل عليه بادر (2) مَن في الدهليز من الحجّاب (3) وأهل النوبة من الخدم والحشم بالقيام له والسلام عليه ويرفعون (4) له الستر حتّى يدخل (5) . فلمّا حصلت لهم هذه النفرة تفاوضوا في أمر هذه القضية ودخل منها في قلوبهم شيء قالوا فيما بينهم : إذا جاء ليدخل على الخليفة بعد هذا اليوم نعرض عنه ولانرفع له الستر . واتفقوا على ذلك فيما بينهم . فبينماهم جلوس إذ جاء الرضا عليه السلام على جاري عادته فلم يملكوا أنفسهم أن قاموا وسلّموا عليه ورفعوا له الستر ، فلمّا دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون على كونهم مافعلوا ما اتفقو عليه ، وقالوا : الكرّة الثانية (6) إذا جاء لا نرفعه له .

.


1- .في (أ) : وعودها على .
2- .في (د) : يبادر .
3- .في (ب) : الحاشية .
4- .في (د) : ورفع .
5- .في (ج) : بين يديه ليدخل .
6- .في (ب) : النوبة الآتية .

ص: 974

فلمّا كان اليوم الثاني وجاء الرضا عليه السلام على عادته قاموا وسلّموا عليه ولم يرفعوا له الستر ، فجاءت ريح شديدة فدخلت في الستر ورفعته أكثر ممّا كانوا يرفعونه له ، فدخل ثمّ سكنت ، ثمّ عند خروجه جاءت الريح أيضا من الجانب الآخر فرفعته له وخرج ، فأقبل بعضهم على بعض وقالوا : إنّ لهذا الرجل عنداللّه منزلة وله منه (1) عناية انظروا إلى الريح كيف جاءت ورفعت له الستر عند دخوله وعند خرجه من الجهتين ، ارجعوا إلى ما كنتم عليه من خدمته فهو خيرٌ لكم ، فعادوا إلى ماكانوا عليه وزادت عقيدتهم فيه (2) . وعن صفوان بن يحيى (3) قال : [لمّا] مضى أبو الحسن موسى الكاظم عليه السلام وقام ولده من بعده أبو الحسن الرضا عليه السلام وتكلّم خفنا عليه من ذلك (4) وقلت (5) له إنّك أظهرت أمرا عظيما وإنّا نخاف عليك من هذا (6) الطاغية _يعني هارون الرشيد _ قال ليجهد (7)

.


1- .في (ج) : وللّه به .
2- .انظر كشف الغمّة : 2 / 260 مع اختلاف يسير ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 6 / 152 ح 191 ، أخبار الدول للقرماني : 114 ، مطالب السؤول : 85 ، جامع كرامات الأولياء : 2 / 312 ، إحقاق الحقّ للشهيد القاضي الشوشتري : 12 / 360 ، نور الأبصار : 175 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 156 ، البحار : 49 / 60 ح 79 .
3- .هو أبو محمّد صفوان بن يحيى البجلي الكوفي ، بيّاع السابري ، من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد عليهم السلام أقرّوا له بالفقه والعلم ، ثقة بل هو أوثق أهل زمانه . انظر ترجمته في رجال الشيخ : 352 و 378 و 402 ، وفهرست الشيخ : 83 ، رجال الكشّي : 502 ، رجال البرقي : 55 ، رجال النجاشي : 197 ، معالم العلماء : 59 ، رجال ابن داود : 111 ، معجم رجال الحديث : 9 / 128 ، نقد الرجال : 173 ، تنقيح المقال : 2 / 100 ، بهجة الآمال للعلياري : 5 / 41 ، رجال البرقي : 55 ، رجال العلاّمة : 88 ، جامع الرواة : 1 / 413 ، البحار : 49 / 273 ح 2 ، الاختصاص للشيخ المفيد : 85 .
4- .في (أ) : قبلك .
5- .في (أ) : وقلنا .
6- .في (ب ، ج) : تلك الطاغي .
7- .في (أ) : ليجهدنّ .

ص: 975

جهده فلا سبيل له عليَّ (1) . قال صفوان : فأخبرنا (2) الثقة أنّ يحيى بن خالد البرمكي قال للطاغي (3) : هذا عليّ بن موسى الرضا قد قعد (4) وادّعى الأمر لنفسه ، فقال هارون : ما يكفينا ماصنعنا بأبيه تريد أن نقتلهم جميعا (5) ؟ وعن مسافر قال:كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السلام بمنى فمرّ يحيى بن خالد البرمكي 6

.


1- .انظر عيون أخبار الرضا : 2 / 226 ح 4 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 346 ، و : 2 / 255 ط آخر ، مدينة المعاجز : 488 ح 85 ، الكافي : 1 / 487 ح 2 ، كشف الغمّة : 2 / 273 و 315 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 478 و 452 ، إثبات الهداة : 6 / 36 ح 12 ، نور الأبصار : 322 ، جامع كرامات الأولياء : 2 / 311 ، إعلام الورى : 325 ، عيون المعجزات : 107 ، إثبات الوصية : 200 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 157 ، إحقاق الحقّ : 12 / 357 ، و : 19 / 564 ، البحار : 49 / 113 ح 2 و 3 و 6 . وقريب من هذا المعنى في عيون أخبار الرضا : 2 / 214 ح 20 ، إثبات الهداة : 1 / 499 ح 108 ، الكافي : 8 / 257 ح 371 .
2- .في (أ) : فحدّثني .
3- .في (أ) : لهارون الرشيد .
4- .في (أ) : تقدّم .
5- .انظر المصادر السابقة ، وزاد في عيون أخبار الرضا : 2 / 226 ح 4 ... ولقد كان البرامكة مبغضين لأهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهمظهرين العداوة لهم .

ص: 976

وهو مغطّي (1) وجهه بمنديل من الغبار ، فقال الرضا عليه السلام : مساكين هؤلاء لايدرون مايحلّ بهم في هذه السنة . فكان من أمرهم ما كان . قال : وأعجب من هذا أنا وهارون كهاتين ، وضمّ اصبعيه السبّابة والوسطى . قال مسافر : فواللّه ماعرفت معنى حديثه في هارون إلاّ بعد موت الرضا ودفنه إلى جانبه (2) . وعن موسى بن مهران (3) قال : رأيت عليّ بن موسى الرضا في المدينة وهارون الرشيد يخطب وقال (4) : أتروني وإيّاه ندفن في بيت واحد (5) . وعن حمزة بن جعفر الا رجاني قال : خرج هارون الرشيد من المسجد الحرام [مرّتين] من باب وخرج عليّ بن موسى الرضا عليه السلام من باب [مرّتين] فقال الرضا عليه السلام وهو يعني هارون : ما أبعد الدار وأقرب اللقاء ، يا طوس يا طوس يا طوس ستجمعني (6) وإيّاه (7) .

.


1- .في (ب ، د) : فغطى أنفه .
2- .انظر الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 258 ، و : 347 ط آخر مع اختلاف يسير ، البحار : 49 / 44 ح 56 ، مناقب آل أبي طالب : 4 / 340 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 225 و 226 ح 1 و 2 ، الكافي : 1 / 410 ح 9 ، البصائر : 484 ح 14 ، مدينة المعاجز : 474 ح 8 ، كشف الغمّة : 2 / 275 ، إثبات الهداة : 6 / 40 ح 19 ، دلائل الإمامة : 184 ، إعلام الورى : 325 ، إحقاق الحقّ : 12 / 368 ، و : 19 / 565 ، جامع كرامات الأولياء : 2 / 312 ، الإتحاف بحبّ الأشراف : 158 ، نور الأبصار : 175 ، الثاقب في المناقب : 422 (مخطوط) روضة الواعظين : 266 .
3- .موسى بن مهران (وليس بن عمران كما في نسخهة (أ) وهو من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام كما عدّه الشيخ الطوسي في رجاله: 392 رقم 66 وكذلك في رجال السيّد الخوئي : 19/ 95 وماورد هو تصحيف.
4- .في (أ) : قال .
5- .انظر كشف الغمّة : 2 / 303 ، جامع كرامات الأولياء : 2 / 312 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 158 ، نور الأبصار : 323 وفيه موسى بن عمران ، عيون المعجزات : 108 ، إحقاق الحقّ : 12 / 369 ، و : 19 / 565 ، إثبات الوصية : 202 ، إثبات الهداة : 6 / 87 ح 86 ، البحار : 49 / 63 و 286 ح 8 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 226 ح 1 ، مدينة المعاجز : 497 ح 113 .
6- .في (أ) : يا بعد ... وقرب الملتقى ... ستجمعينني .
7- .انظر كشف الغمّة : 2 / 315 ، جامع كرامات الأولياء : 2 / 313 ، إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري : 12 / 369 ، 19 / 565 ، نور الأبصار : 323 ، الثاقب في المناقب : 432 (مخطوط) عيون أخبار الرضا : 2 / 216 ح 24 ، مدينة المعاجز : 483 ح 56 ،إعلام الورى : 325 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 452 ، بحار الأنوار : 49 / 115 ح6 .

ص: 977

ومن ذلك ما روي عن بكر بن صالح قال : أتيت الرضا عليه السلام فقلت : امرأتي اُخت محمّد بن سنان وكان من خواصّ شيعتهم بها حمل فادع اللّه أن يجعله ذكرا ، قال : هما اثنان فولّيت وقلت [في نفسي] : اسمي واحدا محمّدا والاّخر عليا ، فدعاني وردّني فأتيته وقال : سمّ واحدا عليّا والاُخرى اُمّ عمر (1) ، فقدمت الكوفة وقد ولد لي غلاما وجارية في بطنٍ فسمّيت الذكر عليّا والاُنثى اُمّ عمر كما أمرني وقلت لاُمّي : ما معنى اُمّ عمر قالت : جدّتك كانت تسمّى اُمّ عمر (2) . ومن كتاب إعلام الورى للطبرسي قال : روى الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ بإسناده عن محمّد بن عيسى عن أبي حبيب [النباجي] أنّه قال رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله في المنام وكأنّه قد وافى النباج ونزل بها في المسجد الّذي ينزله الحجّاج (3) من بلدنا في كلّ سنة ، وكأني مضيت إليه وسلّمت عليه ووقفت بين يديه فوجدت (4) عنده طبقا من خوص نخل المدينة فيه تمرصيحاني وكأنّه (5) قبض قبضة من ذلك التمر فناولني فعددته فكان (6) ثمانية عشر تمرةً ، فتأوّلت أنّي أعيش بعدد كلّ تمرةٍ سنةً ، فلمّا كان بعد عشرين يوما وأنا في أرض لي تعمر للزراعة إذ (7) جاءني مَن أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة ونزوله ذلك المسجد ، ورأيت الناس يسعون إلى السلام

.


1- .في (أ) : اُمّ عمرو .
2- .الخرائج والجرائح : 1 / 362 ح 17 ، البحار : 49 / 52 ح 56 .
3- .في (ج) : الحاجّ .
4- .في (د) : ووجدت .
5- .في (ب) : فكأنه .
6- .في (أ) : فناولنيها فعددتها فوجدتها .
7- .في (ب) : حتّى .

ص: 978

عليه من كلّ جانب ، فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الّذي كنت رأيت النبيّ صلى الله عليه و آلهفيه وتحته حصير مثل الحصير الّذي رأيتها تحته صلى الله عليه و آله وبين يديه طبق من خوص وفيه تمرصيحاني ، فسلّمت عليه ، فردّ عليَّ السلام واستدناني (1) وناولني قبضة من ذلك التمر فعددتها فإذا عدده مثل ذلك العدد الّذي ناولني (2) رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفي النوم ثماني عشرة حبّة تمر ، فقلت : زدني ، فقال : لوزادك رسول اللّه لزدناك 3 . وروى الحافظ أيضا بإسناده عن سعيد (3) بن سعد (4) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه نظر إلى رجل فقال : يا عبد اللّه أوص بما تريد واستعدّ لما لابدّ منه ، فكان ماقد قال : فمات الرجل بعد ذلك بثلاثة أيّام (5) .

.


1- .في (ب) : فاستدناني . وفي إعلام الورى : واستدعاني .
2- .في (أ) : هي بعددما ناولني .
3- .كذا ، والصحيح : سعد ، كما سيأتي .
4- .انظر ترجمته في رجال النجاشي : 179 بلفظ «سعد بن سعد بن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعري القمّي ، ثقة روى عن الرضا وأبي جعفر عليه السلام » . وانظر رجال الشيخ : 378 ، ومعجم رجال الحديث للسيّد الخوئي : 8 / 60 ، تنقيح المقال . وماورد في الفصول والاتحاف بلفظ سعيد هو تصحيف .
5- .انظر عيون أخبار الرضا: 2/223 ح43 ، مدينة المعاجز: 485 ح73، فرائد السمطين: 2/211 ح489، إثبات الهداة : 6 / 85 ح 80 ، إعلام الورى : 322 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 453 ، البحار : 49/ 59 ح 75 ، كشف الغمّة : 2 / 314 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 159 ، الصواعق المحرقة : 122 ، و :205 ط آخر ، إحقاق الحقّ : 12 / 364 و 365 ، و : 19 / 561 و 566 ، الثاقب في المناقب : 421 (مخطوط) ، أخبار الدول وآثار الاُوَل للقرماني : 114 ، ينابيع المودّة : 363 ، و : 3 / 121 ط اُسوة ، نتائج الأفكار القدسية : 1 / 80 ، الأنوار القدسية للسنهوتي : 39 ، نور الأبصار : 322 وفيه «سعيد بن سعيد» .

ص: 979

وعن الحسين بن موسى قال : كنّا حول أبي الحسن الإمام عليّ الرضا ونحن شبّان (1) من بني هاشم إذ مرّ علينا جعفر (2) بن عليّ العلوي وهو رثّ الهيئة ، فنظر بعضنا إلى بعضٍ وضحكنا من هيئته (3) ، فقال الرضا عليه السلام : لترونه (4) عن قريبٍ كثير المال كثير التبع (5) حسن الهيئة فما مضى إلاّ شهر واحد حتّى ولّى أمرة المدينة وحسنت حالته وكان (6) يمرّ علينا وحوله الخدم [ومعه الخصيان ]والحشم يسيرون بين يديه (7) .

وعن الحسين بن يسار (8) قال :قال لي الرضا عليه السلام : إنّ عبد اللّه يقتل محمّدا ، فقلت له : عبد اللّه بن هارون يقتل محمّد بن هارون؟ فقال [لي] : نعم عبد اللّه المأمون [الّذي بخراسان] يقتل محمّد الأمين [ابن زبيدة الّذي هو ببغداد ]فكان كما

.


1- .في (أ) : شباب .
2- .هو جعفر بن عمر بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام .
3- .في (أ) : مستزرين لهيئته .
4- .في (أ) : سترونه .
5- .في (أ) : الخدم .
6- .في (ب) : كان .
7- .انظر عيون أخبار الرضا : 2 / 208 ح 11 ، إعلام الورى : 323 ، كشف الغمّة : 2 / 314 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 447 ، إحقاق الحقّ : 12 / 361 و 362 ، و : 19 / 566 ، البحار : 49 / 33 ح 11 ، و220 / 8 ، الهداية الكبرى : 289 ، مدينة المعاجز : 481 ح 46 ، نور الأبصار : 323 ، الثاقب في المناقب : 425 (مخطوط) ، أخبار الدول وآثار الاُوَل : 114 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 160 .
8- .الحسين بن يسار كما في الدلائل والاتحاف وغيرهما ، والحسين بن بشّار كما في عيون أخبار الرضا الثاقب في المناقب وغيرهما والكلّ وارد ، انظر معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي : 4 / 299 ، و : 5 / 205 ، و :6 / 116 .

ص: 980

قال عليه السلام 1 .

وعن أبي الحسن القرضي عن أبيه قال حضرنا مجلس أبي الحسن الرضا عليه السلام فجاءه رجل فشكا إليه حاله فأنشأ الرضا يقول (1) : اعذر أخاك على ذنوبه واستر وغطّ (2) على عيوبه واصبر على بهت (3) السفيه وللزمان على خطوبه ودع الجواب تفضّلاً وكِلِ الظلوم إلى (4) حسيبه وعن محمّد بن يحيى الفارسي قال : نظر أبو نؤاس (5) إلى أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلةٍ له فارهة فدنا منه

.


1- .هذه الحكاية والأشعار وردت في عيون أخبار الرضا : 2 / 176 ح 3 و 4 بلفظ «أحمد بن الحسين كاتب أبي الفيّاض عن أبيه» . وفي إحقاق الحقّ : 12 / 396 بلفظ «أبي الحسين القرضي» وفي الإتحاف بحبّ الأشراف : 160 بلفظ «أبي الحسن القرضي» أيضا . ولم أعثر عليه في الكتب الرجالية الّتي تحت يدي . وانظر نور الأبصار : 315 ، كشف الغمّة : 2 / 369 ، بشارة المصطفى : 78 ، فرائد السمطين : 2 / 225 ح 508 ، إحقاق الحقّ : 19 / 584 ، إعلام الورى : 331 ، البحار : 49 / 110 ح 5 .
2- .في (أ) : واصبر وقط .
3- .في (أ) : سفه .
4- .في (أ) : وكن الظلوم على .
5- .هو الحسن بن هاني ، ولد في الأهواز سنة (145 ه) وتعلّم في البصرة ، دخل البادية وخالط أعرابها فاستقام لسانه وقوي بيانه ، وانتقل إلى بغداد في عصر الرشيد فقرّبه وأكرمه ، عاقر الخمرة وأسرف في اللهو إلاّ أنه تاب في آخر أيامه ، يعدّ من أكبر شعراء العصر العباسي ، توفي في بغداد (سنة 198 ه) . انظر ترجمته في أعلام الزركلي: 2/240 ، سير أعلام النبلاء للذهبي: 9/279، أعيان الشيعة: 5/331 _ 390.

ص: 981

وسلّم عليه وقال : يا بن رسول اللّه صلى الله عليه و آله [قد] قلتُ فيك أبياتا اُحبّ أن تسمعها منّي فقال له : هات (1) ، فأنشأ أبو نؤاس يقول : مطهّرون نقيّات ثيابهم تجري الصلاة عليهم أينما (2) ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه فما له من (3) قديم الدهر مفتخر وأنتم الملأ الأعلى وعندكم (4) علم الكتاب وما جاءت به السوَر

فقال الرضا عليه السلام :قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها (5) أحد . ثمّ قال : ما معك يا غلام من فاضل نفقتنا؟ قال : ثلاث مائة دينار ، قال : اعطها إيّاه (6) . ثمّ بعد أن ذهب إلى بيته قال عليه السلام : لعلّه استقلّها سق يا غلام إليه البغلة (7) .

ونقل الطوسي (ره) (8) في كتابه عن أبي الصلت الهروي قال : دخل دعبل الخزاعي (9) على أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام بمرو فقال له : يا بن رسول اللّه إنّي قد قلتُ فيكم أهل البيت قصيدة وآليت على نفسي أن لا اُنشدها أحدا قبلك واُحبّ أن تسمعها منّي ، فقال له الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام :

.


1- .في (أ) : قل .
2- .في (أ) : كلّما .
3- .في (أ) : في .
4- .في (أ) : اُولئك القوم أهل البيت عندهم .
5- .في (أ) : بها .
6- .في (أ) : ادفعها إليه .
7- .انظر عيون أخبار الرضا : 2 / 143 ح 10 ، فرائد السمطين : 2 / 200 ح 480 ، وفيات الأعيان لابن خلّكان : 3 / 371 ، الأنوار القدسية : 39 ، حلية الأبرار : 2 / 318 ، إعلام الورى : 328 ، البحار : 49 / 236 ح 5 ، نزهة الجليس : 2 / 65 ، كشف الغمّة : 2 / 317 ، الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 161 ، نور الأبصار : 310 ، الشذرات الذهبية لابن طولون : 99 ، إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري : 12 / 410 ، و : 19 / 555 و 558 .
8- .كذا في النسخ ، والصحيح هو : الصدوق رحمه الله .
9- .تقدّمت ترجمته آنفا .

ص: 982

هاتها (1) ، فأنشأ يقول : ذكرتُ محلّ الرَبع من عرفاتفأسبلتُ (2) دمع العين بالعبراتِ (3) وفلّ عرى (4) صبري وهاجت صبابتي رسوم ديارٍ أقفرت وعِراتِ مدارس آياتٍ خلت من تلاوةٍ ومنزل وحي مقفر العرصاتِ لآل رسول اللّه بالخيف من مِنى وبالبيت والتعريف والجمراتِ ديارُ عليٍّ والحسين وجعفرٍ وحمزة والسجّاد ذي الثفناتِ ديارٌ لعبد اللّه والفضل صنوه نجيّ رسول اللّه في الخلواتِ (5) منازلُ كانت للصلاة وللتقى وللصوم والتطهير والحسناتِ منازلُ جبريل الأمين يحلّها من اللّه بالتسليم والزكواتِ (6) منازلُ وحي اللّه معدن علمه سبيل رشاد واضح الطرقاتِ قفا نسأل الدار الّتي خفّ أهلها متى عهدها (7) بالصوم والصلواتِ فأين الاُولى شطّت بهم غربة النوى أفانينَ (8) في الأقطار مفترقاتِ (9) اُحبّ قصيّ الرحم من أجل حبّكم وأهجر فيكم زوجتي وبناتي (10) هم آل (11) ميراث النبيّ إذا انتَموا وهم خير ساداتٍ وخير حماةِ مطاعيم في الأعسار (12) في كلّ مشهدٍ فلقد (13) شُرّفوا بالفضل والبركاتِ أئمة عدل يهتدى (14) بفعالهم وتؤمن منهم (15) زلّةُ العثراتِ فياربّ زد قلبي هدىً وبصيرةً وزد حبّهم ياربّ في حسناتِ لقد خفتُ في الدنيا وأيام سعيها (16) وإنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي ألم تر أنّي مذ ثلاثين حجّةً أروح وأغدو دائم الحسراتِ أرى فيئهم في غيرهم متقسّما وأيديهم من فيئهم صفُراتِ إذا وتُروا مدوا إلى أهل واتريهم (17) اكفّا عن الأوتار منقبضاتِ وآل رسول اللّه هُلبٌ رقابهم (18) وآل زياد غلّظ القصراتِ (19) سأبكيهم ماذّر في الاُفق شارقٌ ونادى منادي الخير بالصلواتِ وما طلعت شمسٌ وحان غروبها وبالليل أبكيهم وبالغدواتِ ديار رسول اللّه أصبحن بلقعا وآل زياد تسكن الحجراتِ وآل زياد في القصور مصونة وآل رسول اللّه في الفلواتِ فلولا الّذي أرجوه في اليوم أو غد تقطّع نفسي إثرهم حسراتِ خروج امامٍ لامحالة خارجٌ يقوم على اسم اللّه بالبركاتِ يميز فينا كلّ حقّ وباطل ويجزي على النعماء والنقماتِ فيانفس طيبي ثمّ يا نفس فابشري (20) فغير بعيد كلّما (21) هو آتِ وهي قصيدة طويلة عدد أبياتها مائة وعشرون اقتصرت منها على هذا القدر 22 .

.


1- .في (أ) : هات .
2- .في (أ) : فأجريت .
3- .في (أ) : على الوجنات .
4- .في (أ) : وقد خانني .
5- .في (ب ، د) : سليل ... ذي الدعوات .
6- .في (أ) : والرحمات .
7- .في (أ) : عهدهم .
8- .جمع أفنون وهو أوّل تشكيل السحاب . في (أ) : فأمسين .
9- .في (ج) : مختلفات .
10- .في (أ) : الرحم ، حبّهم ، فيهم ، اُسُرتي وبناتي (بدل) الدار ، حبّكم ، فيكم ، زوجتي وثقاتي .
11- .في (ج) : هم أهل ... إذا اعتزوا .
12- .في (أ) : ألأعمار .
13- .في (أ) : لقد .
14- .في (أ) : يقتدي .
15- .في (أ) : ويؤمن فيهم .
16- .في (أ) : لقد أمِنتْ نفسي بها في حياتها .
17- .في (أ) : وترهم .
18- .في (أ) : تحف جسومهم .
19- .في (أ) : غلظوا الفقرات .
20- .في (أ) : فاصبري .
21- .في (ب) : كلّ .

ص: 983

ولمّا فرغ دعبل (ره) من إنشادها نهض أبو الحسن الرضا عليه السلام وقال : لاتبرح ، فأنفذ إليه صرّة فيها مائة دينار (1) واعتذر إليه ، فردّها دعبل وقال : واللّه مالهذا ، جئت للسلام عليه والتبرّك بالنظر إلى وجهه الميمون ، وإني لفي غنى ، فان رأى أن يعطيني شيئا من ثيابه للتبرّك فهو أحبّ إلىَّ ، فأعطاه الرضا جبّة خزّ وردّ عليه الصرّة ، وقال للغلام : قل له خذها ولاتردّها فإنّك ستصرفها أحوج ما تكون إليها (2) .

.


1- .في الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 263 بلفظ : ستمائة دينار .
2- .في (ب) : ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها .

ص: 984

فأخذها وأخذ الجبة ثمّ اقام بمرو مدّة فتجهّزت قافلة تريد العراق فتجهّز صحبتها فخرج عليهم اللصوص (1) في أثناء الطريق ونهبوا القافلة عن آخرها ولزموا جماعة من أهلها فكتّفوهم وأخذوا ما معهم ، ومن جملتهم دعبل ، فساروا بهم غير بعيد ، ثمّ جلسوا يقتسمون أموالهم فتمثّل مقدم اللصوص وكبيرهم يقول : أرى فيئهم في غيرهم متقسّماوأيديهم من فيئهم صفُراتِ ودعبل يسمعه فقال : أتعرف هذا البيت لمن؟ قال : وكيف لا أعرفه وهو لرجل من خزاعة يقال له دعبل شاعر أهل البيت عليهم السلام قاله في قصيدة مدحهم بها ، فقال دعبل : فأنا واللّه صاحب القصيدة وقائلها فيهم ، فقال : ويلك انظر ماذا تقول؟ قال : واللّه الأمر أشهر من ذلك واسأل أهل القافلة وهؤلاء الممسوكين معكم يخبروكم بذلك ، فسألهم فقالوا بأسرهم : هذا دعبل الخزاعي شاعر أهل البيت المعروف الموصوف ، ثمّ إنّ دعبل أنشدهم القصيدة من أوّلها إلى آخرها عن ظهر قلب فقالوا : قد وجب حقّك علينا وقد أطلقنا القافلة ورددنا جميع ما أخذنا منها إكراما لك يا شاعر أهل البيت . ثمّ إنّهم أخذوا دعبل وتوجّهوا به إلى قم ووصلوه بمال وسألوه في بيع الجبّة الّتي أعطاها له أبو الحسن الرضا ودفعوا له فيها ألف دينار ، فقال : لا أبيعها وإنّما أخذتها للتبرّك معي من أثره .

.


1- .لا أعتقد أنّ هؤلاء لصوص بالمعنى المتعارف وأنهم قطّاع الطريق وأصحاب السرقاب ، بل أظنّ أنهم معارضون ومضاوئون للحكم العباسيّ انذاك فحتمت عليهم الظروف أن يتصدّوا للقوافل السائرة من خراسان إلى الأماكن الاُخرى فيقاتلونهم للدفاع عن عقيدتهم ، وإلاّ كيف يكون محبّو أهل البيت عليهم السلاممن اللصوص وقطّاعي الطريق . وخير دليل على ذلك أنّ كبيرهم يشيد بشاعر أهل البيت عليهم السلام ويحفظ شعره ثمّ يرد للقافلة كلّ ما أخذوه منهم بعد أن عرفوا أنهم من محبّي أهل البيت عليهم السلام.

ص: 985

ثمّ إنّه رحل من عندهم من قم بعد ثلاثة أيّام فلما صار خارج البلد على نحو ثلاثة أميال وقيل ثلاثة أيّام خرج عليه قوم من أحداثهم اخذوا الجبّة منه فرجع إلى قم وأخبر كبارهم بذلك فأخذوا الجبّة منهم وردّوها عليه ثمّ قالوا : نخشى أن تؤخذ هذه الجبّة منك يأخذها غيرنا ثمّ لاترجع إليك ، فباللّه إلاّ ما أخذت الألف وتركتها ، فأخذ الألف منهم وأعطاهم الجبّة ثمّ سافر عنهم . وعن أبي الصلت (ره) قال : قال دعبل (رض) : لمّا أنشدت مولاي الرضا هذه القصيده وإنتهيت إلى قولي : خروج إمامٍ لامحالة خارجٌ (1) يقوم على اسم اللّه والبركاتِ يميّز فينا كلّ حقّ وباطل ويجزي على النعماء والنقماتِ بكى الرضا عليه السلام ثمّ رفع رأسه إليَّ وقال : يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين (2) أتدري مَن هذا الإمام الّذي تقول؟ فقلت (3) : لا أدري إلاّ أني سمعت يا مولاي بخروج إمام منكم يملأ الأرض (4) عدلاً ، فقال : يا دعبل الإمام بعدي محمّد ابني وبعده عليّ ابنه وبعد عليّ ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غَيبته المطاع في ظهوره ، ولو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا 5 .

.


1- .في (أ) : قائم .
2- .في (أ) : بهذا البيت .
3- .في (أ) : قلت .
4- .في (ج) : يطهّر الأرض من الفساد ويملأها .

ص: 986

قال إبراهيم بن العباس (1) : سمعت العباس يقول : ما سئل الإمام الرضا عليه السلام عن شيءٍ [قطّ] إلاّ علمه ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره (2) ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيبه الجواب الشافي (3) . وكان قليل النوم [بالليل] كثير الصوم لايفوته صيام ثلاثة أيّام في كلّ شهر ويقول

.


1- .انظر ترجمته في أعيان الشيعة : 2 / 168 ، شذرات الذهب : 2 / 102 ، العبر في أخبار من غبر لابن خلدون : 1 / 440 ، الفهرست لابن النديم : 136 ، مرآة الجنان : 2 / 143 ، مروج الذهب : 4 / 23 ، معجم البلدان لياقوت الحموي : 3 / 435 ، معجم الاُدباء : 1 / 164 ، النجوم الزاهرة : 2 / 315 ، البداية والنهاية لابن كثير : 10 / 344 .
2- .في (ب) : الأوّل _ بدل _ وقت عصره .
3- .انظر إعلام الورى : 327 ، أمالي الطوسي : 525 ح 14 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 180 ح 4 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 298 ، الوسائل : 4 / 863 ح 6 ، كشف الغمّة : 2 / 316 ، نور الأبصار : 170 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 461 ، روضة الواعظين للفتّال النيسابوري : 273 ، الاتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 165 ، البحار : 49 / 90 ح 3 ، و : 92 / 204 ح 1 ، إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري : 12 / 355 ، و : 19 / 567 .

ص: 987

ذلك صيام الدهر ، وكان كثير المعروف والصدقة سرّا وأكثر مايكون ذلك منه في الليالي المظلمة (1) . وكان جلوس الرضا (2) في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسحٍ (3) .

.


1- .انظر عيون أخبار الرضا : 2 / 184 ح 7 وزاد : ... فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه» حيلة الأبرار : 2 / 308 و 365 ، وأورده في المناقب لابن شهرآشوب باختلاف يسير في : 3 / 469 ، إعلام الورى : 327 ، كشف الغمّة : 2 / 316 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 165 ، إحقاق الحقّ : 19 / 567 ، 12 / 355 ، نور الأبصار : 312 .
2- .في (أ) : جلوسه .
3- .انظر عيون أخبار الرضا : 2 / 178 ح 1 وزاد «ولبسه الغليظ من الثياب ، حتّى إذا برز للناس تزيّن لهم» حلية الأبرار : 2 / 362 ، كشف الغمّة : 2 / 316 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 470 ، نور الأبصار : 312 ، إعلام الورى : 328 ، البحار : 49 / 89 ح 1 ، إحقاق الحقّ : 12 / 355 .

ص: 988

. .

ص: 989

قال إبراهيم بن العباس :سمعت الرضا عليه السلام يقول وقد سأله رجل : أيكلف اللّه العباد ما لايطيقون؟ فقال : هو أعدل من ذلك ، قال : أفيقدرون على فعل كلّ ما يريدون؟ قال : هم أعجز من ذلك .

وقال [الآبي] صاحب كتاب نثر الدرر :سأل الفضل بن سهل (1) عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في مجلس المأمون قال : يا أبا الحسن الخلق مجبَرون؟ قال : إنّ اللّه تعالى أعدل من أن يجبر ثمّ يعذّب ، قال : فمطلَقون؟ قال : اللّه تعالى أحكم من أن يهمل

.


1- .هو الفضل بن سهل ذوالرياستين وزير المأمون ومدبّر اُموره ، لقّب بذي الرياستين لأنه قلد الوزارة والسيف جميعا ، كان مجوسيا فأسلم على يدي المأمون سنة (190 ه) أو يدي يحيى بن خالد البرمكي ، وكان من صنائع آل برمك ، كان عالما فاضلاً ومن أعلم الناس بعلم النجوم ، وكان يتشيّع وهو الّذي أشار على المأمون بولاية العهد لأبي الحسن الرضا ، فلمّا ندم المأمون على ولاية العهد ثقل عليه أمر الفضل واحتال عليه خرج من مرو منصرفا إلى العراق ودسّ عليه حتّى قتله غالب السعودي الأسود مع جماعة في حمّام سرخس سنة (203 ه) وروى الصدوق أخبارا في ذمّه وأنه كان معاندا للرضا ، وأخوه أبو محمّد الحسن بن سهل هو الّذي حاصر بغداد بمشاركة طاهر بن الحسين ذي اليمينين ، وقتل الأمين محمّد بن الزبيدة المخلوع سنة (198 ه) . توفي سنة (236 ه) وبنته بوران تزوّجها المأمون .

ص: 990

عبده ويكله إلى نفسه (1) .

ومن كتاب عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام تصنيف الشيخ عماد الدين أبي جعفر محمّدبن عليّ بن الحسين بن بابويه رحمهم اللّه :إنّ عليّ بن موسى الرضا حدّث عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عن النبيّ صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين أنّ موسى بن عمران لمّا ناجى ربّه قال:ياربّ أبعيدٌ أنت منّي فاُناديك أم قريبٌ فاُناجيك؟ فاوحى اللّه تعالى إليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني ، فقال (2) موسى : يا ربّ إني أكون في حال أجلّك أن أذكرك فيها ، فقال : يا موسى اذكرني على كلّ حال (3) .

وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام عن آبائه عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنه قال :مَن لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي ، ومَن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي . ثمّ قال صلى الله عليه و آله : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل (4) .

وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ما كان ولايكون إلى يوم القيامة من مؤمن إلاّ وله جار يؤذيه (5) .

وعن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الشيب في مقدم الرأس عزّ ، وفي العارضين سخاء ، وفي الذوائب شجاعة ، وفي القفا شؤم . (6)

وعنه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لمّا اُسري بي إلى السماء رأيت رحما معلّقة بالعرش تشكو رحما إلى ربّها أنها قاطعة لها ، قلت : كم بينك وبينها من

.


1- .انظر كشف الغمّة : 2 / 306 ، البحار : 49 / 172 ح 9 ، سير أعلام النبلاء : 9 / 391 ، إحقاق الحقّ : 12 / 399 ، و : 19 / 581 _ 582 ، البداية والنهاية : 10 / 250 ، ترجمة القاضي عبدالجبار للشيخ فؤاد سيّد المغربيّ : 337 .
2- .في (أ) : قال .
3- .عيون أخبار الرضا : 1 / 127 / 22 ، الجواهر السنية للحرّ العاملي : 52 نقله عن توحيد الشيخ الصدوق.
4- .انظر المصادر السابقة
5- .انظر المصادر السابقة
6- .انظر المصادر السابقة

ص: 991

أب؟ قال : نلتقي من أربعين أبا (1) .

وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال :مَن صام من شعبان يوما واحدا ابتغاء ثواب اللّه إلاّ دخل الجنّة (2) ، ومَن استغفر اللّه تعالى في كلّ يوم منه سبعين مرّة حشره اللّه يوم القيامة في زمرة النبيّ صلى الله عليه و آلهووجبت له من اللّه الكرامة (3) ، ومَن تصدّق في شعبان بصدقة ولو بشقّ تمرة حرّم اللّه جسده على النار (4) .

وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال :مَن صام أوّل يوم من رجب رغبةً في ثواب اللّه تعالى وجبت له الجنّة ، ومَن صام في يوم من وسطه شفّع في مثل ربيعة ومضر ، ومَن صام في يوم من آخره جعله اللّه من أملاك الجنّة وشفّعه اللّه في أبيه واُمّه وإخوانه وأخواته وأعمامه وعمّاته وأخواله وخالاته ومعارفه وجيرانه وإن كان فيهم مَن هو مستوجب النار (5) .

وعن ياسر الخادم قال :سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام يقول : أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاث مواطن : يوم يولد المولود ويخرج من بطن اُمّه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ، ويوم يُبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلم اللّه على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وأمن روعته فقال «وَسَلَ_مٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» (6)(7) .

وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن أيضا فقال : «وَالسَّلَ_مُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» 8 . وقال المولى السعيد إمام الدنيا عماد الدين محمّد بن أبي سعيد 9 بن عبدالكريم

.


1- .انظر المصادر السابقة
2- .انظر المصادر السابقة
3- .انظر المصادر السابقة
4- .مريم : 15 .
5- .انظر المصادر السابقة .
6- .مريم : 33 .
7- .في (د) : سعد .

ص: 992

الوزّان في محرّم سنة ستّ وتسعين وخمسمائة قال : أورد صاحب كتاب تاريخ نيشابور في كتابه : أنّ عليّ بن موسى الرضا عليه السلام لمّا دخل إلى نيشابور في السفرة الّتي فاز (1) فيها بفضيلة الشهادة كان في قبّة مستورة بالسقلاط (2) على بغلة شهباء وقد شقّ نيشابور ، فعرض له الإمامان الحافظان للأحاديث النبوية والمثابران (3) على السنّة المحمّدية أبو زرعة الرازي (4) ومحمّد بن أسلم الطوسي (5) ومعهما خلائق لايُحصون من طلبة العلم وأهل الأحاديث وأهل الرواية والدراية ، فقالا : أيّها السيّد الجليل ابن السادة الأئمّة بحقّ آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلاّ ما أريتنا وجهك الميمون المبارك ورويتَ لنا حديثا عن آبائك عن جدّك محمّد صلى الله عليه و آلهنذكرك به . فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكشف المظلّة عن القبّة وأقرّ عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة ، فكانت له ذؤابتان على عاتقه والناس كلّهم قيام على طبقاتهم ينظرون إليه وهم بين صارخٍ وباكٍ ومتمرّغٍ في التراب ومقبلٍ لحافر (6) بغلته ، وعلا الضجيج فصاحت الأئمّة والعلماء والفقهاء : معاشر الناس اسمعوا وعوا وانصتو لسماع ماينفعكم ولاتؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم . وكان المستملي أبوزرعة

.


1- .في (أ) : خصّ .
2- .السقلاط : نوع من الثياب الرومية . انظر لسان العرب : مادة «سقط» تاج العروس في شرح القاموس : مادة «سقط» .
3- .في (ب) : المشايران .
4- .هو أبوزرعة عبيداللّه بن عبدالكريم بن يزيد بن فروخ المخزومي بالولاء الرازي ، من أئمة الحديث ، زار بغداد وحدّث بها وكان يحفظ مائة ألف حديث ، توفي بالري سنة (264 ه) . انظر تذكرة الحفّاظ : 2 / 124 ، تاريخ بغداد : 10 / 326 ، الأعلام للزرگلي : 4 / 350 .
5- .هو أبو الحسن محمّد بن أسلم بن يزيد الكندي ، مولاهم الطوسي ، من حفّاظ الحديث المشهورين ، وقد اشتهر بالصلاح ، توفي سنة (242 ه) . انظر تذكرة الحفّاظ : 2 / 103 ، حلية الاولياء : 9 / 238 ، شذرات الذهب : 2 / 100 .
6- .في (ج) : حزام .

ص: 993

ومحمّد بن أسلم الطوسي .

فقال عليّ بن موسى الرضا عليه السلام :حدّثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمّد الباقر عن أبيه عليّ زين العابدين عن أبيه الحسين شهيد كربلاء عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : حدّثني حبيبي وقرّة عين رسول اللّه صلى الله عليه و آلهقال : حدّثني جبرئيل قال : سمعت ربّ العزّة سبحانه وتعالى يقول : كلمة لا إله إلاّ اللّه حصني ، فمن قالها دخل حصني ، ومَن دخل حصني أمن [من] عذابي . ثمّ ارخى الستر على القبّة وسار .

قال فعدّوا أهل المحابر والدوي الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفا (1) . قال الاُستاذ أبو القاسم القشيري 2 : اتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض الاُمراء السامانية فكتبه بالذهب وأوصى أن يُدفن معه في قبره ، فرؤي بالنوم بعد موته فقيل له : مافعل اللّه بك؟ قال : غفر اللّه لي بتلفّظي بلا إله إلاّ اللّه وتصديقي بأنّ محمّدا رسول اللّه [مخلصا] 3 .

.


1- .في (ب ، ج) : أربع وعشرون .

ص: 994

. .

ص: 995

. .

ص: 996

. .

ص: 997

. .

ص: 998

. .

ص: 999

. .

ص: 1000

. .

ص: 1001

. .

ص: 1002

. .

ص: 1003

. .

ص: 1004

ودخل على عليّ بن موسى الرضا عليه السلام بنيشابور (1) قوم من الصوفية فقالوا :إنّ أمير المؤمنين المأمون لمّا نظر فيما ولاّه [اللّه ] من الاُمور فرآكم أهل البيت أولى مَن قام بأمر الناس ، ثمّ نظر في أهل البيت فرآك أولى بالناس من كلّ واحد منهم ، فردّ هذا الأمر إليك ، والإمامة (2) تحتاج إلى من يأكل الجشب (3) ويلبس الخشن ويركب الحمار ويعود المريض ويشيّع الجنائز .

قال :وكان الإمام الرضا عليه السلام متّكئا فاستوى جالسا ثمّ كان يوسف بن يعقوب نبيّا فلبس (4) أقبية الديباج المزرّرة بالذهب والقباطي المنسوجة بالذهب وجلس على متكآت آل فرعون وحكم وأمر ونهى ، وإنّما يراد من الإمام قسطه وعدله (5) إذا قال صدق وإذا حكم عدل وإذا وعد أنجز ، إنّ اللّه لم يحرّم ملبوسا ولامطعما ، وتلا

.


1- .في (ب) : بخراسان .
2- .في (د) : الاُمة .
3- .في (أ) : الخشن.
4- .في (ب) : يلبس ... ويجلس ... ويحكم .
5- .في (أ) : قسط وعدل .

ص: 1005

ذكر ولاية العهد من المأمون لعليّ بن موسى الرضا عليه السلام

قوله تعالى : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَ_تِ مِنَ الرِّزْقِ» (1)(2) .

ذكر ولاية العهد من المأمون لعليّ بن موسى الرضا عليه السلامذكر جماعة من أصحاب السِير ورواة الأخبار بأيّام الخلفاء أنّ المأمون لمّا أراد ولاية العهد للرضا عليه السلام وحدّث نفسه بذلك وعزم عليه أحضر الفضل بن سهل فأعلمه (3) بما قد عزم عليه وأمره مشاورة بالاجتماع مع أخيه الحسن على (4) ذلك ففعل واجتمعا (5) وحضرا عند المأمون ، فجعل الحسن يُعَظِّم ذلك عليه ويعرفه ما في إخراج الأمر من (6) أهل بيته ، فقال له المأمون : إنّي عاهدت اللّه أني إن ظفرت بالمخلوع (7) أخرجت (8) الخلافة إلى أفضل (9) بني آل أبي طالب ، وما أعلم أحدا أفضلَ من هذا الرجل على وجه الأرض ، ولابدّ من ذلك . فلمّا رأيا تصميمه وعزيمته على ذلك أمسكا عن معارضته فقال : تذهبان الآن إليه وتخبرانه بذلك عنّي وتلزمانه به ، فذهبا إلى الرضا عليه السلام وأخبراه بذلك وإلزام

.


1- .الأعراف : 32 .
2- .انظر كشف الغمّة : 2 / 310 مع اختلاف يسير ، شرح النهج لابن أبي الحديد : 11 / 34 ، نور الأبصار : 171 ، الدرّة الباهرة : 37 ، نزهة الناظر : 129 ح 17 ، العدد القوية : 297 ح 29 (مخطوط) البحار : 49 / 275 ح 26 ، و : 10 / 351 ح 11 ، و : 70 / 118 ح 7 ، و120 ح 11 ، و : 7 / 259 بلفظ : دخل إنسان على عليّ بن موسى الرضا وعليه ثياب مرتفعة القيمة فقال : يابن رسول اللّه أتلبس مثل هذا؟ فقال له عليه السلام : «مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ ...» وأخرجه إحقاق الحقّ : 12 / 397 .
3- .في (أ) : وأخبره .
4- .في (أ) : في .
5- .في (أ) : فاجتمتعا .
6- .في (أ) : عن .
7- .يقصد به محمّد بن هارون الأمين .
8- .في (أ) : سلّمت .
9- .في (أ) : ذي فضل من .

ص: 1006

المأمون له بذلك ، فامتنع منه ، فلم يزالا به حتّى أجاب على أنّه لا يأمر ولا ينهى ولا يولي ولا يعزل ولا يتكلّم بين اثنين في حكم ولا يغيّر شيئا هو قائم على اُصوله ، فأجابه المأمون إلى ذلك . ثمّ إنّ المأمون جلس مجلسا خاصّا لخواصّ أهل دولته من الاُمراء والوزراء والحجّاب والكتّاب وأهل الحلّ والعقد ، وكان ذلك في يوم الخميس وأحضرهم ، فلمّا حضروا قال للفضل بن سهل : أخبر الجماعة الحاضرين برأي أمير المؤمنين في الرضا عليّ بن موسى عليه السلام ، وأنه ولاّه عهده وأمرهم بلبس الخُضْرِة والعود لبيعته في الخميس الآخر وأخذ إعطياتهم وأرزاقهم سنة على حكم التعجيل ، ثمّ صرفهم . فلمّا كان الخميس الثاني حضر الناس وجلسوا على مقادير طبقاتهم ومنازلهم كلٌّ في موضعه ، وجلس المأمون ، ثمّ جيء بالرضا عليه السلام فجلس بين وسادتين عظيمتين وضعتا له وهو لابس الخضرة وعلى رأسه عمامة مقلّد بسيف ، فأمر المأمون ابنه العباس بالقيام إليه والمبايعة له أوّل الناس ، فرفع الرضا عليه السلام يده [فتلقّى بها وجه نفسهِ وببطنها وجوههم ]وحطّها من فوق ، فقال له المأمون : ابسط يدك للبيعة ، فقال الرضا عليه السلام : هكذا كان يبايع رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيضع يده فوق أيديهم ، فقال : أفعل ماترى . ثمّ وُضِعت بِدَر الدراهم (1) والدنانير وقطع (2) الثياب والخلع وقام الخطباء والشعراء وذكروا ما كان أمر المأمون وولاية عهده للرضا ، وذكروا فضل الرضا وفرّقت الصِلات والجوائز على الحاضرين على قدر مراتبهم ، وفرّقت في ذلك اليوم أموال عظيمة . ثمّ إنّ المأمون قال للرضا : قم واخطب الناس ، فقام وتكلّم ، فحمداللّه وأثنى عليه

.


1- .البِدَر : جمع بدرة ، وهي عشرة آلاف درهم . انظر الصحاح : 2 / 587 مادة «بدر» .
2- .في (أ) : وبقج . وهي الصرّة من الثياب .

ص: 1007

وثنى بذكر نبيّه محمّد صلى الله عليه و آلهوقال : أيّها الناس إنّ لنا عليكم حقّا برسول اللّه صلى الله عليه و آلهولكم علينا حقّ به ، فإذا أدّيتم إلينا ذلك وجب لكم علينا الحقّ لكم (1) ، والسلام . ولم يسمع منه في هذا المجلس غير هذا . وخطب للرضا بولاية العهد في كلّ بلد ، وخطب عبدالجبار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول اللّه صلى الله عليه و آلهبالمدينة الشريفة فقال في الدعاء للرضا وهو على المنبر : وليُّ عهد المسلمين عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأنشد : ستة آباءٍ هم ماهم أفضلُ من يشرب صوبُ الغَمام (2) وذكر المديني (3) قال : لمّا جلس الرضا ذلك المجلس وهو لابس تلك الخلع والخطباء يتكلَّمون وتلك الألوية تخفق على رأسه نظر أبو الحسن الرضا إلى بعض مواليه الحاضرين ممّن كان يختصّ به وقد داخله من السرور مالا عليه من مزيد (4) وذلك لما رأى ، فأشار إليه الرضا فدنا منه وقال له في اُذنه سرّا : لاتشغل قلبك بهذا الأمر (5) ولاتستبشر به فإنّه شيء لايتمّ 6 .

.


1- .في (أ) : وجب لكم علينا الحكم والسلام .
2- .ورد في الإرشاد : 349 ، و : 2 / 263 ط آخر بلفظ «ستة آباءٍ هُمُ ماهمُ» وفي مقاتل الطالبيين : 456 ولكن عجز البيت بلفظ «هم خير من يشرب صوب الغمام» وهذا البيت للنابغه الذبياني كما في الديوان : 117 ، و الشعر والشعراء : 1 / 109 ، و خزانة الأدب : 2 / 118 ، و : 1 / 288 ط آخر و فيهما «من يشرب صفو المدام» وبلفظ آخر «خمسة أباءٍ هم» . وانظر عيون أخبار الرضا : 2 / 145 ح 14 ولكن فيه بلفظ «سبعة آباءٍ هم» ، وفي نور الأبصار : 317 «ستة آباؤهم اُمّهاتهم» ، أمّا في المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 364 ففيه «ستة آباؤهم من هم» .
3- .كذا ، والصحيح : المدائني .
4- .في (أ) : من بدّ .
5- .في (أ) : لا تشغل قلبك بشيء ممّا ترى من هذا الأمر .

ص: 1008

وهذا مختصر من كتاب العهد الّذي كتبه المأمون الخليفة للرضا بخطّه اختصرته لطوله وذكرت أوّله وآخره وصورته : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا كتابٌ كتبه عبد اللّه بن هارون الرشيد لعليّ بن موسى بن جعفر وليّ عهده : أمّا بعد ، فإنّ اللّه عزّوجلّ اصطفى الإسلام دينا واختار له من عباده رسلاً دالّين عليه وهادين إليه ، يبشّر أوّلهم بآخرهم ، ويصدّق تأليهم ماضيهم ، حتّى انتهت نبوّة اللّه تعالى إلى محمّد صلى الله عليه و آله على فترةٍ من الرسل ودروسٍ من العلم وانقطاعٍ من الوحي واقتراب من الساعة ، فختم اللّه به النبيّين وجعله شاهدا لهم (1) ومهيمنا عليهم ، وأنزل عليه الكتاب العزيز الّذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل (2) من حكيمٍ حميد . فلمّا انقضت النبوّة وختم اللّه بمحمّد صلى الله عليه و آلهبالرساله (3) جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين في الخلافة (4) ونظامها والقيام بشرايعها وأحكامها .

.


1- .في (أ) : عليهم .
2- .في (أ) : نزل .
3- .في (د) : بالوحي .
4- .في (ب) : بالخلافة .

ص: 1009

ولم يزل أمير المؤمنين منذ انقضت إليه الخلافة وحمل مشاقّها واختبر مرارة طعمها ومذاقها مسهر العينين مضنيا لبدنه مطيلاً لفكره فيما فيه عزّ الدين وقمع المشركين وصلاح الاُمّة وجمع الكلمة ونشر العدل وإقامه الكتاب والسنّة ومنعه ذلك من الحفظ والدعة ومهنأ العيش محبّة أن يلقى اللّه سبحانه وتعالى مناصحا له في دينه وعباده ومختارا لولاية عهده ورعاية الاُمّة من بعده ، أفضل من يقدر عليه في دينه وورعه وعلمه ، وأرجاهم للقيام بأمر اللّه تعالى وحقّه ، مناجيا للّه تعالى بالاستخارة في ذلك ومسألته الهامّة مافيه رضاه وطاعته في آناء ليله ونهاره ، معملاً فكره ونظره فيما فيه طلبه والتماسه في أهل بيته من ولد عبد اللّه بن العباس وعليّ بن أبي طالب ، مقتصرا ممّن علم حاله ومذهبه منهم على علمه وبالغا في المسألة ممّن خفي عليه أمره جهده وطاقته ، رضاه وطاعته ، حتّى استقصى اُمورهم معرفة ، وابتلى (1) أخبارهم مشاهدة ، واستبرأ أحوالهم معاينة ، وكشف ماعندهم مسائلة . وكانت خيرته بعد استخارة اللّه تعالى واجتهاده نفسه في قضاء حقّه في عباده وبلاده في الفئتين جميعا عليّ بن موسى الرضا ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام لما رأى من فضله البارع وعلمه الذايع وورعه الظاهر الشايع وزهده الخالص النافع ، وتخليته من الدنيا وتفرّده عن الناس وقد استبان له مالم تزل الأخبار عليه مطبقة والألسن عليه متّفقة والكلمة فيه جامعه والأخبار واسعة ، ولما لم نزل نعرفه به من الفضل يافعا وناشئا وحدثا وكهلاً فلذلك عقد له بالعهد والخلافة من بعده واثقا بخيرة اللّه تعالى في ذلك ، إذ علم اللّه تعالى أنه فعله إيثارا له وللدين ونظرا للإسلام وطلبا للسلامة وثبات الحجّة والنجاة في اليوم الّذي يقوم الناس فيه لربّ العالمين .

.


1- .في (ب) : وأبلى .

ص: 1010

ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته وخاصّته وقوّاده وخدمه فبايعه الكلّ مطيعين مسارعين مسرورين عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة اللّه على الهوى في ولده وغيره (1) ممن هو أشبك منه رحما وأقرب قرابةً . وسمّاه الرضا إذ كان رضيّا عنداللّه تعالى وعند الناس ، وقد آثر طاعة اللّه والنظر لنفسه وللمسلمين ، والحمدللّه ربّ العالمين . وكتب بيده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين 2 . وهذه صورة ما على ظهر العهد مكتوبا بخطّ الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام من غير اختصار : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، الحمدللّه الفعّال لما يشاء ، لامعقّب لحكمه ولا رادَّ لقضائه ، يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور ، وصلواته على نبيه محمّد خاتم النبيّين وآله الطيّبين الطاهرين . أقول وأنا عليّ بن موسى بن جعفر : إنّ أمير المؤمنين عضده اللّه بالسداد ووفّقه للرشاد عرف من حقّنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قُطعت وآمن أنفسا (2) فُزعت ،

.


1- .في (ج) : وغيرهم .
2- .في (أ) : نفوسا .

ص: 1011

بل أحياها وقد تلفت بعد أن أمن الحياة أنسيت (1) وأغناها (2) بعد فقرها (3) ، وعرفها بعد نكرها ، مبتغيا بذلك رضا ربّ العالمين لايريد جزاءً من غيره وسيجزي اللّه الشاكرين ولايضيع أجر المحسنين . وإنّه جعل إليَّ عهده والإمرة الكبرى إن بقيت بعده ، فمن حلّ عقدة أمر اللّه بشدّها [أ ]وقصم عروةً أحبّ اللّه إيثاقها (4) فقد أباح اللّه حريمه وأحلّ محرمه إذا كان بذلك زاريا (5) على الإمام منتهكا حرمة الإسلام [بذلك جرى السلف فصبر منه على الفلتات ولم يعترض على الفرمات] وخوفا من شتات الدين واضطراب حبل (6) المسلمين وحذر (7) فرصة تُنتهز وناعقة (8) تُبتدر . وقد جعلتُ للّه على نفسي عهدا _ إن استرعاني أمر المسلمين وقلّدني خلافتة _ العمل فيهم عامّة وفي بني العباس بن عبدالمطلب خاصّة أن أعمل فيهم بطاعة اللّه تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه و آلهو[ان] لا اُسفك دما حراما ولا اُبيح فرجا ولا مالاً إلاّ ماسفكته حدوده (9) وأباحته فرائضه ، وأن أتخيّر الكفاة جهدي وطاقتي ، وجعلتُ بذلك على نفسي عهدا مؤكّدا يسألني اللّه عنه فإنّه عزّوجلّ يقول : «وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْ_ئولاً» . وإن أحدثتُ أو غيّرتُ أو بدّلتُ كنتُ للغِيَر (10) مستحقّا وللنكال

.


1- .كذا ، والظاهر أنّ الصحيح : بل أحياها بعد أن كانت من الحياة أيست . كما في بعض المصادر ، واللّه أعلم .
2- .في (أ) : فأغناها .
3- .في (د) : اذ افتقرت ، كما في المناقب لابن شهرآشوب .
4- .في (أ) : نشافها .
5- .أي معاتبا عليه ، وفي (ب ، د) : زرايا ، وفى نسخة : رزايا .
6- .في (أ) : أمر .
7- .وزاد في (ج) : ورصد .
8- .وزاد في (ج) : وباقية .
9- .في بعضى النسخ : حدود اللّه .
10- .في (أ) : للعزل .

ص: 1012

متعرّضا ، وأعوذ باللّه من سخطه وإليه أرغب في التوفيق لطاعته والحول بيني وبين معصيته في عافيه لي وللمسلمين . والجامعة والجفر يدلاّن على ضدّ ذلك ، وما أدري مايفعل بي و[لا] بكم إنِ الحكم إلاّ للّه يقضي بالحقّ وهو خير الفاصلين ، لكنني امتثلت أمر أمير المؤمنين وآثرت رضاه واللّه تعالى يعصمني وإيّاه ، وأشهدت اللّه على نفسي بذلك وكفى باللّه شهيدا . وكتبت بخطّي بحضرة أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه (1) والحاضرين من أولياء نِعَمهِ وخواصّ دولته وهم : الفضل بن سهل ، وسهل بن الفضل ، والقاضي يحيى بن أكثم ، وعبد اللّه بن طاهر ، وثمامة بن أشرس (2) ، وبشر بن المعتمر ، وحمّاد بن النعمان ، وذلك في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين . صورة رقم شهادة القاضي يحيى بن أكثم : شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذا الكتاب ظهره وبطنه وهو يسأل اللّه تعالى أن يعرّف أمير المؤمنين وكافّة المسلمين بركة (3) هذا العهد والميثاق . وكتب بخطّه في التاريخ المبيَّن فيه . صورة رقم شهادة عبد اللّه بن طاهر : أثبت شهادته فيه بتاريخه ، عبد اللّه بن ظاهر . وصورة رقم شهادة حمّاد بن النعمان : شهد حمّاد بن النعمان بمضمونه ظهره و بطنه (4) وكتبه بيده في تاريخه . وصورة رقم شهادة ابن المعتمر (5) : شهد بذلك بشر بن المعتمر ) . 6 وعلى الجانب الأيسر بخطّ الفضل بن سهل : رسم أمير المؤمنين [أطال اللّه بقاءه]

.


1- .في (ب) : بقاه .
2- .في (أ) : الأشرس .
3- .في (ب) : ببركة .
4- .في (أ) : ظهرا وبطنا .
5- .في (أ) : المعتزّ

ص: 1013

قراءة (1) هذه الصحيفة الّتي هي صحيفة العهد والميثاق [نرجو أن نجوز بها الصراط ]ظهرها وبطنها (2) بحرم سيّدنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله بين الروضة والمنبر على رؤوس الأشهاد وبمرأى ومسمع من وجوه بني هاشم وسائر الأولياء والأخيار [والأحفاد] بعد أخذ البيعة عليهم واستيفاء شروطها بما أوجبه أمير المؤمنين من العهد لعليّ بن موسى الرضا عليه السلام لتقوم به الحجّة على جميع المسلمين ولتبطل (3) الشبهة الّتي كانت اعترضت آراء (4) الجاهلين ، وما كان للّه ليَذرَ المؤمنين على ما أنتم عليه . وكتب الفضل بن سهل بحضرة أمير المؤمنين في تاريخ المعيّن فيه 5 .

.


1- .في (أ) : ظهرا وبطنا .
2- .في (ب) : فقراءة ، وفي (أ) : بقراءة .
3- .في (أ) : تبطل ، وفي (ج) : لتبطل .
4- .في (أ) : اعترضته لآراء .

ص: 1014

. .

ص: 1015

. .

ص: 1016

. .

ص: 1017

. .

ص: 1018

روي إبراهيم بن العباس قال : كانت البيعة للرضا لخمس خلون من شهر رمضان المعظّم سنة إحدى ومائتين (1) . وزوّجه المأمون ابنته اُمّ حبيب في أوّل سنة اثنين ومأتين (2) والمأمون متوجّه إلى العراق . وممّا نقل إلى الأسماع بالاستماع وروته الألسن بالبقاع في الأصقاع وخطّته الأيدي في الصحائف والرقاع أنّ الخليفة المأمون وجد في يوم عيد انحراف مزاج أحدث عنده ثقلاً له عن الخروج إلى الصلاة فقال لأبي الحسن الرضا : قم يا أبا الحسن اركب وصلّ بالناس العيد ، فامتنع وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط فاعفني من الصلاة ، فقال المأمون : انّما اُريد أن أنوه (3) بذكرك ليشهر أمرك بأنك وليّ عهدي والخليفة من بعدي ، وألحّ عليه في ذلك فقال له الرضا : إن أعفيتني من ذلك كان أحبّ إليَّ ، فإن أبيت إلاّ أن أخرج إلى الصلاة بالناس فإنّما أخرج كما كان النبيّ صلى الله عليه و آلهيخرج للصلاة وعلى الصفة الّتي كان يخرج عليها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال المأمون : افعل كيف ما أردت .

.


1- .انظر كشف الغمّة : 2 / 322 ، البحار : 49 / 128 ح 1 ، مسار الشيعة : 42 في السادس من رمضان .
2- .انظر عيون أخبار الرضا : 2 / 245 ح 2 والبحار : 49 / 221 ح 9 ، و300 ح 11 ، إعلام الورى : 343 ، كشف الغمّة : 2 / 332 ، تاريخ الطبري : 7 / 149 ، الشذرات الذهبيه لابن طولون : 97 ، الاتحاف بحبّ الأشراف : 168 ، التدوين : 4 / 52 ، إثبات الوصية : 205 ، دلائل الإمامة : 177 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 376 ، إحقاق الحقّ : 12 / 386 ، و : 19 / 568 .
3- .في (ج) : أبوح .

ص: 1019

وأمر المأمون القوّاد والجند وأعيان دولته بالركوب في خدمته إلى المصلّى فركب الناس إلى بيته وحضر القوّاد والمؤذّنون والمكبّرون إلى بابه ينتظرون أن يخرج . فخرج إليهم الرضا وقد اغتسل ولبس أفخر ثيابه وتعمّم بعمامة [بيضاء من] قطن وألقى طرفا منها على عاتقه (1) ومسّ طيبا وأخذ عكّازة (2) في يده وخرج ماشيا ولم يركب ، وقال لمواليه وأتباعه : افعلو كما فعلت ، ففعلوا كفعله ، وساروا بين يديه عند شروق الشمس رافعين أصواتهم بالتكبير والتهليل ، فلمّا رأوه القوّاد والجند على تلك الحالة لم يسعهم إلاّ أن نزلوا عن خيولهم ومراكبهم وساروا بين يديه وتركوا دوّابهم مع غلمانهم خلف الناس ، وكان كلّما كبّر الرضا كبّر الناس تكبيرة ، وكلّما هلّل هلّلوا تهليلة وهم سائرون بين يديه حتّى خيل للناس أنّ الحيطان والجدران تجاوبهم بالتكبير والتهليل ، وتزلزلت مرو وارتفع البكاء والضجيج ، فبلغ ذلك المأمون فقال له الفضل : إن بلغ الرضا المصلّى افتتن الناس به وخفنا على دمائنا وأرواحنا وعليك في نفسك فابعث إليه فردّه ، فبعث إليه المأمون قائلاً : قد كلّفناك يا أبا الحسن شططا ولانحبّ أن تلحقك مشقّة ، ارجع إلى بيتك يصلّي بالناس من كان يصلّي بهم قبل . فرجع عليّ بن موسى الرضا عليه السلام إلى بيته وركب المأمون فصلّى بالناس 3

.


1- .في (ب) : صدره .
2- .في (أ) : عكّازأ .

ص: 1020

قال هرثمة بن أعين (1) _ وكان من خدّام الخليفة عبد اللّه المأمون إلاّ أنه كان محبّا لأهل البيت إلى الغاية ويعدّ نفسه من شيعتهم وكان قائما بخدمة الرضا وجميع مصالحه مؤثرا لذلك على جميع أصحابه مع تقدّمه عند المأمون وقربه منه قال : _ طلبني سيّدي أبوالحسن الرضا عليه السلام في يوم من الأيّام فقال لي : يا هرثمة إنّي مطّلعك على أمرٍ يكون سرّا عندك لا تظهره لأحد مدّة حياتي ، فإن أظهرته حال حياتي كنت خصيما لك عنداللّه . فحلفتُ له إنّي لا أتفوّه بما تقوله لي مدّة حياته . فقال لي : اعلم يا هرثمة إنّه قد دنا (2) رحيلي [إلى اللّه تعالى] ولحوقي بجدّي وآبائي ، وقد بلغ الكتاب أجله وإنّي اُطعم عنبا ورمّانا مفروكا (3) فأموت ، ويقصد الخليفة أن يجعل قبري خلف قبر أبيه الرشيد وأنّ اللّه لايقدره على ذلك ، وانّ الأرض تشتدّ عليهم فلا تعمل فيها المعاول ولايستطيعون حفر شيء منها فتكون تعلم . يا هرثمة إنّما مدفني في الجهة الفلانية من الحدّ الفلاني ، بموضع عيِّنه له عنده ، فإذا أنا متّ وجهّزت فأعلمه بجميع ما قلته لك ليكونوا على بصيرة من أمري ، وقل له إن اُوضعت في نعشي وأرادوا الصلاة عليَّ فلا يصلى عليَّ وليأني بي قليلاً فإنّه يأتيكم رجل عربي ملثّم على ناقة له مصرع من جهة الصحراء عليه وعثاء (4) السفر فينيخ راحلته وينزل عنها فيصلّي عليَّ وصلّوا معه عليَّ ، فإذا فرغتم من الصلاة عليَّ وحملتموني إلى مدفني الّذي عينته لك فاحفر شيئا يسيرا من وجه

.


1- .هرثمة بن أعين قتله المأمون في مرو سنة (200 ه) . انظر الكامل لابن الأثير : 6 / 314 ، العبر في أخبار من غبر لابن خلدون : 1 / 259 .
2- .في (ج) : يا هرثمة هذا أوان .
3- .في (أ) : مفتونا .
4- .الوعثاء : المشقّة والتعب .

ص: 1021

الأرض تجد قبرا مطبقًا معمورا في قعره ماء أبيض ، إذا كشفت عنه الطبقات نشف (1) الماء فهذا مدفني فادفنوني فيه . واللّه اللّه يا هرثمة أن تخبر بهذا أو بشيء منه قبل موتي . قال هرثمة : فواللّه ما طالت الأناة حتّى أكل الرضا عند الخليفة عنبا ورمّانا مفتوتا فمات 2 . عن أبي الصلت الهروي (2) [ أنّه ] قال : دخلت على الرضا وقد خرج من عند المأمون فقال لي : يا أبا الصلت قد فعلوها ، وجعل يوحّد اللّه ويمجّده (3) ، فأقام يومين ومات في اليوم الثالث . قال هرثمة : فدخلت على عبد اللّه المأمون لمّا رفع إليه موت أبي الحسن الرضا فوجدت المنديل في يده وهو يبكي عليه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ثَمّ كلام أتاذن لي أن أقوله لك؟ قال : قل ، قلت : إنّ الرضا أسرَّ إليَّ في حياته بأمرٍ وعاهدني أن

.


1- .في (أ) : نضب .
2- .هو عبدالسلام بن صالح بن سليمان العبشمي مولاهم ، روى عن حمّاد بن زيد ومالك ، وروى عنه محمّد بن رافع وأحمد بن سيّار ، توفي سنة (236 ه) . راجع تهذيب الكمال : 201 .
3- .انظر الإرشاد : 2 / 270 ، إعلام الورى : 325 ، البحار : 49 / 308 ح 18 ، مقاتل الطالبيين : 457 ، مناقب آل أبي طالب : 4 / 374 .

ص: 1022

لا أبوح به لأحد إلاّ لك عند موته . [قال : هات ]وقصصت عليه القصة الّتي قالها لي من أوّلها إلى آخرها وهو متعجّب من ذلك ، ثمّ أمر بتجهيزه وخرجنا بجنازته إلى المصلّى وتأنّينا بالصلاة عليه قليلاً فإذا بالرجل قد أقبل على بعيرٍ من جهة الصحراء كما قال ونزل ولم يكلّم أحدا فصلّى عليه وصلّى الناس معه ، وأمر الخليفة بطلب الرجل فلم يروا له أثرا ولالبعيره (1) . ثمّ إنّ الخليفة قال : نحفر له من خلف قبر الرشيد ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ألم اُخبرك بمقالته؟ قال : نريد ننظر إلى ماقلته ، فعجز الحافرون ، فكانت الأرض أصلب من الصخر الصوان ، وعجزوا عن حفرها وتعجّب الحاضرون من ذلك ، وتبيّن للمأمون صدق ما قلته له عنه . فقال : أرني الموضع الّذي أشار إليه ، فجئت بهم إليه فما كان إلاّ أن كشف التراب عن وجه الأرض فظهرت الأطباق فرفعناها فظهر من تحتها قبر معمول وإذا في قعره ماء أبيض ، وأعلمت الخليفة فحفر وأبصره على الصفة الّتي ذكرتها له ، وأشرف عليه المأمون وأبصره . ثمّ إنّ ذلك الماء نشف من وقته فواريناه ورددنا فيه الأطباق على حالها والتراب ، ولم يزل الخليفة المأمون يتعجّب بما رأى وممّا سمعه منّي ويتأسّف عليه ويندم ، وكلّما خلوت في خدمته يقول : يا هرثمة كيف قال لك أبو الحسن الرضا؟ فاُعيد عليه الحديث فيتلهّف ويتأسّف ويقول : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون (2) .

.


1- .انظر أمالي الشيخ الصدوق : 526 ح 17 ، الخرائج والجرائح للراوندي : 1 / 352 ح 8 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 242 ح 1 ، البحار : 49 / 300 ح 10 ، و : 82 / 46 ح 35 ، مدينة المعاجز : 498 ح 114 ، و524 ح 37 ، الوسائل : 2 / 837 ح 4 .
2- .انظر عيون أخبار الرضا : 2 / 245 ح 1 ، نور الأبصار للشبلنجي : 324 ، أئمّة الهدى : 127 ، الكواكب الدرّية لعبد الرؤوف المناوي : 1 / 256 ، مفتاح النجا للبدخشي : 82 ، الاعتصام بحبل الإسلام : 240 ، الأنوار القدسية للسنهوتي : 40 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 6 / 95 ح 98 ، إعلام الورى : 343 ، كشف الغمّة : 332 ، العدد القوية : 276 ح 13 ، الثاقب في المناقب : 431 ، مناقب آل أبي طالب : 3 / 481 ، مدينة المعاجز : 484 ، دلائل الإمامة : 178 ، الهداية الكبرى للخصيبي : 283 ، البحار : 49 / 293 ح 8 .

ص: 1023

قال بعض الأئمّة من أهل العلم : مناقب عليّ بن موسى الرضا من أجلّ المناقب ، وإمداد فضائله وفواضله متوالية كتوالي الكتائب ، وموالاته محمودة البوادي والعواقب (1) ، وعجائب أوصافه من غرائب العجائب ، وسؤدده ونبله قد حلّ من الشرف في الذروة والمغارب ، فلمواليه (2) السعد الطالع ولمناويه النحس الغارب . أمّا شرف آبائه فأشهر من الصباح المنير وأضوأ من عارض الشمس المستدير . وأمّا أخلاقه وسماته وسيرته وصفاته ودلائله وعلاماته ونفسه الشريفه فناهيك من فخارٍ وحسبك من علوّ مقدارٍ جاز على طريقة ورثها عن الآباء وورثها عنه البنون ، فهم جميعا في كرم الاُرومة وطيب الجرثومة كأسنان المشط متعادلون فشرفا لهذا البيت المعالي الرتبة السامي المحلّة ، لقد طال السماء علاءً ونبلاً ، وسما على الفراقد منزلةً ومحلاًّ ، واستوفى صفات الكمال ، فما يستثنى في شيءٍ منه لغيره وإلاّ انتظم هؤلاء الأئمّة انتظام اللآلي ، وتناسبوا في الشرف فاستوى المقدّم والتالي ، ونالوا رتبة مجدٍ يحيط عنها المقصّر والعالي ، اجتهد عداتهم في خفض منازلهم واللّه يرفعه ، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شملهم واللّه يجمعه ، وكم ضيّعوا من حقوقهم ما لا يهمله اللّه ولايضيّعه (3) . كانت وفاة عليّبن موسى الرضا عليه السلام بطوس من خراسان في قرية يقال لها سناباد (4) في آخر صفر سنة ثلاث ومائتين 5 ، وله من العمر يومئذٍ خمس وخمسون

.


1- .في (أ) : والعوقب .
2- .في (أ) : فلمّوا إليه .
3- .انظر المصادر السابقة .
4- .في (أ) : استياد .

ص: 1024

سنة 1 . كانت مدّة إمامته عشرون (1) سنة ، كان أوّلها في بقية ملك الرشيد ، ثمّ ملك ولده محمّد المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة بعد ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوما، ثمّ خلع الأمين وأجلس مكانه عمّه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة أربعة

.


1- .انظر المصادر السابقة كما في عيون أخبار الرضا : 2 / 245 ولكن زاد «وأربعة أشهر» وروضة الواعظين للفتّال النيسابوري : 281 ، كشف الغمّة : 2 / 311 و 312 ، إعلام الورى : 313 ، دلائل الإمامة للطبري : 175 .

ص: 1025

عشر يوما ، ثمّ خرج (1) محمّد الأمين من الحبس وبويع له ثانية وبقي سنة وسبعة (2) أشهر وثلاثة وعشرين يوما ، وقتله طاهر بن الحسين ، ثمّ ملك بعده المأمون _ عبد اللّه المأمون _ ابن هارون الرشيد عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوما واستشهد الرضا عليه السلام في أيّامه 3 .

.


1- .في (أ) : أخرج .
2- .في (ج) : ستة .

ص: 1026

. .

ص: 1027

. .

ص: 1028

. .

ص: 1029

. .

ص: 1030

. .

ص: 1031

قال ابن الخشّاب في كتابه مواليد أهل البيت : ولد للرضا خمس بنين وابنة واحدة ، أسماء أولاده : محمّد القانع والحسن وجعفر وإبراهيم والحسين ، والبنت عائشة [فقط] رضوان اللّه عليهم أجمعين 1 .

.

ص: 1032

. .

ص: 1033

الفصل التاسع : في ذكر أبي جعفر محمّد الجواد بن عليّ الرضا عليهماالسلام

الفصل التاسع:في ذكر أبي جعفر محمّد الجواد بن عليّ الرضا عليهماالسلام وهو الإمام التاسع 1 وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره وحين وفاته وعدد أولاده وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال صاحب كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : هو أبو جعفر محمّد

.

ص: 1034

. .

ص: 1035

الثاني فإنّه تقدّم في آبائه أبو جعفر محمّد وهو الباقر بن عليّ ، فجاء هذا باسمه وكنيته فهو اسم جدّه فعرف بأبي جعفر الثاني ، وإن كان صغير السنّ فهو كبير القدر رفيع الذكر ، القائم بالإمامة بعد عليّ بن موسى الرضا ولده أبو جعفر محمّد الجواد للنصّ عليه والإشاره له بها من أبيه ، كما أخبر بذلك جماعة من الثقات العدول (1) . عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضا : قد كُنّا نسألُكَ قبل أن يَهَبَ اللّه لك أبا جعفر مَن القائم بعدك فتقول : يهب اللّه لي غلاما ، وقد وهبه اللّه لك وقرّ (2) عيوننا به ، فإن كان كون ولا أرانا اللّه لك يومك (3) فإلى مَن؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه وعمره إذ ذاك ثلاث سنين ، فقلت : وهذا ابن ثلاث! فقال (4) : وما يضرّ (5) من ذلك فقد قام عيسى بالحجّة وهو ابن أقلّ من ثلاث سنين 6 .

.


1- .انظر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلى الله عليه و آله : 85 ط حجرية ، حلية الأبرار : 2 / 410 ، نور الأبصار : 326 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 594 .
2- .في (أ) : وقد وهبك اللّه وأقرّ .
3- .في (أ) : يومنا .
4- .في (أ) : وهذا ابن ثلاث! وقال .
5- .في (ج) : يضره .

ص: 1036

وعن معمر بن خلاّد : قال سمعت الرضا عليه السلام يقول _ وذكر شيئا (1) _ فقال : ما حاجتكم إلى ذلك؟! هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني ، وقال : إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة بالقذة (2)(3) . وعن الخيراني (4) عن أبيه قال : كنت واقفا بين يدي أبي الحسن الرضا بخراسان فقال قائل : يا سيّدي إن كان كون إلى مَن؟ فقال إلى ابني أبي جعفر ، فكأنّ القائل (5) استصغر سنّ (6) أبي جعفر ، فقال الرضا : إنّ اللّه بعث عيسى بن مريم رسولاً نبيا

.


1- .الظاهر أن الشيء المذكور هو حول الإمامة والإمام من بعده عليه السلام كما يقول العلاّمة المجلسي في البحار : 50 / 22 .
2- .يضرب مثلاً للشيئين يستويان ولايتفاوتان . انظر النهاية : 4 / 28 مادة «قذذ» .
3- .انظر الكافي : 1 / 256 ح 2 ، و : 320 ط آخر ، إعلام الورى : 331 ، و : 346 ط آخر ، البحار : 50 / 21 ح 9 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 276 ، و : 357 ط آخر ، كشف الغمّة : 2 / 351 ، الوافي للفيض الكاشاني : 2 / 374 ح 2 ، حلية الأبرار للمحدّث البحراني : 2 / 449 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 6 / 158 ح 10 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 418 .
4- .فتّشت عن ترجمة حياته بهذا اللقب فلم أجده وأعتقد انّه خيران الخادم القراطيسي ، ذكره الشيخ في رجاله : 414 رقم 1 انّه ثقة من أصحاب الهادي عليه السلام ، وكذلك عدّه البرقي في رجاله . ولخيران هذا مسائل يرويها عنه وعن أبي الحسن عليه السلام . انظر معجم رجال الحديث : 7 / ص 183 ، وذكره العلاّمة في الخلاصة : 66 رقم 2 ، والنجاشي : 155 رقم 209 ، وتنقح المقال : 1 / 405 رقم 3803 . وفي نسخة (أ) : الجيراني .
5- .في (أ) : السائل .
6- .في (ب ، ج) : من .

ص: 1037

صاحب شريعة مبتدَأةٍ في أصغر من السنّ الّذي فيه أبو جعفر (1) . ولد أبو جعفر محمّد الجواد بالمدينه تاسع عشر [من] شهر رمضان 2 المعظّم سنة خمس وتسعين ومائة (2) للهجرة .

.


1- .انظر الكافي : 1 / 258 ح 13 ، إثبات الوصية للمسعودي : 186 ، إعلام الورى : 331 ، و : 346 ط آخر ، دلائل الإمامة للطبري : 204 ، الإرشاد للشيخ المفيد : 2 / 279 ، و : 357 ط آخر ، كشف الغمّة للإربلي : 2 / 353 .
2- .انظر الإرشاد : 2 / 273 ، و : 297 ط آخر ، كفاية الطالب : 458 ، تاريخ بغداد : 3 / 55 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 368 ، منهاج السنّة : 127 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 414 _ 416 ، الكافي : 1 / 492 ، البحار : 50 / 1 ح 1 و 5 و 16 ، تاريخ الأئمّة : 13 ، إثبات الوصيّة : 209 ، مطالب السؤول : 87 ، تاج المواليد : 52 ، روضة الواعظين : 289 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 486 ، نور الأبصار : 326 ، إعلام الورى : 344 ، كشف الغمّة : 2 / 343 ، وفيات الأعيان : 3 / 315 ، نزهة المجالس : 2 / 69 .

ص: 1038

وأمّا نسبه : أبا واُمّا فهو محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام (1) . وأمّا اُمّه اُمّ ولد يقال لها سبيكة (2) النوبية وقيل : المريسية 3 . وأمّا كنيته : فأبو جعفر كنية جدّه محمّد الباقر (3) . وأمّا ألقابه : فالجواد ، والقانع ، والمرتضى ، وأشهرها الجواد 5 .

.


1- .تقدّمت استخراجاته .
2- .في (أ) : سكينة ، وهو تصحيف ، ويقال : فورنال ، ومربان . وفي تاريخ ابن الخشّاب : 196 بلفظ «اُمّه اُمّ سكينة ، مريسية ، اُمّ ولد ...» .
3- .انظر كشف الغمّة : 2 / 343 و 345 و 362 ، البحار : 50 / 16 ح 25 ، و 12 ح 11 ، نور الأبصار : 326 ، وملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 593 و 585 و مثله في مفتاح العارف مخطوط . ومن الملاحظ للإمام عليه السلام كنى اُخر منها : أبو جعفر الثاني ، والخاص : أبو عليّ .

ص: 1039

صفته : أبيض معتدل (1) . شاعره : حمّاد (2) . بابه (3) : عمرو بن الفرات (4) . نقش خاتمه : «نعم القادر اللّه » (5) معاصره : المأمون (6) والمعتصم (7) .

.


1- .انظر نور الأبصار : 326 ، البحار : 50 / 15 ح 22 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 593 ، وانظر أيضا المصادر السابقة .
2- .انظر نور الأبصار : 326 ، البحار : 50 / 104 ح 20 .
3- .في (أ) : بوّابه .
4- .انظر المصادر السابقة ، مع العلم أنّ الشيخ في رجاله : 383 تحت رقم 49 عدّ عمر بن الفرات من أصحاب الرضا عليه السلام وقال : كاتب بغدادي غالٍ . وانظر الجدول في المصباح للكفعمي : 523 وقد ذكره بلفظ : عمر بن الفرات .
5- .انظر نور الأبصار : 326 ، البحار : 50 / 15 ح 22 ، وملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 593 . وفي سعد السعود : 236، والبحار : 26/222 ح 28 ، ومستدرك الوسائل : 3 / 284 ح 5 بلفظ «خاتم فضة ناحل ... فقلت مثلك يلبس مثل هذا؟! قال عليه السلام : هذا خاتم سليمان بن داود» وقيل نقش خاتمة «العزّة للّه » مثل نقش خاتم أبيه ، كما ورد في دلائل الإمامة : 209 . وفي مقصد الراغب : 171 مخطوط «المهيمن عضدي» .
6- .تقدّمت ترجمته .
7- .المعتصم هو أبو إسحاق محمّد المعتصم ، اُمه اُمّ ولد تسمى «ماردة» وقد تولى حكم الشام ومصر في عهد أخيه المأمون ، وقد رأى المأمون توليته عهده بدلاً من ابنه العبّاس ، وتولّى الخلافة العبّاسية في رجب سنة (218 ه) فاصبح ثامن الخلفاء العبّاسيين ، واُطلق عليه المثمن لأنه الثامن من ولد العبّاس والثامن من الخلفاء ، وتولّى الخلافة في الثامنة عشرة من عمره وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر ، وتوفي في الثامنة والأربعين من عمره ، وغزا ثماني غزوات ، وخلّف ثمانية ملايين درهم ... انظر تاريخ الطبري : 7 / 223 ، والفخري : 209 .

ص: 1040

وأمّا مناقبه : فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : مناقب أبي جعفر محمّد الجواد [ف ]_ما اتسعت جلباب مجالها ولاامتدّت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهية بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها ، فقلّ في الدنيا مقامه ، وعجّل القدوم إليه لزيارته حمامه (1) ، فلم تطلّ فيها مدّته (2) ولاامتدّت فيها أيّامه ، غير أنّ اللّه خصّه بمنقبة أنوارها متألّقة في مطالع التعظيم وأخبارها مرتفعة في معارج (3) التفضيل والتكريم ، وهي أنّ أبا جعفر محمّد الجواد لمّا توفي والده أبو الحسن الرضا عليه السلام وقدم الخليفة المأمون إلى بغداد بعد وفاته بسنة اتفق أنّ المأمون خرج يوما يتصيّد فاجتاز بطرف البلد وثمّ صبيان يلعبون ومحمّد الجواد واقف عندهم ، فلمّا أقبل المأمون فرّ الصبيان ووقف محمّد الجواد وعمره إذ ذاك تسع سنين ، فلمّا قرب منه الخليفة نظر إليه وكان اللّه تعالى ألقى في قلبه مسحة قبول ، فقال له : يا غلام ما منعك أن لاتفرّ كما فرّ أصحابك؟ فقال له محمّد الجواد مسرعا : يا أمير المؤمنين فرّ أصحابي خوفا والظنّ بك حسن أنّه لايفرّ منك من لا ذنب له ، ولم يكن بالطريق ضيق فأتنحّى (4) عن أمير المؤمنين ، فأعجب المأمون كلامه وحسن صورته فقال : ما اسمك يا غلام؟ فقال : محمّد بن عليّ الرضا ، فترحّم الخليفة على أبيه .

.


1- .في (أ) : وعجّل عليه فيها حمامه .
2- .في (ج ، أ) : لياليه .
3- .في (أ) : معاريج .
4- .في (أ) : ضيقا فأنتحي ، وفي(ب) : فأنتهي ، وفي (د) : فاتنحّى .

ص: 1041

وساق جواده إلى نحو وجهته (1) وكان معه بزاة الصيد ، فلمّا بعُد عن العمارة أخذ الخليفة بازيا منها وأرسل على درّاجة فغاب البازي عنه قليلاً ، ثمّ عاد وفي منقاره سمكة صغيرة وبها بقايا (2) من الحياة ، فتعجّب المأمون من ذلك غاية العجب ثمّ أنّه أخذ السمكة في يده وكرّ راجعا إلى داره وترك الصيد في ذلك اليوم وهو متفكّر فيما صاده البازي من الجوّ ، فلمّا وصل موضع الصبيان وجدهم على حالهم ووجد محمّدا معهم فتفرّقوا على جاري عادتهم إلاّ محمّد[ا] فلمّا دنا منه الخليفة قال : يا محمّد ، قال : لبّيك يا أمير المؤمنين ، قال مافي يدي؟ فأنطقه اللّه تعالى بأن قال : إنّ اللّه تعالى خلق في بحر قدرته المستمسك في الجوّ ببديع حكمته سمكا صغارا تصيدها (3) منها بزاة [الملوك ]والخلفاء كي يختبر بها سلالة بيت المصطفى . فلمّا سمع المأمون كلامه تعجّب منه وأكثر وجعل يطيل النظر فيه وقال : أنت ابن الرضا حقّا ومن بيت المصطفى صدقا ، وأخذه معه وأحسن إليه وقرّبه وبالغ في إكرامه وأجلاله وإعظامه ، فلم يزل مشغفا به لما ظهر له أيضا بعد ذلك من بركاته ومكاشفاته وكراماته وفضله وعلمه وكمال عقله وظهور برهانه مع صغر سنّه . ولم يزل المأمون متوفّرا على تبجيله وإعظامه وإجلاله وإكرامه (4) إلى أن عزم على أنه يزوّجه ابنته اُمّ الفضل وصمّم على ذلك ، فبلغ ذلك العبّاسيين فغلظ عليهم واستكبروه (5) وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما إنتهى مع أبيه الرضا ، فاجتمع الأكابر من العبّاسيين الدالّين على الخليفة ودخلوا عليه وقالوا : ننشدك اللّه يا أمير المؤمنين

.


1- .في (ب) : ناحيته .
2- .في (أ) : بقاء .
3- .في (أ) : فصاد .
4- .انظر مطالب السؤول : 78 ، كشف الغمّة : 2 / 344 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 494 و 495 ، و : 4 / 388 ط آخر ، البحار : 50 / 56 ، و 91 ح 6 ، ينابيع المودّة : 3 / 124 _ 125 باختلاف يسير ، الصواعق المحرقة : 206 ، نور الأبصار : 326 .
5- .في (أ) : فشقّ عليهم فاستكثروه .

ص: 1042

إلاّ مارجعت عن هذه النية وصرفت خاطرك عن هذا الأمر ، فإنّا نخاف ونخشى أن يخرج عنّا أمر قد ملّكناه اللّه وينزع منّا (1) عزّا ألبسناه اللّه تعالى ويتحوّل إلى غيرنا ، وأنت تعلم ما بيننا وبين هؤلاء القوم وما كان عليه الخلفاء من بعدهم وقد كنّا في وهلة (2) من عملك مع الرضا كما عملت حتّى كفانا اللّه تعالى المهمّ (3) من ذلك ، فاللّه اللّه أن تردّنا إلى غمٍّ قد انحسر عنّا ، واصرف رأيك عن ابن الرضا واعدل إلى من تراه (4) من أهل بيتك ممّن يصلح لذلك . فقال لهم المأمون : أمّا ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ، ولو أنصفتم القوم لكانوا أولى بالأمر منكم . وأمّا ما كان من استخلاف الرضا فقد درج الرضا إلى رحمة اللّه وكان أمر اللّه قدرا مقدورا . وأمّا ابنه محمّد فأخبرته لتبريزه على كافّة أهل الفضل في العلم والحلم (5) والمعرفه والأدب مع صغر سنّه ، فقالوا : إنّ هذا صبىّ صغير السنّ وأيّ علمٍ له اليوم أو معرفة أو أدب؟ فأمهله (6) يتفقّه يا أمير المؤمنين ثمّ اصنع به ما شئت ، قال : كأنكم تشكّون في قولي إن شئتم فاختبروه أو ادعوا من يختبره ثمّ بعد ذلك لوموا فيه أو اعذروا ، قالوا : وتتركنا وذلك يا أميرالمؤمنين؟ قال : نعم ، قالوا : فيكون ذلك بين يديك يترك مَن يسأله عن شيءٍ من اُمور الشريعة فإن أصاب لم يكن في أمره لنا اعتراض وظهر للخاصّة والعامّة سديد رأي أميرالمؤمنين ، وإن عجز عن ذلك كفينا

.


1- .في (أ) : عنّا .
2- .في (أ) : وجلة .
3- .في (أ) : بالهمّ .
4- .في (أ) : رأيت .
5- .زاد في (ج) : والفضل .
6- .في (أ) : دعه .

ص: 1043

خطبه ولم يكن لأمير المؤمنين عذر في ذلك ، فقال لهم المأمون : شأنكم وذلك متى أردتم فخرجوا من عنده . واجتمع رأيهم على القاضي يحيى بن أكثم (1) أن يكون هو الّذي يسأله ويمتحنه وقرّروا ذلك مع القاضي يحيى ووعدوه بأشياء كثيرة متى قطعه وأخجله ، ثمّ عادوا إلى المأمون وسألوه أن يعيّن لهم يوما يجتمعون فيه بين يديه لمسألته ، فعيّن لهم يوما فاجتمعوا في ذلك اليوم بين يدي أمير المؤمنين المأمون ، وحضر العباسيون ومعهم القاضى يحيى بن أكثم ، وحضر خواصّ الدوله وأعيانها من اُمرائها وحجّابها وقوّادها ، وأمر المأمون بأن يفرش لأبي جعفر محمّد الجواد عليه السلام فرشا حسنا وأن يجعل عليه مسورتان (2) ، ففعل ذلك ، وخرج أبو جعفر فجلس بين المسورتين ، وجلس القاضي يحيى مقابله ، وجلس الناس في مراتبهم على قدر طبقاتهم ومنازلهم . فأقبل يحيى بن أكثم على أبي جعفر فسأله عن مسائل أعدّها له ، فأجاب 3

.


1- .هو يحيى بن أكثم التميمي القاضي كان متكلّما ، عالما فقيها في عصره ، أحد وزراء المأمون قاضيا في العراقيين . انظر ترجمته في ابن خلّكان والمسعودي والأعلام للزركلي .
2- .مسور : متّكأ من جلد . وفي (أ) : مصورتان ... المصورتين .

ص: 1044

بأحسن جواب وأبان فيها عن وجه الصواب بلسانٍ ذلق ووجهٍ طلق وقلبٍ جسور ومنطقٍ ليس بعيٍّ ولا حصور ، فعجب القوم من فصاحة لسانه وحسن اتساق منطقه ونظامه ، فقال له المأمون : أجدت وأحسنت يا أبا جعفر ، فإن رأيت أن تسأل يحيى كما سألك ولو عن مسألة واحدة ، فقال ذلك إليه يا أمير المؤمنين ، فقال يحيى يسأل يا أمير المؤمنين فإن كان عندي في ذلك جواب أجبت به وإلاّ استفدت بالجواب ، واللّه أسأل أن يرشد للصواب .

فقال له أبو جعفر عليه السلام :ما تقول في رجل نظر إلى امرأةٍ في أوّل النهار بشهوة فكان نظره إليها حراما عليه ، فلمّا ارتفع النهار حلّت له ، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر حلّت له ، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه ، فلمّا دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له ، فلمّا انتصف الليل حرمت عليه ، فلمّا طلع الفجر حلّت له ، فبماذا حلّت هذه المرأة لهذا الرجل؟ وبماذا حرمت عليه في هذه الأوقات؟ فقال يحيى بن أكثم : لا أدري ، فإن رأيت أن تفيدنا بالجواب فذلك إليك . فقال أبو جعفر : هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها بعض من الناس في أوّل

.

ص: 1045

النهار بشهوة فكان نظره إليها حراما ، فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها (1) فحلّت له ، فلمّا كان وقت الظهر اعتقها فحرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر تزوّجها فحلّت له ، فلمّا كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه ، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار فحلّت له ، فلمّا كان نصف الليل طلّقها طلقةً واحدة فحرمت عليه ، فلمّا كان الفجر راجعها فحلّت له .

فأقبل المأمون على أهل بيته قال : هل فيكم أحد يستحضر أن يجيب عن هذه المسائل بمثل هذا الجواب؟ فقالوا : ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء ، فقال : قد عرفتم الآن ما كنتم تنكرونه وتبيّن في وجه القاضي يحيى الخجل والتغيير بحيث عرف ذلك كلّ مَن في المجلس،فقال المأمون : الحمدللّه على ما مَنّ به عليَّ من السداد في الأمر والتوفيق في الرأي وأقبل على أبي جعفر وقال : إنّي مزوّجك ابنتي اُمّ الفضل وإن رغم ذلك اُنوف قوم فاخطب لنفسك فقد رضيتك لنفسي وابنتي ، فقال أبو جعفر : الحمدللّه إقرارا بنعمته ولا إله إلاّ اللّه إخلاصا لوحدانيته ، وصلّى اللّه على سيّدنا محمّد صلى الله عليه و آله سيّد بريّته والأصفياء من عترته . أمّا بعد ، كان من فضل اللّه على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال تعالى : «وَأَنكِحُواْ الْأَيَ_مَى مِنكُمْ وَالصَّ__لِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ» (2) ثمّ إنّ محمّد بن عليّ بن موسى خطب إلى أميرالمؤمنين ابنته اُمّ الفضل وقد بذل لها من الصداق مهر جدّته فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه و آله وهو خمسمائة درهم جيادا فهل زوّجتني إيّاها يا أمير المؤمنين على هذا الصداق المذكور؟ فقال المأمون : زوجتك ابنتي اُمّ الفضل على هذا الصداق المذكور ، فقال أبو جعفر : قبلت نكاحها على هذا الصداق المذكور . قال الريّان (3) : وأخرج الخدم مثل السفينة من الفضة مطلية بالذهب فيها

.


1- .في (أ) : صاحبها .
2- .النور : 32 .
3- .الريّان بن شبيب خال المعتصم ، ثقة ، سكن قم وروى عنه أهلها كما قاله النجاشي في رجاله : 165 رقم 436 ، وترجم له المامغاني في تنقيح المقال : 1 / 435 ، والسيّد الخوئى في معجم رجال الحديث : 7 / 310 والعلاّمة الحلّيفى الخلاصة : ق 1 / 70 .

ص: 1046

الغالية (1) مضروبة بأنواع الطيب والماء [ال] ورد والمسك فتطيّب منها جميع الحاضرين على قدر منازلهم ومراتبهم ، ثمّ وضعت موائد الحلواء فأكل منها الحاضرون وفرّقت عليهم الجوائز والعطيات على قدر طبقاتهم، ثمّ انصرف الناس وتقدّم المأمون بالصدقة على الفقراء والمساكين وأهل الأربطة والخوانق والمدارس 2 . ولم يزل عنده محمّد الجواد مكرّما معظّما إلى أن توجّه بزوجته اُمّ الفضل إلى المدينة الشريفة . روي أنّ اُمّ الفضل بعد توجّهها مع زوجها إلى المدينة كتبت إلى أبيها المأمون تشكو أبا جعفر وتقول : إنّه يتسرّى (2) عليَّ ويغيرني ، فكتب إليها أبوها : يا بنية إنّا لم نزوّجك (3) أبا جعفر لتحرّمي عليه حلالاً فلا تعاودينني لذكر شيءٍ ممّا ذكرتِ (4) .

.


1- .الغاليه : نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان عود . انظر مجمع البحرين _ غلا _ 1 / 319 .
2- .السُرِّية : الجارية المتخذة للجماع منسوبه إلى السرّ . انظر القاموس : 2 / 47 ، لسان العرب : 4 / 358 .
3- .في (أ) : أنا لم اُزوّجك .
4- .انظر مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب : 4 / 382 ، البحار : 50 / 79 ح 5 ، الإرشاد للمفيد : 2 / 288 ، و : 365 ط آخر ، مدينة المعاجز : 529 ح 46 ، أخبار الدول وآثار الاُوَل للقرماني : 116 ، نور الأبصار : 328 ، الوسائل : 4 / 1059 ح 4 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 12 / 424 ، و : 19 / 599 ح 3 .

ص: 1047

وحكي أنه لمّا توجّه أبو جعفر منصرفا من بغداد إلى المدينة الشريفة خرج معه الناس يشيّعونه للوداع فصار إلى أن وصل إلى باب الكوفة عند دار المسيّب فنزل هناك مع غروب الشمس ، ودخل إلى مسجد قديم مؤسّس بذلك الموضع ليصلّي فيه المغرب ، وكان في صحن المسجد شجرة نبق (1) لم تحمل قطّ ، فدعا بكوز فيه ماء فتوضّأ في أصل الشجرة [النبقة] وقام يصلّي فصلّى معه الناس المغرب ، فقرأ في الاُولى الحمد وإذا جاء نصر اللّه والفتح ، وقرأ في الثانية بالحمد وقل هو اللّه أحد [وقنت قبل ركوعه فيها وصلّى الثالثه وتشهّد وسلّم] ثمّ بعد فراغه جلس هُنيئةً يذكر اللّه تعالى وقام فتنفّل بأربع ركعات وسجد بعدهنّ سجدتي الشكر ، ثمّ قام فوادع الناس وانصرف فأصبحت النبقة وقد حملت من ليلتها حملاً حسنا ، فرآها الناس وقد تعجّبوا في ذلك غاية العجب ثمّ ما كان هو أغرب وأعجب من ذلك أنّ نبقة هذه الشجرة لم يكن لها عَجَمٌ (2) فزاد تعجّبهم من ذلك أكثر وأكثر . وهذا من بعض كراماته الجليلة ومناقبه الجميلة (3) .

.


1- .النَبق _ بفتح النون وكسر الباء وقد تسكن _ : ثمر السدر . انظر النهاية : 5 / 10 مادة «نبق» .
2- .العَجَم والعُجامة : نوى التمر وما شاكله .
3- .انظر الكافي : 1 / 411 و416 ح 12 ، وإعلام الورى : 338 ، و : 354 ط آخر ، مناقب آل أبي طالب : 4 / 390 ، و : 3 / 489 ط آخر ، بحار الأنوار : 50 / 89 ح 4 ، و : 86 / 100 ، الإرشاد : 2 / 289 ، و : 364 ط آخر ، الثاقب في المناقب : 512 ح 1 ، الخرائج والجرائح : 1 / 278 ح 8 ، جامع كرامات الأولياء : 1 / 168 ، كشف الغمّة : 2 / 353 ، إثبات الهداة : 6 / 183 ح 23 ، تحف العقول : 454 ، مهج الدعوات لابن طاووس : 58 ح 147 ، من لا يحضره الفقيه : 3 / 398 ح 4399 ، المحجّة البيضاء للفيض الكاشاني : 4 / 301 ، روضة الواعظين للفتّال النيسابوري : 287 ، نور الأبصار : 330، إعلام الورى : 350 .

ص: 1048

وعن أبي خالد (1) قال : كنت بالعسكر (2) فبلغني أنّ هناك رجلاً محبوسا اُتي به من الشام مكبولاً (3) بالحديد وقالوا إنّه تنبّأ ، فأتيت باب السجن ودفعت شيئا للبوّابين (4) حتّى دخلت عليه ، فإذا برجلٍ ذا فَهْم وعقل وأدب فقلت : يا هذا ما قصّتك؟ قال : إنّي كنت رجلاً بالشام أعبد اللّه تعالى في الموضع الّذي يقال إنّه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام ، فبينما أنا ذات ليلة (5) في موضعي مقبل على المحراب أذكر اللّه إذ رأيت شخصا بين يديَّ فنظرت إليه فقال : قُمْ ، فقمت معه فمشى [بي ]قليلاً فإذا أنا في مسجد الكوفة ، فقال لي : أتعرف هذا المسجد؟ قلت : نعم هذا مسجد الكوفة ، قال : فَصلّى فصلّيت معه ، ثمّ انصرف فانصرفت (6) معه فمشى قليلاً فإذا [نحن بمسجد الرسول صلى الله عليه و آلهفسلّم على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وصلّى وصلّيت معه ، ثمّ خرج وخرجت معه فمشى قليلاً وإذا ]نحن بمكة المشرّفة فطاف بالبيت فطفت معه ، ثمّ خرج فخرجت معه فمشى قليلاً فإذا أنا بموضعي الّذي كنت فيه بالشام ، ثمّ غاب عنّي فبقيت متعجّبا ممّا رأيت . فلمّا كان في العام المقبل وإذا بذلك الشخص قد أقبل عليَّ فاستبشرت به فدعاني فأجبته ففعل بي كما فعل فيَّ العام (7) الماضي ، فلمّا أراد مفارقتي قلت له : سألتك بحقّ الّذي أقدرك على ما رأيت منك إلاّ ما أخبرتني مَن أنت؟ فقال : أنا

.


1- .هو عليّ بن خالد كان من الزيدية فقال بالإمامة لمّا رأى ذلك ، وحسن اعتقاده كما ورد في الإرشاد للمفيد : 2 / 291 ، وتنقيح المقال للمامقاني : 2 / 287 ، ومعجم رجال الحديث للسيّد الخوئي : 12 / 9 ، والخرائج : 382 .
2- .العسكر : اسم لمدينة سامراء .
3- .في (أ) : مكبّلاً .
4- .في (أ) : للسجّان .
5- .في (أ) : يوم .
6- .في (أ) : خرج فخرجت .
7- .في (أ) : بي بالعام .

ص: 1049

محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، فحدّثت بعض مَن كان يجتمع لي بذلك فرفع ذلك إلى محمّد بن عبدالملك الزيّات (1) فبعث إلىَّ مَن أخذني من موضعي وكبّلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبسني كماترى وادّعى عليَّ بالمحال ، قلت له ، فأرفَعُ عنك قصّةً (2) إلى محمّد بن عبدالملك الزيّات؟ قال : افعل ، فكتبت عنه قصّةً ) (3) وشرحت فيها أمره ورفعتها إلى محمّد بن عبدالملك فوقّع في (4) ظهرها : قل للّذي أخرجك من الشام إلى هذه المواضع الّتي ذكرتها يخرجك من السجن الّذي أنت فيه ، فقال ابن خالد فاغتممت لذلك وسقط في يدي وقلت : إلى غدٍ آتيه وآمره بالصبر وأعده من اللّه بالفرج واُخبره بمقالة هذا الرجل المتجبّر . قال : فلمّا كان من الغد باكرت السجن فإذا أنا بالحرس والجند وأصحاب السجن وخلق (5) كثير يهرعون (6) فسألت: ما الخبر؟ فقيل لي : إنّ الرجل المتنبئ المحمول من الشام فُقد البارحة من الحبس 7 وحده بمفرده وأصبحت قيوده والأغلال الّتي كانت في عنقه مرمى بها في السجن لاندري كيف خلص منها ، وطلب فلم يوجد له أثر ولاخبر ولايدرون أخسفت به الأرض أو اختطفته الطير 8 . فتعجّبت من ذلك وقلت :

.


1- .هو أبو جعفر محمّد بن عبدالملك بن أبان بن حمزة المعروف بابن الزيّات ... وزّر لثلاثة خلفاء من بني العباس ، وهم : المعتصم والواثق والمتوكل . انظر وفيات الأعيان : 5 / 94 _ 103 .
2- .في (ج) : قصّته .
3- .في (أ) : على .
4- .في (أ) : وناس .
5- .في (أ) : في همزجة .
6- .في (أ) : السجن .

ص: 1050

استخفاف ابن الزيات بأمره واستهزاؤه بما وقع به على قصّتة خلّصه 1 من السجن . قال ابن حمدون في كتابه التذكرة : روي عن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا أنه قال : كيف يضيع من اللّه كافله؟ وكيف ينجو من اللّه طالبه (1) ؟ وعنه أنه قال : مَن انقطع إلى غير اللّه وكله اللّه إليه ، ومَن عمل على غير علم أفسد أكثر ممّا يصلح (2) . وعنه أنه قال : القصد إلى اللّه بالقلوب أبلغ من إتعاب (3) الجوارح بالأعمال (4) .

وروي عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة النبوية أخبارا رواها الجواد محمّد بن عليّ عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنه قال :لمّا بعثني

.


1- .انظر التذكرة لابن حمدون : 186 ط الحجر _ مصر ، نزهة الناظر : 134 ح 1 ، منتهى الآمال للشيخ عبّاس القمّي : 2 / 553 ، إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري : 12 / 436 و 439 ، و : 19 / 600 عن التذكرة الحمدونية ، البحار : 78 / 364 ح 5 ، و : 71 / 155 ح 69 ، أعلام الدين : 309 ، الدرّة الباهرة : 39 .
2- .انظر نزهة الناظر : 134 ح 1 ، أعلام الدين : 309 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 600 ، الدرّة الباهرة : 39 ، البحار : 78 / 364 ح 5 ، و363 ح 4 ، و : 71 / 155 ح 69 ، وذيل الحديث في أعلام الدين : 309 ، مقصد الراغب : 172 مخطوط ، منتهى الآمال : 2 / 553 .
3- .في (أ) : إثبات .
4- .انظر مقصد الراغب : 173 مخطوط ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 600 ، نزهة الناظر : 134 ح 2 ، الدرّة الباهرة : 39 ، البحار : 78 / 364 ، منتهى الآمال : 2 / 554 .

ص: 1051

النبيّ صلى الله عليه و آله إلى اليمن قال لي وهو يوصيني : يا عليّ عليك بالدلجة (1) فإنّ الأرض تطوى في الليل (2) مالا تطوى بالنهار . يا عليّ عليك بالبكر فإنّ اللّه تعالى بارك لاُمّتي في بكورها (3) .

وعنه عليه السلام قال :من استفاد أخا في اللّه فقد استفاد بيتا في الجنّة (4) .

وعنه عليه السلام أنه قال :لو كانت السماوات والأرض رتقاً (5) على عبد ثمّ أتقى اللّه تعالى لجعل منها مخرجا (6) .

وعنه (رض) أنه قال لقيس بن سعد حين قدم من مصر : يا قيس إنّ للمحن غايات (7) لابدّ أن ينتهى إليها ، فيجب على العاقل أن ينام لها إلى أدبارها ، فإنّ مكابدتها بالحيلة عند أقبالها زياده فيها (8) .

وقال عليه السلام :انّه مَن وثق باللّه أراه السرور ، ومن توكّل عليه (9) كفاه الاُمور ، والثقة باللّه حصنٌ لايتحصّن فيه إلاّ مؤمن (10) ، والتوكّل على اللّه نجاةٌ من كلّ سوء وحرزٌ من

.


1- .الدلجة : مأخوذه من أدلج القوم ، أي ساروا الليل كلّه ، أو في آخره ، والاسم الدلجة ، الدُلجة .
2- .في (أ) : بالليل .
3- .انظر معالم العترة النبوية ومعارف أهل البيت الفاطمية للجنابذي : 126 مخطوط . تاريخ بغداد : 3 / 54 ، جامع الأحاديث لابن الرازي القمّي : 25 ، ملحقات إحقاق الحقّ : 19 / 602 _ 605 ، 12 / 428 _ 439 ، حلية الأبرار : 423 ، جالية الكدر للأبياري الشافعي : 206 ط مصر ، نزهة الجليس : 2 / 70 ، البحار : 78 / 78 ح 50 ، كشف الغمّة : 2 / 345 ، وقال الإربلي رحمه الله نقل الجنابذي أشياء رائقة وفوائد فائقة ، وأدبا نافعا ، وفِقرا ناصعة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام مما رواه الجواد عليه السلام عن آبائه عليهم السلام.
4- .انظر المصادر السابقة ، ومنتهى الآمال : 2 / 553 .
5- .في (أ) : وتقعا .
6- .انظر المصادر السابقة .
7- .في (أ) : اُخريات .
8- .انظر المصادر في الهامش رقم 3 السابق .
9- .في (أ) : على اللّه .
10- .في (أ) : المؤمن ، وفي (د) : أمين .

ص: 1052

كلّ عدوّ ، والدين عزٌّ والعلم كنزُ والصمت نورٌ ، وغاية الزهد الورع ، ولاهدم للدين مثل البدع ، ولا أفسد للرجال من الطمع ، وبالراعي تصلح الرعية ، وبالدعاء تصرف البلية ، ومَن ركب مركب الصبر (1) اهتدى إلى مضمار النصر ، ومَن عاب عيب ، ومَن شتم اُجيب ، ومَن غرس أشجار التقى اجتنى أثمار المنى (2) .

وقال عليه السلام :أربع خصال تعين المرء على العمل: الصحّة، والغنى، والعلم، والتوفيق (3) .

وقال عليه السلام :إنّ للّه عبادا (4) يخصّهم بدوام النِعَم فلا تزال (5) فيهم ما بذلوها (6) ، فإذا منعوها نزعها عنهم وحوّلها إلى غيرهم (7) .

وقال عليه السلام :ما عظمت نِعَم اللّه على أحد (8) إلاّ عظمت إليه مؤونة (9) الناس ، فمن لم يحتمل تلك المؤونة عرّض تلك النعمة للزوال (10) .

وقال عليه السلام :أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه لأنّ لهم أجرهم وفخره وذكره ، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنّما يبدأ فيه بنفسه . (11)

وقال (رض) :مَن أمّل إنسانا [فقد ]هابه ، ومَن جهل شيئا عابه ، والفرصة خلسة ، ومَن كثر همّه سقم جسده ، وعنوان صحيفة المسلم (12) حسن خلقه . وقال عليه السلام

.


1- .في (أ) : العمر .
2- .انظر المصادر في الهامش رقم 3 من صفحة 374 .
3- .انظر المصادر السابقة .
4- .في (أ ،ج) : إنّ اللّه عباده .
5- .في (ج) : يقرّها .
6- .في (أ) : مابذلوا لها .
7- .انظر المصادر السابقة .
8- .في (ج) : عبدٍ .
9- .في (أ) : حوائج .
10- .انظر المصادر السابقة
11- .انظر المصادر السابقة
12- .في (ب) : المؤمن .

ص: 1053

[في ]موضع آخر : عنوان صحيفة السعيد حسن الثناء عليه (1) .

وقال عليه السلام :الجمال في اللسان ، والكمال في العقل .

وقال عليه السلام :العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة الغنى ، والصبر زينة البلاء ، والتواضع زينة الحسب ، والفصاحة زينة الكلام ، والحفظ زينة الرواية ، وخفض الجناح زينة العلم ، وحسن الأدب زينة العقل ، وبسط الوجه زينة الحلم (2) ، وترك المنّ زينة المعروف ، والخشوع زينة الصلاة ، والتقلّل (3) زينة القناعة ، وترك ما لا يعني زينة الورع .

وقال عليه السلام :حسب المرء من كمال المرؤة تركه ممّا لا يجمل فيه ، ومن حيائه أن لا يلقى أحدا بما يكره ، ومَن حُسن خُلق الرجل كفّه أذاه ، ومن سخائه برّه بمن يجب حقّه عليه ، ومن كرمه أيثاره على نفسه ، ومن صبره قلّة شكواه ، ومن عقله إنصافه من نفسه ، ومن إنصافه قبول الحقّ إذا بان له ، ومن نصحه نهيه عمّا لا يرضاه لنفسه ، ومن حفظه لجوارك (4) تركه توبيخك عند إساءتك (5) مع علمه بعيوبك ، ومن رفقه تركه عذلك عند غضبك بحضرة من تكره ، ومن حُسن صحبته لك إسقاطه عنك مؤونة التحفّظ [أذاك] ، ومن علامة صداقته لك كثرة موافقته وقلّة مخالفته (6) ، ومن شكره معرفته إحسان من أحسن إليه ، ومن تواضعه معرفته بقدره ، ومن سلامته قلّة حفظه لعيوب غيره وعنايته بصلاح عيوبه (7) .

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .في (أ) : الكرم .
3- .في (أ) : التنفّل .
4- .في (د) : جوارك .
5- .في (أ): اشنانك .
6- .انظر المصادر السابقة .
7- .أورد هذه القطع الذهبية الحلواني في نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : 44 ح 9 ط قم ، وأوردها المحدّث النوري كذلك باختلاف يسير في مستدرك الوسائل : 2 / 356 ح 10 ، و 397 ح 12 ، وأوردها الحسن الديلمي في أعلام الدين : 127 ط قم .

ص: 1054

. .

ص: 1055

وقال عليه السلام :العالم بالظلم والمعين له والراضي (1) به شركاء .

وقال عليه السلام :يوم العدل على الظالم أشدّ من يوم الجور على المظلوم .

وقال عليه السلام :مَن أخطأ وجوه المطالب خذلته وجوه الحيَل ، والطامع في وثاق الذلّ (2) ، ومَن أحبّ البقاء فليعدّ للبلاء (3) قلبا صبورا .

وقال عليه السلام :العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم .

وقال :الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها (4) .

وقال عليه السلام :ثلاث يبلغن بالعبد رضوان اللّه تعالى : كثرة الاستغفار ، ولين (5) الجانب ، وكثرة الصدقة . وثلاث مَن كنّ فيه لم يندم : ترك العجلة ، والمشورة ، والتوكّل على اللّه عند العزم . لو سكت الجاهل ما اختلف الناس . مقتل الرجل بين فكيه (6) والرأي مع الإناءة ، وبئس الظهر وبئس الظهير (7) ] وبئس [الرأي القصير الرأي الفطير .

وقال عليه السلام :ثلاث خصال تجتلب بهنّ المحبّة (8) : الإنصاف في المعاشرة (9) ، والمواساة في الشدّة ، والانطواء والرجوع على (10) قلبٍ سليم .

.


1- .في (أ) : والمعين له والراضي .
2- .في (أ) : وثاق الطلّ .
3- .في (أ) : ومن طلب البقاء فليعدّ للمصائب .
4- .في (أ) : للشامت .
5- .في (د) : خفض .
6- .في (ب ، ج) : لحييه .
7- .في بعض النسخ : وبئس الظهر الظهير .
8- .في (أ) : تجلب بهنّ المودّة .
9- .في (ب) : و المعاشرة .
10- .في (ج) : إلى .

ص: 1056

وقال عليه السلام :الناس (1) أشكال وكلّ (2) يعمل على شاكلته ، والناس إخوان ، فمن كانت اخوّته في غير ذات اللّه تعالى فإنّها تعود (3) عداوة ، وذلك قوله عزّوجلّ : «الْأَخِلاَّءُ يَوْمَ_ئِذِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ» (4) .

وقال عليه السلام :من استحسن قبيحا كان شريكا فيه .

وقال عليه السلام :كفر النعمة داعية المقت ، ومَن جازاك بالشكر فقد أعطاك أكثر ممّا أخذ منك .

وقال عليه السلام :لاتفسد (5) الظنّ على صديق ]و]قد أصلحك اليقين له ، ومَن وعظ أخاه سرّا فقد زانه ، ومَن وعظه علانيةً فقد شانه .

وقال عليه السلام :لازال العقل والحمق يتغالبان على الرجل إلى أن يبلغ ثماني عشرة سنة ، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه ، وما أنعم اللّه على عبدٍ نعمةً فعلم أنها من اللّه إلاّ كتب اللّه جلّ (6) اسمه له شكرها قبل أن يحمده عليها ، ولا أذنب العبد ذنبا فعلم أنّ اللّه مطّلع (7) عليه إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له إلاّ غفر [اللّه ] له قبل أن يستغفره .

وقال عليه السلام :الشريف كلّ الشريف من شرّفه علمه ، والسؤدد كلّ السؤدد لمن اتقى اللّه ربّه .

وقال عليه السلام :لاتعالجوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ، ولايطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم ، وارحموا ضعفاءكم واطلبوا من اللّه الرحمة بالرحمة لهم (8) .

.


1- .في (ب) : الخلق .
2- .في (ب) : فكلّ .
3- .في (ج) : تحوز .
4- .الزخرف : 67 .
5- .في (ج) : يفسدك ، وفي بعض النسخ : يفسد .
6- .في (د) : علا .
7- .في (أ) : يطّلع .
8- .ليست «لهم» في (أ) .

ص: 1057

وقال عليه السلام :من أمّل فاجرا كان أدنى عقوبته الحرمان .

وقال عليه السلام :موت الإنسان بالذنوب أكثر من موته بالأجل ، وحياته بالبرّ أكثر من حياته بالعمر . آخر ما نقل من كتاب الجنابذي(ره) (1) .

قُبض أبو جعفر محمّد الجواد ابن عليّ الرضا عليه السلام ببغداد (2) وكان سبب وصوله إليها إشخاص المعتصم له من المدينة ، فقدم بغداد مع زوجته اُمّ الفضل بنت المأمون لليلتين بقيتا من المحرّم سنة عشرين ومائتين (3) ، وتوفى بها في آخر ذي القعدة الحرام ، وقيل : توفي بها يوم الثلاثاء (4) لستّ خلون من ذي الحجّة من السنة المذكورة ، ودُفن في مقابر قريش في ظهر جدّه أبي الحسن موسى الكاظم . 5 ودخلت امرأته اُمّ الفضل إلى قصر المعتصم فجعلت مع الحرم وكان له من العمر خمس وعشرون سنة وأشهر 6 . وكانت مدّة إمامته

.


1- .انظر معالم العترة النبوية ومعارف أهل البيت الفاطمية للجنابذي : 126 وما بعدها (مخطوط) وقد أوردنا مصادر اُخرى لهذه القطع الذهبية ، فراجع .
2- .انظر الكافي : 1 / 492 ، البحار : 50 / 1 ح 1 ، الإرشاد للمفيد : 368 ، و : 2 / 295 ط آخر ، إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري : 12 / 416 و415 ، و : 19 / 586 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 368 ، مروج الذهب للمسعودي : 3 / 464 ، نزهة الجليس : 2 / 69 ، تاريخ بغداد : 3 / 54 ، نور الأبصار : 330 .
3- .انظر الكافي : 1 / 492 و496 ح 9 و12 ، البحار : 50 / 1 ح 1 ، و13 ح 13 ولكن بلفظ «يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجّة» . وفي الإرشاد : 2 / 295 باللفظ الأوّل أي في آخر ذي القعدة ... ، وكشف الغمّة : 2 / 343 و362 و365 ، وتاريخ بغداد : 3 / 55 ، الهداية الكبرى للخصيبي : 220 ، إثبات الوصية للمسعودي : 220 ، وفي مروج الذهب له أيضا : 3 / 464 بلفظ «سنة تسع عشرة ومائتين» ، روضة الواعظين : 289 ، إعلام الورى : 344 ، المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 486 ، عيون المعجزات : 129 ، كفاية الطالب : 310 ، و : 458 ط آخر ، مطالب السؤول : 87 ، تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : 368 ، الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي : 64 ، نزهة الجليس : 2 / 69 ، ابن حجر في الصواعق المحرقة : 202 ، ينابيع المودّة : 417 ، و : 3 / 127 ط اُسوة ، منهاج السنّة : 127 .
4- .انظر المصادر السابقة

ص: 1058

سبعة عشر سنة 1 ، أوّلها في بقية ملك المأمون ، وآخرها في ملك المعتصم . ويقال : إنّه مات مسموما 2 .

.

ص: 1059

وخلّف من الولد : عليّا (1) الإمام ، وموسى 2 ، وفاطمة واُمامة ابنين وابنتين (2) . تغمّدهم اللّه برحمته وأسكنهم فسيح جنّاته .

.


1- .تأتي ترجمته في الفصل العاشر إن شاء اللّه تعالى .
2- .في (د) : ابنتيه .

ص: 1060

. .

ص: 1061

الفصل العاشر : في ذكر أبي الحسن عليّ المعروف بالعسكري عليه السلام

الفصل العاشر : في ذكر أبي الحسن عليّ المعروف بالعسكري عليه السلام وهو الإمام العاشر 1 وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره وحين وفاته وعدد أولاده وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال صاحب الإرشاد : كان الإمامُ بعد أبي جعفر ابنه أبا الحسن عليّ بن محمّد

.

ص: 1062

لاجتماع خصال الإمامة فيه ولتكامل فَضلهِ وعِلمه وأنّه لاوارثَ لمقام أبيه سواه ولثبوت النصّ عليه بالإمامة والأشارة إليه من أبيه [بالخلافة] (1) . وعن إسماعيل بن مهران قال : لمّا خرج أبو جعفر محمّد الجواد من المدينة إلى بغداد يطلبه المعتصم قلت له عند خروجه : جعلت فداك إنّي أخاف عليك من هذا الوجه فإلى مَن الأمر بعدك؟ (2) فبكى حتّى اخضلّت (3) لحيته ، ثمّ التفت إليَّ فقال : عند هذه يخاف عليَّ الأمر من بعدي إلى ابني (4) عليّ (5) .

.


1- .الإرشاد : 2 / 297 .
2- .وزاد الشيخ المفيد في الإرشاد بعد هذا السؤال بما يلي : قال : فكرّ بوجهه إلىَّ ضاحكا وقال : ليس حيث (كما _ خ ل) ظننتَ في هذه السنة . فلمّا استدعي به إلى المعتصم صرتُ إليه فقلت له : جُعلت فداك أنت خارج فإلى مَن هذا الأمر من بعدك؟ فبكى ... الخ .
3- .في (أ) : بلّ .
4- .في (أ): لولدي.
5- .انظر الإرشاد : 2 / 298 .

ص: 1063

قال ابن الخشّاب في كتابه مواليد اهل البيت عليهم السلام: ولد أبو الحسن عليّ العسكري في رجب سنة اثنتي عشرة ومائتين من الهجرة 1 . وأمّا نسبه : أبا واُمّا فهو عليّ الهادي ابن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّبن أبي طالب عليهم السلام (1) . وأمّا اُمه فاُمّ ولد يقال لها سمانة المغربية ، وقيل غير ذلك 3 .

.


1- .تقدّمت استخراجاته .

ص: 1064

وأمّا كنيته : فأبو الحسن لاغير (1) و أمّا ألقابه : فالهادي ، والمتوكّل ، والناصح ، والمتقي ، والمرتضى ، والفقيه ، والأمين ، والطيّب ، وأشهرها الهادي والمتوكّل ، وكان يأمر أصحابه أن يعرضوا عن تلقيبه بالمتوكّل لكونه يومئذٍ لقبا للخليفة جعفر المتوكّل ابن المعتصم 2 . صفته : أسمر اللون (2) . شاعره : العوفي (3) والديلمي . (4) بابه (5) : عثمان بن سعيد 7 .

.


1- .انظر المصادر السابقة ، وخاصّة إعلام الورى لأمين الإسلام الطبرسي : 336 ، و : 355 ط آخر ، ويقال له أيضا أبو الحسن الثالث ، وهي اصطلاح روائي معروف عند أئمة الحديث يمتاز بها عمّن يشترك معهم في هذه الكنية .
2- .انظر منتهى الآمال : 243 ولكن بلفظ : «انه كان متوسط القامة وذا وجه أبيض اللّون مشرّبا بحمرة وذا عيون كبيرة وحواجب واسعة وأسارير وجهه تبعث على الفرح والسرور» . وانظر المناقب : 4 / 401 .
3- .انظر المصادر في الهامش رقم (2) السابق
4- .في (أ) : بوّابه .
5- .عدّة الشيخ في رجاله : 420 من أصحاب الهادي عليه السلام يكنى أبا عمرو السمّان ويقال له الزيّات خدمه وله احدى عشرة سنة وله عهد معروف . وعدّة تارةً اُخرى من أصحاب العسكري عليه السلام جليل القدر ثقة . وانظر معجم رجال الحديث : 11 / 120 وهو من السفراء الممدوحين . انظر الغيبة : 215 ، جامع الرواة : 1 / 533 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 427 ، تنقيح المقال للمامقاني : 2 / 246 .

ص: 1065

نقش خاتمه : اللّه ربّي وهو عصمتي من خلقه (1) . معاصره : الواثق (2) ، ثمّ المتوكّل (3) أخوه ، ثمّ ابنه المنتصر (4) ، ثمّ المستعين (5) ابن أخي المتوكّل . وأمّا مناقبه : فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : فمنها ماحلّ في الآذان محلّ جلالها باتصافها واكتناف اللآلي اليتيمة (6) بأصدافها وشهد لأبي الحسن عليّ الرابع (7) . أنّ نفسه موصوفة بنفائس أوصافها وأنه نازل في الدوحة (8) النبوية في دار

.


1- .انظر الأنوار البهية للشيخ عبّاس القمّي : 226 ، سبائك الذهب لمحمّد أمين السويدي : 77 ولكن بلفظ «وليي» بدل «ربّي» . وفي رحاب أئمّة أهل البيت عليهم السلام: 4 / 174 ، والبحار : 50 / 116 و 117 ألفاظ متعدّدة منها : حفظ العهود من أخلاق المعبود ، وقيل : من عصى هواه بلغ مناه .
2- .هو أبو جعفر وقيل أبو القاسم ابن المعتصم ابن الرشيد اُمه اُمّ ولد رومية ولد سنة (196 ه) وولّي الخلافة من بعد أبيه ، بويع له في 19 ربيع الأوّل سنة (227 ه) . انظر تاريخ الخلفاء : 340 _ 343 . وكان أعلم الخلفاء بالغناء وكان حاذقا بضرب العود ... انظر المصدر السابق : 345 ، تاريخ اليعقوبي : 3 / 221 في مسألة خلق القرآن .
3- .هو جعفر أبو الفضل ابن المعتصم بن الرشيد اُمه اُمّ ولد اسمها شجاع ، ولد (205 ، وقيل 207 ه) وبويع سنة (232 ه) وكان منهمكا باللذّات والشهوات . . . انظر تاريخ الخلفاء : 346 _ 351 ، تاريخ اليعقوبي : 3 / 229 .
4- .هو المنتصر باللّه محمّد أبو جعفر وقيل أبو عبد اللّه ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد ، اُمه اُمّ ولد رومية ، بويع سنه (247 ه) فخلع أخويه المعتزّ والمؤيد من ولاية العهد . انظر مقاتل الطالبيين : 396 ، تاريخ الخلفاء : 356 .
5- .هو المستعين باللّه : أبو العبّاس أحمد ابن المعتصم ابن الرشيد ولد سنة (221 ه) اُمه اُمّ ولد . وكان المستعين ضعيفا أمام الأتراك لكنه قتل بعضهم ثمّ خلعوه وبايعوا المعتزّ ثمّ قتلوه . راجع تاريخ الخلفاء : 358 ، تاريخ اليعقوبي : 3 / 300 .
6- .في مطالب السؤول : محلّ حلاها بأشنافها واكتفته شففا به اكتناف الآلي الثمينة ... .
7- .هو رابع من سمّي ب «عليّ» من أئمة أهل البيت عليهم السلام: عليّ بن أبي طالب ، وعليّ بن الحسين ، وعليّ بن موسى ، وعليّ الهادي .
8- .في (أ) : الدرجة .

ص: 1066

أشرافها وشرفات أغرافها (1) . فمن ذلك : أنّ أبا الحسن كان قد خرج يوما من سرّ من رأى إلى قرية له لمهمّ عرض له ، فجاء رجل من بعض الأعراب يطلبه في داره فلم يجده ، فقيل (2) له انّه [قد ]ذهب إلى الموضع الفلاني ، فقصده إلى موضعه ، فلمّا وصل إليه قال له : ما حاجتك؟ فقال له : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسّكين بولاية (3) جدّك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد ركبني دَينٌ فادحٌ اثقلني حمله (4) ولم أرَ من أقصده لقضائه سواك ، فقال له أبو الحسن : كم دَينك؟ فقال : نحو العشرة آلاف درهم ، فقال : طب نفسا وقرّ عينا يقضى دَينك إن شاء اللّه تعالى . ثمّ أنزله فلمّا أصبح قال له : يا أخا العرب اُريد منك حاجة لاتخالفني (5) فيها ، واللّه اللّه فيما آمرك به وحاجتك تقضى إن شاء اللّه تعالى ، فقال الأعرابي : لا اُخالفك في شيء ممّا تأمرني به . فأخذ أبو الحسن ورقة وكتب فيها بخطّه دَينا عليه للأعرابي بالمذكور وقال خذ هذا الخطّ معك فإذا وصلت (6) سرَّ من رأى فتراني أجلس مجلسا عامّا فإذا حضر الناس أو احتفل المجلس فتعال إليَّ بالخطّ وطالبني واغلظ عليَّ في القول في ترك ايفائك إيّاه (7) . واللّه اللّه في مخالفتي (8) في شيءٍ ممّا اُوصيك به . فلمّا وصل أبو الحسن إلى سرّ من رأى جلس مجلسا عامّا وحضر عنده جماعة

.


1- .مطالب السؤول : 88 .
2- .في (أ) : وقيل .
3- .في (أ) : المستمسكين بولاء .
4- .في (أ) : ركبتني ديون فادحة أثقل ظهري حملها ، ولم أرَ مَن أقصده لقضائها .
5- .في (أ) : لاتعصاني فيها ولا تخالفني .
6- .في (أ) : حضرت .
7- .في (أ) : في القول ولا عليك .
8- .في (أ) : أن تخالفني .

ص: 1067

من وجوه الناس وأصحاب الخليفة المتوكّل وأعيان البلد وغيرهم ، فجاء ذلك الأعرابي وأخرج الخطّ وطالبه بالمبلغ المذكور وأغلظ عليه في الكلام ، فجعل أبو الحسن يعتذر إليه ويطيب نفسه بالقول ويعده بالخلاص عن قريب وكذلك الحاضرون وطلب منه المهلة ثلاثة أيّام . فلمّا انفكّ المجلس نقل ذلك الكلام إلى الخليفة المتوكّل فأمر لأبي الحسن على الفور بثلاثين ألف درهم ، فلمّا حملت إليه تركها إلى أن جاء الأعرابي فقال له : خذ هذا المال واقضِ (1) منه دَينك واستعن بالباقي على وقتك والقيام على عائلتك ، فقال الأعرابي : يابن رسول اللّه ، واللّه إنّ في العشرة آلاف بلوغ مطلبي ونهاية أربي وكفاية أملي كان يقصر عن ثلث هذا (2) . فقال أبو الحسن : واللّه لتأخذنّ ذلك جميعه وهو رزقك الّذي ساقه اللّه إليك ، ولو كان أكثر من ذلك مانقصناه . فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم وانصرف وهو يقول : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته (3) . وعن الوشّاء عن خيران الأسباطي (4) قال : قدمت على أبي الحسن عليّ بن محمّد بالمدينة الشريفة النبوية من العراق فقال لي : ما خبر الواثق عندك؟ قلت : [جعلت فداك ]خلّفته في عافية وأنا مِن أقرب الناس عهدا به وهذا مقدمي من عنده وتركته صحيحا سويّا ، قال : إنّ أهل المدينة (5) يقولون إنّه قد مات [فقلت : أنا أقرب

.


1- .في (أ) : فاقضِ .
2- .في (أ) : وكفاية لي .
3- .انظر مطالب السؤول : 87 و 88 ، وكشف الغمّة : 2 / 374 _ 375 وزاد «وهذه منقبه من سمعها حكم له بمكارم الأخلاق وقضي له بالمنقبه المحكوم بشرفها بالإتفاق» وانظر أيضا البحار : 50 / 175 ح 55 ، ينابيع المودّة : 3 / 128 _ 129 ط اُسوة بشكل مختصر ، الصواعق المحرقة : 205 .
4- .هو خيران الخادم القراطيس من أصحاب أبي الحسن الثالث ثقه كما جاء في رجال العلاّمة : 66 ، ومولى للرضا وله كتاب كما جاء في رجال النجاشي : 119 ويبدو انه من خواص الإمام من رواية الكليني الآتيه ويظهر ذلك في وجه الخصوصيّة من خلال العلاقه والتداول في الامور المتعلقه بسياسة الدولة ومصير اقطابها وهذا مالا يفعله الإمام مع اي شخص كان . وفي (أ) : جبران .
5- .في (أ) : الناس .

ص: 1068

الناس به عهدا . قال : فقال لي : إنّ الناس يقولون : إنّه مات] (1) فلمّا قال لي انّ الناس يقولون علمت أنه يعني نفسه فسكتّ ، فقال لي : ما فعل ابن الزيّات؟ قلت : الناس معه والأمر أمره ، فقال أمّا إنّه شُؤمٌ عليه ، ثمّ قال : لابدّ أن تجري مقادير اللّه وأحكامه يا خيران (2) مات الواثق [و]قد قعد جعفر المتوكّل وقّتل ابن الزيّات ، فقلت : متى جعلت فداك؟! فقال : بعد خروجك بستة أيّام . فما كان إلاّ أيّام قلائل حتّى وصل قصّاد المتوكّل إلى المدينة فكان كما قال عليه السلام (3) . وحكي أنّ سبب شخوص أبي الحسن عليّ بن محمّد من المدينة إلى سُرّ مَن رأى 4 أنّ عبد اللّه بن محمّد (4) كان ينوب عن الخليفة المتوكّل الحرب والصلاة بالمدينة الشريفة فسعى بأبي الحسن إلى المتوكّل وكان يقصده بالأذى ، فبلغ أبو الحسن سعايته [به] فكتب إلى المتوكّل يَذكُرُ تحامل عبد اللّه بن محمّد [ويكذّبه فيما سعى ]عليه وقصده له بالأذى ، فتقدّم المتوكّل بالكتابة إليه وأجابه عن كتابه وجعل

.


1- .ما بين المعقوفتين من الإرشاد للمفيد .
2- .في (أ) : ياجبران .
3- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 301 ، و309 ط آخر ، الكافي : 1 / 416 ، إعلام الورى : 341 ونقله بإختلاف يسير ابن شهرآشوب في المناقب : 4 / 410 ، الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 1 / 407 ح 13 ، البحار : 50 / 158 ح 48 ، و 200 ح 11 ، نور الأبصار : 335 ، إحقاق الحقّ : 12 / 451 .
4- .عبد اللّه بن محمّد الّذي كان يتولّى بها اُمور الحرب والصلاة في المدينة كان معاديا للعلويين أشدّ العداء كما ذكره الشيخ المفيد في الإرشاد : 2 / 309 .

ص: 1069

يعتذر إليه فيه ويلين له القول ، ودعاه فيه إلى الحضور إليه على جميلٍ من القول والفعل ، وكانت صورة الكتاب الّذي كتبه إليه المتوكّل : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، إنّ أمير المؤمنين عارف بقدرك راعٍ لقرابتك موجب لحقّك مؤثر من الاُمور فيك وفي أهل بيتك لما فيه إصلاح حالك وحالهم ويثبت عزّك وعزّهم وإدخال الأمن (1) عليك وعليهم يبتغي ذلك رضاء ربّه (2) وأداء ما افترضه عليه فيك وفيهم ، وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد اللّه بن محمّد عمّا كان يتولاّه من الحرب والصلاة بمدينة الرسول صلى الله عليه و آله إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقّك واستخفافه بقدرك وعند ما قَرَفَكَ به (3) ونسبك إليه من الأمر وما رماك به وعزاك إليه من الأمر الّذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه ولمّا تبيّن له من صدق نيتك وحسن طويتك وسلامة صدرك وأنك لم تؤهّل نفسك بشيءٍ ممّا ذكره عنك وقد ولّي أمير المؤمنين ممّا كان يليه عبد اللّه بن محمّد من الحرب والصلاة بمدينة الرسول صلى الله عليه و آلهلمحمّد بن فضل ، وأمره بإكرامك واحترامك وتوقيرك وتبجيلك (4) والانتهاء إلى أمرك ورأيك وعدم مخالفتك والتقرّب إلى اللّه تعالى وإلى أمير المؤمنين بذلك وأمير المؤمنين مشتاق إليك ويحبّ إحداث العهد بقربك واليمن (5) بالنظر إلى ميمون طلعتك المباركة فان نشطت لزيارته والمُقام قِبَلَه وفي جهته ما أحببت احضرت أنت ومن اخترته من أهل بيتك ومواليك وحشمك وخدمك على مهلة وطمأنينة ، ترحل إذا شئت وتسير كيف شئت ، وإن أحببت وحسن رأيك أن يكون

.


1- .في (أ) : الأمر .
2- .في (أ) : رضاء اللّه .
3- .أي عند الشيء الذي اتهمك به . والظاهر أنه كان اتهامه عليه السلام بتصدّيه للإمامة وجباية الأموال وجمع السلام للخروج على المتوكّل .
4- .في (أ) : وتجليلك .
5- .في (أ) : والتيمّن .

ص: 1070

يحيى بن هرثمة 1 بن أعين مولى أمير المؤمنين في خدمتك ومَن معه من الجند يرحلون لرحيلك وينزلون لنزولك فالأمر إليك في ذلك ، وقد كتبت إليه في طاعتك وجميع ما تحبّ ، فاستخر اللّه تعالى ، فما أحد عند أمير المؤمنين من أهل بيته وولده وخاصّته ألطف منزلةً ولا أحمد أثرةً ولاهو انظر إليهم أبرَّ بهم وأشفق عليهم وأسكن إليهم منك إليه ، والسّلام عليك ورحمة اللّه وبركاته . وكتب (1) إبراهيم بن العباس في شهر كذا سنة ثلاث وأربعين ومائتين من الهجرة (2) . فلمّا وصل الكتاب إلى أبي الحسن عليه السلام تجهّز للرحيل وخرج معه يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومَن معه من الجند حافّين به إلى أن وصل إلى سرّ من رأى ، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل بأن يُحْجب عنه [في يومه] فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك وأقام فيه يومه . ثمّ إنّ المتوكّل أفرد له دارا حسنةً وأنزله أيّاما ، فأقام أبو الحسن مدّة مقامه بسرّ من رأى مكرّما معظّما مبجّلاً في ظاهر الحال ، والمتوكّل

.


1- .في (أ) : وكتبه .
2- .انظر الكافي : 1 / 419 ح 7 ، الإرشاد للمفيد : 2 / 309 و310 ، تاريخ اليعقوبي : 2 / 484 ، تذكرة الخواصّ : 359 ، البحار : 50 / 200 ح 11 .

ص: 1071

يبتغي له الغوائل في باطن الأمر فلم يقدره اللّه تعالى عليه (1) . وعن عليّ بن إبراهيم بن محمّد الطائفي (2) قال : مرض المتوكّل من خُراجٍ (3) خرج بحلقه فأشرف على الهلاك أو لم يجسر (4) أحد أن يمسّه بحديدة ، فنذرت اُمّ المتوكّل لأبي الحسن عليّ بن محمّد إن عُوفي ولدها من هذه العلّة لتعطينّه مالاً جليلاً من مالها ، فقال الفتح بن خاقان (5) للمتوكّل : لو بعثت إلى هذا الرجل _ يعني أبا الحسن _ فسألته فربّما كان على يده فرجٌ لك ، فقال : ابعثوا إليه ، فمضى إليه رسول المتوكّل فقال : خذوا كُسْبَ الغنم (6) وديفوه بماء ورد (7) وضعوه على الخراج (8) ينفتح من ليلته بأهون مايكون ويكون في ذلك شفاؤه إن شاء اللّه تعالى . فلمّا عاد الرسول وأخبرهم بمقالته جعل من بحضرة (9) المتوكّل من خواصّه يهزأ من هذا الكلام ، فقال الفتح : ومايضرّ من تجربة ذلك؟ فإني واللّه لأرجو به الصلاح ، فعملوه ووضعوه على الجراح فانفتح من ليلته وخرج ما كان فيه ، فشفي المتوكّل من

.


1- .انظر الكافي : 1 / 417 ح 2 ، إعلام الورى : 348 ، بحار الأنوار : 50 / 202 و209 ح 23 ، نور الأبصار للشبلنجي : 336 ، الإرشاد للمفيد : 2 / 309 _ 311 ، إثبات الوصيّة للمسعودي : 251 .
2- .ورد في البحار : 50 / 198 ح 10 بلفظ «عليّ بن محمّد عن إبراهيم بن محمّد الطاهري» ومثله في الإرشاد : 2 / 302 ، والكافي : 1 / 417 ح 4 وهو مصدر الحديث ، وفي النسخ تشويش ، فتارةً عن عليّ عن إبراهيم بن محمّد ، وتارةً اُخرى عليّ بن إبراهيم عن إبراهيم بن محمّد ، وكذلك يوجد تشويش في النسخ فتارةً الطاهي ، وتارةً اُخرى الطاهري وثالثة الطائفي .
3- .أي من دُمَّل وقروح وبثور متقيّحة .
4- .في (أ) : يحسن .
5- .كان الفتح بن خاقان التركي مولاه ، أغلب الناس عليه ، وأقربهم منه ، وأكثرهم تقدّما عنده ... الخ . انظر مروج الذهب : 4 / 99 ، البحار : 50 / 204 .
6- .أي خلاصة دهنه .
7- .في (أ) : الورد .
8- .في (أ) : الجراح .
9- .في (أ) : يحضر .

ص: 1072

الألم الّذي كان يجده ، فأخذت اُمّ المتوكّل عشرة آلاف دينار من مالها ووضعتها في كيس وختمت عليه وبعثت به إلى أبي الحسن فأخذها . وبعث إليه المتوكّل بفضله كيسا فيه خمسمائة دينار . ثمّ بعد ذلك بمدة طويلة كبيرة سعى شخص يقال له البَطحاني (1) لعنه اللّه بأبي الحسن عليه السلام إلى المتوكّل وقال : عنده أموال وسلاح وعدد ولا آمن خروجه عليك ، فتقدّم المتوكّل إلى سعيد الحاجب بأن يهجم عليه ليلاً داره في جماعة من الرجال والشجعان ويأخذ جميع ما يجده عنده من الأموال والسلاح ويحمله إليه . قال إبراهيم بن محمّد : قال لي سعيد الحاجب 2 : صرت (2) إلى دار أبي الحسن ليلاً بعد أن هجع الناس في جماعة من الرجال الأمجاد ومعي الأعوان بالسلالم (3) ، فصعدنا إلى سطح داره وفتحنا الباب وهجمنا بالشموع والسرج والنيران وفتّشنا الدار جميعا أعلاها وأسفلها موضعا موضعا ومكانا مكانا فلم نجد فيها شيئا ممّا سعي به عليه غيركيسين أحدهما كبير ملآن مختوم والآخر صغير فيه فضلة وسيف واحد في جفير خلق معلّق ، ووجدنا أبا الحسن قائما يصلّي على حصير وعليه جُبَّة

.


1- .هو أبو عبد اللّه محمّد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن عليّ عليه السلام كان مظاهرا لبني العبّاس على سائر أولاد عليّ عليه السلام وقال صاحب العمدة انّه يلقب بالبطحائي منسوبا إلى بطحاء أو إلى بطحان وادٍ بالمدينة ، انظر هامش البحار : 50 / 204 .
2- .في (أ) : سرت .
3- .السلالم والسلاليم : جمع سُلَّم وهو المرقاة الذي يُرتقى عليه سواءٌ كان من خشب أو حجر أو مدر .

ص: 1073

صُوفٍ وقلنسوة ، ولم يرتاع لشيءٍ ممّا نحن فيه ولااكترث . فأخذت الكيسين البدرة والسيف وسرت إلى المتوكّل فدخلت عليه وقلت : هذا الّذي وجدنا من المال والسلاح ، وأخبرته بما فعلت وبما رأيت من أبي الحسن ، فوجد على الكيس الملآن ختم اُمّه فطلبها وسألها عن البدرة (1) فقالت : كنت نذرت في علّتك إن عافاك اللّه منها لأعطينّ أبا الحسن عشرة آلاف دينار من مالي ، فحملتها إليه في هذا الكيس وهذا ختمي عليها ، فأضاف المتوكّل خمسمائة دينار اُخرى إلى الخمسمائة الّتي كانت في الكيس الصغير من قبل وقال لسعيد الحاجب : اردد الكيسين والسيف واعتذر لنا فيه ممّا كان منّا إليه . قال سعيد : فرددت ذلك إليه وقلت له : أمير المؤمنين يعتذر إليك ممّا جرى منه وقد زادك خمسمائة دينار على الخمسمائة دينار الّتي كانت في الكيس من قبل ، وأستحي (2) منك يا سيّدي أن تجعلني أنا الآخر في حلّ فاني عبدٌ مأمور ولا أقدر على مخالفة أمير المؤمنين ، فقال لي : يا سعيد «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَ_لَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» (3)(4) . قال بعض أهل العلم : فضل أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي قد ضرب على المجرة (5) قبابه ، ومدّ على نجوم السماء أطنابه ، فما تعدّ منقبة إلاّ وإليه نحيلها (6) ،

.


1- .في (أ) : عنها .
2- .في (أ) : وأشتهي ، وهو خطأ من الناسخ .
3- .الشعراء : 227 .
4- .انظر الكافي : 1 / 417 ح 4 ، إعلام الورى لأمين الإسلام الطبرسي : 344 ، دعوات الراوندي : 202 ح 555 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 415 ، بحار الأنوار : 50 / 198 ح 10 ، الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 1 / 676 ح 8 ، إحقاق الحقّ للقاضي الشوشتري : 12 / 452 _ 453 ، الإرشاد للمفيد : 2 / 302 و 303 و 304 .
5- .في (ب ، أ) : الحرة ، وتخوم (بدل) نجوم .
6- .في (أ) : نحيلنها وهو خطأ من الناسخ .

ص: 1074

ولاتذكر كريمة إلاّ وله فضيلتها ، ولا تورد محمّدة إلاّ وله تفضيلها وجملتها ، ولاتستعظم حالة سنية إلاّ وتظهر عليه أدلّتها ، استحقّ ذلك بما في جوهر نفسه من كرمٍ تفرّد بخصائصه ومجدٍ حكم فيه على طبعه الكريم بحفظه من الثوب (1) حفظ الراعي لفصائله (2) فكانت نفسه مهذّبة وأخلاقه مستعذبة وسيرته عادلة وخلاله فاضلة ومبارّه (3) إلى العفاة واصلة وربوع (4) المعروف بوجود وجوده عامرة آهلة ، جرى من الوقار والسكون والطمأنينة والعفّة والنزاهة والخمول في النباهة على وتيرة نبوية وشنشنة علوية ونفس زكية وهمّة علية لايُقاس بها (5) أحد من الأنام ولايدانيها ، وطريقة حسنة لايشاركه فيها خلق ولايطمع فيها . قبض أبو الحسن عليّ الهادي عليه السلام المعروف بالعسكري ابن محمّد الجواد بسرّ من رأى في يوم الاثنين الخامس والعشرين من جُمادَى الآخر سنة أربع وخمسين ومائتين 6 ، ودُفن في داره بسرّ من رأى وله يومئذ من العمر أربعون سنة [وأشهر ]

.


1- .في (أ) : الشرب .
2- .في (أ) : لقلايصه .
3- .في (أ) : وميازه .
4- .في (أ) : وزموع .
5- .في (أ) : لايقاربها .

ص: 1075

وكان المتوكّل قد أشخصه من المدينة النبوية إلى سرّ من رأى مع يحيى بن هرثمة بن أعين في سنة ثلاث وأربعين ومائتين (1) كما قدّمنا فأقام بها حتّى مضى لسبيله إحدى عشر سنة ، وكانت مدّة إمامته ثلاث وثلاثين سنة ، كانت أوائل إمامته في بقية ملك المعتصم ، ثمّ ملك الواثق خمس سنين وتسعة (2) أشهر ، ثمّ ملك المتوكّل أربعة عشر سنة ، ثمّ ملك ابنه المنتصر ستة أشهر ، ثمّ ملك المستعين ابن أخي المتوكّل ولم يكن أبوه خليفة سنتان (3) وتسعة أشهر ، ثمّ ملك المعتزّ وهو الزبير ابن المتوكّل ثماني سنين وستة أشهر . استشهد في آخر ملكه أبو الحسن لأنه يقال

.


1- .تقدّمت استخراجاته .
2- .في (ج) : وسبعة .
3- .في (أ) : ثلاث سنين.

ص: 1076

إنه مات مسموما ، واللّه أعلم (1) . خلف من الولد : أبا محمّد الحسن ابنه وهو الإمام من بعده (2) ، والحسين (3) ، ومحمّدا (4) ، وجعفرا (5) ، وابنة اسمها عائشة (6) ، سقا اللّه ثراهم شآبيب الرحمة والرضوان وأسكن محبّهم فراديس الجنان .

.


1- .انظر إعلام الورى : 355 والمصادر السابقة أيضا .
2- .تأتي ترجمته وحياته في الفصل القادم إن شاء اللّه تعالى .
3- .كان ممتازا في الديانة من سائر أقرانه وأمثاله ، تابعاً لأخيه الحسن عليه السلام معتقداً بإمامته ، ودُفن في حرم العسكريين عليهماالسلام تحت قدميهما . انظر الصواعق المحرقة : 207 ذكره ضمن أولاد الإمام عليّ النقي عليه السلام ، وينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 129 ط اُسوة ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام111 بدون ذكر البنت . وانظر الإرشاد : 2 / 311 و 312 ، البحار : 50 / 202 ، الهداية الكبرى للخصيبي : 96 (مخطوط) .
4- .كانت جلالته وعظم شأنه أكثر من أن يذكر . وذكروا في باب النصوص على إمامة أبي محمّد عليه السلام ما ينبئ عن علوّ مقامه وترشيحه لمقام الإمامة ، وقبره مزار معروف في بلد وهي مدينة قديمة تقع على يسار دجلة في طريق سامراء ، والعامّة والخاصّة يعظّمون مشهده ويعبّرون عنه ب «سبع الدجيل» . انظر المصادر السابقة ، وكذلك زهرة المقول في نسب ثاني فرعي الرسول للسيّد عليّ بن الحسن بن شدقم : 61 ، إثبات الوصيّة للمسعودي : 234 .
5- .هو المعروف بالكذّاب لانه ادّعي الإمامة بعد أخيه اجتراءً على اللّه وكذبا عليه . انظر دلائل الإمامة للطبري : 223 . ويحكى أنه فارق ما كان عليه من ادّعاء الإمامة وشرب الخمر ومنادمة المتوكّل وتاب ورجع كما قال صاحب العمدة . وانظر كمال الدين : 2 / 479 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 422 ، الاحتجاج : 2 / 279 ، البحار : 50 / 228 .
6- .ولها اسم آخر وهو علّية كما يسمّيها صاحب إعلام الورى : 348 .

ص: 1077

الفصل الحادي عشر : في ذكر أبي محمّد الحسن الخالص بن عليّ العسكري عليه السلام

الفصل الحادي عشر :في ذكر أبي محمّد الحسن الخالص بن عليّ العسكري عليه السلام وهو الإمام الحادي عشر 1 وتاريخ ولادته ووقت وفاته وذكر ولده ونسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال صاحب الإرشاد : [وكان] الإمام القائم بعد أبي الحسن عليّ بن محمّد ابنه

.

ص: 1078

أبو محمّد الحسن لاجتماع خلال الفضل فيه وتقدّمه على كافّة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقضي له الرئاسة (1) من العلم والورع والزهد وكمال العقل [والعصمة والشجاعة والكرم] وكثرة الأعمال المقرّبة إلى اللّه تعالى ، ثمّ لنصّ أبيه عليه وإشارته بالخلافة إليه (2) . قال صاحب الإرشاد رحمه اللّه تعالى أيضا : الإمام المنتصب بعد أبي الحسن ابنه

.


1- .في (أ) : ويقضي له بالمرتبة .
2- .انظر الإرشاد : 2 / 313 و في (أ) : الخلافة .

ص: 1079

أبو محمّد الحسن لثبوت النصّ عليه من أبيه . وعن يحيى بن يسار العنبري (1) قال : أوصى أبو الحسن عليّ بن محمّد إلى ابنه أبي محمّد الحسن قبل مضيّه (2) بأربعة أشهر وأشار إليه بالأمر من بعده وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي (3) . ولد أبو محمّد الحسن بالمدينة لثمان خلون من ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومائتين للهجرة (4) . أمّا نسبه أبا واُمّا فهو الحسن الخالص ابن عليّ الهادي ابن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن

.


1- .كذا في نسخة (ج ، د) وعدّة من النسخ المعتبرة من الكافي وكذا في نسخ الإرشاد . أمّا في نسخة (أ) والمطبوع من الكافي وإعلام الورى ففيها : القنبري . وفي الغيبة للطوسى ففيه «بشار» بدل «يسار» .
2- .في (أ) : موته .
3- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 314 ، الكافي : 1 / 261 ح 1 ، و : 326 ح 1 ط آخر ، البحار : 50 / 246 ح 21 ، إعلام الورى لأمين الإسلام : الطبرسي 351 ، الغيبة للطوسي : 200 ح 166 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 3 / 391 ح 1 .
4- .انظر إعلام الورى : 349 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 422 ، الأنوار البهية : 151 ، كفاية الطالب : 458 ولكن بدون ذكر الشهر واليوم ، وفي الإرشاد : 2 / 313 بلفظ «في شهر ربيع الآخر بدون ذكر اليوم» . وفي وفيات الأعيان : 2 / 94 ، والأئمّة الاثنا عشر عليهم السلام لابن طولون : 113 بلفظ «السادس من ربيع الأوّل» . وفي البحار : 50 / 238 بلفظ «يوم الاثنين الرابع من ربيع الآخر» . وفي المصباح للكفعمي : 733 «العاشر من ربيع الآخر» . وفي الكافي : 1 / 503 بلفظ «ولد في شهر رمضان ...» وفي دلائل الإمامة : 223 ، والدروس : 154 وكشف الغمّة : 3 / 164 «في شهر ربيع الآخر» وفي دلائل الإمامة : 223 «وقيل سنة ثلاث وثلاثين ...» وفي تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 87 «احدى وثلاثين» ومثله في ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 171 ، والبحار في روايةٍ : 50 / 238 . وأكثر المصادر تؤكد ولادته في المدينة ماعدا القليل ومنهم صاحب البحار : 50 / 238 في رواية أنه ولد عام (231 ه) في سامراء .

ص: 1080

عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين (1) . وأمّا اُمّه فاُمّ ولد يقال لها حُديْث (2) وقيل سوسن (3) . وأمّا كنيته : فأبو محمّد (4) . وأمّا لقبه : فالخالص ، والسراج ، والعسكري ، وكان هو وأبوه وجدّه كلّ واحد منهم يعرف في زمانه بابن الرضا 5 .

.


1- .تقدّمت تخريجاته .
2- .في (أ) : حدات .
3- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 313 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 421 ، وفي تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 124 بلفظ «سمانة ، مولَّدة ، ويقال : اسماء ، شكّ من ابن أبي الثلج» . وفي تاريخ ابن الخشّاب : 198 بلفظ «اُمُه : سوسن» وقيل اسمها «سليل» وقيل «حربية» وقيل «ريحانة» انظر كشف الغمّة : 2 / 402 و 403 ، اُصول الكافي باب الحجة ، الأنوار البهية : 250 ، منتهى الآمال : 2 / 949 .
4- .انظر ينابيع المودّة : 3 / 130 ، الصواعق المحرقة : 208 ، كفاية الطالب : 458 ، الإرشاد للمفيد : 2 / 313 ، مجمع رجال القهپائي : 7 / 192 ح 4 ، إعلام الورى : 367 ، كشف الغمّة : 2 / 402 .

ص: 1081

وصفته : بين السمرة والبياض (1) . شاعره : ابن الرومي (2) . بابه (3) عثمان بن سعيد (4) . نقش خاتمه «سبحان مَن له مقاليد السماوات والأرض» (5) .معاصرة : المعتزّ والمهتدي (6) والمعتمد (7) . وأمّا مناقبه : فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : كفى أبا محمّد الحسن شرفا أن جعل اللّه تعالى محمّد المهدي من كسبه وأخرجه من صلبه وجعله معدودا من حزبه ، ولم يكن لأبي محمّد ذَكرٌ سواه وحسب ، ذلك منقبته وكفاه ، ولم تطل مدّته أيّام مُقامه ومثواه ولا امتدّت أيّام حياته فيها لتظهر الناظرين مأثره ومزاياه (8) .

.


1- .في كمال الدين : 1 / 40 بلفظ « ... رجل أسمر أعين حسن القامة جميل الوجه ، جيد البدن ، حدث السن» . وانظر أيضا وإعلام الورى : 367 ، كشف الغمّة : 2 / 407 ، وسبائك الذهب : 77 .
2- .هو عليّ بن العبّاس بن جرجيس الرومي من ألمع شعراء عصره ، وقد بكى الشهيد الخالد يحيى العلوي الّذي استشهد من أجل المظلومين ، ولد ابن الرومي في [221 ه] ببغداد وتوفي فيها عام (283 ه) وقد سمّه وزير المعتصد انظر ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلّكان : 1 / 351 ، ديوانه : 2 / 46 _ 54 المطبوع ، والمخطوط : 414 .
3- .في (أ) : بوّابه .
4- .تقدّمت ترجمته ، وانظر مراقد المعارف : 2 / 63 ، البحار : 13 / 96 ، تنقيح المقال : 2 / 245 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 149 .
5- .بحار الأنوار : 50 238 ح 9 ، منتهى الآمال : 2 / 645 ، نور الأبصار : 338 .
6- .في (أ) : والمهدي .
7- .تقدّمت ترجمة هؤلاء . وانظر البداية والنهاية لابن كثير : 11 / 23 ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : 7 / 233 ، الكافي : 1 / 510 ح 6 .
8- .انظر مطالب السؤول : 78 مع اختلاف يسير في اللفظ .

ص: 1082

وعن أبي الهيثم بن عديّ قال : لمّا أمر المعتزّ بحمل أبي محمّد الحسن إلى الكوفة كتبت إليه : ما هذا الخبر الّذي بلغنا فأقلقنا وغمّنا؟ فكتب : بعد ثلاث يأتيكم الفرَج إن شاء اللّه تعالى . فقُتل المعتزّ في اليوم الثالث 1 . وعن أبي هاشم (1) قال : سمعت أبا محمّد الحسن يقول : إنّ في الجنّة بابا يقال له باب المعروف لايدخله إلاّ أهل المعروف ، فحمدت اللّه في نفسي وفرحت بما أتكلّف به من حوائج الناس ، فنظر إليَّ وقال : يا أبا هاشم [نعم ]فدُم (2) على ما أنت عليه ، فإنّ أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة [وجعلك اللّه منهم يا أبا هاشم ورحمك] (3) .

.


1- .هو السيّد الجليل داود بن القاسم بن إسحاق بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب يكنى أبا هاشم الجعفري رحمه اللهمن أهل بغداد ثقة ، جليل القدر ، عظيم المنزلة عند الأئمّة ، شاهد أبا جعفر وأبا الحسن وأبا محمّد عليه السلام وكان شريفا عندهم ، له موقع جليل عندهم . انظر رجال العلاّمة الحلي : 68 ، إعلام الورى : 360 و 361 و 366 ، رجال النجاشي : 113 ، رجال البرقي : 60 ، رجال ابن داود : 146 ، مجمع الرجال : 2 / 288 و 289 ، جامع الرواة : 1 / 307 ، الفهرست : 67 ، معالم العلماء : 47 ، رجال الشيخ الطوسي : 431 .
2- .في (أ) : دُم .
3- .انظر البحار : 50 / 258 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 432 ، و : 3 / 210 ط آخر ، الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي : 2 / 690 و 688 .

ص: 1083

وعنه أيضا قال : سمعت أبا محمّد الحسن (رض) يقول : بسم اللّه الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من سواد العين إلى بياضها (1) . وعن أبي هاشم قال : سمعت أبي محمّد يقول : من الذنوب الّتي يخشى على الرجل أن لا تغفر له قوله ليتني لم اُوآخذ إلاّ بهذا الذنب ، قلت في نفسي : إنّ هذا لهو النظر دقيق قد ينبغي للرجل أن يتفقّد من نفسه كلّ شيء . قال : فأقبل عليَّ وقال : صدقت يا أبا هاشم (2) . وعن محمّد بن حمزة الدوري (3) قال : كتبت على يدي أبي هاشم داود بن القاسم وكان لي مؤاخيا إلى أبي محمّد الحسن أسأله أن يدعو اللّه لي بالغنى وكنت قد أملقت (4) وقلّت ذات يدي وخفت الفضيحة ، فخرج الجواب على يده : أبشر فقد أتاك الغنى غنى اللّه تعالى ، مات ابن عمّك يحيى بن حمزة وخلّف مائة ألف درهم ولم يترك وارثا سواك وهي واردة عليك [فاشكراللّه ] وعليك بالاقتصاد وإيّاك والإسراف فإنّه من فعل الشيطان . فورد عليَّ المال والخبر بموت ابن عمّي كما قال عن أيّام قلائل ، وزال عنّي الفقر ، فأدّيت حقّ اللّه تعالى وبررت إخواني وتماسكت بعد ذلك وكنت مبذرا (5) . وعن إسماعيل بن محمّد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبداللّه بن العباس قال : قَعَدْتُ لأبي محمّد الحسن على ظهر الطريق (6) فلمّا مرَّ قمت في وجهه شكوت

.


1- .تحف العقول : 517 .
2- .انظر الخرائج والجرائح : 2 / 688 ح 1 وزاد « ... الزم ماحدّثتك به نفسك ، فإنّ الشرك في الناس أخفى من دبيب النمل على الصفا . أو قال : الذرّ على الصفا في الليلة الظلماء» .
3- .في بعض النسخ : السروي ، وفي إثبات الهداة وغيره : السروري .
4- .في (أ) : بلغت .
5- .انظر كشف الغمّة : 3 / 314 ، إثبات الهداة للحرّ العاملي : 3 / 427 ح 101 ، البحار : 50 / 292 ، نور الأبصار : 341 .
6- .في (أ) : باب داره حتّى خرج .

ص: 1084

إليه الحاجة والضرورة وحلفت له ليس عندي درهم (1) . فما فوقه ، فقال : تحلف باللّه كاذبا (2) وقد دفنت مائتي دينار وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية ، اعطه يا غلام ما معك ، فأعطاني غلامه (3) مائة دينار فشكرت له وولّيت ، فقال : ما أخوفني أن تفقد المائتي دينار أحوج ما تكون إليها ، فذهبت إليها فافتقدتها فإذا هي في مكانها فنقلتها إلى موضعٍ آخر ودفنتها من حيث لايطّلع عليها أحد ، ثمّ قعدت مدّة طويلة فاضطررت إليها فجئت أطلبها من (4) مكانها فلم أجدها فجننت وشقّ ذلك عليَّ ، فوجدت ابنا لي قد عرف موضعها (5) وأخذها وأبعدها ولم يحصل لي شيء ، فكان كما قال (6) . وحدّث أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري قال : كنت في الحبس [المعروف بحبس صالح بن وصيف الأحمر ]الّذي بالجوشق أنا والحسن بن محمّد العقيقي (7)(8) ومحمّد بن إبراهيم العمري وفلان وفلان خمسة ستة من الشيعة إذ ورد (9) علينا

.


1- .في (أ) : وأقسمت أنيلا أملك الدرهم .
2- .في (أ) : تقسم وقد ... .
3- .في (أ) : الغلام .
4- .في (أ) : في .
5- .في (أ) : مكانها .
6- .انظر المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 432 مع اختلاف في اللفظ ، ومثله في الكافي : 1 / 426 ح 14 ، والبحار : 50 / 280 ح 56 ، الخرائج والجرائح : 1 / 427 ح 6 ، إعلام الورى : 352 ، الثاقب في المناقب : 578 ح 527 ، إثبات الوصية للمسعودي : 214 . وورد في الإرشاد : 2 / 332 « ... فقال لي : إنّك تُحرَم الدنانير الّتي دفنتها أحوج ما تكون إليها وصدَق عليه السلام وذلك أنني أنفقت ما وصلنى به واضطررت ضرورةً شديدة إلى شيء اُنفقه ، وانغلقت عليَّ أبواب الرزق ، فنبشتُ عن الدنانير الّتي كنت دفنتها فلم أجدها ، فنظرت فإذا ابنٌ لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب ، فما قدرتُ منها على شيء» .
7- .في (د) : العتقي .
8- .هو الحسن بن محمّد بن جعفر بن عبداللّه بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، اُمه اُم عبداللّه بنت عبداللّه بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد حبس مع الإمام عند صالح بن وصيف .
9- .في (أ) : دخل .

ص: 1085

أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام وأخوه جعفر فحففنا بأبي محمّد (1) وكان المتولّى لحبسه صالح بن الوصيف الحاجب وكان معنا في الحبس رجل جمحي [يقال : إنّه علوي] قال : فالتفت إلينا أبو محمّد وقال لنا سرا : لولا أنّ فيكم مَن ليس منكم لأعلمتكم متى يفرّج عنكم (2) ، وترى هذا الرجل فيكم قد كتب فيكم قصّته إلى الخليفة يخبره فيها بما تقولون فيه وهي مدسوسة معه في ثيابه يريد أن يوسع الحيلة في إيصالها إلى الخليفة من حيث لا تعلمون فاحذروا شرّه . قال أبو هاشم : فما تمالكنا أن تحاملنا جميعا على الرجل ففتّشناه فوجدنا القصّة مدسوسة معه بين ثيابه وهو يذكرنا فيها بكلّ سوء ، فأخذناها منه وحذّرناه (3) . وكان الحسن يصوم في السجن فإذا افطر أكلنا معه من طعامه وكان يحمله إليه غلامه في جونة مختومة . قال أبو هاشم : فكنت أصوم معه ، فلمّا كان ذات يوم ضعفتُ من الصوم فأمرت غلامي فجاءني بكعك فذهبت إلى مكان خالي في الحبس فأكلت وشربت ثمّ عدت إلى مجلسي مع الجماعة ولم يشعر بي أحد ، فلمّا رآني تبسّم وقال : أفطرت؟ فخجلت ، فقال : لا عليك يا أبا هاشم إذا رأيت انّك قد ضعفت وأردت القوّة فكل اللحم فإنّ الكعك لاقوّة فيه ، وقال : عزمت عليك أن تفطر ثلاثا فإنّ البنية إذا أنهكها الصوم لاتتقوّى إلاّ بعد ثلاث (4) . قال أبو هاشم : ثمّ لم تطل مدّة أبي محمّد الحسن في الحبس إلاّ أن قحط الناس بسرّ من رأى قحطا شديدا ، فأمر الخليفة المعتمد على اللّه ابن المتوكّل بخروج الناس إلى الاستسقاء ، فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون ويدعون فلم يُسقوا ، فخرج

.


1- .أي إلى خدمته .
2- .في (أ) : لولا أنّ هذا الرجل فيكم لأخبرتكم متى يفرج عنكم .
3- .انظر إعلام الورى : 354 وفيه «بالجوسق» ولعلّه الصحيح ومعناه : القصر ، إثبات الهداة : 3 / 416 ، نور الأبصار : 338 ، البحار : 50 / 254 مع اختلاف في الألفاظ ، مقاتل الطالبيين : 456 .
4- .إثبات الهداة : 3 / 416 ، وراجع المصادر السابقة .

ص: 1086

الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء وخرج معه النصارى والرهبان وكان فيهم راهب كلّما مدّ يده إلى السماء ورفعها هطلت بالمطر . ثمّ خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم أوّل يوم فهطلت السماء بالمطر وسُقوا سقيا شديدا حتّى استعفوا ، فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشكّ وصفا بعضهم إلى دين النصرانية ، فشقّ ذلك على الخليفة فأنفذ إلى صالح بن وصيف أن أخرج أبا محمّد الحسن بن عليّ من السجن وائتني به . فلمّا حضر أبو محمّد الحسن عليه السلام عند الخليفة قال له : أدرك اُمّة جدّك محمّد صلى الله عليه و آلهفيما لحق بعضهم في هذه النازلة ، فقال أبو محمّد : دعهم يخرجون غدا اليوم الثالث ، قال : قد استعفى الناس من المطر واستكفوا فما فائدة خروجهم؟ قال : لاُزيل الشكّ عن الناس وما وقعوا فيه من هذه الورطة الّتى أفسدوا فيها عقولاً ضعيفة . فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضا في اليوم الثالث على جاري عادتهم وأن يخرجوا الناس ، فخرج النصارى وخرج لهم أبو محمّد الحسن ومعه خلق كثير فوقف النصارى على جاري عادتهم يستسقون إلاّ أنّ ذلك الراهب مدّ يديه رافعا لهما إلى السماء ورفعت النصارى والرهبان أيديهم على جاري عادتهم فغيّمت السماء في الوقت ونزل المطر . فأمر أبو محمّد الحسن القبض على يد الراهب وأخذ ما فيها فإذا بين أصابعه (1) عظم آدمي ، فأخذه أبو محمّد الحسن ولفّه في خرقة وقال : استسق ، فانكشف السحاب وانقشع الغيم وطلعت الشمس ، فعجب الناس من ذلك وقال الخليفة : ما هذا يا أبا محمّد؟ فقال : عظم نبيّ من أنبياء اللّه عزّوجلّ ظفر به هؤلاء من بعض قبور (2) الأنبياء ، وما كشف نبيّ عن عظم تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر . واستحسنوا (3) ذلك فامتحنوه فوجدوه كما قال .

.


1- .في (أ) : أصابعها .
2- .في (أ) : فنون ، وهو اشتباه .
3- .في (أ) : استحموا .

ص: 1087

فرجع أبو محمّد الحسن إلى داره بسرّ من رأى وقد أزال عن الناس هذه الشبهة ، وقد سرّ الخليفة والمسلمون ذلك ، وكلّم أبو محمّد الحسن الخليفة في إخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن فأخرجهم وأطلقهم له ، وأقام أبو محمّد الحسن بسرّ من رأى بمنزله بها معظّما مكرّما مبجّلاً ، وصارت صِلات الخليفة وأنعامه تصل إليه في منزله إلى أن قضي تغمّده اللّه برحمته (1) . وعن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عيسى بن الفتح قال : لمّا دخل علينا أبو محمّد الحسن السجن قال لي : يا عيسى لك من العمر خمس وستون سنة وشهر ويومان . قال : وكان معي كتاب [دعاء] فيه تاريخ ولادتي فنظرت فيه فكان كما قال . ثمّ قال لي : هل اُرزقت ولدا؟ فقلت : لا ، قال : اللّهمّ ارزقه ولدا يكون له عضدا فنِعمَ العضد الولد ثمّ أنشد : من كان ذا عضد يدرك ظلامتهإنّ الذليل الّذي ليست له عضد فقلت له : يا سيّدي وأنت لك ولد؟ فقال : واللّه سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا وعدلاً ، وأمّا الآن فلا ، ثمّ أنشد متمثّلاً : لعلّك يوما أن تراني كأنّمابني حوالي الاُسود اللوابد فإنّ تميما قبل أن يلد العصاأقام زمانا وهو في الناس واحد وعن الحسن بن محمّد الأشعري عن أحمد بن عبيداللّه (2) بن خاقان قال : لقد ورد على الخليفة المعتمد على اللّه أحمد بن المتوكّل في وقت وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري ما تعجّبنا منه ولاظنّنا أنّ مثله يكون من مثله ، وذلك أنه لمّا اعتلّ أبو محمّد ركب خمسة من دار الخليفة من خدّام أمير المؤمنين وثقاته

.


1- .انظر الصواعق المحرقة : 207 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 425 مختصرا ، وفيه المتوكل وهو تصحيف عن المعتمد ، ينابيع المودّة : 3 / 130 و131 مختصرا ط اُسوة .
2- .في (أ) : عبد اللّه . وكذلك في إعلام الورى : 376 .

ص: 1088

وخاصّته ، كلّ منهم نحرير فقه ، وأمرهم بلزوم دار أبي الحسن وتعرّف خبره وحاله ومشاركتهم له بحاله وجميع ما يحدث له في مرضه ، وبعث إليه من خدّام المتطبّبين وأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده (1) صباحا ومساءً . فلمّا كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثا أخبروا الخليفة بأنّ قوّته قد سقطت وحركته قد ضعفت ، وبعيد أن يجيء منه شيء فأمر المتطبّبين بملازمته وبعث الخليفة إلى القاضي ابن بختيار ان يختار عشرة ممّن يثق بهم وبدينهم وأمانتهم يأمرهم إلى دار أبي محمّد الحسن وبملازمته ليلاً ونهارا ، فلم يزالوا هناك إلى أن توفّي بعد أيام قلائل (2) . ولمّا رُفع خبر وفاته ارتجّت سرّ من رأى وقامت ضجّة واحدة [مات ابن الرضا] وعُطّلت الأسواق وغُلقت أبواب الدكاكين ، وركب بنو هاشم والكتّاب والقوّاد والقضاة والمعدلون وسائر الناس إلى أن حضروا إلى جنازته ، فكانت سرّ من رأى في ذلك شبيها بالقيامة (3) . فلمّا فرغوا من تجهيزه وتهيئته بعث السلطان (4) إلى [أبي ]عيسى ابن المتوكّل أخيه [فأمره] بالصلاة عليه ، فلمّا وُضعت الجنازة للصلاة دنا [أبو] عيسى منها (5)

.


1- .في (أ) : وتعهده .
2- .انظر كمال الدين : 1 / 40 _ 42 ، الغيبة للطوسي : 165 باختلاف يسير في اللفظ وفيه «أحمد بن عبيد بن خاقان ... بعث جعفر بن عليّ ...» والمستفاد من هذا أن النظام العباسي كان يحسب لمرض الإمام حسابا خاصّا ولذلك انّه لمّا أخبر جعفر بن عليّ عبيداللّه بمرض الإمام قام إلى الخليفة من فوره ثمّ رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خاصّة الخليفة ... ثمّ يرسل المتطبّبين إلى بيته تحت عنوان المعالجة ويرسل قاضي القضاة مع عشرة من المعروفين ... والحقيقه أنّ الخليفة أرسل ثلاث بعثات : بعثة العيون والجواسيس ، والبعثة الطبية بعنوان المعالجة ، وبعثة القضاة لتبرئة النظام من خلال شهادتهم بأنّ الإمام عليه السلام مات حتف أنفه غير مسموم ولا مقتول .
3- .انظر كمال الدين : 1 / 43 .
4- .في (أ) : الخليفة .
5- .في (أ) : منه .

ص: 1089

وكشف عن وجهه وعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية وعلى القضاة والكتّاب والمعدلين فقال : هذا أبو محمّد العسكري مات حتف أنفه على فراشه ، وحضره من خدّام أمير المؤمنين فلان وفلان . ثمّ غطّى وجهه وصلّى عليه وكبّر عليه خمسا وأمر بحمله ودفنه 1 . وكانت وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ بسرّ من رأى في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومائتين للهجرة 2 ، ودُفن في البيت الّذي دُفن

.

ص: 1090

فيه أبوه بدارهما من سرّ من رأى وله يومئذ من العمر ثمان وعشرون سنة (1) . وكانت مدّة إمامته ست سنين 2 كانت في بقية ملك المعتزّ ابن المتوكّل ، ثمّ ملك المهتدي ابن

.


1- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 313 ، و : 336 ط آخر ، الكافي : 1 / 503 ولكن في مروج الذهب : 4 / 199 ، والبحار : 50 / 336 قبض ... وهو ابن تسع وعشرين وهو أبو المهدي المنتظر ... وانظر تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 87 و199 بلفظ «وكان عمره تسعا وعشرين سنة منها بعد أبيه خمس سنين وثمانيه أشهر وثلاثه عشر يوما» عن ابن الخشّاب .

ص: 1091

الواثق أحد عشرا شهرا ، ثمّ ملك المعتمد على اللّه أحمد ابن المتوكّل ثلاث وعشرين سنة مات في أوائل دولته (1) . خلّف أبو محمّد الحسن من الولد ابنه الحجّة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وشدّة طلب (2) السلطان وتطلّبه للشيعة

.


1- .انظر المصادر السابقة .
2- .في (أ) : وخوف .

ص: 1092

وحبسهم والقبض عليهم 1 ، وتولّى جعفر بن عليّ أخوه (1) وأخذ تركته واستولى عليها وسعى في حبس جواري أبي محمّد (2) وشنع على أصحابه عند السلطان ، وذلك لكونه أراد القيام عليهم مقام أخيه فلم يقبلوه لعدم أهليّته لذلك ولا

.


1- .تقدّمت ترجمته .
2- .في (أ) : حبس مواليه .

ص: 1093

ارتضوه ، وبذل جعفر على ذلك مالاً جليلاً لوليّ الأمر فلم يتّفق له ولم يجتمع عليه اثنان (1) . ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموما (2) وكذلك أبوه وجدّه وجميع الأئمّة الذين من قبلهم ، خرجوا كلّهم تغمّدهم اللّه برحمته من الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك ممّا روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : مامنّا إلاّ مقتولٌ أو شهيد (3) . مناقب سيّدنا أبي محمّد الحسن العسكري دالّة على أنّه السري (4) ابن السري ، فلايشكّ في إمامته أحد ولايمتري ، واعلم إن بيعت (5) مكرمة فسواه بايعها وهو المشتري ، واحد زمانه من غير مدافع ، ويسبح (6) وحده من غير منازع ، وسيّد أهل عصره ، وإمام أهل دهره ، أقواله سديدة ، وأفعاله حميدة ، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة ، وإن انتظموا عقدا كان مكانه الواسطة الفريدة ، فارس العلوم الّذي لاتجاري، ومبين غوامضها فلا يحاول ولايماري ، كاشف الحقائق بنظره الصائب ، مظهر الدقائق بفكره الثاقب ، المحدّث في سرّه

.


1- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 336 _ 337 ، و : 325 ط آخر مع إختلاف يسير في بعض الألفاظ . وانظر أيضا بحار الأنوار: 50/334، المناقب لابن شهرآشوب: 4/422، كمال الدين للشيخ الصدوق: 2/408 ، مروج الذهب للمسعودي : 4 / 199 ، الإحتجاج للطبرسي : 2 / 279 ، دلائل الإمامة للطبري : 223 .
2- .تقدّمت استخراجاته .
3- .انظر إعلام الورى : 349 ، اعتقادات الشيخ الصدوق : 99 ، البحار : 50 / 335 و 338 ، و : 49 / 285 ، المصباح للكفعمي : 510 ، جيب السير : 2 / 98 ، عيون أخبار الرضا : 2 / 200 _ 202 ، الغيبة للطوسي : 238 ، إثبات الهداة : 3 / 757 . وخالف الشيخ المفيد رحمه الله سائر علماء الشيعة في هذه المسألة وتردّد بالقول بقتل أكثر الأئمّة بالسمّ على يد طواغيت زمانهم ... انظر أوائل المقالات : 238 .
4- .السري : صاحب المروءة والشرف .
5- .في (أ) : أنه يبعث .
6- .في (ب) : نسيج .

ص: 1094

بالاُمور الخفيّات ، الكريم الأصل والنفس والذات ، تغمّده اللّه برحمته وأسكنه فسيح جنانه بمحمّد صلى الله عليه و آلهآمين (1) .

.


1- .هذا ما قاله ابن الصبّاغ المالكي في حقّه عليه السلام . وانظر ماقاله العلاّمة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ : 324 ، والعلاّمة محمّد أبو الهدى أفندي في كتابه ضوء الشمس : 1 / 119 ، والشهيد القاضى الشوشتري في إحقاق الحقّ : 19 / 621 ، والشبراوي الشافعي في الاتحاف بحبّ الأشراف : 178 ، والعلامة عبّاس المكّي في نزهة الجليس : 2 / 120 ، ابن شدقم في زهرة المقول في نسب ثاني فرعي الرسول : 63 ، والهاشمي الحنفي في أئمّة الهدى : 138 ، ويوسف النبهاني في حياة الإمام العسكري عليه السلام : 67 نقلاً عن جامع كرامات الأولياء : 1 / 389 ، والبستاني في دائرة المعارف : 7 / 45 ، والعبّاس بن نور الدين عن نزهة الجليس : 2 / 184 ، والسيّد محمود أبو الفيض المنوفي في منهل الصفا : 111 ، والشيخ المفيد في الإرشاد : 2 / 313 ، و : 334 ط آخر ، وانظر أيضا مناقب آل أبي طالب للمازندراني : 4 / 421 ، والإربلي في كشف الغمّة : 3 / 223 والقطب الراوندي في الخرائج والجرائح : 2 / 901 .

ص: 1095

الفصل الثاني عشر : في ذكر أبي القاسم محمّد

اشاره

الفصل الثاني عشر :في ذكر أبي القاسم محمّد عليه السلام الحجّة الخلف الصالح ابن أبي محمّد الحسن الخالص عليه السلام وهو الإمام الثاني عشر 1 وتاريخ ولادته ودلائل إمامته وذكر طرفٍ من أخباره وغَيبته ومدّة قيام دولته وذكر كنيته ونسبه وغير ذلك ممّا يتّصل به رضى الله عنه وأرضاهقال صاحب الإرشاد الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان

.

ص: 1096

رحمه اللّه تعالى : و كان الإمام بعد أبي محمّد الحسن ابنه محمّدا [المسمّى باسم رسول اللّه صلى الله عليه و آله المكنّى بكنيته] ولم يخلّف أبوه ولدا غيره ظاهرا ولاباطنا ، وخلّفه أبوه غائبا مستترا (1) بالمدينة وكان سنّه (2) عند وفاة أبيه خمسَ سنين ،

.


1- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 339 .
2- .في (أ) : عمره .

ص: 1097

آتاه اللّه تعالى فيها الحكمة [وفصل الخطاب ، وجعله آيةً للعالمين] كما آتاها يحيى صبيّا وجعله إماما في حال الطفولية [الظاهرة ]كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيّا . وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من نبيّ الهدى (1) عليه الصلاة والسلام ، ثمّ (2) من جدّه [أمير المؤمنين] عليّ بن أبي طالب [ونصّ عليه الأئمّة عليهم السلامواحدا بعد واحد إلى أبيه عليه السلام ، ونصّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصّة شيعته ، وكان الخبر بغَيبته ثابتا قبل وجوده ، وبدولته مستفيضا قبل غَيبته] ومن بقية آبائه أهل الشرف والمراتب ، و هو صاحب السيف و القائم بالحقّ المنتظَر [لدولة الإيمان ]كما ورد ذلك في صحيح الخبر ، وله قبل قيامه غَيبتان 3

.


1- .في (أ) : النبي محمّد .
2- .في (أ) : وكذلك .

ص: 1098

إحداهما (1) أطول من الاُخرى ، فأمّا الاُولى فهي القُصرى 2 منهما فمنذ وقت مولده (2) إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته ، وأمّا الثانية فهي الّتي بعد الاُولى و في آخرها يقوم بالسيف ، قال اللّه تعالى : «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّ__لِحُونَ» (3) .

وقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لن تنقضي (4) الأيّام والليالي حتّى يبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي يُواطئ اسمه اسمي يملؤها (5) عدلاً وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (6) .

.


1- .في (أ) : أحدهما .
2- .في (أ) : ولادته .
3- .الأنبياء : 105 .
4- .في (أ) : لم تنقض .
5- .في (أ) : يملأ الأرض .
6- .الإرشاد : 2 / 340 . ووردت قطعة منه في مسند أحمد : 1 / 376 ، وتاريخ بغداد : 4 / 388 ، وعقد الدرر : الباب 2 ح 42 ، وكنز العمّال : 7 / 188 ، و : 14 / 268 ح 38675 ، وذخائر العقبى : 136 ، وغاية المرام : 743 ح 57 ، و699 ح 78 ، و700 ح 99 ، ومشكاة المصابيح : 3 / 1501 ح 5452 ، وسنن الترمذي : 3 / 343 ح 2331 و 2332 ، وسنن أبي داود : 3 / 309 ح 4282 ، و مودة القربى : 30 ، وفرائد السمطين للجويني : 2 / 324 ح 574 ، الجامع الصغير للسيوطي : 2 / 438 ح 7489 ، جواهر العقدين : 2 / 226 ، وينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 245 و 256 و 298 ، 385 ، 390 ، 391 ، صحيح الترمذي : 2 / 36 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 5 / 75 ، مسند أحمد : 1 / 376 و 377 و 430 و 448 ، ذخائر العقبى للطبري : 136 .

ص: 1099

. .

ص: 1100

. .

ص: 1101

وعن زرارة قال :سمعت أبا جعفر يقول : الأئمة الاثنا عشر كلّهم من آل محمّد صلى الله عليه و آلهكلّهم محدّث ، عليّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده ، ورسول اللّه وعليّ هما الوالدان صلّى اللّه عليهما (1) .

وروي الحافظ أبو نعيم بسنده مرفوعا إلى عبداللّه بن عمر قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :وروي الحافظ أبو نعيم بسنده مرفوعا إلى عبداللّه بن عمر قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لاتذهب الدنيا حتّى يملك (2) اللّه رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي [واسم أبيه اسم أبي] (3) ، يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا (4) .

.


1- .انظر الكافي : 1 / 448 ح 14 ، عيون أخبار الرضا : 1 / 56 ح 24 ، الخصال : 480 ح 49 ، الغيبة للطوسي : 151 ح 112 ، مناقب آل أبي طالب : 1 / 298 ، إعلام الورى : 369 ، الإرشاد : 2 / 347 بإختلاف يسير . وقريب من هذا اللفظ أيضا عن زرارة كما جاء في الكافي : 1 / 448 ح 16 ، والخصال : 478 ح 44 ، و480 ح 51 ، وعيون أخبار الرضا : 1 / 56 ح 22 وزاد [ ... منهم الحسن والحسين ثمّ الأئمّة من ولد الحسين عليه السلام ] .
2- .في (أ) : يبعث .
3- .هذا الحديث مع هذه الزيادة الموجوده فيه وكما ورد في نسخة (ب ، د) أيضا يختلف عن بقية الأحاديث الواردة حول الإمام المهدي عليه السلام من حيث السند والمتن ، فمن حيث السند فالراوي (زائدة) وقد تُرجم له بأنه كان يُزيد في الأحاديث . أمّا من حيث المتن فقد روي هذا الحديث عن زرّ بطرق عديده وليس فيها [واسم أبيه اسم أبي] ممّا يدلّ على أن هذه الزيادة جاءت من تصرّفات الراوي ... فلاحظ المصادر الّتي في الهامش الآتي .
4- .انظر حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 5 / 75 ، وغاية المرام : 698 ح 61 ، وقريب منه في مشكاة المصابيح : 3 / 151 ح5452 ، سنن الترمذي : 3 / 343 ح 2331 و 2332 ولكن بلفظ « ... حتّى يملك العرب رجل ...» سنن أبي داود : 3 / 309 ح 4282 ، جواهر العقدين : 2 / 227 و 226 ، مودة القربى : 29 ، ينابيع المودّة : 3 / 389 و 256 و 262 و 268 ط اُسوة . مسند أحمد : 1 / 376 و 377 و 430 و 448 ، تاريخ الخطيب البغدادي : 4 / 388 ، كنز العمّال : 7 / 188 ، كفاية الطالب للكنجى الشافعي : 483 .

ص: 1102

وروى ابن الخشّاب في كتابه مواليد أهل البيت يرفعه بسنده إلى عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال :الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري ، وهو صاحب الزمان القائم وهو المهدي (1) .

وأمّا النصّ على إمامته من جهة أبيه فروى محمّد بن عليّ بن بلال قال : قد خرج إليَّ أمر أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري قَبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثمّ خرج إليَّ قبل مضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف بأنه ابنه من بعده (2) . وعن أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي محمّد الحسن بن عليّ : جلالتك تمنعني من مساءلتك فتأذن [لي] أن أسألك؟ فقال : سل ، قلت (3) : يا سيّدي هل لك ولد؟ قال : نعم ، قلت ، فإن حدث حادث فأين أسأل عنه؟ قال بالمدينة (4) . ولد أبو القاسم محمّد ابن الحجّة ابن الحسن الخالص بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة (5) .

.


1- .انظر تاريخ ابن الخشّاب : 197 ، غاية المرام : 701 ح 112 و في ح 113 قطعة منه عن الإمام الصادق عليه السلام ، ينابيع المودّة : 3 / 392 ط اُسوة . وهنالك حديث ورد عن الإمام الرضا عليه السلام في مخاطبته لدعبل الخزاعي يقول : يا دعبل الإمام بعدي محمّد ابني و بعد محمّد ابنه عليّ وبعد عليّ ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ... روى هذا الحديث الشيخ الصدوق في كمال الدين : 2 / 373 ح 6 ، وعيون أخبار الرضا : 2 / 263 ح 35 ، والإربلي في كشف الغمّة : 3 / 118 ، والخزّاز في كفاية الأثر : 271 ، والجويني في فرائد السمطين : 2 / 337 ح 591 ، وصاحب منتخب الأنوار المضيئة : 38 ، والمحدّث البحراني في حلية الأبرار : 2 / 433 ، وأمين الإسلام الطبرسي في إعلام الورى : 317 .
2- .انظر الكافي : 1 / 264 ح 1 ، إعلام الورى : 413 ، الإرشاد : 2 / 348 ولكن بدون لفظ «بانه ابنه» وسبق لنا وأن خرّجنا هذا الحديث .
3- .في (أ) : فقلت .
4- .انظر الكافي : 1 / 264 ح 2 ، الغيبة للطوسي : 232 ح 199 ، إعلام الورى للطبرسي : 413 ، الإرشاد للمفيد : 2 / 348 .
5- .انظر كمال الدين : 2 / 430 ح 3 و4 ، و432 ح 9 ، الإرشاد : 2 / 339 ، بحار الأنوار : 51 / 23 ، ينابيع المودّة : 3 / 171 ، إسعاف الراغبين : 138 _ 140 ، روضة الشهداء : 326 . لكن في وفيات الأعيان : 2 / 451 بلفظ «قيل ولد سنة 232 ه» وفي تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 88 «ووُلِدَ الخَلَفُ سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين» لكن في الهامش قال : وفي بعض الروايات أنه عليه السلام ولد سنة (256 ه) وفي بعضها أنه ولد سنة (257 ه) وعليها رواية الهداية المطبوعة : 327 ، وفي بعضها أنه ولد سنة (259 ه) وعليها رواية الهداية المخطوطة : 65 ب .

ص: 1103

وأمّا نسبه أبا واُمّا فهو أبو القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص ابن عليّ الهادي ابن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين (1) . وأمّا اُمّه فاُمّ ولد يقال لها نرجس (2) خير أمة (3) ، وقيل : اسمها غير ذلك 4 .

.


1- .تقدّمت استخراجاته .
2- .انظر الإرشاد : 2 / 239 ، كمال الدين : 2 / 426 ح 2 ، البحار : 51 / 11 و 28 ، الغيبة للطوسي : 147 و238 ح 206 ، و 239 ح 207 ، و 234 ح 204 ، عيون المعجزات : 138 ، الدروس للشهيد الأوّل : 155 ولكن بلفظ «قيل» ينابيع المودّة : 3 / 171 و 215 ، فصل الخطاب لوصل الأحباب (مخطوط) وفيات الأعيان : 2 / 451 ، تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 125 ، الدرّ المنظم ، غاية المرام : 759 و 760 و ص 701 ح 113 ، إعلام الورى : 418_420 .
3- .تقدّمت استخراجاته وخاصّة ينابيع المودّة .

ص: 1104

وأمّا كنيته فأبو القاسم 1 . وأمّا لقبه فالحجّة ، والمهدي ، والخلف الصالح ، والقائم المنتظَر ، وصاحب الزمان ، وأشهرها المهدي 2 .

.

ص: 1105

صفته عليه السلام : شابٌّ مرفوع القامة حسن الوجه والشعر ، يسيل شعره على منكبيه ، أقنى الأنف أجلى الجبهة 1 .

.

ص: 1106

بابه (1) : محمّد بن عثمان 2 . معاصره : المعتمد (2) . قيل : إنّه غاب في السرداب (3) والحرس عليه وكان ذلك سنة ستّ وسبعين ومائتين للهجرة (4) .

.


1- .في (أ) : بوّابه .
2- .تقدّمت ترجمته .
3- .تقدّمت قصة السرداب ومناقشتها .
4- .لم أعثر على هذا النصّ التاريخي الّذي يقول : كانت غيبته عجّل اللّه فرجه سنة (276 ه) بل أعتقد أنه حدث تصحيف لأنه عاش في زمن أبيه 6 سنوات على أكثر التقادير وأبوه استشهد سنة (260 ه) باتفاق المؤرّخين وإن اختلفوا في اليوم والشهر كما أوضحنا ذلك سابقا ، فتكون غيبته سنة (266 ه) وليس كما يدّعي الماتن (276 ه) .

ص: 1107

وهذا طرفٌ يسير ممّا جاء في النصوص الدالّة على الإمام الثاني عشر من (1) الأئمّة الثقات ، والروايات في ذلك كثيرة أضربنا عن ذكرها وقد دوّنها أصحاب الحديث في كتبهم واعتنوا بجمعها ولم يتركوا شيئا . وممّن اعتنى بذلك وجمعه إلى الشرح والتفصيل الشيخ الإمام جمال الدين أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم الشهير بالنعماني (2) في كتابه الّذي صنّفه أثناء (3) الغَيبة في طول الغَيبة (4) . وجمع الحافظ أبو نعيم أربعين حديثا في أمر المهدي خاصّة (5) . وصنّف الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في ذلك كتابا سمّاه البيان في أخبار صاحب الزمان (6) . وروى الشيخ أبو عبداللّه الكنجي المذكور في كتابه هذا بإسناده عن زرّ بن عبداللّه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لاتذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي . أخرجه أبو داود (7) .

وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنه قال :لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم

.


1- .في (ج) : عن .
2- .هو الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر الملقّب بالنعماني من أعلام القرن الرابع الهجري انظر المقدمة من كتابه الغيبة تجد حياته بشكل مفصّل ، والكتاب على شكل موسوعة جمع كلّ ما يتعلّق بغيبة الحجّة عجّل اللّه فرجه الشريف ط تبريز عام (1383 ه) .
3- .في (أ) : ملأ .
4- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 350 مع اختلاف يسير . وممّا يجدر ذكره أنّ الشيخ المفيد رحمه اللهفي الغيبة مصنّفات منها كتاب الغيبة ، ومنها المختصر في الغيبة . انظر الذريعة : 16 / 80 تجد مصنّفاته بشكل مفصّل .
5- .هو الحافظ أحمد بن عبداللّه بن أحمد الإصبهاني الملقّب بأبي نعيم صاحب كتاب حلية الأولياء وهذا الكتاب من تأليفه ويسمّى نعت المهدي عليه السلام أو مناقب المهدي ، جمع فيه أربعون حديثا .
6- .هو الإمام الحافظ أبو عبداللّه محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الكنجي الشافعي المقتول سنة (658 ه) هذا الكتاب طبع ضمن كتابه كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام تحقيق وتصحيح وتعليق محمّد هادي الأميني الطبعة الثالثة سنة (1404 ه) مطبعة الفارابي ، ويبدأ من ص 473 إلى ص 535 .
7- .تقدّمت تخريجاته وانظر كفاية الطالب : 481 ، سنن أبي داود : 2 / 207 ، وكذلك صحيح الترمذي : 2 / 36 .

ص: 1108

لبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جورا . هكذا أخرجه أبو داود في مسنده (1) .

وروى أبو داود والترمذي في سننهما كلّ واحد منهما يرفعه إلى أبي سعيد الخدري (رض) قال :سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يقول : المهدي منّي أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما . وزاد أبو داود : يملك سبع سنين . و قال : حديث ثابت صحيح .

ورواه الطبراني في مجمعه وكذلك غيره من أئمّة الحديث (2) .

وذكر ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس في باب الألف واللام بإسناده عن ابن عبّاس (رض) قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : المهدي طاووس أهل الجنّة (3) .

وبإسناده أيضا عن حذيفة بن اليمان (رض) عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال :المهدي ]من [ولدي وجهه كالقمر الدرّيّ ، اللون (4) منه لون عربي والجسم جسم إسرائيلي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا ، يرضى بخلافته أهل السماء (5) وأهل الأرض والطير

.


1- .تقدّمت تخريجاته . وانظر كفاية الطالب : 482 ، سنن أبي داود : 2 / 207 ، ينابيع المودّة : 519 ، مسند أحمد : 1 / 377 و 430 و 448 .
2- .انظر سنن أبي داود : 2 / 208 ، و : 3 / 310 ح 4285 ، الجامع الصغير للسيوطي : 2 / 672 ح 9244 ، وكنز العمّال : 14 / 264 ح 38665 ، و : 7 / 189 ، مستدرك الحاكم : 4 / 554 و557 و 465 ، وفيه : أشم الأنف ، ثمّ قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، مجمع الزوائد : 7 / 314 . مسند أحمد : 3 / 17 و 21 و 70 ، ينابيع المودّة : 3 / 103 ، و517 و 520 ط آخر ، مشكاة المصابيح : 3 / 1501 ح 5454 ، فرائد السمطين : 2 / 330 ح 581 كنوز الحقائق : 164 وانظر كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 501 ، صحيح الترمذي : 2 / 36 ، مجمع الزوائد : 7 / 315 و 317 الصواعق : 98 .
3- .الفردوس بمأثور الخطاب لشيرويه الديلمي : 4 / 497 ح 6941 ، و : 4 / 222 ح 6668ط آخر ، وانظر كنوز الحقائق : 164 ، و 152 ط آخر ، وغاية المرام : 698 ح 57 ، وينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 266 .
4- .في (ب) : واللون .
5- .في (أ) : السماوات .

ص: 1109

في الجوّ يملك عشرين سنة (1)(2) .

وممّا رواه أبو داود أيضا يرفعه إلى اُمّ سلمه (رض) قالت :سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول : المهدي من عترتي من أولاد (3) فاطمة عليهاالسلام (4) .

ومن ذلك ما رواه القاضي أبو محمّد الحسين بن مسعود البغوي في كتابه المسمّى بشرح السنّة ، وخرّجه مسلم والبخاري في صحيحهما يرفعه كلّ واحد منهما بسنده إلى أبي هريرة قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم (5) ؟! .

ومن ذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما يرفعه كلّ واحد منهما إلى عبداللّه بن مسعود قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يلي (6) فيه رجلاً من اُمّتي ومن أهل بيتي ، يواطئ اسمه إسمي ، يملأ

.


1- .في (أ) : عشر سنين .
2- .انظر الفردوس بمأثور الخطاب لشيرويه الديلمي : 95 ، جواهر العقدين : 2 / 227 _ 228 وزاد «أخرجه الروياني والطبراني وأبو نعيم الديلمي في مسنده» . وانظر الصواعق المحرقة : 98 ، الجامع الصغير : 2 / 672 ح 9245 ، كنز العمّال : 14 / 264 ح 3866 ، ينابيع المودّة : 2 / 104 ، و : 3 / 263 ط اُسوة ، و : 520 ط آخر ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 501 ، وسبق وأن خرّجنا الحديث آنفا وعلّقنا على لفظة «والجسم جسم إسرائيلي» فراجع .
3- .في (أ) : ولد .
4- .انظر سنن أبي داود : 3 / 310 ح 4284 ، و : 2 / 207 ط آخر ، مشكاة المصابيح : 3 / 1 _ 15 ح 5453 ، الجامع الصغير : 2 / 672 ح 9241 ، كنز العمّال : 14 / 264 ح 38662 ، و :7 / 186 ، جواهر العقدين : 2 / 225 ، سنن ابن ماجة : 1368 ب 34 ح 4086 ، و : 2 / 369 ط آخر ، كنوز الحقائق : 164 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 256 ، المستدرك للحاكم النيسابوري : 4 / 557 ، حلية الأولياء : 3 / 177 ، مسند أحمد : 1 / 84 ، و : 3 / 36 ، اُسد الغابة : 1 / 259 ، الاستيعاب للقرطبي : 1 / 85 ، الصواعق المحرقة : 98 ، كفاية الطالب : 487 .
5- .انظر صحيح البخاري : 4 / 143 ، صحيح مسلم : 1 / 154 و 86 ح 244 ، مسند أحمد : 2 / 336 ، ينابيع المودّة : 518 ، و : 3/357 ط اُسوة ، مشكاة المصابيح : 3/1523 ح 5505 ، كفاية الطالب : 496 .
6- .في (أ) : يبعث .

ص: 1110

الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما (1) .

ومن ذلك ما رواه أبو إسحاق أحمد بن محمّد ابن الثعلبي يرفعه بسنده إلى أنس بن مالك قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : نحن ولد عبد المطّلب سادات (2) الجنّة ، أنا وحمزة وجعفر وعليّ والحسن والحسين والمهدي . وأخرجه ابن ماجة في صحيحه (3) .

وعن علقمة بن عبداللّه قال :بينما نحن عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذ أقبل فتية (4) من بني هاشم ، فلمّا رآهم النبيّ صلى الله عليه و آلهاغرورقت عيناه بالدموع وتغيّر لونه . قال قلت : مالك (5) يا رسول اللّه نرى في وجهك شيئا نكرهه (6) ؟ قال صلى الله عليه و آله وسلم : إنّا أهل بيت (7) اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا ، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي تشريدا وتطريدا ، حتّى يأتي قوم من قِبل المشرق ومعهم رايات سود فيسألون الخير فلا يُعطونه فيقاتلون فيُنصرون

.


1- .انظر سنن أبي داود : 2 / 207 ، و : 3 / 309 ح 4282 ، ينابيع المودّة : 519 ، و : 3 / 256 ، مسند أحمد : 1 / 377 و 430 و 448 ، كنز العمّال : 7 / 188 ، البخاري في صحيحه : 2 / 36 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 482 _ 483 ، صحيح مسلم : 1 / 86 ح 244 ، جواهر العقدين : 2 / 266 ، مشكاة المصابيح : 3 / 1501 ح 5452 ، سنن الترمذي : 3 / 343 ح 2331 و 2332 . وسبق وأن خرّجنا هذا الحديث وعلّقنا على الزيادة الموجودة في بعض المصادر «إسم أبيه إسم أبي» فراجع .
2- .في (أ) : سادة .
3- .انظر سنن ابن ماجة القزويني : 2 / 269 و 1368 ح 4087 ، مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري : 3 / 211 وقال : هذا حديث على شرط مسلم ، الرياض النضرة : 2 / 209 ، الصواعق المحرقة : 96 و140 ، تاريخ بغداد : 9 / 434 وفيه «نحن سبعة بنو عبدالمطلّب سادات أهل الجنة» جواهر العقدين : 2 / 228 ، فرائد السمطين للجويني : 2 / 32 ح 370 ، الفردوس بمأثور الخطاب : 4 / 284 ح 6840 ، المناقب لابن المغازلي : 48 ح 71 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 488 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 266 .
4- .في (أ) : فئة .
5- .في (ج) : فقلت مانزال .
6- .في (د) : تكرهه ، وفي (ج) : يكرهه .
7- .في (أ) : البيت .

ص: 1111

فيُعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يدفعوها (1) إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملؤوها (2) جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتينّهم ولو حبوا على الثلج . أخرجه الحافظ أبو نعيم (3) .

وروى الحافظ أبو نعيم أيضا بسنده عن ثوبان قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا رأيتم الرايات السود ]قد جاءت [من خراسان فائتوها ولو حبوا على الثلج ، فإنّ فيها خليفة اللّه المهدي (4) .

وروى الحافظ أبو نعيم أيضا بسنده عن عبداللّه بن عمر قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يخرج المهدي من قرية يقال لها كرعة (5)6 .

.


1- .في (أ) : ولايقبلون حتّى يدفعونها .
2- .في (ج) : ملئت .
3- .انظر جواهر العقدين : 2 / 227 ، سنن ابن ماجة : 2 / 1366 ب 34 ح 408 ، مستدرك الحاكم : 4 / 464 بسنده عن علقمة عن عبداللّه بتفاوت وزيادة ، مسند أحمد بن حنبل : 5 / 577 ، طبقات ابن سعد : 4 / 4 ، الفردوس : 1 / 54 ح 145 ، كفاية الطالب : 491 ، ينابيع المودّة : 3 / 263 و 2 / 252 ، ذخائر العقبى للطبري :17 مع اختلاف يسير ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 177 ، غاية المرام : 700 ح 104 .
4- .انظر حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 178 . وكتابه نعت المهدي أو مناقب المهدي ، مشكاة المصابيح : 3 / 1503 ح5461 ، ينابيع المودّة : 3 / 259 ، الجامع الصغير للسيوطي : 1 / 100 ح 648 ، كنز العمّال : 14 / 261 ، و : 7 / 182 خروج المهدي ح 38651 . وانظر الملاحم والفتن لابن طاووس : 1 / 100 ، العرف الوردي : 2 / 68 .
5- .في (أ) : كريمة ، وفي (د) : قرعة .

ص: 1112

وروى الحافظ أبو عبداللّه بن ماجة القزويني في حديثٍ طويل نزول عيسى بن مريم على نبيّنا وآله وعليه السلام عن أبي اُمامة الباهلي قال :خطبنا (1) رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوذكر الدجّال وقال فيه : إنّ المدينة لتنقي خبثها كما ينقي الكير خبث الحديد ، ويُدعى ذلك اليوم يوم الخلاص .

فقالت (2) اُمّ شريك بنت العسكر : يا رسول فأين العرب يومئذٍ؟ قال صلى الله عليه و آله وسلم :هم يومئذٍ قليل وجلّهم في بيت (3) المقدس وإمامهم المهدي ]وهو رجل صالح [قد تقدّم إذ صلّى بهم ، إذ نزل عيسى بن مريم فيرجع ذلك الإمام ينكص عن عيسى القهقرى ليتقدّم عيسى يصلّي بالناس الظهر فيضع عيسى يده بين كتفيه ويقول (4) : تقدّم ]فصلّ فإنّها لك اُقيمت ، فيصلّي بهم إمامهم] . هذا حديث صحيح ثابت وهذا مختصره (5) .

وعن أبي هريرة قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ وهذا حديث حسن متّفق على صحّته من حديث محمّد بن شهاب

.


1- .في (أ) : خاطبنا .
2- .في (أ) : قالت .
3- .في (ج ، د) : ببيت .
4- .في (أ) : ثمّ يقول .
5- .ذكره الحافظ أبو نعيم في الأربعين حديثا في المهدي عجّل اللّه فرجه . وانظر غاية المرام : 700 ح 86 ، ينابيع المودّة : 3 / 391 ولكن بدون زيادة ، بل إلى «وهو رجل صالح» . وفي كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 519 أورده بشكل كامل . وانظر الصواعق المحرقة : 98 ، كنز العمّال : 8 / 187 ، و : 7 / 187 ط آخر ، فيض القدير : 6 / 17 ، مسند أحمد : 3 / 345 و 367 و 384 ، و : 2 / 336 بلفظ قريب من هذا . وحلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 177 .

ص: 1113

الزهري ، ورواه البخاري ومسلم في صحيحيهما (1) .

وعن جابر بن عبداللّه قال :سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : لاتزال طائفة من اُمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة . قال : فينزل عيسى بن مريم على نبيّنا وآله وعليه السلام فيقول [له ]أميرهم : تعال صلّ بنا (2) فيقول ألا إنّ بعضكم على بعض اُمراء تكرمة [من] اللّه لهذه الاُمّة . هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه 3 .

وعن ابن هارون العبدي قال لقيت (3) أبا سعيد الخدري (رض) فقلت له :هل شهدت بدرا؟ قال : نعم ، فقلت : أفلا تحدّثني بما سمعت من رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفي عليّ عليه السلام وفضله؟ قال : بلى اُخبرك أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله مرض مرضةً نقه منها ، فدخلت عليه فاطمة عليهاالسلام وأنا جالس عن يمين النبي صلى الله عليه و آلهفلمّا رأت فاطمة ما برسول اللّه صلى الله عليه و آلهمن الضعف خنقتها العبرة حتّى بدت دموعها على خدّها ، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مايبكيك يا فاطمة؟ قالت : أخشى الضيعة يا رسول اللّه ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا

.


1- .انظر صحيح البخاري : 4 / 143 ، صحيح مسلم : 1 / 154 ، و : 1 / 86 ح 244 ، مسند أحمد : 2 / 336 ، مشكاة المصابيح : 3 / 1523 ح 5505 ، كفاية الطالب : 496 ، ينابيع المودّة : 3 / 357 ط اُسوة ولكن صدر الحديث يختلف ، و انظر 518 منه .
2- .في (د) : لنا فيقول لا .
3- .في (أ) : أتيت .

ص: 1114

فاطمة إنّ اللّه تعالى أطلع إلى (1) الأرض إطلاعةً على خلقه فاختار منهم أباك فبعثه نبيّا (2) ، ثمّ أطلع ثانيةً فاختار منهم بعلك فأوحى إلىَّ أن انكحه فاطمة فأنكحته إيّاكِ (3) واتّخذته وصيّا . أما علمت أنكِ بكرامة اللّه تعالى إيّاك زوّجك أغزرهم علما وأكثرهم حلما وأقدمهم سلما (4) ؟ فاستبشرت ، فأراد رسول اللّه صلى الله عليه و آلهأن يزيدها من مزيد الخير الّذي قسمه اللّه تعالى لمحمّد صلى الله عليه و آله . قال : فقال لها : يا فاطمة ولعلي ثمانية أضراس يعنى مناقب : إيمان باللّه ورسوله وحكمته وزوجته وسبطاه الحسن والحسين وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر . يا فاطمة إنّا أهل بيت اُعطينا ستّ (5) خصال لم يعطها أحدٌ من الأوّلين ولايدركها أحدٌ من الآخرين غيرنا ، فنبيّنا خير الأنبياء [وهو أبوك] ، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك [حمزة] ، ومنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر ، ومنّاسبطا هذه الاُمّة وهما ابناك ، ومنّا مهديّ [هذه ]الاُمّة الّذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم . ثمّ ضرب على منكب الحسين عليه السلام وقال : من هذا مهديّ هذه الاُمّة . هكذا أخرجه الدار قطني صاحب الجرح والتعديل 6 .

.


1- .في (أ) : على .
2- .في (د) : رسولاً .
3- .في (ج) : فأمرني أن اُزوّجك منه وفي (د) : فزوّجتك منه .
4- .في (أ) : وأقدمهم إسلاما .
5- .في (ب ، ج) : سبع .

ص: 1115

وعن أبي نضرة قال :كنّا عند جابر بن عبداللّه الأنصارى (رض) فقال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يوشك أهل العراق أن لا يجبى (1) إليهم قفيز ولادرهم ، قلنا : من أين [ذاك]؟ قال : من قِبل العجم يمنعون ذلك . ثمّ قال : يوشك أهل الشام أن لايجبى إليهم دينار ولا مدّ ، قلنا : من أين [ذاك]؟ قال : من قِبل الروم . ثمّ سكت هنيئةً ثمّ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يكون في آخر اُمّتي خليفة يحثو المال حثوا لايعدّه عدّا ، قلنا : نراه عمر بن عبدالعزيز؟ قال : لا . وهذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه 2 .

وعن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال ولا يعدّه . هذا لفظ مسلم في صحيحه (2) .

.


1- .في (ج) : يجيء .
2- .انظر صحيح مسلم : 2 / 672 ح 2913 بالإضافة إلى المصادر السابقة .

ص: 1116

وعن أبي سعيد وجابر بن عبداللّه قالا :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : اُبشّركم بالمهدي [يبعث في اُمّتي على اختلافٍ من الناس وزلزال] يملأ (1) الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسّم المال صحاحا ، فقال له رجل : ما معنى صحاحا؟ قال : بالسوية بين الناس . وقال : يملأ اللّه قلوب اُمّة محمّد صلى الله عليه و آلهغنى ويسعهم عدله حتّى يأمر مناديا فينادي فيقول : مَن له في المال حاجة فليقم ، فما يقوم من الناس إلاّ رجل واحد فيقول : أنا ، فيقول له : ائت السدان _ يعني الخازن _ فقل [له] : إنّ المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً ، فيقول له ، احث ، فيحثو له في ثوبه حثوا ، حتّى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم (2) ويقول : كنت أجشع اُمّة محمّد نفسا أو أعجز عنّي ما عما وسعهم ، فيردّه إلى الخازن فلا يقبل منه فيقول : إنّا لا نأخذ شيئا ممّا أعطيناه ، فيكون المهدي كذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع ، ثمّ لاخير في العيش بعده ، أو قال : لا خير في الحياة بعده . وهذا حديث حسن ثابت أخرجه شيخ أهل الحديث أحمد بن حنبل في مسنده (3) .

وعن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له المهدي عطاؤه هنيئا ، أخرجه الحافظ أبو نعيم في الردّ على من زعم أنّ المهدي هو المسيح (4) .

.


1- .في (أ) : فيملأ .
2- .في (أ) : إذا صار في ثوبه يندم .
3- .انظر مسند أحمد : 3 / 37 و52 ، و : 5 / 5 و60 و48 و69 و98 و333 و317 و 577 ، مجمع الزوائد : 7 / 313 ، مستدرك الصحيحين : 4 / 454 و463 و465 و502 و503 و557 ، ينابيع المودّة : 563 و517 ، و : 3 / 283 ط اُسوة ، كفاية الطالب : 505 و494 . وقريب من هذا اللفظ في صحيح البخاري : 2 / 36 ، غاية المرام : 692 ح 5 ، فرائد السمطين : 2 / 310 ح 561 بشكل مختصر ، طبقات ابن سعد : 4 / 4 ، كنز العمال : 7 / 260 و187 و261 ، قصص الأنبياء : 554 ، الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي : 98 ، كنوز الحقائق : 152 .
4- .انظر الإصبهاني في نعت المهدي أو مناقب المهدي ، وكفاية الطالب : 506 ، مجمع الزوائد للهيثمي : 7 / 316 ، مسند أحمد : 1 / 84 ، و : 3 / 345 و384 ، و : 2 / 336 ، كنز العمال : 7 / 263 و187 ، حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني : 3 / 177 ، فيض القدير : 6 / 17 ، الصواعق المحرقة : 102 .

ص: 1117

وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال :قلت : يا رسول اللّه أمنّا آل محمّد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا ، بل منّا يختم اللّه به الدين كما فتح بنا ، وبه (1) ينقذون من الفتن (2) كما اُنقذوا من الشرك ، وبنا يؤلّف اللّه بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألّف اللّه قلوبهم بعد عداوة الشرك ، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا في دينهم . وهذا حديثٌ حسَنٌ عالٍ رواه الحفّاظ في كتبهم ، وأمّا الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط ، وأمّا أبو نعيم فرواه في حلية الأولياء ، وأمّا عبدالرحمن بن حمّاد فقد ساقه في عواليه (3) .

وعن عبداللّه بن عمر أنه قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها ملَك ينادي : هذا خليفة اللّه المهدي فاتّبعوه . روته الحفّاظ كأبي نعيم والطبراني وغيرهما (4) .

وعن أبي اُمامة الباهلي قال :قال رسول صلى الله عليه و آله : بينكم وبين الروم أربع سنين (5) تؤمّ

.


1- .في (أ) : وبنا .
2- .في (أ) : الفتنة .
3- .هذا الحديث أخرجه أبو نعيم في الأربعين حديثا في المهدي عليه السلام ، وفي حلية الأولياء : 3 / 177 . وانظر غاية المرام : 700 ح 105 ، مجمع الزوائد : 7 / 316 ، مسند أحمد : 1 / 84 وقال : رواه الطبراني في الأوسط ، كنز العمال : 7 / 263 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : 506 و507 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 392 ط اُسوة .
4- .أيضا أخرجه أبو نعيم في الأربعين حديثا في المهدي عجّل اللّه فرجه وحلية الأولياء : 3 / 177 ، وانظر فرائد السمطين : 2 / 316 ح 569 ، غاية المرام : 693 ح 12 ، ينابيع المودّة : 3 / 296 و385 ، مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري : 4 / 463 و502 ، كفاية الطالب : 511 . ورواه المتقي الهندي في البرهان في علامات آخر الزمان ، والخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه . ومن الجدير ذكره أنّ بعض المصادر لا تذكر «وعلى رأسه غمامة» .
5- .في (أ) : هدن .

ص: 1118

الرابعة على يد رجل من آل (1) هرقل تدوم سبع سنين ، فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستور (2) بن غيلان : يا رسول اللّه مَن إمام الناس يومئذٍ؟ قال صلى الله عليه و آله : المهدي من ولدي ابن أربعين سنة كأنّ وجهه كوكب درّيّ ، في خدّه الأيمن خال أسود وعليه عبايتان قطوانيّتان 3 كأنّه من رجال بني إسرائيل [يملك عشرين سنة ]يستخرج الكنوز ويفتح مدين الشرك 4 .

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و آله قال:لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي يفتح القسطنطينيه وجبل الديلم ، ولو لم يبق إلاّ يوم لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يفتحها. هذا سياق الحافظ أبي (3) نعيم وقال : هذا هو المهدي بلا شكّ وفقا بين الروايات (4) .

وعن جابر بن عبداللّه قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : سيكون بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء اُمراء ومن بعد الاُمراء ملوك جبابرة ، ثمّ يخرج رجل (5) من أهل بيتي يملأ

.


1- .في (أ) : أهل .
2- .في (د) : المستورد .
3- .كذا ، والصحيح ما أثبتناه .
4- .البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السلام للكنجي الشافعي : 139 . وقد أخرجه الحافظ أبو نعيم في مناقب الإمام المهدي عجّل اللّه فرجه ، وأخرجه ابن ماجة في أبواب الجهاد ، وانظر فضائل الخمسة : 3 / 327 ، وتقدّمت قطع منه في المصادر السابقة .
5- .في (أ) : المهدي .

ص: 1119

الأرض عدلاً كما ملئت جورا . هكذا ذكره الحافظ أبو نعيم في فوائده والطبراني في معجمه الكبير (1) .

وعن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله تتنعّم اُمّتي في زمن المهدي عليه السلام نعيما لم ينعموا مثله (2) قطّ يرسل السماء عليهم مدرارا ، ولا تدع (3) الأرض شيئا من نباتها إلاّ أخرجته . رواه الطبراني في معجمه الكبير (4) . قال الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن يوسف ابن الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان عجل اللّه فرجه الشريف : في (5) الدلالة على كون المهدي عليه السلام حيّا باقيا منذ غَيبته وإلى الآن ، وانّه لاامتناع في بقائه بدليل (6) عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء اللّه تعالى ، وبقاء الأعور الدجّال وإبليس الملعونين (7) من أعداء اللّه ، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة ، وقد اتّفقوا عليه ثمّ أنكروا جواز بقاء المهدي ، وها أنا اُبيّن بقاء كلّ واحد منهم ، فلا يسمع بعد هذا لعاقل إنكار

.


1- .انظر اُسد الغابة : 1 / 259 ، الإستيعاب : 1 / 85 ، الاصابة : 7 / 30 ، كنز العمال : 7 / 186 وقال : أخرجه الطبراني . وانظر كفاية الطالب : 518 وزاد «ثمّ يؤمر القحطاني ، فوالّذي بعثني بالحقّ ما هو دونه» .
2- .في (أ) : نعمةً لم يتنعّم مثلها ، وفي (ج ، د) : نعيما لم يسمعوا .
3- .في (ج) : تدخّر .
4- .هذا جزء من الحديث المروي في سنن ابن ماجة : 2 / 1397 ح 4083 ، و : 269 ط آخر وهو بلفظ «يكون في اُمّتى المهدي ، إن قصر فسبع وإلاّ فتسع ، فتتنعّم فيه اُمّتي ...» . ومثله في غاية المرام : 693 ح 10 ، وفرائد السمطين للجويني : 2 / 315 ح 566 ، ومستدرك الحاكم : 4 / 558 ، وانظر مسند أحمد : 3 / 26 باختصار ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي : 3 / 385 ، و : 521 ط آخر ، كفاية الطالب : 493 قريب من هذا اللفظ وزاد « ... حتّى يتمنّى الأحياء الأموات ...» وفي : 494 زاد « ... والمال يومئذٍ كدوس» . وانظر كنز العمال : 7 / 189 وفيه : أخرجه الدارقطني في الأفراد ، والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة وعن أبي سعيد .
5- .في (أ) : من .
6- .في (أ) : كبقاء .
7- .في (أ) : اللعين .

ص: 1120

جواز بقاء المهدي عليه السلام . وإنما أنكروا بقاءه من وجهين : أحدهما طول الزمان ، والثاني أنّه في سرداب من غير أن يقوم أحد بطعامه وشرابه ، وهذا يمتنع عادةً . قال مؤلّف الكتاب محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي : بعون اللّه نبتدي وإيّاه نستكفي وما توفيقي إلاّ باللّه جلّ جلاله . أمّا عيسى عليه السلام فالدليل على بقائه قوله تعالى «وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَ_بِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ» (1) ولم يؤمن به مُذ (2) نزول هذه الآيه وإلى يومنا هذا أحد ، فلابدّ أن يكون ذلك (3) في آخر الزمان . وأمّا السنّة فما رواه مسلم في صحيحه عن زهير بن حرب بإسناده عن النواس بن سمعان في حديث طويل في قصّة الدجّال قال : فينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء [شرقي دمشق ]بين مهرودتين (4) ، واضعا كفّيه على أجنحة ملَكين (5) . وأيضا ما تقدّم من قوله صلى الله عليه و آله وسلم : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم (6) . وأمّا الخضر وإلياس فقد قال ابن جرير الطبري : الخضر وإلياس باقيان يسيران في الأرض (7) .

.


1- .النساء : 159 .
2- .في (أ) : منذ .
3- .في (أ) : هذا .
4- .المهرودتين : هما ثوبان مصبوغان بورس ثمّ بزعفران .
5- .كفاية الطالب : 521 ، وكنز العمال : 8 / 187 ، فيض القدير : 6 / 17 ، شرح صحيح مسلم للنووي : 18 / 67 .
6- .تقدّمت استخراجاته آنفا ، وانظر مسند أحمد : 2 / 336 ، و : 3 / 367 ، صحيح البخاري : 4 / 143 باب نزول عيسى من كتاب أحاديث الأنبياء ، صحيح مسلم : 1 / 154 ، مشكاة المصابيح للتبريزي : 127 ، وشرح صحيح الترمذي لابن عربي : 9 / 78 ، ينابيع المودّة : 518 ، تذكرة الخواصّ : 364 وسبق وأن علُقنا على «وإمامكم منكم» فلاحظ .
7- .تاريخ الطبري : 6 / 157 .

ص: 1121

وأيضا مارواه في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال : حدّثنا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحديثا طويلاً عن الدجّال 1 فكان (1) فيما حدثنا أنّه قال : يأتي وهو مُحرّم عليه أن يدخل نقاب (2) المدينة فينتهي إلى بعض السباخ الّتي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذٍ رجل هو خير الناس _ أو من خير الناس _ [فيقول له : أشهد أنك الدجّال الّذي حدّثنا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحديثه ]فيقول الدجّال [أرأيتم] إن قتلتُ هذا ثمّ أحييته أتشكّون في الأمر؟ فيقولون : لا . قال : فيقتله ثمّ يحييه فيقول حين يحييه : واللّه ما كنت فيك قطّ أشدّ بصيرة من (3) الآن . قال : فيريد الدجّال أن يقتله [ثانيا ]

.


1- .في (أ) : وكان .
2- .في (أ) : بقاب .
3- .في (أ) : منّي .

ص: 1122

فلا (1) يسلّط عليه . قال (2) إبراهيم بن سعد : يقال إنّ هذا الرجل هو الخضر ، هذا لفظ مسلم في صحيحه (3) كما سقناه سواء (4) وأمّا الدليل على بقاء ابليس اللعين فآي الكتاب العزيز وهو قوله تعالى «قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»5 . وأمّا بقاءالمهدي فقد جاء في الكتاب والسنّة . أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» (5) قال: هو المهدي من ولد فاطمة عليهاالسلام . وأمّا من قال فإنه عيسى فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للمهدي على ما تقدّم ، وقد قال مقاتل بن سليمان ومن شايعه (6) من المفسّرين في تفسير قوله تعالى «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ» (7) قال : هو المهدي عليه السلام يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأماراتها (8) انتهى (9) واللّه تعالى أعلم بذلك .

.


1- .في (أ) : فلن .
2- .في (أ) : وقال .
3- .انظر شرح صحيح مسلم : 18 / 71 بالاضافة إلى المصادر السابقة ، كفاية الطالب : 521 و 522 و 523 ثمّ يأتي بأدلّة اُخرى على وجود الدجّال فلاحظها من : 523 _ 527 .
4- .البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السلام : 148 _ 150 .
5- .التوبة : 33 ، الصف : 9 ، وفي سورة الفتح : 28 « ... لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا» وانظر غاية المرام : 732 ح 22 ، الدرّ المنثور : 3 / 231 .
6- .في (أ) : تابعه .
7- .الزخرف : (61) .
8- .في (أ) : يكون أمارات ودلالات الساعة وقيامها .
9- .انظر البيان في أخبار صاحب الزمان عليه السلام للكنجي الشافعي : 155 و156 ، كفاية الطالب : 528 _ 535 . وانظر تفسير الآيات في كتب التفسير ، وكذلك راجع غاية المرام : 730 ح 21 ، و750 ح 87 ، ينابيع المودّة : 3 / 239 ، الدرّ المنثور : 3 / 231 ، الميزان في تفسير القرآن : 5 / 394 _ 400 .

ص: 1123

علامات قيام القائم ومدّة أيّام ظهوره عليه السلام

علامات قيام القائم ومدّة أيّام ظهوره عليه السلامقد جاءت الأخبار (1) بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي وحوادث تكون أمام قيامه وآيات (2) ودلالات فمنها (3) خروج السفياني 4 ، وقَتْلُ

.


1- .في (أ) : الآثار .
2- .في (أ) : وأمارات .
3- .في (أ) : منها .

ص: 1124

الحَسني 1 ،

.

ص: 1125

واختلاف بني العباس في الملك [الدنياوي] 1 ، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان (1) ، وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات وعلى خلاف حساب أهل النجوم ومن أنّ خسوف القمر لا يكون إلاّ في الثالث عشر أو الرابع عشر والخامس عشر لاغير وذلك عند تقابل الشمس والقمر على هيئة مخصوصة،وأنّ كسوف الشمس لايكون إلاّ في السابع والعشرين من الشهر أو الثامن والعشرين والتاسع والعشرين وذلك عند اقترانهما على هيئة مخصوصة ، ومن ذلك 3 طلوع الشمس من

.


1- .في (أ) : شعبان ... في آخره الشهر على اختلاف ماجرت به العادة .

ص: 1126

مغربها 1 ، وقتل نفس زكيّة تظهر في سبعين من الصالحين (1) ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام (2) ، وهدم سور (3) مسجد الكوفة 5 .

.


1- .تقدمت استخراجاتها .
2- .في (أ) : حائط .
3- .انظر الإرشاد : 2 / 368 . وممّا يجدر ذكره أنّ الكوفة ستكون عاصمة الإمام المهدي عجّل اللّه فرجه الشريف وهي مدينة تقع على الجانب الشرقي من النجف الأشرف والمسافة بينها وبين النجف أقل من عشرة كيلومترات والأحياء السكينة الّتي اُنشأت حديثاً جعلت النجف متصلاً بها . والكوفة سيكون لها شأن عظيم بعد ظهور الحجة عجّل اللّه فرجه ، وهناك أخبار تؤيد وتؤكد ذلك ، انظر تفسير العيّاشي : 1 / 66 ، بحار الأنوار : 52 / 385 و 336 ح 198 . وسبق وأن استخرجنا الأحاديث الواردة بالقتل والتشريد وهدم مساجد الكوفة من قِبل السفياني وخاصّةً خطبة الإمام عليّ عليه السلام المسمّاة بخطبة البيان فلاحظ وتأمّل .

ص: 1127

وإقبال رايات سودٍ من قبل خراسان 1 وخروج اليمانيّ (1) ، وظهور المغربيّ بمصر وتملّكه الشامات (2) ، ونزول التُرك الجزيرة (3) ، ونزول الروم الرملة 5 ، وطلوع نجم في

.


1- .انظر الإرشاد : 336 ، و : 2 / 368 ط آخر ، وكمال الدين : 2 / 649 و 650 ، الغيبة للطوسي : 267 و 271 ، والغيبة للنعماني : 252 و 257 و 133 و 134 ، بحار الأنوار : 52 / 232 و زاد « ... وليس في الرايات أهدى من راية اليماني ...» . ومع الأسف الشديد لاتوجد لدينا مصادر تبيّن شخصيته بل توجد بالجملة ، والمصادر هي إمامية مستفيضة تقريبا . انظر تاريخ الغيبة الكبرى للسيّد محمّد الصدر : 632 و648 منشورات ذوالفقار قم ودار التعارف بيروت ط الاولى .
2- .انظر الإرشاد : 336 ، و : 2 / 368 ط آخر . ومن المعلوم والثابت تاريخيا أنّ مصر غزت الشام واستولت عليها عدّة مرات كالّذي فعله ابن طولون والمعزّ الفاطمي وإبراهيم باشا . والمغربي من هؤلاء هو المعزّ الفاطمي لأنه من ذرّية المهدي العلوي الافريقي الّذي نشر دعوته عام (396 ه) و كما جاء في الكامل : 6 / 133 ، وابن الوردي : 1 / 308 و 309 . وانظر المصادر السابقة وفيها «راية من المغرب فياويل لمصر ...» . وراجع عقد الدرر في أخبار المنتظر : 164 ، وكنز العمّال : 12 / 283 .
3- .انظر الإرشاد : 2 / 368 ، و : 336 ط آخر ، وأرض الجزيرة هي أرض العراق فيما بين النهرين ، وهو اصطلاح قديم معروف ، وبقيت هذه الأرض تحت الحكم العثماني التركي ردحا من الزمن بدأ من (941 ه) إلى (1335 ه) بالاحتلال البريطاني للعراق أثناء الحرب العالمية الاُولى . انظر دليل خارطة العراق قديما وحديثا : 286 _ 295 . وهذا النزول حدث بعد وفاة الشيخ المفيد رحمه الله بخمسائة وثمان وعشرين سنة لأنه توفي عام (413 ه) كما يذكر صاحب الكنى والألقاب : 3 / 171 . وانظر نزول التُرك الفرات في الفتن : 1 / 220 ح 613 ، و221 ح 616 ، و : 2 / 674 ح 677 والتشريف بالمنن لابن طاووس : 99 ح 68 ، صحيح مسلم : 18 / 37 ، سنن أبي داود : 4 / 112 ح 4303 البداية والنهاية لابن كثير : 2 / 165 ، وغير ذلك من المصادر .

ص: 1128

المشرق يضيء كما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّى يكاد أن يلتقي طرفاه (1) ، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر (2) في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طولاً وتبقى في الجوّ ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام (3) ، وخلع العرب أعنّتها وتملّكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم (4) ، وقتل أهل مصر أميرهم ، وخراب الشام واختلاف ثلاث راياتٍ فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قِبل المغرب (5) حتّى تربط بفناء الحيرة ، وإقبال رايات سودٍ من المشرق ونحوها ، وبثقٌ (6) في الفرات حتّى يدخل الماء أزقّة الكوفة (7) .

.


1- .انظر الإرشاد : 2 / 368 بالإضافة إلى المصادر السابقة .
2- .في (أ) : وتتلبّس .
3- .انظر الإرشاد للشيخ للمفيد : 2 / 368 و 369 . وقريب من هذا في صحيح البخاري : 9 / 73 ، وصحيح مسلم : 17 / 194 ، و : 8 / 180 39 . وروى ابن حمّاد في الفتن : 2 / 628 ح 1754 ، و632 ح 1764 ، والحاكم في المستدرك : 4 / 490 ح 8369 ، كنز العمّال : 14 / 359 كلّ هذه المصادر والسابقة جاءت بلفظ «تخرج نار من أرض الحجاز ...» .
4- .تقدّمت استخراجاته ، وانظر الإرشاد : 2 / 369 .
5- .في (أ) : من العرب.
6- .أي انفجر وجرى كما في مجمع البحرين ، وفي (ج ، د) : فتق .
7- .تقدّمت استخراجاته ، وانظر الإرشاد للمفيد : 2 / 369 وتاريخ الغيبة الكبرى : 568 ، ودليل خارطة بغداد للدكتور مصطفى جواد والدكتور أحمد سوسة : 149 و 193 ، والغيبة للطوسي : 451 ح 456 ، وإعلام الورى : 429 .

ص: 1129

وخروج ستّين كذابا كلّهم يدعي النبوّة (1) ، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب كلّهم يدّعي الإمامة لنفسه 2 ، وإحراق (2) رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين عند [عَقْد ]الجسر ممّا يلي الكرخ بمدينة بغداد [السلام] (3) ، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار وزلزلة حتّى ينخسف كثيرٌ منها ، وخوف يشمل أهل العراق وموت ذريعٌ ونقص من الأنفس و في الأموال والثمرات ، وجرادٌ يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتّى يأتى على الزرع والغلاّت وقلّة ريعٍ لما يزرعه (4) الناسُ (5) ، واختلاف [صنفين ]من (6) العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم (7) ، وخروج

.


1- .انظر الإرشاد : 2 / 371 بلفظ «يخرج ستون كذّابا كُلُّهم يقولُ : أنا نبيّ» والغيبة للطوسي : 434 / 424 ، وإعلام الورى : 426 ، والبحار : 52 / 209 ح 46 .
2- .في (أ) : وإغراق ، وفي (د) : وخروج .
3- .انظر الإرشاد : 2 / 369 ، دليل خارطه بغداد : 149 و193 ، وتاريخ الغيبة الكبرى : 568 علاوةً على المصادر السابقة .
4- .في (أ) : ريع ما يزرع .
5- .انظر المصادر السابقة ، والفتن : 1 / 305 ح 888 و886 ، كنز العمال : 14 / 279 ح 38725 ، دلائل الإمامة للطبري : 259 ، كمال الدين : 649 ح 3 ، الغيبة للنعماني : 250 ح 5 ، إعلام الورى لأمين الاسلام الطبرسي : 427 .
6- .في (أ) : بين .
7- .انظر الإرشاد للمفيد : 2 / 369 . والمراد بالعجم غير العرب من البشر . والمقصود كلّ حرب تقع بين معسكرين أو دولتين غير عربيتين يمكن أن يكون مصداقا لذلك ، انظر تاريخ الغيبة الكبرى : 569 .

ص: 1130

العبيد عن طاعة (1) ساداتهم وقَتْلهم مواليهم [ومسخٌ لقوم 2 من أهل البدع حتّى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء حتّى يسمعه أهل الأرض كلّ أهل لغةٍ بلغتهم ، ووجهٌ وصدر يظهران من السماء للناس في عين الشمس ، وأموات يُنشرون من القبور حتّى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون] ثمّ يختم بعد ذلك بأربع وعشرين مطرة متّصلة فتحيا بها الأرض من بعد موتها وتُعرف (2) بركاتها ، وتزول بعد ذلك كلُّ عاهة من معتقدي الحقّ من شيعة (3) المهدي فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة فيتوجّهون نحوه (4) قاصدين لنصرته كما جاءت بذلك الأخبار (5) . ومن جملة هذه الأحداث ما هو محتومة (6) ومنها ما هو مشروطة واللّه أعلم بما يكون ، وانّما ذكرناها على حسب ما ثبت في الاُصول

.


1- .في (أ) : طاعات .
2- .في (أ) : وتظهر .
3- .في (أ) : اتباع .
4- .في (أ) : إليه .
5- .انظر الإرشاد : 2 / 370 . وقريب من هذا في إعلام الورى : 426 429 ، إلزام الناصب : 2 / 159 ، والغيبة للطوسي : 443 ح 435 ، والكتب المتعلّقة بالرجعة كالبحار 53 : ص 39 ومابعدها بالإضافة إلى المصادر السابقة .
6- .في (أ) : محتوم ... مشروطة .

ص: 1131

وتضمّنها الأثر المنقول (1) .

وعن عليّ بن يزيد (2) الأودي (3) عن أبيه عن جدّه [قال :]قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام : بين يدي القائم موت أحمر ، وموت أبيض ، وجراد في حينه وفي غير حينه كألوان الدم ، فأمّا الموت الأحمر فالسيف ، وأمّا الموت الأبيض فالطاعون (4) .

وعن جابر الجعفي (5) عن أبي جعفر عليه السلام قال :قال لي : الزَم الأرض ولاتُحرِّك يدا ولا رجْلاً حتّى ترى علامات أذكرها [لك] وما أراك تُدرك ذلك : اختلاف (6) بين بني العباس ، ومنادٍ (7) ينادي من السماء ، وخسف قرية من قرى الشام تسمّى (8) الجابية (9) ، ونزول التُرك الجزيرة،ونزول الروم الرملة،واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام ، ويكون [سبب ]خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها راية الأصهب (10)

.


1- .انظر الإرشاد : 2 / 370 .
2- .كذا ، والصحيح : محمّد كما في المصادر .
3- .في (أ) : الأزدي .
4- .انظر الغيبة للنعماني : 277 ح 61 وفيه عن عليّ بن محمّد بن الأعلم بن الأزدي ، الغيبة للطوسي : 438 ح 430 ، إعلام الورى : 427 ، كمال الدين : 655 ح 27 باختلاف يسير وفيه عن سليمان بن خالد عن أبي عبداللّه عليه السلام ، البحار : 52 / 211 ح 59 ، الإرشاد للمفيد : 337 ، و : 2 / 372 ط آخر .
5- .ليس جابر الجعفي هو المقصود إذ أنه مات قبل ذلك والإمام يعلم بأنّه يموت ولا يُدرك زمن وقوع علامات الظهور ، بل المقصود : هو أنّ جابر ينقل الحديث إلى الآخرين حتّى يصل إلى الأفراد الذين يدركون وقوع تلك العلامات .
6- .في (ب) : اخلافاً .
7- .في (أ) : مناديا .
8- .في (أ) : يقال لها .
9- .الجابية : هي في غربي دمشق في طريق صيداء .
10- .لم أعثر على اسم وترجمة الأصهب بل ذكره الشافعي في عقد الدرر : 115 نقلاً عن الكسائي في قصص الأنبياء بلفظ « ... فأوّل مايخرج ويغلب على البلاد الأصهب يخرج من بلاد الجزيرة ...» وقال في موضع آخر «ويخرج الأصهب بدمشق في خمسين ألفا مخالفين للحسني» .

ص: 1132

وراية الأبقع (1) وراية السفياني (2)(3) .

وأمّا السَنة الّتي يقوم فيها القائم واليوم الّذي يبعث فيه فقد جاءت فيه آثار ، وعن أبي بصير عن أبي عبداللّه عليه السلام :لايخرج القائم إلاّ في وترٍ من السنين سنة إحدى أو ثلاثٍ أو خمس أو سبع أو تسع (4) .

وعنه عن أبي عبداللّه قال :ينادي باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين ، ويقوم في يوم عاشوراء وهو اليوم الّذي قتل فيه الحسين ولكأنى به في يوم السبت العاشر من المحرم قائما بين الركن والمقام وشخص [جبرائيل عليه السلام ] قائم على يده [اليمنى ]ينادى البيعة البيعة [للّه ]فيصير إليه شيعته أنصاره من أطراف الأرض تُطوى لهم طَيّا حتّى يُبايعوه فيملأُ اللّه به الأرض عدلاً كما ملئت ظلما وجورا (5) ثمّ يسير من مكة حتّى يأتي الكوفة فينزل على نجفها ثمّ يفرق الجنود منها في (6) الامصار (7) .

وعن عبدالكريم الخثعمي قال :قلت لأبي عبداللّه : كم يملك القائم؟ قال : سبع سنين تطول له الأيام والليالي حتّى تكون السنة من سنيّه مقدار (8) عشر سنين من

.


1- .لم أعثر على ترجمته .
2- .تقدّمت ترجمته .
3- .انظر إعلام الورى : 427 ، الغيبة للنعماني : 679 ح 67 ، الغيبة للطوسي : 441 ح 434 ، الإختصاص للمفيد : 255 ، الإرشاد : 2 / 372 و373 ، بحار الأنوار : 52 / 212 ح 62 ، تفسير العيّاشي : 1 / 64 ح 117 .
4- .انظر منتخب الأثر للشيخ لطف اللّه الصافي : 465 ، كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار للمحدّث النوري : 181 ، كشف الغمّة للإربلي : 3 / 534 ب 4 ، الإرشاد : 2 / 379 ، إعلام الورى : 429 ، بحار الأنوار : 52 / 291 ح 36 .
5- .انظر إعلام الورى : 430 وفيه «ليلة ست وعشرين من شهر رمضان» والغيبة للطوسي : 452 ح 458 ، والإرشاد : 2 / 379 .
6- .في (أ) : إلى .
7- .انظر المصادر السابقة ، والبحار : 52 / 336 ح 75 .
8- .في (ج) : بمقدار .

ص: 1133

سنيّكم فيكون سنو ملكه (1) بمقدار سبعين سنة من سنيّكم هذه (2) .

وعن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال :إذا قام القائم سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد ، فلم يبق مسجد على وجه الأرض له شرف إلاّ هدمها وجعلها جمعاء، ووسع الطريق الأعظم لمساجدها ، وكسر كلّ جناح خارج في الطريق ، وأبطل الكنف والميازيب الخارجة إلى الطرقات ، ولا يترك (3) بدعة إلاّ أزالها ، ولا سُنّةً إلاّ أقامها ، ويفتح القسطنطينية والصين وجبال الديلم فيمكث على ذلك سبع سنين ، مقدار كلّ سنة عشر سنين من سنيّكم هذه ، ثمّ يفعل اللّه ما يشاء (4) .

وعن أبي جعفر أيضا قال :المهدي (5) منّا منصور بالرعب مؤيّد بالظفر ، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر اللّه دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون،فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ عمّره ، ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلاّ أخرجته ، ويتنعّم الناس في زمانه نعمةً لم يتنعّموا مثلها قطّ (6) .

قال الراوى : فقلت له : يا بن رسول اللّه فمتى (7) يخرج قائمكم؟ قال : إذا تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، وركبت ذوات الفروج السروج ، وأمات الناس الصلوات (8) ، واتّبعوا الشهوات ، وأكلوا الربا ، واستخفّوا بالدماء ، وتعاملوا بالربا ،

.


1- .في (أ) : فتكون سنيّه .
2- .انظر إعلام الورى : 432 وذكر قطعة منه هنا ، وكذلك قطعة في الغيبة للطوسي : 474 ح 497 ، والبحار : 52 / 337 ح 77 .
3- .في (أ) : يدرك .
4- .انظر إعلام الورى : 432 ، الغيبة للطوسي : 475 ح 498 ، بحار الأنوار : 52 / 339 ح 84 بالإضافة إلى المصادر السابقة .
5- .في (ب) : والقائم .
6- .تقدّمت إستخراجاته . وهناك روايات وأخبار تضافرت بانتشار الخير والبركات في أيام حكمه . انظر مستدرك الحاكم : 4 / 558 و557 ، منتخب الأثر : 474 .
7- .في (أ) : متى .
8- .في (أ) : الصلاة .

ص: 1134

وتظاهروا بالزنا ، وشيّدوا البناء ، واستحلّوا الكذب ، وأخذوا الرشا ، واتّبعوا الهوى ، وباعوا الدين بالدنيا ، وقطعوا الأرحام ، ومنّوا (1) بالطعام ، وكان الحلم ضعا (2) ، والظلم فخرا ، والاُمراء فجرة ، والوزراء كذَبة ، والاُمناء خوَنة ، والأعوان ظلَمة ، والقرّاء فسقة ، وظهر الجور ، وكثر الطلاق ، وبدأ الفجور ، وقبلت شهادة الزور ، وشُربت الخمور ، وركبت الذكور الذكور ، وأشتغلت (3) النساء بالنساء ، واتخذوا الفيء مغنما ، والصدقة مغرما ، واتقي الأشرار مخافة ألسنتهم . وخرج السفيانيّ من الشام ، واليمانيّ من اليمن ، وخسف خسف بالبيداء 4 بين مكة والمدينة ، و قتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام ، وصاح صايح من

.


1- .في (ج) : ضنّوا .
2- .في (أ) : ضعفا .
3- .في (ب) : واشتغلتا ، وفي (ج) : استغنت .

ص: 1135

السماء بأنّ الحقّ معه ومع أتباعه فعند ذلك خروج قائمنا (1) ، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاث مائة وثلاثة عشر 2 رجلاً من أتباعه ، فأوّل ما ينطق هذه الآية : «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» (2) ثمّ يقول : أنا بقية اللّه وخليفته وحجّته عليكم ، فلا يسلّم مسلّم عليه إلاّ قال : السلام عليك يا بقية اللّه في الأرض (3) . فإذا أجتمع عنده العقد عشرة آلاف رجل فلا يبقى يهودي ولا نصراني ولا أحد ممّن يعبد غير اللّه إلاّ آمن به وصدّقه وتكون الملّة واحدة ملّة الإسلام ، وكلّما كان في الأرض من معبود سوى اللّه فينزل عليه نارا فيحرقه (4) . قال بعض أهل الأثر : المهدي هو القائم المنتظر ، وقد تعاضدت الأخبار على

.


1- .انظر تفسير الميزان : 5 / 394 _ 400 ، و : 4 / 272 ، والغيبة للنعماني : 133 و137 بخصوص الصيحة ، والغيبة للطوسي : 267 ، وتاريخ الغيبة الصغرى : 633 ، وكمال الدين : 267 ، ومنتخب الأثر : 454 و428 و432 ، وينابيع المودّة : 426 ، وتفسير التبيان : 8 / 5 ، وصحيح البخاري : 1 / 30 و31 ، وسنن ابن ماجة : 1333 ، و : 2 / 1340 ط آخر ، ونور الأبصار : 349 ،الخرائج والجرائح : 191 ، من لا يحضره الفقيه : 3 / 247 .
2- .هود : 86 .
3- .كمال الدين : 2 / 653 باب 57 ح 18 ، بحار الأنوار : 52 / 331 ، وسائل الشيعة : 10 / 470 باب 106 ح 2 .
4- .انظر المصادر السابقة ، وكذلك راجع منتهى الآمال للشيخ عباس القمّي : 821 _ 836 .

ص: 1136

ظهوره ، وتظاهرت الروايات على إشراق نوره ، وستسفر ظلمة الأيام والليالي بسفوره ، وتتجلّى برؤيته الظُلَم انجلاء الصباح من ديجوره ، ويخرج من سرار الغيبة فيملأ القلب بسروره ، ويسري عدله في الآفاق أضوأ من البدر المنير في مسيره . انتهى . وبتمام الكلام في هذا الفصل تمّ جميع الكتاب واللّه الموفّق للصواب ، وصلاته وسلامه على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين وآله وصحبه أجمعين (1) .

.


1- .وفي نسخة اُخرى : والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله وعترته الأنجاب ما طلعت شمس وغربت وكلّما هطل السحاب ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير .

ص: 1137

. .

ص: 1138

. .

ص: 1139

. .

ص: 1140

. .

ص: 1141

. .

ص: 1142

. .

ص: 1143

. .

ص: 1144

. .

ص: 1145

. .

ص: 1146

. .

ص: 1147

. .

ص: 1148

. .

ص: 1149

. .

ص: 1150

. .

ص: 1151

. .

ص: 1152

. .

ص: 1153

. .

ص: 1154

. .

ص: 1155

. .

ص: 1156

. .

ص: 1157

. .

ص: 1158

. .

ص: 1159

. .

ص: 1160

. .

ص: 1161

. .

ص: 1162

. .

ص: 1163

. .

ص: 1164

. .

ص: 1165

. .

ص: 1166

. .

ص: 1167

. .

ص: 1168

. .

ص: 1169

. .

ص: 1170

. .

ص: 1171

. .

ص: 1172

. .

ص: 1173

. .

ص: 1174

. .

ص: 1175

. .

ص: 1176

. .

ص: 1177

. .

ص: 1178

. .

ص: 1179

. .

ص: 1180

. .

ص: 1181

. .

ص: 1182

. .

ص: 1183

. .

ص: 1184

. .

ص: 1185

. .

ص: 1186

. .

ص: 1187

. .

ص: 1188

. .

ص: 1189

. .

ص: 1190

. .

ص: 1191

. .

ص: 1192

. .

ص: 1193

. .

ص: 1194

. .

ص: 1195

. .

ص: 1196

. .

ص: 1197

. .

ص: 1198

. .

ص: 1199

. .

ص: 1200

. .

ص: 1201

. .

ص: 1202

. .

ص: 1203

. .

ص: 1204

. .

ص: 1205

. .

ص: 1206

. .

ص: 1207

. .

ص: 1208

. .

ص: 1209

. .

ص: 1210

. .

ص: 1211

. .

ص: 1212

. .

ص: 1213

. .

ص: 1214

. .

ص: 1215

. .

ص: 1216

. .

ص: 1217

. .

ص: 1218

. .

ص: 1219

. .

ص: 1220

. .

ص: 1221

. .

ص: 1222

. .

ص: 1223

. .

ص: 1224

. .

ص: 1225

. .

ص: 1226

. .

ص: 1227

. .

ص: 1228

. .

ص: 1229

. .

ص: 1230

. .

ص: 1231

. .

ص: 1232

. .

ص: 1233

. .

ص: 1234

. .

ص: 1235

. .

ص: 1236

. .

ص: 1237

. .

ص: 1238

. .

ص: 1239

. .

ص: 1240

. .

ص: 1241

. .

ص: 1242

. .

ص: 1243

. .

ص: 1244

. .

ص: 1245

. .

ص: 1246

. .

ص: 1247

. .

ص: 1248

. .

ص: 1249

. .

ص: 1250

. .

ص: 1251

. .

ص: 1252

. .

ص: 1253

. .

ص: 1254

. .

ص: 1255

. .

ص: 1256

. .

ص: 1257

. .

ص: 1258

. .

ص: 1259

. .

ص: 1260

. .

ص: 1261

. .

ص: 1262

. .

ص: 1263

. .

ص: 1264

. .

ص: 1265

. .

ص: 1266

. .

ص: 1267

. .

ص: 1268

. .

ص: 1269

. .

ص: 1270

. .

ص: 1271

. .

ص: 1272

. .

ص: 1273

. .

ص: 1274

. .

ص: 1275

. .

ص: 1276

. .

ص: 1277

. .

ص: 1278

. .

ص: 1279

. .

ص: 1280

. .

ص: 1281

. .

ص: 1282

. .

ص: 1283

. .

ص: 1284

. .

ص: 1285

. .

ص: 1286

. .

ص: 1287

. .

ص: 1288

. .

ص: 1289

. .

ص: 1290

. .

ص: 1291

. .

ص: 1292

. .

ص: 1293

. .

ص: 1294

. .

ص: 1295

. .

ص: 1296

. .

ص: 1297

. .

ص: 1298

. .

ص: 1299

. .

ص: 1300

. .

ص: 1301

. .

ص: 1302

. .

ص: 1303

. .

ص: 1304

. .

ص: 1305

. .

ص: 1306

. .

ص: 1307

. .

ص: 1308

. .

ص: 1309

. .

ص: 1310

. .

ص: 1311

. .

ص: 1312

. .

ص: 1313

. .

ص: 1314

. .

ص: 1315

. .

ص: 1316

. .

ص: 1317

. .

ص: 1318

. .

ص: 1319

. .

ص: 1320

. .

ص: 1321

. .

ص: 1322

. .

ص: 1323

. .

ص: 1324

. .

ص: 1325

. .

ص: 1326

. .

ص: 1327

. .

ص: 1328

. .

ص: 1329

. .

ص: 1330

. .

ص: 1331

. .

ص: 1332

. .

ص: 1333

. .

ص: 1334

. .

ص: 1335

. .

ص: 1336

. .

ص: 1337

. .

ص: 1338

. .

ص: 1339

. .

ص: 1340

. .

ص: 1341

. .

ص: 1342

. .

ص: 1343

. .

ص: 1344

. .

ص: 1345

. .

ص: 1346

. .

ص: 1347

. .

ص: 1348

. .

ص: 1349

. .

ص: 1350

. .

ص: 1351

. .

ص: 1352

. .

ص: 1353

. .

ص: 1354

. .

ص: 1355

. .

ص: 1356

. .

ص: 1357

. .

ص: 1358

. .

ص: 1359

. .

ص: 1360

. .

ص: 1361

. .

ص: 1362

. .

ص: 1363

. .

ص: 1364

. .

ص: 1365

. .

ص: 1366

. .

ص: 1367

. .

ص: 1368

. .

ص: 1369

فهرس المنابع والمآخذ

فهرس المنابع والمآخذ. القرآن الكريم . 1 . آلاء الرحمن في تفسير القرآن ، محمّد جواد البلاغي ، قم ، الطبعة الثانية . 2 . الإبانة عن أُصول الديانة ، ابن بطّة الفلكي ، دمشق ، الطبعة الأُولى . 3 . الإبانة عن أُصول الديانة ، عليّ بن إسماعيل الأشعري ، القاهرة ، 1359 ق ؛ و دمشق : مكتبة دار البيان ، 1401 ق . 4 . إتحاد الورى بأخبار أُمِّ القُرى ، نجم الدين عمر بن فهد المكّي ، الرياض . 5 . الإتحاف بحب الأشراف ، عبد اللّه بن عامر الشبراوي الشافعي (ت 1172 ق) ، تحقيق : محمّد جابر ، المطبعة الهندية العربية ، 1259 ق ؛ ومصر ، 1313 ق ؛ وإيران ، 1404 ق . 6 . إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ، القاضي نور اللّه التستري (ت 1019 ق ) ، وفي هامشه تعليقات السيد شهاب الدين المرعشي ، قم ، 1401 ق ؛ و 1411 ق . 7 . إحياء علوم الدين ، محمّد بن محمّد الغزالي (ت 505 ق) ، تحقيق : كامل الدمياطي ، مصر : مطبعة مصطفى البابي ، 1221 ق . 8 . اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي) ، محمّد بن الحسن الطوسي ، قم : مؤسّسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ؛ وبيروت ، 1409 ق . 9 . الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد ، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي [المفيد] (ت 413 ق) ، قم : مؤسّسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ؛ وبيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1415 ق .

.

ص: 1370

10 . أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، عزّ الدين عليّ بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الشيباني [ ابن الأثير الجزري ] (ت 630 ق) ، تحقيق : محمّد إبراهيم ، القاهرة ، 1390 ق ؛ وطبع بالاُفست في المكتبة الإسلامية للحاج رياض؛ و طبع مصر : المطبعة الوهبية. 11 . إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وأهل البيت الطاهرين (بهامش نور الأبصار) ، محمّد بن عليّ الصبان ، طبع العثمانية . 12 . إشتقاق الشهور والأيّام ، حسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني (ت 317 أو 370) ، مخطوط . 13 . الإصابة في معرفة تمييز الصحابة ، أحمد شهاب الدين بن عليّ الشافعي [ابن حجر العسقلاني ](ت 852 ق) ، تحقيق : ولي عارف ، مصر : مطبعة السعادة ، 1323 ق ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1403 ق ؛ ومصر (اُفسيت على كلكتا) ؛ وإحياء التراث العربي ، 1408 ق . 14 . أُصول الكافي ، محمّد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 329 ق) ، المكتبة الإسلامية ، 1388؛ و 1389 ق ؛ مؤسّسة الوفاء ؛ 1406 ق ؛ طهران : دار الكتب الإسلاميّة ، 1389 ق . 15 . الإعتقاد على مذهب السلف ، أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي (ت 458 ق ) ، حيدر آباد . 16 . الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ، أحمد بن أبي فرح القرطبي (ت 671 ق) ، تحقيق : صلاح الدين السلفي ، بيروت ، 1156 ق . 17 . إعلام الورى بأعلام الهدى ، الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ق) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، بيروت : دار المعرفة ، 1399 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وطبعة النجف الأشرف : الحيدرية ، 1365 ق . 18 . الإقتصاد في الإعتقاد ، محمّد بن محمّد بن أحمد الغزالي الطوسي (ت 505 ق ) ، مصر : مطبعة السعادة ، 1327 ق ، الطبعة الثانية . 19 . الآثار الباقية ، محمّد بن أحمد ( أبو الريحان البيروني ) ، بغداد : مكتبة المثنى ، 1395ق طبعة أُفسيت .

.

ص: 1371

20 . الأُم ، محمّد بن إدريس الشافعي ، بيروت : دار الفكر ، الطبعة الثانية . 21 . الإمام زين العابدين ، عبد الرزاق الموسوي المقرّم ، النجف الأشرف . 22 . إمامة عليّ ، حسين بن أحمد بن خالوية بن حمدان الهمداني (ت 317 أو 370 ق) ، دار الهلال . 23 . الإمامة والسياسة ، عبد اللّه بن مسلم [ابن قتيبة الدينوري ](ت 276 ق) ، مصر : مكتبة ومطبعة مصطفى بابي الحلبي ، 1388 ق . 24 . الإمتاع والمؤانسة ، عليّ بن محمّد التوحيدي ، مصر : دار إحياء الكتب العربية . 25 . إنباه الرواة على إنباه النحاة ، عليّ بن يوسف القفطي (ت 646 ق) ، القاهرة : مطبعة دار الكتب العربية ، 1371 ق . 26 . الأحاجي في النحو ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 27 . أحكام القرآن ، أحمد بن عليّ الرازي الجصاص ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1405ق؛ وطبع عبدالرحمان محمّد . 28 . أحكام القرآن ، محيي الدين محمّد بن عليّ بن محمّد بن عربي الطائي الحاتمي المرسي الدمشقي (ت 638 ق) ، تحقيق : حسن حسني الأزهري ، طبع الحلبي ؛ وبيروت : مطبعة السعادة ، 1406 ق . 29 . أخبار الدوب وآثار الأوّل ، أحمد جلبي بن يوسف بن أحمد [ أحمد بن سنان القرماني الدمشقي ] (ت 1019 ق) ، [لخصه من تاريخ الجنابي الرومي] ، بيروت . 30 . الأربعون ، أحمد بن محمّد بن أبي الفتح الفوارس ، مخطوط . 31 . أرجح المطالب ، عبد اللّه الرازي الأمرتْسَري ، لاهور ، 1416 ق . 32 . أزهار الرياض ، سليمان بن عبد اللّه البحراني ، القاهرة . 33 . أسباب النزول ، علي بن أحمد الواحدي النيسابوري (ت 468 ق) ، تحقيق : كمال بسيوني زغلول ، مصر : طبعة الحلبي ، 1402 ق ؛ وبيروت : دار الكتب العلمية . 34 . الأسماء والكنى ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، أُخذ بالواسطة .

.

ص: 1372

35 . أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب ، محمّد بن دويش الحوت البَيْرُوتِي ، بيروت : دار الكتاب العربي 1391 ق ؛ ومصر : مطبعة مصطفى ، 1355 ق ؛ ومصر ، 1416ق ؛ وبيروت : دار الفكر الإسلامي ، 1408 ق . 36 . أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب ، محمّد بن عليّ بن يوسف الجزري الشافعي (ت 833 ق) ، مكّة المكرمة ، 1324 ق ؛ و بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1328 ق . 37 . أسنى المطالب في نجاة أبي طالب ، أحمد زيني دحلان (ت 1304 ق) ، مصر ، 1305ق ؛ وبيروت : دار الكتاب العربي ، 1405 ق . 38 . أصل الشيعة وأصولها ، محمّد حسين آل كاشف الغطاء ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، 1385ق .

39 . أطواق الذهب ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، مخطوط . 40 . الأعلام ، خير الدين الزركلي (ت 1396 ق) ، بيروت : دار الملايين ، 1399 ق ، الطبعة الرابعة ؛ و 1400 ق ، الطبعة الخامسة . 41 . أعيان الشيعة ، محسن بن عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي الشقرائي (ت 1371 ق) ، إعداد : حسن الأمين ، قم : مكتب الإعلام الإسلامي ، 1403 ق ، الطبعة الخامسة . 42 . الأغاني ، أبو الفرج الإصفهاني (ت 356 ق) ، تحقيق : خليل محيي الدين ، دار الكتب المصرية ، 1358 ق ، الطبعة الأُولى . 43 . ألفية ابن مالك ، محمّد جمال الدين بن مالك (600 _ 672 ق) ، طُبِع مرات عديدة . 44 . ألقاب الرسول وفاطمة والأئمة عليهم السلاموعترتة ، سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي . 45 . الأمالي ، الحسن بن إسماعيل المحاملي ، مخطوطة مصورة من المكتبة الظاهرية الأهلية في دمشق . 46 . الأمالي ، محمّد بن النعمان العكبري البغدادي [المفيد] (ت 413 ق) ، بغداد : مطبعة العاني ، 1358 ق ؛ وقم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1404ق .

.

ص: 1373

47 . الأمالي الخميسية (أمالي الشجري) ، يحيى بن الحسين الشجري (499 ق ) ، صنعاء ، 1264 ق ؛ وبيروت : عالم الكتب ، 1403 ق . 48 . أمالي الشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن الطوسي ، قم : مكتبة الداوري ؛ وطهران : المطبعة الإسلاميّة ، 1404 ق ؛ وقم : مؤسّسة البعثة ، 1414 ق . 49 . أمالي الصدوق ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق ](ت 381 ق ) ، بيروت : دار الفكر العربي ، 1254ق ؛ ومؤسّسة الأعلمي ، الطبعة الخامسة ، 1400ق . 50 . أمالي المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي] الشريف المرتضى] ، قم ، الطبعة الأُولى . 51 . الأمالي والنوادر ، إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي . 52 . أمل الآمل ، محمّد بن الحسن الحر العاملي ، النجف الأشرف ، 1350 ق . 53 . الأنساب ، عبد الكريم بن محمّد بن منصور السمعاني التميمي ، طبع : (المستشرق) مرجليوت ليدن ، 1912م ؛ وطبع : قاسم محمّد رجب ، 1970م ؛ وبيروت : دار الجنان ، 1408 ق . 54 . أنساب الأشراف ، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279 ق) ، تحقيق : كمال الحارثي ، مصر : مكتبة الخانجي ، 1125 ق ؛ وبغداد : مكتبة المثنى ، 1396 ق ؛ وتحقيق : المحمودي ، بيروت : مؤسّسة الأعلمي . 55 . أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي) ، عبد اللّه بن عمر الشيرازي البيضاوي ، دار النفائس ، 1402 ق ؛ ومصر : طبعة مصطفى محمّد . 56 . بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت 1110ق) ، تحقيق ونشر : دار إحياء التراث ، بيروت ، الطبعة الأُولى ، 1412ق ؛ ومؤسّسة الوفاء ، 1400 ق ؛ والطبعة الرابعة ، 1405 ق . 57 . بحث حول الولاية ، محمّد باقر الصدر ، المجموعة الكاملة . 58 . البحر المحيط (تفسير البحر المحيط) ، محمّد بن يوسف [أبو حيّان الأندلسي] (ت 745 ق) ، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود ، بيروت ، 1413 ق .

.

ص: 1374

59 . البخلاء ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) ، القاهرة : المكتبة العربية ، 1358 ق . 60 . البداية والنهاية ، إسماعيل بن كثير الدمشقي ، تحقيق : عليّ شيري ، دار الكتب العلمية ، 1409 ق ، الطبعة الخامسة ؛ ومصر : مطبعة السعادة ، 1351 ق . 61 . البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع ، ومن ترجمة تلميذه العلاّمة حسين بن محسن السبعي الأنصاري اليماني ، الشَّوْكَاني ، بيروت : دار المعرفة . 62 . بديع المعاني ، القاضي النجم محمّد الشافعي الأذرعي (ت 876 ق) ، القاهرة . 63 . براءة أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم من الفِرق المغالية ، سامي الغريري ، دار الكتاب الإسلامي ، 1422 ق . 64 . بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، محمّد بن القاسم الطبري ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، 1383 ق ، الطبعة الثانية ؛ ومصر : مطبعة الخانجي ، 1400 ق . 65 . البصائر والذخائر ، عليّ بن محمّد التوحيدي (ت 380 أو 400 ق) ، لجنة التأليف والنشر ، 1373ق . 66 . بغية الوعاة ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، القاهرة : مطبعة عيسى البابي الحلبي ، 1964م ؛ وطبع سنة 1326ق . 67 . البلدان ، أحمد بن محمّد الهمداني [ابن الفقيه] ، النجف الأشرف ؛ وليدن . 68 . بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية ، عليّ بن موسى الحلّي [ابن طاووس] ، تحقيق : عليّ الغريفي ، قم : مؤسّسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث . 69 . البيان في أخبار صاحب الزمان (ضمن كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب) ، محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت 658 ق) ، تحقيق وتصحيح وتعليق : محمّد هادي الأميني ، 1404 ق ، مطبعة الفارابي ، الطبعة الثالثة . 70 . البيان والتبيين ، عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255 ق) ، شرح : حسن السندوبي ، دار الجاحظ ، 1409 ق ؛ والقاهرة : مطبعة الإستقامة ، 1366 ق ؛ وسوريا : دار الوعي ، 1402ق .

.

ص: 1375

71 . البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث ، إبراهيم بن محمّد بن كمال الدين الحسيني الحراني الدمشقي الحنفي [ابن حمزة] (ت 1120 ق) ، بيروت . 72 . تاج العروس من جواهر القاموس ، محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي ، دار الهداية ؛ وبيروت ، 1306 ق . 73 . تاريخ ابن معين ، يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي الحافظ (ت 233 ق) ، تحقيق : محسن القحطاني ، المدينة المنورة . 74 . تاريخ ابن الوردي ، عمر بن مظفّر [ابن الوردي] ، دار المعرفة ؛ وبيروت : دار الكتب العلمية ، 1402 ق . 75 . تاريخ الإسلام ، حسن إبراهيم حسن ، بيروت : دار الكتاب ، 1401 ق . 76 . تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق) ، تحقيق : عمر عبد السلام تدمري ، القاهرة : دار الرائد العربي ، 1405 ق ، وبيروت : دار الكتاب العربي ، 1411 ق ، و حيدر آباد _ الدكن ، 1354 ق .

77 . تاريخ الإلحاد في الإسلام ، عبد الرحمان بدوي ، بيروت ، 1405 ق . 78 . تاريخ الإمامية ، ابن أبي طي الحلبي ،بيروت : دار صادر . 79 . تاريخ أخبار إصبهان ، أحمد بن عبد اللّه الإصفهاني (ت 430 ق) ، تحقيق : كسروي حسن ، بيروت : دار الكتب العلمية . 80 . تاريخ الأدب العربي ، كارل بروكلمان ، ترجمة (الأجزاء الثلاثة الأول) : عبد الحليم النجار ، القاهرة : دار المعارف ، الطبعة الرابعة ، وترجمة (الأجزاء الثلاثة الأُخر) : يعقوب بكر ، رمضان تواب . 81 . تاريخ بغداد (مدينة السلام) ، أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب البغدادي (ت 463 ق) ، حيدر آباد _ الدكن ، 1378 ق ؛ والمدينة المنوّرة : المكتبة السلفيّة ؛ و مصر : دار السعادة . 82 . تاريخ بيهق ، ظهير الدين البيهقي ، الطبعة الثانية . 83 . تاريخ التراث العربي ، فؤاد سزكين ، تعريب : جماعة من المترجمين .

.

ص: 1376

84 . تاريخ حبيب السير ، خواند أمير غياث الدين محمّد بن همام (ت 942 ق ) ، مؤرخ فارسي صفوي ، مكتبة الچلبي . 85 . تاريخ الخلفاء ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي ، بيروت : دار الجبل ، 1408ق ؛ ومصر : دار السعادة ، 1416 ق . 86 . تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس ، حسين بن محمّد بن الحسن الدياربكري المالكي (ت 966 ق) ، تحقيق : عليّ زغلول ، بيروت : دار الفكر ، 1406 ق ؛ والقاهرة : بولاق ، 1358 ق ؛ ومؤسّسة شعبان للنشر ؛ ومصر : المطبعة الوهبية ، 1283 ق . 87 . تاريخ الشيعة ، ابن أبي طي الحلبي ، بيروت . 88 . تاريخ الطبري ، محمّد بن جرير الطبري ، بيروت : دار المعارف . 89 . تاريخ عمر بن الخطّاب ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، القاهرة ، 1402 ق . 90 . تاريخ الغيبة الصغرى ، محمّد صادق الصدر ، بيروت ، 1400 ق . 91 . تاريخ الغيبة الكبرى ، محمّد صادق الصدر ، قم : ذو الفقار ؛ وبيروت : دار التعارف . 92 . التاريخ الكبير ، إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ت 256 ق) ، حيدر آباد _ الدكن ، 1361 ق ؛ وبيروت : دار الكتب العلمية . 93 . تاريخ مدينة جرجان ، حمزة بن يوسف السهمي القرشي (ت 427 ق) ، حيدر آباد _ الدكن : مطبعة مجلس دائرة المعارف ، 1387 ق ؛ وبيروت : عالم الكتب ، 1407 ق ، الطبعة الرابعة . 94 . تاريخ مدينة دمشق ، عليّ بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي ](ت 571 ق) ، تحقيق : سكينة الشهابي ، دمشق ، 1402 ق ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1415 ق ، الطبعة الأُولى . 95 . تاريخ مصر ، عبد الرحمان بن أحمد بن يونس ، مطبعة الفجالة الجديدة ، 1400 ق . 96 . تاريخ نيشابور ، أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن الحاكم النيشابوري (ت 405 ق ) ، بيروت : دار الكتب العربية . 97 . تاريخ اليعقوبي ، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح [اليعقوبي] ، بيروت : دار صادر ، 1405 ق .

.

ص: 1377

98 . تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ، حسن الصدر ، دار التراث العربي . 99 . تبيين كذب المفتري ، عليّ بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي ](ت 571 ق) ، القاهرة . 100 . تثبيت دلائل النبوة ، القاضي عبد الجبار ، بيروت : دار الملايين للعلم ، 1402 ق . 101 . تحرير النقول في مناقب أُمِّنا حوّاء وفاطمة البتول ، علي بن أحمد بن عبد اللّه المكّي المالكي (ابن الصبّاغ) ، مخطوط . 102 . تحف الراغب ، شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلافة القليوبي المصري الشافعي (ت 1096 ق) ، مخطوط . 103 . تحف العقول ، الحسن بن عليّ الحراني [ابن شعبة] ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، 1404 ق ، الطبعة الثانية ؛ ودار إحياء التراث العربي ، 1406 ق . 104 . تذكره علماي إمامية باكستان ، حسين عارف نقوي ، لاهور . 105 . التذكرة ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي البغدادي [ابن الجوزي الحنفي] ، حيدر آباد _ الدكن . 106 . تذكرة الحفاظ ، شمس الدين الذهبي (ت 748 ق) ، تحقيق : أحمد السقا ، القاهرة ، 1400 ق ؛ وحيدر آباد _ الدكن ، 1387 ق ؛ ومكّة المكرمة : دار إحياء التراث العربي مكتبة الحرم المكي . 107 . تذكرة الخواص (تذكرة خواص الأُمّة) ، يوسف بن فرغلي بن عبد اللّه [سبط ابن الجوزي الحنبلي الحنفي] (ت 654 ق) ، بيروت ، 1401 ق ، الطبعة الثانية ؛ والنجف الأشرف ؛ ومصر . 108 . ترجمة الإمام الحسين بن علي عليه السلام من تاريخ دمشق ، عليّ بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي] (ت 571 ق) ، بيروت : مؤسسة المحمودي . 109 . ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق ، علي بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي ](ت 571 ق) ، دمشق .

.

ص: 1378

110 . التسلّي ، محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني . 111 . التصحيف في اللغة ، عبدالرحمان النسائي (ت 303 ق ) ، أُخذ بالواسطة . 112 . التفسير ، أحمد بن عليّ بن عبد اللّه بن خلف الأنصاري الأندلسي ، مخطوط . 113 . تفسير الإعتلال ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت748 ق)، مخطوط. 114 . تفسير أبي السعود (بهامش تفسير الرازي) ، محمّد بن العمادي ، دار إحياء التراث العربي . 115 . تفسير البرهان ، هاشم بن سليمان البحراني ، دار الكتب الإسلاميّة ، 1409 ق ؛ وقم : مؤسسة مطبوعات إسماعيليان ، الطبعة الثانية . 116 . تفسير الجلالين ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي ، القاهرة ، 1364ق . 117 . تفسير الحبري ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري الكوفي (ت 268 ق ) ، الرياض : رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة .

118 . تفسير الخازن ، علاء الدين الخازن الخطيب البغدادي (ت 725 ق) ، بيروت : دار الفكر ، 1409 ق ؛ ومصر : دار الكتب العربية الكبرى ، 1415 ق . 119 . تفسير شاهي ، محمّد محبوب العلم ابن صفي الدين جعفر بدر العالم ، حيدر آباد _ الدكن ، طبعة حجرية . 120 . تفسير شبر ، عبد اللّه شُبَّر بن محمّد رضا الحسيني الكاظمي ، النجف الأشرف ؛ و دار الكتب العربية ؛ ودار إحياء التراث ، الطبعة الثالثة . 121 . تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان (في هامش تفسير جامع البيان) ، نظام الدين النيسابوري (ت 303 ق) ، المملكة العربية السعودية : المكتبة السلفية ، 1409 ق . 122 . تفسير فرات الكوفي ، فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي (القرن الرابع الهجري) ، إعداد : محمّد كاظم المحمودي ، طهران : وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى . 123 . تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) ، إسماعيل بن عمر بن كثير البصري الدمشقي ، بيروت : دار المعرفة ، 1407 ق ؛ ودار إحياء التراث العربي ؛ دار صادر .

.

ص: 1379

124 . التفسير الكبير ومفاتيح الغيب (تفسير الفخر الرازي) ، محمّد بن عمر [فخر الرازي] (ت 604 ق) ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1408 ق ؛ والبهية : دار الطباعة العامرة . 125 . تفسير معالم التنزيل في التفسير والتأويل ، الحسين بن مسعود بن محمّد الفراء الشافعي البغوي الجاوي (ت 510 أو 516 ق ) ، دار الفكر ، 1405 ق . 126 . تفسير مقاتل ، مقاتل بن سليمان البلخي الأزدي الخراساني ، القاهرة . 127 . تفسير المنار ، محمد رشيد رضا ، القاهرة ، 1400 ق ؛ وبيروت ، 1405 ق . 128 . تفسير النيسابوري (المطبوع بهامش تفسير الطبري) ، حسن القمّي ، مصر . 129 . تقريب المعارف ، الجليي ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1403 ق . 130 . تقريب المعارف في العقائد والأحكام ، تقي الدين بن نجم الدين (أبو الصلاح الحلبي) (374 _ 447 ق) ، مطبوع ومنشور ، وتوجد نسخة خطية منه في القاهرة . 131 . تقويم غلط اللسان ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي البغدادي [ابن الجوزي الحنفي] . 132 . تلخيص الشافي ، محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي ، بيروت : دار العلم للملايين ، 1402 ق ؛ ودار الكتاب العربي ، 1405 ق . 133 . تلخيص مجمع الآداب ، كمال الدين عبد الرزاق (ابن الفوطي) (646 _ 700 ق) ، بولاق . 134 . تلخيص المستدرك (ذيل المستدرك) ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق) ، بيروت : دار صادر . 135 . التمهيد والبيان في فضائل الخليفة عثمان ، أبو بكر الأشعري ، مخطوط . 136 . تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ، ابن عرَّاق الكناني (ت 963ق) ، تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف _ عبد اللّه محمّد الصِّديق ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1399 ق ، الطبعة الأُولى ؛ و 1401 ق ، الطبعة الثانية . 137 . تنقيح المقال في علم الرجال ، عبد اللّه بن محمّد حسن المامقاني ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1402 ق ؛ والنجف الأشرف : المطبعة المرتضوية .

.

ص: 1380

138 . توضيح الدلائل ، شهاب الدين ابن شمس الدين عمر الزاولي الدولت آبادي الهندي الدهلوي . 139 . تهذيب الإصلاح ، هدية بن خرشم . أُخذ بالواسطة . 140 . تهذيب الآثار ، محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ق) ، مصر : مطبعة الفجالة . 141 . تهذيب الأحكام في شرح المقنعة (التهذيب) ، محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ق) ، بيروت : دار التعارف ، 1401 ق ، الطبعة الأُولى . 142 . تهذيب الأسماء واللغات ، يحيى بن شرف النووي (ت 676 ق) ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1412 ق ؛ ومصر : المطبعة المنيرية ، 1348 ق . 143 . تهذيب التهذيب ، أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ق) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1415 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والهند : مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية ، 1315 ق ؛ وبيروت : دار صادر ، مصور من طبعة دائرة المعارف العثمانية ، الهند _ حيدر آباد ، 1325 ق . 144 . تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، جمال الدين يونس بن عبد الرحمان المزي (ت 742 ق)، تحقيق : بشّار عواد ، بيروت : مؤسّسة الرسالة ، 1409ق ؛ ودار الملايين للعلم . 145 . تيسير الوصول إلى جامع الأُصول ، عبد الرحمان بن عليّ [ابن الديبع] ، نواكشوط ؛ ومصر : المطبعة التجارية الكبرى ، 1356 ق . 146 . الثقات ، محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي البستي (354 ق) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد _ الدكن ، 1369 ق ، الطبعة الأُولى . 147 . جامع الأُصول في أحاديث الرسول ، المبارك بن محمّد بن محمّد الشيباني الشافعي (ابن الأثير) (ت 606 ق ) ، مصر : مطبعة الفجالة ، 1406 ق . 148 . جامع البيان في تفسير القرآن (تفسير الطبري) ، محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ق) ، مصر : بولاق ، 1356 ق ؛ وبغداد : مكتبة المثنى ، 1395 ق . 149 . جامع الجوامع ، أمين الدين عليّ الطبرسي ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1371 ق .

.

ص: 1381

150 . جامع الرواة ، محمّد بن عليّ الأردبيلي الغروي الحائري ، طهران : طبعة المحمدي . 151 . جامع السعادات ، المولى محمّد مهدي النراقي بن أبي ذر ، عدّة طبعات . 152 . الجامع الصحيح، محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري. 153 . الجامع الصغير ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، القاهرة ، 1365 ق ، الطبعة الأُولى . 154 . الجامع الكبير ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، بولاق . 155 . الجامع الكبير، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، مصر : مطبعة الطباعة العامرة ، 1368 ق . 156 . جامع كرامات الأولياء ، يوسف بن إسماعيل النبهاني البيروتي ، مصر .

157 . الجامع لأحكام القرآن ، أحمد بن أبي فرح القرطبي (ت 671 ق) ، تحقيق : اطفيش ، بيروت ، 1385 ق ؛ والقاهرة : دار الكتب المصرية ، 1938 م . 158 . الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) ، محمّد بن أحمد القرطبي (ت 671 ق) ، مصر : مطبعة الفجالة القديمة ؛ وتصحيح : أحمد عبد العليم البردوني ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الأُولى . 159 . جامع مناقب النساء ، أُخذ بالواسطة . 160 . الجرح والتعديل ، عبدالرحمان النسائي (ت 303 ق ) ، أُخذ بالواسطة . 161 . الجرح والتعديل ، محمّد بن إدريس بن منذر الرازي(ت 327 ق) ، حيدر آباد_ الدكن ، دار المعارف العثمانية ، 1371 ق . 162 . الجمل والنصرة لسيد العترة في حرب البصرة ، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (المفيد) (ت 413 ق) ، النجف الأشرف : الحيدرية . 163 . جمهرة الخطب ، أحمد زكي صفوت ، بيروت : دار الكتاب العربي . 164 . الجمهرة في اللغة ، أبو بكر بن محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت 321 ق ) ، المجمع اللغوي العام ، القاهرة .

.

ص: 1382

165 . جوامع السيرة ، عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري ، بيروت . 166 . جواهر العقدين في فضل الشرفين شرف العلم الجلي والنسب العلي ، علي بن عبد اللّه الحسني السمهودي (844 _ 911 ق ) ، تحقيق : موسى بناي العليلي ، بغداد : وزارة الأوقاف العراقية _ مطبعة العاني ، 1405 ق . 167 . الحاكم في معرفة علوم الحديث ، محمّد بن عبد اللّه بن الحاكم النيشابوري (ت 405 ق ) ، دار الكتاب العربي . 168 . حسن المحاضرة في أخبار مصر القاهرة ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي ، القاهرة : مطبعة الموسوعات . 169 . حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، أحمد بن عبد اللّه الإصفهاني (ت 430 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1405 ق ، الطبعة الرابعة ؛ و 1967م ، الطبعة الثانية . 170 . حياة الحيوان ، محمّد بن موسى الدميري (ت 808 ق) ، الرباط ، 1403 ق . 171 . حياة الصحابة ، محمّد بن يوسف إلياس الحنفي الهندي ، لاهور . 172 . الحيوان ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) ، القاهرة : دار الجاحظ ، 1409 ق . 173 . الخرائج والجرائح ، سعيد بن عبد اللّه الراوندي [قطب الدين الراوندي ](ت 573 ق ) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة الإمام المهدي (عج) ، قم ، 1409 ق . 174 . خريدة القصر وجريدة العصر ، عماد الدين محمّد بن صفي الدين محمّد بن حامد الكاتب [ابن العماد الإصفهاني] ، بغداد . 175 . الخصائص العلوية ، أحمد بن محمّد النطنزي، بيروت: دار الفكر، 1408 ق . 176 . الخصائص في فضل عليّ وأهل بيته (خصائص أمير المؤمنين) ، عبد الرحمان النسائي (ت 303 ق ) ، القاهرة : التقدم . 177 . الخصائص الكبرى ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، تحقيق : أحمد ميرين البلوشي ، الكويت : مكتبة المعلّى ؛ وبيروت : دار الكتاب العربي ، 1406 ق ؛ والقاهرة : الهيئة المصرية للتأليف والنشر ، 1402 ق .

.

ص: 1383

178 . خصائص الوحي المبين ، يحيى بن الحسن [ابن البطريق] ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي ، إيران : وزارة الإرشاد الإسلامي ، 1406 ق ، الطبعة الأُولى . 179 . الخصال ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق] ، بيروت : مؤسّسة الأعلمي ، 1400 ق ، الطبعة الخامسة ؛ ودار صادر ، بدون تاريخ ؛ والأعلمي ، 1410 ق . 180 . خطط المقريزي، تقي الدين أحمدبن عليّ المقريزي، بيروت: الساحل الجنوبي،1406 ق. 181 . خلاصة الأقوال في معرفة الرجال (رجال العلاّمة الحلّي) ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي (ت 726 ق ) ، تصحيح : محمّد صادق بحر العلوم ، منشورات الشريف الرضي ، 1402 ق ، الطبعة الأُولى . 182 . خلاصة عبقات الأنوار ، مير حامد حسين النيشابوري الهندي . 183 . خلفاء الرسول ، محمّد بن محمّد الموسوي الحائري البحراني . 184 . خلق الإنسان ، سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الطبيب . 185 . خمسون ومئة صحابي مختلق ، مرتضى العسكري ، قم : مطبعة صدر ، الطبعة السادسة . 186 . دائرة المعارف الإسلامية ، نقلها إلى العربية : محمّد ثابت أفندي _ أحمد الشنتناوي _ إبراهيم زكي خورشيد _ عبد الحميد يونس ، مصر ، 1913 _ 1957 م . 187 . دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ، حسن الأميني ، بيروت . 188 . دائرة معارف القرن العشرين ، محمّد فريد وجدي (ت 1373 ق) ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1402 ق . 189 . درّر بحر المناقب ، ابن حسنوية الحنفي الموصلي ، مخطوط . 190 . الدرّر الكامنة في أعيان المئة الثامنة ، ابن حجر العسقلاني ، تحقيق : محمّد جاد الحق ، حيدر آباد _ الدكن ، 1945م ؛ والقاهرة ؛ 1966م ، الطبعة الثانية . 191 . الدرّ المنثور في التفسير المأثور ، عبد الرحمان بن جلال الدين محمّد السيوطي (ت 911 ق) ، أُفست المطبعة الإسلامية ، 1377 ق . 192 . درّة الغواص في أغلاط (أوهام ، تغليط ) الخواص ، المطهّر بن يحيى الحريري البصري (المتوكل على اللّه ) .

.

ص: 1384

193 . دلائل الإمامة ، محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ق ) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة البعثة ، قم ، 1413 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والنجف الأشرف . 194 . دلائل الصدق ، محمّد حسن المظفر ، إحياء التراث العربي ، 1409 ق .

195 . دلائل النبوّة ، أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 ق) ، تحقيق : صقر ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، بيروت : دار النصر ، 1389 ق ؛ وتحقيق : عبد المعطي قلعچي ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1405 ق ، الطبعة الأُولى . 196 . دلائل النبوّة ، أحمد بن عبد اللّه الإصفهاني (ت 430 ق) ، بيروت : دار الفكر ، بدون تاريخ. 197 . دليل فقه الشافعي ، جامعة طهران . 198 . دول الإسلام ، شمس الدين بن محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق)، بيروت . 199 . ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، أحمد بن عبد اللّه [المحب الطبري ](ت 694 ق) ، القاهرة : نشر حسام الدين القدسي ، 1356ق . 200 . ذخائر المواريث ، عبد الغني النابلسي الدمشقي . 201 . ذخيرة المآل في شرح عقد الآل ، أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي الشافعي . 202 . الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، آقا بُزرك الطهراني ، بيروت : دار الأضواء . 203 . الذرية الطاهرة ، محمّد بن أحمد الدولابي ، مخطوط ؛ وتحقيق : محمّد جواد الجلالي ، مؤسسة النشر الإسلامي ، 1407 ق . 204 . ذيل بروكلمن ، الستوري ، ترجمة : عبد الحليم النجار . 205 . الرائض في الفرائض ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 206 . ربيع الأبرار ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق) . 207 . رجال ابن داود ، الحسن بن عليّ بن داود الحلّي ، المدينة المنوّرة : المكتبة السلفية ، 1402 ق . 208 . رجال البرقي (طبع ضمن رجال ابن داوود) ، أحمد بن محمّد البرقي الكوفي (ت 274 ق ) ، جامعة طهران ، 1342 ق ، الطبعة الأُولى .

.

ص: 1385

209 . رجال السيّد بحر العلوم ، محمّد بن محمّد تقي بن رضا بن بحر العلوم ، النجف الأشرف : منشورات مكتبة الصادق ، 1325 ق . 210 . رجال الطوسي ، محمّد بن الحسن الطوسي ، تحقيق : جواد القيومي ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1415 ق . 211 . رجال النجاشي (فهرس أسماء مصنفي الشيعة) ، أحمد بن عليّ بن أحمد النجاشي (ت 450 ق ) ، بيروت : دار الأضواء ، 1408 ق ، الطبعة الأُولى . 212 . الردّ على الإسماعيلية ، محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني . 213 . الردّ على التبريزي ، عبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن الخشّاب . 214 . الردّ على المتعصّب العنيد المانع من لعن يزيد ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي [ابن الجوزي الحنفي] . 215 . الرسالة في الفقه ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 216 . رسالة المحكم والمتشابه ، علي بن الحسين الموسوي [الشريف المرتضى] ، بيروت ، 1402 ق . 217 . رشفة الصادي من بحور فضائل بني الهادي ، أبو بكر بن شهاب الدين العلوي الحسيني الشافعي ، مصر ، 1303 ق . 218 . روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات ، محمّد باقر الخوانساري ، قم : مكتبة إسماعيليان . 219 . الروض الأُنف في تفسير السيرة النبوية ، عبد الرحمان السهيلي (ت 581 ق) ، تحقيق : عبد الرحمان الوكيل ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت : مؤسسة التاريخ العربي ، الطبعة الأُولى ، 1412 ق ؛ ومصر : شركة الطباعة الفنية المتحدة ، 1391 ق . 220 . روض الأخبار المنتخب من ربيع الأبرار ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، تحقيق : سليم نعيم ، قم : منشورات الشريف الرضي ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى .

.

ص: 1386

221 . الروض الأزهر ، شاه تقي العلوي الكاظمي الهندي الحنفي الكاكوردي [قندر] ، أُخذ بالواسطة . 222 . الروضة من الكافي ، محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، طهران : دار الكتب الإسلامية ، 1389 ق ، الطبعة الثانية . 223 . روضة الواعظين ، محمّد بن الحسن بن عليّ الفتال النيسابوري (508 ق) ، بيروت ، 1402 ق ؛ وبيروت : مؤسسة الأعلمي ، 1406 ق . 224 . الرياض الزاهرة في فضائل آل بيت النبيِّ وعترته الطاهرة ، عبد اللّه بن محمّد المطيّري . 225 . رياض العلماء وحياض الفضلاء ، الميرزا عبد اللّه أفندي الإصفهاني (القرن الثاني عشر ) ، تحقيق : أحمد الحسيني ، قم : مكتبة المرعشي النجفي . 226 . الرياض النضرة في فضائل العشرة ، محّب الدين الطبري الشافعي (ت 694 ق) ، بيروت 1403 ق ؛ ومصر . 227 . ريحانة الأدب ، محمد عليّ المدرّس التبريزي (ت 1373 ق ) ، إيران . 228 . الزهد ، أبو عبد الرحمان بن عبد اللّه بن مبارك الحنظلي المروزي (ت 181 ق ) ، تحقيق : حبيب الرحمان الأعظمي ، بيروت : دار الكتب العلمية . 229 . الزهد ، الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي (ت 250 ق) ، تحقيق : غلام رضا عرفانيان _ حسينيان ، قم ، 1402 ق ، الطبعة الثانية . 230 . زهر الآداب ، الحصري ، أُخذ بالواسطة . 231 . زهر الآداب ، القيرواني ، أُخذ بالواسطة . 232 . زهرة المقول في نسب ثاني فرعي الرسول ، عليّ بن الحسن بن شدقم . 233 . زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ، أحمد بن محمّد بن عليّ العاصمي الشافعي (من أعلام القرن الرابع) ، مخطوط .

234 . سبيل النجاة في تتمّة المراجعات ، أُخذ بالواسطة . 235 . الاستيعاب ، الأشعري ، حيدر آباد ، الطبعة الثانية .

.

ص: 1387

236 . سداسيات الرازي ، الرازي ، مخطوط . 237 . سرّ العالمين ، محمّد بن محمّد الغزالي(ت 505 ق) ، بيروت ، 1402 ق . 238 . سعادة الكونين في بيان فضائل الحسنين ، محبّ الحقّ الدهلوي (إكرام الدين بن نظام الدين) . 239 . سعد السعود ، عليّ بن موسى الحلّي [ابن طاووس] (ت664 ق )، قم : مكتبة الرضي ، 1363 ق ، الطبعة الأُولى . 240 . سفينة البحار ، عباس القمّي (ت 1359 ق ) ، طهران : دار الأُسوة ، 1414 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والنجف الأشرف ، 1365ق . 241 . سمط النجوم العوالي ، عبد الملك العاصمي المكي ، بيروت . 242 . سنن ابن ماجة ، محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني (ت 275 ق) ، تحقيق : فؤاد عبد الباقي ، بيروت : دار إحياء التراث ، 1395 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1371 ق . 243 . سنن الترمذي ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، تحقيق : أحمد محمّد شاكر ، بيروت : دار إحياء التراث . 244 . سنن الدارقطني ، عليّ بن عمر البغدادي [الدارقطني ](ت 285 ق ) ، تحقيق : أبو الطيب محمّد آبادي ، بيروت : عالم الكتب ، 1406 ق ، الطبعة الرابعة ؛ والقاهرة : بولاق . 245 . السنن الكبرى ، أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي(ت 458 ق) ، تحقيق : محمّد محيي الدين عبد الحميد ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1405 ق ؛ وتحقيق : محمّد عبد القادر عطا ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1414 ق ، الطبعة الأُولى مصورة من دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد _ الدكن ، 1353 ق . 246 . سير أعلام النبلاء ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق) ، تحقيق : شُعيب الأرنؤوط ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، 1414 ق ، الطبعة العاشرة . 247 . السيرة الحلبية ( إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ) ، علي بن إبراهيم الحلبي الشافعي ، بيروت : دار الفكر العربي ، 1400 ق . 248 . السيرة النبويّة ، عبد الملك بن هشام ين أيوب الحميري (ت 213 أو 218ق) ، تحقيق :

.

ص: 1388

مصطفى السقا _ إبراهيم الأنباري _ عبد الحفيظ شلبي ، قم : مكتبة المصطفى ، 1355 ق ، الطبعة الأُولى . 249 . السيرة النبويّة بهامش السيرة الحلبية ، أحمد بن زيني بن أحمد دحلان (ت 1304 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1408 ق . 250 . السيف اليماني المسلول ، محمد الحسيني التونسي المالكي [الكوفي] . 251 . الشافعي حياته وعصره ، محمّد أبو زهرة ، القاهرة ، الطبعة الثانية . 252 . الاشتقاق (الأشتقاقات) ، المبرّد محمّد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري (ت 285 ق ) ، مخطوط ؛ والنجف الأشرف . 253 . شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، أبو الفلاح عبد الحي [ابن العماد ](ت 1089 ق) ، تحقيق : شُعيب الأرنؤوط ، بيروت ؛ ودمشق ، 1409 ق ؛ والقاهرة : مكتبة القدسي ، 1350ق . 254 . شرح أبيات الكتاب ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 255 . شرح أُرجوزة الشيخ الخزرجي ، أُخذ بالواسطة . 256 . شرح الباب الحادي عشر ، جعفر بن الحسن [المحقّق الحلّي] ، بيروت ، 1400 ق . 257 . شرح التجريد ، نجم الدين جعفر بن الحسن [المحقّق الحلّي] ، طبع مرات عديدة . 258 . شرح الجُمل ، يوسف بن سليمان بن عيسى الجرجانيالأندلسي (ت 476 ق ) ، حيدر آباد _ الهند . 259 . شرح ديوان أمير المؤمنين عليه السلام، مير حسين الميبدي ، مخطوط . 260 . شرح الشمائل ، عليّ بن سلطان محمّد القاري الهروي المكّي الحنفي [مُلاّ عليّ القاري] ، مخطوط . 261 . شرح صحيح البخاري ، محمود بن أحمد العيني (ت 855 ق) ، مصر : مطبعة الفجالة الجديدة ، 1376 ق . 262 . شرح اللمع ، أحمد بن عليّ الماهابادي (الماه آبادي) .

.

ص: 1389

263 . شرح اللمع ، عثمان بن جنّي الموصلي النحوي (ت 392 ق ) . 264 . شرح مشكلات المفصَّل ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 265 . شرح مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، محمّد الشربيني الهجري ، بيروت : دار إحياء التراث العربي . 266 . شرح المقامات ، محمّد بن عبدالرحمان بن محمّد بن مسعود بن أحمد المسعودي . 267 . شرح مقامات الحريري ، عبد الرحمان بن محمّد بن مسعود المروزي (ت 584 ق ) ، القاهرة : الفجالة الجديدة ؛ وبولاق . 268 . شرح مقدّمة الوزير ابن هبيرة ، عبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن الخشّاب . 269 . شرح المواقف ، علي بن محمّد الجرجاني (ت 816 ق ) ، مصر : مطبعة السعادة ، 1325 ق ، الطبعة الأُولى . 270 . شرح ميمية أبي فراس ، أُخذ بالواسطة . 271 . شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد المعتزلي (ت 656 ق) ، تحقيق : محمّد أبو الفضل ، بيروت ، 1409 ق . 272 . شرح نهج البلاغة ، محمّد عبده ، مصر : الفجالة الجديدة ، 1403 ق ؛ ودار الكتاب العربي ، 1406 ق .

273 . شرح الهاشميات ، محمّد محمود الرافعي ، مصر : شركة التمدّن ، الطبعة الثانية ؛ وبيروت ، 1402 ق . 274 . شرف النبي المصطفى ، أحمد بن عبد الملك بن أبي عثمان بن محمّد بن إبراهيم الخركوشي النيشابوري الواعظ (ت 407 ق ) ، الطبعة الأُولى . 275 . الشمائل ، عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، مطبعة مصطفى البابي وأولاده . 276 . شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، عبيد اللّه بن عبد اللّه النيسابوري [الحاكم الحسكاني ](من أعلام القرن الخامس ، والمتوفّى بعد سنة 470 ق) ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي ، طهران : مؤسّسة الطبع والنشر ، 1411 ق ، الطبعة الأُولى .

.

ص: 1390

277 . صحيح البخاري ، محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري (ت 256 ق ) ، تحقيق : مصطفى ديب البغا ، بيروت : دار ابن كثير ، 1410 ق ، الطبعة الرابعة ؛ ومطبعة المصطفائي ، 1307ق . 278 . صحيح الترمذي ، عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، بيروت ، 1405 ق ؛ والمدينة المنوّرة : مطبعة المكتبة السلفية . 279 . صحيح الجامع الكبير ، محمّد بن إسماعيل البخاري ، مصر : مطبعة الفجالة الجديدة ، 1358 ق . 280 . صحيح مسلم ، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت 261 ق) ، تحقيق : محمّد فؤاد عبد الباقي ، بيروت ، 1374 ق ؛ والقاهرة : دار الحديث ، الطبعة الأُولى 1412 ق ؛ وبيروت : دار إحياء التراث العربي . 281 . صحيح مسلم بشرح النووي ، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيشابوري (ت 261 ق) ، تحقيق : محمّد فؤاد عبد الباقي ، القاهرة : دار الحديث ، 1412 ق ، الطبعة الأُولى . 282 . الصراط السوي في مناقب آل النبي ، الشيخاني القادري . 283 . الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ، عليّ بن يونس النباطي البياضي (ت 877 ق ) ، إعداد : محمّد باقر المحمودي ، طهران : المكتبة المرتضوية ، 1384 ق ، الطبعة الأُولى . 284 . صفة الصفوة ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد [ابن الجوزي] (ت 597 ق) ، تحقيق : محمّد هارون ، بيروت : دار الفكر ، 1413 ق ، الطبعة الأُولى . 285 . صميم العربيّة ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 286 . الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة ، أحمد بن حجر الهيّتمي الكوفي (ت 974 ق) ، إعداد : عبد الوهاب بن عبد اللطيف ، مصر : مكتبة القاهرة _ المطبعة الميمنية ، 1385 ق ، الطبعة الثانية ؛ وطبع المحمديّة ؛ وطبع الحيدرية . 287 . الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ، محمّد بن عبد الرحمان [الحافظ السخاوي] (ت 902 ق) ، بيروت : دار مكتبة الحياة ؛ ومصر : مطبعة القدسي ، 1352 ق .

.

ص: 1391

288 . الطالع السعيد ، محمّد بن عليّ الأدفوي المقري ، أُخذ بالواسطة من المحلى لابن حزم الظاهري . 289 . طبقات أعلام الشيعة ، آقا بُزرك الطهراني ، قم : مؤسّسة إسماعيليان ، الطبعة الثانية . 290 . طبقات الحفّاظ ،عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، بولاق . 291 . طبقات الحنابلة ، أبو يعلي ، تحقيق : محمّد حامد الفقي ، مطبعة السنة المحمدية . 292 . طبقات الشافعية ، عبد الوهاب بن عليّ تاج الدين السبكي (771 ق ) ، تحقيق : الحلو _ الطناحي ، القاهرة : دار إحياء الكتب العربية ، 1396 ق . 293 . طبقات الشافعية الكبرى ، عليّ بن عبد الكافي السبكي (ت 771 ق) ، تحقيق : عبد الفتاح محمّد الحلو _ محمود محمّد الطناحي ، دار إحياء الكتب العربية ؛ ومصر : طبع عيسى البابي ، 1383 ق . 294 . طبقات الفقهاء ، أبو إسحاق الشيرازي الشافعي (393 ق ) ، دار الرائد العربي ، 1401 ق ، الطبعة الثانية . 295 . طبقات القرَّاء ، شمس الدين الجزري ، مصر : مطبعة السعادة ، 1932م . 296 . الطبقات الكبرى ، محمّد بن سعد الواقدي الزهري (ت 230 ق ) ، بيروت : دار صادر ، 1405ق ؛ وأُوربا ؛ وليدن . 297 . طبقات المفسّرين ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، أُخذ بالواسطة . 298 . طبقات المفسّرين ، علاء الدين محمّد بن هداية اللّه الحسني الخيروي (ت 967 ق) ، مخطوط . 299 . طبقات النحاة، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت911 ق)، أُخذ بالواسطة . 300 . الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، عليّ بن موسى بن طاووس الحسني (ت 664 ق ) ، قم : مطبعة الخيام ، 1400 ق ، الطبعة الأُولى . 301 . عائشة والسياسة ، سعيد الأفغاني ، حيدر آباد _ الدكن . 302 . عبد اللّه بن سبأ وأساطير أُخرى ، مرتضى العسكري ، بيروت : مطبعة دار الكتب ، 1393 ق ، الطبعة الرابعة .

.

ص: 1392

303 . العِبر في خبر من غبر ، محمّد بن عثمان الذهبي (ت 748 ق ) ، تحقيق وضبط : محمّد السعيد بن بسيوني ، بيروت : دار الكتب العلمية ؛ والكويت : دار المعارف ، 1961م . 304 . العِبر فيمن شفّه النظر ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 305 . عبقات الأنوار ، مير حامد حسين النيشابوري الهندي ، الهند ؛ وإيران . 306 . العقد الفريد ، أحمد بن محمّد بن عبد ربّه الأندلسي (ت 328 ق) ، تحقيق : أحمد الزين _ إبراهيم الأبياري ، بيروت : دار الأندلس ، 1408ق ، الطبعة الأُولى ؛ والقاهرة ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، 1948م . 307 . العقود اللؤلؤية واللآلئ الثمينة في فضائل العترة الأمينة ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 308 . العلل ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، مخطوط .

309 . العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد [ابن الجوزي] ، تحقيق : إرشاد الحق الأثري ، الهند _ لاهور . 310 . عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار ، يحيى بن الحسن ابن البطريق الأسدي الحلّي ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، 1407 ق . 311 . عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال ، عبد اللّه الإصفهاني ، تحقيق : مدرسة الإمام المهدي عليه السلام، الطبعة الأُولى . 312 . عيون الأثر ، أحمد بن عبد اللّه بن يحيى [ابن سيّد الناس] (ت 734 ق) ، بيروت : دار المعرفة ، 1401 ق ؛ وطبعة القدسي ، 1356 ق . 313 . عيون أخبار الرضا عليه السلام، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق] (ت 381ق) ، النجف الأشرف : منشورات المكتبة الحيدرية . 314 . عيون الأخبار وفنون الآثار ، ابن قتيبة الدينوري (ت 276 ق ) ، دار الكتاب العربي ؛ وطبع قديم .

.

ص: 1393

315 . عيون الأنباء في طبقات الأطباء ، بيروت . 316 . عيون التواريخ ، محمّد بن شاكر الكتبي الشافعي ، القاهرة . 317 . غاية المرام ، هاشم بن سليمان الحسيني الكتكتاني البحراني (ت 1107 ق)، دار القاموس . 318 . الغدير في الكتاب والسُّنَّة والأدب ، عبد الحسين أحمد الأميني (ت 1390 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1387 ق ، الطبعة الثالثة ؛ و دار إحياء الكتب العلمية ، 1402 ق ؛ . 319 . غربال الزمان في وفيات الأعيان ، يحيى بن أبي بكر العامري ، المكتبة السلفية . 320 . غرر الحكم ودرر الحكم ، عبد الواحد الآمدي التميمي (ت 550 ق) ، تحقيق: مير سيّد جلال الدين المحدث الأرموي ، جامعة طهران ، 1360 ق ، الطبعة الثالثة . 321 . غرر الخصائص الواضحة ، إبراهيم بن يحيى الكتبي [الوطواط] ، أُخذ بالواسطة . 322 . غريب الحديث ، حمد بن محمّد الخطابي ، تحقيق : عبد الكريم الغرباوي ، دمشق : أُمّ القرى ، 1402 ق . 323 . الغنية ، الجيلي ، أُخذ بالواسطة . 324 . الغيبة ، محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (ت 460 ق )، تحقيق : عباد اللّه الطهراني _ عليّ أحمد ناصح ، قم : مؤسسة المعارف الإسلامية ، 1411 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وطبع مطبعة حبيب الرحمان الأعلمي ، 1395ق . 325 . الغيبة ، محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني (ت 350 ق)، تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، طهران : مكتبة الصدوق ؛ وبيروت : المكتبة العربية ، 1405 ق . 326 . الفائق في غريب الحديث ، محمود بن عمر الزمخشري (ت 516 ق) ، مصر : مطبعة عيسى البابي الحلبي ، 1359 ق . 327 . فتح الباري ، أحمد بن عليّ بن محمّد بن حجر العسقلاني (ت 852 ق) ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ؛ ومصر : المطبعة السلفية ، 1380 ق ؛ وتحقيق : عبد العزيز بن عبد اللّه بن باز ، القاهرة ، 1398 ق . 328 . الفتح القدير ، محمّد بن عليّ الشوكاني (ت 1250 ق ) ، دار إحياء التراث العربي ؛ ودار الكتب العلمية ، 1403 ق .

.

ص: 1394

329 . فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم عليّ ، أحمد بن محمّد الصديق المغربي ، مصر : المطبعة الإسلامية ، 1304 ق ؛ والنجف الأشرف : المطبعة الحيدرية . 330 . الفتنة الكبري ،طه حسين ، بيروت : دار الكتاب اللبناني . 331 . فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم ، إبراهيم ابن محمّد بن المؤيد بن عبد اللّه الجويني الحمويني (ت 722 أو 730 ق) ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي ، بيروت : مؤسّسة المحمودي ، 1398ق . 332 . الفرائض ، محمّد بن إبراهيم النعماني . 333 . الفرج بعد الشدّة ، عليّ بن محمّد التنوخي (ت 384 ق ) ، مؤسسة النعمان ، بيروت ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى . 334 . الفردوس بمأثور الخطاب ، شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو الديلمي الهمداني [إلْكِيا] (ت 509 ق) ، تحقيق : السعيد بن بسيوني زغلول ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1406 ق ، الطبعة الأُولى ؛ و 1419ق . 335 . الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ابن حزم الأندلسي الظاهري (ت 456 ق ) ، بيروت : دار صادر ، 1400 ق ، وبغداد : مكتبة المثنى . 336 . الفضائل ، شاذان بن جبريل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّي (ت 660 ق ) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1406 ق ؛ والنجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، 1338 ق ، الطبعة الأُولى . 337 . فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، مرتضى الحسيني الفيروزآبادي ، بيروت : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، 1973م ، الطبعة الثالثة . 338 . فضائل الصحابة ، أحمد بن محمّد حنبل الشيباني (241 ق ) ، تحقيق : وصي اللّه بن محمّد عباس ، دار العلم ، 1403ق ، الطبعة الأُولى ؛ والمملكة العربية السعودية : جامعة أُم القرى . 339 . الفلاكة والمفلوكين ، أُخذ بالواسطة . 340 . الفهرست ، محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ق) ، بيروت ، 1412 ق . 341 . الفهرست ، محمّد بن إسحاق بن النديم ، تحقيق : ناهد عباس عثمان ، قطر _ الدوحة : دار قطري بن الفجاءة ، 1985 م ، الطبعة الأُولى .

.

ص: 1395

342 . فهرست كتابخانه هاى إصفهان . 343 . في رحاب نهج البلاغة ، مرتضى المطهري (ت 1400 ق) ، دار المعارف ، 1415 ق . 344 . فيض القدير ، محمّد بن عليّ الشوكاني (ت 1250 ق ) ، دار الصحابة . 345 . فيض القدير شرح الجامع الصغير ، يحيى بن محمّد عبد الرؤوف المناوي (ت 1031ق) ، القاهرة ، 1356ق ، الطبعة الأُولى . 346 . القاموس ، محمّد مرتضى الزبيدي (ت 1205 ق) ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1405 ق .

347 . قاموس الرجال في تحقيق رواة الشيعة ومحدثيهم ، محمد تقي بن كاظم التستري (ت 1320 ق ) ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، 1410 ق ، الطبعة الثانية . 348 . القاموس المحيط ، محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي ، القاهرة : مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، 1952م ، الطبعة الثانية . 349 . القسطاس في العروض ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 350 . قصائد في مدح أمير المؤمنين ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 351 . قصار الجُمل ، محمد تقي بن كاظم التستري (ت 1320 ق ) ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية . 352 . قضاء أمير المؤمنين ، محمد تقي بن كاظم التستري (ت 1320 ق ) ، بغداد : مكتبة المثنى . 353 . قواعد المرام ، محمّد بن محمّد الموسوي الحائري البحراني . 354 . قوت القلوب ، أبو طالب المكّي ، أُخذ بالواسطة . 355 . القول الفصل ، عليّ بن طاهر الحداد ، لاهور . 356 . الكافي ، محمّد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 329 ق) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفّاري ، طهران : دار الكتب الإسلامية ، 1389 ق . 357 . الكامل في التاريخ ، عليّ بن محمّد الشيباني الموصلي [ابن الأثير ](ت 630ق) ، تحقيق : عليّ شيري ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1408 ق ، الطبعة الأُولى .

.

ص: 1396

358 . الكامل في ضعفاء الرجال ، عبد اللّه بن عدي الجرجاني [ابن عدي ](ت 365 ق)، تحقيق : لجنة من المختصين ، بيروت : دار الفكر ، 1404 ق ، الطبعة الأُولى. 359 . كتاب الآل ، حسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني [ابن خالويه ](ت 317 أو 370) طبعة حجرية . 360 . كتاب ليس ، حسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني الفارسي [ابن خالويه] (ت 317 أو 370) ، طبعة حجرية . 361 . كتاب الوزراء ، محمّد بن عبدوس بن يحيى بن عبد اللّه [الجهشياري] . 362 . الكشّاف ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، بيروت : دار المعرفة ؛ قم : دار البلاغة . 363 . كشف الأستار عن زوائد البزار . 364 . كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، مصطفى بن عبد اللّه القسطنطيني (ت 1067 ق) ، القاهرة ، 1389 ق . 365 . كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون ، مصطفى بن عبد اللّه (حاجي خليفة) ، بغداد : مكتبة المثنى . 366 . كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ، علي بن عيسى الإربلي (ت 687 ق ) ، تصحيح : هاشم الرسولي المحلاتي ، بيروت : دار الكتاب الإسلامي ، 1401 ق ، الطبعة الأُولى ؛ تبريز (بدون تاريخ) . 367 . كشف المراد ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي (ت 726 ق ) ، بيروت : دار الفكر ، ودار إحياء التراث . 368 . الكشف والبيان في التفسير (تفسير الثعلبي) ، أحمد بن محمّد بن إبراهيم النيسابوري (ت 437 ق)، الجزء الأول طبعة حجرية،ومخطوط في مكتبة المرعشي النجفي العامة. 369 . الكشف والبيان في تفسير القرآن (تفسير الثعلبي) ، أبو إسحاق الثعلبي ، المدينة المنوّرة : مكتبة الثقافة ، 1402 ق .

.

ص: 1397

370 . كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي (ت 726 ق ) ، تحقيق : حسين الدرگاهي ، إحياء التراث العربي . 371 . كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ، عليّ بن محمّد بن عليّ الخزاز الرازي القمّي (القرن الرابع الهجري ) ، تحقيق : عبد اللطيف الحسيني الكوه كمري ، قم : إنتشارات بيدار ، 1401 ق . 372 . كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب ، محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي (ت 658 ق ) ، تحقيق : محمّد هادي الأميني ، طهران : دار إحياء تراث أهل البيت ، 1404 ق ، الطبعة الثانية . 373 . الكلم النوابغ ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، طبعة حجرية . 374 . كمال الدين وتمام النعمة ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق] (ت 381 ق ) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفّاري ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، 1405 ق ، الطبعة الأُولى . 375 . كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال ، علاء الدين عليّ المتّقي ابن حسام الدين الهندي (ت 975 ق ) ، تصحيح : صفوة السقا ، بيروت : مكتبة التراث الإسلامي ، 1397 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وحلب : دار الوعي ، 1396 ق . 376 . كنوز الحقائق ، عبد الرؤوف المناوي الشافعي ، مصر . 377 . الكنى والأسماء ، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيشابوري (ت 261 ق) ، القاهرة . 378 . الكنى والألقاب ، عباس القمّي ، طهران : مكتبة الصدر ، 1368 ق . 379 . الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير ، شمس الدين محمّد العلقمي (ت 929 ق) ، القاهرة . 380 . اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، بيروت : دار المعرفة ، 1403 ق . 381 . اللباب ، مجد الدين المبارك بن محمّد بن محمّد [ابن الأثير الشيباني الشافعي] (ت 606 ق ) ، بولاق .

.

ص: 1398

382 . لباب النقول في أسباب النزول ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، القاهرة : مطبعة مصطفى البابي الحلبي . 383 . لسان العرب ، محمّد بن مكرّم بن منظور الأفريقي المصري (ت 711 ق) ، بيروت : دار صادر ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى . 384 . لسان الميزان ، أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ق) ، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود _ عليّ محمّد معوض ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1416 ق ، الطبعة الأُولى . 385 . لطائف المعارف ، أبو منصور الثعلبي . 386 . اللوامع ، أحمد بن عبد الملك بن أبي عثمان بن محمّد بن إبراهيم الخركوشي النيشابوري الواعظ (ت 407 ق ) .

387 . اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية ، الفاضل المقداد السيوري ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1402 ق ؛ وتبريز . 388 . لؤلؤة البحرين ، سليمان بن عبد اللّه البحراني ، بيروت . 389 . اللؤلؤة المثنية في الآثار المعنعنة المروية ، محمّد بن محمّد بن أحمد الجشني الداغستاني ، مصر . 390 . المئة المختارة ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) . 391 . مآثر الإنافة في معالم الخلافة ، أحمد بن عبد اللّه القلقشندي (ت 821 ق ) ، تحقيق : عبد الستار فراج ، بيروت : عالم الكتب . 392 . ما أُنزل من القرآن في عليّ ، محمّد بن العباس بن عليّ بن مروان [الحجّام] . 393 . مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان ، محمّد بن جعفر الحلّي [ابن نما ](ت 645 ق ) تحقيق ونشر : مؤسّسة الإمام المهدي ، قم . 394 . مثير الغرم الساكن إلى أشرف الأماكن ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 395 . المجالس السنية ، محسن الأمين العاملي ، النجف الأشرف .

.

ص: 1399

396 . مجلّة مجمع اللغة العربية ، العدد 99 سنة 24، دمشق . 397 . مجمع البيان في تفسير القرآن ، الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ق) ، بيروت : دار المعرفة ، 1419 ق ؛ و دار إحياء التراث العربي . 398 . مجمع الرجال ، محمد قاسم بن الأمير محمّد الطباطبائي الحسني الحسيني القهپائي (ت 1126 ق ) ، تحقيق : ضياء الدين الإصفهاني ، قم : مؤسسة إسماعيليان . 399 . مَجْمَع الزوائد ومنبع الفوائد ، علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ق) ، تحقيق : عبد اللّه محمّد درويش ، بيروت : دار الفكر ، 1412 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والقاهرة ، الطبعة الثانية بدون تاريخ . 400 . المحاسن ، أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت 280 ق ) ، تحقيق : مهدي الرجائي ، قم : المجمع العالمي لأهل البيت ، 1413 ق ، الطبعة الأُولى . 401 . المحاسن والأضداد ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1419 ق . 402 . محاضرات الأدباء ، الراغب الأصفهاني ، بيروت . 403 . المحتضر ، الحسن بن سيلمان الحلّي ، النجف الأشرف . 404 . المحلّى ، عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري ، دار الفكر . 405 . محيط المحيط ، بطرس البستاني ، لبنان . 406 . المختصر الأوّل للسياق (مخطوط) ، أُخذ بالواسطة . 407 . المختصر في أخبار البشر ، عماد الدين إسماعيل (أبو الفداء) (ت 732 ق) ، القاهرة : مكتبة القدسي ، 1408 ق ؛ وإدارة ترحاب السُّنة ، باكستان : المكتبة الإعدادية . 408 . المختلف والمؤتلف في أسماء رجال العرب ، عليّ بن محمّد بن العباس بن فسانجس . 409 . مدارج النبوّة ، عبد الحق الدهلوي (ت 1052 ق ) ، لكهنو . 410 . المدهش في الوقايع العجيبة ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي البغدادي .

.

ص: 1400

411 . مدينة العلم ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 412 . مدينة المعاجز ، هاشم بن سليمان الحسيني البحراني التوبلي ، قم : مؤسسة المعارف الإسلامية . 413 . مرآة الجنّان ، عبد اللّه بن سعد اليافعي ، بيروت : دار صادر ، 1405 ق . 414 . مرآة العقول ، محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت 1110ق) ، بيروت : دار صادر ، 1400 ق . 415 . المراجعات ، عبدالحسين شرف الدين الموسوي العاملي ، بيروت . 416 . مروج الذهب ومعادن الجوهر ، عليّ بن الحسين المسعودي (ت 346 ق) ، تحقيق : محمّد مُحيي الدين عبد الحميد ، القاهرة : مطبعة السعادة ، 1384 ق ، الطبعة الرابعة . 417 . المرهم ، عبد اللّه بن أسعد اليافعي ، مخطوط . 418 . مسار الشيعة ، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي [المفيد ](ت 413 ق) ، بيروت . 419 . مستحسن القراءة والشواذّ ، عليّ بن محمّد بن يوسف بن مهجور الفارسي [ابن خالويه] (ت 370 ق ) ، طبعة حجرية . 420 . المستدرك على الصحيحين ، محمّد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوري ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1411 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وطبع حيدر آباد . 421 . مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ، الميرزا حسين النوري ، طهران : ناصر خسرو . 422 . المستقصى ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، لكنهو . 423 . مسند ابن ماجة ، محمّد بن يزيد القزويني (ت 275 ق) ، تحقيق : فؤاد عبد الباقي ، بيروت : نشر دار الفكر ، 1371 ق ؛ وبيروت : دار إحياء التراث ، 1395 ق ، الطبعة الأُولى . 424 . مسند الإمام الرضا عليه السلام، المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام، قم : مؤسّسة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالى فرجه) ، 1408 ق ، الطبعة الأُولى . 425 . مسند الإمام زيد بن عليّ زين العابدين ، جَمعه : عليّ بن سالم الصنعاني ، دار الصحابة 1412ق ؛ طهران : دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الثانية .

.

ص: 1401

426 . مسند أحمد ، محمّد بن حنبل الشيباني (ت 241 ق) ، تحقيق : عبد اللّه محمّد الدرويش ، بيروت : دار الفكر ، 1414 ق ، الطبعة الثانية ؛ والمملكة العربية السعودية : جامعة أُم القرى ؛ ودار العلم ، 1403ق .

427 . مسند الطيالسي ، سليمان بن داود الطيالسي (ت 204 ق) ، بيروت : دار صادر ، 1402ق . 428 . مشارق الأنوار ، حسن العدوي الخمراوي . 429 . مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام، رجب البرسي ، قم : منشورات الشريف الرضي . 430 . مشكاة المصابيح ، ولي الدين الخطيب العمري . 431 . مصابيح السنّة ، البغوي الشافعي ، طبع : محمّد عليّ صبيح . 432 . مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن ، دار مكتبة الحياة . 433 . مصفى المقال في مصنفي علم الرجال ، آقا بُزرك الطهراني ، 1378 ق . 434 . المصنّف ، عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 ق) ، تحقيق : حبيب الرحمان الأعظمي ، بيروت : منشورات المجلس العلمي الأعلى ، 1392 ق . 435 . المصنّف في الأحاديث والآثار ، عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (ت 235 ق) ، تحقيق : سعيد محمّد اللحام ، حيدر آباد _ الدكن : مطبعة العلوم الشرقية ، 1390 ق ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1399 ق . 436 . مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، محمّد بن طلحة الشافعي (ت 654 ق ) ، النجف الأشرف ؛ ونسخة خطّية في مكتبة السيّد المرعشي النجفي . 437 . مطلع الأنوار ، مرتضى حسين صدر الأفاضل ، باكستان . 438 . معارج العُلى في مناقب المرتضى ، محمد صدر عالم . 439 . معارج النبوّة ، ملاّ معين الكاشفي . 440 . المعارف ، أبو الصلاح الحلبي . 441 . المعارف ، عبد اللّه بن مسلم [ابن قتيبة الدينوري] (ت 276 ق) ، حققه وقدم له ثروت عكاشة ، قم : منشورات الشريف الرضي ، 1415 ق ، الطبعة الأُولى .

.

ص: 1402

442 . معالم التنزيل ، محمّد الحسين بن مسعود الفراء البغوي (ت 516 ق) ، تحقيق : خالد محمّد العك _ مروان سوار ، بيروت : دار المعرفة ، 1407 ق ، الطبعة الثانية . 443 . معالم العترة النبوية ومعارف الأئمة أهل البيت الفاطمية ، تقي الدين عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر الجنابذي الحنبلي (524 _ 611 ق) ، مخطوط ؛ وبيروت ، 1407 ق . 444 . معالم العلماء ، رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ق ) ، بيروت . 445 . المعتمر من المخصر ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، بيروت ، وقم . 446 . معجم الأدباء ، ياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي البغدادي المغازي (ت 626 ق) ، بغداد : دار المأمون ، 1355 ق . 447 . المعجم الأوسط ، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطير اللخمي الشامي الطبراني (ت 360ق)، تحقيق: طارق بن عوض اللّه _ عبد الحسن بن إبراهيم الحسيني ، القاهرة : دار الحرمين ، 1415 ق . 448 . معجم البلدان ، ياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي (ت 626 ق ) ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1399ق ، الطبعة الأُولى . 449 . معجم رجال الحديث ، أبو القاسم بن عليّ أكبر الخوئي ، بيروت : دار إحياء التراث 1406 ق ؛ وقم : منشورات مدينة العلم ، 1403 ق ، الطبعه الثالثة . 450 . معجم رجال الفكر والأدب ، محمد هادي الأميني ، بيروت : دار الجبل . 451 . المعجم الصغير ، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطير اللخمي الشامي الطبراني (ت 360ق ) ، تحقيق : محمّد عثمان ، بيروت : دار الفكر ، 1401ق ، الطبعة الثانية . 452 . المعجم الكبير ، سليمان بن أحمد اللخمي الطبراني (ت 360 ق)، تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1404 ق، الطبعة الثانية. 453 . معجم المطبوعات النجفية ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية .

.

ص: 1403

454 . المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ، محمّد فؤاد عبد الباقي ، بيروت : دار المعرفة ، 1408 ق . 455 . معجم المؤلفين (تراجم مصنفي الكتب العربية) ، عمر رضا كحالة ، بغداد : مكتبة المثنى ؛ وبيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1409 ق . 456 . المعجم الوسيط ، إبراهيم أنيس ومجموعة من الأساتذة ، مصر : شركة الطباعة الفنية المتحدة ، 1409ق ؛ ودار الفكر ، 1418 ق . 457 . معراج البلاغة ، مير حامد حسين النيشابوري الهندي ، حيدر آباد _ الدكن . 458 . معرفة الصحابة من المستدرك ، 459 . معرفة علوم الحديث ، محمّد بن عبد اللّه بن الحاكم النيشابوري (ت 405 ق ) ، دار الكتاب العربي ، الطبعة الأُولى . 460 . المعمّرون والوصايا ، سهل بن محمّد السجستاني (ت 250 ق ) ، تحقيق : عبد المنعم عامر ، مصر : المطبعة الميمنية ، 1356 ق . 461 . المعيار والموازنة ، محمّد بن عبد اللّه الإسكافي (ت 240 ق ) ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي . 462 . المغازي ، محمّد بن سعد الواقدي الزهري (ت 230 ق ) ، تحقيق : مارسون جونس ، بيروت : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ؛ ومصر : الدار العامرة . 463 . المغني ، محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت 620 ق ) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1359 ق ؛ وطبع محمّد عليّ صبيح وأولاده ؛ وعلى مختصر أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد اللّه بن أحمد الخرقي ، مصر : مطبعة المنار ، 1342ق . 464 . المغني في أبواب التوحيد والعدل ، القاضي عبد الجبار ، بيروت : دار الثقافة والنشر ، 1402 ق . 465 . المغني في تدبير الأمراض ، سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الطبيب ، وزارة الصحة المصرية .

466 . مفتاح النجا في مناقب آل العبا ، الميرزا محمّد البدخشي ، مخطوط . 467 . المفردات ، الراغب الإصفهاني . 468 . المفصّل ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) .

.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.