سرشناسه : ابن صباغ، علي بن محمد، 784-855ق.
عنوان و نام پديدآور : الفصول المهمه في معرفة الائمه/ علي بن محمد ابن المالكي مكي الشهير بابن صباغ؛ حققه و علق عليه جعفر الحسيني.
مشخصات نشر : قم : المجمع العالمي لاهل البيت (ع)، 1432 ق.= 2011 م.= 1390.
مشخصات ظاهري : 574 ص.
شابك : 964-529-073-1
وضعيت فهرست نويسي : فاپا(چاپ دوم)
يادداشت : عربي.
يادداشت : چاپ اول: 1385 (فيپا).
يادداشت : چاپ دوم.
يادداشت : چاپ قبلي: موسسه دارالحديث الثقافيه، 1422ق = 1380 (در دو مجلد).
يادداشت : كتابنامه: ص. [553] - 567؛ همچنين به صورت زيرنويس
موضوع : سادات (خاندان) -- نسبنامه
موضوع : ائمه اثناعشر
موضوع : امامت
شناسه افزوده : حسيني، جعفر، 1323 - ، مصحح
شناسه افزوده : مجمع جهاني اهل بيت (ع)
رده بندي كنگره : BP36/5/الف2ف6 1390
رده بندي ديويي : 297/95
شماره كتابشناسي ملي : م 85-556
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
ص: 11
ص: 12
ص: 13
ص: 14
ص: 15
ص: 16
ص: 17
ص: 18
ص: 19
ص: 20
ص: 21
ص: 22
ص: 23
ص: 24
ص: 25
ص: 26
ص: 27
ص: 28
ص: 29
ص: 30
ص: 31
ص: 32
ص: 33
ص: 34
ص: 35
ص: 36
ص: 37
ص: 38
ص: 39
ص: 40
ص: 41
ص: 42
ص: 43
ص: 44
ص: 45
ص: 46
ص: 47
ص: 48
ص: 49
ص: 50
ص: 51
ص: 52
ص: 53
ص: 54
ص: 55
ص: 56
ص: 57
ص: 58
ص: 59
ص: 60
ص: 61
ص: 62
ص: 63
ص: 64
ص: 65
ص: 66
ص: 67
ص: 68
ص: 69
ص: 70
ص: 71
ص: 72
ص: 73
ص: 74
ص: 75
ص: 76
ص: 77
ص: 78
ص: 79
ص: 80
ص: 81
ص: 82
ص: 83
ص: 84
ص: 85
ص: 86
ص: 87
ص: 88
ص: 89
ص: 90
ص: 91
ص: 92
ص: 93
ص: 94
ص: 95
ص: 96
ص: 97
ص: 98
ص: 99
ص: 100
ص: 101
ص: 102
ص: 103
ص: 104
ص: 105
ص: 106
ص: 107
ص: 108
ص: 109
ص: 110
ص: 111
ص: 112
ص: 113
ص: 114
ص: 115
ص: 116
ص: 117
ص: 118
ص: 119
ص: 120
ص: 121
ص: 122
ص: 123
ص: 124
ص: 125
ص: 126
ص: 127
ص: 128
ص: 129
ص: 130
ص: 131
ص: 132
ص: 133
ص: 134
ص: 135
ص: 136
ص: 137
ص: 138
ص: 139
ص: 140
ص: 141
ص: 142
ص: 143
ص: 144
ص: 145
ص: 146
ص: 147
ص: 148
ص: 149
ص: 150
ص: 151
ص: 152
ص: 153
ص: 154
ص: 155
ص: 156
ص: 157
ص: 158
ص: 159
ص: 160
ص: 161
ص: 162
ص: 163
ص: 164
ص: 165
ص: 166
ص: 167
ص: 168
ص: 169
ص: 170
ص: 171
ص: 172
ص: 173
ص: 174
ص: 175
ص: 176
ص: 177
ص: 178
ص: 179
ص: 180
ص: 181
ص: 182
ص: 183
ص: 184
ص: 185
ص: 186
ص: 187
ص: 188
ص: 189
ص: 190
ص: 191
ص: 192
ص: 193
ص: 194
ص: 195
ص: 196
ص: 197
ص: 198
ص: 199
ص: 200
ص: 201
ص: 202
ص: 203
ص: 204
ص: 205
ص: 206
ص: 207
ص: 208
ص: 209
ص: 210
ص: 211
ص: 212
ص: 213
ص: 214
ص: 215
ص: 216
ص: 217
ص: 218
ص: 219
ص: 220
ص: 221
ص: 222
ص: 223
ص: 224
ص: 225
ص: 226
ص: 227
ص: 228
ص: 229
ص: 230
ص: 231
ص: 232
ص: 233
ص: 234
ص: 235
ص: 236
ص: 237
ص: 238
ص: 239
ص: 240
ص: 241
ص: 242
ص: 243
ص: 244
ص: 245
ص: 246
ص: 247
ص: 248
ص: 249
ص: 250
ص: 251
ص: 252
ص: 253
ص: 254
ص: 255
ص: 256
ص: 257
ص: 258
ص: 259
ص: 260
ص: 261
ص: 262
ص: 263
ص: 264
ص: 265
ص: 266
ص: 267
ص: 268
ص: 269
ص: 270
ص: 271
ص: 272
ص: 273
ص: 274
ص: 275
ص: 276
ص: 277
ص: 278
ص: 279
ص: 280
ص: 281
ص: 282
ص: 283
ص: 284
ص: 285
ص: 286
ص: 287
ص: 288
ص: 289
ص: 290
ص: 291
ص: 292
ص: 293
ص: 294
ص: 295
ص: 296
ص: 297
ص: 298
ص: 299
ص: 300
ص: 301
ص: 302
ص: 303
ص: 304
ص: 305
ص: 306
ص: 307
ص: 308
ص: 309
ص: 310
ص: 311
ص: 312
ص: 313
ص: 314
ص: 315
ص: 316
ص: 317
ص: 318
ص: 319
ص: 320
ص: 321
ص: 322
ص: 323
ص: 324
ص: 325
ص: 326
ص: 327
ص: 328
ص: 329
ص: 330
ص: 331
ص: 332
ص: 333
ص: 334
ص: 335
ص: 336
ص: 337
ص: 338
ص: 339
ص: 340
ص: 341
ص: 342
ص: 343
ص: 344
ص: 345
ص: 346
ص: 347
ص: 348
ص: 349
ص: 350
ص: 351
ص: 352
ص: 353
ص: 354
ص: 355
ص: 356
ص: 357
ص: 358
ص: 359
ص: 360
ص: 361
ص: 362
ص: 363
ص: 364
ص: 365
ص: 366
ص: 367
ص: 368
ص: 369
ص: 370
ص: 371
ص: 372
ص: 373
ص: 374
ص: 375
ص: 376
ص: 377
ص: 378
ص: 379
ص: 380
ص: 381
ص: 382
ص: 383
ص: 384
ص: 385
ص: 386
ص: 387
ص: 388
ص: 389
ص: 390
ص: 391
ص: 392
ص: 393
ص: 394
ص: 395
ص: 396
ص: 397
ص: 398
ص: 399
ص: 400
ص: 401
ص: 402
ص: 403
ص: 404
ص: 405
ص: 406
ص: 407
ص: 408
ص: 409
ص: 410
ص: 411
ص: 412
ص: 413
ص: 414
ص: 415
ص: 416
ص: 417
ص: 418
ص: 419
ص: 420
ص: 421
ص: 422
ص: 423
ص: 424
ص: 425
ص: 426
ص: 427
ص: 428
ص: 429
ص: 430
ص: 431
ص: 432
ص: 433
ص: 434
ص: 435
ص: 436
ص: 437
ص: 438
ص: 439
ص: 440
ص: 441
ص: 442
ص: 443
ص: 444
ص: 445
ص: 446
ص: 447
ص: 448
ص: 449
ص: 450
ص: 451
ص: 452
ص: 453
ص: 454
ص: 455
ص: 456
ص: 457
ص: 458
ص: 459
ص: 460
ص: 461
ص: 462
ص: 463
ص: 464
ص: 465
ص: 466
ص: 467
ص: 468
ص: 469
ص: 470
ص: 471
ص: 472
ص: 473
ص: 474
ص: 475
ص: 476
ص: 477
ص: 478
ص: 479
ص: 480
ص: 481
ص: 482
ص: 483
ص: 484
ص: 485
ص: 486
ص: 487
ص: 488
ص: 489
ص: 490
ص: 491
ص: 492
ص: 493
ص: 494
ص: 495
ص: 496
ص: 497
ص: 498
ص: 499
ص: 500
ص: 501
ص: 502
ص: 503
ص: 504
ص: 505
ص: 506
ص: 507
ص: 508
ص: 509
ص: 510
ص: 511
ص: 512
ص: 513
ص: 514
ص: 515
ص: 516
ص: 517
ص: 518
ص: 519
ص: 520
ص: 521
ص: 522
ص: 523
ص: 524
ص: 525
ص: 526
ص: 527
ص: 528
ص: 529
ص: 530
ص: 531
ص: 532
ص: 533
ص: 534
ص: 535
ص: 536
ص: 537
ص: 538
ص: 539
ص: 540
ص: 541
ص: 542
ص: 543
ص: 544
ص: 545
ص: 546
ص: 547
ص: 548
ص: 549
ص: 550
ص: 551
ص: 552
ص: 553
ص: 554
ص: 555
ص: 556
ص: 557
ص: 558
ص: 559
ص: 560
ص: 561
ص: 562
ص: 563
ص: 564
ص: 565
ص: 566
ص: 567
ص: 568
ص: 569
ص: 570
ص: 571
ص: 572
ص: 573
ص: 574
ص: 575
ص: 576
ص: 577
ص: 578
ص: 579
ص: 580
ص: 581
ص: 582
ص: 583
ص: 584
ص: 585
ص: 586
ص: 587
ص: 588
ص: 589
ص: 590
ص: 591
ص: 592
ص: 593
ص: 594
ص: 595
ص: 596
ص: 597
ص: 598
ص: 599
ص: 600
ص: 601
ص: 602
ص: 603
ص: 604
ص: 605
ص: 606
ص: 607
ص: 608
ص: 609
ص: 610
ص: 611
ص: 612
ص: 613
ص: 614
ص: 615
ص: 616
ص: 617
ص: 618
ص: 619
ص: 620
ص: 621
ص: 622
ص: 623
ص: 624
ص: 625
ص: 626
ص: 627
ص: 628
ص: 629
ص: 630
ص: 631
ص: 632
ص: 633
ص: 634
ص: 635
ص: 636
ص: 637
ص: 638
ص: 639
ص: 640
ص: 641
ص: 642
ص: 643
ص: 644
ص: 645
ص: 646
ص: 647
ص: 648
ص: 649
ص: 650
ص: 651
ص: 652
ص: 653
ص: 654
ص: 655
ص: 656
ص: 657
ص: 658
ص: 659
ص: 660
ص: 661
ص: 662
ص: 663
ص: 664
ص: 665
ص: 666
ص: 667
ص: 668
ص: 669
ص: 670
ص: 671
ص: 672
ص: 673
ص: 674
ص: 675
ص: 676
ص: 677
ص: 678
ص: 679
ص: 680
ص: 681
ص: 682
ص: 683
فهرس الموضوعات .
ص: 684
. .
ص: 685
الفصل الثاني : في ذكر الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام وهو الإمام الثاني 1
.
ص: 687
مولده ، وكنيته ، ونسبه ، ولقبه [ومبلغ عمره ، ووقت وفاته ]وغير ذلك ممّا يتّصل به كما ستقف عليه إن شاء اللّه تعالى . ولد الحسن بن عليّ عليه السلام في المدينة النصف من شهر رمضان المعظم سنة ثلاث من الهجرة 1 ، وكان الحسن أوّل أولاد عليّ وفاطمة عليهماالسلام . وروي مرفوعا إلى عليّ بن
.
ص: 688
أبي طالب قال : لمّا حضرت ولادة فاطمة قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأسماء بنت عميس واُمّ سلمة : احضرا فاطمة (1) فإذا وقع ولدها واستهلّ صارخا فأذّنا في اُذنه اليمني ، وأقيما في اُذنه اليسري (2) ، فإنّه لا يفعل ذلك بمثله إلاّ عُصم من الشيطان ، ولا تحدّثا شيئا حتّى آتيكما (3) .
.
ص: 689
فلمّا ولدت فعلتا ذلك وأتاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله فسرّه ولثاه 1 بريقه ، وقال : اللّهمّ إنّي اعيذه بك [وذرّيته] وولده من الشيطان الرجيم 2 .
.
ص: 690
فلمّا كان اليوم السابع من مولده قال صلى الله عليه و آله : ما سمّيتموه؟ قالوا : حربا ، قال صلى الله عليه و آله : بل سمّوه حسنا 1 ،
.
ص: 691
ثمّ إنّه صلى الله عليه و آله عقّ 1 عنه وذبح كبشا وتولّى ذلك بنفسه الكريمة ، وقال لفاطمة عليهاالسلام : احلقى رأسه، وتصدّقي بوزن الشعر فضّة ، فكان الوزن عن شعره بعد حلقه درهما وشيئا (1) .
.
ص: 692
فتصدّقت به ، فصارت العقيقة والتصدّق بوزن الشعر سنّة مستمرّة عند العلماء بما فعله النبي صلى الله عليه و آلهفي حقّ الحسن عليه السلام (1) .
فصل : في نسبه ، وكنيته ، ولقبه ، وصفاته الحسنة ، وغير ذلك ممّا يتصل به عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : حصل للحسن وأخيه الحسين عليهماالسلاممالم يحصل لغيرهما ، فإنّهما سبطا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وريحانتاه 2 ، وسيّدا شباب أهل الجنّة (2) ، جدهما رسول اللّه صلى الله عليه و آله ،وأبوهما عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم ، واُمّهما
.
ص: 693
الطهر البتول فاطمة ابنة الرسول ، وللّه در القائل . نسبٌ كان عليه من شمس الضحى نورٌ (1) ومن فلق الصباح عمودا هذا النسب الّذي (2) تتقاصر (3) عنده الأنساب ، وجاء بصحّته الأثر ، وصدّقه الكتاب ، فهو وأخوه دوحة النبوّة الّتي طابت فرعا وأصلاً ، وشعبتا الفتوة الّتي سمت رفعةً ونبلاً ، قد اكتنفهما العزّ والشرف ، ولازمهما السؤدد فماله عنهما منصرف 4 .
.
ص: 694
وأما كنيته عليه السلام : فأبو محمّد لا غير (1) . وأمّا ألقابه عليه السلام فكثيرة هي : التقي ، والزكي ، والطيّب والسيّد ، والسبط ، والولي ، كلّ ذلك كان يُقال له ويُطلق عليه ، وأكثر هذه الألقاب شهرةً التقي وأعلاها رتبتة (2) ما لقّبه به رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحيث وصفه به وخصّه بأن جعله نعتا له ، فإنّه صحّ النقل كما جاء في الصحيحين عن النبيّ صلى الله عليه و آله فيما أورده الائمة الاثبات عنه صلى الله عليه و آله ، والروات الثقات أنه قال : إنّ ابني هذا سيّد 3 . وسيأتي إن شاء اللّه تعالى الحديث (3) بتمامه فيما بعد .
.
ص: 695
وأمّا صفته عليه السلام : فإنه روى عن أنس بن مالك [رض] قال : لم يكنْ أحدٌ أشبه برسولِ اللّه صلى الله عليه و آله من الحسن بن عليّ عليه السلام 1 . وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : «كان الحسن عليه السلام أشبه برسول اللّه صلى الله عليه و آله ما بين الرأس إلى الصدر ، والحسين أشبه فيما كان أسفل من ذلك 2 . وروى البخاري في صحيحه يرفعه إلى عقبة بن الحارث قال : صلّى أبو بكر العصر ثمّ خرج يمشي ومعه عليّ عليه السلام فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله أبو بكر
.
ص: 696
على عاتقه وقال : بأبي شبيه بالنبيّ ليس شبيها بعليّ ، قال : وعليّ عليه السلام يضحك (1) . (2) وروى مرفوعا إلى أحمد بن محمّد بن أيّوب المقبري (3) قال : كان الحسن عليه السلام أبيض اللون مشربا (4) بحمرة ، أدعج العينين ، سهل (5) الخدّين ، دقيق المسْرُبَة (6) ، كثّ اللحية ذا وفرة ، وكأنّ عنقه إبريق فضّة ، عظيم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين ، ربعة ليس بالطويل ولا القصير ، مليحا من أحسن الناس وجها ، وكان عليه السلام يخضّب بالسواد ، وكان عليه السلام جَعْد الشعر ، حسن البدن (7) ، كان نقش خاتمه «العزّة للّه وحده» (8) بابه (9) سفينة (10) ، شاعرته اُمّ سنان المدحجيه ، معاصره معاوية ويزيد .
.
ص: 697
فصل : فيما ورد في حقّه عليه السلام من رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوهذا فصلٌ أصله مقصود وفضله مشهود ، فانه جمع بين أشتات الإشارات النبوية والأقوال والأفعال الطاهرة الزكية ، فمن ذلك ما اتفق أهل الصحاح على إيراده وتطابقوا على صحّة إسناده . وروى الحافظ عبدالعزيز الأخضر الجنابدي بسنده مرفوعا إلى (1) سفيان بن الحارث الثقفي قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله والحسن بن عليّ عليهماالسلام إلى جنبه وهو يُقبل على الناس مرّة وعليه [مرّة ]اُخرى ، ويقول : إنّ ابني هذا سيّد ، ولعلّ اللّه أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين 2 .
.
ص: 698
وروى في صحيح البخاري ، ومسلم مرفوعا إلى البرّاء قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوالحسن بن عليّ عليه السلام على عاتقه وهو يقول : اللّهمّ إنّي اُحبه فأحبّه 1 .
.
ص: 699
وروى عن الترمذي مرفوعا إلى ابن عباس رضى الله عنهأنه قال : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحامل الحسن بن عليّ عليه السلام [على عاتقه] فقال رجل : نِعمَ المركب ركبت ياغلام ، فقال النبيّ صلى الله عليه و آله ، ونِعمَ الراكب هو (1) . وروى عن الحافظ أبي نعيم فيما أورده في حليته عن أبي بكرة (2) قال : كان النبيّ صلى الله عليه و آلهيصلّي بنا ، فيجيء الحسن عليه السلام وهو ساجد _ وهو إذ ذاك صغير _ فيجلس على ظهره ، ومرّة على رقبته ، فيرفعه النبيّ صلى الله عليه و آلهرفعا رفيقا ، فلمّا فرغ من الصلاة قالوا : يا رسول اللّه إنّك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد؟ فقال صلى الله عليه و آله : إنّ هذا ريحانتي ، وإنّ ابني هذا سيّد ، وعسى أن يصلح اللّه تعالى به بين فئتين من المسلمين (3) .
.
ص: 700
وروى البخاري ومسلم بسنديهما عن أبي هريرة قال : خرجت مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله[طائفة من النهار] لا يكلّمني ولا اُكلّمه حتّى جاء (1) سوق بني قينقاع ، ثمّ انصرف حتّى أتى مخباة وهو مخبأ (2) فاطمة عليهاالسلام فقال : «أثمَّ لُكع (3) ؟ أثمَّ لُكع؟» يعنى حسنا عليه السلام ، فظننّا إنّما حبسته (4) اُمّه لأن تغسله أو تلبسه [سِخابا] (5) ثوبا ، فلم يلبث إذ (6) جاء يسعى حتّى اعتنق (7) كلّ واحد منهما صاحبه ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : اللّهمّ إنّي اُحبّه واُحبّ من يحبُّه (8) _ وفي رواية اُخرى : اللّهمّ إنّي اُحبّه وأحبّ من يُحبّه _ قال أبو هريرة : فما كان أحدٌ أحبّ إليَّ من الحسن بعدما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهما قال (9) . وروى عن الترمذي بسنده عن أبي سعيد قال : قال رسول اللّه : الحسن والحسين
.
ص: 701
سيدا شباب أهل الجنّة (1) . وعن ابن عمر (2) : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : هما ريحانتي من الدنيا (3) . وروى النسائي بسنده عن عبد اللّه بن شذاذ (4) عن أبيه قال : خرج علينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله في إحدى صلاتي (5) العشاء وهو حامل حسنا عليه السلام [أو حسينا عليه السلام ]فتقدّم رسول اللّه صلى الله عليه و آلهللصلاة فوضعه ثمّ كبّر [للصلاة ]وصلّى (6) فسجد بين ظهراني صلاته مسجده فأطالها قال [أبي] : فرفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوهو ساجد ، فرجعت إلى سجودي فلمّا قضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله صلاته فقال الناس : يا رسول اللّه إنّك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتّى ظننّا أنه قد حدث أمرا وأنّه يوحى إليك! قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : كلّ ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني ، فكرهت أن اُعجّله حتّى ينزل (7) .
.
ص: 702
فصل : في علمه عليه السلامحكي عنه عليه السلام أنه كان يجلس في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ويجتمع الناس حوله فيتكلّم بما يشفي غليل السائلين ، ويقطع حجج المجادلين ، من ذلك ما رواه الإمام أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي في تفسير الوسيط : أنّ رجلاً دخل (1) إلى مسجد المدينة فوجد (2) شخصا يحدّث عن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوالناس من حوله (3) مجتمعون ، فجاء إليه الرجل قال : أخبرني عن «شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» (4) فقال : نعم ، أمّا الشاهد فيوم الجمعة ، وأمّا المشهود (5) فيوم عرفة ، فتجاوزه (6) إلى آخر غيره يحدِّث في المسجد فسأله (7) عن «شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» قال : أمّا الشاهد فيوم الجمعة ، وأمّا المشهود فيوم النحر . قال : فتجاوزهما (8) إلى ثالث ، غلام كأنّ وجهه الدينار ، وهو يحدّث [عن
.
ص: 703
رسول اللّه ]في المسجد ، فسأله (1) عن «شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» فقال : نعم ، أمّا الشاهد فرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأمّا المشهود فيوم القيامة ، أما سمعته [عزّ وجلّ ]يقول : «يَ_أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّ_آ أَرْسَلْنَ_كَ شَ_هِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا» (2) [و ]قال تعالى : «ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ» (3) . فسأل (4) عن الأوّل فقالوا : ابن عباس ، وسأل عن الثاني فقالوا : ابن عمر ، وسأل عن الثالث فقالوا : الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام [وكان قول الحسن أحسن] (5) . ونقل (6) عنه أنّه اغتسل وخرج من داره في بعض الأيّام وعليه حلّة فاخرة وبزّة وبردة (7) طاهرة ، ومحاسن سافرة [وقسمات ظاهرة] بنفحات [ناشرة ]طيّبات عاطرة ، ووجهه يشرق حسنا ، وشكله قد كمل صورةً ومعنى ، [والإقبال ]والسعد يلوح من (8) أعطافه ، ونضرة النعيم تعرف في (9) أطرافه ، و [قاضي القدر ]قد [حكم أنّ السعادة من أوصافه ]ركب بغلةً فارهة غير قطوف (10) ، وسار مكتنفا (11) من حاشيته وغاشيته (12) بصفوف [فلو شاهده عبد مناف لأرغم بمفاخرته به معاطس اُنوف ، وعدّه وآباءه وجدّه في إحراز خصل الفخار يوم التفاخر باُلوف] . فعرض له في
.
ص: 704
طريقه شخص من محاويج اليهود [هِمٌّ في هدم ]وعليه مسحٌ من جلود ، وقد أنهكته العلّة و [اُرتكبته ]الذلّة [وأهلكته القلّة ، وجلده يستر عظامه وضعفه يقيّد أقدامه ، وضرّه قد ملك زمامه ، وسوء حاله قد حبّب إليه حمامه ]وشمس الظهيرة قد تشوى (1) شواه [وقد أحرقت بحرها أخمصية ويصافح ثرى ممشاه ، وعذاب حرّ عريه قد عراه ، وطول طواه قد أضعف بطنه وطواه] وهو حامل جرّة ماء على قفاه ، فاستوقف الحسن فقال : يا ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهسؤال (2) فقال : له ما هو؟ قال : جدّك يقول : «الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر» وأنت المؤمن وأنا الكافر ، فما أرى الدنيا إلاّ جنة لك تتنعمّ بها (3) وأنت مؤمن وتستلذّ بها ، وما أراها إلاّ سجنا [لي ]قد أهلكني ضرها (4) وأتلفني (5) فقرها . فلمّا سمع الحسن عليه السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد واستخرج الجواب [بفهمه] من خزانة علمه وأوضح لليهودي خطأ ظنّه وخطل زعمه وقال : يا شيخ لو نظرت إلى ما أعدّ اللّه تعالى لي وللمؤمنين في دار الآخرة ممّا لا عين رأت ، ولا اُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، لعلمت [أني] قبل انتقالي إليه في هذه الدنيا (6) في سجنٍ ضنِك (7) ، ولو نظرت إلى ما أعدّ اللّه لك ولكلّ كافر في الدار الآخرة من سعير نار جهنّم ، ونكال العذاب الأليم المقيم لرأيت [أنّك ]قبل مصيرك إليه [الآن ]في جنّة واسعة ونعمة جامعة (8) . فانظر إلى هذا الجواب الصادع بالصواب .
.
ص: 705
فصل : في عبادته وزهادته عليه السلامعبادته عليه السلام الّتي اشتهرت ، وزهادته الّتي ظهرت ، قيامه بها مشهور ، وأسمه في أربابها مذكور ، فمن ذلك مانقله الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده أنه قال عليه السلام : إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم امشِ إلى بيته (1) . فمشى عشرين مرّة من المدينة إلى مكّة على قدميه 2 . وروى صاحب كتاب الصفوة بسنده عن عليّ بن زيد بن جذعان (2) أنه قال : حجّ الحسن بن عليّ عليه السلام خمس عشرة حجّة (3) ماشيا على قدميه وأنّ والنجائب لتقاد بين
.
ص: 706
يديه (1) . وأمّا الصدقات : فقد روى عن الحافظ أبي نعيم في حليته أنه عليه السلام خرج من ماله مرتين ، وقاسم اللّه تعالى ثلاث مرّات ماله وتصدّق به (2) . وكان عليه السلام من أزهد الناس في الدنيا ولذّاتها ، عارفا بغرورها وآفاتها ، وكثيرا مّا كان عليه السلام يتمثّل بهذا البيت (3) : يا أهلَ لذّاتِ دنيا لا بقاءَ لهَا إنّ المقام (4) بظلٍّ زائلٍ حُمقُ وأمّا ما يدلّ (5) على قوّة عبادته وعلوّ مكانته (6) قوله عليه السلام في بعض مواعظه : يا ابن آدم عف عن محارم اللّه تكن عابدا ، وأرض بما قسم اللّه لك تكن غنيا ، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما ، وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك بمثله تكن عدلاً ، إنّه كان بين أيديكم قوم يجمعون كثيرا ، ويبنون مشيدا ، ويأملون بعيدا ، أصبح جمعهم بورا ، وعملهم غرورا ، ومساكنهم قبورا . يا ابن آدم إنّك لم تزل في
.
ص: 707
هدم عمرك منذ سقطت من بطن اُمّك فخذ (1) بما في يديك ، فإنّ (2) المؤمن يتزوّد ، والكافر يتمتّع . وكان عليه السلام يتلو بعد هذه الموعظة «وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» (3) فتدبّر هذا الكلام بحسّك واعطه نصيبا وافرا من نفسك .
فصل : في جوده وكرمه عليه السلامالكرم والجود (4) غريزةٌ مغروسة فيه ، وإيصال صلاته للمسلمين (5) نهجٌ ما زال يسلكه ويقتفيه ، فمن ذلك مانقل عنه عليه السلام «أنه سمع رجلاً يسأل ربّه عزّ وجلّ أن يرزقه عشرة آلاف درهم ، فانصرف الحسن عليه السلام إلى منزله فبعث بها إليه (6) . ومن ذلك أنّ رجلاً جاء إليه عليه السلام وسأله وشكا إليه حاله وفقره وقلّة ذات يده بعد أن كان ذلك الرجل من المثرين (7) ، فقال له : يا هذا حقُّ سؤالك يعظم لديَّ ، ومعرفتي
.
ص: 708
بما يجب لك يكبُر لديَّ (1) ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله ، والكثير في ذات اللّه [عزّ وجلّ] قليل ، ومافي ملكي وفاء لشكرك ، فإن قبلت الميسور ورفعت (2) عنّي مؤونة الاحتيال (3) والاهتمام بما (4) أتكلّفه من واجبك فعلت . فقال الرجل : يابن رسول اللّه أقبل القليل وأشكر العطية وأعذر على المنع . فدعا الحسن عليه السلام وكيله (5) وجعل يحاسبه على نفقاته ومقبوضاته حتّى استقصاها ، فقال : هات الفاضل [من الثلاثمائة ألف درهم] فأحضر خمسين ألف درهم ، قال : فما فعلت في الخمسمائة درهم (6) الّتي معك؟ فقال : هي عندي : فقال عليه السلام : فأحضرها ، فلمّا أحضرها دفع (7) الدراهم والدنانير إليه (8) واعتذر منه (9) . ومن ذلك مارواه أبو الحسن المدايني قال : [لمّا] خرج الحسن والحسين وعبد اللّه بن جعفر عليهم السلام حجّاجا فلمّا كانوا في بعض الطريق جاعوا وعطشوا وقد فاتتهم أثقالهم فنظروا إلى خباء فقصدوه فإذا فيه عجوز فقالوا : هل من شراب؟ فقالت: نعم ، فأناخُوا بها وليس عندها إلاّ شويهة في كسر الخباء (10) فقالت: احتلبوها
.
ص: 709
فاتّذقوا لبنها ، ففعلوا ذلك وقالوا لها : هل من طعام؟ فقالت : لا ، إلاّ هذه الشاة (1) ماعندي غيرها اُقسم عليكم باللّه إلاّ ماذبحها أحدكم حتّى اُهيّئ (2) لكم حطبا واشووها وكلوها ، ففعلوا وأقاموا حتّى بردوا ، فلمّا ارتحلوا قالوا لها : نحن نفرٌ من قريش نريد هذا الوجه ، فإذا رجعنا سالمين فألمّي بنا فإنّا صانعون إليك خيرا ، ثمّ ارتحلوا . فأقبل زوجها فأخبرته [عن ]خبر القوم والشاة فغضب [الرجل ]وقال : ويحك أتذبحين شاتي (3) لأقوام لاتعرفيهم ثمّ تقولين نفر من قريش؟ ثمّ بعد وقت (4) طويل ألجأتهم الحاجة واضطرّتهم السنة إلى دخول المدينة فدخلاها [وجعلا ]ينقلان (5) البعر [إليها ويبيعانه ويعيشان منه ]فمرّت العجوز في بعض السكك (6) تلتقط البعر ، والحسن عليه السلام جالس على باب داره فبصر بها فعرفها فناداها وقال لها : يا أمة اللّه تعرفيني؟ فقالت : لا فقال عليه السلام : أنا أحد ضيوفك في المنزل الفلاني ضيفك يوم كذا ، سنة كذا ، فقالت : بأبي أنت واُمّي لست أعرفك ، قال عليه السلام :فإن لم تعرفيني فأنا اُعرّفك ، فأمر غلامه فاشترى لها من غنم الصدقة ألف شاة وأعطاها ألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين ، فعرفها وقال [لها] : بكم وصلك أخي الحسن؟ فأخبرته ، فأمر لها مثل ذلك ، ثمّ بعث معها غلامه إلى عبد اللّه بن جعفر رضى الله عنهفقال : بكم وصلك الحسن واُخوه؟ فقالت : وصلني كلّ واحد منهما بألف شاة وألف دينار ، فأمر لها بألفي شاة وألفي دينار ، وقال : واللّه لو بدأتِ بي لأتعبتهما . ثمّ رجعت إلى زوجها وهي من أغنى الناس» (7) .
.
ص: 710
وعن الحسن بن سعد عن أبيه قال : متّع الحسن بن عليّ عليه السلام امرأتين من نسائه بعد طلاقهما بعشرين ألفا وزقّ (1) من عسل ، فقالت إحداهما وأراها الحنفية : متاع قليل من حبيبٍ (2) مفارق (3) .
فصل : في شيء من كلامه عليه السلامنقل الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام سأل ابنه الحسن فقال له :يابُني ما السداد؟ فقال : يا أبتِ السدادُ دفع المنكر بالمعروف . وقال عليه السلام : ما الشرفُ؟ قال : اصطناعُ العشيرة وحمل (4) الجريرة . وقال عليه السلام : فما السماح؟ (5) قال : البذلُ في العُسر واليُسر . قال عليه السلام : فما اللؤم؟ قال : إحتراز (6) المرء ما نفسه (7) وبذله عرسه (8) . قال : فما الجُبن؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول عن (9) العدوّ . قال : فما الغِنى؟ قال : رضا النفسِ بما قَسمَ اللّه تعالى لها وإن قلَّ . قال : فما
.
ص: 711
الحلم؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس . قال : فما المَنعة؟ قال : شدّة البأس ومنازعة أعزّ (1) الناس . قال : فما الذلّ؟ قال : الفزعُ عند المصدوقة (2) . قال : فما الكلفة؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك . قال : فما المجد؟ قال : أن تعطي في الغُرم (3) وتعفو عن (4) الجرم . قال : فما السناء (5) قال : إتيانُ الجميل وتركُ القبيح . قال : فما السفه؟ قال : اتباع الدُناة ومصاحبة (6) الغُواة . قال : فما الغفلة؟ قال : ترك (7) المسجد وطاعة المفسده (8) . فهذه الأجوبة الحاضرة ، شاهدة ببصيرة ناصرة ، ومادّة فضل وافرة ، وفكرة على استخراج الغوامض القادرة . ومن كلامه عليه السلام أنه قال : لا أدب لمن لا عقل له ، ولا مودّة لمن لا همّة له ، ولا حياء لمن لا دِين له ، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل ، وبالعقل تُدرك الدارين جميعا ، ومن حرم العقل حرمهما (9) جميعا (10) .
.
ص: 712
وسئل عليه السلام عن الصمت فقال : هو ستر العي (1) ، وزين العرض ، وفاعلهُ في راحة ، وجليسه في أمن (2) .
وقال عليه السلام :هلاك المرء في ثلاث : الكِبر ، والحرص ، والحسد . فالكِبر : هلاك الدين وبه لُعن إبليس ، والحرص : عدوّ النفس وبه اُخرج آدم من الجنّة ، والحسد : رائد السوء (3) ومنه قتل قابيل هابيل (4) .
وقال عليه السلام :لا تأتي رجلاً إلاّ أن ترجُوَ نَواله ، أو تخاف بأسه (5) [أو تستفيد من علمه ]أو ترجُوَ بَركتَه [ودعاءه ]أو تصل رحما بينَك وبينَه (6) .
وقال عليه السلام :دخلتُ على عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهو يجود بنفسه لمّا ضربه ابن ملجم ، فجزعتُ لذلك فقال لي : أتجزع (7) ؟ قلت : وكيف لا أجزع وأنا أراك في هذه الحالة؟! فقال : يابني احفظ عنّي خصالاً أربعا إذا أنت حفظتهنّ نلت بهنّ النجاة : يا بني ، لا غِنى أكثر من العقل ، ولا فقر مثل الجهل ، ولا وحشة أشدّ من العُجب ، ولا عيش ألدّ من (8) حُسن الخُلق . واعلم أنّ مروّة القناعة ، والرضا أكبر من مروّة الإعطاء ، وتمام الصنيعة خير من ابتدائها 9 .
.
ص: 713
وقال عليه السلام :من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه (1) .
وقال عليه السلام :حُسن السؤال نصف العلم (2) .
فكلامه عليه السلامنوعٌ من (3) كلام أبيه وجدّه ، ومحلّه من البلاغة محلّ لا ينبغي لأحدٍ من بعده .
فصل : في ذكر طرف من أخباره عليه السلام ومدة خلافته ومهادنته بعد ذلك لمعاوية ومصالحته لهروى جماعة 4 من أصحاب السِير وغيرهم أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام خطب في
.
ص: 714
صبيحة الليلة الّتي قُبض فيها أمير المؤمنين عليّ عليه السلام فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلى الله عليه و آله ثمّ قال :لقد قُبِضَ في هذهِ الليلةِ رجلٌ لم يَسبِقْه الأوّلون [بعمل ]ولم يدركه الآخِرون [بعمل ]لقد كانَ يُجاهِدُ مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله فَيقِيهِ بنفسه ، وكانَ رسولُ اللّه صلى الله عليه و آلهيُوجِّهُهُ برايتهِ فيكنفه (1) جبرئيلُ عن يمينهِ وميكائيلُ عن يساره (2) ، فلا يَرجعُ حتّى يفتح اللّهُ على يديهِ . ولقد تُوفِّي [في ]الليلةِ الّتي عُرِجَ فيها بعيسى بن مريم ، وفيها قُبِضَ يُوْشَعُ بن نونٍ عليه السلام [وصيُّ موسى ]وما خلّفَ صفراءَ ولا بيضاءَ إلاّ سبعمائة (3) درهمٍ فضُلَتْ من عطائه ، وأراد أنْ يبتاعَ بها خادما لأهله (4) . ثمّ خنقته (5) العبرة فبكى وبكى الناس معه (6) . ثمّ قال عليه السلام : أنا ابن البشير [أنا ابن] النذير ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن الداعي إلى اللّه بإذنهِ ، أنا ابن الذين أذهبَ اللّه عنهم الرِجسَ وطهّرهم تطهيرا ، أنا من أهل بيتٍ افترض اللّهُ تعالى حبّهم (7) في كتابه فقال عزّ من قائل : «قُل لاَّ أَسْ_ئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ
.
ص: 715
الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا» (1) . فالحسنة مودّتنا أهل البيت (2) . ثمّ جلس فقام عبد اللّه بن العباس بين يديه فقال : معاشر الناس إنّ هذا ابن بنت نبيكم ووصيُّ إمامكم فبايعوه [فاستجابوا له ، وقالوا : ما أحبّه إلينا وأحقّه بالخلافة] فتبادر الناس إلى بيعته 3 .
.
ص: 716
. .
ص: 717
. .
ص: 718
. .
ص: 719
وبعض هذه الخطبة قد أوردها أحمد بن حنبل في مسنده (1) عن هبيرة [بن مريم ]وكان ذلك في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة. وقيل : الأحد ليلة الثالث والعشرين منه على ما جاء في اختلاف الروايات المتقدّمة في مقتل عليّ عليه السلام ، فرتّب العُمّال ، وأمَّرَ الاُمراءَ ، وجنّد الجنود ، وفرّق العطيّات (2) . ولمّا بلغ معاوية وفاة (3) عليّ وبيعة الحسن عليه السلام دسّ (4) رجلاً من حِمْيرَ إلى الكوفة
.
ص: 720
ورجلاً من بلقين (1) إلى البصرة ليكتبا إليه (2) بالأخبار ويُفسدا على الحسن عليه السلام الاُمور (3) ويغيّرا عليه قلوب الناس ، فعرف بهما الحسن عليه السلام فأخذهما وقتلهما وكتب إلى معاوية : أمّا بعدُ ، فإنّكَ دَسَستْ الرجال [للاحتيال والاغتيال ]وأرصدت العيونَ كأنّكَ تُحبُّ اللقاءَ ، ولوترى العافية وما أوشك (4) في ذلك فتوقّعه إن شاء اللّه تعالى (5) . فلمّا بلغ معاوية كتابه وقتلِه الرجلين سار بنفسه إلى العراق (6) وتحرّك الحسن وبعث حُجْرَ بن عَديّ واستنفر (7) الناس للقتال ، فتثاقلوا عنه ثمّ خفّ (8) معه أخلاطا من الناس بعضهم من شيعته وشيعة أبيه عليه السلام وبعضهم من المحكّمة (9) الذين يؤثرون (10) القتال _ قتال معاوية _ بكلّ حيلة (11) ، وبعضهم من أصحاب طمع في الغنائم ، وبعضهم
.
ص: 721
أصحاب عصبية اتّبعو رؤساءهم ورؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين (1) . ثمّ سار حتّى نزل ساباط [دون ]القنطرة وبات هناك ، فلمّا أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في طاعته ليميز أولياءه من أعدائه ويكون على بصيرةٍ من لقاء معاوية ، فأمر أن ينادي في الناس الصلاة جامعة ، فاستجمعوا فصعد المنبر فخطبهم (2) فقال : الحمد للّه كلّما حمده حامد (3) وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه كلّما شهد له شاهد (4) وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله أرسله بالحق وائتمنه على الوحي (5) صلى الله عليه و آله .أمّا بعد ، فواللّه إنِّي لأرجو أنّ أكون قد أصبحتُ بحمد اللّه ومَنِّه وأنا أنصح خلق اللّه تعالى لخلقهِ ، وما أصبحتُ محتملاً على امرئً مسلمٍ ضغينةً ولا مريد له بسوء ولا غايلة ، وإنّما تكرهون في الجماعة خيرٌ لكم ممّا تحبّون في الفرقه [ألا] وإنّي ناظرٌ لكم [خيرا من نظركم ]ولأنفسكم فلا تخالفوا أمري ولا تَردُّوا عليَّ [رأيي ]وإنّي غفر اللّه لي ولكم وأرشدني وإيّاكم لما فيه المحبّة والرضا ناظرا لما فيه مصالحكم ، والسلام 6 .
.
ص: 722
[قال :] فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا : ما ترونّه يريد أن يصنع؟ قالوا : نظنّه (1) أنه يريدُ أن يصالح معاوية ويسلّم الأمر إليه [فقالوا : كفر واللّه الرجل ]فشدّوا على فُسطاطه فانتهبوه حتّى أخذوا مصلاّه من تحته . ورداءه من عاتقه [ثمّ شدّ عليه عبد الرحمن بن عبد اللّه بن جعال الأزدي ، فنزع مِطرفَه من عاتقه ، فبقي جالسا متقلّدا السيف بغير رداء] (2) . فرجع وركب فرسه وتقلّد بسيفه وأحدق به طوائف من خاصّته وشيعته ومنعوا منه مَن أراده (3) [فقال : ادعُوا لي ، فدعوا له ]وطافوا به ربيعة وهمدان وجماعة من غيرهم وساروا معه ، فبادر إليه رجل من بني أسد يقال له (4) الجرّاح بن سنان (5) [فأخذ بلجام بغلته] في يده مِغوَل (6) [وقال : اللّه أكبر شركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل ]فطعنه به في فخذه فشقّه حتّى بلغ العظم [فاعتنقه الحسن وخرّا جميعا إلى الأرض ]فأكبّ عليه شخصٌ من شيعة الحسن (7) فقتله
.
ص: 723
وقتلوا آخر كان معه ، وحمل الحسن عليه السلام على سرير من تلك الضربة إلى المدائن (1) فنزل بها على سعد بن مسعود الثقفي (2) وكان عاملاً عليها من جهة أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأقرّه الحسن على ذلك واشتغل الحسن عليه السلام بمعالجة جرحه . وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة سرّا واستحثوه على سرعة سرعة السير (3) نحوهم وضمنوا له (4) تسليم الحسن عليه السلام عند دنوِّهم (5) من عسكره والفتك به 6 .
.
ص: 724
وبلغ الحسن عليه السلام ذلك وتحقّق فساد نيّات أكثر أصحابه وخذلانهم له ، ولم يبق معه ممّن يأمن غائلته إلاّ خاصّة شيعته وشيعة أبيه ، وهم جماعة لا يقومون بحرب أهل الشام ، فكتب إلى معاوية في الهدنة والصلح (1) فأجابه إلى ذلك وأنفذ إليه كُتب أصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك فيه وتسليمه إليه . وبعد إجابة (2) معاوية لصلح الحسن 3 فاشترط عليه الحسن عليه السلام شروطا كثيره كان
.
ص: 725
في الوفاء بها مصالح شاملة منها : أن لا يتعرّض عمّاله إلى سبّ أمير المؤمنين على المنابر،ولا ذكره بسوء، ولا القنوت عليه في الصلوات (1) ،وأن يؤمّن شيعته ولا يتعرّض لأحد منهم بسوء (2) ، ويوصل كلّ ذي حقّ حقّه (3) . فأجابه معاوية إلى ذلك كلّه وكتب بينه وبينه بذلك كتابا ، وهذه صورة الكتاب _كتاب الصلح _ الّذي استقرّ بينهم وهو : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا ما صالح (4) عليه الحسن بن عليّ بن أبي طالب ،
.
ص: 726
معاوية بن أبي سفيان ، صالحه (1) على أن يسلم إليه أمر (2) المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسيرة الخلفاء [الصالحين ]الراشدين المهديّين المهدين . وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين . وعلى (3) أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض اللّه تعالى في شامهم،ويمنهم ، وعراقهم ، وحجازهم . وعلى أنّ أصحاب عليّ وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم حيث كانوا . وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد اللّه وميثاقه [وما أخذ اللّه على أحد من خلقه بالوفاء وبما أعطى اللّه من نفسه] . وعلى أن لا يبغي (4) للحسن بن عليّ ولا لأخيه الحسين غائلة ولا لأحد من أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهغائلة سوء سرّا أو (5) جهرا ، ولا يخيف أحدا منهم في اُفق من الآفاق . شهد عليه بذلك فلان وفلان وكفى باللّه شهيدا 6 .
.
ص: 727
ولما اُبرم (1) الصلح بينهما التمس معاوية من الحسن عليه السلام أن يتكلّم بمجمع من الناس ويُعلِمهم أنه قد بايع معاوية ، فأجابه إلى ذلك ، فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على نبيّه محمّد صلى الله عليه و آلهثمّ قال : أيّها الناس إنّ أكيّس الكيس التقي ، وأحمق الحمق الفجور . [واللّه ] ولو أنكم طلبتم ما بين جابرقا (2) وجابرصا (3) مَن جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما وجدتموه غيري وغير أخي الحسين ، وقد علمتم أنّ اللّه تعالى جلّ ذكره وعزّ اسمه هداكم بجدّي محمّد وأنقذكم [به ]من الضلالة ، وخلّصكم [به] من الجهالة ، وأعزّكم به بعد الذلّة ، وكثّركم به بعد القلّة ، وانّ معاوية نازعني حقّا هو لي دونه ، فتركته (4) لصلاح الاُمّة وقطع الفتنة ، وقد كنتم بايعتموني على أن تُسالموا من
.
ص: 728
سالمت (1) وتحاربوا من حاربت ، فرأيت أن اُسالم لمعاوية وأضع الحرب بيني وبينه ، وقد بايعته (2) ، وقد رأيت أنّ حقن دماء المسلمين خيرٌ من سفكها ، ولم (3) اُرد بذلك إلاّ صلاحكم وبقاءكم «وَإِنْ أَدْرِى لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَ_عٌ إِلَى حِينٍ» (4) . ثمّ نزل وتوجّه بعد ذلك إلى المدينة الشريفة وأقام بها (5) . وكانت (6) مدّة خلافته عليه السلام إلى أن صالح معاوية ستة أشهر وثلاثة أيّام ، وقيل : خمسة أيام (7) .
وروى شيبة قال:سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : الخلافة ثلاثون سنة ثمّ تكون ملكا.
.
ص: 729
وكان آخر ولاية الحسن تمام ثلاثين وثلاثة عشر يوما من أول خلافة أبي بكر (1) .
وروى أنه لمّا تمّ الصلح لمعاوية واجتمع عليه الناس دخل عليه سعد بن أبي وقّاص (2) وقال : السلام عليك أيّها الملك ، فتبسّم معاوية وقال : ما عليك يا أبا إسحاق لو قلت يا أمير المؤمنين ، قال : ما اُحبّ أني وليتها بما ولينها به (3) . وروى ذلك صاحب تاريخ البديع . وروى أبو بشر الدولابي أنّ معاوية أعطى للحسن بعد أن تمّ الصلح بينه وبينه خمسة الآف درهم 4 وقيل : بل أعطاه مائة ألف دينار 5 ، واللّه أعلم .
.
ص: 730
. .
ص: 731
. .
ص: 732
. .
ص: 733
. .
ص: 734
فصل : في ذكر وفاته 1 ومدّة عمره وإمامته عليه السلامقال أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي في كتابه «إعلام الورى» بعد أن تمّ
.
ص: 735
. .
ص: 736
الصلح بين الحسن بن عليّ ومعاوية وخرج الحسن عليه السلام إلى المدينة وأقام بها عشر سنين سقته زوجته جُعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي السمّ ، وذلك بعد أن بذل لها معاوية على سمّة مائة ألف درهم ، فبقي مريضا أربعين يوما 1 . وقال الحافظ أبو نعيم في حليته : إنّه لمّا اشتدّ الأمر بالحسن قال : أخرجوا فرشي إلى صحن الدار لعلّي أتفكّر (1) في ملكوت السماوات _ يعني الآيات _ فلمّا خرجوا به قال : اللّهمّ إنّي أحتسب نفسي عندك فإنّها أعزّ الأنفس عليَّ (2) .
.
ص: 737
وعن عمرو بن إسحاق قال : دخلت أنا ورجل على الحسن بن عليّ نعوده فقال : يا فلان سَلني ، فقلت : لا واللّه لا أسألك حتّى يعافيك اللّه ثمّ أسألك [قال : فدخل عنّا ثمّ خرج إلينا فقال : يا فلان سَلني قبل أن لا تسألني ، قال : بل يعافيك اللّه تعالى ثمّ أسألك] قال: لقد ألقيت طائفة من كبدي (1) ، وإنّي سُقيتُ السمّ مرارا فلم اُسقه مثل هذه المرّة] (2) .ثمّ دخلت عليه من الغد [وهو يجود بنفسه] فوجدت أخاه الحسين عند رأسه ، فقال له الحسين : [مَن] تتهم (3) يا أخي؟ قال : لِمَ؟ لتقتله؟ (4) قال : نعم ، قال : إن يكن الّذي أظنّه فاللّه أشدّ بأسا وأشدّ تنكيلاً ، وإن لم يكن (5) فما اُحبُّ أن
.
ص: 738
يُقتل بي بريء (1) . وروي أنّه لمّا حضرته الوفاة فكأنه جزع لذلك ، فقال له أخوه الحسين : ما هذا الجزع؟إنّك (2) ترد على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعلى أمير المؤمنين وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما اُمّاك ، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك وعلى حمزة وجعفر وهما عمّاك،فقال له الحسن: يا أخي ما جزعي إلاّ أني داخل (3) في أمرٍ من أمر اللّه لم أدخل في مثله قطّ . وأرى خلقا من خلق اللّه لم أرَ مثله (4) قط (5) فبكى . الحسين عند ذلك. ثمّ قال له الحسن : يا أخي قد حضرت وفاتي وحان فراقي [لك] وإنّي لاحقٌ بربي وأجد كبدي يتقطّع وإنّي لعارف من أين دُهيت وأنا اُخاصمه إلى اللّه ، فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء (6) ، فإذا أنا قضيتُ [نحبي ]فغمِّضني وغسلني وكفّنّي واحملني على سريري إلى قبر جدِّي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهلاُجدِّد به عهدا ، ثمّ ردّني إلى (7)
.
ص: 739
قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فأدفنّي هناك ، وباللّه اُقسم عليك أن لا تهرق في أمري محجمة دم 1 . ثمّ وصّى إليه بأهله ووُلده وتركاته (1) وجميع ما كان وصّى به إليه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ثمّ قضى نحبه عليه السلام وذلك لخمس خلون من ربيع الأوّل سنة خمسين من الهجرة (2) . وصلّى عليه سعيد بن
.
ص: 740
العاص (1) فإنّه كان يومئذٍ واليا على المدينه من جهه معاوية (2) وصلّى عليه الحسين عليه السلام (3) ودُفن بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد عليهاالسلام 4 وعمره (رض) إذ ذاك سبع وأربعون
.
ص: 741
سنة (1) ، كان منها مع رسول اللّه صلى الله عليه و آلهسبع سنين (2) ، ومع أبيه بعد وفات رسول اللّه صلى الله عليه و آلهثلاثين سنة (3) ، وعاش بعد أبيه عليه السلام إلى حين وفاته عشر سنين (4) ، وهذه مدّة إمامته عليه السلام .
فصل : في ذكر أولاده 5 عليه السلام .
ص: 742
.
.
ص: 743
. .
ص: 744
قال ابن الخشّاب: وُلد له أحد عشر ولدا وبنتا واحدةً 1 ، أسماء بنيه: عبد اللّه (1) ، والقاسم (2)
.
ص: 745
والحسن (1) ، وزيد (2) ، وعمر (3) ، وعبد اللّه (4) ، وعبدالرحمن (5) ، وأحمد (6) ، وإسماعيل (7) ، والحسين (8) ، وعقيل (9) ، والبنت اسمها اُمّ الحسن فاطمة وهي اُمّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام (10) . قال الشيخ المفيد في رسالته : أولاد الحسن خمسة عشر [ولدا] ذكرا واُنثى
.
ص: 746
وهم : زيدُ بن الحسن واُختاه اُمّ الحسن واُمّ الحسين اُمُّهم اُمُّ بشيرٍ بنت أبي مسعودٍ عُقْبة بن عمرو بن ثعلبةَ الخزرجيّةٌ ، والحسنُ بن الحسنِ اُمّه خَولةُ بنت منظورٍ الفزاريّة ، وعمرو] بن الحسن] وأخواه القاسمُ وعبد اللّه [ابنا الحسنَ ]اُمّهم اُمّ ولدٍ استُشهدوا ثلاثتهم بين يدي عمّهم الحسين عليه السلام بطفّ كربلاء رضي اللّه عنهم وأرضاهم وأحسن عن الدين والإسلام وأهله جزاءهم [بطف كربلاء] ، وعبدالرحمن اُمُّه اُمّ ولدٍ ، والحسن [والحسين] بن الحسن الملقّبُ بالأثرم وأخوه طلحةُ وأختهما فاطمةُ [بنت الحسن] اُمّهم اُمُّ إسحق بنت طلحة بن عبيداللّه (1) التميمي ، واُمّ عبد اللّه وفاطمةُ واُمُّ سلمةَ ورقيةُ بناتُ الحسن لاُمهاتِ أولادٍ شتّى (2) . قال الشيخ كمال الدين بن طلحة : لم يكن لأحد من أولاد الحسن عقب غير اثنين (3) منهم وهما الحسن وزيد[رض] . تنبيه على ذكر شيءٍ من خبرهما : فأمّا زيدُ بنُ الحسن فإنّه كان يلي (4) صدقات رسول اللّه صلى الله عليه و آله ،كان جليلَ القدرِ كريمَ الطبع طيّبَ [ظريف ]النفس كثيرَ البرِّ ، وكان مُسنّا ، مدحه الشعراءُ وقصدَه الناسُ منَ الآفاقِ لطلب فضلة (5) . ذكر أصحابُ السِير انّه لمّا وُلِّيَ سليمانُ بن عبدالملك كتب إلى عامله بالمدينة : أمّا بعدُ ، فإذا (6) جاءَكَ كتابي هذا فاعزلْ زيدا عن صدقات رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوادفَعها إلى فلان _إلى رجل من قومه وسمّاه _ [وأعنه على ما استعانك عليه ، والسلام] . فلمّا استخلف (7) الخلافة عمر بن عبدالعزيز كتب
.
ص: 747
إلى عامله بالمدينة : أمّا بعد ، فإنّ زيد بن الحسن شريفُ بني هاشم وذو سنِّهم فإذا جاءَك كتابي هذا فاردُدْ إليه صدقاتِ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوأعنْه على ما استعانك عليه [والسلام] (1) . وفي زيد بن الحسن يقول محمّد بن بشر [بشيرَ ]الخارجيُّ يمدحه حيث يقول شعرا (2) : إذا نَزَلَ ابْنُ المُصطَفَى بَطْنَ تَلعةٍنَفَى جَدْبهَا وَاخْضرَّ بالنّبَتِ عُوْدُهَا وَزَيْدٌ رَبيْعُ الناس في كُلّ شَتْوةٍإذا أخلفَتْ أنواؤها وَرُعُوْدُها حَمُوْلٌ لأشناق الديات (3) كأنّهُسِراجُ الدُّجى إذ قارنَته (4) سُعُوْدُهَا ومات زيد بن الحسن وله تسعون سنة (5) فرثَاه جماعةٌ من الشّعراء وذكروا مآثره وفضله وكرمه ، فممّن رثاه قُدامةُ بن الموسى الجُمحِيّ يقول (6) : فإنْ (7) يَكُ زيدٌ غالت الأرض شخصَهُفقد بان (8) معروفٌ هُناك وَجُودُ وإنْ يَكُ أمسى رَهْنَ رمْسٍ فَقَد ثَوىبه وهَو محمودُ الفعال فقيد (9) سميعٌ (10) إلى المعترّ (11) يعلم أنّهُسيطلُبُهُ المعروفُ ثُمّ يَعُودُ وليس بقوَّالٍ وقد حطّ رحلَهُلملتمسِ المعروف (12) : أيْنَ تُريدُ إذا قَصَّر الوعدُ الدنيّ (13) نما بهإلى المجد آباءٌ لهُ وَجُدودُ إذا ماتَ مِنْهُمْ سيِّدٌ قَامَ سَيِّدٌكريمٌ يبني بعدَهُ (14) ويَشيْدُ وخرج (15) زيد بن الحسن من الدنيا ولم يدّع الإمامة ولا ادّعاها له مُدّعٍ من الشيعة ولا غيرهم ، وذلك لأنّ الشيعة رجلان : إماميٌّ وزيديٌّ ، فالإمامي يعتمدُ في الإمامة النصوصَ وهي معدومةٌ في ولد الحسنِ عليه السلام باتفاق ، ولم يدّع ذلك أحدٌ منهم لنفسه فيقع فيه الارتياب ، والزيدي يُراعي في الإمامة بعد عليّ والحسن والحسين الدعوة والجهاد ، وزيد بن الحسن كان مُسالما لبني اُمية ومُتقلِّدا من قبلهم الأعمال ، وكان رأيُه التقية لأعدائه والتألُّف لهم والمداراة ، وهذا يُضادّ (16) عند الزيدية خارج عن علامات الإمامة ، فزيدٌ على هذه الأقوال خارج عنها بكلِّ حال (17) . وأمّا (18) الحسن بن الحسن فكان جليلاً مهيبا رئيسا فاضلاً ورعا زاهدا ، وكان يَلِي صدقات أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب [في وقته ]بالمدينة . حُكي عنه أنه كان يساير الحجّاج يوما بالمدينة والحجّاج إذ ذاك أمير المدينة ، فقال له الحجّاج : ياحسن أدخل معك عمّك عمرا على صدقات أبيه فإنّه عمُّكَ وبقيةُ
.
ص: 748
أهلِكَ ، فقال الحسن : لا اُغيِّر شرطا اشترطه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولا اُدخل في صدقاته من لم يُدخل (1) ، فقال له الحجّاج : أنا [إذا] اُدخله معك قهرا ، فأمسك الحسن بن الحسن عنه . ثمّ ما كان إلاّ أن فارقه وتوجّه من المدينة إلى الشام قاصدا عبدالملك بن مروان بالشام ، فوقف ببابه يطلُبُ الإذن عليه ، فوافاه يحيى بن اُمِّ الحكم وهو بالباب فسلّم عليه وسأله عن مقدمه وما جاء به فأخبره بخبره مع الحجّاج فقال : اسبقك بالدخول على أمير المؤمنين ثمّ ادخل أنت فتكلّم واذكر قصّتك فسترى ما أفعل معك وأنفعك لاُساعدك عنده إن شاء اللّه تعالى . فدخل يحيى بن اُمّ الحكم ثمّ دخل بعده الحسن بن الحسن ، فلمّا جلس رحّب به عبدالملك وأحسن مساءلته وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب ، فقال له عبدالملك : لقد أسرع إليك الشيب (2) يا أبا محمّد ، فبدر إليه ابن اُمّ الحكم فقال : ومايمنعه شيبه يا أمير المؤمنين؟ شيّبه (3) أمانيُّ أهل العراق يفِدُ عليه (4) الركب بعد الركب في كلّ سنة يمنونه الخلافة ، فقال له الحسن : بئس واللّه الرفد رفدت ، وليس الأمر كما قلت ، ولكنّنا أهل بيت يُسرع إلينا الشيب (5) ، وعبدالملك يسمع كلامهما ، فأقبل عبدالملك على الحسن وقال : هلمّ حاجتك يا أبا عبد اللّه لا عليك ، فأخبره بقول الحجّاج له ، فقال عبدالملك : ليس ذلك له ، وكتب له كتابا يتهدّده ويمنعه من ذلك 6 .
.
ص: 749
ووصل الحسن بن الحسن بأحسن صلة وأجازه بأحسن جائزة وقابله بأحسن مقابلة ، وجهّزه راجعا إلى المدينة الشريفة على أحسن حال إلى الحجّاج ، فبعد أن خرج الحسن من عنده قصده يحيى ابن اُمّ الحكم واجتمع به فعاتبه الحسن على ما فعل وقال له : هذا وعدك الّذي وعدتني به؟ فقال له يحيى : إيها لك فواللّه (1) مالويت عنك نفعا ولا ادّخرت عنك جهدا ، ولولا كلمتي هذه ما هابك (2) ولا قضى لك حاجتك فاعرف ذلك لي (3) . وروي : أنّ الحسن بن الحسن خطب إلى عمّه الحسين إحدى ابنتيه فقال له : يابني اختر أيّهما أحبّ إليك ، فاستحيى الحسن رضى الله عنهولم يحر جوابا ، فقال له الحسين عليه السلام : [فإنّي ]قد اخترتُ لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثر شبها باُمّي فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله فزوّجها منه (4) . وحضر الحسن بن الحسن مع عمّه [الحسين] بطفّ كربلاء فلمّا قُتل الحسين واُسِرَ الباقون من أهله واُسِرَ من (5) جملتهم الحسن بن الحسن فجاء أسماءُ بن خارجة فانتزع (6) الحسن من بين الأسرى وقال : واللّه لا يُوصل إلى ابن خولة ابدا 7 .
.
ص: 750
فقبض (1) الحسن بن الحسن وله خمس وثمانون (2) سنة من العمر وأخوه زيد حيّ ووصّى (3) إلى أخيه من اُمّه إبراهيم بن محمّد بن طلحة (4) ولمّا مات الحسن بن الحسن ضربت زوجته فاطمة بنت الحسين عليه السلام على قبره فسطاطا وكانت تقوم الليل وتصوم النهار ، وكانت (رض) تُشبَّهُ بالحور العين لجمالها ، فلمّا كان (5) رأس السنة قالت لمواليها : إذا أظلم الليلُ فقوِّضوا [هذا ]الفسطاط ، فلمّا أظلم الليل وقوضوه سمعت قائلاً يقول : «هل وجدوا ما فقدوا؟» فأجابه آخر : «بَلْ يئسوا فانقلبوا» (6) . ومضى الحسن بن الحسن ولم يدَّع الإمامة ولا ادّعاها له مدّعٍ على ما سبق من حال أخيه زيد (7) .
.
ص: 751
. .
ص: 752
. .
ص: 753
الفصل الثالث : في ذكر الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام الإمام الثالثوفي هذا الفصل عدّة فصول في ذكر مولده ونسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتصل به عليه السلام . ولد الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان المكرّم سنة أربع من الهجرة 1 . وكانت والدته الطهر البتول فاطمة بنت الرسول علقت به بعد
.
ص: 754
أن ولدت أخاه الحسن عليه السلام بخمسين ليلة (1) ، هكذا صح النقل في ذلك فلم يكن بينه وبين أخيه من التفاوت سوى هذه المدّة المذكوره ومدّة الحمل (2) . ولمّا ولد الحسين عليه السلام أخبر النبيّ صلى الله عليه و آله به فجاءه وأخذه وأذنّ في اُذنه اليمنى وأقام في اُذنه اليسرى ، واستبشر به صلى الله عليه و آلهوسماه حسينا وعقّ عنه صلى الله عليه و آله كبشا وقال لاُمّه : احلقي رأسه وتصدّقي بوزنه فضّة وافعلي به كما فعلتِ بأخيه الحسن عليه السلام 3 .
.
ص: 755
فصل : في ذكر نسبه وكنيته ولقبه عليه السلامنسبه هو نسب أخيه من غير زيادة ، وقد تقدّم ذكره فلا حاجة فيه إلى الإعادة (1) . وأمّا كنيته عليه السلام فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : كنيته أبو عبد اللّه لا غير (2) . أمّا ألقابه فكثيرة : الرشيد ، والطيّب ، والوفي ، والسيّد ، والزكي ، والمبارك ، والتابع لمرضاة اللّه تعالى ، والسبط (3) . فكلّ هذه كانت تقال له وتُطلق عليه وأشهرها الزكي ولكن أعلاها (4) رتبةً مالقّبه بها (5) رسول اللّه صلى الله عليه و آله في قوله فيه وفي (6) أخيه أنهما سيّدا شباب أهل الجنّة (7) . فيكون (8) السيّد أشرفها، وكذلك السبط فإنّه صحّ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله
.
ص: 756
أنه قال : حسينٌ سبطٌ من الأسباط (1) ، وسيأتي هذا الحديث إن شاء اللّه تعالى . وكان الحسين عليه السلام أشبه الخلق بالنبيّ صلى الله عليه و آلهمن سرّته إلى كعبة (2) . شاعره يحيى بن الحَكم (3) وجماعة غيره ، بابه أسعد الهجري (4) . نقش خاتمة «لكلّ أجلٍ كتاب» (5) ، معاصره يزيد بن معاوية وعبيداللّه بن زياد لعنهما اللّه .
فصل : فيما ورد في حقّه عليه السلام من جهة النبيّ صلى الله عليه و آلهوهو فصل مستجلي الموارد والمصادر مستعلي المحامد والمفاخر ، مشعرا بأنّ الحسن والحسين عليهماالسلامأحرزا أعلى المعالي وأفخر المفاخر ، فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهخصّهما من مزايا العلى بأتمّ معنى وأنزلهما من ذروة الشرف بالمحلّ الأسنى ، فمدح وأثنى وأفرد وثنى ، فأمّا ما يخصّ الحسن عليه السلام فقد تقدّم في فضله ، وأمّا ما يخصّ الحسين عليه السلام مع بعض المشترك فهذا أوان حصده .
فمن ذلك ما رواه الترمذي بسنده عن يعلى ابن مرّة 6 قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
.
ص: 757
حسينٌ منّي وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا ، حسينٌ سبطٌ من الأسباط (1) .
وروي عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام (2) قال :اصطرع الحسن والحسين عليهماالسلامبين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إيها حسن ، فقالت فاطمة عليهاالسلام يا رسول اللّه استنهضتَ الكبير على الصغير؟! فقال صلى الله عليه و آله : هذا جبرائيل عليه السلام يقول للحسين : إيها حسين خذ الحسن (3) .
.
ص: 758
وعن زيد ]يزيد] بن أبي زياد قال : خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله من بيت عائشة فمرَّ على بيت فاطمة فسمع صلى الله عليه و آلهحسينا يبكي ، فقال : ألم تعلمي أنّ بكاءه يؤذيني (1) . وعن البرّاء بن عازب قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله حامل الحسين بن عليّ على عاتقه وهو يقول : اللّهمّ إنّي اُحبّه فأحبّه (2) . وروى الإمام محمّد بن إسماعيل البخاري والترمذي كلّ منهما في صحيحه يرفعه إلى ابن عمر أنه سأله رجل عن دم البعوض فقال : من أنت؟ قال : من أهل
.
ص: 759
العراق ، فقال : انظروا [إلى] هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت النبيّ صلى الله عليه و آلهوقد سمعت النبيّ صلى الله عليه و آله يقول : هما (1) ريحانتاي من الدنيا 2 . وروي أنه سأله عن المحرم يقتل الذباب فقال : يا أهل العراق تسألون عن قتل الذباب وقد قتلتم الحسين ابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وذكر الحديث وفي آخره : هما سيّدا شباب أهل الجنّة (2) . وروت اُمّ الفضل (3) بنت الحارث أنّها دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقالت : يا رسول اللّه إنّي رأيت الليلة (4) حُلما منكرا قال : وما هو؟ [قالت : إنّه شديد ، قال : وما هو؟ ]قالت : رأيت كأنّ قطعةً من جسدك قُطِعَت ووضِعت (5) في حِجري ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : خيرا رأيتِ ، تلد فاطمة غلاما فيكون في حِجرك ، فولدتْ
.
ص: 760
فاطمةُ الحسين عليه السلام . قالت : وكان (1) في حِجري [فأرضعته بلبن قثم] كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفدخلتُ به [يوما على النبيّ صلى الله عليه و آله] فوضعته في حجره ، ثمّ حانت منِّي التفاتةٌ فإذا عَينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله تهراقان بالدموع (2) فقلت : بأبي أنت واُمّي يا رسول اللّه مالك تبكي؟ قال صلى الله عليه و آله :أتاني جبرئيل عليه السلام فأخبرني أنّ اُمتي ستقتل ابني هذا ، [و ]أتاني بتربةٍ من تربته حمراءَ 3 . وروى البغوي بسنده يرفعه إلى اُمّ سلمة أنها قالت : كان جبرئيل عليه السلام عند النبيّ والحسين بن عليّ عليه السلام معي [فبكى فتركته] فغفلت عنه فذهب إلى النبيّ صلى الله عليه و آلهوجعله النبيّ صلى الله عليه و آلهعلى فخذه ، فقال له جبرائيل أتحبّه يا محمّد؟ فقال صلى الله عليه و آله : نعم ، فقال : أمّا أنّ اُمّتك ستقتله ، وإن شئت أريتك [من] تربة الأرض الّتي يُقتل بها (3) ، فبسط جناحه إلى الأرض فأراه (4) أرضا يقال لها كربلاء . تربة حمراء بطفُ
.
ص: 761
العراق» 1 . وروى الحافظ عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة الطاهرة مرفوعا عن الأصبغ بن نُباتة عن عليّ عليه السلام : قال : أتينا مع عليّ بن أبي طالب فمررنا بأرض كربلاء (1) [نزل وبكى وقال (2) عليّ عليه السلام : هاهنا مناخ ركابهم وهاهنا موضع رحالهم ، وهاهنا مهراق دمائهم ، فتيةٌ (3) من آل محمّد صلى اللّه عليه وآله أجمعين يُقتلون بهذه (4) العرصة تبكي عليهم السماء
.
ص: 762
والأرض (1) . ومنه يرفعه إلى عبد اللّه بن مسعود قال : بينما نحن جلوس عند النبيّ صلى الله عليه و آلهإذ أقبل (2) عليه فتية من بني هاشم (3) ]فلمّا رآهم إغرورقت عيناه[ فتغيّر لونه ورؤي في وجهه كآبة فقلنا (4) : يا رسول اللّه مانزال (5) نرى في وجهك شيئا نكرهه؟ فقال صلى الله عليه و آله : إنّا أهل بيت اختار اللّه تعالى لنا الآخرة على الدنيا وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا 6 .
.
ص: 763
فصل : في علمه وشجاعته وشرف نفسه وسيادته عليه السلامقال بعض أهل العلم : علوم أهل البيت لاتتوقّف على التكرار والدرس ، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان في الأمس ، لأنهم المخاطبون في أسرارهم والمحدّثون في النفس . فسماء (1) معارفهم وعلومهم بعيدة عن الإدراك واللمس ، ومن أراد سترها كمن أراد ستر وجه الشمس ، وهذا ممّا يجب أن يكون ثابتا مقرّرا في النفس فهم يرون عالم الغيب في عالم الشهادة ، ويقفون على حقائق المعاني (2) في خلوات العبادة ، وتناجيهم ثواقب أفكارهم في أوقات أذكارهم بما تسنّموا به غارب الشرف والسيادة ، وحصلوا بصدق توجيههم إلى جناب القدس فبلغوا به منتهى السؤال (3) والإرادة ، فهم كما في نفوس أوليائهم ومحبّيهم وزيادة ، فما تزيد معارفهم في زمان الشيخوخة على معارفهم في زمن الولادة . وهذه اُمور تثبت لهم بالقياس والنظر ، ومناقب واضحة الحجول بادية الغرر ، ومزايا تشرق إشراق الشمس والقمر ، وسجايا تزين عيون التواريخ وعنوانات (4) الأثر . فما سألهم مستفيد أو ممتحن فوقفوا ، ولا أنكر منكر أمرا من الاُمور إلاّ علموا وعرفوا ، ولا جرى معهم غيرهم في مضمار شرف إلاّ سبقوا ، وقصر محاورهم وتحلّقوا سنّةً جرى عليها الذين تقدّموا منهم وأحسن أتباعهم الذين خلفوا ، وكم عانوا (5) في الجدال والجلاد اُمورا فبلغوها (6) بالرأي الأصيل والصبر الجميل فما استكانوا ولا ضعفوا ، فبهذا وأمثاله
.
ص: 764
سموا على الأمثال وشرفوا . تقرّ الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم ، وتصغي الأسماع إذا قال قائلهم أو نطق ناطقهم ، ويكشف الهوى إذا أفلست (1) به خلايقهم ، ويقف كلّ ساعٍ عن شَأوِهِم فلا يدرك فايتهم ولاينال طرايقهم ، سجايا منَحهم بها خالقهم ، وأخبر بها صادقهم ، فسرّ بها أولياؤهم وأصدقاؤهم (2) وحزن لها مباينهم ومفارقهم . وقد حلّ الحسين عليه السلام من هذا البيت الشريف في أوجّه وارتفاعه ، وعلا (3) محلّه فيه علوّا تطامنت النجوم عن إرتفاعه ، واطلّع بصفا سرّه على غوامض المعارف فانكشفت له الحقايق عند اطّلاعه ، وطار (4) صيته بالفضائل والفواضل فاستوى الصديق والعدوّ في استماعه ، ولمّا انقسمت غنائم المجد حصل على صعابها (5) ومرتاعه (6) ، فقد اجتمع فيه وفي أخيه عليهاالسلام من خلال الفضائل ما لاخلاف في إجتماعه . فكيف لايكونا كذلك وهما أبنا عليّ وفاطمة وسبطان لمن كان سيد النبيين والمرسلين وخاتمهم والحسين عليه السلام هو الّذي أرضى غرب السيف والسنان ومال إلى منازلة الابطال والشجعان . قال الشيخ كمال الدين بن طلحة : اعلم أنّ الشجاعة من المعاني القائمة بالنفوس ولها رجالٌ أبطال وصناديد الشؤوس ولا يعرف صاحبها إلاّ إذا ضاق المجال واشتدّ القتال وأحدقت الرجال بالرجال ، فمن كان مجزاعا مهلاعا فنراه يستركب الهزيمة ويستقبلها (7) يستوصب الدنية ويتطوّقها ، ويستعذب المغرّة ويستوثقها (8) ، ويستصحب
.
ص: 765
الذلّة ويتعلّقها فذلك (1) مهبول الاُم ، لا تعرف نفسه شرفاً ولا له عن الخساسة والدناءة منصرفا ، ومن كان كرّارا صبّارا خائضا غمرات الأهوال بنفسٍ مطمئنةٍ وعزيمةٍ مرجّجة بعد مصافحه الصفاح غنيمة باردة، ومراوحة الرماح فائدة وعائدة، ومكافحة الكتائب مكرمة زائدة ، ومناوحة المصائب منقبة شاهدة ، جانحا إلى ابتياع العزّ بمهجته ويراها ثمنا قليلاً جامحا عن إرتكاب الدنايا وإن غادره جماحه قتيلا (2) : يرى الموت أحلى من ركوب دنيةولا يقتدي للناكصين عليلا (3) ويستعذب التعذيب فيما يفيدهنزاهته عن أن يُقاد (4) ذليلا فهذا مالك زمام الشجاعة وحائزها ، وله من قداحها معلاها وفايزها ، وقد صحّف النقلة (5) في صحائف السِير بما رواه وحرّروا القول بما نقله المتقدّم إلى المتأخّر فيما رووه : إنّ الحسين عليه السلام لمّا قصد العراق وشارف الكوفة سمع به أميرها عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه ، فسرّب الجنود لمقاتلته إسرأبا وحزّب الجيوش (6) لمحاربته أحزابا ، وجهّز إليه من العساكر عشرين ألف مقاتل ، مابين فارس وراجل ، فأحدقوا به شاكّين في كثرة العدد والعديد ، ملتمسين منه نزوله على حكم بن زياد وبيعته ليزيد ، فإن أبى ذلك فليؤذن بقتال يقطع الوتين وحبل الوريد ، ويصعد بالأرواح إلى المحلّ الأعلى ويطرح الأشباح على الصعيد ، فتبعت نفسه الأبيّة جدّها وأباها ، وعزفت عن ارتكاب الدنيّة فأباها ، ونادته النخوة الهاشمية فلبّاها ومنحها بالإجابة إلى مجانبة
.
ص: 766
الذلّة وحباها ، فاختار مجالدة الجنود ومصادمة ضباها (1) ، والصبر على مقارعة صوارمها وكثرة وسم سباها . وكان أكثر هؤلاء الخارجين لقتاله قد كاتبوه وطاوعوه ، وشايعوه وتابعوه ، وسألوه القدوم عليهم ليبايعوه ، فلمّا جاءهم أخلفوه ما وعدوه ، ومالوا إلى السحت العاجل فقصدوه ، فنصب نفسه عليه السلام وإخوته وأهله وكانوا نيّفا وسبعين (2) لمحاربتهم ، واختاروا جميعهم القتل على متابعتهم ليزيد ومبايعتهم ، فاعتقلهم الفجرة الطغام ورشقتهم الرماح والسهام . هذا والحسين عليه السلام ثابت (3) إقدامه في المعترك أرسى من الجبال ، وقلبه لايضطرب لهول القتال ولا لقتال الرجال ولا لمنازلة الأبطال ، ثمّ قال: يا أهل الكوفة قبحا لكم وتعسا حين استصرختمونا ، فآتيناكم مرجفين فشحذتم علينا سيفا كان في إيماننا ، وحثثتم علينا نارا نحن أضرمناها على أعدائكم وأعدائنا ، فأصبحتم الباغين على أوليائكم ، ويدا لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا ذنب كان منّا إليكم ، فلكم الويلات هلا إذ كرهتمونا تركتمونا ، والسيف ما سام ، والجأش ما طاش ، والرأي لم يستحصد ، ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا إسراع الذباب ، وتهافتّم تهافت الفراش ، ثمّ نقضتمونا سفهاً وظلماً ، ألا لعنة اللّه على الظالمين . ثمّ حمل عليهم وسيفه مصلت في يده وهو ينشد ويقول : أنا ابن عليّ الخير (4) من آل هاشمكفاني بهذا مفخرا حين أفخر وجدّي رسول اللّه أكرم من مضى (5) ونحن سراج اللّه في الأرض (6) نزهر وفاطم اُمّي من سلالة أحمد (7) وعمّي يُدعى ذا الجناحين جعفر (8) وفينا كتاب اللّه اُنزل صادقاوفينا الهدي والوحي بالخير (9) يذكر ولم يزل عليه السلام يقاتل حتّى قتل كثيرا من رجالهم وفرسانهم وشجعانهم خائضا في لجج الحرب غمراتهم (10) غير هائب للموت من جميع جهاته ، إلى أن تقدّم إليه الشمر بن ذي الجوشن في جموعه ، وسيأتى تفصيل ما جرى له معه في فصل مصرعه إن شاء اللّه تعالى (11) .
.
ص: 767
فصل : في ذكر كرمه و جوده عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة «قد اشتهر النقل عنه عليه السلام (1) أنّه كان يكرم الضيف، ويمنح الطالب ، ويصل الرحم ، وينيل الفقير (2) ، ويسعف السائل ، ويكسو العاري (3) ، ويشبع الجائع ، ويعطى الغارم . ويشدّ من الضعيف ، ويشفق على اليتيم ، ويعين ذا
.
ص: 768
الحاجة ، وقلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه» (1) . وفي الفصل المتقدّم المعقود لكرم أخيه عليه السلام وقصّة المرأة الّتي ذبحت الشاة وما وصلها به لمّا أن جاءته بعد أخيه الحسن من إعطائها الألف دينار وشرائه لها الألف شاة (2) ما يعرّفك أنّ الكرم ثابت لهؤلاء القوم حقيقة ولغيرهم مجاز،إذ كلّ واحد منهم ضرب فيه بالقدح المعلّى، فحاز منه ما حاز، فهم بحار يجارون (3) الغيوث سماحة ، ويبارون الليوث حماسةً ، ويعدلون الجبال حلما ورجاحة ، فهم البحور الزاخرة والسحب الهامية الماطرة ، وفيه يقول الشاعر : فما كان من جود أتوه فإنّماتوارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطى إلاّ وشجه (4) وتغرس إلاّ في مغارسها النخل قال أنس : كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية بيدها (5) بطاقة ريحان ]فحيّته بها] فقال [لها] : أنت حرّة لوجه اللّه تعالى [وبهر أنس فانصرف يقول ]فقلت له : جارية تحيّيك (6) بطاقة ريحان لا حظّ (7) لها ولا بال فتعتقها؟! فقال : [كذا أدّبنا اللّه ]أما سمعت قوله تعالى «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ» (8) وكان أحسن منها عتقها (9) .
.
ص: 769
وكتب إليه أخوه الحسن يلومه على إعطائه الشعراء ، فكتب إليه : أنت أعلم منّي (1) بأنَّ خير المال ما وقى العرض (2) . وجنى غلامٌ له (3) جنايةً توجب العقاب عليه (4) فأمر بتأديبه [أن يُضرب ]فقال : يا مولاي قال اللّه تعالى «وَالْكَ_ظِمِينَ الْغَيْظَ» قال عليه السلام : خلّوا عنه فقد كظمت غيظي ، فقال : [يا مولاي] «وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ» قال عليه السلام : قد عفوت عنك ، فقال : [يا مولاي] : «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » (5) قال : أنت حرّ لوجه اللّه تعالى ، وأجازه بجائزة سنية (6) . وقيل : أنّ معاوية لمّا قدم مكّة وصله بمالٍ كثيرٍ وثيابٍ وافرةٍ وكسوةٍ فاخرة فردّ الجميع عليه ولم يقبل منه شيئا (7) ، فهذه سجيّة الجود وشنشنة الكرم وصفة من حوى مكارم الأخلاق ومحاسن الشِيَم . وممّا يؤذنك بكرمه وسماحته ذكر ما تقدّم في الفصل الّذي قبل هذا من ثبات قلبه وشجاعته ، إذ الشجاعة والسماحة توأمان ورضيعا لبان ، فالجواد شجاع والشجاع جواد ، وهذه قاعدة كلّية وإن خرج منها بعض الآحاد ، ومن خاف الوصمة في شرفه جاد بالطريف من ماله والتالد ، وقد قال أبو تمّام في الجمع بينهما فأجاد (8) : وإذ رأيت أبا يزيد في ندىووغى ومبدي غارةً ومعيدا أيقنتَ أنّ من السماح شجاعةتدنى وأنّ من الشجاعة جودا
.
ص: 770
وقال آخر في هذا المعنى : يجود بالنفس إن ظنّ البخيل بهاوالجود بالنفس أقصى غاية الجود وقيل : الكريم شجاع القلب ، والبخيل شجاع الوجه .
فصل : في ذكر شيء من محاسن كلامه وبديع نظامه عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة الشافعي : كانت الفصاحة لديه خاضعة والبلاغة لأمره زامعة طائعة ، وأمّا نظمه فيعدّ من الكلام جوهر عقد منظوم ومشهود برد مرقوم (1) ، انتهى .
فمن كلامه عليه السلام :حوائج الناس إليكم من نِعم اللّه [عزّ وجلّ] عليكم فلا تملّوا النِعم فتعود نقماً (2) .
وقال عليه السلام :صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك ، فأكرم وجهك عن ردّه (3) .
وقال عليه السلام في خطبة :أيّها الناس ، نافسوا في المكارم ، وسارعوا في المغانم ، ولا تحتسبوا (4) بمعروف ولم تجعلوه ، واكتسبوا الحمد بالنجح ولا تكسبوه بالمبطل ، فمهما يكن لأحدٍ عند أحدٍ صنعة ورأى أنه لا يقوم بشكرها فاللّه تعالى له بمكافاته بمكان وذلك أجزل عطاء وأعظم أجرا. واعلموا أنّ المعروف يكسب حمدا ويعقب أجرا ، فلو رأيتم المعروف رجلاً رأيتموه حسنا جميلاً يسرّ الناظرين ، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه منظرا قبيحا تنفر منه القلوب وتغضّ منه الأبصار . أيّها الناس ، من
.
ص: 771
جاد ساد ، ومن بخل ذلّ (1) ، فإنّ أجود الناس من أعطى من لا يرجوه ، وأعف الناس من عفا عن قدرة ، وإنّ أوصل الناس مَن وصل مَن قطعه ، ومَن أراد بالصنيعة إلى أخيه وجه اللّه تعالى كافاه اللّه تعالى بها في وقت حاجته وصرفت عنه من البلاء بأكثر من ذلك ، ومَن نفّس عن أخيه كربةً من كُرب الدنيا نفّس اللّه عنه كربةً من كُرب الآخره ، ومَن أحسن أحسن اللّه إليه واللّه يحبّ المحسنين (2) .
ومن كلامه عليه السلام :الحلم زينة ، والوفاء مروّة ، والصلة نعمة ، والاستكثار صلف ، والعجلة سفَه ، والسفَه ضعف ، والغلوّ (3) ورطة ، ومجالسة الدناءة شرّ ومجالسة أهل الفسوق (4) ريبة (5) .
وقيل :كان بينه وبين أخيه الحسن عليه السلام كلام فقيل له : اذهب إلى أخيك الحسن فاسترضه وطيّب خاطره فإنّه أكبر منك ، فقال : سمعت جدّي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول : «أيّما اثنين جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر كان السابق سابقه إلى الجنّة» وأكره ان اسبق أخي الأكبر إلى الجنّة . فبلع الحسن قوله عليه السلام فأتاه وترضّاه (6) .
فهذه الألفاظ تجاري الهوى رقّةً ومتانةً ، وتنبئك بأنّ لهم عند اللّه أكبر منزلةً وعلوّ مكانةً ، توارثوا البيان كابرا عن كابر وتسنّموا تلك الفضائل كتسنّمهم متون المنابر ، وتساووا في مضمار المعارف فالآخر يأخذ عن الأوّل والأوّل يملي على الآخر . شرف تتابع كابر عن كابركالرمح اُنبوبا على اُنبوب (7)
.
ص: 772
وأمّا نظمه عليه السلام فمن ذلك ما نقله عنه ابن أعثم صاحب كتاب الفتوح وهو أنه عليه السلام لمّا أحاطت به جموع بن زياد لعنه اللّه وقَتلوا مَن قَتلوا من أصحابه ومنعوهم الماء كان له ولد صغير فجاءه سهم فقتله فرمله الحسين عليه السلام وحفر له بسيفه وصلّى عليه ودفنه ، وقال شعرا : كفر (1) القوم وقدما رغبواعن ثواب اللّه ربّ الثقلين قتلوا (2) قدما عليّا وابنهحسن الخير كريم الأبوين (3) حسدا منهم وقالوا أجمعوا (4) نقتل الآن جميعا للحسين خيرة اللّه من الخلق أبيثمّ اُمّي (5) فأنا ابن الخيرتين فضّة قد خلصت (6) من ذهبفأنا الفضّة وابن الذهبين مَن له جدّ كجدّي في الورىأو كشيخي فأنا (7) ابن القمرين فاطم الزهراء اُمّي وأبيقاصم الكفر ببدر وحُنين وله في يوم اُحدٍ وقعةٌشفت الغلّ بفضّ العسكرين ثمّ بالأحزاب والفتح معاكان فيها حتف أهل الوثنين (8)
.
ص: 773
ومن ذلك ما حكي أنّ الفرزدق 1 لقيه عليه السلام وهو متوجّه إلى الكوفة فقال له : يا ابن [بنت] رسول اللّه ، كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل [وشيعته؟! فاستعبر الحسين بالبكاء ، ثمّ قال :] فترحّم على مسلم بن عقيل [رحم اللّه مسلما] وقال : أما أنه (1) صار إلى رحمة اللّه [وريحانه وجنّته ]تعالى
.
ص: 774
ورضوانه [أمّا أنّه] قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ، وأنشد (1) يقول : فإن (2) تكن الدنيا تُعَدُّ نفيسةفإنّ (3) ثواب اللّه أعلى وأنبلُ (4) وإن تَكن (5) الأبدان للموت اُنشئتفقتل امرءٍ في اللّه بالسيف أفضلُ وإن تكن الأرزاق قَسْما (6) مقدَّرافقلّة حرص (7) المرء في الكسب أجملُ وإن تكن الأموال للترك جمعهافما بال متروك به المرء يبخلُ (8)
ومن نظمه عليه السلام : ذهَبَ الذين احبُّهُمْوبقيتُ فيمن لا اُحبُّه فيمن أراهُ يسبُّنيظهر المغيب وَلا أسُبُّه أفلا يرى أنّ فِعلَهُمِمّا يسير (9) إليْهِ غَبُّه حسبي بِرَبِّي كافياممّا اختشى والبغْيُ حَسْبُه ولعلَّ مَنْ يُبغى عليه[فما] إلاّ كَفاهُ اللّهُ ربّه (10)
.
ص: 775
وقال عليه السلام : إذَا مَا عَضَّكَ الدهْرُفَلاَ تَجْنَح إلى الخَلقِ (1) وَلا تسألْ سِوى اللّه تَعَالى قَاسِمَ الرِّزْقِ فلو عِشتَ وَطوَّقْتَمِنَ الغَرْبِ إلى الشرقِ لَمَا صَادَفْتَ مَنْ يقدرأنْ يَسْعَدَ أوْ يَشْقِي (2)
وقال عليه السلام من قصيدةٍ طويلة هذا أوّلها : إذا استنصر المرء امرءً لايدا لهفناصره والخاذلون سواءُ انا ابنُ الّذي قد تعلمون (3) مكانهوليس على الحقِّ المبين طحاءُ (4) أليس رسولُ اللّه جَدّي ووالدِيأنا البدرُ إنْ خلا النجوم خفَاءُ ألم ينزل القرآن خلف بيوتناصباحا ومن بعد الصباح مساء يُنازعُني واللّه بيني وبينهيزيدُ وليس الأمر حيثُ يشاءُ فيا نُصحاء اللّه أنتم ولاتهوأنتم على أديانه اُمناءُ بأيّ كتابٍ أم بأيَّة سُنَّةٍتناولها عن أهلِهَا البُعدَاءُ (5)
وقال أبو مخنف : كان [مولانا] الحسين بن عليّ تعلوه (6) الكراهة لمّا كان عليه
.
ص: 776
من أمر أخيه الحسن عليه السلام من صلح معاوية ويقول : لَوْ جَزَّ أنفي بِموسٍ [ل] كان أَحبَّ إليَّ ممّا فعله أخي . وقال في ذلك (1) : فما ساءني شيء كما ساءني أخيولم أرض واللّه الّذي كان صانعا ولكن إذا ما اللّه أمضى قضاءهفلابدّ يوما أن تر الأمر واقعا ولو أنني شورت فيه لمّا رأواقرينهم (2) إلاّ عن الأمر شاسعا ولم أكُ أرضى بالّذي قد رضوا بهولو جمعت كلٌّ (3) إلى المجامعا ولو حزّ (4) أنفي قبل ذلك حزّةبموسٍ لما اُلقيت للصلح طائعا (5)
فصل : في ذكر مخرجه عليه السلام إلى العراقوذلك أنّ معاوية لمّا استخلف ولده يزيد وذلك في سنة ست وخمسين (6) ثمّ مات معاوية في سنة ستين (7) ثمّ لم تكن ليزيد همّة (8) إلاّ أن كتب إلى الوليد بن
.
ص: 777
عتبة (1) بن أبي سفيان عاملهم على المدينة يخبره بموت معاوية ويأمره أن يأخذ البيعة له من (2) الحسين بن عليّ وعبد اللّه بن عمر ، وعبد اللّه بن الزبير أخذا ليست فيه رخصة 3 أوّل الناس قبل ظهور الأمر وإفشائه ويشدّد عليهم في ذلك . فلمّا قرأ الوليد الكتاب عظم عليه هلاك معاوية وما أمره يزيد من أخذه البيعة على هؤلاء الثلاثه ، فاستدعى (3) مروان بن الحكم وقرأ عليه الكتاب ، فاسترجع (4) مروان وشقّ عليه موت معاوية ، فقال له الوليد : ما الرأي؟ كيف تصنع في هؤلاء النفر الثلاثه الذين أمرني بأخذ البيعة عليهم؟ فقال له : أرى أن تدعوهم الساعة وتأخذهم بالبيعة ، فإن فعلوا قَبِلْتَ منهم وكففت عنهم ، وإن أبوا [قدمتهم ]فضربت
.
ص: 778
أعناقهم قبل أن يعلم (1) أحدٌ منهم بموت معاوية ، لأنّهم إن علموا بموت معاوية (2) وثب كلّ واحدٍ منهم بناحيته وأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه ، ورأيي أنّ ابن عمر لا يحبّ القتال ولا يحبّ ان يولي (3) شيئا من اُمور الدنيا بالقتال إلاّ أن يدفع عليه هذا الأمر عفوا ، فأرسل إلى الحسين وإلى ابن الزبير لاغير (4) . فأرسل الوليد إلى الحسين وإلى ابن الزبير غلاما حدثا (5) من شيعته (6) يدعوهما إلى الحضور إليه ، وكانا جالسَين في المسجد ، فأتاهما في ساعةٍ متأخّرة لم يكن الوليد يجلس فيها لأحد (7) فقال : أجيبا (8) الأمير ، فقالا له : انصرف ، الآن نأته . ثمّ أخذا يتشاوران ، فقال [عبد اللّه ]ابن الزبير للحسين عليه السلام : ما تراه بعث إلينا في هذه الساعة الّتي لم يكن يجلس فيها إلاّ لأمرٍ قد حدث (9) ؟ فقال الحسين : نعم ، أظنّ أنّ طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا
.
ص: 779
بالبيعة (1) ليزيد قبل أن يُفشى (2) الخبر في الناس (3) ، فقال ابن الزبير : واللّه ما أظنّ غيره فما تريد أن تصنع (4) ؟ قال الحسين عليه السلام : أجمع فتياني الساعة (5) ثمّ أمشي إليه وأجلسهم قريبا من مجلسي وأنظر ما خبره (6) ، قال : فإنّي أخاف بعد دخولك عليه أن لاتنجو من شرّه (7) ، قال : لا أدخل عليه إلاّ وأنا قادر عن الامتناع منه (8) . ثمّ قام الحسين فجمع حاشيته وأهل بيته ثمّ دخل عليه وأدخلهم معه وأجلسهم بحيث يروا مكانه ويسمعوا كلامه قريبا من مجلسهم ، وقال : إن دعوتكم أو سمعتم
.
ص: 780
صوتي قد علا فائتوني بأجمعكم وإلاّ مكانكم حتّى آتيكم . ثمّ دخل عليه مجلسه فسلّم عليه وجلس ، ووجد مروان جالسا عنده فتحادثوا ساعةً ، ثمّ إنّ الوليد أخبره بموت معاوية ودعاه إلى بيعة يزيد ووعده عن يزيد بخيرٍ جزيل،فاسترجع الحسين عليه السلام لموت معاوية (1) وقال : مثلي لا يبايع ، فإذا خرجت إلى الناس ودعوتهم إلى البيعة أنا من جملتهم ويكون الأمر واحدا، ثمّ وثب الحسين قائما وولّى (2) .فقال مروان للوليد: لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرتَ (3) على مثلها ، أحبسه فإن بايع وإلاّ اضرب عنقه (4)
.
ص: 781
فوثب (1) إليه الحسين وقال : [ويلي عليك] ، يا ابن الزرقاء (2) أنت تضرب (3) عنقي أم هو؟ كذبت واللّه 4 . ثمّ خرج من الباب (4) قال : وكان الوليد يحبّ العافية (5) فالتفت إلى مروان وقال
.
ص: 782
له : ويح [وَبِّخْ ]غيرك ، واللّه ما اُحبُّ أنّ لي ما طلعتْ عليه الشمسُ وغربتْ [عنه ]من مال الدنيا وملكِها إذا قتلت حسينا [سبحان اللّه ! أقتل حسينا ]إن (1) قال لا اُبايع ، فسكت (2) مروان (3) . وأمّا ابن الزبير فقال للرسول : الآن آتيكم (4) ،
.
ص: 783
فألحّ عليه (1) الوليد في الطلب وهو يقول : امهلوني (2) . ثمّ إنّ ابن الزبير أرسل أخاه [إلى ]الوليد وهو يقول : إنّك أفزعتني وأرعبتني بمتابعة رسلك إليَّ وطلبتك لي واُريد أن تحملني إلى الليل وآتيك إن شاء اللّه تعالى ، فخلّى عنه (3) . فلمّا كان الليل هرب (4) ابن الزبير هو وأخوه جعفر (5) إلى مكّة المشرّفة ليس معهما [ثالث ]وأخذا على طريق الفرع (6) ، فأرسل الوليد بعد أن دخل الليل يطلبه فلم يجده ، فلمّا أصبح أرسل في طلبه فلم يدركه ولم يعلم إلى أيّ جهةٍ أخذ (7) .
.
ص: 784
وأمّا الحسين عليه السلام فإنّه أخذ (1) معه بنيه وإخوته وبني أخيه (2) وجميع أهله (3) وحاشيته وخرج في الليلة الثانية 4 من المدينة قاصدا مكّة المشرّفة فكفّوا عنه ولم يتعرّض أحد . وعند خروجه من المدينة قرأ قوله تعالى «فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّ__لِمِينَ» (4) . فلمّا دخل مكّة قرأ قوله تعالى «عَسَى رَبِّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَآءَ السَّبِيلِ» (5)(6) .
.
ص: 785
ثمّ إنّ الوليد بن عتبة أرسل (1) أيضا إلى ابن عمر وسأله المبايعة (2) قال : إذا بايع الناس بايعت ، فتركوه وكانوا لا يتخوّفونه (3) . قال : ولمّا خرج الحسين من المدينة إلى مكّة لقيه عبد اللّه بن مطيع (4) فقال له : جعلت فداك أين تريد؟ قال : أمّا الآن (5) فمكة ، وأمّا بعد [ها فإنّي] أستخير اللّه تعالى ، فقال : خار اللّه لك وجعلنا فداك ، فإذا [أنت ]أتيت مكّة فإياك أن تقرب الكوفة فإنّها بلدة مشؤومة ، بها قُتل أبوك وخُذل أخوك [واغتيل بطعنة كانت تأتي على نفسه] والزم الحرم فإنك سيّد العرب ولا يعدل (6) بك [واللّه ]أهل الحجاز أحدا ويتداعى إليك الناس من كلّ جانب ، لا تفارق الحرم فداك عمّي وخالي ، فواللّه لئن (7) هلكت لنُسترقّنّ بعدك . فأقبل الحسين حتّى دخل مكّة المشرّفة ونزل بها وأهلها يختلفون إليه ويأتونه وكذلك مَن بها من المجاورين والحاجّ والمعتمرين من سائر أهل الآفاق (8) ،
.
ص: 786
وابن الزبير أيضا قد نزل بها ولزم جانب الكعبة ، ولم يزل قائما يصلّي عندها عامّة النهار ويطوف جانبا من الليل ، ومع ذلك يأتي الحسين ويجلس إليه وقد ثقلت وطأة الحسين على ابن الزبير ، لأنّ أهل الحجاز لا يبايعونه مادام الحسين بالبلد ، ولا يتهيّأ له مايطلب منهم مع وجود الحسين (1) . ولمّا بلغ أهل الكوفة موت (2) معاوية وامتناع (3) الحسين وابن عمر وابن الزبير من البيعة وأنّ الحسين سار إلى مكّة اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد (4) بالكوفة وتذاكروا أمر الحسين ومسيره إلى مكّة ، قالوا : نكتب إليه يأتينا الكوفة ، فكتبوا إليه كتبا من رؤسائهم من سليمان بن صرد ومن المسيّب بن نجبة (5) ورفاعة بن شدّاد وحبيب بن مظاهر وشبث بن ربعي ويزيد بن الحارث ويزيد بن رُوَيم (6) وعروة (7) بن قيس وعمرو بن الحجّاج الزبيدي ومحمّد بن عمر التميمي (8)
.
ص: 787
وغيرهم من أعيان الشيعة ورؤساء أهل الكوفة قريبا من نحو مائة 1 كتاب ، وسيّروا الكتب (1) مع عبد اللّه بن سبع الهمداني وعبد اللّه بن والي (2) وهم يحثّونه فيها على القدوم عليهم والمسير إليهم على كلّ حال ، وكتاب واحد عامّ على لسان الجميع كتبوه وأرسلوه مع القاصدين وصورته : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، للحسين بن عليّ أمير المؤمنين من شيعتة وشيعة أبيه عليّ عليه السلام أمّا بعد ، فإنّ الناس ينتظرونك (3) لا رأي لهم في غيرك ، فالعجل العجل
.
ص: 788
يا ابن رسول اللّه لعلّ اللّه تعالى أن يجمعنا بك على الحقّ ويؤيّد بك المسلمين والإسلام بعد أجزل السلام وأتمّه عليك ورحمة اللّه وبركاته 1 .
.
ص: 789
فكتب جوابهم 1 صَحِبة (1) القاصدين وسيّر معهم ابن عمّه مسلم بن عقيل (2) [فلمّا وصلوا إليهم اجتمع الشيعة على مسلم بن عقيل] وأخذ عليهم البيعة للحسين بن عليّ عليه السلام ، فكتب والي الكوفة وهو يومئذٍ النعمان بن بشير (3) إلى يزيد بن معاوية يخبره بذلك (4) ، فجهّز يزيد عند ذلك إلى الكوفة عبيداللّه بن
.
ص: 790
زياد (1) ، فلما قرب من الكوفة تنكّر (2) ودخلها ليلاً (3) وأوهم أنه الحسين ودخلها من جهة البادية (4) في زيّ أهل الحجاز ، وصار كلّما اجتاز بجماعة يسلّم عليهم فيقومون له ويقولون مرحبا (5) بابن رسول اللّه (6) _ ظنّا منهم أنه الحسين _ (7) فلمّا رأى عبيداللّه
.
ص: 791
تباشرهم بالحسين ساءه (1) ذلك وتكشّفت له أحوالهم . ثمّ إنّه قصد قصر الإمارة وجاء يريد الدخول إليه فوجد النعمان بن بشير قد أغلقه وتحصّن فيه هو وأصحابه وذلك أنّ النعمان بن بشير هو وأصحابه ظنّوا (2) انّ ابن زياد هو الحسين عليه السلام فصاح بهم (3) عبيداللّه بن زياد : افتحوا (4) لا بارك اللّه فيكم ولا كثّر في أمثالكم ، فعرفوا صوته لعنه اللّه وقالوا : ابن مرجانة؟! فنزلوا وفتحوا له ودخل القصر وبات به (5) فلمّا أصبح جمع النّاس فصال وجال وقال فطال (6) وأرعد وأبرق ، وأمسك جماعة من أهل الكوفة فقتلهم في
.
ص: 792
الساعة 1 ثمّ إنّه تحيّل عليهم حتّى ظفر بمسلم بن عقيل فمسكه وقتله . 2
.
ص: 793
وكان (1) الحسين بن عليّ عليه السلام بعد أن سيّر ابن عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفه لم يقم بعده إلاّ قليلاً (2) حتّى تجهّز للمسير في أثره بجميع أهله وولده وخاصّته وحاشيته (3) فأتاه عمر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (4) فقال : إنّي
.
ص: 794
جئتك (1) لحاجة اُريد ذكرها (2) نصيحةً لك ، فإن كنت ترى أنك تستنصحني (3) قلتها لك وأدّيت ما يجب عليَّ من الحقّ فيها ، وإن ظننت أني غير ناصح لك كففتُ عمّا اُريد أن أقوله لك . فقال : فو اللّه ما استغشّك وما أظنّك بسيّئ الرأي (4) [ولا هوى القبيح من الأمر والفعل] فقال له : قد بلغني أنك تريد العراق وأني مشفق عليك أن تأتي بلدا فيها عمّال يزيد واُمراؤه ومعهم بيوت الأموال وإنّما الناس عبيد الدراهم والدنانير فلا آمن عليك أن يقاتلك (5) من وعدك نصره ومَن أنت أحبّ إليه ممّن يقاتلك وذلك عند البذل وطمع الدنيا 6 .
فقال له الحسين عليه السلام :جزاك اللّه خيرامن ناصح ، لقد مشيت (6) يا ابن عبدالرحمن
.
ص: 795
بنصح وتكلّمت بعقل ولم تنطق عن هوى ، ولكن مهما يقضي من أمرٍ يكن اخذت (1) برأيك أم تركت (2) مع أنك عندي أحمد مُشيرٍ وأنصح (3) ناصح (4) .
ثمّ جاءه بعد ذلك عبد اللّه بن عبّاس (5) رضى الله عنهومعه جماعة من أهل ذوي الحنكة والتجربة والمعرفة بالاُمور فقال : [إنّه قد شاع الخبر في] أنّ الناس قد أرجفوا بأنك سائر إلى العراق [فبيّن لي ما أنت صانع] فهل عزمت على شيءٍ من ذلك؟ فقال الحسين : نعم إنّي قد أجمعت (6) على المسير في [ايّامي هذه إن شاء اللّه ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم] أحد يومي هذين ، اُريد اللحاق بابن عمّي مسلم بن عقيل إن شاء اللّه تعالى ، فقال ابن عبّاس والجماعة الذين معه : نعيذك (7) باللّه من ذلك ، أخبرنا أتسير إلى قومٍ قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفَوا عدوّهم؟ فإن كانوا قد فعلوا فسِر إليهم ، وإن كانوا إنّما دعوك [إليهم] وأميرُهم قائمٌ عليهم قاهرٌ لهم وعمّالهم تجبي (8) بلادهم وتأخذ خراجهم فإنّما (9) دعوك إلى الحرب [والقتال ]ولا آمن عليك من أن يغروك ويكذبوك ويخذلوك ويتبعوك ثمّ يستفزّوا إليك فيكونوا أشدّ الناس عليك (10) . فقال الحسين عليه السلام إنّي أستخير اللّه تعالى ثمّ (11)
.
ص: 796
أنظر ماذا يكون (1) . فخرج ابن عبّاس والجماعة الذين معه ، فبعد أن خرجوا عنه جاء (2) ابن الزبير فجلس عنده ساعةً يتحدّث ثمّ قال : [ما أدري ما تركُنا هؤلاء القوم وكفُّنا عنهم و نحن أبناء المهاجرين وولاة هذا الأمر دونهم ]أخبرني ما تريد أن تصنع؟ بلغني أنك سائر إلى العراق ، فقال الحسين : نعم ، نفسي تحدّثني (3) بإتيان الكوفة ، وذلك أنّ جماعة من شيعتنا وأشراف الناس كتبوا إليَ كتبا يحثّونني على المسير إليهم ويعدونني النصرة والقيام معي بأنفسهم وأموالهم ووعدتهم بالوصول إليهم ، وأنا أستخير اللّه تعالى (4) . فقال له ابن الزبير : أمّا أنه لو كان لي بها شيعة مثل شيعتك ما عدلتُ عنهم (5) ، ثمّ إنّه خشي أن يتّهمه فقال : وإن رأيت أنك تقيم هنا بالحجاز وتريد هذا الأمر قمنا معك وساعدناك وبايعناك ونصحنا لك (6) . فقال له الحسين عليه السلام : إنّ أبي حدّثني أنّ لها
.
ص: 797
كبشا به تستحلّ حرمتها ، فما اُحبّ أن أكون [أنا] ذلك الكبش (1) ، واللّه لئن قُتلتُ خارجا من مكّة بشبرٍ أحبّ إليَّ من أن اُقتل بداخلها ، ولئن اُقتل خارجها بشبرين أحبّ إليَّ من اُقتل بداخلها بشبرٍ واحد 2 . فقام ابن الزبير وخرج من عنده فقال الحسين عليه السلام لجماعة كانوا عنده من خواصّه : إنّ هذا الرجل _ يعنى ابن الزبير _ ليس في الدنيا شيء أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز،وقد علم أنّ الناس لا يعدلون بي مادمتُ فيه فيودّ أني خرجت منه لتخلو له (2) .
.
ص: 798
فلمّا كان من الغد (1) فإذا بعبد اللّه بن عبّاس رضى الله عنهوقد جاء إلى الحسين عليه السلام ثانيا فقال : يا ابن عمّ إنّي اتصبّر ولا أصبر ، إنّي أتخوّف عليك من هذا الوجه الهلاك والاستئصال ، إنّ أهل العراق قوم غدر (2) فلا تأمنهم (3) وأقم بهذا البيت (4) الشريف فإنّك سيّد أهل الحجاز ، وإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب (5) إليهم فلينفوا عاملهم ويخرجوه عنهم ثمّ أقدم عليهم ، وإن رأيت فسر إلى اليمن فإنّ فيها حصونا وشعابا وهي أرض طويلة عريضة ولأبيك بها شيعة كثيرة وأنت عن الناس في عزلة (6) فتكتب إلى الناس ويكتبون إليك وتبثّ (7) دعاتك فإنّي أرجو أن يأتيك عند ذلك الفرج الّذي تحبّ في عافية» (8) فقال الحسين عليه السلام : يا ابن العمّ اعلم أنك ]واللّه [ناصح مشفق ولكنّي قد أزمعتُ وأجمعتُ (9)
.
ص: 799
على المسير إلى هذا الوجه (1) . فقال له ابن عبّاس : فإن كنت سائرا ولابدّ فلاتسر بنسائك وصبيتك 2 ، قال : لا أتركهم خلفي (2) ، فقال له ابن عبّاس : واللّه الّذي لا إله إلاّ هو لو أعلم أني إذا أخذت بناصيتك وأخذت بناصيتي حتّى يجتمع عليَّ وعليك الناس أطعتني وأقمت لفعلت (3) . ثمّ خرج عنه ابن عبّاس وهو يقول : واللّه لقد أقررت (4) عين ابن الزبير بمخرجك (5) من الحجاز (6) . وعند خروج ابن عبّاس من عند الحسين صدفه ابن الزبير فقال : ما وراءك يا عمّ؟ قال
.
ص: 800
مايقرّ عينك ، هذا الحسين عليه السلام يخرج إلى العراق ويخلّيك والحجاز ثمّ ولّى عنه وهو ينشد (1) : يالك من قبرة بمعمري خلا لكِ الجوّ فبيضي واصفري ونقّري إن شئتِ أن تنقّري هذا الحسين خارجٌ فاستبشري 2 ثمّ إنّه وردت على الحسين عليه السلام كتب من أهل المدينه من عند عبد اللّه بن جعفر (2) على يدي ابنيه عون (3) ومحمّد (4) ومن سعيد بن العاص (5) ومعه جماعة من أعيان المدينة وكلٌّ منهم يشير
.
ص: 801
عليه أن لا يتوجّه نحو العراق ولا يأتيه ولا يقربه فليس له فيه مصلحة وأن يقيم بمكّة 1 . هذا كلّه والقضاء غالبٌ على أمره ، فلم يكترث بما قيل له ، ولم يلتفت إلى ما كُتب إليه «لِّيَقْضِىَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً» . (1) فخرج من مكّة يوم الثلاثاء وهو يوم
.
ص: 802
التروية الثامن من ذي الحجّة الحرام سنة ستين ومعه اثنان وثمانون رجلاً من أهل بيته وشيعته ومواليه (1) ، ولم يزل سائرا حتّى كان الصفاح (2) فلقيه الفرزدق الشاعر رحمه اللهفنزل فسلّم على الحسين عليه السلام وقال له : أعطاك اللّه سؤلك وبلغك مأمولك (3) في جميع ماتحبّ ، فقال له الحسين عليه السلام : من أين أقبلت يا أبا فراس؟ فقال : من الكوفة ، فقال له : بَيّن خبر (4) الناس قال : أجل على الخبير سقطت (5) يا ابن رسول اللّه ، قلوبُ الناس معك وسيوفهم مع بني اُمية (6) والقضاء ينزل من السماء واللّه يفعل مايشاء وربّنا كلّ يوم هو في شأن ، فقال : صدقت ، الأمر للّه (7) واللّه يفعل مايشاء وهو سبحانه كلّ يوم [ربّنا ]في شأن إن ينزل القضاء بما نحبّ فنحمد اللّه على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر ، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد مَن كان الحقُّ نيّته والتقوى سريرته (8) .
.
ص: 803
ثمّ (1) فارقه الحسين عليه السلام وسار حتّى انتهى إلى ماءٍ قريب من الحجاز فإذا هو بعبد اللّه بن مطيع (2) نازل على الماء فتلاقيا هو وإيّاه فتسالما واعتنقا ، وقال له : ماجاء بك (3) يابن رسول اللّه ؟ قال : قاصدا الكوفة ، فقال له : ألم أتقدّم إليك بالقول؟! ألم أنهك عن المسير إلى هذا الوجه يا ابن رسول اللّه ؟! اُذكّرك اللّه تعالى في حرمة الإسلام أن تُنتهك ، أنشدك اللّه تعالى في حرمة قريش (4) وذمّة العرب ، واللّه لئن طلبت ما في أيدي بني اُمية ليقتلنّك (5) ، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحدا أبدا ، واللّه إنها لحرمة الإسلام [تُنتهك] وحرمة قريش وحرمة العرب ، فاللّه اللّه لا تفعل ولا تأتِ الكوفة ولا تُعرِّض نفسك لبني اُمية ، فأبى أن يمضي إلاّ في جهته (6) . ثمّ ارتحل من هذا الماء وسار إلى أن أتى الثعلبية (7) فلمّا نزل بها أتاه خبر قتل
.
ص: 804
ابن عمّه مسلم بن عقيل بالكوفة ، فقال له بعض أصحابة ننشدك اللّه تعالى إلاّ رجعت من مكانك فإنّه ليس لك بالكوفة من ناصر وإنّا نتخوّف أن يكونوا عليك لا لك (1) . فوثب بنو عقيل وقالوا : واللّه لا (2) نرجع حتّى ندرك (3) ثأرنا ونذوق (4) ما ذاق مسلم (5) . ثمّ قال لهم الحسين عليه السلام : لا خير لي بالحياة بعدكم (6) .
.
ص: 805
ثمّ ارتحلوا حتّى أتوا زبالة (1) ، وكان الحسين عليه السلام لا يمرّ بأهل ماء (2) من مياه العرب ولا يجيء من أحيائها إلاّ تبعه أهله وصحبوه (3) ، فلمّا صار بزبالة أتاه خبر قتل أخيه من الرضاع عبد اللّه بن يقطر،وكان أرسله (4) من الطريق إلى مسلم بن عقيل يتقدّم إليه ويأتيه [ _ وهو لا يدري أنه قد اُصيب _ ]بخبره من الكوفة فأخذته (5) خيل ابن زياد من القادسية وأخذوا كُتبه وقتلوه (6) ، فلمّا بلغ الحسين عليه السلام ذلك قال: قد خَذَلَتنا شيعَتُنا (7) ،
.
ص: 806
ثمّ قال : أيّها الناس من أحبّ [منكم الإنصراف] أن ينصرف وليس عليه منّا ذمام ولا ملام ، فتفرّق الناس (1) عنه وأخذوا يمينا وشمالاً حتّى بقي في أصحابه لا غير الذين خرج بهم من مكّة (2) وإنّما فعل ذلك لأنه علم من الأعراب أنّهم ظنّوا أنه يأتي بلدا قد استقامت له وأطاعته أهلها فتسلّمها عفوا صفوا من غير حربٍ ولا قتال ، فأراد أن يعرّفهم على ما يقدِمون عليه (3) .
.
ص: 807
ثمّ إنّه سار حتّى نزل بطن العقبة (1) فأتاه رجل (2) من مشايخ العرب: فقال: اُنشدك اللّه تعالى إلاّ ما انصرفت ، ما تقدِم إلاّ على الأسنّة وحدِّ السيوف ، وإنّ هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤونة القتال ووطأوا لك الأشياء (3) فقدمتَ على (4) غير حرب كان ذلك رأيا ، وأمّا فعلى هذه الحال الّتي تذكرها (5) فلا أرى لك ذلك أن تفعل (6) فقال له : يا عبد اللّه إنّه لا (7) يخفى عليَّ الرأي ما رأيت (8) ولكنّي صابرٌ ومحتسبٌ إلى أن يقضيَ اللّه أمرا كان مفعولاً . ثمّ ارتحل رضى الله عنهسائرا نحو الكوفة واللّه المستعان .
.
ص: 808
. .
ص: 809
فصل : في ذكر مصرعه ومدّة عمره وإمامته عليه السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : مصرع الحسين عليه السلام يسكب المدامع من الأجفان ، ويجلب الفجائع ويثير الأحزان ، ويلهب النيران الموجدة في أكباد ذوي الإيمان ، كيف لا وهم رجال الذرّية النبوية بنجيعها مخضوبة ، وأبدانها على التراب مسلوبة ، ومخدّرات حرائرها سبايا منهوبة (1) . وذلك أنّ الحسين عليه السلام سار حتّى صار على مرحلتين من الكوفة فوافاه إنسان يقال له الحرّ بن يزيد الرياحي (2) ومعه ألف فارس 3 من أصحاب [عبيداللّه ]ابن زياد
.
ص: 810
شاكين في السلاح (1) ، فقال للحسين عليه السلام : إنّ الأمير عبيداللّه بن زياد أخرجني عينا عليك وقال لي : إن ظفرت به لا تفارقه أو تجيء (2) به ، وأنا واللّه كاره أن يبتليني اللّه بشيءٍ من أمرك غير أني قد أخذت بيعة القوم 3 ، فقال له الحسين عليه السلام : إنّي لم
.
ص: 811
أقدم هذا (1) البلد حتّى أتتني كُتب (2) أهله وَقَدِمَت عليَّ رسلهم (3) فطلبوني ، وأنتم من أهل الكوفة ، فإن دمتم على بيعتكم وقولكم في كُتبكم دخلتُ مصركم وإلاّ
.
ص: 812
انصرفت من حيث أتيت 1 ، فقال له الحرّ : ]أنا [واللّه لم أعلم بشيءٍ من هذه الكُتب
.
ص: 813
ولابالرسل (1) ، وأنا فما يمكنني (2) الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا ، وأمّا أنت فخذ طريقا غير هذا و امضِ (3) إلى حيث شئت حتّى أكتب (4) إلى ابن زياد أنّ الحسين خالفني الطريق فلم أظفر به (5) ، واُنشدك اللّه في نفسك ومَن معك (6) . وسلك (7) الحسين عليه السلام طريقا آخر غير الجادّة راجعا إلى الحجاز 8 وسار هو
.
ص: 814
وأصحابه طول ليلتهم ، فلمّا أصبحوا فإذا بالحرّ بن يزيد قد طلع عليهم في جيشه فقال له الحسين عليه السلام : ما جاء بك يا ابن يزيد؟ قال : وافاني كتاب ابن زياد يؤنّبني ويضعّفني في أمرك تأنيبا كبيرا ومعي من هو عليَّ عين من جهته وقد سعى بي إليه
.
ص: 815
ولا سبيل إلى مفارقتك 1 . فرحل الحسين عليه السلام وأهله ونزلوا بكربلاء وذلك يوم الأربعاء (1) الثاني 3 من المحرّم سنة إحدى وستين (2) فقال عليه السلام : هذه كربلاء موضع كرب وبلا ، هاهنا (3) مناخ ركابنا
.
ص: 816
ومحطّ رحالنا ومقتل رجالنا (1)2 . وكتب الحرّ إلى ابن زياد يعلمه بنزول الحسين عليه السلام بأرض كربلاء: فانظر ماترى في أمره (2) . فكتب عبيداللّه بن زياد كتابا إلى الحسين عليه السلام يقول فيه : أمّا بعد ، فإنّ يزيد بن معاويه كتب إليَّ كتابا أن لا تغمض جفنك من المنام
.
ص: 817
ولاتشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي أو تقتله ، والسلام 1 . فلمّا ورد الكتاب على الحسين عليه السلام وقرأه ألقاه من يده وقال للرسول : ماله عندي جواب (1) . فلمّا رجع الرسول إلى ابن زياد وأخبره بذلك اشتدّ غيظه (2) وجمع الجموع وجنّد الجنود (3) وجهّز إليه العساكر وجعل على مقدمتها عمربن سعد (4) وكان قد ولاّه
.
ص: 818
الري وأعمالها ، فاستعفى (1) من الخروج إلى قتال الحسين عليه السلام وقد تقدّمته العساكر ، فقال له ابن زياد : إمّا أن تخرج إليه أو اخرج عن عملنا من الري (2) . فخرج عمر إلى الحسين عليه السلام وصار ابن زياد يمدّه بالجيوش شيئا بعد شيء إلى أن اجتمع عند عمر بن سعد عشرون ألف 3 مقاتل ما بين فارس وراجل ، وأوّل من خرج مع عمر بن سعد
.
ص: 819
الشمر بن ذي الجوشن (1) في أربعة الآف فارس (2) ، ثمّ زحفت خيل ابن سعد حتّى نزلت بشاطئ الفرات وحالوا بين الحسين عليه السلام وأصحابه وبين الماء ، فعند ذلك ضاق الأمر على الحسين عليه السلام وعلى أصحابه واشتدّ بهم العطش (3) . وكان مع الحسين عليه السلام شخص من أهل الزهد والورع يقال له يزيد (4) بن الحصين
.
ص: 820
الهمداني 1 فقال للحسين عليه السلام : ائذن لي يابن رسول اللّه في أن آتي مقدم هؤلاء عمربن سعد فاُكلّمه في الماء لعلّه أن ، يرتدع فأذن له وقال : ذلك إليك إذا شئت . فجاء الهمداني إلى عمر بن سعد فكلّمه في الماء فامتنع منه فلم يجبه إلى ذلك فقال له : هذا ماء الفرات تشرب منه الكلاب والدوابّ (1) وغير ذلك وتمنعه الحسين عليه السلام ابن بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوإخوته ونساءه وأهل بيته والعترة الطاهرة يموتون عطشا وقد حلت بينهم وبين الماء وأنت تزعم أنك تعرف اللّه ورسوله (2) . فأطرق عمر بن سعد ثمّ قال : يا أخا همدان إنّي لأعلم حقيقة ماتقول ، وأنشد يقول (3) : دعاني عبيداللّه من دون قومه إلى خصلة فيها خرجت لحيني فواللّه ما أدري وأني لواقفٌ على خطر لا أرتضيه ومين أآخذ (4) ملك الريّ والريّ منيتي (5) وأرجع (6) مطلوبا (7) بدم (8) حسين وفي قتله النار الّتي ليس دونها حجابٌ وملك الريّ قرّة عيني ثمّ قال يا أخا همدان ماتجيبني نفسي إلى ترك الريّ لغيري فرجع يزيد بن الحصين الهمداني إلى الحسين عليه السلام وأخبره بمقالة ابن سعد ، فلمّا عرف الحسين ذلك منهم تيقّن أنّ القوم مقاتلوه ، فأمر أصحابه فاحتفروا حفيرة شبيهة بالخندق 10
.
ص: 821
وجعلوا له جهة واحدة يكون القتال منها ، وأحدق (1) عسكر ابن سعد بالحسين عليه السلام وأصحابه وصفّوا لهم وأرشقوهم بالسهام والنبال واشتدّ عليهم القتال ولم يزالوا (2) يقتلوا من أهل الحسين عليه السلام واحدا بعد واحد حتّى أتوا على ما ينيف على (3) خمسين 4 منهم ، فعند ذلك صاح الحسين عليه السلام : أما من ذابٍّ يذبُّ عن حريم
.
ص: 822
رسول اللّه صلى الله عليه و آله (1) ؟ وإذا بالحرّ بن يزيد الرياحي الّذي تقدّم ذكره الّذي كان خرج إلى
.
ص: 823
الحسين أوّلاً من جهة ابن زياد قد خرج من عسكر عمر بن سعد راكبا على فرسه وقال : يابن رسول اللّه أنا كنت أوّل من خرج عليك عينا ولم أظنّ أنّ الأمر يصل إلى هذه الحال ، وأنا الآن من حزبك وأنصارك اُقاتل بين يديك حتّى اُقتل أرجو بذلك شفاعة جدّك ، ثمّ قاتل بين يديه حتّى قُتل 1 . فلمّا فنى جميع أصحاب الحسين عليه السلام وقُتلوا جميعهم عن آخرهم إخوته وبنو
.
ص: 824
عمّه وبقي وحده بمفرده حمل عليهم حملةً منكرة قتل فيها كثيرا من الرجال والأبطال ورجع سالما إلى موقعه (1) عند الحريم . ثمّ حمل عليهم حملةً اُخرى وأراد الكرّ راجعا إلى موقعه فحال الشمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه بينه وبين الحريم (2) والمرجع إليهم في جماعة من أبطالهم وشجعانهم وأحدقوا به ، ثمّ جماعة منهم تبادروا إلى الحريم والأطفال يريدون سلبهم فصاح الحسين عليه السلام : ويحكم يا شيعة الشيطان كفّوا سفهاءكم عن التعرّض للنساء والأطفال فإنّهم لم يقاتلوا ، فقال الشمر لعنه اللّه : كفّوا عنهم واقصدوا الرجل بنفسه (3) . فلم يزل يقتتل هو وهم إلى أن أكثروه وأثخنوه جروحا فسقط إلى الأرض من على فرسه فنزلوا وجزّوا رأسه ، وقيل الّذي قتله سنان بن أنس النخعي لعنه اللّه تعالى ، وقيل الشمربن ذي الجوشن 4 .
.
ص: 825
وأرسل عمربن سعد خذله اللّه بالرأس إلى ابن زياد مع سنان بن أنس النخعي (1) قاتل الحسين عليه السلام فلمّا وضع الرأس بين يدي عبيداللّه بن زياد أنشد يقول 2 : إملأ ركابي فضةً وذهبا إنّي قتلتُ السيّد المحجّبا قتلتُ خير الناس اُمّا وأبا وخيرهم إذ يذكرون النسبا
.
ص: 826
فغضب عبيداللّه بن زياد لعنه اللّه من قوله وقال له : فإذا علمت ذلك (1) فلِم قتلته؟ واللّه لانلت منّي خيرا ولألحقنّك به ثمّ قدمه وضرب عنقه (2) . ثمّ إنّ القوم ساقوا الحريم والأطفال كما تُساق الاُسارى حتّى أتوا (3) الكوفة فخرج الناس فجعلوا ينظرون إليهم يبكون وكان عليّ بن الحسين زين العابدين رضى الله عنهمعهم ]مغلول مكبّل بالحديد] قد أنهك جسمه المرض فجعل يقول : ألا إنّ هؤلاء يبكون ويتوجّعون من أجلنا فمن قتلنا إذا؟ 4 . فلما (4) دخلوا على عبيداللّه بن زياد أرسل بهم ابن زياد وبرأس الحسين عليه السلام صحبتهم
.
ص: 827
إلى الشام إلى يزيد بن معاوية مع شخص يقال له زجر بن القيس 1 ومعه جماعة هو مقدمهم، وأرسل بالنساء والصبيان على قتاب المطايا ومعهم عليّ بن الحسين عليه السلام وقد جعل ابن زياد الغلّ في يديه وفي عنقه (1) ولم يزالوا سائرين بهم على تلك الحاله إلى أن وصلوا الشام فتقدّم زجر بن قيس فدخل على يزيد فقال له: هات ماوراك (2) ، فقال : أبشر يا أمير المؤمنين بفتح اللّه [عليك ]ونصره فإنّه وَردَ علينا الحسين في ثمانية عشر (3) من أهل بيته وستين من شيعته فسرنا إليهم وسألناهم أن
.
ص: 828
يستسلموا (1) على حكم الأمير عبيداللّه بن زياد أو القتال ، فاختاروا القتال [على الاستسلام ]فعَدوْنا عليهم مع شروق الشمس فأحطْنابهم من كلّ ناحية حتّى أخذت السيوف مأخذها من هام القوم وجعلوا يهربون إلى غير وَزَر ويلوذون بالآكام والحفر لواذا كما يلوذ الحمام (2) من عقاب أوصقر ، فواللّه ما كان إلاّ جَزْرَ جزورٍ أو نومةَ قائل حتّى أتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم [أجسامهم بالعراء ]مجرّدة وثيابهم بالدماء مرمّلة (3) وخدودهم في التراب (4) معفّرة ، تصهرهم الشمس وتسفى عليهم الريح وزوّارهم (5) العقبان ، والرخم بقي في سَبْسَبٍ من الأرض 6 .
.
ص: 829
قال : فدمعت عينا يزيد وقال : قد كنتُ أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين 1 ،
.
ص: 830
لعن (1) اللّه ابن سمية (2) أنا واللّه لو كنت [أني ]صاحبه لما سألني خصلة إلاّ أعطيته إيّاها لعفوت عنه [ف ]رحم اللّه الحسين (3) . وأخرجه من عنده ولم يصله بشيء . ثمّ إنهم دخلوا بالرأس ووضعوه بين يدي يزيد وكان بيده قضيب فجعل ينكت في ثغره (4) ثمّ قال : ما أنا وهذا إلاّ كما قال الحصين : أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت قواضب في ايماننا تقطر الدما يُفلّقن هاما من رجالٍ أعزّةٍ علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما (5)
.
ص: 831
فقال له أبو بردة السلمي (1) وكان حاضرا : أتنكت بقضيبك ثغر الحسين عليه السلام [أشهد] أما إنه لقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن عليه السلام ، لقد رضيت يا يزيد ان يجيء عبيداللّه بن زياد شفيعك يوم القيامة ويجيء هذا ومحمّد صلى الله عليه و آلهشفيعه (2) ، ثمّ قام من المجلس فقال يزيد : واللّه لو أنى صاحبه ما قتلته (3) ، ثمّ قال : أما تدرون من أين أتى هذا أما إنه يقول أبي عليٌ خيرٌ من أبيه واُمّي فاطمة خيرٌ من اُمّه وجدّى رسول اللّه خيرٌ من جدّه وأنا خيرٌ منه وأحقّ بالأمر منه ، فأمّا قوله أبوه خير من أبي فقد تحاجّ أبوه وأبي إلى اللّه تعالى وعلم الناس أيهما حكم له ، وأمّا قوله اُمّي خيرٌ من اُمّه فلعمري فاطمة بنت رسول اللّه خيرٌ من اُمّي ، وأمّا قوله جدّي رسول اللّه خيرٌ من جدّه فلعمري ما أحد يؤمن باللّه واليوم الآخر يرى لرسول اللّه فينا عديلاً ولاندّا ولكنه أتى و أنّى هذا من فقهه ولم يقرأ تعالى «قُلِ اللَّهُمَّ مَ__لِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ» (4) .
.
ص: 832
ثمّ إنه اُدخل نساء الحسين والرأس بين يديه فجعلت (1) فاطمة وسكينة تتطاولان (2) لتنظرا (3) إلى الرأس (4) وجعل يزيد يستره عنهما ، فلمّا رأينه صرخن وأعلنّ بالبكاء فبكت لبكائهنّ نساء يزيد وبنات معاوية فُولولن وأعلنّ (5) ، فقالت فاطمة وكانت أكبر من سكينة (رضى اللّه عنهما) : أبنات رسول اللّه سبايا يا يزيد يسرّك هذا ، فقال : واللّه ما سرّني وأني لهذا لكاره وما أنا عليكنّ أعظم ممّا أخذ منكنّ ، قال : أدخلوهنّ إلى الحريم ، فلمّا دخلن على حرمه فلم تبق امرأة من آل يزيد إلاّ أتتهنّ وأظهرن التوجّع والحزن على ما أصابهنّ وعلى ما نزل بهنّ وأضعفن لهنّ جمع ما اُخذ منهنّ من الحلي والثياب بزيادة (6) فكانت سكينة تقول : ما رأيت كافرا باللّه خيرا من يزيد 7 .
.
ص: 833
ثمّ أمر بعليّ بن الحسين عليه السلام فاُدخل عليه مغلولاً (1) فقال عليّ : يا يزيد لو رآنا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهمغلولين لفكّه عنّا ، قال : صدقت وأمر بفكّه عنه ، فقال : ولو رآنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله على بُعد لأحبّ أن يقرّبنا ، فأمر به فقرّب منه (2) . ثمّ قال له يزيد : ايه يا عليّ بن الحسين إنّ أباك (3) الّذي قطع رحمي وجهل حقّي ونازعني سلطاني فنزل به ما رأيت ، فقال عليّ عليه السلام : «مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَ_بٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَتَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَيُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» (4) فقال يزيد : «وَمَآ أَصَ_بَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» (5) فقال عليّ عليه السلام : هذا في حقّ مَن ظَلم لافي مَن ظُلم 6 .
.
ص: 834
ثمّ إنّ يزيد أمر بإنزال عليّ بن الحسين عليه السلام وإنزال حرمه في دار تخصّهم بمفردهم وأجرى عليهم كلّما يحتاجون إليه وكان لايتغدّى ولا يتعشّى حتّى يحضر عليّ بن الحسين عليه السلام ، فدعاه ذات يوم ومعه عمربن الحسين وهو صبيّ صغير فقال يزيد لعمر : تقاتل خالدا يعنى خالد بن يزيد وكان في سنّه ، فقال : اعطني سكّينا واعطه سكّينا حتّى اُقاتله ، فضمّه يزيد إليه وقال : شنشنة أعرفها من أخزم وهل تلد الحية إلاّحية 1 ثمّ إنّ يزيد بعد ذلك أمر النعمان بن بشير (1) أن يجهّزهم بما يصلحهم إلى المدينة الشريفة وسيّر معهم رجلاً أمينا من أهل الشام في خيل سيّرها في صحبتهم وودّع يزيد عليّ بن الحسين وقال له : لعن اللّه ابن مرجانة لو كنت حاضرا الحسين ما سألني خصلة أبدا إلاّ كنتُ أعطيه إيّاها ، ولدفعت عنه الحتف بكلّ ما استطعت ، ولكن قضاء اللّه غالب ، يا عليّ كاتبني بأيّ حاجة كانت لك أقضيها إن شاء اللّه
.
ص: 835
تعالى . وأوصى بهم الرسول الّذي سيّره صحبهم . وكان يسايرهم هو وخيله الّتي معه فيكون الحريم قدّام بحيث إنهم لايفوتونه [طرفة] وإذا نزلوا تنحّى عنهم [وتفرّق ]ناحية هو وأصحابه وكان حولهم كهيئة الحرس [لهم ]وكان يسألهم عن حالهم ويتلطّف بهم في جميع اُمورهم ولايشقّ عليهم في مسيرهم إلى أن دخلوا المدينة . فقالت فاطمة بنت الحسين لاُختها [زينب] : قد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لكِ أن تصليه بشيء؟ فقالت : واللّه ما معنا شيء نصله به إلاّ ما كان من هذا الحلي قالت : [فأخذت سواري ودملجي وأخذت اُختي سوارها ودملجها] فافعلي فأخرجت له سوارين ودملجين وبعثتا بهما إليه فردّهما وقال : لو كان ما صنعت رغبةً لكان في هذا مقتنع بزياده كثيرة ، ولكنّي ما فعلته إلاّ للّه تعالى ولقرابتكم من رسول اللّه صلى الله عليه و آله 1 . وكان من جملة من كان معهم اُمّ سكينة بنت الحسين عليه السلام وهي الرباب بنت امرء
.
ص: 836
القيس (1) فلمّا وصلت إلى المدينة وأقامت قليلاً وخطبها الأشراف من قريش فقالت : ما كنت لآخذ حموا (2) بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آلهولازوجا بعد الحسين عليه السلام . وبقيت بعده سنة لم يظلّلها سقف إلى أن ماتت (رض) (3) . ولمّا بلغ أهل المدينة قتل الحسين عليه السلام خرجت ابنة عقيل بن أبي طالب في نساء من بني هاشم خرجن معها وهي حاسرة تلوي ثوبها 4 وتقول : ماذا تقولون إن (4) قال النبيّ لكم ماذا فعلتم وأنتم آخر الاُمم بعترتي وبأهلي (5) بعد مفتقدي منهم اُسارى وقتلى ضرّجوا بدم ماكان هذا جزائي إذ (6) نصحتُ لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي وحكى الشيخ نصر اللّه بن يحيى (7) في مشارف الصاغة (8) وكان من الثقات
.
ص: 837
الحبرين (1) قال : رأيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقلت : يا أمير المؤمنين تقولون يوم فتح مكّة : مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثمّ يتّم ولدك الحسين يوم كربلاء منهم مأتم! فقال لي عليه السلام : أما سمعت أبيات ابن الصيفي التميمي في هذا المعنى؟ فقلت : لا ، فقال : اذهب إليه واسمعها ، فاستيقظت من نومي مفكّرا ، ثمّ إنّي ذهبت إلى دار ابن الصيفي _ وهو الحيص بيص (2) الشاعر الملقّب بشهاب الدين _ فطرقت عليه الباب فخرج عليَّ فقصصت عليه الرؤيا فأجهش بالبكاء وحلف باللّه إن كان سمعها منّي أحد وإن أكن نظمّتها إلاّ في ليلتي هذه ، ثمّ أنشد (3) : ملكنا فكان العفو منّا سجيةً فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح وحللتم قتل الاُسارى وطالما غدونا على الأسرى نعفو ونصفح وحسبكم هذا التفاوت بيننا وكلّ إناءٍ بالّذي فيه ينضح ومكث الناس بعد قتل الحسين عليه السلام شهرين أو ثلاثة كأنما لطخ الحائط بالدماء ساعة ما تطلع الشمس (4) .
.
ص: 838
. .
ص: 839
. .
ص: 840
ذكر من قُتل من أصحاب الحسين عليه السلام ومن أهل بيته ومواليهأمّا الحسين عليه السلام قتله سنان بن أنس النخعي (1) . وقُتل معه العبّاس بن عليّ عليه السلام 2 ،
.
ص: 841
واُمّ العبّاس اُمّ البنين بنت حازم ، قتله زيد بن ورقاء (1) الجهني . وقُتل جعفر بن عليّ عليه السلام 2 واُمّه اُمّ البنين أيضا ، رماه خولّى بن يزيد بسهم فقتله . وقُتل محمّد بن
.
ص: 842
عليّ عليه السلام 1 واُمّه اُمّ ولد قتله رجل من بني دارم . وقُتل أبوبكر بن عليّ (1) واُمّه ليلى بنت مسعود الدارمية . وقُتل عليّ بن الحسين الأكبر 3 ، واُمّه ليلى بنت مرّة بن عروة
.
ص: 843
الثقفي واُمّهما ميمونة بنت سفيان بن حرب ، قتله منقذ بن النعمان العبدي . وقُتل عبد اللّه بن الحسين بن عليّ 1 واُمّه الرباب بنت امرء القيس الكلبي ، قتله هاني بن
.
ص: 844
شبيب الحضرمي . وقُتل أبوبكر بن الحسن 1 ، واُمّه اُمّ ولد ، قتله حرملة بن الكاهل رماه بسهم . وقُتل عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب (1) ، واُمّه جمانة بنت المسيّب ، قتله عبد اللّه بن قطنة الطائي . وقُتل محمّد بن عبد اللّه بن جعفر (2) أخوه ،
.
ص: 845
واُمّه الخوصاء (1) بنت حفصة من تيم اللّه بن تغلبة ، قتله عامربن نهشل التميمي (2) . وقُتل جعفر بن عقيل بن أبي طالب (3) واُمّه اُمّ البنين ، قتله بشر بن خوط الهمداني . وقُتل عبد الرحمن بن عقيل ، واُمّه اُمّ ولد ، قتله عثمان بن خالد الجهني . وقُتل عبد اللّه بن عقيل (4) ، واُمّه اُمّ ولد ، رماه عمر (5) ابن صبيح الصدائي (6) بسهم فقتله . وقُتل مسلم بن عقيل (7) بالكوفة ، واُمّه اُمّ ولد . وقُتل عبد اللّه بن مسلم بن عقيل (8) ، واُمّه رقية بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، قتله عمربن صبيح الصدائي (9) . وقُتل محمّد بن أبي سعيد بن عقيل (10) ، واُمّه اُمّ ولد ، قتله لقيت (11) بن
.
ص: 846
ياسر الجهني . واستصغر الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام (1) فتُرك ، واُمّه اُمّ ولد خولة بنت منظور بن ريان ، وقيل استصغر عمر بن الحسن (2) فتُرك ، واُمّه اُمّ ولد ، وأراد الشمر لعنه اللّه قتل عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام (3) وكانت العلّة قد أنهكته والأوجاع فقالوا له : أتقتل صغيرا معلّلاً فتركه . وقُتل من الموالي سليمان (4) مولى الحسين عليه السلام ، قتله ابن عوف الحضرمي (5) ، وقُتل عبد اللّه بن يقطر (6) بالقادسية . وقُتل عبد اللّه (7) رضيع الحسين عليه السلام .
.
ص: 847
وكانت عدّة رؤوس القتلى الّتي حُملت إلى عبيداللّه بن زياد لعنه اللّه مع صحبة رأس الحسين عليه السلام سبعين (1) رأسا ، وذلك أنّ كندة جاءت بثلاثة عشر (2) رأسا مع مقدمهم قيس بن الأشعث ، وجاءت هوازن بعشرين رأسا (3) ، وجاءت أخلاط من العسكر بستة رؤوس 4 وكان اليوم الّذي قُتل فيه الحسين عليه السلام يوم الجمعة (4) عاشر
.
ص: 848
محرّم سنة إحدى وستين من الهجرة ، ودفن بالطفّ بأرض كربلاء من العراق ومشهده رضى الله عنه بها معروف يزار من جميع الآفاق والجهات ، وهذه الوقائع شيئا منها ذكره ابن أعثم صاحب كتاب الفتوح ، وشيئا ذكره ابن الأثير ، وشيئا ذكره صاحب تاريخ البديع ، وشيئا من المعارف لابن قتيبة ، ذكرته مختصرا من كلامهم والعهدة في جميع مانقلته من ذلك عليهم . انتقل الحسين بن عليّ بالوفاة إلى دار الآخرة وعمره ست وخمسون سنة وبعض أشهر (1) كان مع جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آلهمن ذلك ست سنين وشهر (2) ومع أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آلهثلاثين سنة (3) ومع أخيه
.
ص: 849
الحسن بعد وفاة أبيه عشر سنين (1) وبعد وفاة أخيه إلى مقتله عشر سنين (2) ، رضي اللّه عنهم أجمعين .
فصل : في ذكر أولاده الكرام عليه وعليهم أفضل السلامقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : كان للحسين عليه السلام من الأولاد ذكورا وإناثا عشرة ، ستة ذكور وأربع إناث . فالذكور : عليّ الأكبر ، وعليّ الأوسط وهو زين العابدين ، وعليّ الأصغر ، ومحمّد ، وعبد اللّه ، وجعفر . فأمّا عليّ الأكبر فإنه قاتل بين يدي أبيه حتّى قُتل شهيدا بالطفّ . وأمّا عليّ الأصغر فجاءه سهم وهو طفل بكربلاء فقتله ، وقيل إنّ عبد اللّه قُتل مع أبيه شهيدا . وجعفر مات في حياة أبيه عليه السلام . وأمّا البنات : فزينب ، وسكينة ، وفاطمة ، هذا هو القول المشهور 3 . وقال صاحب الإرشاد : أولاد الحسين بن عليّ عليه السلام ستة : عليّ بن الحسين الأصغر (3) كنيته أبو محمّد ولقبه زين العابدين اُمّه شاه زنان 5 بنت كسرى أنوشروان
.
ص: 850
ملك الفرس ، وعليّ بن الحسين الأكبر (1) قُتل مع أبيه بالطفّ واُمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة (2) بن مسعود الحنفية (3) ، وجعفر بن الحسين واُمّه قضاعية مات في حياة أبيه ولانسل له ، وعبد اللّه بن الحسين قُتل مع أبيه صغيرا جاءه سهم وهو بكربلاء فذبحه (4) . وسكينة بنت الحسين اُمّها الرباب بنت امرء القيس بن عديّ كلبية ، وهي أيضا اُمّ عبد اللّه بن الحسين ، وفاطمة بنت الحسين اُمّها اُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيداللّه تيمية (5) انتهى والذكر المخلّد والثناء المنضّد مخصوص من بين بنيه بعليّ زين العابدين دون سائرهم وهو الّذي أعقب عليه السلام .
.
ص: 851
.
.
ص: 852
. .
ص: 853
الفصل الرابع : في ذكر عليّ بن الحسين عليهماالسلام زين العابدين وهو الإمام الرابع 1من الكرامات الظاهرة ما شوهد بالأعين الناظرة وثبت بالآثار المتواترة ، ولد
.
ص: 854
عليّ بن الحسين عليهماالسلام بالمدينة 1 نهار الخميس الخامس من شعبان المكرّم في
.
ص: 855
سنة ثمان وثلاثين (1) من الهجرة في أيّام جدّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام قبل وفاته بسنتين . (2) . نسبه عليه السلام : هو عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد تقدّم بسط ذلك . كنيته عليه السلام : المشهورة أبو الحسن ، وقيل : أبو محمّد ، وقيل : أبوبكر 3 . وأمّا لقبه عليه السلام فله ألقاب كثيرة كلّها تطلق عليه أشهرها زين العابدين عليه السلام 4
.
ص: 856
وسيّد الساجدين عليه السلام (1) والزكي (2) والأمين (3) وذوالثفنات 4 . وصفته عليه السلام : اسمر قصير رقيق (4) . شاعره : الفرزدق (5) وكُثيِّر عَزَّة (6) .
.
ص: 857
بابه (1) عليه السلام : أبو جيله (2) . نقش خاتمه عليه السلام «وما توفيقي إلاّ باللّه » (3) . ومعاصره : مروان وعبد الملك والوليد ابنه (4) . أمّا مناقبه عليه السلام فكثيرة ومزاياه شهيرة : منها : أنّه كان إذا توضّأ للصلاة يصفرّ لونه ، فقيل له : ما هذا [الّذي] نراه يغشاك (5) عند الوضوء؟ فيقول : ماتدرون (6) بين يدي من اُريد أن أقوم (7) ؟ وعن أبي حمزة الثمالي (8) قال : كان عليّ بن الحسين عليهماالسلاميصلّي في اليوم والليلة
.
ص: 858
ألف ركعة 1 . وعن طاووس (1) قال : دخلتُ الحجر في الليل فإذا عليّ بن الحسين عليهماالسلامقد دخل فقام يصلّي فصلّى ما شاء اللّه (2) تعالى ثمّ سجد سجدةً فأطال فيها ، فقلتُ : رجل صالح من [أهل] بيت النبوّة (3) لأصغينّ إليه فسمعته يقول : عُبَيْدُكَ (4) بفنائك ، مِسكينُكَ بفنائك ، سائلك بفنائك ، فقيرك بفنائك . قال طاووس : فواللّه ما صلّيت ودعوت فيهنّ في كرب إلاّ فرّج عنّي (5) .
.
ص: 859
ومنها: ما نقله سفيان (1) قال : جاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليهماالسلامفقال له : إنّ فلانا قد وقع فيك وآذاك بحضوري، فقال له: انطلق (2) بنا إليه ، فانطلق معه الرجل وهو يرى أنه يستنصر (3) لنفسه ، فلمّا أتاه قال له : يا هذا إن كان ما قلت في حقّنا فأنا أسأل اللّه تعالى أن يغفره لي، وإن كان ما قلت فيَّ باطلاً فإنّ اللّه تعالى يغفره لك ، ثمّ ولّى عنه (4) .
ومن كلامه عليه السلام :ضلّ مَن ليس له حكيمٌ يرشده ، وذلّ مَن ليس له سفيهٌ يعضده (5) .
وقال عليه السلام :أربع فيهنّ الذلّ (6) : البنت ولو مريم ، والدين ولو درهم ، والغربة ولو ليلة ، والسؤال ولو كيف الطريق (7) .
وقال عليه السلام :عجبت لمن يحتمي من الطعام لمضرّته كيف لايحتمي من الذنب
.
ص: 860
لمعرّته (1) .
وقال عليه السلام :إيّاك والابتهاج بالذنب فإنّ الابتهاج به أعظم من ركوبه (2) .
وقال عليه السلام :من ضحك ضحكةً مجّ من عقله مجّة علم (3) .
وقال عليه السلام :إن الجسد إذا لم يمرض (4) أشر ولاخير في جسد يأشر (5) .
وقال عليه السلام :فقد الأحبّة غربة (6) .
وقال عليه السلام :من قنع بما قسم اللّه له فهو من أغنى الناس (7) .
وعنه عليه السلام يرفعه إلى النبيّ صلى الله عليه و آله قال :انتظار الفرج عبادة (8) .
ومن رضي بالقليل من الرزق رضي اللّه منه القليل (9) من العمل (10) .
وكان عليه السلام يتصدّق سرّا ويقول :صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ (11) .
وقال ابن عائشة : سمعت أهل المدينة يقولون ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات
.
ص: 861
عليّ بن الحسين عليه السلام (1) . وقال محمّد بن إسحاق : كان اُناس من أهل المدينة يعيشون ولايدرون من أين معاشهم ومأكلهم ، فلمّا مات عليّ بن الحسين عليه السلام فقدوا ما كانوا يؤتون به ليلاً إلى منازلهم (2) . وقال سفيان : أراد عليّ [السفر إلى الحجّ وقد صنعت له في إحدى سفراته اُخته سكينة زادا نفيسا أنفقت عليه ألف] (3) درهم فلحقوه بها [إلاّ أنه (4) لمّا كان] (5) بظهر الحرّة أمر بتوزيعه على الفقراء والمساكين فوزّع عليهم (6) . وعن إبراهيم بن عليّ عن أبيه قال : حججتُ مع عليّ بن الحسين فالتأثت عليه (7) ناقته فأشار إليها بالقضيب ثمّ ردّ يده وقال : آه من القصاص ، وتلكّأت ناقته عليه مرّة اُخرى بين جبال رضوى فأناخها وأراها القضيب وقال : لتنطلقين أو لأفعلنّ ، ثمّ ركبها فانطلقت ولم تتلكّأ بعدها أبدا (8) .
.
ص: 862
وجلس إلى سعيد بن المسيّب فتىً من قريش فطلع عليّ بن الحسين عليه السلام فقال القرشي لابن المسيّب : مَن هذا يا أبا محمّد فقال هذا سيّد العابدين عليّ بن الحسين (1) . فكان الزهري يقول : لم أرَ هاشميا أفضل من عليّ بن الحسين عليهماالسلام (2) . وقال أبو حمزة الثمالي : أتيت باب عليّ بن الحسين عليهماالسلام فكرهت أن اُنادي (3) فقعدت على الباب إلى أن (4) خرج فسلّمت عليه ودعوت له فردّ عليَّ السلام ودعا لي ، ثمّ إنتهى بي إلى حائط [له] فقال : يا أبا حمزة ألاترى هذا الحائط؟ فقلت : بلى يابن رسول اللّه (5) ، قال: فإني متكئ (6) عليه يوما وأنا حزين مفكّر إذ (7) دخل عليَّ رجل حسن الوجه حسن الثياب طيّب الرائحه فنظر (8) في اتجاه وجهي ثمّ قال لي : يا
.
ص: 863
عليّ بن الحسين مالى أراك كئيبا حزينا؟! أ على الدنيا؟ فهو رزق حاضر يأكل منه (1) البرّ والفاجر ، فقلت : ما عليها أحزن وأنها كما تقول ، فقال : على الآخرة؟ فهو (2) وعدٌ صدقٌ يحكم فيه ملِكٌ قاهر ، فقلت : ما على هذا أحزن وأنها (3) كما تقول ، فقال : فعلام حزنك؟ قلت : الخوف من فتنة ابن الزبير . قال : فضحك ثمّ قال (4) : يا عليّ هل رأيت أحدا سأل اللّه تعالى فلم يعطه؟ [قلت : لا ، قال : وهل رأيت أحدا خاف اللّه فلم ينجه؟] (5) قلت : لا ، ثمّ نظرت فإذا ليس قدّامي أحد فتعجّبت من ذلك ، فإذا [ب] قائل أسمع صوته ولا أرى شخصه يقول:يا عليّبن الحسين هذا الخضر ناجاك (6) . وعن أبي عبد اللّه الزاهد قال : لمّا ولّى عبدالملك بن مروان الخلافة كتب إلى الحجّاج بن يوسف الثقفي : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من عبدالملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجّاج بن يوسف . أمّا بعد ، فانظر دماء بني عبدالمطّلب فاجتنبها فإني رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا (7) فيها لم يلبثوا إلاّ قليلاً ، والسلام . قال وبعث بالكتاب سرّا إلى الحجّاج وقال له : اكتم ذلك . فكوشف بذلك عليّ بن الحسين عليهماالسلامحين الكتابة إلى الحجّاج وأنّ اللّه تعالى قد شكر ذلك لعبد الملك ، فكتب عليّ بن الحسين من فوره : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، إلى عبدالملك بن مروان من عليّ بن
.
ص: 864
الحسين . أمّا بعد ، فإنك كتبت في يوم كذا من شهر كذا إلى الحجّاج سرّا في حقّنا بني عبدالمطّلب بما هو كيت و كيت وقد شكر اللّه لك ذلك . ثمّ طوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة له إلى عبدالملك بن مروان وذلك من المدينة الشريفة إلى الشام ، فلمّا قدم الغلام على عبدالملك أوصله ا لكتاب ، فلمّا نظره وتأمّل فيه فوجد فيه تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الّذي كتبه إلى الحجّاج في اليوم والساعة فعرف صدق عليّ بن الحسين وصلاحه ودينه ومكاشفته له ، فسرّ بذلك وبعث له مع غلامه بوقر راحلته دراهم وكسوة فاخرة وسيّره إليه من يومه وسأله أن لايخليه من صالح دعائه (1) . وقدم على عليّ بن الحسين عليه السلام نفرٌ من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان ما قالوا ، فلمّا فرغوا من كلامهم قال لهم عليّ بن الحسين عليه السلام : ألا تخبروني من أنتم؟ أنتم «الْمُهَ_جِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَ_رِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَنًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَ_ئِكَ هُمُ الصَّ_دِقُونَ» (2) قالوا : لا ، قال : فأنتم «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالاْءِيمَ_نَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَيَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» (3) فقالوا : لا ، فقال : أمّا أنتم فقد تبرّأتم أن تكونوا من هذين الفريقين ، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال اللّه في حقّهم «وَالَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ
.
ص: 865
لَنَا وَلاِءِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاْءِيمَ_نِ وَلاَتَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ» (1) اخرجوا عنّي فعل اللّه بكم وصنع (2) . وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين قال : أوصاني أبي وقال : يابني لاتصحب خمسة ولاتحادثهم ولاترافقهم في طريق ، فقلت : جعلت فداك ومَن هؤلاء الخمسة؟ قال : لا تصحبن فاسقا ، يبيعك بأكلة فما دونها ، فقلت : وما دونها؟ (3) قال : يطمع فيها ثمّ لاينالها . قلت : ومَن الثاني؟ قال : البخيل ، فإنّه يقطع بك أحوج ما يكون إليك . قلت : ومَن الثالث؟ قال : الكذّاب ، فإنّه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب إليك البعيد . قلت : ومَن الرابع؟ قال : الأحمق ، فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك . قلت : ومَن الخامس؟ قال : قاطع الرحم ، فإنّي وجدته (4) ملعونا في ثلاثة مواضع من كتاب اللّه تعالى 5 .
.
ص: 866
وعن أبي حمزة الثمالي عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ : ليقم أهل الفضل ، فيقوم اُناس من الناس (1) فيقال [لهم] : انطلقوا إلى الجنّة ، فتتلقّاهم الملائكة فيقولون (2) لهم إلى أين؟ فيقولون لهم إلى الجنة ، قالوا : قبل الحساب؟ قالوا : نعم ، قالوا : ومَن أنتم؟ قالوا : نحن أهل الفضل ، قالوا : وما كان فضلكم؟ قالوا : كنّا إذا جهل علينا حلمنا وإذ اُسيء إلينا غفرنا ، قالوا : ادخلوا الجنّة فنِعمَ أجر العاملين (3) . ثمّ ينادي منادٍ أيضا : ليقم أهل الصبر ، فيقوم اُناس (4) من الناس فيقال لهم : انطلقوا إلى (5) الجنّة ، فتتلقّاهم الملائكة فيقولون لهم مثل ذلك فيقولون : نحن أهل الصبر ، فيقال لهم : وماصبركم؟ فيقولون : صبّرنا أنفسنا على طاعة اللّه وصبّرنا أنفسنا عن معصية اللّه ، فيقولون لهم : ادخلوا الجنّة فنِعمَ أجر العاملين (6) . ثمّ ينادي[منادٍ] : ليقم جيران اللّه في داره ، فيقوم اُناس من الناس وهم قليل فيقال لهم : انطلقوا إلى الجنّة ، فتتلقّاهم الملائكة فتقول لهم مثل ذلك وبماذا جاورتم اللّه في داره؟ فيقولون : كنّا نتحابّ (7) في اللّه ونتزاور في اللّه ، قالوا : ادخلوا الجنّة فنِعمَ أجر العاملين (8) . وقال أبو سعيد منصور بن الحسن الآبي في كتاب نثر الدرّ : نظر عليّ بن
.
ص: 867
الحسين عليه السلام سائلاً يسأل وهويبكي فقال : لو أنّ الدنيا كانت في كفّ هذا ثمّ سقطت منه ما كان ينبغي له أن يبكي عليها (1) . وعن محمّد بن حرب (2) قال : أوصى عليّ بن الحسين عليه السلام ولده أبا جعفر محمّد فقال : يا بني اصبر للنوائب (3) ولاتتعرّض للحقوق (4) ولاتعط نفسك ماضرّه عليك أكثر من نفعه عليك (5) . وقال أبو حمزة الثمالي : كان عليّ بن الحسين عليه السلام يقول لأولاده : يابنيَّ ، إذا أصابتكم مصيبة من مصائب الدنيا أو نزلت (6) بكم فاقة أو أمرٌ فادح فليتوضّأ الرجل منكم وضوء للصلاة وليصلّ أربع ركعات أو ركعتين ، فإذا فرغ من صلاته فليقل : يا موضع كلّ شكوى ، يا سامع كلّ نجوى ، يا شافي كلّ بلوى (7) ، ويا عالم كلّ خفية ، ويا كاشف ما يشاء من كلّ بلية ، و يا منجي موسى ، ويا مصطفي محمّد ، ويا متخذا إبراهيم خليلاً ، أدعوك دعاء من اشتدّت فاقته وضعفت قوّته وقلّت حيلته دعاء الغريق الغريب الفقير الّذي لايجد لكشف ماهو فيه إلاّ أنت يا أرحم الراحمين ، لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين (8) . قال عليّ بن الحسين عليه السلام لايدعو أحدٌ
.
ص: 868
بهذا الدعاء أصابه بلاء إلاّ فرّج اللّه عنه (1) . ومن دعائه عليه السلام : اللّهمّ كما أسَأتُ وأحْسَنْتَ إليَّ فإن عدتُ فعُد عليَّ (2) . ويروى أن عليّ بن الحسين عليه السلام اعتلّ فدخل عليه جماعة من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيعودونه فقالوا : كيف أصبحت يابن رسول اللّه فدتك أنفسنا؟ قال : في عافية واللّه المحمود على ذلك ، كيف أصبحتم أنتم جميعا؟ قالوا : كيف أصبحنا لك واللّه يابن رسول اللّه محبّين وادّين ، فقال : مَن أحبّنا للّه أدخله اللّه ظلاًّ ظليلاً يوم لاظلّ إلاّ ظلّه ، ومَن أحبّنا يريد مكافأتنا (3) كافأه اللّه عنّا الجنّة ، ومَن أحبّنا لغرض دنياه آتاه اللّه رزقه من حيث لايحتسب (4) . وحكي أنه لمّا حجّ هشام بن عبدالملك (5) في حياة أبيه دخل إلى الطواف وجهد أن يستلم (6) الحجر الأسود فلم يصل إليه لكثرة زحام الناس عليه ، فنصب إليه منبر إلى جانب زمزم في الحطيم وجلس عليه وحوله جماعة من أهل الشام ، فبينماهم كذلك إذ أقبل عليّ بن الحسين عليه السلام يريد الطواف ، فلمّا إنتهى إلى الحجر الأسود تنحّى الناس عنه حتّى استلم (7) الحجر فقال رجل من أهل الشام : مَن هذا الّذي قد هابه الناس هذه المهابة فتنحّوا عنه يمينا وشمالاً؟ فقال هشام : لا أعرفه ، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ، وكان الفرزدق حاضرا ، فقال للشامي : أنا أعرفه ، فقال الشامي : مَن هو يا أبا فراس؟ فقال : هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته والبيتُ يعرفه والحِلُّ والحَرمُ هذا ابن خير عباداللّه كلّهمُ هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلَمُ إذا رأته قريشٌ قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ ينمي (8) إلى ذروة العزّ الّتي (9) قصرت عن نيلها عرب الإسلام والعجمُ يكاد يمسكه عرفانَ راحته ركن الحطيم إذا ماجاء يستلمُ يغضي حياءً ويغضي من مهابته فلا يكلّم إلاّ حين يبتسمُ بكفّه (10) خيزرانٌ ريحه عبق من كفّ أروع في عرنينه شممُ ينشقّ نور الهدى من (11) نور غرّته كالشمس تنجاب (12) عن إشراقها الظلمُ 13
.
ص: 869
مشتقّة (1) من رسول اللّه نبعته طابت عناصره والخيم (2) والشِيمُ هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجدّه أنبياء اللّه قد ختموا اللّه شرّفه قدما وفضّله (3) جرى بذاك (4) له في لوحة القلمُ فليس قولك مَن هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجمُ كلتا يديه غياثٌ عمَّ نفعهما تستوكفان ولايعروهما العدمُ (5) سهل الخليقة لاتخشى بوادره يزينه اثنان حُسن الخلق والكرمُ (6) حمّال أثقال (7) أقوام إذا قدحوا حلو الشمايل تحلو (8) عنده نعمُ لايخلف الوعد ميمون نقيبته (9) رحب الفناء أريبٌ حين يعترمُ (10) عمَّ البرّية بالإحسان وانقشعت (11) عنه الغباوة (12) والإملاق والعدمُ من معشر حبّهمُ دين وبغضهمُ كفر وقربهمُ منجىً ومعتصمُ إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل مَن خير أهل الأرض قيل هُمُ لايستطيع جوادٌ بُعد غايتهم ولايدانيهم قومٌ وإن كرموا همُ الغيوث إذا ما أزمة أزمت والاُسد اُسد الشري والبأس محتدمُ لاينقصُ العسرُ بسطا من أكفهمُ سيّان ذلك إن أثروا وإن عُدِموا مقدّمٌ بعد ذكر اللّه ذكرهمُ في كلّ بدو (13) ومختوم به الكلمُ يأبى لهم أن يحلّ الذمّ (14) ساحتمهم خيمٌ كريمٌ وأيدٍ بالندى هُضُمُ (15) أيّ الخلائق ليست في رقابهمُ لأوّليةِ (16) هذا أوْ له نِعَمُ من يعرف (17) اللّه يعرف أوّلية (18) ذا والدين من بيت هذا ناله الاُممُ قال : فلمّا سمع هشام هذه القصيدة غضب ، ثمّ إنّه أخذ الفرزدق وحبسه ما بين مكة والمدينة ، وبلغ عليّ بن الحسين امتداحه فبعث باثني عشر ألف درهم فردّها
.
ص: 870
وقال : واللّه ما مدحته إلاّ للّه تعالى لا للعطاء ، فقال : قد عرف اللّه له ذلك ولكنّا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لانستعيده ، فقبلها منه (1) . وقال الفرزدق من قصيدة يهجو هشاما في حبسه له (2) : أتحبسني بين (3) المدينة والّتي إليها قلوب الناس تهوي (4) منيبها يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد وعينا له حولاء (5) باد عيوبها توفي عليّ بن الحسين زين العابدين في الثاني عشر من المحرّم 6 سنة أربع
.
ص: 871
وتسعين من الهجرة (1) وله من العمر سبع وخمسون سنة (2) أقام منها مع جدّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام سنتين (3) ، ومع عمّه أبي محمّد الحسن بعد وفاة جدّه عليّ عليه السلام أحد عشر سنة (4) ، وكان بقاؤه بعد مصرع أبيه ثلاثا وثلاثين سنة (5) ، يقال : إنه مات مسموما (6) وإنّ الّذي سمّه الوليد بن عبدالملك ودُفن بالبقيع في القبر الّذي دُفن فيه عمّه الحسن في القبّة الّتي فيها العبّاس بن عبدالمطّلب (7) . وقال ابن سعد : كان عليّ بن الحسين عليه السلام مع أبيه بطفّ كربلاء وعمره إذ ذاك ثلاث وعشرون سنة لكنه كان مريضا ملقى على فراشه وقد انهكته العلّة والمرض ، ولمّا قتل والده [الحسين] قال الشمربن ذي الجوشن: اقتلوا هذا الغلام،فقال بعض أصحابه: [سبحان اللّه ] تقتل فتىً مريضا لم يقاتل؟ فتركوه . قال ابن عمر هذا القول هو الصحيح
.
ص: 872
وليس قول من قال بأنه كان صغيرا حينئذٍ لم يقاتل وأنه ترك بسبب ذلك الشيء (1) . أولاد عليّ بن الحسين خمسة عشر ولدا (2) مابين ذكرٍ واُنثى ، أحد عشر ذكرا وأربع إناث ، وهم : محمّد المكنّى بأبي جعفر الملقّب بالباقر ، اُمّه اُمّ عبد اللّه بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام . وزيد وعمر ، اُمّهما اُمّ ولد . وعبد اللّه والحسن والحسين ، واُمّهم اُمّ ولد . والحسين الأصغر وعبدالرحمن وسليمان ، اُمّهم اُمّ ولد . وعليّ وكان أصغر ولد عليّ بن الحسين وخديجة ، واُمّهما اُمّ ولد . وفاطمة وعليّة واُمّ كلثوم ، اُمّهن اُمّ ولد . فهؤلاء أولاده عليه السلام [ونفعنابهم وحشرنا في زمرتهم] (3) .
.
ص: 873
. .
ص: 874
. .
ص: 875
. .
ص: 876
. .
ص: 877
الفصل الخامس : في ذكر أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر عليهم السلام وهو الإمام الخامس 1 وتاريخ ولادته ودلائل إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته ومدّة امامته وعدد أولاده وشيءٍ من أخباره وذكر كنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتصل بهقال بعض أهل العلم : كان محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر هو باقر العلم
.
ص: 878
وجامعه وشاهره (1) ورافعه ومتفوّق (2) درّه وراضعه ، صفى قلبه وزكا عمله وطهرت نفسه وشرفت أخلاقه وعمرت بطاعة اللّه تعالى [أوقاته ]ورسخ في مقام التقوى قدمه وميثاقه (3)(4) . قال صاحب الإرشاد أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد النعمان : وكان الباقر [أبو جعفر ]محمّد بن عليّ [بن الحسين ]خليفة أبيه من بين إخوته ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده ، وبرز على جماعته بالفضل وفي العلم والزهد والسؤدد ، وكان أنبههم (5) ذكرا وأكملهم فضلاً وأعظمهم نبلاً ، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين عليهم السلام من علم الدين والسنن وعلم القرآن والسِير (6) وفنون الأدب ما ظهر عن (7) أبي جعفر الباقر عليه السلام (8) . وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء
.
ص: 879
المسلمين ، وصار بالفضل به ، وسارت بذكر علومه الأخبار وأنشدت في مدائحه الأشعار ، فمن ذلك ما قاله مالك بن أعين الجُهني من قصيدة يمدحه عليه السلام فيها قال 1 : إذا طلب الناس علم القرآ ن وكانت لقريش عليه عيالا وإن قام ابن بنت النبيّ تلقّت يداه فروعا طوالا نجومٌ تهلّل للمدلجين جبال تورّثُ عِلما جبالاً وفيه يقول القرظي (1) : يا باقر العلم لأهل التقى وخير من لبّى على الأجيل ولد أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين (رض) بالمدينة في ثالث صفر (2) سنة
.
ص: 880
سبع وخمسين من الهجرة 1 قبل قتل جدّه الحسين عليه السلام بثلاث سنين (1) . وأمّا نسبه: أبا واُمّا فأبوه زين العابدين عليّبن الحسين بن عليّبن أبي طالب عليه السلام 3
.
ص: 881
وهو هاشمي من هاشميَّين علوي من علويَّين (1) . وأمّا كنيته : فأبو جعفر (2) لاغير ، وله ثلاثة ألقاب : الباقر والشاكر والهادي (3) ، أشهرها الباقر ، ولقّب بذلك لبقره العلم وهو تفجّره وتوسّعه 4 .
.
ص: 882
وروى جابربن عبد اللّه الأنصاري قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا جابر يوشك أن تلتحق بولد لي من ولد الحسين عليه السلام اسمه كاسمي يبقر العلم بقرا _ أي يفجره تفجيرا _ فإذا رأيته فاقرأه عنّى السلام . قال جابر(رض) : فأخّر اللّه تعالى مدّتي حتّى رأيت الباقر عليه السلام فأقرأته السلام عن جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله . وروي أنّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام سأل جابر بن عبد اللّه الأنصاري لمّا دخل عليه عن عائشة وماجرى بينها وبين عليّ عليه السلام ، فقال له جابر : دخلت (1) عليها يوما وقلت لها : ماتقولين في حقّ عليّ بن أبي طالب؟ فأطرقت برأسها ثمّ رفعته فقالت (2)(3) : إذا ما التبر حكّ على محكّ تبيّن غشّه من غير شكّ وفينا الغشّ والذهب المصفّى عليّ بيننا (4) شبه المحكّ صفة الباقر عليه السلام : اسمر معتدل (5) ،
.
ص: 884
«رَبِّ لاَتَذَرْنِى فَرْدًا» 1 . ونقل الثعلبي في تفسيره أنّ الباقر عليه السلام نقش على خاتمه هذه الكلمات (1) : ظنّي باللّه حسن وبالنبيّ المؤتمن وبالوصي ذي المنن وبالحسين والحسن معاصره : الوليد وأولاده يزيد وإبراهيم (2) . وأمّا مناقبه : فكثيرة عديدة وأوصافه فحميدة جميلة منها : ما حكاه مولاه أفلح
.
ص: 885
قال : حججت مع أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام فلمّا دخل المسجد ونظر البيت بكى فقلت (1) : بأبي أنت واُمّي إنّ الناس ينظرون (2) إليك فلو خفضت (3) بصوتك قليلاً ، فقال : ويحك (4) يا أفلح!! ولِم لا أرفع صوتي بالبكاء لعلّ اللّه تعالى ينظر إليَّ برحمةٍ منه فأفوز بها غدا . ثمّ إنّه طاف بالبيت وجاء حتّى ركع خلف المقام فلمّا فرغ فإذا موضع سجوده مبتلٌّ (5) من دموع عينيه (6) . وروى عنه ابنه جعفر قال : كان أبي يقوم جوف الليل فيقول في تضرّعه : أمرتني فلم أ أتمر ، ونهيتني وزجرتني فلم أنزجر ، فها أنا عبدك بين يديك مقرّا لأعتذر (7) . وروي عنه أنّه قال : ما من عبادة أفضل من عفّة بطن أو فرْج ، وما من شيءٍ أحبّ إلى اللّه من أن يُسأل ، ولا يدفع القضاء إلاّ الدعاء ، فإنّ أسرع الخير ثوابا البرّ العدل ، وأسرع الشرّ عقوبة البغي ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر (8) من الناس مايعمى عنه من نفسه ، وأن يأمر الناس (9) ما لايفعله ، وأن ينهى الناس بما (10) لا يستطيع
.
ص: 886
التحوّل عنه ، وأن يؤذي جليسه بما لايعنيه (1) . وقال خالد بن الهيثم : قال أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهماالسلام : ما اغر ورقت (2) عينٌ بمائها من خشية اللّه تعالى إلاّ و حرّم اللّه وجه صاحبها على النار ، فإن سالت على الخدّين دموعه لم يرهق وجهه قتر ولاذلّة ، وما من شيءٍ إلاّ وله جزاء إلاّ الدمعة ، فإنّ اللّه تعالى يكفّر بها بحور الخطايا ، ولو أنّ باكيا بكى في اُمّةٍ لحرّم اللّه تلك الاُمّة على النار (3) . وعن جابر الجعفي قال : قال لي محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام : يا جابر إنّي لمشتغل القلب ، قلت : وما يشغل قلبك؟ قال : يا جابر إنّه من دخل قلبه ما في دين اللّه الخالص شغله عمّا سواه . يا جابر ما الدنيا وما عسى أن تكون هل هي إلاّ مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها! يا جابر إنّ المؤمنين لم يطمئنّوا إلى الدنيا لزوالها (4) ولم يأمنوا قدوم الآخرة [عليهم ]لأهوالها ، وإنّ أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونةً وأكثرهم لك معونةً ، وإن نسيت ذكّروك ، وإن ذكرت أعانوك ، قوّالين للحقّ ، قوّامين بأمر اللّه ، فاجعل (5) الدنيا كمنزلٍ نزلت به وارتحلت (6) منه أو كمالٍ أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء ، واحفظ اللّه فيما استرعاك من
.
ص: 887
دينه وحكمته (1) .
وقال عليه السلام :الغنى والعزّ يجولان في قلب المؤمن ، فإذا وصلا إلى مكان فيه التوكّل استوطنا (2)(3) .
وقال عليه السلام :مادخل قلب امرئً شيءٌ من الكبر إلاّ نقص من عقله مثل ذلك قلّ أو كثر (4)(5) .
وقال عليه السلام :سلاح اللئام قبح الكلام (6) .
وكان يقول :واللّه لموت عالم أحبّ إلى إبليس من موت سبعين عابد (7) .
.
ص: 888
وقال سعد الإسكافي :سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام يقول : عالم ينتفع بعلمه خيرٌ من ألف عابد (1) .
وقال عليه السلام :شيعتنا من أطاع اللّه (2) .
وعن أبي عبد اللّه ابن محمّد بن المنكدر (3) كان يقول :ما كنت أرى أنّ مثل عليّ بن الحسين عليه السلام يدع خلفا أفضل منه (4) حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ عليه السلام وذلك أنّي أردت أن أعظه فوعظني . فقال [له ]أصحابه : بأيّ شيءٍ وعظك؟ قال : خرجت إلى بعض نواحي المدينة في يوم من الأيام في ساعة حارّة فلقيني (5) أبوجعفر محمّد بن عليّ وكان رجلاً بادنا (6) ثقيلاً وهو متّكئ على (7) غلامين أسودين له فقلت في نفسي : سبحان اللّه شيخ من أشياخ (8) قريش خرج في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا؟! [أما ]لأعظنّه ، فدنوت منه وسلّمت عليه فردَّ (9) عليَّ بنهر (10)
.
ص: 889
وقد تصبّب (1) عرقا فقلت : أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا؟! [أرأيت ]لو جاء أجلك (2) وأنت على هذه الحال (3) [ما كنت تصنع؟ ]قال : فخلى عن الغلامين والتفت إليَّ وقال : لوجاءني الموت وأنا على هذه الحال لجاءني وأنا في طاعةٍ من طاعة اللّه أكفّ بها نفسي [وعيالي] عنك وعن الناس ، وإنّما كنت أخاف الموت أن لو جاءني وأنا على معصيةٍ من معاصي اللّه تعالى ، فقلت : [صدقت ]يرحمك اللّه (4) أردت أن أعظك فوعظتني (5) .
وعن معاوية بن عمّار الدهني (6) عن محمّد بن عليّ بن الحسين في قوله عزّوجلّ «فَسْ_ئلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَتَعْلَمُونَ» (7) قال : نحن أهل الذكر (8) . وروى الزهري (9) قال : حَجّ هشام بن عبدالملك فدخل المسجد الحرام متكئاً (10) على يد سالم مولاه
.
ص: 890
ومحمّد بن عليّ عليه السلام [جالس] في المسجد ، فقال له سالم [مولاه] : يا أمير المؤمنين هذا محمّد بن عليّ بن الحسين في المسجد [قال هشام] : المفتون به أهل العراق؟ قال : نعم ، فقال : اذهب إليه فقل (1) له : يقول لك أمير المؤمنين : ما الّذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يُفصل بينهم يوم القيامة؟ فقال [أبوجعفر] : قل له : يُحشر الناس على مثل قرص نقي (2) فيها أنهار متفجّرة يأكلون ويشربون منها حتّى يفرغوا من الحساب . قال : فلمّا سمع هشام ذلك رأى أنه قد ظفر به . فقال : اللّه أكبر اذهب (3) إليه وقل له ما أشغلهم (4) عن الأكل والشرب يومئذٍ؟ فقال له أبوجعفر : قل له : هم في النار أشغل ولم يُشغلوا (5) إلى أن قالوا «أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» (6) فسكت هشام لا (7) يرجع كلاما (8) . وروي أنّ العلاء بن عمرو بن عبيد (9) قدم على محمّد بن عليّ بن الحسين
.
ص: 891
يمتحنه بالسؤال فقال له : جعلت فداك ما معنى قوله تعالى «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَ_وَتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَ_هُمَا» (1) ماهذا الرتق والفتق؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام : كانت السماء رتقا لاتنزل القطر (2) وكانت الأرض رتقا (3) لاتخرج النبات ، ففتق اللّه (4) السماء بنزول المطر وفتق (5) الأرض بخروج النبات ، فسكت ابن عمرو (6) ولم يرد جوابا ولم يجد اعتراضا . ثمّ انه سأله عن قوله تعالى «وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى» (7) ما غضبُ اللّه تعالى؟ قال : طرده وعقابه يا ابن عمرو (8) و مَن ظنّ (9) أنّ اللّه يغيّره شيء فقد كفر (10) . وسئل عن قوله تعالى «أُوْلَ_ئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ» (11) فقال : الغرفة [هي الجنة
.
ص: 892
وهي جزاءٌ لهم بما صبروا] بصبرهم على الفقر في دار الدنيا (1) . وروى أبو حمزة الثمالي عن محمّد بن عليّ بن الحسين في قوله تعالى «وَجَزَآهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيرًا» (2) قال : بما صبروا على الفقر على مصائب الدنيا (3) . وروى الأصمعي عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول لبعض ولده : يابني إيّاك والكسل والضجر فإنّهما مفتاحا كلّ شرّ ، إنّك إذا كسلت لم تؤدّ حقّا ، وإن ضجرت لم تصبر على حقّ (4) . وروي أنه قال لابنه : يا بني إذا أنعم اللّهُ عليك بنعمةٍ فقل الحمدللّه إذا أحزنك أمرٌ فقل لاحول ولاقوّة إلاّ باللّه ، وإذا أبطأ عليك (5) الرزق فقل أستغفر اللّه (6) . وكان محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام- مع ما وصفناه به (7) من العلم والفضل والسؤدد والرئاسة والإمامة - ظاهر الجود في الخاصّة والعامّة مشهور الكرم في الكافة معروفا بالفضل والإحسان مع كثرة عياله وتوسّط حاله (8) . وحكت سلمى مولاة أبي جعفر عليه السلام أنه كان يدخل عليه بعض إخوانه فلايخرجون من عنده حتّى يطعمهم الطعام الطيّب ويكسوهم الثياب الحسنة في
.
ص: 893
بعض الأحيان ويهب لهم الدراهم ، فكنت أقول له في ذلك فيقول : يا سلمى ما حسنة الدنيا إلاّ صلة الإخوان والمعارف ، وكان يصل بالخمسمائة درهم وبالستمائة وبالألف درهم (1) . وقال الأسود بن كثير (2) : شكوت إلى أبي جعفر عليه السلام جور الزمان وجفاء الإخوان فقال : بئس الأخ أخ يرعاك غنيا ويقطعك (3) فقيرا . ثمّ أمر غلامه فأخرج [لي] كيسا فيه سبعمائة درهم فقال : استنفق هذه فإذا نفدت (4) فأعلمني (5) . وقال رضى الله عنه : اعرف المودّة في قلب أخيك بما له في قلبك (6) . ونقل عن الزبير بن (7) محمّد بن مسلم المكّي [أنه] قال : كنّا عند جابر بن عبد اللّه فأتاه عليّ بن الحسين ومعه ابنه محمّد وهو صبي ، فقال عليّ لابنه محمّد : قبّل
.
ص: 894
رأس عمّك ، فدنا محمّد من جابر فقبّل رأسه ، فقال جابر : مَن هذا؟ وكان قد كفّ بصره ، فقال له عليّ بن الحسين عليه السلام : [هذا ]ابني محمّد ، فضمّه جابر إليه وقال له : يامحمّد ، محمّد جدّك رسول اللّه يقرئك السلام ، فقالوا لجابر : وكيف ذلك يا أبا عبد اللّه ؟ قال : كنت مع (1) رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوالحسين عليه السلام في حجره وهو يلاعبه فقال : يا جابر يولد لابني الحسين ابنٌ يقال له عليّ ، فإذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ : ليقم سيّد العابدين ، فيقوم عليّ بن الحسين ، ويولد لعليّ بن الحسين ابنٌ يقال له محمّد ، يا جابر فإن أدركته (2) فاقرأه منّي السلام وإن لاقيته فاعلم أنّ بقاءك بعد رؤيته يسير (3) . فلم يعش جابر بعد ذلك إلاّ قليلاً ومات (4) . فهذه منقبة من مناقبه باقية على ممرّ الأيام وفضيلة شهد له بها الخاصّ والعامّ . قال فيه البليغ ما قال ذوو الحجى وكلّ برأيه منطبق وكذلك العدوّ لم يعد أن قال جميلاً فما يقول فيه الصديق (5) ومن كتاب الحلية لأبي نعيم عن أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام عن أبيه محمّد الباقر عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلامقال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : من نقله اللّه تعالى من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى أغناه بلا مال
.
ص: 895
وأعزّه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس ، ومن خاف اللّه تعالى أخاف اللّه منه كلّ شيء ، ومن لم يخف اللّه تعالى أخافه اللّه من كلّ شيء ، ومن رضي من [مال] اللّه باليسير من الرزق رضي منه باليسير من العمل ، ومن لم يستح من المعيشة خفّت مؤونته ورخا باله ونعم عياله ، ومن زهد في الدنيا آتاه (1) اللّه الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار القرار (2) . وروى أبو سعيد منصور بن الحسن الآبي في كتابه نثر الدرر أنّ محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام قال لابنه جعفر الصادق : يا بني إنّ اللّه خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء : خبأ رضاه في طاعته فلا تحقّرنّ من الطاعة شيئا فلعلّ رضاه فيه ، وخبأ سخطه في معصيته فلاتحقّرنّ من المعصية شيئا فلعلّ سخطه فيه ، وخبأ أولياءه في خلقه فلا تحقّرنّ أحدا فلعلّه ذلك الولي (3) . ومن كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي عن عروه بن عبد اللّه قال : سألت أبا جعفر محمّد بن عليّ عن حلية السيف ، قال : لابأس به وقد حلى أبوبكر الصدّيق سيفه ، قلت : تقول الصدّيق؟! قال : فوثب وثبةً واستقبل القبلة وقال : نعم الصدّيق نعم الصديق ، مَن لم يقل له الصدّيق فلا صدّق اللّه له قولاً لا في الدنيا ولا في الآخرة (4) . ومن كتاب الجوانح والجوامح للإمام قطب الدين أبي سعيد هبة اللّه بن الحسن النهاوندي (5) عن أبي بصير قال : كنت مع محمّد بن عليّ الباقر في مسجد
.
ص: 896
رسول اللّه صلى الله عليه و آله [قاعدا] في حدثان موت والده عليّ بن الحسين عليه السلام إذ دخل المنصور [الدوانيقي] أبو جعفر وداود بن سليمان قبل أن يفضي (1) الملك إلى بني (2) العبّاس ، فجاء داود بن سليمان إلى محمّد الباقر عليه السلام وقعد (3) المنصور ناحية من المسجد فقال له الباقر : ما منع الدوانيقي أن يأتينا (4) ؟! قال : فيه جفاء ، فقال الباقر عليه السلام : أما إنه لاتذهب الأيام (5) حتّى يلي هذا _ يعنى المنصور _ أمر هذه الخلايق (6) فيطأ أعناق الرجال ويملك شرقها وغربها ويطول عمره فيها حتّى يجمع من كنوز الأموال ما لايجمعه غيره (7) . فبعد أن قام داود من عند محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام ذهب إلى المنصور وأخبره بذلك ، فقام المنصور وجاء إليه وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلاّ جلالتك وهيبتك، ثمّ قال : يا سيّدي ما الّذي يقوله داود؟ قال : هو كائن لامحاله ، قال : وملكنا قبل ملككم؟ قال : نعم ، قال : ويملك بعدي أحد من ولدي؟ قال : نعم ، قال : فمدّة بني اُمية أطول (8) أم مدّتنا؟ قال : مدّتكم أطول وليتلقّفن (9) هذا الملك صبيانكم فيلعبون به كما يلعبون بالكرة ، هذا ما عهده إليَّ أبي . فلمّا أفضت الخلافة إلى المنصور (10) تعجّب من قول الباقر عليه السلام (11) .
.
ص: 897
ومن الكتاب المذكور قال أبو بصير : قلت يوما للباقر عليه السلام : أنتم ذرّية (1) رسول اللّه صلى الله عليه و آله؟ قال [لي]نعم ، قلت : رسول اللّه صلى الله عليه و آله وارث الأنبياء جميعهم ووارث جميع علومهم؟ (2) قال : نعم ، قلت : فأنتم ورثة جميع علوم رسول اللّه صلى الله عليه و آله؟ قال : نعم ، قلت : فأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص وتخبرون الناس بما يأكلون [ويدّخرون] في بيوتهم؟ قال : نعم نفعل ذلك كلّه بإذن اللّه تعالى . ثمّ قال : ادن منّي يا أبا بصير _ وكان أبو بصير مكفوف النظر _ فدنوت منه فمسح يده على عيني (3) فأبصرت السهل والجبل والسماء والأرض ، فقال : أتحبّ أن تكون هكذا تبصر وحسابك على اللّه أو تكون كما كنت ولك الجنّة؟ قلت : الجنّة أحبُّ إليَّ . قال فمسح بيده المباركة على عيني (4) فعدتُ كما كنت 5 . ومن الكتاب المذكور أيضا عن جعفر الصادق عليه السلام قال : كان أبي في مجلس عامّ ذات يوم من الأيام إذ أطرق برأسه إلى الأرض ثمّ رفعه فقال : يا قوم كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة آلاف يستعرضكم على السيف ثلاثة أيّام متوالية فيقتل مقاتلتكم وتلقون منه بلاءً لا تقدرون عليه ولا أن
.
ص: 898
تدفعوه (1) وذلك من قابل؟ فخذوا حذركم واعلموا أنّ الّذي قلت لكم هو كائن لابدّ منه . فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه وقالوا : لايكون هذا أبدا . فلمّا كان من قابل ارتحل (2) أبو جعفر من المدينة بعياله هو وجماعة من بني هاشم وخرجوا منها ، فجاءها نافع بن الأزرق فدخلها في أربعة آلاف واستباحها ثلاثة أيّام وقتل فيها خلقا كثيرا لايحصون ، وكان الأمر على ما قاله عليه السلام (3) . ومن كتاب الدلائل للحميري عن زيد بن أبي حازم قال : كنت مع أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام فمرّ بنا زيد بن عليّ 4 فقال أبو جعفر : أما رأيت هذا
.
ص: 899
ليخرجنّ بالكوفة وليقتلنّ وليطافنّ برأسه ، فكان كما قال عليه السلام (1) . وعن الحسن (2) بن راشد قال : ذكرت زيد بن عليّ عند أبي عبد اللّه جعفر الصادق فنلتُ منه (3) ، فقال : لاتفعل رحم اللّه عمّي زيدا فإنّه أتى أبي وقال : إني اُريد الخروج على هذا الطاغية ، فقال له : لاتفعل يا زيد إني (4) أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة ، أما علمت يا زيد أنه لايخرج أحدٌ من ولد فاطمة على أحدٍ من السلاطين قبل خروج السفياني إلاّ قُتل؟ فكان الأمر كما قال أبي (5) . وعن عبدالرحمن بن يحيى بن سعيد قال : حدّثني رجل من بني هاشم قال : كنّا عند محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام وأخوه زيد جالس إلى جانبه ، فدخل رجل من أهل الكوفة فقال له محمّد بن عليّ أتروي (6) شيئا من طرائف الشعر ونوادره؟ فقال : نعم ، قال : كيف قال الأنصاري لأخيه؟ فأنشده : لعمرك ما كان أبو مالك بوانٍ ولابضعيفٍ قواهُ ولا مالديه (7) نازع يعادي أخاه إذا مانهاهُ لأنّ سدّته سدّت مطواعه ومهما وكلت إليه كفاهُ فوضع محمّد بن عليّ يده على كتف أخيه زيد وقال : هذه صفتك يا أخي ،
.
ص: 900
واُعيذك باللّه أن تكون قتيل أهل العراق (1) . وكان زيد بن عليّ (رض) ديّنا شجاعا ناسكا وكان من أحسن بني هاشم عبادةً وأجملهم إنارة (2) ، وكان ملوك بني اُمية تكتب إلى صاحب العراق أن امنع أهل الكوفة من حضور مجلس زيد بن عليّ فإنّ له لسانا أقطع من غلبة السيف وأحدّ من شبا الأسنّة وأبلغ من السِحر والكهانة ومن النفث في العقد . وقال له يوما هشام بن عبدالملك : بلغني أنك تروم الخلافة وأنت لاتصلح لها لأنك ابن (3) أمة ، فقال زيد : كان إسماعيل بن إبراهيم ابن أمة وإسحاق ابن حرّة ، فأخرج اللّه من صلب إسماعيل خير من ولد آدم ، فقال : قم إذاً لا تراني إلاّ حيث تكره ، فلمّا خرج من الدار قال : ما أحبّ أحدٌ الحياة إلاّ ذلّ فقال له سالم مولى هشام : باللّه لايسمعنّ منك هذا الكلام أحد (4) ، فكان زيد (رض) كثيرا مّاينشد 5 : شرّده الخوف من أوطانه كذلك من يكره حرّ الجلاد منحرق الحقّين يشكو الوجى تنكبه أطراف مرو حدّاد قد كان بالموت له راحةٌ والموت حتفٌ في رقاب العباد ومن كتابٍ جمعه الوزير السعيد مؤيد الدين أبو طالب محمّد بن أحمد بن محمّد بن عليّ العلقمي (5) قال ذكر الشيخ الأجلّ أبو الفتح يحيى بن محمّد بن خيار (6) الكاتب قال : سمعت (7) بعض أهل العلم والخير يقول : كنت بين مكّة والمدينة فإذا أنا بشيخ يلوح في (8) البرية فيظهر تارةً ويغيب اُخرى حتّى قرب منّي فتأمّلته فإذا هو غلام سباعيّ أو ثمانيّ ، فسلّم عليَّ فرددت عليه ، فقلت : من أين يا غلام؟ قال : من اللّه ، قلت : وإلى أين؟ قال : إلى اللّه ، فقلت : فما زادُك؟ قال : التقوى ، فقلت : ممّن أنت؟ قال : أنا رجل عربي (9) ، قلت : ابن مَن عافاك اللّه ؟ فقال : أنا رجل هاشمي ، فقلت : ابن مَن قال : أنا رجل علوي ، ثمّ أنشد يقول : فنحن (10) على الحوض ذوّاده (11) تزود ويسعد ورّاده فما فاز مَن فاز إلاّ بناوما 13 خاب مَن حبّنا زاده فمَن سرّنا نال منّا السرور ومَن ساءنا ساء ميلاده ومَن كان غاصبنا حقّنا فيوم القيامة ميعاده ثمّ قال : أنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ثمّ التفتُّ فلم أره ، فلا أعلم هل صعد إلى السماء أم نزل إلى الأرض 14 . مات أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر عليهم السلام في سنة سبعة عشر ومائة 15
.
ص: 901
وله من العمر ثماني وخمسون سنة (1) ، وقيل ستون سنة 2 ، وقيل خمسا وثلاثين (2) ، أقام منها مع جدّه الحسين ثلاث سنين ، ومع أبيه عليّ بن الحسين ثلاثا وثلاثين سنة ، وبقي بعد موت أبيه تسع عشر سنة ، وهي مدّة إمامته عليه السلام 4 ، وانّه أوصى أن
.
ص: 902
يكُفّن في قميصه الّذي كان يصلّي فيه (1) . وعن ابنه جعفر الصادق عليه السلام قال : كنت عند أبي في اليوم الّذي قُبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وتكفينه وفي دخوله قبره . قال : فقلت له : يا أبت (2) واللّه ما رأيت (3) منذ اشتكيت أحسن هيئة منك اليوم ولا أرى عليك أثر الموت ، فقال : يا بني أما (4) سمعت عليّ بن الحسين يناديني (5) من وراءالجدار (6) : يا محمّد عجّل 7 .
.
ص: 903
ويقال : إنّه مات بالسّم في زمن إبراهيم بن الوليد بن عبدالملك (1) ، قبره بالبقيع (2) ودُفن بالقبّة الّتي فيها العبّاس في القبر الّذي دُفن فيه أبوه وعمّ أبيه الحسن عليه السلام (3) ، وقد تقدّم ذكر ذلك . أولاد الباقر عليه السلام ستة (4) وقيل سبعة (5) وهم : أبو عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام _ وكان يكنى به _ وعبد اللّه ، واُمّهما اُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر . وإبراهيم
.
ص: 904
وعبيداللّه (1) درجا في حياته ، واُمّهما اُمّ حكيم بنت أسد بن المغيرة الثقفية . وعليّ وزينب لاُمّ ولد . ولم يُعتقد أحدٌ من (2) ولد أبي جعفر الإمامة إلاّ في أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام ، وكان أخوه عبد اللّه يُشار إليه بالفضل والصلاح . يقال : إنّ بعض بني اُمية سقاه السمّ فمات رضوان اللّه تعالى عليه ، نقل ذلك صاحب الإرشاد رحمه الله 3 .
.
ص: 905
. .
ص: 906
. .
ص: 907
الفصل السادس : في ذكر أبي عبد اللّه جعفر 1 الصادق عليه السلام وهو الإمام السادس وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته وعدد أولاده وذكر كنيته ونسبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهكان جعفر الصادق ابن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلاممن بين إخوانه خليفة
.
ص: 908
أبيه محمّد بن عليّ عليهماالسلام ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده ، و برز على جماعتهم (1) بالفضل وكان أنبههم ذِكرا وأعظمهم (2) قدرا ، ونقل الناسُ عنه من العلوم ما سارت به الركبانُ وانتشر صيته وذِكرُه في سائر البلدان ، ولم ينقُل العلماء عن أحدٍ من أهل بيته ما نُقل عنه من الحديث (3) . وروى عنه جماعة من أعيان الاُمّة وأعلامهم مثل : يحيى بن سعيد (4) وابن جريج (5)
.
ص: 909
ومالك بن أنس (1) والثوري (2) . وابن عيينة (3) وأبو حنيفة (4) وشعبة (5) . وأبو أيّوب السجستاني (6) وغيرهم (7) . ووصّى (8) إليه أبو جعفر عليه السلام بالإمامة وغيرها وصيةً ظاهرةً ، ونصّ عليها نصّا جليّا عن أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام قال : إنّ أبي استودَعَني ماهناكَ ، وذلك انّه لمّا حضرته الوفاة قال : ادْعُ لي شهودا ، فدعوتُ له أربعةً [من قريش ]منهم نافع مولى عبد اللّه بن عمر ، فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب نبيه «يَ_بَنِىَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَتَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ» (9) . وأوصى محمّد بن عليّ إلى ابنه جعفر وأمره أن يكفّنه في بُرده الّذي كان يصلّي فيه الجُمعة 10 وقميصه ، وأن يعمّمه بعمامته ، وأن يرفع قبره مقدار أربع أصابع ، وأن يَحُلَّ أطماره 11 عند
.
ص: 910
دفنه . ثمّ قال للشهود : انصرفوا رحمكم اللّه ، فقلت : يا أبت ما كان في هذا بأنْ (1) يُشهَد عليه؟ قال : يا بُني كرهتُ أن تُغلَب وأن يقال : لم يوص [إليه] فأردت بأن تكون لك (2) الحجة (3) . ولد جعفر الصادق ابن محمّد بن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب بالمدينة الشريفة سنة ثمانين (4) من الهجرة وقيل سنة ثلاث وثمانين 5 والأوّل أصحّ . وأمّا نسبه أبا واُمّا فهو جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن
.
ص: 911
الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام (1) واُمّه رضي اللّه عنها اُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر 2 . وأمّا كنيته فأبو عبد اللّه (2) ، وقيل أبو إسماعيل 4 . وله ثلاثة ألقاب : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، وأشهرها الصادق (3) .
.
ص: 912
صفته : معتدل أدميّ اللون (1) ، شاعره السيّد الحميري (2) (رض) بابه : (3) المفضّل بن عمر (4) . نقش خاتمه «ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه استغفر اللّه » (5) ، معاصره أبو جعفر المنصور (6) .
.
ص: 913
وأمّا مناقبه فتكاد تفوت من عدّ الحاسب ويحير في أنواعها فهم اليقظ الكاتب ، وقد نقل بعض أهل العلم أنّ كتاب الجفر 1 بالمغرب الّذي يتوارثونه بنو عبدالمؤمن (1) بن عليّ هو من كلامه ، وله في المنقبة السنية والدرجة الّتي هي في مقام الفضل عليه . عن مالك بن أنس قال : قال جعفر الصادق عليه السلام يوما لسفيان الثوري : إذا انعم اللّه عليك بنعمة فأحببت بقائها فأكثر من الحمد والشكر عليها فإن اللّه عزّوجلّ قال في كتابه العزيز «لَ_ئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» (2) . وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الإستغفار فان اللّه عزّوجلّ يقول «اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَلٍ وَبَنِينَ _ يعنى في الدنيا _ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّ_تٍ ... _ في الآخرة _» (3) يا سفيان إذا احزنك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا باللّه فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة (4) . وقال ابن أبي حازم : كنت عند جعفر الصادق إذ جاء آذنه (5) وقال : إنّ سفيان
.
ص: 914
الثوري في الباب ، فقال : ائذن له ، فدخل فقال له جعفر : يا سفيان إنك رجل يطلبك السلطان في بعض الأوقات وتحضر عنده وأنا (1) أتقي السلطان فاخرج عنّي غير مطرود (2) ، فقال سفيان : حدّثني بحديث أسمعه منك وأقوم ، فقال : حدّثني أبي عن جدّي عن أبيه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آلهقال : من أنعم اللّه عليه نعمةً فليحمد اللّه ، ومن استبطأ الرزق فليستغفر اللّه ، ومن أحزنه أمرٌ فليقل : لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه . فلمّا قام سفيان قال أبو جعفر : خذها يا سفيان ثلاثا وأيّ ثلاث (3) !! وكان عليه السلام يقول : لايتمّ المعروف إلاّ بثلاث : تعجيله وتصغيره وستره (4) . وقال بعض شيعته [أصحاب جعفر بن محمّد الصادق] : دخلت على جعفر وموسى ولده بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فحفظتها ، فكان ممّا حفظت [أوصاه به منها] أن قال له : يا بني ، اقبل وصيّتي واحفظ مقالتي ، فإنّك إن حفظتها تعش (5) سيّدا وتمُت (6) حميدا . يا بني ، إنّه مَن قنع (7) بما قسم اللّه له استغنى ، ومَن مدّ عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومَن لم يرض بما قسم اللّه له اتّهم ربّه (8) في قضائه ، ومَن استصغر زلّة نفسه [استعظم زلّة غيره ، ومَن استعظم زلّة نفسه ]استصغر زلّة غيره . يا
.
ص: 915
بني ، مَن كشف حجاب غيره انكشفت عورته (1) ، ومَن سلّ سيف البغي قُتل به ، ومَن احتفر (2) لأخيه بئرا سقط فيها ، ومَن داخل السفهاء حُقّر ، ومَن خالط العلماء وقّر ، ومَن دخل (3) مداخل السوء اتّهم . يا بني ، قل الحقّ لك أو عليك (4) ، وإيّاك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال . يا بني ، إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه فإنّ للجود (5) معادن وللمعادن اُصولاً وللاُصول فروعا وللفروع ثمرا ، ولايطيب ثمر إلاّ بفرع ولافرع إلاّ بأصل ولا أصل ثابت إلاّ بمعدن طيّب . يا بني ، إذا (6) زرت فزر الأخيار ولا تزر الأشرار (7) فانّهم صخرة لاينفجر ماؤها وشجرة لايخضرّ ورقها وأرض لايظهر عشبها (8) . وقال أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي (9) : وقع الذباب على وجه المنصور فذبّه فعاد فذبّه فعاد حتّى أضجره ، وكان عنده جعفر بن محمّد عليه السلام في ذلك الوقت ، فقال المنصور : يا أبا عبد اللّه لأيّ شيء خلق اللّه عزّوجلّ الذباب؟ قال : ليذلّ به الجبابرة (10) ، فسكت المنصور (11) .
.
ص: 916
وقيل : كان رجل من أهل السواد يلازم مجلس جعفر الصادق عليه السلام ويقعد طويلاً مقعده ، ففقده في بعض الأيام فسأل عنه فقال له رجل يريد أن ينقصه [يستنقص به] عنده : إنّه رجل نبطي (1) ، فقال جعفر : أصل الرجل عقله ، وحسبه دينه ، وكرمه تقواه ، والناس في آدم مستوون ، فاستحيى (2) الرجل (3) .
قال سفيان الثوري سمعت جعفر الصادق عليه السلام يقول :عزّت (4) السلامة حتّى لقد خفي مطلبها ، فإن تك في شيء فيوشك أن تكون في الخمول ، وإن طلبت (5) في الخمول ولم تجده فيوشك [أن تكون في الصمت ، فإن طلبت في الصمت ولم توجد فيوشك أن تكون في العزلة والخلوة] (6) أن تكون في كلام السلف الصالح ، والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها عن الناس (7) .
وحدّث عبد اللّه بن الفضل بن الربيع (8) عن أبيه قال : لمّا حجّ المنصور في سنة سبع وأربعين ومائة قدم (9) المدينة قال للربيع : ابعث إلى جعفر بن محمّد من يأتينا به
.
ص: 917
متعبا سريعا قتلني اللّه إن لم أقتله ، فتغافل الربيع عنه وناساه (1) فأعاد عليه في اليوم الثاني واغلظ له في القول ، فأرسل إليه الربيع فلمّا حضر قال له الربيع : يا أبا عبد اللّه اذكر اللّه تعالى فإنّه قد أرسل إليك [ب] ما لا دافع له غير اللّه وإنّي أتخوّف عليك ، فقال جعفر : لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم . ثمّ إنّ الربيع دخل (2) به على المنصور فلمّا رآه المنصور أغلظ له بالقول فقال : يا عدوّ اللّه اتخذك أهل العراق إماما يجبون (3) إليك بزكاة أموالهم فتُلحد في سلطاني (4) وتبتغي إلىَّ الغوائل قتلني اللّه إن لم أقتلك ، فقال جعفر : يا أمير المؤمنين إنّ سليمان اُعطي فشكر وإنّ أيوب ابتلي فصبر وإنّ يوسف ظُلم فغفر ، فهولاء أنبياء اللّه وإليهم يرجع نسبك ولك فيهم (5) اُسوة حسنة فقال المنصور : أجل لقد صدقت يا أبا عبد اللّه ارتفع إلى هاهنا عندي ، ثمّ قال : يا أبا عبد اللّه إنّ فلان الفلاني أخبرني عنك بما قلت لك ، فقال : أحضره يا أمير المؤمنين ليواقفني (6) على ذلك . فاُحضر الرجل الّذي سعى به إلى المنصور فقال له المنصور : أحقّا ما حكيت لي عن جعفر؟ فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال جعفر : فأستحلِفه (7) على ذلك ، فبدر الرجل وقال : واللّه العظيم الّذي لا إله إلاّ هو عالمُ الغيب والشهادة الواحد الأحد الفرد الصمد الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ... وأخذ يعدّ في صفات اللّه ، فقال جعفر : يا أمير المؤمنين يحلف بما أستحلفه به ويترك يمينه هذا ، فقال المنصور : حلّفه بما تختار ، فقال جعفر عليه السلام : قل : برئتُ من حول اللّه وقوّته والتجأت
.
ص: 918
إلى حولي وقوّتى لقد فعل [جعفر] كذا وكذا ، فامتنع الرجل فنظر إليه المنصور منكرا فحلف بها ، فما كان بأسرع من أن ضرب برجله الأرض وخرَّ (1) ميّتا مكانه في المجلس ، فقال المنصور : جرّوا برجله وأخرجوه لعنه اللّه . ثمّ قال : لا عليك يا أبا عبد اللّه أنت البريء الساحة السليم الناحية المأمون (2) الغائله ، عليَّ بالطيب والغالية ، فأتوا بالغالية فجعل يغلف به لحيته إلى أن تركها تقطر وقال : في حفظ اللّه وكلاءته ، وألحقه الربيع بجوائز حسنة وكسوة سنية . قال الربيع : فلحقته بذلك ثمّ قلت له : يا أبا عبد اللّه إنّي رأيت قبلك ما لم تره أنت ورأيت بعد ذلك ما رأيت ورأيتك تحرّك شفتيك وكلّما حرّكتهما سكن الغضب ، بأيّ شيء كنت تحرّكهما جعلت فداك؟ قال : بدعاء جدّي الحسين عليه السلام ، قلت ، وما هو يا سيّدي؟ قال : قلت : اللّهمّ يا عدّتي عند شدّتي يا غوثي عند كربتي احرسني بعينك الّتي لا تنام واكنفني (3) بركنك الّذي لا يرام وارحمنى بقدرتك عليَّ فلا أهلك وأنت رجائي ، اللّهمّ إنّك أكبر وأجلّ وأقدر ممّا أخاف وأحذر ، اللّهمّ بك أدرأ (4) في نحره وأستعيذ بك من شرّه إنّك على كلّ شيء قدير . قال الربيع : فما نزلت بي شدّة قطّ ودعوت به إلاّ فرّج اللّه عنّي . قال الربيع : وقلت لأبي عبد اللّه : منعت الساعي بك إلى المنصور من أن يحلف يمينه وأحلفته أنت تلك اليمين ، فما كان إلاّ أخذ لوقته فتعجّبت من ذلك ما منعناك فيه؟ قال : لأنّ في يمينه الّذي أراد أن يحلف بها توحيد اللّه وتمجيده وتنزيهه ، فقلت : يحلم عليه ويؤخّر عنه العقوبة ، وأحببتُ تعجيلها فاستحلفته بما سمعت فأخذه اللّه لوقته 5 .
.
ص: 919
وروي أنّ داود بن عليّ بن العباس (1) قتل المعلّى بن خُنيس (2) مولىً كان لجعفر الصادق عليه السلام فأخذ ماله ، فبلغ ذلك جعفر فدخل إلى داره ولم يزل ليله كلّه قائما وقاعدا إلى الصباح ، ولمّا كان وقت السحر سمع منه وهو يقول في مناجاته يا ذا
.
ص: 920
القوّة القوية ، ويا ذا المحال الشديد ، ويا ذا العزّة الّتي كلّ خلقك لها ذليل ، اكفنا هذا الطاغية وانتقم لنا منه . فما كان إلاّ أن ارتفعت الأصوات بالصراخ والعويل وقيل مات داود بن عليّ فجأةً 1 . ولمّا بلغ جعفر الصادق عليه السلام قول الحكم بن العباس الكلبي (1) : صلبنا لكم زيدا على جذع نخلةولم أرَ مهديّا على الجذع يُصلبُ فرفع جعفر يديه إلى السماء وهما يرعشان (2) فقال : اللّهمّ سلّط على الحكم بن العبّاس الكلبي كلبا من كلابك . فبعثه بنو اُمية إلى الكوفة فافترسه الأسد في الطريق ، واتصل ذلك بالصادق فخرّ ساجدا وقال : الحمدللّه الّذي أنجزنا ما وعدَنا 4 .
.
ص: 921
وقال محمّد بن إسماعيل (1) : لمّا خرج محمّد بن عبد اللّه بن الحسن فرّ (2) جعفر بن محمّد إلى ماله بالفُرع (3) ، فلم يزل هناك مقيما حتّى قُتل محمّد واطمأنّ الناس فرجع إلى المدينة وأقام بها (4) .
وروي عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام قال :لمّا رفعت (5) إلى أبي جعفر المنصور بعد قتل محمّد بن عبد اللّه بن الحسن انتهرني (6) وكلّمني بكلامٍ غليظ ثمّ قال لي : يا جعفر قد علمت بفعل محمّد بن عبد اللّه الّذي يسمّونه النفس الزكية وما نزل به وانّما أنتظر الآن أن يتحرّك منكم أحد فاُلحق الصغير بالكبير . قال : فقلت : يا أمير المؤمنين حدّثني أبي محمّد بن عليّ عن أبيه الحسين عن الحسن (7) بن عليّ بن أبي طالب أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال : إنّ الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيمدّها (8) اللّه تعالى إلى ثلاث وثلاثين سنة ، وإنّ الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيبترها (9) اللّه تعالى إلى ثلاث سنين . قال : فقال لي : واللّه عليك سمعت هذا من أبيك؟ فقلت : واللّه سمعتها فردّها [ثمّ ردّها ]عليَّ ثلاثا ثمّ
.
ص: 922
قال : انصرف (1) .
وممّا حفظ من كلام جعفر الصادق في الحكمة والموعظة وغير ذلك قوله :ما كلّ من نوى (2) شيئا قدر عليه ، ولاكلّ من قدر على شيء وفّق له ، ولاكلّ من وفّق أصاب له موضعا ، فإذا اجتمعت النيّة والقدرة والتوفيق والإصابة فهناك [تجب ]السعادة (3) .
وقال عليه السلام :تأخير التوبة اغترار ، وطول التسويف حَيرة ، والإعتداء على اللّه هلكة ، والإصرار على الذنب أمنٌ مِن مكر اللّه (4) «فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَ_سِرُونَ» 5 .
وقال عليه السلام :أربعة أشياء القليل منها كثير : النار والعداوة والفقر والمرض (5) .
وسئل :لم سمّي البيت العتيق قال : لأنّ اللّه تعالى عتقه من الطوفان (6) .
.
ص: 923
وقال عليه السلام :صحبة عشرين يوما قرابة (1) .
وقال :كفّارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان (2) .
وقال عليه السلام :إذا دخلت منزل أخيك فاقبل الكرامة ما عدا الجلوس في الصدر (3) .
وقال :البنات حسنات والبنون نِعَم ، فالحسنات يُثاب عليهنّ والنعمة يسأل عنها 4 .
قال عليه السلامو من لم يستح من العيب ويرعوي عند المشيب ويخشى اللّه بظهر الغيب فلا خير فيه (4) .
وقال عليه السلام :إيّاكم وملاحاة الشعراء فإنّهم يطنبون بالمدح ويجودون بالهجاء (5) .
وكان يقول :اللّهمّ إنّك بما أنت له أهله من العفو أولى منّي بما أنا أهله من العقوبة (6) .
وقال عليه السلام :مَن أكرمك فأكرمه ، ومَن استخفّ بك فأكرم نفسك عنه (7) .
.
ص: 924
وقال :منع الجود سوء الظنّ بالمعبود (1) .
وقال :دعا اللّه الناس في الدنيا بآبائهم ليتعارفوا ودعاهم في الآخرة بأعمالهم ليتجاوزوا فقال : «يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ» «يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُواْ» (2) .
وقال عليه السلام :إنّ عيال المرء اُسراؤه فمن أنعم اللّهُ عليه بنعمته فليوسّع على اُسرائه ، فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة عنه (3) .
وقال :ثلاثة لايزيد اللّه بها الرجل المسلم إلاّ عزّا : الصفح عمّن ظلمه ، والإعطاء لمن حرمه ، والصلة لمن قطعه (4) .
وقال :حفظ الرجل أخاه بعد وفاته في تركته كرم. (5) .
وقال :المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه من (6) حقّ وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل (7) .
وروى محمّد بن حبيب عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليه السلام ورفعه قال :ما من مؤمن أدخل على قوم سرورا إلاّ خلق اللّه من ذلك السرور ملَكا يعبد اللّه تعالى ويحمده ويمجّده ، فإذا صار المؤمن في لحده أتاه ذلك السرور الّذي أدخله على اُولئك القوم فيقول : أنا اليوم اُونس وحشتك واُلقنك حجّتك واُثبتك بالقول الثابت واُشهد بك مشاهد القيامة واُشفع بك إلى ربّك واُريك منزلتك من الجنّة (8) .
.
ص: 925
وقال إبراهيم بن مسعود :كان رجل من التجّار يختلف إلى جعفر بن محمّد عليه السلام وبينه (1) وبينه مودّة وهو معروف بحسن حال (2) فجاء بعد حين إلى جعفر بن محمّد وقد ذهب ماله وتغيّر حاله فجعل يشكو إلى جعفر فأنشده جعفر عليه السلام (3) : فلا تجزع وإن اُعسرت يومافقد أيسرت في زمنٍ طويل (4) ولا تيأس (5) فإنّ اليأس كفرلعلّ اللّه يغنى عن قليل ولا تظننّ بربّك ظنّ سوءٍفإنّ اللّه أول_ى بالجميل
وعن أبي حمزة الثمالي :قال : كنت مع أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق بين مكّة والمدينة فالتفت فإذا عن يساره (6) كلب أسود فقال له : مالك قبّحك اللّه ما أشدّ مسارعتك! فإذا هو في الهواء شبيه (7) الطائر ، فتعجّبت من ذلك ، فقال لي : هذا غثيم (8) بريد الجنّ مات هشام (9) الساعة وهو يطير (10) ينعاه في كلّ بلد (11) .
.
ص: 926
وعن إبراهيم بن عبدالحميد قال :اشتريت من مكّة بُردة وآليت (1) على نفسي أن لا تخرج من ملكي حتّى تكون كفني ، فخرجت بها إلى عرفة فوقفت فيها الموقف ثمّ انصرفت إلى المزدلفة (2) فبعد أن صلّيت فيها المغرب والعشاء رفعتها وطويتها ووضعتها تحت رأسي ونمت ، فلمّا انتبهت فلم أجدها فاغتممت لذلك غمّا شديدا ، فلمّا أصبحت صلّيت وأفضيت مع الناس إلى منى فإنّي واللّه في مسجد الخيف إذ أتاني رسول من أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام يقول لي : يقول (3) لك أبو عبد اللّه : أقبِل (4) في هذه الساعة ، فقمت مسرعا حتّى دخلت على أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام وهو في فسطاطه فسلّمت عليه وجلست فالتفت إليَّ وقال (5) : يا إبراهيم نحن نحبّ أن نعطيك بردة تكون لك كفنا قلت : والّذي يحلف به (6) إبراهيم لقد كانت معي بردة معدّها لذلك ولقد ضاعت منّي في المزدلفة ، فأمر غلامه فأتاني ببردة فتناولتها فإذا هي واللّه بردتي بعينها ، فقلت : بردتي يا سيّدي ، فقال : خذها واحمد اللّه تعالى يا إبراهيم فقد جمع اللّه عليك يا إبراهيم (7) .
وروي عن جعفر الصادق عليه السلام انّه قال لغلامه (8) يافد :يايافد إذا كتبت رقعة أو كتابا
.
ص: 927
في حاجة وأردت أن تنجح حاجتك الّتي تريد فاكتب في رأس الرقعة (1) بقلم غير مديد : بسم اللّه الرحمن الرحيم وعَد اللّه الصابرين المخرج ممّا يكرهون والرزق من حيث لايحتسبون . جعلنا اللّه وإيّاكم من الذين لاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون . قال يافد : فكنت أفعل ذلك فتنجح حوائجي (2) .
مناقب أبي جعفر الصادق عليه السلام فاضلة ، وصفاته في الشرف كاملة ، وشرفه على جبهات الأيام سائلة ، وأندية المجد والعزّ بمفاخره ومآثره آهلة (3) . مات الصادق جعفر بن محمّد عليهاالسلام سنة ثمان وأربعين ومائة في شوّال 4 وله من العمر ثمان وستون سنة 5 أقام فيها مع جدّه عليّ بن الحسين اثني عشر سنة
.
ص: 928
وأياما (1) ومع أبيه محمّد بن عليّ بعد وفاة جدّه ثلاثة عشر سنة (2) وبقى بعد موت أبيه أربعا وثلاثين 3 سنة وهي مدّة إمامته عليه السلام ، يقال إنّه مات بالسمّ في أيام المنصور (3) وقبره بالبقيع ، دفن في القبر الّذي فيه أبوه وجدّه وعمّ جدّه ، فللّه درّه من
.
ص: 929
قبر ما أكرمه وأشرفه (1) . وأمّا أولاده فكانوا سبعة ، ستة ذكور وبنت واحدة ، وقيل كانوا أكثر من ذلك 2 . أسماء الذكور : موسى الكاظم (2) إسماعيل 4
.
ص: 930
ومحمّد (1) وعليّ (2) وعبد اللّه (3) وإسحاق 4 ، والبنت اسمها اُمّ فروة (4) رضوان اللّه عليهم .
.
ص: 931
الفصل السابع : في ذكر أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام وهو الإمام السابع 1 وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته وعدد أولاده وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتصل بهقال بعض أهل العلم : الكاظم هو الإمام الكبير القدر ، والأوحد الحجّة الحبر ،
.
ص: 932
الساهر ليله قائما ، القاطع نهاره صائما ، المسمّى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظما ، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى اللّه ، وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين ونيل مطالبهم وبلوغ مآربهم وحصول مقاصدهم (1)(2) . قال الشيخ المفيد : كان أبو الحسن موسى الكاظم هو الإمام بعد أبيه والمقدّم على جميع بنيه لاجتماع خلال (3) الفضل فيه والكمال ، وورود صحيح النصوص وجليّ الأقوال عليه من أبيه بأنّه وليّ عهده والإمام القائم من بعده (4) .
.
ص: 933
روى أبو عليّ الأرجاني عن عبدالرحمن بن الحجّاج قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السلام في منزله فإذا هو في بيت كذا ومسجد له من داره (1) وهو يدعو وعلى يمينه ولده موسى بن جعفر الكاظم يؤمّن على دعائه ، فقلت له : جعلني اللّه فداك (2) قد عَرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك فمن وَليُّ الأمر بعدك؟ فقال : يا عبدالرحمن إنّ موسى قد لبس الدرع واستوت (3) عليه ، فقلت له : لا أحتاج بعد هذا إلى شيء» (4) . وروى عبدُ الأعلى (5) عن الفيض بن المختار (6) قال : قلت لأبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام : خُذْ بيدي من النار مَنْ لنا بعدك؟ قال : فدخل أبو إبراهيم موسى الكاظم وهو يومئذٍ غلام فقال : هذا صاحبكم فتمسّك به (7) .
.
ص: 934
وعن ابن أبي نجران عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد اللّه جعفر الصادق عليه السلام : بأبي أنت واُمي إنّ الأنفس يُغدى عليها ويُراح (1) فإذا (2) كان ذلك فمن؟ فقال جعفر : إذا كان ذلك فهو (3) صاحبكم ، وضرب بيده على منكب [أبي الحسن الأيمن وهو فيما أعلم يومئذٍ خماسي وعبد اللّه بن جعفر جالس معنا] (4) موسى الكاظم . ولد موسى الكاظم بالأبواء (5) سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة 6 .
.
ص: 935
وأمّا نسبه أبا واُمّا فهو موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رض) (1) . وأمّا اُمّه فتسمّى حميدة البربرية 2 . وأمّا كنيته : فأبو الحسن (2) ، وألقابه كثيرة أشهرها : الكاظم ثمّ الصابر والصالح
.
ص: 936
والأمين 1 . صفته: أسمر غميق (1) ، شاعره السيّد الحميري (2) ،بابه (3) : محمّد بن الفضل (4) ،
.
ص: 937
نقش خاتمه «الملك للّه وحده» (1) ، معاصره الهادى موسى (2) وهرون الرشيد (3) . وأمّا مناقبه وكراماته الظاهرة وفضائله وصفاته الباهرة تشهد له بأنه افترع منه (4) الشرف وعلاها وسما إلى أوج المزايا فبلغ أعلاها ، وذللت له كواهل السيادة فركبها وامتطاها ، وحكم في غنائم المجد فأختار صفاياها فاصطفاها (5) . فمن ذلك ماأخبر به الفضل بن الربيع عن أبيه عن جدّه أنّ المهدي لمّا حبس موسى بن جعفر الكاظم [ففي بعض الليالي ]رأى [المهدي ]في النوم (6) عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول له : يا محمّد «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُواْ
.
ص: 938
أَرْحَامَكُمْ» (1) قال الربيع : فأرسل إليَّ المهدي ليلاً فراعني وخفت من ذلك ، فلمّا دخلتُ عليه (2) فإذا هو يقرأ هذه الآية وكان من أحسن الناس صوتا ، فقال : عليَّ الآن بموسى بن جعفر فجئته (3) به فعانقه وأجلسه إلى جانبه (4) وقال : يا أبا الحسن إنّي رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في هذه الساعة في النوم فقرأ عليَّ كذا وكذا فتؤمنّي أن لاتخرج عليَّ ولا على أحدٍ من ولدي؟ فقال : واللّه لافعلت ذلك ولا هو من شأني ، قال : صدقت ، يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار وردّه (5) إلى أهله إلى المدينة . قال الربيع فأحكمت أمره في ثاني ليلة (6) وقضيت جميع حوائجه وما (7) أصبح إلاّ وقد قطع أرضا خوفا عليه من العوائق 8 .
.
ص: 939
قال حسام (1) بن حاتم الأصمّ : قال لي [أبي] حاتم : [قال لي] شقيق البلخي (2) : خرجت حاجّا في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسيّة فبينا (3) أنا انظر [إلى ]الناس في مخرجهم إلى الحاجّ وزينتهم وكثرتهم إذ (4) نظرت إلى فتىً (5) حسن الوجه شديد السمرة ضعيف (6) فوق ثيابه ثوب صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا ، فقلت في نفسي : هذا الفتى من الصوفية ويريد أن يخرج مع الناس فيكون كلاًّ على الناس (7) في طريقهم واللّه لأمضينّ إليه ولاُوبخنّه ، فدنوت منه فلمّا رآني مقبلاً نحوه قال : ياشقيق «اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ» (8) ثمّ تركني (9) ومضى (10) ، فقلت في نفسي : إنّ هذا الأمر عظيم قد تكلّم بما (11) في
.
ص: 940
نفسي (1) ونطق باسمي وما هذا إلاّ عبد صالح لألحقنّه ولأسأله الدعاء و أن يحلّلني ممّا ظننته (2) به ، فغاب عنّى ولم أره . فلمّا نزلنا واقصة (3) فإذا هو واقف يصلّي [وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري ]فقلت : هذا صاحبي أمضي إليه وأستحلّه (4) ، فصبرت حتّى جلس (5) من صلاته فالتفت إليَّ وقال : يا شقيق اتلُ «وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَ__لِحًا ثُمَّ اهْتَدَى» (6) ثمّ قام ومضى وتركني فقلت : ان هذا الفتى من الأبدال (7) لقد (8) تكلّم على سرّي مرّتين . فلمّا نزلنا زبالة (9) وإذا أنا بالفتى قائم على البئر وأنا أنظر إليه وبيده ركوة يريد أن يستقي فيها الماء ، فسقطت الركوة من يده في البئر فرمق إلى السماء بطرفه وسمعته يقول : أنت ربّي إذا ظمئت إلى الماء ، وأنت (10) قوّتي إذا طلبت طعاما (11) ، ثمّ قال : اللّهمّ إلهي وسيّدي مالى غيرها (12) فلا تعدمنيها . قال شقيق : فواللّه لقد رأيت الماء ارتفع إلى رأس البئر والركوة طافية عليه فمدّ يده وأخذها وملأها ماءً ، فتوضّأ منها
.
ص: 941
وصلّى أربع ركعات ، ثمّ مال إلى كثيب رَملٍ فجعل يقبض بيده يطرحه في الركوة ويحركها ويشرب ، فأقبلت إليه (1) وسلّمت عليه فردّ عليَّ السلام فقلت : أطعمني من فضل ما أنعم اللّه عليك ، فقال : يا شقيق لم تزل نِعَم اللّه علينا (2) ظاهرة وباطنة فأحسن ظنّك بربّك ، ثمّ ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق وسكّر ، فواللّه ما شربت قطّ ألذّ منه ولاأطيب ريحا فشبعت ورويت وأقمت أياما لاأشتهى طعاما ولاشرابا . ثمّ لم أرَه حتّى حططنا (3) بمكة فرأيته ليلة إلى جنب قبّة الشراب في نصف الليل وهو قائم يصلّي بخشوع وأنين وبكاء ، فلم يزل كذلك حتّى ذهب الليل ، فلمّا رأى الفجر (4) جلس في مُصلاّه يُسبّح اللّه تعالى ، ثمّ قال إلى حاشيته الطواف فركع الفجر (5) هناك ثمّ صلّى فيه الصبح مع الناس ، ثمّ دخل الطواف فطاف إلى بعد شروق الشمس ، ثمّ صلّى خلف المقام ، ثمّ خرج يريد الذهاب فخرجت خلفه اُريد السلام عليه وإذا بجماعة قد طافوا به يمينا وشمالاً ومن خلفه ومن قدّامه ، وإذا له حاشية وغاشية (6) وموالٍ وخدم وحشم وأتباع قدخرجوا معه ، فقلت لهم : من هذا الفتى؟ فقالوا : هو موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقلت : لايكون هذا إلاّ لمثل هذا ، ثمّ إنّي انصرفت . وهذه الحكاية رواها جماعة من أهل التأليف والمحدّثين ، رواها ابن الجوزي في كتابه مسير العزم (7) الساكن إلى أشرف الأماكن ، ورواها الحافظ عبدالعزيز
.
ص: 942
الأخضر الجنابذي (1) في كتابه معالم العترة النبوية ، ورواها الرامهرمزي (2) قاضي القضاة في كتابه كرامات الأولياء ، وغيرهم 3 . ومن كتاب الدلائل للحميري روى أحمد بن محمّد عن أبي قتادة القمّي عن أبي خالد الزُبالي (3) قال : قدم علينا أبو الحسن موسى الكاظم عليه السلام زُبالة ومعه جماعة من أصحاب المهدي ، بعثهم [المهدي] في إشخاصه إليه إلى العراق من المدينة ذلك في مسكنه الاُولى ، فأتيته وسلّمت عليه فسرّ برؤيتي وأوصاني وأمرني بشراء حوائج له
.
ص: 943
وتبييتها (1) عندي ، ونظر إليَّ فرآني غير منبسط وأنا مغموم (2) منقبض ، فقال : مالي أراك مغموما (3) ؟ فقلت : وكيف لا ، ورأيتك سائرا وأنت تصير إلى هذا (4) الطاغية ولا آمنه (5) عليك منه؟! فقال : يا أبا خالد ليس عليَّ منه بأس ، فإذا كانت سنة كذا في شهر كذا في يوم الفلاني فانتظرني آخر النهار مع دخول أوّل الليل فإنّي اُوافيك إن شاء اللّه تعالى . قال أبو خالد : فما كان لي هَمٌّ إلاّ إحصاء تلك الشهور والأيّام إلى ذلك اليوم الّذي وعدني المأتيّ فيه، فخرجت وانتظرته إلى أن غربت الشمس فلم أرَ أحدا فداخلني (6) الشكّ في أمره ، فلمّا كان دخول الليل فبينما أنا كذلك فإذا بسوادٍ قد أقبل من ناحية العراق [فقصدته] فإذا هو على بغلةٍ أمامٍ القطار فسلّمت عليه وسررت بمقدمه وتخلّصه ، فقال لي : داخلك الشكّ يا أبا خالد؟ فقلت : الحمدللّه الّذي خلّصك من هذا (7) الطاغية ، فقال : يا أبا خالد إنّ لي (8) إليهم عودة لا أتخلّص منها (9) . وروي عن عيس المدائني قال : خرجت سنة إلى مكة فأقمت [بها] مجاورا ثمّ
.
ص: 944
قلت : أذهب إلى المدينة فاُقيم بها (1) سنة مثل ما أقمت بمكة فهو أعظم لثوابي (2) ، فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلّى إلى جنب دار أبي ذرّ (رض) وجعلت أختلف إلى سيّدى موسى الكاظم عليه السلام ، فبينما أنا عنده في ليلة مطيرة (3) إذ قال : يا عيسى ارجع (4) فقد انهدم بيتك (5) على متاعك ، فقمت فإذا البيت قد انهدم (6) على المتاع ، فاكتريت قوما كشفوا عن متاعي واستخرجت جميعه ولم يذهب لي شيء غير سطل الوضوء ، فلمّا أتيته من الغد قال : هل فقدت شيئا من متاعك فندعو اللّه لك بالخلف؟ فقلت : ما فقدت غير سطل (7) كنت أتوضأ به ، فأطرق رأسه [مليا ]ثلاثا (8) ثمّ رفعه فقال:قد ظننت أنّك أنسيت السطل (9) قِبل جارية ربّ الدار فاسألها عنه وقل لها أنسيت السطل في بيت الخلاء فردّيه فإنّها (10) ستردّه عليك . قال : فسألتلها عنه فردّته (11) . وعن عثمان بن عيسى قال : قال موسى الكاظم [أبو الحسن ]لإبراهيم بن عبدالحميد وقد لقيه سحرا وإبراهيم ذاهب إلى قبا (12) وموسى [أبو الحسن ]داخل
.
ص: 945
إلى المدينة [فقال] : يا إبراهيم [فقلت : لبّيك] قال : إلى أين؟ قال : [قلت ]إلى قبا ، فقال : في أيّ شيء؟ فقلت : انّا في كلّ سنة نشتري من هذا التمر فأردت أن آتي رجلاً في هذه السنة من الأنصار فأشتري منه نخلاً [من الثمار ]فقال له موسى : وقد آمنتم الجراد؟ ثمّ دخل (1) ومضيت أنا فأخبرت أبا العزّ فقال : لا واللّه لا أشتري العام نخلة ، فوقع كلامه في صدره (2) فلم يشتر شيئا ، فما مرّت [بنا ]خامسة حتّى بعث اللّه جرادا فأكل عامّة [مافي ]النخل (3) . ونقل صاحب كتاب نثر الدرّ (4) [قال : وكتب عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن] (5) أنّ موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ذكر له أنّ الهادي قدهمّ بك [وعنده جماعة] قال لأهل بيته ومن يليه [بما عزم عليه موسى بن المهدي في أمره] : ما تشيرون به عليَّ من الرأي؟ فقالوا : نرى أن تتباعد عنه وأن تغيّب شخصك عنه (6) فإنه لا يؤمَن عليك من شرّه ، فتبسّم أبو الحسن ثمّ قال : زعمت سخينة (7) أن ستغلب ربّها فليغلبنّ مغالب الغلاّب (8) ثمّ إنّه رفع يده إلى السماء فقال : إلهي (9) كم من عدوٍّ شحذ لي ظبّة مديته (10) وداف لي قواتل سمومه ولم تنم عنّي عين حراستك ، فلمّا رأيتَ ضعفي عن احتمال الفوادح وعجزي عن ملمّات الحوائج (11) صرفتَ عنّي ذلك بحولك وقوّتك لابحولي وقوّتي وألقيته (12) في الحفيرة الّتي (13) احتفره لي (14) خائبا ممّا أمّله في دنياه (15) متباعدا عمّا يرجوه في اُخراه (16) فلك الحمد على ذلك قدر ما عممتني فيه من نعمك وماتولّيتني من جودك وكرمك . اللّهمّ فخذه بقوّتك (17) وافلل حدّه عنّي بقدرتك واجعل له شغلاً فيما يليه وعجزا به عمّا ينويه (18) . اللّهمّ وأعدني عليه عدوةً حاضرةً
.
ص: 946
تكون من غيظي شفاءً ومن حقّي (1) عليه وفاءً ، وصل اللّهمّ دعائي بالإجابة وانظم شكايتي بالتعبير وعرّفه عمّا قليل ماوعدت [الظالمين ]به من الأجابة لعبيدك المضطرّين إنّك ذو الفضل العظيم والمنّ الجسيم . ثمّ إنّ أهل بيته انصرفوا عنه ، فلمّا كان بعد مدّة يسيرة حتّى اجتمعوا لقراءة الكتاب الوارد على موسى الكاظم بموت موسى الهادى ، وفي ذلك يقول بعضهم : وسارية لم تسر في الأرض تبتغي محلاًّ ولم يقطع بها الأرض (2) قاطع من أبيات ممّا قيل في الدعاء المستجاب (3) . وعن عبد اللّه بن إدريس عن ابن سنان قال : حمل الرشيد في بعض الأيّام إلى عليّ بن يقطين 4 ثيابا فاخرة أكرمه بها وكان في (4) جملتها دُرّاعة [خزّ] منسوجة
.
ص: 947
بالذهب سوداء من لباس الملوك (1) ، فأنفذ بها عليّ بن يقطين إلى موسى الكاظم عليه السلام فردّها الإمام إليه وكتب إليه أن احتفظ بها ولاتخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج إليها معه ، فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه ولم يدر ما سبب كلامه ذلك . ثمّ احتفظ (2) بالدُرّاعة وجعلها في سفط وختم عليها ، فلمّا كان بعد ذلك بمدّة يسيرة تغيّر عليّ بن يقطين على غلامه (3) ممّن كان يختصّ باُموره ويطّلع عليها ، فصرفه عن خدمته وطرده لأمر أوجب ذلك منه . فسعى الغلام بعليّ بن يقطين (4) إلى الرشيد وقال له : إنّ عليّ بن يقطين يقول بإمامة موسى الكاظم عليه السلام وإنه يحمل إليه في كلّ سنة زكاة ماله والهدايا والتحف ، وقد حمل إليه في هذه السنة ذلك وصحبته الدُرّاعة السوداء الّتي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا . فاستشاط الرشيد لذلك وغضب غضبا شديدا وقال : لأكشفنّ عن هذه الحال (5) فإن كان الأمر على ما ذكرت أزهقت نفسه (6) وذلك من بعض جزائه . فأنفذ في الوقت والحين أن يحضر عليّ بن يقطين ، فلمّا مثُل بين يديه قال : ما
.
ص: 948
فعلت بالدُرّاعة السوداء الّتي كسوتك بها (1) واختصصتك بها من مدّة من بين سائر خواصّي؟ قال : هي عندي يا أمير المؤمنين في سفط فيه طيب مختوم عليها ، فقال : احضرها الساعة ، فقال : نعم يا أمير المؤمنين السمع والطاعة ، فاستدعى بعض خدمه فقال : امض وخذ مفتاح البيت الفلاني من داري وافتح الصندوق الفلاني وجئني (2) بالسفط الّذي فيه على حالته بختمه . فلم يلبث الخادم إلاّ قليلاً حتّى عاد وفي صحبته السفط مختوما على حالته بختمه ، فوضع بين يدي الرشيد ، فأمر بكسر (3) ختمه ففكّ وفتح السفط فإذا بالدُرّاعة فيه مطوية ومدفونة بالطيب على حالها لم تُلبس ولم تُدنس ولم يُصبها شيء من الأشياء . فقال لعليّ بن يقطين : ارددها (4) إلى مكانها وخذها وانصرف راشدا فلن اُصدّق (5) بعدها عليك ساعيا ، وأمر أن يُتبع بجائزة سنية وأمر أن يُضرب الساعي ألف سوط فضُرب ، فلمّا بلغوا إلى خمسمائة سوط مات تحت الضرب قبل الألف (6) . وكان [أبو الحسن] موسى الكاظم عليه السلام أعبد أهل زمانه وأعلمهم (7) وأسخاهم كفّا
.
ص: 949
وأكرمهم نفسا (1) ، وكان يتفقُد فقراء المدينة في الليل ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم والنفقات ولايعلمون من أيّ جهة وصلهم ذلك ، ولم يعلموا بذلك إلاّ بعد موته عليه السلام وكان كثيرا مّا يدعو . «اللّهمّ إنّي أسالك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب» (2) . وحكي أنّ الرشيد سأله يوما : كيف قلتم نحن (3) ذرّية رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوأنتم أبناء (4) عليّ وإنّما يُنسب الرجل إلى جدّه لأبيه دون جدّه لاُمّه؟! فقال الكاظم عليه السلام : أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم : «وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَ_نَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَ_رُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ» (5) وليس لعيسى أب وإنما اُلحق بذرّية الأنبياء من قِبل اُمّه ، وكذلك اُلحقنا بذرّية النبي من قِبل اُمّنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام .وزيادة اُخرى يا أمير المؤمنين قال اللّه عزّوجلّ : «فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ ...» (6) ولم يدع صلى الله عليه و آلهعند مباهلة النصارى غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين وهما الأبناء 7 .
.
ص: 950
وروي أنّ موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام أحضر وُلده يوما فقال لهم : يا بَنيَّ إنّي موصيكم بوصية مَن حفظها انتفع بها ، إذا أتاكم آتٍ فأسمع أحدكم في الاُذن اليمنى مكروها ثمّ تحوّل إلى الاُذن اليسرى فاعتذر وقال لم أقل شيئا فاقبلوا عذره (1) . وروي عن موسى بن جعفر عليه السلام عن آبائه مرفوعا قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : نظر الولد إلى والديه حبّا لهما عبادة 2 . وعن إسحاق بن جعفر قال : سألت أخي موسى بن جعفر قلت : أصلحك اللّه أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، قلت: أيكون جبانا؟ قال : نعم ، قلت : أيكون خائنا؟ قال : لا ولايكون كذّابا 3 . ثمّ قال : حدّثني أبي جعفر الصادق عليه السلام عن آبائه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : كلّ خلّة يطوى المؤمن عليها ليس الكذب والخيانة . 4 .
.
ص: 951
وروي أحمد بن عبد اللّه بن عماد (1) عن محمّد بن عليّ النوفلي (2) قال : كان السبب في أخذ الرشيد موسى بن جعفر وحبسه أنه سعى به إليه جماعة وقالوا : إنّ الأموال تُحمل إليه من جميع الجهات والزكوات والأخماس ، وإنّه اشترى ضيعة سمّاها اليسيرية (3) بثلاثين ألف دينار ، فخرج الرشيد في تلك السنة يريد الحجّ وبدأ بدخوله إلى المدينة ، فلمّا أتاها (4) استقبله موسى بن جعفر في جماعة من الأشراف ، فلمّا دخلها واستقرّ ومضى كلٌّ إلى سبيله ذهب موسى على جاري عادته إلى المسجد وأقام الرشيد إلى الليل وصار (5) إلى قبر رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفقال : يا رسول اللّه إنّي أعتذر إليك من أمر (6) اُريد أن أفعله وهو أن احبس (7) موسى بن جعفر عليه السلام فإنه يريد التشتيت (8) بين اُمّتك وسفك دمائهم (9)(10) ، وإنّي اُريد حقنها .
.
ص: 952
ثمّ خرج فأمر به فاُخذ من المسجد ودخل (1) به إليه فقيّده في تلك الساعة واستدعى بقبّتين (2) فجعل كلّ واحدة منهما على بغل فجعله في إحدى القبّتين وسترها بالسقلاط (3) وجعل مع كلّ واحدة منهما خيلاً وأرسل بواحدة منهما من على طريق البصرة وبواحدة [من] على طريق الكوفة ، وإنّما فعل الرشيد ذلك ليُعمّي أمره على الناس . وكان موسى الكاظم في القبّة الّتي أرسل بها على طريق البصرة ، وأوصى القوم الذين كانوا معه أن يسلّموه إلى عيسى بن جعفر بن منصور (4) وكان على البصرة يومئذٍ واليا ، فسلّموه إليه ، فتسلّمه منهم وحبسه عنده سنة (5) . فبعد السنة كتب إليه الرشيد في سفك دمه وإراحته منه ، فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خواصّه وثقاته اللائذين (6) به والناصحين له فاستشارهم بعد أن أراهم ما كتب به إليه الرشيد ، فقالوا : نشير عليك بالاستعفاء من ذلك وأن لاتقع فيه ، فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول : يا أمير المؤمنين كتبت إلىَّ في هذا الرجل وقد
.
ص: 953
اختبرته طول مقامه في حبسي بمن حبسته معه عينا عليه لتنظروا (1) حيلته وامره وطويته بمن له المعرفة والدراية ويجري من الإنسان مجرى الدم ، فلم يكن منه سوء قطّ ، ولم يذكر أمير المؤمنين إلاّ بخير ، ولم يكن عنده تطلّع إلى ولاية ولاخروج ولاشيء من أمر الدنيا ، ولاقطّ دعا على أمير المؤمنين ولا على أحد من الناس ، ولايدعو إلاّ بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين ، مع ملازمته للصيام والصلاة والعبادة ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره وينفذ مَن يتسلّمه منّي و إلاّ خلّيت (2) سبيله فإني منه في غاية الحرج 3 . وروي أنّ شخصا من بعض العيون الّتي كانت عليه في السجن رفع إلى عيسى بن جعفر أنه سمعه يقول في دعائه : اللّهمّ إنّك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك اللّهمّ وقد فعلتَ فلك الحمد (3) .
.
ص: 954
فلمّا بلغ الرشيد كتاب عيسى بن جعفر كتب 1 إلى السندي بن شاهَك أن يتسلّم موسى بن جعفر الكاظم من عيسى وأمره فيه بأمر ، فكان الّذي تولّى به قتله السندي أن يجعل له سمّا في طعام وقدّمه إليه ، وقيل في رطب ، فأكل منه موسى بن جعفر عليه السلام . ثمّ إنه أقام موعوكا (1) ثلاثة أيام ومات 3 .
.
ص: 955
ولمّا مات موسى بن جعفر عليه السلام أدْخَلَ السندي بن شاهَك لعنه اللّه الفقهاء ووجوه الناس من أهل بغداد وفيهم أبو الهيثم بن عديّ وغيره فنظروا (1) إليه أنه ليس به أثر من جراح ولا (2) مغلّ أو خنق [وأشهدهم] على أنه مات حتف أنفه ، فشهدوا على ذلك 3 . وقد كان قوم زعموا في أيّام موسى الكاظم عليه السلام أنه هو القائم المنتظر ، وجعلوا
.
ص: 956
حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم ، فأمر يحيى بن خالد أن يوضع على الجسر ببغداد وأن ينادي : هذا موسى بن جعفر الّذي تزعم الرافضة أنه لايموت ، فانظروا إليه ميّتا ، فنظر الناس إليه ثمّ إنّه حُمل ودُفن في مقابر قريش في باب (1) التبن 2 .
.
ص: 957
وروي أنه لمّا حضرته الوفاة سأل من السندي أن يحضر مولىً له (1) مدنيا ينزل عند دار العباس بن محمّد في مشرعة القصب (2) ليتولّى غُسله ودفنه وتكفينه ، فقال له السندي : أنا أقوم لك بذلك على أحسن شيء وأتمّه ، فقال : إنّا أهل بيتٍ مهور نسائنا وحجّ صرورتنا وأكفان موتانا (3) وجهازهم من طاهر (4) أموالنا ، وعندي كفن واُريد أن يتولّى غسلي وجهازي مولاي فلان هذا ، فأجابه إلى ذلك وأحضره إيّاه فوصّاه بجميع ما يفعل ، ولمّا أن مات تولّى ذلك جميعه مولاه المذكور 5 . ومن كتاب الصفوة لابن الجوزي قال : بعث موسى بن جعفر عليه السلام إلى الرشيد من الحبس برسالة كتب إليه فيها انّه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلاّ انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتّى نمضي (5) جميعا إلى يوم ليس ]له[ انقضاء ، هناك يخسر فيه
.
ص: 958
المبطلون (1) . وروى إسحاق بن عمّار (2) قال : لمّا حَبَسَ هارون ]أبا الحسن[ موسى الكاظم عليه السلام دخل عليه السجن ليلاً أبو يوسف ومحمّد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة ]فقال أحدهما للآخر : نحن على أحد الأمرين ، إمّا أن نساويه أو نشكله[ فسلمّا عليه وجلسا عنده وأرادا أن يختبراه بالسؤال لينظرا مكانه من العلم ، فجاء رجل كان موكّلاً من قبل السندي بن شاهَك (3) بالكاظم عليه السلام فقال له : إنّ نوبتي قد انقضت (4) واُريد الانصراف إلى غد إن شاء اللّه فإن كان لك حاجة تأمرني (5) حتّى أن آتيك بها معي إذا جئتك غدا ، فقال : مالي حاجة انصرف . فلمّا أن خرج (6) قال لأبي يوسف ومحمّد بن الحسن : إنّي لأعجب (7) من هذا الرجل يسألني أن اُكلّفه حاجةً يأتيني بها غدا إذا جاء وهو ميّت في هذه الليلة . فأمسكا عن سؤاله وقاما ولم يسألا عن شيء وقالا : أردنا أن نسأله عن الفرض (8) والسنّة أخذ يتكلّم معنا علم الغيب ، واللّه لنرسل خلف الرجل من يبيت عند باب داره وننظر ما يكون من أمره . فأرسلا شخصا من جهتهما جلس على باب ذلك الرجل فلمّا كان أثناء الليل
.
ص: 959
وإذا بالصراخ والواعية ، فقيل لهم : ما الخبر؟ فقالوا : مات صاحب البيت فجأةً ، فعاد إليهما الرسول وأخبرهما بذلك فتعجّبا من ذلك غاية العجب (1) . كانت وفاة أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة ثلاث وثمانين ومائة 2 وله من العمر خمس وخمسون (2) سنة كان مُقامه منها مع أبيه
.
ص: 960
عشرين سنة ، وبقي بعد وفاة أبيه خمسا وثلاثين سنة وهي مدّة إمامته عليه السلام (1) . وأمّا أولاده فقال الشيخ المفيد رحمه الله : ]و] كان لأبي الحسن موسى بن جعفر سبعة وثلاثون ولدا ما بين ذكر واُنثى منهم (2) : عليّ بن موسى الرضا الإمام وإبراهيم والعباس والقاسم لاُمّهات أولادٍ ، وإسماعيل وجعفر وهارون والحسن (3) أشقّاء لاُمّ ولد ، وعبد اللّه وإسحاق وعبيداللّه وزيد والحسن والفضل وسليمان لاُمّهات شتّى ، وأحمد ومحمّد وحمزة أشقاء لاُمّ ولد ، وفاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى ورقية وحكيمة واُمّ أبيها (4) ورقية الصغرى وكُلثُم (5) واُمّ جعفر واُمّ لبانة (6) وزينب وخديجة وعائشة وآمنة وحسنة وبُريهة (7) وعُليّة واُمّ سلمة وميمونة واُمّ كلثوم لاُمهات أولاد . وكان أفضل ولد (8) أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام وأنبههم ذكرا وأجلّهم قدرا عليّ بن موسى الرضا عليه السلام .
.
ص: 961
وكان أحمد بن موسى كريما جليلاً كبيرا ورِعا (1) وكان أبوه موسى الكاظم يُحبّه ووهب له ضيعة اليسيرية . ويقال : إنّ أحمد بن موسى اُعتق له ألف مملوك . وكان محمّد بن موسى صاحب وضوء وصلاة ليله كلّه يتوضّأ ويصلّي ويرقد ، ثمّ يقوم فيتوضّأ ويصلّي ويرقد ، هكذا إلى الصباح . قال بعض شيعة أبيه : ما رأيته قطّ إلاّ ذكرت قوله تعالى : «كَانُواْ قَلِيلاً مِّنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ» (2) . وكان إبراهيم بن موسى شجاعا كريما وتقلّد الإمرة (3) على اليمن في أيام المأمون من قِبل محمّد بن زيد (4) بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام . ولكلّ واحد من وُلد (5) أبي الحسن موسى المذكور الكاظم عليه السلام فضل مشهور 6 .
.
ص: 962
. .
ص: 963
. .
ص: 964
. .
ص: 965
الفصل الثامن : في ذكر أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلام وهو الإمام الثامن 1 تاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره ووقت وفاته وعدد أولاده وذكر كنيته ونسبه ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : تقدّم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام
.
ص: 966
وزين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام وجاء عليّ بن موسى الرضا ثالثهما 1 ، ومَن أمعن نظره وفكره (1) وجِدّه في الحقيقة وارثهما نمى إيمانه وعلا شأنه وارتفع [واتسع ]مكانه وكثر أعوانه وظهر برهانه حتّى أحلّه (2) الخليفة المأمون محلّ مهجته وأشركه في مملكته وفوّض إليه أمر خلافته وعقد له على رؤوس الأشهاد عقد نكاح ابنته . وكانت مناقبه علية وصفاته سنية [ومكارمه حاتمية وشنشنه أخزمية وأخلاقه
.
ص: 967
عربية] ونفسه الشريفة زكية هاشمية وأرومته الكريمة نبوية (1) . قال صاحب الإرشاد (ره) : و كان الإمام القائم بعد موسى الكاظم ولده عليّ بن موسى الرضا عليه السلام لفضله على جماعة أهل بيته وبنيه وإخوته ووفور علمه وغزير حلمه وإجماع (2) الخاصّة والعامّة على اجتماع ذلك فيه والنصّ بالإمامة من أبيه وإشارته إليه بذلك دون سائر أهل بيته وبنيه (3) . وممّن روى ذلك من أهل العلم والدين داود بن كثير الرقّي (4) قال : قلت لأبي إبراهيم موسى الكاظم عليه السلام : جُعلت فداك إنّي قد كَبُرت سنِّي فَخُذ بِيَدي وأنقذني من النار مَنْ صاحبُنا بَعدَك؟ قال : فأشار إلى ابنه أبي الحسن الرضا فقال : هذا صاحبكم من بعدي (5) .
.
ص: 968
وعن زياد بن مروان القندي 1 قال : دخلت على أبي إبراهيم موسى الكاظم وعنده عليّ ابنه أبو الحسن الرضا فقال لي : يا زياد هذا ابني عليّ كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي ، وما قال فالقول قوله (1) . وعن المخزومي : وكانت اُمّه من ولد جعفر بن أبي طالب(رض) (2) قال : بعث إلينا موسى أبو الحسن (3) الكاظم عليه السلام فجمعنا ثمّ قال : أتدرون لم جمعتكم؟ فقلنا : لا ، قال : اشهدوا أنّ ابني هذا _ وأشار إلى عليّ بن موسى الرضا _ هو وصيّي والقائم (4) بأمري وخليفتي من بعدي مَن كان له عندي دَين فليأخذه من ابني هذا ، ومن كانت له عندي عدّة فليتنجّزها (5) منه ، ومَن لم يكن له بُدٌّ من لقائي فلا يلقني إلاّ بكتابه (6) .
.
ص: 969
ولد عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في المدينة سنة ثلاث وخمسين (1) ومائة 2 ، للهجرة وقيل سنة ثمان وأربعين (2) ومائة . وأمّا نسبه (رض) أبا واُمّا فهو عليّ الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام (3) . وأمّا اُمّه فاُمّ ولد يقال لها اُمّ البنين (4)
.
ص: 971
وأمّا ألقابه : فالرضا (1) والصابر (2) والزكي (3) والولي (4) ، وأشهرها الرضا (5) . صفته معتدل القامة (6) ، شاعره دعبل الخزاعي 7 ،
.
ص: 973
وأمّا مناقبه عليه السلام فمن ذلك ما كان أكبر دلائل برهانه وشهد له بعلوّ قدره وسموّ مكانه وهو أنّه لما جعله المأمون وليّ عهده وأقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون اُناس قدكرهوا ذلك وخافوا خروج الخلافة عن بني العباس وردّها إلى (1) بني فاطمة ، فحصل عندهم من عليّ بن موسى الرضا عليه السلام نفور ، وكانت عادة الرضا إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل عليه بادر (2) مَن في الدهليز من الحجّاب (3) وأهل النوبة من الخدم والحشم بالقيام له والسلام عليه ويرفعون (4) له الستر حتّى يدخل (5) . فلمّا حصلت لهم هذه النفرة تفاوضوا في أمر هذه القضية ودخل منها في قلوبهم شيء قالوا فيما بينهم : إذا جاء ليدخل على الخليفة بعد هذا اليوم نعرض عنه ولانرفع له الستر . واتفقوا على ذلك فيما بينهم . فبينماهم جلوس إذ جاء الرضا عليه السلام على جاري عادته فلم يملكوا أنفسهم أن قاموا وسلّموا عليه ورفعوا له الستر ، فلمّا دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون على كونهم مافعلوا ما اتفقو عليه ، وقالوا : الكرّة الثانية (6) إذا جاء لا نرفعه له .
.
ص: 974
فلمّا كان اليوم الثاني وجاء الرضا عليه السلام على عادته قاموا وسلّموا عليه ولم يرفعوا له الستر ، فجاءت ريح شديدة فدخلت في الستر ورفعته أكثر ممّا كانوا يرفعونه له ، فدخل ثمّ سكنت ، ثمّ عند خروجه جاءت الريح أيضا من الجانب الآخر فرفعته له وخرج ، فأقبل بعضهم على بعض وقالوا : إنّ لهذا الرجل عنداللّه منزلة وله منه (1) عناية انظروا إلى الريح كيف جاءت ورفعت له الستر عند دخوله وعند خرجه من الجهتين ، ارجعوا إلى ما كنتم عليه من خدمته فهو خيرٌ لكم ، فعادوا إلى ماكانوا عليه وزادت عقيدتهم فيه (2) . وعن صفوان بن يحيى (3) قال : [لمّا] مضى أبو الحسن موسى الكاظم عليه السلام وقام ولده من بعده أبو الحسن الرضا عليه السلام وتكلّم خفنا عليه من ذلك (4) وقلت (5) له إنّك أظهرت أمرا عظيما وإنّا نخاف عليك من هذا (6) الطاغية _يعني هارون الرشيد _ قال ليجهد (7)
.
ص: 975
جهده فلا سبيل له عليَّ (1) . قال صفوان : فأخبرنا (2) الثقة أنّ يحيى بن خالد البرمكي قال للطاغي (3) : هذا عليّ بن موسى الرضا قد قعد (4) وادّعى الأمر لنفسه ، فقال هارون : ما يكفينا ماصنعنا بأبيه تريد أن نقتلهم جميعا (5) ؟ وعن مسافر قال:كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السلام بمنى فمرّ يحيى بن خالد البرمكي 6
.
ص: 976
وهو مغطّي (1) وجهه بمنديل من الغبار ، فقال الرضا عليه السلام : مساكين هؤلاء لايدرون مايحلّ بهم في هذه السنة . فكان من أمرهم ما كان . قال : وأعجب من هذا أنا وهارون كهاتين ، وضمّ اصبعيه السبّابة والوسطى . قال مسافر : فواللّه ماعرفت معنى حديثه في هارون إلاّ بعد موت الرضا ودفنه إلى جانبه (2) . وعن موسى بن مهران (3) قال : رأيت عليّ بن موسى الرضا في المدينة وهارون الرشيد يخطب وقال (4) : أتروني وإيّاه ندفن في بيت واحد (5) . وعن حمزة بن جعفر الا رجاني قال : خرج هارون الرشيد من المسجد الحرام [مرّتين] من باب وخرج عليّ بن موسى الرضا عليه السلام من باب [مرّتين] فقال الرضا عليه السلام وهو يعني هارون : ما أبعد الدار وأقرب اللقاء ، يا طوس يا طوس يا طوس ستجمعني (6) وإيّاه (7) .
.
ص: 977
ومن ذلك ما روي عن بكر بن صالح قال : أتيت الرضا عليه السلام فقلت : امرأتي اُخت محمّد بن سنان وكان من خواصّ شيعتهم بها حمل فادع اللّه أن يجعله ذكرا ، قال : هما اثنان فولّيت وقلت [في نفسي] : اسمي واحدا محمّدا والاّخر عليا ، فدعاني وردّني فأتيته وقال : سمّ واحدا عليّا والاُخرى اُمّ عمر (1) ، فقدمت الكوفة وقد ولد لي غلاما وجارية في بطنٍ فسمّيت الذكر عليّا والاُنثى اُمّ عمر كما أمرني وقلت لاُمّي : ما معنى اُمّ عمر قالت : جدّتك كانت تسمّى اُمّ عمر (2) . ومن كتاب إعلام الورى للطبرسي قال : روى الحاكم أبو عبد اللّه الحافظ بإسناده عن محمّد بن عيسى عن أبي حبيب [النباجي] أنّه قال رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله في المنام وكأنّه قد وافى النباج ونزل بها في المسجد الّذي ينزله الحجّاج (3) من بلدنا في كلّ سنة ، وكأني مضيت إليه وسلّمت عليه ووقفت بين يديه فوجدت (4) عنده طبقا من خوص نخل المدينة فيه تمرصيحاني وكأنّه (5) قبض قبضة من ذلك التمر فناولني فعددته فكان (6) ثمانية عشر تمرةً ، فتأوّلت أنّي أعيش بعدد كلّ تمرةٍ سنةً ، فلمّا كان بعد عشرين يوما وأنا في أرض لي تعمر للزراعة إذ (7) جاءني مَن أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة ونزوله ذلك المسجد ، ورأيت الناس يسعون إلى السلام
.
ص: 978
عليه من كلّ جانب ، فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الّذي كنت رأيت النبيّ صلى الله عليه و آلهفيه وتحته حصير مثل الحصير الّذي رأيتها تحته صلى الله عليه و آله وبين يديه طبق من خوص وفيه تمرصيحاني ، فسلّمت عليه ، فردّ عليَّ السلام واستدناني (1) وناولني قبضة من ذلك التمر فعددتها فإذا عدده مثل ذلك العدد الّذي ناولني (2) رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفي النوم ثماني عشرة حبّة تمر ، فقلت : زدني ، فقال : لوزادك رسول اللّه لزدناك 3 . وروى الحافظ أيضا بإسناده عن سعيد (3) بن سعد (4) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه نظر إلى رجل فقال : يا عبد اللّه أوص بما تريد واستعدّ لما لابدّ منه ، فكان ماقد قال : فمات الرجل بعد ذلك بثلاثة أيّام (5) .
.
ص: 979
وعن الحسين بن موسى قال : كنّا حول أبي الحسن الإمام عليّ الرضا ونحن شبّان (1) من بني هاشم إذ مرّ علينا جعفر (2) بن عليّ العلوي وهو رثّ الهيئة ، فنظر بعضنا إلى بعضٍ وضحكنا من هيئته (3) ، فقال الرضا عليه السلام : لترونه (4) عن قريبٍ كثير المال كثير التبع (5) حسن الهيئة فما مضى إلاّ شهر واحد حتّى ولّى أمرة المدينة وحسنت حالته وكان (6) يمرّ علينا وحوله الخدم [ومعه الخصيان ]والحشم يسيرون بين يديه (7) .
وعن الحسين بن يسار (8) قال :قال لي الرضا عليه السلام : إنّ عبد اللّه يقتل محمّدا ، فقلت له : عبد اللّه بن هارون يقتل محمّد بن هارون؟ فقال [لي] : نعم عبد اللّه المأمون [الّذي بخراسان] يقتل محمّد الأمين [ابن زبيدة الّذي هو ببغداد ]فكان كما
.
ص: 980
قال عليه السلام 1 .
وعن أبي الحسن القرضي عن أبيه قال حضرنا مجلس أبي الحسن الرضا عليه السلام فجاءه رجل فشكا إليه حاله فأنشأ الرضا يقول (1) : اعذر أخاك على ذنوبه واستر وغطّ (2) على عيوبه واصبر على بهت (3) السفيه وللزمان على خطوبه ودع الجواب تفضّلاً وكِلِ الظلوم إلى (4) حسيبه وعن محمّد بن يحيى الفارسي قال : نظر أبو نؤاس (5) إلى أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلةٍ له فارهة فدنا منه
.
ص: 981
وسلّم عليه وقال : يا بن رسول اللّه صلى الله عليه و آله [قد] قلتُ فيك أبياتا اُحبّ أن تسمعها منّي فقال له : هات (1) ، فأنشأ أبو نؤاس يقول : مطهّرون نقيّات ثيابهم تجري الصلاة عليهم أينما (2) ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه فما له من (3) قديم الدهر مفتخر وأنتم الملأ الأعلى وعندكم (4) علم الكتاب وما جاءت به السوَر
فقال الرضا عليه السلام :قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها (5) أحد . ثمّ قال : ما معك يا غلام من فاضل نفقتنا؟ قال : ثلاث مائة دينار ، قال : اعطها إيّاه (6) . ثمّ بعد أن ذهب إلى بيته قال عليه السلام : لعلّه استقلّها سق يا غلام إليه البغلة (7) .
ونقل الطوسي (ره) (8) في كتابه عن أبي الصلت الهروي قال : دخل دعبل الخزاعي (9) على أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام بمرو فقال له : يا بن رسول اللّه إنّي قد قلتُ فيكم أهل البيت قصيدة وآليت على نفسي أن لا اُنشدها أحدا قبلك واُحبّ أن تسمعها منّي ، فقال له الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام :
.
ص: 982
هاتها (1) ، فأنشأ يقول : ذكرتُ محلّ الرَبع من عرفاتفأسبلتُ (2) دمع العين بالعبراتِ (3) وفلّ عرى (4) صبري وهاجت صبابتي رسوم ديارٍ أقفرت وعِراتِ مدارس آياتٍ خلت من تلاوةٍ ومنزل وحي مقفر العرصاتِ لآل رسول اللّه بالخيف من مِنى وبالبيت والتعريف والجمراتِ ديارُ عليٍّ والحسين وجعفرٍ وحمزة والسجّاد ذي الثفناتِ ديارٌ لعبد اللّه والفضل صنوه نجيّ رسول اللّه في الخلواتِ (5) منازلُ كانت للصلاة وللتقى وللصوم والتطهير والحسناتِ منازلُ جبريل الأمين يحلّها من اللّه بالتسليم والزكواتِ (6) منازلُ وحي اللّه معدن علمه سبيل رشاد واضح الطرقاتِ قفا نسأل الدار الّتي خفّ أهلها متى عهدها (7) بالصوم والصلواتِ فأين الاُولى شطّت بهم غربة النوى أفانينَ (8) في الأقطار مفترقاتِ (9) اُحبّ قصيّ الرحم من أجل حبّكم وأهجر فيكم زوجتي وبناتي (10) هم آل (11) ميراث النبيّ إذا انتَموا وهم خير ساداتٍ وخير حماةِ مطاعيم في الأعسار (12) في كلّ مشهدٍ فلقد (13) شُرّفوا بالفضل والبركاتِ أئمة عدل يهتدى (14) بفعالهم وتؤمن منهم (15) زلّةُ العثراتِ فياربّ زد قلبي هدىً وبصيرةً وزد حبّهم ياربّ في حسناتِ لقد خفتُ في الدنيا وأيام سعيها (16) وإنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي ألم تر أنّي مذ ثلاثين حجّةً أروح وأغدو دائم الحسراتِ أرى فيئهم في غيرهم متقسّما وأيديهم من فيئهم صفُراتِ إذا وتُروا مدوا إلى أهل واتريهم (17) اكفّا عن الأوتار منقبضاتِ وآل رسول اللّه هُلبٌ رقابهم (18) وآل زياد غلّظ القصراتِ (19) سأبكيهم ماذّر في الاُفق شارقٌ ونادى منادي الخير بالصلواتِ وما طلعت شمسٌ وحان غروبها وبالليل أبكيهم وبالغدواتِ ديار رسول اللّه أصبحن بلقعا وآل زياد تسكن الحجراتِ وآل زياد في القصور مصونة وآل رسول اللّه في الفلواتِ فلولا الّذي أرجوه في اليوم أو غد تقطّع نفسي إثرهم حسراتِ خروج امامٍ لامحالة خارجٌ يقوم على اسم اللّه بالبركاتِ يميز فينا كلّ حقّ وباطل ويجزي على النعماء والنقماتِ فيانفس طيبي ثمّ يا نفس فابشري (20) فغير بعيد كلّما (21) هو آتِ وهي قصيدة طويلة عدد أبياتها مائة وعشرون اقتصرت منها على هذا القدر 22 .
.
ص: 983
ولمّا فرغ دعبل (ره) من إنشادها نهض أبو الحسن الرضا عليه السلام وقال : لاتبرح ، فأنفذ إليه صرّة فيها مائة دينار (1) واعتذر إليه ، فردّها دعبل وقال : واللّه مالهذا ، جئت للسلام عليه والتبرّك بالنظر إلى وجهه الميمون ، وإني لفي غنى ، فان رأى أن يعطيني شيئا من ثيابه للتبرّك فهو أحبّ إلىَّ ، فأعطاه الرضا جبّة خزّ وردّ عليه الصرّة ، وقال للغلام : قل له خذها ولاتردّها فإنّك ستصرفها أحوج ما تكون إليها (2) .
.
ص: 984
فأخذها وأخذ الجبة ثمّ اقام بمرو مدّة فتجهّزت قافلة تريد العراق فتجهّز صحبتها فخرج عليهم اللصوص (1) في أثناء الطريق ونهبوا القافلة عن آخرها ولزموا جماعة من أهلها فكتّفوهم وأخذوا ما معهم ، ومن جملتهم دعبل ، فساروا بهم غير بعيد ، ثمّ جلسوا يقتسمون أموالهم فتمثّل مقدم اللصوص وكبيرهم يقول : أرى فيئهم في غيرهم متقسّماوأيديهم من فيئهم صفُراتِ ودعبل يسمعه فقال : أتعرف هذا البيت لمن؟ قال : وكيف لا أعرفه وهو لرجل من خزاعة يقال له دعبل شاعر أهل البيت عليهم السلام قاله في قصيدة مدحهم بها ، فقال دعبل : فأنا واللّه صاحب القصيدة وقائلها فيهم ، فقال : ويلك انظر ماذا تقول؟ قال : واللّه الأمر أشهر من ذلك واسأل أهل القافلة وهؤلاء الممسوكين معكم يخبروكم بذلك ، فسألهم فقالوا بأسرهم : هذا دعبل الخزاعي شاعر أهل البيت المعروف الموصوف ، ثمّ إنّ دعبل أنشدهم القصيدة من أوّلها إلى آخرها عن ظهر قلب فقالوا : قد وجب حقّك علينا وقد أطلقنا القافلة ورددنا جميع ما أخذنا منها إكراما لك يا شاعر أهل البيت . ثمّ إنّهم أخذوا دعبل وتوجّهوا به إلى قم ووصلوه بمال وسألوه في بيع الجبّة الّتي أعطاها له أبو الحسن الرضا ودفعوا له فيها ألف دينار ، فقال : لا أبيعها وإنّما أخذتها للتبرّك معي من أثره .
.
ص: 985
ثمّ إنّه رحل من عندهم من قم بعد ثلاثة أيّام فلما صار خارج البلد على نحو ثلاثة أميال وقيل ثلاثة أيّام خرج عليه قوم من أحداثهم اخذوا الجبّة منه فرجع إلى قم وأخبر كبارهم بذلك فأخذوا الجبّة منهم وردّوها عليه ثمّ قالوا : نخشى أن تؤخذ هذه الجبّة منك يأخذها غيرنا ثمّ لاترجع إليك ، فباللّه إلاّ ما أخذت الألف وتركتها ، فأخذ الألف منهم وأعطاهم الجبّة ثمّ سافر عنهم . وعن أبي الصلت (ره) قال : قال دعبل (رض) : لمّا أنشدت مولاي الرضا هذه القصيده وإنتهيت إلى قولي : خروج إمامٍ لامحالة خارجٌ (1) يقوم على اسم اللّه والبركاتِ يميّز فينا كلّ حقّ وباطل ويجزي على النعماء والنقماتِ بكى الرضا عليه السلام ثمّ رفع رأسه إليَّ وقال : يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين (2) أتدري مَن هذا الإمام الّذي تقول؟ فقلت (3) : لا أدري إلاّ أني سمعت يا مولاي بخروج إمام منكم يملأ الأرض (4) عدلاً ، فقال : يا دعبل الإمام بعدي محمّد ابني وبعده عليّ ابنه وبعد عليّ ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غَيبته المطاع في ظهوره ، ولو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا 5 .
.
ص: 986
قال إبراهيم بن العباس (1) : سمعت العباس يقول : ما سئل الإمام الرضا عليه السلام عن شيءٍ [قطّ] إلاّ علمه ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره (2) ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيبه الجواب الشافي (3) . وكان قليل النوم [بالليل] كثير الصوم لايفوته صيام ثلاثة أيّام في كلّ شهر ويقول
.
ص: 987
ذلك صيام الدهر ، وكان كثير المعروف والصدقة سرّا وأكثر مايكون ذلك منه في الليالي المظلمة (1) . وكان جلوس الرضا (2) في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسحٍ (3) .
.
ص: 988
. .
ص: 989
قال إبراهيم بن العباس :سمعت الرضا عليه السلام يقول وقد سأله رجل : أيكلف اللّه العباد ما لايطيقون؟ فقال : هو أعدل من ذلك ، قال : أفيقدرون على فعل كلّ ما يريدون؟ قال : هم أعجز من ذلك .
وقال [الآبي] صاحب كتاب نثر الدرر :سأل الفضل بن سهل (1) عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في مجلس المأمون قال : يا أبا الحسن الخلق مجبَرون؟ قال : إنّ اللّه تعالى أعدل من أن يجبر ثمّ يعذّب ، قال : فمطلَقون؟ قال : اللّه تعالى أحكم من أن يهمل
.
ص: 990
عبده ويكله إلى نفسه (1) .
ومن كتاب عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام تصنيف الشيخ عماد الدين أبي جعفر محمّدبن عليّ بن الحسين بن بابويه رحمهم اللّه :إنّ عليّ بن موسى الرضا حدّث عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عن النبيّ صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين أنّ موسى بن عمران لمّا ناجى ربّه قال:ياربّ أبعيدٌ أنت منّي فاُناديك أم قريبٌ فاُناجيك؟ فاوحى اللّه تعالى إليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني ، فقال (2) موسى : يا ربّ إني أكون في حال أجلّك أن أذكرك فيها ، فقال : يا موسى اذكرني على كلّ حال (3) .
وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام عن آبائه عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنه قال :مَن لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي ، ومَن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي . ثمّ قال صلى الله عليه و آله : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل (4) .
وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ما كان ولايكون إلى يوم القيامة من مؤمن إلاّ وله جار يؤذيه (5) .
وعن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : الشيب في مقدم الرأس عزّ ، وفي العارضين سخاء ، وفي الذوائب شجاعة ، وفي القفا شؤم . (6)
وعنه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لمّا اُسري بي إلى السماء رأيت رحما معلّقة بالعرش تشكو رحما إلى ربّها أنها قاطعة لها ، قلت : كم بينك وبينها من
.
ص: 991
أب؟ قال : نلتقي من أربعين أبا (1) .
وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال :مَن صام من شعبان يوما واحدا ابتغاء ثواب اللّه إلاّ دخل الجنّة (2) ، ومَن استغفر اللّه تعالى في كلّ يوم منه سبعين مرّة حشره اللّه يوم القيامة في زمرة النبيّ صلى الله عليه و آلهووجبت له من اللّه الكرامة (3) ، ومَن تصدّق في شعبان بصدقة ولو بشقّ تمرة حرّم اللّه جسده على النار (4) .
وعن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال :مَن صام أوّل يوم من رجب رغبةً في ثواب اللّه تعالى وجبت له الجنّة ، ومَن صام في يوم من وسطه شفّع في مثل ربيعة ومضر ، ومَن صام في يوم من آخره جعله اللّه من أملاك الجنّة وشفّعه اللّه في أبيه واُمّه وإخوانه وأخواته وأعمامه وعمّاته وأخواله وخالاته ومعارفه وجيرانه وإن كان فيهم مَن هو مستوجب النار (5) .
وعن ياسر الخادم قال :سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام يقول : أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاث مواطن : يوم يولد المولود ويخرج من بطن اُمّه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ، ويوم يُبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلم اللّه على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وأمن روعته فقال «وَسَلَ_مٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» (6)(7) .
وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن أيضا فقال : «وَالسَّلَ_مُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» 8 . وقال المولى السعيد إمام الدنيا عماد الدين محمّد بن أبي سعيد 9 بن عبدالكريم
.
ص: 992
الوزّان في محرّم سنة ستّ وتسعين وخمسمائة قال : أورد صاحب كتاب تاريخ نيشابور في كتابه : أنّ عليّ بن موسى الرضا عليه السلام لمّا دخل إلى نيشابور في السفرة الّتي فاز (1) فيها بفضيلة الشهادة كان في قبّة مستورة بالسقلاط (2) على بغلة شهباء وقد شقّ نيشابور ، فعرض له الإمامان الحافظان للأحاديث النبوية والمثابران (3) على السنّة المحمّدية أبو زرعة الرازي (4) ومحمّد بن أسلم الطوسي (5) ومعهما خلائق لايُحصون من طلبة العلم وأهل الأحاديث وأهل الرواية والدراية ، فقالا : أيّها السيّد الجليل ابن السادة الأئمّة بحقّ آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلاّ ما أريتنا وجهك الميمون المبارك ورويتَ لنا حديثا عن آبائك عن جدّك محمّد صلى الله عليه و آلهنذكرك به . فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكشف المظلّة عن القبّة وأقرّ عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة ، فكانت له ذؤابتان على عاتقه والناس كلّهم قيام على طبقاتهم ينظرون إليه وهم بين صارخٍ وباكٍ ومتمرّغٍ في التراب ومقبلٍ لحافر (6) بغلته ، وعلا الضجيج فصاحت الأئمّة والعلماء والفقهاء : معاشر الناس اسمعوا وعوا وانصتو لسماع ماينفعكم ولاتؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم . وكان المستملي أبوزرعة
.
ص: 993
ومحمّد بن أسلم الطوسي .
فقال عليّ بن موسى الرضا عليه السلام :حدّثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمّد الباقر عن أبيه عليّ زين العابدين عن أبيه الحسين شهيد كربلاء عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : حدّثني حبيبي وقرّة عين رسول اللّه صلى الله عليه و آلهقال : حدّثني جبرئيل قال : سمعت ربّ العزّة سبحانه وتعالى يقول : كلمة لا إله إلاّ اللّه حصني ، فمن قالها دخل حصني ، ومَن دخل حصني أمن [من] عذابي . ثمّ ارخى الستر على القبّة وسار .
قال فعدّوا أهل المحابر والدوي الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفا (1) . قال الاُستاذ أبو القاسم القشيري 2 : اتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض الاُمراء السامانية فكتبه بالذهب وأوصى أن يُدفن معه في قبره ، فرؤي بالنوم بعد موته فقيل له : مافعل اللّه بك؟ قال : غفر اللّه لي بتلفّظي بلا إله إلاّ اللّه وتصديقي بأنّ محمّدا رسول اللّه [مخلصا] 3 .
.
ص: 994
. .
ص: 995
. .
ص: 996
. .
ص: 997
. .
ص: 998
. .
ص: 999
. .
ص: 1000
. .
ص: 1001
. .
ص: 1002
. .
ص: 1003
. .
ص: 1004
ودخل على عليّ بن موسى الرضا عليه السلام بنيشابور (1) قوم من الصوفية فقالوا :إنّ أمير المؤمنين المأمون لمّا نظر فيما ولاّه [اللّه ] من الاُمور فرآكم أهل البيت أولى مَن قام بأمر الناس ، ثمّ نظر في أهل البيت فرآك أولى بالناس من كلّ واحد منهم ، فردّ هذا الأمر إليك ، والإمامة (2) تحتاج إلى من يأكل الجشب (3) ويلبس الخشن ويركب الحمار ويعود المريض ويشيّع الجنائز .
قال :وكان الإمام الرضا عليه السلام متّكئا فاستوى جالسا ثمّ كان يوسف بن يعقوب نبيّا فلبس (4) أقبية الديباج المزرّرة بالذهب والقباطي المنسوجة بالذهب وجلس على متكآت آل فرعون وحكم وأمر ونهى ، وإنّما يراد من الإمام قسطه وعدله (5) إذا قال صدق وإذا حكم عدل وإذا وعد أنجز ، إنّ اللّه لم يحرّم ملبوسا ولامطعما ، وتلا
.
ص: 1005
قوله تعالى : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَ_تِ مِنَ الرِّزْقِ» (1)(2) .
ذكر ولاية العهد من المأمون لعليّ بن موسى الرضا عليه السلامذكر جماعة من أصحاب السِير ورواة الأخبار بأيّام الخلفاء أنّ المأمون لمّا أراد ولاية العهد للرضا عليه السلام وحدّث نفسه بذلك وعزم عليه أحضر الفضل بن سهل فأعلمه (3) بما قد عزم عليه وأمره مشاورة بالاجتماع مع أخيه الحسن على (4) ذلك ففعل واجتمعا (5) وحضرا عند المأمون ، فجعل الحسن يُعَظِّم ذلك عليه ويعرفه ما في إخراج الأمر من (6) أهل بيته ، فقال له المأمون : إنّي عاهدت اللّه أني إن ظفرت بالمخلوع (7) أخرجت (8) الخلافة إلى أفضل (9) بني آل أبي طالب ، وما أعلم أحدا أفضلَ من هذا الرجل على وجه الأرض ، ولابدّ من ذلك . فلمّا رأيا تصميمه وعزيمته على ذلك أمسكا عن معارضته فقال : تذهبان الآن إليه وتخبرانه بذلك عنّي وتلزمانه به ، فذهبا إلى الرضا عليه السلام وأخبراه بذلك وإلزام
.
ص: 1006
المأمون له بذلك ، فامتنع منه ، فلم يزالا به حتّى أجاب على أنّه لا يأمر ولا ينهى ولا يولي ولا يعزل ولا يتكلّم بين اثنين في حكم ولا يغيّر شيئا هو قائم على اُصوله ، فأجابه المأمون إلى ذلك . ثمّ إنّ المأمون جلس مجلسا خاصّا لخواصّ أهل دولته من الاُمراء والوزراء والحجّاب والكتّاب وأهل الحلّ والعقد ، وكان ذلك في يوم الخميس وأحضرهم ، فلمّا حضروا قال للفضل بن سهل : أخبر الجماعة الحاضرين برأي أمير المؤمنين في الرضا عليّ بن موسى عليه السلام ، وأنه ولاّه عهده وأمرهم بلبس الخُضْرِة والعود لبيعته في الخميس الآخر وأخذ إعطياتهم وأرزاقهم سنة على حكم التعجيل ، ثمّ صرفهم . فلمّا كان الخميس الثاني حضر الناس وجلسوا على مقادير طبقاتهم ومنازلهم كلٌّ في موضعه ، وجلس المأمون ، ثمّ جيء بالرضا عليه السلام فجلس بين وسادتين عظيمتين وضعتا له وهو لابس الخضرة وعلى رأسه عمامة مقلّد بسيف ، فأمر المأمون ابنه العباس بالقيام إليه والمبايعة له أوّل الناس ، فرفع الرضا عليه السلام يده [فتلقّى بها وجه نفسهِ وببطنها وجوههم ]وحطّها من فوق ، فقال له المأمون : ابسط يدك للبيعة ، فقال الرضا عليه السلام : هكذا كان يبايع رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيضع يده فوق أيديهم ، فقال : أفعل ماترى . ثمّ وُضِعت بِدَر الدراهم (1) والدنانير وقطع (2) الثياب والخلع وقام الخطباء والشعراء وذكروا ما كان أمر المأمون وولاية عهده للرضا ، وذكروا فضل الرضا وفرّقت الصِلات والجوائز على الحاضرين على قدر مراتبهم ، وفرّقت في ذلك اليوم أموال عظيمة . ثمّ إنّ المأمون قال للرضا : قم واخطب الناس ، فقام وتكلّم ، فحمداللّه وأثنى عليه
.
ص: 1007
وثنى بذكر نبيّه محمّد صلى الله عليه و آلهوقال : أيّها الناس إنّ لنا عليكم حقّا برسول اللّه صلى الله عليه و آلهولكم علينا حقّ به ، فإذا أدّيتم إلينا ذلك وجب لكم علينا الحقّ لكم (1) ، والسلام . ولم يسمع منه في هذا المجلس غير هذا . وخطب للرضا بولاية العهد في كلّ بلد ، وخطب عبدالجبار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول اللّه صلى الله عليه و آلهبالمدينة الشريفة فقال في الدعاء للرضا وهو على المنبر : وليُّ عهد المسلمين عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأنشد : ستة آباءٍ هم ماهم أفضلُ من يشرب صوبُ الغَمام (2) وذكر المديني (3) قال : لمّا جلس الرضا ذلك المجلس وهو لابس تلك الخلع والخطباء يتكلَّمون وتلك الألوية تخفق على رأسه نظر أبو الحسن الرضا إلى بعض مواليه الحاضرين ممّن كان يختصّ به وقد داخله من السرور مالا عليه من مزيد (4) وذلك لما رأى ، فأشار إليه الرضا فدنا منه وقال له في اُذنه سرّا : لاتشغل قلبك بهذا الأمر (5) ولاتستبشر به فإنّه شيء لايتمّ 6 .
.
ص: 1008
وهذا مختصر من كتاب العهد الّذي كتبه المأمون الخليفة للرضا بخطّه اختصرته لطوله وذكرت أوّله وآخره وصورته : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا كتابٌ كتبه عبد اللّه بن هارون الرشيد لعليّ بن موسى بن جعفر وليّ عهده : أمّا بعد ، فإنّ اللّه عزّوجلّ اصطفى الإسلام دينا واختار له من عباده رسلاً دالّين عليه وهادين إليه ، يبشّر أوّلهم بآخرهم ، ويصدّق تأليهم ماضيهم ، حتّى انتهت نبوّة اللّه تعالى إلى محمّد صلى الله عليه و آله على فترةٍ من الرسل ودروسٍ من العلم وانقطاعٍ من الوحي واقتراب من الساعة ، فختم اللّه به النبيّين وجعله شاهدا لهم (1) ومهيمنا عليهم ، وأنزل عليه الكتاب العزيز الّذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل (2) من حكيمٍ حميد . فلمّا انقضت النبوّة وختم اللّه بمحمّد صلى الله عليه و آلهبالرساله (3) جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين في الخلافة (4) ونظامها والقيام بشرايعها وأحكامها .
.
ص: 1009
ولم يزل أمير المؤمنين منذ انقضت إليه الخلافة وحمل مشاقّها واختبر مرارة طعمها ومذاقها مسهر العينين مضنيا لبدنه مطيلاً لفكره فيما فيه عزّ الدين وقمع المشركين وصلاح الاُمّة وجمع الكلمة ونشر العدل وإقامه الكتاب والسنّة ومنعه ذلك من الحفظ والدعة ومهنأ العيش محبّة أن يلقى اللّه سبحانه وتعالى مناصحا له في دينه وعباده ومختارا لولاية عهده ورعاية الاُمّة من بعده ، أفضل من يقدر عليه في دينه وورعه وعلمه ، وأرجاهم للقيام بأمر اللّه تعالى وحقّه ، مناجيا للّه تعالى بالاستخارة في ذلك ومسألته الهامّة مافيه رضاه وطاعته في آناء ليله ونهاره ، معملاً فكره ونظره فيما فيه طلبه والتماسه في أهل بيته من ولد عبد اللّه بن العباس وعليّ بن أبي طالب ، مقتصرا ممّن علم حاله ومذهبه منهم على علمه وبالغا في المسألة ممّن خفي عليه أمره جهده وطاقته ، رضاه وطاعته ، حتّى استقصى اُمورهم معرفة ، وابتلى (1) أخبارهم مشاهدة ، واستبرأ أحوالهم معاينة ، وكشف ماعندهم مسائلة . وكانت خيرته بعد استخارة اللّه تعالى واجتهاده نفسه في قضاء حقّه في عباده وبلاده في الفئتين جميعا عليّ بن موسى الرضا ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام لما رأى من فضله البارع وعلمه الذايع وورعه الظاهر الشايع وزهده الخالص النافع ، وتخليته من الدنيا وتفرّده عن الناس وقد استبان له مالم تزل الأخبار عليه مطبقة والألسن عليه متّفقة والكلمة فيه جامعه والأخبار واسعة ، ولما لم نزل نعرفه به من الفضل يافعا وناشئا وحدثا وكهلاً فلذلك عقد له بالعهد والخلافة من بعده واثقا بخيرة اللّه تعالى في ذلك ، إذ علم اللّه تعالى أنه فعله إيثارا له وللدين ونظرا للإسلام وطلبا للسلامة وثبات الحجّة والنجاة في اليوم الّذي يقوم الناس فيه لربّ العالمين .
.
ص: 1010
ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته وخاصّته وقوّاده وخدمه فبايعه الكلّ مطيعين مسارعين مسرورين عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة اللّه على الهوى في ولده وغيره (1) ممن هو أشبك منه رحما وأقرب قرابةً . وسمّاه الرضا إذ كان رضيّا عنداللّه تعالى وعند الناس ، وقد آثر طاعة اللّه والنظر لنفسه وللمسلمين ، والحمدللّه ربّ العالمين . وكتب بيده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين 2 . وهذه صورة ما على ظهر العهد مكتوبا بخطّ الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام من غير اختصار : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، الحمدللّه الفعّال لما يشاء ، لامعقّب لحكمه ولا رادَّ لقضائه ، يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور ، وصلواته على نبيه محمّد خاتم النبيّين وآله الطيّبين الطاهرين . أقول وأنا عليّ بن موسى بن جعفر : إنّ أمير المؤمنين عضده اللّه بالسداد ووفّقه للرشاد عرف من حقّنا ما جهله غيره فوصل أرحاما قُطعت وآمن أنفسا (2) فُزعت ،
.
ص: 1011
بل أحياها وقد تلفت بعد أن أمن الحياة أنسيت (1) وأغناها (2) بعد فقرها (3) ، وعرفها بعد نكرها ، مبتغيا بذلك رضا ربّ العالمين لايريد جزاءً من غيره وسيجزي اللّه الشاكرين ولايضيع أجر المحسنين . وإنّه جعل إليَّ عهده والإمرة الكبرى إن بقيت بعده ، فمن حلّ عقدة أمر اللّه بشدّها [أ ]وقصم عروةً أحبّ اللّه إيثاقها (4) فقد أباح اللّه حريمه وأحلّ محرمه إذا كان بذلك زاريا (5) على الإمام منتهكا حرمة الإسلام [بذلك جرى السلف فصبر منه على الفلتات ولم يعترض على الفرمات] وخوفا من شتات الدين واضطراب حبل (6) المسلمين وحذر (7) فرصة تُنتهز وناعقة (8) تُبتدر . وقد جعلتُ للّه على نفسي عهدا _ إن استرعاني أمر المسلمين وقلّدني خلافتة _ العمل فيهم عامّة وفي بني العباس بن عبدالمطلب خاصّة أن أعمل فيهم بطاعة اللّه تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه و آلهو[ان] لا اُسفك دما حراما ولا اُبيح فرجا ولا مالاً إلاّ ماسفكته حدوده (9) وأباحته فرائضه ، وأن أتخيّر الكفاة جهدي وطاقتي ، وجعلتُ بذلك على نفسي عهدا مؤكّدا يسألني اللّه عنه فإنّه عزّوجلّ يقول : «وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْ_ئولاً» . وإن أحدثتُ أو غيّرتُ أو بدّلتُ كنتُ للغِيَر (10) مستحقّا وللنكال
.
ص: 1012
متعرّضا ، وأعوذ باللّه من سخطه وإليه أرغب في التوفيق لطاعته والحول بيني وبين معصيته في عافيه لي وللمسلمين . والجامعة والجفر يدلاّن على ضدّ ذلك ، وما أدري مايفعل بي و[لا] بكم إنِ الحكم إلاّ للّه يقضي بالحقّ وهو خير الفاصلين ، لكنني امتثلت أمر أمير المؤمنين وآثرت رضاه واللّه تعالى يعصمني وإيّاه ، وأشهدت اللّه على نفسي بذلك وكفى باللّه شهيدا . وكتبت بخطّي بحضرة أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه (1) والحاضرين من أولياء نِعَمهِ وخواصّ دولته وهم : الفضل بن سهل ، وسهل بن الفضل ، والقاضي يحيى بن أكثم ، وعبد اللّه بن طاهر ، وثمامة بن أشرس (2) ، وبشر بن المعتمر ، وحمّاد بن النعمان ، وذلك في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين . صورة رقم شهادة القاضي يحيى بن أكثم : شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذا الكتاب ظهره وبطنه وهو يسأل اللّه تعالى أن يعرّف أمير المؤمنين وكافّة المسلمين بركة (3) هذا العهد والميثاق . وكتب بخطّه في التاريخ المبيَّن فيه . صورة رقم شهادة عبد اللّه بن طاهر : أثبت شهادته فيه بتاريخه ، عبد اللّه بن ظاهر . وصورة رقم شهادة حمّاد بن النعمان : شهد حمّاد بن النعمان بمضمونه ظهره و بطنه (4) وكتبه بيده في تاريخه . وصورة رقم شهادة ابن المعتمر (5) : شهد بذلك بشر بن المعتمر ) . 6 وعلى الجانب الأيسر بخطّ الفضل بن سهل : رسم أمير المؤمنين [أطال اللّه بقاءه]
.
ص: 1013
قراءة (1) هذه الصحيفة الّتي هي صحيفة العهد والميثاق [نرجو أن نجوز بها الصراط ]ظهرها وبطنها (2) بحرم سيّدنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله بين الروضة والمنبر على رؤوس الأشهاد وبمرأى ومسمع من وجوه بني هاشم وسائر الأولياء والأخيار [والأحفاد] بعد أخذ البيعة عليهم واستيفاء شروطها بما أوجبه أمير المؤمنين من العهد لعليّ بن موسى الرضا عليه السلام لتقوم به الحجّة على جميع المسلمين ولتبطل (3) الشبهة الّتي كانت اعترضت آراء (4) الجاهلين ، وما كان للّه ليَذرَ المؤمنين على ما أنتم عليه . وكتب الفضل بن سهل بحضرة أمير المؤمنين في تاريخ المعيّن فيه 5 .
.
ص: 1014
. .
ص: 1015
. .
ص: 1016
. .
ص: 1017
. .
ص: 1018
روي إبراهيم بن العباس قال : كانت البيعة للرضا لخمس خلون من شهر رمضان المعظّم سنة إحدى ومائتين (1) . وزوّجه المأمون ابنته اُمّ حبيب في أوّل سنة اثنين ومأتين (2) والمأمون متوجّه إلى العراق . وممّا نقل إلى الأسماع بالاستماع وروته الألسن بالبقاع في الأصقاع وخطّته الأيدي في الصحائف والرقاع أنّ الخليفة المأمون وجد في يوم عيد انحراف مزاج أحدث عنده ثقلاً له عن الخروج إلى الصلاة فقال لأبي الحسن الرضا : قم يا أبا الحسن اركب وصلّ بالناس العيد ، فامتنع وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط فاعفني من الصلاة ، فقال المأمون : انّما اُريد أن أنوه (3) بذكرك ليشهر أمرك بأنك وليّ عهدي والخليفة من بعدي ، وألحّ عليه في ذلك فقال له الرضا : إن أعفيتني من ذلك كان أحبّ إليَّ ، فإن أبيت إلاّ أن أخرج إلى الصلاة بالناس فإنّما أخرج كما كان النبيّ صلى الله عليه و آلهيخرج للصلاة وعلى الصفة الّتي كان يخرج عليها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال المأمون : افعل كيف ما أردت .
.
ص: 1019
وأمر المأمون القوّاد والجند وأعيان دولته بالركوب في خدمته إلى المصلّى فركب الناس إلى بيته وحضر القوّاد والمؤذّنون والمكبّرون إلى بابه ينتظرون أن يخرج . فخرج إليهم الرضا وقد اغتسل ولبس أفخر ثيابه وتعمّم بعمامة [بيضاء من] قطن وألقى طرفا منها على عاتقه (1) ومسّ طيبا وأخذ عكّازة (2) في يده وخرج ماشيا ولم يركب ، وقال لمواليه وأتباعه : افعلو كما فعلت ، ففعلوا كفعله ، وساروا بين يديه عند شروق الشمس رافعين أصواتهم بالتكبير والتهليل ، فلمّا رأوه القوّاد والجند على تلك الحالة لم يسعهم إلاّ أن نزلوا عن خيولهم ومراكبهم وساروا بين يديه وتركوا دوّابهم مع غلمانهم خلف الناس ، وكان كلّما كبّر الرضا كبّر الناس تكبيرة ، وكلّما هلّل هلّلوا تهليلة وهم سائرون بين يديه حتّى خيل للناس أنّ الحيطان والجدران تجاوبهم بالتكبير والتهليل ، وتزلزلت مرو وارتفع البكاء والضجيج ، فبلغ ذلك المأمون فقال له الفضل : إن بلغ الرضا المصلّى افتتن الناس به وخفنا على دمائنا وأرواحنا وعليك في نفسك فابعث إليه فردّه ، فبعث إليه المأمون قائلاً : قد كلّفناك يا أبا الحسن شططا ولانحبّ أن تلحقك مشقّة ، ارجع إلى بيتك يصلّي بالناس من كان يصلّي بهم قبل . فرجع عليّ بن موسى الرضا عليه السلام إلى بيته وركب المأمون فصلّى بالناس 3
.
ص: 1020
قال هرثمة بن أعين (1) _ وكان من خدّام الخليفة عبد اللّه المأمون إلاّ أنه كان محبّا لأهل البيت إلى الغاية ويعدّ نفسه من شيعتهم وكان قائما بخدمة الرضا وجميع مصالحه مؤثرا لذلك على جميع أصحابه مع تقدّمه عند المأمون وقربه منه قال : _ طلبني سيّدي أبوالحسن الرضا عليه السلام في يوم من الأيّام فقال لي : يا هرثمة إنّي مطّلعك على أمرٍ يكون سرّا عندك لا تظهره لأحد مدّة حياتي ، فإن أظهرته حال حياتي كنت خصيما لك عنداللّه . فحلفتُ له إنّي لا أتفوّه بما تقوله لي مدّة حياته . فقال لي : اعلم يا هرثمة إنّه قد دنا (2) رحيلي [إلى اللّه تعالى] ولحوقي بجدّي وآبائي ، وقد بلغ الكتاب أجله وإنّي اُطعم عنبا ورمّانا مفروكا (3) فأموت ، ويقصد الخليفة أن يجعل قبري خلف قبر أبيه الرشيد وأنّ اللّه لايقدره على ذلك ، وانّ الأرض تشتدّ عليهم فلا تعمل فيها المعاول ولايستطيعون حفر شيء منها فتكون تعلم . يا هرثمة إنّما مدفني في الجهة الفلانية من الحدّ الفلاني ، بموضع عيِّنه له عنده ، فإذا أنا متّ وجهّزت فأعلمه بجميع ما قلته لك ليكونوا على بصيرة من أمري ، وقل له إن اُوضعت في نعشي وأرادوا الصلاة عليَّ فلا يصلى عليَّ وليأني بي قليلاً فإنّه يأتيكم رجل عربي ملثّم على ناقة له مصرع من جهة الصحراء عليه وعثاء (4) السفر فينيخ راحلته وينزل عنها فيصلّي عليَّ وصلّوا معه عليَّ ، فإذا فرغتم من الصلاة عليَّ وحملتموني إلى مدفني الّذي عينته لك فاحفر شيئا يسيرا من وجه
.
ص: 1021
الأرض تجد قبرا مطبقًا معمورا في قعره ماء أبيض ، إذا كشفت عنه الطبقات نشف (1) الماء فهذا مدفني فادفنوني فيه . واللّه اللّه يا هرثمة أن تخبر بهذا أو بشيء منه قبل موتي . قال هرثمة : فواللّه ما طالت الأناة حتّى أكل الرضا عند الخليفة عنبا ورمّانا مفتوتا فمات 2 . عن أبي الصلت الهروي (2) [ أنّه ] قال : دخلت على الرضا وقد خرج من عند المأمون فقال لي : يا أبا الصلت قد فعلوها ، وجعل يوحّد اللّه ويمجّده (3) ، فأقام يومين ومات في اليوم الثالث . قال هرثمة : فدخلت على عبد اللّه المأمون لمّا رفع إليه موت أبي الحسن الرضا فوجدت المنديل في يده وهو يبكي عليه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ثَمّ كلام أتاذن لي أن أقوله لك؟ قال : قل ، قلت : إنّ الرضا أسرَّ إليَّ في حياته بأمرٍ وعاهدني أن
.
ص: 1022
لا أبوح به لأحد إلاّ لك عند موته . [قال : هات ]وقصصت عليه القصة الّتي قالها لي من أوّلها إلى آخرها وهو متعجّب من ذلك ، ثمّ أمر بتجهيزه وخرجنا بجنازته إلى المصلّى وتأنّينا بالصلاة عليه قليلاً فإذا بالرجل قد أقبل على بعيرٍ من جهة الصحراء كما قال ونزل ولم يكلّم أحدا فصلّى عليه وصلّى الناس معه ، وأمر الخليفة بطلب الرجل فلم يروا له أثرا ولالبعيره (1) . ثمّ إنّ الخليفة قال : نحفر له من خلف قبر الرشيد ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ألم اُخبرك بمقالته؟ قال : نريد ننظر إلى ماقلته ، فعجز الحافرون ، فكانت الأرض أصلب من الصخر الصوان ، وعجزوا عن حفرها وتعجّب الحاضرون من ذلك ، وتبيّن للمأمون صدق ما قلته له عنه . فقال : أرني الموضع الّذي أشار إليه ، فجئت بهم إليه فما كان إلاّ أن كشف التراب عن وجه الأرض فظهرت الأطباق فرفعناها فظهر من تحتها قبر معمول وإذا في قعره ماء أبيض ، وأعلمت الخليفة فحفر وأبصره على الصفة الّتي ذكرتها له ، وأشرف عليه المأمون وأبصره . ثمّ إنّ ذلك الماء نشف من وقته فواريناه ورددنا فيه الأطباق على حالها والتراب ، ولم يزل الخليفة المأمون يتعجّب بما رأى وممّا سمعه منّي ويتأسّف عليه ويندم ، وكلّما خلوت في خدمته يقول : يا هرثمة كيف قال لك أبو الحسن الرضا؟ فاُعيد عليه الحديث فيتلهّف ويتأسّف ويقول : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون (2) .
.
ص: 1023
قال بعض الأئمّة من أهل العلم : مناقب عليّ بن موسى الرضا من أجلّ المناقب ، وإمداد فضائله وفواضله متوالية كتوالي الكتائب ، وموالاته محمودة البوادي والعواقب (1) ، وعجائب أوصافه من غرائب العجائب ، وسؤدده ونبله قد حلّ من الشرف في الذروة والمغارب ، فلمواليه (2) السعد الطالع ولمناويه النحس الغارب . أمّا شرف آبائه فأشهر من الصباح المنير وأضوأ من عارض الشمس المستدير . وأمّا أخلاقه وسماته وسيرته وصفاته ودلائله وعلاماته ونفسه الشريفه فناهيك من فخارٍ وحسبك من علوّ مقدارٍ جاز على طريقة ورثها عن الآباء وورثها عنه البنون ، فهم جميعا في كرم الاُرومة وطيب الجرثومة كأسنان المشط متعادلون فشرفا لهذا البيت المعالي الرتبة السامي المحلّة ، لقد طال السماء علاءً ونبلاً ، وسما على الفراقد منزلةً ومحلاًّ ، واستوفى صفات الكمال ، فما يستثنى في شيءٍ منه لغيره وإلاّ انتظم هؤلاء الأئمّة انتظام اللآلي ، وتناسبوا في الشرف فاستوى المقدّم والتالي ، ونالوا رتبة مجدٍ يحيط عنها المقصّر والعالي ، اجتهد عداتهم في خفض منازلهم واللّه يرفعه ، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شملهم واللّه يجمعه ، وكم ضيّعوا من حقوقهم ما لا يهمله اللّه ولايضيّعه (3) . كانت وفاة عليّبن موسى الرضا عليه السلام بطوس من خراسان في قرية يقال لها سناباد (4) في آخر صفر سنة ثلاث ومائتين 5 ، وله من العمر يومئذٍ خمس وخمسون
.
ص: 1024
سنة 1 . كانت مدّة إمامته عشرون (1) سنة ، كان أوّلها في بقية ملك الرشيد ، ثمّ ملك ولده محمّد المعروف بالأمين وهو ابن زبيدة بعد ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوما، ثمّ خلع الأمين وأجلس مكانه عمّه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة أربعة
.
ص: 1025
عشر يوما ، ثمّ خرج (1) محمّد الأمين من الحبس وبويع له ثانية وبقي سنة وسبعة (2) أشهر وثلاثة وعشرين يوما ، وقتله طاهر بن الحسين ، ثمّ ملك بعده المأمون _ عبد اللّه المأمون _ ابن هارون الرشيد عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوما واستشهد الرضا عليه السلام في أيّامه 3 .
.
ص: 1026
. .
ص: 1027
. .
ص: 1028
. .
ص: 1029
. .
ص: 1030
. .
ص: 1031
قال ابن الخشّاب في كتابه مواليد أهل البيت : ولد للرضا خمس بنين وابنة واحدة ، أسماء أولاده : محمّد القانع والحسن وجعفر وإبراهيم والحسين ، والبنت عائشة [فقط] رضوان اللّه عليهم أجمعين 1 .
.
ص: 1032
. .
ص: 1033
الفصل التاسع:في ذكر أبي جعفر محمّد الجواد بن عليّ الرضا عليهماالسلام وهو الإمام التاسع 1 وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره وحين وفاته وعدد أولاده وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال صاحب كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : هو أبو جعفر محمّد
.
ص: 1034
. .
ص: 1035
الثاني فإنّه تقدّم في آبائه أبو جعفر محمّد وهو الباقر بن عليّ ، فجاء هذا باسمه وكنيته فهو اسم جدّه فعرف بأبي جعفر الثاني ، وإن كان صغير السنّ فهو كبير القدر رفيع الذكر ، القائم بالإمامة بعد عليّ بن موسى الرضا ولده أبو جعفر محمّد الجواد للنصّ عليه والإشاره له بها من أبيه ، كما أخبر بذلك جماعة من الثقات العدول (1) . عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضا : قد كُنّا نسألُكَ قبل أن يَهَبَ اللّه لك أبا جعفر مَن القائم بعدك فتقول : يهب اللّه لي غلاما ، وقد وهبه اللّه لك وقرّ (2) عيوننا به ، فإن كان كون ولا أرانا اللّه لك يومك (3) فإلى مَن؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه وعمره إذ ذاك ثلاث سنين ، فقلت : وهذا ابن ثلاث! فقال (4) : وما يضرّ (5) من ذلك فقد قام عيسى بالحجّة وهو ابن أقلّ من ثلاث سنين 6 .
.
ص: 1036
وعن معمر بن خلاّد : قال سمعت الرضا عليه السلام يقول _ وذكر شيئا (1) _ فقال : ما حاجتكم إلى ذلك؟! هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيّرته مكاني ، وقال : إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة بالقذة (2)(3) . وعن الخيراني (4) عن أبيه قال : كنت واقفا بين يدي أبي الحسن الرضا بخراسان فقال قائل : يا سيّدي إن كان كون إلى مَن؟ فقال إلى ابني أبي جعفر ، فكأنّ القائل (5) استصغر سنّ (6) أبي جعفر ، فقال الرضا : إنّ اللّه بعث عيسى بن مريم رسولاً نبيا
.
ص: 1037
صاحب شريعة مبتدَأةٍ في أصغر من السنّ الّذي فيه أبو جعفر (1) . ولد أبو جعفر محمّد الجواد بالمدينه تاسع عشر [من] شهر رمضان 2 المعظّم سنة خمس وتسعين ومائة (2) للهجرة .
.
ص: 1038
وأمّا نسبه : أبا واُمّا فهو محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام (1) . وأمّا اُمّه اُمّ ولد يقال لها سبيكة (2) النوبية وقيل : المريسية 3 . وأمّا كنيته : فأبو جعفر كنية جدّه محمّد الباقر (3) . وأمّا ألقابه : فالجواد ، والقانع ، والمرتضى ، وأشهرها الجواد 5 .
.
ص: 1039
صفته : أبيض معتدل (1) . شاعره : حمّاد (2) . بابه (3) : عمرو بن الفرات (4) . نقش خاتمه : «نعم القادر اللّه » (5) معاصره : المأمون (6) والمعتصم (7) .
.
ص: 1040
وأمّا مناقبه : فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : مناقب أبي جعفر محمّد الجواد [ف ]_ما اتسعت جلباب مجالها ولاامتدّت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهية بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها ، فقلّ في الدنيا مقامه ، وعجّل القدوم إليه لزيارته حمامه (1) ، فلم تطلّ فيها مدّته (2) ولاامتدّت فيها أيّامه ، غير أنّ اللّه خصّه بمنقبة أنوارها متألّقة في مطالع التعظيم وأخبارها مرتفعة في معارج (3) التفضيل والتكريم ، وهي أنّ أبا جعفر محمّد الجواد لمّا توفي والده أبو الحسن الرضا عليه السلام وقدم الخليفة المأمون إلى بغداد بعد وفاته بسنة اتفق أنّ المأمون خرج يوما يتصيّد فاجتاز بطرف البلد وثمّ صبيان يلعبون ومحمّد الجواد واقف عندهم ، فلمّا أقبل المأمون فرّ الصبيان ووقف محمّد الجواد وعمره إذ ذاك تسع سنين ، فلمّا قرب منه الخليفة نظر إليه وكان اللّه تعالى ألقى في قلبه مسحة قبول ، فقال له : يا غلام ما منعك أن لاتفرّ كما فرّ أصحابك؟ فقال له محمّد الجواد مسرعا : يا أمير المؤمنين فرّ أصحابي خوفا والظنّ بك حسن أنّه لايفرّ منك من لا ذنب له ، ولم يكن بالطريق ضيق فأتنحّى (4) عن أمير المؤمنين ، فأعجب المأمون كلامه وحسن صورته فقال : ما اسمك يا غلام؟ فقال : محمّد بن عليّ الرضا ، فترحّم الخليفة على أبيه .
.
ص: 1041
وساق جواده إلى نحو وجهته (1) وكان معه بزاة الصيد ، فلمّا بعُد عن العمارة أخذ الخليفة بازيا منها وأرسل على درّاجة فغاب البازي عنه قليلاً ، ثمّ عاد وفي منقاره سمكة صغيرة وبها بقايا (2) من الحياة ، فتعجّب المأمون من ذلك غاية العجب ثمّ أنّه أخذ السمكة في يده وكرّ راجعا إلى داره وترك الصيد في ذلك اليوم وهو متفكّر فيما صاده البازي من الجوّ ، فلمّا وصل موضع الصبيان وجدهم على حالهم ووجد محمّدا معهم فتفرّقوا على جاري عادتهم إلاّ محمّد[ا] فلمّا دنا منه الخليفة قال : يا محمّد ، قال : لبّيك يا أمير المؤمنين ، قال مافي يدي؟ فأنطقه اللّه تعالى بأن قال : إنّ اللّه تعالى خلق في بحر قدرته المستمسك في الجوّ ببديع حكمته سمكا صغارا تصيدها (3) منها بزاة [الملوك ]والخلفاء كي يختبر بها سلالة بيت المصطفى . فلمّا سمع المأمون كلامه تعجّب منه وأكثر وجعل يطيل النظر فيه وقال : أنت ابن الرضا حقّا ومن بيت المصطفى صدقا ، وأخذه معه وأحسن إليه وقرّبه وبالغ في إكرامه وأجلاله وإعظامه ، فلم يزل مشغفا به لما ظهر له أيضا بعد ذلك من بركاته ومكاشفاته وكراماته وفضله وعلمه وكمال عقله وظهور برهانه مع صغر سنّه . ولم يزل المأمون متوفّرا على تبجيله وإعظامه وإجلاله وإكرامه (4) إلى أن عزم على أنه يزوّجه ابنته اُمّ الفضل وصمّم على ذلك ، فبلغ ذلك العبّاسيين فغلظ عليهم واستكبروه (5) وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما إنتهى مع أبيه الرضا ، فاجتمع الأكابر من العبّاسيين الدالّين على الخليفة ودخلوا عليه وقالوا : ننشدك اللّه يا أمير المؤمنين
.
ص: 1042
إلاّ مارجعت عن هذه النية وصرفت خاطرك عن هذا الأمر ، فإنّا نخاف ونخشى أن يخرج عنّا أمر قد ملّكناه اللّه وينزع منّا (1) عزّا ألبسناه اللّه تعالى ويتحوّل إلى غيرنا ، وأنت تعلم ما بيننا وبين هؤلاء القوم وما كان عليه الخلفاء من بعدهم وقد كنّا في وهلة (2) من عملك مع الرضا كما عملت حتّى كفانا اللّه تعالى المهمّ (3) من ذلك ، فاللّه اللّه أن تردّنا إلى غمٍّ قد انحسر عنّا ، واصرف رأيك عن ابن الرضا واعدل إلى من تراه (4) من أهل بيتك ممّن يصلح لذلك . فقال لهم المأمون : أمّا ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ، ولو أنصفتم القوم لكانوا أولى بالأمر منكم . وأمّا ما كان من استخلاف الرضا فقد درج الرضا إلى رحمة اللّه وكان أمر اللّه قدرا مقدورا . وأمّا ابنه محمّد فأخبرته لتبريزه على كافّة أهل الفضل في العلم والحلم (5) والمعرفه والأدب مع صغر سنّه ، فقالوا : إنّ هذا صبىّ صغير السنّ وأيّ علمٍ له اليوم أو معرفة أو أدب؟ فأمهله (6) يتفقّه يا أمير المؤمنين ثمّ اصنع به ما شئت ، قال : كأنكم تشكّون في قولي إن شئتم فاختبروه أو ادعوا من يختبره ثمّ بعد ذلك لوموا فيه أو اعذروا ، قالوا : وتتركنا وذلك يا أميرالمؤمنين؟ قال : نعم ، قالوا : فيكون ذلك بين يديك يترك مَن يسأله عن شيءٍ من اُمور الشريعة فإن أصاب لم يكن في أمره لنا اعتراض وظهر للخاصّة والعامّة سديد رأي أميرالمؤمنين ، وإن عجز عن ذلك كفينا
.
ص: 1043
خطبه ولم يكن لأمير المؤمنين عذر في ذلك ، فقال لهم المأمون : شأنكم وذلك متى أردتم فخرجوا من عنده . واجتمع رأيهم على القاضي يحيى بن أكثم (1) أن يكون هو الّذي يسأله ويمتحنه وقرّروا ذلك مع القاضي يحيى ووعدوه بأشياء كثيرة متى قطعه وأخجله ، ثمّ عادوا إلى المأمون وسألوه أن يعيّن لهم يوما يجتمعون فيه بين يديه لمسألته ، فعيّن لهم يوما فاجتمعوا في ذلك اليوم بين يدي أمير المؤمنين المأمون ، وحضر العباسيون ومعهم القاضى يحيى بن أكثم ، وحضر خواصّ الدوله وأعيانها من اُمرائها وحجّابها وقوّادها ، وأمر المأمون بأن يفرش لأبي جعفر محمّد الجواد عليه السلام فرشا حسنا وأن يجعل عليه مسورتان (2) ، ففعل ذلك ، وخرج أبو جعفر فجلس بين المسورتين ، وجلس القاضي يحيى مقابله ، وجلس الناس في مراتبهم على قدر طبقاتهم ومنازلهم . فأقبل يحيى بن أكثم على أبي جعفر فسأله عن مسائل أعدّها له ، فأجاب 3
.
ص: 1044
بأحسن جواب وأبان فيها عن وجه الصواب بلسانٍ ذلق ووجهٍ طلق وقلبٍ جسور ومنطقٍ ليس بعيٍّ ولا حصور ، فعجب القوم من فصاحة لسانه وحسن اتساق منطقه ونظامه ، فقال له المأمون : أجدت وأحسنت يا أبا جعفر ، فإن رأيت أن تسأل يحيى كما سألك ولو عن مسألة واحدة ، فقال ذلك إليه يا أمير المؤمنين ، فقال يحيى يسأل يا أمير المؤمنين فإن كان عندي في ذلك جواب أجبت به وإلاّ استفدت بالجواب ، واللّه أسأل أن يرشد للصواب .
فقال له أبو جعفر عليه السلام :ما تقول في رجل نظر إلى امرأةٍ في أوّل النهار بشهوة فكان نظره إليها حراما عليه ، فلمّا ارتفع النهار حلّت له ، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر حلّت له ، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه ، فلمّا دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له ، فلمّا انتصف الليل حرمت عليه ، فلمّا طلع الفجر حلّت له ، فبماذا حلّت هذه المرأة لهذا الرجل؟ وبماذا حرمت عليه في هذه الأوقات؟ فقال يحيى بن أكثم : لا أدري ، فإن رأيت أن تفيدنا بالجواب فذلك إليك . فقال أبو جعفر : هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها بعض من الناس في أوّل
.
ص: 1045
النهار بشهوة فكان نظره إليها حراما ، فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها (1) فحلّت له ، فلمّا كان وقت الظهر اعتقها فحرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر تزوّجها فحلّت له ، فلمّا كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه ، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفّر عن الظهار فحلّت له ، فلمّا كان نصف الليل طلّقها طلقةً واحدة فحرمت عليه ، فلمّا كان الفجر راجعها فحلّت له .
فأقبل المأمون على أهل بيته قال : هل فيكم أحد يستحضر أن يجيب عن هذه المسائل بمثل هذا الجواب؟ فقالوا : ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء ، فقال : قد عرفتم الآن ما كنتم تنكرونه وتبيّن في وجه القاضي يحيى الخجل والتغيير بحيث عرف ذلك كلّ مَن في المجلس،فقال المأمون : الحمدللّه على ما مَنّ به عليَّ من السداد في الأمر والتوفيق في الرأي وأقبل على أبي جعفر وقال : إنّي مزوّجك ابنتي اُمّ الفضل وإن رغم ذلك اُنوف قوم فاخطب لنفسك فقد رضيتك لنفسي وابنتي ، فقال أبو جعفر : الحمدللّه إقرارا بنعمته ولا إله إلاّ اللّه إخلاصا لوحدانيته ، وصلّى اللّه على سيّدنا محمّد صلى الله عليه و آله سيّد بريّته والأصفياء من عترته . أمّا بعد ، كان من فضل اللّه على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال تعالى : «وَأَنكِحُواْ الْأَيَ_مَى مِنكُمْ وَالصَّ__لِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ» (2) ثمّ إنّ محمّد بن عليّ بن موسى خطب إلى أميرالمؤمنين ابنته اُمّ الفضل وقد بذل لها من الصداق مهر جدّته فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه و آله وهو خمسمائة درهم جيادا فهل زوّجتني إيّاها يا أمير المؤمنين على هذا الصداق المذكور؟ فقال المأمون : زوجتك ابنتي اُمّ الفضل على هذا الصداق المذكور ، فقال أبو جعفر : قبلت نكاحها على هذا الصداق المذكور . قال الريّان (3) : وأخرج الخدم مثل السفينة من الفضة مطلية بالذهب فيها
.
ص: 1046
الغالية (1) مضروبة بأنواع الطيب والماء [ال] ورد والمسك فتطيّب منها جميع الحاضرين على قدر منازلهم ومراتبهم ، ثمّ وضعت موائد الحلواء فأكل منها الحاضرون وفرّقت عليهم الجوائز والعطيات على قدر طبقاتهم، ثمّ انصرف الناس وتقدّم المأمون بالصدقة على الفقراء والمساكين وأهل الأربطة والخوانق والمدارس 2 . ولم يزل عنده محمّد الجواد مكرّما معظّما إلى أن توجّه بزوجته اُمّ الفضل إلى المدينة الشريفة . روي أنّ اُمّ الفضل بعد توجّهها مع زوجها إلى المدينة كتبت إلى أبيها المأمون تشكو أبا جعفر وتقول : إنّه يتسرّى (2) عليَّ ويغيرني ، فكتب إليها أبوها : يا بنية إنّا لم نزوّجك (3) أبا جعفر لتحرّمي عليه حلالاً فلا تعاودينني لذكر شيءٍ ممّا ذكرتِ (4) .
.
ص: 1047
وحكي أنه لمّا توجّه أبو جعفر منصرفا من بغداد إلى المدينة الشريفة خرج معه الناس يشيّعونه للوداع فصار إلى أن وصل إلى باب الكوفة عند دار المسيّب فنزل هناك مع غروب الشمس ، ودخل إلى مسجد قديم مؤسّس بذلك الموضع ليصلّي فيه المغرب ، وكان في صحن المسجد شجرة نبق (1) لم تحمل قطّ ، فدعا بكوز فيه ماء فتوضّأ في أصل الشجرة [النبقة] وقام يصلّي فصلّى معه الناس المغرب ، فقرأ في الاُولى الحمد وإذا جاء نصر اللّه والفتح ، وقرأ في الثانية بالحمد وقل هو اللّه أحد [وقنت قبل ركوعه فيها وصلّى الثالثه وتشهّد وسلّم] ثمّ بعد فراغه جلس هُنيئةً يذكر اللّه تعالى وقام فتنفّل بأربع ركعات وسجد بعدهنّ سجدتي الشكر ، ثمّ قام فوادع الناس وانصرف فأصبحت النبقة وقد حملت من ليلتها حملاً حسنا ، فرآها الناس وقد تعجّبوا في ذلك غاية العجب ثمّ ما كان هو أغرب وأعجب من ذلك أنّ نبقة هذه الشجرة لم يكن لها عَجَمٌ (2) فزاد تعجّبهم من ذلك أكثر وأكثر . وهذا من بعض كراماته الجليلة ومناقبه الجميلة (3) .
.
ص: 1048
وعن أبي خالد (1) قال : كنت بالعسكر (2) فبلغني أنّ هناك رجلاً محبوسا اُتي به من الشام مكبولاً (3) بالحديد وقالوا إنّه تنبّأ ، فأتيت باب السجن ودفعت شيئا للبوّابين (4) حتّى دخلت عليه ، فإذا برجلٍ ذا فَهْم وعقل وأدب فقلت : يا هذا ما قصّتك؟ قال : إنّي كنت رجلاً بالشام أعبد اللّه تعالى في الموضع الّذي يقال إنّه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام ، فبينما أنا ذات ليلة (5) في موضعي مقبل على المحراب أذكر اللّه إذ رأيت شخصا بين يديَّ فنظرت إليه فقال : قُمْ ، فقمت معه فمشى [بي ]قليلاً فإذا أنا في مسجد الكوفة ، فقال لي : أتعرف هذا المسجد؟ قلت : نعم هذا مسجد الكوفة ، قال : فَصلّى فصلّيت معه ، ثمّ انصرف فانصرفت (6) معه فمشى قليلاً فإذا [نحن بمسجد الرسول صلى الله عليه و آلهفسلّم على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وصلّى وصلّيت معه ، ثمّ خرج وخرجت معه فمشى قليلاً وإذا ]نحن بمكة المشرّفة فطاف بالبيت فطفت معه ، ثمّ خرج فخرجت معه فمشى قليلاً فإذا أنا بموضعي الّذي كنت فيه بالشام ، ثمّ غاب عنّي فبقيت متعجّبا ممّا رأيت . فلمّا كان في العام المقبل وإذا بذلك الشخص قد أقبل عليَّ فاستبشرت به فدعاني فأجبته ففعل بي كما فعل فيَّ العام (7) الماضي ، فلمّا أراد مفارقتي قلت له : سألتك بحقّ الّذي أقدرك على ما رأيت منك إلاّ ما أخبرتني مَن أنت؟ فقال : أنا
.
ص: 1049
محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، فحدّثت بعض مَن كان يجتمع لي بذلك فرفع ذلك إلى محمّد بن عبدالملك الزيّات (1) فبعث إلىَّ مَن أخذني من موضعي وكبّلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبسني كماترى وادّعى عليَّ بالمحال ، قلت له ، فأرفَعُ عنك قصّةً (2) إلى محمّد بن عبدالملك الزيّات؟ قال : افعل ، فكتبت عنه قصّةً ) (3) وشرحت فيها أمره ورفعتها إلى محمّد بن عبدالملك فوقّع في (4) ظهرها : قل للّذي أخرجك من الشام إلى هذه المواضع الّتي ذكرتها يخرجك من السجن الّذي أنت فيه ، فقال ابن خالد فاغتممت لذلك وسقط في يدي وقلت : إلى غدٍ آتيه وآمره بالصبر وأعده من اللّه بالفرج واُخبره بمقالة هذا الرجل المتجبّر . قال : فلمّا كان من الغد باكرت السجن فإذا أنا بالحرس والجند وأصحاب السجن وخلق (5) كثير يهرعون (6) فسألت: ما الخبر؟ فقيل لي : إنّ الرجل المتنبئ المحمول من الشام فُقد البارحة من الحبس 7 وحده بمفرده وأصبحت قيوده والأغلال الّتي كانت في عنقه مرمى بها في السجن لاندري كيف خلص منها ، وطلب فلم يوجد له أثر ولاخبر ولايدرون أخسفت به الأرض أو اختطفته الطير 8 . فتعجّبت من ذلك وقلت :
.
ص: 1050
استخفاف ابن الزيات بأمره واستهزاؤه بما وقع به على قصّتة خلّصه 1 من السجن . قال ابن حمدون في كتابه التذكرة : روي عن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا أنه قال : كيف يضيع من اللّه كافله؟ وكيف ينجو من اللّه طالبه (1) ؟ وعنه أنه قال : مَن انقطع إلى غير اللّه وكله اللّه إليه ، ومَن عمل على غير علم أفسد أكثر ممّا يصلح (2) . وعنه أنه قال : القصد إلى اللّه بالقلوب أبلغ من إتعاب (3) الجوارح بالأعمال (4) .
وروي عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه معالم العترة النبوية أخبارا رواها الجواد محمّد بن عليّ عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنه قال :لمّا بعثني
.
ص: 1051
النبيّ صلى الله عليه و آله إلى اليمن قال لي وهو يوصيني : يا عليّ عليك بالدلجة (1) فإنّ الأرض تطوى في الليل (2) مالا تطوى بالنهار . يا عليّ عليك بالبكر فإنّ اللّه تعالى بارك لاُمّتي في بكورها (3) .
وعنه عليه السلام قال :من استفاد أخا في اللّه فقد استفاد بيتا في الجنّة (4) .
وعنه عليه السلام أنه قال :لو كانت السماوات والأرض رتقاً (5) على عبد ثمّ أتقى اللّه تعالى لجعل منها مخرجا (6) .
وعنه (رض) أنه قال لقيس بن سعد حين قدم من مصر : يا قيس إنّ للمحن غايات (7) لابدّ أن ينتهى إليها ، فيجب على العاقل أن ينام لها إلى أدبارها ، فإنّ مكابدتها بالحيلة عند أقبالها زياده فيها (8) .
وقال عليه السلام :انّه مَن وثق باللّه أراه السرور ، ومن توكّل عليه (9) كفاه الاُمور ، والثقة باللّه حصنٌ لايتحصّن فيه إلاّ مؤمن (10) ، والتوكّل على اللّه نجاةٌ من كلّ سوء وحرزٌ من
.
ص: 1052
كلّ عدوّ ، والدين عزٌّ والعلم كنزُ والصمت نورٌ ، وغاية الزهد الورع ، ولاهدم للدين مثل البدع ، ولا أفسد للرجال من الطمع ، وبالراعي تصلح الرعية ، وبالدعاء تصرف البلية ، ومَن ركب مركب الصبر (1) اهتدى إلى مضمار النصر ، ومَن عاب عيب ، ومَن شتم اُجيب ، ومَن غرس أشجار التقى اجتنى أثمار المنى (2) .
وقال عليه السلام :أربع خصال تعين المرء على العمل: الصحّة، والغنى، والعلم، والتوفيق (3) .
وقال عليه السلام :إنّ للّه عبادا (4) يخصّهم بدوام النِعَم فلا تزال (5) فيهم ما بذلوها (6) ، فإذا منعوها نزعها عنهم وحوّلها إلى غيرهم (7) .
وقال عليه السلام :ما عظمت نِعَم اللّه على أحد (8) إلاّ عظمت إليه مؤونة (9) الناس ، فمن لم يحتمل تلك المؤونة عرّض تلك النعمة للزوال (10) .
وقال عليه السلام :أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه لأنّ لهم أجرهم وفخره وذكره ، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنّما يبدأ فيه بنفسه . (11)
وقال (رض) :مَن أمّل إنسانا [فقد ]هابه ، ومَن جهل شيئا عابه ، والفرصة خلسة ، ومَن كثر همّه سقم جسده ، وعنوان صحيفة المسلم (12) حسن خلقه . وقال عليه السلام
.
ص: 1053
[في ]موضع آخر : عنوان صحيفة السعيد حسن الثناء عليه (1) .
وقال عليه السلام :الجمال في اللسان ، والكمال في العقل .
وقال عليه السلام :العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة الغنى ، والصبر زينة البلاء ، والتواضع زينة الحسب ، والفصاحة زينة الكلام ، والحفظ زينة الرواية ، وخفض الجناح زينة العلم ، وحسن الأدب زينة العقل ، وبسط الوجه زينة الحلم (2) ، وترك المنّ زينة المعروف ، والخشوع زينة الصلاة ، والتقلّل (3) زينة القناعة ، وترك ما لا يعني زينة الورع .
وقال عليه السلام :حسب المرء من كمال المرؤة تركه ممّا لا يجمل فيه ، ومن حيائه أن لا يلقى أحدا بما يكره ، ومَن حُسن خُلق الرجل كفّه أذاه ، ومن سخائه برّه بمن يجب حقّه عليه ، ومن كرمه أيثاره على نفسه ، ومن صبره قلّة شكواه ، ومن عقله إنصافه من نفسه ، ومن إنصافه قبول الحقّ إذا بان له ، ومن نصحه نهيه عمّا لا يرضاه لنفسه ، ومن حفظه لجوارك (4) تركه توبيخك عند إساءتك (5) مع علمه بعيوبك ، ومن رفقه تركه عذلك عند غضبك بحضرة من تكره ، ومن حُسن صحبته لك إسقاطه عنك مؤونة التحفّظ [أذاك] ، ومن علامة صداقته لك كثرة موافقته وقلّة مخالفته (6) ، ومن شكره معرفته إحسان من أحسن إليه ، ومن تواضعه معرفته بقدره ، ومن سلامته قلّة حفظه لعيوب غيره وعنايته بصلاح عيوبه (7) .
.
ص: 1054
. .
ص: 1055
وقال عليه السلام :العالم بالظلم والمعين له والراضي (1) به شركاء .
وقال عليه السلام :يوم العدل على الظالم أشدّ من يوم الجور على المظلوم .
وقال عليه السلام :مَن أخطأ وجوه المطالب خذلته وجوه الحيَل ، والطامع في وثاق الذلّ (2) ، ومَن أحبّ البقاء فليعدّ للبلاء (3) قلبا صبورا .
وقال عليه السلام :العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم .
وقال :الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها (4) .
وقال عليه السلام :ثلاث يبلغن بالعبد رضوان اللّه تعالى : كثرة الاستغفار ، ولين (5) الجانب ، وكثرة الصدقة . وثلاث مَن كنّ فيه لم يندم : ترك العجلة ، والمشورة ، والتوكّل على اللّه عند العزم . لو سكت الجاهل ما اختلف الناس . مقتل الرجل بين فكيه (6) والرأي مع الإناءة ، وبئس الظهر وبئس الظهير (7) ] وبئس [الرأي القصير الرأي الفطير .
وقال عليه السلام :ثلاث خصال تجتلب بهنّ المحبّة (8) : الإنصاف في المعاشرة (9) ، والمواساة في الشدّة ، والانطواء والرجوع على (10) قلبٍ سليم .
.
ص: 1056
وقال عليه السلام :الناس (1) أشكال وكلّ (2) يعمل على شاكلته ، والناس إخوان ، فمن كانت اخوّته في غير ذات اللّه تعالى فإنّها تعود (3) عداوة ، وذلك قوله عزّوجلّ : «الْأَخِلاَّءُ يَوْمَ_ئِذِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ» (4) .
وقال عليه السلام :من استحسن قبيحا كان شريكا فيه .
وقال عليه السلام :كفر النعمة داعية المقت ، ومَن جازاك بالشكر فقد أعطاك أكثر ممّا أخذ منك .
وقال عليه السلام :لاتفسد (5) الظنّ على صديق ]و]قد أصلحك اليقين له ، ومَن وعظ أخاه سرّا فقد زانه ، ومَن وعظه علانيةً فقد شانه .
وقال عليه السلام :لازال العقل والحمق يتغالبان على الرجل إلى أن يبلغ ثماني عشرة سنة ، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه ، وما أنعم اللّه على عبدٍ نعمةً فعلم أنها من اللّه إلاّ كتب اللّه جلّ (6) اسمه له شكرها قبل أن يحمده عليها ، ولا أذنب العبد ذنبا فعلم أنّ اللّه مطّلع (7) عليه إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له إلاّ غفر [اللّه ] له قبل أن يستغفره .
وقال عليه السلام :الشريف كلّ الشريف من شرّفه علمه ، والسؤدد كلّ السؤدد لمن اتقى اللّه ربّه .
وقال عليه السلام :لاتعالجوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ، ولايطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم ، وارحموا ضعفاءكم واطلبوا من اللّه الرحمة بالرحمة لهم (8) .
.
ص: 1057
وقال عليه السلام :من أمّل فاجرا كان أدنى عقوبته الحرمان .
وقال عليه السلام :موت الإنسان بالذنوب أكثر من موته بالأجل ، وحياته بالبرّ أكثر من حياته بالعمر . آخر ما نقل من كتاب الجنابذي(ره) (1) .
قُبض أبو جعفر محمّد الجواد ابن عليّ الرضا عليه السلام ببغداد (2) وكان سبب وصوله إليها إشخاص المعتصم له من المدينة ، فقدم بغداد مع زوجته اُمّ الفضل بنت المأمون لليلتين بقيتا من المحرّم سنة عشرين ومائتين (3) ، وتوفى بها في آخر ذي القعدة الحرام ، وقيل : توفي بها يوم الثلاثاء (4) لستّ خلون من ذي الحجّة من السنة المذكورة ، ودُفن في مقابر قريش في ظهر جدّه أبي الحسن موسى الكاظم . 5 ودخلت امرأته اُمّ الفضل إلى قصر المعتصم فجعلت مع الحرم وكان له من العمر خمس وعشرون سنة وأشهر 6 . وكانت مدّة إمامته
.
ص: 1058
سبعة عشر سنة 1 ، أوّلها في بقية ملك المأمون ، وآخرها في ملك المعتصم . ويقال : إنّه مات مسموما 2 .
.
ص: 1059
وخلّف من الولد : عليّا (1) الإمام ، وموسى 2 ، وفاطمة واُمامة ابنين وابنتين (2) . تغمّدهم اللّه برحمته وأسكنهم فسيح جنّاته .
.
ص: 1060
. .
ص: 1061
الفصل العاشر : في ذكر أبي الحسن عليّ المعروف بالعسكري عليه السلام وهو الإمام العاشر 1 وتاريخ ولادته ومدّة إمامته ومبلغ عمره وحين وفاته وعدد أولاده وذكر نسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال صاحب الإرشاد : كان الإمامُ بعد أبي جعفر ابنه أبا الحسن عليّ بن محمّد
.
ص: 1062
لاجتماع خصال الإمامة فيه ولتكامل فَضلهِ وعِلمه وأنّه لاوارثَ لمقام أبيه سواه ولثبوت النصّ عليه بالإمامة والأشارة إليه من أبيه [بالخلافة] (1) . وعن إسماعيل بن مهران قال : لمّا خرج أبو جعفر محمّد الجواد من المدينة إلى بغداد يطلبه المعتصم قلت له عند خروجه : جعلت فداك إنّي أخاف عليك من هذا الوجه فإلى مَن الأمر بعدك؟ (2) فبكى حتّى اخضلّت (3) لحيته ، ثمّ التفت إليَّ فقال : عند هذه يخاف عليَّ الأمر من بعدي إلى ابني (4) عليّ (5) .
.
ص: 1063
قال ابن الخشّاب في كتابه مواليد اهل البيت عليهم السلام: ولد أبو الحسن عليّ العسكري في رجب سنة اثنتي عشرة ومائتين من الهجرة 1 . وأمّا نسبه : أبا واُمّا فهو عليّ الهادي ابن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّبن أبي طالب عليهم السلام (1) . وأمّا اُمه فاُمّ ولد يقال لها سمانة المغربية ، وقيل غير ذلك 3 .
.
ص: 1064
وأمّا كنيته : فأبو الحسن لاغير (1) و أمّا ألقابه : فالهادي ، والمتوكّل ، والناصح ، والمتقي ، والمرتضى ، والفقيه ، والأمين ، والطيّب ، وأشهرها الهادي والمتوكّل ، وكان يأمر أصحابه أن يعرضوا عن تلقيبه بالمتوكّل لكونه يومئذٍ لقبا للخليفة جعفر المتوكّل ابن المعتصم 2 . صفته : أسمر اللون (2) . شاعره : العوفي (3) والديلمي . (4) بابه (5) : عثمان بن سعيد 7 .
.
ص: 1065
نقش خاتمه : اللّه ربّي وهو عصمتي من خلقه (1) . معاصره : الواثق (2) ، ثمّ المتوكّل (3) أخوه ، ثمّ ابنه المنتصر (4) ، ثمّ المستعين (5) ابن أخي المتوكّل . وأمّا مناقبه : فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : فمنها ماحلّ في الآذان محلّ جلالها باتصافها واكتناف اللآلي اليتيمة (6) بأصدافها وشهد لأبي الحسن عليّ الرابع (7) . أنّ نفسه موصوفة بنفائس أوصافها وأنه نازل في الدوحة (8) النبوية في دار
.
ص: 1066
أشرافها وشرفات أغرافها (1) . فمن ذلك : أنّ أبا الحسن كان قد خرج يوما من سرّ من رأى إلى قرية له لمهمّ عرض له ، فجاء رجل من بعض الأعراب يطلبه في داره فلم يجده ، فقيل (2) له انّه [قد ]ذهب إلى الموضع الفلاني ، فقصده إلى موضعه ، فلمّا وصل إليه قال له : ما حاجتك؟ فقال له : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسّكين بولاية (3) جدّك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد ركبني دَينٌ فادحٌ اثقلني حمله (4) ولم أرَ من أقصده لقضائه سواك ، فقال له أبو الحسن : كم دَينك؟ فقال : نحو العشرة آلاف درهم ، فقال : طب نفسا وقرّ عينا يقضى دَينك إن شاء اللّه تعالى . ثمّ أنزله فلمّا أصبح قال له : يا أخا العرب اُريد منك حاجة لاتخالفني (5) فيها ، واللّه اللّه فيما آمرك به وحاجتك تقضى إن شاء اللّه تعالى ، فقال الأعرابي : لا اُخالفك في شيء ممّا تأمرني به . فأخذ أبو الحسن ورقة وكتب فيها بخطّه دَينا عليه للأعرابي بالمذكور وقال خذ هذا الخطّ معك فإذا وصلت (6) سرَّ من رأى فتراني أجلس مجلسا عامّا فإذا حضر الناس أو احتفل المجلس فتعال إليَّ بالخطّ وطالبني واغلظ عليَّ في القول في ترك ايفائك إيّاه (7) . واللّه اللّه في مخالفتي (8) في شيءٍ ممّا اُوصيك به . فلمّا وصل أبو الحسن إلى سرّ من رأى جلس مجلسا عامّا وحضر عنده جماعة
.
ص: 1067
من وجوه الناس وأصحاب الخليفة المتوكّل وأعيان البلد وغيرهم ، فجاء ذلك الأعرابي وأخرج الخطّ وطالبه بالمبلغ المذكور وأغلظ عليه في الكلام ، فجعل أبو الحسن يعتذر إليه ويطيب نفسه بالقول ويعده بالخلاص عن قريب وكذلك الحاضرون وطلب منه المهلة ثلاثة أيّام . فلمّا انفكّ المجلس نقل ذلك الكلام إلى الخليفة المتوكّل فأمر لأبي الحسن على الفور بثلاثين ألف درهم ، فلمّا حملت إليه تركها إلى أن جاء الأعرابي فقال له : خذ هذا المال واقضِ (1) منه دَينك واستعن بالباقي على وقتك والقيام على عائلتك ، فقال الأعرابي : يابن رسول اللّه ، واللّه إنّ في العشرة آلاف بلوغ مطلبي ونهاية أربي وكفاية أملي كان يقصر عن ثلث هذا (2) . فقال أبو الحسن : واللّه لتأخذنّ ذلك جميعه وهو رزقك الّذي ساقه اللّه إليك ، ولو كان أكثر من ذلك مانقصناه . فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم وانصرف وهو يقول : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته (3) . وعن الوشّاء عن خيران الأسباطي (4) قال : قدمت على أبي الحسن عليّ بن محمّد بالمدينة الشريفة النبوية من العراق فقال لي : ما خبر الواثق عندك؟ قلت : [جعلت فداك ]خلّفته في عافية وأنا مِن أقرب الناس عهدا به وهذا مقدمي من عنده وتركته صحيحا سويّا ، قال : إنّ أهل المدينة (5) يقولون إنّه قد مات [فقلت : أنا أقرب
.
ص: 1068
الناس به عهدا . قال : فقال لي : إنّ الناس يقولون : إنّه مات] (1) فلمّا قال لي انّ الناس يقولون علمت أنه يعني نفسه فسكتّ ، فقال لي : ما فعل ابن الزيّات؟ قلت : الناس معه والأمر أمره ، فقال أمّا إنّه شُؤمٌ عليه ، ثمّ قال : لابدّ أن تجري مقادير اللّه وأحكامه يا خيران (2) مات الواثق [و]قد قعد جعفر المتوكّل وقّتل ابن الزيّات ، فقلت : متى جعلت فداك؟! فقال : بعد خروجك بستة أيّام . فما كان إلاّ أيّام قلائل حتّى وصل قصّاد المتوكّل إلى المدينة فكان كما قال عليه السلام (3) . وحكي أنّ سبب شخوص أبي الحسن عليّ بن محمّد من المدينة إلى سُرّ مَن رأى 4 أنّ عبد اللّه بن محمّد (4) كان ينوب عن الخليفة المتوكّل الحرب والصلاة بالمدينة الشريفة فسعى بأبي الحسن إلى المتوكّل وكان يقصده بالأذى ، فبلغ أبو الحسن سعايته [به] فكتب إلى المتوكّل يَذكُرُ تحامل عبد اللّه بن محمّد [ويكذّبه فيما سعى ]عليه وقصده له بالأذى ، فتقدّم المتوكّل بالكتابة إليه وأجابه عن كتابه وجعل
.
ص: 1069
يعتذر إليه فيه ويلين له القول ، ودعاه فيه إلى الحضور إليه على جميلٍ من القول والفعل ، وكانت صورة الكتاب الّذي كتبه إليه المتوكّل : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، إنّ أمير المؤمنين عارف بقدرك راعٍ لقرابتك موجب لحقّك مؤثر من الاُمور فيك وفي أهل بيتك لما فيه إصلاح حالك وحالهم ويثبت عزّك وعزّهم وإدخال الأمن (1) عليك وعليهم يبتغي ذلك رضاء ربّه (2) وأداء ما افترضه عليه فيك وفيهم ، وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد اللّه بن محمّد عمّا كان يتولاّه من الحرب والصلاة بمدينة الرسول صلى الله عليه و آله إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقّك واستخفافه بقدرك وعند ما قَرَفَكَ به (3) ونسبك إليه من الأمر وما رماك به وعزاك إليه من الأمر الّذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه ولمّا تبيّن له من صدق نيتك وحسن طويتك وسلامة صدرك وأنك لم تؤهّل نفسك بشيءٍ ممّا ذكره عنك وقد ولّي أمير المؤمنين ممّا كان يليه عبد اللّه بن محمّد من الحرب والصلاة بمدينة الرسول صلى الله عليه و آلهلمحمّد بن فضل ، وأمره بإكرامك واحترامك وتوقيرك وتبجيلك (4) والانتهاء إلى أمرك ورأيك وعدم مخالفتك والتقرّب إلى اللّه تعالى وإلى أمير المؤمنين بذلك وأمير المؤمنين مشتاق إليك ويحبّ إحداث العهد بقربك واليمن (5) بالنظر إلى ميمون طلعتك المباركة فان نشطت لزيارته والمُقام قِبَلَه وفي جهته ما أحببت احضرت أنت ومن اخترته من أهل بيتك ومواليك وحشمك وخدمك على مهلة وطمأنينة ، ترحل إذا شئت وتسير كيف شئت ، وإن أحببت وحسن رأيك أن يكون
.
ص: 1070
يحيى بن هرثمة 1 بن أعين مولى أمير المؤمنين في خدمتك ومَن معه من الجند يرحلون لرحيلك وينزلون لنزولك فالأمر إليك في ذلك ، وقد كتبت إليه في طاعتك وجميع ما تحبّ ، فاستخر اللّه تعالى ، فما أحد عند أمير المؤمنين من أهل بيته وولده وخاصّته ألطف منزلةً ولا أحمد أثرةً ولاهو انظر إليهم أبرَّ بهم وأشفق عليهم وأسكن إليهم منك إليه ، والسّلام عليك ورحمة اللّه وبركاته . وكتب (1) إبراهيم بن العباس في شهر كذا سنة ثلاث وأربعين ومائتين من الهجرة (2) . فلمّا وصل الكتاب إلى أبي الحسن عليه السلام تجهّز للرحيل وخرج معه يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومَن معه من الجند حافّين به إلى أن وصل إلى سرّ من رأى ، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل بأن يُحْجب عنه [في يومه] فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك وأقام فيه يومه . ثمّ إنّ المتوكّل أفرد له دارا حسنةً وأنزله أيّاما ، فأقام أبو الحسن مدّة مقامه بسرّ من رأى مكرّما معظّما مبجّلاً في ظاهر الحال ، والمتوكّل
.
ص: 1071
يبتغي له الغوائل في باطن الأمر فلم يقدره اللّه تعالى عليه (1) . وعن عليّ بن إبراهيم بن محمّد الطائفي (2) قال : مرض المتوكّل من خُراجٍ (3) خرج بحلقه فأشرف على الهلاك أو لم يجسر (4) أحد أن يمسّه بحديدة ، فنذرت اُمّ المتوكّل لأبي الحسن عليّ بن محمّد إن عُوفي ولدها من هذه العلّة لتعطينّه مالاً جليلاً من مالها ، فقال الفتح بن خاقان (5) للمتوكّل : لو بعثت إلى هذا الرجل _ يعني أبا الحسن _ فسألته فربّما كان على يده فرجٌ لك ، فقال : ابعثوا إليه ، فمضى إليه رسول المتوكّل فقال : خذوا كُسْبَ الغنم (6) وديفوه بماء ورد (7) وضعوه على الخراج (8) ينفتح من ليلته بأهون مايكون ويكون في ذلك شفاؤه إن شاء اللّه تعالى . فلمّا عاد الرسول وأخبرهم بمقالته جعل من بحضرة (9) المتوكّل من خواصّه يهزأ من هذا الكلام ، فقال الفتح : ومايضرّ من تجربة ذلك؟ فإني واللّه لأرجو به الصلاح ، فعملوه ووضعوه على الجراح فانفتح من ليلته وخرج ما كان فيه ، فشفي المتوكّل من
.
ص: 1072
الألم الّذي كان يجده ، فأخذت اُمّ المتوكّل عشرة آلاف دينار من مالها ووضعتها في كيس وختمت عليه وبعثت به إلى أبي الحسن فأخذها . وبعث إليه المتوكّل بفضله كيسا فيه خمسمائة دينار . ثمّ بعد ذلك بمدة طويلة كبيرة سعى شخص يقال له البَطحاني (1) لعنه اللّه بأبي الحسن عليه السلام إلى المتوكّل وقال : عنده أموال وسلاح وعدد ولا آمن خروجه عليك ، فتقدّم المتوكّل إلى سعيد الحاجب بأن يهجم عليه ليلاً داره في جماعة من الرجال والشجعان ويأخذ جميع ما يجده عنده من الأموال والسلاح ويحمله إليه . قال إبراهيم بن محمّد : قال لي سعيد الحاجب 2 : صرت (2) إلى دار أبي الحسن ليلاً بعد أن هجع الناس في جماعة من الرجال الأمجاد ومعي الأعوان بالسلالم (3) ، فصعدنا إلى سطح داره وفتحنا الباب وهجمنا بالشموع والسرج والنيران وفتّشنا الدار جميعا أعلاها وأسفلها موضعا موضعا ومكانا مكانا فلم نجد فيها شيئا ممّا سعي به عليه غيركيسين أحدهما كبير ملآن مختوم والآخر صغير فيه فضلة وسيف واحد في جفير خلق معلّق ، ووجدنا أبا الحسن قائما يصلّي على حصير وعليه جُبَّة
.
ص: 1073
صُوفٍ وقلنسوة ، ولم يرتاع لشيءٍ ممّا نحن فيه ولااكترث . فأخذت الكيسين البدرة والسيف وسرت إلى المتوكّل فدخلت عليه وقلت : هذا الّذي وجدنا من المال والسلاح ، وأخبرته بما فعلت وبما رأيت من أبي الحسن ، فوجد على الكيس الملآن ختم اُمّه فطلبها وسألها عن البدرة (1) فقالت : كنت نذرت في علّتك إن عافاك اللّه منها لأعطينّ أبا الحسن عشرة آلاف دينار من مالي ، فحملتها إليه في هذا الكيس وهذا ختمي عليها ، فأضاف المتوكّل خمسمائة دينار اُخرى إلى الخمسمائة الّتي كانت في الكيس الصغير من قبل وقال لسعيد الحاجب : اردد الكيسين والسيف واعتذر لنا فيه ممّا كان منّا إليه . قال سعيد : فرددت ذلك إليه وقلت له : أمير المؤمنين يعتذر إليك ممّا جرى منه وقد زادك خمسمائة دينار على الخمسمائة دينار الّتي كانت في الكيس من قبل ، وأستحي (2) منك يا سيّدي أن تجعلني أنا الآخر في حلّ فاني عبدٌ مأمور ولا أقدر على مخالفة أمير المؤمنين ، فقال لي : يا سعيد «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَ_لَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» (3)(4) . قال بعض أهل العلم : فضل أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي قد ضرب على المجرة (5) قبابه ، ومدّ على نجوم السماء أطنابه ، فما تعدّ منقبة إلاّ وإليه نحيلها (6) ،
.
ص: 1074
ولاتذكر كريمة إلاّ وله فضيلتها ، ولا تورد محمّدة إلاّ وله تفضيلها وجملتها ، ولاتستعظم حالة سنية إلاّ وتظهر عليه أدلّتها ، استحقّ ذلك بما في جوهر نفسه من كرمٍ تفرّد بخصائصه ومجدٍ حكم فيه على طبعه الكريم بحفظه من الثوب (1) حفظ الراعي لفصائله (2) فكانت نفسه مهذّبة وأخلاقه مستعذبة وسيرته عادلة وخلاله فاضلة ومبارّه (3) إلى العفاة واصلة وربوع (4) المعروف بوجود وجوده عامرة آهلة ، جرى من الوقار والسكون والطمأنينة والعفّة والنزاهة والخمول في النباهة على وتيرة نبوية وشنشنة علوية ونفس زكية وهمّة علية لايُقاس بها (5) أحد من الأنام ولايدانيها ، وطريقة حسنة لايشاركه فيها خلق ولايطمع فيها . قبض أبو الحسن عليّ الهادي عليه السلام المعروف بالعسكري ابن محمّد الجواد بسرّ من رأى في يوم الاثنين الخامس والعشرين من جُمادَى الآخر سنة أربع وخمسين ومائتين 6 ، ودُفن في داره بسرّ من رأى وله يومئذ من العمر أربعون سنة [وأشهر ]
.
ص: 1075
وكان المتوكّل قد أشخصه من المدينة النبوية إلى سرّ من رأى مع يحيى بن هرثمة بن أعين في سنة ثلاث وأربعين ومائتين (1) كما قدّمنا فأقام بها حتّى مضى لسبيله إحدى عشر سنة ، وكانت مدّة إمامته ثلاث وثلاثين سنة ، كانت أوائل إمامته في بقية ملك المعتصم ، ثمّ ملك الواثق خمس سنين وتسعة (2) أشهر ، ثمّ ملك المتوكّل أربعة عشر سنة ، ثمّ ملك ابنه المنتصر ستة أشهر ، ثمّ ملك المستعين ابن أخي المتوكّل ولم يكن أبوه خليفة سنتان (3) وتسعة أشهر ، ثمّ ملك المعتزّ وهو الزبير ابن المتوكّل ثماني سنين وستة أشهر . استشهد في آخر ملكه أبو الحسن لأنه يقال
.
ص: 1076
إنه مات مسموما ، واللّه أعلم (1) . خلف من الولد : أبا محمّد الحسن ابنه وهو الإمام من بعده (2) ، والحسين (3) ، ومحمّدا (4) ، وجعفرا (5) ، وابنة اسمها عائشة (6) ، سقا اللّه ثراهم شآبيب الرحمة والرضوان وأسكن محبّهم فراديس الجنان .
.
ص: 1077
الفصل الحادي عشر :في ذكر أبي محمّد الحسن الخالص بن عليّ العسكري عليه السلام وهو الإمام الحادي عشر 1 وتاريخ ولادته ووقت وفاته وذكر ولده ونسبه وكنيته ولقبه وغير ذلك ممّا يتّصل بهقال صاحب الإرشاد : [وكان] الإمام القائم بعد أبي الحسن عليّ بن محمّد ابنه
.
ص: 1078
أبو محمّد الحسن لاجتماع خلال الفضل فيه وتقدّمه على كافّة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقضي له الرئاسة (1) من العلم والورع والزهد وكمال العقل [والعصمة والشجاعة والكرم] وكثرة الأعمال المقرّبة إلى اللّه تعالى ، ثمّ لنصّ أبيه عليه وإشارته بالخلافة إليه (2) . قال صاحب الإرشاد رحمه اللّه تعالى أيضا : الإمام المنتصب بعد أبي الحسن ابنه
.
ص: 1079
أبو محمّد الحسن لثبوت النصّ عليه من أبيه . وعن يحيى بن يسار العنبري (1) قال : أوصى أبو الحسن عليّ بن محمّد إلى ابنه أبي محمّد الحسن قبل مضيّه (2) بأربعة أشهر وأشار إليه بالأمر من بعده وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي (3) . ولد أبو محمّد الحسن بالمدينة لثمان خلون من ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومائتين للهجرة (4) . أمّا نسبه أبا واُمّا فهو الحسن الخالص ابن عليّ الهادي ابن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن
.
ص: 1080
عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين (1) . وأمّا اُمّه فاُمّ ولد يقال لها حُديْث (2) وقيل سوسن (3) . وأمّا كنيته : فأبو محمّد (4) . وأمّا لقبه : فالخالص ، والسراج ، والعسكري ، وكان هو وأبوه وجدّه كلّ واحد منهم يعرف في زمانه بابن الرضا 5 .
.
ص: 1081
وصفته : بين السمرة والبياض (1) . شاعره : ابن الرومي (2) . بابه (3) عثمان بن سعيد (4) . نقش خاتمه «سبحان مَن له مقاليد السماوات والأرض» (5) .معاصرة : المعتزّ والمهتدي (6) والمعتمد (7) . وأمّا مناقبه : فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة : كفى أبا محمّد الحسن شرفا أن جعل اللّه تعالى محمّد المهدي من كسبه وأخرجه من صلبه وجعله معدودا من حزبه ، ولم يكن لأبي محمّد ذَكرٌ سواه وحسب ، ذلك منقبته وكفاه ، ولم تطل مدّته أيّام مُقامه ومثواه ولا امتدّت أيّام حياته فيها لتظهر الناظرين مأثره ومزاياه (8) .
.
ص: 1082
وعن أبي الهيثم بن عديّ قال : لمّا أمر المعتزّ بحمل أبي محمّد الحسن إلى الكوفة كتبت إليه : ما هذا الخبر الّذي بلغنا فأقلقنا وغمّنا؟ فكتب : بعد ثلاث يأتيكم الفرَج إن شاء اللّه تعالى . فقُتل المعتزّ في اليوم الثالث 1 . وعن أبي هاشم (1) قال : سمعت أبا محمّد الحسن يقول : إنّ في الجنّة بابا يقال له باب المعروف لايدخله إلاّ أهل المعروف ، فحمدت اللّه في نفسي وفرحت بما أتكلّف به من حوائج الناس ، فنظر إليَّ وقال : يا أبا هاشم [نعم ]فدُم (2) على ما أنت عليه ، فإنّ أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة [وجعلك اللّه منهم يا أبا هاشم ورحمك] (3) .
.
ص: 1083
وعنه أيضا قال : سمعت أبا محمّد الحسن (رض) يقول : بسم اللّه الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من سواد العين إلى بياضها (1) . وعن أبي هاشم قال : سمعت أبي محمّد يقول : من الذنوب الّتي يخشى على الرجل أن لا تغفر له قوله ليتني لم اُوآخذ إلاّ بهذا الذنب ، قلت في نفسي : إنّ هذا لهو النظر دقيق قد ينبغي للرجل أن يتفقّد من نفسه كلّ شيء . قال : فأقبل عليَّ وقال : صدقت يا أبا هاشم (2) . وعن محمّد بن حمزة الدوري (3) قال : كتبت على يدي أبي هاشم داود بن القاسم وكان لي مؤاخيا إلى أبي محمّد الحسن أسأله أن يدعو اللّه لي بالغنى وكنت قد أملقت (4) وقلّت ذات يدي وخفت الفضيحة ، فخرج الجواب على يده : أبشر فقد أتاك الغنى غنى اللّه تعالى ، مات ابن عمّك يحيى بن حمزة وخلّف مائة ألف درهم ولم يترك وارثا سواك وهي واردة عليك [فاشكراللّه ] وعليك بالاقتصاد وإيّاك والإسراف فإنّه من فعل الشيطان . فورد عليَّ المال والخبر بموت ابن عمّي كما قال عن أيّام قلائل ، وزال عنّي الفقر ، فأدّيت حقّ اللّه تعالى وبررت إخواني وتماسكت بعد ذلك وكنت مبذرا (5) . وعن إسماعيل بن محمّد بن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن عبداللّه بن العباس قال : قَعَدْتُ لأبي محمّد الحسن على ظهر الطريق (6) فلمّا مرَّ قمت في وجهه شكوت
.
ص: 1084
إليه الحاجة والضرورة وحلفت له ليس عندي درهم (1) . فما فوقه ، فقال : تحلف باللّه كاذبا (2) وقد دفنت مائتي دينار وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية ، اعطه يا غلام ما معك ، فأعطاني غلامه (3) مائة دينار فشكرت له وولّيت ، فقال : ما أخوفني أن تفقد المائتي دينار أحوج ما تكون إليها ، فذهبت إليها فافتقدتها فإذا هي في مكانها فنقلتها إلى موضعٍ آخر ودفنتها من حيث لايطّلع عليها أحد ، ثمّ قعدت مدّة طويلة فاضطررت إليها فجئت أطلبها من (4) مكانها فلم أجدها فجننت وشقّ ذلك عليَّ ، فوجدت ابنا لي قد عرف موضعها (5) وأخذها وأبعدها ولم يحصل لي شيء ، فكان كما قال (6) . وحدّث أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري قال : كنت في الحبس [المعروف بحبس صالح بن وصيف الأحمر ]الّذي بالجوشق أنا والحسن بن محمّد العقيقي (7)(8) ومحمّد بن إبراهيم العمري وفلان وفلان خمسة ستة من الشيعة إذ ورد (9) علينا
.
ص: 1085
أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام وأخوه جعفر فحففنا بأبي محمّد (1) وكان المتولّى لحبسه صالح بن الوصيف الحاجب وكان معنا في الحبس رجل جمحي [يقال : إنّه علوي] قال : فالتفت إلينا أبو محمّد وقال لنا سرا : لولا أنّ فيكم مَن ليس منكم لأعلمتكم متى يفرّج عنكم (2) ، وترى هذا الرجل فيكم قد كتب فيكم قصّته إلى الخليفة يخبره فيها بما تقولون فيه وهي مدسوسة معه في ثيابه يريد أن يوسع الحيلة في إيصالها إلى الخليفة من حيث لا تعلمون فاحذروا شرّه . قال أبو هاشم : فما تمالكنا أن تحاملنا جميعا على الرجل ففتّشناه فوجدنا القصّة مدسوسة معه بين ثيابه وهو يذكرنا فيها بكلّ سوء ، فأخذناها منه وحذّرناه (3) . وكان الحسن يصوم في السجن فإذا افطر أكلنا معه من طعامه وكان يحمله إليه غلامه في جونة مختومة . قال أبو هاشم : فكنت أصوم معه ، فلمّا كان ذات يوم ضعفتُ من الصوم فأمرت غلامي فجاءني بكعك فذهبت إلى مكان خالي في الحبس فأكلت وشربت ثمّ عدت إلى مجلسي مع الجماعة ولم يشعر بي أحد ، فلمّا رآني تبسّم وقال : أفطرت؟ فخجلت ، فقال : لا عليك يا أبا هاشم إذا رأيت انّك قد ضعفت وأردت القوّة فكل اللحم فإنّ الكعك لاقوّة فيه ، وقال : عزمت عليك أن تفطر ثلاثا فإنّ البنية إذا أنهكها الصوم لاتتقوّى إلاّ بعد ثلاث (4) . قال أبو هاشم : ثمّ لم تطل مدّة أبي محمّد الحسن في الحبس إلاّ أن قحط الناس بسرّ من رأى قحطا شديدا ، فأمر الخليفة المعتمد على اللّه ابن المتوكّل بخروج الناس إلى الاستسقاء ، فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون ويدعون فلم يُسقوا ، فخرج
.
ص: 1086
الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء وخرج معه النصارى والرهبان وكان فيهم راهب كلّما مدّ يده إلى السماء ورفعها هطلت بالمطر . ثمّ خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم أوّل يوم فهطلت السماء بالمطر وسُقوا سقيا شديدا حتّى استعفوا ، فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشكّ وصفا بعضهم إلى دين النصرانية ، فشقّ ذلك على الخليفة فأنفذ إلى صالح بن وصيف أن أخرج أبا محمّد الحسن بن عليّ من السجن وائتني به . فلمّا حضر أبو محمّد الحسن عليه السلام عند الخليفة قال له : أدرك اُمّة جدّك محمّد صلى الله عليه و آلهفيما لحق بعضهم في هذه النازلة ، فقال أبو محمّد : دعهم يخرجون غدا اليوم الثالث ، قال : قد استعفى الناس من المطر واستكفوا فما فائدة خروجهم؟ قال : لاُزيل الشكّ عن الناس وما وقعوا فيه من هذه الورطة الّتى أفسدوا فيها عقولاً ضعيفة . فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضا في اليوم الثالث على جاري عادتهم وأن يخرجوا الناس ، فخرج النصارى وخرج لهم أبو محمّد الحسن ومعه خلق كثير فوقف النصارى على جاري عادتهم يستسقون إلاّ أنّ ذلك الراهب مدّ يديه رافعا لهما إلى السماء ورفعت النصارى والرهبان أيديهم على جاري عادتهم فغيّمت السماء في الوقت ونزل المطر . فأمر أبو محمّد الحسن القبض على يد الراهب وأخذ ما فيها فإذا بين أصابعه (1) عظم آدمي ، فأخذه أبو محمّد الحسن ولفّه في خرقة وقال : استسق ، فانكشف السحاب وانقشع الغيم وطلعت الشمس ، فعجب الناس من ذلك وقال الخليفة : ما هذا يا أبا محمّد؟ فقال : عظم نبيّ من أنبياء اللّه عزّوجلّ ظفر به هؤلاء من بعض قبور (2) الأنبياء ، وما كشف نبيّ عن عظم تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر . واستحسنوا (3) ذلك فامتحنوه فوجدوه كما قال .
.
ص: 1087
فرجع أبو محمّد الحسن إلى داره بسرّ من رأى وقد أزال عن الناس هذه الشبهة ، وقد سرّ الخليفة والمسلمون ذلك ، وكلّم أبو محمّد الحسن الخليفة في إخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن فأخرجهم وأطلقهم له ، وأقام أبو محمّد الحسن بسرّ من رأى بمنزله بها معظّما مكرّما مبجّلاً ، وصارت صِلات الخليفة وأنعامه تصل إليه في منزله إلى أن قضي تغمّده اللّه برحمته (1) . وعن عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عيسى بن الفتح قال : لمّا دخل علينا أبو محمّد الحسن السجن قال لي : يا عيسى لك من العمر خمس وستون سنة وشهر ويومان . قال : وكان معي كتاب [دعاء] فيه تاريخ ولادتي فنظرت فيه فكان كما قال . ثمّ قال لي : هل اُرزقت ولدا؟ فقلت : لا ، قال : اللّهمّ ارزقه ولدا يكون له عضدا فنِعمَ العضد الولد ثمّ أنشد : من كان ذا عضد يدرك ظلامتهإنّ الذليل الّذي ليست له عضد فقلت له : يا سيّدي وأنت لك ولد؟ فقال : واللّه سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا وعدلاً ، وأمّا الآن فلا ، ثمّ أنشد متمثّلاً : لعلّك يوما أن تراني كأنّمابني حوالي الاُسود اللوابد فإنّ تميما قبل أن يلد العصاأقام زمانا وهو في الناس واحد وعن الحسن بن محمّد الأشعري عن أحمد بن عبيداللّه (2) بن خاقان قال : لقد ورد على الخليفة المعتمد على اللّه أحمد بن المتوكّل في وقت وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري ما تعجّبنا منه ولاظنّنا أنّ مثله يكون من مثله ، وذلك أنه لمّا اعتلّ أبو محمّد ركب خمسة من دار الخليفة من خدّام أمير المؤمنين وثقاته
.
ص: 1088
وخاصّته ، كلّ منهم نحرير فقه ، وأمرهم بلزوم دار أبي الحسن وتعرّف خبره وحاله ومشاركتهم له بحاله وجميع ما يحدث له في مرضه ، وبعث إليه من خدّام المتطبّبين وأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده (1) صباحا ومساءً . فلمّا كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثا أخبروا الخليفة بأنّ قوّته قد سقطت وحركته قد ضعفت ، وبعيد أن يجيء منه شيء فأمر المتطبّبين بملازمته وبعث الخليفة إلى القاضي ابن بختيار ان يختار عشرة ممّن يثق بهم وبدينهم وأمانتهم يأمرهم إلى دار أبي محمّد الحسن وبملازمته ليلاً ونهارا ، فلم يزالوا هناك إلى أن توفّي بعد أيام قلائل (2) . ولمّا رُفع خبر وفاته ارتجّت سرّ من رأى وقامت ضجّة واحدة [مات ابن الرضا] وعُطّلت الأسواق وغُلقت أبواب الدكاكين ، وركب بنو هاشم والكتّاب والقوّاد والقضاة والمعدلون وسائر الناس إلى أن حضروا إلى جنازته ، فكانت سرّ من رأى في ذلك شبيها بالقيامة (3) . فلمّا فرغوا من تجهيزه وتهيئته بعث السلطان (4) إلى [أبي ]عيسى ابن المتوكّل أخيه [فأمره] بالصلاة عليه ، فلمّا وُضعت الجنازة للصلاة دنا [أبو] عيسى منها (5)
.
ص: 1089
وكشف عن وجهه وعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية وعلى القضاة والكتّاب والمعدلين فقال : هذا أبو محمّد العسكري مات حتف أنفه على فراشه ، وحضره من خدّام أمير المؤمنين فلان وفلان . ثمّ غطّى وجهه وصلّى عليه وكبّر عليه خمسا وأمر بحمله ودفنه 1 . وكانت وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ بسرّ من رأى في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومائتين للهجرة 2 ، ودُفن في البيت الّذي دُفن
.
ص: 1090
فيه أبوه بدارهما من سرّ من رأى وله يومئذ من العمر ثمان وعشرون سنة (1) . وكانت مدّة إمامته ست سنين 2 كانت في بقية ملك المعتزّ ابن المتوكّل ، ثمّ ملك المهتدي ابن
.
ص: 1091
الواثق أحد عشرا شهرا ، ثمّ ملك المعتمد على اللّه أحمد ابن المتوكّل ثلاث وعشرين سنة مات في أوائل دولته (1) . خلّف أبو محمّد الحسن من الولد ابنه الحجّة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وشدّة طلب (2) السلطان وتطلّبه للشيعة
.
ص: 1092
وحبسهم والقبض عليهم 1 ، وتولّى جعفر بن عليّ أخوه (1) وأخذ تركته واستولى عليها وسعى في حبس جواري أبي محمّد (2) وشنع على أصحابه عند السلطان ، وذلك لكونه أراد القيام عليهم مقام أخيه فلم يقبلوه لعدم أهليّته لذلك ولا
.
ص: 1093
ارتضوه ، وبذل جعفر على ذلك مالاً جليلاً لوليّ الأمر فلم يتّفق له ولم يجتمع عليه اثنان (1) . ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموما (2) وكذلك أبوه وجدّه وجميع الأئمّة الذين من قبلهم ، خرجوا كلّهم تغمّدهم اللّه برحمته من الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك ممّا روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : مامنّا إلاّ مقتولٌ أو شهيد (3) . مناقب سيّدنا أبي محمّد الحسن العسكري دالّة على أنّه السري (4) ابن السري ، فلايشكّ في إمامته أحد ولايمتري ، واعلم إن بيعت (5) مكرمة فسواه بايعها وهو المشتري ، واحد زمانه من غير مدافع ، ويسبح (6) وحده من غير منازع ، وسيّد أهل عصره ، وإمام أهل دهره ، أقواله سديدة ، وأفعاله حميدة ، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة ، وإن انتظموا عقدا كان مكانه الواسطة الفريدة ، فارس العلوم الّذي لاتجاري، ومبين غوامضها فلا يحاول ولايماري ، كاشف الحقائق بنظره الصائب ، مظهر الدقائق بفكره الثاقب ، المحدّث في سرّه
.
ص: 1094
بالاُمور الخفيّات ، الكريم الأصل والنفس والذات ، تغمّده اللّه برحمته وأسكنه فسيح جنانه بمحمّد صلى الله عليه و آلهآمين (1) .
.
ص: 1095
الفصل الثاني عشر :في ذكر أبي القاسم محمّد عليه السلام الحجّة الخلف الصالح ابن أبي محمّد الحسن الخالص عليه السلام وهو الإمام الثاني عشر 1 وتاريخ ولادته ودلائل إمامته وذكر طرفٍ من أخباره وغَيبته ومدّة قيام دولته وذكر كنيته ونسبه وغير ذلك ممّا يتّصل به رضى الله عنه وأرضاهقال صاحب الإرشاد الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان
.
ص: 1096
رحمه اللّه تعالى : و كان الإمام بعد أبي محمّد الحسن ابنه محمّدا [المسمّى باسم رسول اللّه صلى الله عليه و آله المكنّى بكنيته] ولم يخلّف أبوه ولدا غيره ظاهرا ولاباطنا ، وخلّفه أبوه غائبا مستترا (1) بالمدينة وكان سنّه (2) عند وفاة أبيه خمسَ سنين ،
.
ص: 1097
آتاه اللّه تعالى فيها الحكمة [وفصل الخطاب ، وجعله آيةً للعالمين] كما آتاها يحيى صبيّا وجعله إماما في حال الطفولية [الظاهرة ]كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيّا . وقد سبق النصّ عليه في ملّة الإسلام من نبيّ الهدى (1) عليه الصلاة والسلام ، ثمّ (2) من جدّه [أمير المؤمنين] عليّ بن أبي طالب [ونصّ عليه الأئمّة عليهم السلامواحدا بعد واحد إلى أبيه عليه السلام ، ونصّ أبوه عليه عند ثقاته وخاصّة شيعته ، وكان الخبر بغَيبته ثابتا قبل وجوده ، وبدولته مستفيضا قبل غَيبته] ومن بقية آبائه أهل الشرف والمراتب ، و هو صاحب السيف و القائم بالحقّ المنتظَر [لدولة الإيمان ]كما ورد ذلك في صحيح الخبر ، وله قبل قيامه غَيبتان 3
.
ص: 1098
إحداهما (1) أطول من الاُخرى ، فأمّا الاُولى فهي القُصرى 2 منهما فمنذ وقت مولده (2) إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته ، وأمّا الثانية فهي الّتي بعد الاُولى و في آخرها يقوم بالسيف ، قال اللّه تعالى : «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّ__لِحُونَ» (3) .
وقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لن تنقضي (4) الأيّام والليالي حتّى يبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي يُواطئ اسمه اسمي يملؤها (5) عدلاً وقسطا كما ملئت ظلما وجورا (6) .
.
ص: 1099
. .
ص: 1100
. .
ص: 1101
وعن زرارة قال :سمعت أبا جعفر يقول : الأئمة الاثنا عشر كلّهم من آل محمّد صلى الله عليه و آلهكلّهم محدّث ، عليّ بن أبي طالب وأحد عشر من ولده ، ورسول اللّه وعليّ هما الوالدان صلّى اللّه عليهما (1) .
وروي الحافظ أبو نعيم بسنده مرفوعا إلى عبداللّه بن عمر قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :وروي الحافظ أبو نعيم بسنده مرفوعا إلى عبداللّه بن عمر قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لاتذهب الدنيا حتّى يملك (2) اللّه رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي [واسم أبيه اسم أبي] (3) ، يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا (4) .
.
ص: 1102
وروى ابن الخشّاب في كتابه مواليد أهل البيت يرفعه بسنده إلى عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال :الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري ، وهو صاحب الزمان القائم وهو المهدي (1) .
وأمّا النصّ على إمامته من جهة أبيه فروى محمّد بن عليّ بن بلال قال : قد خرج إليَّ أمر أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري قَبل مضيّه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثمّ خرج إليَّ قبل مضيّه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف بأنه ابنه من بعده (2) . وعن أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي محمّد الحسن بن عليّ : جلالتك تمنعني من مساءلتك فتأذن [لي] أن أسألك؟ فقال : سل ، قلت (3) : يا سيّدي هل لك ولد؟ قال : نعم ، قلت ، فإن حدث حادث فأين أسأل عنه؟ قال بالمدينة (4) . ولد أبو القاسم محمّد ابن الحجّة ابن الحسن الخالص بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة (5) .
.
ص: 1103
وأمّا نسبه أبا واُمّا فهو أبو القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص ابن عليّ الهادي ابن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين (1) . وأمّا اُمّه فاُمّ ولد يقال لها نرجس (2) خير أمة (3) ، وقيل : اسمها غير ذلك 4 .
.
ص: 1104
وأمّا كنيته فأبو القاسم 1 . وأمّا لقبه فالحجّة ، والمهدي ، والخلف الصالح ، والقائم المنتظَر ، وصاحب الزمان ، وأشهرها المهدي 2 .
.
ص: 1105
صفته عليه السلام : شابٌّ مرفوع القامة حسن الوجه والشعر ، يسيل شعره على منكبيه ، أقنى الأنف أجلى الجبهة 1 .
.
ص: 1106
بابه (1) : محمّد بن عثمان 2 . معاصره : المعتمد (2) . قيل : إنّه غاب في السرداب (3) والحرس عليه وكان ذلك سنة ستّ وسبعين ومائتين للهجرة (4) .
.
ص: 1107
وهذا طرفٌ يسير ممّا جاء في النصوص الدالّة على الإمام الثاني عشر من (1) الأئمّة الثقات ، والروايات في ذلك كثيرة أضربنا عن ذكرها وقد دوّنها أصحاب الحديث في كتبهم واعتنوا بجمعها ولم يتركوا شيئا . وممّن اعتنى بذلك وجمعه إلى الشرح والتفصيل الشيخ الإمام جمال الدين أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم الشهير بالنعماني (2) في كتابه الّذي صنّفه أثناء (3) الغَيبة في طول الغَيبة (4) . وجمع الحافظ أبو نعيم أربعين حديثا في أمر المهدي خاصّة (5) . وصنّف الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في ذلك كتابا سمّاه البيان في أخبار صاحب الزمان (6) . وروى الشيخ أبو عبداللّه الكنجي المذكور في كتابه هذا بإسناده عن زرّ بن عبداللّه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لاتذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي . أخرجه أبو داود (7) .
وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنه قال :لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم
.
ص: 1108
لبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جورا . هكذا أخرجه أبو داود في مسنده (1) .
وروى أبو داود والترمذي في سننهما كلّ واحد منهما يرفعه إلى أبي سعيد الخدري (رض) قال :سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يقول : المهدي منّي أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما . وزاد أبو داود : يملك سبع سنين . و قال : حديث ثابت صحيح .
ورواه الطبراني في مجمعه وكذلك غيره من أئمّة الحديث (2) .
وذكر ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس في باب الألف واللام بإسناده عن ابن عبّاس (رض) قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : المهدي طاووس أهل الجنّة (3) .
وبإسناده أيضا عن حذيفة بن اليمان (رض) عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال :المهدي ]من [ولدي وجهه كالقمر الدرّيّ ، اللون (4) منه لون عربي والجسم جسم إسرائيلي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا ، يرضى بخلافته أهل السماء (5) وأهل الأرض والطير
.
ص: 1109
في الجوّ يملك عشرين سنة (1)(2) .
وممّا رواه أبو داود أيضا يرفعه إلى اُمّ سلمه (رض) قالت :سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول : المهدي من عترتي من أولاد (3) فاطمة عليهاالسلام (4) .
ومن ذلك ما رواه القاضي أبو محمّد الحسين بن مسعود البغوي في كتابه المسمّى بشرح السنّة ، وخرّجه مسلم والبخاري في صحيحهما يرفعه كلّ واحد منهما بسنده إلى أبي هريرة قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم (5) ؟! .
ومن ذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما يرفعه كلّ واحد منهما إلى عبداللّه بن مسعود قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يلي (6) فيه رجلاً من اُمّتي ومن أهل بيتي ، يواطئ اسمه إسمي ، يملأ
.
ص: 1110
الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما (1) .
ومن ذلك ما رواه أبو إسحاق أحمد بن محمّد ابن الثعلبي يرفعه بسنده إلى أنس بن مالك قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : نحن ولد عبد المطّلب سادات (2) الجنّة ، أنا وحمزة وجعفر وعليّ والحسن والحسين والمهدي . وأخرجه ابن ماجة في صحيحه (3) .
وعن علقمة بن عبداللّه قال :بينما نحن عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذ أقبل فتية (4) من بني هاشم ، فلمّا رآهم النبيّ صلى الله عليه و آلهاغرورقت عيناه بالدموع وتغيّر لونه . قال قلت : مالك (5) يا رسول اللّه نرى في وجهك شيئا نكرهه (6) ؟ قال صلى الله عليه و آله وسلم : إنّا أهل بيت (7) اختار اللّه لنا الآخرة على الدنيا ، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي تشريدا وتطريدا ، حتّى يأتي قوم من قِبل المشرق ومعهم رايات سود فيسألون الخير فلا يُعطونه فيقاتلون فيُنصرون
.
ص: 1111
فيُعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يدفعوها (1) إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملؤوها (2) جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتينّهم ولو حبوا على الثلج . أخرجه الحافظ أبو نعيم (3) .
وروى الحافظ أبو نعيم أيضا بسنده عن ثوبان قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا رأيتم الرايات السود ]قد جاءت [من خراسان فائتوها ولو حبوا على الثلج ، فإنّ فيها خليفة اللّه المهدي (4) .
وروى الحافظ أبو نعيم أيضا بسنده عن عبداللّه بن عمر قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يخرج المهدي من قرية يقال لها كرعة (5)6 .
.
ص: 1112
وروى الحافظ أبو عبداللّه بن ماجة القزويني في حديثٍ طويل نزول عيسى بن مريم على نبيّنا وآله وعليه السلام عن أبي اُمامة الباهلي قال :خطبنا (1) رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوذكر الدجّال وقال فيه : إنّ المدينة لتنقي خبثها كما ينقي الكير خبث الحديد ، ويُدعى ذلك اليوم يوم الخلاص .
فقالت (2) اُمّ شريك بنت العسكر : يا رسول فأين العرب يومئذٍ؟ قال صلى الله عليه و آله وسلم :هم يومئذٍ قليل وجلّهم في بيت (3) المقدس وإمامهم المهدي ]وهو رجل صالح [قد تقدّم إذ صلّى بهم ، إذ نزل عيسى بن مريم فيرجع ذلك الإمام ينكص عن عيسى القهقرى ليتقدّم عيسى يصلّي بالناس الظهر فيضع عيسى يده بين كتفيه ويقول (4) : تقدّم ]فصلّ فإنّها لك اُقيمت ، فيصلّي بهم إمامهم] . هذا حديث صحيح ثابت وهذا مختصره (5) .
وعن أبي هريرة قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ وهذا حديث حسن متّفق على صحّته من حديث محمّد بن شهاب
.
ص: 1113
الزهري ، ورواه البخاري ومسلم في صحيحيهما (1) .
وعن جابر بن عبداللّه قال :سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : لاتزال طائفة من اُمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة . قال : فينزل عيسى بن مريم على نبيّنا وآله وعليه السلام فيقول [له ]أميرهم : تعال صلّ بنا (2) فيقول ألا إنّ بعضكم على بعض اُمراء تكرمة [من] اللّه لهذه الاُمّة . هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه 3 .
وعن ابن هارون العبدي قال لقيت (3) أبا سعيد الخدري (رض) فقلت له :هل شهدت بدرا؟ قال : نعم ، فقلت : أفلا تحدّثني بما سمعت من رسول اللّه صلى الله عليه و آلهفي عليّ عليه السلام وفضله؟ قال : بلى اُخبرك أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله مرض مرضةً نقه منها ، فدخلت عليه فاطمة عليهاالسلام وأنا جالس عن يمين النبي صلى الله عليه و آلهفلمّا رأت فاطمة ما برسول اللّه صلى الله عليه و آلهمن الضعف خنقتها العبرة حتّى بدت دموعها على خدّها ، فقال لها رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مايبكيك يا فاطمة؟ قالت : أخشى الضيعة يا رسول اللّه ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يا
.
ص: 1114
فاطمة إنّ اللّه تعالى أطلع إلى (1) الأرض إطلاعةً على خلقه فاختار منهم أباك فبعثه نبيّا (2) ، ثمّ أطلع ثانيةً فاختار منهم بعلك فأوحى إلىَّ أن انكحه فاطمة فأنكحته إيّاكِ (3) واتّخذته وصيّا . أما علمت أنكِ بكرامة اللّه تعالى إيّاك زوّجك أغزرهم علما وأكثرهم حلما وأقدمهم سلما (4) ؟ فاستبشرت ، فأراد رسول اللّه صلى الله عليه و آلهأن يزيدها من مزيد الخير الّذي قسمه اللّه تعالى لمحمّد صلى الله عليه و آله . قال : فقال لها : يا فاطمة ولعلي ثمانية أضراس يعنى مناقب : إيمان باللّه ورسوله وحكمته وزوجته وسبطاه الحسن والحسين وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر . يا فاطمة إنّا أهل بيت اُعطينا ستّ (5) خصال لم يعطها أحدٌ من الأوّلين ولايدركها أحدٌ من الآخرين غيرنا ، فنبيّنا خير الأنبياء [وهو أبوك] ، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك [حمزة] ، ومنّا مَن له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر ، ومنّاسبطا هذه الاُمّة وهما ابناك ، ومنّا مهديّ [هذه ]الاُمّة الّذي يصلّي خلفه عيسى بن مريم . ثمّ ضرب على منكب الحسين عليه السلام وقال : من هذا مهديّ هذه الاُمّة . هكذا أخرجه الدار قطني صاحب الجرح والتعديل 6 .
.
ص: 1115
وعن أبي نضرة قال :كنّا عند جابر بن عبداللّه الأنصارى (رض) فقال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يوشك أهل العراق أن لا يجبى (1) إليهم قفيز ولادرهم ، قلنا : من أين [ذاك]؟ قال : من قِبل العجم يمنعون ذلك . ثمّ قال : يوشك أهل الشام أن لايجبى إليهم دينار ولا مدّ ، قلنا : من أين [ذاك]؟ قال : من قِبل الروم . ثمّ سكت هنيئةً ثمّ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يكون في آخر اُمّتي خليفة يحثو المال حثوا لايعدّه عدّا ، قلنا : نراه عمر بن عبدالعزيز؟ قال : لا . وهذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه 2 .
وعن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيكون في آخر الزمان خليفة يقسّم المال ولا يعدّه . هذا لفظ مسلم في صحيحه (2) .
.
ص: 1116
وعن أبي سعيد وجابر بن عبداللّه قالا :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : اُبشّركم بالمهدي [يبعث في اُمّتي على اختلافٍ من الناس وزلزال] يملأ (1) الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت جورا وظلما ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسّم المال صحاحا ، فقال له رجل : ما معنى صحاحا؟ قال : بالسوية بين الناس . وقال : يملأ اللّه قلوب اُمّة محمّد صلى الله عليه و آلهغنى ويسعهم عدله حتّى يأمر مناديا فينادي فيقول : مَن له في المال حاجة فليقم ، فما يقوم من الناس إلاّ رجل واحد فيقول : أنا ، فيقول له : ائت السدان _ يعني الخازن _ فقل [له] : إنّ المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً ، فيقول له ، احث ، فيحثو له في ثوبه حثوا ، حتّى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم (2) ويقول : كنت أجشع اُمّة محمّد نفسا أو أعجز عنّي ما عما وسعهم ، فيردّه إلى الخازن فلا يقبل منه فيقول : إنّا لا نأخذ شيئا ممّا أعطيناه ، فيكون المهدي كذلك سبع سنين أو ثمان أو تسع ، ثمّ لاخير في العيش بعده ، أو قال : لا خير في الحياة بعده . وهذا حديث حسن ثابت أخرجه شيخ أهل الحديث أحمد بن حنبل في مسنده (3) .
وعن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له المهدي عطاؤه هنيئا ، أخرجه الحافظ أبو نعيم في الردّ على من زعم أنّ المهدي هو المسيح (4) .
.
ص: 1117
وعن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال :قلت : يا رسول اللّه أمنّا آل محمّد المهدي أم من غيرنا؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا ، بل منّا يختم اللّه به الدين كما فتح بنا ، وبه (1) ينقذون من الفتن (2) كما اُنقذوا من الشرك ، وبنا يؤلّف اللّه بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألّف اللّه قلوبهم بعد عداوة الشرك ، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا في دينهم . وهذا حديثٌ حسَنٌ عالٍ رواه الحفّاظ في كتبهم ، وأمّا الطبراني فقد ذكره في المعجم الأوسط ، وأمّا أبو نعيم فرواه في حلية الأولياء ، وأمّا عبدالرحمن بن حمّاد فقد ساقه في عواليه (3) .
وعن عبداللّه بن عمر أنه قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها ملَك ينادي : هذا خليفة اللّه المهدي فاتّبعوه . روته الحفّاظ كأبي نعيم والطبراني وغيرهما (4) .
وعن أبي اُمامة الباهلي قال :قال رسول صلى الله عليه و آله : بينكم وبين الروم أربع سنين (5) تؤمّ
.
ص: 1118
الرابعة على يد رجل من آل (1) هرقل تدوم سبع سنين ، فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستور (2) بن غيلان : يا رسول اللّه مَن إمام الناس يومئذٍ؟ قال صلى الله عليه و آله : المهدي من ولدي ابن أربعين سنة كأنّ وجهه كوكب درّيّ ، في خدّه الأيمن خال أسود وعليه عبايتان قطوانيّتان 3 كأنّه من رجال بني إسرائيل [يملك عشرين سنة ]يستخرج الكنوز ويفتح مدين الشرك 4 .
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و آله قال:لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي يفتح القسطنطينيه وجبل الديلم ، ولو لم يبق إلاّ يوم لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يفتحها. هذا سياق الحافظ أبي (3) نعيم وقال : هذا هو المهدي بلا شكّ وفقا بين الروايات (4) .
وعن جابر بن عبداللّه قال :قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : سيكون بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء اُمراء ومن بعد الاُمراء ملوك جبابرة ، ثمّ يخرج رجل (5) من أهل بيتي يملأ
.
ص: 1119
الأرض عدلاً كما ملئت جورا . هكذا ذكره الحافظ أبو نعيم في فوائده والطبراني في معجمه الكبير (1) .
وعن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله تتنعّم اُمّتي في زمن المهدي عليه السلام نعيما لم ينعموا مثله (2) قطّ يرسل السماء عليهم مدرارا ، ولا تدع (3) الأرض شيئا من نباتها إلاّ أخرجته . رواه الطبراني في معجمه الكبير (4) . قال الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن يوسف ابن الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان عجل اللّه فرجه الشريف : في (5) الدلالة على كون المهدي عليه السلام حيّا باقيا منذ غَيبته وإلى الآن ، وانّه لاامتناع في بقائه بدليل (6) عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء اللّه تعالى ، وبقاء الأعور الدجّال وإبليس الملعونين (7) من أعداء اللّه ، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة ، وقد اتّفقوا عليه ثمّ أنكروا جواز بقاء المهدي ، وها أنا اُبيّن بقاء كلّ واحد منهم ، فلا يسمع بعد هذا لعاقل إنكار
.
ص: 1120
جواز بقاء المهدي عليه السلام . وإنما أنكروا بقاءه من وجهين : أحدهما طول الزمان ، والثاني أنّه في سرداب من غير أن يقوم أحد بطعامه وشرابه ، وهذا يمتنع عادةً . قال مؤلّف الكتاب محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي : بعون اللّه نبتدي وإيّاه نستكفي وما توفيقي إلاّ باللّه جلّ جلاله . أمّا عيسى عليه السلام فالدليل على بقائه قوله تعالى «وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَ_بِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ» (1) ولم يؤمن به مُذ (2) نزول هذه الآيه وإلى يومنا هذا أحد ، فلابدّ أن يكون ذلك (3) في آخر الزمان . وأمّا السنّة فما رواه مسلم في صحيحه عن زهير بن حرب بإسناده عن النواس بن سمعان في حديث طويل في قصّة الدجّال قال : فينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء [شرقي دمشق ]بين مهرودتين (4) ، واضعا كفّيه على أجنحة ملَكين (5) . وأيضا ما تقدّم من قوله صلى الله عليه و آله وسلم : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم (6) . وأمّا الخضر وإلياس فقد قال ابن جرير الطبري : الخضر وإلياس باقيان يسيران في الأرض (7) .
.
ص: 1121
وأيضا مارواه في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال : حدّثنا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحديثا طويلاً عن الدجّال 1 فكان (1) فيما حدثنا أنّه قال : يأتي وهو مُحرّم عليه أن يدخل نقاب (2) المدينة فينتهي إلى بعض السباخ الّتي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذٍ رجل هو خير الناس _ أو من خير الناس _ [فيقول له : أشهد أنك الدجّال الّذي حدّثنا رسول اللّه صلى الله عليه و آلهحديثه ]فيقول الدجّال [أرأيتم] إن قتلتُ هذا ثمّ أحييته أتشكّون في الأمر؟ فيقولون : لا . قال : فيقتله ثمّ يحييه فيقول حين يحييه : واللّه ما كنت فيك قطّ أشدّ بصيرة من (3) الآن . قال : فيريد الدجّال أن يقتله [ثانيا ]
.
ص: 1122
فلا (1) يسلّط عليه . قال (2) إبراهيم بن سعد : يقال إنّ هذا الرجل هو الخضر ، هذا لفظ مسلم في صحيحه (3) كما سقناه سواء (4) وأمّا الدليل على بقاء ابليس اللعين فآي الكتاب العزيز وهو قوله تعالى «قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»5 . وأمّا بقاءالمهدي فقد جاء في الكتاب والسنّة . أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» (5) قال: هو المهدي من ولد فاطمة عليهاالسلام . وأمّا من قال فإنه عيسى فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للمهدي على ما تقدّم ، وقد قال مقاتل بن سليمان ومن شايعه (6) من المفسّرين في تفسير قوله تعالى «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ» (7) قال : هو المهدي عليه السلام يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأماراتها (8) انتهى (9) واللّه تعالى أعلم بذلك .
.
ص: 1123
ص: 1124
الحَسني 1 ،
.
ص: 1125
واختلاف بني العباس في الملك [الدنياوي] 1 ، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان (1) ، وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات وعلى خلاف حساب أهل النجوم ومن أنّ خسوف القمر لا يكون إلاّ في الثالث عشر أو الرابع عشر والخامس عشر لاغير وذلك عند تقابل الشمس والقمر على هيئة مخصوصة،وأنّ كسوف الشمس لايكون إلاّ في السابع والعشرين من الشهر أو الثامن والعشرين والتاسع والعشرين وذلك عند اقترانهما على هيئة مخصوصة ، ومن ذلك 3 طلوع الشمس من
.
ص: 1126
مغربها 1 ، وقتل نفس زكيّة تظهر في سبعين من الصالحين (1) ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام (2) ، وهدم سور (3) مسجد الكوفة 5 .
.
ص: 1127
وإقبال رايات سودٍ من قبل خراسان 1 وخروج اليمانيّ (1) ، وظهور المغربيّ بمصر وتملّكه الشامات (2) ، ونزول التُرك الجزيرة (3) ، ونزول الروم الرملة 5 ، وطلوع نجم في
.
ص: 1128
المشرق يضيء كما يضيء القمر ثمّ ينعطف حتّى يكاد أن يلتقي طرفاه (1) ، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر (2) في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طولاً وتبقى في الجوّ ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام (3) ، وخلع العرب أعنّتها وتملّكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم (4) ، وقتل أهل مصر أميرهم ، وخراب الشام واختلاف ثلاث راياتٍ فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قِبل المغرب (5) حتّى تربط بفناء الحيرة ، وإقبال رايات سودٍ من المشرق ونحوها ، وبثقٌ (6) في الفرات حتّى يدخل الماء أزقّة الكوفة (7) .
.
ص: 1129
وخروج ستّين كذابا كلّهم يدعي النبوّة (1) ، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب كلّهم يدّعي الإمامة لنفسه 2 ، وإحراق (2) رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولاء وخانقين عند [عَقْد ]الجسر ممّا يلي الكرخ بمدينة بغداد [السلام] (3) ، وارتفاع ريح سوداء بها في أوّل النهار وزلزلة حتّى ينخسف كثيرٌ منها ، وخوف يشمل أهل العراق وموت ذريعٌ ونقص من الأنفس و في الأموال والثمرات ، وجرادٌ يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتّى يأتى على الزرع والغلاّت وقلّة ريعٍ لما يزرعه (4) الناسُ (5) ، واختلاف [صنفين ]من (6) العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم (7) ، وخروج
.
ص: 1130
العبيد عن طاعة (1) ساداتهم وقَتْلهم مواليهم [ومسخٌ لقوم 2 من أهل البدع حتّى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء حتّى يسمعه أهل الأرض كلّ أهل لغةٍ بلغتهم ، ووجهٌ وصدر يظهران من السماء للناس في عين الشمس ، وأموات يُنشرون من القبور حتّى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون] ثمّ يختم بعد ذلك بأربع وعشرين مطرة متّصلة فتحيا بها الأرض من بعد موتها وتُعرف (2) بركاتها ، وتزول بعد ذلك كلُّ عاهة من معتقدي الحقّ من شيعة (3) المهدي فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة فيتوجّهون نحوه (4) قاصدين لنصرته كما جاءت بذلك الأخبار (5) . ومن جملة هذه الأحداث ما هو محتومة (6) ومنها ما هو مشروطة واللّه أعلم بما يكون ، وانّما ذكرناها على حسب ما ثبت في الاُصول
.
ص: 1131
وتضمّنها الأثر المنقول (1) .
وعن عليّ بن يزيد (2) الأودي (3) عن أبيه عن جدّه [قال :]قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام : بين يدي القائم موت أحمر ، وموت أبيض ، وجراد في حينه وفي غير حينه كألوان الدم ، فأمّا الموت الأحمر فالسيف ، وأمّا الموت الأبيض فالطاعون (4) .
وعن جابر الجعفي (5) عن أبي جعفر عليه السلام قال :قال لي : الزَم الأرض ولاتُحرِّك يدا ولا رجْلاً حتّى ترى علامات أذكرها [لك] وما أراك تُدرك ذلك : اختلاف (6) بين بني العباس ، ومنادٍ (7) ينادي من السماء ، وخسف قرية من قرى الشام تسمّى (8) الجابية (9) ، ونزول التُرك الجزيرة،ونزول الروم الرملة،واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام ، ويكون [سبب ]خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها راية الأصهب (10)
.
ص: 1132
وراية الأبقع (1) وراية السفياني (2)(3) .
وأمّا السَنة الّتي يقوم فيها القائم واليوم الّذي يبعث فيه فقد جاءت فيه آثار ، وعن أبي بصير عن أبي عبداللّه عليه السلام :لايخرج القائم إلاّ في وترٍ من السنين سنة إحدى أو ثلاثٍ أو خمس أو سبع أو تسع (4) .
وعنه عن أبي عبداللّه قال :ينادي باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين ، ويقوم في يوم عاشوراء وهو اليوم الّذي قتل فيه الحسين ولكأنى به في يوم السبت العاشر من المحرم قائما بين الركن والمقام وشخص [جبرائيل عليه السلام ] قائم على يده [اليمنى ]ينادى البيعة البيعة [للّه ]فيصير إليه شيعته أنصاره من أطراف الأرض تُطوى لهم طَيّا حتّى يُبايعوه فيملأُ اللّه به الأرض عدلاً كما ملئت ظلما وجورا (5) ثمّ يسير من مكة حتّى يأتي الكوفة فينزل على نجفها ثمّ يفرق الجنود منها في (6) الامصار (7) .
وعن عبدالكريم الخثعمي قال :قلت لأبي عبداللّه : كم يملك القائم؟ قال : سبع سنين تطول له الأيام والليالي حتّى تكون السنة من سنيّه مقدار (8) عشر سنين من
.
ص: 1133
سنيّكم فيكون سنو ملكه (1) بمقدار سبعين سنة من سنيّكم هذه (2) .
وعن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال :إذا قام القائم سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد ، فلم يبق مسجد على وجه الأرض له شرف إلاّ هدمها وجعلها جمعاء، ووسع الطريق الأعظم لمساجدها ، وكسر كلّ جناح خارج في الطريق ، وأبطل الكنف والميازيب الخارجة إلى الطرقات ، ولا يترك (3) بدعة إلاّ أزالها ، ولا سُنّةً إلاّ أقامها ، ويفتح القسطنطينية والصين وجبال الديلم فيمكث على ذلك سبع سنين ، مقدار كلّ سنة عشر سنين من سنيّكم هذه ، ثمّ يفعل اللّه ما يشاء (4) .
وعن أبي جعفر أيضا قال :المهدي (5) منّا منصور بالرعب مؤيّد بالظفر ، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر اللّه دينه على الدين كلّه ولو كره المشركون،فلا يبقى في الأرض خراب إلاّ عمّره ، ولا تدع الأرض شيئا من نباتها إلاّ أخرجته ، ويتنعّم الناس في زمانه نعمةً لم يتنعّموا مثلها قطّ (6) .
قال الراوى : فقلت له : يا بن رسول اللّه فمتى (7) يخرج قائمكم؟ قال : إذا تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ، وركبت ذوات الفروج السروج ، وأمات الناس الصلوات (8) ، واتّبعوا الشهوات ، وأكلوا الربا ، واستخفّوا بالدماء ، وتعاملوا بالربا ،
.
ص: 1134
وتظاهروا بالزنا ، وشيّدوا البناء ، واستحلّوا الكذب ، وأخذوا الرشا ، واتّبعوا الهوى ، وباعوا الدين بالدنيا ، وقطعوا الأرحام ، ومنّوا (1) بالطعام ، وكان الحلم ضعا (2) ، والظلم فخرا ، والاُمراء فجرة ، والوزراء كذَبة ، والاُمناء خوَنة ، والأعوان ظلَمة ، والقرّاء فسقة ، وظهر الجور ، وكثر الطلاق ، وبدأ الفجور ، وقبلت شهادة الزور ، وشُربت الخمور ، وركبت الذكور الذكور ، وأشتغلت (3) النساء بالنساء ، واتخذوا الفيء مغنما ، والصدقة مغرما ، واتقي الأشرار مخافة ألسنتهم . وخرج السفيانيّ من الشام ، واليمانيّ من اليمن ، وخسف خسف بالبيداء 4 بين مكة والمدينة ، و قتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام ، وصاح صايح من
.
ص: 1135
السماء بأنّ الحقّ معه ومع أتباعه فعند ذلك خروج قائمنا (1) ، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاث مائة وثلاثة عشر 2 رجلاً من أتباعه ، فأوّل ما ينطق هذه الآية : «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» (2) ثمّ يقول : أنا بقية اللّه وخليفته وحجّته عليكم ، فلا يسلّم مسلّم عليه إلاّ قال : السلام عليك يا بقية اللّه في الأرض (3) . فإذا أجتمع عنده العقد عشرة آلاف رجل فلا يبقى يهودي ولا نصراني ولا أحد ممّن يعبد غير اللّه إلاّ آمن به وصدّقه وتكون الملّة واحدة ملّة الإسلام ، وكلّما كان في الأرض من معبود سوى اللّه فينزل عليه نارا فيحرقه (4) . قال بعض أهل الأثر : المهدي هو القائم المنتظر ، وقد تعاضدت الأخبار على
.
ص: 1136
ظهوره ، وتظاهرت الروايات على إشراق نوره ، وستسفر ظلمة الأيام والليالي بسفوره ، وتتجلّى برؤيته الظُلَم انجلاء الصباح من ديجوره ، ويخرج من سرار الغيبة فيملأ القلب بسروره ، ويسري عدله في الآفاق أضوأ من البدر المنير في مسيره . انتهى . وبتمام الكلام في هذا الفصل تمّ جميع الكتاب واللّه الموفّق للصواب ، وصلاته وسلامه على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين وآله وصحبه أجمعين (1) .
.
ص: 1137
. .
ص: 1138
. .
ص: 1139
. .
ص: 1140
. .
ص: 1141
. .
ص: 1142
. .
ص: 1143
. .
ص: 1144
. .
ص: 1145
. .
ص: 1146
. .
ص: 1147
. .
ص: 1148
. .
ص: 1149
. .
ص: 1150
. .
ص: 1151
. .
ص: 1152
. .
ص: 1153
. .
ص: 1154
. .
ص: 1155
. .
ص: 1156
. .
ص: 1157
. .
ص: 1158
. .
ص: 1159
. .
ص: 1160
. .
ص: 1161
. .
ص: 1162
. .
ص: 1163
. .
ص: 1164
. .
ص: 1165
. .
ص: 1166
. .
ص: 1167
. .
ص: 1168
. .
ص: 1169
. .
ص: 1170
. .
ص: 1171
. .
ص: 1172
. .
ص: 1173
. .
ص: 1174
. .
ص: 1175
. .
ص: 1176
. .
ص: 1177
. .
ص: 1178
. .
ص: 1179
. .
ص: 1180
. .
ص: 1181
. .
ص: 1182
. .
ص: 1183
. .
ص: 1184
. .
ص: 1185
. .
ص: 1186
. .
ص: 1187
. .
ص: 1188
. .
ص: 1189
. .
ص: 1190
. .
ص: 1191
. .
ص: 1192
. .
ص: 1193
. .
ص: 1194
. .
ص: 1195
. .
ص: 1196
. .
ص: 1197
. .
ص: 1198
. .
ص: 1199
. .
ص: 1200
. .
ص: 1201
. .
ص: 1202
. .
ص: 1203
. .
ص: 1204
. .
ص: 1205
. .
ص: 1206
. .
ص: 1207
. .
ص: 1208
. .
ص: 1209
. .
ص: 1210
. .
ص: 1211
. .
ص: 1212
. .
ص: 1213
. .
ص: 1214
. .
ص: 1215
. .
ص: 1216
. .
ص: 1217
. .
ص: 1218
. .
ص: 1219
. .
ص: 1220
. .
ص: 1221
. .
ص: 1222
. .
ص: 1223
. .
ص: 1224
. .
ص: 1225
. .
ص: 1226
. .
ص: 1227
. .
ص: 1228
. .
ص: 1229
. .
ص: 1230
. .
ص: 1231
. .
ص: 1232
. .
ص: 1233
. .
ص: 1234
. .
ص: 1235
. .
ص: 1236
. .
ص: 1237
. .
ص: 1238
. .
ص: 1239
. .
ص: 1240
. .
ص: 1241
. .
ص: 1242
. .
ص: 1243
. .
ص: 1244
. .
ص: 1245
. .
ص: 1246
. .
ص: 1247
. .
ص: 1248
. .
ص: 1249
. .
ص: 1250
. .
ص: 1251
. .
ص: 1252
. .
ص: 1253
. .
ص: 1254
. .
ص: 1255
. .
ص: 1256
. .
ص: 1257
. .
ص: 1258
. .
ص: 1259
. .
ص: 1260
. .
ص: 1261
. .
ص: 1262
. .
ص: 1263
. .
ص: 1264
. .
ص: 1265
. .
ص: 1266
. .
ص: 1267
. .
ص: 1268
. .
ص: 1269
. .
ص: 1270
. .
ص: 1271
. .
ص: 1272
. .
ص: 1273
. .
ص: 1274
. .
ص: 1275
. .
ص: 1276
. .
ص: 1277
. .
ص: 1278
. .
ص: 1279
. .
ص: 1280
. .
ص: 1281
. .
ص: 1282
. .
ص: 1283
. .
ص: 1284
. .
ص: 1285
. .
ص: 1286
. .
ص: 1287
. .
ص: 1288
. .
ص: 1289
. .
ص: 1290
. .
ص: 1291
. .
ص: 1292
. .
ص: 1293
. .
ص: 1294
. .
ص: 1295
. .
ص: 1296
. .
ص: 1297
. .
ص: 1298
. .
ص: 1299
. .
ص: 1300
. .
ص: 1301
. .
ص: 1302
. .
ص: 1303
. .
ص: 1304
. .
ص: 1305
. .
ص: 1306
. .
ص: 1307
. .
ص: 1308
. .
ص: 1309
. .
ص: 1310
. .
ص: 1311
. .
ص: 1312
. .
ص: 1313
. .
ص: 1314
. .
ص: 1315
. .
ص: 1316
. .
ص: 1317
. .
ص: 1318
. .
ص: 1319
. .
ص: 1320
. .
ص: 1321
. .
ص: 1322
. .
ص: 1323
. .
ص: 1324
. .
ص: 1325
. .
ص: 1326
. .
ص: 1327
. .
ص: 1328
. .
ص: 1329
. .
ص: 1330
. .
ص: 1331
. .
ص: 1332
. .
ص: 1333
. .
ص: 1334
. .
ص: 1335
. .
ص: 1336
. .
ص: 1337
. .
ص: 1338
. .
ص: 1339
. .
ص: 1340
. .
ص: 1341
. .
ص: 1342
. .
ص: 1343
. .
ص: 1344
. .
ص: 1345
. .
ص: 1346
. .
ص: 1347
. .
ص: 1348
. .
ص: 1349
. .
ص: 1350
. .
ص: 1351
. .
ص: 1352
. .
ص: 1353
. .
ص: 1354
. .
ص: 1355
. .
ص: 1356
. .
ص: 1357
. .
ص: 1358
. .
ص: 1359
. .
ص: 1360
. .
ص: 1361
. .
ص: 1362
. .
ص: 1363
. .
ص: 1364
. .
ص: 1365
. .
ص: 1366
. .
ص: 1367
. .
ص: 1368
. .
ص: 1369
فهرس المنابع والمآخذ. القرآن الكريم . 1 . آلاء الرحمن في تفسير القرآن ، محمّد جواد البلاغي ، قم ، الطبعة الثانية . 2 . الإبانة عن أُصول الديانة ، ابن بطّة الفلكي ، دمشق ، الطبعة الأُولى . 3 . الإبانة عن أُصول الديانة ، عليّ بن إسماعيل الأشعري ، القاهرة ، 1359 ق ؛ و دمشق : مكتبة دار البيان ، 1401 ق . 4 . إتحاد الورى بأخبار أُمِّ القُرى ، نجم الدين عمر بن فهد المكّي ، الرياض . 5 . الإتحاف بحب الأشراف ، عبد اللّه بن عامر الشبراوي الشافعي (ت 1172 ق) ، تحقيق : محمّد جابر ، المطبعة الهندية العربية ، 1259 ق ؛ ومصر ، 1313 ق ؛ وإيران ، 1404 ق . 6 . إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ، القاضي نور اللّه التستري (ت 1019 ق ) ، وفي هامشه تعليقات السيد شهاب الدين المرعشي ، قم ، 1401 ق ؛ و 1411 ق . 7 . إحياء علوم الدين ، محمّد بن محمّد الغزالي (ت 505 ق) ، تحقيق : كامل الدمياطي ، مصر : مطبعة مصطفى البابي ، 1221 ق . 8 . اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي) ، محمّد بن الحسن الطوسي ، قم : مؤسّسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ؛ وبيروت ، 1409 ق . 9 . الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد ، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي [المفيد] (ت 413 ق) ، قم : مؤسّسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث ؛ وبيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1415 ق .
.
ص: 1370
10 . أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، عزّ الدين عليّ بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم الشيباني [ ابن الأثير الجزري ] (ت 630 ق) ، تحقيق : محمّد إبراهيم ، القاهرة ، 1390 ق ؛ وطبع بالاُفست في المكتبة الإسلامية للحاج رياض؛ و طبع مصر : المطبعة الوهبية. 11 . إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وأهل البيت الطاهرين (بهامش نور الأبصار) ، محمّد بن عليّ الصبان ، طبع العثمانية . 12 . إشتقاق الشهور والأيّام ، حسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني (ت 317 أو 370) ، مخطوط . 13 . الإصابة في معرفة تمييز الصحابة ، أحمد شهاب الدين بن عليّ الشافعي [ابن حجر العسقلاني ](ت 852 ق) ، تحقيق : ولي عارف ، مصر : مطبعة السعادة ، 1323 ق ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1403 ق ؛ ومصر (اُفسيت على كلكتا) ؛ وإحياء التراث العربي ، 1408 ق . 14 . أُصول الكافي ، محمّد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 329 ق) ، المكتبة الإسلامية ، 1388؛ و 1389 ق ؛ مؤسّسة الوفاء ؛ 1406 ق ؛ طهران : دار الكتب الإسلاميّة ، 1389 ق . 15 . الإعتقاد على مذهب السلف ، أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي (ت 458 ق ) ، حيدر آباد . 16 . الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ، أحمد بن أبي فرح القرطبي (ت 671 ق) ، تحقيق : صلاح الدين السلفي ، بيروت ، 1156 ق . 17 . إعلام الورى بأعلام الهدى ، الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ق) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، بيروت : دار المعرفة ، 1399 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وطبعة النجف الأشرف : الحيدرية ، 1365 ق . 18 . الإقتصاد في الإعتقاد ، محمّد بن محمّد بن أحمد الغزالي الطوسي (ت 505 ق ) ، مصر : مطبعة السعادة ، 1327 ق ، الطبعة الثانية . 19 . الآثار الباقية ، محمّد بن أحمد ( أبو الريحان البيروني ) ، بغداد : مكتبة المثنى ، 1395ق طبعة أُفسيت .
.
ص: 1371
20 . الأُم ، محمّد بن إدريس الشافعي ، بيروت : دار الفكر ، الطبعة الثانية . 21 . الإمام زين العابدين ، عبد الرزاق الموسوي المقرّم ، النجف الأشرف . 22 . إمامة عليّ ، حسين بن أحمد بن خالوية بن حمدان الهمداني (ت 317 أو 370 ق) ، دار الهلال . 23 . الإمامة والسياسة ، عبد اللّه بن مسلم [ابن قتيبة الدينوري ](ت 276 ق) ، مصر : مكتبة ومطبعة مصطفى بابي الحلبي ، 1388 ق . 24 . الإمتاع والمؤانسة ، عليّ بن محمّد التوحيدي ، مصر : دار إحياء الكتب العربية . 25 . إنباه الرواة على إنباه النحاة ، عليّ بن يوسف القفطي (ت 646 ق) ، القاهرة : مطبعة دار الكتب العربية ، 1371 ق . 26 . الأحاجي في النحو ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 27 . أحكام القرآن ، أحمد بن عليّ الرازي الجصاص ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1405ق؛ وطبع عبدالرحمان محمّد . 28 . أحكام القرآن ، محيي الدين محمّد بن عليّ بن محمّد بن عربي الطائي الحاتمي المرسي الدمشقي (ت 638 ق) ، تحقيق : حسن حسني الأزهري ، طبع الحلبي ؛ وبيروت : مطبعة السعادة ، 1406 ق . 29 . أخبار الدوب وآثار الأوّل ، أحمد جلبي بن يوسف بن أحمد [ أحمد بن سنان القرماني الدمشقي ] (ت 1019 ق) ، [لخصه من تاريخ الجنابي الرومي] ، بيروت . 30 . الأربعون ، أحمد بن محمّد بن أبي الفتح الفوارس ، مخطوط . 31 . أرجح المطالب ، عبد اللّه الرازي الأمرتْسَري ، لاهور ، 1416 ق . 32 . أزهار الرياض ، سليمان بن عبد اللّه البحراني ، القاهرة . 33 . أسباب النزول ، علي بن أحمد الواحدي النيسابوري (ت 468 ق) ، تحقيق : كمال بسيوني زغلول ، مصر : طبعة الحلبي ، 1402 ق ؛ وبيروت : دار الكتب العلمية . 34 . الأسماء والكنى ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، أُخذ بالواسطة .
.
ص: 1372
35 . أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب ، محمّد بن دويش الحوت البَيْرُوتِي ، بيروت : دار الكتاب العربي 1391 ق ؛ ومصر : مطبعة مصطفى ، 1355 ق ؛ ومصر ، 1416ق ؛ وبيروت : دار الفكر الإسلامي ، 1408 ق . 36 . أسنى المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب ، محمّد بن عليّ بن يوسف الجزري الشافعي (ت 833 ق) ، مكّة المكرمة ، 1324 ق ؛ و بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1328 ق . 37 . أسنى المطالب في نجاة أبي طالب ، أحمد زيني دحلان (ت 1304 ق) ، مصر ، 1305ق ؛ وبيروت : دار الكتاب العربي ، 1405 ق . 38 . أصل الشيعة وأصولها ، محمّد حسين آل كاشف الغطاء ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، 1385ق .
39 . أطواق الذهب ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، مخطوط . 40 . الأعلام ، خير الدين الزركلي (ت 1396 ق) ، بيروت : دار الملايين ، 1399 ق ، الطبعة الرابعة ؛ و 1400 ق ، الطبعة الخامسة . 41 . أعيان الشيعة ، محسن بن عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي الشقرائي (ت 1371 ق) ، إعداد : حسن الأمين ، قم : مكتب الإعلام الإسلامي ، 1403 ق ، الطبعة الخامسة . 42 . الأغاني ، أبو الفرج الإصفهاني (ت 356 ق) ، تحقيق : خليل محيي الدين ، دار الكتب المصرية ، 1358 ق ، الطبعة الأُولى . 43 . ألفية ابن مالك ، محمّد جمال الدين بن مالك (600 _ 672 ق) ، طُبِع مرات عديدة . 44 . ألقاب الرسول وفاطمة والأئمة عليهم السلاموعترتة ، سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي . 45 . الأمالي ، الحسن بن إسماعيل المحاملي ، مخطوطة مصورة من المكتبة الظاهرية الأهلية في دمشق . 46 . الأمالي ، محمّد بن النعمان العكبري البغدادي [المفيد] (ت 413 ق) ، بغداد : مطبعة العاني ، 1358 ق ؛ وقم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1404ق .
.
ص: 1373
47 . الأمالي الخميسية (أمالي الشجري) ، يحيى بن الحسين الشجري (499 ق ) ، صنعاء ، 1264 ق ؛ وبيروت : عالم الكتب ، 1403 ق . 48 . أمالي الشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن الطوسي ، قم : مكتبة الداوري ؛ وطهران : المطبعة الإسلاميّة ، 1404 ق ؛ وقم : مؤسّسة البعثة ، 1414 ق . 49 . أمالي الصدوق ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق ](ت 381 ق ) ، بيروت : دار الفكر العربي ، 1254ق ؛ ومؤسّسة الأعلمي ، الطبعة الخامسة ، 1400ق . 50 . أمالي المرتضى ، علي بن الحسين الموسوي] الشريف المرتضى] ، قم ، الطبعة الأُولى . 51 . الأمالي والنوادر ، إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي . 52 . أمل الآمل ، محمّد بن الحسن الحر العاملي ، النجف الأشرف ، 1350 ق . 53 . الأنساب ، عبد الكريم بن محمّد بن منصور السمعاني التميمي ، طبع : (المستشرق) مرجليوت ليدن ، 1912م ؛ وطبع : قاسم محمّد رجب ، 1970م ؛ وبيروت : دار الجنان ، 1408 ق . 54 . أنساب الأشراف ، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279 ق) ، تحقيق : كمال الحارثي ، مصر : مكتبة الخانجي ، 1125 ق ؛ وبغداد : مكتبة المثنى ، 1396 ق ؛ وتحقيق : المحمودي ، بيروت : مؤسّسة الأعلمي . 55 . أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي) ، عبد اللّه بن عمر الشيرازي البيضاوي ، دار النفائس ، 1402 ق ؛ ومصر : طبعة مصطفى محمّد . 56 . بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت 1110ق) ، تحقيق ونشر : دار إحياء التراث ، بيروت ، الطبعة الأُولى ، 1412ق ؛ ومؤسّسة الوفاء ، 1400 ق ؛ والطبعة الرابعة ، 1405 ق . 57 . بحث حول الولاية ، محمّد باقر الصدر ، المجموعة الكاملة . 58 . البحر المحيط (تفسير البحر المحيط) ، محمّد بن يوسف [أبو حيّان الأندلسي] (ت 745 ق) ، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود ، بيروت ، 1413 ق .
.
ص: 1374
59 . البخلاء ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) ، القاهرة : المكتبة العربية ، 1358 ق . 60 . البداية والنهاية ، إسماعيل بن كثير الدمشقي ، تحقيق : عليّ شيري ، دار الكتب العلمية ، 1409 ق ، الطبعة الخامسة ؛ ومصر : مطبعة السعادة ، 1351 ق . 61 . البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع ، ومن ترجمة تلميذه العلاّمة حسين بن محسن السبعي الأنصاري اليماني ، الشَّوْكَاني ، بيروت : دار المعرفة . 62 . بديع المعاني ، القاضي النجم محمّد الشافعي الأذرعي (ت 876 ق) ، القاهرة . 63 . براءة أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم من الفِرق المغالية ، سامي الغريري ، دار الكتاب الإسلامي ، 1422 ق . 64 . بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، محمّد بن القاسم الطبري ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، 1383 ق ، الطبعة الثانية ؛ ومصر : مطبعة الخانجي ، 1400 ق . 65 . البصائر والذخائر ، عليّ بن محمّد التوحيدي (ت 380 أو 400 ق) ، لجنة التأليف والنشر ، 1373ق . 66 . بغية الوعاة ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، القاهرة : مطبعة عيسى البابي الحلبي ، 1964م ؛ وطبع سنة 1326ق . 67 . البلدان ، أحمد بن محمّد الهمداني [ابن الفقيه] ، النجف الأشرف ؛ وليدن . 68 . بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية ، عليّ بن موسى الحلّي [ابن طاووس] ، تحقيق : عليّ الغريفي ، قم : مؤسّسة آل البيت عليهم السلاملإحياء التراث . 69 . البيان في أخبار صاحب الزمان (ضمن كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب) ، محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت 658 ق) ، تحقيق وتصحيح وتعليق : محمّد هادي الأميني ، 1404 ق ، مطبعة الفارابي ، الطبعة الثالثة . 70 . البيان والتبيين ، عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255 ق) ، شرح : حسن السندوبي ، دار الجاحظ ، 1409 ق ؛ والقاهرة : مطبعة الإستقامة ، 1366 ق ؛ وسوريا : دار الوعي ، 1402ق .
.
ص: 1375
71 . البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث ، إبراهيم بن محمّد بن كمال الدين الحسيني الحراني الدمشقي الحنفي [ابن حمزة] (ت 1120 ق) ، بيروت . 72 . تاج العروس من جواهر القاموس ، محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي ، دار الهداية ؛ وبيروت ، 1306 ق . 73 . تاريخ ابن معين ، يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي الحافظ (ت 233 ق) ، تحقيق : محسن القحطاني ، المدينة المنورة . 74 . تاريخ ابن الوردي ، عمر بن مظفّر [ابن الوردي] ، دار المعرفة ؛ وبيروت : دار الكتب العلمية ، 1402 ق . 75 . تاريخ الإسلام ، حسن إبراهيم حسن ، بيروت : دار الكتاب ، 1401 ق . 76 . تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق) ، تحقيق : عمر عبد السلام تدمري ، القاهرة : دار الرائد العربي ، 1405 ق ، وبيروت : دار الكتاب العربي ، 1411 ق ، و حيدر آباد _ الدكن ، 1354 ق .
77 . تاريخ الإلحاد في الإسلام ، عبد الرحمان بدوي ، بيروت ، 1405 ق . 78 . تاريخ الإمامية ، ابن أبي طي الحلبي ،بيروت : دار صادر . 79 . تاريخ أخبار إصبهان ، أحمد بن عبد اللّه الإصفهاني (ت 430 ق) ، تحقيق : كسروي حسن ، بيروت : دار الكتب العلمية . 80 . تاريخ الأدب العربي ، كارل بروكلمان ، ترجمة (الأجزاء الثلاثة الأول) : عبد الحليم النجار ، القاهرة : دار المعارف ، الطبعة الرابعة ، وترجمة (الأجزاء الثلاثة الأُخر) : يعقوب بكر ، رمضان تواب . 81 . تاريخ بغداد (مدينة السلام) ، أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب البغدادي (ت 463 ق) ، حيدر آباد _ الدكن ، 1378 ق ؛ والمدينة المنوّرة : المكتبة السلفيّة ؛ و مصر : دار السعادة . 82 . تاريخ بيهق ، ظهير الدين البيهقي ، الطبعة الثانية . 83 . تاريخ التراث العربي ، فؤاد سزكين ، تعريب : جماعة من المترجمين .
.
ص: 1376
84 . تاريخ حبيب السير ، خواند أمير غياث الدين محمّد بن همام (ت 942 ق ) ، مؤرخ فارسي صفوي ، مكتبة الچلبي . 85 . تاريخ الخلفاء ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي ، بيروت : دار الجبل ، 1408ق ؛ ومصر : دار السعادة ، 1416 ق . 86 . تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس ، حسين بن محمّد بن الحسن الدياربكري المالكي (ت 966 ق) ، تحقيق : عليّ زغلول ، بيروت : دار الفكر ، 1406 ق ؛ والقاهرة : بولاق ، 1358 ق ؛ ومؤسّسة شعبان للنشر ؛ ومصر : المطبعة الوهبية ، 1283 ق . 87 . تاريخ الشيعة ، ابن أبي طي الحلبي ، بيروت . 88 . تاريخ الطبري ، محمّد بن جرير الطبري ، بيروت : دار المعارف . 89 . تاريخ عمر بن الخطّاب ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، القاهرة ، 1402 ق . 90 . تاريخ الغيبة الصغرى ، محمّد صادق الصدر ، بيروت ، 1400 ق . 91 . تاريخ الغيبة الكبرى ، محمّد صادق الصدر ، قم : ذو الفقار ؛ وبيروت : دار التعارف . 92 . التاريخ الكبير ، إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري (ت 256 ق) ، حيدر آباد _ الدكن ، 1361 ق ؛ وبيروت : دار الكتب العلمية . 93 . تاريخ مدينة جرجان ، حمزة بن يوسف السهمي القرشي (ت 427 ق) ، حيدر آباد _ الدكن : مطبعة مجلس دائرة المعارف ، 1387 ق ؛ وبيروت : عالم الكتب ، 1407 ق ، الطبعة الرابعة . 94 . تاريخ مدينة دمشق ، عليّ بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي ](ت 571 ق) ، تحقيق : سكينة الشهابي ، دمشق ، 1402 ق ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1415 ق ، الطبعة الأُولى . 95 . تاريخ مصر ، عبد الرحمان بن أحمد بن يونس ، مطبعة الفجالة الجديدة ، 1400 ق . 96 . تاريخ نيشابور ، أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن الحاكم النيشابوري (ت 405 ق ) ، بيروت : دار الكتب العربية . 97 . تاريخ اليعقوبي ، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح [اليعقوبي] ، بيروت : دار صادر ، 1405 ق .
.
ص: 1377
98 . تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ، حسن الصدر ، دار التراث العربي . 99 . تبيين كذب المفتري ، عليّ بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي ](ت 571 ق) ، القاهرة . 100 . تثبيت دلائل النبوة ، القاضي عبد الجبار ، بيروت : دار الملايين للعلم ، 1402 ق . 101 . تحرير النقول في مناقب أُمِّنا حوّاء وفاطمة البتول ، علي بن أحمد بن عبد اللّه المكّي المالكي (ابن الصبّاغ) ، مخطوط . 102 . تحف الراغب ، شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلافة القليوبي المصري الشافعي (ت 1096 ق) ، مخطوط . 103 . تحف العقول ، الحسن بن عليّ الحراني [ابن شعبة] ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، 1404 ق ، الطبعة الثانية ؛ ودار إحياء التراث العربي ، 1406 ق . 104 . تذكره علماي إمامية باكستان ، حسين عارف نقوي ، لاهور . 105 . التذكرة ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي البغدادي [ابن الجوزي الحنفي] ، حيدر آباد _ الدكن . 106 . تذكرة الحفاظ ، شمس الدين الذهبي (ت 748 ق) ، تحقيق : أحمد السقا ، القاهرة ، 1400 ق ؛ وحيدر آباد _ الدكن ، 1387 ق ؛ ومكّة المكرمة : دار إحياء التراث العربي مكتبة الحرم المكي . 107 . تذكرة الخواص (تذكرة خواص الأُمّة) ، يوسف بن فرغلي بن عبد اللّه [سبط ابن الجوزي الحنبلي الحنفي] (ت 654 ق) ، بيروت ، 1401 ق ، الطبعة الثانية ؛ والنجف الأشرف ؛ ومصر . 108 . ترجمة الإمام الحسين بن علي عليه السلام من تاريخ دمشق ، عليّ بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي] (ت 571 ق) ، بيروت : مؤسسة المحمودي . 109 . ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق ، علي بن الحسن بن هبة اللّه [ابن عساكر الدمشقي ](ت 571 ق) ، دمشق .
.
ص: 1378
110 . التسلّي ، محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني . 111 . التصحيف في اللغة ، عبدالرحمان النسائي (ت 303 ق ) ، أُخذ بالواسطة . 112 . التفسير ، أحمد بن عليّ بن عبد اللّه بن خلف الأنصاري الأندلسي ، مخطوط . 113 . تفسير الإعتلال ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت748 ق)، مخطوط. 114 . تفسير أبي السعود (بهامش تفسير الرازي) ، محمّد بن العمادي ، دار إحياء التراث العربي . 115 . تفسير البرهان ، هاشم بن سليمان البحراني ، دار الكتب الإسلاميّة ، 1409 ق ؛ وقم : مؤسسة مطبوعات إسماعيليان ، الطبعة الثانية . 116 . تفسير الجلالين ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي ، القاهرة ، 1364ق . 117 . تفسير الحبري ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري الكوفي (ت 268 ق ) ، الرياض : رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة .
118 . تفسير الخازن ، علاء الدين الخازن الخطيب البغدادي (ت 725 ق) ، بيروت : دار الفكر ، 1409 ق ؛ ومصر : دار الكتب العربية الكبرى ، 1415 ق . 119 . تفسير شاهي ، محمّد محبوب العلم ابن صفي الدين جعفر بدر العالم ، حيدر آباد _ الدكن ، طبعة حجرية . 120 . تفسير شبر ، عبد اللّه شُبَّر بن محمّد رضا الحسيني الكاظمي ، النجف الأشرف ؛ و دار الكتب العربية ؛ ودار إحياء التراث ، الطبعة الثالثة . 121 . تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان (في هامش تفسير جامع البيان) ، نظام الدين النيسابوري (ت 303 ق) ، المملكة العربية السعودية : المكتبة السلفية ، 1409 ق . 122 . تفسير فرات الكوفي ، فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي (القرن الرابع الهجري) ، إعداد : محمّد كاظم المحمودي ، طهران : وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى . 123 . تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) ، إسماعيل بن عمر بن كثير البصري الدمشقي ، بيروت : دار المعرفة ، 1407 ق ؛ ودار إحياء التراث العربي ؛ دار صادر .
.
ص: 1379
124 . التفسير الكبير ومفاتيح الغيب (تفسير الفخر الرازي) ، محمّد بن عمر [فخر الرازي] (ت 604 ق) ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1408 ق ؛ والبهية : دار الطباعة العامرة . 125 . تفسير معالم التنزيل في التفسير والتأويل ، الحسين بن مسعود بن محمّد الفراء الشافعي البغوي الجاوي (ت 510 أو 516 ق ) ، دار الفكر ، 1405 ق . 126 . تفسير مقاتل ، مقاتل بن سليمان البلخي الأزدي الخراساني ، القاهرة . 127 . تفسير المنار ، محمد رشيد رضا ، القاهرة ، 1400 ق ؛ وبيروت ، 1405 ق . 128 . تفسير النيسابوري (المطبوع بهامش تفسير الطبري) ، حسن القمّي ، مصر . 129 . تقريب المعارف ، الجليي ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1403 ق . 130 . تقريب المعارف في العقائد والأحكام ، تقي الدين بن نجم الدين (أبو الصلاح الحلبي) (374 _ 447 ق) ، مطبوع ومنشور ، وتوجد نسخة خطية منه في القاهرة . 131 . تقويم غلط اللسان ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي البغدادي [ابن الجوزي الحنفي] . 132 . تلخيص الشافي ، محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي ، بيروت : دار العلم للملايين ، 1402 ق ؛ ودار الكتاب العربي ، 1405 ق . 133 . تلخيص مجمع الآداب ، كمال الدين عبد الرزاق (ابن الفوطي) (646 _ 700 ق) ، بولاق . 134 . تلخيص المستدرك (ذيل المستدرك) ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق) ، بيروت : دار صادر . 135 . التمهيد والبيان في فضائل الخليفة عثمان ، أبو بكر الأشعري ، مخطوط . 136 . تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ، ابن عرَّاق الكناني (ت 963ق) ، تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف _ عبد اللّه محمّد الصِّديق ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1399 ق ، الطبعة الأُولى ؛ و 1401 ق ، الطبعة الثانية . 137 . تنقيح المقال في علم الرجال ، عبد اللّه بن محمّد حسن المامقاني ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1402 ق ؛ والنجف الأشرف : المطبعة المرتضوية .
.
ص: 1380
138 . توضيح الدلائل ، شهاب الدين ابن شمس الدين عمر الزاولي الدولت آبادي الهندي الدهلوي . 139 . تهذيب الإصلاح ، هدية بن خرشم . أُخذ بالواسطة . 140 . تهذيب الآثار ، محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ق) ، مصر : مطبعة الفجالة . 141 . تهذيب الأحكام في شرح المقنعة (التهذيب) ، محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ق) ، بيروت : دار التعارف ، 1401 ق ، الطبعة الأُولى . 142 . تهذيب الأسماء واللغات ، يحيى بن شرف النووي (ت 676 ق) ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1412 ق ؛ ومصر : المطبعة المنيرية ، 1348 ق . 143 . تهذيب التهذيب ، أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ق) ، تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1415 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والهند : مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية ، 1315 ق ؛ وبيروت : دار صادر ، مصور من طبعة دائرة المعارف العثمانية ، الهند _ حيدر آباد ، 1325 ق . 144 . تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، جمال الدين يونس بن عبد الرحمان المزي (ت 742 ق)، تحقيق : بشّار عواد ، بيروت : مؤسّسة الرسالة ، 1409ق ؛ ودار الملايين للعلم . 145 . تيسير الوصول إلى جامع الأُصول ، عبد الرحمان بن عليّ [ابن الديبع] ، نواكشوط ؛ ومصر : المطبعة التجارية الكبرى ، 1356 ق . 146 . الثقات ، محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي البستي (354 ق) ، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد _ الدكن ، 1369 ق ، الطبعة الأُولى . 147 . جامع الأُصول في أحاديث الرسول ، المبارك بن محمّد بن محمّد الشيباني الشافعي (ابن الأثير) (ت 606 ق ) ، مصر : مطبعة الفجالة ، 1406 ق . 148 . جامع البيان في تفسير القرآن (تفسير الطبري) ، محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ق) ، مصر : بولاق ، 1356 ق ؛ وبغداد : مكتبة المثنى ، 1395 ق . 149 . جامع الجوامع ، أمين الدين عليّ الطبرسي ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1371 ق .
.
ص: 1381
150 . جامع الرواة ، محمّد بن عليّ الأردبيلي الغروي الحائري ، طهران : طبعة المحمدي . 151 . جامع السعادات ، المولى محمّد مهدي النراقي بن أبي ذر ، عدّة طبعات . 152 . الجامع الصحيح، محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري. 153 . الجامع الصغير ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، القاهرة ، 1365 ق ، الطبعة الأُولى . 154 . الجامع الكبير ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، بولاق . 155 . الجامع الكبير، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، مصر : مطبعة الطباعة العامرة ، 1368 ق . 156 . جامع كرامات الأولياء ، يوسف بن إسماعيل النبهاني البيروتي ، مصر .
157 . الجامع لأحكام القرآن ، أحمد بن أبي فرح القرطبي (ت 671 ق) ، تحقيق : اطفيش ، بيروت ، 1385 ق ؛ والقاهرة : دار الكتب المصرية ، 1938 م . 158 . الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) ، محمّد بن أحمد القرطبي (ت 671 ق) ، مصر : مطبعة الفجالة القديمة ؛ وتصحيح : أحمد عبد العليم البردوني ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الأُولى . 159 . جامع مناقب النساء ، أُخذ بالواسطة . 160 . الجرح والتعديل ، عبدالرحمان النسائي (ت 303 ق ) ، أُخذ بالواسطة . 161 . الجرح والتعديل ، محمّد بن إدريس بن منذر الرازي(ت 327 ق) ، حيدر آباد_ الدكن ، دار المعارف العثمانية ، 1371 ق . 162 . الجمل والنصرة لسيد العترة في حرب البصرة ، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (المفيد) (ت 413 ق) ، النجف الأشرف : الحيدرية . 163 . جمهرة الخطب ، أحمد زكي صفوت ، بيروت : دار الكتاب العربي . 164 . الجمهرة في اللغة ، أبو بكر بن محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت 321 ق ) ، المجمع اللغوي العام ، القاهرة .
.
ص: 1382
165 . جوامع السيرة ، عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري ، بيروت . 166 . جواهر العقدين في فضل الشرفين شرف العلم الجلي والنسب العلي ، علي بن عبد اللّه الحسني السمهودي (844 _ 911 ق ) ، تحقيق : موسى بناي العليلي ، بغداد : وزارة الأوقاف العراقية _ مطبعة العاني ، 1405 ق . 167 . الحاكم في معرفة علوم الحديث ، محمّد بن عبد اللّه بن الحاكم النيشابوري (ت 405 ق ) ، دار الكتاب العربي . 168 . حسن المحاضرة في أخبار مصر القاهرة ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي ، القاهرة : مطبعة الموسوعات . 169 . حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، أحمد بن عبد اللّه الإصفهاني (ت 430 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1405 ق ، الطبعة الرابعة ؛ و 1967م ، الطبعة الثانية . 170 . حياة الحيوان ، محمّد بن موسى الدميري (ت 808 ق) ، الرباط ، 1403 ق . 171 . حياة الصحابة ، محمّد بن يوسف إلياس الحنفي الهندي ، لاهور . 172 . الحيوان ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) ، القاهرة : دار الجاحظ ، 1409 ق . 173 . الخرائج والجرائح ، سعيد بن عبد اللّه الراوندي [قطب الدين الراوندي ](ت 573 ق ) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة الإمام المهدي (عج) ، قم ، 1409 ق . 174 . خريدة القصر وجريدة العصر ، عماد الدين محمّد بن صفي الدين محمّد بن حامد الكاتب [ابن العماد الإصفهاني] ، بغداد . 175 . الخصائص العلوية ، أحمد بن محمّد النطنزي، بيروت: دار الفكر، 1408 ق . 176 . الخصائص في فضل عليّ وأهل بيته (خصائص أمير المؤمنين) ، عبد الرحمان النسائي (ت 303 ق ) ، القاهرة : التقدم . 177 . الخصائص الكبرى ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، تحقيق : أحمد ميرين البلوشي ، الكويت : مكتبة المعلّى ؛ وبيروت : دار الكتاب العربي ، 1406 ق ؛ والقاهرة : الهيئة المصرية للتأليف والنشر ، 1402 ق .
.
ص: 1383
178 . خصائص الوحي المبين ، يحيى بن الحسن [ابن البطريق] ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي ، إيران : وزارة الإرشاد الإسلامي ، 1406 ق ، الطبعة الأُولى . 179 . الخصال ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق] ، بيروت : مؤسّسة الأعلمي ، 1400 ق ، الطبعة الخامسة ؛ ودار صادر ، بدون تاريخ ؛ والأعلمي ، 1410 ق . 180 . خطط المقريزي، تقي الدين أحمدبن عليّ المقريزي، بيروت: الساحل الجنوبي،1406 ق. 181 . خلاصة الأقوال في معرفة الرجال (رجال العلاّمة الحلّي) ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي (ت 726 ق ) ، تصحيح : محمّد صادق بحر العلوم ، منشورات الشريف الرضي ، 1402 ق ، الطبعة الأُولى . 182 . خلاصة عبقات الأنوار ، مير حامد حسين النيشابوري الهندي . 183 . خلفاء الرسول ، محمّد بن محمّد الموسوي الحائري البحراني . 184 . خلق الإنسان ، سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الطبيب . 185 . خمسون ومئة صحابي مختلق ، مرتضى العسكري ، قم : مطبعة صدر ، الطبعة السادسة . 186 . دائرة المعارف الإسلامية ، نقلها إلى العربية : محمّد ثابت أفندي _ أحمد الشنتناوي _ إبراهيم زكي خورشيد _ عبد الحميد يونس ، مصر ، 1913 _ 1957 م . 187 . دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ، حسن الأميني ، بيروت . 188 . دائرة معارف القرن العشرين ، محمّد فريد وجدي (ت 1373 ق) ، بيروت ، الطبعة الثانية ، 1402 ق . 189 . درّر بحر المناقب ، ابن حسنوية الحنفي الموصلي ، مخطوط . 190 . الدرّر الكامنة في أعيان المئة الثامنة ، ابن حجر العسقلاني ، تحقيق : محمّد جاد الحق ، حيدر آباد _ الدكن ، 1945م ؛ والقاهرة ؛ 1966م ، الطبعة الثانية . 191 . الدرّ المنثور في التفسير المأثور ، عبد الرحمان بن جلال الدين محمّد السيوطي (ت 911 ق) ، أُفست المطبعة الإسلامية ، 1377 ق . 192 . درّة الغواص في أغلاط (أوهام ، تغليط ) الخواص ، المطهّر بن يحيى الحريري البصري (المتوكل على اللّه ) .
.
ص: 1384
193 . دلائل الإمامة ، محمّد بن جرير الطبري (ت 310 ق ) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة البعثة ، قم ، 1413 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والنجف الأشرف . 194 . دلائل الصدق ، محمّد حسن المظفر ، إحياء التراث العربي ، 1409 ق .
195 . دلائل النبوّة ، أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 ق) ، تحقيق : صقر ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، بيروت : دار النصر ، 1389 ق ؛ وتحقيق : عبد المعطي قلعچي ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1405 ق ، الطبعة الأُولى . 196 . دلائل النبوّة ، أحمد بن عبد اللّه الإصفهاني (ت 430 ق) ، بيروت : دار الفكر ، بدون تاريخ. 197 . دليل فقه الشافعي ، جامعة طهران . 198 . دول الإسلام ، شمس الدين بن محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق)، بيروت . 199 . ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، أحمد بن عبد اللّه [المحب الطبري ](ت 694 ق) ، القاهرة : نشر حسام الدين القدسي ، 1356ق . 200 . ذخائر المواريث ، عبد الغني النابلسي الدمشقي . 201 . ذخيرة المآل في شرح عقد الآل ، أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي الشافعي . 202 . الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، آقا بُزرك الطهراني ، بيروت : دار الأضواء . 203 . الذرية الطاهرة ، محمّد بن أحمد الدولابي ، مخطوط ؛ وتحقيق : محمّد جواد الجلالي ، مؤسسة النشر الإسلامي ، 1407 ق . 204 . ذيل بروكلمن ، الستوري ، ترجمة : عبد الحليم النجار . 205 . الرائض في الفرائض ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 206 . ربيع الأبرار ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق) . 207 . رجال ابن داود ، الحسن بن عليّ بن داود الحلّي ، المدينة المنوّرة : المكتبة السلفية ، 1402 ق . 208 . رجال البرقي (طبع ضمن رجال ابن داوود) ، أحمد بن محمّد البرقي الكوفي (ت 274 ق ) ، جامعة طهران ، 1342 ق ، الطبعة الأُولى .
.
ص: 1385
209 . رجال السيّد بحر العلوم ، محمّد بن محمّد تقي بن رضا بن بحر العلوم ، النجف الأشرف : منشورات مكتبة الصادق ، 1325 ق . 210 . رجال الطوسي ، محمّد بن الحسن الطوسي ، تحقيق : جواد القيومي ، قم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1415 ق . 211 . رجال النجاشي (فهرس أسماء مصنفي الشيعة) ، أحمد بن عليّ بن أحمد النجاشي (ت 450 ق ) ، بيروت : دار الأضواء ، 1408 ق ، الطبعة الأُولى . 212 . الردّ على الإسماعيلية ، محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني . 213 . الردّ على التبريزي ، عبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن الخشّاب . 214 . الردّ على المتعصّب العنيد المانع من لعن يزيد ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي [ابن الجوزي الحنفي] . 215 . الرسالة في الفقه ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 216 . رسالة المحكم والمتشابه ، علي بن الحسين الموسوي [الشريف المرتضى] ، بيروت ، 1402 ق . 217 . رشفة الصادي من بحور فضائل بني الهادي ، أبو بكر بن شهاب الدين العلوي الحسيني الشافعي ، مصر ، 1303 ق . 218 . روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات ، محمّد باقر الخوانساري ، قم : مكتبة إسماعيليان . 219 . الروض الأُنف في تفسير السيرة النبوية ، عبد الرحمان السهيلي (ت 581 ق) ، تحقيق : عبد الرحمان الوكيل ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت : مؤسسة التاريخ العربي ، الطبعة الأُولى ، 1412 ق ؛ ومصر : شركة الطباعة الفنية المتحدة ، 1391 ق . 220 . روض الأخبار المنتخب من ربيع الأبرار ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، تحقيق : سليم نعيم ، قم : منشورات الشريف الرضي ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى .
.
ص: 1386
221 . الروض الأزهر ، شاه تقي العلوي الكاظمي الهندي الحنفي الكاكوردي [قندر] ، أُخذ بالواسطة . 222 . الروضة من الكافي ، محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، طهران : دار الكتب الإسلامية ، 1389 ق ، الطبعة الثانية . 223 . روضة الواعظين ، محمّد بن الحسن بن عليّ الفتال النيسابوري (508 ق) ، بيروت ، 1402 ق ؛ وبيروت : مؤسسة الأعلمي ، 1406 ق . 224 . الرياض الزاهرة في فضائل آل بيت النبيِّ وعترته الطاهرة ، عبد اللّه بن محمّد المطيّري . 225 . رياض العلماء وحياض الفضلاء ، الميرزا عبد اللّه أفندي الإصفهاني (القرن الثاني عشر ) ، تحقيق : أحمد الحسيني ، قم : مكتبة المرعشي النجفي . 226 . الرياض النضرة في فضائل العشرة ، محّب الدين الطبري الشافعي (ت 694 ق) ، بيروت 1403 ق ؛ ومصر . 227 . ريحانة الأدب ، محمد عليّ المدرّس التبريزي (ت 1373 ق ) ، إيران . 228 . الزهد ، أبو عبد الرحمان بن عبد اللّه بن مبارك الحنظلي المروزي (ت 181 ق ) ، تحقيق : حبيب الرحمان الأعظمي ، بيروت : دار الكتب العلمية . 229 . الزهد ، الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي (ت 250 ق) ، تحقيق : غلام رضا عرفانيان _ حسينيان ، قم ، 1402 ق ، الطبعة الثانية . 230 . زهر الآداب ، الحصري ، أُخذ بالواسطة . 231 . زهر الآداب ، القيرواني ، أُخذ بالواسطة . 232 . زهرة المقول في نسب ثاني فرعي الرسول ، عليّ بن الحسن بن شدقم . 233 . زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ، أحمد بن محمّد بن عليّ العاصمي الشافعي (من أعلام القرن الرابع) ، مخطوط .
234 . سبيل النجاة في تتمّة المراجعات ، أُخذ بالواسطة . 235 . الاستيعاب ، الأشعري ، حيدر آباد ، الطبعة الثانية .
.
ص: 1387
236 . سداسيات الرازي ، الرازي ، مخطوط . 237 . سرّ العالمين ، محمّد بن محمّد الغزالي(ت 505 ق) ، بيروت ، 1402 ق . 238 . سعادة الكونين في بيان فضائل الحسنين ، محبّ الحقّ الدهلوي (إكرام الدين بن نظام الدين) . 239 . سعد السعود ، عليّ بن موسى الحلّي [ابن طاووس] (ت664 ق )، قم : مكتبة الرضي ، 1363 ق ، الطبعة الأُولى . 240 . سفينة البحار ، عباس القمّي (ت 1359 ق ) ، طهران : دار الأُسوة ، 1414 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والنجف الأشرف ، 1365ق . 241 . سمط النجوم العوالي ، عبد الملك العاصمي المكي ، بيروت . 242 . سنن ابن ماجة ، محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني (ت 275 ق) ، تحقيق : فؤاد عبد الباقي ، بيروت : دار إحياء التراث ، 1395 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1371 ق . 243 . سنن الترمذي ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، تحقيق : أحمد محمّد شاكر ، بيروت : دار إحياء التراث . 244 . سنن الدارقطني ، عليّ بن عمر البغدادي [الدارقطني ](ت 285 ق ) ، تحقيق : أبو الطيب محمّد آبادي ، بيروت : عالم الكتب ، 1406 ق ، الطبعة الرابعة ؛ والقاهرة : بولاق . 245 . السنن الكبرى ، أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي(ت 458 ق) ، تحقيق : محمّد محيي الدين عبد الحميد ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1405 ق ؛ وتحقيق : محمّد عبد القادر عطا ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1414 ق ، الطبعة الأُولى مصورة من دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد _ الدكن ، 1353 ق . 246 . سير أعلام النبلاء ، محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ق) ، تحقيق : شُعيب الأرنؤوط ، بيروت : مؤسسة الرسالة ، 1414 ق ، الطبعة العاشرة . 247 . السيرة الحلبية ( إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ) ، علي بن إبراهيم الحلبي الشافعي ، بيروت : دار الفكر العربي ، 1400 ق . 248 . السيرة النبويّة ، عبد الملك بن هشام ين أيوب الحميري (ت 213 أو 218ق) ، تحقيق :
.
ص: 1388
مصطفى السقا _ إبراهيم الأنباري _ عبد الحفيظ شلبي ، قم : مكتبة المصطفى ، 1355 ق ، الطبعة الأُولى . 249 . السيرة النبويّة بهامش السيرة الحلبية ، أحمد بن زيني بن أحمد دحلان (ت 1304 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1408 ق . 250 . السيف اليماني المسلول ، محمد الحسيني التونسي المالكي [الكوفي] . 251 . الشافعي حياته وعصره ، محمّد أبو زهرة ، القاهرة ، الطبعة الثانية . 252 . الاشتقاق (الأشتقاقات) ، المبرّد محمّد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري (ت 285 ق ) ، مخطوط ؛ والنجف الأشرف . 253 . شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، أبو الفلاح عبد الحي [ابن العماد ](ت 1089 ق) ، تحقيق : شُعيب الأرنؤوط ، بيروت ؛ ودمشق ، 1409 ق ؛ والقاهرة : مكتبة القدسي ، 1350ق . 254 . شرح أبيات الكتاب ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 255 . شرح أُرجوزة الشيخ الخزرجي ، أُخذ بالواسطة . 256 . شرح الباب الحادي عشر ، جعفر بن الحسن [المحقّق الحلّي] ، بيروت ، 1400 ق . 257 . شرح التجريد ، نجم الدين جعفر بن الحسن [المحقّق الحلّي] ، طبع مرات عديدة . 258 . شرح الجُمل ، يوسف بن سليمان بن عيسى الجرجانيالأندلسي (ت 476 ق ) ، حيدر آباد _ الهند . 259 . شرح ديوان أمير المؤمنين عليه السلام، مير حسين الميبدي ، مخطوط . 260 . شرح الشمائل ، عليّ بن سلطان محمّد القاري الهروي المكّي الحنفي [مُلاّ عليّ القاري] ، مخطوط . 261 . شرح صحيح البخاري ، محمود بن أحمد العيني (ت 855 ق) ، مصر : مطبعة الفجالة الجديدة ، 1376 ق . 262 . شرح اللمع ، أحمد بن عليّ الماهابادي (الماه آبادي) .
.
ص: 1389
263 . شرح اللمع ، عثمان بن جنّي الموصلي النحوي (ت 392 ق ) . 264 . شرح مشكلات المفصَّل ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 265 . شرح مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، محمّد الشربيني الهجري ، بيروت : دار إحياء التراث العربي . 266 . شرح المقامات ، محمّد بن عبدالرحمان بن محمّد بن مسعود بن أحمد المسعودي . 267 . شرح مقامات الحريري ، عبد الرحمان بن محمّد بن مسعود المروزي (ت 584 ق ) ، القاهرة : الفجالة الجديدة ؛ وبولاق . 268 . شرح مقدّمة الوزير ابن هبيرة ، عبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد اللّه بن نصر بن الخشّاب . 269 . شرح المواقف ، علي بن محمّد الجرجاني (ت 816 ق ) ، مصر : مطبعة السعادة ، 1325 ق ، الطبعة الأُولى . 270 . شرح ميمية أبي فراس ، أُخذ بالواسطة . 271 . شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد المعتزلي (ت 656 ق) ، تحقيق : محمّد أبو الفضل ، بيروت ، 1409 ق . 272 . شرح نهج البلاغة ، محمّد عبده ، مصر : الفجالة الجديدة ، 1403 ق ؛ ودار الكتاب العربي ، 1406 ق .
273 . شرح الهاشميات ، محمّد محمود الرافعي ، مصر : شركة التمدّن ، الطبعة الثانية ؛ وبيروت ، 1402 ق . 274 . شرف النبي المصطفى ، أحمد بن عبد الملك بن أبي عثمان بن محمّد بن إبراهيم الخركوشي النيشابوري الواعظ (ت 407 ق ) ، الطبعة الأُولى . 275 . الشمائل ، عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، مطبعة مصطفى البابي وأولاده . 276 . شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ، عبيد اللّه بن عبد اللّه النيسابوري [الحاكم الحسكاني ](من أعلام القرن الخامس ، والمتوفّى بعد سنة 470 ق) ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي ، طهران : مؤسّسة الطبع والنشر ، 1411 ق ، الطبعة الأُولى .
.
ص: 1390
277 . صحيح البخاري ، محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري (ت 256 ق ) ، تحقيق : مصطفى ديب البغا ، بيروت : دار ابن كثير ، 1410 ق ، الطبعة الرابعة ؛ ومطبعة المصطفائي ، 1307ق . 278 . صحيح الترمذي ، عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، بيروت ، 1405 ق ؛ والمدينة المنوّرة : مطبعة المكتبة السلفية . 279 . صحيح الجامع الكبير ، محمّد بن إسماعيل البخاري ، مصر : مطبعة الفجالة الجديدة ، 1358 ق . 280 . صحيح مسلم ، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت 261 ق) ، تحقيق : محمّد فؤاد عبد الباقي ، بيروت ، 1374 ق ؛ والقاهرة : دار الحديث ، الطبعة الأُولى 1412 ق ؛ وبيروت : دار إحياء التراث العربي . 281 . صحيح مسلم بشرح النووي ، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيشابوري (ت 261 ق) ، تحقيق : محمّد فؤاد عبد الباقي ، القاهرة : دار الحديث ، 1412 ق ، الطبعة الأُولى . 282 . الصراط السوي في مناقب آل النبي ، الشيخاني القادري . 283 . الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ، عليّ بن يونس النباطي البياضي (ت 877 ق ) ، إعداد : محمّد باقر المحمودي ، طهران : المكتبة المرتضوية ، 1384 ق ، الطبعة الأُولى . 284 . صفة الصفوة ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد [ابن الجوزي] (ت 597 ق) ، تحقيق : محمّد هارون ، بيروت : دار الفكر ، 1413 ق ، الطبعة الأُولى . 285 . صميم العربيّة ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 286 . الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة ، أحمد بن حجر الهيّتمي الكوفي (ت 974 ق) ، إعداد : عبد الوهاب بن عبد اللطيف ، مصر : مكتبة القاهرة _ المطبعة الميمنية ، 1385 ق ، الطبعة الثانية ؛ وطبع المحمديّة ؛ وطبع الحيدرية . 287 . الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ، محمّد بن عبد الرحمان [الحافظ السخاوي] (ت 902 ق) ، بيروت : دار مكتبة الحياة ؛ ومصر : مطبعة القدسي ، 1352 ق .
.
ص: 1391
288 . الطالع السعيد ، محمّد بن عليّ الأدفوي المقري ، أُخذ بالواسطة من المحلى لابن حزم الظاهري . 289 . طبقات أعلام الشيعة ، آقا بُزرك الطهراني ، قم : مؤسّسة إسماعيليان ، الطبعة الثانية . 290 . طبقات الحفّاظ ،عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، بولاق . 291 . طبقات الحنابلة ، أبو يعلي ، تحقيق : محمّد حامد الفقي ، مطبعة السنة المحمدية . 292 . طبقات الشافعية ، عبد الوهاب بن عليّ تاج الدين السبكي (771 ق ) ، تحقيق : الحلو _ الطناحي ، القاهرة : دار إحياء الكتب العربية ، 1396 ق . 293 . طبقات الشافعية الكبرى ، عليّ بن عبد الكافي السبكي (ت 771 ق) ، تحقيق : عبد الفتاح محمّد الحلو _ محمود محمّد الطناحي ، دار إحياء الكتب العربية ؛ ومصر : طبع عيسى البابي ، 1383 ق . 294 . طبقات الفقهاء ، أبو إسحاق الشيرازي الشافعي (393 ق ) ، دار الرائد العربي ، 1401 ق ، الطبعة الثانية . 295 . طبقات القرَّاء ، شمس الدين الجزري ، مصر : مطبعة السعادة ، 1932م . 296 . الطبقات الكبرى ، محمّد بن سعد الواقدي الزهري (ت 230 ق ) ، بيروت : دار صادر ، 1405ق ؛ وأُوربا ؛ وليدن . 297 . طبقات المفسّرين ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق) ، أُخذ بالواسطة . 298 . طبقات المفسّرين ، علاء الدين محمّد بن هداية اللّه الحسني الخيروي (ت 967 ق) ، مخطوط . 299 . طبقات النحاة، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت911 ق)، أُخذ بالواسطة . 300 . الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، عليّ بن موسى بن طاووس الحسني (ت 664 ق ) ، قم : مطبعة الخيام ، 1400 ق ، الطبعة الأُولى . 301 . عائشة والسياسة ، سعيد الأفغاني ، حيدر آباد _ الدكن . 302 . عبد اللّه بن سبأ وأساطير أُخرى ، مرتضى العسكري ، بيروت : مطبعة دار الكتب ، 1393 ق ، الطبعة الرابعة .
.
ص: 1392
303 . العِبر في خبر من غبر ، محمّد بن عثمان الذهبي (ت 748 ق ) ، تحقيق وضبط : محمّد السعيد بن بسيوني ، بيروت : دار الكتب العلمية ؛ والكويت : دار المعارف ، 1961م . 304 . العِبر فيمن شفّه النظر ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 305 . عبقات الأنوار ، مير حامد حسين النيشابوري الهندي ، الهند ؛ وإيران . 306 . العقد الفريد ، أحمد بن محمّد بن عبد ربّه الأندلسي (ت 328 ق) ، تحقيق : أحمد الزين _ إبراهيم الأبياري ، بيروت : دار الأندلس ، 1408ق ، الطبعة الأُولى ؛ والقاهرة ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، 1948م . 307 . العقود اللؤلؤية واللآلئ الثمينة في فضائل العترة الأمينة ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 308 . العلل ، محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 297 ق) ، مخطوط .
309 . العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد [ابن الجوزي] ، تحقيق : إرشاد الحق الأثري ، الهند _ لاهور . 310 . عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار ، يحيى بن الحسن ابن البطريق الأسدي الحلّي ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين ، 1407 ق . 311 . عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال ، عبد اللّه الإصفهاني ، تحقيق : مدرسة الإمام المهدي عليه السلام، الطبعة الأُولى . 312 . عيون الأثر ، أحمد بن عبد اللّه بن يحيى [ابن سيّد الناس] (ت 734 ق) ، بيروت : دار المعرفة ، 1401 ق ؛ وطبعة القدسي ، 1356 ق . 313 . عيون أخبار الرضا عليه السلام، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق] (ت 381ق) ، النجف الأشرف : منشورات المكتبة الحيدرية . 314 . عيون الأخبار وفنون الآثار ، ابن قتيبة الدينوري (ت 276 ق ) ، دار الكتاب العربي ؛ وطبع قديم .
.
ص: 1393
315 . عيون الأنباء في طبقات الأطباء ، بيروت . 316 . عيون التواريخ ، محمّد بن شاكر الكتبي الشافعي ، القاهرة . 317 . غاية المرام ، هاشم بن سليمان الحسيني الكتكتاني البحراني (ت 1107 ق)، دار القاموس . 318 . الغدير في الكتاب والسُّنَّة والأدب ، عبد الحسين أحمد الأميني (ت 1390 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1387 ق ، الطبعة الثالثة ؛ و دار إحياء الكتب العلمية ، 1402 ق ؛ . 319 . غربال الزمان في وفيات الأعيان ، يحيى بن أبي بكر العامري ، المكتبة السلفية . 320 . غرر الحكم ودرر الحكم ، عبد الواحد الآمدي التميمي (ت 550 ق) ، تحقيق: مير سيّد جلال الدين المحدث الأرموي ، جامعة طهران ، 1360 ق ، الطبعة الثالثة . 321 . غرر الخصائص الواضحة ، إبراهيم بن يحيى الكتبي [الوطواط] ، أُخذ بالواسطة . 322 . غريب الحديث ، حمد بن محمّد الخطابي ، تحقيق : عبد الكريم الغرباوي ، دمشق : أُمّ القرى ، 1402 ق . 323 . الغنية ، الجيلي ، أُخذ بالواسطة . 324 . الغيبة ، محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (ت 460 ق )، تحقيق : عباد اللّه الطهراني _ عليّ أحمد ناصح ، قم : مؤسسة المعارف الإسلامية ، 1411 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وطبع مطبعة حبيب الرحمان الأعلمي ، 1395ق . 325 . الغيبة ، محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني (ت 350 ق)، تحقيق : عليّ أكبر الغفاري ، طهران : مكتبة الصدوق ؛ وبيروت : المكتبة العربية ، 1405 ق . 326 . الفائق في غريب الحديث ، محمود بن عمر الزمخشري (ت 516 ق) ، مصر : مطبعة عيسى البابي الحلبي ، 1359 ق . 327 . فتح الباري ، أحمد بن عليّ بن محمّد بن حجر العسقلاني (ت 852 ق) ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ؛ ومصر : المطبعة السلفية ، 1380 ق ؛ وتحقيق : عبد العزيز بن عبد اللّه بن باز ، القاهرة ، 1398 ق . 328 . الفتح القدير ، محمّد بن عليّ الشوكاني (ت 1250 ق ) ، دار إحياء التراث العربي ؛ ودار الكتب العلمية ، 1403 ق .
.
ص: 1394
329 . فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم عليّ ، أحمد بن محمّد الصديق المغربي ، مصر : المطبعة الإسلامية ، 1304 ق ؛ والنجف الأشرف : المطبعة الحيدرية . 330 . الفتنة الكبري ،طه حسين ، بيروت : دار الكتاب اللبناني . 331 . فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم ، إبراهيم ابن محمّد بن المؤيد بن عبد اللّه الجويني الحمويني (ت 722 أو 730 ق) ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي ، بيروت : مؤسّسة المحمودي ، 1398ق . 332 . الفرائض ، محمّد بن إبراهيم النعماني . 333 . الفرج بعد الشدّة ، عليّ بن محمّد التنوخي (ت 384 ق ) ، مؤسسة النعمان ، بيروت ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى . 334 . الفردوس بمأثور الخطاب ، شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو الديلمي الهمداني [إلْكِيا] (ت 509 ق) ، تحقيق : السعيد بن بسيوني زغلول ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1406 ق ، الطبعة الأُولى ؛ و 1419ق . 335 . الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ابن حزم الأندلسي الظاهري (ت 456 ق ) ، بيروت : دار صادر ، 1400 ق ، وبغداد : مكتبة المثنى . 336 . الفضائل ، شاذان بن جبريل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّي (ت 660 ق ) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1406 ق ؛ والنجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، 1338 ق ، الطبعة الأُولى . 337 . فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، مرتضى الحسيني الفيروزآبادي ، بيروت : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، 1973م ، الطبعة الثالثة . 338 . فضائل الصحابة ، أحمد بن محمّد حنبل الشيباني (241 ق ) ، تحقيق : وصي اللّه بن محمّد عباس ، دار العلم ، 1403ق ، الطبعة الأُولى ؛ والمملكة العربية السعودية : جامعة أُم القرى . 339 . الفلاكة والمفلوكين ، أُخذ بالواسطة . 340 . الفهرست ، محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ق) ، بيروت ، 1412 ق . 341 . الفهرست ، محمّد بن إسحاق بن النديم ، تحقيق : ناهد عباس عثمان ، قطر _ الدوحة : دار قطري بن الفجاءة ، 1985 م ، الطبعة الأُولى .
.
ص: 1395
342 . فهرست كتابخانه هاى إصفهان . 343 . في رحاب نهج البلاغة ، مرتضى المطهري (ت 1400 ق) ، دار المعارف ، 1415 ق . 344 . فيض القدير ، محمّد بن عليّ الشوكاني (ت 1250 ق ) ، دار الصحابة . 345 . فيض القدير شرح الجامع الصغير ، يحيى بن محمّد عبد الرؤوف المناوي (ت 1031ق) ، القاهرة ، 1356ق ، الطبعة الأُولى . 346 . القاموس ، محمّد مرتضى الزبيدي (ت 1205 ق) ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1405 ق .
347 . قاموس الرجال في تحقيق رواة الشيعة ومحدثيهم ، محمد تقي بن كاظم التستري (ت 1320 ق ) ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، 1410 ق ، الطبعة الثانية . 348 . القاموس المحيط ، محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي ، القاهرة : مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، 1952م ، الطبعة الثانية . 349 . القسطاس في العروض ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) . 350 . قصائد في مدح أمير المؤمنين ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 351 . قصار الجُمل ، محمد تقي بن كاظم التستري (ت 1320 ق ) ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية . 352 . قضاء أمير المؤمنين ، محمد تقي بن كاظم التستري (ت 1320 ق ) ، بغداد : مكتبة المثنى . 353 . قواعد المرام ، محمّد بن محمّد الموسوي الحائري البحراني . 354 . قوت القلوب ، أبو طالب المكّي ، أُخذ بالواسطة . 355 . القول الفصل ، عليّ بن طاهر الحداد ، لاهور . 356 . الكافي ، محمّد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 329 ق) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفّاري ، طهران : دار الكتب الإسلامية ، 1389 ق . 357 . الكامل في التاريخ ، عليّ بن محمّد الشيباني الموصلي [ابن الأثير ](ت 630ق) ، تحقيق : عليّ شيري ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1408 ق ، الطبعة الأُولى .
.
ص: 1396
358 . الكامل في ضعفاء الرجال ، عبد اللّه بن عدي الجرجاني [ابن عدي ](ت 365 ق)، تحقيق : لجنة من المختصين ، بيروت : دار الفكر ، 1404 ق ، الطبعة الأُولى. 359 . كتاب الآل ، حسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني [ابن خالويه ](ت 317 أو 370) طبعة حجرية . 360 . كتاب ليس ، حسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان الهمداني الفارسي [ابن خالويه] (ت 317 أو 370) ، طبعة حجرية . 361 . كتاب الوزراء ، محمّد بن عبدوس بن يحيى بن عبد اللّه [الجهشياري] . 362 . الكشّاف ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، بيروت : دار المعرفة ؛ قم : دار البلاغة . 363 . كشف الأستار عن زوائد البزار . 364 . كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، مصطفى بن عبد اللّه القسطنطيني (ت 1067 ق) ، القاهرة ، 1389 ق . 365 . كشف الظنون عن أسماء الكتب والفنون ، مصطفى بن عبد اللّه (حاجي خليفة) ، بغداد : مكتبة المثنى . 366 . كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ، علي بن عيسى الإربلي (ت 687 ق ) ، تصحيح : هاشم الرسولي المحلاتي ، بيروت : دار الكتاب الإسلامي ، 1401 ق ، الطبعة الأُولى ؛ تبريز (بدون تاريخ) . 367 . كشف المراد ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي (ت 726 ق ) ، بيروت : دار الفكر ، ودار إحياء التراث . 368 . الكشف والبيان في التفسير (تفسير الثعلبي) ، أحمد بن محمّد بن إبراهيم النيسابوري (ت 437 ق)، الجزء الأول طبعة حجرية،ومخطوط في مكتبة المرعشي النجفي العامة. 369 . الكشف والبيان في تفسير القرآن (تفسير الثعلبي) ، أبو إسحاق الثعلبي ، المدينة المنوّرة : مكتبة الثقافة ، 1402 ق .
.
ص: 1397
370 . كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي (ت 726 ق ) ، تحقيق : حسين الدرگاهي ، إحياء التراث العربي . 371 . كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر ، عليّ بن محمّد بن عليّ الخزاز الرازي القمّي (القرن الرابع الهجري ) ، تحقيق : عبد اللطيف الحسيني الكوه كمري ، قم : إنتشارات بيدار ، 1401 ق . 372 . كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب ، محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي (ت 658 ق ) ، تحقيق : محمّد هادي الأميني ، طهران : دار إحياء تراث أهل البيت ، 1404 ق ، الطبعة الثانية . 373 . الكلم النوابغ ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، طبعة حجرية . 374 . كمال الدين وتمام النعمة ، محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي [الصدوق] (ت 381 ق ) ، تحقيق : عليّ أكبر الغفّاري ، قم : مؤسسة النشر الإسلامي ، 1405 ق ، الطبعة الأُولى . 375 . كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال ، علاء الدين عليّ المتّقي ابن حسام الدين الهندي (ت 975 ق ) ، تصحيح : صفوة السقا ، بيروت : مكتبة التراث الإسلامي ، 1397 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وحلب : دار الوعي ، 1396 ق . 376 . كنوز الحقائق ، عبد الرؤوف المناوي الشافعي ، مصر . 377 . الكنى والأسماء ، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيشابوري (ت 261 ق) ، القاهرة . 378 . الكنى والألقاب ، عباس القمّي ، طهران : مكتبة الصدر ، 1368 ق . 379 . الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير ، شمس الدين محمّد العلقمي (ت 929 ق) ، القاهرة . 380 . اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، بيروت : دار المعرفة ، 1403 ق . 381 . اللباب ، مجد الدين المبارك بن محمّد بن محمّد [ابن الأثير الشيباني الشافعي] (ت 606 ق ) ، بولاق .
.
ص: 1398
382 . لباب النقول في أسباب النزول ، عبد الرحمان بن جلال الدين السيوطي (ت 911 ق ) ، القاهرة : مطبعة مصطفى البابي الحلبي . 383 . لسان العرب ، محمّد بن مكرّم بن منظور الأفريقي المصري (ت 711 ق) ، بيروت : دار صادر ، 1410 ق ، الطبعة الأُولى . 384 . لسان الميزان ، أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ق) ، تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود _ عليّ محمّد معوض ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1416 ق ، الطبعة الأُولى . 385 . لطائف المعارف ، أبو منصور الثعلبي . 386 . اللوامع ، أحمد بن عبد الملك بن أبي عثمان بن محمّد بن إبراهيم الخركوشي النيشابوري الواعظ (ت 407 ق ) .
387 . اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية ، الفاضل المقداد السيوري ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1402 ق ؛ وتبريز . 388 . لؤلؤة البحرين ، سليمان بن عبد اللّه البحراني ، بيروت . 389 . اللؤلؤة المثنية في الآثار المعنعنة المروية ، محمّد بن محمّد بن أحمد الجشني الداغستاني ، مصر . 390 . المئة المختارة ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) . 391 . مآثر الإنافة في معالم الخلافة ، أحمد بن عبد اللّه القلقشندي (ت 821 ق ) ، تحقيق : عبد الستار فراج ، بيروت : عالم الكتب . 392 . ما أُنزل من القرآن في عليّ ، محمّد بن العباس بن عليّ بن مروان [الحجّام] . 393 . مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان ، محمّد بن جعفر الحلّي [ابن نما ](ت 645 ق ) تحقيق ونشر : مؤسّسة الإمام المهدي ، قم . 394 . مثير الغرم الساكن إلى أشرف الأماكن ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 395 . المجالس السنية ، محسن الأمين العاملي ، النجف الأشرف .
.
ص: 1399
396 . مجلّة مجمع اللغة العربية ، العدد 99 سنة 24، دمشق . 397 . مجمع البيان في تفسير القرآن ، الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ق) ، بيروت : دار المعرفة ، 1419 ق ؛ و دار إحياء التراث العربي . 398 . مجمع الرجال ، محمد قاسم بن الأمير محمّد الطباطبائي الحسني الحسيني القهپائي (ت 1126 ق ) ، تحقيق : ضياء الدين الإصفهاني ، قم : مؤسسة إسماعيليان . 399 . مَجْمَع الزوائد ومنبع الفوائد ، علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ق) ، تحقيق : عبد اللّه محمّد درويش ، بيروت : دار الفكر ، 1412 ق ، الطبعة الأُولى ؛ والقاهرة ، الطبعة الثانية بدون تاريخ . 400 . المحاسن ، أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت 280 ق ) ، تحقيق : مهدي الرجائي ، قم : المجمع العالمي لأهل البيت ، 1413 ق ، الطبعة الأُولى . 401 . المحاسن والأضداد ، عمرو بن بحر الجاحظ بن محبوب الكناني الليثي (ت 255 ق) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1419 ق . 402 . محاضرات الأدباء ، الراغب الأصفهاني ، بيروت . 403 . المحتضر ، الحسن بن سيلمان الحلّي ، النجف الأشرف . 404 . المحلّى ، عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري ، دار الفكر . 405 . محيط المحيط ، بطرس البستاني ، لبنان . 406 . المختصر الأوّل للسياق (مخطوط) ، أُخذ بالواسطة . 407 . المختصر في أخبار البشر ، عماد الدين إسماعيل (أبو الفداء) (ت 732 ق) ، القاهرة : مكتبة القدسي ، 1408 ق ؛ وإدارة ترحاب السُّنة ، باكستان : المكتبة الإعدادية . 408 . المختلف والمؤتلف في أسماء رجال العرب ، عليّ بن محمّد بن العباس بن فسانجس . 409 . مدارج النبوّة ، عبد الحق الدهلوي (ت 1052 ق ) ، لكهنو . 410 . المدهش في الوقايع العجيبة ، عبد الرحمان بن عليّ بن محمّد بن عليّ البكري الحنبلي البغدادي .
.
ص: 1400
411 . مدينة العلم ، علي بن محمّد بن أحمد نور الدين ابن الصبّاغ ( 784 _ 855 ق ) ، مخطوط . 412 . مدينة المعاجز ، هاشم بن سليمان الحسيني البحراني التوبلي ، قم : مؤسسة المعارف الإسلامية . 413 . مرآة الجنّان ، عبد اللّه بن سعد اليافعي ، بيروت : دار صادر ، 1405 ق . 414 . مرآة العقول ، محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت 1110ق) ، بيروت : دار صادر ، 1400 ق . 415 . المراجعات ، عبدالحسين شرف الدين الموسوي العاملي ، بيروت . 416 . مروج الذهب ومعادن الجوهر ، عليّ بن الحسين المسعودي (ت 346 ق) ، تحقيق : محمّد مُحيي الدين عبد الحميد ، القاهرة : مطبعة السعادة ، 1384 ق ، الطبعة الرابعة . 417 . المرهم ، عبد اللّه بن أسعد اليافعي ، مخطوط . 418 . مسار الشيعة ، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي [المفيد ](ت 413 ق) ، بيروت . 419 . مستحسن القراءة والشواذّ ، عليّ بن محمّد بن يوسف بن مهجور الفارسي [ابن خالويه] (ت 370 ق ) ، طبعة حجرية . 420 . المستدرك على الصحيحين ، محمّد بن عبد اللّه الحاكم النيسابوري ، بيروت : دار الكتب العلمية ، 1411 ق ، الطبعة الأُولى ؛ وطبع حيدر آباد . 421 . مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ، الميرزا حسين النوري ، طهران : ناصر خسرو . 422 . المستقصى ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، لكنهو . 423 . مسند ابن ماجة ، محمّد بن يزيد القزويني (ت 275 ق) ، تحقيق : فؤاد عبد الباقي ، بيروت : نشر دار الفكر ، 1371 ق ؛ وبيروت : دار إحياء التراث ، 1395 ق ، الطبعة الأُولى . 424 . مسند الإمام الرضا عليه السلام، المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام، قم : مؤسّسة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالى فرجه) ، 1408 ق ، الطبعة الأُولى . 425 . مسند الإمام زيد بن عليّ زين العابدين ، جَمعه : عليّ بن سالم الصنعاني ، دار الصحابة 1412ق ؛ طهران : دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الثانية .
.
ص: 1401
426 . مسند أحمد ، محمّد بن حنبل الشيباني (ت 241 ق) ، تحقيق : عبد اللّه محمّد الدرويش ، بيروت : دار الفكر ، 1414 ق ، الطبعة الثانية ؛ والمملكة العربية السعودية : جامعة أُم القرى ؛ ودار العلم ، 1403ق .
427 . مسند الطيالسي ، سليمان بن داود الطيالسي (ت 204 ق) ، بيروت : دار صادر ، 1402ق . 428 . مشارق الأنوار ، حسن العدوي الخمراوي . 429 . مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه السلام، رجب البرسي ، قم : منشورات الشريف الرضي . 430 . مشكاة المصابيح ، ولي الدين الخطيب العمري . 431 . مصابيح السنّة ، البغوي الشافعي ، طبع : محمّد عليّ صبيح . 432 . مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن ، دار مكتبة الحياة . 433 . مصفى المقال في مصنفي علم الرجال ، آقا بُزرك الطهراني ، 1378 ق . 434 . المصنّف ، عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211 ق) ، تحقيق : حبيب الرحمان الأعظمي ، بيروت : منشورات المجلس العلمي الأعلى ، 1392 ق . 435 . المصنّف في الأحاديث والآثار ، عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (ت 235 ق) ، تحقيق : سعيد محمّد اللحام ، حيدر آباد _ الدكن : مطبعة العلوم الشرقية ، 1390 ق ؛ وبيروت : دار الفكر ، 1399 ق . 436 . مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ، محمّد بن طلحة الشافعي (ت 654 ق ) ، النجف الأشرف ؛ ونسخة خطّية في مكتبة السيّد المرعشي النجفي . 437 . مطلع الأنوار ، مرتضى حسين صدر الأفاضل ، باكستان . 438 . معارج العُلى في مناقب المرتضى ، محمد صدر عالم . 439 . معارج النبوّة ، ملاّ معين الكاشفي . 440 . المعارف ، أبو الصلاح الحلبي . 441 . المعارف ، عبد اللّه بن مسلم [ابن قتيبة الدينوري] (ت 276 ق) ، حققه وقدم له ثروت عكاشة ، قم : منشورات الشريف الرضي ، 1415 ق ، الطبعة الأُولى .
.
ص: 1402
442 . معالم التنزيل ، محمّد الحسين بن مسعود الفراء البغوي (ت 516 ق) ، تحقيق : خالد محمّد العك _ مروان سوار ، بيروت : دار المعرفة ، 1407 ق ، الطبعة الثانية . 443 . معالم العترة النبوية ومعارف الأئمة أهل البيت الفاطمية ، تقي الدين عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر الجنابذي الحنبلي (524 _ 611 ق) ، مخطوط ؛ وبيروت ، 1407 ق . 444 . معالم العلماء ، رشيد الدين محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندراني (ت 588 ق ) ، بيروت . 445 . المعتمر من المخصر ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) ، بيروت ، وقم . 446 . معجم الأدباء ، ياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي البغدادي المغازي (ت 626 ق) ، بغداد : دار المأمون ، 1355 ق . 447 . المعجم الأوسط ، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطير اللخمي الشامي الطبراني (ت 360ق)، تحقيق: طارق بن عوض اللّه _ عبد الحسن بن إبراهيم الحسيني ، القاهرة : دار الحرمين ، 1415 ق . 448 . معجم البلدان ، ياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي (ت 626 ق ) ، بيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1399ق ، الطبعة الأُولى . 449 . معجم رجال الحديث ، أبو القاسم بن عليّ أكبر الخوئي ، بيروت : دار إحياء التراث 1406 ق ؛ وقم : منشورات مدينة العلم ، 1403 ق ، الطبعه الثالثة . 450 . معجم رجال الفكر والأدب ، محمد هادي الأميني ، بيروت : دار الجبل . 451 . المعجم الصغير ، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مُطير اللخمي الشامي الطبراني (ت 360ق ) ، تحقيق : محمّد عثمان ، بيروت : دار الفكر ، 1401ق ، الطبعة الثانية . 452 . المعجم الكبير ، سليمان بن أحمد اللخمي الطبراني (ت 360 ق)، تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1404 ق، الطبعة الثانية. 453 . معجم المطبوعات النجفية ، النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية .
.
ص: 1403
454 . المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ، محمّد فؤاد عبد الباقي ، بيروت : دار المعرفة ، 1408 ق . 455 . معجم المؤلفين (تراجم مصنفي الكتب العربية) ، عمر رضا كحالة ، بغداد : مكتبة المثنى ؛ وبيروت : دار إحياء التراث العربي ، 1409 ق . 456 . المعجم الوسيط ، إبراهيم أنيس ومجموعة من الأساتذة ، مصر : شركة الطباعة الفنية المتحدة ، 1409ق ؛ ودار الفكر ، 1418 ق . 457 . معراج البلاغة ، مير حامد حسين النيشابوري الهندي ، حيدر آباد _ الدكن . 458 . معرفة الصحابة من المستدرك ، 459 . معرفة علوم الحديث ، محمّد بن عبد اللّه بن الحاكم النيشابوري (ت 405 ق ) ، دار الكتاب العربي ، الطبعة الأُولى . 460 . المعمّرون والوصايا ، سهل بن محمّد السجستاني (ت 250 ق ) ، تحقيق : عبد المنعم عامر ، مصر : المطبعة الميمنية ، 1356 ق . 461 . المعيار والموازنة ، محمّد بن عبد اللّه الإسكافي (ت 240 ق ) ، تحقيق : محمّد باقر المحمودي . 462 . المغازي ، محمّد بن سعد الواقدي الزهري (ت 230 ق ) ، تحقيق : مارسون جونس ، بيروت : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ؛ ومصر : الدار العامرة . 463 . المغني ، محمّد بن عبد اللّه بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت 620 ق ) ، بيروت : دار الكتاب العربي ، 1359 ق ؛ وطبع محمّد عليّ صبيح وأولاده ؛ وعلى مختصر أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد اللّه بن أحمد الخرقي ، مصر : مطبعة المنار ، 1342ق . 464 . المغني في أبواب التوحيد والعدل ، القاضي عبد الجبار ، بيروت : دار الثقافة والنشر ، 1402 ق . 465 . المغني في تدبير الأمراض ، سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الطبيب ، وزارة الصحة المصرية .
466 . مفتاح النجا في مناقب آل العبا ، الميرزا محمّد البدخشي ، مخطوط . 467 . المفردات ، الراغب الإصفهاني . 468 . المفصّل ، محمود بن عمر بن محمّد بن أحمد الزمخشري (ت 538 ق ) .
.